You are on page 1of 54

‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫بعنوان‪:‬‬ ‫عرض‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪2020 2019‬‬

‫‪0‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫الئحة المختصرات‪:‬‬
‫ق‪ .‬م‪ .‬م ‪ :‬قانون المسطرة المدنية‬
‫ق‪ .‬ل‪.‬ع ‪ :‬قانون االلتزامات والعقود‬
‫م‪ .‬س ‪ :‬مرجع سابق‬
‫ص ‪ :‬صفحة‬

‫‪1‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫إن الظاهرة التي ال تخطئها عين الدارس هي أن المجتمع "القانوني" الدولي‪ ،‬اليوم‬
‫في مجال حسم المنازعات بين أشخاص القانون الخاص أو القانون العام يسعى حثيثا‪-‬‬
‫ومحاولة منه في تحقيق "عولمة" القضاء نحو إيجاد بدائل متعددة للقضاء الرسمي وخارج‬
‫المسطرة القضائية العمومية‪.1‬‬

‫وتعرف الوسائل البديلة بأنها مجموعة غير محددة من اآلليات لحل النزاعات تتم في‬
‫غالب األحيان عبر تدخل طرف ثالث من أجل التوصل إلى التسوية غير القضائية لهذه‬
‫النزاعات‪.2‬‬

‫ومن بين الوسائل البديلة التي نظمها المشرع المغربي‪ ،‬نجد التحكيم والوساطة‬
‫االتفاقية وقد عرف المشرع المغربي التحكيم في الفصل ‪ 036‬من قانون المسطرة المدنية‪،3‬‬
‫على أنه" حل نزاع من لدن هيئة تحكيمية تتلقى من األطراف مهمة الفصل في النزاع بناء‬
‫على اتفاق تحكيم"‪ .‬وعلى خالف ذلك لم يقدم المشرع المغربي تعريف للوساطة االتفاقية‪،‬‬
‫لذلك عرفها أحد الباحثين بأنها آلية للتصالح بين طرفين متنازعين تتم تحت إشراف شخص‬
‫محايد في اجتماع سري وأساسها الرضا واالختيار‪.4‬‬

‫وتختلف الوساطة االتفاقية عن التحكيم في كثير من عدة نقط منها‪:‬‬

‫‪ -‬اختالف سلطة المحكم عن سلطة الوسيط فاألول يصدر حكما في الدعوى التحكيمية في‬
‫حين يقتصر دور الوسيط على تقريب وجهات النظر دون البت في الموضوع‬

‫‪1‬‬
‫‪:‬أستاذنا جمال الطاهري‪ ،‬الفعالية اإلجرائية للحكم التحكيمي‪ ،‬مقال منشور في مجلة محاكمة‪ ،‬العدد ‪ 4‬أبريل – يونيو‪ ،8002‬ص‪00‬‬
‫‪2‬‬
‫‪:‬محمد الملكي‪ ،‬دور الوساطة في تسوية النزاعات‪ -‬دراسة مقارنة – أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ‪ ،‬مركز دراسات الدكتوراه في‬
‫القانون و االقتصاد و التدبير ‪ ،‬مختبر البحث القانون و التنمية ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،8002/8002‬ص‪9‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ :‬ظهير شريف بمثابة قانون رقم ‪ ،0.24.442‬بتاريخ ‪ 00‬رمضان ‪ 82( 0994‬شتنبر ‪)0924‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ :‬محمد الملكي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.80‬‬

‫‪2‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫‪ -‬الحكم الذي يصدره المحكم في التحكيم يكون لفائدة أحد الطرفين أما في الوساطة فإن‬
‫الطرفين هما الذين ينهيان النزاع شخصيا بمساعدة الوسيط إذ يتنازل كل طرف لألخر عن‬
‫جزء مما يدعيه‪.‬‬

‫‪ -‬الوساطة تتالقى فيها إرادة الطرفين على الحل‪ ،‬أما التحكيم فتنصرف فيه إرادة الطرفين‬
‫إلى اختيار المحكم والرضى سلفا بما يقرره‪ ،‬إذ ينفذ قرار المحكم في مواجهتهما ولو لم‬
‫يرتضيا الحل الذي توصل إليه هذا األخير‪.5‬‬

‫وتكمن أهمية الوسائل البديلة للتقاضي في أنها تسمح باستمرار العالقات بين الطرفين‬
‫المتنازعين وتوطيد التفاعل االيجابي بينهما‪ ،‬مما يدعم استمرار المقاوالت في أنشطتها‬
‫اإلنتاجية التوزيعية وبالتالي ضمان الرواج االقتصادي واألمن القانوني‪.6‬‬

‫وقد عرف المغرب التحكيم ألول مرة بمقتضى ظهير ‪ 21‬غشت ‪ 2120‬والذي نظم‬
‫بكيفية مفصلة نظام التحكيم‪ ،‬حيث خصص له الباب الخامس عشر من القسم الرابع في‬
‫الفصول من ‪ 715‬إلى ‪ ،705‬ليأتي بعد ذلك قانون المسطرة المدنية المصادق عليه بتاريخ‬
‫‪ 12‬شتنبر ‪ 2155‬والذي دخل حيز التنفيذ في فاتح أكتوبر ‪ 2155‬ملغيا بذلك مقتضيات‬
‫ظهير المسطرة المدنية لسنة ‪ 2120‬ومهتما كذلك بالتحكيم في الباب الثامن من القسم‬
‫الخامس أي من الفصول ‪ 036‬إلى ‪ .015‬إال أن هذا القانون لم يتعرض للوساطة كوسيلة‬
‫بديلة لفض النزاع ولم ينظم التحكيم الدولي باإلضافة إلى أنه لم يلم بكل قواعد التحكيم فكان‬
‫من الضروري تعديل هذه المقتضيات القانونية المنظمة للتحكيم في ق‪.‬م‪.‬م بسن قواعد جديدة‬
‫تنظم التحكيم الدولي والوساطة االتفاقية ‪،‬فصدر قانون ‪ 32-37‬بالجريدة الرسمية سنة‬
‫‪.1335‬‬

‫وبعد مرور أكثر من عشر سنوات على صدور هذا القانون وفي ضوء االنتعاش‬
‫االقتصادي الذي عرفه المغرب بحكم تدفق االستشارات األجنبية و إحداث القطب المالي‬

‫‪5‬‬
‫أستاذتنا خديجة عالوي‪ ،‬الوساطة لحل النزعات في القانون الداخلي المغربي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق تخصص القانون الخاص‪،‬‬
‫جامعة محمد الخامس ‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية‪ -‬سال‪ -‬الموسم الجامعي ‪ ،8000/8004‬ص‪.99‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ :‬إسماعيل أو بلعيد‪ ،‬الطرق البديلة لتسوية المنازعات‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،8000‬مطبعة طوب بريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬الصفحة ‪.04‬‬

‫‪3‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫بمقتضى القانون ‪ ،55.237‬باإلضافة إلى تدشين المركز الدولي للوساطة والتحكيم‪ ،‬أصبح‬
‫من الضروري فصل المقتضيات المنظمة للتحكيم والوساطة من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬مع تحينها وإدخال‬
‫التعديالت الالزمة عليها لتواكب المستجدات التي عرفتها التجارة الدولية‪ .‬وفي هذا اإلطار‬
‫تم إعداد مشروع قانون وفق منظور جديد يتميز بمجموعة من المستجدات الجوهرية‪.‬‬

‫األمر الذي يدفعنا إلى طرح اإلشكالية المحورية للموضوع وهي إلى أي حد استطاع‬
‫المشرع في هذا القانون أن يتجاوز الثغرات واالنتقادات التي كانت تعتري النصوص القديمة‬
‫في المسطرة المدنية ؟ وكذا مدى تمكن المشرع من خالل مشروع القانون من تجاوز‬
‫نقائص القانون الحالي؟‬

‫يتفرع عن هذه اإلشكالية مجموعة من التساؤالت بمكن إجمالها في ‪:‬‬

‫‪ -‬ماهي المستجدات التي جاء بها قانون ‪ 32.37‬المتمم والمعدل للمقتضيات المنظمة للتحكيم‬
‫والوساطة االتفاقية‬

‫‪-‬وماهي التعديالت المرتقبة من خالل مشروع قانون ‪ 17.25‬المتعلق بالتحكيم والوساطة‬


‫االتفاقية‬

‫لإلجابة عن هذه التساؤالت ارتأينا ضرورة تقسيم الموضوع إلى‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬قراءة في قانون التحكيم‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬قراءة في قانون الوساطة االتفاقية‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 8.00.989‬صادر في ‪ 2‬شوال ‪ 6 ( 0498‬سبتمبر ‪ ) 8000‬بتطبيق القانون رقم ‪ 44.00‬المتعلق بصفة "القطب المالي للدار‬
‫البيضاء"‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫المبحث األول‪ :‬قراءة في قانون التحكيم‬


‫قسم الفقه التحكيم إلى أنواع متعددة بحسب الزاوية التي ينظر إليه منها‪ ،‬فمن حيث‬
‫ارتباطه بدولة معينة ينقسم التحكيم إلى تحكيم داخلي وتحكيم دولي أو تحكيم أجنبي‪ .‬ومن‬
‫حيث الجهة التي تتولى تسييره‪ ،‬ينقسم إلى تحكيم مؤسسي وتحكيم خاص‪ .‬ومن حيث مدى‬
‫االلتزام باللجوء إليه‪ ،‬ينقسم إلى تحكيم اختياري وتحكيم إجباري‪.8‬‬

‫إال أننا نحن في دراستنا هاته سنقتصر فقط على التحكيم الداخلي و التحكيم الدولي‪،‬‬
‫فيراد باألول التحكيم الذي يتعلق بنزاع له ارتباط بدولة واحدة‪ ،‬ويكون األمر كذلك عندما‬
‫تكون جلسات التحكيم قد انعقدت في هذه الدولة بعد أن اتفق األطراف على إجراء التحكيم‬
‫فيها‪ .‬أما الثاني فهو التحكيم الذي يكون على هيئة التحكيم أن تفصل في نزاع تجاري يشتمل‬
‫على عنصر أجنبي وله عالقة بأكثر من دولة‪.‬‬

‫وعليه قسمنا هذا المبحث إلى مطلبين‪ ،‬خصصنا األول للحديث عن التحكيم الداخلي‪،‬‬
‫والذي بموجبه سنقوم بمقارنة بين كل من القانون الناسخ و المنسوخ‪ ،‬وكذا مشروع قانون‬
‫رقم ‪. 90.02‬أما المطلب الثاني خصصناه للحديث عن التحكيم الدولي الذي يعتبر من‬
‫المستجدات التي جاء به القانون الحالي‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫محمد بقالي‪ ،‬المفيد في التحكيم وفق القانون المغربي‪ ،‬بدون ذكر الطبعة و المطبعة‪ ،‬ص ‪2‬‬

‫‪5‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫المطلب األول‪ :‬التحكيم الداخلي‬


‫تقتضي منا دراسة موضوع التحكيم الداخلي‪ ،‬االنطالق من اتفاق التحكيم إلى أن‬
‫يصبح حكما تحكيميا ومن ثم الطعن فيه وكذا تنفيذه‪ .‬وعليه قسمنا هذا المطلب لفقرتين‪،‬‬
‫خصصنا األولى للقراءة في المرحلة السابقة لصدور الحكم التحكيمي‪ ،‬في حين خصصنا‬
‫الثانية للقراءة في المرحلة الالحقة لصدور الحكم التحكيمي‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬قراءة في المرحلة السابقة لصدور الحكم التحكيمي‬


‫أوال ‪ :‬اتفاق التحكيم‬

‫ينص الفصل ‪ 902‬من قانون ‪ 02.00‬على أنه‪ ،‬يجوز لجميع األشخاص من ذوي‬
‫األهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم في الحقوق التي‬
‫يملكون حرية التصرف فيها ‪ 9.‬ويعرف اتفاق التحكيم بكونه اتفاق بمقتضاه يلتزم أطراف‬
‫نزاع ما باللجوء إلى التحكيم قصد حل نزاع نشأ أو قد ينشأ عن عالقة قانونية معينة بينهم‬
‫تعاقدية أو غير تعاقدية ‪ .‬وعليه يكتسي اتفاق التحكيم شكل عقد التحكيم أو شرط التحكيم ‪.10‬‬

‫وعليه فمن خالل هذين الفصلين وال سيما الفصل األول‪ ،‬يتضح لنا أن اتفاق التحكيم‬
‫ال يكون صحيحا إال بتوافر شروط محددة (‪ ، )0‬أما الفصل الثاني يبين لنا أن اتفاق التحكيم‬
‫يكتسي إما شكل عقد التحكيم أو شرط تحكيم(‪.)8‬‬

‫شروط صحة اتفاق التحكيم‬ ‫‪-0‬‬

‫يشترط لصحة اتفاق التحكيم أوال أن يكون األطراف ممن تتوفر فيهم أهلية األداء‬
‫حسب قانونهم الوطني‪ ،‬وعليه ال يستطيع القاصر و ناقص األهلية لجنون أو لسفه إبرام‬
‫‪11‬‬
‫‪ ،‬على خالف بعض القوانين المقارنة وعلى رأسها‬ ‫اتفاق التحكيم ‪,‬تحت طائلة البطالن‬

‫‪9‬‬
‫‪ :‬ينص الفصل‪ 902‬على ما يلي‪ :‬يجوز لجميع األشخاص من ذوي األهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم في‬
‫الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها ضمن الحدود ووفق اإلجراءات والمساطر المنصوص عليها في هذا الباب وذلك مع التقيد بمقتضيات‬
‫الظهير الشريف الصادر في ‪ 9‬رمضان ‪ 08 ( 0000‬أغسطس ‪ ) 0900‬بمثابة قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬كما وقع تغييره وتتميمه السيما الفصل‬
‫‪0 68‬منه‬
‫يمكن بوجه خاص أن تكون محل اتفاق تحكيم النزاعات الداخلة في اختصاص المحاكم التجارية عمال بالمادة ‪ 0‬من القانون رقم ‪ 00090‬القاضي‬
‫بإحداث محاكم تجارية‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫‪ :‬الفصل ‪ 902‬من قانون ‪02.00‬‬
‫‪11‬‬
‫‪ :‬محمد بقالي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪00‬‬

‫‪6‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫القانون السعودي الذي ينص على أنه‪ ":‬و ال يصح االتفاق على التحكيم إال ممن له أهلية‬
‫التصرف"‪.‬‬

‫إلى جانب األهلية يجب أن يكون للشخص صالحية الحق المتنازع فيه للتحكيم‪ ،‬حيث‬
‫ال يقبل التحكيم في المسائل التي ال يجوز فيها الصلح وأن يكون الحق المتنازع بشأنه قابال‬
‫للتصرف فيه ‪.12‬‬
‫‪13‬‬
‫فتماشيا مع التطور المهم لمعظم التشريعات وخالفا لقانون المسطرة المدنية القديم‬
‫والذي كان يمنع االتفاق على التحكيم في نزاعات العقود و األموال التي تخضع للقانون‬
‫العام‪ .‬أي أنه كان يمنع الدولة من اللجوء إلى التحكيم وهذا ما كان سيؤدي حتما إلى انغالق‬
‫الدولة‪ ،‬مما سيؤثر على االستثمار الداخلي والخارجي لكون أن هناك عدد مهم من العقود‬
‫اإلدارية تطبعها صفة التجارية‪ ،‬رغم خضوعها للقانون العام كالصفقات العمومية كما أن‬
‫هذا كان سيتعارض مع مجموعة من المعاهدات واالتفاقيات الدولية والتي تلزم الدولة‬
‫والمقاوالت العمومية باللجوء إلى التحكيم"‪ .14‬وهكذا فان الفصل ‪ 900‬من قانون ‪02.00‬‬
‫رغم عدم إجازته االتفاق على التحكيم في النزاعات المتعلقة بالتصرفات األحادية للدولة أو‬
‫الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية‪ ،‬فإنه أجاز‬
‫اللجوء إلى التحكيم في النزعات المالية الناتجة عن هذه التصرفات األحادية‪ .‬كما نجده أجاز‬
‫بحكم هذا الفصل التحكيم في النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها الدولة أو الجماعات‬
‫المحلية مع استثنائه للنزاعات المالية المتعلقة بتطبيق القانون الجبائي‪.‬‬

‫إلى جانب المقتضى الذي جاء به المشرع في ظل القانون ‪ 02.00‬و الذي بمقتضاه‬
‫يسمح للدولة اللجوء إلى التحكيم‪ ،‬نجده الزال متمسكا بالمنع بخصوص النزعات التي تهم‬
‫حالة األشخاص وأهليتهم أو الحقوق الشخصية الخارجة عن دائرة التعامل‪ ،‬و النزعات‬
‫‪12‬‬
‫‪:‬راجع الفصول ‪ 909‬و ‪. 900‬‬
‫‪13‬‬
‫‪ :‬ينص الفصل ‪ 906‬من قانون المسطرة المدنية لسنة ‪ 0924‬على أنه ‪" :‬يمكن لألشخاص الذين يتمتعون باألهلية أن يوافقوا على التحكيم في‬
‫الحقوق التي يملكون التصرف فيها غير أنه ال يمكن االتفاق عليه ‪:‬‬
‫‪ -‬في الهيات والوصايا المتعلقة باألطعمة والمالبس والمساكن ‪.‬‬
‫‪ -‬في المسائل المتعلقة بحالة األشخاص وأهليتهم ‪ - .‬في المسائل التي تمس النظام العام وخاصة‬
‫‪ -‬النزاعات المتعلقة بعقود أو أموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام ‪ - .‬النزاعات المتصلة بتطبيق قانون جبائي ‪.‬‬
‫‪ -‬النزاعات المتصلة بقوانين تتعلق بتحديد األثمان والتداول الجبري والصرف والتجارة الخارجية ‪.‬‬
‫‪ -‬النزاعات المتعلقة ببطالن وحل الشركات "‬
‫‪14‬‬
‫‪:‬أسماء عبيد‪ ،‬التحكيم في التشريع المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم ا لدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و‬
‫االجتماعية‪ -‬سال‪ ، -‬السنة الجامعية ‪ ،8009-8002‬ص‪.09‬‬

‫‪7‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫المتعلقة بعقود مخالفة لألخالق الحميدة أو النظام العام أو القانون‪ ،‬ذلك أن المشرع المغربي‬
‫قيد في الفصل ‪ 68‬من قانون االلتزامات و العقود حرية األطراف وأجبرها على التمسك‬
‫بشرعية االلتزامات التعاقدية‪ .‬وهو نفس المقتضى المنصوص عليه في القانون القديم لسنة‬
‫‪ 0924‬و كذا القانون ‪ ،02.00‬بل أكثر من ذلك نجد مشروع قانون ‪ 90.02‬بدوره يؤكد‬
‫‪15‬‬
‫منه‪ .‬فما يمكن تسجيله في هذا الخصوص هو أن المشرع‬ ‫على ذلك بموجب المادة ‪09‬‬
‫أحسن صنعا عندما أخرج الحاالت المشار إليها أعاله من دائرة النزعات التي يمكن أن‬
‫تكون محال للتحكيم‪ ،‬باعتبارها حقوق ثابتة‪.‬‬

‫إضافة إلى الشروط المشار إليها أعاله‪ ،‬نجد المشرع اشترط الكتابة كشرط شكلي‪،‬‬
‫‪16‬‬
‫ينص على ضرورة إبرام عقد التحكيم كتابة‪،‬‬ ‫فبعد أن كان القانون القديم لسنة ‪0924‬‬
‫وعلى أنه يتعين أن يكون شرط التحكيم مكتوبا باليد وموافقا عليه بصفة خاصة من لدن‬
‫األطراف تحت طائلة البطالن إذا تعلق األمر بعمل تجاري‪ .17‬و المشرع يكاد ينفرد في‬
‫األحكام السابقة في اعتبار الكتابة شرط انعقاد مقارنة مع العديد من التشريعات المقارنة التي‬
‫تجعل عقد التحكيم رضائيا و الكتابة شرط إلثباته فقط من بين هذه القوانين نجد القانون‬
‫المصري الذي أكد في المادة ‪ 000‬من قانون المرافعات "ال يثبت عقد التحكيم إال بالكتابة"‪.‬‬
‫ففي الحقيقة يعد موقف هذه القوانين أقرب إلى طبيعة العقود التجارية عامة و التحكيم‬
‫خاصة‪.‬‬

‫كما أن ا لمشرع كان متشددا عندما اشترط في شرط التحكيم كتابته باليد‪ ،‬مما يجعله‬
‫أكثر اتصاال بالنظام العام‪ .‬ويعود موقف المشرع المغربي إلى المرجعية القانونية التي‬
‫اعتمدها وهي القانون الفرنسي‪ ،‬إذ تطلبت المادة ‪ 0/0449‬من قانون المرافعات الفرنسي‬
‫الجديد أن يكون شرط التحكيم مكتوبا وإال كان باطال‪ ،‬بينما نصت المادة ‪ 0449‬من قانون‬
‫المرافعات الفرنسي على عدم ضرورة كتابة مشارطة التحكيم إال إلثباته‪ ،‬هنا يكون المشرع‬

‫‪15‬‬
‫‪ :‬تنص المادة ‪ 09‬من مشروع قانون ‪ 90.02‬على ما يلي‪ " :‬ال يجوز أن يبرم اتفاق التحكيم بشأن تسوية النزاعات التي تهم حالة األشخاص‬
‫وأهليتهم أو الحقوق الشخصية الخارجة عن دائرة التعامل"‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫‪ :‬ينص الفصل ‪ 902‬من قانون المسطرة المدنية لسنة ‪ 0924‬على أنه ‪ :‬يتعين إبرام عقد التحكيم كتابة يمكن أن يكون موضوع محضر يقام‬
‫أمام المحكم أو المحكمين المختارين أو أمام موثق أو عدلين أو حتى بسند عرفي حسب إرادة األطراف "‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫‪ :‬ينص الفصل ‪ 9069‬من قانون المسطرة المدنية لسنة ‪ 0924‬على أنه ‪ " :‬يمكن لألطراف أن يتفقوا في كل عقد على عرض المنازعات التي‬
‫قد تنشأ بصدد تنفيذ هذا العقد على المحكمين يمكن لهم أن يعينوا عالوة على ذلك مسبقا وفي نفس العقد إذا تعلق بعمل تجاري محكمة أو محكمين‬
‫ويتعين في هذه الحالة أن يكون شرط التحكيم مكتوبا باليد وموافقا عليه بصفة خاصة من لدن األطراف تحت طائلة البطالن ‪".‬‬

‫‪8‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫قد فرق بين شرط التحكيم الذي جعل الكتابة فيه شرط انعقاد‪ ،‬خالف مشارطة التحكيم التي‬
‫‪18‬‬
‫جعل شرط الكتابة فيها شرط إثبات فقط‪.‬‬

‫أما في القانون ‪ 02.00‬نجد أن المشرع قد تدارك األمر وخرج عن الكثير من هذه‬


‫األحكام المتشددة فأوجب تحرير اتفاق التحكيم كتابة سواء بعقد رسمي أو عرفي أو محضر‬
‫ينجز أمام الهيئة التحكيمية‪ .‬كما يعتبر اتفاق التحكيم مكتوبا إذا ورد في وثيقة موقعة من‬
‫األطراف أو في رسائل متبادلة أو أية وسيلة أخرى من وسائل االتصال و التي تعد بمثابة‬
‫اال تفاق تثبت وجوده أو حتى تبادل مذكرات الطلب و الدفاع التي يدعي فيها أحد الطرفين‬
‫بوجود اتفاق التحكيم دون أن ينازعه الطرف اآلخر في ذلك‪ .‬ويعد في حكم اتفاق التحكيم‬
‫المبرم كتابة كل إحالة في عقد مكتوب إلى أحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية‪ ،‬أو إلى أي‬
‫وثيقة أخرى تتضمن شرطا تحكيميا إذا كانت أدلة اإلحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط‬
‫جزءا من العقد‪.19‬‬

‫ما يمكن اإلشارة إليه هو أن المشرع أتى بمستجد على مستوى وسائل التعاقد في‬
‫مشروع قانون ‪ 90.02‬و بالضبط في المادة ‪ 9‬منه‪ ،‬يتمثل في إضافته إلمكانية إبرام اتفاق‬
‫التحكيم عبر رسالة الكترونية وفقا للقواعد المنظمة للمعامالت اإللكترونية‪ ،‬في مقابل ذلك‬
‫نجده حذف وسيلة " التلكس " التي كانت واردة في الفصل ‪ 909‬من قانون ‪.02.00‬‬
‫وعليه يعتبر التوسع في مفهوم الكتابة في اتفاق التحكيم من أهم المستجدات التي جاء بها‬
‫القانون ‪ ،02.00‬وقد اشترطت كل الدول كتابة االتفاق التحكيمي لكي يتمكن المحكمون من‬
‫التأكد من إرادة األطراف بما ال يدع مجاال للشك‪ ،‬و يتمكن القضاء من إحكام رقابته على‬
‫مدى صحة االتفاق وعدم مخالفته للنظام‪ ،‬و على خالف هذا التوجه العام لم يشترط القانون‬
‫السعودي شرط الكتابة واكتفى به في وثيقة التحكيم المنصوص عليها في المادة ‪ 0‬من‬
‫المرسوم وهي وثيقة ال تقوم بين المتنازعين أصال بل تأتي بعد عزم األطراف والمحكمين‬
‫المعينين على تقديمها العتماد‪.20‬‬

‫أنواع اتفاق التحكيم‬ ‫‪-8‬‬


‫‪18‬‬
‫‪ :‬أسماء عبيد‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪88‬‬
‫‪19‬‬
‫‪ :‬الفصل ‪ 909‬من قانون ‪02.00‬‬
‫‪20‬‬
‫‪ :‬محمد بقالي‪ ،‬المفيد في التحكيم وفق القانون المغربي‪ ،‬بدون ذكر الطبعة و المطبعة‪ ،‬ص ‪.06‬‬

‫‪9‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫سبق وأشارنا إلى أن اتفاق التحكيم يكتسي شكل عقد تحكيم (أ)‪ ،‬أو شرط تحكيم(ب)‪.‬‬

‫شرط التحكيم‬ ‫أ‪-‬‬


‫شرط التحكيم هو الشرط الذي يلتزم بموجبه أطراف عقد بأن يعرضوا على التحكيم‬
‫النزعات التي قد تنشأ عن العقد المذكور‪ ،‬و قد اشترط الفصل ‪ 902‬من قانون المسطرة‬
‫المدنية لصحة شرط التحكيم‪:‬‬

‫‪-‬أن يضمن شرط التحكيم كتابة في االتفاق األصلي أو في وثيقة تحيل إليه‪ ،‬بشكل ال‬
‫لبس فيه؛‬

‫‪ -‬أن ينص في شرط التحكيم إما على تعيين المحكم أو المحكمين وإما على طريقة‬
‫تعيينهم‪.‬‬

‫وعليه كلما توفر هذان العنصران أضحى شرط التحكيم صحيحا ولو كان العقد‬
‫الذي تضمنه باطال عمال بالقاعدة التي ترى في شرط التحكيم اتفاقا مستقال عن شروط العقد‬
‫األخرى‪ .‬ال يتأثر ببطالن هذا األخير أو فسخه أو إنهائه إذا كان صحيحا في ذاته‪ .21‬وذلك‬
‫باعتبار أنه يتمتع باستقالل عن العقد األصلي‪.‬‬

‫أما موقف المشرع المغربي من استقاللية الشرط التحكيمي‪ ،‬فنجد أنه على مستوى‬
‫قانون المسطرة المدنية القديـم‪ ،22‬ليس هناك ما يشير إلى ما إذا كان الشرط التحكيمي يتميز‬
‫باستقاللية عن العقد األصلي أم ال‪ ،‬إال أن هذا ال يمنع من استخالص هذه االستقاللية‬
‫بالرجوع إلى مقتضيات قانون االلتزامات والعقود بوصفه يشكل الشريعة العامة وخصوصا‬
‫‪23‬‬
‫وخالفا لقانون المسطرة المدنية القديم نجد المشرع في‬ ‫باستقرائنا للفصول ‪ 902‬و ‪.909‬‬
‫ظل قانون ‪ 02.00‬تدارك األمر عندما نص بصورة صريحة على أن شرط التحكيم يعتبر‬
‫اتفاقا مستقال عن شروط العقد األخرى كما نص على ذلك الفصل ‪.902‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ :‬الفصل ‪ 902‬من قانون ‪02.00‬‬
‫‪22‬‬
‫‪ :‬الفصول من ‪ 906‬إلى ‪ 982‬من قانون المسطر ة المدنية لسنة ‪.0924‬‬
‫‪23‬‬
‫‪ :‬ينص الفصل ‪ 902‬على أنه " ‪ :‬بطالن جز ء من اللتزام يبطل االلتزام في مجموعه إال إذا أمكن لهذا االلتزام أن يبقى قائما بدون الجز ء‬
‫الذم لحقه البطالن وفي هذه الحالة االخير ة يبقى االلتزام قائما باعتبار ه عقدا متميز ا عن العقد األصلي ‪.‬‬
‫وينص الفصل ‪ 909‬على أنه " ‪ :‬إذا أبطل االلتزام باعتبار ذاته وكان به من الشروط ما يصح به التزام آخر جرت عليه‬
‫القواعد المقرر ة ليذا االلتزام االخير ‪".‬‬

‫‪10‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫أما بخصوص صياغة شرط التحكيم فليس من السهولة بمكان‪ ،‬الن أي خطأ في‬
‫كتابته قد يؤدي إلى تعقيدات على مستوى اختصاص هيئة التحكيم وإلى تأخير الفصل في‬
‫النزاع لوقت قد يطول‪.24‬‬

‫عقد التحكيم‬ ‫ب‪-‬‬


‫عرف المشرع المغربي عقد التحكيم في الفصل ‪ 904‬من قانون ‪ 02.00‬بأنه "هو‬
‫االتفاق الذي يلتزم فيه أطراف نزاع نشأ بينهم بعرض النزاع على هيئة تحكيمية"‪ .‬وعليه‬
‫يفترض عقد التحكيم وجود إرادة مشتركة واعية وحرة لدى أطراف النزاع تنازلت عن‬
‫اللجوء إلى القضاء الرسمي و عرض قضيتهم استثناء على هيئة تحكيمية من اختيارهم‪ .‬كما‬
‫يمكن إبرام العقد المذكور ولو خالل دعوى جارية أمام المحكمة‪ .‬وإذا تم االتفاق على‬
‫التحكيم أثناء نظر النزاع من قبل المحكمة‪ ،‬فعلى المحكمة أن تقرر إحالة األطراف على‬
‫التحكيم‪ .‬ويعد هذا القرار بمثابة اتفاق تحكيم مكتوب‪.25‬‬

‫فمن خالل ما سبق يتبن لنا أن المشرع سمح في القانون الحالي باالستمرار في‬
‫اإلجراءات أمام المحكمة وفي نفس الوقت تتم مباشرة و متابعة مسطرة التحكيم وإصدار‬
‫حكم تحكيمي في انتظار أن تبت المحكمة في ذلك ‪ .‬إال أن هذا لن يعود ممكنا في ظل‬
‫مشروع قانون ‪ ،90.02‬حيث جاء في المادة الرابعة منه‪ ،26‬أنه تصرح المحكمة بعدم‬
‫القبول بمجرد لجوء أطراف النزاع إلى التحكيم‪ ،‬بمعنى أنه ال يمكن رفع ذات النزاع أمام‬
‫المحكمة و المحكمين‪ ،‬وهو أمر منطقي تفاديا لصدور أحكام متناقضة في الموضوع‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الهيئة التحكيمية والحكم التحكيمي‬

‫يؤدي اتفاق التحكيم سواء كان في صورة شرط أو مشارطة إلى بدء إجراءات‬
‫التحكيم‪ ،‬ولعل أول إجراء من هذه اإلجراءات هو تكوين محكمة التحكيم أو الهيئة التحكيمية‬
‫المختصة بالنظر في النزاع (‪ )0‬وتنتهي هذه اإلجراءات بصدور حكم تحكيمي(‪.)8‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ :‬محمد بقالي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪06‬‬
‫‪25‬‬
‫‪ :‬الفصل ‪ 904‬من قانون ‪02.00‬‬
‫‪26‬‬
‫‪ :‬تنص المادة ‪ 4‬من م‪.‬ق‪ 90.02.‬على ما يلي‪ ":‬عقد التحكيم هو االتفاق الذي يلتزم فيه أطراف نزاع نشا بينهم بعرض هذا النزاع على هيئة‬
‫تحكيمية ‪ .‬يمكن إبرام العقد المذكور ولو خالل دعوى جارية أمام المحكمة ‪ .‬إذا تم االتفاق على التحكيم أثناء نظر النزاع من قبل المحكمة ‪ ،‬فعلى‬
‫المحكمة أن تقرر إحالة األطراف على التحكيم ‪ .‬ويعد هذا القرار بمثابة اتفاق تحكيم مكتوب تصرح المحكمة ‪ ،‬في هذه الحالة ‪ ،‬بعدم قبول الطلب‬
‫بمجرد لجوء أطراف النزاع إلى التحكيم "‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫الهيئة التحكيمية‬ ‫‪-0‬‬

‫من شروط صحة عقد التحكيم أيضا أن يتفق األطراف على تعين المحكم أو‬
‫المحكمين الذين سيعهد إليهم مهمة الفصل في النزاع وسواء وقع تعيين هيئة التحكيم أو فقط‬
‫التنصيص على طرق تعيينها‪ ،‬فإن صحة عقد التحكيم تستوجب أن يقبل المحكم أو‬
‫المحكمون المعنيون المهمة المقترحة عليهم‪ ،‬وعليه يكون العقد الغيا إذا رفض محكم معين‬
‫فيه القيام بالمهمة المسندة إليه‪.27‬فإذا حدد األطراف كيفية تعيين الهيئة التحكيمية‪ ،‬وجب‬
‫احترام إرادة األطراف‪.28‬‬

‫وال يسمح لرئي س المحكمة المختصة أن يخالف إرادة األطراف المتفق عليها في‬
‫تعيين المحكم الذي سيتولى الفصل في الخصومة‪ ،‬تحت طائلة خرق مبدأ معاملة طرفي‬
‫الخصومة على قدم المساواة مما يكون معه المقرر التحكيمي الصادر ضدا على هذه المبادئ‬
‫مشوبا بالبطالن لخرق قاعدة تشكيلة الهيئة التحكيمية بصفة نظامية ‪.29‬‬

‫أما بخصوص عدد المحكمين فإن أغلب التشريعات تنص على ضرورة أن يكون‬
‫عدد هؤالء وترا‪ ،‬أيا كانت الطريقة التي يتم بها تعيين المحكمين وتحديدهم‪ ،‬سواء تم ذلك‬
‫باتفاق المحكمين أنفسهم في االتفاق ذاته أو في اتفاق مستقل أو تم التعيين بواسطة المحكمة‬
‫المختصة بناء على طلب أي من المحتكمين‪ ،‬أو تم عن طريق مركز أو هيئة أو مؤسسة‬
‫تحكيمية وذلك لتالفى الحالة التي يؤول إليها التحكيم في حالة اختالف المحكمين االثنين‬
‫ليصدر القرار بتجريح الثالث‪.‬‬

‫فالمشرع في قانون المسطرة المدنية لسنة ‪ 0924‬كان متأثرا بقانون التحكيم الفرنسي‬
‫السابق فلم ينص على أن يكون عدد المحكمين وترا تاركا األمر إلرادة المحكمين‪ ،‬األمر الذي‬
‫يفهم منه أنه يجوز أن يكون عدد المحكمين شفعا‪ ،‬وقد تدارك المشرع المغربي هذا األمر عند‬
‫إصداره لقانون ‪ 02.00‬حيث حصر عدد المحكمين في ثالثة محكمين إذ لم يتفق األطراف‬

‫‪27‬‬
‫‪ :‬محمد بقالي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪02‬‬
‫‪28‬‬
‫عمر أزوكار‪ ،‬التحكيم التجاري الداخلي والدولي بالمغرب ‪ -‬قراءة في التشريع والقضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،8000‬مطبعة النجاح الجديدة الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫‪29‬‬
‫‪ :‬عمر أزوكار ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.80‬‬

‫‪12‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫على خالف ذلك مع اشتراط أن يكون العدد وترا تحت طائلة البطالن‪ .30‬كما بين قانون‬
‫‪ 02.00‬بموجب الفصل ‪ 0-982‬اإلجراءات الواجب إتباعها إذا ما عين األطراف عددا‬
‫مزدوجا من المحكمين‪.‬‬

‫إال أن ما يجب التأكيد عليه في هذا الخصوص هو أن المشرع في مشروع قانون‬


‫‪ 90.02‬قد حذف هذا المقتضى و اقتصر على ضرورة كون عدد المحكمين وترا تحت طائلة‬
‫البطالن‪ ،‬دون تحديد عدد معين وترك ذلك لحرية األطراف‪.‬‬

‫وأيضا فيما يخص شروط ممارسة مهام التحكيم‪ ،‬فالمحكمون ملزمون حاليا من خالل‬
‫القانون ‪ 02.00‬بضرورة الحصول على تصريح من الوكيل العام لدى محكمة االستئناف‬
‫الواقع في دائرة نفوذها‪ ،‬محل إقامة األشخاص الطبيعيين المذكورين أو المقر االجتماعي‬
‫‪31‬‬
‫بينما في المقابل نجد مشروع قانون التحكيم والوساطة االتفاقية يشترط‬ ‫للشخص المعنوي‬
‫في األشخاص الذين يقومون بمهام التحكيم أن يكونوا مسجلين ضمن قائمة المحكمين والتي‬
‫‪32‬‬
‫ويفهم من هذا المستجد اتجاه المشرع نحو‬ ‫ستتحدد شروط التقييد فيها بنص تنظيمي‪،‬‬
‫استقاللية الهيئة التحكيمية عن السلطة القضائية من خالل التضييق من الرقابة القضائية على‬
‫الهيأة التحكيمية‪ ،‬محاوال قدر اإلمكان ترك الحرية للمحكمين في القيام بمهامهم‪.‬‬

‫ونؤكد في هذا الصدد أن مشروع القانون حذف مقتضى كان يتعارض مع مبدأ‬
‫االستقاللية ويتعلق األمر باإلمكانية التي أتاحها قانون ‪ 02.00‬في استشارة النيابة العامة عند‬
‫البت في مدى صحة االتفاق التحكيمي‪ ،‬وكذا في صحة وحدود اختصاصاتها‪ ،‬وهو ما‬
‫يتعارض من جهة مع الغرض المتوخى من اللجوء إلى التحكيم‪ ،‬المتمثل باألساس في السرية‬
‫والسرعة وكذا مبدأ اختصاص االختصاص‪ ،‬القاضي بتخويل المحكم مهمة الفصل في‬
‫اختصاصه‪ ،‬دون تدخل من محاكم الدولة في هذا الشأن‪ ،‬من خالل هذا المقتضى يبدو أن‬
‫المشرع حاول قدر اإلمكان جعل الجهاز القضائي في خدمة مؤسسة التحكيم‪ ،‬وذلك بطلب‬
‫المعلومات من النيابة ا لعامة التي تمكن الهيأة التحكيمية من التأكد من صحة اتفاق التحكيم‪،‬‬
‫كتلك المتعلقة باكتمال األهلية ألطراف النزاع أو مدى قابلية موضوع النزاع‪ ،‬مما يعاب على‬
‫‪30‬‬
‫‪ :‬أسماء عبيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪31‬‬
‫أنظر الفصل ‪ 980‬من قانون المسطرة المدنية‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫المادة ‪ 00‬من مشروع قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫هذه اإلجراءات‪ ،‬وإن كانت تتعلق بمجرد االستشارة‪ ،‬أن المشرع لم يحدد مسطرة اللجوء إلى‬
‫تقديم الطلب رغم أهمية هذه اإلجراءات التي تهدف إلى تذييل الصعوبات التي تعترض‬
‫‪33‬‬
‫مسطرة التحكيم‪ ،‬وإنارة الطريق أمام المحكمين‪.‬‬

‫الحكم التحكيمي‬ ‫‪-8‬‬

‫إذا كان وجود التحكيم يتحقق بوجود عقد اتفاق تحكيمي أو شرط التحكيم في العقد‬
‫فإن نتيجة التحكيم تظهر بصدور حكم تحكيمي‪ ،‬فهذا األخير يعرف اختالفا على مستوى‬
‫االصطالح بين من يستعمل مصطلح القرار التحكيمي أو المقرر التحكيمي وبين من يستعمل‬
‫حكم المحكمين‪ .‬أما المشرع المغربي نجده قد أعطاه لفظة الحكم في قانون المسطرة المدنية‬
‫لسنة ‪ 0924‬وأيضا في قانون ‪ 34 02.00‬أما قبل ذلك فكان يطلق عليه بصك التحكيم‪.‬‬

‫إن أول ما يتبادر إلى الذهن عند دراسة الحكم التحكيمي هو طبيعة هذا الحكم‪،‬‬
‫هل له طبيعة قضائية أم طبيعة اتفاقية أم أنه حكم له طبيعة خاصة به ؟‬

‫"لـم يكن الفقهاء على رأي واحد في الطبيعة القانونية للحكـم التحكيمي‪ ،‬وإنما‬
‫انقسموا إلى اتجاهات متباينة‪ .‬ويرى أنصار االتجاه الذي يؤيد الطبيعة القضائية لحكم‬
‫التحكيم أن كون اتفاق األطراف على التحكيم ال يعني تنازلهم عن الدعوى وإنما يتنازلون‬
‫فقط عن االلتجاء إلى القضاء الرسمي لفائدة قضاء يحددون إجراءاته ومسطرته بمحض‬
‫إرادتهم كما أن حكم التحكيم شأنه في ذلك شأن الحكم القضائي هو حكم‪ ،‬ولو أن األول‬
‫تحكيمي بينما الثاني قضائي ‪ ،‬ومن ثم فإن الفكرة الجامعة بين الحكم التحكيمي والحكم‬
‫القضائي ليست هي فكرة الحكم القضائي على نحو ما ذهب إليه الرأي الغالب في الفقه‬
‫الفرنسي ‪ ،‬وال هي فكرة الحكم التحكيمي على نحو ما ذهبت إليه المدرسة التاريخية التقليدية‬
‫التي اعتبرت أن التحكيم أصل القضاء‪ ،‬وإنما هي فكرة " الحكم "‪ .‬وقيل أنه يعد بمثابة حكم‬
‫كحكم القضاء تماما‪ ،‬فيما عدا ما اتصل بقابليته في ذاته للتنفيذ الجبري‪ ،‬وكذلك فإن قرار‬
‫المحكم يعتبر بمثابة حكم‪ ،‬وإنما في الوقت الذي يصدر فيه األمر بتنفيذه‪ ،‬وقبل هذا الوقت‬
‫يكون مجردا عن هذه الصفة أي تكون له طبيعة تعاقدية‪ .‬إن أكثر مناهج تحديد طبيعة حكم‬
‫‪33‬‬
‫إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪099‬‬
‫‪34‬‬
‫‪ :‬محمد فاضل الليلي ‪ ،‬الحكم التحكيمي مقال منشور في كتاب الصلح و التحكيم و الوسائل البديلة محل النزعات من خالل اجتهادات المجلس‬
‫األعلى ‪ ،‬الطبعة ‪ 8002‬مطبعة األمنية – الرباط‪ ،‬ص ‪829‬‬

‫‪14‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫التحكيم شيوعا وانتشارا في الوسط القانوني‪ ،‬هو منهج تحديد هذه الطبيعة نسبة إلى الحكم‬
‫القضائي أي نسبة إلى الطبيعة القضائية لهذا الحكم األخير‪.‬‬

‫أما االتجاه الذي ينفي الطبيعة القضائية عن الحكم التحكيمي فهو االتجاه القائل‬
‫بالطبيعة االتفاقية لحكم المحكمين ويرى أصحاب هذا االتجاه أن الحكم التحكيمي ذو طبيعة‬
‫اتفاقية ال قضائية‪ ،‬وذلك ألن التحكيم بصورة عامة من خلف إرادة األطراف واختيارهم‪،‬‬
‫فهم الذين يعينون المحكمين ويحددون سلطاتهم واختصاصاتهم وأجل إصدار الحكم"‪.35‬‬

‫والحكم التحكيمي هو كل حكم قطعي في جميع المسائل المعروضة على هيئة التحكيم‬
‫بما في ذلك اختصاص هيئة التحكيم أو أي مسألة أخرى تتعلق بالمسطرة وعلى العموم فكل‬
‫حكم تصدره هيئة التحكيم وتصفه بأنه حكما تحكيمي فإنه يعد كذلك ‪.36‬‬

‫ويقصد بمنطوق الحكم التحكيمي القرار الذي توصلت إليه هيئة التحكيم‪ ،‬وهذا‬
‫المنطوق يتعين أن يكون واضحا ومنهيا للنزاع‪ ،‬إال أن منطوق هذا الحكم ال يتناول الحل‬
‫الذي توصلت إليه هيأة التحكيم فقط بل يتناول أشياء أخرى تخص التحكيم نفسه‪ ،‬وهي‬
‫مسألة المصاريف وأتعاب المحكمين‪ ،‬فيعتبر هذا من ضمن المستجدات التي جاء بها القانون‬
‫‪ ،02.00‬حيث نص في الفصل ‪ 84-982‬على أن أتعاب المحكمين ال يتم التنصيص عليها‬
‫في منطوق الحكم إال في الحالة التي يتم فيها االتفاق بين األطراف والمحكمين‪ ،‬أما في حالة‬
‫الخالف فإن هيأة التحكيم ال تنص على تحديد األتعاب بمنطوق الحكم‪ ،‬بل يتم تحديدها من‬
‫‪37‬‬
‫طبقا للفصل ‪. 89-982‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬قراءة في المرحلة الالحقة لصدور الحكم التحكيمي‬


‫يخضع إصدار الحكم التحكيمي لقواعد موضوعية وشكلية خاصة‪ ،‬فمن أولى المبادئ‬
‫التي اهتم بها القانون ‪ 02.00‬فيما يخص إصدار الحكم التحكيمي هي صدور هذا األخير‬
‫بعد مداولة الهيئة التحكيمية و التي يجب أن تكون سرية وبأغلب األصوات‪ ،‬إذ يجب على‬
‫جميع المحكمين التصويت لفائدة مشروع الحكم التحكيمي أو ضده‪ .38‬كما يلتزم جميع‬
‫‪35‬‬
‫‪ :‬أسماء عبيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫‪36‬‬
‫‪ :‬محمد فاضل‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.829‬‬
‫‪37‬‬
‫‪ :‬المادة ‪ 89-982‬من قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬
‫‪38‬‬
‫‪ :‬الفصل ‪ 982 -88‬من قانون ‪02.00‬‬

‫‪15‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫المحكمين بالتوقيع على الحكم‪ ،‬وإذا رفضت األقلية التوقيع يشير المحكمون اآلخرون إلى‬
‫ذلك في الحكم التحكيمي‪ ،‬مع تثبيت أسباب عدم التوقيع‪ .‬ويكون للحكم نفس األثر كما لو كان‬
‫موقعا من لدن محكم من المحكمين‪.39‬‬

‫فالحكم التحكيمي مثله مثل األحكام القضائية‪ ،‬يتكون من عدة عناصر‪ ،‬كملخص‬
‫الوقائع و الحيثيات أو التعليق و منطوق الحكم‪ ،‬إال أنه يختلف عن األحكام القضائية في‬
‫كونه يتضمن المستندات و بيان النقط التي تم الفصل فيها‪ ،‬إضافة إلى اتفاق التحكيم الذي‬
‫يجب أن يندرج في حكم التحكيم‪ .‬فبخصوص التعليل نجد المشرع المغربي اشترط في‬
‫القانون الحالي أن يكون الحكم التحكيمي معلال‪ ،‬وأيضا نجد مشروع القانون احتفظ بنفس‬
‫المقتضى الحالي بهذا الشأن في المادة ‪ 00‬منه‪.‬‬

‫ولم يستثني من هذا المبدأ سوى حالة االتفاق على خالفه في اتفاق التحكيم‪ ،‬أو كان‬
‫القانون الواجب التطبيق في مسطرة التحكيم ال يشترط تعليل الحكم‪ .‬أما الحكم المتعلق بنزاع‬
‫يكون أحد األشخاص الخاضعين للقانون العام طرفا فيه فيجب أن يكون دائما معلال‪.40‬‬

‫إضافة إلى تعليل الحكم التحكيمي نجد المشرع في قانون ‪ 02.00‬أوجب لصحة‬
‫الحكم التحكيمي توفره على بيانات أخرى‪ .41‬وذلك كله من أجل إضفاء نوع من الوضوح‬
‫على الحكم التحكيمي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬حجية الحكم التحكيمي و قوته التنفيذية‬


‫إن الحكم التحكيمي يكتسب بمجرد صدوره حجية األمر المقضي إليه بخصوص‬
‫النزاع الذي تم الفصل فيه (‪ ،)0‬في المقابل ال يكتسب القوة التنفيذية إال بعد مروره بمراحل‬
‫معينة(‪.)8‬‬
‫‪39‬‬
‫‪ :‬الفصل ‪ 982-80‬من قانون ‪. 02.00‬‬
‫‪40‬‬
‫‪ :‬محمد بقالي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪82‬‬
‫‪41‬‬
‫‪ :‬وهي حسب الفصل ‪ 982-84‬من قانون ‪:02.00‬‬
‫‪ -0‬أسماء المحكمين الذين أصدروه وجنسياتهم وصفاتهم وعناوينهم؛‬
‫‪ - 8‬تاريخ صدوره؛‬
‫‪ - 9‬مكان إصداره؛‬
‫‪ - 4‬األسماء العائلية والشخصية لألطراف أو عنوانهم التجاري وكذا موطنهم أو مقرهماالجتماعي‪ .‬وإن اقتضى الحال‪ ،‬أسماء المحامين أو أي‬
‫شخص مثل األطراف أو آزرهم‪.‬‬
‫إضاف ة إلى تحديد أتعاب المحكمين ونفقات التحكيم وكيفية توزيعها بين األطراف‪ .‬وإذا لم يتم االتفاق بين األطراف والمحكمين على تحديد أتعاب‬
‫المحكمين فيتم تحديدها بقرار مستقل من هيئة التحكيم ويكون قرارها بهذا الشأن قابال للطعن أمام رئيس المحكمة المختصة الذي يكون قراره في‬
‫هذا الموضوع نهائيا غير قابل ألي طعن‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫حجية الحكم التحكيمي‬ ‫‪-0‬‬

‫يكتسب الحكم التحكيمي بمجرد صدوره حجية األمر المقضي بخصوص النزاع الذي‬
‫تم الفصل فيه وهو المقتضى المنصوص عليه في الفصل ‪.982-86‬‬

‫وحجية الحكم التحكيمي‪ ،‬هي تطبيق خاص من تطبيقات مبدأ حجية الحكم اإلجرائي‬
‫منذ صدوره‪ ،‬لذا يكون لحكم التحكيم حجية منذ صدوره مما يعني أن هذه الحجية ال تتوقف‬
‫على إيداع الحكم وال على استصدار األمر بتنفيذه ‪.42‬‬

‫إال أنه بالرجوع إلى الفصل ‪ 982-86‬نجد المشرع سلب الحكم التحكيمي حجيته‪،‬‬
‫وذلك في الحالة التي يكون فيها أحد أطراف النزاع شخصا معنويا‪ ،‬ففي هذه الحالة لم يمنح‬
‫الحكم التحكيمي حجية الشيء المقضي إال بناء على أمر بتخويل الصيغة التنفيذية‪ ،‬ويقوم‬
‫الطرف األكثر استعجاال بتقديـم طلبه أمام القاضي المختص‪.‬‬

‫وكيفما كانت طبيعة الحكم التحكيم‪ ،‬أوجب المشرع المغربي إيداع أصله لدى كتابة‬
‫ضبط المحكمة داخل أجل سبعة أيام التالية لتاريخ صدوره‪ ،‬ويرفق به نسخة من اتفاق‬
‫التحكيم مع ترجمتها إلى اللغة العربية‪ .‬تسلم هيئة التحكيم إلى كل من الطرفين نسخة من‬
‫حكم التحكيم خالل أجل سبعة أيام من تاريخ صدوره‪ .‬وال يجوز نشر حكم التحكيم أو نشر‬
‫أجزاء منه إال بموافقة طرفي التحكيم‪ ،43‬هذا بخصوص القانون الحالي‪ .44‬إال أن مشروع‬
‫القانون الجديد نجده أتى بمستجد في هذا الشأن‪ ،‬فبخصوص النزاع الذي يكون فيه أحد‬
‫األشخاص االعتبارية الخاضعة للقانون العام طرفا فيه نجده ال يكتسب الحجية إال بناء على‬
‫أمر بتخويل الصيغة التنفيذية من قبل الطرف األكثر استعجاال أمام رئيس المحكمة‬
‫المختصة‪ ،‬نجده أضاف فقرة في أخر المادة ‪ 04‬من مشروع قانون ‪ 90.02‬تقضي بتطبيق‬
‫القواعد المتعلقة بالتنفيذ المعجل لألحكام على األحكام التحكيمية التي ال تطلب فيها صيغة‬
‫التنفيذ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫‪ :‬أسماء عبيد ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪09‬‬
‫‪43‬‬
‫‪ :‬محمد بقالي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪82‬‬
‫‪44‬‬
‫‪ :‬القانون رقم ‪02.00‬‬

‫‪17‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫أما التعديل الذي طرأ على الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 82.982‬من قانون ‪02.00‬‬
‫الذي يمنع نشر حكم التحكيم أو نشر أجزاء منه إال بموافقة طرفي الحكم‪ ،‬نجد المشرع في‬
‫مشروع قانون ‪ 90.02‬أضاف حاالت أخرى بموجب المادة ‪ 04‬ال يمكن معها نشر حكم‬
‫التحكيم أو أجزاء منه‪ ،‬وهي إلى جانب موافقة أطراف التحكيم‪ ،‬نجد حالة رفع أحد أطراف‬
‫التحكيم دعوى بطالن الحكم التحكيمي باإلضافة إلى طلب أحد أطراف التحكيم تنفيذ الحكم‬
‫التحكيمي‪.‬‬

‫القوة التنفيذية للحكم التحكيمي‬ ‫‪-8‬‬

‫عكس الحجية التي يكتسبها الحكم التحكيمي بمجرد صدوره فإن القوة التنفيذية ال‬
‫يكتسبها بمجرد صدوره وإنما ذلك متوقف على صدور أمر بتخويل الصيغة التنفيذية‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬ليس لحكم التحكيم عند صدوره أية قوة تنفيذية حتى ولو كان هذا الحكم حكما‬
‫بإلزام‪ .45‬فالقاضي المكلف بالتنفيذ‪ ،‬يتعين عليه مراقبة كل الشكل الذي يوجبه القانون‬
‫إلصدار حكم المحكم‪ ،‬و أية مخالفة يلحظها وتؤدي إلى بطالن الحكـم توجب عليه حتما أن‬
‫‪46‬‬
‫يمتنع عن إصدار األمر بالتنفيذ‪.‬‬

‫والمشرع المغربي في القانون ‪ 00.02‬كباقي التشريعات نظـم تخويل الصيغة‬


‫التنفيذية للحكـم التحكيمي في عدة فصول إذ نص الفصل ‪ 90-982‬على كون الحكـم‬
‫التحكيمي ال ينفذ جبريا إال بمقتضى أمر بتخويل الصيغة التنفيذية‪ ،‬وكذلك فقد نص‬
‫‪47‬‬
‫على كون األمر بتخويل الصيغة التنفيذية يكون غير قابل للطعن‪ .‬كما أوجب‬ ‫المشرع‬
‫‪48‬‬
‫كذلك على القاضي تعليل األمر الذي يرفض منح الصيغة التنفيذية للحكم‬ ‫المشرع‬
‫التحكيمي‪.‬‬

‫"أما في حالة ما إذا اتفق الخصوم على عدم إيداع حكـم المحكمين وقاموا بتنفيذه‬
‫اختيار يا‪ ،‬فإن تنفيذ الحكـم قبل هذا اإليداع وقبل صدور األمر بتنفيذه‪ ،‬يكون شأنه شأن تنفيذ‬
‫أي حكـم قضائي اختياريا في الرأي الذي يرى أن حكـم المحكـم بمثابة حكـم قضائي ولو‬

‫‪45‬‬
‫‪ :‬أسماء عبيد ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪06‬‬
‫‪46‬‬
‫‪ :‬أسماء عبيد ‪،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.02‬‬
‫‪47‬‬
‫‪ :‬الفصل ‪ 98.982‬من فانون ‪02.80‬‬
‫‪48‬‬
‫الفصل ‪ 99.982‬من قانون ‪02.00‬‬

‫‪18‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫قبل إيداعه‪ ،‬وشأن تنفيذ أي اتفاق ثابت بورقة عرفية ‪ -‬في الرأي األخر‪ -‬و ال يملك الخصـم‬
‫الذي قام بالتنفيذ اختياريا أن يتمسك بعدئذ ببطالن هذا التنفيذ بحجة عدم الحصول على األمر‬
‫بالتنفيذ‪ ،‬ذلك أن األصل والعادة‪ ،‬أن المقررات التحكيمية سواء كانت وطنية أو دولية‪ ،‬تنفذ‬
‫بكيفية رضائية‪ ،‬وبدون إجبار على التنفيذ ألنها أصال مؤسسة على عقد التحكيم أو شرط‬
‫التحكيـم المضمن في العقد الرابط بين األطراف فالحكـم التحكيمي إنما هو امتداد لذلك العقد‬
‫وأثر من آثاره كالتزام األطراف بتنفيذ العقد أو شرط التحكيـم يترتب عنه التزام بتنفيذ حكم‬
‫التحكيـم"‪.49‬‬

‫ثانيا الطعن في الحكم التحكيمي‬


‫اختلف التعامل مع مسألة الطعن في الحكم التحكيمي ما بين القانون المغربي‬
‫والسعودي‪ ،‬ففي النظام السعودي‪ ،‬أجازت المادة ‪ 02‬المرسوم الملكي للخصوم تقديم‬
‫اعتراضاتهم على الحكم التحكيمي إلى المحكمة المختصة خالل خمسة عشر يوماً من‬
‫تاريخ تبليغهم تحت صيرورته نهائيا‪ .‬وعليه‪ ،‬إذا قدم أحد األطراف طعنا في حكم المحكمين‬
‫خالل المدة المذكورة أعاله تنظر المحكمة المختصة فيه‪ ،‬وتقرر أما رفض الطعن وتصدر‬
‫األمر بتنفيذ الحكم‪ ،‬أو قبول الطعن وتفصل فيه‪ .‬النظام السعودي أطلق إذن إمكانية الطعن‬
‫‪50‬‬
‫على خالف المشرع المغربي الذي قيد هذا الطعن وحصره في ثالث‬ ‫في حكم المحكمين‬
‫حاالت هي طلب إعادة النظر في الحكم التحكيمي(‪ )0‬والتعرض الخارج عن الخصومة(‪)8‬‬
‫و الطعن بالبطالن (‪.)9‬‬

‫الطعن بإعادة النظر‬ ‫‪-0‬‬

‫تنص الفقرة الثانية من الفصل ‪ 94-982‬من قانون ‪ 02.00‬على أنه يمكن أن يكون‬
‫الحكم الصادر عن الهيئة التحكيمية موضوع إعادة النظر طبقا للشروط المقررة في الفصل‬
‫‪ 408‬بعده وذلك أمام المحكمة التي كانت ستنظر في القضية في حالة عدم وجود اتفاق‬
‫التحكيم‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫‪ :‬أسماء عبيد ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪02‬‬
‫‪50‬‬
‫‪ :‬محمد بقالي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.90-89‬‬

‫‪19‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫وعليه ‪ ،‬يسمح المشرع المغربي بطلب إعادة النظر في حكم المحكمين أمام المحكمة‬
‫االبتدائية المختصة ترابيا إذا كانت القضية مدنية أو أمام المحكمة التجارية أو اإلدارية‬
‫حسب طبيعة القضية‪ ،‬غير أن هذا الطعن ال يكون مقبوال سوى إذا توفرت إحدى الحاالت‬
‫المذكورة في المادة ‪ 408‬قانون المسطرة المدنية و هي‪:‬‬

‫‪ - 0‬إذا بتت هيئة التحكيم فيما لم يطلب منها أو حكمت بأكثر مما طلب منها أو إذا‬
‫أغفلت البت في أحد الطلبات؛‬

‫‪ - 8‬إذا وقع تدليـس أثناء تحقيق الدعوى؛‬

‫‪ - 9‬إذا بني الحكم ع لى مستندات اعترف أو صرح بأنها مزورة وذلك بعد صدور‬
‫الحكم؛‬

‫‪ - 4‬إذا اكتشفت بعد الحكم وثائق حاسمة كانت محتكرة لدى الطرف األخر؛‬

‫‪ - 0‬إذا وجد تناقض بين أجزاء نفس الحكم؛‬

‫‪ - 6‬إذا قضت نفس المحكمة بين نفس األطراف واستنادا لنفس الوسائل بحكمين‬
‫انتهائيين ومتناقضين وذلك لعلة عدم االطالع على حكم سابق أو لخطأ واقعي؛‬

‫‪ - 2‬إذا لم يقع الدفاع بصفة صحيحة على حقوق إدارات عمومية أو حقوق قاصرين؛‬

‫وفي األخير نؤكد على أن المشرع سار في نفس االتجاه في المادة ‪ 02‬من قانون‬
‫‪. 90.02‬‬

‫تعرض الغير الخارج عن الخصومة‪.‬‬ ‫‪-8‬‬

‫األصل أن حكم التحكيم ال يضر وال ينفع إال من كان طرفا في النزاع الذي صدر فيه‬
‫أو بتعبير أصح ال يكتسب هذا الحكم قوة الشيء المقضي به إال بالنسبة لألطراف المتنازعة‪،‬‬
‫أما األغيار فال يواجهون به ولو كان مذيال بالصيغة التنفيذية و لهم أن يتعرضوا عليه‬
‫تعرض الغير الخارج عن الخصومة أمام المحكمة التي كانت ستنظر في النزاع لو لم يبرم‬
‫اتفاق تحكيم‪ .51‬وهو المقتضى المنصوص عليه في الفصل ‪ 982.90‬الذي جاء فيه ‪ " :‬ال‬

‫‪51‬‬
‫‪ :‬محمد بقالي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.90‬‬

‫‪20‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫يواجه األغيار باألحكام التحكيمية و ل كانت مذيلة بالصيغة التنفيذية ويمكنهم أن يتعرضوا‬
‫عليها تعرض الغير الخارج عن الخصومة طبقا للشروط المقررة في الفصول من ‪ 909‬إلى‬
‫‪ 900‬أعاله أمام المحكمة التي كانت ستنظر في النزاع لو لم يبرم اتفاق تحكيم "‪.‬‬

‫دعوى البطالن‬ ‫‪-9‬‬

‫إذا كان حكم التحكيم ال يقبل الطعن باالستئناف فإن المشرع المغربي أجاز رفع طلب‬
‫بطالنه إلى المحكمة المختصة إذا توفرت أسباب محددة‪ ،‬كما يمكن لكل طرف في أن يدفع‬
‫بهذا البطالن‪ ،‬إذا تمسك الخصم بحكم التحكيم؛‬

‫أ ‪ -‬المحكمة المختصة‬
‫إذا تبين للخصوم أو ألحدهم أن هناك أسباب تدعوا إلى بطالن حكم التحكيم منحه‬
‫القانون المغربي إمكانية الطعن فيه أمام محكمة االستئناف الذي صدر في دائرتها رغم كل‬
‫شرط مخالف؛ ويمكن لهذه المحكمة في حالة إبطالها لحكم التحكيم أن تبت في جوهر النزاع‬
‫المتعلق بذلك الحكم ويستثنى من هذه القاعدة الحالة التي يكون فيها سبب إبطال الحكم يعود‬
‫إلى غياب اتفاق التحكيم أو بطالنه‪.52‬‬

‫ب – أجل طلب البطالن‬


‫يشترط لقبول طلب البطالن أن يقدم الطعن خالل مدة ‪ 00‬يوما على تبليغ حكم‬
‫التحكيم مذيال بالصيغة التنفيذية‪.‬‬

‫أسباب البطالن‬ ‫ت‪-‬‬


‫لقد عدد الفصل ‪ 982-96‬قانون ‪ 02.00‬أسباب بطالن حكم التحكيم ورتبتها وفق‬
‫التصنيفات التالية‪:‬‬

‫●أسباب ترجع إلى االتفاق‬

‫‪52‬‬
‫‪ :‬الفصل ‪ 982.96‬من قانون ‪02.00‬‬

‫‪21‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫في هذه الحالة تعود أسباب بطالن حكم التحكيم إما إلى بطالن اتفاق التحكيم وإما إلى‬
‫عدم تقيد هيئ ة التحكيم بإرادة األطراف المعبر عنها في هذا االتفاق‪ ،‬وتدخل في هذه الخانة‬
‫عدة أسباب يمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬صدور حكم التحكيم في غياب اتفاق التحكيم‬

‫‪ -‬صدور الحكم بعد انتهاء أجل التحكيم؛‬

‫●أسباب ترجع إلى تشكيل أو تعيين هيئة التحكيم‬

‫يبطل الحكم أيضا إذا تشكلت هيئة التحكيم أو وقع تعيين المحكم المنفرد بصفة غير‬
‫قانونية أو مخالفة التفاق الطرفين؛‬

‫● أسباب تتعلق ببطالن اإلجراءات أو الحكم من جهة أخرى‪ ،‬يبطل الحكم في‬
‫الحاالت التالية‪:‬‬

‫‪ -‬إذا لم ينص الحكم على أسماء المحكمين وعلى تاريخ صدوره؛‬

‫‪ -‬مخالفة هيئة التحكيم لإلجراءات الواجبة التطبيق اتفاقا بين األطراف‪.‬‬

‫‪ -‬عدم تقيد الهيئة للقانون المتفق على تطبيقه في موضوع النزاع‪.‬‬

‫‪ -‬إذا بتت الهيئة من دون أن تحترم المهمة المنوطة بها أو بتت في مسائل ال يشملها‬
‫التحكيم‬

‫‪ -‬إذا تجاوزت الهيئة حدود اتفاق األطراف‪،‬‬

‫●االخالل بحق الدفاع‬

‫يضمن القانون المغربي حقوق الدفاع وعليه يتعين إبطال حكم التحكيم إذا لم يبلغ أحد‬
‫األطراف وتعذر بسبب ذلك عدم تقديم دفاعه أثناء سير إجراءات التحكيم؛‬

‫●مخالفة النظام العام‬

‫تعتبر فكرة النظام العام من مقومات بناء الدولة الحديثة وهي على هذا األساس‬
‫مفهوم غامض بإجماع فقهاء القانون ومتغير في المكان والزمان بالنسبة للدولة الواحدة؛‬

‫‪22‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫ومن هذا المنطلق يتشكل النظام العام من مجموعة األسس القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية واألخالقية التي بدونها ال تقوم الدولة‪ ،‬وهي أسس يتعين على السلطات‬
‫العمومية العناية بها وحمايتها من كل خطر يتهددها ضمانا الستمرارية وجود الدولة‪.53‬‬

‫وتطبيقا لهذه المعاني‪ ،‬يبطل حكم التحكيم إذا تضمن ما يخالف النظام العام في‬
‫المملكة المغربية أو إذا قضى في موضوع ال يجوز التحكيم فيه؛ و على محكمة االستئناف‬
‫التي تنظر في الطعن أن تثير من تلقاء نفسها بطالن حكم التحكيم الذي صدر خالفا لقاعدة‬
‫من قواعد النظام العام وأن تبت في األمر طبقا لمسطرة االستعجال‪.54‬‬

‫رفض طلب البطالن‬ ‫ث‪-‬‬


‫إذا قضت محكمة االستئناف برفض دعوى البطالن وجب عليها أن تأمر بتنفيذ الحكم‬
‫التحكيمي ويكون قرارها نهائيا‪ .‬وتكون قرارات محكمة االستئناف الصادرة في مادة التحكيم‬
‫قابلة للطعن بالنقض طبقا للقواعد العادية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التحكيم الدولي‪.‬‬


‫يعتبر التنصيص على التحكيم الدولي من أهم المستجدات التي جاء بها القانون‬
‫‪ ،02.00‬حيث إن المغرب قبل ذلك كان يعتمد في هذا الشأن على االتفاقيات الدولية‪،‬‬
‫خاصة اتفاقيتي نيويورك‪ 55‬وواشنطن‪ .56‬وحتى بعد هذا القانون فالمقتضيات المنصوصة به‬
‫المتعلقة بالتحكيم الدولي تطبق دون اإلخالل بما ورد في االتفاقيات الدولية المصادق عليها‬
‫‪57‬‬
‫وذلك تطبيقا لمبدأ سمو القانون الدولي على القانون الوطني‪ .‬وقد‬ ‫من قبل المغرب‪،‬‬
‫خصص المشرع في هذا القانون ستة عشر فصال لتنظيم التحكيم الدولي‪ .‬وهي من الفصل‬
‫‪ 99-982‬إلى الفصل ‪ ،04-982‬ولتي تقابلها المواد من ‪ 69‬إلى ‪ 20‬من مشروع قانون‬
‫التحكيم والوساطة االتفاقية‪ ،‬بحيث نالحظ أن المشرع قد حدد لهذا النوع من التحكيم معايير‬
‫‪53‬‬
‫‪:‬محمد بقالي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬الصفحة‪.90‬‬
‫‪54‬‬
‫‪:‬محمد بقالي‪ ،‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪90‬‬
‫‪55‬‬
‫االتفاقية المعتمدة من قبل اللجنة االقتصادية واالجتماعية التابعة لهيأة األمم المتحدة بتاريخ ‪ 00‬يونيو ‪ ،0902‬والمصادق عليها بمقتضى‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ ،0.09.866‬المؤرخ في ‪ 09‬فبراير ‪(.0960‬أنظر المشروع في الملحق)‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫االتفاقية المبرمة سنة ‪ ،0960‬ولتي انظم إليها المغرب بمقتضى المرسوم الملكي رقم المؤرخ في ‪ 90‬أكتوبر ‪.0966‬‬
‫‪57‬‬
‫أنظر الفصل ‪ 99-982‬من قانون المسطرة المدنية‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫مختلفة عن تلك التي تخص التحكيم الداخلي‪ ،‬كما أن التحكيم الدولي يمكن تذييله بالصيغة‬
‫التنفيذية إال أنه ال يخضع ألحكام التحكيم الداخلي‪ ،‬ومن أجل التوضيح أكثر بهذا‬
‫الخصوص‪ ،‬سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين‪ ،‬نخصص األولى للحديث عن األحكام العامة‬
‫للتحكيم الدولي‪ ،‬فيما نخصص الثانية للتطرق إلى ضوابط الحكم التحكيمي الدولي‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬القواعد العامة للتحكيم الدولي‪.‬‬


‫إن أهم ما أتى به المشرع بخصوص التحكيم الدولي هو تحديده لتعريف خاص بهذا‬
‫التحكيم باإلضافة إلى تحديد إجراءات خاصة به مختلفة عن إجراءات التحكيم الداخلي‪ ،‬ومن‬
‫أجل التفصيل أكثر سنتطرق بداية إلى المعايير التشريعية لدولية التحكيم الدولي (أوال)‪ ،‬ثم‬
‫نتطرق (ثانيا) إلى القانون الواجب التطبيق على هذا النوع من التحكيم‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬المعايير التشريعية لدولية التحكيم‪.‬‬


‫قديما سادت فكرة في الفقه‪ ،‬تذهب إلى عدم التفرقة بين التحكيم الوطني أو التحكيم‬
‫األجنبي أو الدولي‪ ،‬حيث إنه باعتبار التحكيم يستند إلى إرادة األطراف فيه‪ ،‬وأن الحكم‬
‫التح كيمي يصدر عن أشخاص يعينون بموجب اتفاق بين إرادتي األطراف المتنازعة‪ ،‬وبما‬
‫أن التحكيم ال يعتبر عمال من أعمال السلطة‪ ،‬فهو بالتالي غير مرتبط بدولة معينة‪ .‬ومنه فال‬
‫يمكن إسباغ جنسية معينة عليه‪ ،‬وإنما يكون وضعه محايدا‪ ،‬وال يوصف بصفة الوطنية أو‬
‫األجنبية‪ .‬إال أنه المالحظ أن الفقه و النصوص الدولية تذهب في الوقت الحاضر إلى‬
‫استعمال التحكيم الوطني ‪ l'arbitrage national‬والتحكيم الدولي ‪l'arbitrage‬‬
‫‪ international‬والتحكيم األجنبي ‪ l'arbitrage étranger‬والتحكيم شبه الدولي‬
‫‪58.l'arbitrage‬‬ ‫‪semi international‬‬

‫وهناك اتجاه فقهي يستند في التمييز إلى معرفة قانون اإلجراءات الذي تم على‬
‫أساسه التحكيم‪ ،‬فيكون وطنيا إذا كان القانون المعتمد داخليا ويكون أجنبيا إذا كان القانون‬
‫المعتمد أجنبيا‪ .‬ويكون دوليا إذا كان قد اعتمد على اتفاقيات دولية‪ ،‬وقد يكون وطنيا بالنسبة‬

‫‪58‬‬
‫أسماء عبيد‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪24‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫لطرف وأجنبيا بالنسبة لطرف آخر‪ ،‬إال أن هذا االتجاه لم يعمر طويال لتعرضه النتقادات‬
‫‪59‬‬
‫كثيرة‪.‬‬

‫أما في ما يخص التشريع المغربي‪ ،‬فقد حدد في الفصل ‪ 40-982‬مدلول التحكيم‬


‫الدولي مميزا له عن التحكيم الداخلي‪ ،‬حيث نص على أنه تعتبر دوليا‪ ،‬حسب مدلول هذا‬
‫الفرع‪ ،‬التحكيم الذي يتعلق بمصالح التجارة الدولية والذي يكون ألحد أطرافه على األقل‬
‫بالخارج‪60.‬‬ ‫موطن أو مقر‬

‫وهو ما أكده قرار لمحكمة االستئناف بمراكش استند باإلضافة إلى مبررات أخرى‬
‫من أجل اعتبار التحكيم دوليا إلى كون أن موضوعه يتعلق بمصالح التجارة الدولية‪ ،‬و‬
‫يجمع بين طرفين ألحدهما موطن ومقر اجتماعي خارج أرض الوطن‪ .61‬ومنه يتضح أنه‬
‫هناك معيارين للقول بدولية التحكيم من عدمه‪ ،‬أولهما تعلق موضوع التحكيم بتجارة دولية‪،‬‬
‫والثاني كون أحد أطراف التحكيم له موطن أو مقر خارج الوطن‪ .‬وبناء على هذين‬
‫المعيارين ذكر المشرع في ذات الفصل السابق صورا تجسدهما‪ .62‬وهذا تم حذفه على‬
‫مستوى مشروع قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‪ ،‬بحيث نجد المادة ‪ 20‬منه تنص على‪:‬‬
‫«يعتبر دوليا حسب مدلول هذا الباب التحكيم الذي يتعلق بمصالح التجارة الدولية والذي‬
‫يكون ألحد أطرافه على األقل موطن بالخارج» تاركا بذلك الباب مفتوحا أمام أي صورة قد‬
‫تجسد هذين المعيارين دون التقييد بصور محددة‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫بوبكر بودي‪ ،‬معيار التفرقة بين التحكيم التجاري الدولي والتحكيم التجاري الوطني‪ ،‬مقال منشور في دفاتر المجلس األعلى عدد ‪ 2‬لسنة‬
‫‪ ،8000‬ص ‪.2‬‬
‫‪60‬‬
‫الفصل ‪ 40-982‬من قنون المسطرة المدنية‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫قرار محكمة االستئناف التجارية بمراكش رقم ‪ ،940‬صدر بتاريخ ‪ ،8000-06-04‬رقمه بمحكمة االستئناف التجارية ‪،8000/0/062292‬‬
‫ذكره عمر أزوكار‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.464‬‬
‫‪62‬‬
‫« ‪....‬‬
‫يعتبر التحكيم دوليا إذا‪:‬‬
‫‪ -0‬كان ألطراف اتفاق التحكيم وقت إبرام هذا االتفاق مؤسسات بدول مختلفة ؛‬
‫‪ -8‬أو كان أحد األمكنة التالية بيانها واقعا خارج الدولة الموجودة بها مؤسسات األطراف‪:‬‬
‫أ‪ -‬مكان التحكيم عندما يكون منصوصا عليه في اتفاق التحكيم أو معينا بمقتضى هذا االتفاق ؛‬
‫ب‪ -‬كل مكان يجب أن ينفذ فيه جزء مهم من االلتزامات المترتبة على العالقة التجارية أو المكان الذي تربطه أكثر بموضوع النزاع‬
‫صلة وثيقة؛‬
‫‪ -9‬أو كان األطراف متفقين صراحة على أن موضوع اتفاق التحكيم يهم أكثر من بلد؛‬
‫ألجل تطبيق مقتضيات الفقرة ‪ 8‬من هذا الفصل‪ ،‬يطبق ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬إذا كان ألحد األطراف أكثر من مؤسسة‪ ،‬فإن المؤسسة الواجب اعتمادها هي المؤسسة التي تربطها صلة وثيقة باتفاق التحكيم أكثر من‬
‫غيرها؛‬
‫ب‪ -‬إذا لم تكن ألحد االطراف أية مؤسسة قام مقامها محل سكناه االعتيادية‪».‬‬

‫‪25‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫وفي ما يخص اتفاق التحكيم الدولي فهو شأنه شأن التحكيم الوطني‪ ،‬ال يمكن اللجوء‬
‫إليه إال إذا كان هناك شرط تحكيمي أو اتفاق على التحكيم محرر كتابة بشكل معبر عن‬
‫إرادة الطرفين طبقا للشروط المنصوص عليها في الفصل ‪ 909‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬

‫وهو المقتضى الذي جاء في قرار لمحكمة النقض حيث نص في حيثياته على «‪...‬ال‬
‫يمكن اللجوء للتحكيم إال إذا كان هناك شرط تحكيمي أو اتفاق على التحكيم حرر بشكل‬
‫معبر عن إرادة الطرفين من خالل عقد مكتوب أو خطابات متبادلة كما يقضي بذلك‬
‫الفصالن ‪ 902‬و ‪ 902‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬والمادة ‪ 8‬من اتفاقية نيويورك بشأن االعتراف‬
‫‪63‬‬
‫ويقصد باتفاق التحكيم حسب الماد الثانية من اتفاقية‬ ‫بالمقررات التحكيمية وتنفيذها‪.»..‬‬
‫نيويورك‪ ،‬المتعلقة باالعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين كل شرط تحكيم وارد في عقد أو‬
‫اتفاق تحكيم موقع عليه من األطراف أو وارد في رسائل أو برقيات متبادلة ومنها الخطابات‬
‫‪64‬‬
‫وهو نفس المقتضى الذي جاء في قرار لمحكمة االستئناف التجارية بالدار‬ ‫اإللكترونية‪.‬‬
‫البيضاء حيث جاء في حيثياته ‪...« :‬وأنه من المقرر حسب الفقرة الثانية من المادة الثانية‬
‫من اتفاقية نيويورك‪ ،‬المتعلقة باالعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين األجنبية الواجبة التطبيق‬
‫في النازلة أنه يقصد باتفاق التحكيم أي شرط تحكيم وارد في عقد أو اتفاق تحكيم موقع عليه‬
‫من األطراف أو وارد في رسائل أو برقيات متبادلة وأن هذه األخيرة من التي تنطبق على‬
‫‪65‬‬
‫الخطابات اإللكترونية‪»...‬‬

‫ثانيا ‪ :‬القانون الواجب التطبيق على التحكيم الدولي‪.‬‬

‫انطالقا من الفصل ‪ 40-982‬من ق‪.‬م‪.‬م نجد أن المشرع قد خول صالحية تعيين‬


‫المحكمين إلى اتفاق األطراف‪ ،‬وفي حال اعترضتهم أية صعوبة في تشكيل الهيأة التحكيمية‬
‫يجوز للطرف األكثر استعجاال رفع األمر إلى رئيس المحكمة الذي سيتولى فيما بعد تخويل‬
‫الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي إذا كان التحكيم جاريا بالمملكة‪ ،‬أو إلى رئيس المحكمة‬
‫التجارية بالرباط إذا كان التحكيم جاريا بالخارج‪ ،‬واتفق األطراف على تطبيق ق‪.‬م‪.‬م‬

‫‪63‬‬
‫قرار محكمة النقض عدد ‪ 990‬المؤرخ في ‪ ،8002-9-2‬ملف تجاري عدد ‪ ،8004/0/9/09‬أورده عمر أزوكار‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.862‬‬
‫‪64‬‬
‫عمر أزوكار‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.862‬‬
‫‪65‬‬
‫قرار محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم ‪ 8009-0486‬صدر بتاريخ ‪ 8009-09-08‬رقمه بمحكمة االستئناف التجارية‬
‫‪ ،4/8008/0480‬أورده عمر أزوكار‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.862‬‬

‫‪26‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫المغربي‪ ،‬ومن أجل التوضيح في القانون الواجب التطبيق سنتعرض في نقطة أولى إلى‬
‫القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم‪ ،‬ثم في الثانية إلى القانون الواجب التطبيق‬
‫على موضوع النزاع‪.‬‬

‫‪ -1‬القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم‬

‫تبتدئ إجراءات التحكيم من وقت اتفاق الطرفين على اللجوء للتحكيم‪ ،‬إلى حين‬
‫صدور المقرر التحكيمي‪.‬‬

‫والمالحظ وجود رأيين في هذا الموضوع‪ ،‬بحيث يذهب الرأي األول إلى ربط‬
‫إجراءات ا لتحكيم بمكان التحكيم‪ ،‬حيث إنه ال يمكن للمحكم أن يؤدي مهمته إال إذا سمحت له‬
‫الدولة بذلك‪ ،‬ووفقا للشروط التي تحددها‪ .‬إال أن هذا الرأي قد صار متجاوزا كون أن الدولة‬
‫أصبحت تتخلى شيئا فشيئا عن حصانتها إذا تعلق األمر بعقود التجارة الدولية‪ ،‬أما الرأي‬
‫الثاني فيذهب إلى ربط لتحكيم وإجراءاته بإرادة الطرفين‪ ،66‬فالمحكم ليس كالقاضي فهو‬
‫‪67‬‬
‫يجد مكانه في نظام من صنع األطراف ويستمد اختصاصه من إرادتهم‪.‬‬

‫بالنسبة للقانون المغربي‪ ،‬فباإلضافة إلى ما تمت اإلشارة إليه بخصوص الفصل‬
‫‪ 40-982‬نجد بعده الفصل ‪ 48-982‬ينص بوضوح على إمكانية اتفاق أطراف التحكيم‬
‫على المسطرة الواجب اتباعها خالل سير التحكيم‪ ،‬مما يعني أن األطراف أحرار في اختيار‬
‫القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم‪ ،‬فقط في حال عدم وجود أي اتفاق مسبق‬
‫بهذا الخصوص يمكن حينئذ للهيأة التحكيمية تحديد القاعدة المسطرية الواجب اتباعها‪،68‬‬
‫كما أنه في جال اختيار األطراف إخضاع إجراءات التحكيم لقانون المسطرة المدنية‬
‫المغربي‪ ،‬فإن المقتضيات الخاصة بالتحكيم المتعلقة بالهيأة التحكيمية‪ ،‬وكذلك المتعلقة بالحكم‬
‫التحكيمي ال تطبق إال عند غياب أي اتفاق خاص مع مراعاة مقتضيات الفصلين ‪40-982‬‬
‫‪69‬‬
‫وأيضا ال يخضع الحكم التحكيمي الدولي ألحكام قواعد التحكيم الداخلي‬ ‫و ‪،48-982‬‬
‫المنصوص عليها في الفصول من ‪ 906‬إلى ‪ 982‬وإنما التفاقية نيويورك لسنة ‪0902‬‬
‫‪66‬‬
‫أسماء عبيد‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.90-90‬‬
‫‪67‬‬
‫المختار عبد الدائم‪ ،‬عقد العمل في القانون الدولي الخاص المغربي‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية بوجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،8006-8000‬ص‪.64‬‬
‫‪68‬‬
‫أنظر الفصل ‪ 48-982‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫الفصل ‪ 49-982‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬
‫‪70‬‬
‫وهو نفس المقتضى الذي جاء في قرار لمحكمة االستئناف‬ ‫التي صادق عليها المغرب‪.‬‬
‫التجارية بالدار البيضاء الذي جاء في حيثياته ‪ ..« :‬حيث بما أن االتفاق على التحكيم كان‬
‫قبل تاريخ دخول القانون ‪ 02-00‬حيز التطبيق حيز التطبيق‪ ،‬وبما أن الفصول من ‪906‬‬
‫إلى ‪ 982‬من ق‪.‬م‪.‬م ال تتعلق بالتحكيم األجنبي وإنما تتعلق بالتحكيم الداخلي فإن اإلطار‬
‫القانوني لهذا الطلب هو اتفاقية نيويورك المؤرخة في ‪ 0902-06-09‬التي انظم إليها‬
‫المغرب‪.71‬‬

‫وما تجدر اإلشارة إليه أنه رغم وجود شرط التحكيم في التجارة الدولية أو عرض‬
‫النزاع أمام الهيأة التحكيمية‪ ،‬فإن ذلك ال يمنع حق قضاء الدولة من اتخاذ اإلجراءات‬
‫‪72‬‬
‫وذلك ما جاء في قرار لمحكمة النقض الذي نص على ‪:‬‬ ‫التحفظية التي يقتضيها الوضع‬
‫«‪..‬لكن حيث ولئن اتفق الطرفان بموجب الفصل ‪ 04‬من اتفاقية التمثيل الرابطة بينهما على‬
‫إخضاعها للقانون السويسري وعلى عرض نزاعاتهما الناشئة عنها على هيأة المصالحة‬
‫والتحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية‪ ،‬فإن ذلك ال يمنع بالنسبة لإلجراءات التحفظية من‬
‫اللجوء للمحاكم المختصة نظرا للصبغة الوقتية لهذه اإلجراءات التي تتوخى السرعة في‬
‫‪73‬‬
‫اتخاذها وال تمس جوهر النزاع المعروض أو الذي سيعرض على التحكيم‪.‬‬

‫‪ -2‬القانون الواجب التطبيق على جوهر النزاع‬


‫القاعدة كما سبق أن رأينا أن األطراف هي من تحدد القانون الواجب التطبيق‪ ،‬وهو‬
‫ذات المقتضى الذي تبناه المشرع المغربي حتى في ما يخص القانون الواجب التطبيق على‬
‫جوهر النزاع‪ ،‬بحيث نجد الفصل ‪ 44-982‬ينص على أنه تحدد في اتفاق التحكيم بكل‬
‫حرية‪ ،‬القواعد القانونية التي يتعين على الهيأة التحكيمية تطبيقها على جوهر النزاع‪ ،‬مما‬
‫يعني أن األطراف يمكنهم االتفاق في عقد التحكيم على إخضاع موضوع النزاع إلى أي‬
‫قانون شاءوا يجدونه أكثر مالءمة للعقد أو االتفاق الذي بينهم‪ ،‬إال أنه في حالة عدم اختيار‬
‫األطراف لهذه القواعد‪ ،‬فإنه يمكن حينئذ للهيأة التحكيمية أن تفصل في النزاع طبقا للقواعد‬

‫‪70‬‬
‫عمر أزوكار‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.820‬‬
‫‪71‬‬
‫قرار محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم ‪ 8000/4600‬صدر بتاريخ ‪ 8000/00/09‬وقمه بمحكمة االستئناف التجارية‬
‫‪ 4/8000/0909‬أورده عمر أزوكار‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪820‬‬
‫‪72‬‬
‫عمر أزوكار‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.869‬‬
‫‪73‬‬
‫قرار محكمة النقض عدد ‪ 0909‬المؤرخ في ‪8002-00-88‬ملف تجاري عدد ‪ ،8006/0/629‬ذكره عمر أزوكار‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.869‬‬

‫‪28‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫التي تراها مالئمة‪ ،‬مما يعني أن الهيأة أيضا لها سلطة اختيار القواعد القانونية المطبقة على‬
‫موضوع النزاع ولكن ذلك مشروط بعدم االتفاق عليها مسبقا من قبل االطراف‪.‬‬
‫باستقرائنا للفقرة األخرة من الفصل أعاله‪ ،‬نجدها تنص على أنه في جميع األحوال‬
‫تأخذ الهيأة التحكيمية بعين االعتبار مقتضيات العقد الذي يربط بين األطراف واألعراف‬
‫والعادات السائدة في ميدان التجارة‪ ،‬فهل يعني هذا أن المحكم يجب أن يطبق هذه األعراف‬
‫والعادات السائدة حتى وإن كانت متناقضة مع القانون الوطني؟‬
‫إجابة على هذا التساؤل نجد أن الممارسة العملية قد أثبتت أن المحكمين وإن اتجهوا‬
‫إلى تحرير العقد من سلطان القوانين الداخلية‪ ،‬إال أنهم قد حرصوا على اعتناق بعض‬
‫المبادئ اآلمرة في القوانين الداخلية وتطبيقها باعتبارها قواعد واجبة التطبيق‪ ،‬وكل ذلك‬
‫بغية رعاية النظام العام في دولة وجود الهيأة التحكيمية‪ ،‬وبصفة خاصة في الدولة التي‬
‫‪74‬‬
‫يتوقع تنفيذ حكم لمحكمين فيها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬ضوابط الحكم التحكيمي الدولي‪.‬‬


‫من أجل دراسة ضوابط الحكم التحكيمي الدولي‪ ،‬علينا (أوال) التطرق إلى تنفيذ‬
‫الحكم التحكيمي‪ ،‬ثم إلى الطعن فيه (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬تنفيذ األحكام التحكيمية‪.‬‬

‫يتوقف تنفيذ الحكم التحكيمي الدولي بصفة جبرية حسب الفصل ‪ 46-982‬على‬
‫االعتر اف بها ثم إضفاء الصيغة التنفيذية عليها من طرف رئيس المحكمة التجارية التي‬
‫صدرت بدائرتها إذا كان الحكم التحكيمي قد صدر داخل الوطن‪ ،‬أو لرئيس المحكمة‬
‫التجارية التابع لها مكان التنفيذ إذا كان مقر التحكيم بالخارج‪.‬‬

‫‪ -1‬االعتراف بالحكم التحكيمي الدولي‪.‬‬

‫يشترط لالعتراف بالحكم التحكيمي الدولي توفر شرطين ‪:‬‬

‫أ‪ -‬وجود الحكم التحكيمي الدولي وجودا ماديا‪:‬‬

‫‪74‬‬
‫المختار عبد الدائم‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.60‬‬

‫‪29‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫يثبت وجود الحكم التحكيمي الدولي حسب الفصل ‪ 42-982‬باإلدالء بأصله مرفقا‬
‫باتفاق التحكيم أو نسخ من هاتين الوثيقتين تتوفر فيها شروط الصحة المطلوبة‪ .‬فمثال نجد‬
‫قرارا لمحكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء تأكيدا لما جاء في الفصل جاء في حيثياته‬
‫‪... « :‬وحيث إنه خالفا لما تمسك به الطرف المستأنف من كون المستأنف عليها لم تدل‬
‫بأصل الحكم التحكيمي فإن الثابت من المقال الرامي إلى تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة‬
‫‪75‬‬
‫التنفيذية أنه أرفق بأصل الحكم التحكيمي الحامل للتوقيعات األصلية للمحكمين‪».‬‬

‫أيضا إذا كان اتفاق التحكيم و نسخته محرران بلغة أجنبية غير اللغة العربية‪ ،‬فإنه‬
‫يجب اإلدالء بترجمة لهما مشهود بصحتها من لدن مترجم مقبول لدى المحاكم‪ ،76‬وهو‬
‫األمر الذي أصدرت بمقتضاه محكمة االستئناف بالدار البيضاء قرارا جاء في حيثياته ‪:‬‬
‫« ‪...‬وحيث إنه طبقا للمادة الرابعة من اتفاقية نيويورك المؤرخة في ‪ ،0902-6-00‬يشترط‬
‫لقبول االعتراف وتذييل حكم تحكيمي أجنبي بالصيغة التنفيذية أن يدلي الطالب بأصل الحكم‬
‫التحكيمي أو صورة منه مستوفية لشروط التصديق وأصل اتفاق التحكيم سواء كان شرطا‬
‫في عق د أو اتفاق تحكيم أبرم بعد قيام النزاع أو صورة منه مستوفية لشروط التصديق‪ ،‬وأنه‬
‫إذا لم تكن الوثائق المذكورة محررة باللغة الرسمية للبلد المراد التنفيذ فيه فعلى الطالب ان‬
‫يقدم ترجمة رسمية للوثائق المذكورة بلغة البلد المطلوب التنفيذ فيه على ان تكون معه‬
‫الترجمة منجزة من طرف ترجمان رسمي أو محلف أو من قبل جهة دبلوماسية أو‬
‫‪77‬‬
‫قنصلية‪».‬‬

‫ب‪ -‬عدم مخالفة الحكم األجنبي للنظام العام الوطني أو الدولي‪.‬‬

‫إن فكرة النظام العام تكمن بصفة عامة في كونها ترمي إلى حماية المجتمع الوطني‬
‫واألسس الجوهرية التي يقوم عليها‪ ،‬وأيا كانت طبيعة العالقة القانونية فإنه يظل ذا طابع‬
‫وطني صرف‪ ،‬يهدف في الواقع سواء في العالقات الداخلية أم في إطار العالقات الدولية‬
‫إلى تحقيق غرض رئيسي واحد هو حماية النظام القانوني الوطني ودعم استمرارية قوانين‬

‫‪75‬‬
‫قرار محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم ‪ ،880‬صدر بتاريخ ‪ ،8000/0/00‬ملف رقم ‪ ،8009/2884/8669‬أورده عمر‬
‫أزوكار‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.820‬‬
‫‪76‬‬
‫أنظر الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 42-982‬من قانون المسطرة المدنية‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫قرار محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء‪ ،‬رقم ‪ ،8000/8802‬صدر بتاريخ ‪،8000/0/02 :‬رقمه بمحكمة االستئناف التجارية‬
‫‪ ،4/8000/0404‬أورده عمر أزوكار‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.826‬‬

‫‪30‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫الدولة األساسية وثباتها باعتبارها انعكاسا ألوضاع اجتماعية واقتصادية وثقافية وتاريخية‬
‫خاصة مختلفة عن غيرها من النظم األخرى‪ ،‬وذلك سواء عن طريق منع األفراد من االتفاق‬
‫على ما يخالفها أو باستبعاد القوانين األجنبية التي ال تتفق نظمها مع األسس التي يقوم عليها‬
‫النظام العام الوطني‪ .‬وتمييزا بين النظام العام الداخلي والدولي نجد أن النظام العام الداخلي‬
‫يهدف إلى عدم االعتداد بالعالقات الداخلية المخالفة ألحكامه‪ ،‬في حين أن النظام العام‬
‫الدولي يهدف إلى استبعاد القانون األجنبي المخالف له‪.78‬‬

‫ونجد توضيحا لمفهوم النظام العام الوطني والدولي جاء في حيثيات قرار لمحكمة‬
‫االستئناف التجارية بالدار البيضاء ما يلي ‪...« :‬وحيث إن األمر المستأنف حينما رفض‬
‫تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية في جزئه المتعلق بتمديد شرط التحكيم لشركة اينا‬
‫هولدينغ أسس قضاءه على كون هذا التمديد فيه مساس بالنظام العام المغربي ويعتبر إجراء‬
‫باطال مستوجبا لرد الطلب في مواجهتها مستندا في ذلك إلى كون القانون الواجب التطبيق‬
‫بمقتضى العقد الذي ورد فيه شرط التحكيم هو القانون السويسري والذي ثبت ‪ -‬لقاضي‬
‫التذييل – أنه ال يتضمن أي مقتضى قانوني صريح يخص تمديد اتفاق التحكيم للغير‪.‬‬

‫‪ ...‬وحيث إن المتفق عليه دوليا أن النظام العام الدولي والوطني يتضمن ‪ :‬المبادئ األساسية‬
‫المتعلقة بالعدالة واألخالق الحميدة التي تسعى الدولة إلى حمايتها والقواعد واألحكام التي‬
‫تهدف خدمة المصالح السياسية واالجتماعية أو االقتصادية للدول والمتعارف عليها تحت‬
‫اسم القوانين التوجيهية أو اآلمرة مطلقا وااللتزامات الدولية التي يجب على الدولة احترامها‬
‫‪79‬‬
‫تجاه الدول األخرى والمنظمات الدولية‪»...‬‬

‫‪ -2‬تذييل الحكم التحكيمي الدولي بالصيغة التنفيذية‪.‬‬

‫بعد أن يتم التحقق من كون الحكم التحكيمي الدولي موجودا وغير مخالف للنظام‬
‫العام كما سبق أن وضحنا‪ ،‬حينها فقط يمكن لرئيس المحكمة التجارية التي صدر الحكم في‬
‫دائرتها أو لرئيس المحكمة التجارية التابع لها مكان التنفيذ إذا كان مقر التحكيم بالخارج‪ ،‬أن‬

‫‪78‬‬
‫رفعت محمد عبد المجيد‪ ،‬مفهوم النظام العام وأثره في تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية‪ ،‬مقال منشور في دفاتر محكمة النقض عدد ‪ 2‬لسنة ‪،8000‬‬
‫ص ‪.00،08‬‬
‫‪79‬‬
‫قرار محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم ‪ ،880‬صدر بتاريخ ‪ ،8000-0-00‬ملف رقم ‪ ،8009/2884/8669‬أورد عمر‬
‫أزوكار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.829‬‬

‫‪31‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫يصدر أمرا باالعتراف به وإضفاء الصيغة التنفيذية عليه‪ .‬كما يمكن للقاضي أيضا أن‬
‫يصدر أمرا برفض االعتراف بهذا الحكم التحكيمي األجنبي وكذا عدم تذييله بالصيغة‬
‫التنفيذية‪ ،‬ويكون هذا األمر القاضي برفض االعتراف والتذييل بالصيغة التنفيذية قابال‬
‫‪80‬‬
‫وذلك أمام محكمة االستئناف التجارية التابع لها رئيس المحكمة الذي‬ ‫للطعن باالستئناف‬
‫أصدر األمر داخل أجل ‪ 00‬يوما من تاريخ تبليغ األمر‪ ،‬كما أن محكمة االستئناف تبت في‬
‫‪81‬‬
‫غير أن األمر القاضي باالعتراف بالحكم التحكيمي‬ ‫الطعن طبقا لمسطرة االستعجال‪.‬‬
‫األجنبي وتخويله الصيغة التنفيذية ال يكون دائما قابال للطعن باالستئناف‪ ،‬فالمشرع حدد في‬
‫الفصل ‪ 49-982‬على سبيل الحصر خمس حاالت فقط هي التي يمكن فيها الطعن في هذا‬
‫‪82‬‬
‫األمر باالستئناف‪.‬‬

‫إن تذييل المقررات التحكيمية بالصيغة التنفيذية هو الذي بجعلها سندا قابال للتنفيذ‪،‬‬
‫وجميع القوانين تنص عليه وتعتبره أساسيا ليكون المقرر التحكيمي قابال للتنفيذ داخل الدولة‬
‫مكان التنفيذ‪ ،‬وذلك أن هذه الصيغة التنفيذية هي التي تجعل المقرر التحكيمي غير مخالف‬
‫‪83‬‬
‫للنظام العام للدولة وال يمس بسيادتها‪ ،‬وتبرر االستعانة بالقوة العمومية لتنفيذه‪.‬‬

‫إن الحكم التحكيمي الدولي المؤيد بحكم صادر عن الدولة األجنبية الصادرة فيه ال‬
‫يخضع لمسطرة تذييل الحكم األجنبي التي تبقى من اختصاص قضاء الموضوع‪ ،‬وإنما‬
‫تخ ضع لقواعد التذييل المعمول بها في الدولة المراد تذييل الحكم التحكيمي فيها بالصيغة‬
‫‪84‬‬
‫وعليه تعتبر اإلجراءات المنصوص‬ ‫التنفيذية حسب المادة الثالثة من اتفاقية نيويورك‪.‬‬
‫عليها في قانون المسطرة المدنية المتعلقة بتذييل االحكام التحكيمية الوطنية بالصيغة التنفيذية‬
‫هي الواجبة التطبيق خالل تذييل األحكام التحكيمية الدولية بالصيغة التنفيذية‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الطعن بالبطالن في الحكم التحكيمي الدولي‪.‬‬


‫‪80‬‬
‫أنظر الفصل ‪ 42-982‬من قانون المسطرة المدنية ‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫أنظر الفصل ‪ 00-982‬من قانون المسطرة المدنية‪.‬‬
‫‪82‬‬
‫ينص الفصل ‪ 49-982‬على ‪̋ :‬ال يمكن الطعن باالستئناف في األمر القاضي بتخويل االعتراف أو الصيغة التنفيذية إال في الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫‪ -0‬إذا بتت الهيأة التحكيمية دون اتفاق تحكيم أو استنادا إلى اتفاق باطل أو بعد انتهاء أجل التحكيم؛‬
‫‪ -8‬إذا تم تشكيل الهيأة التحكيمية أو تعيين المحكم المنفرد بصفة غير قانونية؛‬
‫‪ -9‬إذا بتت الهيأة التحكيمية دون التقيد بالمهمة المسندة إليها؛‬
‫‪ -4‬إذا لم تحترم حقوق الدفاع؛‬
‫‪ -0‬إذا كان االعتراف أو التنفيذ مخالفا للنظام العام الوطني أو الدولي‪̏.‬‬
‫‪83‬‬
‫إبراهيم بحماني‪ ،‬تنفيذ القرارات التحكيمية الوطنية والدولية‪ ،‬مقال منشور فدفاتر محكمة النقض رقم ‪ 2‬لسنة ‪ ،8000‬ص ‪.29‬‬
‫‪84‬‬
‫عمر أزوكار‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.826‬‬

‫‪32‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫أول ما يجب التنبيه إليه في مسألة الطعن بالبطالن في األحكام التحكيمية الدولية‪ ،‬هو‬
‫ضرورة التمييز بين الحكم التحكيمي الدولي الصادر خارج المملكة‪ ،‬والذي ال يخضع‬
‫لمسطرة الطعن بالبطالن أمام القضاء المغربي‪ ،‬ولو عرض عليه طلب التذييل بالصيغة‬
‫التنفيذية والذي يبقى من اختصاص قضاء دولة مكان صدوره‪ ،‬وبين التحكيم الدولي الصادر‬
‫في المملكة المغربية والذي يقبل الطعن بالبطالن فيه ضمن الحاالت المنصوص عليها في‬
‫‪85‬‬
‫الفصل ‪،49-982‬‬

‫و المالحظ من الفصل ‪ 00-982‬الذي ينص على الطعن بالبطالن في الحكم‬


‫التحكيمي الصادر بالمملكة جعل هذا الطعن ممكنا في نفس الحاالت التي تخول الطعن‬
‫باالستئناف في األمر الصادر بتخويل االعتراف أو الصيغة التنفيذية على الحكم التحكيمي‬
‫الصادر خارج المملكة‪.‬‬

‫كما يالحظ أيضا أن هذه الحاالت هي نفسها التي حددتها اتفاقية نيويورك الخاصة‬
‫بتذييل األحكام التحكيمية الدولية بالصيغة التنفيذية‪ ،‬إذ ال يحق لرئيس المحكمة أن يرفض‬
‫األمر بتذييل الحكم التحكيمي الدولي لسبب غير تلك الواردة في اتفاقية نيويورك على سبيل‬
‫‪86‬‬
‫ونفس الشيء بالنسبة للطعن بالبطالن في األحكام التحكيمية الدولية الصادرة‬ ‫الحصر‪،‬‬
‫داخل المملكة‪.‬‬

‫كما هو معلوم فإن أجل الطعن بالبطالن وكذا الطعن نفسه يوقفان تنفيذ الحكم‬
‫التحكيمي وهذا ما نص عليه الفصل ‪ 09-982‬من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬هنا ننتظر‬
‫صدور القرار في الطعن إما بالرفض وهنا ال إشكال بحيث تبادر هنا محكمة االستئناف إلى‬
‫تذييل الحكم بالصيغة التنفيذية‪ ،‬أما إذا صدر قرار ببطالن الحكم التحكيمي الدولي فهنا يجب‬
‫التمييز بين الحكم التحكيمي الدولي الصادر داخل المملكة والمنفذ فيها الذي ال يطرح إشكاال‬
‫هنا كما هو الشأن بالنسبة للحكم التحكيمي الصادر خارج المملكة المطلوب تنفيذه فيها‪.‬‬

‫إن هذا االشكال طرح تساؤل حول مدى فعالية بطالن الحكم التحكيمي الدولي‬
‫خصوصا بعد أن ظهر اتجاه يفك االرتباط بين بلد المنشأ وبلد التنفيذ‪ ،‬وهو ما يعني أن‬

‫‪85‬‬
‫عمر أزوكاغ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.829‬‬
‫‪86‬‬
‫عمر أزوكاغ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.824‬‬

‫‪33‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫بطالن الحكم التحكيمي في بلد المنشأ ال يعتبر عائقا لالعتراف به في بلد التنفيذ وهو ما جاء‬
‫في قضية ‪ Hilmarton‬حينما قضى القضاء السويسري ببطالن الحكم التحكيمي الصادر‬
‫فوق ترابها‪ ،‬إال أن القضاء الفرنسي أعطاه الصيغة التنفيذية‪ .87‬إال أن اتفاقية نيويورك‬
‫تعطي لقاضي دولة المنشأ األفضلية وذلك من ناحيتين‪ ،‬األولى حيث أن إبطاله للحكم‬
‫التحكيمي يلزم قاضي التنفيذ‪ ،‬ومن ناحية ثانية فقاضي التنفيذ يمكن له أن يوقف التنفيذ متى‬
‫قدم له ما يفيد تقديم طلب بطالن الحكم التحكيمي‪ ،‬أو طلب بقصد إيقافه أمام قاضي المنشأ‪.‬‬
‫إال أن هذا ال يطبق إال في مواجهة الدول المتعاقدة في هذه االتفاقية حسب المادة الثالثة‬
‫‪88‬‬
‫منها‪.‬‬

‫وهو نفس التوجه الذي تبناه القضاء المغربي حيث اعتبر أن بطالن الحكم التحكيمي‬
‫في بلد المنشأ يعد سببا لرفض إعطاء الصيغة التنفيذية‪ ،‬ولكن شريطة أن يكون الحكم‬
‫التحكيمي قد أبطل فعال وليس مجرد رفع طلب للبطالن‪ ،‬وهو ما جاء في قرار لمحكمة‬
‫االستئناف بالدار البيضاء ‪ ...« ،‬أنه وفقا التفاقية نيويورك وخاصة المادة الخامسة منها فإنه‬
‫‪89‬‬
‫يتعين اإلدالء أن الحكم التحكيمي قد أبطل فعال وليس مجرد رفع طلب بذلك‪»...‬‬

‫صحيح أن هذا القرار صدر قبل قانون ‪ 02.00‬حيث كان المغرب لم ينظم بعد‬
‫التحكيم الدولي‪ ،‬إال أنه رغم تنظيمه فقد أقر في الفصل ‪ 99-982‬منه أنه ال يجب اإلخالل‬
‫بما ورد في االتفاقيات الدولية المصادق عليها‪.‬‬

‫ومن أجل تجاوز هذا اإلشكال اقترح الفقيه ‪ Fouchard‬حال موفقا وهو خلق رقابة‬
‫دولية موحدة تخص جميع األحكام التحكيمية المتعلقة بالتجارة الدولية‪ ،‬وذلك بإنشاء محكمة‬
‫دولية تكون هي الوحيدة المختصة بالبطالن وكذلك في إعطاء الصيغة التنفيذية لهذه‬
‫‪90‬‬
‫األحكام‪ ،‬والقرارات الصادرة عنها تكون ملزمة لجميع الدول‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫عبد اللطيف بو العلف‪ ،‬الطعن بالبطالن في الحكم التحكيمي – دراسة في القانون المغربي والمقارن‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪،‬‬
‫الطبعة االولى ‪ ،8000‬ص ‪.092‬‬
‫‪88‬‬
‫عبد اللطيف بو العلف‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.099‬‬
‫‪89‬‬
‫قرار محكمة االستئناف بالدار البيضاء رقم ‪ ،02/9220‬الصادر بتاريخ ‪،8002-86-02‬في ملف رقم ‪ 4/8002/0290‬أورده عبد اللطيف‬
‫بو العلف‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.009‬‬
‫‪90‬‬
‫عبد اللطيف بو العلف‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.009‬‬

‫‪34‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬قراءة في قانون الوساطة االتفاقية‪.‬‬


‫تعتبر الوساطة االتفاقية من أهم الوسائل البديلة لحل المنازعات‪ ،‬و هي تعرف إقباال‬
‫متزايدا‪ ،‬بحيث أصبح التحكيم بدوره ال يلجأ إليه إال بعد استنفاد الوساطة‪ .‬وترجع فعالية‬
‫الوساطة الى أن هدفها ليس هو تحديد من يربح ومن يخسر ( فالطرفان معا رابحان)‪ ،‬ولكن‬
‫هدفها هو وضع حلول مبتكرة للنزاع بشكل ال يتوافر عند المحاكمة‪ ،‬فالهدف منها حسب‬
‫منطوق الفصل ‪ 00-982‬هو تسهيل إبرام صلح ينهي النزاع‪ ،91‬كما أن من آثارها‬
‫االجتماعية ترسيخ ثقافة الحوار و التعايش والبعد عن الخصومة‪ ،‬وقد خصص المشرع‬
‫للوساطة تنظيما خاصا في ق‪.‬م‪.‬م وذلك من الفصل ‪ 00-982‬إلى الفصل ‪ ،69-982‬أي ما‬
‫يعادل خمسة عشر فصال‪ ،‬ويقابلها المواد من ‪ 26‬إلى ‪ 000‬من مشروع قانون التحكيم‬
‫والوساطة االتفاقية‪ ،‬عكس ما كان عليه في القانون المنسوخ الذي لم يكن ينظم الوساطة‬
‫االتفاقية‪ ،‬وعليه فمن أجل التفصيل في موضوع الوساطة االتفاقية سنقسم هذا المبحث إلى‬
‫مطلبين‪ ،‬نخصص األول للحديث عن اإلطار العام للوساطة االتفاقية ‪ ،‬في حين سنتطرق في‬
‫الثاني إلى شروط الوساطة االتفاقية‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫وهو نفس المقتضى الذي احتفظ به المشرع من خالل الماد ‪ 26‬من مشروع قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫المطلب األول ‪ :‬اإلطار العام للوساطة‬


‫تعد الوساطة االتفاقية من الوسائل البديلة لحل النزاعات بعيدا عن المحاكم التي‬
‫تعرف طول االجراءات وتعقدها‪ ،‬وقد برز دور الوساطة كوسيلة لحل النزاعات في اآلونة‬
‫األخيرة بشكل كبير حيث أصبحت مادة تدرس في بعض الجامعات في إطار القانون الدولي‬
‫وكذا في إطار قانون العقود‪.‬‬

‫وهي بمفهومها العام ال تشكل وسيلة جديدة لفض النزاعات إذ اهتمت بها التشريعات على‬
‫‪92‬‬
‫مختلف مشاربها ودياناتها وأشادت بدورها السلمي في حل النزاعات منذ القدم‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ماهية الوساطة االتفاقية‬


‫رغبة من المشرع المغربي في تطوير القضاء وتقريب العدالة من المواطن أتى‬
‫بقانون ‪ 02.00‬المعدل بموجبه الباب الثامن بالقسم الخامس من ق م م المتعلق بالوساطة‬
‫االتفاقية لحل النزاعات‪ ،‬وعلى الرغم من أن هذه الوسيلة –الوساطة‪ -‬تشكل من المنظور‬
‫القانوني إجراء جديد لحل النزاعات فهي من الناحية التاريخية تكريسا لممارسة متجذرة في‬
‫‪93‬‬
‫ثقافة المجتمع المغربي‪.‬‬

‫أوال ‪:‬تعريف الوساطة االتفاقية ‪.‬‬

‫تعني الوساطة لغة تعني التوسط بين الناس‪ ،‬أي الوصول بين المتخاصمين إلى حل‬
‫‪94‬‬
‫وسط‪ ،‬أي عادل‪ ،‬ومنه قوله تعالى "وكذلك جعلناكم أمة وسطا" أي عدال‪.‬‬

‫وعرفها الفقه بأنها "دخول طرف ثالث بين طرفين متخاصمين إلنهاء الخصومة‬
‫‪95‬‬
‫بينهما صلحا "‬

‫أما عن المشرع المغربي فلم يعرف الوساطة وإنما اقتصر على تعريف اتفاق‬
‫الوساطة في الفصل ‪ 06-982‬من قانون ‪ 02.00‬على أنه " اتفاق الوساطة هو العقد الذي‬

‫‪92‬‬
‫خديجة عالوي ‪،‬الوساطة لحل النزاعات في القانون الداخلي المغربي ‪ ،‬اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ‪،‬جامعة محمد الخامس كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سال ‪ ،‬ص‪.04‬‬
‫‪93‬‬
‫خديجة عالوي م س ص‪06‬‬
‫‪94‬‬
‫محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي‪ ،‬مختار الصحاح‪ ،‬منشورات أبو شغب‪ ،‬عمان‪ ،‬دون ذكر الطبعة والمطبعة‪ ،‬ص ‪.280‬‬
‫‪95‬‬
‫محمد رواس قلعرجي وحامد صادق قنبي‪ ،‬معجم لغة الفقهاء‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى ‪0400‬ه‪0920-‬م‪ ،‬ص ‪ ،008‬أوردته‬
‫خديجة عالوي م س ص ‪.80‬‬

‫‪36‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫يتفق األطراف بموجبه على تعيين وسيط يكلف بتسهيل إبرام الصلح إلنهاء نزاع نشأ أو قد‬
‫ينشأ فيما بعد "‪.‬‬

‫وهذا االتفاق أو هذا العقد يمكن إبرامه وفقا للفصل ‪ 02-982‬من قانون ‪02.00‬‬
‫على غرار جل القوانين التي سبقته إما بعد نشوء نزاع فيسمى عقد الوساطة‪ ،‬كما يمكن‬
‫إدراجه في اتفاق أصلي مسبقا تحسبا ألي نزاع قبل نشوئه فيسمى في هذه الحالة شرط‬
‫الوساطة‪ ،‬وإذا أبرم عقد الوساطة أثناء سريان اإلجراءات أمام المحكمة يتعين إبالغ‬
‫المحكمة به فورا لتوقف المسطرة‪.‬‬

‫كما عرف المشرع في الفصل ‪ 09-982‬عقد الوساطة بأنه "االتفاق الذي يلتزم فيه‬
‫أطراف نزاع ناشئ بعرض هذا النزع على وسيط "‬

‫والمالحظ من خالل التعريفين الذين أوردهما المشرع في الفصلين السابقين التفاق‬


‫الوساطة وكذا لعقد الوساطة‪ ،‬أنه يعرف االتفاق بالعقد والعقد باالتفاق مما يجعلنا نحتار فيما‬
‫يقصده المشرع بالضبط‪ .‬أم أن هذا مجرد تكرار لشيء واحد‪!.‬‬

‫وهكذا يمكن القول بأن الوساطة في جوهرها ماهي إال فن إدارة الحوار بحرية‬
‫وبذكاء واحترافية عالية لخلق األواصر أو إلعادة صياغة عالقات تسمح بالتعبير عن‬
‫‪96‬‬
‫الرغبات والمصالح التي تخص كل واحد من الفرقاء المعنيين‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تمييز الوساطة عن األنظمة المشابهة‬

‫إن تمييز الوساطة عن األنظمة القانونية المشابهة لها تمكن األفراد من معرفة‬
‫حقوقهم والتزاماتهم‪ ،‬كما أن معرفة عقد الوساطة معرفة قانونية سليمة يمنع من اختالط‬
‫‪97‬‬
‫الحقوق ويضبط المعامالت بين األفراد ويبعث على الطمأنينة في نفوسهم ‪.‬‬

‫‪ - 1‬الوساطة والتفاوض‪:‬‬

‫‪96‬‬
‫الندوة الجهوية الحادية عشر المنظمة بقصر المؤتمرات بالعيون تحت عنوان الصلح والتحكبم والوسائل البديلة لحل النزاعات من خالل‬
‫اجتهادات المجلس األعلى مطبعة األمنية الرباط ‪ ،‬ص ‪909‬‬
‫‪97‬‬
‫خديجة عالوي م س ص ‪82‬‬

‫‪37‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫إ ن التفاوض بشأن حل مشكل معين يكون عن طريق تدخل شخص ثالث يسمى‬
‫المفاوض وقد يتعدد فنكون أمام مفاوضين‪ ،‬وأهم ما يميز الوسيط عن المفاوض أن هذا‬
‫األخير تكون له الصفة التمثيلية للطرف الذي ينتدبه ليحقق له أكبر مكسب ممكن من خالل‬
‫عملية التفاوض أو ليحمله أقل نسبة ممكنة من الخسارة في حجم التنازالت التي قد يضطر‬
‫الى قبولها وتلك الصفة تفقد المفاوض ميزتي الحياد والتجرد واالستقالل‪ ،‬على خالف‬
‫الوسيط فهو ال يمثل أي طرف وال ينحاز لمواقفه‪ ،‬كما ال يخضع لتعليماته ألنه أساسا يتم‬
‫تعيينه باتفاق الفرقاء جميعا‪ ،‬بقدر ما يحرص على مواكبتهم لتنوير السبل أمامهم بتوجيهاته‬
‫‪98‬‬
‫وفتح الحوار للحل الذي يرى فيه كل طرف ما يحقق مصالحه‪.‬‬

‫‪ - 2‬الوساطة والصلح‪:‬‬

‫إذا كان الهدف من الوساطة كما سبق القول هو الوصول الى صلح بين‬
‫المتخاصمين‪ ،‬فإن الفرق بين الصلح والوساطة يتجلى من حيث دور الغير‪ ،‬فالوسيط يساعد‬
‫األطراف على التفكير في إيجاد الحل ويبعث على القرارات التي تنبع من األطراف‪ ،‬في‬
‫حين يكون دور من نصب للصلح هو اقتراح الحلول فقط‪ ،‬وبالتالي فالصلح حسب طبيعته‬
‫يشكل غاية للوساطة كوسيلة لحل النزاعات‪.‬‬

‫وإذا كان الصلح عقد يحسم نزاعا قائما ومحتمال بشكل نهائي مع تنازل كل طرف‬
‫عن جزء من ادعائه‪ ،‬فإن اإلرادة هي المحرك ألساسي فيه‪ ،‬وهذا يتوافق مع طبيعته العقدية‬
‫عكس الوساطة فهي نظام اختياري يلجأ اليها بمحض ارادة الطرفين كما يجوز العدول‬
‫عنها في أي مرحلة من مراحل التفاوض‪.‬‬

‫‪ - 3‬الوساطة و التحكيم‪:‬‬

‫أورد المشرع في الفصل ‪ 906‬من ق م م المراد بالتحكيم و هو حل نزاع من لدن‬


‫هيئة تحكيمية تتلقى من األطراف مهمة الفصل في النزاع بناء على اتفاق تحكيم‪ ،‬ومن خالل‬
‫هذا الفصل يتضح أنه ليس هناك فرق بين الوساطة والتحكيم خاصة من الناحية المادية‬

‫‪98‬‬
‫الندوة الجهوية م س ص ‪409‬‬

‫‪38‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫فكالهما يعتبر من الوسائل البديلة لحل النزاعات بالطرق السلمية‪ ،‬باإلضافة إلى أنهما‬
‫يتطلبان عرض النزاع على طرف ثالث يلتزم بالحياد في أدائه لمهامه ‪. 99‬‬

‫إال أنه من الناحية الموضوعية فالوساطة تختلف عن التحكيم في مجموعة من النقط ‪:‬‬

‫اختالف سلطة المحكم عن سلطة الوسيط‪ ،‬فالمحكم يملك السلطة القانونية التي تمكنه‬
‫من إصدار حكم في الخالف المعروض عليه باجتهاده واستنادا الى قناعته على ضوء ما قدم‬
‫‪100‬‬
‫إليه من أدلة ووسائل إثبات شأنه شأن القاضي الذي يتم اللجوء إليه في منازعة قضائية‪.‬‬

‫الوساطة تتالقى فيها إرادة الطرفين على الحل‪ ،‬أما التحكيم فتنصرف فيه إرادة‬
‫الطرفين الختيار المحكم والرضى سلفا بما يقرره‪ ،‬إذ ينفذ قرار المحكم ذاته في مواجهتهما‬
‫‪101‬‬
‫ولو لم يرتضياه‪.‬‬

‫‪ – 4‬الوساطة القضائية و الوساطة االتفاقية‬

‫تعرف الوساطة القضائية على أنها إجراء اختياري يعين القاضي خاللها وسيطا‬
‫يتولى مهمة ربط الحوار بين الخصوم ومساعدتهم على التوصل إلى حل ودي للنزاع‪ ،‬أي‬
‫أنها وسيلة يعرضها القاضي على الخصوم تهدف إلى إيجاد نزاع ودي للنزاعات المدنية‬
‫وبعض لنزاعات الجزائية والحفاظ على العالقات االجتماعية‪ ،‬من خالل تدخل طرف ثالث‬
‫‪102‬‬
‫أما الوساطة االتفاقية حسب ما درسناه هي وسبلة‬ ‫محايد مستقل يسمى الوسيط القضائي‪.‬‬
‫يلجأ إليها األطراف من أجل حل نزاعهم وديا بمساعدة طرف ثالث محايد يختارونه‬
‫بإرادتهم دون تدخل من الجهة القضائية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬مميزات الوساطة االتفاقية‬


‫نظرا لما تحققه الوساطة من مزايا في حل النزاعات وترسيخ ثقافة الحوار والسلم‬
‫وكذا السرعة في الوصول إلى العدالة‪ ،‬فقد استطاعت أن تفرض وجودها على مختلف‬
‫األنظمة حيث اجمع المهتمين على كون الوساطة تعمل على تحقيق العدالة التي يرى‬
‫‪99‬‬
‫خديجة عالوي م س ص ‪99‬‬
‫‪100‬‬
‫الندوة الجهوية م س ص ‪460‬‬
‫‪101‬‬
‫خديجة عالوي م س ص ‪99‬‬
‫‪102‬‬
‫محمد الطاهر بلموهوب‪ ،‬الوساطة القضائية دراسة مقارنة بين الفقه اإلسالمي والقانون الجزائري‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في العلوم‬
‫اإلسالمية تخصص الشريعة والقانون‪ ،‬جامعة باتنة ‪ 0‬كلية العلوم اإلسالمية قسم الشريعة – الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،8002-8006‬ص ‪.99‬‬

‫‪39‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫األطراف أنها تحكم مصالحهم في حالة نجاحها وتتويجها بميثاق صلح‪ ،‬وحتى في حالة عدم‬
‫التوصل إلى اتفاق الصلح فان الوساطة تكون قد ضمنت قدرا من الحوار والتواصل بين‬
‫األطراف في طرح وجهات نظرهم حول النزاع وتتميز الوساطة بمجموعة من المميزات‬
‫نذكرها كالتالي‪:‬‬

‫أوال ‪:‬الخصوصية ‪:‬‬

‫وهي من أهم مميزات الوساطة الهدف األساسي من اللجوء إلى هذه اآللية (الوساطة)‬
‫ويقصد بها محافظة األطراف على خصوصية النزاع القائم بينهم بعيدا عن إجراءات العلنية‬
‫التي تعرفها المحاكمة القضائية فما يجري أثناء عملية الوساطة يبقى معروفا بين أطراف‬
‫النزاع والوسيط دون غيرهم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المرونة ‪:‬‬

‫تتسم الوساطة بالمرونة بالنظر إلى غياب إجراءات وقواعد مسطرية تحد من‬
‫مبادرات الوسيط‪ ،‬فكونه ال يبت في النزاع وال يصدر أحكاما يجعله يتصرف في هذا السياق‬
‫بقدر من الحرية‪ ،‬إذ يمكن القول أن اإلطار غير الرسمي للوساطة وقلة الشكليات المتطلبة‬
‫فيها يشكل الميزة األساسية حيث إن غياب أي إجراء أو إغفاله ال يترتب عنه بطالن‬
‫الوساطة ما لم يكن مخالف للنظام العام واألخالق الحميدة‪ ،‬ويمكن لألطراف العدول عنها‬
‫‪103‬‬
‫في أي وقت‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬السرعة ‪:‬‬

‫وتعد من أهم أهداف اللجوء إلى الوساطة فهي تكفل بين األطراف في أقرب اآلجال‬
‫وبأسرع وقت ممكن وذلك لمواكبة التطور الحاصل خصوصا في الميدان التجاري‪ ،‬وهو ما‬
‫ال يمكن تحقيقه من خالل المساطر القضائية التي تأخذ وقتا طويال على عكس الوساطة التي‬
‫يمكن من خاللها حل النزاع بين األطراف في جلسة واحدة وفي مدة غالبا ما ال تتجاوز‬

‫‪103‬‬
‫ذ خديجة عالوي ‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.80‬‬

‫‪40‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫ثالث اشهر وهو ما نص عليه المشرع في الفصل ‪ 104،60-982‬من قانون ‪ 02.00‬المنظم‬


‫للتحكيم والوساطة االتفاقية‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬السرية ‪:‬‬

‫تتمتع إجراءات الوساطة بالسرية وال يجوز االحتجاج بها وبما تم في من تنازالت‬
‫من قبل أطراف النزاع أمام أي محكمة أو جهة أخرى وهو ما أكد عليه الفصل ‪66-982‬‬
‫والذي جاء فيه "يلزم الوسيط بوجوب كتمان السر المهني بالنسبة إلى األغيار وفق‬
‫المقتضيات وتحت طائلة العقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي المتعلقة بالسر‬
‫المهني‪ ،‬وال يجوز أن تثار مالحظات الوسيط والتصاريح التي يتلقاها أمام القاضي‬
‫المعروض عليه النزاع إال باتفاق األطراف وال يجوز استعمالها في دعوى أخرى"‪،‬‬
‫وبالرجوع الى مقتضيات القانون الجنائي بهذا الخصوص وباألخص الفصل ‪ 446‬منه نجده‬
‫يحدد عقوبة إفشاء السر المهني في الحبس من شهر إلى ستة اشهر وغرامة مالية من‪0800‬‬
‫إلى ‪ 80000‬درهم ‪.105‬‬

‫خامسا‪ :‬التكلفة ‪:‬‬

‫بالنظر إلى المكاسب التي يحققها األطراف من إعمال الوساطة بعيدا عن اللجوء إلى‬
‫المحاكمة سواء إما القضاء أو التحكيم تكون تكلفة الوساطة منخفضة بالنظر إلى النتائج‬
‫المتوخاة منها‪ ،‬مع العلم أن الوساطة باعتبارها من الوسائل البديلة لحل المنازعات قد تكون‬
‫مصاريفها مرتفعة مقارنة بالمصاريف التي يؤديها المدعي أمام المحاكم بالنظر إلى‬
‫انخفاض الرسوم القضائية التي تدفع مقبل تسجيل القضايا وإمكانية االستفادة من المساعدة‬
‫القضائية‬

‫سادسا ‪ :‬تحقيق مكاسب مشتركة ألطراف النزاع ‪:‬‬

‫‪104‬‬
‫ينص الفصل ‪ 60-982‬من ق‪.‬م‪.‬م على " يحدد األطراف مدة مهمة الوسيط في أول األمر دون أن تتجاوز أجل ثالثة أشهر من التاريخ الذي‬
‫قبل فيه الوسيط مهمته‪ ،‬غير أن لألطراف تمديد األجل المذكور باتفاق يبرم وفق نفس الشروط المعتمدة إلبرام اتفاق الوساطة‪".‬‬
‫‪105‬‬
‫راجع الفصل ‪ 446‬من القانون الجنائي‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫وذلك أن التسوية في الوساطة تكون قائمة على حل مرضي لطرفي النزاع يتم‬
‫التوصل إليه بإرادتهما الحرة ويكون قائما على تحقيق مكاسب ومصالحة لكل األطراف‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الشروط العامة للوساطة االتفاقية‪.‬‬


‫إن الوساطة حق قرره المشرع لألفراد يخول لهم االتفاق على احالة ما ينشا بينهم‬
‫من نزاعات على واحد او اكثر من االفراد يسمون وسطاء‪ ،‬يعملون على تقريب وجهات‬
‫النظر بينهم للوصول الى حل مرض لهم‪ ،‬يتوج باتفاق الصلح في حالة نجاح عملية‬
‫الوساطة‪.106‬‬

‫ومن أجل اللجوء إلى الوساطة االتفاقية كوسيلة بديلة للقضاء‪ ،‬وكذا اعتمادها لحل‬
‫النزاعات بين األفراد البد من توافر عدة شروط‪ ،‬وهذه الشروط نميز فيها بين الواجب‬
‫توفرها في اتفاق الوساطة (الفقرة األولى)‪ ،‬باإلضافة إلى شروط يجب توفرها في الوسيط‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة االولى ‪ :‬الشروط المتعلقة باتفاق الوساطة‬


‫من أجل دراسة شروط اتفاق الوساطة الواردة في قانون المسطرة المدنية‪ ،‬يجب‬
‫التمييز بين الشروط الشكلية (أوال)‪ ،‬والشروط الموضوعية (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬الشروط الشكلية التفاق الوساطة‬

‫عمل المشرع في القانون ‪ 08.05‬للتحكيم و الوساطة وضع مجموعة من الشروط‬


‫الشكلية في تأسيس عملية الوساطة و تتجلى في ضرورة أن يبرم اتفاق الوساطة كتابة‪ ،‬إما‬
‫بعقد رسمي أو عرفي و إم ا بمحضر يحرر أمام المحكمة‪ ،‬كما يعتبر اتفاق الوساطة مبرما‬
‫كتابة إذا ورد في وثيقة موقعة من األطراف أو في رسائل متبادلة أو في اتصال بالتلكس‪ ،‬أو‬
‫برقيات أو أي وسيلة أخرى من وسائل االتصال تثبت وجوده‪ ،‬أو حتى بتبادل مذكرات‬
‫الطلب أو الدفاع التي يدعي فيها أحد الطرفين وجود اتفاق الوساطة دون أن ينازعه الطرف‬
‫اآلخر في ذلك‪ .‬أيضا تعتبر اإلحالة في عقد ما إلى وثيقة تتضمن شرط الوساطة‪ ،‬بمثابة‬

‫‪106‬‬
‫‪ -‬خديجة عالوي مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫‪42‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫اتفاق وساطة على أن يكون العقد المذكور قد أبرم كتابة‪ ،‬وأن يكون من شأن اإلحالة أن‬
‫‪107‬‬
‫تجعل من الشرط جزءا ال التباس فيه من العقد‪.‬‬

‫و يتخذ اتفاق الوساطة‪ 108‬إما شكل‪:‬‬


‫‪ -‬شرط الوساطة‪ :109‬ينص عليه االتفاق األصلي ويلتزم بمقتضاه بأن يعرضوا على‬
‫الوساطة النزاعات التي قد تنشأ عن االتفاق المذكور‪ ،‬أما بخصوص البيانات التي‬
‫يجب توفرها‪ ،‬فباإلضافة إلى ضرورة تحرير شرط الوساطة كتابة‪ ،‬سواء كان ذلك‬
‫في العقد األصلي أو في وثيقة تحيل عليه بشكل ال لبس فيه‪ ،‬يجب أيضا أن يتضمن‬
‫بالضرورة تعيين الوسيط أو التنصيص على طريقة تعيينه‪ ،‬وذلك تحت طائلة‬
‫البطالن‪.110‬‬
‫‪ -‬عقد الوساطة‪ :111‬يبرم بعد نشوء النزاع‪ .‬ويمكن إبرامه ولو أثناء مسطرة جارية‬
‫أمام المحكمة‪ ،‬حيث يتعين إعالم المحكمة به داخل أقرب اآلجال من إبرامه‪ .‬ويترتب‬
‫عليه وقف المسطرة أمام المحكمة إلى حين تبين مآل الوساطة‪ .‬وكما في شرط‬
‫الوساطة كذلك بالنسبة لعقد الوساطة ألزم المشرع ضرورة توفره على بيانين‬
‫أساسيين‪ ،‬أولهما تحديد موضوع النزاع المراد عرضه على الوسيط‪ ،‬وثانيهما تعيين‬
‫الوسيط أو على األقل التنصيص على طريقة تعيينه‪ .‬كما يمكن لألطراف االتفاق‬
‫على تعيين وسيط بديل في حالة رفض الوسيط المعين المهمة المسندة إليه‪ ،‬وإال فإذا‬
‫تعذر على األطراف تعيين الوسيط البديل فيعتبر العقد الغيا‪.112‬‬

‫‪107‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 02-982‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬
‫‪108‬‬
‫ينص الفصل ‪ 327-57‬من قانون م‪.‬م‪ .‬على انه ‪ ":‬يمكن ابرام اتفاق الوساطة بعد نشوء النزاع ويسمى حينئذ عقد الوساطة‪.‬‬

‫يمكن التنصيص عليه في االتفاق االصلي ويسمى حينئذ شرط الوساطة‪.‬‬

‫يمكن ابرامه في اثناء مسطرة جارية امام المحكمة وفي هذه الحالة يرفع الى علم المحكمة داخل اقرب االجال ويترتب عليه وقف المسطرة"‪.‬‬
‫‪109‬‬
‫عرف الفصل ‪ 327-61‬من قانون م‪.‬م‪ .‬شرط الوساطة بما يلي ‪ ":‬شرط الوساطة هو االتفاق الذي يلتزم فيه أطراف عقد بان يعرضوا على‬
‫الوساطة النزاعات التي قد تنشأ عن العقد المذكور"‬
‫‪110‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 68-982‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫عرف الفصل ‪ 327-59‬من قانون م‪.‬م‪ .‬عقد الوساطة كما يلي ‪ ":‬عقد الوساطة هو االتفاق الذي يلتزم فيه اطراف نزاع ناشئ بعرض هذا‬
‫النزاع على وسيط‪.‬‬

‫يمكن ابرام العقد المذكور ولو اثناء دعوى مرفوعة امام المحكمة"‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 60-982‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫ثانيا‪ :‬الشروط الموضوعية التفاق الوساطة‬

‫أول ما يمكن الحرص عليه لصحة االلتزامات قانونية والتي يعتبر اتفاق الوساطة‬
‫إحداها‪ ،‬هو ضرورة توفرها على األركان الالزمة المحددة في الفصل الثاني من ق‪.‬ل‪.‬ع‪،‬‬
‫وهي األهلية‪ ،‬أي ضرورة توفر أطراف اتفاق التحكيم على أهلية التصرف المحددة حسب‬
‫‪113‬‬
‫في ثمانية عشرة سنة شمسية كاملة‪ ،‬وكذا توفر الرضا من‬ ‫المادة ‪ 09‬من مدونة األسرة‬
‫الطرفين على مضمون العقد‪ ،‬مع وجود محل مشروع صالح لاللتزام‪ ،‬وأخيرا ضرورة‬
‫وجود سبب مشروع لهذا االلتزام‪.‬‬

‫إال أن أهم شرط موضوعي الخاص باتفاق الوساطة هو ما نص عليه المشرع ضمن‬
‫الفصول المنظمة لهذا االتفاق‪ ،‬وهو ما نجده في الفقرة الثانية من الفصل‪ 06- 327‬من‬
‫قانون م‪.‬م‪ .‬انه ‪ ":‬ال يجوز أن يشمل اتفاق الوساطة مع التقييد بمقتضيات الفصل ‪ 62‬من‬
‫الظهير الشريف الصادر في ‪ 12‬اغسطس ‪ 1913‬بمثابة القانون والعقود‪ ،‬المسائل المستثناة‬
‫من نطاق تطبيق الصلح بموجب الفصول من ‪ 1099‬الى ‪ 1104‬من نفس الظهير الشريف‬
‫المذكور وعلى ذلك ال تجوز الوساطة في مسائل الحالة الشخصية‪ ،‬و ما له ارتباط بالنظام‬
‫العام أو الحقوق الشخصية الخارجة عن التعامل‪ .‬إلى ما دون ذلك من االستثناءات عن‬
‫حاالت إمكانية إجراء الصلح المنصوص عيها في الفصول أعاله من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬وبالتالي فبما‬
‫أن الوساطة نتيجتها هي الحصول على مقرر صلح إذن فال يجوز أن يكون موضوعها إال‬
‫داخل ما يمكن عقد صلح بشأنه‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الشروط المتعلقة بالوسيط‬


‫أوال‪ :‬دور الوسيط‬

‫يعهد بالوساطة إما إلى شخص ذاتي أو إلى شخص معنوي‪ .114‬وعلى ذلك يمكن أن‬
‫تتم الوساطة عن طريق الوساطة المؤسساتية‪ ،‬بواسطة مراكز للوساطة لها أنظمتها و‬
‫مسطرتها‪ .‬وفي هذه الحالة ال يتولى القيام بهذه المهمة إال الشخص الطبيعي أما الشخص‬
‫المعنوي فال يتمتع سوى بصالحية تنظيم الوساطة وضمان حسن سيرها‪.‬‬
‫‪113‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ ،0.04.88‬صادر في ‪ 08‬ذي الحجة ‪9( 0484‬فبراير ‪ )8004‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 20.09‬بمثابة مدونة األسرة‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫الفصل ‪ 327-67‬من قانون م‪.‬م‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫ولم تتطرق المقتضيات المتعلقة بالوساطة االتفاقية إلى شروط الوسيط بتفصيل عكس‬
‫ما قررته المقتضيات الخاصة بالتحكيم بشان الشروط المتعلقة بالمحكم‪ ،115‬الذي يشترط فيه‬
‫كمال أهليته وعدم صدور حكم عليه بحكم نهائي باإلدانة‪ .‬إال أنه حسب منظورنا الشخصي‬
‫فإن دور الوسيط ال يقل أهمية عن دور المحكم وبالتالي يجب أن يتوفر بالضرورة أيضا‬
‫على األهلية الكاملة إلبرام التصرفات‪ ،‬وعليه فإننا نرجح في حالة فقدان الوسيط ألهليته‬
‫أثناء سريان مسطرة الوساطة استبدال الوسيط مباشرة سواء كانت هذه العملية سارية أمام‬
‫القضاء أو مؤسسة مختصة في حل النزاعات عن طريق الوساطة‪ ،‬أو في نطاق وساطة‬
‫حرة‪ ،‬وبذلك توقيف المسطرة إلى حين تدخل وسيط آخر مكتمل الشروط‪ ،‬لذا يجب ان يكون‬
‫الوسيط جيد الفطنة بعيدا عن السهو و الغفلة‪ ،‬يتوصل بذكائه إلى حل ما أشكل و فصل ما‬
‫أعضل‪.116‬‬

‫ويتجلى دور الوسيط في التقيد بعدة واجبات‪ 117‬ومن ذلك‪:‬‬

‫‪ -‬يجب على الوسيط فور قبوله المهمة المسندة إليه أن يخبر بذلك األطراف في رسالة‬
‫مضمونة الوصول مع إشعار بالتوصل أو بواسطة مفوض قضائي طبقا للفصل ‪-982‬‬
‫‪.62‬‬
‫‪ -‬كما يتجلى أيضا دور الوسيط في االستماع إلى األطراف‪ ،‬والمقارنة بين وجهات‬
‫نظرهم وذلك بغية تمكينهم للوصول إلى حل للنزاع القائم بينهم‪.‬‬
‫‪ -‬أيضا يمكن للوسيط االستماع لألغيار اللذين يقبلون ذلك‪ ،‬إذا كان في ذلك فائدة مرجوة‬
‫تساعد على حل النزاع القائم بين األطراف‪.‬‬
‫‪ -‬أيضا يمكنه بموافقة األطراف القيام بالخبرة التي يكون من شأنها المساعدة على‬
‫توضيح النزاع‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫‪ 980‬و ‪ 980‬من قانون م‪.‬م‪ .‬هذا فضال عن امكانية تجريح المحكم طبق الفصلين ‪ 988‬و ‪ 989‬من نفس القانون‪.‬‬
‫‪116‬‬
‫خديجة عالوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.98‬‬
‫‪117‬‬
‫ينص الفصل ‪ 327-66‬من قانون م‪.‬م‪ .‬على انه‪ ":‬يلتزم الوسيط بمجوب كتمان السر المهني بالنسبة الى االغيار وفق المقتضيات وتحت طائلة‬
‫العقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي المتعلق بكتمان السر المهني‪ .‬وال يجوز ان تثار مالحظات الوسيط و التصاريح التي يتلقاها امام‬
‫القاضي المعروض عليه النزاع اال باتفاق االطراف واليجوز استعمالها في دعوى اخرى"‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫‪ -‬وفي نهاية المفاوضات‪ ،‬يقترح الوسيط عند انتهاء مهمته‪ ،‬مشروع صلح أو بيان عن‬
‫األعمال التي قام بها‪ .‬ويحرر ذلك في وثيقة صلح تتضمن وقائع النزاع وكيفية حله‪،‬‬
‫وما توصل إليه وما اتفق عليه األطراف على الشكل الذي يضع حدا للنزاع بينهم‪.‬‬
‫‪ -‬وأخيرا يوقع الوسيط وثيقة الصلح بين األطراف‪ ،‬وفي حالة عدم وقوع الصلح يسلم‬
‫الوسيط وثيقة عدم الصلح التي تحمل توقيعه لألطراف‪.118‬‬
‫ثانيا‪ :‬شروط تعيين الوسيط‬
‫بالرجوع إلى الفصل ‪ 00-982‬من قانون ‪ 02.00‬المعدل لقانون المسطرة‬
‫المدنية نجده ينص على مبدأ صريح يتجلى في توافق األطراف على تعيين وسيط‪ ،‬ليكرس‬
‫مبدأ الشفافية في االختيار بعيدا عن انفراد أحد األطراف باختيار الجهة التي تقوم بدور‬
‫الوساطة‪ ،‬وهذا ما ال نجده في مجموعة من مساطر الوساطة التي تشرف عليها‬
‫‪119‬‬
‫ومنها ميثاق الوساطة البنكية حيث تنفرد المجموعة المهنية بتعيين وسيط دون‬ ‫المقاوالت‬
‫أن يكون للمستهلك الحق في اختياره‪ ،‬أو كما هو متداول في بعض المقاوالت التي أسست ما‬
‫يعرف بأقسام الشكايات ومصالح المستهلكين أو وسيط المقاولة‪.‬‬

‫وبناء عليه نجد أن الوس اطة االتفاقية توفر فرصا أكبر في االختيار على العكس من‬
‫القضاء الرسمي حيث ال سلطة لألطراف في تعيين القاضي‪ .120‬ومن بين الشروط التي‬
‫تلعب فيها قناعة األطراف دورا حاسما في اختيار الوسيط ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬جنس الوسيط‪ :‬اذ يختار أطراف النزاع الوسيط رجال أو امرأة حسب قناعاتهم‬
‫الشخصية‪ ،‬و اختيارهم هذا ناتج عن اختيارهم الشخص الذي يرتاحون إليه‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 62-982‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬
‫‪119‬‬
‫‪Eric Camous " règlement non- juridictionnel des litiges de consommation " contribution critique‬‬
‫‪à l’analyse des modes alternatifs de règlement des conflits, libre. générale de droit et de‬‬
‫‪jurisprudence 2002 p 177.‬‬

‫‪120‬‬
‫‪Mohammed Ouzeroual, comment choisir un médiateur ? les critères clés a prendre en compte‬‬
‫‪dans le choix d’un médiateur ,revue marocaine de médiation et d’arbitrage , n 4 2eme édition ,‬‬
‫‪2009 p 118.‬‬

‫‪46‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫‪ ‬جنسية الوسيط‪ :‬يبقى لألطراف الحرية في اختيارهم جنسية الوسيط‪ ،‬إذ يمكنه أن‬
‫يكون حامال لجنسيتهم أو جنسية أحدهم في حالة وجود طرف أجنبي في النزاع أو‬
‫يكون أجنبيا عنهم‪.‬‬
‫‪ ‬عدد الوسطاء‪ :‬أشير في هذا الصدد أنه يمكن للوسيط أن يمارس مهامه كوسيط وحيد‬
‫في عملية الوساطة "وسيط فريد"‪ ،‬كما قد تتم هاته العملية عن طريق الوساطة‬
‫المشتركة‪ ،‬إذ يشترك فريق من الوسطاء في عملية واحدة‪ ،‬ويتيح تواجد أكثر من‬
‫وسيط واحد إمكانية أن يقوم أحدهم بدور المدير الرئيسي للمناقشات‪ ،‬في حين يقتصر‬
‫دور الثاني و الثالث في حالة وجودهما على كتابة المالحظات و االستماع و إبداء‬
‫االنطباعات على المعلومات الناتجة عن االجتماعات المغلقة و اللقاءات المشتركة‬
‫‪121‬‬
‫الخ‬
‫ونشير في هذا الخصوص إلى أنه ال يجوز للوسيط حسب منطوق الفقرة الثانية من‬
‫الفصل ‪ 62-982‬بعد تعيينه وقبوله للمهمة المسندة إليه التخلي عن مهمته‪ ،‬إال باتفاق‬
‫األطراف‪ ،‬أو إذا انصرم األجل المتفق عليه‪ ،‬أو األجل القانوني المحدد في ثالثة أشهر دون‬
‫أن يستطيع األطراف إبرام الصلح‪ .‬كما يمكنه التخلي عن مهمته في الحاالت التي ال يتم فيها‬
‫احترام األجل األقصى الذي حددته المحكمة بعد محاولة إجراء وساطة مع األطراف فهو‬
‫ملزم ببذل عناية وبالتالي إذا لم يحترم األطراف األجل المفروض يقوم بتحرير محرر‬
‫‪122‬‬
‫لتبرئة ذمته‪ ،‬أو بأمر القاضي في الحاالت المنصوص عليها في الفصل ‪.982-64‬‬

‫وأخيرا بقي أن نشير إلى أن مقرر الصلح شأنه شأن مقرر التحكيم‪ ،‬يكتسب قوة‬
‫األمر المقضي بمجرد صدوره‪ ،‬ولكنه ال يكتسب القوة التنفيذية إال بعد تذييله بالصيغة‬
‫‪123‬‬
‫التنفيذية من قبل رئيس المحكمة المختصة محليا للبت في النزاع‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫خديجة عالوي‪ ،‬موجع سابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪122‬‬
‫ينص الفصل ‪ 64-982‬من ق‪.‬م‪.‬م على " يجب على المحكمة المحال عليها نزاع في مسألة أبرم األطراف في شأنها اتفاق وساطة وفقا‬
‫لمقتضيات هذا الفر ع أن تصرح بعدم القبول إلى حين استنفاد مسطرة الوساطة أو بطالن اتفاق الوساطة‪.‬‬
‫إذا كان الوسيط لم يعرض عليه النزاع بعد‪ ،‬وجب على المحكمة أيضا أن تصرح بعدم القبول ما لم يكن اتفاق الوساطة باطال بطالنا واضحا‪.‬‬
‫ال يجوز للمحكمة في كلتا الحالتين أن تصرح تلقائيا بعدم القبول‪.‬‬
‫في الحالة الثانية يجوز لها أن تحدد بطلب من الطرف الذي رفع األمر إليها األجل األقصى الذي يجب أن تبدأ فيه الوساطة تحت طائلة البطالن‪".‬‬
‫‪123‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 69-982‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫خاتمة ‪:‬‬
‫من خالل هذا العرض يتبين لنا أن الوسائل البديلة لحل المنازعات وتحديدا التحكيم‬
‫والوساطة االتفاقية موضوع عرضنا‪ ،‬تعدان ذات أهمية بالغة في حل النزاعات والوصول‬
‫إلى هذه الحلول بسرعة أكبر من السرعة التي نجدها عند القضاء‪ ،‬لذلك نجد أن المشرع‬
‫كان حكيما عند تنظيمها بنصوص خاصة تحدد جميع المقتضيات الواجب اتباعها واحترامها‬
‫عند سلوكها‪ ،‬كما أن المشرع يسعى جاهدا إلى الوصول لتنظيم متكامل لهذه الوسائل وذلك‬
‫واضح من خالل التعديالت التشريعية المتتالية التي عرفتها النصوص المنظمة للتحكيم‬
‫والوساطة االتفاقية‪ ،‬و بالرغم من ضرورة وجود نقص في هذا التنظيم سواء الحالي أو‬
‫المشروع الممكن دخوله حيز التنفيذ إال أن هذا ال يمنع من القول أن المشرع المغربي‬
‫يحاول باستمرار سد الثغرات القانونية في النصوص التشريعية مع كل تعديل تشريعي‪ ،‬لذلك‬
‫نعتقد أن المشروع الجديد للتحكيم والوساطة االتفاقية يشكل نقلة تشريعية مهمة في تنظيم‬
‫هذه الوسائل‪ ،‬خاصة كونه يفصلها عن قانون المسطرة المدنية وهو الشيء الذي كان يجب‬
‫أن يكون منذ البداية‪ ،‬خاصة أن ما يميز هذه الوسائل هو استقاللها عن السلطة القضائية‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫الملحق‬

‫‪49‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫فهرس المراجع ‪:‬‬


‫‪ ‬الكتب ‪:‬‬
‫‪ ‬إسماعيل أو بلعيد‪ ،‬الطرق البديلة لتسوية المنازعات‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،8000‬مطبعة‬
‫طوب بريس‪ ،‬الرباط‪.‬‬
‫‪ ‬محمد بقالي‪ ،‬المفيد في التحكيم وفق القانون المغربي‪ ،‬بدون ذكر الطبعة و المطبعة‪.‬‬
‫‪ ‬محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي‪ ،‬مختار الصحاح‪ ،‬منشورات أبو شغب‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬دون ذكر الطبعة والمطبعة‪.‬‬
‫‪ ‬عبد اللطيف بو العلف‪ ،‬الطعن بالبطالن في الحكم التحكيمي – دراسة في القانون‬
‫المغربي والمقارن‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة االولى ‪.8000‬‬
‫‪ ‬عمر أزوكار‪ ،‬التحكيم التجاري الداخلي والدولي بالمغرب ‪ -‬قراءة في التشريع‬
‫والقضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،8000‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪.‬‬

‫‪ ‬الرسائل واألطاريح ‪:‬‬


‫‪ o‬الرسائل ‪:‬‬
‫‪ ‬أسماء عبيد‪ ،‬التحكيم في التشريع المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‬
‫في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية‪ -‬سال‪ ، -‬السنة‬
‫الجامعية ‪.8009-8002‬‬
‫‪ o‬األطاريح ‪:‬‬
‫‪ ‬المختار عبد الدائم‪ ،‬عقد العمل في القانون الدولي الخاص المغربي‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫شهادة الدكتوراه‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫بوجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.8006-8000‬‬

‫‪ ‬خديجة عالوي‪ ،‬الوساطة لحل النزعات في القانون الداخلي المغربي‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في الحقوق تخصص القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس ‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية و االقتصادية و االجتماعية‪ -‬سال‪ -‬الموسم الجامعي ‪.8000/8004‬‬

‫‪50‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫‪ ‬محمد الملكي‪ ،‬دور الوساطة في تسوية النزاعات‪ -‬دراسة مقارنة – أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون الخاص ‪ ،‬مركز دراسات الدكتوراه في القانون و االقتصاد و‬
‫التدبير ‪ ،‬مختبر البحث القانون و التنمية ‪ ،‬السنة الجامعية ‪.8002/8002‬‬
‫‪ ‬محمد الطاهر بلموهوب‪ ،‬الوساطة القضائية دراسة مقارنة بين الفقه اإلسالمي‬
‫والقانون الجزائري‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في العلوم اإلسالمية تخصص الشريعة‬
‫والقانون‪ ،‬جامعة باتنة ‪ 0‬كلية العلوم اإلسالمية قسم الشريعة – الجزائر‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.8002-8006‬‬
‫‪ ‬الندوات ‪:‬‬
‫‪ ‬الندوة الجهوية الحادية عشر المنظمة بقصر المؤتمرات بالعيون تحت عنوان الصلح‬
‫والتحكبم والوسائل البديلة لحل النزاعات من خالل اجتهادات المجلس األعلى مطبعة‬
‫األمنية الرباط‪.‬‬
‫‪ ‬المقاالت ‪:‬‬
‫‪ ‬إبراهيم بحماني‪ ،‬تنفيذ القرارات التحكيمية الوطنية والدولية‪ ،‬مقال منشور فدفاتر‬
‫محكمة النقض رقم ‪ 2‬لسنة ‪.8000‬‬
‫‪ ‬جمال الطاهري‪ ،‬الفعالية اإلجرائية للحكم التحكيمي‪ ،‬مقال منشور في مجلة محاكمة‪،‬‬
‫العدد ‪ 4‬أبريل – يونيو‪.8002‬‬
‫‪ ‬رفعت محمد عبد المجيد‪ ،‬مفهوم النظام العام وأثره في تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية‪،‬‬
‫مقال منشور في دفاتر محكمة النقض عدد ‪ 2‬لسنة ‪.8000‬‬
‫‪ ‬محمد فاضل الليلي ‪ ،‬الحكم التحكيمي مقال منشور في كتاب الصلح و التحكيم و‬
‫الوسائل البديلة محل النزعات من خالل اجتهادات المجلس األعلى ‪ ،‬الطبعة ‪8002‬‬
‫مطبعة األمنية – الرباط‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

: ‫ مراجع باللغة الفرنسية‬


 Eric Camous “règlement non-juridictionnel des litiges de
consommation ‘contribution critique a l’analyse des modes
alternatifs de règlement des conflits, libre. Générale de
droit et de jurisprudence 2002.
 Mohammed Ouzeroual, comment choisir un médiateur ?
les critères clés a prendre en compte dans le choix d’un
médiateur ,revue marocaine de médiation et d’arbitrage , n
4 2eme édition , 2009.

52
‫قراءة في قانون التحكيم والوساطة االتفاقية‬

‫فهرس المواضيع ‪:‬‬

‫الئحة المختصرات‪0 ............................................................................. :‬‬


‫مقدمة‪8 ........................................................................................... :‬‬
‫المبحث األول‪ :‬قراءة في قانون التحكيم ‪0 .......................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التحكيم الداخلي ‪6 ................................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬قراءة في المرحلة السابقة لصدور الحكم التحكيمي ‪6 ........................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬قراءة في المرحلة الالحقة لصدور الحكم التحكيمي‪00 .......................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التحكيم الدولي‪89 .............................................................. .‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬القواعد العامة للتحكيم الدولي‪84 .............................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬ضوابط الحكم التحكيمي الدولي‪89 .......................................... .‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬قراءة في قانون الوساطة االتفاقية‪90 ........................................ .‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬اإلطار العام للوساطة ‪96 .......................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬ماهية الوساطة االتفاقية ‪96 ....................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬مميزات الوساطة االتفاقية ‪99 .................................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الشروط العامة للوساطة االتفاقية‪48 ........................................ .‬‬
‫الفقرة االولى ‪ :‬الشروط المتعلقة باتفاق الوساطة ‪48 .........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الشروط المتعلقة بالوسيط ‪44 ...................................................‬‬
‫خاتمة ‪42 ........................................................................................ :‬‬
‫الملحق ‪49 .........................................................................................‬‬
‫فهرس المراجع ‪00 ............................................................................. :‬‬
‫فهرس المواضيع ‪09 ............................................................................ :‬‬

‫‪53‬‬

You might also like