You are on page 1of 12

‫نابو للبحوث والدراسات‬

‫‪38‬‬

‫مشكلة البحث‬
‫إذا تأملنا النشاط النقدي الحديث نجده ال ينفك‬
‫التناظر والتدليل في سياق التأويل‬
‫يدور في التساؤل القديم الذي يقول‪ ،‬إن تصور القراءة‬
‫الرسم نموذجا‬
‫والتفسير يحتاجان إلى تصور السؤال عن المعنى‬
‫د‪ .‬حامد إبراهيم امهيدي‬
‫ولهذا األخير صعوبات أساسية شكلت عائقاً وغرفاً‬
‫مغلقة كثيرة ال يمكن الولوج إلى مؤثثاتها دون‬ ‫ملخص البحث‬
‫مواجهة السؤال األساسي المتعلق بتصور المعنى وإ ن‬ ‫في قراءات الحداثة وما بعد الحداثة يتأتى‬
‫أحكامنا عن تعدد القراءات تبقى منقوصة بمعزل عن‬ ‫الخطاب النقدي بشكل يغاير معه كل الثوابت التي كان‬
‫ذلك السؤال‪ .‬إن التأويل النقدي للعمل الفني جعل من‬ ‫يعتنقها ابان سلطة القراءات السابقة لما يسمى بالنقد‬
‫الناقد المؤول (المفسر) واهباً للنص من زاده الثقافي‪،‬‬ ‫القديم ويشكل اصطالح التأويل اليوم احد ركائز‬
‫وهنا تكمن المفارقـة فيما نحن بصدده (مشكلة البحث)‬ ‫الخطاب النقدي الحديث يجاوره في هذا البحث اثنان‬
‫أي أن تعدد وجوه التأويل يحيل بالتناظر وبالتدليل عنه‬ ‫من المفاهيم هما التناظر والتدليل يستدل بهما البحث‬
‫داخل كل سياق متغير ويجعلنا بالتالي أمام تعدد من‬ ‫في سياق تأويل النص التشكيلي ‪ .‬األول يتناول المسار‬
‫التأويالت يجب أن تكون ذات صلة فاعلة في كشف‬ ‫ألتولدي باستعادة العمليات الخفية للنص والثاني‬
‫المخبوء داخل العمل الفني‪.‬‬ ‫(التدليل) نستدل به للحد من االنتشار الغير مضبوط‬
‫للمسارات التأويلية ‪ ,‬مع هذين المفهومين تتناسل‬
‫أهمية البحث والحاجة إليه‬
‫لقراءات النص التشكيلي لدى المتلقي دون تشضي‬
‫تتلخص أهمية البحث والحاجة إليه في دراسة‬
‫ليصبح من الممكن آلي عالقة أو تالف يمكن ان‬
‫مفهوم التأويل من خالل مجموع العوالم التي يطرحها‬
‫نوجدها داخل النص التشكيلي الجديد تصبح مصدرا‬
‫النص وفك فوضى تلك العوالم عبر مفهوم التناظر‬
‫ممكن للمعنى ‪ ,‬أي ان الوجهة التي تشتغل عليها‬
‫الذي يعطي األوجه األكثر رجاح ًة والتي يمكن ضبطها‬
‫المقاربة ( النقد ) الحديثة هي وعيها بان وجودها‬
‫في سياق‪ ،‬فضالً عن مفهوم التدليل الذي يشتغل داخل‬
‫مرهون بوجود غيري من ذات الجنس يؤهل معنى‬
‫الجماعة أو المجتمع كعرف أو عقد لتأسيس عالمة‬
‫بعينه من بين عدة معاني هذا ما يضمه البحث في‬
‫تعمل بسيرورة داخل تلك الجماعة‪.‬‬
‫إطاره النظري ام الفصل الثالث فقد خصص لتحليل‬
‫العينات التي كانت قصديه ممثلة لمجتمع البحث‬
‫هدف البحث‬ ‫وصوال إلى الفصل الرابع الذي ضم النتائج والتوصيات‬
‫يهدف البحث إلى الكشف عن اإلحالة الداللية‬ ‫وقائمة المصادر والملخص باللغتين ‪.‬‬
‫األقرب من بين عوالم التأويل داخل النص التشكيلي‪.‬‬

‫حدود البحث‬
‫الرسم الحديث (‪ 2005-2000‬م)‪.‬‬
‫الفصل األول‬
‫نابو للبحوث والدراسات‬
‫‪39‬‬

‫التأويل‪ :‬يعد الفيلسوف األلماني المعاصر (جورج‬


‫جادامير) هو من وضع اإلطار الحقيقي المتداول لهذا‬ ‫تحديد مصطلحات البحث‬
‫المصطلح عندما نشر كتابه "الحقيقة والمنهج" عام (‬ ‫التناظر‪:‬‬
‫‪ )1960‬وربط هذا االصطالح بالفهم ويتعدى به‬ ‫أ‪ .‬التعريف الفلسفي‪( :‬هو عالقة منطقية أساسية تقوم‬
‫(التأويل) العلوم اإلنسانية إلى التجربة الشاملة التي‬ ‫على أنه إذا عين حد أو أكثر‪ ،‬تعين تبعاً لذلك حد أو‬
‫يكونها اإلنسان عن العالم‪.‬‬ ‫حدود أخرى)(‪.)1‬‬
‫ويوضح ابن الجوزي أن التأويل هو العدول عن ظاهر‬ ‫ب‪ .‬التعريف االصطالحي‪ :‬كما صاغه كريماص يشير‬
‫اللفظ إلى معنى ال يقتضيه لدليل د ّل عليه‪.‬‬ ‫إلى وجود جذر داللي مشترك يوحد عوالم النص‬

‫التأويل اإلشاري‪ :‬هو تأويل الكتاب المقدس تأويالً‬ ‫ويمنحه انسجامه من خالل الحد من فوضى المعالم‬
‫‪.‬‬
‫رمزياً يشير إلى معاني خفية‬ ‫وإ مكانية انتشارها في كل االتجاهات(‪.)2‬‬
‫التعريف اإلجرائي‪ :‬هو محاولة إمداد النص الفني‬ ‫جـ‪ .‬التعريف اإلجرائي‪ :‬هو أوجه التشابه االفتراضية‬
‫بممارسة نوع من التوسط بين العوالم المتأصلة فيه‬ ‫بين العوالم االحتمالية التي يصوغها المتلقي عن‬
‫والعالم الواقعي مستعيناً بالسياق لحظة تداوله(‪.)4‬‬ ‫اللوحة التشكيلية من جهة وعالمه الواقعي من جهة‬
‫أخرى ضمن سياق سائد‪.‬‬
‫التدليل‪:‬‬
‫الداللة‪ :‬كما يقول الجرجاني هي كون الشيء بحالة‬
‫يلزم من العلم به العلم بشيء آخر‪ ،‬والشيء األول هو‬
‫الدال‪ ،‬والشيء الثاني هو المدلول‪.‬‬
‫التدليل‪ :‬أو "السيموز" كما اصطلح عليه بورس ويطلق‬
‫على األشياء التي تعمل داخل مجتمع ما كعالمة ‪.‬‬
‫التعريف االجرائي‪ :‬هو األشكال أو التخوم التي توجد‬
‫في اللوحة التشكيلية كدوال لفك تشابك العوالم والحد‬
‫من تعدادها الالنهائي‪.‬‬

‫السياق‪ :‬هو تعاقب سلسلة من الظاهرات في وحدة‬


‫ونظام‪ ،‬كتعاقب الظاهرات الفسيولوجية‬
‫والسيكلوجية(‪.)3‬‬
‫ونعني بالسياق أن النص الفني ينتمي في شخصيته‬
‫إلى أصول تربطه بصنفه اإلبداعي‪.‬‬
‫التعريف اإلجرائي‪ :‬هو تضافر وحدات العمل الفني‬
‫الفصل الثاني‬ ‫وعناصره فيما بينها بانسجام لخدمة وجهة تفسيرية‬
‫اإلطار النظري‬ ‫مباشرة أو غير مباشرة‪.‬‬
‫نابو للبحوث والدراسات‬
‫‪40‬‬

‫المقدسة بات يشكل مساحة معرفية واسعة في األدبيات‬ ‫ابتدأ البحث بالسؤال عن المعنى في تصديه‬
‫الحديثة والمجال الفلسفي المعاصر‪ .‬إن مفهوم التناظر‬ ‫لسرد مشكلة البحث‪ ،‬وها هنا يقدم األوجه التي يمكن‬
‫من ضمن أبعاد التأويل الذي يحدده سعيد بنكراد بانه‬ ‫أن يعمل عليها ذلك السؤال في منظومة اإلبداع في‬
‫يتحرك داخل ((جهاز نظري ضخم لديه القدرة على‬ ‫زمن انصهرت فيه اغلب فواصل استقاللية المعارف‬
‫اإلمساك بمعنى النص من خالل استعادة العمليات‬ ‫عن مجاوراتها بالدرجة األساس وعن مجاوراتها‬
‫الخفية التي تعد شرط وجوده‪ ،‬وهي العمليات التي‬ ‫مرتين بدرجة اقل‪ ..‬وهكذا تضم العملية تناسباً عكسياً‬
‫يتضمنها ما يطلق عليه كريماص وتالمذته‪ ،‬المسار‬ ‫تبعاً لقربها أو بعدها عن معرفة بعينها‪ .‬إن البحث عن‬
‫التولدي‪ ..‬الذي يعمل على ضبط التحوالت الممكنة‬ ‫معنى أو التقرب به من مقاربة حداثوية ليس في‬
‫للمضامين المستثمرة في النص))(‪ ،)5‬فالمضامين‬ ‫مهامه كشف قيمة ثاوية في العمل واقعية كانت أم‬
‫المخبوءة في النص اإلبداعي تتعدى في تعدادها‬ ‫اجتماعية أم أيديولوجية سياسية ((إن كل نص عظيم‬
‫وصور إظهارها ما يجعلها عائمة مبهمة مترهلة ال‬ ‫ليس صورة لنفسية فرد‪ ،‬وال مرآة لعقلية شعب وال‬
‫يمكن أن تعد بشكل من األشكال موضوعية وهذا ما‬ ‫سجالً لتاريخ عصر‪ ،‬وإ نما هو كتاب اإلنسانية‬
‫كان يعانيه أصحاب النقد القديم من عسر فهم في تقبل‬ ‫المفتوح))‪ ،‬بل مالمسة للفهم الكلي الذي تشكله ذاكرة‬
‫أن للنص أكثر من قراءة‪ .‬إن مفهوم التناظر يعمل‬ ‫اإلنسانية بعيداً عن المقاسات الجاهزة للنص‪ .‬وقبالة‬
‫وفق آلية ساندة ومهيمنة على الكم المفتوح القتراحات‬ ‫ذلك الفهم نجد التأويل الذي يختلف بالضرورة عن‬
‫التأويل ويحد من االنفالت الداللي لمضامين العمل‬ ‫الفهم من حيث أن التأويل حوار متناسل بينما الفهم‬
‫الفني وتقريب المضامين األكثر احتماالً التي يستدعيها‬ ‫وجهة ثابتة وجزئية قد تكون متناسلة لكن تراكمية‪،‬‬
‫السياق ((إن كل التعريفات الموضوعة للتناظر ال‬ ‫خالف التأويل الذي يشكل سيرورة حوار مع كل والدة‪.‬‬
‫تخرج عن دائرة تحديد وضيفته في توفير الضمانات‬ ‫لقد اعتدنا في كل المقاربات القديمة أن تحمل في‬
‫األساسية التي يتم عبرها اإلمساك بانسجام النص من‬ ‫خطابها تأويال لكنه يطرح كحوار ذاتي يفتقر إلى اآلخر‬
‫خالل تقليص حجم امتداداته وضبطها وتوجيهها وفق‬ ‫ويستقي حواريته الفردية أو اليتيمة من المنشئية مثال‬
‫(‪)6‬‬
‫والتناظر‬ ‫غاية داللية متضمنة في قصديته األصلية))‬ ‫ذلك المقاربة التي تنتهج النقد القصدي التي تستدعي‬
‫الشكلي الذي نراه في الرسم يقودنا بشكل مباشر عبر‬ ‫األخذ بمقاصد المنتج وعدم تقول النص ما لم يقله‬
‫آلية المسح البصري التي يقوم بها المتلقي للوهلة‬ ‫خالقه خالف حوارية التأويل التي تنشأ بالتعددية مالذا‬
‫األولى إلى تناظر أولي بين مكونات اللوحة والواقع‬ ‫عن ما أسلفنا آنفاً‪ .‬إلقامة تواصل شامل وتعدد في‬
‫من جهة وبين مكونات العمل الفني مع بعضها من‬ ‫الوجوه لفهم العمل الفني نقبل بالتأويل عبر اثنين من‬
‫جهة أخرى‪ .‬وان التناظر األول اقل تعقيداً ويعتمد على‬ ‫المفاهيم التي تعمل جنباً إلى جنب فيه هما مفهوم‬
‫الحواس أي إقامة عالقة شكلية عبر التناظر وهنا‬ ‫التناظر ومفهوم التدليل ورغم كونهما يعمالن معاً‬
‫ينشد وظيفة محددة تتلخص في إنشاء عالقة استعارية‬ ‫احدهما مكمل ومقدم لآلخر‪ ،‬سوف يعمل البحث على‬
‫مستقاة من فعل اإلشهار الذي تمتلكه الصورة األولى‬ ‫تداولهما كالً على حدة‪.‬‬
‫وليس عالقة فهم أو معنى فهي محض استعارة شكلية‬ ‫أ‪ .‬التناظر‪ :‬مع ولوج التأويل إلى عالم السرديات في‬
‫لمؤثثات موجودة سلفاً في المعجم العرفي داخل سياق‬ ‫األدب وبعد أن كان مفهوم التأويل مرتبطاً بالنصوص‬
‫نابو للبحوث والدراسات‬
‫‪41‬‬

‫التداول العام‪ .‬بينما التناظر الثاني يتميز بالتعقيد كونه‬


‫يتطلب جانب من التحليل ويقود بالتالي إلى التناظر‬
‫المنشود والخفي عن الرؤية المباشرة والمخبوء خلف‬
‫المرئي وهذا النوع من التناظر ينتقي صورة احتمالية‬
‫((يجب أن تسهم المالحظات اللغوية في تعرية‬ ‫من ركام غير محدود من التأويالت التي تتفق مع‬
‫بعض ما نحرص على أن يضل مستوراً أو مجهوالً أو‬ ‫الوجة األنجع ضمن السياق العام والموضوعي‪ ،‬وان‬
‫غير ممحص‪ ..‬فالمالحظات اللغوية يجب أن تكون في‬ ‫الفن الحديث يتبنى الرؤى والمواضيع إذا جاز لنا‬
‫وهذا ما‬ ‫(‪)7‬‬
‫خدمة الوعي والتقصي والحكمة والنضج))‬ ‫تسميتها الغير واردة أو حاضرة في قاموس الثقافة‬
‫يرصده الفن الحديث ليرينا ما هو كائن ال ما ينبغي أن‬ ‫اآلنية المعاشة وتغيير وجهة االهتمام والذائقية تغييراً‬
‫يكون فما هو كائن في الفن هو وليد وخلق جديد ليس‬ ‫كيفياً أطاح بمعاجم روح العصر وذائقية العصور‬
‫بأي شكل من األشكال محاكاة وال محاباة لما هو كائن‬ ‫التراكمية وهي دعوة ذات نظرة شمولية كلية تماماً‬
‫قبله بينما ما ينبغي أن يكون يشكل في اقرب صورة‬ ‫كالجذور والبوادر التي انبثقت منها (البنائية) وهذه‬
‫لالستقاللية والفرادة أيديولوجية أو ذرائعية فالدال‬ ‫الذائقية تنطوي على خلق نسق معرفي يدافع عن‬
‫مقرون بمدلول يغذى من الخارج على وفق سياق معد‬ ‫جدارته أو قابليته للتوافق في ثقافة المتلقي مثال ذلك‬
‫سلفا ((ويبقى من له مكانة خاصة عند شوبنهور هو‬ ‫العمل الفني اآلني للفنانة كاميال (المرجوحة) (‬
‫فن الموسيقى التي تقف على حدى ألنها ال تتكرر‪ .‬أي‬ ‫‪ )Swing‬الفائزة بالجائزة األولى لعام (‪)2008‬‬
‫مثال لموجودات هذا العالم وإ نما تجسد اإلرادة‬ ‫والعمل عبارة عن مرجوحة وضعت على واحد من‬
‫مباشرة‪ ..‬إنها ال تعبر عن االنفعاالت التي تجري لنا‬ ‫اكبر النصب في وارشو ويمثل جندي من جيش برلين‬
‫كالفرح والحزن والخوف والسرور‪ ،‬بل عن جوهر هذه‬ ‫الشكل رقم (‪.)1‬موضوعة العمل هي دعوة إلى روية‬
‫االنفعاالت أنها كاألعداد واألشكال لغة عامة كلية‬ ‫في سياق مغاير للمألوف والسائد انه الحث على إعادة‬
‫تكشف عن قانون الوجود))(‪ .)8‬إن استعارة مفهوم‬ ‫تأثيث الثوابت اإلبداعية أو (التي اعتقدنا أنها ثابتة)‬
‫التناظر من االلسنيات داخل سياق الفن التشكيلي بشكل‬ ‫حتى لو تعارضت مع أكثر األيديولوجيات شيوعاً‬
‫مغاير لمكونات مفهوم التناظر التشكيلي وهذه المغايرة‬ ‫وتأثيراً في حياتنا‪ .‬انه تحفيز البواعث الالمركزية‬
‫يمكن حصرها بمخالفة كل منهما عن اآلخر‪ ،‬فاألول‬ ‫للمكان ليس باتجاه المكان االفتراضي فحسب بل حتى‬
‫يعمل في المعنى والتأويل داخل النص اللغوي المقارب‬ ‫إلثبات بديهية المكان أحياناً‪ .‬إن شؤون األشكال‬
‫للوحة بينما الثاني يشكل عنصراً من عناصر التشكيل‬ ‫والتخوم والفضاءآت داخل اللوحة يجب أن تؤخذ مأخذ‬
‫وينشأ في سياق البناء المادي للوحة يمكننا من‬ ‫الجد ليس فحسب على مستوى التحليل والتركيب وان‬
‫الوقوف على قراءة انجع عبر الكم المفتوح من‬ ‫كان ذلك في صميم مهامه بل لرفد جملة المعاني‬
‫ألقراءات ومعرفة الوجهة عبر فهم السياق الذي يشكل‬ ‫والتأويالت داخل المعجم المعرفي متجاهلة بذلك مناداة‬
‫الضمان المتماسك النفتاح االبداالت مثال ذلك فن ما‬ ‫أنصار المعجم األيقوني ولو كره الواقعيون‪.‬‬
‫بعد الحداثة انه دعوة النفالت معطيات الصور‬
‫المجازية ((فاللغة ال تقول األشياء بحرفيتها أو بشكلها‬
‫نابو للبحوث والدراسات‬
‫‪42‬‬

‫عالقات غير علمية وال منطقية لإلنسان البدائي مع‬ ‫الساذج والغفل الن المجاز يقيم الفجوة بين الكلمات‬
‫محيطه تحولت منظومته المعرفية خاللها إلى أسطورة‬ ‫واألشياء ويقتضي عودة المعنى‪ ،‬وكل عودة هي‬
‫ودين وخرافة مما جعله يعبد البرق والينبوع والشجرة‬ ‫استعادة‪ ،‬وكل استعادة هي اختالف بقدر ما هو تشابه‪،‬‬
‫لجهله االبستمولوجي بطبيعة تلك الظواهر‪ .‬واليوم‬ ‫والمعنى إذ يستعاد ال يتكرر‪ ،‬بل يتحول إلى طبقة‬
‫ندرس نحن تلك العالقة بين اإلنسان البدائي ومحيطه‬ ‫متراكمة من التأويالت))(‪ ،)3()9‬على هذا يكون للسياق‬
‫على وفق دالالتها وفي سياقها وليس على وفق قربها‬ ‫حضور ال هوادة فيه إذ يحمل على عاتقه الوقوف على‬
‫أو بعدها عن حقيقة علمية أو منطقية ((إن التوالد‬ ‫األوجه األكثر تناظراً في متراكم التأويالت وبه يختزل‬
‫الداللي في سياقنا محكوم بغاية محددة وخاضع‬ ‫القارئ الوجهة التي تحد من انفالت االبداالت ويضع‬
‫إلكراهات تحد من انتشار غير مضبوط للمسارات‬ ‫(ايكو) مبادئ عامة في سياق التأويل منها‪:‬‬
‫(‪)11‬‬
‫‪.‬‬ ‫التأويلية‬ ‫‪ )1‬إن للنص عالم مفتوح النهاية وهذا يجعل المؤول‬
‫واالعتراف بوجود دالالت محتملة ال يقود إلى القول‬ ‫في تعداد النهائية من ترابطات النص‬
‫بالتعددية الداللية للنصوص‪ .‬انه يشير إلى حقها في‬ ‫‪ )2‬البد للمؤول من التيقن بان وراء كل سطر في‬
‫الوجود وإ مكانية تحققها ضمن سياقات نصية أخرى))‬ ‫النص تأويالً لم يقال بعد‬
‫(‪ .)12‬يجب أن نعي أن مفهوم التدليل يحاول القبض‬ ‫‪ )3‬خصص هذا المبدأ لتحريم مقاصد الفنان عن‬
‫على شيء خارج الرؤية المباشرة أو ما يبدو عليه‬ ‫شرعية التأويل‪ .‬أي أن كل التقوالت والتأويالت‬
‫النص ويعمل على إحياء تغاير احتمالي غير مسبوق‬ ‫التي يولدها القراء حول نص ما باستثناء ما‬
‫للمعنى مستعيناً بالسياق فما قد يقال عن معنى ما‬ ‫يقوله مؤلفه(‪ ،)10‬وهذا تنضيد بنائي (دعوة‬
‫يمكن أن يقال عن معنى آخر شريطة أن يقال في‬ ‫لنظرية النص)‪.‬‬
‫سياق آخر مهماً‪ .‬هنا نجد دوراً هاماً في حياة الداللة‬ ‫ب‪ .‬مفهوم التدليل‪ :‬إن اإلنسان ومنذ نشأته ارتبط على‬
‫ومثلها في مفهوم التناظر (حياة) للسياق فبه يحال‬ ‫وجهة ما بمحيطه وفق عالقة نفهم كنهها بأنها قائمة‬
‫للمعنى خلقاً جديداً ومعاينة النصوص من وجوه عدة‬ ‫على إنشاء كم هائل من الدالالت تتناسب طردياً مع‬
‫وانه الشك في أن قدراً ال بأس به من اإلفاضة أو‬ ‫الموجودات من حوله ومع الموجودات المعرفية التي‬
‫اإلسقاط الزم لدى المتلقي لفهم ومناقشة كيفية قراءة‬ ‫تطرأ على حياته المعاصرة وهي في ازدياد مضطرد‬
‫نص ما أو الجدل بصدد مزايا (المقاربات) المختلفة‪،‬‬ ‫محموم ناتج زخم التناسالت الهائلة داخل نظامه‬
‫فطبقاً للمفهوم الداللي للفهم تكون دائماً هناك ضرورة‬ ‫المعرفي الحديث وينشأ التدليل وتعظم حاجتنا إليه‬
‫لمقاربة معينة من النص‪ ،‬لسياق تأويلي معين وان كل‬ ‫كونه يحول الكم العشوائي المعرفي إلى كيف فئوي‬
‫تأويل جديد لنص معين هو اقتراب أكثر من تركيب‬ ‫قابل للقياس والتصنيف ولذلك ارتبط هذا المفهوم بعلم‬
‫نهائي معين عبر الداللة التي تحاول قطعاً داخل مفهوم‬ ‫الظواهر (فينومينولوجيا) وهذا العلم موجود قديماً قبل‬
‫التأويل تأكيد مشروعيتها من خالل السعي وراء‬ ‫ظهوره كاصطالح وقبل تعاطيه كما هو اآلن إذ ال يمكن‬
‫تحقيق الشروط التي تؤدي إلى اإلجماع لفك مغالق‬ ‫لإلنسان إن يحيا في محيط يجهل مسمياته وان وجد‬
‫الفهم داخل منظومة الذائقية ((فمادام كل عنصر قابالً‬ ‫في هكذا وسط فلن يتوانى عن افتعال مسميات جديدة‬
‫الن يتحول إلى نقطة ارتكاز تتجسد فيها الوقائع‬ ‫إلتمام شرط التعايش المعرفي لديه وهذا ما يفسر‬
‫نابو للبحوث والدراسات‬
‫‪43‬‬

‫ذكر آنفاً في النص المقروء مستعيناً بكل األشكال‬ ‫التدليلية‪ ،‬فان النسق العالمي يتحول إلى آلة ضبط‬
‫المتداولة سابقاً من خالل عملية تفكيك وتركيب‪ ،‬هدم‬ ‫ذاتي منتجة لرقابة داخلية تتحكم في مجموع الدالالت‬
‫وبناء وإ نشاء عالقات غيرية بين تلك األشكال وعلى‬ ‫الناتجة عن حركة داللية ما))‪ .‬إن مستويات التدليل‬
‫وفق غير مسبوق فالمظهر الفني في اللوحة عندما‬ ‫تتحرك في إنتاجيتها تبعاً للنوع الذي تفرده وجوه‬
‫تكون مؤثثاتها هي المقصودة وليس مرجعها‪ .‬ففي‬ ‫التأويل بدءاً من التأويل المباشر باعتباره قراءة أولية‬
‫الرسم تقوم عالقات (غيرية) مع الواقع المقصود‪،‬‬ ‫((إن أي تدليل إنما يقوم انطالقاً من سياق خاص يحدد‬
‫فالعالمات الهندسية والشكلية ال تتحدث إال نادراً عن‬ ‫للدالالت حجمها ومصادرها وامتداداتها‪ .‬وفي كل‬
‫اإلرسالية‪ ،‬لعدم اهتمامها بها‪ ،‬بل الن إثارة الشكل على‬ ‫األحوال وفان السياق ليس سوى محاولة لعزل واقعة‬
‫اعتباره معنى يشير بسهولة إلى المرجع المتخفي‬ ‫ما‪ ،‬وإ دراجها ضمن منطق خاص للتدليل‪ .‬وهذا معناه‬
‫وراءه‪ ..‬والن داللته ال تتركب بالمثير وحده بل بما‬ ‫تخليص الواقعة من كل ما ال يستقيم داخل هذا‬
‫يجب أن يكون عليه بصريا‪ .‬فلوحة الفنان (بول كلي)‬ ‫السياق))‪ .‬إن المصفوفة المعرفية ضامة دوماً لثقافة‬
‫الشكل رقم (‪ )2‬تتحدث في عناصرها عن الواقع لكن‬ ‫نصية محكومة بتأويالت مرافقة يضبطها سياقات تحيل‬
‫بالكيفية التي تعيد تأثيث الواقع عبر قانون األثر الكلي‬ ‫النصوص إلى معنى وفهم على وجه من الوجوه وتكبح‬
‫لأللوان ذهنياً وبصرياً‪ .‬ذهنياً في الكشف عن العوالم‬ ‫االنفالت التأويلي لها وهذه السياقات يتحرك في‬
‫الممكنة الوجود وغير ممكنة التمثيل حتى لحظة‬ ‫أرضيتها (دليل) الذي يشكل في معناه التقليدي وحدة‬
‫خروج العمل إلى النور وبصرياً في التدليل على‬ ‫منغلقة على ذاتها وهذا االنغالق يحد من تعددية المعنى‬
‫الكيفية التي قيلت بها (رسمت بها) األشكال التي تدخل‬ ‫ويكبح جماحه باتجاه معنى بعينه وهذا ما يؤدي إلى‬
‫في بنائها تناصياً أشكال الفنون البدائية والفن الفطري‬ ‫حصر الدال بمدلوله ويتحسس وجوده داخل النص في‬
‫ورسوم األطفال وان الدال الشكلي داخل اللوحة ال يقف‬ ‫وحدة (الدليل) ويختلف هذا األخير عن مفهوم التدليل‬
‫عند مدلول خارجي بل يقفز عليه لبلوغ فكرة فضالً‬ ‫الذي يتخطى فيه الدال حصرية المدلول وايقونيته في‬
‫تنحية معنى واحد لتلك الفكرة باتجاه كم من اإلحاالت‬ ‫عملية متناوبة من البناء والهدم ويغدو النص فضاء‬
‫واإليحاءات ال ترى وفق كيف ما‪ .‬إال باستعانة السياق‬ ‫تناصياً تلتقي فيه مجموعة من النتف المعرفية التي‬
‫وإ ال يكون المعنى جملة عناصر يحيلنا كل منها إلى‬ ‫يستدعيها النص الجديد من النصوص األخرى‬
‫عناصر أخرى تختلف عنه‪.‬‬ ‫وبموجب ذلك يكون النص الجديد تالقياً بين النصوص‬
‫األخرى ويتعين على كل نص امتصاص واحتواء‬
‫وتحويل لنصوص أخرى‪ ،‬وهذه العملية تنتج بطريقة‬
‫التسامي الفيزيائي للمواد عند تحولها من الحالة‬
‫الصلبة إلى الحالة الغازية دون المرور بالحالة‬
‫السائلة‪ ،‬كذلك الحال بالنسبة للنص الجديد فهو ال يقول‬
‫ويستفيد المتلقي من كل التنويعات الممكنة‬ ‫ما يقوله النص السابق بل ينتج عنه بواسطة التحويل‬
‫للتدليل وتخرج قراءته الجديدة بمجرد تطوير إجراءاته‬ ‫دون أن يذكره أو يصرح به‪ .‬وان النص التشكيلي‬
‫التحليلية واستشعار عوالم سبق وان قام باستبعادها‬ ‫الحديث ينشأ في ومن رحم منظومة نسقية لروح‬
‫(‪)13‬‬
‫تحويل مماثلة لما‬ ‫العصر السائد ويتخطاه في عملية‬
‫نابو للبحوث والدراسات‬
‫‪44‬‬

‫الحقائق العلمية من حيث هي أفكار ومعارف تطرح‬ ‫من تحليالته وان أي تآلف أو عالقة يمكن أن نوجدها‬
‫نفسها ضمن نظامنا المعرفي الشامل‪ .‬بذلك يكون دور‬ ‫داخل النص التشكيلي الجديد تصبح مصدراً ممكناً‬
‫التأويل هو اقرب إلى ما نحاول أن نبثه في معارفنا من‬ ‫للمعنى إن الشيء يغدو ذا معنى فقط إذا وجدت معان‬
‫تجديد بين الحين والحين‪ ،‬تماماً كمتطلبات مخزون‬ ‫أخرى ال يمتلكها هذا الشيء‪ .‬ويمكن لنا فقط التحدث‬
‫حاسوبنا الشخصي عندما تكون بحاجة إلى تحديث (‬ ‫عن طريق قراءة القصيدة‪ ،‬إذا ما توفرت لدينا طرق‬
‫‪ )UP DATE‬كذلك الحال لمعارفنا اإلنسانية يكون‬ ‫أخرى متخيلة‪ ،‬غير مالئمة وبغير قواعد حصرية‪ ،‬لن‬
‫التأويل رديفا‬ ‫يكون هناك معنى من أي نوع ‪ .‬أي أن الوجهة التي‬
‫(‪ )UP DATE‬للتحديث‪ .‬من جانب آخر إن‬ ‫تشتغل عليها المقاربة الحديثة هي وعيها بان وجودها‬
‫المصفوفة المعرفية التي نمتلكها قابلة إلعادة تشكيل‬ ‫مرهون بوجود غيري من ذات الجنس يؤهل معنى‬
‫أواصرها باستمرار دون أن تفقد بنائها الداخلي لكن‬ ‫بعينه من بين عدة معاني وتبدو العملية وكأنها تداخل‬
‫على العكس من ذلك انه من الخطأ أن نتصور أن أي‬ ‫نسيجي في وحدة كلية كمصفوفة تتحرك خاللها‬
‫محاولة إبصار للتشكيل المتحقق بفعل منهج علمي ما‬ ‫العالقات األفقية والمتعامدة‪ ،‬ويتحول األفقي من وجهة‬
‫على وجهة مغايرة لما هو كائن ضرب من الهدم‬ ‫ما إلى عمودي وبالعكس‪ ،‬هذه االتاحات الممكنة‬
‫المعرفي‪ .‬وقد أثبتت التجارب أن معظم معارف اإلنسان‬ ‫والفاعلة ليست عشوائية كما تبدو عليه بل مع كل‬
‫تتحقق بفعل إعادة النظر فيما سبق وان اعتقدنا أنه‬ ‫لحظة إمكانية إفراد سياق يشكل في حد ذاته معنى‬
‫حقيقي وبشكل شمولي‪ .‬هنا يكون التأويل عملية فك‬ ‫ويدعم فهم يعيد ترتيب القصاصات المنفلتة من المعنى‬
‫ارتباط مستمرة وسبر عوالم منفتحة إلى بحث طريقة‬ ‫داخل رؤية محددة وواضحة كل الوضوح وان وصف‬
‫جديدة أساسها توزيع مساحة تواجد الحقيقة وجعلها‬ ‫شبنهور للعوالم الممكنة التي يشتغل عليها الفن تكون‬
‫أكثر مرونة وانسيابية وأكثر انفتاحاً على المعارف‬ ‫ذات أفق تطبيقي في نقد الحداثة وان كل العوالم‬
‫األخرى فقد تتالمس فيه العلوم اإلنسانية مع فروع‬ ‫متحققة بفعل الوجهة التي تحكمها الكيفية التي قيل‬
‫‪14‬‬
‫معرفية أخرى وتشكل تجارب معرفية مشتركة معها‬ ‫فيها النص مقروءاً كان أم بصرياً أي السياق الذي‬
‫وفي الفنون كانت الحاجة ماسة في ضل الطروحات‬ ‫احتكم إليه الحدث الفني ‪.‬‬
‫النقدية المتباينة التي تجاذبت المنتوج الفني وتباينت‬ ‫جـ‪ .‬مفهوم التأويل‪ :‬سبق وان قدم الباحث اثنين من‬
‫معها كل طروحات الفهم التي لم يغب عنها مفهوم‬ ‫المفاهيم التي تعمل بشكل محايث داخل مفهوم التأويل‬
‫التأويل المنضوي في ثناياها دون اإلفصاح عن‬ ‫يؤطرها سياق‪ ،‬ويطرح التأويل نفسه بشكل ملح في‬
‫وجوده‪ .‬واليوم بعد أن اكتسب التأويل تلك األهمية‬ ‫عالم اليوم ألهميته المنهجية وان نحته كمفهوم‬
‫لدوره في مقاربة الحقيقية التي وجد فيها ومن اجلها‬ ‫(التأويل) من وجهة نظر جادمير أعطي بعداً إنسانياً‬
‫المنتوج الفني فنحن ننظر لفنون القرون الوسطى‬ ‫جديداُ للحقيقة وهذا البريق الذي اكتسبه التأويل قائم‬
‫بعين الحاضر مخلفين وراء ظهورنا قسراً المحيط وكل‬ ‫بشكل أساسي وأولي على انه ال يقحمنا في الولوج‬
‫الحيثيات الغائبة لتلك الفنون‪ .‬عندها نكون أمام اثنين‬ ‫قسراً إلى المنهج العلمي والتفكير فقط من منطلق‬
‫من التيارات على حد تعبير سعيد بنكراد في صدد‬ ‫استقاللية ذلك المنهج بل يضعنا أمام شمولية مرنة‬
‫الحديث عن تقسيم امبرتو ايكو الثنين من التيارات‬ ‫وانسيابية وتعدد في وجوه الفهم دون المساس بجوهر‬
‫نابو للبحوث والدراسات‬
‫‪45‬‬

‫عنها واال طاش عن الحقيقة فاللعبة لعبة سياق‪.‬‬ ‫األول يرى ((في التأويل فعالً حراً ال يخضع ألية‬
‫فالتأويل بحث عما هو اول في الشيء (النص) عما هو‬ ‫ضوابط أو حدود‪ .‬فمن حق العالمة أن تحدد قراءتها‬
‫االس واالصل‪ .‬وبذلك يكون منهجا يعيد تحليل وتقييم‬ ‫حتى لو ضاعت اللحظة التي أنتجت ضمنها إلى األبد‪.‬‬
‫كل المناهج الباحثة عن االصول وهنا علينا ان نعي ان‬ ‫أما التيار الثاني فيعترف بتعددية القراءات ولكنه‬
‫االصل او االس المعني فيما اسلفنا اليعني بشكل من‬ ‫يسجل في الوقت ذاته محدوديتها من حيث العدد‬
‫(‪.)15‬‬
‫االشكال الوقوف عند ذلك االصل بل يعني ان لكل تأويل‬ ‫والحجم وأشكال التحقق))‬
‫جذر يشبه االصل المنشود في معارفنا التاريخية على‬ ‫إن أصحاب التيار األول ال يرون ضرورة‬
‫سبيل المثال‪ .‬بمعنى اخر ان االصل المنشود في تأويل‬ ‫تحديد العالقة بسياقها األصلي ذلك للظفر بكل اإلتاحات‬
‫نص ما هو مكتسب لهذه االصالة على وجهة تأويلية‬ ‫الممكنة للتأويل‪ .‬ان استحضار كل االتاحات الممكنة‬
‫ما‪ ،‬وذات االصالة يمكن ان تنشأ في وجهة تأويلية‬ ‫للتأويل ال يكتمل من وجهة نظر اصحاب التيار االول‬
‫اخرى فالتأويل يسعى جاهدا الى اعادة تمثيل االنتاج‬ ‫اال مع غياب سلطة الضرف التاريخي للعالمة وهذا ال‬
‫االول للمؤلف وبذات االصالة التي يمتلكها النص االول‬ ‫يرفضه اصحاب التيار الثاني شريطة ان يحد من‬
‫مع اختالف الزمان والمكان وتبعا للسياق الذي قيل فيه‬ ‫التعداد الالنهائي لتأويل العالمة‪.‬هذا التباين بين‬
‫النص‪ .‬يقودنا ذلك الى عالقة المؤاكلة والمواءمة بين‬ ‫التيارين من حيث الظاهر يشكل توافقا من حيت االفعال‬
‫التأويل والفهم وبينهما وسيط ال يمكن تجاوزه‬ ‫الناتجة في بحث عملية الفهم‪.‬وان استحضار كل‬
‫باعتباره االداة والوسط الناقل للعملية النقدية هي اللغة‬ ‫التأويالت الممكنة هو استحضار فعلي لمكنون سياقات‬
‫((والتأويل يحيلنا الى طرح مفهوم آخر هو مفهوم‬ ‫بعينها هي ذاتها التي يحتكم اليها انصار التيار الثاني‬
‫اللغة واللغة تحيل الى طرق مسألة الفهم وكل تأويل‬ ‫عندما يقولون ان التأويل مرتبط بغاية ال يجب ان يحيد‬

‫‪)?( 1‬‬
‫ابراهيم مذكور‪:‬المعجم الفلسفي‪،‬مجمع اللغة العربية‪،‬الهيئة العامة لشؤن المطابع االميرية‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪،1983،‬ص‪.55‬‬
‫)‪2 (1‬‬
‫‪Lectur: J. Greimas، J. Courte': Se'miotique، dictionnaire raisonne'، articie‬‬
‫‪)?( 3‬‬
‫سعيد بنكراد‪ :‬ممكنات النص ومحدودية النموذج النظري‪،‬مجلة فكر ونقد‪،‬العدد‪ 58‬ابريل‪، 2004،‬ص ‪.28‬‬
‫‪)?( 4‬‬
‫مصطفى ناصف‪ :‬اللغة والتفسير والتواصل‪ ،‬سلسلة كتب ثقافية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون‬
‫واالداب‪،‬الكويت‪،1995 ،‬ص‪.77‬‬
‫‪)?(5‬‬
‫سعيد بنكراد‪:‬ممكنات النص ومحدودية النموذج النظري‪،‬مجلة فكر ونقد‪،‬العدد‪ 58‬ابريل‪، 2004،‬ص ‪.28‬‬
‫‪)?(6‬‬
‫سعيد بنكراد‪ :‬التأويل بين اكرهات التناظر وانفتاح التدالل‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫‪)?( 7‬‬
‫مصطفى ناصف‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص‪.235‬‬
‫‪)?( 8‬‬
‫اميرة حلمي مطر‪:‬فلسفة الجمال‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪ ،1984 ،‬ص ‪.139‬‬
‫‪)?( 9‬‬
‫امينة غصن‪:‬قراءآت غير بريئة في التاويل والتلقي‪،‬دار االداب‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪.1،1999‬‬
‫(?)‬
‫فيصل حسين طحيمر‪ :‬رواية المعجزة بين التلقي والتاويل والرؤية العامة للبنية النصية والفنية‪،‬مجلة علوم انسانية‪ ،‬السنة الخامسة‪،‬‬ ‫‪10‬‬

‫العدد ‪ 37‬ربيع ‪،2008‬ص‪.4‬‬


‫(?)‬
‫سعيد بنكراد‪:‬التأويل بين اكراهات التناظر والتدالل‪،‬ص‪.3‬‬ ‫‪11‬‬

‫(?)‬
‫سعيد بنكراد‪ :‬المؤول والعالمة والتأويل‪ ،‬مجلة عالمات‪ ،‬العدد(‪ ،)9‬مكناس‪،1998 ،‬ص‪.94‬‬ ‫‪12‬‬

‫(?)‬
‫وفيق سليطين‪ :‬في جينالوجيا النص االيحائي‪ ،‬مجلة الموقف االدبي‪ ،‬اتحاد الكتاب العرب‪ ،‬العدد (‪ ،)411‬دمشق‪ ،2005 ،‬ص‪.2-1‬‬ ‫‪13‬‬
‫‪14‬‬

‫(?)‬
‫صابر الحباشة‪ :‬اسئلة التأويل ونطاقات المعنى‪،‬مقدمات لرؤية توليفية‪ ،‬مجلة الوطن‪ ،‬عدد (‪ 15،)948‬يوليو‪.2008،‬‬ ‫‪15‬‬
‫نابو للبحوث والدراسات‬
‫‪46‬‬

‫االستفادة من الثوابت التي تبثها لغة النص كيما يبتعد‬ ‫يستند الى لغة تحمل فهما معيننا للنص المراد تأويله))‬
‫عن وجهته من جهة أخرى‪.‬‬ ‫(‪ .)16‬نعني مما سلف ان أي إعاقة في أداة التوصيل‬
‫اذ ((يرى جادامير في الجزء المخصص لبحث‬ ‫(اللغة) ينعكس بالضرورة على طبيعة الفهم مما يودي‬
‫دور اللغة في عملية التأويل ان تحليل التأويل‬ ‫إلى تشويهات في التأويل وهذا يفسر لنا كل الكم‬
‫"الرومانسي"‪ -‬على حد تعبيره‪ -‬يبين ان الفهم ال‬ ‫التأويلي التاريخي الذي يبتعد عن تكوين أفق تأويلي‬
‫يتأسس انطالقا من تحويل االنا إلى أخر‪ ،‬أو من‬ ‫أو كم محدد من التأويالت لطبيعة محددة عن حدث ما‪.‬‬
‫مشاركة مباشرة ألحدهم مع االخر فلكي نفهم خطاب‬ ‫ان القارئ (المؤول) يحتكم في تأويله إلى اثنين من‬
‫احدهم فهما سليما وأصيال يستحسن ان نتقمص‬ ‫االقيسة التي تحدد وجه التأويل من ان تطيش األول‬
‫تجربته ان نعايش هذه التجربة وكأنها تجربتنا‬ ‫مرتبط بحضور المؤول في الزمان والمكان اآلنيين من‬
‫(‪)17‬‬
‫‪ .‬ان النص البصري قائم على أداة‬ ‫الخاصة))‬ ‫جهة‪ .‬كونهما يحددان والدة النص المؤول ولما لذلك‬
‫التوصيل المتمثلة بعناصر التشكيل البصرية من خط‬ ‫من أهمية في الوضع التاريخي الذي يشغله القاري‪.‬‬
‫ولون واشكال وفضاء‪....‬الخ‪ ،‬هي ذاتها اللغة التي‬ ‫والثاني مرتبط بانتماء القاري للنص المراد تفهمه مع‬
‫يقف القاري (المؤول) إزائها متوسطا الفهم والتأويل‬

‫(?)‬
‫صابر الحباشة‪ :‬مصدر سبق ذكره‪،‬ص‪.6‬‬ ‫‪16‬‬

‫(?)‬
‫صابر الحباشة‪ :‬مصدر سبق ذكره‪،‬ص‪.7‬‬ ‫‪17‬‬

‫مصادر البحث‬
‫‪ .1‬إبراهيم مذكور‪ :‬المعجم الفلسفي في مجمع اللغة العربية‪ ،‬الهيئة العامة لشؤون المطابع األميرية جمهورية مصر‬
‫العربية‪.1983 ،‬‬
‫‪ .2‬أميرة حلمي مطر‪ :‬فلسفة الجمال‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪.1984 ،‬‬
‫‪ .3‬أمينة غصن‪ :‬قراءات غير برئيه في التأويل والتلقي‪ ،‬دار اآلداب‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪.1999 ،1‬‬

‫‪ .4‬مصطفى ناصف‪ :‬اللغة والتفسير والتواصل‪ ،‬سلسلة كتب ثقافية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون‬
‫واآلداب‪ ،‬الكويت‪.1995 ،‬‬
‫‪ .5‬سعيد بنكراد‪ :‬ممكنات النص ومحدودية النموذج النظري‪ ،‬مجلة فكر ونقد‪.‬‬
‫‪ .6‬سعيد بنكراد‪ :‬المؤول والعالمة والتاويل‪ :‬مجلة عالمات العدد (‪ ،)9‬مكناس‪.1998 ،‬‬
‫‪ .7‬صابر الحباشة‪ :‬أسئلة التأويل ونطاقات المعنى‪ ،‬مقدمات لرؤية توليفية‪ ،‬مجلة الوطن عدد (‪.2008)948‬‬
‫‪ .8‬فيصل حسين طحيمر‪ :‬رواية المعجزة بين التلقي والتأويل والرؤية العامة للبنية النصية والفنية‪ ،‬مجلة علوم‬
‫إنسانية‪ ،‬السنة الخامسة‪ ،‬العدد (‪.2008 ،)37‬‬
‫‪ .9‬وفيق سليطين‪ :‬في جينا لوجيا النص اإليحائي‪ ،‬مجلة الموقف األدبي‪ ،‬اتحاد الكتاب العرب‪ ،‬عدد (‪ )411‬دمشق‬
‫‪.2005‬‬
‫‪10.‬‬ ‫‪Lectur: j. Greimas, j. Courte: semiotiqur, dictionnaire raisonne articie‬‬
‫نابو للبحوث والدراسات‬
‫‪47‬‬

‫التشكيلي (الرسم) من وجهة القراءات المتناسلة التي‬ ‫وهذه العناصر هي التي تحدد الوجهة التي يمكن ان‬
‫تتضمنها أهداف البحث‪.‬‬ ‫يستغرقها المؤول للوقوف على اعتاب الفهم وان‬
‫االختالفات الواجبة في التأويل بين مؤول واخر ال شك‬
‫تحليل العينات‬ ‫ان مردها الى وساطة تلك العناصر التي يستجمع‬
‫‪ .1‬العينة رقم (‪)1‬‬ ‫القاري انتمائه الى البناء الكلي التجميعي لتلك العناصر‬
‫اسم الفنان‪ :‬جوان كرونادو‬ ‫داخل اللوحة داخل حضور آني لحظة انتاج المنتج‬
‫(‪)Juan Coronado‬‬ ‫البوصفه لوحة الن ذلك من خلق الفنان بل يوصفه‬
‫اسم العمل‪ :‬الجفاف‬ ‫نص لغوي تأويلي يتقمص من خالله المؤول تجربة‬
‫(‪)Parchment‬‬ ‫الفنان الخاصة‪ .‬ان أحادية الجنس اللغوي بين لغة‬
‫مادة العمل‪ :‬زيت على كنفاص‬ ‫النص األدبي ولغة المؤول تكون اقل حدة وتداخل في‬
‫(‪)Oil Canvas‬‬ ‫النص البصري (التشكيلي) كون ثنائية الجنس بين‬
‫أبعاد العمل‪100 :‬سم × ‪90‬سم‬ ‫المذهب التشكيلي (اللوحة) قائم على لغة التمثيل في‬
‫تاريخ إنتاج العمل ‪2006‬‬ ‫عناصر التشكيل ولغة المؤول المكتوبة هذه الثنائية‬
‫أعطت أفق للتنوع في بلوغ الفهم ينعكس بالرضا‬
‫والتقبل لدى المتلقي رغم تنوع التأويل كونه يمتلك‬
‫اجتراحات مرتبطة بشكل أساسي وطبيعة التمثيالت‬
‫اللونية في اللوحة وانعكاسها على اإلرث البصري‬
‫المتنوع المستقر في ذاكرة جمهور التلقي التاريخية‪.‬‬
‫أ‪ .‬مستوى التناظر‪:‬‬
‫إن تسمية العمل (الجفاف) يشكل تناظرا بيناً‬ ‫الفصل الثالث‬
‫عبر اإلرسالية التي يبثها العمل من خالل الطابع‬ ‫إجراءات البحث‬
‫اللوني الذي يتسم بألوان االوكر وتدرجاته فضال عن‬ ‫مجتمع البحث‬
‫الطابع الشكلي الذي قسم العمل إلى منطقتين شكلت في‬ ‫يتسع البحث ليشمل كل المشاهدات الفنية‬
‫الثلث األسفل خط أفق افتراضي امتلك العمل سمة‬ ‫(الرسم) عبر االنترنيت والواقعة ضمن حدود البحث‬
‫انسجامية بين الموضوع وتمثيالته التشكيلية من خالل‬ ‫والتي أغنت بتنوعاتها وتباينها وجهة البحث في رصد‬
‫تقليص حجم امتداداته وضبطها وتوجيهها وفق غاية‬ ‫كل الخيارات المتاحة للمتلقي‪.‬‬
‫داللية يستطيع المتلقي من خاللها االهتداء إلى فرز‬
‫افترضي لعوالم احتمالية يمكن ترجيحها لتفسير العمل‬ ‫عينة البحث‬
‫من بين عوالم غير منتهية فالدال قد اقترن بمدلول‬ ‫بعد االطالع على مجتمع البحث الواسعة وفي‬
‫بيئي قد غذى من الخارج‪ ،‬إن المسار ألتولدي الذي‬ ‫ظل الحدود المعلنة للبحث تم انتقاء عينات قصدية‬
‫يبثه العمل يمكن استثماره وفق الوجه الضامة‬ ‫تتسم بكونها تغطي مجتمع البحث من حيث الكيف‬
‫للموضوع (الجفاف) وان بديهية المكان اقتربت في‬ ‫وانها تراعي تحوالت تصب في واجهة المنجز‬
‫نابو للبحوث والدراسات‬
‫‪48‬‬

‫(‪)Water Colour‬‬ ‫تناظرها بين العمل والواقع رغم ايهامات األشكال‬


‫أبعاد العمل‪28 :‬سم ‪x 28‬سم‬ ‫الهندسية سيما الشكل الداكن الذي يتوسط الثلث‬
‫تاريخ إنتاج العمل ‪2008‬‬ ‫السفلى من العمل ويحد من استرسال خط األفق‪.‬‬
‫ب‪ .‬مستوى التدليل‪:‬‬
‫ان الدالالت المحتملة للعمل (الجفاف) تحاول‬
‫القبض على خارج الرؤية المباشرة مما يقود إلى كبح‬
‫االنفالت التأويلي ويرجح وجهة محددة تسهم في فك‬
‫غوالق الفهم التي تتسم فيها األعمال الغير تشخيصية‬
‫أ‪ .‬مستوى التناظر‪:‬‬ ‫والتي ال تنطوي فيه على السمة السردية فالفن‬
‫ان للتناظر الشكلي طابعه ألتضادي بين قطري‬ ‫الالتشخيصي يعد تمثيليا أكثر من كونه توظيفيا وذلك‬
‫اللوحة من حيث السيادة الشكلية واللونية فبدت كتلة‬ ‫يؤدي إنشاء عالقة غيرية بين العمل وإ مكانات توضيح‬
‫الشمس إلى اليمين من أعلى اللوحة يقابلها في زاوية‬ ‫مؤثثاته مع الواقع المعايش كون المرجع المتخفي‬
‫اليسار من أسفل اللوحة لمساحة الغامق وكذلك الحال‬ ‫وراء العمل التتركب داللته بالمثير وحده بل بما يجب‬
‫ألعلى اليسار من اللوحة وما يناظرها من أسفل يمين‬ ‫ان يكون عليه بصريا‪ ،‬هكذا تكون المسارات التأويلية‬
‫اللوحة ولهذا التضاد دورة في ترابط الكتل وشدها في‬ ‫خاضعة الكراهات ممثلة بنسيج معرفي لن يكون‬
‫دوامة بصرية النفالت منها سيما من أشكال النجوم‬ ‫ايقونيا مع مكونات المحيط بأي شكل من األشكال وإ ال‬
‫والقمر واالهلة المتدلية من نسيج هندسي شغل اماكن‬ ‫أصبح تسجيليا وتوضيحيا وهذا منافي لمصفوفة‬
‫الضوء في اللوحة بحيث بدت ضامة ألشكال ذات‬ ‫معرفة ما بعد الحداثة التي تبحث عن سمات تأويلية‬
‫تواجد افتراضي في المكان تمثل في تداخل زمانين في‬ ‫للنص تقترب به للغة الكلية التي تتسم بها األعداد‬
‫المكان الواحد كما نرى النجوم والشمس بذات المكان‬ ‫واألشكال المجردة‪ ،‬تم تعاود انتقاء صورة احتمالية من‬
‫والزمان االمر الذي يبدو اسم دال (البحث عن الوقت)‬ ‫ركام غير محدد من التأويالت وفق حالة أبدالية‬
‫لمدلول الزمكان المحددين ان إرسالية العمل تبث‬ ‫مرهونة بالسياق الذي غلق العمل وهذا األخير محدد‬
‫أشكال واقعية ضمن قراءة سريالية فتجميع‬ ‫بدرجة مع الزاد الثقافي والمعرفي للمتلقي والذي‬
‫المتناقضات يضفى إلى انسجام في توافد الصور‬ ‫يؤهله النتقاء تأويل يتخذ مسارا يتفق والوجهة التي‬
‫الغيرية في ذهنية للمتلقي واستثمار مضامين قد تبدو‬ ‫تكتمل بها رؤية المتلقي بأجراء تعطي تفسيرا وفهما‬
‫مخبؤه عن رؤيتها المباشرة وهذا ما يسمى بالمسار‬ ‫لمصفوفته المعرفية العامة‪.‬‬
‫ألتولدي إن ترابط النص التشكيلي لدى المتلقي يرجح‬ ‫‪ .2‬العينة رقم (‪)2‬‬
‫لديه الوجهة التأويلية من بين ركام غير محدد من‬ ‫اسم الفنان‪ :‬تيرنس ماك الرث‬
‫التأويالت ويحد من االنفالت االبداالت التي قد ترافق‬ ‫(‪)Terrance McIlrath‬‬
‫إخفاق المتلقي وعسر فهمه أو افتقاره للتعامل من‬ ‫اسم العمل‪ :‬البحث عن الوقت‬
‫اغالقات التي يمارسها النص‪ ،‬إن بديهية المكان‬ ‫((‪Searching For Time‬‬
‫حاضرة في األشكال الواقعية والتي قيلت في مكان‬ ‫مادة العمل‪ :‬ألوان مائية على الورق‬
‫نابو للبحوث والدراسات‬
‫‪49‬‬

‫عليه الحال وما يمكن ان يفرده كل متلقي ليشكل‬ ‫افتراضي ضام البداالت متباينة لم يستنطق األشكال بما‬
‫مصفوفته على حدى وان ما يعد جرما في نظر أصحاب‬ ‫يقوله بحرفيتها بل بما تشكله عالقاتها الجديدة داخل‬
‫النظريات القصدية في النقد يشيرون إلى السياقيين‬ ‫المكان الجديد‪.‬‬
‫بأنهم يقولون النص ما لم يقله المبدع‪ ،‬تشكل سمة ال‬ ‫ب‪ .‬مستوى التدليل‪:‬‬
‫يمكن إغفالها في القراءات الحديثة‪ ،‬وتقويل النص يعد‬ ‫ان الدالالت المباشرة المحتملة للعمل يمكن‬
‫تأويال يكتسب شرعيته في التداول ويشكل انتقاء عالما‬ ‫سرد بعضها (الليل والنهار ‪ -‬الظالم والنور‪ -‬التواجد‬
‫في عدة عوالم ويحكم هذا العالم سياق تحدده عالقات‬ ‫والغياب – القريب والبعيد – الشكلي والالشكلي) هذه‬
‫غيرية لألشكال داخل النص التشكيلي‪.‬‬ ‫التعددية الداللية للنص يمكن ان تشكل تدليال مركبا‬
‫لالمساك بشى خارج الرؤية المباشرة التي تبثها‬
‫الفصل الرابع‬ ‫التدليالت المزدوجة فالتدليل المركب يحمل تناصا دالليا‬
‫النتائج‬ ‫يعطي مسارا تأويليا يمكن ان يرها المتلقي عبر قراءته‬
‫من خالل بنية التحليل وفي ضوء اإلطار‬ ‫ليس بما تقوله عالقات األشكال داخل النص التشكيلي‬
‫النظري خلص البحث إلى جملة نتائج هي‪:‬‬ ‫بل بالكيفية التي قيلت بها تلك األشكال‪ ،‬إذن للعالقات‬
‫‪ .1‬ان الوجهة التأويلية محكومة بسياق يحدد‬ ‫الغيرية التي يهتدي إليها المتلقي فهم مغاير للمرجع‬
‫مساراته ويحد من تعداده الالنهائي‬ ‫المختفي وراء المرئي ويشكل تأكيدا لمشروعية‬
‫‪ .2‬ان المثير الشكلي في اللوحة يتشكل في غالبة‬ ‫الداللة التأويلية المترتبة على ذلك الفهم‪ ،‬لعمل الذهاب‬
‫خلف المباشرية أي بما يكون عليه بصريا‪.‬‬ ‫بعيدا عما يقوله مباشريه النصوص بعد جرما في‬
‫‪ .3‬ان اقرب اإلحاالت الداللية من بين العوالم‬ ‫القراءات التقليدية لكنه موجبا في حداثة اليوم فهو‬
‫التأويلية هي تلك التي تمسك بترابطات النص‬ ‫بمثابة طي للزمان الكوني والتقاء نقاط انعدام الزمان‬
‫واالنسجام االقرب الدالالت المحتملة‪.‬‬ ‫والمكان النظريين للعودة إلى مراحل اختمار العمل قبل‬
‫ان يبدأ وما يمكن ان تحدثه هذه الرؤية من احياء‬
‫التوصيات‬ ‫التغاير االحتمالي لقراءات غير منتهية من التناسالت‬
‫يوصي الباحث باغناء االصطالحات األدبية‬ ‫والوجوه وان ضابط الوجهة لهذا التعداد الالنهائي‬
‫والنقدية بالبحث المستفيض لما لها من تجاور معرفي‬ ‫للقراءات من خالل كبح االنفالت التأويلي عبر السياق‬
‫مع الفن بشكل عام والتشكيل بشكل خاص مثال ذلك‬ ‫السائد الذي يحد من هذا التولد الداللي‪ ،‬بما يقود‬
‫(التداولية‪ ،‬التأويل‪ ،‬السياق‪ ،‬النسق‪)...،‬‬ ‫المثير المباشر في النص إلى تضليل المتلقي سيما إذا‬
‫تمت قراءته وفق عالقاته في العلم الواقعي وهذه‬
‫هوامش البحث‬ ‫إرسالية الظاهرية لكن العالم البصري في النص‬
‫التشكيلي الحديث اليعنى باإلرسالية الظاهرية إال بما‬
‫تبثه في مكانها االفتراضي داخل النص فتغدو تمثيلية‬
‫ال توظيفية‪ ،‬ان لوحة (البحث عن الوقت) هو البحث‬
‫عن زمان ومكان المتلقي أو هذا ما يجب ان يكون‬

You might also like