You are on page 1of 214

‫مـقـدمـة‪:‬‬

‫السياسات العمومية‪ ،‬هي مجموع التوجهات اإلستراتيجية المتعلقة بالتدبير العمومي‬


‫للدولة واألجهزة التابعة لها‪ ،‬والتي أصبحت اليوم تحظى بأهمية بالغة في الدراسات‬
‫السياسية واإلقتصادية واإلجتماعية والحقوقية‪ .‬ويمكن تعريف السياسات العمومية أيضا‬
‫بكونها مجوع القواني ن والبرامج والمشاريع والمخططات التي تقدمها الدولة كبدائل لحل‬
‫المشاكل العمومية‪ ،‬وبالتالي فهي تمثل سلسلة طويلة من النشاطات والق اررات الحكومية‬
‫‪1‬‬
‫المترابطة والتي تعني أكثر من مجرد قرار‪.‬‬

‫ويعرف ''جيمس أندرسون'' السياسات العمومية‪ ،‬بكونها برنامج عمل مقترح لشخص‬
‫أو جماعة أو حكومة في نطاق بيئة محددة لتوضيح الغرض المستهدف‪ ،‬والمحددات‬
‫المراد تجاوزها سعيا للوصول إلى األهداف أو تحقيق غرض مقصود‪ .‬وهي برنامج عمل‬
‫هادف يعقبه أداء فردي أو جماعي في التصدي لمشكلة أو قضية ما‪ .‬كما يعرف ''دافيد‬
‫‪2‬‬
‫إستون'' السياسات العمومية بكونها تمثل ''التوزيع السلطوي للقيم''‪.‬‬

‫وتختلف السياسة العامة عن السياسات العمومية‪ ،‬ذلك أن األولى تتحدد عندما تحاول‬
‫سلطة محلية أو وطنية‪ ،‬بواسطة برنامج عملي منسق تعديل البيئة الثقافية‪ ،‬أو االجتماعية‪،‬‬
‫أو االقتصادية للفاعلين االجتماعيين في اإلطار العام للتقسيم القطاعي للمجتمع‪ ،‬وما‬
‫يميزها أكثر خاصة بالمغرب يتمثل في كونها تعرف مشاركة رئيس الدولة وتعبر عن‬
‫توجهاته اإلستراتيجية‪ ،‬أما السياسات العمومية فتتمثل في مجموعة من األنشطة أو عدمها‪،‬‬
‫التي يقوم بها الفاعلون السياسيون بغرض تقديم حلول للمشاكل المطروحة والتي يعاني‬
‫منها المجتمع‪ ،‬إن السياسات العمومية تعني ذلك المسار العملي المقصود من لدن‬

‫‪ -‬جفري سعيد‪ ،‬قضايا علم السياسة‪ ،‬مقاربات نظرية‪ ،‬مطبعة دار المناهل‪ ،‬الرباط‪ ،8102 ،‬ص‪.061:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬الفهداوي فهمي خليفة‪ ،‬السياسة العامة منظور كلي في البيئة والتحليل‪ ،‬دار المسيرة للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪2‬‬

‫االولى‪ ،8110 ،‬ص‪.33 :‬‬

‫‪1‬‬
‫الحكومة أو أحد مؤسساتها لتقديم حلول عامة تسترعي انتباها عاما‪ ،‬وما يميزها عن‬
‫‪3‬‬
‫السياسة العامة يتمثل في كونها ال تعرف في الغالب مشاركة رئيس الدولة‪.‬‬

‫لقد عرفت الحقبة الممتدة من تسعينيات القرن الماضي إلى حدود اليوم تغيرات دولية‬
‫ووطنية دالة وملتفة‪ ،‬أثرت في طبيعة المعرفة المنتجة للفعل العمومي‪ ،‬وشكل تقرير البنك‬
‫الدولي سنة ‪ ،0991‬الذي شرح وضعية المغرب االقتصادية واالجتماعية والمالية‪ ،‬حيث‬
‫كانت كل المؤشرات تدل على أن البالد على حافة اإلنهيار‪ ،‬مما دفع الراحل الحسن‬
‫الثاني لتوجيه خطاب لألمة قائال إن البالد مهددة بالسكتة القلبية‪ ،‬وشكل الخطاب دفعة‬
‫قوية ليبحث النظام السياسي المغربي عن وسائل جديدة إلمتصاص التوترات المجتمعية‬
‫التي سادت في تلك الفترة‪ .‬ومنذ ذلك الحين بدأ إهتمام صانعي القرار بالسياسات العمومية‪،‬‬
‫حيث تم إدماجها ضمن تكوينات القانون العام بكليات الحقوق‪ 4،‬وبدأ اإلهتمام بإنشاء‬
‫مراكز‪ 5‬تهتم بتحليل السياسات العمومية وأصبح الباحثون والمتخصصون تبعا لذلك في‬
‫قلب الفعل العمومي‪ ،‬من خالل مساهمتهم في إيجاد حلول للمشاكل العمومية (كتقرير‬
‫الخمسينية‪ ،‬وتقرير هيئة اإلنصاف والمصالحة‪ ،‬وتقرير اللجنة اإلستشارية للجهوية‪ ،‬اللجنة‬
‫المكلفة بإعداد النموذج التنموي الجديد)‪.‬‬

‫وتعتبر السياسات العمومية الترابية‪ ،‬سياسات تهدف إلى تحقيق توزيع أفضل للسكان‬
‫واألنشطة فوق مجال معين من خالل سياسات قطاعية ومجالية وترابية‪ ،‬للتخفيف من‬

‫‪ - 3‬علي الحنودي‪ ،‬الدولة وتدبير السياسات العمومية الترابية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد‬
‫مزدوج ‪ ،131 -131‬ماي ‪ ،2112‬ص ‪181‬‬
‫‪ - 4‬ساهم االستاذ عبد الله ساعف من موقعه في إدخال المادة وتدريسها وتأطير مجموعة من الرسائل واألطروحات‬
‫ضمنها‪ ،‬إنطالقا من المرجعية الفرنسية باإلعتماد على مطبوعات جامعية فرنسية‪ ،‬على الرغم من كون التجارب‬
‫االنجلوساكسونية كانت رائدة في هذا المجال‪ ،‬إال أنه لم يتم اإلعتماد على مقارباتهم في حقل علم السياسة‬
‫والسياسات العمومية بسبب إرتباط الجامعة المغربية تاريخيا بالجامعة الفرنسية‪ ،‬فضال عن قلة إلمام النخبة العلمية‬
‫الوطنية باللغة اإلنجليزية‪.‬‬
‫‪ - 5‬نذكر على سبيل المثال معهد أماديوس‪ ،‬والمركز المغربي للدراسات اإلستراتيجية والحكامة الشاملة‪ ،‬ومركز‬
‫السياسات من أجل الجنوب الجديد‪ ،‬والمعهد المغربي لتحليل السياسات‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫التباينات وتحقيق نوع من التوازن المجالي‪ ،‬على إعتبار أن التراب هو أحد العوامل التي‬
‫تسمح بتوجيه الفعل العمومي حيث تفتقد الدولة مركزيتها في هذا المستوى‪.‬‬

‫ومصطلح السياسات العمومية الترابية يعتبر حديثا نوعا ما في المغرب‪ ،‬إذ أن‬
‫الشروع في تدعيم اإلختيار الجهوي كأساس للتنظيم الترابي بالمغرب برز بشكل الفت‬
‫من خالل عدة محطات كان أبرزها نظام الجهات االقتصادية لسنة ‪ ،0990‬والرغبة في‬
‫إحداث جهوية ذات هياكل تشريعية وتنفيذية سنة ‪ 0921‬والتعديل الدستوري لسنة ‪،0998‬‬
‫مرو ار بتدعيم مكانة الجهة في دستور ‪ ،0996‬وصدور القانون المنظم للجهات سنة‬
‫‪ ،0999‬انتهاء بدستور ‪ 8100‬الذي كرس للجهوية المتقدمة كمقاربة استراتيجية في‬
‫سياسة إعداد التراب الوطني‪ ،‬وصدور القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ 6‬سنة ‪8101‬‬
‫وصدور الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري سنة ‪ 8102‬وإصالح المراكز الجهوية‬
‫لالستثمار سنة ‪ ،8109‬كل هذه المحطات واإلصالحات قد ساهمت في تعاضم دور‬
‫النقاش العمومي حول موضوع السياسات العمومية الترابية ومكانتها في الحقل السياسي‬
‫المغربي‪ ،‬خاصة ما يتعلق منها بإشكالية إلتقائية وإندماجية السياسات العمومية الترابية‪.‬‬

‫وفي سعينا لتحديد مفهوم اإللتقائية‪ ،‬والذي سنحاول تعريفه من الناحية اللغوية‪،‬‬
‫فحسب تعريف منجد الطالب‪ ،‬اإللتقائية من فعل(لقي‪-‬يلقى‪-‬لقاء ولقاية ولقى) فالنا‪:‬‬
‫إستقبله وصادفه ووافقه الشيء كما تعني التطابق من فعل األمر طابقه‪ ،‬وطابق بين‬
‫الشيئين أي جعلهما على حذو واحد‪ 7.‬وحسب تعريف'' ‪ ''Le petit Larouse‬فاإللتقائية‪،‬‬

‫‪ - 6‬ويتعلق األمر ب‪:‬‬


‫‪ -‬القانون التنظيمي ‪ 000.01‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف ‪ 0.01.23‬بتاريخ ‪ 81‬رمضان ‪ 9(0136‬يوليوز‬
‫‪ ،)8101‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6321‬بتاريخ ‪ 6‬شوال ‪ 83( 0136‬يوليوز ‪.)8101‬‬
‫‪ -‬القانون التنظيمي ‪ 008.01‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف ‪ 0.01.21‬بتاريخ ‪ 81‬رمضان ‪ 9(0136‬يوليوز‬
‫‪ ،)8101‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6321‬بتاريخ ‪ 6‬شوال ‪ 83( 0136‬يوليوز ‪.)8101‬‬
‫‪ -‬القانون التنظيمي ‪ 003.01‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف ‪ 0.01.21‬بتاريخ ‪ 81‬رمضان ‪ 9(0136‬يوليوز‬
‫‪ ،)8101‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6321‬بتاريخ ‪ 6‬شوال ‪ 83( 0136‬يوليوز ‪.)8101‬‬
‫‪ - 7‬منجد الطالب‪ ،‬دار المشرق بيروت‪ ،‬الطبعة الثامنة والثالثون‪ ،1881 ،‬ص‪.181:‬‬

‫‪3‬‬
‫هي إحداث التقارب فيما بين المناطق والشعوب من أجل تحقيق هدف معين وواحد في‬
‫‪8‬‬
‫الحياة‪ ،‬وكذلك األفكار والقوى‪.‬‬

‫أما إصطالحا فيمكن القول أن اإللتقائية هي تلك اآللية التي تهدف إلى تحقيق‬
‫التشارك واإلندماج والتالقي والتناسق والتناغم‪ ،‬في إطار ربط عالقة تنموية في الغالب‬
‫بين عدة فاعلين إلتخاذ القرار في إطار السياسات العمومية المنتهجة (قطاعات حكومية‪،‬‬
‫وكاالت تنموية‪ ،‬مصالح الممركزة‪ ،‬جماعات ترابية‪ ،‬جمعيات‪ ،)...‬والتي تعمل في حقل‬
‫وتخصص متشابه بينها أو متداخل‪ ،‬بهدف بلورة عمل تنموي متكامل ومندمج من خالل‬
‫البرامج المنجزة والمشاريع التي هي في طور اإلنجاز أو المرتقب إنجازها على كافة‬
‫المستويات بغية الخروج ببرنامج ومشروع واحد يتالقى فيه الكل بعيدا عن التداخل‬
‫‪9‬‬
‫والتنافر‪ ،‬ومتكامل ومنسجم وذو نتائج إيجابية ومندمجة ومتجانسة‪.‬‬

‫فاإللتقائية إذن‪ ،‬هي األنموذج الذي يتوخى أن يشتغل فيه كل المتدخلين والفاعلين‬
‫من أجل إخراج مشاريع وبرامج تنموية مندمجة‪ ،‬شرط أن تكون مبنية على المقاربة‬
‫التشاركية وسياسة القرب والمقاربة الترابية وتثمين مجهودات المتدخلين الجهويين والترابيين‬
‫ودعمهم قصد بلوغ األهداف المشتركة والمسطرة من طرفهم وخاصة هدف التجانس‬
‫‪10‬‬
‫والتناسق والتناغم فيما بينهم‪ .‬ومن خالل اإلطالع على مجموعة من التقارير الوطنية‬
‫وتصريحات رئيس الحكومة في مناسبات متعددة‪ ،11‬عالوة على التقرير الختامي ألشغال‬

‫‪8‬‬
‫‪-Le robert, dictionnaire historique de la langue francaise, sous la direction d’Alain‬‬
‫‪Rey, Mars 2000,paris,p882.‬‬
‫‪ - 9‬كحالوي عبد الرحيم‪ ،‬إندماجية السياسات العمومية بالمغرب ومتطلبات التنمية المحلية‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬طنجة‬
‫‪ ،2112-2111‬ص‪.18 :‬‬
‫‪ - 10‬كتقرير المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي والبيئي حول متطلبات الجهوية وتحديات إندماج السياسات‬
‫القطاعية‪ ،‬مارس ‪ .8106‬والتقرير الختامي للمناظرة الوطنية األولى للحكامة حول موضوع'' التقائية‬
‫اإلستراتيجيات والبرامج القطاعية''‪ ،‬المنظمة يومي ‪ 08‬و ‪ 03‬فبراير ‪ 8103‬بالصخيرات‪.‬‬
‫‪ -‬عرض رئيس الحكومة أمام البرلمان حول الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة (في إطار الفصل ‪ 010‬من‬ ‫‪11‬‬

‫الدستور)‪ ،‬بتاريخ اإلثنين ‪ 9‬رمضان ‪ 0111‬الموافق ل(‪ 03‬ماي ‪.)8109‬‬

‫‪1‬‬
‫نجد أن موضوع إلتقائية السياسات‬ ‫‪12‬‬
‫المناظرة الوطنية األولى حول الجهوية المتقدمة‬
‫العمومية الترابية‪ ،‬بات يشكل الرهان الحقيقي لتحقيق التنمية والعدالة المجالية وخلق الثروة‬
‫وتحقيق متطلبات الجهوية المتقدمة‪ ،‬واإلستجابة لتطلعات المواطنات والمواطنين‪ ،‬وبالتالي‬
‫وجب على الدولة أن تركز باألساس على وظائف‪ :‬التنظيم‪ ،‬والتنسيق‪ ،‬والتحكيم الترابي‪،‬‬
‫وأن تلعب أدوا ار أساسية عبر سياسات عمومية ترابية تقوم على أساس الحرص على‬
‫تحقيق اإلنسجام والتماسك والتعاون وتقليص التفاوتات الترابية وتقوية آليات التضامن‬
‫وتوضيح أدوار الفاعلين وتشجيع المبادرات الترابية‪.‬‬

‫أهمية الموضوع‪:‬‬

‫يكتسي موضوع إلتقائية السياسات العمومية الترابية راهنية قصوى‪ ،‬خصوصا بعد‬
‫تأكيد تعثر المشاريع والبرامج التنموية‪ ،‬وملفات الفساد الخطيرة والخروقات المالية التي‬
‫أكدها المجلس األعلى للحس ابات في تقاريره الموضوعاتية أكثر من مرة‪ ،‬عالوة على‬
‫تقرير المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي والبيئي الذي عالج تحديات إدماج السياسات‬
‫العمومية القطاعية‪ ،13‬ولكونه يشكل مجال إهتمام الحكومة في الوقت الراهن من خالل‬
‫تأكيد رئيس الحكومة في أكثر من مناسبة على أن مشكل اإللتقائية بات يستوجب إيجاد‬
‫حل سريع وفعال لتحقيق النجاعة في التدخالت العمومية‪ ،‬مما بات يستلزم إيجاد مداخل‬
‫لتحقيق رهان إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪ ،‬من أجل الحيلولة دون تضييع الفرص‬
‫التنموية وإهدار للجهد والمال والوقت في برامج ومخططات ومشاريع‪ ،‬دون تحقيق الفعالية‬
‫والنجاعة المطلوبة في تدبير الشأن العام الترابي‪.‬‬

‫ويستمد الموضوع أهميته من خالل سعيه لتحديد المداخل الممكنة لتحقيق رهان‬
‫إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪ ،‬وذلك من خالل التطرق لمجموعة من المداخل سواء‬

‫‪ -‬المناظرة الوطنية األولى حول الجهوية المتقدمة‪ ،‬المنظمة من طرف و ازرة الداخلية بشراكة مع جمعية جهات‬ ‫‪12‬‬

‫المغرب بمدينة أكادير‪ ،‬وذلك يومي ‪ 81‬و‪ 80‬دجنبر ‪.8109‬‬


‫‪ - 13‬تقرير المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي والبيئي‪ ،‬متطلبات الجهوية المتقدمة وتحديات إدماج السياسات‬
‫القطاعية‪ ،‬إحالة ذاتية رقم ‪.2111 ،22‬‬

‫‪1‬‬
‫القانونية والتنظيمية والتدبيرية والمؤسساتية والبشرية والتأهيلية‪ ،‬لمعالجة إمكانية بلورة رؤية‬
‫شمولية بإعمال هذه المداخل والقيام بتشخيص بعض العوائق التي تشكل عقبة في طريق‬
‫تحقيق اإللتقائية‪ ،‬ومحاولة تقديم بعض المقترحات باإلعتماد على بعض التجارب المقارنة‬
‫في هذا المجال لمقاربة الموضوع‪.‬‬

‫فمكانة هذا الموضوع تتأسس من خالل تقديمه لدعائم تمكن من ضمان التنسيق بين‬
‫المشاريع التي تخطط لها القطاعات الو ازرية على المستوى الترابي‪ ،‬والمشاريع والبرامج‬
‫والمخططات التي تتولى الجماعات الترابية تنزيلها‪ ،‬أو التي يتم إقتراحها وتنفيذها من‬
‫طرف وكاالت التنمية على المستوى الجهوي‪ ،‬وكذا الدور الذي باتت تلعبه المراكز‬
‫الجهوية لإلستثمار في تحقيق إلتقائية السياسات العمومية اإلستثمارية على مستوى الجهة‪،‬‬
‫عالوة على دور سياسة الالتمركز اإلداري في ضمان تحقيق اإللتقائية من خالل‬
‫الصالحيات التقريرية التي سيتم نقلها للمصالح الالممركزة والتي ستتولى التصاميم‬
‫المديرية لالتمركز اإلداري تنزيلها‪ ،‬وعلى الدور المحوري الذي يلعبه والي الجهة في‬
‫التنسيق بين كافة المتدخلين في القرار العمومي الترابي‪ ،‬بهدف تحقيق اإللتقائية المنشودة‬
‫مما بوسعه أن يحول دون تضييع الفرص التنموية وإهدار المال والجهد والوقت في إعداد‬
‫تصاميم ومخططات وبرامج عقيمة يصعب تنفيذها وال تتيح حل المشاكل العمومية‬
‫الترابية‪.‬‬

‫إشكالية الموضوع‪:‬‬

‫هذا الموضوع يطرح إشكاال جوهريا يروم البحث حول جدوى صناعة سياسات‬
‫عمومية ترابية غير قادرة على حل المشاكل العمومية الترابية في ظل إشكالية إنعدام‬
‫اإللتقائية بين التدخالت العمومية على المستوى الترابي بسبب العديد من القيود واإلكراهات‬
‫التي تحول دون ذلك‪ ،‬وبناء عليه فإلى أي حد يمكن إعتبار المداخل القانونية‪/‬التنظيمية‬
‫والتدبيرية‪ ،‬والمداخل المؤسساتية والبشرية‪ /‬التأهيلية‪ ،‬كدعائم يمكن من خالل اإلعتماد‬

‫‪1‬‬
‫عليها تحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪ ،‬وضمان بلوغ سياسات عمومية منسجمة‬
‫ومتكاملة وفعالة‪.‬‬

‫وتتفرع عن هذه اإلشكالية المركزية أسئلة فرعية سنحاول من خالل بحثنا اإلجابة‬
‫عنها واإلحاطة بجوانبها‪ ،‬وتتمثل هذه األسئلة فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬ما هي الدعائم القانونية الممكنة لتحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية؟‬


‫‪ -‬إلى أي حد سيعمل تنزيل ميثاق الالتمركز‪ ،‬وتفعيل التصاميم المديرية لالتمركز‬
‫اإلداري‪ ،‬وتعزيز الدور التنسيقي للوالي على مستوى الجهة‪ ،‬من تحقيق التناغم‬
‫واإلنسجام واإلندماجية بين السياسات العمومية القطاعية والترابية؟‬
‫‪ -‬كيف يمكن للتخطيط الترابي‪ ،‬وإعمال آلية التعاقد من تحقيق رهان اإللتقائية؟‬
‫‪ -‬إلى أي حد يمكن آلليات التعاون والتضامن والشراكة والتقييم من تحقيق اإلنسجام‬
‫واإللتقائية الترابية؟‬
‫‪ -‬ما هو الدور الذي تلعبه وكاالت التنمية على مستوى الجهات لضمان تحقيق‬
‫اإللتقائية؟‬
‫‪ -‬هل سيمكن إصالح المراكز الجهوية لإلستثمار وإحداث اللجان الجهوية الموحدة‬
‫لإلستثمار من تحقيق إلتقائية السياسات اإلستثمارية على مستوى الجهة؟‬
‫‪ -‬إلى أي حد سيمكن تأهيل المنتخبين والموظفين الترابين على مستوى الجماعات‬
‫الترابية من تحقيق فعالية السياسات العمومية وضمان تحقيق إلتقائيتها؟‬
‫‪ -‬إلى أي حد يمكن إعتبار تقييم السياسات العمومية الترابية‪ ،‬وتقويمها دعامة‬
‫لتحقيق اإللتقائية؟‬
‫ومن خالل هذه األسئلة الفرعية يمكننا أن نطرح بعض الفرضيات لمقاربة الموضوع‬
‫ومناقشته كالتالي‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -‬الفرضية األولى‪ :‬قد يشكل إعادة النظر في التقسيم الجهوي‪ ،‬وقيامه على أسس‬
‫العدالة المجالية والتوزيع العادل للثروات الطبيعية‪ ،‬إلى جانب التقليص من حجم‬
‫الرقابة اإلدارية على الجماعات الترابية في مقابل تأهيل المنتخبين‪ ،‬والموظفين‬
‫الترابيين وإعادة النظر في محددات التنخيب ومنح التزكيات الحزبية بناء على‬
‫معايير الكفاءة والمستوى التعليمي والخبرة المتراكمة في التدبير والتسيير‪،‬‬
‫باإلضافة إلى إحداث لجنة تحت رئاسة رئيس الحكومة تضم مختلف القطاعات‬
‫الو ازرية وأجهزة الرقابة والتقييم على مستوى الجهات لتتبع إعداد البرامج‬
‫والتصاميم وتنفيذ السياسات من أجل العمل على تقويمها في حال خروجها عن‬
‫أهدافها‪ ،‬ضمانة لتحقيق الفعالية والنجاعة والسرعة في التدخل العمومي‪ ،‬وبالتالي‬
‫ضمان عدم تعثر البرامج والمشاريع‪ ،‬وتحقيق إلتقائية السياسات وضمان قدرتها‬
‫على حل المشاكل العمومية دون تضييع للفرص التنموية وإهدار للجهد والمال‬
‫والوقت‪.‬‬
‫‪ -‬الفرضية الثانية‪ :‬يمكن إعتبار ميثاق الالتمركز اإلداري‪ ،‬والدور التنسيقي الذي‬
‫بات يلعبه والي الجهة من خالل ترأسه للجنة الجهوية للتنسيق‪ ،‬وتنزيل وتفعيل‬
‫التصاميم المديرية لالتمركز اإلداري‪ ،‬ومنح الصالحيات التقريرية للمصالح‬
‫الالممركزة‪ ،‬واإلصالح األخير للمراكز الجهوية لإلستثمار‪ ،‬بمثابة دعائم ومداخل‬
‫نستطيع من خاللها تحقيق التناسق والتجانس واإلندماج بين السياسات العمومية‬
‫على المستوى الترابي‪ ،‬وبالتالي تحقيق رهان اإللتقائية‪.‬‬
‫إكراهات البحث‪:‬‬

‫لقد شكلت الظروف التي تمر منها بالدنا والمتمثلة في إنتشار وباء كورونا‪ ،‬تزامنا‬
‫مع إعداد هذا البحث إكراها حقيقيا بفعل عدم القدرة على التنقل للحصول على إحصائيات‬
‫وتقارير ودراسات ميدانية نعزز بها موضوعنا‪ ،‬هذا فضال عن ندرة المراجع والكتابات‬

‫‪8‬‬
‫التي تستهدف الموضوع بشكل مباشر ومركز نظ ار لراهنيته‪ ،‬مما جعلنا نبذل مجهودا‬
‫مضاعفا لمقاربته واإلجابة على إشكاليته المركزية‪.‬‬

‫منهجية البحث‪:‬‬

‫تفرض طبيعة البحث ونوع اإلشكالية نفسها على عملية إختيار المنهجية التي‬
‫سنقارب بها موضوعنا‪ ،‬وبالتالي فقد إعتمدنا على المقاربة التحليلية النقدية من خالل‬
‫تحليل مختلف النصوص القانونية والتنظيمية‪ ،‬عالوة على المنهج الوظيفي البنيوي الذي‬
‫يقوم على معرفة أدوار مختلف الفاعلين في مجال السياسات العمومية الترابية‪ ،‬لتوضيح‬
‫أدوارهم في ضمان إلتقائيتها وإندماجها‪ ،‬هذا إلى جانب المنهج المقارن من خالل التطرق‬
‫لبعض التجارب الدولية خاصة الفرنسية منها‪ ،‬لمحاولة بناء بعض المقترحات التي نرى‬
‫أنها تشكل دعامة لبلوغ رهان تحقيق اإللتقائية‪.‬‬

‫خطة البحث‪:‬‬

‫لمعالجة موضوع السياسات العمومية الترابية ومداخل تحقيق اإللتقائية‪ ،‬وفي محاولة‬
‫منا إلبراز الدعائم الممكنة لتحقيق رهان اإللتقائية على المستوى الترابي‪ ،‬سنتطرق ألربعة‬
‫مداخل أساسية قادرة على ضمان تحقيق إلتقائية السياسات العمومية شريطة تنزيلها‬
‫وبلورتها على أرض الواقع في تكامل وإنسجام وفق إرادة سياسية حقيقية وبناءة تروم‬
‫تحقيق رهان اإلندماجية واإللتقائية والتكامل في صناعة وتنفيذ السياسات العمومية الترابية‪.‬‬

‫وبناء عليه ولمعالجة هذا الموضوع واإلجابة على إشكاليته المركزية سنقوم بتقسيم‬
‫الموضوع لفصلين رئيسيين على الشكل التالي‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول‪ :‬المدخل القانوني والتدبيري كدعامة لتحقيق اإللتقائية‪.‬‬

‫سنحاول من خالله تسليط الضوء على مختلف اإلكراهات القانونية والتدبيرية التي‬
‫تعرقل بلوغ تحقيق إلتقائية السياسات العمومية‪ ،‬خاصة ما يتعلق باإلشكاالت التي نتجت‬
‫عن التقسيم الجهوي األخير‪ ،‬وضبابية النصوص القانونية المتعلقة بالجماعات الترابية‬
‫في ظل نهج مقاربة تجزيئية للنصوص القانونية‪ ،‬فضال عن اإلكراهات المالية وضعف‬
‫الموارد الجبائية التي تقف حاج از أمام تنفيذ البرامج والمشاريع وتعرقل تحقيق اإللتقائية‬
‫واإلندماج‪ .‬كما سيقدم هذا الفصل المداخل القانونية والتدبيرية المهمة التي من خاللها‬
‫يمكننا الحديث عن تحقيق نجاعة السياسات الترابية وضمان إلتقائيتها مع المشاكل‬
‫العمومية الترابية من خالل الدور المحوري التنسيقي الذي يلعبه والي الجهة‪ ،‬عالوة على‬
‫اإلصالحات التي شملت المراكز الجهوية لإلستثمار والصالحيات التقريرية التي سيتم‬
‫نقلها للمصالح الالممركزة مما سيمكنها من اإلشتغال وفق رؤية أفقية يغلب عليها طابع‬
‫التنسيق والتعاون والشراكة والتشاور والمواكبة كمدخل تدبيري يضمن تحقيق إندماجية‬
‫وإلتقائية السياسات الترابية وقدرتها على اإلستجابة لمتطلبات المواطنين وحل مشاكلهم‬
‫العمومية الترابية‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬المدخل المؤسساتي والبشري‪ /‬التأهيلي لتحقيق اإللتقائية‪.‬‬

‫سنحاول من خالل هذا الفصل تسليط الضوء على الدور المهم الذي تلعبه‬
‫المؤسسات التنموية على المستوى الجهوي والمحلي خاصة ما يتعلق بالوكالة الجهوية‬
‫لتنفيذ المشاريع ووكاالت التنمية الجهوية والمحلية وكذا شركات التنمية المحلية والمراكز‬
‫الجهوية لإلستثمار والدور المحوري والهام الذي تقوده والذي يسعى لتحقيق إلتقائية‬
‫السياسات العمومية الترابية من خالل منهجية عملها المبنية على التشارك والتعاون‬
‫والتنسيق‪ ،‬دون أن نغفل بعض القيود ونطرح حلوال كفيلة بتحقيق نجاعة تدخالتها على‬
‫المستوى الجهوي والمحلي‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫كما سنعالج في هذا الفصل أيضا الدور المحوري الذي تلعبه النخبة السياسية الترابية‬
‫وكذا الدور األساسي للموظف الترابي‪ ،‬ومناقشة أهم العوائق التي تحول دون تحقيق نجاعة‬
‫عملهم وتدخالتهم في تعاملهم الميداني مع السياسات العمومية من خالل قيادتهم للمجالس‬
‫الترابية المنتخبة والمصالح اإلدارية التابعة لها‪ ،‬وتقديم بدائل وحلول لتأهيل هذه النخبة‪،‬‬
‫مما يجعلها قادرة على بلورة وتنفيذ السياسات العمومية الترابية وبالتالي تحقيق مطمح‬
‫إلتقائية وإندماجية السياسات‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول‪:‬‬
‫المدخل القانوني والتدبيري‬
‫كدعامة لتحقيق اإللتقائية‬

‫‪12‬‬
‫الفصل ا ألول‪ :‬المدخل القانوني والتدبيري كدعامة لتحقيق الإلتقائية‪.‬‬

‫يشكل المدخل القانوني‪/‬التنظيمي‪ ،‬والتدبيري دعامة أساسية لتحقيق إلتقائية السياسات‬


‫العمومية على المستوى الترابي‪ ،‬خاصة وأننا نعيش على وقع منظومة قانونية وتدبيرية‬
‫هشة غير قادرة على بلورة الرهانات الترابية‪ ،‬مما أفرز لنا إشكاال عميقا تجذرت آثاره على‬
‫المستوى السياسي واالقتصادي واإلجتماعي والبيئي‪ ،‬مما أدى لتراجع أدوار الوحدات‬
‫الترابية في تحقيق التنمية اإلقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫ويعتبر المدخل القانوني‪/‬التنظيمي أحد دعائم رهان تحقيق إلتقائية السياسات‬
‫العمومية الترابية والذي يستلزم بالضرورة توفير ترسانة قانونية منسجمة مع أهداف‬
‫السياسات العمومية الترابية من خالل تكريس تقطيع جهوي مبني على العدالة المجالية‬
‫والتوازن الترابي‪ ،‬والتنزيل السليم وا لفعال لمبدأ التدبير الحر الذي يستلزم القطيعة مع‬
‫مرجعية الدولة المركزية المتحكمة في التراب بهواجس أمنية طغت على تعاملها مع‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬وعرقلت كل المبادرات الرامية لتأهيل الوحدات الترابية ومنحها المكانة‬
‫التي تستحقها‪ ،‬كما يستلزم األمر أيضا تجويد النصوص القانونية المتعلقة بالجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬والتحديد الدقيق لإلختصاصات لمنع التداخل والتنازع بين الوحدات الترابية‬
‫وتضييع الجهد وإهدار الوقت والمال في برامج ومخططات عقيمة غير قادرة على حل‬
‫المشاكل العمومية‪ ،‬عالوة على تكريس إصالح حقيقي للمنظومة الجبائية لدعم القدرات‬
‫المالية للجماعات الترابية بما يدعم تحقيق رهان اإللتقائية‪.‬‬
‫ويعد ميثاق الالتمركز اإلداري مدخال قانونيا يسعى لتحقيق التنسيق والتكامل‪ ،‬من‬
‫خالل منح الوحدات الالممركزة لإلدارات المركزية للدولة المكانة التي تستحقها‪ ،‬وذلك‬
‫بمنحها صالحية التقرير في شؤونها على المستوى الجهوي دون الرجوع للمركز‪ ،‬والتعثر‬
‫بسبب بطئ العالقات العمودية بينهما‪ ،‬عالوة على تدعيم مكانة الوالي في تحقيق اإلنسجام‬
‫والتنسيق األفقي بين مختلف المتدخلين في عملية صناعة وتنفيذ السياسات على المستوى‬

‫‪13‬‬
‫الجهوي والترابي‪ ،‬مما يحقق دعامة أساسية لترسيخ رهان إلتقائية السياسات العمومية‬
‫الترابية(المبحث األول)‪.‬‬
‫كما يشكل المدخل التدبيري‪ ،‬دعامة أساسية في بلورة سياسات عمومية ترابية فعالة‬
‫وناجحة من خالل إعمال آليات التعاقد الترابي بين الدولة والجماعات الترابية فيما يتعلق‬
‫باإلختصاصات المشتركة‪ ،‬مما يمكنها من بلورة رؤية شمولية تدمج القطاعي في بعده‬
‫الترابي‪ ،‬المبني على المشاركة والتفاوض والتحاور بين الجماعات الترابية‪ ،‬وممثلي الدولة‬
‫للخروج بصيغة تعاقدية مبنية على طرح األولويات وفق برنامج عمل علمي دقيق‪ ،‬يحقق‬
‫حل المشاكل العمومية الترابية‪ .‬كما يلعب التخطيط الترابي من خالل التصاميم الجهوية‬
‫إلعداد التراب وبرامج التنمية الجهوية وبرامج عمل الجماعات دو ار هاما من خالل إعمال‬
‫آلية التخطيط المبنية على التشخيص الدقيق للمتطلبات وصياغة سياسات عمومية ترابية‬
‫تحقق اإلندماجية والتكامل واإللتقائية بين الخيارات التنموية على المستوى الترابي مما‬
‫يساهم في إيجاد وبلورة بدائل فعالة لتحقيق أهدافها‪.‬‬
‫كما يلعب ا لتدبير التشاركي للسياسات العمومية الترابية‪ ،‬دو ار مدعما لتحقيق‬
‫اإللتقائية من خالل إعمال مبادئ الشراكة والتعاون الالمركزي الداخلي أو الدولي‪ ،‬ومبادئ‬
‫التضامن والتشارك لتحقيق إلتقائية اإلختيارات‪ ،‬وتحقيق البناء المتكامل للسياسات‬
‫العمومية‪ ،‬كما يلعب التقييم أيضا دو ار في كشف العراقيل والصعوبات التي تعتري تنفيذ‬
‫السياسات‪ ،‬وإعطاء حلول تقويمية من خالل جملة من التقارير الموضوعاتية التي تؤدي‬
‫لتجاوز هذه الصعوبات وبالتالي تحقيق رهان إلتقائية السياسات العمومية الترابية(المبحث‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫المبحث الأول‪ :‬المدخل القانوني ودوره في تحقيق اإلتقائية الس ياسات العمومية‪.‬‬
‫إن رهان تحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية يجب أن ينبني بالضرورة على وجود‬
‫ترسانة قانونية قوية تجسد دعائم تحقيق الرهان‪ ،‬فعلى مستوى القوانين المؤطرة لالمركزية‬
‫يلعب التقطيع الترابي ومبدأ التدبير الحر دو ار محوريا في تحقيق اإللتقائية من خالل‬

‫‪11‬‬
‫العمل على تقسيم الوحدات الجهوية إنطالقا من تكريس العدالة المجالية وتجنب الفوارق‬
‫الترابية وإعطاء البعد الجهوي المكانة الحقيقية التي يستحقها‪ ،‬عالوة على التنزيل السليم‬
‫لمبدأ التدبير الحر من خالل نزع الصفة التحكمية للدولة على وحداتها التربية المعرقلة‬
‫لكل المبادرات التنموية والمعيقة لتحقيقة رهان اإللتقائية‪ ،‬هذا إلى جانب ضرورة التحديد‬
‫الدقيق لإلختصاصات لتجنب التداخل والتنازع عالوة على العمل على إصالح المنظومة‬
‫الجبائية المحلية لتدعيم موارد الجهات والجماعات الترابية األخرى(المطلب األول)‪ ،‬كما‬
‫يشكل ميثاق الالتمركز اإلداري دعامة أساسية لتحقيق إلتقائية السياسات العمومية من‬
‫خالل العمل على نقل اإلختصاصات من المركز إلى المحيط مما يساهم في تدعيم‬
‫التنسيق األفقي بين المصالح الالممركزة و إعطاء مكانة لمؤسسة الوالي في اإلضطالع‬
‫بمهام التنسيق والتتبع واإلشراف والمساعدة‪ ،‬مما يشكل دعامة أساسية لتحقيق رهان‬
‫اإللتقائية الترابية‪(.‬المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب الأول‪ :‬القوانين المؤطرة لالمركزية كوعاء لتحقيق الإلتقائية‪.‬‬


‫تشكل القوانين المؤطرة لالمركزية دعامة أساسية في سبيل تحقيق إلتقائية السياسات‬
‫العمومية الترابية‪ ،‬وذلك من خالل العمل على إعادة النظر في التقطيع الجهوي وإعتماد‬
‫معايير ومحددات لذلك تنبني على تحقيق التكامل واإلندماج و العدالة المجالية‪ ،‬عالوة‬
‫على ضرورة تجديد العالقة بين الدولة والجماعات الترابية من خالل التفعيل الحقيقي‬
‫لمبدأ التدبير الحر وتعزيز مكانة الجماعات الترابية في تقرير شؤونها(الفرع األول)‪ .‬هذا‬
‫عالوة على ضرورة التحديد الدقيق لإلختصاصات وتوزيعها المحكم وتجويد النصوص‬
‫القانونية المؤطرة للشأن الترابي‪ ،‬مع ضرورة إصالح المنظومة الجبائية المحلية لتعزيز‬
‫موارد الجهات والجماعات الترابية األخرى‪ ،‬لتساير رهان تحقيق إلتقائية السياسات‬
‫العمومية الترابية(الفرع الثاني)‬

‫‪11‬‬
‫الفرع الأول‪ :‬مكانة التقطيع الجهوي ومبدأأ التدبير الحر في تحقيق اإلتقائية الس ياسات‪.‬‬
‫لقد شكل دستور‪ ،14 8100‬والمرسوم ‪ 15 8.01.11‬المتعلق بالتقطيع الجهوي عالوة‬
‫على القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬دعامة أساسية في سبيل ترسيخ الجهوية‬
‫المتقدمة بناء على المضامين والمقتضيات التي جاءت بها هذه الترسانة القانونية‪ ،‬والتي‬
‫تشكل مدخال قانونيا هاما في سبيل تعزيز البعد الترابي للسياسات العمومية‪ ،‬ودعامة‬
‫أساسية لتكريس البعد اإللتقائي للسياسات الترابية‪.‬‬
‫وبناء عليه سنعالج مسألة التقطيع الجهوي لنقوم بتوضيح أوجه القصور التي تشوبه‬
‫وسبل تجاوزها لتحقيق مطلب اإللتقائية(الفقرة األولى)‪ ،‬كما سنناقش مبدأ للتدبير الحر‬
‫للجماعات الترابية‪ ،‬ونحدد نواقصه‪ ،‬ونطرح بعض المقترحات الممكنة لتعزيز مكانة هذا‬
‫المبدأ الدستوري ليشكل دعامة لتكريس إلتقائية السياسات العمومية الترابية(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة الأولى‪ :‬على مس توى س ياسة التقطيع الجهوي‪.‬‬


‫يستمد التقطيع الترابي الجهوي أهميته البالغة‪ ،‬من خالل دوره في تشكيل وحدات‬
‫جهوية تسمح بإنبثاق الخصوصيات المحلية والجهوية‪ ،‬والمتسمة بتمايزها اإلقتصادي‬
‫واإلجتماعي‪ ،‬وكذا الثقافي والتاريخي‪ .‬ومن ثم إبراز الهوية الجهوية‪ ،‬وجعل هذه الوحدات‬
‫بمثابة أحواض إجتماعية وثقافية مفعمة بحياة تطبعها الدينامية واإلستمرار واإللتقائية‬
‫واإلندماج‪.‬‬

‫دستور ‪ 8100‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف ‪ 0.00.90‬بتاريخ ‪ 89‬شعبان ‪ 89 (0138‬يوليوز ‪،)8100‬‬ ‫‪14‬‬

‫الجريدة الرسمية عدد ‪1961‬مكرر‪ ،‬بتاريخ ‪ 82‬شعبان ‪ 31(0138‬يوليوز‪ ،8100‬ص‪.3611:‬‬


‫مرسوم رقم ‪ 8.01.11‬بتحديد عدد الجهات وتسمياتها ومراكزها والعماالت واألقاليم المكونة لها‪ ،‬الصادر‬ ‫‪15‬‬

‫بتاريخ فاتح جمادى االولى ‪ 81(0136‬فبراير ‪ ،)8101‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6311‬بتاريخ ‪01‬‬
‫جمادى االولى‪ 1(0136‬مارس ‪ ،)8101‬ص‪0026:‬‬

‫‪11‬‬
‫ويشير التقرير الختامي للجنة اإلستشارية حول الجهوية المتقدمة‪ 16‬إلى جهات جديدة‬
‫ذات طابع مؤسساتي ووظيفي حيث صيغ التقطيع الجهوي على منهجية علمية وتطبيقا‬
‫لمعايير تقنية توافق بين أهداف الجهوية وحقائق هيكلة التراب الوطني‪ .‬وتتجلى هذه‬
‫المعايير في‪ :‬الفعالية والتجانس والوظيفية والتناسب والتوازن والقرب‪ ،‬وقد أدى العمل‬
‫بالمعايير السابق ة إلى تقليص عدد الجهات من ستة عشر جهة إلى إثني عشر جهة‪،17‬‬
‫ويرى التقرير أن التقطيع الجهوي ال يشكل الرهان بحد ذاته بقدر ما أن المضمون‬
‫المؤسساتي هو الموضوع الذي يحقق التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية‪ ،‬لذلك‬
‫عليه أن يقوم على أسس واقعية وعقالنية رشيدة من شأنها تحقيق التكامل بين الجهات‬
‫‪18‬‬
‫الغنية والفقيرة والدفع بعجلة الجهوية المندمجة‪.‬‬
‫ومن خالل تقييمنا المبدئي للتجارب الجهوية السابقة سواء تعلق األمر بتجربة ‪0990‬‬
‫أو ‪ ،0999‬وقوفا عند التقطيع الجهوي الجديد‪ ،‬يمكن لنا أن نستنتج بأن التقسيمات الترابية‬
‫وسياسة التقطيع الترابي جاءت في مجملها خاصة مع التقطيع الجهوي الجديد‪ ،‬مصبوغة‬
‫بطابع الظرفية التي أملتها اإلنتفاضات التي عرفتها المدن بالخصوص‪ ،‬والتي شكلت‬
‫نمطا إحتجاجيا جاء نتيجة الفراغ الناجم عن إنعدام الروابط السياسية والوساطة الشرعية‬
‫بين المركز والمحيط‪ ،‬في ظل األزمات اإلجتماعية واإلقتصادية التي عاشها المغرب‪،‬‬
‫مما جعل الدولة تنهج سياسة إدارية تقوم على المزيد من مراقبة السكان عن طريق التقسيم‬
‫اإلداري‪ ،‬وبالتالي فالتقسيم الترابي في هذا اإلطار يندرج ضمن المقاربة األمنية للدولة‪،‬‬
‫حيث يمكنها من مراقبة الوحدات الترابية والتحكم فيها عن طريق ممثليها‪ .‬كما نجد أيضا‬
‫في إطار تقييمنا للتقطيع الجهوي‪ ،‬أن األسماء التي منحت للجهات ال تتطابق مع‬

‫‪ -16‬تقرير اللجنة اإلستشارية حول الجهوية المتقدمة‪ ،‬منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪،‬‬
‫سلسلة''نصوص ووثائق''‪ ،‬عدد‪ ،810‬الطبعة األولى ‪.8100‬‬
‫‪ -17‬غرابي يوسف‪ ،‬التقطيع الترابي‪ :‬أية سياسة تدبيرية في بلورة التنمية الجهوية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في‬
‫القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و اإلجتم اعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬مراكش‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ ،8109/8106‬ص‪.6:‬‬
‫‪ -18‬تقرير اللجنة اإلستشارية حول الجهوية المتقدمة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.68 :‬‬

‫‪12‬‬
‫خصائص المجاالت الترابية حيث يالحظ عدم تجانس الخصوصيات التاريخية والثقافية‬
‫والجغرافية مع اإلسم الذي منح لكل جهة وهذا من شأنه كبح معطى ترسيخ هوية جهوية‬
‫متميزة‪ ،‬حيث أن الجهات المستقطبة حضريا تمت تسميتها بأسماء مدنها الكبرى‪ ،‬ما عدا‬
‫جهة ''سوس‪ -‬ماسة'' والتي سميت بناء على معطيات طبيعية وقبلية‪ ،‬وبالتالي كان على‬
‫أن تقترح أسماء تراعي‬ ‫‪19‬‬
‫الحكومة من خالل مرسومها القاضي بتقطيع المجال الجهوي‪،‬‬
‫اإلعتبارات التاريخية والثقافية ومتطلبات اإلنفتاح على المحيط الخارجي‪.‬‬
‫كما يستدعي األمر منا أيضا الوقوف عند توصية اللجنة اإلستشارية بتقليص عدد‬
‫الجهات‪ ،‬مما سينتج عنه بعث القوة والدينامية في البنيات الجهوية الكبرى‪ ،‬ولعب دور‬
‫الوسيط بين الدولة والجماعات الترابية األخرى‪ ،‬لكننا نصطدم بكون هذا التقليص لم‬
‫يتجاوز ‪ 81‬بالمائة وفق اإلنتقال من ستة عشر جهة إلى إثني عشر جهة‪ ،‬وبالتالي فهذا‬
‫التعديل لم يكن إال جزئيا في أساسه‪ ،‬ولم يتجه صوب إعادة النظر الفعلي في المشهد‬
‫الترابي‪ ،‬إذ كان من المنتظر تقليص عدد الجهات إلى النصف تماشيا مع مقترحات أغلب‬
‫األحزاب السياسية والهيئات النقابية وهيئات المجتمع المدني‪ ،20‬وكان بوسعه من وجهة‬
‫نظرنا‪ ،‬أن يحقق القوة الترابية من خالل تحقيق التكامل والتقليص من الفوارق المجالية‬
‫بين المناطق الغنية والفقيرة والدفع بعجلة التنمية المندمجة وبالتالي تدعيم رهان إلتقائية‬
‫السياسات‪.‬‬
‫إن تعامل التقطيع الجهوي الجديد مع واقع الفوارق المجالية يجعلنا نسجل توفر‬
‫بعض الجهات على بنيات تحتية مهمة وتمركز النخب بها‪ ،‬وهو ما يجسده الشريط‬
‫الساحلي بين القنيطرة والرباط‪ ،‬الذي يزخر بموارده اإلقتصادية ويعرف تمركز النخب‬

‫مرسوم رقم ‪ 8.01.11‬بتحديد عدد الجهات وتسمياتها ومراكزها والعماالت واألقاليم المكونة لها‪ ،‬الصادر‬ ‫‪19‬‬

‫بتاريخ فاتح جمادى االولى ‪ 81(0136‬فبراير ‪ ،)8101‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6311‬بتاريخ ‪01‬‬
‫جمادى االولى‪ 1(0136‬مارس ‪ ،)8101‬ص‪0026:‬‬
‫‪ -20‬ملوكي رشيد‪ ،‬التقطيع الجهوي بالمغرب قراءة في سياق التحول و إستشراف أفق الجهوية المتقدمة‪ ،‬أطروحة‬
‫لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة الحسن األول‪ ،‬سطات‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية‪ ،8106/8101 ،‬ص‪.821 :‬‬

‫‪18‬‬
‫الوطنية‪ ،‬مما سيجعل منه نقطة جذب تتسم بالدينامية اإلقتصادية‪ ،‬في حين أن الجهات‬
‫األخرى ستبقى بعيدة كل البعد‪ ،‬من أن تنال نفس اإلهتمام‪ ،‬مما سينتج عنه عدم إنسجام‬
‫الوضع الترابي الجهوي‪ ،‬ألن الرهانات االقتصادية واالجتماعية الملقاة على عاتق الجهات‬
‫من شأنها أن تحول دون جعل الجهة وحدة مجالية متماسكة‪ ،‬وبالتالي فاألمر سيصعب‬
‫من تحقيق اإللتقائية واإلنسجام والتكامل بين الوحدات الترابية المكونة لها‪ ،‬هذا فضال عن‬
‫التباين في التوزيع السكاني‪ ،‬وينجم عن ذلك خلق وحدات جهوية بأحجام جد متفاوتة‪ ،‬إذ‬
‫نجد مجموعات تضم جهات كبيرة الحجم تحتوي على ساكنة تتجاوز عتبة ‪ 6‬مليون نسمة‬
‫وهي جهة الدار البيضاء‪-‬سطات‪ ،‬وعلى النقيض من ذلك نجد أصغر جهة بالمغرب‬
‫وهي جهة الداخلة‪-‬وادي الذهب‪ ،‬التي ال تحتوي سوى على ساكنة ال تتجاوز ‪ 018‬ألف‬
‫نسمة‪ ،‬مما يؤدي لخلق جهات غير متكاملة وغير منسجمة بسبب التقسيمات غير‬
‫العقالنية‪ .21‬فكيف يمكن لنا الحديث عن إلتقائية السياسات العمومية على المستوى‬
‫الترابي في ظل هذه المعيقات التي ترتبت عن التقسيم الجهوي الجديد‪ ،‬الذي أفرز لنا ما‬
‫يسمى بالجهوية المتقدمة‪ ،‬وهذا ما يدفعنا كباحثين لطرح وجهة نظرنا‪ ،‬حول ضرورة إعادة‬
‫النظر في الوضع الترابي من خالل إصالح جذري للتقطيع الجهوي‪ ،‬خاصة ونحن في‬
‫أفق بلورة نموذج تنموي جديد للبالد‪ ،‬والذي حتما سيصطدم بهذه اإلشكاالت‪ ،‬على أن‬
‫يراعى في هذا اإلصالح تكريس مبادئ التجانس والتناغم والتوزيع العادل للثروات‬
‫المجالية‪ ،‬وفق منهجية محكمة تعتمد على التخطيط الحديث للتنمية الترابية والمصالحة‬
‫والتفاعل بين السياسي من جهة‪ ،‬واإلقتصادي واإلجتماعي من جهة ثانية‪ ،‬حتى يتسنى‬
‫لنا الحديث ع ن دور الجهات في إعداد المخططات والبرامج والتصاميم‪ ،‬وتناغمها‬
‫وإندماجها وإلتقائيتها مع المخططات والتصاميم الوطنية في إطار السياسة اإلستراتيجية‬
‫العامة للدولة‪.‬‬

‫‪ -21‬متوكل محمد‪ ،‬التقسيم الجهوي الجديد بالمغرب بين هدف ضبط المجال ورهان تنميته‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة إبن زهر‪ ،‬أكادير‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ ،8109/8106‬ص‪.011-99 :‬‬

‫‪18‬‬
‫إن عملية صياغة الخريطة الترابية الجهوية يجب أن تهدف في األساس إلى تأهيل‬
‫التراب وخلق شروط تحقيق اإللتقائية الترابية المنشودة‪ ،‬التي شكلت مخرجات لجل األجوبة‬
‫المقدمة من طرف رئيس الحكومة في مناسبات متعددة‪ ،‬وكانت الموضوع األهم لورشات‬
‫المناظرة الوطنية األولى للجهوية المتقدمة‪ ،22‬وذلك من خالل تقسيم جهوي فاعل وناجح‬
‫يتأسس على الثوابت الوطنية ويوظف الخصوصيات المحلية قصد توفير الشروط المثلى‬
‫لضمان تحقيق إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي‪ ،‬ومن هذا المنطلق‬
‫ولتجاوز جوانب القصور في التقسيم الحالي‪ ،‬ومن أجل تدعيم نجاعة اإلطار الترابي‬
‫الجهوي‪ ،‬نقترح أن يتم اإلرتكاز على التكامالت االقتصادية بحكم تنوع الموارد المجالية‬
‫للتراب‪ ،‬من أجل ضمان تنافسية إقتصادية جهوية متينة‪ ،‬ينتج عنها إعداد برامج ومشاريع‬
‫ومخططات إنمائية وتوفير مناخ مالئم لإلستثمار‪ ،‬للحيلولة دون ضياع الفرص وإهدار‬
‫الجهد والوقت والمال في برامج ومشاريع عقيمة يصعب تنفيذها بسبب إنعدام التكامل‬
‫اإلقتصادي على مستوى الجهة‪ .‬كما يجب أن يكون تدبير التراب ''مقاوالتيا'' حتى نتمكن‬
‫من تحقيق التفاعل والتنافس والتبادل واإللتقاء ونهج سياسة التدبير العمومي الجديد‪،‬‬
‫وبالتالي تحقيق اإلندماج الترابي بين الوحدات الترابية المكونة للجهة‪ ،‬هذا عالوة على‬
‫ضرورة المزج بين نطاقات ترابية متقدمة وأخرى ال تصل إلى مستوى تحقيق ولو جزء‬
‫يسير من التنمية‪ ،‬إذ كيف يعقل أن نطالب الجهات بإعداد برامج التنمية الجهوية‪،‬‬
‫والتصاميم الجهوية إلعداد التراب‪ ،‬وبرامج عمل الجماعة‪ ،‬وبرنامج تنمية العمالة أو‬
‫اإلقليم‪ ،‬في إلتقائية وتناغم وإنسجام مع المخططات والتصاميم الوطنية‪ ،‬في ظل تواجد‬
‫جهات تعيش على وقع التبعية واإلنعزال وعدم القدرة على التخطيط والبرمجة وأخص‬
‫بالذكر مثال‪ ،‬جهة ''درعة‪-‬تافياللت'' ‪ ،‬فعلى الرغم مما يمكن أن يوفره صندوق التضامن‬
‫بين الجهات من دعم‪ ،‬إال أن الجهة يجب أن تولد بما لها من إمكانيات دون البقاء في‬

‫‪ -22‬المناظرة الوطنية االولى للجهوية المتقدمة المنظمة من طرف و ازرة الداخلية بشراكة مع جمعية جهات المغرب‬
‫بمدينة أكادير يومي ‪ 81‬و ‪ 80‬دجنبر ‪.8109‬‬

‫‪21‬‬
‫تبعية إقتصادية ومالية للمركز‪ ،‬وإال فالحديث عن إلتقائية السياسات العمومية الترابية من‬
‫وجهة نظرنا سيكون صعب المنال‪.‬‬
‫إن الجهوية هي تراكم ينبغي أن يتحقق بشكل تدريجي بشراكة مع مختلف الفاعلين‬
‫وفق رؤية شمولية تروم اإلصالح على مستوى الهياكل وتنظيمات الدولة بغية جعل‬
‫التقطيع الجهوي المحرك والمحفز األساسي إلعادة تموقع الكيان الدولتي على المستوى‬
‫وبالتالي تكون الالمركزية‪ ،‬والالتمركز اإلداري ركيزة لتوازن مؤسساتي‪ ،‬وذلك‬ ‫‪23‬‬
‫الترابي‪،‬‬
‫بإعادة تحديد اإلشكالية التي الزمت تعامل الدولة مع آلية التقطيع الترابي لكونها قد‬
‫كرست لواقع الد ولة المركزية بكل هواجسها األمنية‪ ،‬وبقيت عاجزة عن إحداث بنيات ترابية‬
‫فاعلة ذات صالحيات تقريرية واسعة‪ ،‬تعكس حل إشكالية تقاسم األدوار وتحديد‬
‫‪24‬‬
‫المسؤوليات بين المركز والمحيط‪ ،‬بغية تحقيق اإللتقائية المنشودة‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التحديد الواضح لمبدأأ التدبير الحر وموقعه من تحقيق الإلتقائية‪.‬‬
‫لم تكن الدساتير المغربية السابقة تعترف للجماعات الترابية بأي نوع من حرية‬
‫التدبير‪ ،‬بل كانت تقيد صالحياتها في ما يتعلق بتنفيذ ق ارراتها‪ ،‬إذ كان العمال هم من‬
‫يتولون صالحية تنفيذها‪ ،‬ولم يتم تبني التدبير الحر للجماعات الترابية‪ ،‬إال مع‬
‫دستور‪ ،258100‬ولم يدخل هذا المبدأ مجال الممارسة إال بعد نشر القوانين التنظيمية‬
‫للجماعات الترابية وتشكيل مجالسها بعد إنتخابات ‪ 1‬شتنبر ‪.8101‬‬

‫‪ - 23‬ملوكي رشيد‪ ،‬التقطيع الجهوي ومسلسل التشكل الترابي بالمغرب‪ -‬السياقات‪.‬الوظائف‪.‬واألبعاد‪ ،‬مكتبة االمنية‪،‬‬
‫الرباط‪ ،8109 ،‬ص‪.031:‬‬
‫‪ -24‬كابغير محمد‪ ،‬دراسة عالقة الدولة المركزية بالمجال الترابي المغربي بعد ‪ 8100‬في ضوء نظريتي المركز‪-‬‬
‫المحيط وإعادة اإلنتاج‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪،‬‬
‫جامعة إبن زهر‪ ،‬أكادير‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،8102/8109‬ص‪.96-91:‬‬
‫‪ -25‬دستور ‪ 8100‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف ‪ 0.00.90‬بتاريخ ‪ 89‬شعبان ‪ 89 (0138‬يوليوز ‪،)8100‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪1961‬مكرر‪ ،‬بتاريخ ‪ 82‬شعبان ‪ 31(0138‬يوليوز‪ ،8100‬ص‪.3611:‬‬

‫‪21‬‬
‫إن إعتماد هذا المبدأ في الدستور الجديد‪ ،‬يشكل تحوال نوعيا في تصور الدولة‬
‫لعالقتها بالجماعات الترابية‪ ،‬مما يؤسس ل إلنتقال من جهات الدولة إلى دولة الجهات‪،‬‬
‫ومن العماالت واألقاليم المؤطرة بمقاربات أمنية إلى واقع جديد أملته الحاجيات اإلجتماعية‬
‫واإلقتصادية لعموم الساكنة‪ ،‬ومن جماعات ترابية ذات مهام ووظائف متصلة أساسا‬
‫باإلشهاد اإلداري إلى مؤسسات قائمة الذات مهتمة بسياسات القرب‪ ،‬مما يستوجب معه‬
‫إعادة النظر كليا في منظومة العالقة بين الدولة والجماعات الترابية من أجل التنزيل‬
‫‪26‬‬
‫الحقيقي لورش الجهوية المتقدمة‪.‬‬
‫إن الفصل ‪ 036‬من دستور ‪ 8100‬قد إعتبر مبدأ التدبير الحر من ركائز التنظيم‬
‫الترابي‪ ،‬وترك تحديد مبادئه وقواعد تطبيقه للقوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية‪،‬‬
‫والتي ربطت تطبيقه بقواعد الحكامة الجيدة‪ ،‬وبالتالي يمكننا القول أن مبدأ التدبير الحر‬
‫جاء مبهما في الدستور ولم يتسم بالوضوح الكافي والالزم لنقل جوهره إلى القوانين‬
‫التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬وهذا في حد ذاته إشكال‪ ،‬وبالتالي فإن مساءلة مواد الدستور‪،‬‬
‫قصد تكوين فكرة واضحة عن معنى مبدأ التدبير الحر‪ ،‬وحدود تأطيره لكيفية أداء وإشتغال‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬قد بات يستدعي في مرحلة الحقة اإلنكباب على فحوى القوانين‬
‫التنظيمية بهذا الخصوص‪ ،‬للوقوف على آليات تعاطيها مع تنزيله على أرض الواقع‪،27‬‬
‫لنستطيع بذلك تقييم هذا التعاطي ونحدد مدى الترجمة الفعلية للمبدأ الدستوري على‬
‫مستوى القوانين التنظيمية‪ ،‬كي نؤكد أو ننفي مدى إسهامه في تحقيق إلتقائية السياسات‬
‫العمومية الترابية ونبحث عن مكامن الضعف والقصور ونقدم مقترحات نرى من وجهة‬
‫نظرنا‪ ،‬أنها ستدعم التنزيل الحقيقي للمبدأ وبالتالي اإلسهام في تحقيق اإللتقائية‪.‬‬

‫‪ -26‬يحيا محمد‪ ،‬مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية بين التفسيرين الضيق والواسع في القانون الدستوري واإلداري‬
‫المغربيين‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية‪ ،‬العدد ‪ ،8109 ،033‬ص‪.03:‬‬
‫‪ -27‬اليعقوبي محمد‪ ،‬المفهوم الدستوري للتدبير الحر بالمغرب‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،013‬نونبر – دجنبر ‪ ،8102‬ص‪.89-86 :‬‬

‫‪22‬‬
‫وبالرجوع إلى المقتضيات القانونية المؤطرة للجماعات الترابية‪ ،‬والوقوف عند بنيتها‪،‬‬
‫نجد أن المقتضيات المتعلقة بمبدأ التدبير الحر قد جاءت في خاتمة القوانين التنظيمية‪،‬‬
‫إذ نجدها في الباب الثامن بالنسبة للقانون التنظيمي المتعلق بالجهات والجماعات‪ ،‬وفي‬
‫الباب السابع بالنسبة للقانون التنظيمي المتعلق بالعماالت واألقاليم‪ ،‬مما يدفعنا لتسجيل‬
‫مالحظة شكلية هامة‪ ،‬تتمثل في كون المشرع قد عكس ربما عن قصد أو عن جهل‪،‬‬
‫ضعف األهمية التي أوالها لهذا المبدأ الدستوري الداعم لتطوير الالمركزية‪ ،‬هذا خالفا‬
‫لما ذهب إليه التشريع الفرنسي الذي منح لمبدأ التدبير الحر مكانة جد متقدمة‪ ،‬إذ أدرج‬
‫مقتضياته على مستوى صدارة المدونة العامة للجماعات الترابية‪ ،‬ونفس اإلهتمام تبناه‬
‫‪28‬‬
‫المشرع التونسي أيضا‪ ،‬إذ أدرج مبدأ التدبير الحر في مستهل مجلة الجماعات المحلية‪.‬‬
‫ومن خالل هذه المالحظة يمكننا أن نستنتج أن المشرع المغربي لم يولي أهمية للمبدأ‬
‫الدستوري من الناحية الشكلية‪ ،‬مما يفيد ضمنيا أنه لم يوظف حمولته اإليجابية كاملة في‬
‫تنزيله لمبدأ التدبير الحر‪ ،‬وبالتالي يصعب الحديث على تحقيق إلتقائية السياسات‬
‫ا لعمومية الترابية في ظل التقييد من حرية الجماعات الترابية في تدبير شؤونها‪ ،‬والتقرير‬
‫في برامجها ومشاريعها‪ ،‬بل حتى اللغة التشريعية المستعملة في صياغة المقتضيات‬
‫المتعلقة بحسن تطبيق مبدأ التدبير الحر‪ ،‬نجد أن المشرع إستعمل كثي ار مجموعة من‬
‫المفاهيم التي تفيد اإللزام والتقييد مثل‪ :‬يتعين‪ ،‬التقيد‪ ،‬يجب‪...‬إلخ‪ ،‬في مقابل غياب أية‬
‫عبارة تفيد حرية أو إستقاللية الجماعات الترابية في تدبير شؤونها بشكل صريح وواضح‬
‫بمعزل عن عبارات التقييد‪ ،‬وهذا ما نستنتجه بالملموس من خالل محتويات المقتضيات‬
‫الواردة في القوانين التنظيمية الثالث المؤطرة للجماعات الترابية‪.‬‬
‫إن التدبير الحر للجماعات الترابية يقتضي بالضرورة أن تكون المجالس المنتخبة‬
‫قادرة على تجسيد إلتزاماتها‪ ،‬وأن تتوفر على صالحيات تقريرية حقيقية وفعلية متناسبة‬
‫مع حجمها وسياقها‪ ،‬ال أن تكون اإلدارة الفعلية بيد السلطة المركزية‪ ،‬فهنا ال يمكن‬

‫‪ -28‬عبدي مصطفى‪ ،‬نشأة و تطور مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية في التشريعين الفرنسي و المغربي‪ ،‬المجلة‬
‫المغربية لإلدارة المحلية و التنمية‪ ،‬العدد ‪ ،010-011‬يناير‪ -‬أبريل ‪ ،8181‬ص‪.092:‬‬

‫‪23‬‬
‫الحديث عن تدبير ديموقراطي مبني على مبدأ التدبير الحر‪ ،‬مما يفيد أن التدبير‬
‫الديموقراطي يتنافى مع مجرد إقرار اختصاصات غير قابلة للتجسيد العملي‪ ،‬ونشير هنا‬
‫إلى عالقة التدبير الحر باإلستقالل المالي‪ ،‬ومدى قدرة الجماعات الترابية على التصرف‬
‫في الموارد والتقرير فيها بكل إستقاللية‪ ،‬فبدون إستقالل مالي ال يمكن لها تفعيل سياساتها‬
‫االقتصادية واإلجتماعية بالشكل المطلوب بل ويؤدي ذلك إلى تراخي هذه المجالس في‬
‫أداء مهامها‪ ،‬مما يؤدي لبطئ تنفيذ برامجها بل وضياع الفرص التنموية في مقابل إهدار‬
‫الجهد والطاقات والمال دون تحقيق نتيجة تذكر‪ ،‬ويؤدي بالتالي كنتيجة منطقية إلى غياب‬
‫اإللتقائية في البرامج والمشاريع والمخططات‪ ،‬بل والتعثر في تنفيذها‪ ،‬ألن تركيبة الموارد‬
‫الخاصة والمحولة يمكن أن تمس بمبدأ التدبير الحر‪ ،‬الذي يرتبط أساسا بوجود سلطة‬
‫مالية وجبائية مستقلة وليس بتدبير الوسائل المالية ذات األصل الخارجي‪ ،‬وهو ما يعني‬
‫أنه ال يمكن إطالقا الحديث عن قدرة الجماعات الترابية على تدبير اختصاصاتها في‬
‫غياب موارد ذاتية مستقلة وتقييد حريتها في استعمالها وتخصيصها‪ 29.‬ونجد هذا اإلشكال‬
‫جليا‪ ،‬فيما يخص المق اررات المتعلقة بالميزانية والمقررات ذات الوقع المالي على النفقات‬
‫والمداخيل الخاصة بالجهات‪ ،‬إذ ال تكون قابلة للتنفيذ إال بعد التأشير عليها من قبل‬
‫السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية داخل أجل ‪ 81‬يوما من تاريخ التوصل بها من طرف‬
‫رئيس المجلس‪ ،30‬كما أن ميزانية الجهة التي يتولى الرئيس إعدادها تبقى خاضعة لتأشيرة‬
‫السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية لتدخل حيز التنفيذ‪ 31‬ونفس الشيء ينطبق على مجالس‬
‫العماالت واألقاليم‪ ،‬والجماعات‪ ،‬إذ نجدها أيضا خاضعة لتأشيرة العامل‪ ،‬مما يشكل‬

‫‪ -29‬زعنون عبد الرفيع‪ ،‬تدبير التنمية الترابية بالمغرب‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪،8181 ،‬‬
‫ص‪.81-81:‬‬
‫‪ -30‬المادة ‪ 001‬من القانون التنظيمي‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪.‬‬
‫‪ -31‬المادة ‪ 818‬من القانون التنظيمي‪ 000.01‬المتعلق بالجهات‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫إخالال بمبدأ التدبير الحر الذي يفترض فيه اإلنتقال من ميزانية الوسائل إلى ميزانية‬
‫النتائج‪.32‬‬
‫إن هذه المقتضيات التي تعزز إستمرار المراقبة القبلية للق اررات المرتبطة بمالية‬
‫الجهة‪ ،‬وإن كانت تستمد مشروعيتها من هشاشة ''النخبة السياسية'' على مستوى مجالس‬
‫الجهات والجماعات الترابية عموما‪ ،‬وعدم مقدرتها على التدبير والتسيير‪ ،‬بل والتخبط‬
‫حتى في طريقة التعامل مع النصوص القانونية التنظيمية والمراسيم التطبيقية وفهم‬
‫مضامينها‪ ،‬إال أن األمر يتطلب تأهيل هذه النخب وإعادة النظر في محددات التنخيب‬
‫وشروط تولي منصب رئاسة الجماعات الترابية‪ ،‬وذلك من خالل تبني معيار الكفاءة‬
‫والتكوين العالي‪ ،‬والتنخيب المبني على تراكم في التدبير والتسيير‪ ،‬كمحدد لقيادة مجالس‬
‫الجماعات الترابية كما سنرى في دراستنا للمدخل البشري‪/‬التأهيلي في الفصل الثاني من‬
‫هذه الرسالة‪ ،‬بدل السعي إلفراغ مبدأ التدبير الحر من حمولته الديمقراطية‪ ،‬وتكريس هيمنة‬
‫و ازرة الداخلية على مجالس الجماعات الترابية تحت ذريعة اإلفتقار إلى المؤهالت‬
‫والكفاءات‪.‬‬
‫إن العالقة بين مبدأ التدبير الحر وتحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪ ،‬تكمن‬
‫في كون السعي إلى تحقيق هذه األخيرة رهين بتوفر الجماعات الترابية على إمكانيات‬
‫تحرك‪ ،‬وحرية عمل واسعة في تصور وبرمجة وتنفيذ المخططات والبرامج التنموية‪ ،‬التي‬
‫هي مناط الالمركزية‪ ،‬ومبرر وجودها‪ ،‬وعلى إشراف المنتخبين على تدبير الشؤون‬
‫اإلستراتيجية والقضايا المهمة بكل حرية وديمقراطية‪ ،‬وليس فقط السهر على تسيير‬
‫الشؤون الروتينية التي هي من صميم العمل اإلداري‪ ،‬بل المطلوب وجود بصمة واضحة‬
‫للعقل السياسي في تخطيط وتدبير وتنفيذ برامج التنمية الترابية لحل المشاكل العمومية‬

‫‪ -32‬معمر المصطفى‪'' ،‬الالمركزية والتمويل الذاتي للجماعات الترابية قراءة في القانون التنظيمي للجهة''‪ ،‬المركز‬
‫المغربي للبحث والدراسات الترابية‪ ،‬سلسلة الندوات حول التمويل الترابي بالمغرب‪ ،‬العدد االول‪،8109 ،‬‬
‫ص‪.61:‬‬

‫‪21‬‬
‫على المستوى الترابي وتحقيق تطلعات الساكنة الترابية‪ ،‬وهو األمر الذي يتعذر القيام به‬
‫‪33‬‬
‫دون تحصين قانوني لحرية المبادرة وإمكانية الفعل الحر‪.‬‬
‫إن مبدأ التدبير الحر على مستوى عالقة الجماعات الترابية بمستوياتها الثالث قد‬
‫تكرس بمقتضى الفصل ‪ 013‬من الدستور‪ ،‬والذي قيد الجماعات الترابية من أن تمارس‬
‫الوصاية على بعضها البعض‪ ،‬إذ أن الفصل الدستوري بدأ بتحديد القيد أوال '' ال يجوز‬
‫ألي جماعة ترابية أن تمارس وصايتها على جماعة أخرى''‪ ،‬وبعد ذلك قام بتحديد المبدأ‬
‫'' تتبوأ الجهة‪ ،‬تحت إشراف رئيس مجلسها‪ ،‬مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات األخرى''‪،‬‬
‫وفي إعتقادنا أن هذه الصياغة جاءت لتدعيم مبدأ التدبير الحر وعدم وصاية جماعة‬
‫ترابية على جماعة ترابية أخرى‪ ،‬وبالتالي جعل الوصاية إختصاصا حصريا للدولة في‬
‫عالقتها بالجماعات الترابية‪ ،‬لكن هنا نتساءل‪ ،‬هل المشرع حرص على ضبط مبدأ التدبير‬
‫الحر إنطالقا من حرصه على إستقاللية الجماعات الترابية‪ ،‬أم أن سبب ذلك راجع لحرصه‬
‫على إحتكار الدولة للوصاية عليها‪ ،‬خاصة وأن نفس المقتضى كان حاض ار في قانون‬
‫‪35‬‬
‫من خالل المادة الخامسة‪.‬‬ ‫‪34‬‬
‫الجهات السابق‬
‫إن منح الجماعات الترابية إستقاللية فعلية في تدبير شؤونها والتنزيل السليم لمضامين‬
‫مبدأ التدبير الحر على مستوى القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬يعتبر مطلبا ملحا‬
‫في الوقت الراهن‪ ،‬مما يستلزم حسب رأينا‪ ،‬ضرورة العمل على تحيين وتعديل هذه القوانين‪،‬‬
‫وربما جمعها في مدونة واحدة للجماعات الترابية إقتداء بالتجربة الفرنسية في هذا المجال‪،‬‬
‫وإعتماد آ ليات ومبادئ أكثر تطو ار وتقدما‪ ،‬كعرض الجماعات الترابية بعض مشاريع‬
‫مداوالتها لإلستفتاء المحلي من أجل إتخاذ القرار فيه‪ ،‬هذه اآللية تمثل امتدادا وبعدا آخر‬

‫‪- Ahmed BOUACHIK:’’ la régionalisation avancée dans la Constitution Maroaine de 2011’’,‬‬


‫‪33‬‬

‫‪Remald, n°82, 2013,p :230.‬‬


‫‪ -34‬القانون رقم ‪ 19.96‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 0.99.21‬بتاريخ ‪ 83‬ذي القعدة ‪ 8( 0109‬أبريل‬
‫‪ ،)0999‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 1191‬بتاريخ ‪ 81‬ذي القعدة ‪ 1 ( 0109‬أبريل ‪ ،)0999‬ص‪.116:‬‬
‫‪ -35‬نصت الفقرة الثانية من المادة الخامسة على ما يلي‪ ...'' :‬ال يمكن أن يؤدي التعاون فيما بين الجهات أو‬
‫بينها وبين جماعات محلية أخرى إلى إقامة وصاية لجماعة على جماعة أخرى''‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫لمبدأ التدبير الحر من خالل إشراك المواطنات والمواطنين في تدبير شؤونهم بشكل مباشر‬
‫والعمل على دسترة آ لية اإلستفتاء المحلي‪ ،‬مما يدعم إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪،‬‬
‫وقدرتها على حل المشاكل العمومية نظ ار لقيامها على تشخيص متطلبات الساكنة الترابية‬
‫عبر إعمال آلية اإلستفتاء المحلي‪ ،‬هذا عالوة على ضرورة توضيح كيفية ممارسة‬
‫اإلختصاصات المشتركة والمفوضة سواء من الدولة إلى الجماعات الترابية‪ ،‬أو من جماعة‬
‫ترابية إلى أخرى‪ ،‬في إطار مبدأ التدبير الحر بدل التركيز على إلزام مجالس الجماعات‬
‫الترابية بالتقيد بمبادئ الحكامة الجيدة على حساب مبدأ التدبير الحر‪ ،‬وإعتبار آليات‬
‫‪36‬‬
‫المحاسبة الديمقراطية هي الوحيدة المعمول بها في تقييم حصيلة ونتائج عمل المجالس‪.‬‬
‫لقد شكلت المدونة العامة للجماعات الترابية الفرنسية‪ ،‬ترجمة فعلية لمبدأ التدبير‬
‫الحر بمالمستها لجوهر المبدأ على مستوى المقتضيات التشريعية التي تحكم تطبيقه‬
‫وممارسته‪ ،‬مقارنة بالمشرع المغربي الذي إقتبس المبدأ من التشريع الفرنسي‪ ،‬لكن في‬
‫مقابل إفراغه من حمولته‪ ،‬وعمل على طمس معالمه ومبادئه الجوهرية عندما قام بخلط‬
‫وإقحام المبادئ العامة للحكامة الجيدة بمبدأ التدبير الحر في القوانين التنظيمية للجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬مما أدى إلى إقرار مبدأ دستوري فارغ من حيث المعنى والنطاق‪ ،‬مما شكل‬
‫ضبابية مفرطة في فهمه على مستوى النص والممارسة‪ ،‬وشكل عرقلة حقيقية تواجه‬
‫مطمح تحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪ ،‬في ظل اإلنتهاك والتعدي الممارس‬
‫من طرف السلطة التنفيذية ممثلة في سلطة الوالة والعامال عند ممارسة الجماعات الترابية‬
‫‪37‬‬
‫لإلختصاصات المسندة إليها بموجب القانون‪.‬‬

‫‪ -36‬اليعقوبي محمد‪'' ،‬األسس الدستورية لالمركزية و الجهوية المتقدمة بالمغرب''‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬
‫و التنمية‪ ،‬العدد‪ ،039‬نفمبر– دجنبر ‪ ،8109‬ص‪.81-83-88:‬‬
‫‪ -37‬عبدي مصطفى‪ ،‬نشأة و تطور مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية في التشريعين الفرنسي والمغربي‪ ،‬مرجع‬
‫سابق ‪ ،‬ص‪.813:‬‬

‫‪22‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ضبط س ياسة التفريع وإاصالح المنظومة الجبائية كرهان لتحقيق الإلتقائية‪.‬‬
‫من أجل بلوغ رهان إلتقائية السياسات العمومية الترابية بإعتماد المدخل القانوني‬
‫كدعامة لتحقيق ذلك‪ ،‬بات على المشرع العمل على التحديد الدقيق لإلختصاصات التي‬
‫نسجل غموضا يكتنفها مما يؤدي للتخبط وعدم الفهم الصحيح لمدى وأبعاد التدخل‬
‫العمومي‪ ،‬مما يشكل عرقلة لتحقيق رهان اإللتقائية(الفقرة األولى)‪ ،‬كما أن النظام الجبائي‬
‫تكتنفه تقاطعات كثيرة ويشكل بالتالي عائقا أمام تنمية موارد الجماعات الترابية بسبب‬
‫إعتماد معايير غير سليمة في توزيع مساهمات الدولة‪ ،‬وتجاهل تضريب بعض القطاعات‪،‬‬
‫مما يؤدي إلفقار موارد الجماعات الترابية(الفقرة الثانية)‬

‫الفقرة الأولى‪ :‬على مس توى مبدأأ التفريع وتوزيع الإختصاصات الترابية‪.‬‬


‫لقد تبنى المغرب الصيغة الفرنسية القديمة في تنظيم العالقات بين مجاالت عمل‬
‫الدولة والجماعات الترابية‪ ،‬رغم كون المشرع الفرنسي تراجع منذ إصالح ‪ 0928‬عن‬
‫إعتماد أسلوب تعميم اإل ختصاصات والسماح للجماعات الترابية بالتدخل في كل المجاالت‬
‫وإعتمد على التحديد الحصري لإلختصاصات المحلية لكل مستوى على حدة‪ ،‬إال أن هذه‬
‫اإلصالحات لم يجاريها المشرع المغربي الذي ظل متشبثا بالصيغة العامة كتقنية جامدة‬
‫وثابتة‪ ،‬حيث لم يتضمن اإلطار القانوني لالمركزية أية تمايزات فيما يخص اختصاصات‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬تبعا لخصوصياتها أو لطبيعة مستواها الترابي‪ ،‬بل ودون السماح‬
‫للمستوى الترابي بتنظيم نفسه بشكل مستقل عن الدولة‪ ،‬وهكذا فإن القوانين التنظيمية‬
‫للجماعات الترابية قد حددت إختصاصات تسري على جميع الوحدات الترابية بكيفية‬
‫غامضة وفق مبدأ التفريع‪ ،‬شكلت بذلك إعاقة حقيقية للتدبير الترابي‪ ،‬من خالل اإلرتباك‬
‫المنهجي والتقني في الصياغة القانونية مما يوحي بغياب الدقة في ضبط اإلختصاصات‬
‫المتسمة بالتنوع وشمولية المقاربات التي وضعت وفقها الصالحيات الخاصة بكل مستوى‬

‫‪28‬‬
‫فدعم المق اوالت مثال‪ ،‬هو اختصاص تتقاسمه الدولة وباقي الجماعات الترابية‬ ‫‪38‬‬
‫ترابي‪.‬‬
‫والمؤسسات العمومية ووكاالت التنمية الجهوية‪ ،‬دون التحديد الدقيق ألوجه التدخل الذي‬
‫تعنى به الجماعات الترابية‪ .‬مما يجعلنا نتساءل‪ ،‬هل هو تدخل تقني أم لوجستيكي أم‬
‫مالي جبائي‪ ،‬بل حتى من خالل عبارات فضف اضة غامضة مثل‪'' :‬اإلسهام في تحقيق‬
‫التنمية المستدامة''‪ ،‬مع ما تطرحه طبيعة هذه المساهمة ومداها من تساءالت وإشكاالت‪،‬‬
‫وعلى الرغم من كون القانون التنظيمي المتعلق بالجهات قد خص هذه األخيرة بالتخصص‬
‫في مجال التنمية اإلقتصادية‪ ،‬فإن نفس االختصاص تقريبا تقوم به باقي الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬مما يشكل ضبابية في الفهم الدقيق لالختصاصات ومجال التدخل‪ ،‬وبالتالي فإننا‬
‫نرى أن تجاوز المشرع المغربي لهذه التداخالت والتقاطعات وما يترتب عنها من تعثر‬
‫البرامج والمشاريع التنموية وعدم القدرة على ترتيب المسؤوليات‪ ،‬بل واألكثر من ذلك‪،‬‬
‫تضييع الجهد والوقت والمال في برمجة مشروع إقتصادي أو اجتماعي من طرف أكثر‬
‫من جماعة ترابية لتحقيق نفس الهدف‪ ،‬بسبب التخبط الناتج عن غموض االختصاصات‬
‫ونوعية التدخل وضعف التنسيق بينها مما يؤدي لتعثر إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪،‬‬
‫لذلك بات من الواجب إصالح القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬وتحيينها بتبني‬
‫صياغة قانونية سليمة وواضحة قائمة على التحديد الدقيق لمجال تدخل كل مستوى ترابي‬
‫على حدة مع ضرورة تحديد أشكال هذا التدخل وتحديد المسؤوليات التي يتوالها كل‬
‫مستوى ترابي على حدة‪ ،‬بدل اإلعتماد على غموض اإلختصاصات وتعويضها بسلسلة‬
‫من الدوريات والمناشير‪ ،‬لتقرير إسناد اختصاص معين لوحدة ترابية معينة‪ ،‬مما يوحي‬
‫بأن هذا الغموض هي عملية مقصودة لتقليص تدخل الجماعات الترابية‪ ،‬وتوسيع مجال‬
‫تدخل السلطة المركزية وممثليها بحكم التأثير المستمر للمرجعية المركزية التي الزالت‬
‫تتحكم في بنيتها وعالقاتها‪ ،39‬مما سيجعل تحقيق مطمح التقائية السياسات العمومية‬

‫‪ -38‬يحيا محمد‪'' ،‬مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية بين التفسيرين الضيق والواسع في القانون الدستوري و‬
‫اإلداري المغربيين''‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11:‬‬
‫‪ -39‬زعنون عبد الرفيع‪ ،‬تدبير التنمية الترابية بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.063،‬‬

‫‪28‬‬
‫الترابية‪ ،‬التي باتت حاضرة كتوصيات شكلت مخرجات ألغلب المناظرات الوطنية وتقارير‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪ ،‬والمجلس األعلى للحسابات‪ ،‬بعيد المنال إن لم‬
‫تكن للدولة إرادة سياسية حقيقية للتغيير‪.‬‬
‫إن من بين األمثلة التي توصلنا اليها بعد الدراسة والبحث‪ ،‬والتي نؤكد من خاللها‬
‫توجهنا الرامي الى اعتبار التحديد الدقيق لالختصاصات‪ ،‬يعد مطلبا ملحا في سبيل‬
‫تحقيق إلتقائية التدخالت العمومية بصفة عامة‪ ،‬وتدخل الجماعات الترابية بصفة خاصة‪،‬‬
‫نقف هنا عند عدم اإلنسجام بين اختصاص الجهة‪ ،‬وبين البرامج الوطنية والجهوية في‬
‫قطاعي الشغل وانعاش التشغيل‪ ،‬إذ يهدف البرنامج الوطني المتمثل في ''المخطط الوطني‬
‫إلى إعتماد مقاربات محلية إلنعاش التشغيل مع‬ ‫‪40‬‬
‫للنهوض بالتشغيل ‪''8180-8109‬‬
‫كل الفاعلين المحليين‪ ،‬وتحسين قابلية تشغيل الباحثين عن العمل‪ ،‬ودعم التشغيل الذاتي‬
‫عبر اإللتقائية مع برامج الجماعات الترابية‪ ،‬والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬ومبادرات‬
‫المراكز الجهوية للتشغيل‪ ،‬وإحداث لجن جهوية ومحلية إلنعاش التشغيل‪ ،‬و إحداث‬
‫مجموعات عمل موضوعاتية مع إسناد ترأس اللجنة التي تعنى بالبعد الجهوي للتشغيل‬
‫لو ازرة الداخلية‪ ،‬هذا عالوة على برنامج ''مقاولتي'' الذي يهدف إلى دعم حاملي المشاريع‬
‫على المستوى الجهوي‪ ،‬وبرنامج ''إدماج'' الذي يهدف إلى تحسين قابلية تشغيل طالبي‬
‫العمل من حاملي الشهادات‪ .‬ومن خالل هذه المعطيات يمكننا الوقوف عند بعض‬
‫األعطاب الت ي تؤثر على السياسات العمومية الترابية وتعرقل تحقيق اإللتقائية‪ ،‬فيما يتعلق‬
‫بسياسات إنعاش التشغيل‪ ،‬والمتمثلة في عدم إنسجام هذه البرامج مع اإلختصاص الذاتي‬
‫للجهة في مجال التشغيل‪ ،‬فكيف نسمح إذن أن تضع الدولة برامج ومخططات وسياسات‬
‫عمومية في مجال التشغيل‪ ،‬وتقحم الجهات والجماعات الترابية األخرى في عدة مهام‬
‫ووظائف وفق أجندات زمنية محددة‪ ،‬دون إشراكها في بلورة وصياغة هذه السياسات‪ ،‬بل‬
‫وحتى التشاور معها في هذا المجال‪ ،‬بل وغياب نصوص قانونية في ترسانة القوانين‬

‫‪ -40‬تمت المصادقة عليه من طرف المجلس الحكومي المنعقد يوم ‪ 80‬شتنبر ‪.8109‬‬

‫‪31‬‬
‫التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬توضح هذه المهام وطبيعتها ومقدار مساهمة الجهات‬
‫والجماعات الترابية األخرى فيها‪ ،‬مما يترتب عنه وضع السياسات العمومية خارج إطار‬
‫إختصاصات الجماعات الترابية‪ ،‬وهذا ما يؤدي إلى تعطيلها وتعثرها خاصة في ما يتعلق‬
‫بعدها الترابي‪ .41‬مما يستلزم حسب رأينا من أجل ضمان تحقيق اإللتقائية في البرامج‬
‫والسياسات الوطنية ذات البعد الترابي‪ ،‬ضرورة التنصيص على إلزامية مواكبة السياسات‬
‫العمومية للمقتضيات القانونية المحددة إلختصاصات الجماعات الترابية قبل وضعها‪،‬‬
‫عالوة على ضرورة إشراك الجماعات الترابية ألخذ رأيها و تبيان مدى قدرتها المالية‬
‫والبشرية واللوجيستيكية لممارسة هذه اإلختصاصات‪.‬‬
‫كما أن من بين األمور التي توضح بجالء هشاشة المقتضيات القانونية المرتبطة‬
‫بالالمركزية‪ ،‬والتي تستدعي التدخل لتقويمها‪ ،‬نجد عدم وضوح مهام ''المراكز الجهوية‬
‫إذ ال نجد أي إطار‬ ‫‪42‬‬
‫للتشغيل وتطوير الكفاءات من أجل اإلدماج في سوق الشغل''‬
‫قانوني يوضح مفهومها وإختصاصاتها وهذا الفراغ القانوني والتنظيمي أثار العديد من‬
‫األسئلة ألن المشرع عندما يشير إلى إختصاص جماعة ترابية بإحداث مؤسسات عمومية‪،‬‬
‫إما يفترض أن هذا النوع من المؤسسات قائم قانونيا‪ ،‬أو أن تكون هذه المؤسسات جديدة‪،‬‬
‫وفي هذه الحالة يجب أن يحدد المقصود منها أو على األقل أن يحيل إلى نص تنظيمي‬
‫يفصل في هذا األمر وهذا ما تم تجاهله من المشرع‪ ،‬وبالتالي فقد شكل ذلك فراغا قونونيا‬
‫ال يسمح بممارسة هذه المراكز إلختصاصاتها‪ ،‬بل والتخبط في ممارسة إختصاصات‬
‫وصالحيات مبهمة‪ ،‬وبالتالي فإذا كانت الخطابات الحكومية تدعو إلى تحقيق اإللتقائية‬
‫في توصياتها‪ ،‬فعليها أوال أن تتولى ضبط وتقويم اإلختالالت والتناقض في توزيع‬

‫‪-41‬الزروقي عدنان‪ ،‬السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية‪ ،‬أطروحة‬
‫لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬مركز دراسات الدكتوراه في العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية و التدبير‪،‬‬
‫جامعة الحسن األول‪ ،‬سطات‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،8109-8102‬ص‪.116-111:‬‬
‫‪ -42‬المنصوص عليها في المادة ‪ 28‬من الباب الثاني من القانون التنظيمي ‪ 000.01‬المتعلق بالجهات‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫اإلختصاصات التي شهدها تنزيل الجهوية المتقدمة‪ ،‬ألن ذلك سيساهم بكل تأكيد في‬
‫تحقيق رهان إلتقائية السياسات العمومية الترابية ‪.43‬‬
‫في نفس السياق‪ ،‬يمكننا أن نتحدث أيضا عن التهديدات المرتبطة بتفعيل مقتضيات‬
‫الحكامة خاصة فيما يتعلق بتنزيل المرسوم الذي يحدد كيفيات تطبيق مقتضياتها‪ ،‬حسب‬
‫ما نصت عليه المادة ‪ 811‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات‪ ،‬فباإلضافة إلى كون‬
‫هذا المرسوم لم يصدر إال بعد مرور سنتين على صدور القوانين التنظيمية‪ ،‬الشيء الذي‬
‫نعتبره إهدا ار للزمن أمام الحجم الكبير لموضوع الحكامة‪ ،‬إال أننا نصطدم بكون المرسوم‬
‫أعاد تكرار ما جاء في القانون التنظيمي فقط‪ ،‬ولم يحدد األدوات والمؤشرات التي تسمح‬
‫للجهة بتبني أنظمة التدبير العصري والسيما مؤشرات التتبع واإلنجاز واألداء‪ ،‬وإنما أعلن‬
‫فقط أن السلطة المكلفة بالداخلية ستعمل على مواكبة الجهة في وضعها‪ ،‬وبالتالي فنحن‬
‫نطرح سؤاال حول ماهي القيمة المضافة التي جاء بها هذا المرسوم‪ ،‬وهو ما يشكل خط ار‬
‫بالنسبة لمواكبة الدولة للجماعات في تبني هذه القواعد الجيدة في التدبير‪.‬‬
‫و من بين ما يمكن الوقوف عنده أيضا‪ ،‬القصور في المقتضيات القانونية المتعلقة‬
‫بالديمقراطية التشاركية‪ ،‬خاصة اآلليات التشاركية للحوار والتشاور‪ ،‬إذ أن القوانين‬
‫التنظيمية لم تحدد اآلليات التي يجب أن تعتمدها الجماعات الترابية خاصة ونحن أمام‬
‫آليات عديدة في هذا الصدد‪ ،‬والتي نذكر منها‪:44‬‬
‫‪ -‬تنظيم جلسات اإلنصات العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬التخطيط التشاركي‪.‬‬
‫‪ -‬التداول العمومي من خالل وسائل اإلعالم‪.‬‬

‫‪ -43‬محمد أصفريو‪ ،‬برامج و سياسات مكافحة الفقر بالمغرب‪ :‬تحليل و تقييم‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون‬
‫العام و العلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية و االجتماعية أكدال‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪،8102-8109‬ص‪.001:‬‬
‫‪ -44‬أنظر في هذا الصدد‪ :‬توصيات اللجنة الوطنية للحوار الوطني حول المجتمع المدني وأدواره الدستورية الجديدة‪،‬‬
‫منشور على الرابط اإللكتروني التالي‪ www.hiwarmadani2013.ma :‬تم الولوج للموقع بتاريخ ‪ 08‬غشت‬
‫‪ ،8181‬على الساعة ‪00:01‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ -‬مشاركة الجمعيات كمالحظين في أشغال لجان الجماعات الترابية‪.‬‬
‫‪ -‬اللجان الدائمة للحوار العمومي‪.‬‬
‫‪ -‬جلسات المساءلة االجتماعية‪.‬‬
‫وهكذا يالحظ أن اآلليات التشاورية متعددة ومتنوعة‪ ،‬والمشرع لم يحدد للجماعات‬
‫الترابية أي منها إلعتمادها‪ ،‬مما ترك األمر غامضا‪ ،‬خاصة وأنها ال تتوفر على تجربة‬
‫في هذا المجال‪ ،‬مما يحد من تكريس ثقافة التشاور والحوار ويؤدي إلى ضعف إلتقائية‬
‫السياسات الترابية مع متطلبات المواطنين وحل مشاكلهم العمومية‪ .‬هذا فضال عن عدم‬
‫إنسجام مهام بعض الهيئات اإلستشارية مع إختصاصات الجهات‪ ،‬ونخص بالذكر‬
‫تنصيص المشرع على إحداث هيئة إستشارية للشباب‪ ،‬في حين أن القانون التنظيمي‬
‫للجهات ال ينص على أي إختصاص للجهة في هذا الصدد‪ ،‬وما يمكن تسجيله أيضا في‬
‫هذا اإلطار‪ ،‬عدم وضوح مهام الهيئات اإلستشارية خاصة وأن القانون التنظيمي للجهات‬
‫لكنه لم يحدد طريقة تشكيلها‪ ،‬وال عدد‬ ‫‪45‬‬
‫خصص مادة واحدة فقط للهيئات اإلستشارية‪،‬‬
‫أعضائها‪ ،‬وال طريقة تسييرها‪ ،‬وال عالقتها بمجلس الجهة‪ ،‬بل أحال على النظام الداخلي‬
‫للمجلس ليفصل فيها علما أنه لم يسبق لهذا األخير أن راكم تجربة في الموضوع وبالتالي‬
‫كان على المشرع توضيح الرؤية أكثر والتنصيص على ذلك في القانون التنظيمي للجهات‬
‫الذي نأمل من المشرع أن يعمل على تعديله وتنقيحه بمقتضيات تدعم مسار تحقيق‬
‫‪46‬‬
‫إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪.‬‬
‫إن العمل على تجاوز كل أشكال التداخل في اإلختصاصات بسبب الغموض في‬
‫القوانين المؤطرة لالمركزية‪ ،‬سيشكل ال محالة دعامة أساسية في سبيل تكريس إلتقائية‬
‫وإندماجية السياسات العمومية الترابية‪ ،‬والعمل على ضمان نجاعتها وفعاليتها بالشكل‬
‫الذي تتطلبه الجهوية المتقدمة‪.‬‬

‫‪ -45‬المادة ‪ 009‬من القانون التنظيمي ‪ 000.01‬المتعلق بالجهات‪.‬‬


‫‪ -46‬الزروقي عدنان‪ ،‬السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية‪ ،‬مرجع‬
‫سابق ‪ ،‬ص‪.191:‬‬

‫‪33‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اإصالح المنظومة القانونية للجباايت المحلية‪.‬‬
‫إن تشخيص اإلمكانيات المالية للجماعات الترابية‪ ،‬يبين بجالء ضعف الموارد مقابل‬
‫كثرة اإلختصاصات‪ ،‬ولمواجهة ذلك أكد دستور ‪ 8100‬في الفصل ‪ 016‬على إصدار‬
‫قانون تنظيمي‪ ،‬من بين ما يتضمنه التنظيم المالي للجماعات الترابية وتحديد مصدر‬
‫الموارد المالية لها‪ .‬و تتوج ذلك بصدور القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬والتأكيد‬
‫على تعديل القانون ‪ 19.16‬المتعلق بالجبايات المحلية‪47.‬و بناء على ذلك فقد خصت‬
‫القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬والقانون المتعلق بالجبايات المحلية‪ ،‬هذه األخيرة‬
‫بمجموعة من الرسوم واألتاوى‪ ،‬وحصيلة من الضرائب بمقتضى قوانين المالية‪ ،‬هذا فضال‬
‫عن المرسوم ‪ 488.01.999‬الذي حدد معايير توزيع مساهمات الدولة بين الجهات‪ ،‬حيث‬
‫أكدت المادة األولى على تخصيص ‪ 11‬بالمائة بالتساوي بين الجهات‪ ،‬و ‪ 39.1‬بالمائة‬
‫بناء على عدد سكان الجهة‪ ،‬و ‪ 08.1‬بالمائة بناء على مساحة الجهة‪ .49‬ومن خالل‬
‫اإلطالع على هذه الترسانة القانونية التي تؤطر الجبايات المحلية وتوزيع مساهمات الدولة‬
‫بين الجهات‪ ،‬يمكننا أن نستنتج العديد من الحدود و الثغرات التي تساهم في عرقلة التنمية‬
‫الترابية و إضعاف التمويل الترابي للجهات و الجماعات الترابية األخرى‪ ،‬و بالتالي فهي‬
‫تشكل عقبة في سبيل تحقيق إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي‪ ،‬بسبب‬
‫مساهمة هذه الثغرات والحدود القانونية في فشل المخططات التنموية بسبب عدم القدرة‬

‫‪ -47‬القانون ‪ 19.16‬المتعلق بالجبايات المحلية‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف ‪ 0.19.091‬بتاريخ ‪ 09‬ذي‬
‫القعدة ‪ 31( 0182‬نفمبر ‪ ،8119‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 1123‬بتاريخ ‪ 88‬ذي القعدة ‪3( 0182‬‬
‫دجنبر ‪ ،)8119‬ص‪0811 :‬‬
‫‪ -48‬المرسوم ‪ 8.01.999‬الصادر بتاريخ ‪ 02‬ربيع االول ‪ 31(0139‬دجنبر ‪،)8101‬المنشور بالجريدة الرسمية‬
‫عدد‪ ،6130‬بتاريخ ‪ 9‬ربيع الثاني ‪ 02(0139‬يناير ‪ ،)8106‬ص‪.312:‬‬
‫‪ -49‬الدربالي المحجوب‪ ،‬جبايات الجماعات الترابية‪ :‬دراسة تحليلية في ضوء تقرير المجلس األعلى للحسابات و‬
‫اخر إجتهادات القضاء اإلداري‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،8106 ،‬ص‪.033‬‬

‫‪31‬‬
‫على تنفيذها لنقص الموارد المالية‪ ،‬مما يؤدي لتضييع الجهد والوقت بل وإهدار الفرص‬
‫التنموية بشكل كبير‪ ،‬وتتمثل هذه الثغرات والحدود القانونية فيما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬على مستوى القانون ‪ 60.74‬المتعلق بالجبايات المحلية‪.‬‬
‫إن المالحظة األولية لهذا القانون تبرز أنه على الرغم من المستجدات التي جاء‬
‫بها‪ ،‬إال أن األمر يستلزم إصالحا ضروريا لمواكبته للمستجدات التي جاءت بها القوانين‬
‫التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬إذ أنه وخالفا للفلسفة التي بنيت عليها هذه القوانين‬
‫التنظيمية‪ ،‬والتي تسعى لتعزيز مكانة الجماعات الترابية والرفع من قدرتها التنافسية ومن‬
‫مواردها المالية تحقيقا للتنمية الترابية‪ ،‬نجد بالمقابل أن القانون المتعلق بالجبايات المحلية‬
‫والذي يعد اإلطار القانوني المنظم لمجال الجبايات على مستوى الجماعات الترابية‪ ،‬يتسم‬
‫بضعف األوعية المعتمدة‪ ،‬كإعتماد القيمة اإليجارية السنوية عوض رقم المعامالت‬
‫السنوي كأساس لفرض الرسم المهني‪ ،‬عالوة على كثرة اإلعفاءات الجبائية لفائدة المنعشين‬
‫العقاريين في مادة السكن االجتماعي خاصة الرسوم المحلية‪ ،‬هذا فضال عن إعفاء‬
‫المساكن التي تملكها الدولة والجماعات الترابية من الرسوم المحلية على الرغم من‬
‫إستغاللها من طرف أشخاص آخرين‪ ،‬هذا فضال عن إعفاء قطاعات إستثمارية مهمة‬
‫''كجامعة األخوين'' من الرسم المهني والرسم على األراضي الحضرية غير المبنية‪ ،‬وكذا‬
‫إعفاء مؤسسات التعليم الخصوصي من ذلك أيضا‪ ،‬والذي يعتبر حسب وجهة نضرنا‬
‫‪50‬‬
‫إهدا ار لموارد جبائية مهمة‪.‬‬
‫ومن المالحضات الممكن تسجيلها أيضا في هذا اإلطار‪ ،‬احتفاظ القانون‪19.16‬‬
‫بسمة تعددية وتجزيئية النصوص القانونية المنظمة للجبايات المحلية‪ ،‬حيث أصبحنا أمام‬
‫ثالثة نصوص قانونية‪ ،‬ويتعلق األمر بالقانون رقم ‪ ،19.16‬وعلى أحكام القانون‬

‫‪ -50‬جيادي سميرة‪ ،‬اإلصالح الجبائي المحلي على ضوء القانون رقم ‪ ،19.16‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في‬
‫القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية و اإلجنماعية‪ ،‬المحمدية‪ ،‬السنة الدراسية ‪-8119‬‬
‫‪،8112‬ص‪.001:‬‬

‫‪31‬‬
‫المحدد بموجبه نظام للضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬والتي‬ ‫‪51‬‬
‫‪31.29‬‬
‫ستظل سارية المفعول وبصفة إنتقالية بمقتضى القانون ‪ .5239.19‬وبالتالي فالقانون‬
‫المتعلق بالجبايات المحلية قد أبقى على ‪ 09‬رسم‪ ،‬و أدرح حوالي ‪ 03‬رسم تحت حجة‬
‫كونها رسوما ليست لها صبغة جبائية‪ ،‬وبالتالي تم إدراجها في القانون ‪ 39.19‬والذي أقر‬
‫باستم اررية العمل بالقانون رقم ‪ ،31.29‬وعلى هذا األساس فالمشرع الجبائي قد أغفل‬
‫حسب وجهة نضرنا‪ ،‬مسألة إزدواجية النصوص القانونية حيث أصبحنا أمام قانونين‪،‬‬
‫األول ينظم الرسوم المحلية‪ ،‬والثاني ينظم بعض الحقوق واألتاوى المستحقة لفائدة‬
‫الذي نصت عليه المادة ‪096‬‬ ‫‪53‬‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬وهو ما يشكل خرقا لمبدأ التجميع‪،‬‬
‫من القانون ‪.19.16‬‬
‫كما يمكن أن نسجل أيضا كنقص يجب تداركه تماشيا مع مقتضيات القوانين‬
‫التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬من أجل تحقيق إلتقائية بين هذه األخيرة وبين القانون‬
‫المتعلق بالجبايات المحلية‪ ،‬في األهداف واإلختصاصات‪ ،‬والمتعلق بغياب سياسة جبائية‬
‫بيئية للحد من الصناعات الملوثة تماشيا مع االختصاصات البيئية التي أسندت للجماعات‬
‫بمقتضى القانون رقم ‪ 003.01‬المتعلق بالجماعات‪ ،‬كغياب تضريب بعض السيارات‬
‫والشاحنات القديمة‪ ،‬وكذا محطات الوقود وبعض الصناعات الكيماوية‪ ،54‬مما يشكل‬
‫حسب وجهة نضرنا محدودية في ممارسة اإلختصاصات البيئية من طرف الجماعات‪،‬‬

‫‪ -51‬القانون ‪ 31.29‬المحدد بموجبه نظام الضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير‬
‫الشريف ‪ 0.29.029‬بتاريخ ‪ 80‬ربيع الثاني ‪ 80( 0101‬نفمبر ‪ ،)0929‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪1183‬‬
‫بتاريخ ‪ 19‬جمادى االولى ‪ 6 (0101‬دجنبر ‪،)0929‬ص‪.0161:‬‬
‫‪ -52‬القانون ‪ 39.19‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف ‪ 0.19.819‬بتاريخ ‪ 06‬ذي الحجة ‪ 89(0182‬دجنبر‬
‫‪ ،8119‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 1190‬بتاريخ ‪ 81‬ذي الحجة ‪ 30( 0182‬دجنبر ‪ ،)8119‬ص‪.0399:‬‬
‫‪-53‬الدربالي المحجوب‪'' ،‬التمويل الجبائي للجماعات الترابية‪ :‬قراءة تحليلية على ضوء المستجدات القانونية''‪،‬المركز‬
‫المغربي للبحث و الدراسات الترابية‪ ،‬سلسلة الندوات حول التمويل الترابي بالمغرب‪ ،‬العدد االول‪ ،8109 ،‬ص‪.91:‬‬
‫‪ -54‬حمرالراس سناء‪ ،‬التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع و متطلبات الحكامة‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية و اإلجتماعية‪ ،‬أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪،8109-8106 ،‬‬
‫ص‪.18-10:‬‬

‫‪31‬‬
‫وكذا سببا من بين أسباب ضعف الموارد الجبائية‪ ،‬بسبب غياب رسوم تعزز هذه‬
‫اإلختصاصات كما هو الحال في األنظمة الجبائية المقارنة كفرنسا وألمانيا مثال‪ .‬مما‬
‫يؤدي لضياع موارد مالية هامة على الجماعات‪.‬‬
‫إن النظام الجبائي قد كرس لعدم المساواة في توزيع الضرائب بين الجماعات الترابية‪،‬‬
‫حيث إن نصيب الجماعات ''الحضرية'' محدد في ‪ 9‬ضرائب و ‪ 89‬رسما من اإلقتطاعات‬
‫الضريبية‪ ،‬في حين تستفيد الجماعات ''القروية'' من ‪ 1‬ضرائب و ‪ 83‬رسما‪ ،‬كما تم‬
‫حرمان هذا الصنف األخير من الجماعات من رسوم مهمة على اإلستثمارات الفالحية‬
‫العصرية إلى غاية متم سنة ‪ ،8181‬وهو األمر الذي من شأنه تفويت مبالغ هامة على‬
‫ميزانية هذه الجماعات التي تعاني في األصل من محدودية الموارد المالية‪ 55.‬فضال عن‬
‫كون بعض الرسوم ال تستفيد منها سوى بعض الجهات في حين ال تستفيد الجهات األخرى‬
‫‪56‬‬
‫من نفس المورد المالي‪ ،‬كرسم إستغالل المناجم مثال‪.‬‬
‫وعلى العموم‪ ،‬فإن األمر يستلزم إعادة النظر في أسس التمويل الذاتي للجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬مما يجعل األمر رهين ببناء جبائي جديد وجعله متكامال ومحايدا من الناحية‬
‫السياسية‪ ،‬ومقويا لمكانة الموارد الجبائية ضمن موارد الجماعات الترابية‪ ،‬في إطار مدونة‬
‫‪57‬‬
‫شاملة للجبايات المحلية تراعي جوانب اإلنصاف والتوازن والفعالية واإللتقائية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬على مستوى المرسوم رقم ‪ 7.9....0‬المتعلق بتحديد معايير توزيع مساهمات‬
‫الدولة بين الجهات‪.‬‬
‫نجد أن المرسوم قد إعتمد معايير غير منطقية لتوزيع مساهمات الدولة على‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬فنسبة ‪ 39.1‬في المائة الممنوحة للجهات بناء على عدد الساكنة‬

‫‪ -55‬ركلمة أمين‪ ،‬مالية الجماعات المحلية بين دواعي التجديد وافاق التطوير‪ ،‬مجلة مسالك في الفكر والسياسة‬
‫واإلقتصاد ‪ ،‬العدد ‪ ،31-89‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،8101 ،‬ص‪.26-21‬‬
‫‪ -56‬عاجل ياسر‪'' ،‬معيقات التنمية الجهوية ورهان النموذج التنموي الجديد''‪ ،‬مجلة المنارة للدراسات القانونية‬
‫واإلدارية‪ ،‬سلسلة مؤلفات جماعية‪ ،‬دار القلم للطباعة‪ ،‬الطبعة االولى ‪ ،8181‬ص‪026:‬‬
‫‪ -57‬زعنون عبد الرفيع‪ ،‬تدبير التنمية الترابية بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.099،‬‬

‫‪32‬‬
‫كأحد معايير التوزيع قد خلق تفاوتا كبي ار فيما بينها من حيث نسبة المساهمة حسب ما‬
‫يبينه الجدول التالي كمثال لسنة ‪:588106‬‬
‫نسبة مساهمة‬ ‫الجهة‬ ‫نسبة مساهمة‬ ‫الجهة‬
‫الدولة بالمائة‬ ‫الدولة بالمائة‬
‫البيضاء ‪3662‬‬ ‫الدار‬ ‫‪8‬‬ ‫درعة تافياللت‬
‫سطات‬
‫‪660‬‬ ‫مراكش اسفي‬ ‫تطوان ‪0161‬‬ ‫طنجة‬
‫الحسيمة‬
‫‪360‬‬ ‫سوس ماسة‬ ‫‪361‬‬ ‫الشرق‬
‫‪063‬‬ ‫كلميم وادنون‬ ‫‪162‬‬ ‫فاس مكناس‬
‫‪166‬‬ ‫الداخلة وادنون‬ ‫الرباط سال القنيطرة ‪8661‬‬
‫الساقية ‪863‬‬ ‫العيون‬ ‫‪862‬‬ ‫بني مالل خنيفرة‬
‫الحمراء‬
‫المصدر‪ :‬مجلة المالية‪ ،‬عدد خاص بالمالية المحلية‪ ،‬يناير ‪7794‬‬
‫و بناء عليه‪ ،‬وحسب رأينا بناء على ما إستنتجناه من الجدول أعاله‪ ،‬فإننا نرى أن‬
‫اإلعتماد على معيار عدد الساكنة في توزيع المساهمات‪ ،‬مجانب للصواب ألنه كان على‬
‫المشرع إعتماد معايير ومؤشرات لها عالقة بالتنمية بدل إعتماد إحصائيات عدد السكان‬
‫كمحدد لنسبة المساهم ة‪ ،‬ألننا قد نصطدم بوجود جهات تعاني نقصا حادا في مؤشر‬
‫التنمية وعلى الرغم من ذلك ال تستفيد من توزيع عادل للمساهمات بسبب إنخفاض عدد‬
‫سكانها مما يؤثر سلبا على إقالعها التنموي(كجهة الداخلة وادنون مثال) ويشكل عائقا‬
‫أمام إلتقائية السياسات الجبائية مع متطلبات التنمية الترابية‪ ،‬إذ بات على المشرع أن يعيد‬
‫النظر في معايير توزيع مساهمات الدولة للجهات‪ ،‬فاألصل أن الجهات ذات الموارد‬

‫‪ -58‬مجلة المالية ‪ ،‬ملف خاص بالمالية المحلية‪ :‬تكريس فعالية التدبير الترابي‪ ،‬العدد‪ ،89‬يناير ‪،8106‬‬
‫ص‪.09:‬‬

‫‪38‬‬
‫المحدودة‪ ،‬يجب أن تحصل على دعم أكبر من الجهات التي لها موارد متعددة‪ ،‬وبالتالي‬
‫فالجهات التي تعرف نقصا على مستوى اإلستثمارات العمومية وضعفا في الموارد الجبائية‬
‫في حاجة إلى مساهمة أكبر من طرف الدولة‪.‬‬

‫وبناء على كل ماسبق‪ ،‬من خالل التطرق لمجمل هذه الثغرات والحدود القانونية‬
‫سواء ما تعلق بقانون الجبايات المحلية أو المرسوم المتعلق بتحديد معايير توزيع‬
‫المساهمات‪ ،‬والتي تؤثر سلبا على موارد الجهات والجماعات الترابية األخرى‪ ،‬وتؤدي إلى‬
‫ضعف المردودية التنموية وتعيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪ ،‬التي تتطلب تظافر‬
‫الجهود وتوافر الموارد المالية من أجل عدم تعثر البرامج والمشاريع‪ ،‬ألن الجبايات المحلية‬
‫تعتبر حجر الزاوية فيما يتعلق بمصادر تمويل الجماعات الترابية‪ .‬ومن أجل دعم‬
‫اإلمكانيات المالية للجماعات الترابية‪ ،‬وجب توسيع الوعاء الجبائي كأحد أهم اآلليات‬
‫لتحسين المردودية الجبائية وتقوية البنية المالية‪ ،‬وذلك من خالل تضريب القطاعات غير‬
‫المضربة‪ ،‬والعمل على تقليص عدد اإلمتيازات الجبائية المجانية الممنوحة لبعض‬
‫القطاعات والمؤسسات ألنها تشكل تضحية بأموال عمومية كان من المفروض أن‬
‫تستخلص لفائدة خزائن الجماعات الترابية‪ ،59‬لذلك أصبح من الالزم إعادة تشكيل بنية‬
‫العالقة بين الدولة والجهات بشكل يسمح لهذه األخيرة بتدبير مواردها المالية والجبائية‪،‬‬
‫وبشكل يمكنها من إبتكار وسائل عقالنية وعادلة وديمقراطية للزيادة في مواردها المالية‬
‫والتحكم في سياساتها الجبائية مما سيساهم بطبيعة الحال في تنفيذ برامجها ومشاريعها‬
‫وتحقيق رهان إلتقائية السياسات المالية والبرامج والمخططات التنموية‪ ،‬كما أن األمر‬
‫يستلزم منا في أفق بلورة نموذج تنموي جديد مرتقب‪ ،‬اإلسراع بإصالح شامل للمنظومة‬
‫الجبائية كرافعة لتنمية موارد الجماعات الترابية في انتظار صدور القانون اإلطار المتعلق‬
‫بالجبايات‪ ،‬وتحسين مناخ األعمال‪ ،‬وضمان اإللتقائية واإلندماج والتجانس مع النظام‬

‫‪ -59‬حمر الراس سناء‪ ،‬التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع و متطلبات الحكامة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.68:‬‬

‫‪38‬‬
‫الضريبي الوطني‪ ،‬وإستحضار التجارب المقارنة الرائدة في هذا المجال‪ ،‬فعلى سبيل‬
‫المثال‪ ،‬نجد أن في ألمانيا الفدرالية تصل نسبة الضرائب المرصودة من قبل الدولة للجهات‬
‫إلى ‪ 11‬بالمائة‪ ،‬و بخصوص الضريبة على الدخل تمنح نسبة ‪ 19.1‬بالمائة للواليات‬
‫مقابل ‪ 18.1‬بالمائة للفدرالية‪ ،‬مما يؤدي إلى ضمان توزيع عادل للمردودية الضريبية‪،‬‬
‫كما تفرض على الفدرالية أن تقدم دعما إضافيا للواليات الفقيرة تحقيقا للتنمية الشاملة‪.60‬‬
‫من خالل هذه التجربة األلمانية‪ ،‬فنحن ال ندعو لنسخ هذا النموذج الجبائي األلماني‬
‫وتطبيقه على الواقع المغربي‪ .‬لكن نطمح في أن يستفيد منها صانعوا القرار الجبائي‬
‫لوضع تصور مندمج وشامل إلصالح النظام الجبائي تراعى فيه عناصر الفعالية والنجاعة‬
‫والتوزيع العادل للموارد الجبائية من أجل ضمان تحقيق نجاعة وفعالية السياسات العمومية‬
‫الترابية بالشكل الذي يحقق اإلندماجية واإللتقائية في تنفيذها‪.‬‬
‫لقد جاء القانون رقم ‪ 6119.81‬بتغيير وتتميم القانون رقم ‪ 19.16‬المتعلق بجبايات‬
‫الجماعات المحلية نقطة تحول كبيرة في تدعيم الموارد الذاتية للجماعات الترابية وذلك‬
‫من خالل تنصيصه على إجراءات جد مهمة في هذا اإلطار نخص بالذكر‪:‬‬

‫توسيع مجال تطبيق رسم السكن‪ ،‬رسم الخدمات الجماعية‪ ،‬الرسم على االراضي‬ ‫‪‬‬

‫الحضرية غير المبنية والرسم على عمليات تجزئة األراضي ليشمل المناطق‬
‫المشمولة بتصميم التهيئة؛‬
‫مراجعة توزيع عائد الرسم المهني ورسم السكن من خالل رفع الحصة المخصصة‬ ‫‪‬‬

‫لفائدة ميزانيات الجماعات التي يفرض بها هذين الرسمين داخل مجالها الترابي‬
‫(من ‪ 21 %‬إلى ‪ 29%‬بالنسبة للرسم المهني ومن ‪ 91%‬إلى ‪ 92%‬بالنسبة‬
‫لرسم السكن)؛‬

‫‪ -60‬الرباع جواد‪ ،‬بلخال عبد الفتاح‪'' ،‬الجهة بين تبوء مكانة الصدارة ترابيا وحدود التمويل الجبائي''‪ ،‬المركز المغربي‬
‫للبحث و الدراسات الترابية‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11:‬‬
‫‪ - 61‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1221281‬بتاريخ ‪ 11‬جمادى األولى ‪ 31 (1112‬دجنبر ‪،)2121‬‬
‫المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 1818‬بتاريخ ‪ 11‬جمادى األولى ‪ 31 (1112‬دجنبر ‪،)2121‬ص‪.8132:‬‬

‫‪11‬‬
‫توسيع وعاء الرسم على عمليات البناء ليشمل عمليات اإلصالح وتسوية البنايات‬ ‫‪‬‬

‫غير القانونية والهدم؛‬


‫توسيع وعاء الرسم على اإلقامة بالمؤسسات السياحية ليشمل الشقق التي يؤجرها‬ ‫‪‬‬

‫مالكوها إليواء السياح والسيما عبر المواقع اإللكترونية لمنصات الحجز؛‬


‫توسيع مجال تطبيق الرسم على السيا ارت الخاضعة للفحص التقني المستحق‬ ‫‪‬‬

‫لفائدة العماالت واالقاليم من خالل فرض هذا الرسم عند كل مراقبة تقنية إيجابية‬
‫عوض االقتصار على الفحص السنوي‪.‬‬

‫وبناء على ما سبق‪ ،‬فإن القانون رقم ‪ 19.81‬بتغيير وتتميم القانون رقم ‪19.16‬‬
‫المتعلق بجبايات الجماعات المحلية يشكل لبنة أساسية من أجل إرساء إصالح جبائي‬
‫يمهد لتحقيق العدالة الجبائية بين الملزمين ويساهم في تطوير الموارد الذاتية للجماعات‬
‫‪62‬‬
‫الترابية‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ميثاق الالتمركز الإداري كدعامة لتحقيق اإلتقائية الس ياسات العمومية الترابية‪.‬‬
‫في سياق التحوالت التي تعرفها الدولة على مستوى وظائفها وصالحياتها و بنياتها‬
‫التنظيمية والهيكلية تم إعتماد وإقرار المرسوم رقم ‪ 8.09.602‬بمثابة ميثاق وطني‬
‫وقد تم إعداده استنادا إلى اإلرادة الملكية‪ ،‬حيث دعا الملك في‬ ‫‪63‬‬
‫لالتمركز اإلداري‪،‬‬
‫خطاب العرش بتاريخ ‪ 89‬يوليوز ‪ 8102‬إلى ضرورة التسريع بتنزيله وإصداره تفعيال‬
‫لورش الجهوية المتقدمة‪ ،64‬كما جاء الميثاق أيضا تفعيال للبرنامج الحكومي‪ ،65‬وتقرير‬
‫المجلس االقتصادي واإلجتماعي والبيئي حول متطلبات الجهوية المتقدمة وتحديات إدماج‬

‫‪ - 62‬للمزيد من المعلومات يرجى زيارة البوابة الوطنية للجماعات الترابية ‪https://www.collectivites-‬‬


‫‪territoriales.gov.ma‬‬
‫‪ -63‬مرسوم رقم ‪ 8.09.602‬بمثابة ميثاق وطني لالتمركز اإلداري‪ ،‬الصادر في ‪ 02‬ربيع الثاني ‪86(0111‬‬
‫دجنبر ‪ ،)8102‬جريدة رسمية عدد ‪ ،6932‬بتاريخ ‪ 09‬ربيع الثاني ‪ 89(0111‬دجنبر ‪ ،)8102‬ص‪.9929:‬‬
‫‪ -64‬جاء في خطاب العرش‪ ...'' :‬ولهذه الغاية فإنه يتعين على الخصوص العمل على إخراج ثالثة أوراش أساسية‪:‬‬
‫أولها إصدار ميثاق الالتمركز اإلداري‪ ،‬داخل اجل ال يتعدى نهاية شهر أكتوبر المقبل‪ ،‬بما يتيح للمسؤولين المحليين‬
‫إتخاذ الق اررات وتنفيذ برامج التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية في إنسجام وتكامل مع الجهوية المتقدمة‪''...‬‬
‫‪ -65‬البرنامج الحكومي الذي صادق عليه البرلمان بتاريخ ‪ 81‬أبريل ‪.8109‬‬

‫‪11‬‬
‫السياسات القطاعية‪ ،‬باإلضافة إلى الدراسات المنجزة حول بعض التجارب المقارنة في‬
‫‪66‬‬
‫عدد من الدول األوروبية‪.‬‬
‫وبناء عليه‪ ،‬سنتطرق إلى ميثاق الالتمركز اإلداري وتوضيح دور الوالي‪/‬العامل في ضمان‬
‫إلتقائية السياسات العمومية الترابية(الفرع األول)‪ ،‬وسنتناول التصاميم المديرية لالتمركز‬
‫اإلداري لنحدد موقعها من تحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية(الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع الأول‪ :‬الالتمركز الإداري‪ ،‬ودور الوالي‪/‬العامل في ضمان اإلتقائية الس ياسات‪.‬‬
‫يشكل ميثاق الالتمركز اإلداري دعامة في ترسيخ الجهوية المتقدمة‪ ،‬من خالل نقل‬
‫اإلختصاصات التقريرية للمصالح الالممركزة من المركز إلى المحيط الترابي عبر آلية‬
‫التفويض مما يحقق تخفيف العبئ عن اإلدارات المركزية ويسهل عملية التنسيق بين‬
‫المصالح الالممركزة على المستوى الترابي مما يساهم في تحقيق إلتقائية السياسات‬
‫العمومية الترابية(الفقرة االولى)‪ ،‬كما يشكل الوالي‪/‬العامل نقطة إرتكاز أساسية من خالل‬
‫مهام التنسيق التي منحها له ميثاق الالتمركز اإلداري مما يدعم رهان بلوغ اإللتقائية على‬
‫المستوى الترابي(الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة الأولى‪ :‬الالتمركز الإداري ومساهمته في تكريس الإلتقائية‪.‬‬
‫إنطالقا من دستور ‪ 8100‬والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬وخاصة القانون‬
‫المتعلق بالجهات‪ ،‬أصبحت هذه األخيرة تتمتع بإختصاصات واسعة في التنمية االقتصادية‬
‫واإلجتماعية والثقافية‪ ،‬مما حتم على السلطة السياسية إبتكار آليات وأساليب إليجاد‬
‫الحلول الممكنة للمعضالت التي بات يعيشها المغرب خاصة فيما يتعلق بإفتقاد رؤساء‬
‫المصالح الخارجية للوسائل المادية والتقنية والتقريرية الالزمة لتنفيذ وبرمجة المشاريع‬
‫التنموية على المستوى الترابي‪ ،‬األمر الذي حد من تطور الالتمركز اإلداري وكرس‬
‫مركزية القرار والطابع البيروقراطي الترابي‪ ،‬بحيث ال يستطيع المسؤول المحلي إتخاذ‬

‫‪ -66‬أجالب رشيد‪'' ،‬أي دور للوالي في أفق النموذج التنموي الجديد''‪ ،‬المجلة المغاربية للرصد القانوني و القضائي‪،‬‬
‫مكتبة ووراقة زاكيوي‪ ،‬مكناس‪ ،‬العدد األول‪ ،8181 ،‬ص‪.09:‬‬

‫‪12‬‬
‫أبسط الق اررات دون الرجوع لإلدارة المركزية‪ ،67‬مما شكل عائقا أمام تكريس البعد الجهوي‬
‫للسياسات العمومية‪ ،‬وكابحا لنجاح ورش الجهوية المتقدمة بفعل هشاشة إلتقائية السياسات‬
‫العمومية على المستوى الترابي‪ ،‬مما تتسبب في ضياع الفرص التنموية‪ ،‬وتشتت الفعل‬
‫العمومي‪ ،‬وتضييع الجهد والوقت والمال في الدراسات والبرامج‪ ،‬والتخطيط للمشاريع التي‬
‫تلبي حاجيات السكان‪ ،‬لكن في نهاية المطاف تصطدم كل هذه اآلمال بإنعدام سلطة‬
‫تقريرية للمصالح الالممركزة على المستوى الجهوي‪ ،‬والقادرة على إتخاذ المبادرة والتأشير‬
‫على تلك البرامج والمشاريع واإلنخراط فيها بمعزل عن تدخل القطاع الوزاري المعني‪ ،‬مما‬
‫يستدعي أخذ رأي وموافقة وتفويض السلطة المركزية‪ ،‬التي تعرف بيروقراطية جامدة‪،‬‬
‫تؤدي نتائجها لمحدودية المبادرات وإنعدام اإللتقائية الترابية‪.‬‬
‫ولعل هذا ما أكد عليه الخطاب الملكي ل‪ 89‬يوليوز ‪ ،8109‬حيث شخص‬
‫اإلختالالت التي تعاني منها اإلدارة المحلية والمتمثلة في غياب التنسيق واإللتقائية في‬
‫التدخالت العمومية‪ ،‬وضعف آليات الحكامة والنجاعة‪ ،‬وإستمرار هيمنة اإلدارة المركزية‬
‫على القرار الترابي‪.‬‬
‫وفي هذا السياق جاءت مبادرة وضع ميثاق لالتمركز اإلداري يستهدف أجرأة‬
‫السياسات العمومية الترابية بشكل أكثر مرونة ونجاعة‪ ،‬عبر نقل السلطة التقريرية ووسائل‬
‫وهذا ما عبر عنه الملك محمد السادس في‬ ‫‪68‬‬
‫العمل من المركز إلى المجال الترابي‪.‬‬
‫الرسالة التي وجهها إلى أشغال المناظرة الوطنية األولى للجهوية المتقدمة" حيث جاء في‬
‫مضمون الرسالة‪...:‬تم في إطار هذا الميثاق‪ ،‬تحديد دور واختصاصات اإلدارات المركزية‬
‫والالممركزة‪ ،‬وإبراز المستوى الجهوي‪ ،‬باعتباره اإلطار المالئم إلنسجام السياسات‬
‫العمومية‪ ،‬ولبرمجة مشاريع مختلف القطاعات الحكومية‪ ،‬وتفويض المهام والوسائل المادية‬

‫‪67‬‬
‫‪- Mohammed EL YAAGOUBI, pour un état territorial équilibré, un processus en évolution,‬‬
‫‪REMALD, n°133, Mars-Avril 2017, p 22.‬‬
‫‪ -68‬سلكي محمد‪'' ،‬الالتمركز اإلداري والتحديث الجهوي بالمغرب‪ :‬قراءة على ضوء ميثاق الالتمركز اإلداري''‪،‬‬
‫مجلة المنارة للدراسات القانونية و اإلدارية‪ ،‬مطبعة دار السالم‪ ،‬الرباط‪ ،8181 ،‬ص‪.811:‬‬

‫‪13‬‬
‫والبشرية إلى المصالح الالممركزة‪ ،‬باإلضافة إلى تكريس عقود البرامج بين اإلدارات‬
‫‪69‬‬
‫المركزية وهذه المصالح''‪.‬‬
‫لكن ما يعاب على مسلسل الالتمركز هو وجود مفارقة حقيقية‪ ،‬فعوض أن يسبق‬
‫إطالق الجهوية المتقدمة‪ ،‬إال أننا نجد أنه جاء كنتيجة لها‪ ،‬مما جعله أقرب ما يكون إلى‬
‫‪70‬‬
‫إجراء للمواكبة‪ ،‬وليس إصالحا ضروريا للحكامة اإلدارية‪.‬‬
‫إن الهدف من تفعيل مرامي ميثاق الالتمركز اإلداري و ربطه بمتطلبات الجهوية‬
‫المتقدمة‪ ،‬يكمن في كونه سيؤدي لعدم تركيز السلطة‪ ،‬وإنما توزيعها بين المستويات‬
‫اإلدارية المختلفة‪ ،‬وبموجبه سيتم نقل اإلختصاصات المركزية إلى المصالح الالممركزة‪،‬‬
‫للقيام بمهام معينة وتخويلها صالحية اتخاذ القرار وفق آليات تفويض السلطة أو‬
‫اإلمضاء‪ ،‬مما سينجم عنه تخفيف العبء عن اإلدارات المركزية من جهة‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى إلى سهولة التنسيق بين اإلدارات على المستوى الترابي‪ ،‬وبالتالي تحقيق اإللتقائية‬
‫والعمل على التوطين الترابي للسياسات‬ ‫‪71‬‬
‫الترابية في تناغم مع ورش الجهوية المتقدمة‪،‬‬
‫وتنفيذها وتقييمها‪ ،‬وإرساء دعائم راسخة ودائمة لتعزيز التكامل في الوظائف والمهام بين‬
‫المصالح الالممركزة للدولة والهيئات الالمركزية‪ ،‬والسيما منها الجماعات الترابية من خالل‬
‫السهر على تفعيل آليات الشراكة والتعاون بينها ومواكبتها في إنجاز برامجها ومشاريعها‬
‫التنموية‪ ،‬وضمان إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪ ،‬وتجانسها وتكاملها على مستوى‬
‫الجهة‪ ،‬وعلى مستوى العمالة أو اإلقليم‪ ،‬وتحقيق التعاضد في وسائل تنفيذها‪ .‬ولكي يتم‬
‫ذلك يجب أن يستند الالتمركز اإلداري لمصالح الدولة على المستويين الجهوي واإلقليمي‪،‬‬
‫على مبادئ اإلنصاف في تغطية التراب الوطني من خالل ضمان التوزيع الجغرافي‬

‫‪ -‬نص الرسالة الملكية منشورة على الموقع اإللكتروني لجريدة إيالف‪ ،https://elaph.com ،‬تاريخ الولوج‬ ‫‪69‬‬

‫للموقع ‪ 31‬غشت ‪ ،8181‬على الساعة ‪.88:31‬‬


‫‪ -70‬تقرير المجلس االقتصادي واإلجتماعي والبيئي حول متطلبات الجهوية المتقدمة وتحديات إدماج السياسات‬
‫القطاعية‪ ،‬الصادر سنة ‪ ،8106‬ص‪.20:‬‬
‫‪ -‬المستاري محمد‪ ،‬تحديات وإكراهات سياسة الجهوية المتقدمة بالمغرب‪ ،‬مجلة العلوم اإلجتماعية‪ ،‬المركز‬ ‫‪71‬‬

‫الديمقراطي العربي‪ ،‬برلين‪ ،‬ألمانيا‪ ،‬العدد‪ ،1‬غشت ‪ ،8102‬ص ‪.63‬‬

‫‪11‬‬
‫المتكافئ لمصالح الدولة الالممركزة‪ ،‬وتخويل الجهة مكانة الصدارة في التنظيم اإلداري‬
‫الترابي‪ ،‬مع ضمان وحدة عمل المصالح الالممركزة ضمانا للنجاعة والفعالية وتحقيقا‬
‫لإللتقائية والتكامل في اإلختصاصات الموكولة إليها‪ 72،‬فاإلدارات المركزية أصبحت اليوم‬
‫بحكم وظيفتها اإلنتقالية‪ ،‬تستأثر بمهام التصور والتوجيه والتقييم والرقابة‪ ،‬في حين أن‬
‫المصالح الالممركزة أصبحت مهيأة أكثر لمباشرة مهام التسيير وتنفيذ السياسات العمومية‬
‫على المستوى التراب ي‪ ،‬وبالتالي أجرأة السياسات العمومية بشكل أكثر نجاعة مع تحسين‬
‫أداء المرافق العمومية على مستوى المجال الترابي‪ ،‬من خالل نقل السلطة التقريرية‬
‫ووسائل العمل من المركز إلى المستوى المحلي وإتخاذ القرار على أساس مبدأ القرب من‬
‫‪73‬‬
‫المرتفق‪.‬‬
‫وبناء على تحليلنا لدور الالتمركز في ضمان إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪،‬‬
‫البد أن نشير إلى سياسة إعداد التراب الوطني على إعتبارها أم السياسات العمومية‪،‬‬
‫والتي تهدف إلى تحقيق التوازن المجالي وتوزيع أمثل للثروات‪ ،‬وبالتالي فهي سياسة أفقية‬
‫تستوجب التأمل‪ ،‬فبالرجوع لميثاق الالتمركز اإلداري وخاصة المادة السابعة‪ ،‬نستنتج أن‬
‫الميثاق يهدف إلى التوطين الترابي للسياسات العمومية‪ ،‬كما نجد أيضا أن المادة ‪ 22‬من‬
‫القانون المتعلق بالجهات‪ ،‬جعل إعداد التراب الوطني من اإلختصاصات الذاتية للجهات‪،‬‬
‫وبالتالي ال يحق ألي إدارة م شاركة مجلس الجهة في هذا اإلختصاص‪ ،‬ما عدا مؤسسة‬
‫والي الجهة التي منحها المشرع دور المساعدة والمواكبة‪ ،‬وهنا نطرح تساءال حول موقع‬
‫المفتشيات الجهوية إلعداد التراب الوطني من هذه المعادلة في ظل إحتفاظها بهذا‬
‫اإلختصاص الذي أصبح إختصاصا ذاتيا للجهة‪ ،‬وغير مشترك أو منقول مما يؤدي‬

‫‪ -72‬الزروقي عدنان‪ ،‬السياسات العمومية والمسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة والجماعات الترابية‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.121-199:‬‬
‫‪ -‬تقرير المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي والبيئي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.60:‬‬ ‫‪73‬‬

‫‪11‬‬
‫لتنازع اإلختصاصات بين المتدخلين وبالتالي عرقلة تحقيق اإللتقائية على مستوى سياسة‬
‫‪74‬‬
‫إعداد التراب‪.‬‬
‫لقد بات لزاما على المشرع المغربي اليوم مع ورش الالتمركز اإلداري أن يصحح‬
‫المسار‪ ،‬وأن يربط اإلختصاص بسلطة التدخل الترابي وليس القطاعي‪ ،‬وبالتالي تجريد‬
‫اإلدارة القطاعية من هذا اإلختصاص‪ ،‬أو أن تحدد لها إختصاصات ذاتية ال تتعارض‬
‫مع إختصاصات رؤساء الجهات والوالة في مجال سياسة إعداد التراب‪ ،‬ونحن نرى من‬
‫وجهة نظرنا أن الحل يكمن في خلق قطب إداري جهوي يشمل جميع المتدخلين في‬
‫سياسة إعداد التراب على المستوى الجهوي‪ ،‬وأن تمنح له صالحيات تقريرية وإختصاصات‬
‫وازنة تضمن تحقيق اإللتقائية والنجاعة على مستوى سياسة إعداد التراب‪.‬‬
‫إن اإلصالحات الكفيلة بتحقيق إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي من‬
‫خالل القوانين المؤطرة لالمركزية‪ ،‬وميثاق الالتمركز اإلداري‪ ،‬ال يمكن إختزالها في مجرد‬
‫إصدار نصوص قانونية‪ ،‬وال في إحداث هياكل إدارية‪ ،‬بل البد من رؤية شمولية مبنية‬
‫على منهجية علمية تشاركية ذات أهداف مدروسة قائمة على ضبط العالقات بين الوحدات‬
‫الترابية المنتخبة وبين المصالح الالممركزة للدولة‪ ،‬في إطار تنسيقي تشاركي يقوي‬
‫العالق ات األفقية مما يؤدي لعقلنة التنظيم الترابي لتفادي الخلط والغموض في القيام‬
‫بالمسؤوليات‪ ،‬فتحقيق التكامل واإللتقائية بين إدارة الالتمركز والجماعات الترابية‪ ،‬البد لها‬
‫من تصور شمولي ينظر إليها كنسق وبنية متكاملة‪ ،‬وليس كمعطيات متفرقة عن بعضها‬
‫‪75‬‬
‫البعض‪.‬‬
‫إن مسألة اإللتقائية بين التدبير العمومي للدولة والتدبير العمومي للجماعات الترابية‬
‫يفرض نفسه كضرورة لتعاضد جهود مؤسسات الدولة والجماعات الترابية من أجل كسب‬

‫‪ -‬بوشكور سفيان‪ ،‬حكامة إعداد التراب الوطني‪ ،‬مقال منشور بجريدة هسبريس اإللكترونية‪ ،‬تاريخ الولوج للموقع‬ ‫‪74‬‬

‫‪ 01‬شتنبر ‪ 8181‬على الساعة ‪02:11‬‬


‫‪ -75‬قريشي المصطفى‪ ،‬مالءمة نظام الالتمركز اإلداري بالمغرب مع متطلبات الجهوية المتقدمة‪ ،‬مطبعة دار‬
‫السالم‪ ،‬الطبعة االولى‪،8109،‬ص‪.821:‬‬

‫‪11‬‬
‫رهان التنمية المستدامة والمندمجة‪ ،‬والتي نأمل أن تشكل محور إهتمام واسع من لدن‬
‫اللجنة المكلفة بوضع تصور للنموذج التنموي الجديد‪ ،‬الذي يجب أن يقوم على تعزيز‬
‫دور الجهات والجماعات الترابية والمصالح الالممركزة للدولة في البناء التنموي القائم على‬
‫الالتمركز اإلداري الفعلي‪ ،‬وعلى مبادئ التعاون والتشارك والتضامن واإلستقاللية‬
‫‪76‬‬
‫واإلنسجام في تدبير السياسات العمومية الترابية‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الوالي‪/‬العامل وضمان اإلتقائية الس ياسات على المس توى الترابيي‪.‬‬
‫يعتبر الفضاء الترابي الجهوي مجاال واسعا لتنزيل سياسات الدولة وضمان تنزيل‬
‫العمل الحكومي على مستوى تراب الجهة بشقيها العمومي والقطاعي‪ ،‬وكذا مختلف البرامج‬
‫والمشاريع اإلستثمارية التي تعتزم السلطات الحكومية المعنية تنزيلها على مستوى الجهة‪.‬‬
‫ولتحقيق هذه الغايات فقد أسند الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري وذلك إنسجاما مع‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 011‬من دستور ‪ 8100‬لمؤسسة الوالي مهام ووظائف وآليات من‬
‫شأنها تأمين تنفيذ سياسات الدولة وضمان إنجاز البرامج والمشاريع على المستوى الجهوي‬
‫في تناغم وإلتقائية وإندماجية على أساس عالقة تدبيرية جيدة مبنية على حسن األداء‬
‫‪77‬‬
‫والنتائج‪.‬‬
‫لقد رسم ميثاق الالتمركز اإلداري مجموعة من األهداف‪ 78‬لتنفيذ صالحيات الحكومة‬
‫في مجال السياسات العمومية على المستوى الجهوي بشكل يراعي الخصوصيات الجهوية‬
‫واإلقليمية‪ ،‬ويضمن إلتقائيتها وتجانسها وتكاملها داخل هندسة ترابية تتطلب مهام جديدة‬
‫للتنسيق والقيادة‪ ،‬بهدف إيجاد حلول لمختلف المشاكل العمومية على المستوى الترابي‬

‫‪ -76‬عاجل ياسير‪'' ،‬تحديات تحديث اإلدارة الجهوية في تدبير السياسات العمومية الترابية بالمغرب''‪ ،‬المجلة‬
‫المغربية لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬تنسيق أحمد أجعون‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،8109 ،‬ص‪.009-002:‬‬
‫‪ -77‬أقنوش سهام‪ ،‬إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬ماستر السياسات‬
‫العمومية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬مكناس‪ ،‬السنة الجامعية ‪-8109‬‬
‫‪ ،8102‬ص‪.36-31:‬‬
‫‪ -78‬المادة ‪ 9‬من المرسوم رقم ‪ 8.09.602‬بمثابة الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ومعالجتها‪ ،‬وبالتالي فقد أسند الميثاق للوالي مهمة اإلشراف على المصالح الالممركزة‬
‫للدولة‪ ،‬بإعتبارها تمثل السلطات الحكومية على مستوى الجهة والعمالة واإلقليم‪ ،‬عند‬
‫قيامها بتفعيل تنفيذ السياسات العمومية والقطاعية على المستوى الترابي‪ ،‬وبالتالي أصبح‬
‫ملزما بإتخاذ المبادرة لتحقيق الفعالية والنجاعة‪ ،‬ومدخال لتحقيق إلتقائية السياسات‬
‫العمومية على المستوى الجهوي وذلك بواسطة بنيات إدارية تتولى تنفيذ السياسات في‬
‫ويتعلق األمر ب‪:‬‬ ‫‪79‬‬
‫المجاالت الجهوية واإلقليمية‬
‫‪ ‬اللجنة الجهوية للتنسيق‪ :‬إذ تحدث لدى والي الجهة وتحت رئاسته‪ ،‬وتتكون‬
‫من عمال العماالت واألقاليم التابعة لدائرة النفوذ الترابي للجهة‪ ،‬والكاتب العام‬
‫للشؤون الجهوية‪ ،‬ورؤساء مصالح الدولة الالممركزة على مستوى الجهة‪ ،‬عالوة‬
‫على المس ؤولين عن المراكز الجهوية لإلستثمار‪ ،‬والمسؤولين الجهويين‬
‫للمؤسسات العمومية المعنية‪ .‬ويمكن أن نميز في ما يتعلق بإختصاصاتها بين‬
‫المهام التي تصب في قناة تنسيق أنشطة المصالح الالممركزة‪ ،‬والمهام المندرجة‬
‫فبالنسبة للمهام األولى فقد‬ ‫‪80‬‬
‫في مجال السهر على حسن سير هذه المصالح‪.‬‬
‫عهد للجنة الجهوية للتنسيق‪ ،‬بالعمل على إنسجام وإلتقائية ووحدة عمل المصالح‬
‫الالممركزة على المستوى الجهوي‪ ،‬وإبداء الرأي حول مشاريع السياسات والبرامج‬
‫العمومية للدولة على المستوى الجهوي‪ ،‬وإقتراح التدابير الكفيلة بتذليل كل‬
‫الصعوبات التي قد تعترض إنجازها‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمهام الثانية المتعلقة بالسهر على حسن سير المصالح‬
‫الالممركزة‪ ،‬فتتجلى مهام اللجنة في العمل على تأمين إستم اررية الخدمات‬
‫العمومية التي تقدمها هذه المصالح الالممركزة للدولة‪ ،‬وإبداء الرأي بشأن‬

‫‪ -79‬نكاوي سعيد‪ ،‬ميثاق الالتمركز اإلداري و التدبير الالمتمركز لإلستثمار‪ ،‬مطبعة االمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪ ،8109‬ص‪061:‬‬
‫‪ -80‬المادة ‪ 31‬من المرسوم رقم ‪ 8.09.602‬بمثابة الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫مقترحات توزيع اإلعتمادات المالية حسب الحاجيات والبرامج الجهوية‪ ،‬وإبداء‬
‫الرأي بشأن مقترحات البرمجة الميزانياتية لثالث سنوات وتقارير نجاعة األداء‬
‫القطاعية ومخططات اإلستثمار للدولة المتالئمة معها‪ ،‬إنسجاما مع التوجهات‬
‫العامة للدولة بهذا الخصوص‪.‬‬
‫على الرغم من كون اللجنة الجهوية للتنسيق ستساهم في ضمان إلتقائية‬
‫السياسات القطاعية على المستوى الترابي الجهوي‪ ،‬إال أننا نؤيد التوجه المنتقد‬
‫لهذه السياسة‪ ،‬بحكم كونها قد خالفت رأي المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي‬
‫والبيئي‪ ،81‬إذ لم تخصص هذه اللجنة الجهوية مكانة لممثلي الجماعات الترابية‬
‫وخاصة رؤساء المجالس الجهوية ضمن التركيبة اإلدارية للجنة‪ ،‬مما قد يضعف‬
‫تحقيق اإللتقائية الترابية ويقوي من هيمنة اإلدارة المركزية عن طريق ممثليها‬
‫بالجهات في رسم السياسات العمومية الترابية‪ 82.‬وبالتالي نرى على أنه البد من‬
‫تعديل المادة ‪ 30‬من الميثاق‪ ،‬وجعل مؤسسة رئيس الجهة ضمن تركيبة اللجنة‬
‫الجهوية للتنسيق‪ ،‬ألنه اليعقل أن نتحدث عن دور الجهات في تحقيق اإللتقائية‬
‫بين البرامج والمشاريع العمومية‪ ،‬والتصاميم الجهوية إلعداد التراب وبرامج التنمية‬
‫الجهوية في ظل غياب مخاطب يمثل الجهة داخل هذه اللجنة‪.‬‬
‫‪ ‬الكتابة العامة للشؤون الجهوية‪ :‬وتعتبر من اآلليات المؤسساتية الموضوعة‬
‫من أجل مساعدة الوالة في القيام بإختصاصاتهم تجاه المصالح الالممركزة‬
‫للدولة‪ ،‬ويرأس هذه البنية تحت سلطة والي الجهة‪ ،‬كاتب عام للشؤون الجهوية‬

‫‪ -81‬تقرير المجلس االقتصادي واإلجتماعي والبيئي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.28:‬‬


‫‪ -82‬ايت الشيخ محمد كريم‪'' ،‬اإلختصاصات الممنوحة للوالة تجاه المصالح الالممركزة للدولة بين التصور الدستوري‬
‫و التنزيل التنظيمي''‪ ،‬مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬مطبعة دار السالم‪ ،‬الرباط‪ ،8181 ،‬ص‪-886:‬‬
‫‪.889‬‬

‫‪18‬‬
‫وتتحدد مهامها في التنسيق والمواكبة الالزمة‬ ‫‪83‬‬
‫يعين من قبل وزير الداخلية‪.‬‬
‫لمساعدة والي الجهة في ممارسة صالحياته تجاه المصالح الالممركزة‪ ،‬وتحضير‬
‫إجتماعات اللجنة الجهوية للتنسيق والسهر على تنسيق أشغالها‪ ،‬وإعداد تقارير‬
‫دورية ترفع إلى اللجنة حول حصيلة تنفيذ السياسات العمومية والقطاعية على‬
‫مستوى الجهة‪ ،84‬عالوة على إعداد تقرير سنوي للجنة الجهوية للتنسيق‪ ،‬والذي‬
‫يبعثه والي الجهة إلى اللجنة الو ازرية لالتمركز اإلداري قبل متم شهر مارس من‬
‫‪85‬‬
‫كل سنة‪ ،‬على أن تقوم هذه األخيرة بإصدار تقرير سنوي حول حصيلة أعمالها‪.‬‬
‫إن فكرة إحداث الكتابة العامة للشؤون الجهوية بالمغرب مستمدة من التجربة‬
‫الفرنسية التي تعود لسنة ‪ 0961‬لكن‪ ،‬وفي المقابل لم يأخذ بما هو معمول به‬
‫في فرنسا‪ ،‬إذ نجد أن الكتابة العامة للشؤون الجهوية تضم إلى جانب الكاتب‬
‫العام ومساعديه‪ ،‬قطبين أساسيين‪ ،‬القطب األول يختص بتحديث عمل المصالح‬
‫الالممركزة‪ ،‬و القطب الثاني يختص بتتبع تنفيذ السياسات العمومية على‬
‫المستوى الجهوي وتنسيق أعمال المصالح الالممركزة‪ ،‬وبالتالي فإننا نرى أنه‬
‫كان من الالزم على المشرع المغربي إتباع نفس النهج الذي سار عليه نظيره‬
‫الفرنسي مما سيعطي دفعة قوية لعملية التنسيق وتتبع تنفيذ السياسات العمومية‪،‬‬
‫وبالتالي تضافر الجهود لتحقيق إلتقائية السياسات القطاعية على المستوى‬
‫‪86‬‬
‫الجهوي‪.‬‬

‫‪ -83‬المادة ‪ 33‬من المرسوم رقم ‪ 8.09.602‬بمثابة الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري‪.‬‬


‫‪ -84‬التقال محمد الحسناوي‪ ،‬الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري ورهان التدبير اإلداري‪ ،‬المجلة المغاربية للرصد‬
‫القانوني و القضائي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.10:‬‬
‫‪-85‬نكاوي سعيد‪ ،‬ميثاق الالتمركز اإلداري والتدبير الالمتمركز لإلستثمار‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.093-098:‬‬
‫‪-86‬ايت الشيخ محمد كريم‪ ،‬اإلختصاصات الممنوحة للوالة تجاه المصالح الالممركزة للدولة بين التصور الدستوري‬
‫و التنزيل التنظيمي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.882 :‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ ‬اللجنة التقنية للعمالة أو اإلقليم‪ :‬من أجل مساعدة عامل العمالة أو اإلقليم في‬
‫ممارسة اإلختصاصات الموكولة إليه في تنسيق أنشطة المصالح الالممركزة‬
‫للدولة والمؤسسات العمومية التي تمارس مهامها على مستوى العمالة أو اإلقليم‪،‬‬
‫والسهر على حسن سيرها‪ ،‬تناط باللجنة التقنية إتخاذ جميع التدابير الالزمة‬
‫لضمان تنسيق أنشطة المصالح الالممركزة للدولة على مستوى العمالة أو اإلقليم‪،‬‬
‫ومواكبة برامج ومشاريع اإلستثمار المقررة وأشغال التجهيز المراد إنجازها على‬
‫مستوى العمالة أو اإلقليم‪ ،‬وتتبع تنفيذ السياسات العمومية القطاعية‪ ،‬وإقتراح‬
‫جميع التدابير الكفيلة بتحسين جودة الخدمات العمومية المقدمة إلى المرتفقين‬
‫على مستوى العمالة أو اإلقليم‪ ،‬ويتولى عامل العمالة أو اإلقليم رفع التوصيات‬
‫من أجل إحداث تمثيليات إدارية على مستوى العمالة أو اإلقليم تابعة لقطاع‬
‫وزاري معين أو مشتركة بين قطاعين و ازريين أو أكثر‪ 87.‬مما يساهم في ضمان‬
‫إلتقائية السياسات العمومية القطاعية على مستوى العمالة أو اإلقليم‪ ،‬من خالل‬
‫دور اللجنة في مواكبة المشاريع القطاعية والسعي إلى تذليل كافة الصعوبات‬
‫التي قد تعترض إنجازها وكذا من خالل إبداء رأيه حول عقود البرامج المزمع‬
‫إنجازها فوق تراب العمالة أو اإلقليم‪.‬‬
‫لقد ألقى ميثاق الالتمركز اإلداري بالثقل على والي الجهة‪ ،‬للتنسيق بين المصالح‬
‫الالممركزة للدولة‪ ،‬والجماعات الترابية‪ ،‬ومجموعاتها‪ ،‬وهيئاتها‪ ،‬من أجل إنجاز برامجها‬
‫ومشاريعها التنموية في إلتقائية وتجانس وتناغم من أجل ضمان نجاح تنفيذ سياسات‬
‫الدولة على المستوى الجهوي‪ ،‬لكن ما يمكن أن نستنتجه‪ ،‬يكمن في كون الجماعات‬
‫الترابية غير حاضرة في الميثاق بشكل متكرر‪ ،‬لكون هذا األخير يهم اإلدارات الالممركزة‬
‫وعالقتها بالمصالح المركزية‪ ،‬مسجال أن فلسفة المرسوم تقوم على وضع آليات للتنسيق‬

‫‪ -87‬المادة ‪ 31‬من المرسوم رقم ‪ 8.09.602‬بمثابة الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫رهن إشارة الوالي‪ ،‬تضمن نجاح القطاعات الحكومية في تنفيذ برامحها بكيفية منسجمة‪،‬‬
‫مما يضمن فعاليتها‪ ،‬وعليه فإن النص يهم اإلدرات المركزية ومصالحها الخارجية‪ .‬كما‬
‫نجد أن ميثاق الالتمركز اإلداري قد نص على أن يقوم الوالة بإحاطة السلطات الحكومية‬
‫بمختلف التدابير المتخذة‪ ،‬وكذا وضعية تنفيذ البرامج والمشاريع واألشغال بغية تذليل‬
‫‪88‬‬
‫الصعوبات التي قد تعترض تنفيذها‪.‬‬
‫إن مهام التنسيق الموكولة إلى مؤسسة الوالي أدت إلى جعل اإلدارة المركزية تشتغل‬
‫بشكل أفضل وذلك راجع إلى تعزيز التنسيق األفقي بين القطاعات الو ازرية وتنمية العمل‬
‫البين ‪ -‬وزاري في إلتقائية وتناسق بين كافة المتدخلين على المستوى األفقي فيما يتعلق‬
‫بالسياسات العمومية القطاعية على المستوى الترابي‪ ،‬لكن وحسب وجهة نظرنا‪ ،‬فاألمر‬
‫ال يبدو بهذه البساطة و السهولة‪ ،‬ذلك أن تضاعف عدد الو ازرات بفعل تنامي تدخل‬
‫الدولة‪ ،‬وإندماج الو ازرات في بعضها البعض كما شهدنا بفعل التعديل الوزاري األخير‬
‫الذي أفرز حكومة الكفاءات‪ ،‬يترتب عنه دمج بعض القطاعات الو ازرية أو تجزيئ البعض‬
‫اآلخر‪ ،‬مما يؤدي في الغالب إلى تفتيت العمل اإلداري على الصعيد المركزي‪ ،‬مع ما‬
‫يصاحب ذلك من بطئ وتعقيد في التسيير والتنسيق البين‪ -‬وزاري‪ ،‬وينعكس سلبا على‬
‫مستوى اإلنسجام بين عمل الو ازرات‪ ،‬ويؤدي بالضرورة إلى إعاقة اإللتقائية على المستوى‬
‫الترابي‪ ،‬والتي تتطلب عمليات منسجمة للمصالح الو ازرية على المستوى العمودي من‬
‫‪89‬‬
‫أجل حسن تنزيلها من المركز إلى المستوى الترابي‪.‬‬
‫إن التفكير حسب وجهة نظرنا في إحداث مندوبيات جهوية وإقليمية تتضمن تجميع‬
‫مصالح متعددة تضم أكثر من قطاع وزاري‪ ،‬إلى جانب المؤسسات العمومية التي تقع‬
‫تحت وصاية هذه القطاعات الو ازرية‪ ،‬أصبح ضروريا من أجل ضمان تنسيق أفضل‪،‬‬

‫‪ -88‬المادة ‪ 89‬من المرسوم رقم ‪ 8.09.602‬بمثابة الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري‪.‬‬


‫‪ -89‬أجالب رشيد‪ ،‬دور الالتمركز الواسع في مشاريع التنمية الترابية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬طنجة‪ ،‬السنة الدراسية ‪-8101‬‬
‫‪ ،8106‬ص‪.869-866:‬‬

‫‪12‬‬
‫وضمان إلتقائية سياسات هذه القطاعات الو ازرية‪ ،‬بدل اإلقتصار فقط على دور‬
‫الوالي‪/‬العامل للقيام بالمهام التنسيقية‪ ،‬والتي قد تؤدي إلنتاج مركزية جديدة لكن من نوع‬
‫جهوي‪ ،‬خاصة وأن مؤسسة الوالي تربطها عالقة عمودية بو ازرة الداخلية التي تغلب عليها‬
‫المقاربة األمنية بدل المقاربة التنموية‪ ،‬هذا التجميع هو معتمد في التجربة الفرنسية‪،‬‬
‫وتعتبر نتائجه جد مهمة على مستوى اإللتقائية والتناغم بين القطاعات الو ازرية على‬
‫المستوى الجهوي‪ ،‬حيث سيؤدي ذلك حسب رأينا‪ ،‬إلى تغير في المشهد اإلداري بالجهات‪،‬‬
‫والعماالت واألقاليم‪ ،‬والجماعات‪ ،‬حيث سينتج عنه تجميع المصالح الالممركزة في شكل‬
‫مديريات جهوية متناغمة في أداء مهامها‪.‬‬
‫إن إتباع هذا النهج التنظيمي سيؤدي في نهاية المطاف لتحقيق اإللتقائية فيما‬
‫يتعلق بالسياسات القطاعية على المستوى الترابي والتنزيل السليم لسياسات الدولة‪ ،‬شريطة‬
‫‪90‬‬
‫منحها الصالحيات التقريرية الفعلية‪ ،‬واإلمكانيات المادية والبشرية‪.‬‬
‫كما أنه قد بات من الالزم منح الوالي‪/‬العامل إمكانية تقديم ملتمسات في حينه‬
‫إلعادة توجيه وتنظيم إدارة الالتمركز على مستوى الجماعة واإلقليم والجهة كلما تطلب‬
‫األمر ذلك بحسب حاجيات الشأن المحلي‪ ،‬كما نقترح عالوة على ما سبق‪ ،‬ضرورة تكوين‬
‫مجلس وطني إلدارة الالتمركز وأن يشمل من بين أعضاءه‪ ،‬رؤساء الجماعات الترابية‬
‫بتالوينها الثالث على المستوى الوطني‪ ،‬من أجل العمل على تتبع وتقويم أوجه القصور‬
‫فيما يتعلق بالعالقات األفقية بين المتدخلين في الشأن الترابي من أجل ضمان اإللتقائية‬
‫الترابية ونجاح ورش الجهوية المتقدمة‪.‬‬

‫‪ -90‬حموتي سعيد‪'' ،‬الجهوية في المغرب نموذج إلصالح إدارة الالتمركز''‪ ،‬مجلة العلوم السياسية و القانون‪،‬‬
‫المركز الديمقراطي العربي‪ ،‬برلين‪-‬ألمانيا‪ ،‬العدد ‪ ،02‬نفمبر ‪ ،8109‬ص‪.39-36:‬‬

‫‪13‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التصاميم المديرية لالتمركز الإداري ورهان تحقيق اإلتقائية الس ياسات العمومية‪.‬‬
‫تعتبر التصاميم المديرية لالتمركز اإلداري نظام تدبير إداري ترابي تقترن بموجبه‬
‫الجهوية المتقدمة بالالتمركز الفعال‪ ،‬وهو نظام يعتمد المستوى الترابي كمنطلق وأساس‬
‫لتقديم الخدمة العمومية وتدبيرها‪ ،‬كما كرست التصاميم المديرية لالتمركز اإلداري نمطا‬
‫جديدا لتوزيع االختصاصات قائم على مرتكزات أساسية(الفقرة االولى)‪ ،‬ومن أجل‬
‫إستخالص ذلك سنحاول قدر المستطاع تقديم قراءة في التصميم المديري لالتمركز‬
‫اإلداري المتعلق بو ازرة الداخلية(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة الأولى‪ :‬المرتكزات ا ألساس ية للتصاميم المديرية لالتمركز الإداري‪.‬‬


‫يعتبر التصميم المديري لالتركيز اإلداري مخططا يروم إعادة تنظيم الالتركيز تفعيال‬
‫للتوجيهات الملكية‪ ،‬وصدور المرسوم رقم ‪ 8.09.602‬بمثابة الميثاق الوطني لالتمركز‬
‫اإلداري‪ ،‬والمرسوم رقم ‪912.19.40‬بتحديد نموذج التصميم المديري المرجعي لالتمركز‬
‫اإلداري تطبيقا لمقتضيات المادة ‪ 81‬من الميثاق‪ ،‬والذي يروم تنزيل مضامين ميثاق‬
‫الالتمركز اإلداري وتوفير الشروط الالزمة لتنفيذ السياسات العمومية على الصعيد الترابي‪،‬‬
‫وضمان إلتقائيتها وتناسقها وإنسجامها لمواكبة ورش الجهوية المتقدمة‪.‬‬
‫لقد كرست التصاميم المديرية لالتمركز اإلداري نمطا جديدا لتوزيع االختصاصات‪،‬‬
‫بحيث تحدد جميع الصالحيات والمهام التي سيتم نقلها أو التي ستكون موضوع تفويض‬
‫إلى المصالح الالممركزة للدولة على مستوى الجهات وعلى مستوى العماالت أو األقاليم‪،‬‬
‫هذا عالوة على آلية في غاية األهمية‪ ،‬ويتعلق األمر باإلتفاقيات والعقود المبرمة بين‬
‫اإلدارات المركزية والمصالح الالممركزة حيث ستساهم في التحديد الدقيق لإللتزامات مما‬

‫‪ -‬المرسوم رقم ‪ 8.09.11‬بتحديد نموذج التصميم المديري المرجعي لالتمركز اإلداري الصادر في ‪09‬‬ ‫‪91‬‬

‫جمادى األولى ‪ 81( 0111‬يناير ‪ ،)8109‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6916‬مكرر‪ ،‬بتاريخ ‪ 06‬جمادى‬
‫األولى‪ 81 ( 0111‬يناير ‪.)8109‬‬

‫‪11‬‬
‫فالتصاميم المديرية لالتمركز‬ ‫‪92‬‬
‫سيساهم في تكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة‪.‬‬
‫اإلداري تخول للمصالح الالممركزة للدولة صالحيات تقريرية تفضي إلى تحقيق وحدة‬
‫عمل مصالح الدولة على المستوى الجهوي أو اإلقليمي‪ ،‬وإمكانية إحداث تمثيليات إدارية‬
‫جهوية أو إقليمية مشتركة بين قطاعين و ازريين أو أكثر‪ ،‬ويعني هذا األمر اإلستغناء عن‬
‫عدد من المديريات المركزية التي ستنقل سلطها إلى المصالح الجهوية واإلقليمية‬
‫للقطاعات الحكومية‪ ،‬التي ستتمتع بصالحيات تغنيها عن إنتظار التأشير من اإلدارة‬
‫المركزية‪ ،93‬مما سيساهم حسب رأينا في وحدة التدخالت العمومية على المستوى األفقي‬
‫وتكاملها وتجانسها‪ ،‬وبالتالي الوصول إلى تحقيق اإللتقائية على مستوى تصور وبرمجة‬
‫وتنفيذ السياسات العمومية على المستوى الترابي‪ ،‬مما سيؤدي لعدم ضياع الفرص التنموية‬
‫على مستوى المشاريع االقتصادية واإلجتماعية والثقافية والبيئية‪ ،‬وتحقيق السرعة والفعالية‬
‫والنجاعة في حل المشاكل العمومية‪.‬‬
‫لقد حدد المرسوم ‪ 8.09.11‬محاور أساسية‪ ،‬في شكل وثيقة مؤطرة لتنفيذ سياسة‬
‫الالتمركز اإلداري‪ ،‬عبارة عن جداول وإستمارات تم توزيعها على مختلف الو ازرات إلعداد‬
‫تصميم مديري لالتمركز اإلداري من طرف لجنة الالتركيز اإلداري على مستوى كل‬
‫و ازرة‪ ،‬وتشمل عددا من المعطيات كالتالي‪:‬‬
‫‪ -‬اإلختصاصات‪ ،‬السيما منها التقريرية‪ ،‬التي سيتم نقلها إلى المصالح الالممركزة‪.‬‬
‫طبقا لقواعد توزيع اإلختصاصات المنصوص عليها في المواد ‪ 01‬و ‪ 01‬و ‪06‬‬
‫من المرسوم رقم ‪ 8.09.602‬بمثابة ميثاق وطني لالتمركز اإلداري‪.‬‬

‫‪ -92‬ندوة وطنية تحت عنوان '' الميثاق الوطني لعدم التركيز اإلداري ورهان اليساسة الجديدة لتنظيم إدارة الدولة''‪،‬‬
‫مركز الندوات كلية الطب والصيدلة‪09 ،‬أبريل ‪.8109‬تقرير عن أشغال الندوة منشور على الموقع اإللكتروني‬
‫‪ ،www.maroclaw.com‬تاريخ الولوج للموقع ‪ 00‬غشت ‪.8181‬‬
‫‪ -93‬نكاوي سعيد‪ ،‬ميثاق الالتمركز اإلداري و التدبير الالمتمركز لإلستثمار‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.091 :‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ -‬اإلختصاصات التي يمكن أن تكون موضوع تفويض إلى المصالح الالممركزة‬
‫للدولة على مستوى الجهة وعلى مستوى العمالة أو اإلقليم‪.‬‬
‫‪ -‬توزيع الموارد البشرية بين المصالح المركزية والمصالح الالممركزة للدولة على‬
‫مستوى الجهة وعلى مستوى العمالة أو اإلقليم‪.‬‬
‫‪ -‬توزيع الموارد المادية بين المصالح المركزية والمصالح الالممركزة للدولة على‬
‫مستوى الجهة وعلى مستوى العمالة أو اإلقليم‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد األهداف المراد تحقيقها من قبل المصالح الالممركزة للدولة على مستوى‬
‫الجهة والعمالة أو اإلقليم في ضوء اإلختصاصات التي سيتم نقلها إليها ومؤشرات‬
‫قياس نجاعة أدائها في تحقيق هذه األهداف‪.‬‬
‫إن اإلختصاصات المنقولة من المركز إلى المحيط في إطار الالتمركز اإلداري‪،‬‬
‫ستسمح حسب وجهة نظرنا بتحقيق اإللتقائية مع التوجهات الكبرى للدولة في إطار من‬
‫الفعالية والنجاعة والتنزيل السليم للسياسات العمومية للدولة‪ ،‬وتنفيذ البرامج والمشاريع‬
‫التنموية على الصعيد الجهوي‪ ،‬مما سيسمح بإتخاذ الق اررات بشكل أفقي في المجال‬
‫الواحد‪ ،‬وتحقيق اإلنسجام واإلندماجية واإللتقائية وفق رؤية واضحة وموحدة بين جميع‬
‫األقطاب الترابية‪ ،‬ويسمح بإعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة‪ ،‬وتقييم األداء في تقديم‬
‫‪94‬‬
‫الخدمات‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه قد صادقت اللجنة الو ازرية لالتمركز اإلداري برئاسة السيد‬
‫رئيس الحكومة يوم الثالثاء ‪ 30‬دجنبر ‪ 8109‬بالرباط‪ ،‬في اجتماعها العاشر على آخر‬
‫التصاميم المديرية‪ ،‬وبذلك أنهت المصادقة على التصاميم المديرية لجميع القطاعات‬
‫الحكومية‪ ،‬في إطار اآلجال القانونية المرتبطة بوضع التصاميم المديرية لالتمركز‬
‫اإلداري‪ ،‬وتطبيقها على المستوى الميداني‪.‬‬

‫‪ -‬سلكي محمد‪'' ،‬الالتمركز اإلداري والتحديث الجهوي بالمغرب‪ :‬قراءة على ضوء ميثاق الالتمركز اإلداري''‪،‬‬ ‫‪94‬‬

‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪839-832 ،‬‬

‫‪11‬‬
‫وقال رئيس الحكومة‪ ،‬في تصريح صحفي في ختام اإلجتماع‪ ..." ،‬أصبح لدينا اآلن‬
‫خريطة لالختصاصات التي سيتم نقلها للجهات من مختلف القطاعات الحكومية‪ ،‬وبقي‬
‫أمامنا فقط تعديل بعض المقتضيات القانونية والتنظيمية لتصبح اإلدارات الجهوية قادرة‬
‫على ممارسة عدد من االختصاصات التي كانت حك ار على اإلدارات المركزية''‪ .‬وأضاف‬
‫رئيس الحكومة‪...'' ،‬إن هذا اإلنجاز سيقرب عددا من الخدمات للمواطنين وللمقاولة‪،‬‬
‫ويوفر عليهم الجهد والزمن ويسهل عليهم الحياة''‪ ،‬موضحا أنه سيتم البدء بعد ذلك مباشرة‬
‫في تنفيذ نقل االختصاصات وفق البرمجة المحددة في التصاميم المديرية‪ .‬وأوضح رئيس‬
‫الحكومة‪ ،‬أنه سيتم العمل على تنفيذ التصاميم المديرية وفقا لخطة تدريجية‪ ،‬تمتد على‬
‫الثالث سنوات المقبلة‪ ،‬بالموازاة مع تنفيذ خارطة الطريق تروم مراجعة القوانين المنظمة‬
‫للقطاعات الو ازرية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الجهوي‪ ،‬ونظام المحاسبة العمومية‬
‫‪.‬‬ ‫والصفقات العمومية‬
‫‪95‬‬

‫وبناء على ما سبق‪ ،‬نأمل في التنزيل السليم لهذه التصاميم على أن تتم ممارسة‬
‫اإلختصاصات الفعلية التقريرية من لدن المصالح الالممركزة‪ ،‬من أجل تجاوز معيقات‬
‫تنفيذ السياسات العمومية على المستوى الترابي التي كانت والتزال لحد الساعة تعرف‬
‫تخبطا واضحا بسبب التدخل المركزي العمودي للقطاعات الو ازرية في بلورة السياسات‬
‫العمومية الترابية‪ ،‬وما يترتب عن ذلك من تأخير في الفعل العمومي‪ ،‬وتنزيل لسياسات‬
‫عمومية ال تتناسب مع وضعية مختلف الجهات‪ ،‬وال أدل على ذلك من الظروف التي‬
‫مر بها قطاع الت عليم في ظل جائحة كورونا حيث تم إعتماد التعليم عن بعد وتفعيله‬
‫كسياسة عمومية وطنية منذ مارس ‪ ،8181‬على الرغم من كون بعض الجهات لم تسجل‬
‫بتاتا حاالت إصابة بالوباء‪ ،‬أو سجلت على مر أزيد من أربعة أشهر إصابة أو إثنتين‬
‫فقط‪ ،‬في حين كان على الو ازرة المعنية بالقطاع تفويض هذا اإلختصاص للمندوبيات‬

‫‪ -‬منشور بالموقع الرسمي لرئاسة الحكومة ‪ ، https://www.cg.gov.ma‬تاريخ الولوج إلى الموقع ‪83‬‬ ‫‪95‬‬

‫غشت ‪ ،8181‬على الساعة ‪.83:11‬‬

‫‪12‬‬
‫الجهوية لقطاع التعليم في إطار سياسة الالتمركز اإلداري‪ ،‬لتتخذ اإلجراء األنسب حسب‬
‫تطور الحالة الوبائية على مستوى الجهة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التصميم المديري لالتمركز الإداري‪ -‬قراءة في التصميم المديري لوزارة الداخلية‬
‫كنموذج‪-96‬‬
‫يقوم ميثاق الالتمركز اإلداري على نظام ترابي ناجع تقترن بموجبه الجهوية المتقدمة‬
‫بالالتمركز الفعال‪ ،‬فهو نظام يعتمد المستوى الترابي كمنطلق وأساس لتقديم الخدمة‬
‫العمومية وتدبيرها‪ ،‬وبهذا الخصوص أطلق الملك محمد السادس بتاريخ ‪ 09‬شتنبر ‪8102‬‬
‫المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية(‪ )8183-8109‬والتي تقوم على‬
‫تكريس التدبير المندمج للمشاريع وتحقيق اإللتقائية بين مختلف البرامج القطاعية‬
‫لمؤسسات الدولة والجماعات الترابية‪.‬‬
‫وإستنادا إلى التوجيهات الملكية السامية الرامية لتقريب اإلدارة من المرتفق والمالمسة‬
‫الميدانية لمشاكله واإللتزام بفعالية ونجاعة خدمته‪ ،‬إنخرطت و ازرة الداخلية في مسلسل‬
‫الالتمركز اإلداري وذلك بإنجازها لمشروع التصميم المديري لالتمركز اإلداري والذي أكدت‬
‫من خالل محاوره األساسية على مواكبة ودعم الجهوية المتقدمة‪ ،‬ومواكبة تنزيل األوراش‬
‫التنموية على المستوى الترابي وتشجيع اإلستثمار وخلق فرص الشغل وتقريب الخدمات‬
‫من المرتفقين وتبسيط المساطر وتقليص اآلجال عالوة على تحسين ظروف عمل موظفي‬
‫و ازرة الداخلية‪ ،‬وذلك كله من أجل ضمان التنزيل السليم لمضامين ميثاق الالتمركز‪،‬‬
‫وتفعيل المرسوم رقم ‪ 2.19.40‬بتحديد نموذج التصميم المديري المرجعي لالتمركز‬
‫اإلداري تطبيقا لمقتضيات المادة ‪ 81‬من الميثاق‪.‬‬
‫وإنطالقا من قراءة مضامين التصميم المديري لو ازرة الداخلية‪ ،‬بناء على الجرد الذي‬
‫قامت به من أجل تحديد اإلختصاصات المزمع نقلها أوتفويضها إلى المستوى الترابي‬

‫‪ -‬التصميم المديري لالتمركز اإلداري الخاص بو ازرة الداخلية‪ :‬الجداول التجميعية‪ ،‬شتنبر ‪(.8181‬تصميم‬ ‫‪96‬‬

‫غير منشور)‬

‫‪18‬‬
‫على إمتداد ثالث سنوات والتي أسفرت عن ما مجموعه ‪ 019‬إختصاص تقريري سيمكن‬
‫تنزيلها الفعلي من إعطاء دفعة قوية لمسلسل الالتمركز اإلداري وتغيير النمط الحالي‬
‫للتدبير اإلداري مما سيؤدي لتحقيق األهداف المرجوة من إعتماد سياسة الالتمركز اإلداري‬
‫وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة والمتكافئة بين جميع جهات المملكة‪.‬‬
‫و بخصوص توزيع هذه اإلختصاصات على مدى ثالث سنوات المخصصة لتنزيل ورش‬
‫الالتمركز اإلداري حسب ما ورد في التصميم المديري‪ ،‬فستشهد السنة األولى التمركز‬
‫‪ 60‬إختصاص أي بنسبة ‪ 19‬بالمائة فيما سيتم التمركز ‪ 06‬إختصاص في السنة الثانية‬
‫أي بنسبة ‪ 01‬بالمائة وسيتم إختتام هذا التنزيل بالتمركز ما مجموعه ‪ 31‬إختصاص‬
‫المتبقية أي بنسبة ‪ 82‬بالمائة في السنة الثالثة‪.‬‬
‫وبخصوص توزيع هذه اإلختصاصات حسب المديريات فيمكن توضيحه من خالل الجدول‬
‫التالي‪:‬‬

‫المصدر‪ :‬التصميم المديري لالتمركز اإلداري الخاص بوزارة الداخلية‪ :‬الجداول التجميعية‪ /‬وزارة الداخلية‬

‫‪18‬‬
‫ومن خالل اإلطالع على توزيع هذه اإلختصاصات المزمع نقلها أو تفويضها إلى‬
‫المستوى الترابي كما ورد التصميم المديري لالتمركز اإلداري لو ازرة الداخلية بعد اإلطالع‬
‫عليه‪ ،‬يمكننا أن نسجل أهم مرتكزاته األساسية على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -‬أوال‪ :‬تعزيز تقريب الخدمات العمومية إلى المرتفقين وتأمين إستم ارريتها‬
‫وذلك بتمكين عمال العماالت واألقاليم من إتخاذ مجموعة من اإلجراءات‬
‫والق اررات المتعلقة بتدبير شؤون الجماعات الساللية والدفاع عن مصالحها أمام‬
‫القضاء‪ ،‬وتخويل والت الجهات وعمال العماالت واإلقاليم التقرير في طلبات‬
‫الملزمين المتعلقة باإلبراء أو التخفيف من الزيادات والغرامات والذعائر وباقي‬
‫الجزاءات المتعلقة بالرسوم التي يتم تدبيرها من طرف مصالح الجماعات الترابية‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬تعزيز تأهيل وتشجيع اإلستثمار‪.‬‬
‫وذلك من خالل تمكين عمال العماالت واألقاليم من تتبع تحصيل المبالغ المالية‬
‫المتعلقة بعمليات الكراء والتفويت والشركات عالوة على تمكينهم من صالحيات‬
‫إتخاذ الق اررات اإلدارية المرتبطة برخص سيارات األجرة في إطار تنظيم قطاع‬
‫النقل من خالل منحها أو إلغائها أو السحب المؤقت لها‪ ،‬باإلضافة إلى تمكين‬
‫والة الجهات وعمال العماالت واألقاليم من تثمين أمالك الجماعات الساللية عن‬
‫طريق التفويت والكراء ودراسة البرامج والمشاريع موضوع طلبات اإلقتناء وتتبع‬
‫وتنفيذ شروط اإلنجاز الواردة في عقود التفويت ودفاتر التحمالت‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬مواكبة التنظيم الترابي الالمركزي والعمل على ضمان نجاعته‪.‬‬
‫من خالل منح الوالت صالحية التاشير على ميزانية الجهة‪ ،‬وتمكينهم بمعية‬
‫عمال العماالت واألقاليم من اإلشراف على االعمال المالية للجماعات الترابية‬
‫في إطار ممارسة الرقابة اإلدارية على الق اررات المتعلقة بتدبير الجبايات المحلي‪،‬‬
‫ومنح الدعم لميزانيات الجماعات الترابية‪ ،‬ومواكبة التعاون بين الجماعات وذلك‬

‫‪11‬‬
‫عبر مواكبة إحداث مؤسسة التعاون بين الجماعات وإحداث مجموعة الجماعات‬
‫الترابية والعماالت واألقاليم‪.‬‬
‫‪ -‬رابعا‪ :‬التوطين الترابي للسياسات العمومية من خالل أخذ الخصوصيات الجهوية‬
‫بعين اإلعتبار‪.‬‬
‫من خالل إعتماد تنظيم مؤسساتي جديد الليات الحكامة تضع الجهة كمستوى‬
‫ترابي أمثل من أجل نجاعة تنزيل وأداء برامجها المتعلقة بالتنمية البشرية‪ ،‬وإحداق‬
‫قسم ''التنسيقية الجهوية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية'' على مستوى كل واليات‬
‫المملكة‪ .‬عالوة على وضع مخطط جهوي للتكوين وتقوية القدرات‪ ،‬والعمل على‬
‫تقييم مؤشرات نجاعة برامج المبادرة على المستوى اإلقليمي والجهوي‪ ،‬وإنجاز‬
‫الدراسات واألبحاث ذات الطابع الجهوي المتعلقة به‪.‬‬
‫‪ -‬خامسا‪ :‬تمكين الوالة والعمال من الصالحيات الضرورية لتدبير الموارد البشرية‪.‬‬
‫من خالل إحداث اللجان اإلدارية المتساوية األعضاء‪ ،‬وتدبير الحياة اإلدارية‬
‫لمتصرفي و ازرة الداخلية‪ ،‬والتدبير الميزانياتي للموارد البشرية وتدبير الحماية‬
‫االجتماعية لهم‪.‬‬
‫وقدمت و ازرة الداخلية في ختام تصميمها المديري مقترحات لمراجعة مجموعة من‬
‫النصوص القانونية والتنظيمية المرتبطة بممارسة الو ازرة لإلختصاصات المزمع نقلها‬
‫ويتعلق األمر ب‪:‬‬

‫‪ -‬مراجعة القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‬


‫‪ -‬مراجعة القانون المتعلق بالجبايات المحلية‬
‫‪ -‬إصدار القانون ‪ 68.09‬بشأن الوصاية اإلدارية على الجماعات الساللية‬

‫‪11‬‬
‫وبالتالي فو ازرة الداخلية ستقوم خالل السنة األولى بإعتماد آلية تفويض اإلمضاء في‬
‫إنتظار القيام بما يلزم من تعديالت على النصوص القانونية والتنظيمية لنقل‬
‫اإلختصاصات التقريرية‪.‬‬

‫لقد قدم التصميم المديري لالتمركز اإلداري على مستوى و ازرة الداخلية مشروعا‬
‫يروم التنزيل الميداني لميثاق الالتمركز اإلداري من أجل تحقيق مرامي الجهوية المتقدمة‪،‬‬
‫وبالتالي سيعزز إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪ ،‬من خالل الدور المحوري الذي‬
‫أنيطت به مؤسسة الوالي‪/‬العامل في عالقتها بالجماعات الترابية المبنية على التنسيق‬
‫والتعاون والتتبع لضمان تحقيق اإلنسجام واإلندماجية واإللتقائية في التدخل العمومي‬
‫الترابي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬المدخل التدبيري كدعامة لتحقيق اإلتقائية الس ياسات العمومية الترابية‪.‬‬
‫إن رهان تحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية يحتاج لمجموعة من اآلليات‬
‫التي يمكن من خاللها العمل على بلورة سياسات عمومية فعالة وناجعة‪ ،‬ويعتبر المدخل‬
‫التدبيري دعامة أساسية في سبيل تحقيق البعد اإللتقائي للسياسات العمومية على المستوى‬
‫الترابي‪ ،‬عن طريق مجموعة من الوسائل التدبيرية التي أثبتت الممارسة مدى نجاعتها‬
‫ويشكل التعاقد الترابي آلية متميزة قادرة‬ ‫‪97‬‬
‫لبلوغ األهداف التنموية على المستوى الترابي‪.‬‬
‫على ضمان تنفيذ البرامج والمشاريع بشكل تشاركي تضامني بين الدولة والجماعات‬
‫كما أن للتخطيط الترابي أيضا مكانة متميزة على إعتباره وعاء لتكريس إلتقائية‬ ‫‪98‬‬
‫الترابية‪،‬‬
‫السياسات العمومية وذلك من خالل وثائق التخطيط الترابي المتمثلة في التصاميم الجهوية‬
‫إلعداد التراب وبرامج التنمية الجهوية وبرنامج عمل الجماعة وكذا برنامج تنمية العمالة‬

‫‪ -‬الزروقي عدنان‪ ،‬السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية‪،‬‬ ‫‪97‬‬

‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬مركز دراسات الدكتوراه في العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية و‬
‫التدبير‪ ،‬جامعة الحسن األول‪ ،‬سطات‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،8109-8102‬ص‪.316:‬‬
‫‪ - 98‬بنيدي محمد عبد الحي‪ '' ،‬تدبير السياسات العمومية بالمغرب‪ :‬نموذج عقود البرامج''‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،013‬نونبر‪-‬دجنبر ‪ ،8102‬ص‪.369:‬‬

‫‪12‬‬
‫أو اإلقليم‪ ،‬والتي تقوم على أساس معايير التشارك والتضامن والتنسيق في إعدادها‬
‫على الرغم‬ ‫‪99‬‬
‫وتنفيذها بشكل يحقق التنمية الترابية والمجالية على مستوى الجهة ككل‪،‬‬
‫من بعض اإلشكاالت التي صاحبت تنزيل هذه المخططات الترابية‪ ،‬والتي بات لزاما‬
‫العمل على تجاوزها لبلوغ تحقيق إلتقائية ترابية فعالة وناجعة ( المطلب األول)‪.‬‬
‫كما أن للتشارك أهمية كبيرة والتي تتجلى في الشراكة بين الجماعات الترابية في‬
‫تنفيذ البرامج والمخططات والحيلولة دون تعثرها‪ ،‬خاصة في ظل نقص الموارد المالية‪،‬‬
‫كما أن للتعاون الترابي مكانة مهمة في نفس السياق خاصة التعاون الالمركزي الدولي‬
‫الذي أثبتت الممارسة مدى نجاعته في تمويل وتنفيذ البرامج التنموية على مستوى الجهات‬
‫والجماعات الترابية األخرى‪ .100‬كما أن لتقييم السياسات العمومية الترابية دور كبير أيضا‬
‫على إعتباره آلية تدبيرية تروم التحقق من مدى التنزيل السليم للسياسات ومدى تحقيقها‬
‫ألهدافها‪ ،‬وتنصب هذه العملية عل ى األعمال والبرامج والخطط والمشاريع المنجزة على‬
‫المستوى الترابي‪ ،‬وكذا على األشخاص من خالل تقييم قدراتهم على بلورة السياسات‬
‫الترابية‪ ،‬وبالتالي قياس مدى تأثير وإنعكاس السياسات العمومية الترابية على الواقع‪،‬‬
‫ومدى فعاليتها في اإلستجابة للطلبات والقضايا الترابية‪ ،‬وإنجاز تقارير موضوعاتية من‬
‫طرف أجهزة الرقابة والتقييم‪ ،‬ولعل أهمها يتجلى في المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬والتي‬
‫تبرز مكامن الخلل‪ ،‬من خالل التقارير السنوية والموضوعاتية التي تنجزها والتي تقدم‬
‫حلوال واقعية وناجعة لتجاوزها‪ ،‬من أجل بلوغ رهان تحقيق إلتقائية السياسات العمومية‬
‫الترابية(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫‪ -‬البوداني مصطفى‪ -‬بوخريص زكرياء‪ '' ،‬دور هياكل وأدوات إعداد التراب الوطني في ترسيخ العدالة‬ ‫‪99‬‬

‫المجالية''‪،‬مجلة الدراسات السياسية واإلجتماعية‪ ،‬منشورات حوارات‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬عدد مزدوج‬
‫‪ ،8109 ،1-1‬ص‪.392:‬‬
‫‪ -‬قبيبشي يونس‪ ،‬التعاون الالمركزي الدولي للجماعات الترابية المغربية‪ ،‬مكتبة دار السالم للطباعة والنشر‬ ‫‪100‬‬

‫والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،8181 ،‬ص‪.83 :‬‬

‫‪13‬‬
‫المطلب الأول‪ :‬التعاقد والتخطيط الترابيي كآليتين لتحقيق الإلتقائية‪.‬‬
‫إن الرهان الحقيقي للتنزيل األمثل للجهوية المتقدمة‪ ،‬يقتضي بالضرورة تحقيق رهان‬
‫إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪ ،‬لضمان اإللتقاء بين مختلف التدخالت العمومية‬
‫والبرامج والمخططات التنموية‪ ،‬من أجل تحقيق تنمية مندمجة ومستدامة‪ ،‬واإلستجابة‬
‫لمتطلبات المواطنات والمواطنين وتفعيل البديل األنجع من بين البدائل المطروحة‪.‬‬
‫ولتحقيق هذه الغاية يشكل التعاقد الترابي لبنة أساسية لتعاقد ناجح وسليم بين الدولة‬
‫والجماعات الترابية‪ ،‬أو بين الجماعات الترابية فيما بينها لتحقيق التعاضد والتعاون‬
‫واإللتقائية في ممارسة اإلختصاصات المشتركة وتدبير التنمية الترابية ( الفرع األول)‪،‬‬
‫كما يشكل التخطيط الترابي لبنة أساسية قائمة على التشارك والتعاون والتنسيق والتي تعد‬
‫وعاء لتحقيق إلتقائية السياسات والتدخالت العمومية على المستوى الترابي(الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع الأول‪ :‬التعاقد الترابيي ومكانته في تحقيق الإلتقائية‪.‬‬


‫يعتبر التعاقد من بين اآلليات الحديثة في التدبير العمومي الترابي‪ ،‬فهي آلية تترجم‬
‫شكال جديدا من العالقات بين مختلف مستويات القطاع العام والمؤسسات العمومية‬
‫والجماعات الترابية‪ ،‬ويعتبر من بين اإلجابات الممكنة المرتبطة بإشكالية إلتقائية‬
‫السياسات العمومية الترابية‪ ،‬وفق منهجية سليمة في مأسسة العالقات بين كافة المتدخلين‬
‫في تدبير المجال الترابي‪ ،‬خاصة بين الدولة والجماعات الترابية‪ ،‬مما يؤدي إلى بلورة‬
‫رؤية شمولية تدمج القطاعي في بعده الترابي‪ ،‬وبناء عليه سنتناول في هذا الفرع التعاقد‬
‫الترابي كآلية لم مارسة اإلختصاصات المشتركة بين الدولة والجماعات الترابية‪ ،‬وكتدبير‬
‫عمومي جديد يشكل إجابة عن إشكالية إلتقائية السياسات العمومية في بعدها الترابي(‬
‫الفقرة األولى)‪ ،‬كما سنتطرق إلبراز الشروط المؤطرة لهذا التعاقد الترابي بين طرفي العالقة‬
‫التعاقدية ( الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫الفقرة الأولى‪ :‬التعاقد الترابيي كآلية لممارسة الإختصاصات المشتركة‪.‬‬
‫يعتبر التعاقد الترابي تدبي ار عموميا جديدا يسمح بممارسة اإلختصاصات المشتركة‬
‫بين الدولة والجماعات الترابية‪ ،‬مما يساهم في اإللتقاء بينهما في البرامج والمشاريع‪،‬‬
‫والتوافق في اإلختيارات التنموية‪ .‬إن هيمنة المقاربة القطاعية على السياسات العمومية‬
‫قد أضعفت الب عد الترابي لهذه السياسات وكرست مقاربة عمودية ذات إتجاه وحيد من‬
‫كأن هذه األخيرة هي مجرد حقل لتجارب السياسات‬ ‫‪101‬‬
‫الدولة إلى الجماعات الترابية‪،‬‬
‫المتعددة بل والمتناقضة أحيانا مما أرهق المجاالت الترابية وأهدر الكثير من الفرص‬
‫والمال والجهد دون أي نتيجة تذكر‪ ،‬مما أدى لعدم مقدرة السياسات على حل المشاكل‬
‫العمومية الترابية‪ ،‬وهكذا فقد تم وضع مجموعة من المخططات من طرف عدد كبير من‬
‫القطاعات مثل‪ :‬قطاع التجهيز والصناعة والتجارة والسياحة والتعليم والصحة‪ ،‬وغيرها من‬
‫المخططات القطاعية األخرى‪ ،‬وبالتالي أصبحت الدولة ال تشتغل إال من خالل وعبر‬
‫هذه البرامج فقط‪ ،‬والتي تخصص لها موارد مالية كبيرة جدا وعلى إمتداد عدة سنوات‪،‬‬
‫الشيء الذي أدى لهيمنة المقاربة القطاعية على السياسات العمومية دون منح أي فرصة‬
‫للجماعات الترابية المعنية بهذه البرامج والمخططات من المشاركة في التصور والتشاور‬
‫والتدبير عب ر إعمال آلية التعاقد‪ ،‬بقدر ما كرس ثقافة مطلبية تقليدية جعلت العالقة بين‬
‫الدولة والفاعلين الترابيين‪ ،‬عالقة تبعية عوض أن تكون عالقة إستقاللية‪ ،‬مما تسبب في‬
‫ضياع العديد من الفرص التنموية وهدر ميزانيات ضخمة دون تحقيق اإللتقائية بين‬
‫‪102‬‬
‫المخططات والبرامج القطاعية‪ ،‬وبين متطلبات الساكنة على المستوى الترابي‪.‬‬

‫‪ -‬الزروقي عدنان‪ ،‬السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات‬ ‫‪101‬‬

‫الترابية‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.188:‬‬


‫‪ - 102‬التقرير الختامي للمناظرة الوطنية األولى للحكامة حول موضوع'' التقائية اإلستراتيجيات و البرامج القطاعية''‪،‬‬
‫المنظمة يومي ‪ 08‬و ‪ 03‬فبراير ‪ 8103‬بالصخيرات‪ ،‬منشور بالموقع الرسمي لو ازرة اإلقتصاد والمالية وإصالح‬
‫اإلدارة ‪ ،www.mag.gov.ma‬تاريخ الولوج للموقع ‪ 11‬شتنبر ‪ ،8181‬على الساعة ‪.01:11‬‬

‫‪11‬‬
‫لقد كرس التعاقد الترابي مفهوما جديدا للتدبير العمومي يقوم على أساس إنخراط‬
‫الدولة في مسلسل التعاقد مع الجماعات الترابية والمصالح الالممركزة للدولة‪ ،‬لصناعة‬
‫القرار الترابي الذي يراعي إمكانيات هذه الجماعات وحاجياتها التنموية‪ ،‬ويشكل أرضية‬
‫متينة لتكريس حرية تصرف الهيئات المنتخبة وتقوية قدراتها التدبيرية من أجل ضبط‬
‫اإلختيارات التي تراها أصلح للسكان على مستوى ترابي محدد‪ ،‬وهو ما ينسجم بشكل جيد‬
‫مع مبدأ التمثيلية‪ ،‬التي تعني انتداب المواطنين لمن يمثلهم داخل دائرة صناعة القرار‬
‫المحلي عبر مختلف المجالس الترابية ومستوياتها‪ 103،‬مما يضمن التمفصل بين األهداف‬
‫الوطنية للتخطيط والتهيئة‪ ،‬وبرامج التنمية الترابية‪ ،‬ويؤدي لتقريب الهوة بين التخطيط‬
‫القطاعي والتخطيط الترابي وتعبئة الشركاء والفرقاء من خالل التنسيق المشترك لإلستفادة‬
‫من التمويل والمشاركة في صناعة القرار العمومي‪ ،‬مما يترتب عنه توافق الخيارات العامة‬
‫للتنمية وإتفاق حول المنهجيات التي يجب العمل بها‪ 104.‬هذا فضال عن تحمل المسؤولية‬
‫المالية من طرف الهيئات المنتخبة من خالل ميزانية الجماعات الترابية واإلنخراط في‬
‫إطار مقاربة شمولية يفرضها نمط التعاقد‪ ،‬مبنية على أساس التشاور والتفاوض والتتبع‬
‫والتقييم‪.105‬‬

‫وبناء على ماسبق‪ ،‬فقد عبر الملك محمد السادس‪ ،‬عن هذه المضامين في رسالته‬
‫التي تالها السيد وزير الداخلية بتاريخ ‪ 81‬دجنبر ‪ 8109‬في المناظرة الوطنية األولى‬
‫للجهوية المتقدمة التي نظمت بأكادير‪ ،‬حيث جاء في نص الرسالة السامية‪ ...'' ،‬وهكذا‪،‬‬
‫فقد تم في إطار هذا الميثاق‪ ،‬تحديد دور واختصاصات اإلدارات المركزية والالممركزة‪،‬‬
‫وإبراز المستوى الجهوي‪ ،‬باعتباره اإلطار المالئم إلنسجام السياسات العمومية‪ ،‬ولبرمجة‬

‫‪ - 103‬المرابط خليد‪ ''،‬الحرية التعاقدية والفعلية للسلطة التنظيمية للجماعات الترابية في ظل القوانين التنظيمية لسنة‬
‫‪ ،''8101‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،013‬نونبر‪-‬دجنبر ‪ ،8102‬ص‪.882:‬‬
‫‪ -104‬عدنان الزروقي‪ ،‬السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.119:‬‬
‫‪ -105‬و ازرة إعداد التراب الوطني‪ ،‬مديرية دعم التنمية المجالية‪ ،‬ورقة تركيبية حول التعاقد الترابي‪ ،‬مارس ‪.8106‬‬

‫‪11‬‬
‫مشاريع مختلف القطاعات الحكومية‪ ،‬وتفويض المهام والوسائل المادية والبشرية إلى‬
‫المصالح الالممركزة‪ ،‬باإلضافة إلى تكريس عقودالبرامج بين اإلدارات المركزية وهذه‬
‫المصالح‪ .106''...‬ومن هنا نستشف األهمية الكبيرة التي أوالها الملك لعقود البرامج على‬
‫إعتبارها سياسة عامة إستراتيجية‪ ،‬تعبر عن توجهات الدولة لضمان التوافق والتنسيق‬
‫واإلنسجام واإللتقائية بين تدخالت الفاعلين في رسم السياسات العمومية الترابية‪.‬‬

‫ومن أجل إنجاح التعاقد الترابي‪ ،‬نرى أن هناك مرحلتين أساسيتين يجب المرور منهما‪،‬‬
‫‪107‬‬
‫كي نستطيع الحديث عن تعاقد ترابي ناجح‪ ،‬وهما‪:‬‬

‫‪ -‬مرحلة التشخيص واإلعداد‪ :‬إذ من المنطقي لنجاح أي تعاقد أن يمر عبر مرحلة‬
‫التشخيص الدقيق لإلشكاليات الترابية والحاجات المجالية من أجل التمكن من‬
‫وضع برامج ومشاريع وفق تفكير إستراتيجي يسعى إلى الدخول في تفاوض‬
‫وتحاور بين الجماعات الترابية‪ ،‬وممثلي الدولة للخروج بصيغة تعاقدية مبنية‬
‫على طرح األولويات وفق برنامج عمل علمي دقيق‪ ،‬مؤسس على التفاوض بين‬
‫أطراف العقد‪ ،‬حيث يتم تناول مختلف األولويات والبرامج‪ ،‬والتمويل والحصص‪،‬‬
‫وكيفية توزيعها‪ ،‬والجدولة الزمنية للمشاريع‪.‬‬
‫‪ -‬مرحلة التنفيذ والتقييم‪ :‬حيث يتم في هذه المرحلة وضع الصيغة النهائية للعقد‬
‫وتحديد اإلطار المؤسساتي التنفيذي له‪ ،‬مما يقتضي معه توفير الوسائل واآلليات‬
‫المؤهلة والضرورية‪ ،‬من خالل تعاضد اإلمكانيات بين الدولة والجماعات الترابية‪،‬‬
‫أو بينها وبين المصالح الالممركزة‪ ،‬هذا فضال عن مرحلة التقييم من خالل‬
‫مؤسسات مختصة‪ ،‬لما لهذه العملية من بالغ األثر والتي تسمح بتقييم مدى‬

‫‪ - 106‬نص الرسالة الملكية منشورة بالموقع الرسمي لرئاسة الحكومة ‪ www.cg.gov.ma‬تاريخ الولوج للموقع ‪12‬‬
‫شتنبر ‪ ،8181‬على الساعة ‪.80:11‬‬
‫‪ - 107‬المرابط خليد‪ ''،‬الحرية التعاقدية والفعلية للسلطة التنظيمية للجماعات الترابية في ظل القوانين التنظيمية لسنة‬
‫‪ ،''8101‬مرجع سابق‪ :‬ص‪.833:‬‬

‫‪12‬‬
‫نجاح المسؤولين في تحقيق النتائج واألهداف المسطرة بناء على مؤشرات‬
‫واضحة للتقييم‪ ،‬كما تلعب أيضا دو ار في تقويم هذه المشاريع والبرامج من خالل‬
‫التقييم المرحلي لتنفيذ العقد‪ ،‬مما يساهم في التتبع المرحلي تجنبا ألي إختالالت‬
‫أو معيقات قد تفشل البرامج والمشاريع الترابية هذا عالوة على التقارير‬
‫الموضوعاتية التي يفرزها التقييم والتي توضح بجالء مكامن الخلل‪ ،‬وتعطي‬
‫توصيات وحلول لتجاوز النقائص واإلختالالت لضمان بلوغ هدف اإلندماج‬
‫‪108‬‬
‫واإللتقائية في التدخالت العمومية‪.‬‬
‫كما أن للتعاقد الترابي أشكاال عديدة يمكن توزيعها لنوعين أساسيين‪:‬‬

‫‪ -‬النوع األول‪ :‬التعاقد العمودي بين الدولة والجهات وتعتبر عقود البرامج أو عقود‬
‫المشاريع أبرز أشكالها وهي عقود برامج متعددة السنوات بين الدولة والجماعات‬
‫الترابية والجمعيات الشريكة لتدبير البنيات التحتية والبرامج‪ ،‬وفق تحديد واضح‬
‫للمهام ومسؤوليات األطراف المتعاقدة وطرق التمويل وكذا البنود العقابية في‬
‫‪109‬‬
‫حال عدم إحترام العقد‪.‬‬
‫‪ -‬النوع الثاني‪ :‬التعاقد األفقي بين الجماعات الترابية على المستوى الترابي في‬
‫صيغة عقود مشاريع تشترك فيها أكثر من جماعة ترابية‪ ،‬مما يؤدي لتحقيق‬
‫التناغم واإلنسجام واإللتقائية الترابية‪ ،‬من خالل تشخيص المتطلبات بدقة‬
‫وصياغة وتنفيذ البرامج التنموية وفق منهجية تنسيقية تشاركية سليمة وفعالة‪.‬‬

‫‪ -‬جيادي سميرة‪ ،‬الحكامة الجيدة وتدبير الشأن العام المحلي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية‬ ‫‪108‬‬

‫العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬مكناس‪ ،‬السنة الجامعية ‪،8101-8103‬‬
‫ص‪.831:‬‬
‫‪ -109‬كحالوي عبد الرحيم‪ ،‬إندماجية السياسات العمومية بالمغرب و متطلبات التنمية المحلية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه‬
‫في القانون العام‪ ،‬مركز الدراسات في الدكتوراه قانون اإلقتصاد و التدبير‪ ،‬كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية و‬
‫اإلجتماعي ة‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬طنجة‪ ،‬الموسم الجامعي ‪ ،8109-8106‬ص‪.118:‬‬

‫‪18‬‬
‫ومن هذا المنطلق نقترح مجموعة من اآلليات التي يمكن أن تساهم في تعزيز‬
‫حكامة عقود البرامج بما يكفل تحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪ ،‬وجعلها‬
‫سياسات عمومية مندمجة ومستدامة قادرة على تحقيق تطلعات المواطنين‪ ،‬وتتمثل‬
‫هذه اآلليات في العمل على إعتماد إلتقائية في تصور وتنفيذ السياسات بما يكفل‬
‫تحقيق النجاعة والفعالية في التدبير العمومي‪ ،‬ووضع نظام لقياس األداء للمقارنة‬
‫بين األهداف المسطرة والنتائج المحققة‪ ،‬عالوة على نهج سياسة القرب من خالل‬
‫تفعيل آليات التواصل المؤسساتي مع كل الفاعلين والشركاء‪ ،‬وتبني الديمقراطية‬
‫التشاركية من خالل إشراك هيئات المجتمع المدني في بلورة السياسات بإعتبارها قوة‬
‫إقتراحية هامة‪ ،‬هذا فضال عن اإلنفتاح على التجارب المقارنة وإستخالص أهم‬
‫التجارب في هذا المجال وخاصة النموذج األنجلوساكسوني الذي أبان عن نتائج جد‬
‫‪110‬‬
‫إيجابية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الشروط المؤطرة للتعاقد الترابيي‪.‬‬


‫حتى تتم بلورة التعاقد الترابي البد من توافر شروط في طرفي العالقة التعاقدية‪ ،‬والتي‬
‫نسميها بالشروط المؤهلة للتعاقد‪.‬‬

‫أوال‪ :‬بالنسبة للدولة‪:‬‬

‫لعل من أبرز الشروط المرتبطة بالدولة كطرف في العالقة التعاقدية‪ ،‬يكمن في‬
‫اإلرادة السياسية القوية المبنية على أساس اإلقتناع بأن تدبير المجاالت الترابية ينبغي أن‬
‫يقوم على ركائز الحوار والتشاور واإلشتراك مع الفاعلين الترابيين على إعتبارهم شركاء‬
‫في التنمية‪ ،‬مما يستدعي إمتالك الدولة لسياسة وطنية قائمة على معايير الحضور القوي‬
‫للبعد الترابي واإلقتناع بضرورة تقاسم األعباء والتكاليف واإلمكانيات لبلوغ تنمية ترابية‬
‫ناجحة‪ ،‬لذلك فالم طلوب هو التفكير في وضع سياسات عمومية ترابية بمنهجية تعتمد‬

‫‪ -‬بنيدي محمد عبد الحي‪ '' ،‬تدبير السياسات العمومية بالمغرب‪ :‬نموذج عقود البرامج''‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬‬ ‫‪110‬‬

‫ص‪.369:‬‬

‫‪18‬‬
‫‪111‬‬
‫على التدبير الترابي اإلستراتيجي‪ ،‬القائم على أساس تعبئة الطاقات وتثمين اإلمكانيات‪.‬‬
‫هذا فضال عن ضرورة التوفر على بنيات إدارية قادرة على إنجاح التعاقد الترابي والمتمثلة‬
‫في سياسة الالتمركز اإلداري‪ ،‬إذ بات من الالزم أن تتوفر الدولة على مخاطب واحد‬
‫قوي وفعال على المستوى الترابي قادر على الدفاع عن التوجهات والمشاريع ويمتلك الحد‬
‫األدنى من الحرية في التصرف وإتخاذ القرار‪ ،‬ويتمثل في مؤسسة الوالي‪ ،‬الذي متعه‬
‫ميثاق الالتمركز اإلداري بصالحيات واسعة في المجال التنسيقي كما سبق وأن رأينا في‬
‫المبحث األول‪ ،‬وإقترحنا كقوة تنسيقية‪ ،‬إحداث مندوبيات جهوية وإقليمية تتضمن تجميع‬
‫مصالح متعددة تضم أكثر من قطاع وزاري لما لها من دور في تثمين إطار التعاقد مع‬
‫الجماعات الترابية من خالل التقليص من عدد المخاطبين وتجميعهم في إطار منظم على‬
‫شكل مندوبيات مما سيساهم المحالة في توحيد الرؤى وإلتقائية التدخالت العمومية في‬
‫إطار مشروع تنموي موحد على مستوى الجماعات الترابية‪ .‬لكن وحسب وجهة نظرنا‪،‬‬
‫فالتعاقد لوحده غير كفيل بتحقيق ذلك ما لم يقترن بضرورة إصالح القانون الجبائي‬
‫المتعلق بالجبايات المحلية‪ ،‬والرفع من المداخيل الجبائية للجماعات الترابية‪ ،‬عالوة على‬
‫تدعيم الموارد الذاتية لها‪ ،‬وتفعيل حقيقي لمبدأ التدبير الحر من خالل دعم الصالحيات‬
‫الت قريرية الواسعة‪ ،‬ألن نجاح التعاقد رهين بتوافر كل الظروف المؤطرة للعملية التنموية‪،‬‬
‫وإال فسنكون أمام شعارات فارغة المحتوى‪ ،‬هذا عالوة على ضرورة إيجاد مقاربة بين‪-‬‬
‫قطاعية‪ ،‬من خالل تنسيق بين‪-‬وزاري على المستوى الحكومي تنطلق من تصور مندمج‬
‫‪112‬‬
‫فعلي للسياسات العمومية على المستوى الترابي في تجاوز تام لألنانية القطاعية‪،‬‬

‫‪ -111‬عدنان الزروقي‪ ،‬السياسات العمومية والمسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة والجماعات الترابية‪ ،‬مرجع‬
‫سابق ‪ ،‬ص‪.160:‬‬
‫‪112‬‬
‫‪ -‬الطاهري عبد الفتاح‪ ،‬موقع الجهة داخل مستويات التنظيم الترابي‪ :‬محاولة لتحليل السياسات العمومية‬
‫الترابية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬ماستر السياسات العمومية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واإلجتماعية‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬مكناس‪ ،‬السنة الدراسية ‪.8102-8109‬‬

‫‪21‬‬
‫واإلنفتاح على ثقافة جديدة في تدبير الشأن العام تكريسا لدعم أسس إلتقائية السياسات‬
‫العمومية على المستوى الترابي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬بالنسبة للجماعات الترابية‪.‬‬

‫تكمن أهم شروط نجاح التعاقد الترابي في ضرورة توفر الجماعات الترابية على‬
‫المؤهالت والكفاءات التقنية القادرة على إنجاح مسلسل التعاقد‪ ،‬وهنا يكمن الدور الفعال‬
‫لمستوى النخب السياسية على صعيد الجماعات الترابية‪ ،‬والتي يجب على الدولة أن تعيد‬
‫النظر في شرط المؤهل التعليمي للترشح لمنصب رئاسة الجماعات الترابية‪ ،‬فالحديث عن‬
‫''النخبة السياسية'' على المستوى الترابي المؤهلة لتسيير الشأن الترابي‪ ،‬هي مسألة محورية‬
‫في مسار أي مجتمع‪ ،‬فهي تترجم مدى حيوية المجتمع ومدى قابليته لبلورة مشروع‬
‫مجتمعي قائم على األفكار والبرامج والمشاريع‪ ،‬قادر على تنزيل ورش الجهوية المتقدمة‪،‬‬
‫وهذا يتطلب ضرورة وصول صانعي القرار الترابي لمنصب المسؤولية عبر محدد الكفاءة‬
‫والديمقراطية الفعلية‪ ،‬وليس بتأثير المال والزبونية والرضا المخزني‪113،‬والذي يفرز لنا‬
‫نخبا تعيش ثقافة تكريس اإلختالالت في تدبير الشأن الترابي ويضعنا أمام خيارين ‪ ،‬إما‬
‫التسليم بفشل المنتخبين الترابيين في تدبير الشأن العام الترابي‪ ،‬وعدم مقدرتهم على تبني‬
‫مشاريع وبرامج وعقود شراكة لتأهيل الجماعات الترابية وتحقيق المسار التنموي‪ ،‬وضمان‬
‫تحقيق اإللتقائية في التدخالت العمومية‪ ،‬أو تدخل سلطات الرقابة اإلدارية وفق ما تمنحه‬
‫لها القوانين التنظيمية من آليات‪ ،‬ونقصد هنا الوالة والعمال للقيام بإختصاصات هذه‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬مما يشكل في المقابل مساسا بمبادئ الديمقراطية وتدخال في تسيير‬
‫الشأن العام الترابي‪ ،‬ونقيضا لمبدأ التدبير الحر الذي يستلزم المبادرة بتصور وبلورة وتنفيذ‬
‫البرامج والمشاريع التنموية في إطار تعاقدي مع الدولة‪ ،114‬يعبر عن الحرية التعاقدية‬
‫للجماعات الترابية‪ ،‬لكن وقبل ذلك البد من تبني الدولة لسياسة التأهيل اإلقتصادي‬

‫‪ -113‬محمد زين الدين‪ ،‬إشكالية تجديد النخب بالمغرب‪ ،‬مجلة فكر و نقد‪ ،‬العدد ‪،8106 ،20‬ص‪.09:‬‬
‫‪ -‬جفري سعيد‪ ،‬الجماعات الترابية بالمغرب‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،8109،‬ص‪.38-30:‬‬ ‫‪114‬‬

‫‪21‬‬
‫واإلجتماعي والسياسي والثقافي للجماعات الترابية‪ ،‬ألن اإلستقاللية في التعاقد الينبغي‬
‫أن تؤدي لتنكر الدولة لوحداتها الترابية‪ ،‬وتركها تتخبط في العوائق المتجذرة في مسارها‬
‫التطوري منذ التأسيس لالمركزية‪ ،‬لذلك فالتكامل هنا هو المطلوب والوحدة هي المنشودة‪،‬‬
‫ضمن منظور تنموي شمولي يراعي الخصوصيات ويحترم الهويات‪ ،‬ويحارب كل مظاهر‬
‫‪115‬‬
‫السيطرة والتدخل الخارج عن إطار التكريس للبعد الترابي للجهوية المتقدمة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التخطيط الترابيي وموقعه من تحقيق الإلتقائية الترابية‪.‬‬


‫يشكل التخطيط الترابي منهجية فعالة في خدمة التنمية المجالية الهادفة إلى تحديد‬
‫إستراتيجية قائمة على تنمية المجاالت الترابية‪ ،‬وتحديد التوجهات الكبرى للتنمية‬
‫المستدامة‪ ،‬كما يشكل ترجمة إلرادة جماعية لتنمية مجال معين‪ ،‬يرتكز على التشخيص‬
‫والتشاور وتحديد األولويات وفق رؤية إستشرافية‪ ،‬ومقاربة تهم جميع المستويات الترابية‪،‬‬
‫من أجل تعزيز آليات التخطيط الترابي في تناسق مع السياسات العامة للدولة في مجال‬
‫إعداد التراب وبرامج التنمية الجهوية والجماعية‪ ،‬وبناء عليه سنتطرق في هذا الفرع إلى‬
‫التصميم الجهوي إلعداد التراب (الفقرة األولى)‪ ،‬وبرنامج التنمية الجهوية (الفقرة الثانية)‪،‬‬
‫عالوة على برنامج عمل الجماعة (الفقرة الثالثة)‪ ،‬لنبرز دورها في ضمان تحقيق إلتقائية‬
‫السياسات العمومية الترابية‪ ،‬مع توضيح بعض اإلشكاالت التي يجب العمل على تجاوزها‬
‫لبلوغ إلتقائية أفضل‪.‬‬

‫الفقرة الأولى‪ :‬التصميم الجهوي لإعداد التراب‪.‬‬


‫يعد موضوع إعداد التراب الوطني من المواضيع المهمة ذات الراهنية بسبب ديناميكية‬
‫الترابط بينه وبين مختلف القطاعات األفقية والترابية في مجال التنمية المجالية‪ ،‬وبإعتباره‬
‫مرجعية لكل التدخالت والسياسات التنموية العمومية القائمة على مبدأ اإللتقائية‬

‫‪115‬‬
‫‪- BELLINA Séverine,LaGovernance démocratique: un nouveau paradigme pour le‬‬
‫‪développement?, Editions Karthala, Coll. Hommes et sociétés, 2008, p294.‬‬

‫‪22‬‬
‫والتجانس‪ 116.‬وبناء على ذلك‪ ،‬يعد التصميم الجهوي إلعداد التراب وثيقة مرجعية للتهيئة‬
‫ويهدف على وجه الخصوص‪،‬‬ ‫‪117‬‬
‫المجالية لمجموع التراب الجهوي على مدى ‪ 81‬سنة‪،‬‬
‫إلى تحقيق التوافق بين الدولة والجهة حول تدابير تهيئة المجال وتأهيله وفق رؤية‬
‫إستراتيجية وإستشرافية‪ ،‬مما يسمح بتحديد توجهات وإختيارات التنمية الجهوية‪ ،‬ويحدد‬
‫اإلختيارات المتعلقة بالتجهيزات والمرافق العمومية الكبرى المهيكلة على مستوى الجهة‪،‬‬
‫‪118‬‬
‫ويحدد أيضا مجاالت المشاريع الجهوية وبرمجة إجراءات تثمينها‪.‬‬
‫إن التصميم الجهوي إلعداد التراب يعد إطا ار مرجعيا يهدف إلى تحقيق اإلنسجام والتآزر‬
‫الترابي بين مختلف المتدخلين والفاعلين على صعيد الجهة‪ ،‬مما يجعله يخضع لمسطرة‬
‫خاصة من حيث إعداده وتحيينه وتقييمه نظمها المرسوم ‪ .1198.09.123‬كما أن‬
‫التصميم الجهوي إلعداد التراب يمكن المصالح الالممركزة للدولة والجماعات الترابية‬
‫والمؤسسات العمومية وأشخاص القانون الخاص المعنوية التي يكون رأسمالها مملوكا‬
‫للدولة‪ ،‬من إدراج تدخالتها على مستوى الجهة في إطار متجانس يحترم توجهات السياسة‬
‫العامة إلعداد التراب‪ ،‬كما يعتبر إطا ار مرجعيا لوضع مخططات التنمية االقتصادية‬
‫واإلجتماعية على الصعيد الجهوي وباقي التصاميم والمخططات التي تشرف على إنجازها‬
‫الجماعات الترابية األخرى‪ ،‬أو في إطار التعاضد عبر تأسيس مجموعات فيما بينها‪،‬‬
‫فالتصميم الجهوي إلعداد التراب يعتبر بمثابة نقطة إلتقاء بين كافة المخططات على‬
‫وبالتالي فمطمح تحقيق اإللتقائية على مستوى المخططات الجهوية‬ ‫‪120‬‬
‫المستوى الجهوي‪،‬‬

‫‪ -‬البوداني مصطفى‪ -‬بوخريص زكرياء‪ '' ،‬دور هياكل وأدوات إعداد التراب الوطني في ترسيخ العدالة‬ ‫‪116‬‬

‫المجالية''‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.103:‬‬


‫‪ -‬الفقرة األخيرة من المادة ‪ 22‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 000.01‬المتعلق بالجهات‪.‬‬ ‫‪117‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 29‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات‪.‬‬ ‫‪118‬‬

‫‪ -‬المرسوم ‪ 8.09.123‬بتحديد مسطرة إعداد التصميم الجهوي إلعداد التراب وتحيينه وتقييمه‪ ،‬الصادر في ‪9‬‬ ‫‪119‬‬

‫محرم ‪ 82( 0139‬شتنبر ‪ ،)8109‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6602‬بتاريخ ‪8‬نفمبر‪.8109‬‬


‫‪ -‬حراتي مراد‪ ،‬الجهوية المتقدمة وسياسة إعداد التراب‪-‬دراسة مقارنة‪ ،-‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون‬ ‫‪120‬‬

‫العام‪ ،‬ماستر القانون اإلداري وعلم اإلدارة‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصاديةواإلجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪،‬‬
‫مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،8109-8106‬ص‪.13:‬‬

‫‪23‬‬
‫للجماعات الترابية‪ ،‬يبقى رهينا بمدى قدرة التصميم الجهوي إلعداد التراب على تحديد‬
‫توجهات وإختيارات التنمية الجهوية على مستوى الدولة والجماعات الترابية‪ ،‬ووضع إطار‬
‫إستراتيجي لنهج سياسة تعاقدية بينهما‪ ،‬وتحديد مجاالت لمشاريع الجهوية‪ ،‬وبرمجة‬
‫إجراءات تثمينها‪ ،‬عالوة على مدى قوته في إلزام اإلدارة والجماعات الترابية والمؤسسات‬
‫العمومية والمقاوالت العمومية‪ ،‬األخذ بعين اإلعتبار المضامين التي جاء بها في إطار‬
‫‪121‬‬
‫برامجهم القطاعية أو تلك التي تم التعاقد بشأنها‪.‬‬
‫وبناء عليه فقد أصبح المجلس الجهوي نظريا‪ ،‬المخطط والموجه لمختلف السياسات‬
‫التنموية بالجهة سواء تلك التي يرجع اإلختصاص فيها للهيئات الترابية أو التي تختص‬
‫بها اإلدارات والمؤسسات العمومية وحتى التي يتدخل فيها القطاع الخاص‪ .‬ومن أجل‬
‫إنجاح التصميم الجهوي إلعداد التراب وضمان تحقيقه لإللتقائية الترابية على إعتباره‬
‫مدخال من بين المداخل التدبيرية القائمة على التخطيط الترابي‪ ،‬وجب تحقيق التفاعل‬
‫المنسجم بين الفاعلين الترابيين والمؤسسات وآليات التنسيق والتتبع‪ ،‬وجعل الجهة إطا ار‬
‫لحل المشاكل الخاصة بالالتوازن الجهوي‪ ،‬والتفاوتات بين المدن والقرى على مستوى‬
‫التجهيزات‪ ،‬مع تمكين الجهة من مصادر تمويلية إضافية من أجل تنميتها مع األخذ بعين‬
‫اإلعتبار الطابع التكاملي والتعاون السوسيو‪-‬إقتصادي للتنمية الجهوية‪.‬‬
‫إن ما يمكن الوقوف عنده‪ ،‬والذي يشكل في نظرنا تهديدات محدقة بالجوانب المتعلقة‬
‫بالتخطيط الترابي في مجال سياسة إعداد التراب‪ ،‬نجد أنه في الوقت الذي ينص فيه‬
‫القانون التنظيمي المتعلق بالجهات على إحداث لجنة إلعداد التراب من بين اللجان‬
‫الدائمة لمجلس الجهة‪ ،‬والتي يفترض أن تسهر على إعداد التصميم الجهوي إلعداد التراب‬
‫وتنظيم عمليات الحوار والتشاور المتعلقة به‪ ،‬نالحظ أن المرسوم المتعلق بإعداد هذا‬
‫التصميم في المادة الرابعة‪ ،‬قد سحب هذا اإلختصاص من هذه اللجنة ومنحه إلى لجنة‬
‫أخرى تحمل نفس اإلسم لكن تعمل تحت إشراف والي الجهة‪ ،‬وهي اللجنة اإلستشارية‬

‫‪ -‬المادة ‪ 91‬من القانون التنظيمي ‪ 000.01‬المتعلق بالجهات‪.‬‬ ‫‪121‬‬

‫‪21‬‬
‫إلعداد التراب‪ ،‬وحدد المرسوم تأليفها‪ ،‬وطريقة إشتغالها‪ ،‬وجداول أعمالها‪ .‬وبالتالي فنحن‬
‫نرى أن هذه اللجنة هي مجرد هيئة مضافة لهيئة موجودة في األصل ومخصصة لهذه‬
‫الغاية‪ ،‬وبالتالي فالمشرع هنا لم يكن حكيما ألنه سمح بالتداخل واإلرتجالية في التدخالت‬
‫فكيف لنا أن نتغنى‬ ‫‪122‬‬
‫المتعلقة بتصميم وثيقة تعتبر عصب قيام الجهوية المتقدمة‪،‬‬
‫باإللتقائية في البرامج والمشاريع والمخططات‪ ،‬ونحن نقف أمام إشكال تشريعي كهذا‪.‬‬
‫وربما ما يزيد الطين بلة حسب رأيي‪ ،‬من خالل اإلطالع على مواد القانون التنظيمي‬
‫المتعلق بالعماالت واألقاليم‪ ،‬والجماعات‪ ،‬يمكن أن أسجل غياب أي تنصيص على ذكر‬
‫التصميم الجهوي إلعداد التراب في عالقته ببرامجها التنموية نهائيا‪ ،‬بل وحتى بالنسبة‬
‫للنصوص التنظيمية المتعلقة بهذه البرامج‪ ،123‬وبالتالي فما قيمة وثيقة هامة من حجم‬
‫التصميم الجهوي إلعداد التراب إذا كانت القوانين التنظيمية للجماعات الترابية األخرى ال‬
‫تشير إليه وال تعيره إهتماما‪ .‬هذا فضال عن مشكل تقاطع اإلختصاصات وتعدد األجهزة‬
‫والهيآ ت المتدخلة وتنوعها بحسب المجاالت التي تشتغل فيها ( مجالس منتخبة‪ ،‬لجان‪،‬‬
‫إدارات‪ ،‬مديريات‪ ،‬وكاالت‪ ،‬مندوبيات جهوية وإقليمية‪ ،)...‬وما ينتج عنه من تداخل في‬
‫اإلختصاصات وصعوبة في التنسيق مع ما يؤدي إليه من تكريس للمقاربات القطاعية‬
‫لذلك أصبح لزاما إذا أردنا بالفعل تكريس إلتقائية‬ ‫‪124‬‬
‫على حساب المقاربات المندمجة‪،‬‬
‫السياسات العمومية الترابية‪ ،‬أن يأخذ المشرع بزمام األمور ويقوم بتعديل للنصوص‬
‫القانوني ة ويراعي في ذلك تحقيق التناغم واإلنسجام بين وثائق التخطيط والتنمية على‬

‫‪ -122‬الزروقي عدنان‪ ،‬السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية‪ ،‬مرجع‬
‫سابق ‪ ،‬ص‪.119-116:‬‬
‫‪ -123‬يتعلق األمر بالمرسوم ‪ 8.06.311‬المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج تنمية العمالة أو اإلقليم وتتبعه‬
‫وتحيينه وتقييمه واليات الحوار والتشاور إلعداده الصادر بتاريخ ‪ 83‬رمضان ‪ 89 ( 0139‬يونيه ‪ ،)8106‬المنشور‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6128‬بتاريخ ‪ 01‬يوليوز ‪ .8106‬والمرسوم‪ 8.06.310‬بتحديد مسطرة إعداد برنامج عمل‬
‫الجماعة وتتبعه وتحيينه وتقييمه واليات الحوار والتشاور إلعداده‪ ،‬الصادر بتاريخ ‪ 83‬رمضان ‪ 89 ( 0139‬يونيه‬
‫‪ ،)8106‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6128‬بتاريخ ‪ 01‬يوليوز ‪.8106‬‬
‫‪ -‬الدكاري عبد الرحمان‪ ،‬هالل عبد المجيد‪ ،‬اإلدريسي عبد الواحد‪ ،‬التعمير وسياسة إعداد التراب‪ ،‬مقاربة‬ ‫‪124‬‬

‫بيداغوجية ومنهجية‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬طنجة‪ ،8181 ،‬ص‪.96‬‬

‫‪21‬‬
‫مستوى الجماعات الترابية ككل‪ ،‬كما أنه بات من الضروري تفادي التعامل مع إعداد‬
‫التراب بمنهجية قطاعية بدليل تخصيص و ازرة خاصة به (و ازرة إعداد التراب الوطني‬
‫والتعمير واإلسكان وسياسة المدينة) كباقي القطاعات الو ازرية األخرى‪ ،‬بل يجب أن تنخرط‬
‫كل القطاعات الو ازرية وفق رؤية تشاركية في تحديد اإلختيارات الكبرى لتهيئة المجال‬
‫الوطني لضمان إلتقائيتها‪ ،‬نظ ار للطابع األفقي الذي يكتسيه إعداد التراب‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬برانمج التنمية الجهوية‬


‫إن من اإلختصاصات الذاتية للجهة حسب ما نصت عليه المادة ‪ 21‬من القانون‬
‫التنظيمي المتعلق بالجهات‪ ،‬هي إعداد وتتبع وتنفيذ برنامج التنمية الجهوية‪ ،‬وحددت‬
‫المادة ‪ 28‬من نفس القانون ميادين اإلختصاصات الذاتية للجهات‪ ،‬في مجال التنمية‬
‫الجهوية والتي تتمثل في ميدان التنمية االقتصادية واإلجتماعية والثقافية والبيئة والتعاون‬
‫الدولي‪ ،‬ويحدد برنامج التنمية الجهوية لمدة ‪ 6‬سنوات األعمال التنموية المقرر برمجتها‬
‫أو إنجازها بتراب الجهة‪ ،‬إعتبا ار لنوعيتها وتوطينها وكلفتها‪ ،‬لتحقيق تنمية مندمجة‪.‬‬
‫ويعتبر مخطط التنمية الجهوية آلية لبلورة السياسات العمومية قائم على البرمجة‪،‬‬
‫والتي هي عملية وظيفية متوسطة وطويلة األمد‪ ،‬كما أنها تشكل حجر الزاوية فيما يتعلق‬
‫بتوقع التطورات المستقبلية وإتخاذ الق اررات المالئمة لضمان تدبير الئق للشؤون‬
‫الجهوية‪ 125،‬ويمكن تحيين برنامج التنمية الجهوية إبتداء من السنة الثالثة من دخوله حيز‬
‫التنفيذ حسب ما نصت عليه المادة ‪ 21‬من القانون التنظيمي للجهات‪ ،‬أما فيما يتعلق‬
‫بمسطرة إعداده وتتبعه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور إلعداده‪ ،‬فقد حددها المرسوم رقم‬

‫‪ -‬الطاهري عبد الفتاح‪ ،‬موقع الجهة داخل مستويات التنظيم الترابي‪ :‬محاولة لتحليل السياسات العمومية‬ ‫‪125‬‬

‫الترابية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬ماستر السياسات العمومية‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية‬
‫واإلجتماعية‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬مكناس‪ ،‬السنة الدراسية ‪ ،8102-8109‬ص‪.63 :‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ ،1268.06.899‬كما يتعين أن تندرج مرحلة إعداد البرنامج الجهوي للتنمية مع السنة‬
‫األولى من إنتداب المجالس الجهوية في إطار هادف إلى تحقيق نتائج ملموسة على‬
‫مستوى اإلنصاف وتحقيق التوازن داخل الجهة‪.‬‬
‫إن منهجية إعداد برنامج التنمية الجهوية يجب أن تقوم على أسس التشاور والتنسيق‪،‬‬
‫من أجل ضمان إلتقائيتها مع التوجهات اإلستراتيجية لسياسة الدولة ومع التصميم الجهوي‬
‫إلعداد التراب‪ ،‬كما يجب مراعاة إنتظارات الفاعلين المحليين وفاعلي المجتمع المدني‬
‫المنظم‪ ،‬والحرص على تحقيق إندماجها على مستوى التنفيذ‪ ،‬مع برامج المبادرة الوطنية‬
‫للتنمية البشرية لإلستفادة من هذا الورش الكبير‪ ،‬واإلستغالل المعقلن للتمويالت وتقاسم‬
‫المساطر وأ دوات التدبير والحكامة بإعتماد صيغة التعاقد بين الدولة والجهة من خالل‬
‫إبرام إتفاقيات للتعاون والشراكة‪ ،‬تمكن هذه األخيرة من تحقيق األهداف المرجوة بأقل تكلفة‬
‫ممكنة‪ ،‬وذلك بتنسيق مع والي الجهة بصفته ممثل السلطة المركزية ومنسق المصالح‬
‫الالممركزة لإلدارة المركزية‪ ،‬وبالتالي يتعين الحرص على تحديد األهداف بدقة وإختيار‬
‫‪127‬‬
‫منهجية عمل مناسبة وتعبئة الموارد والوسائل الكفيلة بتحقيق األهداف‪.‬‬
‫إن السعي إلى تحقيق التنمية االقتصادية واإلجتماعية والبيئية والثقافية للجهة‪،‬‬
‫والسعي إلى تحقيق الرفاه اإلجتماعي للمواطنين يعتبر من األولويات التي يتعين أن‬
‫تنصب عليها جهود الجهة‪ ،‬وتتمحور حولها إستراتيجيتها على المديين المتوسط والبعيد‪،‬‬
‫ولهذا الغرض‪ ،‬يتعين عليها أن تستعين بالخبرة الخارجية المناسبة لتحديد مشاريعها‬
‫المستقبلية‪ ،‬وتعبئة كل الطاقات والكفاءات الجهوية بهدف خلق مناخ مالئم للنهوض‬
‫ب جاذبية الجهة وتنافسيتها‪ ،‬كما يتعين عند إعداد برنامج التنمية الجهوية إستثمار نتائج‬

‫‪ -‬مرسوم ‪ 8.06.899‬بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتحيينه وتقييمه واليات الحوار‬ ‫‪126‬‬

‫والتشاور إلعداده‪ ،‬الصادر بتاريخ ‪ 83‬رمضان ‪ 89( 0139‬يونيو ‪ ،)8106‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪6128‬‬
‫بتاريخ ‪ 2‬شوال ‪ 01 ( 0139‬يوليوز ‪ ،)8106‬ص‪.0612 :‬‬
‫‪ -‬بنلمليح منية‪ '' ،‬المقاربة التشاركية وأهميتها في تدبير السيسات العمومية الجهوية‪ :‬برنامج التنمية الجهوي‬ ‫‪127‬‬

‫نموذجا''‪ ،‬المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬مطبعة االمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬العدد ‪ ،09‬أكتوبر ‪،8109‬‬
‫ص‪.36-31:‬‬

‫‪22‬‬
‫التشخيص وتقاسمها مع الشركاء من القطاعين العام والخاص‪ ،‬وخاصة مع الجماعات‬
‫الترابية األخرى المنتمية للجهة‪ ،‬وضمان التنسيق الجيد مع المصالح الالممركزة للدولة‬
‫من أجل التكامل واإلند ماج واإللتقائية في تصور وإعداد وتنفيذ برنامج التنمية الجهوية‪،‬‬
‫والعمل على تجاوز الطابع التقني والشكلي الذي يمتاز به وتبني مقاربة تشاركية تجعل‬
‫منه وثيقة تخطيطية لإلعداد والتنمية‪ ،‬تضمن إيجاد بدائل حقيقية لحل المشاكل العمومية‬
‫الترابية وتضع في الحسبان التشخيص الدقيق للمتطلبات‪ ،‬ومقارنتها بالوسائل والموارد‬
‫المتوفرة من أجل ضمان التنزيل السليم لبرنامج التنمية الجهوية‪ ،‬وبالتالي تحقيق إلتقائية‬
‫‪128‬‬
‫السياسات العمومية الترابية‪.‬‬
‫إن من بين اإلشكاالت العميقة التي مرت بها التجربة الجديدة للجهوية المتقدمة‬
‫والتي نأمل أال تتكرر ألنها ولألسف إشكاالت متعلقة بحكامة السياسات العمومية‬
‫التشريعية‪ ،‬نجد أنه في الوقت الذي نصت فيه المادة ‪ 23‬من القانون التنظيمي للجهات‬
‫على أن برامج التنمية الجهوية يجب أن تراعي إدماج التوجهات الواردة في التصميم‬
‫الجهوي إلعداد التراب‪ ،‬نستطيع أن نسجل هنا مفارقة مثيرة لإلنتباه‪ ،‬إذ أنه من المفترض‬
‫حتى تتم مراعاة توجهات التصاميم الجهوية إلعداد التراب في برامج التنمية الجهوية‪ ،‬أن‬
‫تتوفر الجهات أوال‪ ،‬على تصميم جهوي إلعداد التراب باألسبقية قبل إعداد برنامج التنمية‬
‫الجهوية‪ ،‬وهو الشيء الذي يتطلب صدور المرسوم المتعلق بإعداد التصميم الجهوي قبل‬
‫أو بالتزامن مع صدور المرسوم المتعلق ببرنامج التنمية الجهوية‪ ،‬حتى يتمكن هذا األخير‬
‫‪129‬‬
‫من إدماج توجهات التصميم ضمنه‪ ،‬في مراعاة لتدرج وثائق التخطيط اإلستراتيجي‪،‬‬
‫إال أن ما حصل عمليا هو العكس تماما‪ ،‬بحيث صدر مرسوم إعداد برنامج التنمية‬
‫الجهوية هو األول بتاريخ ‪ 01‬يوليوز ‪ ،8106‬أما المرسوم المتعلق بالتصميم الجهوي‬

‫‪ -‬حشوش وداد‪ ،‬السياسات العمومية الترابية بين التخطيط وسؤال اإللتقائية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.000 :‬‬ ‫‪128‬‬

‫‪ -129‬الزروقي عدنان‪ ،‬السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية‪،‬‬
‫مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.180-181 :‬‬

‫‪28‬‬
‫إلعداد التراب فلم يصدر إال سنة ونصف تقريبا بعد ذلك‪ ،‬وبالضبط في تاريخ ‪ 8‬نونبر‬
‫‪ .8109‬وبالتالي فكيف يمكن أن يراعي برنامج التنمية الجهوية توجهات التصميم الجهوي‬
‫إلعداد التراب‪ .‬واألكثر من ذل ك أن المرسوم المتعلق ببرنامج التنمية الجهوية‪ ،‬حسب‬
‫وجهة نظرنا جاء منافيا للقانون التنظيمي للجهات‪ ،‬ونعتبره معرقال إللتقائية السياسات‬
‫العمومية الترابية المتعلقة بالتخطيط الترابي‪ ،‬حيث أنه يؤدي لعدم التجانس وربما التضارب‬
‫بين الوثائق التخطيطية الجهوية‪ ،‬حيث نص المرسوم في المادة الثالثة منه أنه'' تطبيقا‬
‫ألحكام المادة ‪ 23‬من القانون التنظيمي للجهات رقم ‪... 000.01‬مع مراعاة إدماج‬
‫التوجهات الواردة في التصميم الجهوي إلعداد التراب عند وجوده‪ ،''...‬وهكذا أصبح‬
‫المرسوم يعفي الجهة من إدماج توجهات التصميم الجهوي إلعداد التراب في حال عدم‬
‫وجوده‪ ،‬وهو مقتضى مخالف كليا مع ما ورد في القانون التنظيمي للجهات‪ ،‬الذي لم يفتح‬
‫باب اإلختيار بل ألزم الجهات بمراعاة توجهات التصميم الجهوي في إعداد برنامج التنمية‬
‫الجهوية‪.‬‬
‫وإنطالقا مما سبق نتساؤل‪ ،‬كيف يمكننا الحديث عن برنامج التنمية الجهوية في‬
‫أفق السعي لتكريس إلتقائية السياسات العمومية الترابية وتجانسها وإندماجيتها‪ ،‬في ظل‬
‫تراخي الدولة فيما يتعلق بالسياسات التشريعية وعدم مالمسة الحكامة في بلورتها وإعدادها‪،‬‬
‫علما أن وثيقة التخطيط الترابي‪ ،‬من حجم برنامج التنمية الجهوية كفيل بضمان تحقيق‬
‫إلتقائية ا لسياسات العمومية الترابية‪ ،‬شريطة إنسجامه مع التوجهات الواردة في التصميم‬
‫الجهوي إلعداد التراب وتوافقه ومواكبته للتوجهات اإلستراتيجية لسياسة الدولة‪ ،‬من أجل‬
‫تحقيق تنمية مندمجة ومستدامة‪ ،‬وتحسين جاذبية المجال الترابي للجهة وتقوية تنافسيته‬
‫اإلقتصادية وبالتالي إي جاد بدائل لحل المشاكل العمومية الترابية واإلستجابة لتطلعات‬
‫المواطنين‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬برانمج عمل الجماعة‪.‬‬
‫يعتبر برنامج عمل الجماعة آلية أساسية للتدبير العمومي الترابي الناجح‪ ،‬فمن‬
‫خالله تمارس مجالس الجماعات‪ ،‬إختصاصاتها‪ ،‬وتسعى للنهوض بقضايا القرب‪ ،‬فهي‬
‫تشكل المرجعية األساسية لبرمجة المشاريع واألنشطة ذات األولوية‪ ،‬كما تعتبر مرجعية‬
‫للتفاوض مع القطاع الخاص لضبط حدود ومعايير الشراكة‪ ،‬هذا فضال عن كونه وسيلة‬
‫ويعتبر برنامج عمل‬ ‫‪130‬‬
‫لإلعداد التشاركي بغية اإلستجابة لحاجيات الساكنة المحلية‪،‬‬
‫الجماعة من المفاهيم الجديدة التي جاء بها القانون التنظيمي رقم ‪ 003.01‬المتعلق‬
‫وبالتالي فهو مقاربة تشاركية تسعى إلى دفع‬ ‫‪131‬‬
‫بالجماعات من خالل المادة ‪ 92‬منه‪،‬‬
‫الفاعلين المحليين لتحديد أهدافهم التنموية التي يتطلب تنفيذها تعبئة الموارد المحلية أوال‪،‬‬
‫ثم موارد الشركاء ثانيا‪ ،‬ويسعى إلشراك كافة المكونات السياسية الترابية والفاعلين‬
‫اإلجتماعيين واإلقتصاديين والنسيج الجمعوي‪ ،‬كما يعتبر برنامج عمل الجماعة‬
‫إستراتيجيا‪ ،‬ألن األهداف المسطرة نابعة من القرار السياسي المحلي‪ ،‬الذي يتخذ خيارات‬
‫ذات طبيعة هيكلية‪ ،‬ترهن مستقبل الجماعة وتحدد السبل والوسائل الواجب إتباعها لتحقيق‬
‫تلك األهداف‪ .‬فقد أعطى القانون التنظيمي للجماعات تعريفا دقيقا لبرنامج عمل الجماعة‪،‬‬
‫بكونه مجموعة متناسقة من المشاريع أو العمليات‪ ،‬تقترن بها أهداف محددة وفق غايات‬
‫ذات منفعة عامة وكذا مؤشرات مرقمة لقياس النتائج المتوخاة‪ ،‬والتي ستخضع للتقييم‬

‫‪ -‬البهالي خالد‪ '' ،‬برامج عمل الجماعات الترابية الية لإلنماء واإللتقائية الترابية‪ :‬دراسة تحليلية''‪ ،‬المجلة‬ ‫‪130‬‬

‫المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،012‬شتنبر‪-‬أكتوبر ‪ ،8109‬ص‪.61:‬‬


‫‪ -‬نصت المادة ‪ 92‬على مايلي‪ '':‬تضع الجماعة تحت إشراف رئيس مجلسها‪ ،‬برنامج عمل الجماعة‪ ،‬وتعمل‬ ‫‪131‬‬

‫على تتبعه وتحيينه وتقييمه‪ .‬يحدد هذا البرنامج األعمال التنموية المقرر إنجازها أو المساهمة فيها بتراب الجماعة‬
‫خالل مدة ست سنوات‪ .‬يتم إعداد برنامج الجماعة في السنة األولى من مدة إنتداب المجلس على أبعد تقدير‬
‫بانسجام مع توجهات برنامج التنمية الجهوية ووفق منهج تشاركي وبتنسيق مع عامل العمالة أو اإلقليم‪ ،‬أو من‬
‫ينوب عنه‪ ،‬بصفته مكلفا بتنسيق أنشطة المصالح الالممركزة لإلدارة المركزية‪ .‬يجب أن يتضمن برنامج عمل‬
‫الجماعة تشخيصا لحاجيا ت وإمكانيات الجماعة وتحديدا ألولوياتها وتقييما لمواردها ونفقاتها التقديرية الخاصة‬
‫بالسنوات الثالث األولى وأن يأخذ بعين اإلعتبار مقاربة النوع''‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫وهو وثيقة‬ ‫‪132‬‬
‫قصد التحقق من شروط الفعالية والنجاعة والجودة المرتبطة باإلنجازات‪،‬‬
‫مرجعية للجماعة لبرمجة المشاريع واألنشطة المقررة أو المزمع إنجازها بتراب الجماعة‪،‬‬
‫بهدف تقديم خدمات القرب للمواطنين والمواطنات إستنادا إلى أهداف واضحة ومعايير‬
‫وبالتالي فبرنامج عمل الجماعة هو بمثابة وعاء داعم‬ ‫‪133‬‬
‫واقعية وتقنية قابلة للقياس‪.‬‬
‫إللتقائية السياسات العمومية الترابية‪ ،‬إذ تنصهر فيه المكونات الثقافية والتاريخية‬
‫والمصالح اإلقتصادية واإلجتماعية المشتركة‪ ،‬ويحدد من خالل رغبة مجموعة من‬
‫الفاعلين المحليين في بناء مشروع تنموي مشترك‪ ،134‬وبالتالي ضمان إلتقائية برنامج‬
‫عمل الجماعة على إعتباره سياسة عمومية ترابية‪ ،‬مع متطلبات التنمية البشرية‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية والبيئية على مستوى الجماعة‪ ،‬من خالل تحديده الدقيق للبرامج‬
‫واألهداف‪ ،‬وتسطيرها والعمل على تنفيذها وتقييمها وتقويمها من أجل تحقيق التنمية‬
‫الشاملة والمندمجة‪.‬‬
‫ولنجاح برنامج عمل الجماعة على إعتباره وثيقة تخطيطية‪ ،‬يتم من خاللها ضمان‬
‫تحقيق إلتقائية السياسات العمومية على مستوى الجماعة‪ ،‬يجب أن يمر من عدة مراحل‬
‫متسلسلة زمنيا ومندمجة‪ ،‬وذات بعد تشاركي‪ ،‬تخطيطي وإستراتيجي‪ .‬وتتمثل هذه المراحل‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬مرحلة اإلعداد‪:‬‬
‫تعتبر مرحلة التهييء لبرنامج عمل الجماعة ذات أهمية قصوى نظ ار لدورها في‬
‫تعبئة مختلف الفاعلين المحليين والموارد البشرية الالزمة‪ ،‬وتوعيتهم بأهمية البرنامج‬
‫واألدوار التي سيقومون بها‪ ،‬إضافة إلى تعبئة الموارد المادية والمالية الضرورية من أجل‬

‫‪ -‬زعنون عبد الرفيع‪ ،‬تدبير التنمية الترابية بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.009 :‬‬ ‫‪132‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 8‬من المرسوم رقم ‪ 8.06.310‬الخاص بتحديد مسطرة إعداد برنامج عمل الجماعة وتتبعه وتحيينه‬ ‫‪133‬‬

‫وتقييمه واليات الحوار والتشاور إلعداده‪ ،‬الصادر بتاريخ ‪ 89‬يونيو ‪ ،8106‬الجريدة الرسمية عدد ‪.6128‬‬
‫‪ -‬بنلمليح منية‪ '' ،‬برنامج عمل الجماعة‪ :‬من التأصيل القانوني إلى التدبير التشاركي''‪ ،‬المجلة المغربية‬ ‫‪134‬‬

‫لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،018‬ماي‪-‬يونيو ‪ ،8181‬ص‪.31-33:‬‬

‫‪81‬‬
‫إنجازه‪ ،‬وترمي هذه المرحلة إلى إقناع أصحاب القرار الترابي بتبني برنامج عمل الجماعة‬
‫وفق منهجية التخطيط التشاركي واإلستراتيجي مع ضمان مواكبة السلطات المحلية المكلفة‬
‫بالمواكبة المالية لمسلسل البرنامج‪ ،‬على أساس وضع برنامج عمل الجماعة بتنسيق مع‬
‫عامل اإلقليم وبإنسجام مع البرنامج التنموي للجهة من أجل ضمان إلتقائية البرامج‬
‫والسياسات العمومية‪ ،‬وكذا العمل على تعبئة المصالح الالممركزة حتى تنخرط جديا في‬
‫‪135‬‬
‫مسلسل البرنامج‪.‬‬
‫‪ ‬مرحلة التشخيص‪:‬‬
‫حيث يتم تشخيص الحالة الراهنة وذلك بجمع المعطيات الكمية والكيفية المرتبطة‬
‫بمخت لف مجاالت التنمية االقتصادية واإلجتماعية والثقافية والبيئية بالجماعة‪ ،‬وتشخيص‬
‫المشاكل المهمة وحاجيات السكان وقدراتهم‪ ،‬والقيام بتحليل أولي للمعلومات والمعطيات‪،‬‬
‫كما أن عملية التشخيص يجب أن يغلب عليها الطابع التشاركي من خالل إشراك الساكنة‬
‫والفاعلين الترابيين في تشخيص مختلف المشاكل والتعرف على مواطن القوة والضعف‬
‫وتحديد اآلفاق المحتملة للتنمية وبالتالي تحقيق اإللتقائية في اآلراء واألفكار والتحديد‬
‫الدقيق لإلشكاالت والمطالب‪ .‬لكن‪ ،‬ونظ ار لكون التشخيص يتطلب خبرة وكفاءة عالية‬
‫فاألمر في نظرنا‪ ،‬يحتم على مجالس الجماعات اإلستعانة بالخبرة الخارجية كمكاتب‬
‫الدراسات مثال للقيام بهذه العملية عالوة على جمعيات المجتمع المدني والفاعلين‬
‫اإلقتصاديين واإلجتماعيين وفق مقاربة تشاركية وتفعيال لمبدأ التعاون من أجل الوصول‬
‫‪136‬‬
‫إلى نتيجة قادرة على رفع التحديات الكبرى بالجماعة وإقتراح سبل التنمية‪.‬‬

‫‪ -‬عابدي شريف‪ ،‬برنامج عمل الجماعة أداة للتنمية المحلية‪ ،‬الجماعة الترابية مكناس نموذجا‪ ،‬رسالة لنيل‬ ‫‪135‬‬

‫دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬مكناس‪،‬‬
‫السنة الدراسية ‪ ،8102-8109‬ص‪.11-13 :‬‬
‫‪ -‬حشوش وداد‪ ،‬السياسات العمومية الترابية بين التخطيط وسؤال اإللتقائية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.006-001:‬‬ ‫‪136‬‬

‫‪82‬‬
‫‪ ‬مرحلة تعبئة الموارد المالية‪:‬‬
‫إن برنامج عمل الجماعة يحمل في عمقه أبعادا تنموية‪ ،‬ويتطلب من أجل إنجازه‬
‫وتنفيذه إمكانيات ذاتية للجماعة‪ ،‬وموارد أخرى منقولة ومحولة لها من الدولة‪ ،‬وكذا موارد‬
‫هذا فضال عن تسبيقات تقدمها الدولة في شكل‬ ‫‪137‬‬
‫مالية من حصيلة اإلقتراضات‪.‬‬
‫تسهيالت مالية‪ 138.‬فتعبئة الموارد المالية المخصصة لتمويل المشاريع المدرجة في برنامج‬
‫عمل الجماعة‪ ،‬هي مرحلة حاسمة للحيلولة دون تعثر تلك المشاريع في حال عدم التعامل‬
‫مع ذلك بالجدية المطلوبة‪ ،‬وبالتالي عرقلة مسلسل التخطيط وعملية التنمية بالجماعة‪،‬‬
‫لذلك فالموارد المالية حسب وجهة نظرنا تعتبر حجر الزاوية لضمان إلتقائية السياسات‬
‫العمومية‪ ،‬وضمان تنفيذ المشاريع المبرمجة لتحقيق متطلبات الساكنة‪ ،‬وحل المشاكل‬
‫العمومية المطروحة على أجندة صانعي السياسات على مستوى مجالس الجماعات‪ ،‬وهذا‬
‫ما يتطلب توافر شروط أساسية تؤهل وتحسن من قدرات الجماعات على المرافعة وتعبئة‬
‫الموارد‪ ،‬إذ يجب حسب رأينا‪ ،‬خلق بنك للمشاريع التنموية وجذاذات ومعطيات‪ ،‬ونشر‬
‫برنامج عمل الجماعة على نطاق واسع من أجل إستقطاب رؤوس األموال الخاصة لتنفيذ‬
‫تلك المشاريع والبرامج في إطار عقود شراكة‪ ،‬كما يجب على مجالس الجماعات تنظيم‬
‫ورشات وموائد مستديرة يحضرها كافة الشركاء اإلقتصاديين واإلجتماعيين والفاعلين على‬
‫المستوى الترابي‪ ،‬لحثهم على المساهمة في تنفيذ برنامج عمل الجماعة ودعمه ماديا‬
‫ومعنويا‪.‬‬
‫‪ ‬مرحلة التنفيذ‪:‬‬
‫يلعب رؤساء مجالس الجماعات دو ار محوريا في السهر على تنفيذ برنامج عمل‬
‫الجماعة وأجرأته إلى مشاريع وإنجازات‪ ،‬بموجب المادة‪ 62‬من القانون التنظيمي المتعلق‬
‫بالجماعات‪ ،‬التي أدمجت عملية إعداد وتنفيذ برنامج العمل ضمن الصالحيات والتدابير‬

‫‪ -‬المادة ‪ 093‬من القانون التنظيمي ‪ 003.01‬المتعلق بالجماعات‪.‬‬ ‫‪137‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 096‬من نفس القانون‪.‬‬ ‫‪138‬‬

‫‪83‬‬
‫التنفيذية التي يقوم بها رئيس الجماعة‪ ،‬كما تم إدراج المقرر المتعلق ببرنامج عمل الجماعة‬
‫ضمن المقررات التي تتطلب الحصول على األغلبية المطلقة إلعتمادها وتنفيذها‪ ،‬وهو‬
‫‪139‬‬
‫ما يدفع الرئيس إلى توسيع التشاور والسعي نحو التوافق حول برنامج تنموي متكامل‪،‬‬
‫كما يمكن تنفيذ المشاريع والبرامج المدرجة في برنامج عمل الجماعة من خالل إحداث‬
‫شركات التنمية المحلية‪ ،‬أو المساهمة بالتشارك مع شخص أو عدة أشخاص إعتبارية‬
‫خاضعة للقانون العام أو الخاص‪ ،‬وهذه الشراكة تعمل في إطار األنشطة االقتصادية‬
‫التي تدخل في إختصاصات الجماعة حسب ما تنص عليه مقتضيات المادة ‪ 031‬من‬
‫القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات‪ ،‬كما ال يجب أن تقل مساهمة الجماعة في رأسمال‬
‫الشركة عن نسبة ‪ 31‬بالمائة تطبيقا لمقتضيات المادة ‪ 030‬من نفس القانون‪.‬‬
‫يبقى هذا النوع من الشركات الوسيلة المفضلة للجماعات للنهوض باإلقتصاد المحلي‬
‫والقدرة على التكيف مع محيطها االقتصادي‪ ،‬لكونها تخضع لقواعد القانون الخاص‪ ،‬بعيدا‬
‫عن المساطر اإلدارية المعقدة‪ ،‬مما يضفي على معامالتها نوعا من المرونة في إتخاذ‬
‫ويمكنها من الرفع من المردودية االقتصادية لبرامجها ومشاريعها التنموية‪،‬‬ ‫‪140‬‬
‫الق اررات‪،‬‬
‫واإلرتقاء بثقافة التدبير للمجالس المنتخبة‪ ،‬وتطوير أدائها وجعلها قادرة على التسيير‬
‫المعقلن‪ ،‬لبلوغ مطمح الجماعة المقاولة‪ ،‬وبالتالي بلوغ رهان اإللتقائية عند برمجة المشاريع‬
‫والبرامج والخطط التنموية بتنسيق مع كافة األطراف المتدخلة‪ ،‬وتحقيق نجاعة التدخالت‬
‫‪141‬‬
‫العمومية وتحقيق التوافق بين األهداف المسطرة والنتائج المحققة‪.‬‬

‫‪ -‬زعنون عبد الرفيع‪ ،‬تدبير التنمية الترابية بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.088 :‬‬ ‫‪139‬‬

‫‪ -‬عابدي شريف‪ ،‬برنامج عمل الجماعة أداة للتنمية المحلية‪ ،‬الجماعة الترابية مكناس نموذجا‪،‬مرجع سابق‪،‬‬ ‫‪140‬‬

‫ص‪.19:‬‬
‫‪ -‬بنلمليح منية‪ '' ،‬برنامج عمل الجماعة‪ :‬من التأصيل القانوني إلى التدبير التشاركي''‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬‬ ‫‪141‬‬

‫ص‪11:‬‬

‫‪81‬‬
‫‪ ‬مرحلة التتبع والتقييم‪:‬‬
‫تعتبر هذه المرحلة جزءا ال يتج أز من العملية ككل‪ ،‬إذ يسمح التتبع بالحكم على‬
‫تقدم إنجاز المشاريع المدرجة في برنامج عمل الجماعة‪ ،‬وحسن تدبير األنشطة واألعمال‬
‫ومراقبتها‪ ،‬والعمل على تقويم الموارد أو مراجعة النشاط أو الترخيص بمواصلته‪ ،‬فهذه‬
‫المرحلة أساسية لتقييم نتائج البرامج التنموية التي سطرها المجلس في برنامج العمل‪،‬‬
‫وقياس مدى مالءمتها لحاجيات الساكنة‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 898‬من القانون‬
‫التنظيمي المتعلق بالجماعات‪ ،‬وبالتالي فالتتبع يتيح لسلطات الرقابة اإلدارية المتمثلة في‬
‫عا مل العمالة أو اإلقليم‪ ،‬التحقق من مطابقة اإلجراءات التنفيذية للمشاريع المنجزة‬
‫لألهداف المسطرة في برنامج عمل الجماعة‪ ،‬وبالتالي ضبط اإلختالالت المحتملة والتي‬
‫قد تعيق تنفيذ المشاريع من أجل العمل على تقويم السياسات‪.142‬‬
‫أما بخصوص التقييم فهي حسب رأينا‪ ،‬مرحلة جوهرية في دورة السياسات العمومية‪،‬‬
‫واألداة الكفيلة بإعطائها حسا وقيمة مضافة من خالل قياس مدى قدرتها على اإلستجابة‬
‫لمطالب المواطنين والمواطنات‪ ،‬وذلك من خالل تحليل النتائج المتوخاة والتحقق من‬
‫معايير الفعالية والجودة والنجاعة المرتبطة باإلنجازات‪ ،‬والتحقق من مدى تحقيق األهداف‬
‫المتوخاة عبر اإلستعمال األمثل للموارد المتاحة‪ ،‬وبالتالي تقييم مدى تحقق إلتقائية‬
‫السياسات العمومية من خالل المقارنة بين األهداف والنتائج المحققة بناءا على الموارد‬
‫المتوفرة والقدرات المتاحة‪ ،‬وذلك من أجل الخروج بتقارير وتوصيات تمكننا من بلوغ رهان‬
‫اإللتقائية‪.‬‬
‫إن رهان تحقيق اإللتقائية من خالل برنامج عمل الجماعة‪ ،‬يتخبط في الوقت الراهن‬
‫بمجموعة من العوائق التي يجب تجاوزها‪ ،‬لعل أهمها يكمن في إنغالق المجالس الجماعية‬
‫على ذاتها‪ ،‬وعدم إنفتاحها على المواطنين ومكونات الرأي العام‪ ،‬هذا فضال عن تهميش‬
‫األقلية المحسوبة على المعارضة داخل المجالس بسبب الحسابات السياسية الضيقة‪ ،‬مما‬

‫‪ -‬حشوش وداد‪ ،‬السياسات العمومية الترابية بين التخطيط وسؤال اإللتقائية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.080:‬‬ ‫‪142‬‬

‫‪81‬‬
‫يضيع على المجلس فرصة التعاون والتشارك‪ ،‬عالوة على مشكل غياب هيكل تنظيمي‬
‫للجماعة يبين إختصاصات كل قسم أو مصلحة على حدة‪ ،‬فال يمكن تصور عمل‬
‫المصالح‪ ،‬وتجنب تداخل اإلختصاصات إذا لم يتم توفير هيكل إداري‪ ،‬على ضوئه تضبط‬
‫المسؤوليات ويقسم العمل داخل الجماعة‪ ،‬هذا فضال عن تدني كفاءة الموارد البشرية‬
‫وعدم القدرة على المواكبة‪ .143‬لذلك وحسب وجهة نظرنا‪ ،‬فإنه بات من الالزم العمل على‬
‫تجاوز هذه العوائق‪ ،‬ووضع أداة تخطيط خاصة بالجماعة بالموازاة مع برنامج عمل‬
‫الجماعة‪ ،‬تعتمد رؤية مستقبلية واضحة المعالم‪ ،‬قائمة على أساس التعاون والتشارك‬
‫وضبط األدوار والمهام وتأهيل العنصر البشري وتحفيزه‪ ،‬واإلنفتاح على المجتمع المدني‪،‬‬
‫لبلوغ رهان اإللتقائية وترجمة السياسات العمومية الترابية على أرض الواقع‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التشارك والتقييم كدعامة لتحقيق الإلتقائية‪.‬‬


‫قد يعترض الجهة في تنفيذها للسياسات العمومية الترابية بعض اإلكراهات‪ ،‬إما‬
‫نتيجة قلة الخبرة أو الموارد المالية أو لوجود مرافق مشتركة مع جهات أخرى‪ ،‬مما يدعو‬
‫إلعتماد آلية التشارك‪ ،‬والتدبير التشاركي للسياسات العمومية الترابية ضمانا لتحقيق‬
‫إلتقائيتها‪ ،‬وعدم تضييع الفرص التنموية‪ ،‬وإهدار للطاقات والجهد في عملية التخطيط‬
‫لبرامج ومشاريع دون إمكانية تنفيذها (الفرع األول)‪ ،‬كما أن لتقييم السياسات العمومية‬
‫الترابية دور بالغ األهمية على إعتباره مبني على قيم الشفافية والمسؤولية والفعالية‪ ،‬وهو‬
‫عنصر أساسي لكل فعل تحديثي للتدبير العمومي قائم على أساس ضبط اإلختالالت‬
‫والعوائق الناتجة عن تنفيذ السياسات العمومية الترابية‪ ،‬ومحاولة إيجاد حلول وبدائل لها‬
‫لضمان نجاعتها وفعاليتها من خالل التقارير الموضوعاتية التي تشخص مكامن الخلل‬
‫الذي يحول دون تحقيق اإللتقائية في التخطيط وتنفيذ البرامج والمشاريع‪ ،‬وتقدم حلوال‬
‫وتوصيات لتحقيقها(الفرع الثاني)‪.‬‬

‫‪ -‬عابدي شريف‪ ،‬برنامج عمل الجماعة أداة للتنمية المحلية‪ ،‬الجماعة الترابية مكناس نموذجا‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬‬ ‫‪143‬‬

‫ص‪.003 :‬‬

‫‪81‬‬
‫الفرع الأول‪ :‬التدبير التشاركي للس ياسات العمومية الترابية وأأثره في تحقيق الإلتقائية‪.‬‬
‫يعتبر التدبير التشاركي وسيلة تستخدمها الجماعات الترابية لتقليص حجم مشاكلها‬
‫وتسيير أهدافها وطموحاتها وتنفيذ برامجها‪ ،‬وذلك من خالل البحث عن أوجه التكامل في‬
‫ما بين الجماعات الترابية سواء على المستوى الوطني أو الدولي من أجل تحقيق التنمية‬
‫الشاملة‪ ،‬وبالتالي تجسيد التنمية التشاركية من خالل اإلعتماد على مبادئ التكامل‬
‫واإلندماج والتضا من والتشارك‪ ،‬بفعل العوائق التي تحد من القدرات التنموية للجماعات‬
‫ونظ ار ألهمية التدبير التشاركي في ضمان تحقيق إلتقائية السياسات العمومية‬ ‫‪144‬‬
‫الترابية‪.‬‬
‫على المستوى الترابي‪ ،‬والحيلولة دون تضييع الفرص التنموية‪ ،‬سوف نتطرق في هذا‬
‫الفرع إلى عنصر الشراكة على إعتباره آلية لتمويل المشاريع الترابية(الفقرة األولى)‪ ،‬كما‬
‫سنتطرق أيضا إلى التعاون بين الجماعات الترابية كدعامة لتحقيق اإللتقائية(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة الأولى‪ :‬الشراكة كآلية لتمويل المشاريع التنموية‪.‬‬


‫تعتبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص‪ ،‬من أهم أصناف عقود الشراكة التي‬
‫يمكن اللجوء إليها في ظل محدودية الموارد المالية المتوفرة لدى الجماعات الترابية‪ ،‬كما‬
‫يؤهلها لإلستفادة من القدرات اإلبتكارية للقطاع الخاص‪ ،‬ومن ضمان توفير الخدمات‬
‫بصفة تعاقدية وتقديمها في اآلجال وبالجودة المتوخاة وأداء مستحقاتها جزئيا أو كليا من‬
‫طرف السلطات العمومية‪ ،‬حسب المعايير المحددة في مضمون العقد الذي يجمع‬
‫الجماعات الترابية بالقطاع الخاص‪ ،‬مما يؤدي إلى تعويض النقص لدى الهيآت المنتخبة‬
‫على مستوى الجماعات الترابية الغير قادرة على الخلق واإلبتكار‪ ،‬وكذا إلى إيجاد قدرات‬

‫‪ -‬الزروقي عدنان‪ ،‬السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية‪،‬‬ ‫‪144‬‬

‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.361:‬‬

‫‪82‬‬
‫تمويلية للمشاريع والبرامج المدرجة في البرامج التنموية لهذه األخيرة‪ 145،‬وهذا ما من شأنه‬
‫حسب وجهة نظرنا‪ ،‬تحقيق إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي‪ ،‬وتجاوز‬
‫معيقاتها‪ ،‬خاصة ما يتعلق بضياع الفرص التنموية وإهدار الجهد والمال والوقت في‬
‫مخططات ودراسات وبرامج التقبل التنفيذ بسبب المعيقات السالفة الذكر المتمثلة أساسا‬
‫في إنعدام القدرات التمويلية لدى الجماعات الترابية‪ ،‬والتي تعتبر حجر الزاوية لنجاح أي‬
‫مشروع تنموي‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى التجربة الفرنسية‪ ،‬نجدها أيضا تعتمد على آلية الشراكة بين القطاعين‬
‫العام والخاص في إنجاز برامجها ومشاريعها‪ ،‬فقد عرفت هذا الصنف من عقود الشراكة‬
‫بكونه‪ ،‬عقد بمقتضاه يعهد ألحد أشخاص القانون الخاص القيام بمهمة شاملة تتعلق‬
‫بتمويل اإلستثمار المتعلق باألعمال والتجهيزات الضرورية للمرفق العام وإدارتها‬
‫وإستغاللها وصيانتها طوال مدة العقد المحدد‪ ،‬في مقابل مبالغ مالية تلتزم اإلدارة المتعاقدة‬
‫‪146‬‬
‫بدفعها إليه بشكل مج أز طوال مدة الفترة التعاقدية‪.‬‬
‫إن من بين أهم مبررات إعتماد هذه اآللية حسب رأينا‪ ،‬يكمن في الدور الذي تلعبه‬
‫من خالل جلب رؤوس األموال الخاصة للمشاركة في تمويل المشاريع المقامة على‬
‫المستوى الترابي‪ ،‬بما يتناسب وإستراتيجية التنمية الترابية‪ ،‬وتحسين تدبير الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬وكذا عصرنة المرافق العمومية‪ ،‬ناهيك عن تسهيل تداول رؤوس األموال‪ ،‬من‬
‫أجل تمويل البنيات التحتية‪ ،‬دون أن يؤثر ذلك على ميزانية الجماعات الترابية التي تعرف‬
‫في الغالب خصاصا مهوال من ناحية الموارد المالية‪ ،‬وهنا يظهر لنا البعد اإللتقائي بين‬
‫تحقيق متطلبات التنمية وإيجاد صيغ وحلول لتجاوز معيقاتها التمويلية‪ ،‬فضال عن تجاوز‬

‫‪ -‬سالمة يونس‪ '' ،‬الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص‪ ،‬التوجه المغربي على ضوء التجارب‬ ‫‪145‬‬

‫المقارنة''‪ ،‬السلسلة المغربية لبحوث اإلدارة واالقتصاد والمال‪ ،‬العدد الرابع‪ /‬مطبعة طوب بريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪،8100 ،‬ص‪.99-96:‬‬
‫‪ -146‬عدنان رشيد‪ '' ،‬نشأة وتطور عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص''‪ ،‬مجلة مسالك‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬العدد ‪ ،8100 ،02-09‬ص‪.091‬‬

‫‪88‬‬
‫مشاكل تزايد اإلحتجاجات الشعبية بسبب تعثر برامج التنمية الترابية بسبب ضعف إلتقائية‬
‫السياسات العمومية الترابية‪ ،‬وعدم مقدرتها على حل المشاكل العمومية‪ ،‬مما يؤدي إلنعدام‬
‫التنسيق بين المتدخلين وضعف المبادرة وضياع الفرص التنموية وتعثر إتمام المشاريع‬
‫والبرامج‪ ،‬ول عل ''حراك الريف'' لدليل على ذلك‪ ،‬بفعل اإلحتقان الشعبي الناتج عن فشل‬
‫السياسات التنموية‪ ،‬التي نرى أن من بين أسباب تعثرها هو ضعف اإللتقائية على مستوى‬
‫السياسات العمومية الترابية‪ ،‬بسبب ضعف التنسيق والتشارك وعدم التشخيص الدقيق‬
‫للمتطلبات والحاجيات‪.‬‬
‫وتظهر أهم ية وراهنية األهداف الرامية لتقوية عقود الشراكة بين الجماعات الترابية‬
‫والقطاع الخاص‪ ،‬في قوة المنافسة بين الجهات سواء في المحيط الوطني أو الدولي مما‬
‫يجعل النشاط الجهوي قاطرة نحو التنمية في سبيل تحسين صورة الجماعات الترابية على‬
‫المستوى الداخلي والخارجي‪.‬‬
‫وبناء على ذلك يتضح لنا أن التنمية والتنشيط الترابي ال يقتصر على متدخل واحد‪،‬‬
‫بل يحتاج إلى تعددية المتدخلين‪ ،‬مما يمكن من مساهمة الخواص في تمويل البرامج‬
‫والمشاريع المقامة بالجماعات الترابية بما يتناسب وإستراتيجية التنمية على المستوى‬
‫الترابي‪ ،‬عالوة على إستفادة الجهة والجماعات الترابية األخرى من تجربة المقاوالت فيما‬
‫يخص أساليب عملهم‪ ،‬والتشبع بروح المقاولة والمبادرة من أجل تأكيد فكرة ''الجماعة‬
‫القادرة على التنشيط االقتصادي والتنموي في إطار اإللتقائية الترابية القائمة‬ ‫‪147‬‬
‫المقاولة''‬
‫على التشارك بين القطاع العام والخاص لتنفيذ السياسات العمومية الترابية‪.‬‬
‫وتبرز خصوصية عقود الشراكة في الهدف منها‪ ،‬والذي يكون بالدرجة األولى بالنسبة‬
‫للجماعات الترابية هو تحقيق المشاريع التنموية لخدمة الصالح العام‪ ،‬حيث تعمل الشراكة‬
‫على إيجاد صيغ مالئمة‪ ،‬تمكن األطراف التي تجمع بينها أهداف مشتركة (الجماعات‬
‫الترابية‪-‬القطاع الخاص‪-‬المجتمع المدني)‪ ،‬أو برامج متشابهة‪ ،‬من أجل تحقيق الغايات‬

‫‪ -147‬حشوش وداد‪ ،‬السياسات العمومية الترابية بين التخطيط وسؤال اإللتقائية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.96:‬‬

‫‪88‬‬
‫المنشودة من خالل التكامل واإلنسجام واإلندماج واإللتقائية‪ ،‬والعمل على تجاوز التحديات‬
‫والمصاعب‪ ،‬الشيء الذي يوفر بيئة صالحة للعمل المشترك سواء على المدى القريب أو‬
‫المتوسط أو البعيد‪.‬‬
‫المنظم للشراكة بين القطاعين العام‬ ‫‪148‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن القانون ‪26.08‬‬
‫المتعلق به‪ ،‬قد حصر األشخاص العامة التي لها الحق‬ ‫‪149‬‬
‫والخاص‪ ،‬والمرسوم التطبيقي‬
‫في إبرام عقود الشراكة في الدولة والمؤسسات العمومية التابعة للدولة والمقاوالت العمومية‪،‬‬
‫وبالتالي إستثنى الجهات وباقي الجماعات الترابية‪ ،‬غير أن القوانين التنظيمية للجماعات‬
‫الترابية بتالوينها الثالث‪ ،‬قد خصصت مجموعة من النصوص‪ ،‬إلتفاقيات التعاون‬
‫والشراكة‪ ،‬وقد منح المشرع للجماعات الترابية في إطار اإلختصاصات المخولة لها‪،‬‬
‫اإلمكانية في أن تبرم فيما بينها‪ ،‬أو مع جماعات ترابية أخرى‪ ،‬أو مع اإلدارات العمومية‪،‬‬
‫أو المؤسسات العمومية‪ ،‬أو الهيئات غير الحكومية األجنبية‪ ،‬أو الجمعيات المعترف لها‬
‫بصفة المنفعة العامة‪ ،‬إتفاقيات شراكة من أجل إنجاز مشروع أو نشاط ذي فائدة مشتركة‬
‫اليقتضي اللجوء إلى إحداث شخص إعتباري خاضع للقانون العام أو الخاص‪ 150.‬وتحدد‬
‫هذه اإلتفاقيات وعقود الشراكة الموارد التي يقرر كل طرف تعبئتها من أجل إنجاز‬
‫المشروع‪ ،‬وتع تمد ميزانية أو حساب خصوصي إلحدى الجماعات الترابية المعنية سندا‬
‫ماليا ومحاسبيا للمشروع‪ ،‬مما من شأنه تدعيم التنمية الترابية والدفع باإلقتصاد الجهوي‬

‫‪ -148‬القانون ‪ 26.08‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،0.01.098‬الصادر في فاتح ربيع األول ‪81(0136‬‬
‫دجنبر‪ ،)8101‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6382‬بتاريخ فاتح ربيع الثاني ‪ 88(0136‬يناير ‪،)8101‬‬
‫ص‪.8011:‬‬
‫‪ - 149‬المرسوم التطبيقي رقم ‪ 8.01.11‬الصادر في ‪ 03‬ماي ‪ 8101‬بتطبيق القانون رقم ‪ 26.08‬المتعلق بالشراكة‬
‫بين القطاعين العام والخاص‪ ،‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6361‬بتاريخ ‪ 0‬يونيو ‪.8101‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 068‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 000.01‬المتعلق بالجهات‪ ،‬المادة ‪ 010‬من القانون التنظيمي‬ ‫‪150‬‬

‫‪ 008.01‬المتعلق بالعماالت واالقاليم‪ ،‬المادة ‪ 019‬من القانون التنظيمي ‪ 003.01‬المتعلق بالجماعات‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫ليدعم نظيره الوطني‪ ،151‬وبالتالي وحسب وجهة نظرنا‪ ،‬فعقود الشراكة في هذا اإلطار‬
‫تعتبر دعامة أساسية لتحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪ ،‬ألنها تؤدي لتوحيد‬
‫الجهود وتثمين الفرص في إطار تشاركي يسعى لبناء تصور متكامل للسياسات العمومية‬
‫الترابية واإلستفادة من خبرة القطاع الخاص في تنفيذ هذه السياسات بقدر كبير من الكفاءة‬
‫والتجربة الميدانية‪ ،‬الشيء الذي ربما تفتقده مجالس الجماعات الترابية‪ ،‬لكن في هذا‬
‫اإلطار نرى أنه لنجاح هذه اآللية التدبيرية‪ ،‬البد من تجاوز بعض العوائق التي تعترض‬
‫هذا األسلوب‪ ،‬والمتمثلة أساسا في عدم توفر الجهة على سلطة إبرام مثل هذه العقود‪ ،‬إذ‬
‫تضطر إلى إرسال طلبات الشراكة إلى السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية وإنتظار‬
‫المصادقة على عقد الشراكة‪ 152،‬وهذا األمر يجعل المجالس المنتخبة ال تبادر في التفكير‬
‫بجدية في إبرام هذه الشراكات‪ ،‬مما يتسبب في ضياع فرص تنموية عديدة‪ ،‬هذا فضال‬
‫عن كون المشاريع التي تحددها الدولة على مستوى الجهات تكون في الغالب مرتفعة‬
‫القيمة المالية‪ ،‬وبا لتالي ترتفع معها حصة مشاركة الجماعات الترابية في هذه المشاريع‪،‬‬
‫حيث تصطدم بضعف الموارد المالية الغير قادرة على تمويل التشارك في مثل هذه‬
‫المشاريع‪ ،‬لذلك أصبح من الالزم على الدولة دعم الموارد المالية للجماعات الترابية من‬
‫خالل تعديل القانون المنظم للجبايات المحلية والرفع من حصة الجماعات الترابية من‬
‫الرسوم الجبائية‪ ،‬كما سبق وأن تطرقنا إلى ذلك بتفصيل في المبحث األول‪ ،‬كي نستطيع‬
‫الحديث عن رهان ''جماعات مقاولة'' يكون الهدف األسمى من ورائها تحقيق التنمية‬
‫المحلية وتحقيق اإللتقائية في البرامج والمشاريع‪ ،‬هذا فضال عن تنامي دور المجتمع‬
‫المدني الذي بات يتلقى الدعم من المنظمات الدولية في شكل مشاريع تنموية‪ ،‬مما‬

‫‪ -‬سرار نجاة‪ ،‬إشكالية العالقة بين التنمية المستدامة والجهوية المتقدمة‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون‬ ‫‪151‬‬

‫العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصاديةواإلجتماعية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬طنجة‪ ،‬السنة الدراسية ‪-8108‬‬
‫‪ ،8103‬ص‪.336:‬‬
‫‪ -152‬حسب ما تنص عليه المادة ‪ 01‬من القانون ‪ 26.08‬المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫سيساهم وبقوة في تكريس ثقافة اإللتقائية في برمجة وتصور وتنفيذ المشاريع على مستوى‬
‫الجماعات الترابية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التعاون كآأحد دعائم تمويل المشاريع التنموية‪.‬‬


‫إن المتتبع للقوانين المتعلقة بالجماعات الترابية‪ ،‬والتي تحدد صراحة دورها في التنمية‬
‫االجتماعية وتنشيط اإلقتصاد من خالل تحفيز اإلستثمارات‪ ،‬والمساهمة في تأسيس بنيات‬
‫التوطين اإلستثماري‪ ،‬يدرك أنها تشكل قفزة نوعية في مجال الحكامة وترسيخ ديمقراطية‬
‫القرب‪ .‬من جهة أخرى ال يمكن ألية جماعة ترابية لوحدها كيفما كانت وضعيتها المالية‬
‫وكفاءة عنصرها البشري أن تحقق جميع مشاريعها االقتصادية‪ ،‬إذ غالبا ما تعاني أغلب‬
‫الجماعات من ضعف ميزانياتها المحلية‪ ،‬الشيء الذي ال يخول لها مجاال واسعا لتدخالتها‬
‫االقتصادية‪ ،‬لذا يبقى مجال التعاون الالمركزي السبيل األمثل لتحقيق أهدافها‬
‫والذي يقصد منه جميع أشكال التعاون والتبادل التي تقوم بها الجماعات‬ ‫‪153‬‬
‫االقتصادية‪،‬‬
‫الترابية فيما بينها‪ ،‬أو مع الفاعلين الخاضعين للقانون العام أو الخاص‪ ،‬أو مع الجماعات‬
‫الترابية األجنبية في إطار التعاون الالمركزي الدولي‪.‬‬
‫إن التعاون يعتبر حجر الزاوية من أجل تجاوز إشكالية محدودية اإلعتمادات الذاتية‬
‫والكافية لقيام الجماعات الترابية باإلختصاصات الموكولة لها‪ ،‬فالتعاون يعتبر عنص ار‬
‫أساسيا في ترسيخ الجهوية المتقدمة‪ ،154‬حيث سيمكن من تفعيل آلية التعاون الترابي بين‬
‫الجماعات الترابية من أجل تحقيق المشاريع المشتركة وبالتالي تحقيق اإللتقائية الترابية‬
‫من خالل البرامج والمشاريع ذات النفع المشترك والقادرة على حل المشاكل والطلبات‬
‫العمومية للمواطنين‪ ،‬وخلق إطارات إلقامة شراكة بين الجهات الغنية والجهات الفقيرة‪،‬‬

‫‪ -153‬بشتاوي فتيحة‪ ،‬التسويق الترابي ودينامية المجال‪ ،‬المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،8102 ،‬ص‪.819:‬‬
‫‪ -‬أهيري محمد‪ ،‬صناعة القرار العمومي الترابي وفعالية السياسات العمومية الترابية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‬ ‫‪154‬‬

‫في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الدراسية‬
‫‪ ،8109-8106‬ص‪.29:‬‬

‫‪82‬‬
‫لكن رغم األهمية البالغة للتعاون بين الجماعات الترابية‬ ‫‪155‬‬
‫وتجاوز اإلختالالت الترابية‪،‬‬
‫نجد أن هذه األخيرة لم تلجأ بعد إلى تفعيل هذه اآللية على أرض الواقع في أغلب‬
‫الجماعات الترابية على المستوى الوطني‪ ،‬كما أن سياسة التعاون ال يمكن لها أن تكون‬
‫لذلك نرى أنه بات‬ ‫‪156‬‬
‫ناجحة ما لم تشكل نسقا مفتوحا ومتفاعال مع المحيط الخارجي‪،‬‬
‫من الالزم أن تنفتح على محيطها‪ ،‬إذ أن القوانين التنظيمية للجماعات الترابية قد منحت‬
‫لها هذه اإلمكانية التي تترتب عنها آثار إيجابية متمثلة أساسا في تنمية النسيج االقتصادي‬
‫من خالل تطوير العالقات التعاونية سواء بين الجماعات الترابية أو مع المؤسسات‬
‫العمومية وفعاليات المجتمع المدني‪ ،‬إلنجاز برامج إقتصادية وإجتماعية مندمجة‪ ،‬مما‬
‫يؤدي حسب وجهة نظرنا إلى تحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية من خالل إعمال‬
‫آليات التشارك والتنسيق والتعاون‪ ،‬وبالتالي الحيلولة دون إهدار الفرص التنموية‪ ،‬أو‬
‫تضييع الجهد والمال والوقت في برمجة وتصميم برامج ومشاريع تنموية متعثرة وعقيمة‬
‫ومن الصعب تنفيذها ما لم يتحقق عنصر التعاون بين الجماعات الترابية‪.‬‬
‫وهذ ما جعل المشرع من خالل القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬يتطرق لمسألة‬
‫التعاون‪ ،‬حيث أناط للمجالس‪ ،‬التقرير في القضايا المتعلقة بالتعاون‪ ،‬ألنها تعتبر ركيزة‬
‫من ركائز التنظيم الجهوي الترابي‪ ،‬في ميدان التخطيط للتنمية االقتصادية واإلجتماعية‬
‫وإعداد التراب الوطني‪ ،‬وذلك من خالل إستفادة الجماعات الترابية التي ال تتوفر على‬
‫وسائل مادية كافية‪ ،‬من مساعدات لتمكينها من إدارة شؤونها‪ ،‬ومن التقليص من تبعيتها‬
‫نحو المركز‪ ،‬وإنجاز برامج العمل بين الجماعات لجعل الجهة على علم باإلختيارات‬

‫‪155‬مليح هشام‪'' ،‬سؤال الحكامة الترابية بالمغرب''‪ ،‬مجلة مسالك في السياسة والفكر واإلقتصاد‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬العدد ‪ ،8108 ،88-80‬ص‪.91‬‬
‫‪ -156‬حشوش وداد‪ ،‬السياسات العمومية الترابية بين التخطيط وسؤال اإللتقائية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.99:‬‬

‫‪83‬‬
‫المتخذة على المستوى المحلي‪ ،‬وبالتالي تكامل وإلتقائية المبادرات التنموية حتى تكون‬
‫‪157‬‬
‫أكثر نجاعة وفعالية ومردودية‪.‬‬
‫إن مسألة التأطير الدستوري للتعاون من الناحية الشكلية المنصوص عليها في‬
‫القوانين التنظيمية للجماعات الترابية بمستوياتها الثالث‪ ،‬حسب وجهة نظرنا‪ ،‬يشوبها نوع‬
‫من اللبس والغموض‪ ،‬فمن خالل ترتيب األبواب المتعلقة بآليات التعاون والشراكة‪ ،‬نجد‬
‫أن المشرع جعل من شركات التنمية تتصدر باقي أشكال التعاون‪ ،‬وهنا ال يعقل أن‬
‫تتصدر شركات خاضعة للقانون الخاص‪ ،‬مؤسسات عمومية كمؤسسة التعاون بين‬
‫الجماعات ومجموعات الجماعات الترابية‪ ،‬والتي تعتبر أشخاصا خاضعة للقانون العام‪،‬‬
‫خاصة وأن ترتيب األبواب في المجال التشريعي له دالالت عميقة تحيل إلى نوع من‬
‫كما يمكن أن نستنتج أيضا إشكاالت قانونية تتمثل‬ ‫التراتبية في األهمية والمبتغى‪.‬‬
‫في كون مؤسسات التعاون بين الجماعات تمارس إختصاصات تدخل في صميم‬
‫إختصاصات مجالس الجماعات الترابية مما قد يخلق تداخال في اإلختصاصات‪ 158،‬لذلك‬
‫بات على المشرع تدارك األمر ألن مثل هذه اإلشكاالت قد تقف كحاجز يحد من إلتقائية‬
‫السياسات العمومية‪ ،‬من خالل اآلثار المترتبة عن هذا اللبس القائم في مجال التعاون‬
‫بين الجماعات الترابية‪.‬‬
‫كما أنه بات من الضروري العمل على تفادي البطء الذي تستغرقه المساطر‬
‫اإلدارية المتعلقة بالعقود بين الجماعات الترابية والمقاولين الخواص بسبب اإلفراط في‬
‫الشكليات والمراقبة القبلية والتأشير أحيانا من قبل السلطة المكلفة بالمراقبة اإلدارية‪ ،‬مما‬
‫يؤدي إلى نفور مجموعة من الشركات والمقاوالت وبحثهم عن وجهة أخرى لإلستثمار مما‬
‫‪159‬‬
‫يؤدي لضياع الفرص اإلستثمارية‪.‬‬

‫‪ -157‬تميم عادل‪ ،‬الجهوية المتقدمة بين إشكالية توزيع اإلختصاصات والتاطير الدستوري دراسة مقارنة‪ ،‬مؤسسة‬
‫إفزارن للطباعة‪ ،‬طنجة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،8109 ،‬ص‪.011‬‬
‫‪ - 158‬حشوش وداد‪ ،‬السياسات العمومية الترابية بين التخطيط وسؤال اإللتقائية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.018:‬‬
‫‪ - 159‬شاوش محمد‪ ،‬الحكامة التشاركية في التدبير العمومي الترابي بالمغرب‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون‬
‫العام‪ ،‬الكلية المتعددة التخصصات بالناظور‪ ،‬السنة الدراسية ‪ ،2118-2118‬ص‪131:‬‬

‫‪81‬‬
‫وفي إطار إنفتاح الجماعات الترابية المغربية على نظيراتها األجنبية‪ ،‬يعتبر التعاون‬
‫الالمركزي الدولي من اآلليات الهامة في هذا المجال‪ ،‬والذي يخضع إلى تأثيرات‬
‫إستراتيجية من قبل المنظمات الدولية كالبنك الدولي واإلتحاد األوروبي‪ ،‬كما يوجد تحت‬
‫تأثير السياسات الخارجية للدول المانحة للمساعدات الدولية من أجل التنمية‪ ،160‬هذه‬
‫األخيرة التي تعتبر التعاون الالمركزي الدولي لوحداتها الترابية جزءا من سياساتها الخارجية‬
‫وجدير بالذكر أن التعاون الالمركزي الدولي يتأثر‬ ‫‪161‬‬
‫في مجال تدبير التنمية الدولية‪،‬‬
‫بإختالف األنظمة السياسية للدول وبمستوى نضج الديمقراطية‪ ،‬وإختالف القدرات‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬مما يؤثر على أنماط التعاون بين الشركاء‪ .‬فعلى المستوى الدولي‪ ،‬يتدخل‬
‫البنك الدولي في تحقيق أهداف األلفية للتنمية من خالل إعداد إستراتيجية أممية تحت‬
‫اسم'' دعم الشبكات الترابية‪-‬الحكامة المحلية والتنمية''‪ ،‬والتي تهدف إلى تطوير عالقات‬
‫التعاون الالمركزي بين الجماعات الترابية الوطنية ونظيراتها األجنبية‪ ،‬كما تساهم في‬
‫دعم الخبرات والتجارب‪.‬‬
‫وعلى مستوى اإلتحاد األوروبي فإن الوحدات الت اربية ( الفرنسية‪ ،‬اإلسبانية‪ ،‬األلمانية‬
‫واإليطالية‪ )...‬كتجارب مقارنة‪ ،‬تتوفر على إستقاللية إدارية ومالية وتقريرية متقدمة عن‬
‫نظيرتها المغربية‪ ،‬تخول لها إعداد سياسات خارجية تسعى من خاللها إلى المساهمة في‬
‫تحقيق التنمية على المستوى الدولي‪ ،‬عن طريق تمويل مشاريع وبرامج تنموية في إطار‬
‫‪162‬‬
‫الشراكة والتعاون الالمركزي من خالل مؤسسات جهوية‬
‫ويعتبر التعاون الالمركزي الدولي للجماعات الترابية المغربية من الدعامات‬
‫األساسية للتنمية االقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬إذ يعتبر آلية لتنمية قدرات الجماعات الترابية‬
‫عن طريق اإلستفادة من الخبرات األجنبية‪ ،‬عبر مجموعة من العالقات واألنشطة التي‬

‫‪ -160‬يعتبر المغرب من الدول المستفيدة من برامج المساعدات الدولية من أجل التنمية من قبل الدول المانحة‬
‫كفرنسا‪ ،‬وألمانيا‪ ،‬وإيطاليا‪ ،‬واليابان‪.‬‬
‫‪ -‬قبيبشي يونس‪ ،‬التعاون الالمركزي الدولي للجماعات الترابية المغربية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.06 :‬‬ ‫‪161‬‬

‫‪ -‬قبيبشي يونس‪ ،‬التعاون الالمركزي الدولي للجماعات الترابية المغربية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.2-9:‬‬ ‫‪162‬‬

‫‪81‬‬
‫‪163‬‬
‫تقيمها الجماعات الترابية المغربية مع نظيراتها األجنبية من خالل إتفاقيات التوأمة‬
‫التي تهدف إلى إيجاد صيغة مالئمة تمكن أطرافها من تحقيق أهداف مشتركة‪ ،‬أو غايات‬
‫متشابهة من خالل توحيد الرؤى وتنسيق الجهود‪ ،‬ومن بين هذه اإلتفاقيات نجد إنخراط‬
‫''الجماعة الحضرية لتطوان'' في مشاريع التعاون الالمركزي الدولي مع المجلس اإلقليمي‬
‫''لمالقا وغرناطة'' اإلسبانية بشراكة مع مؤسسات دولية‪ ،‬حيث إستفادت جماعة تطوان‬
‫من الخبرات والتمويالت في إطار برامج التعاون الدولي الممولة من طرف اإلتحاد‬
‫األوروبي خاصة برنامج ''التعاون الدولي الالحدودي‪ -‬إسبانيا شمال المغرب'' المنفذ في‬
‫الفترة بين ‪ 8119‬و ‪ 8101‬مما ساهم في ضمان تنفيذ برامج تنموية وساهم في تطوير‬
‫وبالتالي تحقيق‬ ‫‪164‬‬
‫القدرات التدبيرية واإلنفتاح على الساحة الدولية ورفع رهان التنمية‪،‬‬
‫إلتقائية السياسات العمومية من خالل الدور المحوري إلتفاقيات التعاون الالمركزي الدولي‬
‫في تلبية حاجيات ومتطلبات الساكنة وتنفيذ بعض المشاريع التي لن تستطيع الجماعة‬
‫القيام بها بمفردها‪ ،‬كما أن هذه اإلتفاقيات تدعم روح التنسيق والتشاور واإلبتكار واإلستفادة‬
‫من التجارب الالمركزية الدولية‪ ،‬مما سيساهم في تنمية قدرات الجماعات الترابية المغربية‪،‬‬
‫وبالتالي إمكانية تجاوزها إلشكالية اإللتقائية في تصور ورسم وتنفيذ السياسات العمومية‬
‫‪165‬‬
‫على المستوى الترابي‪.‬‬
‫لكن ما يالحظ هو غياب الرغبة وضعف إهتمام مجالس الجماعات الترابية بأهمية‬
‫التعاون ا لدولي‪ ،‬مما يفقدها فرصة اإلستفادة من الدعم الدولي للبرامج التنموية‪ ،‬الشيء‬
‫الذي يجعلنا نتساءل حول دور السلطات المركزية المغربية في بلورتها لآلليات المحفزة‬
‫للجماعات الترابية على نهج أسلوب التعاون الدولي والتي تمتاز بالضعف والغياب‪ ،‬كما‬

‫‪ -163‬تعتبر التوأمة في هذا المجال دليل على الرغبة في التقارب واإلتفاق على تقوية الصالت بين المواطنين‬
‫والشعوب وتوطيد التعاون بين الجماعات الترابية المغربية وأخرى اجنبية إستنادا لبعض المقومات التاريخية‬
‫واإلقتصادية والثقافية والطبيعية المشتركة بينهم‪.‬‬
‫‪ -164‬قبيبشي يونس‪ ،‬التعاون الالمركزي الدولي للجماعات الترابية المغربية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.021-023 :‬‬
‫‪ - 165‬كزال أحمد‪'' ،‬أهمية واليات التعاون الالمركزي الدولي''‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،81‬يناير‪-‬فبراير ‪ ،2111‬ص‪.118:‬‬

‫‪81‬‬
‫يمكن أن نالحظ أيضا تحكم الفرقاء الممولين لبرامج التعاون الدولي في توجيه مسارات‬
‫وإتجاهات التعاون لما يخدم المصالح التي تندرج ضمن السياسات الخارجية للدول المانحة‬
‫‪166‬‬
‫للمساعدات الدولية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تقييم الس ياسات العمومية الترابية ورهان الإلتقاء‪.‬‬


‫يكتسي تقييم السياسات العمومية الترابية أهمية خاصة في ترسيخ قيم ومبادئ الحكامة‬
‫الجيدة‪ ،‬إذ يساهم في توضيح مدى تحقيق الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية التابعة‬
‫لها‪ ،‬وكذا المصالح الالممركزة للدولة إللتزاماتها‪ ،‬مما يساعد في تحقيق الشفافية ونشر‬
‫ثقافة المح اسبة‪ .‬ومن الناحية التقنية فهو ضرورة ملحة لضمان اإلنسجام والفعالية‬
‫واإللتقائية في أداء المؤسسات على المستوى الترابي‪ ،‬كما يساعد على فحص البرامج‬
‫والمشروعات والعمليات التنفيذية المتعلقة بالسياسات العمومية الترابية‪ ،‬ودراسة نتائجها‬
‫وتحديد فاعلية أهدافها‪ ،‬من أجل العمل على تقويمها لضمان تحقيق إلتقائية السياسات‬
‫العمومية الترابية‪ .‬وفيما يلي سنعالج مكانة التقييم لنبرز دوره في تحقيق اإللتقائية (الفقرة‬
‫األولى)‪ ،‬ونتطرق كنموذج‪ ،‬لدور المحاكم المالية الجهوية في عملية التقييم‪ ،‬ومدى فعاليتها‬
‫لضمان تحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية(الفقرة الثانية)‬

‫الفقرة الأولى‪ :‬مكانة التقييم‬


‫يعتبر تقييم السياسات العمومية عنص ار جوهريا وحاسما وفاعال‪ ،‬ضمن عناصر‬
‫الحكامة الرشيدة‪ ،‬كما أنه يرتبط بالديمقراطية والدولة الحديثة‪ ،‬ألن األمر يتطلب المواجهة‬
‫بين وجهات النظر‪ ،‬وشفافية الولوج إلى المعلومات والوثائق التي يمتلكها الجهاز الخاضع‬
‫للتقييم‪ ،‬وهذا ما يصطلح عليه بالمفهوم الديمقراطي للتقييم‪ ،‬والذي تتجلى أهميته في هذا‬

‫‪166‬‬
‫‪- KARZAZI Mohcine, '' la coopération décentralisée Franco-Marocaine: Entre‬‬
‫‪coopération au Développement et diplomatie d'influence'', thése de doctorat en droit‬‬
‫‪public, FSJES Tanger, édition 2013-2014, p218.‬‬

‫‪82‬‬
‫المجال من خالل إخبار المواطنين بالمعلومات ومختلف المعطيات‪ ،‬من خالل نشر‬
‫تقارير موضوعاتية تمكنهم من تدعيم آرائهم وأحكامهم حول تدبير السياسات العمومية‬
‫‪167‬‬
‫الترابية‪ ،‬ومدى تحقيقها ألهدافها‪.‬‬
‫إن أهمية التقييم تتجلى في كونه يحدد التأثير المباشر والغير المباشر لمختلف‬
‫التدخالت العمومية على المستوى الترابي‪ ،‬فهو ال ينظر فقط إلى ما يحدث داخل‬
‫التنظيمات العمومية‪ ،‬بل ينظر فيما إذا كانت هذه األخيرة قد إستطاعت التأثير في المحيط‬
‫الذي تشتغل فيه‪ ،‬وأحدثت تغييرات في المجتمع وإستطاعت حل المشاكل العمومية‬
‫ومطالب المواطنين على مستوى الجهة والجماعات الترابية‪ ،‬وبالتالي فالتقييم يساهم في‬
‫إعادة النظر وتصحيح مسار تنفيذ السياسات العمومية من خالل تدعيم أو تقويم أو‬
‫التخلي الجزئي أو الكلي عن البرامج والمشاريع التي أثبتت التجربة والتقييم أنها بدون‬
‫لذلك فعملية التقييم ضرورية لتغذية اإلنعكاسات‬ ‫‪168‬‬
‫فائدة‪ ،‬وال يمكن لها بلوغ أهدافها سلفا‪.‬‬
‫التدبيرية للسياسات العمومية الترابية‪ ،‬من أجل تحديد مواطن القصور في بلوغ األهداف‪،‬‬
‫مما يسمح بتدارك النقص المصاحب لدورة السياسات العمومية سواء في مرحلة التشخيص‬
‫والتصور وإتخاذ القرار وما يصاحبه من تنسيق وتشاور بين الفاعلين‪ ،‬أو خالل مرحلة‬
‫وبالتالي تحديد مكامن الخلل والقصور‬ ‫‪169‬‬
‫تعبئة الموارد وتنفيذ السياسات العمومية‪،‬‬
‫ومحاولة تقويمها وإصالحها للحيلولة دون الوقوع في نفس المشكل عند بلورة سياسات‬
‫عمومية ترابية أخرى في نفس المجال‪ ،‬وبالتالي ضمان تحقيق إلتقائية السياسات العمومية‬
‫الترابية‪ ،‬والحيلولة دون تضييع الجهد والمال والفرص واإلستفادة من التقارير المنبثقة عن‬

‫‪ -167‬الخمليشي محمد‪ ،‬أدوار المجلس األعلى للحسابات في تقييم السياسات العمومية‪ :‬مشروعية اإلختصاص‬
‫وسياق الممارسة ‪-‬دراسة تحليلية مقارنة‪ ،-‬منشورات المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬العدد الخاص‬
‫رقم ‪ ،83‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،8181 ،‬ص‪.81:‬‬
‫‪ -168‬بنلمليح منية‪'' ،‬الجهات المتدخلة في تقييم السياسات العمومية الجهوية‪ :‬األدوار والحصيلة''‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،016‬ماي‪-‬يونيو ‪ ،8109‬ص‪.19:‬‬
‫‪169‬‬
‫‪- MULLER Pieerr,les politique publiques,Presses universitaires de‬‬
‫‪France,Paris,4eme édition,2000,p67.‬‬

‫‪88‬‬
‫عملية التقييم لتفادي الوقوع في نفس اإلختالالت والعراقيل التي تحد من نجاعة السياسات‬
‫العمومية الترابية وتحد من إلتقائيتها‪.‬‬
‫ويحمل تقييم السياسات العمومية قيمة مضافة على إعتباره ركيزة أساسية لبلوغ‬
‫اإللتقائية في التدخالت العمومية‪ ،‬من خالل إهتمامه بمختلف السياسات على المستوى‬
‫الترابي سواء المتعلقة بالجماعات الترابية والمؤسسات العمومية التابعة لها‪ ،‬أو المصالح‬
‫الالممركزة لإلدارات المركزية وكذا وكاالت التنمية الجهوية‪ ،‬و إهتمامه الخاص بمجال‬
‫المالية العامة بشكل دقيق‪ ،‬والذي تنتج عنه آثار ملموسة‪ ،‬من خالل ترشيد اإلنفاق‬
‫العمومي‪ ،‬والعمل على تكريس ثقافة المسؤولية والشفافية والجدوى في السياسات العمومية‬
‫التي تعرف إنفاقا ماليا كبيرا‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للسياسات ذات الطابع اإلستثماري‪.‬‬
‫وبالتالي فهو نتاج تطور آليات الرقابة‪ ،‬وتحول نوعي في مسار التدبير واألداء العمومي‪،‬‬
‫على إعتبار أن الرقابة الحديثة ليست قائمة على التفتيش والزجر‪ ،‬بل قائمة على‬
‫التشخيص والتقييم والتقويم‪ ،‬من خالل توجيه رقابتها إلى قياس النشاط المنجز‪ ،‬والوقوف‬
‫على حقيقة نتائجه‪ ،‬وإكتشاف األخطاء واإلنحرافات وتحليل العوامل التي كانت وراء‬
‫‪170‬‬
‫حدوثها‪ ،‬وكيفية تجنب الوقوع فيها‪ ،‬بدال من التركيز على معرفة المسؤول عن الخطأ‪.‬‬
‫إن أهمية تقييم السياسات العمومية الترابية تنصرف باألساس إلى إعطاء بعد‬
‫ديمقراطي لمختلف السياسات‪ ،‬إنطالقا من معرفة تأثيراتها على المجتمع‪ ،‬ومدى تفعيلها‬
‫لمضامين المخططات والتصاميم الجهوية‪ ،‬ومدى تحقيقها ألهدافها المرتكزة في األساس‬
‫على عقلنة تدبير مختلف السياسات العمومية‪ ،‬وبالتالي معرفة وقياس مدى تحقق اإللتقائية‬

‫‪ -170‬الح سكة هشام‪ ،‬دور اإلفتحاص العمومي في إرساء حكامة تدبير الجماعات الترابية‪ :‬دراسة في تجربة القضاء‬
‫المالي الجهوي بالمغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية‪ ،‬مركز الدراسات في الدكتوراه‪،‬‬
‫مختبر األبحاث القانونية وتحليل السيسات‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪،‬‬
‫مراكش‪ ،‬السنة الدراسية ‪ ،8109-8106‬ص‪.091-091:‬‬

‫‪88‬‬
‫في التدخالت والبرامج والمخططات‪ ،‬وذلك من خالل مجموعة من العناصر‪ ،‬لعل‬
‫‪171‬‬
‫أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬حسن إتخاذ القرار العمومي‪ :‬من خالل فهم أفضل للسياسات العمومية‪ ،‬وذلك‬
‫عبر تجميع وتحليل المعطيات المرتبطة بمجال التدخل‪ ،‬واآلثار الناجمة عن‬
‫إتخاذ الق اررات من أجل تحيينها من خالل إثارة اإلنتباه إلى وقائع وأرقام لم تكن‬
‫في الحسبان‪ ،‬أثناء تبني بديل من البدائل المطروحة‪ ،‬وهذا ما يساهم في‬
‫إستخالص العبر‪ ،‬وإعادة تصور البرامج في المستقبل للحيلولة دون الوقوع في‬
‫نفس النسق والسياق‪.‬‬
‫‪ -‬تحسين تخصيص الموارد‪ :‬إذ يفترض أن تفضي المهام التقييمية إلى مساعدة‬
‫الفاعلين المعنيين بتنفيذ السياسات العمومية الترابية على حسن تخصيص‬
‫الموارد‪ ،‬وعدم إهدارها على نحو يساهم في عقلنة اإلختيارات التنموية وبرمجة‬
‫المشاريع‪ ،‬وفق اإلمكانيات المتوفرة والمتاحة والممكن توافرها‪ ،‬وبالتالي ترتيب‬
‫اإلحتياجات حسب األولويات مع التركيز على قيمة التكلفة‪.‬‬
‫‪ -‬مراجعة السياسات العمومية الترابية‪ :‬فعملية التقييم هي في حد ذاتها عملية‬
‫هادفة‪ ،‬تسعى إلى معرفة مستوى أو درجة النجاح‪ ،‬والتأثير الذي وصلت إليه‬
‫السياسات العمومية‪ ،‬وكذا إكتشاف اإلختالالت واإلنحرافات التي يمكن أن تشوب‬
‫عملية التخطيط والتنفيذ‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فهي في فلسفتها عملية ال تتجه نحو ترسيخ‬
‫قيم المحاسبة والعقاب‪ ،‬بقدر ما تقترح إتخاذ اإلجراءات التصحيحية الالزمة والتي‬
‫تتجه إلى ضمان النجاعة في سيرورة السياسات العمومية الترابية‪ ،‬والسعي إلى‬

‫‪ -‬كحالوي عبد الرحيم‪ ،‬إندماجية السياسات العمومية بالمغرب و متطلبات التنمية المحلية‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬ ‫‪171‬‬

‫ص‪821-823:‬‬

‫‪111‬‬
‫تحقيق التكامل واإلندماجية واإللتقائية في التدخالت العمومية‪ ،‬من أجل تحسين‬
‫نتائج وآثار السياسات‪ ،‬وبالتالي إستجابتها لحاجيات وإنتظارات المستهدفين بها‪.‬‬
‫إن عملية تقييم إنعكاسات السياسات العمومية الترابية من خالل مسلسل إتخاذ القرار‬
‫العمومي الترابي على األفراد والمجتمع‪ ،‬له أهمية قصوى في قياس مدى إستجابتها‬
‫للطلبات والقضايا المرفوعة من الساكنة إلى ''النخبة السياسية الترابية''‪ ،‬وبالتالي فمن‬
‫خالل تتبع مسار إتخاذ القرار العمومي الترابي منذ تبني المشاكل العمومية ودخولها‬
‫لألجندة‪ ،‬لغاية تنفيذ السياسات كبدائل مطروحة لحل تلك المشاكل‪ ،‬مرو ار بمراحل التنسيق‬
‫والتشاور ومختلف التدخالت العمومية‪ ،‬من أجل إكتشاف مكامن الخلل التي تحد من‬
‫إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪ ،‬ثم الخروج بتوصيات وتقارير تقدم حلوال وبدائل قادرة‬
‫على الرفع من مردودية ونجاعة السياسات العمومية الترابية‪ ،‬وضمان تحقيق اإللتقائية‬
‫في التدخالت العمومية على المستوى الترابي‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المجالس الجهوية للحساابت كمؤسسة للتقييم‪ ،‬وموقعها من تحقيق الإلتقائية‪.‬‬
‫إن القضاء المالي الجهوي بإعتباره مراقبا خارجيا‪ ،‬يمكن أن يعطي تقييما لعمل‬
‫الجماعات الترابية من خالل اإلعتماد على تقنية اإلفتحاص‪ ،‬والذي يجعل تقاريره‬
‫وخالصاته ذات أهمية بالغة في سياق تطوير األداء والرقابة على النشاط والتدبير المالي‬
‫واإلداري للجماعات الترابية‪ ،‬وتقوية الشفافية وتدبير المال العام وتعزيز المساءلة والحفاظ‬
‫على المصداقية في البيانات المالية والمحاسبية‪ ،‬مما يؤدي إلى توجيه النشاط االقتصادي‬
‫واإلجتماعي والمالي‪ ،‬وتقويم فعالية البرامج والمشاريع على المستوى الترابي‪ ،‬ودراسة‬
‫جدواها ومالءمتها وتحليل نوعيتها وكلفتها ومدى تحقيقها لألهداف التنموية‪ ،‬مما يشكل‬
‫تدعيما إللتقائية السياسات العمومية الترابية لبلوغ أهدافها‪ ،‬كما أن القضاء الجهوي‬
‫للحسابات يظل عنص ار مهما وأساسيا يضمن توازن الالمركزية وتخليق وشفافية الحياة‬

‫‪111‬‬
‫كما أنه قضاء مؤهل ألن يلعب دور المصاحبة في التدبير اإلداري والمالي‬ ‫‪172‬‬
‫المحلية‪،‬‬
‫للجماعات الترابية‪ ،‬من خالل المالحضات واإلقتراحات والتوصيات المدرجة في التقارير‬
‫السنوية والموضوعاتية التي يصدرها‪ ،‬والتي تقدم البدائل والحلول المناسبة‪ ،‬من خالل‬
‫الوقوف على مكامن الخلل ومسببات الضعف وقياس مدى نجاعة وفاعلية البرامج‬
‫والمشاريع في تحقيق أهدافها‪ .‬فالقاضي المالي يعرض في تقريره الصعوبات والمشاكل‬
‫التي تعترض عمل الجماعات الترابية‪ ،‬والتوصيات الالزمة كما يعمل على طرح الحلول‬
‫المناسبة التي بمقدورها ضمان توحيد الجهود وتقارب الرؤى وتعزيز التنسيق بين األجهزة‪،‬‬
‫مما يصب في مرمى تحقيق إلتقائية التدخالت العمومية وبرمجة مشاريع وبرامج متناسقة‬
‫ومتجانسة وفعالة ‪ ، 173‬وبالتالي ترشيد وعقلنة األداء العمومي للجماعات الترابية من خالل‬
‫إبداء الرأي ومساعدتها على ترشيد الق اررات التنموية اإلستثمارية‪ ،‬وإقتراح وسائل التصحيح‬
‫المالئمة‪ ،‬وإمداد اإلدارة بالمعلومات بهدف مساعدتها على تحسين نجاعة أدائها‪.‬‬
‫وبناء عليه‪ ،‬فالمجلس الجهوي للحسابات ال يصدر أحكاما‪ ،‬وإنما تقارير يعرضها‬
‫على مسؤولي األجهزة موضوع الرقابة قصد إبداء آرائهم أو تقديم كل الوثائق التي يرون‬
‫فدور هذه المجالس من شأنه تحقيق وضوح العمليات التدبيرية‬ ‫‪174‬‬
‫ضرورة في تقديمها‪،‬‬
‫للجماعات الترابية‪ ،‬وضمان تناسقها وإندماجيتها وإلتقائية كل المتدخلين فيها‪ ،‬وبالتالي‬
‫توجيه السياسة اإلنفاقية بالجماعات الترابية وجعلها تخدم المشاكل الترابية‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫من شأن ذلك أن يؤدي إلى بلورة سياسات تنموية شاملة‪ ،‬باإلضافة إلى بلورة سياسات‬

‫‪ -172‬الخمليشي محمد‪ ،‬أدوار المجلس األعلى للحسابات في تقييم السياسات العمومية‪ :‬مشروعية اإلختصاص‬
‫وسياق الممارسة‪ ،‬ص‪.26:‬‬
‫‪ -173‬الحسكة هشام‪ ،‬دور اإلفتحاص العمومي في إرساء حكامة تدبير الجماعات الترابية‪ :‬دراسة في تجربة القضاء‬
‫المالي الجهوي بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.628-620:‬‬
‫‪ -‬مجيدي محمد‪ ،‬دور المجالس الجهوية للحسابات في تطوير أداء الجماعات المحلية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة‬ ‫‪174‬‬

‫الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصاديةواإلجتماعية‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪ ،8119-8116‬ص‪.062:‬‬

‫‪112‬‬
‫تنموية مستدامة تلتقي فيها غالبية الجماعات الترابية مما يؤهلها لتجاوز الفوارق الترابية‪،‬‬
‫كما أن دوره يكمن أيضا في تنوير الرأي العام حول شروط وظروف التدبير العمومي‬
‫الترابي خاصة مع تعاضم دور المجتمع المدني الذي خصه دستور ‪ 8100‬بأدوار تشاركية‬
‫في إعداد ق اررات ومشاريع وتفعيلها وتقييمها‪ ،175‬وكل هذه األدوار تؤدي حسب وجهة‬
‫نظرنا‪ ،‬إلى ضمان إلتقائية السياسات العمومية الترابية من خالل تبني الجماعات الترابية‬
‫لهذه التوصيات والمقترحات واإلجراءات التصحيحية‪ ،‬التي تعتبر مدخال لعقلنة البرامج‬
‫والمشاريع وحسن التدبير المالي واإلداري وبالتالي الحيلولة دون تضييع المال والجهد‬
‫والفرص التنموية‪.‬‬
‫على الرغم من الدور المحوري الذي تلعبه المجالس الجهوية للحسابات في عقلنة‬
‫التدبير على مستوى الجماعات الترابية لكسب رهان تحقيق اإللتقائية‪ ،‬إال أننا نرى أنه قد‬
‫بات من الالزم العمل على تعزيز دورها في تقييم السياسات الترابية‪ ،‬خاصة بعد إعتماد‬
‫إقرار التدبير العمومي حسب األهداف وتوجيه النفقة العمومية نحو منطق النتائج‪ ،‬والتأكيد‬
‫على البرمجة المتعددة السنوات في صياغة المالية الترابية‪ ،‬وذلك من خالل إقتراحنا‪،‬‬
‫إحداث جهاز مساعد يتواجد داخل الجماعات الترابية‪ ،‬ليمارس مهام الفحص الداخلي‬
‫على أن يكون جها از مستقال يمارس مهامه بكيفية موضوعية ومستقلة عن اإلدارة‬
‫ألن المجالس الجهوية للحسابات أصبحت تعاني من نقص حاد في الموارد‬ ‫‪176‬‬
‫الترابية‪،‬‬
‫البشرية وتوسع في إختصاصاتها الرقابية والتقييمية‪ ،‬مقارنة بالقضاء المالي الفرنسي الذي‬

‫‪ -‬بنلمليح منية‪'' ،‬ال جهات المتدخلة في تقييم السياسات العمومية الجهوية‪ :‬األدوار والحصيلة''‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬ ‫‪175‬‬

‫ص‪.61 :‬‬
‫‪ -176‬الخمليشي محمد‪ ''،‬في تقييم السياسات العمومية الترابية‪ :‬مشروعية إختصاص المجالس الجهوية للحسابات''‪،‬‬
‫مجلة مسالك في الفكر والسياسة واإلقتصاد‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬العدد ‪،8181 ،12-19‬‬
‫ص‪.99-92:‬‬

‫‪113‬‬
‫يتوفر إلى غاية سنة ‪ 8106‬على ‪219‬إطا ار داخل الغرف الجهوية للحسابات‪ ،‬في مقابل‬
‫‪ 819‬إطا ار فقط بالمجالس الجهوية للحسابات بالمغرب‪.177‬‬
‫كما يتعين حسب رأينا‪ ،‬إعادة النظر في مقتضيات مدونة المحاكم المالية بشكل‬
‫جذري‪ ،‬لجعل وظيفة تقييم السياسات العمومية الترابية من اإلختصاصات األساسية‬
‫والذاتية للمجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬وتدعيم المساعدة المقدمة من طرف هذه األخيرة‬
‫للجماعات الترابية في عالقات بينية متوازنة ومنتجة ومؤثرة على التدبير العمومي خاصة‬
‫وأن المساعدة المقدمة حاليا تقتصر على مراقبة اإلجراءات المتعلقة بتنفيذ الميزانية فقط‪،‬‬
‫هذا عالوة على ضرورة تبني إعداد تقارير موضوعاتية دورية خاصة‪ ،‬الهدف منها إثارة‬
‫إنتباه المجالس الترابية لألعطاب المصاحبة للسياسات الترابية‪ ،‬وتقديم إرشادات لها حول‬
‫أفضل نماذج التدبير الترابي‪ .‬وعليه فإن المجالس الجهوية للحسابات مطالبة باإلهتمام‬
‫بالعنصر البشري‪ ،‬إذ البد من تكوين يواكب المستجدات‪ ،‬فالتكوين له دور ال يستهان به‬
‫في إصالح المنظومة الرقابة والتقييمية‪ 178،‬سيما وأن التحوالت المصاحبة لورش الجهوية‬
‫المتقدمة وإصدار ميثاق الالتمركز اإلداري والمصادقة على التصاميم المديرية لالتمركز‬
‫اإلداري ستجعل أدوار الجماعات الترابية تتعاضم وتتنامى‪ ،‬مما يفرض إعادة النظر في‬
‫تكوين و تأهيل الموارد البشرية بالمجالس الجهوية للحسابات لتكون مسايرة لهذه التحوالت‪.‬‬

‫‪ - 177‬الحسكة هشام‪ ،‬دور اإلفتحاص العمومي في إرساء حكامة تدبير الجماعات الترابية‪ :‬دراسة في تجربة القضاء‬
‫المالي الجهوي بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.911:‬‬
‫‪ -178‬بوطوال الحسن‪'' ،‬دور المجالس الجهوية للحسابات في رقابة أداء الجماعات الترابية على ضوء مستجدات‬
‫دستور ‪ ،''8100‬المجلة المغربية للقانون اإلداري والعلوم اإلدارية‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪،8109 ،‬‬
‫ص‪.829-822 :‬‬

‫‪111‬‬
‫خاتمة الفصل الأول‪:‬‬
‫يتضح مما سبق أن بلوغ تحقيق رهان إلتقائية السياسات العمومية الترابية يستلزم‬
‫اإلعتماد على مداخل قانونية‪ /‬تنظيمية وتدبيرية‪ ،‬ويتضح ذلك من خالل ماحمله بحثنا‬
‫من جوانب تسعى لمقاربة إشكالية إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي‪،‬‬
‫وحاولنا من خالله التأسيس لمداخل تحقيق اإللتقائية المتمثلة في المدخل‬
‫القانوني‪/‬التنظيمي عبر القيام بإعادة رسم معالم التقطيع الجهوي وتثمين مبدأ التدبير الحر‬
‫ليشكال دعامتين أساسيتين لتحقيق العدالة المجالة‪ ،‬ومنح الجماعات الترابية صالحية‬
‫تدبير شؤونها بنفسها‪ ،‬عالوة على ضرورة التحديد الدقيق لإلختصاصات لمنع التنازع‬
‫والتداخل فيها بين المؤسسات المعنية بها هذا فضال عن إصالح قانون الجبايات المحلية‬
‫لتدعيم موارد الجهات والجماعات الترابية األخرى‪.‬‬
‫كما سيشكل ميثاق الالتمركز اإلداري وتنزيل التصاميم المديرية لالتمركز اإلداري‬
‫لبنة أساسية لتعزيز مكانة الجهات وتثمين التنسيق األفقي بين المصالح الالممركزة‪ ،‬من‬
‫خالل مؤسسة الوالي‪/‬العامل بفعل الصالحيات التي منحت له في هذا المجال‪ ،‬عالوة‬
‫على الصالحيت التقريرية التي سيتم نقلها للمصالح الالممركزة‪ ،‬مما سيساهم في تحقيق‬
‫إلتقائية البرامج القطاعية وبرامج التنمية الجهوية على مستوى الجهات‪.‬‬
‫كما يشكل تطرقنا إلى المدخل التدبيري الذي يشكل دعامة أساسية لتحقيق إلتقائية‬
‫السياسات العمومية الترابية‪ ،‬من خالل آلية التخطيط الترابي‪ ،‬المتمثل في التصاميم‬
‫الجهوية إلعداد التراب‪ ،‬وبرامج التنمية الجهوية‪ ،‬وبرامج عمل الجماعة‪ ،‬والتي تتيح‬
‫للجماعات الترابية تأ هيل ترابها وتحقيق متطلبات الساكنة وتقديم البدائل الممكنة لحل‬
‫مشاكلهم العمومية‪ ،‬كما يشكل التعاون والتضامن والتقييم دعائم أساسية لتعزيز اإللتقائية‬
‫في التصور‪ ،‬وإلتقاء األفكار والتشخيص المشترك للمشاكل العمومية والتمويل التشاركي‬
‫للبرامج والمشاريع على مستوى الجماعات الترابية عالوة على ما تقدمه تقارير المجالس‬

‫‪111‬‬
‫الجهوية للحسابات من تشخيص لإلختالالت‪ ،‬وتقديم توصيات لحلها للحيلولة دون الوقوع‬
‫في التخبط والتعثر مستقبال‪ ،‬إال أن األمر يستلزم بطبيعة الحال تفعيل هذه التقارير على‬
‫أرض الواقع‪ ،‬والعمل على إيجاد صيغة قانونية تلزم الجماعات الترابية بتفعيل مضامين‬
‫تلك التقارير‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫المدخل المؤسساتي‪ ،‬والبشري‪/‬التأهيلي‬
‫كدعامة لتحقيق اإللتقائية‬

‫‪112‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المدخل المؤسساتي والبشري‪ /‬التآأهيلي لتحقيق الإلتقائية‪.‬‬
‫يعتبر المدخل المؤسساتي والبشري التأهيلي من المداخل الممكنة لتحقيق إلتقائية‬
‫السياسات العمومية على المستوى الترابي‪ ،‬والتي باتت تشكل في اآلونة األخير الرهان‬
‫الذي شغل بال صانعي السياسات‪ ،‬وشكلت نقطة مهمة ضمن خالصات تقارير المجلس‬
‫األعلى للحسابات والمجلس االقتصادي واإلجتماعي والبيئي‪ ،‬وترددت كثي ار في أجوبة‬
‫كما أن مختلف‬ ‫‪179‬‬
‫رئيس الحكومة خالل الجلسات الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة‪،‬‬
‫القطاعات الو ازرية‪ ،‬قد أكدت وفي أكثر من مرة على ضرورة إعتماد مقاربات تشكل نواة‬
‫لإلصالح تمكن من بلورة سياسات عمومية ترابية ناجحة وفعالة سواء عند إعدادها أو‬
‫تنفيذها‪ ،‬لتشكل بذلك بدائل لحل مختلف المشاكل العمومية الترابية‪ ،‬التي لن يتحقق لها‬
‫ذلك إال ببلوغ رهان اإللتقائية‪.‬‬
‫ومن خالل هذا الفصل سنحاول مقاربة دور المدخل المؤسساتي في تحقيق‬
‫إلتقائية السياسات العمومية الترابية من خالل إبراز الدور الذي تلعبه مؤسسات التنمية‬
‫سواء على المستوى الجهوي ويتعلق األمر هنا بالوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع عالوة‬
‫على وكاالت التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية ألقاليم الشمال‪ ،‬الجنوب‪ ،‬والشرق‪ ،‬ودورها‬
‫في تنفيذ السياسات العمومية على المستوى الترابي باإلضافة إلى أدوارها اإلستشارية‪ .‬هذا‬
‫باإلضافة إلى مؤسسات على مستوى الجماعات‪ ،‬والتي تتولى مهام التنسيق مع مختلف‬
‫الفاعلين المتدخلين في العملية التنموية وتتولى تنفيذ برامج التنمية وتنفيذ السياسات‬
‫بمنهجية وتدبير مقاوالتي‪ ،‬وأخص بالذكر شركات التنمية المحلية والتي تحدثها الجماعات‬
‫أو تشترك معها في رأسمالها لتنفيذ السياسات التجارية والصناعية على مستوى الجماعة‪،‬‬
‫مما يؤدي لتجاوز إكراهات التمويل إلنجاز تلك المشاريع من طرف الجماعات بمفردها‪.‬‬
‫هذا فضال عن الدور المحوري الذي باتت تلعبه المراكز الجهوية لإلستثمار خاصة بعد‬

‫‪ -‬ونخص بالذكر جواب السيد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني حول محور إلتقائية السياسات العمومية‬ ‫‪179‬‬

‫وأثرها على تنفيذ اإلستراتيجيات القطاعية‪ ،‬الجلسة الشهرية المنعقدة بتاريخ ‪2‬ذو القعدة ‪8(0132‬غشت ‪،)8109‬‬
‫مجلس المستشارين‪ ،‬منشور بالموقع الرسمي لرئاسة الحكومة‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫اإلصالح المؤسساتي األخير الذي متعها بصالحيات تقريرية هامة‪ ،‬وقلل إلى حد كبير‬
‫من هيمنة المركز على السياسات العمومية اإلستثمارية فضال عن إحداث أقطاب جديدة‬
‫وإحداث اللجنة الجهوية الموحدة لإلستثمار مما سيساعد المحالة في تكريس البعد الجهوي‬
‫للسياسات العمومية اإلستثمارية وتحقيق إلتقائيتها‪(.‬المبحث األول)‪.‬‬
‫كما سنتطرق أيضا في هذا الفصل إلى مقاربة المدخل البشري‪/‬التأهيلي على إعتباره‬
‫من المداخل المهمة في تحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪ ،‬خاصة ما يتعلق‬
‫''بالنخبة السياسية الترابية'' المتربعة على عرش مجالس الجماعات الترابية‪ ،‬والتي يتطلب‬
‫األمر إعادة النظر في شروط ومقومات التنخيب بسبب تدني مستوياتها التعليمية والتأهيلية‬
‫عموما‪ ،‬مما يشكل عقبة في فهم وتطبيق النصوص القانونية وحسن التدبير والتسيير مما‬
‫يؤثر سلبا على الفعل العمومي الترابي وبالتالي يجب أخذ زمام األمور للعمل على تكوينها‬
‫وت أهيلها وتغيير محددات تنخيبها‪ ،‬خاصة ما يتعلق بمشكل منح التزكيات الحزبية لولوج‬
‫غمار اإلنتخابات الجماعية لمن هم دون المستوى‪ ،‬هذا عالوة على ضرورة العمل على‬
‫نهج سياسة تكوينية تأهيلية وتحفيزية لألطر اإلدارية على مستوى الجماعات الترابية من‬
‫أجل تقوية القدرات اإلدارية‪ ،‬فضال عن اإلنخراط في رسم معالم التخطيط اإلستراتيجي‬
‫القائم على مناهج علمية من أجل ضمان حسن تطبيق وتفعيل اإلجراءات اإلدارية التي‬
‫تكون مصاحبة للسياسات العمومية الترابية على مستوى اإلعداد والتنفيذ‪ ،‬من أجل ضمان‬
‫تحقيق إلتقائيتها‪(.‬المبحث الثاني)‬

‫المبحث الأول‪ :‬المدخل المؤسساتي وموقعه من تحقيق الإلتقائية‪.‬‬


‫يعتبر مطمح تحقيق إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي‪ ،‬الرهان‬
‫األساسي الذي يشغل بال صانعي السياسات خصوصا بعد سلسلة من التقارير الصادرة‬
‫عن المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬والمجلس اإلقتصادي واإلجتماعي والبيئي‪ ،‬والتي توضح‬
‫جملة من اإلكراهات التي تواجه مسار الجهوية المتقدمة خاصة بعد التعثر الذي صاحب‬
‫العديد من المشاريع والبرامج التنموية بسبب تداخل عوامل كثيرة من بينها قلة الموارد‬

‫‪118‬‬
‫المالية وضعف الصالحيات التقريرية للجماعات الترابية التي كرست لهيمنة المركز على‬
‫ال محيط‪ ،‬مما شكل نقطة ضعف أدت لتضييع الفرص وإهدار الجهد والمال والوقت في‬
‫إعداد برامج ومشاريع عقيمة من حيث التنفيذ وغير قادرة على اإلستجابة لتطلعات‬
‫المواطنين‪.‬‬
‫وبناء على ذلك‪ ،‬يشكل المدخل المؤسساتي دعامة لتحقيق البعد اإللتقائي للسياسات‬
‫العمومية الترابية من خالل مؤسسات تنموية على مستوى الجهات والجماعات الترابية‬
‫عموما‪ ،‬حيث سنقوم بالتطرق على سبيل المثال ال الحصر للوكالة الجهوية لتنفيذ‬
‫المشاريع‪ ،‬ووكاالت التنمية ا القتصادية واإلجتماعية لعماالت وأقاليم الشمال‪ ،‬الجنوب‪،‬‬
‫والشرق‪ ،‬والتي تتولى تنفيذ المشاريع والبرامج على المستوى الجهوي مما يحقق بلوغ أهداف‬
‫السياسات العمومية من حيث تنفيذ المشاريع وتنزيل السياسات العمومية الترابية‪ .‬كما نجد‬
‫أيضا شركات التنمية المحلية على مستوى الجماعات والتي تتولى إنجاز المشاريع‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬وتتولى عصرنة التدبير العمومي وجعله تدبي ار مقاوالتيا‪(.‬المطلب األول)‪ ،‬هذا‬
‫‪180‬‬
‫عالوة على المراكز الجهوية لإلستثمار والتي إستطاعت مع صدور القانون ‪19.02‬‬
‫المتعلق بإصالح المراكز الجهوية لإلستثمار وإحداث اللجان الجهوية الموحدة لإلستثمار‪،‬‬
‫من تجاوز بعض الصعوبات والعراقيل التي كانت تواجهها‪ ،‬مما مكنها من إحداث بينات‬
‫مؤسساتية قادرة على تحقيق إلتقائية السياسات اإلستثمارية على المستوى الجهوي‪ ،‬لكن‬
‫الحكم النهائي على ذلك قد يستلزم بعض الوقت إلى حين ثبوت نتائج الممارسة على‬
‫أرض الواقع في ظل وجود بعض النواقص التي نتمنى تجاوزها لتحقيق نتائج‬
‫أفضل(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫القانون ‪ 19.02‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف ‪ 0.09.02‬الصادر في ‪ 9‬جمادى الثانية ‪03(0111‬‬ ‫‪180‬‬

‫فبراير‪ ،)8109‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6911‬بتاريخ ‪ 01‬جمادى الثانية ‪80(0111‬فبراير‪،)8109‬‬


‫ص‪.231:‬‬

‫‪111‬‬
‫المطلب الأول‪ :‬مؤسسات التنمية وتكريسها للبعد الإلتقائي للس ياسات العمومية الترابية‪.‬‬
‫تعتبر مؤسسات التنمية لبنة أساسية لتكريس البعد اإللتقائي للسياسات العمومية‬
‫الترابية‪ ،‬وذلك من خالل إضطالعها بمهام تدخل ضمن أهداف الجهوية المتقدمة‪،‬‬
‫والمتمثلة في أجرأة وتفعيل السياسات العمومية ذات البعد التنموي واإلقتصادي‬
‫واإلجتماعي‪ ،‬من خالل أدوارها اإلستشارية‪ ،‬والتنفيذية لبرامج التنمية الجهوية‪ ،‬إذ تتولى‬
‫هذه الوكاالت تنفيذ مختلف السياسات خصوصا أمام الخصاص الذي تعاني منه الجهات‬
‫والجماعات الترابية عموما والمتمثل في قلة الموارد المالية وندرة الكفاءات البشرية وقلة‬
‫الخبرة والتكوين‪ ،‬وبالتالي فتبني هذه الوكاالت تنفيذ السياسات يعتبر دعامة لتحقيق‬
‫اإللتقائية على مستوى البرامج والمشاريع‪ ،‬وبالتالي الحيلولة دون تضييع الفرص التنموية‪،‬‬
‫مما ينعكس إيجابا‪ ،‬من خالل تقديمها للبدائل الممكنة لحل المشاكل العمومية‪.‬‬

‫وتتمثل هذه المؤسسات على سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬في وكاالت التنمية على‬
‫المستوى الجهوي‪ ،‬سواء ما يتعلق بالوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع وكذا وكاالت إنعاش‬
‫وتنمية عماالت وأقاليم الشمال‪ ،‬والجنوب‪ ،‬والشرق(الفرع األول)‪ ،‬وشركات التنمية المحلية‬
‫على مستوى الجماعات(الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع الأول‪ :‬وكالت التنمية الجهوية‪.‬‬


‫تعتبر وكاالت التنمية دعامة مهمة لتنفيذ مختلف السياسات على مستوى الجهات‬
‫والجماعات الترابية األخرى خاصة أمام الخصاص الذي تعاني منه هذه األخيرة‪ ،‬خاصة‬
‫فيما يتعلق بقلة مواردها المالية وندرة الكفاءات السياسية الترابية‪ ،‬واإلدارية‪ ،‬ومن خالل‬
‫هذا الفرع سنتطرق بالتحليل للوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع إلستخالص دورها في تحقيق‬
‫إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الجهوي(الفقرة االولى)‪ ،‬كما سنتطرق أيضا‬
‫لوكاالت التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية لعماالت وأقاليم الشمال‪ ،‬الجنوب‪ ،‬والشرق‪.‬‬
‫لدراسة أدوارها على إعتبارها آلية لتنفيذ السياسات العمومية(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫الفقرة الأولى‪ :‬الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع‪.‬‬
‫بمقتضى الفقرة األخيرة من الفصل األول من دستور ‪ 8100‬والتي نصت على أن‬
‫التنظيم الترابي للمملكة يقوم على الجهوية المتقدمة‪ ،‬وتنصيص الوثيقة الدستورية على‬
‫القانون التنظيمي للجماعات الترابية‪ ،‬حيث جاءت سنة ‪ 8101‬لتعزز الترسانة القانونية‬
‫المتعلقة بالجهوية بإصدار القانون التنظيمي رقم ‪ 000.01181‬المتعلق بالجهات‪ ،‬حيث‬
‫نصت المادة ‪ 082‬منه على إحداث الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع‪ ،‬وإعتبارها شخصا‬
‫معنويا خاضعا للقانون العام يتمتع باإلستقالل اإلداري والمالي‪ ،‬وحدد مقرها داخل الدائرة‬
‫الترابية للجهة حيث تخضع لوصاية مجلس الجهة من أجل إحترام أجهزتها ألحكام القانون‬
‫‪182‬‬
‫التنظيمي المؤطر لمهامها وإختصاصاتها‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بأجهزة الوكالة‪ ،‬فهذه األخيرة تتم إدارتها عن طريق لجنة اإلشراف‬
‫والمراقبة تحت رئاسة رئيس مجلس الجهة‪ ،‬وتتكون هذه اللجنة من عضوين من مكتب‬
‫مجلس الجهة يعينهما الرئيس‪ ،‬وعضو من فريق المعارضة يعينه مكتب مجلس الجهة‬
‫عالوة على رئيس لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة للجهة‪ ،‬باإلضافة إلى رئيس‬
‫لجنة التنمية اإلقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية للجهة‪ ،‬عالوة على رئيس لجنة‬
‫كما يحضر والي الجهة أو من يمثله دورات لجنة اإلشراف‬ ‫‪183‬‬
‫إعداد التراب للجهة‪.‬‬
‫والمراقبة لكن بصفة إستشارية إذ بوسعه أن يقدم توضيحات ومالحضات بشأن القضايا‬
‫المتداول في شأنها إما بمبادرة منه أو بطلب من الرئيس أو أعضاء اللجنة‪ 184.‬هذا إضافة‬
‫إلى أن المادة ‪ 032‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات‪ ،‬قد أحدثت منصب مدير‬
‫الوكالة الذي يعينه رئيس مجلس الجهة على أساس تعاقدي‪ ،‬يناط له تقديم الحساب‬

‫‪ -‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 0.01.23‬الصادر بتاريخ ‪ 9‬يوليوز ‪ 8101‬المنشور بالجريدة الرسمية‬ ‫‪181‬‬

‫عدد ‪ 6321‬الصادرة بتاريخ ‪ 83‬يوليوز ‪.8101‬‬


‫‪ -‬حسن صحيب‪ ،‬القانون اإلداري المغربي‪ ،‬التنظيم اإلداري‪ ،‬مكتبة المعرفة‪ ،8106 ،‬ص‪.821:‬‬ ‫‪182‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 038‬من القانون التنظيمي ‪ 000.01‬المتعلق بالجهات‪.‬‬ ‫‪183‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 036‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات‪.‬‬ ‫‪184‬‬

‫‪112‬‬
‫بإنتظام عن نتائج وحصيلة تدبيره للجنة اإلشراف والمراقبة‪ ،‬كما يتوفر على سلطات‬
‫وصالحيات تسيير الوكالة وتنفيذ ق اررات لجنة اإلشراف والمراقبة‪ ،‬ويمثل الوكالة أمام‬
‫المحاكم ويتولى الدفاع عن مصالحها‪.‬‬

‫الشك أن إستحداث الوكاالت الجهوية لتنفيذ المشاريع على مستوى الجهات‪ ،‬سيشكل‬
‫نقلة نوعية في التدبير العمومي الذي تنتظره تحديات كثيرة أهمها تنفيذ برامج التنمية‪ .‬وإذا‬
‫كان تحقيق هذه األهداف رهين بتوفر الموارد المالية والبشرية للسير قدما نحو تحقيق‬
‫تنمية مستدامة ومندمجة‪ ،‬فيمكن القول أن إحداث الوكاالت الجهوية لم ينطلق من فراغ‬
‫بل جاء على مسار تجربة طويلة لوكاالت كانت موجودة أصال ولعبت أدوا ار ال يستهان‬
‫بها على مستوى التنمية المجالية‪ ،‬وهذا ما سيجعلها تستفيد من تجربة الموارد البشرية‬
‫التي راكمت تجارب مهنية كبيرة ولها دراية واسعة بالمجال الجغرافي للجهات‪ ،‬وأخص‬
‫با لذكر هنا وكاالت التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية لعماالت وأقاليم الشمال‪ ،‬الجنوب‪،‬‬
‫والشرق‪ ،‬التي سنتطرق إليها في الفقرة الثانية‪.‬‬

‫أما على المستوى المالي‪ ،‬فإن الوكالة تستفيد بحكم القانون من مخصصات التسيير‬
‫واإلستثمار التي يرصدها لها مجلس الجهة من الموارد المتأتية من إستغالل وتدبير‬
‫ويتمثل دور الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع في تعزيز إلتقائية السياسات‬ ‫‪185‬‬
‫المشاريع‪.‬‬
‫العمومية على المستوى الجهوي من خالل تبسيط إجراءات التدبير والحد من التكاليف‬
‫اإلدارية التي كانت تعترض أصحاب المشاريع مما كان يؤدي لضياع الفرص التنموية‪،‬‬
‫هذا عالوة على القدرة التواصلية الكبيرة التي تتمتع بها وكاالت تنفيذ المشاريع مع مختلف‬
‫الفاعلين مما يعزز األدوار التنسيقية التي تقوم بها والتي تسعى لتكثيف جهود مختلف‬
‫األنشطة على مستوى الجهة‪ ،‬هذا فضال عن دورها اإلستباقي في إجراء دراسات لتحديد‬

‫‪ -‬صدوقي محمد‪ ،‬الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع‪ :‬الرهانات واإلكراهات‪ ،‬المجلة المغربية للقانون اإلداري‬ ‫‪185‬‬

‫والعلوم اإلدارية‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،8109 ،3-8‬ص‪.10-11:‬‬

‫‪113‬‬
‫الخيارات اإلست ارتيجية للجهة‪ ،‬ودعم الشركاء المعنيين مباشرة في تطويرها فضال عن‬
‫التنسيق مع الجهات الفاعلة لتحقيق خيارات التنمية الجهوية‪.‬‬

‫إن إعتماد الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع على مؤشرات النجاعة سيمكنها من وضع‬
‫أنظمة تحفيزية تمكن من تحقيق النجاعة والفعالية والمردودية الكبيرة على مستوى تنفيذها‬
‫للمشاريع‪ ،‬من خالل إعمالها للمقاربة الحديثة للتدبير‪ .‬إذ الشك أن إحداث الوكاالت‬
‫الجهوية لتنفيذ المشاريع على مستوى الجهات سيساهم المحالة في تكريس نموذج التدبير‬
‫العمومي الحديث‪ ،‬ويعزز القدرات التدبيرية والتنفيذية للجماعات الترابية من خالل إرساء‬
‫مبادئ النجاعة والفعالية والمرونة‪ ،‬وبالتالي تحقيق إلتقائية السياسات العمومية وضمان‬
‫تنفيذ البرامج والمشاريع التنموية على مستوى الجهة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬وكالت التنمية الإقتصادية والإجتماعية‪.‬‬


‫تعتبر وكاالت التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية فاعال في السياسات العمومية على‬
‫المستوى الترابي‪ ،‬فهي آلية من آليات تنفيذ السياسات اإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬وهي‬
‫موزعة على مستوى الشمال والجنوب والشرق وتتمثل هذه الوكاالت فيما يلي‪:‬‬
‫وكالة تنمية أقاليم الشمال‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إن اإلهتمام بتنمية أقاليم الشمال له داللة تتماشى مع التوجهات العامة للدولة‪ ،‬وهو‬
‫تعبير عن المكانة الحقيقية التي تحظى بها هذه األقاليم على المستوى الوطني‪ ،‬وعلى‬
‫الدور التنموي الذي ترسمه الحكومة للمنطقة بإعتبارها قطبا محوريا بين شمال المغرب‬
‫وجنوبه‪ .‬وتشكل هذه الوكالة أول تجربة تقوم بها المملكة فيما يخص وضع برامج للتنمية‬
‫الجهوية‪ ،‬وهكذا تم بمبادرة من الراحل الحسن الثاني إحداث هذه الوكالة كآلية جديدة‬
‫فهي مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية‬ ‫‪186‬‬
‫لتدبير السياسة االجتماعية‪،‬‬

‫‪ -‬أحمد الوحيدي‪ ،‬سياسة التنمية اإلجتماعية لوكالة اإلنعاش و التنمية اإلقتصادية و اإلجتماعية لعماالت و‬ ‫‪186‬‬

‫أقاليم شمال المغرب‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط‪،8118-8110 ،‬ص‪.13:‬‬

‫‪111‬‬
‫واإلستقالل المالي‪ ،‬وهي مؤسسة ذات طابع غير تجاري وتضطلع بإختصاصات تنموية‬
‫‪.‬‬ ‫‪187‬‬
‫متعددة داخل الحيز الجغرافي التابع لها حسب ما حدده المرسوم رقم ‪8.01.319‬‬
‫ويشمل مجال تدخل الوكالة‪ ،‬جهتان من جهات المملكة‪ ،‬هما جهة طنجة‪-‬تطوان‪ ،‬وجهة‬
‫تازة‪-‬الحسيمة‪-‬تاونات‪ .‬والمالحظ أن عمل الوكالة ال زال يخضع للتقسيم اإلداري السابق‬
‫للمملكة‪ ،‬وعدم تحيين مجال تدخلها مع التقسيم اإلداري الجديد لسنة ‪.8101‬‬
‫وتتحدد مهام الوكالة في تنمي ة أقاليم الشمال وتعزيز دينامية التنمية والترويج لهذه‬
‫األقاليم‪ ،‬فضال عن تعزيز اإللتقائية فيما يتعلق بالمشاريع والبرامج اإلقتصادية واإلجتماعية‬
‫المخصصة ألقاليم الشمال‪ ،‬وهكذا لعبت دور اإلتصال بين جميع الفاعلين العموميين‬
‫والخواص‪ ،‬عبر الشراكة التي تشجع النهج التشاركي وإشراك الدوائر الحكومية والسلطات‬
‫‪188‬‬
‫المحلية والمستثمرين من القطاع الخاص وهيئات المجتمع المدني والمانحين األجانب‪.‬‬
‫وكالة تنمية أقاليم الجنوب‬ ‫‪-‬‬
‫تم إنشائها إثر تفاقم اإلختالالت الجهوية وضرورة التخفيف من مظاهر التخلف‬
‫والتهميش الذي كانت تعاني منه أقاليم الجنوب وذلك بفعل تراكمات نتيجة فشل السياسات‬
‫التنموية بهذه المناطق‪ ،‬ونظ ار ألهمية الموقع اإلستراتيجي لمنطقة الجنوب جاء خطاب ‪6‬‬
‫مارس ‪ 8118‬ليعطي إنطالقة تنمية شاملة للمناطق الجنوبية وجعلها قطبا إستثماريا‪،‬‬
‫حيث أمر الملك محمد السادس بإحداث هذه الوكالة في إطار زيارته إلقليم العيون بتاريخ‬
‫‪ 81‬مارس ‪ .8118‬وتخضع الوكالة لنضام المؤسسة العمومية حيث تتمتع بالشخصية‬
‫المعنوية واإلستقالل المالي‪.‬‬

‫‪ -‬الصادر في ‪ 06‬من ذي القعدة ‪ 81( 0130‬أكتوبر ‪ )8101‬بتغيير نطاق تدخل وكالة اإلنعاش والتنمية‬ ‫‪187‬‬

‫االقتصادية واالجتماعية في عماالت وأقاليم الشمال بالمملكة الجريدة الرسمية عدد ‪.1222‬‬
‫‪ - 188‬محمد أصفريو‪ ،‬برامج و سياسات مكافحة الفقر بالمغرب (‪ ،)8101-0916‬رسالة لنيل الماستر في القانون‬
‫العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية‪ ،‬أكدال‪ -‬الرباط‪،8102-8109،‬‬
‫ص‪.008:‬‬

‫‪111‬‬
‫ولم يخرج نطاق عمل ومهام وكالة الجنوب عن مهام وكالة الشمال‪ ،‬إذ أنيط بها‬
‫السعي للحصول على وسائل التمويل الالزمة لتنفيذ البرامج والمشاريع والمساهمة في هذا‬
‫التمويل‪ ،‬عالوة على القيام بالنيابة عن الدولة والجماعات الترابية بتنفيذ البرامج واإلجراءات‬
‫اإلقتصادية واإلجتماعية المتكاملة المتصلة بالسياسات القطاعية من أجل تعزيز المناطق‬
‫المعنية وتنميتها اإلقتصادية واإلجتماعية‪.‬‬
‫إن المهام الموكولة لوكالة الجنوب‪ ،‬تهم تعزيز التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية عبر‬
‫قطاعات السكن والتهيئة الحضرية وقرى الصيد والصناعة السمكية‪ ،‬للرفع من القدرات‬
‫‪189‬‬
‫اإلقتصادية ألقاليم الجنوب‪.‬‬
‫وكالة تنمية أقاليم الشرق‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وعلى غرار وكالة تنمية أقاليم الشمال‪ ،‬ووكالة تنمية أقاليم الجنوب‪ .‬تم إحداث وكالة‬
‫إنعاش وتنمية عماالت وأقاليم الجهة الشرقية في ‪ 01‬فبراير‪ 8116‬كثالث مؤسسة ذات‬
‫خصوصيات تنموية مجالية جهوية بالمغرب‪ ،‬وتخضع كمثيالتها ألسلوب المؤسسة‬
‫العمومية‪ ،‬حيث تتمتع بالشخصية المعنوية واإلستقالل المالي‪ .‬وتتمثل مهام الوكالة في‬
‫تقديم الدعم والمساعدة للجهات الفاعلة لتنفيذ البرامج التنموية في المنطقة الشرقية التي‬
‫تمثل ‪ 0066‬بالمائة من التراب الوطني وكذا األعمال المتعلقة بإنجاز السياسات القطاعية‬
‫‪190‬‬
‫الرامية لإلنعاش والتنمية اإلقتصادية واإلجتماعية‪.‬‬
‫ويؤدي إنشاء الوكالة إلى تحقيق الهدف المتمثل في وضع الجهة في عملية تسريع تنميتها‬
‫اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية والبشرية‪ ،‬وتقديم إقتراحات بإحداث مناطق حرة‪ ،‬ومواكبة‬
‫وتتبع تنفيذ البرامج اإلقتصادية واإلجتماعية المتكاملة وكذا جميع األعمال المتعلقة بإنجاز‬
‫السياسات القطاعية الرامية إلى اإلنعاش والتنمية اإلقتصادية واإلجتماعية للمنطقة‬

‫‪ -‬الزروقي عدنان‪ ،‬السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية‪،‬‬ ‫‪189‬‬

‫مرجع سابق‪.030 ،‬‬


‫‪ -‬محمد أصفريو‪ ،‬برامج و سياسات مكافحة الفقر بالمغرب (‪ ،)8101-0916‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.006:‬‬ ‫‪190‬‬

‫‪111‬‬
‫المعنية‪ ،‬عالوة على إعداد إستراتيجية مناسبة للتواصل ومتابعة تنفيذها بغية تحسين صورة‬
‫‪191‬‬
‫المنطقة وتعزيز جاذبيتها‪.‬‬
‫تناط بهذه الوكاالت التنموية الثالث‪ ،‬دراسة وإقتراح برامج إقتصادية وإجتماعية‬
‫متكاملة مبنية على إستراتيجية عامة تهدف إلى تحقيق اإلنعاش اإلقتصادي واإلجتماعي‬
‫في المنطقة المعنية‪ ،‬عالوة على البحث عن الوسائل التمويلية الالزمة لتنفيذ البرامج‬
‫والمشاريع‪ ،‬كما تقوم لحساب الدولة بتتبع تنفيذ البرامج اإلقتصادية واإلجتماعية المتكاملة‬
‫واألعمال المتعلقة بتحقيق السياسات القطاعية لإلنعاش والتنمية اإلقتصادية واإلجتماعية‬
‫في المنطقة المعنية‪ ،‬عالوة على إنعاش الشغل وتشجيع المبادرة الحرة‪ ،‬ويجوز لهذه‬
‫الوكاالت أن تساهم لوحدها أو في إطار الشراكة‪ ،‬وضمن حدود الوسائل المالية المتوفرة‬
‫لديها‪ ،‬في تهيئة وتجهيز المناطق المعنية التي تدخل ضمن حيزها الترابي إما بطلب من‬
‫الحكومة أو من الجماعات الترابية وهيئاتها الداخلية في حدود النطاق الترابي لها‬
‫ولحسابها‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بموقع وكاالت التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية من تحقيق إلتقائية‬
‫السياسات العمومية الترابية‪ ،‬فعلى الرغم من إعتبارها مدعمة إللتقائية السياسات العمومية‬
‫ودعامة مؤسساتية هامة في فترة زمنية سابقة على إحداث الجهوية المتقدمة‪ ،‬من خالل‬
‫تنفيذها للسياسات والبرامج والمشاريع على المستوى الترابي‪ ،‬بمؤهالتها وخبراتها الطويلة‬
‫في هذا المجال‪ ،‬وأطرها التي راكمت تجربة تشهد لها المشاريع التي قامت بها‪ ،‬إال أنه‬
‫بإمكاننا أن نؤكد على أن تواجد هذه الوكاالت في الوقت الراهن‪ ،‬والمهام التي تقوم بها‬
‫إلى جانب باقي الفاعلين الترابيين‪ ،‬تطرح مجموعة كبيرة من األسئلة حول مدى جدواها‬
‫في تفعيل وتنفيذ السياسات العمومية على المستوى الترابي‪ ،‬وما يمكن تسجيله هنا هو‬
‫كون هذه الوكاالت‪ ،‬رغم أهمية األدوار التي تقوم بها‪ ،‬إال أنها وعلى المستوى المؤسساتي‬

‫‪ -‬محمد أصفريو‪ ،‬نفس المرجع أعاله‪ ،‬ص‪.009:‬‬ ‫‪191‬‬

‫‪112‬‬
‫‪192‬‬
‫كرست لواقع التجزيئية الذي يميز السياسات العمومية في مقاربتها للمسألة الترابية‪،‬‬
‫وذلك من خالل إعتبارات عديدة نذكر من أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬أن هذه الوكاالت تغطي جزءا فقط من المجال الترابي الوطني‪ ،‬صحيح أن لهذه‬
‫المناطق خصوصياتها الجغرافية والترابية التي إستلزمت تواجد هذه الوكاالت في‬
‫مرحلة كانت سابقة على تبني المغرب للجهوية المتقدمة‪ ،‬لكن الواقع الحالي‬
‫يبرز أن هناك مناطق هي أيضا تمتاز بخصوصيات ترابية جد معقدة لكن ومع‬
‫ذلك ال تستفيد مثل مثيالتها من التواجد المؤسساتي لهذه الوكاالت‪ ،‬مما يؤكد‬
‫فشل هذه المقاربة المؤسساتية في تحقيق التوازن والعدالة بين جميع مناطق‬
‫المملكة‪ ،‬واألدهى من ذلك هو عدم وجود معنى لبقائها في ظل وجود مؤسسات‬
‫أخرى تعمل بالموازاة معها وتشترك معها في نفس الصالحيات والوظائف مما‬
‫قد يؤدي إلى التداخل في اإلختصاصات‪ ،‬سواء مع الوكاالت الجهوية لتنفيذ‬
‫المشاريع أو مع الجماعات الترابية التي نجدها تتقاطع في اإلختصاصات مع‬
‫هذه الوكاالت‪ ،193‬لذلك نرى أنه كان من األجدر على صانعي القرار السياسي‬
‫العمل على إلغاء هذه الوكاالت الثالث‪ ،‬وإدماج خبراتها وميزانيتها المالية وأطرها‬
‫اإلدارية التي راكمت خبرة طويلة‪ ،‬ووسائلها المادية واللوجستيكية لتستفيد منها‬
‫الوكاالت الجهوية لتنفيذ المشاريع من أجل دعم أفضل لدورها في تحقيق إلتقائية‬
‫السياسات العمومية الترابية‪.‬‬

‫‪ -‬الزروقي عدنان‪ ،‬السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة والجماعات الترابية‪،‬‬ ‫‪192‬‬

‫مرجع سابق ‪.082 ،‬‬


‫‪ -‬أنامنا ليلى‪ ،‬الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع على ضوء القانون التنظيمي للجهة‪ ،000.01‬رسالة لنيل دبلوم‬ ‫‪193‬‬

‫الماستر في القانون العام‪ ،‬ماستر القانون العام الداخلي وتنظيم الجماعات الترابية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬مراكش‪ ،‬السنة الدراسية ‪ ،8109-8106‬ص‪.92:‬‬

‫‪118‬‬
‫‪ -‬أن هذه المؤسسات لم يتم إحداثها لتحل محل مؤسسات أخرى‪ ،‬بل على العكس‬
‫من ذلك جاءت لتنضاف إلى العدد الكبير من المؤسسات التي تقوم بتدبير‬
‫المجاالت الترابية‪ ،‬خاصة وأن المتأمل في النصوص القانونية المنظمة‬
‫إلختصاصاتها ومهامها‪ ،‬البد وأن يالحظ أن المشرع لم يستطع أن يمكنها من‬
‫تموقع مؤسساتي واضح‪ ،‬خاصة في عالقتها بالسلطات المحلية والمصالح‬
‫الالممركزة والجماعات الترابية‪ ،‬الشيء الذي يزيد من تعقيد إتخاذ القرار ووضع‬
‫وتنفيذ السياسات العمومية على المستوى الترابي‪ .‬كما أن هذه المؤسسات أحدثت‬
‫في مراحل تاريخية مختلفة‪ ،‬وجاءت للجواب على أسئلة ترابية مختلفة عن التي‬
‫نعيشها اليوم في ظل رهان سياسة الالمركزية والالتمركز اإلداري‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬شركات التنمية المحلية كآلية مؤسساتية لتحقيق الإلتقائية‪.‬‬


‫سنتطرق في هذا الفرع لشركات التنمية المحلية والتي يتم إحداثها على مستوى الجماعات‬
‫في إطار الشراكة العمومية الخاصة على المستوى الترابي‪ ،‬ونتطرق لدواعي ومزايا إحداثها‬
‫ولقواعد تأسيسها(الفقرة االولى)‪ ،‬كما سنتطرق لدورها كدعامة تساهم في تحقيق إلتقائية‬
‫السياسات العمومية الترابية من خالل تدعيمها لموارد الجماعة وسعيها نحو عصرنة‬
‫التدبير العمومي الترابي(الفقرة الثانية)‬
‫الفقرة الأولى‪ :‬دواعي وقواعد التآأسيس‪.‬‬
‫تقترب شركات التنمية المحلية من مفهوم اإلقتصاد المختلط من حيث كون أغلبية‬
‫رأسمالها يجب أن يكون مملوكا للقطاع العام‪ ،‬غير أنها تختلف عنها من حيث وجود‬
‫الشخص الخاص في شركة التنمية المحلية وهو وجود إحتمالي غير وجوبي‪ ،‬وبالتالي‬
‫فشركات التنمية المحلية تمنح إمكانية قيام الجماعات الترابية ومجموعاتها بإحداث شركات‬
‫مساهمة تشترك فيها رساميل األشخاص اإلعتبارية الخاضعة للقانون العام أو الخاص‪،‬‬
‫وينحصر غرضها في حدود األنشطة الصناعية والتجارية التي تدخل في إختصاصات‬

‫‪118‬‬
‫الجماعة ومجموعاتها ومجموعة الجماعات الترابية بإستثناء الملك الخاص الجماعي‪ ،‬كما‬
‫ال يجوز إحداثها أو حلها أو الزيادة في رأسمالها أو تخفيضه إال بتأشير من السلطة‬
‫‪194‬‬
‫الحكومية المكلفة بالداخلية‪.‬‬
‫إن من دواعي تأسيس شركات التنمية المحلية‪ ،‬يتجلى في تنمية التعاون بين‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬فبالرغم من كون هذه األخيرة بمقدورها التأسيس لمجموعة الجماعات‬
‫الترابية بمقتضى المادة ‪ 010‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات‪ ،‬إال أنه من‬
‫الممكن أن تقوم بالتعاون ف ي إطار شركات للتنمية المحلية‪ ،‬والتي تتخذ شكل شركة‬
‫مساهمة‪ ،‬وهي بالتالي تستفيد مبدئيا من مرونة القانون التجاري مما يسمح للجماعات‬
‫الترابية تدبير الشأن العام الترابي بمنطق وآليات المقاولة الخاصة‪ ،‬مما يجعلها آلية قانونية‬
‫لتنمية التعاون الالمركزي الداخلي بين الجماعات الترابية المنتمية للجهة‪ ،‬ويمكنها من‬
‫إنجاز تجهيزات ومشاريع ذات فائدة مشتركة بين الجماعات التي يصعب عليها القيام‬
‫بذلك منفردة‪ ،‬وبالتالي يمكن لنا أن نعتبرها في هذا اإلطار‪ ،‬دعامة مؤسساتية لتحقيق‬
‫إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪ ،‬من خالل إتحاد وإلتقاء أكثر من جماعة ترابية في‬
‫مشاريع تنموية مشتركة‪ ،‬مما يسمح بإستغالل الفرص التنموية وتثمين الجهود والطاقات‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أيضا إلى أنه ال يوجد ما يمنع قانونا من أن تساهم جماعة ترابية أجنبية‬
‫في رأسمال شركات التنمية المحلية مما سيمكن الجماعات الترابية ومجموعاتها من إيجاد‬
‫تمويالت جديدة لمشاريع وبرامج التنمية الترابية‪ ،‬واإلستفادة من خبرات وتجارب الجماعات‬
‫‪195‬‬
‫الترابية األجنبية‪.‬‬

‫‪ - 194‬حيضرة عبد الكريم‪ ،‬المختصر في التنظيم اإلداري المغربي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،8102 ،‬‬
‫ص‪.091-091 :‬‬
‫‪ -‬كامل علي‪ ،‬شركات التنمية المحلية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬ماستر القانون العام‬ ‫‪195‬‬

‫الداخلي وتنظيم الجماعات الترابية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬مراكش‪،‬‬
‫السنة الدراسية ‪ ،8109-8102‬ص‪.81-09:‬‬

‫‪121‬‬
‫كما أنه من دواعي تأسيس شركات التنمية المحلية أيضا‪ ،‬تعميق الشراكة مع باقي‬
‫الفاعلين في التنمية الترابية خاصة من القطاع الخاص‪ ،‬في إطار الشراكة العمومية‬
‫الخاصة والتي تفيد جميع أشكال التعاون بين السلطات العمومية من جهة والمقاوالت‬
‫الخاصة من جهة أخرى‪ ،‬فهي إستراتيجية عمل تتجسد قانونيا عبر مجموعة من اآلليات‪،‬‬
‫لعل من أهمها شركات التنمية المحلية بإعتبارها تمكن من تفعيل الشراكة العمومية الخاصة‬
‫‪196‬‬
‫على المستوى الترابي‪.‬‬
‫إن اللجوء إلى الشراكة بين القطاع العام والخاص في إطار شركات التنمية المحلية‪،‬‬
‫راجع باألساس لمجموعة من المتغيرات‪ ،‬فتوسيع ميكانيزمات الممارسة الديمقراطية على‬
‫المستوى الترابي باتت تستلزم إيجاد منطلق جديد للتنمية الترابية قائم على أساس الشراكة‬
‫مع المقاولة الخاصة‪ ،‬ال على التدبير اإلنفرادي األحادي الذي يعرقل التنمية الترابية‪،197‬‬
‫ويؤدي لتضييع الجهد والوقت والمال في دراسات وبرامج ومشاريع يصعب تنفيذها بإعتماد‬
‫المقاربة اإلنفرادية األحادية للجماعات الترابية‪ ،‬بل األمر يستلزم من أجل ضمان اإللتقائية‬
‫في التدخ الت‪ ،‬ومن أجل اإلستجابة لمطالب الساكنة وتنفيذ البرامج والمخططات‪ ،‬وحل‬
‫المشاكل العمومية الترابية‪ ،‬إعتماد نمط شركات التنمية المحلية‪ ،‬خاصة بعد الصعوبات‬
‫التي إعترضت تجربة التدبير المفوض التي شابتها أعطاب وإختالالت تدبيرية عديدة‪،‬‬
‫مما يجعلنا نعتبر شركات التنمية المحلية نموذجا بديال للتدبير العمومي الترابي القائم‬
‫على الشراكة بين الجماعات الترابية والقطاع الخاص‪ ،‬فبإعتماد هذا األسلوب يمكن تسيير‬
‫العديد من المرافق وإنجاز العديد من المشاريع عبر اإلستفادة من تمويل خاص للمشاريع‬
‫التنموية‪.‬‬

‫‪ -‬اليعكوبي محمد‪'' ،‬مفهوم الشراكة''‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،018‬يناير‪-‬فبراير‬ ‫‪196‬‬

‫‪ ،8108‬ص‪.16:‬‬
‫‪ -‬عدنان رشيد‪'' ،‬الشراكة العمومية الخاصة‪ ،‬براديغم جديد للحكامة التشاركية''‪ ،‬سلسلة الالمركزية واإلدارة‬ ‫‪197‬‬

‫الترابية‪ ،‬مطبعة طوب بريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬العدد‪ ،8103 ،81‬ص‪.002:‬‬

‫‪121‬‬
‫إشترط في الشريك الخاص أن يكون شخصا‬ ‫‪198‬‬
‫وتجدر اإلشارة هنا أن المشرع المغربي‬
‫معنويا‪ ،‬خالفا للمشرع الفرنسي الذي لم يحدد الطبيعة القانونية للشريك الخاص‪ ،‬وبالتالي‬
‫فالمشرع الفرنسي أخد بالمفهوم الواسع ليشمل األشخاص الطبيعية أيضا‪ ،199‬لذلك نرى‬
‫أنه من الالزم على المشرع المغربي األخذ بهذا التوجه من أجل تدعيم هذه اآللية‬
‫المؤسساتية‪ ،‬من أجل إستهداف القطاع الخاص والمستثمرين الخواص من األشخاص‬
‫الطبيعيين للمساهمة في التنمية الترابية‪ ،‬عبر شركات التنمية المحلية لإلستفادة من خبرات‬
‫المستثمرين الخواص وتدبيرهم المقاوالتي‪ ،‬من أجل التنزيل السليم والفعال للسياسات‬
‫العمومي ة الترابية وتحقيق اإللتقائية بين البرامج التنموية والمشاريع المبرمجة في برامج‬
‫عمل الجماعة‪ ،‬مع األهداف المرجوة منها‪ ،‬دون إهدار للفرص التنموية وإستنزاف ميزانية‬
‫الجماعات التي تعاني من قلة الموارد المالية المعرقلة للتنمية الترابية‪ ،‬مما سيمكن‬
‫الجماعات الترابية من تأكيد إختياراتها والقيام بمشاريع تنموية تفوق أهميتها إمكاناتها‬
‫المالية والتقنية‪ ،‬إذ مهما كان التدبير محكما للجماعة الترابية فإنه في ظل غياب شركاء‬
‫أقوياء على المستوى المالي‪ ،‬ال يمكنها بلورة تنمية ترابية متينة ومستدامة‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بقواعد تأسيس شركات التنمية المحلية‪ ،‬فتجدر اإلشارة إلى أن تأسيسها‬
‫يخضع لقواعد القانون الخاص المرتبطة بتأسيس شركة المساهمة‪ ،‬كما أنها أيضا تخضع‬
‫لقواعد القانون العام وذلك رغبة من المشرع في ضمان تحكم أفضل للجماعات الترابية‬
‫ومجموعاتها في هذا النمط من الشركات‪.‬‬
‫‪ -‬فيما يتعلق بقواعد التأسيس المستمدة من القطاع الخاص‪ :‬فمبدئيا يخضع إحداث‬
‫وبالتالي فهي‬ ‫‪200‬‬
‫''شركات التنمية المحلية'' لقواعد قانون شركات المساهمة‬

‫‪ -‬المادة ‪ 031‬من القانون التنظيمي ‪ 003.01‬المتعلق بالجماعات‪.‬‬ ‫‪198‬‬

‫‪ -‬سالمي يونس‪'' ،‬الشراكة قطاع عام‪ ،‬قطاع خاص‪ ،‬التوجه المغربي في ضوء التجارب المقارنة''‪ ،‬السلسلة‬ ‫‪199‬‬

‫المغربية لبحوث اإلدارة واإلقتصاد والمال‪ ،‬مطبعة طوب بريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬العدد ‪ ،8100 ،1‬ص‪.09 :‬‬
‫‪-‬القانون ‪ 09.91‬المتعلق بشركات المساهمة‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف ‪ 0.96.081‬بتاريخ ‪ 01‬ربيع‬ ‫‪200‬‬

‫الثاني ‪31(0109‬غشت‪ ،)0996‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 1188‬بتاريخ ‪ 09‬أكتوبر ‪ ،0996‬ص‪.8331:‬‬

‫‪122‬‬
‫تخضع إلجراءات نصت عليها المادة ‪ 09‬من هذا القانون‪ ،‬ويتعلق األمر بالتوقيع‬
‫على النظام األساسي من طرف جميع المساهمين‪ ،‬كما يتم تحرير كل سهم‬
‫نق دي بربع قيمته اإلسمية على األقل‪ ،‬وتحويل الحصص العينية بعد تقييمها‪،‬‬
‫والقيام بإجراءات الشهر المنصوص عليها في المادة ‪ 31‬من هذا القانون‪ .‬لكن‬
‫اإلشكال الممكن تسجيله‪ ،‬يتعلق بإشكالية الحد األدنى من المساهمين إذ أن‬
‫قانون شركات المساهمة قد حدد ذلك في خمسة مساهمين على األقل في حين‬
‫أن تأسيس شركات التنمية المحلية يكون في الواقع بين جماعة ترابية وشركة‬
‫خاصة‪ ،‬لذلك يستلزم األمر إقحام ثالث مساهمين إضافيين لتكملة العدد‪،201‬‬
‫لذلك وحسب رأينا‪ ،‬كان األجدر على المشرع إيجاد قواعد خاصة بشركات التنمية‬
‫المحلية تستثنيها من هذا الشرط المعمول به في شركات المساهمة‪ ،‬وبالتالي‬
‫أصبح من المفروض إصدار قانون خاص متعلق بشركات التنمية المحلية‪ ،‬سي ار‬
‫على النهج الذي إتبعه المشرع الفرنسي الذي أصدر قانون منظم للشركات‬
‫العمومية المحلية وجعل الحد األدنى في مساهمين شريكين فقط‪.‬‬
‫كما يخضع تأسيس شركات التنمية المحلية لحرية التعاقد في إطار ميثاق‬
‫المساهمين المقتبس من أساليب القطاع الخاص إذ يعمد كل مساهم على ضمان‬
‫مصالحه الخاصة داخل الشركة باإلعتماد على الحرية التعاقدية‪ ،‬والذي يعتبر‬
‫عقدا مبرما بين الجماعة الترابية وشركائها من المساهمين‪ ،‬وتتجلى وظيفته‬
‫األساسية في ضمان نوع من االستقرار داخل الشركة على مستوى توزيع الرأسمال‬
‫والسلط بين المساهمين‪ ،‬وبالتالي فالجماعة الترابية من خالل الميثاق تستفيد من‬
‫مجموعة من البنود التي تسهل عليها الهيمنة على شركة التنمية المحلية فيما‬
‫يتعلق بالتسيير والرأسمال بهدف توجيه ق ارراتها نحو خدمة الصالح العام‪.‬‬

‫‪ -‬كامل علي‪ ،‬شركات التنمية المحلية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.89:‬‬ ‫‪201‬‬

‫‪123‬‬
‫‪ -‬فيما يتعلق بقواعد التأسيس المستمدة من القانون العام‪ :‬إن هاجس التحكم في‬
‫شركات التنمية المحلية إقتضى إيجاد قواعد خاصة لتأسيسها مستمدة من القانون‬
‫التنظيمي المتعلق بالجماعات‪ ،‬والتي تشكل إستثناء من المقتضيات العامة لقانون‬
‫شركات المساهمة‪ ،‬إذ يقتضي تأسيس شركات التنمية المحلية مداولة قبلية‬
‫للمجلس التداولي للجماعة الترابية أو مجموعاتها من أجل البت في شأن إحداثها‪،‬‬
‫فالجماعات الترابية أصبح بإمكانها إنشاء وإحداث شركات التنمية المحلية بمبادرة‬
‫منها عكس ما كان عليه األمر في إطار شركات االقتصاد المختلط‪ ،202‬حيث‬
‫كانت صالحية الجماعة ال تتعدى المساهمة في المقاوالت ذات االقتصاد‬
‫المختلط‪ .‬كما يجب التأكيد أيضا أن تأسيس شركات التنمية المحلية يرتبط أساسا‬
‫بظهور الحاجة لمرفق عام محلي‪ ،‬وبالتالي يجب على المجالس المنتخبة التقرير‬
‫بموضوعية في م ا إذا كان هناك وجود فعلي لهذه الحاجة المرفقية‪ ،‬وفق منهج‬
‫تشاركي وذلك بالتشاور مع الفاعلين المحليين‪.‬‬
‫كما يجب أن تستند الجماعات الترابية في إحداث شركات التنمية المحلية‬
‫على الواقعية االقتصادية القائمة على خطة عمل قبلية تراعى فيها المعايير‬
‫االقتصادية‪ ،‬ألن هاجس تحقيق الربح يجب أن يكون حاض ار في هذا الصنف‬
‫من الشركات بحكم تواجد مساهمين من القطاع الخاص‪ ،‬لكن في إطار التوازن‬
‫بين المصلحة العامة وغاية تحقيق الربح‪ ،‬إذ ال يجب اإلقتصار على هذه األخيرة‬
‫فقط ألن ذلك يتنافى مع وظيفة الجماعات الترابية كشخص عمومي يهدف‬
‫‪203‬‬
‫لتحقيق التنمية في أبعادها المختلفة‪.‬‬

‫‪ -‬الشاوي عبد الغني‪'' ،‬دور المجلس الجماعي في التنمية االقتصادية واإلجتماعية من خالل المادة ‪ 36‬من‬ ‫‪202‬‬

‫مشروع قانون ‪ ،''09.12‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،21-21‬يناير أبريل ‪ ،8119‬ص‪.021:‬‬
‫‪ -‬أجعون أحمد‪'' ،‬شركات التنمية المحلية''‪ ،‬المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬العدد‪،8102 ،1‬‬ ‫‪203‬‬

‫ص‪018:‬‬

‫‪121‬‬
‫فيما يتعلق برأسمال الشركة‪ ،‬فقد أكد القانون التنظيمي للجماعات على أنه ال‬ ‫‪-‬‬
‫يجب أن تقل مساهمة الجماعة الترابية أو مجموعاتها في رأسمال الشركة عن‬
‫نسبة ‪ 31‬بالمائة على أن يكون في جميع األحوال أغلبية رأسمال الشركة في‬
‫ملك أشخاص معنوية خاضعة للقانون العام‪ ،‬وهذا ما قد يفرغ الشركة من محتواها‬
‫ومن طابعها المحلي‪ ،‬إذ أن الشخص المعنوي العام سيكون مساهما بنسبة ‪66‬‬
‫بالمائة‪ ،‬وبالرجوع إلى التجربة الفرنسية نستنتج أن المشرع الفرنسي كان أكثر‬
‫دقة وحكمة‪ ،‬بدليل أنه إشترط أن يكون أغلبية رأسمال الشركة في ملك الجماعات‬
‫الترابية أو مجموعات ها الشيء الذي يسمح لهذه األخيرة بالتحكم في الشركة‬
‫لكننا نرى أن المشرع المغربي ربما بتحديده لنسبة ‪31‬‬ ‫‪204‬‬
‫وتوجيهها ومراقبتها‪،‬‬
‫بالمائة قد حاول التوفيق بين محدودية الموارد المالية للجماعات الترابية وضرورة‬
‫إحداث أو المساهمة في رأسمال شركات التنمية المحلية تحقيقا للتنمية الترابية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬دور شركات التنمية المحلية في تحقيق الإلتقائية‪.‬‬
‫تعتبر شركات التنمية المحلية من أهم الميكانيزمات التي تعتمد عليها الجماعات‬
‫الترابية في تنمية إستثماراتها وتدخالتها االقتصادية‪ ،‬من خالل إشراك الرساميل الخاصة‬
‫في التنمية الترابية وإنجاز المشاريع التنموية التي تتطلب رساميل ضخمة يصعب على‬
‫الجماعة توفيرها بمفردها‪ ،‬هذا فضال عن مساهمتها في خلق الثروة وتنشيط االقتصاد‬
‫وإحداث مناصب الشغل والتأثير في السياسات اإلجتماعية على المستوى الترابي‪ ،‬وبالتالي‬
‫فهي وسيلة لتنزيل السياسات العمومية الترابية‪ ،‬ودعامة هامة لضمان إلتقائيتها‬
‫وإندماجيتها‪ ،‬إذ أن إحداثها يمكن الجماعات الترابية من إستغالل الفرص التنموية والحيلولة‬
‫دون إستنزاف الميزانية الجماعية في مقابل تدعيم مواردها المالية والتوجه نحو عصرنة‬

‫‪ - 204‬شويكر سعيدة‪ ،‬الشراكة المؤسساتية ورهان التنمية‪ ،‬نموذج شركات التنمية المحلية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‬
‫في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬طنجة‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ ،8100-8101‬ص‪.91 :‬‬

‫‪121‬‬
‫التدبير العمومي الترابي في إطار الجماعة المقاوالتية‪ ،‬وبناء عليه‪ ،‬سنحاول إبراز دور‬
‫شركات التنمية المحلية في تدعيم إلتقائية السياسات العمومية من خالل النقطتين التاليتين‪:‬‬
‫أوال‪ :‬على مستوى تدعيمها للموارد المالية للجماعات الترابية‪.‬‬
‫إن نجاح الالمركزية ال يتوقف فقط على حجم اإلختصاصات الممنوحة للجماعات‬
‫الترابية والمسؤولية التي أنيطت بها‪ ،‬بل يتوقف على نطاق الوسائل المادية المرصودة‬
‫لها‪ ،‬على إعتبار الموارد المالية والتقنية والبشرية تعد ركيزة أساسية لنجاح مسلسل‬
‫الالمركزية وفي نفس الوقت دعامة أساسية للتنزيل السليم وإللتقائية السياسات العمومية‬
‫الترابية‪ ،‬إذ يشكل الجانب المالي أحد أسس اإلدارة الترابية إلقترانه باألهداف السياسية‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬وبالتالي فتوفر الجماعات الترابية على موارد ذاتية مهمة يشكل‬
‫دعامة أساسية لتحقيق التنمية الترابية والرفع من تنافسيتها االقتصادية‪ 205،‬لكن ولألسف‪،‬‬
‫تعرف الجماعات الترابية عدة عوائق تتعلق بالموارد الذاتية والناتجة عن قصور النظام‬
‫الجبائي ومحدودية النصوص القانونية والموضوعية التي تقلص من إمكانية لجوئها إلى‬
‫المصادر الخارجية للتمويل مما يعرقل مطمح تحقيق اإللتقائية بين البرامج والمشاريع‪،‬‬
‫وبين إمكانية تنفيذها والحيلولة دون تعثرها‪.‬‬
‫وللتخفيف من حدة هذا الوضع تساهم شركات التنمية المحلية من خالل اإلستثمارات‬
‫العامة التي تضخها على مستوى الجماعات في إستعادة الجماعات الترابية لحركيتها‬
‫وحيويتها‪ ،‬وفي بلورتها وتنفيذها لبرامجها ومشاريعها‪ ،‬من خالل اإلمكانيات التمويلية‬
‫المهمة التي يتوفر عليها القطاع الخاص‪ ،‬وبالتالي فإحداث مثل هذه الشركات على‬
‫مستوى الجماعات الترابية يسمح بإنشاء ومواصلة التنمية واإلستجابة لمطالب المواطنين‬
‫وتعزيز المرافق والخدمات العمومية التي يصعب تمويلها من طرف الميزانيات‬
‫الجماعية‪ 206،‬فهي تحقق األهداف التي تمت برمجتها في برامج عمل الجماعات وبالتالي‬

‫‪ -‬حيمود محمد‪ ،‬مالية الجماعات الترابية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪،8109 ،‬‬ ‫‪205‬‬

‫ص‪.13-18 :‬‬
‫‪ -‬كامل علي‪ ،‬شركات التنمية المحلية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.90 :‬‬ ‫‪206‬‬

‫‪121‬‬
‫ضمان تحقيق إلتقائية البرامج والمخططات مع المطالب والمشاكل العمومية‪ ،‬وذلك عبر‬
‫تمويلها وأجرأتها للبدائل المطروحة من قبل الجماعات والتي تصب في مرمى تحقيق‬
‫التنمية الترابية في أبعادها المختلفة‪ ،‬وبالتالي فشركات التنمية المحلية تساهم في تدعيم‬
‫الميزانية المحلية بما تدره هذه الشركات من أرباح تساعد على الرقي بالجماعات الترابية‬
‫من وحدا ت إدارية إلى أحد المساهمين المباشرين في خلق الثروة وتنمية الموارد المالية‪.‬‬
‫إن التدبير بواسطة شركات التنمية المحلية حسب وجهة نظرنا‪ ،‬ال يقف عند هذا‬
‫الحد المتعلق بالفوائد والمزايا المالية‪ ،‬بل يتعداه إلى تحقيق مزايا إقتصادية وإجتماعية‬
‫نتيجة ما يخلفه هذا التدبير من جو للمنافسة الذي ينعكس إيجابا على الميدان اإلجتماعي‬
‫من خالل تقليص األزمة االجتماعية المرتبطة بالبطالة من خالل عمل هذه الشركات‬
‫عالوة على دورها في تحسين‬ ‫‪207‬‬
‫على توفير فرص عمل تتالءم ومختلف المستويات‪،‬‬
‫الشروط اإلجتماعية على المستوى الترابي والتخفيف من العبئ المالي للجماعات الترابية‪،‬‬
‫وتحرير طاقاتها وتوجيهها نحو خلق األنشطة المدرة للدخل للحد من الهشاشة اإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية‪ ،‬هذا فضال عن إكتساب الموارد البشرية للجماعات الترابية الخبرة المالية‬
‫والفنية والتدبيرية التي تقدمها شركات التنمية المحلية‪ ،‬مما يؤدي للرفع من مستوى التسيير‬
‫والتدبير المؤسساتي ويجعلها قادرة على إعداد برامج تنموية ومشاريع إقتصادية وإجتماعية‬
‫معقلنة وناجعة وقادرة على اإلستجابة لحاجيات ومتطلبات الجماعة‪ ،‬وبالتالي فشركات‬
‫التنمية المحلية تلعب دور حلقة الوصل والربط‪ ،‬ونقطة تقاطع بين المزايا التمويلية‬
‫والتدبيرية والتخطيط والتنفيذ والرفع من كفاءة النخب السياسية واإلدارية على مستوى‬
‫الجماعات‪ ،‬وهي المقومات المطلوبة للجماعات الترابية لتحقيق إلتقائية السياسات‬
‫العمومية على المستوى الترابي‪.‬‬

‫‪ -‬شويكر سعيدة‪ ،‬الشراكة المؤسساتية ورهان التنمية‪ ،‬نموذج شركات التنمية المحلية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪:‬‬ ‫‪207‬‬

‫‪.002‬‬

‫‪122‬‬
‫ثانيا‪ :‬على مستوى عصرنة التدبير العمومي الترابي‪.‬‬
‫لقد أصبحت الجماعات الترابية مطالبة بتحقيق التنمية وتدعيم اإلقتصاد الترابي‬
‫لمواجهة اإل كراهات التي تقف في طريقها‪ ،‬بفعل تزايد المطالب الشعبية يوما بعد يوم‪ ،‬مما‬
‫يفرض عليها السعي لتجديد طرق تدبيرها واإلعتماد على تقنيات وأساليب جديدة أثبتت‬
‫الممارسة نجاعتها في تدبير القطاع الخاص‪ ،‬وبالتالي السعي نحو خلق الشروط الضرورية‬
‫إلعادة تأهيل الجماعات الت اربية وإخضاعها آلليات المقاولة أو ما يطلق عليه التدبير‬
‫العمومي المقاوالتي‪ ،‬القائم على تبني األساليب اإلدارية الحديثة التي سادت في القطاع‬
‫الخاص والتي شكلت بالنسبة لهذا األخير نقطة تحول كبيرة نحو اإلزدهار والتقدم‪ ،‬وحققت‬
‫‪208‬‬
‫بفعله تطورات مهمة على المستوى الكمي والكيفي‪.‬‬
‫وتتعدد التجارب الدولية التي تبنت التدبير العمومي الجديد كدعامة لتطوير اإلدارة‬
‫الالمركزية‪ ،‬إذ نجد تركيا ونيوزيالندا من الدول التي نجحت في تطبيقه مما ساعدها في‬
‫تحقيق المردودية والفعالية في تنزيل السياسات العامة والرفع من قدرة القائمين على الشأن‬
‫العام الالمركزي بفعل اإلستفادة من التراكم التدبيري والتسييري الذي تم إقتباسه من القطاع‬
‫‪209‬‬
‫الخاص‬
‫إن تحقيق وظيفة التنمية االقتصادية تبقى رهينة بتحديث آليات التدبير العمومي‪،‬‬
‫وجعلها منسجمة مع تلك المتواجدة بمقاوالت القطاع الخاص‪ ،‬وبالتالي التوجه نحو نهج‬
‫التدبير العمومي المقاوالتي‪ ،‬الذي يتأسس على معايير فعالية األنشطة واإلعتماد باألسبقية‬
‫على النتائج بدل الوسائل‪ ،‬وعلى منطق الفعالية والمرونة‪ ،‬والتحفيز على اإلنجاز والفعل‬
‫العمومي‪ ،‬واإلعتماد على مراقبة النتائج المحققة مقارنة باألهداف المسطرة‪ ،‬بدل اإلعتماد‬

‫‪208‬‬
‫‪- NOUSRIA Mohamed, les contraintes et les limites de la gestion des affaires‬‬
‫‪communals au maroc: constance et évaluation, Mémoire de fin d'études du angles‬‬
‫‪supérieur au gestion administratives, école nationale d'administration, Rabat,2012,‬‬
‫‪page 194.‬‬
‫‪ -‬م حمد عبد الرحيم‪'' ،‬اإلدارة العامة الجديدة''‪ ،‬مقال منشور بالمجلة اإللكترونية لإلدارة والتنمية‬ ‫‪209‬‬

‫البشرية‪ ،www.radh.com،‬تم الولوج للموقع بتاريخ ‪ 89‬شتنبر ‪ 8181‬على الساعة ‪.83:11‬‬

‫‪128‬‬
‫على مراقبة إحت ارم القواعد‪ ،‬لكن مع إختالف جوهري يكمن في كون الجماعة المقاولة‬
‫مطالبة بتحقيق النفع العام وتحقيق التنمية الترابية دون السعي لتحقيق الربح كمطمح‬
‫‪210‬‬
‫أساسي عكس المقاوالت في إطار القانون الخاص التي تبحث عن تحقيق الربح‪.‬‬
‫وبالتالي فهو ينطوي على مجموعة من المفاهيم التي يمكن أن تلعب دو ار هاما في عقلنة‬
‫التدبير اإلداري‪ ،‬ودعم إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪ ،‬بالرغم من المصاعب التي قد‬
‫يثيرها تطبيق التدبير العمومي الحديث بتقنياته وآلياته التي جاء بها من المنظمات الخاصة‬
‫‪ ،‬إال أن هذا األسلوب يبقى األكثر نجاعة‪ ،‬نظ ار لكونه ينصب مباشرة على تحقيق‬
‫األهداف المرسومة وترجمة المخططات والبرامج إلى سياسات فعلية قابلة للتنفيذ‪.‬‬
‫إن عصرنة التدبير العمومي والتوجه نحو نهج التدبير المقاوالتي من خالل شركات‬
‫التنمية المحلية‪ ،‬يجعل هذه األخيرة تعمل على إيجاد مناهج حديثة في مجال التدبير‬
‫وتطبيقها بالجماعات‪ ،‬وذلك ما يساهم حسب تصورنا في إستفادة النخب السياسية واإلدارية‬
‫بالجماعات من أساليب وتقنيات التدبير المقاوالتي التي يعتمدها الخواص‪ ،‬والعمل على‬
‫تكييفها مع خصوصيات الجماعة بغية تدبير مرافقها والمصالح التابعة لها‪ ،‬مما يؤدي‬
‫إلى الرفع من مستوى أدائها وتكريس التدبير المقاوالتي بالمجالس الترابية‪ ،‬الذي يساهم‬
‫في عقلنة وحكامة التخطيط الترابي كما يؤدي إلى إعتماد المناهج التشاركية والتشاورية‬
‫والتنسيقية‪ ،‬في عملية إتخاذ القرار العمومي‪ ،‬وإتباع أساليب حديثة في قياس نجاعة‬
‫السياسات العمومية واآلثار المباشرة وغير المباشرة التي أحدثتها مما يشكل دعامة أساسية‬
‫لتحقيق مطمح إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪ ،‬ألن التدبير العمومي المقاوالتي يسمح‬
‫بإستغالل الفرص التنموية وترشيد النفقات وتجويد التدخالت العمومية والتشخيص الدقيق‬
‫للمشاكل العمومية ‪ ،‬والعمل على حسن إختيار البديل األنسب من بين البدائل المطروحة‬
‫لتحقيق النجاعة والفعالية في التدخل العمومي الترابي‪.‬‬

‫‪ -‬عقلة عبد الحق‪ ،‬دراسة في علم التدبير‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مطبعة دار القلم‪ ،‬الرباط‪ ،8119 ،‬ص‪.10 :‬‬ ‫‪210‬‬

‫‪128‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المراكز الجهوية ل إالستثمار وتحقيق اإلتقائية الس ياسات الإستثمارية على‬
‫المس توى الجهوي‪.‬‬
‫نظ ار لألهمية التي بات يحتلها مجال اإلستثمار سارعت دول العالم بما فيها المغرب‬
‫إلى إدخال إصالحات قانونية ومؤسساتية تروم اإلسراع بإتخاذ التدابير الالزمة إلنعاش‬
‫‪211‬‬
‫اإلستثمارات وتوفير مناخ مناسب للمنافسة والمبادرة الحرة‪.‬‬
‫ومن بين هذه المؤسسات نجد المراكز الجهوية لإلستثمار التي أحدثها المغرب تفعيال‬
‫للتوجيهات الملكية المتضمنة في الرسالة الملكية الموجهة إلى الوزير األول حول التدبير‬
‫من أجل تشجيعه وتكريس جهوية السياسات العمومية‬ ‫‪212‬‬
‫الالمتمركز لإلستثمار‪،‬‬
‫اإلستثمارية‪.‬‬
‫وإذا كان إحداث المراكز الجهوية لإلستثمار قد أدى إلى تحوالت هيكلية لإلطار‬
‫المؤسساتي لإلستثمار الجهوي‪ ،‬إال أنه قد يكاد مختلف الفاعلين والمهتمين بالشأن الترابي‬
‫يجمعون على كون هذه المراكز كانت تعتريها إشكاالت متعددة أثرت سلبا على أداء‬
‫وظائفها وعلى مكانتها في تحقيق إلتقائية السياسات اإلستثمارية على المستوى الجهوي‬
‫بفعل مجموعة من اإلختالالت التي تم تشخيصها قبل اإلصالح األخير( الفرع األول)‪،‬‬
‫مما بات يشكل مطلبا ملحا لضرورة اإلصالح تم تتويجه بصدور القانون ‪19.02‬‬
‫‪213‬المتعلق بإصالح المراكز الجهوية لإلستثمار والذي جاء بإصالحات جوهرية عززت‬
‫من مكانة هذه المراكز وشكلت دعامة أساسية لتحقيق مطمح اإللتقائية على مستوى‬

‫‪ -‬الغازي خالد‪ '' ،‬التدبير الالمتمركز لإلستثمار والمفهوم الجديد للسلطة''‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬ ‫‪211‬‬

‫والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،8118 ،99‬ص‪31:‬‬


‫‪ -‬الرسالة الملكية الموجهة للوزير األول حول التدبير الالمتمركز لإلستثمار بتاريخ ‪ 9‬يناير ‪ ،8118‬نص‬ ‫‪212‬‬

‫الرسالة منشور بالبوابة الوطنية للجماعات الترابية ‪http://www.pncl.gov.ma‬‬


‫‪ -‬القانون ‪ 19.02‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف ‪ 0.09.02‬الصادر في ‪ 9‬جمادى الثانية ‪03(0111‬‬ ‫‪213‬‬

‫فبراير‪ ،)8109‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6911‬بتاريخ ‪ 01‬جمادى الثانية ‪80(0111‬فبراير‪،)8109‬‬


‫ص‪.231:‬‬

‫‪131‬‬
‫المتدخلين في الشأن اإلستثماري‪ ،‬إال أنه ومع ذلك تم تسجيل بعض النواقص التي نطمح‬
‫لتجاوزها لتحقيق إصالح حقيقي يدعم رهان اإللتقائية(الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع الأول‪ :‬محدودية المراكز الجهوية ل إالستثمار ومطلب الإصالح‪.‬‬


‫إذا كان إحداث المراكز الجهوية لإلستثمار قد أدى إلى تحوالت هيكلية لإلطار‬
‫المؤسساتي لإلستثمار الجهوي‪ ،‬ومكن من تكريس الفعالية والنجاعة في تدبير ومعالجة‬
‫الملفات اإلقتصادية على المستوى الجهوي‪ ،‬إال أن النتائج المحققة ال تشفع ألوجه القصور‬
‫والمحدودية التي تشهدها‪ ،‬مما أثر سلبا على أداء وظائفها األساسية حسب ما ورد في‬
‫التي شخصت اإلختالالت وأعطاب المراكز‬ ‫‪214‬‬
‫التقارير الوطنية ودراسات الخبرة الدولية‬
‫الجهوية لإلستثمار‪ ،‬والتي تعرقل مطمح إلتقائية السياسات اإلستثمارية على المستوى‬
‫الجهوي‪ ،‬والمتمثلة في إختالالت تنظيمية وتدبيرية( الفقرة األولى)‪ ،‬وإختالالت مالية‬
‫وبشرية(الفقرة الثانية)‪ ،‬مما جعل األمر يستلزم إصالحا سريعا لهذه المراكز من أجل‬
‫تجاوز هذه العراقيل واإلختالالت‪.‬‬
‫الفقرة الأولى‪ :‬اإختاللت تنظيمية وتدبيرية‪.‬‬
‫إن ممارسة المراكز الجهوية لإلستثمار لمهامها بنجاعة وفعالية يستلزم بالضرورة‬
‫التوفر على هيكلة تنظيمية منسجمة وفعالة وقادرة على إحتواء حجم ونوعية المشاريع‬
‫اإلستثمارية من خالل دعم المبادرات المحلية الترابية وإعطائها الوعاء المؤسساتي‬
‫والقانوني والموارد البشرية المؤهلة‪ ،‬من خالل هذه المراكز حتى تكون دعامة لتحقيق‬
‫كما يستلزم األمر أيضا الحد من المعيقات التي تعرقل‬ ‫‪215‬‬
‫اإلستثمار على مستوى الجهة‪.‬‬
‫دور هذه المراكز وتؤدي إلى سوء إستعمال اآلليات الحديثة للتدبير الحديث‪ ،‬وبناء عليه‬

‫يتعلق األمر بتقرير المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي والبيئي حول المراكز الجهوية لإلستثمار سنة ‪،8106‬‬ ‫‪214‬‬

‫وتقرير''ماكينزي'' حول أعطاب المراكز الجهوية لإلستثمار‪.‬‬


‫‪ -‬نكاوي سعيد‪ ،‬ميثاق الالتمركز اإلداري و التدبير الالمتمركز لإلستثمار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.096:‬‬ ‫‪215‬‬

‫‪131‬‬
‫فإن المراكز الجهوية لإلستثمار كانت تعاني من إختالالت تنظيمية وأخرى تدبيرية تحد‬
‫من فعاليتها ومن تكريسها لإللتقائية على مستوى السياسات اإلستثمارية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اإلختالالت التنظيمية‬
‫إن أهم ما يمكن مالحظته عند دراسة أداء المراكز الجهوية لإلستثمار‪ ،‬هو عجزها‬
‫عن تطوير نفسها في ظل إستم اررية حضور البعد المركزي في بلورة وتوجيه القرار‬
‫اإلستثماري على المستوى الترابي‪ ،‬وذلك راجع إلى حجم المهام والصالحيات التي كانت‬
‫مخولة للوالة إلتخاذ الق اررات الالزمة إلنجاز المشاريع واإلستثمارات وإصدار ق اررات متعلقة‬
‫بالترخيص وإبرام العقود بإسم الدولة‪ ،‬مما شكل تحوال وإنتقاال من بيروقراطية المركز إلى‬
‫بفعل السلطات الكبيرة التي فوضت للوالي في مجال اإلستثمار‪،‬‬ ‫‪216‬‬
‫بيروقراطية المحيط‪،‬‬
‫مما طرح عالمة إستفهام كبيرة عن دور مدير المركز الجهوي لإلستثمار والذي نجده‬
‫يقتصر على تسهيل عملية اإلستثمار وحل المشاكل العالقة‪ ،‬دون أي صالحيات تقريرية‪،‬‬
‫إذ أن جوهر العمل والمصادقة الفعلية على المشاريع كانت بيد مؤسسة الوالي‪ ،‬علما أن‬
‫العمل األهم في مجال اإلستثمار هو العمل التقريري المتمثل في المصادقة على المشاريع‬
‫القابلة لتحقيق التنمية الجهوية‪ ،‬مما يفيد إرتباط المراكز الجهوية لإلستثمار بو ازرة الداخلية‬
‫عبر مؤسسة الوالي‪ ،‬التي تعاملت مع هذه المراكز بمنهجية الحنين إلى الماضي السلطوي‬
‫بعيدا عن الفهم الصحيح للمفهوم الجديد للسلطة ودولة المؤسسات‪.217‬‬
‫إن هذه المعيقات التنظيمية كانت تقف في وجه أداء المراكز الجهوية لإلستثمار‪ ،‬إذ‬
‫أن السلطات الحقيقية التي كان من الواجب إسنادها لمدراء هذه المراكز كانت بيد مؤسسة‬
‫الوالي المتحكم في القرار الترابي في مجال اإلستثمار‪ ،‬مما كان يطرح إشكاال عميقا حول‬
‫مدى قدرة اللجنة المكلفة بدراسة المشاريع التي يرأسها مدير المركز من إتخاذ القرار‬
‫اإلستثماري في إطار التشاور والتنسيق بين األطراف المتدخلة على المستوى الترابي‪ ،‬في‬

‫‪ -‬زعنون عبد الرفيع‪ ،‬تدبير التنمية الترابية بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.016.‬‬ ‫‪216‬‬

‫‪ -‬نازي سعيد‪'' ،‬الوالي في إطار الجهوية المتقدمة''‪ ،‬مجلة العلوم القانونية‪ ،‬سلسلة البحث االكاديمي‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪217‬‬

‫االولى‪ ،‬عدد ‪ ،8106 ،01‬ص‪.61-63‬‬

‫‪132‬‬
‫ظل هيمنة و ازرة الداخلية على المجال اإلستثماري الترابي في شخص الوالي‪ ،‬وبالتالي‬
‫إستحالة الحديث عن إلتقائية السياسات اإلستثمارية في ظل تنازع السلط بدل تبني منهجية‬
‫‪218‬‬
‫تدافع السلط‪.‬‬
‫إن ما يمكن مالحظته من خالل تقارير المجلس األعلى للحسابات منذ سنة ‪8119‬‬
‫إلى غاية سنة ‪ 8109‬يفيد رصد العديد من اإلختالالت التنظيمية التي تعتري المراكز‬
‫إذ جاء في تقرير المجلس األعلى للحسابات حول تقييم أداء‬ ‫‪219‬‬
‫الجهوية لإلستثمار‪،‬‬
‫المراكز الجهوية لإلستثمار لسنة ‪ ،8109‬أن هذه المراكز على الرغم من النتائج التي‬
‫حققتها فيما يتعلق بإحداث المقاوالت إال أنها لم ترقى إلى المستوى المطلوب فيما يتعلق‬
‫بالتتبع ومواكبة ومساعدة المستثمرين مما يقتضي بالضرورة تخلي المراكز الجهوية‬
‫لإلستثمار عن المقاربة البيروقراطية التي طبعت عملها واإلهتمام بمعالجة الملفات‬
‫المعروضة عليها محليا‪ ،‬بدل إحالتها بطريقة غير مبررة على المصالح المركزية بالرباط‪،‬‬
‫كما رصد التقرير أيضا إفتقار المراكز الجهوية لإلستثمار لإلمكانيات المالية والبشرية‬
‫الالزمة للقيام بالمهام المنوطة بها‪ .‬كما رصد تقرير المجلس األعلى للحسابات‪ 220‬أيضا‪،‬‬
‫محدودية التمثيليات اإلدارية على مستوى الشباك الوحيد التابع للمراكز الجهوية لإلستثمار‪،‬‬
‫إذ خلص التقرير إلى كون إدارة الضرائب ممثلة فقط في ‪ 9‬مراكز‪ ،‬والصندوق الوطني‬
‫للضمان اإلجتماعي في ‪ 6‬مراكز‪ ،‬وبالتالي وفي حالة عدم وجود أي تمثيلية‪ ،‬فإن المركز‬
‫الجهوي لإلستثمار يقوم بنفسه بهذه المهام عن طريق التنقل اليومي لهذه اإلدارات مما‬

‫‪ -‬شاهدي احمد شوقي‪ ،‬المراكز الجهوية لإلستثمار بالمغرب‪ ،‬مكامن الخلل ومداخل اإلصالح‪ ،‬رسالة لنيل‬ ‫‪218‬‬

‫دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪-‬أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬السنة الدراسية ‪ ،8181-8109‬ص‪.016:‬‬
‫‪ -‬خالصات تقرير المجلس االعلى للحسابات حول تقييم أداء المراكز الجهوية لإلستثمار المقدم من طرف‬ ‫‪219‬‬

‫الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات بين يدي الملك يوم االثنين ‪ 11‬دجنبر ‪ 7790‬بالقصر الملكي بالرباط‪،‬‬
‫منشور بالموقع الرسمي للمجلس األعلى للحسابات‪.http://www.courdescomptes.ma ،‬‬
‫‪ -220‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات لسنة ‪ ،8101‬ص‪ 093:‬منشور بالموقع الرسمي للمجلس األعلى‬
‫للحسابات‪http://www.courdescomptes.ma ،‬‬

‫‪133‬‬
‫يشكل عرقلة للعمل اإلداري‪ ،‬كما أن هذه التمثيليات اإلدارية وإن وجدت على مستوى‬
‫الشباك الوحيد فتكون مضطرة للرجوع الدائم إلى اإلدارات المركزية التابعة لها ألخذ القرار‬
‫النهائي‪ ،‬وهذا ما شكل عرقلة حقيقية لتحقيق اإللتقائية ومعالجة الملفات المتعلقة‬
‫باإلستثمار على مستوى الجهة بكل حرية وسلطة تقريرية فعالة‪.‬‬
‫أيضا‪ ،‬إلى محدودية دور مديرية‬ ‫‪221‬‬
‫لقد أشار تقرير المجلس األعلى للحسابات‬
‫تنسيق الشؤون اإلقتصادية في توجيه أنشطة المراكز الجهوية لإلستثمار‪ ،‬إذ أن عدم‬
‫إضفاء الطابع الرسمي على هاته العالقة‪ ،‬جعل األمر غير قادر ألن يتطور لدرجة تسمح‬
‫بمساهمة هذه المديرية في عملية البرمجة اإلستراتيجية‪ ،‬بل إنحصر دورها فقط في مرحلة‬
‫المتابعة الروتينية مما شكل قصو ار في أوجه التعاون بينها وبين المراكز الجهوية‬
‫لإلستثمار‪.‬‬
‫إن هذه المعيقات التنظيمية أثرت بشكل مباشر على أداء المراكز الجهوية لإلستثمار‪،‬‬
‫التي لم تكن تمتلك سلطات تقريرية في مجال خلق المقاوالت‪ ،‬مما شكل إعاقة حقيقية‬
‫لإلستثمار بفعل بطئ عملية إتخاذ القرار‪ ،‬عالوة على التراخي في عملية التتبع‬
‫مما جعل المقاوالت تواجه الكثير من الصعوبات لينتهي بها األمر إلى‬ ‫‪222‬‬
‫والمصاحبة‪،‬‬
‫اإلغالق‪ ،‬وبالتالي ضياع الفرص التنموية على مستوى الجهة وإهدار الجهد والوقت والمال‬
‫في مشاريع متعثرة في نهاية المطاف بفعل إنعدام اإللتقائية وتحكم المركز في السياسات‬
‫العمومية اإلستثمارية على المستوى الجهوي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإلختالالت التدبيرية‪.‬‬
‫إن أول ما يالحظ في تدبير المراكز الجهوية لإلستثمار هو غياب إستراتيجية مشتركة‬
‫تجمع هذه المراكز‪ ،‬حيث لم يتم وضع أي إستراتيجية مشتركة منذ إنشائها سنة ‪8118‬‬
‫قصد تحديد األهداف الموكولة لها‪ ،‬والتشاور والتعاون والتنسيق فيما بينها‪ ،‬مما أعاق‬

‫‪ -‬تقرير المجلس األعلى للحسابات حول تقييم أداء المراكز الجهوية لإلستثمار لسنة ‪ ،8109‬ص‪،039 :‬‬ ‫‪221‬‬

‫منشور بالموقع الرسمي للمجلس األعلى للحسابات‪http://www.courdescomptes.ma ،‬‬


‫‪ -‬نكاوي سعيد‪ ،‬ميثاق الالتمركز اإلداري و التدبير الالمتمركز لإلستثمار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪818:‬‬ ‫‪222‬‬

‫‪131‬‬
‫حسن سير هذه المرافق وحال دون إيجاد حلول للعقبات التي تواجهها خاصة فيما يتعلق‬
‫بالشباك الوحيد إلنشاء المقاوالت‪ ،‬ومصاحبة اإلستثمارات وتتبعها‪ ،‬وتحديد وضعيتها‬
‫القانونية وكذا ضبط الموارد البشرية والمالية المرصودة لها‪ ،‬وبالتالي إنعدام رؤية واضحة‬
‫لديها في إنسجام مع مخططات التنمية الجهوية‪ ،‬إذ كان من الالزم تنزيل اإلستراتيجية‬
‫الوطنية لهذه المراكز‪ ،‬إلى إستراتيجيات جهوية محددة لكل مركز جهوي تأخذ بعين‬
‫اإلعتبار اإللتقاء واإلنسجام مع التصاميم والمخططات الجهوية من أجل تجاوز العوائق‬
‫‪223‬‬
‫المحدقة بها‪.‬‬
‫كما أن من بين العوائق واإلختالالت التدبيرية التي شابت المراكز الجهوية‬
‫لإلستثمار‪ ،‬نجد غياب مؤشرات واضحة لقياس األداء‪ 224،‬وذلك نظ ار لكون التقييم المالئم‬
‫والسليم إلنجازات هذه المراكز ال يمكن أن يتأتى إال من خالل مجموعة من الشروط‬
‫تتمثل في وضع مؤشرات النتائج التي تسمح بقياس النتائج المحصل عليها بالنظر إلى‬
‫األهداف المسطرة‪ ،‬وتحديد أهداف واضحة بالموازاة مع الموارد المالية والبشرية والتنظيمية‬
‫الضرورية لتحقيقها‪.‬‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬كان من الضروري العمل على الرفع من أداء المراكز الجهوية‬
‫لإلستثمار إذا كنا نطمح بالفعل لتحقيق إلتقائية السياسات اإلستثمارية على المستوى‬
‫الجهوي‪ ،‬واإلنتقال من الدور الكالسيكي اإلداري والتدبيري‪ ،‬واإلقتصار على تسيير األمور‬
‫اليومية الروتينية وإنتظار التعليمات التي تكون معرقلة أحيانا لخلق الفرص اإلستثمارية‪،‬‬
‫وعدم إمكانية إتخاذ القرار لمعالجة الملفات المتعلقة باإلستثمار‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ماسبق‪ ،‬تعاني المراكز الجهوية لإلستثمار من مشكل صعوبة التواصل‬
‫خاصة بين اإلدارات الشريكة حيث رصد المجلس األعلى للحسابات في تقريره حول تقييم‬
‫المراكز الجهوية لإلستثمار سنة ‪ 8109‬المرفوع إلى الملك غياب الربط المعلوماتي بين‬

‫‪ -‬شاهدي احمد شوقي‪ ،‬المراكز الجهوية لإلستثمار بالمغرب‪ ،‬مكامن الخلل ومداخل اإلصالح‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬ ‫‪223‬‬

‫ص‪.000:‬‬
‫‪ -‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات لسنة ‪ ،8101‬ص‪98:‬‬ ‫‪224‬‬

‫‪131‬‬
‫المراكز الجهوية لإلستثمار وبين الشركاء‪ ،‬إذ خلص التقرير أنه بإستثناء المكتب المغربي‬
‫للملكية الصناعية والتجارية‪ ،‬فإن النظام المعلوماتي للمراكز الجهوية لإلستثمار غير‬
‫متصل بباقي الشركاء مما يصعب عملية التواصل والولوج إلى البيانات والمعلومات‬
‫وبالتالي البطئ في دراسة الملفات التي تتطلب السرعة والفعالية في معالجتها‪ ،‬بل ما هو‬
‫أخطر يتجلى في كون المراكز الجهوية لإلستثمار في ظل إنعدام الولوجية المعلوماتية‬
‫فهي ال تتوفر على المعطيات اإلقتصادية على المستوى الجهوي وبالتالي فهذا األمر‬
‫سيصعب كثي ار من عملها‪ ،‬وقد يجعل تشخيصها للواقع اإلستثماري الجهوي يشوبه النقص‬
‫والغموض‪ .‬كما أشار التقرير أيضا إلى غياب مساطر موحدة ومضبوطة لتقييم ملفات‬
‫اإلستثمار‪ ،‬حيث أن المراكز الجهوية لإلستثمار ال تتوفر على دليل للمساطر من أجل‬
‫النظر في الطلبات المقدمة له ‪ ،‬مما ال يساعد على التعامل السوي والموحد مع الطلبات‬
‫المقدمة من طرف المستثمرين‪ ،‬كما أشار التقرير أيضا إلى غياب نظام وحيد لتأدية‬
‫مصاريف الملفات‪ ،‬إذ يضطر المستثمر ألداء الرسوم والمصاريف بشكل منفرد لدى ممثل‬
‫كل إدارة على مستوى الشباك الوحيد‪ ،‬بدل تجميع هذه الرسوم لدى مصلحة موحدة خاصة‬
‫بطلبات إنش اء المقاوالت‪ ،‬هذا فضال عن رصد التقرير لمحدودية تتبع المشاريع المحدثة‬
‫بواسطة إتفاقية بسبب غياب مسطرة توضح عمل لجان التتبع والتقييم‪.‬‬
‫ومن بين اإلختالالت التدبيرية التي يمكن لنا تسجيلها أيضا‪ ،‬نجد عدم إنسجام قانون‬
‫المراكز الجهوية لإلستثمار مع القانون التنظيمي للجهات‪ ،‬إذ أن نص المادة الرابعة تشير‬
‫إلى أن المراكز الجهوية لإلستثمار تتولى تنفيذ سياسة الدولة في مجال تنمية اإلستثمارات‬
‫وتحفيزها وإنعاشها على الصعيد الجهوي‪ 225،‬بمعنى أنها تنفذ سياسات المركز‪ ،‬في غياب‬
‫أي إشارة إلى برنامج التنمية الجهوية الذي يعكس التوجهات الترابية في مجال اإلستثمار‪،‬‬
‫هذا عالوة على كونه يشير إلى أن المراكز الجهوية لإلستثمار تقوم تحت إشراف عمال‬
‫العماالت واألقاليم على تتبع اإلتفاقيات المتعلقة بتهيئة المناطق الصناعية ومناطق‬

‫‪ -‬جامع نادية‪''،‬المراكز الجهوية لإلستثمار كمطلب للتنمية الجهوية''‪ ،‬المجلة المغربية للقانون اإلداري‬ ‫‪225‬‬

‫والعلوم اإلدارية‪ ،‬عدد‪ ،8102 ،12‬ص‪31 :‬‬

‫‪131‬‬
‫األنشطة اإلقتصادية وتطويرها‪ ،‬وبالتالي نالحظ تجاهل دور الجهات رغم أنها مختصة‬
‫ذاتيا بتوطين وتنظيم مناطق األنشطة اإلقتصادية بالجهة‪ ،‬وبناء على ذلك يمكن أن‬
‫نالحظ التداخل والتزاحم على نفس اإلختصاص دون أي رابط بنيوي ووظيفي وإستراتيجي‬
‫‪226‬‬
‫بينهما‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإختاللت مالية وبشرية‬


‫إن من بين المعيقات واإلختالالت التي شابت عمل المراكز الجهوية لإلستثمار‬
‫منذ إحداثها‪ ،‬نجد عوائق مالية تتجلى أساسا في قلة الموارد‪ ،‬عالوة على إختالالت بشرية‬
‫متمثلة في ضعف الموارد البشرية وغياب نظام خاص يؤطرها‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اإلختالالت المالية‬
‫إن أول مايالحظ من خالل تتبع أداء مالية المراكز الجهوية لإلستثمار‪ ،‬هو غياب‬
‫اإلستقالل المالي‪ ،‬بمعنى أن الموارد المالية لهذه المراكز تقتصر فقط على الميزانية العامة‬
‫للدولة‪ ،‬وهو ما دفع مسؤولي المراكز الجهوية لإلستثمار إلى اإلقرار بقلة ونقص الموارد‬
‫المالية المرصودة للقيام بالمهام المنوطة بها على أحسن وجه‪ ،‬وذلك بفعل إنعدام توفر‬
‫المراكز على موارد ذاتية مستقلة‪ ،‬وبالتالي اإلقتصار فقط على المساهمات المقدمة لها‬
‫من قبل الميزانية العامة للدولة‪.‬‬
‫ينضاف إلى ما سبق غياب المساهمة من قبل الجماعات الترابية‪ ،‬وعدم رصد‬
‫إسهامات من الو از ارت المعنية بالمركز الجهوي لتعزيز ميزانياتها ودعمها‪ ،‬وكذا غياب‬
‫ثقافة التطوع للدعم المالي للمراكز من قبل المؤسسات العمومية وباقي المؤسسات األخرى‬
‫‪227‬‬
‫الوطنية والجهوية‪.‬‬

‫‪ -‬الزروقي عدنان‪ ،‬السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية‪،‬‬ ‫‪226‬‬

‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.118-110:‬‬


‫‪ -‬شاهدي احمد شوقي‪ ،‬المراكز الجهوية لإلستثمار بالمغرب‪ ،‬مكامن الخلل ومداخل اإلصالح‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬ ‫‪227‬‬

‫ص‪.080:‬‬

‫‪132‬‬
‫إن نجاح المراكز الجهوية لإلستثمار في بلورة أهدافها ونجاح تدخالتها في مجال‬
‫خلق المقاوالت وتقديم الدعم والسند لها لن يكون باألمر الهين دون توفر هذه المراكز‬
‫على إستقاللية مالية قائمة على عدم التبعية للمركز‪ ،‬هذه التبعية التي كرسها المغرب‬
‫منذ عقود والتي أدت إلى تأخر اإلصالحات وكرست للدولة المركزية‪.‬‬
‫و من خالل اإلطالع على تقارير المجلس األعلى للحسابات لسنتي ‪ 8119‬و‬
‫‪ 8101‬نجده قد أولى السلطات المختصة بإتخاذ التدابير الالزمة من أجل إستصدار‬
‫النصوص التطبيقية للمرسوم ‪ 8.13.982‬بهدف تمكين المراكز الجهوية لإلستثمار من‬
‫المداخيل الخاصة الكفيلة بضمان حسن سيرها‪ ،‬وبالرجوع إلى تقرير المنظمة األمريكية‬
‫الخاصة بتشجيع التنمية في الدول النامية سنة ‪ ،2288119‬نجد أن محرري التقرير أكدوا‬
‫على وجود مفارقات جسيمة على مستوى الموارد المالية بين مختلف المراكز الجهوية‬
‫لإلستثمار وحمل التقرير أيضا ان هذه المفارقات تعكس التفاوتات الموجودة أصال بين‬
‫مختلف الجهات المشكلة للجهوية المتقدمة‪ ،‬وبالتالي فالمراكز التي تتواجد في الجهات‬
‫الفقيرة مثال تعرف إختالالت في ما يتعلق بالموارد المالية وضعف الميزانية المخصصة‬
‫لهذه المراكز مما يشكل عائقا أمام قدرتها على إنجاز مهامها الموكولة لها‪.‬‬
‫إن ما زاد من خطورة الوضع المقلق لمالية المراكز الجهوية لإلستثمار يكمن في‬
‫عدم ترشيد نفقاتها رغم قلة الموارد المالية‪ ،‬وهذا ما رصده تقرير المجلس األعلى للحسابات‬
‫سنة ‪ 8109‬والذي أثبت عدم إحترام هذه المراكز للقوانين الجاري بها العمل في مجال‬
‫النفقات‪ ،‬إذ وقف المجلس األعلى للحسابات على مجموعة من الخروقات والممارسات‬
‫التي شابت الصفقات العمومية والتي أثرت بشكل سبلي على التدبير الجيد لهذه المراكز‪،‬‬
‫ومن بين هذه الخروقات التي كشفها التقرير نجد التأخر في تنفيذ بعض الدراسات المالية‬
‫للمشاريع والمقاوالت عالوة على عدم إحترام برمجة الصفقات واللجوء غير المبرر لعقد‬
‫صفقات تفاوضية وعدم التطابق في األعمال المنجزة‪ ،‬عالوة على عدم تطبيق غرامات‬

‫‪ -‬تقرير المنظمة األمريكية لتشجيع التنمية في الدول النامية‪ ،‬منشور على الموقع‪ www.unctad.com‬تم‬ ‫‪228‬‬

‫اإلطالع على الموقع بتاريخ ‪ 18‬أكتوبر ‪ 8181‬على الساعة ‪.01:18‬‬

‫‪138‬‬
‫التأخير‪ ،‬عالوة على خروقات أخرى أدت إلى سوء التدبير والتسيير بهذه المراكز‪ .‬إن هذه‬
‫الخروقات المالية جعلت المجلس األعلى للحسابات يوصي في تقريره بضرورة إحترام‬
‫القوانين الجاري بها العمل‪ ،‬والعمل على إحداث مصلحة داخلية خاصة تعمل على تدبير‬
‫أفضل للصفقات‪.‬‬
‫كما أنه من بين الخروقات واإلختالالت المالية التي شابت المراكز الجوية لإلستثمار‬
‫نجد التبذير غير المبرر للميزانية فيما يتعلق بنفقات الموظفين خاصة ما يتعلق بالتضخيم‬
‫في فواتير البنزين والهاتف ونفقات كراء المساكن لألطر اإلدارية وأيضا إستعمال سيارات‬
‫وظيفية‪ .‬وبالتالي فقد أوصى المجلس األعلى للحسابات بضرورة ترشيد النفقات بحث ال‬
‫يمكن تبرير النفقة إال وفق ما يمكن أن تحققه من نتائج وهذا ما يقتضي صرفها لغرض‬
‫المنفعة العامة‪ ،‬وكذا االقتصاد في تكاليف المراكز الجهوية‪ .‬لكن في ظل الوضعيىة التي‬
‫تمر بها هذه المراكز على المستوى التنظيمي والتدبيري نرى أنه ال يمكن تحقيق ذلك في‬
‫ظل غياب تحديد لألهداف والبرامج بدقة وتحديد األولويات مقابل التحديد الدقيق للمبالغ‬
‫المالية التي يتطلبها تنفيذ وإنجاز المنجزات وفق تدبير مبني على النتائج واألهداف‬
‫‪229‬‬
‫وبالتالي ربط النفقة العامة بتحقيق النتائج‪.‬‬
‫ومن المؤاخذات التي كانت تشكل حسب وجهة نظرنا عرقلة حقيقية ألهداف المراكز‬
‫الجهوية لإلستثمار تتجلى في كون مدراء هذه المراكز لم تكن لديهم صالحية األمر‬
‫بالصرف‪ ،‬بل ك انت بيد الوالي‪ ،‬بمعنى تحكم و ازرة الداخلية في تدبير الميزانية المتعلقة‬
‫بالمراكز الجهوية لإلستثمار‪ ،230‬مما يشكل عرقلة حقيقية لعملها وإفراغها من محتوى‬
‫البعد الجهوي وتنمية الجهة‪.‬‬
‫إن هذه اإلختالالت المالية شكلت نقطة ضعف أمام هذه المراكز في سبيل إضفاء‬
‫البعد الجهوي للسياسات اإلستثمارية بدليل تحكم المركز في شخص الوالي على كافة‬

‫‪ -‬الزروقي عدنان‪ ،‬السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية‪،‬‬ ‫‪229‬‬

‫مرجع سابق‪.316 ،‬‬


‫‪ -‬نكاوي سعيد‪ ،‬ميثاق الالتمركز اإلداري و التدبير الالمتمركز لإلستثمار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪883:‬‬ ‫‪230‬‬

‫‪138‬‬
‫الصالحيات التقريرية والمالية لهذه المراكز مما يتولد عنه نوع من الضبابية واإلرتجالية‬
‫في العمل إذ ال يعقل أن تبقى المشاريع واإلستثمارات الجهوية معلقة تحت رحمة ممثل‬
‫و ازرة الداخلية وسيطرة اإلدارة المركزية على مستقبل اإلستثمارات بالجهة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ضعف الموارد البشرية‬
‫تعتبر الموارد البشرية ركيزة أساسية لإلنتاج‪ ،‬لذلك فإن حسن تدبيرها وتطويرها عملية‬
‫جد معقدة وتحتاج إلى الكفاءة في التدبير والتسيير من أجل توجيهها لتحقيق أهداف‬
‫المنظمة‪ ،‬وبالتالي ال يجب إسناد هذه المهمة لمن ال يتقن علوم التدبير والتسيير وله دراية‬
‫واسعة بمختلف العلوم‪ ،‬كعلوم اإلجتماع وعلم اإلقتصاد وعلم النفس‪ .‬وإال ستكون المهمة‬
‫أمامه شبه مستحيلة ومعقدة‪.‬‬
‫فتدبير الموارد البشرية ال يخضع لضوابط مطلقة‪ ،‬ولكن يحتاج على األقل إلى توافر‬
‫إنسجام بين اإلدارة والموظفين‪ ،‬وإلمام صحيح بتقنيات التواصل اإلداري وعلوم تدبير‬
‫المنظمات وإدارة الحياة المهنية والتسيير التحسبي للموارد البشرية‪ .‬لكن ومن هذه‬
‫المنطلقات فقد كانت المراكز الجهوية لإلستثمار بعيدة كل البعد عن تحقيقها‪ ،‬إذ أن ما‬
‫يدعم هذا الرأي يكمن في الخلل الذي صاحب هذه المراكز منذ تأسيسها ويتعلق األمر‬
‫هنا في غياب نظام أساسي خاص بالموظفين والذي ورغم كونه ورد في الرسالة الملكية‬
‫بتاريخ ‪ 9‬يناير ‪ ...'' 8119‬مدير المركز الجهوي لإلستثمار يساعده موظفون خاضعون‬
‫لنظام أساسي محفز خاص بهم‪ ''...‬إال أنه ولحدود اليوم لم يرى هذا النظام األساسي‬
‫النور بعد‪ ،‬هذا فضال عن كون فئات الموظفين بالمراكز يشوب نظام عملهم قصور‬
‫وإرتجالية وعدم إنتماء للمراكز وتتمثل هذه الفئات فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬الموظفون المنتدبون‪ :‬إذ يستمر هؤالء في اإلنتماء إلى إدارتهم األصلية‬
‫ويخضعون للنظام األساسي العام للوظيفية العمومية بكل ما يحمله من إشكاالت‬
‫متعلقة بالترقية والتحفيز وخالفه‪ ،‬مما يولد نوعا من الالمساواة بين الموضفين‬
‫من داخل هذه المراكز‪ ،‬وبالتالي يؤثر سلبا على مردوديتهم في العمل‪ ،‬وال يملك‬

‫‪111‬‬
‫مدراء المراكز الجهوية لإلستثمار هنا أية سلطة في تحريك المسطرة التأديبية‬
‫في حقهم وبالتالي يبقى كل موظف تابع وخاضع إلدارته األصلية‪.‬‬
‫‪ -‬الموظفون التابعون للمركز الجهوي لإلستثمار‪ :‬هؤالء يخضعون لسلطة المدير‪،‬‬
‫ومن بينهم رؤساء المصالح ورؤساء األقسام‪ ،‬واطر إدارية وتقنيون‪.‬‬
‫‪ -‬الموظفون المتعاقدون‪ :‬وتربطهم بالمركز عالقة تعاقدية‪ ،‬وغالبا ما يتم توظيفهم‬
‫من أجل شغل مناصب شاغرة تتعلق بالدراسات اإلستثمارية واإلعالم والتوثيق‪.‬‬
‫إن هذه التركيبة وهذا الخليط من الموارد البشرية على مستوى المراكز الجهوية‬
‫لإلستثمار يخلق نوعا من الشعور بعدم اإلنتماء إلى كيان إداري مندمج‪ ،‬إذ أن الموظفين‬
‫الملحقين ال يخضعون لسلطة مدير المركز‪ ،‬بل يبقون خاضعين لرؤسائهم في اإلدارات‬
‫والو ازرات المركزية‪ 231،‬ونفس الشيء بالنسبة للمتعاقدين الذين ينقصهم الوالء للمركز بحكم‬
‫العالقة التعاقدية المنتهية المدة وبالتالي فكل هذه العوائق تؤثر سلبا على مردودية‬
‫وبالتالي‬ ‫‪232‬‬
‫الموظفين وتجعل العمل اإلداري يشوبه النقص واإلرتجالية وسوء التدبير‪،‬‬
‫عائقا كبي ار أمام تطوير سياسة مالءمة وصائبة لتدبير الموارد البشرية على مستوى الم اركز‬
‫الجهوية لإلستثمار‪ ،‬كما أنه يمثل عقبة أمام تنمية الكفاءات البشرية في منظور المراكز‬
‫الجهوية‪.‬‬
‫وإنطالقا مما سبق يمكن أن نستنتج بأن دور مدراء المراكز الجهوية لإلستثمار جد‬
‫محدود فيما يتعلق بتدبير الموارد البشرية‪ ،‬حيث أن كل األعمال المتعلقة بالتسيير الجاري‬
‫به العمل من توظيف وترقية وتعيين وزجر‪ ،‬تجري على مستوى اإلدارة المركزية‪ ،‬وبالتالي‬
‫فمركزة تدبير الموارد البشرية تشكل تداعيات سلبية تكون سببا في العديد من حاالت‬

‫‪ -‬شاهدي احمد شوقي‪ ،‬المراكز الجهوية لإلستثمار بالمغرب‪ ،‬مكامن الخلل ومداخل اإلصالح‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬ ‫‪231‬‬

‫ص‪.031-031:‬‬
‫‪ - 232‬تقرير المجلس االقتصادي واإلجتماعي والبيئي‪ '':‬تدبير وتنمية الكفاءات البشرية رافعة أساسية لنجاح الجهوية‬
‫المتقدمة''‪ ،8103،‬ص‪.19-12:‬‬

‫‪111‬‬
‫التأخير عن عالج وتحيين الملفات المتعلقة بالموظفين‪ ،‬وتخلق جراء ذلك نوعا من السخط‬
‫داخل أقسام ومصالح هذه المراكز‪.‬‬
‫كما يمكن أن نسجل أيضا ضعف تكوين المستخدمين وعدم مواكبتهم بتكوينات‬
‫مستمرة لمواكبة التطورات الدولية في مجال اإلستثمار‪ ،‬فالموظفون العاملون بهذه المراكز‬
‫اليتوفرون على تكوين متخصص في المجال اإلستثماري وهذا ما يؤثر على جودة ونجاعة‬
‫عملهم الذي يتطلب الدقة واإللمام بمجال اإلستثمار‪ ،‬كما ان جل هذه المراكز الجهوية‬
‫ولألسف ال تتوفر على دليل مرجعي للتدبير التوقعي للكفاءات‪ ،‬وهذا ما يوضح العشوائية‬
‫والتخبط الذي الزم هذه المراكز والذي كان له األثر المباشر في إهدار العديد من الفرص‬
‫اإلستثمارية على مستوى الجهة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اإصالح المراكز الجهوية ل إالستثمار ومطمح تحقيق الإلتقائية‪.‬‬


‫إن إنتقال المغرب من التدبير المركزي لإلستثمار إلى التدبير الالمتمركز لإلستثمار‬
‫بمقتضى القانون ‪ 19.02‬المتعلق بإصالح المراكز الجهوية لإلستثمار‪ ،‬قد جاء لتكريس‬
‫البعد الجهوي فيما يخص تشجيع وتدبير اإلستثمار‪ ،‬ويهدف باألساس إلى تجاوز النواقص‬
‫واإلكراهات التي ت م الوقوف عليها‪ ،‬وإلى تحسين نجاعتها وتعزيز دورها ودعم مواكبة‬
‫المقاوالت‪ ،‬وجعلها قوة إقتراحية وتقريرية وأداة فعالة إلى جانب الجهات في خلق النمو‬
‫والتطور والدفع باإلقتصاد الجهوي نحو خلق المزيد من الثروات وفرص الشغل وتدعيم‬
‫اإللتقائية على المستوى الجهوي فيما يخص السياسات اإلستثمارية(الفقرة األولى)‪ ،‬لكن‬
‫وبالمقابل فإن هذه اإلصالحات وإن شكلت دعامة أساسية لذلك‪ ،‬إال أنها تعاني نوعا ما‬
‫من المحدودية(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة الأولى‪ :‬أأي رهان لتحقيق الإلتقائية‪.‬‬


‫إن إصالح المراكز الجهوية لإلستثمار يحمل في عمقه آليات مؤسساتية جديدة قادرة على‬
‫النهوض بالمجال اإلستثماري على مستوى الجهة‪ ،‬إنطالقا من األدوار المهمة التي مكنها‬

‫‪112‬‬
‫منه القانون ‪ 19.02‬خاصة الصالحيات التقريرية الواسعة التي باتت تشكل اللبنة‬
‫األساسية لتوطين السياسات اإلستثمارية‪ ،‬وبالتالي تحقيق التنسيق بين المتدخلين ومعالجة‬
‫المش اريع اإلستثمارية بالدقة والنجاعة والسرعة الالزمة والتي تؤدي لعدم تضييع الفرص‬
‫من خالل إحداث تلك‬ ‫‪233‬‬
‫التنموية وبالتالي تؤدي لتحقيق منافع إقتصادية وإجتماعية‪،‬‬
‫المشاريع لفرص الشغل وإمتصاص البطالة وبالتالي تحقيق بدائل لحل مختلف المشاكل‬
‫التنموية على المستوى الجهوي مما يحقق لنا رهان إلتقائية السياسات العمومية في المجال‬
‫اإلستثماري‪ ،‬وذلك من خالل المستجدات التي جاء بها القانون السالف الذكر وذلك على‬
‫المستويات التالية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬على مستوى األقطاب الجديدة للمراكز الجهوية لإلستثمار‪.‬‬
‫طبقا للقانون المتعلق بإصالح المراكز الجهوية لإلستثمار‪ ،‬ولتعزيز الالتمركز‬
‫اإلداري و التدبير الالمتمركز لإلستثمار من أجل الحد من العراقيل التي تحد من نجاعة‬
‫السياسات اإلستثمارية على مستوى الجهة‪ ،‬وضمان تحقيق إلتقائية السياسات اإلستثمارية‬
‫على المستوى الجهوي ولتحقيق هذه الغاية‪ ،‬تم إحداث قطبين أساسيين( قطب دار‬
‫‪234‬‬
‫المستثمر و قطب التحفيز الترابي) وتخويلهما مجموعة من الصالحيات‪.‬‬
‫‪ -‬فيما يتعلق بقطب دار المستثمر‪ :‬فقد نصت المادة الرابعة من القانون المتعلق‬
‫بإصالح المراكز الجهوية لإلستثمار على تقسيم مهامه إلى ثالث حيث يلعب‬
‫دور الشباك الوحيد بالنسبة للمستثمرين‪ ،‬ويتكلف بالتتبع اإلداري للمشاريع‪ ،‬عالوة‬
‫على تحسين مناخ األعمال‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى مهام الشباك الوحيد نجد أن إهتمامه ينصب حول تقديم الخدمات‬
‫للمستثمرين والمقاوالت الصغرى والمتوسطة إلنجاز مشاريعهم ومواكبتهم‬

‫‪ -‬الزروقي عدنان‪ ،‬السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية‪،‬‬ ‫‪233‬‬

‫مرجع سابق‪.388 ،‬‬


‫‪ - 234‬شاهدي احمد شوقي‪ ،‬المراكز الجهوية لإلستثمار بالمغرب‪ ،‬مكامن الخلل ومداخل اإلصالح‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.032:‬‬

‫‪113‬‬
‫للحصول على التراخيص اإلدارية وتبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية التي‬
‫هذا عالوة على تلقي طلبات التراخيص المتعلقة‬ ‫‪235‬‬
‫يتطلبها إحداث مقاوالتهم‪،‬‬
‫بها‪ ،‬هذا عالوة على تتبع المقاوالت ومواكبتها بطلب منها خالل مدة مزاولتها‬
‫لنشاطها من اجل تمكينها من تجاوز الصعاب التي تعترضها‪ ،‬هذا فضال عن‬
‫تحقيق مناخ االعمال عبر تنظيم لقاءات لفائدة المستثمرين والمساهمة في‬
‫‪236‬‬
‫التعريف بالمنظومة التحفيزية لتنمية اإلستثمار‪.‬‬
‫‪ -‬فيما يتعلق بقطب التحفيز الترابي‪ :‬حيث يلعب هذا القطب أدوا ار أساسية ييتجلى‬
‫في المساهمة في إعداد وتنفيذ إستراتيجيات تنمية اإلستثمار وإنعاشه والتحفيز‬
‫عليه‪ ،‬وإعداد مخططات موجهة للمستثمرين تتعلق بالنهوض بالمجال الترابي‬
‫للجهة وبجاذبتها االقتصادية‪ ،‬هذا عالوة على المساهمة في إعداد الدراسات‬
‫القبلية لتنمية المناطق الصناعية وتطويرها‪ ،‬كما يساهم في تنمية الذكاء‬
‫االقتصادي الترابي من خالل ضمان يقظة إقتصادية جهوية من خالل جمعه‬
‫للمعطيات الماكرو إقتصادية وتحيينها وإنشاء قاعدة معطيات تتعلق بفرص‬
‫اإلستثمار‪ ،‬كما يسعى قطب التحفيز الترابي إلى تطوير العرض الترابي عن‬
‫طريق إقتراح كل تدبير على الحكومة يرمي لتحقيق إندماجية وجاذبية اإلستثمار‬
‫وتبسيط المساطر اإلدارية المتعلقة باإلستثمار و النهوض بالمبادرة‬
‫‪237‬‬
‫المقاوالتية‪.‬‬

‫‪ - 235‬نكاوي سعيد‪ ،‬ميثاق الالتمركز اإلداري و التدبير الالمتمركز لإلستثمار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.881:‬‬
‫‪ -‬المادة الرابعة من القانون ‪ 19.02‬المتعلق ب إصالح المراكز الجهوية لإلستثمار وإحداث اللجان الجهوية‬ ‫‪236‬‬

‫الموحدة لإلستثمار‪.‬‬
‫‪ -‬شاهدي احمد شوقي‪ ،‬المراكز الجهوية لإلستثمار بالمغرب‪ ،‬مكامن الخلل ومداخل اإلصالح‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬ ‫‪237‬‬

‫ص‪.089:‬‬

‫‪111‬‬
‫ثانيا‪ :‬على مستوى البنيات الجديدة للمراكز الجهوية لإلستثمار‪.‬‬
‫تتجلى أهم مضامين اإلصالح التي جاء بها قانون إصالح المراكز الجهوية‬
‫لإلستثمار‪ ،‬في التأسيس لبنيات جديدة ستساهم في عقلنة القرار اإلستثماري على المستوى‬
‫الجهوي وتحقق إلتقائية السياسات العمومية اإلستثمارية وتحقيق الفعالية والمردودية‬
‫والنجاعة‪ ،‬وتتمثل هذه البنيات الجديدة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬اللجنة الجهوية الموحدة لإلستثمار‪ :‬والتي حلت محل اللجان الجهوية والمحلية‬
‫المتدخلة في تدبير اإلستثمار‪ ،‬لتشكل اإلطار األوحد إلتخاذ الق اررات المتعلقة‬
‫بملفات اإلستثمار وإبداء الرأي بخصوص طلبات اإلستفادة من اإلمتيازات‬
‫الممنوحة في إطار المنظومة التحفيزية لإلستثمار‪ ،‬لذلك فإن الهدف من إنشائها‬
‫هو ضمان معالجة مندمجة ومتناسقة لملفات اإلستثمار‪ ،‬وكذا تنسيق عمل‬
‫اإلدارات المختصة في مجال اإلستثمارات‪ ،‬ووضع المستثمر في مركز الجهاز‬
‫‪238‬‬
‫اإلداري لإلستثمار ومنحه الدعم الضروري إلنجاز مشروعه‪.‬‬
‫وتتألف اللجنة الجهوية لإلستثمار من الولي رئيسا للجنة‪،‬كما يمكن له أن‬
‫يفوض ذلك إلى مدير المركز الجهوي لإلستثمار‪ ،‬وتظم اللجنة أيضا الكتابة‬
‫الدائمة للجنة والمكلفة بإعداد التقارير ومحاضر الجلسات واإلجتماعات وإعداد‬
‫تقرير سنوي عن أنشطة اللجنة والذي يعرض عليها قصد المصادقة‪ ،‬كما تتألف‬
‫أيضا من األعضاء الجهويين والمتمثلين في المدير العام للمصالح بإدارة الجهة‪،‬‬
‫وممثل عن والية الجهة المعنية‪ ،‬والمسؤولون الجهويون عن المصالح الالممركزة‬
‫المعنية بمشاريع اإلستثمار والمسؤولين الجهويين عن المؤسسات العمومية على‬
‫مستوى الجهة المعنيين بمشاريع اإلستثمار وكل شخص يرى رئيس اللجنة فائدة‬

‫‪ - 238‬نكاوي سعيد‪ ،‬ميثاق الالتمركز اإلداري و التدبير الالمتمركز لإلستثمار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.886:‬‬

‫‪111‬‬
‫في مشاركته‪ ،‬مما يؤدي لتحقيق اإللتقائية في التدخالت والق اررات اإلستثمارية‬
‫‪239‬‬
‫على مستوى الجهة‪.‬‬
‫‪ -‬اللجنة الوزارية للقيادة‪ :‬وتحدث هذه اللجنة برئاسة رئيس الحكومة‪ ،‬ويعهد إليها‬
‫بقيادة إصالح المراكز الجهوية لإلستثمار وتتبع عملها في مجال تنفيذ السياسات‬
‫العمومية على المستوى الجهوي الرامية إلى إنعاش اإلستثمارات وتنميتها‪ ،‬وتتكون‬
‫هذه اللجنة من وزير الداخلية‪ ،‬واألمين العام للحكومة‪ ،‬ووزير الغقتصاد والمالية‪،‬‬
‫والوزير المكلف باإلستثمار‪ ،‬ويمكن لرئيس اللجنة دعوة كل سلطة حكومية أخرى‬
‫‪240‬‬
‫تكون معنية بالنقط المدرجة في جدول أعمال اجتماع اللجنة‪.‬‬
‫لقد أضحى إصالح المراكز الجهوية لإلستثمار فرصة سانحة للنهوض باإلستثمارات‬
‫الجهوية‪ ،‬وخاصة تلك المتعلقة بدعم المقاوالت الصغري والمتوسطة والتي تمثل أزيد من‬
‫إن هذا اإلصالح يندرج في إطار التنزيل‬ ‫‪241‬‬
‫‪ 91‬بالمائة من النسيج االقتصادي الوطني‪.‬‬
‫الفعلي للتدبير الالمتمركز لإلستثمار بالموازاة مع الالتمركز اإلداري ليشكال قاطرة لتفعيل‬
‫السياسات العمومية على المستوى الترابي في إطار التكامل والتنسيق واإلندماجية لتكريس‬
‫مطمح إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪ ،‬وذلك من خالل إعادة هيكلة المراكز الجهوية‬
‫لإلستثمار وتوسيع صالحياتها لتحسين نجاعة أدائها من خالل جمع كافة اللجان المعنية‬
‫باإلستثمار في لجنة واحدة‪ ،‬وتبسيط المساطر اإلدارية في وجه المستثمرين مما يساهم‬
‫في معالجة الملفات اإلستثمارية تحقيق النجاعة والمردودية وتحقيق اإللتقائية على مستوى‬
‫المتدخلين في الشأن اإلستثماري بالجهة‪ ،‬ضمن وعاء يوفر التنسيق والتشاور وسلطة‬
‫إتخاذ الق اررات ومواكبة تنزيل المشاريع اإلستثمارية‪.‬‬

‫‪ -‬نكاوي سعيد‪ ،‬ميثاق الالتمركز اإلداري و التدبير الالمتمركز لإلستثمار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪881:‬‬ ‫‪239‬‬

‫‪ -‬نكاوي سعيد‪ ،‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص‪.808:‬‬ ‫‪240‬‬

‫‪ - 241‬كراوي يوسف‪'' ،‬الدور الجديد للمراكز الجهوية لإلستثمار''‪ ،‬مقال منشور بالجريدة اإللكترونية هسبريس‪ ،‬تاريخ‬
‫الولوج ‪ 13‬أكتوبر ‪ 8181‬على الساعة ‪.06:11‬‬

‫‪111‬‬
‫إن القانون ‪ 19.02‬المتعلق بإصالح المراكز الجهوية لإلستثمار قد أجاب عن إشكاليات‬
‫تعدد اللجن التي كانت تشتغل دون سند قانوني يحدد إختصاصاتها وطرق عملها مما‬
‫جعلها تشكل عقبة أمام المستثمرين من خالل الروتين والتأخر في إتخاذ الق اررات‪ ،‬وبالتالي‬
‫جاء هذا اإلصالح الجديد لتحقيق النجاعة والفعالية في معالجة الملفات اإلستثمارية‬
‫وتوحيد عمل اللجان الجهوية المتدخلة في العملية مما جعلها تشكل إطا ار أوحد لمعالجة‬
‫الملفات وإبداء الرأي والبت في طلبات الرخص والق اررات واإلجراءات اإلدارية الالزمة‬
‫إلنشاء المشاريع اإلستثمارية مما يساهم في السرعة في إتخاذ القرار وعدم تضييع الفرص‬
‫التنموية وتوسيع مجال التنسيق والتشاور بين األطراف المتدخلة في القرار اإلستثماري‬
‫على المستوى الجهوي مما يشكل تفعيال إللتقائية السياسات اإلستثمارية وإستجابة لطلبات‬
‫‪242‬‬
‫المستثمرين الهادفة لتحقيق التنمية اإلقتصادية على المستوى الترابي‪.‬‬
‫وفي نفس اإلطار فقد جاء القانون المتعلق بإصالح المراكز الجهوية لإلستثمار‬
‫بإصالح هيكلي لهذه األخيرة حيث أصبحت بمقتضاه مؤسسات عمومية تتمتع باإلستقالل‬
‫المالي واإلداري‪ ،‬مما شكل إستجابة لجميع المشاكل التنظيمية التي كانت تعيق عمل‬
‫المراكز خاصة إشكالية غياب اإلنسجام بين المتدخلين في العملية اإلستثمارية وإختالالت‬
‫الموارد البشرية وضعف التمويل الذاتي لهذه المراكز عالوة على إشكاليات تدبير الصفقات‬
‫لذلك فنظام المؤسسة العمومية التي أضحت تمتاز بها المراكز الجهوية‬ ‫‪243‬‬
‫العمومية‪،‬‬
‫لإلستثمار ستتيح لها التوفر على مجلس إداري يجمع كافة المتدخلين في الشأن‬
‫اإلستثماري وهذا في حد ذاته تحقيق إللتقائية المتدخلين على مستوى المؤسسة العمومية‬
‫مما يسمح بتوحيد وجهات النظر وربح الوقت في إصدار القرار اإلستثماري عالوة على‬
‫ضمان النجاعة والمردودية في التدخالت العمومية على مستوى الجهة‪ ،‬كما يتيح نمط‬

‫‪ -‬السليماني مروان‪ ،‬المراكز الجهوية لإلستثمار وسؤال تحقيق الفعالية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون‬ ‫‪242‬‬

‫العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬طنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪-8102‬‬
‫‪ ،8109‬ص‪.009-002 :‬‬
‫‪ -‬نكاوي سعيد‪ ،‬ميثاق الالتمركز اإلداري و التدبير الالمتمركز لإلستثمار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪881:‬‬ ‫‪243‬‬

‫‪112‬‬
‫التدبير عن طريق المؤسسة العمومية إنفتاح المراكز على مختلف الفاعلين من مجالس‬
‫جهوية وممثلي القطاع الخاص‪ ،‬لتشمل إختصاصات المراكز المواكبة الشاملة للشركات‬
‫والمقاوالت الصغرى والمتوسطة والمساهمة في بلورة وتنزيل اإلستراتيجيات التنموية‬
‫ومواكبة التنمية المندمجة بتجانس مع السياسات العمومية‪ ،‬وذلك عبر إحداث قطبين‬
‫أساسيين وهما قطب ''دار المستثمر'' وقطب'' تحفيز اإلستثمار والعرض الترابي'' وتكريس‬
‫‪244‬‬
‫المراكز الجهوية لإلستثمار نظام الشباك الوحيد لإلستثمار على المستوى الجهوي‪.‬‬
‫إن كل هذه اإلجراءات واالليات الجديدة ستمكن من تحسين فعالية ونجاعة التدبير‬
‫بالمراكز الجهوية لإلستثمار‪ ،‬وستمكن جميع المتدخلين في العملية اإلستثمارية من إعمال‬
‫اليات التشاور والتنسيق والتعاون المفضي إلى تحقيق تنمية إقتصادية جهوية ترسخ لمبادئ‬
‫الفعالية والنجاعة والمردودية‪ ،‬وتبسيط المساطر اإلدارية‪ ،‬وتمكين المراكز من سلطة إتخاذ‬
‫القرار بعيدا عن تدخل السلطات المركزية مما يحقق إلتقائية السياسات العمومية‬
‫اإلستثمارية‪ .‬لكن ومع كل هذه اإلصالحات والنتائج المفرحة التي تم تحقيقها إال أنه‬
‫‪245‬‬
‫اليمكننا إعطاء حكم قيمة على فعاليتها خاصة وأن هذه اإلصالحات الزالت فتية‪،‬‬
‫وبالتالي علينا االنتظار قليال لنرى ما سيتمخض عن الممارسة العملية ‪ ،‬إال أنه وبالمقابل‬
‫نسجل بعض الجوانب التي أغفلها المشرع والتي وجب العمل على إعادة النظر فيها‬
‫وتقويمها لتحقيق نجاعة ومردودية أفضل‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإصالح المراكز الجهوية ل إالستثمار‪ :‬أأية محدودية‬


‫إن المساهمة في الدراسة النقدية إلصالح المراكز الجهوية لإلستثمار ال يكتسي‬
‫طابع التبخيس من الجهود المبذولة في سبيل خلق دعامة مؤسساتية هامة‪ ،‬لتحقيق إلتقائية‬

‫‪ -‬السليماني مروان‪ ،‬المراكز الجهوية لإلستثمار وسؤال تحقيق الفعالية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.081 :‬‬ ‫‪244‬‬

‫‪ - 245‬شاهدي احمد شوقي‪ ،‬المراكز الجهوية لإلستثمار بالمغرب‪ ،‬مكامن الخلل ومداخل اإلصالح‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.038-030:‬‬

‫‪118‬‬
‫السياسات اإلستثمارية‪ ،‬لكن نهدف من خالل هذه المالحضات التي سنقدمها إلى إثارة‬
‫إنتباه المشرع و صانعي السي اسات اإلستثمارية إلى بعض أوجه القصور والهفوات التي‬
‫نرى أنه من الالزم العمل على إصالحها من أجل بلوغ إصالح فعال ورامي إلى تعزيز‬
‫البعد االقتصادي واإلستثماري على مستوى الجهة‪ ،‬وتعزيز مكانة الجهة‪ ،‬وبلوغ تحقيق‬
‫إندماجية وإلتقائية السياسات اإلستثمارية على المستوى الجهوي‪ ،‬وتتجلى هذه المالحضات‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬يمكن أن نسجل على مستوى تركيبة المجالس اإلدارية للمراكز الجهوية‬
‫لإلستثمار على إعتبارها أضحت مؤسسة عمومية‪ ،‬غياب الجماعات الترابية‬
‫وكذا عمال العماالت واألقاليم من عضويتها مما يشكل تهميشا وإقصاء ال يمكن‬
‫تجاوزه علما أن الجماعات الترابية سيكون لها دور كبير خاصة في عرض برامج‬
‫عملها التي تحمل مقتضيات مهمة تهم البيئة اإلستثمارية على مستوى الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬و أيضا إقصاء ممثل الباطرونة التي ربما قد تعطي قيمة مضافة‬
‫‪246‬‬
‫للمجلس اإلداري إلطالعها بوضع المناخ اإلستثماري على المستوى الجهوي‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬ما يمكن مالحظته أيضا هو التنصيص على رئاسة والي الجهة للجان‬
‫الجهوية لإلستثمار وهذا نعتبره في حد ذاته تراجعا عن منطق اإلصالح بفعل‬
‫التجارب المتراكمة والناتجة عن تحكم و ازرة الداخلية في القرار اإلستثماري الذي‬
‫سبق وأن كان محط إنتقادات واسعة‪ ،‬وهذا ما يعني إستمرارية التبعية لو ازرة‬
‫الداخلية‪ ،‬وتمديد صالحياتها إلى مجاالت جديدة تجعل منها المحتكرة لملفات‬
‫التنمية االقتصادية على المستوى الجهوي على حساب الجماعات الترابية وعلى‬
‫رأسها الجهة‪ ،‬فعلى الرغم من التنصيص على عضوية رؤساء الجهات ضمن‬
‫تركيبة المجالس اإلدارية إال أن سيطرة الوالي ورئاسته لها ستفرغ هذه المؤسسة‬

‫‪ -‬السليماني مروان‪ ،‬المراكز الجهوية لإلستثمار وسؤال تحقيق الفعالية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.038 :‬‬ ‫‪246‬‬

‫‪118‬‬
‫من قيم الديمقراطية المحلية‪ ،‬ويجعلنا نتساؤل عن العالقة بين تسريع وتيرة‬
‫اإلستثمار وتربع الوالي على رأس هذه المؤسسة علما انه ليس سلطة منتخبة وال‬
‫‪247‬‬
‫شخصا يمكن محاسبته أمام البرلمان‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬يمكن أن نسجل أيضا بأن القانون المتعلق بإصالح المراكز الجهوية‬
‫لإلستثمار وإحداث اللجان الموحدة الجهوية لإلستثمار‪ ،‬لم يحدد المعايير التي‬
‫يمكن إعتمادها إلضفاء صبغة مشاريع إستثمارية على الطلبات المقدمة إليه‬
‫لإلستفادة من الق اررات والتراخيص الضرورية أو لعرضها على أنظار اللجنة‬
‫الجهوية الموحدة لإلستثمار‪ ،‬وهذا األمر حسب وجهة نظرنا قد يؤدي إلى طرح‬
‫بعض المشاكل المرتبطة بإقصاء بعض المشاريع وقبول مشاريع أخرى دون‬
‫‪248‬‬
‫اإلحتكام إلى معايير ثابتة‪.‬‬
‫‪ -‬رابعا‪ :‬كمالحظة أخرى يمكن تسجيلها وتتعلق بالقانون ‪ 19.02‬بحد ذاته هو‬
‫الجمع بين موضوعي‪ ،‬المراكز الجهوية لإلستثمار‪ ،‬واللجان الجهوية الموحدة‪،‬‬
‫وهذا ما قد يؤثر سلبا على إمكانية اإلحاطة بمختلف الجوانب المرتبطة بهما‬
‫خاصة في ظل المشاكل التي يمكن أن تطرحها الممارسة العملية على مستوى‬
‫حجم المهام وطريقة التنظيم وطريقة اإلشتغال‪.‬‬
‫‪ -‬خامسا‪ :‬لقد أدرج القانون ‪ 19.02‬الممثلين الجهويين لإلدارات العمومية المعنية‬
‫بتنمية اإلستثمارات‪ ،‬والمعينة بنص تنظيمي في عضوية المجالس اإلدارية‪ ،‬مما‬
‫يستدعي تقديم مالحظتين‪ .‬المالحظة األولى تتعلق بالتنظيم اإلداري للمصالح‬
‫الالممركزة الذي ال يتوافق مع التقطيع الترابي الجهوي خاصة فيما يتعلق بعدم‬
‫توفر بعض القطاعات الو ازرية على تمثيليات و ازرية الممركزة‪ ،‬وبالتالي فكيف‬

‫‪ -‬زعنون عبد الرفيع‪ ،‬تدبير التنمية الترابية بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.19.‬‬ ‫‪247‬‬

‫‪ -‬نكاوي سعيد‪ ،‬ميثاق الالتمركز اإلداري و التدبير الالمتمركز لإلستثمار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.803:‬‬ ‫‪248‬‬

‫‪111‬‬
‫يتم إستدعائها لتمثيل القطاع الذي ال يتوفر على إدارة جهوية ألشغال المجلس‬
‫اإلداري للمراكز الجهوي لإلستثمار‪ ،‬هذا من جهة أما المالحظة الثانية فتتمثل‬
‫في كون المراكز الجهوية لإلستثمار ترتبط بعالقات أفقية مع مختلف اإلدارات‬
‫على مستوى الجهة‪ ،‬وبالتالي فإستدعاد جميع التمثيليات اإلدارية العمومية‬
‫لحضور أشغال المجالس اإلدارية قد ينتج عنه التأثير السلبي الذي قد يحد من‬
‫‪249‬‬
‫فعاليتها‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬المدخل البشري‪ /‬التآأهيلي كرهان لتحقيق الإلتقائية‪.‬‬


‫إن السعي لتحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية من خالل إعتماد المدخل‬
‫البشري والتأهيلي‪ ،‬القائم على التعاطي مع تدبير الموارد البشرية بالجماعات الترابية التي‬
‫الزالت تعاني من عدة إكراهات قانونية وأخرى تنظيمية‪ ،‬سواء فيما يتعلق بالنخبة السياسية‬
‫التي تق ود الشأن العام الترابي‪ ،‬أو الموظفين الترابيين‪ ،‬بالرغم من المستجدات القانونية‬
‫والتنظيمية التي حملتها القوانين التنظيمية المؤطرة للجماعات الترابية والتي نص عليها‬
‫الدستور‪ ،‬والتي كان من المفروض أن تعالج كل هذه اإلكراهات‪ .‬األمر الذي بات يحتم‬
‫على المشرع إعادة النظر في تدبير الموارد البشرية السياسية واإلدارية‪ ،‬نظ ار للدور‬
‫المتعاضم الذي باتت تحتله في دورة السياسات العمومية الترابية من خالل إعتبار النخبة‬
‫السياسية كفاعل في الصناعة وإتخاذ القرار‪ ،‬عالوة على اإلجراءات اإلدارية المتعلقة‬
‫بالسياسات العمومية والتي يقوم بها الموظف الترابي‪ ،‬مع ما تتطلبه من السرعة والفعالية‬
‫والنجاعة من أجل ضمان عدم تضييع الفرص وإهدار الجهد والمال‪ ،‬وبالتالي إنتاج‬
‫سياسات عمومية غير فعالة‪.‬‬

‫‪ -‬الشافعي عبد الكريم‪ ''،‬قراءة في مشروع القانون المتعلق بإصالح المراكز الجهوية لإلستثمار''‪ ،‬مقال‬ ‫‪249‬‬

‫منشور بجريدة هسبريس اإللكترونية‪ ،‬تم اإلطالع على الموقع بتاريخ ‪ 19‬أكتوبر ‪ ،8181‬على الساعة ‪.02:11‬‬

‫‪111‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬تسعى الجماعات الترابية من خالل مواردها البشرية السياسية‬
‫واإلدارية إلى تحقيق التنمية وتحقيق النتائج المتوخاة من تنزيل البرامج والمشاريع‬
‫والمخططات والتنفيذ الفعال لها‪ ،‬والذي يستجيب لتطلعات المواطنين ويقدم بدائل لحل‬
‫مشاكلهم العمومية‪ ،‬وهذا المطمح ينصب باألساس على ضرورة الرفع مستوى وعي‬
‫المنتخب الترابي وإيمانه برسالته التنموية‪ ،‬وتعزيز قدراته التدبيرية من خالل إنفتاحه على‬
‫المواطنين وإعماله لمبادئ التعاون والتضامن والشراكة والتنسيق الفعال من أجل بلوغ‬
‫نجاعة التدبير العمومي الترابي(المطلب األول)‪ ،‬والبحث عن موظفين من ذوي الكفاءات‬
‫والخبرات من خالل إختيار أفضل العناصر القادرة على العمل باآلليات التدبيرية الحديثة‬
‫القائمة على التخطيط اإلستراتيجي‪ ،‬ودعائم اإلصالح اإلداري القادر على تقوية القدرات‬
‫التدبيرية واإلدارية للموظف الترابي(المطلب الثاني)‪ ،‬من أجل كسب رهان تحقيق إلتقائية‬
‫السياسات العمومية الترابية وضمان نجاعتها وفعاليتها في حل المشاكل العمومية الترابية‪.‬‬

‫المطلب الأول‪ :‬النخبة الس ياس ية الترابية ونجاعة تدبير الشآأن العام‪.‬‬
‫إن تحقيق التنمية الترابية وتكريس اإللتقائية الترابية‪ ،‬يتطلب بالضرورة االهتمام‬
‫بالمنتخب الترابي‪ ،‬بإعتباره المحور األساسي لتدبير شؤون الجماعات الترابية‪ ،‬وبالتالي‬
‫فإنه من الواجب أن يرتقي لمستوى الفاعل السياسي النشيط والفعال في النهوض‬
‫بالجماعات الترابية وتدبير شؤونها‪ ،‬وعلى هذا األساس فإن نجاح الجماعات الترابية في‬
‫تحقيق التنمية االقتصادية واإلجتماعية وبلوغ رهان إلتقائية السياسات العمومية الترابية‬
‫في ظل اإلختصاصات الواسعة التي أصبحت تتوفر عليها الجماعات الترابية في إطار‬
‫الجهوية المتقدمة‪ ،‬تستلزم توافر منتخب ترابي‪ ،‬يعي أهمية وثقل المسؤولية‪ ،‬وعلى وعي‬
‫بدوره الفعال في التنمية الترابية(الفرع األول)‪ ،‬كما أنه ال بد من إعطاء أهمية أكبر لتكوين‬
‫المنتخب الترابي بإعتباره الوسيلة األنجع لتعزيز القدرات التدبيرية وبالتالي تحقيق‬
‫الفعالية(الفرع الثاني)‬

‫‪112‬‬
‫الفرع الأول‪ :‬وعي المنتخب الترابيي بدوره التنموي‪.‬‬
‫يلعب المنتخب الجماعي دو ار محوريا فيما يتعلق بتدبير أمور الجماعات الترابية‬
‫األمر الذي يجعله محط إهتمام من طرف الدولة‪ ،‬وذلك راجع لدوره المحوري والهام في‬
‫‪250‬‬
‫تدبير شؤون الجماعات الترابية بما يحقق التنمية وجلب المشاريع العمومية والخاصة‪،‬‬
‫وبالتالي كان من الالزم على المنتخب الترابي اإلنفتاح على المواطنين وتعزيز التواصل‬
‫معهم(الفقرة االولى)‪ ،‬هذا فضال عن إنخراطه في مسار التضامن والتعاون والشراكة‬
‫خاصة مع شركات التنمية التي تعتبر دعامة أساسية لتنفيذ السياسات العمومية الترابية‪،‬‬
‫والتنزيل السليم للبرامج والمخططات(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة الأولى‪ :‬الإنفتاح على المواطنين وتعزيز التواصل‪.‬‬


‫يعتبر إنفتاح المنتخب الترابي على المواطنين والتواصل معهم‪ ،‬أحد أهم المؤشرات‬
‫القوية لنجاح تدبير ا لشأن العام الترابي‪ ،‬خاصة بعد تعاضم دورهم إذ لم يعد المواطن‬
‫مجرد أداة مناسباتية يتم اللجوء إليها فترة االنتخابات وبالتالي نزع الثقة من العملية‬
‫الديمقراطية برمتها وفقدانها في العالقة بين المواطنين والنخب السياسة‪ ،‬من هنا يظهر‬
‫أن المنتخب الترابي النموذجي هو المنتخب الحريص على اإلستشارة الدورية للسكان‬
‫والتجاوب معهم وإستشارتهم في قضايا الشأن العام الترابي‪ ،‬ومن ثم البحث عن الحلول‬
‫والبدائل الممكنة لحل مشاكلهم‪ ،‬مما يحقق التالحم بين الساكنة ومجالسهم المنتخبة‪،‬‬
‫‪251‬‬
‫وبالتالي مساهمة المواطنين في التنمية الترابية‪.‬‬

‫‪ - 250‬الزروقي عدنان‪ ،‬السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية‪،‬‬
‫مرجع سابق‪.890 ،‬‬
‫‪ -‬قافو رجاء‪ ،‬تدبير الموارد البشرية للجماعات الترابية وإشكالية التكوين المستمر‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‬ ‫‪251‬‬

‫في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬مراكش‪ ،‬السنة الدراسية‬
‫‪ ،8109-8106‬ص‪.86:‬‬

‫‪113‬‬
‫إن جمعيات المجتمع المدني قد أصبحت بمقتضى دستور ‪ ، 8100‬وما أعقب ذلك‬
‫من إصدار للقوانين التنظيمية تتبوء مكانة مهمة‪ ،‬وذلك عبر إمكانية رفع العرائض إلى‬
‫السلطات المنتخبة‪ ،‬كما أن اإلستجابة لهذه العرائض واإلنصات للساكنة ولهمومها‪،‬‬
‫سيشكل شعو ار بالمواطنة واإلنتماء‪ ،‬وهو أمر يدعم الديمقراطية الترابية ويؤدي إلى السعي‬
‫نحو تنزيل السياسات العمومية بمنطق المصلحة العامة‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى التجارب السابقة‪ ،‬فإننا نسجل ضعف التواصل بين المنتخبين الترابيين‬
‫وبين المواطنين‪ ،‬خاصة وأن هذه المسألة فتحت الباب لبيروقراطية إدارية ترابية معقدة‬
‫ب الشكليات والمساطر والسرية في العمل‪ ،‬مما أدى لرتابة الممارسة وبطئ في التنفيذ‪ ،‬مما‬
‫ال يتماشى مع مفهوم التدبير التشاركي ومع مبادئ الحكامة الجيدة التي تفترض إقامة‬
‫تواصل دائم بين النخبة السياسية والمواطنين من جهة‪ ،‬بل وحتى بينهم وبين الموظفين‬
‫الترابيين على مستوى الجماعات الترابية لتعزيز وتنسيق العمل المشترك‪ ،‬ألن توسيع‬
‫العالقة بين النخبة السياسية والموظفين سيزيد من دون شك في مردوديتهم وإنتاجهم‪ ،‬من‬
‫‪252‬‬
‫خالل اإلطالع على مشاكلهم وإكراهاتهم والعمل على حلها‪.‬‬
‫وللقيام بهذا الدور‪ ،‬يتوفر المنتخب الترابي والسيما رؤساء المجالس على عدة طرق‬
‫للتواصل مع المواطنين إما بشكل مباشر عن طريق اإلذاعة والجرائد ووسائل التواصل‬
‫االجتماعي‪ ،‬وكذا عبر تنظيم لقاءات دورية تواصلية لتدارس مشاكل السكان وإكراهاتهم‬
‫والصعوبات التي يجدونها في المرافق العمومية الترابية‪ ،‬وكذا اإلطالع على طموحاتهم‬
‫وتطلعا تهم ومحاولة برمجتها وإخراجها إلى حيز الوجود خالل إنعقاد دورات المجلس‬
‫وإدراجها بجداول أعماله‪.‬‬
‫تعد اآلليات التشاركية للحوار والتشاور التي نصت عليها القوانين التنظيمية‬
‫للجماعات الترابية‪ ،‬إحدى أهم اآلليات التي ينبغي على رؤساء المجالس التداولية‬

‫‪ -‬قدميري أحمد‪ ،‬تدبير الموارد المالية والبشرية للجماعات الترابية في ظل تطور الالمركزية الترابية بالمغرب‪،‬‬ ‫‪252‬‬

‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬مختبر األبحاث حول اإلنتقال الديمقراطي المقارن‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة الحسن األول‪ ،‬سطات‪ ،‬السنة الدراسية ‪ ،8102-8109‬ص‪.331-331:‬‬

‫‪111‬‬
‫إستغاللها م ن أجل اإلنفتاح على هموم وقضايا الشرائح المجتمعية‪ ،‬وتتمثل اآلليات‬
‫التشاورية التي نصت عليها القوانين التنظيمية للجماعات الترابية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تحدث على مستوى الجهات بمقتضى المادة ‪ 009‬من القانون التنظيمي للجهات‬
‫ثالث هيئات إستشارية لدى مجلس الجهة وهي‪ ،‬هيئة المساواة وتكافؤ الفرص‬
‫ومقاربة النوع‪ ،‬وهيئة إستشارية تختص بدراسة القضايا المتعلقة بإهتمامات‬
‫الشباب‪ ،‬و هيئة إستشارية بشراكة مع الفاعلين اإلقتصاديين بالجهة تهتم بدراسة‬
‫القضايا الجهوية ذات الطابع االقتصادي‪.‬‬
‫‪ -‬كما نصت المادة ‪ 000‬من القانون التنظيمي المتعلق بالعماالت واألقاليم‪ ،‬على‬
‫أنه تحدث لدى مجلس العمالة أو اإلقليم هيئة إستشارية بشراكة مع فعاليات‬
‫المجتمع المدني تختص بدراسة القضايا اإلقليمية المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة‬
‫وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع‪.‬‬
‫‪ -‬كما نصت المادة ‪ 081‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات‪ ،‬على أنه‬
‫تحدث لدى مجلس الجماعة هيئة تختص بدراسة القضايا المتعلقة بتفعيل مبادئ‬
‫المساواة وتكافئ الفرص ومقاربة النوع تسمى''هيئة المساواة وتكافؤ الفرص‬
‫ومقاربة النوع''‬
‫إن القيام بأعباء التخطيط والتوجيه والقيادة وإدارة الفعل التنموي على مستوى‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬هو أمر بالغ األهمية ألنه يتعلق بإستيعاب المشاكل والتعامل معها‪،‬‬
‫وهو أمر يخص النخبة السياسية خصوصا‪ ،‬وأفراد المجتمع المدني عموما في عالقة أشبه‬
‫بعالقة الروح بالبدن‪ ،‬وبذلك تتكون للنخبة السياسية وظائف مميزة تختلف وتتميز عن‬
‫وظائف باقي النخب األخرى‪ ،‬فالنخبة السياسية على مستوى الجماعات الترابية هي التي‬
‫تقوم بوظيفة التنسيق والمواءمة بين أنشطة المؤسسات والهياكل المختلفة داخل المجتمع‬
‫بغرض الوصول إلى أفضل صيغة مشتركة وموحدة للعمل في إطار تدبيري تشاركي‬
‫لمواجهة مختلف المشاكل واألزمات المختلفة‪ ،‬وتحقيق التنزيل السليم للسياسات العمومية‬

‫‪111‬‬
‫القادرة على ضمان تحقيق التنمية االقتصادية واإلجتماعية واإلستجابة لمتطلبات‬
‫الساكنة‪ 253،‬وبالتالي فإن إعمال المقاربات التشاركية ستؤدي إلى تجاوز العقليات التقليدية‬
‫في مقاربة التنمية على مستوى السياسات الترابية‪ ،‬من خالل اإلرتقاء بالعقليات السياسية‬
‫والسماح لمكونات المجتمع المدني باإلنخراط في إتخاذ القرار والتعبير عن مشاكلهم‬
‫ومتطلباتهم من خالل آليات الحوار والتواصل‪ ،‬بينهم وبين النخبة السياسية على مستوى‬
‫‪254‬‬
‫الجماعات الترابية‪.‬‬
‫ومن خالل ماسبق‪ ،‬نرى أن الطلبات‪ ،‬هي موضوع رغبات الساكنة‪ ،‬والتي يتم‬
‫بلورتها من طرف النخبة السياسية عن طريق البرامج والمخططات من خالل اإلتصال‬
‫بهم واإلستماع إليهم‪ ،‬والقيام بزيارات ميدانية لإلطالع على البنيات والتجهيزات األساسية‬
‫التي تتوفر عليها الجماعات الترابية المعنية‪ ،‬مما ينتج عنه تحقيق إلتقائية السياسات‬
‫العمومية الترابية‪ ،‬من خالل تبني سياسات عمومية قائمة على التشخيص الدقيق الناجم‬
‫عن إعمال آليات التواصل واإلنفتاح على المواطنين لإللمام بالطلبات االجتماعية‪ ،‬من‬
‫أجل إتخاذ سياسات عمومية ترابية تشكل بدائل لحل المشاكل العمومية‪ ،‬دون تضييع‬
‫للفرص أو إهدار للجهد والمال في سياسات عقيمة‪ ،‬غير قادرة على إيجاد البدائل الحقيقية‬
‫بسبب عدم الفهم الدقيق لمشاكل المواطنين ومتطلباتهم‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الإنخراط في منطق التعاون والتضامن والشراكة‪.‬‬


‫لقد نص دستور ‪ 8100‬في الفصل ‪ 036‬على مجموعة من المبادئ ومن جملتها‬
‫التعاون والتضامن‪ ،‬والذي أكدته القوانين التنظيمية للجماعات الترابية من خالل تنصيصها‬
‫على هذه المبادئ‪ ،‬والتي تعد بحق آليات مهمة في تقوية القدرات التدبيرية للجماعات‬

‫‪ -‬هسكر بهيجة‪ ''،‬الجماعة المقاولة بالمغرب‪ :‬األسس المقومات والرهانات''‪ ،‬سلسلة الالمركزية واإلدارة‬ ‫‪253‬‬

‫المحلية‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬العدد ‪ ،8101 ،1‬ص‪.96:‬‬


‫‪ -‬شنفار عبد الله‪''،‬الفاعلون في السياسات العمومية الترابية''‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد‬ ‫‪254‬‬

‫‪ ،031‬السنة ‪ ،8181‬ص‪.319-316:‬‬

‫‪111‬‬
‫الترابية‪ ،‬وذلك لكون عبئ تحقيق التنمية الترابية ال يمكن للجماعات الترابية القيام به‬
‫لوحدها دون الدخول في منطق التعاون والتضامن والشراكة‪ ،‬من خالل البحث عن موارد‬
‫مالية إضافية تمكنها من إنجاز المشاريع التنموية والتي تعود على الساكنة بالنفع‪ ،‬وبالتالي‬
‫فهذه المهمة موكولة إلى النخبة السياسية على مستوى الجماعات الترابية التي يشترط‬
‫فيها مبدئيا‪ ،‬التوفر على مستوى تعليمي وتأهيلي يناسب حجم المسؤوليات والمهام الموكولة‬
‫إليها فضال عن توفرها على إلمام وتكوين وخبرة بأساليب اإلدارة والتدبير والتسيير‪.‬‬
‫من خالل هذا المنطلق‪ ،‬فالواقع يستلزم توافر ''نخبة سياسية'' ذات كفاءة ولها من‬
‫القدرات واإلمكانيات المعرفية ما يجعلها قادرة على ترجمة المبادئ الدستورية والنصوص‬
‫من خالل إعدادها المحكم لبرامجها التنموية لترجمتها‬ ‫‪255‬‬
‫التنظيمية على أرض الواقع‪،‬‬
‫إلى مشاريع وبرامج ملموسة‪ ،‬قائمة على مبادئ الشراكة والتعاون والتضامن والتنسيق‬
‫واإللتقائية‪ ،‬فال يمكن تصور قدرة كل جماعة ترابية على العمل بإنفراد‪ ،‬السيما أمام‬
‫إكراهات قلة الموارد المالية التي تعاني منها الجماعات الترابية‪ ،‬وهذا ما يفترض إلمام‬
‫المنتخب الجماعي باآلليات القانونية التي تمكنه من توسيع دائرة تدخالته واإلستفادة منها‬
‫والتنزيل السليم لمبدأ الشراكة والتعاون والتضامن بين الجماعات‪ ،‬أو بينها وبين شركات‬
‫التنمية المحلية‪ .‬لكن نتساءل هنا‪ ،‬إلى أي حد يمكن للنخبة السياسية المتربعة على عرش‬
‫الجماعات الترابية أن تضطلع بهذه األدوار والمهام‪ ،‬واإللمام بهذه اآلليات القانونية‬
‫والدستورية في ظل هيمنة المال السياسي على العمليات اإلنتخابية وعدم قدرة السلطات‬
‫فضعف مستوى النخبة‬ ‫‪256‬‬
‫على محاصرة هذه الظاهرة التي أفرزت لنا نخب الترميق‪،‬‬
‫السياسية المكلفة بقيادة الجماعات الترابية والتي هي نتاج ديمقراطية فاسدة سادت فيها‬
‫ثقافة المال والزبونية ورضا السلطة في مقابل معيار الكفاءة والتكوين العالي‪ 257،‬أفرز لنا‬

‫‪ -‬محمد زين الدين‪'' ،‬إشكالية تجديد النخب بالمغرب''‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.99 :‬‬ ‫‪255‬‬

‫‪ -‬زعنون عبد الرفيع‪ ،‬تدبير التنمية الترابية بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.812:‬‬ ‫‪256‬‬

‫‪ -‬العطري عبد الرحيم‪ ،‬صناعة النخبة بالمغرب‪ :‬مفارقات التوريث واإلستحقاق‪ ،‬مطبعة ووراقة بالل‪ ،‬فاس‪،‬‬ ‫‪257‬‬

‫الطبعة الرابعة‪ ،8181 ،‬ص‪.99:‬‬

‫‪112‬‬
‫نخبة سياسية عقيمة ال تنتج برامج ومشاريع ومخططات مبنية على التناغم واإلنسجام‬
‫مع متطلبات الجهوية المتقدمة‪ ،‬وغير قادرة على اإلنخراط في منطق التعاون والتضامن‬
‫والشراكة‪.‬‬
‫إن عمل المنتخب الترابي كنخبة سياسية ترابية‪ ،‬ال يجب أن ينحصر فقط في التسيير‬
‫اليومي لقضايا الجماعات الترابية‪ ،‬بل إن التطور النوعي الذي تشهده هذه األخيرة‪ ،‬المتمثل‬
‫في اإلنتقال من التسيير اإلداري التقليدي إلى التدبير الفعال المبني على الفعالية والنجاعة‬
‫وال تدبير المقاوالتي‪ ،‬والذي يأخذ بعين اإلعتبار مبدأ التخطيط بإعتباره من أبرز المبادئ‬
‫الحكماتية التي يقوم عليها تدبير الشأن العام الترابي‪ ،‬مما يحتم على المنتخب أن يكون‬
‫أكثر إنفتاحا وإلماما باآلليات القانونية التي تمكنه من توسيع دائرة تدخالته واإلستفادة‬
‫منها‪ ،‬وأ ن يتصف بصفة ''المنتخب المقاول''‪ ،‬وهنا ربما تكمن الصعوبة في الجمع بين‬
‫‪258‬‬
‫عقلية اإلدارة‪ ،‬وعقلية المقاول التي تقوم على الربح وتحقيق المردودية‪.‬‬
‫إن ما يجب أن يتميز به المنتخب الترابي على مستوى الجماعات الترابية‪ ،‬يكمن‬
‫في التحكم في الخيارات والتوظيف المعقلن والفعال لإلمكانيات والموارد المالية والبشرية‬
‫وتجانسها مع األهداف المرسومة سلفا‪ ،‬في إطار التخطيط اإلستراتيجي المتمثل في‬
‫المخططات والتصاميم والبرامج على مستوى الجماعات الترابية‪ ،‬والتي أصبحت اليوم‬
‫تقوم على منطق النتائج أكثر من منطق الوسائل في إطار التدبير العمومي الجديد‪.‬‬
‫إن من بين اآلليات المهمة التي يجب على المنتخب الترابي اإلستعانة بها لتحقيق‬
‫التعاون والتضامن والشراكة في ميدان التدبير والتسيير والبرمجة والتخطيط‪ ،‬نجد شركات‬
‫التنمية سواء على المستوى الجهوي أو على مستوى الجماعات الترابية األخرى‪ ،‬والتي‬
‫توفر فرصة حقيقية نحو تحديث المنظومة التدبيرية للجماعات الترابية في المجالت‬
‫اإلقتصادية من جهة‪ ،‬والرفع من الموارد الذاتية لها من جهة أخرى‪ ،‬كما سبق وأن تطرقنا‬
‫إلى ذلك في المبحث األول‪.‬‬

‫‪ -‬عقلة عبد الحق‪ ،‬دراسات في علم التدبير‪ ،‬دار القلم للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية‪،8119،‬‬ ‫‪258‬‬

‫ص‪062:‬‬

‫‪118‬‬
‫لكن المالحظ‪ ،‬هو وجود تراخي وغياب للمبادرة في كثير من األحيان من طرف‬
‫النخبة السياسية على مستوى الجماعات الترابية‪ ،‬وذلك راجع لمحدودية تكوينهم الذي ال‬
‫يؤهلهم لإلنخراط في عالقات تشاركية مع شركات تنموية راكمت من الخبرة والكفاءة‬
‫الشيء الكثير‪ ،‬وهذا ما يدفعنا إلى المناشدة بضرورة جعل محدد التكوين والتجربة‬
‫المقاوالتية والخبرة في التدبير والتسيير‪ ،‬كشروط ضرورية للترشح على األقل لمنصب‬
‫رئاسة الجماعات الترابية‪.‬‬
‫نفس العزوف أيضا‪ ،‬طبع تعامل المنتخب الترابي مع آليات التعاون بين الجماعات‬
‫رغم أهميته في تعبئة الطاقات البشرية والمالية حول مشاريع ذات فائدة مشتركة بينها‬
‫وذلك راجع إلى تردد منتخبي الجماعات الغنية في غالب األحيان عن التعاون مع‬
‫الجماعات الفقيرة وتضارب المصالح بينها أو رفض بعض المنتخبين التنازل عن بعض‬
‫صالحياتهم لفائدة هيأة ترابية أخرى‪ ،‬هذا فضال عن جهل بعضهم بالقانون وبآليات‬
‫التعاون والتضامن الترابي‪ .‬ولعالج هذا المشكل يتطلب األمر وجود منتخبين ترابيين‬
‫مبادرين‪ ،‬لهم القدرة على خلق إتفاقيات من شأنها أن تعود بالنفع على الجماعات الترابية‪،‬‬
‫ال سيما في المجاالت التي ال تستطيع هذه األخيرة تمويلها بمفردها‪ ،‬هذه اإلتفاقيات‬
‫ستمكنها من البحث عن شركاء جدد من الداخل أوالخارج‪ ،‬وهي إمكانية مهمة إذا تم‬
‫إستغاللها بشكل معقلن‪.‬‬
‫إن تدبير الشأن العام الترابي بالطريقة المثلى رهين بتأهيل المنتخب الترابي‪ ،‬بحيث‬
‫يشكل التكوين العالي والممنهج والسلوكيات األخالقية القناة الرئيسية لتحسين أداء المنتخب‬
‫لذلك فإن تدبير الشأن العام الترابي واإلنخراط في منطق التعاون والتضامن‬ ‫‪259‬‬
‫الترابي‪،‬‬
‫يستلزمان بالضرورة تشبع المنتخب بالقيم والمبادئ وبالكفاءة في التدبير والتسيير التي لن‬
‫تتأتى إال من خالل تخليق االنتخابات التي تعتبر القناة األولى إلفراز منتخبين ترابيين‬

‫‪ -‬حسين سهام‪ ،‬دور السلوكيات األخالقية في اإلصالح اإلداري‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪،‬‬ ‫‪259‬‬

‫كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪،8119-8112‬‬
‫ص‪.880:‬‬

‫‪118‬‬
‫جديرين بتحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقهم األمر الذي يفترض توفرهم على قيم‬
‫العدا لة والنزاهة واألمانة والكفاءة‪ ،‬وفي هذا السياق يبرز دور األحزاب السياسية‪ ،‬التي‬
‫ولألسف تمنح تزكيتها في االنتخابات لمرشحين أميين وعديمي التجربة‪ ،‬والثقافة السياسية‬
‫والتدبيرية في نفس الوقت‪ ،‬لكن في مقابل ذلك يتوفرون على نفوذ وسلطة معنوية ومادية‬
‫تكون هي المحدد للتنخيب‪ ،‬الذي يكون فارغا من محتوى الكفاءة والخبرة والتجربة وعقيم‬
‫المردودية‪.‬‬
‫من خالل ماسبق‪ ،‬فالسعي لتحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية ال تتطلب‬
‫فقط مداخل قانونية ومؤسساتية وتنظيمية لتحقيقها‪ ،‬بل ال بد من مداخل تأهيلية وبشرية‬
‫تمكننا من إرساء ثقافة المنتخب الذي يجمع بين السياسة واإلدارة وحسن التسيير والتدبير‬
‫من أجل أجرأة وتنزيل السياسات العمومية على أرض الواقع‪ ،‬بكل كفاءة وحنكة ومردودية‬
‫عالية في تحقيق النتائج‪ ،‬وهذا لن يتحقق إال بتأهيل النخبة السياسية الترابية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التكوين كدعامة لتآأهيل النخبة الس ياس ية الترابية‪.‬‬


‫الشك أن تدبير الشأن العام الترابي يتطلب كفاءات وقدرات كبيرة قد تفوق إمكانيات‬
‫المنتخب الترابي‪ ،‬مما يحتم علينا لتعزيز قدراتهم التدبيرية العمل على القيام بتكوينات‬
‫مستمرة لفائدتهم حتى يكونوا على أتم اإلستعداد لمواجهة التحديات واإلشكاالت التي‬
‫تصادفهم على المستوى العملي‪ ،‬ولهذه الغاية ال يمكن إلقاء كل العبئ على الدولة بل ال‬
‫بد من تضافر الجهود والعودة ألصل المشكل‪ ،‬وبالتالي فحل هذه اإلشكالية التي تعرقل‬
‫بلوغ رهان إلتقائية السياسات العمومية‪ ،‬يجب أن تتقاسمها األحزاب السياسية التي يفترض‬
‫فيها أن تقوم بتكوين منتخبيها والرفع من مستواهم(الفقرة األولى)‪ ،‬عالوة على إحداث إطار‬
‫مؤسساتي يهدف إلى تكوين المنتخبين الترابيين على غرار التجارب الدولية المقارنة(الفقرة‬
‫الثانية)‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫الفقرة الأولى‪ :‬ا ألحزاب الس ياس ية وتكوين المنتخب الترابيي‪.‬‬
‫إن الوصول إلى تدبير الشأن العام الترابي يستلزم بالضرورة التوفر على مستوى‬
‫تعليمي يمكن المنتخب الترابي من ممارسة التدبير والتسيير والتخطيط‪ ،‬لكن المالحظ هو‬
‫تراخي المشرع عن فرض المؤهل العلمي كشرط للترشح إلنتخابات مجالس الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬أو على األقل إشتراطها بالنسبة للرئيس ونوابه بإعتبارهم أداة المجلس ومحركه‪،‬‬
‫لذلك فمن الالزم أن يكونوا على إطالع ودراية بالنصوص القانونية والجوانب التقنية‬
‫واإلدارية للجماعات الترابية‪ ،‬لكن في نفس الوقت‪ ،‬نرى أنه ال يجب أن نحمل المسؤولية‬
‫كاملة للدولة‪ ،‬بل يجب أن يتم تقاسم المسؤولية مع األحزاب السياسية أيضا‪ 260،‬بل وحتى‬
‫الهيئات والمؤسسات والمنظمات التي تشتغل في مجال البحث العلمي والتكوين والتي تهتم‬
‫بالشأن الترابي‪ ،‬إذا كنا بالفعل نؤمن بالتشارك والتعاون من أجل المنفعة العامة‪.‬‬
‫فإذا كان المشرع قد جعل على عاتق الجهات مسؤولية اإلشراف على تكوين أعضاء‬
‫المجالس الترابية‪ ،‬فإن هذا ال يعفي األحزاب السياسية من القيام بدورها في هذا المجال‪،‬‬
‫بل هو دور سابق حتى لدور الجهات على إعتبار أنه من المفروض أن يكون المنتخب‬
‫الترابي قد تلقى عدة تكوينات داخل حزبه السياسي الذي ينتمي إليه قبل منحه التزكية‬
‫الحزبية للدخول إلى غمار اإلستحقاقات اإلنتخابية الجماعية والجهوية‪ ،‬وإال فكيف‬
‫لألحزاب السياسية أن ترفع في خطاباتها شعارات حسن التدبير والحكامة في التسيير وهي‬
‫في نفس الوقت من يعرقل مسار التنمية بالمغرب نتيجة تفريخها لمنتخبين دون المستوى‪،‬‬
‫يفترض فيهم قيادة قاطرة التنمية على مستوى الجهات والجماعات الترابية األخرى‪ ،‬بسبب‬
‫‪261‬‬
‫هيمنة محدد الزبونية الحزبية والمال وتبادل المصالح السياسية الضيقة‪.‬‬

‫‪ -‬شنفار عبد الله‪''،‬الفاعلون في السياسات العمومية الترابية''‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.816-811:‬‬ ‫‪260‬‬

‫‪ -‬غفال عماد‪ ،‬الحكامة الجيدة ورهانات التنمية المحلية بالمغرب‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون‬ ‫‪261‬‬

‫العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪-8108‬‬
‫‪ ،8103‬ص‪.802 :‬‬

‫‪111‬‬
‫إنه من الواجب على األحزاب السياسية أن تعيد النظر في توزيع التزكيات بإشتراط‬
‫محدد الكفاءة والمستوى التعليمي‪ ،‬هذا عالوة على التنزيل السليم لبرامج األحزاب فيما‬
‫يتعلق بالتكوين وتأطير المنتخبين‪ ،‬وأن تخرج من إطار الشعارات والمتمنيات واآلمال‬
‫العابرة التي تظهر في المناسبات اإلنتخابية لتختفي بعدها‪ ،‬فال شك أن ضعف أو غياب‬
‫البرامج التكوينية التي من المفروض أن تقدمها األحزاب السياسية للمنتخب الترابي ينعكس‬
‫سلبا على تدبير الشأن العام الترابي من جهة‪ ،‬وعلى سمعة ومصداقية المنتخب الترابي‬
‫والحزب المنتمي إليه من جهة أخرى‪ ،‬سيما وأن العزوف اإلنتخابي منتشر بشكل كبير‬
‫ألسباب عديدة‪ ،‬يعود جزء منها إلى غياب الثقة في األحزاب السياسية‪ ،‬نتيجة الوجوه‬
‫الحزبية التي تقدمها لإلستحقاقات اإلنتخابية والتي تفتقر إلى الكفاءة والحنكة والتكوين‬
‫‪262‬‬
‫الفعال‪ ،‬ويبقى محدد المال والفساد اإلنتخابي هو المسيطر على المشهد السياسي‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس‪ ،‬أصبحت مسألة الرفع من المستوى التأهيلي للمنتخب الترابي‬
‫ضرورة ملحة‪ ،‬لكن في نفس الوقت يجب أن نميز بين تكوين المنتخب ومستواه التعليمي‪،‬‬
‫فالعديد من المنتخبين خصوصا على مستوى الجماعات الترابية بالوسط القروي‪ ،‬أميون‬
‫ومستوياتهم التعليمية جد متدنية وبالتالي فعن أي تكوين نتحدث‪ ،‬في ظل وجود منتخبين‬
‫جماعيين غير قادرين على مسايرة وفهم ما يلقن لهم من األساس‪ ،‬وبالتالي ال يمكن وضع‬
‫سياسة تكوينية على هذا األساس والمعطى‪ ،‬من خالل هذه التباينات‪ ،‬وفي ظل تكوين‬
‫يتم في ميادين متعلقة بالتدبير وعلم اإلدارة والتسيير المقاوالتي‪ ،‬وبالتالي فالوظيفة اإلنتدابية‬
‫ونجاح سياسة التكوين المستمر‪ ،‬تفترض في األصل مستوى تكويني وتعليمي معين يمكن‬
‫المنتخبين الجماعيين من فهم األدوار وتحمل المسؤوليات‪ ،‬والرفع من مكانة الجماعات‬

‫‪-‬جردان إدريس‪ ،‬دور العنصر البشري في تنمية الجماعات المحلية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون‬ ‫‪262‬‬

‫العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،8118-8110 ،‬ص‪.096 :‬‬

‫‪112‬‬
‫وبالتالي فعن أي إلتقائية للسياسات العمومية‬ ‫‪263‬‬
‫الترابية إقتصاديا وتنمويا وإجتماعيا‪،‬‬
‫الترابية نطمح لبلوغها‪ ،‬في ظل هذه اإلكراهات التي وجب التعامل معها بحزم‪ ،‬وعلى‬
‫األحزاب السياسية تحمل مسؤوليتها في تفريخ مجالس ترابية غير قادرة على تدبير الشأن‬
‫العام من داخل مجالس الجماعات الترابية‪.‬‬
‫لم يعد من المقبول‪ ،‬أن يستمر الوضع على ما هو عليه‪ ،‬فقد آن األوان لألحزاب‬
‫السياسية أن ت ارجع ذاتها من أجل تأهيل نخبها وإعمال تكوينات أساسية وضرورية‪ ،‬بل‬
‫تكون دورية ومواكبة للمستشارين المنتمين لكل حزب من أجل مواكبتهم ومساعدتهم على‬
‫تدبير شؤون جماعاتهم الترابية‪ ،‬ومدهم بكافة الوسائل واآلليات الضرورية لتدبير الشأن‬
‫العام الترابي‪ ،‬وبالتالي فاألحزاب السياسية اليوم مسؤولة عن تدبير الشأن العام بطريقة‬
‫مباشرة‪ ،‬فلم يعد من المقبول أن تتجاهل نوعية النخب التي تمنحها التزكية للتنافس على‬
‫لما لذلك من عالقة وطيدة بنجاعة التدبير والتسيير في‬ ‫‪264‬‬
‫تدبير الشأن العام الترابي‪،‬‬
‫ظل اإلختصاصات الواسعة المسندة للجماعات الترابية‪ ،‬وفي ظل ما جاء به الميثاق‬
‫الوطني لالتمركز اإلداري من توسيع لصالحيات المصالح الالممركزة وتعاظم أدوارها‬
‫على المستوى الترابي‪ ،‬بل وفي ظل رهان بلورة نموذج تنموي جديد مرتقب‪ ،‬والذي يجب‬
‫أن يحمل ضمن مرتكزاته األساسية تأهيل المنتخب الترابي وتحديد معايير للتنخيب‬
‫السياسي قائمة على المستوى التعليمي األكاديمي والكفاءة العالية في التدبير‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬خلق اإطار مؤسساتي للتكوين‪.‬‬


‫إن السلطة المركزية اليوم أصبحت تعول كثي ار على المستوى الجهوي في تكوين‬
‫الكفاءات وإفراز النخب الترابية‪ ،‬بل األكثر من ذلك‪ ،‬فإن المستوى الجهوي من خالل‬

‫‪ -‬عدالني حنان‪ ،‬تأهيل الموارد البشرية وتطوير أساليب تدبيرها بالوظيفة العمومية المغربية‪ ،‬رسالة لنيل‬ ‫‪263‬‬

‫شهادة الماستر بالقانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫السنة الدراسية ‪ ،8100-8101‬ص‪.61-63:‬‬
‫‪ -‬شنفار عبد الله‪''،‬الفاعلون في السياسات العمومية الترابية''‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.810 :‬‬ ‫‪264‬‬

‫‪113‬‬
‫تحمله مسؤولية اإلشراف على تكوين المنتخبين الترابيين‪ ،‬الذي يشكل مجاال خصبا‬
‫لمعالجة المشاكل التي تعيق عمل هذا األخير في ظل ضعف المستوى التعليمي‪ ،‬وتعقد‬
‫الشأن العام الترابي بصفة عامة‪ ،‬وإبراز الخصوصيات وتحديات إثراء المعارف وتعلم‬
‫أولويات الحكم‪ ،‬وفضاءا مثاليا لممارسة الديمقراطية الترابية‪ ،‬سواء كان المنتخب ينتمي‬
‫لألغلبية أو للمعارضة‪ ،‬لذلك فهذه التكوينات سوف تفيد ال محال في تطوير المنتخب‬
‫الترابي في ظل تعقد المهام وصعوبتها‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فإن تحميل المستوى الترابي المتمثل في الجهات هذا الدور طرح أكثر‬
‫من صعوبة‪ ،‬سيما وأن الجهات تخوض ألول مرة هذه التجربة‪ ،‬األمر الذي جعلها تعاني‬
‫من تأخر واضح في القيام بهذا الدور‪ ،‬واإلعتماد على الو ازرة الوصية في القيام ببعض‬
‫الندوات واللقاءات التي تبقى دون المستوى المطلوب‪ ،‬مما يحتم على بعض الجهات‬
‫اإلسراع في اإلنتهاء من التصميم المديري الجهوي للتكوين المستمر وأجرأته وتفعيله على‬
‫أرض الواقع‪ ،‬السيما وأن الوالية اإلنتخابية قد شارفت على اإلنتهاء‪.‬‬
‫إن إعتماد المناضرات واللقاءات والندوات رغم أهميتها في عملية التكوين‪ ،‬فإن‬
‫طابعها المناسباتي واإلنتقائي وعدم إعطائها الطابع اإللزامي يجعلها غير كافية‪ ،‬مما يحتم‬
‫إحداث مؤسسات دائمة وقارة من شأنها تقوية وتعزيز القدرات التدبيرية للمنتخب الترابي‪،‬‬
‫لمواجهة التحديات التي تطرحها الجهوية المتقدمة في بداياتها األولى‪ ،‬فنجاح هذه المرحلة‬
‫يعني الفوز بالرهان والفشل يعني تجدد اإلكراهات والعراقيل‪.‬‬
‫و بالنظر إلى اإلمكانيات التي يتطلبها تدبير المسائل المالية واإلقتصادية الترابية‪ ،‬السيما‬
‫في ظل اإلختصاصات الكبيرة والمتنوعة التي تتوفر عليها الجماعات الترابية‪ ،‬فإن ذلك‬
‫يستلزم على األقل خلق معهد عالي للجماعات الترابية على المستوى الوطني‪ ،‬وخلق فروع‬
‫له على المستوى الجهوي وعلى مستوى العماالت واألقاليم‪ ،‬ووضع مناهج تعليمية هادفة‬
‫تأخذ بعين اإلعتبار مختلف مستويات المنتخبين‪ ،‬وكذلك اإلنفتاح على المعاهد والكليات‬
‫الوطنية قصد اإلستفادة من دروسها وتجربة أساتذتها حتى يتحقق نوع من التكامل ما بين‬
‫الجانب النظري والميداني‪ ،‬وذلك إقتداء بالتجارب الدولية في هذا المجال‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫لقد أكدت التجربة الفرنسية هذا التوجه‪ ،‬حيث نجد أن فرنسا أحدثت مؤسسة وطنية‬
‫تم إنشائها بمقتضة المرسوم التطبيقي رقم ‪ 08.16.98‬وكذا التجربة السويدية التي تعتبر‬
‫رائدة في هذا المجال و التي أحدثت المدرسة المحلية السويدية وتعنى بتكوين المنتخبين‬
‫وهو ما نبهت إليه المناظرة الوطنية المنعقدة بتطوان سنة ‪ 0991‬تحت‬ ‫‪265‬‬
‫المحليين‪،‬‬
‫شعار''إعالم وتكوين المنتخبين'' والتي خرجت بتوصيات مهمة في هذا اإلطار‪ ،‬لكن‬
‫ولألسف بقيت حبيسة الرفوف دون أدنى محاولة من صانعي السياسات إلخراجها لحيز‬
‫الوجود‪ ،‬حيث تمت التوصية بإنشاء مراكز للتكوين المهني متخصصة في التسيير‬
‫الجماعي وتنظيم دروس للمنتخبين لمتابعتهم‪ ،‬وإحداث مؤسسة دائمة للتكوين تقام على‬
‫الصعيد الوطني‪ ،‬يمكن للمنتخبين ولوجها مباشرة بعد اإلنتخابات للرفع من كفاءاتهم على‬
‫المستوى الجهوي لتعزيز الهياكل السياسية للجماعات الت اربية‪ ،‬وإحداث مراكز للتكوين‬
‫على الصعيد الوطني والجهوي والمحلي للتتبع والتقييم وتنظيم دورات تكوينية وتدريبية‬
‫ميدانية تخص منهجية تحديد حاجيات الجماعات والتعرف على برامجها ومشاريعها‬
‫‪266‬‬
‫لتكوين المنتخبين بناء عليها‪.‬‬
‫عموما يمكن القول أن تمكين المنتخب الترابي من آليات وأدوات اإلشتغال‪ ،‬يجب‬
‫أن يشكل أولوية في برامج اإلصالح العام والشمولي‪ ،‬ألنه يعتبر حاليا محط العديد من‬
‫اإلنتقادات وسببا لجملة من العراقيل‪ ،‬ولكن إذا تم العمل على تجاوزها فحتما نستطيع‬
‫حينئذ الحديث عن منتخب ترابي مؤهل لصناعة وتنفيذ السياسات العمومية وقادر على‬
‫بلورة اآلليات التنسيقية بين مختلف المتدخلين لبلوغ إلتقائية السياسات العمومية على‬
‫منهج علمي معرفي سليم يتحمل مسؤولية إعداد برامج ومخططات وتصاميم فعالة وناجحة‬
‫سواء من خالل التصور أو تعبئة الموارد المالية والبشرية‪ ،‬وكذا من خالل تنفيذها السليم‬

‫‪ -‬قدميري أحمد‪ ،‬تدبير الموارد المالية والبشرية للجماعات الترابية في ظل تطور الالمركزية الترابية بالمغرب‪،‬‬ ‫‪265‬‬

‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.313:‬‬


‫‪ -‬عدالني حنان‪ ،‬تأهيل الموارد البشرية وتطوير أساليب تدبيرها بالوظيفة العمومية المغربية‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬ ‫‪266‬‬

‫ص‪.086:‬‬

‫‪111‬‬
‫القادر على حل المشاكل العمومية والحيلولة دون تضييع الفرص التنموية وإهدار للجهد‬
‫والمال في مشاريع لن ترى النور وبالتالي السعي لتحقيق اإللتقائية المنشودة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الموظف الترابيي ورهان الإصالح الإداري لتحقيق الإلتقائية‪.‬‬


‫إن المقاربات الشاملة الرامية إلى معالجة إشكالية تدبير موظفي الجماعات الترابية‪،‬‬
‫تستوجب صياغة رؤية جديدة قائمة على أساس وضع إستراتيجية مبنية على اإلنسجام‬
‫والتكامل واإلندماج بين كل الرؤى السياسية‪ ،‬التي تروم تحديث وتطوير الجماعات الترابية‬
‫إنطالقا من الدور الحيوي الذي بات يلعبه الموظف الترابي في منظومة التنمية الترابية‪،‬‬
‫داخل‬ ‫‪267‬‬
‫مما أصبح يطرح وبإلحاح مقاربة جديدة تتوخى تحديث وتطوير منظومة العمل‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬وبالتالي تحديث البنيات واآلليات التي تؤطر وظيفة تدبير الموارد‬
‫البشرية من أجل تحقيق عنصر الكفاءة والخبرة الالزمتين لتكريس إلتقائية السياسات‬
‫العمومية الترابية‪ ،‬في الشق المتعلق بالتنسيق والتخطيط اإلداري لتحقيق التنمية المندمجة‬
‫على مستوى الجماعات الترابية‪ ،‬خصوصا بعد تعاظم دور الموظف الترابي‪ ،‬خاصة‬
‫بأقسام التخطيط والتعمير وقسم الموارد المالية والبرمجة والميزانية‪ .‬وبناء عليه سنتطرق‬
‫في هذا المطلب لدور التخطيط اإلستراتيجي في تطوير اإلدارة الترابية(الفرع األول)‪ ،‬كما‬
‫سنتطرق لدراسة إصالح وتحديث الهياكل اإلدارية وآليات التوظيف بالجماعات‬
‫الترابية(الفرع الثاني)‬

‫الفرع الأول‪ :‬دور التخطيط الإستراتيجي في عقلنة تدبير الموظف الترابيي وتحقيق رهان‬
‫الإلتقائية‬
‫يعتبر التخطيط من أولى العمليات المطلوبة من المسؤولين‪ ،‬وهو وسيلة مساعدة‬
‫على تحقيق األهداف‪ ،‬وأمام اإلكراهات التي يعاني منها العنصر البشري على مستوى‬

‫‪ -‬جردان إدريس‪ ،‬دور العنصر البشري في تنمية الجماعات المحلية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪029 :‬‬ ‫‪267‬‬

‫‪111‬‬
‫التخطيط‪ ،‬أصبح لزاما على اإلدارة القيام بإجراءات تصحيحية للوضع من خالل إعمال‬
‫التدبير التوقعي للموارد البشرية(الفقرة االولى)‪ ،‬ثم اإلستعانة بتقنيات تحليل وتوصيف‬
‫الوظائف(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة الأولى‪ :‬تبني الهيئات الالمركزية للتدبير التوقعي للوظائف‪.‬‬


‫لقد تم تبني التدبير التوقعي كإستراتيجية تخطيطية منذ ستينيات القرن الماضي‪،‬‬
‫كإمتداد لما يعرف بالتخطيط اإلستراتيجي للموارد البشرية‪ ،‬وبرز بشكل ملحوظ خالل‬
‫الثمانينيات من القرن الماضي في إدارة المقاوالت الخاصة‪ ،‬أما المنظمات العامة فلم‬
‫تتبنى هذا التدبير التوقعي إال فيما بعد وخاصة مع بداية التسعينيات‪ ،‬وباإلطالع على‬
‫التجربة الفرنسية‪ ،‬فالتدبير التوقعي بفرنسا ظهر مع منشور الوزير األول الصادر في ‪83‬‬
‫فبراير‪ 0929‬الذي دعا مختلف اإلدارات العمومية إلى تبني هذا النمط من التدبير الذي‬
‫بدأت بوادر نجاحه بالظهور‪ ،‬من أجل العمل على تعزيز القدرات اإلدارية باإلدارات‬
‫‪268‬‬
‫العمومية‪.‬‬
‫ويعتبر التدبير التوقعي في إدارة العاملين باإلدارات العمومية بمثابة عملية تشخيصية‬
‫لما تم تقويمه وتصحيحه‪ ،‬وعملية تروم تقليص الفوارق واإلختالالت بين الموارد الحالية‬
‫المتاحة وإسقاطاتها المستقبلية‪ ،‬كما يعد إطا ار للبناء المنسجم للقرار و لتلبية األهداف‬
‫الطويلة األمد بتحديد األعمال التي يجب البدء في إنجازها في وقت معين للتوفر على‬
‫الموظفين الضروريين‪ ،‬كما أنه توقع وإستشراف ممنهج للعرض والطلب المستقبلي على‬
‫‪269‬‬
‫األطر اإلدارية كيفما كان نوعها‬
‫وفي هذا اإلطار أصبح إعتماد هذه اآللية في مجال تدبير الموارد البشرية من‬
‫المقاربات الآلزمة والضرورية التي يمكن إعتمادها قبل ممارسة العمليات الوظيفية‬

‫‪268‬‬
‫‪- Frederique BIGEYE, Gestion de ressources hymaines, dunod,Paris,1997,p81.‬‬
‫‪ -‬عدالني حنان‪ ،‬تأهيل الموارد البشرية وتطوير أساليب تدبيرها بالوظيفة العمومية المغربية‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬‬ ‫‪269‬‬

‫ص‪.29:‬‬

‫‪112‬‬
‫المرتبطة بإستقطاب كفاءات جديدة‪ ،‬وتكمن أهمية التدبير التوقعي للوظائف والكفاءات‬
‫في كونه يشمل األداة التي تمكن من معرفة الحالة الراهنة والمستقبلية للموارد البشرية‪،‬‬
‫وذلك بهدف اإلستعمال الفعال والمعقلن لها‪ ،‬ومن أجل تحقيق التوازن الكمي والكيفي‬
‫كما أنه يعتبر‬ ‫‪270‬‬
‫لمختلف األطر‪ ،‬ومالءمتها مع الحاجيات وتطور المهام والوظائف‪.‬‬
‫من اآلليات التي يمكن بواسطتها تحديد نقط القوة قصد إستغاللها وإستثمارها‪ ،‬وتحديد نقط‬
‫الضعف قصد معالجتها وتجاوز سلبياتها بناء على النتائج المحصل عليها‪ .‬ومن خالل‬
‫عملية التدقيق والرصد يمكن إتخاذ مجموعة من التدابير التقويمية والعالجية التي تستهدف‬
‫‪271‬‬
‫وضع نظام حديث مبني على التدبير اإلستراتيجي للعنصر البشري‪.‬‬
‫كما يعتبر التدبير التوقعي للموارد البشرية من اآلليات الضرورية للتوفيق بين عروض‬
‫وطلبات الشغل الذي يمكن تحقيقه‪ ،‬من خالل الدراسات التوقعية لتطوير حاجيات المحيط‬
‫اإلداري للمنظمات واإلدارات العمومية من خالل تكوين وتأهيل الكفاءات الضرورية‬
‫‪272‬‬
‫والمالئمة والقادرة على تلبية هذه اإلحتياجات‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬فإن التدبير التوقعي يهدف إلى تنفيذ ومتابعة سياسات ومخططات‬
‫عمل منسجمة‪ ،‬ترمي إلى إختزال الفوارق المرتقبة بين الحاجيات والموارد المستقبلية‬
‫لإلدارة في عالقة مع مخططها التنموي واإلستراتيجي‪ ،‬وبالتالي فهو يهدف إلى تبني‬
‫إجراءات وإتخاذ ق اررات لمواجهة طوارئ المستقبل‪ ،‬على عكس الدراسات الواقعية التي‬
‫تختلف عن التدبير التوقعي‪ ،‬في كونها ظهرت في فترة سابقة عنه من جهة‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى فالدراسات الواقعية تقوم على أساس ما هو متوفر دون اللجوء إلى األسلوب التوقعي‬
‫المبني على معطيات مستقبلية ودراسات إستراتيجية مما يجعل الدراسات الواقعية أقل‬

‫‪ -‬جردان إدريس‪ ،‬دور العنصر البشري في تنمية الجماعات المحلية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.098 :‬‬ ‫‪270‬‬

‫‪ -‬قدميري أحمد‪ ،‬تدبير الموارد المالية والبشرية للجماعات الترابية في ظل تطور الالمركزية الترابية بالمغرب‪،‬‬ ‫‪271‬‬

‫مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.319 :‬‬


‫‪272‬‬
‫‪- Francois VETTES; La gestion prévisionnelle et mesure de la performance,‬‬
‫‪dunod, paris,2008,p23.‬‬

‫‪118‬‬
‫فائدة من التدبير التوقعي الذي يعتبر من العلوم اإلدارية المعمول بها في مجال تدبير‬
‫‪273‬‬
‫المنظمات‪.‬‬
‫إنه باإلطالع على واقع الجماعات الترابية‪ ،‬نستطيع أن نستنتج إفتقارها لدليل مرجعي‬
‫للوظائف والكفاءات وبالتالي غياب التحليل التوقعي للمؤهالت وعدم توظيفها في العملية‬
‫التدبيرية للموارد البشرية‪ ،‬مما يترتب عن ذلك على مستوى الممارسة‪ ،‬التدبير العشوائي‬
‫للكفاءات والمؤهالت‪ ،‬ويمكن رصد هذه المشاكل التدبيرية التي يجب العمل على إيجاد‬
‫حلول لها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬غياب التحليل التوقعي للمؤهالت وعدم تدقيق حاجيات التوظيف بناء على‬
‫توصيف حقيقي للوظائف ومناصب الشغل‪ ،‬وضعف آليات التوظيف ودراسة‬
‫الملفات واإلختيار واإلنتقاء‪.‬‬
‫‪ -‬غياب التناسب ما بين مؤهالت العنصر البشري والمهام الواجب ممارستها‪ ،‬مما‬
‫يؤدي إلهدار الكفاءات والمؤهالت ويؤثر على مردودية العمل اإلداري التدبيري‬
‫داخل الجماعات الترابية‪.‬‬
‫‪ -‬غياب منهجية لضبط مواطن القصور والضعف لدى موظفي الجماعات الترابية‬
‫بسبب ضعف التصور اإلستراتيجي في مجال الموارد البشرية وكيفية إستثمارها‪،‬‬
‫مما ينعكس سلبا على تحقيق األهداف التنموية التي تصبوا إليها الجماعات‬
‫‪274‬‬
‫الترابية‪.‬‬
‫إن ما يعاب حسب وجهة نظرنا‪ ،‬على تدبير الموارد البشرية بالجماعات الترابية‪،‬‬
‫يكمن في كونه ال يساير اإلكراهات والحاجيات الجديدة لتدبير الشأن العام الترابي‪ ،‬وال‬
‫يستجيب لطموحات الموظفين في تنظيم مسارهم الوظيفي‪ ،‬لذلك بات من الالزم إجراء‬
‫دراسات ميدانية وإحداث بنك معلومات ومعطيات حول تطور الموارد البشرية بالجماعات‬
‫الترابية وأن تتضمن الدراسة التوجهات العامة للتصميم المديري‪ ،‬والخاص بكل قطاع‬

‫‪273‬‬
‫‪- Francois VETTES,op,cit,p25.‬‬
‫‪ -‬جردان إدريس‪ ،‬دور العنصر البشري في تنمية الجماعات المحلية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.91-29 :‬‬ ‫‪274‬‬

‫‪118‬‬
‫وبكل الوظائف المختلفة من أجل التحديد الدقيق لمختلف الوظائف المزاولة من طرف‬
‫موظفي الجماعات الترابية‪ ،‬وبالتالي فإن اإلعتماد على إطار مرجعي شمولي‪ ،‬من شأنه‬
‫أن يحدد المبادئ والتوجهات التي ستمكننا من اإلنتقال من منطق التسيير القانوني‬
‫للموظفين إلى تبني منطق التدبير الحديث للموارد البشرية‪.‬‬
‫ومن أجل الرفع من فعالية ونجاعة اإلدارة الترابية على إعتبارها من المداخل‬
‫المساهمة في تحقيق إلتقائية السياسات العمومية‪ ،‬إنطالقا من ضرورة توافر النجاعة‬
‫والكفاءة في التدبير والتخطيط والتسيير من طرف األطر اإلدارية بالجماعات الترابية‪،‬‬
‫والتي تعمل في نفس النسق والسياق مع النخبة السياسية المكلفة بتسيير شؤون هذه‬
‫الجماعات‪ ،‬بات من الالزم على المشرع وضع نظام أساسي خاص بموظفي إدارة‬
‫الجم اعات الترابية على غرار ما هو معمول به في النظام األساسي للوظيفة العمومية‪،‬‬
‫‪275‬‬
‫لكن في نفس الوقت عليه أن يراعي خصوصيات الوظائف بهذه الجماعات عموما‪.‬‬
‫ويجب أن يحدد النظام األساسي المذكور على وجه الخصوص‪ ،‬حقوق وواجبات الموظفين‬
‫بإدارة الجماعة ومؤسسات التعاون بين الجماعات‪ ،‬ومجموعات الجماعات الترابية والقواعد‬
‫المطبقة على وضعيتهم النظامية‪ ،‬ونظام أجورهم طبقا لما تنص عليه المادة ‪ 089‬من‬
‫القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات‪ ،‬على غرار النموذج الفرنسي حيث أسهم إلقرار‬
‫وظيفة عمومية ترابية في تطوير كلي وشمولي لنظام اإلدارة المحلية وساهم في الرفع من‬
‫مردودية األداء والتوزيع الجيد لألدوار وإعتماد آليات مناسبة للتواصل الداخلي والخارجي‪،‬‬
‫‪276‬‬
‫والتتبع والتقييم مع توفير وسائل العمل‪.‬‬
‫وتماشيا مع التوجهات األساسية والقانونية الجديدة يتعين مراعاة خصوصيات اإلدارة‬
‫الجهوية حيث لم يحظ اإلطار التنظيمي الخاص بموظفي الجهة بتعديالت مهمة‪ ،‬تراعي‬
‫خصوصيته وأهميته في ظل المستجدات المتتالية التي طرأت على التنظيم الترابي للمملكة‪،‬‬

‫‪ -‬شوراق محمد‪ ،‬إختصاصات الجماعات الترابية في ظل القانون التنظيمي رقم ‪ ،003.01‬دار أبي رقراق‬ ‫‪275‬‬

‫للطباعة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،8109 ،‬ص‪.382:‬‬


‫‪ -‬زعنون عبد الرفيع‪ ،‬تدبير التنمية الترابية بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.862 :‬‬ ‫‪276‬‬

‫‪121‬‬
‫حيث إن إعطاء دور تنموي بارز للمجالس الجهوية يعني بالضرورة إثقال كاهل موظفي‬
‫الجهة بأعباء ومسؤوليات جديدة تتطلب هيكلة مغايرة‪ ،‬وهو ما لم يستجب له القانون إال‬
‫بشكل محدود‪ ،‬بالتنصيص على دور رئيس الجهة في تحديد تنظيم وإختصاصات اإلدارة‬
‫‪277‬‬
‫الجهوية‪.‬‬
‫ولهذه األسباب فقد أصبح إقرار وظيفة ترابية جهوية مطلبا ضروريا حسب وجهة‬
‫نظرنا‪ ،‬من أجل إسناد الدور الممنوح للجهة في قيادة التنمية ومن أجل تحقيق إلتقائية‬
‫السياسات العمومية الترابية‪ ،‬عبر إشرافها على قضايا التخطيط الترابي وإعداد التراب‬
‫وبرامج التنمية الجهوية‪ ،‬وتنفيذ هذه البرامج والمخططات والمشاريع بواسطة مؤسسات‬
‫متخصصة كشركات التنمية الجهوية والمحلية‪ ،‬والوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع‪ ،‬وهي‬
‫إختصاصات تتطلب موارد بشرية متخصصة تمكن من مواكبة الرهانات الكبرى المتوخاة‬
‫من مسار الجهوية المتقدمة‪ ،‬عبر منحها نظاما إستثنائيا عن طريق الوضع رهن اإلشارة‬
‫ولمدة محدودة ألطر عليا من أصحاب الخبرة والكفاءة من إدارات ومؤسسات عمومية‪،‬‬
‫‪278‬‬
‫عالوة على اإلستعانة بكفاءات عليا في وضعية تقاعد‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬على مس توى تحليل وتوصيف الوظائف‪.‬‬


‫لتبني تدبير توقعي للموارد البشرية بالجماعات الترابية ال بد من اإلعتماد على وسائل‬
‫مساعدة‪ ،‬والتي يمكن أن نسجل بصددها وسيلتين أساسيتين‪ ،‬ما يتعلق بتحليل الوظائف‬
‫كوسيلة أولى‪ ،‬عالوة على الوسيلة الثانية المتمثلة في توصيف الوظائف‪.‬‬
‫‪ -‬فيما يتعلق بتحليل الوظائف‪ :‬يعد تحليل الوظائف الخطوة األولى لعملية‬
‫التخطيط للموارد البشرية‪ ،‬وذلك قصد تحقيق المالءمة والموازنة بين األفراد‬
‫ومتطلبات العمل الحقيقية‪ ،‬ويعرف تحليل الوظائف بكونه عملية تروم دراسة‬

‫‪ -‬المادة ‪ 083‬من القانون التنظيمي ‪ 000.01‬المتعلق بالجهات‪.‬‬ ‫‪277‬‬

‫‪ -‬تقرير المجلس االقتصادي واإلجتماع ي والبيئي‪ ،‬متطلبات الجهوية وتحديات إدماج السياسات القطاعية‪،‬‬ ‫‪278‬‬

‫إحالة ذاتية رقم ‪ ،8106/88‬ص‪.39:‬‬

‫‪121‬‬
‫وتحليل مضامين الوظائف التي يشغلها العاملون بالجماعات الترابية‪ ،‬من حيث‬
‫المهام التي يؤديها كل منهم بمؤهالته ومسؤولياته وذلك بغرض إعداد قائمة‬
‫جديدة بالوظائف وتوصيف لكل وظيفة‪.‬‬
‫وعملية التحليل هاته تهدف إلى الحصول على مختلف المعلومات والحقائق التي‬
‫تتعلق بتحديد مواصفات ومهام الوظائف‪ ،‬وتحديد مضمونها‪ ،‬وكذا شرح ظروف‬
‫أدائها وأساليب القيام بها‪ ،‬وكذا عالقتها بالوظائف األخرى‪ ،‬وهذا التحليل يهدف‬
‫إلى إعطاء معنى دقيق وشامل للوظيفة‪ ،‬بحيث يتم التعرف على مختلف الخبرات‬
‫والمؤهالت الفنية والمعرفية ومختلف الشروط العامة والخاصة المرتبطة بهذا‬
‫العمل والغرض من كل ذلك‪ .‬كما أن تحليل الوظائف يعتبر الوسيلة الوحيدة‬
‫ال متاحة حاليا إلدارة الموارد البشرية إلعداد قائمة وظائف جديدة وتوصيف لكل‬
‫‪279‬‬
‫وظيفة بأسلوب علمي ومفيد‪.‬‬
‫‪ -‬فيما يتعلق بتوصيف الوظائف‪ :‬فيقصد به الوصف الوظيفي‪ ،‬وإعداد وصفي‬
‫لكل ما تتضمنه الوظيفة وتحديد مواصفات شاغلها‪ ،‬وذلك بعد أن تكون اإلدارة‬
‫قد قامت بتحليل لوظائفها‪ ،‬ويتضمن توصيف الوظائف بيانات عديدة لعل أهمها‬
‫التعريف بالوظيفة ومستواها التنظيمي‪ ،‬ووصف للواجبات األساسية والمسؤوليات‬
‫المختلفة‪ ،‬عالوة على بيئة ومحيط الوظيفية‪ ،‬والعالقات الوظيفية‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫الصالحيات التي يتمتع بها شاغل الوظيفة ومواصفاته‪ ،‬بمعنى الشروط‬
‫‪280‬‬
‫والمؤهالت والمعارف والقدرات والمهارات الواجب توفرها في شاغل الوظيفة‪.‬‬

‫‪ - 279‬جريفة محمد‪ ،‬تنمية القوى البشرية‪ :‬التخطيط اإلستراتيجي للكفاءات‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‬
‫في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الدراسية‬
‫‪ ،8112-8119‬ص‪.98:‬‬
‫‪ -‬عدالني حنان‪ ،‬تأهيل الموارد البشرية وتطوير أساليب تدبيرها بالوظيفة العمومية المغربية‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬ ‫‪280‬‬

‫ص‪.96:‬‬

‫‪122‬‬
‫هذا ويمثل الوصف الوظيفي السليم الحجر األساس لكل عمل بإدارة الموارد‬
‫البشرية‪ ،‬لذلك فإن إعداده يعتبر مهما على الرغم من أن عملية إجراء التوصيف‬
‫هي عملية مكلفة ومعقدة ويتطلب إعدادها إستثما ار مهما‪ ،‬لكن فوائدها على‬
‫اإلدارة جد مهمة ألن ذلك يساعد على إعداد أنظمة األجور والمكافئات وإعداد‬
‫نظام لتقييم العاملين‪ ،‬وكذا إعداد خطط التطوير والتدريب وتسهيل إدماج العاملين‬
‫واإلرتقاء بعملية التعيين‪.281‬‬
‫وبناء على ماسبق فإن إعداد قائمة توصيف الوظائف تتضمن جميع‬
‫البيانات والتوضيحات الممكنة لتوصيف دقيق للمنصب من شأنها أن يساعد‬
‫على التدبير التوقعي للموارد البشرية للجماعات الترابية‪ ،‬الشيئ الذي سيمكن‬
‫هذه األخيرة من التحكم في وظائفها وتعزيزها وذلك من أجل مواكبة المسار‬
‫التنموي الذي إنخرطت فيه‪ ،‬والذي يصعب عليها مواكبته دون معرفة إحتياجاتها‬
‫من الموارد البشرية كميا ونوعيا‪ ،‬كما أن التدبير التوقعي سيساهم في الحد من‬
‫اإلشكاالت التي تتخبط فيها الجماعات الترابية والتي تنعكس سلبا على مردودية‬
‫مواردها البشرية مما من شأنه خلق اإلنسجام بين مختلف وظائف تدبير الموارد‬
‫البشرية بالجماعات الترابية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬ضرورة التحديث والإصالح لبلوغ تحقيق التقائية الس ياسات‬
‫إن تعزيز الدور التدخلي للجماعات الترابية في ظل التحديات التي الزالت مطروحة‬
‫أمامها في سياق تفعيل ورش الجهوية المتقدمة‪ ،‬ينبغي تدعيمه بأطر وموارد بشرية ذات‬
‫إختصاصات متنوعة‪ ،‬ولها إلمام وتكوين مستمر في مجال التخطيط والتنشيط واإلقتصاد‪،‬‬
‫وأن تكون واعية بواجباتها ومسؤولياتها‪ ،‬ومؤهلة لتفعيل إختصاصاتها وقادرة على مواكبة‬

‫‪- Francois VETTES,op,cit,p34.‬‬


‫‪281‬‬

‫‪123‬‬
‫متغيرات تدبير الشأن العام الترابي‪ ،‬حتى تتمكن من إنتاج سياسات عمومية ترابية تكون‬
‫أكثر فعالية وذات جودة تراعي مطمح تحقيق اإللتقائية للتعبير عن إحتياجات وطموحات‬
‫أفراد المجتمع‪ ،‬الذي يشترط منطقيا توفر الموظف الترابي على الكفاءة والقدرة على الفعل‬
‫واإلبتكار واإلبداع من خالل تحسين ظروف عيشه وتمتعه بخدمات جيدة‪ ،‬وهذا لن يتأتى‬
‫إال من خالل تقوية القدرات اإلدارية(الفقرة األولى)‪ ،‬وتحديث آليات التوظيف والتكوين‬
‫والتحفيز(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة الأولى‪ :‬على مس توى تقوية القدرات الإدارية‪.‬‬


‫يتطلب التدبير الترابي اإلستراتيجي تأهيل وتحديث الجهاز اإلداري الترابي‪ ،‬وهو ما‬
‫يفترض إعادة هيكلة البنيات اإلدارية لتالئم األدوار التنموية للجماعات الترابية‪ ،‬إذ قد‬
‫يكون الجهاز اإلداري وسيلة لضمان فعالية العمل الجماعي‪ ،‬أو كابحا يحول دون فعاليته‬
‫بفعل ظهور بيروقراطية ترابية تتسم بوجود هياكل إدارية جامدة أبعد ما تكون عن مبادئ‬
‫الفعالية والنجاعة بسبب غموض أدوارها‪ ،‬ويبقى الهيكل التنظيمي آلية لتوزيع المهام‬
‫والمسؤوليات بين األقسام الجماعية من القمة إلى القاعدة كما يتضح من نماذج الهياكل‬
‫وذلك‬ ‫‪282‬‬
‫الت نظيمية المرفقة بمنشور وزير الداخلية المتعلق بتنظيم إدارات الجماعات‪،‬‬
‫بشكل مترابط ومتجانس يعكس األهداف المستمدة من إختصاصات وصالحيات‬
‫ورغم أن هذا المنشور قد حاول خلق نوع من‬ ‫‪283‬‬
‫الجماعات للرفع من أدائها ومردوديتها‪،‬‬
‫التمايز والخصوصية في توزيع األقسام والمصالح تبعا لعدد السكان إال أنه قد جاء على‬
‫العموم بتراتبية إدارية نمطية ال تراعي الفروقات بين الجماعات الفقيرة والغنية‪ ،‬وال الكائنة‬
‫في المستوى الحضري أو القروي‪.‬‬

‫‪ -‬راجع منشور وزير الداخلية عدد ‪ 13‬بتاريخ ‪ 82‬يوليوز ‪ 8106‬بشأن تنظيم إدارات الجماعات‪ ،‬منشور‬ ‫‪282‬‬

‫بالبوابة الوطنية للجماعات الترابية ‪www.pncl.gov.ma‬‬


‫‪ - 283‬شوراق محمد‪ ،‬إختصاصات الجماعات الترابية في ظل القانون التنظيمي رقم ‪ ،003.01‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪.389‬‬

‫‪121‬‬
‫لذلك يتطلب األمر تجاوز هذا التناقض السوسيو‪-‬إداري والعمل على تكييف الهياكل‬
‫التنظيمية مع الوسط البشري واإلجتماعي ومع الحقائق والخصوصيات الترابية‪ ،‬لذلك‬
‫وجب العمل على تقييم نظم اإلدارة الخاصة بالجماعات الترابية ومدى مالءمتها لحجم‬
‫فال يعقل مثال أن تعمل جماعة ترابية كبيرة‬ ‫‪284‬‬
‫وطبيعة األعمال والمهام المنوطة بها‪،‬‬
‫الحجم بنفس التنظيمات اإلدارية لجماعة ترابية صغيرة أو متوسطة‪ ،‬األمر الذي يجعلنا‬
‫نطرح بقوة مسألة ضرورة إصالح اإلطار الهيكلي للجماعات الترابية ومراجعة الشبكة‬
‫اإلدارية من حيث نوعية البنيات اإلدارية ومدى تخصيصها بمهام ووظائف مناسبة‪.‬‬
‫إضافة إلى ماسبق‪ ،‬يتعين تعزيز شبكة المصالح اإلدارية الترابية بآليات جديدة تواكب‬
‫المنظور الجديد للتدبير الترابي‪ ،‬وتوفير البنيات المؤسسية المواكبة للتنمية الترابية‪ ،‬حيث‬
‫ال يستقيم الحديث عن دور إقتصادي للجماعات الترابية ومساهمتها في تشجيع اإلستثمار‬
‫دون التوفر على هياكل متخصصة تابعة لها‪ ،‬إذ ال يوجد بين هذه المصالح كلها أية‬
‫خلية إدارية مكلفة بالتفكير في التدبير اإلستراتيجي للتنمية‪ ،‬تكون بعيدة عن التدبير‬
‫اإلداري اليومي ومكلفة فقط بابتكار أساليب جديدة للعمل التنموي وتتوفر على أطر‬
‫‪285‬‬
‫متخصصة في التخطيط‪.‬‬
‫وموازاة مع التجديد التنظيمي‪ ،‬ينعين على السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية مواكبة‬
‫الجماعات الترابية من أجل تقوية قدراتها اإلدارية والتنظيمية‪ ،‬وتحسين مردوديتها وتجويد‬
‫خدماتها‪ ،‬عبر التنزيل المناسب لما ورد في القوانين التنظيمية من قواعد الحكامة المتعلقة‬
‫بحسن تطبيق مبدأ التدبير الحر وذلك بوضع منظومة متكاملة للتدبير العصري تتضمن‬

‫‪ -‬زعنون عبد الرفيع‪ ،‬تدبير التنمية الترابية بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.891 :‬‬ ‫‪284‬‬

‫‪ -‬قافو رجاء‪ ،‬تدبير الموارد البشرية للجماعات الترابية وإشكالية التكوين المستمر‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.26:‬‬ ‫‪285‬‬

‫‪121‬‬
‫إعداد نماذج للوحات القيادة‪ ،‬وإعداد نظام معلوماتي مندمج يهم المجاالت المالية‬
‫‪286‬‬
‫والمحاسبية‪ ،‬ووضعه رهن إشارة الجماعات الترابية وإعداد دالئل للمساطر اإلدارية‪.‬‬
‫وبالموازاة مع تثمين الموارد المالية وتأهيل الكفاءات البشرية‪ ،‬يتعين اإلنخراط في‬
‫نهج تعاقدي جديد يتجاوز مخلفات المرحلة السابقة‪ ،‬حيث تحولت عقود الدولة والجماعات‬
‫الترابية بمناسبة إنجاز بعض المشاريع الوطنية ذات البعد الترابي إلى عقود إذعان‪ ،‬ال‬
‫تملك فيها أي مجال للتقرير‪ ،‬إذ كرست وضعا فوقيا للدولة بحكم قوتها المؤسساتية‬
‫والمادية‪ ،‬مما يجعلها تفرض شروطها ورؤيتها ورهاناتها على الشركاء الترابيين‪ ،‬وبهذا‬
‫المسار فالتعاقد يتحول من فرصة إلى خطر على اإلستقالل المالي واإلداري الترابي‬
‫‪287‬‬
‫وينذر بعودة الشكل المركزي في التدبير‪.‬‬
‫لقد إحتلت إشكالية الرقابة مكانة مفصلية في التنظيم اإلداري المغربي‪ ،‬سواء من‬
‫ناحية التأطير القانوني أو من حي ث المطالب السياسية المتعلقة بتوسيع آفاق الالمركزية‬
‫وسبل تعزيز إستقاللية الجماعات الترابية‪ ،‬بشكل يسمح بضمان التواصل بين األجهزة‬
‫المدبرة والهيئات الرقابية‪.‬‬
‫إن الدولة تملك الحق في ممارسة الرقابة على الجماعات الترابية قصد التأكد من‬
‫مدى إحترامها إلختصاصاتها‪ ،‬ومطابقة ق ارراتها لألنظمة الجاري بها العمل‪ ،‬إال أنه أحيانا‬
‫تتجاوز هذه المراقبة حدود المشروعية لتبحث عن المالءمة‪ 288.‬ويتضح ذلك في إشكاالت‬
‫التأشير على الميزانية والمقررات المالية التي لها وقع على الميزانية‪ ،‬كما سبق وأن تطرقنا‬
‫لذلك في الفصل األول من هذه الرسالة‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 8‬من المرسوم ‪ 8.09.316‬الخاص بتحديد االليات واالدوات الالزمة لمواكبة الجماعة لبلوغ حكامة‬ ‫‪286‬‬

‫جيدة في تدبير شؤونها وممارسة اإلختصاصات الموكولة إليها‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6129‬بتاريخ ‪ 09‬يوليوز‬
‫‪.8109‬‬
‫‪ -‬زعنون عبد الرفيع‪ ،‬تدبير التنمية الت اربية بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪898 :‬‬ ‫‪287‬‬

‫‪ - 288‬قريشي المصطفى‪'' ،‬القانون التنظيمي للجماعات تنفيذ للخطاب السياسي وتقييم للواقع الممارساتي''‪ ،‬منشورات‬
‫مجلة العلوم القانونية‪ ،‬سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‪ ،8106 ،‬ص‪.91‬‬

‫‪121‬‬
‫وعلى هذا األساس نقترح إعتماد رقابة إدارية على الجماعات الترابية وفق منطلقات‬
‫موضوعية تقوم على حصر رقابة المصالح المركزية لو ازرة الداخلية على المقررات‬
‫المتقاطعة مع السياسة العامة للدولة ال سيما تلك التي تكون طرفا فيها‪ ،‬مع تقوية رقابة‬
‫القرب تماشيا مع توسيع سياسة الالتركيز اإلداري‪ ،‬ألن اإلنتقال من الدولة الوصية إلى‬
‫منطق الدولة المواكبة بات من أهم المطالب التي يجب أن تؤخذ بعين اإلعتبار في‬
‫التوجهات الحديثة للسياسات الالمركزية‪ ،‬وهو ما يتطلب ضرورة التخفيف من الرقابة‬
‫القبلية تماشيا مع صيرورة المقاربة الجديدة لمفهوم الالمركزية الذي يجب أن يقوم على‬
‫منطق المصاحبة والمواكبة عوض الوصاية‪ ،‬كما وجب في نفس السياق أن تسند للمحاكم‬
‫اإلدارية وظائف جديدة مطابقة للتوجهات الحديثة التي تميز الالمركزية في المغرب‪،‬‬
‫ويتعلق األمر بمهام اإلستشارة والوقاية‪ ،‬وذلك بإدراج الوظيفة اإلستشارية ضمن‬
‫إختصاصات المحاكم اإلدارية على غرار النموذج الفرنسي‪ ،‬ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى‬
‫ظهور طلب عريض على مستوى اإلدارة الترابية للدولة والجماعات الترابية في ميدان‬
‫اإلستشارة القانونية وجعلها وسيلة من وسائل تحضير القرار وتطوير عالقة المنتخبين‬
‫الترابيين بالقاضي اإلداري بإعتباره شريكا وليس مجرد رقيب‪ ،‬األمر الذي سيقوي األمن‬
‫‪289‬‬
‫القانوني وسيغير إيجابا العقليات والسلوكيات لصالح التنمية الترابية ككل‪.‬‬
‫ومن خالل الرقابة التي تمارسها المحاكم المالية على الجماعات الترابية والمتمثلة‬
‫في المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬وبالنظر إلى حجم اإلكراهات التي تعاني منها من حيث‬
‫الموارد البشرية وصعوبة التطرق لجميع الملفات المعروضة عليها بما فيها الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬نقترح إحداث نوع من التخصص الوظيفي‪ ،‬على غرار النموذج الفرنسي الذي‬
‫إستحدث محكمة خاصة بالتأديب مكلفة بالنظر في التجاوزات المالية التي يرتكبها‬
‫اآلمرون بالصرف‪ ،‬من أجل تحقيق الجودة في الرقابة والسرعة في ضبط اإلختالالت‬
‫والدقة في تشخيص العوائق وإقتراح توصيات عالجية لها‪ ،‬ويحتم هذا الوضع ضرورة‬

‫‪ -‬اليعقوبي محمد‪ ،‬الالمركزية اإلدارية بين الوهم والواقع‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪02:‬‬ ‫‪289‬‬

‫‪122‬‬
‫إقرار إستراتيجية للتكوين المستمر لتحسين المستوى المهني للقضاة واألطر التقنية‬
‫واإلدارية‪ ،‬لتمكينهم من التحكم في المناهج والوسائل الحديثة للمراقبة‪ ،‬وتقوية كفاءتهم في‬
‫‪290‬‬
‫مجال التدقيق المالي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬على مس توى تحديث أليات التوظيف والتكوين والتحفيز‪.‬‬


‫من أجل نجاعة التحديث واإلصالح وضمان إنتاج سياسات عمومية ترابية ناجعة‬
‫وفعالة تحقق اإللتقائية على مستوى التصور واإلعداد والتتبع اإلداري‪ ،‬يستدعي منا األمر‬
‫العمل على تحديث آليات التوظيف والتكوين والتحفيز‪ ،‬والتي تعتبر بمثابة المحرك‬
‫األساسي لضمان تحقيق المردودية اإلدارية على مستوى الوحدات اإلدارية بالجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬وذلك على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ -‬على مستوى التوظيف‪:‬إن عملية التوظيف هي بمثابة وسيلة للتقليص من الفجوة‬
‫الكمية والنوعية من حاجيات اإلدارة ومواردها البشرية‪ ،‬والتي تعد عملية‬
‫‪291‬‬
‫إستراتيجية يترتب عن التقصير فيها عواقب وخيمة‪.‬‬
‫من هذا المنطلق‪ ،‬تسعى الجماعات الترابية إلتخاذ مجموعة من اإلجراءات التي‬
‫من شأنها أن ترفع من فعالية الخدمات التي تقدمها‪ ،‬وبإعتبار عملية التوظيف‬
‫عملية جوهرية تضمن ولوج الموارد البشرية المتخصصة والكفئة للجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬فإن تدبيرها يجب أن يتم بطريقة فعالة وجيدة لضمان الكثير من الجهد‬
‫والوقت والمال مما يجعل هذه العملية مدخال إستراتيجيا لتحديث الجماعات‬

‫‪ -‬الكنوني كريمة‪ ،‬التدقيق واإلستشارة بالوحدات الترابية‪-‬الجماعات الترابية نموذجا‪ ،-‬أطروحة لنيل الدكتو ار‬ ‫‪290‬‬

‫في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬طنجة‪ ،‬السنة‬
‫الدراسية ‪ ،8101-8103‬ص‪.831 :‬‬
‫‪291‬‬
‫‪- Christian BATAL,la gestion des ressources humaines dans le secteur publicM‬‬
‫‪l’analyse des mat’éres des emplois compétences,tome1,édition 2008,p :55.‬‬

‫‪128‬‬
‫الترابية‪ ،‬وبالتالي ضمان تحقيق اإللتقائية في إعداد السياسات العمومية الترابية‬
‫إنطالقا من تحقيق الكفاءة في الموارد البشرية‪.‬‬
‫بناء على هذا‪ ،‬فإن محاولة تحليل العالقة بين تدبير التوظيف العمومي‬
‫الترابي بإعتباره حلقة أولية ومحورية وجوهرية ترتكز عليها منظومة تدبير الموارد‬
‫البشرية‪ ،‬وبين تحدي الجماعات الترابية على مستوى الكفاءات والخبرات التي‬
‫تحتاجها يتطلب البحث بعمق عن إشكالية جوهرية تتجسد في تحديد المكانة‬
‫والعالقة التي يحتلها كل واحد منها في عالقته باآلخر‪ ،‬لذلك وجب إعادة النظر‬
‫في الطرق التقليدية للتوظيف التي أدت إلى نتائج سلبية‪ ،‬وتحديث آليات‬
‫التوظيف وذلك من خالل بعض األساليب الحديثة في عملية التوظيف‪ ،‬سواء‬
‫من خالل توصيف الوظائف كما سبق وأن رأينا أو من خالل أسلوب التعاقد‪،‬‬
‫المغير والمتمم للنظام األساسي العام للوظيفة‬ ‫‪292‬‬
‫إذ نص القانون ‪11.11‬‬
‫العمومية في الفصل ‪6‬مكررمنه‪ ،‬على إمكانية اإلدارات العمومية بما فيها‬
‫الجماعات الترابية اللجوء إلى التعاقد بهدف اإلستجابة لحاجيات اإلدارة‬
‫‪293‬‬
‫الترابية‪.‬‬
‫إذا كانت عملية التوظيف تعتبر اللبنة األولى التي تنبني عليها باقي لبنات‬
‫الوظيفة بصفة عامة والوظيفة الترابية بصفة خاصة‪ ،‬فمن البديهي أن اإلنطالقة‬
‫الفاشلة ال يمكن أن تتوقع منها سوى نتائج ضعيفة‪ ،‬لهذا ينبغي أن تحظى عملية‬
‫التوظيف بإهتمام كبير ليس فقط على مستوى اإلطار القانوني‪ ،‬وإنما أيضا على‬
‫المستوى التدبيري‪ ،‬عبر تفعيل مقاربات ووسائل تدبيرية حديثة من شأنها عقلنة‬

‫‪ -‬القانون ‪ 11.11‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف ‪ 0.00.01‬بتاريخ ‪ 81‬ربيع األول ‪ 02(0138‬فبراير‬ ‫‪292‬‬

‫‪ ،)8100‬المنشور الجريدة الرسمية عدد ‪ 1911‬بتاريخ ‪ 01‬جمادى الثانية ‪ 09(0138‬ماي ‪ ،)8100‬ص‪.930:‬‬


‫‪ -‬قدميري أحمد‪ ،‬تدبير الموارد المالية والبشرية للجماعات الترابية في ظل تطور الالمركزية الترابية بالمغرب‪،‬‬ ‫‪293‬‬

‫مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.313 :‬‬

‫‪128‬‬
‫تدبير عملية التوظيف‪ ،‬وعليه ال يمكن تصور تحديث الجماعات الترابية دون‬
‫تحديث مواردها البشرية‪ ،‬لذلك يجب على الجماعات الترابية حصر ومعرفة‬
‫الكفاءات البشرية التي تحتاجها بشكل دقيق من أجل الحصول على أعلى مستوى‬
‫في األداء اإلداري الذي تقدمه للمرتفقين بها‪ ،‬كما أن هذه المعرفة تمكن من‬
‫‪294‬‬
‫الحصول على إدارة ترابية حديثة وبمواصفات عصرية‪.‬‬
‫‪ -‬على مستوى التكوين‪ :‬يشكل التكوين المستمر دعامة أساسية في تطوير مهارات‬
‫الموظف الترابي‪ ،‬لذلك فإن عملية تطبيقه تستدعي تكاثف الجهود وتحديد‬
‫المسؤوليات‪ ،‬وتبني إستراتيجية واضحة المعالم تأخذ بعين اإلعتبار مستوى‬
‫األفراد المستهدفين وكيفية إعتماد المناهج البيداغوجية في التكوين‪.‬‬
‫ذلك أن تحقيق التدبير الفعال الذي يحقق المردودية المرجوة يتطلب الرفع‬
‫من قدرات موظفي الجماعات الترابية‪ ،‬حتى تتمكن من تدبير شؤونها المعقدة‪،‬‬
‫كما يجب كذلك إعتماد سياسة تكوينية ترمي أساسا إلى تأهيل الموظفين الترابيين‬
‫لإلستجابة للحاجيات المتجددة للمرتفقين‪ ،‬واإلضطالع بالمهام التنموية التي‬
‫أصبحت تناط بالجماعات الترابية في ظل تفعيل ورش الجهوية المتقدمة‪ ،‬ومن‬
‫جهة أخرى ال بد من إلتزام جميع الجماعات الترابية بتنفيذ برنامج التكوين‬
‫وتخصيص اإلعتمادات الكافية لذلك بتنسيق مع الجهة التي أضحت مسؤولة‬
‫عن التكوين الذي أصبح إختصاصا ذاتيا لها‪ ،‬وتدعيم مؤسسات التكوين‬
‫بالوسائل المادية والبشرية الكفيلة بالقيام بمهامها على أحسن وجه‪ ،‬إضافة إلى‬
‫تحفيز الموظفين بالجماعات الترابية على اإلنخراط في برامج التكوين المستمر‬
‫وجعله شرطا إلزاميا على كافة الموظفين‪.‬‬

‫‪ -‬قافو رجاء‪ ،‬تدبير الموارد البشرية للجماعات الترابية وإشكالية التكوين المستمر‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.62:‬‬ ‫‪294‬‬

‫‪181‬‬
‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬فإن الموظف الترابي ال يحتاج إلى المعطيات فقط‪ ،‬بل‬
‫يحتاج أساسا إلى التقنيات والمهارات التي تمنحه القدرة على التعامل مع مختلف‬
‫المستجدات‪ ،‬لذلك فالتكوين يجب أن يستجيب لعنصرين أساسيين‪ ،‬العنصر‬
‫األول يكمن في تزويد الجماعات الترابية بالموظفين القادرين على تحمل المهام‬
‫التي تم توظيفهم من أجلها‪ ،‬وذلك بالسرعة والكيفية المطلوبة‪ .‬أما العنصر الثاني‬
‫فيكمن في األخذ بعين اإلعتبار التطور السريع لمهام وتقنيات اإلدارة من أجل‬
‫مسايرة التطورات والمتغيرات الالزمة أثناء الحياة اإلدارية للموظفين مما يبرز‬
‫أهمية التكوين المستمر و إستعمال الخبرة قصد تجديد وتوسيع مداركهم‬
‫‪295‬‬
‫المهنية‪.‬‬
‫‪ -‬على مستوى تقييم األداء‪ :‬يقصد بتقييم األداء‪ ،‬قياس أداء الموظف الترابي‬
‫ومعرفة مدى كفاءته فيما يقوم به من أعمال‪ ،‬فضال عن اإللمام بسلوكه وعالقته‬
‫ويعتبر تقييم األداء‬ ‫‪296‬‬
‫بالوظيفة وقدرته على تولي وظيفة ذات مستوى أعلى‪،‬‬
‫من بين أهم التقنيات الحديثة لتدبير الموارد البشرية‪ ،‬ألنه يشكل من جهة أسلوبا‬
‫للمتابعة واإلشراف المستمر على عمل الموظف بهدف تقييم مردوديته وفعاليته‬
‫في األداء‪ ،‬وبالتالي قياس مردودية الجماعات الترابية ومدى فعالية أدائها‪ ،‬وهي‬
‫كذلك طريقة لتقدير إستحقاقات الموظف في الترقية والترسيم والتحفيز‪ ،‬ومن هنا‬
‫تبرز أهمية نظام تقييم األداء في منظومة تدبير الموارد البشرية‪ ،‬ألنه ال يمكن‬

‫‪ - 295‬ماء العينين محمد الغمام‪ ،‬الوظيفة العمومية الترابية‪ :‬من تسيير شؤون الموظفين الجماعيين إلى تدبير الموارد‬
‫البشرية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة محمد‬
‫األول‪ ،‬وجدة‪ ،‬السنة الدراسية ‪ ،8109-8106‬ص‪.92:‬‬
‫‪ -‬قافو رجاء‪ ،‬تدبير الموارد البشرية للجماعات الترابية وإشكالية التكوين المستمر‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.39:‬‬ ‫‪296‬‬

‫‪181‬‬
‫معرفة نتائج أداء الموظفين‪ ،‬كما ال يمكن تطوير كفاءة وقدرات الموظفين دون‬
‫‪297‬‬
‫معرفة إمكانياتهم ومؤهالتهم الحقيقية‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس‪ ،‬يعتبر تقييم األداء الوسيلة الوحيدة لمعرفة مردودية‬
‫الموظف الترابي وقياس إنتاجيته‪ ،‬وبالتالي الحكم على مستواه ككل‪ ،‬وتقييم األداء‬
‫يسمح بالتعرف بطريقة موضوعية على مستوى أداء الفرد كما تتطلبه وظيفته‪،‬‬
‫ولكي تكون عملية التقييم سليمة وموضوعية‪ ،‬يجب أن تقوم على مبادئ دقيقة‬
‫وعناصر محددة وشاملة لجميع جوانب العمل اإلداري‪ ،‬مع التركيز على الجانب‬
‫المهني‪ ،‬فعملية التقييم يفترض أن تحدد بصفة مسبقة أهداف الجماعة الترابية‪،‬‬
‫وأدوار كل فرد فيها‪ ،‬بحيث يتسنى بعد ذلك معرفة نسبة النتائج المحققة بالمقارنة‬
‫مع األهداف المسطرة‪.‬‬
‫‪ -‬فيما يتعلق بالتحفيز‪ :‬هو عملية متعددة ومتنوعة العناصر تقوم بها اإلدارة إلثارة‬
‫رغبة الموظف في مضاعفة جهوده وبذل طاقاته ألداء عمله بأقصى ما يمكن‬
‫من مستويات المردودية واإلنتاجية‪ ،‬والحافز هو ذلك العنصر الموضوعي الذي‬
‫يستجيب لرغبة الموظف عن طريق إشباعها‪ ،‬وبالتالي يحرك لديه عملية الرد‬
‫على الحافز والمتمثلة في العمل الحيوي ومضاعفة الجهد في األداء الفعال‬
‫‪298‬‬
‫والمكثف‪.‬‬
‫ولعل أهم تعبير هو الذي إنطلق من التمييز بين الدوافع الكامنة في الفرد‬
‫بالحوافز‪ ،‬كمجموعة من العوامل التي تعمل في التأثير على سلوك الموظف من‬
‫خالل إشباع حاجياته‪.‬‬

‫‪ -‬العربي عياد‪ ''،‬إشكالية التنقيط في الوظيفة العمومية'' المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪،29‬‬ ‫‪297‬‬

‫‪ ،8119‬ص‪19:‬‬
‫‪ -‬عقلة عبد الحق‪ ،‬القانون اإلداري‪ -‬المبادئ األساسية لدراسة القانون والعلم اإلداري‪ ،‬دار العلم الرباط‪،‬‬ ‫‪298‬‬

‫الجزء االول‪ ،8118 ،‬ص‪26:‬‬

‫‪182‬‬
‫وبناء على ما تقدم نجد أن التوافق بين الحاجيات التي تحرك الفرد وبين وسائل‬
‫إشباع تلك الحاجيات هي المحدد للحالة المعنوية للموظف والتي تحدد أداءه وإنتاجيته‬
‫وكفاءته في األداء التنظيمي‪ .‬وعلى هذا األساس فإن تطوير أداء الموظفين الترابيين‬
‫يرتبط بتحفيزهم المادي والمعنوي واإلهتمام بتطوير وضعيتهم من أجل تحقيق درجة عالية‬
‫من األداء اإلداري والذي ينعكس بطبيعة الحال على فعالية السياسات العمومية خاصة‬
‫من خالل دورهم في تحقيق النجاعة والفعالية والسرعة المطلوبة فيما يتعلق باإلجراءات‬
‫اإلدارية المصاحبة لعملية صناعة القرار العمومي الترابي‪ ،‬هذه المهام واألدوار كفيلة‬
‫بتحقيق نجاعة األداء اإلداري وبالتالي تعزيز دور الموارد البشرية في تحقيق إلتقائية‬
‫‪299‬‬
‫السياسات العمومية الترابية‪.‬‬

‫‪ -‬قدميري أ حمد‪ ،‬تدبير الموارد المالية والبشرية للجماعات الترابية في ظل تطور الالمركزية الترابية بالمغرب‪،‬‬ ‫‪299‬‬

‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.312 :‬‬

‫‪183‬‬
‫خاتمة الفصل الثاني‪:‬‬

‫يتضح مما سبق أن السعي لتحقيق رهان إلتقائية السياسات العمومية الترابية يستلزم‬
‫اإلعتماد على مداخل مؤسساتية‪ ،‬وبشرية‪ /‬تأهيلية‪ ،‬ويتضح ذلك من خالل ماحمله بحثنا‬
‫من جوانب تسعى لمقاربة إشكالية إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي‪ ،‬وبعد‬
‫التطرق لدور وكاالت التنمية على المستوى الجهوي وخاصة الوكالة الجهوية لتنفيذ‬
‫المشاريع‪ ،‬ووكاالت التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية لعماالت وأقاليم الشمال‪ ،‬الجنوب‬
‫والشرق‪ ،‬وشركات التنمية المحلية في تنفيذ السياسات العمومية والتنزيل السليم للبرامج‬
‫والمشاريع من خالل إعمالها آلليات التدبير العمومي الجديد المبني على التدبير المقاوالتي‬
‫ودورها في تدعيم ميزانيات الجماعات الترابية‪ ،‬وتنزيل البرامج والمشاريع على أرض الواقع‬
‫لحل المشاكل العمومية واإلستجابة لتطلعات المواطنين‪ ،‬هذا عالوة على مؤسسة المراكز‬
‫الجهوية لإلستثمار ودورها في تنزيل السياسات العمومية اإلستثمارية وتحقيق اإللتقائية‬
‫الترابية والتنسيق والتعاون بين مختلف المتدخلين في المجال اإلستثماري على صعيد‬
‫الجهة خاصة بعد إحداث اللجان الجهوية الموحدة لإلستثمار لضمان معالجة مندمجة‬
‫ومتناسقة لملفات اإلستثمار‪ ،‬وكذا تنسيق عمل اإلدارات المختصة في مجال اإلستثمارات‬
‫لتحقيق اإللتقائية وضمان فعالية السياسات العمومية‪.‬‬

‫كما يشكل المدخل البشري‪/‬التأهيلي بدوره مدخال من مداخل تحقيق إلتقائية السياسات‬
‫العمومية على المستوى الترابي والتي تفترض وجود نخبة سياسية تقود مجالس الجماعات‬
‫الترابية والتي إشترطنا فيها محدد المستوى الدراسي والكفاءة والخبرة في مجال التسيير‬
‫والتدبير كمعايير للتنخيب ولنيل التزكيات الحزبية‪ ،‬وبالتالي على األحزاب السياسية تحمل‬
‫مسؤوليتها بدل رفع شعارات الديمقراطية والتحديث واإلنخراط في المسار التنموي للبالد‬
‫في حين أن أصل المشكل راجع إليها‪ ،‬كما يجب عليها العمل على وضع برامج تكوينية‬
‫لهذه النخب السياسية‪ .‬كما يشكل الموظفون الترابيون على مستوى الجماعات الترابية‬

‫‪181‬‬
‫رهانا لتحقيق اإللتقائية والفعالية في السياسات العمومية من خالل دورها في ما يتعلق‬
‫باإلجراءات اإلدارية المصاحبة لصناعة القرار العمومي الترابي مما يحقق له الفعالية‬
‫والسرعة المطلوبة في اإلعداد اإلداري لذلك بات من الواجب العمل على تحفيز هذه‬
‫النخب اإلدارية وتكوينها من خالل دورات تكوينية للرفع من قدراتهم اإلدارية والتدبيرية‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫خاتمة عـــــامة‪:‬‬
‫لقد حاولنا من خالل هذه الرسالة مقاربة موضوع شكل نقطة أسالت مداد الكثير من‬
‫الباحثين والمتتبعين للشأن العام الترابي‪ ،‬من خالل مقاربة موضوع إلتقائية السياسات‬
‫العمومية الترابية الذي يشكل رهان التدبير العمومي الترابي الجديد‪ ،‬وقد غعتمدنا في‬
‫دراستنا وتحليلنا للموضوع على دعائم عديدة تشكل في نظرنا مداخل هامة لتحقيق رهان‬
‫اإللتقائية‪ ،‬ومن خالل بحثنا في الموضوع تأكد لنا بالملموس وجود إختالالت وكوابح تحد‬
‫من كسب رهان اإللتقائية‪ ،‬فالتقطيع الجهوي المعتمد حاليا ال يدعم تحقيق التجانس‬
‫والتكامل بين الجهات المشكلة للتراب الوطني‪ ،‬كما أن النظام الجبائي المعمول به حاليا‬
‫ال يدعم مالية الجماعات الترابية وبالتالي فهي تصبح غير قادرة على تنفيذ برامجها‬
‫ومشاريعها وتقديم بدائل ممكنة لحل المشاكل العمومية‪ ،‬هذا فضال عن التداخل بين‬
‫اإلختصاصات وغياب البعد الترابي في السياسات العمومية الشيء الذي جعل المسألة‬
‫الترابية ورهان تحقيق اإللتقائية صعب المنال‪.‬‬

‫وبناء على ذلك فقد حاولنا قدر المستطاع التطرق لهذه اإلكراهات وتقديم بعض‬
‫المقترحات بناء على تجارب مقارنة في هذا المجال‪ ،‬نرى أن بمقدور تفعيلها تحقيق‬
‫إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي وضمان تحقيق الفعالية والنجاعة في‬
‫التدخالت العمومية‪ ،‬وبالتالي تحقيق التكامل واإلندماجية واإللتقائية للسياسات العمومية‬
‫الترابية‪.‬‬

‫إن تفعيل اليات التضامن والتعاون والشراكة والتنسيق بين المتدخلين والتقييم الفعال‬
‫للسياسات العمومية والعمل على تفعيل التوصيات المنبثقة عن التقارير الموضوعاتية‬
‫للمجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬وتقارير المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي والبيئي لكفيلة‬
‫بحوكمة التدبير العمومي الترابي والدفع برهان اإللتقائية لألمام‪ ،‬ألنه من دون إرادة سياسية‬
‫حقيقية وفعلية من صانعي السياسات‪ ،‬وتظافر للجهود من طرف كل المتدخلين في‬
‫العملية التنموية على مستوى الجماعات الترابية والمصالح الالممركزة لإلدارات المركزية‬

‫‪181‬‬
‫ووكاالت التنمية وفعاليات المجتمع المدني المنظم‪ ،‬واألحزاب السياسية التي وجب عليها‬
‫تحمل المسؤولية نتيجة تفريخ نخب سياسية عقيمة غير مؤهلة لقيادة قاطرة التنمية بالبالد‪،‬‬
‫خصوصا ونحن مقبلون على إخراج الصيغة النهائية للنموذج التنموي الذي نأمل أن يأخذ‬
‫بعين اإلعتبار إشكالية إلتقائية السياسات العمومية وخاصة الترابية منها‪.‬‬

‫ومن خالل ما سبق وسعيا لضمان تحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية وضمان‬
‫فعاليتها ونجاعتها نقترح مايلي‪:‬‬

‫‪ -‬تحيين وتعديل القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬وجمعها في مدونة واحدة‬


‫للجماعات الترابية إقتداء بالتجربة الفرنسية في هذا المجال‪ ،‬وإعتماد آليات ومبادئ أكثر‬
‫تطو ار وتقدما وخاصة التحديد الدقيق لمبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية‪ ،‬ونزع براغماتية‬
‫وصاية الدولة عليها‪ .‬ودسترة آلية اإلستفتاء المحلي لدعم المقاربة التشاركية في تدبير‬
‫شؤون الجماعات الترابية‪ .‬والعمل على تبني صياغة قانونية سليمة قائمة على التحديد‬
‫الدقيق لمجال تدخل كل مستوى ترابي على حدة مع ضرورة تحديد أشكال هذا التدخل‬
‫وتحديد المسؤوليات التي يتوالها كل مستوى ترابي على حدة‪ ،‬بدل اإلعتماد على غموض‬
‫اإلختصاصات و تعويضها بسلسلة من الدوريات والمناشير لتقرير اسناد اختصاص معين‬
‫لوحدة ترابية معينة‬

‫‪ -‬على المشرع أن يعيد النظر في معايير توزيع مساهمات الدولة على الجهات‪ ،‬فاألصل‬
‫أن الجهات ذات الموارد المحدودة‪ ،‬يجب أن تحصل على دعم أكبر من الجهات التي‬
‫لها موارد متعددة‪ ،‬و بالتالي فالجهات التي تعرف نقصا على مستوى اإلستثمارات العمومية‬
‫وضعفا في الموارد الجبائية في حاجة إلى مساهمة أكبر من طرف الدولة‪ .‬كما نقترح‬
‫أيضا اإلسراع بإصالح شامل للمنظومة الجبائية كرافعة لتنمية موارد الجماعات الترابية‪،‬‬
‫وتحسين مناخ األعمال‪ ،‬وضمان اإللتقائية واإلندماج والتجانس مع النظام الضريبي‬
‫الوطني‪ ،‬وإستحضار التجارب المقارنة الرائدة في هذا المجال عالوة على ضرورة العمل‬

‫‪182‬‬
‫على إصدار مدونة شاملة للجبايات المحلية تراعي جوانب اإلنصاف والتوازن والفعالية‬
‫واإللتقائية‪.‬‬

‫‪ -‬خلق قطب إداري جهوي يشمل جميع المتدخلين في سياسة إعداد التراب على‬
‫المستوى الجهوي وأن تمنح له صالحيات تقريرية وإختصاصات وازنة تضمن تحقيق‬
‫اإللتقائية والنجاعة على مستوى سياسة إعداد التراب‪.‬‬

‫‪ -‬تعديل المادة ‪ 30‬من الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري‪ ،‬وجعل مؤسسة رئاسة الجهة‬
‫ضمن تركيبة اللجنة الجهوية للتنسيق‪ ،‬ألنه اليعقل أن نتحدث عن دور هذه األخيرة في‬
‫تحقيق اإللتقائية بين البرامج والمشاريع العمومية والتصاميم الجهوية إلعداد التراب وبرامج‬
‫التنمية الجهوية في ظل غياب مخاطب يمثل الجهة داخل هذه اللجنة‪.‬‬

‫‪ -‬ضرورة تكوين مجلس وطني إلدارة الالتركيز وأن يشمل من بين أعضاءه‪ ،‬رؤساء‬
‫الجماعات الترابية بتالوينها الثالث على المستوى الوطني‪ ،‬من أجل العمل على تتبع و‬
‫تقويم أوجه القصور فيما يتعلق بالعالقات األفقية بين المتدخلين في الشأن الترابي من‬
‫أجل ضمان اإللتقائية الترابية و نجاح ورش الجهوية المتقدمة‪.‬‬

‫‪ -‬إحداث مندوبيات جهوية وإقليمية تتضمن تجميع مصالح متعددة تضم أكثر من‬
‫قطاع وزاري لما لها من دور في تثمين إطار التعاقد مع الجماعات الترابية من خالل‬
‫التقليص من عدد المخاطبين وتجميعهم في إطار منظم على شكل مندوبيات مما‬
‫سيساهم المحالة في توحيد الرؤى وإلتقائية التدخالت العمومية في إطار مشروع تنموي‬
‫موحد على مستوى الجماعات الترابية‪.‬‬

‫‪ -‬تفادي التعامل مع إعداد التراب بمنهجية قطاعية بدليل تخصيص و ازرة خاصة به‬
‫(و ازرة إعداد التراب الوطني والتعمير واإلسكان وسياسة المدينة) كباقي القطاعات‬
‫الو ازرية األخرى‪ ،‬بل يجب أن تنخرط كل القطاعات الو ازرية وفق رؤية تشاركية في‬

‫‪188‬‬
‫تحديد اإلختيارات الكبرى لتهيئة المجال الوطني لضمان إلتقائيتها‪ ،‬نظ ار للطابع األفقي‬
‫الذي يكتسيه إعداد التراب‪.‬‬

‫‪ -‬خلق بنك للمشاريع التنموية وجذاذات ومعطيات‪ ،‬ونشر برنامج عمل الجماعة على‬
‫نطاق واسع من أجل إستقطاب رؤوس األموال الخاصة لتنفيذ تلك المشاريع والبرامج في‬
‫إطار عقود شراكة‪ ،‬كما يجب على مجالس الجماعات تنظيم ورشات وموائد مستديرة‬
‫يحضرها كافة الشركاء اإلقتصاديين واإلجتماعيين والفاعلين على المستوى الترابي‪،‬‬
‫لحثهم على المساهمة في تنفيذ برنامج عمل الجماعة ودعمه ماديا ومعنويا‪.‬‬

‫‪ -‬إعتماد أسلوب شركات التنمية المحلية كبديل للتدبير العمومي الترابي وتنزيل السياسات‬
‫العمومية الترابية وتنفيذها‪ ،‬بدل اإلعتماد على أسلوب التدبير المفوض الذي أبان عن‬
‫محدوديته في التدبير وأدى لضهور اإلحتجاجات الشعبية نتيجة سوء تدبيره وتسييره‪ ،‬ولعل‬
‫تجربة ''أمانديس'' بمدينة طنجة لخير دليل على ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على إصدار قانون خاص بشركات التنمية المحلية‪ ،‬وأن ينص على إمكانية إشراك‬
‫الخواص في شركات التنمية المحلية لإلستفادة من خبرتهم في التسيير المقاوالتي والتدبير‬
‫اإلستراتيجي‪ ،‬ومن قدراتهم التمويلية الكبيرة‪ ،‬على غرار التجربة الفرنسية التي تبنت ذلك‬
‫وأبانت الممارسة على نجاحها‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على إلغاء وكاالت التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية لعماالت وأقاليم‬
‫الشمال‪،‬الجنوب‪،‬والشرق‪ .‬وإدم اج خبراتها وأطرها اإلدارية وتحويل ميزانيتها ووسائلها‬
‫للوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع على مستوى الجهات‪ ،‬نظ ار‬ ‫المادية واللوجستيكية‬
‫إلشتراكهما في نفس اإلختصاصات‪.‬‬
‫‪ -‬إعطاء مكانة لرؤساء الجماعات الترابية وعمال العماالت واألقاليم وممثلي الباطرونا‬
‫ضمن تركيبة المجلس اإلداري للمراكز الجهوية لإلستثمار من أجل تنسيق العمل التنموي‬
‫والتعبير عن اإلحتياجات وإقتراح التدابير‪ ،‬بما يتالءم مع خصوصية كل جماعة ترابية‪.‬‬

‫‪188‬‬
‫والعمل على عدم إسناد رئاسة اللجان الجهوية الموحدة لإلستثمار لوالي الجهة ألنه حسب‬
‫وجهة نظرنا يكرس إلستم اررية تحكم و ازرة الداخلية في هذه المراكز على الرغم من‬
‫الصالحيات التقريرية الممنوحة لها‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على خلق معهد عالي للجماعات الترابية على المستوى الوطني‪ ،‬وفروع له على‬
‫المستوى الجهوي وعلى مستوى العماالت واالقاليم‪ ،‬يهتم بتكوين وتأهيل النخب السياسية‬
‫واإلدارية على مستوى الجماعات الترابية‪ ،‬ويعمل على تنظيم دورات تكوينية ميدانية في‬
‫التدبير اإلداري والمالي للرفع من قدراتهم في التدبير والتسيير‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على وضع نظام أساسي خاص بموظفي الجماعات الترابية يراعي خصوصيات‬
‫الوظائف بهذه الجماعات‪ ،‬والعمل على إحداث بنك معلومات على المستوى الجهوي‬
‫يحمل معطيات تطور الموارد البشرية‪ ،‬وإعداد دليل مرجعي للوظائف والكفاءات والتحليل‬
‫التوقعي للمؤهالت متعلق بالجماعات الترابية‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬

‫‪ ‬المعاجم باللغة العربية والفرنسية‪:‬‬


‫‪ -.‬منجد الطالب‪ ،‬دار المشرق بيروت‪ ،‬الطبعة الثامنة والثالثون‪0926 ،‬‬
‫‪- Le robert, dictionnaire historique de la langue francaise, sous la‬‬
‫‪direction d’Alain Rey, Mars 2000‬‬

‫‪ ‬الكتب‪:‬‬
‫‪ -‬تميم عادل‪ ،‬الجهوية المتقدمة بين إشكالية توزيع اإلختصاصات والتأطير‬
‫الدستوري دراسة مقارنة‪ ،‬مؤسسة إفزارن للطباعة‪ ،‬طنجة‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪.8109‬‬
‫‪ -‬جفري سعيد‪ ،‬الجماعات الترابية بالمغرب‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪.8109،‬‬
‫‪ -‬جفري سعيد‪ ،‬قضايا علم السياسة‪ ،‬مقاربات نظرية‪ ،‬مطبعة دار المناهل‪،‬‬
‫الرباط‪8102 ،‬‬
‫‪ -‬حسن صحيب‪ ،‬القانون اإلداري المغربي‪ ،‬التنظيم اإلداري‪ ،‬مكتبة المعرفة‪،‬‬
‫‪.8106‬‬
‫‪ -‬حيضرة عبد الكريم‪ ،‬المختصر في التنظيم اإلداري المغربي‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪.8102 ،‬‬
‫‪ -‬حيمود محمد‪ ،‬مالية الجماعات الترابية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪،8109 ،‬‬
‫‪ -‬الدربالي المحجوب‪ ،‬جبايات الجماعات الترابية‪ :‬دراسة تحليلية في ضوء تقرير‬
‫المجلس األعلى للحسابات و اخر إجتهادات القضاء اإلداري‪ ،‬مطبعة‬
‫المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪.8106 ،‬‬

‫‪181‬‬
‫‪ -‬الدكاري عبد الرحمان‪ ،‬هالل عبد المجيد‪ ،‬اإلدريسي عبد الواحد‪ ،‬التعمير‬
‫وسياسة إعداد التراب‪ ،‬مقاربة بيداغوجية ومنهجية‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪،‬‬
‫طنجة‪.8181 ،‬‬
‫‪ -‬زعنون عبد الرفيع‪ ،‬تدبير التنمية الترابية بالمغرب‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪.8181 ،‬‬
‫‪ -‬شوراق محمد‪ ،‬إختصاصات الجماعات الترابية في ظل القانون التنظيمي رقم‬
‫‪ ،003.01‬دار أبي رقراق للطباعة‪ ،‬الطبعة األولى‪.8109 ،‬‬
‫‪ -‬العطري عبد الرحيم‪ ،‬صناعة النخبة بالمغرب‪ :‬مفارقات التوريث واإلستحقاق‪،‬‬
‫مطبعة ووراقة بالل‪ ،‬فاس‪ ،‬الطبعة الرابعة‪.8181 ،‬‬
‫‪ -‬عقلة عبد الحق‪ ،‬القانون اإلداري‪-‬المبادئ األساسية لدراسة القانون والعلم‬
‫اإلداري‪ ،‬دار العلم الرباط‪ ،‬الجزء االول‪.8118 ،‬‬
‫‪ -‬عقلة عبد الحق‪ ،‬دراسات في علم التدبير‪ ،‬دار القلم للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪.8119،‬‬
‫‪ -‬الفهداوي فهمي خليفة‪ ،‬السياسة العامة منظور كلي في البيئة والتحليل‪ ،‬دار‬
‫المسيرة للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة االولى‪8110 ،‬‬
‫‪ -‬قبيبشي يونس‪ ،‬التعاون الالمركزي الدولي للجماعات الترابية المغربية‪ ،‬مكتبة‬
‫دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪.8181 ،‬‬
‫‪ -‬قريشي المصطفى‪ ،‬مالءمة نظام الالتمركز اإلداري بالمغرب مع متطلبات‬
‫الجهوية المتقدمة‪ ،‬مطبعة دار السالم‪ ،‬الطبعة االولى‪.8109،‬‬
‫‪ -‬ملوكي رشيد‪ ،‬التقطيع الجهوي ومسلسل التشكل الترابي بالمغرب‪-‬‬
‫السياقات‪.‬الوظائف‪.‬واألبعاد‪ ،‬مكتبة االمنية‪ ،‬الرباط‪.8109 ،‬‬
‫‪ -‬نكاوي سعيد‪ ،‬ميثاق الالتمركز اإلداري و التدبير الالمتمركز لإلستثمار‪،‬‬
‫مطبعة االمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪.8109‬‬

‫‪182‬‬
‫‪ ‬المجالت‪:‬‬
‫‪ -‬أجعون أحمد‪'' ،‬شركات التنمية المحلية''‪ ،‬المجلة المغربية لألنظمة القانونية‬
‫والسياسية‪ ،‬العدد‪8102 ،1‬‬
‫‪ -‬أجالب رشيد‪'' ،‬أي دور للوالي في أفق النموذج التنموي الجديد''‪ ،‬المجلة‬
‫المغاربية للرصد القانوني و القضائي‪ ،‬مكتبة ووراقة زاكيوي‪ ،‬مكناس‪ ،‬العدد‬
‫األول‪8181 ،‬‬
‫‪ -‬ايت الشيخ محمد كريم‪'' ،‬اإلختصاصات الممنوحة للوالة تجاه المصالح‬
‫الالممركزة للدولة بين التصور الدستوري و التنزيل التنظيمي''‪ ،‬مجلة المنارة‬
‫للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬مطبعة دار السالم‪ ،‬الرباط‪8181 ،‬‬
‫‪ -‬بشتاوي فتيحة‪'' ،‬التسويق الترابي ودينامية المجال''‪ ،‬المجلة المغربية لألنظمة‬
‫القانونية والسياسية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪.8102‬‬
‫‪ -‬بنلمليح منية‪ '' ،‬المقاربة التشاركية وأهميتها في تدبير السياسات العمومية‬
‫الجهوية‪ :‬برنامج التنمية الجهوي نموذجا''‪ ،‬المجلة المغربية لألنظمة القانونية‬
‫والسياسية‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬العدد ‪ ،09‬أكتوبر ‪.8109‬‬
‫‪ -‬بنلمليح منية‪ '' ،‬برنامج عمل الجماعة‪ :‬من التأصيل القانوني إلى التدبير‬
‫التشاركي''‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،018‬ماي‪-‬‬
‫يونيو ‪.8181‬‬
‫‪ -‬بنلمليح منية‪'' ،‬الجهات المتدخلة في تقييم السياسات العمومية الجهوية‪:‬‬
‫األدوار والحصيلة''‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪،016‬‬
‫ماي‪-‬يونيو ‪.8109‬‬
‫‪ -‬بنيدي محمد عبد الحي‪ '' ،‬تدبير السياسات العمومية بالمغرب‪ :‬نموذج عقود‬
‫البرامج''‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،013‬نونبر‪-‬‬
‫دجنبر ‪8102‬‬

‫‪183‬‬
‫‪ -‬البهالي خالد‪ '' ،‬برامج عمل الجماعات الترابية الية لإلنماء واإللتقائية الترابية‪:‬‬
‫دراسة تحليلية''‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪،012‬‬
‫شتنبر‪-‬أكتوبر ‪.8109‬‬
‫‪ -‬البوداني مصطفى‪-‬بوخريص زكرياء‪ '' ،‬دور هياكل وأدوات إعداد التراب‬
‫الوطني في ترسيخ العدالة المجالية''‪،‬مجلة الدراسات السياسية واإلجتماعية‪،‬‬
‫منشورات حوارات‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬عدد مزدوج ‪،1-1‬‬
‫‪.8109‬‬
‫‪ -‬بوطوال الحسن‪'' ،‬دور المجالس الجهوية للحسابات في رقابة أداء الجماعات‬
‫الترابية على ضوء مستجدات دستور ‪ ،''8100‬المجلة المغربية للقانون‬
‫اإلداري والعلوم اإلدارية‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪.8109 ،‬‬
‫‪ -‬جامع نادية‪''،‬المراكز الجهوية لإلستثمار كمطلب للتنمية الجهوية''‪ ،‬المجلة‬
‫المغربية للقانون اإلداري والعلوم اإلدارية‪ ،‬عدد‪8102 ،12‬‬
‫‪ -‬حموتي سعيد‪'' ،‬الجهوية في المغرب نموذج إلصالح إدارة الالتمركز''‪ ،‬مجلة‬
‫العلوم السياسية والقانون‪ ،‬المركز الديمقراطي العربي‪ ،‬برلين‪-‬ألمانيا‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،02‬نفمبر ‪8109‬‬
‫‪ -‬الخمليشي محمد‪'' ،‬أدوار المجلس األعلى للحسابات في تقييم السياسات‬
‫العمومية‪ :‬مشروعية اإلختصاص وسياق الممارسة ‪-‬دراسة تحليلية مقارنة‪-‬‬
‫''‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬العدد الخاص‬
‫رقم ‪ ،83‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪.8181،‬‬
‫‪ -‬الخمليشي محمد‪ ''،‬في تقييم السياسات العمومية الترابية‪ :‬مشروعية إختصاص‬
‫المجالس الجهوية للحسابات''‪ ،‬مجلة مسالك في الفكر والسياسة واإلقتصاد‪،‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬العدد ‪.8181 ،12-19‬‬

‫‪181‬‬
‫‪ -‬الدربالي المحجوب‪'' ،‬التمويل الجبائي للجماعات الترابية‪ :‬قراءة تحليلية على‬
‫ضوء المستجدات القانونية''‪،‬المركز المغربي للبحث و الدراسات الترابية‪،‬‬
‫سلسلة الندوات حول التمويل الترابي بالمغرب‪ ،‬العدد االول‪8109 ،‬‬
‫‪ -‬ركلمة أمين‪ ،‬مالية الجماعات المحلية بين دواعي التجديد وافاق التطوير‪،‬‬
‫مجلة مسالك في الفكر والسياسة واإلقتصاد ‪ ،‬العدد ‪ ،31-89‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪8101 ،‬‬
‫‪ -‬سالمة يونس‪ '' ،‬الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص‪ ،‬التوجه المغربي‬
‫على ضوء التجارب المقارنة''‪ ،‬السلسلة المغربية لبحوث اإلدارة و االقتصاد‬
‫والمال‪ ،‬العدد الرابع‪ /‬مطبعة طوب بريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪.8100 ،‬‬
‫‪ -‬سالمي يونس‪'' ،‬الشراكة قطاع عام‪ ،‬قطاع خاص‪ ،‬التوجه المغربي في ضوء‬
‫التجارب المقارنة''‪ ،‬السلسلة المغربية لبحوث اإلدارة واإلقتصاد والمال‪،‬‬
‫مطبعة طوب بريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬العدد ‪8100 ،1‬‬
‫‪ -‬سلكي محمد‪'' ،‬الالتمركز اإلداري والتحديث الجهوي بالمغرب‪ :‬قراءة على‬
‫ضوء ميثاق الالتمركز اإلداري''‪ ،‬مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪،‬‬
‫مطبعة دار السالم‪ ،‬الرباط‪8181 ،‬‬
‫‪ -‬الشاوي عبد الغني‪'' ،‬دور المجلس الجماعي في التنمية االقتصادية‬
‫واإلجتماعية من خالل المادة ‪ 36‬من مشروع قانون ‪ ،''09.12‬المجلة‬
‫المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،21-21‬يناير أبريل ‪8119‬‬
‫‪ -‬شنفار عبد الله‪''،‬الفاعلون في السياسات العمومية الترابية''‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،031‬السنة ‪8181‬‬
‫‪ -‬صدوقي محمد‪ ،‬الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع‪ :‬الرهانات واإلكراهات‪ ،‬المجلة‬
‫المغربية للقانون اإلداري والعلوم اإلدارية‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫عدد مزدوج ‪8109 ،3-8‬‬

‫‪181‬‬
‫‪ -‬عاجل ياسر‪'' ،‬معيقات التنمية الجهوية ورهان النموذج التنموي الجديد''‪ ،‬مجلة‬
‫المنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬سلسلة مؤلفات جماعية‪ ،‬دار القلم‬
‫للطباعة‪ ،‬الطبعة االولى ‪8181‬‬
‫‪ -‬عاجل ياسير‪'' ،‬تحديات تحديث اإلدارة الجهوية في تدبير السياسات العمومية‬
‫الترابية بالمغرب''‪ ،‬المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬تنسيق‬
‫أحمد أجعون‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪8109 ،‬‬
‫‪ -‬علي الحنودي‪ ،‬الدولة وتدبير السياسات العمومية الترابية‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،031 -031‬ماي ‪.8109‬‬
‫‪ -‬عبدي مصطفى‪ ،‬نشأة و تطور مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية في‬
‫التشريعين الفرنسي و المغربي‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،010-011‬يناير‪ -‬أبريل ‪8181‬‬
‫‪ -‬عدنان رشيد‪ '' ،‬نشأة وتطور عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص''‪،‬‬
‫مجلة مسالك في الفكر والسياسة واإلقتصاد ‪،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬العدد ‪.8100 ،02-09‬‬
‫‪ -‬عدنان رشيد‪'' ،‬الشراكة العمومية الخاصة‪ ،‬براديغم جديد للحكامة التشاركية''‪،‬‬
‫سلسلة الالمركزية واإلدارة الترابية‪ ،‬مطبعة طوب بريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬العدد‪،81‬‬
‫‪8103‬‬
‫‪ -‬العربي عياد‪ ''،‬إشكالية التنقيط في الوظيفة العمومية'' المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪8119 ،29‬‬
‫‪ -‬الغازي خالد‪ '' ،‬التدبير الالمتمركز لإلستثمار والمفهوم الجديد للسلطة''‪،‬‬
‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪8118 ،99‬‬
‫‪ -‬قريشي المصطفى‪'' ،‬القانون التنظيمي للجماعات تنفيذ للخطاب السياسي‬
‫وتقييم للواقع الممارساتي''‪ ،‬منشورات مجلة العلوم القانونية‪ ،‬سلسلة الدراسات‬
‫الدستورية والسياسية‪8106 ،‬‬

‫‪181‬‬
‫‪ -‬كزال أحمد‪'' ،‬أهمية واليات التعاون الالمركزي الدولي''‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،96‬يناير‪-‬فبراير ‪8100‬‬
‫‪ -‬مجلة المالية ‪ ،‬ملف خاص بالمالية المحلية‪ :‬تكريس فعالية التدبير الترابي‪،‬‬
‫العدد‪ ،89‬يناير ‪8106‬‬
‫‪ -‬محمد زين الدين‪'' ،‬إشكالية تجديد النخب بالمغرب''‪ ،‬مجلة فكر و نقد‪ ،‬العدد‬
‫‪.8106 ،20‬‬
‫المرابط خليد‪ ''،‬الحرية التعاقدية والفعلية للسلطة التنظيمية للجماعات الترابية‬ ‫‪-‬‬
‫في ظل القوانين التنظيمية لسنة ‪ ،''8101‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،013‬نونبر‪-‬دجنبر ‪.8102‬‬
‫‪ -‬المستاري محمد‪ ،‬تحديات وإكراهات سياسة الجهوية المتقدمة بالمغرب‪ ،‬مجلة‬
‫العلوم اإلجتماعية‪ ،‬المركز الديمقراطي العربي‪ ،‬برلين‪ ،‬ألمانيا‪ ،‬العدد‪ ،1‬غشت‬
‫‪8102‬‬
‫‪ -‬معمر المصطفى‪'' ،‬الال مركزية والتمويل الذاتي للجماعات الترابية قراءة في‬
‫القانون التنظيمي للجهة''‪ ،‬المركز المغربي للبحث والدراسات الترابية‪ ،‬سلسلة‬
‫الندوات حول التمويل الترابي بالمغرب‪ ،‬العدد االول‪8109 ،‬‬
‫‪ -‬مليح هشام‪'' ،‬سؤال الحكامة الترابية بالمغرب''‪ ،‬مجلة مسالك في الفكر‬
‫والسياسة واإلقتصاد ‪،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬العدد ‪-80‬‬
‫‪.8108 ،88‬‬
‫‪ -‬هسكر بهيجة‪ ''،‬الجماعة المقاولة بالمغرب‪ :‬األسس المقومات والرهانات''‪،‬‬
‫سلسلة الالمركزية واإلدارة المحلية‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬العدد ‪،1‬‬
‫‪،8101‬‬
‫‪ -‬يحيا محمد‪ ،‬مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية بين التفسيرين الضيق‬
‫والواسع في القانون الدستوري واإلداري المغربيين‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية و التنمية‪ ،‬العدد ‪8109 ،033‬‬

‫‪182‬‬
‫‪ -‬اليعقوبي محمد‪'' ،‬األسس الدستورية لالمركزية و الجهوية المتقدمة بالمغرب''‪،‬‬
‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية‪ ،‬العدد‪ ،039‬نفمبر– دجنبر‬
‫‪8109‬‬
‫‪ -‬اليعقوبي محمد‪ ،‬المفهوم الدستوري للتدبير الحر بالمغرب‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫لإلدارة المحلية و التنمية‪ ،‬العدد ‪ ،013‬نونبر – دجنبر‪2018‬‬
‫‪ -‬اليعكوبي محمد‪'' ،‬مفهوم الشراكة''‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،018‬يناير‪-‬فبراير ‪8108‬‬

‫‪ ‬األطروحات الجامعية‪:‬‬

‫‪ -‬أجالب رشيد‪ ،‬دور الالتمركز الواسع في مشاريع التنمية الترابية‪ ،‬أطروحة‬


‫لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪،‬‬
‫جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬طنجة‪ ،‬السنة الدراسية ‪.8106-8101‬‬
‫‪ -‬جردان إدريس‪ ،‬دور العنصر البشري في تنمية الجماعات المحلية‪ ،‬أطروحة‬
‫لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية‪ ،‬أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪8118-8110 ،‬‬
‫‪ -‬جيادي سميرة‪ ،‬الحكامة الجيدة وتدبير الشأن العام المحلي‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪،‬‬
‫جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬مكناس‪ ،‬السنة الجامعية ‪.8101-8103‬‬
‫‪ -‬الحسكة هشام‪ ،‬دور اإلفتحاص العمومي في إرساء حكامة تدبير الجماعات‬
‫الترابية‪ :‬دراسة في تجربة القضاء المالي الجهوي بالمغرب‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية‪ ،‬مركز الدراسات في الدكنوراه‪،‬‬
‫مختبر األبحاث القانونية وتحليل السياسات‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية‬

‫‪188‬‬
‫واإلجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬مراكش‪ ،‬السنة الدراسية ‪-8106‬‬
‫‪8109‬‬
‫‪ -‬حمرالراس سناء‪ ،‬التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع و متطلبات‬
‫الحكامة‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية و‬
‫اإلقتصادية و اإلجتماعية‪ ،‬أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪8109-8106 ،‬‬
‫‪ -‬الزروقي عدنان‪ ،‬السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين‬
‫الدولة و الجماعات الترابية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬مركز‬
‫دراسات الدكتوراه في العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية و التدبير‪،‬‬
‫جامعة الحسن األول‪ ،‬سطات‪ ،‬السنة الجامعية ‪8109-8102‬‬
‫‪ -‬سرار نجاة‪ ،‬إشكالية العالقة بين التنمية المستدامة والجهوية المتقدمة‪ ،‬أطروحة‬
‫لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪،‬‬
‫جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬طنجة‪ ،‬السنة الدراسية ‪.8103-8108‬‬
‫‪ -‬غفال عماد‪ ،‬الحكامة الجيدة ورهانات التنمية المحلية بالمغرب‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫شهادة الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪-8108‬‬
‫‪.8103‬‬
‫‪ -‬قدميري أحمد‪ ،‬تدبير الموارد المالية والبشرية للجماعات الترابية في ظل تطور‬
‫الالمركزية الترابية بالمغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬مختبر‬
‫األبحاث حول اإلنتقال الديمقراطي المقارن‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية‪ ،‬جامعة الحسن األول‪ ،‬سطات‪ ،‬السنة الدراسية ‪،8102-8109‬‬
‫‪ -‬كحالوي عبد الرحيم‪ ،‬إندماجية السياسات العمومية بالمغرب و متطلبات‬
‫التنمية المحلية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬مركز الدراسات في‬
‫الدكتوراه قانون اإلقتصاد و التدبير‪ ،‬كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية و‬

‫‪188‬‬
‫اإلجتماعية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬طنجة‪ ،‬الموسم الجامعي ‪-8106‬‬
‫‪،8109‬‬
‫‪ -‬الكنوني كريمة‪ ،‬التدقيق واإلستشارة بالوحدات الترابية‪-‬الجماعات الترابية‬
‫نموذجا‪ ،-‬أطروحة لنيل الدكتو ار في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬طنجة‪ ،‬السنة الدراسية‬
‫‪8101-8103‬‬
‫‪ -‬مجيدي محمد‪ ،‬دور المجالس الجهوية للحسابات في تطوير أداء الجماعات‬
‫المحلية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.8119-8116‬‬
‫‪ -‬ملوكي رشيد‪ ،‬التقطيع الجهوي بالمغرب قراءة في سياق التحول و إستشراف‬
‫أفق الجهوية المتقدمة‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية و االقتصادية و االجتماعية‪ ،‬جامعة الحسن األول‪ ،‬سطات‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية‪.8106/8101 ،‬‬

‫‪ ‬الرسائل الجامعية‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد الوحيدي‪ ،‬سياسة التنمية اإلجتماعية لوكالة اإلنعاش و التنمية‬
‫اإلقتصادية و اإلجتماعية لعماالت و أقاليم شمال المغرب‪ ،‬بحث لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا المعمقة في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط‪8118-8110 ،‬‬
‫‪ -‬أقنوش سهام‪ ،‬إلتقائية السياسات العمومية الترابية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‬
‫في القانون العام‪ ،‬م استر السياسات العمومية‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬مكناس‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪8102-8109‬‬

‫‪211‬‬
‫‪ -‬أنامنا ليلى‪ ،‬الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع على ضوء القانون التنظيمي‬
‫للجهة‪ ،000.01‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬ماستر القانون‬
‫العام الداخلي وتنظيم الجماعات الترابية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬مراكش‪ ،‬السنة الدراسية ‪-8106‬‬
‫‪8109‬‬
‫‪ -‬أهيري محمد‪ ،‬صناعة القرار العمومي الترابي وفعالية السياسات العمومية‬
‫الترابية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الدراسية‬
‫‪.8109-8106‬‬
‫‪ -‬جريفة محمد‪ ،‬تنمية القوى البشرية‪ :‬التخطيط اإلستراتيجي للكفاءات‪ ،‬رسالة‬
‫لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الدراسية‬
‫‪8112-8119‬‬
‫‪ -‬جيادي سميرة‪ ،‬اإلصالح الجبائي المحلي على ضوء القانون رقم ‪،19.16‬‬
‫رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية‬
‫و اإلجنماعية‪ ،‬المحمدية‪ ،‬السنة الد ارسية ‪8112-8119‬‬
‫‪ -‬حراتي مراد‪ ،‬الجهوية المتقدمة وسياسة إعداد التراب‪-‬دراسة مقارنة‪ ،-‬رسالة‬
‫لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬ماستر القانون اإلداري وعلم اإلدارة‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪،‬‬
‫مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪.8109-8106‬‬
‫‪ -‬حسين سهام‪ ،‬دور السلوكيات األخالقية في اإلصالح اإلداري‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪،‬‬
‫جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪8119-8112‬‬

‫‪211‬‬
‫‪ -‬السليماني مروان‪ ،‬المراكز الجهوية لإلستثمار وسؤال تحقيق الفعالية‪ ،‬رسالة‬
‫لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬طنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪-8102‬‬
‫‪8109‬‬
‫‪ -‬شاهدي احمد شوقي‪ ،‬المراكز الجهوية لإلستثمار بالمغرب‪ ،‬مكامن الخلل‬
‫ومداخل اإلصالح‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪-‬أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫السنة الدراسية ‪8181-8109‬‬
‫‪ -‬شاوش محمد‪ ،‬الحكامة التشاركية في التدبير العمومي الترابي بالمغرب‪ ،‬رسالة‬
‫لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬الكلية المتعددة التخصصات بالناظور‪،‬‬
‫السنة الدراسية ‪8109-8102‬‬
‫‪ -‬شويكر سعيدة‪ ،‬الشراكة المؤسساتية ورهان التنمية‪ ،‬نموذج شركات التنمية‬
‫المحلية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬طنجة‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪8100-8101‬‬
‫‪ -‬الطاهري عبد الفتاح‪ ،‬موقع الجهة داخل مستويات التنظيم الترابي‪ :‬محاولة‬
‫لتحليل السياسات العمومية الترابية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون‬
‫العام‪ ،‬ماستر السياسات العمومية‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية‬
‫واإلجتماعية‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬مكناس‪ ،‬السنة الدراسية ‪-8109‬‬
‫‪.8102‬‬
‫‪ -‬عابدي شريف‪ ،‬برنامج عمل الجماعة أداة للتنمية المحلية‪ ،‬الجماعة الترابية‬
‫مكناس نموذجا‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬مكناس‪ ،‬السنة‬
‫الدراسية ‪.8102-8109‬‬

‫‪212‬‬
‫‪ -‬عدالني حنان‪ ،‬تأهيل الموارد البشرية وتطوير أساليب تدبيرها بالوظيفة‬
‫العمومية المغربية‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر بالقانون العام‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة‬
‫الدراسية ‪8100-8101‬‬
‫‪ -‬غرابي يوسف‪ ،‬التقطيع الترابي‪ :‬أية سياسة تدبيرية في بلورة التنمية الجهوية‪،‬‬
‫رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية‬
‫و اإلجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬مراكش‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪8109/8106‬‬
‫‪ -‬قافو رجاء‪ ،‬تدبير الموارد البشرية للجماعات الترابية وإشكالية التكوين‬
‫المستمر‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬مراكش‪ ،‬السنة الدراسية‬
‫‪8109-8106‬‬
‫‪ -‬كابغير محمد‪ ،‬دراسة عالقة الدولة المركزية بالمجال الترابي المغربي بعد‬
‫‪ 8100‬في ضوء نظريتي المركز‪-‬المحيط وإعادة اإلنتاج‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪،‬‬
‫جامعة إبن زهر‪ ،‬أكادير‪ ،‬السنة الجامعية ‪8102/8109‬‬
‫‪ -‬كامل علي‪ ،‬شركات التنمية المحلية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون‬
‫العام‪ ،‬ماستر القانون العام الداخلي وتنظيم الجماعات الترابية‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬مراكش‪ ،‬السنة‬
‫الدراسية ‪8109-8102‬‬
‫‪ -‬ماء العينين محمد الغمام‪ ،‬الوظيفة العمومية الترابية‪ :‬من تسيير شؤون‬
‫الموظفين الجماعيين إلى تدبير الموارد البشرية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في‬
‫القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬جامعة محمد‬
‫األول‪ ،‬وجدة‪ ،‬السنة الدراسية ‪8109-8106‬‬

‫‪213‬‬
‫‪ -‬متوكل محمد‪ ،‬التقسيم الجهوي الجديد بالمغرب بين هدف ضبط المجال ورهان‬
‫تنميته‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة إبن زهر‪ ،‬أكادير‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪8109/8106‬‬
‫‪ -‬محمد أصفريو‪ ،‬برامج وسياسات مكافحة الفقر بالمغرب‪ :‬تحليل وتقييم‪ ،‬رسالة‬
‫لنيل دبلوم الماستر في القانون العام و العلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية و االجتماعية أكدال‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪8102-8109‬‬

‫‪ ‬القوانين والمراسيم‪:‬‬
‫‪ -‬القانون ‪ 26.08‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،0.01.098‬الصادر‬
‫في فاتح ربيع األول ‪ 81(0136‬دجنبر‪ ،)8101‬المنشور بالجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 6382‬بتاريخ فاتح ربيع الثاني ‪ 88(0136‬يناير ‪ ،)8101‬ص‪.8011:‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 19.96‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 0.99.21‬بتاريخ‬
‫‪ 83‬ذي القعدة ‪ 8( 0109‬أبريل ‪ ،0999‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 1191‬بتاريخ ‪ 81‬ذي القعدة ‪ 1 ( 0109‬أبريل ‪ ،)0999‬ص‪.116:‬‬
‫‪ -‬القانون ‪ 19.16‬المتعلق بالجبايات المحلية‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف‬
‫‪ 0.19.091‬بتاريخ ‪ 09‬ذي القعدة ‪ 31( 0182‬نفمبر ‪ ،8119‬المنشور‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ 1123‬بتاريخ ‪ 88‬ذي القعدة ‪ 3( 0182‬دجنبر‬
‫‪ ،)8119‬ص‪0811 :‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 31.29‬المحدد بموجبه نظام الضرائب المستحقة للجماعات‬
‫المحلية وهيئاتها‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف ‪ 0.29.029‬بتاريخ ‪80‬‬
‫ربيع الثاني ‪ 80( 0101‬نفمبر ‪ ،)0929‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 1183‬بتاريخ ‪ 19‬جمادى االولى ‪ 6 (0101‬دجنبر ‪،)0929‬ص‪.0161:‬‬

‫‪211‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 39.19‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف ‪ 0.19.819‬بتاريخ ‪06‬‬
‫ذي الحجة ‪ 89(0182‬دجنبر ‪ ،8119‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪1190‬‬
‫بتاريخ ‪ 81‬ذي الحجة ‪ 30( 0182‬دجنبر ‪ ،)8119‬ص‪.0399:‬‬
‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 8.06.899‬بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه‬
‫وتحيينه وتقييمه واليات الحوار والتشاور إلعداده‪ ،‬الصادر بتاريخ ‪ 83‬رمضان‬
‫‪ 89( 0139‬يونيو ‪ ،)8106‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6128‬بتاريخ‬
‫‪ 2‬شوال ‪ 01 ( 0139‬يوليوز ‪ ،)8106‬ص‪.0612 :‬‬
‫‪ -‬المرسوم رقم ‪ 8.06.310‬الخاص بتحديد مسطرة إعداد برنامج عمل الجماعة‬
‫وتتبعه وتحيينه وتقييمه واليات الحوار والتشاور إلعداده‪ ،‬الصادر بتاريخ ‪89‬‬
‫يونيو ‪ ،8106‬الجريدة الرسمية عدد ‪.6128‬‬
‫‪ -‬المرسوم رقم ‪ 8.09.123‬بتحديد مسطرة إعداد التصميم الجهوي إلعداد‬
‫التراب وتحيينه وتقييمه‪ ،‬الصادر في ‪ 9‬محرم ‪ 82( 0139‬شتنبر ‪،)8109‬‬
‫المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6602‬بتاريخ ‪ 8‬نفمبر ‪.8109‬‬
‫‪ -‬المرسوم رقم ‪ 8.01.11‬بتحديد عدد الجهات وتسمياتها ومراكزها والعماالت‬
‫واألقاليم المكونة لها‪ ،‬الصادر بتاريخ فاتح جمادى االولى ‪ 81(0136‬فبراير‬
‫‪ ،)8101‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6311‬بتاريخ ‪ 01‬جمادى‬
‫االولى‪ 1(0136‬مارس ‪ ،)8101‬ص‪0026:‬‬
‫‪ -‬المرسوم رقم ‪ 8.09.11‬بتحديد نموذج التصميم المديري المرجعي لالتمركز‬
‫اإلداري الصادر في ‪ 09‬جمادى األولى ‪ 81( 0111‬يناير ‪ ،)8109‬المنشور‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6916‬مكرر‪ ،‬بتاريخ ‪ 06‬جمادى األولى‪81 ( 0111‬‬
‫يناير ‪.)8109‬‬

‫‪211‬‬
‫‪ -‬المرسوم رقم ‪ 8.09.602‬بمثابة ميثاق وطني لالتمركز اإلداري‪ ،‬الصادر في‬
‫‪ 02‬ربيع الثاني ‪ 86(0111‬دجنبر ‪ ،)8102‬جريدة رسمية عدد ‪،6932‬‬
‫بتاريخ ‪ 09‬ربيع الثاني ‪ 89(0111‬دجنبر ‪ ،)8102‬ص‪.9929:‬‬
‫‪ -‬المرسوم رقم ‪ 8.01.999‬الصادر بتاريخ ‪ 02‬ربيع االول ‪ 31(0139‬دجنبر‬
‫‪،)8101‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد‪ ،6130‬بتاريخ ‪ 9‬ربيع الثاني‬
‫‪ 02(0139‬يناير ‪ ،)8106‬ص‪.312:‬‬
‫‪ -‬المرسوم التطبيقي رقم ‪ 8.01.11‬الصادر في ‪ 03‬ماي ‪ 8101‬بتطبيق‬
‫القانون رقم ‪ 26.08‬المتعلق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص‪ ،‬المنشور‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6361‬بتاريخ ‪ 0‬يونيو ‪.8101‬‬

‫‪ ‬التقارير والتوصيات والتصاميم‪:‬‬


‫‪ -‬التقرير الختامي للمناظرة الوطنية األولى للحكامة حول موضوع'' التقائية‬
‫اإلستراتيجيات و البرامج القطاعية''‪ ،‬المنظمة يومي ‪ 08‬و ‪ 03‬فبراير ‪8103‬‬
‫بالصخيرات‪.‬‬
‫‪ -‬تقرير المجلس االقتصادي واإلجتماعي والبيئي‪ '':‬تدبير وتنمية الكفاءات‬
‫البشرية رافعة أساسية لنجاح الجهوية المتقدمة''‪8103،‬‬
‫‪ -‬تقرير اللجنة اإلستشارية حول الجهوية المتقدمة‪ ،‬منشور بالمجلة المغربية‬
‫لإلدارة المحلية و التنمية‪ ،‬سلسلة ''نصوص ووثائق''‪ ،‬عدد‪ ،810‬الطبعة‬
‫األولى ‪.8100‬‬
‫‪ -‬تقرير المجلس االقتصادي واإلجتماعي والبيئي حول متطلبات الجهوية‬
‫المتقدمة وتحديات إدماج السياسات القطاعية‪ ،‬الصادر سنة ‪،8106‬‬
‫‪ -‬خالصات تقرير المجلس االعلى للحسابات حول تقييم أداء المراكز الجهوية‬
‫لإلستثمار المقدم من طرف الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات بين‬
‫يدي الملك يوم االثنين ‪ 00‬دجنبر ‪8109‬‬

‫‪211‬‬
‫‪ -‬تقرير المنظمة األمريكية لتشجيع التنمية في الدول النامية‪ ،‬منشور على الموقع‬
‫‪www.unctad.com‬‬
‫‪ -‬تقرير المجلس األعلى للحسابات حول تقييم أداء المراكز الجهوية لإلستثمار‬
‫لسنة ‪8109‬‬
‫‪ -‬المناظرة الوطنية األولى حول الجهوية المتقدمة‪ ،‬المنظمة من طرف و ازرة‬
‫الداخلية بشراكة مع جمعية جهات المغرب بمدينة أكادير‪ ،‬وذلك يومي ‪81‬‬
‫و‪ 80‬دجنبر ‪8109‬‬
‫‪ -‬توصيات اللجنة الوطنية للحوار الوطني حول المجتمع المدني وأدواره‬
‫التالي‪:‬‬ ‫اإللكتروني‬ ‫الرابط‬ ‫على‬ ‫منشور‬ ‫الجديدة‪،‬‬ ‫الدستورية‬
‫‪www.hiwarmadani2013.ma‬‬
‫‪ -‬التصميم المديري لالتمركز اإلداري الخاص بو ازرة الداخلية‪ :‬الجداول‬
‫التجميعية‪ ،‬شتنبر ‪8181‬‬

‫‪ ‬المراجع باللغة الفرنسية‪:‬‬

‫‪- Ahmed BOUACHIK:’’ la régionalisation avancée dans la‬‬


‫‪Constitution Maroaine de 2011’’, Remald, n°82, 2013‬‬
‫‪- BELLINA Séverine,La Governance démocratique: un nouveau‬‬
‫‪paradigme pour le développement?, Editions Karthala, Coll.‬‬
‫‪Hommes et sociétés, 2008‬‬
‫‪- KARZAZI Mohcine, '' la coopération décentralisée Franco-‬‬
‫‪Marocaine: Entre coopération au Développement et diplomatie‬‬

‫‪212‬‬
d'influence'', thése de doctorat en droit public, FSJES Tanger,
édition 2013-2011
- Mohammed EL YAAGOUBI, pour un état territorial équilibré,
un processus en évolution, REMALD, n°133, Mars-Avril 2017
- Frederique BIGEYE, Gestion de ressources hymaines,
dunod,Paris,1997
- Francois VETTES; La gestion prévisionnelle et mesure de la
performance, dunod, paris,2008
- Christian BATAL,la gestion des ressources humaines dans le
secteur publicM l’analyse des mat’éres des emplois
compétences,tome1,édition 2008,p :55.
- NOUSRIA Mohamed, les contraintes et les limites de la
gestion des affaires communals au maroc: constance et
évaluation, Mémoire de fin d'études du angles supérieur au
gestion administratives, école nationale d'administration,
Rabat,2012
- MULLER Pieerr,les politique publiques,Presses universitaires
de France,Paris,4eme édition,2000

218
‫الفهرس‪:‬‬
‫مـقـدمـة‪10..................................................................................................................:‬‬
‫الفصل ا ألول‪ :‬المدخل القانوني والتدبيري كدعامة لتحقيق الإلتقائية‪01..........................................‬‬
‫المبحث ا ألول‪ :‬المدخل القانوني ودوره في تحقيق اإلتقائية الس ياسات العمومية‪01.............................‬‬
‫المطلب ا ألول‪ :‬القوانين المؤطرة لالمركزية كوعاء لتحقيق الإلتقائية‪01............................................‬‬
‫الفرع ا ألول‪ :‬مكانة التقطيع الجهوي ومبد أأ التدبير الحر في تحقيق اإلتقائية الس ياسات‪01.....................‬‬
‫الفقرة ا ألولى‪ :‬على مس توى س ياسة التقطيع الجهوي‪01............................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التحديد الواضح لمبد أأ التدبير الحر وموقعه من تحقيق الإلتقائية‪11................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ضبط س ياسة التفريع وإاصالح المنظومة الجبائية كرهان لتحقيق الإلتقائية‪12...................‬‬
‫الفقرة ا ألولى‪ :‬على مس توى مبد أأ التفريع وتوزيع الإختصاصات الترابية‪12.......................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اإصالح المنظومة القانونية للجباايت المحلية‪11.........................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ميثاق الالتمركز الإداري كدعامة لتحقيق اإلتقائية الس ياسات العمومية الترابية‪11............‬‬
‫الفرع ا ألول‪ :‬الالتمركز الإداري‪ ،‬ودور الوالي‪/‬العامل في ضمان اإلتقائية الس ياسات‪10..........................‬‬
‫تكريس‬ ‫في‬ ‫ومساهمته‬ ‫الإداري‬ ‫الالتمركز‬ ‫ا ألولى‪:‬‬ ‫الفقرة‬
‫الإلتقائية‪10.................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الوالي‪/‬العامل وضمان التقائية الس ياسات على المس توى‬
‫الترابيي‪14.................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التصاميم المديرية لالتمركز الإداري ورهان تحقيق اإلتقائية الس ياسات العمومية‪11..............‬‬
‫لالتمركز‬ ‫المديرية‬ ‫للتصاميم‬ ‫ا ألساس ية‬ ‫المرتكزات‬ ‫ا ألولى‪:‬‬ ‫الفقرة‬
‫الإداري‪11..........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التصميم المديري لالتمركز الإداري‪ -‬قراءة في التصميم المديري لوزارة الداخلية‬
‫كنموذج‪12.....‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المدخل التدبيري كدعامة لتحقيق اإلتقائية الس ياسات العمومية الترابية‪40.....................‬‬
‫المطلب ا ألول‪ :‬التعاقد والتخطيط الترابيي كآليتين لتحقيق الإلتقائية‪41............................................‬‬
‫تحقيق‬ ‫في‬ ‫ومكانته‬ ‫الترابيي‬ ‫التعاقد‬ ‫ا ألول‪:‬‬ ‫الفرع‬
‫الإلتقائية‪41...........................................................‬‬

‫‪218‬‬
‫الإختصاصات‬ ‫لممارسة‬ ‫كآلية‬ ‫الترابيي‬ ‫التعاقد‬ ‫ا ألولى‪:‬‬ ‫الفقرة‬
‫المشتركة‪41..............................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الشروط المؤطرة للتعاقد الترابيي‪46......................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التخطيط الترابيي وموقعه من تحقيق الإلتقائية الترابية‪20.............................................‬‬
‫الفقرة ا ألولى‪ :‬التصميم الجهوي لإعداد التراب‪20......................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬برانمج التنمية الجهوية‪21..................................................................................‬‬
‫عمل‬ ‫برانمج‬ ‫الثالثة‪:‬‬ ‫الفقرة‬
‫الجماعة‪27....................................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التشارك والتقييم كدعامة لتحقيق‬
‫الإلتقائية‪61.....................................................‬‬
‫الفرع ا ألول‪ :‬التدبير التشاركي للس ياسات العمومية الترابية و أأثره في تحقيق‬
‫الإلتقائية‪64.......................‬‬
‫الفقرة ا ألولى‪ :‬الشراكة كآلية لتمويل المشاريع التنموية‪.‬‬
‫‪64.............................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التعاون كآأحد دعائم تمويل المشاريع‬
‫التنموية‪70.........................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تقييم الس ياسات العمومية الترابية ورهان‬
‫الإلتقاء‪74..................................................‬‬
‫الفقرة ا ألولى‪ :‬مكانة التقييم‪74.............................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬المجالس الجهوية للحساابت كمؤسسة للتقييم‪ ،‬وموقعها من تحقيق‬
‫الإلتقائية‪011..................‬‬
‫خاتمة الفصل‬
‫ا ألول‪011...................................................................................................:‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المدخل المؤسساتي والبشري‪ /‬التآأهيلي لتحقيق الإلتقائية‪012....................................‬‬
‫المبحث ا ألول‪ :‬المدخل المؤسساتي وموقعه من تحقيق‬
‫الإلتقائية‪016..............................................‬‬
‫المطلب ا ألول‪ :‬مؤسسات التنمية وتكريسها للبعد الإلتقائي للس ياسات العمومية‬
‫الترابية‪001.................‬‬
‫‪211‬‬
‫الفرع ا ألول‪ :‬وكالت التنمية‬
‫الجهوية‪001.................................................................................‬‬
‫الفقرة ا ألولى‪ :‬الوكالة الجهوية لتنفيذ‬
‫المشاريع‪000.......................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬وكالت التنمية الإقتصادية‬
‫والإجتماعية‪001.............................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬شركات التنمية المحلية كآلية مؤسساتية لتحقيق الإلتقائية‪.‬‬
‫‪006......................................‬‬
‫الفقرة ا ألولى‪ :‬دواعي وقواعد التآأسيس‪006............................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬دور شركات التنمية المحلية في تحقيق‬
‫الإلتقائية‪011...................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المراكز الجهوية ل إالستثمار وتحقيق اإلتقائية الس ياسات الإستثمارية على المس توى‬
‫الجهوي‪017.......‬‬
‫الفرع ا ألول‪ :‬محدودية المراكز الجهوية ل إالستثمار ومطلب‬
‫الإصالح‪011...........................................‬‬
‫الفقرة ا ألولى‪ :‬اإختاللت تنظيمية‬
‫وتدبيرية‪011.........................................................................‬‬
‫الفقرةالثانية‪ :‬اإختاللت مالية وبشرية‪014..............................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اإصالح المراكز الجهوية ل إالستثمار ومطمح تحقيق‬
‫الإلتقائية‪010.....................................‬‬
‫الفقرة ا ألولى‪ :‬أأي رهان لتحقيق الإلتقائية‪010.........................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اإصالح المراكز الجهوية ل إالستثمار‪ :‬أأية‬
‫محدودية‪012..................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المدخل البشري‪ /‬التآأهيلي كرهان لتحقيق الإلتقائية‪011..........................................‬‬
‫المطلب ا ألول‪ :‬النخبة الس ياس ية الترابية ونجاعة تدبير الشآأن‬
‫العام‪010..........................................‬‬
‫الفرع ا ألول‪ :‬وعي المنتخب الترابيي بدوره‬
‫التنموي‪011................................................................‬‬

‫‪211‬‬
‫الفقرة ا ألولى‪ :‬الإنفتاح على المواطنين وتعزيز‬
‫التواصل‪011..........................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الإنخراط في منطق التعاون والتضامن‬
‫والشراكة‪011................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التكوين كدعامة لتآأهيل النخبة الس ياس ية الترابية‪017...............................................‬‬
‫الفقرة ا ألولى‪ :‬ا ألحزاب الس ياس ية وتكوين المنتخب‬
‫الترابيي‪041...................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬خلق اإطار مؤسساتي‬
‫للتكوين‪041......................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الموظف الترابيي ورهان الإصالح الإداري لتحقيق‬
‫الإلتقائية‪041................................‬‬
‫الفرع ا ألول‪ :‬دور التخطيط الإستراتيجي في عقلنة تدبير الموظف الترابيي وتحقيق رهان‬
‫الإلتقائية‪041......‬‬
‫الفقرة ا ألولى‪ :‬تبني الهيئات الالمركزية للتدبير التوقعي للوظائف‪044.............................................‬‬
‫الفقرةالثانية‪ :‬على مس توى تحليل وتوصيف‬
‫الوظائف‪021...........................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ضرورة التحديث والإصالح لبلوغ تحقيق التقائية‬
‫الس ياسات‪021.................................‬‬
‫الفقرة ا ألولى‪ :‬على مس توى تقوية القدرات الإدارية‪021........................................................... .‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬على مس توى تحديث أليات التوظيف والتكوين‬
‫والتحفيز‪022....................................‬‬
‫الفصل‬ ‫خاتمة‬
‫الثاني‪061....................................................................................................:‬‬
‫خاتمة‬
‫عـــــامة‪061..........................................................................................................:‬‬
‫لئحة‬
‫المراجع‪071...........................................................................................................:‬‬

‫‪212‬‬
‫الفهرس‪116.................................................................................................................:‬‬

‫‪213‬‬

You might also like