You are on page 1of 8

‫‪ -‬مقدمة‬

‫يف ظل الظروف الراهنة اليت يشهدها مطلع األلفية الثالثة أصبحت اجلودة أكثر القضايا إحلاحا أمام كل مؤسسة صناعية كانت أو خدمية كي‬
‫تنجح يف إنتاج سلع أو تقدمي خدمات تليب حاجات الناس وتوقعاهتم‪ ،‬بأسعار مناسبة وقادرة على املنافسة‪ ،‬مما حيتم علينا إنتاج سلع وخدمات‬
‫مبواصفات قياسية عالية نستطيع من خالهلا املنافسة مع دول العامل‪ .‬اذن ماهي اجلودة؟ وكيف تطورت عرب التاريخ؟‬
‫‪ -‬مفهوم الجودة‪:‬‬
‫‪ -‬عرفها فيلب كروسيب (‪ " : ) CROSBY Philip‬املطابقة مع املواصفات "‪.‬‬

‫‪ -‬عرفها جوزيف جوران‪" : ) JOSEPH JURAN‬مدى مالءمة املنتج "‪.‬‬

‫‪ -‬عرفها أرماند فيجنباوم (‪" : )Armand FEIGENBAUM‬الناتج الكلي للمنتج جراء دمج خصائص نشاطات التسويق واهلندسة و‬
‫الصيانة واليت‬

‫متكن من تلبية حاجات ورغبات الزبون "‪.‬‬

‫‪ -‬يتم تعريف اجلودة مبصطلح “النوعية”‪ ،‬حيث أن مفهوم اجلودة ينحصر يف مقياس التمييز ملنتج ما أو خدمة معينة‪ ،‬حبيث تكون خالية متاماً من‬

‫النواقص والعيوب‪ ،‬مبا يتفق مع حتقيق املعايري الالزمة للجودة خالل عملية اإلنتاج‪ ،‬واهلدف من اجلودة هو إرضاء العمالء واملستهلكني‪.‬‬

‫‪:‬التطور التاريخي للجودة ‪-‬‬


‫إن االهتمـام مبوضـوع اجلـودة لـه جـذوره التارخييـة الضـاربة يف القـدم قـدم وجـود اإلنسـان علـى وجـه املعمورة‪ ،‬إذ تشري بعض األحباث إىل أ ّن أقـدم‬
‫اهتمـام بـاجلودة يرجـع إىل القـرن الثـامن عشـر قبـل املـيالد فقد سطرت أوىل القوانني اليت أولت اجلودة واإلتقان يف العمـل أمهيـة خاصـة‪ ،‬فمـثال لـو‬
‫‪.‬أخطـأ طبيـب فإنـه يعاقـب مبثـل اخلطـأ الـذي ارتكبـه هبـدف التقليـل مـن األخطاء والرفع من كفاءة األداء‬
‫وتشري نفس األحباث إىل أنه يف القرن اخلامس عشر قبل امليالد أكد الفراعنـة علـى وجـود اجلـودة يف بنـاء املعابـد‪ ،‬ويف تشـييد األهرامـات الـيت مـا‬
‫‪.‬تـزال شـاهدة علـى ذلـك إىل اليوم‬
‫ويف عهد اإلسالم‪ ،‬جند هناك تركيز كبري على العمل باجلودة عن طريق مبادئ عديدة‪ ،‬منها‪" :‬إنا ﷲ حيب إذا عمل أحدكم عمال أن يتقنه"‬
‫‪".‬وكذلك‪" :‬فمن غشنا فلـيس منـا‬
‫ومـع قيـام الثـورة الصـناعية (العصر احلديث) وما نتج عنها من ضخامة يف اإلنتاج‪ ،‬بدأ االهتمام بتطبيق أسـاليب التفتـيش ووضـع املواصـفات‬
‫‪:‬لتحقيـق اجلـودة يف املنتجـات‪ .‬وميكـن تصـنيف املراحـل التطوريـة ملمارسـة اجلـودة يف العصـر احلـديث إىل املراحـل التاليـة‬
‫السيطرة على الجودة من قبل العامل (قدميا وحىت مطلع القرن العشرين)‪ :‬ظهر هذا النمط من الرقابة عندما كان اإلنتاج يتميز بالبساطة‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫وكان العامل (احلريف) يقوم بكل مراحل العملية اإلنتاجية‪ ،‬حيث كان باستطاعته مراقبة جودة املنتج من بداية العملية اإلنتاجية وحىت ‪‬‬
‫ايتها؛‬
‫السيطرة على الجودة من قبل رئيس العمال (خالل العقدين األول والثاين من القرن العشرين)‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫نتيجة لتطبيق مفهوم املصنع املتضمن لوحدات إنتاجية كبرية‪ ،‬أصبح من الصعب ضبط اجلودة ومراقبتها من طرف العامل املنفذ‪ ،‬األمر الذي أدى‬
‫ذه املهمة؛ ‪‬إىل ضرورة تكليف رئيس كل جمموعة عمل‬
‫السيطرة على الجودة بالفحص والتفتيش (خالل العقدين الثالث والرابع من القرن العشرين)‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫لقد أدى تنوع أساليب اإلنتاج واتساع حجم الوحدات اإلنتاجية ووجود أعداد هائلة من العمال حتت مسؤولية مشرف واحد إىل ظهور وظيفة‬
‫‪.‬التفتيش قصد عزل املنتج غري اجليد‬
‫الس يطرة اإلحص ائية على الجودة (خالل العق دين اخلامس والس ادس من الق رن العش رين)‪ :‬م ع استمرار عملي ات اإلنت اج الض خمة ونتيج ة‬ ‫‪.4‬‬
‫لصعوبة تطبيق أسلوب التفتيش مائة باملائة‪ ،‬ظهر نظام رقايب عرف بنظام ضمان اجلودة اإلحصائي الذي يرى ضرورة االنتقال من دراسة‬
‫مكن هذا املنهج‬
‫التالف إىل استخدام األساليب اإلحصائية لدراسة العملية اإلنتاجية نفسها لتقليص التالف‪ ،‬نذكر منها العينة اإلحصائية ‪،‬وقد ّ‬
‫من حتقي ق وف ورات مهم ة باالس تغناء عن الفحص الش امل للمنتج ات‪ ،‬غ ري أن ه أظه ر العدي د من القص ور‪ ،‬ن ذكر منه ا‪ :‬اس تمرارية ظه ور‬
‫منتجات معيبة يف األسواق‪ ،‬وهذا م ا أدى إىل التوجه حنو الوقاية من األخطاء بدل تصحيحها‪ ،‬وعلى ضرورة أن تبىن اجلودة يف مرحلة‬
‫التصميم‪.‬‬
‫مرحلة السيطرة الشاملة على الجودة (منذ مطلع العقد السابع من القرن العشرين)‪ :‬ومتّ يف هذه املرحلة توسيع نشاط ضبط اجلودة ليشمل‬ ‫‪.5‬‬
‫مجيع مراحل اإلنتاج بدء من املدخالت ومرورا بالعمليات اإلنتاجية وانتهاء باملنتج اجلاهز‪ .‬وقد استخدم "مصطلح السيطرة الشاملة للجودة"‬
‫ألول مرة من طرففيجنباوم الذي أكد على حقيقة أن السيطرة على اجلودة تقع على عاتق كل وظائف املؤسسة وأ ّن كل العمال يتحملون‬
‫مسؤولية حتسني اجلودة‪ ،‬والعمل على املنع وليس التصحيح؛‬
‫مرحلة ضمان الجودة (منذ مطلع الستينات حىت أواخر الثمانينات من القرن املاضي)‪ :‬شهدت هذه الفرتة تطورا ملفهوم ضمان اجلودة‪ ،‬كما‬ ‫‪.6‬‬
‫‪1‬‬
‫شهدت ممارسات كثرية له‪ ،‬فقد سامهت املنظمات الدولية يف وضع نظم لضمان اجلودة ومنها بوجه خاص المنظمة الدولية للمعايير‬
‫بعرضها جمموعات من املعايري اليت تركز على حتقيق ضمان اجلودة وتكريسه‪ ،‬ففي عام ‪ ،1986‬متّ إصدار أوىل املواصفات الدولية للجودة‬
‫‪ ISO 8402‬واخلاصة بتعريف املصطلحات املرتبطة باجلودة‪ ،‬وقد متّ تطويرها سنة ‪ 1987‬بإصدار سلسلة املواصفات ‪ISO 9000:‬‬
‫‪1987‬وا ليت حتدد اخلصائص املطلوبة يف املنتج وتعطيه القابلية لالستعمال‪ ،‬كما حتدد العناصر الرئيسية املطلوب توافرها يف نظام إدارة اجلودة‬
‫باملؤسسة لضمان توافق منتجا‪‬ا مع احتياجات الزبون‪ ،‬وتلتها بعد ذلك عدة تعديالت على فرتات خمتلفة؛ ويف عام ‪ ،1994‬توفرت ثالثة‬
‫أنظمة ملعايري ضمان اجلودة هي‪ :‬املواصفة ‪ISO9001‬واملتعلقة بنظام اجلودة يف املؤسسات اإلنتاجية واخلدمية اليت يقتصر نشاطها على‬
‫القيام بالتصميم‪ ،‬اإلنتاج وخدمات ما بعد البيع املواصفة‪ISO 9002‬واليت‪ ‬مت باملؤسسات اليت تعمل يف جمال اإلنتاج والرتكيب دون‬
‫القيام بالتصميم وخدمات ما بعد البيع املواصفة‪ISO 9003‬واخلاصة بنظام اجلودة يف جمال الفحص النهائي للسلع واختبار جود‪‬أويف‬
‫حل حمل األنظمة الثالثة مسي ـ‪ISO9001‬واملتعلق باملتطلبات اخلاصة بنظام‬
‫سنة ‪ ،2000‬أصدرت منظمة ال ـ(‪ )ISO‬إصدارا جديدا ّ‬
‫إدارة اجلودة‪ ،‬وقد أتاح هذا النظام ألكثر عدد من املنظمات وعلى اختالف أنواعها وأحجامها الفرصة للحصول على شهادة ضمان الجودة‬
‫إضفاء تعديالت خاصة باملواصفة ‪:0002‬‬ ‫من خالل تلبية املتطلبات املنصوص عليها والعمل على حتقيق املعايري اليت تطرحها‪ .‬ويف سنة ‪ ،2008‬متّ‬
‫‪ ISO 9001‬لتحل حملها‪ ،ISO 9001 :2008‬غري أ‪‬ا مل تصدر متطلبات جديدة بل أعطت توضيحا للمتطلبات اليت نصت‬
‫عليها مواصفة‪ ISO 9001 :2000‬؛‬

‫مرحلة إدارة الجودة الشاملة (منذ نهاية الثمانينات من القرن املاضي)‪ :‬متيزت هذه املرحلة بتطبيق مفهوم إدارة اجلودة الشاملة واليت‬ ‫‪.7‬‬
‫تقتضي تطبيق اجلودة يف مجيع أجزاء وأنشطة املؤسسة منذ حتديد حاجات الزبون إىل حتديد مدى رضاه على ما قدم إليه من منتجات‪،‬‬
‫واهلدف من ذلك هو أداء كل شيء يف الوقت احملدد وبالشكل الصحيح منذ البداية لتجنب األخطاء وعدم املطابقة‪ .‬وركزت هذه املرحلة‬
‫على املبادئ التالية‪ :‬التوجه بالزبون (تفهم احلاجات احلالية واملستقبلية للزبون والعمل على تلبيتها لتحقيق رضاه)‪ ،‬دور القيادة (خلق مناخ‬
‫يشجع على االلتزام واخنرط العاملني بتحقيق أهداف املؤسسة)‪ ،‬اإلدارة باحلقائق (اختاذ القرارات على البيانات واحلقائق)‪ ،‬التحسني املستمر‬
‫(جعله هدفا مستمرا للمنظمة)‪ ،‬اإلشراك الفعال للعاملني أو تضافر األفراد على كل مستويات لوضع كفاءات يف خدمة املؤسسة على حتقيق‬
‫أهدافها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وبناء على ما سبق‪ ،‬فقد تطور مفهوم اجلودة من مفهوم جودة املنتج النهائي إىل جودة املؤسسة ككل‪ ،‬وانتقلت فلسفة اجلودة من الرقابة على‬
‫‪.‬اجلودة إىل إدارة اجلودة‬
‫‪:‬مداخل الجودة ‪-‬‬
‫لقـد الحظنـا يف التعريف السـابقة‪ ،‬عـدم وجـود تعريـف موحـد وشـامل للجـودة بـني العلمـاء واهليئـات املعنية باجلودة‪ ،‬فكل واحد منهم تعرب وجهة‬
‫‪.‬نظره عن مدخل فكري لتحديد وتعريف ودراسة اجلودة‬
‫ويف هذا اإلطار يعترب كارفن أول مـن قـام بتصـنيف التعـاريف املتعـددة جلـودة إىل مـداخل فكريـة رئيسـة مخسة‪ ،‬هي‬
‫‪.1‬مـدخل المثاليـة‪ :‬ينظـر هـذا املـدخل للجـودة علـى أهنا مفهـوم يعـرب عـن أعلـى مسـتويات التفـوق والكمال؛‬
‫‪.2‬مدخل المنتوج‪ :‬ينظر هـذا املـدخل للجـودة علـى أهنا تعـرب عـن مـدى احتـواء املنتوج علـى خاصية أو خـواص معينـة مكونـة لـه‪ .‬وهـو مـدخل‬
‫موضـوعي ألنـه ال يتعلـق حبكـم شخصـي يصـدره الزبـون وإمنا يتعلق مبدى وجود خصائص معينة يف املنتج؛‬
‫‪.3‬مـدخل المسـتخدم (الزبـون)‪ :‬اجلـودة حسـب هـذا املـدخل هـي مـا يريـده الزبـون مـن املنتـوج وينـال رضاه‪ ،‬وهذا األمـر الـذي جيعـل تقـدير اجلـودة‬
‫يعتـرب حكمـا شخصـيا‪ ،‬وهـذا احلكـم خيتلـف مـن شـخص آلخر؛‬
‫‪.4‬مـدخل التصـنيع‪ :‬ينظـر هـذا املـدخل إىل اجلـودة نظـرة هندسـية تصـنيعية‪ ،‬ويعرفهـا باهنا التطـابق مـع املواصفات املوضوعة‪ ،‬ويؤكد هذا املدخل على‬
‫تقليل حجم املعيب؛‬
‫‪.5‬مـدخل القيمـة‪ :‬ينظـر هـذا املـدخل إىل اجلـودة مـن خـالل كـل مـن العائـد والتكلفـة‪ .‬وعليـه فـاملنتوج اجليـد هـو الـذي يـوفر أداء جيـد وبسـعر معقـول‪،‬‬
‫أو هـو املنتـوج الـذي تتحقـق فيـه املواصـفات املطلوبـة وبسعر معقول‪.‬‬

‫أهميـة الجـودة‪ :‬للجـودة أمهيـة كبـري سـواء بالنسـبة للمؤسسـات أو الزبـائن ‪-‬‬

‫‪:‬أهمية الجودة بالنسبة للزبون ‪.‬‬


‫•‬
‫إشباع حاجات ورغبات الزبون واالستجابة لتوقعا‪‬م؛‬
‫•‬
‫حتقيق رضى الزبون وزيادة درجة هذا الرضى‪.‬‬
‫‪:‬أهمية الجودة بالنسبة للمؤسسة‪ :‬تظهر من خالل ‪.‬‬
‫•‬
‫حتقيق والء العميل؛‬
‫•‬
‫إعطاء ميزة تنافسية للمنتج؛‬
‫•‬
‫يرتتـب علـى غيـاب اجلـودة (ظهـور منتجـات معيبـة) حتمـل املؤسسـة لتكـاليف باهظـة داخـل املؤسس ة (خس ارة قيم ة مس تلزمات اإلنت اج‬
‫املس تخدمة والتك اليف املرتبط ة باإلص الح والتك اليف املرتبط ة بوقـف اإلنتـاج ملعرفـة نـوع العيـب وأسـبابه‪ )...‬وخارجهـا أيضـا (تكـاليف‬
‫الصـيانة‪ ،‬مطالبـة العميـل بالتعويض املادي‪ ،‬التكاليف املرتبطة باإلساءة إىل مسعة املؤسسة وفقدا‪‬ا لزبائنها)‪.‬‬
‫دعائم الجودة‪:‬‬
‫اوالً‪ :‬تعريف الجودة التي تتمثل في مطابقة كافة المتطلبات‬ ‫•‬

‫ثانيا ً‪ :‬نظام الجودة الذي يتمثل في تجنب الوقوع في أي أخطاء أو احداث أي إضرار‬ ‫•‬

‫ثالثا ً‪ :‬معيار األداء‪ ،‬وهو ما يطلق عليه “صفر العيوب”‬ ‫•‬

‫رابعا ً‪ :‬قياس الجودة هو تكلفة عدم المطابقة‬ ‫•‬


‫ابعاد الجودة بالنسبة للمنتج‪:‬‬
‫أداء المنتج‪ :‬مدى قدرة المنتج على القيام بالوظائف المطلوبة منه‬
‫الوثوقية ‪ :‬اقصى مدة يمكن للمنتج أن يكون صالح لالستخدام‬
‫متانة المنتج‪ :‬أقصى مدة يمكن للمنتج أن يستمر عمله بكفاءة عالية‬
‫قابلية المنتج لالستخدام‪ :‬مدى سهولة إصالح المنتج واعادته لحالته الطبيعية‬
‫الجماليات‪ :‬مدى أناقة وجاذبية المنتج‬
‫سمعة المنتج‪ :‬سمعة الشركة المصنعة للمنتج‬
‫المزايا أو خصائص المنتج‪ :‬أمكانية إضافة بعض الوظائف لتحديث وتطوير المنتج‬
‫المطابقة للمعايير‪ :‬مدى مطابقة المنتج أو السلعة للمعايير والمواصفات المطلوبة منها‬

‫ابعاد الجودة بالنسبة للخدمات‪:‬‬


‫‪ -‬الوقت ودقة التوقيت‬
‫‪ -‬اإلحاطة والتناسق‬
‫‪ -‬اللباقة‬
‫‪ -‬الملموسية ‪Tangibles‬‬
‫‪ -‬إمكانية الوصول وبشكل مريح‬
‫‪ -‬التدقيق‬
‫‪ -‬االستجابة‬
‫دراسات سابقة‬
‫إدارة الجودة الشاملة رؤية إسالمية‬

‫مجلة أبحاث ودراسات التنمية‪ ،‬المجلد (‪) /09‬العدد (‪)، 1‬جوان ‪، 2022‬ص‪.‬ص‪222-262:‬‬

‫حمزة فيشوش ‪Total Quality Management is an Islamic vision‬‬


‫ملخــص ‪:‬‬
‫تهدف هذه الورقة البحثية إلى إبراز مفهوم إدارة الجودة الشاملة من منظور إسالمي‪ ،‬وبيان األصول والمبادئ‪ I‬األساسية‬
‫التي تقوم عليها‪ ،‬كما هدفت إلى تحديد أهم خصائص إدارة الجودة الشاملة من المنهج اإلسالمي‪ .‬كما ركز البحث على‬
‫معلومات في مجال إدارة الجودة الشاملة من خالل عرض أهم مالمح إدارة الجودة الشاملة من حيث المفهوم واألهمية‬
‫واألهداف‪ ،‬واقتضى‪ I‬البحث استخدام المنهج الوصفي للوقوف‪ I‬على تحديد المفاهيم المتعلقة بإدارة الجودة الشاملة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وتم التوصل إلى أن إدارة الجودة الشاملة من منظور إسالمي تستند إلى مجموعة من المبادئ واألصول‪I‬‬
‫والخصائص العامة في اإلسالم‪.‬‬

‫مدخل إلى إدارة الجودة الشاملة‪:‬‬

‫لقي مفهوم إدارة الجودة الشاملة اهتمام الباحثين وتباينت و تعددت أراءهم تبعا اهتماماتهم‪ I‬و تخصصاتهم ونظرتهم‬
‫للمدخل الحديث‪ ،‬فإدارة الجودة الشاملة تعبر عن توجه عالمي يسيطر على فكر وتصرفات اإلداريين‪.‬‬

‫مفهوم إدارة الجودة الشاملة‬

‫استخدم هذا المفهوم» إدارة الجودة الشاملة «في البداية لوصف أسلوب تحسين الجودة الذي تستخدمه المنظمات اليابانية‪،‬‬
‫والمعروف‪ I‬بحلقات الجودة‪ )،‬ولكنه تطور كثيرا ليشتمل على جوانب و أبعاد و أساليب متنوعة و عديدة في تطبيق و‬
‫تنفيذ إدارة الجودة الشاملة)‪ ،‬إن أهم ما تركز عليه إدارة الجودة الشاملة هو النظرة الشمولية لجميع عمليات و أنشطة‬
‫المنظمة و إجراءات العمل فيها‪ ،‬و التحسين المتواصل في جميع العمليات و األنشطة‪ ،‬و الحرص على عدم وجود أي‬
‫نقص في الجودة‬

‫التطور التاريخي اإلدارة الجودة الشاملة‬

‫ترجع نشأة إدارة الجودة الشاملة عبر مراحا الفكر التنظيمي‪ I‬اإلداري‪ I‬والتي استندت للعديد من المتغيرات التي أفرزتها‪I‬‬
‫البنية التنظيمية‪ ،‬ويرجع الفضل في نشأة إدارة الجودة الشاملة في اليابان إلى إدوارد ديمينغ الذي أدرك أن الموظفين هم‬
‫وحدهم الذين يتحكمون بعملية اإلنتاج‪ ،‬وازداد تأثير الجودة في الخمسينيات والستينيات عندما تبنت معظم المنظمات‬
‫اليابانية بسرعة كبيرة مبادئ‪ I‬ديمينغ لرقابة الجودة‪ ،‬حيث أقاموا المسابقات ورصدوا‪ I‬الجوائز للجودة المحسنة‪ ،‬وزاد‬
‫ارتباط الموظفين بالعمل وتحسنت جودة البضائع المنتجة بشكل جيد‪ ،‬وخالل عشرين عاما تغيرت سمعة المنتجات‬
‫اليابانية وأصبحت الصناعة اليابانية رمزا للجودة الدائمة )‬

‫ومرت أساليب الجودة بمراحل متعددة منذ بداية هذا القرن نتيجة لتطور عمليات اإلنتاج وتعقدها‪ ،‬لذلك يمكن تصنيف‬
‫التطور الذي مرت به إدارة الجودة الشاملة تاريخيا‪ I‬بالمراحل التالية‪:‬‬

‫) ‪ -‬مرحلة التفتيش) ‪ :‬وهي مرحلة استخدام‪ I‬األساليب اإلحصائية والتحليلية في الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وكان لكل من‬
‫ديمينغ وجوران الدور الرئيسي في هذا المضمار؛‬

‫‪ -‬مرحلة مراقبة الجودة ‪ :‬وفي‪ I‬هذه الفترة كانت المنافسة بين المنظمات اإلنتاجية والخدمية محدودة‪ ،‬وقد كانت كل من‬
‫اإلنتاجية والجودة مهملة إلى حد ما‪ ،‬وفي‪ I‬تلك الفترة ذهب ديمينغ إلى اليابان إللقاء قامة الدورات التدريبية هناك‪ ،‬وتبنت‬
‫المنظمات اليابانية أفكاره‪ ،‬وقد‪ I‬تم وضع طاقم متخصص المحاضرات‪ ،‬والجودة آنذاك؛‬

‫‪ -‬مرحلة توكيد‪ I‬الجودة ‪ :‬وفي هذه الفترة تم التوجه إلقامة أقسام‪ I‬الجودة‪ ،‬ولقد ظهرت معايير للجودة مثل‪ISO9000‬؛‬

‫‪ -‬مرحلة إدارة الجودة الشاملة ‪ :‬وفي هذه الفترة برز اهتمام بأهمية الجودة‪ ،‬وظهر‪ I‬تنافس حاد بين المنظمات االقتصادية‬
‫المختلفة‪.‬‬
‫مبادئ إدارة الجودة الشاملة‬

‫تتمثل إدارة الجودة الشاملة في مجموعة من المبادئ اإلدارية التي تركز على تحسين الجودة‪ ،‬وإذا ما طبقت المنظمة هذه‬
‫المبادئ بفاعلية فإنها ستنجح حتما في تحقيق مستوى‪ I‬متميز من الجودة‪ ،‬ويمكن توضيح هذه المبادئ‪ I‬في النقاط التالية‬

‫‪ -‬التفهم الكامل وااللتزام‪ I‬الفعلي وضمان روح المشاركة من قبل اإلدارة العليا يجعل الجودة في المقام األول من اولوياتها‬
‫إجراءات وسياسات العمل المالئمة‪ ،‬وتطوير أنظمة الحوافز‪ I‬التي أولوياتها‪ ،‬والتأكيد على إيجاد البني التنظيمية و تشجع‬
‫جهود تحسين الجودة؛‬

‫‪ -‬التأكيد على أن عملية تحسين الجودة مستمرة في المنظمة‪ ،‬والعمل دوما‪ I‬من أجل تطوير‪ I‬العمليات التي يتم من خاالها‬
‫إنجاز األعمال‪ ،‬عن طريق‪ I‬تصميم عمليات اإلنتاج السلعي أو الخدمي التي تتفق مع مواصفات الجودة واستخدام‪ I‬أفضل‬
‫الممارسات واألساليب اإلدارية وتطبيق التقنيات واألساليب‪ I‬الفنية بفعالية في جميع مراحل تقديم الخدمات أو المنتجات؛‬

‫‪ -‬تفعيل التنسيق‪ I‬بين اإلدارات واألقسام‪ I‬المختلفة في المنظمة مع التأكيد على اإلنجاز من خالل فرق العمل وتنمية العمل‬
‫التعاوني؛ ‪ -‬مشاركة جميع الجهات المعنية في جهود تحسين الجودة والتعاون مع المنظمة في تطبيق‪ I‬برامج إدارة الجودة‬
‫الشاملة؛‬

‫أهمية إدارة الجودة الشاملة‬

‫إن أهمية إدارة الجودة الشاملة تتجسد‪ I‬في أنها منهج شامل للتغيير أبعد من كونه نظام يتبع أو أساليب مدونة بشكل‬
‫قرارات وإجراءات‪ ،‬وان االلتزام به من قبل المنظمة يعني قابليتها على تغيير سلوكيات أفرادها‪ I‬تجاه مفهوم الجودة‪.‬‬
‫ولتحقيق الزيادة في إدارة الجودة الشاملة يعتمد التنظيم‪ I‬على العناصر‪ I‬التالية‪:‬‬

‫‪ -‬التركيز‪ I‬على أهمية البحث والتطوير واعتبارها من األهداف االستراتيجية للتنظيم؛‬

‫‪ -‬ترشيد‪ I‬المديرين للعمال وتلقينهم‪ I‬مبدأ الرقابة الذاتية لتحسين أدائهم؛‬

‫‪ -‬توفير‪ I‬جو مالئم للعمل والتأكيد‪ I‬على أهمية العمل الجماعي بين أفراد المؤسسة؛‬

‫اهمية ادارة الجودة الشاملة‬

‫أهداف إدارة الجودة الشاملة‬


‫رغم االهتمام واسع النطاق بمفهوم إدارة الجودة الشاملة حديثا‪ ،‬إال أن أصل الموضوع قديم‪ I‬ويعود إلى تطور‪ I‬اإلدارة منذ‬
‫عهد الثورة الصناعية‪ ،‬وتهدف إدارة الجودة الشاملة إلى العناصر التالية‪:‬‬

‫‪ -‬زيادة القدرة التنافسية للمنظمة؛‬

‫‪ -‬زيادة كفاءة المنظمة في إرضاء العمالء و التفوق و التميز على المنافسين؛‬

‫‪ -‬زيادة حركية و مرونة المنظمة في تعاملها مع المتغيرات (الفرص‪ ،‬المخاطر‪( I‬‬

‫أهداف إدارة الجودة الشاملة‬

‫إدارة الجودة الشاملة من منظور إسالمي‪:‬‬

‫سنحاول من خالل هذا المحور تسليط الضوء على بعض المفاهيم والخصائص والمبادئ‪ I‬العامة إلدارة الجودة الشاملة من‬
‫المنهج اإلسالمي بتأصيلها من المصادر اإلسالمية‪.‬‬

‫مفهوم الجودة الشاملة من منظور إسالمي‪:‬‬

‫أكدت الحضارة اإلسالمية على مفهوم الجودة بأسمى معانيه في العديد من اآلليات الكريمة واألحاديث النبوية الشريفة‪،‬‬
‫حيث ورد مفهوم الجودة بصيغ عديدة ومعاني مختلفة‪ ،‬كما دلت الكثير من المشاهدات العملية في الحضارة اإلسالمية‬
‫على أنها طبقت العديد من المبادئ األساسية ذات العالقة بإدارة الجودة الشاملة‪ ،‬كما كان اهتمام اإلسالم بالجودة من خالل‬
‫ترسيخ العديد من المبادئ والمعاني التي تشير إلى الجودة أو ذات العالقة الوثيقة بها‬

‫مبادئ إدارة الجودة الشاملة من منظور إسالمي‪:‬‬

‫لقد تباينت آراء الباحثين في تحديد المبادئ التي تستند عليها الجودة إال أن هناك مبادئ اتفق عليها والتي تبرز من خاال‬
‫اآليات القرآنية واألحاديث النبوية الشريفة وتتخلص المبادئ في‪:‬‬
‫‪ -‬مبدأ الشورى‪ :‬وقد دعا اإلسالم إلى االلتزام بمبدأ الشورى‪ I‬من خالل التشاور‪ I‬مع األفراد في اتخاذ القرارات وحل‬
‫المشكالت‪ ،‬ويظهر‪ I‬هذا من خالل قوله تعالى» وشاورهم‪ I‬في األمر «سورة آل عمران اآلية ‪ ،159‬فالمشورة هنا تؤدي‬
‫إلى أفضل اآلراء وأجودها‪ ،‬وهذا المبدأ يتفق مع المشاركة في اتخاذ القرار وحل المشكالت في إدارة الجودة الشاملة‬

‫‪ -‬مبدأ التعاون‪ :‬فقد أكد اإلسالم على ضرورة التعاون في سبيل الخير ويظهر‪ I‬هذا من خالل قوله تعالى» وتعاونوا‪ I‬على‬
‫البر و التقوى وال تعاونوا‪ I‬على اإلثم و العدوان « سورة المائدة اآلية ‪، 02‬فالعمل الجماعي بروح الفريق هو من‬
‫المتطلبات األساسية إلدارة الجودة الشاملة كما أوضحنا‪ I‬ذلك سابقا‬

‫‪-‬مبدأ إتقان العمل واإلخالص فيه‪ :‬فقد حث اإلسالم على إتقان العمل وضرورة تحقيق الجودة من العيوب والسعي‬
‫للتحسين الدائم‪ ،‬وضرورة أن يحب العامل عمله ويخلص فيه كامل اإلخالص‬

‫خصائص إدارة الجودة الشاملة من منهج إسالمي‪:‬‬

‫يظهر جليا أن مبادئ الجودة الشامل ال تتعارض مع المنهج اإلسالمي من حيث المبدأ‪ ،‬إال أن المنهج اإلسالمي يمتاز عن‬
‫الجودة الشاملة بجملة من الخصائص أهمها‬

‫‪ -‬ربانية المصدر‪ ،‬حيث أن المصدر‪ I‬األساسي ألي نظام في اإلسالم هو الوحي بفرعيه الكتاب الكريم والسنة المطهرة؛‬

‫‪ -‬إدارة الجودة في اإلسالم تتكامل مع النظام العام للمجتمع‪ ،‬ألنه يعمل وفق نفس المنهج الذي تسير عليه المنظمة‪ ،‬في‬
‫حين ال يتوفر ذلك غالبا في إدارة الجودة الشاملة؛‬

‫‪ -‬إن تعاون مختلف األطراف‪ I‬داخليا و خارجيا يتم بفعالية أكبر في ظل المنهج اإلسالمي ‪ ،‬ألن التعاون على الخير أمر‬
‫واجب على المسلمين داخل المنظمة و خارجها؛‬

‫‪:‬‬ ‫خاتمة‬
‫من خالل متابعة تطور مفهوم إدارة الجودة الشاملة نجد انها لم تعد تقتصر‬
‫على أساس جودة المنتج أو الخدمة المقدمة إنما توسع مفهومها ليشمل كل‬
‫العمليات واألنشطة داخل المنظمة‪ ،‬وهذا ما يساهم بتحقيق مستوى عالي من‬
‫الجودة ألداء المنظمة ككل‪ ،‬ويعد تطبيق إدارة الجودة الشاملة في مختلف‬
‫المنظمات ضرورة حتمية وهذا لتحقيق التميز والتفوق‪ ،‬ويتطلب التطبيق‬
‫مجموعة من المتطلبات والتي يتفاوت عددها من مفكر آلخر‪ ،‬اذ ان هذه‬
‫العناصر من شأنها ان تشير الى الحقائق األساسية التي ينبغي ان يرتكن‬
‫اليها عند الشروع باستخدام هذه الفلسفة تطبيقا في مختلف المنظمات‪.‬‬

You might also like