You are on page 1of 177

‫التدبير المادي والمالي بالمؤسسات التعليمية‬

‫اليمكن الحديث عن أي إصالح حقيقي أو جودة فعالة ناجعة في مجال‬


‫التربية والتعليم إال إذا كان االهتمام منصبا على التفكير في التدبير المادي‬
‫والمالي‪ ،‬ألنه لبنة أساسية في كل تغيير وتسيير وتنظيم إداري* أو تربوي‬
‫مركزيا أو جهويا أو إقليميا أو مؤسساتيا‪ ،‬و وهو كذلك تفعيل ميداني لكل‬
‫المشاريع والحاجيات قصد إنجاح سير العملية الديداكتيكية والبيداغوجية في‬
‫أحسن الظروف* الممكنة والمتاحة‪ .‬كما أن الجانب المادي والمالي هو الذي‬
‫يشكل البنية التحتية والمعطى البرجماتي لكل فعل تربوي وتدبير إداري‪.‬‬
‫إذا‪ ،‬ماهو التدبير المادي واإلداري؟ وماهي مرتكزاته األساسية؟ وماهو‬
‫واقعه وآفاقه؟‬
‫يهتم التدبير المادي والمالي بمكونين أساسين وهما‪ :‬الجانب المادي والجانب‬
‫المالي‪.‬فالجانب المادي يقصد به كل ماهو مادي في المؤسسة* التعليمية من‬
‫ممتلكات عقارية وتجهيزات ثابتة ومنقولة ووسائل وأدوات ومواد مستهلكة‬
‫وغير مستهلكة مع التركيز على آليات تنظيمها وقواعد وأساليب وطرائق‬
‫تدبيرها من حيث المحاسبة واالستغالل واالستعمال واالستهالك والتخزين‬
‫والحفظ والصيانة واإلصالح والتتبع والمراقبة‪.‬أما التدبير المالي‪ ،‬فيهتم‬
‫بالجوانب المالية للمؤسسة عن طريق تحديد مواردها وإمكانياتها فضال عن‬
‫تفصيل طبيعتها وأنواعها وتنظيم قواعد وأساليب وطرائق* تحصيلها‬
‫وصرفها ومجاالت إنفاقها وكيفية محاسبتها وتتبعها ومراقبتها‪ ،‬وكذا‬
‫اإلجراءات* والتدابير اإلدارية والمسطرية* المتعلقة بها‪.‬‬
‫ويستند التدبير المادي والمالي للمؤسسات* التعليمية ألداء وظائفها‬
‫الديداكتيكية والبيداغوجية واالجتماعية واالقتصادية حسب منظور الميثاق‬
‫الوطني للتربية والتكوين إلى خمسة مرتكزات أساسية وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬المصادر القانونية والنصوص التنظيمية للتدبير‪.‬‬
‫‪ -2‬آليات التدبير‪.‬‬
‫‪ -3‬الممتلكات العقارية والمنقولة‪.‬‬
‫‪ -4‬الموارد المالية‪.‬‬
‫‪ -5‬مسك المحاسبة المادية والمالية‪.‬‬
‫فإذا بدأنا بالمرتكز األول ‪ ،‬فينبغي على كل األطراف المتدخلة( األفراد‪-‬‬
‫المجالس‪ -‬الجمعيات) في التدبير المادي والمالي للمؤسسات من االطالع‬
‫على جملة من النصوص القانونية والتنظيمية العامة والخاصة التي تفصل‬
‫بنود وقواعد هذا التدبير بشقيه‪ :‬المادي والمالي‪.‬‬
‫وعلى مستوى آليات التدبير المادي والمالي في المؤسسات‪ ،‬فنستحضر في‬
‫هذا السياق كال من مدير المؤسسة* ومجلس التدبير‪ .‬فالمدير هو المشرف‬
‫األول على التدبير المادي والمالي بموازاة* مسير للمصالح المادية والمالية‬
‫الذي يتولى مهمة التدبير المادي والمالي والمحاسباتي ولكن تحت إشرافه‬
‫طبعا‪.‬‬
‫ومن مهام مدير المؤسسة توفير شروط الصحة والسالمة لألشخاص‪*،‬‬
‫وتوفير شروط سالمة التجهيزات والممتلكات‪ ،‬واقتراح توفير وسائل العمل‬
‫الضرورية* لتدبير المؤسسة‪ ،‬و العمل على إبرام اتفاقيات الشراكة لتمويل‬
‫مختلف المشاريع التربوية والثقافية والفنية والرياضية‪.‬‬
‫وطبقا للمادة الثامنة عشرة من النظام األساسي‪ ،‬تم إحداث مجلس لتدبير‬
‫المؤسسة يشارك فيه أطر المؤسسة وشركاؤها من آباء وأولياء األمور‬
‫وجماعات محلية وجمعيات المجتمع المدني وفعاليات اجتماعية واقتصادية‬
‫وثقافية وفنية ورياضية وكل الفاعلين المهتمين بشؤون التربية‬
‫والتعليم‪.‬ويضطلع مجلس التدبير بمهام عدة منها‪ :‬اقتراح النظام الداخلي‬
‫للمؤسسة مع احترام القوانين الجاري بها العمل في ذلك ‪ ،‬ودراسة العمل‬
‫السنوي* على مستوى أنشطة المؤسسة* وتتبع مراحل إنجازها‪،‬ودراسة*‬
‫التدابير المالئمة لضمان صيانة المؤسسة* والحفاظ على ممتلكاتها‪،‬‬
‫واالطالع* على القرارات* الصادرة عن المجالس األخرى‪ ،‬وإبداء الرأي* في‬
‫الشراكات التي تعتزم المؤسسة إبرامها‪ ،‬ودراسة حاجيات المؤسسة للسنة‬
‫الدراسية* الموالية‪ ،‬والمصادقة على التقرير السنوي العام المتعلق بنشاط‬
‫وسير المؤسسة‪ .‬ويعقد مجلس التدبير دورتين عاديتين‪ :‬األولى في بداية‬
‫السنة الدراسية والثانية في متمها لدراسة مختلف القضايا المعروضة‪.‬‬
‫ويستوجب التدبير المادي االهتمام بكل المكونات المادية للمؤسسة وصيانتها‬
‫واستغاللها أحسن استغالل من أجل تحقيق المصلحة العامة و الحفاظ على‬
‫الممتلكات العقارية للمدرسة التي تتشكل من جميع البنايات الموجودة داخل‬
‫أسوار المؤسسة و جميع المرافق المكونة لفضاءات الحياة المدرسية دون‬
‫أن ننسى الممتلكات والوسائل المنقولة من التجهيزات المدرسية والوسائل‬
‫التعليمية‪.‬‬
‫ومن أجل تحقيق تدبير معقلن لهذه التجهيزات والممتلكات البد من اتباع‬
‫مراحل إجرائية و أساسية للقيام بها كتحديد الحاجيات واقتناء التجهيزات‬
‫والوسائل التعليمية التي تقوم بها الجهات المختصة على ضوء التدابير‬
‫اإلدارية واإلجراءات* المسطرية‪ ،‬وإيالء عمليات استالم التجهيزات‬
‫المدرسية من الشركات المزودة كثير االهتمام والعناية من تتبع وضبط‬
‫ومراقبة‪،‬والقيام بتوزيعها على المستفيدين مع اتخاذ كافة اإلجراءات‬
‫والترتيبات الضرورية في عقلنة عملية الجرد والتوثيق‪ ،‬والمحافظة* على‬
‫التجهيزات المدرسية أثناء فترة استعمالها مع السهر على صيانتها و‬
‫اإلسراع* في إصالح ماتالشى من بعض أجزائها والتخلص* من التجهيزات‬
‫المتالشية وغير القابلة لإلصالح بتاتا والسيما التي تتراكم بجنبات بنايات‬
‫المؤسسة أو ببعض مرافقها‪ ،‬وذلك من أجل الحفاظ* على أمن وسالمة‬
‫التالميذ وتوفير فضاء مدرسي مناسب يراعي جمالية المؤسسة وفضاءاتها‪.‬‬
‫وإذا كان التدبير المالي يهتم أساسا بمالية المؤسسة من حيث تحديد الموارد*‬
‫ومصادرها ‪ ،‬وطرائق* تحصيلها‪ ،‬وكيفية ومجاالت صرفها‪ ،‬وتقنيات‬
‫ووسائل ضبطها‪ ،‬ومسك محاسباتها‪ ،‬وأساليب المراقبة وإجراءاتها‪ ،‬فإن‬
‫اإلحاطة بهذا الجانب من التدبير يقتضي بالضرورة التذكير بالعناصر‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -‬الموارد* واإلمكانيات المالية للمؤسسة ونفقاتها‪.‬‬
‫‪ -‬المبادئ األساسية والقواعد العامة والخاصة* التي تحكم تدبيرها‪.‬‬
‫وبناء على ما سبق‪ ،‬فإن مؤسسات التعليم التتوفر على ميزانيات بالمفهوم‬
‫االقتصادي للميزانية‪ ،‬ومن ثم تتشكل الموارد المالية للمؤسسات من مداخيل‬
‫خاصة(رسوم التسجيل بالقسم الخارجي‪ -‬رسوم التأمين المدرسي‬
‫والرياضي‪ -‬رسوم االنخراط في الجمعية الرياضية المدرسية‪ -‬رسوم‬
‫استعارة الكتب وضمانها‪ -‬رسوم الضمان بالمعامل‪ -‬رسوم الذخائر‬
‫بالداخلية‪ -‬واجبات المائدة المشتركة واإلقامة بالداخليات‪ -‬الكفالة) تحددها‬
‫مذكرات وزارية صادرة عن السلطة الحكومية الوصية‪ ،‬وموارد إضافية‬
‫ترصدها األكاديمية الجهوية للمؤسسات التعليمية‪ ،‬وهي اعتمادات التسيير‬
‫مثل‪:‬اعتمادات التغذية الخاصة بالتالميذ الممنوحين و إعانات التسيير‬
‫والصيانة للخارجية* واعتمادات تسيير األقسام التحضيرية ودبلوم التقني‬
‫العالي‪ ،‬وموارد استثنائية وهي إما موارد تنظم شروطها مذكرات وزارية‬
‫دون تحديد قيمتها ( اإلتالفات‪-‬القروض‪ -‬التسبيقات‪ -‬المداخيل الخاصة)‪ ،‬أو‬
‫موارد تنظمها اتفاقيات الشراكة* التي ينص عليها النظام األساسي لمؤسسات*‬
‫التربية والتعليم العمومي وتقدم على شكل مساعدات عينية ‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن موارد المؤسسات* ونفقاتها تحكمها نفس المبادئ والقواعد‬
‫والمساطر التي تحكم تدبير الموارد* العمومية‪ ،‬وعلى رأسها مقتضيات‬
‫النظام األساسي للمحاسبة العمومية ومبادئه‪.‬ومن المعلوم‪ ،‬أن مسك‬
‫المحاسبة المادية والمالية يخضع للقواعد والشروط الشكلية والموضوعية‬
‫التي تنظم المحاسبة العمومية بصفة عامة مع بعض االختالفات الشكلية‬
‫نظرا لخصوصيات المؤسسات التعليمية‪ ،‬كما تحكمها نفس المبادئ‬
‫العامة( االزدواجية‪ -‬االستقاللية‪ -‬المشروعية‪ -‬المراقبة)‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن مدير‬
‫المؤسسة يقوم بمسك المحاسبة اإلدارية باعتباره مشرفا على التدبير‬
‫التربوي واإلداري* والمادي والمالي في حين يقوم مسير المصالح المادية‬
‫والمالية بمسك المحاسبة المحاسبية‪ .‬وتنقسم هذه األخيرة إلى قسمين‪:‬‬
‫المحاسبة المادية والمحاسبة النقدية‪.‬‬
‫يقوم المدير بالمحاسبة اإلدارية باعتباره مشرفا ماديا وماليا و محاسبا إداريا‬
‫بصفته آمرا بالصرف واالستخالص في المراحل التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬بالنسبة للمداخيل‪ :‬يقوم رئيس المؤسسة بثالث عمليات أساسية‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫اإلثبات( وضع اللوائح النهائية للملزمين بأداء الحقوق* المثبتة للمؤسسة)‪،‬‬
‫والتصفية(حصر المبالغ المستحقة للمؤسسة والتأكد من صحتها‬
‫ومشروعيتها)‪ ،‬واألمر باالستخالص( تحصيل الحقوق* المثبتة للمؤسسة‬
‫ووضع التأشيرة على مختلف سجالت المداخيل والحقوق* المثبتة واللوائح‬
‫االسمية المحصورة)‪.‬‬
‫‪ -2‬بالنسبة للمصاريف‪ :‬وتتجلى األفعال اإلدارية المتعلقة بالنفقات في‬
‫العمليات التالية‪ :‬االلتزام( صالحية تقدير ضرورة أو أهمية المصاريف‬
‫التي يعتزم القيام بها أو تحمل أداء نفقة أو دين) ‪،‬والتصفية( التحقق من‬
‫صحة الدين من خالل المستندات المثبتة لحقوق الدائنين وحصر مبالغ‬
‫النفقات)‪ ،‬واألمر باألداء( األمر بدفع الديون إلى مستحقيها عند حلول آجال‬
‫الدفع وبعد التأكد من صحتها ومشروعيتها خالل عملية التصفية)‪.‬‬
‫وإذا انتقلنا إلى محاسبة المحاسب فيعتبر رئيس المصالح المادية والمالية‬
‫محاسبا بحكم الواقع والنصوص القانونية المنظمة لعملية المحاسبة المادية‬
‫والمالية‪ .‬وتتكون محاسبة رئيس المصالح المادية والمالية من مجالين وهما‪:‬‬
‫المحاسبة النقدية( يتكفل بتدبير وتوثيق المداخيل والنفقات على ضوء‬
‫النصوص التنظيمية والقانونية لذلك)‪ ،‬والمحاسبة المادية (يتحمل مسؤولية‬
‫التدبير المادي للمؤسسة* تحت سلطة المدير ومراقبته وذلك بصفته مساعدا‬
‫له)‪.‬وتشكل المحاسبة المادية جزءا اليتجزأ من المحاسبة العمومية‪.‬‬
‫والمحاسبة المادية تخص صنفين من المواد واألدوات وهما‪ :‬المواد‬
‫المستهلكة أو سريعة التلف والمواد القابلة للجرد‪ *.‬و من أهم عناصر هذه‬
‫المحاسبة المادية مسك المحاسبة المادية و هو ليس فقط مجرد عمليات قيود‬
‫أو مسك لمختلف الوثائق والسجالت‪ *،‬بل هي باإلضافة إلى ذلك عمليات‬
‫تتبع يومية لحركية المواد واألدوات* والتجهيزات‪ ،‬والسهر* على سالمتها من‬
‫التلف أو الضياع بسبب السرقات والحرائق‪ ،‬والحفاظ على جودتها‬
‫وصيانتها وإصالحها‪ ،‬وترشيد استعمالها واستغاللها واستهالكها ‪.‬‬
‫وخالصة القول‪ :‬إن التدبير المادي والمالي على الرغم من استجابته‬
‫للمبادئ العامة لتدبير األموال العمومية ولمقتضيات النظام األساسي‬
‫للمحاسبة العمومية ومقتضيات النظام األساسي للمحاسبة العمومية فإن‬
‫واقعه الحالي اليستجيب مع التطورات* التربوية الحديثة الداعية إلى الجودة‬
‫والكفاءة‪ *.‬كما أن تحويل المؤسسات* التعليمية إلى مصالح الدولة التي تسير‬
‫بطريقة مستقلة(‪ )SEGMA‬كما يدعو إلى ذلك الميثاق الوطني للتربية‬
‫والتكوين لم يتحقق ولم يفعل إجرائيا وميدانيا‪.‬ويالحظ كذلك أن النصوص‬
‫التنظيمية والقانونية للتدبير المادي والمالي قد أصبحت متجاوزة ومتقادمة‬
‫التتالءم مع مستجدات الواقع وما يثبته الميثاق من دعوة إلى الحداثة‬
‫والتجديد ومواكبة لمستجدات التكنولوجيا وعولمة االتصال والتأقلم مع فكر‬
‫المبادرة الفردية وتأهيل المؤسسات االقتصادية واالجتماعية والتربوية‬
‫للمنافسة واإلبداع واإلنتاج‪ .‬و يتسم هذا التدبير المادي والمالي بالبطء‬
‫اإلداري* والروتين وشكلية القرارات وانعدام الشفافية والديمقراطية في إسناد‬
‫المسؤوليات والوظائف اإلدارية والمالية و كثرة الوثائق والبيروقراطية* في‬
‫التعامل والسيما في عملية الصرف وأداء حقوق الدائنين‪ ،‬وضعف‬
‫اإلمكانيات المادية والمالية والبشرية إلنجاح مسلسل الجودة التي تدعو إليها‬
‫الوزارة‪ ،‬وانعدام الكفاءة المحاسباتية واإلعالمية والثقافة العصرية لدى‬
‫الموظفين والعاملين في هذا المجال وكذلك عند المسؤولين و المشرفين‬
‫على هذا التدبير االقتصادي‪.‬‬

‫‪ -3‬االمتحان التجريبي بالتعليم الثانوي التأهيلي المغربي‬

‫يعد االمتحان التجريبي من أهم آليات التقويم الذاتي للمتعلم‪ ،‬ومن أهم‬
‫األدوات التشخيصية التي يعتمد عليها األساتذة والمشرفون ورجال اإلدارة‬
‫والمسؤولون عن قطاع التربية من خالل استثمار النقط والنتائج والمعطيات‬
‫لمعرفة مستوى التحصيل لدى المتمدرسين‪ ،‬قصد إيجاد الحلول المناسبة‬
‫لمعالجة الثغرات والنقاط السلبية التي يعاني منها النظام التربوي المغربي‬
‫عن طريق البحث عن بدائل تربوية جديدة ‪ .‬إذاً‪ ،‬ما المقصود باالمتحان‬
‫التجريبي؟ وما مواصفاته ومعاييره حسب المذكرة الوزارية المنظمة له؟‬
‫وماهو واقع هذا االمتحان وآفاقه؟‬
‫إذا كان" االمتحان" يدل على االختبار والقياس وإخضاع الممتحن آلليات‬
‫الدوسيمولوجيا‪ Docimologie‬واالستجواب* قصد تقييمه عن طريق نقطة‬
‫عددية وتقدير معنوي يترجم ماهو كمي إلى ماهو كيفي‪ ،‬فإن "التجريبي"‬
‫هو نسبة إلى التجريب والتجربة واإلجابة عن مجموعة من الفرضيات‬
‫واالفتراضات المسبقة لدى الممتحن أو األستاذ أو المشرف قصد التأكد من‬
‫نجاعتها اإلجرائية وفعاليتها التطبيقية والتكوينية عن طريق استبيان‬
‫امتحاني يتكون من مجموعة من األسئلة التي تستوجب فعل الذاكرة‬
‫والتحليل المنطقي و االستنباط العقلي واالستنتاج المهاري والتحكم المنهجي‬
‫واالستدالل الذكائي عبر احترام مجموعة من المراقي المعرفية والوجدانية‬
‫والحركية والسيما العمليات الذهنية كالفهم والتطبيق والتحليل والتركيب‬
‫والتقويم‪ .‬ويعني هذا‪ ،‬أن الذي يجتاز هذا االمتحان يكون في وضعية تجربة‬
‫وتجريب لما لديه من خلفيات معرفية ومضمرات وجدانية ومهارات حسية‬
‫حركية وقدرات ثقافية ومنهجية تحتاج إلى تشخيص ميداني واستنزال فعلي‬
‫تطبيقي للمجزوءات* المحصلة بطريقة كتابية أو شفهية‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فاالمتحان التجريبي هو ذلك االمتحان الذي يقدم للمتعلم ليختبر‬
‫قدراته المعرفية والوجدانية والحركية في وضعية تجريبية تشبه وضعية‬
‫االمتحان الحقيقي سواء أكان امتحان جهويا أم وطنيا قصد االستئناس بجو‬
‫هذين االمتحانين من النواحي النفسية والتربوية والتقويمية وتجريب مهاراته‬
‫في التعامل مع مواضيع االمتحان بكل اطمئنان وثقة مادام العمل المنجز‬
‫والممتحن فيه اليحتسب رسميا‪ .‬أي إن هذا االمتحان التجريبي يتسم‬
‫بالمرونة و الحرية في التجريب واالطمئنان الذاتي وانعدام األجواء*‬
‫المشحونة* بالقلق واالنقباض الشعوري* والتوتر النفسي و االضطراب*‬
‫العصبي و االختالل العضوي والخوف* من المستقبل والمصير المجهول‪.‬و‬
‫يتسم هذا االمتحان كذلك بالتجريب الشخصي قصد التأكد من مدى قدرة‬
‫التلميذ على التكيف مع أجواء االمتحان الرسمي الذي ينبغي أن يعد له أيما‬
‫استعداد من أجل تحديد مواطن الضعف والقوة* التي يتسم به تحصيله‬
‫الدراسي* مادام هذا االمتحان إجراء إعداديا أوليا الجتياز االمتحان النهائي‬
‫الرسمي ‪ .‬ويطبع هذا االمتحان التكوين الذاتي والتعلم الشخصي والثقة‬
‫المتبادلة بين التلميذ وأطراف* المراقبة من أساتذة ورجال اإلدارة‬
‫واإلشراف‪ ،‬كما يطبعه الالجدوى من النقل والغش كما هو معهود غالبا في‬
‫االمتحانات الرسمية األخرى* بسبب الخوف المبالغ فيه قصد تأمين النجاح و‬
‫المستقبل الزاهر المنتظر في تصوراتهم واعتقاداتهم‪.‬‬
‫وقد وزعت وزارة التربية الوطنية مذكرة وزارية منذ سنتين(‪2005‬م)‬
‫تستوجب االمتحان التجريبي وتنظيمه على مستوى السنتين األولى والثانية‬
‫من سلك البكالوريا‪ ،‬وأعيدت هذه المذكرة مرة أخرى* في سنة ‪ 2006‬تحت‬
‫رقم ‪ 07/06‬بتاريخ ‪ 06‬مارس ‪ 2006‬اعتمادا على مقرر السيد الوزير‬
‫رقم‪ 80‬بتاريخ ‪ 30‬يونيو ‪ 2005‬بشأن تنظيم السنة الدراسية والعطل‬
‫المدرسية برسم السنة الدراسية ‪ ،2005/2006‬واعتمادا أيضا على‬
‫المذكرة الوزارية* رقم ‪ 05‬بتاريخ ‪ 18‬يناير ‪ 2006‬حول مواعيد إجراء*‬
‫االمتحانات المدرسية ‪.2005/2006‬‬
‫وال يعني هذا أن االمتحان التجريبي في التعليم الثانوي التأهيلي إجراء‬
‫تربوي و تقويمي من المستجدات التربوية الحديثة‪ ،‬بل هو من المكتسبات‬
‫القديمة التي تخلينا عنها في الماضي لنعود إليها في الحاضر إلعطاء‬
‫الشهادات الوطنية مصداقيتها واحترامها ومشروعيتها الدولية‪ ،‬بعد أن‬
‫عرف التعليم انحدارا وتراجع كيفيا بسبب الرداءة* وانعدام الجودة والكفاءة‬
‫التعلمية وقلة الخبرة و المهارة الوظيفية‪ ،‬فقد طبقته الوزارة في التعليم‬
‫االبتدائي والسيما في السنة األخيرة من السلك االبتدائي التي تؤهل‬
‫للحصول على الشهادة االبتدائية – على حد علمي‪ -‬منذ فترة السبعينيات ‪.‬‬
‫هذا ‪ ،‬وترى المذكرة الوزارية أن االمتحان التجريبي الخاص بتالمذة السنة‬
‫األولى من سلك البكالوريا واالمتحان التجريبي الخاص بتالمذة السنة الثانية‬
‫تأهيلي ينبغي تنظيمهما في آخر أسبوع من شهر أبريل ‪ .‬ويروم هذا‬
‫اإلجراء التقويمي تحسيس التالميذ بأن أهداف االمتحانين التجريبيين‬
‫تشخيصية يقصد بها إظهار الثغرات لتجاوزها وتقوية التعلمات كما أنهما‬
‫يمثالن فرصة للتمرس والتهيؤ الجتياز امتحان آخر السنة‪ ،‬وبأن النقط‬
‫المحصل عليها التحتسب ضمن أي مكون من مكونات امتحان البكالوريا‪.‬‬
‫ويتم إعداد االمتحان التجريبي من قبل أساتذة المؤسسة* الثانوية التأهيلية‬
‫العاملين في السنتين األولى والثانية من سلك الباكلوريا‪ ،‬مؤطرين من‬
‫طرف مفتشي المواد المعنية حسب القرار* المنظم لالمتحان الجهوي* الموحد‬
‫واالمتحان الوطني الموحد‪ .‬وينظم االمتحانان على مستوى المؤسسة*‬
‫التأهيلية بشكل مطابق تماما لالمتحان الجهوي* والموحد واالمتحان الوطني‬
‫الموحد من حيث المواد المدرجة في االمتحانين‪ ،‬وتتابعها‪ ،‬والمدد‬
‫المخصصة لها وأشكال ومحتوى المواضيع وسالليم التنقيط والمعامالت‬
‫وفق المواصفات المنصوص عليها في المذكرات الصادرة في الموضوع‪.‬‬
‫وتصحح أوراق* التحرير مباشرة بعد إجراء االمتحانين التجريبيين‬
‫واحتساب المعدالت من قبل أساتذة المؤسسة استنادا إلى دليل موحد‬
‫للتصحيح‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬تتم عملية استثمار نتائج االمتحانين التجريبيين من‬
‫قبل كل أستاذ مع تالمذته بشكل معمق يمكنهم من الوقوف على مواطن‬
‫الضعف‪ .‬ويستحسن بعد ذلك تنظيم دعم تربوي ممنهج على ضوء نتائج كل‬
‫مادة وبتنسيق بين أساتذة المؤسسة* وذلك بهدف تجاوز الثغرات وتهيئ‬
‫التالميذ الجتياز االمتحان الجهوي الموحد واالمتحان الوطني الموحد‬
‫باطمئنان وثقة في النفس‪ .‬وحتى تتمكن اإلدارة على المستويات اإلقليمية‬
‫والجهوية والمركزية من الوقوف على نتائج االمتحانين المذكورين من‬
‫حيث جوانبهما التنظيمية والتربوية‪ ،‬فإنه ينبغي إعداد مجموعة من التقارير‬
‫حولها وذلك بعقد ندوات من قبل السادة المفتشين بعد إجراء االمتحانين‬
‫التجريبيين تخصص الستثمار نتائج االمتحانين وإنجاز تقارير تركيبية‬
‫تقويمية ترسل نسخ منها إلى األكاديمية الجهوية والنيابات‪ .‬وبعد ذلك تعد‬
‫النيابات تقارير تركيبية حول ظروف عملية تنظيم االمتحانين التجريبيين‬
‫وتوجيهها إلى األكاديمية الجهوية‪ ,‬حيث تحلل تقارير النيابات والمفتشين‬
‫التربويين وينجز تقرير تركيبي تبعث نسخة منه إلى المركز الوطني‬
‫لالمتحانات قبل نهاية شهر ماي من كل سنة دراسية‪.‬‬
‫ولكن إذا نظرنا إلى واقع االمتحان التجريبي نجد مفارقات كثيرة بين‬
‫تطلعات المذكرات الوزارية وأهدافها المسطرة* بشأن هذه العملية وواقع‬
‫الوضعية التجريبية‪ .‬إذ يالحظ أول مايالحظ عزوف التالميذ عن المشاركة‬
‫في هذا االمتحان التجريبي بسبب عدم القدرة والتمكن من مراجعة‬
‫دروسهم؛ ألن الوقت الذي يجرى فيه االمتحان اليسمح للتالميذ بالمراجعة‬
‫لكونهم موزعين بين كتابة الدروس وإنجاز الفروض الدورية واإلعداد‬
‫لالمتحان التجريبي الذي قد اليخبرون به إال في وقت متأخر‪ .‬كما أن جل‬
‫التالميذ الذين كانوا قد حصلوا على معدالت جهوية ضعيفة بسبب إخفاقهم‬
‫في اللغة الفرنسية يتخلفون عن هذا االمتحان ألنهم يعتقدون أنهم يعرفون‬
‫النتيجة مسبقا وهي الرسوب بطبيعة الحال؛ مما يصيبهم اليأس و اإلحباط‬
‫عن متابعة الدراسة و انعدام األمل لديهم في الحصول على شهادة البكالوريا‬
‫التي يحتاجون إليها أيما حاجة لتسهيل عملية الهجرة إلى الخارج تحت قناع‬
‫الرغبة في متابعة الدراسة* العليا في البالد األجنبية والسيما أوربا الغربية‪.‬‬
‫ومما يزيد الطين بلة أن هذا االمتحان التحتسب نقطه حسب المذكرة‬
‫الوزارية‪ ،‬لذلك اليريد التالميذ أن يكلفوا أنفسهم معاناة تحضير الدروس‬
‫ومراجعتها وإرهاق عقولهم بذلك‪ ،‬و السيما أن هناك مقررات ضخمة‬
‫بزخم الوحدات والمجزوءات* والدروس يستحيل التلميذ اكتسابها وتحصيلها‬
‫في وقت ضئيل جدا كمادة االجتماعيات والعربية والفرنسية والرياضيات‬
‫والفيزياء والعلوم* الطبيعية من أجل اجتياز امتحان تجريبي ال جزاء* فيه وال‬
‫ثواب‪ .‬فيرجئ التالميذ كل أعمالهم حتى تنتهي السنة الدراسية وتبقى أسابيع‬
‫قليلة ومحدودة إلجراء االمتحان الموحد آنئذ سيبدأون في اإلعداد‬
‫والتحضير والمراجعة‪ .‬وحتى الذين يحضرون إلى قاعة االمتحانات‪ ،‬فهناك‬
‫من التالميذ من يكتب اسمه وينسحب من القاعة‪ ،‬وهناك من يكتفي ببعض‬
‫األسطر* التي تكون لها عالقة بالموضوع أو قد التكون لها أدنى عالقة‪.‬‬
‫وهناك من يشارك في مادة واحدة أو مادتين أو ثالث‪ ،‬فيتخلف بعد ذلك عن‬
‫المشاركة بسبب الالمباالة والتهاون وعدم االكتراث بامتحان ال تحتسب‬
‫نقطه أصال ‪ ،‬كأنه نوع من العبث والالجدوى وتضييع للوقت الثمين الذي‬
‫يكون التالميذ في حاجة ماسة إليه إلكمال المقرر وإنهائه في أسرع وقت‬
‫مادام هذا االمتحان التجريبي ال يعقبه ال تثمين و ال شكور‪ .‬أما الذين‬
‫يشاركون في هذه االمتحانات التجريبية فتكون نتائج أغلبهم ضعيفة وهزيلة‬
‫جدا وخاصة في المواد األجنبية كالفرنسية واإلنجليزية واإلسبانية‬
‫واالجتماعيات‪ ...‬أو المواد العلمية كالرياضيات والفيزياء بسبب افتقارهم‬
‫للروح المنهجية في البرهنة واالستدالل وعدم التقيد الحرفي* باألسئلة‬
‫ورداءة الخط وكثرة األخطاء* اإلمالئية والنحوية وعدم التمسك بتعليمات‬
‫التحرير والكتابة المقالية( علوم الطبيعة مثال)‪ ،‬وعدم اهتمامهم باللغات‬
‫االهتمام الكافي والمطلوب* ‪ ،‬أضف إلى ذلك رداءة أوراق* االمتحانات التي‬
‫تكون مكتوبة باليد أو على أوراق* غير أوراق االمتحان المخصصة لذلك‬
‫بسبب ضعف اإلمكانيات المالية والمادية لدى المؤسسات التعليمية مع العلم‬
‫أن عصرنا هو عصر العلم والمعرفة وامتالك التكنولوجيا اإلعالمية‬
‫والفجوة الرقمية ‪ .‬ويالحظ لدى التالميذ المجربين نوع من الفتور وانعدام‬
‫الحماس بسبب االرتجالية المعروفة في النظام التربوي المغربي في كل‬
‫شيء وخاصة في تجريب المفاهيم ( الجودة‪ -‬الكفايات‪ -‬مشروع‬
‫المؤسسات‪ -‬األهداف‪ -‬الشراكة* التربوية‪ -‬االمتحان التجريبي‪ ،)....‬مما ينتج‬
‫عنه عدم اكتراث المتعلمين باالمتحانات بصفة عامة واالمتحان التجريبي‬
‫بصفة خاصة ‪ ،‬وعدم االستعداد لها أدنى استعداد ألسباب كثيرة ‪ :‬تربوية‬
‫وديداكتيكية واجتماعية وثقافية وحضارية واقتصادية وسياسية‪ ،‬زد على‬
‫ذلك أن أبواب التعليم موصدة مغلقة وأن فرص الشغل عن طريق التعليم‬
‫وأسالكه وقنواته نادرة جدا‪ .‬لذلك أصبحت مؤسسات التعليم خصوصا في‬
‫الشمال المغربي مؤسسات تفرخ أجيال الهجرة والبطالة وأجيال يائسة‬
‫محبطة في واقع سوسيواقتصادي محبط ومترد يتسم بالبطالة والمحسوبية‬
‫وانعدام الشغل و المؤسسات الثقافية والفنية والعلمية ناهيك عن عدم احترام‬
‫حقوق* اإلنسان ومعاناة السكان من اإلقصاء والتهميش والعزلة* ‪ .‬كما أن‬
‫فضاء هذه المؤسسات التعليمية يتسم بالتصحر الثقافي وانعدام التنشيط بكل‬
‫أنواعه إلى درجة الجدب والموت بسبب طغيان الفكر المادي والبرجماتي‬
‫على الفكر الثقافي والعلمي والتربوي‪ .‬كما أن العلم في المعتقد الشعبي‬
‫المغربي اليعطي الخبز و اليفتح البيت وال يؤمن المستقبل‪ ،‬لذا أصبح"‬
‫الحريـــﮔ" أو "الهجرة"* هي اللغة المفضلة في التعامل مع المدرسة التربوية‬
‫‪.‬‬
‫أما الحلول* التي نقترحها لتجاوز آفات هذا االمتحان التجريبي‪ ،‬فتتمثل في‬
‫تخصيص وقت مناسب إلجرائه يكون بعد االنتهاء من الدروس كلها‪ ،‬وقبل‬
‫االمتحان الموحد بثالثة أسابيع أو أسبوعين لكي نعطي للتالميذ فرصة‬
‫المراجعة* والتحضير والتهييء الجيد بدال من السرعة واالرتجال العشوائي‪.‬‬
‫وينبغي بكل إلحاح إعادة النظر في االمتحان الجهوي والسيما النظر في‬
‫مادة اللغة الفرنسية باعتبارها مادة أجنبية ثانية يؤثر معاملها سلبا على‬
‫التالميذ مما يدفعهم اليأس واإلحباط بعد إخفاقهم في االمتحان الجهوي* إلى‬
‫الفشل وعدم الرغبة في متابعة الدروس والدخول في سلوكات عدوانية‬
‫تشنجية مع زمالئهم وآبائهم وأساتذتهم و رجال اإلدارة‪ .‬كما تكثر غياباتهم‬
‫وتأخيراتهم بسبب اإلهمال والتهاون والتفكير في الهجرة* بسبب انعدام األمل‬
‫– حسب رأيهم‪ -‬في النجاح السيما إذا كان المعدل ضعيفا جدا مثل‪ 04‬على‬
‫عشرة أو ‪ 5‬على عشرة أو ‪ 6‬على عشرة‪....‬مع العلم أن االمتحان الموحد‬
‫الجهوي* له نسبة ‪ %25‬بينما االمتحان الوطني له نسبة‪ .%50‬ونقترح‬
‫أيضا أن يحتسب االمتحان التجريبي بطريقة أخرى مثل مادة الشأن المحلي‬
‫أي إن على التلميذ أن يجتاز االمتحان التجريبي بشكل إجباري فكل من‬
‫يتخلف بدون عذر لن يسمح له باجتياز االمتحان الوطني الرسمي‪ *،‬ومن‬
‫يحصل على معدل في هذا االمتحان يحتسب له ميزة إيجابية في فروضه‬
‫الدورية أو في مجاالت أخرى* ومن لم يحصل على المعدل اليحتسب له‬
‫أصال‪ ،‬وكل هذا من أجل تشجيع التالميذ وحثهم على العمل والمثابرة‬
‫واالجتهاد‪ .‬ونتمنى أن يتلقى التلميذ قبل إجراء* االمتحان التجريبي دعما قبليا‬
‫وشرحا مسبقا حول أهداف هذا االمتحان وكيفية إنجازه وآليات تطبيقه‪.‬‬
‫ويمكن أن يتطوع األستاذ مع تالمذته في مراجعة المقرر وشرحه باقتضاب‬
‫حتى يستفيد التالميذ من ذلك أيما استفادة‪ .‬وينبغي للوزارة أن تمد‬
‫المؤسسات التعليمية وخاصة التأهيلية باإلمكانيات المالية والمادية إلنجاح‬
‫هذا االمتحان التجريبي‪ ،‬فال يعقل أن يكتب التلميذ األجوبة في أوراق‬
‫مزدوجة عادية أو أوراق* فردية يمزقها من دفاتره‪ ،‬وال يعقل كذلك أن‬
‫يوضع له امتحان بخط يد األستاذ في أوراق رديئة وأدنى من عادية‬
‫وخاصة إذا كانت ملونة‪ ،‬فيتعذر الفهم وينعدم التواصل ويكون في وضعية‬
‫تجريبية مخالفة لوضعية االمتحان الموحد الرسمي‪ .‬ونرى أنه من‬
‫الضروري لتحقيق جودة حقيقية لقطاع التربية والتعليم أن نحقق ديمقراطية‬
‫فاعلة عملية تتجاوز الشعارات* والتجريد النظري إلى التطبيق الميداني‬
‫والممارسة* الفعلية ‪ ،‬كما ينبغي أن نربط التعليم بسوق الشغل وأن نوفر‬
‫فرص العمل لكل متعلم كفء ؛ألن ذلك يشكل حقا من الحقوق* المشروعة‬
‫للمواطن تجاه دولته كما ينص على ذلك دستور البالد‪.‬‬
‫ونخلص ‪ -‬مما سبق ذكره‪ -‬إلى أن االمتحان التجريبي آلية ضرورية للتعلم‬
‫الذاتي عند التلميذ‪ ،‬و أهم معيار لتقويم نظامنا التربوي والبيداغوجي‬
‫والديداكتيكي‪ ،‬وأفضل وسيلة إجرائية إلعداد المتعلم المغربي وتهييئه‬
‫لالمتحان الموحد عن طريق جعله في وضعيات تجريبية مشابهة‬
‫لالمتحانات الرسمية قصد تجريب كفاءاته المعرفية والوجدانية والمهارية‬
‫والمنهجية‪ ،‬إال أنه ينبغي تحسين قطاع التعليم وإرساء فلسفة* الجودة‬
‫والديمقراطية* الحقيقية على جميع األصعدة مع ربط المؤسسة* التعليمية‬
‫بسوق الشغل‪.‬‬
‫‪ -4‬المستجدات التربوية في قطاع التربية الوطنية بالمغرب‬

‫عرف المغرب في العقد األخير من القرن العشرين دعوة إلصالح القطاع‬


‫التربوي اعتمادا على التجارب التعليمية الرائدة في الغرب والشرق‬
‫والتطور* االقتصادي الذي أفرز* ظاهرة العولمة ومقترحات المؤسسات*‬
‫الدولية وأبناك االقتراض التي تشترط على المغرب مجموعة من‬
‫التوصيات التي ينبغي تنفيذها قصد الخروج من شرنقة الركود والتخلف‬
‫واألزمات المتوالية من أجل مواكبة المستجدات* العلمية والتقنية العالمية‬
‫التي يتطور إيقاعها بشكل سريع‪ .‬وقد ساهمت كل هذه العوامل في بلورة‬
‫الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي حدد فلسفة* المغرب في مجال التعليم‬
‫والتأهيل‪ .‬إذا‪ ،‬ماهي المستجدات التي حققتها وزارة التربية الوطنية‬
‫المغربية في مجال التربية والتكوين؟ وماهي نقط التعثر التي تميز هذا‬
‫اإلصالح؟ وماهي المقترحات والتوصيات العملية لتحقيق تجديد تربوي‬
‫حقيقي وشامل؟‬
‫نعني بالمستجدات كل ماهو مناقض لماهو سائد وقديم ومتوارث ومستهلك‬
‫وغير صالح للتنمية وتحقيق التقدم واالزدهار‪ ،‬أي إن المستجد هو الجديد‬
‫النافع ذو فعالية ناجعة وكفاءة كبيرة في تحقيق النتائج المرجوة‪ *،‬كما قد يدل‬
‫المستجد على المنتظر من الجديد الذي سيغير ماهو كائن وواقع بعد أن‬
‫أثبت الموجود فشله* ورداءته‪.‬‬
‫لقد استهدفت وزارة* التربية الوطنية تحقيق إصالح شامل في مجال التربية‬
‫والتكوين اعتمادا على فلسفة* الميثاق الوطني للتربية والتكوين عن طريق‬
‫تطبيق مجموعة من المقاربات الديداكتيكية والفلسفات البيداغوجية كفلسفة‬
‫األهداف السلوكية وفلسفة* الكفايات وفلسفة* الشراكة* قصد الرفع من مستوى‬
‫التعليم الذي استاءت منه كل طبقات المجتمع المغربي عندما أصبح تعليما‬
‫غير وظيفي اليساير سوق* الشغل وال يحقق أية مواكبة حقيقية لمستجدات‬
‫الواقع الوطني والدولي* خاصة مع تطور االقتصاد العالمي القائم على‬
‫المنافسة والتقدم التقني والصناعي واإلعالمي والعسكري‪*.‬‬
‫ومن أهم األهداف التي سطرتها الوزارة هو تحقيق الجودة اإلدارية‬
‫والتربوية كما وكيفا عن طريق محاربة األمية وتعميم التعليم والتمدرس‬
‫وتحديث المقررات* والبرامج والمناهج واالستفادة من التطورات التقنية‬
‫واإلعالمية في عملية اإلخراج والطبع والنشر* والسهر على تطوير عملية‬
‫التقويم والتوجيه واإلشراف والتكوين والتأطير وتثمين الموارد البشرية‬
‫بمختلف أصنافها واالهتمام باللغات األجنبية والسيما اإلنجليزية واإلسبانية‬
‫والفرنسية* واألمازيغية التي تم إدماجها في ‪ 345‬مؤسسة ابتدائية‪ ،‬كما‬
‫عملت الوزارة على تشبيب األطر اإلدارية والتربوية قصد مسايرة الحداثة‬
‫االجتماعية والسياسية واالقتصادية في المغرب‪ .‬وقد حاولت الوزارة أن‬
‫تغرس بذور الوطنية وحب البلد في ناشئة المستقبل عن طريق التوعية‬
‫باأليام واألعياد الوطنية والعالمية وترديد النشيد الوطني وحثها على التحلي‬
‫بالمواطنة الصالحة والمحافظة* على األصالة واالنفتاح على كل ماهو جديد‬
‫ونبذ العنف واإلرهاب والتطرف والتسلح بقيم العلم والعقل والمنطق‬
‫والتحليل البرهاني(االهتمام بشعبة الفلسفة)‪ *.‬وسعت الوزارة* إلى إشراك كل‬
‫الفاعلين سواء* من داخل الميدان التربوي أم من خارجه للمشاركة في تفعيل‬
‫المنظومة التربوية والمساهمة في تنشيط المؤسسات التعليمية واالنخراط*‬
‫في مناقشة كل مبادرات اإلصالح ومنتدياته( منتديات اإلصالح لسنة‪2004‬‬
‫حول واقع وآفاق إصالح النظام التربوي ‪ /‬ومنتديات ‪ 2005‬المخصصة‬
‫لمناقشة االرتقاء بالجودة التربوية واإلدارية‪ /‬منتديات اإلصالح لسنة‬
‫‪ 2006‬المخصصة لمناقشة موضوع الشراكة) قصد تشخيص العيوب‬
‫وإظهار مواطن النقص والضعف وتحديد مقترحات التطوير ورهانات‬
‫المستقبل من أجل مواكبة كل المستجدات العالمية‪ .‬ومن أهم ما تم ترجمته‬
‫ميدانيا محاربة الهدر المدرسي والحد من ظاهرة الغياب لدى التالميذ‬
‫واألساتذة ومراجعة الشواهد الطبية عن طريق الفحص* المضاد وسن سياسة‬
‫الدعم التربوي للتالميذ الضعاف وإرساء* فلسفة* االمتحانات التجريبية‬
‫والسيما في التعليم الثانوي التأهيلي وتنويع مستويات المراقبة المستمرة‬
‫وآليات التقويم و تحديث معاييره الدوسيمولوجية فضال عن ترشيد الموارد‬
‫البشرية في المجالين ‪ :‬الحضري* والقروي وتكييف الخريطة المدرسية مع‬
‫اإلمكانيات المادية والمالية المتاحة وإنشاء مجلس التدبير وإثراء مشاركة‬
‫آباء وأولياء التالميذ في مجالس المؤسسات* التعليمية واإلدارية واإلنصات‬
‫القتراحاتهم والعمل على تنفيذها دون أن ننسى سهر الوزارة على إنجاح‬
‫الحوار االجتماعي والنقابي الذي تفتحه كل مرة مع نقابات التعليم بكافة‬
‫مستوياته وشرائحه العاملة‪.‬‬
‫وال ننسى كذلك مابذلته وتبذله الوزارة* من أجل نشر التعليم اإلعالمي عن‬
‫طريق تزويد المؤسسات* التعليمية بالحواسيب واإلنترنت لالنفتاح على‬
‫تقنيات االتصال والتعليم عن بعد‪ .‬وقد شهدت قطاع التعليم على المستوى‬
‫المركزي* واألكاديمي والمحلي والمؤسساتي اهتماما فعليا بالبحوث التربوية‬
‫وتأطير رجال التربية واإلدارة واإلشراف* وتفعيل خاليا التوثيق والتسيير‬
‫والتدبير ‪ .‬وقد ساهمت الوزارة في نشر فكر حقوق* اإلنسان وفكرة التناوب‬
‫والديمقراطية* والعدالة االجتماعية وحرية التعبير واالحتكام إلى خطاب‬
‫الحوار والنقد الفعال‪.‬وكانت هذه المستجدات مبنية على مرتكزات سياسية‬
‫واقتصادية واجتماعية وفلسفية وتربوية ودينية وذلك من خالل التوفيق بين‬
‫األصالة والمعاصرة‪.‬‬
‫وهكذا نجد هناك نوعا من الوعي اإلصالحي عن طريق الخروج* من‬
‫التسلط* والتفرد بالقرارات والوصول إلى المناصب و المواقع السامية عن‬
‫طريق الوالءات الحزبية والسياسية و الرشوة والمحسوبية إلى سن‬
‫الديمقراطية والحوار* والشفافية في إجراء المقابالت والمباريات‬
‫واالمتحانات المهنية واإلدارية‪ .‬كما يالحظ أن هناك انتقاال من التدبير‬
‫الجزئي واالنفراد واالنزواء* والجمود والتدبير األحادي إلى التدبير الشمولي‬
‫المعقلن والتشاور الجماعي وتفعيل المجالس والتنسيق بينها والبحث‬
‫المستمر عن شراكات مساهمة وفاعلة‪.‬‬
‫وعلى الرغم من هذه المستجدات* اإلدارية والتربوية مازال الميثاق الوطني‬
‫للتربية والتكوين متعثرا بسبب ضعف اإلمكانيات المادية وانعدام‬
‫الديمقراطية الحقيقية وتحقيق جودة كمية على حساب جودة كيفية وإفراغ*‬
‫قطاع التربية الوطنية من مواردها البشرية وأطرها الكفأة بعد تطبيق‬
‫المغادرة الطوعية التي عبرت عن سياسة ترقيعية فاشلة قوامها تطبيق‬
‫مقترحات البنك الدولي بكل حرفية على غرار سياسة التقويم الهيكلي التي‬
‫طبقت في سنة ‪1985‬م قصد إضعاف المغرب وجعله من الشعوب* المتخلفة‬
‫المتقهقرة‪ .‬واألغرب من هذا كله انتشار األمية والهدر المدرسي وعدم‬
‫الرغبة في التعليم والسيما الجامعي منه بعد أن سدت أبواب التشغيل وتفكير‬
‫الشباب في الهجرة بحثا عن آفاق مستقبلية مريحة‪ .‬وتغلب الرداءة على‬
‫الفعل اإلداري والبيداغوجي بسبب انعدام الروح الوطنية والجدية في‬
‫التطبيق والترجمة الميدانية لمبادئ الميثاق الوطني وانتشار اليأس بين‬
‫الشغيلة التربوية التي تعاني من الضيم والظلم بسبب تماطل الوزارة* المعنية‬
‫وإجهازها على حقوقهم المشروعة والتأخير في دفع مرتباتهم الشهرية‬
‫والتعويضات الممنوحة والتسويف في االلتزام باالتفاقيات المبرمة بينها‬
‫وبين المؤسسات النقابية و استهتار تالميذ المؤسسات التعليمية بقيم العلم و‬
‫قوانين اإلدارة بسبب تمردهم عن كل ثوابت المجتمع التي تكرس التخلف‬
‫والبطالة والتسيب والفساد والفوضى‪ .‬ويالحظ االنفصال التام بين الفاعلين‬
‫التربويين واإلداريين و بينهم وبين المسؤولين المركزيين بسبب األنانية‬
‫وحب الذات وإقصاء اآلخرين والسيما المثقفين منهم وحاملي الشواهد العليا‬
‫( دكتوراه الدولة‪ -‬الدكتوراه الوطنية‪ ،)...DESA-‬إذ يالحظ قطيعة أفقية‬
‫وعمودية بسبب انعدام الشفافية والمسؤولية والديمقراطية ‪ .‬كما يالحظ‬
‫غياب الشركاء* الفعليين سواء* أكانوا اقتصاديين أم سياسيين أم مدنيين مما‬
‫جعل المؤسسات التربوية تعيش في عزلة تامة تجتر الركود والروتين‬
‫والتخلف المميت واليأس القاتل ناهيك عن الغياب التام لكل نشاط ثقافي‬
‫وفني ورياضي حتى أصبحت مؤسساتنا فضاءات جامدة قاتلة أشبه بصحار‬
‫قفراء* جدباء الحياة فيها ‪.‬‬
‫وخالصة القول‪ :‬البد من تضافر الجهود جميعها عن طريق إشراك كل‬
‫الفاعلين الغيورين على الوطن من تربويين وإداريين ومشرفين وأعضاء‬
‫المجتمع المدني قصد تحقيق نهضة تربوية وتعليمية حقيقية قوامها الجودة و‬
‫الحداثة والكفاءة* والتجديد المستمر اعتمادا على معايير متعارف عليها‬
‫عالميا مثل‪ :‬مقياس الجدة والمقبولية والمعيارية والموضوعية والمرونة‬
‫المتحركة والمصداقية والواقعية‪*.‬‬
‫‪ -5‬التقـــــويم التــربــوي‬

‫يعد التقويم من أهم عناصر المنظومة البيداغوجية‪ ،‬ومن المرتكزات‬


‫األساسية في العملية التعليمية‪ -‬التعلمية ؛ لما له من عالقة أساسية مع‬
‫األهداف والكفايات المسطرة* عالوة على كونه المعيار الحقيقي لتشخيص‬
‫مواطن القوة والضعف في نظامنا البيداغوجي وتجاربنا اإلصالحية في‬
‫مجال التربية والتعليم‪.‬إذا ‪ ،‬ماهي دالالت التقويم االصطالحية والمفهومية؟‬
‫وما مرتكزاته ومكوناته في النظام التعليمي المغربي ؟ وماهي اإلجراءات*‬
‫اإلدارية والتربوية لالمتحانات الموحدة؟ وكيف نستثمر نتائج التقويم‬
‫ونستفيد منها نظريا وعمليا وميدانيا؟ تلكم هي األسئلة التي سنتعرض لها‬
‫بالتحليل والمناقشة باختصار وجيز‪.‬‬
‫من المعلوم أن التقييم والتقويم وجهان لعملة واحدة‪ ،‬ولكن التقويم أعم من‬
‫التقييم والقياس‪ ،‬ألن التقويم هو الحكم على عمل أو شخص أو شيء أو‬
‫حدث أو مهمة منجزة بإصدار حكم قيمة‪ ،‬أي إن التقويم هو تثمين وتقييم‬
‫المنجز أو الشخص* المرصود بعد إخضاعه لطرائق ومعايير دوسيمولوجية‬
‫وقياسية( األسئلة‪ *،‬اختبارات‪ ،‬روائز‪ ،‬فروض‪ ،.‬امتحانات‪ .)...‬أما التقييم‬
‫فيحيل على القيمة أو التقدير سواء العددي منه أم المعنوي‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يكون‬
‫القياس أول خطوة يبدأ بها المقوم للحكم على المنجز مادام خاضعا للقياس‬
‫الكمي والكيفي‪.‬وإذا كان التقويم بمعنى التقدير العددي والمعنوي اعتمادا‬
‫على معايير قياسية محددة‪ ،‬فإنه كذلك سيرورة نسقية تهدف إلى تحديد مدى‬
‫تحقق األهداف والكفايات لدى المتعلم عبر العملية الديداكتيكية‪.‬‬
‫وللتقويم عدة وظائف أساسية‪ ،‬منها‪ :‬الوظيفة االجتماعية التي تتمثل في‬
‫معرفة مدى صالحية النظام التربوي لمسايرة التطور* االجتماعي ومدى‬
‫قدرة المدرسة على تغيير المجتمع أو التكيف معه ‪ ،‬ومدى قدرتها على‬
‫إعداد المتعلم اجتماعيا وتأهيله نظريا وتطبيقيا لخدمة المجتمع والسير به‬
‫نحو آفاق زاهرة‪.‬أما الوظيفة* البيداغوجية فتتجلى في تقويم العملية التعليمية‪-‬‬
‫التعلمية والتحقق* من تحقق األهداف المسطرة في شكل سلوكيات وكفايات‬
‫واختبار الطرائق البيداغوجية والوسائل الديداكتيكية واالستراتيجيات المتبعة‬
‫في إلقاء الدروس وتحليل السياقات االجتماعية والنفسية للمتعلمين لمعرفة‬
‫مواطن الخلل واالنحدار عن طريق المعالجة والفيدباك‪ .‬ويعني هذا أن‬
‫التقويم إجراء تشخيصي لمستوى المتعلمين واألساتذة معا‪ .‬كما أن الوظيفة‬
‫المؤسسية تتمثل في اإلحالة على سلطة المدرس التي يشهرها في وجه‬
‫التلميذ أو الخضوع للنظام المؤسسساتي التراتبي والطبقي‪.‬ويقول بلبل‬
‫‪ PELPEL‬في هذا الصدد‪":‬إن هدف الوظيفة االجتماعية هو في األخير‬
‫توزيع األفراد حسب أذواقهم وقدراتهم على مجاالت مختلفة من الحياة‬
‫االجتماعية والمهنية‪ ،‬بينما نجد العكس في التقييم البيداغوجي حيث إن‬
‫الهدف هو خلق مجموعة متجانسة‪ ،‬ألن المشروع* البيداغوجي للمدرس‬
‫اليمكن أن يهدف إال إلى إنجاح الجميع‪ ،‬أو على األقل األغلبية‪ .‬أما بالنسبة‬
‫للوظيفة* المؤسسية والتي تعتبر وسيطة بين الوظيفتين‪ :‬االجتماعية‬
‫والبيداغوجية فهدفها اليمكن أن يكون إال متناقضا‪ :‬إنه في نفس الوقت‬
‫االرتقاء والتصفية‪ .‬فقرار التصفية واالرتقاء متعلقان بنوع السنة الدراسية‪*:‬‬
‫في بعض األحيان تحدد مسبقا نسبة النجاح لمستوى معين‪ .‬كما أن لنفس‬
‫القرارين عالقة بالمؤسسات فبعضها أكثر تسامحا والبعض اآلخر أكثر‬
‫تشددا أي إنه أكثر تصفية" ‪.‬‬
‫وتكمن أهمية التقويم في كونه فعال طبيعيا وعقالنيا الختبار مناهج التعليم‬
‫والتأكد من األهداف التي تم تحقيقها والتي لم يتم تحقيقها عن طريق القياس‬
‫والدوسيمولوجيا ‪ .Docimologie‬كما أن التقويم واجب وطني من خالله‬
‫نتأكد من مدى نجاعة نظامنا التربوي الوطني و مدى قدرة المدرسة على‬
‫المواكبة وتأهيل المتعلمين للحاضر والمستقبل معا‪ .‬كما أنه واجب اجتماعي‬
‫لمعرفة الدور الذي يقوم به هذا النظام التربوي في تنمية المجتمع وتطويره‪،‬‬
‫فضال عن كونه أداة في عملية اإلصالح والتأطير والتكوين‪ .‬وبصفة عامة‪،‬‬
‫يساعد التقويم على تشخيص مواطن النقص والكمال لدى المدرسين‬
‫والمتعلمين واإلداريين والمشرفين والمسؤولين عن المنظومة التربوية‬
‫والتعليمية قصد اتخاذ القرارات* الصائبة من أجل اإلصالح وإيجاد الحلول‬
‫المناسبة لكل التعثرات ‪.‬‬
‫والتقويم أنواع ثالثة‪ :‬التقويم التمهيدي التشخيصي التنبؤي الذي يكون قبل‬
‫التعلم ويستهدف التوجيه واختيار الطرائق والوسائل والمضامين‬
‫البيداغوجية إلنجاح التكوين وعملية االكتساب واالستيعاب‪ ،‬والتقويم‬
‫التكويني الذي يتخلل العملية التعليمية‪-‬التعلمية بكل مراحلها ويستند إلى‬
‫التنظيم والتعرف على المساعدات الضرورية‪ *،‬والتقويم اإلجمالي أو النهائي‬
‫وهو تقويم يكون بعد مرحلة التعلم وينتهي بمنح نقطة أوشهادة أو دبلوم‪.‬‬
‫ويرتكز التقويم في نظامنا التعليمي المغربي على االمتحانات الموحدة‬
‫والمراقبة* المستمرة‪ .‬ويخضع هذا التقويم لعملية التدرج والتنويع في‬
‫مستوياته‪ ،‬إذ يبدأ من الفصل الدراسي* أو القسم(* امتحانات المستوى* األول‬
‫والثالث والرابع والخامس من السلك* االبتدائي والسابع والثامن من السلك*‬
‫اإلعدادي)‪ ،‬ليتخذ طابعا مؤسساتيا(امتحان موحد عند نهاية السنة الثانية‬
‫ابتدائي قصد االنتقال إلى السنة الثالثة‪ -‬امتحان موحد في النصف األول من‬
‫السنة الدراسية بالسنة السادسة ابتدائي‪ -‬امتحان موحد في النصف األول من‬
‫السنة الدراسية في السنة الثالثة إعدادي)‪ ،‬وإقليميا( شهادة الدروس‬
‫االبتدائية)‪ ،‬وجهويا( السنة األولى من البكالوريا‪ -‬شهادة الدروس اإلعدادية)‬
‫ووطنيا( السنة الثانية من البكالوريا)‪.‬‬
‫وينتهي كل سلك دراسي بمنح شهادة أو دبلوم‪ ،‬فهناك شهادة الدروس‬
‫االبتدائية إثر اجتياز السنة السادسة‪ *،‬وشهادة السلك* االعدادي بعد النجاح في‬
‫السنة الثالثة إعدادي‪ ،‬وشهادة البكالوريا بعد اجتياز السنة الثانية من سلك‬
‫البكالوريا‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وإن من أهم دعائم ومرتكزات التقويم نجد المراقبة المستمرة‪ ،‬وهي‬
‫تقويم للمتعلم وتتبعه في كل مراحل التعلم والتكوين التي تؤدي إلى نقطة‬
‫نهائية تتمظهر في طابعها العددي( النقطة) والكيفي ( التقدير القيمي)‪.‬‬
‫ويدخل في هذا التقييم‪ :‬نتائج الفروض الكتابية والشفوية‪ *،‬واألنشطة المنجزة‬
‫في القسم* أو األنشطة المنزلية‪ ،‬ومشاركة التلميذ داخل القسم‪ ،‬والروائز‬
‫القياسية‪ ،‬وكذا األحكام الذاتية لألستاذ‪ .‬وتساهم هذه المراقبة المستمرة في‬
‫مراقبة األستاذ لتلميذه وتتبع تعلماته وتقييم خبراته وتصحيح العمليات‬
‫الديديداكتيكية التي ينجزها داخل الفصل الدراسي مع المتعلمين‪.‬ولقد‬
‫أصدرت وزارة التربية الوطنية مجموعة من المذكرات المنظمة لهذه‬
‫العملية التقويمية والسيما المذكرة األم أو المذكرة العامة التي تأخذ رقم‬
‫‪ 152‬بتاريخ ‪ 19‬نوفمبر ‪ 2001‬وقد تبعتها مذكرات فرعية تفصل‬
‫المراقبة المستمرة في مختلف المواد المدروسة‪:‬‬
‫‪ 01/152‬التقويم التربوي في مادة اللغة العربية بالسلك اإلعدادي‪.‬‬
‫‪ 02/152‬التقويم التربوي في مادة التربية اإلسالمية بالسلك* اإلعدادي‪.‬‬
‫‪ 03/152‬التقويم التربوي في مادة االجتماعيات بالسلك اإلعدادي‪.‬‬
‫‪ 04/152‬التقويم التربوي في مادة اللغة الفرنسية بالسلك اإلعدادي‪.‬‬
‫‪....‬‬
‫وتوضح هذه المذكرات مبادئ وأهداف المراقبة المستمرة وتنظيمها‬
‫واإلجراءات* التنظيمية وحساب معدل المراقبة المستمرة وتتبعها‪ ،‬وكذا‬
‫مواصفات االمتحان الموحد على صعيد المؤسسة* وعلى الصعيد الجهوي‪*.‬‬
‫وينبغي أن تراعي المراقبة المستمرة مجموعة من المبادئ‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬االنتظام واالستمرارية‪ :‬تهدف إلى إجراء* وقفات تقييمية بعد فترة معينة‬
‫من التدريس والتحصيل لمعرفة مدى تحقق األهداف المسطرة في بداية‬
‫المنهاج‪.‬‬
‫‪ -2‬الشمولية‪ :‬أن تشمل جميع وحدات المقرر* وأن تتناول جميع مراقي‬
‫الصنافات المعرفية والوجدانية والحركية‪*.‬‬
‫‪ -3‬التنويع‪ :‬أن تكون المراقبة المستمرة متنوعة في أساليب التقويم وآليات‬
‫القياس واالختبار( امتحانات كتابية‪ -‬فروض منزلية‪ -‬أسئلة مقالية‪ -‬أسئلة‬
‫ذات أجوبة قصيرة)‪.‬‬
‫‪ -4‬التكوين‪ :‬تهدف هذه المراقبة التقويمية إلى تكوين المتعلم وتتبع تحصيله‬
‫الدراسي* ومدى استيعابه لخبرات المقرر‪*.‬‬
‫‪ -5‬تكافؤ الفرص‪ :‬وهنا البد أن توفر المراقبة المستمرة نفس الحظوظ*‬
‫للمتعلمين في استعمال نفس الروائز واالمتحانات والفروض‪*....‬‬
‫وإذا أردنا كيفية احتساب المعدل حسب الدبلومات عبر األسالك التعليمية‪،‬‬
‫فإن امتحان نيل شهادة الدروس االبتدائية للمترشحين الرسميين يتخذ ثالثة‬
‫مستويات‪:‬‬
‫أ‌‪ -‬المراقبة المستمرة بنسبة‪ (٪50‬جميع المواد الممتحن فيها لها معامل‬
‫واحد)‪.‬‬
‫ب‪-‬االمتحان الموحد على صعيد المؤسسة بنسبة‪ ( ٪25‬جميع المواد‬
‫الممتحن فيها لها معامل واحد وعددها خمس)‪.‬‬
‫ج‪ -‬االمتحان الموحد اإلقليمي‪ :‬بنسبة‪ ( ٪25‬اللغة العربية والتربية‬
‫اإلسالمية معاملهما معا‪ /3‬اللغة الفرنسية معاملها‪ /2‬الرياضيات معاملها‬
‫‪.)2‬‬
‫أما بالنسبة المتحان شهادة السلك اإلعدادي بالنسبة للمترشحين الرسميين‪،‬‬
‫فالمراقبة المستمرة بنسبة‪ (٪30‬حميع المواد لها معامل واحد)‪ ،‬واالمتحان‬
‫الموحد على صعيد المؤسسة* بنسبة ‪ (٪30‬المواد ذات معامل واحد)‬
‫واالمتحان الموحد على الصعيد الجهوي* بنسبة ‪ (٪40‬أربع مواد لها معامل‬
‫‪ 3‬كاللغة العربية والفرنسية والرياضيات والتربية اإلسالمية أما‬
‫االجتماعيات فمعاملها ‪.)1‬‬
‫أما شهادة البكالوريا األدبية فيأخذ االمتحان الجهوي في السنة األولى من‬
‫سلك البكالوريا نسبة ‪ ٪25‬إذ يمتحن التلميذ في أربع مواد( التربية‬
‫اإلسالمية معملها‪، 2‬واللغة الفرنسية معاملها‪ ،3‬والعلوم الطبيعية معاملها‪،1‬‬
‫والرياضيات معاملها‪ ،)1‬بينما تكون المراقبة* المستمرة في السنة الختامية‬
‫بنسبة ‪ ٪25‬في جميع المواد حسب معامالتها الرسمية ويكون االمتحان‬
‫الوطني الموحد بنسبة‪ ٪50‬في أربع مواد أساسية وهي‪ :‬اللغة العربية‬
‫والفلسفة* واإلنجليزية واالجتماعيات وكل مادة لها معامل‪.)3‬وما يقال عن‬
‫الشعبة األدبية‪ ،‬يقال كذلك عن شعبة العلوم التجريبية ولكن بمواد مختلفة‪،‬‬
‫ففي االمتحان الجهوي* يمتحن التلميذ في خمس مواد وهي‪ :‬اللغة العربية‬
‫والتربية اإلسالمية واالجتماعيات والترجمة بمعامل‪ 2‬لكل مادة والفرنسية‬
‫بمعامل‪ ،6‬وفي السنة الختامية يكون االمتحان الوطني في خمس مواد‬
‫كذلك‪ :‬الرياضيات والفيزياء والطبيعيات بمعامل‪ 7‬لكل مادة على حدة‬
‫والفلسفة* واإلنجليزية لكل منهما معامل‪.2‬‬
‫ويتبين لنا من كل هذا‪ ،‬أن االنتقال من قسم إلى آخر داخل سلك دراسي‬
‫معين يتم عبر المراقبة المستمرة وبعد مداولة مجلس القسم‪ ،‬ومن سلك إلى‬
‫آخر بواسطة* الدبلوم‪ .‬وقد تم تقليص االمتحانات بالنسبة للمتعلمين في آخر‬
‫سلك من األسالك التعليمية إلى أربع مواد أو خمس‪ .‬ويتخذ االمتحان كذلك‬
‫تدرجا هرميا فيكون على صعيد القسم و المؤسسة ثم اإلقليم وبعد ذلك على‬
‫المستوى* الوطني‪ .‬كما تتغير نسب المراقبة المستمرة من نهاية سلك إلى‬
‫آخر من ‪ ٪50‬بالنسبة لشهادة االبتدائي إلى ‪ ٪30‬لشهادة السلك* اإلعدادي‬
‫إلى ‪ ٪25‬لشهادة البكالوريا‪ .‬كما تعتبر نقطة الصفر موجبة للرسوب في‬
‫االمتحان الوطني الموحد وفي نيل الشهادة االبتدائية واإلعدادية‪.‬‬
‫ويمر التقويم من خالل ثالث مراحل أساسية‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬تحضير االختبار‪ :‬عن طريق تحديد هدفه ومضمونه واختيار نوع‬
‫األسئلة وصياغة الكواشف وجمعه‪.‬‬
‫‪ -2‬إجراء* االختبار‪ :‬عبر إجرائه وتصحيحه‪.‬‬
‫‪ -3‬استعمال االختبار‪ :‬وذلك بتفسير نتائجه وأخذ القرارات الالزمة‪*.‬‬
‫أما الجوانب* التنظيمية لالمتحانات الموحدة ( مايسمى بالتقويم الخارجي)‬
‫فتعهد إلى لجن مختصة إما وطنية وإما جهوية وإما إقليمية لتعد‬
‫الموضوعات الخاصة بكل امتحان ‪ .‬ويتم إعداد االمتحان انطالقا من‬
‫اقتراحات األساتذة مع احترام التعليمات الواردة* في المذكرة الوزارية‪.‬‬
‫وتجرى االمتحانات في المؤسسات* التعليمية ويسهر عليها أطر تربوية‬
‫وإدارية ومشرفون إلضفاء المصداقية على الشهادات والدبلومات ولتوفير‬
‫تكافؤ الفرص بين التالميذ‪.‬وثمة عمليات مصاحبة إلجراء* االختبارات داخل‬
‫مركز التقويم أو االمتحان كتهييء القاعات بالعدد الكافي‪ ،‬ووضع لوائح‬
‫المترشحين انطالقا من المحاضر الجماعية‪ ،‬وتوزيع المترشحين على‬
‫القاعات بالتنسيق مع األكاديمية‪،‬وضبط الغياب‪ ،‬وإعداد لوائح المراقبين‬
‫والقاعات المسندة إليهم( مراقبان في كل قاعة)‪ ،‬وإعداد أوراق* التحرير‬
‫والتسويد بالنسبة لجميع االمتحانات‪ ،‬وفتح األظرفة* الخاصة بالمواضيع أمام‬
‫مرأى التالميذ والمراقبين والمشرفين‪ ،‬والحرص* على احترام مواقيت‬
‫االمتحان‪ .‬وتتم المراقبة داخل القاعة من خالل التأكد من هوية التالميذ‬
‫وجردهم من وثائقهم وإعطائهم أوراق االمتحان والتسويد‪ ،‬والتأكد من توقيع‬
‫المترشحين بعد تسلم أوراق االمتحان‪ ،‬وضبط الغياب في أوراق* صفراء‬
‫مخصصة لذ‪1‬لك‪ ،‬وضبط حاالت الغش في محضر الغش‪،‬وإرجاع* األوراق‬
‫إلى إدارة المؤسسة‪ *،‬وبعد ذلك ترجع إلى اإلدارة اإلقليمية والجهوية‪*.‬‬
‫ويعتبر التصحيح إجراء تربويا فاعال في عملية التقويم والتقييم والقياس‪.‬‬
‫وقد يتم التصحيح من قبل األستاذ شفهيا أو كتابيا في مجموعة كبيرة أو‬
‫صغيرة‪ ،‬كما يتم من قبل المتعلم ذاتيا أو من قبل أقرانه‪ .‬ومن مواصفات‬
‫التصحيح‪ ،‬أن يكون واضحا ومنتظما متتبعا ألعمال التلميذ ومفردنا يحترم‬
‫شخصية التلميذ وإيجابيا يعترف بعمل التلميذ ومجهوده كيفما كان ناقصا‬
‫ومبررا وتربويا‪ .‬وتتم عملية التصحيح بعد أن توزع األكاديمية األظرفة‬
‫االمتحانية على مختلف المؤسسات لترجعها في أوقات محددة‪ .‬وتجري‬
‫عملية التصحيح داخل المؤسسة حيث يتم التأكد من عدد األوراق الموجودة‬
‫في الظرف* قبل وبعد عملية التصحيح‪ ،‬والتأكد من النقطة* النهائية‪ ،‬ويستلزم‬
‫كتابة النقطة أثناء الوقوع* في الخطأ أو السهو بالعدد والحروف* مع التوقيع ‪،‬‬
‫والحرص على تطابق النقطة على الورقة* مع النقطة المدونة في المحضر*‬
‫الجماعي‪ ،‬والمشاركة في عملية المداوالت‪ .‬وبعد ذلك تستثمر نتائج‬
‫االمتحانات الموحدة في اتخاذ القرارات الالزمة* على مستوى المؤسسة‬
‫والمستوى* اإلقليمي والمستوى* الجهوي والمستوى الوطني قصد تشخيص‬
‫مواطن الضعف والكمال وتحديد النواقص واإليجابيات وإبراز مواطن‬
‫الخلل والجودة وذلك لتحسين مردودية النظام التعليمي‪.‬‬

‫وخالصة القول‪ :‬يساعدنا التقويم على معرفة مستوى التالميذ وتحديد‬


‫مواطن القوة والضعف لديهم‪ ،‬كما يسعفنا في اختيار المناهج والبرامج‬
‫الصالحة* لتحسين المنظومة التربيوية والديداكتيكية‪ ،‬ويفيدنا في معرفة مدى‬
‫تحقق األهداف والكفايات المرجوة البلوغ إليها‪ ،‬ويعطينا صورة عن مدى‬
‫ما تحققه المدرسة من نتائج‪ ،‬ويساهم عددا وتقديرا في التوجيه واإلرشاد‬
‫المدرسي‪ .‬ولكن ما يالحظ عن التقويم في المغرب أنه تتحكم فيه الخريطة‬
‫المدرسية والجودة* الكمية التي تغفل جانبها الكيفي والكفائي‪ .‬كما أن هذا‬
‫التقويم يخضع لنسب ال تحدد مستوى التلميذ بشكل جيد وفعال؛ ألن التلميذ‬
‫قد ينجح إلى مستوى آخر ولو حصل على درجة الصفر الموجبة للرسوب‪-‬‬
‫وبالتالي‪ -‬فالتقويم الداخلي أو الخارجي ال يحدد بشكل جيد ما اكتسبه التلميذ‬
‫من خبرات وتعلمات وثقافة‪ ،‬مادام هذا التقويم يمتاز باالرتجالية والسرعة‬
‫وإثقال التالميذ بكثرة الفروض واألنشطة* الفصلية والمنزلية واالمتحانات‬
‫التقويمية إلى درجة اإلرهاق بدون فائدة تذكر وال نتائج مرجوة‪ .‬ويالحظ أن‬
‫التقويم الداخلي والخارجي* يقتل كفاءات البحث والتنشيط الثقافي والفني‬
‫والرياضي لدى المتعلمين الذين أصبحوا يلتجئون إلى الحفظ وحشو الذاكرة‬
‫والغش واالنسحاب من قاعات االمتحانات بسبب كثرة المواد وتضخم‬
‫المقررات بالدروس كمقررات* الشعبة العلمية التجريبية والشعبة األدبية‬
‫(يضم مقرر الفلسفة* في السنة الثانية من البكالوريا ‪ 27‬درسا طويال)‪ .‬كما‬
‫أن امتحان الفرنسية الجهوي* في السنة األولى من البكالوريا يحدد مصير‬
‫التالميذ في السنة الختامية مما يسبب مشاكل دراسية وتحصيلية وتقويمية‬
‫للمدرس والتلميذ معا‪ .‬فهل من معالجة جديدة وتقويم فعال آخر وإصالح‬
‫حقيقي لالمتحانات في نظامنا التربوي الحالي لتخطي فلسفة الكم نحو فلسفة*‬
‫الكيف والجودة* الكفائية الناجعة؟؟‼‬

‫الهوامش‪*:‬‬

‫‪P . PELPEL : se former pour enseigner, Bordas, Paris,-‬‬


‫‪; 1966, p : 105‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد الدريج‪ :‬تحليل العملية التعليمية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬ط‪ ،1988‬ص‪.87-86:‬‬
‫‪ -6‬المراقـــبة المستمـــــرة* في النظام التربوي المغربي‬

‫تعتبر المراقبة المستمرة من أهم مرتكزات التقويم في منظومتنا التربوية‬


‫المغربية إلى جانب االمتحانات الموحدة اإلقليمية والجهوية والوطنية‪.‬وتعد‬
‫كذلك أداة فعالة للحكم على نظامنا التعليمي وتشخيص مواطن ضعفه‬
‫وقوته‪ .‬ومن خالله نستطيع إعادة النظر في مقرراتنا ومناهجنا و تصحيح‬
‫العملية البيداغوجية والديداكتيكية التي يقوم بها المدرس أثناء تواصله مع‬
‫المتعلم عن طريق االلتجاء إلى الفيدباك‪.‬‬
‫ًإذا‪ ،‬ماهي المراقبة المستمرة في المنظور التربوي؟ وماهو دور المراقبة‬
‫المستمرة في النظام الحالي للتربية والتكوين؟ وما هي مهام اإلدارة التربوية‬
‫في عملية المراقبة؟ هذه هي األسئلة التي سوف نرصدها في موضوعنا‬
‫هذا‪.‬‬
‫لقد أولى الميثاق الوطني للتربية والتكوين للتقويم والمراقبة المستمرة ضمن‬
‫عشريته التي تبدأ مع الموسم الدراسي ‪2000/2001‬أهمية كبرى وخاصة‬
‫في الدعامة الخامسة(* التقويم واالمتحانات) ضمن المجال الثالث المعنون‬
‫ب" التنظيم البيداغوجي"‪ ،‬لما للتقويم من دور في إصالح النظام التربوي‬
‫وتطويره وإصالحه قصد السير بالمجتمع المغربي نحو آفاق مستقبلية‬
‫زاهرة‪ .‬فما هي المراقبة المستمرة لغة واصطالحا؟‬
‫تدل لفظة" المراقبة"* لغة على الحراسة والمحافظة والتحقق* من الشيء‬
‫والمالحظة والرصد والمراجعة والتدقيق واإلشراف* وحسن اإلدارة‬
‫والقيادة‪ .‬بينما كلمة " المستمرة" تدل على الدوام واالستمرار والثبات‬
‫واالطراد على الطريقة الواحدة‪.‬أما المراقبة المستمرة فتعني اصطالحا‬
‫قياس الخبرات المنجزة واختبار التعلمات المحققة* من قبل المتعلم عبر‬
‫معايير كمية عددية ( النقطة) وكيفية (التقدير المعنوي) قصد التأكد من‬
‫مدى تحقق األهداف والتوقعات والكفايات المسطرة‪ *،‬وذلك من أجل تعديل‬
‫وتصحيح سير أو فحوى العمليات المنجزة بصفة خاصة وتقويم النظام‬
‫التربوي بصفة عامة‪ .‬وبتعريف آخر‪ ،‬المراقبة المستمرة هي مجموعة من‬
‫اإلجراءات* واألنشطة والمعايير التي تستند إلى المالحظة* والوصف‬
‫والرصد والتحليل والتفسير والتأويل بطريقة مستمرة وبكيفية دائمة قصد‬
‫تصويب ما تم إنجازه من قبل المتعلم‪ ،‬والتأكد من مدى التزامه بتطبيق‬
‫التعليمات واألوامر* وتنفيذها بطريقة كلية أو جزئية‪ ،‬وتشخيص العثرات‬
‫والصعوبات التي تواجهه‪ ،‬وإيجاد الحلول المناسبة لمواطن النقص عن‬
‫طريق المراجعة* أو الدعم أو إعادة التكوين‪ .‬فالمراقبة المستمرة هي تقويم‬
‫للمدرس والمتعلم معا قصد إيجاد صيغة عالجية إلنجاح العملية التعليمية‪-‬‬
‫التعلمية وإصالح النظام التربوي‪.‬‬
‫ولم تظهر المراقبة المستمرة بهذا المفهوم االصطالحي‬
‫المركب(المراقبة‪+‬المستمرة)* إال في منتصف الثمانينيات وبالضبط مع‬
‫الموسم الدراسي ‪ 1986/1987‬مع المنشور الوزيري* رقم ‪ 112‬ب‬
‫‪ 28/06/1986‬الصادر في شأن التقويم والتنقيط والمعامالت بأقسام السنة‬
‫الرابعة اإلعدادية الذي حدد طريقة التقويم‪ ،‬وذلك عبر دورتين األولى‬
‫والثانية عن طريق المراقبة المستمرة‪ ،‬حيث يتم إجراء* تمارين نصف‬
‫شهرية في كل مادة ‪ ،‬تحدد نوعيتها حسب المعطيات التربوية لكل مادة‪...‬‬
‫وطالب المنشور الوزاري* رؤساء المؤسسات والمشرفين التربويين بمراقبة‬
‫هذه العمليات في مختلف أوجهها‪ .‬كما أشار المنشور إلى كيفية احتساب‬
‫المعدالت الدورية والسنوية مع تبيان عالقة المراقبة المستمرة باالمتحان‬
‫الموحد على صعيد المؤسسة* والنيابة وكيفية االنتقال من السلك اإلعدادي‬
‫إلى السلك* التأهيلي‪ .‬ثم أعقبتها المذكرة رقم ‪ 114‬الصادرة بتاريخ ‪20‬‬
‫صفر ‪ 1408‬الموافق* ل‪ 15‬أكتوبر ‪ 1987‬في موضوع المراقبة المستمرة‬
‫في التعليم الثانوي‪ ،‬وقد حددت تسع امتحانات دورية في سلك الباكالوريا‪ ،‬و‬
‫نصت على أهمية المراقبة المستمرة في تقويم التلميذ باعتبارها عملية تتبع‬
‫ورصد ألعماله بصفة منتظمة‪ .‬واليعني هذا أن هذا النمط االختباري لم‬
‫يكن موجودا من قبل‪ ،‬بل إن التقويم صاحب عملية التعلم منذ أن وجدت‬
‫ثنائية المدرس والتلميذ إال أن المراقبة المستمرة بهذه اإلجراءات السلوكية‬
‫والكفائية حديثة العهد في نظامنا التربوي المغربي الحديث‪.‬‬
‫ولقد تطور مفهوم المراقبة المستمرة في منظومتنا التربوية والتعليمية عبر‬
‫تطور اإلصالحات التي كانت تدعو إليها وزارة التربية الوطنية من خالل‬
‫عقد المنتديات اإلصالحية‪ ،‬وإصدار المذكرات والمنشورات الوزارية التي‬
‫كانت تصدر سنويا في شأن التقويم والمراقبة المستمرة إما بصفة عامة وإما‬
‫بخصوص كل مادة على حدة‪ ،‬وقد بينت بكل جالء أهداف المراقبة‬
‫المستمرة ومضامينها واإلجراءات والوسائل المستعملة وطرائق* التقييم‪،‬‬
‫وكيفية احتساب المعدالت والمعامالت المخصصة لكل مادة دراسية‪ ،‬إلى‬
‫أن صدر الميثاق الوطني للتربية والتكوين مع حلول الموسم الدراسي‬
‫‪ 2000/2001‬ليقدم تصورا جديدا للتقويم البيداغوجي والمراقبة* المستمرة‬
‫حسب الهيكلة الجديدة لألسالك* التعليمية‪.‬‬
‫ويتم تنظيم التقويم في السلك االبتدائي بانتقال األطفال من السنة األولى إلى‬
‫السنة الثانية من التعليم األولي بطريقة آلية‪ ،‬وبعد ذلك ينتقل إلى السلك‬
‫الثاني االبتدائي عبر تقويم طفيف ومرن‪ .‬و ينتقل التلميذ من السنة األولى‬
‫إلى السنة الثانية بواسطة* المراقبة المستمرة‪ .‬و لالنتقال إلى السنة الثالثة‪،‬‬
‫البد أن يجتاز المتعلم امتحانا إلزاميا وموحدا على صعيد المدرسة* يتوج‬
‫بشهادة تمكنه من االلتحاق بالسلك الموالي‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬ينقل التالميذ إلى‬
‫األقسام األخرى* بواسطة المراقبة المستمرة إلى أن يصل السنة السادسة من‬
‫التعليم األساسي‪ ،‬وهنا يخضع التلميذ للمراقبة المستمرة بنسبة ‪%50‬‬
‫وامتحان الموحد على صعيد المؤسسة بنسبة‪ %25‬واالمتحان اإلقليمي‬
‫بنسبة ‪ ،%25‬ويتوج هذا السلك* االبتدائي بشهادة الدروس االبتدائية‪ .‬وفي‬
‫السلك اإلعدادي‪ ،‬تتحكم المراقبة المستمرة في انتقال التلميذ من مستوى‬
‫دراسي إلى آخر‪ ،‬لكن في السنة النهائية يخضع التالميذ للمراقبة المستمرة‬
‫بنسبة ‪ %30‬واالمتحان الموحد على صعيد المؤسسة* بنسبة ‪%25‬‬
‫واالمتحان الجهوي* بنسبة ‪ .%25‬وبعدها يحصل التلميذ على شهادة السلك*‬
‫اإلعدادي‪.‬‬
‫وإذا انتقلنا إلى السلك التأهيلي‪ ،‬فالتالميذ يخضعون للمراقبة المستمرة في‬
‫مرحلة الجذوع* المشتركة‪ ،‬بيد أنهم في مرحلة الباكالوريا يخضعون‬
‫المتحان جهوي بنسبة ‪ %25‬في السنة األولى والمراقبة المستمرة بنسبة‬
‫‪ %25‬في السنة الختامية مع اجتياز االمتحان الوطني الذي يستوجب نسبة‬
‫‪ ،%50‬ويتوج هذا االمتحان بالحصول على شهادة البكالوريا للولوج إلى‬
‫المعاهد العليا والجامعات‪ .‬وهناك لجن تسهر على وضع االمتحانات‬
‫اإلقليمية والجهوية والوطنية وهي لجن إما إقليمية وإما جهوية وإما وطنية‬
‫والسيما الوكالة الوطنية للتقويم والتوجيه التي ينص عليها الميثاق في المادة‬
‫‪.103‬‬
‫ويالحظ في النظام الحالي لعملية التقويم ‪ ،‬أن التالميذ قد يمتحنون في معظم‬
‫المواد في إطار المراقبة* المستمرة؛ لكنهم في االمتحان على صعيد‬
‫المؤسسة واالمتحانات اإلقليمية والجهوية والوطنية يمتحنون في بعض‬
‫المواد دون أخرى‪ *،‬كما قد تتغير معامالت المواد من إطار المراقبة‬
‫المستمرة إلى إطار االمتحان الموحد كما هو الشأن بالنسبة للسنة الثالثة من‬
‫اإلعدادي( فمعامل اللغة العربية واللغة الفرنسية والرياضيات والتربية‬
‫اإلسالمية ‪ 1‬في إطار المراقبة المستمرة واالمتحان الموحد على صعيد‬
‫اإلعدادية لينتقل هذا المعامل الفردي* بعد ذلك إلى معامل ‪ 3‬في االمتحان‬
‫الجهوي)‪ *،‬ونفس األمر ينطبق على شهادة الدروس االبتدائية مع استثناء‬
‫شهادة البكالوريا التي احتفظت موادها على نفس معاملها سواء* في المراقبة‬
‫المستمرة أم في االمتحان الحهوي* أم الوطني‪.‬‬
‫وتعتبر نقطة الصفر موجبة للرسوب* في االمتحانات الموحدة الجهوية‬
‫والوطنية‪ ،‬عكس المراقبة المستمرة واالمتحان الموحد على صعيد المؤسسة*‬
‫اليعد فيها الصفر* موجبا للرسوب والتكرار‪.‬‬
‫ويمكن أن نقول بأن نظام التقويم في التعليم المغربي يتخذ بنية هرمية‬
‫تصاعدية على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬المراقبة المستمرة على مستوى الفصل الدراسي معيارا لالنتقال‪:‬‬
‫( السلك االبتدائي‪ :‬المستوى األول‪ -‬المستوى الثالث‪ -‬المستوى الرابع‪-‬‬
‫المستوى* الخامس‪ /‬السلك* اإلعدادي‪ :‬المستوى‪ *:‬السابع والثامن‪ /‬المستوى*‬
‫التأهيلي‪ :‬الجذع المشترك)؛‬
‫‪ -2‬االمتحان الموحد على صعيد المؤسسة‪ *(:‬السنة الثانية من السلك*‬
‫االبتدائي األول‪ ،‬والسنة السادسة في منتصف السنة الدراسية‪ *،‬والسنة الثالثة‬
‫اإلعدادية في منتصف السنة الدراسية)؛*‬
‫‪ -3‬االمتحان اإلقليمي‪ (:‬السنة السادسة في آخر السنة الدراسية)؛‬
‫‪ -4‬االمتحان الجهوي‪ ( :‬السنة الثالثة اإلعدادية في آخر السنة‪ -‬السنة األولى‬
‫من البكالوريا في آخر السنة)؛‬
‫‪ -5‬االمتحان الوطني‪ ( :‬السنة الثانية من شهادة البكالوريا)‪.‬‬
‫وإذا أردنا أن نوضح مراقي الشواهد الثالث فيمكن حصرها في مايلي‪:‬‬
‫أ‌‪ -‬الشهادة االبتدائية‪ :‬المراقبة المستمرة← االمتحان الموحد على صعيد‬
‫المؤسسة← االمتحان على الصعيد اإلقليمي‪.‬‬
‫ب‌‪ -‬شهادة اإلعدادي‪ :‬المراقبة المستمرة← االمتحان الموحد على صعيد‬
‫المؤسسة←االمتحان الجهوي‪*.‬‬
‫ت‌‪ -‬شهادة البكالوريا‪ :‬المراقبة المستمرة← االمتحان الجهوي← االمتحان‬
‫الوطني‪.‬‬
‫ويالحظ أن المرشحين األحرار* الذين يريدون الحصول على شهادة‬
‫البكالوريا البد أن يجتازوا االمتحان الجهوي‪ *،‬ليس في دروس السنة األولى‬
‫من البكالوريا كما هو شأن المرشحين الرسمين بل في دروس السنة‬
‫الختامية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يجتاز تلميذ الشعبة األدبية العصرية المواد التالية‪ :‬العلوم‬
‫الطبيعية و الفرنسية و الرياضيات و التربية اإلسالمية والشأن المحلي و‬
‫التربية البدنية‪،‬أما تلميذ الشعبة العلمية التجريبية فيجتاز المواد اآلتية‪ :‬اللغة‬
‫العربية و التربية اإلسالمية و الترجمة و الفرنسية واالجتماعيات و الشأن‬
‫المحلي والتربية البدنية‪ .‬أما في السنة الرابعة اإلعدادي‪ ،‬فالمرشحون‬
‫األحرار معفون من المراقبة المستمرة ومن االمتحان الكتابي الموحد على‬
‫صعيد المؤسسة‪*.‬‬
‫هذا ‪ ،‬ولقد ركزت المذكرات الوزارية على كيفية تنظيم المراقبة المستمرة‬
‫من خالل تحديد المواد أو المجزوءات* المرصودة بالتقويم ومعامالتها وعدد‬
‫الفروض* في الدورتين ومدة إنجاز الفرض وحساب معدل الدورة من خالل‬
‫الجمع بين الفروض* الكتابية واألنشطة األخرى‪.‬‬
‫ومما ينبغي اإلشارة إليه‪ ،‬هو تنصيص مذكرات المراقبة المستمرة على‬
‫ضرورة إرجاع أوراق التحرير المصححة* إلى التالميذ لتعرفهم بأخطائهم‪،‬‬
‫واطالع آباء وأولياء األمور بهذه األوراق من أجل إشراكهم* في عملية‬
‫التقويم والتتبع وتكوين فلذات أكبادهم‪.‬‬
‫وتقوم اإلدارة التربوية من رؤساء المؤسسات* والمشرفين ونواب الوزارة*‬
‫ومديري األكاديميات والنظار والحراس* العامين بدور هام يتمثل في‬
‫المراقبة والتتبع لسير الدراسة* في المؤسسات* التعليمية مع السهر* على‬
‫تطبيق مقتضيات مذكرات التقويم والمراقبة المستمرة من قبل المديرين‬
‫وخاصة مراقبة دفاتر النصوص للتأكد من اشتمالها على الفروض الالزمة‪*،‬‬
‫وكذا مراقبة أوراق* التنقيط المعبأة من لدن األساتذة‪ ،‬وإدراج موضوع‬
‫المراقبة المستمرة في جدول أعمال المجالس التعليمية‪ ،‬والتنسيق مع‬
‫األساتذة و اآلباء وأولياء األمور الذين لهم الحق* في تتبع عملية التقويم‬
‫والمراقبة* المستمرة‪ .‬كما ينبغي للحراس* العامين والمشرفين التربويين‬
‫استثمار نتائج المراقبة المستمرة وتحليلها وتفسيرها التخاذ قرارات لصالح‬
‫إصالح المنظومة التربوية‪ ،‬ودعم المتعلم والرفع من مستواه الدراسي‪.‬‬
‫ولقد ارتبطت المراقبة المستمرة في تطوراتها البيداغوجية بعدة منظورات‬
‫تربوية وإصالحية حسب تطور المجتمع المغربي وتطور المجتمعات‬
‫الدولية منها‪ :‬نظريات التربية الحديثة‪ ،‬ونظرية جون ديوي البرجماتية‪،‬‬
‫ونظرية األهداف التربوية‪ ،‬و نظرية الكفايات والمجزوءات‪ *،‬ونظرية‬
‫الجودة التربوية‪ ،‬و نظرية مشروع المؤسسة‪ *،‬ونظرية التعاون المدرسي‪*،‬‬
‫ونظرية الحياة المدرسية‪ ،‬و نظرية الشراكة التربوية‪ ،‬وقد تظهر في‬
‫المستقبل نظريات وتصورات بيداغوجية أخرى قد تؤثر على تطور مفهوم‬
‫المراقبة المستمرة بصفة خاصة والتقويم بصفة عامة ‪.‬‬

‫وخالصة القول‪ :‬إن المراقبة المستمرة بكل أنماطها التقويمية أداة فعالة في‬
‫إصالح المنظومة التربوية والتعليمية بكل جدية وفعالية وخاصة إذا‬
‫استثمرنا نتائجها ومعطياتها المعيارية والتقديرية‪ .‬كما أنها إجراء أساسي‬
‫وحيوي في تقويم العملية التعليمية – التعلمية ومناهج التعليم وبرامجه‬
‫وسبر النظريات التربوية وتقويمها إيجابا وسلبا قصد توجيه دفة اإلصالح‬
‫نحو آفاق أفضل لصالح المدرس والمتعلم والمجتمع ‪.‬‬
‫‪ -7‬الشراكة* التربــــويـــة في نظامنا التعليمي المغربي‬

‫تعد المشاركة التربوية من أهم مستجدات التربية الحديثة التي تبناها النظام‬
‫التربوي المغربي ضمن عشرية الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬ومن أهم‬
‫دعائم انفتاح المؤسسة التعليمية على محيطها السوسيو‪-‬اقتصادي‪ ،‬و‬
‫انفتاحها على التجارب التربوية األخرى لدى اآلخر األجنبي قصد الرفع من‬
‫مستوى التالميذ ودعم قدراتهم التحصيلية وتقوية جانب التواصل والتفاعل‬
‫الثقافي لديهم ‪ ،‬وخلق فضاء تربوي تنشيطي أساسه الحياة المدرسية السعيدة‬
‫التي تساهم فيه كل األطراف الفاعلة من داخل المؤسسة أو من خارجها‪.‬‬
‫إذاً‪ ،‬ماهي الشراكة التربوية؟ وماهو سياقها التاريخي والتربوي في الغرب‬
‫والمغرب؟ وماهي العوامل التي أفرزت* مفهوم الشراكة؟ وماهي مواصفات‬
‫هذه الشراكة* التربوية وأنواعها؟ وماهي السلبيات التي تسم هذه الشراكة‬
‫التربوية؟ وماهي أهم االقتراحات التي يمكن أن ترفع من نجاعة هذه‬
‫الشراكة تربويا؟‬
‫تدل الشراكة‪PARTENARIAT‬سواء في اللغة العربية أم الفرنسية* على‬
‫التعاون والتشارك والتفاعل التواصلي والمقاسمة والمساعدة وتبادل‬
‫المصالح والمنافع المادية والمعنوية و على تآزر الشركاء من اثنين فأكثر‪.‬‬
‫وقد تحيل الشراكة* على الشركة والمقاولة واالتحاد والرابطة العضوية التي‬
‫ينشئها مساهمون مشتركون‪.‬أما في االصطالح التربوي‪ ،‬فالشراكة* عبارة‬
‫عن تعاون مشترك بين أطراف* تربوية وأطراف أخرى سواء أكانوا من‬
‫داخل المؤسسة* أم من محيطها الخارجي أم من جهات أجنبية تجمعهم‬
‫مشاريع تربوية مشتركة‪ ،‬الغرض منها تحقيق منافع معنوية ومصالح مادية‬
‫‪ ،‬أو خلق تعايش سلمي بين المتشاركين وتحقيق التواصل اللغوي* والثقافي‬
‫والحضاري بين هذه األطراف ‪ ،‬أو التشارك من أجل إيجاد الحلول المناسبة‬
‫لمجموعة من الوضعيات والعوائق والمشاكل التي تواجهها‪ .‬ويعرفها كل‬
‫من سيروتنيك ‪ SIROTNIK‬وﮔودالد ‪ GOODLAD‬بأنها‪ ":‬اتفاق تعاون‬
‫متبادل بين شركاء متكافئين ومتساوين‪ ،‬لتحقيق أغراضهم الخاصة‪ ،‬وفي‬
‫نفس الوقت* ‪،‬تقديم حلول للمشاكل المشتركة"‪ .‬ويرى محمد الدريج أن‬
‫الشراكة تفترض‪ ":‬بين المؤسسات إحصاء ومالحظة* المشاكل المشتركة‬
‫وتشخيص أهمية النشاط المشترك وتحديد مهام محددة في الزمان وتوزيع‬
‫المسؤولية وتخطيط مجاالت التدخل بالنسبة لكل طرف وكذا أساليب ضبط‬
‫اإلنجازات وتقويم النتائج حسب المعايير المتفق عليها والمقبولة* من كل‬
‫األطراف"‪*.‬‬
‫وتذهب وزارة التربية الوطنية في مذكرتها رقم ‪ 27‬بتاريخ ‪ 24‬فبراير‬
‫‪ 1995‬إلى أن الشراكة ‪ ":‬عموما تقتضي التعاون بين األطراف المعنية‬
‫وممارسة أنشطة مشتركة وتبادل المساعدات‪ ،‬واالنفتاح على اآلخر مع‬
‫احترام خصوصياته‪ .‬أما في الميدان التربوي‪ ،‬فإن الشراكة التي تندرج‬
‫ضمن دينامية مشاريع المؤسسات تتطلب مجموع الفاعلين التربويين من‬
‫مفتشين وإدارة تربوية وأساتذة ‪ ،‬وتالميذ وآباء‪ ،‬وغيرهم‪. "...‬‬
‫ويالحظ أن مفهوم الشراكة مفهوم اقتصادي على غرار مفاهيم أخرى‬
‫كالجودة والكفايات ومشروع المؤسسة التي دخلت حقل التربية‪ ،‬كما دخل‬
‫هذا المفهوم حقوال معرفية وفكرية أخرى كالحقل السياسي والحقل القانوني‬
‫والحقل* االجتماعي والحقل العسكري‪*...‬‬
‫ولقد ظهر مفهوم الشراكة* التربوية في الغرب منذ أواسط* الثمانينيات ضمن‬
‫السياق األنجلوسكسوني في مدارس الواليات المتحدة األمريكية وكندا ‪،‬‬
‫وانتقل بعد ذلك إلى العديد من الدول األوربية والسيما إسبانيا وفرنسا‪ .‬وإذا‬
‫كان مصطلح ‪ Partenaires‬قديم نسبيا حسب ‪ ،Elisabeth Bautier‬فإن‬
‫مصطلح الشراكة حديث في قاموس اللغة الفرنسية‪ ،‬واستعمل ألول مرة في‬
‫اليابان في الثمانينيات في مجال المقاوالت قبل أن ينتقل إلى بعض الدول‬
‫األمريكية ومنها إلى أوربا‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد أصبحنا نتحدث عن عدة شراكات‪ :‬شراكة* اقتصادية وشراكة*‬
‫اجتماعية وشراكة تجارية وشراكة* سياسية وشراكة تربوية وشراكة*‬
‫عسكرية وشراكة* نقابية وشراكات‪ :‬ثقافية وفنية ورياضية‪...‬‬
‫ومن بين العوامل التي أفرزت مفهوم الشراكة* العالقات الالمتكافئة بين بين‬
‫الشمال والجنوب‪ ،‬والمنافسة في مجال االقتصاد والتسليح وتأهيل المقاولة‬
‫فضال عن التطور الصناعي والتقني واإلعالمي الذي يفرض على الدول‬
‫المعاصرة أن تدخل في شراكات اقتصادية وسياسية ( السوق* األوربية‬
‫المشتركة‪ -‬السوق العربية المشتركة‪ -‬المجلس التعاوني الخليجي‪ -‬السوق*‬
‫المشتركة لدول أمريكا الالتينية‪ .)....‬كما ساهمت الصراعات اإليديولوجية‬
‫التي أفرزتها الثنائية القطبية( الواليات المتحدة األمريكية ذات الطابع‬
‫الرأسمالي واالتحاد السوفياتي بطابعه االشتراكي) في خلق تكتالت‬
‫وشراكات مختلفة ( الكوميكون‪ /‬السوق األوربية المشتركة)‪ .‬وبعد انهيار‬
‫االتحاد السوفياتي‪ ،‬تغيرت كثير من المفاهيم وأصبح الحديث ممكنا عن‬
‫تعايش الطبقات كما يقول رايمون آرون‪ ،‬وطرح مفهوم اآلخر ضمن ثنائية‬
‫التواصل والشراكة من أجل إقامة عالم مبني على الحوار والتفاهم والتعاون‬
‫وحب السالم بدال من عالم أساسه* الصراع الجدلي كما عند هيجل أو‬
‫الصراع* الطبقي كما عند ماركس أو الصراع* التاريخي كما عند فوكوياما‬
‫أو صدام الحضارات* كما عند صموئيل هانتنغتون‪ .‬وتجاوزا لهذه‬
‫الصراعات اإليديولوجية‪ ،‬انتقل العالم إلى الدخول في عولمة الشراكات‬
‫وتأهيل االقتصاد وخلق مجتمع الكفاءات والسيما في مجال تكنولوجيا‬
‫االتصال الرقمي واإلعالمي‪.‬كما ساهمت الديمقراطيات االجتماعية في سن‬
‫سياسة الالتمركز وتفعيل التوجه الفيدرالي وتطبيق السياسة الجهوية و خلق‬
‫األقطاب المحلية عن طريق نشر وتدعيم الفكر التشاركي التعاوني الذي‬
‫تساهم فيه جميع الفعاليات المدنية والسياسية والعسكرية‪ .‬ويمكن القول بأن‬
‫عصرنا عصر الشراكة* وخلق المشاريع وفرص االستثمار وتبادل المعرفة‬
‫والتكنولوجيا عن طريق التعاون الثنائي بين الدول أو عن طريق إبرام‬
‫عالقات اندماجية تشاركية داخل أقطاب متنوعة المجاالت أو مجموعات‬
‫دولية أو شركات متعددة الجنسيات‪ ،‬حتى إن الدولة الوطنية المنعزلة لم تعد‬
‫قادرة على المواجهة* والمنافسة أو الصمود أمام تكتل الدول في شراكات‬
‫اقتصادية أو سياسية أوعسكرية حيث تعطيها هذه الشراكة* قوة فرض‬
‫قرارها السياسي كما هو شأن السوق* األوربية المشتركة وحلف الناتو‪.‬‬
‫وأمام نجاح فكرة الشراكة في شتى المجاالت الحياتية واالقتصادية ‪ ،‬لم يكن‬
‫أمام حقل التربية إال أن يستفيد كباقي الحقول* من مفهوم الشراكة وأن‬
‫يعممها في أدبياته البيداغوجية وأن يصبح حال لكثير من المشاكل المادية‬
‫والمعنوية والثقافية والحضارية لكثير من المؤسسات التعليمية والسيما في‬
‫العالم الثالث‪.‬‬
‫وإذا عدنا إلى المغرب‪ ،‬فإن مفهوم الشراكة* التربوية لم يطرح إال في بداية‬
‫التسعينيات إثر مجموعة من الندوات واللقاءات* والتظاهرات‪ ،‬لتقوم وزارة‬
‫التربية الوطنية بعد ذلك بصياغة قراراتها عن الشراكة التربوية وترجمتها‬
‫نظريا وتطبيقيا في مذكرتين أساسيتين مقترنة إياه بمشروع المؤسسة تحت‬
‫عنوان‪ ":‬التجديد التربوي بالمؤسسات التعليمية" أو " دعم التجديد التربوي‬
‫بالمؤسسات التعليمية"‪:‬‬
‫‪ -1‬مذكرة رقم ‪ 73‬بتاريخ ‪ 12‬أبريل ‪ ( ،1994‬خاص بمشروع‬
‫المؤسسة)؛‬
‫‪ -2‬مذكرة رقم‪ 27‬بتاريخ ‪ 24‬فبراير ‪ (،1995‬خاص بالشراكة* التربوية)‪.‬‬
‫وقبل ذلك أبان جاك شيراك الرئيس الفرنسي في خطابه أثناء زيارته‬
‫للمغرب عن استعداد فرنسا في الدخول في شراكة بيداغوجية مع المغرب‬
‫لتعزيز المكاسب اللغوية عن طريق تبادل الزيارات وتفعيل التواصل‬
‫الثقافي واللغوي في إطار التصور الفرانكفوني ‪ ":‬شراكة بيداغوجية حقيقية‬
‫بين المؤسسات* التعليمية المغربية ومثيالتها التابعة للبعثة الثقافية الفرنسية‪.‬‬
‫والعمل على تطوير‪ ،‬في الوقت ذاته‪ ،‬قنوات دولية في نظام التعليم‬
‫بالمغرب"‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن المذكرة الوزارية* التي تتحدث عن الشراكة* ترى أن مشروع‬
‫المؤسسة هو جوهر هذا المفهوم ومجاله المحوري الذي ال ينبغي أن تخرج‬
‫عنه أية شراكة مهما كانت صيغتها‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يتداخل مفهوم مشروع‬
‫المؤسسة مع مشروع الشراكة‪ .‬تقول المذكرة الوزارية رقم ‪ ":27‬عبرت‬
‫بعض المؤسسات* عن رغبتها في ربط عالقة شراكة تربوية مع مؤسسات‬
‫تابعة للقطاع* الخاص أو شبه العمومي أو مع الجماعات المحلية‪ ،‬أو مع‬
‫مؤسسات تابعة للمصالح الثقافية األجنبية‪.‬‬
‫ولقد تبين من خالل دراسة المشاريع التي توصلت بها مصالح الوزارة* أن‬
‫االقتراحات المقدمة‪ -‬على أهميتها‪ ،‬وبالرغم من المجهود الذي بذل في‬
‫إنجازها‪ -‬ال تستجيب بما فيه الكفاية لمواصفات مشروع المؤسسة"‪*.‬‬
‫وقد حدد محمد الدريج عدة شراكات حسب معايير ثالثة‪:‬‬
‫أ‌‪ -‬من حيث المجال‪ :‬شراكة ثقافية‪ -‬شراكة اقتصادية‪ -‬شراكة اجتماعية‪-‬‬
‫شراكة دولية‪.‬‬
‫ب‌‪ -‬من حيث نوع الشركاء‪ *:‬شراكة داخلية‪ -‬شراكة خارجية‪.‬‬
‫ت‌‪ -‬من حيث أسلوب* العمل داخل الشراكة‪ *:‬شراكة اإلنجاز‪ -‬شراكة‬
‫التطوير‪ -‬شراكة التعايش التكافلي‪.‬‬
‫ويمكن في اعتقادي الحديث عن عدة أنواع من الشراكات التي يمكن أن‬
‫تعقدها مؤسسة* تعليمية مع مؤسسة تعليمية أخرى* أو أطراف فاعلة أخرى‬
‫على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬شراكة داخلية‪ :‬يساهم فيها الفاعلون الداخليون الذين ينتمون إلى‬
‫المؤسسة كالتالميذ ورجال اإلدارة واألساتذة واآلباء وأولياء األمور عن‬
‫طريق اقتراح مشاريع تربوية أو مشاريع اجتماعية واقتصادية وبيئية‬
‫وثقافية وفنية ورياضية تهم المؤسسة التعليمية أو مؤسستين فأكثر كمشروع‬
‫دعم التالميذ معرفيا ومنهجيا‪ ،‬والتكوين اإلعالمي لفائدة األساتذة والتالميذ‬
‫ورجال اإلدارة ‪ ،‬وتدريس اللغات األجنبية ‪.‬‬
‫‪ -2‬شراكة المؤسسة مع محيطها الخارجي‪ :‬وهنا نستحضر انفتاح المؤسسة*‬
‫على محيطها السوسيواقتصادي وخلق شراكات مع الجماعات المحلية‬
‫والجمعيات والقطاع الخاص أو القطاع شبه العمومي و المقاوالت ومدارس‬
‫التكوين والمعاهد والجامعات و المحسنين والنخبة المثقفة‪ ...‬من أجل خدمة‬
‫المؤسسة وإنعاشها تربويا وتنميتها ثقافيا وفنيا‪.‬‬
‫‪ -3‬شراكة خارجية‪ :‬تقوم المؤسسات* التعليمية المغربية بتبادل الزيارات‬
‫والخبرات* والتجارب مع مؤسسات تعليمية أجنبية أو عربية عن طريق‬
‫خلق شراكات تربوية في إطار التبادل الثقافي والحضاري* والتواصل‬
‫اللغوي‪*.‬‬
‫ومن مواصفات الشراكة* التربوية حسب المذكرة الوزارية* أن يكون هناك‬
‫تعاون بين المؤسسات المعنية واستعمال لإلمكانيات الذاتية المتوفرة في كل‬
‫مؤسسة* إلنجاز المشروع‪ *.‬وأن تحترم كل مؤسسة لخصوصيات المؤسسات‬
‫التي تربطها بها عالقة شراكة‪ ،‬وأن تنفتح كل مؤسسة على األخرى* في‬
‫إطار االنفتاح على المحيط الخارجي‪ .‬وأن ترتكز هذه الشراكة* على‬
‫مشروع تربوي دينامي وحيوي عملي وواقعي يعمل على تحقيق أهداف‬
‫تنسجم مع األولويات التربوية للمؤسسة عن طريق إشراك جميع الفاعلين‬
‫الذين أبدوا استعداداتهم لخدمة المشروع من مرحلة االنطالق إلى نهاية‬
‫التنفيذ والتقويم‪ .‬أما إذا كانت الشراكة* مع مؤسسات أجنبية فالبد من تحقيق‬
‫تبادل التجارب التربوية‪ ،‬وتحسين تعلم اللغات وتنمية أنشطة التواصل بها‪،‬‬
‫وأن يفسح المجال النفتاح المؤسسات على بعد آخر يتمثل في تفاعل‬
‫الثقافات‪ .‬وعند تنفيذ المشاريع البد للمؤسسات التي تدخل في شراكة تربوية‬
‫من االعتماد على مواردها وإمكاناتها المالية والبشرية‪ *،‬و يمكن لها أن‬
‫تستفيد من بعض اإلمكانات اإلضافية عند االقتضاء لدعم المشاريع التربوية‬
‫مثل تعديل أوقات العمل بالنسبة لبعض األطر وتوفير تجهيزات خاصة أو‬
‫وسائل عمل مناسبة للمشروع* وتكوين مستمر لفائدة الفرق التربوية‬
‫المشاركة‪*.‬‬
‫وإليكم نموذجا تقنيا وجذاذة إرشادية لخلق شراكة* تربوية بين المؤسسات‬
‫التعليمية على ضوء تعليمات المذكرتين الوزاريتين‪ 73‬و‪:27‬‬
‫مشــروع* شراكـــة تربـــوية‬

‫‪ -1‬تأطير المؤسسة‪*:‬‬

‫المملكة المغربية المؤسسة‪*.....................‬‬


‫وزارة* التربية الوطنية رمزها‪.......................‬‬
‫جهة‪ ...........‬الهاتف‪*......................‬‬
‫نيابة‪ .........‬البريد اإللكتروني‪.........‬‬
‫مقاطعة التفتيش‪ *........‬البراق‪*.....................‬‬

‫‪ - 2‬تحديد المشروع‬

‫عنوان مشروع الشراكة* التربوية موضوع مشروع الشراكة* أهداف مشروع‬


‫الشراكة نوع الشراكة‬
‫‪........................ .......................‬‬
‫‪........................‬‬
‫‪-1 .......................‬أهداف عامة‬
‫‪-2‬أهداف نوعية‬
‫‪-3‬أهداف إجرائية ‪-1‬شراكة داخلية‬
‫‪ -2‬شراكة المؤسسة مع محيطها‪.‬‬
‫‪ -3‬شراكة خارجية‬

‫‪ -3‬وضعية المؤسسة‪*:‬‬

‫طبيعة المؤسسة* موقع المؤسسة اإلمكانيات المادية اإلمكانيات البشرية‬


‫اإلمكانيات المالية وضعية المؤسسة*‬
‫عمومية‪ -‬خصوصية‪ *............-‬البادية‪ -‬المدينة‪ -‬بدوية‪-‬حضرية‪ -‬عدد‬
‫الحجرات‪ -‬المرافق‪ -‬المختبرات‪ -‬المالعب‪ .....‬عدد التالميذ‪ :‬ذكورا وإناثا‪-‬‬
‫عدد األساتذة‪ :‬ذكورا وإناثا‪ -‬رجال اإلدارة‪-‬األعوان‪ -‬المساعدون ما تتوفر‬
‫عليه المؤسسة من موارد مالية إلنجاح مشروع الشراكة‪ .‬فقيرة‪ -‬غنية‪ -‬حالة‬
‫متوسطة‪-‬‬

‫‪ -4‬مرتكزات مشروع الشراكة‪*:‬‬

‫اإلمكانيات الفاعلون أمكنة اإلنجاز المراحل* الزمنية تكلفة المشروع‬


‫الصعوبات‬
‫‪-1‬المادية‬
‫‪ -2‬المالية‬
‫‪ -3‬البشرية‬
‫‪ -4‬التقنية‬
‫الفاعلون الداخليون‪ -‬الشركاء الخارجيون‪ .‬تحديد أمكنة إنجاز المشروع‬
‫بدقة‪ .‬تحديد مراحل إنجاز المشروع‪ *.‬تحديد تكلفة المشروع بدقة مضبوطة‪.‬‬
‫‪ -‬صعوبات مادية‬
‫‪ -‬صعوبات مالية‬
‫‪ -‬صعوبات بشرية‬
‫‪ -‬صعوبات قانونية وتنظيمية‬
‫‪ -‬صعوبات تقنية‪...‬‬

‫‪ -5‬إنجاز مشروع الشراكة‪*:‬‬


‫مراحل مشروع الشراكة المنجزون والمساهمون الوسائل واألساليب‬
‫واإلمكانيات الصعوبات مكان اإلنجاز وإيقاعه الزمني التقييم والتتبع‬
‫والمراقبة*‬
‫المرحلة*‬
‫األولى ‪... ................. ................. ................. .................‬‬
‫‪*..........‬‬
‫المرحلة* الثانية ‪*............... *................. *............... ................‬‬
‫‪............‬‬
‫المرحلة*‬
‫الثالثة ‪.......... ............... *................ *............... ................‬‬
‫‪..‬‬

‫‪ -6‬تقييم مشروع الشراكة‪:‬‬

‫مراحل التقويم نسبة النجاح نسبة الفشل األسباب الحلول والمقترحات‬


‫التقويم القبلي ‪..................‬‬
‫‪.................. .................‬‬
‫‪.................. .................‬‬
‫‪.................. .................‬‬
‫‪*................‬‬
‫التقويم المرحلي ‪...................‬‬
‫‪.................. ..................‬‬
‫‪*.................. *....................‬‬
‫‪..................... *....................‬‬
‫‪...................‬‬
‫التقويم السنوي ‪*....................‬‬
‫‪...................... *....................‬‬
‫‪................... *.....................‬‬
‫‪.................... *.....................‬‬
‫‪........................‬‬
‫التقويم النهائي ‪....................‬‬
‫‪..................... ...................‬‬
‫‪..................... *....................‬‬
‫‪*....................... *....................‬‬
‫‪*......................‬‬
‫وعليه‪ ،‬فبعد االنتهاء من صياغة ورقة مشروع الشراكة* التربوية ‪ ،‬ينبغي‬
‫تقديمه قبل نهاية مارس من كل سنة دراسية‪ ،‬عن طريق النيابة إلى اللجنة‬
‫الجهوية على مستوى األكاديمية التي تبعث به إلى الوزارة* (خلية مشاريع‬
‫المؤسسات)‪ ،‬شارع ابن سينا رقم ‪ 3‬الرباط بعد دراسته‪ ،‬ويمكن للجنة‬
‫الجهوية استدعاء ممثلين عن المؤسسات المعنية لتقديم مشاريعها والدفاع‬
‫عنها‪ .‬وتقوم خلية مشاريع المؤسسات‪ ،‬خالل شهر أبريل وماي‪ ،‬بدراسة‬
‫المشاريع المقدمة واتخاذ القرارات المناسبة في شأنها‪ .‬ويتم االختيار النهائي‬
‫للمشاريع خالل شهر يونيو‪ .‬ويتم تتبع تنفيذ المشروع على المستوى* المحلي‬
‫والجهوي بواسطة لجان مختلطة‪ ،‬وعلى المستوى الوطني بواسطة خلية‬
‫مشاريع المؤسسات‪ *،‬كما سيتم تقديم الدعم اإلداري والتربوي* والمادي‬
‫للفرق* المكلفة بإنجاز المشروع* عند الضرورة‪*.‬‬
‫وما يالحظ على مشروع الشراكة* التربوية أنها ناجحة على مستوى المعاهد‬
‫العليا والجامعات‪ ،‬ولكنها ماتزال ضعيفة على المستوى المدارس االبتدائية‬
‫واإلعدادية والثانوية‪ .‬كما أن أغلب هذه الشراكات من نوع الشراكات‬
‫الداخلية* أو شراكات المحيط السوسيواقتصادي‪ ،‬وال تتعداها إلى شراكات‬
‫خارجية مع مؤسسات أجنبية أوربية وعربية ألسباب إدارية وتنظيمية‬
‫وقانونية ومادية ومالية‪ .‬وينبغي على الوزارة أن تقوم بتوسيع الشراكة*‬
‫لتتجاوز ماهو تربوي إلى شراكات اجتماعية واقتصادية وتجارية وثقافية‬
‫وفنية‪ ،‬التقتصر فقط على إسعاد التلميذ ‪ ،‬بل كذلك إسعاد رجال التربية‬
‫واإلشراف ورجال اإلدارة واألعوان‪...‬ناهيك عن كون الميثاق الوطني لم‬
‫يشر في مجاالته ودعاماته األساسية إلى الشراكة أو مشروع المؤسسة‬
‫بالتفصيل والتوضيح‪ ،‬بل أشار إلى شراكة تربوية بين التعليم الحكومي‬
‫والقطاع* التربوي الخاص‪ ،‬وشراكة* بين الدولة والجماعات المحلية لتمويل‬
‫قطاع التعليم ‪،‬و شراكة المعاهد التقنية مع المقاوالت الصناعية والمالية‪.‬‬
‫وعلى الرغم من كثرة المنتديات واللقاءات* التربوية حول الشراكة* التربوية‬
‫فإنها تبقى نتائجها حبرا على ورق‪ ،‬أي شعارات جوفاء بدون تطبيق ‪،‬‬
‫ومشاركة نظرية بدون ثمار ميدانية كما رأينا ذلك مع عدة مفاهيم تربوية‬
‫كالكفايات واألهداف والجودة ومشروع المؤسسة* والحياة المدرسية‪...‬أما‬
‫أهم مشكل يقف وراء* فشل مشاريع الشراكة هو اإلحباط والبطء اإلداري‬
‫والالمباالة والبيروقراطية وانعدام اإلمكانيات المادية والمالية والبشرية‬
‫والتقنية‪...‬‬

‫وخالصة القول‪ :‬إن مشروع الشراكة* التربوية ال يمكن أن يحقق ثماره‬


‫المرجوة* ونجاحه المرغوب إال بترجمة النوايا والقرارات* إلى أعمال‬
‫سلوكية تطبيقية عملية في الميدان والممارسة‪ *.‬وعلينا أن نتجاوز الشعارات*‬
‫والتظاهرات التربوية التي تقف عند حدود التنظير والتجريد وإصدار‬
‫القرارات* والبيانات وتحديد الخالصات والنتائج إلى مرحلة التطبيق والتنفيذ‬
‫والتقويم والتتبع والنقد الذاتي بطريقة براغماتية يترابط فيه القول مع الواقع‬
‫والمنفعة‪ .‬ألننا ضيعنا كثيرا من الوقت الثمين‪ ،‬وبذلنا مجهودات جبارة في‬
‫ندوات وسجاالت جدالية وحوارات‪ *،‬ولكن بدون فائدة تذكر‪ .‬فأصبحنا ننتقل‬
‫سنويا من مفهوم تربوي إلى آخر دون أن نتريث لنعرف النتائج وآثار ذلك‬
‫المفهوم التربوي على مؤسساتنا التعليمية وناشئتنا سواء* أكانت إيجابية أم‬
‫سلبية‪.‬‬
‫الهوامش‪*:‬‬
‫‪SITRONIK KA , GOODLAD : Dictionnaire -‬‬
‫‪; encyclopédique de l’éducation ,p :725‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد الدريج‪ :‬مشروع المؤسسة‪،‬منشورات رمسيس‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪،1996‬ص‪71:‬؛‬
‫‪ -‬وزارة* التربية الوطنية‪ :‬التجديد التربوي بالمؤسسات التعليمية‪ ،‬المذكرة‬
‫رقم ‪ 27‬بتاريخ ‪ 24‬فبراير ‪1995‬م؛‬
‫‪Elisabeth Bautier : (Etablissements et partenariat) Actes -‬‬
‫‪; du colloque de janvier 1993I.NRP1995 p.17‬‬
‫‪ -‬نقال عن محمد الدريج‪ :‬مشروع المؤسسة‪،‬ص‪69*:‬؛‬
‫‪ -‬التربية الوطنية‪ :‬التجديد التربوي بالمؤسسات التعليمية‪ ،‬المذكرة رقم‬
‫‪27‬بتاريخ ‪ 24‬فبراير ‪1995‬؛‬
‫‪ -‬محمد الدريج‪ :‬مشروع المؤسسة‪،‬ص‪.80-79:‬‬
‫آراء* حول برامج اللغة العربية بالتعليم الثانوي التأهيلي‬

‫قامت وزارة* التربية الوطنية في السنين األخيرة بمراجعة البرامج الدراسية‬


‫والمناهج التربوية وتجديد المقررات* عن طريق عصرنتها وتحديثها‬
‫مضمونا وشكال وطباعة على غرار الكتب الدراسية في الغرب ‪ ،‬والسيما‬
‫أن معظم هذه الكتب المدرسية المغربية تم طبعها بطباعة أنيقة ملونة في‬
‫إسبانيا وفرنسا وإيطاليا وإنجلترا* ‪ .‬ولم يتحقق هذا التجديد إال انسجاما مع‬
‫فلسفة* الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي استهدف إصالح المنظومة‬
‫التربوية ومحاربة الرداءة* البيداغوجية والديداكتيكية وسوء* التوجيه‬
‫والتسيير والتدبير داعيا إلى تبني شعار الجودة والقرب* والجهوية‬
‫والديمقراطية* من أجل تحقيق حداثة مجتمعية وتنمية شاملة تساهم في توفير‬
‫فرص الشغل للعاطلين وربط المؤسسة التعليمية بمحيطها السوسيواقتصادي‬
‫واالنفتاح على سوق الشغل كما تنص على ذلك أيضا المبادرة الوطنية‬
‫للتنمية االجتماعية التي وضح معالمها العاهل المغربي محمد السادس في‬
‫خطاب ‪18‬ماي ‪.2005‬‬

‫‪ -1‬سياق تجديد المقررات والمناهج التعليمية‪:‬‬


‫لقد تبنت وزارة التربية الوطنية في وضع مقرراتها ومناهجها وبرامجها‬
‫التربوية في مختلف أسالك التدريس من االبتدائي إلى الثانوي والجامعي‬
‫فلسفة* الجودة والكفايات البيداغوجية انسجاما مع متطلبات العولمة الجديدة‬
‫والمنافسة الدولية ومستلزمات االستثمار التي تتمثل في إيجاد أطر مدربة‬
‫مكونة ذات مؤهالت ذاتية قادرة على تسيير دواليب االقتصاد وتدبيراإلدارة‬
‫تدبيرا جيدا‪ .‬كما أن هذه المقررات الجديدة تمتح من األطروحة اللسانية‬
‫الوظيفية ذات البعد التداولي التي تربط المقام بالسياق التواصلي وخاصة‬
‫في تعليم اللغات وتلقينها بدال من االعتماد على الطرائق* التقليدية في‬
‫التدريس والتلقين‪ .‬كما استفادت من أحدث التطورات والمنجزات* اإلعالمية‬
‫واالتصال الرقمي والمعلوماتي فضال عن التقدم الهائل الذي تحقق على‬
‫مستوى تقنيات الطباعة والتشكيل والتغليف والطبع والنشر‪.‬‬
‫وقد ساير هذا التجديد اليبيداغوجي ما عرفه المغرب من إصالحات سياسية‬
‫واقتصادية واجتماعية وثقافية مع حكومة التناوب وما حققه ملك المغرب‬
‫من مستجدات تتعلق بإعادة النظر في مدونة األسرة واألحوال الشخصية‬
‫وخلق* عدة هيئات حقوقية كهيئة اإلنصاف والمصالحة وإرساء دولة الحق‬
‫والقانون وإعالن المبادرة الوطنية للتنمية االجتماعية وفتح عدة أوراش*‬
‫كبرى تتعلق بتأهيل االقتصاد لخدمة ماهو اجتماعي وإنجاز مشاريع كبرى‬
‫تتعلق بتطوير البنية التحتية خاصة تمديد شبكة الطرق السيارة وتوسيع‬
‫شبكة السكك الحديدية وبناء ميناء طنجة السياحي المتوسطي مع تعزيز‬
‫الجهوية والالتمركز وإعطاء الحكم الذاتي للصحراء* تحت السيادة الوطنية‪.‬‬
‫وانطالقا من هذه المتغيرات الوطنية والدولية‪ ،‬قررت وزارة التربية‬
‫الوطنية اعتماد مفهوم الجودة* وفلسفة الكفايات ونظام المجزءات* ‪les‬‬
‫‪ modules‬في وضع المناهج الجديدة التي امتدت عبر أسالك دراسية ثالثة‬
‫‪ :‬السلك االبتدائي‪ ،‬والسلك* الثانوي اإلعدادي ‪ ،‬والسلك الثانوي التأهيلي‪.‬‬
‫وسوف نحاول رصد طبيعة المنهاج الدراسي في التعليم الثانوي التأهيلي‬
‫وبالضبط في مادة اللغة العربية في أسالكها األدبية والعلمية والتقنية‬
‫واألصيلة‪.‬‬

‫‪ -2‬مكونات منهاج اللغة العربية في التعليم الثانوي التأهيلي ومرجعياته‬


‫المنهجية‪:‬‬

‫يستند منهاج اللغة العربية في التعليم الثانوي التأهيلي إلى مرجعيتين‬


‫أساسيتين‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫‪ -1‬مرجعية أدبية نظرية تمتح من نظرية األدب بكل تياراتها ومدارسها‬
‫واتجاهاتها الفنية ومناهجها النقدية وما تطرحها من ظواهر وقضايا أدبية‬
‫ونقدية وآليات تعبيرية إيقاعية ونحوية وصرفية ونحوية وداللية وبالغية‬
‫ومقامية‪.‬‬
‫‪ - 2‬مرجعية بيداغوجية وديداكتيكية تتجاوز التعليم والتلقين إلى التعلم الذاتي‬
‫واالجتهاد الفردي* في إطار التوجيه واإلرشاد ورفض اإلمالء واإللقاء‪ *.‬كما‬
‫أن هذه المرجعية تستمد مقوماتها من فلسفة* الميثاق الوطني للتربية‬
‫والتكوين وبيداغوجيا الكفايات والجودة وصيغة المجزءات أو التعليم‬
‫المندمج‪.‬‬
‫وإلى جانب الغايات واألهداف الكبرى التي ترسمها فلسفة الدولة في شكل‬
‫غايات ومرام معرفية ووجدانية وحركية كخلق مواطن صالح متخلق و‬
‫متعلم ومثقف ومبدع ومنفتح على اآلخر متشبع باألصالة والمعاصرة قادر‬
‫على توظيف قدراته وإمكانياته الذاتية في تنمية مجتمعه وتسيير اقتصاد‬
‫بالده وتدبير شؤون وطنه‪ ،‬فهناك كفايات ينبغي تطويرها وتنميتها لدى‬
‫المتعلم بيداغوجيا وديداكتيكيا عن طريق التكوين الشخصي والتعلم الذاتي‬
‫والبحث الدائم عن المعرفة وطرائق* حل المشاكل والوضعيات‪ ،‬وهذا ما‬
‫تركز عليه كثيرا المنظومة التربوية بصفة عامة ومنهاج اللغة العربية‬
‫بصفة خاصة ‪ .‬ومن بين هذه الكفايات المستهدفة في منهاج اللغة العربية‬
‫نجد‪ :‬الكفاية المعرفية ذات البعد الثقافي‪ ،‬والكفاية المنهجية‪ ،‬والكفاية‬
‫التواصلية‪ ،‬والكفاية االستراتيجية‪.‬‬
‫أما إذا انتقلنا إلى المجزءات في منهاج اللغة العربية فإن عددها أربعة‪،‬‬
‫وهي‪ :‬مكون النصوص‪ ،‬ومكون المؤلفات‪ ،‬ومكون علوم اللغة‪ ،‬ومكون‬
‫التعبير واإلنشاء‪ .‬وتتسم هذه المجزءات التعليمية في منهاج اللغة العربية‬
‫باالندماج والشمولية والتكامل والترابط الوظيفي والتدرج البنيوي الهرمي‬
‫واالعتماد على مقاربة الكفايات التعلمية في إطار وضعيات سياقية‪ .‬وكل‬
‫مكون له منهجية خاصة في التدريس نبين خطواتها اإلجرائية على الشكل‬
‫التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬مكون النصوص‪:‬‬

‫تستند قراءة النصوص في مادة اللغة العربية إلى خطوات منهجية مترابطة‬
‫ومتدرجة ومراحل أساسية في الفهم والتفسير تتمثل في‪ :‬المالحظة والفهم و‬
‫التطبيق والتحليل والتركيب والتقويم من خالل قراءة* فاعلة تقوم على تفكيك‬
‫النص وتركيبه على ضوء مرتكزات بيداغوجية تتمظهر في التفاعل البناء‬
‫بين القارئ* والنص‪ ،‬ودينامية التعلم الذاتي‪ ،‬والمقاربة الكلية للنص‪.‬‬

‫‪ -2‬مكون المؤلفات‪:‬‬

‫يعرف تدريس مادة المؤلفات في السلك الثانوي التأهيلي ثالث أنواع من‬
‫القراءات* المنهجية األساسية وهي‪:‬‬
‫أ‌‪ -‬القراءة* التوجيهية تهتم بقراءة النص الموازي* للنص وعتباته الخارجية‬
‫والمحيطة؛*‬
‫ب‌‪ -‬القراءة التحليلية التي تروم تحليل النص من خالل مكوناته الداللية‬
‫والبنائية؛‬
‫ت‌‪ -‬القراءة التركيبية التي تتمثل في استجماع النتائج والخالصات* المحصل‬
‫عليها واستحضار القراءات النقدية المقومة للعمل‪.‬‬

‫‪ -3‬مكون علوم اللغة‪:‬‬

‫يقصد بعلوم اللغة كل األدوات الفنية والتعبيرية واآلليات الجمالية التي‬


‫تسعفنا في فهم النص وتحليله وتقييمه وتذوقه‪ .‬ويضم هذا المكون علوم‬
‫البالغة والعروض والنحو والصرف والتركيب‪ .‬ولتدريس هذا المكون‬
‫اللغوي* من األفضل اتباع المنهجية التالية‪:‬‬
‫أ‌‪ -‬االنطالق من النص الرئيس أو من نصوص موازية أو مساعدة تكمل‬
‫رؤية الدرس؛‬
‫ب‌‪ -‬قراءة* النص أو النصوص المساعدة قراءة* متعمقة فاحصة يتقاطع فيها‬
‫ماهو داللي مع ماهو لغوي؛‬
‫ت‌‪ -‬تحديد الشواهد المدروسة* مع وصفها وتحليلها؛‬
‫ث‌‪ -‬استخراج* القواعد والمبادئ الكلية المنظمة للظاهرة اللغوية المدروسة‬
‫في شكل نظريات أو تعاريف أو قوانين لغوية معيارية؛‬
‫ج‌‪ -‬إنجاز تطبيقات على تلك الظواهر* المدروسة* قصد ترسيخها في ذهن‬
‫المتعلم والوقوف على حدودها؛‬
‫ح‌‪ -‬توظيف المدروس في إنتاجات شخصية؛‬
‫خ‌‪ -‬استثمار هذا المكون اللغوي في باقي المجزءات* األخرى كالنصوص‬
‫والمؤلفات* والتعبير واإلنشاء‪.‬‬

‫‪ -4‬مكون التعبير واإلنشاء‪:‬‬

‫ينبني مكون التعبير واإلنشاء في منهاج اللغة العربية على مجموعة من‬
‫األنشطة الوظيفية التي يمكن اختزالها في األعمال اآلتية‪:‬‬
‫أ‌‪ -‬أنشطة االكتساب‪:‬هي أنشطة موجهة للتعلم الذاتي ينجزها التالميذ فرادى‬
‫وجماعات في ضوء توجيهات األستاذ حيث يرشدهم إلى كيفية استثمارها‬
‫حسب ماتقتضيه كل مجزءات المقرر؛‬
‫ب‌‪ -‬أنشطة التطبيق‪ :‬تخصص للتعلمات الصفية مما أنجزه التالميذ من‬
‫أنشطة االكتساب؛‬
‫ت‌‪ -‬أنشطة اإلنتاج‪ :‬تخصص إلنتاج مهارة تعبيرية أو إنشائية؛‬
‫ث‌‪ -‬أنشطة التقويم‪ :‬تخصص لتقويم المتعلم ضمن وضعيات إنجازية‪.‬‬

‫‪ -3‬منهاج اللغة العربية الجديد بين الوصف والتقويم‪:‬‬


‫أ‌‪ -‬مادة اللغة العربية في الجذوع المشتركة‪:‬‬

‫لقد انطلقت مديرية المناهج من فكرة توحيد برامج اللغة العربية ومقرراتها‪،‬‬
‫ولكن مع تنويع الكتب والمؤلفات التي يساهم في تأليفها مجموعة من‬
‫المفتشين المؤطرين واألساتذة و المتخصصين في الميدان سواء* أكانوا‬
‫ينتمون إلى قطاع التربية الوطنية أم كانوا أساتذة جامعيين ينتمون إلى‬
‫مؤسسات وزارة* التعليم العالي وتكوين األطر أم كانوا من المساهمين‬
‫الخواص‪ .‬وتتسم هذه المبادرة بحرية التأليف واإلبداع والتنافس وتحرير‬
‫سوق الطبع والنشر* والتوزيع مع احترام شروط* دفتر التحمالت والعمل في‬
‫فريق تربوي غالبا ما يوجهه عضو منسق مسؤول عن تأليف الكتاب‬
‫المقرر‪ *.‬وعندما يقبل الكتاب من قبل الوزارة* الوصية تجيزه بوضع تأشيرة‬
‫مرقمة ومؤرخة‪.‬‬
‫وعند وضع مقررات اللغة العربية‪ ،‬البد أن يراعي المؤلفون* أو الوزارة‬
‫مجموعة من الضوابط التي المندوحة عنها‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬احترام الهيكلة الجديدة للتعليم الثانوي التأهيلي( مسلك اآلداب والعلوم‬
‫اإلنسانية‪ ،‬مسلك العلوم والتكنولوجيا)؛‬
‫‪ -2‬توحيد مفردات البرنامج أو المنهاج الدراسي* وعدم الخروج عنها؛‬
‫‪ -3‬احترام خصوصية كل مسلك دراسي على حدة على مستوى الغايات‬
‫وسيرورة* التعلم والمضامين؛‬
‫‪ -4‬االنطالق من بيداغوجيا الكفايات والتعلم الذاتي؛‬
‫‪ -5‬استثمار معطيات التطور اإلعالمي والطباعي في وضع المقررات‬
‫الدراسية* لتحقيق الجودة البصرية والقرائية؛‬
‫‪ -6‬تنويع كتب المقرر* وإعطاء فرصة االختيار للمدرس أو المؤطر؛‬
‫‪ -7‬إشراك* جميع األساتذة في التأليف أو إبداء آرائهم ومقترحاتهم حول‬
‫الكتاب المقرر* قبل طبعه ونشره وتسويقه؛‬
‫‪ -8‬االنطالق من فلسفة الحداثة و التواصل واحترام اآلخر مع التشبث‬
‫بالوطنية والهوية العربية اإلسالمية؛‬
‫‪ -9‬احترام خصوصية المتعلم ومستواه الدراسي واالرتكان إلى البيداغوجيا‬
‫الفارقية أثناء التأليف ريثما أن نصل إلى التعامل بالمقرر الجهوي؛‬
‫‪ -10‬طبع الكتب المدرسية الخاصة باللغة العربية أو بالمواد األخرى* في‬
‫الوقت المناسب وبالثمن المناسب وبالعدد الكافي‪.‬‬
‫أما إذا انتقلنا إلى كتاب اللغة العربية الذي وجه إلى تالميذ الجذع المشترك‬
‫( مسلك اآلداب والعلوم* اإلنسانية) فإنه ينطلق من نظرية التجنيس أو‬
‫المقاربة األجناسية للنصوص األدبية أو ما يسمى أيضا بنظرية األدب‪ .‬وقد‬
‫قسمت المادة األدبية إلى األنماط األجناسية التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬الحكي‪ :‬السرد‪ -‬الوصف‪ -‬الحوار‪.‬‬
‫‪ -2‬الحجاج‪ :‬اإلخبار‪ -‬التفسير‪ -‬اإلقناع‪.‬‬
‫‪ -3‬الشعر العمودي‪ :‬المدح‪ -‬الوصف‪ -‬الغزل‪.‬‬
‫‪ -4‬شعر التفعيلة‪ :‬شعر المدينة‪ -‬شعر االغتراب‪ -‬شعر المقاومة والنضال‪.‬‬
‫هذا ‪ ،‬ويتقاطع في هذا التصنيف مجموعة من المناهج النقدية في قراءة*‬
‫النص األدبي‪ :‬المنهج الفني الذي يهدف إلى دراسة األدب العربي حسب‬
‫فنونه وأغراضه الشعرية (المدح والوصف والغزل‪ /‬الشعر العمودي وشعر‬
‫التفعيلة)‪ ،‬والمنهج البنيوي األسلوبي الذي يفكك النصوص إلى ثوابت‬
‫ومرتكزات ووظائف تميز نصوصا معينة عن نصوص أخرى* على غرار‬
‫شعرية األجناس مثل‪ :‬الحكي والحجاج والسرد والحوار* والوصف‬
‫واإلقناع‪ ...‬ومنهج الظواهر األدبية أو المنهج الموضوعاتي مثل‪ :‬شعر‬
‫المدينة‪ ،‬شعر االغتراب‪ ،‬وشعر المقاومة والنضال‪ .‬ويعني هذا أن هذا‬
‫المقرر* يتسم بالتنوع المنهجي وتعدد مقاربات التصنيف للمادة اإلبداعية‪.‬‬
‫ويساهم مكون اللغة والتعبير واإلنشاء( إنتاج نص سردي‪ -‬إنتاج نص‬
‫وصفي‪ -‬إنتاج حواري‪ -‬إنتاج نص حجاجي‪ -‬تحويل نص شعري‪ -‬توسيع‬
‫مقطع شعري) في إثراء اللغة العربية ومنهاجها‪ .‬أما المؤلفات األدبية فقد‬
‫ارتكزت على فنين‪ :‬الرواية والمسرح من خالل اختيار نصوص إبداعية‬
‫مغربية( عز الدين التازي‪ -‬شغموم الميلودي‪ -‬الطيب الصديقي‪ -‬عبد الكريم‬
‫برشيد)‪ ،‬وشرقية( سهيل إدريس‪ -‬سعد هللا ونوس)‪ ،‬وتم إغفال القصة‬
‫القصيرة التي كان ينبغي استحضارها على غرار مقررات* اللغة الفرنسية‬
‫في التعليم الثانوي‪ .‬وتجمع هذه النصوص بين طابعين‪ :‬كالسيكي وحداثي‬
‫تجريبي‪ .‬كما تطرح عدة قضايا معنوية كقضية حقوق اإلنسان وقضية‬
‫الشرق والغرب* وقضية االستبداد وقضية المثقف والسلطة وصراع الفنان‬
‫مع القوى* المحافظة وقضية مدن الصفيح‪.‬‬
‫ويالحظ على مستوى مكون اللغة‪ *،‬أن واضعي المقرر* الجديد لم يأخذوا‬
‫بمستجدات اللسانيات الحديثة كالمقرر القديم نظرا لوعيهم بتقهقر مستوى‬
‫التالميذ وانحداره في السنوات* األخيرة بسبب الالمباالة وانعدام الرغبة في‬
‫التمدرس بعد انسداد آفاق المستقبل‪ ،‬ناهيك عن الطابع التجريدي للسانيات‬
‫وتعقيد إشكاالتها ومفاهيمها االصطالحية‪.‬‬
‫أما مقرر الشعبة العلمية والتقنية فقد سار نسبيا في احتذاء مسار منهاج اللغة‬
‫العربية في المسالك األدبية واإلنسانية لغلبة الطابع األدبي على الكتاب‬
‫كتقسيم النصوص بطريقة فنية أجناسية إلى نص سردي ونص وصفي‬
‫ونص حواري ونص حجاجي ونص إعالمي ونص تخييلي في المجزأة‬
‫األولى‪ .‬أما في المجزأة الثانية‪ ،‬فقد اعتمدت مقاربة القضايا والظواهر*‬
‫كقضية العولمة‪ *،‬وثقافة حقوق اإلنسان‪ ،‬ونظام االتصال‪ ،‬وحضارة‬
‫الصورة‪ *.‬وانتقل المنهاج في األخير إلى فن الشعر من خالل شعر المدينة‬
‫وشعر السجن والحرية‪ .‬ويعني هذا أن مقرر الشعبة العلمية لم يتميز عن‬
‫المقررات السابقة لغلبة ماهو أدبي على المواضيع العلمية والتقنية‬
‫والفكرية‪ *.‬بل يمكن القول‪ :‬ليس هناك جديد على مستوى التصنيف واإلعداد‬
‫والتطوير بل كان نسخة حرفية للمقررات* العلمية القديمة‪.‬‬

‫ب‌‪ -‬منهاج اللغة العربية في السنة األولى من سنوات الباكلوريا‪:‬‬

‫يدرس منهاج اللغة العربية في مسلك اآلداب والعلوم اإلنسانية األدب‬


‫العربي‪ :‬شعرا ونثرا في أربعة مجزءات متكاملة بنيويا ووظيفيا عبر‬
‫العصور األدبية على غرار الكتاب المدرسي السابق من العصر الجاهلي‬
‫إلى العصر العباسي مع االنعطاف على األدب األندلسي والمغربي‪ .‬وال‬
‫يذكر المقرر إطالقا العصر العثماني الذي برزت فيه كثير من القمم األدبية‬
‫الشامخة* كابن خلدون وأبي حازم القرطاجني وآخرين‪...‬‬
‫ويبدو أن الكتاب يتخذ في تقسيم األدب العربي عدة مقاربات ومناهج‬
‫دراسية يمكن حصرها في ثالث‪:‬‬
‫‪ -1‬المقاربة التاريخية السياسية التي تدرس الظاهرة األدبية حسب العصور‬
‫السياسية على غرار كتابات المستشرقين( بروكلمان وكارلو نالينو‪،)...‬‬
‫وكتابات تاريخ األدب العربي كما عند جورجي زيدان وتوفيق العدل وطه‬
‫حسين وشوقي ضيف وحنا الفاخوري وعمر فروخ وعبد هللا كنون وحسن‬
‫الزيات و نجيب البهبيتي‪)...‬؛ونجدها في المنهاج واضحة في تسلسل‬
‫العصور األدبية‪ :‬العصر الجاهلي‪ ،‬والعصر اإلسالمي ‪ ،‬والعصر األموي‪،‬‬
‫والعصر العباسي بشقيه‪ :‬الشرقي* والغربي (األندلسي والمغربي)؛‬
‫‪ -2‬المقاربة األجناسية أو شعرية األجناس األدبية أو نظرية األدب التي‬
‫تصنف األدب حسب األجناس واألنواع واألنماط كما عند جيرار جنيت‬
‫وتودوروف والشكالنية الروسية أو عند الدارسين العرب كعز الدين‬
‫إسماعيل ومحمد مندور وإحسان عباس وعبد المنعم تليمة ورشيد‬
‫يحياوي‪ ...‬وتتمظهر في المنهاج من خالل األجناس التالية‪ :‬أدب المقامة‪،‬‬
‫وأدب الترسل‪ ،‬وأدب الخطابة‪ ،‬وأدب المناظرة‪ ،‬وأدب الرحلة‪ ،‬وأدب‬
‫الحكاية العجيبة‪ ،‬وأدب السيرة‪*...‬‬
‫‪ -3‬مقاربة القضايا والظواهر( المقاربة الموضوعاتية) هي التي ترصد‬
‫المواضيع األدبية والنقدية على غرار منهج الدكتور عزالدين إسماعيل في‬
‫دراسة الشعر العربي المعاصر والدكتور عباس الجراري* في دراسة األدب‬
‫المغربي واألندلسي‪ ،‬إذ يجمع المنهج بين القضايا الداللية والطوابع الشكلية*‬
‫والفنية‪ .‬ويتمثل هذا المنهج في البرنامج الجديد في المفاهيم التالية‪ :‬الشعر‬
‫القديم والتعبير عن الذات‪ ،‬و الشعر القديم والتعبير عن الجماعة‪ ،‬و الشعر‬
‫والتحول‪ ،‬وعمود الشعر‪ *،‬والتخييل الشعري‪،‬وأغراض* الشعر‪،‬واللفظ‬
‫والمعنى‪،‬والطبع والصنعة‪ ،‬والموازنة بين الشعراء‪*.‬‬
‫وإذا كان منهاج اللغة العربية يتسم بالتنوع المنهجي وتعدد المداخل‬
‫والمقاربات فإن مادة علوم اللغة لم تخرج عن نطاق المفردات اللغوية‬
‫المألوفة في المقررات* السابقة‪ ،‬ولكنها حاولت أن تتجاوز كل تعقيدات‬
‫الطرح اللساني في دراسة* البالغة والعروض‪ *.‬وأتت مواكبة لمستوى‬
‫التالميذ في الشعبة األدبية العصرية أو األصيلة‪.‬‬
‫أما مادة المؤلفات‪ ،‬فنرى نقلة نوعية في تجديد الكتاب المدرسي يراد منها‬
‫خلق االنسجام بين المجزءات الدراسية* وتصور مندمج شمولي بين كل‬
‫مفردات المقرر* والمكونات الدراسية‪ *.‬و يدرس ضمن مكون المؤلفات‬
‫كتابان ينتميان من حيث المادة المدروسة* إلى األدب القديم إما في شكل‬
‫دراسة نقدية لهذا األدب وإما دراسة جنس إبداعي قديم يتمثل في أدب‬
‫السيرة‪ *.‬وهذا االختيار موفق ووجيه لطابعه التكاملي االندماجي والشمولي‬
‫الذي يواكب مقتضيات بيداغوجيا الكفايات‪ .‬وينحصر اإلنشاء في بلورة‬
‫مهارات تحليلية ومنهجية تتجلى في مهارة وضع تصميم لموضوع‪ ،‬ومهارة‬
‫التعليق والحكم‪ ،‬ومهارة العرض الشفهي‪.‬‬
‫وإذا تصفحنا منهاج اللغة العربية في مسلك العلوم والتكنولوجيا فإن تصنيف‬
‫مواده التعليمية‪ -‬التعلمية قد تم حسب أنواع الخطابات ( الخطاب اإلشهاري‪*،‬‬
‫الخطاب* الصحفي‪ ،‬الخطاب السياسي)‪ ،‬والمفاهيم( الحداثة‪ ،‬التواصل‬
‫واإلبداع)‪ ،‬والقضايا (اإلنسان والتنمية‪ ،‬اإلنسان والتكنولوجيا‪ ،‬اإلنسان‬
‫ومشاكل الهجرة)‪ *،‬والقيم اإلنسانية في الشعر(* التضامن‪ ،‬التسامح‪ ،‬الجمال)‪.‬‬
‫وتترابط مع هذه المواضيع آليات لغوية نحوية وبالغية ومهارات إنشائية‬
‫كمهارة الربط بين األفكار وتوسيع فكرة وتحليل صورة ومهارة المقارنة‬
‫واالستنتاج‪.‬‬
‫وإلثراء النقاش حول المقرر الدراسي‪ *،‬أقترح بكل موضوعية وتجرد إدراج‬
‫البحر المتدارك ألهميته في تشكيل اإليقاع الشعري المعاصر‪ ،‬كما ينبغي‬
‫تمديد مقرر السنة األولى من الباكلوريا ليشمل الفترة العثمانية أو مايسمى‬
‫خطأ بعصر االنحطاط‪ .‬والبد من تحديد مفهوم التحول في الشعر العربي‬
‫بكل دقة مع تعيين الفترة التي بدأ فيها هذا التحول االجتماعي والفني‪ :‬هل‬
‫مع عصر صدر اإلسالم أم مع العصر األموي أم مع العصر العباسي؟!‬
‫وهل األدب األندلسي متميز عن األدب المغربي أم يشكالن لحمة واحدة؟‬
‫كما نتساءل عن نصوص غائبة في المنهاج كالنص الديني‪ ،‬والنص‬
‫التاريخي‪ ،‬والنص الفلسفي؟! ويالحظ أيضا تغييب الكناية مع تعويضها‬
‫باالستعارة األصلية والتبعية التي ال أهمية لها من حيث االستعمال‬
‫والتوظيف مادمنا قد اخترنا االستعارة التصريحية والمكنية‪ ،‬كما غيب فن‬
‫الزجل في الشعر األندلسي و ظاهرة األدب الشعبي‪ .‬ونالحظ كذلك‬
‫اضطرابا منهجيا وتلفيقا في المقاربات‪ .‬ويمكن أن نقترح تصنيفا منهجيا‬
‫آخر أال وهو المنهج الموضوعاتي في تصنيف المادة األدبية القديمة‪:‬‬
‫‪ -1‬بنية القبيلة ( الشعر الجاهلي)‬
‫‪ -2‬بنية العقيدة( عصر صدر اإلسالم)‬
‫‪ -3‬بنية السياسة( عصر بني أمية)‬
‫‪ -4‬بنية التحول( عصر بني العباس)‬
‫‪ -5‬بنية الجهاد( الشعر* المغربي‪ /‬األندلسي)‪.‬‬
‫ويالحظ أن هناك عدم االنسجام بين مقرر الشعبة العلمية والتقنية في الجذع‬
‫المشترك والسنة األولى من البكالوريا‪ ،‬و يعود هذا في رأيي إلى اختالف‬
‫اللجن التي تكلفت بوضع المقررات الدراسية في هذه المسالك‪ .‬وما يثير‬
‫انتباهي الخلط* في المنهاج الجديد بين المفاهيم ( الحداثة‪ ،‬اإلبداع‪،‬‬
‫التواصل)‪ ،‬والقيم اإلنسانية ( التضامن‪ ،‬الجمال‪ ،‬التسامح)‪ .‬ويالحظ أيضا‬
‫طغيان الطابع األدبي على النصوص مع التقليل أوتغييب النصوص العلمية‬
‫والتقنية التي تنسجم مع تطلعات التلميذ ورغباته الذاتية‪.‬‬
‫ت‪ -‬منهاج اللغة العربية في السنة الثانية من التعليم الثانوي التأهيلي‪:‬‬

‫يعتمد منهاج اللغة العربية في السنة الثانية من البكالوريا على المقاربة‬


‫التاريخية ( العصر الحديث والمعاصر) واألجناسية الفنية التي توزع المادة‬
‫اإلبداعية إلى عدة تجارب شعرية وهي‪:‬‬
‫أ‌‪ -‬تجربة اإلحياء والتجديد من خالل الشعرين‪ :‬الكالسيكي والرومانسي؛‬
‫ب‌‪ -‬تجربة التحديث والمعاصرة التي تتمثل في شعر التفعيلة وقصيدة النثر‪.‬‬
‫وتنقسم المادة النثرية إلى عدة فنون أدبية كالمقالة والقصة والمسرحية والنقد‬
‫األدبي بمناهجه التي تركز على المؤلف والنص والمتلقي‪ .‬أما اإلنشاء‬
‫فيعتمد على مهارتين بارزتين‪ :‬مهارة كتابة إنشاء مقالي حول نص أدبي و‬
‫مهارة كتابة إنشاء مقالي حول قضية أدبية‪ .‬وتنحصر مادة المؤلفات* في‬
‫دراسة كتابين‪ :‬األول ألحمد المعداوي بعنوان‪ :‬أزمة الحداثة في الشعر‬
‫العربي الحديث‪ ،‬والثاني لحسين الواد بعنوان‪ :‬في مناهج الدراسة األدبية‪.‬‬
‫ويشمل مكون علوم اللغة ظواهر* بالغية حداثية كالصورة الشعرية‬
‫واالنزياح والرمز* وظواهر صوتية وإيقاعية كشعر التفعيلة وبالغة‬
‫الخطاب‪*.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإننا ننوه بالمنهاج الجديد الذي أتى بقصيدة النثر وبمؤلفات جديدة‬
‫في مجال النقد األدبي المعاصر ونظرية األدب والمناهج‪ ،‬إال أنه أهمل‬
‫الشعر* البصري ‪ /‬الكونكريتي الذي لمع فيه كل من محمد بنيس وعبد هللا‬
‫راجع وبلبداوي وبنسالم حميش على الرغم من أن هذا النوع من الشعر‬
‫يدرس في مادة الفرنسية والسيما نص أبولينير‪ .APOLLINAIRE‬كما أغفل‬
‫المنهاج الخاطرة التي صارت جنسا أدبيا مستقال بنفسه‪.‬‬
‫وعلى مستوى مكون اللغة‪ ،‬كان من األفضل إدراج األسطورة والغموض‬
‫والتناص ضمن مبحث البالغة لكونها من العناصر الجوهرية لتشكيل‬
‫الشعر* العربي المعاصر‪ ،‬بينما نفضل إدراج التوازي الصوتي وبنية‬
‫الموازنة في دراسة القصيدة النثرية‪ .‬وال ننسى إدراج االنسجام واالتساق‬
‫ضمن مكون الخطاب والتدوير واالنزياح ضمن التركيب ‪.‬‬
‫وإذا عدنا إلى دراسة المؤلفات‪ ،‬فمن األفضل أن نختار عدة كتب نقدية‬
‫ونترك لألساتذة حرية االختيار‪ ،‬فهناك عديد من الكتب التي تناولت الشعر*‬
‫العربي المعاصر بالتنظير والدراسة* والتقعيد مثل كتاب نازك المالئكة‪:‬‬
‫قضايا الشعر العربي المعاصر‪ ،‬وكتاب عز الدين إسماعيل‪ :‬الشعر العربي‬
‫المعاصر قضاياه وظواهره* الفنية والمعنوية‪ ،‬وكتاب إحسان عباس‪:‬‬
‫اتجاهات الشعر المعاصر‪ ،‬وكتاب محمد بنيس‪ :‬الشعر* المعاصر‪ ،‬وكتاب‬
‫عبد هللا راجع ‪ :‬بنية الشهادة واالستشهاد‪ ،‬وكتاب أعراب أحمد الطريسي‪*:‬‬
‫الرؤية والفن في الشعر* العربي الحديث بالمغرب‪ .‬ويمكن أن نختار على‬
‫مستوى المناهج كتاب صالح فضل‪ :‬مناهج النقد المعاصر‪ ،‬وكتاب محمد‬
‫عمر الطالب‪ *:‬مناهج الدراسة األدبية الحديثة‪.‬‬
‫ونخلص مما سبق إلى القول‪ :‬إن منهاج اللغة العربية في التعليم الثانوي قد‬
‫دخل مرحلة جديدة انسجاما مع فلسفة* الميثاق الوطني للتربية والتكوين‬
‫تتمثل في تعدد الكتب المدرسية لسنة دراسية واحدة على الرغم من توحيد‬
‫برامجها‪ ،‬و االستفادة من التطور اإلعالمي والتقني في مجال الطباعة‬
‫ونشر الكتب الدراسية‪ ،‬وتنويع المؤلفات* األدبية لكي يتاح للمتعلم والمدرس‬
‫معا حرية اختيار النصوص التي تستجيب لذوقهما وأفق توقعهما‪ ،‬والتخلص*‬
‫من التعقيدات اللسانية التي اتسمت بها الكتب المدرسية السابقة‪.‬‬
‫‪ -9‬التعليم والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية‬

‫ألقى ملك المغرب محمد السادس يوم ‪ 18‬ماي ‪ 2005‬م خطابه السامي‬
‫الذي أعلن فيه خطة جديدة من أجل تحقيق تنمية بشرية قصد الحد من‬
‫ظاهرة الفقر والتهميش والتخلف والتفاوت الطبقي واالجتماعي ومساعدة‬
‫ذوي الحاجات والجماعات القروية* والحضرية التي تعاني من قلة الموارد‬
‫واإلمكانيات‪ .‬إن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ما هي إال جواب ميداني‬
‫لسؤال المعضلة االجتماعية التي تواجه المغرب بكل حدة بعد أن صنف‬
‫المغرب في الرتبة ‪ 124‬من بين ‪ 177‬دولة وما أكده التقرير الدولي الذي‬
‫بين أن المغرب يوجد تحت عتبة الفقر‪ ،‬وأنه ستنتقل من ‪ 6.6‬في المائة إلى‬
‫‪ 11.7‬في المائة داخل المناطق القروية‪ *،‬وسيرتفع عدد األسر المعوزة من‬
‫‪ %56.8‬إلى ‪ ،%60.5‬مثلما سينتقل المعدل اإلجمالي للفقر على المستوى‬
‫الوطني بدوره من ‪ %13.6‬إلى ‪ ،%22.1‬وبهذا سيكون المغرب بعد‬
‫عشر سنوات في مصاف الدول األكثر فقرا في العالم‪.‬‬
‫وتتسم المبادرة الوطنية التي أعلنها جاللة الملك بكونها رؤية اجتماعية‬
‫شمولية مندمجة تستهدف إرساء مجتمع عادل ديمقراطي* يحارب الفقر‬
‫والعزلة* واإلقصاء والتهميش ويزرع الثقة واألمل وروح التعاون والتكافل‬
‫والكرامة* ويحارب اليأس واألمية والجهل والتسول والذل والمهانة و كل‬
‫الظواهر االجتماعية السلبية كالكسل والخمول و الدعارة والتهريب‬
‫واللصوصية* والقتل‪...‬‬
‫ويرتكز المشروع المجتمعي الذي تدعو إليه المبادرة الوطنية على مجموعة‬
‫من المقومات األساسية‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬الديمقراطية السياسية‪.‬‬
‫‪ -2‬الفعالية االقتصادية‪.‬‬
‫‪ -3‬التماسك االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -4‬العمل واالجتهاد‪.‬‬
‫‪ -5‬تمكين كل مواطن من االستثمار األمثل لمؤهالته وقدراته‪.‬‬
‫وقد بدأت المبادرة الوطنية بتنفيذ مجموعة من المشاريع التنموية كترسيخ‬
‫دولة الحق والقانون‪ ،‬وتوسيع فضاء الحريات‪ ،‬والنهوض بحقوق المرأة‬
‫والطفل‪ *،‬وبأوضاع الفئات االجتماعية التي تعاني الفاقة والضعف‪ .‬كما تم‬
‫بناء اقتصاد عصري ومنتج من خالل المشاريع الكبرى خاصة في مجال‬
‫التجهيزات األساسية‪ ،‬وتأهيل النسيج اإلنتاجي الوطني ‪ ،‬واتخاذ عدة تدابير‬
‫لتحفيز االستثمار والمبادرة الحرة‪ *.‬فضال عما أنجز في إطار مشاريع‬
‫وزارية قطاعية‪ ،‬وبرامج التنمية الجهوية‪ .‬كما وفرت هذه المبادرة الوطنية‬
‫المستمرة‪-‬التي انطلقت قبل صيغتها الجديدة منذ تولي محمد السادس قيادة‬
‫المملكة المغربية‪ -‬الوسائل واآلليات الكفيلة بالدفع قدما بعملية التنمية‪ ،‬وفي‬
‫مقدمتها صندوق الحسن الثاني للتنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬عالوة على‬
‫تسريع وتيرة إنجاز البرامج الوطنية للتزويد بالماء الشروب والكهربة‬
‫الشاملة* للعالم القروي وفك العزلة* عنه‪.‬‬
‫وتستند المبادرة الوطنية حسب العاهل المغربي إلى أربع ركائز مرجعية‬
‫أساسية أال وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬االعتماد على المعطيات الموضوعية لإلشكالية االجتماعية في‬
‫المغرب(جماعات قروية وحضرية تعيش ظروفا صعبة‪ :‬األمية‪ -‬الفقر‪*-‬‬
‫التهميش‪ -‬العزلة‪ -‬انعدام الكرامة‪ *-‬البطالة‪ -‬ضعف فرص الشغل‪ -‬قلة‬
‫التجهيزات األساسية‪*.)...‬‬
‫‪ -2‬إن إعادة التأهيل االجتماعي عملية معقدة ‪ ،‬شاقة وطويلة النفس ‪،‬‬
‫اليمكن اختزالها في مجرد تقديم إعانات ظرفية‪ ،‬أو مساعدات موسمية‬
‫مؤقتة‪ .‬كما اليمكن التعويل فيها على األعمال الخيرية؛ أو اإلحسان‬
‫العفوي‪ *،‬أو االستجابة لوازع* أخالقي‪ ،‬أو لصحوة ضمير‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالتنمية‬
‫المستدامة لن تتحقق إال بسياسات عمومية مندمجة عملية متماسكة‪،‬‬
‫ومشروع* شامل‪ ،‬وتعبئة قوية متعددة الجبهات‪ ،‬تتكامل فيها األبعاد السياسية‬
‫واالجتماعية واالقتصادية والتربوية والثقافية والبيئية‪.‬‬
‫‪ -3‬خيار االنفتاح في عالم يعرف تحوالت متسارعة‪ ،‬وتغيرات عميقة‪،‬‬
‫ويفرض بالتالي إكراهات وتحديات‪ ،‬تعرض تماسك الروابط االجتماعية‬
‫والترابية للهشاشة‪ *،‬وتفرض أنماطا للعيش واالستهالك‪ ،‬ونماذج فكرية‬
‫كاسحة‪ ،‬اليمكننا تفاديها أو تجاهلها‪ .‬وكل هذا يفرض علينا االنخراط* في‬
‫عمل جماعي واالبتعاد عن االنغالق واالهتمام بالحلول الذاتية المنافية‬
‫للمصلحة* العليا للوطن‪.‬‬
‫‪ -4‬االنطالق من العبر المستخلصة* من تجارب المغرب السابقة‪ *،‬ومن‬
‫النماذج الموفقة لبعض البلدان‪ ،‬في مجال محاربة الفقر* واإلقصاء‪ ،‬التي تدل‬
‫على أن رفع هذا التحدي‪ ،‬رهين بالتحديد المضبوط لألهداف‪ ،‬وبالتعبئة‬
‫الشاملة* لبلوغها‪ ( .‬بينت التجارب أن المقاربات التنموية غير المندمجة ذات‬
‫القطاعات االنفرادية غير نافعة على عكس المقاربات التشاركية التعاقدية‬
‫ودينامية النسيج الجمعوي المحلي)‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن المبادرة الوطنية لكي تحقق أهدافها السامية البد أن تعتمد على‬
‫التفعيل الميداني والثقة والمصداقية والمواطنة الفاعلة واالستمرارية في‬
‫العمل واختيار برامج عمل ومشاريع واقعية وطموحة‪ .‬وينبغي أال تخرج‬
‫عن محاور ثالثة حددتها المبادرة الوطنية وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬التصدي للعجز االجتماعي الذي تعرفه األحياء الحضرية والجماعات‬
‫القروية* الفقيرة واألكثر خصاصة وذلك بتوسيع استفادتها من المرافق‬
‫والخدمات والتجهيزات االجتماعية األساسية‪ ،‬من صحة وتعليم‪ ،‬ومحاربة‬
‫األمية‪ ،‬وتوفير للماء والكهرباء والسكن الالئق وشبكات التطهير والطرق‬
‫وبناء المساجد ودور الشباب والثقافة والمالعب الرياضية‪.‬‬
‫‪ -2‬تشجيع األنشطة المتيحة للدخل القار والمدرة لفرص الشغل‪ ،‬مع اعتماد‬
‫توجه حازم يتوخى ابتكار حلول ناجعة للقطاع غير المنظم‪.‬‬
‫‪ -3‬العمل على االستجابة للحاجيات الضرورية لألشخاص في وضعية‬
‫صعبة أو لذوي االحتياجات الخاصة النتشالهم من أوضاعهم المتردية‪،‬‬
‫والحفاظ* على كرامتهم وتجنيبهم الوقوع في االنحراف أو االنغالق أو الفقر*‬
‫المدقع‪.‬‬
‫وقد قرر المسؤولون عن تنفيذ المبادرة الوطنية أن يتم تأهيل ‪ 360‬جماعة‬
‫األشد خصاصة في العالم القروي‪ ،‬و‪ 250‬من األحياء الحضرية الفقيرة ‪،‬‬
‫العتيقة منها والعشوائية والصفيحية المحيطة بالمدن‪ ،‬التي تتجلى فيها‬
‫المظاهر الصارخة لإلقصاء االجتماعي والبطالة واالنحراف والبؤس‪*،‬‬
‫وتأهيل األشخاص المعوزة وذوي الحاجات الخاصة كالمعوقين والمشردين‬
‫واألطفال المتخلى عنهم والعجزة واأليتام حسب الموارد* المتاحة‬
‫واإلمكانيات المتوفرة‪.‬‬
‫و بعد هذا العرض الوجيز* حول سياق المبادرة الوطنية في سياقها المحلي‬
‫الوطني والدولي نتساءل ‪ :‬ماهي عالقة التعليم بتفعيل المبادرة الوطنية‬
‫للتنمية االجتماعية؟‬
‫توصلت نيابات التعليم التابعة لقطاع التربية الوطنية بمذكرات وزارية‬
‫ومذكرات أكاديمية توضح المبادرة الوطنية للتنمية االجتماعية في مجال‬
‫التربية والتعليم والتكوين وطرائق تفعيلها ميدانيا وأجرأتها واقعيا والسيما‬
‫مذكرة رقم ‪ 17‬شهر يونيو‪ 2005‬والمذكرة الوزارية* رقم ‪ 76‬بتاريخ ‪9‬‬
‫يونيو ‪ 2005‬والمذكرة األكاديمية رقم ‪ 5‬بتاريخ ‪ 15‬يونيو ‪.2005‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬فالتعليم يعد مجاال فعاال للمساهمة في التنمية االجتماعية ورافعة‬
‫للتعبئة واالندماج االجتماعي لتحقيق هذه المبادرة الوطنية في شكل خطط‬
‫وبرامج وأهداف ومشاريع على المدى القريب والمتوسط والبعيد ‪ .‬ويمكن‬
‫أن تتظمهر هذه المبادرة في عدة مجاالت نذكر منها‪ :‬محاربة األمية والهدر‬
‫المدرسي والتعثر وظاهرة التكرار* والرسوب* عن طريق الدعم التربوي‬
‫ومساعدة المتعثرين منهم بتأهيلهم من جديد أو وضعهم في أقسام خاصة‬
‫لتوجيههم والوقوف بجانبهم‪ .‬فضال عن االرتقاء بالتمدرس وتحقيق الجودة‬
‫في التربية والتعليم والتكوين وتقديم الخدمات التربوية‪ ،‬عالوة على توسيع‬
‫قاعدة المستفيدين من التربية غير النظامية واالهتمام باألطفال ذوي‬
‫الحاجات الخاصة من جهة‪ ،‬والمساهمة مع القطاعات األخرى* في مجاالت‬
‫التنمية البشرية الخاصة بها من جهة أخرى‪ *،‬وتجنيد كل الطاقات وتوظيف‬
‫كل اإلمكانيات والموارد* الممكنة لبلورة هذه المبادرة التنموية االجتماعية‪.‬‬
‫ومن أجل إثراء هذه المبادرة وتفعيلها ميدانيا نرى أنه البد من عقد‬
‫اجتماعات مركزية وجهوية ومحلية وعلى صعيد المؤسسات التعليمية‬
‫لمناقشة هذه المبادرة الوطنية وتحيينها واقعيا في مشاريع مؤسسات أو‬
‫االنخراط* في شراكات داخلية وخارجية وإشراك* مجالس التدبير وإحضار‬
‫جمعيات اآلباء وأمهات التالميذ وأوليائهم للمناقشة والمشاركة في إنجاح‬
‫عملية المبادرة‪ .‬ويتم تطبيق الخطة في مجال التربية والتعليم على الشكل‬
‫التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬تشخيص الوضعية الحالية في مجاالت تنمية التمدرس واالرتقاء بجودة‬
‫الخدمات التربوية ومحو األمية وتوسيع قاعدة المستفيدين من التربية غير‬
‫النظامية‪ ،‬واالهتمام باألطفال ذوي الحاجات الخاصة‪.‬‬
‫‪ -2‬رصد أسباب التأخر في تحقيق األهداف المسطرة‪.‬‬
‫‪ -3‬تحديد أساليب وأشكال التدخل لمعالجة الظواهر التي تم تشخيصها‬
‫حسب األولوية‪*.‬‬
‫وأقول في األخير‪ :‬إن المبادرة الوطنية للتنمية االجتماعية خطة نهضوية‬
‫شمولية متداخلة* القطاعات وتجربة رائدة في العالم العربي تهدف إلى‬
‫القضاء على الفقر* والتخلف والبؤس االجتماعي ومحاربة األمية والجهل‬
‫واألوبئة وإيجاد فرص الشغل للحفاظ على كرامة اإلنسان‪ .‬وينبغي على‬
‫قطاع التعليم أن ينخرط بدوره من أجل االرتقاء بالتربية غير النظامية‬
‫وتحقيق الجودة على جميع األصعدة وبناء مؤسسات التربية والتعليم‬
‫والتكوين ودور إيواء التالميذ والطلبة وتوفير اإلطعام والتغذية المدرسية‬
‫ومساعدة التالميذ الفقراء وذوي الحاجات الخاصة كالمعوقين واليتامى‬
‫والمتخلفين عقليا والمشردين‪....‬‬

‫الهوامش‪*:‬‬

‫‪ -1‬عبد هللا سطي‪(:‬المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وإشكالية الديمقراطية‬


‫في المغرب)‪http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp? ،‬‬
‫‪aid=54400‬‬
‫‪ -‬انظر وزارة التربية الوطنية‪ :‬في شأن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪،‬‬
‫مذكرة رقم ‪ 17‬بتاريخ ‪ 16‬يونيو ‪.2005‬‬
‫‪ -10‬الشــــراكة* البيداغوجية‬

‫قامت وزارة* التربية الوطنية بالمغرب مؤخرا بعقد منتديات اإلصالح‬


‫التربوي لمناقشة مفهوم الشراكة* التربوية كآلية من آليات تحقيق الجودة‬
‫البيداغوجية وتفعيل الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي انتصف على‬
‫استكمال عشريته اإلصالحية (‪ )2010-2001‬قصد الرفع من مستوى‬
‫التعليم وتحسين موارده المادية والمالية والبشرية لمواكبة مستجدات التربية‬
‫والتأقلم مع المتغيرات الدولية على المستويات‪ :‬االقتصادية والسياسية‬
‫واالجتماعية والثقافية واإلعالمية و االستجابة أيضا لمتطلبات سوق* الشغل‬
‫وعولمة المنافسة‪.‬‬
‫دعت وزارة التربية الوطنية في مذكرتين توجيهيتين رقم‪ 73‬و‪ 27‬مابين‬
‫‪1994‬و‪ 1995‬إلى االهتمام بمشروع* المؤسسة* والشراكة* التربوية من‬
‫أجل تحسين مستوى التلميذ والرفع* من مردوديته التحصيلية والتنشيطية كما‬
‫وكيفا قصد دمجه في مدرسة الحياة السعيدة‪ .‬و بعد ذلك‪ ،‬طالبت الوزارة*‬
‫سنة ‪2006‬م بعقد منتديات إصالحية بيداغوجية لمناقشة مفهوم الشراكة‬
‫ومدارسته مركزيا وجهويا ومحليا وعلى صعيد المؤسسات* قصد الخروج‬
‫بتوصيات وقرارات تطبيقية من أجل تفعيلها ميدانيا‪.‬‬
‫وتقصد وزارة* التربية الوطنية من وراء* استخدامها لمصطلح الشراكة*‬
‫التربوية تضافر كل الجهود من قبل الفاعلين الداخليين والخارجيين إليجاد‬
‫الحلول* الناجعة لتجاوز المشاكل ومعيقات المؤسسات التعليمية عن طريق‬
‫خلق شراكات بيداغوجية داخلية أو خارجية مع مراعاة النصوص القانونية‬
‫والتنظيمية والتعليمات اإلدارية التي تتبناها المذكرات والمنشورات*‬
‫الوزارية‪ .‬وقد حصرت هذه الشراكة فيما هو تربوي وبيداغوجي‪ ،‬أي إن‬
‫هذه الشراكة* تخدم مصلحة المتمدرس عن طريق تنمية شخصيته على‬
‫جميع األصعدة والمستويات ليتكيف مع الواقع* الموضوعي ليصبح مواطنا‬
‫صالحا مبدعا وفاعال في المستقبل والسير به نحو آفاق فضلى وتغييره‬
‫إيجابيا وتهذيبه معرفيا ووجدانيا وحركيا مع توفير جميع الظروف المناسبة‬
‫التي تؤهله للفوز والنجاح والترقي ‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وإن الشراكة* نوعان‪ :‬شراكة داخلية وشراكة خارجية‪ .‬فالشراكة*‬
‫الداخلية* هي تلك الشراكة* التي يساهم فيها فاعلون من داخل المؤسسة* من‬
‫تالميذ وأساتذة ورجال اإلدارة وقدماء التالميذ وآباء وأمهات التالميذ‬
‫وأوليائهم من أجل خلق* مشروع تربوي داخل المؤسسة* أو باشتراك مع‬
‫مؤسسة* تعليمية أخرى من أجل تحسين أحوال التلميذ والرفع* من مستوى‬
‫المتعلم ودعمه تربويا و مساعدته ماديا ومعنويا‪ .‬أما الشراكة* الخارجية‬
‫فتتمثل في انفتاح المؤسسة التعليمية على محيطها السوسيواقتصادي‬
‫والمحيط الوطني والدولي‪ *،‬أي إن الشراكة* الخارجية قد تكون شراكة وطنية‬
‫أو دولية مع مؤسسات أجنبية وعربية ضمن التبادل اللغوي والثقافي‬
‫والحضاري أو عبر خلق توأمة تشاركية مؤسساتية وتحقيق مشاريع تعاون‬
‫وتمويل ودعم ومساعدة‪.‬ويمكن حصر مظاهر الشراكة* التربوية في‬
‫الشراكات التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬الشراكة* المادية‪.‬‬
‫‪ -2‬الشراكة* المالية‪.‬‬
‫‪ -3‬الشراكة* البشرية‪.‬‬
‫‪ -4‬الشراكة* الثقافية والفنية والرياضية ‪.‬‬
‫‪ -5‬الشراكة* االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -6‬الشراكة* اإلعالمية‪.‬‬
‫فإذا بدأنا بالشراكة* الداخلية لتحديد مجاالتها فإننا نتحدث هنا عن جميع‬
‫الفاعلين الذين يساهمون في تدبير المؤسسة* وتسييرها وتنشيطها واإلشراف‬
‫عليها من مدرسين وأساتذة ومتعلمين ورجال اإلدارة ومشرفين تربويين‬
‫وأسر* التالميذ ومجلس التدبير داخل المؤسسة‪ *.‬ولخلق* مشاريع تربوية تخدم‬
‫المؤسسة من قريب أو من بعيد البد من التركيز على مواضيع الشراكة*‬
‫ذات األولوية والضرورة* القصوى كمحاربة الهدر المدرسي عن طريق‬
‫الدعم التربوي وتقديم ساعات إضافية تطوعية لخدمة التالميذ ومساعدتهم‬
‫على مراجعة دروسهم وإنجاز واجباتهم وفروضهم المنزلية أو الفصلية مع‬
‫تدريبهم على التطبيق المنهجي والتحليل التركيبي والتقويمي‪ ،‬واألخذ بيدهم‬
‫من أجل السير* بهم نحو ثقافة التعلم الذاتي والتكوين المستمر‪ ،‬وسد كل‬
‫ثغرات التعثر والنقص لديهم عن طريق إرشادهم ومحاورتهم بطريقة‬
‫ديمقراطية قائمة على التوجيه الصحيح والحجاج المنطقي والبرهان العقلي‬
‫من أجل مواصلة دراستهم والتنسيق مع أسرهم من أجل إرجاع أوالدهم إلى‬
‫المدرسة* وإقناعهم بأهمية التعلم والتكوين والتدريس من أجل بناء مواطن‬
‫صالح‪ .‬كما يمكن االستعانة بالمدرسين والمشرفين التربويين للمشاركة في‬
‫تنمية البحوث التربوية التي ترتكز على تحسين أداء المتعلم و االنطالق من‬
‫فلسفة* الكفايات المستهدفة و تجديد الطرائق البيداغوجية والوسائل‬
‫الديداكتيكية وأساليب المراقبة والتقويم وأنظمة االمتحانات‪ ،‬دون أن ننسى‬
‫أهمية المشاركة في تكوين المدرسين إداريا وتربويا من قبل رجال‬
‫اإلشراف* ورجال اإلدارة الذين لهم خبرة في الميدان عن طريق مناقشة‬
‫المذكرات وتوضيحها و شرح دواليب التسيير وآليات التدبير بواسطة* عقد‬
‫اللقاءات والندوات والمجالس* التعليمية لمناقشة قضايا التربية والتعليم‪.‬كما‬
‫تستهدف الشراكة الداخلية تثبيت وتطوير استعمال تكنولوجيا اإلعالم‬
‫والتواصل الرقمي من خالل إنشاء خليات اإلعالم واالتصال الحاسوبي‬
‫والسباحة* اإلعالمية عبر اإلنترنت داخل الشبكة العالمية‪ .‬وال نغفل مدى‬
‫أهمية عملية االرتقاء بعالقات التعامل السيكولوجي واالجتماعي واإلداري*‬
‫بشكل بنيوي دينامي وإنساني وظيفي داخل المؤسسة* التعليمية من خالل‬
‫احترام المتعلمين ورجال التربية واإلدارة* والتدبير و رجال اإلشراف‬
‫واآلباء وأمهات التالميذ وأوليائهم واللجوء إلى سياسة المرونة والحوار*‬
‫الديمقراطي واحترام* حقوق اإلنسان وتطبيق مبدإ الحافزية والمساواة*‬
‫واحترام الكفاءات وتحقيق الجودة الكيفية (اإلبداعية)‬
‫والكمية( المردودية)‪.‬كما ينبغي أن تستند المشاركة التربوية إلى تشجيع‬
‫اإلبداعات التربوية واالرتقاء بالرياضة المدرسية وتنشيط المؤسسة‬
‫التعليمية فنيا وثقافيا وإعالميا واجتماعيا وبيئيا من خالل خلق شراكة ذاتية‬
‫أو داخلية‪ .‬و في اعتقادي‪ ،‬يمكن لهذه الشراكات أن تتحقق ميدانيا وواقعيا‬
‫لو طبقت الوزارة نظام سيــﮔما ‪ SIGMA‬قصد إعطاء المؤسسات التعليمية‬
‫صفة مصلحة تابعة للدولة مسيرة ذاتيا تعتمد على إعانات الدولة ومنحها‬
‫ومواردها الخاصة وما تستجلبه من إمكانيات مادية ومالية وبشرية عبر‬
‫الشراكات التي تخلقها‪.‬‬
‫أما الشراكة الخارجية* فقد تكون شراكة محلية إقليمية أو جهوية أو وطنية‬
‫أو دولية‪ ،‬وتتمثل في تأهيل المؤسسات* التعليمية من خالل الدخول في‬
‫شراكات مع الجماعات المحلية والشركات والمقاوالت والجمعيات بشتى‬
‫أنواعها والمجتمع المدني والسلطات المحلية والمواهب اإلبداعية من فنانين‬
‫ومثقفين وموسيقيين ورسامين ومسرحيين وسينمائيين ورياضيين‬
‫وإعالميين وأساتذة الفكر والعلم والتكنولوجيا ومساعدات األكاديميات‬
‫الجهوية وصناديق الدولة والمساعدات الدولية التي تقدمها الدوائر الحكومية‬
‫وغير الحكومية من جمعيات وأحزاب* ومنتديات وأفراد ومحسنين‪ ...‬كما‬
‫ينبغي أن تتوجه الشراكة* الخارجية إلى استكمال تعميم التمدرس بالتعليم‬
‫األولي واالبتدائي واإلعدادي والثانوي وتنمية التعليم التكنولوجي‪.‬‬
‫وتستهدف الشراكة* التربوية الخارجية تعزيز الدعم االجتماعي لفائدة‬
‫التالميذ المحتاجين عن طريق االتصال بالجمعيات الخيرية واإلحسانية‬
‫وتعريف التالميذ بها و تحفيزهم على االنخراط فيها‪ ،‬وتوفير شروط‬
‫استقبال المدرسين بالوسط* القروي* عن طريق تشجيع االستثمارات المحلية‬
‫والوطنية والدولية‪ *،‬وتحفيز الجماعات المحلية للمساهمة في بناء األقسام‬
‫والمدارس* وبناء مساكن الموظفين بالوسط القروي‪ ،‬و ضرورة تقديم الدولة‬
‫تعويضات إضافية للمشتغلين بالبادية قصد دفعهم لالستقرار بها ‪،‬عالوة‬
‫على أهمية الدخول في الشراكات* التي تستهدف االهتمام بالتربية غير‬
‫النظامية ومحاربة األمية عن طريق تعميم التمدرس‪ ،‬وتوفير المؤسسات‬
‫التعليمية لتعليم األميين من الكبار والصغار سواء أكانوا ذكورا أم إناثا ‪،‬‬
‫وتأطير المكونين عن طريق التنسيق مع مؤسسات التكوين البيداغوجي‪،‬‬
‫والبحث عن شركاء قادرين على دفع أجور المدرسين ودفع مستحقاتهم‬
‫وتسوية أوضاعهم والسيما حملة الشهادات العليا الذين يسهرون على‬
‫عمليات التدريس والتكوين وتأهيل شريحة كبيرة من أفراد المجتمع الذين‬
‫يعانون من األمية األبجدية واإلعالمية والوظيفية‪.‬‬
‫تلكم هي أنواع الشراكة البيداغوجية وأهم مجاالتها من أجل تحقيق الجودة‬
‫التربوية وإنجاح الميثاق الوطني للتربية والتكوين والذي أوشك على‬
‫االنتهاء‪ ،‬ونحن مازلنا نتخبط في عدة مشاكل ومعيقات جعلت الرداءة تحل‬
‫محل الجودة بسبب الالمباالة والتسيب وانعدام اإلمكانيات المادية والمالية‬
‫والبشرية وتعقيد المساطر* التنظيمية واإلدارية والقانونية ‪ .‬وقد أصبح مفهوم‬
‫الشراكة شعارا موسميا يحيل على شح موارد الدولة* وفقرها وتخليها‬
‫التدريجي عن إيالء قطاع التعليم مايستحقه من رعاية وعناية واهتمام‪،‬‬
‫ودفعها بشكل مباشر أو غير مباشر المؤسسات التعليمية إلى االستجداء و‬
‫التسول واالستعطاف وطرق أبواب المحسنين بحثا عن المساعدات المادية‬
‫والمالية والخيرية‪ ،‬ولكن بدون مقابل تقدمه هذه المؤسسات التربوية التي‬
‫تكون مبنية على شراكة* أحادية الجانب محكوم عليها باإلذالل والفشل مسبقا‬
‫‪.‬‬

‫‪ -11‬عالقة المؤسسة بالمحيط التربوي واإلداري والسوسيو‪ -‬اقتصادي‬

‫تعتبر المؤسسة التعليمية فضاء اجتماعيا مصغرا تعكس كل العالقات‬


‫االجتماعية والطبقية الموجودة في المجتمع‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فهناك ثالثة أنماط من‬
‫المؤسسات التعليمية التي تتراوح بين االنغالق واالنفتاح‪ :‬مدرسة تغير‬
‫المجتمع كما في المجتمع الياباني ‪ ،‬ومدرسة يغيرها المجتمع كما في دول‬
‫العالم الثالث‪ ،‬ومدرسة تتغير في آن معا مع تغير المجتمع كما في الدول‬
‫الغربية المتقدمة‪ .‬إذاً‪ ،‬ماهو النسق التربوي؟ و ماهي العالقة الموجودة بين‬
‫المؤسسة التعليمية ومحيطها السوسيواقتصادي؟ وماهي الوظائف التي‬
‫يؤديها النسق التعليمي التربوي في عالقته بمحيطه الخارجي؟ وكيف‬
‫ستحقق المؤسسة التعليمية انفتاحها على محيطها الخارجي؟‬
‫يذهب الميثاق الوطني للتربية والتكوين في مجاله الثاني إلى ربط المدرسة‬
‫بمحيطها االجتماعي واالقتصادي قصد خلق مدرسة الحياة التي يحس فيها‬
‫المتعلم بالسعادة والراحة واالطمئنان‪ ،‬إذ يقول الميثاق‪ ":‬تسعى المدرسة‬
‫المغربية الوطنية الجديدة إلى أن تكون‪:‬‬
‫‪ ...‬مفتوحة على محيطها بفضل نهج تربوي قوامه استحضار المجتمع في‬
‫قلب المدرسة‪ *،‬والخروج إليه منها بكل مايعود بالنفع على الوطن‪ ،‬مما‬
‫يتطلب نسج عالقات جديدة بين المدرسة وفضائها البيئي والمجتمعي‬
‫والثقافي واالقتصادي‪ .‬وعلى نفس النهج ينبغي أن تسير الجامعة؛ وحري*‬
‫بها أن تكون مؤسسة منفتحة وقاطرة للتنمية على مستوى كل جهة من‬
‫جهات البالد وعلى مستوى الوطن ككل‪. ".‬‬
‫لفهم المؤسسة* التربوية البد من النظر إليها باعتبارها نسقا من العناصر‬
‫البنائية التي تتكون من المتعلمين واألساتذة ورجال اإلدارة وآباء وأمهات‬
‫التالميذ وأولياء األمور والمشرفين التربويين ‪ ،‬وبين هذه العناصر البنائية‬
‫عالقات وظيفية وديناميكية‪ .‬وتتسم هذه العالقات أيضا بطابعها اإلنساني‬
‫واإلداري* كما تتسم باالتساق الداخلي والخارجي واالنسجام والتكامل‬
‫والتعاون والوحدة* المهنية التي تتجلى في التربية والتعليم‪ .‬ولهذا النسق‬
‫التربوي ‪ -‬بطبيعة الحال‪ -‬أهداف تتمثل بصفة خاصة في تكوين المواطن‬
‫الصالح واالنفتاح على المحيط المجتمعي من أجل تطويره وتنميته‪ .‬ويعني‬
‫هذا أن النسق* التربوي يتسم بالتغير والتطور والتفاعل اإليجابي والتواصل‬
‫اإلنساني المتعدد األقطاب والتنظيم الممنهج مكانيا وإيقاعيا واالنفتاح على‬
‫المحيط السوسيواقتصادي‪ .‬وتنبني العالقة بين النسق التربوي ومحيطه‬
‫الخارجي على المدخالت والمخرجات‪ .‬كما يحتوي النسق التربوي‬
‫والتعليمي على البنية اإلدارية الفاعلة التي تقوم بعدة وظائف مثل التسيير‬
‫المادي والمالي واإلداري بله المراقبة والتفتيش واإلشراف التقويمي‪ .‬أما‬
‫البنية المادية للنسق فتتجلى في البنايات والتجهيزات والمصالح المركزية‬
‫والمصالح الجهوية‪ .‬أما البنية التربوية فتتمظهر في المقررات والطرائق‬
‫البيداغوجية واألهداف‪ .‬ويرتبط هذا النسق بالسياسة التربوية من خالل‬
‫أنساق وظيفية كالنسق الديموغرافي والنسق الثقافي والنسق* السياسي‬
‫والنسق* االقتصادي والنسق* اإلداري ‪ .‬ويعني هذا أن النسق يستمد مرتكزاته‬
‫الفلسفية وغاياته الكبرى ومراميه وأهدافه و كفاياته من التوجهات السياسية‬
‫للدولة* أو الحكومة‪ *.‬كما يتأثر النسق* التربوي بمجموعة من المؤثرات‬
‫السكانية والسياسية واالجتماعية واالقتصادية واإلدارية التي تتحكم في‬
‫النسق‪ *.‬ويعني هذا أن المجتمع يمد المدرسة بكل ما يحدد منظورها‬
‫وتوجهاتها بينما تسعى المدرسة إلى تغيير المجتمع أو المحافظة عليه‬
‫وتكريس قيمه ومبادئه‪ .‬وبما أن المدرسة نموذج للمجتمع المصغر فأهداف‬
‫المدرسة* هي أهداف المجتمع‪.‬‬
‫و عليه ‪ ،‬فالنسق المدرسي يتسم في كليته باالنسجام والتنسيق والشفافية‬
‫والتواصل وإزالة الحواجز ‪.‬ويترجم لنا هذا النسق المؤسساتي التربوي‬
‫مجمل العالقات اإلنسانية التواصلية( التعاون‪-‬التعاطف‪ -‬األخوة‪ -‬التكامل‬
‫اإلدراكي‪ -‬التعايش‪ -‬التعارف‪ )....‬التي تتم بين المكونات الفاعلة من أجل‬
‫تحقيق عمل مثمر وناجع‪ .‬ويستجيب هذا النسق لقانون العرض والطلب‬
‫ضمن تفاعل بنيوي دينامي ووظيفي قصد إشباع كل الرغبات وإرضاء‬
‫الحاجيات اإلنسانية التي تتمثل حسب ماسلو‪ MASLOW‬في خمسة أنواع‪:‬‬
‫‪ -1‬الحاجة إلى تحقيق أهداف الذات‪.‬‬
‫‪ -2‬الحاجة إلى التقدير والمكانة االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -3‬الحاجة إلى االنتماء والنشاط االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -4‬الحاجة إلى األمن والطمأنينة‪.‬‬
‫‪ -5‬الحاجات الفيزيولوجية‪(:‬األكل‪ -‬النوم‪.)....-‬‬
‫ويالحظ على العالقات اإلنسانية داخل نسق المؤسسة التعليمية أنها قد تكون‬
‫عالقة فردية أو عالقة جماعية‪ ،‬وقد تكون عالقة إيجابية أو عالقة سلبية‪.‬‬
‫وقد يطبعها ماهو مثالي وماهو واقعي حقيقي‪ .‬ولكن العالقات اإلنسانية‬
‫الجيدة الحقيقية هي العالقات الوظيفية الفعالة المثمرة التي تساهم في إثراء‬
‫النسق وخدمته وتنميته والرفع من مكوناته البنائية والدينامكية القائمة على‬
‫العمل الجاد والحقيقة* الواقعية و االلتزام بروح المسؤولية والتفكير الواقعي‬
‫والتخطيط* البناء والتنفيذ االستراتيجي الميداني‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد طالبت التربية الحديثة ( دوكرولي‪ -‬فرينه‪ -‬كوزينه‪ -‬ديوي‪ )...‬إلى‬
‫ربط المدرسة بالحياة والواقع العملي واالنفتاح على المحيط‬
‫السوسيواقتصادي من أجل تحقيق أهداف برجماتية نفعية وعملية من أجل‬
‫تحقيق المردودية الكمية والكيفية أو الجودة للمساهمة في تطوير المجتمع‬
‫حاضرا ومستقبال عن طريق االختراع واالجتهاد والتجديد والممارسة*‬
‫العملية ذات الفوائد المثمرة الهادفة كما عند جون ديوي‪ DEWY‬أو جعل‬
‫المدرسة* للحياة وبالحياة كما عند دوكرولي‪ DOCROLY‬أو خلق مجتمع‬
‫تعاوني داخل المدرسة كما عند فرينيه‪ .‬إذاً‪ ،‬فالمدرسة كما قال ديوي ليست‬
‫إعدادا للحياة بل هي الحياة نفسها‪.‬‬
‫وفي نظامنا التربوي المغربي الجديد نجد إلحاحا شديدا على ضرورة انفتاح‬
‫المؤسسة على محيطها السوسيواقتصادي عبر خلق مشاريع تربوية‬
‫وشراكات بيداغوجية واجتماعية واقتصادية مع مؤسسات رسمية ومدنية‬
‫ومع مؤسسات عمومية وخاصة كاالتصال بالسلطات والجماعات المحلية‬
‫الحضرية والقروية والمجتمع المدني واألحزاب والجمعيات وآباء وأمهات‬
‫التالميذ وأوليائهم والمقاوالت والشركات والوكاالت والمكاتب العمومية‬
‫وشبه العمومية قصد توفير اإلمكانيات المادية والمالية والبشرية والتقنية‪.‬‬
‫كما دعت الوزارة إلى تطبيق فلسفة الكفايات أثناء وضع البرامج والمناهج‬
‫التعليمية – التعلمية من أجل تكوين متعلم قادر ذاتيا على حل الوضعيات‬
‫والمشاكل التي ستواجهه في الحياة العملية الواقعية‪ .‬ولم تعد المدرسة كما‬
‫كانت مجرد وحدة إدارية بسيطة منعزلة ومنغلقة مهمتها تطبيق التعليمات‬
‫والبرامج والقوانين‪ ،‬بل أصبحت مؤسسة فاعلة في المجتمع تساهم في‬
‫تكوين وتأطير قوة بشرية مدربة قادرة على تسيير دواليب االقتصاد وتأهيل‬
‫المجتمع صناعيا وفالحيا وسياحيا وخدماتيا‪ .‬و ارتأت الدولة أمام كثرة‬
‫النفقات التي تصرفها في مجال التربية والتعليم و أمام المنافسة الدولية‬
‫الشديدة وضرورة االندماج في سوق تجاري عالمي موحد يراعي‬
‫مقتضيات العولمة ومتطلبات االستثمار التي تستوجب أطرا عاملة مدربة‬
‫وذات مؤهالت عالية أن تنفتح المؤسسة التعليمية على سوق الشغل قصد‬
‫محاربة البطالة وخاصة بين صفوف حاملي الشواهد العليا وتزويد السوق‬
‫الوطنية والمقاوالت باأليدي العاملة المدربة خير تدريب واألطر* البشرية‬
‫ذات الشواهد التطبيقية والعملية والتي تتصف بالكفاءة والجودة قصد تحقيق‬
‫تنمية شاملة على جميع األصعدة والمستويات‪ .‬كما أن انتهاج المغرب‬
‫لسياسة الالتمركز أو السياسة الجهوية جعلته يتنازل عن مجموعة من‬
‫االمتيازات و الصالحيات والسلطات على مستوى المركز قصد خلق‬
‫التسيير الذاتي الجهوي* أو المحلي أو المؤسسي في إطار الالمركزية‬
‫والقرب* والديمقراطية‪ .‬وهذا التسيير المحلي أو الجهوي* يتطلبان الدخول في‬
‫شراكات فعالة مع كل المؤسسات* الحكومية والمجتمع المدني واألسر*‬
‫والفعاليات االقتصادية واالجتماعية من أجل دعم المؤسسة* التربوية‬
‫والمساهمة في تحسين ظروفها وإيجاد الموارد المادية والمالية والبشرية‬
‫والتقنية للرفع من مستوى ناشئة المستقبل عن طريق تأهيلها تأهيال جيدا‪.‬‬
‫ولكي تنفتح المدرسة* على محيطها عليها أن تحسن اإلدارة التربوية من‬
‫معامالتها التواصلية وعالقاتها مع األطراف القادرة على المساهمة‬
‫والمشاركة* في إثراء النسق التربوي وتفعيله ماديا ومعنويا كالمفتشين‬
‫وأعضاء مصالح النيابة والجماعات المحلية والسلطات المحلية واألسر‬
‫وجمعيات اآلباء وأمهات التالميذ وأوليائهم وجمعيات المجتمع المدني‬
‫والفاعلين االقتصاديين‪.‬‬
‫تلكم هي نظرة موجزة عن النسق التربوي بصفة عامة والنسق المدرسي‬
‫بصفة خاصة‪ ،‬وقد قلنا بأنه يتسم بالبنائية والوظيفية إلى جانب خصائص‬
‫أخرى* كالتواصل واالنسجام واالتساق والتكامل والشفافية واالنفتاح على‬
‫الواقع والحياة الخارجية‪ *.‬وقد أثبتنا بأن انفتاح المدرسة* على محيطها‬
‫االجتماعي واالقتصادي استوجبته كثير من الحيثيات الظرفية والسياقية‬
‫كالعولمة والبطالة والمنافسة الدولية ومتطلبات االستثمار وترشيد النفقات‬
‫عن طريق خلق شراكات ومشاريع المؤسسات* واالرتكان إلى سياسة‬
‫الالتمركز لتحقيق شعار الجهوية و الجودة والقرب* والديمقراطية المحلية‪.‬‬
‫الهوامش‪*:‬‬

‫‪ -1‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬ط‪،1‬‬


‫‪2000‬ن ص‪11:‬؛‬
‫دار الخطابي للطبع‬،‫* البرامج والمناهج‬:‫ عبد اللطيف الفارابي وآخرون‬-
‫؛‬22:‫ ص‬،1990 ،1‫ ط‬،‫* مطبعة فضالة‬،‫والنشر‬
L. D.Hainaut : Analyse et régulation des systèmes -
éducatifs, Labor-Bruxelles et Nathan- Paris, 1982, p :
113-120
‫‪ -12‬قراءة* في الميثاق الوطني للتربية والتكوين‬

‫يعد الميثاق الوطني للتربية والتكوين دستور اإلصالح التربوي والنظام‬


‫التعليمي في المغرب الجديد حيث جاء ليساير المستجدات االقتصادية‬
‫والسياسية واالجتماعية والتربوية التي تعرفه بالدنا بعد مجموعة من‬
‫األزمات التي عرفها قطاع التعليم‪ ،‬انتهت باللجوء إلى التقويم الهيكلي مع‬
‫منتصف الثمانينيات والذي* أفرز بدوره تعليما هشا ورديئا سينتهي بدوره‬
‫إلى التفكير في وضع إصالح تربوي شامل تضعه لجنة من رجال المقاولة*‬
‫والتعليم واإلدارة والمجتمع السياسي والمدني‪....‬إذاً‪ *،‬ماهو الميثاق للتربية‬
‫والتكوين؟ وماهي مضامينه ودالالته؟ وما هي مواطن قوته وضعفه؟‬
‫الميثاق الوطني هو منظومة إصالحية تضم مجموعة من المكونات‬
‫واآلليات والمعايير الصالحة لتغيير نظامنا التعليمي والتربوي وتجديده على‬
‫جميع األصعدة والمستويات قصد خلق مؤسسة* تعليمية مؤهلة وقادرة على‬
‫المنافسة واالنفتاح على المحيط السوسيواقتصادي‪ *،‬ومواكبة كل التطورات*‬
‫الواقعية الموضوعية المستجدة ‪،‬والتأقلم مع كل التطورات العلمية‬
‫والتكنولوجية والسيما في مجاالت‪ :‬االتصال واإلعالم واالقتصاد‪ .‬ويعتبر‬
‫الميثاق الوطني مشروعا إصالحيا كبيرا و أول أسبقية وطنية بعد الوحدة‬
‫الترابية وعشرية وطنية(‪ )2010-2001‬لتحقيق كافة الغايات واألهداف‬
‫المرسومة* من إخراج البلد من شرنقة التخلف واألزمات والركود والرداءة*‬
‫إلى بلد متطور حداثي منفتح تسوده آليات الديمقراطية والجودة و القدرة‬
‫على المنافسة والمواكبة الحقيقية‪.‬‬
‫هذا ‪ ،‬ويتكون الميثاق الوطني من قسمين أساسيين‪ :‬إذ خصص القسم* األول‬
‫للمرتكزات الثابتة لنظام التربية والتكوين والغايات الكبرى المتوخاة منه‬
‫وحقوق* وواجبات كل الشركاء* والمجهودات* الوطنية إلنجاح اإلصالح‪،‬‬
‫والقسم* الثاني فقد خصص لمجاالت التجديد ودعامات التغيير‪ .‬كما قسم‬
‫القسم* الثاني إلى ستة مجاالت كبرى وتسع عشرة دعامة للتغيير‪ .‬وهذه‬
‫المجاالت الستة األساسية هي‪:‬‬
‫‪ -1‬نشر التعليم وربطه بالمحيط االقتصادي‪.‬‬
‫‪ -2‬التنظيم البيداغوجي‪.‬‬
‫‪ -3‬الرفع من جودة التربية والتكوين‪.‬‬
‫‪ -4‬الموارد البشرية‪.‬‬
‫‪ -5‬التسيير والتدبير‪.‬‬
‫‪ -6‬الشراكة* والتمويل‪.‬‬
‫يستند الميثاق الوطني للتربية والتكوين إلى مجموعة من المبادئ والثوابت‬
‫كاالهتداء بالعقيدة اإلسالمية وروح الوطنية و التشبث بالملكية الدستورية‬
‫والتمسك بالتراث الحضاري والثقافي واللغوي* المغربي العريق والتوفيق‬
‫بين األصالة والمعاصرة والسعي بالمغرب نحو امتالك ناصية المعرفة‬
‫والتكنولوجيا الحديثة‪ .‬أما عن الغايات الكبرى فتتمثل في جعل المتعلم‬
‫محور اإلصالح والتغيير عن طريق رفع مستواه التحصيلي والمعرفي‬
‫والمهاري وذلك بتلبية حاجياته الذهنية والوجدانية والحركية‪ .‬و العمل على‬
‫تكوين أطر مستقبلية مؤهلة ومؤطرة كفأة قادرة على اإلبداع والتجديد‬
‫وتنمية البالد‪ .‬وتسعى بنود الميثاق إلى جعل المدرسة المغربية مدرسة‬
‫منفتحة سعيدة مفعمة بالحياة والتنشيط وجعل الجامعة كذلك جامعة منفتحة‬
‫وقاطرة للتنمية‪ .‬وينبغي أن تكون المؤسسات التربوية سواء* أكانت مدارس‬
‫أم جامعات أفضية للحريات والحقوق* اإلنسانية وأمكنة للحوار* والتعلم‬
‫الذاتي‪ .‬والبد من شراكة حقيقية مع الجماعات المحلية و اآلباء وأولياء‬
‫األمور و الشركاء اآلخرين للمساهمة في النهوض بالقطاع التعليمي قصد‬
‫تحقيق الجودة والتعميم وإجبارية التمدرس‪ .‬ومن ثم‪ ،‬سيكون اإلصالح‬
‫التربوي ميثاقا وطنيا عشريا ذا أهمية وطنية كبرى يحقق نتائجه بشكل‬
‫مرحلي متدرج خاضع للمراقبة والتقويم والتتبع‪.‬‬
‫ويهدف الميثاق الوطني للتربية والتكوين في مجاله األول إلى نشر التعليم‬
‫وربطه بالمحيط االقتصادي عن طريق تعميم تعليم جيد في مدرسة متعددة‬
‫األساليب ومحاربة األمية في إطار التربية غير النظامية للقضاء عليها‬
‫تدريجيا في ‪ 2010‬بنسبة ‪ %20‬وبشكل نهائي في ‪ 2015‬بنسبة‪%100‬‬
‫ولن يتم ذلك إال في إطار الالمركزية والشراكة في التربية بين القطاع* العام‬
‫والخاص والمجتمع المدني والسلطات المحلية والمجتمع السياسي‬
‫والمنظمات الحكومية وغير الحكومية مع توظيف اإلعالم المرئي لتحقيق‬
‫األهداف المسطرة للقضاء* كليا على األمية بكل أنواعها‪ ،‬فضال عن خلق*‬
‫تالؤم أكبر بين النظام التربوي والمحيط االقتصادي عن طريق االندماج‬
‫المتبادل بين المؤسسة التعليمية والمحيط البيئي واالقتصادي واالجتماعي‬
‫والثقافي والمهني أو عبر االنفتاح الوظيفي على الحياة العملية وآفاق اإلبداع‬
‫إما بواسطة* التمرس والتكوين بالتناوب وإما عن طريق التكوين المستمر‪.‬‬
‫ويستهدف المجال الثاني من مجاالت الميثاق التنظيم البيداغوجي وإصالحه‬
‫وتغييره عن طريق إعادة الهيكلة وتنظيم أطوار التربية والتكوين ابتداء من‬
‫التعليم األولي و االبتدائي والثانوي اإلعدادي والتأهيلي والجامعي عن‬
‫طريق تنظيم أسالك* التعليم وشعبه وشواهده وأهدافه ومضامينه وأساليب‬
‫تقويمه مع مراعاة تطوير التعليم األصيل والمجموعات ذوي الحاجات‬
‫الخاصة كأبناء الجالية في الخارج واليهود المغاربة‪ .‬كما يستتبع اإلصالح‬
‫البيداغوجي إصالح أنظمة التقويم والمراقبة المستمرة والتتبع والمراقبة‬
‫بموازاة مع إصالح التوجيه التربوي والمهني‪.‬‬
‫أما المجال الثالث فيسعى إلى الرفع من جودة التربية والتكوين عبر مراجعة‬
‫البرامج والمناهج والكتب المدرسية والوسائط التعليمية وتدبير بشكل أفضل‬
‫الستعماالت الزمن واإليقاعات المدرسية والبيداغوجية وتحسين تدريس‬
‫اللغة األمازيغية واستعمالها وإتقان اللغات األجنبية من أجل امتالك مفاتيح‬
‫وآليات العلم والمعرفة والتكنولوجيا والتفتح على األمازيغية لمعرفة‬
‫مكونات الهوية الثقافية والحضارية دون أن ننسى االستعمال األمثل‬
‫والوظيفي للتكنولوجيات الجديدة واإلعالم والتواصل وتشجيع التفوق‬
‫والتجديد والبحث العلمي وإنعاش األنشطة الرياضية والتربية البدنية‬
‫المدرسية والجامعية واألنشطة الموازية‪*.‬‬
‫وفي المجال الرابع الخاص بالموارد البشرية‪ ،‬يتم التركيز على حفز‬
‫الموارد* البشرية وإتقان تكوينها وتحسين ظروف عملها ومراجعة مقاييس‬
‫التوظيف والتقويم والترقية مع تحسين الظروف المادية واالجتماعية‬
‫للمتعلمين والعناية باألشخاص ذوي الحاجات الخاصة والسيما المعاقين‬
‫منهم‪.‬‬
‫وفي المجال الخامس المتعلق بالتسيير والتدبير‪،‬فقد دعا الميثاق الوطني إلى‬
‫سن سياسة الالمركزية وإقرار* الالتمركز في قطاع التربية والتكوين‬
‫وتحسين التدبير العام وتقويمه بطريقة مستمرة وتوجيهه اعتمادا على‬
‫سياسة التدبير ومحاربة البذخ والتبذير و ترشيد النفقات والتحكم في اإلنفاق‬
‫بانتهاج الشفافية والمحاسبة والديمقراطية وسياسة التوازن بين الموارد‬
‫والمصاريف‪ .‬ويعمل المجال كذلك على تنويع أنماط البنايات والتجهيزات‬
‫وضبط معاييرها ومالءمتها لمحيطها وترشيد استغاللها وحسن تسييرها‬
‫ويخص المجال السادس واألخير مجال الشراكة والتمويل عن طريق حفز‬
‫قطاع التعليم الخاص وضبط معاييره وتسييره ومنح االعتماد لذوي‬
‫االستحقاق* وتعبئة موارد التمويل وترشيد تدبيرها‪.‬‬
‫وعلى الرغم من هذه المستجدات* والمجاالت والدعامات اإلصالحية‬
‫اإليجابية والطموحة* التي ينص عليها الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬فإن‬
‫الواقع يعطينا انطباعا مخالفا لماهو في الميثاق‪ ،‬فبدال من أن تتحقق الجودة‬
‫التربوية في مؤسساتنا التعليمية واإلدارية ‪ ،‬فإننا نجد الرداءة تزداد يوما‬
‫عن يوم في شتى الميادين التابعة لقطاع التعليم ناهيك عن الالمباالة‬
‫والتسيب والبطء والروتين والتسلسل* اإلداري المميت‪ ،‬إلى جانب العزوف‬
‫عن الدراسة والتثقيف من قبل المتعلمين ‪ ،‬وانتشار األمية والتفكير في‬
‫الهجرة إلى الخارج و"الحريـــﮔ"* مع تنامي ظاهرة البطالة والعطالة‬
‫المستمرة‪ ،‬والتأثير السلبي لتأميم التعليم والعمل على نشره في القرى‬
‫والمدن الذي اتخذ بعدا كميا وعدديا على حساب الجودة التربوية و التأهيل‬
‫الكيفي‪ .‬كما أثر ترشيد النفقات على التعليم بشكل سيء حيث التستطيع‬
‫المؤسسات التعليمية تسيير نفسها بنفسها النعدام اإلمكانيات المادية والمالية‬
‫والبشرية‪ *،‬فحتى التسيير في إطار نظام ‪ Sigma‬لم يتحقق على مستوى‬
‫الميدان وأصبح شعارا نظريا طموحا ينتظر التفعيل الميداني‪ .‬ولقد قدمت‬
‫المغادرة الطوعية في مجال التربية والتعليم تصورا سيئا عن سياسة الترقيع‬
‫والمحسوبية واالرتجال العشوائي والتفريط في الكفاءات الوطنية والسيما‬
‫الجامعية منها استجابة لقرارات البنك الدولي الذي يستهدف تركيع المغرب‬
‫وإذالله وإفقاره* من الكوادر* واألطر الوطنية ألسباب في نفس يعقوب من‬
‫أجل منحه حفنة من القروض* لتدبير أموره االستعجالية‪ ،‬وهذه السياسة‬
‫التتالءم أصال مع مبادئ الميثاق الوطني وتوجيهاته في الشفافية* و‬
‫الديمقراطية وترشيد النفقات والتأهيل الجيد والتسلح بالروح الوطنية‬
‫واألخالقية وتحقيق الجودة‪ .‬وأخاف كثيرا من تحول الميثاق الوطني إلى‬
‫شعارات موسمية ومناسباتية وسياسية إيديولوجية وشكليات بيروقراطية*‬
‫العالقة لها بالواقع العملي والتنفيذي و الصلة له بجوهر اإلصالح كما‬
‫يظهر لنا ذلك جليا من خالل الواقع العملي وواقع المنتديات التربوية‬
‫اإلصالحية التي تسهر الوزارة* المعنية على تفعيلها مركزيا وجهويا ومحليا‬
‫وعلى صعيد المؤسسات ولكن بدون أهداف تذكر(مشروع اإلصالح‪-‬‬
‫مشروع المؤسسة‪ -‬مفهوم الجودة واالرتقاء‪ -‬الشراكة* التربوية‪ ،)....‬كما أن‬
‫هذه المنتديات اإلصالحية النظرية تتغير مفاهيمها اإلصالحية من سنة إلى‬
‫أخرى* بشكل عشوائي و ارتجالي سريع دون التأكد منها تطبيقيا وعمليا‪.‬‬
‫وحتى إن خرجت* هذه المنتديات‪ -‬التي تشتغل على هامش الميثاق الوطني‪-‬‬
‫بقرارات* ومذكرات ومنشورات* وزارية ومطبوعات فإنها تبقى حبرا على‬
‫ورق النعدام الموارد المادية والمالية والبشرية وتعقيد المساطير اإلدارية‬
‫والقوانين التشريعية والتنظيمية كما يبدو واضحا في تطبيق مشروع‬
‫المؤسسة والشراكة التربوية وتحقيق الجودة البيداغوجية‪.‬وأتمنى في األخير‬
‫أال يبقى الميثاق الوطني ميثاقا نظريا مسطرا في المذكرات والمنشورات‬
‫الوزارية و ملخصات المنتديات واللقاءات التربوية وموضوعا بين دفتي‬
‫الكتب والدراسات التربوية النقدية واإلصالحية و مطروحا فوق رفوف‬
‫المكتبات وأرشيف المكاتب اإلدارية والتربوية‪ ،‬بل البد أن يفعل ميدانيا ويتم‬
‫إنجازه عمليا وتنفيذه إجرائيا والتحقق منه تقويما وتتبعا من دعامة إلى‬
‫دعامة ومن مجال إلى آخر‪.‬‬
‫‪ -13‬إرساء* مشروع التعليم الجيد‬

‫إن تحقيق الجودة التربوية لن تكتمل إال بخلق مؤسسة تربوية فاعلة وجيدة‬
‫قوامها اإلبداع واالنفتاح والمساهمة في تغيير المجتمع‪.‬‬

‫‪ -1‬وضعية المؤسسة‪*:‬‬

‫من المعروف أن المدرسة اليابانية هي التي تغير المجتمع بينما في أوربا‬


‫يتغير المجتمع والمدرسة معا‪ ،‬لكن في دول العالم المتخلف نجد أن المجتمع‬
‫هو الذي يغير المدرسة‪ *.‬وهذا الحكم األخير ينطبق على المدرسة* المغربية‪.‬‬
‫وهذا راجع إلى االضطراب* في السياسات التربوية واألزمات االقتصادية‬
‫الخانقة التي تعرفها البالد‪ ،‬وعدم مواكبة المستجدات* التكنولوجية لإلقالع‬
‫الحضاري* والثقافي‪ ،‬ناهيك عن ضعف الموارد المالية وافتقار المغرب إلى‬
‫مصادر الطاقة التي يمكن أن تخفف عنه ماليا واقتصاديا‪ ،‬وقد تؤهله ليقوم‬
‫بدور حداثي على مستوى النهوض التربوي‪.‬‬
‫وتعرف مؤسساتنا التربوية بالمغرب عدة مفارقات تشخص الرداءة* بكل‬
‫مقاييسها مع استثناءات قليلة جدا إن وجدت‪ .‬ومن مظاهر هذه الرداءة‪:‬قلة‬
‫األطر التربوية ( وقد تساهم المغادرة الطوعية في إفقار مؤسساتنا من‬
‫األطر المتمكنة ذات الخبرة العالية والتجارب المحنكة)‪ ،‬وكثرة الغياب غير‬
‫المبرر أو المبرر بالشواهد الطبية‪ ،‬واالفتقار إلى األطر اإلدارية واألعوان‬
‫المساعدين‪ ،‬وقلة اإلمكانيات المادية‪ ،‬ونقص الوسائل والتجهيزات واألقسام‬
‫مما يسبب في ارتفاع القدرة االستيعابية لمؤسساتنا والتي تؤثر سلبا على‬
‫تالمذتنا وجودة التعليم الكيفي‪ .‬ومن سلبيات المؤسسات التربوية بالمغرب‬
‫انعزالها عن المرافق* الحيوية وافتقارها إلى المواصالت والكهربة والماء‬
‫الشروب وتجهيزات التربية البدنية المالئمة والوسائل الديداكتيكية الحديثة‬
‫مثل‪:‬الكمبيوتر واإلنترنت‪ ،‬ناهيك عن صغر المختبرات واكتظاظ المؤسسة*‬
‫بالتالميذ‪ ،‬وقرب الساحة* الرياضية غالبا من األقسام مما يؤثر كل هذا على‬
‫مستوى التعلم والتحصيل‪ ،‬دون أن ننسى قلة الصيانة والنظافة‪.‬‬

‫‪ -2‬إدماج المؤسسة في محيطها‪:‬‬

‫لكي تحقق المؤسسة التربوية دورها البد أن تنخرط في محيطها االجتماعي‬


‫كما تنص على ذلك مذكرة الحياة المدرسية ‪ .la vie scolaire‬ويتم هذا‬
‫االنخراط* عبر الشراكات والمساهمة في التنوير الثقافي وتنمية المدينة أو‬
‫الجماعة المحلية الحضرية و القروية عن طريق خلق أنشطة فنية وتربوية‬
‫وفنية وبيئية‪ ،‬واتخاذ المؤسسة فضاء لمحاربة األمية للصغار والكبار‬
‫ومكانا للدعم والتقوية واالنخراط في بناء المجتمع والسهر* على االرتقاء به‬
‫نحو آفاق أرحب‪*.‬‬

‫‪ -3‬التواصل مع مختلف الشركاء‪:‬‬

‫يهدف ميثاق التربية والتكوين إلى إيجاد مؤسسات تربوية مستقلة بنفسها‬
‫على مستوى التدبير والتسيير على غرار الجماعات المحلية والمؤسسات‬
‫الجامعية‪ .‬لذلك اقترحت الوزارة* نظام سيكما‪ Sigma‬الذي لم يطبق إلى حد‬
‫اآلن ميدانيا‪ .‬وإذا تحقق هذا المقترح الوزاري* فإن المؤسسة* التربوية‬
‫ستعرف تقدما كبيرا ونهضة حقيقية في شتى المستويات‪ .‬ولتحصيل الموارد‬
‫واإلمكانيات والخبرات البد من التواصل مع مختلف الشركاء* الفاعلين في‬
‫جميع الميادين سواء أكانت اقتصادية أم اجتماعية أم إدارية‪ ،‬وعقد شراكات‬
‫داعمة للنهوض بجودة التعليم‪ .‬ويمكن أن تتحقق هذه الشراكة* مع الجماعات‬
‫المحلية الحضرية والقروية و المجالس البلدية والجهوية ومع المؤسسات‬
‫البنكية والمالية وكذلك مع المستثمرين األجانب والمؤسسات األجنبية عن‬
‫طريق خلق التوأمات وتبادل الزيارات والخبرات* أو عبر تسلم المنح‬
‫والقروض والمساعدات كيفما كانت طبيعتها ما لم تخالف النصوص‬
‫التنظيمية والقانونية‪ ،‬دون أن نغفل المساعدات التي يمكن أن تقدمها‬
‫المقاوالت الصناعية والتجارية والحرفية واألوراش للمؤسسة التربوية من‬
‫دعم إذا عرفت المؤسسة* كيف تحسن عملية التواصل والحفاظ على‬
‫شركائها الحقيقيين‪.‬‬

‫‪ -4‬تفعيل مسؤوليات وأدوار مجالس المؤسسة* وجمعية آباء وأولياء‬


‫التالميذ‪:‬‬

‫وإذا أرادت أن تقوم المؤسسة التربوية بدورها الفعال لتحقيق الجودة‬


‫التربوية البد من تفعيل مجالسها( مجلس التدبير‪ -‬مجالس األقسام‪ )...‬لكي‬
‫تقوم باألدوار المناطة بها على أكمل وجه‪ ،‬وذلك باحترام تراتبية المجالس‬
‫واحترام قراراتها وتمكينها من وسائل ممارسة مسؤولياتها وأدوارها‬
‫المؤسساتية والتربوية‪.‬‬
‫وإن أي تخليق للحياة التعليمية البد أن يرتكز على قانون داخلي فعال‬
‫وصارم كاحترام أوقات الدخول واالستراحة* وتجنب ظاهرة الغياب غير‬
‫القانوني وغير المبرر تشريعيا‪.‬ويستحسن أن تفتح الئحة لألساتذة‬
‫المتطوعين ضمن الطاقم اإلداري والتربوي للحفاظ* على النظام داخل‬
‫المؤسسة التربوية‪ .‬ويمكن أن نضيف مجالس أخرى لها أهمية اليمكن‬
‫االستغناء عنها كمجلس التنشيط الثقافي والفني والرياضي‪ .‬أما أهمية‬
‫التواصل مع جمعية آباء وأولياء التالميذ فال يمكن إنكارها أو التساهل فيها‬
‫لما تقدمها من تسهيالت في تجهيز المؤسسة* والسهر* على أمنها ودعمها‪.‬‬
‫ولكن البد من تأهيل هذه الجمعية عن طريق التوعية وتبادل اآلراء وعقد‬
‫تواصل حميمي بناء قائم على التكامل والتعاون‪.‬‬

‫‪ -5‬مواضبة مكونات المؤسسة‪*:‬‬

‫أرى أنه من الضروري إلنجاح مؤسسة الجودة من تضافر الجهود بين‬


‫جميع مكونات المؤسسة وبنياتها داخل نسق وظيفي قصد تحقيق التنمية‬
‫الحقيقية‪ ،‬ومساعدة التلميذ على التحصيل المدرسي وتأهيله لمغرب الغد‬
‫والمستقبل‪ .‬وهذا التفاعل النسقي اليمكن أن يؤتي ثماره المرجوة* إال عن‬
‫طريق المواضبة والعمل الجاد واإلتقان واالحتكام إلى الضمير والواجب*‬
‫واحترام الوقت واالنضباط واحترام كل الفاعلين لبعضهم البعض‪.‬‬

‫‪ -6‬المؤسسة* فضاء اعتزاز وتأهيل للمستقبل‪:‬‬

‫إن المدرسة* الحقيقية التي يرتاح إليها التلميذ هي مدرسة الحياة‪ ،‬أي‬
‫المدرسة* التي يحس فيها بالسعادة والطمأنينة والدفء‪ *.‬ويكون فيها التواصل‬
‫حميميا بين التلميذ واألستاذ أو بين التلميذ واإلدارة* أوبين كل الفاعلين‬
‫التربويين والشركاء‪ *.‬ويشترط أن تكون المؤسسة* التربوية مدرسة للحرية‬
‫والقيم والمثل العليا تؤهل للشغل والمستقبل‪ ،‬وهذا ال يتحقق إال بتطبيق‬
‫سياسة تربوية قائمة على فلسفة* الكفايات والوضعيات لتحفيز المتعلمين على‬
‫االبتكار واإلبداع والخلق* انطالقا من قدراتهم الذاتية‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫تلكم هي أهم شروط ومواصفات المؤسسة التربوية الجيدة إذا حاولنا األخذ‬
‫بها وطبقناها ميدانيا عن طريق تضافر جهود الجميع قصد خلق مؤسسة‬
‫الحداثة لتغيير المجتمع وخلق الرفاه االجتماعي والمادي‪.‬‬

‫‪ -14‬الجودة التربوية‪ :‬عالقة األستاذ بالتلميذ‬

‫تعد جودة التعليم أولى األولويات للسياسات التربوية لدول العالم؛ لما‬
‫يفرضه عالم اليوم من إكراهات سياسية واقتصادية وتسابق في مجال‬
‫التكنولوجيا والمبادالت التجارية وهيمنة فلسفة العولمة والتشارك‬
‫واالتصال‪ .‬وهذا ما يجعل الدول تفكر في إصالح المنظومة التعليمية كلما‬
‫تغيرت الظروف والرهانات المستقبلية واالقتصادية واألمنية‪ .‬إذا‪ ،‬ما‬
‫المقصود بالجودة التعليمية؟ وما هو سياق هذه الجودة في نظامنا التربوي‬
‫المغربي؟ وكيف يمكن لألستاذ أن يحقق هذه الجودة؟ وماهي البدائل‬
‫والمعيقات؟ هذه هي األسئلة التي سوف نركز عليها في مداخلتنا‬
‫المتواضعة‪.‬‬

‫إذا تصفحنا معاجم اللغة العربية‪ ،‬فإننا نجد كلمة الجودة تعني اإلتقان‬
‫واإلحكام‪ ،‬وهي نقيض الرداءة‪ *.‬جاد الشيء جوده وجودة أي صار جيدا‪.‬‬
‫وقد جاد جودة وأجاد‪ :‬أتى بالجيد من القول أو الفعل (‪ .)1‬وبذلك تكون‬
‫الجودة هي اإلتقان القولي والفعلي‪ *.‬وهذه المعاني تذهب إليها أيضا قواميس‬
‫اللغات األجنبية(‪ )2‬وتجعل من الجودة ( كاليتيه) صفة للتمييز بين الجيد‬
‫والرديء‪.‬‬
‫وفي المفهوم االقتصادي الجودة هي تراضي الطرفين‪ :‬البائع والمشتري‬
‫حول البضاعة المتعاقد عليها من حيث الكيف والكم‪ .‬ويعني هذا أن الجودة‬
‫لها شقان أساسيان‪ :‬الجانب الكي يتمثل في المردودية‪ ،‬والجانب الكبفي الذي‬
‫يكمن في الجودة‪*.‬‬
‫ويقصد بالجودة في الميدان التعليمي ماأشار إليه وزير التعليم الدكتورحبيب‬
‫المالكي حينما صرح بأن" الجودة* ليست شيئا جامدا‪ ،‬بل إنني أكاد أشبهها‬
‫بذلك النهر الذي يساعد على إخصاب األرض حتى تكون في مستوى‬
‫اآلمال المعقودة عليها في ما يتعلق بالمردودية‪ ،‬ألن الجودة‪ ،‬انطالقا من هذا‬
‫التشبيه المجازي‪ ،‬مسلسل وليست نقطة في فراغ‪ .‬لذلك‪ ،‬فحينما نتحدث عن‬
‫الجودة ينبغي لنا أن نستوعب أننا نتحدث بالضرورة عن االهتمام بجماليات‬
‫الفضاء وعن توفير النقل المدرسي وعن اإلطعام والداخليات بالعالم‬
‫القروي‪ ،‬وتطوير المناهج وتجديد الكتب المدرسية‪ .‬كما أننا حينما نتحدث‬
‫عن الجودة دائما فإننا نتحدث كذلك عن التكوين المستمر لألستاذ بكيفية‬
‫متواصلة ودائمة‪ ،‬وتفعيل دور المفتش‪....‬لهذا‪ *،‬فإن الجودة بهذا المعنى‪ ،‬هي‬
‫هدف ووسيلة في الوقت نفسه"‪3.‬‬
‫وهناك من يعتبر أن الجودة ال تتحقق إال عندما تستجيب المدرسة المغربية‬
‫لما يطمح إليه المغاربة من مستقبل زاهر وآمال معقودة‪ ،‬وعندما يرضى‬
‫عليها كل التالميذ واألساتذة واألطر اإلدارية واآلباء وأولياء األمور بصفة‬
‫خاصة‪،‬والشعب المغربي بصفة عامة‪.‬وإذا عدنا إلى التعليم المغربي وجدنا‬
‫الجودة تقترن ارتباطا جدليا باإلصالح والتغيير واالستحداث‪ *.‬وقد عرف‬
‫النظام التعليمي المغربي ورشات إصالحية كبرى منذ االستقالل إلى يومنا‬
‫هذا‪ .‬ويمكن أن نحدد مجموعة من هذه اإلصالحات وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬إصالح ‪ 1957‬الذي استهدف تأسيس المدرسة الوطنية المغربية وقد‬
‫ارتبطت الجودة ضمن هذا المنظور اإلصالحي بالمبادىء األربعة‪ :‬التعميم‬
‫والمغربة والتوحيد والتعريب؛‬
‫‪ -2‬إصالح ‪ 1985‬الذي كان بعنوان(نحو نظام تربوي جديد) الذي فرضه‬
‫التقويم الهيكلي والبنك الدولي والتطور* التكنولوجي الهائل‪ ،‬وقد اقترنت‬
‫الجودة التربوية في هذا اإلصالح التربوي بمراجعة الكتب المدرسية وإعادة‬
‫النظر في المناهج الدراسية وفي مضامينه وتنويع التعليم وتحسين تدريس‬
‫اللغات وتعزيز مسلسل التعريب وإعطاء األهمية للترجمة وفتح شعبة‬
‫التبريز لتكوين وتقوية المدرسين في المواد العلمية وتنمية العلوم الرياضية‬
‫والتقنية و إحداث مسالك اللغات لتحقيق إصالح بيداغوجي ناجع؛‬
‫‪ -3‬إصالح ‪ 1994‬الذي استهدف تجديد منظومتنا التربوية والمؤسسات*‬
‫التعليمية وارتبطت الجودة فيه بمشروع المؤسسة* و الشراكة التربوية كما‬
‫تنص على ذلك المذكرة الوزارية* رقم ‪ 73‬بتاريخ ‪ 12‬أبريل ‪1994‬؛‬
‫‪ -4‬إصالح ‪ 2000‬الذي يسمى بالميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي‬
‫خصص مجاله الثالث للرفع من جودة التربية والتكوين من حيث المحتوى‬
‫والمناهج‪ ،‬ألهداف التخفيف والتبسيط والمرونة والتكيف‪ ،‬وتتم هذه الجودة‬
‫بمراجعة البرامج والمناهج‪ ،‬والكتب والمراجع المدرسية‪ ،‬والجداول الزمنية‬
‫واإليقاعات الدراسية‪ *،‬وتقويم أنواع التعلم وتوجيه المتعلمين‪ ،‬وتهم هذه‬
‫المراجعة* مجموع المؤسسات العمومية والخاصة‪ .‬وينطلق* هذا اإلصالح‬
‫من فلسفة الكفايات والوضعيات البيداغوجية‪.‬‬
‫وبعد أن اهتمت الوزارة* بالجانب الكمي كتعميم التمدرس ومحاولة القضاء‬
‫على األمية ومحاربة ظاهرة التسرب الدراسي والفشل التربوي وتعثر‬
‫التالميذ‪ ،‬وجدت الوزارة* نفسها أمام مشكل عويص أال و هو تدني مستوى‬
‫التعليم وهزالة* المردودية والضعف اللغوي* والعلمي والتقني لدى التلميذ‬
‫وعدم قدرته على التكيف مع الوضعيات التكنولوجية واإلعالمية الجديدة؛‬
‫مما جعل الوزارة* تفكر في االهتمام بالجانب الكيفي بدل الكمي الذي‬
‫استنزف أمواال باهضة من ميزانية الدولة التي وصلت إلى حد ‪ %26‬من‬
‫الميزانية العامة للبالد‪ .‬ويقول الدكتور محمد الدريج في هذا الصدد" إن‬
‫االنكباب على حل المشاكل الكمية خاصة ما ارتبط منها بالخلل بين العرض‬
‫والطلب( صعوبات تعميم التعليم وتمويله وترشيد اإلنفاق عليه‪ )...‬ال ينبغي‬
‫أن يشغلنا عن العناية بجودة التعليم والتي ‪ ...‬تشكل هدفا يهم كل الفاعلين‬
‫في المجال التربوي‪ -‬التعليمي على الصعيد العالمي"(‪.)4‬‬
‫وترتبط الجودة في منظومتنا التربوية بجانبين أساسين وهما‪ :‬جودة اإلدارة‬
‫و جودة المنظومة التربوية وعملياتها التعلمية ‪ /‬التعليمية‪ .‬ويمكن الذهاب‬
‫بعيدا بأن الجودة ال يمكن أن تتحقق إال في مجتمع ديمقراطي حقوقي‬
‫وحداثي يؤمن بالعلم والنظام واالبتكار واإلبداعية والعمل الجماعي وتقديس‬
‫العمل والتفاني فيه‪ ،‬ويؤمن كذلك باالنفتاح والحوار* والتناص الثقافي‬
‫ويساهم في إثراء الحضارة* اإلنسانية‪.‬‬
‫وإذا عدنا إلى المدرسة التربوية وبالضبط إلى دور األستاذ ومسؤوليته في‬
‫تحقيق الجودة البيداغوجية والديداكتيكية فإننا نجد هذه الجودة مغيبة إلى حد‬
‫كبير ألسباب ذاتية وموضوعية من الصعب تحديدها بدقة ووضوح بسبب‬
‫تشابك المنظومة التربوية بالمنظومة اإلدارية واالقتصادية والسياسية‪.‬‬
‫وعلى الرغم من ذلك يمكن أن نساهم بتصور نظري لتحقيق الجودة* في‬
‫العملية الديداكتيكية من خالل تشخيص العيوب والزالت وإرساء* البديل‬
‫التربوي‪ .‬فكيف يمكن‪ -‬إذا‪ -‬تحقيق هذه الجودة التي تتغير بتغير الظروف*‬
‫والمستجدات* البيداغوجية ؟!‬
‫عند تحديد مدخالت العملية الديداكتيكية وتسطير خطواتها علينا أن‬
‫نستوعب الغايات الكبرى لفلسفة* التربية والمرامي المرجوة* والمواصفات‬
‫المطلوبة* من منظومتنا التربوية‪ ،‬وهنا ننطلق من فلسفة* الكفايات التي تحث‬
‫عليها المذكرات الوزارية باعتبار أن الكفايات بديال تربويا أساسيا لتأهيل‬
‫النشء وإعداد المتعلمين لمجتمع الشغل؛ إذ يتطلب المجتمع التكنولوجي‬
‫المعاصر وسياسة العولمة والتسابق اإلعالمي من المدرسة* أن تكون‬
‫وظيفية تكون أطرا* قادرة على تشغيل دواليب المجتمع والسيما آلياته‬
‫اإلنتاجية والخدماتية‪ ،‬ولن يتم هذا إال بمدرسة إبداعية تعتمد على االبتكار‬
‫وخلق* القدرات المندمجة لدى التلميذ‪ ،‬وتغرس فيه قيم االبتكار واإلبداع‬
‫واالنفتاح والحوار والتعلم الذاتي واالشتغال في فرق تربوية وعمل جماعي‬
‫مثمر‪ .‬وإذا كانت الكفايات منطلقا فلسفيا براجماتيا للعملية الديداكتيكية‪ ،‬فإن‬
‫المحتويات والمجزوءات ينبغي كذلك أن تساير هذا التحول وأن تكون‬
‫عبارة عن تعلمات في شكل وضعيات ومشاكل وعوائق سيواجهها المتعلم‬
‫في الواقع‪ *،‬أي البد من إدخال المجتمع إلى قلب المدرسة وأن نهيىء المتعلم‬
‫ألسئلة الواقع المفاجئة‪ .‬ويعني هذا أن تكون المحتويات عبارة عن مشاكل‬
‫ووضعيات صعبة تتطلب الحلول المستعجلة بأداء فعال‪ ،‬وتعكس نفس‬
‫المشاكل واألزمات التي سيتلقاها المتعلم في المجتمع عندما سيحتك به‪.‬‬
‫والبد أن تتجدد الطرائق البيداغوجية و الوسائل الديداكتيكية لمسايرة‬
‫التطور* البيداغوجي ومتطلبات سوق الشغل والتطور* العلمي والتكنولوجي‪،‬‬
‫وهنا البد من االستفادة من كل الوسائل اإلعالمية المتاحة راهنا في الساحة‬
‫الثقافية والعلمية والتواصلية‪ *،‬وتتبع كل الوسائل الجديدة لتجريبها قصد‬
‫تحقيق الحداثة والمساهمة في إثراء المنظومة التربوية المغربية‪ .‬واليمكن‬
‫كذلك لهذه العملية أن تنجح إال إذا وفرنا لألستاذ فضاء بيداغوجيا مالئما‬
‫وصالحا كمدرسة الحياة‪ ،‬ومجتمع الشراكة* ومؤسسة المشاريع‪ ،‬وإصالح‬
‫اإلدارة‪ ،‬وإصالح المجتمع كله‪ ،‬وتحسين الوضعية االجتماعية للمدرس‬
‫وتحفيزه ماديا ومعنويا والسهر* على تكوينه بطريقة مستمرة‪ ،‬وتحسين‬
‫وسائل التقويم والمراقبة على أسس بيداغوجيا الكفايات والوضعيات‬
‫والمجزوءات‪ *،‬وتكوين أطر هيئة التفتيش ليقوموا بأدوارهم المنوطة بهم‬
‫التي تتمثل في تأطير المدرسين وإرشادهم إلى ماهو أحدث وأكفى وأجود‪.‬‬
‫واليمكن أن ينجح المدرس في عمليته التعليمية – التعلمية إال إذا سن سياسة‬
‫االنفتاح والتعاون والحوار والعمل في إطار فريق تربوي‪ ،‬واهتم بالبحث‬
‫العلمي واإلنتاج الثقافي إلغناء عدته المعرفية والمنهجية والتواصلية لصالح‬
‫المتعلم والمدرسة المغربية‪.‬‬
‫وخالصة القول‪ :‬اليمكن الحديث عن الجودة التربوية ضمن المنظومة‬
‫التربوية والعملية الديداكتيكية إال إذا وفرنا الظروف المناسبة للمدرس ماديا‬
‫ومعنويا‪ ،‬وغيرنا عقلية المحافظة والتكريس واستبدلناها بفلسفة* التغيير‬
‫واإلبداع‪ ،‬وأصلحنا المدرسة و اإلدارة و المجتمع‪ ،‬وأقمنا نظاما ديمقراطيا‬
‫عادال‪ ،‬ومجتمعا حداثيا‪ ،‬وأرسينا مجتمع حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫الهوامش‪*:‬‬

‫‪ -1‬ابن منظور‪ :‬لسان اللسان‪ ،‬تهذيب لسان العرب‪ ،‬دار الكتب العلمية‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1993 ،1‬ص‪215 :‬‬
‫‪Petit Robert , Paris, éd, 1992, "Qualité", p : 1574 – 2‬‬
‫‪ -3‬الدكتور حبيب المالكي‪(:‬قالوا‪ ،)......‬جريدة الصباح‪ ،‬السنة الخامسة‪،‬‬
‫العدد‪ ،1474‬الجمعة ‪31/12/2004‬؛‬
‫‪ -4‬د‪ .‬محمد الدريج‪ :‬مشروع المؤسسة والتجديد التربوي في المدرسة‬
‫المغربية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬منشورات رمسيس‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط‪ ،1996 ،1‬ص‪:‬‬
‫‪.76‬‬
‫ال يمكن الحديث عن الجودة التربوية إال إذا فعلناها ميدانيا وتطبيقيا على‬
‫مستوى التدريس واإلدارة* والمؤسسة‪.‬‬
‫‪ -15‬االرتقاء بجودة التعليم‬

‫سياق ممارسة مهام اإلدارة التربوية والتأطير‪:‬‬

‫إداريا‪ ،‬يالحظ مجموعة من المشاكل التي تحول دون االرتقاء بجودة‬


‫التربية والتعليم كنقص األطر اإلدارية وغياب األعوان؛ مما يجعل مهمة‬
‫الحراسة* العامة صعبة في التحكم في بنية المؤسسة* ومقوماتها البشرية‬
‫بسبب نقص المساعدة‪ .‬وحتى إن كان هناك أعوان فإنهم سرعان ما‬
‫يتقاعسون في المهمة المنيطة بهم أو يغادرونها بسبب تماطل الدولة‬
‫والوزارة في دفع أجورهم وتعويضاتهم‪ ،‬والـتأخر في صرف حقوقهم التي‬
‫قد تصل سنوات عديدة‪ ،‬والسيما أثناء ترسيمهم أو االستفادة من الترقيات‬
‫المخصصة لهم‪.‬كما أن هناك تعدد المهام اإلدارية الخاصة بكل موظف مما‬
‫يحول دون تأدية مهامهم اإلدارية‪ .‬ونسجل كذلك غياب التواصل بين‬
‫المدرسين واإلدارة وانعدام التنسيق المشترك بينهما‪.‬‬
‫ونقترح للحصول على الجودة في هذا اإلطار اإلداري مجموعة من النقط‬
‫التي نراها وجيهة وسديدة مثل‪:‬ضرورة تفعيل المجالس* كمجلس التدبير‬
‫ومجلس األقسام‪...‬كما ينبغي أن يشترك الكل في تدبير المؤسسة* والتعامل‬
‫أفقيا بدل التعامل العمودي القائم على إصدار األوامر‪ .‬ولكي تكون اإلدارة‬
‫فعالة نرى أنه من المستحسن أن تعين األطر اإلدارية من مدير وناظر‬
‫وحارس عام‪ ...‬عن طريق االمتحانات والمباريات والتكوين في مراكز‬
‫خاصة والتوفر على المؤهالت العلمية وإتقان اللغات‪ .‬ويفضل مقياس‬
‫التشبيب في االختيار بدال من األقدمية أو التقادم‪.‬‬
‫والبد أن يكون التأطير فعاال لالرتقاء بجودة التربية والتعليم؛ وذلك باختيار‬
‫المؤطرين أصحاب الشواهد العليا و األساتذة الباحثين في مهمة اإلشراف‬
‫على األساتذة وتأطيرهم‪.‬ويجب أن يتجاوز المفهوم القديم للتأطير الذي‬
‫مازال يتعامل به بعض المفتشين نحو مفهوم جديد قوامه اإلبداع والبحث‬
‫وعقد الندوات العلمية والبيداغوجية واللقاءات وإنجاز الدروس التجريبية‬
‫وفق المستجدات التربوية الراهنة‪.‬‬

‫سياق ممارسة مهمة التدريس‪:‬‬

‫غالبا ما يقدم المدرس خبراته الديداكتيكية ودروسه* في غياب الكتب المقررة‬


‫األساسية مثل مادة الفلسفة في التعليم الثانوي التأهيلي ( شعبة الجذع‬
‫المشترك)‪ *،‬كما يالحظ افتقار مؤسساتنا للوسائل التعليمية السمعية‬
‫والبصرية والتكنولوجية؛ مما يؤثر هذا سلبيا على مستوى التالميذ وعدم‬
‫االرتقاء بهم معرفيا ومنهجيا وتجريبيا‪ .‬وعلى الوزارة أن تحل التناقض‬
‫الحاصل في المذكرات اإلدارية التي تنص على ضرورة الحفاظ على السير‬
‫العادي والمالئم داخل القسم‪ ،‬وفي نفس الوقت تحرم على المدرس طرد‬
‫التلميذ وإخراجه من القسم على الرغم من عدم إحضاره للكتب المدرسية‪*.‬‬
‫ومن األفضل أن تحقق اإلدارة التوازن في توزيع المستويات الدراسية على‬
‫األساتذة؛ ألن بعض األساتذة تسند لهم نفس المستويات كل سنة‪ .‬والبد من‬
‫إيجاد حلول لمشاكل التقويم وتنقيط فروض التالميذ‪ ،‬إذ يختلف التقييم من‬
‫مدرس إلى آخر‪ ،‬وعلى المدرسين العمل بالمذكرات اإلدارية الداعية إلى‬
‫ضبط الغش ومحاربته في االمتحانات الوطنية والجهوية لتوفير تكافؤ‬
‫الفرص* بين المتمدرسين‪.‬‬
‫وهناك نقطة مهمة أخرى‪ ،‬وهي أن يتم تعيين محضر لمختبر الفيزياء وآخر*‬
‫في العلوم الطبيعية في كل مؤسسة* تربوية‪ ،‬عالوة على ضرورة إسناد مادة‬
‫الترجمة لألساتذة المتخصصين بدال من الحلول الترقيعية التي تلتجىء إليها‬
‫الوزارة من حين إلى آخر لتوفير المدرسين عن طريق التكليف العشوائي‪،‬‬
‫إذ تسند لمدرس مادة اإلعالميات مادة الرياضيات والعكس صحيح أيضا‬
‫في شتى المواد‪ ،‬كما ينبغي تفعيل مذكرة إعادة االنتشار لضمان العدالة في‬
‫التوزيع خاصة أثناء المرض‪.‬‬

‫أوضاع التحصيل الدراسي لدى التالميذ ومدى اكتسابهم للمعارف‬


‫والمهارات األساسية‪:‬‬

‫من المعروف أن مستوى التحصيل متدن لدى التالميذ في جميع المواد‬


‫والمسالك* والشعب بدون استثناء وذلك راجع لعدة أسباب ذاتية‬
‫وموضوعية‪.‬ويمتد هذا التدني عبر التعليم االبتدائي واإلعدادي ليصل إلى‬
‫المستوى* الثانوي‪.‬و من األسباب التي كانت وراء* ذلك التدني سياسة الكم‬
‫بدل الكيف؛ ألن الغرض هو التعميم والقضاء على األمية مما أثر سلبا على‬
‫مستوى التالميذ المغاربة مع بعض االستثناءات التي ال يقاس عليها‪ .‬إذ‬
‫وصلت الغرابة في التعليم االبتدائي أن ينجح التلميذ من القسم السادس إلى‬
‫السنة السابعة من التعليم األساسي بنقطة (صفر‪.)00‬لذا‪ ،‬نقترح حال‬
‫موضوعيا للخروج من هذه األزمة هو أن يكون ‪ 10/20‬هو معدل النجاح‬
‫في جميع مستويات التعليم األساسي والثانوي إذا أردنا أن نحقق جودة فعالة‬
‫وميدانية‪ ،‬ولكن مع توفير جميع الظروف لتطبيق هذا المقياس التقويمي‪.‬‬
‫ونرى أنه من الالزم أن نخلق مدرسة اإلبداع والبحث واالبتكار والتنشيط‬
‫الفني والثقافي والعلمي والتقني بدال من أن نرهق التالميذ بدروس الحفظ*‬
‫والتلقين‪ .‬وهنا البد أن ننطلق من فلسفة* الكفايات لجعل التحصيل قائما على‬
‫حل الوضعيات والمشاكل‪.‬ومن المفيد أن نقنع التالميذ باقتناء الكتب‬
‫والمجالت* والصحف وأن يستغل أوقات فراغه استغالال جيدا‪ ،‬ومن‬
‫الضروري كذلك أن نقوم بتحسيس اآلباء وأولياء التالميذ عبر الوسائل‬
‫السمعية والبصرية واإلعالم المكتوب في تحسين األوضاع والمشاركة في‬
‫بناء جيل الغد عن طريق تنويرهم علميا ورياضيا وثقافيا‪.‬كما يلعب الهندام‬
‫أو الزي الموحد دورا هاما في تمييز التلميذ عن غير التلميذ وتحقيق عدالة‬
‫اجتماعية بدون فوارق* طبقية‪.‬‬

‫سياق تتبع وتقييم المستجدات التربوية( التقويم)‪:‬‬

‫من المعلوم أن التعليم المغربي مازال حقال للتجارب التربوية والطرائق‬


‫الديداكتيكية والمستجدات* التربوية مثل فلسفة األهداف ومشروع* المؤسسة*‬
‫والشراكة ومدرسة الحياة والتعليم عن طريق الكفايات والوضعيات‪.‬ولكن‬
‫هذه المستجدات مازال المدرس المغربي لم يستوعبها بسبب غموضها‬
‫وارتجاليتها وعدم تطبيقها لمدة كافية لمعرفة نجاعتها؛ مما يجعل المدرسين‬
‫حائرين ال يعرفون ماذا يقدمون وماذا يؤخرون ‪.‬ويعني هذا أن التعليم‬
‫المغربي يخضع للتجريب واالختبار واستنساخ النظريات الغربية دون‬
‫تبيئتها بشكل حقيقي؛ ألن هذه النظريات ولدت غريبة عن المجتمع‬
‫المغربي‪ ،‬فالبد أن تكون نابعة من التربة والذات المغربية‪ ,‬كما أن كثيرا‬
‫من المدرسين ال يتوصلون بالمذكرات والشروحات* التي تنص على هذه‬
‫المستجدات التربوية بسبب انعدام التنسيق والتأطير والتردد في األجرأة‬
‫الميدانية كما وقع لفلسفة* الكفايات ومشروع المؤسسة الذي ال يعرف عنه‬
‫األساتذة أي شيء من الناحية العملية والميدانية‪.‬‬

‫الحد من ظاهرة االنقطاع والتكرار المدرسي‪*:‬‬

‫يبدو لكل مراقب ومتتبع للشأن التربوي أن المدرسة* المغربية بدأت تعرف‬
‫ظاهرة االنقطاع الدراسي والتكرار‪ ،le redoublement‬وذلك راجع إلى‬
‫انسداد آفاق المستقبل أمام الناشئة المغربية وحاملي الشواهد العليا‪ ،‬ونمو‬
‫ظاهرة البطالة باستمرار مع تراجع االستثمار ومعدل النمو االقتصادي‪ .‬وقد‬
‫أصبح التحصيل المدرسي في المغرب عند الكثير من األسر مضيعة‬
‫للوقت؛* ألن فرص الشغل نادرة وغير متوفرة‪ ،‬ومن المستحيل أن يجد‬
‫المرء* عمال في هذا الواقع المتردي‪ .‬وقد نتج عن هذا الوضع المأساوي*‬
‫تفكير التالميذ في الهجرة وعدم الرغبة في التحصيل المدرسي مما سبب‬
‫في التكرار الدراسي والهدر بشكل ملحوظ‪ ،‬ناهيك عن الظروف االقتصادية‬
‫واالجتماعية القاسية التي تدفع التلميذ إلى عدم متابعة دراسته‪.‬‬
‫ولتفادي هذه الظاهرة‪ ،‬البد من توفير الشغل وخلق األمل في نفوس‬
‫المتمدرسين‪ ،‬ومساعدة الفقراء* اجتماعيا عن طريق المنح والتضامن‬
‫االجتماعي وخلق الشراكات فضال عن عملية تحفيز المتفوقين والتنويه بهم‬
‫وتشجيع المواهب تشجيعا حقيقيا‪ ،‬و العمل الجاد على تحسيس التالميذ‬
‫إعالميا على المستوى* الوطني بمآسي الهجرة وأخطارها المرتقبة‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫هذه هي أهم المقترحات والتوصيات لتفعيل الجودة التربوية ميدانيا‪ ،‬وهي‬


‫تمس الجانب التربوي واإلداري‪.‬‬

‫‪ -16‬جودة البرامج والمناهج‬

‫لتحقيق الجودة في مجال التربية والتعليم والوصول إلى األهداف المرجوة‬


‫من العملية الديداكتيكية البد من االهتمام بالبرامج والمناهج الدراسية* وإعادة‬
‫النظر فيها‪.‬‬

‫المناهج والبرامج‪:‬‬

‫عند وضع المناهج والبرامج الدراسية البد من وضع مجموعة من المعايير‬


‫والمقاييس والمواصفات الضرورية لتأهيل تعليمنا لكي يلتحق بركب التنمية‬
‫والتطور* واالزدهار‪ .‬ومن أهم هذه المعايير‪ :‬الحداثة والمعاصرة‬
‫واالستجابة لحاجيات المجتمع ومؤسساته االقتصادية‪ ،‬واالنفتاح على‬
‫مستجدات العلوم والفنون واآلداب والتكنولوجيا على غرار الدول المتقدمة‬
‫أو السائرة في طريق النمو كدول جنوب آسيا مثل‪:‬الصين وهونغ كونغ‬
‫وتايوان وسانغفورة وكوريا الجنوبية‪ .‬ومن األفضل أن تقوم هذه المناهج‬
‫على فلسفة* الكفايات استجابة لمتطلبات السوق والعولمة* ومتطلبات المقاولة‬
‫المغربية أو المستثمرة داخل المغرب‪.‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬البد أن تنطلق هذه‬
‫المناهج من فلسفة* ميثاق التربية والتكوين وأن تعمل على تشرب مرتكزاته‬
‫ودعاماته ومبادئه لتخطي كل العقبات واألزمات التي يعانيها التعليم‬
‫المغربي‪ ،‬علما أن الميثاق غني بكثير من البنود والمقررات التي يمكن أن‬
‫تساهم في إثراء منظومتنا التربوية والتعليمية‪ ،‬كما على هذه المناهج أن‬
‫تتطور بتطور الطرائق* البيداغوجية الحديثة لمواكبة التطور العالمي في‬
‫مجال التواصل واإلعالميات والتطور التقني‪.‬‬
‫ومع توقيع المغرب على اتفاقية الكاط واتفاقيات التبادل الحر الثنائية أو‬
‫الجماعية‪ ،‬نرى أنه من الضروري* أن يحدث االنفتاح ومسايرة متطلبات‬
‫العولمة على مستوى البرامج والمناهج الدراسية‪.‬وال يعني هذا إهمال‬
‫الموروث* المحلي الخصوصي والقيم الوطنية ‪ ،‬فال بد من تجزيء المناهج‬
‫والبرامج لتراعي ثالثة جوانب أساسية‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫الثقافة العالمية ذات البعد اإلنساني؛‬
‫الثقافة الوطنية؛‬
‫الثقافة المحلية‪.‬‬
‫وال ننسى كذلك ضرورة مواكبة هذه البرامج والمناهج لمعايير التقويم‬
‫والدوسيمولوجيا الحديثة لتكون المحتويات والخبرات* الديداكتيكية أكثر‬
‫إجرائية وتطبيقا وقابلية للمراجعة والنقد الذاتي والفيدباك‪.‬وال يمكن أن‬
‫يتحقق إصالح المناهج إال بتوفير الوسائل المادية والمعنوية والبشرية وإال‬
‫سيبقى هذا اإلصالح الذي تتطلع إليه وزارة التربية والتعليم إصالحا‬
‫طوباويا دونكيشوتيا خياليا ال يعتمد على مرتكزات حقيقية وواقعية‬
‫وميدانية‪ .‬وال ينبغي أن تكون هذه البرامج والمناهج إمالءات من دول‬
‫أجنبية أو من قبل دول المركز نخضع لها باعتبارنا دوال محيطة متروبوليا‬
‫أو اقتصاديا أو سياسيا(مثل التبعية الفرنكوفونية)‪ ،‬وأال تكون نتاجا‬
‫للضغوطات الدولية وشروط األبناك المانحة كالبنك الدولي وصندوق النقد‬
‫العالمي‪ ،‬أي أال يكون اإلصالح خارجيا‪ .‬وال يعني هذا أال نستفيد من‬
‫خبرات الدول األجنبية‪ ،‬بل علينا أن نلم بتجارب الدول المتقدمة كألمانيا‬
‫والواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا واليابان وخبرات التنينات األربعة‪.‬‬
‫ومن األحسن أن نراعي في وضع هذه البرامج نظام المجزوءات* ‪les‬‬
‫‪ modules‬والتناغم والتكامل بين وحدات المقرر* والمواد المدرسة لتحقيق‬
‫االتساق واالنسجام البيداغوجي انسجاما مع فلسفة* الكفايات والوضعيات‪،‬‬
‫كما ينبغي أن تكون هذه البرامج والمناهج واضحة ودقيقة وقابلة لألجرأة‬
‫والتطبيق‪.‬‬
‫ومن أولى األوليات‪ ،‬أن يستشيرالمسؤولون* في الوزارة* المركزية الذين‬
‫تناط بهم مهمة وضع البرامج والمناهج كل الفاعلين التربويين بما فيهم‬
‫األساتذة والمفتشون والمتمدرسون وأولياء التالميذ وكذلك األطر اإلدارية‬
‫والشركاء الذين تستوجبهم مدرسة الحياة ‪ ،la vie scolaire‬وأال يكون‬
‫تنزيل البرامج والمناهج بشكل عمودي‪.‬‬
‫ونرى من األفضل كذلك‪ ،‬أن ترتكز هذه البرامج والمناهج التربوية على‬
‫ثوابت األمة كالدين والعربية واألمازيغية أي أن تستجيب لمكونات الدولة‬
‫المغربية بدون إيديولوجية أو عرقية شوفينية ومزايدات سياسوية أو نقابوية‬
‫أو إسالموية‪ ،‬دون االنفصال عن المنظور اإلسالمي والعربي والقومي‪.‬‬
‫وعندما نصدر أي إصالح تربوي جديد أو أي تغيير البد من تأهيل األساتذة‬
‫الستيعاب هذا اإلصالح عن طريق التكوين والتأطير والشرح* والتفسير‬
‫واإلعال م‪ ،‬وتمكينهم بكل المذكرات والقرارات* الوزارية والجهوية ليتمكنوا‬
‫من تطبيق مقترحات الوزارة* وأجرأة* قراراتها ومذكراتها في أحسن‬
‫الظروف‪*.‬‬
‫والبد أن نشير في األخير إلى ما تم اإلشارة إليه سالفا وهو أن تتضمن هذه‬
‫البرامج والمناهج فلسفة* وطنية قائمة على التواصل والتسامح واألخوة‪ ،‬وأن‬
‫تكون نابعة من التربة المحلية ومن الذات المغربية‪.‬‬

‫الكتب المدرسية‪:‬‬

‫وللحصول* على الجودة التربوية البد أن توفر الوزارة الكتب المدرسية في‬
‫الوقت المناسب وبأثمان معقولة‪ *.‬ومن المؤكد عليه أيضا أن تتالءم كثافة‬
‫المحتويات مع السياق الزمني للسنة الدراسية وإيقاعها المقنن‪ .‬ومن‬
‫الضروري كذلك أن يعاد النظر في بعض الكتب ذات الكم الهائل والسيما‬
‫في مجال العلوم الطبيعية والفيزيائية والكيميائية والرياضيات‬
‫واالجتماعيات والتربية اإلسالمية‪...‬‬
‫ونرى أنه من الالزم تغيير المقررات* الدراسية* مع تغير األوضاع‬
‫االجتماعية واالقتصادية والثقافية لمواكبة المستجدات الموجودة في الساحة*‬
‫العلمية والفنية واألدبية والتقنية‪ .‬ويالحظ كذلك أنه من األفضل أن تتغير‬
‫المؤلفات األدبية والفنية في التعليم الثانوي التأهيلي كل أربع سنوات لتفادي‬
‫الملل والتكرار والروتين والسيما في شعبتي اللغة العربية و الفرنسية‪.‬والبد‬
‫أن تتأسس الكتب المدرسية على معايير الحداثة والمعاصرة وجودة‬
‫المحتويات والشكل واإلخراج المطبعي الملون مراعين في ذلك شروط*‬
‫التلقي والتقبل وسيكولوجية القراءة* والبعد االجتماعي وسيميولوجية‬
‫التواصل‪ .‬ومن الحضاري* كذلك أن يكون هناك تنوع في الكتب المدرسية‬
‫والكتب الموازية بشرط أن تستجيب لشروط* دفتر التحمالت التي ترسيها‬
‫وزارة* التربية والتعليم وأن تكون مصححة ومنقحة‪ ،‬وأن تدقق في مفاهيمها‬
‫ومصطلحاتها العلمية المتفق عليها دوليا ووطنيا وعلميا ومؤسساتيا ولسانيا‪.‬‬
‫وهنا البد كذلك من توحيد اللجان التي تضع الكتب المدرسية لكي ال يقع‬
‫نشاز بينها أوعدم التكامل والتنسيق؛ مخافة من التناقض المنهجي أو‬
‫المعرفي أو الديداكتيكي‪.‬ومن المفيد مرجعيا وعلميا‪ ،‬أن نسترشد بكتب‬
‫محلية وجهوية تطبيقا لشعار الوزارة‪ *:‬الجودة‪/‬الجهوية‪/‬القرب‪.‬ولن تعطي‬
‫العملية التربوية ثمارها إال إذا ألزمنا تالمذتنا بإحضار الكتب المدرسية‬
‫خاصة مع ندرة الوسائل الديداكتيكية‪ .‬والبد أن ننبه إلى أمر مهم وهو أن‬
‫نترك الحرية لألستاذ الختيار كتاب المقرر المناسب مراعيا مستوى الفئة‬
‫المدرسية المستهدفة‪ ،‬عالوة على ضرورة تنويع المصادر في تهييء المادة‬
‫المعرفية إلنجاح العملية البيداغوجية داخل الفصل الدراسي‪ .‬وما ينبغي أن‬
‫نشير إليه أيضا أن تكون هذه الكتب المدرسية ذات محتويات حيوية‬
‫وديناميكية مرتبطة بالفضاء الذي يعيش فيه التلميذ‪ ،‬وأن تواكب المستجدات‬
‫في ميدان اإلعالم والتواصل واإلحصاء كما هو الشأن في المواد‬
‫االجتماعية‪ ،‬وأن تراعي هذه الكتب والمقررات ميوالت التلميذ وأهوائه‬
‫وقيمه الوطنية والدينية والحضارية‪ ،‬وأن تبتعد عن تكريس إيديولوجيات‬
‫معينة‪ ،‬بل عليها أن تكون ذات محتويات إنسانية عادلة وذات أبعاد‬
‫اجتماعية ديموقراطية‪ .‬بله عن ذلك‪ ،‬أن تكون متماثلة مع أهداف المنهاج‬
‫وفلسفة* الكفايات‪ ،‬وأن تكون محتويات هذه الكتب عبارة عن وضعيات‬
‫وسياقات تربوية قابلة للتقويم واالختبار‪.‬‬

‫استعماالت الزمن واإليقاعات المدرسية‪:‬‬

‫وإذا انتقلنا إلى استعمال الزمن‪ ،‬فهو الذي ينظم العملية الديداكتيكية من‬
‫جميع جوانبها‪.‬لذا البد أن ينبني على مجموعة من المقومات األساسية‬
‫كاالعتماد على اإليقاع الزمني الوظيفي‪ ،‬واحترام األعياد الدينية‪ ،‬وإعطاء‬
‫األسبقية للمواد الرئيسية على حساب المواد الثانوية أو التكميلية لكل مسلك‬
‫على حدة‪ ،‬وضرورة التخفيف من حجم ساعات المدرس والتلميذ معا؛‬
‫لنعطي لهما فرصة للتحضير وتهييء ما يجب تهييئه من خبرات التعلم‬
‫ووحدات المقرر‪.‬ويستلزم* هذا اإليقاع الزمني أن تنوع اإلدارة من‬
‫المستويات الدراسية لكل أستاذ تفاديا للروتين القاتل حسب الكفاءة التي‬
‫سيظهرها المدرس في الحقل التدريسي والتربوي‪.‬وعند وضع االستعماالت‬
‫الزمنية من األفضل أن تراعي مبادىء السيكولوجيا والشروط التربوية‪،‬‬
‫وأن يستشار األساتذة في وضعها ومناقشتها بطريقة موضوعية مع األخذ‬
‫بعين االعتبار إكراهات بنية المؤسسة والبنى النسقية األخرى‪ *.‬ونلح أن‬
‫تكون برمجة اإليقاع الدراسي مضبوطا ودقيقا وإنسانيا وعادال يرضي كل‬
‫األطراف* الفاعلة أي الضرروالضرار‪ *.‬ومن خصائص هذا اإليقاع كذلك‪،‬‬
‫أن يستجيب مع مؤهالت المدرس وخصوصيات المتعلم والجودة الكفائية‬
‫وسمات مدرسة الحياة السعيدة‪ ،‬ولن يتم ذلك إال إذا تحكمت الوزارة في‬
‫تنظيم الحركة االنتقالية في وقتها المحدد( أي في آخر السنة الدراسية)‪،‬‬
‫وانطالق محدد للموسم الدراسي لمساعدة المؤسسات التربوية في توفير‬
‫إيقاع تربوي ناجح وهادف وضبط الحاجيات الممكنة‪ .‬ونرى أنه آن األوان‬
‫للعمل بنظام سيكما‪ sigma‬في تسيير المؤسسة التربوية كما ينص على ذلك‬
‫ميثاق التربية والتكوين‪.‬‬

‫ظروف التعليم بالقسم‪:‬‬


‫من األوليات البيداغوجية والديداكتيكية لتحقيق الجودة* في ميدان التعليم البد‬
‫من تحسين ظروف التعلم والتعليم انسجاما مع مدرسة الحياة أوال‪ ،‬وتطبيقا‬
‫لمبادىء ميثاق التربية والتكوين ثانيا‪ .‬ولن يتحقق ذلك إال بالتخفيف من‬
‫أعداد التالميذ وتوفير اإلمكانيات المادية والتجهيزات المناسبة وتحديث‬
‫األقسام وعصرنتها‪ ،‬وذلك بتوفير الوسائل التكنولوجية واإلعالمية‬
‫المعاصرة( الكمبيوتر واإلنترنت‪.)...‬‬
‫ويستلزم هذا التحسين كذلك صباغة األقسام باأللوان التي يرتاح لها األستاذ‬
‫والتلميذ معا‪ ،‬وتجهيزها بمختبرات حديثة تتوفر على تقنيات وآليات أكثر‬
‫عصرنة تتطلب وجوب المحافظة* عليها‪ ،‬وال بد أن تتوفر المؤسسات‬
‫التربوية على آلة لالستنساخ لتسهيل عمليات طبع الفروض‬
‫واالمتحانات‪.‬والبد من تنظيف األقسام والجدران وتأهيل التلميذ أخالقيا‬
‫ومعرفيا للمشاركة في هذا الورش اإلصالحي بطرق ديموقراطية مقنعة‪.‬‬
‫كما أن مدرسة الحياة التي تدعو إليها الوزارة* من الضروري* أن تستند إلى‬
‫التنشيط الفني والثقافي والعلمي‪ .‬ونلح كذلك على وجوب توفير األطر‬
‫التربوية واإلدارية و األعوان المساعدين بالقدر الكافي‪ ،‬مع ضرورة إيجاد‬
‫المحلل النفساني والباحث االجتماعي داخل المؤسسة لتصحيح العالقة‬
‫التواصلية خصوصا بين التلميذ واألستاذ‪ ،‬وأيضا لتفادي االصطدامات‬
‫المتكررة بين التلميذ والتلميذ أو بين التلميذ واألستاذ أو بين التلميذ واإلدارة‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬

‫تلكم هي أهم الشروط واالقتراحات* والتوصيات التي نراها مناسبة لتحقيق‬


‫جودة كفائية وحداثية لمنظومتنا التربوية في مجال البرامج والمناهج ووضع‬
‫الكتب المدرسية وتوظيف اإليقاع المدرسي وتحسين ظروف القسم‪.‬‬
‫‪ -17‬الكفايات والوضعيات‬

‫إذا كانت بيداغوجية األهداف تجزيئية وهرمية وال سياقية‪ ،‬فإن بيداغوجية‬
‫الكفايات سياقية وشاملة و مندمجة ووظيفية‪ .‬وتعد الوضعيات من أهم‬
‫العناصر التي ترتكز عليها الكفاية‪ ،‬ومن أهم محكاتها الجوهرية لتقويمها‬
‫إنجازا وأداء ومؤشرا‪ .‬واليمكن تصور الكفايات بدون الوضعيات تماما؛‬
‫ألنها هي التي تجعل من الكفاية وظيفة ال سلوكا‪ ،‬وهي التي تحكم على‬
‫أهلية القدرات و مدى مالءمتها للواقع* وصالحيتها للتكيف مع الموضوع أو‬
‫فشلها في إيجاد الحلول للمشاكل المعيقة‪.‬‬

‫‪ /1‬تعريف الكفـــــــــاية‪:‬‬

‫قبل تعريف الوضعية‪ ،‬علينا أن نعرف الكفاية والمقصود بها لكي تتضح‬
‫دالالت مفهومنا الديداكتيكي الذي نريد الخوض فيه‪ ،‬وهكذا تعرف الكفاية‬
‫عند جيلي بأنها " نظام من المعارف المفاهيمية( الذهنية) والمهارية‬
‫( العملية) التي تنتظم في خطاطات إجرائية‪ ،‬تمكن في إطار فئة من‬
‫الوضعيات‪ ،‬من التعرف على المهمة – اإلشكالية وحلها بنشاط وفعالية"(‬
‫‪ .)1‬وتعرف الكفاية كذلك على أنها " هدف‪ -‬مرمى متمركزة حول البلورة*‬
‫الذاتية لقدرة التلميذ على الحل الجيد للمشاكل المرتبطة بمجموعة من‬
‫الوضعيات‪ ،‬باعتماد معارف مفاهيمية ومنهجية مندمجة ومالئمة"(‪.)2‬‬
‫ويعرفها فيليب پيرنو بأنها" القدرة على تعبئة مجموعة من الموارد*‬
‫المعرفية( معارف‪ ،‬قدرات‪ ،‬معلومات‪ ،‬الخ) بغية مواجهة جملة من‬
‫الوضعيات بشكل مالئم وفعال"(‪ .)3‬ويرى د‪ .‬محمد الدريج أن هذه‬
‫الكفايات" ينظر إليها على أنها إجابات عن وضعيات‪ -‬مشاكل تتألف منها‬
‫المواد الدراسية"(‪ .)4‬وفي رأيي‪ ،‬أن الكفاية هي مجموعة من القدرات*‬
‫والمهارات والمعارف يتسلح بها التلميذ لمواجهة مجموعة من الوضعيات‬
‫والعوائق* والمشاكل التي تستوجب إيجاد الحلول* الناجعة لها بشكل مالئم‬
‫وفعال‪.‬‬
‫ويظهر لنا من مجموعة من التعاريف للكفاية أنها تنبني على عناصر‬
‫أساسية يمكن حصرها في‪:‬‬
‫‪ -1‬القدرات والمهارات؛‬
‫‪ -2‬اإلنجاز أو األداء؛‬
‫‪ -3‬الوضعية أو المشكل؛‬
‫‪ -4‬حل الوضعية بشكل فعال وصائب؛‬
‫‪ -5‬تقويم الكفاية بطريقة موضوعية‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬يبدو لنا أن الكفاية مرتبطة أشد االرتباط بالوضعية‪ /‬اإلشكال‪ ،‬أي‬
‫أن الكفاية قائمة على إنجاز المهمات الصعبة وإيجاد الحلول المناسبة‬
‫للمشاكل المطروحة* في الواقع الموضوعي‪ .‬إذا‪ ،‬فالعالقة الموجودة بين‬
‫الكفاية والوضعية هي عالقة استلزام* اختباري وتقييمي وديداكتيكي‪.‬‬

‫‪ 2‬الوضــعية والــسياق‪-Situation et contexte :‬‬

‫إذا تصفحنا معاجم اللغة العربية كلسان العرب والمعجم الوسيط* فإننا ال نجد‬
‫كلمة الوضعية بهذه الصيغة؛ بل نجد كلمة وضع موضعا ومواضع الدالة‬
‫على اإلثبات في المكان‪ ،‬أي أن الوضعية بمثابة إطار مكاني للذات‬
‫والشيء‪ )5(.‬ولكن في اللغات األجنبية نجد حضورا لهذا المفهوم بشكل‬
‫واضح ومحدد‪ .‬ففي معجم أكسفورد* اإلنجليزي نجد أن الوضعية تعني "‬
‫معظم الظروف واألشياء التي تقع في وقت خاص وفي مكان خاص"(‪،)6‬‬
‫وتقترن الوضعية بداللة أخرى وهي السياق الذي هو" عبارة عن وضعية‬
‫يقع فيها شيء‪ ،‬وتساعدك بالتالي على فهمه"(‪ .)7‬أما معجم روبير فيرى أن‬
‫الوضعية هي " أن تكون في مكان أو حالة حيث يوجه الشيء أو يتموقع" (‬
‫‪ )8‬أي أن الوضعية هي التموقع المكاني أو الحالي في مكان أو وضع ما‪،‬‬
‫بينما يحدد السياق في هذا المعجم على أنه " مجموعة من الظروف التي‬
‫تحيط بالحدث"( ‪.)9‬‬
‫ويمكن أن نفهم من كل هذا أن الوضعية هي مجموعة من الظروف المكانية‬
‫والزمنية والحالية التي تحيط بالحدث وتحدد سياقه‪ .‬وقد تتداخل الوضعية‬
‫مع السياق والظروف والعوائق والمواقف* والمشكالت والمشاكل‬
‫والصعوبات واالختبارات والمحكات والحالة والواقع* واإلطار‬
‫واإلشكالية‪...‬الخ‪.‬‬
‫وتعرف الوضعية في مجال التربية والديداكتيك بأنها" وضعية ملموسة‬
‫تصف‪ ،‬في الوقت نفسه‪ ،‬اإلطار األكثر واقعية‪ ،‬والمهمة التي يواجه التلميذ‬
‫من أجل تشغيل المعارف المفاهيمية والمنهجية الضرورية‪ *،‬لبلورة الكفاية‬
‫والبرهنة عليها"(‪ .)10‬أي أن الوضعية واقعية ملموسة يواجهها التلميذ‬
‫بقدراته ومهاراته وكفاءاته عن طريق حلها‪ .‬والوضعيات ليست سوى التقاء‬
‫عدد من العوائق والمشاكل في إطار شروط* وظروف معينة‪ .‬إن الوضعية‪-‬‬
‫حسب د‪ .‬محمد الدريج‪ " -‬تطرح إشكاال عندما تجعل الفرد أمام مهمة عليه‬
‫أن ينجزها‪ ،‬مهمة ال يتحكم في كل مكوناتها وخطواتها‪ ،‬وهكذا يطرح التعلم‬
‫كمهمة تشكل تحديا معرفيا للمتعلم‪ ،‬بحيث يشكل مجموع القدرات*‬
‫والمعارف الضرورية لمواجهة الوضعية وحل اإلشكال‪ ،‬ما يعرف‬
‫بالكفاية"(‪ .)11‬ونفهم من هذا‪ ،‬أن الوضعية هي مجموعة من المشاكل‬
‫والعوائق* والظروف التي تستوجب إيجاد حلول لها من قبل المتعلم للحكم‬
‫على مدى كفاءته وأهليته التعليمية ‪ /‬التعلمية والمهنية‪ .‬وتعتبر المواد‬
‫الدراسية* مجموعة من المشاكل والوضعيات‪ ،‬والسيما أنه ينبغي أن نعد‬
‫التلميذ للحياة والواقع لمواجهة التحديات والصعوبات التي يفرضها عالمنا‬
‫اليوم‪ ،‬وأن يتعلم الحياة عن طريق الحياة؛ وأال يبقى التلميذ رهين النظريات‬
‫المجردة البعيدة عن الواقع* الموضوعي أو حبيس الفصول الدراسية‬
‫واألقسام المغلقة* والمسيجة بالمثاليات والمعلومات التي تجاوزها الواقع أو‬
‫التي أصبحت غير مفيدة لإلنسان‪ .‬أي أن فلسفة* الوضعيات مبنية على أسس‬
‫البراجماتية كالمنفعة واإلنتاجية والمردودية والفعالية والفائدة المرجوة من‬
‫المنتوج‪ ،‬واإلبداعية‪ ،‬وهو تصور الفلسفة الذرائعية لدى جيمس جويس‬
‫وجون ديوي وبرغسون والثقافة األنجلو سكسونية بصفة عامة‪.‬‬

‫‪ /3‬ســــياق* بيداغوجية الوضـــعيات‪:‬‬

‫اليمكن فهم الوضعيات إال إذا وضعناها في سياقها االجتماعي والتاريخي‪،‬‬


‫وهو نفس سياق بيداغوجية الكفايات‪ ،‬إذ استلزم التطور* العلمي‬
‫والتكنولوجي المعاصر منذ منتصف القرن العشرين توفير أطر مدربة‬
‫أحسن تدريب لتشغيل اآللة بكل أنماطها؛ مما دفع بالمجتمع الغربي ليعيد‬
‫النظر في المدرسة وطبيعتها ووظيفتها وذلك بربطها بالواقع والحياة وسوق‬
‫الشغل لمحاربة البطالة والفشل المدرسي والالمساواة االجتماعية‪ .‬ويعني‬
‫هذا ربط المدرسة بالمقاولة والحياة المهنية والعولمة* والقدرة التنافسية‬
‫المحمومة‪ .‬أي على المدرسة* أن تنفتح على الواقع* والمجتمع لتغييرهما‬
‫وإمدادهما باألطر المدربة والكفئة والمتميزة‪ ،‬فال قيمة للمعارف‬
‫والمحتويات الدراسية إذا لم تقترن بما هو وظيفي ومهني وتقني وحرفي‪.‬‬
‫إذا‪ ،‬كل هذه العوامل هي التي كانت وراء عقلنة المناهج التربوية وجعلها‬
‫فعالة ناجعة ذات مردودية تأطيرية وإبداعية‪.‬‬
‫وقد حاولت دول العالم الثالث ‪ ،‬بما فيها الدول العربية ( تونس والمغرب‬
‫وسلطنة* عمان مثال)‪ ،‬أن تتمثل هذا النموذج التربوي القائم على بيداغوجية‬
‫الكفايات والوضعيات لمسايرة المستجدات* العالمية ومتطلبات السوق*‬
‫اللبرالية* وتفادي البطالة والثورات* االجتماعية وظاهرة الهجرة بكل‬
‫أنواعها‪ ،‬وحاولت تبيئتها في مدارسها لخلق الجودة والعقالنية وتحصيل‬
‫المردودية الفعالة‪ .‬وبذلك أصبحت التربية تابعة للسياسة* االقتصادية للدولة*‬
‫وظروفها االجتماعية والتمويلية‪ .‬ويقول نيكو هيرت في هذا الصدد‪":‬ما هو‬
‫إذا عالم اليوم هذا ؟ يتميز محيطنا االقتصادي بعنصرين اثنين ‪ :‬أوال تقلب‬
‫بالغ وثنائية اجتماعية قوية‪ .‬ينجم عن احتدام الصراعات التنافسية وإعادة‬
‫الهيكلة وإغالق المصانع وترحيل وحدات اإلنتاج‪ ،‬واللجوء المتسارع إلى‬
‫اختراعات تكنولوجية زائلة أكثر فأكثر( سواء في مجال اإلنتاج أو في‬
‫مجال االستهالك)‪ .‬وفي هذا السياق تتمثل إحدى أهم مساعي أرباب العمل‬
‫في المرونة‪ :‬أي مرونة سوق العمل ومرونة العامل المهنية واالجتماعية‬
‫ومرونة أنظمة التربية والتكوين وقابلية تكيف المستهلك‪.‬‬
‫مازالت سوق العمل حاليا منظمة بشكل قوي على أسس المؤهالت‪ ،‬أي‬
‫على أساس الشواهد‪ *.‬وتمثل الشهادة جملة معارف ومهارات معترف بها‪،‬‬
‫تخضع لمفاوضات جماعية وتخول حقوقا بشأن األجور وشروط العمل أو‬
‫الحماية االجتماعية‪ .‬وإلتاحة دوران أكثر ليونة لليد العاملة‪ ،‬بات أرباب‬
‫العمل يسعون لتدمير هذا الثنائي المتصلب‪ :‬مؤهالت‪ -‬شواهد‪ ،‬واستبداله‬
‫بالثنائي كفايات‪ -‬شواهد مبنية على وحدات تكوين( مصوغات أو‬
‫مجزوءات* )"(‪Modulaire.)12‬‬

‫‪ /4‬أنــواع الوضعـــــيات‪*:‬‬

‫إن الوضعيات مجموعة من األطر* والمؤشرات والظروف السياقية التي‬


‫تحدد المشكالت والعوائق* والصعوبات التي تواجه التلميذ المتسلح بمجموعة‬
‫من المعارف والقدرات* والكفايات الوظيفية قصد حلها والحصول على‬
‫إجابات وافية وصحيحة للبرهنة على صدق هذه الكفايات والقدرات*‬
‫المكتسبة عبر مجموعة من التعلمات المدرسية المنجزة مسبقا‪ .‬ويمكن أن‬
‫نضع التلميذ أمام عدة وضعيات تبرز طبيعة الكفاية لدى التلميذ‪ ،‬وهذه هي‬
‫التي ستحدد لنا أنماط الوضعيات – المشاكل على مستوى مؤشرات األطر‬
‫السياقية‪:‬‬

‫‪ -1‬الوضعية المكانية‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون التلميذ قادرا على كتابة اإلنشاء داخل القسم؛‬


‫– أن يكون قادرا على إجراء* التجربة داخل المختبر‪.‬‬

‫‪ -2‬الوضعية الزمنية‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون التلميذ قادرا على كتابة قصيدة شعرية في ساعتين؛‬


‫– أن يقطع التلميذ مسافة ‪ 40‬كلم في ساعتين‪.‬‬

‫‪ -3‬الوضعية الحالية‪:‬‬

‫‪ -‬أن يمثل التلميذ هذا الدور* المسرحي بطريقة كوميدية؛‬


‫‪ -‬أن يسبح التلميذ على ظهره في مسبح المدرسة‪*.‬‬

‫‪ -4‬الوضعية األداتية أو الوسائلية‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكتب التلميذ نصا من ألف كلمة بواسطة الكمبيوتر؛‬


‫‪ -‬أن يقفز التلميذ بواسطة الزانة‪*.‬‬

‫‪ -5‬الوضعية الحدثية أو المهارية‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون التلميذ قادرا على إنجاز تقطيع هذا البيت الشعري وتحديد بحره؛‬
‫‪ -‬أن يكون التلميذ قادرا على إصالح اآللة الموجودة فوق الطاولة‪*.‬‬
‫‪ -6‬الوضعية التواصلية‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون قادرا على استخدام أسلوب* التحذير‪ ،‬وهو يتكلم باإلسبانية مع‬
‫شخص يدخن سيجارة في الحافلة؛‬
‫‪ -‬أن يكون قادرا على التواصل باإلنجليزية‪ ،‬وهو يكتب رسالة إلى صديقة‬
‫البريطاني في لندن‪.‬‬

‫و يمكن أن نحدد أنواعا أخرى من الوضعيات الموقفية قياسا على ما ذهب‬


‫إيريبان إليه (‪ )13‬في تصنيفه للكفايات‪IRIBANE:‬‬
‫‪ -1‬وضعيات التقليد والمحاكاة‪:‬‬
‫ترتكز على مهمات التقليد وإعادة المعارف والمهارات المكتسبة عن طريق‬
‫التطبيق والمماثلة والحفظ واآللية واإلعادة ( وضعيات االجترار)‪.‬‬
‫‪ -2‬وضعيات التحويل‪:‬‬
‫تنطلق من وضعية معينة من العمل لتطبيقها على وضعيات غير متوقعة‬
‫لكن قريبة‪ ،‬وذلك بالتفكير بالمثل واالستفادة من الوضعيات السابقة لحل‬
‫الصعوبات عن طريق تحويلها إليجاد الحلول المناسبة( وضعيات االستفادة‬
‫واالمتصاص)‪.‬‬

‫‪ -3‬وضعيات التجديد‪:‬‬
‫تنطلق من مواجهة مشاكل وصعوبات وعراقيل جديدة وتقديم حلول مناسبة‬
‫لها‪ ( .‬وضعيات الحوار و اإلبداع)‪.‬‬
‫ويمكن تصنيف الوضعيات من الناحية التقويمية المعيارية على النحو‬
‫التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬وضعية أولية‪:‬‬
‫يتم طرح مجموعة من الوضعيات اإلشكالية للتلميذ أثناء بداية الدرس أو‬
‫قبل الشروع* فيه إما في شكل مراجعة وإما في شكل إثارة قدراته الذاتية‬
‫والمهارية‪.‬‬
‫‪ -2‬وضعية وسيطية‪:‬‬
‫يقوم التلميذ أثناء التعلم والتكوين وفي وسط دراسة* المجزوءة* للتأكد من‬
‫قدرات التلميذ التعلمية والمفاهيمية والمهارية‪.‬‬
‫‪ -3‬وضعية نهائية‪:‬‬
‫يواجهها التلميذ في نهاية الدرس‪ ،‬وهي التي تحكم على التلميذ إن كان كفئا‬
‫أم ال؟ وهل تحققت عنده الكفاية أم ال؟ وهل أصبح قادرا على مواجهة‬
‫الصعوبات والوضعيات اإلشكالية والمواقف الواقعية؟ وهل تحقق الهدف‬
‫المبتغى والغاية المنشودة من التكوين والتعلم الذاتي أم ال؟‬
‫وهذه الوضعيات تتناسب تماثليا مع التقويم األولي والتكويني واإلجمالي في‬
‫إطار العملية التعليمية – التعلمية‪.‬‬
‫ومن حيث المحتوى‪ *،‬فهناك وضعيات معرفية ( ثقافية)‪ ،‬ووضعيات‬
‫منهجية‪ ،‬ووضعيات تواصلية‪ ،‬ووضعيات وجدانية أخالقية‪ ،‬ووضعيات‬
‫حركية‪ ،‬ووضعيات مهنية تقنية‪...‬‬

‫‪ / 5‬خصائص الوضــعية‪ -‬المشكل‪:‬‬

‫مجموعة من الخصائص التي يجب أن تتميز بها ‪ ASTOLFI‬حد د‬


‫وضعية المشكل الجيدة‪ ،‬نذكر منها(‪:)14‬‬

‫‪ -1‬ينبغي أن تحدد الوضعية عائقا ينبغي حله؛‬


‫‪ -2‬أن تكون الوضعية حقيقية ملموسة وواقعية تفرض على التلميذ صياغة‬
‫فرضيات وتخمينات؛‬
‫‪ -3‬تشبه هذه الوضعية لغزا حقيقيا ينبغي حله و مواجهته بالقدرات‬
‫المكتسبة؛‬
‫‪ -4‬تكون ذات خصوصية تحدد مجال فعل الكفاية؛‬
‫‪ -5‬توصف ضمن لغة واضحة ومفهومة من قبل التلميذ؛‬
‫‪ -6‬تتطلب الوضعية معارف وقدرات ومهارات تساهم في تكوين الكفاية في‬
‫شتى مستوياتها المعرفية والحركية والوجدانية؛‬
‫‪ -7‬تتشابه مع وضعية حقيقية يمكن أن تواجه األفراد خارج المدرسة‪،‬‬
‫ضمن الحياة المهنية أو الحياة الخاصة؛*‬
‫‪ -8‬يعد للتلميذ مشكال حقيقيا ال يكون فيه الحل بديهيا؛‬
‫‪ -9‬تشكل الوضعية فرصة يثري فيها التلميذ خبراته؛‬
‫‪ -10‬تحدد الوضعية وفق المستوى المعرفي للتلميذ‪.‬‬

‫‪ /6‬أهمية الوضعيات‪ -‬المشـــاكل‪:‬‬

‫للوضعيات أهمية كبيرة في اختبار المناهج الدراسية وتقييم المدرسة*‬


‫والتمييز بين التقليدية والجديدة منها‪ ،‬ومعرفة المدرسة المنغلقة من‬
‫الوظيفية‪ .‬إن الوضعيات بيداغوجية الكفاءة والمردودية وإبراز* القدرات‬
‫والمهارات والمواهب المضمرة والظاهرة‪ .‬إنها تربية المشاكل والحلول‬
‫والتعلم الذاتي وتجاوز الطرائق* التقليدية القائمة على التلقين والحفظ وتقديم‬
‫المعرفة والمحتويات بواسطة المدرس إلى التلميذ السلبي‪ .‬كما أن تربية‬
‫الوضعيات هي التي تفرز الكفاءات والقدرات العقلية وتربط المدرسة‬
‫بالواقع وسوق الشغل ليس من خالل الشواهد – المؤهالت بل من خالل‬
‫الشواهد – الكفايات‪ .‬بيد أن هذه الوضعيات والكفايات ليست عصا سحرية‬
‫لمعالجة كل مشاكل وزارات التربية والتعليم كاكتظاظ التالميذ في الفصول‬
‫الدراسية‪ *،‬وتكوين المدرسين‪ ،‬وإيجاد الحلول* المناسبة للوضعية االجتماعية‬
‫للمدرسين‪ ،‬وتوفير الوسائل واإلمكانيات المادية والبشرية‪ ،‬بل إن طريقة‬
‫التعليم بالكفايات والوضعيات طريقة بيداغوجية لعقلنة العملية الديداكتيكية‬
‫وتفعيلها بطريقة علمية موضوعية على أسس معيارية وظيفية وربط‬
‫المدرسة* بالحياة والشغل وسوق* العمل وحاجيات أرباب العمل والمنافسة‬
‫ومقتضيات العولمة‪ ،‬وكل هذا يتطلب تغيير عقلية اإلدارة والمدرس والتلميذ‬
‫واآلباء والمجتمع كله‪ .‬وال ينبغي أن تبقى الوضعيات والكفايات في إطارها‬
‫الشكلي أو بمثابة موضة عابرة أو حبيسة مقدمات الكتب المدرسية‬
‫وتوجيهات البرامج الدراسية وفلسفتها البعيدة كغايات ومواصفات مثالية‬
‫نظرية بدون تطبيق أو ممارسة فعلية وميدانية‪ .‬وهنا أستحضر قولة معبرة‬
‫بكل وضوح لما نريد أن نقصده لمبلور الكفايات فيليب پيرنو‪":‬إذا* ظلت‬
‫المقاربة بالكفايات على مستوى الخطاب لهثا وراء الموضة‪ ،‬فإنها ستغير‬
‫النصوص لتسقط في النسيان‪ ]...[ ...‬أما إذا كانت تطمح إلى تغيير‬
‫الممارسات‪ ،‬فستصبح إصالحا من "النمط الثالث" ال يستغني عن مساءلة‬
‫معنى المدرسة* وغايتها"(‪.)15‬‬

‫‪ /7‬بطاقة تقنية لبيداغوجيا الوضعيات والكفايات‪:‬‬

‫ليكون موضوعنا ميدانيا وإجرائيا ارتاينا أن نقدم جذاذة وصفية لطريقة‬


‫التدريس بالكفايات والوضعيات بدال من الوصف النظري* المجرد قصد‬
‫تفعيل العملية الديداكتيكية وعقلنتها على أسس الوعي والتطبيق والممارسة*‬
‫والتقييم المعياري‪ .‬وإليكم هذه البطاقة التقنية‪:‬‬
‫المجزوءة‪ :‬العربية‬
‫عنوان المجزوءة‪ *:‬المناهج النقدية( المنهج النفسي)‬
‫الفئة المستهدفة‪2 :‬باك أدبي‬
‫المدة الزمنية‪ :‬ساعة واحدة‪.‬‬
‫الغايات والمواصفات‪ *:‬أن يكون التلميذ مواطنا صالحا ومثقفا يتذوق األدب‬
‫ويقدر على نقده ويساهم في إثراء الساحة األدبية والنقدية المغربية أو‬
‫العربية أو العالمية‪.‬‬
‫الهدف الختامي‪ :‬أن يكون التلميذ متمكنا من المنهج النفسي وقادرا على‬
‫تطبيقه على قصيدة ابن الرومي في رثائه البنه األوسط على ضوء مفاهيم‬
‫سيغموند فرويد‪.‬‬
‫الوسائل الديداكتيكية‪ :‬الوثائق النصية( الكتاب المدرسي‪ -‬ديوان أبي نواس‪-‬‬
‫كتب فرويد في علم النفس‪ -‬مراجع ومصادر أخرى‪.)...‬‬

‫الكفايات التعلمات األداء اإلنجازي نوع األداء الوضعية السياقية طبيعة‬


‫الوضعية تقييم األداء‬
‫أن يكون التلميذ قادرا على تعريف المنهج النفسي تعريف المنهج النفسي أن‬
‫يعرف التلميذ المنهج النفسي أداء معرفي عرف المنهج النفسي على ضوء‬
‫كتاب فرويد في علم النفس! وضعية أدائية وسائلية وضعية أولية‪ .‬نسبة‬
‫نجاح األداء‪20*/...‬‬
‫عبارة التقدير‪ :‬ضعيف‪/‬البأس به‪ /‬مستحسن‪ /‬حسن‪ /‬حسن جدا‪ /‬ممتاز‬
‫أن يكون قادرا على تحديد أسس المنهج النفسي مرتكزات المنهج النفسي أن‬
‫يحدد مرتكزات المنهج النفسي أداء معرفي حدد مرتكزات المنهج النفسي‬
‫وضعية أدائية حدثية وضعية اولية‪ .‬نسبة نجاح األداء‪( /20...‬عبارة‬
‫التقدير)‬
‫أن يكون قادرا على تعداد رواد المنهج النفسي رواد المنهج النفسي أن يعدد‬
‫التلميذ مجموعة من األسماء النقدية في مجال علم النفس أداء معرفي‬
‫بالرجوع إلى مكتبة المؤسسة* ابحث عن رواد المنهج النفسي! وضعية أدائية‬
‫مكانية وضعية أولية‪ .‬نسبة النجاح األدائي‪20/...‬‬
‫عبارة التقدير‬
‫أن يكون قادرا على ذكر المفاهيم النقدية المفاهيم النقدية أن يبرز التلميذ‬
‫مفاهيم المنهج النفسي من خالل نص النويهي في نقده ألبي نواس أداء‬
‫منهجي استخرج من النص المفاهيم النقدية التي وظفها النويهي في نقده‬
‫ألبي نواس! وضعية أدائية وسائلية وضعية وسيطة‪ .‬نسبة النجاح والتقدير‪.‬‬
‫أن يكون قادرا على تحديد القضايا النقدية القضايا النقدية أن يبرز التلميذ‬
‫القضايا النقدية الموجودة في النص أداء منهجي يطرح النص عدة قضايا‬
‫نقدية ابرزها على ضوء مقاطع نصية! وضعية سياقيةأدائية وسائلية‬
‫وضعية تقييمية وسيطة‪ .‬نسبة النجاح‪ .‬عبارة التقدير‪.‬‬
‫أن يكون قادرا على إبراز إيجابيات المنهج النفسي وسلبياته إيجابيات‬
‫المنهج النفسي وسلبياته أن يبين التلميذ إيجابيات المنهج النفسي وسلبياته‬
‫أداء منهجي بين إيجابيات المنهج النفسي وسلبياته من خالل النص في مدة‬
‫‪ 10‬دقائق وضعية أدائية زمنية وضعية تقييمية وسيطة‪ .‬نسبة النجاح‪.‬‬
‫وعبارة التقدير‪.‬‬
‫أن يكون قادرا على قراءة النص الشعري* المنقود قراءة النص الشعري‬
‫ألبي نواس أن يقرأ التلميذ نص أبا نواس في وصف الخمرة ويتذوقه أداء‬
‫تواصلي وجداني اقرأ قصيدة ابي نواس في وصف الخمرة قراءة شاعرية!‬
‫وضعية أدائية حالية وضعية وسيطة‪ .‬نسبة النجاح وعبارة التقدير‬
‫أن يطبق المنهج النفسي تطبيق المنهج النفسي على نماذج شعرية‬
‫أن يطبق التلميذ المنهج النفسي على قصيدة ابن الرومي في رثاء ولده‬
‫الوسط أداء منهجي‪ /‬معرفي خذ قصيدة ابن الرومي الموجودة في الكتاب‬
‫المدرسي ص‪ 12‬وطبق عليها المنهج النفسي في القسم لمدة ساعة! وضعية‬
‫وسائلية وادائية ومكانية وزمنية وضعية نهائية‪ .‬نسبة النجاح وعبارة التقدير‬

‫الهدف الختامي‪:‬‬
‫تحقق بنسبة‪٪ ...‬‬
‫لم يتحقق بنسبة‪٪ ...‬‬
‫المراجـــع* والمـــــصادر‪:‬‬

‫‪GILLET , P : « L’ utilisation des objectifs en – 1‬‬


‫‪formation , contexte et évolution » Education permanent‬‬
‫‪; , Nr :85 , octobre 1986 , p :17-37‬‬
‫‪ -2‬بيير ديشي‪ :‬تخطيط الدرس لتنمية الكفايات‪ ،‬ترجمة عبد الكريم غريب‪،‬‬
‫منشورات عالم التررية‪ ،‬مطبعة دار النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ،2003‬ص‪121 :‬؛‬
‫‪ -3‬باوال جونتيل وروبيرتا بنتشيني‪ (:‬بناء الكفايات‪ :‬مقابلة مع فليب پيرنو)‪،‬‬
‫الكفايات في التدريس بين التنظير والممارسة‪ *،‬تعريب‪ :‬محمد العمارتي‬
‫والبشير اليعكوبي‪ ،‬مطبعة أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط‪ ،2004 ،1‬ص‪41:‬؛‬
‫‪ -4‬د‪ .‬محمد الدريج‪ :‬الكفايات في التعليم‪ ،‬المعرفة للجميع‪ ،‬أكتوبر ‪،2000‬‬
‫العدد‪ ،16‬ص‪61 :‬؛‬
‫‪ -5‬ابن منظور‪ :‬لسان اللسان‪ ،‬ج ‪ ،2‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1‬ن‬
‫‪ ،1993‬ص‪743:‬؛ والمعجم الوسيط* ألحمد حسن الزيات وآخرين‪ ،‬المكتبة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬استانبول‪ ،‬تركيا‪ ،‬ص‪1039 :‬؛‬
‫‪Oxford advanced learner’s, Dictionary Oxford -6‬‬
‫‪; university press 2000 ; p : 1109‬‬
‫‪; Ibid, p : 247 -7‬‬
‫‪; Paul robert : Le Petit Robert, Paris, éd, 1992, p : 378 -8‬‬
‫‪; Ibid, p : 1820 -9‬‬
‫‪ -10‬بيير ديشي‪ :‬تخطيط الدرس لتنمية الكفايات‪ ،‬ص‪181:‬؛‬
‫‪ -11‬د‪ .‬محمد الدريج‪ :‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص‪60 :‬؛‬
‫‪ -12‬نيكو هرت‪ (:‬بصدد المقاربة عبر الكفايات هل نحتاج إلى عمال أكفاء‬
‫أم إلى مواطنين نقديين؟)‪ ،‬الكفايات في التدريس بين النظرية والممارسة‪،‬‬
‫مطبعة أكدال ‪،‬الرباط‪،‬ط‪ ،2004 /1‬ص‪50 /49:‬؛‬
‫‪A regarder : A , IRRIBANE : « La compétitivité, Défi -13‬‬
‫‪; Social, Enjeu éducatif », CNRS, Paris, 1989‬‬
‫‪Astolfi, j, p : « Placer les élèves en situation – -14‬‬
‫‪problème ? », dans Probio revue, 16, 4, Bruxelles :‬‬
‫‪Association des professeurs de biologie (ASBL) ,1993‬‬
‫‪ -15‬حسن بوتكالي‪ (:‬مفهوم الكفايات وبناؤها عند فيليب پيرنو)‪ ،‬الكفايات‬
‫في التدريس بين التنظير والممارسة‪ ،‬مطبعة أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط‪،2004 ،1‬‬
‫ص‪24:‬‬
‫‪ -18‬حقوق* الطفل حسب اتفاقية األمم المتحدة واإلسالم‬

‫عرف القرن العشرون تطورا كبيرا في مجال إقرار* حقوق اإلنسان‪ ،‬ألن‬
‫المجتمع الدولي حدد عدة مواثيق تهم اإلنسان بمختلف أجناسه وأعماره‬
‫وحاالته‪ ،‬وسهر على تنفيذ هذه الحقوق وترجمتها عمليا من خالل عدة‬
‫أجهزة ووسائل رسمية وغير رسمية محليا وعالميا‪ .‬ولكن مازالت عدة‬
‫عوائق ومثبطات تمنع من إقرار كل هذه الحقوق* التي ينبغي أن يتمتع بها‬
‫اإلنسان كيفما كان وحيثما كان‪.‬‬
‫من المعلوم‪ ،‬أن ثمة أسبابا كانت وراء االهتمام بتسطير مدونة حقوق‬
‫اإلنسان الدولية من قبل هيئة األمم المتحدة خاصة الحروب* الكونية األولى‬
‫والثانية إلى جانب ظاهرة االستعمار واالستبداد السياسي والحرب الباردة‬
‫وغياب النظام الديمقراطي وانعدام العدالة االجتماعية وتعطيل النهج الديني‬
‫اإلسالمي‪ .‬وقد استلزمت كل هذه البواعث وضع خطة قانونية وإجرائية‬
‫ردعية قائمة على المراقبة* والتنفيذ والمتابعة الجزائية والمعنوية للحد من‬
‫ظاهرة االعتداء على الحق اإلنساني‪.‬‬
‫ولقد كان اإلسالم هو السباق إلى التنصيص على حقوق اإلنسان بصفة‬
‫عامة وحقوق الطفل* بصفة خاصة‪ ،‬وبعد ذلك ظهرت عدة ثورات إنسانية‬
‫حقوقية كالثورة اإلنجليزية(‪ ،)1689‬والثورة الفرنسية(‪ ،)1989‬والثورة‬
‫األمريكية (‪ )1776‬لإلعالن عن حقوق اإلنسان كالحرية واألخوة‬
‫والمساواة‪ .‬وكان المختبر الحقيقي لهذه الثورات* الحقوقية هو " الفلسفة‬
‫السياسية كما نجدها عند رواد مدرسة الحق* الطبيعي ورواد مدرسة التعاقد‬
‫االجتماعي‪ ،‬والنزعة اإلنسانية الحديثة وفلسفة األنوار‪ .‬فهذه المختبرات‬
‫النظرية مجتمعة هي التي صيغ فيها المفهوم النظري والفلسفي لحقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬باالنتقال من الحقوق الطبيعية إلى حقوق اإلنسان عبر مفهوم‬
‫عقالني للتاريخ ( األنوار) ومفهوم تعاقدي بشري للسلطة* ( نظريات العقد‬
‫االجتماعي)‪1 .‬‬
‫ومابين ‪1981‬و‪1989‬م‪ ،‬أصدرت إعالنات إسالمية لحقوق* اإلنسان‬
‫لتفصيل الحقوق* اإلسالمية وتنميطها عمليا وتحديدها بدقة وضبط‪ .‬وبالتالي‪،‬‬
‫يمكن القول‪ :‬إن الحروب وظاهرة االستعمار من األسباب الحقيقية التي‬
‫دفعت الشعوب* للتفكير في مصير اإلنسان وتحريره من العبودية والجهل‬
‫والتخلف وشبح الجوع‪ *.‬لذلك تم التفكير في منظومة حقوق* اإلنسان سواء‬
‫أكانت مرجعيتها غربية( الثورة الليبرالية واإلنسية) أم إسالمية دينية‪.‬‬
‫وتنقسم منظومة حقوق اإلنسان إلى مواثيق عامة ومواثيق خاصة‪ .‬وتتمثل‬
‫المواثيق العامة ذات الشرعية الدولية في‪:‬‬
‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان (‪ 10‬دجنبر ‪)1948‬؛‬
‫العهد الدولي الخاص بالحقوق* المدنية والسياسية( ‪)1966‬؛‬
‫العهد الدولي بالحقوق* االقتصادية واالجتماعية والثقافية( ‪)1966‬؛‬
‫البروتوكول االختياري الملحق بالعهد الخاص بالحقوق* المدنية‬
‫( ‪.)1966‬‬
‫أما المواثيق الخاصة فهي مواثيق تتعلق بإنسان معين كالمرأة والطفل‬
‫واإلنسان المسن والمعاق والمتخلف عقليا أو تتعلق بحق محدد مثل‪ :‬تقرير‬
‫المصير أو تحريم جميع أشكال الميز العنصري وحق العمل ومنع التعذيب‬
‫ومنع الرق والسخرة* والعبودية واألعراف والممارسات المشابهة ومنع‬
‫جرائم إبادة الجنس‪ ...‬أو تتعلق بحالة محددة مثل‪ :‬حقوق اإلنسان أثناء‬
‫النزاعات العسكرية الدولية واألهلية‪....‬الخ‪.‬‬
‫وسنركز في موضوعنا هذا على حقوق الطفل من خالل المواثيق الدولية‬
‫المعاصرة مع مقارنتها بتلك الحقوق* التي أعطاها اإلسالم للطفل أوالطفولة‪*.‬‬
‫وقبل الخوض* في هذه المقارنة‪ ،‬البد أن نعرف من هو هذا الطفل الذي‬
‫نتحدث عنه؟‬
‫من الصعوبة بمكان أن نجد تحديدا دقيقا وتعريفا شامال لمصطلح الطفل‪*.‬‬
‫فالمعاجم الفرنسية تعرف الطفل بأنه هو ذلك" الكائن البشري* الذي يعيش‬
‫سن الطفولة"‪ 2.‬وهذا التعريف أكثر غموضا من مصطلح الطفل نفسه‪ .‬فهل‬
‫نقول أثناء التعريف‪ ::‬إن الطفل* هو رجل مصغر‪ ،‬أو هل نحدد قسماته‬
‫وبنيته الفسيولوجية بالمقارنة مع الرجل؟!‪ ،‬وعلينا أن ننتبه أيضا بأن‬
‫المراهقة* تختلط بالطفولة أحيانا‪ .‬فالمراهقة تبدأ حينما تنتهي الطفولة* لينتقل‬
‫المراهق* بعد ذلك إلى مرحلة البلوغ والنضج والشباب‪.‬‬
‫وخروجا* من كل التباسات اجتماعية ونفسية وبيداغوجية‪ ،‬تعرف اتفاقية‬
‫حقوق* الطفل في جزئها األول (المادة األولى)الطفل* بأنه كل إنسان لم‬
‫يتجاوز الثامنة عشرة أو مالم يبلغ سن الرشد‪ *.‬أي إن الطفل هو الذي مازال‬
‫في حاجة إلى رعاية ووصاية وغير قادر على تحمل المسؤولية* المدنية‬
‫واالجتماعية بمفرده‪ .‬أما في اإلسالم‪ ،‬فالطفل هو الذي لم يدرك مرحلة‬
‫التمييز واإلدراك العقلي‪ ،‬كما أنه غير خاضع للتكليف والمحاسبة الدينية‬
‫والمدنية والجنائية‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد ظهرت عدة مواثيق دولية تهتم بحقوق الطفل‪ ،‬وإن كان اإلسالم قد‬
‫سبقها جميعا‪ -‬قرآنا وسنة‪ -‬على تحديدها وإقرارها أمرا وفعال كما ذكرنا‬
‫سالفا‪ .‬ومن المواثيق المعاصرة التي نصت على حقوق* الطفل‪:‬‬
‫‪ -1‬إعالن جنيف بحقوق الطفل لعام ‪1924‬؛‬
‫‪ -2‬إعالن حقوق الطفل الذي اعتمدته الجمعية العامة في ‪ 20‬تشرين‬
‫(نوفمبر) ‪1959‬؛‬
‫‪ -3‬اإلعالن العالمي لحقوق* اإلنسان(‪ 10‬دجنبر ‪)1948‬؛‬
‫‪ -4‬العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( والسيما في المادتين‬
‫‪23‬و‪)24‬؛‬
‫‪ -5‬العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬
‫(والسيما في المادة ‪)10‬؛‬
‫‪ -6‬النظم السياسية والصكوك ذات الصلة* للوكاالت المختصة والمنظمات‬
‫الدولية المعنية بخير الطفل‪.‬‬
‫وفي اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان مقتطفات تشير إلى بعض حقوق*‬
‫الطفولة مثل‪ :‬ضرورة مساعدة األطفال ورعايتهم وحمايتهم اجتماعيا سواء‬
‫أكانوا شرعيين أم غير شرعيين كما هو الشأن في المادة ‪ 25‬الفقرة* الثانية‪:‬‬
‫" لألمومة والطفولة* الحق في مساعدة ورعاية خاصتين‪ ،‬وينعم كل األطفال‬
‫بنفس الحياة االجتماعية سواء أكانت والدتهم ناتجة عن رباط شرعي أم‬
‫بطريقة غير شرعية"‪ 3.‬ولآلباء الحق األول في اختيار نوع تربية أوالدهم‪،‬‬
‫ألن من واجب األطفال أن يتعلموا‪ ،‬ومن حقهم أن يدرسوا ويكتسبوا‬
‫المعارف قصد التكيف مع الواقع أو فهمه و تغييره‪ .‬وينبغي أن يكون التعليم‬
‫في مراحله* األولى واألساسية على األقل مجانا إلزاميا‪ ،‬وأن تكون له‬
‫األحقية في المشاركة بمساواة مع األطفال اآلخرين لولوج الجامعة‪ ،‬وأن‬
‫يستفيد من كل أنواع التعليم الموجود سواء* أكان فنيا أم تقنيا أم مهنيا على‬
‫أسس الكفاءة‪*.‬‬
‫أما عن بنية وتصميم اتفاقية حقوق الطفل وتنظيمها فيمكن إبرازها في‬
‫المكونات التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬الديباجة( تحدد أهداف االتفاقية ومبادئ الميثاق الخاص بحقوق الطفل)؛‬
‫‪ -2‬الجزء* األول الذي بدوره يتكون من ‪ 41‬مادة؛‬
‫‪ -1‬الجزء* الثاني يتكون من ‪ 4‬مواد( من مادة ‪ 42‬إلى مادة ‪)45‬؛‬
‫‪ -2‬الجزء* الثالث يتكون من ‪9‬مواد ( من مادة ‪ 46‬إلى ‪.)54‬‬
‫وقد ميزت هذه االتفاقية بين الطفل* السوي* والطفل المعاق‪ ،‬وخصصت لهذا‬
‫األخير بعض المواد التي سنقف عندها فيما بعد‪:‬‬

‫أ‌‪ -‬حقوق الطفل السوي حسب ميثاق اتفاقية حقوق الطفل‪:‬‬

‫• حقوق الطفل األسرية والعائلية‪:‬‬


‫للطفل الحق في الحياة والبقاء والنمو‪ ،‬لذا فأثناء والدته يسجل فورا ويكون‬
‫له الحق في االسم والحق في اكتساب الجنسية‪ ،‬وله قدر اإلمكان الحق في‬
‫معرفة والديه وتلقي رعايتهما( المادة‪ .)7‬وتنص االتفاقية في المادة( ‪)18‬‬
‫بأن كال الوالدين يتحمالن مسؤوليات مشتركة في تربية الطفل ونموه‪ .‬وتقع‬
‫على عاتق الوالدين أو األوصياء القانونيين‪ -‬حسب الحالة‪ -‬المسؤولية*‬
‫األولى عن تربية الطفل ونموه‪ ،‬وتكون مصالح الطفل الفضلى موضع‬
‫اهتمامهم األساسي‪ .‬لذا‪ ،‬على الدول الموقعة على الميثاق‪ -‬و بعض الدول‬
‫العربية أطراف في هذه االتفاقية‪ -‬أن تقدم المساعدة الالزمة للوالدين أو‬
‫األوصياء القانونيين في أداء مسؤوليتهم تجاه تربية الطفل‪ ،‬وعليها كذلك‬
‫توفير مؤسسات رعاية األطفال وتطوير مرافقها وخدماتها‪.‬‬
‫هذا‪،‬وإن للطفل حقا أصيال في بيئته العائلية ورعاية الوالدين‪ ،‬وكذا في جملة‬
‫أمور مثل‪ :‬الحضانة و الكفالة في القانون اإلسالمي و التبني أوعند‬
‫الضرورة* اإلقامة في مؤسسات مناسبة لرعاية األطفال‪ .‬وعلى الدولة‬
‫الموقعة على االتفاقية احترام حق الطفل في الحفاظ على هويته بما في ذلك‬
‫جنسيته‪ ،‬واسمه‪ *،‬وصالته العائلية على النحو الذي يقره القانون دون التدخل‬
‫في حياته بطريقة غير شرعية‪ .‬وإذا حرم أي طفل من كل هذا ومن بعضه‪،‬‬
‫أسرعت الدول األطراف على المستوى الدولي إلى مساعدة هذا الطفل‬
‫وحمايته من أجل إعادة إثبات هويته ووجوده الطبيعي والقانوني‬
‫واالعتباري‪.‬‬
‫وليس من المقبول أن يفصل الطفل عن والديه على كره منهما إال في‬
‫حاالت استثنائية قضائية مثل‪ :‬معاملة الطفل معاملة قاسية‪ ،‬أو عندما تهمل‬
‫مصالحه‪ .‬وعند انفصال والديه يتعين اتخاذ قرار بشأن محل إقامة الطفل‪.‬‬
‫وللطفل* الحق في ربط عالقات شخصية مع والديه على الرغم من‬
‫انفصالهما‪ .‬و ينبغي أن تسهل الدول الموقعة على االتفاقية على الطفل‬
‫االلتحاق بوالديه في دولة أجنبية واالجتماع بهما أثناء زيارتهما إن كانا في‬
‫بلدين متفرقين أو مغادرة البلد معهم‪ ،‬وال يقيد حقه في المغادرة إال للقيود‬
‫التي ينص عليها القانون‪ .‬وتتخذ كل التدابير لمنع نقل األطفال إلى الخارج‬
‫وعدم عودتهم بصورة غير مشروعة‪.‬‬

‫• حقوق الطفل المدنية والسياسية‪:‬‬

‫من حقوق الطفل المدنية حرية التعبير قوال وكتابة وصحافة وطباعة وفنا‪.‬‬
‫وله الحق* في طلب جميع أنواع المعلومات واألفكار وتلقيها وإذاعتها ‪،‬‬
‫ويجوز إخضاع هذه الممارسة لبعض القيود كاحترام الغير أو عدم المساس‬
‫بسمعة اآلخرين أو حماية األمن الوطني أو اإلخالل بالنظام العام أوالصحة‬
‫العامة أو انتهاك أخالق وآداب المجتمع ‪ .‬ومن الواجب أن يحترم حق‬
‫الطفل في حرية الفكر والوجدان والدين‪ .‬وتحترم كذلك حقوق وواجبات‬
‫الوالدين أو األوصياء القانونيين في توجيه الطفل في ممارسة حقه بطريقة‬
‫تنسجم مع قدرات الطفل المتطورة‪*.‬‬
‫وللطفل* كذلك الحق* في تكوين الجمعيات وفي حرية االجتماع السلمي‪ ،‬و‬
‫اليجوز بمكان أن يجري أي تعرض تعسفي أو غير قانوني أو اعتداء عليه‬
‫في حياته الخاصة أو أسرته أو منزله أو مراسالته‪ .‬وأي مساس غير‬
‫قانوني بشرف الطفل أو سمعته يعرض مرتكبه لعقوبات جزائية مدنية‬
‫وقضائية وجنائية‪ .‬وللطفل أيضا حسب اإلعالن العالمي لحقوق* اإلنسان‬
‫الحق* الكامل في أن يحميه القانون من مثل هذا التعرض أوالمساس به‪.‬‬
‫والبد أن يستفيد الطفل من اإلعالم ووسائله كيفما كانت‪ ،‬وأن تسهر الدولة‬
‫على خدمة طفلها ثقافيا و إعالميا‪.‬‬
‫وتفرض الوثيقة العالمية لحقوق* اإلنسان على الدول األعضاء أن تبذل‬
‫أقصى مجهوداتها لرعاية الطفل الالجىء سواء* صحبه والده أم لم يصحبه‪،‬‬
‫وأن تقدم له الحماية والمساعدة اإلنسانيتين المناسبتين في التمتع بالحقوق*‬
‫التي تنص عليها االتفاقية المخصصة لحقوق الطفل‪.‬‬
‫ولهذا الهدف‪ ،‬توفر الدول األطراف حسب ماتراه مناسبا التعاون في أي‬
‫جهود تبذلها األمم المتحدة وغيرها من المنظمات الحكومية الدولية‬
‫المختصة أو المنظمات غير الحكومية المتعاونة مع األمم المتحدة لحماية‬
‫كهذا الطفل ومساعدته للبحث عن والديه وعن أي أفراد آخرين من أسرته‬
‫من أجل الحصول على المعلومات الالزمة لجمع شمل أسرته‪ .‬وفي‬
‫الحاالت التي يتعذر فيها العثور على الوالدين أو األفراد اآلخرين ألسرته‪،‬‬
‫يمنح الطفل نفس الحماية الممنوحة لطفل آخر محروم بصفة دائمة أو مؤقتة‬
‫من بيئته العائلية ألي سبب كماهو موضح في االتفاقية‪.‬‬

‫• حقوق الطفل الصحية‪:‬‬

‫تعترف جميع الدول الموقعة على الميثاق أو االتفاقية أن الطفل يجب أن‬
‫يتمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه وبحقه في مرافق عالج األمراض‬
‫وإعادة التأهيل الصحي‪ .‬ويمكن له أن يستفيد من جميع خدمات الرعاية‬
‫الصحية كتخفيض وفيات الرضع واألطفال‪ ،‬وأن تتكفل تلك الدول بتوزيع‬
‫المساعدة الطبية على األطفال المرضى بشكل عادل‪ ،‬و أن توفر لهم العناية‬
‫الصحية مع تطوير الرعاية والوقاية األولية من األوبئة ومكافحة األمراض‬
‫وسوء* التغذية‪ .‬ومن المفروض عليها كذلك أن توفر المياه النقية والتغذية‬
‫المغذية الكافية والبيئة السليمة‪ .‬وتقدم كذلك الرعاية الصحية المناسبة‬
‫لألمهات قبل الوالدة وبعدها مع تطوير الرعاية الصحية واإلرشاد* المقدم‬
‫للوالدين والتعليم والخدمات المتعلقة بتنظيم األسرة‪ .‬وينبغي أن تزود جميع‬
‫قطاعات المجتمع والسيما الوالدين بالمعلومات األساسية المتعلقة بصحة‬
‫الطفل وتغذيته ومزايا الرضاعة الطبيعية ومبادئ حفظ الصحة* والوقاية من‬
‫الحوادث‪*.‬‬
‫ومن الالزم لهذه الدول الموقعة على بنود االتفاقية أن تعترف للطفل بحقه‬
‫في االنتفاع من الضمان االجتماعي واالستفادة من منح اإلعانات عند‬
‫االقتضاء مع مراعاة موارد وظروف الطفل* واألشخاص المسؤولين عن‬
‫إعالة الطفل‪.‬‬

‫* حقوق* الطفل المالية والمادية‪:‬‬

‫وتشير مواثيق الحقوق* التي تهتم بالطفل إلى أن له كامل الحق* في التمتع‬
‫بمستوى معيشي مالئم لنموه العقلي والوجداني والبدني والروحي*‬
‫واالجتماعي‪ .‬لذلك يتحمل الوالدان أو أحدهما أو األشخاص المسؤولون‬
‫اآلخرون عن الطفل المسؤولية* األساسية للقيام في حدود إمكانياتهم المالية‬
‫وقدراتهم بتأمين ظروف المعيشة الالزمة* لنموه ذهنيا ووجدانيا وحركيا‪.‬‬
‫وعلى الدول حسب إمكانياتها اتخاذ التدابير المالئمة من أجل مساعدة‬
‫الوالدين وغيرهما من األشخاص المسؤولين عن الطفل على إعمال هذا‬
‫الحق‪ *.‬كما تقدم هذه الدول عند الضرورة* المساعدة المادية وبرامج الدعم‬
‫والسيما فيما يتعلق بالتغذية والكساء واإلسكان‪ .‬وعليها كذلك أن تلتجئ إلى‬
‫التدابير المناسبة لكفالة تحصيل نفقة الطفل من الوالدين أو من األشخاص‬
‫اآلخرين المسؤولين ماليا عن الطفل سواء داخل الدولة أم في الخارج‪.‬‬

‫* حقوق* الطفل في التربية والتعليم‪:‬‬

‫تعترف االتفاقية الدولية بحق الطفل المشروع في التربية والتعليم على‬


‫أساس تكافؤ الفرص ‪ .‬ويستند هذا الحق* إلى جعل التعليم االبتدائي مجانيا‬
‫وإلزاميا للجميع‪ ،‬وتطوير شتى أنواع التعليم الثانوي‪ -‬سواء* أكان عاما أم‬
‫مهنيا‪ -‬مع اتخاذ التدابير المناسبة كإدخال مجانية التعليم وتقديم المساعدة‬
‫المالية عند الحاجة إليها‪ ،‬وجعل التعليم العالي متاحا للجميع على أساس‬
‫الكفاءات* والقدرات‪ *،‬فضال عن اتخاذ التدابير الكافية لجعل المعلومات‬
‫والمبادئ اإلرشادية التربوية والمهنية متوافرة لجميع األطفال في الدراسة‬
‫مع اتخاذ كافة الوسائل لضمان إدارة النظام في المدارس على نحو يتمشى‬
‫مع كرامة الطفل اإلنسانية‪ .‬و ينبغي أن تسهر الدول األعضاء على التعاون‬
‫الدولي في مجال التعليم ومحاربة األمية والقضاء على الجهل وتطوير‬
‫وسائل التعليم الحديثة‪.‬‬
‫والبد أن تكون البرامج التعليمية في خدمة الطفل وأن توجه إلى تنمية‬
‫شخصية الطفل ومواهبه وقدراته العقلية والبدنية إلى أقصى إمكاناتها عالوة‬
‫على تنمية احترام حقوق اإلنسان والحريات األساسية والمبادئ المكرسة*‬
‫في ميثاق األمم المتحدة‪ .‬والبد أن تنمي كذلك احترام خصوصيات الطفل‬
‫وهويته الثقافية ولغته وقيمه الخاصة والقيم الوطنية التي يعيش بها في بلده‬
‫والحضارة* التي ينتمي إليها‪ ،‬وأن تفكر في إعداد الطفل لحياة المسؤولية‬
‫والمجتمع الحر المبني على التفاهم والسلم والتسامح والمساواة بين الجنسين‬
‫والصداقة* بين جميع الشعوب* والجماعات اإلثنية والوطنية والدينية وخاصة‬
‫األشخاص الذين ينتمون إلى السكان األصليين ‪.‬‬

‫* حقوق* الطفل االجتماعية والثقافية واالقتصادية‪:‬‬

‫للطفل حقوق كاملة في الراحة* ووقت الفراغ* لمزاولة األلعاب واألنشطة*‬


‫الرياضية‪ ،‬وأوقات االستجمام المناسبة لسنه للمشاركة بحرية في الحياة‬
‫الثقافية والفنية‪.‬‬
‫وتسهر الدول على حماية الطفل من االستغالل االقتصادي أو من عمل قد‬
‫يكون خطيرا أو يعيقه عن التعلم أو يكون ضارا بصحته أو بنموه البدني‬
‫أوالعقلي* أو الروحي أو المعنوي أو االجتماعي ‪ .‬وتمنع الدول‪ -‬لوقاية‬
‫األطفال‪ -‬كل الوسائل المستخدمة لتخديرهم والتأثير على عقولهم بطريقة‬
‫سلبية وغير مشروعة و منع المواد المخدرة‪ ،‬ناهيك عن عدم استخدامهم في‬
‫إنتاج مثل هذه المواد بطريقة غير شرعية واالتجار بها‪.‬‬
‫وتتعهد الدولة* كذلك بحماية الطفل من جميع أشكال االستغالل الجنسي‬
‫واغتصابهم أو استخدامهم في الدعارة‪ ،‬ومنع كذلك اختطاف األطفال‬
‫أوبيعهم أو االتجار بهم في غرض من األغراض أو بأي شكل من األشكال‪،‬‬
‫أي تحمي الدولة الطفل من سائر أشكال االستغالل الضارة بأي جانب من‬
‫جوانب رفاه الطفل‪. *.‬‬

‫• حقوق الطفل القضائية والجنائية‪:‬‬

‫يمنع أي تعذيب للطفل أو معاقبته بقسوة أو التصرف معه جزائيا بطريقة ال‬
‫إنسانية ومهينة‪ .‬ويالحظ في بعض الدول أن األطفال الذين تقل أعمارهم‬
‫عن ثماني عشر سنة تفرض عليهم عقوبة اإلعدام أو السجن المؤبد بسبب‬
‫جرائم يرتكبها دون وجود إمكانية اإلفراج عنهم‪ ،‬كماتسلب من الطفل‬
‫حريته بصورة غير قانونية أو تعسفية‪ .‬وقد شددت االتفاقية على أال يجوز‬
‫اعتقاله أو سجنه إال وفقا للقانون‪ ،‬وال يجوز وضعه تحت الحراسة*‬
‫االحتياطية إال ألقصر فترة زمنية مناسبة‪ ،‬وينبغي أن يعامل بكرامة‬
‫واحترام وبإنسانية ويكون له الحق في البقاء على اتصال مع أسرته عن‬
‫طريق الزيارات والمراسالت* إال في الظروف االستثنائية‪.‬‬
‫وتنص المادة(‪ )37‬في الفترة األخيرة بأن لكل طفل محروم من حريته‬
‫الحق* في الحصول بسرعة على مساعدة قانونية وغيرها من المساعدات‬
‫المناسبة فضال عن الحق* في الطعن في شرعية حرمانه من الحرية أمام‬
‫محكمة أوسلطة مختصة مستقلة ومحايدة أخرى‪ *،‬وفي أن يجري البت‬
‫بسرعة في أي إجراء من هذا القبيل‪.‬‬
‫وعند انتهاك الطفل لقانون العقوبات يعامل بطريقة تتفق مع رفع درجة‬
‫إحساس الطفل بكرامته وقدره ‪ ،‬ومن الضروري* مراعاة سن الطفل والعمل‬
‫على إعادة إدماجه وتأهيله وقيامه بدور بناء في المجتمع‪.‬‬

‫• حقوق الطفل الدولية واإلنسانية‪:‬‬

‫تمنع اتفاقية حقوق الطفل إشراك* األشخاص الذين لم تبلغ سنهم خمس عشرة‬
‫سنة(‪ )15‬في الحروب والمنازعات العسكرية الطاحنة‪ ،‬وتمنع االتفاقية‬
‫كذلك تجنيدهم في القوات المسلحة‪ .‬وأال تجند منهم عند الضرورة* إال من‬
‫هو أكبر سنا من فئات األطفال البالغين(‪ )15‬سنة‪.‬‬
‫وعلى الدول األطراف الموقعة على االتفاقية حماية السكان المدنيين في‬
‫المنازعات المسلحة* واتخاذ كافة التدابير الممكنة عمليا لضمان حماية‬
‫األطفال ورعايتهم والسيما المتأثرين بنزاع مسلح‪ .‬لذا ينبغي تأهيل الطفل‬
‫بدنيا ونفسيا وإعادة إدماجه اجتماعيا خاصة إذا تعرض للمنازعات المسلحة*‬
‫أو العقوبة القاسية أو المهينة‪.‬‬

‫ب‌‪ -‬حقوق* الطفل المعاق حسب اتفاقية حقوق الطفل‪*:‬‬

‫تعترف االتفاقية بضرورة رعاية الطفل المعاق ومساعدته وحمايته نفسيا‬


‫وحركيا وعقليا واجتماعيا‪ .‬وثم‪ ،‬البد من أن يتمتع بحياة كاملة وكريمة في‬
‫ظروف تكفل له كرامته وتعزز اعتماده على النفس وتسير مشاركته الفعلية‬
‫في المجتمع‪.‬‬
‫وتعترف االتفاقية كذلك بضرورة تقديم رعاية خاصة للطفل المعاق‬
‫وتشجيعه والتكفل به وتأهيله نفسيا وحركيا وعقليا واجتماعيا مع توفير‬
‫الموارد* المتاحة لتقديم المساعدة له أثناء طلبه إياها والتي تتالءم مع حالته‬
‫وظروف والديه أو غيرهما ممن يرعونه‪ .‬ومن األفضل أن تقدم المساعدات‬
‫إلى الطفل المعاق مجانا كلما أمكن ذلك مع مراعاة الموارد المالية للوالدين‬
‫أو غيرهما ممن يقومون برعاية الطفل‪ .‬وينبغي أن تستهدف المساعدات‬
‫المقدمة ضمان إمكانية حصول الطفل المعاق فعال على التعليم والتدريب‬
‫وخدمات الرعاية الصحية وخدمات إعادة التأهيل واإلعداد لممارسة عمل و‬
‫الحصول على الفرص* الترفيهية ناهيك عن تلقيه ذلك بصورة تؤدي إلى‬
‫تحقيق اندماج اجتماعي للطفل ونموه الفردي بما في ذلك نموه الثقافي‬
‫والروحي على أكمل وجه ممكن‪ .‬وتنص المادة(‪ )23‬في فقرتها الرابعة أن‬
‫على الدول األطراف الموقعة على اتفاقية حقوق الطفل أن تشجع بروح‬
‫التعاون الدولي تبادل المعلومات المناسبة في ميدان الرعاية الصحية‬
‫الوقائية والعالج الطبي والنفسي والوظيفي لألطفال المعاقين‪ ،‬بما في ذلك‬
‫نشر المعلومات المتعلقة بمناهج إعادة التأهيل والخدمات المهنية‪ ،‬وإمكانية‬
‫الوصول إليها وذلك بغية تمكين الدول األطراف من تحسين قدراتها‬
‫ومهاراتها وتوسيع خبرتها في هذه المجاالت‪ ،‬وتراعى بصفة خاصة في‬
‫هذا الصدد احتياجات البلدان النامية‪.‬‬

‫ت‌‪ -‬حقوق* الطفل في اإلسالم‪:‬‬

‫كرم اإلسالم بني آدم بما فيه اإلنسان والطفل* والمرأة‪ ،‬وحث القرآن على‬
‫معاملة الطفل معاملة إنسانية شريفة‪ ،‬مادام اإلنسان خليفة هللا في األرض‬
‫مكرما ومؤهال في حقوقه* وحرياته مصداقا لقوله تعالى‪ ":‬ولقد كرمنا بني‬
‫آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير‬
‫ممن خلقنا تفضيال" ( سورة اإلسراء‪ *،‬اآلية ‪.)70‬‬
‫وللطفل* حقوق وواجبات يجب عليه أداؤها لوالديه مصداقا لقوله*‬
‫تعالى‪":‬وقضى ربك أال تعبدوا إال إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك‬
‫الكبر أحدهما أو كالهما فال تقل لهما أف وال تنهرهما‪ ،‬وقل لهما قوال‬
‫كريما‪ ،‬واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ‪ ،‬وقل رب ارحمهما كما‬
‫ربياني صغيرا" (سورة اإلسراء* ‪ ،‬اآليتان‪ ،)24-23:‬وفي آية أخرى* يقول‬
‫هللا تعالى‪ ":‬ووصينا اإلنسان بوالديه حسنا حملته أمه كرها ووضعته كرها‬
‫وفصاله ثالثون شهرا"* (األحقاف ‪ ،‬اآلية ‪.)15:‬‬
‫وللوالد خاصة واجبات تجاه ولده منها‪:‬‬
‫‪ -1‬اختيار والدته على أسس اإلسالم والفضيلة السمحة* والعفة الطاهرة‬
‫مصداقا لقول رسول هلل ( صلعم)‪ ":‬المرأة الصالحة* كنز المؤمن" (رواه‬
‫مسلم في صحيحه)‪.‬ألن الطفل* إذا تربى في بيئة إسالمية سليمة سينشأ على‬
‫طاعة هللا ورسوله‪ .‬وإذا كانت له كانت له أم فاسدة مستهترة بالدين فإن‬
‫مصير هذا الطفل هو الضياع واالنحراف‪ ،‬لذلك شدد اإلسالم على اختيار‬
‫ذات الدين‪ ،‬ومن اختار ذات الدين تربت يداه؛‬
‫‪ -2‬حسن تسميته بأسماء األنبياء كيوسف وعيسى وموسى وإبراهيم أوبعبد‬
‫هللا وعبد الرحمـن وعبد الغني‪ ...‬واجتناب األسماء التي تثير اشمئزازا*‬
‫وسخرية أو تدل على لقب أوعيب أوعاهة مثل‪ :‬حنظلة ومرة وأبو جهل‬
‫وثعلبة‪ ....‬وقد نهى الرسول عليه السالم عن التسمي ببعض األسماء مثل‪:‬‬
‫يسار ورباح ونجيح وأفلح‪ " ...‬ذلك ربما يكون وسيلة من وسائل التشاؤم"‪.‬‬
‫‪ 4‬قال الرسول ( ص) في هذا الصدد‪ ":‬التسم غالمك يسارا والرباحا‬
‫والنجيحا وال أفلح‪ ،‬فإنك تقول‪ :‬أثم هو‪ -‬فال يكون‪ -‬فيقول‪ :‬ال" رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ -3‬ذبح العقيقة عنه يوم سابعه‪،‬وفي هذا يقول الرسول ( صلعم)‪" :‬كل‬
‫مولود رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى"( رواه أبو داود‬
‫في صحيحه)‬
‫‪ -4‬ختانه واإلحسان إليه والرفق* به ومعاملته معاملة حسنة والسهر* على‬
‫حسن تربيته؛‬
‫‪ -5‬االهتمام بتثقيفه وتأديبه وتعليمه بتعاليم اإلسالم تفاديا للجهل والضالل‬
‫مصداقا لقوله* تعالى‪ ":‬قل هل يستوي الذين يعلمون والذين اليعلمون ‪ ،‬إنما‬
‫يتذكر أولو األلباب" ( الزمر اآلية‪)9‬؛وما قاله الرسول ( صلعم) في حق‬
‫طالب علم‪ ":‬من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل هللا له به طريقا إلى‬
‫الجنة" ( رواه مسلم في صحيحه)‪ ،‬وعن أبي الدرداء رضي هللا عنه ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫سمعت رسول هللا(صلعم) يقول‪ " :‬إن المالئكة لتضع أجنحتها لطالب العلم‬
‫رضى بما يصنع" (رواه الترمذي)‪.‬‬
‫‪ -6‬تدريبه وتمرينه على أداء فرائض اإلسالم وسننه وآدابه؛أي توجيهه‬
‫دينيا وتربيته على السلوك* القويم وقيم النبل المؤدية إلى الفضيلة والصدق‬
‫والعمل واحترام اآلخرين‪.‬‬
‫‪ -7‬إذا بلغ زوجه ثم خيره بين أن يبقى تحت رعايته وبين أن يستقل بنفسه‬
‫ويبني مستقبله و مجده بيده؛‬
‫‪ -8‬ضرورة إرضاع الطفل حتى يستكمل حولين كاملين مصداقا لقوله*‬
‫تعالى‪ ":‬والوالدات يرضعن أوالدهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم‬
‫الرضاعة وعلى المولود رزقهن وكسوتهن بالمعروف" (البقرة االية‪.)233‬‬
‫‪ -9‬اإلنفاق عليه حتى يستكمل فترة البلوغ واالعتماد على نفسه لقوله‬
‫تعالى‪ ":‬لينفق ذوسعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه هللا‬
‫اليكلف هللا نفسا إال ما أتاها سيجعل هللا بعد عسر يسرا"( سورة الطالق‪*،‬‬
‫اآلية‪)7‬‬

‫ث‌‪ -‬التعليم وحقوق الطفل‪:‬‬

‫لقد اهتمت المغرب بحقوق اإلنسان بصفة عامة والطفل* بصفة خاصة‬
‫ميدانيا ونظريا منذ التسعينيات من القرن العشرين‪ .‬ففي المجال التنظيمي‬
‫والتشريعي‪ ،‬أعلن الدستور المعدل عام ‪ 1992‬على تشبث المغرب بحقوق‬
‫اإلنسان كماهي متعارف عليها عالميا‪ .‬وتم إصدار مجموعة من القوانين‬
‫لتدعيم الرقابة على أعمال اإلدارة بما يضمن حقوق المواطنين عالوة على‬
‫توسيع دستورية القوانين‪ .‬وقد ضمن الدستور كذلك المزيد من الحقوق*‬
‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية والسياسية للمواطنين إذ تم تعديل قانون‬
‫المسطرة الجنائية‪ ،‬وأقر تعليم اللهجات وإلغاء ظهير‪29‬يونيو ‪1935‬‬
‫وأصدر آنذاك العفو الملكي الشامل حيث أطلق* سراح جميع السجناء‬
‫السياسيين‪.‬‬
‫وصادق المغرب على عدد من االتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان‬
‫والطفل* والتي أصبحت تشكل جزءا من القانون الوطني‪ ،‬مع مراعاة‬
‫اإلعالنات والتحفظات التي اقتضاها النظام العام المغربي‪ ،‬وهذه االتفاقيات‬
‫هي‪:‬‬
‫• اتفاقية مناهضة التعذيب والمعامالت الالإنسانية والمهينة‬
‫• اتفاقية إلغاء كل أنواع التمييز تجاه المرأة‬
‫• اتفاقية حقوق الطفل‬
‫• اتفاقية حماية العمال المهاجرين وأعضاء أسرهم‪.‬‬
‫وفي المجال المؤسسات‪ *،‬أنشأ المغرب األجهزة التالية‪:‬‬
‫• المجلس االستشاري* لحقوق اإلنسان(‪)20/04/1990‬‬
‫• المجلس الوطني للشباب والمستقبل(‪)20/01/1991‬‬
‫• الوزارة* المكلفة بحقوق اإلنسان(‪)13/01/1993‬‬
‫• المجلس الدستوري(*‪)25/05/1994‬‬
‫• المندوبية السامية للمعاقين(‪)24/05/1994‬‬
‫• المجلس االستشاري* لتتبع الحوار* االجتماعي‬
‫• المرصد الوطني لحقوق* الطفل‬
‫• لجنة العمل والتشريع وحقوق* اإلنسان لدى البرلمان‬
‫• لجان تقصي الحقائق‬
‫• خلية إدماج المرأة في التنمية( في إطار وزارة الخارجية)‬
‫• لجنة اإلنصاف والمصالحة‬
‫• مدونة األسرة‬
‫أما بالنسبة لبرامج العمل في ميدان حقوق اإلنسان والطفل‪ *،‬فقد تم إعداد‬
‫برامج لتدريس ونشر ثقافة حقوق اإلنسان في معظم المدارس والمعاهد‬
‫العليا لرجال السلطة والجيش والقضاء والشرطة* والدرك‪ .‬وأدرجت* مادة‬
‫حقوق* اإلنسان في الميدان التعليمي والتربوي في كافة المناهج والمقررات‬
‫الدراسية* في كل األسالك التعليمية( االبتدائي واإلعدادي والثانوي‬
‫والجامعي) ( انظر المذكرة الوزارية رقم ‪ 153‬بتاريخ ‪ 19‬نونبر ‪1996‬‬
‫الموافق* ل‪ 7‬رجب ‪،)1417‬كما أصبحت مادة التربية على المواطنة* مادة‬
‫أساسية لتلقين المتعلم مبادئ حقوق اإلنسان بصفة عامة وحقوق* الطفل‬
‫بصفة خاصة‪ .‬وقد سهرت وزارة* التعليم على نشر ثقافة حقوق* اإلنسان عن‬
‫طريق التربية غير النظامية من خالل وسائل اإلعالم ودور الشباب‬
‫والمراكز* الثقافية كما أعدت برامج للنهوض بحقوق اإلنسان بالتعاون مع‬
‫الجمعيات غير الحكومية‪.‬‬

‫وخالصة القول‪ :‬هذه هي مجمل الحقوق* التي نصت عيها اتفاقية األمم‬
‫المتحدة لحقوق الطفل‪ *،‬وهي تجمع بين حقوق* الطفل السوي* والطفل المعاق‬
‫من عدة نواح‪ :‬كالحقوق* المدنية والسياسية والثقافية واالجتماعية والتعليمية‬
‫والقضائية والصحية واإلنسانية والدولية‪ .‬وهذه الحقوق إن كانت ذات‬
‫مرجعية غربية فإنها التتعارض مع الحقوق اإلسالمية التي خص بها‬
‫اإلسالم قرآنا وسنة الطفل أو الولد الصغير أوغير المميز الذي مازال في‬
‫رعاية كنف أبيه أو أمه‪ .‬ويالحظ أن هذه الحقوق التخرج عن الحقوق*‬
‫الدينية والتربوية واالجتماعية‪.‬‬

‫المراجع‪*:‬‬
‫‪ -1‬د‪ .‬محمد سبيال‪ :‬حقوق اإلنسان والديمقراطية‪ ،‬سلسلة* شراع‪ *،‬طنجة‪،‬‬
‫المغرب‪ ،‬عدد‪،1997 ، 19‬ص‪21:‬؛‬
‫‪A regarder : LE PETIT ROBERT, PARIS, ED, 1992, p : 642 -2‬‬
‫;‬
‫‪ -3‬انظر اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ 10،‬دجنبر ‪1948‬؛‬
‫‪ -4‬الشيخ سيد سابق‪ :‬فقه السنة‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬المجلد‬
‫الثاني‪ ،‬ط‪ ،2002 ،1‬ص‪.33:‬‬
‫‪ -19‬بيداغوجيا المجزوءات* في نظامنا التربوي المغربي‬

‫يعد التعليم بالمجزوءات أو المجزآت* من أهم مظاهر التحديث التربوي‬


‫المعاصر من أجل إيجاد الحلول الناجعة للفشل الدراسي والالتجانس‬
‫الفصلي والهدر المدرسي ومعالجة ظاهرة العزوف عن الدراسة* والبطالة‬
‫المتفشية في معظم الدول العالم الثالث والسيما المغرب الذي جرب عدة‬
‫نظريات تربوية مستنسخة عن الغرب قصد تبيئتها وتكييفها مع الواقع*‬
‫التربوي المغربي كنظرية هربارت وجان بياجي ونظرية التواصل التداولي‬
‫ونظرية مشروع المؤسسة* ونظرية الشراكة البيداغوجية ونظرية الجودة‬
‫التربوية ونظرية األهداف ونظرية الكفايات والمجزوءات‪ *.‬إذاً‪ ،‬ماهي‬
‫المجزوءات* لغة واصطالحا؟ وما الفرق* بين التعليم الموسوعي والتعليم‬
‫بالمجزوءات؟ وما هو سياق نظرية المجزوءات ومرجعياتها النظرية‬
‫والتطبيقية؟ وما مرتكزات ومقومات هذا التعليم الجديد وأهدافه؟ وماهي‬
‫هيكلة المجزوءة* وأنواعها؟ وكيف يمكن إعداد الدروس* والبرامج والمناهج‬
‫على ضوء المجزوءات؟ وماهي أهم االنتقادات الموجهة إلى التعليم‬
‫بالمجزوءات؟ هذه هي األسئلة التي سوف نحاول اإلجابة عنها في‬
‫موضوعنا هذا‪.‬‬
‫‪ -1‬المجزوءة* لغة واصطالحا‪*:‬‬

‫لقد ترجمت كلمة‪ Module‬الفرنسية* بالمجزوءة* أو المصوغة أوالوحدة* أو‬


‫المنظومة‪...‬كما ترجمت عبارة ‪ l'enseignement modulaire‬بالتعليم‬
‫المجزوئي‪ .‬وتشتق كلمة المجزوءة من فعل جزأ الذي يعني القطع والتقسيم‪.‬‬
‫وهذا المفهوم ينسجم مع مدلول ‪ module‬الذي يعني تقسيم السنة الدراسية‬
‫إلى مجزوءات فصلية ووحدات يمكن تقسيمها بدورها إلى وحدات ومقاطع‬
‫وفضاءات وحلقات قصد تحقيق مجموعة من الكفايات المسطرة* لمواجهة‬
‫وضعيات سياقية تستلزم من المتعلم إظهار قدراته الذاتية وكفاءاته الفردية‪.‬‬
‫ولكن مصطلح مجزوءة الينسجم صرفيا مع الفعل الرباعي في اللغة العربية‬
‫أال وهو جزأ الذي ينبغي أن تشتق منه كلمة مجزأة أو مجزآت‪ .‬وسنتعامل‬
‫مع كلمة المجزوءة على الرغم من عدم صحتها الصرفية‪ ،‬مادامت وزارة‬
‫التربية الوطنية قد أقرت هذا المصطلح في الميثاق الوطني للتربية‬
‫والتكوين‪ ،‬ووظف أيضا في الكتاب األبيض وفي الكثير من األدبيات‬
‫التربوية والدراسات البيداغوجية‪.‬‬
‫أما المجزوءة اصطالحا فهي مجموعة من المواد المنسجمة أو هي مجموع‬
‫من الوحدات التعليمية في مجاالت متكاملة‪ .‬وتعرفها‪Viviane De Land‬‬
‫‪ Sheere‬فيفيان دوالندشير بأنها‪":‬وحدة معيارية أو شبه معيارية تدخل في‬
‫تأليف كل متكامل (منهاج)‪ ،‬قابلة لإلدراك والتعديل والتكييف‪ ،‬فهي كفيلة‬
‫ببناء برنامج دراسي على القياس المطلوب‪ *".‬ويعرفها روجيه فرانسوا*‬
‫ڰوتييه‪ Roger François Gautier‬بأنها‪ ":‬تنظيم خاص لجزء* من‬
‫التدريس بالتعليم الثانوي" ‪ ،‬ويعرفها كذلك المجلس الوطني للبرامج بفرنسا‬
‫‪ ))CNP‬بأنها‪ ":‬وحدة تعليمية نوعية أو مستعرضة تختار موضوعاتها من‬
‫طرف األساتذة انطالقا من معايير يحددونها بعد التنسيق والتشاور* فيما‬
‫بينهم داخل فريق تربوي"‪.‬‬
‫ومن خالل هذه التعاريف السابقة ‪ ،‬يتبين لنا أن المجزوءة هي عبارة عن‬
‫وحدات دراسية من المقرر الذي يتم تقطيعه إلى مقاطع تربوية و فضاءات‬
‫ديداكتيكية التي بدورها تتجزأ إلى حلقات ومواد دراسية صغرى قصد‬
‫تحقيق كفايات دنيا وعليا عبر تمهير المتعلم وجعله قادرا على مواجهة‬
‫مختلف الوضعيات التي يواجهها في واقعه‪ .‬وبتعبير آخر‪ ،‬إن المجزوءة‬
‫عبارة عن وحدات دراسية فصلية يتم تقطيعها إلى مواد ومجزوءات*‬
‫صغرى بينها عالقات تكامل واندماج وترابط عضوي سواء داخل مسلك أم‬
‫سلك دراسي وذلك من أجل تنظيم الحياة المدرسية وخلق* القدرات الكفائية‬
‫لدى المتعلم لمواجهة كل المشاكل الذاتية والموضوعية المحتملة في الواقع‬
‫الذي يعيش فيه المتمدرس‪.‬‬

‫‪ -2‬التعليم الموسوعي والتعليم المجزوئي‪:‬‬

‫يرتكز التعليم الموسوعي على المدرس باعتباره صاحب سلطة معرفية‬


‫يقدمها للتلميذ جاهزة عن طريق مجموعة من األسئلة تستوجب الحفظ‬
‫والتقليد والتكرار‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يصبح التلميذ مرتكنا إلى مدرسه اليستطيع أن‬
‫يواجه ما يتعرضه من المواقف المستجدة أو أن يلبي طلبات المقاوالت‬
‫الحديثة ؛ ألنه اليملك الكفاءات* والمهارات المهنية و المنهجية و التواصلية‬
‫والذهنية واللغوية‪ *،‬بل يقف مكتوف اليدين عاجزا عن التأقلم والتكيف مع‬
‫مستجدات الواقع االقتصادي الجديد‪ .‬فمعارفه تبقى نظرية مجردة غير‬
‫وظيفية تنقصها الممارسة والخبرات* التجريبية‪ .‬وفي التعليم الموسوعي‬
‫أيضا يتم االهتمام بالكم على حساب الكيف‪ ،‬ويلتجئ المدرس إلى التحفيز‬
‫السلوكي الميكانيكي من خالل ثنائية الحافز واالستجابة لتوجيه دفة القسم‬
‫مما ينتج عنه سلبية ردود أفعال التالميذ ونفورهم من القسم* النعدام األنشطة‬
‫الذاتية والخبرات الفردية‪ .‬و بالتالي‪ ،‬ينكمشون على أنفسهم خوفا أو خجال‬
‫أو جهال بما يعطى لهم من دروس ومعارف كمية يصعب اإلحاطة بها في‬
‫سنة كاملة‪.‬‬
‫أما التعليم المجزوئي فهو تعليم قائم على بيداغوجيا الكفايات التي تستهدف‬
‫البحث عن القدرات* الكفائية لدى المتعلم عبر أداءات وإنجازات طوال‬
‫سيرورة التعلم ووضعه في وضعيات معقدة أو أقل تعقيدا الختبار أدائه‬
‫السلوكي وتقويم كفاءاته وقدراته في التعامل مع مشاكل الواقع* المحيطة به‪.‬‬
‫و يراعي هذا التعليم الفوارق* الفردية وينكب على ظاهرة الالتجانس من‬
‫خالل دراسة كل حالة فردية ودعم كل متعلم وتحفيزه على إبراز قدراته‬
‫وميوالته واستعداداته سواء في حلقة واحدة أم في حلقات متعددة متواصلة ؛‬
‫ألن المقياس هنا ليس هو الدرس الذي ينتهي داخل حصة زمنية محددة كما‬
‫في التعليم الموسوعي‪ ،‬بل الحلقة* الديداكتيكية المتوالية التي تمتد عبر‬
‫حصتين فأكثر‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬ويقدم التعليم المجزوئي المقرر الدراسي* في شكل مجزوءات* ووحدات‬
‫دراسية تصغر بدورها في إطار مقاطع وحلقات وخبرات مؤشرة في‬
‫كفايات نوعية أو شاملة أو ممتدة قصد التدرج بالمتعلم لتحقيق كفايات عليا‬
‫كلية ونهائية‪ .‬ويتم التركيز في هذا النوع من التعليم على الكيف والمتعلم ؛‬
‫ألن المدرس مجرد وصي أو مرشد ليس إال‪ .‬وتصبح الدروس* خبرات‬
‫وممارسة كيفية ومهارات وقدرات معرفية ووجدانية وحركية‪ .‬أي إن‬
‫المتعلم هو الذي يكون نفسه بنفسه ويتعلم كيف يبحث ويفكر وينظم ما‬
‫يبحث عنه منهجيا ووظيفيا‪.‬إن التعليم بالمجزوءات كما يقول الدكتور محمد‬
‫الدريج‪":‬يروم بناء الكفايات لدى التلميذ‪ ،‬على اعتبار أن الكفايات هي‬
‫قدرات شاملة ودينامية(نشطة) والتي اليمكن اختزالها في الئحة تحليلية من‬
‫المحتويات‪ ،‬إنها تشكيلة( تركيبة) ذكية من المعارف والمهارات‬
‫واالتجاهات‪ .‬فأن نكون أكفاء ال يعني أن نملك جملة من المعلومات‬
‫والمهارات‪ *،‬فأن نكون أكفاء يعني أساسا أن نكون قادرين على تجنيد تلك‬
‫المعلومات والمهارات‪ ،‬وتوظيفها في مواقف معينة ولحل مشكالت‪ ،‬أي أن‬
‫نكون فعالين ومنتجين في وضعيات محددة‪.‬‬
‫لذلك يصير بناء الكفايات بهذا المعنى أمرا معقدا وأمرا ذاتيا وشخصيا‪.‬‬
‫فيكون من أولويات نشاط المدرسين مساعدة المتعلمين‪،‬لكن على المتعلمين‬
‫مساعدة أنفسهم في التعلم والتكوين الذاتي‪ .‬لذلك فإن التعليم بالمجزوءات‬
‫يستدعي المتعلم كمسؤول ويتعامل معه كمدبر لتكوينه‪.".‬‬

‫‪ -3‬مرتكزات التعليم المجزوئي ومقوماته‪:‬‬

‫يستند التعليم المجزوئي إلى مجموعة من المقومات األساسية التي يمكن‬


‫حصرها في العناصر التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬ينبني هذا التعليم على بيداغوجيا الكفايات والوضعيات‪.‬‬
‫‪ -2‬يحترم خصوصية التالميذ واحتياجهم من المعرفة والمهارة والخبرة‪.‬‬
‫ويراعي فوارقهم الفردية ومشاريعهم الشخصية‪..‬‬
‫‪ -3‬يستفيد من البيداغوجيا الفارقية ومن تفريد التعليم‪.‬‬
‫‪ -4‬يركز على المتعلم ويشجعه على إظهار قدراته ومهاراته وكفاءاته‬
‫المضمرة وغير المضمرة قصد إعداده لمواجهة وضعيات الواقع المعقدة‪.‬‬
‫‪ -5‬يوزع المقررات الدراسية* إلى مجزوءات فصلية أو دورية في شكل‬
‫وحدات ديداكتيكية وبيداغوجية ويقطعها إلى حلقات دراسية نوعية أو عامة‬
‫بطريقة متكاملة ومندمجة في بؤرة منصهرة ووحدة تربوية عضوية‪.‬‬
‫‪ -6‬يقوم على التعلم الذاتي والتكوين المستمر ومد الجسور* بين المراحل‬
‫التعليمية‪.‬‬
‫‪ -7‬ينظم الدروس والحلقات* والوحدات* الدراسية في شكل كفايات مستهدفة‬
‫وقدرات ومهارات وخبرات معرفية ومنهجية وتواصلية وتقنية‬
‫وثقافية( يعني أنه يأخذ بمدخل الكفايات في التدريس)‪.‬‬
‫‪ -8‬يحول الدروس والبرامج والمقررات إلى وضعيات إشكالية وأسئلة‬
‫للبحث والتنشيط تتدرج من البسيط إلى المعقد مع تنويع هذه الوضعيات في‬
‫شكل أنشطة* وأعمال وأبحاث واستقراء* للوسائل البصرية والسمعية‬
‫والمراجع المدرسية‪.‬‬
‫‪ -9‬يقسم متعلمي الفصل إلى مجموعات من التالميذ كفريق تربوي جماعي‬
‫تعاوني أو يتعامل مع التالميذ كأفراد من خالل تحفيزهم على ترجمة‬
‫قدراتهم ومهاراتهم الدفينة المضمرة إلى أفعال وأداءات إنجازية مرصودة‬
‫بالتقويم والمالحظة والقياس ‪.‬‬
‫‪ -10‬يهدف إلى تمهير المتعلم ذهنيا ووجدانيا وحركيا بقدرات كفائية‬
‫لمواجهة الواقع ووضعياته اإلشكالية‪.‬‬
‫‪ -11‬يعتمد على مرونة التعلم والمنهاج المندمج والتكامل بين األسالك‬
‫والمسالك* واألقطاب الدراسية* في إطار شمولي نوعي وعام وممتد‪.‬‬
‫‪ -12‬يهدف إلى خلق مدرسة إبداعية قوامها التمكن من آليات التقدم‬
‫والتكنولوجيا بعيدا عن التقليد وقوانين إعادة اإلنتاج وتكريس القيم‬
‫المحافظة‪*.‬‬

‫‪ -4‬سياق التعليم المجزوئي‪:‬‬

‫ظهرت تجربة المجزوءات* كممارسة بيداغوجية ألول مرة في كندا‬


‫لمواجهة ظاهرة الالتجانس الفصلي والمتعدد الرتب والدرجات* أومايسمى‬
‫بالقسم المشترك الذي ينتشر كثيرا في القرى* وخاصة في أفريقيا وأمريكا‬
‫وأوربا‪ .‬وكان الحل هو التفكير في التدريس بالمجزوءات* الكفائية قصد‬
‫الخروج* من هذا اإلشكال الذي يثيره تعدد المستويات بالمقارنة مع القسم*‬
‫"المفردن"‪ .‬وقد انتقلت التجربة إلى فرنسا في التسعينيات لحل مشكلة الفشل‬
‫الدراسي* في الثانويات الفرنسية بعد أن استقطبت هذه المؤسسات التعليمية‬
‫متعلمين من جذور وأصول عرقية واجتماعية وثقافية مختلفة ‪ .‬وفي سنة‬
‫‪ ،1992‬ارتأت وزارة* التربية الوطنية الفرنسية العمل بالمجزوءات(‬
‫‪ )MODULES‬لمواجهة األزمات التي بدأ يتخبط فيها التعليم الفرنسي بعد‬
‫أن أمضى سنين طويلة في تطبيق البيداغوجيا الفردية والفارقية‪ *.‬ويشكل‬
‫الالتجانس بين التالميذ والفشل* الدراسي من األسباب الرئيسية التي دفعت‬
‫وزير التربية الفرنسي ليونيل جويسبان ‪ Lynonnele Juspin‬لينادي‬
‫بتنويع مسالك التكوين بين العام والتقني والمهني واإلفادة في ذلك من التعليم‬
‫المجزوئي‪ ،‬وفي هذا الصدد يقول في إحدى ندواته الصحفية سنة ‪":1991‬‬
‫إن مساعدة المتعلمين بالنسبة لنا هي أول جواب مستعجل عن سؤال‬
‫الالتجانس‪ ،‬وهو جواب قابل للتطبيق الفوري في النظام التربوي الحالي‪.‬‬
‫والذي يتحمل مسؤولية هذه المساعدة هم المدرسون دون غيرهم إن أردنا‬
‫أن نضمن جودة التعليم‪ ،‬فالدروس الخصوصية التي يتكفل بها الراغبون‬
‫والقادرون من اآلباء لن تلعب وحدها هذا الدور‪ .‬وللوصول إلى هذا‬
‫المبتغى البد من تطوير البنيات البيداغوجية للتعليم الثانوي‪ ،‬فبالمجزوءة‬
‫نكون قد قدمنا إطارا بيداغوجيا أكثر مرونة وفضاء جديدا لحرية تصرف‬
‫المدرسين‪".‬‬
‫ولقد انتقلت التجربة إلى المغرب الذي أكد ضرورة االعتماد على بيداغوجيا‬
‫المجزوءات* في الميثاق الوطني للتربية والتكوين حينما نص أثناء حديثه‬
‫عن البرامج والمناهج على مراعاة المرونة الالزمة للسيرورة التربوية‬
‫وقدرتها على التكيف وذلك بتجزيء المقررات السنوية إلى وحدات تعليمية‬
‫يمكن التحكم فيها على مدى فصل بدل السنة الدراسية الكاملة إال عند‬
‫االستحالة‪ *،‬والحفاظ على التمفصل واالنسجام اإلجمالي لكل برنامج مع‬
‫مراعاة األهداف المميزة لكل مرحلة من مراحل التعليم والتعلم التي يعنيها‪.‬‬
‫كما نص الميثاق الوطني على وضع برامج تعتمد نظام الوحدات* المجزوءة*‬
‫انطالقا من التعليم الثانوي ؛ لتنويع االختيارات المتاحة وتمكين كل متعلم‬
‫من ترصيد المجزوءات* التي اكتسبها؛ وتوزيع مجمل الدروس ووحدات‬
‫التكوين والمجزوءات من التعليم األولي إلى التعليم الثانوي على ثالثة أقسام‬
‫متكاملة‪:‬‬
‫• قسم إلزامي على الصعيد الوطني في حدود ‪ 70‬في المائة من مدة‬
‫التكوين بكل سلك؛*‬
‫• قسم تحدده السلطات التربوية الجهوية بإشراك المدرسين في حدود ‪15‬‬
‫في المائة من تلك المدة‪،‬وتتضمن بالضرورة* تكوينا في الشأن المحلي‬
‫وإطار الحياة الجهوية؛‬
‫• عدد من االختيارات تعرضها المدرسة على اآلباء والمتعلمين‬
‫الراشدين‪،‬في حدود حوالي‪ 15‬في المائة ‪ ،‬وتخصص إما لساعات الدعم‬
‫البيداغوجي لفائدة المتعلمين المحتاجين لذلك‪ ،‬أو ألنشطة مدرسية موازية‬
‫وأنشطة* للتفتح بالنسبة للمتعلمين غير المحتاجين للدعم‪.‬‬
‫وينتظم التدريس بالمؤسسات الجامعية كذلك في مسالك وأسالك‬
‫ومجزوءات ويتوج بشواهد وطنية ‪ ،‬ويتم تحصيل المجزوءات* عن طريق‬
‫التقييم المنتظم وترصيد المكتسب منها ‪.‬‬
‫وقد ساير الكتاب األبيض ماذهب إليه الميثاق الوطني حينما دعا إلى‬
‫استبدال السنة الدراسية في التعليم الثانوي بدورات فصلية قائمة على‬
‫تدريس المجزوءات ‪ .‬ويضم التعليم الثانوي التأهيلي ست دورات تدرس‬
‫فيها مجزوءات إجبارية(االمتحان الوطني) ومجزوءات* اختيارية(االمتحان‬
‫الجهوي)* ‪،‬مع العلم أن كل مجزوءة تتكون من ثالثين ساعة ‪.‬أما السنة‬
‫الدراسية* فتضم أربعة وثالثين أسبوعا و‪ 1000‬إلى ‪ 1200‬ساعة دراسية‪.‬‬
‫كما أن اإلعدادي يضم ست دورات دراسية على غرار التعليم الثانوي‪ .‬وقد‬
‫أشار الكتاب األبيض أيضا إلى عدة أقطاب وشعب ومسالك كقطب التعليم‬
‫األصيل وقطب اآلداب والعلوم اإلنسانية وقطب الفنون والرياضة وقطب‬
‫العلوم وقطب التكنولوجيات‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد بدأ المغرب في تنفيذ نظام الوحدات والمصوغات في السلك*‬
‫الثانوي التأهيلي ‪ ،‬فوضع البرامج والمناهج الدراسية وفعل بيداغوجيا‬
‫المجزوءات* مع الموسم* الدراسي ‪ 2003/2004‬بتغيير الكتب المدرسية‬
‫وتجديد هيكلتها وطرائق عرضها‪.‬‬

‫‪ -5‬مرجعيات التعليم المجزوئي‪:‬‬


‫للتعليم المجزوئي مرجعيات وإحاالت يمكن اختزالها في المؤثرات التالية‪:‬‬
‫• بيداغوجيا الكفاءات؛‬
‫• بيداغوجيا المفارقة وتفريد التعليم؛‬
‫• الالتجانس والفشل الدراسي؛‬
‫• اللسانيات التوليدية التحويلية التي تتبنى المقاربة اإلدراكية الفطرية التي‬
‫تعترف بالقدرات الوراثية للمتكلم المستمع التي تسمح بتوليد جمل المتناهية‬
‫العدد من خالل تحويل الكفاءة للبنى العميقة إلى بنى سطحية؛‬
‫• الفلسفة* الدكارتية التي تؤكد أهمية البنى الذهنية الرياضية والمنطقية في‬
‫معرفة الحقيقة وأن ماهو عقلي فطري* وراثي سابق على ماهو تجريبي‬
‫خارجي؛‬
‫• السيكولوجيا المعرفية واإلدراكية؛‬
‫• فكر المقاولة الذي كان دائما ومازال يستوجب تمهير المتعلمين بالمهارات‬
‫وتسليحهم بالقدرات والكفاءات النوعية والممتدة والمتخصصة؛‬
‫• ظاهرة العولمة واالقتصاد التنافسي الذي يستلزم الطاقات البشرية المؤهلة‬
‫ذات الكفاءات العالية والمهارات المتنوعة والقدرات* الفائقة‪.‬‬

‫‪ -6‬بنية المجزوءة‪*:‬‬

‫تستند المجزوءة إلى ثالث عناصر أساسية‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫أ‌‪ -‬المدخالت ‪ :‬تستهدف تسطير مجموعة من الكفايات المزمع تحقيقها في‬


‫شكل أهداف إجرائية سلوكية قبل الدخول في مسار تعلمي أو تنفيذ مجزوءة‬
‫دراسية‪ ،‬ويتم ذلك بوضع امتحان تشخيصي قبلي في شكل الوضعيات‪-‬‬
‫األسئلة‪.‬‬
‫ب‌‪ -‬الهيكل ‪ :le corps‬يقسم المقرر إلى مجزوءات* دراسية وبعد ذلك إلى‬
‫وحدات ديداكتيكية ومتواليات أو حلقات تعلمية تساعد المتعلم على التعلم‬
‫الذاتي والتكوين المستمر في شكل فردي أو جماعي‪.‬‬
‫ت‌‪ -‬المخرجات‪ *:‬هنا نتحقق من نجاعة القدرات والكفاءات التي أنجزها‬
‫المتعلم وأداها أثناء سيرورة التعلم‪ .‬وهذا التقويم تشخيصي ومرحلي‬
‫ونهائي‪.‬‬

‫‪ -7‬أنواع المجزوءات‪:‬‬

‫يمكن تقسيم المجزوءات* التربوية إلى‪:‬‬

‫أ‌‪ -‬مجزوءات إجبارية؛‬


‫ب‌‪ -‬مجزوءات إجبارية تكميلية؛‬
‫ت‌‪ -‬مجزوءات اختيارية‪.‬‬

‫ويمكن أن تكون المجزوءة* في إطار سيرورتها اإلنجازية‪:‬‬

‫أ‌‪ -‬مجزوءة نوعية؛‬


‫ب‌‪ -‬مجزوءة* مستعرضة ممتدة؛‬

‫ويمكن تصنيفها أيضا إلى‪:‬‬

‫أ‌‪ -‬مجزوءات تنظيمية ترتبط بالخبرة وما يتم تعلمه ذاتيا كالمجزوءات‬
‫اإلجبارية واالختيارية والتكميلية؛‬
‫ب‌‪ -‬مجزوءات ديداكتيكية ترتبط بمحتويات المرجع الدراسي كالكتاب‬
‫المدرسي والوثائق السمعية والبصرية‪.‬‬

‫‪ -8‬كيف ندرس بواسطة* التعليم المجزوئي‪:‬‬


‫عند وضع البرامج والمناهج والمقررات* الدراسية السنوية البد من تقسيمها‬
‫حسب الفصول الدراسية أو الدورات الفصلية في شكل مجزوءات* تتضمن‬
‫وحدات دراسية نوعية تنقسم بدورها إلى حلقات أو متواليات تدرس في‬
‫حصص محددة زمانيا ومكانيا أو غير محددة‪ .‬كما يخضع هذا التقسيم‬
‫لتوزيع زمني ومكاني مدقق يراعي ظروف المتعلم وسياق التعلم‪ .‬كما‬
‫ينبغي وضع البرنامج الدراسي في شكل وضعيات وأسئلة وأنشطة* وخبرات‬
‫يراعى فيها التدرج من البسيط إلى المركب‪ ،‬ومن الوضعيات السهلة* إلى‬
‫الوضعيات المعقدة‪ .‬ويتم أيضا تحديد جميع الكفايات والقدرات* المستهدفة‬
‫الجزئية أو النهائية النوعية والمستعرضة في شكل سلوكيات مؤشرة‬
‫بالقياس والرصد التقويمي‪ .‬كما يمكن االستعانة بتقويم قبلي تشخيصي أو‬
‫تكويني أو إجمالي لتحديد مستوى كل تلميذ في بداية السنة الدراسية أو بداية‬
‫كل مجزوءة أو نهايتها‪ .‬ومن الواجب* أن تدرس المتواليات الديداكتيكية في‬
‫شكل مجموعات أو حسب األفراد‪ ،‬وأن يكون محور التعليم هو التلميذ‬
‫وليس المدرس الذي ينبغي أن يكون مستشارا يساعد المتعلمين على التعلم‬
‫الذاتي والتكوين المستمر من خالل استثمار الوثائق البصرية والسمعية‬
‫والرقمية وكل الوسائل الديداكتيكية المتاحة‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫وعلى الرغم من أهمية بيداغوجيا المجزوءات* فما زالت نظريتها غامضة‬


‫ومبهمة وغير محددة بدقة‪ .‬لذلك تبقى الممارسة متعثرة في نظامنا التربوي‬
‫المغربي الذي دائما يترقب ما يستجد في الساحة التربوية الغربية والسيما‬
‫الفرنسية منها‪ .‬وهكذا نجد أنفسنا ننتقل من نظرية تربوية إلى أخرى* بدون‬
‫أن نستوعبها جيدا ونطبقها في مدارسنا بشكل ناجع وفعال‪ .‬كما أن المغرب‬
‫دائما يستنسخ النظريات التربوية الفرنسية ومن خاللها يسترفد مشاكل‬
‫فرنسا البعيدة عن مشاكلنا ويحاول تبيئتها ومغربتها إقحاما وتعسفا‪ .‬فهل‬
‫هناك‪ -‬إذاً‪ -‬من نظرية تربوية عربية أصيلة لحل مشاكلنا لكيال نبقى دائما‬
‫منتظرين ما يأتي من النفايات التربوية الغربية نستوردها بدون روية وال‬
‫تمهل وال استقصاء علمي دقيق‪.‬‬

‫الهوامش‪*:‬‬

‫‪ -‬ميلود التوري‪ *:‬تدبير المجزوءات لبناء الكفايات‪،‬مطبعة سوماڰرام‪ ،‬الدار*‬


‫البيضاء‪ ،‬ط‪2006 ،1‬؛‬
‫‪Viviane De Land Sheere: L'éducation et la formation. -‬‬
‫‪;P.U.F, 1987, p:167‬‬
‫‪ -‬عبد الكريم غريب والبشير اليعكوبي‪ :‬المجزوءات‪،‬منشورات عالم‬
‫التربية‪،‬ط ‪، 2003 ، 1‬ص‪16:‬؛‬
‫‪Françoise Clairc: Enseigner en Modules, Hachette, -‬‬
‫‪1992, P.10‬‬
‫‪ -‬الدكتور محمد الدريج‪:‬الكفايات في التعليم‪ ،‬منشورات* سلسلة* المعرفة‬
‫للجميع‪ ،‬شتنبر ‪ ،2004‬ص‪254:‬؛‬
‫‪Viviane De Land Sheere: L'éducation de la formation,p:-‬‬
‫‪,27‬‬
‫‪ -‬انظر الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬ط ‪ ،2000‬ص‪48-47:‬؛‬
‫‪ -‬وزارة* التربية الوطنية‪ :‬الكتاب األبيض‪ ،‬لجان مراجعة المناهج التربوية‬
‫المغربية‪ ،‬يونيو ‪ ،2000‬ص‪16:‬؛‬
‫تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها في المدرسة المغربية‬
‫(التعليم الثانوي التأهيلي نموذجا)‬

‫تم التركيز في اآلونة األخيرة ‪ -‬بعد صدور الميثاق الوطني للتربية‬


‫والتكوين – على ضرورة تنشيط الحياة المدرسية وتفعيل أدوارها ابتداء من‬
‫الموسم الدراسي ‪ 2003/2004‬كما تنص على ذلك المذكرة الوزارية رقم‬
‫‪ 87‬المؤرخة بـــ ‪ 10‬يوليوز ‪ ،2003‬لتتمكن من تجاوز وظيفتها التقليدية‬
‫المحصورة* في تقديم المعرفة النظرية الجاهزة‪ ،‬و استبدال إدارتها التربوية‬
‫المنغلقة على نفسها الساعية إلى تنفيذ التعليمات الرسمية دون إشراك* جهات‬
‫أخرى* بإدارة أكثر ديمقراطية وانفتاحا‪.‬‬
‫أما المدرسة* التي ينشدها الميثاق الوطني فتتسم بالحياة واإلبداع والمساهمة‬
‫الجماعية في تحمل المسؤولية* تسييرا وتدبيرا‪ ،‬كما أنها مدرسة المواطنة‬
‫الصالحة* والديمقراطية وحقوق* اإلنسان‪ ،‬يشعر فيها المتعلم بسعادة التلمذة‬
‫من خالل المشاركة الفعالة في أنشطتها مع باقي المتدخلين التربويين‬
‫وشركاء المؤسسة ‪:‬الداخليين والخارجيين‪.‬‬
‫مما الشك فيه أن الحياة المدرسية في حاجة ماسة إلى مساهمة كل‬
‫األطراف* المعنية بالتربية والتكوين لتفعيلها وتنشيطها ماديا ومعنويا قصد‬
‫خلق مدرسة حديثة مفعمة بالحياة‪ ،‬قادرة على تكوين إنسان يواجه التحديات‬
‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية والتكنولوجية‪ .‬إذاً‪ ،‬مامفهوم الحياة‬
‫المدرسية؟ وما هي مقوماتها؟ وماهي غاياتها وأهدافها األساسية؟ ومن هم‬
‫المتدخلون في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها ؟ وإلى أي حد يمكن أن‬
‫تساهم الفعاليات التربوية في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها؟ وماهي‬
‫المشاريع التي ينبغي أن تنصب عليها الحياة المدرسية؟ وإلى أي مدى يمكن‬
‫أن تسعفنا آلية الحياة المدرسية في تحقيق الجودة؟ تلكم هي األسئلة التي‬
‫سوف نحاول اإلجابة عنها في موضوعنا هذا‬

‫‪ -1‬شـــرح المفاهيـــــــــــم‪:‬‬

‫قبل الدخول في تحليل الموضوع واستقراء معطياته وتفسير جوانبه‬


‫وأبعاده‪ ،‬البد من الوقوف* بدقة عند المصطلحات والمفاهيم التي يتناولها‬
‫عنوان الموضوع‪ ،‬وهي‪ :‬تفعيل‪ -‬تنشيط ‪ -‬الحياة المدرسية‪.‬‬

‫أ‌‪ -‬التفعيــــــل‪*:‬‬

‫إن الهدف الذي تسعى إليه كل المجتمعات‪ ،‬وخاصة المجتمع المغربي‪ ،‬أن‬
‫تكون المدرسة فعالة وفاعلة‪ .‬أي تكون إيجابية وذلك بتغيير الواقع والسير‬
‫به نحو آفاق رحبة مفعمة بالتنمية والتقدم والنهضة الحقيقية‪ .‬ولن يتم هذا‬
‫الهدف اإليجابي إال إذا كان هناك تفعيل حقيقي للحياة المدرسية‪ .‬والتفعيل‬
‫مصدر ف ّعل ‪ ،‬ويدل التضعيف على الحركة والنشاط والممارسة الميدانية‬
‫والخلق واإلبداع‪ .‬ويعني هذا أن التفعيل هو جعل المدرسة مؤسسة فاعلة‬
‫ومبدعة وخالقة ومبتكرة‪ ،‬وأال تكتفي بالتلقين والتعليم‪ ،‬بل البد من االبتكار‬
‫واإلنتاج‪ .‬و هذا التفعيل قد يكون خارجيا أو داخليا ذاتيا‪ ،‬فيتم تفعيل‬
‫المدرسة* خارجيا من خالل المشاركة والتعاون بين المؤسسة وشركائها‬
‫االقتصاديين واالجتماعيين وكافة المجتمع المدني‪ .‬فالتفعيل هنا يكون بمعنى‬
‫التغيير والتحريك اإليجابي عن طريق خلق شراكات ومشاريع مع المؤسسة‬
‫وتحفيز المبادرة الفردية أو الجماعية لتنشيط المدرسة وتفعيلها إيجابيا‪ .‬وقد‬
‫يكون هذا التفعيل ذاتيا من قبل المتعلم في عالقته مع اإلطار التربوي أو‬
‫اإلداري* أو زميله المتعلم داخل فضاء المدرسة‪*.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬يحيلنا التفعيل على التغيير والحركية* والتفاعل الدينامي والبناء‬
‫والنماء والممارسة والخلق واإلبداع والتنشيط والمساعدة والتعاون‬
‫الجماعي‪ .‬كما يحيلنا التفعيل على إخراج الحياة المدرسية من السكونية‬
‫والروتين ورتابة الحياة المغلقة إلى الحركية ودينامكية الفعل التربوي‬
‫وتنشيطه إيجابيا‪ .‬هذا عن مفهوم التفعيل‪ ،‬فماذا عن مفهومي التنشيط والحياة‬
‫المدرسية؟ هذا ما سنعرفه في األسطر الموالية‪*.‬‬

‫ب‌‪ -‬التـــنــشيـــــط‪:‬‬

‫يراد بالتنشيط ذلك الفعل اإليجابي الذي يساهم في تحريك المتعلم وتحرير‬
‫طاقته الذهنية والوجدانية والحركية‪ ،‬والمساهمة كذلك في تفتيق المواهب‬
‫والقدرات المضمرة أو الظاهرة الموجودة لدى المتعلم تعويضا وتحررا‪ *.‬أما‬
‫النشاط فهو في معناه العام‪ ":‬مايصرف من طاقة عقلية أو بيولوجية‪ .‬وفي‬
‫علم النفس هو عملية عقلية أو حركة تصدر تلقائيا عن الكائن الحي‪ .‬وغالبا‬
‫ما يكون فعل التنشيط موجها في مجاالت عديدة‪ ،‬مثل المسؤولية ذات‬
‫الطابع التربوي التي تجري على هامش العمل المدرسي أو تأتي مكملة له‬
‫بهدف الحرص* على أن يتمتع التلميذ في هذا العمل بحرية كبيرة في‬
‫االختيار والمبادرة‪ .‬وقد تحيلنا على المنشط (‪ ،)animateur‬فهو الذي‬
‫يضفي الحيوية على كل تجمع نشاط تعاوني‪ ،‬يثير المبادرات ويكون‬
‫حاضرا المهيمنا‪".‬‬
‫إذاً‪ ،‬فالنشاط هو " كل عملية تلقائية سواء* أكانت عقلية أم بيولوجية متوقفة‬
‫على استخدام طاقة الكائن الحي االنفعالية والعقلية والحركية‪ .‬وهو كذلك‬
‫مجموعة من األنماط السلوكية* الحركية أو المعرفية‪ .‬يتأسس ويتوقف على‬
‫استعمال الطاقة الجسمية أو الوجدانية أو العقلية كدوافع داخلية لخصوصية‬
‫هذا النشاط في هذا االتجاه أوذاك‪ .‬كما أن النشاط باعتباره أداء عمليا أو‬
‫فكريا اليمكن اعتباره صادرا عن التلقائية بمفهوم المصادفة العشوائية أو‬
‫بمفهوم ميكانيكية وتراتبية االستجابة والمثير لدى االتجاه السلوكي"‪.‬‬
‫ويقصد بالتنشيط عادة تلك" األنشطة الثقافية واالجتماعية والثقافية‬
‫والرياضية المختلفة التي يمارسها اإلنسان بكيفية حرة وتطوعية خارج‬
‫أوقات العمل المعتادة مع جماعة معينة من أمثاله‪ ،‬وبتوجيه من شخص‬
‫يكون في الغالب متخصصا بالتنشيط‪ ،‬يشرف على هذه األنشطة ويسهر‬
‫على تنفيذها قصد تحقيق أهداف تربوية واجتماعية وأخالقية" ‪.‬‬
‫ويتفرع عن التنشيط مكونات ضرورية كالمنشط‪ -‬بالكسر‪ -‬والمنشط* –‬
‫بالفتح‪( -‬أي المتعلم)‪ ،‬وفعل التنشيط‪ ،‬والنشاط (نتيجة التنشيط)‪.‬‬

‫ج‪ -‬الحيـــــاة المدرسية‪:‬‬

‫من المعروف أن المدرسة مؤسسة* اجتماعية وتربوية صغرى ضمن‬


‫المجتمع األكبر‪ .‬ويقوم بتربية النشء وتأهيلهم ودمجهم في المجتمع لتكييفهم‬
‫معه‪ .‬أي إن المدرسة* حسب إميل دوركايم ذات وظيفة سوسيولوجية‬
‫وتربوية هامة‪ ،‬أي إنها فضاء يقوم بالرعاية والتربية والتنشئة االجتماعية‬
‫وتكوين المواطن الصالح‪ .‬ومن ثم فالمدرسة"هي المكان أو المؤسسة‬
‫المخصصة للتعليم‪ ،‬تنهض بدور تربوي اليقل خطورة* عن دورها التعليمي‪،‬‬
‫إنها أداة تواصل نشيطة تصل الماضي بالحاضر والمستقبل‪ ،‬فهي التي تنقل‬
‫لألجيال الجديدة تجارب ومعارف اآلخرين والمعايير والقيم التي تبنوها‪،‬‬
‫وكذا مختلف االختيارات التي ركزوا* وحافظوا عليها‪ ،‬بل وأقاموا عليها‬
‫مجتمعهم الحالي‪ . "...‬إذاً‪ ،‬فالمدرسة فضاء تربوي وتعليمي‪ ،‬وأداة للحفاظ‬
‫على الهوية والتراث ونقله من جيل إلى آخر‪ ،‬وأس من أسس التنمية‬
‫والتطور* وتقدم المجتمعات اإلنسانية‪ .‬بيد أن المدرسة* لها أدوار فنية‬
‫وجمالية وتنشيطية أخرى إذ" تتحمل مسؤولية إعطاء التالميذ فرصة‬
‫ممارسة خبراتهم التخييلية وألعابهم االبتكارية التي تعتبر األساس لحياة‬
‫طبيعية يتمتعون فيها بالخبرة والحساسية الفنية"‪.‬‬
‫وهكذا يتبين لنا أن للمدرسة* وظيفة تعليمية وتربوية وتنشيطية‪ .‬لكن ماهي‬
‫الحياة المدرسية؟‬
‫يقصد بالحياة المدرسية ‪ la vie scolaire‬تلك الفترة الزمنية التي يقضيها‬
‫التلميذ داخل فضاء المدرسة‪ *،‬وهي جزء من الحياة العامة للتلميذ‪ /‬اإلنسان‪.‬‬
‫وهذه الحياة مرتبطة بإيقاع تعلمي وتربوي وتنشيطي‪ ،‬متموج حسب‬
‫ظروف المدرسة* وتموجاتها العالئقية والمؤسساتية‪ .‬وتعكس هذه الحياة‬
‫المدرسية مايقع في الخارج االجتماعي من تبادل للمعارف والقيم‪ ،‬وما‬
‫يتحقق من تواصل سيكواجتماعي وإنساني‪ .‬وتعتبر"الحياة المدرسية جزءا‬
‫من الحياة العامة المتميزة بالسرعة والتدفق‪ ،‬التي تستدعي التجاوب‬
‫والتفاعل مع المتغيرات االقتصادية والقيم االجتماعية والتطورات المعرفية‬
‫والتكنولوجية التي يعرفها المجتمع‪ ،‬حيث تصبح المدرسة مجاال خاصا‬
‫بالتنمية البشرية‪ .‬والحياة المدرسية بهذا المعنى‪ ،‬تعد الفرد للتكيف مع‬
‫التحوالت العامة والتعامل بإيجابية‪ ،‬وتعلمه أساليب الحياة االجتماعية‪،‬‬
‫وتعمق الوظيفة* االجتماعية للتربية‪ ،‬مما يعكس األهمية القصوى إلعداد‬
‫النشء‪ ،‬أطفاال وشبابا‪ ،‬لممارسة حياة قائمة على اكتساب مجموعة من القيم‬
‫داخل فضاءات عامة مشتركة"‪.‬‬
‫ويمكن النظر إلى الحياة المدرسية من زاويتين متكاملتين ومتميزتين عن‬
‫الحياة العامة للمتعلم التي يعيشها في مؤسسات خارجية موازية للمدرسة‪*.‬‬
‫‪ -‬أوال‪ ،‬الحياة المدرسية" باعتبارها مناخا وظيفيا مندمجا في مكونات العمل‬
‫المدرسي يستوجب عناية خاصة ضمانا لتوفير مناخ سليم وإيجابي يساعد‬
‫المتعلمين على التعلم واكتساب قيم وسلوكيات بناءة‪ .‬وتتشكل هذه الحياة من‬
‫مجموع العوامل الزمانية والمكانية‪ ،‬والتنظيمية‪ ،‬والعالئقية‪ ،‬والتواصلية‪*،‬‬
‫والثقافية‪ ،‬والتنشيطية المكونة للخدمات التكوينية والتعليمية التي تقدمها‬
‫المؤسسة للتالميذ"‪.‬‬
‫‪ -‬وثانيا‪ ،‬الحياة المدرسية" باعتبارها حياة اعتيادية يومية للمتعلمين‬
‫يعيشونها أفرادا* وجماعات داخل نسق عام منظم‪ ،‬ويتمثل جوهر هذه الحياة‬
‫المعيشية داخل الفضاءات* المدرسية في الكيفية التي يحيون بها تجاربهم‬
‫المدرسية‪ ،‬وإحساسهم الذاتي بواقع أجوائها النفسية والعاطفية"‪*.‬‬
‫لكن المفهوم الحقيقي للحياة المدرسية هي تلك الحياة التي تسعد التلميذ‬
‫وتضمن له حقوقه* وواجباته وتجعله مواطنا صالحا‪ .‬أي إن الحياة المدرسية‬
‫هي مؤسسة المواطنة* والديمقراطية والحداثة واالندماج االجتماعي واالبتعاد‬
‫عن االنعزال والتطرف واالنحراف وكل الظواهر السلبية األخرى‪*.‬‬
‫وبصيغة أخرى‪ ،‬إن الحياة المدرسية هي التي" تسعى إلى توفير مناخ‬
‫تعليمي‪/‬تعلمي قائم على مبادئ المساواة والديمقراطية* والمواطنة‪ ،‬وهذه‬
‫المبادئ تعد تعبيرا أمينا عن حقوق اإلنسان وصون كرامته واحترام‬
‫إنسانيته‪ .‬وإذا كان مفهوم الحياة المدرسية يعنى مجموعة من التفاعالت‪،‬‬
‫فإن معياره هو التمثيل العام لكل الفاعلين داخل كل مراحل التعليم‪.‬‬
‫وتتحدد جوانب الحياة المدرسية في إزالة* المعوقات المادية والمعنوية التي‬
‫تحول بين المتعلمين والتعليم‪ ،‬وتوفير أحسن الظروف الميسرة للتعليم‪،‬‬
‫وقيام العملية التعليمية على أساس مشاركة كل األطراف‪ ،‬وتقديم الخدمات‬
‫التعليمية بصرف النظر عن أي اعتبارات خارجية‪ ،‬وتحقيق المساواة* بين‬
‫مختلف المناطق والجهات والبنيات المحلية" ‪.‬‬
‫إذاً‪ ،‬فالحياة المدرسية سمة الحداثة والجودة واالنفتاح والتواصل والشراكة‬
‫واإلبداع والخلق‪ .‬يشارك فيها كل المتدخلين والفاعلين سواء* أكانوا ينتمون‬
‫إلى النسق التربوي أم النسق اإلداري أم النسق الخارجي السوسيو‬
‫اقتصادي‪ .‬كما أن إطار الحياة المدرسية هو"إطار ديمقراطية* الحوار* بين‬
‫األفراد والجماعات والمؤسسات‪ *،‬وحرية التعبير والمشاركة في صنع‬
‫القرار وتحمل المسؤوليات‪ .‬أما المجال‪ ،‬فهو مجال التطور والسعي الحثيث‬
‫نحو المشاركة في تأسيس أبعاد مجتمعية حداثية تضع من بين أهدافها تنمية‬
‫قدرات اإلنسان‪ ،‬وتشدد على المفاهيم والقيم القادرة على ترسيخ إرادة‬
‫المواطنين وكفاياتهم على صناعة حاضرهم ومستقبلهم بالعلم والفكر المبدع‬
‫الذي يحمل مشروع صياغة مجتمع مغربي متجدد"‪.‬‬
‫وهنا ينبغي أن نميز بين مدرسة الحياة‪ l'école de la vie‬والحياة‬
‫المدرسية‪ la vie scolaire‬؛ ألن المدرسة األولى من نتاج التصور‬
‫البراگماتي ( جون ديوي ووليام جيمس‪ )..‬الذي يعتبر المدرسة وسيلة لتعلم‬
‫الحياة وتأهيل المتعلم لمستقبل نافع‪ ،‬ويعني هذا أن المدرسة ضمن هذا‬
‫التصور عليها أن تحقق نتائج محسوسة في تأطير المتعلم لمواجهة مشاكل‬
‫الحياة وتحقيق منافع إنتاجية تساهم في تطوير المجتمع نحو األمام عن‬
‫طريق اإلبداع واالكتشاف وبناء الحاضر والمستقبل‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالمدرسة هنا‬
‫هي مدرسة ذات أهداف مادية تقوم على الربح والفائدة والمنفعة وتحقيق‬
‫المكاسب الذاتية والمجتمعية‪ .‬أما المدرسة الثانية فهي " تشكل كال متجانسا‬
‫ومترابطا يجمع المدرسي والموازي وينظم اإلعالم التوجيهي‪ ،‬ويدعم‬
‫مشروع التلميذ ويكونه في بعده المواطني‪ ،‬وينشط النظام التمثيلي والحركة‬
‫الثقافية والموضوعات األفقية ويدعم العمل الفردي ويعزز قدرته على‬
‫االبتكار" ‪ .‬أي إن هذه الحياة المدرسية تكون المتعلم اإلنسان وتهذبه أخالقيا‬
‫وتجعله قادرا على مواجهة كل الوضعيات الصعبة في الحياة مع بناء‬
‫عالقات إنسانية اجتماعية وعاطفية ونفسية‪ .‬وهذه العالقات أهم من‬
‫اإلنتاجية الكمية والمردودية التي تكون على حساب القيم والمصلحة العامة‬
‫والمواطنة الصادقة‪.‬‬

‫‪ -2‬مقومات الحياة المدرسية‪:‬‬

‫ترتكز الحياة المدرسية على مجموعة من المقومات األساسية تتمثل في‬


‫مايلي‪:‬‬
‫‪ -‬الحياة المدرسية هي فضاء المواطنة والديمقراطية وحقوق اإلنسان؛‬
‫‪ -‬هي مدرسة السعادة واألمان والتحرر واإلبداع وتأسيس مجتمع إنساني‬
‫حقيقي تفعل فيه جميع العالقات والمهارات؛‬
‫‪ -‬تمثل بيداغوجيا الكفايات والمجزوءات؛‬
‫‪ -‬تحقيق الجودة من خالل إرساء الشراكة الحقيقية وإرساء* فلسفة*‬
‫المشاريع ؛‬
‫‪ -‬التركيز على المتعلم باعتباره القطب* األساس في العملية البيداغوجية عن‬
‫طريق تحفيزه معرفيا ووجدانيا وحركيا وتنشيطيا؛‬
‫‪ -‬انفتاح المؤسسة* على محيطها االجتماعي والثقافي واالقتصادي؛‬
‫‪ -‬المدرسة* مجتمع مصغر من العالقات اإلنسانية والتفاعالت اإليجابية؛‬
‫‪ -‬تنشيط المؤسسة ثقافيا وعلميا ورياضيا وفنيا وإعالمياتيا‪ ،‬وتسخير فضاء‬
‫المؤسسة لصالح التلميذ عن طريق تزيينها وتجميلها؛‬
‫‪ -‬تجاوز مدرسة البيروقراطية اإلدارية والتربوية نحو مدرسة التحرر‬
‫واإلبداع والتنشيط؛‬
‫‪ -‬تغيير االستعماالت الزمنية اإلدارية األحادية بسياقات زمنية منفتحة على‬
‫ماهو معرفي وتنشيطي ورياضي‪ ،‬أي إن استعمال الزمن عليه أن يراعي‬
‫الحصص المعرفية وحصص التنشيط وحصص التربية الرياضية؛‬
‫‪ -‬تغيير الفضاءات* المدرسية المنغلقة التي توحي بالروتين والعدائية‬
‫والتطرف بفضاءات مدرسية منفتحة قوامها التحرر واإلبداع والتعلم الذاتي‬
‫واإلحساس* بالجمال والنظام والتشكيل الجمالي والبيئي‪.‬‬
‫‪ -‬عالقات أطراف النسق اإلداري والتربوي مع التلميذ عالقات إنسانية‬
‫أساسها االحترام والحوار و المساواة واألخوة* والعدالة واإلصغاء وتحفيز‬
‫روح المبادرة والتعاون التشاركي‪.‬‬

‫‪ -3‬غايات فلسفة الحياة المدرسية‪:‬‬

‫حددت المذكرة الوزارية رقم‪ 87‬المؤرخة بــ ‪ 10‬يوليوز لسنة‪2003‬‬


‫مجموعة من الغايات واألهداف ‪،‬وهي على النحو التالي‪:‬‬
‫*إعمال الفكر‪ ،‬والقدرة على الفهم والتحليل‪ ،‬والنقاش الحر‪ ،‬وإبداء الرأي‬
‫واحترام الرأي اآلخر؛*‬
‫* التربية على الممارسة الديمقراطية* وتكريس النهج الحداثي والديمقراطي؛*‬
‫* النمو المتوازن عقليا ونفسيا ووجدانيا؛‬
‫* تنمية الكفايات والمهارات والقدرات الكتساب المعارف‪ ،‬وبناء المشاريع‬
‫الشخصية؛*‬
‫* تكريس المظاهر السلوكية اإليجابية‪ ،‬واالعتناء بالنظافة ولياقة الهندام‪،‬‬
‫وتجنب ارتداء أي لباس يتنافى والذوق العام‪ ،‬والتحلي بحسن السلوك أثناء‬
‫التعامل مع كل الفاعلين في الحياة المدرسية؛‬
‫* جعل المدرسة* فضاء خصبا يساعد على تفجير الطاقات اإلبداعية‬
‫واكتساب المواهب في مختلف المجاالت؛‬
‫* الرغبة في الحياة المدرسية واإلقبال على المشاركة* في مختلف أنشطتها‬
‫اليومية بتلقائية؛‬
‫* جعل الحياة المدرسية عامة‪ ،‬والعمل اليومي للتلميذ خاصة‪ ،‬مجاال لإلقبال‬
‫على متعة التحصيل الجاد؛‬
‫* االستمتاع بحياة التلمذة‪ ،‬وبالحق في عيش مراحل الطفولة* والمراهقة‬
‫والشباب من خالل المشاركة الفاعلة في مختلف أنشطة الحياة المدرسية‬
‫وتدبيرها؛‬
‫* االعتناء بكل فضاءات المؤسسة وجعلها قطبا جذابا وفضاء مريحا‪.‬‬

‫‪ -4‬المتدخلون في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها‪:‬‬

‫يحتاج تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها إلى تدخل مجموعة من المتدخلين‬


‫التربويين واالجتماعيين واالقتصاديين من متمدرسين ومدرسين وإداريين‬
‫ومؤطرين تربويين وجميع شركاء المؤسسة سواء* الداخليين منهم كاألسرة‬
‫وجمعية آباء وأولياء التالميذ وأمهاتهم أو الخارجيين كالجماعة المحلية‬
‫وشركاء اقتصاديين أو اجتماعيين وكل الفعاليات اإلبداعية في المجتمع‬
‫المدني‪...‬‬

‫• المتمــــدرســون‪:‬‬
‫إن المتمدرس هو المحور األساس والمستهدف من كل عملية تربوية أو‬
‫تنظيمية أو تنشيطية تشهدها الحياة المدرسية‪ *.‬يجب أن يشارك مشاركة‬
‫فعالة في مختلف هذه األنشطة الصفية أو الموازية‪ *.‬والمتمدرس في التعليم‬
‫الثانوي مثال يمر بمرحلة هامة في حياته‪ ،‬يحتاج إلى من يهتم به من الناحية‬
‫السيكولوجية للتعرف على أحواله* النفسية ومساعدته ليتمكن من تجنب‬
‫بعض االنحرافات السلوكية* التي تحد من فعاليته في الحياة المدرسية‪ .‬يجب‬
‫أن نعده للمستقبل مستثمرين قدراته في اإلنتاج النافع عن طريق انخراطه*‬
‫في مجالس المؤسسة* وأنديتها الثقافية والتربوية حسب رغباته وميوله‬
‫ساعين دائما إلى زيادة قدراته" على العمل في شروط* ميسرة المعسرة" ‪.‬‬

‫• المدرســــون‪:‬‬

‫يعتبر تدخل المدرسين في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها فعال رئيسيا‬


‫وفق وظائف المدرسة* الجديدة التي ال تقتصر فيها وظيفة المدرسين على‬
‫حشو أذهان المتمدرسين بالمعلومات الجاهزة‪ ،‬وإنما تتعداها إلى التكوين و‬
‫التأطير والتربية على المواطنة وحقوق* اإلنسان وغيرها من القيم اإلنسانية‬
‫النبيلة‪ ،‬ولهذا ينبغي أن تكون هيئة التدريس هيئة متدخلة رئيسية في الحياة‬
‫المدرسية قدوة ونموذجا‪ ،‬ومن واجبها االنخراط في مشاريع المؤسسة‪ *،‬وفي‬
‫التنشيط المدرسي في جميع المجاالت داخل الفصل أو خارجه‪ ،‬وذلك بتبني‬
‫الطرائق البيداغوجية والديداكتيكية المالئمة التي تستجيب للحاجيات النفسية‬
‫والعاطفية للمتمدرسين وتنظيم األنشطة المندمجة والداعمة وتكوين أندية‬
‫منفتحة على المجتمع المحلي والجهوي والوطني الستقطاب الفعاليات في‬
‫مجال الفكر واإلبداع‪.‬‬

‫• اإلدارة المدرسية‪:‬‬

‫إذا كان المتعلم هو المحور األساس في العملية التعليمية‪ /‬التعلمية‪ ،‬وفي كل‬
‫عملية تنشيطية ألنه هو المستهدف بالتكوين تكوينا سليما وصحيحا قصد‬
‫تهذيبه وجدانيا وتنميته معرفيا وتحفيزه حركيا‪ ،‬والعمل على رعايته‬
‫وتنشئته تنشئة إسالمية قائمة على المواطنة* والحفاظ* على الهوية واالنفتاح‬
‫على اإلنسانية وثقافة اآلخر‪ ،‬فإن اإلدارة المدرسية تكمن أهميتها في‬
‫التأطير والتنظيم والتنشيط التربوي‪ ،‬والعمل على تقوية التواصل بين‬
‫مختلف المتدخلين في الحياة المدرسية‪ ،‬ونجاحها يتوقف على مدى‬
‫مساهمتها في تفعيل المنظومة التربوية‪ ،‬واقتراح مشاريع تربوية أو مادية‪،‬‬
‫مدعومة من قبل هيئة التدريس‪ ،‬خاصة أعضاء مجلس التدبير‪.‬‬
‫وينبغي أن تكون هذه المشاريع مبنية على خطة تشاركية يتم من خاللها‬
‫انفتاح المؤسسة* على محيطها الذي يسمح لها باستثمار إمكاناتها المتوفرة‪.‬‬
‫ولن يتأتى ذلك إال إذا كانت اإلدارة تؤمن بالديمقراطية والتواصل واالنفتاح‬
‫والشراكة‪ *،‬وتعمل على تحقيق حرية أكبر في إطار الالتركيز‪ .‬وفي هذا‬
‫الصدد يقول الدكتور محمد الدريج‪ ":‬يتطلب مشروع اإلصالح حرية أكبر‬
‫للمؤسسات في إطار الالمركزية وتفتحها على محيطها االقتصادي‬
‫واالجتماعي والثقافي وإقامتها لمشاريع تربوية وعالقات شراكة‪."...‬‬
‫إن هيئة اإلدارة التي نتحدث عنها هي اإلدارة الفاعلة التي تتشكل من فريق‬
‫متكامل‪ ،‬يقوده قائد يحترم المبادرة‪ ،‬ويشجع السلوكيات اإليجابية ويفتح‬
‫الحوار مع المدرسين واآلباء وشركاء المؤسسة‪ *،‬وهذا مايدعو إليه الميثاق‬
‫الوطني للتربية والتكوين‪ ":‬يتمتع المشرفون على تدبير المؤسسات التربوية‬
‫واإلدارات* المرتبطة بها بنفس الحقوق* المخولة* للمدرسين‪ ،‬وعليهم‬
‫الواجبات التربوية نفسها وباألخص‪ :‬الحوار والتشاور* مع المدرسين واآلباء‬
‫واألمهات وسائر األولياء وشركاء المؤسسة"‪*.‬‬
‫ويلعب الحارس العام في هذا الفريق* دورا حاسما ومركزيا إذا توفرت لديه‬
‫اإلرادة والعزيمة‪ ،‬ويشتغل في ظروف حسنة‪ ،‬بحكم موقعه وقربه من جميع‬
‫المتدخلين في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها‪.‬‬

‫• الفرق التربوية ومجالس المؤسسة‪*:‬‬


‫تحتل الفرق التربوية في المؤسسات* التعليمية مكانة بارزة في تنظيم الحياة‬
‫المدرسية وتنشيطها‪ ،‬وتتمثل في إبداء المالحظات واالقتراحات حول‬
‫البرامج والمناهج‪ ،‬وبرمجة مختلف األنشطة الثقافية واالجتماعية‬
‫والرياضية وتحيين اإلمكانيات والتدابير الالزمة لتنفيذها وغير ذلك من‬
‫األعمال التنظيمية والتربوية ‪ ،‬وإن و"اعتماد الفرق* التربوية بمختلف‬
‫األسالك* كآليات تنظيمية وتربوية لمن شأنه أن يقوي فرص نجاح التغييرات‬
‫المرغوب فيها‪ ،‬ولضمان فعالياتها وانتظام أنشطتها تحدد بشكل دوري مهام‬
‫هذه الفرق* وطبيعة أعمالها ووظيفتها االستشارية في تنشيط الحياة‬
‫المدرسية‪"....‬‬
‫أما مجالس المؤسسة* فتحددها المادة‪ 17‬من المرسوم الوزاري* رقم‬
‫‪ 2.02.376‬بتاريخ ‪ 17‬يوليوز ‪ 2002‬تحت عنوان" مجالس تدبير‬
‫مؤسسات التربية والتعليم العمومي" ‪.‬‬
‫ونجد في دليل الحياة المدرسية عدة مهام موكولة لهذه المجالس‪ ،‬نذكر منها‬
‫على سبيل المثال بعض مهام مجلس التدبير‪ ،‬هذا المولود الجديد في الساحة*‬
‫التعليمية الذي جاء لتفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها‪ ،‬وذلك بوقوفه بجانب‬
‫الهيئة اإلدارية للرفع من مستوى التدبير التربوي واإلداري* والمالي‬
‫للمؤسسة‪ ،‬هو الذي يقوم" بدراسة برنامج العمل السنوي* الخاص بأنشطة‬
‫المؤسسة وتتبع مراحل إنجازه‪ ،‬ويبدي رأيه بشأن مشاريع اتفاقيات الشراكة‬
‫التي تعتزم المؤسسة* إبرامها"‪.‬‬
‫هذا ويمثل مجلس التدبير السند والدعامة األساسية لهيئة اإلدارة في اتخاذ‬
‫مبادرات شجاعة تتعلق بمشاريع المؤسسة‪ ،‬سعيا وراء* االستقاللية وتحقيقا‬
‫لمبدإ الالمركزية‪ .‬كما تقوم مجالس المؤسسة* بدور كبير في تفعيل الحياة‬
‫المدرسية وتنشيطها‪ ،‬إذا ما انتخبت انتخابا ديمقراطيا‪ ،‬وأعضاؤها من‬
‫رجال تعليم وإدارة وتالميذ لهم الرغبة واإلرادة* القويتان في تخطي الواقع‬
‫المتدني إليجاد الحلول المالئمة للمشاكل التي تعاني منها المؤسسة* التعليمية‬
‫والمساهمة في االرتقاء بالحياة المدرسية بها‪.‬‬
‫• الجمعيـــات المدرسيــة‪*:‬‬

‫من أهم الجمعيات المدرسية في التعليم الثانوي التأهيلي التي بإمكانها تفعيل‬
‫الحياة المدرسية وتنشيطها نستحضر‪ :‬جمعية األنشطة االجتماعية والتربوية‬
‫والثقافية‪ ،‬والجمعية الرياضية‪.‬‬

‫* جمعية األنشطة االجتماعية والتربوية والثقافية‪:‬‬

‫تنشط هذه الجمعية في مجاالت متعددة‪ ،‬تساعد التالميذ المعوزين وتلبي‬


‫حاجياتهم المادية وتقدم للتالميذ المتعثرين دراسيا حصصا في الدعم‬
‫والتقوية‪ ،‬وتنظم للمجتمع المدرسي محاضرات وعروضا‪ ،‬وتمنح للتالميذ‬
‫المتفوقين جوائز تشجيعية‪ ،‬وغيرها من األنشطة االجتماعية والتربوية‬
‫والثقافية‪.‬‬

‫* الجمعية الرياضية‪:‬‬

‫تنشط هذه الجمعية في الميدان الرياضي‪ ،‬تنظم المباريات والمسابقات بين‬


‫األقسام أو المؤسسات* أو بين فرق األحياء‪ ،‬ويمكن لها أن تقترح عدة أشكال‬
‫من الشراكة* مع الفعاليات الرياضية المحلية أو الجهوية‪ ،‬وحتى الوطنية في‬
‫مجال تبادل الخبرات و اكتشاف الالعبين الموهوبين‪.‬‬

‫• هيئة التأطير والمراقبة التربوية والمادية والمالية والتوجيه والتخطيط*‬


‫التربوي‪:‬‬
‫تقوم هذه الهيئة" بمهام التأطير والتكوين واستكمال التكوين من أجل تحسين‬
‫جودة التعليم‪ ،‬فتقوم بتتبع الحياة المدرسية وتقويمها بكيفية دائمة ومستمرة"‪.‬‬
‫ودور هذه الفئة في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها اليخفى على أحد إن‬
‫هي قامت بواجبها سواء على المستوى* الديداكتيكي أم التوجيهي للتنشيط‬
‫التربوي والثقافي‪.‬‬

‫• شركاء المؤسسة‪*:‬‬

‫تسعى المؤسسة المغربية الجديدة إلى أن تكون منفتحة على محيطها بفضل‬
‫المنهج التربوي الحديث الذي يستحضر" المؤسسة داخل المجتمع والمجتمع‬
‫في قلب المؤسسة‪ .‬إذ للمجتمع الحق في االستفادة من المؤسسة‪ *،‬ومن واجبه‬
‫المساهمة في الرفع من قيمتها‪ .‬وفي هذا الصدد يمكن تقسيم شركاء‬
‫المؤسسة إلى قسمين‪ :‬شركاء داخليين كاألسرة وجمعية اآلباء وأولياء‬
‫التالميذ وشركاء خارجيين كالجماعة المحلية والفاعلين االقتصاديين‬
‫واالجتماعيين وغيرهم‪.‬‬

‫• األسرة وجمعية اآلباء وأولياء التالميذ‪:‬‬

‫يرى دليل الحياة المدرسية أن األسرة تتدخل" بصفتها معنية بتتبع المسار‬
‫الدراسي* ألوالدها ويتم ذلك بكيفية مباشرة‪ ،‬وفي تكامل وانسجام في‬
‫المدرسة‪ ...‬أما جمعية آباء وأولياء التالميذ فتعتبر هيئة مساهمة في تنظيم‬
‫الحياة المدرسية وتنشيطها‪"...‬‬
‫لقد أشارت المذكرة الوزارية رقم ‪ 28‬الصادرة بتاريخ شعبان ‪1412‬‬
‫الموافق* لــ‪ 18‬فبراير ‪ 1992‬إلى ضرورة التعاون بين جمعية آباء وأولياء‬
‫التالميذ والمؤسسة التعليمية‪ ،‬ألن هذا التعاون ضروري لسعادة التلميذ‬
‫وخدمة المؤسسة* بتفعيلها ماديا ومعنويا‪ ،‬وتحقيق التكامل المنشود بين‬
‫المؤسسة وهذه الجمعيات‪ .‬ويتمثل التعاون في المشاركة* الفعلية ألولياء‬
‫التالميذ في تدبير المؤسسة وصيانتها وتمويلها والحضور عن كثب‬
‫لالطالع على مايقوم به فلذات أكبادهم من األنشطة التربوية التثقيفية‪،‬‬
‫ويتطلب هذا التعاون كسر الحواجز* اإلدارية واالجتماعية والنفسية بين‬
‫المؤسسة وجمعيات اآلباء‪...‬والبد أن تشارك هذه الجمعيات فعليا في مجلس‬
‫التدبير قصد مراقبة سلوكيات المتعلمين ونتائجهم‪ ،‬وإبداء المالحظات حول‬
‫المناهج والبرامج وتتبع سير المؤسسة* وتقديم المساعدات للتالميذ المتعثرين‬
‫في دراستهم‪ ،‬وتتبع حالتهم الصحية وتغيباتهم‪ ،‬عالوة على تمثيلهم مركزيا‬
‫وال مركزيا‪ ،‬والدفاع عن رغباتهم وطلباتهم المشروعة‪ ،‬والمشاركة* في بناء‬
‫مدرسة سعيدة قوامها األمل والمواطنة والديمقراطية واإلبداع والتجديد‬
‫التربوي‪ .‬والبد من استحضار أولياء التالميذ وإشراكهم في اتخاذ القرارات‬
‫الخاصة بالمؤسسة سواء* التربوية منها أم المادية وأي إقصاء لهم أو تهميش‬
‫سينعكس سلبا على المردودية التربوية‪ .‬فعمل المدرس يبقى قاصرا في‬
‫القسم* مادام لم يكمل في المنزل من قبل المتعلمين تحت مراقبة أوليائهم‬
‫لتحفيزهم وتشجيعهم‪.‬‬
‫ومن خالل هذا يتبين لنا أن دور األسرة وجمعية اآلباء دور مهم وفعال في‬
‫تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها‪.‬‬

‫• الجماعة المحلية‪:‬‬

‫على الجماعة المحلية أن تعطي األهمية للمؤسسة التعليمية المتواجدة في‬


‫حدودها الترابية باعتبارها مصدر تكوين رجال مستقبلها‪ ،‬فالمؤسسة تقوم‬
‫بإعداد الشباب للحياة العملية المنتجة لفائدة الجماعة‪ .‬وبناء على هذا الوعي‪،‬‬
‫تقوم الجماعة المحلية بواجبات الشراكة* مع المؤسسة* واإلسهام في مجهود‬
‫التربية والتكوين‪.‬‬

‫• الفاعلون االقتصاديون واالجتماعيون‪:‬‬


‫تعمل المدرسة* الحديثة على إشراك* مختلف الشركاء* في تطوير آلية‬
‫اشتغالها وفي دعم مشاريعها وأنشطتها المختلفة‪ *،‬ويلعب الفاعلون‬
‫االقتصاديون واالجتماعيون دورا أساسيا في ربط المؤسسة* بمحيطها‪،‬‬
‫وتمكين المتعلمين من االندماج في عالم الشغل مستقبال‪ ،‬فهم يساهمون في‬
‫الرفع من مردودية المؤسسة* وتكوين أطرها البشرية‪ ،‬وتقديم المساعدات‬
‫الالزمة المادية والمعنوية‪ ،‬ويشاركون إلى جانب المتدخلين اآلخرين في‬
‫الحياة المدرسية في خلق مدرسة سعيدة مستقلة بإمكانياتها المادية والبشرية‪،‬‬
‫وتقتضي الشراكة* عموما" التعاون بين األطراف* المعنية وممارسة أنشطة‬
‫مشتركة وتبادل المساعدات واالنفتاح على اآلخر مع احترام‬
‫خصوصياته" ‪.‬‬
‫يبدو لنا من خالل استعراض* للمتدخلين في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها‬
‫أن هناك تفاعال بين مكونات النسق التربوي الداخلي والمحيط* الخارجي‬
‫عبر مكون الشراكة والتمويل والتنشيط ‪ ،‬وأن الحياة المدرسية قوامها‬
‫االنفتاح على المحيط الذي يعد عنصرا أساسيا في الجودة واإلصالح‪:‬‬
‫فتنظيم األنشطة الثقافية أو الرياضية أو الفنية بالتعاون مع مختلف الهيئات‬
‫في الحي أو في المدينة التي توجد فيها المدرسة يساعد على إغناء التجربة‬
‫التربوية‪ .‬وفي المقابل تقوم المؤسسة بتنظيم أنشطة لفائدة المواطنين في‬
‫الحي أو المنطقة‪ ،‬فتتحول المؤسسة* بذلك إلى مركز ثقافي إشعاعي وتربوي‬
‫يتسع ليشمل الجهة بأسرها‪.‬‬

‫‪ -5‬أهمية تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها‪:‬‬

‫جاء الميثاق الوطني للتربية والتكوين في بالدنا سعيا وراء" تجاوز الحياة‬
‫المدرسية الرتيبة المنغلقة على نفسها‪ ،‬والتي تعتمد على تلقين المعارف‬
‫وحشو* الرؤوس باألفكار ومحتويات المقررات* والبرامج السنوية‪ ،‬وتهمل‬
‫التنشيط المدرسي‪ ،‬إلى حياة مدرسية نشطة‪ ،‬يتوفر فيها المناخ التعليمي‪/‬‬
‫التعلمي القائم على مبادئ المساواة* والديمقراطية والمواطنة‪ *،‬حياة مدرسية‬
‫متميزة بالفعالية والحرية* واالندماج االجتماعي‪ ،‬تثير في المتعلم مواهبه‬
‫وتخدم ميوالته وتكون شخصيته وتنشطها نشاطا تلقائيا وحرا* في وسط‬
‫اجتماعي قائم على التعاون ال على اإلخضاع"‪.‬‬
‫وتنص المادة التاسعة من القسم األول من الميثاق على هوية مدرسة جديدة‪،‬‬
‫هي مدرسة الحياة أو الحياة المدرسية التي ينبغي أن تكون‪ -‬حسب الميثاق‪:‬‬
‫أ‌‪ " -‬مفعمة بالحياة‪ ،‬بفضل نهج تربوي نشيط‪ ،‬يتجاوز التلقي السلبي والعمل‬
‫الفردي* إلى اعتماد التعلم الذاتي‪ ،‬والقدرة على الحوار* والمشاركة في‬
‫االجتهاد الجماعي"‪.‬‬
‫ب‌‪ " -‬مفتوحة على محيطها بفضل نهج تربوي قوامه استحضار المجتمع‬
‫في قلب المدرسة‪ *،‬والخروج إليه منها بكل ما يعود بالنفع على الوطن‪ ،‬مما‬
‫يتطلب نسج عاقات جديدة بين المدرسة* وفضائها البيئي والمجتمعي والثقافي‬
‫واالقتصادي"‪.‬‬
‫ويتبين لنا من خالل هذه المادة التشريبعية أن الحياة المدرسية النشطة تتميز‬
‫بالحرية والمواطنة وحقوق* اإلنسان والمسؤولية* وااللتزام واإلبداع‬
‫والمشاركة* الفاعلة والعمل في إطار الفريق* للخلق واالبتكار وتحقيق التنمية‬
‫الحقيقية الشاملة‪ *.‬و" تتحدد جوانب الحياة المدرسية في إزالة* المعوقات‬
‫المادية والمعنوية التي تحول بين المتعلمين والتعليم‪ ،‬وتوفير أحسن‬
‫الظروف* الميسرة للتعليم‪ ،‬وقيام العملية التعليمية على أساس مشاركة كل‬
‫األطراف* وتقديم الخدمات التعليمية والتربوية بصرف النظر عن أي‬
‫اعتبارات خارجية‪ ،‬وتحقيق المساواة* بين مختلف المناطق والجهات‬
‫والبنيات المحلية" ‪.‬‬
‫ويعني هذا‪ ،‬أن الحياة المدرسية تؤسس مجتمعا ديمقراطيا حرا‪ *،‬ومؤسسة‬
‫مسؤولة* في صنع القرار وتحمل المسؤولية‪ ،‬قصد الدخول في الحداثة‬
‫وتنمية قدرات اإلنسان المغربي‪ ،‬ويهدف الميثاق إلى جعل المنظومة‬
‫التربوية" مصلحة تابعة للدولة مسيرة بطريقة مستقلة ‪sigma‬على غرار‬
‫الجامعات ذات االستقالل المعنوي والمادي والمالي" ‪ .‬وستشدد مدرسة‬
‫الحياة في إطار التوجه الجديد للتربية على" المضامين والقيم القادرة على‬
‫ترسيخ إرادة المواطنين وكفاياتهم على صناعة حاضرهم ومستقبلهم بالعلم‬
‫والفكر* المبدع الذي يحمل مشروع صياغة مجتمع مغربي متجدد"‬
‫يهدف ميثاق التربية والتكوين من خالل تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها‬
‫إلى التحرر من التصورات المركزية والروتين اإلداري والسعي نحو‬
‫التجديد والتطوير والحداثة والتعلم الذاتي‪ ،‬فتفتق قريحة المتعلم ومخيلته‬
‫اإلبداعية‪ ،‬وتصقل مواهبه عن طريق مشاركته في األنشطة الرياضية‬
‫والثقافية والفنية واالجتماعية‪.‬‬
‫ومن أهداف المدرسة* المغربية الحديثة الحفاظ* على حضارة األمة المغربية‬
‫وهويتها ومقدساتها وثوابتها‪ ،‬والجمع بين األصالة والمعاصرة لإلنسان‬
‫المغربي‪ ،‬مع االنفتاح اإلعالمي والثقافي واالجتماعي على العالم‪ .‬وبالتالي‪،‬‬
‫تأسيس مجتمع مغربي حديث وديمقراطي‪ ،‬يمتلك زمام العلوم وناصية‬
‫التكنولوجيا المتقدمة‪ ،‬يكون قادرا على رفع شعار التحدي في عهد العولمة*‬
‫والمنافسة التجارية واإلعالمية والعلمية والتكنولوجية الرقمية‪.‬‬

‫‪ -6‬المعيقات التي تحول دون تنشيط الحياة المدرسية‪*:‬‬

‫تتميز الحياة المدرسية بالتنشيط الثقافي والفني والديني واالجتماعي واألدبي‬


‫والمعلومياتي‪ ،‬وغيرها من األنشطة الهادفة المختومة بأحسن النتائج‪ ،‬وفي‬
‫المقابل نجد مدرسة الجمود والركون والتلقين‪ ،‬تركن إلى الخمول والتطرف‬
‫واالنزواء* والضعف الدراسي‪ .‬ومن بين المعيقات التي تحول دون تفعيل‬
‫الحياة المدرسية وتنشيطها نجد‪:‬‬

‫• المعيقات الديداكتيكية أو التربوية‪:‬‬

‫تنص البرامج والمناهج على إكساب المتعلمين المعارف واألفكار والقيم‬


‫دون تنشيطهم فنيا أو رياضيا أو اجتماعيا‪ .‬وما كثرة الساعات التي تقيدهم‬
‫في القسم* إال دليل على الجانب التلقيني وغياب الجانب الفني التنشيطي‪.‬‬
‫وإذا تأملنا النصوص التي توجه إلى التالميذ في التعليم الثانوي التأهيلي‬
‫سنجدها نصوصا معرفية تخاطب العقل والمنطق والذاكرة‪ *،‬وحتى وإن‬
‫وجدت نصوص تنشيطية كالنصوص المسرحية‪ ،‬فهي موجهة للقراءة‬
‫المعرفية‪ ،‬دون تمثيلها أو مسرحتها النعدام المؤطرين المسرحيين وقاعات‬
‫العرض بالمؤسسات التعليمية‪ ،‬وما يعزز هذا القول‪ *،‬عدم تنصيص مقدمات‬
‫الكتب المدرسية على الكفايات التنشيطية‪ ،‬حتى وإن وجدت‪ ،‬فهي إشارات‬
‫عابرة التدخل في صميم الممارسة الديداكتيكية‪ ،‬مما يدل على الطابع‬
‫المعرفي التلقيني للمقررات* والحصص الدراسية‪ .‬وكل ما تعلق بالممارسة‬
‫الفنية أو الوجدانية أو الرياضية أو أي نشاط اجتماعي آخر يعد فعال زائدا‬
‫وهامشيا القيمة له‪.‬‬

‫• المعيقات اإلدارية‪:‬‬

‫اليحظى التنشيط المدرسي في مؤسسات التعليم باالهتمام الذي يستحقه‪ .‬إذ‬


‫التوجيهات اإلدارية الرسمية التشير إليه إال في مناسبات االحتفال باألعياد‬
‫واأليام الوطنية والدولية‪ ،‬وتبقى هذه التوجيهات إلزامية نظريا دون أن يتسم‬
‫تفعيلها إداريا وميدانيا بالشكل المطلوب‪ *،‬بسبب ضعف المبادرة لدى‬
‫الفاعلين التربويين‪ ،‬من أساتذة ورجال اإلدارة والتالميذ وغيرهم‪ ...‬وانعدام‬
‫المنشطين المتخصصين في هذا المجال‪.‬‬
‫واليمكن لرجال اإلدارة ممارسة هذا الفعل التنشيطي – وحدهم‪ -‬النعدام‬
‫وقت الفراغ* لديهم بسبب كثرة األعباء اإلدارية‪ ،‬وانعدام المحفزات‪ .‬وحتى‬
‫التالميذ مع النظام الجديد للبكالوريا لم يعودوا يملكون الوقت الكافي ‪ ،‬فما‬
‫لديهم من أوقات الفراغ* يقضونها في مراجعة الدروس‪ ،‬فهم في صراع‬
‫مستمر مع الزمن والمقرر* قصد الحصول على المعدل في االمتحان‬
‫الجهوي* أو الوطني‪.‬‬
‫ويعني هذا أن النظام الجديد للبكالوريا عائق من عوائق التنشيط المدرسي‪،‬‬
‫إذ يجعل التلميذ مجرد خزان للمعلومات‪ ،‬وذاكرة لحشو* األفكار وحفظها‬
‫ونسيانها بعد االمتحان‪ .‬وأضيف إليه عائقا آخر عندما تقف اإلدارة التربوية‬
‫حجرة عثرة في وجه أي فعل تنشيطي يريد أن يقوم به األستاذ أو التلميذ‬
‫بدعوى أنه مضيعة للوقت وتهرب من الحصص الرسمية* التي تخلو من‬
‫التنشيط‪.‬‬
‫ولهذا يجب على اإلدارة التربوية دعم النشاط المدرسي بتشجيع المبادرات‬
‫الفردية والجماعية كيف ماكان مصدرها‪ ،‬حتى نحارب رتابة الحياة‬
‫المدرسية الحالية وكسادها‪ ،‬ونحقق للمتعلم االندماج االجتماعي‪.‬‬

‫• المعيقات المادية والبشرية‪:‬‬

‫من المعلوم أن أي مشروع تربوي كيفما كان اليتحقق نجاحه إال بوجود‬
‫اإلمكانات المادية والبشرية الرهينة بتفعيله وتنشيطه‪ .‬وإذا كانت المؤسسة‬
‫التعليمية تفتقر إلى العنصر البشري* المؤهل للتنشيط وإلى قاعات التشخيص‬
‫المسرحي* واألندية الثقافية والموسيقية وقاعات الرياضة وورشات التشكيل‬
‫وقاعات الترفيه فإنها لن تتمكن من خلق أجواء ديناميكية للفعل التنشيطي‬
‫داخل المؤسسة* ال في مجال الفن واألدب والرياضة وال في مجال آخر‪.‬‬
‫وأمام هذا العائق المادي والبشري‪ *،‬البد للجماعة المحلية والمجتمع المدني‬
‫والمؤسسات االقتصادية التدخل للمساهمة في تمويل قطاع التربية والتكوين‬
‫من أجل االستثمار في العنصر البشري‪ *،‬المتمثل في المتعلم الذي هو رجل‬
‫المستقبل‪ ،‬وتكوينه يهم المجتمع بأكمله‪ ،‬ألنه هو الذي سيحرك عجلة‬
‫التنمية‪ ،‬وسيقود المجتمع نحو آفاق مشرقة ومتقدمة‪.‬‬
‫ولهذا‪ ،‬يصبح واجبا على كل المتدخلين في الحياة المدرسية محاولة إزالة‬
‫العوائق التي تحول دون تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها حتى ينهض نظام‬
‫التربية والتكوين بوظائفه كاملة تجاه األفراد والمجتمع‪ .‬وذلك" بمنح األفراد‬
‫فرصة اكتساب القيم والمعارف والمهارات التي تؤهلهم لالندماج في الحياة‬
‫العملية( ‪ ،)...‬وبتزويد المجتمع بالكفاءات من المؤهلين والعاملين الصالحين‬
‫لإلسهام في البناء المتواصل لوطنهم على جميع المستويات‪. "....‬‬
‫• المعيقـــــــات االجتمـــــــاعية‪:‬‬

‫* األسرة* والتنشيط‪:‬‬

‫إن مشاركة األطفال والشباب في عملية التنشيط المدرسي غالبا ما يحتاج‬


‫إلى موافقة األسرة‪ ،‬ومن دون هذه الموافقة* يستحيل عليهم المشاركة في‬
‫األنشطة خاصة تلك التي تتطلب التغيب عن األسرة أوالتأخر‪ *.‬وتتخوف‬
‫األسرة* من أن تؤدي مشاركة أبنائها في برامج تنشيطية إلى احتكاكهم‬
‫بأشخاص منحرفين‪ ،‬ثم إن التنشيط بالنسبة لكثير من اآلباء واألمهات‬
‫مضيعة للوقت‪ ،‬وال يمارس إال على حساب اإللمام بالمقرر الدراسي‪*.‬‬
‫هذه هي أهم المعيقات التي تحول دون تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها‪.‬‬
‫ولقد تراجعت المؤسسات التعليمية عن التنشيط بكل أنواعه داخل الفصل‬
‫وخارجه‪ *.‬وأصبح االهتمام منصبا أكثر على التلقين وحشو* رؤوس‬
‫المتعلمين بالمعارف الجاهزة في أسرع وقت ممكن للتمكن من إنهاء المقرر‬
‫واجتياز الفروض واالمتحانات‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فلقد حل التلقين محل التنشيط ‪ ،‬لذا جاء الميثاق الوطني للتربية‬
‫والتكوين ليعالج هذه الظاهرة التربوية الخطيرة‪ ،‬ليدعو إلى التنشيط الفعال‪،‬‬
‫وإلى الحرية والتجديد واالبتكار‪ ،‬تحت شعار" من أجل مدرسة فعالة‬
‫ومتقدمة ومبدعة"‪ ،‬كما ورد في الفصل(‪ )131‬من الميثاق‪ ":‬تعد التربية‬
‫والرياضية واألنشطة المدرسية الموازية* مجاال حيويا وإلزاميا في التعليم‬
‫االبتدائي واإلعدادي والثانوي‪ ،‬وتشتمل على دراسات وأنشطة تساهم في‬
‫النمو الجسمي والنفسي والتفتح الثقافي والفكري للمتعلم" ‪.‬‬
‫وعلى الرغم من هذه الدعوة البيداغوجية الجديدة‪ ،‬إال أن نظرية الحياة‬
‫المدرسية لم تطبق إلى حد اآلن‪ ،‬إذ أصبحت الدعوة حبرا على ورق وحلما‬
‫بعيد المنال‪ ،‬وتصورا نظريا مجردا بعيدا عن التطبيق الميداني والتفعيل‬
‫الحقيقي بسبب نقص اإلمكانيات المادية والبشرية ‪ ،‬وانعدام الرغبة الصادقة‬
‫في ترجمة التصور إلى أعمال إجرائية ملموسة‪ ،‬كما أن الجودة التربوية‬
‫أصبحت اليوم حديثا يوتوبيا وخطابا طوباويا مثاليا ال يمت بأي صلة إلى‬
‫واقع المؤسسة* المغربية التي أوشكت على االنهيار والتدني واالنحطاط ‪،‬‬
‫وظل مبدأ الجودة شعارا سياسيا موسميا وقرارا إيديولوجيا وديماغوجيا ال‬
‫رصيد له في الواقع المغربي‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫لم تعد المدرسة اليوم فضاء للتعليم والتلقين منعزلة عن المجتمع‪ ،‬بل‬
‫صارت مدرسة الحياة وفضاء للسعاة واألمان‪ ،‬يشعر فيها المتعلم بالدفء‬
‫والحميمية وشاعرية االنتماء‪.‬‬
‫إن مدرسة الحياة لهي مدرسة المواطنة واإلبداع والمشاركة والتنشيط‬
‫والتفاعل البناء واإليجابي بين كل المتدخلين في الحياة المدرسية‪ *،‬من‬
‫فاعلين تربويين وشركاء المدرسة* االقتصاديين واالجتماعيين وكل فعاليات‬
‫المجتمع المدني‪.‬‬
‫وإذا كان التنشيط ذا مفهوم عام‪ ،‬يضم األنشطة الثقافية والفنية والرياضية‬
‫واإلعالمية‪ ،‬والشراكات المادية والمعنوية في تفعيل أدوار الحياة المدرسية‪،‬‬
‫فإنه يساهم في تنمية القدرات الذهنية والجوانب الوجدانية والحركية لدى‬
‫المتعلم‪ ،‬وتجعله إنسانا صالحا لوطنه وأمته‪ ،‬مبدعا ومبتكرا وخالقا يهتم‬
‫بمؤسسته ويغير عليها أيما غيرة‪ ،‬ويساهم في تغيير محيطه االجتماعي‬
‫واستدخال الفاعلين الخارجيين والتواصل معهم‪.‬‬
‫إن المدرسة* التي ينشدها الميثاق الوطني للتربية والتكوين هي التي يتحقق‬
‫فيها التنشيط بكل مستوياته واالندماج بكل إيجابية واقتناع‪ ،‬وذلك من أجل‬
‫خلق حياة مدرسية ينعم فيها الفاعلون التربويون بالسعادة والحرية‬
‫والديمقراطية* وحقوق اإلنسان‪ ،‬وفي مقدمتهم المتعلمون الذين يتربون على‬
‫نبذ العنف والتطرف واالنعزالية‪ ،‬ويتبنون مبدأ الحوار البناء والمشاركة*‬
‫الفعالة مع باقي المتدخلين في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها في فضاء‬
‫المحبة والصداقة‪ *،‬إلقصاء التغريب والتهميش واإلقصاء‪ .‬إنها مدرسة‬
‫منفتحة على محيطها االقتصادي واالجتماعي والثقافي‪ ،‬يساهم في‬
‫تطويرها" كل األطراف المعنية من جماعات محلية وقطاع خاص‬
‫ومؤسسات إنتاجية وجمعيات ومنظمات وسائر الفاعلين االقتصاديين‬
‫واالجتماعيين‪ ،‬دون إغفال دور اآلباء واألمهات ومسؤولي األسر* في‬
‫المشاركة بالمراقبة والتتبع والحرص على المستوى المطلوب"‬
‫الشك أن تضافر جهود كل هذه األطراف* سيخلق مدرسة مفعمة بالحياة‪،‬‬
‫نشيطة ومتطورة‪ *،‬نحن في أمس الحاجة إليها‪.‬‬
‫وفي األخير‪ ،‬نحن نريد متمدرسين نشيطين‪ ،‬وهيئة إدارية نشيطة‪ ،‬وهيئة‬
‫تدريس نشيطة‪ ،‬ومجالس المؤسسة نشيطة‪ ،‬وهيئة التأطير والمراقبة‬
‫نشيطة‪ ،‬ونيابة نشيطة‪ ،‬ومجتمع مدرسي نشيط ‪ ،‬حتى يشارك الجميع في‬
‫تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها‪.‬‬

‫توصيــــــات‪*:‬‬

‫أقترح في ختام هذا البحث مجموعة من التوصيات أراها ضرورية لالرتقاء‬


‫بالحياة المدرسية في مؤسسات التعليم الثانوي التأهيلي‪ .‬وإليكم بعض هذه‬
‫التوصيات‪:‬‬
‫أ‌‪ -‬التطبيق المنهجي لمضامين المذكرات الوزارية والجهوية المتعلقة بتنظيم‬
‫عملية التنشيط في الحياة المدرسية ومجاالته المتعددة‪ ،‬بتضافر الجهود بين‬
‫الجهاز اإلداري* وهيئة التدريس وإشراك* المتعلمين‪ ،‬وذلك بتشكيل لجنة‬
‫مكلفة بمهام التنشيط التربوي‪ ،‬تنبثق عن مجلس تدبير المؤسسة* حيث يكون‬
‫من مهامها‪:‬‬
‫• وضع خطة عمل وتصميم محكم وبرنامج شامل لفقرات ونماذج التنشيط‬
‫الممكنة والمزمع إنجازها مع تحديد أهدافها‪.‬‬
‫• وضع جدول زمني لتوزيع مختلف األنشطة التربوية على مدار السنة‬
‫الدراسية‪ *،‬يراعى فيه رصد المناسبات واأليام الدينية والوطنية والعالمية‬
‫والبيئية لتوعية التالميذ وتحسيسهم في إطار محاضرات وعروض فنية‬
‫ومسرحية وإقامة معارض والقيام بزيارات ميدانية لجهات معينة أو‬
‫مؤسسات صناعية‪...‬‬
‫ب‌‪ -‬تأسيس أندية تربوية تكلف بتنفيذ برامج األنشطة المسطرة* في إطار‬
‫مشروع المؤسسة‪*.‬‬
‫ت‌‪ -‬الوعي بكون عملية تنشيط الحياة المدرسية وظيفة جماعية تتقاسم‬
‫وتتكامل فيها أدوار كل الفاعلين التربويين كل حسب اختصاصه‪ ،‬باعتبار‬
‫أن العمل التربوي عمل جماعي تواصلي‪.‬‬
‫ث‌‪ -‬رصد حاجيات المؤسسة* والعمل على توفير المستلزمات الضرورية*‬
‫لتنشيط المؤسسات التعليمية بتكثيف التعاون بين لجنة التنشيط والجماعات‬
‫المحلية والمجالس* البلدية‪.‬‬
‫ج‌‪ -‬المطالبة بتخصيص اعتمادات مالية‪ ،‬من قبل الوزارة الوصية‪ ،‬خاصة‬
‫بتنشيط المؤسسات التعليمية‪.‬‬
‫ح‌‪ -‬وضع آليات من طرف النيابات لمراقبة وتتبع تنفيذ البرامج المسطرة‬
‫لتنشيط الحياة المدرسة في المؤسسات التعليمية‪.‬‬
‫خ‌‪ -‬مراجعة البرامج التعليمية والمقررات الدراسية الحالية وجداول‬
‫الحصص‪ *،‬ذلك أن طول هذه المقررات* وكثرة الحصص الدراسية* ال‬
‫يتركان للمتعلم هامشا من الوقت للقيام بأي نشاط تربوي آخر‪.‬‬
‫د‌‪ -‬تكوين منشطين متخصصين‪ ،‬مع إدخال مادة التنشيط داخل مقررات‬
‫وزارة* التربية الوطنية‪.‬‬
‫ذ‌‪ -‬العمل على رصد الكفاءات وتحفيزها على الخلق* واإلبداع بتخصيص‬
‫جوائز تقديرية لها‪.‬‬
‫ر‌‪ -‬تفعيل دور المكتبة المدرسية بجعلها مركزا تكوينيا وتأطيريا للمتعلمين‪،‬‬
‫يقصدونها وهم حاملون لمشاريع قرائية‪.‬‬
‫ز‌‪ -‬ضرورة إيالء عناية خاصة لحال الداخليات‪ ،‬وذلك بالتعاون مع‬
‫الشركاء* التربويين واالجتماعيين واالقتصاديين من أجل مساعدتها على‬
‫توفير تجهيزاتها الالزمة إلنجاز مختلف األنشطة‪.‬‬
‫س‌‪ -‬العمل على ربط المؤسسة بالعالم الخارجي عن طريق التواصل معه‬
‫قصد إقناعه بضرورة االنخراط في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها ماديا‬
‫ومعنويا لكون المدرسة ملكا للجميع‪...‬‬
‫ش‌‪ -‬تبسيط المساطر* القانونية وتسهيلها لمواكبة التجديد‪ ،‬والسماح للفاعلين‬
‫الخارجيين بربط شراكات مع المؤسسات التعليمية دون انتظار التأشير‬
‫المركزي* أو الجهوي أو المحلي‪.‬‬

‫الهوامش‪*:‬‬

‫‪ -‬المختار عنقا اإلدريسي‪ (:‬المسرح والتنشيط)‪ ،‬آفاق تربوية‪ ،‬المغرب‪،‬ص‪:‬‬


‫‪92‬؛‬
‫‪ -‬الطيب أموراق* ومحمد صابر‪ :‬الطفل بين األسرة* والمدرسة(الطفل‬
‫والفضاء* المسرحي)‪ ،‬سلسلة التكوين التربوي‪،‬ط*‪،1981، 1‬ص‪66:‬؛‬
‫‪ -‬الطيب أموراق* ومحمد صابر‪ :‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪66:‬؛‬
‫‪ -‬وزارة* الثقافة والتربية‪ :‬معجم علم النفس التربوي‪ ،‬تونس‪1990 ،‬؛‬
‫‪ -‬نقال عن المختار عنقا اإلدريسي‪ (:‬المسرح* والتنشيط)‪ ،‬آفاق‬
‫تربوية‪،‬المغرب‪ ،‬العدد ‪11/1996‬ن ص‪92:‬؛‬
‫‪Vitali Christian: la vie scolaire, Hachette.Nouvelles-‬‬
‫‪approches, 1997‬‬
‫‪ -‬وزارة* التربية الوطنية والشباب‪ :‬دليل الحياة المدرسية‪ ،‬شتنبر‬
‫‪،2003‬ص‪4:‬؛‬
‫‪ -‬وزارة* التربية الوطنية والشباب‪ :‬دليل الحياة المدرسية‪ ،‬ص‪4:‬؛‬
‫‪ -‬نفس المصدر السابق‪ ،‬ص‪4:‬‬
‫‪ -‬محمد مكسي‪ :‬الحياة المدرسية وإشكالية الحداثة والتطرف‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪،2003‬ص‪7:‬؛‬
‫‪ -‬محمد مكسي‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪7:‬؛‬
‫‪ -‬محمد مكسي‪ :‬ديداكتيك الكفايات‪،‬دار الثقافة ‪ ،‬الدار* البيضاء‪ ،‬ط‪، 1‬‬
‫‪،2003‬ص‪98:‬؛‬
‫‪ -‬محمد مكسي‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪15:‬؛‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد الدريج‪ :‬مشروع المؤسسة* والتجديد التربوي في المدرسة*‬
‫المغربية‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪،1996 ،1‬منشورات رمسيس‪ ،‬الرباط‪،،‬ص‪77*:‬؛‬
‫‪ -‬انظر الميثاق الوطني للتربية والتكوين الصادر عن وزارة التربية الوطنية‬
‫المغربية‪ ،‬المادة ‪ ،18‬ص‪14:‬؛‬
‫‪ -‬دليل الحياة المدرسية‪ ،‬ص‪24:‬؛‬
‫‪ -‬نفس المصدر السابق‪ ،‬ص‪66:‬؛‬
‫‪ -‬دليل الحياة المدرسية‪ ،‬ص‪25:‬؛‬
‫‪ -‬نفسه ص‪26:‬؛‬
‫‪ -‬محمد الدريج‪ :‬مشروع المؤسسة* والتجديد التربوي في المدرسة* المغربية‪،‬‬
‫منشورات رمسيس‪ ،‬ج‪، 2‬الطبعة ‪ ،1‬السنة ‪ ،1996‬ص‪73:‬؛‬
‫‪ -‬محمد الدريج‪ :‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪78:‬؛‬
‫‪ -‬جان بياجي‪ :‬التوجيهات الجديدة للتربية‪ ،‬ترجمة محمد الحبيب بلكوش‪،‬‬
‫دار توبقال للنشر ‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬ط‪،1988 ،1‬ص‪53:‬؛‬
‫‪ -‬الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪،‬ص‪11:‬؛‬
‫‪ -‬محمد مكسي‪ :‬الحياة المدرسية وإشكالية الحداثة والتطرف ‪ ،‬منشورات‪*،‬‬
‫صدى التضامن‪ ،‬المعاريف‪ ،‬البيضاء‪،‬ط‪ ،2003، 1‬ص‪7:‬؛‬
‫‪ -‬الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬المادة‪ ،149 ،‬ص‪70:‬؛‬
‫‪ -‬محمد مكسي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪7:‬؛‬
‫‪ -‬الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬المادة ‪ ،7‬ص‪10:‬؛‬
‫‪ -‬انظر الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬ط‪ ،2000 ،1‬ص‪58:‬؛‬
‫‪ -‬من الخطاب السامي لجاللة الملك* محمد السادس في افتتاح الدورة‬
‫الخريفية للسنة التشريعية الثالثة المتعلقة بالتعليم‪ ،‬الميثاق الوطني للتربية‬
‫والتكوين‪ ،‬ص‪.3:‬‬
‫خاتمة الكتاب‬

‫يالحظ من خالل ما دبجناه من مقاالت في مجال التربية والتعليم أن التعليم‬


‫المغربي عرف عدة مقاربات في سيرورة المنظومة التربوية‪ ،‬ويمكن‬
‫حصرها في التحقيب التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬المقاربة الوطنية بعد االستقالل مباشرة تتمثل في التمسك بالثوابت‬
‫الوطنية األربعة وهي‪ :‬التعريب والتوحيد والتعميم والمغربة‪.‬‬
‫‪ -2‬المقاربة السلوكية بتطبيق بيداغوجيا األهداف ‪.‬‬
‫‪ -3‬المقاربة التداولية التي تربط التعلمات بسياقها التداولي والوظيفي‬
‫والسيما في تدريس اللغات‪.‬‬
‫‪ -4‬المقاربة االقتصادية مع التقويم الهيكلي التي تتمثل في الدعوة إلى‬
‫تطبيق مجموعة من التصورات التي فرضها فكر المقاولة والتنافس الدولي‬
‫الناتج عن العولمة و"اتفاقية الــگات"‪ *،‬وتكمن هذه التصورات في مشروع‬
‫المؤسسة والشراكة البيداغوجية وبيداغوجيا الكفايات والمجزوءات* ونظرية‬
‫الجودة التعليمية‪.‬‬
‫وال يعني هذا أن المغرب قد تخلص تماما من البيداغوجيا التقليدية أو قد‬
‫استغنى عن تصورات هاربارت في تجزيء الدرس أو تخلى عن نظرية‬
‫جان بياجيه و مبادئ رواد التربية الحديثة (روسو وجون ديوي ومكارنكو‬
‫وفرينيه وكوزينيه وفروبل ومنتسوري‪ *،)...‬أو تخلى عن التربية‬
‫الالتوجيهية والبيداغوجيا المؤسساتية‪ .‬بل يمكن القول‪ :‬إن التعليم المغربي‬
‫يجمع بين عدة متناقضات متنافرة‪ :‬التقليد والتحديث‪ ،‬األصالة والمعاصرة‪،‬‬
‫المحافظة* والتجديد‪...‬كما أنه مرتبط اشد االرتباط بتجارب الغير(فرنسا‬
‫وكندا وبلجيكا‪ ).....‬محاكاة وتقليدا بدون روية وبحث وتعمق دقيق‪.‬‬
‫الفهـــرســـــــة‪*:‬‬

‫المقدمة‬
‫‪ -1‬مشروع المؤسسة‪*...................................‬‬
‫‪ -2‬التدبير المادي والمالي بالمؤسسات التعليمية‪*...............‬‬
‫‪ -3‬االمتحان التجريبي بالتعليم الثانوي التأهيلي‪*...............‬‬
‫‪ -4‬المستجدات التربوية‪.........................................‬‬
‫‪ -5‬التقويم التربوي‪*.............................................‬‬
‫‪ -6‬المراقبة المستمرة‪*..........................................‬‬
‫‪ -7‬الشراكة* التربوية‪............................................‬‬
‫‪ -8‬آراء حول برامج اللغة العربية بالتعليم التأهيلي‪*............‬‬
‫‪ -9‬التعليم والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪*..................‬‬
‫‪ -10‬الشراكة البيداغوجية‪*............................................‬‬
‫‪ -11‬عالقة المؤسسة بمحيطها‪*........................................‬‬
‫‪ -12‬قراءة* في الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪*...................‬‬
‫‪ -13‬إرساء* مشروع التعليم الجيد‪*......................................‬‬
‫‪ -14‬الجودة التربوية‪ :‬عالقة األستاذ بالتلميذ‪.......................‬‬
‫‪ -15‬االرتقاء بجودة التعليم‪*.............................................‬‬
‫‪ -16‬جودة البرامج والمناهج‪............................................‬‬
‫‪ -17‬الكفايات والوضعيات‪*...............................................‬‬
‫‪ -18‬حقوق* الطفل حسب اتفاقية األمم المتحدة واإلسالم‪............‬‬
‫‪ -19‬بيداغوجيا المجزوءات‪.............................‬‬
‫‪ -20‬تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها‪*..................‬‬
‫الخاتمة‬

You might also like