Professional Documents
Culture Documents
التدبير المادي والمالي بالمؤسسات التعليمية
التدبير المادي والمالي بالمؤسسات التعليمية
يعد االمتحان التجريبي من أهم آليات التقويم الذاتي للمتعلم ،ومن أهم
األدوات التشخيصية التي يعتمد عليها األساتذة والمشرفون ورجال اإلدارة
والمسؤولون عن قطاع التربية من خالل استثمار النقط والنتائج والمعطيات
لمعرفة مستوى التحصيل لدى المتمدرسين ،قصد إيجاد الحلول المناسبة
لمعالجة الثغرات والنقاط السلبية التي يعاني منها النظام التربوي المغربي
عن طريق البحث عن بدائل تربوية جديدة .إذاً ،ما المقصود باالمتحان
التجريبي؟ وما مواصفاته ومعاييره حسب المذكرة الوزارية المنظمة له؟
وماهو واقع هذا االمتحان وآفاقه؟
إذا كان" االمتحان" يدل على االختبار والقياس وإخضاع الممتحن آلليات
الدوسيمولوجيا Docimologieواالستجواب* قصد تقييمه عن طريق نقطة
عددية وتقدير معنوي يترجم ماهو كمي إلى ماهو كيفي ،فإن "التجريبي"
هو نسبة إلى التجريب والتجربة واإلجابة عن مجموعة من الفرضيات
واالفتراضات المسبقة لدى الممتحن أو األستاذ أو المشرف قصد التأكد من
نجاعتها اإلجرائية وفعاليتها التطبيقية والتكوينية عن طريق استبيان
امتحاني يتكون من مجموعة من األسئلة التي تستوجب فعل الذاكرة
والتحليل المنطقي و االستنباط العقلي واالستنتاج المهاري والتحكم المنهجي
واالستدالل الذكائي عبر احترام مجموعة من المراقي المعرفية والوجدانية
والحركية والسيما العمليات الذهنية كالفهم والتطبيق والتحليل والتركيب
والتقويم .ويعني هذا ،أن الذي يجتاز هذا االمتحان يكون في وضعية تجربة
وتجريب لما لديه من خلفيات معرفية ومضمرات وجدانية ومهارات حسية
حركية وقدرات ثقافية ومنهجية تحتاج إلى تشخيص ميداني واستنزال فعلي
تطبيقي للمجزوءات* المحصلة بطريقة كتابية أو شفهية.
وعليه ،فاالمتحان التجريبي هو ذلك االمتحان الذي يقدم للمتعلم ليختبر
قدراته المعرفية والوجدانية والحركية في وضعية تجريبية تشبه وضعية
االمتحان الحقيقي سواء أكان امتحان جهويا أم وطنيا قصد االستئناس بجو
هذين االمتحانين من النواحي النفسية والتربوية والتقويمية وتجريب مهاراته
في التعامل مع مواضيع االمتحان بكل اطمئنان وثقة مادام العمل المنجز
والممتحن فيه اليحتسب رسميا .أي إن هذا االمتحان التجريبي يتسم
بالمرونة و الحرية في التجريب واالطمئنان الذاتي وانعدام األجواء*
المشحونة* بالقلق واالنقباض الشعوري* والتوتر النفسي و االضطراب*
العصبي و االختالل العضوي والخوف* من المستقبل والمصير المجهول.و
يتسم هذا االمتحان كذلك بالتجريب الشخصي قصد التأكد من مدى قدرة
التلميذ على التكيف مع أجواء االمتحان الرسمي الذي ينبغي أن يعد له أيما
استعداد من أجل تحديد مواطن الضعف والقوة* التي يتسم به تحصيله
الدراسي* مادام هذا االمتحان إجراء إعداديا أوليا الجتياز االمتحان النهائي
الرسمي .ويطبع هذا االمتحان التكوين الذاتي والتعلم الشخصي والثقة
المتبادلة بين التلميذ وأطراف* المراقبة من أساتذة ورجال اإلدارة
واإلشراف ،كما يطبعه الالجدوى من النقل والغش كما هو معهود غالبا في
االمتحانات الرسمية األخرى* بسبب الخوف المبالغ فيه قصد تأمين النجاح و
المستقبل الزاهر المنتظر في تصوراتهم واعتقاداتهم.
وقد وزعت وزارة التربية الوطنية مذكرة وزارية منذ سنتين(2005م)
تستوجب االمتحان التجريبي وتنظيمه على مستوى السنتين األولى والثانية
من سلك البكالوريا ،وأعيدت هذه المذكرة مرة أخرى* في سنة 2006تحت
رقم 07/06بتاريخ 06مارس 2006اعتمادا على مقرر السيد الوزير
رقم 80بتاريخ 30يونيو 2005بشأن تنظيم السنة الدراسية والعطل
المدرسية برسم السنة الدراسية ،2005/2006واعتمادا أيضا على
المذكرة الوزارية* رقم 05بتاريخ 18يناير 2006حول مواعيد إجراء*
االمتحانات المدرسية .2005/2006
وال يعني هذا أن االمتحان التجريبي في التعليم الثانوي التأهيلي إجراء
تربوي و تقويمي من المستجدات التربوية الحديثة ،بل هو من المكتسبات
القديمة التي تخلينا عنها في الماضي لنعود إليها في الحاضر إلعطاء
الشهادات الوطنية مصداقيتها واحترامها ومشروعيتها الدولية ،بعد أن
عرف التعليم انحدارا وتراجع كيفيا بسبب الرداءة* وانعدام الجودة والكفاءة
التعلمية وقلة الخبرة و المهارة الوظيفية ،فقد طبقته الوزارة في التعليم
االبتدائي والسيما في السنة األخيرة من السلك االبتدائي التي تؤهل
للحصول على الشهادة االبتدائية – على حد علمي -منذ فترة السبعينيات .
هذا ،وترى المذكرة الوزارية أن االمتحان التجريبي الخاص بتالمذة السنة
األولى من سلك البكالوريا واالمتحان التجريبي الخاص بتالمذة السنة الثانية
تأهيلي ينبغي تنظيمهما في آخر أسبوع من شهر أبريل .ويروم هذا
اإلجراء التقويمي تحسيس التالميذ بأن أهداف االمتحانين التجريبيين
تشخيصية يقصد بها إظهار الثغرات لتجاوزها وتقوية التعلمات كما أنهما
يمثالن فرصة للتمرس والتهيؤ الجتياز امتحان آخر السنة ،وبأن النقط
المحصل عليها التحتسب ضمن أي مكون من مكونات امتحان البكالوريا.
ويتم إعداد االمتحان التجريبي من قبل أساتذة المؤسسة* الثانوية التأهيلية
العاملين في السنتين األولى والثانية من سلك الباكلوريا ،مؤطرين من
طرف مفتشي المواد المعنية حسب القرار* المنظم لالمتحان الجهوي* الموحد
واالمتحان الوطني الموحد .وينظم االمتحانان على مستوى المؤسسة*
التأهيلية بشكل مطابق تماما لالمتحان الجهوي* والموحد واالمتحان الوطني
الموحد من حيث المواد المدرجة في االمتحانين ،وتتابعها ،والمدد
المخصصة لها وأشكال ومحتوى المواضيع وسالليم التنقيط والمعامالت
وفق المواصفات المنصوص عليها في المذكرات الصادرة في الموضوع.
وتصحح أوراق* التحرير مباشرة بعد إجراء االمتحانين التجريبيين
واحتساب المعدالت من قبل أساتذة المؤسسة استنادا إلى دليل موحد
للتصحيح .وبعد ذلك ،تتم عملية استثمار نتائج االمتحانين التجريبيين من
قبل كل أستاذ مع تالمذته بشكل معمق يمكنهم من الوقوف على مواطن
الضعف .ويستحسن بعد ذلك تنظيم دعم تربوي ممنهج على ضوء نتائج كل
مادة وبتنسيق بين أساتذة المؤسسة* وذلك بهدف تجاوز الثغرات وتهيئ
التالميذ الجتياز االمتحان الجهوي الموحد واالمتحان الوطني الموحد
باطمئنان وثقة في النفس .وحتى تتمكن اإلدارة على المستويات اإلقليمية
والجهوية والمركزية من الوقوف على نتائج االمتحانين المذكورين من
حيث جوانبهما التنظيمية والتربوية ،فإنه ينبغي إعداد مجموعة من التقارير
حولها وذلك بعقد ندوات من قبل السادة المفتشين بعد إجراء االمتحانين
التجريبيين تخصص الستثمار نتائج االمتحانين وإنجاز تقارير تركيبية
تقويمية ترسل نسخ منها إلى األكاديمية الجهوية والنيابات .وبعد ذلك تعد
النيابات تقارير تركيبية حول ظروف عملية تنظيم االمتحانين التجريبيين
وتوجيهها إلى األكاديمية الجهوية ,حيث تحلل تقارير النيابات والمفتشين
التربويين وينجز تقرير تركيبي تبعث نسخة منه إلى المركز الوطني
لالمتحانات قبل نهاية شهر ماي من كل سنة دراسية.
ولكن إذا نظرنا إلى واقع االمتحان التجريبي نجد مفارقات كثيرة بين
تطلعات المذكرات الوزارية وأهدافها المسطرة* بشأن هذه العملية وواقع
الوضعية التجريبية .إذ يالحظ أول مايالحظ عزوف التالميذ عن المشاركة
في هذا االمتحان التجريبي بسبب عدم القدرة والتمكن من مراجعة
دروسهم؛ ألن الوقت الذي يجرى فيه االمتحان اليسمح للتالميذ بالمراجعة
لكونهم موزعين بين كتابة الدروس وإنجاز الفروض الدورية واإلعداد
لالمتحان التجريبي الذي قد اليخبرون به إال في وقت متأخر .كما أن جل
التالميذ الذين كانوا قد حصلوا على معدالت جهوية ضعيفة بسبب إخفاقهم
في اللغة الفرنسية يتخلفون عن هذا االمتحان ألنهم يعتقدون أنهم يعرفون
النتيجة مسبقا وهي الرسوب بطبيعة الحال؛ مما يصيبهم اليأس و اإلحباط
عن متابعة الدراسة و انعدام األمل لديهم في الحصول على شهادة البكالوريا
التي يحتاجون إليها أيما حاجة لتسهيل عملية الهجرة إلى الخارج تحت قناع
الرغبة في متابعة الدراسة* العليا في البالد األجنبية والسيما أوربا الغربية.
ومما يزيد الطين بلة أن هذا االمتحان التحتسب نقطه حسب المذكرة
الوزارية ،لذلك اليريد التالميذ أن يكلفوا أنفسهم معاناة تحضير الدروس
ومراجعتها وإرهاق عقولهم بذلك ،و السيما أن هناك مقررات ضخمة
بزخم الوحدات والمجزوءات* والدروس يستحيل التلميذ اكتسابها وتحصيلها
في وقت ضئيل جدا كمادة االجتماعيات والعربية والفرنسية والرياضيات
والفيزياء والعلوم* الطبيعية من أجل اجتياز امتحان تجريبي ال جزاء* فيه وال
ثواب .فيرجئ التالميذ كل أعمالهم حتى تنتهي السنة الدراسية وتبقى أسابيع
قليلة ومحدودة إلجراء االمتحان الموحد آنئذ سيبدأون في اإلعداد
والتحضير والمراجعة .وحتى الذين يحضرون إلى قاعة االمتحانات ،فهناك
من التالميذ من يكتب اسمه وينسحب من القاعة ،وهناك من يكتفي ببعض
األسطر* التي تكون لها عالقة بالموضوع أو قد التكون لها أدنى عالقة.
وهناك من يشارك في مادة واحدة أو مادتين أو ثالث ،فيتخلف بعد ذلك عن
المشاركة بسبب الالمباالة والتهاون وعدم االكتراث بامتحان ال تحتسب
نقطه أصال ،كأنه نوع من العبث والالجدوى وتضييع للوقت الثمين الذي
يكون التالميذ في حاجة ماسة إليه إلكمال المقرر وإنهائه في أسرع وقت
مادام هذا االمتحان التجريبي ال يعقبه ال تثمين و ال شكور .أما الذين
يشاركون في هذه االمتحانات التجريبية فتكون نتائج أغلبهم ضعيفة وهزيلة
جدا وخاصة في المواد األجنبية كالفرنسية واإلنجليزية واإلسبانية
واالجتماعيات ...أو المواد العلمية كالرياضيات والفيزياء بسبب افتقارهم
للروح المنهجية في البرهنة واالستدالل وعدم التقيد الحرفي* باألسئلة
ورداءة الخط وكثرة األخطاء* اإلمالئية والنحوية وعدم التمسك بتعليمات
التحرير والكتابة المقالية( علوم الطبيعة مثال) ،وعدم اهتمامهم باللغات
االهتمام الكافي والمطلوب* ،أضف إلى ذلك رداءة أوراق* االمتحانات التي
تكون مكتوبة باليد أو على أوراق* غير أوراق االمتحان المخصصة لذلك
بسبب ضعف اإلمكانيات المالية والمادية لدى المؤسسات التعليمية مع العلم
أن عصرنا هو عصر العلم والمعرفة وامتالك التكنولوجيا اإلعالمية
والفجوة الرقمية .ويالحظ لدى التالميذ المجربين نوع من الفتور وانعدام
الحماس بسبب االرتجالية المعروفة في النظام التربوي المغربي في كل
شيء وخاصة في تجريب المفاهيم ( الجودة -الكفايات -مشروع
المؤسسات -األهداف -الشراكة* التربوية -االمتحان التجريبي ،)....مما ينتج
عنه عدم اكتراث المتعلمين باالمتحانات بصفة عامة واالمتحان التجريبي
بصفة خاصة ،وعدم االستعداد لها أدنى استعداد ألسباب كثيرة :تربوية
وديداكتيكية واجتماعية وثقافية وحضارية واقتصادية وسياسية ،زد على
ذلك أن أبواب التعليم موصدة مغلقة وأن فرص الشغل عن طريق التعليم
وأسالكه وقنواته نادرة جدا .لذلك أصبحت مؤسسات التعليم خصوصا في
الشمال المغربي مؤسسات تفرخ أجيال الهجرة والبطالة وأجيال يائسة
محبطة في واقع سوسيواقتصادي محبط ومترد يتسم بالبطالة والمحسوبية
وانعدام الشغل و المؤسسات الثقافية والفنية والعلمية ناهيك عن عدم احترام
حقوق* اإلنسان ومعاناة السكان من اإلقصاء والتهميش والعزلة* .كما أن
فضاء هذه المؤسسات التعليمية يتسم بالتصحر الثقافي وانعدام التنشيط بكل
أنواعه إلى درجة الجدب والموت بسبب طغيان الفكر المادي والبرجماتي
على الفكر الثقافي والعلمي والتربوي .كما أن العلم في المعتقد الشعبي
المغربي اليعطي الخبز و اليفتح البيت وال يؤمن المستقبل ،لذا أصبح"
الحريـــﮔ" أو "الهجرة"* هي اللغة المفضلة في التعامل مع المدرسة التربوية
.
أما الحلول* التي نقترحها لتجاوز آفات هذا االمتحان التجريبي ،فتتمثل في
تخصيص وقت مناسب إلجرائه يكون بعد االنتهاء من الدروس كلها ،وقبل
االمتحان الموحد بثالثة أسابيع أو أسبوعين لكي نعطي للتالميذ فرصة
المراجعة* والتحضير والتهييء الجيد بدال من السرعة واالرتجال العشوائي.
وينبغي بكل إلحاح إعادة النظر في االمتحان الجهوي والسيما النظر في
مادة اللغة الفرنسية باعتبارها مادة أجنبية ثانية يؤثر معاملها سلبا على
التالميذ مما يدفعهم اليأس واإلحباط بعد إخفاقهم في االمتحان الجهوي* إلى
الفشل وعدم الرغبة في متابعة الدروس والدخول في سلوكات عدوانية
تشنجية مع زمالئهم وآبائهم وأساتذتهم و رجال اإلدارة .كما تكثر غياباتهم
وتأخيراتهم بسبب اإلهمال والتهاون والتفكير في الهجرة* بسبب انعدام األمل
– حسب رأيهم -في النجاح السيما إذا كان المعدل ضعيفا جدا مثل 04على
عشرة أو 5على عشرة أو 6على عشرة....مع العلم أن االمتحان الموحد
الجهوي* له نسبة %25بينما االمتحان الوطني له نسبة .%50ونقترح
أيضا أن يحتسب االمتحان التجريبي بطريقة أخرى مثل مادة الشأن المحلي
أي إن على التلميذ أن يجتاز االمتحان التجريبي بشكل إجباري فكل من
يتخلف بدون عذر لن يسمح له باجتياز االمتحان الوطني الرسمي *،ومن
يحصل على معدل في هذا االمتحان يحتسب له ميزة إيجابية في فروضه
الدورية أو في مجاالت أخرى* ومن لم يحصل على المعدل اليحتسب له
أصال ،وكل هذا من أجل تشجيع التالميذ وحثهم على العمل والمثابرة
واالجتهاد .ونتمنى أن يتلقى التلميذ قبل إجراء* االمتحان التجريبي دعما قبليا
وشرحا مسبقا حول أهداف هذا االمتحان وكيفية إنجازه وآليات تطبيقه.
ويمكن أن يتطوع األستاذ مع تالمذته في مراجعة المقرر وشرحه باقتضاب
حتى يستفيد التالميذ من ذلك أيما استفادة .وينبغي للوزارة أن تمد
المؤسسات التعليمية وخاصة التأهيلية باإلمكانيات المالية والمادية إلنجاح
هذا االمتحان التجريبي ،فال يعقل أن يكتب التلميذ األجوبة في أوراق
مزدوجة عادية أو أوراق* فردية يمزقها من دفاتره ،وال يعقل كذلك أن
يوضع له امتحان بخط يد األستاذ في أوراق رديئة وأدنى من عادية
وخاصة إذا كانت ملونة ،فيتعذر الفهم وينعدم التواصل ويكون في وضعية
تجريبية مخالفة لوضعية االمتحان الموحد الرسمي .ونرى أنه من
الضروري لتحقيق جودة حقيقية لقطاع التربية والتعليم أن نحقق ديمقراطية
فاعلة عملية تتجاوز الشعارات* والتجريد النظري إلى التطبيق الميداني
والممارسة* الفعلية ،كما ينبغي أن نربط التعليم بسوق الشغل وأن نوفر
فرص العمل لكل متعلم كفء ؛ألن ذلك يشكل حقا من الحقوق* المشروعة
للمواطن تجاه دولته كما ينص على ذلك دستور البالد.
ونخلص -مما سبق ذكره -إلى أن االمتحان التجريبي آلية ضرورية للتعلم
الذاتي عند التلميذ ،و أهم معيار لتقويم نظامنا التربوي والبيداغوجي
والديداكتيكي ،وأفضل وسيلة إجرائية إلعداد المتعلم المغربي وتهييئه
لالمتحان الموحد عن طريق جعله في وضعيات تجريبية مشابهة
لالمتحانات الرسمية قصد تجريب كفاءاته المعرفية والوجدانية والمهارية
والمنهجية ،إال أنه ينبغي تحسين قطاع التعليم وإرساء فلسفة* الجودة
والديمقراطية* الحقيقية على جميع األصعدة مع ربط المؤسسة* التعليمية
بسوق الشغل.
-4المستجدات التربوية في قطاع التربية الوطنية بالمغرب
الهوامش*:
وخالصة القول :إن المراقبة المستمرة بكل أنماطها التقويمية أداة فعالة في
إصالح المنظومة التربوية والتعليمية بكل جدية وفعالية وخاصة إذا
استثمرنا نتائجها ومعطياتها المعيارية والتقديرية .كما أنها إجراء أساسي
وحيوي في تقويم العملية التعليمية – التعلمية ومناهج التعليم وبرامجه
وسبر النظريات التربوية وتقويمها إيجابا وسلبا قصد توجيه دفة اإلصالح
نحو آفاق أفضل لصالح المدرس والمتعلم والمجتمع .
-7الشراكة* التربــــويـــة في نظامنا التعليمي المغربي
تعد المشاركة التربوية من أهم مستجدات التربية الحديثة التي تبناها النظام
التربوي المغربي ضمن عشرية الميثاق الوطني للتربية والتكوين ،ومن أهم
دعائم انفتاح المؤسسة التعليمية على محيطها السوسيو-اقتصادي ،و
انفتاحها على التجارب التربوية األخرى لدى اآلخر األجنبي قصد الرفع من
مستوى التالميذ ودعم قدراتهم التحصيلية وتقوية جانب التواصل والتفاعل
الثقافي لديهم ،وخلق فضاء تربوي تنشيطي أساسه الحياة المدرسية السعيدة
التي تساهم فيه كل األطراف الفاعلة من داخل المؤسسة أو من خارجها.
إذاً ،ماهي الشراكة التربوية؟ وماهو سياقها التاريخي والتربوي في الغرب
والمغرب؟ وماهي العوامل التي أفرزت* مفهوم الشراكة؟ وماهي مواصفات
هذه الشراكة* التربوية وأنواعها؟ وماهي السلبيات التي تسم هذه الشراكة
التربوية؟ وماهي أهم االقتراحات التي يمكن أن ترفع من نجاعة هذه
الشراكة تربويا؟
تدل الشراكةPARTENARIATسواء في اللغة العربية أم الفرنسية* على
التعاون والتشارك والتفاعل التواصلي والمقاسمة والمساعدة وتبادل
المصالح والمنافع المادية والمعنوية و على تآزر الشركاء من اثنين فأكثر.
وقد تحيل الشراكة* على الشركة والمقاولة واالتحاد والرابطة العضوية التي
ينشئها مساهمون مشتركون.أما في االصطالح التربوي ،فالشراكة* عبارة
عن تعاون مشترك بين أطراف* تربوية وأطراف أخرى سواء أكانوا من
داخل المؤسسة* أم من محيطها الخارجي أم من جهات أجنبية تجمعهم
مشاريع تربوية مشتركة ،الغرض منها تحقيق منافع معنوية ومصالح مادية
،أو خلق تعايش سلمي بين المتشاركين وتحقيق التواصل اللغوي* والثقافي
والحضاري بين هذه األطراف ،أو التشارك من أجل إيجاد الحلول المناسبة
لمجموعة من الوضعيات والعوائق والمشاكل التي تواجهها .ويعرفها كل
من سيروتنيك SIROTNIKوﮔودالد GOODLADبأنها ":اتفاق تعاون
متبادل بين شركاء متكافئين ومتساوين ،لتحقيق أغراضهم الخاصة ،وفي
نفس الوقت* ،تقديم حلول للمشاكل المشتركة" .ويرى محمد الدريج أن
الشراكة تفترض ":بين المؤسسات إحصاء ومالحظة* المشاكل المشتركة
وتشخيص أهمية النشاط المشترك وتحديد مهام محددة في الزمان وتوزيع
المسؤولية وتخطيط مجاالت التدخل بالنسبة لكل طرف وكذا أساليب ضبط
اإلنجازات وتقويم النتائج حسب المعايير المتفق عليها والمقبولة* من كل
األطراف"*.
وتذهب وزارة التربية الوطنية في مذكرتها رقم 27بتاريخ 24فبراير
1995إلى أن الشراكة ":عموما تقتضي التعاون بين األطراف المعنية
وممارسة أنشطة مشتركة وتبادل المساعدات ،واالنفتاح على اآلخر مع
احترام خصوصياته .أما في الميدان التربوي ،فإن الشراكة التي تندرج
ضمن دينامية مشاريع المؤسسات تتطلب مجموع الفاعلين التربويين من
مفتشين وإدارة تربوية وأساتذة ،وتالميذ وآباء ،وغيرهم. "...
ويالحظ أن مفهوم الشراكة مفهوم اقتصادي على غرار مفاهيم أخرى
كالجودة والكفايات ومشروع المؤسسة التي دخلت حقل التربية ،كما دخل
هذا المفهوم حقوال معرفية وفكرية أخرى كالحقل السياسي والحقل القانوني
والحقل* االجتماعي والحقل العسكري*...
ولقد ظهر مفهوم الشراكة* التربوية في الغرب منذ أواسط* الثمانينيات ضمن
السياق األنجلوسكسوني في مدارس الواليات المتحدة األمريكية وكندا ،
وانتقل بعد ذلك إلى العديد من الدول األوربية والسيما إسبانيا وفرنسا .وإذا
كان مصطلح Partenairesقديم نسبيا حسب ،Elisabeth Bautierفإن
مصطلح الشراكة حديث في قاموس اللغة الفرنسية ،واستعمل ألول مرة في
اليابان في الثمانينيات في مجال المقاوالت قبل أن ينتقل إلى بعض الدول
األمريكية ومنها إلى أوربا.
هذا ،وقد أصبحنا نتحدث عن عدة شراكات :شراكة* اقتصادية وشراكة*
اجتماعية وشراكة تجارية وشراكة* سياسية وشراكة تربوية وشراكة*
عسكرية وشراكة* نقابية وشراكات :ثقافية وفنية ورياضية...
ومن بين العوامل التي أفرزت مفهوم الشراكة* العالقات الالمتكافئة بين بين
الشمال والجنوب ،والمنافسة في مجال االقتصاد والتسليح وتأهيل المقاولة
فضال عن التطور الصناعي والتقني واإلعالمي الذي يفرض على الدول
المعاصرة أن تدخل في شراكات اقتصادية وسياسية ( السوق* األوربية
المشتركة -السوق العربية المشتركة -المجلس التعاوني الخليجي -السوق*
المشتركة لدول أمريكا الالتينية .)....كما ساهمت الصراعات اإليديولوجية
التي أفرزتها الثنائية القطبية( الواليات المتحدة األمريكية ذات الطابع
الرأسمالي واالتحاد السوفياتي بطابعه االشتراكي) في خلق تكتالت
وشراكات مختلفة ( الكوميكون /السوق األوربية المشتركة) .وبعد انهيار
االتحاد السوفياتي ،تغيرت كثير من المفاهيم وأصبح الحديث ممكنا عن
تعايش الطبقات كما يقول رايمون آرون ،وطرح مفهوم اآلخر ضمن ثنائية
التواصل والشراكة من أجل إقامة عالم مبني على الحوار والتفاهم والتعاون
وحب السالم بدال من عالم أساسه* الصراع الجدلي كما عند هيجل أو
الصراع* الطبقي كما عند ماركس أو الصراع* التاريخي كما عند فوكوياما
أو صدام الحضارات* كما عند صموئيل هانتنغتون .وتجاوزا لهذه
الصراعات اإليديولوجية ،انتقل العالم إلى الدخول في عولمة الشراكات
وتأهيل االقتصاد وخلق مجتمع الكفاءات والسيما في مجال تكنولوجيا
االتصال الرقمي واإلعالمي.كما ساهمت الديمقراطيات االجتماعية في سن
سياسة الالتمركز وتفعيل التوجه الفيدرالي وتطبيق السياسة الجهوية و خلق
األقطاب المحلية عن طريق نشر وتدعيم الفكر التشاركي التعاوني الذي
تساهم فيه جميع الفعاليات المدنية والسياسية والعسكرية .ويمكن القول بأن
عصرنا عصر الشراكة* وخلق المشاريع وفرص االستثمار وتبادل المعرفة
والتكنولوجيا عن طريق التعاون الثنائي بين الدول أو عن طريق إبرام
عالقات اندماجية تشاركية داخل أقطاب متنوعة المجاالت أو مجموعات
دولية أو شركات متعددة الجنسيات ،حتى إن الدولة الوطنية المنعزلة لم تعد
قادرة على المواجهة* والمنافسة أو الصمود أمام تكتل الدول في شراكات
اقتصادية أو سياسية أوعسكرية حيث تعطيها هذه الشراكة* قوة فرض
قرارها السياسي كما هو شأن السوق* األوربية المشتركة وحلف الناتو.
وأمام نجاح فكرة الشراكة في شتى المجاالت الحياتية واالقتصادية ،لم يكن
أمام حقل التربية إال أن يستفيد كباقي الحقول* من مفهوم الشراكة وأن
يعممها في أدبياته البيداغوجية وأن يصبح حال لكثير من المشاكل المادية
والمعنوية والثقافية والحضارية لكثير من المؤسسات التعليمية والسيما في
العالم الثالث.
وإذا عدنا إلى المغرب ،فإن مفهوم الشراكة* التربوية لم يطرح إال في بداية
التسعينيات إثر مجموعة من الندوات واللقاءات* والتظاهرات ،لتقوم وزارة
التربية الوطنية بعد ذلك بصياغة قراراتها عن الشراكة التربوية وترجمتها
نظريا وتطبيقيا في مذكرتين أساسيتين مقترنة إياه بمشروع المؤسسة تحت
عنوان ":التجديد التربوي بالمؤسسات التعليمية" أو " دعم التجديد التربوي
بالمؤسسات التعليمية":
-1مذكرة رقم 73بتاريخ 12أبريل ( ،1994خاص بمشروع
المؤسسة)؛
-2مذكرة رقم 27بتاريخ 24فبراير (،1995خاص بالشراكة* التربوية).
وقبل ذلك أبان جاك شيراك الرئيس الفرنسي في خطابه أثناء زيارته
للمغرب عن استعداد فرنسا في الدخول في شراكة بيداغوجية مع المغرب
لتعزيز المكاسب اللغوية عن طريق تبادل الزيارات وتفعيل التواصل
الثقافي واللغوي في إطار التصور الفرانكفوني ":شراكة بيداغوجية حقيقية
بين المؤسسات* التعليمية المغربية ومثيالتها التابعة للبعثة الثقافية الفرنسية.
والعمل على تطوير ،في الوقت ذاته ،قنوات دولية في نظام التعليم
بالمغرب".
وعليه ،فإن المذكرة الوزارية* التي تتحدث عن الشراكة* ترى أن مشروع
المؤسسة هو جوهر هذا المفهوم ومجاله المحوري الذي ال ينبغي أن تخرج
عنه أية شراكة مهما كانت صيغتها .ومن ثم ،يتداخل مفهوم مشروع
المؤسسة مع مشروع الشراكة .تقول المذكرة الوزارية رقم ":27عبرت
بعض المؤسسات* عن رغبتها في ربط عالقة شراكة تربوية مع مؤسسات
تابعة للقطاع* الخاص أو شبه العمومي أو مع الجماعات المحلية ،أو مع
مؤسسات تابعة للمصالح الثقافية األجنبية.
ولقد تبين من خالل دراسة المشاريع التي توصلت بها مصالح الوزارة* أن
االقتراحات المقدمة -على أهميتها ،وبالرغم من المجهود الذي بذل في
إنجازها -ال تستجيب بما فيه الكفاية لمواصفات مشروع المؤسسة"*.
وقد حدد محمد الدريج عدة شراكات حسب معايير ثالثة:
أ -من حيث المجال :شراكة ثقافية -شراكة اقتصادية -شراكة اجتماعية-
شراكة دولية.
ب -من حيث نوع الشركاء *:شراكة داخلية -شراكة خارجية.
ت -من حيث أسلوب* العمل داخل الشراكة *:شراكة اإلنجاز -شراكة
التطوير -شراكة التعايش التكافلي.
ويمكن في اعتقادي الحديث عن عدة أنواع من الشراكات التي يمكن أن
تعقدها مؤسسة* تعليمية مع مؤسسة تعليمية أخرى* أو أطراف فاعلة أخرى
على النحو التالي:
-1شراكة داخلية :يساهم فيها الفاعلون الداخليون الذين ينتمون إلى
المؤسسة كالتالميذ ورجال اإلدارة واألساتذة واآلباء وأولياء األمور عن
طريق اقتراح مشاريع تربوية أو مشاريع اجتماعية واقتصادية وبيئية
وثقافية وفنية ورياضية تهم المؤسسة التعليمية أو مؤسستين فأكثر كمشروع
دعم التالميذ معرفيا ومنهجيا ،والتكوين اإلعالمي لفائدة األساتذة والتالميذ
ورجال اإلدارة ،وتدريس اللغات األجنبية .
-2شراكة المؤسسة مع محيطها الخارجي :وهنا نستحضر انفتاح المؤسسة*
على محيطها السوسيواقتصادي وخلق شراكات مع الجماعات المحلية
والجمعيات والقطاع الخاص أو القطاع شبه العمومي و المقاوالت ومدارس
التكوين والمعاهد والجامعات و المحسنين والنخبة المثقفة ...من أجل خدمة
المؤسسة وإنعاشها تربويا وتنميتها ثقافيا وفنيا.
-3شراكة خارجية :تقوم المؤسسات* التعليمية المغربية بتبادل الزيارات
والخبرات* والتجارب مع مؤسسات تعليمية أجنبية أو عربية عن طريق
خلق شراكات تربوية في إطار التبادل الثقافي والحضاري* والتواصل
اللغوي*.
ومن مواصفات الشراكة* التربوية حسب المذكرة الوزارية* أن يكون هناك
تعاون بين المؤسسات المعنية واستعمال لإلمكانيات الذاتية المتوفرة في كل
مؤسسة* إلنجاز المشروع *.وأن تحترم كل مؤسسة لخصوصيات المؤسسات
التي تربطها بها عالقة شراكة ،وأن تنفتح كل مؤسسة على األخرى* في
إطار االنفتاح على المحيط الخارجي .وأن ترتكز هذه الشراكة* على
مشروع تربوي دينامي وحيوي عملي وواقعي يعمل على تحقيق أهداف
تنسجم مع األولويات التربوية للمؤسسة عن طريق إشراك جميع الفاعلين
الذين أبدوا استعداداتهم لخدمة المشروع من مرحلة االنطالق إلى نهاية
التنفيذ والتقويم .أما إذا كانت الشراكة* مع مؤسسات أجنبية فالبد من تحقيق
تبادل التجارب التربوية ،وتحسين تعلم اللغات وتنمية أنشطة التواصل بها،
وأن يفسح المجال النفتاح المؤسسات على بعد آخر يتمثل في تفاعل
الثقافات .وعند تنفيذ المشاريع البد للمؤسسات التي تدخل في شراكة تربوية
من االعتماد على مواردها وإمكاناتها المالية والبشرية *،و يمكن لها أن
تستفيد من بعض اإلمكانات اإلضافية عند االقتضاء لدعم المشاريع التربوية
مثل تعديل أوقات العمل بالنسبة لبعض األطر وتوفير تجهيزات خاصة أو
وسائل عمل مناسبة للمشروع* وتكوين مستمر لفائدة الفرق التربوية
المشاركة*.
وإليكم نموذجا تقنيا وجذاذة إرشادية لخلق شراكة* تربوية بين المؤسسات
التعليمية على ضوء تعليمات المذكرتين الوزاريتين 73و:27
مشــروع* شراكـــة تربـــوية
-1تأطير المؤسسة*:
- 2تحديد المشروع
-3وضعية المؤسسة*:
تستند قراءة النصوص في مادة اللغة العربية إلى خطوات منهجية مترابطة
ومتدرجة ومراحل أساسية في الفهم والتفسير تتمثل في :المالحظة والفهم و
التطبيق والتحليل والتركيب والتقويم من خالل قراءة* فاعلة تقوم على تفكيك
النص وتركيبه على ضوء مرتكزات بيداغوجية تتمظهر في التفاعل البناء
بين القارئ* والنص ،ودينامية التعلم الذاتي ،والمقاربة الكلية للنص.
-2مكون المؤلفات:
يعرف تدريس مادة المؤلفات في السلك الثانوي التأهيلي ثالث أنواع من
القراءات* المنهجية األساسية وهي:
أ -القراءة* التوجيهية تهتم بقراءة النص الموازي* للنص وعتباته الخارجية
والمحيطة؛*
ب -القراءة التحليلية التي تروم تحليل النص من خالل مكوناته الداللية
والبنائية؛
ت -القراءة التركيبية التي تتمثل في استجماع النتائج والخالصات* المحصل
عليها واستحضار القراءات النقدية المقومة للعمل.
ينبني مكون التعبير واإلنشاء في منهاج اللغة العربية على مجموعة من
األنشطة الوظيفية التي يمكن اختزالها في األعمال اآلتية:
أ -أنشطة االكتساب:هي أنشطة موجهة للتعلم الذاتي ينجزها التالميذ فرادى
وجماعات في ضوء توجيهات األستاذ حيث يرشدهم إلى كيفية استثمارها
حسب ماتقتضيه كل مجزءات المقرر؛
ب -أنشطة التطبيق :تخصص للتعلمات الصفية مما أنجزه التالميذ من
أنشطة االكتساب؛
ت -أنشطة اإلنتاج :تخصص إلنتاج مهارة تعبيرية أو إنشائية؛
ث -أنشطة التقويم :تخصص لتقويم المتعلم ضمن وضعيات إنجازية.
لقد انطلقت مديرية المناهج من فكرة توحيد برامج اللغة العربية ومقرراتها،
ولكن مع تنويع الكتب والمؤلفات التي يساهم في تأليفها مجموعة من
المفتشين المؤطرين واألساتذة و المتخصصين في الميدان سواء* أكانوا
ينتمون إلى قطاع التربية الوطنية أم كانوا أساتذة جامعيين ينتمون إلى
مؤسسات وزارة* التعليم العالي وتكوين األطر أم كانوا من المساهمين
الخواص .وتتسم هذه المبادرة بحرية التأليف واإلبداع والتنافس وتحرير
سوق الطبع والنشر* والتوزيع مع احترام شروط* دفتر التحمالت والعمل في
فريق تربوي غالبا ما يوجهه عضو منسق مسؤول عن تأليف الكتاب
المقرر *.وعندما يقبل الكتاب من قبل الوزارة* الوصية تجيزه بوضع تأشيرة
مرقمة ومؤرخة.
وعند وضع مقررات اللغة العربية ،البد أن يراعي المؤلفون* أو الوزارة
مجموعة من الضوابط التي المندوحة عنها ،وهي:
-1احترام الهيكلة الجديدة للتعليم الثانوي التأهيلي( مسلك اآلداب والعلوم
اإلنسانية ،مسلك العلوم والتكنولوجيا)؛
-2توحيد مفردات البرنامج أو المنهاج الدراسي* وعدم الخروج عنها؛
-3احترام خصوصية كل مسلك دراسي على حدة على مستوى الغايات
وسيرورة* التعلم والمضامين؛
-4االنطالق من بيداغوجيا الكفايات والتعلم الذاتي؛
-5استثمار معطيات التطور اإلعالمي والطباعي في وضع المقررات
الدراسية* لتحقيق الجودة البصرية والقرائية؛
-6تنويع كتب المقرر* وإعطاء فرصة االختيار للمدرس أو المؤطر؛
-7إشراك* جميع األساتذة في التأليف أو إبداء آرائهم ومقترحاتهم حول
الكتاب المقرر* قبل طبعه ونشره وتسويقه؛
-8االنطالق من فلسفة الحداثة و التواصل واحترام اآلخر مع التشبث
بالوطنية والهوية العربية اإلسالمية؛
-9احترام خصوصية المتعلم ومستواه الدراسي واالرتكان إلى البيداغوجيا
الفارقية أثناء التأليف ريثما أن نصل إلى التعامل بالمقرر الجهوي؛
-10طبع الكتب المدرسية الخاصة باللغة العربية أو بالمواد األخرى* في
الوقت المناسب وبالثمن المناسب وبالعدد الكافي.
أما إذا انتقلنا إلى كتاب اللغة العربية الذي وجه إلى تالميذ الجذع المشترك
( مسلك اآلداب والعلوم* اإلنسانية) فإنه ينطلق من نظرية التجنيس أو
المقاربة األجناسية للنصوص األدبية أو ما يسمى أيضا بنظرية األدب .وقد
قسمت المادة األدبية إلى األنماط األجناسية التالية:
-1الحكي :السرد -الوصف -الحوار.
-2الحجاج :اإلخبار -التفسير -اإلقناع.
-3الشعر العمودي :المدح -الوصف -الغزل.
-4شعر التفعيلة :شعر المدينة -شعر االغتراب -شعر المقاومة والنضال.
هذا ،ويتقاطع في هذا التصنيف مجموعة من المناهج النقدية في قراءة*
النص األدبي :المنهج الفني الذي يهدف إلى دراسة األدب العربي حسب
فنونه وأغراضه الشعرية (المدح والوصف والغزل /الشعر العمودي وشعر
التفعيلة) ،والمنهج البنيوي األسلوبي الذي يفكك النصوص إلى ثوابت
ومرتكزات ووظائف تميز نصوصا معينة عن نصوص أخرى* على غرار
شعرية األجناس مثل :الحكي والحجاج والسرد والحوار* والوصف
واإلقناع ...ومنهج الظواهر األدبية أو المنهج الموضوعاتي مثل :شعر
المدينة ،شعر االغتراب ،وشعر المقاومة والنضال .ويعني هذا أن هذا
المقرر* يتسم بالتنوع المنهجي وتعدد مقاربات التصنيف للمادة اإلبداعية.
ويساهم مكون اللغة والتعبير واإلنشاء( إنتاج نص سردي -إنتاج نص
وصفي -إنتاج حواري -إنتاج نص حجاجي -تحويل نص شعري -توسيع
مقطع شعري) في إثراء اللغة العربية ومنهاجها .أما المؤلفات األدبية فقد
ارتكزت على فنين :الرواية والمسرح من خالل اختيار نصوص إبداعية
مغربية( عز الدين التازي -شغموم الميلودي -الطيب الصديقي -عبد الكريم
برشيد) ،وشرقية( سهيل إدريس -سعد هللا ونوس) ،وتم إغفال القصة
القصيرة التي كان ينبغي استحضارها على غرار مقررات* اللغة الفرنسية
في التعليم الثانوي .وتجمع هذه النصوص بين طابعين :كالسيكي وحداثي
تجريبي .كما تطرح عدة قضايا معنوية كقضية حقوق اإلنسان وقضية
الشرق والغرب* وقضية االستبداد وقضية المثقف والسلطة وصراع الفنان
مع القوى* المحافظة وقضية مدن الصفيح.
ويالحظ على مستوى مكون اللغة *،أن واضعي المقرر* الجديد لم يأخذوا
بمستجدات اللسانيات الحديثة كالمقرر القديم نظرا لوعيهم بتقهقر مستوى
التالميذ وانحداره في السنوات* األخيرة بسبب الالمباالة وانعدام الرغبة في
التمدرس بعد انسداد آفاق المستقبل ،ناهيك عن الطابع التجريدي للسانيات
وتعقيد إشكاالتها ومفاهيمها االصطالحية.
أما مقرر الشعبة العلمية والتقنية فقد سار نسبيا في احتذاء مسار منهاج اللغة
العربية في المسالك األدبية واإلنسانية لغلبة الطابع األدبي على الكتاب
كتقسيم النصوص بطريقة فنية أجناسية إلى نص سردي ونص وصفي
ونص حواري ونص حجاجي ونص إعالمي ونص تخييلي في المجزأة
األولى .أما في المجزأة الثانية ،فقد اعتمدت مقاربة القضايا والظواهر*
كقضية العولمة *،وثقافة حقوق اإلنسان ،ونظام االتصال ،وحضارة
الصورة *.وانتقل المنهاج في األخير إلى فن الشعر من خالل شعر المدينة
وشعر السجن والحرية .ويعني هذا أن مقرر الشعبة العلمية لم يتميز عن
المقررات السابقة لغلبة ماهو أدبي على المواضيع العلمية والتقنية
والفكرية *.بل يمكن القول :ليس هناك جديد على مستوى التصنيف واإلعداد
والتطوير بل كان نسخة حرفية للمقررات* العلمية القديمة.
ألقى ملك المغرب محمد السادس يوم 18ماي 2005م خطابه السامي
الذي أعلن فيه خطة جديدة من أجل تحقيق تنمية بشرية قصد الحد من
ظاهرة الفقر والتهميش والتخلف والتفاوت الطبقي واالجتماعي ومساعدة
ذوي الحاجات والجماعات القروية* والحضرية التي تعاني من قلة الموارد
واإلمكانيات .إن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ما هي إال جواب ميداني
لسؤال المعضلة االجتماعية التي تواجه المغرب بكل حدة بعد أن صنف
المغرب في الرتبة 124من بين 177دولة وما أكده التقرير الدولي الذي
بين أن المغرب يوجد تحت عتبة الفقر ،وأنه ستنتقل من 6.6في المائة إلى
11.7في المائة داخل المناطق القروية *،وسيرتفع عدد األسر المعوزة من
%56.8إلى ،%60.5مثلما سينتقل المعدل اإلجمالي للفقر على المستوى
الوطني بدوره من %13.6إلى ،%22.1وبهذا سيكون المغرب بعد
عشر سنوات في مصاف الدول األكثر فقرا في العالم.
وتتسم المبادرة الوطنية التي أعلنها جاللة الملك بكونها رؤية اجتماعية
شمولية مندمجة تستهدف إرساء مجتمع عادل ديمقراطي* يحارب الفقر
والعزلة* واإلقصاء والتهميش ويزرع الثقة واألمل وروح التعاون والتكافل
والكرامة* ويحارب اليأس واألمية والجهل والتسول والذل والمهانة و كل
الظواهر االجتماعية السلبية كالكسل والخمول و الدعارة والتهريب
واللصوصية* والقتل...
ويرتكز المشروع المجتمعي الذي تدعو إليه المبادرة الوطنية على مجموعة
من المقومات األساسية ،وهي:
-1الديمقراطية السياسية.
-2الفعالية االقتصادية.
-3التماسك االجتماعي.
-4العمل واالجتهاد.
-5تمكين كل مواطن من االستثمار األمثل لمؤهالته وقدراته.
وقد بدأت المبادرة الوطنية بتنفيذ مجموعة من المشاريع التنموية كترسيخ
دولة الحق والقانون ،وتوسيع فضاء الحريات ،والنهوض بحقوق المرأة
والطفل *،وبأوضاع الفئات االجتماعية التي تعاني الفاقة والضعف .كما تم
بناء اقتصاد عصري ومنتج من خالل المشاريع الكبرى خاصة في مجال
التجهيزات األساسية ،وتأهيل النسيج اإلنتاجي الوطني ،واتخاذ عدة تدابير
لتحفيز االستثمار والمبادرة الحرة *.فضال عما أنجز في إطار مشاريع
وزارية قطاعية ،وبرامج التنمية الجهوية .كما وفرت هذه المبادرة الوطنية
المستمرة-التي انطلقت قبل صيغتها الجديدة منذ تولي محمد السادس قيادة
المملكة المغربية -الوسائل واآلليات الكفيلة بالدفع قدما بعملية التنمية ،وفي
مقدمتها صندوق الحسن الثاني للتنمية االقتصادية واالجتماعية ،عالوة على
تسريع وتيرة إنجاز البرامج الوطنية للتزويد بالماء الشروب والكهربة
الشاملة* للعالم القروي وفك العزلة* عنه.
وتستند المبادرة الوطنية حسب العاهل المغربي إلى أربع ركائز مرجعية
أساسية أال وهي:
-1االعتماد على المعطيات الموضوعية لإلشكالية االجتماعية في
المغرب(جماعات قروية وحضرية تعيش ظروفا صعبة :األمية -الفقر*-
التهميش -العزلة -انعدام الكرامة *-البطالة -ضعف فرص الشغل -قلة
التجهيزات األساسية*.)...
-2إن إعادة التأهيل االجتماعي عملية معقدة ،شاقة وطويلة النفس ،
اليمكن اختزالها في مجرد تقديم إعانات ظرفية ،أو مساعدات موسمية
مؤقتة .كما اليمكن التعويل فيها على األعمال الخيرية؛ أو اإلحسان
العفوي *،أو االستجابة لوازع* أخالقي ،أو لصحوة ضمير .ومن ثم ،فالتنمية
المستدامة لن تتحقق إال بسياسات عمومية مندمجة عملية متماسكة،
ومشروع* شامل ،وتعبئة قوية متعددة الجبهات ،تتكامل فيها األبعاد السياسية
واالجتماعية واالقتصادية والتربوية والثقافية والبيئية.
-3خيار االنفتاح في عالم يعرف تحوالت متسارعة ،وتغيرات عميقة،
ويفرض بالتالي إكراهات وتحديات ،تعرض تماسك الروابط االجتماعية
والترابية للهشاشة *،وتفرض أنماطا للعيش واالستهالك ،ونماذج فكرية
كاسحة ،اليمكننا تفاديها أو تجاهلها .وكل هذا يفرض علينا االنخراط* في
عمل جماعي واالبتعاد عن االنغالق واالهتمام بالحلول الذاتية المنافية
للمصلحة* العليا للوطن.
-4االنطالق من العبر المستخلصة* من تجارب المغرب السابقة *،ومن
النماذج الموفقة لبعض البلدان ،في مجال محاربة الفقر* واإلقصاء ،التي تدل
على أن رفع هذا التحدي ،رهين بالتحديد المضبوط لألهداف ،وبالتعبئة
الشاملة* لبلوغها ( .بينت التجارب أن المقاربات التنموية غير المندمجة ذات
القطاعات االنفرادية غير نافعة على عكس المقاربات التشاركية التعاقدية
ودينامية النسيج الجمعوي المحلي).
وعليه ،فإن المبادرة الوطنية لكي تحقق أهدافها السامية البد أن تعتمد على
التفعيل الميداني والثقة والمصداقية والمواطنة الفاعلة واالستمرارية في
العمل واختيار برامج عمل ومشاريع واقعية وطموحة .وينبغي أال تخرج
عن محاور ثالثة حددتها المبادرة الوطنية وهي:
-1التصدي للعجز االجتماعي الذي تعرفه األحياء الحضرية والجماعات
القروية* الفقيرة واألكثر خصاصة وذلك بتوسيع استفادتها من المرافق
والخدمات والتجهيزات االجتماعية األساسية ،من صحة وتعليم ،ومحاربة
األمية ،وتوفير للماء والكهرباء والسكن الالئق وشبكات التطهير والطرق
وبناء المساجد ودور الشباب والثقافة والمالعب الرياضية.
-2تشجيع األنشطة المتيحة للدخل القار والمدرة لفرص الشغل ،مع اعتماد
توجه حازم يتوخى ابتكار حلول ناجعة للقطاع غير المنظم.
-3العمل على االستجابة للحاجيات الضرورية لألشخاص في وضعية
صعبة أو لذوي االحتياجات الخاصة النتشالهم من أوضاعهم المتردية،
والحفاظ* على كرامتهم وتجنيبهم الوقوع في االنحراف أو االنغالق أو الفقر*
المدقع.
وقد قرر المسؤولون عن تنفيذ المبادرة الوطنية أن يتم تأهيل 360جماعة
األشد خصاصة في العالم القروي ،و 250من األحياء الحضرية الفقيرة ،
العتيقة منها والعشوائية والصفيحية المحيطة بالمدن ،التي تتجلى فيها
المظاهر الصارخة لإلقصاء االجتماعي والبطالة واالنحراف والبؤس*،
وتأهيل األشخاص المعوزة وذوي الحاجات الخاصة كالمعوقين والمشردين
واألطفال المتخلى عنهم والعجزة واأليتام حسب الموارد* المتاحة
واإلمكانيات المتوفرة.
و بعد هذا العرض الوجيز* حول سياق المبادرة الوطنية في سياقها المحلي
الوطني والدولي نتساءل :ماهي عالقة التعليم بتفعيل المبادرة الوطنية
للتنمية االجتماعية؟
توصلت نيابات التعليم التابعة لقطاع التربية الوطنية بمذكرات وزارية
ومذكرات أكاديمية توضح المبادرة الوطنية للتنمية االجتماعية في مجال
التربية والتعليم والتكوين وطرائق تفعيلها ميدانيا وأجرأتها واقعيا والسيما
مذكرة رقم 17شهر يونيو 2005والمذكرة الوزارية* رقم 76بتاريخ 9
يونيو 2005والمذكرة األكاديمية رقم 5بتاريخ 15يونيو .2005
ومن ثم ،فالتعليم يعد مجاال فعاال للمساهمة في التنمية االجتماعية ورافعة
للتعبئة واالندماج االجتماعي لتحقيق هذه المبادرة الوطنية في شكل خطط
وبرامج وأهداف ومشاريع على المدى القريب والمتوسط والبعيد .ويمكن
أن تتظمهر هذه المبادرة في عدة مجاالت نذكر منها :محاربة األمية والهدر
المدرسي والتعثر وظاهرة التكرار* والرسوب* عن طريق الدعم التربوي
ومساعدة المتعثرين منهم بتأهيلهم من جديد أو وضعهم في أقسام خاصة
لتوجيههم والوقوف بجانبهم .فضال عن االرتقاء بالتمدرس وتحقيق الجودة
في التربية والتعليم والتكوين وتقديم الخدمات التربوية ،عالوة على توسيع
قاعدة المستفيدين من التربية غير النظامية واالهتمام باألطفال ذوي
الحاجات الخاصة من جهة ،والمساهمة مع القطاعات األخرى* في مجاالت
التنمية البشرية الخاصة بها من جهة أخرى *،وتجنيد كل الطاقات وتوظيف
كل اإلمكانيات والموارد* الممكنة لبلورة هذه المبادرة التنموية االجتماعية.
ومن أجل إثراء هذه المبادرة وتفعيلها ميدانيا نرى أنه البد من عقد
اجتماعات مركزية وجهوية ومحلية وعلى صعيد المؤسسات التعليمية
لمناقشة هذه المبادرة الوطنية وتحيينها واقعيا في مشاريع مؤسسات أو
االنخراط* في شراكات داخلية وخارجية وإشراك* مجالس التدبير وإحضار
جمعيات اآلباء وأمهات التالميذ وأوليائهم للمناقشة والمشاركة في إنجاح
عملية المبادرة .ويتم تطبيق الخطة في مجال التربية والتعليم على الشكل
التالي:
-1تشخيص الوضعية الحالية في مجاالت تنمية التمدرس واالرتقاء بجودة
الخدمات التربوية ومحو األمية وتوسيع قاعدة المستفيدين من التربية غير
النظامية ،واالهتمام باألطفال ذوي الحاجات الخاصة.
-2رصد أسباب التأخر في تحقيق األهداف المسطرة.
-3تحديد أساليب وأشكال التدخل لمعالجة الظواهر التي تم تشخيصها
حسب األولوية*.
وأقول في األخير :إن المبادرة الوطنية للتنمية االجتماعية خطة نهضوية
شمولية متداخلة* القطاعات وتجربة رائدة في العالم العربي تهدف إلى
القضاء على الفقر* والتخلف والبؤس االجتماعي ومحاربة األمية والجهل
واألوبئة وإيجاد فرص الشغل للحفاظ على كرامة اإلنسان .وينبغي على
قطاع التعليم أن ينخرط بدوره من أجل االرتقاء بالتربية غير النظامية
وتحقيق الجودة على جميع األصعدة وبناء مؤسسات التربية والتعليم
والتكوين ودور إيواء التالميذ والطلبة وتوفير اإلطعام والتغذية المدرسية
ومساعدة التالميذ الفقراء وذوي الحاجات الخاصة كالمعوقين واليتامى
والمتخلفين عقليا والمشردين....
الهوامش*:
إن تحقيق الجودة التربوية لن تكتمل إال بخلق مؤسسة تربوية فاعلة وجيدة
قوامها اإلبداع واالنفتاح والمساهمة في تغيير المجتمع.
-1وضعية المؤسسة*:
يهدف ميثاق التربية والتكوين إلى إيجاد مؤسسات تربوية مستقلة بنفسها
على مستوى التدبير والتسيير على غرار الجماعات المحلية والمؤسسات
الجامعية .لذلك اقترحت الوزارة* نظام سيكما Sigmaالذي لم يطبق إلى حد
اآلن ميدانيا .وإذا تحقق هذا المقترح الوزاري* فإن المؤسسة* التربوية
ستعرف تقدما كبيرا ونهضة حقيقية في شتى المستويات .ولتحصيل الموارد
واإلمكانيات والخبرات البد من التواصل مع مختلف الشركاء* الفاعلين في
جميع الميادين سواء أكانت اقتصادية أم اجتماعية أم إدارية ،وعقد شراكات
داعمة للنهوض بجودة التعليم .ويمكن أن تتحقق هذه الشراكة* مع الجماعات
المحلية الحضرية والقروية و المجالس البلدية والجهوية ومع المؤسسات
البنكية والمالية وكذلك مع المستثمرين األجانب والمؤسسات األجنبية عن
طريق خلق التوأمات وتبادل الزيارات والخبرات* أو عبر تسلم المنح
والقروض والمساعدات كيفما كانت طبيعتها ما لم تخالف النصوص
التنظيمية والقانونية ،دون أن نغفل المساعدات التي يمكن أن تقدمها
المقاوالت الصناعية والتجارية والحرفية واألوراش للمؤسسة التربوية من
دعم إذا عرفت المؤسسة* كيف تحسن عملية التواصل والحفاظ على
شركائها الحقيقيين.
إن المدرسة* الحقيقية التي يرتاح إليها التلميذ هي مدرسة الحياة ،أي
المدرسة* التي يحس فيها بالسعادة والطمأنينة والدفء *.ويكون فيها التواصل
حميميا بين التلميذ واألستاذ أو بين التلميذ واإلدارة* أوبين كل الفاعلين
التربويين والشركاء *.ويشترط أن تكون المؤسسة* التربوية مدرسة للحرية
والقيم والمثل العليا تؤهل للشغل والمستقبل ،وهذا ال يتحقق إال بتطبيق
سياسة تربوية قائمة على فلسفة* الكفايات والوضعيات لتحفيز المتعلمين على
االبتكار واإلبداع والخلق* انطالقا من قدراتهم الذاتية.
خاتمة:
تلكم هي أهم شروط ومواصفات المؤسسة التربوية الجيدة إذا حاولنا األخذ
بها وطبقناها ميدانيا عن طريق تضافر جهود الجميع قصد خلق مؤسسة
الحداثة لتغيير المجتمع وخلق الرفاه االجتماعي والمادي.
تعد جودة التعليم أولى األولويات للسياسات التربوية لدول العالم؛ لما
يفرضه عالم اليوم من إكراهات سياسية واقتصادية وتسابق في مجال
التكنولوجيا والمبادالت التجارية وهيمنة فلسفة العولمة والتشارك
واالتصال .وهذا ما يجعل الدول تفكر في إصالح المنظومة التعليمية كلما
تغيرت الظروف والرهانات المستقبلية واالقتصادية واألمنية .إذا ،ما
المقصود بالجودة التعليمية؟ وما هو سياق هذه الجودة في نظامنا التربوي
المغربي؟ وكيف يمكن لألستاذ أن يحقق هذه الجودة؟ وماهي البدائل
والمعيقات؟ هذه هي األسئلة التي سوف نركز عليها في مداخلتنا
المتواضعة.
إذا تصفحنا معاجم اللغة العربية ،فإننا نجد كلمة الجودة تعني اإلتقان
واإلحكام ،وهي نقيض الرداءة *.جاد الشيء جوده وجودة أي صار جيدا.
وقد جاد جودة وأجاد :أتى بالجيد من القول أو الفعل ( .)1وبذلك تكون
الجودة هي اإلتقان القولي والفعلي *.وهذه المعاني تذهب إليها أيضا قواميس
اللغات األجنبية( )2وتجعل من الجودة ( كاليتيه) صفة للتمييز بين الجيد
والرديء.
وفي المفهوم االقتصادي الجودة هي تراضي الطرفين :البائع والمشتري
حول البضاعة المتعاقد عليها من حيث الكيف والكم .ويعني هذا أن الجودة
لها شقان أساسيان :الجانب الكي يتمثل في المردودية ،والجانب الكبفي الذي
يكمن في الجودة*.
ويقصد بالجودة في الميدان التعليمي ماأشار إليه وزير التعليم الدكتورحبيب
المالكي حينما صرح بأن" الجودة* ليست شيئا جامدا ،بل إنني أكاد أشبهها
بذلك النهر الذي يساعد على إخصاب األرض حتى تكون في مستوى
اآلمال المعقودة عليها في ما يتعلق بالمردودية ،ألن الجودة ،انطالقا من هذا
التشبيه المجازي ،مسلسل وليست نقطة في فراغ .لذلك ،فحينما نتحدث عن
الجودة ينبغي لنا أن نستوعب أننا نتحدث بالضرورة عن االهتمام بجماليات
الفضاء وعن توفير النقل المدرسي وعن اإلطعام والداخليات بالعالم
القروي ،وتطوير المناهج وتجديد الكتب المدرسية .كما أننا حينما نتحدث
عن الجودة دائما فإننا نتحدث كذلك عن التكوين المستمر لألستاذ بكيفية
متواصلة ودائمة ،وتفعيل دور المفتش....لهذا *،فإن الجودة بهذا المعنى ،هي
هدف ووسيلة في الوقت نفسه"3.
وهناك من يعتبر أن الجودة ال تتحقق إال عندما تستجيب المدرسة المغربية
لما يطمح إليه المغاربة من مستقبل زاهر وآمال معقودة ،وعندما يرضى
عليها كل التالميذ واألساتذة واألطر اإلدارية واآلباء وأولياء األمور بصفة
خاصة،والشعب المغربي بصفة عامة.وإذا عدنا إلى التعليم المغربي وجدنا
الجودة تقترن ارتباطا جدليا باإلصالح والتغيير واالستحداث *.وقد عرف
النظام التعليمي المغربي ورشات إصالحية كبرى منذ االستقالل إلى يومنا
هذا .ويمكن أن نحدد مجموعة من هذه اإلصالحات وهي:
-1إصالح 1957الذي استهدف تأسيس المدرسة الوطنية المغربية وقد
ارتبطت الجودة ضمن هذا المنظور اإلصالحي بالمبادىء األربعة :التعميم
والمغربة والتوحيد والتعريب؛
-2إصالح 1985الذي كان بعنوان(نحو نظام تربوي جديد) الذي فرضه
التقويم الهيكلي والبنك الدولي والتطور* التكنولوجي الهائل ،وقد اقترنت
الجودة التربوية في هذا اإلصالح التربوي بمراجعة الكتب المدرسية وإعادة
النظر في المناهج الدراسية وفي مضامينه وتنويع التعليم وتحسين تدريس
اللغات وتعزيز مسلسل التعريب وإعطاء األهمية للترجمة وفتح شعبة
التبريز لتكوين وتقوية المدرسين في المواد العلمية وتنمية العلوم الرياضية
والتقنية و إحداث مسالك اللغات لتحقيق إصالح بيداغوجي ناجع؛
-3إصالح 1994الذي استهدف تجديد منظومتنا التربوية والمؤسسات*
التعليمية وارتبطت الجودة فيه بمشروع المؤسسة* و الشراكة التربوية كما
تنص على ذلك المذكرة الوزارية* رقم 73بتاريخ 12أبريل 1994؛
-4إصالح 2000الذي يسمى بالميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي
خصص مجاله الثالث للرفع من جودة التربية والتكوين من حيث المحتوى
والمناهج ،ألهداف التخفيف والتبسيط والمرونة والتكيف ،وتتم هذه الجودة
بمراجعة البرامج والمناهج ،والكتب والمراجع المدرسية ،والجداول الزمنية
واإليقاعات الدراسية *،وتقويم أنواع التعلم وتوجيه المتعلمين ،وتهم هذه
المراجعة* مجموع المؤسسات العمومية والخاصة .وينطلق* هذا اإلصالح
من فلسفة الكفايات والوضعيات البيداغوجية.
وبعد أن اهتمت الوزارة* بالجانب الكمي كتعميم التمدرس ومحاولة القضاء
على األمية ومحاربة ظاهرة التسرب الدراسي والفشل التربوي وتعثر
التالميذ ،وجدت الوزارة* نفسها أمام مشكل عويص أال و هو تدني مستوى
التعليم وهزالة* المردودية والضعف اللغوي* والعلمي والتقني لدى التلميذ
وعدم قدرته على التكيف مع الوضعيات التكنولوجية واإلعالمية الجديدة؛
مما جعل الوزارة* تفكر في االهتمام بالجانب الكيفي بدل الكمي الذي
استنزف أمواال باهضة من ميزانية الدولة التي وصلت إلى حد %26من
الميزانية العامة للبالد .ويقول الدكتور محمد الدريج في هذا الصدد" إن
االنكباب على حل المشاكل الكمية خاصة ما ارتبط منها بالخلل بين العرض
والطلب( صعوبات تعميم التعليم وتمويله وترشيد اإلنفاق عليه )...ال ينبغي
أن يشغلنا عن العناية بجودة التعليم والتي ...تشكل هدفا يهم كل الفاعلين
في المجال التربوي -التعليمي على الصعيد العالمي"(.)4
وترتبط الجودة في منظومتنا التربوية بجانبين أساسين وهما :جودة اإلدارة
و جودة المنظومة التربوية وعملياتها التعلمية /التعليمية .ويمكن الذهاب
بعيدا بأن الجودة ال يمكن أن تتحقق إال في مجتمع ديمقراطي حقوقي
وحداثي يؤمن بالعلم والنظام واالبتكار واإلبداعية والعمل الجماعي وتقديس
العمل والتفاني فيه ،ويؤمن كذلك باالنفتاح والحوار* والتناص الثقافي
ويساهم في إثراء الحضارة* اإلنسانية.
وإذا عدنا إلى المدرسة التربوية وبالضبط إلى دور األستاذ ومسؤوليته في
تحقيق الجودة البيداغوجية والديداكتيكية فإننا نجد هذه الجودة مغيبة إلى حد
كبير ألسباب ذاتية وموضوعية من الصعب تحديدها بدقة ووضوح بسبب
تشابك المنظومة التربوية بالمنظومة اإلدارية واالقتصادية والسياسية.
وعلى الرغم من ذلك يمكن أن نساهم بتصور نظري لتحقيق الجودة* في
العملية الديداكتيكية من خالل تشخيص العيوب والزالت وإرساء* البديل
التربوي .فكيف يمكن -إذا -تحقيق هذه الجودة التي تتغير بتغير الظروف*
والمستجدات* البيداغوجية ؟!
عند تحديد مدخالت العملية الديداكتيكية وتسطير خطواتها علينا أن
نستوعب الغايات الكبرى لفلسفة* التربية والمرامي المرجوة* والمواصفات
المطلوبة* من منظومتنا التربوية ،وهنا ننطلق من فلسفة* الكفايات التي تحث
عليها المذكرات الوزارية باعتبار أن الكفايات بديال تربويا أساسيا لتأهيل
النشء وإعداد المتعلمين لمجتمع الشغل؛ إذ يتطلب المجتمع التكنولوجي
المعاصر وسياسة العولمة والتسابق اإلعالمي من المدرسة* أن تكون
وظيفية تكون أطرا* قادرة على تشغيل دواليب المجتمع والسيما آلياته
اإلنتاجية والخدماتية ،ولن يتم هذا إال بمدرسة إبداعية تعتمد على االبتكار
وخلق* القدرات المندمجة لدى التلميذ ،وتغرس فيه قيم االبتكار واإلبداع
واالنفتاح والحوار والتعلم الذاتي واالشتغال في فرق تربوية وعمل جماعي
مثمر .وإذا كانت الكفايات منطلقا فلسفيا براجماتيا للعملية الديداكتيكية ،فإن
المحتويات والمجزوءات ينبغي كذلك أن تساير هذا التحول وأن تكون
عبارة عن تعلمات في شكل وضعيات ومشاكل وعوائق سيواجهها المتعلم
في الواقع *،أي البد من إدخال المجتمع إلى قلب المدرسة وأن نهيىء المتعلم
ألسئلة الواقع المفاجئة .ويعني هذا أن تكون المحتويات عبارة عن مشاكل
ووضعيات صعبة تتطلب الحلول المستعجلة بأداء فعال ،وتعكس نفس
المشاكل واألزمات التي سيتلقاها المتعلم في المجتمع عندما سيحتك به.
والبد أن تتجدد الطرائق البيداغوجية و الوسائل الديداكتيكية لمسايرة
التطور* البيداغوجي ومتطلبات سوق الشغل والتطور* العلمي والتكنولوجي،
وهنا البد من االستفادة من كل الوسائل اإلعالمية المتاحة راهنا في الساحة
الثقافية والعلمية والتواصلية *،وتتبع كل الوسائل الجديدة لتجريبها قصد
تحقيق الحداثة والمساهمة في إثراء المنظومة التربوية المغربية .واليمكن
كذلك لهذه العملية أن تنجح إال إذا وفرنا لألستاذ فضاء بيداغوجيا مالئما
وصالحا كمدرسة الحياة ،ومجتمع الشراكة* ومؤسسة المشاريع ،وإصالح
اإلدارة ،وإصالح المجتمع كله ،وتحسين الوضعية االجتماعية للمدرس
وتحفيزه ماديا ومعنويا والسهر* على تكوينه بطريقة مستمرة ،وتحسين
وسائل التقويم والمراقبة على أسس بيداغوجيا الكفايات والوضعيات
والمجزوءات *،وتكوين أطر هيئة التفتيش ليقوموا بأدوارهم المنوطة بهم
التي تتمثل في تأطير المدرسين وإرشادهم إلى ماهو أحدث وأكفى وأجود.
واليمكن أن ينجح المدرس في عمليته التعليمية – التعلمية إال إذا سن سياسة
االنفتاح والتعاون والحوار والعمل في إطار فريق تربوي ،واهتم بالبحث
العلمي واإلنتاج الثقافي إلغناء عدته المعرفية والمنهجية والتواصلية لصالح
المتعلم والمدرسة المغربية.
وخالصة القول :اليمكن الحديث عن الجودة التربوية ضمن المنظومة
التربوية والعملية الديداكتيكية إال إذا وفرنا الظروف المناسبة للمدرس ماديا
ومعنويا ،وغيرنا عقلية المحافظة والتكريس واستبدلناها بفلسفة* التغيير
واإلبداع ،وأصلحنا المدرسة و اإلدارة و المجتمع ،وأقمنا نظاما ديمقراطيا
عادال ،ومجتمعا حداثيا ،وأرسينا مجتمع حقوق اإلنسان.
الهوامش*:
-1ابن منظور :لسان اللسان ،تهذيب لسان العرب ،دار الكتب العلمية
بيروت ،لبنان ،ج ،1ط ،1993 ،1ص215 :
Petit Robert , Paris, éd, 1992, "Qualité", p : 1574 – 2
-3الدكتور حبيب المالكي(:قالوا ،)......جريدة الصباح ،السنة الخامسة،
العدد ،1474الجمعة 31/12/2004؛
-4د .محمد الدريج :مشروع المؤسسة والتجديد التربوي في المدرسة
المغربية ،الجزء األول ،منشورات رمسيس ،الرباط ،ط ،1996 ،1ص:
.76
ال يمكن الحديث عن الجودة التربوية إال إذا فعلناها ميدانيا وتطبيقيا على
مستوى التدريس واإلدارة* والمؤسسة.
-15االرتقاء بجودة التعليم
يبدو لكل مراقب ومتتبع للشأن التربوي أن المدرسة* المغربية بدأت تعرف
ظاهرة االنقطاع الدراسي والتكرار ،le redoublementوذلك راجع إلى
انسداد آفاق المستقبل أمام الناشئة المغربية وحاملي الشواهد العليا ،ونمو
ظاهرة البطالة باستمرار مع تراجع االستثمار ومعدل النمو االقتصادي .وقد
أصبح التحصيل المدرسي في المغرب عند الكثير من األسر مضيعة
للوقت؛* ألن فرص الشغل نادرة وغير متوفرة ،ومن المستحيل أن يجد
المرء* عمال في هذا الواقع المتردي .وقد نتج عن هذا الوضع المأساوي*
تفكير التالميذ في الهجرة وعدم الرغبة في التحصيل المدرسي مما سبب
في التكرار الدراسي والهدر بشكل ملحوظ ،ناهيك عن الظروف االقتصادية
واالجتماعية القاسية التي تدفع التلميذ إلى عدم متابعة دراسته.
ولتفادي هذه الظاهرة ،البد من توفير الشغل وخلق األمل في نفوس
المتمدرسين ،ومساعدة الفقراء* اجتماعيا عن طريق المنح والتضامن
االجتماعي وخلق الشراكات فضال عن عملية تحفيز المتفوقين والتنويه بهم
وتشجيع المواهب تشجيعا حقيقيا ،و العمل الجاد على تحسيس التالميذ
إعالميا على المستوى* الوطني بمآسي الهجرة وأخطارها المرتقبة.
خاتمة:
المناهج والبرامج:
الكتب المدرسية:
وللحصول* على الجودة التربوية البد أن توفر الوزارة الكتب المدرسية في
الوقت المناسب وبأثمان معقولة *.ومن المؤكد عليه أيضا أن تتالءم كثافة
المحتويات مع السياق الزمني للسنة الدراسية وإيقاعها المقنن .ومن
الضروري كذلك أن يعاد النظر في بعض الكتب ذات الكم الهائل والسيما
في مجال العلوم الطبيعية والفيزيائية والكيميائية والرياضيات
واالجتماعيات والتربية اإلسالمية...
ونرى أنه من الالزم تغيير المقررات* الدراسية* مع تغير األوضاع
االجتماعية واالقتصادية والثقافية لمواكبة المستجدات الموجودة في الساحة*
العلمية والفنية واألدبية والتقنية .ويالحظ كذلك أنه من األفضل أن تتغير
المؤلفات األدبية والفنية في التعليم الثانوي التأهيلي كل أربع سنوات لتفادي
الملل والتكرار والروتين والسيما في شعبتي اللغة العربية و الفرنسية.والبد
أن تتأسس الكتب المدرسية على معايير الحداثة والمعاصرة وجودة
المحتويات والشكل واإلخراج المطبعي الملون مراعين في ذلك شروط*
التلقي والتقبل وسيكولوجية القراءة* والبعد االجتماعي وسيميولوجية
التواصل .ومن الحضاري* كذلك أن يكون هناك تنوع في الكتب المدرسية
والكتب الموازية بشرط أن تستجيب لشروط* دفتر التحمالت التي ترسيها
وزارة* التربية والتعليم وأن تكون مصححة ومنقحة ،وأن تدقق في مفاهيمها
ومصطلحاتها العلمية المتفق عليها دوليا ووطنيا وعلميا ومؤسساتيا ولسانيا.
وهنا البد كذلك من توحيد اللجان التي تضع الكتب المدرسية لكي ال يقع
نشاز بينها أوعدم التكامل والتنسيق؛ مخافة من التناقض المنهجي أو
المعرفي أو الديداكتيكي.ومن المفيد مرجعيا وعلميا ،أن نسترشد بكتب
محلية وجهوية تطبيقا لشعار الوزارة *:الجودة/الجهوية/القرب.ولن تعطي
العملية التربوية ثمارها إال إذا ألزمنا تالمذتنا بإحضار الكتب المدرسية
خاصة مع ندرة الوسائل الديداكتيكية .والبد أن ننبه إلى أمر مهم وهو أن
نترك الحرية لألستاذ الختيار كتاب المقرر المناسب مراعيا مستوى الفئة
المدرسية المستهدفة ،عالوة على ضرورة تنويع المصادر في تهييء المادة
المعرفية إلنجاح العملية البيداغوجية داخل الفصل الدراسي .وما ينبغي أن
نشير إليه أيضا أن تكون هذه الكتب المدرسية ذات محتويات حيوية
وديناميكية مرتبطة بالفضاء الذي يعيش فيه التلميذ ،وأن تواكب المستجدات
في ميدان اإلعالم والتواصل واإلحصاء كما هو الشأن في المواد
االجتماعية ،وأن تراعي هذه الكتب والمقررات ميوالت التلميذ وأهوائه
وقيمه الوطنية والدينية والحضارية ،وأن تبتعد عن تكريس إيديولوجيات
معينة ،بل عليها أن تكون ذات محتويات إنسانية عادلة وذات أبعاد
اجتماعية ديموقراطية .بله عن ذلك ،أن تكون متماثلة مع أهداف المنهاج
وفلسفة* الكفايات ،وأن تكون محتويات هذه الكتب عبارة عن وضعيات
وسياقات تربوية قابلة للتقويم واالختبار.
وإذا انتقلنا إلى استعمال الزمن ،فهو الذي ينظم العملية الديداكتيكية من
جميع جوانبها.لذا البد أن ينبني على مجموعة من المقومات األساسية
كاالعتماد على اإليقاع الزمني الوظيفي ،واحترام األعياد الدينية ،وإعطاء
األسبقية للمواد الرئيسية على حساب المواد الثانوية أو التكميلية لكل مسلك
على حدة ،وضرورة التخفيف من حجم ساعات المدرس والتلميذ معا؛
لنعطي لهما فرصة للتحضير وتهييء ما يجب تهييئه من خبرات التعلم
ووحدات المقرر.ويستلزم* هذا اإليقاع الزمني أن تنوع اإلدارة من
المستويات الدراسية لكل أستاذ تفاديا للروتين القاتل حسب الكفاءة التي
سيظهرها المدرس في الحقل التدريسي والتربوي.وعند وضع االستعماالت
الزمنية من األفضل أن تراعي مبادىء السيكولوجيا والشروط التربوية،
وأن يستشار األساتذة في وضعها ومناقشتها بطريقة موضوعية مع األخذ
بعين االعتبار إكراهات بنية المؤسسة والبنى النسقية األخرى *.ونلح أن
تكون برمجة اإليقاع الدراسي مضبوطا ودقيقا وإنسانيا وعادال يرضي كل
األطراف* الفاعلة أي الضرروالضرار *.ومن خصائص هذا اإليقاع كذلك،
أن يستجيب مع مؤهالت المدرس وخصوصيات المتعلم والجودة الكفائية
وسمات مدرسة الحياة السعيدة ،ولن يتم ذلك إال إذا تحكمت الوزارة في
تنظيم الحركة االنتقالية في وقتها المحدد( أي في آخر السنة الدراسية)،
وانطالق محدد للموسم الدراسي لمساعدة المؤسسات التربوية في توفير
إيقاع تربوي ناجح وهادف وضبط الحاجيات الممكنة .ونرى أنه آن األوان
للعمل بنظام سيكما sigmaفي تسيير المؤسسة التربوية كما ينص على ذلك
ميثاق التربية والتكوين.
الخاتمة:
إذا كانت بيداغوجية األهداف تجزيئية وهرمية وال سياقية ،فإن بيداغوجية
الكفايات سياقية وشاملة و مندمجة ووظيفية .وتعد الوضعيات من أهم
العناصر التي ترتكز عليها الكفاية ،ومن أهم محكاتها الجوهرية لتقويمها
إنجازا وأداء ومؤشرا .واليمكن تصور الكفايات بدون الوضعيات تماما؛
ألنها هي التي تجعل من الكفاية وظيفة ال سلوكا ،وهي التي تحكم على
أهلية القدرات و مدى مالءمتها للواقع* وصالحيتها للتكيف مع الموضوع أو
فشلها في إيجاد الحلول للمشاكل المعيقة.
/1تعريف الكفـــــــــاية:
قبل تعريف الوضعية ،علينا أن نعرف الكفاية والمقصود بها لكي تتضح
دالالت مفهومنا الديداكتيكي الذي نريد الخوض فيه ،وهكذا تعرف الكفاية
عند جيلي بأنها " نظام من المعارف المفاهيمية( الذهنية) والمهارية
( العملية) التي تنتظم في خطاطات إجرائية ،تمكن في إطار فئة من
الوضعيات ،من التعرف على المهمة – اإلشكالية وحلها بنشاط وفعالية"(
.)1وتعرف الكفاية كذلك على أنها " هدف -مرمى متمركزة حول البلورة*
الذاتية لقدرة التلميذ على الحل الجيد للمشاكل المرتبطة بمجموعة من
الوضعيات ،باعتماد معارف مفاهيمية ومنهجية مندمجة ومالئمة"(.)2
ويعرفها فيليب پيرنو بأنها" القدرة على تعبئة مجموعة من الموارد*
المعرفية( معارف ،قدرات ،معلومات ،الخ) بغية مواجهة جملة من
الوضعيات بشكل مالئم وفعال"( .)3ويرى د .محمد الدريج أن هذه
الكفايات" ينظر إليها على أنها إجابات عن وضعيات -مشاكل تتألف منها
المواد الدراسية"( .)4وفي رأيي ،أن الكفاية هي مجموعة من القدرات*
والمهارات والمعارف يتسلح بها التلميذ لمواجهة مجموعة من الوضعيات
والعوائق* والمشاكل التي تستوجب إيجاد الحلول* الناجعة لها بشكل مالئم
وفعال.
ويظهر لنا من مجموعة من التعاريف للكفاية أنها تنبني على عناصر
أساسية يمكن حصرها في:
-1القدرات والمهارات؛
-2اإلنجاز أو األداء؛
-3الوضعية أو المشكل؛
-4حل الوضعية بشكل فعال وصائب؛
-5تقويم الكفاية بطريقة موضوعية.
وهكذا ،يبدو لنا أن الكفاية مرتبطة أشد االرتباط بالوضعية /اإلشكال ،أي
أن الكفاية قائمة على إنجاز المهمات الصعبة وإيجاد الحلول المناسبة
للمشاكل المطروحة* في الواقع الموضوعي .إذا ،فالعالقة الموجودة بين
الكفاية والوضعية هي عالقة استلزام* اختباري وتقييمي وديداكتيكي.
إذا تصفحنا معاجم اللغة العربية كلسان العرب والمعجم الوسيط* فإننا ال نجد
كلمة الوضعية بهذه الصيغة؛ بل نجد كلمة وضع موضعا ومواضع الدالة
على اإلثبات في المكان ،أي أن الوضعية بمثابة إطار مكاني للذات
والشيء )5(.ولكن في اللغات األجنبية نجد حضورا لهذا المفهوم بشكل
واضح ومحدد .ففي معجم أكسفورد* اإلنجليزي نجد أن الوضعية تعني "
معظم الظروف واألشياء التي تقع في وقت خاص وفي مكان خاص"(،)6
وتقترن الوضعية بداللة أخرى وهي السياق الذي هو" عبارة عن وضعية
يقع فيها شيء ،وتساعدك بالتالي على فهمه"( .)7أما معجم روبير فيرى أن
الوضعية هي " أن تكون في مكان أو حالة حيث يوجه الشيء أو يتموقع" (
)8أي أن الوضعية هي التموقع المكاني أو الحالي في مكان أو وضع ما،
بينما يحدد السياق في هذا المعجم على أنه " مجموعة من الظروف التي
تحيط بالحدث"( .)9
ويمكن أن نفهم من كل هذا أن الوضعية هي مجموعة من الظروف المكانية
والزمنية والحالية التي تحيط بالحدث وتحدد سياقه .وقد تتداخل الوضعية
مع السياق والظروف والعوائق والمواقف* والمشكالت والمشاكل
والصعوبات واالختبارات والمحكات والحالة والواقع* واإلطار
واإلشكالية...الخ.
وتعرف الوضعية في مجال التربية والديداكتيك بأنها" وضعية ملموسة
تصف ،في الوقت نفسه ،اإلطار األكثر واقعية ،والمهمة التي يواجه التلميذ
من أجل تشغيل المعارف المفاهيمية والمنهجية الضرورية *،لبلورة الكفاية
والبرهنة عليها"( .)10أي أن الوضعية واقعية ملموسة يواجهها التلميذ
بقدراته ومهاراته وكفاءاته عن طريق حلها .والوضعيات ليست سوى التقاء
عدد من العوائق والمشاكل في إطار شروط* وظروف معينة .إن الوضعية-
حسب د .محمد الدريج " -تطرح إشكاال عندما تجعل الفرد أمام مهمة عليه
أن ينجزها ،مهمة ال يتحكم في كل مكوناتها وخطواتها ،وهكذا يطرح التعلم
كمهمة تشكل تحديا معرفيا للمتعلم ،بحيث يشكل مجموع القدرات*
والمعارف الضرورية لمواجهة الوضعية وحل اإلشكال ،ما يعرف
بالكفاية"( .)11ونفهم من هذا ،أن الوضعية هي مجموعة من المشاكل
والعوائق* والظروف التي تستوجب إيجاد حلول لها من قبل المتعلم للحكم
على مدى كفاءته وأهليته التعليمية /التعلمية والمهنية .وتعتبر المواد
الدراسية* مجموعة من المشاكل والوضعيات ،والسيما أنه ينبغي أن نعد
التلميذ للحياة والواقع لمواجهة التحديات والصعوبات التي يفرضها عالمنا
اليوم ،وأن يتعلم الحياة عن طريق الحياة؛ وأال يبقى التلميذ رهين النظريات
المجردة البعيدة عن الواقع* الموضوعي أو حبيس الفصول الدراسية
واألقسام المغلقة* والمسيجة بالمثاليات والمعلومات التي تجاوزها الواقع أو
التي أصبحت غير مفيدة لإلنسان .أي أن فلسفة* الوضعيات مبنية على أسس
البراجماتية كالمنفعة واإلنتاجية والمردودية والفعالية والفائدة المرجوة من
المنتوج ،واإلبداعية ،وهو تصور الفلسفة الذرائعية لدى جيمس جويس
وجون ديوي وبرغسون والثقافة األنجلو سكسونية بصفة عامة.
/4أنــواع الوضعـــــيات*:
-1الوضعية المكانية:
-2الوضعية الزمنية:
-3الوضعية الحالية:
-أن يكون التلميذ قادرا على إنجاز تقطيع هذا البيت الشعري وتحديد بحره؛
-أن يكون التلميذ قادرا على إصالح اآللة الموجودة فوق الطاولة*.
-6الوضعية التواصلية:
-أن يكون قادرا على استخدام أسلوب* التحذير ،وهو يتكلم باإلسبانية مع
شخص يدخن سيجارة في الحافلة؛
-أن يكون قادرا على التواصل باإلنجليزية ،وهو يكتب رسالة إلى صديقة
البريطاني في لندن.
-3وضعيات التجديد:
تنطلق من مواجهة مشاكل وصعوبات وعراقيل جديدة وتقديم حلول مناسبة
لها ( .وضعيات الحوار و اإلبداع).
ويمكن تصنيف الوضعيات من الناحية التقويمية المعيارية على النحو
التالي:
-1وضعية أولية:
يتم طرح مجموعة من الوضعيات اإلشكالية للتلميذ أثناء بداية الدرس أو
قبل الشروع* فيه إما في شكل مراجعة وإما في شكل إثارة قدراته الذاتية
والمهارية.
-2وضعية وسيطية:
يقوم التلميذ أثناء التعلم والتكوين وفي وسط دراسة* المجزوءة* للتأكد من
قدرات التلميذ التعلمية والمفاهيمية والمهارية.
-3وضعية نهائية:
يواجهها التلميذ في نهاية الدرس ،وهي التي تحكم على التلميذ إن كان كفئا
أم ال؟ وهل تحققت عنده الكفاية أم ال؟ وهل أصبح قادرا على مواجهة
الصعوبات والوضعيات اإلشكالية والمواقف الواقعية؟ وهل تحقق الهدف
المبتغى والغاية المنشودة من التكوين والتعلم الذاتي أم ال؟
وهذه الوضعيات تتناسب تماثليا مع التقويم األولي والتكويني واإلجمالي في
إطار العملية التعليمية – التعلمية.
ومن حيث المحتوى *،فهناك وضعيات معرفية ( ثقافية) ،ووضعيات
منهجية ،ووضعيات تواصلية ،ووضعيات وجدانية أخالقية ،ووضعيات
حركية ،ووضعيات مهنية تقنية...
الهدف الختامي:
تحقق بنسبة٪ ...
لم يتحقق بنسبة٪ ...
المراجـــع* والمـــــصادر:
عرف القرن العشرون تطورا كبيرا في مجال إقرار* حقوق اإلنسان ،ألن
المجتمع الدولي حدد عدة مواثيق تهم اإلنسان بمختلف أجناسه وأعماره
وحاالته ،وسهر على تنفيذ هذه الحقوق وترجمتها عمليا من خالل عدة
أجهزة ووسائل رسمية وغير رسمية محليا وعالميا .ولكن مازالت عدة
عوائق ومثبطات تمنع من إقرار كل هذه الحقوق* التي ينبغي أن يتمتع بها
اإلنسان كيفما كان وحيثما كان.
من المعلوم ،أن ثمة أسبابا كانت وراء االهتمام بتسطير مدونة حقوق
اإلنسان الدولية من قبل هيئة األمم المتحدة خاصة الحروب* الكونية األولى
والثانية إلى جانب ظاهرة االستعمار واالستبداد السياسي والحرب الباردة
وغياب النظام الديمقراطي وانعدام العدالة االجتماعية وتعطيل النهج الديني
اإلسالمي .وقد استلزمت كل هذه البواعث وضع خطة قانونية وإجرائية
ردعية قائمة على المراقبة* والتنفيذ والمتابعة الجزائية والمعنوية للحد من
ظاهرة االعتداء على الحق اإلنساني.
ولقد كان اإلسالم هو السباق إلى التنصيص على حقوق اإلنسان بصفة
عامة وحقوق الطفل* بصفة خاصة ،وبعد ذلك ظهرت عدة ثورات إنسانية
حقوقية كالثورة اإلنجليزية( ،)1689والثورة الفرنسية( ،)1989والثورة
األمريكية ( )1776لإلعالن عن حقوق اإلنسان كالحرية واألخوة
والمساواة .وكان المختبر الحقيقي لهذه الثورات* الحقوقية هو " الفلسفة
السياسية كما نجدها عند رواد مدرسة الحق* الطبيعي ورواد مدرسة التعاقد
االجتماعي ،والنزعة اإلنسانية الحديثة وفلسفة األنوار .فهذه المختبرات
النظرية مجتمعة هي التي صيغ فيها المفهوم النظري والفلسفي لحقوق
اإلنسان ،باالنتقال من الحقوق الطبيعية إلى حقوق اإلنسان عبر مفهوم
عقالني للتاريخ ( األنوار) ومفهوم تعاقدي بشري للسلطة* ( نظريات العقد
االجتماعي)1 .
ومابين 1981و1989م ،أصدرت إعالنات إسالمية لحقوق* اإلنسان
لتفصيل الحقوق* اإلسالمية وتنميطها عمليا وتحديدها بدقة وضبط .وبالتالي،
يمكن القول :إن الحروب وظاهرة االستعمار من األسباب الحقيقية التي
دفعت الشعوب* للتفكير في مصير اإلنسان وتحريره من العبودية والجهل
والتخلف وشبح الجوع *.لذلك تم التفكير في منظومة حقوق* اإلنسان سواء
أكانت مرجعيتها غربية( الثورة الليبرالية واإلنسية) أم إسالمية دينية.
وتنقسم منظومة حقوق اإلنسان إلى مواثيق عامة ومواثيق خاصة .وتتمثل
المواثيق العامة ذات الشرعية الدولية في:
اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ( 10دجنبر )1948؛
العهد الدولي الخاص بالحقوق* المدنية والسياسية( )1966؛
العهد الدولي بالحقوق* االقتصادية واالجتماعية والثقافية( )1966؛
البروتوكول االختياري الملحق بالعهد الخاص بالحقوق* المدنية
( .)1966
أما المواثيق الخاصة فهي مواثيق تتعلق بإنسان معين كالمرأة والطفل
واإلنسان المسن والمعاق والمتخلف عقليا أو تتعلق بحق محدد مثل :تقرير
المصير أو تحريم جميع أشكال الميز العنصري وحق العمل ومنع التعذيب
ومنع الرق والسخرة* والعبودية واألعراف والممارسات المشابهة ومنع
جرائم إبادة الجنس ...أو تتعلق بحالة محددة مثل :حقوق اإلنسان أثناء
النزاعات العسكرية الدولية واألهلية....الخ.
وسنركز في موضوعنا هذا على حقوق الطفل من خالل المواثيق الدولية
المعاصرة مع مقارنتها بتلك الحقوق* التي أعطاها اإلسالم للطفل أوالطفولة*.
وقبل الخوض* في هذه المقارنة ،البد أن نعرف من هو هذا الطفل الذي
نتحدث عنه؟
من الصعوبة بمكان أن نجد تحديدا دقيقا وتعريفا شامال لمصطلح الطفل*.
فالمعاجم الفرنسية تعرف الطفل بأنه هو ذلك" الكائن البشري* الذي يعيش
سن الطفولة" 2.وهذا التعريف أكثر غموضا من مصطلح الطفل نفسه .فهل
نقول أثناء التعريف ::إن الطفل* هو رجل مصغر ،أو هل نحدد قسماته
وبنيته الفسيولوجية بالمقارنة مع الرجل؟! ،وعلينا أن ننتبه أيضا بأن
المراهقة* تختلط بالطفولة أحيانا .فالمراهقة تبدأ حينما تنتهي الطفولة* لينتقل
المراهق* بعد ذلك إلى مرحلة البلوغ والنضج والشباب.
وخروجا* من كل التباسات اجتماعية ونفسية وبيداغوجية ،تعرف اتفاقية
حقوق* الطفل في جزئها األول (المادة األولى)الطفل* بأنه كل إنسان لم
يتجاوز الثامنة عشرة أو مالم يبلغ سن الرشد *.أي إن الطفل هو الذي مازال
في حاجة إلى رعاية ووصاية وغير قادر على تحمل المسؤولية* المدنية
واالجتماعية بمفرده .أما في اإلسالم ،فالطفل هو الذي لم يدرك مرحلة
التمييز واإلدراك العقلي ،كما أنه غير خاضع للتكليف والمحاسبة الدينية
والمدنية والجنائية.
هذا ،وقد ظهرت عدة مواثيق دولية تهتم بحقوق الطفل ،وإن كان اإلسالم قد
سبقها جميعا -قرآنا وسنة -على تحديدها وإقرارها أمرا وفعال كما ذكرنا
سالفا .ومن المواثيق المعاصرة التي نصت على حقوق* الطفل:
-1إعالن جنيف بحقوق الطفل لعام 1924؛
-2إعالن حقوق الطفل الذي اعتمدته الجمعية العامة في 20تشرين
(نوفمبر) 1959؛
-3اإلعالن العالمي لحقوق* اإلنسان( 10دجنبر )1948؛
-4العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( والسيما في المادتين
23و)24؛
-5العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية
(والسيما في المادة )10؛
-6النظم السياسية والصكوك ذات الصلة* للوكاالت المختصة والمنظمات
الدولية المعنية بخير الطفل.
وفي اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان مقتطفات تشير إلى بعض حقوق*
الطفولة مثل :ضرورة مساعدة األطفال ورعايتهم وحمايتهم اجتماعيا سواء
أكانوا شرعيين أم غير شرعيين كما هو الشأن في المادة 25الفقرة* الثانية:
" لألمومة والطفولة* الحق في مساعدة ورعاية خاصتين ،وينعم كل األطفال
بنفس الحياة االجتماعية سواء أكانت والدتهم ناتجة عن رباط شرعي أم
بطريقة غير شرعية" 3.ولآلباء الحق األول في اختيار نوع تربية أوالدهم،
ألن من واجب األطفال أن يتعلموا ،ومن حقهم أن يدرسوا ويكتسبوا
المعارف قصد التكيف مع الواقع أو فهمه و تغييره .وينبغي أن يكون التعليم
في مراحله* األولى واألساسية على األقل مجانا إلزاميا ،وأن تكون له
األحقية في المشاركة بمساواة مع األطفال اآلخرين لولوج الجامعة ،وأن
يستفيد من كل أنواع التعليم الموجود سواء* أكان فنيا أم تقنيا أم مهنيا على
أسس الكفاءة*.
أما عن بنية وتصميم اتفاقية حقوق الطفل وتنظيمها فيمكن إبرازها في
المكونات التالية:
-1الديباجة( تحدد أهداف االتفاقية ومبادئ الميثاق الخاص بحقوق الطفل)؛
-2الجزء* األول الذي بدوره يتكون من 41مادة؛
-1الجزء* الثاني يتكون من 4مواد( من مادة 42إلى مادة )45؛
-2الجزء* الثالث يتكون من 9مواد ( من مادة 46إلى .)54
وقد ميزت هذه االتفاقية بين الطفل* السوي* والطفل المعاق ،وخصصت لهذا
األخير بعض المواد التي سنقف عندها فيما بعد:
من حقوق الطفل المدنية حرية التعبير قوال وكتابة وصحافة وطباعة وفنا.
وله الحق* في طلب جميع أنواع المعلومات واألفكار وتلقيها وإذاعتها ،
ويجوز إخضاع هذه الممارسة لبعض القيود كاحترام الغير أو عدم المساس
بسمعة اآلخرين أو حماية األمن الوطني أو اإلخالل بالنظام العام أوالصحة
العامة أو انتهاك أخالق وآداب المجتمع .ومن الواجب أن يحترم حق
الطفل في حرية الفكر والوجدان والدين .وتحترم كذلك حقوق وواجبات
الوالدين أو األوصياء القانونيين في توجيه الطفل في ممارسة حقه بطريقة
تنسجم مع قدرات الطفل المتطورة*.
وللطفل* كذلك الحق* في تكوين الجمعيات وفي حرية االجتماع السلمي ،و
اليجوز بمكان أن يجري أي تعرض تعسفي أو غير قانوني أو اعتداء عليه
في حياته الخاصة أو أسرته أو منزله أو مراسالته .وأي مساس غير
قانوني بشرف الطفل أو سمعته يعرض مرتكبه لعقوبات جزائية مدنية
وقضائية وجنائية .وللطفل أيضا حسب اإلعالن العالمي لحقوق* اإلنسان
الحق* الكامل في أن يحميه القانون من مثل هذا التعرض أوالمساس به.
والبد أن يستفيد الطفل من اإلعالم ووسائله كيفما كانت ،وأن تسهر الدولة
على خدمة طفلها ثقافيا و إعالميا.
وتفرض الوثيقة العالمية لحقوق* اإلنسان على الدول األعضاء أن تبذل
أقصى مجهوداتها لرعاية الطفل الالجىء سواء* صحبه والده أم لم يصحبه،
وأن تقدم له الحماية والمساعدة اإلنسانيتين المناسبتين في التمتع بالحقوق*
التي تنص عليها االتفاقية المخصصة لحقوق الطفل.
ولهذا الهدف ،توفر الدول األطراف حسب ماتراه مناسبا التعاون في أي
جهود تبذلها األمم المتحدة وغيرها من المنظمات الحكومية الدولية
المختصة أو المنظمات غير الحكومية المتعاونة مع األمم المتحدة لحماية
كهذا الطفل ومساعدته للبحث عن والديه وعن أي أفراد آخرين من أسرته
من أجل الحصول على المعلومات الالزمة لجمع شمل أسرته .وفي
الحاالت التي يتعذر فيها العثور على الوالدين أو األفراد اآلخرين ألسرته،
يمنح الطفل نفس الحماية الممنوحة لطفل آخر محروم بصفة دائمة أو مؤقتة
من بيئته العائلية ألي سبب كماهو موضح في االتفاقية.
تعترف جميع الدول الموقعة على الميثاق أو االتفاقية أن الطفل يجب أن
يتمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه وبحقه في مرافق عالج األمراض
وإعادة التأهيل الصحي .ويمكن له أن يستفيد من جميع خدمات الرعاية
الصحية كتخفيض وفيات الرضع واألطفال ،وأن تتكفل تلك الدول بتوزيع
المساعدة الطبية على األطفال المرضى بشكل عادل ،و أن توفر لهم العناية
الصحية مع تطوير الرعاية والوقاية األولية من األوبئة ومكافحة األمراض
وسوء* التغذية .ومن المفروض عليها كذلك أن توفر المياه النقية والتغذية
المغذية الكافية والبيئة السليمة .وتقدم كذلك الرعاية الصحية المناسبة
لألمهات قبل الوالدة وبعدها مع تطوير الرعاية الصحية واإلرشاد* المقدم
للوالدين والتعليم والخدمات المتعلقة بتنظيم األسرة .وينبغي أن تزود جميع
قطاعات المجتمع والسيما الوالدين بالمعلومات األساسية المتعلقة بصحة
الطفل وتغذيته ومزايا الرضاعة الطبيعية ومبادئ حفظ الصحة* والوقاية من
الحوادث*.
ومن الالزم لهذه الدول الموقعة على بنود االتفاقية أن تعترف للطفل بحقه
في االنتفاع من الضمان االجتماعي واالستفادة من منح اإلعانات عند
االقتضاء مع مراعاة موارد وظروف الطفل* واألشخاص المسؤولين عن
إعالة الطفل.
وتشير مواثيق الحقوق* التي تهتم بالطفل إلى أن له كامل الحق* في التمتع
بمستوى معيشي مالئم لنموه العقلي والوجداني والبدني والروحي*
واالجتماعي .لذلك يتحمل الوالدان أو أحدهما أو األشخاص المسؤولون
اآلخرون عن الطفل المسؤولية* األساسية للقيام في حدود إمكانياتهم المالية
وقدراتهم بتأمين ظروف المعيشة الالزمة* لنموه ذهنيا ووجدانيا وحركيا.
وعلى الدول حسب إمكانياتها اتخاذ التدابير المالئمة من أجل مساعدة
الوالدين وغيرهما من األشخاص المسؤولين عن الطفل على إعمال هذا
الحق *.كما تقدم هذه الدول عند الضرورة* المساعدة المادية وبرامج الدعم
والسيما فيما يتعلق بالتغذية والكساء واإلسكان .وعليها كذلك أن تلتجئ إلى
التدابير المناسبة لكفالة تحصيل نفقة الطفل من الوالدين أو من األشخاص
اآلخرين المسؤولين ماليا عن الطفل سواء داخل الدولة أم في الخارج.
يمنع أي تعذيب للطفل أو معاقبته بقسوة أو التصرف معه جزائيا بطريقة ال
إنسانية ومهينة .ويالحظ في بعض الدول أن األطفال الذين تقل أعمارهم
عن ثماني عشر سنة تفرض عليهم عقوبة اإلعدام أو السجن المؤبد بسبب
جرائم يرتكبها دون وجود إمكانية اإلفراج عنهم ،كماتسلب من الطفل
حريته بصورة غير قانونية أو تعسفية .وقد شددت االتفاقية على أال يجوز
اعتقاله أو سجنه إال وفقا للقانون ،وال يجوز وضعه تحت الحراسة*
االحتياطية إال ألقصر فترة زمنية مناسبة ،وينبغي أن يعامل بكرامة
واحترام وبإنسانية ويكون له الحق في البقاء على اتصال مع أسرته عن
طريق الزيارات والمراسالت* إال في الظروف االستثنائية.
وتنص المادة( )37في الفترة األخيرة بأن لكل طفل محروم من حريته
الحق* في الحصول بسرعة على مساعدة قانونية وغيرها من المساعدات
المناسبة فضال عن الحق* في الطعن في شرعية حرمانه من الحرية أمام
محكمة أوسلطة مختصة مستقلة ومحايدة أخرى *،وفي أن يجري البت
بسرعة في أي إجراء من هذا القبيل.
وعند انتهاك الطفل لقانون العقوبات يعامل بطريقة تتفق مع رفع درجة
إحساس الطفل بكرامته وقدره ،ومن الضروري* مراعاة سن الطفل والعمل
على إعادة إدماجه وتأهيله وقيامه بدور بناء في المجتمع.
تمنع اتفاقية حقوق الطفل إشراك* األشخاص الذين لم تبلغ سنهم خمس عشرة
سنة( )15في الحروب والمنازعات العسكرية الطاحنة ،وتمنع االتفاقية
كذلك تجنيدهم في القوات المسلحة .وأال تجند منهم عند الضرورة* إال من
هو أكبر سنا من فئات األطفال البالغين( )15سنة.
وعلى الدول األطراف الموقعة على االتفاقية حماية السكان المدنيين في
المنازعات المسلحة* واتخاذ كافة التدابير الممكنة عمليا لضمان حماية
األطفال ورعايتهم والسيما المتأثرين بنزاع مسلح .لذا ينبغي تأهيل الطفل
بدنيا ونفسيا وإعادة إدماجه اجتماعيا خاصة إذا تعرض للمنازعات المسلحة*
أو العقوبة القاسية أو المهينة.
كرم اإلسالم بني آدم بما فيه اإلنسان والطفل* والمرأة ،وحث القرآن على
معاملة الطفل معاملة إنسانية شريفة ،مادام اإلنسان خليفة هللا في األرض
مكرما ومؤهال في حقوقه* وحرياته مصداقا لقوله تعالى ":ولقد كرمنا بني
آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير
ممن خلقنا تفضيال" ( سورة اإلسراء *،اآلية .)70
وللطفل* حقوق وواجبات يجب عليه أداؤها لوالديه مصداقا لقوله*
تعالى":وقضى ربك أال تعبدوا إال إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك
الكبر أحدهما أو كالهما فال تقل لهما أف وال تنهرهما ،وقل لهما قوال
كريما ،واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ،وقل رب ارحمهما كما
ربياني صغيرا" (سورة اإلسراء* ،اآليتان ،)24-23:وفي آية أخرى* يقول
هللا تعالى ":ووصينا اإلنسان بوالديه حسنا حملته أمه كرها ووضعته كرها
وفصاله ثالثون شهرا"* (األحقاف ،اآلية .)15:
وللوالد خاصة واجبات تجاه ولده منها:
-1اختيار والدته على أسس اإلسالم والفضيلة السمحة* والعفة الطاهرة
مصداقا لقول رسول هلل ( صلعم) ":المرأة الصالحة* كنز المؤمن" (رواه
مسلم في صحيحه).ألن الطفل* إذا تربى في بيئة إسالمية سليمة سينشأ على
طاعة هللا ورسوله .وإذا كانت له كانت له أم فاسدة مستهترة بالدين فإن
مصير هذا الطفل هو الضياع واالنحراف ،لذلك شدد اإلسالم على اختيار
ذات الدين ،ومن اختار ذات الدين تربت يداه؛
-2حسن تسميته بأسماء األنبياء كيوسف وعيسى وموسى وإبراهيم أوبعبد
هللا وعبد الرحمـن وعبد الغني ...واجتناب األسماء التي تثير اشمئزازا*
وسخرية أو تدل على لقب أوعيب أوعاهة مثل :حنظلة ومرة وأبو جهل
وثعلبة ....وقد نهى الرسول عليه السالم عن التسمي ببعض األسماء مثل:
يسار ورباح ونجيح وأفلح " ...ذلك ربما يكون وسيلة من وسائل التشاؤم".
4قال الرسول ( ص) في هذا الصدد ":التسم غالمك يسارا والرباحا
والنجيحا وال أفلح ،فإنك تقول :أثم هو -فال يكون -فيقول :ال" رواه مسلم.
-3ذبح العقيقة عنه يوم سابعه،وفي هذا يقول الرسول ( صلعم)" :كل
مولود رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى"( رواه أبو داود
في صحيحه)
-4ختانه واإلحسان إليه والرفق* به ومعاملته معاملة حسنة والسهر* على
حسن تربيته؛
-5االهتمام بتثقيفه وتأديبه وتعليمه بتعاليم اإلسالم تفاديا للجهل والضالل
مصداقا لقوله* تعالى ":قل هل يستوي الذين يعلمون والذين اليعلمون ،إنما
يتذكر أولو األلباب" ( الزمر اآلية)9؛وما قاله الرسول ( صلعم) في حق
طالب علم ":من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل هللا له به طريقا إلى
الجنة" ( رواه مسلم في صحيحه) ،وعن أبي الدرداء رضي هللا عنه ،قال :
سمعت رسول هللا(صلعم) يقول " :إن المالئكة لتضع أجنحتها لطالب العلم
رضى بما يصنع" (رواه الترمذي).
-6تدريبه وتمرينه على أداء فرائض اإلسالم وسننه وآدابه؛أي توجيهه
دينيا وتربيته على السلوك* القويم وقيم النبل المؤدية إلى الفضيلة والصدق
والعمل واحترام اآلخرين.
-7إذا بلغ زوجه ثم خيره بين أن يبقى تحت رعايته وبين أن يستقل بنفسه
ويبني مستقبله و مجده بيده؛
-8ضرورة إرضاع الطفل حتى يستكمل حولين كاملين مصداقا لقوله*
تعالى ":والوالدات يرضعن أوالدهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم
الرضاعة وعلى المولود رزقهن وكسوتهن بالمعروف" (البقرة االية.)233
-9اإلنفاق عليه حتى يستكمل فترة البلوغ واالعتماد على نفسه لقوله
تعالى ":لينفق ذوسعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه هللا
اليكلف هللا نفسا إال ما أتاها سيجعل هللا بعد عسر يسرا"( سورة الطالق*،
اآلية)7
لقد اهتمت المغرب بحقوق اإلنسان بصفة عامة والطفل* بصفة خاصة
ميدانيا ونظريا منذ التسعينيات من القرن العشرين .ففي المجال التنظيمي
والتشريعي ،أعلن الدستور المعدل عام 1992على تشبث المغرب بحقوق
اإلنسان كماهي متعارف عليها عالميا .وتم إصدار مجموعة من القوانين
لتدعيم الرقابة على أعمال اإلدارة بما يضمن حقوق المواطنين عالوة على
توسيع دستورية القوانين .وقد ضمن الدستور كذلك المزيد من الحقوق*
االقتصادية واالجتماعية والثقافية والسياسية للمواطنين إذ تم تعديل قانون
المسطرة الجنائية ،وأقر تعليم اللهجات وإلغاء ظهير29يونيو 1935
وأصدر آنذاك العفو الملكي الشامل حيث أطلق* سراح جميع السجناء
السياسيين.
وصادق المغرب على عدد من االتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان
والطفل* والتي أصبحت تشكل جزءا من القانون الوطني ،مع مراعاة
اإلعالنات والتحفظات التي اقتضاها النظام العام المغربي ،وهذه االتفاقيات
هي:
• اتفاقية مناهضة التعذيب والمعامالت الالإنسانية والمهينة
• اتفاقية إلغاء كل أنواع التمييز تجاه المرأة
• اتفاقية حقوق الطفل
• اتفاقية حماية العمال المهاجرين وأعضاء أسرهم.
وفي المجال المؤسسات *،أنشأ المغرب األجهزة التالية:
• المجلس االستشاري* لحقوق اإلنسان()20/04/1990
• المجلس الوطني للشباب والمستقبل()20/01/1991
• الوزارة* المكلفة بحقوق اإلنسان()13/01/1993
• المجلس الدستوري(*)25/05/1994
• المندوبية السامية للمعاقين()24/05/1994
• المجلس االستشاري* لتتبع الحوار* االجتماعي
• المرصد الوطني لحقوق* الطفل
• لجنة العمل والتشريع وحقوق* اإلنسان لدى البرلمان
• لجان تقصي الحقائق
• خلية إدماج المرأة في التنمية( في إطار وزارة الخارجية)
• لجنة اإلنصاف والمصالحة
• مدونة األسرة
أما بالنسبة لبرامج العمل في ميدان حقوق اإلنسان والطفل *،فقد تم إعداد
برامج لتدريس ونشر ثقافة حقوق اإلنسان في معظم المدارس والمعاهد
العليا لرجال السلطة والجيش والقضاء والشرطة* والدرك .وأدرجت* مادة
حقوق* اإلنسان في الميدان التعليمي والتربوي في كافة المناهج والمقررات
الدراسية* في كل األسالك التعليمية( االبتدائي واإلعدادي والثانوي
والجامعي) ( انظر المذكرة الوزارية رقم 153بتاريخ 19نونبر 1996
الموافق* ل 7رجب ،)1417كما أصبحت مادة التربية على المواطنة* مادة
أساسية لتلقين المتعلم مبادئ حقوق اإلنسان بصفة عامة وحقوق* الطفل
بصفة خاصة .وقد سهرت وزارة* التعليم على نشر ثقافة حقوق* اإلنسان عن
طريق التربية غير النظامية من خالل وسائل اإلعالم ودور الشباب
والمراكز* الثقافية كما أعدت برامج للنهوض بحقوق اإلنسان بالتعاون مع
الجمعيات غير الحكومية.
وخالصة القول :هذه هي مجمل الحقوق* التي نصت عيها اتفاقية األمم
المتحدة لحقوق الطفل *،وهي تجمع بين حقوق* الطفل السوي* والطفل المعاق
من عدة نواح :كالحقوق* المدنية والسياسية والثقافية واالجتماعية والتعليمية
والقضائية والصحية واإلنسانية والدولية .وهذه الحقوق إن كانت ذات
مرجعية غربية فإنها التتعارض مع الحقوق اإلسالمية التي خص بها
اإلسالم قرآنا وسنة الطفل أو الولد الصغير أوغير المميز الذي مازال في
رعاية كنف أبيه أو أمه .ويالحظ أن هذه الحقوق التخرج عن الحقوق*
الدينية والتربوية واالجتماعية.
المراجع*:
-1د .محمد سبيال :حقوق اإلنسان والديمقراطية ،سلسلة* شراع *،طنجة،
المغرب ،عدد،1997 ، 19ص21:؛
A regarder : LE PETIT ROBERT, PARIS, ED, 1992, p : 642 -2
;
-3انظر اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان 10،دجنبر 1948؛
-4الشيخ سيد سابق :فقه السنة ،مؤسسة الرسالة ،بيروت ،لبنان ،المجلد
الثاني ،ط ،2002 ،1ص.33:
-19بيداغوجيا المجزوءات* في نظامنا التربوي المغربي
-6بنية المجزوءة*:
-7أنواع المجزوءات:
أ -مجزوءات تنظيمية ترتبط بالخبرة وما يتم تعلمه ذاتيا كالمجزوءات
اإلجبارية واالختيارية والتكميلية؛
ب -مجزوءات ديداكتيكية ترتبط بمحتويات المرجع الدراسي كالكتاب
المدرسي والوثائق السمعية والبصرية.
خاتمة:
الهوامش*:
-1شـــرح المفاهيـــــــــــم:
أ -التفعيــــــل*:
إن الهدف الذي تسعى إليه كل المجتمعات ،وخاصة المجتمع المغربي ،أن
تكون المدرسة فعالة وفاعلة .أي تكون إيجابية وذلك بتغيير الواقع والسير
به نحو آفاق رحبة مفعمة بالتنمية والتقدم والنهضة الحقيقية .ولن يتم هذا
الهدف اإليجابي إال إذا كان هناك تفعيل حقيقي للحياة المدرسية .والتفعيل
مصدر ف ّعل ،ويدل التضعيف على الحركة والنشاط والممارسة الميدانية
والخلق واإلبداع .ويعني هذا أن التفعيل هو جعل المدرسة مؤسسة فاعلة
ومبدعة وخالقة ومبتكرة ،وأال تكتفي بالتلقين والتعليم ،بل البد من االبتكار
واإلنتاج .و هذا التفعيل قد يكون خارجيا أو داخليا ذاتيا ،فيتم تفعيل
المدرسة* خارجيا من خالل المشاركة والتعاون بين المؤسسة وشركائها
االقتصاديين واالجتماعيين وكافة المجتمع المدني .فالتفعيل هنا يكون بمعنى
التغيير والتحريك اإليجابي عن طريق خلق شراكات ومشاريع مع المؤسسة
وتحفيز المبادرة الفردية أو الجماعية لتنشيط المدرسة وتفعيلها إيجابيا .وقد
يكون هذا التفعيل ذاتيا من قبل المتعلم في عالقته مع اإلطار التربوي أو
اإلداري* أو زميله المتعلم داخل فضاء المدرسة*.
وهكذا ،يحيلنا التفعيل على التغيير والحركية* والتفاعل الدينامي والبناء
والنماء والممارسة والخلق واإلبداع والتنشيط والمساعدة والتعاون
الجماعي .كما يحيلنا التفعيل على إخراج الحياة المدرسية من السكونية
والروتين ورتابة الحياة المغلقة إلى الحركية ودينامكية الفعل التربوي
وتنشيطه إيجابيا .هذا عن مفهوم التفعيل ،فماذا عن مفهومي التنشيط والحياة
المدرسية؟ هذا ما سنعرفه في األسطر الموالية*.
ب -التـــنــشيـــــط:
يراد بالتنشيط ذلك الفعل اإليجابي الذي يساهم في تحريك المتعلم وتحرير
طاقته الذهنية والوجدانية والحركية ،والمساهمة كذلك في تفتيق المواهب
والقدرات المضمرة أو الظاهرة الموجودة لدى المتعلم تعويضا وتحررا *.أما
النشاط فهو في معناه العام ":مايصرف من طاقة عقلية أو بيولوجية .وفي
علم النفس هو عملية عقلية أو حركة تصدر تلقائيا عن الكائن الحي .وغالبا
ما يكون فعل التنشيط موجها في مجاالت عديدة ،مثل المسؤولية ذات
الطابع التربوي التي تجري على هامش العمل المدرسي أو تأتي مكملة له
بهدف الحرص* على أن يتمتع التلميذ في هذا العمل بحرية كبيرة في
االختيار والمبادرة .وقد تحيلنا على المنشط ( ،)animateurفهو الذي
يضفي الحيوية على كل تجمع نشاط تعاوني ،يثير المبادرات ويكون
حاضرا المهيمنا".
إذاً ،فالنشاط هو " كل عملية تلقائية سواء* أكانت عقلية أم بيولوجية متوقفة
على استخدام طاقة الكائن الحي االنفعالية والعقلية والحركية .وهو كذلك
مجموعة من األنماط السلوكية* الحركية أو المعرفية .يتأسس ويتوقف على
استعمال الطاقة الجسمية أو الوجدانية أو العقلية كدوافع داخلية لخصوصية
هذا النشاط في هذا االتجاه أوذاك .كما أن النشاط باعتباره أداء عمليا أو
فكريا اليمكن اعتباره صادرا عن التلقائية بمفهوم المصادفة العشوائية أو
بمفهوم ميكانيكية وتراتبية االستجابة والمثير لدى االتجاه السلوكي".
ويقصد بالتنشيط عادة تلك" األنشطة الثقافية واالجتماعية والثقافية
والرياضية المختلفة التي يمارسها اإلنسان بكيفية حرة وتطوعية خارج
أوقات العمل المعتادة مع جماعة معينة من أمثاله ،وبتوجيه من شخص
يكون في الغالب متخصصا بالتنشيط ،يشرف على هذه األنشطة ويسهر
على تنفيذها قصد تحقيق أهداف تربوية واجتماعية وأخالقية" .
ويتفرع عن التنشيط مكونات ضرورية كالمنشط -بالكسر -والمنشط* –
بالفتح( -أي المتعلم) ،وفعل التنشيط ،والنشاط (نتيجة التنشيط).
• المتمــــدرســون:
إن المتمدرس هو المحور األساس والمستهدف من كل عملية تربوية أو
تنظيمية أو تنشيطية تشهدها الحياة المدرسية *.يجب أن يشارك مشاركة
فعالة في مختلف هذه األنشطة الصفية أو الموازية *.والمتمدرس في التعليم
الثانوي مثال يمر بمرحلة هامة في حياته ،يحتاج إلى من يهتم به من الناحية
السيكولوجية للتعرف على أحواله* النفسية ومساعدته ليتمكن من تجنب
بعض االنحرافات السلوكية* التي تحد من فعاليته في الحياة المدرسية .يجب
أن نعده للمستقبل مستثمرين قدراته في اإلنتاج النافع عن طريق انخراطه*
في مجالس المؤسسة* وأنديتها الثقافية والتربوية حسب رغباته وميوله
ساعين دائما إلى زيادة قدراته" على العمل في شروط* ميسرة المعسرة" .
• المدرســــون:
• اإلدارة المدرسية:
إذا كان المتعلم هو المحور األساس في العملية التعليمية /التعلمية ،وفي كل
عملية تنشيطية ألنه هو المستهدف بالتكوين تكوينا سليما وصحيحا قصد
تهذيبه وجدانيا وتنميته معرفيا وتحفيزه حركيا ،والعمل على رعايته
وتنشئته تنشئة إسالمية قائمة على المواطنة* والحفاظ* على الهوية واالنفتاح
على اإلنسانية وثقافة اآلخر ،فإن اإلدارة المدرسية تكمن أهميتها في
التأطير والتنظيم والتنشيط التربوي ،والعمل على تقوية التواصل بين
مختلف المتدخلين في الحياة المدرسية ،ونجاحها يتوقف على مدى
مساهمتها في تفعيل المنظومة التربوية ،واقتراح مشاريع تربوية أو مادية،
مدعومة من قبل هيئة التدريس ،خاصة أعضاء مجلس التدبير.
وينبغي أن تكون هذه المشاريع مبنية على خطة تشاركية يتم من خاللها
انفتاح المؤسسة* على محيطها الذي يسمح لها باستثمار إمكاناتها المتوفرة.
ولن يتأتى ذلك إال إذا كانت اإلدارة تؤمن بالديمقراطية والتواصل واالنفتاح
والشراكة *،وتعمل على تحقيق حرية أكبر في إطار الالتركيز .وفي هذا
الصدد يقول الدكتور محمد الدريج ":يتطلب مشروع اإلصالح حرية أكبر
للمؤسسات في إطار الالمركزية وتفتحها على محيطها االقتصادي
واالجتماعي والثقافي وإقامتها لمشاريع تربوية وعالقات شراكة."...
إن هيئة اإلدارة التي نتحدث عنها هي اإلدارة الفاعلة التي تتشكل من فريق
متكامل ،يقوده قائد يحترم المبادرة ،ويشجع السلوكيات اإليجابية ويفتح
الحوار مع المدرسين واآلباء وشركاء المؤسسة *،وهذا مايدعو إليه الميثاق
الوطني للتربية والتكوين ":يتمتع المشرفون على تدبير المؤسسات التربوية
واإلدارات* المرتبطة بها بنفس الحقوق* المخولة* للمدرسين ،وعليهم
الواجبات التربوية نفسها وباألخص :الحوار والتشاور* مع المدرسين واآلباء
واألمهات وسائر األولياء وشركاء المؤسسة"*.
ويلعب الحارس العام في هذا الفريق* دورا حاسما ومركزيا إذا توفرت لديه
اإلرادة والعزيمة ،ويشتغل في ظروف حسنة ،بحكم موقعه وقربه من جميع
المتدخلين في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها.
من أهم الجمعيات المدرسية في التعليم الثانوي التأهيلي التي بإمكانها تفعيل
الحياة المدرسية وتنشيطها نستحضر :جمعية األنشطة االجتماعية والتربوية
والثقافية ،والجمعية الرياضية.
* الجمعية الرياضية:
• شركاء المؤسسة*:
تسعى المؤسسة المغربية الجديدة إلى أن تكون منفتحة على محيطها بفضل
المنهج التربوي الحديث الذي يستحضر" المؤسسة داخل المجتمع والمجتمع
في قلب المؤسسة .إذ للمجتمع الحق في االستفادة من المؤسسة *،ومن واجبه
المساهمة في الرفع من قيمتها .وفي هذا الصدد يمكن تقسيم شركاء
المؤسسة إلى قسمين :شركاء داخليين كاألسرة وجمعية اآلباء وأولياء
التالميذ وشركاء خارجيين كالجماعة المحلية والفاعلين االقتصاديين
واالجتماعيين وغيرهم.
يرى دليل الحياة المدرسية أن األسرة تتدخل" بصفتها معنية بتتبع المسار
الدراسي* ألوالدها ويتم ذلك بكيفية مباشرة ،وفي تكامل وانسجام في
المدرسة ...أما جمعية آباء وأولياء التالميذ فتعتبر هيئة مساهمة في تنظيم
الحياة المدرسية وتنشيطها"...
لقد أشارت المذكرة الوزارية رقم 28الصادرة بتاريخ شعبان 1412
الموافق* لــ 18فبراير 1992إلى ضرورة التعاون بين جمعية آباء وأولياء
التالميذ والمؤسسة التعليمية ،ألن هذا التعاون ضروري لسعادة التلميذ
وخدمة المؤسسة* بتفعيلها ماديا ومعنويا ،وتحقيق التكامل المنشود بين
المؤسسة وهذه الجمعيات .ويتمثل التعاون في المشاركة* الفعلية ألولياء
التالميذ في تدبير المؤسسة وصيانتها وتمويلها والحضور عن كثب
لالطالع على مايقوم به فلذات أكبادهم من األنشطة التربوية التثقيفية،
ويتطلب هذا التعاون كسر الحواجز* اإلدارية واالجتماعية والنفسية بين
المؤسسة وجمعيات اآلباء...والبد أن تشارك هذه الجمعيات فعليا في مجلس
التدبير قصد مراقبة سلوكيات المتعلمين ونتائجهم ،وإبداء المالحظات حول
المناهج والبرامج وتتبع سير المؤسسة* وتقديم المساعدات للتالميذ المتعثرين
في دراستهم ،وتتبع حالتهم الصحية وتغيباتهم ،عالوة على تمثيلهم مركزيا
وال مركزيا ،والدفاع عن رغباتهم وطلباتهم المشروعة ،والمشاركة* في بناء
مدرسة سعيدة قوامها األمل والمواطنة والديمقراطية واإلبداع والتجديد
التربوي .والبد من استحضار أولياء التالميذ وإشراكهم في اتخاذ القرارات
الخاصة بالمؤسسة سواء* التربوية منها أم المادية وأي إقصاء لهم أو تهميش
سينعكس سلبا على المردودية التربوية .فعمل المدرس يبقى قاصرا في
القسم* مادام لم يكمل في المنزل من قبل المتعلمين تحت مراقبة أوليائهم
لتحفيزهم وتشجيعهم.
ومن خالل هذا يتبين لنا أن دور األسرة وجمعية اآلباء دور مهم وفعال في
تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها.
• الجماعة المحلية:
جاء الميثاق الوطني للتربية والتكوين في بالدنا سعيا وراء" تجاوز الحياة
المدرسية الرتيبة المنغلقة على نفسها ،والتي تعتمد على تلقين المعارف
وحشو* الرؤوس باألفكار ومحتويات المقررات* والبرامج السنوية ،وتهمل
التنشيط المدرسي ،إلى حياة مدرسية نشطة ،يتوفر فيها المناخ التعليمي/
التعلمي القائم على مبادئ المساواة* والديمقراطية والمواطنة *،حياة مدرسية
متميزة بالفعالية والحرية* واالندماج االجتماعي ،تثير في المتعلم مواهبه
وتخدم ميوالته وتكون شخصيته وتنشطها نشاطا تلقائيا وحرا* في وسط
اجتماعي قائم على التعاون ال على اإلخضاع".
وتنص المادة التاسعة من القسم األول من الميثاق على هوية مدرسة جديدة،
هي مدرسة الحياة أو الحياة المدرسية التي ينبغي أن تكون -حسب الميثاق:
أ " -مفعمة بالحياة ،بفضل نهج تربوي نشيط ،يتجاوز التلقي السلبي والعمل
الفردي* إلى اعتماد التعلم الذاتي ،والقدرة على الحوار* والمشاركة في
االجتهاد الجماعي".
ب " -مفتوحة على محيطها بفضل نهج تربوي قوامه استحضار المجتمع
في قلب المدرسة *،والخروج إليه منها بكل ما يعود بالنفع على الوطن ،مما
يتطلب نسج عاقات جديدة بين المدرسة* وفضائها البيئي والمجتمعي والثقافي
واالقتصادي".
ويتبين لنا من خالل هذه المادة التشريبعية أن الحياة المدرسية النشطة تتميز
بالحرية والمواطنة وحقوق* اإلنسان والمسؤولية* وااللتزام واإلبداع
والمشاركة* الفاعلة والعمل في إطار الفريق* للخلق واالبتكار وتحقيق التنمية
الحقيقية الشاملة *.و" تتحدد جوانب الحياة المدرسية في إزالة* المعوقات
المادية والمعنوية التي تحول بين المتعلمين والتعليم ،وتوفير أحسن
الظروف* الميسرة للتعليم ،وقيام العملية التعليمية على أساس مشاركة كل
األطراف* وتقديم الخدمات التعليمية والتربوية بصرف النظر عن أي
اعتبارات خارجية ،وتحقيق المساواة* بين مختلف المناطق والجهات
والبنيات المحلية" .
ويعني هذا ،أن الحياة المدرسية تؤسس مجتمعا ديمقراطيا حرا *،ومؤسسة
مسؤولة* في صنع القرار وتحمل المسؤولية ،قصد الدخول في الحداثة
وتنمية قدرات اإلنسان المغربي ،ويهدف الميثاق إلى جعل المنظومة
التربوية" مصلحة تابعة للدولة مسيرة بطريقة مستقلة sigmaعلى غرار
الجامعات ذات االستقالل المعنوي والمادي والمالي" .وستشدد مدرسة
الحياة في إطار التوجه الجديد للتربية على" المضامين والقيم القادرة على
ترسيخ إرادة المواطنين وكفاياتهم على صناعة حاضرهم ومستقبلهم بالعلم
والفكر* المبدع الذي يحمل مشروع صياغة مجتمع مغربي متجدد"
يهدف ميثاق التربية والتكوين من خالل تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها
إلى التحرر من التصورات المركزية والروتين اإلداري والسعي نحو
التجديد والتطوير والحداثة والتعلم الذاتي ،فتفتق قريحة المتعلم ومخيلته
اإلبداعية ،وتصقل مواهبه عن طريق مشاركته في األنشطة الرياضية
والثقافية والفنية واالجتماعية.
ومن أهداف المدرسة* المغربية الحديثة الحفاظ* على حضارة األمة المغربية
وهويتها ومقدساتها وثوابتها ،والجمع بين األصالة والمعاصرة لإلنسان
المغربي ،مع االنفتاح اإلعالمي والثقافي واالجتماعي على العالم .وبالتالي،
تأسيس مجتمع مغربي حديث وديمقراطي ،يمتلك زمام العلوم وناصية
التكنولوجيا المتقدمة ،يكون قادرا على رفع شعار التحدي في عهد العولمة*
والمنافسة التجارية واإلعالمية والعلمية والتكنولوجية الرقمية.
• المعيقات اإلدارية:
من المعلوم أن أي مشروع تربوي كيفما كان اليتحقق نجاحه إال بوجود
اإلمكانات المادية والبشرية الرهينة بتفعيله وتنشيطه .وإذا كانت المؤسسة
التعليمية تفتقر إلى العنصر البشري* المؤهل للتنشيط وإلى قاعات التشخيص
المسرحي* واألندية الثقافية والموسيقية وقاعات الرياضة وورشات التشكيل
وقاعات الترفيه فإنها لن تتمكن من خلق أجواء ديناميكية للفعل التنشيطي
داخل المؤسسة* ال في مجال الفن واألدب والرياضة وال في مجال آخر.
وأمام هذا العائق المادي والبشري *،البد للجماعة المحلية والمجتمع المدني
والمؤسسات االقتصادية التدخل للمساهمة في تمويل قطاع التربية والتكوين
من أجل االستثمار في العنصر البشري *،المتمثل في المتعلم الذي هو رجل
المستقبل ،وتكوينه يهم المجتمع بأكمله ،ألنه هو الذي سيحرك عجلة
التنمية ،وسيقود المجتمع نحو آفاق مشرقة ومتقدمة.
ولهذا ،يصبح واجبا على كل المتدخلين في الحياة المدرسية محاولة إزالة
العوائق التي تحول دون تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها حتى ينهض نظام
التربية والتكوين بوظائفه كاملة تجاه األفراد والمجتمع .وذلك" بمنح األفراد
فرصة اكتساب القيم والمعارف والمهارات التي تؤهلهم لالندماج في الحياة
العملية( ،)...وبتزويد المجتمع بالكفاءات من المؤهلين والعاملين الصالحين
لإلسهام في البناء المتواصل لوطنهم على جميع المستويات. "....
• المعيقـــــــات االجتمـــــــاعية:
* األسرة* والتنشيط:
خاتمة:
لم تعد المدرسة اليوم فضاء للتعليم والتلقين منعزلة عن المجتمع ،بل
صارت مدرسة الحياة وفضاء للسعاة واألمان ،يشعر فيها المتعلم بالدفء
والحميمية وشاعرية االنتماء.
إن مدرسة الحياة لهي مدرسة المواطنة واإلبداع والمشاركة والتنشيط
والتفاعل البناء واإليجابي بين كل المتدخلين في الحياة المدرسية *،من
فاعلين تربويين وشركاء المدرسة* االقتصاديين واالجتماعيين وكل فعاليات
المجتمع المدني.
وإذا كان التنشيط ذا مفهوم عام ،يضم األنشطة الثقافية والفنية والرياضية
واإلعالمية ،والشراكات المادية والمعنوية في تفعيل أدوار الحياة المدرسية،
فإنه يساهم في تنمية القدرات الذهنية والجوانب الوجدانية والحركية لدى
المتعلم ،وتجعله إنسانا صالحا لوطنه وأمته ،مبدعا ومبتكرا وخالقا يهتم
بمؤسسته ويغير عليها أيما غيرة ،ويساهم في تغيير محيطه االجتماعي
واستدخال الفاعلين الخارجيين والتواصل معهم.
إن المدرسة* التي ينشدها الميثاق الوطني للتربية والتكوين هي التي يتحقق
فيها التنشيط بكل مستوياته واالندماج بكل إيجابية واقتناع ،وذلك من أجل
خلق حياة مدرسية ينعم فيها الفاعلون التربويون بالسعادة والحرية
والديمقراطية* وحقوق اإلنسان ،وفي مقدمتهم المتعلمون الذين يتربون على
نبذ العنف والتطرف واالنعزالية ،ويتبنون مبدأ الحوار البناء والمشاركة*
الفعالة مع باقي المتدخلين في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها في فضاء
المحبة والصداقة *،إلقصاء التغريب والتهميش واإلقصاء .إنها مدرسة
منفتحة على محيطها االقتصادي واالجتماعي والثقافي ،يساهم في
تطويرها" كل األطراف المعنية من جماعات محلية وقطاع خاص
ومؤسسات إنتاجية وجمعيات ومنظمات وسائر الفاعلين االقتصاديين
واالجتماعيين ،دون إغفال دور اآلباء واألمهات ومسؤولي األسر* في
المشاركة بالمراقبة والتتبع والحرص على المستوى المطلوب"
الشك أن تضافر جهود كل هذه األطراف* سيخلق مدرسة مفعمة بالحياة،
نشيطة ومتطورة *،نحن في أمس الحاجة إليها.
وفي األخير ،نحن نريد متمدرسين نشيطين ،وهيئة إدارية نشيطة ،وهيئة
تدريس نشيطة ،ومجالس المؤسسة نشيطة ،وهيئة التأطير والمراقبة
نشيطة ،ونيابة نشيطة ،ومجتمع مدرسي نشيط ،حتى يشارك الجميع في
تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها.
توصيــــــات*:
الهوامش*:
المقدمة
-1مشروع المؤسسة*...................................
-2التدبير المادي والمالي بالمؤسسات التعليمية*...............
-3االمتحان التجريبي بالتعليم الثانوي التأهيلي*...............
-4المستجدات التربوية.........................................
-5التقويم التربوي*.............................................
-6المراقبة المستمرة*..........................................
-7الشراكة* التربوية............................................
-8آراء حول برامج اللغة العربية بالتعليم التأهيلي*............
-9التعليم والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية*..................
-10الشراكة البيداغوجية*............................................
-11عالقة المؤسسة بمحيطها*........................................
-12قراءة* في الميثاق الوطني للتربية والتكوين*...................
-13إرساء* مشروع التعليم الجيد*......................................
-14الجودة التربوية :عالقة األستاذ بالتلميذ.......................
-15االرتقاء بجودة التعليم*.............................................
-16جودة البرامج والمناهج............................................
-17الكفايات والوضعيات*...............................................
-18حقوق* الطفل حسب اتفاقية األمم المتحدة واإلسالم............
-19بيداغوجيا المجزوءات.............................
-20تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها*..................
الخاتمة