Professional Documents
Culture Documents
مقال نتائج الرياضيات
مقال نتائج الرياضيات
" اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل العقدة من لساني يفقه قولي"
طرح المشكلة:
تعتبر الرياضيات آلة ضرورة لجميع العلوم ،ولغة يتطلع إلى اكتسابها كل تفكيرعلمي ناشئ .حيث تعرف بأنها علم المقادير والكميات وتدرس لنا الكم
.بنوعيه :الكم المتصل (الهندسة) ،والكم المنفصل (الحساب) ،العالقات بين الثوابت والمتغيرات.
غير أن الفالسفة لم يختلفوا حول مفهومها بل اختلفوا حول نتائجها ،فمنهم من يرى أن نتائج الرياضيات ثابتة ومطلقة وال يمكن أن يعتريها الخطأ ،ومنهم من
يرى أن نتائجها نسبية متغيرة .وتهذيبا لهذا الصراع نتساءل :هل نتائج الرياضيات مطلقة أم نسبية؟ وبعبارة أخرى :هل الحقيقة الرياضية ثابتة أم متغيرة؟
محاولة حل المشكلة:
ان نتائج الرياضيات نسبية ،متغيرة ،متعددة إن نتائج الرياضيات مطلقة ،ثابتة ،ازلية ،واحدة
في مقابل ذلك يرى أصحاب الوقف الثاني وهم أصحاب الهندسة الالقليدية يرى أصحاب الموقف األول (األطروحة األولى) وهم أصحاب الهندسة
االقليدية (الرياضيات الكالسيكية) أن نتائج الرياضيات مطلقة وثابثة ومستحيل (الرياضيات المعاصرة) أن نتائج الرياضيات متغيرة ونسبية.
ان يعتريها الخطأ.
حيث ينطلقون من مسلمة مفادها أن :الرياضيات تقوم على االستدالل العقلي حيث ينطلقون من مسلمة مفادها :أن الرياضيات ليست علما يقينيا ثابتا بل
علم نسبي متغير ألن نزول الحقائق الرياضية إلى مجال الحسي افقدها دقتها كما أنها تتميز بالدقة والوضح واليقين.
لتقع في التقريبات لتكون نتائجها نسبية لكن صادقة .ذلك ان الرياضيات
المعاصرة أصبحت مجرد فرضيات استنتاجية .ونظرا لتعدد االنساق الرياضية
(هندسة ريمان ،هندسة لوبا تشوفسكي)
ومن بين المدافعين عن هذا الطرح :بالنشي ،كانتور ،راسل ،بوليغان ومن بين المدافعين عن هذا الطرح :اقليدس ،افالطون ،ديكارت
ويبررون موقفهم بالحجج والبراهين التالية: ويبررون موقفهم بالحجج والبراهين التالية:
بالنشي :انتقد بالنشي المنطلقات الثالث للهندسة االقليدية حيث أكد أن -إقليدس :يرى إقليدس أن اليقين الرياضي مطلق ذلك أن البرهان الرياضي
التعريفات ماهي إال تعريفات لغوية ال عالقة لها بالحقيقة الرياضية وال يمكن يقوم على ثالث منطلقات والتي تتمثل في:
الحكم عليها بالصدق او الكذب ألنها تصف المكان الهندسي كما هو في الواقع. البديهيات :وهي قضية يقينية بذاتها مثل 2=1+1وبديهية الكل أكبر من
كما انتقد أيضا فكرة البداهة واعتبرها خاطئة وأنه يجب البرهنة عليها حيث الجزء
المسلمات :قضية أقل وضوحا من البديهية يسلم بها العقل كنظرية يبرهن بها يقول " :لم تعد الرياضيات اليوم تتحدث عن المنطلقات الرياضية باعتبارها
مبادئ بديهية ألنها في الحقيقة مجرد افتراضات الختيار العقل الرياضي وال يبرهن عليها .ومن بين مسلماته أن السطح مستوي وهو مأخوذ من واقع
حسي عيني ،وأنه من نقطة خارج مستقيم ال يمكن رسم إال موازي واحد ،وأن الحر" .أما بالنسبة للمسلمات فقد اعتبرها قضايا ال نستطيع البرهنة عليها
ولذلك فاألنسب أن تعتمد المنهج األكسيومي ولهذا يقول" :أن الرياضيات اليوم الخطان المتوازيان ال يلتقيان أبدا ،مجموع زوايا المثلث ،°180وأن المكان
لم تعد تتكلم عن المبادئ باعتبارها مسلمات بل هي مجرد فرضيات". المحسوس له أبعاد (عرض ،طول ارتفاع) .وتسمى المسلمة الخامسة
لالقليدس.
التعريفات :فهي إنشاء مفاهيم توضيحية أي تحديد للمفاهيم والرموز المستعملة كانتور :أثبت كانتور ان الكل يساوي الجزء او أقل منه وبهذا أصبح اليقين
مرتبط بالنسق األكسيومي وهو عبارة عن مجموعة من الفرضيات التي في البرهان الرياضي ومثال ذلك تعريف المثلث :شكل هندسي له ثالث
ينطلق منها الرياضي في بناء نسقه الرياضي ويعتبر صحيحا بشرط أن ال أضالع وثالث زوايا مجموع زواياه .°180
تتعارض المقدمات مع النتائج .في هذا يقول هلبرت " :لقد خلق لنا كانتور
افالطون :يرى أفالطون أن العالم الحقيقي هو عالم المثل حيث توجد المعارف فردوسا وليس باستطاعة احد ان يخرجنا منه"...
والحقائق المطلقة ومن بين هذه المعارف المعرفة الرياضية التي تمثل الحقيقة -ان ازمة اليقين الرياضي أدت إلى ظهور هندسات جديدة أهمها :هندسة
ريمان و لوبا تشوفسكي حيث ان لكل منها نسق رياضي خاص به وهنا يقول
راسل " :الرياضيات هي ذلك العلم الذي ال يعرف عما يتحدث وال إذا ما كان الثابتة واألزلية الواضحة التي تفرض نفسها على العقل ،حيث يقول " :عالم
ما يتحدث عنه صحيح أم ال" .ويقول أيضا " :عن الرياضي المعاصر يشبه المثل مبدأ كل موجود".
خياط المالبس يخيط بدالت وال يعرف أصحابها".
ديكارت :أكد ديكارت على أن البداهة هي أساس اليقين في الرياضيات حيث
فريمان اعتقد ان السطح محدب في حين اعتقد لوبا ان السطح مقعر ،كما اعتقد يقول " :ال أقبل شيئا على أنه حق إال إذا كان بديهيا وعليه فمهمة الرياضي
ريمان ان مجموع زوايا المثلث أكبر من °180أما لوبا فقد اعتقد انها أقل من هي اإلضافة وليست إعادة النظر" .والمقصود هنا هو إعادة النظر في األسس
... °180وهذا ما يؤكده بوليغان في قوله " :إن تعدد األنظمة في الهندسة والمبادئ الرياضية فالهدف من االلتزام بمبادئ الرياضيات كما وضعها
دليل على أن الرياضيات ليس فيها حقائق مطلقة". إقليدس هي ضمان اليقين للرياضيات.
هوسرل :أن تطور العلم حطم فكرة البداهة التي تقوم عليها الهندسة االقليدية سبينوزا :كما أكد سبينوزا على نفس الفكرة أي أنه ال يمكن الشك في البداهة
وفي هذا يقول " :في القرن 19م حدثت ثورة في المجال الرياضي فلم تعد ألن الشك في البديهية هو شك في مبادئ العقل الفطرية.
الهندسة االقليدية والهندسة التحليلية لديكارت هي الوحيدة في مجال العمل
عند الرياضيين". باسكال :يؤكد باسكال على صدق ومطلقية المفاهيم الرياضية من خالل قوله:
" الهندسة هي الوحيدة من العلوم اإلنسانية التي تنتج براهين معصومة من
الخطأ".
وبذلك فنتائج الرياضيات مطلقة ويقينية وال يمكن الشك فيها وال في مصدقيتها
وهذا ما يؤكده بورال في قوله " :عن الرياضيات لم تفقد معيار يقينها".
التركيب:
بعد عرضنا للموقفين السابقين اتضح لنا أن :الرياضيات ثابتة ويقينية من حيث المنهج ونسبية من حيث النتائج ،أي ان كل نسق رياضي صحيح في سياقه
وبذلك فالحقيقة الرياضية ثابتة ومتغيرة في آن واحد .فهندسة ريمان الخيالية أصبحت اليوم شرط ضروري لنسبية أينشتاين .وهذا ما يؤكده بوانكاريه في قوله:
" إن كل هندسة من هذه الهندسات صحيحة إلى ما ذهبت إليه مادامت ال تتناقض تصوراتها األولى ومع مسلماتها التي انطلقت منها".
حل المشكلة:
وكحل لهذه المشكلة نرى :ان الحقيقة الرياضية مطلقة ونسبية في آن واحد .فهي مطلقة الن كل هندسة صحيحة الى ما ذهبت اليه ونسبية لكثرة االنساق فيها.
وعليه فإن الهندسة االقليدية ليست هي الوحيدة التي تمثل الحقيقة الرياضية بل أصبحت جزء فقط من عدد ال نهائي من الهندسات الممكنة التي لكل منها مبادئها
الخاصة وبذلك فإن تعدد االنساق الرياضية هو دليل على خصوبة الفكر في المجال الرياضي .في هذا يقول راسل " :الهندسة االقليدية والهندسة الالقليدية
كالهما صحيح على حد سواء من وجه نظر الرياضيات البحثة".