Professional Documents
Culture Documents
اللغة العربية
األستاذ: المدير اإلقليمية زاكورة الفئة المستهدفة :الثانية بكالوريا أدب وع إ
حســـن نب ٌكــي
مدة نص االنطالق:
اإلنجاز :ساعتان
يقول الدكتور علي جعفر العالق في نص بعنوان "حداثة النص ...حداثة الرؤيا":
يمكن القول إن أهم ما ُأنجز على مستوى حداثة القصيدة العربية ،ال يكمنُ في خروجها عن إطار البيت أو القافية الواحدة ،على أهمية هذا اإلنجاز وخطورته،
آخر هو الجوهر في قضية التجديد في الشعر العربي الحديث ،وفي شعر العالم كله عموما :الرؤيا الحديثة التي تجسد فعل التجديد حقا. بل يتمثل في أمر َ
َ ُ
ـ تشكل الرؤيا الشعرية ،في حقيقة األمر ،مسعى يستهدف الشاعر ال القص<<يدة؛ أي أنه<<ا تعنى بتجدي<<د الش<<اعر أوال :وعي<<ا ،وثقاف<<ة ،وذائق<<ة ،ونظ<<رة إلى الحي<<اة
والعالم ،قبل أن ُتعنى بتجديد النص( )...دعونا نتساءل ً
معا:
ـ ما الذي يشدنا إلى الكثير من شعر السياب ،مع ما قد نج ُد فيه من أجواءِ خانقة حينا ،ورتابة إيقاعية ،أو عاطفة مفرطة حينا آخر؟
ـ ما الذي يغرينا بقراءة أدونيس بالرغم مما نجدهُ في شعره ،أحيانا ،من غموض وتجريد ،وأش<كال ال تخفي وراءه<ا غ<ير البراع<ة المدهش<ة والثقاف<ة والص<نعة
الواضحتين؟ ـ ما الذي يجعل البياتي مقروءا ،بشكل عام ،مع أن الكثير من قصائده ال يحفل دائما ،بالثراء الجمالي وحيوية الشكل؟ ثم لماذا ال َي ُحول ُ ما في ش<<عر
صالح عبد الصبور من نثرية وتفكك دون قراءته أو التمعن في<ه؟ وأخ<يرا :أال نج<د أنفس<نا م َّيالين إلى ق<راءة محم<ود درويش م<ع م<ا يكتن<ف بعض قص<ائده من
استطرادات ،وإطاالت يمكن حذف الكثير منها؟
( )...في اعتقادي أن ما يجعل هؤالء على ما هم عليه هو امتالكهم رؤيا شعرية ،أو مشروعا لرؤيا ش<<عرية :تتش<<كل في قص<<ائدهم ،وتجع<<ل منه<<ا كال متنامي<<ا،
يسعى إلى تقديم صورة لوعيهم بأنفسهم ،من جهة وللعالم الذي يعيشون فيه ويعيشونه من جهة أخرى ،مع تفاوت ه<<ذه الرؤي<<ا عمق<<ا ووض<<وحا من ش<<اعر إلى
أخر.
وما يمنح الرؤيا الشعرية فتنتها وتأثيرها أنها ال تسير في اتجاه واحد ،ال ترى من الجبل سفحه الموا ِجه لنا فحسب ،بل هي سعي دائم لرؤية الشيء ونقيضه.
إن الكثير من شعرية هذه الرؤيا ،وما فيه<ا من كش<<ف وفاعلي<ة يكمنُ في غناه<ا بالتع<ارض والش<مول والقل<ق ،فهي ليس<<ت موقف<ا ،مطمئن<ا ،مس<تريحا ،ألجوب<<ة
جاهزة ،بل توقٌ وتساؤل دائمان ،ومسعى في اتجاه أجوبة أشد إقالقا.
إن الرؤيا الشعرية ،حين ترى الواقع ،ال تراه من منظور ثابت ،بل تراه من زوايا متعددة ،لتتمكن من اقتناص جوهره المتحرك الذي يتفجر بالقلق ،وح<<االت
<را له<<ذا الواق<<ع النمو ،لتراه في حركته وتردده ،في يقينه وذعره .وهي ال تقف من هذا الواقع موقفا واحدا .وال تتصل به بقناعة نهائية؛ إذ أنها ليس<<ت هج<<ا ًء ُم< ً
ب الموقف األول ما في الواقع من حيوية ونبل كامنين ،ال ُيتيح لن<<ا الموق<<ف اآلخ<<ر أن ن<<رى م<<ا ق<<د يتفج<<ر يح ُج ُ
غناء بريئا له .فحين ْ
ً وتشفيا به ،كما أنها ليست
تحت بنائه الظاهري من تصدع ونفاق.
( )...ال تنض ُج الرؤيا الشعرية ،لدى شاعر ما ،إال بعد عناء ومكابدة بطوليتين .ال يتم نض<جها إال على ع<ذاب م<زدوج :ع<ذاب المعان<اة وع<ذاب المعرف<ة .وال
تستوي إال على نارين ممتزجتين :الخبرة والثقافة وما يمتد بينهما من عناء ال حدود له.
تجربة ،بهذه السعة والكثافة ،ينبغي لها أن تتسع للعناء العام ،أعني عناء اآلخ<<رين ومس<<راتهم الخاص<<ة .إن الش<<اعر ،ذا الرؤي<<ا الراس<<خة، ً ومن الطبيعي أن
حين يعبر عن رؤياه فإنما يفصح عن إحساس شامل بالفجيعة ،أو الفرح ،أو البطولة .وال يعود و َت را منفردا ،بل يندرج في نبرته أنين عام هو أنين البش<<ر كلهم،
ونشوة شاملة هي نشوتهم جميعا .وال تنمو رؤيا الشاعر ،بمعنى آخر ،إال حين يصب ُح صوته ،رغم فرديته وسريته ،صوتا إنس<<انيا ،ونش<يدا ش<امال لمج<<د ش<<عبه
ومكابدته.
لذلك فالرؤيا الشعرية ال ترقى إلى مستواها األعمق واألشمل إال بعد أن يلتقي فيها الخاص والعام في مزيج ملتحم مؤثر .وبعد أن يتب<نى الش<اعر ،بق<درة
فذة ،الهم العام ويجرده مما فيه من شيوع ،وعمومية ،وصخب ليعبر عنه بحرارة فردية خاصة ،تجعل من ه<ذا الهم الع<<ام ش<اغال شخص<يا ،ش<ديد الخصوص<<ية.
والعكس في هذه الحالة صحيح أيضا .فالشاعر حين يعبر عما يبدو وكأنه هم شخصي ،ألول وهلة ،فإن<ه ين<أى ب<ه عن الض<يق والمحدودي<ة لجعل<ه رحب<ا ،حاني<ا
مفتوح<<ا على اآلخ<<رين ( )...وب<<ذلك يس<<قط الفاص<<ل بين الع<<ام والخ<<اص وبين ال<<ذات والموض<<وع ...إن الرؤي<<ا الش<<عرية ال ب<<د أن تس<<تند إلى قض<<ية جوهري<<ة،
أو انهماك صميمي يمأل كيان الشاعر ،ووجدانه وقصائده .هذا الشاغل ليس فكريا بل جمالي ونفسيي أيضا :ينعكس في منهجه الشعري ،ويختزل ص<<لته بال<<دنيا،
ويضفي على وجوده الفردي معنى شامال )...( .ترتبط الرؤيا الش<عرية ،كم<ا أش<رنا ،ارتباط<<ا حميم<ا بش<<كلها التعب<<يري ،وتتص<ل ،أيض<<ا ،بمجموع<ة من الرم<<وز
الشخصية للشاعر التي استطاع ،من خالل تنميتها ،واإللحاح عليها ،وبلورتها ،باستمرار ،أن يرتف<ع به<ا إلى مس<<توى راق من الفاعلي<ة والدالل<ة الخاص<<ة .وأن
ب لدى يحولها إلى رموز شخصية ...لقد نجح السياب وأدونيس والبياتي مثال في العثور على أساطيرهم الشخصية ،ورموزهم الخاصة .إن وفيقة وجيكور و ُب َو ْي َ
السياب ،ومهيار ،والصقر لدى أدونيس ،وعائشة لدى البياتي ،ساعدت هؤالء الشعراء كثيرا في التعب<<ير عن رؤاهم بحيوي<ة مث<<يرة ،ح<تى أص<بحت م<ع ال<<زمن،
نوافذ ُت طل على رؤيا كل واحد منهم ،وتشير إلى ما فيها من سحر ،وخضرة وعنف.
مصدر النص :في حداثة النص الشعري .دار الشؤون الثقافية< العامة -بغداد ط 1990 1ص 11/26بتصرف
*صاحب النص :علي جعفر العالق :شاعـر وناقـد عراقي معاصر ،من مؤلفاته النقدية :مملكة الغجر ،دماء القصيدة الحديثة ،في حداثة النص الشعري الذي اقتطف من هذا النص.
أوال :مكون النصوص( 14نقطة)
ا ُ كتب (ي) موضوعا إنشائيا متكامال تحلل فيه هذا النص النظري ،مستثمرا مكتسباتك المعرفية والمنهجية واللغوية ،مسترشدا باآلتي:
صياغة مقدمة مناسبة للنص ،مع وضع فرضية للقراءة (2ن) -
تحديد القضية األدبية التي يطرحها النص وإبراز العناصر المكونة لها (2ن) -
إبراز خصائص شعر الرؤيا وأهم المفاهيم المرتبطة به من خالل النص (2ن) -
بيان الطريقة المتبعة في بناء النص وتحديد الوسائل الموظفة في معالجته( 4ن) -
تركيب خالصة تتضمن النتائج المتوصل إليها ،مع إبداء الرأي الشخصي حول القضية المطروحة في النص (4ن) -
ثانيا :مكون المؤلفات( 6نقط )
"إن الصراع بين الحياة والموت في تجربة الشاعر الحديث ،يعني في آخر األمر ،الصراع بين الحرية والحب والتجدد الذي يجعل الثورة وسيلته ،وبين الحقد
ظاهرة الشعر الحديث،ط .4/2010ص190 واالستبعاد والنفي من المكان ومن التاريخ".
انطلق من هذه القولة ،واكتب موضوعا متكامال تنجز فيه ما يلي:
ربط القولة بسياقها العام داخل المؤلف2( .ن) -
وهللاُ المستعان إبراز شكل حضور تجربة الحياة والموت عند بدر شاكر السياب. -