You are on page 1of 14

‫النثر العربي النيجيري بين األصالة والمعاصرة‬

‫دراسة تحليلية‬

‫إعداد‬

‫إبراهيم مختار آدم‬


IBRAHIM MUKHTAR ADAM
DEPARTMENT OF ARABIC
FEDERAL COLLEGE OF EDUCATION,
KATSINA
08162131362

danbaba258@gmail.com

‫و‬
‫فضل إبراهيم مسدد‬
FADHL IBRAHIM MUSADDAD
DEPARTMENT OF ARABIC
,FEDERAL COLLEGE OF EDUCATION
PANGSHIN
‫الملخص‬
‫ال ش‪##‬ك أن أي عم‪##‬ل أديب يس‪##‬تمد حيويت‪##‬ه ومكانت‪##‬ه يف ع‪##‬امل الفن من خالل متس‪##‬كه بأص‪##‬الته‪،‬‬
‫إذ ليس ألي أدب مع‪##‬ىن م‪##‬ا مل يكن ص‪##‬احبه ملم‪##‬ا ب‪##‬دوره يف اجملتم‪##‬ع‪ ،‬عارف‪##‬ا برس‪##‬الة األدب يف‬
‫بيئت‪##‬ه‪ ،‬ولن يك‪##‬ون ذل‪##‬ك ممكن‪##‬ا م‪##‬ا مل يكن األدب متص‪##‬ال ب ‪#‬رتاث أدبن‪##‬ا األص‪##‬يل‪ ،‬مس‪##‬تمدا قيم‪##‬ه‬
‫من أصوله النقية‪ ،‬فهو السبيل إىل تكوين وجداننا وأذواقن‪##‬ا‪ .‬ول‪##‬ذا ج‪#‬اءت ه‪##‬ذه الورق‪##‬ة للكش‪##‬ف‬
‫عن مكان‪##‬ة أدبن‪##‬ا النيج‪##‬ريي من حيث أص‪##‬الته وتعب‪##‬ريه الن‪##‬ابض عن وجودن‪##‬ا احلي‪ ،‬متخ‪##‬ذة الن‪##‬ثر‬
‫الف‪##‬ين مي‪##‬دانا تطبيقي‪##‬ا إلج ‪#‬راء ه‪##‬ذه الدراس‪##‬ة عن طري‪##‬ق املنهج الوص‪##‬في التحليلي‪ .‬وق‪##‬د اتك‪##‬أت‬
‫الدراسة على عدة تساؤالت منها‪ :‬ما مهمة األدب واألديب يف جمتمعنا النيجريي؟ ما مقي‪##‬اس‬
‫املعاصرة اليت نشدو إليها؟ وه‪#‬ل حتق‪#‬ق ذال‪#‬ك يف أعمالن‪#‬ا النثري‪#‬ة؟ لق‪#‬د توص‪#‬ل الباحث‪#‬ان إىل أن‬
‫أعمالن ‪##‬ا النثري ‪##‬ة املعاص ‪##‬رة ميكن أن نستش ‪##‬ف من طياهتا نبض حياتن ‪##‬ا بأبعاده ‪##‬ا املرتامي ‪##‬ة‪ ،‬األم ‪##‬ر‬
‫الذي حقق لنا توازنا بني أصالتنا وتعاصرنا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المقدمة‬
‫ال ش‪##‬ك أن اللغ‪##‬ة العربي‪##‬ة ق‪##‬د وج‪##‬دت يف نيجريي‪##‬ا أرض‪##‬ا خص‪##‬با لغ‪##‬رس ب‪##‬ذورها وزرع خرياهتا‬
‫من‪##‬ذ مطل‪##‬ع دخوهلا‪ ،‬وق‪##‬د تعه‪##‬دها املس‪##‬لمون بالرعاي‪##‬ة بوص‪##‬فها لغ‪##‬ة ال‪##‬دين والثقاف‪##‬ة مع‪##‬ا‪ ،‬إال أن‬
‫كت‪##‬ابتهم وإنتاج‪##‬اهتم يف تل‪##‬ك الف‪##‬رتة ك‪##‬انت ض‪##‬ئيلة نوع‪##‬ا م‪##‬ا‪ ،‬ولرمبا ك‪##‬ان الس‪##‬بب يف ذال‪##‬ك بداي‪##‬ة‬
‫عه ‪##‬دهم هبا‪ .‬ح ‪##‬ىت ج ‪##‬اء عص ‪##‬ر الف ‪##‬ودويني‪ ،‬ف ‪##‬ارتفعت مكان ‪##‬ة اللغ ‪##‬ة العربي ‪##‬ة يف البالد ‪ ،‬وك ‪##‬ثرت‬
‫التأليفات‪ ،‬ملا كان يتمتع به رواد تل‪#‬ك الف‪#‬رتة من أف‪#‬ق ثق‪#‬ايف وأديب‪ ،‬فس‪#‬خروا أقالمهم‪ ،‬وص‪#‬فت‬
‫وجداهنم‪ ،‬فجاؤوا بالغايل والنفيس من األفكار النرية‪ ،‬والتأليفات الشعرية والنثرية القيمة‪.‬‬
‫إال أن الكتاب‪##‬ة العربي‪##‬ة بلغت أوج جمدها يف العص‪##‬ر احلديث‪ ،‬ألس‪##‬باب ورد ذكره‪##‬ا يف طي‪##‬ات‬
‫هذا البحث‪ .‬فغزارة اإلنتاجات النثرية يف هذه الفرتة تسرتعي انتباه الدارس‪##‬ني والب‪##‬احثني‪ ،‬ليلق‪#‬وا‬
‫الض ‪##‬وء عليه ‪##‬ا ح ‪##‬ىت ت ‪##‬ربز يف املوكب األدب الع ‪##‬ريب الع ‪##‬املي‪ ،‬وق ‪##‬د اعتم ‪##‬د املعاص ‪##‬رون يف تنقيح‬
‫ق ‪##‬رحيتهم على ت‪# #‬راثهم األص ‪##‬يل‪ ،‬لينتج‪# #‬وا لن ‪##‬ا أعم ‪##‬اال أدبي ‪##‬ة نابض ‪##‬ة عن وجودن ‪##‬ا احلي يف الك ‪##‬رة‬
‫األرضية‪.‬‬
‫وقد جرى البحث حسب احملاور التالية‪:‬‬
‫احملور األول‪ :‬مفهوم النثر العريب‪.‬‬
‫احملور الثاين‪ :‬مهمة األدب واألديب يف جمتمعنا النيجريي‬
‫احملور الثالث‪ :‬أعمالنا النثرية األصالة واملعاصرة‬

‫‪2‬‬
‫المحور األول‪ :‬مفهوم النثر‬
‫لعلنا ال حنتاج هنا إىل كالم مفّص ل ومطول يف بيان طبيعة النثر ‪ ،‬فـإذا كان الشعر هو‬
‫ذالك التعبري الذي يصور العقل والشعور ميتاز يف أسلوبه بالوزن ‪ ،‬والقافية ‪ ،‬وكان الشعــر‬
‫والنثر متقاربني يف األغراض‪ ،‬واملعاين ‪ ،‬فقــد صار من املمكن تعريف النثر بأّنه ‪ :‬الكالم الذي‬
‫يصّور العقل ‪ ،‬والشعـور ‪ ،‬وال يتقيد بوزن ‪ ،‬وال بقافية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫فالنثر‪ :‬هو " الكالم الذي مل ينظم يف أوزان وقواف"‬
‫إذا فهمنا من النثر املع‪##‬ىن الفـين ال‪##‬ذي يقتض‪##‬ي من الك‪##‬اتب رقي‪##‬ا عقلي‪##‬ا ‪ ،‬وش‪##‬عوريا ‪ ،‬وإج‪#‬ادة يف‬
‫التعبري حسب هذه التعاريف‪ ،‬فإنه ميكن أن نقف على حقيقة‪ ،‬وهي أن الن‪##‬ثر عب‪##‬ارة عن كالم‬
‫حر منطلق ال يقيد األديب نفس‪#‬ه بش‪#‬يء من قي‪#‬ود القافي‪#‬ة وال وزن‪ .‬وه‪#‬ذا ه‪#‬و الف‪#‬ارق اجلوهري‬
‫بينه وبني صنوه الشعر‪ .‬فهما يلتقيان يف املغزى واملضمون وخيتلفان نسبيا يف الشكل واهليكل‪.‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬مهمة األدب واألديب في مجتمعنا النيجيري‬
‫السؤال ال‪#‬ذي يط‪#‬رح نفس‪#‬ه هن‪#‬ا ه‪#‬و ‪ :‬م‪#‬ا مهم‪#‬ة األدب يف جمتمعن‪#‬ا النيج‪#‬ريي‪ ،‬ه‪#‬ل ه‪#‬و جمرد‬
‫وسيلة للتسلية والرتويح عن النفس‪ ،‬أم أنه ذالك امليدان الفسيح إلبراز امللكة والقدرة اللغوية؟‬
‫إن ‪##‬ه بال ش ‪##‬ك ف ‪##‬وق ذل ‪##‬ك كل ‪##‬ه‪ ،‬إن ‪##‬ه تعب ‪##‬ري جلمي ‪##‬ع ن ‪#‬واحي احلي ‪##‬اة‪ ،‬إن األديب ه ‪##‬و القائ ‪##‬د‬
‫الوج‪##‬داين الرمسي ألي‪##‬ة أم‪##‬ة من األمم‪ ،‬واألدب ه‪##‬و "ص‪##‬احب قي‪##‬ادة وجداني‪##‬ة يت‪##‬وىل هبا حراس‪##‬ة‬
‫معنويتنا‪ ،‬وحيمي إنس‪#‬انيتنا من طغي‪#‬ان املادي‪#‬ة وجف‪#‬اف اآللي‪#‬ة وض‪#‬راوة النفعي‪#‬ة‪ ،‬وحيدو نض‪#‬النا يف‬
‫ع ‪##‬امل الي ‪##‬وم"‪ .2‬تل‪##‬ك هي مهم‪##‬ة األدب ووظيف ‪##‬ة األديب بش‪##‬كل ع ‪##‬ام‪ ،‬إن ‪##‬ه قائ ‪##‬د يف اجملتم‪##‬ع ذو‬
‫س‪## #‬الح ح‪## #‬اد وخط‪## #‬ري‪ ،‬حيمي ح‪## #‬دود اجملتم‪## #‬ع الوج‪## #‬داين‪ ،‬من ك‪## #‬ل التي‪## #‬ارات املفس‪## #‬دة املض ‪##‬لة‪،‬‬
‫ف‪##‬األدب الع‪##‬ريب من‪##‬ذ عص‪##‬ره اجلاهلي ك‪##‬انت مهمت‪##‬ه األوىل " التعب‪##‬ري عن اجلماع‪##‬ة"‪ 3‬وال غ‪##‬رو يف‬
‫ذل ‪##‬ك إذ أن القبيل ‪##‬ة يف جاهليته ‪##‬ا يف حاج ‪##‬ة إىل " قي ‪##‬ادة وجداني ‪##‬ة‪ ،‬تبث يف أبنائه ‪##‬ا روح املروءة‬
‫‪4‬‬
‫والنجدة وإباء الضيم‪ ،‬وحتدوهم يف صراعها من أجل الوجود والبقاء"‪.‬‬
‫ه‪## #‬ذه هي مهم‪## #‬ة األدب من‪## #‬ذ الق‪## #‬دم‪ ،‬وال خيتل‪## #‬ف األدب النيج‪## #‬ريي عن ذل‪## #‬ك‪ ،‬إذ أن األدب‬

‫‪3‬‬
‫الع‪##‬ريب النيج‪##‬ريي نش‪##‬أ أول م‪##‬ا نش‪##‬أ يف كن‪##‬ف اإلس‪##‬الم‪ ،‬فه‪##‬و يس‪##‬عى لنش‪##‬ر الفض‪##‬ائل واألخالق‪،‬‬
‫فاألدب أداة من أدوات التعبري عن مجيع نواحي احلياة‪ ،‬حلوها ومرها لدى األديب النيج‪##‬ريي‪،‬‬
‫فه‪##‬و إذا وس‪##‬يلة لالس‪##‬تجابة لب ‪#‬واعث احلي‪##‬اة فرح ‪ً#‬ا أو حزن ‪ً#‬ا‪ ،‬وبراع‪##‬ة األديب أو قدرت‪##‬ه الفائق‪##‬ة يف‬
‫تطويع هذه األداة للتعبري عن تلك البواعث هو حمك الرباعة وميزان احلكم جبودته‪.‬‬
‫إن األدب جيب أن يك ‪##‬ون مش ‪##‬حونا ب ‪##‬الرؤى العميق ‪##‬ة ملا يف احلي ‪##‬اة ‪ ،‬وجيب أن يس ‪##‬عى حلل‬
‫ألغاز هذه احلياة املليئة باأللغاز واملشاكل‪ ،‬ومع‪#‬ىن ذل‪#‬ك "أن التجرب‪#‬ة الفني‪#‬ة ليس‪#‬ت ش‪#‬يئًا منع‪#‬زًال‬
‫عن واقعنا‪ ،‬وال هي من عوامل فوق عاملنا‪ ،‬بل هي من نفس عاملنا وحياتن‪##‬ا وحميطن‪##‬ا النفس‪##‬ي"‪.5‬‬
‫فاألدب إذا مرآة صادقة للواقع‪.‬‬
‫وليس األدب النيجريي مبع‪#‬زل عن ه‪#‬ذا‪ ،‬إذ ه‪#‬و أيض‪#‬ا يس‪#‬عى وراء القيم النبيل‪#‬ة هلذا الش‪#‬عب‬
‫العري‪##‬ق‪ ،‬لبثه‪##‬ا وتثبيته‪##‬ا يف نف‪##‬وس الناش‪##‬ئة حين‪##‬ا‪ ،‬وإص‪##‬الح م‪##‬ا اع‪##‬وج منه‪##‬ا ت‪##‬ارة‪ ،‬فه‪##‬و من‪##‬ذ نعوم‪##‬ة‬
‫أظف‪#‬اره أدب أخالقي غ‪#‬ائي ه‪#‬ادف‪ ،‬ينك‪#‬ر األخالق الرذيل‪#‬ة الس‪#‬ائدة‪ ،‬ويثبت األخالق النبيل‪#‬ة‪،‬‬
‫تل ‪##‬ك هي مهمت ‪##‬ه‪ ،‬وذاك ه ‪##‬و وظيف ‪##‬ة األديب‪ ،‬الس ‪##‬يما الن ‪##‬ثر الف ‪##‬ين املعاص ‪##‬ر‪ ،‬املتمث ‪##‬ل يف الفن‬
‫املسرحي والدرامي‪ ،‬الذي يسعى إىل املش‪#‬اكل االجتماعي‪##‬ة حلله‪##‬ا‪ ،‬أو بنق‪##‬ل التج‪#‬ارب اإلنس‪##‬انية‬
‫إىل األجيال ليتمثلوها كابرا عن كابر‪.‬‬
‫ومبا أن البيئ ‪##‬ة هي امللهم األول ألي ب ‪##‬اعث من ب‪# #‬واعث التجرب ‪##‬ة الفني ‪##‬ة‪ ،‬إذ للظ ‪##‬روف ال ‪##‬يت‬
‫يعيش يف كنفه‪##‬ا األديب بك‪##‬ل متوجات‪##‬ه دور ه‪##‬ام يف ص‪##‬ياغة وجدان‪##‬ه‪ ،‬وهي ال‪##‬يت"توج‪##‬ه جمري‪##‬ات‬
‫حيات‪##‬ه‪ ،‬س ‪#‬واء تفاع‪##‬ل معه‪##‬ا وت‪##‬أثر فيه‪##‬ا بطريق‪##‬ة إجيابي‪##‬ة فاعل‪##‬ة‪ ،‬أوتقاذفت‪##‬ه أح‪##‬داثها وتلَّقى آثاره‪##‬ا‬
‫بطريق‪## #‬ة س‪## #‬لبية" وهبذا ميكن أن حتدي‪## #‬د ب ‪# #‬واعث األدب ل‪## #‬دى األديب النيج‪## #‬ريي يف الس‪## #‬طور‬
‫‪6‬‬

‫اآلتية‪:‬‬
‫الباعث األول‪ :‬االتجاه الوطني‪.‬‬
‫واالجتاه الوط ‪##‬ين يف األدب ه ‪##‬و املنحى ال ‪##‬ذي "يع ‪##‬رض في ‪##‬ه األديب ش ‪##‬ؤون ال ‪##‬وطن واملواط ‪##‬نني‪،‬‬
‫ويعكس مواق ‪##‬ف النض ‪##‬ال والق ‪##‬وة والع ‪##‬زة ض ‪##‬د املس ‪##‬تغلني واملس ‪##‬تعمرين‪ ،‬ويع ‪##‬اجل م ‪#‬واطن الض ‪##‬عف‬

‫‪4‬‬
‫والتقص‪##‬ري‪ ،‬وي‪##‬دافع عن اجلم‪##‬اهري وحقوقه‪##‬ا وتراثه‪##‬ا‪ ،‬وين‪##‬افح عن مقدس‪##‬اهتا وحريته‪##‬ا واس‪##‬تقالهلا‬
‫جبرأة وعن ‪##‬اد‪ ،‬من غ ‪##‬ري أن ي ‪##‬ؤثر في ‪##‬ه ت ‪##‬رغيب أوت ‪##‬رهيب"‪ 7‬ذال ‪##‬ك ألن اإلنس ‪##‬ان ابن بيئت ‪##‬ه تنبعث‬
‫أفكاره من ما ي‪#‬دور يف ذل‪#‬ك اجملتم‪#‬ع ال‪#‬ذي نش‪#‬أ وترع‪#‬رع في‪#‬ه ‪ ،‬فه‪#‬و متمس‪#‬ك هبذه البيئ‪#‬ة ‪ ،‬حين‬
‫إليها عندما يغيب عنه‪#‬ا‪ ،‬وي‪#‬دافع عنه‪#‬ا ولس‪#‬انه ‪ ،‬ويب‪#‬ذل يف س‪#‬بيله ك‪#‬ل غ‪#‬ال ورخيص لل‪#‬ذودعن‬
‫حياض‪## #‬ها‪ ،‬ول‪## #‬ذاينطلق األديب النيج‪## #‬ريي عام‪## #‬ة فيم‪## #‬ا يكتب من موق‪## #‬ع جغ ‪# #‬رايف خ‪## #‬اص ب‪## #‬ه‪،‬‬
‫فيكتس‪## #‬ب ه‪## #‬ذا املوق‪## #‬ع عن‪## #‬ده مسات خاص‪## #‬ة متيزه عن غ‪## #‬ريه من املواق‪## #‬ع واألم‪## #‬اكن‪ ،‬ف‪## #‬األديب‬
‫يستحض ‪##‬ر ص ‪##‬وره من ك ‪##‬ل م ‪##‬ا ه ‪##‬و ماث‪ٌ# #‬ل يف املك ‪##‬ان ال ‪##‬ذي أحب ‪##‬ه‪ ،‬فاملك ‪##‬ان املتثم ‪##‬ل يف ال ‪##‬وطن‬
‫ودالالته وإحياءاته وإمياءاته هو من أهم العناصر اليت تس‪##‬هم إس‪##‬هامًا عظيم‪ً#‬ا يف تش‪##‬كيل عمل‪#‬ه‬
‫الف ‪##‬ين‪ ،‬ول ‪##‬ذلك ف ‪##‬إن ال ‪##‬وطن يص ‪##‬بح عن ‪##‬د األديب هوي ‪##‬ة تارخيي ‪##‬ة ووطني ‪##‬ة ونفس ‪##‬ية واجتماعي ‪##‬ة‬
‫وثقافي‪##‬ة‪،‬ل‪##‬ذا جند ش‪##‬عراء ج‪##‬وس الش‪##‬باب على اختالف مش‪#‬رهبم العق‪##‬دي يك‪##‬ادون يتوح‪##‬دون يف‬
‫ه ‪##‬ذا الب ‪##‬اعث‪ ،‬إذ أن ب ‪##‬يئتهم بك ‪##‬ل م ‪##‬ا فيه ‪##‬ا من القض ‪##‬ايا االجتماعي ‪##‬ة والنفس ‪##‬ية والسياس ‪##‬ية هي‬
‫امللهم األول إلب ‪##‬داعاهتم األدبي ‪##‬ة‪ .‬من ذل ‪##‬ك م ‪##‬ا جنده يف رواي ‪##‬ة ال ‪##‬يت كتب ‪##‬ه الس ‪##‬يد علي إس ‪##‬حاق‬
‫مندي بعن‪#‬وان " يف قبض‪#‬ة العم‪#‬ال"‪ ،‬حيث أن‪#‬ه أف‪#‬رغ م‪#‬ا يف حعبت‪#‬ه ليتح‪#‬دث عن وطن‪#‬ه احلبيب‪،‬‬
‫وأحوال شعبه‪ ،‬م‪#‬ع عم‪#‬ال الش‪#‬رطة‪ ،‬فق‪#‬د س‪#‬يطر الواق‪#‬ع االجتم‪#‬اعي لدي‪#‬ه س‪#‬يطرة بعثت في‪#‬ه روح‬
‫االندفاع حنو اإلصالح والنهوض والتأثري يف وجدان املتلقي‪ ،‬مواجه‪ً#‬ا الواق‪#‬ع ال‪#‬ذي يفرض‪#‬ه علي‪#‬ه‬
‫احلياة االقتصادية والسياسيةيف بلده نيجرييا‪ ،‬من جور العمال وظلم الرؤساء‪.‬‬
‫الباعث الثاني‪ :‬العقيدة اإلسالمية‬
‫عرف األدب العريب النيج‪#‬ريي ع‪#‬رب تارخيه الطوي‪#‬ل ألوان‪#‬ا خمتلف‪#‬ة من الش‪#‬عر وإن ك‪#‬ان الغ‪#‬الب‬
‫الذي يصطبغ به األدب النيجريي عامة على اختالف أغراضه ه‪#‬و إس‪#‬الميته‪ ،‬ودوره يف خدم‪#‬ة‬

‫‪ - 1‬شوقي ضيف‪ .:‬الفن ومذاهبه في النثر العربي ‪ .‬دار المعارف المصرية‪ ،‬ص‪5/‬‬
‫‪ - 2‬عائشة بنت الشاطئ‪ :‬قيم جديدة لألدب العربي القديم والمعاصر‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،2 /‬ص‪79 /‬‬
‫‪ - 3‬المرجع السابق‪ :‬ص‪27/‬‬
‫‪ - 4‬المرجع السابق‪ :‬ص‪27 /‬‬
‫‪ - 5‬شوقي ضيف‪ :‬في النقداألدبي‪ ،‬ط‪،٦‬دارالمعارف‪ ،‬القاهرة ‪،‬ص ‪87‬‬
‫‪ - 6‬نبيل أبوعلي‪ :‬عناصراإلبداع الفني‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب الفلسطينيين‪،‬القدس‪،‬ط‪1999 ،١/‬م‪ ،‬ص‪13 /‬‬
‫‪ - 7‬محمد محمد حسين‪:‬االتجاهات الوطنية في األدب المعاصر‪ ،‬دار النهضة االعربية‪ ،‬بيروت‪،،‬ط‪٣،1972/‬م‪،‬ج‪،1‬ص‪87 /‬‬

‫‪5‬‬
‫اإلس‪##‬الم واجملتم‪##‬ع على ح‪##‬د س‪#‬واء‪ ،‬فال غ‪##‬رو إذا أن جند اإلنتاج‪##‬ات العربي‪##‬ة النيجريي‪##‬ة تس‪##‬عى يف‬
‫م ‪##‬ا تقدم ‪##‬ه خلدم ‪##‬ة اإلس ‪##‬الم‪ ،‬ذال ‪##‬ك ألن األديب النيج ‪##‬ريي مير يف ط ‪##‬ور تكوين ‪##‬ه ببيئ ‪##‬تني ت ‪##‬ؤثران‬
‫ع‪##‬ادة على تك‪##‬وين شخص‪##‬يته‪" -‬واألديب ابن بيئت‪##‬ه فالبيئ‪##‬ة هي ال‪##‬يت تطب‪##‬ع لن‪##‬ا نوعي‪##‬ة األديب‬
‫ونوعي ‪##‬ة م ‪##‬ا ينتج ‪##‬ه‪ -‬فالبيئ ‪##‬ة األوىل هي البيئ ‪##‬ة اإلس ‪##‬المية العام ‪##‬ة"‪ 8‬مبا فيه ‪##‬ا من قيم وأخالق‬
‫وع ‪## #‬ادات وتقالي ‪## #‬د واعتق ‪## #‬ادات واجتاه ‪## #‬ات‪ ،‬فهي ال ‪## #‬يت توجه ‪## #‬ه إىل مع ‪## #‬امل الطري ‪## #‬ق يف حيات ‪## #‬ه‬
‫املس ‪##‬تقبلي‪ .‬و"البيئ ‪##‬ة الثاني ‪##‬ة هي البيئ ‪##‬ة التعليمي ‪##‬ة اخلاص ‪##‬ة حيث ي ‪##‬دخل الكت ‪##‬اب يف س ‪##‬ن مبك ‪##‬ر‬
‫ويتعلم الق‪##‬رآن الك‪##‬رمي وال‪##‬دروس اإلس‪##‬المية والعربي‪##‬ة مث ينتطم بع‪##‬د ذال‪##‬ك يف املدرس‪##‬ة اإلبتدائي‪##‬ة‬
‫فاإلعدادية فالثانوية"‪ 9‬وهبذا جند‬
‫أنه قد تكون لديه خلفية إسالمية من بداية نشأته ما سيؤثر وسينعكس بال شك على أعماله‬
‫اليت سينتجها فيما بعد‪ .‬فنجد تلك األعمال ختدم اإلسالم بطريق مباشر أو غري مباشر‪.‬‬
‫وبالنظر إىل االنتاجات النثرية النيجريية املعاصرة‪ ،‬خاصة الفن املسرحي والروائي نلمح فيه‪#‬ا‬
‫ص‪##‬بغة إس‪##‬المية ص ‪#‬رفة‪ ،‬فنج‪##‬دها ت‪##‬دعو إىل قيم علي‪##‬اء‪ ،‬وتنب‪##‬ذ األخالق الرذيل‪##‬ة الذميم‪##‬ة‪ ،‬وه‪##‬ذا‬
‫واض‪##‬ح جلي يف أعمالن‪##‬ا النيجريي‪##‬ة النثري‪##‬ة‪ ،‬لنق‪##‬ف على أول عم‪##‬ل مس‪##‬رحي ع‪##‬ريب ال‪##‬ذي ب‪##‬رز يف‬
‫الساحة‪ ،‬وهو العميد املبج‪#‬ل‪ ،‬ليتجلى لن‪#‬ا تث‪#‬بيت للمب‪#‬ادئ اإلس‪#‬المية وال‪#‬دعوة إليه‪#‬ا من خالل‬
‫نبذ صفات الظلم واجلور املتمثل يف شخصية العميد الظامل املتكرب‪.‬‬
‫الباعث الثالثة ‪ :‬النزعة اإلنسانية‬
‫عن ‪##‬د اس ‪##‬تعمال ص ‪##‬فة اإلنس ‪##‬انية يفهم منه ‪##‬ا أن النس ‪##‬بة إىل اإلنس ‪##‬ان على أن ‪##‬ه جنس أو ك ‪##‬ائن‬
‫بشري يش‪##‬تمل على خص‪##‬ائص وم‪##‬يزات وص‪#‬فات مش‪##‬رتكة‪ ،‬وتعتم‪#‬ل يف قلب‪##‬ه مش‪##‬اعر وأحاس‪##‬يس‬
‫متش‪##‬اهبة‪ ،‬وتش‪##‬غل نفس‪##‬ه مهوم وآم‪##‬اٌل واح‪##‬دة‪ ،‬فهي لفظ‪##‬ة خترتق ك‪##‬ل احلواجز لتق‪##‬ف أم‪##‬ام ش‪##‬يء‬
‫واح‪#‬د ه‪#‬و اإلنس‪#‬ان نفس‪#‬ه بغض النظ‪#‬ر عن إقليم‪#‬ه‪ ،‬أو وطن‪#‬ه‪ ،‬أو قوم‪#‬ه‪ ،‬أو لون‪#‬ه الع‪#‬رقي أو لغت‪#‬ه‬
‫وهلجته‪ ،‬أو معتقداته الفكرية والنفسية والفلسفية‪.‬‬
‫‪ - 8‬جمبا‪ ،‬مشهود محمود‪ :‬القيم الخلقية في الشعر المعاصر في الشعر العربي المعاصر في مدينة إلورن نيجيريا‪ ،‬ورقة مقدمة في ندوة‬
‫األدب اإلسالمي في نيجيريا ماضه وحاضره‪ ،‬ص‪108 /‬‬
‫‪ - 9‬السابق‪ :‬ص‪108 /‬‬

‫‪6‬‬
‫إن اآلثار األدبية بتناوهلا العواطَف واملواقَف املشرتكة بني الن‪#‬اس هي اجلديرة وح‪#‬دها ب‪#‬أن تك‪#‬ون‬
‫آثارًا إنسانية حينما تصور احلب أو الغ‪#‬رية أو الطم‪#‬ع أو اللط‪#‬ف والتع‪#‬اطف‪ ،‬ف‪#‬األديب ال ميكن‬
‫أن حيصر عمله يف الدائرة الذاتية؛ ألن هذا ال يتسىن له إال إذا غاب يف ش‪##‬عوره عن ك‪##‬ل ش‪##‬يء‬
‫حول‪##‬ه‪ ،‬وه‪##‬ذا أم‪##‬ر مس‪##‬تحيل إذ أن قرحيت‪##‬ه مرتبط‪##‬ة ك‪##‬ل االرتب‪##‬اط مبا حيي‪##‬ط ب‪##‬ه‪ ،‬فال تنقط‪##‬ع ص‪##‬لته‬
‫باحلي‪##‬اة واجملتم‪##‬ع ‪ .‬ب‪##‬ل"ت‪##‬وحي جتربت‪##‬ه باختاذ موق‪##‬ف ذي أث‪##‬ر يف داللت‪##‬ه االجتماعي‪##‬ة‪ ،‬ه‪##‬ذا املوق‪##‬ف‬
‫ق ‪##‬د يع ‪##‬رب عن آم ‪##‬ال واس ‪##‬عة أو عن قل ‪##‬ق وض ‪##‬يق"‪ .10‬واألدب من بني س ‪##‬ائر الفن ‪##‬ون ه ‪##‬و أبرزه ‪##‬ا‬
‫وأمساها إنس‪##‬انية؛ ألن‪##‬ه ه‪##‬و الفن الن‪##‬اطق‪ ،‬والواق‪##‬ع "أن اللغ‪##‬ة ال‪##‬يت هي م‪##‬ادة األدب ووس‪##‬يلته إىل‬
‫التعبري وعاء لكل ما يف اجملتم‪#‬ع من أمناط فطري‪##‬ة وخلقي‪##‬ة ومجالي‪##‬ة‪ ،‬فهي ص‪#‬دى البيئ‪##‬ة ‪.‬وس‪##‬جل‬
‫ملا تتضمنه من قيم عليا ومن مثل"‪ .11‬واملتأمل يف طي‪##‬ات أعمالن‪##‬ا النثري‪##‬ة املعاص‪##‬رة ي‪##‬درك م‪##‬دى‬
‫حضور الصفة اإلنسانية فيها‪ ،‬فرواية يف قبضة العمال‪ ،‬ما هي إال جتس‪#‬يدا ملفه‪#‬وم اإلنس‪#‬انية يف‬
‫أقص ‪##‬ى معانيه ‪##‬ا‪ ،‬حيث س ‪##‬عى الك ‪##‬اتب إلب‪# #‬راز الص ‪##‬فة الغ ‪##‬ري اإلنس ‪##‬انية ال ‪##‬يت يتمت ‪##‬ع هبا عم ‪##‬ال‬
‫الشرطة ضد املدنيني حماوال تنفري الناس من مثل تلك الصفات الذميمة‪.‬‬
‫ه‪## #‬ذه هي أهم الب ‪# #‬واعث ال‪## #‬يت ت‪## #‬دعو األديب النيج‪## #‬ريي غالب‪## #‬ا إلخ ‪# #‬راج م‪## #‬ا يف جعبت‪## #‬ه من‬
‫اإلبداعات الفنية الغنية الراقية‪ ،‬إذ أهنا متثل القيم الكربى ألدبنا من قدمي الزمان‪.‬‬

‫المحور الثالث‪ :‬أعمالنا النثرية بين األصالة والمعاصرة‬


‫قب‪##‬ل احلديث ح‪##‬ول هي القض‪##‬ية جيب أوال التط‪##‬رق إىل مفه‪##‬وم ك‪##‬ل من األص‪##‬الة واملعاص‪##‬رة‪،‬‬
‫وهل ميكن اجتماعهما يف العمل األديب؟‬
‫أما األصالة فإهنا تشري يف داللتها إىل " ذال‪#‬ك االحتف‪#‬اظ املتص‪#‬ل باملزاي‪#‬ا املوروث‪#‬ة‪ ،‬ك‪#‬ابرا‬
‫‪12‬‬
‫عن كابر‪ ،‬وحلقة بعد حلقة‪ ... ،‬وعراقة األدب هي طابعه احملفوظ املنحدر إلينا من بعيد"‬
‫واألصالة يف األدب ترتكز على ثالث ركائز رئيسة هي‪:‬‬
‫‪ - 10‬محمد غنيمي هالل‪ :‬النقد األدبي الحديث‪ ،‬دار الثقافة ودارالعودة‪ ،‬بيروت‪1973 ،‬م‪ ،‬ص‪461/‬‬
‫‪ - 11‬محمد محمد حسين‪ :‬اإلسالم والحضارة الغربية‪ ،‬دارالرسالة‪ ،‬السعودية‪ ١٩٩٣،‬م ‪ ،‬ط‪ /‬التاسعة ‪ ،‬ص‪٢٥٩/‬‬
‫‪ - 12‬توفيق الحكيم‪ :‬الملك أوديب‪ ،‬دار مصر للطباعة‪ ،‬ص‪14 /‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ -1‬إحي‪##‬اء ال‪#‬رتاث‪ ،‬مبع‪##‬ىن بعث وج‪##‬وه ال‪#‬رتاث املختلف‪##‬ة من وث‪##‬ائق ونص‪##‬وص ومب‪##‬دعات‬
‫مما يس‪##‬اعدنا على جتلي‪##‬ة ص‪##‬ورتنا التارخيي‪##‬ة‪ ،‬ومبع‪##‬ىن آخ‪##‬ر حتوي‪##‬ل ال‪#‬رتاث إىل ج‪##‬وهر ثقافتن‪##‬ا‪ ،‬وع‪َّ##‬ده‬
‫بنية من بناها الصميمة‪.‬‬
‫‪ -2‬استلهام هذا الرتاث‪ ،‬وهو املوقف القائم على اجلمع بني الرتاث واملعاصرة‪.‬‬
‫‪ -3‬إعادة قراءة الرتاث كي يبقى الرتاث حيا مستجيبا حلاجاتنا‪."13‬‬
‫هذه هي األصالة املنشودة واملقص‪##‬ودة يف أعمالن‪##‬ا األدبي‪##‬ة‪ ،‬إذ أن أي أدب ألي‪##‬ة أم‪##‬ة من األمم‪،‬‬
‫إذا مل يكن يعتم‪##‬د على م‪##‬اض عري‪##‬ق‪ ،‬وأص‪##‬ل أص‪##‬يل فإن‪##‬ه يك‪##‬ون كمث‪##‬ل ش‪##‬جرة ال‪##‬يت ال أص‪##‬ل هلا‬
‫وال ق ‪#‬رار‪ ،‬فيجب على أدبن‪##‬ا أن ينبعث من تراثن‪##‬ا الع‪##‬تيق‪ ،‬وه‪##‬ذا م‪##‬ا أدى ال‪##‬دكتورة عائش‪##‬ة بنت‬
‫الش ‪##‬اطئ إىل الق ‪##‬ول بأن ‪##‬ه‪ " :‬ليس يف اإلمك ‪##‬ان أن نتص ‪##‬ور األدب املعاص ‪##‬ر نبت ‪##‬ا ش ‪##‬يطانيا ب ‪##‬ال‬
‫ج ‪##‬ذور ض ‪##‬اربة يف أعم ‪##‬اق ال ‪##‬زمن‪ ،‬إال إذا تص ‪##‬ورنا أن إنس ‪##‬ان العص ‪##‬ر ال ميت ب ‪##‬أدىن ص ‪##‬لة إىل‬
‫‪14‬‬
‫ه ‪##‬ذه هي األص ‪##‬الة يف مفهومه ‪##‬ا‬ ‫اإلنس ‪##‬ان الفط ‪##‬ري األول‪ ،‬يف عص ‪##‬ور م ‪##‬ا قب ‪##‬ل الت ‪##‬اريخ"‪.‬‬
‫األديب‪ ،‬حيث أن األديب يظ‪##‬ل مرتبط‪##‬ا برتاث‪##‬ه كلم‪##‬ا ج‪##‬ادت قرحيت‪##‬ه‪ ،‬ليك‪##‬ون أص‪##‬له املاض‪##‬ي ه‪##‬و‬
‫دليل‪##‬ه الوج‪##‬داين يف تنقيح عمل‪##‬ه وتص‪##‬فيته‪ " ،‬وليس من الض‪##‬روري أن يش‪##‬عر هبذا االتص‪##‬ال أثن‪##‬اء‬
‫اس‪##‬تغراقه يف عمل‪##‬ه ومالبس‪##‬ة التجرب‪##‬ة األدبي‪##‬ة واالن‪##‬دماج الت‪##‬ام يف مس‪##‬رح األح‪##‬داث ال‪##‬يت اختاره‪##‬ا‬
‫من الق‪##‬دمي موض‪##‬وعا لعمل‪##‬ه األديب‪ ،‬ب‪##‬ل مهم‪##‬ا يغب عن الزم‪##‬ان واملك‪##‬ان يف اس‪##‬تغراقه الوج‪##‬داين‬
‫فيم ‪##‬ا يكتب عن ‪##‬ه من العص ‪##‬ور اخلوايل‪ ،‬يظ ‪##‬ل دائم ‪##‬ا على اتص ‪##‬ال حتمي وثي ‪##‬ق بعص‪# #‬رنا ال ‪##‬ذي‬
‫نعيش فيه"‪ .15‬إذا فاألصالة والعراقة مطل‪##‬وب حبد ذات‪##‬ه يف التجرب‪##‬ة األدبي‪##‬ة‪ ،‬مهم‪##‬ا ك‪##‬ان نوعه‪##‬ا‪،‬‬
‫ومهما ك‪#‬ان زمنه‪#‬ا‪ .‬وال ش‪#‬ك أن أعمالن‪#‬ا النثري‪#‬ة املعاص‪#‬رة تس‪#‬تمد وجوده‪#‬ا من ماض‪#‬يها األص‪#‬يل‬
‫لتنبء عن حاض ‪#‬رنا احلي الن‪##‬ابض‪ ،‬ف‪##‬القيم اخللقي‪##‬ة األص‪##‬يلة الثابت‪##‬ة يف تراثن‪##‬ا األديب من‪##‬ذ نعوم‪##‬ة‬
‫أظفاره ما زالت وال تزال هي السائدة يف إنتاجاتن‪#‬ا املعاص‪#‬رة‪ .‬ف‪#‬إذا م‪#‬ا أخ‪#‬ذنا مث‪#‬اال على ذال‪#‬ك‬

‫‪ -13‬األصالة والحداثة عند الناقد عز الدين إسماعيل‪ ،‬عارف عبد صايل (دكتور)‪ ،‬مجلة جامعة األنبار‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،‬العدد ‪،2012 ،8 :‬‬
‫ص‪.116 :‬‬
‫‪ - 14‬عائشة بنت الشاطئ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪161/‬‬
‫‪ - 15‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪162/‬‬

‫‪8‬‬
‫من مسرحية {دولة احليوانات} للمرحوم حممد عبد اهلل عام ‪2007‬م اليت قدمها لنيل شهادة‬
‫املاجستري يف اللغ‪#‬ة العربي‪#‬ة جبامع‪#‬ة ج‪#‬وس‪ .‬يق‪#‬ول متح‪#‬دثا عن املس‪#‬رحية ورد في‪#‬ه الس‪#‬رد بالعربي‪#‬ة‬
‫حق‪##‬ائق تارخيي‪##‬ة هلا مس‪##‬اس وارتب‪##‬اط ب‪##‬البالد ‪ ،‬كم‪##‬ا تن‪##‬اول البحث أيض‪##‬ا بعض حييثي‪##‬ات تقالي‪##‬د‬
‫القبائ‪## #‬ل الرئيس‪## #‬ية الثالث‪## #‬ة للبالد بش‪## #‬يء من التجلي‪## #‬ة ‪ ،‬وتع‪## #‬رض الب‪## #‬احث بال‪## #‬ذكر جلوانب من‬
‫معتق ‪## #‬دات الق ‪## #‬رود املس ‪## #‬تعمرين‪ ،‬مث واقعهم الالدي ‪## #‬ين وممارس ‪## #‬تهم العنص‪# # #‬رية والعرقي ‪## #‬ة م ‪## #‬ع ك ‪## #‬ل‬
‫احليوان ‪##‬ات يف املس ‪##‬رحية ‪ ،‬وكي ‪##‬ف وإهنم ال يق ‪##‬دمون التس ‪##‬هيالت واإلص ‪##‬الحات إال بق ‪##‬در م ‪##‬ا‬
‫يتعل‪##‬ق ذال‪##‬ك مبص‪##‬احل املس‪##‬تعمرين‪ ".‬فق‪##‬د أج‪##‬اد الك‪##‬اتب توظي‪##‬ف تراث‪##‬ه األديب يف تش‪##‬كيل واق‪##‬ع‬
‫دولتنا هذه‪ ،‬ووصف حال الشعب فيه رؤساء ومرؤوسني‪ ،‬حماوال عن طري‪#‬ق التمثي‪#‬ل دع‪#‬وة كاف‪#‬ة‬
‫الش ‪##‬عب إىل اإلص ‪##‬الح االجتم ‪##‬اعي‪ ،‬كيم ‪##‬ا نتخلص من الفس ‪##‬اد الس ‪##‬ائد يف اجملتم ‪##‬ع على مجي ‪##‬ع‬
‫األصعدة‪.‬‬
‫هذا هو مقام األصالة يف أدبنا املعاصر‪ ،‬ولق‪#‬د ص‪#‬دق القائ‪#‬ل " األديب ال‪#‬ذي يفق‪#‬د اتص‪#‬اله‬
‫بت‪##‬اريخ قوم‪##‬ه وت‪#‬راث أمت‪##‬ه‪ ،‬ال يص‪##‬لح حبال م‪##‬ا أن يع‪##‬رب عن وج‪##‬داهنا املعاص‪##‬ر‪ ،‬ألن فق‪##‬دان وعي‪##‬ه‬
‫لشخص ‪##‬يتها جيعل ‪##‬ه أجنبي ‪##‬ا عنه ‪##‬ا غريب ‪##‬ا عليه ‪##‬ا‪ ،‬ال ينتمي إليه ‪##‬ا إال االنتم ‪##‬اء الرمسي ال ‪##‬ذي يش ‪##‬به‬
‫انتماء الطارئني عليها من املستوطنني والدخالء"‪.16‬‬
‫ومن ه ‪##‬ذا املنطل ‪##‬ق ميكن لن ‪##‬ا أن نستش ‪##‬ف مفه ‪##‬وم املعاص ‪##‬رة‪ ،‬وميكن لن ‪##‬ا أن نع ‪##‬رف األدب‬
‫‪17‬‬
‫املعاصر بأنه ذالك األدب الذي " نصغي فيه إىل نبض حياتنا بأبعادها املرتامية"‬
‫فاألدب الذي يوصف بالتعاضر هو ذالك األدب ال‪#‬ذي نس‪#‬توحي في‪#‬ه قيمن‪#‬ا الثابت‪#‬ة ومننح‪#‬ه‬
‫من وجودنا نبض حياة وحس حركة‪ ،‬وه‪#‬ذا كل‪#‬ه حس‪#‬ب ق‪#‬انون التط‪#‬ور والتق‪#‬دم‪ ،‬فيجب ل‪#‬ذالك‬
‫األدب أن يض ‪##‬يف جدي ‪##‬دا على ق ‪##‬دمينا األص ‪##‬يل‪ ،‬وال ش ‪##‬ك أن أدبن ‪##‬ا املعاص ‪##‬ر ق ‪##‬د خطى تل ‪##‬ك‬
‫اخلط‪##‬وة من‪##‬ذ مطل‪##‬ع الق‪##‬رن الواح‪##‬د والعش ‪#‬رين‪ ،‬فق‪##‬د أظه‪##‬ر أدباءن‪##‬ا ب ‪#‬راعتهم يف التكي‪##‬ف م‪##‬ع روح‬
‫العص‪##‬ر‪ ،‬فص‪##‬الوا وج‪##‬الوا يف مي‪##‬داين الرواي‪##‬ة واملس‪##‬رحية‪ ،‬حيث أنش‪##‬أوا رواي‪##‬ات كث‪##‬رية راقي‪##‬ة‪ ،‬هادف‪##‬ة‬

‫‪ - 16‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪165 /‬‬


‫‪ - 17‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪179 /‬‬

‫‪9‬‬
‫وغائي‪##‬ة‪ ،‬تس‪##‬عى كلهاخلدم‪##‬ة اجملتم‪##‬ع مبا تقدم‪##‬ه من حل‪##‬ول للمش‪##‬اكل االجتماعي‪##‬ة املختلف‪##‬ة‪ ،‬كم‪##‬ا‬
‫تس‪##‬عى لرتس‪##‬يخ املب‪##‬ادئ األخالق النبيل‪##‬ة عن طري‪##‬ق التمثي‪##‬ل واحملاك‪##‬اة‪ .‬فنج‪##‬د كث ‪#‬ريا من األدب‪##‬اء‬
‫كتب‪#‬وا وم‪##‬ا زال‪#‬وا يكتب‪##‬ون يف الفن املس‪##‬رحي وال‪##‬روائي‪ ،‬فمن األدب‪##‬اء ال‪##‬ذين طرق‪#‬وا ه‪##‬ذا الب‪##‬اب جند‬
‫مرتض ‪##‬ى عب ‪##‬د الس ‪##‬الم احلقيقي م ‪##‬ع روايت ‪##‬ه الش ‪##‬هرية { الس ‪##‬نة} يف ع ‪##‬ام ‪2006‬م‪ ،‬أورد فيه ‪##‬ا‬
‫عصارة جتاربه الشخصية وسريته الذاتية بأسلوب جذاب شيق‪ .‬ومن الروايات املكتوب‪#‬ة يف ه‪#‬ذه‬
‫الفرتة خادم الوطن يف عام ‪2008‬م ‪ ،‬والسيد الرئيس ‪2010‬م‪ ،‬كتبهما حامد إبراهيم حمم‪##‬ود‬
‫اهلجري‪ ،‬أورد فيهما قضايا الوطن بأسلوبه الرائع اجلميل‪ .‬وكتب الش‪#‬يخ آدم حيىي الفالين رواي‪#‬ة‬
‫{على الطري ‪##‬ق} و{ أه ‪##‬ل التك ‪##‬رور} {راعي الغنم} ع ‪##‬ام ‪2009‬م‪ .‬وق ‪##‬د متتعت أغلب ه ‪##‬ذه‬
‫الروايات بأسلوبها السلس املرن‪ ،‬لتدل بذالك على م‪#‬دى م‪#‬ا وص‪#‬ل إلي‪#‬ه األدب‪#‬اء النيج‪#‬رييون يف‬
‫توظيف الكلم‪#‬ات والعب‪##‬ارات‪ ،‬إن دل على ش‪##‬يء فإمنا ي‪##‬دل على م‪##‬ا وص‪#‬ل إلي‪##‬ه الن‪##‬ثر الع‪##‬ريب يف‬
‫الديار النيجريية ‪ ،‬فقد أصبح حيتل مكانة مرموقة يف صفوف األك‪#‬ادميني واألدب‪#‬اء والق‪#‬راء على‬
‫حد سواء‪.‬‬
‫وخالص‪##‬ة الق‪##‬ول أن املعاص‪##‬رة تع‪##‬ين أن نص‪##‬غي األديب إىل وج‪##‬وده احلي مس‪##‬تمدا من تراث‪##‬ه‬
‫األص‪##‬يل مب‪##‬ادئ وقيم علي‪##‬ا‪ ،‬جتعل‪##‬ه يعيش م‪##‬ع اإلنس‪##‬انية يف أوس‪##‬ع معانيه‪##‬ا‪ " ،‬وج‪##‬وهر املعاص‪##‬رة‬
‫ليس يف أن يش ‪##‬غل األديب مبايش ‪##‬غل عام ‪##‬ة الن ‪##‬اس يف زمن ‪##‬ه‪ ،‬ولكن يف أن ينف ‪##‬ذ ببص ‪#‬ريته الثاقب ‪##‬ة‬
‫امللهم ‪##‬ة وحس ‪##‬ه املره ‪##‬ف إىل العم ‪##‬ق الغ ‪##‬ائر وراء األبع ‪##‬اد الظ ‪##‬اهرة والس ‪##‬فوح البادي ‪##‬ة‪ ،‬ليص ‪##‬غي إىل‬
‫النبض الوج‪##‬داين إلنس‪##‬ان العص‪##‬ر أينم‪##‬ا ك‪##‬ان‪ ،‬ذل‪##‬ك النبض ال‪##‬ذي قلم‪##‬ا حيس‪##‬ه عام‪##‬ة الن‪##‬اس فيم‪##‬ا‬
‫يشغلهم من مهوم العيش وصراع الوجود"‪.18‬‬

‫‪10‬‬
‫الخاتمة‬
‫ه ‪##‬ذه هي األص ‪##‬الة واملعاص ‪##‬رة يف أعمالن ‪##‬ا النثري ‪##‬ة النيجريي ‪##‬ة‪ ،‬إذ ال يص ‪##‬دق ألي أدب مهم ‪##‬ا‬
‫ك ‪##‬انت قيمت ‪##‬ه أن يك ‪##‬ون معاص ‪#‬را م ‪##‬ا مل يس ‪##‬تمد نبض وج ‪##‬وده من ماض ‪##‬يه األص ‪##‬يل‪ ،‬ذال ‪##‬ك ألن‬
‫األدب مثله مثل أي كائن حي‪ ،‬ال يتصور وجود دون اصل وجذور‪ ،‬فليكون األدب واألديب‬
‫معاص‪# # #‬را جيب من نستش ‪## #‬ف من أدب ‪## #‬ه نبض وجودن ‪## #‬ا احلي بأبعاده ‪## #‬ا املرتامي ‪## #‬ة ع ‪## #‬رب العص ‪## #‬ور‬
‫املختلفةـ‪ ،‬وه‪##‬ذا م‪##‬ا أثبتت‪##‬ه ه‪##‬ذه الورق‪##‬ة من خالل س‪##‬رد مهم‪##‬ة األدب يف ه‪##‬ذه ال‪##‬ديار‪ ،‬والب‪#‬واعث‬
‫التجرب‪##‬ة األـدبية يف ه‪##‬ذه ال‪##‬ديار‪ ،‬ونظ‪##‬رت الورق‪##‬ة يف بعض أعمالن‪##‬ا األدبي‪##‬ة املعاص‪##‬رة مبرآة تل‪##‬ك‬
‫البواعث مع الكشف عن مدى نبض وجودنا احلي فيها‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ - 18‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪218 /‬‬

‫قائمة المراجع‬
‫‪ -1‬توفيق احلكيم‪ :‬امللك أوديب‪ ،‬دار مصر للطباعة‬
‫‪ -2‬مجب‪##‬ا‪ ،‬مش‪##‬هود حمم‪##‬ود‪ :‬القيم اخللقي‪##‬ة يف الش‪##‬عر املعاص‪##‬ر يف الش‪##‬عر الع‪##‬ريب املعاص‪##‬ر يف مدين‪##‬ة إل‪##‬ورن نيجريي‪##‬ا‪،‬‬
‫ورقة مقدمة يف ندوة األدب اإلسالمي يف نيجرييا ماضه وحاضره‬
‫‪ -3‬شوقي ضيف‪ .:‬الفن ومذاهبه يف النثر العريب ‪ .‬دار املعارف املصرية‬
‫‪ -4‬شوقي ضيف‪ :‬يف النقداألديب‪ ،‬ط‪،٦‬داراملعارف‪ ،‬القاهرة‬
‫‪ -5‬عائشة بنت الشاطئ‪ :‬قيم جديدة لألدب العريب القدمي واملعاصر‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪2 /‬‬
‫‪ -6‬حممد حممد حسني‪ :‬اإلسالم واحلضارة الغربية‪ ،‬دارالرسالة‪ ،‬السعودية‪ ١٩٩٣،‬م ‪ ،‬ط‪ /‬التاسعة‬
‫‪ -7‬حممد حممد حسني‪:‬االجتاهات الوطنية يف األدب املعاصر‪ ،‬دار النهضة االعربي‪#‬ة‪ ،‬ب‪#‬ريوت‪،،‬ط‪٣،1972/‬م‪،‬‬
‫حممد غنيمي هالل‪ :‬النقد األديب احلديث‪ ،‬دار الثقافة ودارالعودة‪ ،‬بريوت‪1973 ،‬م‪،‬‬
‫‪ - -8‬نبيل أبوعلي‪ :‬عناصراإلبداع الفين‪ ،‬منشورات احتاد الكتاب الفلسطينيني‪،‬القدس‪،‬ط‪1999 ،١/‬م‬

‫‪12‬‬
‫الهوامش‬

‫‪13‬‬

You might also like