Professional Documents
Culture Documents
أعادة أكتشاف القيادة
أعادة أكتشاف القيادة
الدكتور
خليل بن إبراهيم الشريف
إعادة اكتشاف القيادة
A
إعادة اكتشاف القيادة
إعادة اكتشاف القيادة
املؤلف
7
إعادة اكتشاف القيادة
o
8
إعادة اكتشاف القيادة
11 املقدمة
13 القيادة (اكتساب الثقة)
18 القيادة بني األهداف الذكية واألهداف الطموحة
27 إعادة اإلنسانية إىل مفهوم القيادة
32 أساليب القيادة
37 أدوار اإلدارة ومسؤولياهتا
42 القيادة واحلب
51 القيادة الفاعلة
57 أبعاد القيادة األكثر تأثري ًا
63 العالقة الناجحة بني الرئيس واملرؤوس
68 القيادة باالستبصار
74 اإللقاء واخلطابة يف عامل القيادة
79 القيادة يف ظل التغيري التكيفي
88 مصائد القرارات
97 منطق الفعل للقيادة بالقيم
105 املامرسات اخلاطئة يف األساليب اإلدارية
114 القيادة بمفهوم الفضيلة
120 ماذا يعني أن تصبح مديرا؟
124 املبادئ اخلمسة للقيادة املؤثرة
131 خرافات عن القيادة
138 يا صديقي املدير
145 الرؤية االسترشافية
149 سلوك القادة
154 قائمة املراجع
9
إعادة اكتشاف القيادة
إعادة اكتشاف القيادة
املقدمة:
لقــد كانــت القيــادة وال تــزال أحــد أهــم أســباب تطــور حيــاة
البــر ورسعــة تقدمهــا ،فهــي عمليــة وجــدت منــذ أن وجــد
اإلنســان .حيــث كانــت اجلامعــات تســر خلــف قائــد املجموعــة
وينتظــم ســلوكها وفــق عوامــل عديــدة كانــت القيــادة أمههــا
وأكثرهــا تأثــر ًا.
ويف حياتنــا املعــارصة اليــوم تقدمــت علــوم القيــادة تقدمــ ًا
يلفــت النظــر .فقــد أصبحــت القيــادة قضيــة هامــة عــى رأس
أجنــدة العمــل يف املؤسســات والــركات ،وصــار علــم القيــادة
أحــد العلــوم البــارزة التــي تــدرس يف خمتلــف املؤسســات التعليمية
وامتــأ الســوق واملكتبــات بالكتــب والدراســات واألبحــاث
والنظريــات يف جمــال القيــادة ،وأصبــح ينظــر إىل كبــار رجــال
األعــال والصناعــة عــى أهنــم قــادة كبــار يقفــون جنب ـ ًا إىل جنــب
يف مصــاف كبــار القــادة العســكريني وكبــار الزعــاء السياســيني،
كــا أخــذت أســاء العديــد مــن أســاتذة اجلامعــات واألكاديميــن
املتخصصــن يف علــم القيــادة تشــتهر وتصبــح معروفــة.
يف هــذا الكتــاب حماولــة جــادة إلعــادة الــرؤى يف علــم القيــادة
وحماولــة اكتشــاف ملفاهيــم حديثــة أو مســتحدثة يف ســلوك القــادة.
حيــث تطــرح املقــاالت باختــاف عناوينهــا ومضامينهــا مــا ينبغــي
أن يكــون عليــه القائــد .وتدعــو إىل إعــادة النظــر يف املعنــى احلقيقــي
11
إعادة اكتشاف القيادة
للقيــادة الــذي قــد يتطلــب تغيــر جــذري يف األفــكار
واملامرســات.
وكذلــك تســليط الضــوء عــى الــدور اجلوهــري لقــادة املســتقبل
يف صياغــة أطروحــات متجــددة وعمليــة إلدارة املؤسســات احلديثة
يف عــامل رسيــع التطــور وشــديد التعقيــد كالــذي نعيشــه اليــوم.
ونتيجــة ملــا ســبق أصبحــت القيــادة بشــكل متزايــد موضوع ـ ًا
أساســي ًا يف مناهــج دراســات إدارة األعــال وبرامــج التدريــب عــى
القيــادة وتنميــة مهــارات القيــادة املتنوعــة التــي تقدمهــا العديــد
مــن اجلامعــات وكليــات إدارة األعــال ،وكان االفــراض الســائد
وراء هــذه الربامــج هــو أن القيــادة يمكــن تعلمهــا أو هــي عــى
األقــل موهبــة يمكــن تنميتهــا وهنــاك اقتنــاع متزايــد بأهنــا كذلــك
بالفعــل ،ولكــن ليــس هنــاك اتفاقــ ًا كبــر ًا حــول الطريقــة التــي
يمكــن اتباعهــا لتنميتهــا بنجــاح.
يف هــذ الصــدد تتنــوع موضوعــات الكتــاب ،حيــث تــم الرتكيــز
عــى النواحــي املفاهيميــة للقيــادة وكذلــك املامرســات واألفعــال
واملوضوعــات اجلوهريــة كاختــاذ القــرارات ومهــارات القيــادة
األكثــر تأثــر ًا .وكيل أمــل أن يكــون هــذا الكتــاب مفيــد ًا لــكل مــن
يامرســون القيــادة ويرغبــون يف احلصــول عــى فهــم أفضــل لطبيعــة
هــذه العمليــة أو ربــا الســتخالص بعــض األفــكار امللهمــة مــن
بــن حمتويــات هــذا الكتــاب
12
القيادة (اكتساب الثقة)
13
القيادة (اكتساب الثقة)
أقــى اهتاممهــم والتزامهــم .ليــس هنــاك أهــم لنجاحــك
وتقدمــك مــن قدرتــك عــى خلــق الثقــة بــك كرئيــس وهــي
أســاس لقدرتــك عــى التأثــر يف املوظفــن.
يذكــر عاملــا اإلدارة لينــدا هيــل وكينــت ال ينبــاك (2019م)
أهــم العنــارص األساســية الكتســاب الثقــة مــن املوظفــن واملحــددة
يف عنرصيــن أساســيني:
أوالً :الكفــاءة :هــل يؤمــن موظفــوك بأنــك مديــر كــفء؟ إن
الكفــاءة تعنــي أنــك تعــرف مــاذا تفعــل وكيــف تفعــل .هــي تعنــي
أن لديــك اخلــرة كرئيــس عمــل .الثقــة بكفاءتــك ســوف تزيــد كلام
بينــت أنــك تعــرف « مــاذا» و «وكيــف» تديــر ،مــع رضورة وجــود
ســجل وظيفــي لــك مــن اإلنجــازات يف اإلدارة .ال تقتــر الكفــاءة
عــى املعرفــة الفنيــة بتفاصيــل العمــل ،وإنــا تشــمل الكفــاءة الفنيــة
وهــي تعنــي أنــك تعــرف مــا يكفــي عــن العمــل وكيفيــة القيــام
بــه وليــس بالــرورة أن تكــون اخلبــر األول يف الشــؤون الفنيــة
للعمــل ،بــل إنــه مــن هــدر الوقــت أن يقــي املديــر وقتــه ليعــرف
كل تفاصيــل العمــل ،ولكــن إن كنــت ال تعــرف كيف جيــري العمل
ولســت عــى درايــة تامــة بــا يفعلــه املديــرون فكيــف يمكــن ألحــد
أن يثــق بأنــك تفعــل الــيء الصــواب كرئيــس للعمــل .تــأيت بعــد
ذلــك الكفــاءة التشــغيلية وهــي معرفتــك بكيفيــة تطبيــق مــا تعرفــه
فاملعرفــة يشء والفعــل يشء آخــر ،عليــك أن تعــرف كيــف ومتــى
تطبــق املعرفــة الفنيــة يف أعاملــك بمعنــى أن تعــرف كيــف تضــع مــا
14
القيادة (اكتساب الثقة)
تعرف موضع التنفيذ بكفاءة.
ثــم تــأيت الكفــاءة السياســية وهــي املعرفــة بــأن املجموعــة
التــي تديرهــا جــزء ًا مــن مؤسســة أكــر ،وعليــك أن تعــرف كيــف
تتــرف بكفــاءة يف هــذا الســياق ،هــذا يعنــي أن تعــرف كيــف
تعمــل املؤسســة التــي تعمــل هبــا وكيفيــة بنــاء العالقــات داخلهــا
وخــارج حــدود إدارتــك وجمموعــة العمــل التــي تديرهــا ،بحيــث
يكــون لــك شــكل مــن أشــكال النفــوذ لقضــاء احتياجــات العمــل
يف إدارتــك ،وجلعــل جمموعــة العمــل لديــك جمموعــة ذات تأثــر
عــى باقــي أجــزاء املؤسســة الكبــرة.
ثانيـ ًا :الشــخصية :هــل يعتــرك الذيــن يعملــون معــك مديــر ًا ذا
شــخصية؟ إن جمموعــة القيــم واملبــادئ التــي حتــرك ســلوكنا هــي يف
جمملهــا مــا يعــرف بالشــخصية ،واملوظفــون غالبـ ًا مــا يعطــون الثقة
بعــد أن يعرفــوا شــخصية القائــد .وهــو مــا جيعلهــم حيللــون أقوالــه
وأفعالــه بحث ـ ًا بــن ثناياهــا عــن شــخصيته .يبحــث املوظفــون يف
الغالــب عــى أســس مهمــة يف شــخصية القائــد منهــا:
-أنــه هيتــم للعمــل الــذي يقــوم بــه ويقــدر جهــد العاملــن
معــه ويوحــي هلــم باحرتامــه جلديــة العمــل وأمهيتــه ورضورة
إنجــازه عــى أكمــل وجــه .كــا يرغــب املوظفــون تطابــق أقــوال
القائــد مــع أفعالــه يف هــذا الشــأن بالــذات فاملعايــر التــي يرغــب
أن يلتــزم هبــا املوظفــون هــو أول مــن يفــرض أن يلتــزم هبــا .كــا
أنــه يقلــق للعمــل واملوظفــن بــا يــوازي قلقــه عــى نفســه أو أكثــر.
15
القيادة (اكتساب الثقة)
-أنــه يقــدر مــن يعملــون معــه وحيــرص عــى نجاحهــم
وحيفــظ هلــم حقوقهــم وامتيازاهتــم وال يتعــدى عــى يشء يفــرض
أن حيصلــوا عليــه ،فهــو ال يظهــر التوافــق العاطفــي دون حمبــة
صادقــة ورغبــة يف تطويــر ونجــاح فريــق العمــل ومراعــاة
احتياجاهتــم واهتامماهتــم وإرشاكهــم احلقيقــي يف صناعــة القــرارات
وحتمــل املســؤولية والثقــة هبــم ومتكينهــم مــن العمــل مــن خــال
تفويضهــم بالصالحيــات املمكنــة لنجــاح مهامهــم.
-االتــزان االنفعــايل والعاطفــي لــدى القائــد بحيــث يمكــن
االعتــاد عليــه يف نجــاح عمــل الفريــق ،وبحيــث يكــون بمقــدوره
اإلدراك اجليــد ملشــاعره ومشــاعر العاملــن معــه دون اخلضــوع
لســيطرة هــذه املشــاعر ،فهــو قــادر عــى التعاطــف معهــم دون
اإلخــال بواجبــات العمــل ،والتعامــل البنــاء مــع أخطائهــم دون
ضيــاع للمحاســبية ،والقــدرة عــى ســاع االنتقــاد واالنفتــاح
للعديــد مــن اآلراء دون الظهــور كشــخص بــا رأي واضــح.
واألهــم مــن ذلــك قــدرة القائــد عــى ضبــط مشــاعر الغضــب أو
التوتــر أو القلــق أو اخلــوف وتشــجيع الفريــق كذلــك عــى إعــادة
توازهنــم ومشــاعرهم أثنــاء األزمــات والصدامــات التــي ال ختلــو
منهــا أي بيئــة عمــل.
-أن يكــون لديــه إحســاس إجيــايب بذاتــه .إن املوظفــن
يرغبــون بالقائــد املمتلــئ بالثقــة بنفســه واملثابــر واجلــريء والقــادر
عــى خــوض التحديــات دون املغامــرة اهلوجــاء أو القــرارات
16
القيادة (اكتساب الثقة)
غــر املدروســة أو تضخــم األنــا .القائــد الــذي لديــه إحســاس
جيــد بذاتــه يصبــح أكثــر قبــوالً لآلخريــن وأكثــر ثقــة هبــم وأكثــر
صــر ًا عــى تعلمهــم وجتاوزهــم التحديــات يف بيئــة العمــل.
هــذه العنــارص مــا بــن الكفــاءة والشــخصية هــي أفضــل مــا
يمكــن فعلــه لكســب ثقــة املرؤوســن .إن الوصــول إىل العالقــة
املناســبة مــع املوظفــن أســاس كل يشء يف رحلــة القيــادة .بذاهتــا
لــن حتقــق النجــاح ،لكــن مــن دوهنــا ســيكون النجــاح بعيــد املنــال.
تبــدأ القيــادة بتحديــد طبيعــة القائــد وطبيعــة نظــر املرؤوســن لــه،
وال يفــرض أن يتــم الرتكيــز عــى الســلطة أو صداقــة العمــل
وحدهــا ،وإنــا يكــون التعويــل عــى الثقــة بكفــاءة القائــد
وشــخصيته.
17
القيادة بني األهداف الذكية واألهداف الطموحة
18
القيادة بني األهداف الذكية واألهداف الطموحة
األهــداف الشــهرية ،وأرواق العمــل الذكيــة لتحويــل األهــداف
الشــخصية إىل خطــط عمــل ،وكان اعتقــاد الرشكــة أن األهــداف
الذكيــة ســتحقق نجاحــ ًا يرجــع إىل أســباب علميــة قويــة .لكــن
هــذه املنهجيــة بعــد مــي فــرة مــن الزمــن مل حتقــق األربــاح
املنشــودة يف ظــل انتاجيــة عــدد مــن مصانــع الرشكــة ،وأدى ذلــك
إىل إعــادة دراســة األهــداف الذكيــة والبحــث عــن اخللــل أو
مشــكالت التطبيــق ،خصوصــ ًا يف تلــك األقســام املتعثــرة ،وقــد
قامــت الرشكــة بطلــب املســاعدة مــن عــدد مــن املختصــن وعــى
رأســهم أســتاذ جامعــي يســمى (ســتيف كار) عميــد كليــة إدارة
األعــال بجامعــة ســاثذرن كاليفورنيــا ،كان خبــر ًا يف علــم نفــس
وضــع األهــداف وبــدأ الفريــق املختــص بمقابلــة املوظفــن وعندما
ســألوهم عــن شــعورهم حيــال تأكيــد رشكــة جنــرال إلكرتيــك
عــى أمهيــة األهــداف الذكيــة ،توقعــوا ســاع شــكوى مــن هــذه
املنهجيــة أو آراء تفيــد بأهنــم ال يــرون أهنــا منهجيــة مرحيــة لتحقيــق
املزيــد مــن االنتاجيــة ،وأن الطلبــات الذكيــة املتتاليــة تعوقهــم يف
ســر العمــل ،وبــدالً مــن ذلــك قــال املوظفــون إهنــم حيبــون نظــام
األهــداف الذكيــة ،وأهنــا متنحهــم الشــعور باإلنجــاز احلقيقــي .
لقــد اســتنتج الفريــق املختــص بــأن نظــام األهــداف الذكيــة
كان يعــزز لــدى املوظــف الشــعور باإلنجــاز بينــا جيــد نفســه قــد
حقــق األهــداف املتفــق عليهــا ،لكــن املشــكلة التــي تــم اكتشــافها
مــن قبــل الفريــق املختــص أنــه ال املوظــف وال رئيســه املبــارش قــد
19
القيادة بني األهداف الذكية واألهداف الطموحة
فكــروا بمــدى أكــر إذا كانــت هــذه األهــداف مهمــة وجمديــة
لإلنتاجيــة أم ال ،فكــر رئيــس الفريــق د .ســتيف كار يف أن الطريقــة
الوحيــدة لتحســن األداء هــي البحــث عــن طريقــة إلبعــاد املوظفني
عــن الرتكيــز عــى األهــداف قصــرة املــدى ،وتشــجيعهم عــى
التفكــر يف طموحــات أكــر وأهــداف طموحــة طويلــة املــدى،
وكانــت االســراتيجية املتبعــة لتنفيــذ ذلــك هــي عمــل اجتامعــات
تضــم أكــر قــدر مــن املديريــن التنفيذيــن وبدورهــم يقومــون
باجتامعــات مــع املوظفــن ،بحيــث تكــون هــذه االجتامعــات أشــبه
بالتدريــب عــى التفكــر الطمــوح واألهــداف األكثــر صعوبــة
وإتقانــ ًا يف االنتاجيــة .اســتطاعت هــذه االســراتيجية مــن جعــل
الرشكــة حتقــق املزيــد مــن األربــاح وتقليــل اهلــدر واألخطــاء يف
بعــض املصانــع إىل نســبة % 35ثــم توالــت بعــد ذلــك سلســلة
األهــداف الطموحــة للرشكــة.
ففــي عــام 1993م ســافر الرئيــس التنفيــذي الشــهري للرشكــة
آنــذاك (جــاك ويلــش ) إىل طوكيــو وســمع خــال لقاءاتــه مــع
قيــادات تنفيذيــة يابانيــة قصــة أخــرى ملهمــة عــن األهــداف
الطموحــة ،فقــد ذكــروا لــه أن رئيــس نظــام الســكك احلديديــة
يف اليابــان يف عــام 1955م أطلــق حتدي ـ ًا أمــام أفضــل املهندســن
يف اليابــان .وهــو اخــراع القطــار األرسع (قطــار الطلقــة) .بعــد
ســتة أشــهر قــدم فريــق املهندســن نموذجـ ًا أوليـ ًا لقاطــرة تســتطيع
االنطــاق برسعــة 65ميـ ً
ا يف الســاعة .حيــث أنــه يف ذلــك الوقــت
20
القيادة بني األهداف الذكية واألهداف الطموحة
كانــت تلــك الرسعــة ســتجعل ذلــك القطــار أحــد أرسع قطــارات
نقــل الــركاب يف العــامل ،مل يقبــل رئيــس الســكك احلديديــة لقــد كان
يريــد قطــار ًا برسعــة 120ميـ ً
ا يف الســاعة .أوضــح املهندســون أن
هــذا اهلــدف غــر واقعــي وغــر ممكــن .فــإذا انطلــق القطــار بتلــك
الرسعــة وانعطــف بحــدة فــإن قــوة الطــرد املركــزي ســتجعل
العربــات ختــرج عــن مســارها لذلــك ســتكون رسعــة 70مي ـ ً
ا يف
الســاعة أكثــر واقعيــة وإذا زادت رسعــة القطــار عــن هــذا فســوف
يتحطــم.
سأل رئيس السكك :ملاذا جيب أن تنعطف القطارات؟
أجــاب املهندســون بــأن هــذا حيــدث بســبب وجــود العديــد مــن
اجلبــال.
سأل الرئيس مرة أخرى :ملاذا ال نحفر األنفاق إذ ًا؟
عــاد املهندســون مــرة أخــرى بنمــوذج لقطــار رسعتــه 80مي ـ ً
ا يف
الســاعة .ولكــن رئيــس الســكك احلديديــة رفــض رفض ـ ًا قاطع ـ ًا
وانتقــد النمــوذج انتقــاد ًا شــديد ًا .وطلــب أن يكــون القطــار قــادر
عــى االنطــاق برسعــة 120مي ـ ً
ا يف الســاعة.
لقــد كان هــذا اهلــدف الطمــوح والكبــر وطويــل املــدى
والــذي اســتغرق مــن املهندســن التفكــر والتخطيــط والتصميــم
ملــدة عامــن ســبب ًا رئيســي ًا يف اخــراع القاطــرات الرسيعــة بعــد
ذلــك حــول العــامل .ولقــد حتقــق هــذا الطمــوح لرئيــس الســكك
احلديديــة يف عــام 1964م حيــث غــادر ( توكايــدو شينكانســن )
21
القيادة بني األهداف الذكية واألهداف الطموحة
أول قطــار طلقــة يف العــامل مــن مدينــة طوكيــو إىل أوســاكا خــال
ثالثــة ســاعات وثــان ومخســن دقيقــة بينــا كان يقطعهــا القطــار
القديــم يف 20ســاعة تقريبــ ًا .
لقــد عكــف املهندســون يف التفكــر يف حلــول غــر اعتياديــة
تضمنــت النظــر يف قضبــان الســكة احلديديــة .نفســها وتغيــر
معادالهتــا وأحجامهــا وطريقــة اتصاهلــا ،وكذلــك يف شــق األنفــاق
وحتييــد املنعطفــات الشــديدة ،لقــد دفــع هــذا الرئيــس باملهندســن
إىل أقــى إمكانياهتــم يف التفكــر واالخــراع.
بالنســبة جلــاك ويلــش رئيــس رشكــة جنــرال الكرتيــك آنــذاك
كانــت هــذه القصــة مصــدر إهلــام كبــر فعندمــا عــاد إىل موطنــه
اجتمــع الفريــق املختــص الــذي يقــوده د ســتيف كار وأخــره
بــأن الرشكــة حتتــاج إىل املزيــد مــن األهــداف الطموحــة واجلريئــة
وســينبغي عــى كل مديــر تنفيــذي وكل قســم باإلضافــة إىل تقديــم
أهــداف ذكيــة حتديــد هــدف طمــوح قــد ال يســتطيع املديــرون
وصــف كيفيــة تنفيــذه عــى األقــل يف البدايــة ،ألنــه لــو عــرف
كيفيــة تنفيــذه فلــن يكــون هدفـ ًا طموحـ ًا .وقــال ويلــش إنــه جيــب
عــى اجلميــع املشــاركة يف ((التفكــر عــى غــرار مــا حــدث مــع
القطــار الطلقــة)).
بعــد ســتة أشــهر مــن رحلــة ويلــش إىل اليابــان أصبــح كل
قســم يف الرشكــة يمتلــك هدفــ ًا طموحــ ًا -عــى ســبيل املثــال -
أعلــن قســم تصنيــع حمــركات الطائــرات أنــه ســيقوم بتقليــل عــدد
22
القيادة بني األهداف الذكية واألهداف الطموحة
العيــوب وجتويــد صناعــة املحــركات املنتجــة بنســبة %25وافــق
ويلــش بــأن تقليــل العيــوب هــدف حكيــم ،ثــم أخربهــم بأنــه
ينبغــي عليهــم جتويدهــا بنســبة !!%70وكانــت كل حمــاوالت
املديــرون لثنــي ويلــش عــن هــذه النســبة -التــي رأوا أهنا مســتحيلة
بــل وســخيفة -قــد قوبلــت بالرفــض .ممــا جعلهــم يضطــرون إىل
العديــد مــن اإلجــراءات الكبــرة لتحقيــق هــذه النســبة بــدء ًا مــن
طــرق تدريــب العــال ،وإعــادة دراســة لوائــح اختيــار العاملــن
وتوظيفهــم ،وكذلــك عــرض املميــزات الوظيفيــة للنابغــن يف
هــذا املجــال لدرجــة أهنــم غــروا طريقــة الــدوام بــا تتوافــق مــع
رغباهتــم ،وكذلــك طريقــة إدارة املصنــع ،وإعــادة حتديــد الواجبات
الوظيفيــة ،والعديــد مــن اإلجــراءات التــي ســامهت يف إصالحــات
شــاملة وواســعة املــدى مــن أجــل حتقيــق هــذه النســبة الطموحــة.
بإمكاننــا القــول إن تأثــر األهــداف الطموحــة وحــث العاملــن
عــى االلتــزام نحــو األهــداف الطموحــة التــي تبــدو بعيــدة املنــال
قــد يســاهم عــى حتقيــق طفــرات هائلــة يف االبتــكار واالنتــاج،
وحتويــل االنتبــاه إىل احتــاالت جديــدة للمســتقبل وإشــعال جــذوة
النشــاط يف املؤسســة .ومــع ذلــك جيــب االحــراس مــن قــوة
األهــداف الطموحــة فقــد أظهــرت الدراســات أهنــا يمكــن أيض ـ ًا
أن تســبب االحبــاط والذعــر واالقتنــاع بــأن النجــاح ال يمكــن
حتقيقــه ،فهنــاك خــط رفيــع بــن الطمــوح الــذي يســاعد النــاس
عــى حتقيــق يشء مدهــش وبــن التهــور الــذي يــؤدي إىل حتطــم
23
القيادة بني األهداف الذكية واألهداف الطموحة
الروح املعنوية.
ويمكــن التعــرف عــى اهلــدف الطمــوح اجليــد والــذي حيفــز
عــى االبتــكار والتجديــد مــن خــال قدرتنــا عــى حتويلــه إىل
جمموعــة مــن املراحــل مــن األهــداف الذكيــة قصــرة املــدى
والقابلــة للتنفيــذ .كذلــك ال جيــب أن تكــون األهــداف الطموحــة
يف التدقيــق عــى التفاصيــل التــي ال طائــل مــن ورائهــا ،ولكــن يف
العموميــات ذات األثــر واملــردود الكبــر عــى املؤسســة أو الرشكــة
والتــي يمكــن تنفيذهــا عــى مراحــل مــن األهــداف الذكيــة.
لقــد تعرضــت دراســات أكاديميــة وكتــب يف علــم نفــس اإلدارة
ملســألة نجــاح تبنــي رشكــة جنــرال الكرتيــك األهــداف الذكيــة
واألهــداف الطموحــة معــ ًا .كــا قامــت العديــد مــن املؤسســات
العامليــة بتقليــد نظــام الرشكــة.
إننــا نســتطيع بالفعــل تغيــر طريقــة تــرف النــاس مــن خــال
الطلــب منهــم التفكــر يف أهدافهــم بشــكل خمتلــف ،وحاملــا نــدرك
كيفيــة القيــام هبــذا يمكننــا القيــام بأمــور كبــرة مل تكــن ختطــر ببالنــا
وقــد أكــدت نتائــج العديــد مــن الدراســات التــي ذكــرت
فيكتــاب ( بصفتــك رئيس ـ ًا) للكاتــب كينــت ال ينبــاك ( 2019م)
والتــي أجريــت يف جامعــة ( ووتــر لــو ) وجامعــة (ميلبــورن ) أن
األهــداف الطموحــة تــؤدي إىل ابتــكارات رائعــة ولكــن يف حالــة
واحــدة فقــط عندمــا يملــك النــاس نظامــ ًا لتقســيمها وحتويلهــا
إىل خطــط ملموســة ،وأن تعامــل املوظــف أو القائــد مــع قائمــة
24
القيادة بني األهداف الذكية واألهداف الطموحة
حتتــوي أهــداف طموحــة بعيــدة املنــال فحســب فمــن املرجــح أن
تســبب االحبــاط والنفــور .لذلــك يتمثــل احلــل يف كتابــة القوائــم
واألهــداف اجليــدة التــي جتمــع األهــداف الطموحــة واألهــداف
الذكيــة .
فكــر يف قائمــة طموحاتــك الكــرى ،احلــم أحالمــ ًا كبــرة ،
صــف األهــداف التــي تبــدو مســتحيلة للوهلــة األوىل مثــل حتقيــق
نســب إنجــاز عاليــة يف العمــل ،ختفيــض األخطــاء وضبــط اجلــودة
بنســب فــوق ، % 60زيــادة املبيعــات إىل الضعــف ..اخــر اهلــدف
ومــن ثــم إبــدا تقســيمه إىل خطــوات قصــرة املــدى ،ووجــه
لنفســك األســئلة التاليــة :
-مــا التقــدم احلقيقــي الــذي يمكنــك تنفيــذه يف اليــوم ؟ أو
األســبوع ؟ أو الشــهر ؟
-مــا اإلجــراءات التــي ســوف تتخذهــا يف اليــوم التــايل
وعــى مــدى األســابيع الثالثــة التاليــة ؟
-مــا اخلطــوات املحــددة قصــرة املــدى التــي تصاحــب
النجــاح الكبــر ؟
-هل اجلدول الزمني مناسب وعميل ومرن ؟
-هــل ســتصل للنتيجــة الكــرى خــال شــهر ..شــهرين
..عــام ؟
25
القيادة بني األهداف الذكية واألهداف الطموحة
-كيــف ســتقوم بقيــاس مــدى تقدمــك نحــو اهلــدف الكبري؟
-مــا األمــور املتوفــرة يف املؤسســة والتــي تســاعدك عــى
بدايــة العمــل للوصــول إىل اإلنجــاز الطمــوح؟
-مــا العقبــات املتوقعــة وكيــف ســرتب أولويــات مواجهتها
واحللــول قصــرة املــدى املناســبة إلحــراز إنجــاز يف تذليــل
العقبــات؟
خالصــة القــول نحــن نحتــاج إىل األهــداف الطموحــة
واألهــداف الذكيــة مــن أجــل أن نحقــق تغيــر كبــر وملمــوس
،وأهــم اإلجــراءات لتحقيــق ذلــك يعتمــد عــى حتديــد اهلــدف
الطمــوح ومــن ثــم حتديــد األهــداف الذكيــة يف ذات الســياق
التــي مــن خالهلــا يمكــن أن تتبنــى أفضــل خطــة عمــل ملموســة
إلحــداث النقلــة النوعيــة الكبــرة يف اإلنجــاز واألداء .
26
إعادة اإلنسان إىل مفهوم القيادة
27
إعادة اإلنسان إىل مفهوم القيادة
خاطــئ ملفهــوم القيــادة األكثــر إنســانية .فالتأثــر يف كثــر مــن
األحيــان لغــة مهذبــة لإلكــراه .وشــكل مبهــرج للربمجاتيــة
اإلداريــة ،وإن كان ال خيلــو عمــل القائــد مــن التأثــر يف اآلخريــن.
هــذا حقيقــي ،غــر أن مفهــوم القيــادة شــأن آخــر أكثــر اتســاع ًا
مــن فكــرة التأثــر .حيــث يــرى الباحثــن يف الكليــة ،مــن أجــل
إعــادة اإلنســانية ملفهــوم القيــادة العــودة للــوراء إىل املعنــى القديــم
واألصيــل للقيــادة بوصفهــا دائــ ًا (اجلهــد املبــذول مــن أجــل
اجلامعــة) فلســان حــال املرؤوســن فيهــا (إذا كنــت ال متثلنــا فلــن
تكــون قائــد ًا لنــا) يمكــن أن تكــون رئيسـ ًا رســمي ًا لكــن ال تشــغل
بالــك بمفهــوم القيــادة حتــى يشــعر املوظفــن بأهنــم يــرون شــخص ًا
كفــؤ ًا يســتحق أن يمنحونــه صوهتــم وتأييدهــم الكامــل.
مــن خــال هــذا املفهــوم فــإن حقيقــة القيــادة لــن تتأتــى مــن
خــال قــدرات التأثــر الكثــرة اجليــدة منهــا أو االســتغاللية ،وال
مــن خــال االســتلطاف القائــم عــى املنفعــة .إنــه مفهــوم ذو جوهر
إنســاين .فلــن ينظــر للرئيــس كقائــد إال مــن خــال فريــق العمــل.
هــل فريــق العمــل يــرى أمامــه خــر مــن يمثلــه وخــر من يســتحق
صوتــه وتأييــده؟ هبــذه الرؤيــة تنتقــل طبيعــة مفهــوم القيــادة مــن
الرتكيــز عــى القائــد إىل الرتكيــز عــى املرؤوســن ويمكــن أن تقيــس
حينهــا ســلوك القائــد يف اللحظــة التــي نــرى املوظفــن يتعاملــون
معــه كممثــل هلــم ،وكخــر إنســان هيتــم لشــأهنم وشــأن العمــل يف
الوقــت نفســه.
28
إعادة اإلنسان إىل مفهوم القيادة
إذن القيــادة ال يمكــن أن ختتــزل يف (التأثــر) فحســب ،ولكــن
يف كيفيــة هــذا التأثــر ،ومــدى رضــا املوظفــن عــن شــكل ذلــك
التأثــر ،وإحساســهم بأنــه التأثــر املناســب الــذي يصنــع القائــد
املناســب .فيمكــن اختصــار مفهــوم القيــادة اإلنســاين بأنــه (القبــول
للقائــد لــدى املوظفــن واإلحســاس بأنــه خــر مــن يمثلهــم
وينــوب عنهــم والقناعــة بأنــه فيــا لــو كان اخليــار هلــم يف حتديــد
مــن يرأســهم فســيختارونه بــا تــردد).
وجــد كيســلر أن إعــادة اإلنســانية ملفهــوم القيــادة تتطلــب أيضـ ًا
توضيــح الفــرق بــن مفهــوم القيــادة وبــن مفهــوم اإلدارة .فكثــر ًا
مــا كانــت الــدورات التدريبيــة التــي تســتهدف تطويــر القيــادات
تضــع اإلدارة دائــ ًا يف اجلانــب الــيء ،وتضــع القيــادة دائــ ًا يف
اجلانــب احلســن .فعبــارات مثــل :التفهــم ،وحســن التخطيــط،
والتحفيــز ،والتشــجيع ،واإلهلــام خاصــة بالقائــد .وعبــارات
مثــل :قــر النظــر ،وســوء التخطيــط ،وغيــاب الرؤيــة ،والقســوة،
وضعــف املرونــة خاصــة باملديــر.
هــذه املقارنــة هبــذا الشــكل التعســفي وغــر العلمــي جعلــت
الكثــر ممــن يــارس اإلدارة أو القيــادة يعتقــد أن كلمــة (مديــر)
كلمــة ســلبية .وكلمــة (قائــد) كلمــة إجيابيــة تقــع يف اجلهــة املقابلــة!
واحلقيقــة أن القيــادة ليســت أفضــل مــن اإلدارة أو بديلــة عنهــا،
واإلدارة كذلــك ليســت أفضــل مــن القيــادة أو بديلــة عنهــا .القيادة
واإلدارة نظامــا عمــل بينهــا العديــد مــن نقــاط االتفــاق ،وبينهــا
29
إعادة اإلنسان إىل مفهوم القيادة
أيض ـ ًا عــدد مــن نقــاط االختــاف .لكنهــا نظامــا عمــل للتكامــل
ولــكل واحــد منهــا طريقتــه ووظيفتــه وأنشــطته املميــزة.
ويمكــن التأكيــد قبــل ذكــر نقــاط االختــاف بــن القيــادة
واإلدارة .أن كال منهــا حيتــاج إىل القيــم واألخــاق احلســنة وحيتــاج
إىل التخطيــط اجليــد ،وبعــد النظــر ،وحيتــاج الحــرام العالقــات
اإلنســانية ،وحتفيــز العاملــن .كل األمــور احلســنة واجليــدة مهمــة
أن تكــون يف القائــد أو املديــر عــى حــد ســواء .كــا أن كل األمــور
الســلبية واخلاطئــة مــن املهــم أن يتجنبهــا القائــد واملديــر عــى حــد
ســواء.
قــد ختتلــف املســميات الرســمية يف التكليــف للمناصــب
الرســمية .فعــادة يف املستشــفيات يســمى أعــى شــخص يف ســلطة
املستشــفى (مديــر املستشــفى) لكــن ذلــك ال يعنــي أنــه ال يمكــن
أن يكــون قائــد ًا ..بينــا يف القطاعــات العســكرية التســمية الرســمية
للرؤســاء تكــون (قائــد عســكري) لكــن هــذا ال يمنــع أن يتــرف
كمديــر يف عملــه يف أحيــان كثــرة..
لذلــك يمكــن ذكــر أبــرز االختالفــات بــن القيــادة واإلدارة
عــى النحــو التــايل:
-اإلدارة تتواكــب مــع األحــداث بينــا القيــادة تســابق
األحــداث.
-اإلدارة تتكيــف مــع تعقيــدات الوضــع احلــايل بــا يشــمله
مــن إجــراءات وقوانــن تنفيذيــة .بينــا القيــادة تســعى إلحــداث
30
إعادة اإلنسان إىل مفهوم القيادة
التغيري ومن ثم التكيف معه.
-اإلدارة حتــرص عــى اســتمرارية املكتســبات واملحافظــة
عــى تطورهــا التدرجيــي.
-القيــادة قــد تدخــل باملكتســبات يف مغامــرة مدروســة
لتحقيــق مكتســبات جديــدة أكثــر وفــرة.
-اإلدارة عــادة مــا تقــارن وتقيــس أدائهــا باألربــاح الدوريــة
وحتقيــق اجلــودة والنجــاح يف تطبيــق لوائــح العمــل.
-القيــادة عــادة مــا تقيــس أدائهــا بالنقــات النوعيــة
والتجديــد وحجــم االبتــكار.
-يف اإلدارة يمنــح املديــر املنصــب بتكليــف مــن الرؤســاء
األعــى ،بينــا يف القيــادة يمنــح الرئيــس صفــة القيــادة مــن خــال
اقتنــاع وتأييــد املرؤوســن.
ومــن خــال الفــارق األخــر نعــود مــن جديــد لعنــوان مقــال
كيســلر ( إعــادة اإلنســانية ملفهــوم القيــادة ) حيــث يمكــن اختصــار
مجيــع مــا ذكــر بــأن مــن يمنــح لقــب القيــادة هــم املرؤوســن حــن
يــرون شــخص ًا صاحــب كفــاءة وقيــم وقــدرة عــى متثيــل جمموعــة
العمــل خــر متثيــل .
31
أساليب القيادة
أساليب القيادة
32
أساليب القيادة
يتخذ القرار املجمع عليه أو الذي تم تداوله مع املرؤوسني.
يف أبحــاث أخــرى ظهــر أســلوب ثالــث يف القيــادة وصفــوه بأنــه
أســلوب « عــدم التدخــل إال عنــد الــرورة القصــوى « ويف هــذا
النــوع الثالــث كــا يتضح مــن اســمه يلعــب القائــد دور ًا أساســي ًا يف
شــؤون اجلامعــة وال يتفاعــل مــع اجلامعــة عــادة إال بنــاء عــى مبادرة
منهــم .غــر أن هنــاك مالحظــة مهمــة توجــه هلــذه األســاليب بأهنــا
غــر واقعيــة حيــث أن الســلوك الفعــي للعديــد مــن القــادة وربــا
معظمهــم يف العمــل ســوف يكــون يف مــكان مــا بــن نوعي الســلوك
املتناقضــن بمعنــى أن ســلوك القائــد لــن يكــون أتوقراطيـ ًا خالصـ ًا
أو ديموقراطي ـ ًا حمض ـ ًا ولكنــه ســيكون يف مــكان مــا بــن االثنــن.
ويعتــر ك ً
ال مــن (تانينبــاوم وشــميدت ) مــن بــن الباحثــن الذيــن
أوضحــوا هــذه النقطــة فهــا يريــان أن ســلوك القائــد خيتلــف عــى
نحــو متــدرج وكلــا ابتعــد القائــد عــن األتوقراطيــة زادت مشــاركة
املرؤوســن يف عمليــة اختــاذ القــرار ومهــا يريــان أيض ـ ًا أن القيــادة
الديموقراطيــة اخلالصــة مــن النــادر أن نصادفهــا يف املؤسســات
الرســمية.
وقــد اســتنتجت بحوثهــا أربعــة أســاليب للقيــادة يمكــن أن
نحدرهــا عــى مقيــاس متــدرج هــي ( ســادلر 2008 ،م):
-1األســلوب األتوقراطــي :القائــد هنــا يتخــذ القــرارات
ويعلنهــا متوقعــ ًا مــن املرؤوســن تنفيذهــا دون نقــاش.
33
أساليب القيادة
-2األســلوب الــذي يعتمــد عــى اإلقنــاع :والقائــد عنــد هــذه
النقطــة مــن املقيــاس يتخــذ أيضـ ًا القــرارات للجامعــة دون مناقشــة
أو مشــاورة ولكنــه يعتقــد أن النــاس ســوف يكونــون أكثــر محاس ـ ًا
ودافعيــة للعمــل إذا تــم إقناعهــم بــأن هــذه القــرارات جيــدة وهــو
يقــدم للعاملــن الكثــر مــن الــرح والتســويق لقراراتــه للتغلــب
عــى أي مقاومــة حمتملــة ملــا يريــد أن يفعلــه والقائــد يبــذل كثــر ًا
مــن اجلهــد إلثــارة محاســة العاملــن لتحقيــق األهــداف التــي
وضعهــا للجامعــة.
-3األســلوب القائــم عــى املشــورة :إن أهــم ملمــح مــن
مالمــح هــذا األســلوب هــو أن القائــد يتشــاور مــع أعضــاء اجلامعة
قبــل اختــاذ القــرارات .وهــو يف الواقــع يأخــذ يف اعتبــاره نصيحتهــم
ومشــاعرهم عنــد صياغــة قراراتــه ويمكــن هلــذا القائــد يف بعــض
األحيــان أال يقبــل مشــورة مرؤوســيه ولكنهــم عــى أيــة حــال
يشــعرون أن يف إمكاهنــم التأثــر عــى القائــد وحتــت هــذا النــوع
مــن القيــادة يظــل القــرار واملســؤولية الكاملــة عنــه هــي مســؤولية
القائــد ولكــن درجــة اشــراك املرؤوســن يف اختــاذ القــرار هنــا أكــر
بكثــر منهــا يف األســاليب الســابقة.
أســلوب القيــادة الديموقراطــي :القــادة الذين يســتخدمون -4
هــذا األســلوب عــادة مــا يعرضــون املشــكلة عــى مرؤوســيهم
ويدعوهنــم للمناقشــة والقائــد هنــا يكــون أشــبه بقائــد املؤمتــر أو
الرئيــس أكثــر مــن كونــه متخــذ القــرار وهــو يســمح بــأن يتــم
34
أساليب القيادة
التوصــل إىل القــرار مــن خــال عمليــة مناقشــة مجاعيــة بــدالً
مــن فرضــه عليهــم بوصفــه رئيســهم.
وبعــض األبحــاث التــي أجراها قســم األبحاث يف كليــة أرشيدج
لــإدارة عــى جمــال الصناعــة يف بريطانيــا اهتمــت باستكشــاف
موقــف املوظفــن جتــاه هــذه األســاليب األربعــة يف القيــادة( ســادلر
1966 ،م) حيــث شــملت عينــة البحــث أكثــر مــن 1500موظــف
وقــد تــم وصــف أســاليب القيــادة األربعــة يف اســتبيان وطلــب
مــن املوظفــن أن حيــددوا نــوع املديــر الــذي يعتقــدون أهنــم ســوف
يســتمتعون بالعمــل حتــت قيادتــه أكثــر مــن غــره وقــد أعطيــت
الرمــوز (أ)(،ب)(،ج)(،د) ومل يتــم اســتخدام مصطلــح أوتقراطــي
أو إقناعــي أو غــر ذلــك حتــى ال تؤثــر هــذه املســميات عــى
إجابــات أفــراد العينــة .وكان األســلوب الــذي حــاز عــى أكــر
قــدر مــن التفضيــل هــو األســلوب القائــم عــى املشــورة %67يليــه
أســلوب اإلقنــاع %23أمــا األســلوب الديموقراطــي فــكان األقــل
تفضيـ ً
ا حيــث مل حيصــل إال عــى نســبة %2وقــد طلــب مــن أفــراد
العينــة أيض ـ ًا أن يذكــروا الوصــف الــذي ينطبــق أكثــر مــن غــره
عــى األســلوب الــذي يتبعــه املديــرون املبــارشون هلــم مــن بــن
هــذه األســاليب األربعــة وهنــا متــت إضافــة إجابــة خامســة لبديــل
إضــايف وهــي ( أســلوب املديــر ال يتشــابه عــى اإلطــاق مــع أي
أســلوب مــن هــذه األســاليب ) ولوحــظ يف املســتويات الدنيــا
مــن املؤسســة انخفــاض نســبة أفــراد العينــة الذيــن يعتقــدون أن
35
أساليب القيادة
أســلوب القيــادة الــذي يتبعــه قائدهــم هــو أســلوب اإلقنــاع أو
األســلوب القائــم عــى املشــورة .بينــا وصلــت النســبة إىل %36
مــن أفــراد العينــة يف املســتوى اإلداري ممــن يــرون أن رؤســاءهم
يتبعــون األســلوب القائــم عــى املشــورة.
وغنــي عــن القــول أن تأثــر أســلوب القيــادة عــى االنتــاج
واضــح وملمــوس وأكدتــه العديــد مــن الدراســات بالرغــم أن
االنتــاج تتحكــم فيــه متغــرات وأبعــاد كثــرة جتعــل مــن الصعــب
حتديــد العامــل احلاســم يف التأثــر .غــر أن هــذا جيعلنــا نأخــذ بعــن
االعتبــار مــا يشــكل جانب ـ ًا مهم ـ ً
ا يف دراســة القيــادة وهــو مســألة
مواقــف املرؤوســن وتوقعاهتــم فعندمــا ال يتبنــى القائــد أســلوب ًا
واضح ـ ًا وحمــدد ًا يف القيــادة فإنــه مــن املرجــح أن يفشــل يف إعطــاء
العاملــن حتــت رئاســته جمموعــة واضحــة مــن التوقعــات يعرفــون
عــى أساســها كيــف يترصفــون يف املواقــف املختلفــة ويعرفــون
منهــا كيــف ســيكون رد فعلــه يف خمتلــف املواقــف ويمكــن القــول
إنــه رغــم أن املرؤوســن ربــا يرغبــون يف وجــود نــوع معــن مــن
العالقــة بينهــم وبــن قادهتــم فيــا يتعلــق مثــ ً
ا بمســألة املشــورة
وإىل أي مــدى حيبــون أن يطلــب املديــرون آراءهــم يف القــرارات
التــي يتخذوهنــا إال أن مــا حيتاجونــه أكثــر مــن ذلــك وهــو وجــود
عالقــة مســتقرة بينهــم وبــن قادهتــم جتعلهــم يعرفــون األرض
التــي يقفــون عليهــا وجتعــل مــن املمكــن هلــم أن يتنبــأوا بترصفــات
رئيســهم يف املواقــف املختلفــة .
36
أدوار اإلدارة ومسؤولياهتا
37
أدوار اإلدارة ومسؤولياهتا
إن املقيــاس احلقيقــي لذلــك هــو مــدى إنجــازه لألهــداف التــي
حددهــا مــع الفريــق يف بدايــة العــام .إذا كان مــن الســهل أن ينطــق
املــرء بــا ال يفعــل فــإن هــذا يعــد املعيــار احلقيقــي لفشــل القائــد.
وانتهــاء مصداقيتــه أمــام املوظفــن .ويف الواقــع لــن ختتلــف نظرتنــا
ملديــر ال حيقــق األهــداف التــي التــزم بتحقيقهــا عــن نظرتنــا لعامــل
يف الكهربــاء أو الســباكة أحرضنــاه ليصلــح لنــا خلــا يف املنــزل
وظــل حائــر ًا ال يقــدم وال يؤخــر ويتخبــط دون حــل املشــكلة إننــا
ســننظر لــه عــى أنــه عامــل فاشــل وســنطرده دون مقابــل ،وهــذا
ال خيتلــف أبــد ًا عــن قائــد ال حيقــق األهــداف املرســومة يف خطــة
العمــل .مــن هنــا كان احلــس باملســؤولية هــو البوصلــة التــي تدفــع
أي مديــر إىل حتقيــق األهــداف .وهنــاك شــكلني للمســؤولية عــى
املديــر أن يدركهــا جيــد ًا:
-1املســؤولية الفنيــة والتنفيذيــة وختــص املوظفــن والتنفيذيــن
وتشــمل كفــاءة اإلجــراءات واألســاليب وفعاليتهــا.
-2املســؤولية اإلداريــة والقياديــة وختــص املديريــن وتشــمل
كفــاءة التخطيــط االســراتيجي والتنســيق واإلرشــاد والتوجيــه.
وال يمكــن ألحــد هذيــن الطرفــن أن يســر إال مرتكــز ًا عــى
اآلخــر فلــكل منهــا قــدر حمــدد مــن املســؤولية ولــكل منهــا جــزء
مــن النجــاح الــذي يتحقــق يف الوفــاء بمســؤولياته.
تتطلــب املســؤولية أيض ـ ًا االهتــام بعــدد مــن املبــادئ اإلداريــة
التــي تعــد روافــد مهمــة للقائــد مــن أجــل تصحيــح مســار اإلدارة
38
أدوار اإلدارة ومسؤولياهتا
دائــا نحــو األفضــل .يشــر القيــادي اخلبــر والكاتــب األمريكي
الشــهري جــاك ويلــش إىل أهــم هــذه املبادئ:
-الرتكيــز عــى اكتســاب الثقــة وحتــى يثــق املوظفــون
بمديرهــم عليــه أن حيقــق ثالثــة أشــكال مــن الثقــة :الثقــة
الشــخصية وتتلخــص يف تفهــم أســباب الشــكوى واملعاملــة
الكريمــة التــي حتفــظ للموظــف كرامتــه وتشــعره بقدرتــه عــى
اإلنجــاز -الثقــة اإلداريــة وتتلخــص يف قــدرة القائــد أو املديــر
مــن وجهــة نظــر املوظفــن عــى تقييــم موظفيــه طبق ـ ًا إلنتاجيتهــم
وإخالصهــم ومصداقيــة النظــام الــذي يرســيه للثــواب والعقــاب
والرتقيــة والفصــل مــن العمــل -الثقــة القياديــة تتلخــص يف إيــان
املرؤوســن بقــدرة القائــد عــى قيادهتــم بمهــارة إىل اهلــدف الــذي
يبغــون حتقيقــه وانطالقـ ًا مــن نقطــة البدايــة صفــر .كثــر ًا مــا خيلــط
املديــرون بــن هــذه األشــكال الثالثــة للثقــة فيعتقــدون أهنــم إذا
مارســوا واحــدة منهــا فــإن ذلــك يعوضهــم عــن ممارســة بقيــة
أنــواع الثقــة إال أن املديــر الناجــح يميــز بــن هــذه األشــكال الثالثــة
وجيمــع بينهــا يف تعاملــه مــع موظفيــه.
-كــن فــوق اخلالفــات والشــبهات :اجعــل خالفاتــك مــن
أجــل مصلحــة العمــل وليــس مــن أجــل أي مصلحــة شــخصية
امتنــع متامـ ًا عــن االنتقــام أو الرتبــح الشــخيص .املديــر الــذي يعــف
عــن اخلالفــات الشــخصية والشــبهات يكتســب مصداقيــة تكفــل
لــه والء واحــرام مرؤوســيه وهــذا أهــم مــا حيتاجــه القائــد يف
39
أدوار اإلدارة ومسؤولياهتا
نجاح مهمته.
-ختلــص مــن الرســميات :التكلــف والرســميات تعــوق
عمليــات التغيــر والتطويــر وجتعلنــا هنتــم باأللقــاب واألشــخاص
واملناصــب عــى حســاب األفــكار واإلنجــازات .جيــب أن يكــون
الرابــط بــن املوظفــن نوعــ ًا مــن التعــاون والصداقــة والنديــة
البعيــدة عــن الزيــف واخلــداع.
-ال تســكت عــى األداء املتــدين :ال يعــرف املديــرون
كيــف يترصفــون إزاء األداء املتــدين فمنهــم مــن يواجهــه بالعنــف
والترسيــح ،ومنهــم مــن يواجهــه بالســكوت والصمــت وكالمهــا
خطــأ ال تنظــر إىل األداء املتــدين وكأنــه يســتدعي رد فعــل عنيفــ ًا،
كثــر ًا مــا يكــون اإلفصــاح عــن وجهــة نظــرك واملطالبــة الشــفوية
للموظــف بالتغيــر أفضــل تــرف.
-توســع يف املكافــآت :خيطــئ املدير الــذي يعتقــد أن املكافآت
تكاليــف فهــي اســتثامرات ألهنــا تعــود عــى املوظفــن عــى إنجــاز
مــا يتجــاوز قــدرات املوظــف العــادي .تســتطيع باملكافــآت أن
حتــول موظفيــك العاديــن إىل خارقــن.
-كــن قــدوة ملوظفيــك :يعــظ كثــر مــن املديرين مرؤوســيهم
أن يفوضــوا بعــض مهامهــم وســلطاهتم ملــن هــم دوهنــم يف املنصب
وينســون أنفســهم .إذا وجــدت بعــض مديريــك حيجمــون عــن
مشــاركة مرؤوســيهم وزمالئهــم اختــاذ القــرارات أو املعلومــات
فألــق نظــرة عــى مــا تفعلــه أنــت مــن املحتمــل أنــك أنــت
40
أدوار اإلدارة ومسؤولياهتا
الــذي تــرب هلــم املثــل يف االســتئثار بصناعــة القــرار أو إخفاء
املعلومات.
41
القيادة واحلب
القيادة واحلب
42
القيادة واحلب
إنــه ليــس الســعي وراء إرضــاء الــذات (اإليثــار) ،إنــه ليــس تذكــر
اإلســاءة (الصفــح) ،احلــب هــو احلقيقــة (الصــدق) ،إنــه محــل كل
يشء وحتمــل كل يشء وهــو ال خيفــق أبــدا (االلتــزام) ..
بالتــايل يمكــن أن تكــون نقــاط االلتقــاء بــن القيــادة وبــن
احلــب ( قيــم احلــب احلقيقيــة ) فيــا يــي :
-القيادة تتطلب الصرب :
إهنــا ليســت صفــة مهمــة للقائــد فحســب بــل صفــة أساســية؛
ألن الصــر والتحكــم يف الــذات مهــا حجــر الزاويــة للشــخصية
وبالتــايل القيــادة .والتحكــم يف الــذات يمكــن وصفــه بشــكل
أدق بعبــارة ( التحكــم يف األهــواء ) ،بــدون التحكــم يف الرغبــات
والنــزوات والشــهوات واألهــواء الرئيســية األخــرى ؛ يتالشــى كل
أمــل لنــا يف التــرف باســتقامة وخلــق يف املواقــف الصعبــة ،حيث
جيــب أن ننمــي عــادة االســتجابة مــن منطلــق املبــادئ وليــس مــن
منطلــق األهــواء والنــزوات ؛ حتــى نصبــح قــادة ناجحــن وفاعلني.
الصــر والتحكــم يف الــذات كالمهــا يتعلــق بالثبــات واالتســاق يف
احلالــة املزاجيــة واألفعــال والترصفــات ..هــل أنــت شــخص آمــن
؟ هــل مــن الســهل التواجــد معــك ؟ هــل مــن املمكــن التقــرب
إليــك ؟ هــل يمكنــك التعامــل مــع الــرأي املناقــض لرأيــك ؟ مثــل
هــذه األســئلة بحاجــة أن نوجههــا ألنفســنا بشــكل مســتمر ،فربــا
مــع مضينــا لوقــت طويــل يف القيــادة ننســى مثــل هــذه األســئلة
،أو ربــا قــد نضــل الطريــق وينفــذ صربنــا ،فنجــد أنفســنا بتنــا
43
القيادة واحلب
ال نتحمــل وقــوع األخطــاء ،وال اآلراء املختلفــة عنــا ،واألخطــر
مــن ذلــك أن يصبــح مــن يعمــل معنــا جيــد مشــقة إضافيــة بحكــم
أنــه يعمــل معنــا .الصــر قيمــة عظيمــة مــن خالهلــا نســتطيع
كســب كل النــاس ،حيــث يتفــق اجلميــع عــى أن التعامــل مــع
اإلنســان الصبــور يتيــح أفــق واســع مــن العالقــة مــن التعامــل مــع
الشــخصية رسيعــة الضجــر والعصبيــة .
-القيادة تتطلب الكرم :
وهــو منــح االنتبــاه والتقديــر والتشــجيع للموظفــن وإظهــار
اللطــف يف التعامــل معهــم ،الكــرم هــو تــرف ينــم عــن احلــب
ألنــه يتطلــب منــا مــد يــد العــون لآلخريــن وحتــى لألشــخاص
الذيــن قــد ال نحبهــم أو ال نعجــب هبــم ؛ والكــرم واللطــف
يتعلقــان باألشــياء التــي تســاعد العالقــات عــى املــي بسالســة
وانســيابية ؛ وإن كانــت أشــياء صغــرة تشــعر النــاس باالرتيــاح
أشــياء صغــرة مــن قبيــل قــول :مــن فضلــك ؛ أشــكرك ؛ أعتــذر
لــك ..الــخ .وكذلــك يظهــر الكــرم يف ترصفــات أعــى وأكثــر
ســمو ًا كالتحفيــز املســتمر مــن خــال التكريــم أمــام فريــق العمــل
،البشاشــة والعطــاء املعنــوي واملــادي .
إن القائــد الكريــم ال تثنيــه أي خمــاوف مــن منــح العاملــن معــه
الدعــم املعنــوي واملــادي ،وهــو يــرى ذلــك ســلوك ًا رضوريــا
الســتمرار التأثــر هبــم ،بينــا القائــد البخيــل يشــعر أن العطــاء
قــد حيملــه مســؤولية مــا جتــاه املوظفــن أو قــد يقلــل مــن صورتــه
44
القيادة واحلب
أو قــد يمنــح ألشــخاص ال يســتحقونه ،بغــض النظــر فــإن الكــرم
يقــرن بشــكل حمــوري مــع القيــادة باعتبــار أن القيــادة عطــاء وأن
العطــاء ال يتقنــه إال األشــخاص الكرمــاء .
-القيادة تتطلب التواضع :
ويتمثــل يف عــدم الفخــر أو الكربيــاء أو العجرفــة أو حــب
الظهــور والتــرف بشــكل حقيقــي ال زيــف فيــه ..إن التواضــع
ال يعنــي املذلــة والســلبية وحمــو الــذات ؛ فاملتواضعــون يمكــن أن
يكونــوا يف شــجاعة األســود عندمــا يتعلــق األمــر بالقيــم واألخالق
وفعــل الــيء الصحيــح ،ويمكــن أن يكونــوا يف رضاوة الذئــاب
عندمــا يتطلــب األمــر احلفــاظ عــى الرتكيز مــن أجــل إنجــاز املهمة
وحتقيــق األهــداف وجعــل املوظفــن يشــعرون باملســؤولية ،القــادة
املتواضعــون هــم هــؤالء الذيــن كفــوا ببســاطة عــن خــداع أنفســهم
بشــأن حقيقــة ذواهتــم ،فعندهــم احلــاس واالســتعداد لإلنصــات
إىل آراء اآلخريــن املضــادة ،وعندهــم القناعــة الناضجــة بأهنــم ال
يمتلكــون كل األجوبــة واحللــول ،وال يشــعرون باالنزعــاج بســبب
هــذا ،ويتعايشــون معــه بارتيــاح تــام بــل وعندهــم االســتعداد التام
لالعــراف بالضعــف أو اخلطــأ .إهنــم ال يعانــون مــن تضخــم األنــا
،وال يعتقــدون بأهنــم فــوق القصــور اإلنســاين ،كــا أهنــم يتفهمون
احتياجاهتــم وال ينزعجــون مــن إبدائهــا .يؤمنــون بالتعــاون ،
ويقــدرون دور حتــى أصغــر موظــف يف املنظمــة ،وتالحظهــم دائــا
يســعون لالســتفادة مــن خــرات مجيــع املوظفــن .
45
القيادة واحلب
إن قيمــة التواضــع ختلــق يف املؤسســة جــو االحــرام املتبــادل ،
وترفــع كفــاءة األداء والقــدرة عــى تناقــل املعرفــة واخلــرة ،ومتــى
مــا كانــت هــذه القيمــة مقــدرة عنــد رأس اهلــرم فــإن جــوا مــن
التواضــع ســيعم املؤسســة ،وســتذوب العديــد مــن اخلالفــات
والصدامــات الناجتــة عــن االعتــداد بالــذات واحتقــار اآلخريــن .
-القيادة تتطلب االحرتام :
واالحــرام هــو معاملــة النــاس باعتبــار أهنــم مهمــون .كثــر من
القــادة يروهنــم املوظفــن مــن حوهلــم وهــم حيرتمــون الشــخصيات
املهمــة وأصحــاب النفــوذ ..لكــن مــاذا عــن صغــار الشــأن أو
املزعجــن مــن املوظفــن ؟ هــل ينالــون نفــس االحــرام ؟..
إن االحــرام حــق للجميــع حيــث ال يوجــد أشــخاص ال قيمــة
هلــم قــد يوجــد أشــخاص لدهيــم مشــكالت ســلوكية فحســب
..هــذا صحيــح ؛ ومخــن مــاذا ؟ إننــي أنــا وأنت ومجيــع النــاس لدينا
مشــكالت ســلوكية أيضــا ..ومــن يظــن أن ليــس لديــه مشــكالت
ســلوكية عليــه العمــل عــى تصحيحهــا وحتســينها فليضــع شــعار
الغــرور والعجرفــة عــى رأســه .لذلــك ليــس هنــاك أي مــرر
ســليم جيعلنــا نحــرم أي موظــف مــن احرتامنــا لــه .كــا أن تقديــر
آراء املوظفــن حتــى ولــو كانــت قليلــة اخلــرة أو بعيــدة عــن إدراك
مــا يــدور يف أعــى الســلم القيــادي مــن أهــم أشــكال االحــرام ،
ال يمكــن تصــور األرضار الناجتــة عــن تقليــل شــأن املوظــف أو
عــدم االكــراث برأيــه ومقرتحاتــه ،فهــذا أحــد أكثــر األســباب
46
القيادة واحلب
شــيوعا لضعــف االنتــاء الوظيفــي ،وبالتــايل ضعــف الــروح
املعنويــة لــأداء .كــا يلعــب التشــجيع واالعتــزاز باإلنجــازات
دورا مهــا يف ترســيخ ثقافــة االحــرام ،فاالحــرام يشــمل أيضــ ًا
تقديــر جهــود املوظفــن وتعزيزهــا حتــى ننتقــل للمرحلــة العليــا
مــن إحــدى أهــم الطــرق واألســاليب التــي يســتخدمها القائــد ملنح
االحــرام للموظــف وهــي منــح الثقــة والتفويــض للمســؤوليات
حتــى يتمكــن املوظــف مــن النمــو والتطــور املهنــي وحتقيــق
اإلنجــازات لــه وللمؤسســة وبشــكل عــام .
-القيادة تتطلب اإليثار :
ونعنــي بــه تلبيــة احتياجات اآلخريــن .إنــه عندما خيتــار أحدهم
أن يكــون قائــدا فعليــه أن يلبــي احتياجــات أتباعــه قبــل احتياجاتــه
الشــخصية ألن القيــادة ماهــي إال قــرار بالعمــل خلدمــة اآلخريــن
،حيــث تصبــح فكــرة أن اجلميــع جيــب أن يكونــوا يف خدمتــي
فكــرة باليــة يف عــر إداري ووظيفــي مــيء بالتعقيــد .إن املوظفــن
يشــعرون دومــا باالمتنــان والرغبــة يف املزيــد مــن اإلنجــاز والعمــل
عندمــا يشــعرون بالديــن لقائدهــم ،وهــذا الديــن ال يكــون إال إذا
كان القائــد يتحــى باإليثــار ،عندمــا يقدمهــم لالمتيــازات قبــل أن
يقــدم نفســه أليهــا ،وحيــرص عــى حصوهلــم عــى حقوقهــم بالقــدر
الــذي حيــرص فيــه حصولــه عــى حقوقــه .عندمــا يتجــرد مــن
األنانيــة وحــب النفــس ،إىل حــب اخلــر لآلخريــن بقــدر مــا حيبــه
لنفســه .
47
القيادة واحلب
-القيادة تتطلب الصفح :
ونعنــي بــه جتــاوز الغضــب واحلقــد والضغينــة .ومهــارة
الصفــح مــن أهــم وأشــد املهــارات رضورة للقائــد .ألنــك عندمــا
تكــون القائــد فــإن النــاس مــن حولــك ســرتكبون األخطــاء إمــا
بقصــد أو غــر قصــد ،وســوف جيرحونــك وحيرجونــك ،ســوف
خيذلونــك يف بعــض املواقــف ،والعديــد منهــم لــن يبذلــوا املجهــود
الــذي كنــت تتوقعــه منهــم ،والبعــض سيفشــلون يف االســتجابة
جلميــع اجلهــود التــي بذلتهــا ،وهنــاك مــن ســيحاول اســتغاللك
..وهلــذا مــن الــروري أن يكتســب القائــد مهــارة ( عــادة ) تقبــل
القيــود التــي تقيــد املوظفــن ،والقــدرة عــى حتمــل عــدم االتقــان
وجتــاوز الغضــب واالســتياء واالزدراء واحلقــد ..
وجتــاوز الغضــب ال يعنــي الســلبية ،أو أن تكــون ممســحة أقــدام
العــامل ،جتــاوز احلقــد ال يعنــي تــرك النــاس يفلتــون بســلوكاهتم
الســيئة .إن الصفــح يعنــي أن تذهــب ملثــل هــؤالء النــاس
والتواصــل معهــم بحســم بشــأن الكيفيــة التــي تأثــر هبــا العمــل
بــا فعلــوه ،والتعامــل مــع املشــكلة ثــم جتــاوز أي حقــد أو ضغينــة
متبقيــة مــن املوقــف ،وكــا هــي العبــارة الشــهرية (( إنــك حتمــل
هلــم الضغائن وهــم ال يشــعرون بــأي يشء ويســتمتعون بحياهتم)).
48
القيادة واحلب
-القيادة تتطلب الصدق :
وهــو غيــاب الغــش واخلــداع وصفــة الصــدق مــن أكثــر
الصفــات التــي يرغبهــا النــاس يف قادهتــم بحســب العديــد مــن
الدراســات واســتطالعات الــرأي ..حيــث أن الصــدق هــو اجلــر
الــذي يصــل الثقــة بــن طــريف االتصــال ،وبدونــه تنعــدم الثقــة ؛
وبالتــايل تفقــد بيئــة العمــل التواصــل بــن أفرادهــا .ومــن املظاهــر
املهمــة للصــدق عنــد القائــد؛ أن يكــون صادقــا يف التزاماتــه التــي
قطعهــا للموظفــن ســواء فيــا يتعلــق باحلوافــز أو العقوبــات ،إذ
أن الفشــل يف معاقبــة املوظــف املهمــل واملســتهرت وجعــل املؤسســة
تبــدو وكأهنــا يف أحســن حــال يعــد مــن الغــش واخلــداع فالقائــد
الصــادق يواجــه نقــاط الضعــف بــكل رصاحــة ومكاشــفة دون
دس رأســه حتــت الرمــال .ويتحــرى القائــد الصــادق احلقيقــة،
وال ينســاق وراء الشــائعات أو القيــل والقــال ،كــا أنــه صــادق يف
املشــاعر التــي يبــوح هبــا وال يقبــل التمثيــل أو التزييــف أو النفــاق
.إن القائــد الــذي يثنــي عــى موظــف مــا عندمــا يواجهــه وإذا أدار
ظهــره لــه يبــدأ بنعتــه بأوصــاف ســيئة .لــن يســتطيع بعــد ذلــك أي
شــخص يف املؤسســة أن يصدقــه ،ولــن تنهــار مصداقيتــه فحســب ،
بــل ســيفقد احرتامــه يف نظــر اجلميــع ،ولنــا أن نتخيــل تأثــر قائــد
ليــس لــه احــرام يف نظــر املوظفــن ! إن غيــاب مصداقيــة القائــد
تعنــي بالــرورة غيــاب تأثــره وغيــاب حضــوره يف وجــدان
العاملــن .
49
القيادة واحلب
هــذه القيــم الســبعة إحــدى أهــم القيــم املعــرة عــن احلــب
،إهنــا مهمــة ورضوريــة بالرغــم أهنــا يف أذهاننــا أبعــد مــا تكــون
عــن مفهومنــا البســيط للحــب مــن املنظــور العاطفــي الوجــداين
الســطحي ،لكــن ترمجــة احلــب احلقيقيــة تــرز مــن خالل التمســك
هبــذه القيــم ملــن نتعامــل معهــم ،فضـ ً
ا عمــن نقودهــم ويعملــون
ضمــن مســؤوليتنا .فهــؤالء حيتاجــون منــا ملفهــوم القيــادة باحلــب
بــا حيتويــه مــن الصــر والكــرم واإليثــار والتواضــع واالحــرام
والصفــح والصــدق .هــذه القيــم الســبعة كفيلــة بنجــاح القيــادة
ونجــاح تأثريهــا املمتــد يف نفــوس املوظفــن .
50
القيادة الفاعلة
القيادة الفاعلة
51
القيادة الفاعلة
يف هــذا الصــدد قــدم عــامل اإلدارة الشــهري بيــر داركــر نموذجـ ًا
للقيــادة الفاعلــة يف مقالــة بعنــوان « مــا الــذي يصنــع مديــر ًا فاعـ ً
ا
؟ « حيــث رأى أنــه ال يشــرط أن يكــون املديــر الفاعــل قائــد ًا
باملعنــى الــذي يشــيع فيــه اســتخدام هــذا املصطلــح حاليـ ًا .فمثـ ً
ا
مل يكــن الرئيــس األمريكــي الثالــث والثالثــون هــاري ترومــان
يتمتــع باجلاذبيــة املطلوبــة ،لكنــه كان مــن بــن الرؤســاء التنفيذيــن
األكثــر تأثــر ًا يف التاريــخ األمريكــي .وباملثــل هنــاك بعــض رؤســاء
الــركات واملنظــات غــر الربحيــة الذيــن ال يمثلــون الصــورة
النمطيــة للقــادة كانــوا مــن أفضــل الرؤســاء وحققــوا نتائــج
وإنجــازات عظيمــة .
يضــع داركــر نموذجــه القيــادي لصناعــة القــادة الفاعلــن
ضمــن ثامنيــة أســاليب ،ويف حــال اتبــاع هــذه األســاليب الثامنيــة
فهنــاك ضــان لتحقيــق النتائــج والفعاليــة يف القيــادة ،فالقــادة
الفاعلــن يتبعــون مــا يــي :
-1يســألون يف بدايــة األمــر ( مــا الذي جيــب فعلــه ؟) ويتضمن
جــواب هــذا الســؤال دائـ ًا أكثــر مــن مهمــة عاجلــة واحــدة .لكــن
القــادة الفاعلــن ال يشــتتون جهودهــم ،بــل يركــزون عــى مهمــة
واحــدة قــدر اإلمــكان ،فــا يوجــد قائــد ًا فعــاالً يقــوم بمهمتــن يف
وقــت واحــد .لــذا ينتقــل القائــد الناجــح بعــد طــرح ســؤال مــا
الــذي جيــب عملــه ،إىل حتديــد األولويــات وااللتــزام هبــا .قــد
تكــون املهمــة األوىل إعــادة رؤيــة ورســالة املؤسســة ،أو حتديــد
52
القيادة الفاعلة
عالقــة املؤسســة باملجتمــع ،أو توزيــع األعــال بشــكل ســليم .
فعندمــا حتــدد املهمــة ذات األولويــة األوىل جيــب تأجيــل املهــام
األخــرى مهــا كانــت ملحــة .ثــم يعيــد القائــد بعــد إمتامهــا
وضــع األولويــات مــن جديــد بــدالً مــن االنتقــال إىل األولويــة
الثانيــة يف القائمــة الســابقة .وعندهــا يســأل مــرة أخــرى :مــا
الــذي جيــب عملــه اآلن ؟ وهــذا الســؤال يــؤدي عــادة إىل وضــع
أولويــات جديــدة وخمتلفــة .لقــد ســأل هــذا الســؤال أحــد أهــم
القيــادات التنفيذيــة يف عــامل األعــال والصناعــة وهــو الرئيــس
التنفيــذي جلنــرال الكرتيــك ( جــاك ويلــش ) فبعــد ـــوليه رئاســتها
مبــارشة ســأل ذات الســؤال .وكانــت اإلجابــة أنــه أدرك أن إيقــاف
الــركات التابعــة للرشكــة األم التــي مل تصــل إىل املرتبــة األوىل أو
الثانيــة يف جماهلــا بــات رضوريـ ًا ،وليــس التوســع اخلارجــي الــذي
أرادت الرشكــة إطالقــه ،وبعــد أن تعــرف مــا الــذي جيــب عملــه،
حــدد املهــام التــي جتيدهــا الرشكــة مركــز ًا عــى واحــدة منهــا يف
كل مــرة ،وبعــد إمتــام مهمــة مــا ،أعــد ترتيــب األولويــات وفق ـ ًا
للمعطيــات اجلديــدة
-2يســألون مــا الــذي يناســب املــروع ؟ :ويعتمــد هــذا
األســلوب عــى قــدرة القائــد عــى الرتكيــز يف حتقيــق اهلــدف
الرئيــي مــن املــروع .دون التشــتت يف حمــاوالت إلرضــاء
أطــراف ومراكــز قــوى يف املؤسســة .فــا ســيكون نافع ـ ًا وصاحل ـ ًا
لنجــاح املــروع ســيؤدي يف النهايــة إىل أن يكــون مناســب ًا للجميــع
53
القيادة الفاعلة
سواء اإلدارة العليا ،أو املستفيدين ،أو املوظفني .
-3يضعــون خطــط عمــل ناجحــة :يمثــل األســلوب األول
والثــاين مرحلــة مجــع املعلومــات واكتــال املعرفــة لــدى القائــد ،
فيــا يريــد عملــه ،وفيــا هــو مناســب للمــروع الــذي يقــوم بــه
.يــأيت بعــد ذلــك وقــت التنفيــذ ،وهنــا البــد مــن إعــداد خطــط
جيــدة مبنيــة عــى املعرفــة الســابقة ،بحيــث تتضمــن هــذه اخلطــط
حتديــد النتائــج املطلوبــة بدقــة ،وتبــن كيفيــة التعامــل مــع القيــود
والعقبــات ،وجتيــب عــى األســئلة التاليــة :هــل مســار العمــل
قانــوين ؟ هــل العمــل مطابــق لرؤيــة املؤسســة وقيمهــا وسياســاهتا
؟ .كــا ينبغــي أن توضــح اخلطــة كيفيــة قضــاء وقــت القائــد
وجــداول االجتامعــات والتغذيــة الراجعــة ،وحتديــد الفــرص
اجليــدة واســتثامرها االســتثامر األمثــل .واخلطــة بالنســبة للقــادة
الفاعلــن تعــد بيــان نوايــا أكثــر مــن كوهنــا التزامــا ً،وجيــب أال
تتحــول إىل قيــد بــل جيــب تعديلهــا مــن حــن إىل آخــر ألن كل
نجــاح يولــد فرصـ ًا جديــدة .وكذلــك احلــال مــع الفشــل .يضــاف
إىل ذلــك أن عــى خطــة العمــل أن توجــد نظامـ ًا للتأكــد أن النتائــج
قــد حتققــت بمقارنتهــا باألهــداف .
-4يتحملــون مســؤولية اختــاذ القــرارات :حيــث ال يعــد
القــرار نافــذ ًا حتــى يعــرف النــاس اســم الشــخص املســؤول عــن
تنفيــذه -املوعــد النهائــي للتنفيــذ -حتديــد الفئــة التــي ســتتأثر
بــه وأولئــك الذيــن جيــب أن يعرفــوه ويفهمــوه ويقــروه -كذلــك
54
القيادة الفاعلة
أسامء األشخاص الذين يتعني إبالغهم بالقرار .
-5حتمــل مســؤولية التواصــل واالتصــال :وذلــك يتعلــق
بــإرشاك اآلخريــن يف صياغــة األهــداف وبنــاء اخلطــة .وهنــا نشــر
إىل أمهيــة إجيــاد شــبكة مــن التواصــل تضمــن توفــر املعلومــات
جلميــع املوظفــن حيــث يشــر شيســر برنــارد يف كتابــه ( وظائــف
املديــر ) 1938م « أن مــا يبقــي الــركات متامســكة ليــس امللكيــة
أو الســيطرة بــل املعلومــات».
-6يركــزون عــى الفــرص ال عــى املشــكالت :والصحيــح
أنــه جيــب االهتــام باملشــكالت وعــدم جتاهلهــا لكــن حــل
املشــكالت عــى الرغــم مــن أمهيتــه ال يــؤدي إىل نتائــج بــل
يمنــع الــرر فحســب ،يف حــن يــؤدي اســتثامر الفــرص إىل
النتائــج واملخرجــات املرجــوة .وكثــر ًا مــا يغــرق القــادة يف حــل
املشــكالت وينشــغلون عــن اســتثامر الفــرص ويتحــول عملهــم إىل
اإلدارة بالطــوارئ ممــا جيعلهــم خيــرون املنافســة ،يف ظــل تســارع
املتغــرات مــن حوهلــم .
يديــرون اجتامعــات منتجــة :بحيــث يضمنــون أن تكــون
اجتامعاهتــم اجتامعــات عمــل ،وليــس جمــرد لقــاءات ثرثــرة ! ويف
هــذا الصــدد جيــب حتديــد نــوع االجتــاع مســبق ًا وكذلــك آليتــه ،
ووســائل املشــاركة فيــه ،وحتديــد زمــن العــروض حتديــدا ً دقيق ـ ًا
وصارمــ ًا ويف النهايــة حتويــل نتائــج االجتــاع إىل أهــداف وخطــة
واضحــة للتطبيــق .
55
القيادة الفاعلة
-8يفكــرون ويترصفــون بــروح ( نحــن ) وليــس ( أنــا ) :
ويف هــذه املامرســة يكــون القــادة الفاعلــن مقتنعــون بــأن لدهيــم
مســؤولية حتميــة يمكــن التشــارك فيهــا أو تفويضهــا ،وهــم
يدركــون أهنــم يمتلكــون الســلطة فقــط ألن املؤسســة تثــق هبــم ،
فهــم يعملــون وفــق رؤيــة مشــركة وحتديــد مصــر مشــرك بمــن
فيهــم أقــل العاملــن تأثــر ًا يف املؤسســة .
ختامـ ًا خيتلــف القــادة الفاعلــن كثــر ًا يف مســؤولياهتم وجوانــب
قوهتــم ،وجوانــب ضعفهــم ،وقيمهــم ،ومعتقداهتــم ،والــيء
الوحيــد املشــرك بينهــم أهنــم ينجــزون األشــياء الصحيحــة ،
فبعضهــم يولــد قــادة فاعلــن ،لكــن متطلبــات القيــادة كثــرة
واملوهبــة وحدهــا ال تكفــي ،والفاعليــة فــرع مــن فــروع املعرفــة
وهــي مثــل أي معرفــة أخــرى يمكــن تعلمهــا ،بــل جيــب تعلمهــا .
56
أبعاد القيادة األكثر تأثري ًا
57
أبعاد القيادة األكثر تأثري ًا
األول باحتياجــات العاملــن .وقــد خلصــت النتائــج إىل أن اإلنتــاج
كان يف مســتوياته املنخفضــة عنــد املرشفــن الذيــن يركــزون عــى
اإلنتــاج بينــا ترتفــع اإلنتاجيــة عنــد املرشفــن الذيــن يركــزون
عــى العاملــن .وعنــد تفســر هــذه النتائــج مــن املمكــن أن نقــول
إن أســلوب اإلرشاف هــو نتيجــة وليــس ســبب ًا الرتفــاع اإلنتاجيــة
وبعبــارة أخــرى يمكننــا القــول إنــه عندمــا يكــون هنــاك قســم يقوم
بعملــه عــى نحــو جيــد فــإن املــرف يمكــن أن يســرخي قلي ـ ً
ا
ويبــدأ يف الرتكيــز عــى العالقــات اإلنســانية ولكــن عندمــا تكــون
املجموعــة أقــل كفــاءة يف العمــل فــإن الضغــط عــى املــرف جيعلــه
أكثــر اهتامم ـ ًا بتحقيــق النتائــج.
ومــن بــن نقــاط الضعــف يف هــذه الدراســات التــي لوحظــت
يف وقــت مبكــر هــو ذلــك التقســيم املصطنــع نوع ـ ًا مــا للقــادة إىل
قــادة يركــزون عــى املوظفــن وآخريــن عــى اإلنتــاج فمث ـ ً
ا رغــم
أن هنــاك دراســة أجريــت يف أحــد مصانــع اجلــرارات أوضحــت أن
املرشفــن الذيــن حيققــون إنتاجيــة عاليــة كانــوا هــم األكثــر مهــارة
يف إشــباع حاجــة مرؤوســيهم للمعلومــات والدعــم إال أن هــؤالء
املرشفــن مل يكونــوا أقــل اهتامم ـ ًا باملحافظــة عــى املســتوى املرتفــع
لإلنتــاج .ولذلــك يــرى عــدد مــن الباحثــن ( بــاك وموتــون ،
1964م) أن هنــاك حاجــة الســتبدال التصنيــف الــذي يقســم
املرشفــن إىل مرشفــن يركــزون عــى املوظفــن ومرشفــن يركــزون
58
أبعاد القيادة األكثر تأثري ًا
عــى اإلنتــاج بتصنيــف آخــر مــن مخــس فئــات كالتــايل ( ســادلر
2008 ،م):
-1أقــى درجــة مــن االهتــام باإلنتــاج وأقــل درجــة مــن
االهتــام باملوظفــن.
-2أقــل درجــة مــن االهتــام باإلنتــاج وأقــى درجــة مــن
االهتــام باملوظفــن.
-3درجــة متوســطة مــن االهتــام باإلنتــاج ودرجــة متوســطة
مــن االهتــام باملوظفــن.
-4أقــل درجــة مــن االهتــام باإلنتــاج وأقــل درجــة مــن
االهتــام باملوظفــن.
-5أقــى درجــة مــن االهتــام باإلنتــاج وأقــى درجــة مــن
االهتــام باملوظفــن.
اتفقــت هــذه الفئــات مــع نظريــة ريــدن رباعيــة األبعــاد( ريــدن
1970،م) حيــث اعتمــدت عــى مدخــل يســتخدم عنرصيــن
أساســيني مــن عنــارص دور القيــادة كنقطــة بدايــة لــه ويطلــق
ريــدن عــى هذيــن العنرصيــن اســم ( القيــادة املوجهــة نحــو املهــام
والقيــادة املوجهــة نحــو العالقــات ) ويســتخلص مــن النظريــة
أربعــة أســاليب لــإدارة :
-1اإلدارة التــي تركــز عاليــ ًا عــى املهــام وتركيــز ًا منخفضــ ًا
عــى العالقــات.
-2اإلدارة التــي تركــز عاليـ ًا عــى العالقــات وتركيــز ًا منخفض ًا
59
أبعاد القيادة األكثر تأثري ًا
باملهام.
-3اإلدارة التــي تركــز تركيــز ًا منخفضــ ًا عــى املهــام
و ا لعال قــا ت .
-4اإلدارة التي تركز عالي ًا عىل اجلانبني.
ويذكــر ( ســادلر 2008،م) أنــه ال يوجــد أســلوب مــن هــذه
األســاليب يمكــن أن نقــول إنــه بالــرورة أفضــل مــن األســاليب
األخــرى وأكثــر فعاليــة فــكل أســلوب مــن هــذه األســاليب يمكــن
أن يكــون عــى نفــس القــدر مــن الفاعليــة والنجــاح وذلــك حســب
املوقــف الــذي يســتخدم فيــه وعندمــا تســتخدم هــذه األســاليب
بفعاليــة ونجــاح يمكــن أن نطلــق عليهــا بالرتتيــب األســاء التاليــة :
-1األسلوب األتوقراطي املصلح.
-2األسلوب املطور.
-3األسلوب البريوقراطي.
-4األسلوب التنفيذي.
أمــا عندمــا تســتخدم بشــكل يسء وغــر فعــال فإننــا يمكــن أن
نطلــق عليهــا حســب ترتيبهــا األســاء التاليــة:
-1األسلوب األتوقراطي.
-2األسلوب التبشريي.
-3أسلوب التهرب من املسؤولية.
-4أسلوب التهاون.
ويلخــص ريــدن أفضــل األســاليب للقيــادة اإلداريــة الناجحــة
60
أبعاد القيادة األكثر تأثري ًا
هــي تلــك القيــادة التــي تســتطيع تشــخيص املوقــف اإلداري
التشــخيص الدقيــق وبالتــايل يكــون لدهيــا املرونــة اجليــدة الختيــار
األســلوب املناســب لذلــك املوقــف مــن األســاليب األربعــة التــي
تطرحهــا النظريــة .كــا يذكــر ( ســادلر 2008،م) جهــود عــامل
اإلدارة ( ليكــرت1961 ،م) الــذي أجــرى العديــد مــن الدراســات
حــول مــدى فاعليــة ونجــاح القيــادة املوجهــة نحــو املهــام والقيــادة
املوجهــة نحــو األشــخاص وقــد اســتخدم مصطلــح « القيــادة التــي
تركــز عــى العمــل « و « القيــادة التــي تركزعــى العاملــن « حيــث
وجــد أن األقســام التــي تعمــل حتــت قيــادة مرشفــن يركــزون عــى
العمــل غالب ـ ًا تكــون كفاءهتــا يف العمــل منخفضــة.
وقــد ميــز أيضــ ًا بــن نوعــن مــن األســلوب األتوقراطــي يف
القيــادة األول هــو األســلوب الســلطوي املســتغل والثــاين هــو
أســلوب املســتبد العــادل الــذي يعمــل للصالــح العــام .والنــوع
األول جيعــل قنــوات االتصــال مقصــورة عــى القنــوات التــي تســر
فيهــا األوامــر مــن أعــى إىل أســفل فهــو يتخــذ كل القــرارات اهلامــة
دون استشــارة أحــد وحيافــظ عــى مســافة اجتامعيــة معقولــة بينــه
وبــن مرؤوســيه .أمــا النــوع الثــاين فهــو أكثــر ميـ ً
ا إىل االســتامع إىل
أفــكار مرؤوســيه ولكــن نظــر ًا إىل أهنــم يظلــون حمصوريــن دائـ ًا يف
مرحلــة األتبــاع فــإن املعلومــات واألفــكار التــي يمكــن أن تصعــد
مــن أســفل إىل أعــى تظــل مقصــورة عــى األشــياء التــي يريــد
القائــد أن يســمعها.
61
أبعاد القيادة األكثر تأثري ًا
إن التســاؤل الــذي يمكــن أن نخــرج بــه مــن هــذه الدراســات
املتنوعــة حــول القيــادة التــي تركــز عــى العمــل أو عــى املهــام أو
عــى النتائــج وبــن القيــادة التــي تركــز عــى العاملــن أو العالقــات
هــو أي األســلوبني أفضــل وأكثرمهــا نجاح ـ ًا وفاعليــة .واحلقيقــة
أنــه ســؤال تصعــب اإلجابــة عليــه فالدراســات املختلفــة قــد أتــت
بنتائــج خمتلفــة تؤكــد صحــة كال مــن وجهتــي النظــر .لكــن املؤكــد
أن جمموعــات العمــل املختلفــة حتتــاج إىل أســاليب خمتلفــة يف
القيــادة وبالتــايل ال يمكــن أن ينجــح القائــد إذا ركــز عــى العالقات
والعاملــن وأمهــل العمــل واإلنتــاج ،وكذلــك لــن ينجــح يف حــال
أمهــل العالقــات والعاملــن وركــز عــى العمــل واإلنتــاج .حيــث
يمكــن أن نصــل حلقيقــة جوهريــة يف هنايــة هــذا املقــال بــأن عــى
القائــد أن يــويل كال مــن العاملــن والعمــل ذات االهتــام والرتكيــز
ممــا يــؤدي لبيئــة عمــل حمببــة وجاذبــة وإنجــاز قــوي ونتائــج جيــدة
تطابــق األهــداف املحــددة ســلف ًا.
62
العالقة الناجحة بني الرئيس واملرؤوس
63
العالقة الناجحة بني الرئيس واملرؤوس
أن املديــر الــذي يســمح بروابــط شــخصية قويــة مــع املرؤوســن
ظن ـ ًا منــه أن ذلــك خيــدم العمــل فســوف يعــاين يف عملــه كمديــر
معانــاة ال مثيــل هلــا .ولــن يكــون قــادر ًا عــى اختــاذ القــرارات
الصعبــة والرضوريــة بخصــوص األفــراد أو تقييــم األفــراد بصــورة
دقيقــة وتقديــم التغذيــة الراجعــة النقديــة واملفيــدة .إن حاولــت أن
تبقــى عــى وفــاق مــع اجلميــع فســوف تقــع يف اســتثناءات ألفــراد
يراهــا آخــرون غــر مســتحقة أو غــر منصفــة .العالقــات التــي
تكــون شــخصية بشــكل أســايس ال تعــود إال باإلحبــاط لألفــراد
عــى املــدى البعيــد وجتعلــك أقــل فاعليــة.
ومــن أجــل اكتشــاف مــا إن كانــت العالقــة مــع موظفيكتتخطى
حــدود القــدرة عــى ضبــط العمــل .يمكــن أن تفكــر يف املوظفــن
واحــد ًا واحــد ًا وتســاءل :إن تدهــور أداؤه ومل يتحســن فهــل
ســأكون قــادر ًا عــى اســتبعاده مــن الفريــق؟ إن ارتكــب أخطــاء
كبــرة متكــررة رغــم التدريــب اجليــد الــذي تلقــاه فهــل ســأقلص
مســؤولياته أم هــل ســأخربه بأنــه لــن حيصــل عــى املزيــد؟ إذا كنــت
مــردد ًا يف ضبــط أو عقوبــة شــخص بســبب اخلــوف عــى عالقتكــا
فــإن هــذه العالقــة ســوف متنعــك مــن القيــام بوظيفتــك كرئيــس
للعمــل؟
وهنــا يمكــن تفنيــد األســباب التــي جتعــل الصداقــة والرئاســة
ال تتوافقــان يف معظــم األحــوال:
64
العالقة الناجحة بني الرئيس واملرؤوس
-الصداقــة كمفهــوم اجتامعــي ليســت قائمــة مــن أجــل غاية
أخــرى ،إنــا هــي متطلــب نفــي واجتامعــي باعتبــار أننــا خملوقــات
اجتامعيــة .أمــا العالقــة بــن الرئيــس واملــرؤوس فأصــل هــذه
العالقــة قائــم عــى غايــة إنجــاز العمــل ،وعندمــا يــر املوظــف
عــى التقاعــس عــن إنجــاز العمــل فــإن هــذه العالقــة ال بــد أن
تتأثــر ســلبي ًا وربــا قــد تنتهــي.
األصدقــاء بطبيعــة احلــال جيمعهــم الشــعور بالتســاوي -
يف حميــط عالقتهــم ،لكــن الرؤســاء واملرؤوســن ليســوا متســاوون
داخــل املؤسســة ال يف املســؤوليات وال يف الصالحيــات .حتــى لــو
حافــظ الرئيــس عــى إخفــاء صالحياتــه وســلطته لكنــه ســيظل يف
حاجــة الســتخدامها أحيان ـ ًا عــى نحــو قــد ال يســعد مرؤوســيه،
وال يمكــن للعديــد مــن الصداقــات أن تنجــو يف مثــل هــذه
احلالــة مــن عــدم التســاوي.
-األصدقــاء ال يقيمــون بعضهــم وال حياولــون تغيــر
بعضهــم .وال يعلقــون صداقتهــم عــى هــذا التغيــر ،لكــن املديــر
اجليــد ال بــد لــه أن يقيــم أداء األفــراد وقدراهتــم بصــورة مســتمرة
ويضغــط عليهــم كــي يتغــروا ويتطــوروا ،وهــذا الضغــط النافــع
عــى حقيقتــه مهــم للغايــة وجــزء ال يمكــن حتاشــيه يف اإلدارة.
-واقعيـ ًا لــن تســتطيع أن جتعــل مــن مجيــع املوظفــن أصدقاء
لــك ،فــإن االســتلطاف وامليــل لبعضهــم ســيفوق البعــض اآلخــر
وســوف تتعاظــم روابطــك مــع عــدد منهــم دون اآلخــر ولــك أن
65
العالقة الناجحة بني الرئيس واملرؤوس
تتخيــل اخلــراب الــذي ســوف يعصــف بجهــودك إلدارة متوازنــة
لفريــق العمــل.
ا أو آجــ ً
ا ســيكون عليــك اختــاذ حتــت هــذه املســببات عاجــ ً
قــرارات أو إجــراءات ضــد شــخص يعمــل معــك تتطلــب نقــدا
أو شــكل مــن أشــكال العقوبــة أو التوجيــه الصــارم ،وبالنســبة
لشــخص كان يظــن نفســه صديقــا لــك ســتكون هــذه األفعــال
بالنســبة لــه كنــوع مــن اخليانــة وســوف تنهــي التــزام ذلــك
الشــخص بالعمــل.
هــل يعنــي ذلــك أن العالقــة بــن الرئيــس واملــرؤوس مبنيــة عىل
املصلحــة والتالعــب فيكــون اهتــام الرئيــس باملــرؤوس فقــط مــن
أجــل احلصــول عــى العمــل ،هــل هــذا شــكل آخــر مــن أشــكال
االســتغالل وإزاحــة العالقــات اإلنســانية أثنــاء العمــل؟
جييــب عــن هــذا عــامل اإلدارة االمريكــي د».كينــت ال ينبــاك
« أن العالقــة بــن الرئيــس واملــرؤوس جيــب أن ال تفقــد جانبهــا
اإلنســاين أبــد ًا وإن كانــت تركــز عــى مصلحــة العمــل ،حيــث
جيــب أن تكــون ركائزهــا االهتــام والدعــم للموظــف ،إهنــا أشــبه
بعالقــة املعلــم بطالبــه ،أو مــدرب فريــق كــرة القــدم بالالعبــن ،
فالقيــادة بشــكل عــام أقــرب هلــذه األنــواع مــن العالقــة والتــي ال
تتطلــب الصداقــة بــن الرئيــس واملــرؤوس ولكنهــا تتطلــب عالقــة
الدعــم واملــؤازرة واالهتــام ،فاملعلــم مطالــب بدعــم الطالــب
واالهتــام بــه ودفعــه للتطــور والتقــدم وتقييمــه والوقــوف عــى
66
العالقة الناجحة بني الرئيس واملرؤوس
أخطائــه يف التعلــم وكذلــك الــيء نفســه مــع مــدرب كــرة القــدم
،إنــه يدفــع الالعبــن ليقدمــوا املزيــد وال يتوانــى عــن الضغــط
عليهــم مــن أجــل حيــرزوا تقدمــ ًا ملموســ ًا يف مســتواهم حمفوفــ ًا
ذلــك باملحبــة واالحــرام واالهتــام.
إن طبيعــة عالقــة املديــر باملوظفــن تتمثــل بالــود واملراعــاة ،لكن
العالقــة ذاهتــا ليســت اهلــدف األســايس ،جيــب أن تكــون عالقــة
رصحيــة وإجيابيــة لكــن البــد فيهــا دائ ـ ًا بــيء مــن املســافة،خط
ال ينبغــي أبــد ًا جتــاوزه .إذا خلــق املديــر عالقــات هدفهــا الرئيــي
هــو ديمومــة العالقــة وليــس إنجــاز العمــل فهــو بذلــك خيلــق فخـ ًا
ســوف يبتلعــه عاج ـ ً
ا أو آجــا .
67
القيادة باالستبصار
القيادة باالستبصار
68
القيادة باالستبصار
املفاهيم احلديثة هلا .
لقــد جــاءت القيــادة و اإلدارة كعلــم لــه ابعــاده النظريــة
واملعرفيــة ليضــع بــن أيدينــا أســاليب مقرتحــة وجديــدة وهــي
أيضــا مدروســة وجمربــة .لكــن هــذه األطروحــات مجيعهــا تتالشــى
أمــام النســق الثقــايف املهيمــن عــى ثقافــة املجتمــع الشــعبية.
إن األنســاق االجتامعيــة تدخــل قاعــات الدراســة ،وتتحكــم
يف مكاتــب أعــى اهليئــات اإلداريــة .إننــا ننظــر لعلــم القيــادة -
واألرجــح كثــر مــن العلــوم -عــى أنــه يــراوح يف حركتــه بــن
النظريــة والتطبيــق ،واحلقيقــة أن العلــم النظــري للقيــادة هــو تطبيق
يف حــد ذاتــه وال يمكــن فصــل املامرســة عــن املعرفــة وال املعرفــة
عــن املامرســة .فاملعرفــة وحدهــا دون ممارســة تعنــي عــدم املعرفــة
بالــرورة ،ومهــا كانــت املعرفــة مدونــة وحــارضة وحمفوظــة عــن
ظهــر قلــب فإهنــا رسعــان مــا تتالشــى أمــام بيئــة ثقافيــة يســودها
فكــرة اهليمنــة ،والبحــث عــن املزيــد مــن الســلطة مــن أجــل فرض
الــرأي الواحــد والصــوت الواحــد والتــي نشــأت عــى األرجــح
بدايــة مــن حجــرة املنــزل وحتــى حجــرة الدراســة إىل حــوارات
املقاهــي واملناســبات االجتامعيــة العامــة .
يف البيئــة الســلطوية التــي تنــزع إىل فكــرة الفــرض والقــر
اإلداري والقهــر التنظيمــي ،نكــون بأمــس احلاجــة ملــا أســميه
-القيــادة باالســتبصار -وهــو مفهــوم يركــز عــى ذات القائــد
نفســه أكثــر مــن اهتاممــه بــأي بعــد آخــر مــن أبعــاد العمليــة القيادية
69
القيادة باالستبصار
التبص والبصرية؟
واإلدارية .يا ترى ما معنى ُّ
التمهــل واألنــاة يف تبــن األمــور وكشــفها،
ُّ التبــر :هــو
والســر يف عالجهــا عــى بصــرة ورشــد ،والتبــر هبــذا املعنــى هو
خ ُلــق حــث عليــه القــرآن ،وطلــب مــن املســلم أن يكــون صاحـ َ
ـب
تفكــر وتد ُّبــر ومتهــل ،وأال ت ُغــره املظاهــر ،بــل حيــاول أن يســتنبط
حقائــق األمــور ،ويســتدل بالعالمــات واإلرشــادات عــى النتائــج
والغايــات ،فيكــون لــه ذلــك مرشــدً ا هيديــه ،وقائــدً ا يقــود قلبــه
ـم َب َص ِائـ ُـر ِم ـ ْن وعقلــه إىل ســواء الســبيل؛ قــال تعــاىلَ ﴿ :قــدْ َجا َء ُكـ ْ
ِ ِ ِ ِ
ـمـي َف َع َل ْي َهــا َو َمــا َأ َنــا َع َل ْي ُكـ ْ ـم َف َم ـ ْن َأ ْبـ َ َ
ـر َفلنَ ْفســه َو َم ـ ْن َعمـ َ َر ِّب ُكـ ْ
ــوا إِ َذا ِ بِح ِف ٍ
أيضــا ﴿ :إِ َّن ا َّلذيــ َن ا َّت َق ْ يــظ ﴾ [األنعــام ،]104 :وقــال ً َ
ِ ِ ــف ِمــ َن َّــه ْم َط ِائ ٌ
ون ﴾ ــر َ ــم ُم ْب ُ َّــروا َفــإِ َذا ُه ْ الشــ ْي َطان ت ََذك ُ َم َّس ُ
[األعــراف]201 :
القيــادة باالســتبصار حالــة مــن التأمــل الداخــي والتتبــع
الزمنــي لســلوك القائــد نفســه بنفســه ،إهنــا حالــة مــن املراجعــة
الداخليــة الكاملــة واملمتــدة مــن املــايض وعــر احلــارض وصــوال
للســلوك اإلداري املنشــود مســتقبال .
وهــي ليســت مقصــورة عــى التأمــل يف املؤسســة أو أفرادهــا
بــل هــي ممتــدة للتفكــر املتكامــل حــول مفاهيــم أوســع وأشــمل
كحقــوق اإلنســان واحلريــة والعدالــة االجتامعيــة ،ومبــادى
اإلســام العظيمــة ،والقيــم الكــرى كالنزاهــة والصــدق واإلتقــان
يف العمــل .
70
القيادة باالستبصار
إهنــا أشــبه بعمليــة فلــرة فكريــة ونفســية مطولــة ليكــون القائــد
قــادرا عــى تطبيــق املامرســات احلقيقيــة حــول نظريــات اإلدارة
احلديثــة .ويف تصــوري أن القيــادة باالســتبصار تشــكل حالــة
مــن االســتعداد والتحليــل النفــي الداخــي الــذي يتأمــل بأبعــاد
املشــكالت االجتامعيــة والفكريــة ويضــع مــن خــال الفكــر
املتعمــق األســس واملبــادئ التــي يمكــن ان يقــال عنهــا عامليــة
والتــي هــي صاحلــة لــكل زمــان ومــكان ،كــا أهنــا ال تتغــر بتغــر
املواقــف واألشــخاص ،ومــن هنــا ينطلــق لبنــاء منظومــة فكريــة
ثقافيــة نفســية داخليــة تســاعده للبــدء يف تعلــم ومعــارف نظريــات
القيــادة واإلدارة احلديثــة .
خلفية القيادة باالستبصار :
الفكــرة األساســية يف هــذه النظريــة أن إدراك موضــوع مــا حيــدده
املجــال اإلدراكــي الــكيل الــذي يوجــد فيــه ،وأن الــكل ليــس جمــرد
جممــوع األجــزاء وأن اجلــزء يتحــدد بطبيعــة الــكل ،وأن األجــزاء
تتكامــل يف وحــدات كليــة (الزبــادي واخلطيــب. )49 ،1990 ،
النظريــة املجاليــة مأخــوذة عــن عــامل الفيزيــاء ليفــن ،وهــذا
املفهــوم (املجــال) بــدأ مــع ظهــور مدرســة اجلشــطالت ،ورغــم
انتامئــه ملدرســة اجلشــطالت يف بدايــة حياتــه العلميــة إال أن
نظريتــه ختتلــف عــن نظريــة اجلشــطالت ،حيــث ركــز ليفــن عــى
(احلاجــات ،اإلرادة ،الشــخصية ،العوامــل االجتامعيــة) يف الوقــت
الــذي تركــز فيــه اجلشــطالت عــى (اإلدراك ،التعلــم ،التكوينــات
71
القيادة باالستبصار
الفســيولوجية يف رشح اإلنســان) ويعتــر توجــه (ليفــن) يف علــم
النفــس توجه ـ ًا اجتامعي ـ ًا ،بــل قــال رصاحــة أن علــم النفــس هــو
علــم اجتامعــي ،وركــز يف عملــه هــو وأتباعــه عــى دراســة الســلوك
كدالــة للموقــف الفيزيقــي واالجتامعــي (ملحــم.)142 ،2001 ،
ويؤكــد (ليفــن) أمهيــة قــوى املجــال الديناميــة التــي تســهم يف
حتديــد الســلوك ويعــرف املجــال بأنــه نتــاج الوقائــع املوجــودة
معـ ًا والتــي تــدرك عــى أهنــا تعتمــد بعضهــا عــى البعــض اآلخــر .
لالســتبصار» قاعــدة أخــرى .ال تســبق العمــل فحســب ،بــل تليــه
أيضـ ًا ،قــد تســمى أيضـ ًا « باالختــار» فبعــد االنتهــاء مــن العمــل
بأكملــه ،ربــا ال تكــون هنــاك حلــول واضحة يف متنــاول اليــد .فامذا
بعــد ذلــك؟ دع األمــر جانبـ ًا لربهــة ،تــارك ًا العقــل الباطــن ،الــذي
هــو مصــدر اإلبــداع يقــوم بــدوره؛ فالتفكــر ضمــن العقــل الباطــن
ليــس حمــدود ًا بالقيــود األدبيــة العاديــة للغــة الشــعورية .عنــد هــذا
املســتوى ،يمكــن للمــرء برسعــة أن حيشــد كميــات كبــرة مــن
البيانــات عــى نحــو أكثــر كفــاءة مــن أي جهــاز كمبيوتــر ويمــزج
املكونــات غــر املتشــاهبة لتتحــول إىل أنــاط إدراكيــة ومفاهيميــة.
وعنــد هــذه النقطــة ،تــرز احللــول يف الذهــن فجــأة كــا لــو كانــت
تــأيت مــن العــدم ،ويمكــن الجتاهــات جديــدة أن تبــدأ يف التبلــور.
لــن يكــون مــن املجــدي أبــدا وضــع العربــة أمــام احلصــان .القيــادة
باالســتبصار هــي عمليــة توقــف مطــول لتحليــل كل يشء قبــل
البــدء يف التجريــب العبثــي يف إدارة املؤسســات.
72
القيادة باالستبصار
وقبــل ان نحلــل مــؤرشات األداء ومقاييــس اإلنجــاز .عــى
القائــد ذاتــه أن حيلــل تفكــره وممارســاته بشــكل معمــق ودون إمالء
مــن أحــد .إهنــا خطــوة تعــد مــن أهــم اخلطــوات يف بدايــة العمــل
اإلداري.
73
اإللقاء واخلطابة يف عامل القيادة
74
اإللقاء واخلطابة يف عامل القيادة
بعــد أن أهنــى كلامتــه التــي نزلــت كالصاعقــة عــى اجلنــود ألقــوا
مجيع ـ ًا أمامــه بنادقهــم ،ومحلــوه عــى أكتافهــم وراحــوا يرصخــون
عــاش االمرباطــور ..وعــاد نابليــون إىل العاصمــة باريــس متوج ـ ًا
بدعــم اجليــش كام ـ ً
ا وفــر لويــس الســادس عــر دون أن تطلــق
طلقــة واحــدة !!!
* الكلمــة املؤثــرة ســاح القائــد األول فــإذا فقــده فقــد أهــم
وأعظــم وأخطــر أدواتــه القياديــة .
* األتبــاع أكثــر مــا ينتظرونــه مــن القــادة هــو الكلــات
فــإن كانــت موحيــة وملهمــة وصادقــة ومؤثــرة اســتمر والئهــم
واحرتامهــم وإخالصهــم للقائــد ،وإن كانــت موجعــة وقاســية
ومهينــة وال مباليــة حتولــوا إىل أتبــاع منافقــن وكذابــن ومزوريــن
أمــا إذا كانــوا أحــرار ًا وأصحــاب علــم وحكمــة فإنــه من املســتحيل
أن يبقــوا بجــوار قائــد يلذعهــم بالكلــات ويســل لســانه عليهــم
إذ رسعــان مــا ســينفضون مــن حولــه ويرتكونــه برفقــة املنافقــن
واملتزلفــن الذيــن يشــكلون أكــر نقــاط الضعــف ألي قائــد .
* مــن أعظــم الوســائل التــي اســتخدمها قدوتنــا ورســولنا
ونبينــا العظيــم يف قيادتــه للدولــة اإلســامية احلديثــة باملدينــة كان
اخلطــاب القيــادي امللهــم واملؤثــر ،و ال أظــن يف تاريــخ القــادة
مــن فجــر التاريــخ وحتــى اليــوم أروع وأعظــم وأشــد تأثــرا مــن
خطابــه لألنصــار حينــا غضبــوا يف غــزوة حنــن عــى توزيــع
الغنائــم لقبائــل العــرب وللمؤلفــة قلوهبــم ممــن دخلــوا اإلســام
75
اإللقاء واخلطابة يف عامل القيادة
حديثــا الذيــن مل يكــن هلــم بعــد ذلــك التأثــر أو التضحيــات كالتــي
قدمهــا األنصــار ..ومــا أن وقــف فيهــم رســول اهلل صــى اهلل عليــه
وســلم خطيبــا حتــى ألقــى عليهــم كلــات تســطر بمــداد مــن
الذهــب جعلتهــم حيتقــرون الغنائــم واملاديــات وتتعلــق قلوهبــم
باملكاســب األخرويــة التــي حققوهــا بالوقــوف مــع قائدهــم
ونبيهــم حممــد صــى اهلل عليــه وســلم ..كان ممــا قــال عليــه الصــاة
والســام يف ذلــك املوقــف العظيــم :
((يــا معــر األنصــار :أمــا واهلل لــو شــئتم لقلتــم فلصدقتــم و
لصدقتــم ،أتيتنــا مكذبــا فصدقنــاك ،وخمــذوال فنرصنــاك ،وطريــدا
فأوينــاك ،وعائــا فآســيناك ،أوجدتــم يامعــر األنصــار يف
أنفســكم يف لعاعــة مــن الدنيــا تألفــت هبــا قومــا ليســلموا ووكلتكم
إىل إســامكم ،أال ترضــون يامعــر األنصــار أن يذهــب النــاس
بالشــاة والبعــر وترجعــوا برســول اهلل إىل رحالكــم ؟ فوالــذي نفس
حممــد بيــده لــوال اهلجــرة لكنــت امــر ًأ مــن األنصــار ،ولــو ســلك
النــاس شــعبا وســلكت األنصــار شــعبا لســلكت شــعب األنصــار ،
اللهــم ارحــم األنصــار وأبنــاء األنصــار وأبنــاء أبنــاء األنصــار.)) ..
* قمــة االحــرام والتقديــر والتحفيــز لألتبــاع حينــا خاطبهــم
هــذا النبــي العظيــم الكريــم وأخربهــم بأنــه ســيتبعهم ويمــي
ورائهــم أينــا ذهبــوا بينــا هــو النبــي الــذي جيــب عــى اخلالئــق
كلهــم أن يتبعــوه !
76
اإللقاء واخلطابة يف عامل القيادة
* الكلمــة املدروســة واخلطــاب املعــد إعــدادا جيــدا ومؤثــرا
يســتطيع أن يغــر قناعــات واجتاهــات حتتــاج إىل زمــن طويــل
لتغيريهــا ..بينــا الكلمــة احلمقــاء واخلطــاب التقليــدي البليــد
يكــرس الفرقــة ويعمــق الفجــوة بــن القائــد وأتباعــه .
* اســتطاع الزعيــم األملــاين الفــايش « هتلــر « أن يؤثر يف الشــعب
األملــاين تأثــر ًا بالغـ ًا مــن خــال خطبــه الطويلــة وإلقائــه العبقــري
الــذي ســحر عقوهلــم وجعلهــم يؤمنــون بأنــه خملصهــم وقائدهــم
لزعامــة البرشيــة .فبالرغــم مــن أفــكاره العنرصيــة واإلجراميــة ،
ورغبتــه التوســعية وحكمــه املســتبد الشــمويل الــذي جيعــل النفــور
منــه أقــرب عــن الــوالء لــه ،مــع ذلــك فقــد كانــت قدرتــه اخلطابية
ا حاســ ًا يف تأييــد الشــعب األملــاين .ومثــل
وإلقائــه املؤثــر عامــ ً
هــذه احلالــة تظهــر لنــا مــؤرش ًا واضحــ ًا خلطــورة تأثــر اإللقــاء
واخلطابــة والكلــات يف عــامل القيــادة ،ولنتذكــر عبــارة صغــرة
كان يقوهلــا هتلــر بعينيــه الالمعتــن بينــا يــرب بيــده عــى صــدر
فتــى مراهــق مــن جمنديــه وهــو يقــول «يــا ليــت جلنــرااليت قلوبــا
كشــجاعة قلبــك»
* يف املنظــات واملؤسســات والقطاعــات اإلداريــة األتباع ليســوا
يف حاجــة إىل قائــد كل مــا تقــدم فيهــم قــام يذكرهــم باألنظمــة
واللوائــح والواجبــات واألعــال التــي يفــرض أن يقومــوا هبــا
..إهنــم بحاجــه ملــن يذكرهــم بإنســانيتهم ،بقدراهتــم املكبوتــة ..
بحاحــة ملــن يالمــس اجلانــب املــيء واجليــد يف دواخلهــم بحاجــة
77
اإللقاء واخلطابة يف عامل القيادة
للكلمــة التــي ختــرج عقوهلــم وأفكارهــم مــن الروتــن والضجــر
والعجــز أحيانــا .
* الكلمــة القياديــة دورهــا احلقيقــي يكــون بإقنــاع األتبــاع بــأن
مــا يعتقــدون أنــه مســتحيل إنــا هــو ممكــن ومتــاح وأهنــم أفضــل
مــن يســتطيعون حتويــل املســتحيل إىل ممكــن .
* إن أســوأ تــرف يمكــن أن يقــوم بــه قائــد ،أن يتقــدم ملنــر
خياطــب فيــه أتباعــه دون أن يكــون مســتعد ًا اســتعداد ًا تامــ ًا ملــا
ســوف يقولــه ،ودون أن يكــون قــد درس خطابــه و أعــده إعــداد ًا
ا .وكثــر ًا مــا نــرى هتاونــ ًا عنــد قيــادات كبــرة يف هــذا
متكامــ ً
اخلصــوص وكأهنــم ال يقــرأون التاريــخ ،وال يدركــون أمهيــة هــذه
املهــارة يف جمــال القيــادة .
* هــذا عــى األقــل يقتــي مــن كل قائــد أن يكــون لديــه بنــك
ثــري مــن اخلطابــات اجلاهــزة يف ذاكرتــه ألي مناســبة أو حــدث
متوقــع مواجهتــه .وأن يصنــع مهارتــه اخلطابيــة بشــكل دائــم
ومســتمر وأن تتطــور لديــه مــن ســنة ألخــرى .وهــذه مــن رضائب
القيــادة التــي ال مفــر منهــا .
* للكلمــة وقــع وأثــر كبــر يف عــامل األعــال بــل يف عــامل احليــاة
بشــكل عــام ،ولنتذكــر قولــه عــز وجــل (( أمل تــر كيــف رضب اهلل
مثــا كلمــة طيبــة كشــجرة طيبــة أصلهــا ثابــت وفرعهــا يف الســاء
)) وقولــه عــز وجــل (( ومثــل كلمــة خبيثــة كشــجرة خبيثــة اجتثت
مــن فــوق األرض ماهلــا مــن قــرار ))
78
القيادة يف ظل التغري التكيفي
79
القيادة يف ظل التغري التكيفي
املؤسسة وراء عملية التكيف.
لــذا مــن املهم تعبئــة الرشكــة أو املؤسســة لتكييــف إجراءاهتا كي
تنجــح يف بيئــة عمــل جديــدة وإال فــإن التعثــر ســيكون هــو املصــر
.ويف احلقيقــة إن جعــل املوظفــن يعملــون بالتــزام ويتكيفــون مــع
التغيــر يعــد ميــزة تنافســية يف عــامل القيــادة واملؤسســات .ولذلــك
يواجــه القــادة صعوبــة يف إحــداث التغيــر والعمــل التكيفــي وذلك
يرجــع لســببني ( هيفتــز 2012 ،م):
األول :أنــه جيــب عليهــم مــن أجــل إحــداث التغيــر أن يبــدؤوا
بأنفســهم ويتخلــوا عــن أنــاط الســلوك القديمــة .
الثــاين :أن التغيــر التكيفــي مقلق ـ ًا لألفــراد الذيــن يتعرضــون
لــه ،ألنــه يتطلــب منهــم القيــام بــأدوار وبنــاء عالقــات وممارســة
قيــم وســلوكات وطــرق عمــل جديــدة وهــذا مــا جيعــل كثــر ًا مــن
املوظفــن يــرددون يف بــذل اجلهــود والتضحيــات املطلوبــة منهــم.
وهنــا يطــرح ( الوري 2012،م) ســتة مبــادئ لقيــادة عمليــة
التغيــر:
-1الصعود عىل الرشفة:
هيــدف هــذا األســلوب إىل متكــن القائــد مــن امتــاك رؤيــة
بانوراميــه واســعة للتغيــر ،وعــدم االنجــراف يف خضــم التطــورات
وأن عــى القــادة أن جيــدوا ســياق ًا للتغيــر أو يوجــدوه .وجيــب
عليهــم أيضــ ًا أن يمنحــوا املوظفــن فهــ ًا قويــ ًا لتاريــخ املــروع
أو الرؤيــة اجلديــدة .واجلوانــب املضيئــة فيــه ،وكذلــك التغــرات
80
القيادة يف ظل التغري التكيفي
التنافســية احلاليــة ،وكذلــك املســؤولية التــي عــى املوظفــن أن
يتحملوهــا لرســم املســتقبل ،وعليهــم أيضــ ًا أن يكونــوا قادريــن
عــى حتديــد النزاعــات املتعلقــة بالقيــم والصالحيــات وأنــاط
العمــل ،ومراقبــة ردود الفعــل املثبطــة للتغيــر أو املســاندة لــه.
قــد يصبــح القائــد أســر ًا للنظــام بــكل ســهولة إذا مل يكن قــادر ًا
عــى التحــرك بــن ميــدان العمــل واملراقبــة ،والتأمــل مــن يــوم
آلخــر ،ومــن حلظــة ألخــرى يف الطــرق الكثــرة التــي يمكــن فيهــا
لعــادات املؤسســة أن تفشــل عمليــة التغيــر ،ولــن يســتطيع القائــد
متابعــة التوجهــات املعقــدة لعميــة التغيــر ناهيــك عــن التأثــر فيهــا
إذا مــا ظــل يف امليــدان فقــط .فهنــاك قــادة كثــر اســتطاعوا أن يقضوا
معظــم وقتهــم الثمــن يف الرشفــة وهــم يوجهــون مؤسســاهتم نحــو
التغيــر ،ومــن دون ذلــك املنظــور ربــا ســيعجزون عــن حشــد
النــاس لتقبــل علميــة التغيــر.
-2معرفة حتدي التكيف:
إن أي رشكــة أو مؤسســة يتشــبث فيها موظفوهــا بالعماللفردي
بمعــزل عــن اآلخريــن ،ويعملــون عــى إرضــاء رؤســائهم أكثــر
مــن حرصهــم عــى إرضــاء العمــاء واملســتفيدين ال يمكــن أن
حتقــق النجــاح الــذي تصبــوا إليــه.
ويتطلــب التعــرف عــى حتديــات التكيــف لــدى املوظفــن
البحــث يف ثالثــة أمــكان يف املؤسســة:
81
القيادة يف ظل التغري التكيفي
-االســتامع إىل أفــكار النــاس ومهومهــم داخــل العمــل
وخارجــه ،مــن خــال توجيــه األســئلة التاليــة (أي القيــم
واملعتقــدات واالجتاهــات أو الســلوكات التــي يتعــن تغيريهــا مــن
أجــل إحــراز التقــدم؟ ومــا التغيــرات الرضوريــة يف األولويــات
واملصــادر والســلطات؟ ومــا التضحيــات املطلوبــة؟ ومــن الــذي
ســيتحملها؟
-النظــر إىل النزاعــات بصفتهــا إشــارات ،أي أعــراض
حتديــات التغيــر .وتشــخيص الرصاعــات احلقيقــة تشــخيص ًا دقيق ًا.
كالتــي تتعلــق بالقضايــا الفنيــة البحتــة ،مــن مثــل اإلجــراءات،
واجلــداول الزمنيــة ،وهرميــة الســلطة ،والصالحيــات .وعــادة
مــا يكــون منبــع هــذه الرصاعــات عائــد خلالفــات تتعلــق بالقيــم
والعــادات.
-تقييــم فريــق العمــل التنفيــذي باعتبــاره قــد يكــون جتســيد ًا
لتحــدي التغيــر ،والبــدء مــن خاللــه لتمثيــل أفضــل العــادات
والقيــم واالعــراف بأخطــاء الفريــق ومعاجلتهــا .وهــذا حيــدده
التعــرف عــى حتــدي التغيــر بشــكل دقيــق وواضــح ممــا يوحــد
اجلهــود إلزالــة العقبــات.
-3السيطرة عىل القلق:
عمليــة التغيــر تولــد القلــق والتوتــر ،لــذا يتعــن عــى القائــد
قبــل أن يتعامــل املوظفــون مــع التحديــات التــي ال توجــد هلــا
حلــول جاهــزة .إدراك أن النــاس يمكنهــم التعلــم برسعــة إذا تــم
82
القيادة يف ظل التغري التكيفي
التوضيــح هلــم الطريقــة التــي يعملــون هبــا مســبق ًا .ويف الوقــت
نفســه عليهــم أن يشــعروا بــرورة التغيــر عندمــا يفــرض الواقــع
حقائــق جديــدة ،وأنــه ال يمكنهــم أن يتعلمــوا إذا كانــوا مربكــن أو
مرهقــن .لكــن إزالــة القلــق كلي ـ ًا تقــي عــى احلافــز لالنخــراط
يف عمليــة التغيــر .وبالتــايل عــى القائــد املحافظــة عــى التــوازن
الدقيــق بــن شــعور النــاس باحلاجــة إىل التغيــر وشــعورهم بضغــط
التغيــر .وإلبقــاء درجــة معينــة مــن التوتــر ال بــد عــى القائــد
األخــذ باحلســبان ثــاث مهــام رئيســية وهــي:
-عــى القائــد إجيــاد مــا يمكــن أن نســميه البيئــة الضابطــة أو
املنظمــة ،حيــث يكــون هنــاك مقــدار متــوازن مــن حجــم وضغــط
التغيــر ومقــدار االنخفــاض يف مســتوى التوتــر والقلــق .فهنــاك
متنفــس دائــا بــن مرحلــة وأخــرى مــن إحــداث التغيــر .حيــث
يوجــد القائــد الظــروف للمجموعــات املختلفــة لتتحــدث فيــا
بينهــا ،وتناقــش املشــكالت ،وتوضــح االفرتاضــات اخلاصــة
بالقيــم ووجهــات النظــر املتعارضــة .ويمكــن مــع الوقــت طــرح
مزيــد مــن القضايــا حــن ظهورهــا .ويتحقــق هــذا أيضــ ًا مــن
خــال الطــرح املنظــم للمبــادرات دون إيقــاف األنشــطة األخــرى
بشــكل مفاجــئ دون نقــاش وحــوار ألعضــاء الفريــق.
-القائــد مســؤول عــن التوجيــه واإلرشــاد ،واحلاميــة ،وإدارة
النزاعــات .فيوفــر التوجيــه مــن خــال حتديــد حتــدي التغيــر
واملشــكالت الرئيســية ،وهــو حيمــي العاملــن فيــا يتعلــق بــاألدوار
83
القيادة يف ظل التغري التكيفي
واملســؤوليات اجلديــدة عــن طريــق توضيــح احلقائــق والقيــم
الرئيســة .ويســاعد أيضـ ًا عــى كشــف النزاعــات ،ألنــه يعدهــا أداة
لإلبــداع والتعلــم .وأخــر ًا فإنــه يعمــل عــى املحافظــة عــى املعايــر
التــي تتحــدى الذيــن حيتاجــون إىل التغيــر.
-4املحافظة عىل االنتباه املنظم:
إن إحــدى املهــام املثــرة للقيــادة هــي جعــل أعضــاء الفريــق
التنفيــذي يســتمعون إىل بعضهــم ،ويتعلمــون مــن بعضهــم ،فالناس
يســتطيعون يف أثنــاء نــدوة حواريــة ،االهتــداء إىل احللــول اجلامعيــة
عندمــا يفهــم كل واحــد منهــم وجهــة نظــر الشــخص اآلخــر .لــذا
فــإن مهمــة القائــد هــي إظهــار اخلــاف إىل العلــن ،واختــاذه مصدر ًا
لإلبــداع .فعــى القائــد أن يقــاوم املشــتتات التــي متنــع العاملــن مــن
التعامــل مــع قضايــا التغيــر .فمــن املتوقــع عندمــا تقــدم أي رشكــة
عــى عمليــة تغيــر أن تشــهد ســلوكات التملــص ،وإلقــاء اللــوم
عــى اآلخريــن ،واإلنــكار ،والرتكيــز عــى القضايــا الفنيــة اليوميــة
فقــط .ومهامجــة األفــراد بــدالً مــن إبــداء وجهــات النظــر التــي
حيملوهنــا ،وهــذه كلهــا صــور مــن جتنــب العمــل؛ لــذا جيــب حتديــد
املشــتتات عنــد حدوثهــا ،حتــى يســتعيد املوظفــون تركيزهــم.
عندمــا حيــل اخلــاف العقيــم مــكان احلــوار ،عــى القائــد
أن يتدخــل ليعيــد الفريــق ترتيــب القضايــا .وأن يعمــق احلــوار
باألســئلة .ويفــكك القضايــا إىل أجــزاء ،بــدالً مــن جعــل النزاععائ ًام
وســطحي ًا .وعندمــا يشــغل املوظفــون أنفســهم بإلقــاء اللــوم
84
القيادة يف ظل التغري التكيفي
عــى قــوى خارجيــة ،أو عــى اإلدارة العليــا ،أو ضغــط العمــل
الزائــد فعــى القائــد أن يشــحذ حــس الفريــق باملســؤولية لتوفــر
الوقــت لغايــات التغيــر .وعندمــا يلجــأ األفــراد وأعضــاء الفريــق
إىل محايــة أنفســهم ومصاحلهــم ،فعــى القــادة أن يشــددوا عــى
رضورة التعــاون ،وعــى املوظفــن أن يكتشــفوا قيمــة التشــاور فيــا
بينهــم واســتعانة أحدمهــا باآلخــر بوصفــه مصــدر ًا يف عمليــة حــل
املشــكالت.
-5إعادة املسؤولية إىل املوظفني:
ينتظــر املوظفــون مــن القيــادة العليــا -يف أحيــان كثــرة -أن
تســتجيب لتحديــات وعقبــات التغيــر ،واحلقيقــة إن التوتــر والقلق
املرافقــن لعمليــة التغيــر جيعــان هــذه االتكاليــة أكثــر ســوء ًا ،ألن
املوظفــن يميلــون إىل أن يكونــوا ســلبيني .وهــذا مــا جيعــل كبــار
القــادة واملديريــن الذيــن يتفاخــرون بقدرهتــم عــى حــل املشــكالت
يتخــذون قــرارات حاســمة .إن مثــل هــذا الســلوك كفيــل باســتعادة
التــوازن عــى املــدى القصــر ،لكنــه يف النهايــة يــؤدي إىل الالمباالة،
وســلوكات جتنــب العمــل التــي حتمــي املوظفــن مــن املســاءلة
واملعانــاة واحلاجــة إىل التغيــر.
إن جعــل املوظفــن يتحملــون مســؤولية أكــر عمليــة صعبــة.
ألن األمــر ال يتعلــق فقــط بوجــود كثــر مــن املوظفــن مــن
املســتويات الدنيــا الذيــن ال جيــدون مشــكلة يف أن يكونــوا متلقــن
تعليــات العمــل .ولكنــه يتعلــق بوجــود قــادة مــن الذيــن اعتــادوا
85
القيادة يف ظل التغري التكيفي
معاملــة املوظفــن بصفتهــم آلــة حتتــاج إىل ضبــط .لــذا فــإن جعــل
املوظفــن يبــادرون إىل حتديــد املشــكالت وحلهــا ،يعنــي أن اإلدارة
يف حاجــة إىل تعلــم كيــف تدعــم بــدالً مــن الضبــط والســيطرة،
وحيتــاج املوظفــون بدورهــم إىل تعلــم محــل املســؤولية.
يضــاف إىل هــذا ،أن عــى القائــد تشــجيع املوظفــن مجيعـ ًا عــى
الثقــة بالنفــس ،الثقــة بالنفــس ال تولــد مــع النــاس ،فحتــى أكثــر
النــاس ثقــة بأنفســهم يمكــن أن ينهزمــوا ،فالثقــة بالنفــس تــأيت مــن
النجــاح واخلــرة وبيئــة العمــل .وعليــه فــإن أهــم دور للقائــد هــو
غــرس الثقــة يف نفــوس العاملــن معــه .الذيــن عليهــم أن يمتلكــوا
الشــجاعة لإلقــدام عــى املغامــرة وحتمــل املســؤولية ،ولذلــك مــن
املهــم الوقــوف إىل جانبهــم عندمــا يقعــون يف األخطــاء.
-6محاية األصوات القيادية اآلتية من األسفل:
يعــد االســتامع إىل األصــوات واآلراء مجيعهــا هو األســاس ألي
منظمــة مســتعدة للتجريــب والتعلــم ،لكــن الواقــع يشــر إىل اعتيــاد
الســلطة إســكات املعارضــن واملبدعــن واآلراء التــي تكشــف
تناقضــات املؤسســة وعيوهبــا إىل العلــن .فهــؤالء يوجــدون حالــة
مــن عــدم التــوازن ،وال جتــد املؤسســة أمامهــا إال الطريقــة الســهلة
الســتعادة التــوازن ،وهــي حتييــد هــذه األصــوات حتــت شــعار
العمــل اجلامعــي وحشــد اجلهــود.
واملالحــظ أيض ـ ًا أنــه مــامل يتــم تشــجيع اآلراء اآلتيــة مــن فــرق
التنفيــذ وإثارهتــم وجداني ـ ًا ليدلــوا بأفكارهــم ومالحظاهتــم ،وإال
86
القيادة يف ظل التغري التكيفي
فــإن مثــل هــذه األصــوات لــن تكــون واضحــة أو ســتحجم متام ـ ًا
عــن أي مشــاركة ،وتعــد هــذه خســارة ملعلومــات قيمــة جــد ًا مــن
أشــخاص يواجهــون دوامــة العمــل اليومــي ويف خــط التــاس مــع
اخلدمــات التــي تســتهدفها املؤسســة ,ولذلــك نــرى أن عــى القــادة
أن يعتمــدوا عــى اآلخريــن مــن داخــل املؤسســة إلثــارة قضايــا
قــد تشــر إىل بــوادر تغيــر حمتمــل ،وعليهــم أن يوفــروا التشــجيع
واحلاميــة لألفــراد الذيــن يشــاركون بمالحظاهتــم ،فغالبـ ًا مــا تكون
وجهــة نظــر هــؤالء األفــراد مــن النــوع الــذي يثــر إعــادة التفكــر
،وهــذه قــدرة ال يملكهــا مــن هــم يف الســلطة .لــذا عــى مــن هــم
يف اإلدارة العليــا أن يتبعــوا هــذه القاعــدة ،وهــي مقاومــة أي رغبــة
لقمــع الــرأي اآلخــر ،وعليهــم أن يصعــدوا إىل الرشفــة ،ويكبتــوا
اندفاعهــم ،ويســألوا :مــا الــذي يتحــدث عنــه هــذا الشــخص يف
واقــع األمــر؟ هــل هنــاك يشء نجهلــه؟
هــذه املبــادئ الســتة تســاهم يف تــوازن عمليــة التغيــر ،وجتعــل
عمليــة القيــادة عمليــة مســتمرة تســتلهم نشــاطها مــن النمووالتعلم
املســتمر للمؤسســة مــن خــال أفرادهــا الذيــن يشــاركون يف
مســؤولية التغيــر ،ويعملــون بجهــد منظــم ال ينتظــر احللــول مــن
القيــادة فحســب وإنــا يعمــل عــى املشــاركة يف صياغتهــا يف جــو
مدعــوم بالثقــة والتقبــل واالبتــكار.
87
مصائد القرارات
مصائد القرارات
88
مصائد القرارات
-مصيــدة املعلومــات األوليــة :إن املعلومــات األوىل عــن
املوضــوع حمــل اختــاذ القــرار أيــا كان شــكلها احصائيــات أو آراء
خــراء أو أخبــار عامــة أو تنبــؤات اقتصاديــة يمكــن أن تتخــذ حيــز ًا
قوي ـ ًا مــن الدفــع بصاحــب القــرار الختــاذ آراء مترسعــة ومــن ثــم
قــرارات خاطئــة ،إن املعلومــات األوىل يمكــن أن يكــون هلــا تأثــر
غــر واعــي عــى صاحــب القــرار فيــا خيــص أي معلومــات أخــرى
تــأيت بعدهــا ،إذ عــادة مــا تتــم املقارنــة دون إدراك مــع املعلومــات
األوىل ،لــو افرتضنــا أن قائــد ًا يرغــب بإبــرام صفقــة أو احلصــول
عــى مناقصــة للحصــول عــى مــروع مــا ،إن املعلومــات األوليــة
التــي ســيتلقاها مــن املحاســبني أو املستشــارين أو مــن أســعار
الســوق ســتجعل حــدود القــرار الــذي ســوف يتخــذه جتــاه هــذه
الصفقــة مســتندا ملرجعيــة تلــك املعلومــات فلــو تــم تزويــده بــأن
املــروع بنــاء عــى املعلومــات األوليــة وأســعار الســوق تعــادل
ثالثــة ماليــن ريــال وتتحمــل الرشكــة الصيانــة بعقــد ســنوي
مئتــن ألــف ريــال .إن هــذه األرقــام ستشــكل طــوق حصــار ألي
قــرار يمكــن أن يتخــذه القائــد فيــا بعــد إنــه ســيكون يف نطاقهــا
وربــا بغــر وعــي ينســى أن هنــاك طــرق أخــرى يمكــن صياغــة
القــرار هبــا بعيــد ًا عــن هــذه املعلومــات ،يمكــن مثــا أن يتــم رشاء
املناقصــة بمبلــغ أعــى بكثــر وتتحمــل الرشكــة مســؤولية الصيانــة
دون عقــد ســنوي ،لذلــك جيــب التنبــه قبــل اختــاذ القــرارات أال
يعتمــد فحســب عــى املعلومــات األوىل فقــط ولكــن يتــم مجــع
89
مصائد القرارات
املعلومــات عــى مراحــل كافيــة مــن الوقــت وعرضهــا أيض ـ ًا عــى
فــرات كافيــة الختــاذ القــرار املناســب .والنظــر إىل املشــكلة عــى
الــدوام مــن مجيــع جوانبهــا والتفكــر بنقــاط انطــاق بديلــة بــدالً
مــن التمســك بحــدود املعلومــات األوىل.
-مصيــدة الوضــع الراهــن :يميــل أصحــاب القــرار دون
شــعور للقــرارات التــي مــن شــأهنا املحافظــة عــى الوضــع الراهن،
لكــن املحافظــة عــى الوضــع الراهــن قــد تكــون أحــد الترصفــات
الســيئة يف عــامل مــيء باملنافســة واملتغــرات املتســارعة ،لذلــك جيــب
أن يتنبــه صانــع القــرار هــل هــو حتــت تأثــر الرغبــة يف املحافظــة
عــى الوضــع الراهــن؟ تظهــر هــذه احلالــة عــى ســبيل املثــال عندمــا
يعــرض ابتــكار جديــد أو عــرض منتــج جديــد للرشكــة قــد يتجــه
القــرار لرفــض الفكــرة باعتبارهــا قــد تســبب خلــل يف معطيــات
الوضــع الراهــن كــا يظهــر أحيانــا حينــا جيــد الرئيــس األعــى
نفســه بــن خياريــن يف توظيــف مديــر جديــد ألحــد األقســام ،إذ قد
يفضــل املرشــح مــن داخــل القســم أكثــر مــن ترشــيحه للمرشــح
مــن خــارج الرشكــة وإن كان هــو األفضــل فيــا تبينــه بيانــات
التوظيــف واملقابــات الشــخصية ،وذلــك العتقــاد ضمنــي غــر
واعــي بــأن املوظــف مــن داخــل الرشكــة يمكــن أن يكــون أكثــر
قــدرة عــى املحافظــة عــى الوضــع الراهــن ،ولذلــك يكــون مــن
املهــم عــى صاحــب القــرار الرتكيــز دائ ـ ًا عــى األهــداف املنشــود
حتقيقهــا يف املؤسســة ،وجمــال اقتنــاص الفــرص الــذي تبحــث عنــه
90
مصائد القرارات
املؤسســة بشــكل حمــدد .واالعتقــاد بــأن الوضــع الراهــن ليــس
البديــل الوحيــد ،وأن الوضــع الراهــن ليــس بالــرورة دائــا أن
يكــون الوضــع املثــايل.
-مصيــدة التربيــرات للقــرارات اخلاطئــة الســابقة :حيــث
يســتمر صاحــب القــرار بتنفيــذ قــرارات عالجيــة ملــروع أو
برنامــج أو توظيــف كان مــن األفضــل اهنائهــا وحســب ،ألهنــا
ببســاطة كانــت قــرارات ســابقة خاطئــة ،مــا حيــدث أنــه مــن أجــل
عــدم االعــراف باألخطــاء الســابقة ومواجهتهــا بأهنــا قــرارات
خاطئــة يتــم املواصلــة يف اختــاذ القــرارات العالجيــة وحماولــة
إنقــاذ أمــر ال يمكــن إنقــاذه .يظهــر ذلــك بوضــوح مثـ ً
ا حــن يتــم
اختــاذ القــرار حــول تســويق منتــج مــا ،وألن الدراســات واخلطــط
أوضحــت آنــذاك أن هــذا املنتــج ســيحقق نقلــة نوعيــة يف األربــاح،
يتــم االســتمرار يف دعــم تســويق هــذا املنتــج اجلديــد رغــم إن كل
البيانــات تشــر إنــه مل حيقــق أي أربــاح وأنــه يســتمر يف إحــداث
اخلســائر ،وتبــدأ حماولــة عــاج هــذا القــرار باالســتمرار يف وضــع
حلــول جلعــل هــذا املنتــج صامــد ًا أمــام حتديــات الســوق ،ولكــن
يف احلقيقــة الفكــرة برمتهــا نابعــة مــن عــدم الرغبــة يف االقتنــاع
بأنلقــرار الســابق باختيــار املنتــج مــن البدايــة مل تكــون موفقــة،
واحلــل أن يــدرك القائــد إذا كان ســبب انزعاجــه مــن االعــراف
باخلطــأ يتعلــق باحرتامــه لذاتــه ومنظــره أمــام اآلخريــن ،فــإن عليــه
أن يواجــه نفســه بقــوة وأن يتحــى بالشــجاعة لالعــراف باخلطــأ
91
مصائد القرارات
فاألخطــاء حتــدث يف عــامل اإلدارة ولكــن جيــب وضــع احللــول
النهائيــة هلــا وليــس التهــرب منهــا بمحــاوالت غــر جمديــة إلثبــات
الــذات ،ويمكــن للقائــد أن يعــرف هــذه النوعيــة مــن القــرارات
مــن خــال األســئلة املبــارشة ووجهــات النظــر الرصحيــة واملبــارشة
بالتعــرف عــى حمــاوالت معاجلــة األمــور التــي ال يمكــن معاجلتهــا
وبالتــايل التعامــل معهــا برصاحــة عــى أهنــا كانــت قــرارات خاطئــة
وجيــب إهنائهــا دون االســتمرار يف حمــاوالت املعاجلــة إذا كانــت
املعاجلــة مســتحيلة أو ليــس هلــا اجلــدوى واملــردود املناســب عــى
املؤسســة.
-مصيــدة تأكيــد الدليــل :هــذه املصيــدة تظهــر عندمــا نكــون
أمــام قــرار لدينــا رأي مســبق حولــه إمــا باإلجيــاب أو الســلب.
ويف حــال واجهنــا أول دليــل يؤكــد رأينــا املســبق فإننــا نعتــر
ذلــك توكيــد ًا جيعلنــا نــرع يف اختــاذ القــرار املبنــي عــى الشــعور
املســبق .فلــو كنــت قائــد ًا ترغــب يف زيــادة التوســع يف اخلدمــة التــي
تقدمهــا رشكتــك ،يف داخــل نفســك جتــد فكــرة التوســع ستســاهم
يف زيــادة األربــاح ،يف حــال طرحــت هــذا االقــراح يف اجتــاع
مديــري اإلدارات ورأيــت أحدهــم يؤيــد قــرارك فإنــك ســتندفع
دون شــعور نتيجــة هــذا التأكيــد إىل فكــرة التوســع يف الفــروع ،قــد
جيعلــك هــذا التأكيــد ال تلتفــت لــآراء األخــرى التــي تــرى أن
زيــادة الفــروع قــد تســبب زيــادة يف التكاليــف ال يمكــن تغطيتهــا
باألربــاح اجلديــدة ،وربــا لــن تســتوعب اآلراء التــي تقــول لــك
92
مصائد القرارات
أنــه ليــس الوقــت املناســب للتوســع نتيجــة ظــروف معينــة يف
الســوق .وحلاميــة القــرار مــن مثــل هــذه املصيــدة ينبغــي للقائــد
أال يتــرع عنــد ظهــور أول دليــل يوافــق حدســه ولكــن عليــه أن
يســتعني بوجهــات نظــر أخــرى ودائــا تكــون صناعــة القــرار وفــق
نمــوذج القــرار الذكــي الــذي ينبــع مــن دراســة مفصلــة ومتأنيــة.
بحيــث تكــون اآلراء التــي توافــق حدســه ختضــع لــذات املعايــر يف
صناعــة القــرار لتلــك التــي ختتلــف مــع حدســه.
-مصيــدة التأطــر :أول مرحلــة يصنــع فيهــا القــرار هــي مــن
خــال الســؤال املطــروح للمشــكلة ،طريقــة إطــار الســؤال واجتــاه
الســؤال هلــا تأثــر قــوي يف النهايــة عــى اختــاذ القــرار .عــى القــادة
دائــ ًا أن يتأكــدوا مــن األســئلة التــي حتــدد املشــكلة مــدار اختــاذ
القــرار ،فاألســئلة املؤطــرة تؤثــر عــى اختــاذ القــرار حــاول أن تعيــد
صياغــة الســؤال مــن عــدة أوجــه خمتلفــة لتــدرك خفايــاه ومعاملــه.
عــى ســبيل املثــال لــو ســئلت:
هــل متانــع كثــرا أن أقــود ســيارتك؟ هــل يمكننــي قيــادة
ســيارتك؟ الســؤاالن يســتهدفان قيــادة الســيارة ولكــن تــم تأطــر
الســؤال األول بطريقــة غــر الســؤال الثــاين ممــا قــد يغــر اجتــاه
القــرار لصاحــب الســيارة.
لذلــك مــن املهــم أن يفكــر القــادة جيــد ًا يف األســئلة التــي
يطرحوهنــا جلمــع املعلومــات ،ويف األســئلة التــي حتــدد املشــكلة
حتديــد ًا دقيقــ ًا ،ويف األســئلة التــي ال جتعــل املجيــب هلــا خيضــع
93
مصائد القرارات
الجتاه معني يفرضه عليه السؤال املطروح.
-مصيــدة تفــادي االنتقــادات ووطــأة الــرأي العــام :حيــث
يميــل صاحــب القــرار يف هــذه احلالــة إىل اختــاذ القــرارات التــي
ال تســبب انتقــادات مــن قبــل العمــاء أو أعضــاء جملــس اإلدارة
أو الــرأي العــام بشــكل عــام ،بينــا يف احلقيقــة أحيان ـ ًا جيــب علينــا
اختــاذ قــرارات قــد تســبب انتقــادات شــديدة ولكنهــا هــي الســبيل
األســلم لتفــادي وضــع معــن ،أو لتحقيــق قفــزة نوعيــة يف األرباح،
وهنــا حيتــاج صاحــب القــرار الشــجاعة الكافيــة لفهــم القــرارات
التــي يمكــن أن تســبب االنتقــادات وإثــارة الــرأي العام يف املؤسســة
أو لــدى املســتفيدين ،ومــا مــدى حاجــة املؤسســة أو الرشكــة هلــا،
ودراســة كافــة اخليــارات بموضوعيــة شــديدة تقــود القائــد الختــاذ
القــرار الصحيــح دون اخلــوف ممــا قــد يســببه مــن ردات فعــل قويــة
للمتأثريــن منــه.
-مصيــدة اإلفــراط يف الثقــة :مــع أن احلقيقــة تؤكــد أننــا
كأفــراد ال نجيــد كثــر ًا القيــام بالتقديــرات أو التوقعــات ألهنــا
تتطلــب جهــود ًا بحثيــة خلــراء وفــرق عمــل علميــة كبــرة .مــع
ذلــك يميــل القــادة لألســف لإلفــراط بالثقــة يف بعــض التوقعــات
والوثــوق بآرائهــم بالقــدر الــذي يــؤدي إىل أخطــاء يف إصــدار
األحــكام ومــن ثــم قــرارات ســيئة.
-مصيــدة اإلفــراط يف احلــذر :وتطهــر هــذه احلالــة عندمــا
نواجــه بقــرارات عاليــة اخلطــورة فإننــا نميــل لتعديــل تقديراتنــا
94
مصائد القرارات
وتوقعاتنــا لنكــون يف اجلانــب اآلمــن .القــرارات اخلطــرة تدفعنــا
دون وعــي ليــس لقــدر مــدروس مــن املغامــرة بــل إىل البحــث عــن
اجلانــب اآلمــن ،فــإذا ارتفعــت الرضائــب مث ـاً ،عــادة مــا يفكــر
أصحــاب القــرار بزيــادة األســعار وتقليــل التكاليــف ،وخطــوة
مثــل هــذه قــد توحــي باختــاذ قــرار آمــن لكــن يف أحيــان كثــرة
يكــون رفــع األســعار وتقليــل التكاليــف ســبب يف نقــل املؤسســة
أو الرشكــة مــن حالــة املــرض إىل حالــة الوفــاة.
-مصيــدة جتــارب املــايض :إذا كنــا ال نغــايل يف الثقــة وال
نغــايل يف احلــذر فإننــا ال نــزال نقــع يف مصيــدة التوقعــات عندمــا
نعتمــد بصــورة متكــررة يف توقعاتنــا بشــأن املســتقبل عــى مــا نملكه
مــن جتــارب يف املــايض .واحلقيقــة أن املســتقبل لــن يكــون يف ســياق
مماثــل لســياقات املــايض وبالتــايل قــد نقــع يف قــرارات خاطئــة
مبنيــة عــى أفــكار املــايض .ليــس كل مــا جــرى يف املــايض يمكــن
أن يكــون صاحلــ ًا فيــا جيــري يف احلــارض وإن كانــت املالبســات
والوقائــع متشــاهبة إال إن هنــاك متغــرات كثــرة البــد وأهنــا
ختتلــف عــا مــى ،ولذلــك املغــاالة مــن قبــل القائــد يف اختــاذ
قــرارات نتيجــة خــرات املــايض قــد تــؤدي إىل مشــكالت مل تكــن
باحلســبان .وفيهــذه احلالــة ليــس مطلوبـ ًا مــن القائــد إنــكار خربتــه
بالكامــل إنــا عليــه أال يكــون عــى يقــن كامــل بــأن مــا صلــح يف
وقــت ســابق يمكــن أن يصلــح للوقــت احلــايل ،إنــا عليــه دائــا
االبتــكار والبحــث عــن حلــول جديــدة ،وتوقــع توقعــات جديــدة
95
مصائد القرارات
أيض ًا.
ويف حــاالت اإلفــراط يف الثقــة أو احلــذر أو جتــارب املــايض
يمكــن التنبــه هلــذه املصائــد مــن خــال البحــث يف قــرارك بــن
طــريف نقيــض مــن القيــم الدنيــا إىل القيــم العليــا ،مــن التوقعــات
النــادرة إىل التوقعــات األكثــر احتــاالً .وشــدد يف كل احلــاالت عــى
املعلومــات واملدخــات ألهنــا ســتكون وســيلتك القويــة الختــاذ
القــرار الســليم.
96
منطق الفعل للقيادة بالقيم
97
منطق الفعل للقيادة بالقيم
إن مفهــوم القيــادة بالقيــم قــد ورد يف صــورة عــدد مــن
املصطلحــات التــي تعــر عــن أهدافــه ،إذ اســتخدم (ســينربغ،
1998م) مصطلــح (اإلدارة بالضمــر) هادفــ ًا إىل تقديــم خيــار
حديــث لتحقيــق النجاحــات طويلــة األمــد ،مؤكــد ًا عــى أن دوام
اســتقرار النجــاح هــي صفــة ال تتكــون إال بــإدارة راســخة تعتمــد
عــى اســتحضار القيــم واعتامدهــا يف مجيــع العالقــات والتعامــات،
ثــم قــدم بعد ذلــك مايــكل أوكونــور وكينيــث بالنــكارد (2000م)
نظريــة اإلدارة بالقيــم باعتبارهــا اجتاهـ ًا إداريـ ًا حديث ًا ملنظــات القرن
الواحــد والعرشيــن ،وهــي نظريــة تتعامــل مــع اجلانــب اإلنســاين يف
اإلدارة ،وحتــاول تفهــم أثــر القيــم الفرديــة والعامــة يف املنظــات ،
ومــن تلــك النظريــات مــا قدمــه ك ً
ال مــن ونــدال وباجــر (2003م)
يف نظريــة القيــادة املعتمــدة عــى القيــم ،ثــم أضافــت ســوزان
أطلــس (2002م) تســمية أخــرى وهــي القيــادة باســتخدام القيــم.
جــاءت بعــد ذلــك أطروحــة ســتيفن كــويف الشــهرية (2005م)
القيــادة املرتكــزة عــى املبــادئ واصفــا هبــا خصائــص القــادة الذيــن
ترتكــز قيادهتــم عــى املبــادئ والقيــم ،حيــث ذكــر أن هــذا النــوع
مــن القيــادة جيعــل القــادة دائمــو التعلــم ،ويتمتعــون باســتعداد
إلســداء اخلدمــات ،كــا أهنــم مفعمــون بالطاقــات البنــاءة ،وهــم
كذلــك يؤمنــون بجوهــر اآلخريــن اإلنســاين ،وحييــون حيــاة متزنة،
ويعتــرون القيــم مرتكــز ًا مهــا يف عالقاهتــم مــع زمالئهــم يف
العمــل .وقــد دعمــت نتائــج أبحــاث روكــي وتوربيــت (2012م)
98
منطق الفعل للقيادة بالقيم
بشــكل أو بآخــر مــا أفضــت إليــه مفاهيــم القيــادة بالقيــم ،حيــث
خرجــت دراســتهام بتصنيــف أنــاط منطــق الفعــل القيــادي إىل
ســبعة مســتويات عــى النحــو اآليت :
-1القائد االنتهازي :
يتصــف هــذا القائــد بالتشــكك واالرتيــاب والنرجســية
واملنــاورة ،ويركــز عــى املكاســب الشــخصية وينظــر للعــامل
والنــاس بصفتهــم فرصـ ًا لالســتغالل ،حيــث تتحــدد نظــرة القــادة
االنتهازيــن إىل العــامل اخلارجــي بمفهومهــم للســيطرة ،وبعبــارة
أخــرى ،تعتمــد ردة فعلهــم جتــاه حــدث مــا عــى اعتقادهــم أو عدم
اعتقادهــم أهنــم يســتطيعون التحكــم يف النتائــج .إهنــم يعاملــون
النــاس اآلخريــن بوصفهــم أشــياء أو منافســن وحياولــون أيضـ ًا أن
كونــوا أنانيــن ،وهيتمــون بأنفســهم .
ويرفضــون التغذيــة الراجعــة ويلقــون الفشــل عــى اآلخريــن
ويلومنهــم بقســوة .
-2القائد الدبلومايس :
يفهــم الدبلومــايس العــامل مــن حولــه بطريقــة لطيفــة أكثــر
مــن طريقــة االنتهــازي ،لكــن يمكــن أن تكــون لطريقــة التفكــر
هــذه نتائــج ســلبية جــدا ً عندمــا يكــون القائــد يف املناصــب العليــا
للمؤسســة التــي ينتمــي هلــا .
حيــث خيــدم الدبلومــايس جمموعتــه بإخــاص ،ويســعى إىل
إرضــاء زمالئــه يف املناصــب العليــا جتنب ـ ًا للــراع .حيــث يركــز
99
منطق الفعل للقيادة بالقيم
بمنطــق الفعــل عــى حتكــم الفــرد يف ســلوكه أكثــر مــن تركيــزه عــى
الســيطرة عــى األحــداث اخلارجيــة ،ويصبــح الدبلوماســيني ســبب ًا
للمشــكالت يف املناصــب العليــا ألهنــم حياولــن جتنــب اخلــاف ،
والرتكيــز عــى العالقــات وحتييــد مواجهــة املشــكالت التــي يــرز
فيهــا الــراع التظيمــي أو أخطــاء العمــل الواضحــة .لذلــك
تكــون املبــادرة بالتغيــر مــع مايرافقهــا مــن خــاف ومعارضــة
أحــد التهديــدات املزعجــة للدبلومــايس وســوف يســعى جتنبهــا
قــدر اإلمــكان حتــى إىل درجــة حتطيــم الــذات .
-3القائد اخلبري:
يظهــر القــادة اخلــراء عــى عكــس االنتهازيــن الذيــن يركــزون
عــى حماولــة الســيطرة عــى العــامل مــن حوهلــم ،والدبلوماســيني
الذيــن يركــزون يف الســيطرة عــى ســلوكهم اخلــاص ،حيــث
حيــاول اخلــراء ممارســة الســيطرة والتحكــم مــن خــال حتســن
معرفتهــم يف حياهتــم املهنيــة والشــخصية ،ويتصفــون بالتفكــر
الصــارم واالتبــاع الكامــل لإلجــراءات واملفاهيــم اإلداريــة التــي
اســتوعبوها بالكامــل مــن خــال اطالعهــم املســتمر لتفاصيــل
وإجــراءات وأنظمــة العمــل .ونظــر ًا لثقتهــم بخربهتــم فإهنــم
يعتمــدون عــى البيانــات الدقيقــة واملنطــق يف جهودهــم .لضــان
املوافقــة عــى مقرتحاهتــم ودعمهــا .ويعانــون مــن ضعــف االهتــام
باجلوانــب األخــرى ذات العالقــة بالقيــادة كالتحفيــز واإلهلــام
والــرؤى االســراتيجية البعيــدة ،إهنــم يفكــرون يف حــدود
100
منطق الفعل للقيادة بالقيم
دائــرة وحيــدة تتعلــق باإلجــراءات والقوانــن وتراكــات اخلــرة
الوظيفيــة.
-4القادة ذوي اإلنجازات العالية :
هــذا النــوع مــن املديريــن يتحــدى املوظفــن ويســاندهم يف
الوقــت نفســه ،ويكــون معهــم فريقـ ًا إجيابيــا ً ويوجــد جــو ًا تعاونيـ ًا
بــن األقســام وحيرصــون عــى أن تكــون بيئــة العمــل إجيابيــة ،
ويركــزون جهودهــم عــى املخرجــات الفعليــة واألهــداف القابلــة
للتحقيــق .ويتقبلــون التغذيــة الراجعــة بصــدر رحــب ،وحياولــون
االســتفادة منهــا يف تــدارك األخطــاء ،لكــن أســلبوهم غالبــ ًا مــا
يمنــع التفكــر خــارج الصنــدوق .كــا أهنــم ال ينســجمون يف
التعامــل مــع املوظفــن والقــادة اخلــراء ،فمثـ ً
ا جيــد القائــد اخلبــر
أن مــن الصعــب عليــه تقبــل املديــر الســاعي إىل اإلنجــازات العاليــة
،ألنــه ال يســتطيع إنــكار نجــاح القائــد املنجــز مــع أنــه يشــعر بأنــه
أفضــل منــه .
-5القائد املتفرد :
يــدرك القائــد املتفــرد املواقــف العمليــة بطريقــة أكثــرا ً جتــردا ً
وتأوي ـ ً
ا ،ويســتطيع التعامــل مــع الفكــر املختلــف بصــورة متيــزه
عــن اآلخريــن أو عــن الفكــر الســائد ،ومــا يميزهــم أيضـ ًا إدراكهم
أنــه يمكــن حــدوث صــدام بــن مبادئهــم وأفعاهلــم أو بــن قيــم
مؤسســتهم وتطبيقهــا هلــذه القيــم ،حيــث يصبــع الــراع مصــدر
توتــر وإبــداع ،ويزيــد مــن الرغبــة يف إجــراء مزيــد مــن التطــور.
101
منطق الفعل للقيادة بالقيم
ويميــل املتفــردون أيضــا ً إىل جتاهــل القوانــن التــي يعتقــدون
أهنــا غــر رضوريــة ،وهــذا مــا جيعلهــم مصــدر توتــر لزمالئهــم
ورؤســائهم .
-6القائد االسرتاتيجي
القــادة االســراتيجيون يركــزون عــى القيــود والــرؤى
التنظيميــة التــي يتعاملــون معهــا عــى أهنــا أشــياء قابلــة للنقــاش
والتغيــر ،حيــث يتقنــون التحكــم يف التأثــر التنظيمــي لألفعــال
واالتفاقــات وفهــم الــرؤى املشــركة عــر طــرق الفعــل املختلفــة
باجتــاه كل مــا يشــجع التحــوالت التنظيميــة والشــخصية ،يتعامــل
االســراتيجيون مــع النــزاع بســهولة أكثــر مــن أصحــاب األنــاط
االخــرى ،ويتقنــون أيضــا ً معاجلــة الرفــض الغريــزي للتغيــر ،
وبالتــايل هــم أكثــر القــادة نجاحـ ًا يف إحــداث التغيــر والتحــوالت
التنظيميــة الشــاملة.
-7القائد الكيميائي :
هــذا النمــط مــن أكثــر األنــاط نــدرة يف مســتويات القيــادة ،
حيــث يكــون لدهيــم القــدرة عــى جتديــد أنفســهم ومؤسســاهتم
أو إعــادة اكتشــافها بطــرق ذات دالالت تارخييــة مهمــة ،ففــي
الوقــت الــذي يســتطيع فيــه االســراتيجي االنتقــال مــن إحــداث
التغيــرات مــن مرحلــة إىل أخــرى ،يتمتــع الكيميائــي بقــدرة عــى
التعامــل مــع مراحــل التغيــرات يف وقــت واحــد ،وخيتــر الكثــر
مــن اجلهــد والوقــت لفريــق العمــل ،ويتعامــل معوضــاع خمتلفــة
102
منطق الفعل للقيادة بالقيم
بمســتويات متعــددة حيــث يســتطيع أيضــا عــى خماطبــة امللــوك
والعامــة يف آن واحــد ،وهــو يســتطيع التعامــل مــع األولويــات
الرسيعــة ،لكنــه يف الوقــت ذاتــه ال يغفــل عــن األهــداف طويلــة
املــدى ،إهنــم ليســوا يف عجلــة مــن أمرهــم ،كــا أهنــم ال خيصصون
ســاعات طويلــة يف نشــاط واحــد بعينــه ،وعادة مــا يتمتعون بشــعبية
كبــرة وهــم أفــراد واعــون يعيشــون وفقــا ملعايــر أخالقيــة عاليــة ،
ويركــزون عــى احلقيقــة ،لكــن األهــم مــن كل هــذا هــو قدرهتــم
عــى التقــاط اللحظــات املهمــة يف تاريــخ مؤسســاهتم ،ويعتمــدون
نظ ـ ًا ورمــوز ًا وشــعارات تــأرس قلــوب النــاس وعقوهلــم .ويظهــر
بوضــوح أن منطــق الفعــل يف كل مســتوى يتأثــر تأثــر ًا مبــارش ًا
بمنطــق القيــم التــي يتبناهــا القائــد يف فهمــه وتفســره لســلوكياته
،ويف أفعالــه أثنــاء ممارســة القيــادة ،حيــث كان النمــط االنتهــازي
أبعــد هــذه األنــاط عــن االلتــزام بقيــم مرجعيــة حتــدد الســلوك ،
فالقيــادة بالقيــم يف هــذا النمــط شــبه منعدمــه ،وهــذا ســبب وجيــه
ليكــون حســب أبحــاث (روكــي وتوربيــت )2012 ،أقــل القــادة
نجاحــا ً وأكثرهــم رضر ًا بعمــل املؤسســة .بينــا نجــد يف أعــى ســلم
هــذا التصنيــف ( نمــط القائــد الكيميائــي) وهــو شــخصية يتبنــى
قيــم ومبــادئ ويعــرف كيــف يعكــس هــذه املبــادئ عــى املؤسســة
وأفرادهــا ،كــا أهنــم يتمتعــون بشــعبية كبــرة حلســن عالقتهــم
مــع اآلخريــن وقدرهتــم عــى تغيــر أنفســهم واآلخريــن باإلهلــام
وصناعــة الــرؤى املحفــزة للتغيــر ،وتتســم قيادهتــم باالرتــكاز
103
منطق الفعل للقيادة بالقيم
عــى معايــر أخالقيــة عاليــة ،كــا أهنــم هيتمــون باحلقيقــة ويتبنوهنــا
يف املواقــف املتعــددة لعمليــات القيــادة .
إن القيــادة بالقيــم كــا يشــر جيمــس وبوســنر (2005م) :
« يمكــن مــن خالهلــا معرفــة أن مــا يميــز أغلــب القــادة العظــاء
وأكثرالقــادة جذبــ ًا لإلعجــاب هــم أصحــاب املبــادئ وإيامهنــم
العميــق بــا حيملونــه مــن قيــم» ،وهــو مــا ذهــب إليــه (تــوم بيــر)
مؤلــف الكتــاب املشــهور (بحثــ ًا عــن االمتيــاز) الــذي أعطــى
نصيحــة جوهريــة واحــدة تفــي بجميــع األعــراض التــي تســاعد
املنظــات يف حتقيــق االمتيــاز وهــي »:عليــك بتحديــد منظومــة
القيــم» .
أخــر ًا ..ليــس مــن العســر عــى القائــد أن يفهــم نمــط املنطــق
لفعلــه ،بــل بإمكانــه تغيــر هــذا املنطــق ،وســتكون القيــادة
بالقيــم هــي املســار املناســب واملضمــون لنجاحــه وحتقيــق أهــداف
املؤسســة التــي يقودهــا .
104
املامرسات اخلاطئة يف األساليب اإلدارية
كيــف نتعلــم األمــر الصحيــح إذا مل يكــن لدينــا تصــورا واضحـ ًا
عــن األمــر اخلاطــئ؟ هكــذا تتجــه النظريــة العكســية يف تعلــم
األســاليب اإلداريــة ،حيــث يتــم تســليط الضــوء عــى املامرســات
اخلاطئــة مــن أجــل معرفتهــا وبالتــايل جتنبهــا ومــن ثــم يصبــح
االنتقــال إىل املامرســات الســليمة أكثــر وضوحــ ًا وســهولة .لقــد
كتــب الدكتــور عبــد اهلل عبــد اجلبــار كتاب ـ ًا حــول هــذا املوضــوع
بعنــوان (النظريــة العكســية يف تعلــم األســاليب اإلداريــة) وقــد
بــن فيــه بشــكل مفصــل أمهيــة التعــرف عــى األمــور الســلبية يف
أســاليب اإلدارة لتجنبهــا واتبــاع األســاليب اجليــدة .هــذه املنهجيــة
قــد اســتخدمتها الرشيعــة الدينيــة مــن قبــل .إن ديننــا اإلســامي
جيعلنــا دائــ ًا عــى وعــي باألمــور املنكــرة واخلاطئــة فيحذرنــا
منهــا وينبهنــا مــن الوقــوع فيهــا مــن أجــل أن يكــون االنتقــال
لألمــور الطيبــة والصحيحــة أكثــر فهــا ووعيــا ويــرا عــى الفــرد
واملجتمــع .مــن خــال هــذا املنظــور ســنناقش يف هــذا املقــال
املامرســات اخلاطئــة يف األســاليب اإلداريــة مــن أجــل التحذيــر
منهــا وتنبيــه القــادة واملديريــن مــن الوقــوع فيهــا ،ومــن ثــم يكــون
الســلوك املقابــل لــكل ســلوك ســلبي هــو الســلوك اإلجيــايب الــذي
نســعى مجيعــ ًا لتبنيــه يف املواقــف اإلداريــة املختلفــة.
105
املامرسات اخلاطئة يف األساليب اإلدارية
ولكــن كبدايــة نــود أن ننطلــق مــن مســلمة جوهريــة جيــب أن
تكــون واضحــة لــدى اجلميــع ،وهــي أن القائــد أو املديــر يف أســاس
تكوينــه البــري ليــس منزهــا عــن اخلطــأ أو اخللــل ،إذا أردنــا مــن
القائــد أو املديــر أن يكــون إنســان ًا بــا أخطــاء فنحــن نخالــف
الطبيعــة البرشيــة ،إذ ال يوجــد إنســان كامــل منــزه عــن األخطــاء،
نحــن عندمــا نتكلــم عــن القــادة واملديريــن فنحــن ال نتكلــم عــن
أنبيــاء معصومــن ،بــل نتكلــم عــن بــر معرضــون للتقصــر
البــري وعــدم الكــال .إننــا ال نتحــدث هنــا عــن األخطــاء
اهلامشــية واإلنســانية التــي يقــع فيهــا معظــم النــاس ،مــا نتطــرق
إليــه يف مقالنــا هــو تلــك األخطــاء الكبــرة والشــاذة جــد ًا والتــي
لــن يســتقيم معهــا عمــل القائــد أو املديــر .إهنــا أخطــاء يمكــن أن
تدمــر بيئــة العمــل ،وتــورث لــدى املوظفــن النفــور والكراهيــة،
وهــي مســببة خلســارات كبــرة يف اإلنجــاز واألداء والنتائــج .مــن
هنــا جــرى التنويــه والتحذيــر منهــا ألهنــا غــر قابلــة للســكوت أو
التغــايض.
يمكــن حتديــد أبــرز املامرســات اخلاطئــة يف األســاليب اإلداريــة
فيــا يــي :
-1إدارة البعــد الواحــد :ونعنــي هبــا أن القائــد أو املديــر يتخــذ
أســلوب ًا واحــد ًا يف اإلدارة أو القيــادة ،فيتبنــى مث ـ ً
ا بعــد العالقــات
اإلنســانية ويتعامــل مــع أي مشــكلة أو موقــف إداري هبــذا املبــدأ
ويعتقــد أن مبــدأ العالقــات اإلنســانية هــو األســلوب واحلــل
106
املامرسات اخلاطئة يف األساليب اإلدارية
لــكل املشــكالت واملواقــف التــي متــر عليــه .واحلقيقــة أنــه عندمــا
يتبنــى املديــر أســلوب ًا واحــد ًا يف اإلدارة فهــو كمــن حيــاول فتــح كل
األبــواب بمفتــاح واحــد ،وهــو يتصور يف هــذه احلالة أن املشــكالت
واملواقــف اإلداريــة كلهــا واحــدة فبعضهــم -عــى ســبيل املثــال -
قــد يتبنــى أســلوب العقــاب كأســلوب واحــد يف اإلدارة ،فيســائل
ويلــوم ويلفــت النظــر وخيصــم عــى مجيــع املواقــف التــي تواجهــه
يف العمــل ،ومثــال آخــر أن يواجــه القائــد أي مشــكلة تواجههــا
املؤسســة بحــل تقليــل التكاليــف ،واحلقيقــة أن هــذا احلــل ليــس
عــى الــدوام ح ـ ً
ا ســليام ً يف مواجهــة األزمــات املاليــة للمؤسســة
ألن حــل مثــل هــذا قــد ينقــل املؤسســة مــن حالــة املــرض إىل
حالــة النهايــة والوفــاة .القيــادة الناجحــة تعتمــد يف قيادهتــا عــى
أبعــاد متعــددة وأســاليب متنوعــة كل أســلوب منهــا يناســب احلالــة
واملوقــف اإلداري الــذي تواجهــه ،فليــس هنــاك أســلوب ًا واحــدا ً
يصلــح لــكل احلــاالت واملواقــف.
-2التضخيــم والضغــط النفــي :يقــوم املديــر أو القائــد
يف هــذه املامرســة بتضخيــم املشــكالت التــي تواجــه املؤسســة إن
كان صغــرة يعمــل عــى تضخيمهــا وإن كانــت كبــرة فإنــه يعمــل
عــى جعلهــا أمــر ًا هائ ـ ً
ا يســتحيل التعامــل معــه ،كــا أنــه يســتمر
يف الضغــط النفــي عــى املوظفــن يف غالــب املواقــف اإلداريــة،
قــد حتتــاج أي إدارة أن جتعــل املوظفــن يقعــون حتــت تأثــر مقنــن
وحمــدد وغــر مســتمر مــن الضغــط مــن أجــل حتقيــق نــوع مــن
107
املامرسات اخلاطئة يف األساليب اإلدارية
التحــدي يف بيئــة العمــل ورفــع طاقــة املوظفــن ملزيــد مــن اإلنجــاز
وحتقيــق النتائــج اجليــدة ،لكــن املديــر الــذي يعتمــد عــى التضخيــم
والضغــط النفــي ال يقــوم بذلــك بشــكل مقنــن أو مــدروس ،إنــه
يشــعر أن مــن الــازم أن يعيــش املوظفــن يف حالــة مــن الضغــط
واهللــع مــن خــال تضخيــم األمــور ،ولألســف تكــون النتيجــة أن
املوظفــن يشــعرون باإلحبــاط واإلرهــاق النفــي الــذي جيعلهــم
يكرهــون حلظــات الذهــاب للعمــل صباحـ ًا ،بــل وجيعلهــم يقعــون
يف األخطــاء بشــكل متكــرر ،وتضعــف دافعيتهــم وانتامئهــم
للمؤسســة .لكــن القــادة العظــاء ال يلجئــون أبــد ًا ملثــل هــذا
األســلوب ،إذ ينطبــق عليهــم قــول املثــل « العظــاء يعتــرون
املتاعــب واملشــكالت الكبــرة أمــور هينــة ،وينظــرون لألمــور
اهلينــة عــى أهنــا ال يشء عــى اإلطــاق « ،يف احلقيقــة أن تضخيــم
املشــكالت التــي تواجــه القــادة يف العمــل لــن تزيدهــم إال تعبــ ًا
ومشــقة ،أعــط كل يشء قــدره املناســب فــإن أعطيتــه أكــر مــن
حجمــه صعــب عليــك التعامــل معــه .جيــب عــى القائــد أو املديــر
جتنــب تضخيــم املشــكالت ألنــه ســينظر هلــا بصــورة غــر واقعيــة،
وســيتخذ اإلجــراء املبنــي عــى توهــم نفــي خاطــئ ناتــج عــن
الضغــط النفــي ،انظــر للمشــكلة يف حجمهــا املجــرد والطبيعــي
وتعامــل معهــا بعيــد ًا عــن مشــاعر الرعــب أو القلــق املبالــغ فيــه.
-3الفضــول والتدقيــق :يــارس املديــر يف هــذا النــوع مــن
األخطــاء ،حالــة مــن الفضــول عــى املوظفــن والتدقيــق الشــديد
108
املامرسات اخلاطئة يف األساليب اإلدارية
يف أعامهلــم ،إنــه ال يقبــل أن يكــون هنــاك موضــوع يف املؤسســة غــر
ملــم بــه ســواء كان يعنيــه هــذا املوضــوع أوال يعنيــه ،وإذا طلــب
مــن أحــد املوظفــن إنجــاز عمــل مــا فإنــه يغرقــه يف تفاصيــل كيفيــة
إنجــاز هــذا العمــل للدرجــة التــي ال جيعــل معهــا للموظــف أي
قــدرة عــى العمــل الــذايت .يســر عــامل النفــس الشــهري إىل إشــارة
مهمــة أمــام هــذه احلالــة النفســية فيقــول « التدقيــق الزائــد يف مجيــع
التفاصيــل حيوهلــا إىل أشــياء مهمــة ،بينــا األمــر مل يكــن يتطلــب
ســوى نظــرة رسيعــة « وكــا يقــول جــاك كانفيلــد « جتاهلــك
لبعــض األمــور يعــر عــن نضجــك « الفضــول والتدقيــق يــيء
ملــزاج املوظفــن ويشــعرهم وكأهنــم مراقبــن ،كــا أنــه مــن املرهــق
ألي مديــر تتبــع كل مــا حيــدث يف املؤسســة وحماولــة فــرض نفســه
فيــه .وكــا يقــال نصــف احلكمــة يف التغافــل ،املديــر الناجــح أقــل
فضــوالً بالنــاس ،أكثــر فضــوالً باإلنجــاز ،وعــى القائــد أو املديــر
أال يوجــه املوظفــن بشــكل دائــم إىل كيفيــة أداء أعامهلــم ،عليــه أن
خيربهــم بشــكل مبــارش باملطلــوب ،وســيفاجئونه بابتكاراهتــم.
-4األنانيــة وحــب الظهــور :يف هــذه احلالــة يصبــح املديــر
حمبــ ًا للظهــور والتصــدر باإلنجــازات عــى حســاب أصحاهبــا
وينســب الفضــل لنفســه بينــا جيعــل جهــود البقيــة جهــودا ثانويــة
وال تســتحق اإلشــادة ،ويف هــذه احلالــة يصبــح املديــر حماطــ ًا
بمجموعــة مــن الدعائيــن واملنافقــن الذيــن يلمعــون كل يشء
للمديــر ويزيــدون مــن شــعوره حلــب الظهــور واألنانيــة حتــى
109
املامرسات اخلاطئة يف األساليب اإلدارية
يصبــح املديــر يف هــذه احلالــة يــرى أن قضيــة متجيــده والتصفيــق
لــه أمــر ًا حمســوم ًا ورضوريــ ًا ،ومثــل هــذه املشــاعر كفيلــة أن
جتعــل املديــر يبتعــد متامـ ًا عــن املهمــة األساســية لعملــه ويدخــل يف
متاهــة نفســية تضيــع وقتــه وجهــده عــن التطويــر واإلنجــاز .يقــول
الدكتــور جــال أمــن كالمــ ًا رائعــ ًا يف هــذا الصــدد « إذا قمــت
بعمــل ألن هــذا مــا أمــاه عليــك ضمــرك وأمانتــك فلــن يزيــدك
رشفــ ًا إشــادة النــاس بعملــك ولــن يقلــل مــن رشفــك أن أحــد ًا
مل يشــد بــه أو يذكــره « وهــذا أمــر حقيقــي جــد ًا .فاملعيــار الــذي
يفــرض أن يكــون هــو املعيــار األصيــل الــذي جيعلــك راضيـ ًا عــن
أداء عملــك هــو ضمــرك وإحساســك الداخــي بأنــك قمــت بــا
جيــب عليــك القيــام بــه ،ثــم يــأيت رأي النــاس يف املرتبــة األخــرى
لتتأكــد أن مــا تنجــزه حيقــق رضــا املســتفيدين عــن املؤسســة وليــس
عنــك أنــت شــخصي ًا.
-5الصداميــة :وهــو ســلوك جيعــل املديــر متســاه ً
ال يف التصادم
مــع املوظفــن أو العمــاء ،فيصبــح املديــر يتصــادم مــع املوظــف
اجليــد وغــر اجليــد عــى حــد ســواء .إن هــذا الســلوك لــه عواقــب
وخيمــة ال تغيــب إال عــن قليــل احلكمــة والنضــج .الصدامــات
املتكــررة جتعــل بيئــة العمــل غــر مرحيــة وغــر ســعيدة ،كــا أهنــا
جتعــل املوظفــن ينشــغلون بشــكل كبــر عــن أهــداف العمــل،
وتصبــح املؤسســة أو اإلدارة أماكــن طــاردة للموظفــن املتميزيــن
وبيئــة غــر جاذبــة للكفــاءات اخلارجيــة ،ومــن الصعــب تصــور
110
املامرسات اخلاطئة يف األساليب اإلدارية
حالــة مديــر ملؤسســة مــا يقــع عليهــا هــذا الوصــف ألهنــا ســتصبح
ذات ســمعة ســيئة وغــر حمببــة ال ملــن هــو بداخلهــا وال ملــن يفكــر
باالنتقــال إليهــا .كيــف يــرىض قائــد ًا أن تكــون حالــة مؤسســته
عــى هــذا احلــال .لذلــك ليتذكــر القــادة دائــا أن العالقــات اجليــدة
يف العمــل تصنــع الفــارق الكبــر يف حتســن البيئــة وجاذبيتهــا ،وأن
النــاس يأرسهــم اإلحســان وينفرهــم الصــدام والقســوة.
-6اخلــوف والتشــكك :ليــس هنــاك مــا جيعــل اإلنجــاز
واإلبــداع مســتحي ً
ال مثــل اخلــوف مــن الفشــل ،وعــدم الثقــة يف
العاملــن .فاخلــوف املتكــرر يف العمــل جيعلنــا يف النهايــة نكــره
العمــل .وانتشــار الشــك بــن أفــراد املؤسســة جيعلهــا مؤسســة
مفككــة مــن الداخــل .عندمــا توضــع يف مركــز القيــادة جيــب عليك
أن تتحمــل املســؤولية وأال تعيــش مرعوبـ ًا مــن الفشــل أو مــن آراء
اآلخريــن ،وكــا يقــال ال جتعــل اخلــوف مــن الوقــوع يف األخطــاء
يمنعــك مــن تســديد الكــرة .إن املديــر اخلائــف مــن اختاذ القــرارات
بشــكل مســتمر أو يشــكك يف اآلخريــن وفياملوظفــن ســيفقد ثقــة
واحــرام املوظفــن .قــد حيتــاج العمــل إىل قــدر مقنــن ومــدروس
مــن التخــوف الــذ يبــر بالتوقعــات ويمنــع مــن التهــور ،لكــن
قــدر كبــر مــن اخلــوف يــورث الــردد وبــطء اإلنجــاز والفشــل.
-7النرجســية املعرفيــة :يكــون املديــر يف هــذه املامرســة
متقوقعــ ًا حــول آرائــه وخربتــه ،فهــو يــرى أنــه صاحــب الــرأي
الســديد يف كل موقــف ،وأن خربتــه ومعرفتــه تفــوق اجلميــع ،وأن
111
املامرسات اخلاطئة يف األساليب اإلدارية
بإمكانــه أن يتعــرف عــى حــل أي مشــكلة بمجــرد عرضهــا عليــه،
وأن آراء اآلخريــن تنقصهــا اخلــرة التــي يمتلكهــا ،فهــو بتعبــر
أدق يكــون واقعـ ًا يف الغــرور املعــريف ،والغــرور املعــريف مــا هــو إال
وجــه مــن أوجــه اجلهــل ،ألن اإلنســان مهــا بلغــت معرفتــه يظــل
دائــ ًا وأبــد ًا بحاجــة للتعلــم وســاع اآلراء املختلفــة واالســتفادة
مــن وجهــات النظــر .الغــرور املعــريف قــد يولــد للقائــد الطغيــان يف
اختــاذ القــرارات .ومــن صفــات القــادة األذكيــاء احساســهم بأهنــم
بحاجــة للتعلــم مــن اآلخريــن ،كمديــر دائــ ًا اجعــل قاعدتــك
الذهبيــة أن تســتفيد مــن آراء املوظفــن والرؤســاء والعمــاء ،فقــد
يكــون لــدى أحــد منهــم مــن ســداد الــرأي مــا يفــوق تصــورك.
-8غيــاب القيــم احلاكمــة :ال يمكــن لإلنســان أن يصبــح قائد ًا
قبــل أن يكــون إنســان ًا صاحــب مبــادئ وقيــم .القائــد الــذي حي ِّكــم
القيــم يف مؤسســته سيشــهد لــه حتــى أعدائــه بصالحــه ونزاهتــه،
كــا أن غيــاب القيــم يف ســلوك املديــر يــؤدي إىل غيابشــعبيته ،وتذكر
أن الشــعبية هــي أن حيرتمــك النــاس عندمــا تغــادر منصبــك كــا
حيرتمــوك عندمــا تســتلمه .إن القائــد الصــادق األمــن لــن يتمكــن
أي قلــب مــن مقاومــة دخولــه .والقيــادة بالقيــم تعنــي أن املحــرك
الرئيــي للنجــاح واإلنجــاز واإلتقــان هــو القيــم وليــس اللوائــح
واألنظمــة فحســب.
-9غيــاب املعرفــة املهنيــة :حيــث يكــون القائــد يف هــذه احلالــة
غــر ملــم بإجــراءات ولوائــح العمــل أو األمــور الرئيســية واملهمــة
112
املامرسات اخلاطئة يف األساليب اإلدارية
يف نشــاط املؤسســة التــي يعمــل هبــا .إمــا ألنــه جديــد عىل املؤسســة
أو ألنــه مل يعطــي نفســه الوقــت الــازم لتعلــم تلــك اللوائــح
واألنظمــة والترشيعــات .واحلقيقــة أنــه ليــس هنــاك مــن موقــف
أصعــب عــى املوظــف مــن التعامــل مــع مديــر غــر ملــم باملفاهيــم
واللوائــح والقوانــن والترشيعــات اخلاصــة بالعمــل .إذ كان الديــر
جديــد ًا عــى اإلدارة فأبســط يشء يمكنــه القيــام بــه أن يعتمــد عــى
أصحــاب اخلــرة ومشــاورهتم قبــل اختــاذ القــرارات ولكــن هــذا
ال يعنــي أن جيعــل الوقــت يمــر دون أن يــدرك ويســتوعب متامــ ًا
كل املفاهيــم واألنظمــة اخلاصــة بعملــه اجلديــد .إن احلــل الوحيــد
لغيــاب املعرفــة املهنيــة يف العمــل هــو أن يقــي املديــر أكــر وقــت
ممكــن لتعلمهــا واســتيعاهبا مــن خــال التعلــم والتعلــم والتعلــم.
كــا أن االســتفادة مــن خــرات املوظفــن القدامــى تســاعد املديــر
يف فهــم كل اإلجــراءات والقوانــن املتبعــة داخــل العمــل .تعــد
هــذه أبــرز املامرســات اخلاطئــة يف األســاليب اإلداريــة التــي جيــب
احلــذر مــن الوقــوع فيها،واملبــادرة للتخلــص منهــا يف أرسع وقــت
حــال الوقــوع فيهــا ،ملــا هلــا مــن آثــار ســلبية جــد ًا عــى بيئــة العمل،
وعــى معنويــات املوظفــن ،وممــا ال شــك فيــه أن مــا يقابلهــا مــن
ســلوكات إجيابيــة هــي اهلــدف املنشــود هلــذا املقــال ،فاهلــدف مــن
معرفــة الســلوك الســلبي هــو االجتــاه إىل مــا يعاكســه مــن الســلوك
اإلجيــايب بعــد أن تكــون صورتــه باتــت أكثــر وضوح ـ ًا وســهولة.
113
القيادة بمفهوم الفضيلة
114
القيادة بمفهوم الفضيلة
بــل إنــه يفهــم احلــزم واللــن يف إطارمهــا البنــاء املفيــد للموظــف
املتميــز أو املوظــف املتــواري عــن األنظــار .ويــدرك أنــه ال يقــود
املوظفــن بســلطته الرســمية فحســب ،وإنــا بقدراتــه األخــرى يف
حســن التواصــل معهــم وكســب ثقتهــم ووالئهــم .
* إن القائــد احلقيقــي هــو الشــخص الــذي لديــه رؤيــة واضحــة
للمســتقبل الــذي جيــب أن تكــون عليــه املؤسســة التــي يقودهــا
(وزارة -جامعــة -مدرســة -رشكــة ) ،وأن يــدرك كيــف ســتكون
عــى مســتوى النتائــج وعــى مســتوى األداء ،وكذلــك عىل مســتوى
الــروح العامــة التــي حتــرك ســلوك املوظفــن وعالقتهــم بالقيــادة
وعالقتهــم ببعضهــم البعــض ومــدى انتامئهــم ووالئهــم للمنظمــة
،ومــدى تطلعهــم ملزيــد مــن النجــاح والتطــور عــى مســتواهم
الشــخيص وعــى مســتوى املؤسســة التــي يعملــون هبــا.
* إن القائــد احلقيقــي هــو الشــخص الــذي لديــه الرغبــة
الصادقــة والعزيمــة القويــة لتحويــل األحــام والطموحــات
إلىواقــع حقيقــي وملمــوس .إنــه قــادر أوال عــى الطمــوح
فهــو ال يكتفــي بالوضــع الراهــن ،كــا أنــه قــادر عــى حتريــك
احلشــود نحــو ذلــك الطمــوح واقناعهــم بــأن األمــر يقــع ضمــن
مســؤولياهتم جتــاه أنفســهم وجتــاه مســتقبل املؤسســة .إنــه يفتــح
اآلفــاق للعاملــن بــأال يكتفــوا باســتيعاب الواقــع واألداء احلــايل ،
بــل يثــر يف أنفســهم الرغبــة والتأمــل يف الوضــع الــذي جيــب أن
تتقــدم لــه املؤسســة يف املســتقبل .
115
القيادة بمفهوم الفضيلة
* هنــاك جمموعــة مــن القيــم التــي تشــكل مفهــوم الفضيلــة
ويمكــن اعتبارهــا االســراتيجيات األساســية للفكــر القيــادي
الــذي ينطلــق مــن هــذا األســاس :
من هذه القيم القيادية التي متثل الفضيلة :
-1قــول احلقيقــة ( truthالصــدق ) :ويعنــي ذلــك أن تكــون
صادقــا مــع نفســك ومــع األخريــن مــن حولــك وأن يكــون هنــاك
اتســاق بــن مــا تقــول وبــن مــا تعمــل وأن يكــون مــا يظهــر عليــك
هــو انعــكاس ملــا بداخلــك وأن مــا تســمح لآلخريــن بــأن يعتقــدوه
عنــك جيــب أن يمثــل حقيقتــك .فهــي الســبيل لتحقيــق األهــداف
بعيــد ًا عــن ممارســات الكــذب والغــش والتحايــل ،إن احلقيقــة
ترســخ االلتــزام باملســؤولية يف احلفــاظ عــى الوعــود واألمانــات ،
وكذلــك عــدم الــردد يف الترصيــح بوجهــة النظــر واإلفصــاح عــن
الــرأي والقناعــات .قــول احلقيقــة يعنــي العمــل وفــق منهجيــة
تراعــي احلقيقــة وحتــرص عــى عــدم التعتيــم عليهــا أو تشويشــها
بــا يكفــل للعاملــن يف املنظمــة الشــعور بالطمأنينــة واالســتقرار
النفــي واســتناد تعامالهتــم عــى أســس مــن املصداقيــة والوضــوح
.ممــا يتطلــب مســتويات متقدمــة مــن الثقــة املتبادلــة التــي تنشــأ من
األســاس عــى هــذه القيمــة العظيمــة .
-النزاهة واألمانة integrity
إن النزاهــة واألمانــة أثمــن يشء يمتلكــه اإلنســان ألهنــا متثــل
صــوت الضمــر احلــي لديــه وذلــك ألهنــا هــي التــي جتعلنــا
116
القيادة بمفهوم الفضيلة
نتمســك بمبادئنــا وأن نقــاوم إغــراءات الســلطة واملكانــة والنفــوذ
واملــال وعندمــا نتكلــم عــن النزاهــة فنحــن ال نقصــد احلــذر مــن
الوقــوع يف الرسقــة أو االختــاس فحســب ألن مــن يفعــل ذلــك
فــإن مكانــه الطبيعــي هــو الســجن وليــس املنصــب القيــادي
نحــن نتحــدث عــن النزاهــة بمفهومهــا الشــامل والواســع؛ إهنــا
احرتامــك حلقــوق العاملــن معــك وإرشــادهم هبــا .إهنــا حرصــك
أال تقطــع وعــدا ال تســتطيع تنفيــذه .إهنــا التزامــك بكافــة األمــور
التــي يتوقعهــا أتباعــك واملســتفيدون مــن عملــك أن حتققهــا هلــم .
فهــي شــكل مــن أشــكال احلــس العــايل باملســؤولية ،وحالــة مــن
أهــم حــاالت الضبــط للســلوك وهــو ذلــك الضبــط النابــع مــن
الــذات ومــن عوامــل شــد وتوتــر داخليــة تنشــط تلقائي ـ ًا لتجعــل
اإلنســان -القائــد يف هــذه احلالــة ال يعــرض قرارتــه وخطواتــه
اإلداريــة عــى حمــكات قويمــة ،وحتــت رادع مــن النــداء األخالقــي
الــذايت ،بحيــث حيقــق املصلحــة للجميــع دون أهــواء خاصــة أو
منافــع شــخصية .
-3االلتزام commitment
وتعنــي التــزام القائــد بواجباتــه ومســؤولياته العمليــة واملهنيــة
واألخالقيــة التزامــا كامــا واالبتعــاد عــن تســيري األمــور كيفــا
اتفــق وكذلــك التزامــه أن يكــون هــو والعاملــن معــه يف املســتقبل
أفضــل ممــا هــم عليــه اآلن وأن يســتمروا يف الطموحــات والرغبــة
يف حتقيــق اإلنجــازات واالســتزادة مــن املعرفــة والعلــم يف جمــاالت
117
القيادة بمفهوم الفضيلة
أعامهلــم .فالنجــاح لــن يــأيت باملصادفــة ،وخللــق الظــروف اجليــدة
للنجــاح البــد أوالً مــن التــزام القائــد عــى خلــق مثــل هــذه
الظــروف ،وعــى حتســن األداء ،وعــى زيــادة وعــي أفــراد املؤسســة
بقدراهتــا وإمكانياهتــا والواجبــات التــي عليهــم القيــام هبــا مــن
أجــل احلفــاظ عــى املكتســبات وتنميتهــا واســتثامرها االســتثامر
األمثــل.
كــا تتجــى قيمــة االلتــزام أيضـ ًا ،يف الوفــاء بالوعــود التــي يتــم
قطعهــا ألي جهــة كانــت ســواء للموظفــن أو العمــاء ،إن مثــل
هــذه الوعــود مل تقطــع ملجــرد كســب الثقــة فــرة مــن الوقــت ثــم
فقداهنــا لألبــد ،وإنــا هــي حمــظ إلتــزام جيــب أن يعمل عليــه اجلميع
حتــى تســتمر الثقــة وتكــر مــع كل إنجــاز ومــع كل مســتحق مــن
املســتحقات .ذلــك أيضــا ً ينطبــق عــى املعايــر واملــؤرشات ،إن
القائــد ملــزم بــأن جيعــل هــذه املعايــر موضــع التنفيــذ احلقيقــي
،وموضــع االلتــزام يف التطبيــق واملامرســة مــن اجلميــع عــى حــد
ســواء ،إن أي تنــازالت حــول ذلــك يعنــي خلــل يف منــاخ االلتــزام
العــام ،ممــا ســيؤدي يومــا مــا لتصبــح املعايــر باملؤسســة جمــرد
شــعارات اجلميــع يعــرف أهنــا جمــرد حــر عــى ورق ،وهــذا مــا ال
يتمنــاه أي قائــد حقيقــي ملؤسســة ناجحــة .
-4الرأفة واإلحساس باالخرين compassion
إن الرأفــة واحلنــو عــى اآلخريــن تعتــر أهــم خاصيــة يتمتــع هبــا
اإلنســان أكثــر مــن غــره مــن خملوقــات اهلل األخــرى عــى هــذه
118
القيادة بمفهوم الفضيلة
األرض وهــي تعنــي الرغبــة الصادقــة يف مشــاركة اآلخريــن يف
معاناهتــم ومتاعبهــم ومصائبهــم إهنــا الرغبــة الصادقــة ليــس يف
حتمــل الذنــب ولكــن يف حتمــل املســؤولية اإلنســانية واألخالقيــة
جتــاه مصــاب اآلخريــن وآالمهــم بحكــم كوننــا أوالً وأخــرا نحــن
مجيعــا بــر .فمفهــوم اإلحســاس باآلخريــن ينمــو حتــى حيقــق
أرقــى أشــكال التضامــن يف املؤسســة أو املنظمــة ،وهــو مســتوى
مــن التعايــش بــن املوظفــن ينقلهــم مــن الغوغائيــة أو التنافســية
املنفلتــة إىل مســتوى مــن التعــاون والتــآزر تكــون الســيطرة فيــه
للخــر العــام والوقــوف مــع مــن يتعــرض ملصــاب أو طــارئ
يســتحق معــه ممــن حولــه أن يكونــوا عــى قــدر مــن اإلنســانية
والتعاطــف النبيــل معــه .فاملؤسســة يفــرض دائ ـ ًا أن تكــون بيت ـ ًا
ألرسة متضامنــة مــن املوظفــن .
119
ماذا يعني أن تصبح مديرا؟
120
ماذا يعني أن تصبح مديرا؟
شــخصية جديــدة تســلطية أو ودودة أو متذمــرة أو متعاليــة بمجــرد
تــويل منصــب قيــادي ؟
إن هــذا مالحــظ كثــر ًا يف مياديــن العمــل واألمــر يتعــدى
حــدود التكلــف البســيط إىل تغــر حمــوري يف الســلوك ويف النظــرة
للموقــف اإلداري بكاملــه .إذ يــؤول ذلــك إىل أشــكال مــن الرصاع
اإلداري والتنظيمــي ناجتــة عــن ابتعــاد الوعــي واملخيلــة اإلداريــة
عــن حقيقــة الواقــع الراهــن ،ومــع مــرور الوقــت تتحــول طبيعــة
املديــر اجلديــد إىل طبيعــة غريبــة حتــى عــى نفســه ،وجيــد نفســه
منخرط ـ ًا يف رصاعــات جانبيــة ليــس هلــا عالقــة ال مــن قريــب وال
مــن بعيــد بأهــداف املؤسســة التــي يقــوم بإدارهتــا .
يف هــذا الصــدد يذكــر (جــر وارنــر) يف كتابــه « مــكان العمــل
اخلــايل مــن الدرامــا « أن أكثــر مــا يتأثــر بــه املديــر اجلديــد هــو مــا
احتــواه عقلــه الباطــن مــن ســلوك رؤســائه الســابقني طيلــة فــرة
خربتــه يف العمــل ،وأن كثــر ًا مــن ســلوكيات املديــر ختضــع لصــور
نمطيــة ســلبية كانــت أو إجيابيــة تلقفهــا موقــع الذكريــات يف الذهــن
الالواعــي ،ممــا جيعــل املديــر يتــرف بإمــاء داخــي ألشــخاص
آخــرون وتلــك أكــر نقطــة ضعــف تشــكل الســلوك اإلداري
املضطــرب للمديــر اجلديــد .
إن مــا ذكــره (وارنــر) يف ظنــي جــزء مــن لوحــة كاملــة للموقــف
اإلداري ،حيــث يشــر خــراء علــم النفــس أن انتقــال الشــخص
مــن موقــع املــرؤوس إىل موقــع الرئيــس حيــدث هــزة نفســية بشــكل
121
ماذا يعني أن تصبح مديرا؟
أو بآخــر لــدى الشــخص وتتداعــى ألجلهــا كثــر مــن اخلواطــر
والعواطــف والذكريــات ؛ فربــا كلمــة أو معنــى أو مفهــوم أو مبــدأ
تلقفــه املديــر اجلديــد يف مــكان مــا وحتــت تأثــر موقــف ما ؛ يشــكل
توجيــه قــري للقــرارات التــي ســيتخذها حيــال املؤسســة أو حيال
املرؤوســن .وليــس أســوأ مــن تلــك الثقافــة الســلبية التــي تــدور
بــن املديريــن يف جلســاهتم العامــة إذ ينحــو ســلوكهم يف غالــب
األحيــان لالعتــداد بمواقفهــم اإلداريــة والقياديــة ،واملفاخــرة
بأســاليبهم يف إدارة املواقــف املختلفــة ،وبــذل النصائــح للمديريــن
اجلــدد وفــق نظــرة تتســم بأهنــم يملكــون احلقيقــة واجلــدارة الكاملة
فيــا يقومــون بــه يف حــن أن مؤسســاهتم وإداراهتــم حتقــق فشــا
مالحظ ـ ًا يناضلــون مــن أجــل عــدم االقتنــاع واالعــراف بــه !
إن الــذي تؤكــده الدراســات احلديثــة يف علــم اإلدارة أن الســات
الشــخصية هلــا ذلــك األثــر املالحــظ يف العمليــة القياديــة غــر أهنــا
ليســت األولويــة حــن تســنم منصــب مــا ملديــر جديــد ،وإذا حتــول
املديــر إىل شــخص هنــم للمزيــد مــن الصالحيــات التــي ال حيتاجهــا
إنــا يســعى مــن خالهلــا ملزيــد مــن الســيطرة واالنتشــاء النفــي
وملزيــد مــن النفــوذ لتغذيــة احتيــاج ذايت تتحــول حينهــا اللعبــة
اإلداريــة برمتهــا إىل لعبــة ســاذجة ورصاع ودرامــا إداريــة تأخــذ
الرئيــس واملــرؤوس إىل مزيــد مــن التخبــط والضيــاع !
لذلــك تكمــن احلكمــة اإلداريــة الســليمة بــأن تكــون أوىل
أولويــات املديــر اجلديــد ليــس األثــاث املكتبــي الفاخــر ،وال
122
ماذا يعني أن تصبح مديرا؟
األناقــة املبالــغ فيهــا ،وال اجــرار العبــارات الدبلوماســية
املمجوجــة ،وال فتــح أبــواب الــراع عــى الســلطة ،وإنــا
بالرتكيــز عــى أهــداف املؤسســة التــي يديرهــا ،ودراســة مواضــع
قوهتــا ومكامــن ضعفهــا ،والبــدء الفــوري بمعاجلــة األمــور
التــي تســتلزم املعاجلــة والتدخــل الرسيــع ،وإجيــاد بيئــة إداريــة
واجتامعيــة حمفــزة للعمــل ،ومــن ثــم وضــع خطــة عمــل للتطويــر
وليــس خطــة عمــل للتشــغيل .إذ إن املديــر يف املفهــوم احلديــث
إذا مل يضــع بصمتــه يف تطويــر املؤسســة التــي يديرهــا ،وإال هــو
يف حقيقــة األمــر جمــرد شــخص مســر لألعــال لــن يتغــر يشء يف
املؤسســة يف حــال وجــوده أو رحيلــه .
123
املبادئ اخلمسة للقيادة املؤثرة
124
املبادئ اخلمسة للقيادة املؤثرة
إن مبــادئ القيــادة هــي قيــم مطبقــة عملي ـ ًا ،لــذا فــإن امتــاك
قاعــدة صلبــة مــن املبــادئ ،واختبارهــا يف الظــروف الصعبــة
ســوف يمكــن القائــد مــن تطويــر املبــادئ التــي يســتخدمها يف
القيــادة بشــكل عــام ،حيــث تعمــل املبــادئ عــى إضفــاء مزيــد ًا
مــن العمــل املؤســي املمنهــج للقيــادة ،وجتعــل بيئــة العمــل مكانـ ًا
أفضــل يملــؤه الرضــا الوظيفــي والرغبــة يف اإلنجــاز ،وهــذا هــو
حتــدي القيــادة األصيلــة.
وقــد وضــع عــدد مــن علــاء القيــادة البارزيــن أمثــال بوســنر
،كــوزس ( )2008عــددا مــن املبــادئ املوجهــة لنجــاح العمليــة
القياديــة ،وحتقيــق النتائــج املرجــوة يف أي مؤسســة .وهــي كالتــايل:
-1املبدأ األول( :مبدأ وضع نموذج واضح لألداء):
* مــن املفــرض عــى القائــد أن يــارس ويطبــق وســائل وطــرق
يف قيادتــه للعمــل تنبــع مــن أفــكاره وآرائــه ،وأن يشــعر مــن حولــه
بمــدى إيامنــه واقتناعــه هبــذه األفــكار ،ويتحقــق ذلــك مــن خــال
حتــدث القائــد عــن النمــوذج املفضــل لــأداء بوضــوح وباســتمرار
أمــام اآلخريــن.
* كثــر مــن القــادة يتحــدث بإســهاب مبينــا انزعاجــه مــن
أســلوب األداء اخلاطــئ ،ويرتكــز حديثــه عــا ال يفــرض أن يقــع
املوظفــن فيــه مــن أخطــاء ،واحلقيقــة املهمــة التــي جيــب الرتكيــز
عليهــا أن يكــون حديــث القائــد دائــا يف اجتــاه أســلوب األداء
األمثــل وليــس العكــس .
125
املبادئ اخلمسة للقيادة املؤثرة
* مــن املهــم أن حيــدد القائــد النمــوذج األمثــل لــأداء حتديــد ًا
واضح ـ ًا للجميــع ووفق ـ ًا لألعــال املختلفــة لألقســام ،بحيــث ال
خيضــع األمــر لالجتهــادات الشــخصية أو التأويــل الزائــف ،عليــه
أن حيــدد مــا يريــد مــن املوظفــن بشــكل واضــح ودقيــق ،
* متــى مــا كان القائــد جمــرد شــخص يقلــد بشــكل أعمــى
ألفــكار وســلوكيات اآلخريــن فسيشــعر مــن حولــه أنــه رجــل ٍ
خاو
وتابــع وخيفــت بداخلهــم شــعور الــوالء لــه وتأييــده ومنارصتــه.
* عــى القائــد أن يقــود أتباعــه مــن منطلــق مــا يؤمــن بــه ،وال
حيــدث ذلــك بالــكالم فقــط .الــكالم مرحلــة رضوريــة ليفهــم
اجلميــع مبــادئ قائدهــم بصــورة واضحــة يرتافــق مــع ذلك ســلوك
القائــد الــذي يامرســه أمــام اﻵخريــن والــذي جيــب أن يمثــل
إيامنــه الفعــي ملبادئــه وآرائــه .
-2املبدأ الثاين (مبدأ احلث عىل رؤية مشرتكة)
* إن أي شــخص بــا مؤيديــن وبــا منارصيــن وبــا فريــق
عمــل خملــص ﻻ يمكــن أن يكــون قائــدا ولــن يتبعــه أي فــرد دون
أن يتأثــر برؤيتــه فالقائــد احلقيقــي هــو ذلــك الشــخص امللهــم
واملوحــي وصاحــب التطلعــات واآلمــال املســتقبلية .
* حتــى يتمكــن القائــد مــن طــرح رؤيــة مؤثــرة وموحيــة
وملهمــة ألتباعــه جيــب أن يكــون عــى درايــة وفهــم بآمــال
وطموحــات وتطلعــات مــن يقودهــم وأن يفتــح حــوار ًا مشــرك ًا
معهــم يقــوده لطــرح رؤيــة مؤثــرة تشــرك مــن خالهلــا تطلعاتــه
126
املبادئ اخلمسة للقيادة املؤثرة
وتطلعات اﻵخرين من حوله .
* البــد أن يمتلــك القائــد القــدرة عــى فهــم القضايــا املعقــدة
يف مؤسســته ،والقــدرة عــى رســم رؤيــة للمســتقبل تثــر محــاس
املوظفــن ،واخلــرة العمليــة لرتمجــة االســراتيجية إىل خطــة
ملموســة تتصــف بإمكانيــة التنفيــذ .
- 3املبدأ الثالث ( :مبدأ القيادة حتدي )
* القــادة احلقيقيــون أشــخاص مواجهــون وجريئــون إن لدهيــم
القــدرة عــى حتــدي اإلجــراءات العقيمــة التــي قــد يفرضهــا
النظــام املتبــع يف املؤسســة كــا أهنــم يؤمنــون أن التجربــة والفشــل
واملخاطــرة طريــق حتمــي لإلنجــاز والتطويــر .
* حيقــق القــادة التحــدي بطريقة مدروســة ،ﻻ بشــكل عشــوائي
أو شــخيص متهــور إذ أن إنجــاز حــاالت مــن االنتصــارات الصغرية
عــى بعــض املعوقــات يعطــي العاملــن ثقــة كبــرة يف أنفســهم
ويمدهــم بالرغبــة يف حتــدي املواقــف األكثــر خطــورة.
* يف املؤسســات التقليديــة والتــي تضــع عــددا كبــرا مــن
العراقيــل لإلنجــاز وتثقــل القــادة بالكثــر مــن اللوائــح والتعاميــم
والقــرارات املتضاربــة يصبــح مبــدأ التحدي أكثــر إحلاحـ ًا ورضورة
إذ أن جبــن القائــد عــن جتــاوز مثــل تلــك العقبــات ســيجعل العمل
رتيب ـ ًا ومعقــد ًا وبطيئ ـ ًا وتتأثــر ثقافــة املنظمــة بذلــك فينتــر فيهــا
الرتاخــي والكســل واالتــكال عــى اآلخريــن والســلبية التامــة جتــاه
التطويــر والتحســن.
127
املبادئ اخلمسة للقيادة املؤثرة
* هــذا املبــدأ يعطــي القائــد مزيــد مــن الــوالء والدعــم مــن
املوظفــن ،حيــث ســينظرون لــه كقائــد ذكــي يســتطيع مواجهــة
التحديــات دون الوقــوع يف أرضار أو خمالفــات متهــورة ،ويشــيع
جــو مــن اجلديــة واإلتقــان يف العمــل ،ويفتــح العقــول للتفــاؤل
والبحــث دائــا عــن حلــول للعقبــات والتحديــات التــي تواجــه
املؤسســة .
-املبدأ الرابع ( :مبدأ متكني اﻵخرين من الترصف)
* إن الــرؤى العظيمــة ﻻ تتحقــق بمجهــود فــردي فالقيــادة
جهــد فريــق *.إن القــادة الناجحــون يدركــون أن أســاليب األوامــر
والســيطرة والرقابــة الشــديدة والتــي كانــت ســائدة يف العصــور
القديمــة مل يعــد هلــا قبــول اﻵن وأهنــا أســاليب تعمــل عــى كبــت
املوظفــن وتقييــد قدراهتــم وبالتــايل يكــون إنتاجهــم وفــق احلــد
األدنــى مــن العمــل .
* القــادة املؤثــرون جيعلــون مــن حوهلــم يشــعرون بالقــوة والثقة
والقــدرة عــى التطويــر واإلبــداع ويعطوهنــم الفرصــة لالنطــاق
وللتــرف مــن خــال قدراهتــم وطاقاهتــم الكامنــة فــا يكبتــون
هــذه الطاقــات ألن العاملــن معهــم لــن يبذلــوا كل مــا يف وســعهم
ولــن يعملــوا بجهــد فــوق املطلــوب منهــم إذا جعلهــم القائــد
يشــعرون بالكبــت والضعــف واالتكاليــة .
* القــادة احلقيقيــون قــادرون عــى صناعــة القــادة اجلــدد ،إن
صدورهــم تتســع لــكل موظــف يرغــب الرتقــي والتطــور يف جمــال
128
املبادئ اخلمسة للقيادة املؤثرة
عملــه ،وحتــى أولئــك الذيــن يتعثــرون تبقــى األيــدي ممتــدة هلــم
ليعاجلــوا ســلوكهم وينهضــوا مــع فريــق العمــل ويشــاركوا يف
اإلنجــاز بعيــد ًا عــن التأنيــب املســتمر أو قطــع آماهلــم يف أن يكونــوا
موظفــن قادريــن عــى التميــز والعطــاء .
- 5املبدأ اخلامس ( :مبدأ التشجيع والتحفيز )
* جيــب عــى القــادة أن يشــجعوا أتباعهــم باســتمرار حتــى
يســتمروا بالعطــاء والعمــل عــى حتقيــق الرؤيــة املشــركة.
* هــذا التحفيــز والتشــجيع جيــب أن يكــون مدروســ ًا وذكيــ ًا
وصادقـ ًا يف الوقــت نفســه .إن التحفيــز وســيلة مهمــة الســتمرارية
األداء اجليــد ورفــع الــروح املعنويــة للموظفــن ،ومــامل حيقــق ذلــك
فقــد يعــود بالــرر والســلبية وفقــدان الثقــة بــن القائــد واﻵخريــن
مــن حولــه .
* النــاس حــن يــرون دجــاالً أو منافقـ ًا أو رئيسـ ًا ﻻ هــم لــه إال
صورتــه اإلعالميــة أو ذلــك الــذي يظهــر أمــام اﻵخريــن عــى أنــه
املحســن املتفضــل عليهــم سيســبب هلــم مثــل هــذا القائــد شــعورا
باالشــمئزاز وخيلــق أجــواء ســلبية بينهــم وبينــه.
* إن التحفيــز الــذي يقــوم عــى فهــم القائــد لعواطــف وقيــم
اﻵخريــن مــن حولــه ،وبالتــايل اختيــار وقــت وطريقــة التحفيــز
املناســبة والصادقــة لــكل شــخص يســتحقها بحســب املهمــة التــي
اســتطاع املوظــف إنجازهــا .
129
املبادئ اخلمسة للقيادة املؤثرة
* مــن أفضــل طــرق التحفيــز والتشــجيع خلــق أجــواء إجيابيــة
يف العمــل وإضفــاء روح املــرح واملحبــة والتعــاون بعيــدا عــن
التوتــر والضغينــة واملؤامــرات .
* يعــد التمكــن الوظيفــي مــن أهــم أشــكال التحفيــز للموظف
وذلــك مــن خــال إعطــاءه الصالحيــات املناســبة التــي تيــر
قدرتــه عــى اإلنجــاز بشــكل فعــال ،ودعمــه معنوي ـ ًا ومادي ـ ًا ممــا
يشــجع األداء املتميــز بــن مجيــع أفــراد املؤسســة .
تســاعد مثــل هــذه املبــادئ عــى إجيــاد نجــاح منظــم داخــل
املؤسســة ،يقــدر فيهــا املوظفــون القيــادة املؤثــرة ويتفاعلــون
بــاألداء معهــا بــل ويســعون إىل إجيادهــا ،حيــث متتــاز هــذه املبــادئ
بقدرهتــا عــى خلــق احلالــة الوظيفيــة املتحفــزة لإلنجــاز .وهــي
جتعــل مــن القيــادة أســلوب ًا أكثــر منهجيــة وأســهل كيفيــة ً ،إن
تطبيــق هــذا األســلوب مــن القيــادة املرتكــز عــى املبــادئ يعــد مــن
وجهــة نظــري املهمــة املتكاملــة للقيــادة .
130
خرافات عن القيادة
خرافات عن القيادة
131
خرافات عن القيادة
يعــد ملثــل هــذه اخلرافــات مــكان يف العمــل املؤســي .مــن هــذه
اخلرافــات مــا يــي :
*خرافــة حــق امللكيــة :وهــو اعتقــاد القائــد أو املرؤوســن بــأن
القائــد هــو مالــك املنظمــة ولــه حــق التــرف فيهــا بحســب رغبته
وكيفــا يشــاء .وذلــك ينتــج بطبيعــة احلــال حتــت تأثــر أحــد أمريــن
،ومهــا أن القائــد يمكــن أن يكــون قــد وصــل ملنصبــه بطريقــة
شــاقة جــد ًا وحمفوفــة باملغامــرة واملخاطــرة وبالتــايل يتملكــه شــعور
باالســتحقاق الكامــل هلــذا املوقــع ،بــل يتعــدى ذلــك إىل شــعور
باالســتحقاق مللكيــة املــكان الــذي يديــره ،باعتبــار أن مــا مــن
شــخص آخــر قــدم التضحيــات الالزمــة لذلــك كــا قدمهــا هــو
،أمــا األمــر اآلخــر فيحــدث عندمــا يمــي القائــد فــرة طويلــة
جــدا يف إدارة مؤسســة مــا للدرجــة التــي يشــعر عندهــا أن هــذه
املؤسســة لــن يفهمهــا أحــد كــا يراهــا هــو ،وال يوجــد شــخص
أكثــر خــرة بتارخيهــا ومراحــل تطورهــا مثلــه ،وبالتــايل تتحــول
هــذه األحاســيس إىل ترصيــح ذايت بأحقيــة متلــك هــذه املؤسســة .
ويف كل احلــاالت فــإن تصــور مثــل هــذا هــو بدايــة ســقوط القيــادة
،ألن ملخــص هــذا الــدور إنــا هــو خرافــة تبحــث عــن تربيــر
ليــس إالَّ .مجيعنــا نقــود منظــات علينــا االعــراف ألنفســنا منــذ
أول حلظــة للعمــل بأننــا ال نملــك هــذه املؤسســات ،وإنــا نعمــل
عــى قيادهتــا لتحقيــق األهــداف املنشــودة .والوقــوع يف فــخ خرافــة
حــق امللكيــة سيســبب للقائــد سلســلة طويلــة مناملصادمــات مــع
132
خرافات عن القيادة
املرؤوســن ،كــا أن ســلوكه القيــادي ســيصطبغ باألنانيــة والغــرور
وتلــك أخطــر الصفــات التــي يمكــن أن تدمــر املنظومــة القياديــة يف
أي بيئــة عمــل كانــت .
* خرافــة « نعــم أهيــا الرئيــس» :أن يقول كل شــخص يف املنظمة
نعــم أهيــا الرئيــس لــكل مــا يفعلــه أو يقولــه القائــد .هــذه قاعــدة قد
يراهــا املوظــف أحيانـ ًا ســبي ً
ال للنجــاة مــن أي مصادمــة مــع رئيــس
العمــل ،ويف حــال اقتنــع القائــد أيض ـ ًا أن املوظــف اجليــد بالنســبة
لــه هــو ذلــك الــذي جييبــه دومــا باملوافقــة الدائمــة .فــإن مؤسســة
مثــل هــذه ســتتحول إىل مرسحيــة هزليــة مــن التهريــج والنفــاق ،ال
تتطــور األعــال وال يمكــن جتويــد مهمــة مــا إالَّ مــن خــال النقــد
املوضوعــي ،وخرافــة نعــم أهيــا الرئيــس تلغــي أي بــوادر حمتملــة
للنقــد ،كــا أهنــا حتــول اهتــام املوظــف مــن حتســن العمــل إىل
حتســن عالقتــه مــع الرئيــس عــى حســاب العمــل ،والقائــد الــذي
ال يرغــب ســاع الصــوت املعــارض ،أو يعتقــد أن خمالفتــه يف الــرأي
شــكل مــن أشــكال التعــدي عــى مكانتــه ،يفتقــر إىل أبســط وأهــم
مقومــات القائــد احلقيقــي .ألن القائــد الفعــال ال خيشــى النقــد وال
تربكــه وجــود أصــوات خمالفــة لــه ،بــل هــو عــى أتــم االســتعداد
لتبنــي وجهــة النظــر املخالفةلــه يف حــال وجــد ذلــك مــن مصلحــة
العمــل وســبي ً
ال جلــودة املخرجــات .إن هــذه اخلرافــة يشــرك فيهــا
الرئيــس واملــرؤوس فكالمهــا يف غالــب األحيــان مــن يصنــع ومهـ ًا
مماثـ ً
ا ويعتقــدون معــه أنــه جينبهــم الكثــر مــن الرصاعــات
133
خرافات عن القيادة
واملشاكل.
* خرافــة األب الروحــي :وتوجــد هــذه اخلرافــة يف الغالــب يف
املؤسســات املحافظــة حيــث يصبــح القائــد إنســان أعــى وأكمــل
وجيــب أن يــأيت املرؤوســن إليــه ويتذللــون بــن يديــه ،وهنــا
تتحــول شــخصية القائــد إىل إنســان يبحــث عــن تقديــس مــن
حييطــون بــه ،وبــدالً مــن أن يكــون القائــد هــو املحفــز والــذي
يعطــي املرؤوســن االهتــام والتقديــر يتحــول األمــر إىل شــكل
عكــي حيــث يكــون قائــد املؤسســة حمــل قداســة وتبجيل مســتمرة
،ويتعــن عــى مجيــع العاملــن تقديــم فــروض الطاعــة والــوالء لــه
مــن وقــت آلخــر .ويتحــول اهتــام املؤسســة يف هــذه احلالــة مــن
جتويــد العمــل وحتقيــق األهــداف إىل مزيــد مــن التكريــس لتقديــس
القائــد والعمــل عــى إشــباع روح العظمــة لديــه .وبالتأكيــد مثــل
هــذه اخلرافــة كفيلــة بتشــتيت العمــل والنشــاط حتــى أن املؤسســة
مــع مــرور الوقــت قــد تنســى اهلــدف الــذي وضعــت مــن أجلــه
ويصبــح تركيزهــا عــى القائــد أكثــر ممــا يتطلبــه العمــل مــن تركيــز
واهتــام .
* خرافــة االســتقاللية :وهــو اعتقــاد خاطــئ يــرى فيــه القائــد
أنــه املســؤول عــن كل يشء يف املؤسســة وأنــه ليــس بحاجــة ملشــورة
أو معونــة اآلخريــن وهــذا بالتأكيــد يتنــاىف مــع فكــر العمــل
املؤســي وفــرق اجلــودة ،فقــد أصبحــت املنظــات يف العقــود
األخــرة أقــل متســك ًا بالســلم الوظيفــي وأكثــر متســك ًا باألســلوب
134
خرافات عن القيادة
التعــاوين .واالســتقالل بالــرأي مل يعــد الســبيل املناســب يف عــامل
مؤســي شــديد املنافســة وشــديد التعقيــد .كــا أن هــذه اخلرافــة
تتســبب يف هــدر كبــر لإلمكانيــات والكــوادر البرشيــة يف بيئــة
العمــل ،وغيــاب أيضــ ًا ملشــورة اخلــراء التــي حتمــل الفهــم
العميــق ملجريــات اإلنتــاج والعوامــل املؤثــرة فيــه .ويصبــح األداء
وحتقيــق األهــداف مرهــون بــرأي شــخص واحــد ال يمكــن لــه
مهــا وســعت حيلتــه إدراك مجيــع األبعــاد واملتغــرات املؤثــرة يف
املؤسســة .ممــا قــد ينتــج عنــه قــرارات بالغــة الــرر ،كــا ســيؤدي
هــذا االســتبداد بالــرأي إىل إحبــاط املوظفــن فرأهيــم غــر مســموع
وإن كان يمثــل احلقائــق املهمــة لتجنــب املشــكالت أو لتحســن
خمرجــات املؤسســة.
* خرافــة الدائــرة املغلقــة :وهــو اعتقــاد القائــد أنــه واملقربــن
لــه مــن نــواب ومســاعدين هــم وحدهــم مــن يفهمــون العمــل وال
يعرتفــون بمواهــب وقــدرات وخــرات التنفيذيــن ،ومثــل هــذه
احلالــة دائ ـ ًا مــا ختلــق فجــوة كبــرة بــن أصحــاب القــرار وبــن
التنفيذيــن يف ميــدان العمــل ،ممــا جيعــل اخلطــط والقــرارات ال
تطبــق بالصــورة الصحيحــة ،وتواجــه معوقــات ال تفهمهــا تلــك
الدائــرة املغلقــة وبالتــايل ال يمكنهــا إدراك حلوهلــا ،ويصــاب
العمــل بحالــة مــن االرتبــاك والتخبــط والقــرارات املتضاربــة .
وتتحــول العالقــة بــن هــذه الدائــرة وبــن املوظفــن التنفيذيــن
إىل عالقــة تصــادم وتبــادل اهتامــات ممــا يشــيع جــوا مشــحونا ال
135
خرافات عن القيادة
يمكن معه جتويد العمل أو حتسني األداء.
*خرافــة القداســة :حيــث يــرى القائــد أن األنظمــة واللوائــح
ال تطبــق يف حقــه فهــو حالــة اســتثنائية وخاصــة بخــاف غــره مــن
املوظفــن ،وقــد يســود هــذا االعتقــاد حتــى يعتــاد حتــى املوظفــن
عــى تقبــل هــذه الفكــرة ،فــرون أنــه بإمــكان القائــد وحــده أال
يمتثــل للوائــح واألنظمــة إنــا البقيــة فليزمهــم ذلــك .وال شــك
ا مبــارش ًا النتشــار الفســاد يف املنظمــة ،
أن ذلــك ســيكون مدخــ ً
وســيدرك اجلميــع متأخــر ًا أن غيــاب القائــد القــدوة الــذي يطبــق
النظــام عــى نفســه أوالً قبــل اآلخريــن هــو صــام األمــان ضــد
املحســوبية والفســاد .ولــن يكــون مــن الســهل لقائــد ال يلتــزم
باملعايــر واألنظمــة أن يقنــع املرؤوســن بتطبيــق تلــك األنظمــة ،
وهــذا يقــود ملشــكلة أكــر وهــي غيــاب االمتثــال للقائــد والشــك
يف مصداقيتــه ،وســقوط احرتامــه لــدى أفــراد العمــل .ومتــى مــا
فقــدت الثقــة يف القائــد فهــذا أمــر ال يمكــن تعويضــه أو إعــادة
بنائــه.
يضيــف فيليــب ســالدر يف كتابــه ( القيــادة ) عــدد مــن اخلرافــات
حــول مفهــوم القيــادة وجيملهــا عــى النحــو التايل:
*خرافــة القيــادة مهــارة نــادرة :هــذا غــر صحيــح فرغــم أن
القــادة العظــاء ربــا يكونــون شــيئ ًا نــادر ًا ،إال أن معظــم النــاس
لدهيــا إمكانيــات القيــادة ،واألهــم مــن ذلــك أن بعض األشــخاص
يمكــن أن يكونــوا قــادة يف مؤسســة معينــة بينــا يلعبــون أدوار ًا
136
خرافات عن القيادة
عاديــة متامــ ًا يف مؤسســة أخــرى .وهنــاك فــرص عديــدة للقيــادة
ومعظمهــا يف متنــاول معظــم النــاس.
*خرافــة القــادة يولــدون وال يصنعــون وهــذا غــر صحيــح
فاحلقيقــة هــي أن معظــم القــدرات والكفــاءات اخلاصــة بموضــوع
القيــادة يمكــن تعلمهــا .ونحــن مجيعــ ًا قــادرون عــى تعلمهــا
رشيطــة أن تكــون لدينــا اإلدارة الالزمــة لذلــك.
*خرافــة القــادة لدهيــم شــخصية كاريزميــة .نعــم بعضهــم
كذلــك ولكــن الكثرييــن منهــم ليســوا كذلــك.
*خرافــة القيــادة توجــد عــى قمــة املؤسســة فقــط .يف احلقيقــة
كلــا زاد حجــم املؤسســة زاد احتــال تعــدد أدوار القيــادة
هبا*.خرافــة القائــد يســيطر ويوجــه .هــذا ليــس هــو احلــال أيضـ ًا.
فالقيــادة ليســت ممارســة للســلطة بقــدر ماهــي متكــن لآلخريــن
ومنحهــم الســلطة .فالــدور احلقيقــي للقــادة يتمثــل فيــا يقدمونــه
مــن إهلــام لآلخريــن وليــس يف جمــرد توجيــه األوامــر إليهــم فالقيادة
هــي عمليــة متكــن للنــاس مــن اســتخدام قدراهتــم وخرباهتــم
وإمكانــات املبــادرة لدهيــم.
هــذه اخلرافــات تشــكل املعــوق األســايس يف إجيــاد ثقافــة
تنظيميــة تســاهم يف حتقيــق اجلــودة داخــل املؤسســة ومــامل تتنبــه
القيــادات عــى كافــة مســتوياهتم للحــد مــن حصــول هــذه الظواهر
وإال فســيكون منــاخ العمــل ســلبي وال يســاعد عــى اإلنجــاز.
137
يا صديقي املدير
138
يا صديقي املدير
وصاحل ـ ًا ،وإنســان ال يقهــر !! وعليــك أن تعــرف وحــدك -ألن
املرؤوســن ال يتذكــرون ذلــك أبــدا ً -أنــك مســؤول عــن جمموعــة
مــن املوظفــن ربــا مل يكــن لــك دور يف اختيارهــم ،وربــا ال حتبهــم
،ومــن اجلائــز أهنــم ال حيبونــك ،ومــن املمكــن أال يكــون هنــاك
يشء مشــرك بينكــم ،وعليــك أن حتصــل منهــم عــى قــدر معقــول
مــن اإلنتــاج يف العمــل كل يــوم ،وعليــك أن تتأكــد مــن أهنــم ال
يســببون املشــاكل ألنفســهم أو لبعضهــم البعــض ،وأهنــم يطبقــون
الترشيعــات التــي تتبناهــا مؤسســتك ،وعليــك أن تكــون ملــا ً
بحقوقــك ،وحقوقهــم ،وحقــوق املؤسســة ،وحقــوق الدولــة .
وباإلضافــة إىل كل هــذا ،فإنــه يكــون مطلوبــا ً منــك أداء مهامــك
الوظيفيــة أيضــ ًا ،كــا جيــب أن تكــون هادئــا ً ومتامســك ًا ،فــا
يمكنــك أن تــرخ ،أو أن تقــذف باألشــياء ،أو أن يكــون لــك
أشــخاص مقربــون .أنــت يــا صديقــي مســؤول عــن االهتــام
بفريــق العمــل ،ومــن املمكــن أن يتــرف هــذا الفريــق أحيانــا
مثــل األطفــال أو املراهقــن الســيئني حيــث يصلــون إىل العمــل
يف وقــت متأخــر ،ويتغيبــون دون إذن ،ويرفضــون القيــام بعمــل
حقيقــي إذا حــروا ،وينرصفــون مــن العمــل مبكــرا ً وأشــياء مــن
هــذا القبيــل ،يف الوقــت الــذي ينــدر أن يكــون بمقــدورك فصلهــم.
وقائمــة املهــام ال تنتهــي .
وبموقعــك كمديــر ،ســتكون مهــزة الوصــل بــن اإلدارة العليــا
وفريــق العمــل ،ويمكــن أن تصــل إليــك أوامــر تافهــة مــن قبــل
139
يا صديقي املدير
اإلدارة العليــا ،ويكــون عليــك حينهــا أال تضحــك مــن هــذا
القــرارات أو تتعجــب منهــا ،بــل عليــك أن توصلهــا ألعضــاء
الفريــق وتتصنــع أمهيــة تنفيذهــا رغــم علمــك برضرهــا البالــغ
عــى ســر العمليــات .
أنــت لســت مســؤوال ً عــن املوظفــن فحســب ،ولكنــك أيضـ ًا
مســؤول عــن امليزانيــات واالنضبــاط واالتصــاالت والكفــاءة
واألنظمــة واللوائــح والشــؤون القانونيــة واملســائل الشــخصية
واإلجــازات وأعطــال العمــل ،ومجــع املــال لــراء هدايــا
املتقاعديــن ،وقوائــم العمــل ،واملعايــر واجلــودة ،والتخطيــط ،
والتدريــب ،واللقــاءات ،واالجتامعــات بــكل أشــكاهلا وأنواعهــا .
وعليــك أيضــا ً أن تدخــل يف رصاعــات مــع األقســام األخــرى
وفــرق العمــل األخــرى واملســتفيدين واملديريــن األعــى وإدارات
امليزانيــات .وعليــك أيضــا ً أن تكــون النمــوذج الــذي حيتــذى بــه ،
وهــذا معنــاه أنــك ســتضطر ألن تصــل يف املوعــد املحــدد ،مهندمــا ً
يف ثيابــك ،جمــدا ً يف عملــك ،دؤوبـ ًا ،وأن تكــون آخــر مــن ينرصف
،وأول مــن حيــر ،غــر متحيــز ألحــد ،متحمــ ً
ا املســؤولية ،
مراعيـ ًا اآلخريــن ،حكيــا ً ببواطــن األمــور ،واســع احليلــة ،بعيــدا
ً عــن اخلطــأ ،والقائمــة تطــوول ..
وعليــك أن تقبــل بوصفــك مديــر ًا فقــد تتعــرض للســخرية أو
يمكــن وصفــك باملديــر املعرقــل للنجــاح ،ومــن املمكــن احلكــم
عليــك مــن قبــل املوظفــن أو اإلدارة العليــا بأنــك شــخص غــر
140
يا صديقي املدير
كــفء أو حتــى شــخص ال حاجــة إليــه يف تنفيــذ املهمــة احلقيقــة
املوكلــة إىل فريــق العمــل .
واحلقيقــة بعــد هــذا كلــه .إنــك مل تــرد إال أن تقــوم بعملــك،
وعملــك يــراه اجلميــع بمزايــدات ال هنايــة هلــا ،ليســت يف احلقيقــة
موجهــة لشــخصك ،ولكنهــا نظــرة قــد رســمت عــر فــرات
طويلــة مــن الزمــن ملــن يريــد تــويل هــذه املهمــة .إنــك بحاجــة
لتحديــد عملــك بتصــور ذايت خــاص فيــك ،جيعــل مــا تقــوم بــه
أكثــر تصنيف ـ ًا ووضوح ـ ًا ،إذن يــا صديقــي يعــوزين أن أقــول لــك
ملخــص مــا يــراه (ريتشــارد متبلــر) يف كتابه الشــهري قواعــد اإلدارة.
حيــث حيــدد عمــل املديــر يف جانبــن رئيســيني مهــا:
-1إدارة الذات.
-2إدارة العمليات .
إن املديــر هــو املوظــف الــذي يشــكل جــزء ًا مــن فريــق إدارة
املؤسســة ،ويعتمــد عليــه يف ممارســة الســلطة املخولــة إليــه يف إدارة
فريــق العمــل والنواحــي الوظيفيــة وامليزانيــات ،وذلــك لتحقيــق
أهــداف املؤسســة .إن املديريــن مســئولني عــن إدارة املــوارد البرشية
واالتصــاالت وتطبيــق القيــم املشــركة وترســيخها ،وأخالقيــات
املؤسســة وثقافتــه ،وكذلــك تقــع عــى عاتقهــم قيــادة التغيــر
وإدارتــه .ومــن هــذا ينطلــق مفهومنــا ملهمــة املديــر ،والــذي فيــا
يبــدو أنــه يعمــل مــع أشــخاص ،وهــؤالء األشــخاص يمكــن
تعريفهــم بشــكل تقريبــي بالفريــق أو القســم أو الطاقــم ،والتســمية
141
يا صديقي املدير
يف احلقيقــة ليســت ذات بعــد جوهــري ،ولكــن ( إدارة الــذات)
تســتلزم معرفــة اخلطــأ الــذي يقــع فيــه معظــم املديريــن ،وهــو
اعتقادهــم أهنــم يديــرون النــاس ،ويظنــون أن النــاس هــم أدواهتــم
ورصيدهــم اإلداري والفنــي .فــإذا جعلــت فريقــك ناجحــ ًا ،
فســتجعل مــن نفســك مديــر ًا ناجحــا ً وســتكون املؤسســة ناجحة..
أو هكــذا تقــول النظريــة .واحلقيقــة أن علينــا كمديريــن أن نعمــل
مــع بــر هلــم اخلصائــص البرشيــة املشــركة ،وعلينــا معرفــة مــا
حيفزهــم ،وكيــف يفكــرون ويشــعرون ،وملــاذا يأتــون إىل العمــل؟
وملــاذا يبذلــون قصــارى جهدهــم ( أو أقــل جهدهــم ) ،ومــم
خيافــون ،وفيــم يأملــون ،وبــاذا حيلمــون ،وعلينــا تشــجيعهم ،
وتوجيههــم ،ومنحهــم املصــادر الالزمــة ألداء أعامهلــم وإدارة
أنفســهم ،ومراقبــة عملياهتــم ،ووضــع االســراتيجيات هلــم ،
وجيــب أن نقلــق عليهــم ،ونســاندهم ،وندعمهــم ؛ ولكــن علينــا
أال نديرهــم ،بــل سنســمح هلــم بــإدارة أنفســهم ،وســنركز عــى
دورنــا احلقيقــي يف إدارة املؤسســة .
تتعلــق إدارة الــذات ،بــإدراك املديــر أمهيــة نفســه ،حيــث
جيــب أن تعــرف أنــك أهــم شــخص يف الفريــق ،ليــس ألنــك
شــخص أفضــل أو أكثــر خــرة أو قيمــه أو أي أمــر جيعلــك تعظــم
مــن شــأن نفســك .ولكنــك أهــم شــخص يف الفريــق ألن كل
اآلخريــن ســوف ينظــرون إليــك كقــدوة ،أنــت مــن ســيضع
املقيــاس ملــا جيــب أن يصلــوا .إذا أدرت العمــل بطــرق عشــوائية ،
142
يا صديقي املدير
أو قمــت بخيانتهــم ،أو انتابــك القلــق مــن أن أفــراد فريقــك أفضل
منــك ،أو عاملتهــم بطريقــة فظــة ،أو حاولــت منعهــم مــن التفــوق
عليــك ،أو جتسســت عليهــم ،أو أي يش مــن هــذا القبيــل ،فــإن كل
مــا يمكنــك مــن خاللــه مــن التأثــر عليهــم ســيكون غــر جمديـ ًا ،
باعتبــار أن النــاس تقبــل العمــل مــع قليــل اخلــرة ،أو املبالــغ يف
طموحــات أداء املؤسســة ،لكنهــا ال تســتطيع العمــل مــع إنســان
ال يســتطيع إدارة ذاتــه ،فاقــد الثقــة يف نفســه ويف اآلخريــن ويلجــأ
للمامرســات غــر األخالقيــة يف العمــل .
بالتأكيــد يــا صديقــي لســت ممــن ينخــرط يف مثــل هــذه
األســاليب ،لكــن هنــاك أمــور أخــرى متعلقــة بــإدارة الــذات ،
فكثــرة الشــكوى ،والتذمــر مــن إرهــاق العمــل ،والبــوح لفريــق
العمــل بمــدى اشــتياقك لإلجــازة والراحــة ،والبحــث دومـ ًا عــن
احلــل األســهل وجتنــب العمــل الشــاق ،مثــل هــذه الصفــات
الذاتيــة ســتنتقل لفريــق عملــك دون قصــد ،وأنــت بالتأكيــد ال
ترغــب بذلــك ؛ إن إدارة الــذات ،حتتــم عــى املديــر أن يكــون هادئـ ًا
مرتاحـ ًا واثقـ ًا وحازمـ ًا وقــادر ًا عــى تــويل مســؤولياته بــكل رحابــة
صــدر ،بــل ومســتمتع ًا بذلــك .
أمــا مــا يتعلــق بــإدارة العمليــات ،فهــي عمليــة ســتنقلك مــن
االهتــام بشــأن األفــراد إىل شــأن األداء العــام يف املؤسســة ،ولــن
تبحــث عــن الناجحــن يف العمــل بقــدر بحثــك جلعــل عمليــات
املؤسســة تنجــح بمشــاركة وأداء املوظفــن ،ســينتقل تركيــزك
143
يا صديقي املدير
مــن كيــف ســيؤدي املوظفــون العمــل ،إىل كيــف ســيكون األداء
املطلــوب إنجــازه ،مــا خطواتــه ،وكيــف يعمــل بشــكل احــرايف
ويقــاس ويمكــن تقييمــه بشــكل واضــح ،ســتصيغ األفــكار اجليــدة
لآلخريــن ،وستشــجع مفاهيــم الــوالء وروح الفريــق الواحــد ،
ســتثق بفريــق العمــل وســتظهر هــذه الثقــة هلــم ،ســتعمل عــى
توفــر اجلــو املالئــم لــأداء املتميــز ،وستســمح بــكل الطــرق
والوســائل التــي تــؤدي للهــدف وتصنــع الفــارق ،ســتجعل
أســلوبك يســر وفــق مــا يناســب كل عضــو يف الفريــق ،وســتحرتم
الفروقــات الفرديــة ،ولــن يكــون لــك الــرأي احلاســم عــى
الــدوام يف كل موضــوع .ســتضع للجميــع توقعــات واضحــة
لســر وطريقــة العمــل ،ولــن حتــاول تربيــر األنظمــة والترصفــات
اخلاطئــة ،وســتصنع يف داخــل الفريــق شــعور ًا بأهنــم يعرفــون أكثــر
منــك ،حتــى لــو مل يكــن ذلــك صحيحـ ًا ،وســتدرب فريــق عملك
عــى أن يأتــوا باحللــول قبــل أن يأتــوك باملشــكالت .
هــذان البعــدان اجلوهريــان مهــا مــا عليــك الرتكيــز ،إدارة
الــذات ،وإدارة العمليــات ،مــن خالهلــا ســتجعل عملــك متوازنــا
ومتكام ـ ً
ا ،وبالتأكيــد لــن تضيــع يف دوامــة املســؤوليات التــي ال
حــدود هلــا يف عــامل اإلدارة .
144
الرؤية االسترشافية
الرؤية االستشرافية
145
الرؤية االسترشافية
الرؤيــة .لذلــك عنــد القــادة األكثر حكمــة ال تبــدأ عمليــة التخطيط
قبــل أن ينظــر القائــد مــن األعــى ويســترشف املســتقبل ويــرى مــع
فريقــه الوجهــة املناســبة للعمــل الــذي يتقنــون تقديمه للمســتفيدين
واملجتمــع .يؤكــد هــذا املعنــى مــا ذكــره خبــر اإلدارة األمريكــي
فرانــك ماكنيــز « إذا بدأنــا العمــل دون قــراءة دقيقــة ملعطيــات البيئــة
ودون أن تكــون لنــا رؤيــة واضحــة وسياســة متامســكة فإننــا ســوف
نخفــق أمــام أنفســنا وأمــام رشكتنــا وأمــام فريــق العمــل ،فســوف
نقــوم بزيــادة معــدالت إنتــاج بعــض املنتجــات بمجــرد ارتفــاع
معــدل املبيعــات هلــا والــذي ال يلبــث أن يأخــذ يف االنخفــاض .كــا
قــد نقــوم بزيــادة عــدد العاملــن مــن أجــل تصنيــع أحــد املنتجــات
التــي تكــون يف الفــرات األخــرة مــن مرحلــة انتشــارها ،أو قــد
ً
خطــأ أن هنــاك طلبــ ًا متزايــد ًا عــى أحــد املنتجــات التــي نعتقــد
تكــون يف الفــرات األخــرة مــن مرحلــة انتشــارها».
مــن هــذا يتضــح أنــه مــن أهــم املهــام التــي جيــب أن يقــوم هبــا
القــادة واملديريــن .الوقــوف عــى الرؤيــة االســترشافية املناســبة.
ومــن ثــم البــدء يف إعــداد السياســات العامــة التــي تضــع املحددات
ألولئــك الذيــن ســيرشعون يف عمليــات التخطيــط التشــغييل إذ تأيت
أمهيــة أســئلة مثــل :مــا املجــال الــذي نجيــد العمــل فيــه؟ مــا هــي
نقــاط القــوة لدينــا؟ مــا هــو الســوق الــذي مل يتــم إغراقــه بعــد؟
كيــف يمكننــا أن نســتحوذ عــى هــذا الســوق بحيــث يعــود علينــا
باألربــاح؟ مــا هــي التطــورات التكنولوجيــة التــي هلــا تأثــر يف
146
الرؤية االسترشافية
مســار عملنــا؟ مــا هــي البنيــة التحتيــة الالزمــة لتحقيــق السياســات
اجلديــدة؟ هــل ســنقوم بالتعامــل مبــارشة مــع العمــاء أم أننــا
ســوف نســتعني بشــبكة موزعــن؟ هــل نقــوم بتملــك جهــات
التصنيــع أم نســتعني بمصــادر خارجيــة؟ هــل نكــون مبدعــن
فنيــن أم نكــون مقلديــن رسيعــن؟
إن الــركات واملؤسســات يمكنهــا حتقيــق النجــاح إذا وضعــت
يدهــا عــى الرؤيــة املناســبة وحــددت السياســات بشــكل دقيــق
ثــم التــزم العاملــون هبــا .وكــا تقــول احلكمــة اإلداريــة « سياســة
جيــدة بنســبة %80ويتــم تطبيقهــا بالتــزام %100تتفــوق عــى
سياســة جيــدة بنســبة %100ويتــم تنفيذهــا بالتــزام .%80إن
االلتــزام بالرؤيــة والسياســات واإليــان هبــا أمــر مهــم ومــن
املفاتيــح الرئيســية التــي تضمــن نجــاح العمــل .ويمكــن حتقيــق
االلتــزام بالرؤيــة والسياســات مــن خــال إرشاك احلــد املناســب
مــن املوظفــن يف عمليــات صياغــة السياســات وحتديــد األهــداف
وبنــاء اخلطــط التشــغيلية ممــا حيقــق انســجام ًا متكامـ ً
ا بــن القيــادة
واجلهــات التنفيذيــة ويشــجع بيئــة العمــل عــى االلتــزام والتقيــد
بتلــك السياســات ،فمن احلقائــق اإلداريــة اجلوهرية أن األشــخاص
الذيــن يكونــون عــى مقربــة مــن جمريــات األمــور داخــل العمــل
تكــون لدهيــم رؤيــة أفضــل عــن الكيفيــة التــي جيــب أن يســر هبــا
العمــل .والقــادة األكثــر كفــاءة دائــ ًا مــا هيتمــون إلرشاك احلــد
املمكــن مــن العاملــن يف عمليــات صناعــة القــرار.
147
الرؤية االسترشافية
يمكــن أن نختــم هــذا املقــال بالتأكيــد عــى رضورة أن يكــون
القــادة عــى درايــة باملــكان الذين يريــدون أن تتجــه إليه مؤسســاهتم
ورشكاهتــم قبــل أن يبــدأوا يف وضــع اخلطــط .بالتأكيــد ليــس
هــذا وحــده كافي ـ ًا للنجــاح يبقــى هنــاك تفاصيــل تنفيذيــة مهمــة
ورضوريــة .لكــن دون الرؤيــة االســترشافية لــن يكــون لتلــك
التفاصيــل أي أمهيــة.
148
سلوك القادة
سلوك القادة
149
سلوك القادة
-1االنتباه من خالل الرؤية.
-2املعنى من خالل عملية االتصال.
-3الثقــة مــن خــال اختــاذ املوقــف املناســب -أن تكــون
ترصفاتــه منطقيــة يمكــن التنبــؤ هبــا وأن يكــون موقفــه واضحــ ًا
ويتمســك بــه.
-4النظرة اإلجيابية للذات.
وقــد أعــد فــاركاس وويتلوفــر تقريــر ًا عــن دراســة قامــا هبــا
حــول أســلوب الرؤســاء التنفيذيــن يف القيــادة وقــد قامــا بإجــراء
مقابــات مــع مئــة وســتني مــن الرؤســاء التنفيذيــن مــن دول
عديــدة ومعظمهــم كان يــرأس مرشوعــات كــرى .وكان اهلــدف
مــن البحــث هــو حتديــد مواقــف هــؤالء التنفيذيــن ونشــاطهم
وســلوكهم والبحــث عــن مواطــن التشــابه واالختــاف يف
أســاليبهم .وقــد توصــل الباحثــون إىل وجــود مخســة أســاليب
خمتلفــة تعكــس األمهيــة النســبية التــي يعطيهــا هــؤالء التنفيذيــون
للجوانــب املختلفــة مــن دورهــم .ومــن بــن النتائــج التــي توصلــوا
إليهــا أنــه يف الــركات الناجحــة ال يقــوم الرؤســاء التنفيذيــون
بدورهــم يف القيــادة بالطريقــة التــي تناســب شــخصياهتم أو ميوهلــم
الشــخصية بــل يقــودون الرشكــة باألســلوب الــذي يناســب
احتياجاهتــا وحالــة العمــل فيهــا وفيــا يــي يقــدم الباحثــون هــذه
األســاليب اخلمســة ( ســادلر2008 ،م،ص:)68
150
سلوك القادة
-1أســلوب االســراتيجية :يركــز هــؤالء الرؤســاء التنفيذيــون
عــى وضــع وتنفيــذ االســراتيجية طويلــة املــدى للرشكــة ويقضــون
اجلــزء األكــر مــن وقتهــم يف معاجلــة القضايــا اخلارجيــة للرشكــة
مثــل العمــاء والــركات املنافســة واجتاهــات الســوق والتطورات
التكنولوجيــة ويكلفــون كبــار املديريــن مــن زمالئهــم العاملــن يف
املؤسســة بمتابعــة العمليــات اليوميــة فيهــا نيابــة عنهــم ويقــدم
الباحثــون الرؤســاء التنفيذيــن لرشكــة كــوكا كــوال ورشكــة دل
للكمبيوتــر كأمثلــة عــى ذلــك.
-2أســلوب رأس املــال البــري :يعتقــد هــؤالء الرؤســاء
التنفيذيــون أن صياغــة االســراتيجية هــي مهمــة جيــب أن تتــم يف
وحــدات الرشكــة القريبــة مــن األســواق وهــم يــرون أن دور املديــر
التنفيــذي هــو وضــع جمموعــة مــن القيــم للمؤسســة والتأثــر عــى
مواقــف الرشكــة وســلوكيات العاملــن فيهــا ،وهــم يقضــون جــزء ًا
كبــر ًا مــن وقتهــم يف الســفر وااللتقــاء بالنــاس والقيــام باألنشــطة
املتعلقــة باملــوارد البرشيــة مثــل اختيــار املوظفــن اجلــدد ومراجعــة
األداء وتطويــر العمــل وهــم بعبــارة أخــرى يركــزون عــى تطويــر
النســيج الثقــايف للرشكــة .ومــن أمثلــة الرؤســاء التنفيذيــن الذيــن
يتبعــون هــذا الســلوك رؤســاء رشكــة جيليــت وبيبــي كــوال
ورشكــة ســاوث ويســت للخطــوط اجلويــة.
151
سلوك القادة
-3أســلوب املــروع :الرؤســاء التنفيذيــون الذيــن يندرجــون
حتــت هــذا التصنيــف يركــزون عــى تنميــة وتطويــر خــرات
الرشكــة باعتبارهــا ميــزة تنافســية .وهلــذا يقضــون معظــم وقتهــم
يف األمــور الفنيــة مثــل مواكبــة أحــدث التطــورات التكنولوجيــة،
وحتليــل منتجــات الــركات املنافســة والتعــرف عــى متطلبــات
العمــاء .ومــن أمثلــة الرؤســاء التنفيذيــن الذيــن يتبعــون هــذا
األســلوب؛ رئيــس رشكــة موتــوروال ووكالــة أوجيلفــي ومــازر
اإلعالنيــة.
-4أســلوب الصنــدوق :يســتخدم فــاركاس وويتلوفــر هــذا
املصطلــح لوصــف ســلوك املديــر التنفيــذي الــذي يركــز معظــم
اهتاممــه عــى تطويــر الوســائل التــي تضمــن لــه الســيطرة وليــس
مــن الــروري أن تكــون أدوات الســيطرة هنــا أدوات ماليــة فقــط
فهــذه الســيطرة يمكــن أن تأخــذ شــكل املعايــر والتقاليــد الثقافيــة
ولكــن اهلــدف مــن هــذه الســيطرة هــو ضــان تناغــم وانضبــاط
ســلوك العاملــن وتقديــم مســتوى عــال مــن اخلدمــة املمتــازة
أو الســلع عاليــة اجلــودة للعمــاء وهــؤالء الرؤســاء التنفيذيــون
يقضــون معظــم وقتهــم يف مراجعــة التقاريــر الروتينيــة املعتــادة
حــول أمــور عديــدة مثــل النتائــج املاليــة أو مســتوى رضــا العمــاء
وهــم هيتمــون كثــر ًا أيضــ ًا بإعــداد خطــوات إجرائيــة مفصلــة
وواضحــة .ومــن بــن الــركات التــي يقودهــا هــذا النــوع مــن
الرؤســاء رشكــة إتــش إس يب يس لألســهم وجمموعــة نــات ويســت
152
سلوك القادة
جروب واخلطوط اجلوية الربيطانية.
-5أســلوب التغيــر :هــؤالء الرؤســاء التنفيذيــون يــرون أن
وظيفتهــم هــي أن يكونــوا عوامــل مســاعدة عــى إحــداث التغيــر.
ومــن ثــم فإهنــم يقضــون جــل وقتهــم يف التحــدث حــول احلاجــة
إىل التغيــر وخلــق منــاخ داخــل املنظمــة يتقبــل التغيــر املســتمر
باعتبــاره النظــام الطبيعــي لألشــياء ومــن أمثلــة الرؤســاء الذيــن
يســتخدمون هــذا األســلوب جــون هــاريف جونــز رئيــس رشكــة آي
يس آي والرئيــس التنفيــذي لرشكــة تينيكــو وجولــد مــان ســاكس.
ويشــر الباحثــون إىل وجــود تداخــل بــن األســاليب التــي
يســتخدمها الرؤســاء التنفيذيــون فبعضهــم يســتخدم أكثــر مــن
أســلوب ولكــن البيانــات هــي التــي توضــح مــا هــو األســلوب
الســائد بوضــوح يف معظــم احلــاالت .وتبعــا لــكل أســلوب تتبايــن
ســلوكات القــادة التــي تتأثــر تأثــر ًا كبــر ًا بنمــط الشــخصية حيــث
يتجــه ســلوك القائــد إىل األســلوب األكثــر قربـ ًا لنمــط شــخصيته.
فالشــخصية املحافظــة الروتينيــة لــن تكــون بطبيعــة احلــال يف
أســلوب التغيــر بــل هــي أقــرب ألســلوب الصنــدوق .بينــا
الشــخصية اإلبداعيــة املتجــددة ســتكون أقــرب ألســلوب التغيــر
.ومــا ينبغــي التأكيــد عليــه أنــه ليــس هنــاك أســلوب أفضــل مــن
اآلخــر ولكــن هنــاك أســلوب أكثــر مناســبة ألهــداف املؤسســة
وتطلعاهتــا املســتقبلية.
153
املراجع
Y
154
املراجع
-هيــل ،لينــدا؛ الينبــاك ،كــن 2019 (.م) .بصفتــك رئيسـ ًا.
مكتبــة جريــر ،الســعودية.
-ماكســويل،جون يس 2019(.م) .تطويــر القائــد بداخلــك.
مكتبــة جريــر ،الســعودية.
-هيــل ،لينــدا 2009 (.م) .كيــف تكــون مديــر ًا ناجحـ ًا .دار
الفكــر ،دمشــق ،ســوريا.
-ســادلر ،فيليــب 2008 (.م) .القيــادة .جمموعــة النيــل
العربيــة ،القاهــرة ،مــر.
-ماكنــر ،فرانــك 2001(.م) .يمكنــك أن تطلــب منهــم أن
يعملــوا .مكتبــة جريــر ،الســعودية.
-جمموعــة مقــاالت 2017 (.م) .عــن فــرق العمــل .دار
العبيــكان ،الســعودية.
-جمموعــة مقــاالت 2017 (.م) .عــن التواصــل .دار
العبيــكان ،الســعودية.
-جمموعــة مقــاالت 2016 (.م) .عــن قيــادة التغيــر .دار
العبيــكان ،الســعودية.
-جمموعــة مقــاالت 2017 (.م) .عــن اختــاذ القــرارات
الذكيــة .دار العبيــكان ،الســعودية.
-جمموعــة مقــاالت 2016 (.م) .عــن القيــادة .دار العبيكان،
الســعودية.
155
املراجع
-ســايمون ،هربــرت أي 1424 (.هـــ) .الســلوك اإلداري.
معهــد اإلدارة العامــة ،الريــاض ،الســعودية.
-توفيــق ،عبدالرمحــن 2004 (.م) .اإلدارة باملعرفــة .مركــز
اخلــرات املهنيــة لــإدارة ،القاهــرة ،مــر.
-ســاعايت ،تومــاس ل 1420(.هـــ) .صناعــة القــرار للقــادة.
معهــد اإلدارة العامــة ،الريــاض ،الســعودية.
-عبــوي ،زيــد منــر 2009(.م) .دور القيــادة الرتبويــة يف
اختــاذ القــرارات .دار الــروق ،عــان ،األردن.
-ماكســويل ،جــون يس 2019(.م) .قائــد الـــ 360درجــة.
مكتبــة جريــر ،الســعودية.
-أيــون ،جــو 2013(.م) .وفــاة اإلدارة احلديثــة .عــامل
الكتــب ،القاهــرة ،مــر.
-ويلــش ،جــاك؛ ويلــش ،ســوزي 2019(.م) .مكتبــة
جريــر ،الســعودية.
-جروت،ديــك 2001(.م) .االنضبــاط دون عقــاب .مكتبــة
جريــر ،الســعودية.
-توفيــق ،عبدالرمحــن 1998 (.م) .املســارات األربعــة
للتفــوق .مركــز اخلــرات املهنيــة لــإدارة ،القاهــرة ،مــر.
-جانــوف ،جاثــان 2019 (.م) .احلكمــة املكتســبة مــن
التعــب .مكتبــة جريــر ،الســعودية.
156
ﻧﺒﺬة ﻋﻦ اﳌﺆﻟﻒ
د ﺧﻠﻴﻞ إﺑﺮاﻫﻴﻢ أﺣﻤﺪ اﻟﺸﺮﻳﻒ
ﻣﺨﺘﺺ ﻓﻲ اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ
اﳌﺆﻫﻼت
ﺑﻜﺎﻟﻮرﻳﻮس اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎت ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻄﺎﺋﻒ
ﻣﺎﺟﺴﺘﻴﺮ اﻹدارة ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻤﻠﻚ ﺳﻌﻮد
دﻛﺘﻮراه اﻹدارة ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻤﻠﻚ ﺳﻌﻮد