You are on page 1of 22

‫‪1‬‬

‫دعاوى إنكار اإلعراب في العربية والرد عليها‬


‫)‪(Litigation denial expressions in Arabic and respond to it‬‬

‫‪Zainal Abidin Hajib‬‬

‫‪E-Mail: drzainal62@gmail.com‬‬
‫)‪Fakulti Pengajian Bahasa Utama – USIM (Malaysia‬‬
‫‪Jehad Mohamad ALHennawy‬‬
‫‪E-Mail: Jehadhenawy1@gmail.com‬‬
‫)‪Fakulti Pengajian Bahasa Utama – USIM (Malaysia‬‬
‫‪Maskanatul Fiqiyah‬‬

‫‪E-Mail: kanaphd@gmail.com‬‬
‫)‪Fakulti Pengajian Bahasa Utama – USIM (Malaysia‬‬

‫ّ‬
‫الملخص‬
‫إن اإلع‪##‬راب معل ٌم من مع‪##‬الم العربي‪##‬ة‪ ،‬ومفخ‪##‬رةٌ من مفاخره‪##‬ا؛ فهو يكشف عن‬ ‫َّ‬
‫بواطن األلفاظ‪ ،‬ويفرق بين المع‪##‬اني‪ ،‬وما يعت‪##‬ور األلف‪##‬اظ من ض‪##‬بابية‪ ،‬ول‪##‬ذا س‪##‬يتعرض‬
‫البحث إلى دعاوى إنكار اإلعراب‪ ،‬ودحضها والرد عليها‪ ،‬وتظهر أهمية البحث في ـنه‬
‫يتناول أساسا يقوم عليه علم العربية وما يلحق به‪ ،‬وك‪##‬ذلك تظهر أهمية البحث في كشف‬
‫الدعاوي إلى إنكار اإلعراب‪ ،‬وبيان خلفيته‪##‬ا‪ ،‬ومن يقف خلفه‪##‬ا‪ ،‬ومن ث ّم ال‪##‬رد على ه‪##‬ذه‬
‫ال‪###‬دعاوي‪ ،‬ودحض‪###‬ها بالحجة والبره‪###‬ان‪ ،‬وقد اعتمد الب‪###‬احث في ه‪###‬ذا البحث المنهج‬
‫الوص‪###‬ف ّي التحليل ّي‪ ،‬ال‪###‬ذي يتناسب مع طبيعة بحثه المتمثلة في دراسة دع‪###‬اوي إنك‪###‬ار‬
‫قس‪#‬م الب‪##‬احث بحثه إلى مقدم‪##‬ة‪ ،‬ومبح‪##‬ثين‪ ،‬ففي‬ ‫اإلعراب في العربية والرد عليها‪ ،‬حيث ّ‬
‫المبحث األول تع‪######‬رض إلى ماهية اإلع‪######‬راب‪ ،‬حيث ذكر تعريف اإلع‪######‬راب لغة‬
‫واص‪##‬طالحا‪ ،‬ثم ذكر الف‪##‬رق بين النحو واإلع‪##‬راب‪ ،‬ومن ثم تن‪##‬اول المع‪##‬رب من الكالم‪،‬‬
‫واختتم المبحث ب‪##‬ذكر أهمية اإلع‪##‬راب‪ ،‬أما المبحث الث‪##‬اني‪ ،‬فقد ك‪##‬ان بعن‪##‬وان إنك‪##‬ار‬
‫اإلع‪#‬راب‪ ،‬حيث ذكر البحث دع‪#‬اوي إنك‪#‬ار اإلع‪#‬راب‪ ،‬ممثلة في إب‪#‬راهيم أنيس وموقفه‬
‫من اإلع‪##‬راب‪ ،‬ثم اختتم المبحث ب‪##‬الرد على منك‪##‬ري اإلع‪##‬راب‪ ،‬ثم اختتم البحث ب‪##‬ذكر‬
‫إن اإلع‪##‬راب معل ٌم من مع‪##‬الم العربي‪##‬ة‪ ،‬ومفخ‪##‬رةٌ من‬‫مجموعة من النت‪##‬ائج من أهمه‪##‬ا‪َّ ،‬‬
‫مفاخرها؛ فهو يكشف عن بواطن األلفاظ‪ ،‬ويفرق بين المع‪##‬اني‪ ،‬وما يعت‪##‬ور األلف‪##‬اظ من‬
‫خ‪##‬ترع وال تُفتَ‪##‬رى‪ ،‬وفي ذلك يق‪##‬ول‬
‫وأن القواعد تُس‪##‬تخلص من اللغ‪##‬ة‪ ،‬وال تُ َ‬‫ض‪##‬بابية‪َّ ،‬‬
‫‪2‬‬

‫ق القواعد خلقً‪#‬ا‪ ،‬ال يتص‪#‬ورها عق‪#‬ل‪ ،‬ولم يح‪#‬دث‬ ‫الدكتور علي عبد الواحد وافي(‪ْ :)1‬‬
‫"خَل‪ُ #‬‬
‫لها نظير في التاريخ‪ ،‬وال يمكن أن يفكر فيها عاق‪##‬ل‪ ،‬أو يتص‪##‬ور نجاحه‪##‬ا؛ فمن الواضح‬
‫أن قواعد اللغة ليست من األمور التي تُخترع‪ ،‬أو تفرض نفسها على النَّاس‪ ،‬بل تنشأ من‬ ‫َّ‬
‫تلقاء نفسها‪ ،‬وتكون بالتدرج‪ .‬وقد تأكد ل‪##‬دى الب‪##‬احث بطالن ال‪##‬دعاوي الرامية إلى ت‪##‬رك‬
‫اإلعراب‪ ،‬ووضوح أهدافها الخبيثة‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬إنكار اإلعراب‪ -‬قواعد‪ -‬أنيس‬
‫‪ .1‬المقدمة‪:‬‬
‫الحمد هلل علّم ب‪##‬القلم‪ ،‬علّم اإلنس‪##‬ان ما لم يعلم‪ ،‬أحم‪##‬دك يا ربي حم‪##‬داً كث‪##‬يراً طيب‪#‬ا ً كما‬
‫ينبغي لجالل وجهك وعظيم سلطانك‪ ،‬والصالة والسالم على النبي األكرم‪ ،‬سيدنا محمد‬
‫عليه وعلى آله أفضل صالة وأت ُّم تسليم إلى يوم الدين‪...‬‬
‫أ َّما بع ُد ‪:‬‬
‫فقد شرفنا هللا تعالى باإلس‪##‬الم‪ ،‬وأكرمنا ب‪##‬القرآن‪ ،‬وجعل الق‪##‬رآن على خ‪##‬ير لغ‪##‬ة؛‬
‫اللغة العربية خير لغة‪ ،‬إنها بحر عظيم مليء بكل ما تحتاجه البشرية للتعبير عما يج‪##‬ول‬
‫في خواطره‪##‬ا‪ ،‬فاللغة تكفل هللا بحفظها وذلك بحفظه للق‪##‬رآن العظيم لقوله تع‪##‬الى‪ِ{ :‬إنَّا‬
‫[‪]2‬‬
‫نَحْ ُن نَ َّز ْلنَا ال ِّذ ْك َر َوِإنَّا لَهُ لَ َحافِظُون}‬
‫أن العلماء والمفكرين السابقين من الع‪##‬رب قد أدرك‪##‬وا قيمة اإلع‪##‬راب في‬ ‫ال شك َّ‬
‫وأن ضياعه من اللغة‪ ،‬والتفريط فيه يؤدي‪#‬ان إلى ض‪#‬ياع العربية وان‪#‬دثارها‪ ،‬ومن‬ ‫الكالم َّ‬
‫ثم إلى ض‪##‬ياع الق‪##‬رآن الك‪##‬ريم بس‪##‬بب قطع الص‪##‬لة بينه وبين المس‪##‬لمين‪ ،‬وله‪##‬ذا ك‪##‬ان من‬
‫أس‪##‬باب وضع النحو هو ظه‪##‬ور اللحن بين أبن‪##‬اء الع‪##‬رب والمس‪##‬لمين بس‪##‬بب اختالطهم‬
‫باألع‪##‬اجم بعد الفتوح‪##‬ات الكب‪##‬يرة‪ ،‬وال‪##‬تي من نتائجها اختالط الثقاف‪##‬ات وال ِملَ‪##‬ل‪ ،‬وك‪##‬ثرة‬
‫الموالي بين المسلمين‪ ،‬حتى إنَّهم في العصر العباسي ك‪##‬انوا ممن يق‪##‬وم بش‪##‬ؤون الدول‪##‬ة‪،‬‬
‫وإدارة الحكم‪ ،‬وكذلك نشاط حركة التجارة بين المسلمين وغيرهم‪ ،‬وهذا بدوره أ َّدى إلى‬
‫ظهور اللحن‪ ،‬وانتشاره في زم ٍن مبكر من تاريخ الدولة اإلس‪##‬المية‪ ،‬وه‪##‬ذا ك‪##‬ان جليًا في‬
‫أن انتش‪###‬ار اللحن ك‪###‬ان أغلبه بين الم‪###‬والي والتُّج‪###‬ار وأهل الذم‪###‬ة‪ ،‬وانتقل إلى بعض‬ ‫َّ‬
‫المس‪####‬لمين‪ ،‬مما ح‪####‬دا للغي‪####‬ورين على دينهم ولغتهم باإلس‪####‬راع في وضع قواعد للغة‬
‫العربي‪##‬ة‪ ،‬وه‪##‬ذا ما أثبتته الرواي‪##‬ات الكث‪##‬يرة ال‪##‬تي وص‪##‬لتنا من كتب الس‪##‬ير وال‪##‬تراجم‬
‫واألعالم‪.‬‬

‫‪ 1‬الثعالبي‪ ،‬أبو منصور عبد الملك ابن محمد ابن إسماعيل‪" ،‬فقه اللغة وسر العربية‪( "،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ب‪##‬يروت)‪،‬‬
‫‪ ،1971‬ص‪163‬‬
‫‪ 2‬سورة الحجر ‪2 :15‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ .1‬مشكلة البحث‪:‬‬
‫لقد أف‪##‬زع اللحن ذوي الش‪##‬أن‪ ،‬فب‪##‬ادروا إلى اس‪##‬تنكاره وعالج‪##‬ه؛ ألنَّه يه‪##‬دم أهم‬
‫خصائص العربية فهذا الحبيب المصطفى – عليه الصالة وأتم التس‪##‬ليم‪ -‬دعا إلى إرش‪##‬اد‬
‫ي ص‪##‬لى هللا عليه وس‪##‬لم س‪##‬مع رجاًل‬ ‫الالحن؛ فقد روى ابن جني في خصائصه‪َّ :‬‬
‫"أن النب َّ‬
‫أن أحد والة عمر ‪-‬‬ ‫يلحن في كالمه فقال‪" :‬أرشدوا أخاكم فإنَّه قد ضل"(‪ ،)3‬وورد ً‬
‫أيض‪##‬ا َّ‬
‫رضي هللا عنه‪ -‬كتب إليه كتابًا لحن فيه‪ ،‬فكتب إليه عمر‪ :‬أن قنع كاتبك سوطًا"(‪.)4‬‬
‫ولم يقف األمر عند كالم الن‪###‬اس‪ ،‬بل انتشر ووصل إلى كت‪###‬اب هللا ع‪َّ ###‬ز وج‪###‬ل‪،‬‬
‫ف‪##‬وقعت أخط‪##‬اء قاتلة في قراءت‪##‬ه‪ ،‬أ َّدت إلى فهم المع‪##‬نى بص‪##‬ورة خاطئ‪##‬ة‪ ،‬فقد ذكر ابن‬
‫األنب‪##‬اري أنَّه‪" :‬روي أنَّه ق‪##‬دم أع‪##‬راب ٌّي في خالفة أم‪##‬ير المؤم‪##‬نين عمر بن الخط‪##‬اب‪-‬‬
‫رضي هللا عنه‪ ،-‬فق‪##‬ال‪ :‬من يق‪##‬رؤني ش‪##‬يًئا مما أن‪##‬زل هللا على محم‪##‬د؟ ف‪##‬أقرأه رجل قوله‬
‫تعالى‪َ  :‬أ َّن هَّللا َ بَ ِري ٌء ِمنَ ْال ُم ْش ِر ِكينَ َو َرسُولُهُ‪( )5(‬بالجر) فق‪##‬ال األع‪##‬رابي‪ :‬أو قد ب‪##‬رئ‬
‫هللا من رسوله؟ إن يكن هللا قد برئ من رسوله فإنِّي أبرأ منه‪ ،‬فبلغ عمر مقالة األع‪##‬رابي‬
‫فدعاه‪ ،‬وبيَّن له وجه الخطل في ذلك‪ ،‬وأمر أبا األسود الدؤلي أن يضع النحو"(‪.)6‬‬
‫والقول بإنكار اإلعراب من أبشع الوسائل التي يستخدمها أعداء ال‪##‬دين‪ ،‬لمحاربة‬
‫اإلسالم فهذه الدعوى تهدف إلى تق‪##‬ويض دع‪##‬ائم اللغة الفص‪##‬حى‪ ،‬وإزالة ركن ق‪##‬وي من‬
‫أركان المقومات األساسية للعرب والمسلمين‪ ،‬هذا ال‪##‬ركن هو اللغ‪##‬ة‪ ،‬ال‪##‬تي أن‪##‬زل هللا بها‬
‫قرآنه‪ ،‬وبلَّغ رسالته‪ ،‬وتكفَّل بحفظ قرآنه‪ ،‬فقال ع َّز من قال‪ِ{ :‬إنَّا نَحْ ُن نَ َّز ْلنَا ال ِّذ ْك َر َوِإنَّا لَهُ‬
‫لَ َحافِظُون} (‪ )7‬وهذا يترتب عليه حفظ تلقائي لهذه اللغة‪.‬‬
‫ولذلك لم ي َّدخر أعداء اإلسالم جه‪#‬دًا في محاربة ه‪##‬ذه اللغ‪##‬ة‪ ،‬فت‪#‬ارة ي‪##‬دعون إلى‬
‫العامية‪ ،‬وتارة يدعون إلى ت‪##‬رك اإلع‪##‬راب‪ ،‬وت‪##‬ارة ي‪##‬دعون إلى تيس‪##‬ير النحو و‪ ...‬ولكن‬
‫هذه الدعاوي تافهة‪ ،‬وال يخفى على أح ٍد هدف هذه الدعاوي‪ ،‬ولذلك لن أفرد لها مس‪##‬احةً‬
‫فاحش ‪#‬ا‪ ،‬وليس ص‪##‬عبًا‪ ،‬ف‪##‬اإلعراب ك‪##‬ان‬ ‫ً‬ ‫أن اإلعراب ليس‬‫في بحثي‪ ،‬فال يخفى على أحد َّ‬
‫ُب حين فسدت الطب‪##‬ائع العربي‪##‬ة‪ ،‬وفشا اللحن‪ ،‬وتح‪َّ #‬ول‬ ‫سهاًل على األلسن‪ ،‬ثم ثقل‪ ،‬وصع َ‬
‫المجتمع الع‪##‬ربي الخ‪##‬الص إلى مجتمع ض‪##‬خم فيه أجن‪##‬اس ش‪##‬تى وال س‪#‬يَّما في الحواضر‬
‫العربي‪##‬ة‪ ،‬أما من ي‪##‬دعو إلى ت‪##‬رك اإلع‪##‬راب‪ ،‬فهو يمهِّ ُد الطريق لألع‪##‬داء الحتالل البالد‬

‫‪ 3‬ابن وكي‪##‬ع‪ ،‬أبو عبد هللا محمد بن عبد هللا الطهم‪##‬اني النيس‪##‬ابوري‪ ،‬المس‪##‬تدرك على الص‪##‬حيحين‪ ،‬تح‪ :‬مص‪##‬طفى عبد‬
‫القادر عطا‪( ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت)‪1990 ،‬م‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪،477‬‬
‫‪ 4‬ابن جني‪ ،‬أبو الفتح عثمان‪ ،‬الخصائص‪ ،‬تح‪ :‬محمد علي النجار‪( ،‬المكتبة‪ #‬العلمية‪،‬د‪.‬م) ‪1952‬م‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪،8‬‬
‫‪ 5‬سورة التوبة ‪3 :9‬‬
‫‪ 6‬ابن األنباري‪ ،‬أبو البركات كمال الدين‪ ،‬نزهة األلباء في طبقات األدباء‪ ،‬تح‪ :‬إبراهيم السامرائي‪( ،‬المنار‪ ،‬األردن)‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة‪ ،1985 ،‬ص‪،20‬‬
‫‪ 7‬سورة الحجر‪9 :15‬‬
‫‪4‬‬

‫فكرًا وثقافة؛ ألن ترك اإلعراب هو هد ٌم للفصحى‪ ،‬وب‪##‬ذلك تض‪##‬عف الق‪##‬وة العربي‪##‬ة‪ ،‬مما‬
‫يسهل مهمة االحتالل!‬
‫لذا س‪##‬أتناول في بح‪##‬ثي ه‪##‬ذا ال‪##‬دعاوي ال‪##‬تي تنكر اإلع‪##‬راب‪ ،‬وت‪##‬زعم أنَّه لم ي‪##‬أ ِ‬
‫ت‬
‫للتفريق بين المع‪##‬اني‪ ،‬بل له م‪#‬آرب أخ‪#‬رى‪ ،‬ال تتع‪##‬دى أن تك‪#‬ون ظ‪##‬اهرة ص‪##‬وتية حسب‬
‫رأيهم‪.‬‬
‫ولتوضيح ماهية الدراسة أكثر نطرح السؤال اآلتي‪:‬‬
‫ما هي أهمية اإلعراب‪ ،‬وكيف يمكن الرد على منكري اإلعراب؟‬
‫وكذلك سيجيب البحث عن مجموعة من التساؤالت منها‪:‬‬
‫كيف تميزت اللغة العربية باإلعراب؟‬ ‫‪-1‬‬
‫ما هو مدى صحة أقوال منكري اإلعراب؟‬ ‫‪-2‬‬
‫كيف ترد على من ينكر أهمية اإلعراب؟‬ ‫‪-3‬‬
‫ما الهدف الرئيس من إنكار اإلعراب؟‬ ‫‪-4‬‬
‫‪ .2‬أهداف البحث‪:‬‬
‫التعرف على ماهية اإلعراب‬ ‫‪-1‬‬
‫التعرض للمعرب من الكالم والتعرف على أهمية اإلعراب‬ ‫‪-2‬‬
‫التعرض لدعاوي إنكار اإلعراب وبيان أصلها‬ ‫‪-3‬‬
‫بيان خلفية من ي ّدعي بإنكار اإلعراب‪ ،‬وتوضيح مآربه‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫الرد على منكري اإلعراب بالحجة والبرهان‬ ‫‪-5‬‬
‫‪ .3‬أهمية البحث‪:‬‬
‫تعد هذه الدراسة ذات أهمية كبيرة في علم النحو العربي‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫تتعرض الدراسة ألساس من األسس التي يبنى عليه علم النحو‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫تشكيل دراسة مستقلة حول دعاوي إنكار اإلعراب‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫دحض الدعوات الرامية إلى طمس اللغة باندثار اإلعراب‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫تحفظ النحو العربية من الدسائس‪ ،‬والمدخالت الخارجية‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪ .6‬حدود البحث‪:‬‬
‫تقتصر حدود البحث على دراسة اإلع‪##‬راب في اللغة العربية وال‪##‬رد على منكري‪##‬ه؛‬
‫حيث سيتعرض البحث لتعريف النحو‪ ،‬وبي‪##‬ان أسسه وأهميته في عل‪##‬وم العربي‪##‬ة‪ ،‬ثم‬
‫التعرض لدعاوي إنكار اإلعراب‪ ،‬مع ذكر كثير من نم‪##‬اذج ه‪##‬ذه ال‪##‬دعاوي‪ ،‬وك‪##‬ذلك‬
‫الرد على هذه الدعاوي‪.‬‬
‫‪ .7‬منهج الدراسة‪:‬‬
‫‪5‬‬

‫ي دراسة علمية أن تتبع منهجا علميا لتحقيق أهدافها‪ ،‬ويرى الباحث أن‬ ‫ال ب ّد أل ّ‬
‫هذه الدراسة التي بين أيدينا ستقوم على أسس المنهج الوصفي وخصائصه‪ ،‬ال سيّما‬
‫وأن طبيعة هذه البحوث اللغوية تناسب مع المنهج الوصفي التحليلي‪ ،‬والمنهج الوصفي‬
‫وأسسه وخصائصه تتناسب مع البحوث اللغوية لالرتباط الكبير بينهما‪.‬‬
‫والبحث وفق هذا المنهج يع ُّد استقصاء ينصبُّ على ظاهرة من الظواهر كما هي‬
‫قائمة في الواقع‪ ،‬بقصد تشخيصها وكشف جوانبها‪ ،‬وتحديد العالقات المتوافرة بين هذه‬
‫العوامل‪ ،‬وتع ّد بذلك أساسا ً يُعتمد عليه أو يؤسس عليه للقياس‪.‬‬
‫‪ .2‬البحوث‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية اإلعراب‬

‫المطلب األول‪ ،‬تعريف اإلعراب‪:‬‬ ‫‪.1‬‬


‫أوالً‪ :‬تعريفه لغةً‪:‬‬
‫معان لغوية كث‪##‬يرة‪ ،‬والتع‪##‬ريب‬
‫ٍ‬ ‫اإلعراب مصدر أعرب‪ ،‬ولهذه المادة ومشتقاتها‬
‫مثل اإلع‪##‬راب ق‪##‬ال األزه‪##‬ري(‪" :)8‬اإلع‪##‬راب والتع‪##‬ريب معناهما واح‪##‬د؛ وهو اإلبانة‬
‫واإلفص‪##‬اح"‪ ،‬وق‪##‬ال ابن ف‪#‬ارس(‪" )9‬العين وال‪##‬راء والب‪##‬اء أص‪##‬ول ثالث‪##‬ة‪ :‬أح‪##‬دهما اإلبانة‬
‫واإلفصاح‪ ،‬واآلخر‪ :‬النشاط وطيب النفس والث‪##‬الث‪ :‬فس‪##‬اد في جسم أو عض‪##‬و‪ ،‬ف‪##‬األول‬
‫أعرب الرجل عن نفسه‪ :‬إذا بيَّن وأوضح"‪#.‬‬
‫ُب لس‪##‬انُه بالضم عروب‪##‬ة؛ أيْ ص‪##‬ار‬ ‫الص ‪#‬حاح‪" :‬و َع‪ #‬ر َ‬
‫وق‪##‬ال الج‪##‬وهري(‪ )10‬في ِ‬
‫عربياً‪ ،‬وأعرب كالمه؛ إذا لم يلحن في اإلعراب وأعرب بح َّجتِ ِه؛ أيْ أفص َح به‪##‬ا‪ ،‬ولم‬
‫يتَّق أحدًا‪ ،‬كقول ال ُكميت‪:‬‬
‫(‪)11‬‬
‫ْ‪#############‬ربُ‬
‫ِ‬ ‫تأ َّولها منا تق ٌّي و ُمع‬ ‫و َج‪ #####‬دنا لك ْم في آل َح‪ #####‬ا ِمي َم آيَ‪#####‬ةً‬

‫‪ 8‬األزهري‪ ،‬محمد بن أحمد‪ ،‬تهذيب اللغة‪( ،‬دار إحياء التراث بيروت)‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪362‬‬
‫‪ 9‬ابن فارس‪ ،‬أحمد‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الس‪##‬الم ه‪##‬ارون‪( ،‬مكتبة الخ‪##‬انجي الق‪##‬اهرة)‪ ،2008 ،‬ج‪ 4‬ص‬
‫‪299‬‬
‫‪ 10‬الج‪##‬وهري‪ ،‬إس‪##‬ماعيل‪ ،‬الص‪##‬حاح ت‪##‬اج اللغة وص‪##‬حاح العربية‪ ،‬تح‪ :‬أحمد عبد الغف‪##‬ور عط‪##‬ار‪( ،‬دار العلم للماليين‪#‬‬
‫بيروت)‪ ،‬ط‪ ،1990 ،4:‬ج‪ 1‬ص‪179‬‬

‫‪ 11‬ال‪###‬بيت في‪ :‬ابن س‪###‬يده‪ ،‬أبو الحسن علي بن إس‪###‬ماعيل النح‪###‬وي‪ ،‬المخصص‪( ،‬المطبعة الك‪###‬برى األميرية ب‪###‬والق‬
‫القاهرة)‪1998 ،‬م‪ ،‬ج‪ 5‬ص‪156‬‬
‫‪6‬‬

‫المفص َح بالتفصيل‪ ،‬والساكت عنه للتَقِيَّة(‪ .)12‬وفي حديث الرسول صلى هللا‬ ‫ِ‬ ‫يعني‬
‫ْرب عن نفسها "؛ أيْ تفصح"‪.‬‬ ‫عليه وسلم‪" :‬الثَيِّب تُع ِ‬
‫(‪)13‬‬

‫ب كَاَل َم‪##‬ه‪ ،‬وع ‪#‬رَّب منطق‪##‬ه؛ أيْ َّ‬


‫هذبه من اللحن‪،‬‬ ‫‪#‬ر َ‬‫ويُقال للرجل إذا لم يلحن‪ :‬أ ْع‪َ #‬‬
‫فأجاد وأفصح في الكالم(‪.)14‬‬

‫وجاء في اللِّسان‪" :‬أعرب عنه لسانه‪ ،‬وعرَّب‪ :‬أيْ أبان وأفصح‪ ،‬ويقال‪ :‬أ ْع ِ‬
‫‪##‬ربْ‬
‫ع َّما في ضميرك أيْ أبِ ْن"(‪.)15‬‬
‫ْ‪#‬ربُ من الخي‪##‬ل‪ :‬ال‪##‬ذي ليس‬
‫ْرب‪ :‬الذي له خي ٌل ِع َراب‪ ،‬وقال الكسائي‪ :‬ال ُمع ِ‬‫وال ُمع ِ‬
‫هجين‪ ،‬واألنثى ُمعربةٌ(‪.)16‬‬
‫ٌ‬ ‫فيه ِعرْ ٌ‬
‫ق‬
‫ومن معاني اإلعراب الجوالن يقال " ع‪##‬ربت الدابة ج‪##‬الت في مرعاها وأعربها‬
‫صاحبها أيْ أجالها"(‪ )17‬ويعني ذلك الظهور والخروج إلى المرعى‪.‬‬
‫وبإنعام النَّظر في المعاني السابقة لإلع‪##‬راب‪ ،‬يمكن ر ّدها إلى معنًى واح‪##‬د؛ وهو‬
‫اإلبانة واإلفصاح واإلظهار‪.‬‬
‫ألن ال‪##‬ذي يه‪ِّ #‬ذب‬
‫فالفص‪##‬يح في كالمه يُظهر ويَ‪##‬بيِّن ما يُريد على الوجه األكم‪##‬ل؛ َّ‬
‫ومفص‪#‬حًا عن منطقه الع‪##‬ربي‪ ،‬والم‪##‬رأة ال‪##‬ثيِّب ت‪##‬بين‬‫ِ‬ ‫كالمه‪ ،‬وال يلحن في‪##‬ه‪ ،‬يك‪##‬ون مبيِّنًا‬
‫وتفصح ما في داخلها من الموافقة أو ع‪###‬دمها‪ ،‬وإع‪###‬راب الرجل ع َّما في ض‪###‬ميره‪ ،‬هو‬
‫إظه‪##‬ار وإبانة ع َّما يج‪##‬ول بداخل‪##‬ه‪ ،‬ومعرفة أص‪##‬الة الف‪##‬رس ي‪##‬بيِّن ويظهر ع‪##‬دم هجنت‪##‬ه‪،‬‬
‫وتع‪##‬ريب الكالم على الرجل إظه‪##‬ار وبي‪##‬ان فس‪##‬اده‪ ،‬األمر ال‪##‬ذي يقتضي ردَه‪ ،‬وع‪##‬ربت‬
‫أن م‪#‬آ َل ك‪ِّ #‬ل ه‪#‬ذه المع‪#‬اني هو‬‫الدابة أيْ ظهرت وخرجت إلى الم‪#‬رعى‪ .‬وه‪#‬ذا كله ي‪#‬بيِّن َّ‬
‫اإلبانة واإلفصاح واإلظهار‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬تعريفه اصطالحًا‪:‬‬

‫‪ 12‬التقية في اللغة‪ :‬الحذر والكتمان‪ ،‬ويرد هذا المصطلح في كتب الشيعة كثيرًا‪ ،‬وهو كما عرَّفوه‪ :‬كتمان الحق‪ ،‬وستر‬
‫االعتقاد فيه‪ ،‬وكتمان المخالفين‪ ،‬وترك مظاهرتهم بما يعقب ضرًا في ال‪##‬دين أو ال‪##‬دنيا‪ ،‬ابن منظ‪##‬ور‪ ،‬لس‪##‬ان الع‪##‬رب‪،‬‬
‫تح‪ :‬عبد هللا الكب‪##‬ير‪ ،‬ومحمد حسب هللا‪ ،‬الق‪##‬اهرة‪ :‬دار المع‪##‬ارف ‪ ،15/404‬وابن تيمي‪##‬ة‪ #،‬محمد بن إب‪##‬راهيم الحمد‪.‬‬
‫مصطلحات في كتب العقائد‪،253 ،‬‬
‫‪ 13‬ابن ماجه‪ ،‬محمد القزويني‪ ،‬سنن ابن ماج‪#‬ه‪ ،‬تح‪ :‬محمد عبد الب‪#‬اقي‪ ،‬ب‪#‬يروت‪ :‬دار إحي‪#‬اء الكتب العربي‪#‬ة‪،1/322 ،‬‬
‫حديث‪،1872‬‬
‫‪ 14‬الزبي‪##‬دي‪ ،‬محمد بن مرتضى الحس‪##‬يني الزبي‪##‬دي‪ ،‬ت‪##‬اج الع‪##‬روس من ج‪#‬واهر الق‪#‬اموس‪ ،‬تح‪ :‬عبد العليم الطح‪##‬اوي‪،‬‬
‫مراجعة‪ :‬حسين محمد شرف وخالد جمعة‪ ،‬الكويت‪ :‬المجلس الوطني للثقافة والفنون واألدب‪،3/336 ،2000،‬‬
‫‪ 15‬ابن منظور‪ .‬لسان العرب‪1/786 .‬‬
‫‪ 16‬الجوهري‪ ،‬الصحاح‪1/179 ،‬‬
‫‪ 17‬الزبيدي‪ ،‬محمد بن مرتضى الحسيني‪ ،‬تاج العروس من جواهر القاموس‪3/336 .‬‬
‫‪7‬‬

‫وضع علم‪##‬اء النحو لإلع‪##‬راب تع‪##‬اريف كث‪##‬يرة‪ ،‬وليس الب‪##‬احث بص‪##‬دد ذكرها‬
‫ألن جلَّها يدور في ٍ‬
‫فلك واحد‪.‬‬ ‫جميعًا‪ ،‬ولكنَّي سأذكر بعضًا منها؛ َّ‬
‫‪ -1‬ذكر ابن جنِّي في كتابه الخص‪###‬ائص(‪ )18‬أن اإلع‪###‬راب ه‪###‬و‪ ":‬اإلبانة عن المع‪###‬اني‬
‫باأللفاظ"‪.‬‬

‫إن اإلعراب‪" :‬تغير آخر الكلمة لعامل ي‪##‬دخل‬ ‫‪ -2‬قال ابن عصفور في كتابه ال ُمقَرّب(‪َّ )19‬‬
‫عليها في الكالم الذي بُنِي فيه لفظًا أو تقديرًا‪ ،‬عن الهيئة ال‪##‬تي ك‪##‬ان عليها قبل دخ‪##‬ول‬
‫العامل إلى هيئة أخرى‪.‬‬
‫‪ -3‬عرفَّه ابن هش‪##‬ام فق‪##‬ال(‪" :)20‬اإلع‪##‬راب أث ‪ٌ #‬ر ظ‪##‬اه ٌر أو مق‪##‬در‪ ،‬يجلبه العامل في أخر‬
‫االسم المتمكن والفعل المضارع"‪.‬‬
‫‪ -4‬واإلع‪###‬راب ما جيء به لبي‪###‬ان مقتضى العامل من (حركة أو ح‪###‬رف أو س‪###‬كون أو‬
‫حذف)؛ فالحركة هي الضمة نحو‪ :‬ج‪#‬اء زي‪ٌ #‬د‪ ،‬والفتحة نح‪##‬و‪ :‬رأيت زي‪#‬دًا‪ ،‬والكس‪#‬رة‬
‫نحو مررت بزي ٍد‪ .‬أ َّما الحرف وهو الواو واأللف والياء والن‪##‬ون‪ ،‬نح‪##‬و‪ :‬ج‪##‬اء أب‪##‬وك‬
‫ُ‬
‫ورأيت الزي‪##‬دين‪ .‬وأ َّما الس‪##‬كون نح‪##‬و‪ :‬لم يض‪##‬ربْ ‪ ،‬أ َّما الح‪##‬ذف نح‪##‬و‪ :‬لم‬ ‫والزي‪##‬دان‪،‬‬
‫يضربا(‪.)21‬‬
‫‪ -5‬جاء في كت‪##‬اب النحو ال‪##‬وافي َّ‬
‫أن اإلع‪##‬راب‪ " #:‬هو تغي‪##‬ير العالمة ال‪##‬تي في أخر اللفظ‬
‫بسبب تغير العوامل الداخلة عليه‪ ،‬وما يقتضي كل عامل" ‪.‬‬
‫(‪)22‬‬

‫من خالل آراء العلم‪##‬اء الس‪##‬ابقة وغيرها من اآلراء‪ ،‬ي‪##‬رى الب‪##‬احث َّ‬
‫أن العلم‪##‬اء‬
‫اختلفوا في تحديد مدلول اإلعراب أهو الحركات نفسها وما ين‪##‬وب عنه‪##‬ا؟ أم هو التغي‪##‬ير‬
‫الذي يحدث في أحكام الكلمات تبعًا لتغير وظائفها ويدل عليها بالعالمات؟ وبعب‪##‬ارة أدق‬
‫أهو أث ٌر لفظي أم معنوي؟‬
‫ذهب فريق منهم إلى أنَّه أث ٌر لفظي‪ ،‬وهو الحركات الملفوظ بها أو ما ين‪##‬وب عنها‬
‫حيث ال يتبيَّن إعراب المعرب إال بها‪ ،‬وذهب فريق إلى أنَّه معنوي‪ ،‬وقد ذكر الس‪##‬يوطي‬
‫‪ 18‬الخصائص‪ ،‬ابن جني‪1/35 :‬‬
‫‪ 19‬ابن عصفور‪ ،‬علي بن مؤمن‪ ،‬المقرب‪ ،‬تح‪ :‬أحمد عبد الستار الجواري‪ ،‬وعبد هللا الجبوري‪1972 ،‬م‪1/47 ،‬‬
‫‪ 20‬ابن هشام‪ ،‬عبد هللا بن يوسف‪ ،‬شرح شذور الذهب في معرفة كالم العرب‪ ،‬تح‪ :‬عبد الغني الدفتر‪ ،‬الشركة المعتمدة‬
‫للتوزيع والنشر‪ ،‬ص‪85‬‬

‫‪ 21‬ابن عقيل‪ ،‬عبد هللا بن عبد الرحمن بن عبد هللا‪ ،‬المساعد على تسهيل الفوائد‪ ،‬تح‪ :‬محمد كامل بركات‪ ،‬دمش‪##‬ق‪ :‬دار‬
‫الفكر‪1980 ،‬م‪،1/91،‬‬
‫‪ 22‬عباس حسن‪ ،‬النحو الوافي‪ ،‬مصر‪ :‬دار الفكر‪،1/74 ،‬‬
‫‪8‬‬

‫هذه اآلراء بالتفصيل فقال(‪ ":)23‬جمه‪##‬ور النح‪##‬اة على ال‪##‬رأي األول‪ -،‬لفظي‪ -‬وإليه ذهب‬
‫ابن خروف والشلوبيين وابن مالك وابن الحاجب وسائر المت‪##‬أخرين‪ ،‬وهو عن‪##‬دهم‪ :‬أث ‪ٌ #‬ر‬
‫ظ‪##‬اهر أو مق‪##‬در يجلبه العامل في محل اإلع‪##‬راب والم‪##‬راد ب‪##‬األثر‪ :‬الحركة والح‪##‬رف‬
‫والس‪###‬كون والح‪###‬ذف‪ ...‬وذهب األعلم(‪ )24‬وجماعة من المغاربة وابن عص‪###‬فور إلى أنَّه‬
‫معنوي‪ ،‬ونسب لظاهر قول سيبويه ورجحه أبو حيان‪ ،‬وهو عندهم‪ :‬التغي‪##‬ير لعامل لفظًا‬
‫أو تقديرًا"‪.‬‬
‫خالصة القول‪َّ :‬‬
‫إن اإلعراب هو التغي‪##‬ير ال‪##‬ذي يع‪##‬تري آخر الكلم‪##‬ات‪ ،‬تبعًا لتغ‪##‬ير‬
‫موقع الكلمة اإلعرابي؛ وذلك بسبب تغير العوامل الداخلة عليه‪ ،‬وما يقتضي كل عامل‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪#‬ررت‬ ‫ولتوضيح ذلك أكثر ضُرب هذا المثال‪ :‬أقبل حس‪##‬ا ٌم‪َّ ،‬‬
‫إن حس‪##‬ا ًما مجته ‪ٌ #‬د‪ ،‬م‪#‬‬
‫بحسام فكلمة حسام في الجمل الس‪##‬ابقة لم تتغ‪##‬ير ل‪##‬ذاتها‪ ،‬بل تغ‪##‬ير موقعها اإلع‪##‬رابي من‬
‫ٍ‬
‫رفع ونصب وجر ففي الجملة األولى ج‪####‬اءت كلمة حس‪####‬ام مرفوع‪####‬ة‪ ،‬وعالمة رفعها‬
‫الض‪##‬مة؛ وذلك لوقوعها ف‪##‬اعاًل للفعل أقب‪##‬ل‪ ،‬أ َّما في الجملة الثاني‪##‬ة‪ ،‬فج‪##‬اءت كلمة حس‪##‬ام‬
‫إن‪ ،‬وفي الجملة األخيرة‪،‬‬ ‫منصوبة‪ ،‬وعالمة نصبها الفتحة؛ وذلك لوقوعها اس ًما للعامل َّ‬
‫جاءت كلمة حسام مجرورة‪ ،‬وعالمة جرها الكسرة؛ وذلك لوقوعها اس ‪ً #‬ما لح‪##‬رف الجر‬
‫الباء‪.‬‬
‫وإذا أنعمنا النظر في األمثلة الس‪###‬ابقة‪ ،‬ن‪###‬رى َّ‬
‫أن عالمة اإلع‪###‬راب تغيَّرت‪ ،‬تبعًا‬
‫لتغ‪##‬ير موقع الكلمة اإلع‪##‬رابي‪ ،‬مما ب‪##‬دوره ي‪##‬ؤثر على تغ‪##‬ير في المع‪##‬نى‪ ،‬وه‪##‬ذا يؤكد َّ‬
‫أن‬
‫اختالف اإلعراب يؤدي إلى االختالف في المعنى‪.‬‬
‫ومن خالل ما سبق ذك‪##‬ره من المع‪##‬اني اللغوية واالص‪##‬طالحية لإلع‪##‬راب‪ ،‬يت‪##‬بين‬
‫الص‪##‬لة بين ال‪##‬داللتين واض‪##‬حة‪ ،‬واإلع‪##‬راب س ‪ِّ #‬مي إعرابًا لتبيينه وإظه‪##‬اره وتوض‪##‬يحه‪،‬‬
‫فاإلعراب يبين المعاني للكلمات كما يبين اإلنسان ويُع‪##‬رب ع َّما في نفس‪##‬ه‪ ،‬وه‪##‬ذا يناسب‬
‫التعريف اللفظي لإلعراب‪ ،‬أ َّما التغي‪##‬ير فهو يناسب اإلع‪##‬راب المعن‪##‬وي‪ ،‬وهنا يظهر َّ‬
‫أن‬
‫اختي‪##‬ار علم‪##‬اء العربية له‪##‬ذا المص‪##‬طلح‪ #‬له‪##‬ذه الظ‪##‬اهرة اللغوي‪##‬ة‪ ،‬له داللة واض‪##‬حة على‬
‫إيمانهم بفائدة اإلعراب النحوي في توضيح المعاني‪ ،‬وإزالة اللبس ودفع اإلبهام‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ ،‬النَّ ْحو واإلعراب‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫اختلط النّحو واإلع‪#‬راب اختالطًا جليًا من حيث المفه‪#‬وم‪ ،‬ل‪#‬دى كث‪#‬ير من النًّح‪#‬اة‪،‬‬
‫إن الكث‪##‬ير منهم يس ‪ُّ #‬مون النَّحو إعرابً‪##‬ا‪ ،‬ويس‪##‬مون اإلع‪##‬راب نح ‪ً #‬وا‪ ،‬وهنا ال بُ ‪َّ #‬د أن‬
‫حيث َّ‬
‫‪ 23‬السيوطي‪ ،‬جالل الدين‪ #،‬همع الهوامع في شرح جمع الجوام‪#‬ع‪ ،‬تحقي‪#‬ق‪ :‬أحمد ش‪#‬مس ال‪#‬دين‪ #،‬ب‪#‬يروت‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية‪،54-1/53 ،1988 ،‬‬
‫‪ 24‬هو الحجاج يوسف بن سليمان بن عيسى الشنتمري االندلسي‪ ،‬ولد سنة‪410‬ه‪ ،‬وله مصنفات منه‪#‬ا‪ :‬ش‪#‬رح أبي‪##‬ات‬
‫الجمل للزجاجي‪ ،‬توفي بأشبيليه سنة‪476‬ه‪ ،‬البغدادي‪ .‬هدية العارفين‪،2/551 ،‬‬
‫‪9‬‬

‫وخصوص‪###‬ا من‬
‫ً‬ ‫ض‪###‬ح كيف حصل ذلك ولم‪###‬اذا حصل ه‪###‬ذا الخلط بين المفه‪###‬ومين؟‬ ‫نُ َّو ِّ‬
‫الناحية التطبيقية‪.‬‬
‫وإذا أردت أن تمثِّل على ذلك فانبدأ في معجم اللسان وفيه يقول ابن منظ‪##‬ور(‪:)25‬‬
‫"نحا الشيء ي ْن َحاهُ وي ْنحوه إذا حرفه‪ ،‬وقال ابن السكيت‪ :‬ومنه ُس ِّمي النَحو‪ ،‬ألنَّه يح‪##‬رف‬
‫َ‬
‫الكالم إلى وج‪##‬وه اإلع‪##‬راب‪...‬واإلع‪##‬راب ال‪##‬ذي هو النَّح‪##‬و‪ ،‬إنَّما هو اإلبانة عن المع‪##‬اني‬
‫باأللفاظ"‪.‬‬
‫الصحاح‪ ،‬يكون األمر أكثر وضوحًا‪ ،‬في تعريفه للنح‪##‬و‪:‬‬
‫أ َّما إذا نظرنا إلى معجم ِ‬
‫"النَّحو هو إعراب الكالم العرب ِّي" ‪.‬‬
‫(‪)26‬‬

‫وذكر الجرجان ّي نصوصًا تؤكد أنَّهم فهموا النَّحو بمع‪##‬نى اإلع‪##‬راب‪ ،‬ومن ذلك ما‬
‫كالم لخصوم المتنبي‪ ،‬بعدما اض‪##‬طر إلى ت‪##‬رك بعض القواعد‬ ‫أورده في (الوساطة) من ٍ‬
‫النَّحوية للضرورة الشعرية‪ ،‬فقال(‪ )27‬على لسان خصوم المتنبي‪ " #:‬قد خلط هذا الرج‪##‬ل‪-‬‬
‫‪#‬ور مختلف‪##‬ة‪ ،‬وذهابه عن مق‪##‬اييس النَّحْ ‪ #‬و‪...‬وه‪##‬ذه‬
‫المتن‪##‬بي‪ -‬في احتجاج‪##‬ه‪ ،‬وجمع بين أم‪ٍ #‬‬
‫القضيَّة إن استمرت على اطراد قياسها‪ ،‬زال نظام اإلعراب"‬
‫المفص ‪#‬ل البن يعيش‪ ،‬ورد نصٌ يؤكد ما ذهبت إليه من خلط العلم‪##‬اء‬ ‫َّ‬ ‫وفي ش‪##‬رح‬
‫ض‪ِّ ###‬م حديثه عن الفقه‪###‬اء‪" :‬وي‪###‬رون الكالم في معظم‬
‫بين المفه‪###‬ومين‪ ،‬حيث ورد في ِخ َ‬
‫أب‪##‬واب الفقه ومس‪##‬ائلها مبنيًّا على علم اإلع‪##‬راب‪ ،‬والتفاس‪##‬ير مش‪##‬حونة بالرواي‪##‬ات عن‬
‫سيبويه‪ ،‬واألخفش والكسائي والفراء وغيرهم من النحويين البصريين‪ #‬والكوفيين"‪.)28(#‬‬
‫ولم يقتصر األمر على بعض النص‪##‬وص‪ ،‬ال‪##‬تي تؤكد خلط العلم‪##‬اء بين مفه‪##‬ومي‬
‫اإلعراب والنَّحو‪ ،‬بل تع‪##‬داه إلى بعض عن‪##‬اوين كتب النح‪##‬و؛ ال‪##‬تي تتح‪##‬دث عناوينها عن‬
‫اإلعراب‪ ،‬ومضمونها يتحدث عن النحو بشكل عام‪.‬‬
‫ولنأخذ مثااًل على ذلك‪ ،‬كت‪#‬اب سر ص‪##‬ناعة اإلع‪#‬راب‪ ،‬البن جنِّي‪ ،‬وال‪##‬ذي اتخذته‬
‫في بداية كتابتي لخطة الرسالة‪ ،‬ضمن المراجع األساسية التي سأس‪##‬تعين به‪##‬ا‪ ،‬ظنًا م‪##‬ني‬
‫عندما رأيت عنوانه أنَّه يخصُّ الظاهرة اإلعرابية بشكل مفصَّل‪ ،‬ولكن عن‪##‬دما ب‪##‬دأت في‬
‫كتابة رس‪##‬التي‪ ،‬واطَّلعت على الكت‪##‬اب لم أجد فيه ما كنت أتص‪##‬وره؛ حيث إن‪##‬ني وج‪##‬دت‬
‫أغلب الكتاب يتحدث عن مباني الح‪#‬روف ويدرس‪##‬ها دراس‪#‬ةً ص‪##‬وتية‪ ،‬وليس كما توقعته‬
‫أن يكون‪.‬‬

‫‪ 25‬ابن منظور‪ .‬لسان العرب‪،1/181 .‬‬


‫‪ 26‬الجوهري‪ ،‬الصحاح ‪،6/2504 .‬‬
‫‪ 27‬الجرجاني‪ ،‬علي بن عبد العزيز‪ ،‬الوساطة بين المتنبي وخصومه‪ ،‬تح‪ :‬محمد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬مص‪##‬ر‪،1951 ،‬‬
‫ص‪،453‬‬
‫‪ 28‬ابن يعيش‪ ،‬أبو البقاء‪ ،‬شرح المفصل للزمخشري‪ ،‬قدم له‪ :‬إميل يعقوب‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪،1/8 ،2001 ،‬‬
‫‪10‬‬

‫وهن‪###‬اك كتبٌ أخ‪###‬رى من كتب النح‪###‬اة ال‪###‬تي يتح‪###‬دث عنوانها عن اإلع‪###‬راب‪،‬‬


‫ومضمونها يختلف عن ذلك بعض الشيء‪ ،‬ومن أمثلة ذلك كتاب مغني الل‪##‬بيب عن كتب‬
‫األعاريب و‪ ...‬إلى غير ذلك من الكتب‪.‬‬
‫وفيما أورده الب‪###‬احث س‪###‬ابقًا‪ ،‬يؤكد خلط بعض النُّح‪###‬اة بين مفه‪###‬ومي اإلع‪###‬راب‬
‫والنَّحو وخصوصًا من الناحية التطبيقية‪ ،‬فابن هش‪#‬ام في كتابه ش‪##‬ذور ال‪#‬ذهب ف‪#‬رَّق بين‬
‫النَّحْ و واإلعراب ولكن في كتابه مغ‪#‬ني الل‪#‬بيب‪ ،‬وجد الب‪#‬احث أنه ع‪َّ #‬د اإلع‪#‬راب بمع‪#‬نى‬
‫النَّحو‪.‬‬
‫وهنا يبر ُز التساؤل األهم؛ وه‪##‬و‪ :‬ما الس‪##‬بب ال‪##‬ذي جعل النُّح‪##‬اة الجهاب‪##‬ذة ينعت‪##‬ون‬
‫النَّحو بعلم اإلع‪##‬راب؟ ولم‪##‬اذا يحتل اإلع‪##‬راب مكانة مرموقة بين ف‪##‬روع النحو الكث‪##‬ير‪،‬‬
‫أن اإلعراب ك‪##‬ان‬ ‫حتى ُع َّد المتميز في النَّحو هو المتميز في اإلعراب؟ والسبب في ذلك َّ‬
‫سببًا في نشأة علم النحو‪ ،‬فس ِّم َي باسمه‪ ،‬واستأثر اإلعراب على ب‪#‬اقي ف‪#‬روع النح‪#‬و‪ ،‬مما‬
‫جعله محل كثير من الدراسات النَّحوية واللُغوية(‪.)29‬‬
‫أن اإلعراب هو سبب وضع علم النَّحو‪ ،‬ما وص‪##‬لنا من الرواي‪##‬ات‬ ‫أ ّما َ الدليل على َّ‬
‫واألخبار التي ضم ْتها بط‪##‬ون الكتب‪ ،‬وال‪##‬تي تتح‪##‬دث عن س‪##‬بب وضع علم النح‪##‬و‪ ،‬وهي‬
‫كثيرة ال مجال لذكرها كلها ألن هذا ليس مجال الدراسة‪ ،‬ولكني س‪##‬أذكر رواي‪##‬تين منهما‬
‫وردتا في أغلب الكتب التي تح َّدثت عن ه‪##‬ذا الموض‪##‬وع‪ ،‬وأول ه‪##‬ذه الرواي‪##‬ات ما روي‬
‫عن أبي األسود الدؤلي حينما سمع رجاًل يقرأ قوله تعالى‪َ :‬أ َّن هَّللا َ بَ ِري ٌء ِمنَ ْال ُم ْش ‪ِ #‬ر ِكينَ‬
‫أظن يس‪ُ #‬عنِي إال أن أضع ش‪#‬يًئا‪ُ ،‬أص‪#‬لح‬ ‫َو َرسُولُهُ ‪ )30(‬بكسر الالم في (رسوله)‪ ،‬فقال‪ :‬ال ُّ‬
‫نحو هذا‪ ،‬فوضع علم النحو(‪.)31‬‬ ‫به َ‬
‫ي أنَّه جاء إلى زياد ابن أبيه قو ٌم‪ ،‬فق‪##‬الوا‪ :‬أص‪##‬لح هللا‬
‫أ َّما الرواية األخرى‪ ،‬فقد رُو َ‬
‫األمير توفي أبانا وترك بنون‪ .‬فقال زياد‪ :‬ت‪##‬وفي أبانا وت‪##‬رك بن‪##‬ون! ادع لي أبا االس‪##‬ود‪،‬‬
‫فقال‪ :‬ضع للناس العربية‪ .‬وقيل إنَّه كان استأذنه في وضع كتاب‪ ،‬فنه‪##‬اه‪ ،‬فلما س‪##‬مع ه‪##‬ذا‬
‫أمره بوضعه(‪.)32‬‬
‫أن خطأ النَّاس في‬
‫هات‪##‬ان الروايت‪##‬ان‪ ،‬وغيرهما من الرواي‪##‬ات الكث‪##‬يرة‪ ،‬تؤك‪##‬دان َّ‬
‫اإلعراب ولحنهم هو ما حدا بالعلماء لوضع علم النَّحو‪.‬‬

‫‪ 29‬ياقوت‪ ،‬أحمد‪ ،‬ظاهرة اإلعراب في النحو العربي‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪،1993،،‬ص‪،19‬‬


‫‪ 30‬سورة التوبة‪9/3 :‬‬
‫‪ 31‬الحلبي‪ ،‬أبو الطيب اللغوي عبد الواحد بن علي‪ ،‬م‪##‬راتب النح‪##‬ويين‪ ،‬تح‪ :‬محمد أبو الفضل إب‪##‬راهيم‪ ،‬نهضة مص‪##‬ر‪،‬‬
‫‪ ،1955‬ص‪،6‬‬
‫‪ 32‬القفطي‪ ،‬أبو الحسن جمال ال‪#‬دين علي بن يوس‪#‬ف‪ ،‬إنب‪#‬اه ال‪#‬رواة على أنب‪#‬اء النُّح‪#‬اة‪ ،‬تح‪ :‬محمد أبو الفضل إب‪#‬راهيم‪،‬‬
‫بيروت‪ :‬دار الفكر العربي‪ ،‬ومؤسسة الكتب الثقافية‪ ،1986 ،‬ص‪،50‬‬
‫‪11‬‬

‫جدي ٌر بالذكر َّ‬


‫أن مسألة واضع علم النح‪##‬و‪ ،‬والس‪##‬بب في وض‪##‬عه‪ ،‬حظيت باهتم‪##‬ام‬
‫(‪.)33‬‬
‫كثير من العلماء‪ ،‬ولكن هذا ليس مجال دراستي للحديث عن هذه اآلراء‬
‫‪ .3‬المطلب الثالث‪ ،‬ال ُمعرب من الكالم‪:‬‬
‫إن فائدة اإلع‪##‬راب تتمثل في اإلبانة عن المع‪##‬اني المختلفة ال‪##‬تي تعت‪##‬ور الكلم‪##‬ات‬ ‫َّ‬
‫حين اس‪##‬تعماله في ال‪##‬تراكيب‪ ،‬ل‪##‬ذلك ك‪##‬ان األصل في األس‪##‬ماء أن تُع‪##‬رب باتِّف‪##‬اق؛ ألنَّها‬
‫تعتورها مع‪##‬اني الفاعلية والمفعولية واإلض‪##‬افة وغيرها مما يحت‪##‬اج إلى اإلع‪##‬راب في‬
‫فهم‪##‬ه‪ ،‬والح‪##‬روف األصل فيها البن‪##‬اء باتِّف‪##‬اق ألنها ال يعتورها مع‪##‬ا ٍن تحت‪##‬اج إلى اإلبانة‬
‫والتوض‪##‬يح‪ ،‬أ َّما األفع‪##‬ال فحقُّها البن‪##‬اء‪ ،‬إال الفعل المض‪##‬ارع فقد اتفق‪##‬وا على إعرابه عند‬
‫خل ِّوه من نون التوكيد ونون النسوة المباشرتين(‪.)34‬‬
‫أن االختالف بينهم‬‫أن الفعل المضارع معرب مثل االس‪##‬م‪ ،‬بَيْد َّ‬ ‫اتَّفق العلماء على َّ‬
‫أن إعراب الفعل المضارع هل هو باألصالة أم بالتَّبعيَّة لالس‪##‬م؟ وانقس‪##‬موا ب‪##‬ذلك إلى‬ ‫في َّ‬
‫قسمين‪:‬‬
‫أن اإلع‪##‬راب أص‪ٌ ##‬ل في األس‪##‬ماء‪،‬‬ ‫القسم األول‪ :‬وهم البص‪##‬ريون ال‪##‬ذين ي‪##‬رون َّ‬
‫أن اإلعراب ُأت َي به لمعنًى ال يص‪##‬حُّ‬
‫والفعل المضارع محمول عليها‪ ،‬وحُجتهم في ذلك‪َّ :‬‬
‫إاَّل في االسم‪ ،‬فاختصَّ باالسم كالتَّصغير‪ ،‬والمعنى الذي يدلُّ عليه اإلعراب ك‪##‬ون االسم‬
‫فاعال أو مفعوال به أو مضاف إليه؛ ألنَّه يفرِّ ق بين هذه المعاني‪ ،‬وهذه المعاني تصحُّ في‬
‫األسماء وال تصحُّ في األفعال‪ ،‬وبذاك تكون األفعال فرعا محمول على األسماء‪.‬‬
‫أ َّما القسم الثاني‪ :‬وهم الكوفيون الذين يرون َّ‬
‫أن اإلع‪##‬راب في الفعل يُف ‪ِّ #‬رق بين المع‪##‬اني‪،‬‬
‫فكان أصاًل كإعراب األسماء(‪.)35‬‬
‫أن الفعل المض‪##‬ارع ف‪##‬رع في اإلع‪##‬راب‪،‬‬‫أ َّما ابن مالك فقد وافق رأي البص‪##‬ريين؛ في َّ‬
‫محمول على األسماء‪ ،‬غير أنَّه اختلف معهم في تعليل ذلك؛ فذهب إلى َّ‬
‫أن إعراب االسم‬
‫م‪##‬وجب وال يُغ‪##‬ني عنه س‪##‬واه‪ ،‬أ َّما إع‪##‬راب الفعل فإنَّه يمكن االس‪##‬تغناء عنه بوضع اسم‬
‫بدله‪ ،‬لذلك كان اإلعراب في األسماء أصاًل وفي األفعال فرعا(‪.)36‬‬

‫‪ 33‬لالطِّالع‪ :‬الس‪##‬يرافي‪ ،‬أبوس‪##‬عيد‪ #‬الحسن بن عبد هللا بن المرزب‪##‬ان‪ ،‬أخب‪##‬ار النُّح‪##‬ويين البص‪##‬ريين‪ ،‬تح‪ :‬طه محمد‬
‫الزيني‪ ،‬ومحمد عبد المنعم خفاجي‪ ،‬مطبعة مصطفى البابي الحلبي‪ ،1966 ،‬ص‪،16‬‬
‫‪ 34‬األندلسي‪ ،‬أبو حيان‪ ،‬ارتشاف الضرب من لسان العرب‪ ،‬تح‪ :‬رجب عثم‪#‬ان‪ ،‬الق‪#‬اهرة‪ :‬مطبعة الخ‪#‬انجي‪،1998 ،‬‬
‫‪،836-1/835‬‬
‫‪ 35‬العكبري‪ ،‬أبو البقاء‪ ،‬مسائل خالفية في النحو‪ ،‬ط‪ ،2:‬تح‪ :‬رجب عثمان محمد‪ ،‬مراجعة‪ :‬رمض‪##‬ان عبد الت‪##‬واب‪،‬‬
‫القاهرة‪ :‬مكتبة الخانجي‪2007 ،‬م‪.‬‬
‫‪ 36‬ابن مالك‪ ،‬أبو عبد هللا جمال ال‪##‬دين الط‪#‬ائي الجي‪#‬اني األندلس‪##‬ي‪ ،‬ش‪#‬رح التس‪##‬هيل‪ ،‬تح‪ :‬عبد ال‪##‬رحمن الس‪##‬يد‪ ،‬ومحمد‬
‫بدوي المختون‪ ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة هجر للطباعة‪ ،1990 ،‬ص‪،33-32‬‬
‫‪12‬‬

‫‪ .4‬المطلب الرابع‪ ،‬أهميَّة اإلعراب‪:‬‬


‫أن حركات اإلعراب تدل على المعاني المختلفة‪،‬‬ ‫يرى النُّحاة القدماء والمحدَثون َّ‬
‫التي تعتور األسماء‪ ،‬من فاعلية أو مفعولية أو إضافة أو غير ذلك‪.‬‬
‫قال ابن قتيبة (‪" :)37‬ولها‪ -‬يعني العرب‪ -‬اإلعراب الذي جعله هللا وشيًا لكالمه‪#‬ا‪،‬‬
‫وحلية لنظامه‪####‬ا‪ ،‬وفارقًا في بعض األح‪####‬وال بين الكالمين المتك‪####‬افئين‪ ،‬والمعن‪####‬يين‬
‫المختلفين‪ ،‬كالفاعل والمفع‪##‬ول‪...‬ال يف‪##‬رق بينهما إذا تس‪##‬اوت حالهما في إمك‪##‬ان الفعل أن‬
‫أن قائاًل قال‪ :‬هذا قات ٌل أخي‪ ،‬ب‪#‬التنوين‪ ،‬وق‪##‬ال‬
‫يكون لكل واح ٍد منهما‪ ،‬إال باإلعراب‪ ،‬ولو َّ‬
‫آخر‪ :‬هذا قات ُل اخي‪ ،‬لد َّل التنوين على أنَّه لم يقتله‪ ،‬ود َّل حذف التنوين على أنَّه قتله"‪.‬‬
‫وذكر أبو القاسم الزجَّاجِّي أهمية اإلعراب فقال(‪" :)38‬ف‪##‬إن ق‪##‬ال قائ‪#‬لٌ‪ :‬قد ذك‪##‬رت‬
‫ّ‬
‫أن اإلع‪##‬راب داخل في الكالم‪ ،‬فما ال‪##‬ذي دعا إلي‪##‬ه‪ ،‬واح‪##‬تيج إليه من أجل‪##‬ه؟ ف‪##‬الجواب أن‬
‫إن االس‪##‬ماء لما ك‪##‬انت تعتورها المع‪##‬اني‪ ،‬وتك‪##‬ون فاعلة ومفعولة ومض‪##‬افة‪ ...‬ولم‬ ‫يقال‪َّ :‬‬
‫يكن في أبنيتها أدلة على ه‪##‬ذه المع‪##‬اني‪ ،‬بل ك‪##‬انت مش‪##‬تركة‪ ،‬جُعلت حرك‪##‬ات اإلع‪##‬راب‬
‫فيها‪ ،‬تنبئ عن هذه المعاني‪ ،‬فق‪#‬الوا‪ :‬ض‪#‬رب زي‪ٌ #‬د عم‪#‬رًا‪ ،‬ف‪#‬دلُّوا برفع زيد على أن الفعل‬
‫أن الفعل وقع عليه"‪.‬‬‫له‪ ،‬وبنصب عمرو على َّ‬
‫وقال أيضًا رحمه هللا‪ ":‬ويس‪##‬مي النحوي‪##‬ون الحرك‪##‬ات الل‪##‬واتي تعتقب في أواخر‬
‫األسماء واألفعال الدالة على المعاني إعرابًا؛ ألنَّها يكون بها اإلعراب‪ ،‬أيْ البيان"(‪.)39‬‬
‫وأش‪##‬ار ابن جنَّ ّي إلى أهمية اإلع‪##‬راب خالل تعريفه لإلع‪##‬راب‪" :‬هو اإلبانة عن‬
‫المعاني باأللفاظ؛ أال ترى أنَّك إذا سمعت‪ :‬أكرم س‪##‬عيد أب‪##‬اه‪ ،‬وش‪##‬كر س‪#‬عيدًا أب‪##‬وه‪ ،‬علمت‬
‫برفع أح‪##‬دهما ونصب اآلخ‪##‬ر‪ ،‬الفاعل من المفع‪##‬ول‪ ،‬ولو ك‪##‬ان الكالم ُش ‪#‬رجًا(‪ )40‬واح ‪#‬دًا‬
‫الستبهم أحدهما من صاحبه"(‪.)41‬‬
‫أ َّما ابن فارس فقد بيَّن أهمية اإلعراب بقوله(‪" :)42‬من العلوم الجليلة التي ُخصَّت‬
‫بها العرب اإلعراب‪ ،‬الذي هو الفارق بين المعاني المتكافئة في اللفظ‪ ،‬وبه يُعرف الخبر‬

‫‪ 37‬ابن قتيبة‪ ،‬أبو محمد عبد هللا بن مسلم‪ ،‬تأويل مشكل القرآن‪ ،‬تح‪ :‬إبراهيم شمس الدين‪ #،‬ب‪#‬يروت‪ :‬دار الكتب العلمي‪#‬ة‪،‬‬
‫ص‪،14‬‬
‫‪ 38‬الزج‪##‬اجي‪ ،‬أبو القاسم عبد ال‪##‬رحمن بن إس‪##‬حاق‪ ،‬اإليض‪##‬اح على علل النح‪##‬و‪ ،‬تح‪ :‬م‪##‬ازن المب‪##‬ارك‪ ،‬ب‪##‬يروت‪ :‬دار‬
‫النفائس‪ ،‬ص ‪،69‬‬
‫ّ‬
‫‪ 39‬ال َّزجاجي‪ ،‬أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق‪ ،‬الجمل في النحو‪ ،‬تح‪ :‬علي توفيق الحمد‪ ،‬بي‪##‬وت‪ :‬مؤسسة الرس‪##‬الة‪،‬‬
‫‪1984‬م‪ ،‬ص‪،261‬‬
‫‪ 40‬يعني‪ :‬نوعًا أو ضربًا‪،‬‬
‫‪ 41‬ابن جني‪ ،‬الخصائص‪،1/35 :‬‬
‫‪ 42‬ابن ف‪##‬ارس‪ ،‬أبو الحسن أحمد بن ف‪##‬ارس بن زكري‪##‬ا‪ ،‬الص‪##‬احبي في فقه اللغة العربية ومس‪##‬ائلها وس‪##‬ند الع‪##‬رب في‬
‫كالمها‪ ،‬تعليق‪ :‬أحمد حسن بسبح‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،1997 ،‬ص‪،43‬‬
‫‪13‬‬

‫ال‪##‬ذي هو أصل الكالم‪ ،‬ول‪##‬واله ما ُميِّ َز فاعل من مفع‪##‬ول‪ ،‬وال مض‪##‬اف من منع‪##‬وت‪ ،‬وال‬
‫تعجب من استفهام‪ ،‬وال صدر من مصدر‪ ،‬وال نعت من تأكيد"‪.‬‬
‫وقال رحمه هللا(‪ ":)43‬فأ َّما اإلعراب فبه تميَّز المع‪##‬اني‪ ،‬ويُوقف به على أغ‪##‬راض‬
‫أحسن زي ْد‪ ،‬غير ُمع َرب‪ ،‬أو‪ :‬ضرب عمرْ زي ْد‪ ،‬غير‬ ‫ْ‬ ‫أن قائاًل لو قال‪ :‬ما‬
‫المتكلمين وذلك َّ‬
‫أحسن زي ٍد‪ ،‬أو ما أحسنَ زي ٌد‪،‬‬
‫ُ‬ ‫مع َرب‪ ،‬لم يقف على مراد‪ .‬فإذا قال‪ :‬ما أحسن زيدًا‪ ،‬أو ما‬
‫أبان اإلعراب عن المع‪##‬نى ال‪##‬ذي أراده‪ ،‬وللع‪##‬رب في ذلك ما ليس لغيره‪##‬ا؛ فهم ي ْفرُق‪##‬ون‬
‫بالحرك‪##‬ات وغيرها بين المع‪##‬اني؛ يقول‪##‬ون‪ :‬م ْفتَ‪##‬اح لآللة ال‪##‬تي يفتح به‪##‬ا‪ ،‬و َم ْفتَح لموضع‬
‫الفتح‪."...‬‬
‫وق‪###‬ال ال‪###‬دكتور حم‪###‬د‪" :‬اإلع‪###‬راب معلم من مع‪###‬الم العربي‪###‬ة‪ ،‬ومفخ‪###‬رة من‬
‫مفاخرها"(‪.)44‬‬
‫إن اإلعراب معل ٌم من مع‪##‬الم العربي‪##‬ة‪ ،‬ومفخ‪##‬رةٌ من مفاخره‪##‬ا؛‬‫وخالصة القول‪َّ :‬‬
‫فهو يكشف عن بواطن األلفاظ‪ ،‬ويف‪##‬رق بين المع‪##‬اني‪ ،‬وما يعت‪##‬ور األلف‪##‬اظ من ض‪##‬بابية‪،‬‬
‫ويكفي لنستد َّل على ذلك لو قرأنا هذه األمثلة‪:‬‬
‫أكر ِم بالنَّاس محم ُد!‬ ‫اس محم ٌد – أكر ُم النَّ ِ‬
‫اس محم ٌد – ِ‬ ‫أكرم الناسُ محمدًا – أكرم النَّ َ‬
‫هذه الجمل لو فقدت اإلعراب‪ ،‬الحتملت معاني عدة‪ ،‬ولكنَّها لما ُأع‪##‬ربت د َّل ك ‪ٌّ #‬ل‬
‫أن النَّاس هم من أكرم‪###‬وا‬ ‫منها على مع‪###‬نى واح‪###‬د؛ ففي الجملة األولى بيَّن اإلع‪###‬راب َّ‬
‫محم ‪#‬دًا‪ ،‬وفي الجملة الثانية محم ‪ٌ #‬د هو من أك‪##‬رم النَّاس‪ ،‬وفي الجملة الثالثة ج‪##‬اء الخ‪##‬بر‬
‫بأن محمدًا كري ٌم‪ ،‬أ َّما الجملة االخيرة فحملت معنى التعجب‪.‬‬‫ليخبرنا َّ‬
‫المبحث الثاني‪ :‬إنكار اإلعراب‬
‫ب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ ،‬دعوى إنكار اإلع َْرا ِ‬ ‫‪.1‬‬
‫َّ‬
‫إن الق‪##‬ول بإنك‪##‬ار اإلع‪##‬راب من أبشع الوس‪##‬ائل ال‪##‬تي يس‪##‬تخدمها أع‪##‬داء ال‪##‬دين‪،‬‬
‫لمحاربة اإلسالم فهذه الدعوى ته‪##‬دف إلى تق‪##‬ويض دع‪##‬ائم اللغة الفص‪##‬حى‪ ،‬وإزالة ركن‬
‫قوي من أركان المقومات األساسية للعرب والمسلمين‪ ،‬هذا الركن هو اللغة‪ ،‬التي أن‪##‬زل‬
‫هللا بها قرآنه‪ ،‬وبلَّغ رسالته‪ ،‬وتكفَّل بحفظ قرآنه‪ ،‬فقال ع َّز من ق‪##‬ال‪ :‬ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝ ﭼ (‪ )45‬وهذا يترتب عليه حفظ تلقائي لهذه اللغة‪.‬‬

‫‪ 43‬ابن فارس‪ ،‬الصاحبي‪ ،‬ص ‪،143‬‬


‫‪ 44‬وافي‪ ،‬علي عبد الواحد‪ ،‬فقه اللغة‪ ،‬نهضة مصر‪2004 ،‬م‪ ،‬ص‪،405‬‬
‫‪ 45‬سورة الحجر‪،15/9 :‬‬
‫‪14‬‬

‫ولذلك لم ي َّدخر أعداء اإلسالم جه‪#‬دًا في محاربة ه‪##‬ذه اللغ‪##‬ة‪ ،‬فت‪#‬ارة ي‪##‬دعون إلى‬
‫العامية‪ ،‬وتارة يدعون إلى ت‪##‬رك اإلع‪##‬راب‪ ،‬وت‪##‬ارة ي‪##‬دعون إلى تيس‪##‬ير النحو و‪ ...‬ولكن‬
‫هذه الدعاوي تافهة‪ ،‬وال يخفى على أح ٍد هدف هذه الدعاوي‪ ،‬ولذلك لن أفرد لها مس‪##‬احةً‬
‫ً‬
‫فاحش ‪#‬ا‪ ،‬وليس ص‪##‬عبًا‪ ،‬ف‪##‬اإلعراب ك‪##‬ان‬ ‫أن اإلعراب ليس‬‫في بحثي‪ ،‬فال يخفى على أحد َّ‬
‫ُب حين فسدت الطب‪##‬ائع العربي‪##‬ة‪ ،‬وفشا اللحن‪ ،‬وتح‪َّ #‬ول‬ ‫سهاًل على األلسن‪ ،‬ثم ثقل‪ ،‬وصع َ‬
‫المجتمع الع‪##‬ربي الخ‪##‬الص إلى مجتمع ض‪##‬خم فيه أجن‪##‬اس ش‪##‬تى وال س‪#‬يَّما في الحواضر‬
‫العربي‪##‬ة‪ ،‬أما من ي‪##‬دعو إلى ت‪##‬رك اإلع‪##‬راب‪ ،‬فهو يمهِّ ُد الطريق لألع‪##‬داء الحتالل البالد‬
‫فكرًا وثقافة؛ ألن ترك اإلعراب هو هد ٌم للفصحى‪ ،‬وب‪##‬ذلك تض‪##‬عف الق‪##‬وة العربي‪##‬ة‪ ،‬مما‬
‫يسهل مهمة االحتالل!‪.‬‬
‫سأتناول في بحثي هذا الدعاوي التي تنكر اإلعراب‪ ،‬وتزعم أنَّه لم ي‪##‬أ ِ‬
‫ت للتفريق‬
‫بين المعاني‪ ،‬بل له مآرب أخرى‪ ،‬ال تتعدى أن تكون ظاهرة صوتية حسب رأيهم‪.‬‬
‫أن حرك‪##‬ات‬ ‫أن النح‪##‬اة الق‪##‬دماء أجمع‪##‬وا على َّ‬ ‫ذك‪##‬رت س‪##‬ابقًا في ِخ َ‬
‫ض‪ِّ ##‬م بح‪##‬ثي؛ َّ‬
‫اإلعراب‪ ،‬تدل على المعاني المختلفة التي تعتورها األسماء‪ ،‬من فاعلية أو مفعولي‪##‬ة‪ ،‬أو‬
‫إضافة أو غير ذلك‪.‬‬
‫ولم يخالف هذا الرأي أح ‪ٌ #‬د من الق‪##‬دماء‪ ،‬إال ع‪##‬الم واح‪##‬د؛ وهو أبو علي محمد بن‬
‫المستنير(ت‪206‬ه)‪ ،‬المعروف بقطرب(‪.)46‬‬
‫أن الحركات اإلعرابية جيء بها للتخلص من التقاء الساكنين‪ ،‬عند‬ ‫فيرى قطرب َّ‬
‫أن العالم‪##‬ات اإلعرابية ليست ذات داللة‬ ‫اتص‪##‬ال الكالم‪ ،‬وللس‪##‬رعة في الكالم‪ ،‬وي‪##‬رى َّ‬
‫ومعنى‪ ،‬وال تف‪ِّ #‬رق بين المع‪#‬اني؛ يق‪##‬ول في ذل‪##‬ك‪ " :‬وإنَّما َأع‪#‬ربت الع‪#‬رب كالمه‪#‬ا؛ َّ‬
‫ألن‬
‫أيض‪#‬ا‪ ،‬لك‪##‬ان‬
‫االسم في حالة الوقف يلزمه السكون للوق‪#‬ف‪ ،‬فلو جعل‪#‬وا وص‪##‬له بالس‪##‬كون ً‬
‫يلزمه اإلسكان في الوصل والوقف‪ ،‬وكانوا يبطئ‪##‬ون في اإلدراج‪ ،‬فلما وص‪##‬لوا وأمكنهم‬
‫التحريك‪ ،‬جعلوا التحريك معاقبًا لإلسكان؛ ليعتدل الكالم‪.)47("..‬‬
‫أن اإلع‪##‬راب لم ي‪##‬دخل لعل‪##‬ة؛ وإنَّما دخل تخفيفًا على اللس‪##‬ان(‪.)48‬‬
‫أيض‪##‬ا َّ‬
‫وي‪##‬رى ً‬
‫ويح‪##‬اول أن ي‪##‬برهن على كالمه بأنَّه يوجد في كالم الع‪##‬رب أس‪##‬ماء متفقة في اإلع‪##‬راب‪،‬‬
‫مختلفة في المع‪##‬اني وأس‪##‬ماء مختلفة في اإلع‪##‬راب ومتفقة في المع‪##‬اني‪ ،‬مث‪##‬ل‪َّ :‬‬
‫إن زي ‪#‬دًا‬
‫َّ‬
‫وكأن زيدًا أخوك اتفق إعرابه واختلف معناه(‪.)49‬‬ ‫أخوك‪ ،‬ولعل زيدًا أخوك‪،‬‬

‫‪ 46‬رمضان عبد التواب‪ ،‬فصول في فقه اللغة‪ ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة الخانجي‪1999 ،‬ص ‪،371‬‬
‫‪ 47‬الزجاجي‪ ،‬اإليضاح‪،70 .‬‬
‫‪ 48‬العكبري‪ ،‬مسائل خالفية‪،71 .‬‬
‫‪ 49‬الزجاجي‪ ،‬اإليضاح‪،70 .‬‬
‫‪15‬‬

‫ذكر السُّيوطي بعد إيراده لكالم قطرب‪" :‬وقال المخ‪##‬الفون له ردًا علي‪##‬ه‪ :‬لو ك‪##‬ان‬
‫ألن القصد في‬ ‫كما ذكر لجاز ج ّر الفاعل مرة‪ ،‬ونصبه مرة‪ ،‬وجاز نصب المضاف إليه‪َّ ،‬‬
‫ي حركة أتى بها المتكلم أجزأت‪##‬ه‪،‬‬ ‫ه‪##‬ذا إنَّما هو الحركة تع‪##‬اقب س‪##‬كونًا‪ ،‬ليعت‪##‬دل الكالم‪ ،‬أ ّ‬
‫فهو ُم َخيَّر في ذلك‪ ،‬وفي هذا فساد للكالم‪ ،‬وخروج عن أوضاع العرب‪ ،‬وحكمة نَظم في‬
‫كالمهم"(‪.)50‬‬
‫واحتجُّ وا لما ذك‪##‬ره قط‪##‬رب؛ من اتف‪##‬اق اإلع‪##‬راب واختالف المع‪##‬نى‪ ،‬واختالف‬
‫اإلعراب واتفاق المعنى في االسماء التي تقدم ذكرها؛ ب‪##‬أن ق‪##‬الوا إنَّما ك‪##‬ان أصل دخ‪##‬ول‬
‫اإلعراب في األسماء التي ت‪##‬ذكر بعد االفع‪##‬ال‪ ،‬ألنَّه ي‪##‬ذكر بع‪##‬دها اس‪##‬مان‪ :‬أح‪##‬دهما فاعل‬
‫واآلخر مفع‪##‬ول‪ ،‬ومعناهما مختلف ف‪##‬وجب الف‪##‬رق بينهم‪##‬ا‪ ،‬ثم جُعل س‪##‬ائر الكالم على‬
‫ذلك(‪.)51‬‬
‫هذا الرأي السابق هو رأي قط‪##‬رب‪ ،‬وهو رأي لم يس‪##‬بق به أح‪##‬د‪ ،‬ولم يتابعه عليه‬
‫غيره من اللُغويين أو النح‪##‬ويين‪ ،‬فيما ع‪##‬دا ال‪#‬دكتور إب‪#‬راهيم أنيس في كتاب‪#‬ه(من أس‪##‬رار‬
‫العربية) حيث يظهر أنَّه متأث ٌر فيه بقطرب(‪ ،)52‬وهذا ما سيتم توضيحه في الفقرة التالية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ ،‬إبراهيم أنيس وقصة اإلعراب‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫قص ‪#‬ة حا َكها‬
‫بأن اإلعراب َّ‬ ‫ت توحى َّ‬ ‫بدأ إبراهيم أنيس حديثه عن اإلعراب بعبارا ٍ‬
‫ونسجها مجموعة من صنَّاع الكالم‪ ،‬حتى أصبح اإلعراب حصنًا منيعًا للنُّحاة‪ ،‬وأص‪##‬بح‬
‫األدب‪##‬اء والكت‪##‬اب والش‪##‬عراء يخ‪##‬افون من س‪##‬طوة النُّح‪##‬اة‪ ،‬وال يخ‪##‬الفون قواع‪##‬دهم‪ ،‬به‪##‬ذه‬
‫العبارات ب‪##‬دأ إب‪##‬راهيم أنيس حديثه عن اإلع‪##‬راب حيث ق‪##‬ال(‪" :)53‬ما أروعها قص‪##‬ة! لقد‬
‫استمدت خيوطها من ظ‪##‬واهر لغوية متن‪##‬اثرة بين قبائل الجزي‪##‬رة العربي‪##‬ة‪ ،‬ثم حيكت وتم‬
‫قوم من صنَّاع الكالم"‬
‫نسجها حياكة محكمة‪ ...‬على يد ٍ‬
‫ثم ذهب إب‪##‬راهيم أنيس إلى اتِّه‪##‬ام النُّح‪##‬اة وال‪##‬رواة بالك‪##‬ذب‪ ،‬واتب‪##‬اع أه‪##‬وائهم في‬
‫وضع القواعد بقول‪##‬ه‪" :‬لم يقتصر عمل ال‪##‬ذين أسَّس‪##‬وا قواعد اإلع‪##‬راب على َّ‬
‫الس‪##‬ماع‬
‫والجمع واس‪##‬تنباط األص‪##‬ول؛ بل قاس‪##‬وا ما لم يس‪##‬معوا على ما س‪##‬معوا‪ ،‬وأس‪##‬رفوا في‬
‫قياسهم‪ ،‬وابتكروا في اللغة أصواًل وقواعد"(‪.)54‬‬
‫وانتقل الدكتور أنيس إلى البحث عن آثار اإلعراب في اللغات السامية األخرى‪،‬‬
‫ووصل إلى أنَّه ال أثر لإلع‪##‬راب في الس‪##‬ريانية والعبرية واآلرامي‪##‬ة‪ ،‬ثم ع‪##‬رض بعض‬

‫‪ 50‬السيوطي‪ ،‬جالل الدين‪ ،‬األشباه والنظائر في النحو‪ ،‬ط‪ ،3:‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1996 ،‬م‪،1/93،‬‬
‫‪ 51‬المرجع نفسه‪،1/93 :‬‬
‫‪ 52‬السامرائي‪ ،‬إلبراهيم‪ ،‬فقه اللغة المقارن‪ .‬ط‪ ،3:‬بيروت‪ :‬دار العلم للماليين‪1983 ،‬م‪ ،‬ص‪،121‬‬
‫‪ 53‬إبراهيم أنيس‪ ،‬من أسرار العربية‪ ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة اإلنجلو المصرية‪1978 ،‬م‪ ،‬ص‪،198‬‬
‫‪ 54‬المرجع نفسه‪،199 :‬‬
‫‪16‬‬

‫أراء المستشرقين في آثار اإلعراب في اللغات السامية‪ ،‬ووصل إلى عدم وج‪##‬ود أي أثر‬
‫(‪)55‬‬
‫لإلعراب في اللغات السامية األخرى‬
‫ثم ذكر َّ‬
‫أن الهدف من تحريك أواخر الكلمات؛ هو الوصل فق‪##‬ط‪ ،‬وليس لها أهمية‬
‫في المعاني‪ ،‬وهي ضرورة صوتية يتطلبها الوصل(‪.)56‬‬
‫ث َّم تعرَّض اللتقاء الساكنين‪ ،‬وعرض آراء العلم‪##‬اء في كيفية التخلص من التق‪##‬اء‬
‫وأن هناك عاملين أساسيين في تحديد حركة التخلص منهما‬ ‫الساكنين وأنكر عليهم ذلك‪َّ ،‬‬
‫وهما‪ :‬األول إيثار بعض الح‪##‬روف لحركة معيَّن‪##‬ة‪ ،‬فح‪##‬روف الحلق مثاًل ت‪##‬ؤثر الض‪##‬مة‪،‬‬
‫والث‪##‬اني يرجع إلى تج‪##‬انس الحرك‪##‬ات المج‪##‬اورة‪ ،‬وهو اختص‪##‬ار عض‪##‬وى في النط‪##‬ق‪،‬‬
‫يرجع إليه المتكلم دون شعور أو تعمد(‪.)57‬‬
‫ويمكن إجمال نظرية إبراهيم أنيس في نقاط عدة‪ ،‬فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬يرى أنَّه ليس للحركات اإلعرابية مدلول وال معنى‪ ،‬وال تدل على فاعلية أو مفعولية‬
‫أو إضافة أو غير ذلك‪.‬‬
‫‪َّ -2‬‬
‫أن الحركات جيء بها للتخلص من التقاء الساكنين في حالة الوصل في الكلمات‪.‬‬
‫‪ -3‬يرى َّ‬
‫أن هناك عاملين يتدخالن في التخلص من التقاء الس‪##‬اكنين وهم‪##‬ا‪ :‬إيث‪##‬ار بعض‬
‫الحروف لحركة معيَّنة‪ ،‬والميل إلى تجانس الحركات المجاورة‪.‬‬
‫‪ -4‬يُرجع اإلعراب ب‪##‬الحروف إلى اختالف اللهج‪##‬ات‪ ،‬ف‪##‬يرى َّ‬
‫أن إح‪##‬دى الص‪##‬ور تخصُّ‬
‫قبيلة معينة واألخرى تخصُّ قبائل أخرى‪.‬‬
‫‪ -5‬تح‪َّ ##‬دث عن الرواي‪##‬ات ال‪##‬تي قيلت في أس‪##‬باب وضع النَّح‪##‬و‪ ،‬وق‪##‬رر أن الكتب ال‪##‬تي‬
‫تح َّدثت عن هذه األخبار مختلقة للطرافة‪ ،‬وال أساس لها من الصحة(‪.)58‬‬
‫‪ -6‬يرى َّ‬
‫أن الذي يحدد معنى الفاعلية والمفعولية؛ هو موقع كلٍّ منهما في الجملة‪ ،‬وليس‬
‫الحركات اإلعرابية‪.‬‬
‫ير ُّد الدكتور محمد محمد حسين(‪ )59‬مبيِّنًا ِعظَم تلك الدعوى التي جاء بها إبراهيم‬
‫أنيس "وأبلغ ما يبدو التحامل على علماء النحو واللغة والبالغ‪##‬ة‪ ،‬بل على كتب ال‪##‬تراث‬
‫كلِّها‪ -‬الفصلين األخيرين من كتاب إبراهيم أنيس؛ (من أسرار العربي‪##‬ة) الل‪##‬ذين عق‪##‬دهما‬

‫‪ 55‬نفسه‪،202 :‬‬
‫‪ 56‬نفسه‪،220 :‬‬
‫‪ 57‬نفسه‪،253 :‬‬
‫‪ 58‬إبراهيم أنيس‪ ،‬من أسرار العربية‪،249 .‬‬
‫‪ 59‬حسين‪ ،‬محمد محمد‪ ،‬مقاالت في األدب‪ ،‬بيوت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪1988 ،‬م‪،‬ص‪،88‬‬
‫‪17‬‬

‫تحت عنوان ( قصة اإلعراب) و (الجملة العربية وأجزاؤها ونظامه‪##‬ا) وفيهما الش‪##‬طط‬
‫والمجازفة والتحامل الظالم المجهول"‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ ،‬ال َّرد على منكري اإلعراب‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫َّ‬
‫إن ال‪##‬دعوة إلى إنك‪##‬ار اإلع‪##‬راب دع‪##‬وة باطل‪##‬ة‪ ،‬ه‪##‬دفها كما تم ذك‪##‬ره هو تق‪##‬ويض‬
‫أركان اللغة العربية‪ ،‬وفيما يلى دحضٌ لتلك الدعوة الباطلة‪:‬‬
‫‪ -1‬وجود اإلعراب كاماًل في بعض اللغ‪##‬ات الس‪##‬امية؛ كاآلكادية وتش‪##‬مل اللغ‪##‬تين البابلية‬
‫واآلشورية في عصورهما القديمة‪ ،‬وكذلك اللغة الحبشية؛ وه‪##‬ذا ق‪##‬انون ( َح ُم‪##‬ورابي‬
‫‪1792‬ق‪.‬م – ‪1750‬ق‪.‬م) المدون باللغة البابلية القديمة‪ ،‬يوجد فيها اإلعراب كما هو‬
‫في اللغة العربية الفص‪##‬حى تما ًما فالفاعل مرف‪##‬وع والمفع‪##‬ول به منص‪##‬وب وعالمة‬
‫الرفع الض‪#####‬مة‪ ،‬وعالمة النَّصب الفتح‪#####‬ة‪ ،‬وعالمة الجر الكس‪#####‬رة‪ ،‬تما ًما كما في‬
‫العربية(‪.)60‬‬
‫أن الحبيب صلى هللا‬ ‫‪ -2‬القرآن الكريم الذي وصل إلينا بالتواتر الشفوي‪ ،‬ال يتخيل أحدنا َّ‬
‫عليه وسلم كان يقرأ بتسكين أواخر الكلمات‪ ،‬حتى إذا نظرنا إلى أحك‪##‬ام التجويد فإننا‬
‫ن‪##‬رى جلَّها متعلقًا بالحرك‪##‬ات اإلعرابي‪##‬ة‪ ،‬فعلى س‪##‬بيل المث‪##‬ال ال الحص‪##‬ر؛ ال‪##‬روم‬
‫إن الرسول صلى هللا عليه وسلم ق‪##‬رأ بتل‪##‬ك‪،‬‬‫واإلشمام والقلقلة‪ ،...‬حتى وإن افترضنا َّ‬
‫لوص‪#‬لنا رواي‪#‬ات بتلك الق‪#‬راءة‪ ،‬مع علمنا بح‪#‬رص الص‪#‬حابة رض‪#‬وان هللا عليهم أن‬
‫يبلغوا كلِّ ما قاله الحبيب عليه الس‪##‬الم‪ .‬والق‪##‬رآن وح‪##‬ده يكفي ل‪##‬دحض دع‪##‬وى إنك‪##‬ار‬
‫اإلعراب‪.‬‬
‫خترع وال تُفتَرى‪ ،‬وفي ذلك يقول الدكتور علي‬‫إن القواعد تُستخلص من اللغة‪ ،‬وال تُ َ‬ ‫‪َّ -3‬‬
‫ق القواعد خلقًا‪ ،‬ال يتص‪##‬ورها عق‪#‬ل‪ ،‬ولم يح‪#‬دث لها نظ‪##‬ير‬ ‫عبد الواحد وافي(‪" :)61‬خ َْل ُ‬
‫في الت‪##‬اريخ‪ ،‬وال يمكن أن يفكر فيها عاق‪##‬ل‪ ،‬أو يتص‪##‬ور نجاحه‪##‬ا؛ فمن الواضح‪َّ #‬‬
‫أن‬
‫قواعد اللغة ليست من األمور ال‪##‬تي تُخ‪##‬ترع‪ ،‬أو تف‪##‬رض نفس‪##‬ها على النَّاس‪ ،‬بل تنشأ‬
‫من تلقاء نفسها‪ ،‬وتكون بالتدرج"‪.‬‬
‫إن رسم المص‪###‬حف العثم‪###‬اني‪ ،‬مع تجري‪###‬ده من‬ ‫‪ -4‬رسم المص‪###‬حف العثم‪###‬اني؛ حيث َّ‬
‫أن المص‪##‬حف العثم‪##‬اني يرمز‬ ‫اإلعجام والشكل لدليل على فساد هذه الدعوى؛ وذلك َّ‬
‫إلى كثير من عالمات اإلعراب ب‪##‬الحروف(المؤمن‪#‬ون‪ #،‬المؤم‪#‬نين)‪ #‬وعالمة إع‪#‬راب‬
‫المنصوب ال ُمن َّون (رسواًل ‪ ،‬شهيدًا بصيرًا) وهلُ َّم جرَّا(‪.)62‬‬

‫‪ 60‬رمضان عبد التواب‪ ،‬فصول في فقه اللغة‪،382 .‬‬


‫‪ 61‬المرجع نفسه ص‪،163‬‬
‫‪ 62‬المرجع نفسه ص‪،164‬‬
‫‪18‬‬

‫العربي بموازينه وبحوره‪ ،‬ال يقبل هذه الدعوى‪ ،‬بحال من األح‪#‬وال؛ ف‪#‬أوزان‬‫ِّ‬ ‫‪ -5‬الشعر‬
‫الشعر وقواعده وعروضه‪ ،‬تقوم على مالحظة نظام اإلع‪##‬راب‪ ،‬ففي علم الع‪##‬روض‬
‫مثاًل ‪ ،‬الحركات هي التي تفرِّ ق بين تفعيالت البحور المختلفة؛ فمثاًل لو أخذنا كلمتي‪:‬‬
‫رجلٌ‪ ،‬رجلْ عند تقطيعهما عروضيًّا ينتج التالي‪:‬‬
‫فعل‬ ‫ر جل‬ ‫رجلْ‬ ‫فعلن ‪-‬‬
‫ِ‬ ‫ر ج لن‬ ‫رج ُل‬
‫أن تحريك الكلمة جعل التفعيلة تختلف‪ ،‬وهَلُ َّم جرَّا‪.‬‬
‫وهنا نالحظ َّ‬
‫‪ -6‬إدراك العلماء والنُّحاة االوائل ألهمية حركات اإلع‪##‬راب‪ ،‬وم‪##‬دلوالتها‪ ،‬وعيبهم على‬
‫من فسدت ألس‪##‬نتهم بمخالطة االع‪##‬اجم‪ ،‬داللة ص‪##‬ادقة على أهمية اإلع‪##‬راب وش‪##‬عور‬
‫هؤالء العلماء بأهمية ترسيخ هذه القواعد‪ .‬فهناك روايات وأخبار كث‪#‬يرة‪ ،‬وردت في‬
‫أن أبا موسى األش‪#‬عريِّ كتب إلى عمر بن الخط‪#‬اب‬ ‫هذا الصدد‪ ،‬ومن هذه الرواي‪#‬ات َّ‬
‫رضي هللا عنهم‪##‬ا‪( :‬من أبو موس‪##‬ى‪ ،)...‬فكتب عمر رضي هللا عنه س‪##‬ال ٌم عليك أ َّما‬
‫بعد‪ ،‬فاضرب كاتبك سوطًا‪ ،‬وأ ِّخر عطاءه سنة(‪.)63‬‬

‫وي‪##‬روى عن أبي االس‪##‬ود ال‪##‬دؤلي‪ #:‬أنَّه س‪##‬مع رجاًل يق‪##‬رأ قوله تع‪##‬الى‪َ( :‬أ َّن هَّللا َ‬
‫بَ ِري ٌء ِمنَ ْال ُم ْش ِر ِكينَ َو َرسُولُهُ)(‪ ،)64‬بكسر الالم في (رسوله)‪ ،‬فق‪##‬ال‪ :‬ال أظنَّه يس‪##‬عني إال‬
‫أن أصنع شيًئا ُأصلح به نحْ َو هذا(‪.)65‬‬
‫وقال رج ٌل للحسن البصري‪ #:‬يا أبو سعيد! فقال‪ْ :‬‬
‫كس‪#‬ب ال‪##‬دوانيق ش‪##‬غلك‪ ،‬أن‬
‫تقول يا أبا سعيد(‪!)66‬‬
‫كل هذه الرواي‪##‬ات‪ ،‬إض‪##‬افة إلى الرواي‪##‬ات واألخب‪##‬ار الكث‪##‬يرة‪ ،‬ت‪##‬دلل على وج‪##‬ود‬
‫أن اإلعراب‬ ‫اإلعراب وأهميته‪ ،‬وتدحض من ينكر اإلعراب‪ ،‬ويدعو إلى تركه‪ ،‬وتؤكد َّ‬
‫كان سليقة لمن يتكلم العربية‪ ،‬وخصوصًا‪َّ ،‬‬
‫وأن اللحن كان يقع في العوام والموالي‪#.‬‬
‫الخاتمة‬
‫لقد تتبع الب‪##‬احث في ه‪##‬ذا البحث ‪-‬بع‪##‬ون هللا‪ -‬ماهية اإلعرابـ‪ ،‬والف‪##‬رق بين النحو‬
‫واإلعراب‪ ،‬والتعرض ألهمية اإلع‪##‬راب‪ ،‬ك‪##‬ذلك ذكر البحث دع‪##‬اوي إنك‪##‬ار اإلع‪##‬راب‪،‬‬
‫والرد على دع‪##‬اوي اإلنك‪##‬ار‪ ،‬ولعَّل أهم النت‪##‬ائج والتوص‪##‬يات ال‪##‬تي خ‪##‬رجت بها من ه‪##‬ذا‬
‫البحث ما يأتي‪-:‬‬

‫‪ 63‬الحلبي‪ ،‬مراتب النحويين‪ ،‬ص‪،6‬‬


‫‪ 64‬سورة التوبة‪،9/3 :‬‬
‫‪ 65‬السيرافي‪ ،‬أخبار النحويين‪،12 .‬‬
‫‪ 66‬المرزب‪##‬اني‪ ،‬محمد بن عم‪##‬ران‪ ،‬ن‪##‬ور القبس المختصر في أخب‪##‬ار النح‪##‬اة واألدب‪##‬اء والش‪##‬عراء والعلم‪##‬اء‪ ،‬ف‪##‬رانتس‬
‫شتاينز‪،‬‬
‫‪19‬‬

‫أواًل ‪ :‬النتائج‪:‬‬
‫‪ .1‬وقف البحث على دراسة نحوي‪###‬ة‪ ،‬طبيعتها الوصف والتحلي‪###‬ل‪ ،‬حيث تع‪###‬رض‬
‫لركيزة من ركائز النحو؛ وهي اإلعراب‪ ،‬والرد على منكريه‪.‬‬
‫‪ .2‬إدراك العلماء والنُّح‪#‬اة االوائل ألهمية حرك‪#‬ات اإلع‪#‬راب‪ ،‬وم‪#‬دلوالتها‪ ،‬وعيبهم‬
‫على من فسدت ألس‪##‬نتهم بمخالطة االع‪##‬اجم‪ ،‬داللة ص‪##‬ادقة على أهمية اإلع‪##‬راب‬
‫وش‪##‬عور ه‪##‬ؤالء العلم‪##‬اء بأهمية ترس‪##‬يخ ه‪##‬ذه القواع‪##‬د‪ .‬فهن‪##‬اك رواي‪##‬ات وأخب‪##‬ار‬
‫ي كتب‬ ‫أن أبا موسى األش‪##‬عر ِّ‬ ‫كثيرة‪ ،‬وردت في هذا الصدد‪ ،‬ومن هذه الرواي‪##‬ات َّ‬
‫إلى عمر بن الخطاب رضي هللا عنهما‪( :‬من أبو موس‪##‬ى‪ ،)...‬فكتب عمر رضي‬
‫هللا عنه سال ٌم عليك أ َّما بعد‪ ،‬فاضرب كاتبك سوطًا‪ ،‬وأ ِّخر عطاءه سنة(‪.)67‬‬
‫إن رسم المص‪##‬حف العثم‪##‬اني‪ ،‬مع تجري‪##‬ده من‬ ‫‪ .3‬رسم المص‪##‬حف العثم‪##‬اني؛ حيث َّ‬
‫أن المص‪##‬حف العثم‪##‬اني‬ ‫اإلعجام والشكل ل‪##‬دليل على فس‪##‬اد ه‪##‬ذه ال‪##‬دعوى؛ وذلك َّ‬
‫يرمز إلى كثير من عالمات اإلعراب بالحروف(المؤمنون‪ #،‬المؤم‪##‬نين)‪ #‬وعالمة‬
‫إعراب المنصوب‪ #‬ال ُمن َّون (رسواًل ‪ ،‬شهيدًا بصيرًا) وهلُ َّم جرَّا(‪.)68‬‬
‫إن اإلع‪##‬راب معل ٌم من مع‪##‬الم العربي‪##‬ة‪ ،‬ومفخ‪##‬رةٌ من مفاخره‪##‬ا؛ فهو يكشف عن‬
‫‪َّ .4‬‬
‫بواطن األلفاظ‪ ،‬ويفرق بين المعاني‪ ،‬وما يعتور األلفاظ من ضبابية‬
‫إن القواعد تُستخلص من اللغة‪ ،‬وال تُخت َرع وال تُفتَرى‪ ،‬وفي ذلك يق‪##‬ول ال‪##‬دكتور‬
‫‪َّ .5‬‬
‫ق القواعد خلقً‪#‬ا‪ ،‬ال يتص‪#‬ورها عق‪#‬ل‪ ،‬ولم يح‪#‬دث‬ ‫علي عبد الواحد وافي(‪ْ :)69‬‬
‫"خَل‪ُ #‬‬
‫لها نظ‪##‬ير في الت‪##‬اريخ‪ ،‬وال يمكن أن يفكر فيها عاق‪##‬ل‪ ،‬أو يتص‪##‬ور نجاحه‪##‬ا؛ فمن‬
‫أن قواعد اللغة ليست من األمور ال‪##‬تي تُخ‪##‬ترع‪ ،‬أو تف‪##‬رض نفس‪##‬ها على‬‫الواضح َّ‬
‫النَّاس‪ ،‬بل تنشأ من تلقاء نفسها‪ ،‬وتكون بالتدرج‬
‫ثانيًا‪ :‬التوصيات‪-:‬‬
‫يوصي الباحث أهل العلم‪ ،‬والقائمين عليه‪ ،‬والباحثين‪ ،‬والمهتمين‪ ،‬بما يأتي‪:‬‬
‫‪ .1‬أن ي ْنهل جميع الدارسين من معين اللغة العربية‪ ،‬الذي ال ينضّب‪.‬‬
‫‪ .2‬االعتزاز بتراثنا العربي القديم‪ ،‬والتمسك بالنُّحو واإلعراب‪ ،‬وخصوصًا في‬
‫ظلِّ الدعوة إلى تركه‪ ،‬كأحد وسائل محاربة اإلسالم‪.‬‬

‫‪ 67‬الحلبي‪ ،‬مراتب النحويين‪،6 .‬‬


‫‪ 68‬المرجع نفسه‪،164‬‬
‫‪ 69‬الثعالبي‪ ،‬فقه اللغة‪ .‬ص‪،163‬‬
‫‪20‬‬

‫‪ .3‬أوصي إدارة الجامعة‪ ،‬بإنشاء ديوان لُغوي لطالب اللغة في الجامعات شتَّى‪،‬‬
‫يكون له برنامج خاص‪ ،‬والتركيز فيه على اإلعراب‪.‬‬
‫‪ .3‬الخالصة‪:‬‬
‫ال تنفك الجم‪#####‬ات على اللغة العربية لغة الق‪#####‬رآن‪ ،‬ال س‪#####‬يما على قواعد اللغة‬
‫العربي‪###‬ة‪ ،‬فق‪###‬ديما إب‪###‬راهيم أنيس و َمن تبعه الحقا وبعض المعاص‪###‬رين ي‪###‬رون أن‬
‫الحركات اإلعرابية ليس لها م‪##‬دلول‪ ،‬وأرجع‪##‬وا اإلع‪##‬راب ب‪##‬الحروف إلى االختالف‬
‫وأن الحرك‪##‬ات جيء بها للتخلص من التق‪##‬اء الس‪##‬اكنين وغ‪##‬ير ذلك من‬ ‫بين القبائ‪##‬ل‪ّ ،‬‬
‫أن لهم ذلك فدعوتهم باطلة هدفها تقويض أركان العربي‪##‬ة‪ ،‬وقد بين‬ ‫لكن ّ‬ ‫االفتراءات‪ّ ،‬‬
‫الباحث دحض تلك الدعاوي بكثير من األسباب أهمها ّ‬
‫أن الق‪##‬رآن الك‪##‬ريم وصل إلينا‬
‫بالتواتر الشفوي وال يمكن أن يك‪##‬ون الرس‪##‬ول عليه الس‪##‬الم ق‪##‬رأ بتس‪##‬كين الح‪##‬روف‪،‬‬
‫وك‪##‬ذلك وج‪##‬ود اإلع‪##‬راب في بعض اللغ‪##‬ات الس‪##‬امية كاآلكادي‪##‬ة‪ ،‬وك‪##‬ذلك أن القواعد‬
‫تُستخلص من اللغة وال تُخ‪##‬ترع ‪ ،‬وغ‪##‬ير \لك من ال‪##‬ردود ال‪##‬تي دحضت اف‪##‬تراءاتهم‪،‬‬
‫وأكدت بأن اإلعراب كان سليقة لمن يتكلم العربية وخصوصا ّ‬
‫أن اللحن ك‪##‬ان يقع في‬
‫العوام والموالي‪#.‬‬

‫المصادر والمراجع‬
‫القرآن‬
‫إبراهيم أنيس‪ .‬من أسرار العربية‪ .‬القاهرة‪ :‬مكتبة اإلنجلو المصرية‪1978 ،‬م‪.‬‬
‫ابن األنباري‪ ،‬أبو البركات كمال ال‪##‬دين‪ .‬نزهة األلب‪##‬اء في طبق‪##‬ات األدب‪##‬اء‪ .‬تح‪ :‬إب‪##‬راهيم‬
‫السامرائي‪( .‬المنار‪ .‬األردن)‪ .‬الطبعة الثالثة‪.1985 ،‬‬
‫ابن تيني‪##‬ة‪ ،‬محمد بن إب‪##‬راهيم الحم‪##‬د‪ .‬مص‪##‬طلحات في كتب العقائ‪##‬د‪ .‬درا بن خزيم‪##‬ة‪.‬‬
‫الطبعة‪ :‬االولى‪.‬‬
‫ابن جني‪ ،‬أبو الفتح عثمان‪ .‬الخصائص‪ .‬تح‪ :‬محمد علي النجار‪( .‬المكتبة العلمي‪##‬ة‪.‬د‪.‬م)‪،‬‬
‫‪1952‬م‪ .‬ج‪.2‬‬
‫ابن عص‪##‬فور‪ ،‬علي بن م‪##‬ؤمن‪ .‬المق‪##‬رب‪ .‬تح‪ :‬أحمد عبد الس‪##‬تار الج‪##‬واري‪ .‬وعبد هللا‬
‫الجبوري‪1972 ،‬م‪.‬‬
‫ابن عقيل‪ ،‬عبد هللا بن عبد الرحمن بن عبد هللا‪ .‬المساعد على تسهيل الفوائ‪##‬د‪ .‬تح‪ :‬محمد‬
‫كامل بركات‪ .‬دمشق‪ :‬دار الفكر‪1980 ،‬م‪.‬‬
‫ابن ف‪###‬ارس‪ ،‬أبو الحسن أحمد بن ف‪###‬ارس بن زكري‪###‬ا‪ .‬الص‪###‬احبي في فقه اللغة العربية‬
‫ومس‪##‬ائلها وس‪##‬ند الع‪##‬رب في كالمها‪ .‬تعلي‪##‬ق‪ :‬أحمد حسن بس‪##‬بح‪ .‬ب‪##‬يروت‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية‪.1997 ،‬‬
‫‪21‬‬

‫ابن فارس‪ ،‬أحمد‪ .‬معجم مق‪##‬اييس اللغة‪ .‬تحقي‪##‬ق‪ :‬عبد الس‪##‬الم ه‪##‬ارون‪( .‬مكتبة الخ‪##‬انجي‬
‫القاهرة)‪ .2008 ،‬ج‪.4‬‬
‫ابن قتيبة‪ ،‬أبو محمد عبد هللا بن مسلم‪ .‬تأويل مشكل الق‪##‬رآن‪ .‬تح‪ :‬إب‪##‬راهيم ش‪##‬مس ال‪##‬دين‪.‬‬
‫بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫ابن ماجه‪ ،‬محمد القزويني‪ .‬سنن ابن ماجه‪ .‬تح‪ :‬محمد عبد الب‪##‬اقي‪ .‬ب‪##‬يروت‪ #:‬دار إحي‪##‬اء‬
‫الكتب العربية‪.‬‬
‫ابن مالك‪ ،‬أبو عبد هللا جمال الدين الطائي الجي‪##‬اني األندلس‪##‬ي‪ .‬ش‪##‬رح التس‪##‬هيل‪ .‬تح‪ :‬عبد‬
‫الرحمن السيد‪ .‬ومحمد بدوي المختون‪ .‬القاهرة‪ :‬مكتبة هجر للطباعة‪.1990 ،‬‬
‫ابن منظ‪###‬ور‪ ،‬لس‪###‬ان الع‪###‬رب‪ .‬تح‪ :‬عبد هللا الكب‪###‬ير‪ .‬ومحمد حسب هللا‪ .‬الق‪###‬اهرة‪ :‬دار‬
‫المعارف‪.‬‬
‫ابن هش‪##‬ام‪ ،‬عبد هللا بن يوس‪##‬ف‪ .‬ش‪##‬رح ش‪##‬ذور ال‪##‬ذهب في معرفة كالم الع‪##‬رب‪ .‬تح‪ :‬عبد‬
‫الغني الدفتر‪ .‬الشركة المعتمدة للتوزيع والنشر‪.‬‬

‫ابن وكي‪####‬ع‪ ،‬أبو عبد هللا محمد بن عبد هللا الطهم‪####‬اني النيس‪####‬ابوري‪ .‬المس‪####‬تدرك على‬
‫الصحيحين‪ .‬تح‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا‪( .‬دار الكتب العلمي‪##‬ة‪ .‬ب‪#‬يروت)‪1990 ،‬م‪ .‬ج‬
‫‪.2‬‬
‫ابن يعيش‪ ،‬أبو البقاء‪ .‬شرح المفصل للزمخشري‪ .‬ق‪##‬دم ل‪##‬ه‪ :‬إميل يعق‪##‬وب‪ .‬ب‪##‬يروت‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية‪.2001 ،‬‬
‫األزهري‪ ،‬محمد بن أحمد‪ .‬تهذيب اللغة‪( .‬دار إحياء التراث بيروت)‪ .‬د‪.‬ت‪ .‬ج‪.2‬‬
‫األندلسي‪ .‬أبو حيان‪ .‬ارتشاف الضرب من لس‪##‬ان الع‪##‬رب‪ .‬تح‪ :‬رجب عثم‪##‬ان‪ .‬الق‪##‬اهرة‪:‬‬
‫مطبعة الخانجي‪.1998 ،‬‬
‫البغدادي‪ ،‬إسماعيل بن محمد أمين بن مير سليم الباباني‪ .‬هدية العارفين أسماء المؤلفين‬
‫وآثار المصنفين‪ .‬بيروت دار إحياء التراث العربي‪.‬‬
‫ابن س‪####‬يده‪ ،‬أبو الحسن علي بن إس‪####‬ماعيل النح‪####‬وي‪ .‬المخصص‪( .‬المطبعة الك‪####‬برى‬
‫األميرية بوالق القاهرة)‪1998 ،‬م‪ .‬ج‪.5‬‬
‫الثع‪##‬البي‪ ،‬أبو منص‪##‬ور عبد الملك ابن محمد ابن إس‪##‬ماعيل‪" .‬فقه اللغة وسر العربي‪##‬ة‪".‬‬
‫(دار الكتب العلمية‪ .‬بيروت)‪.1971 ،‬‬
‫الجرج‪###‬اني‪ ،‬علي بن عبد العزي‪###‬ز‪ .‬الوس‪###‬اطة بين المتن‪###‬بي وخص‪###‬ومه‪ .‬تح‪ :‬محمد أبو‬
‫الفضل إبراهيم‪ .‬مصر‪.1951 ،‬‬
‫الج‪##‬وهري‪ ،‬إس‪##‬ماعيل‪ .‬الص‪##‬حاح ت‪##‬اج اللغة وص‪##‬حاح العربية‪ .‬تح‪ :‬أحمد عبد الغف‪##‬ور‬
‫عطار‪( .‬دار العلم للماليين بيروت)‪ .‬ط‪ .1990 ،4:‬ج‪.1‬‬

‫حسين‪ ،‬محمد محمد‪ .‬مقاالت في األدب‪ .‬بيوت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪1988 ،‬م‪.‬‬


‫‪22‬‬

‫الحلبي‪ ،‬أبو الطيب اللغوي عبد الواحد بن علي‪ .‬مراتب النحويين‪ .‬تح‪ :‬محمد أبو الفضل‬
‫إبراهيم‪ .‬نهضة مصر‪.1955 ،‬‬
‫رمضان عبد التواب‪ .‬فصول في فقه اللغة‪ .‬القاهرة‪ :‬مكتبة الخانجي‪1999 ،‬‬
‫الزبيدي‪ ،‬محمد بن مرتضى الحسيني الزبيدي‪ .‬تاج العروس من جواهر الق‪##‬اموس‪ .‬تح‪:‬‬
‫عبد العليم الطح‪##‬اوي‪ .‬مراجع‪##‬ة‪ :‬حس‪##‬ين محمد ش‪##‬رف وخالد جمع‪##‬ة‪ .‬الك‪##‬ويت‪ :‬المجلس‬
‫الوطني للثقافة والفنون واألدب‪.2000 ،‬‬
‫الزج‪##‬اجي‪ ،‬أبو القاسم عبد ال‪##‬رحمن بن إس‪##‬حاق‪ .‬اإليض‪##‬اح على علل النح‪##‬و‪ .‬تح‪ :‬م‪##‬ازن‬
‫المبارك‪ .‬بيروت‪ :‬دار النفائس‪.‬‬
‫ال َّزجاجي‪ ،‬أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق‪ .‬الجمل في النّحو‪ .‬تح‪ :‬علي توفيق الحم‪##‬د‪.‬‬
‫بيوت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪1984 ،‬م‪.‬‬
‫السامرائي‪ ،‬إلبراهيم‪ .‬فقه اللغة المقارن‪ .‬ط‪ .3:‬بيروت‪ :‬دار العلم للماليين‪1983 ،‬م‪.‬‬
‫السيرافي‪ ،‬أبوس‪#‬عيد الحسن بن عبد هللا بن المرزب‪##‬ان‪ .‬أخب‪#‬ار النّح‪#‬ويين البص‪##‬ريين‪ .‬تح‪:‬‬
‫طه محمد الزيني‪ .‬ومحمد عبد المنعم خفاجي‪ .‬مطبعة مصطفى البابي الحلبي‪.1966 ،‬‬
‫السيوطي‪ ،‬جالل الدين‪ .‬األشباه والنظائر في النحو‪ .‬ط‪ .3:‬ب‪##‬يروت‪ :‬دار الكتب العلمي‪##‬ة‪،‬‬
‫‪1996‬م‪.‬‬
‫الس‪##‬يوطي‪ ،‬جالل ال‪##‬دين‪ .‬همع الهوامع في ش‪##‬رح جمع الجوام‪##‬ع‪ .‬تحقي‪##‬ق‪ :‬أحمد ش‪##‬مس‬
‫الدين‪ .‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪.1988 ،‬‬
‫عباس حسن‪ .‬النحو الوافي‪ .‬مصر‪ :‬دار الفكر‪.‬‬
‫العك‪###‬بري‪ ،‬أبو البق‪###‬اء‪ .‬مس‪###‬ائل خالفية في النح‪###‬و‪ .‬ط‪ .2:‬تح‪ :‬رجب عثم‪###‬ان محمد‬
‫ورمضان عبد التواب‪ .‬القاهرة‪ :‬مكتبة الخانجي‪2007 ،‬م‪.‬‬
‫القفطي‪ ،‬أبو الحسن جم‪##‬ال ال‪##‬دين علي بن يوس‪##‬ف‪ .‬إنب‪##‬اه ال‪##‬رواة على أنب‪##‬اء النُّح‪##‬اة‪ .‬تح‪:‬‬
‫محمد أبو الفضل إبراهيم‪ .‬بيروت‪ :‬دار الفكر العربي‪ .‬ومؤسسة الكتب الثقافية‪.1986 ،‬‬
‫وافي‪ ،‬علي عبد الواحد‪ .‬فقه اللغة‪ .‬نهضة مصر‪2004 ،‬م‪.‬‬
‫ياقوت‪ ،‬أحمد‪ .‬ظاهرة اإلعراب في النحو العربي‪ .‬دار المعرفة الجامعية‪.1993 ،‬‬

You might also like