Professional Documents
Culture Documents
*** ***
PART-12
بداية الْم ْذهبِّيَّ ِّة عرب ِّ
نشوء الداينة الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ِّ
َعام ُل ِّ َ َ
The Factor of The Beginning of Sectarianism Through The Emergence of The Müslümanlik
Religion
أتليف
فريد صالح اهلامشي
Copyright©2018 by
Feriduddin AYDIN
feriduddin@gmail.com
إسطنبول2018-م.
al_ibar.publishing@yahoo.com
الزمان .وقد كان البد من تفسري الكتاب والسنة على نطاق واسع يف وقت مبكِّر من ِّ
أجل ِّ كل ِّ
ضروري يف ِّ االجتهاد
ُ
ِّ
الصحابة اجملتهدين املهم ِّة عدد من ِّ
أبعباء هذه َّ قام ِّ ِّ ِّ
الوطن اإلسالم ِّيَ . ظهرت مع توس ِّع
ْ إجياد حلول للمشاكل اليت
املهم ِّة مجاعة من ِّ
أئمة ِّ
اجليل بدأت فرتةُ التدوين َحتَ َّم َل مسئوليةَ هذه َّبعد وفاةِّ النيب صلى للا عليه وسلم .وعندما ْ
1
اجملتهدون من الصحابة أشهرهم اخللفاء الربعة :أبو بكر الصديق ،وعمر بن اخلطاب ،وعثمان بن عفان ،وعلي بن أيب طالب ،مث عيد للا ابن مسعود ،وزيد بن اثبت ،وأبو موسى 1
الشعري ،ومعاذ بن جبل ،وأيب بن كعب ،وأبو الدرداء ،وعائشة بنت أيب بكر الصديق ،وعبد للا ابن عباس ،وعبد للا ابن عمر ،وعبد للا بن الزبري بن العوام ،وعبد للا بن عمرو بن
العاص.
خالفة علي بن أيب طالب رضي للا عنه. ِّ انفجر هذا التيار مرةً اثنية يف الفرتة املبكرة كدوامة من اجلهل والعنف َّأاي َم
المة ،لهنم ذهبوا إىل القول بتكفري كبار كانوا فرقةً إرهابيةً دمويةً ،بدأت هبم املذهبيةُ لول مرة ،فانشقوا عن مجهور ِّ
جترؤوا على الصحابة وأهل التحكيم إىل الكفر ،كما َّ ِّ ِّ
اخللفاء ومجاعة من وعدواًن ،فلم يتورعوا عن نسبة ظلما ِّ
ً المة ً
إرهايب من اخلوارج يُ ْد َعى عبد الرمحن بن ملجم املرادي، قتال أمري املؤمنني علي بن أيب طالب رضي للا عنه ،فقتله ِّ ِّ
السادس والعشرين من شهر يناير عام 661من ميالد املسح عليه السالم املوافق 19رمضان ِّ وذلك صبيحةَ ِّ
يوم
الدافع الثان بعد مقتل عثمان بن عفان رضي ُ سنة أربعني من اهلجرة النبوية صلى للا عليه وسلم .هذه احلادثةُ هي
ِّ
احلنيف واختز ِّال تيَّارات الدين ط ل ِّ
تشويه ِّ ِّ
اإلسالم ِّي كما وفَّ َر الوسا َ املنهج
ِّ ِّ
العدول عن أسباب مهدللا عنه ،والذي َّ
َ
أنقاض ِّه .لذا ،تُ َعد هذه احلادثةُ واحدةً من أهم نقاط االهنيار يف ال ِّ
تاريخ ِّ ِّ
واختالق دايًنت جاهليَّه على ُكفرية منه،
نتماء إىل عليبذريعة اال ِّ
ِّ ِّ
تعاليمهُ
َ اإلسالم ويُفسدوا رس وجدوا بذلك فرصةً ذهبيةً لينقضوا على اإلسالم ِّي ،ولن ال ُف َ
حل أبهله من القتل والفتك على يد المويِّني ،فجاءوا بشكل آخر من املذهبية ،فتشيعوا ِّ
واستغالل ما َّ بن أيب طالب
حداث
أن ً سعيًا لالنتقام من اإلسالم .لقد كانت هناك ثغرات الختالق ذرائع ميكن ضرب اإلسالم من خالهلا .إالَّ َّ
عاما من مقتل علي بن أيب طالب رضي للا عنه ،فقام مقام تلك الذرائع كلها .ذلك مقتل
آخر وقع بعد تسعة عشر ً
احلسني بن علي بن أيب طالب مع مجاعة من أهله وبين عمومته يف صحراء كربالء .هذا ومن اجلدير ابلذكر أن احلسني
رس بصدمة اثلثة َّ
أشد ِّ آخر ِّ
بن َش ْه ِّرَاي ْرِّ ،
دج ْر َد ِّ ِّ
فأصيب ال ُف ُ
َ الفرس. ملوك زوج بنت يَ ْز َ
بن علي رضي للا عنهما ،كان َ
مما أصاهبم قبلَها.
حل هبم من اهلزمية أمام زحف العرب يف تلك الايم ويفسروهنا: الفرس كانوا يتحدثون عن خلفية ما َّ
َ يغلب الظن َّ
أن
دفع ْتهم ظروفُهم املناخيةُ العرب قوم بدوي بُدائي ،ال حضارة هلم ،نشئوا على االقتتال والتناحر واللصوصيةَ ، َ َّ
"أن
القاحلة ،فهجموا على أرضنا اخلصيبة واعت َد ْوا علينا واغتصبُوا أموالَنَا وممتلكاتِّنَا ،ودمرواِّ القاهرةُ من قلب الصحاري
أيب طالب الذي مل يكن له بن ِّ
علي َ
تعدوه حىت قتلوا اخلليفةَ َّ حضارتَنَا؛ لكنَّهم مل يكتفوا هبذا القدر من الطغيان ،بل َّ
السحق واإلابدةِّ ...والشد من ذلك أهنم قتلوا ِّ العرب أبهلِّ ِّه من
ُ
ش على ِّ
بالدًن ،فضالً عما فعل ِّ
تسيري اجليو ِّ يد يف
آخر ملوكِّنا"
دج ْرد ِّ ِّ
زوج بنت اإلمرباطور يَ ْز َ
ِّ
بن علي الذي تربطُهُ عالقةُ مصاهرة ابلشعب الفارس ِّي لنه ُ احلسني َ
َ
رس كانوا هكذا يقرؤون اتريخ عصرهم يف تلك الايم .إذ ليس من الصعب أن نفرتض هذه احلالة
نعم ،ال بد أن ال ُف َ
رس قد مشَّروا عن سواعدهم لينتقمواضا أن ال ُف َ
النفسية اليت كانت تسود على ابطنهم .وهذا الذي جيعلنا أن نفرتض أي ً
ِّ
اإلسالمية بتحر ِّ
يف لتشويه العقيدةِّ
ِّ أسهل من املذهبية من اإلسالم أوالً مث من العرب يف وقت مبكر ،فلم يَ َرْوا سبيالً
َ
املعروفة ابلتيار الشيعي ،وتعزيزهِّ ابحلركة الشعوبية يف املرحلة الوىل من العهد العباسي.
ِّ الزنْ َدقَ ِّة
تعاليم ِّه عن طر ِّيق َّ
3 مسة التشي ِّع ،بينما اهلجمات اإليديولوجية كانت جتري من ِّ
خالل الشعر والدب. رك املذهبيةُ تُشن حتت ِّ فكانت املعا ُ
ِّ
السورية عندما اقتحم ِّ
الزمة أايم ِّ يربهن على ذلك َّ
استمر لقرون إىل اليوم ،وبلغ ذروته َ َّ املذهيب قد
َّ الفارس َّي أن احلق َد
فضة الساحةَ السوريَّةَ ،فقتلوا عشر ِّ
ات آالف من املدنيِّني العُ َّزِّل وشردوا ماليني منهم دون أدىن رمحة لهنم جيوش الرا ِّ
ُ
وسنِّيو َن ليس إالَّ..
عرب ُ
ت عمليات انفجار الربيع العريب هجمات شرسةً من منطلق اإليديولوجية الشيعية الفارسيةَّ ،
ونف َذ ْ ِّ فور
ت إيران َ َشنَّ ْ
احلكومة الشيعيَّ ِّة النصرييَِّّة يف سوراي ،راحت ضحيتها حنو مخسمائة ألف
ِّ الغلبية السنِّيَّ ِّة اليت ْ
اثرت ضد ِّ مسلحةً ضد
من الرواح الربيئة ،بينهم شيوخ ونساء وأطفال ومرضى ...كما أدت مشاركةُ الدولة الفارسية مع قوات النظام
النصريي يف قمع أهل السنة وتشريد تسعة ماليني من مواطين الدولة السورية ،أكثرهم جلئوا إىل تركيا .مل تقم الدولة
الفارسية هبذه احلمالت الدموية يف سوراي من جانب ،وتسليح احلوسيِّني الشيعة يف اليمن من جانب آخر إالَّ من
ِّ
الفكار وإلباس احلق ابلباطل ،ميسون كرامة اإلسالم والعرب بطريقة ماكرة حتت غطاء الشعر والدب، ِّ
والدابء املستعربني من أبناء ال ُف ِّ
رس حياولون عبث كانت هناك مجاعة من الشعر ِّاء 3
حراب شعواءَ تنم عن أحقاد وعصبية ،وقد أسهب الباحثون يف شرحها تفصيلها .ومن بني الرموز الشهرية هلذه احلركة،
مل يدرك خطورهتا إال من كان متمكنا يف الفنون الدبية .كانت هذه احلركة ً
نذكر المساء التالية :إمساعيل بن يسار النسائي (ت728.م ،).أبو نواس (814-756م) ،أابن بن عبد احلميد الالحقي (ت ،)815أبو يعقوب احلرميي (827-782م ،).دعبل بن علي
اخلزاعي (835-765م ،).بشار بن بورد (784-714م ،).محاد عجرد (778م...).
ِّ
الشيعة اليمنيِّني .إهنا مل َّت غارات على احلوسيِّني منطَلَ ِّق احلِّْق ِّد َ
املذهِّ ِّيب .كذلك المر ابلنسبة للدولة الوهابية اليت شن ْ
أن نظام الدولة الوهابية متثِّلُهُ قلة منضا ،إذ ال خيفى َّ
تقم هبذه احلمالت القمعية إالَّ من منطلق احلقد املذهيب أي ً
حكم التراك سنة 1812م .بدعوى الدفاع عن عقيدة التوحيد متردوا على ِّ اخلوارج ،من أجالف صحاري جندَّ ،
واحلرب بني الشيعة واخلوارج
ُ الثروات النفطيَّ ِّة،
ِّ ِّ
بفضل استقوْوا
َ فتغلَّبوا على منطقة واسعة من اجلزيرة العربية ،مث
سجال منذ القدمي .وهي أصالً جزء من امتداد النزاع املتكرر منذ أايم المويِّني والعباسيِّني.
دائما يكون على قدم وساق ،لكنه ينفجر بشكل متقطع ،وهناك أمثلة على اندالع هذا التيارارجي ً
إن التيار اخل َّ
وأحياًن ينفجر مثل محم بركانية .هلم اجتاه اثبت
ً أحياًن أنه يتقلص وينطفئ،
اخلطري يف التاريخ اإلسالمي ،حيث يبدو ً
وفكرة متصلبة يف أذهاهنم ال تتغري أب ًدا ،وهي رمي العامة ابلكفر والشرك أبدىن ذريعة.
ظهروا على املسرح فور ميثاق الدرعية الْ ُم َوقَّ ِّع بني حممد بن سعود وحممد بن عبد الوهاب سنة 1744م ،فاعتقدوا
أهنم وجدوا ضالتهم يف إرشادات حممد بن عبد الوهاب رمحه للا وهم يف الواقع يريدون الرتويع والوقيعة ،واحلال أن
ِّ
متشد ًدا يف ملتزما جانب احلكمة ،لكنه ملا كان
ًنزعا إىل استعمال العنف ،بل كان مرش ًدا ًابن عبد الوهاب مل يكن ً
اك به ،كفاهم ذلك حجةً لينهالوا على أي إنسان ساذج ال يكاد يفهم معىن النهي عن اإلشر ِّ
دعوته إىل توحيد للا و ِّ
هؤالء النجديون اهلمج أهنم إذا هدموا القباب ودمرواِّ الشرك على حقيقته املفصلة يف مصادر العقيدة .وظن
الضرحةَ سيكون ذلك هناية اإلشراك ابهلل على البسيطة ،وسيتحول كل إنسان يف عقيدته إىل موحد على مثال أمحد
بن حنبل وأمحد بن تيمية!
ض على المري عبد للا بن سعود الكبري بن هدى ،وتورطوا يف جناايت عادت عليهم ابلويالت ،ف ُقبِّ َانطلقوا على غري ً
ُعد َم يف إسطنبول عام 1818م .والسلطان حممود الثان يُشرف على تنفيذه .ولكن دامت عبد العزيز أمري الدرعية وأ ِّ
احلروب بينهم وبني الدولة العثمانية إىل أايم اهنيارها .مساهم رموز السياسة اإلجنليزية ب "الوهابية" فالتصقت هبم وهم
وأحياًن يغضبون منها ،لهنا تُستَ ْخ َد ُم يف مورد االستحقار والتشنيع.
ً يتنكرون هلذه التسمية
شن الوهابيون غارات على جنوب العراق يقصدون اإليقاع ابلشيعة ،فهجم المري سعود بن عبد العزيز أمري الدرعية،
على مدينة كربالءَ عام 1802م .على رأس قوة مسلَّ َحة من النجديِّني ،فدخلوا املدينةَ وهدموا قبةَ احلسيني بن علي
انتقاما ملقتل ثالمثائة رجل من أهل جند
بن أيب طالب والبنيةَ اجملاورةَ هلا وهنبوا ما فيها من التحف ،قيل "كان ذلك ً
حكمهم على الشيعة
ئيس ،فكان هو َ ب الر ُ على يد قبيلة اخلزاعل قرب النجف" .إالَّ َّ
أن هذا سبب اثنوي ،أما السب ُ
ِّ
الشيعة ابغتيال المري عبد العزيز الول بن حممد آل سعود أبهنم كفار ممن جيب قتلُهم! ويف العام التايل قام واحد من
عاما ،فوثب عليه وهو يف مصالَّه يف مسجد الطريف
ثالاث ومثانني ً
اإلمام الثان للدولة السعودية عن عمر يناهز ً
ابلدرعية فقتله.
***
املذهيب نزعة خطرية وهي من أكرب أسباب العنف والكراهية ضد اآلخر جملرد اختالف العقيدة ،دامت
َّ إن التطرف
والتناحر والتخل ِّ
ف ِّ ِّ
الشقاق دوافع
ِّ رت على مدار التاريخ اإلسالمي ،فكانت من ِّ
أهم وتكر ْ هذه النزعةُ وتبعا ُهتا ِّ
املدمرةُ َّ
ب
شلُوا َوتَ ْذ َه َ از ُعوا فَتَ ْف َ ِّ
اخلطر بقوله تعاىلَ " :وَال تَنَ َ وجل على هذا عز َّ واالهنيار يف آخر املطاف ...وقد نَبَّهَ للاُ َّ
تعاليم الدين احلنيف ،واختالقِّهم دايًنت كفريةً مثل اإلمساعيلية ،والنصريية، ِّرحيُ ُكم ".فلما اهنار املسلمون لتحريفهم َ
4
النفال46: 4
المة احملمديَِّّة وأهنا قد اختفت منذ قورن وال تَ ْع ُدو عن َو ْهم يف الواقع ،وإن كانت
أوالً :إنه كان جيهل انتفاء وجود ِّ
َ
ِّ
اإلحلاد ال ُْم ْسلُ َم ِِّّ
ان، هناك قلة مؤمنة مبعثرة يف ِّ
أحناء العامل ،لكن أكثرهم مضطهدون يف أوطاهنم ،يعانون من ظروف
ش َّر ُدو َن ،هاجروا إىل الوهايب ِّ
وغريها من ألوان الكفر والزندقة والبدعةَّ .أما البقية ،فإهنم ُم َ ِِّّ والشرك الصويف ،واالحنراف
معرضون لالنصهار يف بوتقة الكفر املسحي -اليهودي ..فكان من واجب بن ِّ
أحناء أورواب وإىل الوالايت املتحدةَّ ،
مشروعا يتبىن إكثار ِّ
عدد املؤمنني، ً ِّ
املؤمنة ،ويُعِّ َّد الدن أن يُ ْن ِّف َق أموالَه الطائلةَ يف اخلطوة الوىل جلمع مشل هذه القلة
َ
لألجيال املقب ِّ
لة حىت ِّ السبيل
َ اإلسالم يف منطقة الشرق الوسط إىل أن ميَُِّه َد ِّ ط لدعوةِّ املشركني املنتسبني اىل مث خيط َ
ِّ
اإلسالم ِّي ابلكامل. إذا امتلكوا املقدرةَ قاموا بتحرير الوطن
اليوم مبنظمة التعاون اإلسالمي اليت ال تعدو عن جسد هامد، أن اجملتمعات الْمت ِّ اثنيًا :كان جيهل َّ
أسل َمةَ ،واملرتبطةَ َ َُ ْ
الصفوف بسبب الفجوات العميقة اليت قد حالت بينها منذ قرون وهي سبع ِّ ِّ
توحيد يستحيل أن جتتمع كلمتُ َها على
الشمل حىت بينما كانت حتت راية واحدة يف عهد ثالث امرباطورايت عمالقة (الدولة الموية، ِّ مفرقَةَ
ومخسون دولةً َّ
ِّ
اإلسالم (وهي االنتساب إىل أن هذه الدول اليت تَد ِّ
َّعي بن الدن جيهل َّ
َ والدولة العباسيةُ ،والدولة العثمانية) .كما كان ُ
الكفر ال َْع ْول َِّم ِّي حىت لو اجتمعت
ِّ ِّ
عمالق ضا أ ْن تتصدَّى ملنازلة
يف احلقيقة ليست من اإلسالم يف شيء) يستحيل أي ً
الوهن ،وخنرها الشقا ُق ،فلم تعد ُ كلمتُها وانتظمت صفوفُها لِّ َما قد بَعُ َدت َّ
الشقةُ بينها وبني توحيد للا ،وأصاهبا
قادرةً على املواجهة.
ِّ
السلطة لفرتة ،فإهنا حمكوم عليها ابلفشل ِّ
االستيالء على أي ثورة مسلحة وإ ْن جنحت يف اثلثًا :كان بن الدن جيهل َّ
أن َّ
ات املسلَّحةَ هلا عواقب وخيمة تظل تبعا ُهتا فرتةً تعكر حياةَ ِّ
الفرد لن الثور ِّ
والزوال وإن طال عليها المد يف اهليمنةَّ . ِّ
ُ ُ َ
ِّ
أهداف حتقيق االستعدادات ِّ
املتوجهةَ إىل ِّ ِّ أواصر التماسك والتعاون ،فتثبِّ ُ
ط واآلمال ،وتزعزعُ
َ ِّ
الرغبات واجملتمع؛ ُجتَ ِّم ُد
ِّ
َ
الرقِّ ِّي والتمدن واالزدهار.
فهم ِّ
أبعاد يتمكن من ِّ علوم القرآن ،فلم َّ االختصاص يف ِّ
ِّ بن ال دن مل يكن من ِّ
أهل كل ما سبق َّ ابعا :والهم من ِّ
أن َ رً
اَّللُ يُ ِّري ُد َس َرى َح َّىت يُثْ ِّخ َن ِّيف ْال َْر ِّ ِّ
ض الدنْ يَا َو َّ ض تُ ِّري ُدو َن َع َر َ املعان الكامنة يف قوله تعاىلَ " :ما َكا َن لنَِّيب أَ ْن يَ ُكو َن لَهُ أ ْ
يما أَ َخ ْذ ُْمت َع َذاب َع ِّظيم". اَّلل سب َق لَم َّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ْاآل ِّخ َرةَ َو َّ
اَّللُ َع ِّزيز َحكيم * ل َْوَال كتَاب م َن َّ َ َ َ
5
س ُك ْم ف َ
5النفال68 ،67:
إن هذه اآلية الكرميةَ فيها ما فيها من وجوه اإلرشاد والتعليم والتوجيه والتثقيف والتنبيه ِّ
لي قائد يستعد أ ْن يباشر
إحياء اخلالفة الراشدة من جديد بعد أن ألغاها معاوية بن أيب سفيان عام 661م .ال بد هنا من التأكيد العمل على ِّ
إن هذا النظام القرآنَّ العال َِّم َّي والكفيل إبقامة العدل واملساواة والسلم يف مجيع جماالت احلياةِّ ويف كل أحناء على َّ
مقومتِّها كنظام سياسي واقتصادي واجتماعي منذ ِّ يتمكن أحد من أفر ِّاد ِّ
احملمدية أ ْن يعيدها بكل ِّ المة الرض ،مل َّ ْ
نفس بشر له أ ْن أخطر ما قد تُ ِّ ِّ
املهمة هلي من ِّ االستعداد ِّ انتباهنَا إىل َّ قرًن .وهذا يُل ِّْف ُ
سو ُل ُ ملثل هذه َ أن ت َ ثالثة عشر ً
ِّ
والعتاد تحر َك لجل حتقيقها ولو خبطوة واحدة ،حىت لو كان مال ًكا جلميع القواعد العسكرية وما فيها من السلحة ي َّ
ِّ
يف مجيع أرجاء املعمورةِّ! لن هذا يتطلَّب أوالًّ َ
وجود "املدينة الفاضلة املثالية" ،وذلك يكاد يكون مستحيالً.
ذكرهُ َّ
س َّم َع إىل شيء من مهسات هذه اآلية الكرمية (وال نقول لو أدرك معانيها) لتفطن إىل ما سبق ُ إن بن الدن لو تَ َ
ِّ
الناجحة ال يعود إىل السالح بيده يف حاته ولو مرةً واحدة .لن السر املكنون يف الغلبة س
من بعض احلقائق ،وملا َم َّ
َ
ِّ
النبياء واملرسلني إىل استعمال السالح يف بداية ِّ
والعتاد بوجه من الوجوه ،لذا مل يلجأ أحد من استعمال السالح
بَّ .
لن ِّ ِّ دعوهتم إىل توحيد للا وأعماهلم اإلصالحية ،إالَّ بعد أن أثخن بعضهم يف
وم ْن خالف منهم ُعوت َ
الرضَ ،
كل سالح ،وأدا ُهتا الكلمةُ الطيبةُ املثاليةُ .هذا الذي جيهلها اخلوارج يف كل عصر ،مبا فيهم خوارج هذا احلكمةَ تفوق َّ
ص ِّريو ُن اجلدد على وجه اخلصوص. اخلُويْ ِّ
العصر الدواعش ْ َ
***
املتعارف لنصوص الكتاب 7الشعريةُ يف الواقع ال تُعد مذهبا مواف ًقا لِّضوابط الكتاب والسنة ،بل هي حركة مذهبية نشأت على أسس كالمية (دايلكتيكية) ،ي ِّ
وه ُم أن التفسري الوسطي
َ ُ ً َ
ضا أن نصوص الكتاب والسنة
والسنة ال تفي ابلغرض إلبراز ما تتضمنه من املراد اإلهلي (حول مبادئ اإلميان) .كذلك املاتريدية ،تعتمد على الفلسفة (يف شرح مبادئ اإلميان) يوهم أي ً
حتتاج إىل تعليالت عقالنية لكشف ما فيها من الغموض .ظهرت الشعرية كرد فعل على التشدد العقالن من جهة ،وعلى الصوفية من جهة أخرى .كما ظهرت املاتريدية كرد فعل ضد
شائعا يف تركستان (يف القرن الثامن امليالدي) لذا ،ميكننا القول :أبن الشعرية واملاتوريدية نشأات
خلط معتقدات ما قبل اإلسالم (الشامانية والبوذية) إىل تعاليم اإلسالم ،وقد كان ذلك ً
لسباب مشروعة يف البداية .ولكن غلبت الفكار الصوفية على املنتسبني هلذين املذهبني فانتشرت يف الشرق الوسط ،فأسفرت عن الفوضى والتلوث يف املعتقدات فتغذت منها
املسلمانية Müslümanlıkالرتكية .وهذا التطور أصبح عقبةً خطريةً أمام دعاةِّ اإلصالح الذين هنضوا يف السنني الخريةِّ إلرشاد ِّ
الناس إىل اإلميان بوحدانية للا تبارك وتعاىل ،فتعرضوا
ملالحقات وعقوابت شديدة بتهمة أهنم من أنصار التنظيمات اإلرهابية كالقاعدة وداعش وغريها.
مأوى وال ِّ ِّ
ف عنهم :أهنم كانوا مجاعةً كساىل ش ْبهَ عراة حفاء ال يتَّخذون ً عر ُ
الزمنية ،واختالف اآلراء حوهلا ..فكل ما يُ َ
وشوارهبم وحواجبَهم .لذاَ ،م ْن رآهم وىل منهم فر ًارا
َ اه ْميتورعون عن فعل الفاحشة .كانوا حيلقون ِّحلَ ُ يتزوجون وال َّ
َّ
أمرهم ،مث تبعثروا يف ُم ُد ِّن أًنضول يف عهد الدولة
وُملئ منهم رعبًا لبشاعة هيئتهم .ظهروا يف مدينة حلب يف َّأو ِّل ِّ
السلجوقية ،جلهم كانوا من مالحدة التراك ال يؤمنون ابهلل وال ابليوم اآلخر وال مبقدس .لعل ِّ
هؤالء كانوا من امتداد
احلشاشني من أتباع حسن بن صباح الذين كانوا يومنون ابإلرادة احلرةِّ ويرفضون اإلميان ابخلالق لن اإلميا َن اب ِّ
إلله
ِّ
اإلنسان ،إذ هو مبين على الطاعة واخلضوع املتواصل ".وهذه العقيدةُ كانت خمالفةً لعقيدة اجملتمع عندهم "مانع حلر ِّية
الدولة ،فضالً عن أن ع َد َد القلندريِّني أخذ يف االزدايد مع الزمان ،فعجزتِّ السلجوقي ِِّّ
السين ،وخط ًرا على نظام
ش يف تصرفاهتم وسلوكياهتم ...فلما احت َّد النزاعُ بني الطرفني استغلَّت
ش والتفح ِّ
الدولةُ عن تغيري ما اعتادوه من التوح ِّ
املوقف ،فانقضَّت على الدولة السلجوقية ابملشاركة مع القلندريِّني فقضت عليها .ال شك أن هذا
َ قوات املغول هذا
ُ
ِّ
وعسكرًّاي يف مرحلة االقتتال. طابعا سياسيًّا
النزاع كان يف الصل ًنشئًا من اختالف العقيدة ،مث أخذ ً
الدينية اليت كانت سائدةً يف الًنضول ما بني القرن الثالث ِّ ط احلياةِّ يقول الستاذ الدكتور فؤاد كوبرولوَّ :
"إن أمنا َ
عشر والسادس عشر امليالدي ،حتتاج إىل دراسة أساسية لمهيتها البالغة .لقد انتشر العدي ُد من املذاهب والطرق
الصوفية على الساحة الًنضولية خالل هذه احلقبة الزمنية مثل الباابئِّيَّ ِّة ،والب َدالِّيَّ ِّة ،والْبكْتَ ِّ
اشيَّ ِّةَ ،وا ْحلُُروفِّيَّ ِّة، َ َ َ ْ ََ
الف َر ِّق الباطنية .لقد حدثت انتفاضة الشيخ بدر اشيَّ ِّة ،والْ َقلَْن َد ِّريَِّّة ،وا ْحلي َد ِّريَِّّة ...كل هذه اجلماعات تُعد من ِّ
يزيلْب ِّ ِّ
َ َ َْ َ َوالْق ِّ َ
فرقة الْبَ َاابئِّي ِّة .وهكذا ،خالل نفسها على غرار مترِّد ِّ الدين السيماوي وأنصاره ،كما وقعت قبلها عصياًنت لألسباب ِّ
اك الًنضول حياةً مكتئبة ابستمرار .وقد ظهر يف هذه الفرتة كثري من املتنبِّئني، كل هذه القرون الربعة ،عاش أتر ُ ِّ
8
ومن كانوا متفانني فيهم لدرجة أهنم ما كانوا يرتددون يف التضحية أبرواحهم يف سبيل أولئك املتنبئني".
ِّ
ستيالء املغول على بالد املسلمني ،يربهن ما جاءَ يف هذه كانت هذه نبذة عن الفرق الباطنية اليت ظهرت أايم ا
أن الدولةَ السلجوقيةَ الرتكيَّةَ كانت تعان مشاكل ِّ
متعددةَ الوجوه يف السطور بقلم أحد مشاهري الباحثني التراك َّ
َ
صراعها مع هذه الفرق ،وتتخبط يف مستنقع من االنفالت والفوضى .كل تلك الصراعات كانت ًنشئةً من اختالف
8وهذه كلمات الستاذ الدكتور فؤاد كوبرولو ابللغة الرتكية اليت عربناها فيما سبق:
XIII. yüzyıldan XVI. Asır sonlarına kadar Anadolu dinî hayatı çok mühim bir tedkik sahası gösterir. Yûnus Emre’den
başlayarak birçok büyük mutasavvıflar ve mutasavvıf şairler yetiştiren bu muhitte, Babaîlik, Abdallık, Bektaşîlik,
Hurûfîlik, Kızılbaşlık, Kalenderîlik, Hayderîlik adı altında Bâtıniyye zümresine girebilecek birçok mezheb ve tarikatlar
teşekkül etmiş ve yayılmış, eski Babaîler hâdisesinin tekerrürü şeklinde Bedreddin Simavî tarafdarlarının, ayaklanması
ve daha sonraki zamanlarda yine aynı mahiyette münferid hadiseler vukua gelmiştir. İşte böylece bütün bu dört asırlık
müddet esnasında AnadoluTürkleri daima buhranlı bir hayat geçirmişler, yalancı peygamberler, yeni i’tikatlar ve onların
uğrunda canını vermeyi göze alacak birçok mü’minler yetiştirmişlerdir. (Kaynak: Ord. Prof. Dr. Fuad Köprülü. Türk
)Edebiyatında İlk Mutasavvıflar. Diyanet İşleri Bşk. Yay. 8. Baskı, s.337 Ankara-1993
العقائد بني هذه الفرق من جانب ،ومناقضتها لعقيدة اجملتمع من جانب آخر .فكل تلك االنتفاضات والتناحر
ِّ
اختالف االجتاهات الدينية بني الطراف املتنازعة ،كانت وحركات اخلروج على النظام إمنا حدثت أصالً بسبب
ضا وإن مل يكن بينها اتفاق الدولةُ واجملتمع على اتفاق وبينهما حتالُف كطرفِّ ،
والف َر ُق الباطنيةُ كانت طرفًا معار ً ُ
لكن الصراعات اليت دارت رحاها سواء بني الطرفني من جانب ،وبني الفرق الباطنية يف إطارها الداخلي من وحتالف؛ َّ
جانب آخر ،إمنا كانت تتمحور حول املذهبية يف الواقع.
أن النزاعات والصراعات املذهبية اليت بدأت يف وقت مبكر وبعد عصر السلف الصاحل من اجلدير ابإلشارة هنا؛ َّ
مباشرة ،كانت تنبعث عموما من عقائد الشيعة وموقفها من أغلبية املنتسبني إىل اإلسالم .لذا ،كانت بقيةُ ِّ
الف َر ِّق من ً
املذاهب السنِّيَّ ِّة والبدعيَّ ِّة كلها تعارض الشيعةَ وتُلقي عليها الالئمةَ حىت غالة الصوفية ويف طليعتها النقشبنديةُ.
ِّ ِّ
أهل
عموم احملافظني التراك ويف مقدمتهم النقشيبديون، ِّ ِّ
فعلى سبيل املثال ،كتب أمحد الفاروقي السرهندي الذي يعظ ُمهُ ُ
فحرضه على قتال
ك الوزبكَّ ، عبد للا خان (1598-1533م ،).ملِّ ِّ الرَّابِِّّن" ،كتب إىل ِّ ِّ
"اإلمام َّ والذي يلقبونه ب
َ
وج َهها إىل هذا امللِّك " :إن مرسل لك كتايب املوسوم (رد الروافض) ،وأطلب منك أن الشيعة ،وقال يف رسالته اليت َّ
معارك
حدثت ُ ْ قد َمهُ إىل ملك الدولة الصفوية شاه عباس ،فان سل َم ملا دعوتُهُ إليه فبها ،وإالَّ وجب قتاله 9".وفعالً تُ ِّ
دامية بني الطرفني ذهبت ضحيتها ما ال حيصى من الرواح.
التباغض
ُ حتو َل هذا
وأحياًن َّ
ً لقد دام التنافر والتباغض بني الشيعة وبقية الفرق املنتسبة إىل اإلسالم على مر القرون،
املذهيب إىل اقتتال بني الطرفني .يربهن على هذه احلقيقة ما ورد يف مصدر هام للباحث الكبري الدكتور فؤاد كوبرولو،
يقول بتعبري الفت ،وقد عرهبا مرتجم مصري يُدعى عبد للا أمحد إبراهيم ،وهذا نص كلمات الدكتور كوبرولو:
الدكتور حممد فؤاد كوبرولو ،املتصوفون الولون يف الدب الرتكي ،اجلزء الول ،الطبعة الوىل ،ص ،61/ترمجة :عبد للا أمحد إبراهيم ،اجمللس العلى للثقافة ،القاهرة2002-م. 10
***
تعاليم اإلسالم كما جيهلون حقيقة َ أما النقشبنديون الكراد ،فإهنم من أجهل ِّ
الناس ،وهم قطعان من اهلمج ،جيهلون
أن هذه الداينةَ من صنع التراك ملا اعتنقوها ،للتنافر الذي بني الطرفني الطريقة النقشبندية .أوالً :لهنم لو علموا َّ
يتعرضون له ،إمنا يرجع إىل ختلِّيهم من والتهميش الذي َّ
َ االضطهاد
َ منذ القدمي .لن كثرةً من الكراد اليوم يَ َّد ُعو َن َّ
أن
داينتهم القدمية (أي الزرادشتية) واعتناقِّهم الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّةَ ،Müslümanlıkوهي دين التراك .وهناك تيار يبث الدعايةَ
الوان الخريةِّ حياول فصم العروةِّ بينهم وبني الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة،
ِّ التوعية يف صفوف الكر ِّاد ويتصيَّ ُد َ
شباهبم يف ِّ حتت غطاء
احلقائق ملا اعتنقوا النقشبنديةَ ،وملا عظَّموا ِّ إن النقشبنديِّني الكراد لو كانوا على علم هبذه يوجههم إىل الزر ِّ
ادشتيةَّ . و ِّ
أمثال عبد اخلالق الغجدوان الذي اقتبس من البوذية مثانية مبادئ 14وبىن هذه الداينة عليها. زًندقةَ التراك من ِّ
12وهذا نص كلماته ابللغة الرتكية«Evet Karabekir, arap oğlunun yavelerini Türk oğullarına öğretmek için Kur’ân’ı Türkçeye .
ِّ
الكتاب مات » çevirttireceğim.املصدر .Şemseddin Güler, BEYAZ KİTAP, pg:63 :قد طُبِّ َع هذا الكتاب ًّ
سر ،لذا مكان واتريخ طباعته جمهوالن ،وًنشر
فور نشر الكتاب!
13وهم :حسن علي يوجيل Hasan Ali Yücel؛ ووداد ندمي ثور Vedat Nedim Tör؛ وًندر ًندي Nadir Nadi؛ ويعقوب قدري قره عثمان أوغلو Yakup Kadri
Karaosmanoğlu.
صورهتا
َ احلرب بني الكماليِّني والنقشبنديِّني منذ ثورة الشيخ سعيد البالوي عام 1925م .إىل اليوم ،غري أن
ُ دامت
اختلف وص ُفها يف أدبيات كل طرف هلذا الصراع .فكانت يف طورها الول يفَ ِّ
ومسمياهتا تغريت من فرتة لخرى ،كما
مصطلح الكماليِّني "عمليات تنكيل ابخلونة الرجعيِّني" ،وكانت يف مصطلح النقشبنديِّني "قتال الكفار" .مث َّ
حل اهلدوء
بشكل نسيب بعد إمخاد ثورة النقشبنديِّني ،إالَّ أن الكماليِّني ظلوا يف غطرستِّهم يشمتون هبذه النحلة ويستحقروهنا
بكل وسيلة إلذالهلا وإرغام أنوف منتسبيها .فلما انتهى عهد استبداد احلزب املتفر ،وبدأت التعدديةُ سنة 1946م.
امللح ِّة إىل كسب القطاعات الشعبية،
اب السياسية ابحلاجة َّ فأحست الحز َُّ ت املرونةُ يف العمل السياسي دبَّ ْ
واجلماعات الثنية ،وال ُكتل الصوفية ،وطمعت يف كسب دعمها أايم االنتخاابت لجل الفوز يف السباق الساسي مع
رئيس
بقية الحزاب .فخرج النقشبنديون من عزلتهم لول مرة ،ودبت احلركةُ يف صفوفهم ،فبادر عدًنن مندريس ُ
احلزب الدميقراطي ابدر جلمع مشل النقشبنديِّني وتعبئتهم ،لنه فاز يف انتخاابت 1950م نتيجة
ِّ ورئيس
ُ الوزر ِّاء
دعمهم.
انطلق النقشبنديون منذ أايم هذا التعاون الذي جرى بينهم وبني مندريس ،انطلقوا ينافسون الكماليِّني على كل
طقوسهم اهلنديةَ
َ ِّ
النظام ،وأجروا صعيد .استبدلوا يف املقام الول مصطلحاهتم اليت كانت مرفوضةً وممنوعةً من قِّبَ ِّل
ابقتباس أشكال من مناسك اإلسالم وذلك للتعمية ،هكذا استطاعوا أن
ُ داخل املساجد بعد إجراء تعديالت فيهاَ
معظمهم يف جامعات تركيا وحصلوا على شهادات أكادميية،فتخرج ُ ُخيفوا هويتهم ،مث اهتموا بتعليم أبنائهم وبناهتمَّ ،
هامةً يف خمتلف مرافق الدولة ،كما أصابوا ثروات طائلةً وأنشئوا شركات عمالقةً .أما الكماليون،
مناصب َّ
َ فاحتلوا
فرتاخوا ودخلوا يف سبات وغفلوا عن دبيب النقشبنديِّني واستيالئهم على َّ
املؤسسات ،إىل أن فاجأهم رجل امسه جنم
نفسهُ أبعلى درجة من املعرفة والثقافة حيمل شهادة جهز َ الدين ْأربَ َكان الذي ظهر من بني صفوف هذه النحلة وقد َّ
تغريت بعد ذلك لغةُ احلرب بنيسم به من موهبة اخلطاب الْ ُم ْقنِّ ِّعَّ .
الدكتوراه يف اهلندسة امليكانيكية فضالً عما كان يتَّ ُ
وأحياًن إىل التحايل والدبلوماسية إىل
ً النقشبنديِّني والكماليِّني من استعمال العنف إىل هلجات من اجلدال والدغدغة،
وحتو َل الكماليون إىل فئة مهزومة ومغلوبة على
أن استوىل هذا القطاعُ اخلطريُ (النقشبنديون) على الدولة الرتكية َّ
أمرها.
ِّ
الرائس َّي يف املاضي النظام
َ قد تربَّ َع النقشبنديون يف الوقت الراهن على ُس َّدةِّ احلكم بعد اعتماد جملس الشعب
املقدسةَ لإلسالم وقد أذلوا الكماليِّني خاصةً بعد أن جنحوا يف حرهبم على فتح للا
َ املفاهيم
َ القريب وهم حيتكرون
ِّ
انتصارهم يف حروهبم املذهبية أمامهم عقبة يف ِّاختاذ ِّ
أي قرار ابسم الدولة الرتكية عقب كولن وأنصاره .فلم يعد اليوم َ
مع خصومهم بقيادة رجب طيب أردوغان.
الطرف ِّ
الثانَ على عقيدة َ لآلخر لِّ َما أ َّن
ِّ كل طرف ِّ
تذنيب ِّ نشأت أصالً من
ْ إن هذه املعاداة والثورات والفنت كلَّها
تتحو ُل إىل أزمة سياسية أو هكذا ترتاءى يف ختالف عقيدتَهُ .وهذه هي املذهبيةُ بعينِّها .لكن املثري َّ
أن املذهبيةَ غالبًا ما َّ
الناس وتعىي يف احلكم عليها. ِّ
الحداث على العامة وتتخبط ُ ُ الصورة ،فتلتبس
***