Professional Documents
Culture Documents
يف ظل الظروف الراهنة اليت يشهدها مطلع األلفية الثالثة أصبحت اجلودة أكثر القضايا إحلاحا أمام كل مؤسسة صناعية كانت أو خدمية كي
تنجح يف إنتاج سلع أو تقدمي خدمات تليب حاجات الناس وتوقعاهتم ،بأسعار مناسبة وقادرة على املنافسة ،مما حيتم علينا إنتاج سلع وخدمات
مبواصفات قياسية عالية نستطيع من خالهلا املنافسة مع دول العامل .اذن ماهي اجلودة؟ وكيف تطورت عرب التاريخ؟
-مفهوم الجودة:
-عرفها فيلب كروسيب ( " : ) CROSBY Philipاملطابقة مع املواصفات ".
-عرفها أرماند فيجنباوم (" : )Armand FEIGENBAUMالناتج الكلي للمنتج جراء دمج خصائص نشاطات التسويق واهلندسة و
الصيانة واليت
-يتم تعريف اجلودة مبصطلح “النوعية” ،حيث أن مفهوم اجلودة ينحصر يف مقياس التمييز ملنتج ما أو خدمة معينة ،حبيث تكون خالية متاماً من
النواقص والعيوب ،مبا يتفق مع حتقيق املعايري الالزمة للجودة خالل عملية اإلنتاج ،واهلدف من اجلودة هو إرضاء العمالء واملستهلكني.
مرحلة إدارة الجودة الشاملة (منذ نهاية الثمانينات من القرن املاضي) :متيزت هذه املرحلة بتطبيق مفهوم إدارة اجلودة الشاملة واليت .7
تقتضي تطبيق اجلودة يف مجيع أجزاء وأنشطة املؤسسة منذ حتديد حاجات الزبون إىل حتديد مدى رضاه على ما قدم إليه من منتجات،
واهلدف من ذلك هو أداء كل شيء يف الوقت احملدد وبالشكل الصحيح منذ البداية لتجنب األخطاء وعدم املطابقة .وركزت هذه املرحلة
على املبادئ التالية :التوجه بالزبون (تفهم احلاجات احلالية واملستقبلية للزبون والعمل على تلبيتها لتحقيق رضاه) ،دور القيادة (خلق مناخ
يشجع على االلتزام واخنرط العاملني بتحقيق أهداف املؤسسة) ،اإلدارة باحلقائق (اختاذ القرارات على البيانات واحلقائق) ،التحسني املستمر
(جعله هدفا مستمرا للمنظمة) ،اإلشراك الفعال للعاملني أو تضافر األفراد على كل مستويات لوضع كفاءات يف خدمة املؤسسة على حتقيق
أهدافها.
1
وبناء على ما سبق ،فقد تطور مفهوم اجلودة من مفهوم جودة املنتج النهائي إىل جودة املؤسسة ككل ،وانتقلت فلسفة اجلودة من الرقابة على
.اجلودة إىل إدارة اجلودة
:مداخل الجودة -
لقـد الحظنـا يف التعريف السـابقة ،عـدم وجـود تعريـف موحـد وشـامل للجـودة بـني العلمـاء واهليئـات املعنية باجلودة ،فكل واحد منهم تعرب وجهة
.نظره عن مدخل فكري لتحديد وتعريف ودراسة اجلودة
ويف هذا اإلطار يعترب كارفن أول مـن قـام بتصـنيف التعـاريف املتعـددة جلـودة إىل مـداخل فكريـة رئيسـة مخسة ،هي
.1مـدخل المثاليـة :ينظـر هـذا املـدخل للجـودة علـى أهنا مفهـوم يعـرب عـن أعلـى مسـتويات التفـوق والكمال؛
.2مدخل المنتوج :ينظر هـذا املـدخل للجـودة علـى أهنا تعـرب عـن مـدى احتـواء املنتوج علـى خاصية أو خـواص معينـة مكونـة لـه .وهـو مـدخل
موضـوعي ألنـه ال يتعلـق حبكـم شخصـي يصـدره الزبـون وإمنا يتعلق مبدى وجود خصائص معينة يف املنتج؛
.3مـدخل المسـتخدم (الزبـون) :اجلـودة حسـب هـذا املـدخل هـي مـا يريـده الزبـون مـن املنتـوج وينـال رضاه ،وهذا األمـر الـذي جيعـل تقـدير اجلـودة
يعتـرب حكمـا شخصـيا ،وهـذا احلكـم خيتلـف مـن شـخص آلخر؛
.4مـدخل التصـنيع :ينظـر هـذا املـدخل إىل اجلـودة نظـرة هندسـية تصـنيعية ،ويعرفهـا باهنا التطـابق مـع املواصفات املوضوعة ،ويؤكد هذا املدخل على
تقليل حجم املعيب؛
.5مـدخل القيمـة :ينظـر هـذا املـدخل إىل اجلـودة مـن خـالل كـل مـن العائـد والتكلفـة .وعليـه فـاملنتوج اجليـد هـو الـذي يـوفر أداء جيـد وبسـعر معقـول،
أو هـو املنتـوج الـذي تتحقـق فيـه املواصـفات املطلوبـة وبسعر معقول.
أهميـة الجـودة :للجـودة أمهيـة كبـري سـواء بالنسـبة للمؤسسـات أو الزبـائن -
ثانيا ً :نظام الجودة الذي يتمثل في تجنب الوقوع في أي أخطاء أو احداث أي إضرار •
مجلة أبحاث ودراسات التنمية ،المجلد () /09العدد ()، 1جوان ، 2022ص.ص222-262:
لقي مفهوم إدارة الجودة الشاملة اهتمام الباحثين وتباينت و تعددت أراءهم تبعا اهتماماتهم Iو تخصصاتهم ونظرتهم
للمدخل الحديث ،فإدارة الجودة الشاملة تعبر عن توجه عالمي يسيطر على فكر وتصرفات اإلداريين.
استخدم هذا المفهوم» إدارة الجودة الشاملة «في البداية لوصف أسلوب تحسين الجودة الذي تستخدمه المنظمات اليابانية،
والمعروف Iبحلقات الجودة )،ولكنه تطور كثيرا ليشتمل على جوانب و أبعاد و أساليب متنوعة و عديدة في تطبيق و
تنفيذ إدارة الجودة الشاملة) ،إن أهم ما تركز عليه إدارة الجودة الشاملة هو النظرة الشمولية لجميع عمليات و أنشطة
المنظمة و إجراءات العمل فيها ،و التحسين المتواصل في جميع العمليات و األنشطة ،و الحرص على عدم وجود أي
نقص في الجودة
ترجع نشأة إدارة الجودة الشاملة عبر مراحا الفكر التنظيمي Iاإلداري Iوالتي استندت للعديد من المتغيرات التي أفرزتهاI
البنية التنظيمية ،ويرجع الفضل في نشأة إدارة الجودة الشاملة في اليابان إلى إدوارد ديمينغ الذي أدرك أن الموظفين هم
وحدهم الذين يتحكمون بعملية اإلنتاج ،وازداد تأثير الجودة في الخمسينيات والستينيات عندما تبنت معظم المنظمات
اليابانية بسرعة كبيرة مبادئ Iديمينغ لرقابة الجودة ،حيث أقاموا المسابقات ورصدوا Iالجوائز للجودة المحسنة ،وزاد
ارتباط الموظفين بالعمل وتحسنت جودة البضائع المنتجة بشكل جيد ،وخالل عشرين عاما تغيرت سمعة المنتجات
اليابانية وأصبحت الصناعة اليابانية رمزا للجودة الدائمة )
ومرت أساليب الجودة بمراحل متعددة منذ بداية هذا القرن نتيجة لتطور عمليات اإلنتاج وتعقدها ،لذلك يمكن تصنيف
التطور الذي مرت به إدارة الجودة الشاملة تاريخيا Iبالمراحل التالية:
) -مرحلة التفتيش) :وهي مرحلة استخدام Iاألساليب اإلحصائية والتحليلية في الواليات المتحدة األمريكية ،وكان لكل من
ديمينغ وجوران الدور الرئيسي في هذا المضمار؛
-مرحلة مراقبة الجودة :وفي Iهذه الفترة كانت المنافسة بين المنظمات اإلنتاجية والخدمية محدودة ،وقد كانت كل من
اإلنتاجية والجودة مهملة إلى حد ما ،وفي Iتلك الفترة ذهب ديمينغ إلى اليابان إللقاء قامة الدورات التدريبية هناك ،وتبنت
المنظمات اليابانية أفكاره ،وقد Iتم وضع طاقم متخصص المحاضرات ،والجودة آنذاك؛
-مرحلة توكيد Iالجودة :وفي هذه الفترة تم التوجه إلقامة أقسام Iالجودة ،ولقد ظهرت معايير للجودة مثلISO9000؛
-مرحلة إدارة الجودة الشاملة :وفي هذه الفترة برز اهتمام بأهمية الجودة ،وظهر Iتنافس حاد بين المنظمات االقتصادية
المختلفة.
مبادئ إدارة الجودة الشاملة
تتمثل إدارة الجودة الشاملة في مجموعة من المبادئ اإلدارية التي تركز على تحسين الجودة ،وإذا ما طبقت المنظمة هذه
المبادئ بفاعلية فإنها ستنجح حتما في تحقيق مستوى Iمتميز من الجودة ،ويمكن توضيح هذه المبادئ Iفي النقاط التالية
-التفهم الكامل وااللتزام Iالفعلي وضمان روح المشاركة من قبل اإلدارة العليا يجعل الجودة في المقام األول من اولوياتها
إجراءات وسياسات العمل المالئمة ،وتطوير أنظمة الحوافز Iالتي أولوياتها ،والتأكيد على إيجاد البني التنظيمية و تشجع
جهود تحسين الجودة؛
-التأكيد على أن عملية تحسين الجودة مستمرة في المنظمة ،والعمل دوما Iمن أجل تطوير Iالعمليات التي يتم من خاالها
إنجاز األعمال ،عن طريق Iتصميم عمليات اإلنتاج السلعي أو الخدمي التي تتفق مع مواصفات الجودة واستخدام Iأفضل
الممارسات واألساليب اإلدارية وتطبيق التقنيات واألساليب Iالفنية بفعالية في جميع مراحل تقديم الخدمات أو المنتجات؛
-تفعيل التنسيق Iبين اإلدارات واألقسام Iالمختلفة في المنظمة مع التأكيد على اإلنجاز من خالل فرق العمل وتنمية العمل
التعاوني؛ -مشاركة جميع الجهات المعنية في جهود تحسين الجودة والتعاون مع المنظمة في تطبيق Iبرامج إدارة الجودة
الشاملة؛
إن أهمية إدارة الجودة الشاملة تتجسد Iفي أنها منهج شامل للتغيير أبعد من كونه نظام يتبع أو أساليب مدونة بشكل
قرارات وإجراءات ،وان االلتزام به من قبل المنظمة يعني قابليتها على تغيير سلوكيات أفرادها Iتجاه مفهوم الجودة.
ولتحقيق الزيادة في إدارة الجودة الشاملة يعتمد التنظيم Iعلى العناصر Iالتالية:
-توفير Iجو مالئم للعمل والتأكيد Iعلى أهمية العمل الجماعي بين أفراد المؤسسة؛
سنحاول من خالل هذا المحور تسليط الضوء على بعض المفاهيم والخصائص والمبادئ Iالعامة إلدارة الجودة الشاملة من
المنهج اإلسالمي بتأصيلها من المصادر اإلسالمية.
أكدت الحضارة اإلسالمية على مفهوم الجودة بأسمى معانيه في العديد من اآلليات الكريمة واألحاديث النبوية الشريفة،
حيث ورد مفهوم الجودة بصيغ عديدة ومعاني مختلفة ،كما دلت الكثير من المشاهدات العملية في الحضارة اإلسالمية
على أنها طبقت العديد من المبادئ األساسية ذات العالقة بإدارة الجودة الشاملة ،كما كان اهتمام اإلسالم بالجودة من خالل
ترسيخ العديد من المبادئ والمعاني التي تشير إلى الجودة أو ذات العالقة الوثيقة بها
لقد تباينت آراء الباحثين في تحديد المبادئ التي تستند عليها الجودة إال أن هناك مبادئ اتفق عليها والتي تبرز من خاال
اآليات القرآنية واألحاديث النبوية الشريفة وتتخلص المبادئ في:
-مبدأ الشورى :وقد دعا اإلسالم إلى االلتزام بمبدأ الشورى Iمن خالل التشاور Iمع األفراد في اتخاذ القرارات وحل
المشكالت ،ويظهر Iهذا من خالل قوله تعالى» وشاورهم Iفي األمر «سورة آل عمران اآلية ،159فالمشورة هنا تؤدي
إلى أفضل اآلراء وأجودها ،وهذا المبدأ يتفق مع المشاركة في اتخاذ القرار وحل المشكالت في إدارة الجودة الشاملة
-مبدأ التعاون :فقد أكد اإلسالم على ضرورة التعاون في سبيل الخير ويظهر Iهذا من خالل قوله تعالى» وتعاونوا Iعلى
البر و التقوى وال تعاونوا Iعلى اإلثم و العدوان « سورة المائدة اآلية ، 02فالعمل الجماعي بروح الفريق هو من
المتطلبات األساسية إلدارة الجودة الشاملة كما أوضحنا Iذلك سابقا
-مبدأ إتقان العمل واإلخالص فيه :فقد حث اإلسالم على إتقان العمل وضرورة تحقيق الجودة من العيوب والسعي
للتحسين الدائم ،وضرورة أن يحب العامل عمله ويخلص فيه كامل اإلخالص
يظهر جليا أن مبادئ الجودة الشامل ال تتعارض مع المنهج اإلسالمي من حيث المبدأ ،إال أن المنهج اإلسالمي يمتاز عن
الجودة الشاملة بجملة من الخصائص أهمها
-ربانية المصدر ،حيث أن المصدر Iاألساسي ألي نظام في اإلسالم هو الوحي بفرعيه الكتاب الكريم والسنة المطهرة؛
-إدارة الجودة في اإلسالم تتكامل مع النظام العام للمجتمع ،ألنه يعمل وفق نفس المنهج الذي تسير عليه المنظمة ،في
حين ال يتوفر ذلك غالبا في إدارة الجودة الشاملة؛
-إن تعاون مختلف األطراف Iداخليا و خارجيا يتم بفعالية أكبر في ظل المنهج اإلسالمي ،ألن التعاون على الخير أمر
واجب على المسلمين داخل المنظمة و خارجها؛
: خاتمة
من خالل متابعة تطور مفهوم إدارة الجودة الشاملة نجد انها لم تعد تقتصر
على أساس جودة المنتج أو الخدمة المقدمة إنما توسع مفهومها ليشمل كل
العمليات واألنشطة داخل المنظمة ،وهذا ما يساهم بتحقيق مستوى عالي من
الجودة ألداء المنظمة ككل ،ويعد تطبيق إدارة الجودة الشاملة في مختلف
المنظمات ضرورة حتمية وهذا لتحقيق التميز والتفوق ،ويتطلب التطبيق
مجموعة من المتطلبات والتي يتفاوت عددها من مفكر آلخر ،اذ ان هذه
العناصر من شأنها ان تشير الى الحقائق األساسية التي ينبغي ان يرتكن
اليها عند الشروع باستخدام هذه الفلسفة تطبيقا في مختلف المنظمات.