Professional Documents
Culture Documents
رسالة السياسات العمومية الترابية ومداخل تحقيق الإلتقائية1
رسالة السياسات العمومية الترابية ومداخل تحقيق الإلتقائية1
ويعرف ''جيمس أندرسون'' السياسات العمومية ،بكونها برنامج عمل مقترح لشخص
أو جماعة أو حكومة في نطاق بيئة محددة لتوضيح الغرض المستهدف ،والمحددات
المراد تجاوزها سعيا للوصول إلى األهداف أو تحقيق غرض مقصود .وهي برنامج عمل
هادف يعقبه أداء فردي أو جماعي في التصدي لمشكلة أو قضية ما .كما يعرف ''دافيد
2
إستون'' السياسات العمومية بكونها تمثل ''التوزيع السلطوي للقيم''.
وتختلف السياسة العامة عن السياسات العمومية ،ذلك أن األولى تتحدد عندما تحاول
سلطة محلية أو وطنية ،بواسطة برنامج عملي منسق تعديل البيئة الثقافية ،أو االجتماعية،
أو االقتصادية للفاعلين االجتماعيين في اإلطار العام للتقسيم القطاعي للمجتمع ،وما
يميزها أكثر خاصة بالمغرب يتمثل في كونها تعرف مشاركة رئيس الدولة وتعبر عن
توجهاته اإلستراتيجية ،أما السياسات العمومية فتتمثل في مجموعة من األنشطة أو عدمها،
التي يقوم بها الفاعلون السياسيون بغرض تقديم حلول للمشاكل المطروحة والتي يعاني
منها المجتمع ،إن السياسات العمومية تعني ذلك المسار العملي المقصود من لدن
-جفري سعيد ،قضايا علم السياسة ،مقاربات نظرية ،مطبعة دار المناهل ،الرباط ،8102 ،ص.061: 1
-الفهداوي فهمي خليفة ،السياسة العامة منظور كلي في البيئة والتحليل ،دار المسيرة للنشر والتوزيع ،الطبعة 2
1
الحكومة أو أحد مؤسساتها لتقديم حلول عامة تسترعي انتباها عاما ،وما يميزها عن
3
السياسة العامة يتمثل في كونها ال تعرف في الغالب مشاركة رئيس الدولة.
لقد عرفت الحقبة الممتدة من تسعينيات القرن الماضي إلى حدود اليوم تغيرات دولية
ووطنية دالة وملتفة ،أثرت في طبيعة المعرفة المنتجة للفعل العمومي ،وشكل تقرير البنك
الدولي سنة ،0991الذي شرح وضعية المغرب االقتصادية واالجتماعية والمالية ،حيث
كانت كل المؤشرات تدل على أن البالد على حافة اإلنهيار ،مما دفع الراحل الحسن
الثاني لتوجيه خطاب لألمة قائال إن البالد مهددة بالسكتة القلبية ،وشكل الخطاب دفعة
قوية ليبحث النظام السياسي المغربي عن وسائل جديدة إلمتصاص التوترات المجتمعية
التي سادت في تلك الفترة .ومنذ ذلك الحين بدأ إهتمام صانعي القرار بالسياسات العمومية،
حيث تم إدماجها ضمن تكوينات القانون العام بكليات الحقوق 4،وبدأ اإلهتمام بإنشاء
مراكز 5تهتم بتحليل السياسات العمومية وأصبح الباحثون والمتخصصون تبعا لذلك في
قلب الفعل العمومي ،من خالل مساهمتهم في إيجاد حلول للمشاكل العمومية (كتقرير
الخمسينية ،وتقرير هيئة اإلنصاف والمصالحة ،وتقرير اللجنة اإلستشارية للجهوية ،اللجنة
المكلفة بإعداد النموذج التنموي الجديد).
وتعتبر السياسات العمومية الترابية ،سياسات تهدف إلى تحقيق توزيع أفضل للسكان
واألنشطة فوق مجال معين من خالل سياسات قطاعية ومجالية وترابية ،للتخفيف من
- 3علي الحنودي ،الدولة وتدبير السياسات العمومية الترابية ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد
مزدوج ،131 -131ماي ،2112ص 181
- 4ساهم االستاذ عبد الله ساعف من موقعه في إدخال المادة وتدريسها وتأطير مجموعة من الرسائل واألطروحات
ضمنها ،إنطالقا من المرجعية الفرنسية باإلعتماد على مطبوعات جامعية فرنسية ،على الرغم من كون التجارب
االنجلوساكسونية كانت رائدة في هذا المجال ،إال أنه لم يتم اإلعتماد على مقارباتهم في حقل علم السياسة
والسياسات العمومية بسبب إرتباط الجامعة المغربية تاريخيا بالجامعة الفرنسية ،فضال عن قلة إلمام النخبة العلمية
الوطنية باللغة اإلنجليزية.
- 5نذكر على سبيل المثال معهد أماديوس ،والمركز المغربي للدراسات اإلستراتيجية والحكامة الشاملة ،ومركز
السياسات من أجل الجنوب الجديد ،والمعهد المغربي لتحليل السياسات.
2
التباينات وتحقيق نوع من التوازن المجالي ،على إعتبار أن التراب هو أحد العوامل التي
تسمح بتوجيه الفعل العمومي حيث تفتقد الدولة مركزيتها في هذا المستوى.
ومصطلح السياسات العمومية الترابية يعتبر حديثا نوعا ما في المغرب ،إذ أن
الشروع في تدعيم اإلختيار الجهوي كأساس للتنظيم الترابي بالمغرب برز بشكل الفت
من خالل عدة محطات كان أبرزها نظام الجهات االقتصادية لسنة ،0990والرغبة في
إحداث جهوية ذات هياكل تشريعية وتنفيذية سنة 0921والتعديل الدستوري لسنة ،0998
مرو ار بتدعيم مكانة الجهة في دستور ،0996وصدور القانون المنظم للجهات سنة
،0999انتهاء بدستور 8100الذي كرس للجهوية المتقدمة كمقاربة استراتيجية في
سياسة إعداد التراب الوطني ،وصدور القوانين التنظيمية للجماعات الترابية 6سنة 8101
وصدور الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري سنة 8102وإصالح المراكز الجهوية
لالستثمار سنة ،8109كل هذه المحطات واإلصالحات قد ساهمت في تعاضم دور
النقاش العمومي حول موضوع السياسات العمومية الترابية ومكانتها في الحقل السياسي
المغربي ،خاصة ما يتعلق منها بإشكالية إلتقائية وإندماجية السياسات العمومية الترابية.
وفي سعينا لتحديد مفهوم اإللتقائية ،والذي سنحاول تعريفه من الناحية اللغوية،
فحسب تعريف منجد الطالب ،اإللتقائية من فعل(لقي-يلقى-لقاء ولقاية ولقى) فالنا:
إستقبله وصادفه ووافقه الشيء كما تعني التطابق من فعل األمر طابقه ،وطابق بين
الشيئين أي جعلهما على حذو واحد 7.وحسب تعريف'' ''Le petit Larouseفاإللتقائية،
3
هي إحداث التقارب فيما بين المناطق والشعوب من أجل تحقيق هدف معين وواحد في
8
الحياة ،وكذلك األفكار والقوى.
أما إصطالحا فيمكن القول أن اإللتقائية هي تلك اآللية التي تهدف إلى تحقيق
التشارك واإلندماج والتالقي والتناسق والتناغم ،في إطار ربط عالقة تنموية في الغالب
بين عدة فاعلين إلتخاذ القرار في إطار السياسات العمومية المنتهجة (قطاعات حكومية،
وكاالت تنموية ،مصالح الممركزة ،جماعات ترابية ،جمعيات ،)...والتي تعمل في حقل
وتخصص متشابه بينها أو متداخل ،بهدف بلورة عمل تنموي متكامل ومندمج من خالل
البرامج المنجزة والمشاريع التي هي في طور اإلنجاز أو المرتقب إنجازها على كافة
المستويات بغية الخروج ببرنامج ومشروع واحد يتالقى فيه الكل بعيدا عن التداخل
9
والتنافر ،ومتكامل ومنسجم وذو نتائج إيجابية ومندمجة ومتجانسة.
فاإللتقائية إذن ،هي األنموذج الذي يتوخى أن يشتغل فيه كل المتدخلين والفاعلين
من أجل إخراج مشاريع وبرامج تنموية مندمجة ،شرط أن تكون مبنية على المقاربة
التشاركية وسياسة القرب والمقاربة الترابية وتثمين مجهودات المتدخلين الجهويين والترابيين
ودعمهم قصد بلوغ األهداف المشتركة والمسطرة من طرفهم وخاصة هدف التجانس
10
والتناسق والتناغم فيما بينهم .ومن خالل اإلطالع على مجموعة من التقارير الوطنية
وتصريحات رئيس الحكومة في مناسبات متعددة ،11عالوة على التقرير الختامي ألشغال
8
-Le robert, dictionnaire historique de la langue francaise, sous la direction d’Alain
Rey, Mars 2000,paris,p882.
- 9كحالوي عبد الرحيم ،إندماجية السياسات العمومية بالمغرب ومتطلبات التنمية المحلية ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة عبد المالك السعدي ،طنجة
،2112-2111ص.18 :
- 10كتقرير المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي والبيئي حول متطلبات الجهوية وتحديات إندماج السياسات
القطاعية ،مارس .8106والتقرير الختامي للمناظرة الوطنية األولى للحكامة حول موضوع'' التقائية
اإلستراتيجيات والبرامج القطاعية'' ،المنظمة يومي 08و 03فبراير 8103بالصخيرات.
-عرض رئيس الحكومة أمام البرلمان حول الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة (في إطار الفصل 010من 11
1
نجد أن موضوع إلتقائية السياسات 12
المناظرة الوطنية األولى حول الجهوية المتقدمة
العمومية الترابية ،بات يشكل الرهان الحقيقي لتحقيق التنمية والعدالة المجالية وخلق الثروة
وتحقيق متطلبات الجهوية المتقدمة ،واإلستجابة لتطلعات المواطنات والمواطنين ،وبالتالي
وجب على الدولة أن تركز باألساس على وظائف :التنظيم ،والتنسيق ،والتحكيم الترابي،
وأن تلعب أدوا ار أساسية عبر سياسات عمومية ترابية تقوم على أساس الحرص على
تحقيق اإلنسجام والتماسك والتعاون وتقليص التفاوتات الترابية وتقوية آليات التضامن
وتوضيح أدوار الفاعلين وتشجيع المبادرات الترابية.
أهمية الموضوع:
يكتسي موضوع إلتقائية السياسات العمومية الترابية راهنية قصوى ،خصوصا بعد
تأكيد تعثر المشاريع والبرامج التنموية ،وملفات الفساد الخطيرة والخروقات المالية التي
أكدها المجلس األعلى للحس ابات في تقاريره الموضوعاتية أكثر من مرة ،عالوة على
تقرير المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي والبيئي الذي عالج تحديات إدماج السياسات
العمومية القطاعية ،13ولكونه يشكل مجال إهتمام الحكومة في الوقت الراهن من خالل
تأكيد رئيس الحكومة في أكثر من مناسبة على أن مشكل اإللتقائية بات يستوجب إيجاد
حل سريع وفعال لتحقيق النجاعة في التدخالت العمومية ،مما بات يستلزم إيجاد مداخل
لتحقيق رهان إلتقائية السياسات العمومية الترابية ،من أجل الحيلولة دون تضييع الفرص
التنموية وإهدار للجهد والمال والوقت في برامج ومخططات ومشاريع ،دون تحقيق الفعالية
والنجاعة المطلوبة في تدبير الشأن العام الترابي.
ويستمد الموضوع أهميته من خالل سعيه لتحديد المداخل الممكنة لتحقيق رهان
إلتقائية السياسات العمومية الترابية ،وذلك من خالل التطرق لمجموعة من المداخل سواء
-المناظرة الوطنية األولى حول الجهوية المتقدمة ،المنظمة من طرف و ازرة الداخلية بشراكة مع جمعية جهات 12
1
القانونية والتنظيمية والتدبيرية والمؤسساتية والبشرية والتأهيلية ،لمعالجة إمكانية بلورة رؤية
شمولية بإعمال هذه المداخل والقيام بتشخيص بعض العوائق التي تشكل عقبة في طريق
تحقيق اإللتقائية ،ومحاولة تقديم بعض المقترحات باإلعتماد على بعض التجارب المقارنة
في هذا المجال لمقاربة الموضوع.
فمكانة هذا الموضوع تتأسس من خالل تقديمه لدعائم تمكن من ضمان التنسيق بين
المشاريع التي تخطط لها القطاعات الو ازرية على المستوى الترابي ،والمشاريع والبرامج
والمخططات التي تتولى الجماعات الترابية تنزيلها ،أو التي يتم إقتراحها وتنفيذها من
طرف وكاالت التنمية على المستوى الجهوي ،وكذا الدور الذي باتت تلعبه المراكز
الجهوية لإلستثمار في تحقيق إلتقائية السياسات العمومية اإلستثمارية على مستوى الجهة،
عالوة على دور سياسة الالتمركز اإلداري في ضمان تحقيق اإللتقائية من خالل
الصالحيات التقريرية التي سيتم نقلها للمصالح الالممركزة والتي ستتولى التصاميم
المديرية لالتمركز اإلداري تنزيلها ،وعلى الدور المحوري الذي يلعبه والي الجهة في
التنسيق بين كافة المتدخلين في القرار العمومي الترابي ،بهدف تحقيق اإللتقائية المنشودة
مما بوسعه أن يحول دون تضييع الفرص التنموية وإهدار المال والجهد والوقت في إعداد
تصاميم ومخططات وبرامج عقيمة يصعب تنفيذها وال تتيح حل المشاكل العمومية
الترابية.
إشكالية الموضوع:
هذا الموضوع يطرح إشكاال جوهريا يروم البحث حول جدوى صناعة سياسات
عمومية ترابية غير قادرة على حل المشاكل العمومية الترابية في ظل إشكالية إنعدام
اإللتقائية بين التدخالت العمومية على المستوى الترابي بسبب العديد من القيود واإلكراهات
التي تحول دون ذلك ،وبناء عليه فإلى أي حد يمكن إعتبار المداخل القانونية/التنظيمية
والتدبيرية ،والمداخل المؤسساتية والبشرية /التأهيلية ،كدعائم يمكن من خالل اإلعتماد
1
عليها تحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية ،وضمان بلوغ سياسات عمومية منسجمة
ومتكاملة وفعالة.
وتتفرع عن هذه اإلشكالية المركزية أسئلة فرعية سنحاول من خالل بحثنا اإلجابة
عنها واإلحاطة بجوانبها ،وتتمثل هذه األسئلة فيما يلي:
2
-الفرضية األولى :قد يشكل إعادة النظر في التقسيم الجهوي ،وقيامه على أسس
العدالة المجالية والتوزيع العادل للثروات الطبيعية ،إلى جانب التقليص من حجم
الرقابة اإلدارية على الجماعات الترابية في مقابل تأهيل المنتخبين ،والموظفين
الترابيين وإعادة النظر في محددات التنخيب ومنح التزكيات الحزبية بناء على
معايير الكفاءة والمستوى التعليمي والخبرة المتراكمة في التدبير والتسيير،
باإلضافة إلى إحداث لجنة تحت رئاسة رئيس الحكومة تضم مختلف القطاعات
الو ازرية وأجهزة الرقابة والتقييم على مستوى الجهات لتتبع إعداد البرامج
والتصاميم وتنفيذ السياسات من أجل العمل على تقويمها في حال خروجها عن
أهدافها ،ضمانة لتحقيق الفعالية والنجاعة والسرعة في التدخل العمومي ،وبالتالي
ضمان عدم تعثر البرامج والمشاريع ،وتحقيق إلتقائية السياسات وضمان قدرتها
على حل المشاكل العمومية دون تضييع للفرص التنموية وإهدار للجهد والمال
والوقت.
-الفرضية الثانية :يمكن إعتبار ميثاق الالتمركز اإلداري ،والدور التنسيقي الذي
بات يلعبه والي الجهة من خالل ترأسه للجنة الجهوية للتنسيق ،وتنزيل وتفعيل
التصاميم المديرية لالتمركز اإلداري ،ومنح الصالحيات التقريرية للمصالح
الالممركزة ،واإلصالح األخير للمراكز الجهوية لإلستثمار ،بمثابة دعائم ومداخل
نستطيع من خاللها تحقيق التناسق والتجانس واإلندماج بين السياسات العمومية
على المستوى الترابي ،وبالتالي تحقيق رهان اإللتقائية.
إكراهات البحث:
لقد شكلت الظروف التي تمر منها بالدنا والمتمثلة في إنتشار وباء كورونا ،تزامنا
مع إعداد هذا البحث إكراها حقيقيا بفعل عدم القدرة على التنقل للحصول على إحصائيات
وتقارير ودراسات ميدانية نعزز بها موضوعنا ،هذا فضال عن ندرة المراجع والكتابات
8
التي تستهدف الموضوع بشكل مباشر ومركز نظ ار لراهنيته ،مما جعلنا نبذل مجهودا
مضاعفا لمقاربته واإلجابة على إشكاليته المركزية.
منهجية البحث:
تفرض طبيعة البحث ونوع اإلشكالية نفسها على عملية إختيار المنهجية التي
سنقارب بها موضوعنا ،وبالتالي فقد إعتمدنا على المقاربة التحليلية النقدية من خالل
تحليل مختلف النصوص القانونية والتنظيمية ،عالوة على المنهج الوظيفي البنيوي الذي
يقوم على معرفة أدوار مختلف الفاعلين في مجال السياسات العمومية الترابية ،لتوضيح
أدوارهم في ضمان إلتقائيتها وإندماجها ،هذا إلى جانب المنهج المقارن من خالل التطرق
لبعض التجارب الدولية خاصة الفرنسية منها ،لمحاولة بناء بعض المقترحات التي نرى
أنها تشكل دعامة لبلوغ رهان تحقيق اإللتقائية.
خطة البحث:
لمعالجة موضوع السياسات العمومية الترابية ومداخل تحقيق اإللتقائية ،وفي محاولة
منا إلبراز الدعائم الممكنة لتحقيق رهان اإللتقائية على المستوى الترابي ،سنتطرق ألربعة
مداخل أساسية قادرة على ضمان تحقيق إلتقائية السياسات العمومية شريطة تنزيلها
وبلورتها على أرض الواقع في تكامل وإنسجام وفق إرادة سياسية حقيقية وبناءة تروم
تحقيق رهان اإلندماجية واإللتقائية والتكامل في صناعة وتنفيذ السياسات العمومية الترابية.
وبناء عليه ولمعالجة هذا الموضوع واإلجابة على إشكاليته المركزية سنقوم بتقسيم
الموضوع لفصلين رئيسيين على الشكل التالي:
8
الفصل األول :المدخل القانوني والتدبيري كدعامة لتحقيق اإللتقائية.
سنحاول من خالله تسليط الضوء على مختلف اإلكراهات القانونية والتدبيرية التي
تعرقل بلوغ تحقيق إلتقائية السياسات العمومية ،خاصة ما يتعلق باإلشكاالت التي نتجت
عن التقسيم الجهوي األخير ،وضبابية النصوص القانونية المتعلقة بالجماعات الترابية
في ظل نهج مقاربة تجزيئية للنصوص القانونية ،فضال عن اإلكراهات المالية وضعف
الموارد الجبائية التي تقف حاج از أمام تنفيذ البرامج والمشاريع وتعرقل تحقيق اإللتقائية
واإلندماج .كما سيقدم هذا الفصل المداخل القانونية والتدبيرية المهمة التي من خاللها
يمكننا الحديث عن تحقيق نجاعة السياسات الترابية وضمان إلتقائيتها مع المشاكل
العمومية الترابية من خالل الدور المحوري التنسيقي الذي يلعبه والي الجهة ،عالوة على
اإلصالحات التي شملت المراكز الجهوية لإلستثمار والصالحيات التقريرية التي سيتم
نقلها للمصالح الالممركزة مما سيمكنها من اإلشتغال وفق رؤية أفقية يغلب عليها طابع
التنسيق والتعاون والشراكة والتشاور والمواكبة كمدخل تدبيري يضمن تحقيق إندماجية
وإلتقائية السياسات الترابية وقدرتها على اإلستجابة لمتطلبات المواطنين وحل مشاكلهم
العمومية الترابية.
سنحاول من خالل هذا الفصل تسليط الضوء على الدور المهم الذي تلعبه
المؤسسات التنموية على المستوى الجهوي والمحلي خاصة ما يتعلق بالوكالة الجهوية
لتنفيذ المشاريع ووكاالت التنمية الجهوية والمحلية وكذا شركات التنمية المحلية والمراكز
الجهوية لإلستثمار والدور المحوري والهام الذي تقوده والذي يسعى لتحقيق إلتقائية
السياسات العمومية الترابية من خالل منهجية عملها المبنية على التشارك والتعاون
والتنسيق ،دون أن نغفل بعض القيود ونطرح حلوال كفيلة بتحقيق نجاعة تدخالتها على
المستوى الجهوي والمحلي.
11
كما سنعالج في هذا الفصل أيضا الدور المحوري الذي تلعبه النخبة السياسية الترابية
وكذا الدور األساسي للموظف الترابي ،ومناقشة أهم العوائق التي تحول دون تحقيق نجاعة
عملهم وتدخالتهم في تعاملهم الميداني مع السياسات العمومية من خالل قيادتهم للمجالس
الترابية المنتخبة والمصالح اإلدارية التابعة لها ،وتقديم بدائل وحلول لتأهيل هذه النخبة،
مما يجعلها قادرة على بلورة وتنفيذ السياسات العمومية الترابية وبالتالي تحقيق مطمح
إلتقائية وإندماجية السياسات.
11
الفصل األول:
المدخل القانوني والتدبيري
كدعامة لتحقيق اإللتقائية
12
الفصل ا ألول :المدخل القانوني والتدبيري كدعامة لتحقيق الإلتقائية.
13
الجهوي والترابي ،مما يحقق دعامة أساسية لترسيخ رهان إلتقائية السياسات العمومية
الترابية(المبحث األول).
كما يشكل المدخل التدبيري ،دعامة أساسية في بلورة سياسات عمومية ترابية فعالة
وناجحة من خالل إعمال آليات التعاقد الترابي بين الدولة والجماعات الترابية فيما يتعلق
باإلختصاصات المشتركة ،مما يمكنها من بلورة رؤية شمولية تدمج القطاعي في بعده
الترابي ،المبني على المشاركة والتفاوض والتحاور بين الجماعات الترابية ،وممثلي الدولة
للخروج بصيغة تعاقدية مبنية على طرح األولويات وفق برنامج عمل علمي دقيق ،يحقق
حل المشاكل العمومية الترابية .كما يلعب التخطيط الترابي من خالل التصاميم الجهوية
إلعداد التراب وبرامج التنمية الجهوية وبرامج عمل الجماعات دو ار هاما من خالل إعمال
آلية التخطيط المبنية على التشخيص الدقيق للمتطلبات وصياغة سياسات عمومية ترابية
تحقق اإلندماجية والتكامل واإللتقائية بين الخيارات التنموية على المستوى الترابي مما
يساهم في إيجاد وبلورة بدائل فعالة لتحقيق أهدافها.
كما يلعب ا لتدبير التشاركي للسياسات العمومية الترابية ،دو ار مدعما لتحقيق
اإللتقائية من خالل إعمال مبادئ الشراكة والتعاون الالمركزي الداخلي أو الدولي ،ومبادئ
التضامن والتشارك لتحقيق إلتقائية اإلختيارات ،وتحقيق البناء المتكامل للسياسات
العمومية ،كما يلعب التقييم أيضا دو ار في كشف العراقيل والصعوبات التي تعتري تنفيذ
السياسات ،وإعطاء حلول تقويمية من خالل جملة من التقارير الموضوعاتية التي تؤدي
لتجاوز هذه الصعوبات وبالتالي تحقيق رهان إلتقائية السياسات العمومية الترابية(المبحث
الثاني).
المبحث الأول :المدخل القانوني ودوره في تحقيق اإلتقائية الس ياسات العمومية.
إن رهان تحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية يجب أن ينبني بالضرورة على وجود
ترسانة قانونية قوية تجسد دعائم تحقيق الرهان ،فعلى مستوى القوانين المؤطرة لالمركزية
يلعب التقطيع الترابي ومبدأ التدبير الحر دو ار محوريا في تحقيق اإللتقائية من خالل
11
العمل على تقسيم الوحدات الجهوية إنطالقا من تكريس العدالة المجالية وتجنب الفوارق
الترابية وإعطاء البعد الجهوي المكانة الحقيقية التي يستحقها ،عالوة على التنزيل السليم
لمبدأ التدبير الحر من خالل نزع الصفة التحكمية للدولة على وحداتها التربية المعرقلة
لكل المبادرات التنموية والمعيقة لتحقيقة رهان اإللتقائية ،هذا إلى جانب ضرورة التحديد
الدقيق لإلختصاصات لتجنب التداخل والتنازع عالوة على العمل على إصالح المنظومة
الجبائية المحلية لتدعيم موارد الجهات والجماعات الترابية األخرى(المطلب األول) ،كما
يشكل ميثاق الالتمركز اإلداري دعامة أساسية لتحقيق إلتقائية السياسات العمومية من
خالل العمل على نقل اإلختصاصات من المركز إلى المحيط مما يساهم في تدعيم
التنسيق األفقي بين المصالح الالممركزة و إعطاء مكانة لمؤسسة الوالي في اإلضطالع
بمهام التنسيق والتتبع واإلشراف والمساعدة ،مما يشكل دعامة أساسية لتحقيق رهان
اإللتقائية الترابية(.المطلب الثاني).
11
الفرع الأول :مكانة التقطيع الجهوي ومبدأأ التدبير الحر في تحقيق اإلتقائية الس ياسات.
لقد شكل دستور ،14 8100والمرسوم 15 8.01.11المتعلق بالتقطيع الجهوي عالوة
على القوانين التنظيمية للجماعات الترابية ،دعامة أساسية في سبيل ترسيخ الجهوية
المتقدمة بناء على المضامين والمقتضيات التي جاءت بها هذه الترسانة القانونية ،والتي
تشكل مدخال قانونيا هاما في سبيل تعزيز البعد الترابي للسياسات العمومية ،ودعامة
أساسية لتكريس البعد اإللتقائي للسياسات الترابية.
وبناء عليه سنعالج مسألة التقطيع الجهوي لنقوم بتوضيح أوجه القصور التي تشوبه
وسبل تجاوزها لتحقيق مطلب اإللتقائية(الفقرة األولى) ،كما سنناقش مبدأ للتدبير الحر
للجماعات الترابية ،ونحدد نواقصه ،ونطرح بعض المقترحات الممكنة لتعزيز مكانة هذا
المبدأ الدستوري ليشكل دعامة لتكريس إلتقائية السياسات العمومية الترابية(الفقرة الثانية).
دستور 8100الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 0.00.90بتاريخ 89شعبان 89 (0138يوليوز ،)8100 14
بتاريخ فاتح جمادى االولى 81(0136فبراير ،)8101المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6311بتاريخ 01
جمادى االولى 1(0136مارس ،)8101ص0026:
11
ويشير التقرير الختامي للجنة اإلستشارية حول الجهوية المتقدمة 16إلى جهات جديدة
ذات طابع مؤسساتي ووظيفي حيث صيغ التقطيع الجهوي على منهجية علمية وتطبيقا
لمعايير تقنية توافق بين أهداف الجهوية وحقائق هيكلة التراب الوطني .وتتجلى هذه
المعايير في :الفعالية والتجانس والوظيفية والتناسب والتوازن والقرب ،وقد أدى العمل
بالمعايير السابق ة إلى تقليص عدد الجهات من ستة عشر جهة إلى إثني عشر جهة،17
ويرى التقرير أن التقطيع الجهوي ال يشكل الرهان بحد ذاته بقدر ما أن المضمون
المؤسساتي هو الموضوع الذي يحقق التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية ،لذلك
عليه أن يقوم على أسس واقعية وعقالنية رشيدة من شأنها تحقيق التكامل بين الجهات
18
الغنية والفقيرة والدفع بعجلة الجهوية المندمجة.
ومن خالل تقييمنا المبدئي للتجارب الجهوية السابقة سواء تعلق األمر بتجربة 0990
أو ،0999وقوفا عند التقطيع الجهوي الجديد ،يمكن لنا أن نستنتج بأن التقسيمات الترابية
وسياسة التقطيع الترابي جاءت في مجملها خاصة مع التقطيع الجهوي الجديد ،مصبوغة
بطابع الظرفية التي أملتها اإلنتفاضات التي عرفتها المدن بالخصوص ،والتي شكلت
نمطا إحتجاجيا جاء نتيجة الفراغ الناجم عن إنعدام الروابط السياسية والوساطة الشرعية
بين المركز والمحيط ،في ظل األزمات اإلجتماعية واإلقتصادية التي عاشها المغرب،
مما جعل الدولة تنهج سياسة إدارية تقوم على المزيد من مراقبة السكان عن طريق التقسيم
اإلداري ،وبالتالي فالتقسيم الترابي في هذا اإلطار يندرج ضمن المقاربة األمنية للدولة،
حيث يمكنها من مراقبة الوحدات الترابية والتحكم فيها عن طريق ممثليها .كما نجد أيضا
في إطار تقييمنا للتقطيع الجهوي ،أن األسماء التي منحت للجهات ال تتطابق مع
-16تقرير اللجنة اإلستشارية حول الجهوية المتقدمة ،منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية،
سلسلة''نصوص ووثائق'' ،عدد ،810الطبعة األولى .8100
-17غرابي يوسف ،التقطيع الترابي :أية سياسة تدبيرية في بلورة التنمية الجهوية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في
القانون العام ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و اإلجتم اعية ،جامعة القاضي عياض ،مراكش ،السنة الجامعية
،8109/8106ص.6:
-18تقرير اللجنة اإلستشارية حول الجهوية المتقدمة ،مرجع سابق ،ص.68 :
12
خصائص المجاالت الترابية حيث يالحظ عدم تجانس الخصوصيات التاريخية والثقافية
والجغرافية مع اإلسم الذي منح لكل جهة وهذا من شأنه كبح معطى ترسيخ هوية جهوية
متميزة ،حيث أن الجهات المستقطبة حضريا تمت تسميتها بأسماء مدنها الكبرى ،ما عدا
جهة ''سوس -ماسة'' والتي سميت بناء على معطيات طبيعية وقبلية ،وبالتالي كان على
أن تقترح أسماء تراعي 19
الحكومة من خالل مرسومها القاضي بتقطيع المجال الجهوي،
اإلعتبارات التاريخية والثقافية ومتطلبات اإلنفتاح على المحيط الخارجي.
كما يستدعي األمر منا أيضا الوقوف عند توصية اللجنة اإلستشارية بتقليص عدد
الجهات ،مما سينتج عنه بعث القوة والدينامية في البنيات الجهوية الكبرى ،ولعب دور
الوسيط بين الدولة والجماعات الترابية األخرى ،لكننا نصطدم بكون هذا التقليص لم
يتجاوز 81بالمائة وفق اإلنتقال من ستة عشر جهة إلى إثني عشر جهة ،وبالتالي فهذا
التعديل لم يكن إال جزئيا في أساسه ،ولم يتجه صوب إعادة النظر الفعلي في المشهد
الترابي ،إذ كان من المنتظر تقليص عدد الجهات إلى النصف تماشيا مع مقترحات أغلب
األحزاب السياسية والهيئات النقابية وهيئات المجتمع المدني ،20وكان بوسعه من وجهة
نظرنا ،أن يحقق القوة الترابية من خالل تحقيق التكامل والتقليص من الفوارق المجالية
بين المناطق الغنية والفقيرة والدفع بعجلة التنمية المندمجة وبالتالي تدعيم رهان إلتقائية
السياسات.
إن تعامل التقطيع الجهوي الجديد مع واقع الفوارق المجالية يجعلنا نسجل توفر
بعض الجهات على بنيات تحتية مهمة وتمركز النخب بها ،وهو ما يجسده الشريط
الساحلي بين القنيطرة والرباط ،الذي يزخر بموارده اإلقتصادية ويعرف تمركز النخب
مرسوم رقم 8.01.11بتحديد عدد الجهات وتسمياتها ومراكزها والعماالت واألقاليم المكونة لها ،الصادر 19
بتاريخ فاتح جمادى االولى 81(0136فبراير ،)8101المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6311بتاريخ 01
جمادى االولى 1(0136مارس ،)8101ص0026:
-20ملوكي رشيد ،التقطيع الجهوي بالمغرب قراءة في سياق التحول و إستشراف أفق الجهوية المتقدمة ،أطروحة
لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن األول ،سطات ،السنة
الجامعية ،8106/8101 ،ص.821 :
18
الوطنية ،مما سيجعل منه نقطة جذب تتسم بالدينامية اإلقتصادية ،في حين أن الجهات
األخرى ستبقى بعيدة كل البعد ،من أن تنال نفس اإلهتمام ،مما سينتج عنه عدم إنسجام
الوضع الترابي الجهوي ،ألن الرهانات االقتصادية واالجتماعية الملقاة على عاتق الجهات
من شأنها أن تحول دون جعل الجهة وحدة مجالية متماسكة ،وبالتالي فاألمر سيصعب
من تحقيق اإللتقائية واإلنسجام والتكامل بين الوحدات الترابية المكونة لها ،هذا فضال عن
التباين في التوزيع السكاني ،وينجم عن ذلك خلق وحدات جهوية بأحجام جد متفاوتة ،إذ
نجد مجموعات تضم جهات كبيرة الحجم تحتوي على ساكنة تتجاوز عتبة 6مليون نسمة
وهي جهة الدار البيضاء-سطات ،وعلى النقيض من ذلك نجد أصغر جهة بالمغرب
وهي جهة الداخلة-وادي الذهب ،التي ال تحتوي سوى على ساكنة ال تتجاوز 018ألف
نسمة ،مما يؤدي لخلق جهات غير متكاملة وغير منسجمة بسبب التقسيمات غير
العقالنية .21فكيف يمكن لنا الحديث عن إلتقائية السياسات العمومية على المستوى
الترابي في ظل هذه المعيقات التي ترتبت عن التقسيم الجهوي الجديد ،الذي أفرز لنا ما
يسمى بالجهوية المتقدمة ،وهذا ما يدفعنا كباحثين لطرح وجهة نظرنا ،حول ضرورة إعادة
النظر في الوضع الترابي من خالل إصالح جذري للتقطيع الجهوي ،خاصة ونحن في
أفق بلورة نموذج تنموي جديد للبالد ،والذي حتما سيصطدم بهذه اإلشكاالت ،على أن
يراعى في هذا اإلصالح تكريس مبادئ التجانس والتناغم والتوزيع العادل للثروات
المجالية ،وفق منهجية محكمة تعتمد على التخطيط الحديث للتنمية الترابية والمصالحة
والتفاعل بين السياسي من جهة ،واإلقتصادي واإلجتماعي من جهة ثانية ،حتى يتسنى
لنا الحديث ع ن دور الجهات في إعداد المخططات والبرامج والتصاميم ،وتناغمها
وإندماجها وإلتقائيتها مع المخططات والتصاميم الوطنية في إطار السياسة اإلستراتيجية
العامة للدولة.
-21متوكل محمد ،التقسيم الجهوي الجديد بالمغرب بين هدف ضبط المجال ورهان تنميته ،رسالة لنيل دبلوم
الماستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة إبن زهر ،أكادير ،السنة الجامعية
،8109/8106ص.011-99 :
18
إن عملية صياغة الخريطة الترابية الجهوية يجب أن تهدف في األساس إلى تأهيل
التراب وخلق شروط تحقيق اإللتقائية الترابية المنشودة ،التي شكلت مخرجات لجل األجوبة
المقدمة من طرف رئيس الحكومة في مناسبات متعددة ،وكانت الموضوع األهم لورشات
المناظرة الوطنية األولى للجهوية المتقدمة ،22وذلك من خالل تقسيم جهوي فاعل وناجح
يتأسس على الثوابت الوطنية ويوظف الخصوصيات المحلية قصد توفير الشروط المثلى
لضمان تحقيق إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي ،ومن هذا المنطلق
ولتجاوز جوانب القصور في التقسيم الحالي ،ومن أجل تدعيم نجاعة اإلطار الترابي
الجهوي ،نقترح أن يتم اإلرتكاز على التكامالت االقتصادية بحكم تنوع الموارد المجالية
للتراب ،من أجل ضمان تنافسية إقتصادية جهوية متينة ،ينتج عنها إعداد برامج ومشاريع
ومخططات إنمائية وتوفير مناخ مالئم لإلستثمار ،للحيلولة دون ضياع الفرص وإهدار
الجهد والوقت والمال في برامج ومشاريع عقيمة يصعب تنفيذها بسبب إنعدام التكامل
اإلقتصادي على مستوى الجهة .كما يجب أن يكون تدبير التراب ''مقاوالتيا'' حتى نتمكن
من تحقيق التفاعل والتنافس والتبادل واإللتقاء ونهج سياسة التدبير العمومي الجديد،
وبالتالي تحقيق اإلندماج الترابي بين الوحدات الترابية المكونة للجهة ،هذا عالوة على
ضرورة المزج بين نطاقات ترابية متقدمة وأخرى ال تصل إلى مستوى تحقيق ولو جزء
يسير من التنمية ،إذ كيف يعقل أن نطالب الجهات بإعداد برامج التنمية الجهوية،
والتصاميم الجهوية إلعداد التراب ،وبرامج عمل الجماعة ،وبرنامج تنمية العمالة أو
اإلقليم ،في إلتقائية وتناغم وإنسجام مع المخططات والتصاميم الوطنية ،في ظل تواجد
جهات تعيش على وقع التبعية واإلنعزال وعدم القدرة على التخطيط والبرمجة وأخص
بالذكر مثال ،جهة ''درعة-تافياللت'' ،فعلى الرغم مما يمكن أن يوفره صندوق التضامن
بين الجهات من دعم ،إال أن الجهة يجب أن تولد بما لها من إمكانيات دون البقاء في
-22المناظرة الوطنية االولى للجهوية المتقدمة المنظمة من طرف و ازرة الداخلية بشراكة مع جمعية جهات المغرب
بمدينة أكادير يومي 81و 80دجنبر .8109
21
تبعية إقتصادية ومالية للمركز ،وإال فالحديث عن إلتقائية السياسات العمومية الترابية من
وجهة نظرنا سيكون صعب المنال.
إن الجهوية هي تراكم ينبغي أن يتحقق بشكل تدريجي بشراكة مع مختلف الفاعلين
وفق رؤية شمولية تروم اإلصالح على مستوى الهياكل وتنظيمات الدولة بغية جعل
التقطيع الجهوي المحرك والمحفز األساسي إلعادة تموقع الكيان الدولتي على المستوى
وبالتالي تكون الالمركزية ،والالتمركز اإلداري ركيزة لتوازن مؤسساتي ،وذلك 23
الترابي،
بإعادة تحديد اإلشكالية التي الزمت تعامل الدولة مع آلية التقطيع الترابي لكونها قد
كرست لواقع الد ولة المركزية بكل هواجسها األمنية ،وبقيت عاجزة عن إحداث بنيات ترابية
فاعلة ذات صالحيات تقريرية واسعة ،تعكس حل إشكالية تقاسم األدوار وتحديد
24
المسؤوليات بين المركز والمحيط ،بغية تحقيق اإللتقائية المنشودة
الفقرة الثانية :التحديد الواضح لمبدأأ التدبير الحر وموقعه من تحقيق الإلتقائية.
لم تكن الدساتير المغربية السابقة تعترف للجماعات الترابية بأي نوع من حرية
التدبير ،بل كانت تقيد صالحياتها في ما يتعلق بتنفيذ ق ارراتها ،إذ كان العمال هم من
يتولون صالحية تنفيذها ،ولم يتم تبني التدبير الحر للجماعات الترابية ،إال مع
دستور ،258100ولم يدخل هذا المبدأ مجال الممارسة إال بعد نشر القوانين التنظيمية
للجماعات الترابية وتشكيل مجالسها بعد إنتخابات 1شتنبر .8101
- 23ملوكي رشيد ،التقطيع الجهوي ومسلسل التشكل الترابي بالمغرب -السياقات.الوظائف.واألبعاد ،مكتبة االمنية،
الرباط ،8109 ،ص.031:
-24كابغير محمد ،دراسة عالقة الدولة المركزية بالمجال الترابي المغربي بعد 8100في ضوء نظريتي المركز-
المحيط وإعادة اإلنتاج ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية،
جامعة إبن زهر ،أكادير ،السنة الجامعية ،8102/8109ص.96-91:
-25دستور 8100الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 0.00.90بتاريخ 89شعبان 89 (0138يوليوز ،)8100
الجريدة الرسمية عدد 1961مكرر ،بتاريخ 82شعبان 31(0138يوليوز ،8100ص.3611:
21
إن إعتماد هذا المبدأ في الدستور الجديد ،يشكل تحوال نوعيا في تصور الدولة
لعالقتها بالجماعات الترابية ،مما يؤسس ل إلنتقال من جهات الدولة إلى دولة الجهات،
ومن العماالت واألقاليم المؤطرة بمقاربات أمنية إلى واقع جديد أملته الحاجيات اإلجتماعية
واإلقتصادية لعموم الساكنة ،ومن جماعات ترابية ذات مهام ووظائف متصلة أساسا
باإلشهاد اإلداري إلى مؤسسات قائمة الذات مهتمة بسياسات القرب ،مما يستوجب معه
إعادة النظر كليا في منظومة العالقة بين الدولة والجماعات الترابية من أجل التنزيل
26
الحقيقي لورش الجهوية المتقدمة.
إن الفصل 036من دستور 8100قد إعتبر مبدأ التدبير الحر من ركائز التنظيم
الترابي ،وترك تحديد مبادئه وقواعد تطبيقه للقوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية،
والتي ربطت تطبيقه بقواعد الحكامة الجيدة ،وبالتالي يمكننا القول أن مبدأ التدبير الحر
جاء مبهما في الدستور ولم يتسم بالوضوح الكافي والالزم لنقل جوهره إلى القوانين
التنظيمية للجماعات الترابية ،وهذا في حد ذاته إشكال ،وبالتالي فإن مساءلة مواد الدستور،
قصد تكوين فكرة واضحة عن معنى مبدأ التدبير الحر ،وحدود تأطيره لكيفية أداء وإشتغال
الجماعات الترابية ،قد بات يستدعي في مرحلة الحقة اإلنكباب على فحوى القوانين
التنظيمية بهذا الخصوص ،للوقوف على آليات تعاطيها مع تنزيله على أرض الواقع،27
لنستطيع بذلك تقييم هذا التعاطي ونحدد مدى الترجمة الفعلية للمبدأ الدستوري على
مستوى القوانين التنظيمية ،كي نؤكد أو ننفي مدى إسهامه في تحقيق إلتقائية السياسات
العمومية الترابية ونبحث عن مكامن الضعف والقصور ونقدم مقترحات نرى من وجهة
نظرنا ،أنها ستدعم التنزيل الحقيقي للمبدأ وبالتالي اإلسهام في تحقيق اإللتقائية.
-26يحيا محمد ،مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية بين التفسيرين الضيق والواسع في القانون الدستوري واإلداري
المغربيين ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية ،العدد ،8109 ،033ص.03:
-27اليعقوبي محمد ،المفهوم الدستوري للتدبير الحر بالمغرب ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية ،العدد
،013نونبر – دجنبر ،8102ص.89-86 :
22
وبالرجوع إلى المقتضيات القانونية المؤطرة للجماعات الترابية ،والوقوف عند بنيتها،
نجد أن المقتضيات المتعلقة بمبدأ التدبير الحر قد جاءت في خاتمة القوانين التنظيمية،
إذ نجدها في الباب الثامن بالنسبة للقانون التنظيمي المتعلق بالجهات والجماعات ،وفي
الباب السابع بالنسبة للقانون التنظيمي المتعلق بالعماالت واألقاليم ،مما يدفعنا لتسجيل
مالحظة شكلية هامة ،تتمثل في كون المشرع قد عكس ربما عن قصد أو عن جهل،
ضعف األهمية التي أوالها لهذا المبدأ الدستوري الداعم لتطوير الالمركزية ،هذا خالفا
لما ذهب إليه التشريع الفرنسي الذي منح لمبدأ التدبير الحر مكانة جد متقدمة ،إذ أدرج
مقتضياته على مستوى صدارة المدونة العامة للجماعات الترابية ،ونفس اإلهتمام تبناه
28
المشرع التونسي أيضا ،إذ أدرج مبدأ التدبير الحر في مستهل مجلة الجماعات المحلية.
ومن خالل هذه المالحظة يمكننا أن نستنتج أن المشرع المغربي لم يولي أهمية للمبدأ
الدستوري من الناحية الشكلية ،مما يفيد ضمنيا أنه لم يوظف حمولته اإليجابية كاملة في
تنزيله لمبدأ التدبير الحر ،وبالتالي يصعب الحديث على تحقيق إلتقائية السياسات
ا لعمومية الترابية في ظل التقييد من حرية الجماعات الترابية في تدبير شؤونها ،والتقرير
في برامجها ومشاريعها ،بل حتى اللغة التشريعية المستعملة في صياغة المقتضيات
المتعلقة بحسن تطبيق مبدأ التدبير الحر ،نجد أن المشرع إستعمل كثي ار مجموعة من
المفاهيم التي تفيد اإللزام والتقييد مثل :يتعين ،التقيد ،يجب...إلخ ،في مقابل غياب أية
عبارة تفيد حرية أو إستقاللية الجماعات الترابية في تدبير شؤونها بشكل صريح وواضح
بمعزل عن عبارات التقييد ،وهذا ما نستنتجه بالملموس من خالل محتويات المقتضيات
الواردة في القوانين التنظيمية الثالث المؤطرة للجماعات الترابية.
إن التدبير الحر للجماعات الترابية يقتضي بالضرورة أن تكون المجالس المنتخبة
قادرة على تجسيد إلتزاماتها ،وأن تتوفر على صالحيات تقريرية حقيقية وفعلية متناسبة
مع حجمها وسياقها ،ال أن تكون اإلدارة الفعلية بيد السلطة المركزية ،فهنا ال يمكن
-28عبدي مصطفى ،نشأة و تطور مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية في التشريعين الفرنسي و المغربي ،المجلة
المغربية لإلدارة المحلية و التنمية ،العدد ،010-011يناير -أبريل ،8181ص.092:
23
الحديث عن تدبير ديموقراطي مبني على مبدأ التدبير الحر ،مما يفيد أن التدبير
الديموقراطي يتنافى مع مجرد إقرار اختصاصات غير قابلة للتجسيد العملي ،ونشير هنا
إلى عالقة التدبير الحر باإلستقالل المالي ،ومدى قدرة الجماعات الترابية على التصرف
في الموارد والتقرير فيها بكل إستقاللية ،فبدون إستقالل مالي ال يمكن لها تفعيل سياساتها
االقتصادية واإلجتماعية بالشكل المطلوب بل ويؤدي ذلك إلى تراخي هذه المجالس في
أداء مهامها ،مما يؤدي لبطئ تنفيذ برامجها بل وضياع الفرص التنموية في مقابل إهدار
الجهد والطاقات والمال دون تحقيق نتيجة تذكر ،ويؤدي بالتالي كنتيجة منطقية إلى غياب
اإللتقائية في البرامج والمشاريع والمخططات ،بل والتعثر في تنفيذها ،ألن تركيبة الموارد
الخاصة والمحولة يمكن أن تمس بمبدأ التدبير الحر ،الذي يرتبط أساسا بوجود سلطة
مالية وجبائية مستقلة وليس بتدبير الوسائل المالية ذات األصل الخارجي ،وهو ما يعني
أنه ال يمكن إطالقا الحديث عن قدرة الجماعات الترابية على تدبير اختصاصاتها في
غياب موارد ذاتية مستقلة وتقييد حريتها في استعمالها وتخصيصها 29.ونجد هذا اإلشكال
جليا ،فيما يخص المق اررات المتعلقة بالميزانية والمقررات ذات الوقع المالي على النفقات
والمداخيل الخاصة بالجهات ،إذ ال تكون قابلة للتنفيذ إال بعد التأشير عليها من قبل
السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية داخل أجل 81يوما من تاريخ التوصل بها من طرف
رئيس المجلس ،30كما أن ميزانية الجهة التي يتولى الرئيس إعدادها تبقى خاضعة لتأشيرة
السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية لتدخل حيز التنفيذ 31ونفس الشيء ينطبق على مجالس
العماالت واألقاليم ،والجماعات ،إذ نجدها أيضا خاضعة لتأشيرة العامل ،مما يشكل
-29زعنون عبد الرفيع ،تدبير التنمية الترابية بالمغرب ،مطبعة األمنية ،الرباط ،الطبعة األولى،8181 ،
ص.81-81:
-30المادة 001من القانون التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات.
-31المادة 818من القانون التنظيمي 000.01المتعلق بالجهات.
21
إخالال بمبدأ التدبير الحر الذي يفترض فيه اإلنتقال من ميزانية الوسائل إلى ميزانية
النتائج.32
إن هذه المقتضيات التي تعزز إستمرار المراقبة القبلية للق اررات المرتبطة بمالية
الجهة ،وإن كانت تستمد مشروعيتها من هشاشة ''النخبة السياسية'' على مستوى مجالس
الجهات والجماعات الترابية عموما ،وعدم مقدرتها على التدبير والتسيير ،بل والتخبط
حتى في طريقة التعامل مع النصوص القانونية التنظيمية والمراسيم التطبيقية وفهم
مضامينها ،إال أن األمر يتطلب تأهيل هذه النخب وإعادة النظر في محددات التنخيب
وشروط تولي منصب رئاسة الجماعات الترابية ،وذلك من خالل تبني معيار الكفاءة
والتكوين العالي ،والتنخيب المبني على تراكم في التدبير والتسيير ،كمحدد لقيادة مجالس
الجماعات الترابية كما سنرى في دراستنا للمدخل البشري/التأهيلي في الفصل الثاني من
هذه الرسالة ،بدل السعي إلفراغ مبدأ التدبير الحر من حمولته الديمقراطية ،وتكريس هيمنة
و ازرة الداخلية على مجالس الجماعات الترابية تحت ذريعة اإلفتقار إلى المؤهالت
والكفاءات.
إن العالقة بين مبدأ التدبير الحر وتحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية ،تكمن
في كون السعي إلى تحقيق هذه األخيرة رهين بتوفر الجماعات الترابية على إمكانيات
تحرك ،وحرية عمل واسعة في تصور وبرمجة وتنفيذ المخططات والبرامج التنموية ،التي
هي مناط الالمركزية ،ومبرر وجودها ،وعلى إشراف المنتخبين على تدبير الشؤون
اإلستراتيجية والقضايا المهمة بكل حرية وديمقراطية ،وليس فقط السهر على تسيير
الشؤون الروتينية التي هي من صميم العمل اإلداري ،بل المطلوب وجود بصمة واضحة
للعقل السياسي في تخطيط وتدبير وتنفيذ برامج التنمية الترابية لحل المشاكل العمومية
-32معمر المصطفى'' ،الالمركزية والتمويل الذاتي للجماعات الترابية قراءة في القانون التنظيمي للجهة'' ،المركز
المغربي للبحث والدراسات الترابية ،سلسلة الندوات حول التمويل الترابي بالمغرب ،العدد االول،8109 ،
ص.61:
21
على المستوى الترابي وتحقيق تطلعات الساكنة الترابية ،وهو األمر الذي يتعذر القيام به
33
دون تحصين قانوني لحرية المبادرة وإمكانية الفعل الحر.
إن مبدأ التدبير الحر على مستوى عالقة الجماعات الترابية بمستوياتها الثالث قد
تكرس بمقتضى الفصل 013من الدستور ،والذي قيد الجماعات الترابية من أن تمارس
الوصاية على بعضها البعض ،إذ أن الفصل الدستوري بدأ بتحديد القيد أوال '' ال يجوز
ألي جماعة ترابية أن تمارس وصايتها على جماعة أخرى'' ،وبعد ذلك قام بتحديد المبدأ
'' تتبوأ الجهة ،تحت إشراف رئيس مجلسها ،مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات األخرى''،
وفي إعتقادنا أن هذه الصياغة جاءت لتدعيم مبدأ التدبير الحر وعدم وصاية جماعة
ترابية على جماعة ترابية أخرى ،وبالتالي جعل الوصاية إختصاصا حصريا للدولة في
عالقتها بالجماعات الترابية ،لكن هنا نتساءل ،هل المشرع حرص على ضبط مبدأ التدبير
الحر إنطالقا من حرصه على إستقاللية الجماعات الترابية ،أم أن سبب ذلك راجع لحرصه
على إحتكار الدولة للوصاية عليها ،خاصة وأن نفس المقتضى كان حاض ار في قانون
35
من خالل المادة الخامسة. 34
الجهات السابق
إن منح الجماعات الترابية إستقاللية فعلية في تدبير شؤونها والتنزيل السليم لمضامين
مبدأ التدبير الحر على مستوى القوانين التنظيمية للجماعات الترابية ،يعتبر مطلبا ملحا
في الوقت الراهن ،مما يستلزم حسب رأينا ،ضرورة العمل على تحيين وتعديل هذه القوانين،
وربما جمعها في مدونة واحدة للجماعات الترابية إقتداء بالتجربة الفرنسية في هذا المجال،
وإعتماد آ ليات ومبادئ أكثر تطو ار وتقدما ،كعرض الجماعات الترابية بعض مشاريع
مداوالتها لإلستفتاء المحلي من أجل إتخاذ القرار فيه ،هذه اآللية تمثل امتدادا وبعدا آخر
21
لمبدأ التدبير الحر من خالل إشراك المواطنات والمواطنين في تدبير شؤونهم بشكل مباشر
والعمل على دسترة آ لية اإلستفتاء المحلي ،مما يدعم إلتقائية السياسات العمومية الترابية،
وقدرتها على حل المشاكل العمومية نظ ار لقيامها على تشخيص متطلبات الساكنة الترابية
عبر إعمال آلية اإلستفتاء المحلي ،هذا عالوة على ضرورة توضيح كيفية ممارسة
اإلختصاصات المشتركة والمفوضة سواء من الدولة إلى الجماعات الترابية ،أو من جماعة
ترابية إلى أخرى ،في إطار مبدأ التدبير الحر بدل التركيز على إلزام مجالس الجماعات
الترابية بالتقيد بمبادئ الحكامة الجيدة على حساب مبدأ التدبير الحر ،وإعتبار آليات
36
المحاسبة الديمقراطية هي الوحيدة المعمول بها في تقييم حصيلة ونتائج عمل المجالس.
لقد شكلت المدونة العامة للجماعات الترابية الفرنسية ،ترجمة فعلية لمبدأ التدبير
الحر بمالمستها لجوهر المبدأ على مستوى المقتضيات التشريعية التي تحكم تطبيقه
وممارسته ،مقارنة بالمشرع المغربي الذي إقتبس المبدأ من التشريع الفرنسي ،لكن في
مقابل إفراغه من حمولته ،وعمل على طمس معالمه ومبادئه الجوهرية عندما قام بخلط
وإقحام المبادئ العامة للحكامة الجيدة بمبدأ التدبير الحر في القوانين التنظيمية للجماعات
الترابية ،مما أدى إلى إقرار مبدأ دستوري فارغ من حيث المعنى والنطاق ،مما شكل
ضبابية مفرطة في فهمه على مستوى النص والممارسة ،وشكل عرقلة حقيقية تواجه
مطمح تحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية ،في ظل اإلنتهاك والتعدي الممارس
من طرف السلطة التنفيذية ممثلة في سلطة الوالة والعامال عند ممارسة الجماعات الترابية
37
لإلختصاصات المسندة إليها بموجب القانون.
-36اليعقوبي محمد'' ،األسس الدستورية لالمركزية و الجهوية المتقدمة بالمغرب'' ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية
و التنمية ،العدد ،039نفمبر– دجنبر ،8109ص.81-83-88:
-37عبدي مصطفى ،نشأة و تطور مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية في التشريعين الفرنسي والمغربي ،مرجع
سابق ،ص.813:
22
الفرع الثاني :ضبط س ياسة التفريع وإاصالح المنظومة الجبائية كرهان لتحقيق الإلتقائية.
من أجل بلوغ رهان إلتقائية السياسات العمومية الترابية بإعتماد المدخل القانوني
كدعامة لتحقيق ذلك ،بات على المشرع العمل على التحديد الدقيق لإلختصاصات التي
نسجل غموضا يكتنفها مما يؤدي للتخبط وعدم الفهم الصحيح لمدى وأبعاد التدخل
العمومي ،مما يشكل عرقلة لتحقيق رهان اإللتقائية(الفقرة األولى) ،كما أن النظام الجبائي
تكتنفه تقاطعات كثيرة ويشكل بالتالي عائقا أمام تنمية موارد الجماعات الترابية بسبب
إعتماد معايير غير سليمة في توزيع مساهمات الدولة ،وتجاهل تضريب بعض القطاعات،
مما يؤدي إلفقار موارد الجماعات الترابية(الفقرة الثانية)
28
فدعم المق اوالت مثال ،هو اختصاص تتقاسمه الدولة وباقي الجماعات الترابية 38
ترابي.
والمؤسسات العمومية ووكاالت التنمية الجهوية ،دون التحديد الدقيق ألوجه التدخل الذي
تعنى به الجماعات الترابية .مما يجعلنا نتساءل ،هل هو تدخل تقني أم لوجستيكي أم
مالي جبائي ،بل حتى من خالل عبارات فضف اضة غامضة مثل'' :اإلسهام في تحقيق
التنمية المستدامة'' ،مع ما تطرحه طبيعة هذه المساهمة ومداها من تساءالت وإشكاالت،
وعلى الرغم من كون القانون التنظيمي المتعلق بالجهات قد خص هذه األخيرة بالتخصص
في مجال التنمية اإلقتصادية ،فإن نفس االختصاص تقريبا تقوم به باقي الجماعات
الترابية ،مما يشكل ضبابية في الفهم الدقيق لالختصاصات ومجال التدخل ،وبالتالي فإننا
نرى أن تجاوز المشرع المغربي لهذه التداخالت والتقاطعات وما يترتب عنها من تعثر
البرامج والمشاريع التنموية وعدم القدرة على ترتيب المسؤوليات ،بل واألكثر من ذلك،
تضييع الجهد والوقت والمال في برمجة مشروع إقتصادي أو اجتماعي من طرف أكثر
من جماعة ترابية لتحقيق نفس الهدف ،بسبب التخبط الناتج عن غموض االختصاصات
ونوعية التدخل وضعف التنسيق بينها مما يؤدي لتعثر إلتقائية السياسات العمومية الترابية،
لذلك بات من الواجب إصالح القوانين التنظيمية للجماعات الترابية ،وتحيينها بتبني
صياغة قانونية سليمة وواضحة قائمة على التحديد الدقيق لمجال تدخل كل مستوى ترابي
على حدة مع ضرورة تحديد أشكال هذا التدخل وتحديد المسؤوليات التي يتوالها كل
مستوى ترابي على حدة ،بدل اإلعتماد على غموض اإلختصاصات وتعويضها بسلسلة
من الدوريات والمناشير ،لتقرير إسناد اختصاص معين لوحدة ترابية معينة ،مما يوحي
بأن هذا الغموض هي عملية مقصودة لتقليص تدخل الجماعات الترابية ،وتوسيع مجال
تدخل السلطة المركزية وممثليها بحكم التأثير المستمر للمرجعية المركزية التي الزالت
تتحكم في بنيتها وعالقاتها ،39مما سيجعل تحقيق مطمح التقائية السياسات العمومية
-38يحيا محمد'' ،مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية بين التفسيرين الضيق والواسع في القانون الدستوري و
اإلداري المغربيين'' ،مرجع سابق ،ص.11:
-39زعنون عبد الرفيع ،تدبير التنمية الترابية بالمغرب ،مرجع سابق ،ص.063،
28
الترابية ،التي باتت حاضرة كتوصيات شكلت مخرجات ألغلب المناظرات الوطنية وتقارير
المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ،والمجلس األعلى للحسابات ،بعيد المنال إن لم
تكن للدولة إرادة سياسية حقيقية للتغيير.
إن من بين األمثلة التي توصلنا اليها بعد الدراسة والبحث ،والتي نؤكد من خاللها
توجهنا الرامي الى اعتبار التحديد الدقيق لالختصاصات ،يعد مطلبا ملحا في سبيل
تحقيق إلتقائية التدخالت العمومية بصفة عامة ،وتدخل الجماعات الترابية بصفة خاصة،
نقف هنا عند عدم اإلنسجام بين اختصاص الجهة ،وبين البرامج الوطنية والجهوية في
قطاعي الشغل وانعاش التشغيل ،إذ يهدف البرنامج الوطني المتمثل في ''المخطط الوطني
إلى إعتماد مقاربات محلية إلنعاش التشغيل مع 40
للنهوض بالتشغيل ''8180-8109
كل الفاعلين المحليين ،وتحسين قابلية تشغيل الباحثين عن العمل ،ودعم التشغيل الذاتي
عبر اإللتقائية مع برامج الجماعات الترابية ،والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ،ومبادرات
المراكز الجهوية للتشغيل ،وإحداث لجن جهوية ومحلية إلنعاش التشغيل ،و إحداث
مجموعات عمل موضوعاتية مع إسناد ترأس اللجنة التي تعنى بالبعد الجهوي للتشغيل
لو ازرة الداخلية ،هذا عالوة على برنامج ''مقاولتي'' الذي يهدف إلى دعم حاملي المشاريع
على المستوى الجهوي ،وبرنامج ''إدماج'' الذي يهدف إلى تحسين قابلية تشغيل طالبي
العمل من حاملي الشهادات .ومن خالل هذه المعطيات يمكننا الوقوف عند بعض
األعطاب الت ي تؤثر على السياسات العمومية الترابية وتعرقل تحقيق اإللتقائية ،فيما يتعلق
بسياسات إنعاش التشغيل ،والمتمثلة في عدم إنسجام هذه البرامج مع اإلختصاص الذاتي
للجهة في مجال التشغيل ،فكيف نسمح إذن أن تضع الدولة برامج ومخططات وسياسات
عمومية في مجال التشغيل ،وتقحم الجهات والجماعات الترابية األخرى في عدة مهام
ووظائف وفق أجندات زمنية محددة ،دون إشراكها في بلورة وصياغة هذه السياسات ،بل
وحتى التشاور معها في هذا المجال ،بل وغياب نصوص قانونية في ترسانة القوانين
-40تمت المصادقة عليه من طرف المجلس الحكومي المنعقد يوم 80شتنبر .8109
31
التنظيمية للجماعات الترابية ،توضح هذه المهام وطبيعتها ومقدار مساهمة الجهات
والجماعات الترابية األخرى فيها ،مما يترتب عنه وضع السياسات العمومية خارج إطار
إختصاصات الجماعات الترابية ،وهذا ما يؤدي إلى تعطيلها وتعثرها خاصة في ما يتعلق
بعدها الترابي .41مما يستلزم حسب رأينا من أجل ضمان تحقيق اإللتقائية في البرامج
والسياسات الوطنية ذات البعد الترابي ،ضرورة التنصيص على إلزامية مواكبة السياسات
العمومية للمقتضيات القانونية المحددة إلختصاصات الجماعات الترابية قبل وضعها،
عالوة على ضرورة إشراك الجماعات الترابية ألخذ رأيها و تبيان مدى قدرتها المالية
والبشرية واللوجيستيكية لممارسة هذه اإلختصاصات.
كما أن من بين األمور التي توضح بجالء هشاشة المقتضيات القانونية المرتبطة
بالالمركزية ،والتي تستدعي التدخل لتقويمها ،نجد عدم وضوح مهام ''المراكز الجهوية
إذ ال نجد أي إطار 42
للتشغيل وتطوير الكفاءات من أجل اإلدماج في سوق الشغل''
قانوني يوضح مفهومها وإختصاصاتها وهذا الفراغ القانوني والتنظيمي أثار العديد من
األسئلة ألن المشرع عندما يشير إلى إختصاص جماعة ترابية بإحداث مؤسسات عمومية،
إما يفترض أن هذا النوع من المؤسسات قائم قانونيا ،أو أن تكون هذه المؤسسات جديدة،
وفي هذه الحالة يجب أن يحدد المقصود منها أو على األقل أن يحيل إلى نص تنظيمي
يفصل في هذا األمر وهذا ما تم تجاهله من المشرع ،وبالتالي فقد شكل ذلك فراغا قونونيا
ال يسمح بممارسة هذه المراكز إلختصاصاتها ،بل والتخبط في ممارسة إختصاصات
وصالحيات مبهمة ،وبالتالي فإذا كانت الخطابات الحكومية تدعو إلى تحقيق اإللتقائية
في توصياتها ،فعليها أوال أن تتولى ضبط وتقويم اإلختالالت والتناقض في توزيع
-41الزروقي عدنان ،السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية ،أطروحة
لنيل الدكتوراه في القانون العام ،مركز دراسات الدكتوراه في العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية و التدبير،
جامعة الحسن األول ،سطات ،السنة الجامعية ،8109-8102ص.116-111:
-42المنصوص عليها في المادة 28من الباب الثاني من القانون التنظيمي 000.01المتعلق بالجهات.
31
اإلختصاصات التي شهدها تنزيل الجهوية المتقدمة ،ألن ذلك سيساهم بكل تأكيد في
تحقيق رهان إلتقائية السياسات العمومية الترابية .43
في نفس السياق ،يمكننا أن نتحدث أيضا عن التهديدات المرتبطة بتفعيل مقتضيات
الحكامة خاصة فيما يتعلق بتنزيل المرسوم الذي يحدد كيفيات تطبيق مقتضياتها ،حسب
ما نصت عليه المادة 811من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات ،فباإلضافة إلى كون
هذا المرسوم لم يصدر إال بعد مرور سنتين على صدور القوانين التنظيمية ،الشيء الذي
نعتبره إهدا ار للزمن أمام الحجم الكبير لموضوع الحكامة ،إال أننا نصطدم بكون المرسوم
أعاد تكرار ما جاء في القانون التنظيمي فقط ،ولم يحدد األدوات والمؤشرات التي تسمح
للجهة بتبني أنظمة التدبير العصري والسيما مؤشرات التتبع واإلنجاز واألداء ،وإنما أعلن
فقط أن السلطة المكلفة بالداخلية ستعمل على مواكبة الجهة في وضعها ،وبالتالي فنحن
نطرح سؤاال حول ماهي القيمة المضافة التي جاء بها هذا المرسوم ،وهو ما يشكل خط ار
بالنسبة لمواكبة الدولة للجماعات في تبني هذه القواعد الجيدة في التدبير.
و من بين ما يمكن الوقوف عنده أيضا ،القصور في المقتضيات القانونية المتعلقة
بالديمقراطية التشاركية ،خاصة اآلليات التشاركية للحوار والتشاور ،إذ أن القوانين
التنظيمية لم تحدد اآلليات التي يجب أن تعتمدها الجماعات الترابية خاصة ونحن أمام
آليات عديدة في هذا الصدد ،والتي نذكر منها:44
-تنظيم جلسات اإلنصات العمومية.
-التخطيط التشاركي.
-التداول العمومي من خالل وسائل اإلعالم.
-43محمد أصفريو ،برامج و سياسات مكافحة الفقر بالمغرب :تحليل و تقييم ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
العام و العلوم السياسية ،جامعة محمد الخامس ،الرباط ،كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية و االجتماعية أكدال،
السنة الجامعية ،8102-8109ص.001:
-44أنظر في هذا الصدد :توصيات اللجنة الوطنية للحوار الوطني حول المجتمع المدني وأدواره الدستورية الجديدة،
منشور على الرابط اإللكتروني التالي www.hiwarmadani2013.ma :تم الولوج للموقع بتاريخ 08غشت
،8181على الساعة 00:01
32
-مشاركة الجمعيات كمالحظين في أشغال لجان الجماعات الترابية.
-اللجان الدائمة للحوار العمومي.
-جلسات المساءلة االجتماعية.
وهكذا يالحظ أن اآلليات التشاورية متعددة ومتنوعة ،والمشرع لم يحدد للجماعات
الترابية أي منها إلعتمادها ،مما ترك األمر غامضا ،خاصة وأنها ال تتوفر على تجربة
في هذا المجال ،مما يحد من تكريس ثقافة التشاور والحوار ويؤدي إلى ضعف إلتقائية
السياسات الترابية مع متطلبات المواطنين وحل مشاكلهم العمومية .هذا فضال عن عدم
إنسجام مهام بعض الهيئات اإلستشارية مع إختصاصات الجهات ،ونخص بالذكر
تنصيص المشرع على إحداث هيئة إستشارية للشباب ،في حين أن القانون التنظيمي
للجهات ال ينص على أي إختصاص للجهة في هذا الصدد ،وما يمكن تسجيله أيضا في
هذا اإلطار ،عدم وضوح مهام الهيئات اإلستشارية خاصة وأن القانون التنظيمي للجهات
لكنه لم يحدد طريقة تشكيلها ،وال عدد 45
خصص مادة واحدة فقط للهيئات اإلستشارية،
أعضائها ،وال طريقة تسييرها ،وال عالقتها بمجلس الجهة ،بل أحال على النظام الداخلي
للمجلس ليفصل فيها علما أنه لم يسبق لهذا األخير أن راكم تجربة في الموضوع وبالتالي
كان على المشرع توضيح الرؤية أكثر والتنصيص على ذلك في القانون التنظيمي للجهات
الذي نأمل من المشرع أن يعمل على تعديله وتنقيحه بمقتضيات تدعم مسار تحقيق
46
إلتقائية السياسات العمومية الترابية.
إن العمل على تجاوز كل أشكال التداخل في اإلختصاصات بسبب الغموض في
القوانين المؤطرة لالمركزية ،سيشكل ال محالة دعامة أساسية في سبيل تكريس إلتقائية
وإندماجية السياسات العمومية الترابية ،والعمل على ضمان نجاعتها وفعاليتها بالشكل
الذي تتطلبه الجهوية المتقدمة.
33
الفقرة الثانية :اإصالح المنظومة القانونية للجباايت المحلية.
إن تشخيص اإلمكانيات المالية للجماعات الترابية ،يبين بجالء ضعف الموارد مقابل
كثرة اإلختصاصات ،ولمواجهة ذلك أكد دستور 8100في الفصل 016على إصدار
قانون تنظيمي ،من بين ما يتضمنه التنظيم المالي للجماعات الترابية وتحديد مصدر
الموارد المالية لها .و تتوج ذلك بصدور القوانين التنظيمية للجماعات الترابية ،والتأكيد
على تعديل القانون 19.16المتعلق بالجبايات المحلية47.و بناء على ذلك فقد خصت
القوانين التنظيمية للجماعات الترابية ،والقانون المتعلق بالجبايات المحلية ،هذه األخيرة
بمجموعة من الرسوم واألتاوى ،وحصيلة من الضرائب بمقتضى قوانين المالية ،هذا فضال
عن المرسوم 488.01.999الذي حدد معايير توزيع مساهمات الدولة بين الجهات ،حيث
أكدت المادة األولى على تخصيص 11بالمائة بالتساوي بين الجهات ،و 39.1بالمائة
بناء على عدد سكان الجهة ،و 08.1بالمائة بناء على مساحة الجهة .49ومن خالل
اإلطالع على هذه الترسانة القانونية التي تؤطر الجبايات المحلية وتوزيع مساهمات الدولة
بين الجهات ،يمكننا أن نستنتج العديد من الحدود و الثغرات التي تساهم في عرقلة التنمية
الترابية و إضعاف التمويل الترابي للجهات و الجماعات الترابية األخرى ،و بالتالي فهي
تشكل عقبة في سبيل تحقيق إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي ،بسبب
مساهمة هذه الثغرات والحدود القانونية في فشل المخططات التنموية بسبب عدم القدرة
-47القانون 19.16المتعلق بالجبايات المحلية ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 0.19.091بتاريخ 09ذي
القعدة 31( 0182نفمبر ،8119المنشور بالجريدة الرسمية عدد 1123بتاريخ 88ذي القعدة 3( 0182
دجنبر ،)8119ص0811 :
-48المرسوم 8.01.999الصادر بتاريخ 02ربيع االول 31(0139دجنبر ،)8101المنشور بالجريدة الرسمية
عدد ،6130بتاريخ 9ربيع الثاني 02(0139يناير ،)8106ص.312:
-49الدربالي المحجوب ،جبايات الجماعات الترابية :دراسة تحليلية في ضوء تقرير المجلس األعلى للحسابات و
اخر إجتهادات القضاء اإلداري ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،8106 ،ص.033
31
على تنفيذها لنقص الموارد المالية ،مما يؤدي لتضييع الجهد والوقت بل وإهدار الفرص
التنموية بشكل كبير ،وتتمثل هذه الثغرات والحدود القانونية فيما يلي:
أوال :على مستوى القانون 60.74المتعلق بالجبايات المحلية.
إن المالحظة األولية لهذا القانون تبرز أنه على الرغم من المستجدات التي جاء
بها ،إال أن األمر يستلزم إصالحا ضروريا لمواكبته للمستجدات التي جاءت بها القوانين
التنظيمية للجماعات الترابية ،إذ أنه وخالفا للفلسفة التي بنيت عليها هذه القوانين
التنظيمية ،والتي تسعى لتعزيز مكانة الجماعات الترابية والرفع من قدرتها التنافسية ومن
مواردها المالية تحقيقا للتنمية الترابية ،نجد بالمقابل أن القانون المتعلق بالجبايات المحلية
والذي يعد اإلطار القانوني المنظم لمجال الجبايات على مستوى الجماعات الترابية ،يتسم
بضعف األوعية المعتمدة ،كإعتماد القيمة اإليجارية السنوية عوض رقم المعامالت
السنوي كأساس لفرض الرسم المهني ،عالوة على كثرة اإلعفاءات الجبائية لفائدة المنعشين
العقاريين في مادة السكن االجتماعي خاصة الرسوم المحلية ،هذا فضال عن إعفاء
المساكن التي تملكها الدولة والجماعات الترابية من الرسوم المحلية على الرغم من
إستغاللها من طرف أشخاص آخرين ،هذا فضال عن إعفاء قطاعات إستثمارية مهمة
''كجامعة األخوين'' من الرسم المهني والرسم على األراضي الحضرية غير المبنية ،وكذا
إعفاء مؤسسات التعليم الخصوصي من ذلك أيضا ،والذي يعتبر حسب وجهة نضرنا
50
إهدا ار لموارد جبائية مهمة.
ومن المالحضات الممكن تسجيلها أيضا في هذا اإلطار ،احتفاظ القانون19.16
بسمة تعددية وتجزيئية النصوص القانونية المنظمة للجبايات المحلية ،حيث أصبحنا أمام
ثالثة نصوص قانونية ،ويتعلق األمر بالقانون رقم ،19.16وعلى أحكام القانون
-50جيادي سميرة ،اإلصالح الجبائي المحلي على ضوء القانون رقم ،19.16رسالة لنيل دبلوم الماستر في
القانون العام ،كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية و اإلجنماعية ،المحمدية ،السنة الدراسية -8119
،8112ص.001:
31
المحدد بموجبه نظام للضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها ،والتي 51
31.29
ستظل سارية المفعول وبصفة إنتقالية بمقتضى القانون .5239.19وبالتالي فالقانون
المتعلق بالجبايات المحلية قد أبقى على 09رسم ،و أدرح حوالي 03رسم تحت حجة
كونها رسوما ليست لها صبغة جبائية ،وبالتالي تم إدراجها في القانون 39.19والذي أقر
باستم اررية العمل بالقانون رقم ،31.29وعلى هذا األساس فالمشرع الجبائي قد أغفل
حسب وجهة نضرنا ،مسألة إزدواجية النصوص القانونية حيث أصبحنا أمام قانونين،
األول ينظم الرسوم المحلية ،والثاني ينظم بعض الحقوق واألتاوى المستحقة لفائدة
الذي نصت عليه المادة 096 53
الجماعات الترابية ،وهو ما يشكل خرقا لمبدأ التجميع،
من القانون .19.16
كما يمكن أن نسجل أيضا كنقص يجب تداركه تماشيا مع مقتضيات القوانين
التنظيمية للجماعات الترابية ،من أجل تحقيق إلتقائية بين هذه األخيرة وبين القانون
المتعلق بالجبايات المحلية ،في األهداف واإلختصاصات ،والمتعلق بغياب سياسة جبائية
بيئية للحد من الصناعات الملوثة تماشيا مع االختصاصات البيئية التي أسندت للجماعات
بمقتضى القانون رقم 003.01المتعلق بالجماعات ،كغياب تضريب بعض السيارات
والشاحنات القديمة ،وكذا محطات الوقود وبعض الصناعات الكيماوية ،54مما يشكل
حسب وجهة نضرنا محدودية في ممارسة اإلختصاصات البيئية من طرف الجماعات،
-51القانون 31.29المحدد بموجبه نظام الضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها ،الصادر بتنفيذه الظهير
الشريف 0.29.029بتاريخ 80ربيع الثاني 80( 0101نفمبر ،)0929المنشور بالجريدة الرسمية عدد 1183
بتاريخ 19جمادى االولى 6 (0101دجنبر ،)0929ص.0161:
-52القانون 39.19الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 0.19.819بتاريخ 06ذي الحجة 89(0182دجنبر
،8119المنشور بالجريدة الرسمية عدد 1190بتاريخ 81ذي الحجة 30( 0182دجنبر ،)8119ص.0399:
-53الدربالي المحجوب'' ،التمويل الجبائي للجماعات الترابية :قراءة تحليلية على ضوء المستجدات القانونية''،المركز
المغربي للبحث و الدراسات الترابية ،سلسلة الندوات حول التمويل الترابي بالمغرب ،العدد االول ،8109 ،ص.91:
-54حمرالراس سناء ،التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع و متطلبات الحكامة ،أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون العام ،كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية و اإلجتماعية ،أكدال ،الرباط ،السنة الجامعية،8109-8106 ،
ص.18-10:
31
وكذا سببا من بين أسباب ضعف الموارد الجبائية ،بسبب غياب رسوم تعزز هذه
اإلختصاصات كما هو الحال في األنظمة الجبائية المقارنة كفرنسا وألمانيا مثال .مما
يؤدي لضياع موارد مالية هامة على الجماعات.
إن النظام الجبائي قد كرس لعدم المساواة في توزيع الضرائب بين الجماعات الترابية،
حيث إن نصيب الجماعات ''الحضرية'' محدد في 9ضرائب و 89رسما من اإلقتطاعات
الضريبية ،في حين تستفيد الجماعات ''القروية'' من 1ضرائب و 83رسما ،كما تم
حرمان هذا الصنف األخير من الجماعات من رسوم مهمة على اإلستثمارات الفالحية
العصرية إلى غاية متم سنة ،8181وهو األمر الذي من شأنه تفويت مبالغ هامة على
ميزانية هذه الجماعات التي تعاني في األصل من محدودية الموارد المالية 55.فضال عن
كون بعض الرسوم ال تستفيد منها سوى بعض الجهات في حين ال تستفيد الجهات األخرى
56
من نفس المورد المالي ،كرسم إستغالل المناجم مثال.
وعلى العموم ،فإن األمر يستلزم إعادة النظر في أسس التمويل الذاتي للجماعات
الترابية ،مما يجعل األمر رهين ببناء جبائي جديد وجعله متكامال ومحايدا من الناحية
السياسية ،ومقويا لمكانة الموارد الجبائية ضمن موارد الجماعات الترابية ،في إطار مدونة
57
شاملة للجبايات المحلية تراعي جوانب اإلنصاف والتوازن والفعالية واإللتقائية.
ثانيا :على مستوى المرسوم رقم 7.9....0المتعلق بتحديد معايير توزيع مساهمات
الدولة بين الجهات.
نجد أن المرسوم قد إعتمد معايير غير منطقية لتوزيع مساهمات الدولة على
الجماعات الترابية ،فنسبة 39.1في المائة الممنوحة للجهات بناء على عدد الساكنة
-55ركلمة أمين ،مالية الجماعات المحلية بين دواعي التجديد وافاق التطوير ،مجلة مسالك في الفكر والسياسة
واإلقتصاد ،العدد ،31-89مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،8101 ،ص.26-21
-56عاجل ياسر'' ،معيقات التنمية الجهوية ورهان النموذج التنموي الجديد'' ،مجلة المنارة للدراسات القانونية
واإلدارية ،سلسلة مؤلفات جماعية ،دار القلم للطباعة ،الطبعة االولى ،8181ص026:
-57زعنون عبد الرفيع ،تدبير التنمية الترابية بالمغرب ،مرجع سابق ،ص.099،
32
كأحد معايير التوزيع قد خلق تفاوتا كبي ار فيما بينها من حيث نسبة المساهمة حسب ما
يبينه الجدول التالي كمثال لسنة :588106
نسبة مساهمة الجهة نسبة مساهمة الجهة
الدولة بالمائة الدولة بالمائة
البيضاء 3662 الدار 8 درعة تافياللت
سطات
660 مراكش اسفي تطوان 0161 طنجة
الحسيمة
360 سوس ماسة 361 الشرق
063 كلميم وادنون 162 فاس مكناس
166 الداخلة وادنون الرباط سال القنيطرة 8661
الساقية 863 العيون 862 بني مالل خنيفرة
الحمراء
المصدر :مجلة المالية ،عدد خاص بالمالية المحلية ،يناير 7794
و بناء عليه ،وحسب رأينا بناء على ما إستنتجناه من الجدول أعاله ،فإننا نرى أن
اإلعتماد على معيار عدد الساكنة في توزيع المساهمات ،مجانب للصواب ألنه كان على
المشرع إعتماد معايير ومؤشرات لها عالقة بالتنمية بدل إعتماد إحصائيات عدد السكان
كمحدد لنسبة المساهم ة ،ألننا قد نصطدم بوجود جهات تعاني نقصا حادا في مؤشر
التنمية وعلى الرغم من ذلك ال تستفيد من توزيع عادل للمساهمات بسبب إنخفاض عدد
سكانها مما يؤثر سلبا على إقالعها التنموي(كجهة الداخلة وادنون مثال) ويشكل عائقا
أمام إلتقائية السياسات الجبائية مع متطلبات التنمية الترابية ،إذ بات على المشرع أن يعيد
النظر في معايير توزيع مساهمات الدولة للجهات ،فاألصل أن الجهات ذات الموارد
-58مجلة المالية ،ملف خاص بالمالية المحلية :تكريس فعالية التدبير الترابي ،العدد ،89يناير ،8106
ص.09:
38
المحدودة ،يجب أن تحصل على دعم أكبر من الجهات التي لها موارد متعددة ،وبالتالي
فالجهات التي تعرف نقصا على مستوى اإلستثمارات العمومية وضعفا في الموارد الجبائية
في حاجة إلى مساهمة أكبر من طرف الدولة.
وبناء على كل ماسبق ،من خالل التطرق لمجمل هذه الثغرات والحدود القانونية
سواء ما تعلق بقانون الجبايات المحلية أو المرسوم المتعلق بتحديد معايير توزيع
المساهمات ،والتي تؤثر سلبا على موارد الجهات والجماعات الترابية األخرى ،وتؤدي إلى
ضعف المردودية التنموية وتعيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية ،التي تتطلب تظافر
الجهود وتوافر الموارد المالية من أجل عدم تعثر البرامج والمشاريع ،ألن الجبايات المحلية
تعتبر حجر الزاوية فيما يتعلق بمصادر تمويل الجماعات الترابية .ومن أجل دعم
اإلمكانيات المالية للجماعات الترابية ،وجب توسيع الوعاء الجبائي كأحد أهم اآلليات
لتحسين المردودية الجبائية وتقوية البنية المالية ،وذلك من خالل تضريب القطاعات غير
المضربة ،والعمل على تقليص عدد اإلمتيازات الجبائية المجانية الممنوحة لبعض
القطاعات والمؤسسات ألنها تشكل تضحية بأموال عمومية كان من المفروض أن
تستخلص لفائدة خزائن الجماعات الترابية ،59لذلك أصبح من الالزم إعادة تشكيل بنية
العالقة بين الدولة والجهات بشكل يسمح لهذه األخيرة بتدبير مواردها المالية والجبائية،
وبشكل يمكنها من إبتكار وسائل عقالنية وعادلة وديمقراطية للزيادة في مواردها المالية
والتحكم في سياساتها الجبائية مما سيساهم بطبيعة الحال في تنفيذ برامجها ومشاريعها
وتحقيق رهان إلتقائية السياسات المالية والبرامج والمخططات التنموية ،كما أن األمر
يستلزم منا في أفق بلورة نموذج تنموي جديد مرتقب ،اإلسراع بإصالح شامل للمنظومة
الجبائية كرافعة لتنمية موارد الجماعات الترابية في انتظار صدور القانون اإلطار المتعلق
بالجبايات ،وتحسين مناخ األعمال ،وضمان اإللتقائية واإلندماج والتجانس مع النظام
-59حمر الراس سناء ،التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع و متطلبات الحكامة ،مرجع سابق ،ص.68:
38
الضريبي الوطني ،وإستحضار التجارب المقارنة الرائدة في هذا المجال ،فعلى سبيل
المثال ،نجد أن في ألمانيا الفدرالية تصل نسبة الضرائب المرصودة من قبل الدولة للجهات
إلى 11بالمائة ،و بخصوص الضريبة على الدخل تمنح نسبة 19.1بالمائة للواليات
مقابل 18.1بالمائة للفدرالية ،مما يؤدي إلى ضمان توزيع عادل للمردودية الضريبية،
كما تفرض على الفدرالية أن تقدم دعما إضافيا للواليات الفقيرة تحقيقا للتنمية الشاملة.60
من خالل هذه التجربة األلمانية ،فنحن ال ندعو لنسخ هذا النموذج الجبائي األلماني
وتطبيقه على الواقع المغربي .لكن نطمح في أن يستفيد منها صانعوا القرار الجبائي
لوضع تصور مندمج وشامل إلصالح النظام الجبائي تراعى فيه عناصر الفعالية والنجاعة
والتوزيع العادل للموارد الجبائية من أجل ضمان تحقيق نجاعة وفعالية السياسات العمومية
الترابية بالشكل الذي يحقق اإلندماجية واإللتقائية في تنفيذها.
لقد جاء القانون رقم 6119.81بتغيير وتتميم القانون رقم 19.16المتعلق بجبايات
الجماعات المحلية نقطة تحول كبيرة في تدعيم الموارد الذاتية للجماعات الترابية وذلك
من خالل تنصيصه على إجراءات جد مهمة في هذا اإلطار نخص بالذكر:
توسيع مجال تطبيق رسم السكن ،رسم الخدمات الجماعية ،الرسم على االراضي
الحضرية غير المبنية والرسم على عمليات تجزئة األراضي ليشمل المناطق
المشمولة بتصميم التهيئة؛
مراجعة توزيع عائد الرسم المهني ورسم السكن من خالل رفع الحصة المخصصة
لفائدة ميزانيات الجماعات التي يفرض بها هذين الرسمين داخل مجالها الترابي
(من 21 %إلى 29%بالنسبة للرسم المهني ومن 91%إلى 92%بالنسبة
لرسم السكن)؛
-60الرباع جواد ،بلخال عبد الفتاح'' ،الجهة بين تبوء مكانة الصدارة ترابيا وحدود التمويل الجبائي'' ،المركز المغربي
للبحث و الدراسات الترابية،
مرجع سابق ،ص.11:
- 61الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1221281بتاريخ 11جمادى األولى 31 (1112دجنبر ،)2121
المنشور بالجريدة الرسمية عدد 1818بتاريخ 11جمادى األولى 31 (1112دجنبر ،)2121ص.8132:
11
توسيع وعاء الرسم على عمليات البناء ليشمل عمليات اإلصالح وتسوية البنايات
لفائدة العماالت واالقاليم من خالل فرض هذا الرسم عند كل مراقبة تقنية إيجابية
عوض االقتصار على الفحص السنوي.
وبناء على ما سبق ،فإن القانون رقم 19.81بتغيير وتتميم القانون رقم 19.16
المتعلق بجبايات الجماعات المحلية يشكل لبنة أساسية من أجل إرساء إصالح جبائي
يمهد لتحقيق العدالة الجبائية بين الملزمين ويساهم في تطوير الموارد الذاتية للجماعات
62
الترابية
المطلب الثاني :ميثاق الالتمركز الإداري كدعامة لتحقيق اإلتقائية الس ياسات العمومية الترابية.
في سياق التحوالت التي تعرفها الدولة على مستوى وظائفها وصالحياتها و بنياتها
التنظيمية والهيكلية تم إعتماد وإقرار المرسوم رقم 8.09.602بمثابة ميثاق وطني
وقد تم إعداده استنادا إلى اإلرادة الملكية ،حيث دعا الملك في 63
لالتمركز اإلداري،
خطاب العرش بتاريخ 89يوليوز 8102إلى ضرورة التسريع بتنزيله وإصداره تفعيال
لورش الجهوية المتقدمة ،64كما جاء الميثاق أيضا تفعيال للبرنامج الحكومي ،65وتقرير
المجلس االقتصادي واإلجتماعي والبيئي حول متطلبات الجهوية المتقدمة وتحديات إدماج
11
السياسات القطاعية ،باإلضافة إلى الدراسات المنجزة حول بعض التجارب المقارنة في
66
عدد من الدول األوروبية.
وبناء عليه ،سنتطرق إلى ميثاق الالتمركز اإلداري وتوضيح دور الوالي/العامل في ضمان
إلتقائية السياسات العمومية الترابية(الفرع األول) ،وسنتناول التصاميم المديرية لالتمركز
اإلداري لنحدد موقعها من تحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية(الفرع الثاني).
الفرع الأول :الالتمركز الإداري ،ودور الوالي/العامل في ضمان اإلتقائية الس ياسات.
يشكل ميثاق الالتمركز اإلداري دعامة في ترسيخ الجهوية المتقدمة ،من خالل نقل
اإلختصاصات التقريرية للمصالح الالممركزة من المركز إلى المحيط الترابي عبر آلية
التفويض مما يحقق تخفيف العبئ عن اإلدارات المركزية ويسهل عملية التنسيق بين
المصالح الالممركزة على المستوى الترابي مما يساهم في تحقيق إلتقائية السياسات
العمومية الترابية(الفقرة االولى) ،كما يشكل الوالي/العامل نقطة إرتكاز أساسية من خالل
مهام التنسيق التي منحها له ميثاق الالتمركز اإلداري مما يدعم رهان بلوغ اإللتقائية على
المستوى الترابي(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى :الالتمركز الإداري ومساهمته في تكريس الإلتقائية.
إنطالقا من دستور 8100والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية ،وخاصة القانون
المتعلق بالجهات ،أصبحت هذه األخيرة تتمتع بإختصاصات واسعة في التنمية االقتصادية
واإلجتماعية والثقافية ،مما حتم على السلطة السياسية إبتكار آليات وأساليب إليجاد
الحلول الممكنة للمعضالت التي بات يعيشها المغرب خاصة فيما يتعلق بإفتقاد رؤساء
المصالح الخارجية للوسائل المادية والتقنية والتقريرية الالزمة لتنفيذ وبرمجة المشاريع
التنموية على المستوى الترابي ،األمر الذي حد من تطور الالتمركز اإلداري وكرس
مركزية القرار والطابع البيروقراطي الترابي ،بحيث ال يستطيع المسؤول المحلي إتخاذ
-66أجالب رشيد'' ،أي دور للوالي في أفق النموذج التنموي الجديد'' ،المجلة المغاربية للرصد القانوني و القضائي،
مكتبة ووراقة زاكيوي ،مكناس ،العدد األول ،8181 ،ص.09:
12
أبسط الق اررات دون الرجوع لإلدارة المركزية ،67مما شكل عائقا أمام تكريس البعد الجهوي
للسياسات العمومية ،وكابحا لنجاح ورش الجهوية المتقدمة بفعل هشاشة إلتقائية السياسات
العمومية على المستوى الترابي ،مما تتسبب في ضياع الفرص التنموية ،وتشتت الفعل
العمومي ،وتضييع الجهد والوقت والمال في الدراسات والبرامج ،والتخطيط للمشاريع التي
تلبي حاجيات السكان ،لكن في نهاية المطاف تصطدم كل هذه اآلمال بإنعدام سلطة
تقريرية للمصالح الالممركزة على المستوى الجهوي ،والقادرة على إتخاذ المبادرة والتأشير
على تلك البرامج والمشاريع واإلنخراط فيها بمعزل عن تدخل القطاع الوزاري المعني ،مما
يستدعي أخذ رأي وموافقة وتفويض السلطة المركزية ،التي تعرف بيروقراطية جامدة،
تؤدي نتائجها لمحدودية المبادرات وإنعدام اإللتقائية الترابية.
ولعل هذا ما أكد عليه الخطاب الملكي ل 89يوليوز ،8109حيث شخص
اإلختالالت التي تعاني منها اإلدارة المحلية والمتمثلة في غياب التنسيق واإللتقائية في
التدخالت العمومية ،وضعف آليات الحكامة والنجاعة ،وإستمرار هيمنة اإلدارة المركزية
على القرار الترابي.
وفي هذا السياق جاءت مبادرة وضع ميثاق لالتمركز اإلداري يستهدف أجرأة
السياسات العمومية الترابية بشكل أكثر مرونة ونجاعة ،عبر نقل السلطة التقريرية ووسائل
وهذا ما عبر عنه الملك محمد السادس في 68
العمل من المركز إلى المجال الترابي.
الرسالة التي وجهها إلى أشغال المناظرة الوطنية األولى للجهوية المتقدمة" حيث جاء في
مضمون الرسالة...:تم في إطار هذا الميثاق ،تحديد دور واختصاصات اإلدارات المركزية
والالممركزة ،وإبراز المستوى الجهوي ،باعتباره اإلطار المالئم إلنسجام السياسات
العمومية ،ولبرمجة مشاريع مختلف القطاعات الحكومية ،وتفويض المهام والوسائل المادية
67
- Mohammed EL YAAGOUBI, pour un état territorial équilibré, un processus en évolution,
REMALD, n°133, Mars-Avril 2017, p 22.
-68سلكي محمد'' ،الالتمركز اإلداري والتحديث الجهوي بالمغرب :قراءة على ضوء ميثاق الالتمركز اإلداري''،
مجلة المنارة للدراسات القانونية و اإلدارية ،مطبعة دار السالم ،الرباط ،8181 ،ص.811:
13
والبشرية إلى المصالح الالممركزة ،باإلضافة إلى تكريس عقود البرامج بين اإلدارات
69
المركزية وهذه المصالح''.
لكن ما يعاب على مسلسل الالتمركز هو وجود مفارقة حقيقية ،فعوض أن يسبق
إطالق الجهوية المتقدمة ،إال أننا نجد أنه جاء كنتيجة لها ،مما جعله أقرب ما يكون إلى
70
إجراء للمواكبة ،وليس إصالحا ضروريا للحكامة اإلدارية.
إن الهدف من تفعيل مرامي ميثاق الالتمركز اإلداري و ربطه بمتطلبات الجهوية
المتقدمة ،يكمن في كونه سيؤدي لعدم تركيز السلطة ،وإنما توزيعها بين المستويات
اإلدارية المختلفة ،وبموجبه سيتم نقل اإلختصاصات المركزية إلى المصالح الالممركزة،
للقيام بمهام معينة وتخويلها صالحية اتخاذ القرار وفق آليات تفويض السلطة أو
اإلمضاء ،مما سينجم عنه تخفيف العبء عن اإلدارات المركزية من جهة ،ومن جهة
أخرى إلى سهولة التنسيق بين اإلدارات على المستوى الترابي ،وبالتالي تحقيق اإللتقائية
والعمل على التوطين الترابي للسياسات 71
الترابية في تناغم مع ورش الجهوية المتقدمة،
وتنفيذها وتقييمها ،وإرساء دعائم راسخة ودائمة لتعزيز التكامل في الوظائف والمهام بين
المصالح الالممركزة للدولة والهيئات الالمركزية ،والسيما منها الجماعات الترابية من خالل
السهر على تفعيل آليات الشراكة والتعاون بينها ومواكبتها في إنجاز برامجها ومشاريعها
التنموية ،وضمان إلتقائية السياسات العمومية الترابية ،وتجانسها وتكاملها على مستوى
الجهة ،وعلى مستوى العمالة أو اإلقليم ،وتحقيق التعاضد في وسائل تنفيذها .ولكي يتم
ذلك يجب أن يستند الالتمركز اإلداري لمصالح الدولة على المستويين الجهوي واإلقليمي،
على مبادئ اإلنصاف في تغطية التراب الوطني من خالل ضمان التوزيع الجغرافي
-نص الرسالة الملكية منشورة على الموقع اإللكتروني لجريدة إيالف ،https://elaph.com ،تاريخ الولوج 69
11
المتكافئ لمصالح الدولة الالممركزة ،وتخويل الجهة مكانة الصدارة في التنظيم اإلداري
الترابي ،مع ضمان وحدة عمل المصالح الالممركزة ضمانا للنجاعة والفعالية وتحقيقا
لإللتقائية والتكامل في اإلختصاصات الموكولة إليها 72،فاإلدارات المركزية أصبحت اليوم
بحكم وظيفتها اإلنتقالية ،تستأثر بمهام التصور والتوجيه والتقييم والرقابة ،في حين أن
المصالح الالممركزة أصبحت مهيأة أكثر لمباشرة مهام التسيير وتنفيذ السياسات العمومية
على المستوى التراب ي ،وبالتالي أجرأة السياسات العمومية بشكل أكثر نجاعة مع تحسين
أداء المرافق العمومية على مستوى المجال الترابي ،من خالل نقل السلطة التقريرية
ووسائل العمل من المركز إلى المستوى المحلي وإتخاذ القرار على أساس مبدأ القرب من
73
المرتفق.
وبناء على تحليلنا لدور الالتمركز في ضمان إلتقائية السياسات العمومية الترابية،
البد أن نشير إلى سياسة إعداد التراب الوطني على إعتبارها أم السياسات العمومية،
والتي تهدف إلى تحقيق التوازن المجالي وتوزيع أمثل للثروات ،وبالتالي فهي سياسة أفقية
تستوجب التأمل ،فبالرجوع لميثاق الالتمركز اإلداري وخاصة المادة السابعة ،نستنتج أن
الميثاق يهدف إلى التوطين الترابي للسياسات العمومية ،كما نجد أيضا أن المادة 22من
القانون المتعلق بالجهات ،جعل إعداد التراب الوطني من اإلختصاصات الذاتية للجهات،
وبالتالي ال يحق ألي إدارة م شاركة مجلس الجهة في هذا اإلختصاص ،ما عدا مؤسسة
والي الجهة التي منحها المشرع دور المساعدة والمواكبة ،وهنا نطرح تساءال حول موقع
المفتشيات الجهوية إلعداد التراب الوطني من هذه المعادلة في ظل إحتفاظها بهذا
اإلختصاص الذي أصبح إختصاصا ذاتيا للجهة ،وغير مشترك أو منقول مما يؤدي
-72الزروقي عدنان ،السياسات العمومية والمسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة والجماعات الترابية ،مرجع
سابق ،ص.121-199:
-تقرير المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي والبيئي ،مرجع سابق ،ص.60: 73
11
لتنازع اإلختصاصات بين المتدخلين وبالتالي عرقلة تحقيق اإللتقائية على مستوى سياسة
74
إعداد التراب.
لقد بات لزاما على المشرع المغربي اليوم مع ورش الالتمركز اإلداري أن يصحح
المسار ،وأن يربط اإلختصاص بسلطة التدخل الترابي وليس القطاعي ،وبالتالي تجريد
اإلدارة القطاعية من هذا اإلختصاص ،أو أن تحدد لها إختصاصات ذاتية ال تتعارض
مع إختصاصات رؤساء الجهات والوالة في مجال سياسة إعداد التراب ،ونحن نرى من
وجهة نظرنا أن الحل يكمن في خلق قطب إداري جهوي يشمل جميع المتدخلين في
سياسة إعداد التراب على المستوى الجهوي ،وأن تمنح له صالحيات تقريرية وإختصاصات
وازنة تضمن تحقيق اإللتقائية والنجاعة على مستوى سياسة إعداد التراب.
إن اإلصالحات الكفيلة بتحقيق إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي من
خالل القوانين المؤطرة لالمركزية ،وميثاق الالتمركز اإلداري ،ال يمكن إختزالها في مجرد
إصدار نصوص قانونية ،وال في إحداث هياكل إدارية ،بل البد من رؤية شمولية مبنية
على منهجية علمية تشاركية ذات أهداف مدروسة قائمة على ضبط العالقات بين الوحدات
الترابية المنتخبة وبين المصالح الالممركزة للدولة ،في إطار تنسيقي تشاركي يقوي
العالق ات األفقية مما يؤدي لعقلنة التنظيم الترابي لتفادي الخلط والغموض في القيام
بالمسؤوليات ،فتحقيق التكامل واإللتقائية بين إدارة الالتمركز والجماعات الترابية ،البد لها
من تصور شمولي ينظر إليها كنسق وبنية متكاملة ،وليس كمعطيات متفرقة عن بعضها
75
البعض.
إن مسألة اإللتقائية بين التدبير العمومي للدولة والتدبير العمومي للجماعات الترابية
يفرض نفسه كضرورة لتعاضد جهود مؤسسات الدولة والجماعات الترابية من أجل كسب
-بوشكور سفيان ،حكامة إعداد التراب الوطني ،مقال منشور بجريدة هسبريس اإللكترونية ،تاريخ الولوج للموقع 74
11
رهان التنمية المستدامة والمندمجة ،والتي نأمل أن تشكل محور إهتمام واسع من لدن
اللجنة المكلفة بوضع تصور للنموذج التنموي الجديد ،الذي يجب أن يقوم على تعزيز
دور الجهات والجماعات الترابية والمصالح الالممركزة للدولة في البناء التنموي القائم على
الالتمركز اإلداري الفعلي ،وعلى مبادئ التعاون والتشارك والتضامن واإلستقاللية
76
واإلنسجام في تدبير السياسات العمومية الترابية
الفقرة الثانية :الوالي/العامل وضمان اإلتقائية الس ياسات على المس توى الترابيي.
يعتبر الفضاء الترابي الجهوي مجاال واسعا لتنزيل سياسات الدولة وضمان تنزيل
العمل الحكومي على مستوى تراب الجهة بشقيها العمومي والقطاعي ،وكذا مختلف البرامج
والمشاريع اإلستثمارية التي تعتزم السلطات الحكومية المعنية تنزيلها على مستوى الجهة.
ولتحقيق هذه الغايات فقد أسند الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري وذلك إنسجاما مع
مقتضيات الفصل 011من دستور 8100لمؤسسة الوالي مهام ووظائف وآليات من
شأنها تأمين تنفيذ سياسات الدولة وضمان إنجاز البرامج والمشاريع على المستوى الجهوي
في تناغم وإلتقائية وإندماجية على أساس عالقة تدبيرية جيدة مبنية على حسن األداء
77
والنتائج.
لقد رسم ميثاق الالتمركز اإلداري مجموعة من األهداف 78لتنفيذ صالحيات الحكومة
في مجال السياسات العمومية على المستوى الجهوي بشكل يراعي الخصوصيات الجهوية
واإلقليمية ،ويضمن إلتقائيتها وتجانسها وتكاملها داخل هندسة ترابية تتطلب مهام جديدة
للتنسيق والقيادة ،بهدف إيجاد حلول لمختلف المشاكل العمومية على المستوى الترابي
-76عاجل ياسير'' ،تحديات تحديث اإلدارة الجهوية في تدبير السياسات العمومية الترابية بالمغرب'' ،المجلة
المغربية لألنظمة القانونية والسياسية ،تنسيق أحمد أجعون ،مطبعة األمنية ،الرباط ،8109 ،ص.009-002:
-77أقنوش سهام ،إلتقائية السياسات العمومية الترابية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،ماستر السياسات
العمومية ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة موالي إسماعيل ،مكناس ،السنة الجامعية -8109
،8102ص.36-31:
-78المادة 9من المرسوم رقم 8.09.602بمثابة الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري.
12
ومعالجتها ،وبالتالي فقد أسند الميثاق للوالي مهمة اإلشراف على المصالح الالممركزة
للدولة ،بإعتبارها تمثل السلطات الحكومية على مستوى الجهة والعمالة واإلقليم ،عند
قيامها بتفعيل تنفيذ السياسات العمومية والقطاعية على المستوى الترابي ،وبالتالي أصبح
ملزما بإتخاذ المبادرة لتحقيق الفعالية والنجاعة ،ومدخال لتحقيق إلتقائية السياسات
العمومية على المستوى الجهوي وذلك بواسطة بنيات إدارية تتولى تنفيذ السياسات في
ويتعلق األمر ب: 79
المجاالت الجهوية واإلقليمية
اللجنة الجهوية للتنسيق :إذ تحدث لدى والي الجهة وتحت رئاسته ،وتتكون
من عمال العماالت واألقاليم التابعة لدائرة النفوذ الترابي للجهة ،والكاتب العام
للشؤون الجهوية ،ورؤساء مصالح الدولة الالممركزة على مستوى الجهة ،عالوة
على المس ؤولين عن المراكز الجهوية لإلستثمار ،والمسؤولين الجهويين
للمؤسسات العمومية المعنية .ويمكن أن نميز في ما يتعلق بإختصاصاتها بين
المهام التي تصب في قناة تنسيق أنشطة المصالح الالممركزة ،والمهام المندرجة
فبالنسبة للمهام األولى فقد 80
في مجال السهر على حسن سير هذه المصالح.
عهد للجنة الجهوية للتنسيق ،بالعمل على إنسجام وإلتقائية ووحدة عمل المصالح
الالممركزة على المستوى الجهوي ،وإبداء الرأي حول مشاريع السياسات والبرامج
العمومية للدولة على المستوى الجهوي ،وإقتراح التدابير الكفيلة بتذليل كل
الصعوبات التي قد تعترض إنجازها.
أما بالنسبة للمهام الثانية المتعلقة بالسهر على حسن سير المصالح
الالممركزة ،فتتجلى مهام اللجنة في العمل على تأمين إستم اررية الخدمات
العمومية التي تقدمها هذه المصالح الالممركزة للدولة ،وإبداء الرأي بشأن
-79نكاوي سعيد ،ميثاق الالتمركز اإلداري و التدبير الالمتمركز لإلستثمار ،مطبعة االمنية ،الرباط ،الطبعة األولى
،8109ص061:
-80المادة 31من المرسوم رقم 8.09.602بمثابة الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري.
18
مقترحات توزيع اإلعتمادات المالية حسب الحاجيات والبرامج الجهوية ،وإبداء
الرأي بشأن مقترحات البرمجة الميزانياتية لثالث سنوات وتقارير نجاعة األداء
القطاعية ومخططات اإلستثمار للدولة المتالئمة معها ،إنسجاما مع التوجهات
العامة للدولة بهذا الخصوص.
على الرغم من كون اللجنة الجهوية للتنسيق ستساهم في ضمان إلتقائية
السياسات القطاعية على المستوى الترابي الجهوي ،إال أننا نؤيد التوجه المنتقد
لهذه السياسة ،بحكم كونها قد خالفت رأي المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي
والبيئي ،81إذ لم تخصص هذه اللجنة الجهوية مكانة لممثلي الجماعات الترابية
وخاصة رؤساء المجالس الجهوية ضمن التركيبة اإلدارية للجنة ،مما قد يضعف
تحقيق اإللتقائية الترابية ويقوي من هيمنة اإلدارة المركزية عن طريق ممثليها
بالجهات في رسم السياسات العمومية الترابية 82.وبالتالي نرى على أنه البد من
تعديل المادة 30من الميثاق ،وجعل مؤسسة رئيس الجهة ضمن تركيبة اللجنة
الجهوية للتنسيق ،ألنه اليعقل أن نتحدث عن دور الجهات في تحقيق اإللتقائية
بين البرامج والمشاريع العمومية ،والتصاميم الجهوية إلعداد التراب وبرامج التنمية
الجهوية في ظل غياب مخاطب يمثل الجهة داخل هذه اللجنة.
الكتابة العامة للشؤون الجهوية :وتعتبر من اآلليات المؤسساتية الموضوعة
من أجل مساعدة الوالة في القيام بإختصاصاتهم تجاه المصالح الالممركزة
للدولة ،ويرأس هذه البنية تحت سلطة والي الجهة ،كاتب عام للشؤون الجهوية
18
وتتحدد مهامها في التنسيق والمواكبة الالزمة 83
يعين من قبل وزير الداخلية.
لمساعدة والي الجهة في ممارسة صالحياته تجاه المصالح الالممركزة ،وتحضير
إجتماعات اللجنة الجهوية للتنسيق والسهر على تنسيق أشغالها ،وإعداد تقارير
دورية ترفع إلى اللجنة حول حصيلة تنفيذ السياسات العمومية والقطاعية على
مستوى الجهة ،84عالوة على إعداد تقرير سنوي للجنة الجهوية للتنسيق ،والذي
يبعثه والي الجهة إلى اللجنة الو ازرية لالتمركز اإلداري قبل متم شهر مارس من
85
كل سنة ،على أن تقوم هذه األخيرة بإصدار تقرير سنوي حول حصيلة أعمالها.
إن فكرة إحداث الكتابة العامة للشؤون الجهوية بالمغرب مستمدة من التجربة
الفرنسية التي تعود لسنة 0961لكن ،وفي المقابل لم يأخذ بما هو معمول به
في فرنسا ،إذ نجد أن الكتابة العامة للشؤون الجهوية تضم إلى جانب الكاتب
العام ومساعديه ،قطبين أساسيين ،القطب األول يختص بتحديث عمل المصالح
الالممركزة ،و القطب الثاني يختص بتتبع تنفيذ السياسات العمومية على
المستوى الجهوي وتنسيق أعمال المصالح الالممركزة ،وبالتالي فإننا نرى أنه
كان من الالزم على المشرع المغربي إتباع نفس النهج الذي سار عليه نظيره
الفرنسي مما سيعطي دفعة قوية لعملية التنسيق وتتبع تنفيذ السياسات العمومية،
وبالتالي تضافر الجهود لتحقيق إلتقائية السياسات القطاعية على المستوى
86
الجهوي.
11
اللجنة التقنية للعمالة أو اإلقليم :من أجل مساعدة عامل العمالة أو اإلقليم في
ممارسة اإلختصاصات الموكولة إليه في تنسيق أنشطة المصالح الالممركزة
للدولة والمؤسسات العمومية التي تمارس مهامها على مستوى العمالة أو اإلقليم،
والسهر على حسن سيرها ،تناط باللجنة التقنية إتخاذ جميع التدابير الالزمة
لضمان تنسيق أنشطة المصالح الالممركزة للدولة على مستوى العمالة أو اإلقليم،
ومواكبة برامج ومشاريع اإلستثمار المقررة وأشغال التجهيز المراد إنجازها على
مستوى العمالة أو اإلقليم ،وتتبع تنفيذ السياسات العمومية القطاعية ،وإقتراح
جميع التدابير الكفيلة بتحسين جودة الخدمات العمومية المقدمة إلى المرتفقين
على مستوى العمالة أو اإلقليم ،ويتولى عامل العمالة أو اإلقليم رفع التوصيات
من أجل إحداث تمثيليات إدارية على مستوى العمالة أو اإلقليم تابعة لقطاع
وزاري معين أو مشتركة بين قطاعين و ازريين أو أكثر 87.مما يساهم في ضمان
إلتقائية السياسات العمومية القطاعية على مستوى العمالة أو اإلقليم ،من خالل
دور اللجنة في مواكبة المشاريع القطاعية والسعي إلى تذليل كافة الصعوبات
التي قد تعترض إنجازها وكذا من خالل إبداء رأيه حول عقود البرامج المزمع
إنجازها فوق تراب العمالة أو اإلقليم.
لقد ألقى ميثاق الالتمركز اإلداري بالثقل على والي الجهة ،للتنسيق بين المصالح
الالممركزة للدولة ،والجماعات الترابية ،ومجموعاتها ،وهيئاتها ،من أجل إنجاز برامجها
ومشاريعها التنموية في إلتقائية وتجانس وتناغم من أجل ضمان نجاح تنفيذ سياسات
الدولة على المستوى الجهوي ،لكن ما يمكن أن نستنتجه ،يكمن في كون الجماعات
الترابية غير حاضرة في الميثاق بشكل متكرر ،لكون هذا األخير يهم اإلدارات الالممركزة
وعالقتها بالمصالح المركزية ،مسجال أن فلسفة المرسوم تقوم على وضع آليات للتنسيق
11
رهن إشارة الوالي ،تضمن نجاح القطاعات الحكومية في تنفيذ برامحها بكيفية منسجمة،
مما يضمن فعاليتها ،وعليه فإن النص يهم اإلدرات المركزية ومصالحها الخارجية .كما
نجد أن ميثاق الالتمركز اإلداري قد نص على أن يقوم الوالة بإحاطة السلطات الحكومية
بمختلف التدابير المتخذة ،وكذا وضعية تنفيذ البرامج والمشاريع واألشغال بغية تذليل
88
الصعوبات التي قد تعترض تنفيذها.
إن مهام التنسيق الموكولة إلى مؤسسة الوالي أدت إلى جعل اإلدارة المركزية تشتغل
بشكل أفضل وذلك راجع إلى تعزيز التنسيق األفقي بين القطاعات الو ازرية وتنمية العمل
البين -وزاري في إلتقائية وتناسق بين كافة المتدخلين على المستوى األفقي فيما يتعلق
بالسياسات العمومية القطاعية على المستوى الترابي ،لكن وحسب وجهة نظرنا ،فاألمر
ال يبدو بهذه البساطة و السهولة ،ذلك أن تضاعف عدد الو ازرات بفعل تنامي تدخل
الدولة ،وإندماج الو ازرات في بعضها البعض كما شهدنا بفعل التعديل الوزاري األخير
الذي أفرز حكومة الكفاءات ،يترتب عنه دمج بعض القطاعات الو ازرية أو تجزيئ البعض
اآلخر ،مما يؤدي في الغالب إلى تفتيت العمل اإلداري على الصعيد المركزي ،مع ما
يصاحب ذلك من بطئ وتعقيد في التسيير والتنسيق البين -وزاري ،وينعكس سلبا على
مستوى اإلنسجام بين عمل الو ازرات ،ويؤدي بالضرورة إلى إعاقة اإللتقائية على المستوى
الترابي ،والتي تتطلب عمليات منسجمة للمصالح الو ازرية على المستوى العمودي من
89
أجل حسن تنزيلها من المركز إلى المستوى الترابي.
إن التفكير حسب وجهة نظرنا في إحداث مندوبيات جهوية وإقليمية تتضمن تجميع
مصالح متعددة تضم أكثر من قطاع وزاري ،إلى جانب المؤسسات العمومية التي تقع
تحت وصاية هذه القطاعات الو ازرية ،أصبح ضروريا من أجل ضمان تنسيق أفضل،
12
وضمان إلتقائية سياسات هذه القطاعات الو ازرية ،بدل اإلقتصار فقط على دور
الوالي/العامل للقيام بالمهام التنسيقية ،والتي قد تؤدي إلنتاج مركزية جديدة لكن من نوع
جهوي ،خاصة وأن مؤسسة الوالي تربطها عالقة عمودية بو ازرة الداخلية التي تغلب عليها
المقاربة األمنية بدل المقاربة التنموية ،هذا التجميع هو معتمد في التجربة الفرنسية،
وتعتبر نتائجه جد مهمة على مستوى اإللتقائية والتناغم بين القطاعات الو ازرية على
المستوى الجهوي ،حيث سيؤدي ذلك حسب رأينا ،إلى تغير في المشهد اإلداري بالجهات،
والعماالت واألقاليم ،والجماعات ،حيث سينتج عنه تجميع المصالح الالممركزة في شكل
مديريات جهوية متناغمة في أداء مهامها.
إن إتباع هذا النهج التنظيمي سيؤدي في نهاية المطاف لتحقيق اإللتقائية فيما
يتعلق بالسياسات القطاعية على المستوى الترابي والتنزيل السليم لسياسات الدولة ،شريطة
90
منحها الصالحيات التقريرية الفعلية ،واإلمكانيات المادية والبشرية.
كما أنه قد بات من الالزم منح الوالي/العامل إمكانية تقديم ملتمسات في حينه
إلعادة توجيه وتنظيم إدارة الالتمركز على مستوى الجماعة واإلقليم والجهة كلما تطلب
األمر ذلك بحسب حاجيات الشأن المحلي ،كما نقترح عالوة على ما سبق ،ضرورة تكوين
مجلس وطني إلدارة الالتمركز وأن يشمل من بين أعضاءه ،رؤساء الجماعات الترابية
بتالوينها الثالث على المستوى الوطني ،من أجل العمل على تتبع وتقويم أوجه القصور
فيما يتعلق بالعالقات األفقية بين المتدخلين في الشأن الترابي من أجل ضمان اإللتقائية
الترابية ونجاح ورش الجهوية المتقدمة.
-90حموتي سعيد'' ،الجهوية في المغرب نموذج إلصالح إدارة الالتمركز'' ،مجلة العلوم السياسية و القانون،
المركز الديمقراطي العربي ،برلين-ألمانيا ،العدد ،02نفمبر ،8109ص.39-36:
13
الفرع الثاني :التصاميم المديرية لالتمركز الإداري ورهان تحقيق اإلتقائية الس ياسات العمومية.
تعتبر التصاميم المديرية لالتمركز اإلداري نظام تدبير إداري ترابي تقترن بموجبه
الجهوية المتقدمة بالالتمركز الفعال ،وهو نظام يعتمد المستوى الترابي كمنطلق وأساس
لتقديم الخدمة العمومية وتدبيرها ،كما كرست التصاميم المديرية لالتمركز اإلداري نمطا
جديدا لتوزيع االختصاصات قائم على مرتكزات أساسية(الفقرة االولى) ،ومن أجل
إستخالص ذلك سنحاول قدر المستطاع تقديم قراءة في التصميم المديري لالتمركز
اإلداري المتعلق بو ازرة الداخلية(الفقرة الثانية).
-المرسوم رقم 8.09.11بتحديد نموذج التصميم المديري المرجعي لالتمركز اإلداري الصادر في 09 91
جمادى األولى 81( 0111يناير ،)8109المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6916مكرر ،بتاريخ 06جمادى
األولى 81 ( 0111يناير .)8109
11
فالتصاميم المديرية لالتمركز 92
سيساهم في تكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
اإلداري تخول للمصالح الالممركزة للدولة صالحيات تقريرية تفضي إلى تحقيق وحدة
عمل مصالح الدولة على المستوى الجهوي أو اإلقليمي ،وإمكانية إحداث تمثيليات إدارية
جهوية أو إقليمية مشتركة بين قطاعين و ازريين أو أكثر ،ويعني هذا األمر اإلستغناء عن
عدد من المديريات المركزية التي ستنقل سلطها إلى المصالح الجهوية واإلقليمية
للقطاعات الحكومية ،التي ستتمتع بصالحيات تغنيها عن إنتظار التأشير من اإلدارة
المركزية ،93مما سيساهم حسب رأينا في وحدة التدخالت العمومية على المستوى األفقي
وتكاملها وتجانسها ،وبالتالي الوصول إلى تحقيق اإللتقائية على مستوى تصور وبرمجة
وتنفيذ السياسات العمومية على المستوى الترابي ،مما سيؤدي لعدم ضياع الفرص التنموية
على مستوى المشاريع االقتصادية واإلجتماعية والثقافية والبيئية ،وتحقيق السرعة والفعالية
والنجاعة في حل المشاكل العمومية.
لقد حدد المرسوم 8.09.11محاور أساسية ،في شكل وثيقة مؤطرة لتنفيذ سياسة
الالتمركز اإلداري ،عبارة عن جداول وإستمارات تم توزيعها على مختلف الو ازرات إلعداد
تصميم مديري لالتمركز اإلداري من طرف لجنة الالتركيز اإلداري على مستوى كل
و ازرة ،وتشمل عددا من المعطيات كالتالي:
-اإلختصاصات ،السيما منها التقريرية ،التي سيتم نقلها إلى المصالح الالممركزة.
طبقا لقواعد توزيع اإلختصاصات المنصوص عليها في المواد 01و 01و 06
من المرسوم رقم 8.09.602بمثابة ميثاق وطني لالتمركز اإلداري.
-92ندوة وطنية تحت عنوان '' الميثاق الوطني لعدم التركيز اإلداري ورهان اليساسة الجديدة لتنظيم إدارة الدولة''،
مركز الندوات كلية الطب والصيدلة09 ،أبريل .8109تقرير عن أشغال الندوة منشور على الموقع اإللكتروني
،www.maroclaw.comتاريخ الولوج للموقع 00غشت .8181
-93نكاوي سعيد ،ميثاق الالتمركز اإلداري و التدبير الالمتمركز لإلستثمار ،مرجع سابق ،ص.091 :
11
-اإلختصاصات التي يمكن أن تكون موضوع تفويض إلى المصالح الالممركزة
للدولة على مستوى الجهة وعلى مستوى العمالة أو اإلقليم.
-توزيع الموارد البشرية بين المصالح المركزية والمصالح الالممركزة للدولة على
مستوى الجهة وعلى مستوى العمالة أو اإلقليم.
-توزيع الموارد المادية بين المصالح المركزية والمصالح الالممركزة للدولة على
مستوى الجهة وعلى مستوى العمالة أو اإلقليم.
-تحديد األهداف المراد تحقيقها من قبل المصالح الالممركزة للدولة على مستوى
الجهة والعمالة أو اإلقليم في ضوء اإلختصاصات التي سيتم نقلها إليها ومؤشرات
قياس نجاعة أدائها في تحقيق هذه األهداف.
إن اإلختصاصات المنقولة من المركز إلى المحيط في إطار الالتمركز اإلداري،
ستسمح حسب وجهة نظرنا بتحقيق اإللتقائية مع التوجهات الكبرى للدولة في إطار من
الفعالية والنجاعة والتنزيل السليم للسياسات العمومية للدولة ،وتنفيذ البرامج والمشاريع
التنموية على الصعيد الجهوي ،مما سيسمح بإتخاذ الق اررات بشكل أفقي في المجال
الواحد ،وتحقيق اإلنسجام واإلندماجية واإللتقائية وفق رؤية واضحة وموحدة بين جميع
األقطاب الترابية ،ويسمح بإعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ،وتقييم األداء في تقديم
94
الخدمات.
وتجدر اإلشارة إلى أنه قد صادقت اللجنة الو ازرية لالتمركز اإلداري برئاسة السيد
رئيس الحكومة يوم الثالثاء 30دجنبر 8109بالرباط ،في اجتماعها العاشر على آخر
التصاميم المديرية ،وبذلك أنهت المصادقة على التصاميم المديرية لجميع القطاعات
الحكومية ،في إطار اآلجال القانونية المرتبطة بوضع التصاميم المديرية لالتمركز
اإلداري ،وتطبيقها على المستوى الميداني.
-سلكي محمد'' ،الالتمركز اإلداري والتحديث الجهوي بالمغرب :قراءة على ضوء ميثاق الالتمركز اإلداري''، 94
11
وقال رئيس الحكومة ،في تصريح صحفي في ختام اإلجتماع ..." ،أصبح لدينا اآلن
خريطة لالختصاصات التي سيتم نقلها للجهات من مختلف القطاعات الحكومية ،وبقي
أمامنا فقط تعديل بعض المقتضيات القانونية والتنظيمية لتصبح اإلدارات الجهوية قادرة
على ممارسة عدد من االختصاصات التي كانت حك ار على اإلدارات المركزية'' .وأضاف
رئيس الحكومة...'' ،إن هذا اإلنجاز سيقرب عددا من الخدمات للمواطنين وللمقاولة،
ويوفر عليهم الجهد والزمن ويسهل عليهم الحياة'' ،موضحا أنه سيتم البدء بعد ذلك مباشرة
في تنفيذ نقل االختصاصات وفق البرمجة المحددة في التصاميم المديرية .وأوضح رئيس
الحكومة ،أنه سيتم العمل على تنفيذ التصاميم المديرية وفقا لخطة تدريجية ،تمتد على
الثالث سنوات المقبلة ،بالموازاة مع تنفيذ خارطة الطريق تروم مراجعة القوانين المنظمة
للقطاعات الو ازرية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الجهوي ،ونظام المحاسبة العمومية
. والصفقات العمومية
95
وبناء على ما سبق ،نأمل في التنزيل السليم لهذه التصاميم على أن تتم ممارسة
اإلختصاصات الفعلية التقريرية من لدن المصالح الالممركزة ،من أجل تجاوز معيقات
تنفيذ السياسات العمومية على المستوى الترابي التي كانت والتزال لحد الساعة تعرف
تخبطا واضحا بسبب التدخل المركزي العمودي للقطاعات الو ازرية في بلورة السياسات
العمومية الترابية ،وما يترتب عن ذلك من تأخير في الفعل العمومي ،وتنزيل لسياسات
عمومية ال تتناسب مع وضعية مختلف الجهات ،وال أدل على ذلك من الظروف التي
مر بها قطاع الت عليم في ظل جائحة كورونا حيث تم إعتماد التعليم عن بعد وتفعيله
كسياسة عمومية وطنية منذ مارس ،8181على الرغم من كون بعض الجهات لم تسجل
بتاتا حاالت إصابة بالوباء ،أو سجلت على مر أزيد من أربعة أشهر إصابة أو إثنتين
فقط ،في حين كان على الو ازرة المعنية بالقطاع تفويض هذا اإلختصاص للمندوبيات
-منشور بالموقع الرسمي لرئاسة الحكومة ، https://www.cg.gov.maتاريخ الولوج إلى الموقع 83 95
12
الجهوية لقطاع التعليم في إطار سياسة الالتمركز اإلداري ،لتتخذ اإلجراء األنسب حسب
تطور الحالة الوبائية على مستوى الجهة.
الفقرة الثانية :التصميم المديري لالتمركز الإداري -قراءة في التصميم المديري لوزارة الداخلية
كنموذج-96
يقوم ميثاق الالتمركز اإلداري على نظام ترابي ناجع تقترن بموجبه الجهوية المتقدمة
بالالتمركز الفعال ،فهو نظام يعتمد المستوى الترابي كمنطلق وأساس لتقديم الخدمة
العمومية وتدبيرها ،وبهذا الخصوص أطلق الملك محمد السادس بتاريخ 09شتنبر 8102
المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية( )8183-8109والتي تقوم على
تكريس التدبير المندمج للمشاريع وتحقيق اإللتقائية بين مختلف البرامج القطاعية
لمؤسسات الدولة والجماعات الترابية.
وإستنادا إلى التوجيهات الملكية السامية الرامية لتقريب اإلدارة من المرتفق والمالمسة
الميدانية لمشاكله واإللتزام بفعالية ونجاعة خدمته ،إنخرطت و ازرة الداخلية في مسلسل
الالتمركز اإلداري وذلك بإنجازها لمشروع التصميم المديري لالتمركز اإلداري والذي أكدت
من خالل محاوره األساسية على مواكبة ودعم الجهوية المتقدمة ،ومواكبة تنزيل األوراش
التنموية على المستوى الترابي وتشجيع اإلستثمار وخلق فرص الشغل وتقريب الخدمات
من المرتفقين وتبسيط المساطر وتقليص اآلجال عالوة على تحسين ظروف عمل موظفي
و ازرة الداخلية ،وذلك كله من أجل ضمان التنزيل السليم لمضامين ميثاق الالتمركز،
وتفعيل المرسوم رقم 2.19.40بتحديد نموذج التصميم المديري المرجعي لالتمركز
اإلداري تطبيقا لمقتضيات المادة 81من الميثاق.
وإنطالقا من قراءة مضامين التصميم المديري لو ازرة الداخلية ،بناء على الجرد الذي
قامت به من أجل تحديد اإلختصاصات المزمع نقلها أوتفويضها إلى المستوى الترابي
-التصميم المديري لالتمركز اإلداري الخاص بو ازرة الداخلية :الجداول التجميعية ،شتنبر (.8181تصميم 96
غير منشور)
18
على إمتداد ثالث سنوات والتي أسفرت عن ما مجموعه 019إختصاص تقريري سيمكن
تنزيلها الفعلي من إعطاء دفعة قوية لمسلسل الالتمركز اإلداري وتغيير النمط الحالي
للتدبير اإلداري مما سيؤدي لتحقيق األهداف المرجوة من إعتماد سياسة الالتمركز اإلداري
وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة والمتكافئة بين جميع جهات المملكة.
و بخصوص توزيع هذه اإلختصاصات على مدى ثالث سنوات المخصصة لتنزيل ورش
الالتمركز اإلداري حسب ما ورد في التصميم المديري ،فستشهد السنة األولى التمركز
60إختصاص أي بنسبة 19بالمائة فيما سيتم التمركز 06إختصاص في السنة الثانية
أي بنسبة 01بالمائة وسيتم إختتام هذا التنزيل بالتمركز ما مجموعه 31إختصاص
المتبقية أي بنسبة 82بالمائة في السنة الثالثة.
وبخصوص توزيع هذه اإلختصاصات حسب المديريات فيمكن توضيحه من خالل الجدول
التالي:
المصدر :التصميم المديري لالتمركز اإلداري الخاص بوزارة الداخلية :الجداول التجميعية /وزارة الداخلية
18
ومن خالل اإلطالع على توزيع هذه اإلختصاصات المزمع نقلها أو تفويضها إلى
المستوى الترابي كما ورد التصميم المديري لالتمركز اإلداري لو ازرة الداخلية بعد اإلطالع
عليه ،يمكننا أن نسجل أهم مرتكزاته األساسية على النحو التالي:
-أوال :تعزيز تقريب الخدمات العمومية إلى المرتفقين وتأمين إستم ارريتها
وذلك بتمكين عمال العماالت واألقاليم من إتخاذ مجموعة من اإلجراءات
والق اررات المتعلقة بتدبير شؤون الجماعات الساللية والدفاع عن مصالحها أمام
القضاء ،وتخويل والت الجهات وعمال العماالت واإلقاليم التقرير في طلبات
الملزمين المتعلقة باإلبراء أو التخفيف من الزيادات والغرامات والذعائر وباقي
الجزاءات المتعلقة بالرسوم التي يتم تدبيرها من طرف مصالح الجماعات الترابية.
-ثانيا :تعزيز تأهيل وتشجيع اإلستثمار.
وذلك من خالل تمكين عمال العماالت واألقاليم من تتبع تحصيل المبالغ المالية
المتعلقة بعمليات الكراء والتفويت والشركات عالوة على تمكينهم من صالحيات
إتخاذ الق اررات اإلدارية المرتبطة برخص سيارات األجرة في إطار تنظيم قطاع
النقل من خالل منحها أو إلغائها أو السحب المؤقت لها ،باإلضافة إلى تمكين
والة الجهات وعمال العماالت واألقاليم من تثمين أمالك الجماعات الساللية عن
طريق التفويت والكراء ودراسة البرامج والمشاريع موضوع طلبات اإلقتناء وتتبع
وتنفيذ شروط اإلنجاز الواردة في عقود التفويت ودفاتر التحمالت.
-ثالثا :مواكبة التنظيم الترابي الالمركزي والعمل على ضمان نجاعته.
من خالل منح الوالت صالحية التاشير على ميزانية الجهة ،وتمكينهم بمعية
عمال العماالت واألقاليم من اإلشراف على االعمال المالية للجماعات الترابية
في إطار ممارسة الرقابة اإلدارية على الق اررات المتعلقة بتدبير الجبايات المحلي،
ومنح الدعم لميزانيات الجماعات الترابية ،ومواكبة التعاون بين الجماعات وذلك
11
عبر مواكبة إحداث مؤسسة التعاون بين الجماعات وإحداث مجموعة الجماعات
الترابية والعماالت واألقاليم.
-رابعا :التوطين الترابي للسياسات العمومية من خالل أخذ الخصوصيات الجهوية
بعين اإلعتبار.
من خالل إعتماد تنظيم مؤسساتي جديد الليات الحكامة تضع الجهة كمستوى
ترابي أمثل من أجل نجاعة تنزيل وأداء برامجها المتعلقة بالتنمية البشرية ،وإحداق
قسم ''التنسيقية الجهوية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية'' على مستوى كل واليات
المملكة .عالوة على وضع مخطط جهوي للتكوين وتقوية القدرات ،والعمل على
تقييم مؤشرات نجاعة برامج المبادرة على المستوى اإلقليمي والجهوي ،وإنجاز
الدراسات واألبحاث ذات الطابع الجهوي المتعلقة به.
-خامسا :تمكين الوالة والعمال من الصالحيات الضرورية لتدبير الموارد البشرية.
من خالل إحداث اللجان اإلدارية المتساوية األعضاء ،وتدبير الحياة اإلدارية
لمتصرفي و ازرة الداخلية ،والتدبير الميزانياتي للموارد البشرية وتدبير الحماية
االجتماعية لهم.
وقدمت و ازرة الداخلية في ختام تصميمها المديري مقترحات لمراجعة مجموعة من
النصوص القانونية والتنظيمية المرتبطة بممارسة الو ازرة لإلختصاصات المزمع نقلها
ويتعلق األمر ب:
11
وبالتالي فو ازرة الداخلية ستقوم خالل السنة األولى بإعتماد آلية تفويض اإلمضاء في
إنتظار القيام بما يلزم من تعديالت على النصوص القانونية والتنظيمية لنقل
اإلختصاصات التقريرية.
لقد قدم التصميم المديري لالتمركز اإلداري على مستوى و ازرة الداخلية مشروعا
يروم التنزيل الميداني لميثاق الالتمركز اإلداري من أجل تحقيق مرامي الجهوية المتقدمة،
وبالتالي سيعزز إلتقائية السياسات العمومية الترابية ،من خالل الدور المحوري الذي
أنيطت به مؤسسة الوالي/العامل في عالقتها بالجماعات الترابية المبنية على التنسيق
والتعاون والتتبع لضمان تحقيق اإلنسجام واإلندماجية واإللتقائية في التدخل العمومي
الترابي.
المبحث الثاني :المدخل التدبيري كدعامة لتحقيق اإلتقائية الس ياسات العمومية الترابية.
إن رهان تحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية يحتاج لمجموعة من اآلليات
التي يمكن من خاللها العمل على بلورة سياسات عمومية فعالة وناجعة ،ويعتبر المدخل
التدبيري دعامة أساسية في سبيل تحقيق البعد اإللتقائي للسياسات العمومية على المستوى
الترابي ،عن طريق مجموعة من الوسائل التدبيرية التي أثبتت الممارسة مدى نجاعتها
ويشكل التعاقد الترابي آلية متميزة قادرة 97
لبلوغ األهداف التنموية على المستوى الترابي.
على ضمان تنفيذ البرامج والمشاريع بشكل تشاركي تضامني بين الدولة والجماعات
كما أن للتخطيط الترابي أيضا مكانة متميزة على إعتباره وعاء لتكريس إلتقائية 98
الترابية،
السياسات العمومية وذلك من خالل وثائق التخطيط الترابي المتمثلة في التصاميم الجهوية
إلعداد التراب وبرامج التنمية الجهوية وبرنامج عمل الجماعة وكذا برنامج تنمية العمالة
-الزروقي عدنان ،السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية، 97
أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،مركز دراسات الدكتوراه في العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية و
التدبير ،جامعة الحسن األول ،سطات ،السنة الجامعية ،8109-8102ص.316:
- 98بنيدي محمد عبد الحي '' ،تدبير السياسات العمومية بالمغرب :نموذج عقود البرامج'' ،المجلة المغربية لإلدارة
المحلية والتنمية ،العدد ،013نونبر-دجنبر ،8102ص.369:
12
أو اإلقليم ،والتي تقوم على أساس معايير التشارك والتضامن والتنسيق في إعدادها
على الرغم 99
وتنفيذها بشكل يحقق التنمية الترابية والمجالية على مستوى الجهة ككل،
من بعض اإلشكاالت التي صاحبت تنزيل هذه المخططات الترابية ،والتي بات لزاما
العمل على تجاوزها لبلوغ تحقيق إلتقائية ترابية فعالة وناجعة ( المطلب األول).
كما أن للتشارك أهمية كبيرة والتي تتجلى في الشراكة بين الجماعات الترابية في
تنفيذ البرامج والمخططات والحيلولة دون تعثرها ،خاصة في ظل نقص الموارد المالية،
كما أن للتعاون الترابي مكانة مهمة في نفس السياق خاصة التعاون الالمركزي الدولي
الذي أثبتت الممارسة مدى نجاعته في تمويل وتنفيذ البرامج التنموية على مستوى الجهات
والجماعات الترابية األخرى .100كما أن لتقييم السياسات العمومية الترابية دور كبير أيضا
على إعتباره آلية تدبيرية تروم التحقق من مدى التنزيل السليم للسياسات ومدى تحقيقها
ألهدافها ،وتنصب هذه العملية عل ى األعمال والبرامج والخطط والمشاريع المنجزة على
المستوى الترابي ،وكذا على األشخاص من خالل تقييم قدراتهم على بلورة السياسات
الترابية ،وبالتالي قياس مدى تأثير وإنعكاس السياسات العمومية الترابية على الواقع،
ومدى فعاليتها في اإلستجابة للطلبات والقضايا الترابية ،وإنجاز تقارير موضوعاتية من
طرف أجهزة الرقابة والتقييم ،ولعل أهمها يتجلى في المجالس الجهوية للحسابات ،والتي
تبرز مكامن الخلل ،من خالل التقارير السنوية والموضوعاتية التي تنجزها والتي تقدم
حلوال واقعية وناجعة لتجاوزها ،من أجل بلوغ رهان تحقيق إلتقائية السياسات العمومية
الترابية(المطلب الثاني).
-البوداني مصطفى -بوخريص زكرياء '' ،دور هياكل وأدوات إعداد التراب الوطني في ترسيخ العدالة 99
المجالية''،مجلة الدراسات السياسية واإلجتماعية ،منشورات حوارات ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،عدد مزدوج
،8109 ،1-1ص.392:
-قبيبشي يونس ،التعاون الالمركزي الدولي للجماعات الترابية المغربية ،مكتبة دار السالم للطباعة والنشر 100
13
المطلب الأول :التعاقد والتخطيط الترابيي كآليتين لتحقيق الإلتقائية.
إن الرهان الحقيقي للتنزيل األمثل للجهوية المتقدمة ،يقتضي بالضرورة تحقيق رهان
إلتقائية السياسات العمومية الترابية ،لضمان اإللتقاء بين مختلف التدخالت العمومية
والبرامج والمخططات التنموية ،من أجل تحقيق تنمية مندمجة ومستدامة ،واإلستجابة
لمتطلبات المواطنات والمواطنين وتفعيل البديل األنجع من بين البدائل المطروحة.
ولتحقيق هذه الغاية يشكل التعاقد الترابي لبنة أساسية لتعاقد ناجح وسليم بين الدولة
والجماعات الترابية ،أو بين الجماعات الترابية فيما بينها لتحقيق التعاضد والتعاون
واإللتقائية في ممارسة اإلختصاصات المشتركة وتدبير التنمية الترابية ( الفرع األول)،
كما يشكل التخطيط الترابي لبنة أساسية قائمة على التشارك والتعاون والتنسيق والتي تعد
وعاء لتحقيق إلتقائية السياسات والتدخالت العمومية على المستوى الترابي(الفرع الثاني).
11
الفقرة الأولى :التعاقد الترابيي كآلية لممارسة الإختصاصات المشتركة.
يعتبر التعاقد الترابي تدبي ار عموميا جديدا يسمح بممارسة اإلختصاصات المشتركة
بين الدولة والجماعات الترابية ،مما يساهم في اإللتقاء بينهما في البرامج والمشاريع،
والتوافق في اإلختيارات التنموية .إن هيمنة المقاربة القطاعية على السياسات العمومية
قد أضعفت الب عد الترابي لهذه السياسات وكرست مقاربة عمودية ذات إتجاه وحيد من
كأن هذه األخيرة هي مجرد حقل لتجارب السياسات 101
الدولة إلى الجماعات الترابية،
المتعددة بل والمتناقضة أحيانا مما أرهق المجاالت الترابية وأهدر الكثير من الفرص
والمال والجهد دون أي نتيجة تذكر ،مما أدى لعدم مقدرة السياسات على حل المشاكل
العمومية الترابية ،وهكذا فقد تم وضع مجموعة من المخططات من طرف عدد كبير من
القطاعات مثل :قطاع التجهيز والصناعة والتجارة والسياحة والتعليم والصحة ،وغيرها من
المخططات القطاعية األخرى ،وبالتالي أصبحت الدولة ال تشتغل إال من خالل وعبر
هذه البرامج فقط ،والتي تخصص لها موارد مالية كبيرة جدا وعلى إمتداد عدة سنوات،
الشيء الذي أدى لهيمنة المقاربة القطاعية على السياسات العمومية دون منح أي فرصة
للجماعات الترابية المعنية بهذه البرامج والمخططات من المشاركة في التصور والتشاور
والتدبير عب ر إعمال آلية التعاقد ،بقدر ما كرس ثقافة مطلبية تقليدية جعلت العالقة بين
الدولة والفاعلين الترابيين ،عالقة تبعية عوض أن تكون عالقة إستقاللية ،مما تسبب في
ضياع العديد من الفرص التنموية وهدر ميزانيات ضخمة دون تحقيق اإللتقائية بين
102
المخططات والبرامج القطاعية ،وبين متطلبات الساكنة على المستوى الترابي.
-الزروقي عدنان ،السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات 101
11
لقد كرس التعاقد الترابي مفهوما جديدا للتدبير العمومي يقوم على أساس إنخراط
الدولة في مسلسل التعاقد مع الجماعات الترابية والمصالح الالممركزة للدولة ،لصناعة
القرار الترابي الذي يراعي إمكانيات هذه الجماعات وحاجياتها التنموية ،ويشكل أرضية
متينة لتكريس حرية تصرف الهيئات المنتخبة وتقوية قدراتها التدبيرية من أجل ضبط
اإلختيارات التي تراها أصلح للسكان على مستوى ترابي محدد ،وهو ما ينسجم بشكل جيد
مع مبدأ التمثيلية ،التي تعني انتداب المواطنين لمن يمثلهم داخل دائرة صناعة القرار
المحلي عبر مختلف المجالس الترابية ومستوياتها 103،مما يضمن التمفصل بين األهداف
الوطنية للتخطيط والتهيئة ،وبرامج التنمية الترابية ،ويؤدي لتقريب الهوة بين التخطيط
القطاعي والتخطيط الترابي وتعبئة الشركاء والفرقاء من خالل التنسيق المشترك لإلستفادة
من التمويل والمشاركة في صناعة القرار العمومي ،مما يترتب عنه توافق الخيارات العامة
للتنمية وإتفاق حول المنهجيات التي يجب العمل بها 104.هذا فضال عن تحمل المسؤولية
المالية من طرف الهيئات المنتخبة من خالل ميزانية الجماعات الترابية واإلنخراط في
إطار مقاربة شمولية يفرضها نمط التعاقد ،مبنية على أساس التشاور والتفاوض والتتبع
والتقييم.105
وبناء على ماسبق ،فقد عبر الملك محمد السادس ،عن هذه المضامين في رسالته
التي تالها السيد وزير الداخلية بتاريخ 81دجنبر 8109في المناظرة الوطنية األولى
للجهوية المتقدمة التي نظمت بأكادير ،حيث جاء في نص الرسالة السامية ...'' ،وهكذا،
فقد تم في إطار هذا الميثاق ،تحديد دور واختصاصات اإلدارات المركزية والالممركزة،
وإبراز المستوى الجهوي ،باعتباره اإلطار المالئم إلنسجام السياسات العمومية ،ولبرمجة
- 103المرابط خليد ''،الحرية التعاقدية والفعلية للسلطة التنظيمية للجماعات الترابية في ظل القوانين التنظيمية لسنة
،''8101المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،العدد ،013نونبر-دجنبر ،8102ص.882:
-104عدنان الزروقي ،السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية ،مرجع
سابق ،ص.119:
-105و ازرة إعداد التراب الوطني ،مديرية دعم التنمية المجالية ،ورقة تركيبية حول التعاقد الترابي ،مارس .8106
11
مشاريع مختلف القطاعات الحكومية ،وتفويض المهام والوسائل المادية والبشرية إلى
المصالح الالممركزة ،باإلضافة إلى تكريس عقودالبرامج بين اإلدارات المركزية وهذه
المصالح .106''...ومن هنا نستشف األهمية الكبيرة التي أوالها الملك لعقود البرامج على
إعتبارها سياسة عامة إستراتيجية ،تعبر عن توجهات الدولة لضمان التوافق والتنسيق
واإلنسجام واإللتقائية بين تدخالت الفاعلين في رسم السياسات العمومية الترابية.
ومن أجل إنجاح التعاقد الترابي ،نرى أن هناك مرحلتين أساسيتين يجب المرور منهما،
107
كي نستطيع الحديث عن تعاقد ترابي ناجح ،وهما:
-مرحلة التشخيص واإلعداد :إذ من المنطقي لنجاح أي تعاقد أن يمر عبر مرحلة
التشخيص الدقيق لإلشكاليات الترابية والحاجات المجالية من أجل التمكن من
وضع برامج ومشاريع وفق تفكير إستراتيجي يسعى إلى الدخول في تفاوض
وتحاور بين الجماعات الترابية ،وممثلي الدولة للخروج بصيغة تعاقدية مبنية
على طرح األولويات وفق برنامج عمل علمي دقيق ،مؤسس على التفاوض بين
أطراف العقد ،حيث يتم تناول مختلف األولويات والبرامج ،والتمويل والحصص،
وكيفية توزيعها ،والجدولة الزمنية للمشاريع.
-مرحلة التنفيذ والتقييم :حيث يتم في هذه المرحلة وضع الصيغة النهائية للعقد
وتحديد اإلطار المؤسساتي التنفيذي له ،مما يقتضي معه توفير الوسائل واآلليات
المؤهلة والضرورية ،من خالل تعاضد اإلمكانيات بين الدولة والجماعات الترابية،
أو بينها وبين المصالح الالممركزة ،هذا فضال عن مرحلة التقييم من خالل
مؤسسات مختصة ،لما لهذه العملية من بالغ األثر والتي تسمح بتقييم مدى
- 106نص الرسالة الملكية منشورة بالموقع الرسمي لرئاسة الحكومة www.cg.gov.maتاريخ الولوج للموقع 12
شتنبر ،8181على الساعة .80:11
- 107المرابط خليد ''،الحرية التعاقدية والفعلية للسلطة التنظيمية للجماعات الترابية في ظل القوانين التنظيمية لسنة
،''8101مرجع سابق :ص.833:
12
نجاح المسؤولين في تحقيق النتائج واألهداف المسطرة بناء على مؤشرات
واضحة للتقييم ،كما تلعب أيضا دو ار في تقويم هذه المشاريع والبرامج من خالل
التقييم المرحلي لتنفيذ العقد ،مما يساهم في التتبع المرحلي تجنبا ألي إختالالت
أو معيقات قد تفشل البرامج والمشاريع الترابية هذا عالوة على التقارير
الموضوعاتية التي يفرزها التقييم والتي توضح بجالء مكامن الخلل ،وتعطي
توصيات وحلول لتجاوز النقائص واإلختالالت لضمان بلوغ هدف اإلندماج
108
واإللتقائية في التدخالت العمومية.
كما أن للتعاقد الترابي أشكاال عديدة يمكن توزيعها لنوعين أساسيين:
-النوع األول :التعاقد العمودي بين الدولة والجهات وتعتبر عقود البرامج أو عقود
المشاريع أبرز أشكالها وهي عقود برامج متعددة السنوات بين الدولة والجماعات
الترابية والجمعيات الشريكة لتدبير البنيات التحتية والبرامج ،وفق تحديد واضح
للمهام ومسؤوليات األطراف المتعاقدة وطرق التمويل وكذا البنود العقابية في
109
حال عدم إحترام العقد.
-النوع الثاني :التعاقد األفقي بين الجماعات الترابية على المستوى الترابي في
صيغة عقود مشاريع تشترك فيها أكثر من جماعة ترابية ،مما يؤدي لتحقيق
التناغم واإلنسجام واإللتقائية الترابية ،من خالل تشخيص المتطلبات بدقة
وصياغة وتنفيذ البرامج التنموية وفق منهجية تنسيقية تشاركية سليمة وفعالة.
-جيادي سميرة ،الحكامة الجيدة وتدبير الشأن العام المحلي ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية 108
العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة موالي إسماعيل ،مكناس ،السنة الجامعية ،8101-8103
ص.831:
-109كحالوي عبد الرحيم ،إندماجية السياسات العمومية بالمغرب و متطلبات التنمية المحلية ،أطروحة لنيل الدكتوراه
في القانون العام ،مركز الدراسات في الدكتوراه قانون اإلقتصاد و التدبير ،كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية و
اإلجتماعي ة ،جامعة عبد المالك السعدي ،طنجة ،الموسم الجامعي ،8109-8106ص.118:
18
ومن هذا المنطلق نقترح مجموعة من اآلليات التي يمكن أن تساهم في تعزيز
حكامة عقود البرامج بما يكفل تحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية ،وجعلها
سياسات عمومية مندمجة ومستدامة قادرة على تحقيق تطلعات المواطنين ،وتتمثل
هذه اآلليات في العمل على إعتماد إلتقائية في تصور وتنفيذ السياسات بما يكفل
تحقيق النجاعة والفعالية في التدبير العمومي ،ووضع نظام لقياس األداء للمقارنة
بين األهداف المسطرة والنتائج المحققة ،عالوة على نهج سياسة القرب من خالل
تفعيل آليات التواصل المؤسساتي مع كل الفاعلين والشركاء ،وتبني الديمقراطية
التشاركية من خالل إشراك هيئات المجتمع المدني في بلورة السياسات بإعتبارها قوة
إقتراحية هامة ،هذا فضال عن اإلنفتاح على التجارب المقارنة وإستخالص أهم
التجارب في هذا المجال وخاصة النموذج األنجلوساكسوني الذي أبان عن نتائج جد
110
إيجابية.
لعل من أبرز الشروط المرتبطة بالدولة كطرف في العالقة التعاقدية ،يكمن في
اإلرادة السياسية القوية المبنية على أساس اإلقتناع بأن تدبير المجاالت الترابية ينبغي أن
يقوم على ركائز الحوار والتشاور واإلشتراك مع الفاعلين الترابيين على إعتبارهم شركاء
في التنمية ،مما يستدعي إمتالك الدولة لسياسة وطنية قائمة على معايير الحضور القوي
للبعد الترابي واإلقتناع بضرورة تقاسم األعباء والتكاليف واإلمكانيات لبلوغ تنمية ترابية
ناجحة ،لذلك فالم طلوب هو التفكير في وضع سياسات عمومية ترابية بمنهجية تعتمد
-بنيدي محمد عبد الحي '' ،تدبير السياسات العمومية بالمغرب :نموذج عقود البرامج'' ،مرجع سابق ، 110
ص.369:
18
111
على التدبير الترابي اإلستراتيجي ،القائم على أساس تعبئة الطاقات وتثمين اإلمكانيات.
هذا فضال عن ضرورة التوفر على بنيات إدارية قادرة على إنجاح التعاقد الترابي والمتمثلة
في سياسة الالتمركز اإلداري ،إذ بات من الالزم أن تتوفر الدولة على مخاطب واحد
قوي وفعال على المستوى الترابي قادر على الدفاع عن التوجهات والمشاريع ويمتلك الحد
األدنى من الحرية في التصرف وإتخاذ القرار ،ويتمثل في مؤسسة الوالي ،الذي متعه
ميثاق الالتمركز اإلداري بصالحيات واسعة في المجال التنسيقي كما سبق وأن رأينا في
المبحث األول ،وإقترحنا كقوة تنسيقية ،إحداث مندوبيات جهوية وإقليمية تتضمن تجميع
مصالح متعددة تضم أكثر من قطاع وزاري لما لها من دور في تثمين إطار التعاقد مع
الجماعات الترابية من خالل التقليص من عدد المخاطبين وتجميعهم في إطار منظم على
شكل مندوبيات مما سيساهم المحالة في توحيد الرؤى وإلتقائية التدخالت العمومية في
إطار مشروع تنموي موحد على مستوى الجماعات الترابية .لكن وحسب وجهة نظرنا،
فالتعاقد لوحده غير كفيل بتحقيق ذلك ما لم يقترن بضرورة إصالح القانون الجبائي
المتعلق بالجبايات المحلية ،والرفع من المداخيل الجبائية للجماعات الترابية ،عالوة على
تدعيم الموارد الذاتية لها ،وتفعيل حقيقي لمبدأ التدبير الحر من خالل دعم الصالحيات
الت قريرية الواسعة ،ألن نجاح التعاقد رهين بتوافر كل الظروف المؤطرة للعملية التنموية،
وإال فسنكون أمام شعارات فارغة المحتوى ،هذا عالوة على ضرورة إيجاد مقاربة بين-
قطاعية ،من خالل تنسيق بين-وزاري على المستوى الحكومي تنطلق من تصور مندمج
112
فعلي للسياسات العمومية على المستوى الترابي في تجاوز تام لألنانية القطاعية،
-111عدنان الزروقي ،السياسات العمومية والمسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة والجماعات الترابية ،مرجع
سابق ،ص.160:
112
-الطاهري عبد الفتاح ،موقع الجهة داخل مستويات التنظيم الترابي :محاولة لتحليل السياسات العمومية
الترابية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،ماستر السياسات العمومية ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واإلجتماعية ،جامعة موالي إسماعيل ،مكناس ،السنة الدراسية .8102-8109
21
واإلنفتاح على ثقافة جديدة في تدبير الشأن العام تكريسا لدعم أسس إلتقائية السياسات
العمومية على المستوى الترابي.
تكمن أهم شروط نجاح التعاقد الترابي في ضرورة توفر الجماعات الترابية على
المؤهالت والكفاءات التقنية القادرة على إنجاح مسلسل التعاقد ،وهنا يكمن الدور الفعال
لمستوى النخب السياسية على صعيد الجماعات الترابية ،والتي يجب على الدولة أن تعيد
النظر في شرط المؤهل التعليمي للترشح لمنصب رئاسة الجماعات الترابية ،فالحديث عن
''النخبة السياسية'' على المستوى الترابي المؤهلة لتسيير الشأن الترابي ،هي مسألة محورية
في مسار أي مجتمع ،فهي تترجم مدى حيوية المجتمع ومدى قابليته لبلورة مشروع
مجتمعي قائم على األفكار والبرامج والمشاريع ،قادر على تنزيل ورش الجهوية المتقدمة،
وهذا يتطلب ضرورة وصول صانعي القرار الترابي لمنصب المسؤولية عبر محدد الكفاءة
والديمقراطية الفعلية ،وليس بتأثير المال والزبونية والرضا المخزني113،والذي يفرز لنا
نخبا تعيش ثقافة تكريس اإلختالالت في تدبير الشأن الترابي ويضعنا أمام خيارين ،إما
التسليم بفشل المنتخبين الترابيين في تدبير الشأن العام الترابي ،وعدم مقدرتهم على تبني
مشاريع وبرامج وعقود شراكة لتأهيل الجماعات الترابية وتحقيق المسار التنموي ،وضمان
تحقيق اإللتقائية في التدخالت العمومية ،أو تدخل سلطات الرقابة اإلدارية وفق ما تمنحه
لها القوانين التنظيمية من آليات ،ونقصد هنا الوالة والعمال للقيام بإختصاصات هذه
الجماعات الترابية ،مما يشكل في المقابل مساسا بمبادئ الديمقراطية وتدخال في تسيير
الشأن العام الترابي ،ونقيضا لمبدأ التدبير الحر الذي يستلزم المبادرة بتصور وبلورة وتنفيذ
البرامج والمشاريع التنموية في إطار تعاقدي مع الدولة ،114يعبر عن الحرية التعاقدية
للجماعات الترابية ،لكن وقبل ذلك البد من تبني الدولة لسياسة التأهيل اإلقتصادي
-113محمد زين الدين ،إشكالية تجديد النخب بالمغرب ،مجلة فكر و نقد ،العدد ،8106 ،20ص.09:
-جفري سعيد ،الجماعات الترابية بالمغرب ،مطبعة األمنية ،الرباط ،8109،ص.38-30: 114
21
واإلجتماعي والسياسي والثقافي للجماعات الترابية ،ألن اإلستقاللية في التعاقد الينبغي
أن تؤدي لتنكر الدولة لوحداتها الترابية ،وتركها تتخبط في العوائق المتجذرة في مسارها
التطوري منذ التأسيس لالمركزية ،لذلك فالتكامل هنا هو المطلوب والوحدة هي المنشودة،
ضمن منظور تنموي شمولي يراعي الخصوصيات ويحترم الهويات ،ويحارب كل مظاهر
115
السيطرة والتدخل الخارج عن إطار التكريس للبعد الترابي للجهوية المتقدمة.
115
- BELLINA Séverine,LaGovernance démocratique: un nouveau paradigme pour le
développement?, Editions Karthala, Coll. Hommes et sociétés, 2008, p294.
22
والتجانس 116.وبناء على ذلك ،يعد التصميم الجهوي إلعداد التراب وثيقة مرجعية للتهيئة
ويهدف على وجه الخصوص، 117
المجالية لمجموع التراب الجهوي على مدى 81سنة،
إلى تحقيق التوافق بين الدولة والجهة حول تدابير تهيئة المجال وتأهيله وفق رؤية
إستراتيجية وإستشرافية ،مما يسمح بتحديد توجهات وإختيارات التنمية الجهوية ،ويحدد
اإلختيارات المتعلقة بالتجهيزات والمرافق العمومية الكبرى المهيكلة على مستوى الجهة،
118
ويحدد أيضا مجاالت المشاريع الجهوية وبرمجة إجراءات تثمينها.
إن التصميم الجهوي إلعداد التراب يعد إطا ار مرجعيا يهدف إلى تحقيق اإلنسجام والتآزر
الترابي بين مختلف المتدخلين والفاعلين على صعيد الجهة ،مما يجعله يخضع لمسطرة
خاصة من حيث إعداده وتحيينه وتقييمه نظمها المرسوم .1198.09.123كما أن
التصميم الجهوي إلعداد التراب يمكن المصالح الالممركزة للدولة والجماعات الترابية
والمؤسسات العمومية وأشخاص القانون الخاص المعنوية التي يكون رأسمالها مملوكا
للدولة ،من إدراج تدخالتها على مستوى الجهة في إطار متجانس يحترم توجهات السياسة
العامة إلعداد التراب ،كما يعتبر إطا ار مرجعيا لوضع مخططات التنمية االقتصادية
واإلجتماعية على الصعيد الجهوي وباقي التصاميم والمخططات التي تشرف على إنجازها
الجماعات الترابية األخرى ،أو في إطار التعاضد عبر تأسيس مجموعات فيما بينها،
فالتصميم الجهوي إلعداد التراب يعتبر بمثابة نقطة إلتقاء بين كافة المخططات على
وبالتالي فمطمح تحقيق اإللتقائية على مستوى المخططات الجهوية 120
المستوى الجهوي،
-البوداني مصطفى -بوخريص زكرياء '' ،دور هياكل وأدوات إعداد التراب الوطني في ترسيخ العدالة 116
-المرسوم 8.09.123بتحديد مسطرة إعداد التصميم الجهوي إلعداد التراب وتحيينه وتقييمه ،الصادر في 9 119
العام ،ماستر القانون اإلداري وعلم اإلدارة ،كلية العلوم القانونية واإلقتصاديةواإلجتماعية ،جامعة القاضي عياض،
مراكش ،السنة الجامعية ،8109-8106ص.13:
23
للجماعات الترابية ،يبقى رهينا بمدى قدرة التصميم الجهوي إلعداد التراب على تحديد
توجهات وإختيارات التنمية الجهوية على مستوى الدولة والجماعات الترابية ،ووضع إطار
إستراتيجي لنهج سياسة تعاقدية بينهما ،وتحديد مجاالت لمشاريع الجهوية ،وبرمجة
إجراءات تثمينها ،عالوة على مدى قوته في إلزام اإلدارة والجماعات الترابية والمؤسسات
العمومية والمقاوالت العمومية ،األخذ بعين اإلعتبار المضامين التي جاء بها في إطار
121
برامجهم القطاعية أو تلك التي تم التعاقد بشأنها.
وبناء عليه فقد أصبح المجلس الجهوي نظريا ،المخطط والموجه لمختلف السياسات
التنموية بالجهة سواء تلك التي يرجع اإلختصاص فيها للهيئات الترابية أو التي تختص
بها اإلدارات والمؤسسات العمومية وحتى التي يتدخل فيها القطاع الخاص .ومن أجل
إنجاح التصميم الجهوي إلعداد التراب وضمان تحقيقه لإللتقائية الترابية على إعتباره
مدخال من بين المداخل التدبيرية القائمة على التخطيط الترابي ،وجب تحقيق التفاعل
المنسجم بين الفاعلين الترابيين والمؤسسات وآليات التنسيق والتتبع ،وجعل الجهة إطا ار
لحل المشاكل الخاصة بالالتوازن الجهوي ،والتفاوتات بين المدن والقرى على مستوى
التجهيزات ،مع تمكين الجهة من مصادر تمويلية إضافية من أجل تنميتها مع األخذ بعين
اإلعتبار الطابع التكاملي والتعاون السوسيو-إقتصادي للتنمية الجهوية.
إن ما يمكن الوقوف عنده ،والذي يشكل في نظرنا تهديدات محدقة بالجوانب المتعلقة
بالتخطيط الترابي في مجال سياسة إعداد التراب ،نجد أنه في الوقت الذي ينص فيه
القانون التنظيمي المتعلق بالجهات على إحداث لجنة إلعداد التراب من بين اللجان
الدائمة لمجلس الجهة ،والتي يفترض أن تسهر على إعداد التصميم الجهوي إلعداد التراب
وتنظيم عمليات الحوار والتشاور المتعلقة به ،نالحظ أن المرسوم المتعلق بإعداد هذا
التصميم في المادة الرابعة ،قد سحب هذا اإلختصاص من هذه اللجنة ومنحه إلى لجنة
أخرى تحمل نفس اإلسم لكن تعمل تحت إشراف والي الجهة ،وهي اللجنة اإلستشارية
21
إلعداد التراب ،وحدد المرسوم تأليفها ،وطريقة إشتغالها ،وجداول أعمالها .وبالتالي فنحن
نرى أن هذه اللجنة هي مجرد هيئة مضافة لهيئة موجودة في األصل ومخصصة لهذه
الغاية ،وبالتالي فالمشرع هنا لم يكن حكيما ألنه سمح بالتداخل واإلرتجالية في التدخالت
فكيف لنا أن نتغنى 122
المتعلقة بتصميم وثيقة تعتبر عصب قيام الجهوية المتقدمة،
باإللتقائية في البرامج والمشاريع والمخططات ،ونحن نقف أمام إشكال تشريعي كهذا.
وربما ما يزيد الطين بلة حسب رأيي ،من خالل اإلطالع على مواد القانون التنظيمي
المتعلق بالعماالت واألقاليم ،والجماعات ،يمكن أن أسجل غياب أي تنصيص على ذكر
التصميم الجهوي إلعداد التراب في عالقته ببرامجها التنموية نهائيا ،بل وحتى بالنسبة
للنصوص التنظيمية المتعلقة بهذه البرامج ،123وبالتالي فما قيمة وثيقة هامة من حجم
التصميم الجهوي إلعداد التراب إذا كانت القوانين التنظيمية للجماعات الترابية األخرى ال
تشير إليه وال تعيره إهتماما .هذا فضال عن مشكل تقاطع اإلختصاصات وتعدد األجهزة
والهيآ ت المتدخلة وتنوعها بحسب المجاالت التي تشتغل فيها ( مجالس منتخبة ،لجان،
إدارات ،مديريات ،وكاالت ،مندوبيات جهوية وإقليمية ،)...وما ينتج عنه من تداخل في
اإلختصاصات وصعوبة في التنسيق مع ما يؤدي إليه من تكريس للمقاربات القطاعية
لذلك أصبح لزاما إذا أردنا بالفعل تكريس إلتقائية 124
على حساب المقاربات المندمجة،
السياسات العمومية الترابية ،أن يأخذ المشرع بزمام األمور ويقوم بتعديل للنصوص
القانوني ة ويراعي في ذلك تحقيق التناغم واإلنسجام بين وثائق التخطيط والتنمية على
-122الزروقي عدنان ،السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية ،مرجع
سابق ،ص.119-116:
-123يتعلق األمر بالمرسوم 8.06.311المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج تنمية العمالة أو اإلقليم وتتبعه
وتحيينه وتقييمه واليات الحوار والتشاور إلعداده الصادر بتاريخ 83رمضان 89 ( 0139يونيه ،)8106المنشور
بالجريدة الرسمية عدد 6128بتاريخ 01يوليوز .8106والمرسوم 8.06.310بتحديد مسطرة إعداد برنامج عمل
الجماعة وتتبعه وتحيينه وتقييمه واليات الحوار والتشاور إلعداده ،الصادر بتاريخ 83رمضان 89 ( 0139يونيه
،)8106المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6128بتاريخ 01يوليوز .8106
-الدكاري عبد الرحمان ،هالل عبد المجيد ،اإلدريسي عبد الواحد ،التعمير وسياسة إعداد التراب ،مقاربة 124
21
مستوى الجماعات الترابية ككل ،كما أنه بات من الضروري تفادي التعامل مع إعداد
التراب بمنهجية قطاعية بدليل تخصيص و ازرة خاصة به (و ازرة إعداد التراب الوطني
والتعمير واإلسكان وسياسة المدينة) كباقي القطاعات الو ازرية األخرى ،بل يجب أن تنخرط
كل القطاعات الو ازرية وفق رؤية تشاركية في تحديد اإلختيارات الكبرى لتهيئة المجال
الوطني لضمان إلتقائيتها ،نظ ار للطابع األفقي الذي يكتسيه إعداد التراب.
-الطاهري عبد الفتاح ،موقع الجهة داخل مستويات التنظيم الترابي :محاولة لتحليل السياسات العمومية 125
الترابية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،ماستر السياسات العمومية ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية
واإلجتماعية ،جامعة موالي إسماعيل ،مكناس ،السنة الدراسية ،8102-8109ص.63 :
21
،1268.06.899كما يتعين أن تندرج مرحلة إعداد البرنامج الجهوي للتنمية مع السنة
األولى من إنتداب المجالس الجهوية في إطار هادف إلى تحقيق نتائج ملموسة على
مستوى اإلنصاف وتحقيق التوازن داخل الجهة.
إن منهجية إعداد برنامج التنمية الجهوية يجب أن تقوم على أسس التشاور والتنسيق،
من أجل ضمان إلتقائيتها مع التوجهات اإلستراتيجية لسياسة الدولة ومع التصميم الجهوي
إلعداد التراب ،كما يجب مراعاة إنتظارات الفاعلين المحليين وفاعلي المجتمع المدني
المنظم ،والحرص على تحقيق إندماجها على مستوى التنفيذ ،مع برامج المبادرة الوطنية
للتنمية البشرية لإلستفادة من هذا الورش الكبير ،واإلستغالل المعقلن للتمويالت وتقاسم
المساطر وأ دوات التدبير والحكامة بإعتماد صيغة التعاقد بين الدولة والجهة من خالل
إبرام إتفاقيات للتعاون والشراكة ،تمكن هذه األخيرة من تحقيق األهداف المرجوة بأقل تكلفة
ممكنة ،وذلك بتنسيق مع والي الجهة بصفته ممثل السلطة المركزية ومنسق المصالح
الالممركزة لإلدارة المركزية ،وبالتالي يتعين الحرص على تحديد األهداف بدقة وإختيار
127
منهجية عمل مناسبة وتعبئة الموارد والوسائل الكفيلة بتحقيق األهداف.
إن السعي إلى تحقيق التنمية االقتصادية واإلجتماعية والبيئية والثقافية للجهة،
والسعي إلى تحقيق الرفاه اإلجتماعي للمواطنين يعتبر من األولويات التي يتعين أن
تنصب عليها جهود الجهة ،وتتمحور حولها إستراتيجيتها على المديين المتوسط والبعيد،
ولهذا الغرض ،يتعين عليها أن تستعين بالخبرة الخارجية المناسبة لتحديد مشاريعها
المستقبلية ،وتعبئة كل الطاقات والكفاءات الجهوية بهدف خلق مناخ مالئم للنهوض
ب جاذبية الجهة وتنافسيتها ،كما يتعين عند إعداد برنامج التنمية الجهوية إستثمار نتائج
-مرسوم 8.06.899بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتحيينه وتقييمه واليات الحوار 126
والتشاور إلعداده ،الصادر بتاريخ 83رمضان 89( 0139يونيو ،)8106المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6128
بتاريخ 2شوال 01 ( 0139يوليوز ،)8106ص.0612 :
-بنلمليح منية '' ،المقاربة التشاركية وأهميتها في تدبير السيسات العمومية الجهوية :برنامج التنمية الجهوي 127
نموذجا'' ،المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية ،مطبعة االمنية ،الرباط ،العدد ،09أكتوبر ،8109
ص.36-31:
22
التشخيص وتقاسمها مع الشركاء من القطاعين العام والخاص ،وخاصة مع الجماعات
الترابية األخرى المنتمية للجهة ،وضمان التنسيق الجيد مع المصالح الالممركزة للدولة
من أجل التكامل واإلند ماج واإللتقائية في تصور وإعداد وتنفيذ برنامج التنمية الجهوية،
والعمل على تجاوز الطابع التقني والشكلي الذي يمتاز به وتبني مقاربة تشاركية تجعل
منه وثيقة تخطيطية لإلعداد والتنمية ،تضمن إيجاد بدائل حقيقية لحل المشاكل العمومية
الترابية وتضع في الحسبان التشخيص الدقيق للمتطلبات ،ومقارنتها بالوسائل والموارد
المتوفرة من أجل ضمان التنزيل السليم لبرنامج التنمية الجهوية ،وبالتالي تحقيق إلتقائية
128
السياسات العمومية الترابية.
إن من بين اإلشكاالت العميقة التي مرت بها التجربة الجديدة للجهوية المتقدمة
والتي نأمل أال تتكرر ألنها ولألسف إشكاالت متعلقة بحكامة السياسات العمومية
التشريعية ،نجد أنه في الوقت الذي نصت فيه المادة 23من القانون التنظيمي للجهات
على أن برامج التنمية الجهوية يجب أن تراعي إدماج التوجهات الواردة في التصميم
الجهوي إلعداد التراب ،نستطيع أن نسجل هنا مفارقة مثيرة لإلنتباه ،إذ أنه من المفترض
حتى تتم مراعاة توجهات التصاميم الجهوية إلعداد التراب في برامج التنمية الجهوية ،أن
تتوفر الجهات أوال ،على تصميم جهوي إلعداد التراب باألسبقية قبل إعداد برنامج التنمية
الجهوية ،وهو الشيء الذي يتطلب صدور المرسوم المتعلق بإعداد التصميم الجهوي قبل
أو بالتزامن مع صدور المرسوم المتعلق ببرنامج التنمية الجهوية ،حتى يتمكن هذا األخير
129
من إدماج توجهات التصميم ضمنه ،في مراعاة لتدرج وثائق التخطيط اإلستراتيجي،
إال أن ما حصل عمليا هو العكس تماما ،بحيث صدر مرسوم إعداد برنامج التنمية
الجهوية هو األول بتاريخ 01يوليوز ،8106أما المرسوم المتعلق بالتصميم الجهوي
-حشوش وداد ،السياسات العمومية الترابية بين التخطيط وسؤال اإللتقائية ،مرجع سابق ،ص.000 : 128
-129الزروقي عدنان ،السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية،
مرجع سابق ،ص.180-181 :
28
إلعداد التراب فلم يصدر إال سنة ونصف تقريبا بعد ذلك ،وبالضبط في تاريخ 8نونبر
.8109وبالتالي فكيف يمكن أن يراعي برنامج التنمية الجهوية توجهات التصميم الجهوي
إلعداد التراب .واألكثر من ذل ك أن المرسوم المتعلق ببرنامج التنمية الجهوية ،حسب
وجهة نظرنا جاء منافيا للقانون التنظيمي للجهات ،ونعتبره معرقال إللتقائية السياسات
العمومية الترابية المتعلقة بالتخطيط الترابي ،حيث أنه يؤدي لعدم التجانس وربما التضارب
بين الوثائق التخطيطية الجهوية ،حيث نص المرسوم في المادة الثالثة منه أنه'' تطبيقا
ألحكام المادة 23من القانون التنظيمي للجهات رقم ... 000.01مع مراعاة إدماج
التوجهات الواردة في التصميم الجهوي إلعداد التراب عند وجوده ،''...وهكذا أصبح
المرسوم يعفي الجهة من إدماج توجهات التصميم الجهوي إلعداد التراب في حال عدم
وجوده ،وهو مقتضى مخالف كليا مع ما ورد في القانون التنظيمي للجهات ،الذي لم يفتح
باب اإلختيار بل ألزم الجهات بمراعاة توجهات التصميم الجهوي في إعداد برنامج التنمية
الجهوية.
وإنطالقا مما سبق نتساؤل ،كيف يمكننا الحديث عن برنامج التنمية الجهوية في
أفق السعي لتكريس إلتقائية السياسات العمومية الترابية وتجانسها وإندماجيتها ،في ظل
تراخي الدولة فيما يتعلق بالسياسات التشريعية وعدم مالمسة الحكامة في بلورتها وإعدادها،
علما أن وثيقة التخطيط الترابي ،من حجم برنامج التنمية الجهوية كفيل بضمان تحقيق
إلتقائية ا لسياسات العمومية الترابية ،شريطة إنسجامه مع التوجهات الواردة في التصميم
الجهوي إلعداد التراب وتوافقه ومواكبته للتوجهات اإلستراتيجية لسياسة الدولة ،من أجل
تحقيق تنمية مندمجة ومستدامة ،وتحسين جاذبية المجال الترابي للجهة وتقوية تنافسيته
اإلقتصادية وبالتالي إي جاد بدائل لحل المشاكل العمومية الترابية واإلستجابة لتطلعات
المواطنين.
28
الفقرة الثالثة :برانمج عمل الجماعة.
يعتبر برنامج عمل الجماعة آلية أساسية للتدبير العمومي الترابي الناجح ،فمن
خالله تمارس مجالس الجماعات ،إختصاصاتها ،وتسعى للنهوض بقضايا القرب ،فهي
تشكل المرجعية األساسية لبرمجة المشاريع واألنشطة ذات األولوية ،كما تعتبر مرجعية
للتفاوض مع القطاع الخاص لضبط حدود ومعايير الشراكة ،هذا فضال عن كونه وسيلة
ويعتبر برنامج عمل 130
لإلعداد التشاركي بغية اإلستجابة لحاجيات الساكنة المحلية،
الجماعة من المفاهيم الجديدة التي جاء بها القانون التنظيمي رقم 003.01المتعلق
وبالتالي فهو مقاربة تشاركية تسعى إلى دفع 131
بالجماعات من خالل المادة 92منه،
الفاعلين المحليين لتحديد أهدافهم التنموية التي يتطلب تنفيذها تعبئة الموارد المحلية أوال،
ثم موارد الشركاء ثانيا ،ويسعى إلشراك كافة المكونات السياسية الترابية والفاعلين
اإلجتماعيين واإلقتصاديين والنسيج الجمعوي ،كما يعتبر برنامج عمل الجماعة
إستراتيجيا ،ألن األهداف المسطرة نابعة من القرار السياسي المحلي ،الذي يتخذ خيارات
ذات طبيعة هيكلية ،ترهن مستقبل الجماعة وتحدد السبل والوسائل الواجب إتباعها لتحقيق
تلك األهداف .فقد أعطى القانون التنظيمي للجماعات تعريفا دقيقا لبرنامج عمل الجماعة،
بكونه مجموعة متناسقة من المشاريع أو العمليات ،تقترن بها أهداف محددة وفق غايات
ذات منفعة عامة وكذا مؤشرات مرقمة لقياس النتائج المتوخاة ،والتي ستخضع للتقييم
-البهالي خالد '' ،برامج عمل الجماعات الترابية الية لإلنماء واإللتقائية الترابية :دراسة تحليلية'' ،المجلة 130
على تتبعه وتحيينه وتقييمه .يحدد هذا البرنامج األعمال التنموية المقرر إنجازها أو المساهمة فيها بتراب الجماعة
خالل مدة ست سنوات .يتم إعداد برنامج الجماعة في السنة األولى من مدة إنتداب المجلس على أبعد تقدير
بانسجام مع توجهات برنامج التنمية الجهوية ووفق منهج تشاركي وبتنسيق مع عامل العمالة أو اإلقليم ،أو من
ينوب عنه ،بصفته مكلفا بتنسيق أنشطة المصالح الالممركزة لإلدارة المركزية .يجب أن يتضمن برنامج عمل
الجماعة تشخيصا لحاجيا ت وإمكانيات الجماعة وتحديدا ألولوياتها وتقييما لمواردها ونفقاتها التقديرية الخاصة
بالسنوات الثالث األولى وأن يأخذ بعين اإلعتبار مقاربة النوع''.
81
وهو وثيقة 132
قصد التحقق من شروط الفعالية والنجاعة والجودة المرتبطة باإلنجازات،
مرجعية للجماعة لبرمجة المشاريع واألنشطة المقررة أو المزمع إنجازها بتراب الجماعة،
بهدف تقديم خدمات القرب للمواطنين والمواطنات إستنادا إلى أهداف واضحة ومعايير
وبالتالي فبرنامج عمل الجماعة هو بمثابة وعاء داعم 133
واقعية وتقنية قابلة للقياس.
إللتقائية السياسات العمومية الترابية ،إذ تنصهر فيه المكونات الثقافية والتاريخية
والمصالح اإلقتصادية واإلجتماعية المشتركة ،ويحدد من خالل رغبة مجموعة من
الفاعلين المحليين في بناء مشروع تنموي مشترك ،134وبالتالي ضمان إلتقائية برنامج
عمل الجماعة على إعتباره سياسة عمومية ترابية ،مع متطلبات التنمية البشرية
واإلقتصادية واإلجتماعية والبيئية على مستوى الجماعة ،من خالل تحديده الدقيق للبرامج
واألهداف ،وتسطيرها والعمل على تنفيذها وتقييمها وتقويمها من أجل تحقيق التنمية
الشاملة والمندمجة.
ولنجاح برنامج عمل الجماعة على إعتباره وثيقة تخطيطية ،يتم من خاللها ضمان
تحقيق إلتقائية السياسات العمومية على مستوى الجماعة ،يجب أن يمر من عدة مراحل
متسلسلة زمنيا ومندمجة ،وذات بعد تشاركي ،تخطيطي وإستراتيجي .وتتمثل هذه المراحل
فيما يلي:
مرحلة اإلعداد:
تعتبر مرحلة التهييء لبرنامج عمل الجماعة ذات أهمية قصوى نظ ار لدورها في
تعبئة مختلف الفاعلين المحليين والموارد البشرية الالزمة ،وتوعيتهم بأهمية البرنامج
واألدوار التي سيقومون بها ،إضافة إلى تعبئة الموارد المادية والمالية الضرورية من أجل
-زعنون عبد الرفيع ،تدبير التنمية الترابية بالمغرب ،مرجع سابق ،ص.009 : 132
-المادة 8من المرسوم رقم 8.06.310الخاص بتحديد مسطرة إعداد برنامج عمل الجماعة وتتبعه وتحيينه 133
وتقييمه واليات الحوار والتشاور إلعداده ،الصادر بتاريخ 89يونيو ،8106الجريدة الرسمية عدد .6128
-بنلمليح منية '' ،برنامج عمل الجماعة :من التأصيل القانوني إلى التدبير التشاركي'' ،المجلة المغربية 134
81
إنجازه ،وترمي هذه المرحلة إلى إقناع أصحاب القرار الترابي بتبني برنامج عمل الجماعة
وفق منهجية التخطيط التشاركي واإلستراتيجي مع ضمان مواكبة السلطات المحلية المكلفة
بالمواكبة المالية لمسلسل البرنامج ،على أساس وضع برنامج عمل الجماعة بتنسيق مع
عامل اإلقليم وبإنسجام مع البرنامج التنموي للجهة من أجل ضمان إلتقائية البرامج
والسياسات العمومية ،وكذا العمل على تعبئة المصالح الالممركزة حتى تنخرط جديا في
135
مسلسل البرنامج.
مرحلة التشخيص:
حيث يتم تشخيص الحالة الراهنة وذلك بجمع المعطيات الكمية والكيفية المرتبطة
بمخت لف مجاالت التنمية االقتصادية واإلجتماعية والثقافية والبيئية بالجماعة ،وتشخيص
المشاكل المهمة وحاجيات السكان وقدراتهم ،والقيام بتحليل أولي للمعلومات والمعطيات،
كما أن عملية التشخيص يجب أن يغلب عليها الطابع التشاركي من خالل إشراك الساكنة
والفاعلين الترابيين في تشخيص مختلف المشاكل والتعرف على مواطن القوة والضعف
وتحديد اآلفاق المحتملة للتنمية وبالتالي تحقيق اإللتقائية في اآلراء واألفكار والتحديد
الدقيق لإلشكاالت والمطالب .لكن ،ونظ ار لكون التشخيص يتطلب خبرة وكفاءة عالية
فاألمر في نظرنا ،يحتم على مجالس الجماعات اإلستعانة بالخبرة الخارجية كمكاتب
الدراسات مثال للقيام بهذه العملية عالوة على جمعيات المجتمع المدني والفاعلين
اإلقتصاديين واإلجتماعيين وفق مقاربة تشاركية وتفعيال لمبدأ التعاون من أجل الوصول
136
إلى نتيجة قادرة على رفع التحديات الكبرى بالجماعة وإقتراح سبل التنمية.
-عابدي شريف ،برنامج عمل الجماعة أداة للتنمية المحلية ،الجماعة الترابية مكناس نموذجا ،رسالة لنيل 135
دبلوم الماستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة موالي إسماعيل ،مكناس،
السنة الدراسية ،8102-8109ص.11-13 :
-حشوش وداد ،السياسات العمومية الترابية بين التخطيط وسؤال اإللتقائية ،مرجع سابق ،ص.006-001: 136
82
مرحلة تعبئة الموارد المالية:
إن برنامج عمل الجماعة يحمل في عمقه أبعادا تنموية ،ويتطلب من أجل إنجازه
وتنفيذه إمكانيات ذاتية للجماعة ،وموارد أخرى منقولة ومحولة لها من الدولة ،وكذا موارد
هذا فضال عن تسبيقات تقدمها الدولة في شكل 137
مالية من حصيلة اإلقتراضات.
تسهيالت مالية 138.فتعبئة الموارد المالية المخصصة لتمويل المشاريع المدرجة في برنامج
عمل الجماعة ،هي مرحلة حاسمة للحيلولة دون تعثر تلك المشاريع في حال عدم التعامل
مع ذلك بالجدية المطلوبة ،وبالتالي عرقلة مسلسل التخطيط وعملية التنمية بالجماعة،
لذلك فالموارد المالية حسب وجهة نظرنا تعتبر حجر الزاوية لضمان إلتقائية السياسات
العمومية ،وضمان تنفيذ المشاريع المبرمجة لتحقيق متطلبات الساكنة ،وحل المشاكل
العمومية المطروحة على أجندة صانعي السياسات على مستوى مجالس الجماعات ،وهذا
ما يتطلب توافر شروط أساسية تؤهل وتحسن من قدرات الجماعات على المرافعة وتعبئة
الموارد ،إذ يجب حسب رأينا ،خلق بنك للمشاريع التنموية وجذاذات ومعطيات ،ونشر
برنامج عمل الجماعة على نطاق واسع من أجل إستقطاب رؤوس األموال الخاصة لتنفيذ
تلك المشاريع والبرامج في إطار عقود شراكة ،كما يجب على مجالس الجماعات تنظيم
ورشات وموائد مستديرة يحضرها كافة الشركاء اإلقتصاديين واإلجتماعيين والفاعلين على
المستوى الترابي ،لحثهم على المساهمة في تنفيذ برنامج عمل الجماعة ودعمه ماديا
ومعنويا.
مرحلة التنفيذ:
يلعب رؤساء مجالس الجماعات دو ار محوريا في السهر على تنفيذ برنامج عمل
الجماعة وأجرأته إلى مشاريع وإنجازات ،بموجب المادة 62من القانون التنظيمي المتعلق
بالجماعات ،التي أدمجت عملية إعداد وتنفيذ برنامج العمل ضمن الصالحيات والتدابير
83
التنفيذية التي يقوم بها رئيس الجماعة ،كما تم إدراج المقرر المتعلق ببرنامج عمل الجماعة
ضمن المقررات التي تتطلب الحصول على األغلبية المطلقة إلعتمادها وتنفيذها ،وهو
139
ما يدفع الرئيس إلى توسيع التشاور والسعي نحو التوافق حول برنامج تنموي متكامل،
كما يمكن تنفيذ المشاريع والبرامج المدرجة في برنامج عمل الجماعة من خالل إحداث
شركات التنمية المحلية ،أو المساهمة بالتشارك مع شخص أو عدة أشخاص إعتبارية
خاضعة للقانون العام أو الخاص ،وهذه الشراكة تعمل في إطار األنشطة االقتصادية
التي تدخل في إختصاصات الجماعة حسب ما تنص عليه مقتضيات المادة 031من
القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات ،كما ال يجب أن تقل مساهمة الجماعة في رأسمال
الشركة عن نسبة 31بالمائة تطبيقا لمقتضيات المادة 030من نفس القانون.
يبقى هذا النوع من الشركات الوسيلة المفضلة للجماعات للنهوض باإلقتصاد المحلي
والقدرة على التكيف مع محيطها االقتصادي ،لكونها تخضع لقواعد القانون الخاص ،بعيدا
عن المساطر اإلدارية المعقدة ،مما يضفي على معامالتها نوعا من المرونة في إتخاذ
ويمكنها من الرفع من المردودية االقتصادية لبرامجها ومشاريعها التنموية، 140
الق اررات،
واإلرتقاء بثقافة التدبير للمجالس المنتخبة ،وتطوير أدائها وجعلها قادرة على التسيير
المعقلن ،لبلوغ مطمح الجماعة المقاولة ،وبالتالي بلوغ رهان اإللتقائية عند برمجة المشاريع
والبرامج والخطط التنموية بتنسيق مع كافة األطراف المتدخلة ،وتحقيق نجاعة التدخالت
141
العمومية وتحقيق التوافق بين األهداف المسطرة والنتائج المحققة.
-زعنون عبد الرفيع ،تدبير التنمية الترابية بالمغرب ،مرجع سابق ،ص.088 : 139
-عابدي شريف ،برنامج عمل الجماعة أداة للتنمية المحلية ،الجماعة الترابية مكناس نموذجا،مرجع سابق، 140
ص.19:
-بنلمليح منية '' ،برنامج عمل الجماعة :من التأصيل القانوني إلى التدبير التشاركي'' ،مرجع سابق ، 141
ص11:
81
مرحلة التتبع والتقييم:
تعتبر هذه المرحلة جزءا ال يتج أز من العملية ككل ،إذ يسمح التتبع بالحكم على
تقدم إنجاز المشاريع المدرجة في برنامج عمل الجماعة ،وحسن تدبير األنشطة واألعمال
ومراقبتها ،والعمل على تقويم الموارد أو مراجعة النشاط أو الترخيص بمواصلته ،فهذه
المرحلة أساسية لتقييم نتائج البرامج التنموية التي سطرها المجلس في برنامج العمل،
وقياس مدى مالءمتها لحاجيات الساكنة ،وهذا ما نصت عليه المادة 898من القانون
التنظيمي المتعلق بالجماعات ،وبالتالي فالتتبع يتيح لسلطات الرقابة اإلدارية المتمثلة في
عا مل العمالة أو اإلقليم ،التحقق من مطابقة اإلجراءات التنفيذية للمشاريع المنجزة
لألهداف المسطرة في برنامج عمل الجماعة ،وبالتالي ضبط اإلختالالت المحتملة والتي
قد تعيق تنفيذ المشاريع من أجل العمل على تقويم السياسات.142
أما بخصوص التقييم فهي حسب رأينا ،مرحلة جوهرية في دورة السياسات العمومية،
واألداة الكفيلة بإعطائها حسا وقيمة مضافة من خالل قياس مدى قدرتها على اإلستجابة
لمطالب المواطنين والمواطنات ،وذلك من خالل تحليل النتائج المتوخاة والتحقق من
معايير الفعالية والجودة والنجاعة المرتبطة باإلنجازات ،والتحقق من مدى تحقيق األهداف
المتوخاة عبر اإلستعمال األمثل للموارد المتاحة ،وبالتالي تقييم مدى تحقق إلتقائية
السياسات العمومية من خالل المقارنة بين األهداف والنتائج المحققة بناءا على الموارد
المتوفرة والقدرات المتاحة ،وذلك من أجل الخروج بتقارير وتوصيات تمكننا من بلوغ رهان
اإللتقائية.
إن رهان تحقيق اإللتقائية من خالل برنامج عمل الجماعة ،يتخبط في الوقت الراهن
بمجموعة من العوائق التي يجب تجاوزها ،لعل أهمها يكمن في إنغالق المجالس الجماعية
على ذاتها ،وعدم إنفتاحها على المواطنين ومكونات الرأي العام ،هذا فضال عن تهميش
األقلية المحسوبة على المعارضة داخل المجالس بسبب الحسابات السياسية الضيقة ،مما
-حشوش وداد ،السياسات العمومية الترابية بين التخطيط وسؤال اإللتقائية ،مرجع سابق ،ص.080: 142
81
يضيع على المجلس فرصة التعاون والتشارك ،عالوة على مشكل غياب هيكل تنظيمي
للجماعة يبين إختصاصات كل قسم أو مصلحة على حدة ،فال يمكن تصور عمل
المصالح ،وتجنب تداخل اإلختصاصات إذا لم يتم توفير هيكل إداري ،على ضوئه تضبط
المسؤوليات ويقسم العمل داخل الجماعة ،هذا فضال عن تدني كفاءة الموارد البشرية
وعدم القدرة على المواكبة .143لذلك وحسب وجهة نظرنا ،فإنه بات من الالزم العمل على
تجاوز هذه العوائق ،ووضع أداة تخطيط خاصة بالجماعة بالموازاة مع برنامج عمل
الجماعة ،تعتمد رؤية مستقبلية واضحة المعالم ،قائمة على أساس التعاون والتشارك
وضبط األدوار والمهام وتأهيل العنصر البشري وتحفيزه ،واإلنفتاح على المجتمع المدني،
لبلوغ رهان اإللتقائية وترجمة السياسات العمومية الترابية على أرض الواقع.
-عابدي شريف ،برنامج عمل الجماعة أداة للتنمية المحلية ،الجماعة الترابية مكناس نموذجا ،مرجع سابق ، 143
ص.003 :
81
الفرع الأول :التدبير التشاركي للس ياسات العمومية الترابية وأأثره في تحقيق الإلتقائية.
يعتبر التدبير التشاركي وسيلة تستخدمها الجماعات الترابية لتقليص حجم مشاكلها
وتسيير أهدافها وطموحاتها وتنفيذ برامجها ،وذلك من خالل البحث عن أوجه التكامل في
ما بين الجماعات الترابية سواء على المستوى الوطني أو الدولي من أجل تحقيق التنمية
الشاملة ،وبالتالي تجسيد التنمية التشاركية من خالل اإلعتماد على مبادئ التكامل
واإلندماج والتضا من والتشارك ،بفعل العوائق التي تحد من القدرات التنموية للجماعات
ونظ ار ألهمية التدبير التشاركي في ضمان تحقيق إلتقائية السياسات العمومية 144
الترابية.
على المستوى الترابي ،والحيلولة دون تضييع الفرص التنموية ،سوف نتطرق في هذا
الفرع إلى عنصر الشراكة على إعتباره آلية لتمويل المشاريع الترابية(الفقرة األولى) ،كما
سنتطرق أيضا إلى التعاون بين الجماعات الترابية كدعامة لتحقيق اإللتقائية(الفقرة الثانية).
-الزروقي عدنان ،السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية، 144
82
تمويلية للمشاريع والبرامج المدرجة في البرامج التنموية لهذه األخيرة 145،وهذا ما من شأنه
حسب وجهة نظرنا ،تحقيق إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي ،وتجاوز
معيقاتها ،خاصة ما يتعلق بضياع الفرص التنموية وإهدار الجهد والمال والوقت في
مخططات ودراسات وبرامج التقبل التنفيذ بسبب المعيقات السالفة الذكر المتمثلة أساسا
في إنعدام القدرات التمويلية لدى الجماعات الترابية ،والتي تعتبر حجر الزاوية لنجاح أي
مشروع تنموي.
وبالرجوع إلى التجربة الفرنسية ،نجدها أيضا تعتمد على آلية الشراكة بين القطاعين
العام والخاص في إنجاز برامجها ومشاريعها ،فقد عرفت هذا الصنف من عقود الشراكة
بكونه ،عقد بمقتضاه يعهد ألحد أشخاص القانون الخاص القيام بمهمة شاملة تتعلق
بتمويل اإلستثمار المتعلق باألعمال والتجهيزات الضرورية للمرفق العام وإدارتها
وإستغاللها وصيانتها طوال مدة العقد المحدد ،في مقابل مبالغ مالية تلتزم اإلدارة المتعاقدة
146
بدفعها إليه بشكل مج أز طوال مدة الفترة التعاقدية.
إن من بين أهم مبررات إعتماد هذه اآللية حسب رأينا ،يكمن في الدور الذي تلعبه
من خالل جلب رؤوس األموال الخاصة للمشاركة في تمويل المشاريع المقامة على
المستوى الترابي ،بما يتناسب وإستراتيجية التنمية الترابية ،وتحسين تدبير الجماعات
الترابية ،وكذا عصرنة المرافق العمومية ،ناهيك عن تسهيل تداول رؤوس األموال ،من
أجل تمويل البنيات التحتية ،دون أن يؤثر ذلك على ميزانية الجماعات الترابية التي تعرف
في الغالب خصاصا مهوال من ناحية الموارد المالية ،وهنا يظهر لنا البعد اإللتقائي بين
تحقيق متطلبات التنمية وإيجاد صيغ وحلول لتجاوز معيقاتها التمويلية ،فضال عن تجاوز
-سالمة يونس '' ،الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص ،التوجه المغربي على ضوء التجارب 145
المقارنة'' ،السلسلة المغربية لبحوث اإلدارة واالقتصاد والمال ،العدد الرابع /مطبعة طوب بريس ،الرباط ،الطبعة
األولى،8100 ،ص.99-96:
-146عدنان رشيد '' ،نشأة وتطور عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص'' ،مجلة مسالك ،مطبعة النجاح
الجديدة ،الدار البيضاء ،العدد ،8100 ،02-09ص.091
88
مشاكل تزايد اإلحتجاجات الشعبية بسبب تعثر برامج التنمية الترابية بسبب ضعف إلتقائية
السياسات العمومية الترابية ،وعدم مقدرتها على حل المشاكل العمومية ،مما يؤدي إلنعدام
التنسيق بين المتدخلين وضعف المبادرة وضياع الفرص التنموية وتعثر إتمام المشاريع
والبرامج ،ول عل ''حراك الريف'' لدليل على ذلك ،بفعل اإلحتقان الشعبي الناتج عن فشل
السياسات التنموية ،التي نرى أن من بين أسباب تعثرها هو ضعف اإللتقائية على مستوى
السياسات العمومية الترابية ،بسبب ضعف التنسيق والتشارك وعدم التشخيص الدقيق
للمتطلبات والحاجيات.
وتظهر أهم ية وراهنية األهداف الرامية لتقوية عقود الشراكة بين الجماعات الترابية
والقطاع الخاص ،في قوة المنافسة بين الجهات سواء في المحيط الوطني أو الدولي مما
يجعل النشاط الجهوي قاطرة نحو التنمية في سبيل تحسين صورة الجماعات الترابية على
المستوى الداخلي والخارجي.
وبناء على ذلك يتضح لنا أن التنمية والتنشيط الترابي ال يقتصر على متدخل واحد،
بل يحتاج إلى تعددية المتدخلين ،مما يمكن من مساهمة الخواص في تمويل البرامج
والمشاريع المقامة بالجماعات الترابية بما يتناسب وإستراتيجية التنمية على المستوى
الترابي ،عالوة على إستفادة الجهة والجماعات الترابية األخرى من تجربة المقاوالت فيما
يخص أساليب عملهم ،والتشبع بروح المقاولة والمبادرة من أجل تأكيد فكرة ''الجماعة
القادرة على التنشيط االقتصادي والتنموي في إطار اإللتقائية الترابية القائمة 147
المقاولة''
على التشارك بين القطاع العام والخاص لتنفيذ السياسات العمومية الترابية.
وتبرز خصوصية عقود الشراكة في الهدف منها ،والذي يكون بالدرجة األولى بالنسبة
للجماعات الترابية هو تحقيق المشاريع التنموية لخدمة الصالح العام ،حيث تعمل الشراكة
على إيجاد صيغ مالئمة ،تمكن األطراف التي تجمع بينها أهداف مشتركة (الجماعات
الترابية-القطاع الخاص-المجتمع المدني) ،أو برامج متشابهة ،من أجل تحقيق الغايات
-147حشوش وداد ،السياسات العمومية الترابية بين التخطيط وسؤال اإللتقائية ،مرجع سابق ،ص.96:
88
المنشودة من خالل التكامل واإلنسجام واإلندماج واإللتقائية ،والعمل على تجاوز التحديات
والمصاعب ،الشيء الذي يوفر بيئة صالحة للعمل المشترك سواء على المدى القريب أو
المتوسط أو البعيد.
المنظم للشراكة بين القطاعين العام 148
وتجدر اإلشارة إلى أن القانون 26.08
المتعلق به ،قد حصر األشخاص العامة التي لها الحق 149
والخاص ،والمرسوم التطبيقي
في إبرام عقود الشراكة في الدولة والمؤسسات العمومية التابعة للدولة والمقاوالت العمومية،
وبالتالي إستثنى الجهات وباقي الجماعات الترابية ،غير أن القوانين التنظيمية للجماعات
الترابية بتالوينها الثالث ،قد خصصت مجموعة من النصوص ،إلتفاقيات التعاون
والشراكة ،وقد منح المشرع للجماعات الترابية في إطار اإلختصاصات المخولة لها،
اإلمكانية في أن تبرم فيما بينها ،أو مع جماعات ترابية أخرى ،أو مع اإلدارات العمومية،
أو المؤسسات العمومية ،أو الهيئات غير الحكومية األجنبية ،أو الجمعيات المعترف لها
بصفة المنفعة العامة ،إتفاقيات شراكة من أجل إنجاز مشروع أو نشاط ذي فائدة مشتركة
اليقتضي اللجوء إلى إحداث شخص إعتباري خاضع للقانون العام أو الخاص 150.وتحدد
هذه اإلتفاقيات وعقود الشراكة الموارد التي يقرر كل طرف تعبئتها من أجل إنجاز
المشروع ،وتع تمد ميزانية أو حساب خصوصي إلحدى الجماعات الترابية المعنية سندا
ماليا ومحاسبيا للمشروع ،مما من شأنه تدعيم التنمية الترابية والدفع باإلقتصاد الجهوي
-148القانون 26.08الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،0.01.098الصادر في فاتح ربيع األول 81(0136
دجنبر ،)8101المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6382بتاريخ فاتح ربيع الثاني 88(0136يناير ،)8101
ص.8011:
- 149المرسوم التطبيقي رقم 8.01.11الصادر في 03ماي 8101بتطبيق القانون رقم 26.08المتعلق بالشراكة
بين القطاعين العام والخاص ،المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6361بتاريخ 0يونيو .8101
-المادة 068من القانون التنظيمي رقم 000.01المتعلق بالجهات ،المادة 010من القانون التنظيمي 150
81
ليدعم نظيره الوطني ،151وبالتالي وحسب وجهة نظرنا ،فعقود الشراكة في هذا اإلطار
تعتبر دعامة أساسية لتحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية ،ألنها تؤدي لتوحيد
الجهود وتثمين الفرص في إطار تشاركي يسعى لبناء تصور متكامل للسياسات العمومية
الترابية واإلستفادة من خبرة القطاع الخاص في تنفيذ هذه السياسات بقدر كبير من الكفاءة
والتجربة الميدانية ،الشيء الذي ربما تفتقده مجالس الجماعات الترابية ،لكن في هذا
اإلطار نرى أنه لنجاح هذه اآللية التدبيرية ،البد من تجاوز بعض العوائق التي تعترض
هذا األسلوب ،والمتمثلة أساسا في عدم توفر الجهة على سلطة إبرام مثل هذه العقود ،إذ
تضطر إلى إرسال طلبات الشراكة إلى السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية وإنتظار
المصادقة على عقد الشراكة 152،وهذا األمر يجعل المجالس المنتخبة ال تبادر في التفكير
بجدية في إبرام هذه الشراكات ،مما يتسبب في ضياع فرص تنموية عديدة ،هذا فضال
عن كون المشاريع التي تحددها الدولة على مستوى الجهات تكون في الغالب مرتفعة
القيمة المالية ،وبا لتالي ترتفع معها حصة مشاركة الجماعات الترابية في هذه المشاريع،
حيث تصطدم بضعف الموارد المالية الغير قادرة على تمويل التشارك في مثل هذه
المشاريع ،لذلك أصبح من الالزم على الدولة دعم الموارد المالية للجماعات الترابية من
خالل تعديل القانون المنظم للجبايات المحلية والرفع من حصة الجماعات الترابية من
الرسوم الجبائية ،كما سبق وأن تطرقنا إلى ذلك بتفصيل في المبحث األول ،كي نستطيع
الحديث عن رهان ''جماعات مقاولة'' يكون الهدف األسمى من ورائها تحقيق التنمية
المحلية وتحقيق اإللتقائية في البرامج والمشاريع ،هذا فضال عن تنامي دور المجتمع
المدني الذي بات يتلقى الدعم من المنظمات الدولية في شكل مشاريع تنموية ،مما
-سرار نجاة ،إشكالية العالقة بين التنمية المستدامة والجهوية المتقدمة ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون 151
العام ،كلية العلوم القانونية واإلقتصاديةواإلجتماعية ،جامعة عبد المالك السعدي ،طنجة ،السنة الدراسية -8108
،8103ص.336:
-152حسب ما تنص عليه المادة 01من القانون 26.08المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
81
سيساهم وبقوة في تكريس ثقافة اإللتقائية في برمجة وتصور وتنفيذ المشاريع على مستوى
الجماعات الترابية.
-153بشتاوي فتيحة ،التسويق الترابي ودينامية المجال ،المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية ،مطبعة
النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،8102 ،ص.819:
-أهيري محمد ،صناعة القرار العمومي الترابي وفعالية السياسات العمومية الترابية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر 154
في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة محمد الخامس ،الرباط ،السنة الدراسية
،8109-8106ص.29:
82
لكن رغم األهمية البالغة للتعاون بين الجماعات الترابية 155
وتجاوز اإلختالالت الترابية،
نجد أن هذه األخيرة لم تلجأ بعد إلى تفعيل هذه اآللية على أرض الواقع في أغلب
الجماعات الترابية على المستوى الوطني ،كما أن سياسة التعاون ال يمكن لها أن تكون
لذلك نرى أنه بات 156
ناجحة ما لم تشكل نسقا مفتوحا ومتفاعال مع المحيط الخارجي،
من الالزم أن تنفتح على محيطها ،إذ أن القوانين التنظيمية للجماعات الترابية قد منحت
لها هذه اإلمكانية التي تترتب عنها آثار إيجابية متمثلة أساسا في تنمية النسيج االقتصادي
من خالل تطوير العالقات التعاونية سواء بين الجماعات الترابية أو مع المؤسسات
العمومية وفعاليات المجتمع المدني ،إلنجاز برامج إقتصادية وإجتماعية مندمجة ،مما
يؤدي حسب وجهة نظرنا إلى تحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية من خالل إعمال
آليات التشارك والتنسيق والتعاون ،وبالتالي الحيلولة دون إهدار الفرص التنموية ،أو
تضييع الجهد والمال والوقت في برمجة وتصميم برامج ومشاريع تنموية متعثرة وعقيمة
ومن الصعب تنفيذها ما لم يتحقق عنصر التعاون بين الجماعات الترابية.
وهذ ما جعل المشرع من خالل القوانين التنظيمية للجماعات الترابية ،يتطرق لمسألة
التعاون ،حيث أناط للمجالس ،التقرير في القضايا المتعلقة بالتعاون ،ألنها تعتبر ركيزة
من ركائز التنظيم الجهوي الترابي ،في ميدان التخطيط للتنمية االقتصادية واإلجتماعية
وإعداد التراب الوطني ،وذلك من خالل إستفادة الجماعات الترابية التي ال تتوفر على
وسائل مادية كافية ،من مساعدات لتمكينها من إدارة شؤونها ،ومن التقليص من تبعيتها
نحو المركز ،وإنجاز برامج العمل بين الجماعات لجعل الجهة على علم باإلختيارات
155مليح هشام'' ،سؤال الحكامة الترابية بالمغرب'' ،مجلة مسالك في السياسة والفكر واإلقتصاد ،مطبعة النجاح
الجديدة ،الدار البيضاء ،العدد ،8108 ،88-80ص.91
-156حشوش وداد ،السياسات العمومية الترابية بين التخطيط وسؤال اإللتقائية ،مرجع سابق ،ص.99:
83
المتخذة على المستوى المحلي ،وبالتالي تكامل وإلتقائية المبادرات التنموية حتى تكون
157
أكثر نجاعة وفعالية ومردودية.
إن مسألة التأطير الدستوري للتعاون من الناحية الشكلية المنصوص عليها في
القوانين التنظيمية للجماعات الترابية بمستوياتها الثالث ،حسب وجهة نظرنا ،يشوبها نوع
من اللبس والغموض ،فمن خالل ترتيب األبواب المتعلقة بآليات التعاون والشراكة ،نجد
أن المشرع جعل من شركات التنمية تتصدر باقي أشكال التعاون ،وهنا ال يعقل أن
تتصدر شركات خاضعة للقانون الخاص ،مؤسسات عمومية كمؤسسة التعاون بين
الجماعات ومجموعات الجماعات الترابية ،والتي تعتبر أشخاصا خاضعة للقانون العام،
خاصة وأن ترتيب األبواب في المجال التشريعي له دالالت عميقة تحيل إلى نوع من
كما يمكن أن نستنتج أيضا إشكاالت قانونية تتمثل التراتبية في األهمية والمبتغى.
في كون مؤسسات التعاون بين الجماعات تمارس إختصاصات تدخل في صميم
إختصاصات مجالس الجماعات الترابية مما قد يخلق تداخال في اإلختصاصات 158،لذلك
بات على المشرع تدارك األمر ألن مثل هذه اإلشكاالت قد تقف كحاجز يحد من إلتقائية
السياسات العمومية ،من خالل اآلثار المترتبة عن هذا اللبس القائم في مجال التعاون
بين الجماعات الترابية.
كما أنه بات من الضروري العمل على تفادي البطء الذي تستغرقه المساطر
اإلدارية المتعلقة بالعقود بين الجماعات الترابية والمقاولين الخواص بسبب اإلفراط في
الشكليات والمراقبة القبلية والتأشير أحيانا من قبل السلطة المكلفة بالمراقبة اإلدارية ،مما
يؤدي إلى نفور مجموعة من الشركات والمقاوالت وبحثهم عن وجهة أخرى لإلستثمار مما
159
يؤدي لضياع الفرص اإلستثمارية.
-157تميم عادل ،الجهوية المتقدمة بين إشكالية توزيع اإلختصاصات والتاطير الدستوري دراسة مقارنة ،مؤسسة
إفزارن للطباعة ،طنجة ،الطبعة األولى ،8109 ،ص.011
- 158حشوش وداد ،السياسات العمومية الترابية بين التخطيط وسؤال اإللتقائية ،مرجع سابق ،ص.018:
- 159شاوش محمد ،الحكامة التشاركية في التدبير العمومي الترابي بالمغرب ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
العام ،الكلية المتعددة التخصصات بالناظور ،السنة الدراسية ،2118-2118ص131:
81
وفي إطار إنفتاح الجماعات الترابية المغربية على نظيراتها األجنبية ،يعتبر التعاون
الالمركزي الدولي من اآلليات الهامة في هذا المجال ،والذي يخضع إلى تأثيرات
إستراتيجية من قبل المنظمات الدولية كالبنك الدولي واإلتحاد األوروبي ،كما يوجد تحت
تأثير السياسات الخارجية للدول المانحة للمساعدات الدولية من أجل التنمية ،160هذه
األخيرة التي تعتبر التعاون الالمركزي الدولي لوحداتها الترابية جزءا من سياساتها الخارجية
وجدير بالذكر أن التعاون الالمركزي الدولي يتأثر 161
في مجال تدبير التنمية الدولية،
بإختالف األنظمة السياسية للدول وبمستوى نضج الديمقراطية ،وإختالف القدرات
اإلقتصادية ،مما يؤثر على أنماط التعاون بين الشركاء .فعلى المستوى الدولي ،يتدخل
البنك الدولي في تحقيق أهداف األلفية للتنمية من خالل إعداد إستراتيجية أممية تحت
اسم'' دعم الشبكات الترابية-الحكامة المحلية والتنمية'' ،والتي تهدف إلى تطوير عالقات
التعاون الالمركزي بين الجماعات الترابية الوطنية ونظيراتها األجنبية ،كما تساهم في
دعم الخبرات والتجارب.
وعلى مستوى اإلتحاد األوروبي فإن الوحدات الت اربية ( الفرنسية ،اإلسبانية ،األلمانية
واإليطالية )...كتجارب مقارنة ،تتوفر على إستقاللية إدارية ومالية وتقريرية متقدمة عن
نظيرتها المغربية ،تخول لها إعداد سياسات خارجية تسعى من خاللها إلى المساهمة في
تحقيق التنمية على المستوى الدولي ،عن طريق تمويل مشاريع وبرامج تنموية في إطار
162
الشراكة والتعاون الالمركزي من خالل مؤسسات جهوية
ويعتبر التعاون الالمركزي الدولي للجماعات الترابية المغربية من الدعامات
األساسية للتنمية االقتصادية واإلجتماعية ،إذ يعتبر آلية لتنمية قدرات الجماعات الترابية
عن طريق اإلستفادة من الخبرات األجنبية ،عبر مجموعة من العالقات واألنشطة التي
-160يعتبر المغرب من الدول المستفيدة من برامج المساعدات الدولية من أجل التنمية من قبل الدول المانحة
كفرنسا ،وألمانيا ،وإيطاليا ،واليابان.
-قبيبشي يونس ،التعاون الالمركزي الدولي للجماعات الترابية المغربية ،مرجع سابق ،ص.06 : 161
-قبيبشي يونس ،التعاون الالمركزي الدولي للجماعات الترابية المغربية ،مرجع سابق ،ص.2-9: 162
81
163
تقيمها الجماعات الترابية المغربية مع نظيراتها األجنبية من خالل إتفاقيات التوأمة
التي تهدف إلى إيجاد صيغة مالئمة تمكن أطرافها من تحقيق أهداف مشتركة ،أو غايات
متشابهة من خالل توحيد الرؤى وتنسيق الجهود ،ومن بين هذه اإلتفاقيات نجد إنخراط
''الجماعة الحضرية لتطوان'' في مشاريع التعاون الالمركزي الدولي مع المجلس اإلقليمي
''لمالقا وغرناطة'' اإلسبانية بشراكة مع مؤسسات دولية ،حيث إستفادت جماعة تطوان
من الخبرات والتمويالت في إطار برامج التعاون الدولي الممولة من طرف اإلتحاد
األوروبي خاصة برنامج ''التعاون الدولي الالحدودي -إسبانيا شمال المغرب'' المنفذ في
الفترة بين 8119و 8101مما ساهم في ضمان تنفيذ برامج تنموية وساهم في تطوير
وبالتالي تحقيق 164
القدرات التدبيرية واإلنفتاح على الساحة الدولية ورفع رهان التنمية،
إلتقائية السياسات العمومية من خالل الدور المحوري إلتفاقيات التعاون الالمركزي الدولي
في تلبية حاجيات ومتطلبات الساكنة وتنفيذ بعض المشاريع التي لن تستطيع الجماعة
القيام بها بمفردها ،كما أن هذه اإلتفاقيات تدعم روح التنسيق والتشاور واإلبتكار واإلستفادة
من التجارب الالمركزية الدولية ،مما سيساهم في تنمية قدرات الجماعات الترابية المغربية،
وبالتالي إمكانية تجاوزها إلشكالية اإللتقائية في تصور ورسم وتنفيذ السياسات العمومية
165
على المستوى الترابي.
لكن ما يالحظ هو غياب الرغبة وضعف إهتمام مجالس الجماعات الترابية بأهمية
التعاون ا لدولي ،مما يفقدها فرصة اإلستفادة من الدعم الدولي للبرامج التنموية ،الشيء
الذي يجعلنا نتساءل حول دور السلطات المركزية المغربية في بلورتها لآلليات المحفزة
للجماعات الترابية على نهج أسلوب التعاون الدولي والتي تمتاز بالضعف والغياب ،كما
-163تعتبر التوأمة في هذا المجال دليل على الرغبة في التقارب واإلتفاق على تقوية الصالت بين المواطنين
والشعوب وتوطيد التعاون بين الجماعات الترابية المغربية وأخرى اجنبية إستنادا لبعض المقومات التاريخية
واإلقتصادية والثقافية والطبيعية المشتركة بينهم.
-164قبيبشي يونس ،التعاون الالمركزي الدولي للجماعات الترابية المغربية ،مرجع سابق ،ص.021-023 :
- 165كزال أحمد'' ،أهمية واليات التعاون الالمركزي الدولي'' ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،العدد
،81يناير-فبراير ،2111ص.118:
81
يمكن أن نالحظ أيضا تحكم الفرقاء الممولين لبرامج التعاون الدولي في توجيه مسارات
وإتجاهات التعاون لما يخدم المصالح التي تندرج ضمن السياسات الخارجية للدول المانحة
166
للمساعدات الدولية.
166
- KARZAZI Mohcine, '' la coopération décentralisée Franco-Marocaine: Entre
coopération au Développement et diplomatie d'influence'', thése de doctorat en droit
public, FSJES Tanger, édition 2013-2014, p218.
82
المجال من خالل إخبار المواطنين بالمعلومات ومختلف المعطيات ،من خالل نشر
تقارير موضوعاتية تمكنهم من تدعيم آرائهم وأحكامهم حول تدبير السياسات العمومية
167
الترابية ،ومدى تحقيقها ألهدافها.
إن أهمية التقييم تتجلى في كونه يحدد التأثير المباشر والغير المباشر لمختلف
التدخالت العمومية على المستوى الترابي ،فهو ال ينظر فقط إلى ما يحدث داخل
التنظيمات العمومية ،بل ينظر فيما إذا كانت هذه األخيرة قد إستطاعت التأثير في المحيط
الذي تشتغل فيه ،وأحدثت تغييرات في المجتمع وإستطاعت حل المشاكل العمومية
ومطالب المواطنين على مستوى الجهة والجماعات الترابية ،وبالتالي فالتقييم يساهم في
إعادة النظر وتصحيح مسار تنفيذ السياسات العمومية من خالل تدعيم أو تقويم أو
التخلي الجزئي أو الكلي عن البرامج والمشاريع التي أثبتت التجربة والتقييم أنها بدون
لذلك فعملية التقييم ضرورية لتغذية اإلنعكاسات 168
فائدة ،وال يمكن لها بلوغ أهدافها سلفا.
التدبيرية للسياسات العمومية الترابية ،من أجل تحديد مواطن القصور في بلوغ األهداف،
مما يسمح بتدارك النقص المصاحب لدورة السياسات العمومية سواء في مرحلة التشخيص
والتصور وإتخاذ القرار وما يصاحبه من تنسيق وتشاور بين الفاعلين ،أو خالل مرحلة
وبالتالي تحديد مكامن الخلل والقصور 169
تعبئة الموارد وتنفيذ السياسات العمومية،
ومحاولة تقويمها وإصالحها للحيلولة دون الوقوع في نفس المشكل عند بلورة سياسات
عمومية ترابية أخرى في نفس المجال ،وبالتالي ضمان تحقيق إلتقائية السياسات العمومية
الترابية ،والحيلولة دون تضييع الجهد والمال والفرص واإلستفادة من التقارير المنبثقة عن
-167الخمليشي محمد ،أدوار المجلس األعلى للحسابات في تقييم السياسات العمومية :مشروعية اإلختصاص
وسياق الممارسة -دراسة تحليلية مقارنة ،-منشورات المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية ،العدد الخاص
رقم ،83مطبعة األمنية ،الرباط ،8181 ،ص.81:
-168بنلمليح منية'' ،الجهات المتدخلة في تقييم السياسات العمومية الجهوية :األدوار والحصيلة'' ،المجلة المغربية
لإلدارة المحلية والتنمية ،العدد ،016ماي-يونيو ،8109ص.19:
169
- MULLER Pieerr,les politique publiques,Presses universitaires de
France,Paris,4eme édition,2000,p67.
88
عملية التقييم لتفادي الوقوع في نفس اإلختالالت والعراقيل التي تحد من نجاعة السياسات
العمومية الترابية وتحد من إلتقائيتها.
ويحمل تقييم السياسات العمومية قيمة مضافة على إعتباره ركيزة أساسية لبلوغ
اإللتقائية في التدخالت العمومية ،من خالل إهتمامه بمختلف السياسات على المستوى
الترابي سواء المتعلقة بالجماعات الترابية والمؤسسات العمومية التابعة لها ،أو المصالح
الالممركزة لإلدارات المركزية وكذا وكاالت التنمية الجهوية ،و إهتمامه الخاص بمجال
المالية العامة بشكل دقيق ،والذي تنتج عنه آثار ملموسة ،من خالل ترشيد اإلنفاق
العمومي ،والعمل على تكريس ثقافة المسؤولية والشفافية والجدوى في السياسات العمومية
التي تعرف إنفاقا ماليا كبيرا ،كما هو الشأن بالنسبة للسياسات ذات الطابع اإلستثماري.
وبالتالي فهو نتاج تطور آليات الرقابة ،وتحول نوعي في مسار التدبير واألداء العمومي،
على إعتبار أن الرقابة الحديثة ليست قائمة على التفتيش والزجر ،بل قائمة على
التشخيص والتقييم والتقويم ،من خالل توجيه رقابتها إلى قياس النشاط المنجز ،والوقوف
على حقيقة نتائجه ،وإكتشاف األخطاء واإلنحرافات وتحليل العوامل التي كانت وراء
170
حدوثها ،وكيفية تجنب الوقوع فيها ،بدال من التركيز على معرفة المسؤول عن الخطأ.
إن أهمية تقييم السياسات العمومية الترابية تنصرف باألساس إلى إعطاء بعد
ديمقراطي لمختلف السياسات ،إنطالقا من معرفة تأثيراتها على المجتمع ،ومدى تفعيلها
لمضامين المخططات والتصاميم الجهوية ،ومدى تحقيقها ألهدافها المرتكزة في األساس
على عقلنة تدبير مختلف السياسات العمومية ،وبالتالي معرفة وقياس مدى تحقق اإللتقائية
-170الح سكة هشام ،دور اإلفتحاص العمومي في إرساء حكامة تدبير الجماعات الترابية :دراسة في تجربة القضاء
المالي الجهوي بالمغرب ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية ،مركز الدراسات في الدكتوراه،
مختبر األبحاث القانونية وتحليل السيسات ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة القاضي عياض،
مراكش ،السنة الدراسية ،8109-8106ص.091-091:
88
في التدخالت والبرامج والمخططات ،وذلك من خالل مجموعة من العناصر ،لعل
171
أهمها:
-حسن إتخاذ القرار العمومي :من خالل فهم أفضل للسياسات العمومية ،وذلك
عبر تجميع وتحليل المعطيات المرتبطة بمجال التدخل ،واآلثار الناجمة عن
إتخاذ الق اررات من أجل تحيينها من خالل إثارة اإلنتباه إلى وقائع وأرقام لم تكن
في الحسبان ،أثناء تبني بديل من البدائل المطروحة ،وهذا ما يساهم في
إستخالص العبر ،وإعادة تصور البرامج في المستقبل للحيلولة دون الوقوع في
نفس النسق والسياق.
-تحسين تخصيص الموارد :إذ يفترض أن تفضي المهام التقييمية إلى مساعدة
الفاعلين المعنيين بتنفيذ السياسات العمومية الترابية على حسن تخصيص
الموارد ،وعدم إهدارها على نحو يساهم في عقلنة اإلختيارات التنموية وبرمجة
المشاريع ،وفق اإلمكانيات المتوفرة والمتاحة والممكن توافرها ،وبالتالي ترتيب
اإلحتياجات حسب األولويات مع التركيز على قيمة التكلفة.
-مراجعة السياسات العمومية الترابية :فعملية التقييم هي في حد ذاتها عملية
هادفة ،تسعى إلى معرفة مستوى أو درجة النجاح ،والتأثير الذي وصلت إليه
السياسات العمومية ،وكذا إكتشاف اإلختالالت واإلنحرافات التي يمكن أن تشوب
عملية التخطيط والتنفيذ ،وبالتالي ،فهي في فلسفتها عملية ال تتجه نحو ترسيخ
قيم المحاسبة والعقاب ،بقدر ما تقترح إتخاذ اإلجراءات التصحيحية الالزمة والتي
تتجه إلى ضمان النجاعة في سيرورة السياسات العمومية الترابية ،والسعي إلى
-كحالوي عبد الرحيم ،إندماجية السياسات العمومية بالمغرب و متطلبات التنمية المحلية ،مرجع سابق، 171
ص821-823:
111
تحقيق التكامل واإلندماجية واإللتقائية في التدخالت العمومية ،من أجل تحسين
نتائج وآثار السياسات ،وبالتالي إستجابتها لحاجيات وإنتظارات المستهدفين بها.
إن عملية تقييم إنعكاسات السياسات العمومية الترابية من خالل مسلسل إتخاذ القرار
العمومي الترابي على األفراد والمجتمع ،له أهمية قصوى في قياس مدى إستجابتها
للطلبات والقضايا المرفوعة من الساكنة إلى ''النخبة السياسية الترابية'' ،وبالتالي فمن
خالل تتبع مسار إتخاذ القرار العمومي الترابي منذ تبني المشاكل العمومية ودخولها
لألجندة ،لغاية تنفيذ السياسات كبدائل مطروحة لحل تلك المشاكل ،مرو ار بمراحل التنسيق
والتشاور ومختلف التدخالت العمومية ،من أجل إكتشاف مكامن الخلل التي تحد من
إلتقائية السياسات العمومية الترابية ،ثم الخروج بتوصيات وتقارير تقدم حلوال وبدائل قادرة
على الرفع من مردودية ونجاعة السياسات العمومية الترابية ،وضمان تحقيق اإللتقائية
في التدخالت العمومية على المستوى الترابي.
الفقرة الثانية :المجالس الجهوية للحساابت كمؤسسة للتقييم ،وموقعها من تحقيق الإلتقائية.
إن القضاء المالي الجهوي بإعتباره مراقبا خارجيا ،يمكن أن يعطي تقييما لعمل
الجماعات الترابية من خالل اإلعتماد على تقنية اإلفتحاص ،والذي يجعل تقاريره
وخالصاته ذات أهمية بالغة في سياق تطوير األداء والرقابة على النشاط والتدبير المالي
واإلداري للجماعات الترابية ،وتقوية الشفافية وتدبير المال العام وتعزيز المساءلة والحفاظ
على المصداقية في البيانات المالية والمحاسبية ،مما يؤدي إلى توجيه النشاط االقتصادي
واإلجتماعي والمالي ،وتقويم فعالية البرامج والمشاريع على المستوى الترابي ،ودراسة
جدواها ومالءمتها وتحليل نوعيتها وكلفتها ومدى تحقيقها لألهداف التنموية ،مما يشكل
تدعيما إللتقائية السياسات العمومية الترابية لبلوغ أهدافها ،كما أن القضاء الجهوي
للحسابات يظل عنص ار مهما وأساسيا يضمن توازن الالمركزية وتخليق وشفافية الحياة
111
كما أنه قضاء مؤهل ألن يلعب دور المصاحبة في التدبير اإلداري والمالي 172
المحلية،
للجماعات الترابية ،من خالل المالحضات واإلقتراحات والتوصيات المدرجة في التقارير
السنوية والموضوعاتية التي يصدرها ،والتي تقدم البدائل والحلول المناسبة ،من خالل
الوقوف على مكامن الخلل ومسببات الضعف وقياس مدى نجاعة وفاعلية البرامج
والمشاريع في تحقيق أهدافها .فالقاضي المالي يعرض في تقريره الصعوبات والمشاكل
التي تعترض عمل الجماعات الترابية ،والتوصيات الالزمة كما يعمل على طرح الحلول
المناسبة التي بمقدورها ضمان توحيد الجهود وتقارب الرؤى وتعزيز التنسيق بين األجهزة،
مما يصب في مرمى تحقيق إلتقائية التدخالت العمومية وبرمجة مشاريع وبرامج متناسقة
ومتجانسة وفعالة ، 173وبالتالي ترشيد وعقلنة األداء العمومي للجماعات الترابية من خالل
إبداء الرأي ومساعدتها على ترشيد الق اررات التنموية اإلستثمارية ،وإقتراح وسائل التصحيح
المالئمة ،وإمداد اإلدارة بالمعلومات بهدف مساعدتها على تحسين نجاعة أدائها.
وبناء عليه ،فالمجلس الجهوي للحسابات ال يصدر أحكاما ،وإنما تقارير يعرضها
على مسؤولي األجهزة موضوع الرقابة قصد إبداء آرائهم أو تقديم كل الوثائق التي يرون
فدور هذه المجالس من شأنه تحقيق وضوح العمليات التدبيرية 174
ضرورة في تقديمها،
للجماعات الترابية ،وضمان تناسقها وإندماجيتها وإلتقائية كل المتدخلين فيها ،وبالتالي
توجيه السياسة اإلنفاقية بالجماعات الترابية وجعلها تخدم المشاكل الترابية ،وبالتالي فإن
من شأن ذلك أن يؤدي إلى بلورة سياسات تنموية شاملة ،باإلضافة إلى بلورة سياسات
-172الخمليشي محمد ،أدوار المجلس األعلى للحسابات في تقييم السياسات العمومية :مشروعية اإلختصاص
وسياق الممارسة ،ص.26:
-173الحسكة هشام ،دور اإلفتحاص العمومي في إرساء حكامة تدبير الجماعات الترابية :دراسة في تجربة القضاء
المالي الجهوي بالمغرب ،مرجع سابق ،ص.628-620:
-مجيدي محمد ،دور المجالس الجهوية للحسابات في تطوير أداء الجماعات المحلية ،أطروحة لنيل شهادة 174
الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،أكدال-الرباط ،كلية العلوم القانونية واإلقتصاديةواإلجتماعية،
السنة الجامعية ،8119-8116ص.062:
112
تنموية مستدامة تلتقي فيها غالبية الجماعات الترابية مما يؤهلها لتجاوز الفوارق الترابية،
كما أن دوره يكمن أيضا في تنوير الرأي العام حول شروط وظروف التدبير العمومي
الترابي خاصة مع تعاضم دور المجتمع المدني الذي خصه دستور 8100بأدوار تشاركية
في إعداد ق اررات ومشاريع وتفعيلها وتقييمها ،175وكل هذه األدوار تؤدي حسب وجهة
نظرنا ،إلى ضمان إلتقائية السياسات العمومية الترابية من خالل تبني الجماعات الترابية
لهذه التوصيات والمقترحات واإلجراءات التصحيحية ،التي تعتبر مدخال لعقلنة البرامج
والمشاريع وحسن التدبير المالي واإلداري وبالتالي الحيلولة دون تضييع المال والجهد
والفرص التنموية.
على الرغم من الدور المحوري الذي تلعبه المجالس الجهوية للحسابات في عقلنة
التدبير على مستوى الجماعات الترابية لكسب رهان تحقيق اإللتقائية ،إال أننا نرى أنه قد
بات من الالزم العمل على تعزيز دورها في تقييم السياسات الترابية ،خاصة بعد إعتماد
إقرار التدبير العمومي حسب األهداف وتوجيه النفقة العمومية نحو منطق النتائج ،والتأكيد
على البرمجة المتعددة السنوات في صياغة المالية الترابية ،وذلك من خالل إقتراحنا،
إحداث جهاز مساعد يتواجد داخل الجماعات الترابية ،ليمارس مهام الفحص الداخلي
على أن يكون جها از مستقال يمارس مهامه بكيفية موضوعية ومستقلة عن اإلدارة
ألن المجالس الجهوية للحسابات أصبحت تعاني من نقص حاد في الموارد 176
الترابية،
البشرية وتوسع في إختصاصاتها الرقابية والتقييمية ،مقارنة بالقضاء المالي الفرنسي الذي
-بنلمليح منية'' ،ال جهات المتدخلة في تقييم السياسات العمومية الجهوية :األدوار والحصيلة'' ،مرجع سابق، 175
ص.61 :
-176الخمليشي محمد ''،في تقييم السياسات العمومية الترابية :مشروعية إختصاص المجالس الجهوية للحسابات''،
مجلة مسالك في الفكر والسياسة واإلقتصاد ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،العدد ،8181 ،12-19
ص.99-92:
113
يتوفر إلى غاية سنة 8106على 219إطا ار داخل الغرف الجهوية للحسابات ،في مقابل
819إطا ار فقط بالمجالس الجهوية للحسابات بالمغرب.177
كما يتعين حسب رأينا ،إعادة النظر في مقتضيات مدونة المحاكم المالية بشكل
جذري ،لجعل وظيفة تقييم السياسات العمومية الترابية من اإلختصاصات األساسية
والذاتية للمجالس الجهوية للحسابات ،وتدعيم المساعدة المقدمة من طرف هذه األخيرة
للجماعات الترابية في عالقات بينية متوازنة ومنتجة ومؤثرة على التدبير العمومي خاصة
وأن المساعدة المقدمة حاليا تقتصر على مراقبة اإلجراءات المتعلقة بتنفيذ الميزانية فقط،
هذا عالوة على ضرورة تبني إعداد تقارير موضوعاتية دورية خاصة ،الهدف منها إثارة
إنتباه المجالس الترابية لألعطاب المصاحبة للسياسات الترابية ،وتقديم إرشادات لها حول
أفضل نماذج التدبير الترابي .وعليه فإن المجالس الجهوية للحسابات مطالبة باإلهتمام
بالعنصر البشري ،إذ البد من تكوين يواكب المستجدات ،فالتكوين له دور ال يستهان به
في إصالح المنظومة الرقابة والتقييمية 178،سيما وأن التحوالت المصاحبة لورش الجهوية
المتقدمة وإصدار ميثاق الالتمركز اإلداري والمصادقة على التصاميم المديرية لالتمركز
اإلداري ستجعل أدوار الجماعات الترابية تتعاضم وتتنامى ،مما يفرض إعادة النظر في
تكوين و تأهيل الموارد البشرية بالمجالس الجهوية للحسابات لتكون مسايرة لهذه التحوالت.
- 177الحسكة هشام ،دور اإلفتحاص العمومي في إرساء حكامة تدبير الجماعات الترابية :دراسة في تجربة القضاء
المالي الجهوي بالمغرب ،مرجع سابق ،ص.911:
-178بوطوال الحسن'' ،دور المجالس الجهوية للحسابات في رقابة أداء الجماعات الترابية على ضوء مستجدات
دستور ،''8100المجلة المغربية للقانون اإلداري والعلوم اإلدارية ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط،8109 ،
ص.829-822 :
111
خاتمة الفصل الأول:
يتضح مما سبق أن بلوغ تحقيق رهان إلتقائية السياسات العمومية الترابية يستلزم
اإلعتماد على مداخل قانونية /تنظيمية وتدبيرية ،ويتضح ذلك من خالل ماحمله بحثنا
من جوانب تسعى لمقاربة إشكالية إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي،
وحاولنا من خالله التأسيس لمداخل تحقيق اإللتقائية المتمثلة في المدخل
القانوني/التنظيمي عبر القيام بإعادة رسم معالم التقطيع الجهوي وتثمين مبدأ التدبير الحر
ليشكال دعامتين أساسيتين لتحقيق العدالة المجالة ،ومنح الجماعات الترابية صالحية
تدبير شؤونها بنفسها ،عالوة على ضرورة التحديد الدقيق لإلختصاصات لمنع التنازع
والتداخل فيها بين المؤسسات المعنية بها هذا فضال عن إصالح قانون الجبايات المحلية
لتدعيم موارد الجهات والجماعات الترابية األخرى.
كما سيشكل ميثاق الالتمركز اإلداري وتنزيل التصاميم المديرية لالتمركز اإلداري
لبنة أساسية لتعزيز مكانة الجهات وتثمين التنسيق األفقي بين المصالح الالممركزة ،من
خالل مؤسسة الوالي/العامل بفعل الصالحيات التي منحت له في هذا المجال ،عالوة
على الصالحيت التقريرية التي سيتم نقلها للمصالح الالممركزة ،مما سيساهم في تحقيق
إلتقائية البرامج القطاعية وبرامج التنمية الجهوية على مستوى الجهات.
كما يشكل تطرقنا إلى المدخل التدبيري الذي يشكل دعامة أساسية لتحقيق إلتقائية
السياسات العمومية الترابية ،من خالل آلية التخطيط الترابي ،المتمثل في التصاميم
الجهوية إلعداد التراب ،وبرامج التنمية الجهوية ،وبرامج عمل الجماعة ،والتي تتيح
للجماعات الترابية تأ هيل ترابها وتحقيق متطلبات الساكنة وتقديم البدائل الممكنة لحل
مشاكلهم العمومية ،كما يشكل التعاون والتضامن والتقييم دعائم أساسية لتعزيز اإللتقائية
في التصور ،وإلتقاء األفكار والتشخيص المشترك للمشاكل العمومية والتمويل التشاركي
للبرامج والمشاريع على مستوى الجماعات الترابية عالوة على ما تقدمه تقارير المجالس
111
الجهوية للحسابات من تشخيص لإلختالالت ،وتقديم توصيات لحلها للحيلولة دون الوقوع
في التخبط والتعثر مستقبال ،إال أن األمر يستلزم بطبيعة الحال تفعيل هذه التقارير على
أرض الواقع ،والعمل على إيجاد صيغة قانونية تلزم الجماعات الترابية بتفعيل مضامين
تلك التقارير.
111
الفصل الثاني:
المدخل المؤسساتي ،والبشري/التأهيلي
كدعامة لتحقيق اإللتقائية
112
الفصل الثاني :المدخل المؤسساتي والبشري /التآأهيلي لتحقيق الإلتقائية.
يعتبر المدخل المؤسساتي والبشري التأهيلي من المداخل الممكنة لتحقيق إلتقائية
السياسات العمومية على المستوى الترابي ،والتي باتت تشكل في اآلونة األخير الرهان
الذي شغل بال صانعي السياسات ،وشكلت نقطة مهمة ضمن خالصات تقارير المجلس
األعلى للحسابات والمجلس االقتصادي واإلجتماعي والبيئي ،وترددت كثي ار في أجوبة
كما أن مختلف 179
رئيس الحكومة خالل الجلسات الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة،
القطاعات الو ازرية ،قد أكدت وفي أكثر من مرة على ضرورة إعتماد مقاربات تشكل نواة
لإلصالح تمكن من بلورة سياسات عمومية ترابية ناجحة وفعالة سواء عند إعدادها أو
تنفيذها ،لتشكل بذلك بدائل لحل مختلف المشاكل العمومية الترابية ،التي لن يتحقق لها
ذلك إال ببلوغ رهان اإللتقائية.
ومن خالل هذا الفصل سنحاول مقاربة دور المدخل المؤسساتي في تحقيق
إلتقائية السياسات العمومية الترابية من خالل إبراز الدور الذي تلعبه مؤسسات التنمية
سواء على المستوى الجهوي ويتعلق األمر هنا بالوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع عالوة
على وكاالت التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية ألقاليم الشمال ،الجنوب ،والشرق ،ودورها
في تنفيذ السياسات العمومية على المستوى الترابي باإلضافة إلى أدوارها اإلستشارية .هذا
باإلضافة إلى مؤسسات على مستوى الجماعات ،والتي تتولى مهام التنسيق مع مختلف
الفاعلين المتدخلين في العملية التنموية وتتولى تنفيذ برامج التنمية وتنفيذ السياسات
بمنهجية وتدبير مقاوالتي ،وأخص بالذكر شركات التنمية المحلية والتي تحدثها الجماعات
أو تشترك معها في رأسمالها لتنفيذ السياسات التجارية والصناعية على مستوى الجماعة،
مما يؤدي لتجاوز إكراهات التمويل إلنجاز تلك المشاريع من طرف الجماعات بمفردها.
هذا فضال عن الدور المحوري الذي باتت تلعبه المراكز الجهوية لإلستثمار خاصة بعد
-ونخص بالذكر جواب السيد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني حول محور إلتقائية السياسات العمومية 179
وأثرها على تنفيذ اإلستراتيجيات القطاعية ،الجلسة الشهرية المنعقدة بتاريخ 2ذو القعدة 8(0132غشت ،)8109
مجلس المستشارين ،منشور بالموقع الرسمي لرئاسة الحكومة.
118
اإلصالح المؤسساتي األخير الذي متعها بصالحيات تقريرية هامة ،وقلل إلى حد كبير
من هيمنة المركز على السياسات العمومية اإلستثمارية فضال عن إحداث أقطاب جديدة
وإحداث اللجنة الجهوية الموحدة لإلستثمار مما سيساعد المحالة في تكريس البعد الجهوي
للسياسات العمومية اإلستثمارية وتحقيق إلتقائيتها(.المبحث األول).
كما سنتطرق أيضا في هذا الفصل إلى مقاربة المدخل البشري/التأهيلي على إعتباره
من المداخل المهمة في تحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية ،خاصة ما يتعلق
''بالنخبة السياسية الترابية'' المتربعة على عرش مجالس الجماعات الترابية ،والتي يتطلب
األمر إعادة النظر في شروط ومقومات التنخيب بسبب تدني مستوياتها التعليمية والتأهيلية
عموما ،مما يشكل عقبة في فهم وتطبيق النصوص القانونية وحسن التدبير والتسيير مما
يؤثر سلبا على الفعل العمومي الترابي وبالتالي يجب أخذ زمام األمور للعمل على تكوينها
وت أهيلها وتغيير محددات تنخيبها ،خاصة ما يتعلق بمشكل منح التزكيات الحزبية لولوج
غمار اإلنتخابات الجماعية لمن هم دون المستوى ،هذا عالوة على ضرورة العمل على
نهج سياسة تكوينية تأهيلية وتحفيزية لألطر اإلدارية على مستوى الجماعات الترابية من
أجل تقوية القدرات اإلدارية ،فضال عن اإلنخراط في رسم معالم التخطيط اإلستراتيجي
القائم على مناهج علمية من أجل ضمان حسن تطبيق وتفعيل اإلجراءات اإلدارية التي
تكون مصاحبة للسياسات العمومية الترابية على مستوى اإلعداد والتنفيذ ،من أجل ضمان
تحقيق إلتقائيتها(.المبحث الثاني)
118
المالية وضعف الصالحيات التقريرية للجماعات الترابية التي كرست لهيمنة المركز على
ال محيط ،مما شكل نقطة ضعف أدت لتضييع الفرص وإهدار الجهد والمال والوقت في
إعداد برامج ومشاريع عقيمة من حيث التنفيذ وغير قادرة على اإلستجابة لتطلعات
المواطنين.
وبناء على ذلك ،يشكل المدخل المؤسساتي دعامة لتحقيق البعد اإللتقائي للسياسات
العمومية الترابية من خالل مؤسسات تنموية على مستوى الجهات والجماعات الترابية
عموما ،حيث سنقوم بالتطرق على سبيل المثال ال الحصر للوكالة الجهوية لتنفيذ
المشاريع ،ووكاالت التنمية ا القتصادية واإلجتماعية لعماالت وأقاليم الشمال ،الجنوب،
والشرق ،والتي تتولى تنفيذ المشاريع والبرامج على المستوى الجهوي مما يحقق بلوغ أهداف
السياسات العمومية من حيث تنفيذ المشاريع وتنزيل السياسات العمومية الترابية .كما نجد
أيضا شركات التنمية المحلية على مستوى الجماعات والتي تتولى إنجاز المشاريع
اإلقتصادية ،وتتولى عصرنة التدبير العمومي وجعله تدبي ار مقاوالتيا(.المطلب األول) ،هذا
180
عالوة على المراكز الجهوية لإلستثمار والتي إستطاعت مع صدور القانون 19.02
المتعلق بإصالح المراكز الجهوية لإلستثمار وإحداث اللجان الجهوية الموحدة لإلستثمار،
من تجاوز بعض الصعوبات والعراقيل التي كانت تواجهها ،مما مكنها من إحداث بينات
مؤسساتية قادرة على تحقيق إلتقائية السياسات اإلستثمارية على المستوى الجهوي ،لكن
الحكم النهائي على ذلك قد يستلزم بعض الوقت إلى حين ثبوت نتائج الممارسة على
أرض الواقع في ظل وجود بعض النواقص التي نتمنى تجاوزها لتحقيق نتائج
أفضل(المطلب الثاني).
القانون 19.02الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 0.09.02الصادر في 9جمادى الثانية 03(0111 180
111
المطلب الأول :مؤسسات التنمية وتكريسها للبعد الإلتقائي للس ياسات العمومية الترابية.
تعتبر مؤسسات التنمية لبنة أساسية لتكريس البعد اإللتقائي للسياسات العمومية
الترابية ،وذلك من خالل إضطالعها بمهام تدخل ضمن أهداف الجهوية المتقدمة،
والمتمثلة في أجرأة وتفعيل السياسات العمومية ذات البعد التنموي واإلقتصادي
واإلجتماعي ،من خالل أدوارها اإلستشارية ،والتنفيذية لبرامج التنمية الجهوية ،إذ تتولى
هذه الوكاالت تنفيذ مختلف السياسات خصوصا أمام الخصاص الذي تعاني منه الجهات
والجماعات الترابية عموما والمتمثل في قلة الموارد المالية وندرة الكفاءات البشرية وقلة
الخبرة والتكوين ،وبالتالي فتبني هذه الوكاالت تنفيذ السياسات يعتبر دعامة لتحقيق
اإللتقائية على مستوى البرامج والمشاريع ،وبالتالي الحيلولة دون تضييع الفرص التنموية،
مما ينعكس إيجابا ،من خالل تقديمها للبدائل الممكنة لحل المشاكل العمومية.
وتتمثل هذه المؤسسات على سبيل المثال ال الحصر ،في وكاالت التنمية على
المستوى الجهوي ،سواء ما يتعلق بالوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع وكذا وكاالت إنعاش
وتنمية عماالت وأقاليم الشمال ،والجنوب ،والشرق(الفرع األول) ،وشركات التنمية المحلية
على مستوى الجماعات(الفرع الثاني).
111
الفقرة الأولى :الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع.
بمقتضى الفقرة األخيرة من الفصل األول من دستور 8100والتي نصت على أن
التنظيم الترابي للمملكة يقوم على الجهوية المتقدمة ،وتنصيص الوثيقة الدستورية على
القانون التنظيمي للجماعات الترابية ،حيث جاءت سنة 8101لتعزز الترسانة القانونية
المتعلقة بالجهوية بإصدار القانون التنظيمي رقم 000.01181المتعلق بالجهات ،حيث
نصت المادة 082منه على إحداث الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع ،وإعتبارها شخصا
معنويا خاضعا للقانون العام يتمتع باإلستقالل اإلداري والمالي ،وحدد مقرها داخل الدائرة
الترابية للجهة حيث تخضع لوصاية مجلس الجهة من أجل إحترام أجهزتها ألحكام القانون
182
التنظيمي المؤطر لمهامها وإختصاصاتها.
أما فيما يتعلق بأجهزة الوكالة ،فهذه األخيرة تتم إدارتها عن طريق لجنة اإلشراف
والمراقبة تحت رئاسة رئيس مجلس الجهة ،وتتكون هذه اللجنة من عضوين من مكتب
مجلس الجهة يعينهما الرئيس ،وعضو من فريق المعارضة يعينه مكتب مجلس الجهة
عالوة على رئيس لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة للجهة ،باإلضافة إلى رئيس
لجنة التنمية اإلقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية للجهة ،عالوة على رئيس لجنة
كما يحضر والي الجهة أو من يمثله دورات لجنة اإلشراف 183
إعداد التراب للجهة.
والمراقبة لكن بصفة إستشارية إذ بوسعه أن يقدم توضيحات ومالحضات بشأن القضايا
المتداول في شأنها إما بمبادرة منه أو بطلب من الرئيس أو أعضاء اللجنة 184.هذا إضافة
إلى أن المادة 032من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات ،قد أحدثت منصب مدير
الوكالة الذي يعينه رئيس مجلس الجهة على أساس تعاقدي ،يناط له تقديم الحساب
-الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 0.01.23الصادر بتاريخ 9يوليوز 8101المنشور بالجريدة الرسمية 181
112
بإنتظام عن نتائج وحصيلة تدبيره للجنة اإلشراف والمراقبة ،كما يتوفر على سلطات
وصالحيات تسيير الوكالة وتنفيذ ق اررات لجنة اإلشراف والمراقبة ،ويمثل الوكالة أمام
المحاكم ويتولى الدفاع عن مصالحها.
الشك أن إستحداث الوكاالت الجهوية لتنفيذ المشاريع على مستوى الجهات ،سيشكل
نقلة نوعية في التدبير العمومي الذي تنتظره تحديات كثيرة أهمها تنفيذ برامج التنمية .وإذا
كان تحقيق هذه األهداف رهين بتوفر الموارد المالية والبشرية للسير قدما نحو تحقيق
تنمية مستدامة ومندمجة ،فيمكن القول أن إحداث الوكاالت الجهوية لم ينطلق من فراغ
بل جاء على مسار تجربة طويلة لوكاالت كانت موجودة أصال ولعبت أدوا ار ال يستهان
بها على مستوى التنمية المجالية ،وهذا ما سيجعلها تستفيد من تجربة الموارد البشرية
التي راكمت تجارب مهنية كبيرة ولها دراية واسعة بالمجال الجغرافي للجهات ،وأخص
با لذكر هنا وكاالت التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية لعماالت وأقاليم الشمال ،الجنوب،
والشرق ،التي سنتطرق إليها في الفقرة الثانية.
أما على المستوى المالي ،فإن الوكالة تستفيد بحكم القانون من مخصصات التسيير
واإلستثمار التي يرصدها لها مجلس الجهة من الموارد المتأتية من إستغالل وتدبير
ويتمثل دور الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع في تعزيز إلتقائية السياسات 185
المشاريع.
العمومية على المستوى الجهوي من خالل تبسيط إجراءات التدبير والحد من التكاليف
اإلدارية التي كانت تعترض أصحاب المشاريع مما كان يؤدي لضياع الفرص التنموية،
هذا عالوة على القدرة التواصلية الكبيرة التي تتمتع بها وكاالت تنفيذ المشاريع مع مختلف
الفاعلين مما يعزز األدوار التنسيقية التي تقوم بها والتي تسعى لتكثيف جهود مختلف
األنشطة على مستوى الجهة ،هذا فضال عن دورها اإلستباقي في إجراء دراسات لتحديد
-صدوقي محمد ،الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع :الرهانات واإلكراهات ،المجلة المغربية للقانون اإلداري 185
والعلوم اإلدارية ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،عدد مزدوج ،8109 ،3-8ص.10-11:
113
الخيارات اإلست ارتيجية للجهة ،ودعم الشركاء المعنيين مباشرة في تطويرها فضال عن
التنسيق مع الجهات الفاعلة لتحقيق خيارات التنمية الجهوية.
إن إعتماد الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع على مؤشرات النجاعة سيمكنها من وضع
أنظمة تحفيزية تمكن من تحقيق النجاعة والفعالية والمردودية الكبيرة على مستوى تنفيذها
للمشاريع ،من خالل إعمالها للمقاربة الحديثة للتدبير .إذ الشك أن إحداث الوكاالت
الجهوية لتنفيذ المشاريع على مستوى الجهات سيساهم المحالة في تكريس نموذج التدبير
العمومي الحديث ،ويعزز القدرات التدبيرية والتنفيذية للجماعات الترابية من خالل إرساء
مبادئ النجاعة والفعالية والمرونة ،وبالتالي تحقيق إلتقائية السياسات العمومية وضمان
تنفيذ البرامج والمشاريع التنموية على مستوى الجهة.
-أحمد الوحيدي ،سياسة التنمية اإلجتماعية لوكالة اإلنعاش و التنمية اإلقتصادية و اإلجتماعية لعماالت و 186
أقاليم شمال المغرب ،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم
القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،أكدال-الرباط،8118-8110 ،ص.13:
111
واإلستقالل المالي ،وهي مؤسسة ذات طابع غير تجاري وتضطلع بإختصاصات تنموية
. 187
متعددة داخل الحيز الجغرافي التابع لها حسب ما حدده المرسوم رقم 8.01.319
ويشمل مجال تدخل الوكالة ،جهتان من جهات المملكة ،هما جهة طنجة-تطوان ،وجهة
تازة-الحسيمة-تاونات .والمالحظ أن عمل الوكالة ال زال يخضع للتقسيم اإلداري السابق
للمملكة ،وعدم تحيين مجال تدخلها مع التقسيم اإلداري الجديد لسنة .8101
وتتحدد مهام الوكالة في تنمي ة أقاليم الشمال وتعزيز دينامية التنمية والترويج لهذه
األقاليم ،فضال عن تعزيز اإللتقائية فيما يتعلق بالمشاريع والبرامج اإلقتصادية واإلجتماعية
المخصصة ألقاليم الشمال ،وهكذا لعبت دور اإلتصال بين جميع الفاعلين العموميين
والخواص ،عبر الشراكة التي تشجع النهج التشاركي وإشراك الدوائر الحكومية والسلطات
188
المحلية والمستثمرين من القطاع الخاص وهيئات المجتمع المدني والمانحين األجانب.
وكالة تنمية أقاليم الجنوب -
تم إنشائها إثر تفاقم اإلختالالت الجهوية وضرورة التخفيف من مظاهر التخلف
والتهميش الذي كانت تعاني منه أقاليم الجنوب وذلك بفعل تراكمات نتيجة فشل السياسات
التنموية بهذه المناطق ،ونظ ار ألهمية الموقع اإلستراتيجي لمنطقة الجنوب جاء خطاب 6
مارس 8118ليعطي إنطالقة تنمية شاملة للمناطق الجنوبية وجعلها قطبا إستثماريا،
حيث أمر الملك محمد السادس بإحداث هذه الوكالة في إطار زيارته إلقليم العيون بتاريخ
81مارس .8118وتخضع الوكالة لنضام المؤسسة العمومية حيث تتمتع بالشخصية
المعنوية واإلستقالل المالي.
-الصادر في 06من ذي القعدة 81( 0130أكتوبر )8101بتغيير نطاق تدخل وكالة اإلنعاش والتنمية 187
االقتصادية واالجتماعية في عماالت وأقاليم الشمال بالمملكة الجريدة الرسمية عدد .1222
- 188محمد أصفريو ،برامج و سياسات مكافحة الفقر بالمغرب ( ،)8101-0916رسالة لنيل الماستر في القانون
العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ،أكدال -الرباط،8102-8109،
ص.008:
111
ولم يخرج نطاق عمل ومهام وكالة الجنوب عن مهام وكالة الشمال ،إذ أنيط بها
السعي للحصول على وسائل التمويل الالزمة لتنفيذ البرامج والمشاريع والمساهمة في هذا
التمويل ،عالوة على القيام بالنيابة عن الدولة والجماعات الترابية بتنفيذ البرامج واإلجراءات
اإلقتصادية واإلجتماعية المتكاملة المتصلة بالسياسات القطاعية من أجل تعزيز المناطق
المعنية وتنميتها اإلقتصادية واإلجتماعية.
إن المهام الموكولة لوكالة الجنوب ،تهم تعزيز التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية عبر
قطاعات السكن والتهيئة الحضرية وقرى الصيد والصناعة السمكية ،للرفع من القدرات
189
اإلقتصادية ألقاليم الجنوب.
وكالة تنمية أقاليم الشرق. -
وعلى غرار وكالة تنمية أقاليم الشمال ،ووكالة تنمية أقاليم الجنوب .تم إحداث وكالة
إنعاش وتنمية عماالت وأقاليم الجهة الشرقية في 01فبراير 8116كثالث مؤسسة ذات
خصوصيات تنموية مجالية جهوية بالمغرب ،وتخضع كمثيالتها ألسلوب المؤسسة
العمومية ،حيث تتمتع بالشخصية المعنوية واإلستقالل المالي .وتتمثل مهام الوكالة في
تقديم الدعم والمساعدة للجهات الفاعلة لتنفيذ البرامج التنموية في المنطقة الشرقية التي
تمثل 0066بالمائة من التراب الوطني وكذا األعمال المتعلقة بإنجاز السياسات القطاعية
190
الرامية لإلنعاش والتنمية اإلقتصادية واإلجتماعية.
ويؤدي إنشاء الوكالة إلى تحقيق الهدف المتمثل في وضع الجهة في عملية تسريع تنميتها
اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية والبشرية ،وتقديم إقتراحات بإحداث مناطق حرة ،ومواكبة
وتتبع تنفيذ البرامج اإلقتصادية واإلجتماعية المتكاملة وكذا جميع األعمال المتعلقة بإنجاز
السياسات القطاعية الرامية إلى اإلنعاش والتنمية اإلقتصادية واإلجتماعية للمنطقة
-الزروقي عدنان ،السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية، 189
111
المعنية ،عالوة على إعداد إستراتيجية مناسبة للتواصل ومتابعة تنفيذها بغية تحسين صورة
191
المنطقة وتعزيز جاذبيتها.
تناط بهذه الوكاالت التنموية الثالث ،دراسة وإقتراح برامج إقتصادية وإجتماعية
متكاملة مبنية على إستراتيجية عامة تهدف إلى تحقيق اإلنعاش اإلقتصادي واإلجتماعي
في المنطقة المعنية ،عالوة على البحث عن الوسائل التمويلية الالزمة لتنفيذ البرامج
والمشاريع ،كما تقوم لحساب الدولة بتتبع تنفيذ البرامج اإلقتصادية واإلجتماعية المتكاملة
واألعمال المتعلقة بتحقيق السياسات القطاعية لإلنعاش والتنمية اإلقتصادية واإلجتماعية
في المنطقة المعنية ،عالوة على إنعاش الشغل وتشجيع المبادرة الحرة ،ويجوز لهذه
الوكاالت أن تساهم لوحدها أو في إطار الشراكة ،وضمن حدود الوسائل المالية المتوفرة
لديها ،في تهيئة وتجهيز المناطق المعنية التي تدخل ضمن حيزها الترابي إما بطلب من
الحكومة أو من الجماعات الترابية وهيئاتها الداخلية في حدود النطاق الترابي لها
ولحسابها.
وفيما يتعلق بموقع وكاالت التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية من تحقيق إلتقائية
السياسات العمومية الترابية ،فعلى الرغم من إعتبارها مدعمة إللتقائية السياسات العمومية
ودعامة مؤسساتية هامة في فترة زمنية سابقة على إحداث الجهوية المتقدمة ،من خالل
تنفيذها للسياسات والبرامج والمشاريع على المستوى الترابي ،بمؤهالتها وخبراتها الطويلة
في هذا المجال ،وأطرها التي راكمت تجربة تشهد لها المشاريع التي قامت بها ،إال أنه
بإمكاننا أن نؤكد على أن تواجد هذه الوكاالت في الوقت الراهن ،والمهام التي تقوم بها
إلى جانب باقي الفاعلين الترابيين ،تطرح مجموعة كبيرة من األسئلة حول مدى جدواها
في تفعيل وتنفيذ السياسات العمومية على المستوى الترابي ،وما يمكن تسجيله هنا هو
كون هذه الوكاالت ،رغم أهمية األدوار التي تقوم بها ،إال أنها وعلى المستوى المؤسساتي
112
192
كرست لواقع التجزيئية الذي يميز السياسات العمومية في مقاربتها للمسألة الترابية،
وذلك من خالل إعتبارات عديدة نذكر من أهمها:
-أن هذه الوكاالت تغطي جزءا فقط من المجال الترابي الوطني ،صحيح أن لهذه
المناطق خصوصياتها الجغرافية والترابية التي إستلزمت تواجد هذه الوكاالت في
مرحلة كانت سابقة على تبني المغرب للجهوية المتقدمة ،لكن الواقع الحالي
يبرز أن هناك مناطق هي أيضا تمتاز بخصوصيات ترابية جد معقدة لكن ومع
ذلك ال تستفيد مثل مثيالتها من التواجد المؤسساتي لهذه الوكاالت ،مما يؤكد
فشل هذه المقاربة المؤسساتية في تحقيق التوازن والعدالة بين جميع مناطق
المملكة ،واألدهى من ذلك هو عدم وجود معنى لبقائها في ظل وجود مؤسسات
أخرى تعمل بالموازاة معها وتشترك معها في نفس الصالحيات والوظائف مما
قد يؤدي إلى التداخل في اإلختصاصات ،سواء مع الوكاالت الجهوية لتنفيذ
المشاريع أو مع الجماعات الترابية التي نجدها تتقاطع في اإلختصاصات مع
هذه الوكاالت ،193لذلك نرى أنه كان من األجدر على صانعي القرار السياسي
العمل على إلغاء هذه الوكاالت الثالث ،وإدماج خبراتها وميزانيتها المالية وأطرها
اإلدارية التي راكمت خبرة طويلة ،ووسائلها المادية واللوجستيكية لتستفيد منها
الوكاالت الجهوية لتنفيذ المشاريع من أجل دعم أفضل لدورها في تحقيق إلتقائية
السياسات العمومية الترابية.
-الزروقي عدنان ،السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة والجماعات الترابية، 192
الماستر في القانون العام ،ماستر القانون العام الداخلي وتنظيم الجماعات الترابية ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية
واإلجتماعية ،جامعة القاضي عياض ،مراكش ،السنة الدراسية ،8109-8106ص.92:
118
-أن هذه المؤسسات لم يتم إحداثها لتحل محل مؤسسات أخرى ،بل على العكس
من ذلك جاءت لتنضاف إلى العدد الكبير من المؤسسات التي تقوم بتدبير
المجاالت الترابية ،خاصة وأن المتأمل في النصوص القانونية المنظمة
إلختصاصاتها ومهامها ،البد وأن يالحظ أن المشرع لم يستطع أن يمكنها من
تموقع مؤسساتي واضح ،خاصة في عالقتها بالسلطات المحلية والمصالح
الالممركزة والجماعات الترابية ،الشيء الذي يزيد من تعقيد إتخاذ القرار ووضع
وتنفيذ السياسات العمومية على المستوى الترابي .كما أن هذه المؤسسات أحدثت
في مراحل تاريخية مختلفة ،وجاءت للجواب على أسئلة ترابية مختلفة عن التي
نعيشها اليوم في ظل رهان سياسة الالمركزية والالتمركز اإلداري.
118
الجماعة ومجموعاتها ومجموعة الجماعات الترابية بإستثناء الملك الخاص الجماعي ،كما
ال يجوز إحداثها أو حلها أو الزيادة في رأسمالها أو تخفيضه إال بتأشير من السلطة
194
الحكومية المكلفة بالداخلية.
إن من دواعي تأسيس شركات التنمية المحلية ،يتجلى في تنمية التعاون بين
الجماعات الترابية ،فبالرغم من كون هذه األخيرة بمقدورها التأسيس لمجموعة الجماعات
الترابية بمقتضى المادة 010من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات ،إال أنه من
الممكن أن تقوم بالتعاون ف ي إطار شركات للتنمية المحلية ،والتي تتخذ شكل شركة
مساهمة ،وهي بالتالي تستفيد مبدئيا من مرونة القانون التجاري مما يسمح للجماعات
الترابية تدبير الشأن العام الترابي بمنطق وآليات المقاولة الخاصة ،مما يجعلها آلية قانونية
لتنمية التعاون الالمركزي الداخلي بين الجماعات الترابية المنتمية للجهة ،ويمكنها من
إنجاز تجهيزات ومشاريع ذات فائدة مشتركة بين الجماعات التي يصعب عليها القيام
بذلك منفردة ،وبالتالي يمكن لنا أن نعتبرها في هذا اإلطار ،دعامة مؤسساتية لتحقيق
إلتقائية السياسات العمومية الترابية ،من خالل إتحاد وإلتقاء أكثر من جماعة ترابية في
مشاريع تنموية مشتركة ،مما يسمح بإستغالل الفرص التنموية وتثمين الجهود والطاقات.
وتجدر اإلشارة أيضا إلى أنه ال يوجد ما يمنع قانونا من أن تساهم جماعة ترابية أجنبية
في رأسمال شركات التنمية المحلية مما سيمكن الجماعات الترابية ومجموعاتها من إيجاد
تمويالت جديدة لمشاريع وبرامج التنمية الترابية ،واإلستفادة من خبرات وتجارب الجماعات
195
الترابية األجنبية.
- 194حيضرة عبد الكريم ،المختصر في التنظيم اإلداري المغربي ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء،8102 ،
ص.091-091 :
-كامل علي ،شركات التنمية المحلية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،ماستر القانون العام 195
الداخلي وتنظيم الجماعات الترابية ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة القاضي عياض ،مراكش،
السنة الدراسية ،8109-8102ص.81-09:
121
كما أنه من دواعي تأسيس شركات التنمية المحلية أيضا ،تعميق الشراكة مع باقي
الفاعلين في التنمية الترابية خاصة من القطاع الخاص ،في إطار الشراكة العمومية
الخاصة والتي تفيد جميع أشكال التعاون بين السلطات العمومية من جهة والمقاوالت
الخاصة من جهة أخرى ،فهي إستراتيجية عمل تتجسد قانونيا عبر مجموعة من اآلليات،
لعل من أهمها شركات التنمية المحلية بإعتبارها تمكن من تفعيل الشراكة العمومية الخاصة
196
على المستوى الترابي.
إن اللجوء إلى الشراكة بين القطاع العام والخاص في إطار شركات التنمية المحلية،
راجع باألساس لمجموعة من المتغيرات ،فتوسيع ميكانيزمات الممارسة الديمقراطية على
المستوى الترابي باتت تستلزم إيجاد منطلق جديد للتنمية الترابية قائم على أساس الشراكة
مع المقاولة الخاصة ،ال على التدبير اإلنفرادي األحادي الذي يعرقل التنمية الترابية،197
ويؤدي لتضييع الجهد والوقت والمال في دراسات وبرامج ومشاريع يصعب تنفيذها بإعتماد
المقاربة اإلنفرادية األحادية للجماعات الترابية ،بل األمر يستلزم من أجل ضمان اإللتقائية
في التدخ الت ،ومن أجل اإلستجابة لمطالب الساكنة وتنفيذ البرامج والمخططات ،وحل
المشاكل العمومية الترابية ،إعتماد نمط شركات التنمية المحلية ،خاصة بعد الصعوبات
التي إعترضت تجربة التدبير المفوض التي شابتها أعطاب وإختالالت تدبيرية عديدة،
مما يجعلنا نعتبر شركات التنمية المحلية نموذجا بديال للتدبير العمومي الترابي القائم
على الشراكة بين الجماعات الترابية والقطاع الخاص ،فبإعتماد هذا األسلوب يمكن تسيير
العديد من المرافق وإنجاز العديد من المشاريع عبر اإلستفادة من تمويل خاص للمشاريع
التنموية.
-اليعكوبي محمد'' ،مفهوم الشراكة'' ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،العدد ،018يناير-فبراير 196
،8108ص.16:
-عدنان رشيد'' ،الشراكة العمومية الخاصة ،براديغم جديد للحكامة التشاركية'' ،سلسلة الالمركزية واإلدارة 197
121
إشترط في الشريك الخاص أن يكون شخصا 198
وتجدر اإلشارة هنا أن المشرع المغربي
معنويا ،خالفا للمشرع الفرنسي الذي لم يحدد الطبيعة القانونية للشريك الخاص ،وبالتالي
فالمشرع الفرنسي أخد بالمفهوم الواسع ليشمل األشخاص الطبيعية أيضا ،199لذلك نرى
أنه من الالزم على المشرع المغربي األخذ بهذا التوجه من أجل تدعيم هذه اآللية
المؤسساتية ،من أجل إستهداف القطاع الخاص والمستثمرين الخواص من األشخاص
الطبيعيين للمساهمة في التنمية الترابية ،عبر شركات التنمية المحلية لإلستفادة من خبرات
المستثمرين الخواص وتدبيرهم المقاوالتي ،من أجل التنزيل السليم والفعال للسياسات
العمومي ة الترابية وتحقيق اإللتقائية بين البرامج التنموية والمشاريع المبرمجة في برامج
عمل الجماعة ،مع األهداف المرجوة منها ،دون إهدار للفرص التنموية وإستنزاف ميزانية
الجماعات التي تعاني من قلة الموارد المالية المعرقلة للتنمية الترابية ،مما سيمكن
الجماعات الترابية من تأكيد إختياراتها والقيام بمشاريع تنموية تفوق أهميتها إمكاناتها
المالية والتقنية ،إذ مهما كان التدبير محكما للجماعة الترابية فإنه في ظل غياب شركاء
أقوياء على المستوى المالي ،ال يمكنها بلورة تنمية ترابية متينة ومستدامة.
وفيما يتعلق بقواعد تأسيس شركات التنمية المحلية ،فتجدر اإلشارة إلى أن تأسيسها
يخضع لقواعد القانون الخاص المرتبطة بتأسيس شركة المساهمة ،كما أنها أيضا تخضع
لقواعد القانون العام وذلك رغبة من المشرع في ضمان تحكم أفضل للجماعات الترابية
ومجموعاتها في هذا النمط من الشركات.
-فيما يتعلق بقواعد التأسيس المستمدة من القطاع الخاص :فمبدئيا يخضع إحداث
وبالتالي فهي 200
''شركات التنمية المحلية'' لقواعد قانون شركات المساهمة
-سالمي يونس'' ،الشراكة قطاع عام ،قطاع خاص ،التوجه المغربي في ضوء التجارب المقارنة'' ،السلسلة 199
المغربية لبحوث اإلدارة واإلقتصاد والمال ،مطبعة طوب بريس ،الرباط ،العدد ،8100 ،1ص.09 :
-القانون 09.91المتعلق بشركات المساهمة ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 0.96.081بتاريخ 01ربيع 200
122
تخضع إلجراءات نصت عليها المادة 09من هذا القانون ،ويتعلق األمر بالتوقيع
على النظام األساسي من طرف جميع المساهمين ،كما يتم تحرير كل سهم
نق دي بربع قيمته اإلسمية على األقل ،وتحويل الحصص العينية بعد تقييمها،
والقيام بإجراءات الشهر المنصوص عليها في المادة 31من هذا القانون .لكن
اإلشكال الممكن تسجيله ،يتعلق بإشكالية الحد األدنى من المساهمين إذ أن
قانون شركات المساهمة قد حدد ذلك في خمسة مساهمين على األقل في حين
أن تأسيس شركات التنمية المحلية يكون في الواقع بين جماعة ترابية وشركة
خاصة ،لذلك يستلزم األمر إقحام ثالث مساهمين إضافيين لتكملة العدد،201
لذلك وحسب رأينا ،كان األجدر على المشرع إيجاد قواعد خاصة بشركات التنمية
المحلية تستثنيها من هذا الشرط المعمول به في شركات المساهمة ،وبالتالي
أصبح من المفروض إصدار قانون خاص متعلق بشركات التنمية المحلية ،سي ار
على النهج الذي إتبعه المشرع الفرنسي الذي أصدر قانون منظم للشركات
العمومية المحلية وجعل الحد األدنى في مساهمين شريكين فقط.
كما يخضع تأسيس شركات التنمية المحلية لحرية التعاقد في إطار ميثاق
المساهمين المقتبس من أساليب القطاع الخاص إذ يعمد كل مساهم على ضمان
مصالحه الخاصة داخل الشركة باإلعتماد على الحرية التعاقدية ،والذي يعتبر
عقدا مبرما بين الجماعة الترابية وشركائها من المساهمين ،وتتجلى وظيفته
األساسية في ضمان نوع من االستقرار داخل الشركة على مستوى توزيع الرأسمال
والسلط بين المساهمين ،وبالتالي فالجماعة الترابية من خالل الميثاق تستفيد من
مجموعة من البنود التي تسهل عليها الهيمنة على شركة التنمية المحلية فيما
يتعلق بالتسيير والرأسمال بهدف توجيه ق ارراتها نحو خدمة الصالح العام.
123
-فيما يتعلق بقواعد التأسيس المستمدة من القانون العام :إن هاجس التحكم في
شركات التنمية المحلية إقتضى إيجاد قواعد خاصة لتأسيسها مستمدة من القانون
التنظيمي المتعلق بالجماعات ،والتي تشكل إستثناء من المقتضيات العامة لقانون
شركات المساهمة ،إذ يقتضي تأسيس شركات التنمية المحلية مداولة قبلية
للمجلس التداولي للجماعة الترابية أو مجموعاتها من أجل البت في شأن إحداثها،
فالجماعات الترابية أصبح بإمكانها إنشاء وإحداث شركات التنمية المحلية بمبادرة
منها عكس ما كان عليه األمر في إطار شركات االقتصاد المختلط ،202حيث
كانت صالحية الجماعة ال تتعدى المساهمة في المقاوالت ذات االقتصاد
المختلط .كما يجب التأكيد أيضا أن تأسيس شركات التنمية المحلية يرتبط أساسا
بظهور الحاجة لمرفق عام محلي ،وبالتالي يجب على المجالس المنتخبة التقرير
بموضوعية في م ا إذا كان هناك وجود فعلي لهذه الحاجة المرفقية ،وفق منهج
تشاركي وذلك بالتشاور مع الفاعلين المحليين.
كما يجب أن تستند الجماعات الترابية في إحداث شركات التنمية المحلية
على الواقعية االقتصادية القائمة على خطة عمل قبلية تراعى فيها المعايير
االقتصادية ،ألن هاجس تحقيق الربح يجب أن يكون حاض ار في هذا الصنف
من الشركات بحكم تواجد مساهمين من القطاع الخاص ،لكن في إطار التوازن
بين المصلحة العامة وغاية تحقيق الربح ،إذ ال يجب اإلقتصار على هذه األخيرة
فقط ألن ذلك يتنافى مع وظيفة الجماعات الترابية كشخص عمومي يهدف
203
لتحقيق التنمية في أبعادها المختلفة.
-الشاوي عبد الغني'' ،دور المجلس الجماعي في التنمية االقتصادية واإلجتماعية من خالل المادة 36من 202
مشروع قانون ،''09.12المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،العدد ،21-21يناير أبريل ،8119ص.021:
-أجعون أحمد'' ،شركات التنمية المحلية'' ،المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية ،العدد،8102 ،1 203
ص018:
121
فيما يتعلق برأسمال الشركة ،فقد أكد القانون التنظيمي للجماعات على أنه ال -
يجب أن تقل مساهمة الجماعة الترابية أو مجموعاتها في رأسمال الشركة عن
نسبة 31بالمائة على أن يكون في جميع األحوال أغلبية رأسمال الشركة في
ملك أشخاص معنوية خاضعة للقانون العام ،وهذا ما قد يفرغ الشركة من محتواها
ومن طابعها المحلي ،إذ أن الشخص المعنوي العام سيكون مساهما بنسبة 66
بالمائة ،وبالرجوع إلى التجربة الفرنسية نستنتج أن المشرع الفرنسي كان أكثر
دقة وحكمة ،بدليل أنه إشترط أن يكون أغلبية رأسمال الشركة في ملك الجماعات
الترابية أو مجموعات ها الشيء الذي يسمح لهذه األخيرة بالتحكم في الشركة
لكننا نرى أن المشرع المغربي ربما بتحديده لنسبة 31 204
وتوجيهها ومراقبتها،
بالمائة قد حاول التوفيق بين محدودية الموارد المالية للجماعات الترابية وضرورة
إحداث أو المساهمة في رأسمال شركات التنمية المحلية تحقيقا للتنمية الترابية.
الفقرة الثانية :دور شركات التنمية المحلية في تحقيق الإلتقائية.
تعتبر شركات التنمية المحلية من أهم الميكانيزمات التي تعتمد عليها الجماعات
الترابية في تنمية إستثماراتها وتدخالتها االقتصادية ،من خالل إشراك الرساميل الخاصة
في التنمية الترابية وإنجاز المشاريع التنموية التي تتطلب رساميل ضخمة يصعب على
الجماعة توفيرها بمفردها ،هذا فضال عن مساهمتها في خلق الثروة وتنشيط االقتصاد
وإحداث مناصب الشغل والتأثير في السياسات اإلجتماعية على المستوى الترابي ،وبالتالي
فهي وسيلة لتنزيل السياسات العمومية الترابية ،ودعامة هامة لضمان إلتقائيتها
وإندماجيتها ،إذ أن إحداثها يمكن الجماعات الترابية من إستغالل الفرص التنموية والحيلولة
دون إستنزاف الميزانية الجماعية في مقابل تدعيم مواردها المالية والتوجه نحو عصرنة
- 204شويكر سعيدة ،الشراكة المؤسساتية ورهان التنمية ،نموذج شركات التنمية المحلية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر
في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة عبد المالك السعدي ،طنجة ،السنة الجامعية
،8100-8101ص.91 :
121
التدبير العمومي الترابي في إطار الجماعة المقاوالتية ،وبناء عليه ،سنحاول إبراز دور
شركات التنمية المحلية في تدعيم إلتقائية السياسات العمومية من خالل النقطتين التاليتين:
أوال :على مستوى تدعيمها للموارد المالية للجماعات الترابية.
إن نجاح الالمركزية ال يتوقف فقط على حجم اإلختصاصات الممنوحة للجماعات
الترابية والمسؤولية التي أنيطت بها ،بل يتوقف على نطاق الوسائل المادية المرصودة
لها ،على إعتبار الموارد المالية والتقنية والبشرية تعد ركيزة أساسية لنجاح مسلسل
الالمركزية وفي نفس الوقت دعامة أساسية للتنزيل السليم وإللتقائية السياسات العمومية
الترابية ،إذ يشكل الجانب المالي أحد أسس اإلدارة الترابية إلقترانه باألهداف السياسية
واإلقتصادية واإلجتماعية ،وبالتالي فتوفر الجماعات الترابية على موارد ذاتية مهمة يشكل
دعامة أساسية لتحقيق التنمية الترابية والرفع من تنافسيتها االقتصادية 205،لكن ولألسف،
تعرف الجماعات الترابية عدة عوائق تتعلق بالموارد الذاتية والناتجة عن قصور النظام
الجبائي ومحدودية النصوص القانونية والموضوعية التي تقلص من إمكانية لجوئها إلى
المصادر الخارجية للتمويل مما يعرقل مطمح تحقيق اإللتقائية بين البرامج والمشاريع،
وبين إمكانية تنفيذها والحيلولة دون تعثرها.
وللتخفيف من حدة هذا الوضع تساهم شركات التنمية المحلية من خالل اإلستثمارات
العامة التي تضخها على مستوى الجماعات في إستعادة الجماعات الترابية لحركيتها
وحيويتها ،وفي بلورتها وتنفيذها لبرامجها ومشاريعها ،من خالل اإلمكانيات التمويلية
المهمة التي يتوفر عليها القطاع الخاص ،وبالتالي فإحداث مثل هذه الشركات على
مستوى الجماعات الترابية يسمح بإنشاء ومواصلة التنمية واإلستجابة لمطالب المواطنين
وتعزيز المرافق والخدمات العمومية التي يصعب تمويلها من طرف الميزانيات
الجماعية 206،فهي تحقق األهداف التي تمت برمجتها في برامج عمل الجماعات وبالتالي
-حيمود محمد ،مالية الجماعات الترابية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى،8109 ، 205
ص.13-18 :
-كامل علي ،شركات التنمية المحلية ،مرجع سابق ،ص.90 : 206
121
ضمان تحقيق إلتقائية البرامج والمخططات مع المطالب والمشاكل العمومية ،وذلك عبر
تمويلها وأجرأتها للبدائل المطروحة من قبل الجماعات والتي تصب في مرمى تحقيق
التنمية الترابية في أبعادها المختلفة ،وبالتالي فشركات التنمية المحلية تساهم في تدعيم
الميزانية المحلية بما تدره هذه الشركات من أرباح تساعد على الرقي بالجماعات الترابية
من وحدا ت إدارية إلى أحد المساهمين المباشرين في خلق الثروة وتنمية الموارد المالية.
إن التدبير بواسطة شركات التنمية المحلية حسب وجهة نظرنا ،ال يقف عند هذا
الحد المتعلق بالفوائد والمزايا المالية ،بل يتعداه إلى تحقيق مزايا إقتصادية وإجتماعية
نتيجة ما يخلفه هذا التدبير من جو للمنافسة الذي ينعكس إيجابا على الميدان اإلجتماعي
من خالل تقليص األزمة االجتماعية المرتبطة بالبطالة من خالل عمل هذه الشركات
عالوة على دورها في تحسين 207
على توفير فرص عمل تتالءم ومختلف المستويات،
الشروط اإلجتماعية على المستوى الترابي والتخفيف من العبئ المالي للجماعات الترابية،
وتحرير طاقاتها وتوجيهها نحو خلق األنشطة المدرة للدخل للحد من الهشاشة اإلقتصادية
واإلجتماعية ،هذا فضال عن إكتساب الموارد البشرية للجماعات الترابية الخبرة المالية
والفنية والتدبيرية التي تقدمها شركات التنمية المحلية ،مما يؤدي للرفع من مستوى التسيير
والتدبير المؤسساتي ويجعلها قادرة على إعداد برامج تنموية ومشاريع إقتصادية وإجتماعية
معقلنة وناجعة وقادرة على اإلستجابة لحاجيات ومتطلبات الجماعة ،وبالتالي فشركات
التنمية المحلية تلعب دور حلقة الوصل والربط ،ونقطة تقاطع بين المزايا التمويلية
والتدبيرية والتخطيط والتنفيذ والرفع من كفاءة النخب السياسية واإلدارية على مستوى
الجماعات ،وهي المقومات المطلوبة للجماعات الترابية لتحقيق إلتقائية السياسات
العمومية على المستوى الترابي.
-شويكر سعيدة ،الشراكة المؤسساتية ورهان التنمية ،نموذج شركات التنمية المحلية ،مرجع سابق ،ص: 207
.002
122
ثانيا :على مستوى عصرنة التدبير العمومي الترابي.
لقد أصبحت الجماعات الترابية مطالبة بتحقيق التنمية وتدعيم اإلقتصاد الترابي
لمواجهة اإل كراهات التي تقف في طريقها ،بفعل تزايد المطالب الشعبية يوما بعد يوم ،مما
يفرض عليها السعي لتجديد طرق تدبيرها واإلعتماد على تقنيات وأساليب جديدة أثبتت
الممارسة نجاعتها في تدبير القطاع الخاص ،وبالتالي السعي نحو خلق الشروط الضرورية
إلعادة تأهيل الجماعات الت اربية وإخضاعها آلليات المقاولة أو ما يطلق عليه التدبير
العمومي المقاوالتي ،القائم على تبني األساليب اإلدارية الحديثة التي سادت في القطاع
الخاص والتي شكلت بالنسبة لهذا األخير نقطة تحول كبيرة نحو اإلزدهار والتقدم ،وحققت
208
بفعله تطورات مهمة على المستوى الكمي والكيفي.
وتتعدد التجارب الدولية التي تبنت التدبير العمومي الجديد كدعامة لتطوير اإلدارة
الالمركزية ،إذ نجد تركيا ونيوزيالندا من الدول التي نجحت في تطبيقه مما ساعدها في
تحقيق المردودية والفعالية في تنزيل السياسات العامة والرفع من قدرة القائمين على الشأن
العام الالمركزي بفعل اإلستفادة من التراكم التدبيري والتسييري الذي تم إقتباسه من القطاع
209
الخاص
إن تحقيق وظيفة التنمية االقتصادية تبقى رهينة بتحديث آليات التدبير العمومي،
وجعلها منسجمة مع تلك المتواجدة بمقاوالت القطاع الخاص ،وبالتالي التوجه نحو نهج
التدبير العمومي المقاوالتي ،الذي يتأسس على معايير فعالية األنشطة واإلعتماد باألسبقية
على النتائج بدل الوسائل ،وعلى منطق الفعالية والمرونة ،والتحفيز على اإلنجاز والفعل
العمومي ،واإلعتماد على مراقبة النتائج المحققة مقارنة باألهداف المسطرة ،بدل اإلعتماد
208
- NOUSRIA Mohamed, les contraintes et les limites de la gestion des affaires
communals au maroc: constance et évaluation, Mémoire de fin d'études du angles
supérieur au gestion administratives, école nationale d'administration, Rabat,2012,
page 194.
-م حمد عبد الرحيم'' ،اإلدارة العامة الجديدة'' ،مقال منشور بالمجلة اإللكترونية لإلدارة والتنمية 209
128
على مراقبة إحت ارم القواعد ،لكن مع إختالف جوهري يكمن في كون الجماعة المقاولة
مطالبة بتحقيق النفع العام وتحقيق التنمية الترابية دون السعي لتحقيق الربح كمطمح
210
أساسي عكس المقاوالت في إطار القانون الخاص التي تبحث عن تحقيق الربح.
وبالتالي فهو ينطوي على مجموعة من المفاهيم التي يمكن أن تلعب دو ار هاما في عقلنة
التدبير اإلداري ،ودعم إلتقائية السياسات العمومية الترابية ،بالرغم من المصاعب التي قد
يثيرها تطبيق التدبير العمومي الحديث بتقنياته وآلياته التي جاء بها من المنظمات الخاصة
،إال أن هذا األسلوب يبقى األكثر نجاعة ،نظ ار لكونه ينصب مباشرة على تحقيق
األهداف المرسومة وترجمة المخططات والبرامج إلى سياسات فعلية قابلة للتنفيذ.
إن عصرنة التدبير العمومي والتوجه نحو نهج التدبير المقاوالتي من خالل شركات
التنمية المحلية ،يجعل هذه األخيرة تعمل على إيجاد مناهج حديثة في مجال التدبير
وتطبيقها بالجماعات ،وذلك ما يساهم حسب تصورنا في إستفادة النخب السياسية واإلدارية
بالجماعات من أساليب وتقنيات التدبير المقاوالتي التي يعتمدها الخواص ،والعمل على
تكييفها مع خصوصيات الجماعة بغية تدبير مرافقها والمصالح التابعة لها ،مما يؤدي
إلى الرفع من مستوى أدائها وتكريس التدبير المقاوالتي بالمجالس الترابية ،الذي يساهم
في عقلنة وحكامة التخطيط الترابي كما يؤدي إلى إعتماد المناهج التشاركية والتشاورية
والتنسيقية ،في عملية إتخاذ القرار العمومي ،وإتباع أساليب حديثة في قياس نجاعة
السياسات العمومية واآلثار المباشرة وغير المباشرة التي أحدثتها مما يشكل دعامة أساسية
لتحقيق مطمح إلتقائية السياسات العمومية الترابية ،ألن التدبير العمومي المقاوالتي يسمح
بإستغالل الفرص التنموية وترشيد النفقات وتجويد التدخالت العمومية والتشخيص الدقيق
للمشاكل العمومية ،والعمل على حسن إختيار البديل األنسب من بين البدائل المطروحة
لتحقيق النجاعة والفعالية في التدخل العمومي الترابي.
-عقلة عبد الحق ،دراسة في علم التدبير ،الجزء الثاني ،مطبعة دار القلم ،الرباط ،8119 ،ص.10 : 210
128
المطلب الثاني :المراكز الجهوية ل إالستثمار وتحقيق اإلتقائية الس ياسات الإستثمارية على
المس توى الجهوي.
نظ ار لألهمية التي بات يحتلها مجال اإلستثمار سارعت دول العالم بما فيها المغرب
إلى إدخال إصالحات قانونية ومؤسساتية تروم اإلسراع بإتخاذ التدابير الالزمة إلنعاش
211
اإلستثمارات وتوفير مناخ مناسب للمنافسة والمبادرة الحرة.
ومن بين هذه المؤسسات نجد المراكز الجهوية لإلستثمار التي أحدثها المغرب تفعيال
للتوجيهات الملكية المتضمنة في الرسالة الملكية الموجهة إلى الوزير األول حول التدبير
من أجل تشجيعه وتكريس جهوية السياسات العمومية 212
الالمتمركز لإلستثمار،
اإلستثمارية.
وإذا كان إحداث المراكز الجهوية لإلستثمار قد أدى إلى تحوالت هيكلية لإلطار
المؤسساتي لإلستثمار الجهوي ،إال أنه قد يكاد مختلف الفاعلين والمهتمين بالشأن الترابي
يجمعون على كون هذه المراكز كانت تعتريها إشكاالت متعددة أثرت سلبا على أداء
وظائفها وعلى مكانتها في تحقيق إلتقائية السياسات اإلستثمارية على المستوى الجهوي
بفعل مجموعة من اإلختالالت التي تم تشخيصها قبل اإلصالح األخير( الفرع األول)،
مما بات يشكل مطلبا ملحا لضرورة اإلصالح تم تتويجه بصدور القانون 19.02
213المتعلق بإصالح المراكز الجهوية لإلستثمار والذي جاء بإصالحات جوهرية عززت
من مكانة هذه المراكز وشكلت دعامة أساسية لتحقيق مطمح اإللتقائية على مستوى
-الغازي خالد '' ،التدبير الالمتمركز لإلستثمار والمفهوم الجديد للسلطة'' ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية 211
131
المتدخلين في الشأن اإلستثماري ،إال أنه ومع ذلك تم تسجيل بعض النواقص التي نطمح
لتجاوزها لتحقيق إصالح حقيقي يدعم رهان اإللتقائية(الفرع الثاني).
يتعلق األمر بتقرير المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي والبيئي حول المراكز الجهوية لإلستثمار سنة ،8106 214
131
فإن المراكز الجهوية لإلستثمار كانت تعاني من إختالالت تنظيمية وأخرى تدبيرية تحد
من فعاليتها ومن تكريسها لإللتقائية على مستوى السياسات اإلستثمارية.
أوال :اإلختالالت التنظيمية
إن أهم ما يمكن مالحظته عند دراسة أداء المراكز الجهوية لإلستثمار ،هو عجزها
عن تطوير نفسها في ظل إستم اررية حضور البعد المركزي في بلورة وتوجيه القرار
اإلستثماري على المستوى الترابي ،وذلك راجع إلى حجم المهام والصالحيات التي كانت
مخولة للوالة إلتخاذ الق اررات الالزمة إلنجاز المشاريع واإلستثمارات وإصدار ق اررات متعلقة
بالترخيص وإبرام العقود بإسم الدولة ،مما شكل تحوال وإنتقاال من بيروقراطية المركز إلى
بفعل السلطات الكبيرة التي فوضت للوالي في مجال اإلستثمار، 216
بيروقراطية المحيط،
مما طرح عالمة إستفهام كبيرة عن دور مدير المركز الجهوي لإلستثمار والذي نجده
يقتصر على تسهيل عملية اإلستثمار وحل المشاكل العالقة ،دون أي صالحيات تقريرية،
إذ أن جوهر العمل والمصادقة الفعلية على المشاريع كانت بيد مؤسسة الوالي ،علما أن
العمل األهم في مجال اإلستثمار هو العمل التقريري المتمثل في المصادقة على المشاريع
القابلة لتحقيق التنمية الجهوية ،مما يفيد إرتباط المراكز الجهوية لإلستثمار بو ازرة الداخلية
عبر مؤسسة الوالي ،التي تعاملت مع هذه المراكز بمنهجية الحنين إلى الماضي السلطوي
بعيدا عن الفهم الصحيح للمفهوم الجديد للسلطة ودولة المؤسسات.217
إن هذه المعيقات التنظيمية كانت تقف في وجه أداء المراكز الجهوية لإلستثمار ،إذ
أن السلطات الحقيقية التي كان من الواجب إسنادها لمدراء هذه المراكز كانت بيد مؤسسة
الوالي المتحكم في القرار الترابي في مجال اإلستثمار ،مما كان يطرح إشكاال عميقا حول
مدى قدرة اللجنة المكلفة بدراسة المشاريع التي يرأسها مدير المركز من إتخاذ القرار
اإلستثماري في إطار التشاور والتنسيق بين األطراف المتدخلة على المستوى الترابي ،في
-زعنون عبد الرفيع ،تدبير التنمية الترابية بالمغرب ،مرجع سابق ،ص.016. 216
-نازي سعيد'' ،الوالي في إطار الجهوية المتقدمة'' ،مجلة العلوم القانونية ،سلسلة البحث االكاديمي ،الطبعة 217
132
ظل هيمنة و ازرة الداخلية على المجال اإلستثماري الترابي في شخص الوالي ،وبالتالي
إستحالة الحديث عن إلتقائية السياسات اإلستثمارية في ظل تنازع السلط بدل تبني منهجية
218
تدافع السلط.
إن ما يمكن مالحظته من خالل تقارير المجلس األعلى للحسابات منذ سنة 8119
إلى غاية سنة 8109يفيد رصد العديد من اإلختالالت التنظيمية التي تعتري المراكز
إذ جاء في تقرير المجلس األعلى للحسابات حول تقييم أداء 219
الجهوية لإلستثمار،
المراكز الجهوية لإلستثمار لسنة ،8109أن هذه المراكز على الرغم من النتائج التي
حققتها فيما يتعلق بإحداث المقاوالت إال أنها لم ترقى إلى المستوى المطلوب فيما يتعلق
بالتتبع ومواكبة ومساعدة المستثمرين مما يقتضي بالضرورة تخلي المراكز الجهوية
لإلستثمار عن المقاربة البيروقراطية التي طبعت عملها واإلهتمام بمعالجة الملفات
المعروضة عليها محليا ،بدل إحالتها بطريقة غير مبررة على المصالح المركزية بالرباط،
كما رصد التقرير أيضا إفتقار المراكز الجهوية لإلستثمار لإلمكانيات المالية والبشرية
الالزمة للقيام بالمهام المنوطة بها .كما رصد تقرير المجلس األعلى للحسابات 220أيضا،
محدودية التمثيليات اإلدارية على مستوى الشباك الوحيد التابع للمراكز الجهوية لإلستثمار،
إذ خلص التقرير إلى كون إدارة الضرائب ممثلة فقط في 9مراكز ،والصندوق الوطني
للضمان اإلجتماعي في 6مراكز ،وبالتالي وفي حالة عدم وجود أي تمثيلية ،فإن المركز
الجهوي لإلستثمار يقوم بنفسه بهذه المهام عن طريق التنقل اليومي لهذه اإلدارات مما
-شاهدي احمد شوقي ،المراكز الجهوية لإلستثمار بالمغرب ،مكامن الخلل ومداخل اإلصالح ،رسالة لنيل 218
دبلوم الماستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية-أكدال ،جامعة محمد الخامس،
الرباط ،السنة الدراسية ،8181-8109ص.016:
-خالصات تقرير المجلس االعلى للحسابات حول تقييم أداء المراكز الجهوية لإلستثمار المقدم من طرف 219
الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات بين يدي الملك يوم االثنين 11دجنبر 7790بالقصر الملكي بالرباط،
منشور بالموقع الرسمي للمجلس األعلى للحسابات.http://www.courdescomptes.ma ،
-220التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات لسنة ،8101ص 093:منشور بالموقع الرسمي للمجلس األعلى
للحساباتhttp://www.courdescomptes.ma ،
133
يشكل عرقلة للعمل اإلداري ،كما أن هذه التمثيليات اإلدارية وإن وجدت على مستوى
الشباك الوحيد فتكون مضطرة للرجوع الدائم إلى اإلدارات المركزية التابعة لها ألخذ القرار
النهائي ،وهذا ما شكل عرقلة حقيقية لتحقيق اإللتقائية ومعالجة الملفات المتعلقة
باإلستثمار على مستوى الجهة بكل حرية وسلطة تقريرية فعالة.
أيضا ،إلى محدودية دور مديرية 221
لقد أشار تقرير المجلس األعلى للحسابات
تنسيق الشؤون اإلقتصادية في توجيه أنشطة المراكز الجهوية لإلستثمار ،إذ أن عدم
إضفاء الطابع الرسمي على هاته العالقة ،جعل األمر غير قادر ألن يتطور لدرجة تسمح
بمساهمة هذه المديرية في عملية البرمجة اإلستراتيجية ،بل إنحصر دورها فقط في مرحلة
المتابعة الروتينية مما شكل قصو ار في أوجه التعاون بينها وبين المراكز الجهوية
لإلستثمار.
إن هذه المعيقات التنظيمية أثرت بشكل مباشر على أداء المراكز الجهوية لإلستثمار،
التي لم تكن تمتلك سلطات تقريرية في مجال خلق المقاوالت ،مما شكل إعاقة حقيقية
لإلستثمار بفعل بطئ عملية إتخاذ القرار ،عالوة على التراخي في عملية التتبع
مما جعل المقاوالت تواجه الكثير من الصعوبات لينتهي بها األمر إلى 222
والمصاحبة،
اإلغالق ،وبالتالي ضياع الفرص التنموية على مستوى الجهة وإهدار الجهد والوقت والمال
في مشاريع متعثرة في نهاية المطاف بفعل إنعدام اإللتقائية وتحكم المركز في السياسات
العمومية اإلستثمارية على المستوى الجهوي.
ثانيا :اإلختالالت التدبيرية.
إن أول ما يالحظ في تدبير المراكز الجهوية لإلستثمار هو غياب إستراتيجية مشتركة
تجمع هذه المراكز ،حيث لم يتم وضع أي إستراتيجية مشتركة منذ إنشائها سنة 8118
قصد تحديد األهداف الموكولة لها ،والتشاور والتعاون والتنسيق فيما بينها ،مما أعاق
-تقرير المجلس األعلى للحسابات حول تقييم أداء المراكز الجهوية لإلستثمار لسنة ،8109ص،039 : 221
131
حسن سير هذه المرافق وحال دون إيجاد حلول للعقبات التي تواجهها خاصة فيما يتعلق
بالشباك الوحيد إلنشاء المقاوالت ،ومصاحبة اإلستثمارات وتتبعها ،وتحديد وضعيتها
القانونية وكذا ضبط الموارد البشرية والمالية المرصودة لها ،وبالتالي إنعدام رؤية واضحة
لديها في إنسجام مع مخططات التنمية الجهوية ،إذ كان من الالزم تنزيل اإلستراتيجية
الوطنية لهذه المراكز ،إلى إستراتيجيات جهوية محددة لكل مركز جهوي تأخذ بعين
اإلعتبار اإللتقاء واإلنسجام مع التصاميم والمخططات الجهوية من أجل تجاوز العوائق
223
المحدقة بها.
كما أن من بين العوائق واإلختالالت التدبيرية التي شابت المراكز الجهوية
لإلستثمار ،نجد غياب مؤشرات واضحة لقياس األداء 224،وذلك نظ ار لكون التقييم المالئم
والسليم إلنجازات هذه المراكز ال يمكن أن يتأتى إال من خالل مجموعة من الشروط
تتمثل في وضع مؤشرات النتائج التي تسمح بقياس النتائج المحصل عليها بالنظر إلى
األهداف المسطرة ،وتحديد أهداف واضحة بالموازاة مع الموارد المالية والبشرية والتنظيمية
الضرورية لتحقيقها.
بناء على ما سبق ،كان من الضروري العمل على الرفع من أداء المراكز الجهوية
لإلستثمار إذا كنا نطمح بالفعل لتحقيق إلتقائية السياسات اإلستثمارية على المستوى
الجهوي ،واإلنتقال من الدور الكالسيكي اإلداري والتدبيري ،واإلقتصار على تسيير األمور
اليومية الروتينية وإنتظار التعليمات التي تكون معرقلة أحيانا لخلق الفرص اإلستثمارية،
وعدم إمكانية إتخاذ القرار لمعالجة الملفات المتعلقة باإلستثمار.
باإلضافة إلى ماسبق ،تعاني المراكز الجهوية لإلستثمار من مشكل صعوبة التواصل
خاصة بين اإلدارات الشريكة حيث رصد المجلس األعلى للحسابات في تقريره حول تقييم
المراكز الجهوية لإلستثمار سنة 8109المرفوع إلى الملك غياب الربط المعلوماتي بين
-شاهدي احمد شوقي ،المراكز الجهوية لإلستثمار بالمغرب ،مكامن الخلل ومداخل اإلصالح ،مرجع سابق، 223
ص.000:
-التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات لسنة ،8101ص98: 224
131
المراكز الجهوية لإلستثمار وبين الشركاء ،إذ خلص التقرير أنه بإستثناء المكتب المغربي
للملكية الصناعية والتجارية ،فإن النظام المعلوماتي للمراكز الجهوية لإلستثمار غير
متصل بباقي الشركاء مما يصعب عملية التواصل والولوج إلى البيانات والمعلومات
وبالتالي البطئ في دراسة الملفات التي تتطلب السرعة والفعالية في معالجتها ،بل ما هو
أخطر يتجلى في كون المراكز الجهوية لإلستثمار في ظل إنعدام الولوجية المعلوماتية
فهي ال تتوفر على المعطيات اإلقتصادية على المستوى الجهوي وبالتالي فهذا األمر
سيصعب كثي ار من عملها ،وقد يجعل تشخيصها للواقع اإلستثماري الجهوي يشوبه النقص
والغموض .كما أشار التقرير أيضا إلى غياب مساطر موحدة ومضبوطة لتقييم ملفات
اإلستثمار ،حيث أن المراكز الجهوية لإلستثمار ال تتوفر على دليل للمساطر من أجل
النظر في الطلبات المقدمة له ،مما ال يساعد على التعامل السوي والموحد مع الطلبات
المقدمة من طرف المستثمرين ،كما أشار التقرير أيضا إلى غياب نظام وحيد لتأدية
مصاريف الملفات ،إذ يضطر المستثمر ألداء الرسوم والمصاريف بشكل منفرد لدى ممثل
كل إدارة على مستوى الشباك الوحيد ،بدل تجميع هذه الرسوم لدى مصلحة موحدة خاصة
بطلبات إنش اء المقاوالت ،هذا فضال عن رصد التقرير لمحدودية تتبع المشاريع المحدثة
بواسطة إتفاقية بسبب غياب مسطرة توضح عمل لجان التتبع والتقييم.
ومن بين اإلختالالت التدبيرية التي يمكن لنا تسجيلها أيضا ،نجد عدم إنسجام قانون
المراكز الجهوية لإلستثمار مع القانون التنظيمي للجهات ،إذ أن نص المادة الرابعة تشير
إلى أن المراكز الجهوية لإلستثمار تتولى تنفيذ سياسة الدولة في مجال تنمية اإلستثمارات
وتحفيزها وإنعاشها على الصعيد الجهوي 225،بمعنى أنها تنفذ سياسات المركز ،في غياب
أي إشارة إلى برنامج التنمية الجهوية الذي يعكس التوجهات الترابية في مجال اإلستثمار،
هذا عالوة على كونه يشير إلى أن المراكز الجهوية لإلستثمار تقوم تحت إشراف عمال
العماالت واألقاليم على تتبع اإلتفاقيات المتعلقة بتهيئة المناطق الصناعية ومناطق
-جامع نادية''،المراكز الجهوية لإلستثمار كمطلب للتنمية الجهوية'' ،المجلة المغربية للقانون اإلداري 225
131
األنشطة اإلقتصادية وتطويرها ،وبالتالي نالحظ تجاهل دور الجهات رغم أنها مختصة
ذاتيا بتوطين وتنظيم مناطق األنشطة اإلقتصادية بالجهة ،وبناء على ذلك يمكن أن
نالحظ التداخل والتزاحم على نفس اإلختصاص دون أي رابط بنيوي ووظيفي وإستراتيجي
226
بينهما.
-الزروقي عدنان ،السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية، 226
ص.080:
132
إن نجاح المراكز الجهوية لإلستثمار في بلورة أهدافها ونجاح تدخالتها في مجال
خلق المقاوالت وتقديم الدعم والسند لها لن يكون باألمر الهين دون توفر هذه المراكز
على إستقاللية مالية قائمة على عدم التبعية للمركز ،هذه التبعية التي كرسها المغرب
منذ عقود والتي أدت إلى تأخر اإلصالحات وكرست للدولة المركزية.
و من خالل اإلطالع على تقارير المجلس األعلى للحسابات لسنتي 8119و
8101نجده قد أولى السلطات المختصة بإتخاذ التدابير الالزمة من أجل إستصدار
النصوص التطبيقية للمرسوم 8.13.982بهدف تمكين المراكز الجهوية لإلستثمار من
المداخيل الخاصة الكفيلة بضمان حسن سيرها ،وبالرجوع إلى تقرير المنظمة األمريكية
الخاصة بتشجيع التنمية في الدول النامية سنة ،2288119نجد أن محرري التقرير أكدوا
على وجود مفارقات جسيمة على مستوى الموارد المالية بين مختلف المراكز الجهوية
لإلستثمار وحمل التقرير أيضا ان هذه المفارقات تعكس التفاوتات الموجودة أصال بين
مختلف الجهات المشكلة للجهوية المتقدمة ،وبالتالي فالمراكز التي تتواجد في الجهات
الفقيرة مثال تعرف إختالالت في ما يتعلق بالموارد المالية وضعف الميزانية المخصصة
لهذه المراكز مما يشكل عائقا أمام قدرتها على إنجاز مهامها الموكولة لها.
إن ما زاد من خطورة الوضع المقلق لمالية المراكز الجهوية لإلستثمار يكمن في
عدم ترشيد نفقاتها رغم قلة الموارد المالية ،وهذا ما رصده تقرير المجلس األعلى للحسابات
سنة 8109والذي أثبت عدم إحترام هذه المراكز للقوانين الجاري بها العمل في مجال
النفقات ،إذ وقف المجلس األعلى للحسابات على مجموعة من الخروقات والممارسات
التي شابت الصفقات العمومية والتي أثرت بشكل سبلي على التدبير الجيد لهذه المراكز،
ومن بين هذه الخروقات التي كشفها التقرير نجد التأخر في تنفيذ بعض الدراسات المالية
للمشاريع والمقاوالت عالوة على عدم إحترام برمجة الصفقات واللجوء غير المبرر لعقد
صفقات تفاوضية وعدم التطابق في األعمال المنجزة ،عالوة على عدم تطبيق غرامات
-تقرير المنظمة األمريكية لتشجيع التنمية في الدول النامية ،منشور على الموقع www.unctad.comتم 228
138
التأخير ،عالوة على خروقات أخرى أدت إلى سوء التدبير والتسيير بهذه المراكز .إن هذه
الخروقات المالية جعلت المجلس األعلى للحسابات يوصي في تقريره بضرورة إحترام
القوانين الجاري بها العمل ،والعمل على إحداث مصلحة داخلية خاصة تعمل على تدبير
أفضل للصفقات.
كما أنه من بين الخروقات واإلختالالت المالية التي شابت المراكز الجوية لإلستثمار
نجد التبذير غير المبرر للميزانية فيما يتعلق بنفقات الموظفين خاصة ما يتعلق بالتضخيم
في فواتير البنزين والهاتف ونفقات كراء المساكن لألطر اإلدارية وأيضا إستعمال سيارات
وظيفية .وبالتالي فقد أوصى المجلس األعلى للحسابات بضرورة ترشيد النفقات بحث ال
يمكن تبرير النفقة إال وفق ما يمكن أن تحققه من نتائج وهذا ما يقتضي صرفها لغرض
المنفعة العامة ،وكذا االقتصاد في تكاليف المراكز الجهوية .لكن في ظل الوضعيىة التي
تمر بها هذه المراكز على المستوى التنظيمي والتدبيري نرى أنه ال يمكن تحقيق ذلك في
ظل غياب تحديد لألهداف والبرامج بدقة وتحديد األولويات مقابل التحديد الدقيق للمبالغ
المالية التي يتطلبها تنفيذ وإنجاز المنجزات وفق تدبير مبني على النتائج واألهداف
229
وبالتالي ربط النفقة العامة بتحقيق النتائج.
ومن المؤاخذات التي كانت تشكل حسب وجهة نظرنا عرقلة حقيقية ألهداف المراكز
الجهوية لإلستثمار تتجلى في كون مدراء هذه المراكز لم تكن لديهم صالحية األمر
بالصرف ،بل ك انت بيد الوالي ،بمعنى تحكم و ازرة الداخلية في تدبير الميزانية المتعلقة
بالمراكز الجهوية لإلستثمار ،230مما يشكل عرقلة حقيقية لعملها وإفراغها من محتوى
البعد الجهوي وتنمية الجهة.
إن هذه اإلختالالت المالية شكلت نقطة ضعف أمام هذه المراكز في سبيل إضفاء
البعد الجهوي للسياسات اإلستثمارية بدليل تحكم المركز في شخص الوالي على كافة
-الزروقي عدنان ،السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية، 229
138
الصالحيات التقريرية والمالية لهذه المراكز مما يتولد عنه نوع من الضبابية واإلرتجالية
في العمل إذ ال يعقل أن تبقى المشاريع واإلستثمارات الجهوية معلقة تحت رحمة ممثل
و ازرة الداخلية وسيطرة اإلدارة المركزية على مستقبل اإلستثمارات بالجهة.
ثانيا :ضعف الموارد البشرية
تعتبر الموارد البشرية ركيزة أساسية لإلنتاج ،لذلك فإن حسن تدبيرها وتطويرها عملية
جد معقدة وتحتاج إلى الكفاءة في التدبير والتسيير من أجل توجيهها لتحقيق أهداف
المنظمة ،وبالتالي ال يجب إسناد هذه المهمة لمن ال يتقن علوم التدبير والتسيير وله دراية
واسعة بمختلف العلوم ،كعلوم اإلجتماع وعلم اإلقتصاد وعلم النفس .وإال ستكون المهمة
أمامه شبه مستحيلة ومعقدة.
فتدبير الموارد البشرية ال يخضع لضوابط مطلقة ،ولكن يحتاج على األقل إلى توافر
إنسجام بين اإلدارة والموظفين ،وإلمام صحيح بتقنيات التواصل اإلداري وعلوم تدبير
المنظمات وإدارة الحياة المهنية والتسيير التحسبي للموارد البشرية .لكن ومن هذه
المنطلقات فقد كانت المراكز الجهوية لإلستثمار بعيدة كل البعد عن تحقيقها ،إذ أن ما
يدعم هذا الرأي يكمن في الخلل الذي صاحب هذه المراكز منذ تأسيسها ويتعلق األمر
هنا في غياب نظام أساسي خاص بالموظفين والذي ورغم كونه ورد في الرسالة الملكية
بتاريخ 9يناير ...'' 8119مدير المركز الجهوي لإلستثمار يساعده موظفون خاضعون
لنظام أساسي محفز خاص بهم ''...إال أنه ولحدود اليوم لم يرى هذا النظام األساسي
النور بعد ،هذا فضال عن كون فئات الموظفين بالمراكز يشوب نظام عملهم قصور
وإرتجالية وعدم إنتماء للمراكز وتتمثل هذه الفئات فيما يلي:
-الموظفون المنتدبون :إذ يستمر هؤالء في اإلنتماء إلى إدارتهم األصلية
ويخضعون للنظام األساسي العام للوظيفية العمومية بكل ما يحمله من إشكاالت
متعلقة بالترقية والتحفيز وخالفه ،مما يولد نوعا من الالمساواة بين الموضفين
من داخل هذه المراكز ،وبالتالي يؤثر سلبا على مردوديتهم في العمل ،وال يملك
111
مدراء المراكز الجهوية لإلستثمار هنا أية سلطة في تحريك المسطرة التأديبية
في حقهم وبالتالي يبقى كل موظف تابع وخاضع إلدارته األصلية.
-الموظفون التابعون للمركز الجهوي لإلستثمار :هؤالء يخضعون لسلطة المدير،
ومن بينهم رؤساء المصالح ورؤساء األقسام ،واطر إدارية وتقنيون.
-الموظفون المتعاقدون :وتربطهم بالمركز عالقة تعاقدية ،وغالبا ما يتم توظيفهم
من أجل شغل مناصب شاغرة تتعلق بالدراسات اإلستثمارية واإلعالم والتوثيق.
إن هذه التركيبة وهذا الخليط من الموارد البشرية على مستوى المراكز الجهوية
لإلستثمار يخلق نوعا من الشعور بعدم اإلنتماء إلى كيان إداري مندمج ،إذ أن الموظفين
الملحقين ال يخضعون لسلطة مدير المركز ،بل يبقون خاضعين لرؤسائهم في اإلدارات
والو ازرات المركزية 231،ونفس الشيء بالنسبة للمتعاقدين الذين ينقصهم الوالء للمركز بحكم
العالقة التعاقدية المنتهية المدة وبالتالي فكل هذه العوائق تؤثر سلبا على مردودية
وبالتالي 232
الموظفين وتجعل العمل اإلداري يشوبه النقص واإلرتجالية وسوء التدبير،
عائقا كبي ار أمام تطوير سياسة مالءمة وصائبة لتدبير الموارد البشرية على مستوى الم اركز
الجهوية لإلستثمار ،كما أنه يمثل عقبة أمام تنمية الكفاءات البشرية في منظور المراكز
الجهوية.
وإنطالقا مما سبق يمكن أن نستنتج بأن دور مدراء المراكز الجهوية لإلستثمار جد
محدود فيما يتعلق بتدبير الموارد البشرية ،حيث أن كل األعمال المتعلقة بالتسيير الجاري
به العمل من توظيف وترقية وتعيين وزجر ،تجري على مستوى اإلدارة المركزية ،وبالتالي
فمركزة تدبير الموارد البشرية تشكل تداعيات سلبية تكون سببا في العديد من حاالت
-شاهدي احمد شوقي ،المراكز الجهوية لإلستثمار بالمغرب ،مكامن الخلل ومداخل اإلصالح ،مرجع سابق، 231
ص.031-031:
- 232تقرير المجلس االقتصادي واإلجتماعي والبيئي '':تدبير وتنمية الكفاءات البشرية رافعة أساسية لنجاح الجهوية
المتقدمة'' ،8103،ص.19-12:
111
التأخير عن عالج وتحيين الملفات المتعلقة بالموظفين ،وتخلق جراء ذلك نوعا من السخط
داخل أقسام ومصالح هذه المراكز.
كما يمكن أن نسجل أيضا ضعف تكوين المستخدمين وعدم مواكبتهم بتكوينات
مستمرة لمواكبة التطورات الدولية في مجال اإلستثمار ،فالموظفون العاملون بهذه المراكز
اليتوفرون على تكوين متخصص في المجال اإلستثماري وهذا ما يؤثر على جودة ونجاعة
عملهم الذي يتطلب الدقة واإللمام بمجال اإلستثمار ،كما ان جل هذه المراكز الجهوية
ولألسف ال تتوفر على دليل مرجعي للتدبير التوقعي للكفاءات ،وهذا ما يوضح العشوائية
والتخبط الذي الزم هذه المراكز والذي كان له األثر المباشر في إهدار العديد من الفرص
اإلستثمارية على مستوى الجهة.
112
منه القانون 19.02خاصة الصالحيات التقريرية الواسعة التي باتت تشكل اللبنة
األساسية لتوطين السياسات اإلستثمارية ،وبالتالي تحقيق التنسيق بين المتدخلين ومعالجة
المش اريع اإلستثمارية بالدقة والنجاعة والسرعة الالزمة والتي تؤدي لعدم تضييع الفرص
من خالل إحداث تلك 233
التنموية وبالتالي تؤدي لتحقيق منافع إقتصادية وإجتماعية،
المشاريع لفرص الشغل وإمتصاص البطالة وبالتالي تحقيق بدائل لحل مختلف المشاكل
التنموية على المستوى الجهوي مما يحقق لنا رهان إلتقائية السياسات العمومية في المجال
اإلستثماري ،وذلك من خالل المستجدات التي جاء بها القانون السالف الذكر وذلك على
المستويات التالية:
أوال :على مستوى األقطاب الجديدة للمراكز الجهوية لإلستثمار.
طبقا للقانون المتعلق بإصالح المراكز الجهوية لإلستثمار ،ولتعزيز الالتمركز
اإلداري و التدبير الالمتمركز لإلستثمار من أجل الحد من العراقيل التي تحد من نجاعة
السياسات اإلستثمارية على مستوى الجهة ،وضمان تحقيق إلتقائية السياسات اإلستثمارية
على المستوى الجهوي ولتحقيق هذه الغاية ،تم إحداث قطبين أساسيين( قطب دار
234
المستثمر و قطب التحفيز الترابي) وتخويلهما مجموعة من الصالحيات.
-فيما يتعلق بقطب دار المستثمر :فقد نصت المادة الرابعة من القانون المتعلق
بإصالح المراكز الجهوية لإلستثمار على تقسيم مهامه إلى ثالث حيث يلعب
دور الشباك الوحيد بالنسبة للمستثمرين ،ويتكلف بالتتبع اإلداري للمشاريع ،عالوة
على تحسين مناخ األعمال.
وبالرجوع إلى مهام الشباك الوحيد نجد أن إهتمامه ينصب حول تقديم الخدمات
للمستثمرين والمقاوالت الصغرى والمتوسطة إلنجاز مشاريعهم ومواكبتهم
-الزروقي عدنان ،السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية، 233
113
للحصول على التراخيص اإلدارية وتبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية التي
هذا عالوة على تلقي طلبات التراخيص المتعلقة 235
يتطلبها إحداث مقاوالتهم،
بها ،هذا عالوة على تتبع المقاوالت ومواكبتها بطلب منها خالل مدة مزاولتها
لنشاطها من اجل تمكينها من تجاوز الصعاب التي تعترضها ،هذا فضال عن
تحقيق مناخ االعمال عبر تنظيم لقاءات لفائدة المستثمرين والمساهمة في
236
التعريف بالمنظومة التحفيزية لتنمية اإلستثمار.
-فيما يتعلق بقطب التحفيز الترابي :حيث يلعب هذا القطب أدوا ار أساسية ييتجلى
في المساهمة في إعداد وتنفيذ إستراتيجيات تنمية اإلستثمار وإنعاشه والتحفيز
عليه ،وإعداد مخططات موجهة للمستثمرين تتعلق بالنهوض بالمجال الترابي
للجهة وبجاذبتها االقتصادية ،هذا عالوة على المساهمة في إعداد الدراسات
القبلية لتنمية المناطق الصناعية وتطويرها ،كما يساهم في تنمية الذكاء
االقتصادي الترابي من خالل ضمان يقظة إقتصادية جهوية من خالل جمعه
للمعطيات الماكرو إقتصادية وتحيينها وإنشاء قاعدة معطيات تتعلق بفرص
اإلستثمار ،كما يسعى قطب التحفيز الترابي إلى تطوير العرض الترابي عن
طريق إقتراح كل تدبير على الحكومة يرمي لتحقيق إندماجية وجاذبية اإلستثمار
وتبسيط المساطر اإلدارية المتعلقة باإلستثمار و النهوض بالمبادرة
237
المقاوالتية.
- 235نكاوي سعيد ،ميثاق الالتمركز اإلداري و التدبير الالمتمركز لإلستثمار ،مرجع سابق ،ص.881:
-المادة الرابعة من القانون 19.02المتعلق ب إصالح المراكز الجهوية لإلستثمار وإحداث اللجان الجهوية 236
الموحدة لإلستثمار.
-شاهدي احمد شوقي ،المراكز الجهوية لإلستثمار بالمغرب ،مكامن الخلل ومداخل اإلصالح ،مرجع سابق، 237
ص.089:
111
ثانيا :على مستوى البنيات الجديدة للمراكز الجهوية لإلستثمار.
تتجلى أهم مضامين اإلصالح التي جاء بها قانون إصالح المراكز الجهوية
لإلستثمار ،في التأسيس لبنيات جديدة ستساهم في عقلنة القرار اإلستثماري على المستوى
الجهوي وتحقق إلتقائية السياسات العمومية اإلستثمارية وتحقيق الفعالية والمردودية
والنجاعة ،وتتمثل هذه البنيات الجديدة فيما يلي:
-اللجنة الجهوية الموحدة لإلستثمار :والتي حلت محل اللجان الجهوية والمحلية
المتدخلة في تدبير اإلستثمار ،لتشكل اإلطار األوحد إلتخاذ الق اررات المتعلقة
بملفات اإلستثمار وإبداء الرأي بخصوص طلبات اإلستفادة من اإلمتيازات
الممنوحة في إطار المنظومة التحفيزية لإلستثمار ،لذلك فإن الهدف من إنشائها
هو ضمان معالجة مندمجة ومتناسقة لملفات اإلستثمار ،وكذا تنسيق عمل
اإلدارات المختصة في مجال اإلستثمارات ،ووضع المستثمر في مركز الجهاز
238
اإلداري لإلستثمار ومنحه الدعم الضروري إلنجاز مشروعه.
وتتألف اللجنة الجهوية لإلستثمار من الولي رئيسا للجنة،كما يمكن له أن
يفوض ذلك إلى مدير المركز الجهوي لإلستثمار ،وتظم اللجنة أيضا الكتابة
الدائمة للجنة والمكلفة بإعداد التقارير ومحاضر الجلسات واإلجتماعات وإعداد
تقرير سنوي عن أنشطة اللجنة والذي يعرض عليها قصد المصادقة ،كما تتألف
أيضا من األعضاء الجهويين والمتمثلين في المدير العام للمصالح بإدارة الجهة،
وممثل عن والية الجهة المعنية ،والمسؤولون الجهويون عن المصالح الالممركزة
المعنية بمشاريع اإلستثمار والمسؤولين الجهويين عن المؤسسات العمومية على
مستوى الجهة المعنيين بمشاريع اإلستثمار وكل شخص يرى رئيس اللجنة فائدة
- 238نكاوي سعيد ،ميثاق الالتمركز اإلداري و التدبير الالمتمركز لإلستثمار ،مرجع سابق ،ص.886:
111
في مشاركته ،مما يؤدي لتحقيق اإللتقائية في التدخالت والق اررات اإلستثمارية
239
على مستوى الجهة.
-اللجنة الوزارية للقيادة :وتحدث هذه اللجنة برئاسة رئيس الحكومة ،ويعهد إليها
بقيادة إصالح المراكز الجهوية لإلستثمار وتتبع عملها في مجال تنفيذ السياسات
العمومية على المستوى الجهوي الرامية إلى إنعاش اإلستثمارات وتنميتها ،وتتكون
هذه اللجنة من وزير الداخلية ،واألمين العام للحكومة ،ووزير الغقتصاد والمالية،
والوزير المكلف باإلستثمار ،ويمكن لرئيس اللجنة دعوة كل سلطة حكومية أخرى
240
تكون معنية بالنقط المدرجة في جدول أعمال اجتماع اللجنة.
لقد أضحى إصالح المراكز الجهوية لإلستثمار فرصة سانحة للنهوض باإلستثمارات
الجهوية ،وخاصة تلك المتعلقة بدعم المقاوالت الصغري والمتوسطة والتي تمثل أزيد من
إن هذا اإلصالح يندرج في إطار التنزيل 241
91بالمائة من النسيج االقتصادي الوطني.
الفعلي للتدبير الالمتمركز لإلستثمار بالموازاة مع الالتمركز اإلداري ليشكال قاطرة لتفعيل
السياسات العمومية على المستوى الترابي في إطار التكامل والتنسيق واإلندماجية لتكريس
مطمح إلتقائية السياسات العمومية الترابية ،وذلك من خالل إعادة هيكلة المراكز الجهوية
لإلستثمار وتوسيع صالحياتها لتحسين نجاعة أدائها من خالل جمع كافة اللجان المعنية
باإلستثمار في لجنة واحدة ،وتبسيط المساطر اإلدارية في وجه المستثمرين مما يساهم
في معالجة الملفات اإلستثمارية تحقيق النجاعة والمردودية وتحقيق اإللتقائية على مستوى
المتدخلين في الشأن اإلستثماري بالجهة ،ضمن وعاء يوفر التنسيق والتشاور وسلطة
إتخاذ الق اررات ومواكبة تنزيل المشاريع اإلستثمارية.
-نكاوي سعيد ،ميثاق الالتمركز اإلداري و التدبير الالمتمركز لإلستثمار ،مرجع سابق ،ص881: 239
- 241كراوي يوسف'' ،الدور الجديد للمراكز الجهوية لإلستثمار'' ،مقال منشور بالجريدة اإللكترونية هسبريس ،تاريخ
الولوج 13أكتوبر 8181على الساعة .06:11
111
إن القانون 19.02المتعلق بإصالح المراكز الجهوية لإلستثمار قد أجاب عن إشكاليات
تعدد اللجن التي كانت تشتغل دون سند قانوني يحدد إختصاصاتها وطرق عملها مما
جعلها تشكل عقبة أمام المستثمرين من خالل الروتين والتأخر في إتخاذ الق اررات ،وبالتالي
جاء هذا اإلصالح الجديد لتحقيق النجاعة والفعالية في معالجة الملفات اإلستثمارية
وتوحيد عمل اللجان الجهوية المتدخلة في العملية مما جعلها تشكل إطا ار أوحد لمعالجة
الملفات وإبداء الرأي والبت في طلبات الرخص والق اررات واإلجراءات اإلدارية الالزمة
إلنشاء المشاريع اإلستثمارية مما يساهم في السرعة في إتخاذ القرار وعدم تضييع الفرص
التنموية وتوسيع مجال التنسيق والتشاور بين األطراف المتدخلة في القرار اإلستثماري
على المستوى الجهوي مما يشكل تفعيال إللتقائية السياسات اإلستثمارية وإستجابة لطلبات
242
المستثمرين الهادفة لتحقيق التنمية اإلقتصادية على المستوى الترابي.
وفي نفس اإلطار فقد جاء القانون المتعلق بإصالح المراكز الجهوية لإلستثمار
بإصالح هيكلي لهذه األخيرة حيث أصبحت بمقتضاه مؤسسات عمومية تتمتع باإلستقالل
المالي واإلداري ،مما شكل إستجابة لجميع المشاكل التنظيمية التي كانت تعيق عمل
المراكز خاصة إشكالية غياب اإلنسجام بين المتدخلين في العملية اإلستثمارية وإختالالت
الموارد البشرية وضعف التمويل الذاتي لهذه المراكز عالوة على إشكاليات تدبير الصفقات
لذلك فنظام المؤسسة العمومية التي أضحت تمتاز بها المراكز الجهوية 243
العمومية،
لإلستثمار ستتيح لها التوفر على مجلس إداري يجمع كافة المتدخلين في الشأن
اإلستثماري وهذا في حد ذاته تحقيق إللتقائية المتدخلين على مستوى المؤسسة العمومية
مما يسمح بتوحيد وجهات النظر وربح الوقت في إصدار القرار اإلستثماري عالوة على
ضمان النجاعة والمردودية في التدخالت العمومية على مستوى الجهة ،كما يتيح نمط
-السليماني مروان ،المراكز الجهوية لإلستثمار وسؤال تحقيق الفعالية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون 242
العام ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة عبد المالك السعدي ،طنجة ،السنة الجامعية -8102
،8109ص.009-002 :
-نكاوي سعيد ،ميثاق الالتمركز اإلداري و التدبير الالمتمركز لإلستثمار ،مرجع سابق ،ص881: 243
112
التدبير عن طريق المؤسسة العمومية إنفتاح المراكز على مختلف الفاعلين من مجالس
جهوية وممثلي القطاع الخاص ،لتشمل إختصاصات المراكز المواكبة الشاملة للشركات
والمقاوالت الصغرى والمتوسطة والمساهمة في بلورة وتنزيل اإلستراتيجيات التنموية
ومواكبة التنمية المندمجة بتجانس مع السياسات العمومية ،وذلك عبر إحداث قطبين
أساسيين وهما قطب ''دار المستثمر'' وقطب'' تحفيز اإلستثمار والعرض الترابي'' وتكريس
244
المراكز الجهوية لإلستثمار نظام الشباك الوحيد لإلستثمار على المستوى الجهوي.
إن كل هذه اإلجراءات واالليات الجديدة ستمكن من تحسين فعالية ونجاعة التدبير
بالمراكز الجهوية لإلستثمار ،وستمكن جميع المتدخلين في العملية اإلستثمارية من إعمال
اليات التشاور والتنسيق والتعاون المفضي إلى تحقيق تنمية إقتصادية جهوية ترسخ لمبادئ
الفعالية والنجاعة والمردودية ،وتبسيط المساطر اإلدارية ،وتمكين المراكز من سلطة إتخاذ
القرار بعيدا عن تدخل السلطات المركزية مما يحقق إلتقائية السياسات العمومية
اإلستثمارية .لكن ومع كل هذه اإلصالحات والنتائج المفرحة التي تم تحقيقها إال أنه
245
اليمكننا إعطاء حكم قيمة على فعاليتها خاصة وأن هذه اإلصالحات الزالت فتية،
وبالتالي علينا االنتظار قليال لنرى ما سيتمخض عن الممارسة العملية ،إال أنه وبالمقابل
نسجل بعض الجوانب التي أغفلها المشرع والتي وجب العمل على إعادة النظر فيها
وتقويمها لتحقيق نجاعة ومردودية أفضل.
-السليماني مروان ،المراكز الجهوية لإلستثمار وسؤال تحقيق الفعالية ،مرجع سابق ،ص.081 : 244
- 245شاهدي احمد شوقي ،المراكز الجهوية لإلستثمار بالمغرب ،مكامن الخلل ومداخل اإلصالح ،مرجع سابق،
ص.038-030:
118
السياسات اإلستثمارية ،لكن نهدف من خالل هذه المالحضات التي سنقدمها إلى إثارة
إنتباه المشرع و صانعي السي اسات اإلستثمارية إلى بعض أوجه القصور والهفوات التي
نرى أنه من الالزم العمل على إصالحها من أجل بلوغ إصالح فعال ورامي إلى تعزيز
البعد االقتصادي واإلستثماري على مستوى الجهة ،وتعزيز مكانة الجهة ،وبلوغ تحقيق
إندماجية وإلتقائية السياسات اإلستثمارية على المستوى الجهوي ،وتتجلى هذه المالحضات
فيما يلي:
-أوال :يمكن أن نسجل على مستوى تركيبة المجالس اإلدارية للمراكز الجهوية
لإلستثمار على إعتبارها أضحت مؤسسة عمومية ،غياب الجماعات الترابية
وكذا عمال العماالت واألقاليم من عضويتها مما يشكل تهميشا وإقصاء ال يمكن
تجاوزه علما أن الجماعات الترابية سيكون لها دور كبير خاصة في عرض برامج
عملها التي تحمل مقتضيات مهمة تهم البيئة اإلستثمارية على مستوى الجماعات
الترابية ،و أيضا إقصاء ممثل الباطرونة التي ربما قد تعطي قيمة مضافة
246
للمجلس اإلداري إلطالعها بوضع المناخ اإلستثماري على المستوى الجهوي.
-ثانيا :ما يمكن مالحظته أيضا هو التنصيص على رئاسة والي الجهة للجان
الجهوية لإلستثمار وهذا نعتبره في حد ذاته تراجعا عن منطق اإلصالح بفعل
التجارب المتراكمة والناتجة عن تحكم و ازرة الداخلية في القرار اإلستثماري الذي
سبق وأن كان محط إنتقادات واسعة ،وهذا ما يعني إستمرارية التبعية لو ازرة
الداخلية ،وتمديد صالحياتها إلى مجاالت جديدة تجعل منها المحتكرة لملفات
التنمية االقتصادية على المستوى الجهوي على حساب الجماعات الترابية وعلى
رأسها الجهة ،فعلى الرغم من التنصيص على عضوية رؤساء الجهات ضمن
تركيبة المجالس اإلدارية إال أن سيطرة الوالي ورئاسته لها ستفرغ هذه المؤسسة
-السليماني مروان ،المراكز الجهوية لإلستثمار وسؤال تحقيق الفعالية ،مرجع سابق ،ص.038 : 246
118
من قيم الديمقراطية المحلية ،ويجعلنا نتساؤل عن العالقة بين تسريع وتيرة
اإلستثمار وتربع الوالي على رأس هذه المؤسسة علما انه ليس سلطة منتخبة وال
247
شخصا يمكن محاسبته أمام البرلمان.
-ثالثا :يمكن أن نسجل أيضا بأن القانون المتعلق بإصالح المراكز الجهوية
لإلستثمار وإحداث اللجان الموحدة الجهوية لإلستثمار ،لم يحدد المعايير التي
يمكن إعتمادها إلضفاء صبغة مشاريع إستثمارية على الطلبات المقدمة إليه
لإلستفادة من الق اررات والتراخيص الضرورية أو لعرضها على أنظار اللجنة
الجهوية الموحدة لإلستثمار ،وهذا األمر حسب وجهة نظرنا قد يؤدي إلى طرح
بعض المشاكل المرتبطة بإقصاء بعض المشاريع وقبول مشاريع أخرى دون
248
اإلحتكام إلى معايير ثابتة.
-رابعا :كمالحظة أخرى يمكن تسجيلها وتتعلق بالقانون 19.02بحد ذاته هو
الجمع بين موضوعي ،المراكز الجهوية لإلستثمار ،واللجان الجهوية الموحدة،
وهذا ما قد يؤثر سلبا على إمكانية اإلحاطة بمختلف الجوانب المرتبطة بهما
خاصة في ظل المشاكل التي يمكن أن تطرحها الممارسة العملية على مستوى
حجم المهام وطريقة التنظيم وطريقة اإلشتغال.
-خامسا :لقد أدرج القانون 19.02الممثلين الجهويين لإلدارات العمومية المعنية
بتنمية اإلستثمارات ،والمعينة بنص تنظيمي في عضوية المجالس اإلدارية ،مما
يستدعي تقديم مالحظتين .المالحظة األولى تتعلق بالتنظيم اإلداري للمصالح
الالممركزة الذي ال يتوافق مع التقطيع الترابي الجهوي خاصة فيما يتعلق بعدم
توفر بعض القطاعات الو ازرية على تمثيليات و ازرية الممركزة ،وبالتالي فكيف
-زعنون عبد الرفيع ،تدبير التنمية الترابية بالمغرب ،مرجع سابق ،ص.19. 247
-نكاوي سعيد ،ميثاق الالتمركز اإلداري و التدبير الالمتمركز لإلستثمار ،مرجع سابق ،ص.803: 248
111
يتم إستدعائها لتمثيل القطاع الذي ال يتوفر على إدارة جهوية ألشغال المجلس
اإلداري للمراكز الجهوي لإلستثمار ،هذا من جهة أما المالحظة الثانية فتتمثل
في كون المراكز الجهوية لإلستثمار ترتبط بعالقات أفقية مع مختلف اإلدارات
على مستوى الجهة ،وبالتالي فإستدعاد جميع التمثيليات اإلدارية العمومية
لحضور أشغال المجالس اإلدارية قد ينتج عنه التأثير السلبي الذي قد يحد من
249
فعاليتها.
-الشافعي عبد الكريم ''،قراءة في مشروع القانون المتعلق بإصالح المراكز الجهوية لإلستثمار'' ،مقال 249
منشور بجريدة هسبريس اإللكترونية ،تم اإلطالع على الموقع بتاريخ 19أكتوبر ،8181على الساعة .02:11
111
وفي هذا اإلطار ،تسعى الجماعات الترابية من خالل مواردها البشرية السياسية
واإلدارية إلى تحقيق التنمية وتحقيق النتائج المتوخاة من تنزيل البرامج والمشاريع
والمخططات والتنفيذ الفعال لها ،والذي يستجيب لتطلعات المواطنين ويقدم بدائل لحل
مشاكلهم العمومية ،وهذا المطمح ينصب باألساس على ضرورة الرفع مستوى وعي
المنتخب الترابي وإيمانه برسالته التنموية ،وتعزيز قدراته التدبيرية من خالل إنفتاحه على
المواطنين وإعماله لمبادئ التعاون والتضامن والشراكة والتنسيق الفعال من أجل بلوغ
نجاعة التدبير العمومي الترابي(المطلب األول) ،والبحث عن موظفين من ذوي الكفاءات
والخبرات من خالل إختيار أفضل العناصر القادرة على العمل باآلليات التدبيرية الحديثة
القائمة على التخطيط اإلستراتيجي ،ودعائم اإلصالح اإلداري القادر على تقوية القدرات
التدبيرية واإلدارية للموظف الترابي(المطلب الثاني) ،من أجل كسب رهان تحقيق إلتقائية
السياسات العمومية الترابية وضمان نجاعتها وفعاليتها في حل المشاكل العمومية الترابية.
المطلب الأول :النخبة الس ياس ية الترابية ونجاعة تدبير الشآأن العام.
إن تحقيق التنمية الترابية وتكريس اإللتقائية الترابية ،يتطلب بالضرورة االهتمام
بالمنتخب الترابي ،بإعتباره المحور األساسي لتدبير شؤون الجماعات الترابية ،وبالتالي
فإنه من الواجب أن يرتقي لمستوى الفاعل السياسي النشيط والفعال في النهوض
بالجماعات الترابية وتدبير شؤونها ،وعلى هذا األساس فإن نجاح الجماعات الترابية في
تحقيق التنمية االقتصادية واإلجتماعية وبلوغ رهان إلتقائية السياسات العمومية الترابية
في ظل اإلختصاصات الواسعة التي أصبحت تتوفر عليها الجماعات الترابية في إطار
الجهوية المتقدمة ،تستلزم توافر منتخب ترابي ،يعي أهمية وثقل المسؤولية ،وعلى وعي
بدوره الفعال في التنمية الترابية(الفرع األول) ،كما أنه ال بد من إعطاء أهمية أكبر لتكوين
المنتخب الترابي بإعتباره الوسيلة األنجع لتعزيز القدرات التدبيرية وبالتالي تحقيق
الفعالية(الفرع الثاني)
112
الفرع الأول :وعي المنتخب الترابيي بدوره التنموي.
يلعب المنتخب الجماعي دو ار محوريا فيما يتعلق بتدبير أمور الجماعات الترابية
األمر الذي يجعله محط إهتمام من طرف الدولة ،وذلك راجع لدوره المحوري والهام في
250
تدبير شؤون الجماعات الترابية بما يحقق التنمية وجلب المشاريع العمومية والخاصة،
وبالتالي كان من الالزم على المنتخب الترابي اإلنفتاح على المواطنين وتعزيز التواصل
معهم(الفقرة االولى) ،هذا فضال عن إنخراطه في مسار التضامن والتعاون والشراكة
خاصة مع شركات التنمية التي تعتبر دعامة أساسية لتنفيذ السياسات العمومية الترابية،
والتنزيل السليم للبرامج والمخططات(الفقرة الثانية).
- 250الزروقي عدنان ،السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين الدولة و الجماعات الترابية،
مرجع سابق.890 ،
-قافو رجاء ،تدبير الموارد البشرية للجماعات الترابية وإشكالية التكوين المستمر ،رسالة لنيل دبلوم الماستر 251
في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة القاضي عياض ،مراكش ،السنة الدراسية
،8109-8106ص.86:
113
إن جمعيات المجتمع المدني قد أصبحت بمقتضى دستور ، 8100وما أعقب ذلك
من إصدار للقوانين التنظيمية تتبوء مكانة مهمة ،وذلك عبر إمكانية رفع العرائض إلى
السلطات المنتخبة ،كما أن اإلستجابة لهذه العرائض واإلنصات للساكنة ولهمومها،
سيشكل شعو ار بالمواطنة واإلنتماء ،وهو أمر يدعم الديمقراطية الترابية ويؤدي إلى السعي
نحو تنزيل السياسات العمومية بمنطق المصلحة العامة.
وبالرجوع إلى التجارب السابقة ،فإننا نسجل ضعف التواصل بين المنتخبين الترابيين
وبين المواطنين ،خاصة وأن هذه المسألة فتحت الباب لبيروقراطية إدارية ترابية معقدة
ب الشكليات والمساطر والسرية في العمل ،مما أدى لرتابة الممارسة وبطئ في التنفيذ ،مما
ال يتماشى مع مفهوم التدبير التشاركي ومع مبادئ الحكامة الجيدة التي تفترض إقامة
تواصل دائم بين النخبة السياسية والمواطنين من جهة ،بل وحتى بينهم وبين الموظفين
الترابيين على مستوى الجماعات الترابية لتعزيز وتنسيق العمل المشترك ،ألن توسيع
العالقة بين النخبة السياسية والموظفين سيزيد من دون شك في مردوديتهم وإنتاجهم ،من
252
خالل اإلطالع على مشاكلهم وإكراهاتهم والعمل على حلها.
وللقيام بهذا الدور ،يتوفر المنتخب الترابي والسيما رؤساء المجالس على عدة طرق
للتواصل مع المواطنين إما بشكل مباشر عن طريق اإلذاعة والجرائد ووسائل التواصل
االجتماعي ،وكذا عبر تنظيم لقاءات دورية تواصلية لتدارس مشاكل السكان وإكراهاتهم
والصعوبات التي يجدونها في المرافق العمومية الترابية ،وكذا اإلطالع على طموحاتهم
وتطلعا تهم ومحاولة برمجتها وإخراجها إلى حيز الوجود خالل إنعقاد دورات المجلس
وإدراجها بجداول أعماله.
تعد اآلليات التشاركية للحوار والتشاور التي نصت عليها القوانين التنظيمية
للجماعات الترابية ،إحدى أهم اآلليات التي ينبغي على رؤساء المجالس التداولية
-قدميري أحمد ،تدبير الموارد المالية والبشرية للجماعات الترابية في ظل تطور الالمركزية الترابية بالمغرب، 252
أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،مختبر األبحاث حول اإلنتقال الديمقراطي المقارن ،كلية العلوم القانونية
واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة الحسن األول ،سطات ،السنة الدراسية ،8102-8109ص.331-331:
111
إستغاللها م ن أجل اإلنفتاح على هموم وقضايا الشرائح المجتمعية ،وتتمثل اآلليات
التشاورية التي نصت عليها القوانين التنظيمية للجماعات الترابية فيما يلي:
-تحدث على مستوى الجهات بمقتضى المادة 009من القانون التنظيمي للجهات
ثالث هيئات إستشارية لدى مجلس الجهة وهي ،هيئة المساواة وتكافؤ الفرص
ومقاربة النوع ،وهيئة إستشارية تختص بدراسة القضايا المتعلقة بإهتمامات
الشباب ،و هيئة إستشارية بشراكة مع الفاعلين اإلقتصاديين بالجهة تهتم بدراسة
القضايا الجهوية ذات الطابع االقتصادي.
-كما نصت المادة 000من القانون التنظيمي المتعلق بالعماالت واألقاليم ،على
أنه تحدث لدى مجلس العمالة أو اإلقليم هيئة إستشارية بشراكة مع فعاليات
المجتمع المدني تختص بدراسة القضايا اإلقليمية المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة
وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع.
-كما نصت المادة 081من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات ،على أنه
تحدث لدى مجلس الجماعة هيئة تختص بدراسة القضايا المتعلقة بتفعيل مبادئ
المساواة وتكافئ الفرص ومقاربة النوع تسمى''هيئة المساواة وتكافؤ الفرص
ومقاربة النوع''
إن القيام بأعباء التخطيط والتوجيه والقيادة وإدارة الفعل التنموي على مستوى
الجماعات الترابية ،هو أمر بالغ األهمية ألنه يتعلق بإستيعاب المشاكل والتعامل معها،
وهو أمر يخص النخبة السياسية خصوصا ،وأفراد المجتمع المدني عموما في عالقة أشبه
بعالقة الروح بالبدن ،وبذلك تتكون للنخبة السياسية وظائف مميزة تختلف وتتميز عن
وظائف باقي النخب األخرى ،فالنخبة السياسية على مستوى الجماعات الترابية هي التي
تقوم بوظيفة التنسيق والمواءمة بين أنشطة المؤسسات والهياكل المختلفة داخل المجتمع
بغرض الوصول إلى أفضل صيغة مشتركة وموحدة للعمل في إطار تدبيري تشاركي
لمواجهة مختلف المشاكل واألزمات المختلفة ،وتحقيق التنزيل السليم للسياسات العمومية
111
القادرة على ضمان تحقيق التنمية االقتصادية واإلجتماعية واإلستجابة لمتطلبات
الساكنة 253،وبالتالي فإن إعمال المقاربات التشاركية ستؤدي إلى تجاوز العقليات التقليدية
في مقاربة التنمية على مستوى السياسات الترابية ،من خالل اإلرتقاء بالعقليات السياسية
والسماح لمكونات المجتمع المدني باإلنخراط في إتخاذ القرار والتعبير عن مشاكلهم
ومتطلباتهم من خالل آليات الحوار والتواصل ،بينهم وبين النخبة السياسية على مستوى
254
الجماعات الترابية.
ومن خالل ماسبق ،نرى أن الطلبات ،هي موضوع رغبات الساكنة ،والتي يتم
بلورتها من طرف النخبة السياسية عن طريق البرامج والمخططات من خالل اإلتصال
بهم واإلستماع إليهم ،والقيام بزيارات ميدانية لإلطالع على البنيات والتجهيزات األساسية
التي تتوفر عليها الجماعات الترابية المعنية ،مما ينتج عنه تحقيق إلتقائية السياسات
العمومية الترابية ،من خالل تبني سياسات عمومية قائمة على التشخيص الدقيق الناجم
عن إعمال آليات التواصل واإلنفتاح على المواطنين لإللمام بالطلبات االجتماعية ،من
أجل إتخاذ سياسات عمومية ترابية تشكل بدائل لحل المشاكل العمومية ،دون تضييع
للفرص أو إهدار للجهد والمال في سياسات عقيمة ،غير قادرة على إيجاد البدائل الحقيقية
بسبب عدم الفهم الدقيق لمشاكل المواطنين ومتطلباتهم.
-هسكر بهيجة ''،الجماعة المقاولة بالمغرب :األسس المقومات والرهانات'' ،سلسلة الالمركزية واإلدارة 253
،031السنة ،8181ص.319-316:
111
الترابية ،وذلك لكون عبئ تحقيق التنمية الترابية ال يمكن للجماعات الترابية القيام به
لوحدها دون الدخول في منطق التعاون والتضامن والشراكة ،من خالل البحث عن موارد
مالية إضافية تمكنها من إنجاز المشاريع التنموية والتي تعود على الساكنة بالنفع ،وبالتالي
فهذه المهمة موكولة إلى النخبة السياسية على مستوى الجماعات الترابية التي يشترط
فيها مبدئيا ،التوفر على مستوى تعليمي وتأهيلي يناسب حجم المسؤوليات والمهام الموكولة
إليها فضال عن توفرها على إلمام وتكوين وخبرة بأساليب اإلدارة والتدبير والتسيير.
من خالل هذا المنطلق ،فالواقع يستلزم توافر ''نخبة سياسية'' ذات كفاءة ولها من
القدرات واإلمكانيات المعرفية ما يجعلها قادرة على ترجمة المبادئ الدستورية والنصوص
من خالل إعدادها المحكم لبرامجها التنموية لترجمتها 255
التنظيمية على أرض الواقع،
إلى مشاريع وبرامج ملموسة ،قائمة على مبادئ الشراكة والتعاون والتضامن والتنسيق
واإللتقائية ،فال يمكن تصور قدرة كل جماعة ترابية على العمل بإنفراد ،السيما أمام
إكراهات قلة الموارد المالية التي تعاني منها الجماعات الترابية ،وهذا ما يفترض إلمام
المنتخب الجماعي باآلليات القانونية التي تمكنه من توسيع دائرة تدخالته واإلستفادة منها
والتنزيل السليم لمبدأ الشراكة والتعاون والتضامن بين الجماعات ،أو بينها وبين شركات
التنمية المحلية .لكن نتساءل هنا ،إلى أي حد يمكن للنخبة السياسية المتربعة على عرش
الجماعات الترابية أن تضطلع بهذه األدوار والمهام ،واإللمام بهذه اآلليات القانونية
والدستورية في ظل هيمنة المال السياسي على العمليات اإلنتخابية وعدم قدرة السلطات
فضعف مستوى النخبة 256
على محاصرة هذه الظاهرة التي أفرزت لنا نخب الترميق،
السياسية المكلفة بقيادة الجماعات الترابية والتي هي نتاج ديمقراطية فاسدة سادت فيها
ثقافة المال والزبونية ورضا السلطة في مقابل معيار الكفاءة والتكوين العالي 257،أفرز لنا
-محمد زين الدين'' ،إشكالية تجديد النخب بالمغرب'' ،مرجع سابق ،ص.99 : 255
-زعنون عبد الرفيع ،تدبير التنمية الترابية بالمغرب ،مرجع سابق ،ص.812: 256
-العطري عبد الرحيم ،صناعة النخبة بالمغرب :مفارقات التوريث واإلستحقاق ،مطبعة ووراقة بالل ،فاس، 257
112
نخبة سياسية عقيمة ال تنتج برامج ومشاريع ومخططات مبنية على التناغم واإلنسجام
مع متطلبات الجهوية المتقدمة ،وغير قادرة على اإلنخراط في منطق التعاون والتضامن
والشراكة.
إن عمل المنتخب الترابي كنخبة سياسية ترابية ،ال يجب أن ينحصر فقط في التسيير
اليومي لقضايا الجماعات الترابية ،بل إن التطور النوعي الذي تشهده هذه األخيرة ،المتمثل
في اإلنتقال من التسيير اإلداري التقليدي إلى التدبير الفعال المبني على الفعالية والنجاعة
وال تدبير المقاوالتي ،والذي يأخذ بعين اإلعتبار مبدأ التخطيط بإعتباره من أبرز المبادئ
الحكماتية التي يقوم عليها تدبير الشأن العام الترابي ،مما يحتم على المنتخب أن يكون
أكثر إنفتاحا وإلماما باآلليات القانونية التي تمكنه من توسيع دائرة تدخالته واإلستفادة
منها ،وأ ن يتصف بصفة ''المنتخب المقاول'' ،وهنا ربما تكمن الصعوبة في الجمع بين
258
عقلية اإلدارة ،وعقلية المقاول التي تقوم على الربح وتحقيق المردودية.
إن ما يجب أن يتميز به المنتخب الترابي على مستوى الجماعات الترابية ،يكمن
في التحكم في الخيارات والتوظيف المعقلن والفعال لإلمكانيات والموارد المالية والبشرية
وتجانسها مع األهداف المرسومة سلفا ،في إطار التخطيط اإلستراتيجي المتمثل في
المخططات والتصاميم والبرامج على مستوى الجماعات الترابية ،والتي أصبحت اليوم
تقوم على منطق النتائج أكثر من منطق الوسائل في إطار التدبير العمومي الجديد.
إن من بين اآلليات المهمة التي يجب على المنتخب الترابي اإلستعانة بها لتحقيق
التعاون والتضامن والشراكة في ميدان التدبير والتسيير والبرمجة والتخطيط ،نجد شركات
التنمية سواء على المستوى الجهوي أو على مستوى الجماعات الترابية األخرى ،والتي
توفر فرصة حقيقية نحو تحديث المنظومة التدبيرية للجماعات الترابية في المجالت
اإلقتصادية من جهة ،والرفع من الموارد الذاتية لها من جهة أخرى ،كما سبق وأن تطرقنا
إلى ذلك في المبحث األول.
-عقلة عبد الحق ،دراسات في علم التدبير ،دار القلم للطباعة والنشر ،الرباط ،الطبعة الثانية،8119، 258
ص062:
118
لكن المالحظ ،هو وجود تراخي وغياب للمبادرة في كثير من األحيان من طرف
النخبة السياسية على مستوى الجماعات الترابية ،وذلك راجع لمحدودية تكوينهم الذي ال
يؤهلهم لإلنخراط في عالقات تشاركية مع شركات تنموية راكمت من الخبرة والكفاءة
الشيء الكثير ،وهذا ما يدفعنا إلى المناشدة بضرورة جعل محدد التكوين والتجربة
المقاوالتية والخبرة في التدبير والتسيير ،كشروط ضرورية للترشح على األقل لمنصب
رئاسة الجماعات الترابية.
نفس العزوف أيضا ،طبع تعامل المنتخب الترابي مع آليات التعاون بين الجماعات
رغم أهميته في تعبئة الطاقات البشرية والمالية حول مشاريع ذات فائدة مشتركة بينها
وذلك راجع إلى تردد منتخبي الجماعات الغنية في غالب األحيان عن التعاون مع
الجماعات الفقيرة وتضارب المصالح بينها أو رفض بعض المنتخبين التنازل عن بعض
صالحياتهم لفائدة هيأة ترابية أخرى ،هذا فضال عن جهل بعضهم بالقانون وبآليات
التعاون والتضامن الترابي .ولعالج هذا المشكل يتطلب األمر وجود منتخبين ترابيين
مبادرين ،لهم القدرة على خلق إتفاقيات من شأنها أن تعود بالنفع على الجماعات الترابية،
ال سيما في المجاالت التي ال تستطيع هذه األخيرة تمويلها بمفردها ،هذه اإلتفاقيات
ستمكنها من البحث عن شركاء جدد من الداخل أوالخارج ،وهي إمكانية مهمة إذا تم
إستغاللها بشكل معقلن.
إن تدبير الشأن العام الترابي بالطريقة المثلى رهين بتأهيل المنتخب الترابي ،بحيث
يشكل التكوين العالي والممنهج والسلوكيات األخالقية القناة الرئيسية لتحسين أداء المنتخب
لذلك فإن تدبير الشأن العام الترابي واإلنخراط في منطق التعاون والتضامن 259
الترابي،
يستلزمان بالضرورة تشبع المنتخب بالقيم والمبادئ وبالكفاءة في التدبير والتسيير التي لن
تتأتى إال من خالل تخليق االنتخابات التي تعتبر القناة األولى إلفراز منتخبين ترابيين
-حسين سهام ،دور السلوكيات األخالقية في اإلصالح اإلداري ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، 259
كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة محمد الخامس ،الرباط ،السنة الجامعية ،8119-8112
ص.880:
118
جديرين بتحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقهم األمر الذي يفترض توفرهم على قيم
العدا لة والنزاهة واألمانة والكفاءة ،وفي هذا السياق يبرز دور األحزاب السياسية ،التي
ولألسف تمنح تزكيتها في االنتخابات لمرشحين أميين وعديمي التجربة ،والثقافة السياسية
والتدبيرية في نفس الوقت ،لكن في مقابل ذلك يتوفرون على نفوذ وسلطة معنوية ومادية
تكون هي المحدد للتنخيب ،الذي يكون فارغا من محتوى الكفاءة والخبرة والتجربة وعقيم
المردودية.
من خالل ماسبق ،فالسعي لتحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية ال تتطلب
فقط مداخل قانونية ومؤسساتية وتنظيمية لتحقيقها ،بل ال بد من مداخل تأهيلية وبشرية
تمكننا من إرساء ثقافة المنتخب الذي يجمع بين السياسة واإلدارة وحسن التسيير والتدبير
من أجل أجرأة وتنزيل السياسات العمومية على أرض الواقع ،بكل كفاءة وحنكة ومردودية
عالية في تحقيق النتائج ،وهذا لن يتحقق إال بتأهيل النخبة السياسية الترابية.
111
الفقرة الأولى :ا ألحزاب الس ياس ية وتكوين المنتخب الترابيي.
إن الوصول إلى تدبير الشأن العام الترابي يستلزم بالضرورة التوفر على مستوى
تعليمي يمكن المنتخب الترابي من ممارسة التدبير والتسيير والتخطيط ،لكن المالحظ هو
تراخي المشرع عن فرض المؤهل العلمي كشرط للترشح إلنتخابات مجالس الجماعات
الترابية ،أو على األقل إشتراطها بالنسبة للرئيس ونوابه بإعتبارهم أداة المجلس ومحركه،
لذلك فمن الالزم أن يكونوا على إطالع ودراية بالنصوص القانونية والجوانب التقنية
واإلدارية للجماعات الترابية ،لكن في نفس الوقت ،نرى أنه ال يجب أن نحمل المسؤولية
كاملة للدولة ،بل يجب أن يتم تقاسم المسؤولية مع األحزاب السياسية أيضا 260،بل وحتى
الهيئات والمؤسسات والمنظمات التي تشتغل في مجال البحث العلمي والتكوين والتي تهتم
بالشأن الترابي ،إذا كنا بالفعل نؤمن بالتشارك والتعاون من أجل المنفعة العامة.
فإذا كان المشرع قد جعل على عاتق الجهات مسؤولية اإلشراف على تكوين أعضاء
المجالس الترابية ،فإن هذا ال يعفي األحزاب السياسية من القيام بدورها في هذا المجال،
بل هو دور سابق حتى لدور الجهات على إعتبار أنه من المفروض أن يكون المنتخب
الترابي قد تلقى عدة تكوينات داخل حزبه السياسي الذي ينتمي إليه قبل منحه التزكية
الحزبية للدخول إلى غمار اإلستحقاقات اإلنتخابية الجماعية والجهوية ،وإال فكيف
لألحزاب السياسية أن ترفع في خطاباتها شعارات حسن التدبير والحكامة في التسيير وهي
في نفس الوقت من يعرقل مسار التنمية بالمغرب نتيجة تفريخها لمنتخبين دون المستوى،
يفترض فيهم قيادة قاطرة التنمية على مستوى الجهات والجماعات الترابية األخرى ،بسبب
261
هيمنة محدد الزبونية الحزبية والمال وتبادل المصالح السياسية الضيقة.
-شنفار عبد الله''،الفاعلون في السياسات العمومية الترابية'' ،مرجع سابق ،ص.816-811: 260
-غفال عماد ،الحكامة الجيدة ورهانات التنمية المحلية بالمغرب ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون 261
العام ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة القاضي عياض ،مراكش ،السنة الجامعية -8108
،8103ص.802 :
111
إنه من الواجب على األحزاب السياسية أن تعيد النظر في توزيع التزكيات بإشتراط
محدد الكفاءة والمستوى التعليمي ،هذا عالوة على التنزيل السليم لبرامج األحزاب فيما
يتعلق بالتكوين وتأطير المنتخبين ،وأن تخرج من إطار الشعارات والمتمنيات واآلمال
العابرة التي تظهر في المناسبات اإلنتخابية لتختفي بعدها ،فال شك أن ضعف أو غياب
البرامج التكوينية التي من المفروض أن تقدمها األحزاب السياسية للمنتخب الترابي ينعكس
سلبا على تدبير الشأن العام الترابي من جهة ،وعلى سمعة ومصداقية المنتخب الترابي
والحزب المنتمي إليه من جهة أخرى ،سيما وأن العزوف اإلنتخابي منتشر بشكل كبير
ألسباب عديدة ،يعود جزء منها إلى غياب الثقة في األحزاب السياسية ،نتيجة الوجوه
الحزبية التي تقدمها لإلستحقاقات اإلنتخابية والتي تفتقر إلى الكفاءة والحنكة والتكوين
262
الفعال ،ويبقى محدد المال والفساد اإلنتخابي هو المسيطر على المشهد السياسي.
وعلى هذا األساس ،أصبحت مسألة الرفع من المستوى التأهيلي للمنتخب الترابي
ضرورة ملحة ،لكن في نفس الوقت يجب أن نميز بين تكوين المنتخب ومستواه التعليمي،
فالعديد من المنتخبين خصوصا على مستوى الجماعات الترابية بالوسط القروي ،أميون
ومستوياتهم التعليمية جد متدنية وبالتالي فعن أي تكوين نتحدث ،في ظل وجود منتخبين
جماعيين غير قادرين على مسايرة وفهم ما يلقن لهم من األساس ،وبالتالي ال يمكن وضع
سياسة تكوينية على هذا األساس والمعطى ،من خالل هذه التباينات ،وفي ظل تكوين
يتم في ميادين متعلقة بالتدبير وعلم اإلدارة والتسيير المقاوالتي ،وبالتالي فالوظيفة اإلنتدابية
ونجاح سياسة التكوين المستمر ،تفترض في األصل مستوى تكويني وتعليمي معين يمكن
المنتخبين الجماعيين من فهم األدوار وتحمل المسؤوليات ،والرفع من مكانة الجماعات
-جردان إدريس ،دور العنصر البشري في تنمية الجماعات المحلية ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون 262
العام ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،أكدال ،الرباط ،السنة الجامعية ،8118-8110 ،ص.096 :
112
وبالتالي فعن أي إلتقائية للسياسات العمومية 263
الترابية إقتصاديا وتنمويا وإجتماعيا،
الترابية نطمح لبلوغها ،في ظل هذه اإلكراهات التي وجب التعامل معها بحزم ،وعلى
األحزاب السياسية تحمل مسؤوليتها في تفريخ مجالس ترابية غير قادرة على تدبير الشأن
العام من داخل مجالس الجماعات الترابية.
لم يعد من المقبول ،أن يستمر الوضع على ما هو عليه ،فقد آن األوان لألحزاب
السياسية أن ت ارجع ذاتها من أجل تأهيل نخبها وإعمال تكوينات أساسية وضرورية ،بل
تكون دورية ومواكبة للمستشارين المنتمين لكل حزب من أجل مواكبتهم ومساعدتهم على
تدبير شؤون جماعاتهم الترابية ،ومدهم بكافة الوسائل واآلليات الضرورية لتدبير الشأن
العام الترابي ،وبالتالي فاألحزاب السياسية اليوم مسؤولة عن تدبير الشأن العام بطريقة
مباشرة ،فلم يعد من المقبول أن تتجاهل نوعية النخب التي تمنحها التزكية للتنافس على
لما لذلك من عالقة وطيدة بنجاعة التدبير والتسيير في 264
تدبير الشأن العام الترابي،
ظل اإلختصاصات الواسعة المسندة للجماعات الترابية ،وفي ظل ما جاء به الميثاق
الوطني لالتمركز اإلداري من توسيع لصالحيات المصالح الالممركزة وتعاظم أدوارها
على المستوى الترابي ،بل وفي ظل رهان بلورة نموذج تنموي جديد مرتقب ،والذي يجب
أن يحمل ضمن مرتكزاته األساسية تأهيل المنتخب الترابي وتحديد معايير للتنخيب
السياسي قائمة على المستوى التعليمي األكاديمي والكفاءة العالية في التدبير.
-عدالني حنان ،تأهيل الموارد البشرية وتطوير أساليب تدبيرها بالوظيفة العمومية المغربية ،رسالة لنيل 263
شهادة الماستر بالقانون العام ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة محمد الخامس ،الرباط،
السنة الدراسية ،8100-8101ص.61-63:
-شنفار عبد الله''،الفاعلون في السياسات العمومية الترابية'' ،مرجع سابق ،ص.810 : 264
113
تحمله مسؤولية اإلشراف على تكوين المنتخبين الترابيين ،الذي يشكل مجاال خصبا
لمعالجة المشاكل التي تعيق عمل هذا األخير في ظل ضعف المستوى التعليمي ،وتعقد
الشأن العام الترابي بصفة عامة ،وإبراز الخصوصيات وتحديات إثراء المعارف وتعلم
أولويات الحكم ،وفضاءا مثاليا لممارسة الديمقراطية الترابية ،سواء كان المنتخب ينتمي
لألغلبية أو للمعارضة ،لذلك فهذه التكوينات سوف تفيد ال محال في تطوير المنتخب
الترابي في ظل تعقد المهام وصعوبتها.
ومع ذلك ،فإن تحميل المستوى الترابي المتمثل في الجهات هذا الدور طرح أكثر
من صعوبة ،سيما وأن الجهات تخوض ألول مرة هذه التجربة ،األمر الذي جعلها تعاني
من تأخر واضح في القيام بهذا الدور ،واإلعتماد على الو ازرة الوصية في القيام ببعض
الندوات واللقاءات التي تبقى دون المستوى المطلوب ،مما يحتم على بعض الجهات
اإلسراع في اإلنتهاء من التصميم المديري الجهوي للتكوين المستمر وأجرأته وتفعيله على
أرض الواقع ،السيما وأن الوالية اإلنتخابية قد شارفت على اإلنتهاء.
إن إعتماد المناضرات واللقاءات والندوات رغم أهميتها في عملية التكوين ،فإن
طابعها المناسباتي واإلنتقائي وعدم إعطائها الطابع اإللزامي يجعلها غير كافية ،مما يحتم
إحداث مؤسسات دائمة وقارة من شأنها تقوية وتعزيز القدرات التدبيرية للمنتخب الترابي،
لمواجهة التحديات التي تطرحها الجهوية المتقدمة في بداياتها األولى ،فنجاح هذه المرحلة
يعني الفوز بالرهان والفشل يعني تجدد اإلكراهات والعراقيل.
و بالنظر إلى اإلمكانيات التي يتطلبها تدبير المسائل المالية واإلقتصادية الترابية ،السيما
في ظل اإلختصاصات الكبيرة والمتنوعة التي تتوفر عليها الجماعات الترابية ،فإن ذلك
يستلزم على األقل خلق معهد عالي للجماعات الترابية على المستوى الوطني ،وخلق فروع
له على المستوى الجهوي وعلى مستوى العماالت واألقاليم ،ووضع مناهج تعليمية هادفة
تأخذ بعين اإلعتبار مختلف مستويات المنتخبين ،وكذلك اإلنفتاح على المعاهد والكليات
الوطنية قصد اإلستفادة من دروسها وتجربة أساتذتها حتى يتحقق نوع من التكامل ما بين
الجانب النظري والميداني ،وذلك إقتداء بالتجارب الدولية في هذا المجال.
111
لقد أكدت التجربة الفرنسية هذا التوجه ،حيث نجد أن فرنسا أحدثت مؤسسة وطنية
تم إنشائها بمقتضة المرسوم التطبيقي رقم 08.16.98وكذا التجربة السويدية التي تعتبر
رائدة في هذا المجال و التي أحدثت المدرسة المحلية السويدية وتعنى بتكوين المنتخبين
وهو ما نبهت إليه المناظرة الوطنية المنعقدة بتطوان سنة 0991تحت 265
المحليين،
شعار''إعالم وتكوين المنتخبين'' والتي خرجت بتوصيات مهمة في هذا اإلطار ،لكن
ولألسف بقيت حبيسة الرفوف دون أدنى محاولة من صانعي السياسات إلخراجها لحيز
الوجود ،حيث تمت التوصية بإنشاء مراكز للتكوين المهني متخصصة في التسيير
الجماعي وتنظيم دروس للمنتخبين لمتابعتهم ،وإحداث مؤسسة دائمة للتكوين تقام على
الصعيد الوطني ،يمكن للمنتخبين ولوجها مباشرة بعد اإلنتخابات للرفع من كفاءاتهم على
المستوى الجهوي لتعزيز الهياكل السياسية للجماعات الت اربية ،وإحداث مراكز للتكوين
على الصعيد الوطني والجهوي والمحلي للتتبع والتقييم وتنظيم دورات تكوينية وتدريبية
ميدانية تخص منهجية تحديد حاجيات الجماعات والتعرف على برامجها ومشاريعها
266
لتكوين المنتخبين بناء عليها.
عموما يمكن القول أن تمكين المنتخب الترابي من آليات وأدوات اإلشتغال ،يجب
أن يشكل أولوية في برامج اإلصالح العام والشمولي ،ألنه يعتبر حاليا محط العديد من
اإلنتقادات وسببا لجملة من العراقيل ،ولكن إذا تم العمل على تجاوزها فحتما نستطيع
حينئذ الحديث عن منتخب ترابي مؤهل لصناعة وتنفيذ السياسات العمومية وقادر على
بلورة اآلليات التنسيقية بين مختلف المتدخلين لبلوغ إلتقائية السياسات العمومية على
منهج علمي معرفي سليم يتحمل مسؤولية إعداد برامج ومخططات وتصاميم فعالة وناجحة
سواء من خالل التصور أو تعبئة الموارد المالية والبشرية ،وكذا من خالل تنفيذها السليم
-قدميري أحمد ،تدبير الموارد المالية والبشرية للجماعات الترابية في ظل تطور الالمركزية الترابية بالمغرب، 265
ص.086:
111
القادر على حل المشاكل العمومية والحيلولة دون تضييع الفرص التنموية وإهدار للجهد
والمال في مشاريع لن ترى النور وبالتالي السعي لتحقيق اإللتقائية المنشودة.
الفرع الأول :دور التخطيط الإستراتيجي في عقلنة تدبير الموظف الترابيي وتحقيق رهان
الإلتقائية
يعتبر التخطيط من أولى العمليات المطلوبة من المسؤولين ،وهو وسيلة مساعدة
على تحقيق األهداف ،وأمام اإلكراهات التي يعاني منها العنصر البشري على مستوى
-جردان إدريس ،دور العنصر البشري في تنمية الجماعات المحلية ،مرجع سابق ،ص029 : 267
111
التخطيط ،أصبح لزاما على اإلدارة القيام بإجراءات تصحيحية للوضع من خالل إعمال
التدبير التوقعي للموارد البشرية(الفقرة االولى) ،ثم اإلستعانة بتقنيات تحليل وتوصيف
الوظائف(الفقرة الثانية).
268
- Frederique BIGEYE, Gestion de ressources hymaines, dunod,Paris,1997,p81.
-عدالني حنان ،تأهيل الموارد البشرية وتطوير أساليب تدبيرها بالوظيفة العمومية المغربية ،مرجع سابق ، 269
ص.29:
112
المرتبطة بإستقطاب كفاءات جديدة ،وتكمن أهمية التدبير التوقعي للوظائف والكفاءات
في كونه يشمل األداة التي تمكن من معرفة الحالة الراهنة والمستقبلية للموارد البشرية،
وذلك بهدف اإلستعمال الفعال والمعقلن لها ،ومن أجل تحقيق التوازن الكمي والكيفي
كما أنه يعتبر 270
لمختلف األطر ،ومالءمتها مع الحاجيات وتطور المهام والوظائف.
من اآلليات التي يمكن بواسطتها تحديد نقط القوة قصد إستغاللها وإستثمارها ،وتحديد نقط
الضعف قصد معالجتها وتجاوز سلبياتها بناء على النتائج المحصل عليها .ومن خالل
عملية التدقيق والرصد يمكن إتخاذ مجموعة من التدابير التقويمية والعالجية التي تستهدف
271
وضع نظام حديث مبني على التدبير اإلستراتيجي للعنصر البشري.
كما يعتبر التدبير التوقعي للموارد البشرية من اآلليات الضرورية للتوفيق بين عروض
وطلبات الشغل الذي يمكن تحقيقه ،من خالل الدراسات التوقعية لتطوير حاجيات المحيط
اإلداري للمنظمات واإلدارات العمومية من خالل تكوين وتأهيل الكفاءات الضرورية
272
والمالئمة والقادرة على تلبية هذه اإلحتياجات.
وفي هذا اإلطار ،فإن التدبير التوقعي يهدف إلى تنفيذ ومتابعة سياسات ومخططات
عمل منسجمة ،ترمي إلى إختزال الفوارق المرتقبة بين الحاجيات والموارد المستقبلية
لإلدارة في عالقة مع مخططها التنموي واإلستراتيجي ،وبالتالي فهو يهدف إلى تبني
إجراءات وإتخاذ ق اررات لمواجهة طوارئ المستقبل ،على عكس الدراسات الواقعية التي
تختلف عن التدبير التوقعي ،في كونها ظهرت في فترة سابقة عنه من جهة ،ومن جهة
أخرى فالدراسات الواقعية تقوم على أساس ما هو متوفر دون اللجوء إلى األسلوب التوقعي
المبني على معطيات مستقبلية ودراسات إستراتيجية مما يجعل الدراسات الواقعية أقل
-جردان إدريس ،دور العنصر البشري في تنمية الجماعات المحلية ،مرجع سابق ،ص.098 : 270
-قدميري أحمد ،تدبير الموارد المالية والبشرية للجماعات الترابية في ظل تطور الالمركزية الترابية بالمغرب، 271
118
فائدة من التدبير التوقعي الذي يعتبر من العلوم اإلدارية المعمول بها في مجال تدبير
273
المنظمات.
إنه باإلطالع على واقع الجماعات الترابية ،نستطيع أن نستنتج إفتقارها لدليل مرجعي
للوظائف والكفاءات وبالتالي غياب التحليل التوقعي للمؤهالت وعدم توظيفها في العملية
التدبيرية للموارد البشرية ،مما يترتب عن ذلك على مستوى الممارسة ،التدبير العشوائي
للكفاءات والمؤهالت ،ويمكن رصد هذه المشاكل التدبيرية التي يجب العمل على إيجاد
حلول لها فيما يلي:
-غياب التحليل التوقعي للمؤهالت وعدم تدقيق حاجيات التوظيف بناء على
توصيف حقيقي للوظائف ومناصب الشغل ،وضعف آليات التوظيف ودراسة
الملفات واإلختيار واإلنتقاء.
-غياب التناسب ما بين مؤهالت العنصر البشري والمهام الواجب ممارستها ،مما
يؤدي إلهدار الكفاءات والمؤهالت ويؤثر على مردودية العمل اإلداري التدبيري
داخل الجماعات الترابية.
-غياب منهجية لضبط مواطن القصور والضعف لدى موظفي الجماعات الترابية
بسبب ضعف التصور اإلستراتيجي في مجال الموارد البشرية وكيفية إستثمارها،
مما ينعكس سلبا على تحقيق األهداف التنموية التي تصبوا إليها الجماعات
274
الترابية.
إن ما يعاب حسب وجهة نظرنا ،على تدبير الموارد البشرية بالجماعات الترابية،
يكمن في كونه ال يساير اإلكراهات والحاجيات الجديدة لتدبير الشأن العام الترابي ،وال
يستجيب لطموحات الموظفين في تنظيم مسارهم الوظيفي ،لذلك بات من الالزم إجراء
دراسات ميدانية وإحداث بنك معلومات ومعطيات حول تطور الموارد البشرية بالجماعات
الترابية وأن تتضمن الدراسة التوجهات العامة للتصميم المديري ،والخاص بكل قطاع
273
- Francois VETTES,op,cit,p25.
-جردان إدريس ،دور العنصر البشري في تنمية الجماعات المحلية ،مرجع سابق ،ص.91-29 : 274
118
وبكل الوظائف المختلفة من أجل التحديد الدقيق لمختلف الوظائف المزاولة من طرف
موظفي الجماعات الترابية ،وبالتالي فإن اإلعتماد على إطار مرجعي شمولي ،من شأنه
أن يحدد المبادئ والتوجهات التي ستمكننا من اإلنتقال من منطق التسيير القانوني
للموظفين إلى تبني منطق التدبير الحديث للموارد البشرية.
ومن أجل الرفع من فعالية ونجاعة اإلدارة الترابية على إعتبارها من المداخل
المساهمة في تحقيق إلتقائية السياسات العمومية ،إنطالقا من ضرورة توافر النجاعة
والكفاءة في التدبير والتخطيط والتسيير من طرف األطر اإلدارية بالجماعات الترابية،
والتي تعمل في نفس النسق والسياق مع النخبة السياسية المكلفة بتسيير شؤون هذه
الجماعات ،بات من الالزم على المشرع وضع نظام أساسي خاص بموظفي إدارة
الجم اعات الترابية على غرار ما هو معمول به في النظام األساسي للوظيفة العمومية،
275
لكن في نفس الوقت عليه أن يراعي خصوصيات الوظائف بهذه الجماعات عموما.
ويجب أن يحدد النظام األساسي المذكور على وجه الخصوص ،حقوق وواجبات الموظفين
بإدارة الجماعة ومؤسسات التعاون بين الجماعات ،ومجموعات الجماعات الترابية والقواعد
المطبقة على وضعيتهم النظامية ،ونظام أجورهم طبقا لما تنص عليه المادة 089من
القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات ،على غرار النموذج الفرنسي حيث أسهم إلقرار
وظيفة عمومية ترابية في تطوير كلي وشمولي لنظام اإلدارة المحلية وساهم في الرفع من
مردودية األداء والتوزيع الجيد لألدوار وإعتماد آليات مناسبة للتواصل الداخلي والخارجي،
276
والتتبع والتقييم مع توفير وسائل العمل.
وتماشيا مع التوجهات األساسية والقانونية الجديدة يتعين مراعاة خصوصيات اإلدارة
الجهوية حيث لم يحظ اإلطار التنظيمي الخاص بموظفي الجهة بتعديالت مهمة ،تراعي
خصوصيته وأهميته في ظل المستجدات المتتالية التي طرأت على التنظيم الترابي للمملكة،
-شوراق محمد ،إختصاصات الجماعات الترابية في ظل القانون التنظيمي رقم ،003.01دار أبي رقراق 275
121
حيث إن إعطاء دور تنموي بارز للمجالس الجهوية يعني بالضرورة إثقال كاهل موظفي
الجهة بأعباء ومسؤوليات جديدة تتطلب هيكلة مغايرة ،وهو ما لم يستجب له القانون إال
بشكل محدود ،بالتنصيص على دور رئيس الجهة في تحديد تنظيم وإختصاصات اإلدارة
277
الجهوية.
ولهذه األسباب فقد أصبح إقرار وظيفة ترابية جهوية مطلبا ضروريا حسب وجهة
نظرنا ،من أجل إسناد الدور الممنوح للجهة في قيادة التنمية ومن أجل تحقيق إلتقائية
السياسات العمومية الترابية ،عبر إشرافها على قضايا التخطيط الترابي وإعداد التراب
وبرامج التنمية الجهوية ،وتنفيذ هذه البرامج والمخططات والمشاريع بواسطة مؤسسات
متخصصة كشركات التنمية الجهوية والمحلية ،والوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع ،وهي
إختصاصات تتطلب موارد بشرية متخصصة تمكن من مواكبة الرهانات الكبرى المتوخاة
من مسار الجهوية المتقدمة ،عبر منحها نظاما إستثنائيا عن طريق الوضع رهن اإلشارة
ولمدة محدودة ألطر عليا من أصحاب الخبرة والكفاءة من إدارات ومؤسسات عمومية،
278
عالوة على اإلستعانة بكفاءات عليا في وضعية تقاعد.
-تقرير المجلس االقتصادي واإلجتماع ي والبيئي ،متطلبات الجهوية وتحديات إدماج السياسات القطاعية، 278
121
وتحليل مضامين الوظائف التي يشغلها العاملون بالجماعات الترابية ،من حيث
المهام التي يؤديها كل منهم بمؤهالته ومسؤولياته وذلك بغرض إعداد قائمة
جديدة بالوظائف وتوصيف لكل وظيفة.
وعملية التحليل هاته تهدف إلى الحصول على مختلف المعلومات والحقائق التي
تتعلق بتحديد مواصفات ومهام الوظائف ،وتحديد مضمونها ،وكذا شرح ظروف
أدائها وأساليب القيام بها ،وكذا عالقتها بالوظائف األخرى ،وهذا التحليل يهدف
إلى إعطاء معنى دقيق وشامل للوظيفة ،بحيث يتم التعرف على مختلف الخبرات
والمؤهالت الفنية والمعرفية ومختلف الشروط العامة والخاصة المرتبطة بهذا
العمل والغرض من كل ذلك .كما أن تحليل الوظائف يعتبر الوسيلة الوحيدة
ال متاحة حاليا إلدارة الموارد البشرية إلعداد قائمة وظائف جديدة وتوصيف لكل
279
وظيفة بأسلوب علمي ومفيد.
-فيما يتعلق بتوصيف الوظائف :فيقصد به الوصف الوظيفي ،وإعداد وصفي
لكل ما تتضمنه الوظيفة وتحديد مواصفات شاغلها ،وذلك بعد أن تكون اإلدارة
قد قامت بتحليل لوظائفها ،ويتضمن توصيف الوظائف بيانات عديدة لعل أهمها
التعريف بالوظيفة ومستواها التنظيمي ،ووصف للواجبات األساسية والمسؤوليات
المختلفة ،عالوة على بيئة ومحيط الوظيفية ،والعالقات الوظيفية ،باإلضافة إلى
الصالحيات التي يتمتع بها شاغل الوظيفة ومواصفاته ،بمعنى الشروط
280
والمؤهالت والمعارف والقدرات والمهارات الواجب توفرها في شاغل الوظيفة.
- 279جريفة محمد ،تنمية القوى البشرية :التخطيط اإلستراتيجي للكفاءات ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة
في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة محمد الخامس ،الرباط ،السنة الدراسية
،8112-8119ص.98:
-عدالني حنان ،تأهيل الموارد البشرية وتطوير أساليب تدبيرها بالوظيفة العمومية المغربية ،مرجع سابق، 280
ص.96:
122
هذا ويمثل الوصف الوظيفي السليم الحجر األساس لكل عمل بإدارة الموارد
البشرية ،لذلك فإن إعداده يعتبر مهما على الرغم من أن عملية إجراء التوصيف
هي عملية مكلفة ومعقدة ويتطلب إعدادها إستثما ار مهما ،لكن فوائدها على
اإلدارة جد مهمة ألن ذلك يساعد على إعداد أنظمة األجور والمكافئات وإعداد
نظام لتقييم العاملين ،وكذا إعداد خطط التطوير والتدريب وتسهيل إدماج العاملين
واإلرتقاء بعملية التعيين.281
وبناء على ماسبق فإن إعداد قائمة توصيف الوظائف تتضمن جميع
البيانات والتوضيحات الممكنة لتوصيف دقيق للمنصب من شأنها أن يساعد
على التدبير التوقعي للموارد البشرية للجماعات الترابية ،الشيئ الذي سيمكن
هذه األخيرة من التحكم في وظائفها وتعزيزها وذلك من أجل مواكبة المسار
التنموي الذي إنخرطت فيه ،والذي يصعب عليها مواكبته دون معرفة إحتياجاتها
من الموارد البشرية كميا ونوعيا ،كما أن التدبير التوقعي سيساهم في الحد من
اإلشكاالت التي تتخبط فيها الجماعات الترابية والتي تنعكس سلبا على مردودية
مواردها البشرية مما من شأنه خلق اإلنسجام بين مختلف وظائف تدبير الموارد
البشرية بالجماعات الترابية.
الفرع الثاني :ضرورة التحديث والإصالح لبلوغ تحقيق التقائية الس ياسات
إن تعزيز الدور التدخلي للجماعات الترابية في ظل التحديات التي الزالت مطروحة
أمامها في سياق تفعيل ورش الجهوية المتقدمة ،ينبغي تدعيمه بأطر وموارد بشرية ذات
إختصاصات متنوعة ،ولها إلمام وتكوين مستمر في مجال التخطيط والتنشيط واإلقتصاد،
وأن تكون واعية بواجباتها ومسؤولياتها ،ومؤهلة لتفعيل إختصاصاتها وقادرة على مواكبة
123
متغيرات تدبير الشأن العام الترابي ،حتى تتمكن من إنتاج سياسات عمومية ترابية تكون
أكثر فعالية وذات جودة تراعي مطمح تحقيق اإللتقائية للتعبير عن إحتياجات وطموحات
أفراد المجتمع ،الذي يشترط منطقيا توفر الموظف الترابي على الكفاءة والقدرة على الفعل
واإلبتكار واإلبداع من خالل تحسين ظروف عيشه وتمتعه بخدمات جيدة ،وهذا لن يتأتى
إال من خالل تقوية القدرات اإلدارية(الفقرة األولى) ،وتحديث آليات التوظيف والتكوين
والتحفيز(الفقرة الثانية).
-راجع منشور وزير الداخلية عدد 13بتاريخ 82يوليوز 8106بشأن تنظيم إدارات الجماعات ،منشور 282
121
لذلك يتطلب األمر تجاوز هذا التناقض السوسيو-إداري والعمل على تكييف الهياكل
التنظيمية مع الوسط البشري واإلجتماعي ومع الحقائق والخصوصيات الترابية ،لذلك
وجب العمل على تقييم نظم اإلدارة الخاصة بالجماعات الترابية ومدى مالءمتها لحجم
فال يعقل مثال أن تعمل جماعة ترابية كبيرة 284
وطبيعة األعمال والمهام المنوطة بها،
الحجم بنفس التنظيمات اإلدارية لجماعة ترابية صغيرة أو متوسطة ،األمر الذي يجعلنا
نطرح بقوة مسألة ضرورة إصالح اإلطار الهيكلي للجماعات الترابية ومراجعة الشبكة
اإلدارية من حيث نوعية البنيات اإلدارية ومدى تخصيصها بمهام ووظائف مناسبة.
إضافة إلى ماسبق ،يتعين تعزيز شبكة المصالح اإلدارية الترابية بآليات جديدة تواكب
المنظور الجديد للتدبير الترابي ،وتوفير البنيات المؤسسية المواكبة للتنمية الترابية ،حيث
ال يستقيم الحديث عن دور إقتصادي للجماعات الترابية ومساهمتها في تشجيع اإلستثمار
دون التوفر على هياكل متخصصة تابعة لها ،إذ ال يوجد بين هذه المصالح كلها أية
خلية إدارية مكلفة بالتفكير في التدبير اإلستراتيجي للتنمية ،تكون بعيدة عن التدبير
اإلداري اليومي ومكلفة فقط بابتكار أساليب جديدة للعمل التنموي وتتوفر على أطر
285
متخصصة في التخطيط.
وموازاة مع التجديد التنظيمي ،ينعين على السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية مواكبة
الجماعات الترابية من أجل تقوية قدراتها اإلدارية والتنظيمية ،وتحسين مردوديتها وتجويد
خدماتها ،عبر التنزيل المناسب لما ورد في القوانين التنظيمية من قواعد الحكامة المتعلقة
بحسن تطبيق مبدأ التدبير الحر وذلك بوضع منظومة متكاملة للتدبير العصري تتضمن
-زعنون عبد الرفيع ،تدبير التنمية الترابية بالمغرب ،مرجع سابق ،ص.891 : 284
-قافو رجاء ،تدبير الموارد البشرية للجماعات الترابية وإشكالية التكوين المستمر ،مرجع سابق ،ص.26: 285
121
إعداد نماذج للوحات القيادة ،وإعداد نظام معلوماتي مندمج يهم المجاالت المالية
286
والمحاسبية ،ووضعه رهن إشارة الجماعات الترابية وإعداد دالئل للمساطر اإلدارية.
وبالموازاة مع تثمين الموارد المالية وتأهيل الكفاءات البشرية ،يتعين اإلنخراط في
نهج تعاقدي جديد يتجاوز مخلفات المرحلة السابقة ،حيث تحولت عقود الدولة والجماعات
الترابية بمناسبة إنجاز بعض المشاريع الوطنية ذات البعد الترابي إلى عقود إذعان ،ال
تملك فيها أي مجال للتقرير ،إذ كرست وضعا فوقيا للدولة بحكم قوتها المؤسساتية
والمادية ،مما يجعلها تفرض شروطها ورؤيتها ورهاناتها على الشركاء الترابيين ،وبهذا
المسار فالتعاقد يتحول من فرصة إلى خطر على اإلستقالل المالي واإلداري الترابي
287
وينذر بعودة الشكل المركزي في التدبير.
لقد إحتلت إشكالية الرقابة مكانة مفصلية في التنظيم اإلداري المغربي ،سواء من
ناحية التأطير القانوني أو من حي ث المطالب السياسية المتعلقة بتوسيع آفاق الالمركزية
وسبل تعزيز إستقاللية الجماعات الترابية ،بشكل يسمح بضمان التواصل بين األجهزة
المدبرة والهيئات الرقابية.
إن الدولة تملك الحق في ممارسة الرقابة على الجماعات الترابية قصد التأكد من
مدى إحترامها إلختصاصاتها ،ومطابقة ق ارراتها لألنظمة الجاري بها العمل ،إال أنه أحيانا
تتجاوز هذه المراقبة حدود المشروعية لتبحث عن المالءمة 288.ويتضح ذلك في إشكاالت
التأشير على الميزانية والمقررات المالية التي لها وقع على الميزانية ،كما سبق وأن تطرقنا
لذلك في الفصل األول من هذه الرسالة.
-المادة 8من المرسوم 8.09.316الخاص بتحديد االليات واالدوات الالزمة لمواكبة الجماعة لبلوغ حكامة 286
جيدة في تدبير شؤونها وممارسة اإلختصاصات الموكولة إليها ،الجريدة الرسمية عدد 6129بتاريخ 09يوليوز
.8109
-زعنون عبد الرفيع ،تدبير التنمية الت اربية بالمغرب ،مرجع سابق ،ص898 : 287
- 288قريشي المصطفى'' ،القانون التنظيمي للجماعات تنفيذ للخطاب السياسي وتقييم للواقع الممارساتي'' ،منشورات
مجلة العلوم القانونية ،سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية ،8106 ،ص.91
121
وعلى هذا األساس نقترح إعتماد رقابة إدارية على الجماعات الترابية وفق منطلقات
موضوعية تقوم على حصر رقابة المصالح المركزية لو ازرة الداخلية على المقررات
المتقاطعة مع السياسة العامة للدولة ال سيما تلك التي تكون طرفا فيها ،مع تقوية رقابة
القرب تماشيا مع توسيع سياسة الالتركيز اإلداري ،ألن اإلنتقال من الدولة الوصية إلى
منطق الدولة المواكبة بات من أهم المطالب التي يجب أن تؤخذ بعين اإلعتبار في
التوجهات الحديثة للسياسات الالمركزية ،وهو ما يتطلب ضرورة التخفيف من الرقابة
القبلية تماشيا مع صيرورة المقاربة الجديدة لمفهوم الالمركزية الذي يجب أن يقوم على
منطق المصاحبة والمواكبة عوض الوصاية ،كما وجب في نفس السياق أن تسند للمحاكم
اإلدارية وظائف جديدة مطابقة للتوجهات الحديثة التي تميز الالمركزية في المغرب،
ويتعلق األمر بمهام اإلستشارة والوقاية ،وذلك بإدراج الوظيفة اإلستشارية ضمن
إختصاصات المحاكم اإلدارية على غرار النموذج الفرنسي ،ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى
ظهور طلب عريض على مستوى اإلدارة الترابية للدولة والجماعات الترابية في ميدان
اإلستشارة القانونية وجعلها وسيلة من وسائل تحضير القرار وتطوير عالقة المنتخبين
الترابيين بالقاضي اإلداري بإعتباره شريكا وليس مجرد رقيب ،األمر الذي سيقوي األمن
289
القانوني وسيغير إيجابا العقليات والسلوكيات لصالح التنمية الترابية ككل.
ومن خالل الرقابة التي تمارسها المحاكم المالية على الجماعات الترابية والمتمثلة
في المجالس الجهوية للحسابات ،وبالنظر إلى حجم اإلكراهات التي تعاني منها من حيث
الموارد البشرية وصعوبة التطرق لجميع الملفات المعروضة عليها بما فيها الجماعات
الترابية ،نقترح إحداث نوع من التخصص الوظيفي ،على غرار النموذج الفرنسي الذي
إستحدث محكمة خاصة بالتأديب مكلفة بالنظر في التجاوزات المالية التي يرتكبها
اآلمرون بالصرف ،من أجل تحقيق الجودة في الرقابة والسرعة في ضبط اإلختالالت
والدقة في تشخيص العوائق وإقتراح توصيات عالجية لها ،ويحتم هذا الوضع ضرورة
-اليعقوبي محمد ،الالمركزية اإلدارية بين الوهم والواقع ،مرجع سابق ،ص02: 289
122
إقرار إستراتيجية للتكوين المستمر لتحسين المستوى المهني للقضاة واألطر التقنية
واإلدارية ،لتمكينهم من التحكم في المناهج والوسائل الحديثة للمراقبة ،وتقوية كفاءتهم في
290
مجال التدقيق المالي.
-الكنوني كريمة ،التدقيق واإلستشارة بالوحدات الترابية-الجماعات الترابية نموذجا ،-أطروحة لنيل الدكتو ار 290
في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة عبد المالك السعدي ،طنجة ،السنة
الدراسية ،8101-8103ص.831 :
291
- Christian BATAL,la gestion des ressources humaines dans le secteur publicM
l’analyse des mat’éres des emplois compétences,tome1,édition 2008,p :55.
128
الترابية ،وبالتالي ضمان تحقيق اإللتقائية في إعداد السياسات العمومية الترابية
إنطالقا من تحقيق الكفاءة في الموارد البشرية.
بناء على هذا ،فإن محاولة تحليل العالقة بين تدبير التوظيف العمومي
الترابي بإعتباره حلقة أولية ومحورية وجوهرية ترتكز عليها منظومة تدبير الموارد
البشرية ،وبين تحدي الجماعات الترابية على مستوى الكفاءات والخبرات التي
تحتاجها يتطلب البحث بعمق عن إشكالية جوهرية تتجسد في تحديد المكانة
والعالقة التي يحتلها كل واحد منها في عالقته باآلخر ،لذلك وجب إعادة النظر
في الطرق التقليدية للتوظيف التي أدت إلى نتائج سلبية ،وتحديث آليات
التوظيف وذلك من خالل بعض األساليب الحديثة في عملية التوظيف ،سواء
من خالل توصيف الوظائف كما سبق وأن رأينا أو من خالل أسلوب التعاقد،
المغير والمتمم للنظام األساسي العام للوظيفة 292
إذ نص القانون 11.11
العمومية في الفصل 6مكررمنه ،على إمكانية اإلدارات العمومية بما فيها
الجماعات الترابية اللجوء إلى التعاقد بهدف اإلستجابة لحاجيات اإلدارة
293
الترابية.
إذا كانت عملية التوظيف تعتبر اللبنة األولى التي تنبني عليها باقي لبنات
الوظيفة بصفة عامة والوظيفة الترابية بصفة خاصة ،فمن البديهي أن اإلنطالقة
الفاشلة ال يمكن أن تتوقع منها سوى نتائج ضعيفة ،لهذا ينبغي أن تحظى عملية
التوظيف بإهتمام كبير ليس فقط على مستوى اإلطار القانوني ،وإنما أيضا على
المستوى التدبيري ،عبر تفعيل مقاربات ووسائل تدبيرية حديثة من شأنها عقلنة
-القانون 11.11الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 0.00.01بتاريخ 81ربيع األول 02(0138فبراير 292
128
تدبير عملية التوظيف ،وعليه ال يمكن تصور تحديث الجماعات الترابية دون
تحديث مواردها البشرية ،لذلك يجب على الجماعات الترابية حصر ومعرفة
الكفاءات البشرية التي تحتاجها بشكل دقيق من أجل الحصول على أعلى مستوى
في األداء اإلداري الذي تقدمه للمرتفقين بها ،كما أن هذه المعرفة تمكن من
294
الحصول على إدارة ترابية حديثة وبمواصفات عصرية.
-على مستوى التكوين :يشكل التكوين المستمر دعامة أساسية في تطوير مهارات
الموظف الترابي ،لذلك فإن عملية تطبيقه تستدعي تكاثف الجهود وتحديد
المسؤوليات ،وتبني إستراتيجية واضحة المعالم تأخذ بعين اإلعتبار مستوى
األفراد المستهدفين وكيفية إعتماد المناهج البيداغوجية في التكوين.
ذلك أن تحقيق التدبير الفعال الذي يحقق المردودية المرجوة يتطلب الرفع
من قدرات موظفي الجماعات الترابية ،حتى تتمكن من تدبير شؤونها المعقدة،
كما يجب كذلك إعتماد سياسة تكوينية ترمي أساسا إلى تأهيل الموظفين الترابيين
لإلستجابة للحاجيات المتجددة للمرتفقين ،واإلضطالع بالمهام التنموية التي
أصبحت تناط بالجماعات الترابية في ظل تفعيل ورش الجهوية المتقدمة ،ومن
جهة أخرى ال بد من إلتزام جميع الجماعات الترابية بتنفيذ برنامج التكوين
وتخصيص اإلعتمادات الكافية لذلك بتنسيق مع الجهة التي أضحت مسؤولة
عن التكوين الذي أصبح إختصاصا ذاتيا لها ،وتدعيم مؤسسات التكوين
بالوسائل المادية والبشرية الكفيلة بالقيام بمهامها على أحسن وجه ،إضافة إلى
تحفيز الموظفين بالجماعات الترابية على اإلنخراط في برامج التكوين المستمر
وجعله شرطا إلزاميا على كافة الموظفين.
-قافو رجاء ،تدبير الموارد البشرية للجماعات الترابية وإشكالية التكوين المستمر ،مرجع سابق ،ص.62: 294
181
ومن هذا المنطلق ،فإن الموظف الترابي ال يحتاج إلى المعطيات فقط ،بل
يحتاج أساسا إلى التقنيات والمهارات التي تمنحه القدرة على التعامل مع مختلف
المستجدات ،لذلك فالتكوين يجب أن يستجيب لعنصرين أساسيين ،العنصر
األول يكمن في تزويد الجماعات الترابية بالموظفين القادرين على تحمل المهام
التي تم توظيفهم من أجلها ،وذلك بالسرعة والكيفية المطلوبة .أما العنصر الثاني
فيكمن في األخذ بعين اإلعتبار التطور السريع لمهام وتقنيات اإلدارة من أجل
مسايرة التطورات والمتغيرات الالزمة أثناء الحياة اإلدارية للموظفين مما يبرز
أهمية التكوين المستمر و إستعمال الخبرة قصد تجديد وتوسيع مداركهم
295
المهنية.
-على مستوى تقييم األداء :يقصد بتقييم األداء ،قياس أداء الموظف الترابي
ومعرفة مدى كفاءته فيما يقوم به من أعمال ،فضال عن اإللمام بسلوكه وعالقته
ويعتبر تقييم األداء 296
بالوظيفة وقدرته على تولي وظيفة ذات مستوى أعلى،
من بين أهم التقنيات الحديثة لتدبير الموارد البشرية ،ألنه يشكل من جهة أسلوبا
للمتابعة واإلشراف المستمر على عمل الموظف بهدف تقييم مردوديته وفعاليته
في األداء ،وبالتالي قياس مردودية الجماعات الترابية ومدى فعالية أدائها ،وهي
كذلك طريقة لتقدير إستحقاقات الموظف في الترقية والترسيم والتحفيز ،ومن هنا
تبرز أهمية نظام تقييم األداء في منظومة تدبير الموارد البشرية ،ألنه ال يمكن
- 295ماء العينين محمد الغمام ،الوظيفة العمومية الترابية :من تسيير شؤون الموظفين الجماعيين إلى تدبير الموارد
البشرية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة محمد
األول ،وجدة ،السنة الدراسية ،8109-8106ص.92:
-قافو رجاء ،تدبير الموارد البشرية للجماعات الترابية وإشكالية التكوين المستمر ،مرجع سابق ،ص.39: 296
181
معرفة نتائج أداء الموظفين ،كما ال يمكن تطوير كفاءة وقدرات الموظفين دون
297
معرفة إمكانياتهم ومؤهالتهم الحقيقية.
وعلى هذا األساس ،يعتبر تقييم األداء الوسيلة الوحيدة لمعرفة مردودية
الموظف الترابي وقياس إنتاجيته ،وبالتالي الحكم على مستواه ككل ،وتقييم األداء
يسمح بالتعرف بطريقة موضوعية على مستوى أداء الفرد كما تتطلبه وظيفته،
ولكي تكون عملية التقييم سليمة وموضوعية ،يجب أن تقوم على مبادئ دقيقة
وعناصر محددة وشاملة لجميع جوانب العمل اإلداري ،مع التركيز على الجانب
المهني ،فعملية التقييم يفترض أن تحدد بصفة مسبقة أهداف الجماعة الترابية،
وأدوار كل فرد فيها ،بحيث يتسنى بعد ذلك معرفة نسبة النتائج المحققة بالمقارنة
مع األهداف المسطرة.
-فيما يتعلق بالتحفيز :هو عملية متعددة ومتنوعة العناصر تقوم بها اإلدارة إلثارة
رغبة الموظف في مضاعفة جهوده وبذل طاقاته ألداء عمله بأقصى ما يمكن
من مستويات المردودية واإلنتاجية ،والحافز هو ذلك العنصر الموضوعي الذي
يستجيب لرغبة الموظف عن طريق إشباعها ،وبالتالي يحرك لديه عملية الرد
على الحافز والمتمثلة في العمل الحيوي ومضاعفة الجهد في األداء الفعال
298
والمكثف.
ولعل أهم تعبير هو الذي إنطلق من التمييز بين الدوافع الكامنة في الفرد
بالحوافز ،كمجموعة من العوامل التي تعمل في التأثير على سلوك الموظف من
خالل إشباع حاجياته.
-العربي عياد ''،إشكالية التنقيط في الوظيفة العمومية'' المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،العدد ،29 297
،8119ص19:
-عقلة عبد الحق ،القانون اإلداري -المبادئ األساسية لدراسة القانون والعلم اإلداري ،دار العلم الرباط، 298
182
وبناء على ما تقدم نجد أن التوافق بين الحاجيات التي تحرك الفرد وبين وسائل
إشباع تلك الحاجيات هي المحدد للحالة المعنوية للموظف والتي تحدد أداءه وإنتاجيته
وكفاءته في األداء التنظيمي .وعلى هذا األساس فإن تطوير أداء الموظفين الترابيين
يرتبط بتحفيزهم المادي والمعنوي واإلهتمام بتطوير وضعيتهم من أجل تحقيق درجة عالية
من األداء اإلداري والذي ينعكس بطبيعة الحال على فعالية السياسات العمومية خاصة
من خالل دورهم في تحقيق النجاعة والفعالية والسرعة المطلوبة فيما يتعلق باإلجراءات
اإلدارية المصاحبة لعملية صناعة القرار العمومي الترابي ،هذه المهام واألدوار كفيلة
بتحقيق نجاعة األداء اإلداري وبالتالي تعزيز دور الموارد البشرية في تحقيق إلتقائية
299
السياسات العمومية الترابية.
-قدميري أ حمد ،تدبير الموارد المالية والبشرية للجماعات الترابية في ظل تطور الالمركزية الترابية بالمغرب، 299
183
خاتمة الفصل الثاني:
يتضح مما سبق أن السعي لتحقيق رهان إلتقائية السياسات العمومية الترابية يستلزم
اإلعتماد على مداخل مؤسساتية ،وبشرية /تأهيلية ،ويتضح ذلك من خالل ماحمله بحثنا
من جوانب تسعى لمقاربة إشكالية إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي ،وبعد
التطرق لدور وكاالت التنمية على المستوى الجهوي وخاصة الوكالة الجهوية لتنفيذ
المشاريع ،ووكاالت التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية لعماالت وأقاليم الشمال ،الجنوب
والشرق ،وشركات التنمية المحلية في تنفيذ السياسات العمومية والتنزيل السليم للبرامج
والمشاريع من خالل إعمالها آلليات التدبير العمومي الجديد المبني على التدبير المقاوالتي
ودورها في تدعيم ميزانيات الجماعات الترابية ،وتنزيل البرامج والمشاريع على أرض الواقع
لحل المشاكل العمومية واإلستجابة لتطلعات المواطنين ،هذا عالوة على مؤسسة المراكز
الجهوية لإلستثمار ودورها في تنزيل السياسات العمومية اإلستثمارية وتحقيق اإللتقائية
الترابية والتنسيق والتعاون بين مختلف المتدخلين في المجال اإلستثماري على صعيد
الجهة خاصة بعد إحداث اللجان الجهوية الموحدة لإلستثمار لضمان معالجة مندمجة
ومتناسقة لملفات اإلستثمار ،وكذا تنسيق عمل اإلدارات المختصة في مجال اإلستثمارات
لتحقيق اإللتقائية وضمان فعالية السياسات العمومية.
كما يشكل المدخل البشري/التأهيلي بدوره مدخال من مداخل تحقيق إلتقائية السياسات
العمومية على المستوى الترابي والتي تفترض وجود نخبة سياسية تقود مجالس الجماعات
الترابية والتي إشترطنا فيها محدد المستوى الدراسي والكفاءة والخبرة في مجال التسيير
والتدبير كمعايير للتنخيب ولنيل التزكيات الحزبية ،وبالتالي على األحزاب السياسية تحمل
مسؤوليتها بدل رفع شعارات الديمقراطية والتحديث واإلنخراط في المسار التنموي للبالد
في حين أن أصل المشكل راجع إليها ،كما يجب عليها العمل على وضع برامج تكوينية
لهذه النخب السياسية .كما يشكل الموظفون الترابيون على مستوى الجماعات الترابية
181
رهانا لتحقيق اإللتقائية والفعالية في السياسات العمومية من خالل دورها في ما يتعلق
باإلجراءات اإلدارية المصاحبة لصناعة القرار العمومي الترابي مما يحقق له الفعالية
والسرعة المطلوبة في اإلعداد اإلداري لذلك بات من الواجب العمل على تحفيز هذه
النخب اإلدارية وتكوينها من خالل دورات تكوينية للرفع من قدراتهم اإلدارية والتدبيرية.
181
خاتمة عـــــامة:
لقد حاولنا من خالل هذه الرسالة مقاربة موضوع شكل نقطة أسالت مداد الكثير من
الباحثين والمتتبعين للشأن العام الترابي ،من خالل مقاربة موضوع إلتقائية السياسات
العمومية الترابية الذي يشكل رهان التدبير العمومي الترابي الجديد ،وقد غعتمدنا في
دراستنا وتحليلنا للموضوع على دعائم عديدة تشكل في نظرنا مداخل هامة لتحقيق رهان
اإللتقائية ،ومن خالل بحثنا في الموضوع تأكد لنا بالملموس وجود إختالالت وكوابح تحد
من كسب رهان اإللتقائية ،فالتقطيع الجهوي المعتمد حاليا ال يدعم تحقيق التجانس
والتكامل بين الجهات المشكلة للتراب الوطني ،كما أن النظام الجبائي المعمول به حاليا
ال يدعم مالية الجماعات الترابية وبالتالي فهي تصبح غير قادرة على تنفيذ برامجها
ومشاريعها وتقديم بدائل ممكنة لحل المشاكل العمومية ،هذا فضال عن التداخل بين
اإلختصاصات وغياب البعد الترابي في السياسات العمومية الشيء الذي جعل المسألة
الترابية ورهان تحقيق اإللتقائية صعب المنال.
وبناء على ذلك فقد حاولنا قدر المستطاع التطرق لهذه اإلكراهات وتقديم بعض
المقترحات بناء على تجارب مقارنة في هذا المجال ،نرى أن بمقدور تفعيلها تحقيق
إلتقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي وضمان تحقيق الفعالية والنجاعة في
التدخالت العمومية ،وبالتالي تحقيق التكامل واإلندماجية واإللتقائية للسياسات العمومية
الترابية.
إن تفعيل اليات التضامن والتعاون والشراكة والتنسيق بين المتدخلين والتقييم الفعال
للسياسات العمومية والعمل على تفعيل التوصيات المنبثقة عن التقارير الموضوعاتية
للمجالس الجهوية للحسابات ،وتقارير المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي والبيئي لكفيلة
بحوكمة التدبير العمومي الترابي والدفع برهان اإللتقائية لألمام ،ألنه من دون إرادة سياسية
حقيقية وفعلية من صانعي السياسات ،وتظافر للجهود من طرف كل المتدخلين في
العملية التنموية على مستوى الجماعات الترابية والمصالح الالممركزة لإلدارات المركزية
181
ووكاالت التنمية وفعاليات المجتمع المدني المنظم ،واألحزاب السياسية التي وجب عليها
تحمل المسؤولية نتيجة تفريخ نخب سياسية عقيمة غير مؤهلة لقيادة قاطرة التنمية بالبالد،
خصوصا ونحن مقبلون على إخراج الصيغة النهائية للنموذج التنموي الذي نأمل أن يأخذ
بعين اإلعتبار إشكالية إلتقائية السياسات العمومية وخاصة الترابية منها.
ومن خالل ما سبق وسعيا لضمان تحقيق إلتقائية السياسات العمومية الترابية وضمان
فعاليتها ونجاعتها نقترح مايلي:
-على المشرع أن يعيد النظر في معايير توزيع مساهمات الدولة على الجهات ،فاألصل
أن الجهات ذات الموارد المحدودة ،يجب أن تحصل على دعم أكبر من الجهات التي
لها موارد متعددة ،و بالتالي فالجهات التي تعرف نقصا على مستوى اإلستثمارات العمومية
وضعفا في الموارد الجبائية في حاجة إلى مساهمة أكبر من طرف الدولة .كما نقترح
أيضا اإلسراع بإصالح شامل للمنظومة الجبائية كرافعة لتنمية موارد الجماعات الترابية،
وتحسين مناخ األعمال ،وضمان اإللتقائية واإلندماج والتجانس مع النظام الضريبي
الوطني ،وإستحضار التجارب المقارنة الرائدة في هذا المجال عالوة على ضرورة العمل
182
على إصدار مدونة شاملة للجبايات المحلية تراعي جوانب اإلنصاف والتوازن والفعالية
واإللتقائية.
-خلق قطب إداري جهوي يشمل جميع المتدخلين في سياسة إعداد التراب على
المستوى الجهوي وأن تمنح له صالحيات تقريرية وإختصاصات وازنة تضمن تحقيق
اإللتقائية والنجاعة على مستوى سياسة إعداد التراب.
-تعديل المادة 30من الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري ،وجعل مؤسسة رئاسة الجهة
ضمن تركيبة اللجنة الجهوية للتنسيق ،ألنه اليعقل أن نتحدث عن دور هذه األخيرة في
تحقيق اإللتقائية بين البرامج والمشاريع العمومية والتصاميم الجهوية إلعداد التراب وبرامج
التنمية الجهوية في ظل غياب مخاطب يمثل الجهة داخل هذه اللجنة.
-ضرورة تكوين مجلس وطني إلدارة الالتركيز وأن يشمل من بين أعضاءه ،رؤساء
الجماعات الترابية بتالوينها الثالث على المستوى الوطني ،من أجل العمل على تتبع و
تقويم أوجه القصور فيما يتعلق بالعالقات األفقية بين المتدخلين في الشأن الترابي من
أجل ضمان اإللتقائية الترابية و نجاح ورش الجهوية المتقدمة.
-إحداث مندوبيات جهوية وإقليمية تتضمن تجميع مصالح متعددة تضم أكثر من
قطاع وزاري لما لها من دور في تثمين إطار التعاقد مع الجماعات الترابية من خالل
التقليص من عدد المخاطبين وتجميعهم في إطار منظم على شكل مندوبيات مما
سيساهم المحالة في توحيد الرؤى وإلتقائية التدخالت العمومية في إطار مشروع تنموي
موحد على مستوى الجماعات الترابية.
-تفادي التعامل مع إعداد التراب بمنهجية قطاعية بدليل تخصيص و ازرة خاصة به
(و ازرة إعداد التراب الوطني والتعمير واإلسكان وسياسة المدينة) كباقي القطاعات
الو ازرية األخرى ،بل يجب أن تنخرط كل القطاعات الو ازرية وفق رؤية تشاركية في
188
تحديد اإلختيارات الكبرى لتهيئة المجال الوطني لضمان إلتقائيتها ،نظ ار للطابع األفقي
الذي يكتسيه إعداد التراب.
-خلق بنك للمشاريع التنموية وجذاذات ومعطيات ،ونشر برنامج عمل الجماعة على
نطاق واسع من أجل إستقطاب رؤوس األموال الخاصة لتنفيذ تلك المشاريع والبرامج في
إطار عقود شراكة ،كما يجب على مجالس الجماعات تنظيم ورشات وموائد مستديرة
يحضرها كافة الشركاء اإلقتصاديين واإلجتماعيين والفاعلين على المستوى الترابي،
لحثهم على المساهمة في تنفيذ برنامج عمل الجماعة ودعمه ماديا ومعنويا.
-إعتماد أسلوب شركات التنمية المحلية كبديل للتدبير العمومي الترابي وتنزيل السياسات
العمومية الترابية وتنفيذها ،بدل اإلعتماد على أسلوب التدبير المفوض الذي أبان عن
محدوديته في التدبير وأدى لضهور اإلحتجاجات الشعبية نتيجة سوء تدبيره وتسييره ،ولعل
تجربة ''أمانديس'' بمدينة طنجة لخير دليل على ذلك.
-العمل على إصدار قانون خاص بشركات التنمية المحلية ،وأن ينص على إمكانية إشراك
الخواص في شركات التنمية المحلية لإلستفادة من خبرتهم في التسيير المقاوالتي والتدبير
اإلستراتيجي ،ومن قدراتهم التمويلية الكبيرة ،على غرار التجربة الفرنسية التي تبنت ذلك
وأبانت الممارسة على نجاحها.
-العمل على إلغاء وكاالت التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية لعماالت وأقاليم
الشمال،الجنوب،والشرق .وإدم اج خبراتها وأطرها اإلدارية وتحويل ميزانيتها ووسائلها
للوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع على مستوى الجهات ،نظ ار المادية واللوجستيكية
إلشتراكهما في نفس اإلختصاصات.
-إعطاء مكانة لرؤساء الجماعات الترابية وعمال العماالت واألقاليم وممثلي الباطرونا
ضمن تركيبة المجلس اإلداري للمراكز الجهوية لإلستثمار من أجل تنسيق العمل التنموي
والتعبير عن اإلحتياجات وإقتراح التدابير ،بما يتالءم مع خصوصية كل جماعة ترابية.
188
والعمل على عدم إسناد رئاسة اللجان الجهوية الموحدة لإلستثمار لوالي الجهة ألنه حسب
وجهة نظرنا يكرس إلستم اررية تحكم و ازرة الداخلية في هذه المراكز على الرغم من
الصالحيات التقريرية الممنوحة لها.
-العمل على خلق معهد عالي للجماعات الترابية على المستوى الوطني ،وفروع له على
المستوى الجهوي وعلى مستوى العماالت واالقاليم ،يهتم بتكوين وتأهيل النخب السياسية
واإلدارية على مستوى الجماعات الترابية ،ويعمل على تنظيم دورات تكوينية ميدانية في
التدبير اإلداري والمالي للرفع من قدراتهم في التدبير والتسيير.
-العمل على وضع نظام أساسي خاص بموظفي الجماعات الترابية يراعي خصوصيات
الوظائف بهذه الجماعات ،والعمل على إحداث بنك معلومات على المستوى الجهوي
يحمل معطيات تطور الموارد البشرية ،وإعداد دليل مرجعي للوظائف والكفاءات والتحليل
التوقعي للمؤهالت متعلق بالجماعات الترابية.
181
قائمة المراجع:
الكتب:
-تميم عادل ،الجهوية المتقدمة بين إشكالية توزيع اإلختصاصات والتأطير
الدستوري دراسة مقارنة ،مؤسسة إفزارن للطباعة ،طنجة ،الطبعة األولى،
.8109
-جفري سعيد ،الجماعات الترابية بالمغرب ،مطبعة األمنية ،الرباط.8109،
-جفري سعيد ،قضايا علم السياسة ،مقاربات نظرية ،مطبعة دار المناهل،
الرباط8102 ،
-حسن صحيب ،القانون اإلداري المغربي ،التنظيم اإلداري ،مكتبة المعرفة،
.8106
-حيضرة عبد الكريم ،المختصر في التنظيم اإلداري المغربي ،مطبعة النجاح
الجديدة ،الدار البيضاء.8102 ،
-حيمود محمد ،مالية الجماعات الترابية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء ،الطبعة األولى،8109 ،
-الدربالي المحجوب ،جبايات الجماعات الترابية :دراسة تحليلية في ضوء تقرير
المجلس األعلى للحسابات و اخر إجتهادات القضاء اإلداري ،مطبعة
المعارف الجديدة ،الرباط.8106 ،
181
-الدكاري عبد الرحمان ،هالل عبد المجيد ،اإلدريسي عبد الواحد ،التعمير
وسياسة إعداد التراب ،مقاربة بيداغوجية ومنهجية ،المطبعة والوراقة الوطنية،
طنجة.8181 ،
-زعنون عبد الرفيع ،تدبير التنمية الترابية بالمغرب ،مطبعة األمنية ،الرباط،
الطبعة األولى.8181 ،
-شوراق محمد ،إختصاصات الجماعات الترابية في ظل القانون التنظيمي رقم
،003.01دار أبي رقراق للطباعة ،الطبعة األولى.8109 ،
-العطري عبد الرحيم ،صناعة النخبة بالمغرب :مفارقات التوريث واإلستحقاق،
مطبعة ووراقة بالل ،فاس ،الطبعة الرابعة.8181 ،
-عقلة عبد الحق ،القانون اإلداري-المبادئ األساسية لدراسة القانون والعلم
اإلداري ،دار العلم الرباط ،الجزء االول.8118 ،
-عقلة عبد الحق ،دراسات في علم التدبير ،دار القلم للطباعة والنشر ،الرباط،
الطبعة الثانية.8119،
-الفهداوي فهمي خليفة ،السياسة العامة منظور كلي في البيئة والتحليل ،دار
المسيرة للنشر والتوزيع ،الطبعة االولى8110 ،
-قبيبشي يونس ،التعاون الالمركزي الدولي للجماعات الترابية المغربية ،مكتبة
دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع ،الرباط.8181 ،
-قريشي المصطفى ،مالءمة نظام الالتمركز اإلداري بالمغرب مع متطلبات
الجهوية المتقدمة ،مطبعة دار السالم ،الطبعة االولى.8109،
-ملوكي رشيد ،التقطيع الجهوي ومسلسل التشكل الترابي بالمغرب-
السياقات.الوظائف.واألبعاد ،مكتبة االمنية ،الرباط.8109 ،
-نكاوي سعيد ،ميثاق الالتمركز اإلداري و التدبير الالمتمركز لإلستثمار،
مطبعة االمنية ،الرباط ،الطبعة األولى .8109
182
المجالت:
-أجعون أحمد'' ،شركات التنمية المحلية'' ،المجلة المغربية لألنظمة القانونية
والسياسية ،العدد8102 ،1
-أجالب رشيد'' ،أي دور للوالي في أفق النموذج التنموي الجديد'' ،المجلة
المغاربية للرصد القانوني و القضائي ،مكتبة ووراقة زاكيوي ،مكناس ،العدد
األول8181 ،
-ايت الشيخ محمد كريم'' ،اإلختصاصات الممنوحة للوالة تجاه المصالح
الالممركزة للدولة بين التصور الدستوري و التنزيل التنظيمي'' ،مجلة المنارة
للدراسات القانونية واإلدارية ،مطبعة دار السالم ،الرباط8181 ،
-بشتاوي فتيحة'' ،التسويق الترابي ودينامية المجال'' ،المجلة المغربية لألنظمة
القانونية والسياسية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى،
.8102
-بنلمليح منية '' ،المقاربة التشاركية وأهميتها في تدبير السياسات العمومية
الجهوية :برنامج التنمية الجهوي نموذجا'' ،المجلة المغربية لألنظمة القانونية
والسياسية ،مطبعة األمنية ،الرباط ،العدد ،09أكتوبر .8109
-بنلمليح منية '' ،برنامج عمل الجماعة :من التأصيل القانوني إلى التدبير
التشاركي'' ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،العدد ،018ماي-
يونيو .8181
-بنلمليح منية'' ،الجهات المتدخلة في تقييم السياسات العمومية الجهوية:
األدوار والحصيلة'' ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،العدد ،016
ماي-يونيو .8109
-بنيدي محمد عبد الحي '' ،تدبير السياسات العمومية بالمغرب :نموذج عقود
البرامج'' ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،العدد ،013نونبر-
دجنبر 8102
183
-البهالي خالد '' ،برامج عمل الجماعات الترابية الية لإلنماء واإللتقائية الترابية:
دراسة تحليلية'' ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،العدد ،012
شتنبر-أكتوبر .8109
-البوداني مصطفى-بوخريص زكرياء '' ،دور هياكل وأدوات إعداد التراب
الوطني في ترسيخ العدالة المجالية''،مجلة الدراسات السياسية واإلجتماعية،
منشورات حوارات ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،عدد مزدوج ،1-1
.8109
-بوطوال الحسن'' ،دور المجالس الجهوية للحسابات في رقابة أداء الجماعات
الترابية على ضوء مستجدات دستور ،''8100المجلة المغربية للقانون
اإلداري والعلوم اإلدارية ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط.8109 ،
-جامع نادية''،المراكز الجهوية لإلستثمار كمطلب للتنمية الجهوية'' ،المجلة
المغربية للقانون اإلداري والعلوم اإلدارية ،عدد8102 ،12
-حموتي سعيد'' ،الجهوية في المغرب نموذج إلصالح إدارة الالتمركز'' ،مجلة
العلوم السياسية والقانون ،المركز الديمقراطي العربي ،برلين-ألمانيا ،العدد
،02نفمبر 8109
-الخمليشي محمد'' ،أدوار المجلس األعلى للحسابات في تقييم السياسات
العمومية :مشروعية اإلختصاص وسياق الممارسة -دراسة تحليلية مقارنة-
'' ،منشورات المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية ،العدد الخاص
رقم ،83مطبعة األمنية ،الرباط.8181،
-الخمليشي محمد ''،في تقييم السياسات العمومية الترابية :مشروعية إختصاص
المجالس الجهوية للحسابات'' ،مجلة مسالك في الفكر والسياسة واإلقتصاد،
مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،العدد .8181 ،12-19
181
-الدربالي المحجوب'' ،التمويل الجبائي للجماعات الترابية :قراءة تحليلية على
ضوء المستجدات القانونية''،المركز المغربي للبحث و الدراسات الترابية،
سلسلة الندوات حول التمويل الترابي بالمغرب ،العدد االول8109 ،
-ركلمة أمين ،مالية الجماعات المحلية بين دواعي التجديد وافاق التطوير،
مجلة مسالك في الفكر والسياسة واإلقتصاد ،العدد ،31-89مطبعة النجاح
الجديدة ،الدار البيضاء8101 ،
-سالمة يونس '' ،الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص ،التوجه المغربي
على ضوء التجارب المقارنة'' ،السلسلة المغربية لبحوث اإلدارة و االقتصاد
والمال ،العدد الرابع /مطبعة طوب بريس ،الرباط ،الطبعة األولى.8100 ،
-سالمي يونس'' ،الشراكة قطاع عام ،قطاع خاص ،التوجه المغربي في ضوء
التجارب المقارنة'' ،السلسلة المغربية لبحوث اإلدارة واإلقتصاد والمال،
مطبعة طوب بريس ،الرباط ،العدد 8100 ،1
-سلكي محمد'' ،الالتمركز اإلداري والتحديث الجهوي بالمغرب :قراءة على
ضوء ميثاق الالتمركز اإلداري'' ،مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية،
مطبعة دار السالم ،الرباط8181 ،
-الشاوي عبد الغني'' ،دور المجلس الجماعي في التنمية االقتصادية
واإلجتماعية من خالل المادة 36من مشروع قانون ،''09.12المجلة
المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،العدد ،21-21يناير أبريل 8119
-شنفار عبد الله''،الفاعلون في السياسات العمومية الترابية'' ،المجلة المغربية
لإلدارة المحلية والتنمية ،العدد ،031السنة 8181
-صدوقي محمد ،الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع :الرهانات واإلكراهات ،المجلة
المغربية للقانون اإلداري والعلوم اإلدارية ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط،
عدد مزدوج 8109 ،3-8
181
-عاجل ياسر'' ،معيقات التنمية الجهوية ورهان النموذج التنموي الجديد'' ،مجلة
المنارة للدراسات القانونية واإلدارية ،سلسلة مؤلفات جماعية ،دار القلم
للطباعة ،الطبعة االولى 8181
-عاجل ياسير'' ،تحديات تحديث اإلدارة الجهوية في تدبير السياسات العمومية
الترابية بالمغرب'' ،المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية ،تنسيق
أحمد أجعون ،مطبعة األمنية ،الرباط8109 ،
-علي الحنودي ،الدولة وتدبير السياسات العمومية الترابية ،المجلة المغربية
لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج ،031 -031ماي .8109
-عبدي مصطفى ،نشأة و تطور مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية في
التشريعين الفرنسي و المغربي ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية،
العدد ،010-011يناير -أبريل 8181
-عدنان رشيد '' ،نشأة وتطور عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص''،
مجلة مسالك في الفكر والسياسة واإلقتصاد ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء ،العدد .8100 ،02-09
-عدنان رشيد'' ،الشراكة العمومية الخاصة ،براديغم جديد للحكامة التشاركية''،
سلسلة الالمركزية واإلدارة الترابية ،مطبعة طوب بريس ،الرباط ،العدد،81
8103
-العربي عياد ''،إشكالية التنقيط في الوظيفة العمومية'' المجلة المغربية لإلدارة
المحلية والتنمية ،العدد 8119 ،29
-الغازي خالد '' ،التدبير الالمتمركز لإلستثمار والمفهوم الجديد للسلطة''،
المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد 8118 ،99
-قريشي المصطفى'' ،القانون التنظيمي للجماعات تنفيذ للخطاب السياسي
وتقييم للواقع الممارساتي'' ،منشورات مجلة العلوم القانونية ،سلسلة الدراسات
الدستورية والسياسية8106 ،
181
-كزال أحمد'' ،أهمية واليات التعاون الالمركزي الدولي'' ،المجلة المغربية
لإلدارة المحلية والتنمية ،العدد ،96يناير-فبراير 8100
-مجلة المالية ،ملف خاص بالمالية المحلية :تكريس فعالية التدبير الترابي،
العدد ،89يناير 8106
-محمد زين الدين'' ،إشكالية تجديد النخب بالمغرب'' ،مجلة فكر و نقد ،العدد
.8106 ،20
المرابط خليد ''،الحرية التعاقدية والفعلية للسلطة التنظيمية للجماعات الترابية -
في ظل القوانين التنظيمية لسنة ،''8101المجلة المغربية لإلدارة المحلية
والتنمية ،العدد ،013نونبر-دجنبر .8102
-المستاري محمد ،تحديات وإكراهات سياسة الجهوية المتقدمة بالمغرب ،مجلة
العلوم اإلجتماعية ،المركز الديمقراطي العربي ،برلين ،ألمانيا ،العدد ،1غشت
8102
-معمر المصطفى'' ،الال مركزية والتمويل الذاتي للجماعات الترابية قراءة في
القانون التنظيمي للجهة'' ،المركز المغربي للبحث والدراسات الترابية ،سلسلة
الندوات حول التمويل الترابي بالمغرب ،العدد االول8109 ،
-مليح هشام'' ،سؤال الحكامة الترابية بالمغرب'' ،مجلة مسالك في الفكر
والسياسة واإلقتصاد ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،العدد -80
.8108 ،88
-هسكر بهيجة ''،الجماعة المقاولة بالمغرب :األسس المقومات والرهانات''،
سلسلة الالمركزية واإلدارة المحلية ،مطبعة األمنية ،الرباط ،العدد ،1
،8101
-يحيا محمد ،مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية بين التفسيرين الضيق
والواسع في القانون الدستوري واإلداري المغربيين ،المجلة المغربية لإلدارة
المحلية و التنمية ،العدد 8109 ،033
182
-اليعقوبي محمد'' ،األسس الدستورية لالمركزية و الجهوية المتقدمة بالمغرب''،
المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية ،العدد ،039نفمبر– دجنبر
8109
-اليعقوبي محمد ،المفهوم الدستوري للتدبير الحر بالمغرب ،المجلة المغربية
لإلدارة المحلية و التنمية ،العدد ،013نونبر – دجنبر2018
-اليعكوبي محمد'' ،مفهوم الشراكة'' ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية،
العدد ،018يناير-فبراير 8108
األطروحات الجامعية:
188
واإلجتماعية ،جامعة القاضي عياض ،مراكش ،السنة الدراسية -8106
8109
-حمرالراس سناء ،التدبير المالي الترابي بين إكراهات الواقع و متطلبات
الحكامة ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية و
اإلقتصادية و اإلجتماعية ،أكدال ،الرباط ،السنة الجامعية8109-8106 ،
-الزروقي عدنان ،السياسات العمومية و المسألة الترابية إشكالية العالقة بين
الدولة و الجماعات الترابية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،مركز
دراسات الدكتوراه في العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية و التدبير،
جامعة الحسن األول ،سطات ،السنة الجامعية 8109-8102
-سرار نجاة ،إشكالية العالقة بين التنمية المستدامة والجهوية المتقدمة ،أطروحة
لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية،
جامعة عبد المالك السعدي ،طنجة ،السنة الدراسية .8103-8108
-غفال عماد ،الحكامة الجيدة ورهانات التنمية المحلية بالمغرب ،أطروحة لنيل
شهادة الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية
واإلجتماعية ،جامعة القاضي عياض ،مراكش ،السنة الجامعية -8108
.8103
-قدميري أحمد ،تدبير الموارد المالية والبشرية للجماعات الترابية في ظل تطور
الالمركزية الترابية بالمغرب ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،مختبر
األبحاث حول اإلنتقال الديمقراطي المقارن ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية
واإلجتماعية ،جامعة الحسن األول ،سطات ،السنة الدراسية ،8102-8109
-كحالوي عبد الرحيم ،إندماجية السياسات العمومية بالمغرب و متطلبات
التنمية المحلية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،مركز الدراسات في
الدكتوراه قانون اإلقتصاد و التدبير ،كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية و
188
اإلجتماعية ،جامعة عبد المالك السعدي ،طنجة ،الموسم الجامعي -8106
،8109
-الكنوني كريمة ،التدقيق واإلستشارة بالوحدات الترابية-الجماعات الترابية
نموذجا ،-أطروحة لنيل الدكتو ار في القانون العام ،كلية العلوم القانونية
واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة عبد المالك السعدي ،طنجة ،السنة الدراسية
8101-8103
-مجيدي محمد ،دور المجالس الجهوية للحسابات في تطوير أداء الجماعات
المحلية ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد
الخامس ،أكدال-الرباط ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،السنة
الجامعية .8119-8116
-ملوكي رشيد ،التقطيع الجهوي بالمغرب قراءة في سياق التحول و إستشراف
أفق الجهوية المتقدمة ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم
القانونية و االقتصادية و االجتماعية ،جامعة الحسن األول ،سطات ،السنة
الجامعية.8106/8101 ،
الرسائل الجامعية:
-أحمد الوحيدي ،سياسة التنمية اإلجتماعية لوكالة اإلنعاش و التنمية
اإلقتصادية و اإلجتماعية لعماالت و أقاليم شمال المغرب ،بحث لنيل دبلوم
الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم
القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،أكدال-الرباط8118-8110 ،
-أقنوش سهام ،إلتقائية السياسات العمومية الترابية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر
في القانون العام ،م استر السياسات العمومية ،كلية العلوم القانونية
واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة موالي إسماعيل ،مكناس ،السنة الجامعية
8102-8109
211
-أنامنا ليلى ،الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع على ضوء القانون التنظيمي
للجهة ،000.01رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،ماستر القانون
العام الداخلي وتنظيم الجماعات الترابية ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية
واإلجتماعية ،جامعة القاضي عياض ،مراكش ،السنة الدراسية -8106
8109
-أهيري محمد ،صناعة القرار العمومي الترابي وفعالية السياسات العمومية
الترابية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية
واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة محمد الخامس ،الرباط ،السنة الدراسية
.8109-8106
-جريفة محمد ،تنمية القوى البشرية :التخطيط اإلستراتيجي للكفاءات ،رسالة
لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ،كلية العلوم القانونية
واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة محمد الخامس ،الرباط ،السنة الدراسية
8112-8119
-جيادي سميرة ،اإلصالح الجبائي المحلي على ضوء القانون رقم ،19.16
رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية
و اإلجنماعية ،المحمدية ،السنة الد ارسية 8112-8119
-حراتي مراد ،الجهوية المتقدمة وسياسة إعداد التراب-دراسة مقارنة ،-رسالة
لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،ماستر القانون اإلداري وعلم اإلدارة،
كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة القاضي عياض،
مراكش ،السنة الجامعية .8109-8106
-حسين سهام ،دور السلوكيات األخالقية في اإلصالح اإلداري ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية،
جامعة محمد الخامس ،الرباط ،السنة الجامعية 8119-8112
211
-السليماني مروان ،المراكز الجهوية لإلستثمار وسؤال تحقيق الفعالية ،رسالة
لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية
واإلجتماعية ،جامعة عبد المالك السعدي ،طنجة ،السنة الجامعية -8102
8109
-شاهدي احمد شوقي ،المراكز الجهوية لإلستثمار بالمغرب ،مكامن الخلل
ومداخل اإلصالح ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،كلية العلوم
القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية-أكدال ،جامعة محمد الخامس ،الرباط،
السنة الدراسية 8181-8109
-شاوش محمد ،الحكامة التشاركية في التدبير العمومي الترابي بالمغرب ،رسالة
لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،الكلية المتعددة التخصصات بالناظور،
السنة الدراسية 8109-8102
-شويكر سعيدة ،الشراكة المؤسساتية ورهان التنمية ،نموذج شركات التنمية
المحلية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية
واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة عبد المالك السعدي ،طنجة ،السنة
الجامعية 8100-8101
-الطاهري عبد الفتاح ،موقع الجهة داخل مستويات التنظيم الترابي :محاولة
لتحليل السياسات العمومية الترابية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
العام ،ماستر السياسات العمومية ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية
واإلجتماعية ،جامعة موالي إسماعيل ،مكناس ،السنة الدراسية -8109
.8102
-عابدي شريف ،برنامج عمل الجماعة أداة للتنمية المحلية ،الجماعة الترابية
مكناس نموذجا ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،كلية العلوم
القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة موالي إسماعيل ،مكناس ،السنة
الدراسية .8102-8109
212
-عدالني حنان ،تأهيل الموارد البشرية وتطوير أساليب تدبيرها بالوظيفة
العمومية المغربية ،رسالة لنيل شهادة الماستر بالقانون العام ،كلية العلوم
القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة محمد الخامس ،الرباط ،السنة
الدراسية 8100-8101
-غرابي يوسف ،التقطيع الترابي :أية سياسة تدبيرية في بلورة التنمية الجهوية،
رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية
و اإلجتماعية ،جامعة القاضي عياض ،مراكش ،السنة الجامعية
8109/8106
-قافو رجاء ،تدبير الموارد البشرية للجماعات الترابية وإشكالية التكوين
المستمر ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية
واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة القاضي عياض ،مراكش ،السنة الدراسية
8109-8106
-كابغير محمد ،دراسة عالقة الدولة المركزية بالمجال الترابي المغربي بعد
8100في ضوء نظريتي المركز-المحيط وإعادة اإلنتاج ،رسالة لنيل دبلوم
الماستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية،
جامعة إبن زهر ،أكادير ،السنة الجامعية 8102/8109
-كامل علي ،شركات التنمية المحلية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
العام ،ماستر القانون العام الداخلي وتنظيم الجماعات الترابية ،كلية العلوم
القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة القاضي عياض ،مراكش ،السنة
الدراسية 8109-8102
-ماء العينين محمد الغمام ،الوظيفة العمومية الترابية :من تسيير شؤون
الموظفين الجماعيين إلى تدبير الموارد البشرية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في
القانون العام ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة محمد
األول ،وجدة ،السنة الدراسية 8109-8106
213
-متوكل محمد ،التقسيم الجهوي الجديد بالمغرب بين هدف ضبط المجال ورهان
تنميته ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة إبن زهر ،أكادير ،السنة الجامعية
8109/8106
-محمد أصفريو ،برامج وسياسات مكافحة الفقر بالمغرب :تحليل وتقييم ،رسالة
لنيل دبلوم الماستر في القانون العام و العلوم السياسية ،جامعة محمد
الخامس ،الرباط ،كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية و االجتماعية أكدال،
السنة الجامعية 8102-8109
القوانين والمراسيم:
-القانون 26.08الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،0.01.098الصادر
في فاتح ربيع األول 81(0136دجنبر ،)8101المنشور بالجريدة الرسمية
عدد 6382بتاريخ فاتح ربيع الثاني 88(0136يناير ،)8101ص.8011:
-القانون رقم 19.96الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 0.99.21بتاريخ
83ذي القعدة 8( 0109أبريل ،0999المنشور بالجريدة الرسمية عدد
1191بتاريخ 81ذي القعدة 1 ( 0109أبريل ،)0999ص.116:
-القانون 19.16المتعلق بالجبايات المحلية ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف
0.19.091بتاريخ 09ذي القعدة 31( 0182نفمبر ،8119المنشور
بالجريدة الرسمية عدد 1123بتاريخ 88ذي القعدة 3( 0182دجنبر
،)8119ص0811 :
-القانون رقم 31.29المحدد بموجبه نظام الضرائب المستحقة للجماعات
المحلية وهيئاتها ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 0.29.029بتاريخ 80
ربيع الثاني 80( 0101نفمبر ،)0929المنشور بالجريدة الرسمية عدد
1183بتاريخ 19جمادى االولى 6 (0101دجنبر ،)0929ص.0161:
211
-القانون رقم 39.19الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 0.19.819بتاريخ 06
ذي الحجة 89(0182دجنبر ،8119المنشور بالجريدة الرسمية عدد 1190
بتاريخ 81ذي الحجة 30( 0182دجنبر ،)8119ص.0399:
-مرسوم رقم 8.06.899بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه
وتحيينه وتقييمه واليات الحوار والتشاور إلعداده ،الصادر بتاريخ 83رمضان
89( 0139يونيو ،)8106المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6128بتاريخ
2شوال 01 ( 0139يوليوز ،)8106ص.0612 :
-المرسوم رقم 8.06.310الخاص بتحديد مسطرة إعداد برنامج عمل الجماعة
وتتبعه وتحيينه وتقييمه واليات الحوار والتشاور إلعداده ،الصادر بتاريخ 89
يونيو ،8106الجريدة الرسمية عدد .6128
-المرسوم رقم 8.09.123بتحديد مسطرة إعداد التصميم الجهوي إلعداد
التراب وتحيينه وتقييمه ،الصادر في 9محرم 82( 0139شتنبر ،)8109
المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6602بتاريخ 8نفمبر .8109
-المرسوم رقم 8.01.11بتحديد عدد الجهات وتسمياتها ومراكزها والعماالت
واألقاليم المكونة لها ،الصادر بتاريخ فاتح جمادى االولى 81(0136فبراير
،)8101المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6311بتاريخ 01جمادى
االولى 1(0136مارس ،)8101ص0026:
-المرسوم رقم 8.09.11بتحديد نموذج التصميم المديري المرجعي لالتمركز
اإلداري الصادر في 09جمادى األولى 81( 0111يناير ،)8109المنشور
بالجريدة الرسمية عدد 6916مكرر ،بتاريخ 06جمادى األولى81 ( 0111
يناير .)8109
211
-المرسوم رقم 8.09.602بمثابة ميثاق وطني لالتمركز اإلداري ،الصادر في
02ربيع الثاني 86(0111دجنبر ،)8102جريدة رسمية عدد ،6932
بتاريخ 09ربيع الثاني 89(0111دجنبر ،)8102ص.9929:
-المرسوم رقم 8.01.999الصادر بتاريخ 02ربيع االول 31(0139دجنبر
،)8101المنشور بالجريدة الرسمية عدد ،6130بتاريخ 9ربيع الثاني
02(0139يناير ،)8106ص.312:
-المرسوم التطبيقي رقم 8.01.11الصادر في 03ماي 8101بتطبيق
القانون رقم 26.08المتعلق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص ،المنشور
بالجريدة الرسمية عدد 6361بتاريخ 0يونيو .8101
211
-تقرير المنظمة األمريكية لتشجيع التنمية في الدول النامية ،منشور على الموقع
www.unctad.com
-تقرير المجلس األعلى للحسابات حول تقييم أداء المراكز الجهوية لإلستثمار
لسنة 8109
-المناظرة الوطنية األولى حول الجهوية المتقدمة ،المنظمة من طرف و ازرة
الداخلية بشراكة مع جمعية جهات المغرب بمدينة أكادير ،وذلك يومي 81
و 80دجنبر 8109
-توصيات اللجنة الوطنية للحوار الوطني حول المجتمع المدني وأدواره
التالي: اإللكتروني الرابط على منشور الجديدة، الدستورية
www.hiwarmadani2013.ma
-التصميم المديري لالتمركز اإلداري الخاص بو ازرة الداخلية :الجداول
التجميعية ،شتنبر 8181
212
d'influence'', thése de doctorat en droit public, FSJES Tanger,
édition 2013-2011
- Mohammed EL YAAGOUBI, pour un état territorial équilibré,
un processus en évolution, REMALD, n°133, Mars-Avril 2017
- Frederique BIGEYE, Gestion de ressources hymaines,
dunod,Paris,1997
- Francois VETTES; La gestion prévisionnelle et mesure de la
performance, dunod, paris,2008
- Christian BATAL,la gestion des ressources humaines dans le
secteur publicM l’analyse des mat’éres des emplois
compétences,tome1,édition 2008,p :55.
- NOUSRIA Mohamed, les contraintes et les limites de la
gestion des affaires communals au maroc: constance et
évaluation, Mémoire de fin d'études du angles supérieur au
gestion administratives, école nationale d'administration,
Rabat,2012
- MULLER Pieerr,les politique publiques,Presses universitaires
de France,Paris,4eme édition,2000
218
الفهرس:
مـقـدمـة10..................................................................................................................:
الفصل ا ألول :المدخل القانوني والتدبيري كدعامة لتحقيق الإلتقائية01..........................................
المبحث ا ألول :المدخل القانوني ودوره في تحقيق اإلتقائية الس ياسات العمومية01.............................
المطلب ا ألول :القوانين المؤطرة لالمركزية كوعاء لتحقيق الإلتقائية01............................................
الفرع ا ألول :مكانة التقطيع الجهوي ومبد أأ التدبير الحر في تحقيق اإلتقائية الس ياسات01.....................
الفقرة ا ألولى :على مس توى س ياسة التقطيع الجهوي01............................................................
الفقرة الثانية :التحديد الواضح لمبد أأ التدبير الحر وموقعه من تحقيق الإلتقائية11................................
الفرع الثاني :ضبط س ياسة التفريع وإاصالح المنظومة الجبائية كرهان لتحقيق الإلتقائية12...................
الفقرة ا ألولى :على مس توى مبد أأ التفريع وتوزيع الإختصاصات الترابية12.......................................
الفقرة الثانية :اإصالح المنظومة القانونية للجباايت المحلية11.........................................................
المطلب الثاني :ميثاق الالتمركز الإداري كدعامة لتحقيق اإلتقائية الس ياسات العمومية الترابية11............
الفرع ا ألول :الالتمركز الإداري ،ودور الوالي/العامل في ضمان اإلتقائية الس ياسات10..........................
تكريس في ومساهمته الإداري الالتمركز ا ألولى: الفقرة
الإلتقائية10.................................................
الفقرة الثانية :الوالي/العامل وضمان التقائية الس ياسات على المس توى
الترابيي14.................................
الفرع الثاني :التصاميم المديرية لالتمركز الإداري ورهان تحقيق اإلتقائية الس ياسات العمومية11..............
لالتمركز المديرية للتصاميم ا ألساس ية المرتكزات ا ألولى: الفقرة
الإداري11..........................................
الفقرة الثانية :التصميم المديري لالتمركز الإداري -قراءة في التصميم المديري لوزارة الداخلية
كنموذج12.....
المبحث الثاني :المدخل التدبيري كدعامة لتحقيق اإلتقائية الس ياسات العمومية الترابية40.....................
المطلب ا ألول :التعاقد والتخطيط الترابيي كآليتين لتحقيق الإلتقائية41............................................
تحقيق في ومكانته الترابيي التعاقد ا ألول: الفرع
الإلتقائية41...........................................................
218
الإختصاصات لممارسة كآلية الترابيي التعاقد ا ألولى: الفقرة
المشتركة41..............................................
الفقرة الثانية :الشروط المؤطرة للتعاقد الترابيي46......................................................................
الفرع الثاني :التخطيط الترابيي وموقعه من تحقيق الإلتقائية الترابية20.............................................
الفقرة ا ألولى :التصميم الجهوي لإعداد التراب20......................................................................
الفقرة الثانية :برانمج التنمية الجهوية21..................................................................................
عمل برانمج الثالثة: الفقرة
الجماعة27....................................................................................
المطلب الثاني :التشارك والتقييم كدعامة لتحقيق
الإلتقائية61.....................................................
الفرع ا ألول :التدبير التشاركي للس ياسات العمومية الترابية و أأثره في تحقيق
الإلتقائية64.......................
الفقرة ا ألولى :الشراكة كآلية لتمويل المشاريع التنموية.
64.............................................................
الفقرة الثانية :التعاون كآأحد دعائم تمويل المشاريع
التنموية70.........................................................
الفرع الثاني :تقييم الس ياسات العمومية الترابية ورهان
الإلتقاء74..................................................
الفقرة ا ألولى :مكانة التقييم74.............................................................................................
الفقرة الثانية:المجالس الجهوية للحساابت كمؤسسة للتقييم ،وموقعها من تحقيق
الإلتقائية011..................
خاتمة الفصل
ا ألول011...................................................................................................:
الفصل الثاني :المدخل المؤسساتي والبشري /التآأهيلي لتحقيق الإلتقائية012....................................
المبحث ا ألول :المدخل المؤسساتي وموقعه من تحقيق
الإلتقائية016..............................................
المطلب ا ألول :مؤسسات التنمية وتكريسها للبعد الإلتقائي للس ياسات العمومية
الترابية001.................
211
الفرع ا ألول :وكالت التنمية
الجهوية001.................................................................................
الفقرة ا ألولى :الوكالة الجهوية لتنفيذ
المشاريع000.......................................................................
الفقرة الثانية :وكالت التنمية الإقتصادية
والإجتماعية001.............................................................
الفرع الثاني :شركات التنمية المحلية كآلية مؤسساتية لتحقيق الإلتقائية.
006......................................
الفقرة ا ألولى :دواعي وقواعد التآأسيس006............................................................................
الفقرة الثانية :دور شركات التنمية المحلية في تحقيق
الإلتقائية011...................................................
المطلب الثاني :المراكز الجهوية ل إالستثمار وتحقيق اإلتقائية الس ياسات الإستثمارية على المس توى
الجهوي017.......
الفرع ا ألول :محدودية المراكز الجهوية ل إالستثمار ومطلب
الإصالح011...........................................
الفقرة ا ألولى :اإختاللت تنظيمية
وتدبيرية011.........................................................................
الفقرةالثانية :اإختاللت مالية وبشرية014..............................................................................
الفرع الثاني :اإصالح المراكز الجهوية ل إالستثمار ومطمح تحقيق
الإلتقائية010.....................................
الفقرة ا ألولى :أأي رهان لتحقيق الإلتقائية010.........................................................................
الفقرة الثانية :اإصالح المراكز الجهوية ل إالستثمار :أأية
محدودية012..................................................
المبحث الثاني :المدخل البشري /التآأهيلي كرهان لتحقيق الإلتقائية011..........................................
المطلب ا ألول :النخبة الس ياس ية الترابية ونجاعة تدبير الشآأن
العام010..........................................
الفرع ا ألول :وعي المنتخب الترابيي بدوره
التنموي011................................................................
211
الفقرة ا ألولى :الإنفتاح على المواطنين وتعزيز
التواصل011..........................................................
الفقرة الثانية :الإنخراط في منطق التعاون والتضامن
والشراكة011................................................
الفرع الثاني :التكوين كدعامة لتآأهيل النخبة الس ياس ية الترابية017...............................................
الفقرة ا ألولى :ا ألحزاب الس ياس ية وتكوين المنتخب
الترابيي041...................................................
الفقرة الثانية :خلق اإطار مؤسساتي
للتكوين041......................................................................
المطلب الثاني :الموظف الترابيي ورهان الإصالح الإداري لتحقيق
الإلتقائية041................................
الفرع ا ألول :دور التخطيط الإستراتيجي في عقلنة تدبير الموظف الترابيي وتحقيق رهان
الإلتقائية041......
الفقرة ا ألولى :تبني الهيئات الالمركزية للتدبير التوقعي للوظائف044.............................................
الفقرةالثانية :على مس توى تحليل وتوصيف
الوظائف021...........................................................
الفرع الثاني :ضرورة التحديث والإصالح لبلوغ تحقيق التقائية
الس ياسات021.................................
الفقرة ا ألولى :على مس توى تقوية القدرات الإدارية021........................................................... .
الفقرة الثانية :على مس توى تحديث أليات التوظيف والتكوين
والتحفيز022....................................
الفصل خاتمة
الثاني061....................................................................................................:
خاتمة
عـــــامة061..........................................................................................................:
لئحة
المراجع071...........................................................................................................:
212
الفهرس116.................................................................................................................:
213