You are on page 1of 9

‫تسجيل الدخول‬ ‫دون معنا‬

‫جمال األلوان يف آيات القرآن‬

‫آالء صقر‬

‫‪27/10/2016‬‬
‫إَّن الكوَن ذلَك الكتاُب الجميل الَّصفحات‪ ،‬العجيب التكوين‪ ،‬يفَتُحه القرآُن ويقِّلُب‬
‫صفحاَته واحدًة تلَو األخرى‪ ..‬تلَك الَّصفحاُت مليئٌة بلمساِت الجماِل الفنّية‪ ،‬وَمن‬
‫َتدَّبرها وتذَّوَق فيها ظهَرت له مالمح تلَك الَّلمسات‪ ..‬وأبرز ما ُيظهُر تلك املالمح‪:‬‬
‫األلوان‪ ،‬التي ُتضفي عليها َرونقًا بديعًا‪ .‬وإني لن ُأجيَد شموَل تلَك الَّلمساِت وما‬
‫فيها من تذُّوٍق وإبداع‪ ،‬وإنما هي لَفتاٌت قليلٌة نتذوُق فيها سوّيًا بعَض تلَك الصور‬
‫الفنّيِة التي أبدعها الخالُق جَّل وعَّز من خالِل أمثلٍة بسيطٍة نربُط فيها بيَن القرآِن‬
‫وعلم الَّنفس‪.‬‬

‫إَّن األلواَن تؤِّثُر يف سعاَدتنا‬ ‫ورَدت األلواُن يف القرآِن الكريِم يف مواضَع ِعّدٍة بصيغِة‬
‫وكآَبِتنا‪ ،‬ويف إقداِمنا‬ ‫اُملفرد والَجمع‪ ،‬أما صيغُة اُملفرد‪ :‬لون‪ ..‬فَوردت مَّرَتيِن‬
‫وإحجاِمنا‪ ،‬وُربَّما أْشَعَرنا ذلَك‬
‫الَّلوُن بالحرارة‪ ،‬أو بالبرودة‪،‬‬ ‫يف آيٍة واحدٍة ِمن سورة البقرة وهي قوله تعالٰى‪ ﴿ :‬قالوا‬
‫بل ُرَّبما أَّثر اللوُن يف‬
‫ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة‬
‫شخصّيِة اإلنسان‪ ،‬ونظرِته‬
‫البث الحي‬ ‫صفراء فاقع لونها تسر الناظرين ﴾ البقرة‪ .69 :‬وأما‬
‫إلى الحياِة فإَّن لكِّل لون سٌّر‬
‫وتأثير‪.‬‬ ‫لفظُة ألوان‪ ..‬فَوردت يف سبعِة مواضَع يف سِّت آياٍت‬
‫منها قوله تعالٰى‪ ﴿ :‬ومن آياته َخْلُق السماوات واألرض‬
‫َواْخِتاَلُف ألسنتكم وألوانكم ِإَّن يِف َذِلَك آَلَياٍت للعاملين﴾ الروم‪ ،22:‬ومنها‬
‫أيضا قوله تعالى‪َ ﴿ :‬وَما َذَرَأ َلُكْم يِف األرض مختلفا َأْلَواُنُه إن يف ذلك آلية‬
‫لقوم يّذكرون﴾ النحل‪.13 :‬‬

‫وإن املتأمَل يف األلواِن ودالالِتها يف القرآِن الكريم يدرُك أنه ال بَّد من عالقٍة‬
‫وتأتير لتلَك األلوان ىلع الُّنفوِس واألرواح‪ ،‬وال بَّد من أسراٍر وراَء تلَك الَّلفتات‬
‫والَّلوحاِت البديعة يف القرآن‪ ،‬فقد قاَل علماُء الَّنفس‪ :‬إّن تأثيَر األلواِن فينا شديد‪،‬‬
‫وإَّن األلواَن تؤِّثُر يف سعاَدتنا وكآَبِتنا‪ ،‬ويف إقداِمنا وإحجاِمنا‪ ،‬وُربَّما أْشَعَرنا ذلَك‬
‫الَّلوُن بالحرارة‪ ،‬أو بالبرودة‪ ،‬بل ُرَّبما أَّثر اللوُن يف شخصّيِة اإلنسان‪ ،‬ونظرِته إلى‬
‫الحياِة فإَّن لكِّل لون سٌّر وتأثير‪.‬‬

‫فاللوُن األبيض مثًال يدُّل ىلع الَّنقاِء والصفاء‪ ،‬ولُه داللة ىلع ظهوِر الحِّق من غيِر‬
‫َزْيٍف وال شّك‪ ،‬وهكذا هي دالَلُته يف قوله تعالٰى‪َ ﴿ :‬وَنَزَع َيَدُه َفِإَذا ِهَي َبْيَضاُء‬
‫ِللَّناِظِريَن﴾ األعراف‪ ،108 :‬ولذلَك نجُد موالنا جَّل وعَّز يصُف وجوَه أهِل الَّرحمة‬
‫والغفران بالبياض؛ لداللِته ٰىلع الُّنور واإلشراِق كما يف قوله تعالى‪َ ﴿ :‬وَأَّما اَّلِذيَن‬
‫اْبَيَّضْت وجوههم َفِفي رحمة هللا ُهْم ِفيَها َخاِلُدوَن ﴾ آل عمران‪ .107 :‬ويف‬
‫انتقاِل البياض إلى الُحمرة يف الصخور لْفتٌة ُتوِقُظ حاّسَة الَّذوِق الجمالِّي الَّرفيع‬
‫يف قوله تعالى‪َ ﴿ :‬وِمَن اْلجَباِل ُجَدٌد ِبيٌض َوُحمٌر ُمْخَتِلٌف َأْلَواُنَها ﴾ فاطر‪.27 :‬‬
‫أكثُر األلواِن ورودًا يف‬ ‫فاُهلل سبحاَنه وتعالى خلَق الجبال مختلفَة األلوان‪،‬‬
‫القرآن‪ :‬اللوُن األخضر‪ ،‬الذي‬ ‫فالُجدد البيض مختلٌف ألوانها فيما بينها‪ .‬والُجدد الُحمر‬
‫قاَل عنُه علماُء الَّنفس أّنه‬ ‫مختلٌف ألوانها فيما َبينها‪ ،‬يف درجِة اللوِن والتظليل‪،‬‬
‫لوٌن مريٌح للبصر‪ ،‬يبعُث‬
‫واأللوان األخرى املتداخلة فيه التي تنتقُل مَن البياض‬
‫السروَر داخَل النفِس ويثيُر‬
‫بواعَث البهجِة فيها‪،‬‬
‫الهادئ الصايف إلى الُحمرِة وما فيها من ُقّوٍة يف اللوِن‬
‫ويبعُث الهدوَء والَّسكينة‬ ‫والحرارة فكأنها ألواٌن تعددت يف لوٍن واحد‪ .‬واللوُن‬
‫األسود ومشتقاُته لوٌن داُّل ىلع الُغموض‪ ،‬وفيه داللٌة‬
‫ٰىلع الِخزي والُخسران‪ ،‬وهو غالبًا ما َيرتبُط بوصِف الكافريَن واملنافقيَن وأحواَلهم‪،‬‬
‫ومثاُله‪ :‬قوُله جَّل وعّز‪َ ﴿ :‬يْوَم َتْبَيُّض ُوُجوٌه َوَتْسَوُّد ُوُجوٌه َفَأَّما اَّلِذيَن اْسَوَّدْت‬
‫ُوُجوُهُهْم َأَكَفْرُتْم َبْعَد ِإيَماِنُكْم َفُذوُقوا اْلَعَذاَب ِبَما ُكْنُتْم َتْكُفُروَن ﴾ آل عمران‪:‬‬
‫‪.106‬‬

‫أما اللوُن األصفر‪ :‬فهو لوٌن طويُل األمواج‪ ،‬غالبًا ما يدُّل ىلع الَّنشاِط والفرح‪ ،‬لذلَك‬
‫يقوُل علماُء الَّنفس‪ :‬إذا أردَت أْن ُتعِلَن إعالنًا صارخًا يف الُّطرقاِت العاّمِة مثًال‪ ،‬فهُو‬
‫أطوُل أمواجًا من غيره ِمَن األلوان‪ُ ،‬ينِّشُط الجهاَز العصبّي‪ ،‬ويؤِّثُر فيِه أبلَغ التأثير‪،‬‬
‫وُسبحاَن من قال‪ ﴿ :‬إَّنَها َبَقَرٌة َصْفَراُء َفاِقٌع َلْوُنَها َتُسُّر الَّناِظِريَن ﴾ البقرة‪،69 :‬‬
‫قاَل َوهب بن ُمنّبه يف وصِف البقرة ‪ :‬كانت كأَّن ُشعاَع الشمِس يخرُج من جلدها‪،‬‬
‫فمعناه‪ُ :‬تعجُب الناظرين ‪ ،‬ولهذا قاَل ابُن عباس‪ :‬الُّصفرُة َتسُّر الَّنفس‪.‬‬

‫وإذا التفتنا إلى اللون األزرق يف قوله تعالى‪َ ﴿ :‬يْوَم ُيْنَفُخ يِف الُّصوِر َوَنْحُشُر‬
‫اُمْلْجِرِميَن َيْوَمِئٍذ ُزْرقًا ﴾ طه‪ ،102 :‬نجد أن العالمُة البيضاوّي يف تفسيره فّسر‬
‫الّزرقة بقوله‪ُ :‬زْرقًا‪ُ :‬زرُق العيوِن ُوِصفوا بذلك؛ ألن الُّزرقَة أسوُأ ألواِن العين وأبغضها‬
‫إلى العرب‪ .‬فدَّلت الُّزرقة هنا ىلع ذلك‪ ،‬حتى إَّن أطباَء العيون اليوم يخبروننا بأَّن‬
‫األعيَن األكثر حساسّية وُعرضة للتأُّثِر بالعوامِل الطبيعّية وغيرها هي تلَك العيون‬
‫الزرقاء‪.‬‬
‫أما أكثُر األلواِن ورودًا يف آياِت القرآن‪ :‬هو اللوُن األخضر الذي قاَل عنُه علماُء‬
‫الَّنفس‪ :‬إّنه لوٌن مريٌح للبصر‪ ،‬يبعُث السروَر داخَل النفِس ويثيُر بواعَث البهجِة‬
‫فيها‪ ،‬ويبعُث الهدوَء والَّسكينة‪ ،‬وأغلب مواضع هذا اللون يف آيات القرآن الكريم‬
‫امتاَزت بالِّرقِة والَّدالل‪ ..‬وذلك يف وصف أهِل الجّنة وما هم فيه من آالء وأرزاق‪،‬‬
‫كقوله جَّل وعز‪ ﴿ :‬وَيلَبُسوَن ِثيابًا ُخْضرًا ِمْن ُسْنُدٍس َوِإْسَتْبَرٍق ﴾ الكهف‪،31 :‬‬
‫وقوله‪ُ﴿ :‬مَّتِكِئيَن ىَلَع َرْفَرٍف ُخْضٍر َوَعْبَقِرٍّي ِحَساٍن ﴾ الرحمن ‪ ، 76 :‬فكأن الُخضرَة‬
‫من أسراِر سعاَدتهم يف داِر الُخلد حتى يف املساند التي يتِكؤوَن عليها‬
‫واملالبس التي يلَبسونها ‪ ..‬وإّنها لِنعمٌة وأُّي نعمة‪.‬‬

‫وأخيرًا… فما هذه إال بعض الَّلفتات الكونّية تتَّبعُت فيها أمثلًة بسيطًة يف األلواِن‬
‫ظهَر فيها عنصُر الجمال‪ ..‬ليبقى القلُب مأخوذًا بذلَك املعرِض اإللهِّي الرائع الذي‬
‫يشمُل األرَض جميعًا‪ .‬فُسبحاَن هللا العظيم‪ ،‬اللهَّم اجعل القرآَن العظيَم ربيَع‬
‫قلوِبنا ونِّور به دروبنا‪ ..‬واجعلُه ُحّجًة لنا ال علينا‪ ،‬وصِّل اللهَّم ىلع سِّيدنا ُمحَّمد‬
‫الحبيب وىلع آله وَصحبه وسِّلم‪.‬‬

‫—————————————————————————‪-‬‬
‫بعض املراجع التي رجعت إليها يف هذه املدونة‪ :‬‬

‫أنوار التنزيل للبيضاوي ‪38 :4‬‬

‫املحرر الوجيز البن عطية األندلسي ‪163 :1‬‬

‫يف ظالل القرآن لسيد قطب ‪2942 :5‬‬

‫آالء صقر‬
‫خلقنا لنبذل ال لنذبل‬
‫حول هذه القصة‬

‫ارتفاع عدد القتلى بمدرسة إدلب‬


‫ويونيسيف تصفها باملروعة‬
‫قتل ‪ 35‬شخصا بينهم ‪ 22‬طفال وأصيب العشرات بجروح جراء‬
‫غارات روسية وسورية يف بلدة حاس بريف إدلب الجنوبي‪،‬‬
‫يف حين أصابت الغارات العنيفة مدنا وبلدات أخرى‬
‫باملحافظة‪.‬‬
‫‪27/10/2016‬‬

‫األمم املتحدة‪ :‬حلب مهددة باإلبادة‬


‫وصف وكيل األمين العام لألمم املتحدة للشؤون اإلنسانية‬
‫منسق اإلغاثة يف حاالت الطوارئ ما يحدث بحلب باملجزرة‪،‬‬
‫وأوضح أن رسالة روسيا ونظام األسد للمدنيين شرقي حلب‬
‫“إما املغادرة أو املوت”‪.‬‬
‫‪27/10/2016‬‬
‫واشنطن ولندن‪ :‬هجوم الستعادة الرقة‬
‫خالل أسابيع‬
‫أعلن وزير الدفاع األميركي آشتون كارتر ونظيره البريطاني‬
‫مايكل فالون أن الهجوم الستعادة الرقة سيبدأ يف “األسابيع‬
‫املقبلة”‪ ،‬بينما أكد مسؤول عسكري أميركي أن بالده تبحث‬
‫عن موطئ قدم بسوريا‪.‬‬
‫‪27/10/2016‬‬

‫املقاومة تتقدم شرق صنعاء وتقتل‬


‫عشرات الحوثيين‬
‫سيطر الجيش اليمني واملقاومة ىلع جبل النفاحة وجبل‬
‫جرف اليلع بمديرية نهم ومواقع كانت تسيطر عليها مليشيا‬
‫الحوثي وقوات الرئيس املخلوع علي عبد هللا صالح شرقي‬
‫صنعاء وقتلت العشرات منهم‪.‬‬
‫‪27/10/2016‬‬

‫املزيد من املدونات‬

‫اإللحاد عند‬ ‫التحول الرقمي‬


‫توماس هوبز‬ ‫والذكاء‬
‫وأخالق السلطة‬ ‫االصطناعي‬
‫املطلقة‬
‫املساجد والصالة‬ ‫استقالل‬
‫السودان‪ ..‬أسئلة‬
‫التأسيس وأحاجي‬
‫االستمرار‬

‫األكثر قراءة‬

‫أنباء عن مقتل‬ ‫ىلع نغمات‬


‫املئات‪ ..‬ضربة‬ ‫سلطان الطرب‪..‬‬
‫"انتقامية" روسية‬ ‫جورج وسوف‬
‫بأوكرانيا وكييف‬ ‫يشيع نجله وديع‬
‫تكشف طبيعة‬ ‫وسط حضور فني‬
‫الهدف واألضرار‬ ‫كبير‬

‫الدونمة‪ ..‬كيف‬ ‫تعرف ىلع أقوى‬


‫ساهموا بإسقاط‬ ‫جيوش الشرق‬
‫الدولة العثمانية؟‬ ‫األوسط لعام‬
‫‪2023‬‬
‫تابع الجزيرة نت ىلع‪:‬‬ ‫قنواتنا‬ ‫شبكتنا‬ ‫تواصل معنا‬ ‫من نحن‬

‫الجزيرة اإلخبارية‬ ‫مركز الجزيرة للدراسات‬ ‫تواصل معنا‬ ‫من نحن‬

‫الجزيرة اإلنجليزي‬ ‫معهد الجزيرة لإلعالم‬ ‫أعلن معنا‬ ‫األحكام والشروط‬

‫الجزيرة مباشر‬ ‫تعلم العربية‬ ‫وظائف شاغرة‬ ‫سياسة الخصوصية‬

‫الجزيرة الوثائقية‬ ‫مركز الجزيرة للحريات‬ ‫ترددات البث‬ ‫سياسة ملفات تعريف‬
‫العامة وحقوق اإلنسان‬ ‫االرتباط‬
‫الجزيرة البلقان‬ ‫بيانات صحفية‬
‫تفضيالت ملفات تعريف‬
‫عربي ‪+AJ‬‬ ‫االرتباط‬
‫جميع الحقوق محفوظة © ‪ 2023‬شبكة‬
‫الجزيرة االعالمية‬

You might also like