You are on page 1of 8

‫االستدالل الخاطئ بآية (وليس الذكر كاألنثى)‬

‫‪ 18‬نوفمبر ‪ 2022104‬مشاهدة‬
‫السؤال‪:‬‬

‫استمعت إلى فقيه منذ مدة قد طرح إليه سؤال من قبل أولئك الذين يطالبون بالمساواة‪ ،‬وقد رد الفقيه بكون المساواة هي‬
‫مجرد كذبة‪ ،‬و أنه ال يمكن المساواة بين مختلفين‪ ،‬فال يمكن أن يقبل أحد المساواة بينه و بين الحيوان أو ال يمكن المساواة‬
‫بين الشخص المسلم و النبي‪ ،‬و الكثير من األمثلة حتى وصل إلى كون المرأة ال يُساوى بينها و بين الرج‪.‬‬

‫مشكلتي أنه قد استدل باألدلة التالية ‪:‬‬

‫(وليس الذكر كاألنثى)‬

‫(الرجال قوامون على النساء)‬

‫(للذكر مثل حظ األنثيين)‬

‫(شهادة المرأة نصف شهادة‪ E‬الرجل)‬

‫و قد استدل بهذه األخيرة على كون المرأة ال يمكن أن تكون قاضية لكون شهادتها‪ E‬ناقصة‪.‬‬

‫لكن ما أشكل علي هو استعمال آية (وليس الذكر كاألنثى)‬

‫ألم يكن هذا خطاب امرأة عمران عند وضعها لمريم و ليس كالم هللا جل جالله؟ فلماذا تستعمل هذه اآلية خارج سياقها‬
‫كثيرا من قبلهم؟‬

‫وأكمل بأحاديث في الصحيحين‪:‬‬

‫‪-‬كمل من الرجال كثير و لم يكمل من النساء إال أربع…‬

‫‪-‬ال يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة‬

‫ما يحزنني هو كون هذه األدلة موجودة فعال و خاصة أحاديث الصحيحين‪ ،‬سؤالي هنا هو حقيقة آية (وليس الذكر كاألنثى)‬
‫فهل يوجد احتمال كون صحيحي البخاري و المسلم قد وضعت الكثير من األحاديث التي نسبوها للنبي؟‬
‫الجواب‪:‬‬

‫ال داعي لحزن السائلة فما قيل ينطبق عليه قوله تعالى‪:‬‬

‫ت هَّللا ِ َيجْ َحد َ‬


‫ُون﴾ األنعام (‪)33‬‬ ‫ِين ِبآ َيا ِ‬ ‫ك َو ٰلَكِنَّ َّ‬
‫الظالِم َ‬ ‫ون‪َ ،‬فِإ َّن ُه ْم اَل ُي َك ِّذبُو َن َ‬
‫ك الَّذِي َيقُولُ َ‬
‫﴿ َق ْد َنعْ لَ ُم ِإ َّن ُه لَ َيحْ ُز ُن َ‬

‫فاآليات التي استدل بها (الفقيه) على حد تعبير السائلة مع األسف الشديد قد حُرف المعنى فيها عن مواضعه وجُحد بها‬
‫وهي ككلمة الحق التي يراد بها باطل كمن قيل فيهم‪:‬‬

‫ون ْال َكلِ َم مِنْ َبعْ ِد َم َواضِ ِعهِ﴾ المائدة (‪)41‬‬


‫﴿ي َُحرِّ فُ َ‬

‫ولو كان فقيهًا حقا لعاد في تفصيل الكتاب لمن أنزله سبحانه وتعالى‪:‬‬

‫﴿ َق ْد َفص َّْل َنا اآْل َيا ِ‬


‫ت ِل َق ْو ٍم َي ْف َقه َ‬
‫ُون﴾ األنعام (‪)98‬‬

‫وتحريف المعنى عن مواضعه يتم بعدة أمور منها‪ ،‬اجتزاء بعض الجمل والعبارات من اآليات‪ ،‬وفصل المعنى عن‬
‫السياق‪ ،‬وتغيير معنى الكلمات‪ E‬بصرفها عن مرادها الحقيقي‪ ،‬وكذلك إطالق العام على الخاص والعكس وسوف نضرب‬
‫أمثلة على ذلك‪:‬‬

‫فمن اآليات التي اجتزئ فيها الكالم لهدف التعميم وإطالق الخاص على العام‪ ،‬قوله تعالى‪:‬‬
‫﴿ِإنَّ َكيْدَ ُكنَّ َعظِ ي ٌم﴾ يوسف (‪)28‬‬

‫وكأن كل النساء يكدن بالسوء‪ .‬وتناسوا أن الكيد السيء من عمل الشيطان ويتصف به الذكر واألنثى كما جاء في السورة‬
‫نفسها التي ذكرت كيد إخوة النبي الكريم يوسف‪:‬‬

‫ان َع ُدوٌّ م ُِبينٌ ﴾ يوسف (‪)5‬‬ ‫ك َكي ًْدا‪ِ ،‬إنَّ ال َّش ْي َط َ‬


‫ان لِِإْل ْن َس ِ‬ ‫اك َعلَ ٰى ِإ ْخ َوت َ‬
‫ِك َف َيكِيدُوا لَ َ‬ ‫﴿ َقا َل َيا ُب َنيَّ اَل َت ْقصُصْ رُْؤ َي َ‬

‫ومن المعلوم أن إخوته كانوا رجااًل وليس نساء‪.‬‬

‫وكذلك مسألة شهادة المرأة كما في قوله تعالى‪:‬‬


‫ض ْو َن م َِن ال ُّش َه َدا ِء﴾ البقرة (‪)282‬‬ ‫ْن َف َر ُج ٌل َوامْ َرَأ َت ِ‬
‫ان ِممَّنْ َترْ َ‬ ‫﴿واسْ َت ْش ِهدُوا َش ِهيدَ ي ِ‬
‫ْن مِنْ ِر َجالِ ُك ْم‪َ ،‬فِإنْ لَ ْم َي ُكو َنا َر ُجلَي ِ‬ ‫َ‬
‫فإن اآلية الكريمة جاءت في سياق الحديث عن ال َّدين المتعلق بالتجارة‪ ،‬بدليل قوله تعالى‪:‬‬

‫ار ًة َحاضِ َر ًة ُتدِيرُو َن َها َب ْي َن ُك ْم﴾ البقرة (‪)282‬‬ ‫﴿ِإاَّل َأنْ َت ُك َ‬


‫ون ت َِج َ‬

‫وبيَّن لنا سبحانه السبب في ذلك بقوله‪:‬‬

‫﴿َأنْ َتضِ َّل ِإحْ دَ ا ُه َما َف ُت َذ ِّك َر ِإحْ دَ ا ُه َما اُأْل ْخ َر ٰى﴾‬

‫وذلك ألن األسواق دائ ًم ا ما تمتلئ بتلك الشهادات‪ ،‬والمرأة قد تتواجد في بعضها وتغيب عن البعض بحكم رعاية شئون‬
‫بيتها‪ ،‬فخفف هللا تعالى عنها‪ ،‬وجعل معها من تذكرها إن ضلت واختلط عليها األمر‪ ،‬وذلك لحكمة بالغة أنه لربما تنسى‬
‫المرأة وربما يقع ال َّدين على عاتقها و ُتطالب هي بالسداد‪.‬‬

‫واآلية تحدثت عن الصورة المثلى للشهادة‪ ،‬وهذا ال يمنع قبول ما دونها كأن تشهد امرأتان أو رجل وامرأة أو رجل واحد‬
‫أو امرأة واحدة[‪ ،]1‬وذلك بدليل قوله تعالى بعد أمره باإلشهاد في الديون‪:‬‬

‫‌وَأ ْق َو ُم لِل َّش َهادَ ةِ﴾ [البقرة‪]282 :‬‬ ‫﴿ذلِ ُك ْم َأ ْق َس ُ‬


‫ط عِ ْندَ هَّللا ِ َ‬ ‫َ‬

‫ولكن في غير ديون التجارة فإن شهادة المرأة كشهادة‪ E‬الرجل كما جاء في حالة الزنا‪َ ،‬قال تعالى فيما يخص الرجل‪:‬‬

‫ِين﴾ ال ّنور (‪)6‬‬ ‫ش َهدَ ا ُء ِإاَّل َأ ْنفُ ُس ُه ْم َف َش َهادَ ةُ‪َ E‬أ َح ِد ِه ْم َأرْ َب ُع َش َها َدا ٍ‪E‬‬
‫ت ِباهَّلل ۙ ِ ِإ َّن ُه لَم َِن الصَّا ِدق َ‬ ‫ُون َأ ْز َو َ‬
‫اج ُه ْم َولَ ْم َي ُكنْ َل ُه ْم ُ‬ ‫﴿والَّذ َ‬
‫ِين َيرْ م َ‬ ‫َ‬

‫والحكم ذاته فيما يخص المرأة‪:‬‬

‫ت ِباهَّلل ۙ ِ ِإ َّن ُه َلم َِن ْال َكاذ ِِب َ‬


‫ين﴾ ال ّنور (‪)8‬‬ ‫﴿و َي ْد َرُأ َع ْن َها ْال َع َذ َ‬
‫اب َأنْ َت ْش َهدَ َأرْ َب َع َش َهادَ ا ٍ‬ ‫َ‬

‫وفي الطالق َقا َل َت َعالَ ٰى‪:‬‬

‫﴿وَأ ْش ِهدُوا َذ َويْ َع ْد ٍل ِم ْن ُك ْم﴾ الطالق (‪)2‬‬


‫َ‬

‫ولم يشترط كون الشهداء رجاال أم نساء‪.‬‬

‫وكذلك في الوصية‪َ .‬قا َل ُسب َْحا َن ُه و َت َعالَ ٰى‪:‬‬


‫ان مِنْ َغي ِْر ُك ْم﴾ المائدة (‬ ‫ان َذ َوا َع ْد ٍل ِم ْن ُك ْم َأ ْو َ‬
‫آخ َر ِ‬ ‫ِين ْال َوصِ َّي ِة ْاث َن ِ‬
‫تح َ‬‫ض َر َأ َحدَ ُك ُم ْال َم ْو ُ‬ ‫﴿ َيا َأ ُّي َها الَّذ َ‬
‫ِين آ َم ُنوا َش َهادَ ةُ َب ْي ِن ُك ْم ِإ َذا َح َ‬
‫‪)106‬‬

‫ومن اآليات التي حرف فيها المعنى بصرفه عن مراده قوله تعالى‪:‬‬
‫ُون َعلَى ال ِّن َسا ِء﴾ النساء (‪)34‬‬
‫﴿الرِّ َجا ُل َقوَّ ام َ‬

‫وذلك حين أعطوا القوامة معنى تشريفيا للرجال على حساب النساء وأخرجوها عن معنى التكليف والمسؤولية المحددة‬
‫بشروط بينها تعالى في اآلية ذاتها‪:‬‬

‫ض َو ِب َما َأ ْن َفقُوا مِنْ َأ َ‬


‫مْوال ِِه ْم﴾ النساء (‪)34‬‬ ‫ض َل هَّللا ُ َبعْ َ‬
‫ض ُه ْم َعلَ ٰى َبعْ ٍ‬ ‫﴿ب َما َف َّ‬
‫ِ‬

‫فالقوامة تعني القيام على الشيء ورعايته وليس الترفع عليه‪.‬‬

‫ٌ‬
‫وفرق بين االثنين‪ ،‬فالتميز يعني إعطاء كل منهما مميزات‬ ‫باإلضافة إلى صرف معنى التفضيل من التميز إلى التمييز‪،‬‬
‫وقدرات تختلف عن اآلخر؛ كتفضيله تعالى للرسل بعضهم على بعض باآليات والمعجزات المؤيدة لهم حسب حاجة‬
‫أقوامهم‪:‬‬

‫دَر َجاتٍ…﴾‪ E‬البقرة (‪.)253‬‬ ‫ض ِم ْن ُه ْم َمنْ َكلَّ َم هَّللا ُ‪َ ،‬و َر َف َع َبعْ َ‬
‫ض ُه ْم َ‬ ‫ك الرُّ ُس ُل َفض َّْل َنا َبعْ َ‬
‫ض ُه ْم َعلَ ٰى َبعْ ٍ ۘ‬ ‫﴿ت ِْل َ‬

‫أما التمييز فهو إعطاء جنس مقابل حرمان اآلخر‪ ،‬وهذا يتعالى هللا تعالى عنه فسبحان هللا وتعالى عما يصفون من الظلم‪:‬‬

‫ك ِبظَاَّل ٍم ل ِْل َع ِبيدِ﴾ فصّلت (‪)46‬‬


‫﴿و َما َر ُّب َ‬
‫َ‬

‫وقد ب َّي ن لنا سبحانه وتعالى تفضيله لكل من الرجل والمرأة على اآلخر بميزات وصفات ينفرد بها كل جنس ليحتاجه اآلخر‬
‫فيكمل بعضهما بعضا‪.‬‬

‫وقد نهى سبحانه عن تمني أحدهما ما فُضل به اآلخر‪:‬‬

‫ال َنصِ يبٌ ِممَّا ْاك َت َسبُوا‪َ ،‬ولِل ِّن َسا ِء َنصِ يبٌ ِممَّا ا ْك َت َسب َْن‪َ ،‬واسْ َألُوا هَّللا َ مِنْ‬
‫ض‪ ،‬لِلرِّ َج ِ‬ ‫ض َل هَّللا ُ ِب ِه َبعْ َ‬
‫ض ُك ْم َعلَ ٰى َبعْ ٍ‬ ‫﴿واَل َت َت َم َّن ْوا َما َف َّ‬
‫َ‬
‫ان ِب ُك ِّل َشيْ ٍء َعلِيمًا﴾ النساء (‪)32‬‬ ‫ك‬
‫َ َ‬‫َ‬ ‫هَّللا‬ ‫نَّ‬‫ِإ‬ ‫ِ‪،‬‬ ‫ه‬‫ل‬
‫ِ‬ ‫ضْ‬ ‫َف‬

‫فقد فضل الرجال بالقوة الالزمة للعمل ومن ثم اإلنفاق‪:‬‬

‫ك َفاَل ي ُْخ ِر َج َّن ُك َما م َِن ْال َج َّن ِة َف َت ْش َق ٰى﴾ طه (‪)117‬‬ ‫﴿ َفقُ ْل َنا َيا آدَ ُم ِإنَّ ٰ َه َذا َع ُدوٌّ لَ َ‬
‫ك َول َِز ْو ِج َ‬
‫حيث جعل الشقاء على أبينا آدم وحده دون زوجه‪،‬‬

‫وفضل النساء بتحمل آالم الحمل والوالدة والفصال وبالحنان والرقة الالزمة لتربية أطفالها‪:‬‬

‫ْن﴾ لقمان (‪.)14‬‬ ‫ان ِب َوالِدَ ْي ِه َح َملَ ْت ُه ُأ ُّم ُه َوهْ ًنا َعلَ ٰى َوهْ ٍن َوفِ َ‬
‫صالُ ُه فِي َعا َمي ِ‬ ‫ص ْي َنا اِإْل ْن َس َ‬
‫﴿و َو َّ‬
‫َ‬

‫وما قيل من أن المرأة ال تساوي الرجل ألنه ال مساواة بين مختلفين وتشبيهه الفرق بين الرجل والمرأة بالفرق بين اإلنسان‬
‫والحيوان‪ ،‬فهذا كالم ال يقوله عاقل فضال عن مؤمن‪ ،‬ألن هللا تعالى خص الكرامة ببني آدم جميعا بغض النظر عن الجنس‬
‫واللون والعرق‪:‬‬

‫ِير ِممَّنْ َخلَ ْق َنا َت ْفضِ ياًل ﴾ اإلسراء (‬


‫ت َو َفض َّْل َنا ُه ْم َعلَ ٰى َكث ٍ‬ ‫﴿ولَ َق ْد َكرَّ مْ َنا َبنِي آدَ َم َو َح َم ْل َنا ُه ْم فِي ْال َبرِّ َو ْال َبحْ ِر َو َر َز ْق َنا ُه ْم م َِن َّ‬
‫الط ِّي َبا ِ‬ ‫َ‬
‫‪)70‬‬

‫والسؤال هنا‪ :‬أليست المرأة من بني آدم؟! أم أنها تنتمي إلى جنس آخر ال يرقى لمرتبة التكريم؟!‬

‫أما األكرم عند هللا من بين الخلق فهم المتقون من الجنسين‪ ،‬كما أنبأنا العليم الخبير‪:‬‬

‫ارفُوا‪ِ ،‬إنَّ َأ ْك َر َم ُك ْم عِ ْن َد هَّللا ِ َأ ْت َقا ُك ْم‪ِ ،‬إنَّ هَّللا َ َعلِي ٌم َخ ِبيرٌ﴾‬ ‫﴿ َيا َأ ُّي َها ال َّناسُ ِإ َّنا َخلَ ْق َنا ُك ْم مِنْ َذ َك ٍر َوُأ ْن َث ٰى َو َج َع ْل َنا ُك ْم ُ‬
‫شعُوبًا َو َقبَاِئ َل لِ َت َع َ‬
‫الحجرات (‪.)13‬‬

‫وأما عن خلطه بالفرق بين الرسل وبقية البشر فهو استشهاد بالحق لكن أريد به باطل‪ ،‬ذلك ألن الرسل اختارهم هللا تعالى‬
‫من أعظم البشر ُخل ًقا وتقى َقا َل َج َّل وعال‪:‬‬

‫وطا‪َ ،‬و ُكاًّل َفض َّْل َنا َعلَى ْال َعالَم َ‬


‫ِين﴾‬ ‫س َولُ ً‬
‫﴿وِإسْ مَاعِ ي َل َو ْال َي َس َع َويُو ُن َ‬ ‫اخ َترْ َنا ُه ْم َعلَ ٰى عِ ْل ٍم َعلَى ْال َعالَم َ‬
‫ِين﴾ الدّخان (‪َ )32‬‬ ‫﴿ولَ َق ِد ْ‬
‫َ‬
‫األنعام (‪.)86‬‬

‫الذ َك ُر َكاُأْل ْن َث ٰى ﴾ فسواء أكانت العبارة قد قيلت عن رب العالمين أو على لسان امرأة‬
‫ْس َّ‬
‫﴿ولَي َ‬
‫أما إذا جئنا إلى قوله تعالى‪َ :‬‬
‫عمران فهي حق ال ريب فيه‪ ،‬وهي بالفعل تشير إلى الفرق التكويني بين الذكر واألنثى الذي يقتضي اختالف الوظيفة‪،‬‬
‫ولكن ال عالقة لها بالمساواة في الثواب والعقاب من قريب أو بعيد‪.‬‬

‫فاهلل تعالى لم يقل (وال يستوي الذكر واألنثى) ولو أراد هللا تعالى ذلك المعنى لذكره حيث أن كلمة المساواة ليست غريبة‬
‫عن القرآن كقوله تعالى‪:‬‬
‫ار َوَأصْ َحابُ ْال َج َّنةِ‪َ ،‬أصْ َح ُ‪E‬‬
‫اب‬ ‫َأ‬
‫ُون﴾ الزمر (‪ )9‬وقوله‪﴿ :‬اَل َيسْ َت ِوي صْ َحابُ ال َّن ِ‬ ‫ُون َوالَّذ َ‬
‫ِين اَل َيعْ لَم َ‬ ‫﴿قُ ْل َه ْل َيسْ َت ِوي الَّذ َ‬
‫ِين َيعْ لَم َ‬
‫ون﴾ الحشر (‪)20‬‬ ‫ْال َج َّن ِة ُه ُم ْال َفاِئ ُز َ‬

‫الذ َك ُر َكاُأْل ْن َث ٰى ﴾ قد تم تحريف المعنى فيها الستخدامها كسالح ضد المرأة‪ ،‬ولو تدبرناها قلياًل فسوف‬
‫ْس َّ‬
‫﴿ولَي َ‬
‫ولكن اآلية َ‬
‫نجدها العكس تما ًم ا حيث أن الفرق بين الذكر واألنثى هو لصالح المرأة وليس عليها كما يزعمون‪.‬‬

‫فلو نظرنا إلى السياق‪ ،‬فقد َقا َل هَّللا ُ ُسب َْحا َنهُ‪:‬‬

‫ك َأ ْنتَ ال َّسمِي ُع ْال َعلِي ُم‪َ .‬فلَمَّا َو َ‬


‫ض َع ْت َها َقالَ ْ‬
‫ت‬ ‫ك َما فِي َب ْطنِي م َُحرَّ رً ا َف َت َق َّب ْل ِم ِّني‪ِ ،‬إ َّن َ‬ ‫ان َربِّ ِإ ِّني َن َذرْ ُ‬
‫ت لَ َ‬ ‫ت ا ْم َرَأ ُ‬
‫ت عِ مْ َر َ‬ ‫﴿ِإ ْذ َقالَ ِ‬
‫ْس الذ َك ُر َكا نث ٰى﴾ آل عمران (‪)36‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُأْل‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ت َولي َ‬‫ض َع ْ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫هَّللا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُأ‬
‫ضعْ ت َها نث ٰى َو ُ عْ ل ُم ِب َما َو َ‬ ‫ُ‬ ‫َربِّ ِإ ِّني َو َ‬

‫فقد نذرت امرأة عمران ما في بطنها هلل تعالى بأن تتركه في المحراب منذ صغره ليتفرغ للعبادة وإمامة الناس في الصالة‬
‫والدعوة والخروج في سبيل هللا‪ ،‬ومن البديهي أن هذه األمور ليست مما تكلف به النساء ابتداء ألنها مما ال يتناسب مع‬
‫تكوينها البدني والعاطفي‪ .‬والرغم من قبول هللا تعالى اعتذار أم مريم عن الوفاء بوعدها إال أن السيدة مريم تم تنشئتها‬
‫تنشئة خاصة أهلتها لتحمل ابتالء عظيم تمثل بحملها بالمسيح دون أن تتزوج‪ ،‬ووالدته بعيدا عن أعين الناس وحيدة‪ ،‬ثم‬
‫مواجهة قومها به‪ ،‬ولذلك كانت _بحق_ أعظم نساء العالمين‪:‬‬

‫ِين﴾ آل عمران (‪)42‬‬ ‫﴿وِإ ْذ َقالَ ِ‬


‫ت ْال َماَل ِئ َك ُة َيا َمرْ َي ُم ِإنَّ هَّللا َ اصْ َط َفاكِ َو َطه ََّركِ َواصْ َط َفاكِ َعلَ ٰى ن َِسا ِء ْال َعالَم َ‬ ‫َ‬

‫فاهلل سبحانه لم يفرض على المرأة ما يشق عليها كتكليفها بإمامة‪ E‬الناس وقيادتهم للجهاد ومجابهة العدو ‪ ،‬بل لم يفرض‬
‫عليها الخروج للعمل‪ ،‬وفرض على الرجال حمايتها واإلنفاق عليها ورعايتها‪ ،‬وإذا خرجت للعمل فهو بمحض إرادتها‬
‫وليس بالجبر‪.‬‬

‫وعندما نادى القائمون على حقوق اإلنسان بالمساواة بين الرجل والمرأة فقد ظلموا المرأة عندما كلفوها بتحمل المسؤولية‬
‫مثل الرجل‪ ،‬وهكذا ُأجبرن على الشقاء خارج البيت في العمل باإلضافة إلى تحملهن مسؤولية البيت ورعاية األطفال‪.‬‬

‫أما بالنسبة عن تولي النساء‪ E‬الحكم فهو ال يحتاج إلى قوة بدنية ولكنه يحتاج إلى الحكمة ورجاحة العقل والحكم بالعدل وهذه‬
‫صفات مشتركة يوجد فيها تكافؤ بين الرجل والمرأة[‪ ،]2‬وقد ضرب هللا تعالى لنا مثااًل في كتابه عن ملكة سبأ وقد أثنى‬
‫عليها رب العالمين ولم يصف قومها بعدم الفالح َقا َل هَّللا ُ ُسب َْحا َنهُ‪:‬‬

‫ت ا ْم َرَأ ًة َت ْملِ ُك ُه ْم َوُأو ِت َي ْ‬


‫ت مِنْ ُك ِّل َشيْ ٍء َولَ َها َعرْ شٌ َعظِ ي ٌم﴾ ال ّنمل (‪.)23‬‬ ‫﴿ِإ ِّني َو َج ْد ُ‬

‫وما يجب المناداة به هو القسط الذي أمر هللا تعالى به‪:‬‬

‫ين‪َ ،‬ك َما َب َدَأ ُك ْم َتعُود َ‬


‫ُون﴾ األعراف (‪)29‬‬ ‫﴿قُ ْل َأ َم َر َربِّي ِب ْالقِسْ طِ ‪َ ،‬وَأقِيمُوا وُ جُو َه ُك ْم عِ ْندَ ُك ِّل َمسْ ِج ٍد َو ْادعُوهُ م ُْخلِصِ َ‬
‫ين لَ ُه ال ِّد َ‬

‫فالقسط أعلى درجات العدل وهو يقوم على مراعاة الفروق بين الناس وإعطاء كل ذي حق حقه‪ ،‬ولذلك قال تعالى‪:‬‬
‫ت ِب ْالقِسْ طِ ﴾ يونس (‪)4‬‬
‫ِين آ َم ُنوا َو َعمِلُوا الصَّال َِحا ِ‬
‫ي الَّذ َ‬
‫﴿لِ َيجْ ِز َ‬

‫ان م ِْث َقا َل َح َّب ٍة مِنْ َخرْ َد ٍل َأ َت ْي َنا ِب َها‪َ ،‬و َك َف ٰى ِب َنا َحاسِ ِب َ‬
‫ين﴾‬ ‫ين ْالقِسْ َط لِ َي ْو ِم ْالقِ َيا َم ِة َفاَل ُت ْظلَ ُم َن ْفسٌ َش ْيًئ ا‪َ ،‬وِإنْ َك َ‬ ‫ض ُع ْال َم َو ِ‬
‫از َ‬ ‫﴿و َن َ‬
‫َ‬
‫األنبياء (‪)47‬‬

‫وكذلك المتدبر لآلية الكريمة يجد ملمحً ا غاية في األهمية يرد على الروايات المفتراة على رسول هللا بقولهم (كمل من‬
‫الرجال ولم يكمل من النساء…‪!!).‬‬

‫أال وهو أن هللا تعالى قال ﴿ِإنَّ هَّللا َ اصْ َط َفاكِ ﴾ ولم يقل (فضلك)!! حيث أن الطاهرة مريم لم تفضل بميزة عن أي أنثى في‬
‫خِلقتها وإنما اصطفيت وطهرت ل ُخلقها ونقاء قلبها وصبرها وقنوتها وعلمها‪:‬‬

‫ت م َِن ْال َقا ِنت َ‬


‫ِين﴾ التحريم (‪)12‬‬ ‫ت َر ِّب َها َو ُك ُت ِب ِه َو َكا َن ْ‬ ‫ص َّد َق ْ‬
‫ت ِب َكلِ َما ِ‬ ‫﴿و َ‬
‫َ‬

‫فاهلل تعالى اختارها على نساء العالمين‪ ،‬وفي الوقت نفسه ضرب لنا مثااًل على الزوج الكافر بإمراة فرعون وعلى الزوجة‬
‫الكافرة بزوجتي النبيين نوح ولوط عليهما الصالة والسالم‪ ،‬وال يحق لكائن من كان أن يضيف على كالم رب العالمين‬
‫ويزيد عليه ما يشاء حتى ولو كان النبي الكريم نفسه‪ ،‬وهذا ال ينفي مكانة أهل بيته الطيبين الطاهرين بشرط اتباعهن ألمر‬
‫هللا تعالى ورسوله‪:‬‬

‫الز َكا َة َوَأطِ عْ َن هَّللا َ َو َرسُولَهُ‪ِ ،‬إ َّن َما ي ُِري ُد هَّللا ُ لِي ُْذه َ‬
‫ِب‬ ‫ِين َّ‬ ‫﴿و َقرْ َن فِي ُبيُو ِت ُكنَّ َواَل َتبَرَّ جْ َن َتبَرُّ َج ْال َجا ِهلِ َّي ِة اُأْلولَ ٰى‪َ ،‬وَأقِ ْم َن ال َّ‬
‫صاَل َة َوآت َ‬ ‫َ‬
‫ت َوي َُطه َِّر ُك ْم َت ْط ِهيرً ا﴾ األحزاب (‪.)33‬‬ ‫س َأهْ َل ْال َب ْي ِ‬
‫َع ْن ُك ُم الرِّ جْ َ‬

‫وأما بالنسبة لمسألة ميراث األنثى في كتاب هللا تعالى فهو من المسائل التي يدور حولها بين الحين واألخر جدال‬
‫ومحاورات هدفها األساسي الطعن في دين هللا تعالى ونسبة الظلم إلى رب العالمين الذي جعل للذكر ضعف نصيب األنثى‬
‫في حاالت معينة‪ ،‬وينسى أنها ليست قاعدة مضطردة‪ ،‬فبنت المتوفى ترث أكثر من أبيه حيث ترث هي النصف ويرث هو‬
‫السدس‪.‬‬

‫وحتى إن وجد تفاوت وزاد نصيب الذكر فيتناسى السبب الحقيقي من وراء ذلك‪ ،‬وهو أنه تعالى قد أوجب النفقة على‬
‫الرجل ولم يوجبه على المرأة‪.‬‬

‫فلم يجعل هللا تعالى للذكر حقا زائدا عن األنثى لمجرد كونه ذكرا‪ ،‬بل ألنه المطالب باإلنفاق والمطالب بالمهر وتأسيس‬
‫بيت الزوجية[‪ ،] 3‬وحتى عند الطالق فهو مطالب بالنفقة ليس فقط على أوالده بل على مطلقته إذا أرضعت ابنها قال‬
‫تعالى‪:‬‬

‫ضعْ َن‬ ‫ض ِّي ُقوا َع َلي ِْهنَّ َوِإنْ ُكنَّ ُأواَل ِ‬


‫ت َح ْم ٍل َفَأ ْن ِفقُوا َعلَي ِْهنَّ َح َّتى َي َ‬ ‫﴿َأسْ ِك ُنوهُنَّ مِنْ َحي ُ‬
‫ْث َس َك ْن ُت ْم مِنْ وُ جْ ِد ُك ْم َواَل ُتضَارُّ وهُنَّ ِل ُت َ‬
‫ْ‬ ‫ُأ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُورهُنَّ َو َت ِمرُوا َب ْي َنك ْم ِب َمعْ رُوفٍ َ‌وِإنْ ‌ َت َعا َسرْ ت ْم َف َسترْ ضِ ُع ل ُه خ َرى﴾ [الطالق‪]6 :‬‬ ‫ْأ‬ ‫ُأ‬ ‫ُ‬
‫ضعْ َن لك ْم َفآتوهُنَّ ج َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َح ْملَهُنَّ َفِإنْ َأرْ َ‬
‫فاألنثى غير مطالبة حتى بنفقة رضيعها‪ ،‬وهي تحصل على حقها في الميراث وفي الوقت نفسه يتولى الرجل اإلنفاق عليها‬
‫سواء أكان أباها أو زوجها أو ابنها أو حتى أخاها‪.‬‬

‫وقف السليمانية‪ /‬مركز بحوث الدين والفطرة‬

‫الموقع‪ :‬حبل هللا ‪www.hablullah.com‬‬

‫الباحثة‪ :‬شيماء أبو زيد‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫[‪ ]1‬عبد العزيز بايندر‪ ،‬شهادة‪ E‬المرأة‪ ،‬موقع حبل هللا ‪https://www.hablullah.com/?p=1461‬‬

‫[‪ ]2‬جمال نجم‪ ،‬الوالية العامة للمرأة‪ ،‬موقع حبل هللا‪https://www.hablullah.com/?p=2135 ،‬‬

‫[‪ ] 3‬لماذا كان للذكر مثل حظ األنثيين في الميراث‪ ،‬موقع حبل هللا ‪https://www.hablullah.com/?p=2457‬‬

You might also like