You are on page 1of 20

‫الذكاء االصطناعي والتدريس بواسطة الحاسب األلي‬

‫نتناول في هذا الفصل استخدام الحاسب كوسيلة معاون ة في الت دريس ‪ .‬وق د اس تحدثت‬
‫كثير من ال برامج والنظم ض من األط ر التقليدي ة له ذه الغاي ة ‪ .‬وتتض من ه ذه ال برامج‬
‫إجابات وحل ول المس ائل ال تي تطرحه ا على الط الب ‪ ،‬ولكن بق درة مح دودة ج دا على‬
‫االستدالل والتفك ير ‪ ،‬وبالت الي فليس معظم ه ذه ال برامج ق درة ذاتي ة ك ل ه ذه المس ائل‬
‫بنفسها ‪ .‬وأفضل ه ذه ال برامج له ا بعض الق درة على المس ائل ۔ إذا عرفن ا ه ذه الق درة‬
‫بمعناها الواسع جدا ‪ ،‬ولكنها ال تفصل قاعدة المعرفة التي تستخدمهما عن آلي ة التحكم ‪،‬‬
‫مما يجعل من الصعب ضمهما إلى البرنامج ‪ .‬ولهذا نقترح في ه ذا افض ل بن اء ب رامج‬
‫التعلم على غرار األنظمة الخبيرة ‪.‬‬
‫وبعكس النظم التقليدية ‪ ،‬تبدأ البرامج الذكية للتعليم من الفرضية القائلة إنه البد للبرنامج‬
‫التعليمي نفسه أن يكون خبيرا في المجال الخاص به ‪ ،‬بمعنى أن ه يجب أن يك ون ق ادرا‬
‫على حل المسائل التي يضعها – ربما بعدة طرق – كما يجب أن يكون ق ادراعلى تتب ع‬
‫ونقد الحلول التي يتوصل إليها الطالب ‪ .‬كما يجب أن يكون لهذه ال برامج الذكي ة أس اس‬
‫نظري لالستراتيجية التعليمية التي تتبعها والتي يجب أن تكون واضحة وغ ير متض منة‬
‫بش كل غ امض في قاع دة المعرف ة للبرن امج ‪ .‬كم ا يجب أيض ا أن تك ون ه ذه‬
‫االستراتيجيات قابلة للتط بيق في مج االت مختل ف وعدي دة ‪ ،‬وق د ال نك ون واقع يين إذا‬
‫طمحنا إلى استراتيجية واحدة لكل المجاالت ‪ ،‬ولكن ه يب دو من المنط ق أن نتوق ع بعض‬
‫المبادئ العامة التي يمكن أن تهتدي به ا مث ل ه ذه ال برامج ‪ .‬ويس تطيع البرن امج ال ذي‬
‫اخت بر ق درات الط الب ومعرفت ه أن يس تخدم نت ائج تقويم ه في وض ع ص ورة للط الب‬
‫‪ profile‬لتصبح إحدى القيم المستخدمة في توجيه عملية التعليم الفردية ‪.‬‬

‫نبذة تاريخية‬
‫وتتلخص الطريقة المعت ادة ل برامج التعليم بواس طة الحاس ب في اآلتي ‪ :‬أوال ‪ :‬يع رض‬
‫نص الدرس على شاشة الحاسب ‪ ،‬ثم توضع األس ئلة للط الب ال ذي يجيب على األس ئلة‬
‫باختص ار ‪ ،‬وذل ك لع دم ق درة البرن امج على تحلي ل اللغ ة الطبيعي ة ‪ .‬وأخ يرا يس تمر‬
‫البرنامج في عرض مادة تعليمية أكثر صعوبة ‪ ،‬إذا كانت إجاب ة الط الب ص حيحة ‪ ،‬أو‬
‫يبين الخطأ في إجابة الطالب ويعرض اإلجابة الصحيحة ‪.‬‬
‫وسوف ال نعرض هنا طريق ة لوج و ‪ LOGO‬لس يمور ب ابيرت( ‪pert -1 ( ) 2.1‬‬
‫‪ ، seymour pa‬ال تي تتب ع نهج بي اجيت ‪ Piaget‬للتعليم التلق ائي‪spontane ous -‬‬
‫‪ learning‬بالتفاع ل م ع البيئ ة المحيط ة ‪ ،‬وذل ك ألن ه ذا النهج يهتم بتنمي ة ق درات‬
‫األطفال اإلبداعية بإعطائهم وس يلة تتج اوب م ع األفك ار ال تي يع برون عنه ا أك ثر من‬
‫اهتمامه بتعليم مادة معينة ‪ .‬فيمكن لألطفال باستخدام طريقة لوجو رسم اللوحات وتأليف‬
‫الموسيقى كذلك أن فلسفة ه ذا النهج عكس ب رامج التعليم التقليدي ة ال تي تتم يز بالوض ع‬
‫السلبي للطالب ‪.‬‬
‫وتع ود بداي ة اس تخدام أس اليب ال ذكاء االص طناعي في التعليم إلى برن امج س کوالر‬
‫) ‪ scholar ( 3‬لتدريس جغرافية أمريكا الجنوبية ‪ ،‬واستخدام قاع دة معرف ة جغرافي ة‬
‫التي لم تكن مجرد نصوص مسجلة سلفا ‪ .‬ومن األفكار الجديدة في هذا البرنامج أنه من‬
‫الممعن لك ل من البرن امج أو الط الب أن يأخ ذ المب ادرة في الح وار ‪ .‬ويق وم برن امج‬
‫ص وفي ‪ ) 4sOPHIE‬بتعليم االط الب ) كي ف يج د ويص حح األخط اء في ال دوائر‬
‫اإللكترونية ‪ ،‬ولهذا البرنامج مواجهة مرنة جدا باللغة الطبيعية مع المستخدم مم ا يمكن ه‬
‫من فهم وانتقاد الحلول المقدمة له ‪ .‬وق د اتج ه البحث في الس نوات األخ يرة إلى دراس ة‬
‫تحليل أخطاء الطالب ‪ .‬وقد أظهر استخدام باجي ‪ ) BUGGY‬أن بعض أخط اء الطالب‬
‫الحسابية ال تي ب دت أوال عش وائية ك انت في أغلب األحي ان أخط اء مط ردة نتجت عن‬
‫الطريق ة المس تخدمة من قب ل الطالب ‪ .‬وق د ط ورت ألع اب تربوي ة مث ل ويمب وس‬
‫‪ WUMPUS‬للتوص ل إلى األس باب ال تي تكمن وراء ع دم اس تخدام الالع بين‬
‫االستراتيجيات المثلى ‪ .‬كما أظهر برنامج ا واي‪ WHY‬وجاي دون‪ GUIDON‬الف رق بين‬
‫تدريس موضوع خاص واالستراتيجيات العامة للتدريس ‪ .‬فهناك مثال قاعدة عامة تق ول‬
‫‪ « :‬إذا لم يس تطع الط الب فهم ق انون ع ام ‪ ،‬أعط ه مث اال مح ددا ‪ ،‬وهي تنطب ق على‬
‫تدريس كافة المواضيع ‪ .‬وتوضح الفقرات التالية بعض طرق تمثيل الموض وعات ال تي‬
‫تدرس ‪ ،‬وبعض المبادئ التعليمية التي استحدثت ‪.‬‬
‫مكونات برامج التعليم الذكية بمعاونة الحاسب‬
‫يوضح شكل ‪ 1-18‬التخطي ط الع ام ( ‪ ) 9‬ل برامج التعليم بمعاون ة الحاس ب في إط ار‬
‫األنظمة الخبيرة ‪ ،‬والذي يمثل ثمرة األبحاث في هذا المجال في السنوات األخيرة‬
‫(شكل ‪ 1 – 18‬البرامج البنكية للتعليم تعاونة الحاسب)‬
‫وال داعي ألن نؤكد هنا مرة أخرى أهمية وجود مواجهة بينية « ودية » بين المس تخدم‬
‫والبرنامج ‪ ،‬ولكن علينا أن نذكر أنه يجب أخذ التطور التقني بعين االعتبار عن د تزوي د‬
‫البرنامج بالمواجهة البينية ‪ .‬ونشير هنا بوجه خاص إلى إمكاني ة اس تخدام الرس ومات و‬
‫« الفأرة ‪ » mouse‬لتحريك مؤشر الشاشة ‪ cursor‬االختيار بنود من الشاش ة ‪ ،‬وه ذا‬
‫أسهل وأسرع من استخدام طرق تتطلب تحليل اللغة الطبيعي ة ‪ .‬ويجب طبع ا أن يس تمر‬
‫البحث في فهم اللغ ات الطبيعي ة ‪ ،‬ولكن في ح دود مغرفت ا الحالي ة – ال يب دو أن ه أهم‬
‫متطلب لتطوير برامج التعليم بمعاونة الحاسب ‪ .‬وعلى أي حال فالمطلوب ه و اس تخدام‬
‫طرق أكثر تقدما في مجال التعليم للوصول إلى فهم أعمق ‪.‬‬
‫ويركز هذا الفصل على وظيفتين رئيسيتين ‪ :‬هما األنظمة الخبيرة وبرامج ‪ :‬التعليم‬

‫دور النظم الخبيرة‬

‫قد يبدو ذكرنا في مقدمة هذا الفصل أن ب رامج التعليم بمعاون ة الحاس ب يجب أن تك ون‬
‫خبيرة في مجالها أمرا بديهيا ‪ ،‬إال أنه يجب أال ننسى أن الكثير من هذه البرامج التقليدية‬
‫ال تستطيع حل المسائل التي تضعها للطالب بنفسها ‪ ،‬فمثال ال يستطيع برن امج بيب ‪10‬‬
‫‪ ) Bip‬لتعليم لغة بيسيك للبرمجة أن يكتب برنامج ا بلغ ة بيس يك على ال رغم من قدرت ه‬
‫على تصحيح أخطاء معينة في البرامج المقدمة له ‪ .‬كما يجب أن يتمكن البرنامج الخبير‬
‫من توليد المسائل ‪ ،‬آخذا في االعتب ار ق درات الط الب العلمي ة بالتفص يل كمس توى أداء‬
‫الطالب والصعوبات المتوقعة ‪ ،‬وم دى التأكي د على النق اط الص عبة واله دف من التعليم‬
‫في تلك اللحظة ‪ ،‬كما يجب أن يكون قادرا على تنفي ذ تعليم ات الم درس لوض ع مس ائل‬
‫أكثر صعوبة من التي قبلها على أن يمكن حلها بنفس الطريقة ‪.‬‬
‫ويجب أن يمون البرنامج الخبير قادرا على إعط اء إجاب ات تفص يلية مرتب ة ‪ ،‬موض حا‬
‫فيها النقاط الصعبة ‪ ،‬وعارضا لخطوات الحل ‪ ،‬وذلك لتحقيق األهداف التالية ‪.‬‬
‫مقارنة حل الطالب بحل البرنامج ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫قياس وتقويم طريقة حل الطالب بمقارنتها بطريقة البرنامج‬ ‫‪‬‬
‫مساعدة الطالب الذي ب دأ في المس ار الص حيح ‪ ،‬ولم يس تطع أن يتع دى مرحل ة‬ ‫‪‬‬
‫معينة في الحل ‪.‬‬
‫ويجب أن يك ون البرن امج ق ادرا على الجم ع بين الط رق الخوارزمي ة والتجريبي ة ‪.‬‬
‫ويكتس ب البرن امج الط رق التجريبي ة من الخ براء البش ريين وتتم يز بمالءمته ا لش رح‬
‫المسائل الصعبة وطرق الشرح ألنها توض ح كيفي ة عم ل العق ل البش ري في مث ل تل ك‬
‫المواقف ‪ .‬وتستخدم الطرق الخوارزمية لسرعة اإلنجاز أو لعدم إمكانية ح ل المس ائل‬
‫بطريقة أخرى ‪ .‬وعندما نض طر الس تخدام الط رق الخوارزمي ة ‪ ،‬فإن ه يجب أن تكم ل‬
‫بطرق أكثر تعليمية للطالب أو تعتبر كصندوق مغلق ‪ .‬وال يعتبر ه ذا عائق ا للبرن امج ‪،‬‬
‫فهناك مستوى معين لكل إنسان أو برنامج ال يستطيع أن يتعداه ‪.‬‬
‫ومن المتطلبات األخرى له ذه ال برامج أن تك ون ل ديها الق درة على اكتش اف األخط اء‬
‫المطردة أو الشائعة ‪ ،‬واكتشاف أي ثغرات في فهم الطالب العام التي قد تنشأ عنه ا مث ل‬
‫هذه األخطاء ‪ .‬ويفترض ذلك وجود نموذج ‪ :‬متق دم يس تطيع أن يس تفيد من االعتب ارات‬
‫النفسية ‪.‬‬
‫وأخيرا يجب أن يكون البرنامج قادرا على إعط اء تفس يرات على مس تويات مختلف ة ‪.‬‬
‫فإذا استخدم البرنامج في حل إحدى المسائل سلس لة من االس تنتاجات مث ل أ ‪ > --‬ب ‪--‬‬
‫> ج ‪ ،‬يكون الجواب العادي لسؤال « لماذا ج ‪ » 5‬ه و ألن ب » ‪ ،‬و « لم اذا ثاني ة ‪،‬‬
‫يكون الجواب ألن أ » ‪ .‬بينما يعني السؤال الثاني في األغلب أن الطالب يريد أن يعرف‬
‫لماذا تدل « ب » على « ج » بدال من تسلق سلم النت ائج ‪ .‬وزد يك ون مناس با ج دا في‬
‫هذه الظروف إعطاء تفسير في شكل رسومات « فين ‪ » Ven diagrams‬حيث تمث ل‬
‫المجموعات في شكل دوائر ‪.‬‬
‫دور البرنامج التعليمي‬
‫إن المدرس الذي يصمم البرنامج هو الشخص الذي يجب أن يتخذ ق رارات مث ل « م ا‬
‫هو الوقت المناسب إلعطاء الطالب لمحة عن اإلجابة ؟ » أو إلى أي مدى يمكن السماح‬
‫للط الب باالس تمرار في الخط أ ؟ » وللمس اعدة في ح ل مث ل ه ذه المش اكل ‪ ،‬يمكن‬
‫االس تفادة من النظري ات النفس ية ك أس آس األبح اث اس تخدام ال ذكاء االص طناعي في‬
‫التعليم بمعاونة الحاسب ‪ .‬إن الفرضية الشائعة والمقبولة هي أنه يوج د في ذهن الط الب‬
‫نموذج للمعرفة والمهارات التي يتوقع أن يكتسبها ‪ ،‬وأنه يستخدم ه ذا النم وذج بق وة في‬
‫محاولة حل المشاكل التي تواجهه ‪ .‬ويع ني ه ذا س لوك حتمي ( مح دد س لفا ) للط الب‪-‬‬
‫‪ terministic behavior de‬يحدده النموذج ‪ ،‬وه و طبع ا اف تراض مبس ط ‪ .‬وي رى‬
‫المدرس في النموذج صورة للقدرات التي على الطالب اكتسابها ‪ ،‬مما يمكن أن يستخدم‬
‫لتوجيه اس تراتيجية الت دريس ‪ .‬ومن وجه ة نظ ر علم المعلوم ات ‪ ،‬ف إن القيم المرتبط ة‬
‫بقدرات الطالب تشكل الحدود ‪ Arguments‬الوظائف البرنامج المتضمنة في البرن امج‬
‫التعليمي ‪ .‬وهكذا يكون تصور المدرس القدرات الطالب هو تقريب للنموذج الداخلي في‬
‫ذهن الطالب والذي ال ندعي معرفتنا الكاملة به‬
‫وتط رح النظري ة التعليمي ة ال تي تتب ع النهج الس قراطي فك رة أن فهم وتعلم المف اهيم‬
‫المعق دة يمكن أن يس هل بدراس ة األمثل ة الخاص ة الس تخالص الق وانين العام ة منه ا ‪.‬‬
‫ويناسب الحوار السقراطي بوجه خاص المواضيع التي ت دخل فيه ا العالق ات الس ببية ‪،‬‬
‫وإن لم يكن لها دور مباشر في الحال ‪ .‬ويوض ح ذل ك كولي نز ‪ ، ) 9celins‬فه و يعطي‬
‫‪ 24‬قاعدة إرشادية يبني عليها النقاش للوصول خالل عدة خط وات إلى الظ روف ال تي‬
‫تساعد على زراعة األرز ‪ .‬وفيم ا يلي مث ال لح وار افتراض ي يمكن إج راؤه باس تخدام‬
‫البرنامج بين المدرس ( م ) والطالب ( ط ) ‪ ،‬ونضع القاع دة المناس بة بين أق واس بع د‬
‫كل سؤال‬
‫من أين ينمو األرز في شمال أمريكا ؟‬
‫( قاعدة ‪ :‬اسأل عن حالة معروفة )‬
‫ط ‪ :‬في لويزيانا‬
‫م ‪ :‬لماذا هناك (‬
‫( قاعدة ‪ : 2‬اسأل عن األسباب )‬
‫ط ‪ :‬ألنه توجد مياه وفيرة هناك‬
‫م‪ :‬ه ذا ص حيح ‪ .‬ولكن ه ل تعتق د أن هن اك أرزا مزروع ا في والي تي واش نطون‬
‫وأوريجون مثال ؟‬
‫( قاعدة ‪ : 6‬أعط مثاال مناقضا لتوضيح العوامل الضرورية األخرى ) ‪.‬‬
‫ط ‪ :‬ال وال أعتقد ذلك‬
‫م ‪ :‬لماذا ال تعتقد ذلك ؟‬
‫( قاعدة ‪ : 2‬اسأل عن األسباب )‬

‫ط ‪ :‬هناك ماء وفير ‪ ،‬ولكن يوجد سببان لع دم زراع ة األرز في ه ذه المنطق ة ‪ :‬المن اخ‬
‫ليس ص الحا ‪ ،‬وال أعتق د أن األرض مس طحة بدرج ة كافي ة يجب أن تك ون األرض‬
‫مسطحة لتستطيع إغراقها بالماء ‪ ،‬أو على األقل يجب أن تمهدها ‪.‬‬
‫م ‪ .‬إذن ‪ ،‬ماذا عن اليابان ؟‬
‫قاعدة ‪ : 8‬استخدم مثاال مضادا لتبين أي العوامل غير ضرورية ) ‪ ........‬إلخ‬
‫ومن مبادئ كولينز التجريبية اآلتي ‪ « : « :‬إذا ش رح الط الب عالق ة س ببية وض منها‬
‫أحد العوامل غير الضرورية ‪ ،‬فابحث عن مث ال من اقض يك ون في ه له ذا العام ل قيم ة‬
‫معاكسة ‪ ،‬واسأل لماذا ال تقوم العالقة في مثل ه ذه الحال ة » ‪ .‬وتتك ون قاع دة المعرف ة‬
‫لهذا البرنامج من عالقات من ن وع « يتبخ ر الم اء من س طح البح ر ‪ ،‬ثم ينتق ل اله واء‬
‫الرطب بفعل الرياح إلى اليابسة ‪ ،‬حيث يبرد ‪ ،‬وتسقط رطوبته في ش كل أمط ار أو ثلج‬
‫» ‪ .‬وما يميز مثل هذا البرنامج عن برامج التعليم التقليدي ة أن مث ل ه ذه العب ارة ليس ت‬
‫ج زءا من نص س بق تس جيله ‪ ،‬ولكنه ا مستخلص ة من التمثي ل ال داللي الموج ود في‬
‫البرنامج ‪.‬‬
‫ويعطي استخدام بيرتون ‪ ، Burton‬وبراون ) ‪ Brown ( 12‬للعبة ‪ West‬المقتبسة‬
‫من ) ‪ PLATO ( 13‬مثاال تطبيقيا لنظرية « األخطاء البناءة » ‪ .‬وه ذه اللعب ة هي من‬
‫اللعب التي تستخدم رقعة كرقع الشطرنج به ا ثع ابين وس اللم حيث يجب تجنب الوق وع‬
‫في الكمائن واتخاذ أقصر الطرق للتقدم حول الدائرة ‪ ،‬وي رمي ك ل العب ب الزهر ثالث‬
‫مرات ويجمع األرقام بأي طريقة تحل و ل ه مس تخدما العملي ات الحس ابية العادي ة ليق رر‬
‫عدد الخطوات التي س يتقدمها ‪ .‬وليس بالض رورة أن يك ون الع دد األك بر ه و االختي ار‬
‫الصحيح ‪ ،‬والمشكلة هي إيجاد العدد األمثل في كل لعب ة ‪ .‬وباإلض افة إلى أن البرن امج‬
‫خبير في هذه اللعبة ‪ ،‬فهو أيضا ذو استراتيجية تعليمية هامة ‪ ،‬فكلما اكتشف حركة غير‬
‫موفقة من الالعب ‪ ،‬فإنه يعطي عدة دالك تمكن الالعب من التنبه إلى خطئه بالت دريج ‪،‬‬
‫ولهذا سميت باألخط اء البن اءة ‪ .‬ونظ را لكونه ا لعب ة تعليمي ة ‪ ،‬يتب نى المعلم مب دأ ع دم‬
‫التدخل إال عندما يكون هناك فرق كبير بين حركة الالعب والبرنامج ‪.‬‬
‫وقد استحدث کار ‪ Carr‬و ‪ ، )Goldstein‬نظري ة تنظ ر إلى نم وذج الط الب ال داخلي‬
‫كص ورة مش وهة من مه ارات ومعرف ة الخب ير ‪ .‬فالتش ويه يمكن أن ينجم عن اس تخدام‬
‫القواع د الخاطئ ة ‪ .‬ويجب على البرن امج أن « يع رف » ه ذه القواع د الخاطئ ة ‪ ،‬وأن‬
‫يضعها موضع التط بيق في المس ائل ال تي يعالجه ا ‪ ،‬ح تى إذا أعطت قاع دة منهم نفس‬
‫اإلجابة الخاطئة التي يعطيها الطالب ‪ ،‬يكون االستنتاج المعق ول أن ه ذه القاع دة الخط أ‬
‫تشكل جزءا من نموذج فكر الطالب ‪ ،‬وفي هذه الحالة يمكن تدريس الص يغة الص حيحة‬
‫للقاعدة ‪.‬‬
‫وما زالت هذه النظريات التعليمية بسيطة جدا ‪ ،‬وال تستطيع تناول جميع المواقف ‪ ،‬إال‬
‫أنها تمثل مرحلة من مراحل تطور االستراتيجيات غ ير المباش ر في الت دريس بواس طة‬
‫الحاسب ‪ .‬والشك أن استغالل إمكانيات الحاسب التفاعلية قد تم بشكل أفض ل وأك بر من‬
‫خالل هذه النظريات عن طرق التدريس التقليدية ‪ .‬ويجب على الباحثين في هذا المج ال‬
‫أن يكونوا واعين باستمرار للحاج الواض ح بين المج ال العلمي لموض وع ال درس وبين‬
‫االستراتيجيات للتدريس ‪.‬‬
‫قيود على بناء نظم خبيرة في البرامج التعليمية‬
‫إن المبدأ الذي تبنى عليه هذا الج زء ه و « ليس بالض رورة أن يك ون الخب ير الممت از‬
‫مدرس ممتاز أيضا » ‪ .‬ويمكن أن نعبر عن ذلك بطريقة أخرى أنه قد يمكن لبرنامج ما‬
‫أن يشرح كيفية حل مسألة معينة ‪ ،‬ويعطي أسباب اختيار مجموعة من االفتراضات بدال‬
‫من غيرها ‪ ،‬ولكن ال يعني ذلك بالضرورة أنه يمكن أن يشرح لماذا سلك الطريق ال ذي‬
‫سلكه في الحل ‪ .‬فالقدرة على شرح االس تراتيجيات المس تخدمة في الح ل تتطلب درج ة‬
‫أكثر من التفصيل في المعرفة ليست ضرورية لعملي ة الح ل ذاته ا ( أي يمكن التوص ل‬
‫إلى الحل في غيابها ) ‪ .‬وتمثل عملية ترجمة ‪ compiling‬البرامج مثاال واضحا ‪ ،‬له ذا‬
‫فالبرنامج المترجم ‪ compiled program‬يكون من الصعب جدا قراءت ه على ال رغم‬
‫من أنه يكون على درجة عالية جدا من الكفاءة ‪.‬‬
‫وهن اك اتف اق ع ام على أن البن اء التركي بي ‪ modular structure‬للتمثي ل يجع ل‬
‫العمليات االس تداللية للبرن امج أك ثر وض وحا ‪ ،‬وأس هل تفس يرا ‪ .‬إال أن كالني ‪W . ,‬‬
‫‪ clancey‬ق د عل ق على ذل ك ق ائال إن معظم ال برامج تغف ل الخط وات الوس طى في‬
‫العمليات االستداللية ‪ ،‬خاصة عندما تتعامل مع العالق ات الس ببية ‪ ،‬وبينم ا ال يقل ل ه ذا‬
‫من كفاءة عملية االستدالل ‪ ،‬بل على العكس ق د يزي دها ‪ ،‬إال أنه ا تص بح عائق ا عن دما‬
‫يطلب من البرنامج أن يشرح كيفية توصله للنتائج التي انتهى إليها ‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫تفتح تقنية الذكاء االصطناعي آفاقا جديدة في البحث في طرق التعليم ‪ .‬وإذا كان لن ا أن‬
‫نغتنم هذه الفرصة ‪ ،‬فالبد أن تتوافر النظم الخبيرة ألغراض التعليم ‪ ،‬كما البد وأن تبني‬
‫بشكل جيد بحيث تستخدم بنجاح في البرامج التعليمية ‪ .‬والحاس ب ه و أداة جي دة وقوي ة‬
‫الختب ار نظري ات التعليم والتعلم ‪ ،‬وخصوص ا االختب ار عمومي ة ‪ ،‬وخصوص ية ه ذه‬
‫النظري ات في المج االت المختلف ة ‪ ،‬وك ذلك الختب ار فت اليتهم ‪ .‬ويمكن لل برامج ال تي‬
‫تستخدم هذه الطرق أن تفسر خطوات تفكيرها ‪ ،‬بدال من مج رد ع رض النص التعليمي‬
‫على شاشة الحاسب معظم الوقت كما يحدث في برامج التعليم التقليدية ‪.‬‬

‫القسم الثاني فهم اللغات الطبيعية القسم‬


‫بعض المعايير‬
‫مقدمة‬
‫نهدف في هذا الفصل إلى توضيح مختلف األنشطة ( ‪ ) 1‬التي يمكن أن تندرج تحت «‬
‫فهم اللغ ات الطبيعي ة » ‪ ،‬وأوله ا م ا يمكن أن نس ميه النش اط النفعي ‪utilitarian‬‬
‫‪ activity‬وه و م ا يش ار إلي ه ع ادة بتفاع ل اإلنس ان م ع اآلل ة ( ‪man machine‬‬
‫‪ interaction ( MMI‬وال يختص هذا النشاط بمشاكل فهم الس لوك اإلنس اني ‪ ،‬وإنم ا‬
‫بمشاكل االتصال بين اإلنس ان والحاس ب فحس ب ‪ .‬فنحن نري د أن نجع ل ه ذا االتص ال‬
‫يدور بلغة أقرب م ا تك ون إلى اللغ ات الطبيعي ة ‪ ،‬ونع ني ب ذلك تل ك اللغ ات المرتبط ة‬
‫بحضارة وثقافة اإلنسان كاللغات اإلنجليزية والفرنس ية واإلس بانية والعربي ة على س بيل‬
‫المثال ‪ .‬إن ما نحتاجه هو جسر بين مثل ه ذه اللغ ات ولغ ة الحاس ب ال دنيا ( ‪ ) 2‬ال تي‬
‫تناسب اآللة ‪ .‬وقد كان بناء لغات البرمجة العليا مثل فورتران والجول وليسب – وال تي‬
‫يتم ترجمتها إلى لغة الحاسب الدنيا بواس طة م ترجم ال برامج ‪ -compiler‬هي الخط وة‬
‫األولى في ه ذا االتج اه ‪ .‬وال ش ك أن لغ ات البرمج ة العلي ا ه ذه أيس ر في االس تعمال‬
‫والتعلم ‪ ،‬إال أنها تظل مع ذلك لغات اصطناعية ‪ .‬واإلشكالية التي نواجهها هن ا هي انن ا‬
‫نود أن نتحاور مع اآللة بوسيلة طبيعية وبدون أن نضطر لتعلم إح دى لغ ات البرمج ة ‪.‬‬
‫ولتحقيق هذا الهدف يتعين علينا أن نجد طريقة ما لترجم ة م ا يدخل ه مس تخدم الحاس ب‬
‫بلغت ه الطبيعي ة – بواس طة محط ات اإلدخ ال الطرفي ة إلى ش كل يمكن لآلل ة فهم ه‬
‫واالس تجابة ل ه ‪ .‬فكث يرا م ا نحت اج إلى االس تفهام عن ش يء م ا ب الرجوع إلى قاع دة‬
‫المعلومات بالحاسب ‪ ،‬فقد نحتاج مثال إلى إجابة لسؤال كالت الي ‪ :‬أي من م وظفي ج ون‬
‫سميث وشركاه يتقاضى راتبا يزيد عن عشرة آالف جنيه سنويا ؟ » ويمكن ترجمة ه ذا‬
‫السؤال على النحو التالي ‪:‬‬
‫( ؟س صاحب عمل ؟س = شركة جون سميث وشركاه » ‪ « ،‬المرتب الس نوي ؟س >‬
‫‪) 1000‬‬
‫وتعني هذه المعادلة أننا نريد معرفة ك ل األف راد س وال ذين هم موظف ون يعمل ون ل دى‬
‫صاحب عمل هو جون سميث وشركاه ويتقاض ون مرتب ا س نويا يزي د عن عش رة آالف‬
‫جنيه ‪ ،‬ويمكن اعتبار شكل هذه المعادلة كتعليمات لآللة للقيام بسلسلة من الخطوات التي‬
‫يمكن للغات البرمجة القيام بها ‪ .‬وه ذا الس ؤال نم وذج ش ائع لالستفس ارات ال تي توج ه‬
‫لقواع د المعلوم ات به دف اس تخراج معلوم ات منه ا ‪ ،‬وتحوي ل مث ل ه ذا الس ؤال من‬
‫صورته الطبيعية باللغة اإلنسانية إلى شكل يكون ل ه دالل ة ومغ زى القاع دة المعلوم ات‬
‫بالحاسب ‪ ،‬يفترض أن قاع دة المعلوم ات ت درك أن ج ون س ميث وش ركاه » ه و اس م‬
‫شركة ( وليس اسم موظف مثال ) ‪ ،‬وأن هذه الشركة تستخدم م وظفين ‪ ،‬وأنن ا مهتم ون‬
‫برواتب هؤالء الموظفين وليس بعناوينهم أو عدد أطف الهم مثال ‪ ،‬ب ل بدق ة أك ثر – نحن‬
‫مهتمون بهؤالء الموظفين الذين تزيد رواتبهم عن حد معين ‪.‬‬
‫ويمكن االستخدام هذه التقنية أن يكون له نتائج باهرة ‪ ،‬ألنه ا تمكن اإلنس ان واآلل ة من‬
‫الدخول في حوار طبيعي ي وحي بوج ود ق در كب ير من الفهم المتب ادل بينهم ا ‪ ،‬ولن ا أن‬
‫نتوقع تطورات هامة في مجال تفاعل اإلنسان مع اآللة في السنوات القادمة ‪.‬‬
‫وث اني األنش طة ال تي تن درج تحت « فهم اللغ ات الطبيعي ة » ه و م ا سأس ميه النش اط‬
‫اللغوي أو المنطقي ‪ .‬والسؤال الرئيسي هنا هو م ا إذا ك انت عب ارة م ا ص حيحة لغوي ا‬
‫ويمكن قولها فعال في الحي اة اليومي ة ‪ .‬وق د درج علم اء اللغة المعاص رون على وض ع‬
‫نجم ة « * » أ أم ام العب ارات والجم ل ال تي تب دو غريب ة الهم ‪ ،‬ثم التس اؤل عن س ر‬
‫الغرابة في هذه الجمل والعبارات ‪ ،‬ويمثل هذا ما يمكن أن نطلق عليه الج انب الق انوني‬
‫‪ . Legalistic aspect‬كما ينظرون إلى اللغة باعتبارها كيان ا مس تقال دون أي اعتب ار‬
‫لوظائفه ا المعرفي ة أو التواص لية ‪ ،‬ومن أب رز المؤي دين لوجه ة النظ ر ه ذه ( ن وم‬
‫تشومسكي ) ( ‪ | ) 4‬الذي أكد على التم ايز بين الكف اءة واألداء ( ‪ ) 5‬أي بين م ا يمكن‬
‫أن يقوله ويختم ه اإلنس ان نظري ا ‪ ،‬وبين م ا يقول ه فعال ‪ .‬ويعتق د تشومس كي أن ه يمكن‬
‫دراس ة الخص ائص الرياض ية والش كلية اللغ ة دون الرج وع إلى الكيفي ة ال تي يتم به ا‬
‫االستخدام اللغوي ‪ .‬ويقارن وينوجراد " بين ه ذا االتج اه واتج اه علم اء الفيزي اء ال ذين‬
‫يدرسون الميكانيك ا دون أخ ذ عملي ة االحتك اك في االعتب ار ‪ .‬ويهتم تشومس كي ب النحو‬
‫الص وري ‪ ،‬أي بأنظم ة القواع د الص ورية ال تي تحكم انتظ ام الرم وز األساس ية‬
‫‪ . arrangements of basic symbols‬وق د س عى تشومس كي إلى تحدي د مالمح‬
‫األنحاء الكلية ( ‪ ) 7‬۔ ‪ universal grammar‬كمجموعة مجردة وهو يعرفها كنظام‬
‫من الق وانين والش روط والقواع د ال تي تك ون األس س والخص ائص لك ل اللغ ات‬
‫اإلنسانية ) ‪ .‬ويقر تشومسكي " إن األنحاء التي يهتم بها بالغة التعقيد ‪ ،‬وال يمكن تعلمها‬
‫للبشر الذين يبدءون من المبادئ العامة – أي األنحاء الكلي ة وال تي يعتبره ا تشومس كي‬
‫موروث ة ‪ innate‬أي ج زءا من الجه از ال بيولوجي لإلنس ان ‪ .‬وله ذا فإن ه من غ ير‬
‫المحتم ل أن تك ون من نفس ن وع األنح اء ال تي نس تخدمها فعال في تحلي ل العب ارات‬
‫والجمل ‪.‬‬
‫وثالث األنشطة ‪ ،‬وهو الذي سأحاول أن أؤيده في هذا الكتاب ‪ ،‬يرفض ال زعم المبس ط‬
‫لعالقة ثابتة غير غامضة بين البنية السطحية للجمل ة – بمع نى التت ابع األفقي للح روف‬
‫لتكون الكلمات وتتابع الكلمات لتكون الجمل والعبارات والبنية العميقة التي تحمل دالل ة‬
‫ه ذه الجمل ة ‪ .‬وعلى عكس ذل ك تتمث ل وجه ة النظ ر المتخ ذة هن ا في أن العملي ات‬
‫االستداللية ‪ inferential processes‬تلعب دورها بمجرد قراءة أو سماع أي جملة أو‬
‫نص ‪ ،‬وأن فهم النصوص اللغوية ال يختل ف في ج وهره عن فهم أي ش يء آخ ر ‪ .‬ففي‬
‫جميع األحيان يتأثر فهمنا للمعلومات ال تي نس تقبلها بك ل م ا كن ا نعرف ه من قب ل ‪ .‬ومن‬
‫المؤكد أن التراكيب الكالم ‪ syntax‬دورا ‪ ،‬ولكنه ليس بالدور الجوهري في فهم اللغات‬
‫الطبيعية ‪ .‬ونحن بالتأكيد ال نقسم فهمنا للجملة إلى مرحلتين‬
‫األولى تكون شجرة اإلعراب ‪ ، syntactic tree‬وتضع الثانية تحليال داللي ا له ا ‪ .‬إن‬
‫مث ل ه ذا التص ور لفهم اللغ ات الطبيعي ة ه و الوحي د ال ذي يس عى لتفس ير كيفي ة عم ل‬
‫عقولنا ‪ ،‬وقد كان روجرشانك ( ‪ ) 10‬أكثر المؤي دين تحمس ا ل ه ط وال الخمس ة عش ر‬
‫عام ا الماض ية ‪ ،‬وليس اله دف هن ا – كم ا ك ان في الماض ي بن اء ب رامج لفهم اللغ ات‬
‫الطبيعية بأي طريقة ‪ ،‬بل تفسير وعرض طرقنا التي نستخدمها في الفهم‪.‬‬
‫فنحن نض ع نظري ات للفهم ثم نختبره ا بواس طة ب رامج ص ممت ‪ ،‬كم ا نأم ل ‪ ،‬بحيث‬
‫تحاكي طرق اإلنسان ‪ ،‬آخذين في االعتبار ردود أفعالنا الذاتية ومعرفتنا ودوافعن ‪.‬‬
‫وينقسم هذا الجزء من الكتاب والمخصص للغات الطبيعية إلى سبعة فصول ‪ .‬ويعرض‬
‫هذا الفصل بعض المعايير األساسية التي يمكن استخدامها التق ويم درج ة « فهم » مث ل‬
‫هذه اللغات ‪ .‬ويصف الفصل الثالث المحاوالت األولى ( غير المثمرة ) للترجم ة اآللي ة‬
‫والطرق التي استخدمت سابقا إلجراء حوار ‪ ،‬أقرب ما يكون إلى الحوار الطبيعي ‪ ،‬مع‬
‫الحاسب ‪.‬‬
‫ونتناول في الفصل الرابع البرامج األولى التي كتبت لتحليل عبارات منفصلة مس تخدمة‬
‫النحو الصوري ‪ formal grammar‬أعدد في معظم األحيان ‪ ،‬كما يصف هذا الفصل‬
‫المشكلة الرئيسة التي برزت في هذا المجال ‪ .‬ويعرض الفصل الخ امس لبعض الط رق‬
‫التي استخدمت في هذا التحليل ‪ ،‬أي طرق تحويل الصورة العادية للجمل ة إلى الص ورة‬
‫الذي تمثل به ا داخ ل الحاس ب ‪ .‬ويص ف الفص ل الس ادس بعض ج وانب تحلي ل الكالم‬
‫المنطوق واختالفه عن تحلي ل النص وص المكتوب ة ‪ .‬ويتن اول الفص ل الس ابع المش اكل‬
‫العملي ة الس تخدام اللغ ات الطبيعي ة في االتص ال بين اآلل ة واإلنس ان ‪ .‬وأخ يرا يص ف‬
‫الفصل الثامن تغيرا ذا أهمية كبيرة في توجه معالجة اللغات الطبيعية ‪ ،‬فلم تع د القض ية‬
‫الش اغلة هي تحوي ل الجمل ة من الش كل ال ذي أدخلت ب ه إلى الحاس ب إلى ش كل داخلي‬
‫‪ internal form‬يمثل معناه ا ‪ ،‬ب ل أص بحت فهم النص واس تخالص مغ زاه ودواف ع‬
‫المشاركين في الحوار ‪ .‬وأخذ يقل انفصال التحلي ل الص وري للجمل ة عن الس ياق ال ذي‬
‫وردت فيه وكذلك عن االستنتاجات التي يمكن التوص ل إليه ا أثن اء الق راءة س واء تمت‬
‫هذه القراءة بواسطة الحاسب أو اإلنسان‪.‬‬
‫بعض معايير الفهم‬
‫لن أح اول هن ا تق ديم تعري ف للفهم س واء بالنس بة لإلنس ان أم اآلل ة ‪ .‬فكم ا ش عرت في‬
‫الفصل األول بأنه رغم عدم قدرتي على تقديم تعريف للذكاء أمكنني أن أقدم عدة معايير‬
‫يتصل كل منها بجانب مختلف من جوانب الذكاء مثل القدرة على التعميم ‪ ،‬أو التعلم من‬
‫الخبرات لتحسين األداء في المستقبل ‪ ،‬فإنه يمكنني هنا أيض ا اق تراح ع دد من المع ايير‬
‫يعكس كل منها إحدى درجات الفهم المتعددة ‪:‬‬
‫القدرة على إجابة األسئلة بطريقة مالئم ة ‪ .‬إن ق وة ه ذا المعي ار تكمن طبع ا في‬ ‫‪‬‬
‫تطلب « كون اإلجابة مالئمة » وبينما ال يمكن تعريف ذلك بشكل محدد تمام ا ‪،‬‬
‫فإنه يمكن التعرف على درجات مختلفة من المالءمة ‪ .‬فإذا وجهنا السؤال الت الي‬
‫« هل روما عاصمة فرنسا ؟ » فإن اإلجابة البسيطة ال تكون مالئم ة ‪ ،‬ولكن «‬
‫ال ‪ ،‬إنها باريس » أو « ال ‪ ،‬روما عاصمة إيطاليا ‪ .‬تكون أكثر مالءمة ‪.‬‬
‫القدرة على إعادة صياغة العبارات ‪ ،‬شارحا معناها بطريقة أخرى ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫القدرة على االس تنتاج ‪ ،‬أي إعط اء النت ائج المحتمل ة أو الممكن ة لم ا قي ل ت وا ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ويشمل هذا المعيار المعايير األخرى ‪.‬‬
‫القدرة على الترجم ة من لغ ة األخ رى ‪ .‬وتف ترض المع ايير الثالث ة أعاله ق درة‬ ‫‪‬‬
‫معين ة على التجري د ‪ ،‬تعكس إمكاني ة تك وين تمثي ل داللي وإدراكي للعالق ات‬
‫السببية والتداعي بين مكونات الجملة ‪ ،‬م ع إعط اء أق ل ق در ممكن من األهمي ة‬
‫للبنية الظاهري ة ‪ .‬وس وف ن بين فيم ا بع د عن د مناقش ة فش ل المح اوالت األولى‬
‫للترجم ة اآللي ة إن أس باب ه ذا الفش ل تكمن في الحقيق ة في غي اب الق درة على‬
‫التجريد ‪ .‬ويجب أن نوضح هنا أن القيام باالس تنتاجات يمكن أن يش مل توض يح‬
‫كل ما هو متضمن في النص ‪ ،‬وتحديد دوافع الناس لألفعال الواردة في النص ‪.‬‬
‫القدرة على التع رف على المس ميات ‪ .‬إن إح دى المكون ات الهام ة لق درتنا على‬ ‫‪‬‬
‫الفهم هي إدراكنا أنه يمكن اإلش ارة إلى نفس الش يء أو الش خص بع دة ط رق ‪،‬‬
‫كم ا يح دث عن دما يس تبدل اس م ش خص أو مجموع ة بض مير ‪ .‬ويتطلب إيج اد‬
‫المرجع الصحيح في بعض األحيان قدرا كبيرا من المعرفة أو االستدالل ‪.‬‬
‫األداء الن اجح الختب ار ( ت ورينج ) لل ذكاء فق د تخي ل ( اآلن ت ورينج‬ ‫‪‬‬
‫‪) AlanTuring‬ع الم الرياض يات اإلنجل يزي االختب ار الت الي ‪ :‬نف ترض أنن ا‬
‫نستخدم محطة طرفية ولوحة مفاتيح وشاشة عرض ‪ ،‬ونحن نع رف أن المحط ة‬
‫الطرفية توصل أحيانا بالحاسب وأحيان ا أخ رى بإنس ان ‪ ،‬ولكنن ا ال نع رف أب دا‬
‫بأيهما هي موصلة في أي وقت من األوقات ‪ .‬فإذا أجرين ا ح وارا باس تخدام ه ذه‬
‫المحطة الطرفية ‪ ،‬ولم نستطع بعد فترة من الزمن معرف ة م ا إذا ك انت موص لة‬
‫بالحاس ب أم باإلنس ان فإن ه يمكن الق ول إن البرن امج ذكي ‪ .‬ويس تطيع الق ارئ‬
‫المهتم بهذه الفكرة أن يقرأ عنه ا في كت اب دوجالس هوش تادر ونحن ال نحت اج‬
‫إلى الق ول إن ه لم ينجح أي برن امج ح تى أداء ه ذا االختب ار ‪ .‬ومعظم ال برامج‬
‫القليلة التي أمكن لها أن تستمر عدة دقائق في االختبار قبل فش لها تح اكي س لوك‬
‫الطبيب النفسي ‪.‬‬
‫وتتعلق المعايير الخمسة األولى بجوانب مختلفة لعملية الفهم بينما يتض من الس ادس ك ل‬
‫هذه المعايير ‪ ،‬ويجب تحقي ق ك ل من المع ايير الخمس قب ل النج اح في اختب ار المعي ار‬
‫السادس ‪.‬‬

‫األهداف والمفاهيم األساسية للذكاء االصطناعي –‬


‫يهدف علم الذكاء االصطناعي إلى فهم طبيعة الذكاء اإلنساني عن طريق عمل ب رامج‬
‫للحاسب اآللي قادرة على محاكاة السلوك اإلنساني المتسم بالذكاء ‪ .‬وتعني قدرة برن امج‬
‫الحاس ب على ح ل مس ألة م ا ‪ ،‬أو اتخ اذ ق رار في موق ف م ا بن اء على وص ف له ذا‬
‫الموقف‪ -‬أن البرنامج نفسه يجد التي يجب أن تتبع لحل المسألة ‪ ،‬أو للتوصل إلى القرار‬
‫بالرجوع إلى العديد من العمليات االستداللية المتنوعة التي غذي بها البرنامج ‪ .‬ويعت بر‬
‫هذا نقطة تحول هامة تتعدى ما هو معروف باسم تقنية المعلومات التي تتم فيه ا العملي ة‬
‫االستداللية عن طري ق اإلنس ان ‪ ،‬وتنحص ر أهم أس باب اس تخدام الحاس ب في س رعته‬
‫الفائقة ‪.‬‬
‫ورغم أننا ال نستطيع أن نعرف الذكاء اإلنساني بش كل ع ام فإن ه يمكن أن تلقي الض وء‬
‫على عدد من المعايير التي يمكن الحكم عليه من خاللها ‪ .‬ومن تلك المعايير القدرة على‬
‫التعميم والتجري د ‪ ،‬التع رف على أوج ه الش به بين المواق ف المختلف ة ‪ ،‬والتكي ف م ع‬
‫المواق ف المس تجدة ‪ ،‬واكتش اف األخطاءوتص حيحها لتحس ين األداء في المس تقبل ‪....‬‬
‫الخ ‪ .‬وكثيرا ما قرن الذكاء االص طناعي خط أ بالس برانية ‪ Cybemetics‬ال تي تختص‬
‫بالخصائص الرياضية األنظمة التغذية الراجعة ‪ ،‬وتنظر إلى اإلنس ان كأن ه جه از آلي ‪،‬‬
‫بينما يهتم علم الذكاء االصطناعي بالعمليات المعرفية التي يستخدمها اإلنس ان في تأدي ة‬
‫األعمال التي نعدها ذكية ‪ .‬وتختلف هذه األعم ال اختالف ا بين ا في طبيعته ا ‪ ،‬فق د تك ون‬
‫فهم نص لغوي منطوق أو مكتوب ‪ ،‬أو لعب الشطرنج أو « البريدج » ‪ ،‬أو ح ل لغ ز ‪،‬‬
‫أو مسألة رياضية ‪ ،‬أو كتابة قصيدة شعرية ‪ ،‬أو القيام بتشخيص طبي ‪ ، ،‬أو االس تدالل‬
‫على طريق لالنتقال من مكان إلى آخر ‪ .‬ويبدأ الباحث في علم الذكاء االصطناعي عمله‬
‫أوال باختيار أحد األنشطة المتف ق على أنه ا « ذكي ة ‪ ،‬ثم يض ع بعض الف روض عم ا‬
‫يستخدمه اإلنسان لدى قيامه بهذا النشاط من معلومات واستدالالت ‪ ،‬ثم يدخل ه ذه في د‬
‫برنامج للحاسب اآللي ‪ ،‬ثم يقوم بمالحظ ة س لوك ه ذا البرن امج ‪ .‬وق د ت ؤدي مالحظ ة‬
‫البرن امج إلى اكتش اف أوج ه القص ور في ه مم ا ينفي إلى إدخ ال تع ديالت وتط وير في‬
‫أسسه النظري ‪ ،‬وبالت الي في البرن امج نفس ه ‪ ،‬وي ؤدي ه ذا ب دوره إلى س لوك مختل ف‬
‫للبرنامج ‪ ،‬وما يستتبعه من مالحظة وتطوير ‪ ...‬وهكذا ‪.‬‬
‫ويغلب على المس ائل ال تي يتناوله ا ال ذكاء االص طناعي « التفج ر التجميعي‬
‫‪ Combinatory explosion‬ويعني هذا أن عدد االحتماالت التي يجب النظ ر فيه ا‬
‫كب ير ج دا لدرج ة أن ه ال يمكن التوص ل إلى الح ل األمث ل – إن وج د بعملي ات البحث‬
‫المباشر ‪ ،‬ألن عملية البحث تأخذ وقتا ط ويال ج دا ‪ ،‬أو ألنه ا تتطلب ذاك رة كب يرة ج دا‬
‫تفوق سعة ذاكرة الحاسب أو اإلنسان ‪ ،‬فقد قدرت مثال النقالت الممكنة لقط ع الش طرنج‬
‫في دور واحد بحوالي ‪ 10‬أس ‪ ، 120‬من الواضح اس تحالة فحص المجموع ة الكامل ة‬
‫لهذه النقالت ‪ ،‬أو تخزينه ا بالحاس ب مص حوبة بتق دير لم دى مالءم ة ك ل منه ا ‪ .‬وفي‬
‫الواقع يوجد فرق أساسي بين عالم الرياضيات والمش تغل بال ذكاء االص طناعي في ه ذا‬
‫الصدد ‪ .‬فبينما يسعى عالم الرياضيات إلثبات أن هناك حال للمس ألة ال تي ب يبحثه ا أو‬
‫أنه ال حل ) ‪ ،‬وال يعني بالوسائل الممكن اتباعها للوصول إلى الح ل ‪ ،‬نج د بالمقاب ل أن‬
‫المشتغل بالذكاء االصطناعي يبحث عن حل للمسألة قد ال يكون هو الحل الص حيح ‪ ،‬أو‬
‫األمثل تماما ‪ ،‬ولكنه مقبول لدى أي من المهتمين بالمسألة ‪ ،‬وال يتطلب وقت ا أط ول من‬
‫الالزم ‪ ،‬ويمكن االهتداء إليه في ظروف الواقع الحقيقية ال تي ق د ال تت وفر فيه ا جمي ع‬
‫المعلومات المطلوبة لحل المسألة النأخذ مثال لعبة « العقد الجبار » ‪. Master Mindi‬‬
‫يهدف عالم الرياضيات إلى إثب ات أن هن اك خوارزم ا ‪ algorithm‬للتوص ل إلى ح ل‬
‫للعبة في عدد من الخط وات ال يزي د مثال عن س بع خط وات ‪ ،‬بينم ا يس تخدم المش تغل‬
‫بالذكاء االصطناعي كل مهارته لوضع برنامج لحل مبني على ط رق اس تدالل س ليمة ‪،‬‬
‫أما عدد الخطوات التي يتطلبه ا الح ل فليس له ا الدرج ة األولى من األهمي ة ‪ .‬فاالتج اه‬
‫السائد في الذكاء االص طناعي ه و أن مب ادئ التنظيم الجي دة أهم من س رعة الحس اب ‪،‬‬
‫والرياض يات ي برز دوره ا على المس توى المنطقي ‪ .‬ورغم أن أك ثر ف روع المنط ق‬
‫وضوحا في أذهان الباحثين هو المنطق االس تنباطي ‪ deductive logic ,‬فمن المؤك د‬
‫أن ه أق ل أهمي ة من المنط ق االس تقرائي أو االس تداللي ‪inductive or inferential‬‬
‫‪ logic‬في معظم أنشطتنا المتعلقة بالذكاء ‪.‬‬
‫وستستخدم في هذا الكتاب اص طالح « االس تدالل » ‪ inference‬للتعب ير عن فك رتي‬
‫االستقراء واالستنباط ‪ .‬وإلى جانب هذا االستخدام للرياضيات على المس توى المنطقي ‪،‬‬
‫سنس تخدمها أيض ا على مس توى أولي إلى ح د م ا – من أج ل الحص ول على تق ديرات‬
‫لسعة الذاكرة ووقت المعالجة الالزمين للتوصل إلى حل مسألة م ا ‪ .‬وس نحاول في بقي ة‬
‫هذا الجزء التمهيدي توضيح مالمح برامج ال ذكاء االص طناعي بش كل ع ام ‪ .‬وس تكون‬
‫المعايير التي نقدمها مرتبطة من جهة ‪ ،‬بأنواع المسائل المراد حلها ‪ ،‬والتي تتطلب قدرا‬
‫من ال ذكاء مثال ‪ ،‬ولكن ليس له ا ح ل ع ام مع روف ‪ ،‬كم ا س تكون مرتبط ة من ناحي ة‬
‫أخ رى بط رق المعالج ة المنطقي ة المس تخدمة والمس تعينة بك ل م ا ع رف عن ال ذكاء‬
‫اإلنساني ‪.‬‬
‫التمثيل الرمزيی ‪Symbolic Representation :‬‬
‫ان السمة األولى لبرامج الذكاء االصطناعي هي أ أنها تستخدم أساسا رموزا غير رقمية‬
‫وهي في هذا تشكل نقضا صارخا للفكرة السائدة أن الحاسب ال يستطيع أن يتناول سوى‬
‫األرقام ‪ ،‬فعلى المستوى القاعدي يتك ون الحاس ب من نبائ ط ثنائي ة ‪binary devices‬‬
‫وال يمكن لهذه النبائط أن تتخذ إال أحد وضعين اتفق على أن يرمز لهما ب ا أو صفر »‬
‫‪ .‬وق د أدى اختي ار ه ذين الرم زين الرقم يين إلى انتش ار الفك رة القائل ة إن الحاس ب ال‬
‫يستطيع أن يتفهم س وى « نعم أوال » ‪ ،‬وأن ه ال يس تطيع تمي يز ظالل المع نى بينهم ا ‪.‬‬
‫ولكن إذا نظرنا على نفس المستوى لإلنسان ‪ ،‬مس توى الخالي ا العص بية‪، neurons -‬‬
‫لوجدنا أن الفهم اإلنساني يعتمد أيضا على الوضع الثنائي مما يشير إلى إمكاني ة التعب ير‬
‫عن األفكار والتصورات والمفاهيم البالغة التعقيد واتخ اذ الق رارات بتش كيالت متط ورة‬
‫من هذه األوضاع أو الحاالت الثنائية ‪ .‬وال شك أن إمكانية التعبير عن التصورات العليا‬
‫والمعق دة بواس طة الرم وز الثنائي ة ال تي يفهمه ا الحاس ب تجع ل محاك اة عملي ة اتخ اذ‬
‫القرارات ممكنة ‪.‬‬
‫وال يوجد بالطبع ما يمنع برامج ال ذكاء االص طناعي من أداء بعض العملي ات الحس ابية‬
‫إذا ل زم األم ر ‪ ،‬ولكن غالب ا م ا تس تخدم نت ائج ه ذه العملي ات على المس توى اإلدراكي‬
‫‪ ، conceptual level‬بمعنى أن مغزى ه ذه العملي ات الحس ابية س يدخل إلى العملي ة‬
‫االستداللية التي يقوم بها البرن امج ‪ .‬ويوض ح ذل ك مث ال من ب رامج التش خيص الط بي‬
‫الذي قد يعطينا معلومة معينة في صورتها الرمزية بالشكل اآلتي ‪:‬‬
‫المريض يعاني من حمى بسيطة »‬
‫وقد توصل إليها الحاسب بقيامه بعملية استداللية المعلومة رقمية مثل ‪:‬‬
‫درجة حرارة المريض مائة درجة فهرنهايت » ‪.‬‬
‫كما يمكن لبرامج الذكاء االصطناعي أن تستخدم معلومة رمزية من علم أمراض النبات‬
‫مثل ‪:‬‬
‫« العفن نوع من الفطر » للتوصل إلى معلومة رمزية أخرى ك اآلتي ‪ :‬األض رار ال تي‬
‫يسببها الفطر بشكل عام يمكن أن يسببها العفن بشكل خاص‬
‫وع ادة م ا يطل ق على ه ذا الن وع من العملي ات االس تداللية أو االس تقرائية الوراث ة‬
‫‪ inheritance‬نقل الخصائص ‪ transmission of propeties‬وله أهمية بالغ ة في‬
‫علم الذكاء االصطناعي ‪.‬‬
‫االجتهاد ‪Heuristics‬‬
‫تتحدد السمة الثنائية لبرامج الذكاء االص طناعي بنوعي ة المس ائل ال تي الع ادة ليس له ا‬
‫ح ل خ وارزمي مع روف ‪ ،‬ونع ني ب ذلك ع دم تتناوله ا ‪ .‬فهي في وج ود سلس لة من‬
‫الخطوات المحددة التي يؤدي اتباعها إلى ضمان الوصول إلى حل للمسألة ‪.‬‬
‫وطالما ال يوجد حل خوارزمي للمسائل التي يعالجها الذكاء االص طناعي فالب د إذن من‬
‫االلتج اء إلى االجته ادة ) ‪ ،‬أي إلى الط رق غ ير المنهجي ة وال تي ال ض مان لنجاحه ا ‪.‬‬
‫ويتمثل « االجتهاد » في اختيار إحدى طرق الحل التي تبدو مالئمة م ع إبق اء الفرص ة‬
‫في نفس الوقت للتغيير إلى طريقة أخرى في حالة عدم توصل الطريقة األولى إلى الحل‬
‫المنشود في وقت مناسب ‪ .‬ولهذا ال تعد البرامج ال تي تح ل المع ادالت التربيعي ة ض من‬
‫برامج ال ذكاء االص طناعي ألن له ا حال خوارزمي ا معروف ا ‪ ،‬وبالت الي ق د يص ل أح د‬
‫ب رامج التكام ل الرم زي ‪ symbolic integration‬إلى مص اف ب رامج ال ذكاء‬
‫االصطناعي االعتماده على طريقة حل أخرى كلما فشلت الطريقة السابقة لتبسيط عملية‬
‫التكام ل ‪ .‬وتش كل ب رامج لعب الش طرنج مج اال خص با لل ذكاء ألن ه ال توج د طريق ة‬
‫معروفة لتحديد أفضل نقلة ممكنة في مرحلة معينة من دور الشطرنج ‪ ،‬وذل ك لس ببين ‪:‬‬
‫أولهما أن عدد االحتماالت الممكنة كبير جدا لدرجة يستحيل معها إجراء بحث ‪search‬‬
‫کامل عليها ‪ ،‬والسبب اآلخر هو أننا ال نعرف سوى القليل عن المنطق الذي يب ني علي ه‬
‫الالعبون المهرة تحركات قطعهم إما ألنهم ليس وا م دركين ل ه بش كل واع ‪ ،‬أو ألنهم ال‬
‫يري دون اإلفص اح عن ه ‪ .‬وق د اعت اد بعض المس تهينين بال ذكاء االص طناعي – ومنهم‬
‫هرب رت دريفس االدع اء بع دم ا اس تطاعة أي برن امج للوص ول إلى مس توى الالعب‬
‫اإلنساني الجيد ‪ .‬وقد ثبت خط أ ه ذا االدع اء من ذ زمن ‪ .‬وتس تطيع اآلن ( ‪، ) 1985‬‬
‫برامج الشطرنج الممتازة هزيمة جميع الالعبين باستثناء مئات قليلة منهم ‪.‬‬
‫تمثيل المعرفة ‪Knowledge Representation‬‬
‫تختلف برامج الذكاء االصطناعي عن برامج اإلحصاء في أن بها « تمثيل للمعرفة » ‪.‬‬
‫فهي تعبر عن تطابق بين الع الم الخ ارجي والعملي ات االس تداللية الرمزي ة بالحاس ب ‪.‬‬
‫ويمكن فهم تمثيل المعرفة هذا بيسر ألنه عادة ال يس تخدم رم وزا رقمي ة ‪ .‬فق د يس تخدم‬
‫أحد برامج التشخيص العالجي القاعدة التالية في تشخيص حالة المريض باألنفلونزا ‪:‬‬
‫إذا كانت درجة حرارة المريض عالية ‪ ،‬ويش عر ب آالم عض لية وص داع ‪ ،‬ف إن هن اك‬
‫احتماال قويا بأنه يعاني من األنفلونزا » ‪ .‬ويكون التعبير عن مثل هذه القاعدة في برامج‬
‫الذكاء االصطناعي بوضوح وإيجاز وبلغة أقرب ما تك ون إلى لغتن ا الطبيعي ة الفع ل‬
‫وليس بلغ ة الحاس ب ال دنيا ‪ .‬والتعب ير عن ه ذه القاع دة في ال برامج التقليدي ة يتطلب‬
‫إض افة ج داول كث يرة ومتع ددة للتعب ير عن العالق ة بين األع راض المرض ية وتل ك‬
‫األمراض التي يحتمل أن تسببها ‪ .‬وحتى في هذه الحالة س يكون من الص عب ج دا على‬
‫البرنامج أن يفسر طريقة توصله إلى الحل كما تفعل برامج الذكاء االصطناعى‬
‫واألكثر من هذا أن برامج التشخيص الط بي تحت اج إلى التعام ل م ع معلوم ات معين ة‬
‫مث ل « أرج ل ض عيفة » أو « أرج ل متخش بة ‪ ،‬ك أعراض مرض ية مختلف ة ألرج ل‬
‫المريض ‪ ،‬كما البد أن يدرك البرنامج أن هذه األرجل مرتبطة باألجزاء األخرى لجس م‬
‫المريض ‪ .‬وال شك أن برامج الحاسب العادية الموجودة اليوم ال تحت وي ه ذا الن وع من‬
‫معرفة « الفطرة البديهية ) ‪ .‬ومن أهم ما يميز ط رق بن اء ب رامج ال ذكاء االص طناعي‬
‫الفصل التام بين قاعدة المعرفة ونظم المعالجة ‪ mechanism‬التي تستخدم هذه المعرفة‬
‫‪ .‬فمواد المعرفة واضحة ‪ ،‬ودالالتها ومعانيها مفهومة ‪ ،‬أما ما يكتب بلغة البرمجة الذي‬
‫يصعب فهمه لغير المتخصص فهو مجموعة نظم المعالجة التي تفسر مواد المعرفة هذه‬
‫وهي تح دد في أي حال ة وفي أي مرحل ة من مراح ل البرن امج يك ون أي من ق وانين‬
‫االستدالل فعاال ‪ .‬سنعود لهذه النقطة في الفصل الخاص باألنظمة الخبيرة ‪.‬‬
‫وتعد برامج التحليل اللغوي مثاال آخر على ذل ك الفص ل المنهجي بين قاع دة المعرف ة‬
‫والبرنامج ‪ ،‬ويكون هذا الفصل هنا بين القواعد اللغوية للغ ة م ا‪ -‬ال تي تح دد ص حة أي‬
‫حملة في هذه اللغة – وبين ذلك الج زء من البرن امج ال ذي يمكن أن يق رر – ب الرجوع‬
‫إلى القواع د اللغوي ة طبع ا – م ا إذا ك ان من الممكن تولي د أي جمل ة يتم إدخاله ا إلي ه‬
‫بواس طة ه ذه القواع د أم ال ‪ .‬وفي الس ابق لم تكن القواع د اللغوي ة منفص لة عن نظم‬
‫المعالجة مما كان يؤدي إلى صعوبة تطوير وتعديل ه ذه القواع د ألن ذل ك ك ان يتطلب‬
‫تغيير البرنامج بأكمله كلما أردنا إضافة قاعدة لغوية جديدة‬
‫البيانات غير الكاملة‬
‫تتمثل السمة الرابعة لبرامج الذكاء االصطناعي في قدرتها على التوصل الح ل المس ائل‬
‫حتى في حالة عدم توفر جميع البيانات الالزم ة وقت الحاج ة التخ اذ الق رار ‪ .‬ويح دث‬
‫ذل ك كث يرا في الطب حين ال تك ون نت ائج التحالي ل ج اهزة وحال ة الم ريض ال تس مح‬
‫باالنتظار وال يستطيع الطبيب في هذه الحالة انتظار نتائج التحالي ل ال تي سيس تفيد منه ا‬
‫بالتأكيد ويضطر إلى اتخاذ قرار سريع‬
‫ويترتب على نقص البيانات الالزمة كون النتيجة التي تم التوصل إليها غير مؤك دة ‪ ،‬أو‬
‫كونها أقل صوابا مع احتمال خطئها في بعض األحي ان ‪ .‬وكث يرا م ا نتخ ذ ق رارات في‬
‫حياتنا العملية مع غياب جميع البيانات الالزمة ‪ ،‬وبالتالي يظل احتمال خطأ القرار قائما‬
‫‪ .‬ويكون غياب بعض البيانات أحيانا نتيجة لطبيع ة المس ألة نفس ها ‪ .‬ومث ال ذل ك العب‬
‫البريدج الذي ال يعرف سوى األوراق التي في يديه وعليه أن يتوص ل إلى تق ديرات ق د‬
‫تخطئ وقد تصيب عن توزيع األوراق األخرى وال بديل له عن التخمين ‪.‬‬
‫البيانات المتضاربة ‪Conflicting Data‬‬
‫أما السمة الخامس ة ل برامج ال ذكاء االص طناعي د ق درتها على التعام ل م ع بيان ات ق د‬
‫يناقض بعضها بعض ا ‪ ،‬وه ذا م ا نس ميه البيان ات المتناقض ة ونع ني به ا ببس اطة تل ك‬
‫البيانات التي يشوبها بعض األخطاء ‪ .‬ويوضح ذلك المثال التالي حيث يرمز كل من أ ‪،‬‬
‫ب ‪ ،‬ج إلى حدث يمكن مالحظته ‪ ،‬بينما يدل الرقم أمام كل ق انون على م دى ص حته ‪.‬‬
‫وتتراوح األرقام من ‪ 10 +‬وتعني أن القانون ص حيح تمام ا ) ‪ ،‬إلى ‪ ( 10-‬وتع ني أن‬
‫القانون غير صحيح بالمرة ) ‪ .‬ويفترض في كلتا الحالتين أن أوب قد لوحظا بالفعل ‪.‬‬
‫– إذا كان صارج ( ‪) 5+‬‬
‫إذا كان ب صارج ( ‪2 ) 3-‬‬
‫‪ -‬إذا كان أصارج ( ‪) 10+‬‬
‫إذا كان ب صار ج ( ‪) 10-‬‬
‫نالحظ أن هناك تضاربا في ( ‪ ) 1‬أخرى ولكن ال يوج د تن اقض ‪ .‬فق وانين االس تدالل‬
‫واضحة ‪ :‬فقد يأتي حدث مثل ج بعد أ مثال ‪ ،‬بينما يكون من غيرالمحتمل حدوثه بعد ب‬
‫‪ .‬ويمثل القانونان في ( ‪ ) 1‬رؤيتان متعارضتان ويكون استنتاجنا أن ح دوثهما في وقت‬
‫واح د غ ير م ألوف ‪ .‬ولكن هن اك تناقض ا ص ريحا في ( ‪ ، ) 2‬وليس ل ه س وى أح د‬
‫تفسيرين ‪ ،‬إما أن أحد القانونين خاطئ تماما ‪ ،‬ربما ألنه لم يأخذ في االعتب ار ش رطا أو‬
‫ظرفية ما تحد مجال تطبيق القانون ‪ ،‬أما التفس ير الث اني وه و األهم أن هن اك خط أ في‬
‫المالحظة أي أن أحد الحدثين أ أو ب لم يقع ‪ .‬ونح ل ه ذا التن اقض عملي ا باإلبق اء على‬
‫القانون الذي ال يتناقض مع باقي مواد المعرفة بالبرنامج ‪.‬‬
‫القدرة على التعلم ‪The ability to learn‬‬
‫تمثل « القدرة على التعلم من األخطاء » أحد معايير السلوك المتسم بالذكاء وتؤدي إلى‬
‫تحسين األداء نتيجة االستفادة من األخطاء السابقة ‪ .‬ويجب أن يقال هنا أننا لو طبقنا هذا‬
‫المعيار بح ذافيره تمام ا لم ا وج دنا من البش ر س وى ع دد قلي ل ممن يمكن أن يعت بروا‬
‫أذكياء ‪ .‬وترتبط هذه الملكة بالقدرة على التعلم باستطاعة استشراف التماث ل في األش ياء‬
‫والقضايا والتوصل الجزئيات إلى العموميات واستبعاد المعلومات غير المناسبة ‪ .‬ويج د‬
‫الباحثون في علم الذكاء االصطناعي صعوبة في تحديد الحاالت التي يكون التعميم فيه ا‬
‫جائزا وإدراك األحوال التي ال يصح فيها التعميم ‪ .‬كما يجدون نفس القدر من الص عوبة‬
‫في تحديد السياق الذي يكون التماثل ‪ analogy‬في إطاره صحيحا ‪ .‬ووجد باحثو الذكاء‬
‫االصطناعي في قدرة اإلنسان على استبعاد المعلومات غير المناسبة مشكلة دقيقة للغاي ة‬
‫‪ ،‬ذلك أن من المميزات الهائلة للحاسب ‪ ،‬والتي جعلته مفيدا في أغراض عديدة هي أن ه‬
‫– بخالف العقل اإلنساني قادر على عدم نس يان األش ياء ‪ .‬واإلش كالية المطروح ة أم ام‬
‫الذكاء االصطناعي هي أن قدرة اإلنسان على النسيان هي بالتحدي د ال تي تعطي ه الق درة‬
‫الهائلة على التعلم ‪ .‬فاإلنسان قادر على نسيان أو تناسي التفاص يل الكث يرة غ ير الهام ة‬
‫للتركيز على ما هو أهم طبعا ۔ ويستطيع في نفس الوقت اس ترجاع ه ذه التفاص يل عن د‬
‫الحاجة ‪ .‬وتصبح مشكلة إعطاء الحاسب ق درة على التعلم مرك زة في جعل ه ق ادرا على‬
‫التمييز بين الحقائق الهامة التي يجب أن يتذكرها ‪ ،‬والحقائق غير الهامة « وال تي يمكن‬
‫أن ينساها » ‪ .‬إن ما يمكن أن يعتبر من وجهة نظر معينة نقطة ضعف في اإلنسان ه و‬
‫في الحقيقة مصدر قوة اإلنس ان الهائل ة على التعلم ‪ .‬إن الق درة على اس تخالص مغ زى‬
‫مجموعة من الحقائق بدال من تخزينها جميعا في ال ذاكرة لهي واح دة من عوام ل الق وة‬
‫العظيمة لإلنسان ‪ .‬إن الذكاء ال يعني أبدا القدرة على ممارسة لعبة « العشرين سؤال »‬
‫جيدا ألن ذلك من أسهل المهارات التي يمكن أن يكتسبها الحاسب ‪ ،‬وم ا نري د أن نقول ه‬
‫بإيجاز هنا هو أن الذكاء بالقطع ليس هو اختزان المعرفة ‪ .‬وه ذا يفس ر في رأي – قل ة‬
‫اهتمام علماء الذكاء االصطناعي ببرامج قواعد البيان ات ‪ . database‬وق د ب دأ علم اء‬
‫المعلومات يدركون قصور المناهج والطرق المستخدمة حالي ا في بن اء ومعالج ة قواع د‬
‫البيانات ويتجهون حاليا إلدخال القدرات االستداللية في ب رامجهم ‪ .‬وأتص ور أن ب احث‬
‫الذكاء االصطناعي ينحو نحوا مختلفا عندما يشرع في بناء قواع د البيان ات فه و يخ زن‬
‫البيانات بطريقة مختلف ة من البداي ة بحيث يب ني تص نيفه للبيان ات على أس س العالق ات‬
‫المنطقية والفكرية والتماثل ‪.‬‬
‫محاكاة السلوك اإلنساني بكل السبل‬
‫والنقطة األخيرة ال تي س أتناولها في ه ذا الفص ل التمهي دي تث ير كث يرا من الج دل بين‬
‫باحثي الذكاء االصطناعي وهي تتركز في السؤال التالي ‪ :‬ه ل يجب أن تح اكي ب رامج‬
‫الذكاء االصطناعي الطريقة التي يتبعها اإلنسان في حل المسائل ؟ أم أن الطريقة ال تهم‬
‫طالما يتوصل البرنامج في النهاية إلى حل بش كل أو ب آخر ؟ وأش عر أن إجاب ة اإلنس ان‬
‫على هذا السؤال تعتمد على موقفه من قضية أخرى نعبر عنها بالسؤال الت الي ‪ .‬م ا ه و‬
‫هدفنا األساس ي عن دما نش تغل بال ذكاء االص طناعي ‪ :‬ه ل ه و فهم ال ذكاء اإلنس اني أم‬
‫االستفادة من الحاسب في معالجة المعلومات ؟ ومن الواضح أن من يخت ار الش ق األول‬
‫من السؤال األول سيختار أيضا الش ق األول من الس ؤال الث اني ‪ .‬وس يتأثر ن وع البحث‬
‫الذي يقوم به عالم الذكاء االصطناعي بشكل ق وي بموقف ه من ه ذه القض ايا ‪ .‬وال يع ني‬
‫هذا أن محاكاة عملية ما شرط ض روري لفهمه ا ‪ ،‬ولكن ذل ك يزي د بالتأكي د من ق درتنا‬
‫على دراس ة تفاص يل آلياته ا ‪ .‬ويجب أال يفهم من توض يحنا لالختالف في النظ رة إلى‬
‫اله دف األساس ي بي د لل ذكاء االص طناعي أن ال برامج ال تي تكتب المحاك اة المنط ق‬
‫اإلنساني « غير مفيدة » وأن ال نفع لها ‪ .‬فالنفع وحده لم يكن ه دفا للبحث العلمي ‪ ،‬وال‬
‫يجب أن يحدد من اهج البحث ال تي تتب ع ‪ .‬والب د من التأك د أن ه ذه المن اهج قائم ة على‬
‫أسس علمية سليمة قبل طرح كفاءة األداء للمناقشة ‪.‬‬
‫وموقفنا في هذا الكت اب يتف ق م ع االختي ار األول في األس ئلة ال تي ط رحت في الفق رة‬
‫السابقة ‪ ،‬وهو السعي لفهم الذكاء اإلنساني مما يثير الس ؤال الت الي ‪ :‬كي ف لن ا أن نأم ل‬
‫في محاكاة السلوك اإلنساني مع أننا ال نفهم الطريقة التي يعمل بها ومع إدراكن ا أن ه ذا‬
‫السلوك يختلف ب اختالف البش رة أن ه يمكنن ا أن نع رف عن يقين بعض الط رق ال تي ال‬
‫يتبعها الناس في العديد من المواقف ‪ ،‬ويس اعدنا ه ذا على اس تبعاد بعض االحتم االت ‪.‬‬
‫فلننظر مثال إلى مسألة « فهم اللغة اإلنسانية » ‪ .‬من الواض ح أنن ا ال نحت اج إلى ق راءة‬
‫أو سماع عبارة ما عدة مرات لكي نفهم مضمونها ‪ .‬وبالتالي يمكن لن ا أن نحكم على أي‬
‫برن امج يعتم د على تك رار االطالع على النص اللغ وي بأن ه ال يع بر عن الواق ع‬
‫السيكولوجي للعملية اللغوية ‪ .‬ومن الواضح أيضا أننا ال نبدأ فهم جملة م ا ببن اء ش جرة‬
‫األع راب أوال ثم نش رع في التحلي ل ال داللي اله ا كي نص ل إلى معناه ا ‪ .‬وتش ير ك ل‬
‫الدالئل إلى أن عمليتي إعراب الجملة وتفسير داللتها مرتبط ان ومتالزمت ان ‪ ،‬وبالت الي‬
‫فإن برامج التحليل اللغوي التي الفترة األخيرة ‪ ،‬والتي اعتمدت على الفص ل بين ه اتين‬
‫العمليتين ال تع بر عن طرقن ا في فهم اللغ ة وأنه ا فص لت بين العملي تين ألن ذل ك ك ان‬
‫أسهل في البرمجة عن إدماج العمليتين كما يفعل اإلنسان ‪ .‬ومن ج انب آخ ر فإن ه يمكن‬
‫لالستبطان ‪ Introspection‬ونتائج التجارب التي يجريها علماء النفس على األفراد أن‬
‫تم دنا بمعلوم ات قيم ة عم ا يمكن للعق ل اإلنس اني أن يحتف ظ ب ه بس هولة ‪ ،‬وعن أي‬
‫استنتاجات يمكن أن يخرج بها العقل اإلنساني مما يقرأ أو يسمع ؟ وأي توقعات للق ارئ‬
‫أو السامع تؤكد ؟ وأيها يت بين خطؤه ا ؟ وقت تنب ني عالق ة وثيق ة بين نت ائج مث ل ه ذه‬
‫التجارب والبرامج التي تحاكي هذه العمليات االستداللية ‪.‬‬
‫وأخيرا فإن قدرة برامج الذكاء االصطناعي على تحس ين أدائه ا عن طري ق التعلم له و‬
‫مؤشر جيد على مدى مالءم ة نظم البرمج ة المس تخدمة المحاك اة العملي ات االس تداللية‬
‫لدى اإلنسان ‪ .‬كما أن فشل هذه البرامج في س ادت في التعلم يع ني ع دم تن اظر العملي ة‬
‫االستداللية بها للمنط ق اإلنس اني ‪ .‬فكم ا ه و متب ع في العل وم ‪ ،‬يس تمر التس ليم بص حة‬
‫النظرية طالما لم تدحضها التجربة العملية ‪ .‬ويمتد ت أثير ال ذكاء االص طناعي إلى كث ير‬
‫من العلوم وخصوص ا علم الحاس ب اآللي ألن ه الب د من كتاب ة ب رامج االختب ار ص حة‬
‫نظري ات ال ذكاء االص طناعي ‪ .‬ونظ را ألن ه ذه ال برامج الب د وأن تك ون تفاعلي ة‬
‫‪ interactive‬فقد ساهم ذلك في تطوير لغات برمجة تفاعلية ‪ .‬كما أن الحاجة إلى كتابة‬
‫برامج قابلة للتطور والتغير مع تطور وتغير األفك ار ك ان ل ه ت أثير كب ير على منهجي ة‬
‫البرمج ة بش كل ع ام ‪ .‬وق د س اعدت ال دروس المس تفادة من علم المنط ق على تط وير‬
‫ص ورته ‪ formalization‬العملي ات االس تداللية ‪ ،‬مم ا ش كل نقط ة بداي ة لتمثي ل ه ذه‬
‫العمليات ‪ ،‬كما أن عالقة علماء الذكاء االص طناعي بعلم اء اللغ ة ض رورية لفهم اللغ ة‬
‫اإلنسانية بالرغم من اختالفهم في كثير من القضايا ‪ ،‬كما أن لعلماء الذكاء االص طناعي‬
‫عالقات بعلماء النفس واألعصاب ووظائف األعضاء والفلسفة ‪ .‬وقد تناولت م ارجريت‬
‫بودين " ‪ ،‬التداخل بين الذكاء االصطناعي وباقي العلوم بالتفصيل وم ع التحلي ل ال دقيق‬
‫في كتابها التمهيدي عن الذكاء االصطناعي ‪.‬‬
‫الموضوعات التي يعالجها الكتاب‬
‫تكتسب ثالثة مجاالت رئيسية في علم الذكاء االصطناعي أهمية فائقة هذه األيام وهي ‪:‬‬
‫تفس ير المرئي ات ‪ interpreting images ,‬فهم اللغ ة اإلنس انية واألنظم ة الخب يرة ‪،‬‬
‫وطرق التعلم ‪ ،‬يحت اج الموض وع األول ( تفس ير المرئي ات ) ‪ ،‬إلى أن يف رد ل ه كت اب‬
‫بذاته ألن له طرقه ومنهجيته الخاصة ‪ ،‬ويقع ه ذا خ ارج نط اق اختص اص مؤل ف ه ذا‬
‫الكتاب ‪ ،‬ونرجع الق راء المهتمين به ذا الموض وع إلى ب رادي أو ب رات ‪ .‬يتن اول الثلث‬
‫األول من هذا الكتاب قضية فهم اللغة اإلنسانية ‪ ،‬بينما يدور الثلث الث اني ح ول الحاج ة‬
‫للقيام بالعمليات االستنتاجية لفهم م واد المعرف ة وبالت الي تت وفر ل دينا الوس ائل الالزم ة‬
‫لتمثيل المعرفة ‪ ،‬أما الجزء الث الث فيختص باألنظم ة الخب يرة وه و موض وع غ ني في‬
‫تطبيقاته ويؤدي إلى ثورة في تقنية المعلومات ‪ .‬وسنعرض أيضا ألثر أنظمة الخبرة في‬
‫التعليم بمساعدة الحاسب‬

You might also like