Professional Documents
Culture Documents
القدرات المستهدفة:
القدرة على فهم بعض القيم التي يتأسس عليها نمط التفكير الفلسفي.
القدرة على اتخاذ مسافة نقدية إزاء المعارف والخطابات.
القدرة على اتخاذ المبادرة وااللتزام بشكل واع وإرادي واالنخراط في الحياة العملية والمساهمة في
الشأن العام.
تقديم عام:
إذا كانت الفلسفة تفكيرا عميقا في كل ما يتناوله المرء من شؤون المعرفة ،ومساءلة مستمرة لها ،قصد
الكشف عن مدى صحتها وزيفها ،فما عالقة هذا النوع من التفكير بحياة الناس؟ وهل الفيلسوف بتلك الصورة
الساذجة ،التي يقدمها اإلنسان العادي ،شخص يقيم في برج عاج ،ويعيش قطيعة مع مشاغل الناس اليومية؟
أم أن األمر عكس ذلك تماما؟
إن ما يدفع البعض إلى االعتقاد بعدم جدوى الفلسفة والتشكيك في قيمتها ،هو طابعها التأملي
التجريدي ،لكن وراء هذا الطابع يكمن فكر يقظ وحي ،ينير الطريق لمن استعصى عليه فهم وإدراك ما يقض
مضجعه من مشاكل متنوعة ،ذلك أن الفلسفة بأسلوبها القائم على النقد والمساءلة المستمرة ،لكل ما هو
موروث وشائع ومتداول من األفكار واآلراء ،وبنظرتها العميقة والشاملة ،لكل مظاهر الكون والطبيعة
واإلنسان ،يجعلها حاضرة بقوة في صلب حياة الناس ،ويكفي أن نرجع إلى أكثر الفالسفة تجريدا ،لكي
نتحقق من أن ثمة نفحة إنسانية تشع منها ،فتكشف لنا عن انشغال أصحابها بمعنى الحياة ،فهم دائمو االتصال
بواقعهم االجتماعي ،ملتزمين بهموم الناس وقضاياهم إلى درجة التضحية بالذات ،ولنا في تجربة سقراط
الفلسفية ،أحسن مثال على هذا االرتباط الحميمي للفلسفة بواقعها االجتماعي .لقد أبانت الفلسفة عبر تاريخها،
إلى أي حد يمكنها أن تخدم اإلنسان ،وأي خدمة أعظم من تحديد قدراته وإمكاناته وطاقاته ،وعلى رأسها أنه
كائن حر ،إلى جانب كونه كائن فاعل وواع ،وهو األمر الذي عبر عنه الفيلسوف األلماني كارل ياسبرز
بقوله ":إن الفلسفة أبعد من أن تكون عاجزة في الميدان الذي قد تعني فيه شيئا للفرد ،فهي هنا ،السلطة
الوحيدة التي بها يجد اإلنسان دربه نحو الحرية ،وهي وحدها تتيح االستقالل الباطني".
للفلسفة أيضا عالقة بالبعد األخالقي ،وحين نتكلم عن هذا البعد ،فإننا نتكلم عن مبدأ إيجابي يقوم عليه
سلوك الفرد والجماعة ،إنه مبدأ احترام وتقدير اآلخر ،مهما كانت طبيعة هذا اآلخر ،ويتجلى هذا البعد
األخالقي للفلسفة في احتكامها للعقل وإقرارها بحرية التعبير ،وفي ذلك نبذ العنف والخوف ،كما إنها اعتراف
بأن العالقات البشرية ،ينبغي أن تقوم على التفاهم والتسامح ،ال على التخاصم والتنازع والعنف بكل أشكاله
الرمزية منها والمادية .فال تفلسف إذن ،إن لم يكن هناك شعور بالحرية ،وإيقانا بأن الحق فوق القوة ،وإن
الحوار هو الطريق إلى التفاهم ،ولعل هذا ما عبر عنه المفكر الفرنسي ذو األصل األلماني إريك فايل:
في كتابه " منطق الفلسفة" " :تبدأ الفلسفة ،حين يتهيأ للبشر أن يتنازلوا عن روح العنف والشدة ،لكي
يستعيضوا عنها بروح التفاهم والمودة".
هكذا ،فالتفكير الفلسفي كتفكير عقالني يتميز باالنفتاح والتسامح والدفاع عن الحرية واالختالف ونبذ
العنف والتعصب واإلقصاء ...لكن كيف تدافع الفلسفة عن هذه القيم ،وما السبيل إلى تكريسها بين الناس؟
1
بصاحب النص:
إيمانويل كانط ( ،)1724-1801فيلسوف ألماني ،يعد من أبرز فالسفة القرن الثامن عشر ،بل يلقب
بفيلسوف األنوار .يتحدد مشروعه الفلسفي في النقد الذاتي للعقل بغرض تحديد ملكاته وحدوده ،وهو ما تعبر
عنه أهم مؤلفاته التي نذكر بعضا منها:
نقد العقل الخالص- )1781( -نقد العقل العملي (- )1788نقد ملكة الحكم (.)1790
إشكال النص:
ما هي القيم تدافع عنها الفلسفة؟ وماهي اآلليات الكفيلة بتحقيق سالم دائم بين األمم؟
أطروحة النص:
الحفاظ على مبدأ الثقة ومنع كل أشكال الحروب بمنع الوسائل المؤدية إليها ،شرط ضروري لتحقيق
سالم دائم بين األمم باعتباره أرقى القيم اإلنسانية النبيلة.
البنية المفاهيمية للنص:
الحرب :شكل من أشكال القتال بين دولة وأخرى ،أو بين دول متعددة .ويعرفها كانط بأنها وسيلة
بائسة للدفاع عن الحق يضطر اإلنسان إليها في حالة الطبيعة.
حالة الطبيعة :حالة افتراضية ،عاشها اإلنسان األول ،بحيث كان يستند في عيشها على ما تمليه قواه
الطبيعية ،وقد تميزت بالعنف واالقتتال بين البشر ،حيث لم تكن هناك قوانين وال مؤسسات يمكنها أن تحكم
بينهم بقوة القانون.
السالم :حالة تنعدم فيها الحرب بموجب معاهدة تنص على نبذ الحرب بمختلف أشكالها ومنع كل
الوسائل المؤدية إليها.
وفي االصطالح القانوني :السالم مصطلح يستخدم في العالقات الدولية ليشير على انعدام العدوان
الدولي ،مع وجود روابط للعالقات القوية بين مجموعة من الدول.
حرب اإلبادة :هي حرب تقوم بها دولة أو جماعة ضد أخرى بهدف التصفية العرقية.
حرب التأديب :هي حرب تقوم بها دولة قوية العتبارات سياسية أو اقتصادية أو استراتيجية ضد دولة
أخرى.
تحليل أطروحة النص:
الحفاظ على تبادل الثقة بين األطراف المتنازعة شرط ضروري لعودة السالم.
الحرب وسيلة بائسة ،تعبر عن حالة الهمجية والتوحش ،ال على التحضر والمدنية.
ضرورة منع كل أنواع الحروب بمنع الوسائل المؤدية إليها ،خاصة حروب اإلبادة التي ال تترك مجاال
للسالم الدائم بين األمم إال في المقبرة الكبرى للجنس البشري.
البنية الحجاجية للنص:
النص عبارة عن بنية حجاجية استداللية ،تنطلق من مقدمة سالبة (ال يجوز )...وتنتهي إلى نتيجة
(ينبغي منع كل أشكال الحروب) ،وقد ا ستعان صاحب النص بآليات حجاجية أخرى من قبيل التعريف
واألمثلة والشروح.
استنتاج:
نستنتج من خالل النص ،أن الفيلسوف يعمل جاهدا من أجل إبراز خطورة الحرب على الجنس البشري
بصفة عامة ،ويجد في الدعوة إلى تأسيس مشروع لسالم دائم بين البشر الحل الوحيد لضمان حياة إنسانية
تسودها الطمأنينة واالحتكام لسلطة القانون من أجل فض النزاعات بين الدول.
2
- 2مستقبل الفلسفة
قراءة وتحليل نص :إريك فايل
صاحب النص:
إريك فايل فيلسوف فرنسي من أصل ألماني ( .)1904-1972من أهم أعماله " منطق الفلسفة ".
إشكال النص:
ما الفلسفة ،وأي مستقبل ينتظرها :هل هي قادرة على االستمرار في أداء مهمتها ،أم أنها معرضة
لالنكفاء والتراجع؟
أطروحة النص:
الفلسفة مساءلة للقيم اإلنسانية ،تتميز بقدرتها على الفهم وتوحيد الخطابات البشرية التي يمكن ،في
تعددها واختالفها ،أن تكون مصدرا للعنف بين البشر ،وهو ما يضمن مستقبال زاهرا لها.
البنية المفاهيمية للنص:
القيم :هي ما يتيح لنا تثمين شيء من األشياء والحكم عليه ،وهي التي توجه سلوكنا .ومن بينها قيم أخالقية
وقيم جمالية وقيم اجتماعية.
الوثوقية :ادعاء امتالك الحقيقة المطلقة والمعرفة اليقينية التي ال تقبل التشكيك في مصداقيتها.
األسئلة المكبوتة :تلك األسئلة المقموعة التي ال يسمح لها بالظهور ،وال تطرح بشكل علني وواضح.
تحليل أطروحة للنص:
إ ن الفلسفة مجال لنقد كل األفكار التي يتداولها الناس ويعتبرونها حقيقة مطلقة ،سواء أكانت أفكارا
تراثية قديمة ،أو ثورية جديدة.
الفلسفة نقيض ل لسذاجة والتسليم المطلق لخطابات البشر ،وهي تفتح بابها بكل تواضع لمن يرغب في
الفهم وإعمال العقل.
الفلسفة إيقاظ لألسئلة الصعبة والمكبوتة ،وقدرة على مواجهة المشاكل والصعوبات التي تعتري
الحاضر.
مستقبل الفلسفة مشرق ،مادامت تثابر في مواجهة كل تلك المظاهر السابقة وتخلق المعنى وتقبل
التحدي.
البنية الحجاجية للنص:
من أجل الدفاع عن أطروحته الفلسفية قدم إريك فايل مجموعة من اآلليات الحجاجية ،يمكن صياغتها
كاآلتي:
حجة النقد :حيث عمل على نقد السذاجة واليقين التي دأب اإلنسان على التشبع بها ،وأكد على أن
مهمة الفلسفة تتجلى في فحص جميع األفكار والقيم ،وعدم اعتبارها حقائق مطلقة.
حجة المثال :استعان بهذه الحجة من أجل توضيح األدوار التي تقوم بها الفلسفة ،والمتمثلة في النقد
والفحص ،وإيقاظ األسئلة المكبوتة ،وخلخلة ما هو سائد في عقول الناس.
استنتاج:
نستنتج من خالل النص أن الفيلسوف إريك فايل يدافع عن رسالة الفلسفة وقيمتها ،باعتبارها طريقا
للفهم ،لمن يرغب فعال في ذلك :ألن كثيرا من الناس يختارون العيش في األوهام اللذيذة بدل مواجهة الحقائق
المرة .وذلك من خالل امتالك القدرة على نقد جميع األفكار والقيم ،وإخضاعها لمحكمة العقل وحدها ،ما
3
دامت األفكار ،في كثير من األحيان ،أقنعة تخفي رغبات خفية في الهيمنة واالستغالل ،والسعي نحو توحيد
الخ طابات البشرية التي يمكن أن تكون مصدرا للعنف بين البشر.
خالصة المحور:
عبر النموذجان الفلسفيان ،عند معالجتهما لمسألة القيم ،عن موقفين مختلفين ،لكنهما متكاملين :موقف
يقول بضرورة التنديد بالحروب كيفما كان نوعها ،بغرض إحالل سالم دائم بين األمم .في حين عبر الموقف
الثاني عن ضرورة مواجهة األزمات اإلنسانية بتدخل ما هو فلسفي ،انطالقا من مساءلة القيم اإلنسانية ،ونقد
السائد منها ،والعمل على توحيد الخطابات البشرية التي تكون مصدرا للعنف بين البشر.
4