You are on page 1of 56

‫شعْر‬

‫فراشة من هيدروجين ‪ِ -‬‬


‫مبارك وساط‬

‫طبعة ثانية ‪2020 -‬‬

‫رقمية‬

‫منشورات حِبر‬

‫جميع الحقوق محفوظة‬

‫(الطبعة األولى لهذه المجموعة الشِّعرية‪:‬‬


‫وهيت ع‬
‫عن‪:‬ن‪:‬‬ ‫‪ -‬ورقيّة ‪-‬صدر‬

‫دار النَعلا ةضهّه‪6‬ة العرَبيّة‪ -‬بيروت‪)2008 ،‬‬

‫‪1‬‬
‫مـبـارك وسـاط‬

‫فراشـة مـن هيدروجين‬


‫(شِعر)‬

‫طبعة ثانية‬

‫‪2020‬‬

‫منشورات حِبر‬

‫‪2‬‬
‫كوكب ُمعربد‪...‬‬
‫ٌ‬

‫عربد‬
‫كوكب ُم ْ‬
‫ٌ‬

‫فوق رأسي‬

‫ينزف مطراً‬
‫ُ‬

‫قاتماً‪ ،‬يمألُ ِجراري‬

‫بألم األعشاب بِقلق‬

‫الطير‬
‫ّ‬
‫تبقى يداي سعيدتين‬
‫ْ‬

‫لهما الن َ ّبيذ‬


‫يهمس ُ‬
‫َ‬ ‫بعد أن‬

‫بنشيد طفولته‬

‫‪3‬‬
‫لفائـف سحريـة (‪)1‬‬

‫نحن وحيدان في هذا المقهى‬

‫تصل آذاننا‪ ،‬عدا‬


‫ُ‬ ‫وال نأمةَ‬

‫هسيس ِعظام فجر‬


‫ِ‬

‫يَشيخ سعيداً‬

‫لفائف‬
‫َ‬ ‫خن‬
‫نُنصت‪ ،‬نُد ّ‬

‫يخف وزنُنا‬
‫ّ‬ ‫ِسحري َ ّة‪،‬‬

‫بد َد ْين في‬


‫نرتفع‪ُ ،‬م ّ‬
‫ُ‬
‫الهواء‪َ ،‬مطراً‬

‫ون ُ َدف ثَلج‪...‬‬

‫ض ن ْف ُسها‬
‫األر ُ‬
‫ْ‬

‫عادت تجتذبنا‬
‫ْ‬ ‫َت‪ ،‬فما‬
‫داخ ْ‬

‫ويبدو أنّها كف ّ ْت‬

‫الدوران!‬
‫عن ّ‬
‫تحسب أنّها كواكب‬
‫ُ‬ ‫غربان‬
‫ٌ‬

‫بدأت تدور حولها‬


‫ْ‬

‫‪4‬‬
‫لفائف سحرية (‪)2‬‬
‫ِ‬
‫بألسنة الذين ركضوا‬ ‫نُغنّي‬

‫جر ِد ما ُو ِلدوا‬
‫ب ُِم َ ّ‬
‫ثالث غيمات‬
‫ُ‬ ‫ِفيما‬

‫تُحتضر َح ْول رأسينا‬

‫األ ُ ّم ُ‬
‫هات في هذا المقهى‬

‫أسمائهن‬ ‫أقل من‬


‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫خنّا ودخنا‬
‫د ّ‬

‫عظامنا‬
‫ُ‬ ‫فمضت‬
‫ْ‬

‫تؤازر أخانا المطر‬


‫َ‬ ‫ِل‬

‫الساقط لكنّنا‬
‫أخانا ّ‬
‫بجله‬
‫نُ ّ‬

‫ِمن ّ‬
‫الدخان ُص ْغنا أطفاالً‬

‫َدلفوا إلى بطن أم‬

‫وهناك تأللؤوا‬

‫‪5‬‬
‫لفائف سحريّة (‪)3‬‬

‫قلوب صغيرة ت ُ ِ‬
‫شقشق‬ ‫ٌ‬ ‫ِمن حولنا‬

‫وصنادي ُق يُقالُ فيها الحديد فيه‬

‫بأس شديد‬
‫ٌ‬
‫خن وجداولُ النّسيم‬
‫لكنّنا ند ّ‬

‫بحنُو تُالمس أكتافنا‬


‫ُ ّ‬
‫أن جسدينا قد يضيعان‬
‫نعلم ّ‬
‫ُ‬

‫في هذه العاصفة‬

‫من الت ّ ْصفيق‬

‫اآلبار محظورة ٌ في هذا المكان‬

‫إنّه المقهى الذي وأدوا‬

‫تحت آالم القمر‬


‫ْ‬

‫يَومها‪ ،‬تر ْكـنـا رأسينا في غابة‬

‫ِلتستعملها العنادل‬

‫المضروبة ُ األعناق‬

‫‪6‬‬
‫ـربّـعات‬
‫الم َ‬
‫تـرسـو ُ‬
‫ْ‬

‫رغ َم أني ُم ْخترع‬


‫ْ‬

‫بارومتر اآلالم‬

‫سئمت المكوث في هذه الجزيرة‬


‫ُ‬ ‫فقد‬

‫الساحل‬
‫انزاحت نحو ّ‬
‫ْ‬ ‫كلّما‬

‫أقول‪ :‬إنّه النّسيم الهائم‬

‫الشفق‪ ،‬كل‬
‫نتأمل ّ‬ ‫كلّما بدأنا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫في ق َعر كأسه‬

‫الم َربّعات‬
‫إال وترسو ق ُرب رؤوسنا ُ‬
‫العصافير‬
‫التي تأسر بين أضالعها َ‬

‫ويوم أُعيدت إلينا أنْ ُ‬


‫فاس الغابة‬

‫بدأت أرقامنا‬
‫ْ‬

‫ـعـنا!‬
‫تـتـب َ ُ‬

‫ثم سقط وجهي الحجري‬


‫ّ‬
‫‪7‬‬
‫على وجهي‬

‫ت الرحيل‬
‫مع ُ‬
‫أز ْ‬
‫وها إنّي ْ‬

‫بعيداً‪ ،‬بعيداً‬

‫حتّى مدينة المعارك‬

‫التي تنزلق على ُجدرانها‬

‫الكدمات‬

‫حتّى ِضفّة النّهر الذي ي ُ َدندن‬

‫ابتسم فيه غريق‬


‫َ‬ ‫كُلّما‬

‫‪8‬‬
‫الص ْحراء‬
‫حتّى ّ‬
‫الدموع‬
‫كل هذي ّ‬ ‫أُفكّر‪ِ :‬لم‬
‫َ ّ‬
‫التي تتشك َ ّل ِخ ْفيةً‬

‫أظافرنا‬
‫ِ‬ ‫تحت‬
‫ْ‬

‫األشجار‬
‫ْ‬ ‫تتوج ُس‬
‫ّ‬ ‫و ِل َم‬

‫من ُشعوب العصافير‬


‫ِ‬
‫السير‬
‫نستمر في ّ‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫يجب ْ‬
‫ُ‬ ‫أفك ّر‪:‬‬

‫الصحراء‬
‫حتّى ّ‬
‫التي تَنْبت فيها المسامير‬

‫أحياناً‪ ،‬يبدو لي‬

‫مبرر لوجودي‬ ‫َ‬


‫أن ّه ال ّ‬
‫سوى أني زاوية ٌ‬

‫ٍ‬
‫رعشات‬ ‫في ُمثل َ ّ ِث‬

‫ق في غابة‬
‫بر ٌ‬
‫ْ‬

‫الصيف‬
‫شرر في عيون ّ‬
‫ٌ‬

‫‪9‬‬
‫في ربيع العمر‬

‫الدموع‬
‫لم نُوقظ ّ‬
‫رأفةً‪ْ ،‬‬
‫المتمددة جنب رأسينا‬
‫ّ‬
‫عم األرق‬ ‫ما‬‫ّ‬ ‫وكل َ‬
‫ّ‬
‫أعالي الجبال‬
‫َ‬
‫المنْ َهكة‬
‫الجداول ُ‬
‫َ‬ ‫زو ْدنا‬
‫ّ‬
‫ومسكّنات‬
‫بنغمات ُ‬

‫كُن َ ّا بع ُد في ربيع ُ‬
‫العمر‬

‫إن ضربنا ِخياماً‬


‫فما ْ‬

‫ضع التائهين‬
‫الر ّ‬
‫لقبيلة ّ‬
‫دفعت بنا العصافير تواً‬
‫ْ‬ ‫حت َ ّى‬
‫ّ‬
‫السـتـين‬
‫إلى مشارف ّ‬
‫امتزج بهمسك‬
‫َ‬ ‫واح ٌد منها‬

‫نعد‬
‫ثم طار بعيوننا فلم ْ‬
‫ّ‬
‫نُدرك منه‬

‫‪10‬‬
‫الرفيف!‬
‫إال ّ‬
‫لكنّنا‪ ،‬بكل تأكيد‬
‫ّ‬
‫سنسترجع هاتيك العيون‬

‫حين تسقط مع الثّلوج‬

‫في صباح شتائي‬

‫خير‬
‫ٍ‬

‫من ألف شهر‬

‫‪11‬‬
‫أصنع سهاماً‬
‫ُ‬

‫من َش ْعري طارت فراشات‬

‫يمكنها أن تلسع وت ُ ْدمي‬

‫ومتى أش ْأ‪ ،‬فهي ت َ ْزدا ُد‬

‫ضراوةً‬

‫أكن قط مستكيناً‬
‫لم ْ ّ‬ ‫ْ‬

‫نع سهاماً‬
‫أص ُ‬
‫واآلن ْ‬

‫ِ‬
‫َطرات نَبيذ‬ ‫من ق‬

‫‪12‬‬
‫ليت لي‬
‫َ‬
‫«ليت لي قلباً بقلبي‪،»...‬‬

‫حقّاً يا أبا نواس‬

‫أن يُحلّق‬
‫أول ي ُ ْمكنه ْ‬ ‫ق َلب‬
‫ٌ ّ‬
‫وأن‬
‫للطيور‪ْ ،‬‬ ‫ً‬
‫أخا ّ‬
‫تبدد‬
‫هصر وي َ ّ‬
‫يتألّم‪ ،‬ي ُ َ‬

‫يسهر علي‬
‫ُ‬ ‫وآخر‬
‫ُ‬
‫ّ‬
‫فرق عني جيوش األرق‬
‫يُ ّ‬
‫وال ي ْت ُركُني أمنح ابتساماتي‬

‫الضوء‬
‫المسكوكة من بُقَع ّ‬
‫وال خ ُُطواتي‬

‫تتبرج‬
‫لهذي الهاوية التي ّ‬
‫أمام قدمي‬
‫ّ‬
‫تمردي‬ ‫ِ‬
‫ال يتركني أنْث ُُر لحظات ّ‬
‫األعشاب‬
‫ْ‬ ‫على نوم‬

‫‪13‬‬
‫حـيـرة‬

‫فخاً لطائر‬
‫أنصب ّ‬
‫ْ‬ ‫لم‬
‫ْ‬
‫ب َشجرة‬
‫ال جنْ َ‬ ‫ِن ُ‬
‫مت قلي ً‬

‫الطائر‬
‫لم ّ‬‫ح ُ‬
‫غرس ُ‬
‫وانْ َ‬
‫جذورها‬
‫ِ‬ ‫أسافل‬
‫ِ‬ ‫حتّى‬

‫أحالمي أنا ُم َشـتـتـة‬


‫ْ‬

‫في اآلبار‬

‫عين تجوس‬
‫ٌ‬ ‫وثمة‬
‫ّ‬
‫الصفر نفسه‬
‫دائر َة ّ‬
‫الذي َر َس َم ْته ُ أنْفاسي‬

‫الو ْعر‬
‫أمضي في سبيلي َ‬
‫ـطت‬
‫وسـق َ ْ‬
‫ت َ‬‫وإذا ما تعث ّ ْر ُ‬

‫حك واقفاً حتّى الغيمة‬


‫الض ُ‬
‫ي َ ْبعـث ُني ّ‬
‫كانت أمي قد سل ّ َم ْتها‬ ‫التي‬
‫ْ ّ‬
‫‪14‬‬
‫إلى سماء األيتام‬

‫الو ْعر‬
‫أمضي في طريقي َ‬
‫ْ‬
‫كانت قدماي المارقتان‬
‫ْ‬ ‫إن‬
‫ال أقل ُق ْ‬

‫تنبُشان المثل َ ّثات تنفُشان َ‬


‫ريشها‬

‫وال آبه ُ حتّى بصورتي التي‬


‫ِ‬
‫ـب المرآة‬
‫بدأت تُـثـقـّ ُ‬
‫ْ‬

‫أن أفعله‬
‫فما الذي ي ُ ْمكن ْ‬

‫بكل تلك الحبال التي ستتدلّى‬


‫ّ‬
‫من هاتيك الثـقوب‬

‫ت يوماً جدوالً‬
‫رأي ُ‬
‫‪ -‬أنا الذي ْ‬

‫يتسلّل من فتق في ستارة‬

‫يتحصن ‪-‬‬
‫ّ‬ ‫فقلت‪ :‬جاء ِل‬

‫وماذا ي ُ ْمكن أن يرى طائر‬

‫حلم‬
‫في ُ‬

‫الشجرة‬
‫تستطيعه ّ‬
‫ُ‬ ‫ما الذي‬

‫تأجيل المطر‬
‫ُ‬ ‫تم‬
‫أن ّ‬
‫بعد ْ‬

‫‪15‬‬
‫وأين طريقي‪ ،‬اآلن‬

‫الضوء يتخفّى‬
‫وقد بدأ ّ‬
‫في الذّهب؟‬

‫‪16‬‬
‫ِذ ْكـرى‬

‫كان علي أن أكون حاضراً‬


‫ّ‬
‫أثناءَ االستقبال‬

‫أن أحتمل كل تلك القسوة‬


‫ْ‬
‫ّ‬
‫لم أق ُْل يوماً لجدول‪:‬‬
‫أنا الذي ْ‬

‫اُ ُ‬
‫صم ْت‬

‫أشتري النّوم‬
‫ت ْ‬‫أنا الذي كنْ ُ‬

‫ٍ‬
‫بنقود مسكوكة من أعصاب الجبين‬

‫الحلم سوى‬
‫وال أرى في ُ‬

‫شجر ٍة ِمن ماء‬

‫الع ْصفور‬
‫يغرق ُ‬
‫ُ‬ ‫فيها‬

‫الريح‬
‫طفئ جمرةُ ّ‬
‫وتنْ ُ‬
‫قم لتكون حاضراً لالستقبال‬

‫قال أبي‬

‫‪17‬‬
‫أن أَ َحد أسالفنا‬
‫ذلك ّ‬
‫أبحر‬
‫قد ْ‬
‫ْ‬

‫من ميناء الموتى‬

‫‪18‬‬
‫بِحَنين‬

‫أستدرج كوابيس‬
‫ُ‬ ‫أحياناً‪،‬‬

‫إلى غرفة نومي‬

‫ـل‬
‫صمتي َجـب َ ٌ‬

‫مكسو بالجليد‬
‫ّ‬
‫أن أُمسك‬
‫علي إال ْ‬ ‫فـما‬
‫ّ‬
‫عن الكالم‬

‫ألتزل َ ّج وأنْـتَـشي‬

‫أمتع من هذا‬
‫ُ‬ ‫لكن‬
‫ْ‬

‫بعض الكوابيس‬
‫ُ‬

‫تندثر فيها ُسالالت‬


‫ُ‬ ‫التي‬

‫وتتبخر ُج ُزر مغناج‬


‫ّ‬

‫الصحراء ُ البحر‬
‫وتتذكّر ّ‬
‫ِبحنين‬

‫‪19‬‬
‫البِـئـر‬

‫حلم!)‬
‫(كما في ُ‬

‫خار ونصالُ النّغم تتصاعد من البئر التي يُنْكــران ُوجو َدهــا في غُرفــة‬ ‫كان ب ُ ٌ‬
‫ِ‬
‫الف ُ ْن ُد ِق هاته وأنا أؤك ّـ ُده‪ ...‬عـبـثـ ـاً ي َ ْس َعـيـــان‪ -‬جــاري ِولْيــام األرمنــي‬
‫والخادمة‪ -‬إلى إقـنـاعي !‬

‫ـط ُصـ َوراً إال لطــائر يَقضــي الليــل في‬


‫تعد تلتقـ ُ‬
‫الخادمة بِكاميراها التي لم ْ‬
‫رغ َم َش ـ ْع ِر ِه الكــثيف‬
‫الر ْدهــة‪ْ ...‬‬
‫فيتمشى في ّ‬
‫ّ‬ ‫قدمُ لي كأساً‪ ،‬أما ِوليام‬
‫َش ْع ِرها ت ُ ّ‬
‫ـدغل‬
‫كأصلع‪ ،‬وهذا من غريب الت ّ َصنّع! كما أن ّــه َسي َ ْمضــي إلى الـ ّ‬
‫فإنّه ي َ ْمشـي ْ‬
‫ويجمع أرمينيات من األعشاش ليعيش فيها حين ال نكون نراه‪...‬‬
‫ُ‬
‫نـع ُشموعاً‬
‫ل بَ ْيته ُ إلى ُمك َ َّعب َصغير‪ ،‬فيما ت َ ْص ُ‬‫تز َ‬
‫عن َر ُج ٍل اخْ َ‬
‫ت ُ َحدثني الخادمة ْ‬
‫وم َرمماً‪.‬‬ ‫الضوء مكسوراً‬ ‫من دموع‪ ،‬ومن النّافذة‪ ،‬ي َ ْدخُل ّ‬
‫ُ ّ‬
‫قات ِ‬
‫الملح‪ ،‬وهو يتكلّم!‬ ‫ثم ها وليام‪ ،‬تتوالى على َو ْجهه َط َر ُ‬
‫ّ‬
‫عبثاً يُحاوالن َز ْع َز َعة يقيني! ‪...‬‬

‫أبـقـى‬
‫يُحاوالن تشكيكي‪ ،‬لكنّني ْ‬

‫وا ِثقاً ك ُخ ْط َوة تحت المطر‪...‬‬

‫‪20‬‬
‫ـض علي بالبقاء‬
‫فليـُقْ َ‬
‫ّ‬
‫في غ ُْربَتي هاته‬

‫طن‬
‫مع رائحة النّمل التي ت َ ّ‬
‫حول المصباح‬

‫أسير هاء الهواء‬


‫َ‬ ‫وألب َق‬
‫ْ‬

‫توج ُد بئر‬
‫كانت ال َ‬
‫ْ‬ ‫إن‬
‫ْ‬

‫في هذه الغ ُ ْرفة‬

‫‪21‬‬
‫رســالـة إلى نفسي‬

‫أنا على ضفّة نهر‪.‬‬

‫السماء ُملبّدة‬
‫ّ‬
‫بِزعيق صفّارات اإلنذار‬

‫في أحد الكواكب‪.‬‬

‫أسمع أيضاً قرعاً في عظامي‬


‫ْ‬
‫فكأنّها طبول دقيقة‪.‬‬

‫السمكة‬
‫في وسط النّهر‪ ،‬تَظهر ّ‬
‫آكلة ُ الغرقى‪.‬‬

‫تتعرى‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المقابلة‪ ،‬امرأة ٌ‬
‫الضفة ُ‬
‫على ّ‬
‫وها هي تَسبح على ظهرها‪ ،‬تتلذّذ‬

‫ِمن ُركبتيها‪.‬‬

‫تُقْبل نحوي ثم تعكس وجهتها‪.‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مترددة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مترددة‪ ،‬إنها‬
‫ّ‬ ‫إنها‬

‫مياه ُ النّهر غاضبة ٌ من هذا‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ٍ‬
‫فرات‬ ‫اع ُد َش‬
‫ص َ‬‫غضبُها ي َ َ ّ‬
‫تُصيب الكثير من صغار الطير‪.‬‬

‫أبقى على هاته ِ‬


‫الضفّة‬ ‫هل ْ‬

‫التّعيسة؟‬

‫يَمرق أمام عيني طائر‬


‫ّ‬
‫إنّه يشحب ويشحب‬

‫خائف من َ ّ‬
‫الشفرات‬ ‫ٌ‬ ‫ربّما هو‬

‫ربما هو يتذكّر الشجرة‬

‫احتضنت‬
‫ْ‬ ‫التي‬

‫حبّه األول‪.‬‬
‫ُ‬
‫ّ‬
‫أأبقى هنا‬

‫ُمنصتاً للق َ ْرع المتصاعد‬

‫ِم ْن عظامي؟‬

‫‪23‬‬
‫زمن القَتَلة‬
‫ُ‬
‫طرفة)‬
‫(إلى َ‬

‫كان ي َ ْحلو له‬

‫أن يُغَنّي في حذائه‬


‫ْ‬
‫أن يُؤ ِل َم حجراً‬
‫حب ْ‬
‫ال ي ُ ّ‬
‫أن يزدري زهرة‬
‫ال ي َ ْحتمل ْ‬

‫وش َع َر أنّه ُ ُم ْف َرغ من الكينونة‬


‫َ‬

‫أنّه أصبح ي ُ ْشبِه ُ ُع ْصـفـوراً‬

‫قيّدوا قائمتيه‬

‫أن الهواء يَلُفّه‬


‫ّ‬
‫ضيّق عليه‬
‫وي ُ َ‬

‫وأنّه لم يعد يُطيق‬

‫أن يعيش بينهم‬

‫تسكّع طوي ً‬
‫ال‬

‫في أزق ّ ٍة ُمعتمة‬

‫‪24‬‬
‫شرب حتّى شعشع ِظل ُّه‬

‫وتركه ْم يَفـصدون‬
‫ُ‬

‫ِع ْرقـه األكحل!‬

‫‪25‬‬
‫اكـتـئـاب‬

‫وطن العين‬
‫ُ‬

‫حجر أو منطاد‬
‫َم ِ‬

‫الصعود‬
‫بالمنطاد يمكنك ّ‬
‫في الفضاء‬

‫وصهيل األرض‬
‫ُ‬
‫ينداح من كتفيك غناؤها من‬
‫ُ‬

‫عينيك‬

‫العيون قد تكون مستطيلة‬


‫ُ‬

‫وأحياناً على شكل ُمنمنمات‬


‫ْ‬

‫قد ت َ ْغ ِمز ُ‬
‫العشب تُقَبّل النّدى‬

‫فلها شفاه‬

‫ِ‬
‫حانات المدينة‬ ‫تجوب‬
‫ُ‬ ‫وربّما‬
‫ُ‬

‫أثْناء نوم أصحابها‬

‫آه! في تلك األيام‬

‫‪26‬‬
‫في تلك األيّام الخوالي‬

‫الشكيمة‬
‫قوي ّ‬ ‫كُنا َشعباً‬
‫ّ‬
‫الع ُدو‬
‫َ‬ ‫عيونُنا تقْ ِذ ُف‬
‫ّ‬
‫جيل‬ ‫ِ‬
‫ِش ُه ٍب بحجارة من س ّ‬
‫ب ُ‬

‫من أجل ذلك‪ ،‬كان يَكْفي‬

‫أن ننقعها لليلة كاملة‬


‫ْ‬
‫في ي ُ ٍ‬
‫ود قوي‬
‫ّ‬
‫صارنا‬
‫أب ُ‬‫كانت ْ‬
‫ْ‬ ‫ثاقبةً‬

‫هدير الموج‬
‫ُ‬ ‫فيها ي ُ ْس َم ُع‬

‫مالحم عظيمة‬
‫ُ‬ ‫وتنْعكس‬

‫لكنّنا كنّا أيضاً نتع َذّب‬

‫حين نت َذكر ّ‬
‫أن عيونَنا‬

‫كانت‪ ،‬يوماً بعد يوم‪ ،‬تزداد‬

‫ت َ َصل ُّباً‬

‫وها نحن‪ ،‬واحداً فواحداً‬

‫قعر‬
‫كل في ْ‬
‫ننزوي‪ ،‬كئيبين‪ٌّ ،‬‬

‫‪27‬‬
‫موجة‬

‫عيون غرقى‬
‫َ‬ ‫ألن لنا‬
‫ّ‬
‫ألن حياتـنـا‬
‫ّ‬
‫الدموع!‬
‫خالية من ّ‬

‫‪28‬‬
‫إن تقف أمام كـهـف‬
‫ما ْ‬

‫أجنــ ٍة غُرســوا في الثلــــج‪.‬‬


‫ضد ِ‬
‫حيكت ّ‬
‫ْ‬ ‫ك ضالعة في المؤامرة التي‬
‫فاس َ‬
‫أنْ ُ‬
‫ثير قالقل في جنبات المدينة‪ .‬تُرا ِفقـ َ‬
‫ـك صــبيّة‬ ‫والبجع الذي ينبثق من كتفيك ي ُ ُ‬
‫ُ‬
‫جرد فراشة متنكرة‪.‬‬‫تزعم أنّها ابنتُك‪ ،‬لكنّها ُم ّ‬
‫ُ‬

‫ـارة في ِس ـيقان الخــزامى‪ .‬لــذا‪،‬‬ ‫مع ذلك‪ ،‬فأنت ت ُ َح ّد ُق طوي ً‬


‫ال في أعناق المـ ّ‬
‫ـردوك‬
‫جنون نملــة حتّى يُجـ ّ‬
‫ُ‬ ‫ب منه ُ‬ ‫فأعداؤك كُثـر‪ .‬وما ْ‬
‫إن تقف أمام كهف ي َ ُه ُّ‬
‫ثم يُعيدوك‪ ،‬على مراحل‪ ،‬إلى ما قبل الوالدة‪ .‬بعــدها يقولــون‪:‬‬
‫من أحالمك‪ّ ،‬‬
‫أصوات المتثائبين‪.‬‬
‫رق ْ‬
‫الفجر ي َ ْس ُ‬
‫ِ‬ ‫قيم في كسوف دائم‪ ،‬مع‬
‫يُ ُ‬

‫‪29‬‬
‫كُـ ْن ُ‬
‫ـت مـن أبـطال هومـيروس‬

‫أن يبقى النّسيم على أناقته‬


‫أري ُد ْ‬

‫تحضر الفرس في الموعد‬


‫ُ‬ ‫أن‬

‫وأن تمضي بي‬


‫َ‬
‫الوجهة التي تختار‬
‫في ِ‬

‫أري ُد نهراً ي ُ َو ّ‬
‫شح صدري‬

‫الحلم‬
‫رأيت في ُ‬
‫ُ‬ ‫فالبارحة‪،‬‬

‫نازلت آخيل‬
‫ُ‬ ‫أني‬

‫في اإللياذة‬

‫في الواقع‪ ،‬ال أ ُ ِص ّر على شيء‬

‫ِمن هذا‬

‫فأنا اآلن هادئ‬

‫وعيناي وحدهما العنيفتان‬

‫‪30‬‬
‫بـمـزمـاري‬
‫ْ‬

‫بنغمات ِمن مزماري الذهبي‬


‫ٍ‬
‫ّ‬
‫الذي ورثـته عن أسالفي (كانوا‬

‫أشجاراً فتبدأ‬
‫يَغرسون ْ‬

‫في الغناء‬

‫وكانت األنغام‬

‫حريرهم الذي ي َ ْصنعون منه الق ُ ْمصان‪)...‬‬


‫َ‬

‫بموسيقى مزماري الذهبي‬


‫ّ‬
‫سأستدر ُج واحةً‬
‫ِ‬

‫إلى هذا الب ُ ْستان الكئيب‬

‫الصفراء التي‬
‫بنبتاته ّ‬
‫ب‬
‫الح ّ‬
‫قط ُ‬‫تعرف ّ‬
‫ْ‬ ‫لم‬

‫بناطوره األعمى‬

‫ض‬
‫األر ِ‬
‫الذي ال ي ُ َمي ّ ُز بين ْ‬

‫‪31‬‬
‫وباقي الكواكب!‬

‫تلزمها‬
‫ُ‬ ‫آه! هذه الوحشة‬

‫واحة‬

‫هذا البستان‬

‫في حاجة لنغمات!‬

‫‪32‬‬
‫يـوتـوبـيــا‬

‫القلب بوحشتك‬
‫ُ‬ ‫أخيراً‪ ،‬أيّها‬

‫القليلة الغامضة‬

‫تنزلُ من نجمتك األليفة‬

‫واضعاً يَدك في يدي‬

‫غطى حدائق‬
‫يا قلبي الذي َ ّ‬
‫بالنبضات‬

‫الضوء‬
‫أنت‪ ،‬يا هذا ّ‬
‫وها َ‬

‫ب متحمساً‬
‫ته ّ‬
‫ُ‬
‫ّ‬
‫الطيور‬
‫ائتمنتك ّ‬
‫َ‬ ‫فقد‬

‫على وميض دمائها‬

‫الشجعان‬ ‫اَّل‬
‫والم حون ّ‬

‫التحقوا بنا‬

‫بعد أن أجبروا قراصنةً ُعتاة‬

‫على التّـخفـي في أرحام‬

‫‪33‬‬
‫بنادقهم‬

‫أيضا‪ُ ،‬متهـيّـئ‬
‫ً‬ ‫أنا‪،‬‬

‫كنت من مشاهير الكماة‬


‫فـقد ُ‬

‫تشهد به طحالب الهواء‬


‫وذاك ما ْ‬

‫التي اخترقـتْـها سهامي‬

‫ُمجتمعِين‪ ،‬سنُفلح بكل تأكيد‬

‫سينير طريقنا‬
‫ُ‬ ‫الضوء‬
‫ّ‬
‫والمالحون َسيمخرون بنا عباب البحر‬

‫وقوسي وكنانتي‬

‫على كتفي!‬

‫الرتيبة‬
‫حر ُر األمواج من حياتها ّ‬
‫سن ُ ّ‬
‫ونجعلها تمشي على أقدام‬

‫سنمنح هذه األشجار التّعيسة‬


‫ُ‬
‫ِ‬
‫ذكريات طفولة‬

‫ومرايا تبدو فيها‬

‫غيداً مرحات‬

‫‪34‬‬
‫قيم لهذي الشموس التائهة‬
‫ون ُ ُ‬

‫الفقيرة‬

‫السوسنات‬ ‫ً‬
‫أعشاشا بين ّ‬
‫ْ‬

‫وبقصائد مضيئة‬

‫الحروب القديمة‬
‫سنفتدى َسبايا ُ‬

‫والغيمةَ التي ما زالوا يأسرون‬

‫في بنطال قديم‬

‫لماياكوفسكي‬

‫الصبايا‬ ‫ْ‬
‫ومن تشأ من ّ‬
‫تحولن إلى أسماك‬
‫َ‬ ‫اللواتي‬

‫ن ُ ِع ْدها َ‬
‫سيرتها األولى!‬

‫يقيناً أننا‪ ،‬مجتمعين‪،‬‬

‫سننجح!‬

‫‪35‬‬
‫وقـــــائــــع‬

‫الحـقـتـني‬
‫الصباح‪َ ،‬‬
‫هذا ّ‬
‫السنجاب‬
‫على امتداد شارع ّ‬
‫حيث‪َ ،‬دوماً‬
‫ُ‬ ‫‪-‬‬

‫أقوم بنزهتي‪-‬‬

‫ذات أنفاس َح َ ّرى‬


‫ُ‬ ‫شجرة‬

‫قوائم وبريق عين‬


‫َ‬ ‫ذات‬
‫ُ‬

‫ـت‬
‫وحين ابت َ َس ْم ُ‬

‫نقلبت شجرة عادية‬


‫ْ‬ ‫ِا‬

‫جذور وعصافير!‬
‫ٌ‬ ‫لها‬

‫يا أنا يا أنا‬

‫ها هي خلفك اآلن‬

‫فإذا غنّيتُما معا‬

‫سي ُ ْغمى على الغيوم!‬

‫‪36‬‬
‫الظهيرة‪ ،‬ك ُ ْن ُ‬
‫ت أمشي‬ ‫وأثناء ّ‬
‫الشاطئ‬
‫على ّ‬

‫أيضا‪ ،‬تتبعني!‬
‫ً‬ ‫وكانت‪،‬‬
‫ْ‬

‫كانت تُثير زوبعة رمل صغيرة!‬

‫فقلت‪ :‬يا أنا يا أنا‬

‫إبطها‬
‫دغدغت ْ‬
‫َ‬ ‫إن‬
‫ْ‬

‫فستهذي بأسمائك‬

‫لم‬
‫أن شيئاً من ذلك ْ‬
‫إال ّ‬
‫ت‬
‫فابت َ َس ْم ُ‬
‫يتحقق ْ‬
‫ْ‬

‫ت غابةً بأكم ِلها‬


‫تذكر ُ‬
‫ْ‬ ‫لكنّي‬

‫واح ٍد من ْ‬
‫أحالم طفولتي‬ ‫كانت‪ ،‬في َ‬
‫ْ‬

‫قد اجتُـث َ ّ ْ‬
‫ـت!‬

‫وفي لحظة التذكر األليم تلك‪ ،‬حل‬


‫ّ‬
‫بدأت‬
‫ْ‬ ‫األمل فجأة‪ ،‬إذ‬
‫ُ‬
‫الضائعة‬
‫غابتي ّ‬
‫تتنامى‪ ،‬من جديد‬

‫‪37‬‬
‫أمام عيني‬
‫ّ‬
‫معافاةً‪ ،‬رهيفةً‪ ،‬منسابةً‬

‫على شكل ُشعيرات سوداء‬

‫في عانة غادة‬

‫وقفت فجأة‪ ،‬وحيدةً‪َ ،‬مشيقةً‬


‫ْ‬

‫ق ُبالتي‪ ،‬واقت َ َربَ ْت‪ ،‬جريئة‪...‬‬

‫السلطعون الذي‬
‫ثم كان ّ‬
‫ّ‬
‫الصخر‬
‫ينحت في ّ‬
‫ُ‬

‫وكان األشيب الذي‬

‫ك رطل الكهرباء بدرهمين‬


‫يبيع َ‬
‫ُ‬

‫وكانت مياه البحر‬

‫والفلكيّات البرمائيّات‬

‫اللواتي قد يخرجن في أية لحظة‬

‫من تلك المياه‬

‫ويمضين للتسكع في الحقول‬

‫عاشقات األعشاش!‬
‫ُ‬ ‫آه! الفلكيات‬

‫‪38‬‬
‫الشمس تُلوح جسدي‬
‫ُ‬ ‫وكانت‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫لكن ال شيءَ من هذا كل ّه‬
‫ْ‬

‫يُمكنُه ُ أن ي َ ْع ِدل عندي‬

‫خطوةً‬

‫في شارع‬

‫السنجاب!‬
‫ّ‬

‫‪39‬‬
‫حـكـايـة‬

‫جل مفتول العضالت‬


‫َر ٌ‬

‫أن يُال ِك َم َ ّ‬
‫الزبَد‬ ‫يستطيع ْ‬
‫ُ‬

‫مع هذا‪ِ ،‬ج ّد رقيق‬

‫رأى ي َ َدي الفجر تُقطعان‬

‫فأجهش بالبكاء‬
‫َ‬

‫ومن ُدموعه‬

‫جدداً‬ ‫تكو ِ‬
‫نت اليدان ُم ّ‬ ‫ّ‬

‫مرة‪ ،‬نزل َ ّ‬
‫الد َرج‬ ‫أكثر من عشرين ّ‬
‫َ‬

‫نحو غ ُْرفة األحد‬

‫مرة‪ ،‬يطرق الباب ُم َطوالً‬


‫في كل َ ّ‬
‫ّ‬
‫وال من ُمجيب‬

‫بَدأ شك ُّه يَهصره‬

‫أن األحد قد اختفى‬ ‫ً‬


‫وأخيرا‪ ،‬أدرك ّ‬
‫ِ‬
‫المتبق ّية‬
‫أن األيام ُ‬
‫ّ‬

‫‪40‬‬
‫في ِحداد‬

‫باب غُرف ٍة فارغة‬


‫يطرق َ‬
‫ُ‬ ‫وأنّه‬

‫الدم‬
‫إال من رائحة ّ‬
‫وبقايا كوابيس‬

‫‪41‬‬
‫َعياء‬

‫ال تطلُبي منّي ْ‬


‫أن أشرب‬

‫كأساً أُخرى‬

‫الزعاف‬
‫الشراب ّ‬
‫من هذا ّ‬

‫أن تقولي للعالم‬ ‫ِ‬


‫شئت ْ‬ ‫وإذا‬

‫وداعاً‬

‫دعيني أنا أ ُ ْكمل تماريني‬

‫وأتسل َ ّق ِحبال قلقي‬

‫فالق ِلقون‪ ،‬كثيراً ما يُفَكرون‬

‫السوداء‬
‫في التماعات األزهار ّ‬
‫وكثيراً ما يستشعرون في رئاتهم‬

‫آالم المسلولين‬
‫َ‬
‫ب من الموسيقى‬
‫ض ْر ٌ‬
‫والتّعاسة هي َ‬

‫والطيور المعدنية‬
‫ّ‬
‫‪42‬‬
‫الزئبق‬
‫التي يجري في عروقها ّ‬

‫مع األنْغام‬
‫ِ‬
‫يُمكنها أن ت ُ َحل ّق حتّى داخل دم‬

‫األغصان‬

‫اُتركيني ق ِلقاً‬

‫حقّاً‪ ،‬إن ِ‬
‫قلت وداعاً‬

‫َستسري في عظامي‬

‫صلوات الن ُّجوم ال َخرساء‬


‫ُ‬
‫ِ‬
‫غير أن ّي اآلن‪ ،‬ما أزال‬

‫السموم هاته‬
‫كون كأس ّ‬
‫في ُس ِ‬

‫أصابعك‬
‫ُ‬ ‫التي ت ُ ِ‬
‫الم ُسها‬

‫برهبة والتذاذ‬

‫‪43‬‬
‫وقفت إلى جانب البئر‬
‫ُ‬

‫ِ‬
‫السحليّـــة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أنت لست اآلن في الغرفة‪ -‬ألنك تبحثين في الحديقة‪ ،‬عن ّي أو عن ّ‬
‫غارت في رائحة العسل‪ -‬فيما‪ ،‬من النافذة‪ ،‬تدلف اآلهــة‪ ،‬قادمــة من فم‬
‫ْ‬ ‫التي‬
‫حدب ظهور المناضد وتُحيل أغنيتي إلى غبار‪.‬‬
‫بعيــد‪ ،‬فت ُ ّ‬
‫ل بيوتـاً عديــدة‬
‫حـو َ‬ ‫ـه ُد عيــونهم‬
‫السحرة‪ ،‬صـ ْ‬
‫أنا اآلن على الشاطئ‪ :‬أمامي َ ّ‬
‫ّ‬
‫فتنشب حــروب ويتســاقط نخــــاع‬ ‫ُ‬ ‫كررون‪،‬‬ ‫إلــى دخان‪ .‬العالـم رهيب‪ ،‬ي ُ ّ‬
‫كل هائم‪...‬‬ ‫وتشتد آالم‬ ‫شوكي كثير في صحون الباذنجان المقلي‬
‫ُ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شــاب‬ ‫مرة هل تُزعجني قرقعة ُ عظامك أثناء النوم‪ .‬حدث ذلك ليلةَ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫سألتـني ّ‬
‫وهماً أنه َمطر‪ .‬ومضينا معاً إلى الحديقة‪ ،‬فوقفنا‬‫األلم يتساقط ُم ِ‬
‫ُ‬ ‫القمر‪ .‬وكان‬
‫إلى جانب البئر التي تَحلم ببلد بعيد‪.‬‬

‫أذهب غــداً‬
‫َ‬ ‫مرر يدي على سنام منضــدة‪ ،‬وأُدرك أني لن‬ ‫ُ‬
‫وها أنا‪ ،‬من جديد‪ ،‬أ ّ‬
‫جدي‪ ،‬وأنك ستصفينني بالكسول‪ ،‬العبثي‪ ،‬بالتائه األبدي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ِلرؤية عظام‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ـدد‬ ‫أحيانــاً‪ ،‬تكون ماضياً فـي طريقك‪ ،‬فإذا بنحلة تعـ ُ‬
‫ـترض سبيلـــك‪ ،‬تتمـ ّ‬
‫أمامك في عرض الشارع‪ ،‬فتبقـى واقفاً فوق ضحكتك‪ ،‬ويحيّيك صديق يُوناني‬
‫لم تل ـ ْذ‬ ‫يَبذر قمح اإللياذة في أثالم كفـــــه اليســرى‪ ،‬فتقــف مشــدوهاً‪ْ ،‬‬
‫إن ْ‬
‫بال ِفرار‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫لتقيت بالحصان‬
‫ُ‬ ‫ا‬

‫إن‬ ‫ٍ‬ ‫أمضي شاحباً‪ ،‬ال أتوقف إال جنب الفتاة التي ّ‬
‫تمد يدها فوق بحــيرة تقــولُ ّ‬
‫الطحالب ذات األحذية‬
‫ِ‬ ‫استمر ِت السمكة الحمراء في ّ‬
‫عض‬ ‫ّ‬ ‫ماءها سينضب إن‬
‫الحديد‪.‬‬

‫ب ألني امتصصت لسانك وأنت نائم‪.‬‬ ‫ِ‬


‫شاح ٌ‬ ‫إنك‬
‫َ‬ ‫تقول‪:‬‬

‫ـده قــرب‬
‫ـوم بلــغ أشـ ّ‬
‫وأنا لم أركب اليوم حصاني ألنه كان قد نسي حدوة يـ َ‬
‫ِ‬
‫الضفاف!‬
‫جدول‪ ،‬وأصبح يهاب ّ‬
‫ٍ‬

‫التقيت بالحصان في آخر تانغو بباريس‪ ،‬وبالفتــاة حين كن ّــا نلبس جواربنــا‬
‫ُ‬
‫أمام إحدى الكاتدرائيات‪ ،‬وسرعان ما وجدنا نفســينا ن َ ْصـ ِفــ ُ‬
‫ـر في طنجــة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشـتاء أغنامــــه‪.‬‬
‫ـرب ّ َي فيهــا ّ‬‫روت لي كيف كانت ترسم دوائر خضراء ِلـيُــ َ‬
‫ْ‬
‫وقالت إن َ ّها بدورها ربّت فراشة من هيدروجين في َش ْعرها‪.‬‬

‫ـديل‬
‫ـاخترقت ُشــعلة ُ قنـ ٍ‬
‫ْ‬ ‫ـاال‪ ،‬فـ‬
‫ركلت تمثـ ً‬
‫ُ‬ ‫أخبرتُها بأني‪ ،‬في الطفولة‪ ،‬كنت قد‬
‫لت قارورة من ظل يمامة‪ ،‬أُسارع‬
‫وكنت‪ ،‬كلما تشك ّ ْ‬
‫ُ‬ ‫حشداً من الكالب نحوي‪.‬‬
‫ّ‬
‫إلى َمل ْ ِئها بماء بارد!‬

‫الشاحب‪ ،‬أنت نَهري‪.‬‬


‫أنت نهري ّ‬
‫قالت‪َ :‬‬

‫‪45‬‬
‫والتفاحة في يدي‪...‬‬

‫كيف ي ُمكنني أن أشعل السيجارة‪،‬‬


‫ِ‬
‫خدي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رأيت في الحلم أنك تُحرقين ّ‬ ‫ـت في ُردنيك‪ُ ،‬مـذ‬
‫القداحات ت َ َخف ّ ْ‬
‫ّ‬ ‫وكل‬
‫ّ‬
‫ومر أمامنا صــديقي المجنــون‪،‬‬
‫باألمس‪ ،‬كنّا في الطريق إلى عيادة الطبيب‪ّ ،‬‬
‫ـعرت أنّي‬
‫ُ‬ ‫الس ـاطور‪ ،‬وشـ‬
‫الس ـاطور‪ ،‬النّحلــة تحت ّ‬
‫يكرر‪ :‬النّحلة تحت ّ‬
‫وكان ّ‬
‫الحقن التــــي‬
‫ينساب من ُ‬
‫ُ‬ ‫سأبكي أو أضحك‪ ،‬لكنه اختفــى سريعاً‪ ،‬وكان دمٌ‬
‫ـول من فــاتر إلى‬ ‫والطقس بــداخل آذان الكالب يتحـ‬ ‫خب جنب أقــدامنا‪،‬‬
‫تَ ّ‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫شديــد البرودة‪ ،‬وفي األعلى‪ ،‬عين الرعد تتّسع وتت ّ ِسع‪.‬‬
‫ِ‬
‫خدي؟‬‫لماذا تريدين إحراق ّ‬
‫مسحت أعصابي بإسفنجة كما يفعلون أحياناً بأعصاب السيارات ثم وجــدنا‬
‫ُ‬
‫سبع‬
‫ُ‬ ‫لكن لم يكن قد بقي منه إال‬
‫وأردنا أن نتأمل البحر‪ْ .‬‬
‫ْ‬ ‫نفسينا على الشاطئ‪،‬‬
‫موجات عجاف‪ ،‬يَحملن في مقاعدهن الخلفية سبع نســاء ضــاحكات‪ .‬إلى أين‬
‫كف كل امرأة شمعدان‪ .‬وفي ال ُجحور القريبة‪َ ،‬سقط مطر على‬
‫يتّجهن بهن؟ في ّ‬
‫رش الصرخات‪.‬‬
‫ـسـط وي َ ْف ُ‬
‫الفـئـران‪ .‬وكان هنالك من يَطوي الب ُ ُ‬

‫تعبــث بشعري‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ويدك‬ ‫والتفاحة في يدي تكاد تختنق‪.‬‬

‫الطبيب قال ال تركبا‪ ،‬بع ُد‪ ،‬سيارة جريحة‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫انتظار‬

‫يُطلقون العنان ألنفاسهم‪ ،‬وينتظرون األوتوبيس‪ِ ،‬‬


‫وم ْن حولهم الهــواء بــارد‬
‫الرعشة في األجساد‪ ،‬بسبب رائحـة قوس قــزح‪،‬‬
‫تدب ّ‬
‫ّ‬ ‫الريبة‪.‬‬
‫ضن‪ ،‬ويثير ّ‬
‫ومغَ ّ‬
‫ُ‬
‫أسنان الهيكل العظمي المركون مع الدراجات إلى جدار الفنــدق‬
‫ُ‬ ‫وتُقضقض‬
‫القريب من النّهر‪.‬‬

‫العنُق‪.‬‬
‫الرجل النحيف يبتسم لفتاة قبالته‪ ،‬تَقْر ُع الهواء البارد بمطرقة ُ‬
‫َّ‬
‫ِصداه‪ .‬أكانت تلك الهمسةَ التي قصــمت‬
‫وارتفـع صوت‪ ،‬فارتطمت ركبتان ب َ‬
‫َ‬
‫مسدســاته إلى أصــداغ الســيارات‪ .‬في الــوقت‬
‫ّ‬ ‫وجهَ المطر‬
‫ظهر الجمل؟ ثم ّ‬
‫َ‬
‫لكن تابوتاً َمــرق‬
‫ّ‬ ‫ضغط الموسيقي على زناد األرغن‪ .‬والحافلة ال تأتي‪،‬‬
‫َ‬ ‫نفسه‬
‫ّ‬
‫على عجالته المضيئــة‪.‬‬

‫الرخ ليس سوى بنايــة من ريش‪ .‬آن لنــا‪،‬‬


‫واكتشف الرجل النّحيف أن طائر ّ‬
‫الصماء التي تقترب منــا‪ .‬على الطفــل‬
‫نحنو على الفراشة ّ‬
‫َ‬ ‫إذن‪ ،‬أن نتعقّل‪ .‬أن‬
‫قدمه بين أسنان الصابونة‪.‬‬
‫ـت ُ‬‫الذي َع ِلق َ ْ‬
‫ِ‬
‫الطفل فهو العبقري الذي اكتشف المعادلـــة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الرجل الن َ ّحيف‪ .‬أما‬ ‫ً‬
‫طبعا‪ ،‬أنا َ ّ‬
‫ّ‬
‫أي معادلة؟ أال تعملين؟ تلك المدونة ُ عـلى‬ ‫كنت قد أيقظتني من نومي لتسألي‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬
‫عانة قارورة العطر‪ .‬التي ستُمكّن يومـاً مــا من إنشــاء طوفــان صــغير‪ .‬من‬
‫‪47‬‬
‫اإلنصات إلى بوح تـنّورة‪ .‬ومن ُصنع قفــازين للهيكــل العظمي الــذي يعطس‬
‫مركوناً إلى جـدار الفندق‪.‬‬

‫بالرابية‪ ،‬قبــالتي‪،‬‬
‫أطللت من النافذة‪ ،‬فإذا َ ّ‬
‫ُ‬ ‫قبل أن نخرج لننتظر األوتوبيس‪،‬‬
‫لصصت‪ .‬ثم ِس ـ ْر ِت أمــامي لكي نَنتظــر‪،‬‬
‫شعرت بالذنب لكوني ت َ ْ‬
‫ُ‬ ‫عارية تماماً‪.‬‬
‫تقرعين الهواء بمطرقة العنق‪.‬‬
‫ِ‬
‫صاب‬
‫ُ‬ ‫السيكوباتية تُحل ّق جنب نوافذ الفندق‪ ،‬وال يأتي األوتوبيس‪ .‬ن ُ‬
‫السواطير ّ‬
‫ّ‬
‫بِرذاذ القهوة التي تهمي من عين الغــراب‪ ،‬وال أمــل‪ .‬تتكــاثر الشــفاه حــول‬
‫ِ‬
‫عديك بألمي‪ ،‬وال أمل‪.‬‬‫األشجار‪ ،‬وأ ُ‬

‫الشمس‪ ،‬وسرعان ما تتّخذ شكل قاطرة‪ِ .‬‬


‫ومن غرف ٍة في الفنــدق‪،‬‬ ‫واآلن تَظهر ّ‬
‫الدوام‪ ،‬بعد أن‬
‫رهين الح ّمام على ّ‬
‫َ‬ ‫يتناهى إلينا نواح‪ :‬إنها امرأة ٌ تبكي طفلها‪،‬‬
‫ترمش بســرعة بســبب ن َــزق‬ ‫َ‬ ‫ع ِل ْ‬
‫قت قدمه بين فك ّي الصابونة‪ .‬وهنالك شاعرة ٌ ْ‬
‫دم رابيــة عاريــة‪ .‬إنهــا نفس‬
‫الس ّم في ِ‬
‫العصافير‪ .‬وراعية ٌ تبكي بعد أن َسرى ّ‬
‫الصمغ‬
‫سجادة من ّ‬
‫كنت سمعتُها صبيحةَ صلّى جدي على ّ‬
‫األصوات التي‪ ،‬ربما‪ُ ،‬‬
‫ساجداً طيلة النهار حتّى فككناه‪ .‬في ذلــك اليــوم‪ ،‬تمكنَــ ْ‬
‫ـت واحــدة من‬ ‫ِ‬ ‫فبقي‬
‫وتم العثور على مصائب قوم عند قــوم آخــرين‪،‬‬
‫دموعي من عبور ثقب إبرة‪ّ ،‬‬
‫من معاجم كثيرة‪ .‬وهــا ِ‬
‫أنت اآلن‬ ‫فس ِح ْ‬
‫بت أسماء الحشرات ْ‬ ‫وتأجج دمُ جرادة‪ُ ،‬‬
‫ّ‬
‫تستوردين الهمهمات من ذاكرتي‪ .‬فهل ستُـنَـقّبين معي عن األسرار المخبوءة‬
‫تحت ياقة فراشة؟‬

‫‪48‬‬
‫ويُقْبل نحونا التابوت على عجالته‪ .‬يقف أمامنا‪ ،‬نحن المنتظرين‪ .‬التــابوت‬
‫فارغ‪ ،‬يستلقي فيه واح ٌد منا‪ ،‬فيُـقـلـع به إلى مكان مجهول‪.‬‬

‫وتمر الدراجات الحزينة‪ .‬وي ُ ِ‬


‫عديك حُبي للتّيه‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫الشفاه حول األشجار‪.‬‬
‫وتتكاثر ّ‬
‫وإ ْذ يتكاثف الغبش‪ ،‬نُعلن‪ ،‬نحن منتظري األوتوبيس‪ ،‬إجاللَنا للمجهول الــذي‬
‫سافَر في التابوت‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫الصـبـاح‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫إن كُـنْ ُ‬
‫ـت مـنْـذ ّ‬ ‫ْ‬

‫حس ـب‬
‫لعوم أو في أنابيب القصب‪َ ،‬‬
‫ساب في ب ُ ٍ‬
‫ُ‬ ‫أترك قلقاً ينْ‬
‫ُ‬ ‫ت من يُجامل‪.‬‬
‫لس ُ‬
‫ْ‬
‫كنت منــذ‬
‫وإن ُ‬
‫ْ‬ ‫مزاج زهرة اآلس على كتــف النّديمــة لينــا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وكيف هو‬
‫َ‬ ‫الطقس‬
‫ـام‬
‫تتحم ُس أي ّ َ‬ ‫الصباح في هـذه الحانـة‪ ،‬جنب هـذه النّافـذة‪ ،‬بعظـامي الـتي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المآسي‪ ،‬فذلك للتعبير عن تضامني‪.‬‬

‫وكنت حسبته يعلم‪...‬‬


‫ُ‬ ‫الجالس قبالتي‪،‬‬
‫ُ‬ ‫البدين‬
‫ُ‬ ‫مع َمن؟ يُسائلني بعينه المخمورة‬

‫جارها‬
‫أشـ َ‬
‫جعلت منهم الغابــة القريبــة ْ‬
‫ْ‬ ‫مع من! مع أولئــك األقــزام الــذين‬
‫القَصيرة!‬

‫ث‬
‫حي ُ‬
‫ـرر‪ْ ،‬‬ ‫ِح ِ‬
‫صات ِل َصـفير أظــافري المــأخوذة ب ُ‬‫األَ ْولى اآلن اإلنْ‬
‫المتَكـ ّ‬
‫لمهــا ُ‬ ‫ُ‬
‫ـح‬
‫ممرضــة‪ -‬يتّضـ ُ‬
‫تقترب منّي امرأة في لباس ّ‬
‫ُ‬ ‫هر‪ ،‬بدايةً‪ ،‬في شاطئ‪ .‬بعدها‪،‬‬
‫أظ ُ‬
‫ْ‬
‫ليست سوى لينا‪ -‬حاملةً في يدها حقنةً تقولُ إنّها مملوءة بفودكا روســيّة‬
‫ْ‬ ‫أنّها‬
‫وجه ُ إبرتها نحو ذراعي!‬
‫ثم ت ُ ّ‬
‫خالصة! ّ‬
‫فجأةً‪ ،‬أتنبّه ِلما َحولي‪.‬‬

‫وأ ُ ُ‬
‫شيح بوجهي نحو النّافذة‪ ،‬فما الذي أراه في األعالي؟‬

‫طيور غريبة تحلّق فــوق الغابــة القريبــة‪ ،‬الــتي جعلت من أولئــك األقــزام‬
‫ٌ‬
‫المساكين أشجارها القصيرة!‬

‫‪50‬‬
‫فهرس‬

‫كوكب ُمعربد‪3 ......................................................... ...‬‬


‫ٌ‬

‫لفائـف سحريـة (‪4 .................................................. )1‬‬

‫لفائف سحرية (‪5 .................................................... )2‬‬

‫لفائف سحريّة (‪6 ..................................................... )3‬‬

‫ـربّـعات ‪7 ................................................‬‬
‫الم َ‬
‫تـرسـو ُ‬
‫ْ‬

‫الص ْحراء ‪9 .........................................................‬‬


‫حتّى ّ‬
‫في ربيع العمر ‪10 ........................................................‬‬

‫أصنع سهاماً ‪12 ...........................................................‬‬


‫ُ‬

‫ليت لي ‪13 ..................................................................‬‬


‫َ‬

‫حـيـرة ‪14 .................................................................‬‬

‫ِذ ْكـرى ‪17 ................................................................‬‬

‫بِحنين ‪19 ..................................................................‬‬

‫البِـئـر ‪20 .................................................................‬‬

‫رســالـة إلى نفسي ‪22 ...............................................‬‬


‫‪51‬‬
‫زمن القَتَلة ‪24 ...........................................................‬‬
‫ُ‬

‫اكـتـئـاب ‪26 ...........................................................‬‬

‫تقف أمام كـهـف ‪29 ........................................‬‬


‫إن َ‬‫ما ْ‬

‫كُـنْ ُ‬
‫ـت مـن أبـطال هومـيروس ‪30 .............................‬‬

‫بـمـزمـاري ‪31 ........................................................‬‬


‫ْ‬

‫يـوتـوبـيــا ‪33 ......................................................‬‬

‫وقائع ‪36 ..................................................................‬‬

‫حكاية ‪40 ................................................................‬‬

‫عــــيــــاء ‪42 .....................................................‬‬

‫وقفت إلى جانب البئر ‪44 ............................................‬‬


‫ُ‬

‫التقيت بالحصان ‪45 ..................................................‬‬


‫ُ‬

‫والتفاحة في يدي‪46 .............................................. ...‬‬

‫انتظار ‪47 ...............................................................‬‬

‫الصـبـاح‪50 ............................... ...‬‬ ‫ُ‬ ‫إن كُـنْ ُ‬


‫ـت مـنْـذ ّ‬ ‫ْ‬

‫‪52‬‬
‫عن مبارك وساط‪:‬‬

‫‪ -‬شاعر مغربي‪ُ .‬و ِلد في ‪ .1955 - 10 -16‬اشتغل بتدريس الفلسفة‬


‫ّ‬
‫حتّى نهاية سنة ‪.2005‬‬

‫‪ -‬صدر لهُ‪:‬‬
‫ِ‬
‫الشعر‪:‬‬
‫في ّ‬
‫‪7‬دار البيض‪77‬اء‪ -1990 ،‬طبع‪77‬ة ثاني‪77‬ة‪:‬‬
‫‪ -‬على َد َرج المياه العميقة (طبع‪77‬ة أولى‪ :‬دار توبق‪77‬ال‪ ،‬ال‪ّ 7‬‬
‫منشورات عكاظ‪ ،‬الرباط‪ - 2001 ،‬طبعة ثالثة‪ ،‬رقميّة‪ :‬منشورات ِحبر‪،)2020 ،‬‬

‫‪َ -‬محفوفًا بأرخبيالت‪( ...‬طبعة أولى‪ :‬منشورات عكاظ‪ -2001 ،‬طبعة ثانية‪ ،‬رقميّة‪ :‬منش‪7‬ورات‬

‫ِحبر‪،)2020 ،‬‬

‫‪ -‬راية الهواء (طبعة أولى‪ :‬منشورات ُعكاظ‪ -2001 ،‬طبعة ثاني‪77‬ة‪َ ،‬رقمي ّ‪77‬ة‪ :‬منش‪77‬ورات ِح‪ 7‬بر‪،‬‬

‫‪،)2020‬‬

‫‪ -‬فراشة من هيدروجين (دار النّهضة العربيّة‪ ،‬بيروت‪ 7-2008 ،‬طبعة ثانية‪َ ،‬رقميّة‪ :‬منشورات‬

‫ِحبر‪،)2020 ،‬‬

‫رجل يبتسم للعصافير (منشورات الجم‪77‬ل‪ ،‬ب‪77‬يروت‪-‬بغ‪77‬داد‪- 2011 ،‬طبع‪77‬ة ثاني‪77‬ة‪َ ،‬رقمي ّ‪77‬ة‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫‪-‬‬

‫منشورات ِحبر‪،)2020 ،‬‬


‫ِ‬
‫الش ‪7‬عر في المغ‪77‬رب‪ - 2017 ،‬طبع‪77‬ة ثاني‪77‬ة‪ ،‬رقمي‪77‬ة‪:‬‬
‫سافرت (منشورات بيت ّ‬
‫ْ‬ ‫عيون طالَما‬
‫ٌ‬ ‫‪-‬‬

‫منشورات ِحبر‪،)2020 ،‬‬

‫‪ -‬أَخْ ِف األجراس في األعشاش‪ ،‬مئة من قصائدي‪( ،‬منشورات ِحبر‪ ،‬طبعة رقمية‪،)2021 ،‬‬

‫صدرت لمبارك وساط مجموعة شعرية فرنسية‪-‬عربية‪ ،‬عن منشورات‬


‫ْ‬ ‫‪ -‬في ‪ ،2010‬كانت قد‬

‫المنار بباريس‪ ،‬تحت عنوان‪Un éclair dans une forêt :‬‬

‫‪53‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشعر‪ ،‬في دورتها‬
‫للشعر ونقد ّ‬
‫‪ -‬في ‪ ،2018‬حصل مبارك وساط على جائزة سركون بولص ّ‬
‫األولى‪.‬‬

‫‪ -‬وصدر له‪ ،‬في مجال التّرجمة‪:‬‬

‫الرباط‪،)2004 ،‬‬
‫منسي‪ ،‬لعبد اللطيف اللعبي (منشورات الموجة‪ّ ،‬‬ ‫تكوين‬
‫ٍ‬ ‫شذرات من ِس ْف ِر‬
‫ٌ‬ ‫‪-‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬نادجا ألندري بريتون (منشورات الجمل‪ ،‬بيروت‪-‬بغداد‪،)2012 ،‬‬

‫‪ -‬التّحول لفرانتس كافكا (منشورات ال َجمل‪،)2014 ،‬‬


‫ّ‬
‫‪ -‬األبديّة تبحث عن ساعة يد‪ ،‬مختارات ِشعريّة ألندري بريتون (منشورات الجمل‪.)2018 ،‬‬

‫شمس من أهدابك‪ ،‬مختارات ِشعرية لجمال ال‪77‬دين بن ش‪77‬يخ (منش‪77‬ورات ِح‪ 7‬بر‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫سوف تُولَد‬
‫َ‬ ‫‪-‬‬

‫‪ ،)2020‬كتاب رقمي‪.‬‬
‫ّ‬
‫الدين‪ ،‬منشورات ِح‪ 77‬بر‪،2020 ،‬‬
‫‪ -‬دمي الذي يرشو اليأس‪ ،‬مختارات ِش ْعريّة ونثريّة لمحمد خير ّ‬
‫كتاب َرقمي‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬قرية مجانين ونصوص أُخرى‪ ،‬مختارات لهنري ميشو‪ ،‬منشورات ِحبر‪ ،‬طبعة رقميّة‪.2021 ،‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــ‬

‫إللقاء نظرة على مُدوّنة مبارك وساط‪ ،‬هو ذا الرّابط‪:‬‬

‫حِبر ‪ -‬دفاتر مبارك وساط‬

‫ولتحميل مختارات وافية مِن قصائد هذا الشّاعر‪:‬‬

‫أَخْفِ األجراس في األعشاش‪ -‬مئة مِن قصائدي‪ -‬م‪ .‬وساط‬

‫‪54‬‬

You might also like