You are on page 1of 150

‫جامعة النجاح الوطنية‬

‫كلية الدراسات العليا‬

‫القواعد والضوابط الفقهية عند اإلمام الحصني(‪928‬ه)‬


‫في كتابه كفاية األخيار في باب العبادات‬

‫إعداد الطالب‬

‫محمد سالمة فريح أبو صبيح‬

‫إشراف‬

‫د‪ .‬عبد الله أبو وهدان‬

‫قدمت هذه األطروحة استكماالً لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في الفقه والتشريع‬
‫الوطنية في نابلس‪ ،‬فلسطين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بكلية الدراسات العليا في جامعة الّنجاح‬
‫ّ‬
‫‪0201‬م‬
‫اإلهداء‬
‫الدي العزيزين حفظهما الله وأمدهما بالصحة‪.‬‬
‫إلى و ّ‬

‫إلى مشايخنا الكرام الذين تعلمنا على أيديهم حب العلم وأهله‪.‬‬

‫إلى طلبة العلم الشرعي‪ ،‬ومحبيه أينما كانوا‪.‬‬

‫إلى األصدقاء والمعارف واألحباب‪.‬‬

‫د‬
‫الشكر والتقدير‬
‫الحمد رب العالمين والصالة والسالم على أشرف األنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وبعد‪:‬‬

‫أحمد الله العلي العظيم الذي وفقني لكتابة هذه الدراسة‪ ،‬فله الحمد والمنة على ما أنعم به‬
‫ُ‬
‫ويسر‪ ،‬من غير حول مني وال قوة‪،‬‬
‫ّ‬

‫وانطالقاً من حديث النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬من ال يشكر الناس ال يشكر الله")‪(1‬؛ فأرى‬

‫لزاماً علي شكر أصحاب الفضل‪ :‬وأولهم فضيلة الدكتور عبد الله أبو وهدان مشرف هذه الرسالة‬
‫ّ‬
‫لمست منه سعة الصدر ودماثة‬
‫ُ‬ ‫على ما تفضل به من توجيه‪ ،‬وإرشاد ومالحظات قيمة‪ ،‬فقد‬
‫األخالق‪ ،‬فجزاه الله خي اًر‪.‬‬

‫والشكر موصول ألعضاء لجنة المناقشة الكرام لتكرمهم بالموافقة على مناقشة هذه الرسالة‪،‬‬

‫وكذلك أشكر كل من قدم لي يد العون خالل كتابة هذه الرسالة‪ ،‬فلهم جميعاً كل التقدير واالحترام‬
‫وفي مقدمتهم شيخنا فضيلة الدكتور محمد شاهر كبها‪.‬‬

‫‪1‬الترمذذذي‪ ،‬محمذذد بذذن عيسذذى‪ ،‬سنننن الترمننذي‪ ،‬المحق ذ ‪ :‬بشذذار ع ذواد معذذروف‪ ،‬دار المذذرب اوسذذالمي‪ ،‬بيذذروت‪ ،‬سذذنة النشذذر‪:‬‬
‫‪8991‬م‪ ،‬أبواب البر والصلة‪ ،‬باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك‪ ،‬حديث رقم ‪.)104/1( ،8991‬‬
‫ه‬
‫اإلقرار‬
‫أنا الموقع أدناه‪ ،‬مقدم الرسالة التي تحمل العنوان‪:‬‬

‫القواعد والضوابط الفقهية عند اإلمام الحصني(‪928‬ه)‬


‫في كتابه كفاية األخيار في باب العبادات‬

‫أقر بأن ما اشتملت عليه هذه الرسالة إنما هي نتاج جهدي الخاص‪ ،‬باستثناء ما تمت اوشارة إليه‬
‫حيثما ورد‪ ،‬وأن هذه الرسالة كاملة‪ ،‬أو أي جزء منها لم يقدم من قبل لنيل أي درجة علمية أو‬
‫بحث علمي أو بحثي لدى أي مؤسسة تعليمية أو بحثية أخرى‪.‬‬

‫‪Declaration‬‬

‫‪The work provided in this thesis, unless otherwise referenced, is the‬‬


‫‪researcher's own work, and has not been submitted elsewhere for any‬‬
‫‪other degree or qualification.‬‬

‫‪Student's name:‬‬ ‫اسم الطالب‪ :‬محمد سالمة فريح أبو صبيح‬

‫‪Signature:‬‬ ‫التوقيع‪:‬‬

‫‪Date:‬‬ ‫التاريخ‪0201/20/20 :‬‬

‫و‬
‫فهرس المحتويات‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫ج‬ ‫اوهداء‬
‫د‬ ‫الشكر والتقدير‬
‫ه‬ ‫اوقرار‬
‫و‬ ‫فهرس المحتويات‬
‫ي‬ ‫الملخص‬
‫‪1‬‬ ‫المقدمة‬
‫‪6‬‬ ‫الفصل التمهيدي‪ :‬نبذة عن القواعد والضوابط الفقهية وترجمة المؤلف ونبذة عن‬
‫كتاب كفاية األخيار‪.‬‬
‫‪7‬‬ ‫المبحث االول‪ :‬تعريف القاعدة الفقهية‪ ،‬والضابط الفقهي‪ ،‬والفرق بينهما‪.‬‬
‫‪7‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعريف القاعدة الفقهية‪.‬‬
‫‪9‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف الضابط الفقهي‪.‬‬
‫‪9‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬الفرق بين القاعدة الفقهية‪ ،‬والضابط الفقهي‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬أهمية علم القواعد الفقهية‪ ،‬وفائدتها‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬اومام الحصني حياته الشخصية‪ ،‬والعلمية‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬اسمه ونسبه ومولده‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬نشأته‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬شيوخه وتالميذه ومؤلفاته‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬أخالقه‪ ،‬وثناء العلماء عليه‪ ،‬وفاته‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬التعريف بكتاب كفاية األخيار‪ ،‬وأهميته‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬اسم الكتاب‪ ،‬ونسبته للمؤلف‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أهمية كتاب كفاية األخيار‪.‬‬
‫‪19‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬منهجية اومام الحصني في القواعد‪ ،‬والضوابط الفقهية‪.‬‬
‫‪19‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬منهجية اومام الحصني في القواعد الفقهية‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬منهجية اومام الحصني في الضوابط الفقهية‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬القواعد الفقهية الواردة في كتاب كفاية األخيار في باب العبادات‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬قاعدة‪( :‬ما حرم استعماله حرم اتخاذه)‪.‬‬

‫ز‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬شرح القاعدة‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة القاعدة‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات القاعدة‪.‬‬
‫‪16‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬مستثنيات القاعدة‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬قاعدة‪( :‬الخروج من الخالف مستحب)‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬شرح القاعدة‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة القاعدة‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقيات القاعدة‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬شروط وضوابط العمل بقاعدة الخروج من الخالف مستحب‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬قاعدة‪( :‬ما أوجب أعظم األمرين بخصوصه فال يوجب أ َْد َوْن ُهما‬
‫بعمومه)‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬شرح القاعدة‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة القاعدة‪.‬‬
‫‪16‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات القاعدة‪.‬‬
‫‪16‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬مستثنيات القاعدة‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬قاعدة‪( :‬اليقين ال يزول بالشك‪ /‬استصحاب األصل‪/‬طرح الشك‪/‬بقاء‬
‫ما كان على ما كان)‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬شرح القاعدة‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة القاعدة‪.‬‬
‫‪19‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات القاعدة‪.‬‬
‫‪21‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬مستثنيات القاعدة‪.‬‬
‫‪21‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬قاعدة‪( :‬الرخص ال تناط بالمعاصي)‪.‬‬
‫‪21‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬شرح القاعدة‪.‬‬
‫‪21‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة القاعدة‪.‬‬
‫‪29‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات القاعدة‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫المبحث السادس‪ :‬قاعدة‪( :‬التحريم عند اجتماع الحالل والحرام)‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬شرح القاعدة‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة القاعدة‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات القاعدة‪.‬‬

‫ح‬
‫‪12‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬مستثنيات القاعدة‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الضوابط الفقهية في الطهارة والصالة‬
‫‪16‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬ضابط‪( :‬كل تمير يمنع إطالق اسم الماء يسلبه الطهورية وإال فال)‬
‫‪16‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬شرح الضابط‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة الضابط‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات الضابط‪.‬‬
‫‪61‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬ضابط‪( :‬األصل في الحيوانات الطهارة)‪.‬‬
‫‪61‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬شرح الضابط‪.‬‬
‫‪66‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة الضابط‪.‬‬
‫‪67‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات الضابط‪ ،‬وما يستثنى منه‪.‬‬
‫‪72‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬قاعدة‪( :‬الميتة ما زالت حياته بمير ذكاة شرعية)‪.‬‬
‫‪72‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬شرح الضابط‪.‬‬
‫‪71‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة الضابط‪.‬‬
‫‪76‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات الضابط‪ ،‬ومستثنياته‪.‬‬
‫‪21‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬ضابط‪( :‬الفعل الزائد على الصالة إن كان من جنسها يبطل عمده‬
‫وإن كان من غير جنسها يبطل الكثير منه دون القليل)‪.‬‬
‫‪21‬‬ ‫المطلب‪ :‬األول شرح الضابط‪.‬‬
‫‪21‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة الضابط‪.‬‬
‫‪21‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات الضابط‪.‬‬
‫‪22‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬مستثنيات الضابط‪.‬‬
‫‪21‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬ضابط‪( :‬سجود السهو إما بارتكاب شيء منهي عنه أو ترك‬
‫مأمور به)‪.‬‬
‫‪21‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬شرح الضابط‪.‬‬
‫‪26‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة الضابط‪.‬‬
‫‪27‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات الضابط‪.‬‬
‫‪91‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬الضوابط الفقهية في الزكاة والصوم والحج‪.‬‬
‫‪91‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬ضابط‪( :‬كل عرض ملك بمعاوضة بقصد التجارة فهو مال تجارة)‪.‬‬
‫‪91‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬شرح الضابط‪.‬‬
‫‪91‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة الضابط‪.‬‬

‫ط‬
‫‪91‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات الضابط‪.‬‬
‫‪91‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬قاعدة‪( :‬من لزمته نفقة بسبب نكاح أو قرابة أو ملك لزمته فطرة‬
‫المنف عليه)‪.‬‬
‫‪91‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬شرح الضابط‪.‬‬
‫‪97‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة الضابط‪.‬‬
‫‪97‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات الضابط‪.‬‬
‫‪99‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬مستثنيات الضابط‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬قاعدة‪( :‬كل عين وصلت من الظاهر إلى الباطن من منفذ مفتوح‬
‫عن قصد تبطل الصيام)‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬شرح الضابط‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة الضابط‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات الضابط‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬قاعدة‪( :‬تجب الفدية بما يسمى سات اًر)‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬شرح الضابط‪.‬‬
‫‪117‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة الضابط‪.‬‬
‫‪117‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات الضابط‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬مستثنيات الضابط‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬قاعدة‪( :‬ما يحرم صيده يشترط أن يكون مأكوالً أو في أصله‬
‫مأكوالً)‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬شرح الضابط‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة الضابط‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات الضابط‪.‬‬
‫‪116‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬مستثنيات الضابط‪.‬‬
‫‪117‬‬ ‫الخاتمة‪.‬‬
‫‪119‬‬ ‫قائمة المصادر والمراجع‪.‬‬
‫‪B‬‬ ‫‪Abstract‬‬

‫ي‬
‫القواعد والضوابط الفقهية عند اإلمام الحصني (‪908‬ه) في كتابه كفاية األخيار في باب‬
‫العبادات‬

‫إعداد الطالب‬
‫محمد سالمة فريح أبو صبيح‬
‫إشراف‬
‫د‪ .‬عبد الله أبو وهدان‬

‫الملخص‬

‫الحمد لله رب العالمين والصالة والسالم على النبي اآلمين محمد بن عبد الله وآله‪ ،‬وصحبه‬
‫أجمعين‪ ،‬وبعد‪.‬‬

‫هذه رسالة ماجستير بعنوان القواعد والضوابط الفقهية عند اومام الحصني في كتابه كفاية األخيار‬
‫في باب العبادات دراسة فقهية مقارنة‪ ،‬هدفت الدراسة الحالية الستكشاف القواعد والضوابط الفقهية‬
‫في باب العبادات الموجودة في الكتاب‪ ،‬وقد تكونت من أربعة فصول‪ :‬فصل تمهيدي تناول‬
‫التعريف بالقاعدة الفقهية والضابط الفقهي وبيان الفرق بينهما مع الترجمة للمؤلف ونبذة عن‬
‫تبين أن كتاب كفاية األخيار غزير مادته غني‬
‫الكتاب‪ ،‬وبيان منهجه في القواعد الفقهية‪ ،‬وقد ّ‬
‫بالفوائد‪ ،‬مع عناية اومام الحصني بالقواعد والضوابط الفقهية‪ ،‬حيث ظهر أن له منهجاً واضحاً في‬

‫استخدامها‪.‬‬

‫وتناولت في الفصل األول القواعد الفقهية في الكتاب بالدراسة والشرح والتطبي ‪ ،‬حيث ظهر وجود‬
‫ست قواعد فقهية رئيسية في باب العبادات من أهمها اليقين ال يزول بالشك‪ ،‬الرخص ال تناط‬

‫بالمعاصي‪ ،‬الخروج من الخالف مستحب‪ ،‬مع توظيف هذه القواعد لخدمة الفروع الفقهية‪.‬‬

‫أما الفصل الثاني تناولت فيه الضوابط الفقهية في الطهارة والصالة حيث وجدت ثالثة ضوابط في‬
‫تبين أن هذا‬
‫الطهارة وهي "كل تمير يمنع إطالق اسم الماء يسلبه الطهورية وإال فال" حيث ّ‬
‫الضابط فيه خالف بين الجمهور والحنفية‪ ،‬والضابط الثاني‪" :‬األصل في الحيوانات الطهارة" فهذا‬

‫ك‬
‫الضابط متف عليه إال أنه قع خالف فيما يستثنى منه‪ ،‬ومثله تماماً الضابط الثالث‪" :‬الميتة ما‬

‫زالت حياته بمير ذكاة شرعية"‪.‬‬

‫أما الصالة ففيها ضابط "الفعل الزائد على الصالة إن كان من جنسها يبطل عمده وإن كان من‬

‫غير جنسها يبطل الكثير منه دون القليل" وهو ضابط مهم جمع فروع كثيرة‪ ،‬حيث ّ‬
‫تبين أن لكل‬

‫أدق ما تضبط به‪،‬‬


‫ألية معينة في ضبط األفعال المبطلة الصالة‪ ،‬ولعل هذا الضابط ّ‬
‫مذهب ّ‬
‫والضابط األخر عن أسباب سجود‪ ،‬وهو محل اتفاق بين الفقهاء تقريباً‪.‬‬

‫أما الفصل الثالث فتناول الضوابط المتعلقة بالزكاة والصوم والحج بالشرح والتحليل والتطبي ‪ ،‬ففي‬

‫الزكاة ضابط عن أحد شروط وجوب الزكاة في عروض التجارة‪ ،‬وهو محل خالف بين العلماء‪،‬‬
‫وضابط عن مفطرات الصوم‪ ،‬وضابطان عن الحج األول‪ :‬عن ما يوجب الفدية بمطاء الرأس‬
‫للمحرم‪ ،‬واألخر عن شروط الحيوان الذي حرم صيده للمحرم وقد ظهر خالف بين الجمهور‬
‫والحنفية في تطبيقه‪.‬‬

‫من النتائج التي أظهرتها هذه الدراسة اهتمام اومام الحصني بالقواعد والضوابط الفقهية‪ ،‬وتسخيرها‬
‫لخدمة الفقه تعليالً‪ ،‬وتمثيالً‪ ،‬ويوصي الباحث بإجراء دراسات تتناول الضوابط بشكل مقارن‪ ،‬مع‬

‫االهتمام بالضوابط التي تنظم المسائل الفقهية المعاصرة‪.‬‬

‫ل‬
‫المقدمة‪:‬‬

‫الحمد لله رب العالمين والصالة والسالم على النبي المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله‬
‫وعلى آله وصحبه‪ ،‬وبعد‪:‬‬

‫إن من أشرف األمور االشتمال بالعلم الشرعي‪ ،‬ال سيما علم الفقه الذي به تتحق مصلحة العباد‬

‫ولما كان الفقه بح اًر زاخ ارً بالدرر ‪-‬المسائل الفرعية‪ ،-‬كان البد من قواعد‬
‫وإقامة شرع الله‪ّ ،‬‬
‫وضوابط تضبط هذه الفروع الفقهية الهائلة‪ ،‬تسهل الوصول إليها‪ ،‬وفهم عللها وما يتخلف عنها‬
‫وهذا هو دور القواعد الفقهية‪.‬‬

‫ولقد حظي موضوع القواعد الفقهية بكثير ن الدراسات ما بين تأصيل وتقعيد وشرح وتمثيل‪ ،‬وتقنين‬
‫وغيرها‪ ،‬فكل دراسة تطرق باباً‪ ،‬والتي منها دراسة القواعد والضوابط الفقهية في كتاب معين‪ ،‬سواء‬
‫أكان دراسة للكتاب كله أو جزء منه‪ ،‬وهذه طريقة لها ميزات كثيرة‪ ،‬منها الجمع بين النظرية‬
‫والتطبي ومعرفة مناهج العلماء في عرضهم للقواعد الفقهية‪.‬‬

‫أهمية البحث‪:‬‬

‫تكمن أهمية الدراسة بتناولها موضوع في غاية األهمية‪ ،‬وله مكانة بين العلوم الشرعية أال وهو علم‬
‫القواعد‪ ،‬والضوابط الفقهية‪ ،‬كما أن كتاب كفاية األخيار لإلمام تقي الدين الحصني‪ ،‬له أهمية؛ لما‬
‫يتضمنه من قواعد أصولية وفقهية كثيرة‪ ،‬ولقد تميز عن كثير من الكتب التي ألفت في عصره‪.‬‬

‫مشكلة البحث‪:‬‬

‫تتلخص مشكلة البحث في األسئلة التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬ما هي القواعد الفقهية الموجودة في كتاب كفاية األخيار في باب العبادات؟‬

‫‪ .1‬ما هي الضوابط الفقهية الموجودة في كتاب كفاية األخيار في باب العبادات‪ ،‬وما مدى العمل‬
‫بهذه الضوابط في المذاهب الفقهية األخرى؟‬

‫‪1‬‬
‫أهداف البحث‪:‬‬

‫يهدف هذا البحث إلى‪:‬‬

‫‪ .1‬استخراج القواعد الفقهية في كتاب كفاية األخيار في باب العبادات‪ ،‬وشرحها مع التدليل‬
‫والتمثيل عليها‪.‬‬

‫‪ .1‬استخراج الضوابط الفقهية في كتاب كفاية األخيار في باب العبادات‪ ،‬وشرحها‪ ،‬مع ذكر‬
‫أدلتها‪ ،‬ومعرفة مدى عمل المذاهب األخرى بها‪.‬‬

‫سبب اختيار الموضوع‪:‬‬

‫من أسباب اختياري هذا الموضوع "القواعد والضوابط الفقهية عند اومام الحصني في كتابه كفاية‬
‫األخيار في باب العبادات" األمور التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬أهمية موضوع القواعد الفقهية وخصوصاً دراستها من كتاب فقهي‪.‬‬

‫‪ .1‬أهمية كتاب كفاية األخيار في الفقه الشافعي خصوصاً‪ ،‬والفقه اوسالمي عامة‪ ،‬لسعة إطالع‬
‫مؤلفه‪ ،‬وطريقة شرحه المني بالفوائد‪ ،‬وخصوصاّ أنه ممن أّلف في القواعد الفقهية‪.‬‬

‫‪ .1‬دراسة القواعد والضوابط من خالل كتاب فقهي تكسب الطالب خبرة في الكشف عن الفروع‬
‫المتشابهة وفهم آلية ضبط القواعد للفروع الفقهية المتناثرة‪ ،‬ومعرفة استخدامها‪ ،‬وكذلك تبين‬
‫طريقة المؤلف ومنهجه في التعامل مع القواعد الفقهية‪.‬‬

‫‪ .2‬هذه الدراسة تعتبر تمهيداً‪ ،‬لدراسة حياة المؤلف بشكل أوسع وأثره الفقهي‪ ،‬واألصولي‪ ،‬وهذا ما‬

‫أنوي التحضير له لمرحلة الدكتوراه إن شاء الله تعالى‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الدراسات السابقة‪:‬‬

‫الدراسة األولى‪" :‬منهج اإلمام تقي الدين أبي بكر بن محمد الحسيني الحصني في كتابة كفاية‬

‫األخيار"‪ ،‬هي عبارة عن رسالة ماجستير من إعداد الطالب محمد محمود عليمات من جامعة آل‬

‫البيت األردن‪ ،‬سنة ‪1111‬م‪.‬‬

‫وهي رسالة مكونة من فصل تمهيدي‪ ،‬وثالثة فصول‪ ،‬تكلم الباحث في الفصل التمهيدي عن‬

‫المؤلف وبعض مالمح عصره‪ ،‬وفي الفصل األول تحدث عن المتن وشرحه كتاب كفاية األخيار‪،‬‬
‫أما الفصل الثاني فكان عن منهج اومام الحصني في الشرح بشكل عام من خالل االهتمام باللمة‬
‫ونقل أقوال المذهب‪.‬‬

‫أما الفصل الثالث ذكر فيه نماذج من ترجيحات اومام الحصني‪.‬‬

‫وهذه الرسالة لم تتعرض للقواعد والضوابط الفقهية في كتاب كفاية األخيار‪ ،‬وإنما ذكر الباحث في‬
‫معرض حديثه عن منهج الحصني في الكتاب اهتمامه بشرح القواعد وضرب األمثلة لذلك‪.‬‬

‫فرسالتي تختلف عنها بأنها تناولت القواعد والضوابط الفقهية في الكتاب في باب العبادات‬
‫بالتقصي والشرح‪.‬‬

‫الدراسة الثانية‪" :‬القواعد الفقهية واألصولية المبثوثة في كتاب كفاية األخيار في حل غاية‬
‫االختصار لتقي الدين الحصني الشافعي‪ ،‬جرد وتصنيف ودراسة نماذج"‪ ،‬وهي عبارة عن رسالة‬

‫ماجستير‪ ،‬من اعداد الطالبة سوبي نور اثنيني‪ ،‬في جامعة سيدي محمد بن عبد الله‪ ،‬في الممرب‪،‬‬
‫سنة ‪1111‬م‪.‬‬

‫يظهر من ملخص هذه الرسالة أن الطالبة قامت باستخراج القواعد الفقهية واألصولية من الكتب‪،‬‬
‫وبعد ذلك درست بعض القواعد بشكل انتقائي‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫تختلف هذه الرسالة عن الدراسة الحالية بعدة أمور‪:‬‬

‫‪ .1‬الدراسة الحالية تناولت القواعد الفقهية دون األصولية‪.‬‬

‫‪ .1‬هذه الدراسة لم تتطرق للضوابط الفقهية بينما الدراسة الحالية تناولت الضوابط الفقهية في باب‬
‫العبادات‪.‬‬

‫‪ .1‬الدراسة الحالية تناولت باباً واحداً بالدراسة والبحث وهو باب العبادات‪.‬‬

‫الدراسة الثالثة‪" :‬القواعد والضوابط الفقهية في باب البيوع عند اإلمام تقي الدين أبي بكر‬
‫الحسيني الحصني الدمشقي دراسة فقهية مقارنة"‪ ،‬هي عبارة عن رسالة ماجستير من إعداد‬

‫مصلح إسماعيل الكردي‪ ،‬من جامعة أم درمان اوسالمية‪ ،‬السودان‪ ،‬سنة ‪1112‬م‬

‫هذه الدراسة لم أتمكن من الطالع عليها‪ ،‬لكنها تختلف عن الدراسة الحالية بأنها تناولت باب‬
‫البيوع‪ ،‬بينما تناولت في دراستي الحالية باب العبادات‪.‬‬

‫منهجية البحث‪:‬‬

‫أتبع الباحث في هذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي‪ ،‬والمنهج االستقرائي‪ ،‬وذلك بالقراءة المتأنية‬
‫لباب العبادات في كتاب كفاية األخيار الستخراج القواعد‪ ،‬والضوابط الفقهية منه‪.‬‬

‫أسلوب البحث‪:‬‬

‫‪ .1‬عزو اآليات القرآنية الى مواضعها من كتاب الله بذكر اسم السورة ورقم اآلية‪.‬‬

‫‪ .1‬عزو األحاديث الشريفة إلى مصادرها األصلية‪ ،‬إن كان الحديث في الصحيحين اكتفيت‬
‫بتخريجه منهما‪ ،‬فإن لم يكن فيهما قمت بتخريجه من أهم المصادر التي ذكرته كالسنن‬
‫األربعة‪ ،‬والحكم عليه من حيث الصحة والضعف‪.‬‬

‫‪ .1‬توثي المعلومات من المصادر المعتمدة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ .2‬اشرح المفردات والمصطلحات التي بحاجه إلى توضيح‪ ،‬هذا ولم أقم بترجمة األعالم؛‬

‫لشهرتهم‪.‬‬

‫‪ .1‬سيكون البحث في القواعد على النحو اآلتي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬القواعد الفقهية‬

‫‪ .1‬التعريف بالقاعدة وبيان معناها‪.‬‬

‫‪ .1‬ذكر دليلها‪.‬‬

‫‪ .1‬ذكر الخالف الفقهي المترتب عليها إن وجد‪.‬‬

‫‪ .2‬أمثلة عليها وألتزم بأن تكون من كتاب كفاية األخيار‪ ،‬وإال فمن غيره‪.‬‬

‫‪ .1‬مستثنيات القاعدة إن وجدت‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬الضوابط الفقهية‬

‫البحث في الضوابط الفقهية سيكون على النحو اآلتي‪:‬‬

‫‪ .1‬شرح الضابط وذلك بإيضاح مفرداته المريبة‪ ،‬وبيان معناه‪.‬‬

‫‪ .1‬ذكر أدلة الضابط‪.‬‬

‫‪ .1‬تطبيقات الضابط وذلك بالبحث في كتب المذاهب الفقهية الثالثة األخرى (الحنفية‪ ،‬والمالكية‪،‬‬
‫والحنابلة)؛ لمعرفة هل هذا الضابط عمل به أوال‪.‬‬

‫‪ .2‬إذا ترتب على تطبي الضابط خالف فقهي أذكره‪.‬‬

‫‪ .1‬ذكر مستثنيات الضابط إن وجدت‪ ،‬وأحيانا تذكر ضمن تطبيقات الضابط‪.‬‬

‫وبما أن البحث في كتاب كفاية األخيار فقد حاولت ‪-‬قدر اومكان‪ -‬استخراج المعلومات المتعلقة‬
‫بالقواعد‪ ،‬والضوابط الفقهية منه؛ كالشرح‪ ،‬واألدلة‪ ،‬والتطبيقات‪ ...‬وقد وجدت الكتاب غني بالشرح‬
‫والتحليل وذكر األدلة والمناقشات العلمية‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫الفصل األول‬

‫نبذة عن القواعد والضوابط الفقهية‪ ،‬وترجمة المؤلف‪ ،‬ونبذة عن كتاب‬


‫كفاية األخيار‬

‫‪6‬‬
‫المبحث األول‬

‫تعريف القاعدة الفقهية‪ ،‬والضابط الفقهي والفرق بينهما‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف القاعدة الفقهية‪:‬‬

‫تعريف القاعدة لغة‪:‬‬

‫كلمة قاعدة وجمعها قواعد‪ ،‬يدور معناها في اللمة على أس الشيء وأصوله‪ ،‬فيقال قواعد البيت أي‬
‫ﭧﭨ ﱡ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱋ‬
‫ﱊﱌﱍﱎ‬ ‫)‪(1‬‬
‫أساسه‪.‬‬

‫ﱏ ﱐ ﱠ)‪ ،(2‬قال الزجاج‪" :‬القواعد أساطين البناء التي تعمده")‪.(3‬‬

‫ويقال قواعد السحاب أي أصوله المعترضة في السماء شبهت بقواعد البناء‪ ،‬والقواعد من النساء‬
‫القواعد أيضاً على خشبات الهودج األربعة‬ ‫جمع قاعدة وهي المرأة الكبيرة المسنة‪ ،‬وتطل‬

‫المعترضة أسفله)‪.(4‬‬

‫وبالنظر في المعاني السابقة لكلمة قواعد نالحظ ّأنها مرتبطة باألصل‪ ،‬والثبات‪ ،‬واالستقرار‪ ،‬وهذا‬
‫واضح في أساس البيت‪ ،‬ومثله يقال بالنسبة لخشبات الهودج التي بدونها ال يستقر‪ ،‬وكذلك القواعد‬
‫من النساء‪.‬‬

‫تعريف القاعدة الفقهية اصطالحاً‪:‬‬

‫للقاعدة الفقهية تعاريف كثيرة مختلفة في بعض قيودها؛ وتعود كثرة التعريفات إلى االختالف هل‬

‫القاعدة على جميع أفرادها أم على‬ ‫القاعدة الفقهية كلية أم أكثرية أغلبية؟ بمعنى هل تنطب‬
‫األغلبية منها مع وجود مستثنيات لها؟ وسنعرض فيما يلي جملة من التعاريف‪:‬‬

‫ال ذرازي‪ ،‬محمذذد بذذن أبذذي بكذذر‪ ،‬مختننار الصننحاح‪ ،‬دار احيذذاء الت ذراث العربذذي‪ ،‬بيذذروت‪ ،‬ط‪8999 ،8‬م‪ ،‬تحقي ذ ‪ :‬محمذذد حذذالق‬ ‫‪1‬‬

‫(‪.)481‬‬
‫سورة البقرة‪ ،‬آية ‪.821‬‬ ‫‪2‬‬

‫ابن منظور‪ ،‬محمد بن مكرم بن على‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪8181 ،4‬هذ‪.)468/4( ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫المصدر الساب (‪.)468/4‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪7‬‬
‫عرفها السبكي بأنها "األمر الكلي الذي ينطب على جزئيات كثيرة ُيفهم أحكامه منه")‪.(1‬‬

‫وعرفها الحموي بأنها "حكم أغلبي ينطب على معظم جزئياته")‪.(2‬‬

‫وعرفها الشيخ مصطفى الزرقا بأنها "أصول فقهية كلية في نصوص موجزة دستورية تتضمن‬
‫أحكاماً تشريعية عامة في الحوادث التي تدخل تحت موضوعها")‪.(3‬‬

‫)‪.(4‬‬
‫وجاء الندوي فعرفها بتعريف مقارب لتعريف الشيخ الزرقا بعد أن تصرف فيه‬

‫وعرفها الشعالن بأنها‪" :‬حكم كلي فقهي ينطب على جزئيات كثيرة من أكثر من باب")‪.(5‬‬

‫وعند النظر في التعاريف السابقة وغيرها نرى أن هناك من اعتبر القاعدة الفقهية كلية كالزرقا‪،‬‬

‫والندوي‪ ،‬وأن وجود مستثنيات للقاعدة الفقهية ال يخرجها عن كونها كلية‪ ،‬وهناك من أعتبرها أغلبية‬
‫أكثرية نظ ار للمستثنيات كالحموي‪.‬‬

‫والتعاريف السابقة وغيرها لم تسلم من االعتراضات‪ ،‬والمناقشة‪ ،‬ولعل تعريف الدكتور عبد الرحمن‬
‫أرجحها؛ وذلك ألنه عرفها بأيسر عبارة مع اشتماله على القيود المطلوبة في‬ ‫الشعالن الساب‬
‫التع ريف‪ ،‬وقد رجح هذا التعريف الباحث عبد الوهاب عبد الحميد في رسالته القواعد والضوابط‬
‫)‪(6‬‬
‫الفقهية في كتاب األم‪.‬‬

‫السبكي‪ ،‬عبد الوهاب بذن علذي‪ ،‬األشنباه والنظنائر‪ ،‬تحقيذ عذادل عبذد الموجذود وعلذي عذوض‪ ،‬دار الكتذب العلميذة‪ ،‬بيذروت‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ط‪8998 ،8‬م‪.)88/8( ،‬‬


‫الحموي‪ ،‬أحمد بن محمد‪ ،‬غمز عيون البصائر شرح األشباه والنظائر‪ ،‬دار الكتب العلمية بيروت‪ ،‬ط‪8919 ،8‬م (‪.)98/8‬‬ ‫‪2‬‬

‫الزرقا‪ ،‬مصطفى أحمد‪ ،‬المدخل الفقهي العام‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمش ‪ ،‬ط‪2001 ،2‬م‪.)969/2( .‬‬ ‫‪3‬‬

‫الندوي‪ ،‬علي أحمد‪ ،‬القواعد الفقهية‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمش ‪ ،‬ط‪2009 ،8‬م‪.)19( ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫الشعالن‪ ،‬عبد الرحمن بن عبد الله‪ ،‬مقدمة كتاب القواعد للحصني‪ ،‬تحقي ‪ :‬عبد الرحمن الشعالن وجبريل البصيلي‪ ،‬مكتبذة‬ ‫‪5‬‬

‫الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪8991 ،8‬م‪.)24/8( ،‬‬


‫عبذذد الحميذذد‪ ،‬عبذذد الوهذذاب بذذن أحمذذد‪ ،‬القواعنند والض نوابط الفقهيننة فنني كتنناب األم‪ ،‬دار التدميريذذة‪ ،‬الريذذاض‪ ،‬ط‪2001 ،8‬م‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫(‪.)92‬‬
‫‪8‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف الضابط الفقهي‪:‬‬

‫تعريف الضابط لغة‪ :‬أصله من الضبط وهو الحفظ واوتقان يقال ضبط الشيء أي حفظه بحزم)‪.(1‬‬

‫بناء على التعريف المختار للقاعدة الفقهية يمكن تعريفه بأنه "حكم كلي‬
‫تعريف الضابط اصطالحاً‪ً :‬‬
‫فقهي ينطب على جزئيات من باب واحد"‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الفرق بين القاعدة الفقهية والضابط الفقهي‪:‬‬

‫أن هناك فرق بينهما‪ ،‬وإلى هذا‬


‫من خالل تعريف كالً من القاعدة الفقهية والضابط الفقهي يظهر ّ‬
‫ذهب ابن نجيم حيث قال‪" :‬الفرق بين القاعدة والضابط‪ :‬أن القاعدة تجمع فروعاً من أبواب شتى‪،‬‬

‫والضابط يجمعها من باب واحد")‪.(2‬‬

‫ويمكن أن نلخص هذه الفروق في األمور التالية‪:‬‬

‫الفقهية أشمل وأوسع من الضابط إذ ّأنها تنطب على أكثر من باب فقهي وخير مثال‬
‫ّ‬ ‫‪ .1‬القاعدة‬

‫قاعدة "اليقين ال يزول بالشك"‪ ،‬وقاعدة "األمور بمقاصدها"‪ ،‬بينما الضابط الفقهي يتناول باباً‬
‫فقهياً واحداً كالطهارة أو الزكاة مثالً‪.‬‬

‫‪ .1‬الفرق الثاني هو أن القاعدة الفقهية يكون لها مستثنيات‪ ،‬وقلما َخَل ْت قاعدة من الشواذ‪ ،‬بينما‬
‫الضابط الفقهي ليس له مستثنيات‪ ،‬وإن وجدت فهي قليلة جداً‪.‬‬

‫الرازي‪ ،‬مختار الصحاح ‪(227).‬‬ ‫‪1‬‬

‫ابن نجيم‪ ،‬زين الدين بن إبراهيم‪ ،‬األشباه والنظائر‪ ،‬دار الفكر دمش ‪ ،‬ط ‪ .8914 ،8‬تحقي محمد مطيع الحافظ‪.)892( ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪9‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫أهمية علم القواعد الفقهية‪ ،‬وفائدتها‬

‫ال يخفى على كل من له اشتمال بالفقه مكانة القواعد الفقهية‪ ،‬وأهميتها‪ ،‬فالقواعد الفقهية تجمع‬
‫شتات الفروع المتناثرة‪ ،‬وتعطي صورة كلية لمقاصد الشريعة من هذه الجزئيات المتفرقة ولإلمام‬

‫القرافي في مقدمة كتابه الشهير "الفروق" كالم جميل حينما تحدث عن أصول الشريعة وفروعها‬
‫فقسم أصول الشريعة إلى قسمين‪ :‬األول أصول الفقه‪ ،‬والثاني القواعد الفقهية التي قال عنها‪" :‬هذه‬
‫شرف ويظهر رون‬
‫وي ُ‬
‫القواعد مهمة في الفقه عظيمة النفع وبقدر اوحاطة بها يعظم قدر الفقيه‪َ ،‬‬
‫الفقه‪ ،‬ويعرف وتتضح مناهج الفتاوى وتكشف‪ ،‬فيها تنافس العلماء وتفاضل الفضالء‪ ،‬وبرز القارح‬
‫على الجذع وحاز قصب السب من فيها برع‪ ،‬ومن جعل يخرج الفروع بالمناسبات الجزئية دون‬

‫القواعد الكلية تناقضت عليه الفروع واختلفت وتزلزلت خواطره فيها واضطربت‪ ،‬وضاقت نفسه لذلك‬
‫وقنطت‪ ،‬واحتاج إلى حفظ الجزئيات التي ال تتناهى وانتهى العمر ولم تقض نفسه من طلب‬
‫مناها‪ ،‬ومن ضبط الفقه بقواعده استمنى عن حفظ أكثر الجزئيات الندراجها في الكليات‪ ،‬واتحد‬
‫عنده ما تناقض عند غيره وتناسب‪ .‬وأجاب الشاسع البعيد وتقارب وحصل طلبته في أقرب األزمان‬

‫وانشرح صدره لما أشرق فيه من البيان‪ ،‬فبين المقامين شأو بعيد وبين المنزلتين تفاوت شديد")‪.(1‬‬

‫وقال الزركشي‪" :‬فإن ضبط األمور المنتشرة المتعددة في القوانين المتحدة هو أوعى لحفظها‬
‫وأدعى لضبطها وهي إحدى حكم العدد التي وضع ألجلها‪ ،‬والحكيم إذا أراد التعليم ال بد له أن‬
‫يجمع بين بيانين‪ :‬إجمالي تتشوف إليه النفس‪ ،‬وتفصيلي تسكن إليه‪ .‬ولقد بلمني عن الشيخ قطب‬
‫الدين السنباطي ‪-‬رحمه الله‪ -‬أنه كان يقول‪ :‬الفقه معرفة النظائر")‪.(2‬‬

‫القرافي‪ ،‬أحمد بن إدريس‪ ،‬الفروق‪ ،‬تحقي محمد سراج وعلي جمعة‪ ،‬دار السالم‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪2001 ،2‬م‪.)18-10/8( ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الزركشي‪ ،‬محمد بن بهادر‪ ،‬المنثور في القواعد الفقهية‪ ،‬تحقي ‪ :‬تيسذير فذائ حمذود‪ ،‬طبعذة و ازرة األوقذاف الكويتيذة‪ ،‬ط‪،2‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪8919‬م‪.(1/65-66) ،‬‬
‫‪11‬‬
‫وعليه يمكن أن نجمل فوائد القواعد الفقهية في النقاط األتية‪:‬‬

‫‪ .1‬معرفة القواعد الفقهية تساعد على تذكر وحصر الجزئيات الكثيرة المتناثرة‪ ،‬فهي كالعقد تجمعها‬
‫معا‪.‬‬

‫‪ .1‬تكوين الملكة الفقهية من خالل ربط الفروع مع بعضها البعض بواسطة القاعدة الكلية فعلم‬
‫القواعد الفقهية ينمي العقلية التي تستطيع االستنباط والنظر فهو يساعد على فهم بناء الفروع‬
‫على األصول حينما ينظر إلى القاعدة الفقهية التي تجمعها‪.‬‬

‫قال ابن نجيم‪" :‬معرفة القواعد ‪ ...‬بها يرتقي الفقيه إلى درجة االجتهاد ولو في الفتوى)‪.(1‬‬

‫الفقهية على فهم وتصور مقاصد الشريعة‪ ،‬فمن خالل النظر في الفروع‬
‫ّ‬ ‫‪ .1‬تعين دراسة القواعد‬
‫المندرجة تحت قاعدة ما‪ ،‬فمثالً قاعدة "المشقة تجلب التيسير" والفروع الفقهية تحتها تظهر‬
‫العالقة المتكاملة بين مظاهر رفع الحرج في الشريعة ومواطن تفعيله‪ ،‬األمر الذي ال يتحق إذا‬
‫نظرنا في جزئية فقهية محددة‪ ،‬فالصورة هنا كاملة وواضحة)‪.(2‬‬

‫ابن نجيم‪ ،‬األشباه والنظائر )‪.(10‬‬ ‫‪1‬‬

‫الحصذذني‪ ،‬أبذذو بكذذر بذذن محمذذد‪ ،‬القواعنند‪ ،‬تحقي ذ عبذذد الذذرحمن الشذذعالن‪ ،‬وجبريذذل البصذذيلي‪ ،‬مكتبذذة الرشذذد‪ ،‬الريذذاض‪ ،‬ط‪،8‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪8991‬م‪.(841-841( ،‬‬
‫‪11‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫اإلمام الحصني حياته الشخصية والعلمية‬

‫المطلب األول‪ :‬اسمه ونسبه ومولده‪:‬‬

‫هو الشيخ أبو بكر بن محمد بن عبد المؤمن)‪ ،(1‬بن حريز بن معلى بن موسى بن حريز بن سعيد‬

‫بن داود بن قاسم بن علي بن علوي بن ناشي بن جوهر بن علي بن أبي القاسم بن سالم بن عبد‬
‫الله بن عمر بن موسى بن يحيى بن على األصفر بن محمد المتقي بن حسن بن علي بن محمد‬
‫الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على بن زين‬

‫العابدين بن الحسين الشهيد بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب )‪(2‬الحصني ثم الدمشقي‬
‫الشافعي المعروف بالتقي الحصني)‪.(3‬‬

‫ولد اومام تقي الدين الحصني في قرية الحصن من قرى حوران أواخر سنة اثنتين وخمسين‬
‫وسبعمائة (‪711‬ه))‪.(4‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نشأته‪:‬‬

‫َقدم اومام الحصني إلى مدينة دمش ‪ ،‬وسكن المدرسة البادرائية‪ ،‬وبدأ في األخذ عن المشائخ‬
‫الموجودين‪ ،‬منهم الشيخ شرف الدين الشريشي‪ ،‬والشيخ شهاب الدين الزهري‪ ،‬وغيرهم من علماء‬
‫العصر‪.‬‬

‫وقد تزوج عدة نساء ثم ّأنه أقبل على العبادة ُقبيل الفتنة‪ ،‬وتخلى عن النساء‪ ،‬وانجمع على الناس‬
‫)‪(5‬‬
‫مع المواظبة على االشتمال بالعلم‪.‬‬

‫ابن شهبة‪ ،‬أبو بكر بن أحمد بن محمد‪ ،‬طبقات الشافعية‪ ،‬تحقي ‪ :‬عبد العليم خان‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪.)16/1( ،8‬‬ ‫‪1‬‬

‫ابن العماد‪ ،‬شهاب الدين عبد الحي بن أحمذد‪ ،‬شنذرات النذهب فني أخبنار منن ذهنب‪ ،‬تحقيذ عبذد القذادر أرنذا وط‪ ،‬ومحمذود‬ ‫‪2‬‬

‫األرنا وط‪ ،‬دار ابن كثير‪ ،‬دمش ‪8916 ،‬م‪.)214/9( ،‬‬


‫الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي‪ ،‬البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع‪ ،‬دار المعرفة‪.)866/8( ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ابن شهبة‪ ،‬طبقات الشافعية )‪.(4/76‬‬ ‫‪4‬‬

‫المصدر الساب (‪.)16/1‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪12‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬شيوخه وتالميذه ومؤلفاته‪:‬‬

‫شيوخه‪:‬‬

‫)‪(1‬‬
‫أخذ اومام تقي الدين الحصني رحمه الله تعالى علمه من مشايخ عصره ومن أبرزهم‪:‬‬

‫‪ .1‬الشيخ شرف الدين ابن الشريشي‪.‬‬

‫‪ .1‬الشيخ شهاب الدين الزهري‪.‬‬

‫‪ .1‬الشيخ نجم الدين ابن الجابي‪.‬‬

‫‪ .2‬الشيخ شمس الدين الصرخدي‪.‬‬

‫‪ .1‬الشيخ شرف الدين المزي‪.‬‬

‫‪ .6‬الشيخ بدر الدين ابن مكتوم‪.‬‬

‫‪ .7‬الشيخ صدر الدين الياسوفي‪.‬‬

‫تالميذه‪:‬‬

‫من خالل المطالعة في كتب التراجم يظهر أن اومام الحصني انتفع به خل كثير فقد جاء في‬
‫بعض الكتب التي ترجمت له‪" :‬وكان للشيخ تالميذ يخرج معهم إلى المفترجات ويبعثهم على‬
‫االنبساط واللعب")‪ ،(2‬ومن تالميذه الذين ورد ذكرهم‪:‬‬

‫‪ .1‬ابن أخيه االمام شمس الدين أبي عبد الله الحصني‪ ،‬تفقه على يدي عمه تقي الدين وانتفع به‬
‫)‪(3‬‬
‫ودرس بالمدرسة الشامية توفي سنة ‪ 212‬هجري‪.‬‬
‫ولزم طريقته‪ّ ،‬‬

‫ابن قاضي شهبة‪ ،‬طبقات الشافعية (‪ ،)16/1‬ابن حجر‪ ،‬أحمد بن علي‪ ،‬إنباء الغمر بأبناء العمر‪ ،‬المحق ‪ :‬حسن حبشي‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫المجلس األعلى للشئون اوسالمية ‪-‬لجنة إحياء التراث اوسالمي‪ ،‬مصر‪8419 ،‬ه‪8969-‬م‪.)111/4( ،‬‬
‫ابن قاضي شهبة‪ ،‬طبقات الشافعية‪.(4/76) ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ابن حجر‪ ،‬أنباء الغمر )‪.(3/464‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ .1‬اومام رضي الدين المزي فقد ذكر في كتابه بهجة الناظرين قائالً‪" :‬واجتمعت به مرات‪ ،‬وكان‬
‫)‪(1‬‬
‫يحبني ولي منه منزلة وترحم على والدي"‪.‬‬

‫مؤلفاته‪:‬‬

‫)‪(2‬‬
‫صنف اومام الحصني رحمه الله تعالى مؤلفات كثيرة في فنون متعددة‪ ،‬ومن هذه المؤلفات‪:‬‬
‫ّ‬

‫أوالً‪ :‬في العقيدة‪:‬‬

‫‪ .1‬شرح أسماء الله الحسنى مجلد‪.‬‬

‫شبه وتمرد وهو مطبوع‪.‬‬


‫‪ .1‬دفع شبه من ّ‬

‫ثانياً‪ :‬الحديث الشريف‪:‬‬

‫‪ .1‬شرح صحيح مسلم في ثالث مجلدات‪.‬‬

‫‪ .1‬شرح األربعين النووية‪.‬‬

‫‪ .1‬تخريج أحاديث اوحياء في مجلد‪ ،‬وذكره بعضهم ب ّأنه تلخيص تخريج أحاديث اوحياء‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬الفقه وقواعده‪:‬‬

‫‪ .1‬له شرحا على التنبيه في خمس مجلدات‪.‬‬

‫‪ .1‬شرح على المنهاج في خمس مجلدات‪.‬‬

‫‪ .1‬شرح الماية في مجلد وهو كتاب كفاية األخيار محل الدراسة‪.‬‬

‫‪ .2‬شرح النهاية في مجلد‪ ،‬وقد حق جزء منه من كتاب الحدود إلى العت في رسالة ماجستير في‬
‫جامعة الملك عبد العزيز سنة ‪1112‬م‪.‬‬

‫المزي‪ ،‬محمد بن أحمد‪ ،‬بهجة الناظرين‪ ،‬تحقي عبد الله الكندري‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬بيروت‪2000 ،‬م‪.)869( ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ابن العماد‪ ،‬شذرات الذهب (‪ ،)219-211/9‬المزي‪ ،‬بهجة الناظرين )‪.(169‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ .1‬تلخيص المهمات في مجلدين‪.‬‬

‫‪ .6‬قواعد الفقه مجلد‪ .‬وهو كتاب في القواعد الفقهية مطبوع‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬في التصوف والتزكية‪:‬‬

‫‪ .1‬قمع النفوس في مجلد‪.‬‬

‫‪ .1‬تأديب القوم في مجلد‪.‬‬

‫‪ .1‬تنبيه السالك إلى مظان المهالك في ست مجلدات‪.‬‬

‫وله تفسير للقرآن الكريم إلى سورة األنعام آيات متفرقة في مجلد‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬أخالقه وثناء العلماء عليه‪ ،‬وفاته‪:‬‬

‫اتصف اومام تقي الدين الحصني بأخالق العلماء الربانيين الذين لم تشملهم الدنيا عن القيام‬
‫بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم وهي تبليغ الدين‪ ،‬ونشر العلم النافع‪ ،‬واألمر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكر‪ ،‬وقد امتاز اومام الحصني بهذه الصفات‪ ،‬واشتهر عنه الزهد‪ ،‬وعدم االلتفات إلى الدنيا‪،‬‬
‫واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪.‬‬

‫فقد كان عابداً زاهداً في الدنيا يقنع منها بالقليل قال ابن شهبة‪" :‬االمام العالم الرباني الزاهد الورع‬
‫تقي الدين الحصني‪ ...‬وله في الزهد‪ ،‬والتقلل من الدنيا حكايات لعل أنه ال يوجد في تراجم كبار‬
‫)‪(1‬‬
‫األولياء أكثر منها"‪.‬‬

‫وقال المزي‪" :‬االمام العالم العالمة الزاهد الرباني العابد الورع تقي الدين بقية السلف الصالحين‪...‬‬

‫وكان رحمه الله عليه من المهابة واألنس الكثير ما ال يخفى لمن له فطنة أنه ولي الله في‬
‫)‪(2‬‬
‫زمانه"‪.‬‬

‫ابن قاضي شهبة‪ ،‬طبقات الشافعية )‪.(4/76‬‬ ‫‪1‬‬

‫المزي‪ ،‬بهجة الناظرين )‪.(168-170‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪15‬‬
‫ومع انقطاعه عن الدنيا وزهده إال إنه كان خفيف الروح منبسطا له نوادر ويخرج مع الطلبة الى‬
‫)‪(1‬‬
‫المفترجات ويبعثهم الى االنبساط‪ ،‬مع الدين المتين والتحري في أقواله وأفعاله‪.‬‬

‫ومع هذا كله فقد كان آم ار بالمعروف ناهياً عن المنكر قال ابن حجر‪" :‬وكان يميل إلى التقشف‪،‬‬
‫ويبالغ في األمر بالمعروف والنهي عن المنكر")‪ ،(2‬والناظر في كتابه كفاية األخيار يجد ذلك‬

‫واضحاً؛ فمن ذلك انكاره على قضاة السوء والظلمة من الوالة)‪ .(3‬وانكاره على أهل البدع من زمانه‬
‫)‪(4‬‬
‫تعبدهم بآالت اللهو وحضور مجالس الظلمة‪.‬‬

‫وفاته‪:‬‬

‫توفي رحمه الله في ليلة األربعاء منتصف جمادى االخرة سنة تسع وعشرين وثمان مائه‬
‫(‪)219‬ه)‪ ،(5‬ودفن بالقبيبات في أطراف العمارة على جادة الطري عند قبر والده رحمهما الله)‪.(6‬‬

‫وقد حضر جنازته عالم ال يحصيهم إال الله مع بعد المسافة وعدم علم أكثر الناس بوفاته‪،‬‬
‫وازدحموا على حمله للتبرك به‪ ،‬وختم عند قبره ختمات كثيرة‪ ،‬وصلى عليه أمم ممن فاتته الصالة‬
‫)‪(7‬‬
‫عند قبره‪.‬‬

‫ابن حجر‪ ،‬إنباء الغمر بأبناء العمر‪.(3/375) ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫المصدر الساب (‪.)411/4‬‬ ‫‪2‬‬

‫الحصني‪ ،‬أبو بكر بن محمد‪ ،‬كفاية األخيار‪ ،‬تحقي ‪ :‬عبد اللذه بذن سذميط ممحمذد شذادي عذرب‪ ،،‬دار المنهذاج‪ ،‬جذدة‪ ،‬ط‪،2‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪2001‬م‪.)219( ،‬‬
‫المصدر الساب (‪.)181-181‬‬ ‫‪4‬‬

‫الشوكاني‪ ،‬البدر الطالع )‪.(1/166‬‬ ‫‪5‬‬

‫ابن قاضي شهبة‪ ،‬طبقات الشافعية )‪.(4/77‬‬ ‫‪6‬‬

‫ابن العماد‪ ،‬شذرات الذهب )‪.(9/275‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪16‬‬
‫المبحث الرابع‬

‫التعريف بكتاب كفاية األخيار وأهميته‬

‫المطلب األول‪ :‬اسم الكتاب ونسبته للمؤلف‪:‬‬

‫هو كتاب كفاية األخيار في حل غاية اوختصار أحد شروح متن أبي شجاع في الفقه الشافعي‪،‬‬

‫ونسبته لإلمام الحصني واضحة‪ ،‬فقد صرح باسمه في خطبة الكتاب قائالً‪" :‬وسميت كتابي هذا‬
‫بكفاية األخيار في حل غاية االختصار")‪.(1‬‬

‫ونسبه إليه كل من ترجم له‪ ،‬وقد ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون ضمن الكالم على متن‬

‫غاية االختصار قال‪" :‬شرحه‪ :‬السيد‪ :‬تقي الدين الحصني وسماه‪( :‬كفاية األخيار‪ ،‬في حل غاية‬
‫االختصار)")‪.(2‬‬

‫وقد ذكر اومام تقي الدين الحصني في خاتمة الكتاب أنه انتهى من تأليفه سنة ‪212‬ه بالمدرسة‬
‫الصالحية في القدس الشريف)‪.(3‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أهمية كتاب كفاية األخيار‪:‬‬

‫تظهر أهمية كتاب كفاية األخيار من خالل األمور التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬كونه شرحاً ألهم المتون الفقهية عند السادة الشافعية وهو مختصر أبي شجاع المسمى غاية‬
‫عليه أيضاً "التقريب"‪ ،‬وقد حظي هذا المتن باهتمام كبير‪ ،‬فأُلفت عليه‬ ‫"االختصار" ويطل‬
‫الشروح والحواشي والتقريرات‪ ،‬وقد طبع منها الكثير‪.‬‬

‫‪ .1‬منهجية المؤلف في الشرح فقّلما تخل مسألة من تعليل وتدليل‪.‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(66‬‬ ‫‪1‬‬

‫حاجي خليفة‪ ،‬مصطفى بن عبد الله‪ ،‬كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون‪ ،‬مكتبة المثنى ‪-‬بمداد (وصورتها عدة دور‬ ‫‪2‬‬

‫لبناني ذذة‪ ،‬ب ذذنفس ت ذذرقيم ص ذذفحاتها‪ ،‬مث ذذل‪ :‬دار إحي ذذاء التذ ذراث العرب ذذي‪ ،‬ودار العل ذذوم الحديث ذذة‪ ،‬ودار الكت ذذب العلمي ذذة)‪8918 ،‬م‪،‬‬
‫(‪.)8819/2‬‬
‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(737‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ .1‬كون هذا الشرح وسطاً ال هو بالطويل الممل وال بالقصير المخل‪ ،‬وذلك ألن المؤلف وضعه‬

‫ليستفيد منه سالك طري األخرة‪ ،‬وذو العيال المشمول في طلب الرزق‪.‬‬

‫‪ .2‬اشتمال الشرح على المناقشات العلمية‪ ،‬والكثير من القواعد األصولية‪ ،‬والقواعد والضوابط‬
‫الفقهية‪ ،‬ودليل ذلك الرسائل العلمية التي عملت على هذا‪ ،‬وقد مر ذكرها في المقدمة‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫المبحث الخامس‬

‫منهجية اإلمام الحصني في القواعد والضوابط الفقهية‬

‫المطلب األول‪ :‬منهجية اإلمام الحصني في القواعد الفقهية‪:‬‬

‫لإلمام الحصني باع طويل في علم القواعد والضوابط الفقهية وهذا مالحظ في كتابه كفاية‬

‫الكتاب ّأنه‬ ‫أن له كتاب في القواعد الفقهية اسمه "القواعد" وقد ذكر محق‬
‫األخيار‪ ،‬وال ننسى ّ‬
‫أن اومام تقي الدين‬
‫ومعلوم ّ‬
‫ٌ‬ ‫اختصره من كتاب "المجموع المذهب في قواعد المذهب" للعالئي‪،‬‬
‫الحصني قد أّلف كتابه كفاية األخيار سنة ‪212‬ه‪ ،‬ولكن ال يعلم متى أّلف كتابه "القواعد"‪.‬‬

‫أن اومام الحصني قد أولى أهمية‬


‫ومن خالل القراءة المتأنية في كتاب كفاية األخيار يالحظ ّ‬
‫أن له منهجهاً واضحا في استثمار القواعد والضوابط الفقهية في‬
‫وعناية بالمة بالقواعد الفقهية‪ ،‬و ّ‬
‫خدمة الفروع الفقهية‪ ،‬وهذا يظهر من خالل النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬شرح وبيان القاعدة والتمثيل عليها كما فعل في قاعدة "اليقين ال يزول بالشك" حيث ذكر‬
‫القواعد التي تندرج تحتها مع التمثيل عليها)‪.(1‬‬

‫‪ُ .1‬يورد القاعدة في معرض االستدالل لالستئناس بها كما فعل في قاعدة "الخروج من الخالف‬
‫مستحب"‪ ،‬وقاعدة "التحريم عند اجتماع الحالل والحرام")‪.(2‬‬

‫‪ .1‬يذكر القاعدة الفقهية في معرض التعليل كما في قاعدة "ما حرم استعماله حرم اتخاذه")‪.(3‬‬

‫)‪(4‬‬
‫‪ .2‬يذكر القاعدة الفقهية لحصر الفروع المتشابهة كما في قاعدة "الرخص ال تناط بالمعاصي"‪.‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار (‪.)99‬‬ ‫‪1‬‬

‫المصدر الساب ‪.)216( ،)11( ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫المصدر الساب ‪.)11( ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫المصدر الساب ‪.)222( ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪19‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬منهجية اإلمام الحصني في الضوابط الفقهية‪:‬‬

‫يفرق بين القاعدة الفقهية والضابط الفقهي‪:‬‬


‫يالحظ أن اومام الحصني ّ‬

‫‪ .1‬يصرح اومام الحصني بلفظ ضابط عند ذكره الضابط كما في "كل تمير يمنع إطالق اسم‬
‫الماء يسلبه الطهورية وإال فال"‪ ،‬وضابط "سجود السهو إما بارتكاب شيء منهي عنه أو ترك‬
‫وقد يورده دون أن يصرح بلفظ ضابط قبله‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫مأمور به"‪.‬‬

‫)‪(2‬‬
‫‪ .1‬وقد يعبر عن الضابط بلفظ األصل كما في ضابط "األصل في الحيوانات الطهارة"‪.‬‬

‫‪ .1‬يوجه القارئ لحفظ الضابط كما في ضابط "كل عرض ملك بمعاوضة بقصد التجارة فهو مال‬
‫)‪(3‬‬
‫تجارة"‪.‬‬

‫أن اومام الحصني يفرق بين القاعدة والضابط الفقهي‪.‬‬


‫وبهذا يتبين ّ‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار (‪.)204( ،)12‬‬ ‫‪1‬‬

‫المصدر الساب ‪.)849( ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫المصدر الساب ‪.)261( ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫القواعد الفقهية الواردة في كتاب كفاية األخيار في باب العبادات‬

‫‪21‬‬
‫المبحث األول‬

‫قاعدة‪( :‬ما حرم استعماله حرم اتخاذه)‬

‫المطلب األول‪ :‬شرح القاعدة‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬مفردات القاعدة‪:‬‬

‫)‪(1‬‬
‫الحرام لغة‪ :‬الممنوع ‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫الحرام اصطالحاً‪ :‬هو ما طلب الشارع تركه على وجه الحتم واولزام‪.‬‬
‫)‪(3‬‬
‫االستعمال‪ :‬جاء في المصباح المنير يقال "استعملت الثوب ونحوه أي أعملته فيما يعد له"‪.‬‬

‫فاالستعمال يعني استخدام الشيء على الوجه الذي أُعد له‪.‬‬

‫االتخاذ‪ :‬قال ابن فارس‪" :‬أخذ‪ ،‬الهمزة والخاء والذال أصل واحد تتفرع منه فروع متقاربة في‬
‫)‪(4‬‬
‫المعنى‪ .‬أما أخذ فاألصل حوز الشيء وجبيه وجمعه"‪.‬‬
‫)‪(5‬‬
‫قال الزبيدي‪ " :‬ومعنى األخذ والتخذ واحد‪ ،‬وهو حوز الشيء وتحصيله"‪.‬‬

‫والمراد باالتخاذ‪ :‬االقتناء من غير استعمال)‪ ،(6‬وعليه يكون االتخاذ مجرد حيازة الشيء‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬المعنى العام للقاعدة‪:‬‬

‫حرم الشرع استعماله كالخمر‪،‬‬


‫ال يختلف معنى القاعدة عن المعنى اللموي‪ ،‬أي أن الشيء الذي ّ‬
‫يحرم على المكلف أن يتخذه ويقتنيه؛ وذلك دفعا لذريعة االستعمال‪ ،‬فامتالك‬
‫وأدوات اللهو ُ‬

‫الفيومي‪ ،‬أحمد بن محمد‪ ،‬المصباح المنير‪ ،‬دار الحديث القاهرة‪ ،‬ط‪2000 ،8‬م‪.)12( ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الزحيلي‪ ،‬وهبة‪ ،‬أصول الفقه‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪2009 ،4‬م‪.)16/8( ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫الفيومي‪ ،‬المصباح المنير )‪.(255‬‬ ‫‪3‬‬

‫ابذذن فذذارس‪ ،‬أحمذذد بذذن فذذارس بذذن زكريذذا القزوينذذي الذرازي‪ ،‬مقنناييس اللغننة‪ ،‬المحق ذ ‪ :‬عبذذد السذذالم محمذذد هذذارون‪ ،‬دار الفكذذر‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫طبعة ‪8919‬م‪.)61/8( ،‬‬


‫محمد‪ ،‬تاج العروس‪ ،‬المحق ‪ :‬مجموعة من المحققين‪ ،‬دار الهداية‪.)410/9( .‬‬ ‫محمد بن ّ‬
‫الزبيدي‪ّ ،‬‬
‫‪5‬‬

‫العراقي‪ ،‬أحمد بن عبد الرحيم‪ ،‬تحرينر الفتناو ‪ ،‬المحقذ ‪ :‬عبذد الذرحمن فهمذي محمذد الذزواوي‪ ،‬دار المنهذاج للنشذر والتوزيذع‪،‬‬ ‫‪6‬‬

‫جدة ‪-‬المملكة العربية السعودية‪ ،‬ط‪8142 ،8‬ه‪.)12/8( ،‬‬


‫‪22‬‬
‫الشخص للشيء المحرم ال فائدة منه‪ ،‬وقد يؤدي إلى استعماله ‪ (1).‬فالقاعدة من باب سد الذرائع؛‬

‫المحرم‪ ،‬وفي‬
‫ّ‬ ‫منعه الشرع حتى ال يكون سبباً للوقوع في‬ ‫)‪(2‬‬
‫حرماً"‬
‫ألن "ما أفضى إلى الحرام كان ا‬
‫المقابل ما ينتفع به جاز اتخاذه)‪.(3‬‬

‫فالحرام ينقسم إلى نوعين‪:‬‬

‫األول‪ :‬ما جاء تحريمه مطلقاً فال يحل بحال من األحوال كالخمر مثالً فال يجوز شربها أو بيعها‬

‫أو العمل على انتاجها‪ ،‬فهذا المحرم ال يجوز اتخاذه أو حيازته‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬ما جاء تحريمه من جهة‪ ،‬وأبيح من جهة أخرى‪ ،‬كالكلب مثالً يحرم اتخاذه‪ ،‬لكن جاز‬

‫اقتنا ه بمرض الصيد أو الحراسة‪ ،‬فهنا ينظر إلى نية المتخذ‪ ،‬فإن كان ألحد هذين المرضين جاز‪،‬‬
‫)‪(4‬‬
‫وإال حرم اتخاذه‪.‬‬

‫ولإلمام اوسنوي كالم يدل على اعتبار نية المتخذ قال‪" :‬ولو أراد اتخاذ الكلب ليصطاد به إذا أراد‪،‬‬
‫وال يصطاد به في الحال‪ ،‬وليحفظ الزرع والماشية إذا صار له فوجهان‪ :‬أصحهما‪ :‬ال يجوز‪ ،‬انتهى‬
‫صحيحا‪ ،‬فإن االقتناء للصيد جائز باالتفاق‪ ،‬وتربية الجرو له‬
‫ً‬ ‫جدا إن كان‬
‫والحكم في هذا مشكل ً‬
‫أيضا جائز على المعروف فكيف منعوا هذا؟")‪.(5‬‬
‫ً‬

‫ومثله تماماً الحرير‪ ،‬والحلي المصنوع من الذهب فإنه محرم على الرجال لكن لو كان االتخاذ‬
‫)‪(6‬‬
‫حرم استعماله مطلقا حرم اتخاذه على هيئة‬
‫بهدف التجارة جاز ‪ .‬قال ابن قدامة‪" :‬إن ما ّ‬

‫الزركشي‪ ،‬المنثور في القواعد )‪.(3/139-140‬‬ ‫‪1‬‬

‫آل بورن ذذو‪ ،‬محم ذذد ص ذذدقي ب ذذن أحم ذذد‪ ،‬موسننننوعة القواعنننند الفقهيننننة‪ ،‬مؤسس ذذة الرس ذذالة‪ ،‬بي ذذروت‪ ،‬ط‪8121 ،8‬ه‪2004-‬م‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫(‪.)12/9‬‬
‫مجموعذذة مذذن العلم ذذاء‪ ،‬معلمنننة دايننند للقواعننند الفقهينننة واألصنننولية‪ ،‬مؤسسذذة ازي ذذد بذذن سذذلطان آل نهي ذذان ل عمذذال الخيري ذذة‬ ‫‪3‬‬

‫واونسانية ‪-‬منظمة التعاون اوسالمي مجمع الفقه اوسالمي الدولي‪2084-8141 ،‬م‪.)294-292/1( ،‬‬
‫المصدر الساب (‪.)294/1‬‬ ‫‪4‬‬

‫اوسنوي‪ ،‬جمال الدين عبد الرحيم‪ ،‬المهمات‪ ،‬تحقي ‪ :‬أحمد بن علي‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪.)49/9( ،2009 ،8‬‬ ‫‪5‬‬

‫مجموعة من العلماء‪ ،‬معلمة دايد الفقهية )‪.(8/293‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪23‬‬
‫االستعمال‪ ،‬كالطنبور‪ ،‬وأما ثياب الحرير فإنها ال تحرم مطلقا‪ ،‬فإنها تباح للنساء‪ ،‬وتباح التجارة‬

‫فيها")‪.(1‬‬

‫أن تحريم االتخاذ جاء سدا لذريعة االستعمال في‬


‫ّ‬ ‫يفهم من كالم اوسنوي‪ ،‬وابن قدامة الساب‬
‫المحرم من كل وجه‪ ،‬وما أُبيح استعماله من وجه يجوز اتخاذه لهذا الوجه‪ ،‬وهذا عائد إلى نية‬

‫المتخذ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة القاعدة‪:‬‬

‫من األدلة التي تستند إليها هذه القاعدة‪:‬‬

‫‪ .1‬حديث أنس رضي الله عنه‪" ،‬كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة‪ ،‬وكان خمرهم يومئذ‬
‫الفضيخ(‪ ،)2‬فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا ينادي‪ :‬أال إن الخمر قد حرمت قال‪:‬‬
‫فقال لي أبو طلحة‪ :‬اخرج‪ ،‬فأهرقها‪ ،‬فخرجت فهرقتها‪ ،‬فجرت في سكك المدينة")‪.(3‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬أن الصحابة رضي الله عنهم لما نزل تحريم الخمر امتنعوا عن ابقائها واتخذها‬

‫عندهم؛ ألن االتخاذ يجر إلى االستعمال‪.‬‬

‫‪ .1‬القياس‪:‬‬

‫أن هذه القاعدة مبنية على القياس‪ ،‬حيث تم قياس االتخاذ على‬
‫ذهب الدكتور محمد الروكى إلى ّ‬
‫االستعمال بجامع الملك ووضع اليد)‪.(4‬‬

‫ابذذن قدام ذذة‪ ،‬موفذ ذ ال ذذدين عب ذذد الل ذذه‪ ،‬المغنننني‪ ،‬اعتننننى بذذه محم ذذد س ذذامح ع ذذامر وآخ ذذرون‪ ،‬دار اب ذذن الج ذذوزي‪ ،‬ط‪،2089 ،8‬‬ ‫‪1‬‬

‫(‪.)91/8‬‬
‫الفضيخ‪ :‬عصذير العنذب‪ ،‬وهذو أيضذا شذراب يتخذذ مذن البسذر المفضذو وحذده مذن غيذر أن تمسذه النذار‪ .‬ابذن منظذور‪ ،‬لسنان‬ ‫‪2‬‬

‫العرب (‪.)19/4‬‬
‫البخاري‪ ،‬محمد بذن إسذماعيل‪ ،‬صنحيح البخناري‪ ،‬المحقذ ‪ :‬محمذد زهيذر بذن ناصذر الناصذر‪ ،‬دار طذوق النجذاة (مصذورة عذن‬ ‫‪3‬‬

‫السلطانية بإضذافة تذرقيم محمذد فذؤاد عبذد البذاقي) ط‪8122 ،8‬ه‪ ،‬كتذاب المظذالم‪ ،‬بذاب صذب الخمذر فذي الطريذ ‪ ،‬رقذم‪،2161‬‬
‫(‪ ،)842/4‬مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬المحقذ ‪ :‬محمذد فذؤاد عبذد البذاقي‪ ،‬دار إحيذاء التذراث العربذي –بيذروت‪ ،‬كتذاب األشذربة‪ ،‬بذاب‬
‫تحريم الخمر وبيان أنها تكون من العنب‪ ،‬رقم ‪.)8910/4( ،8910‬‬
‫الروكى‪ ،‬محمد‪ ،‬نظرية التقعيد الفقهي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪8991 ،8‬م‪.)889( ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ .1‬قاعدة سد الذرائع‪:‬‬

‫والذريعة عرفها المازري بأنها‪ " :‬منع ما يجوز لئال يتطرق به إلى ما ال يجوز")‪.(1‬‬

‫وفي منع اتخاذ ما حرم استعماله سدا لذريعة االستعمال‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات القاعدة‪:‬‬

‫‪ .1‬يحرم اتخاذ األواني المصنوعة من الذهب والفضة؛ ألن اتخاذها قد يجر إلى استعمالها‪.(2‬‬

‫‪ .1‬يحرم اتخاذ أدوات اللهو‪ ،‬والمعازف لحرمة استعمالها‪.‬‬

‫قال اومام الحصني في معرض حديثه عن األواني المصنوعة من الذهب‪ ،‬والفضة‪" :‬ويحرم اتخاذ‬

‫هذه األواني من غير استعمال على الصحيح؛ ألن ما حرم استعماله حرم اتخاذه كآالت اللهو")‪.(3‬‬

‫‪ .1‬يحرم اتخاذ الخمر؛ ألن اتخاذها مدعاة لشربها واستعمالها)‪ .(4‬ومثلها المخدرات بأنواعها‪.‬‬
‫)‪(5‬‬
‫‪ .2‬يحرم اتخاذ الخنزير‪ ،‬والفواس ‪.‬‬

‫‪ .1‬ال يجوز اقتناء الكلب لمير الصيد‪ ،‬والحراسة)‪ ،(6‬وعليه يجوز اتخاذ الكالب المدربة التي تؤدي‬
‫مهام حيوية كاونقاض‪ ،‬أو مساعدة فاقدي البصر‪.‬‬

‫‪ .6‬ال يجوز للرجل اتخاذ ثياب الحرير المعدة للبس الرجال‪ ،‬وكذا الحلي المصنوع من الذهب)‪.(7‬‬
‫فالثياب المعدة الستعمال الرجال المصنوعة من الحرير ال يجوز اتخاذها بحال؛ ألنه يجر إلى‬
‫استعمالها‪ ،‬أما الثياب المعدة للنساء‪ ،‬فيجوز اقتنائها بنية التجارة‪.‬‬

‫‪ 1‬المازري‪ ،‬محمد بن علي بن عمر‪ ،‬شرح التلقين‪ ،‬المحق ‪ :‬سماحة الشذيخ مح دمذد المختذار السذالمي‪ ،‬دار المذرب ‪،‬‬
‫اوسذالمي‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ط‪2001 ،8‬م (‪.)481/2‬‬
‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(77‬‬ ‫‪2‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار (‪.)11‬‬ ‫‪3‬‬

‫السيوطي‪ ،‬عبد الرحمن بن أبذي بكذر‪ ،‬األشنباه والنظنائر‪ ،‬تحقيذ ‪ :‬محمذد حسذن اسذماعيل‪ ،‬دار الكتذب العلميذة بيذروت‪ ،‬ط‪،4‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪2089‬م‪.)226( ،‬‬
‫الزركشي‪ ،‬المنثور في القواعد )‪.(3/139-140‬‬ ‫‪5‬‬

‫السيوطي‪ ،‬األشباه والنظائر )‪.(226‬‬ ‫‪6‬‬

‫الزركشي‪ ،‬المنثور في القواعد (‪ ،)810/4‬الحصني كفاية األخيار )‪.(245‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ .7‬ومن التطبيقات المعاصرة لهذه القاعدة تحريم اتخاذ األفراد‪ ،‬أو الجماعات أسلحة الدمار‬

‫الشامل؛ خارج نطاق الدول؛ لما الستعمالها من أضرار جسيمة على البشرية‪ ،‬واتخاذها مظنة‬
‫)‪(1‬‬
‫لالستعمال‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬مستثنيات القاعدة‪:‬‬

‫استثنى العلماء من هذه القاعدة مسائل منها مسالة الباب الذي يجعله صاحب البيت في الجهة‬
‫التي فيها ممر مع جيرانه‪ ،‬بحيث يكون للبيت مدخل آخر‪ ،‬فإنه في هذه الحالة يجوز له اتخاذ‬

‫الباب وابقائه مملقاً؛ ألنه يجوز اتخاذه دون استعماله ‪ .‬وقد يقال ّ‬
‫)‪(2‬‬
‫ابتداء؛ ألنه‬
‫ً‬ ‫إن هذا ليس ممنوعاً‬
‫)‪(3‬‬
‫تصرف في ملكه‪.‬‬

‫لبيب‪ ،‬لبيب عبد الله نجيب‪ ،‬القواعد الفقهية في كتاب كنز الراغبين‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪2081 ،8‬م‪.)811( ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫اللحجي‪ ،‬عبد الله بن سعيد‪ ،‬إيضاح القواعد الفقهية‪ ،‬مطبعة المدني‪8411 ،‬ه‪.)12( ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫الف ذذاداني‪ ،‬محم ذذد ياس ذذين‪ ،‬الفوائنننند الجنيننننة‪ ،‬اعتن ذذى ب ذذه رم ذذزي دمش ذذقية‪ ،‬دار البش ذذائر اوس ذذالمية‪ ،‬بي ذذروت‪ ،‬ط ‪8996 ،2‬م‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫(‪.)296-299/2‬‬
‫‪26‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫قاعدة‪( :‬الخروج من الخالف مستحب)‬

‫المطلب األول‪ :‬شرح القاعدة‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬مفردات القاعدة‪:‬‬

‫الخروج لغة‪ :‬خرج الخاء والراء والجيم أصالن‪ ،‬فاألول‪ :‬النفاذ عن الشيء‪ .‬والثاني‪ :‬اختالف‬

‫لونين)‪.(1‬‬

‫فالخروج النفاذ من دائرة االختالف إلى االتفاق ولو بشكل جزئي‪.‬‬

‫اآلخر في حاله أو‬ ‫كل واحد طريقا غير طري‬


‫االختالف والمخالفة‪ :‬أن يأخذ ّ‬
‫ُ‬ ‫الخالف لغة‪ :‬و‬

‫قوله)‪.(2‬‬

‫فالخالف يعني التضاد وعدم االتفاق‪.‬‬

‫الخالف اصطالحاً‪ :‬أن يكون في المسألة الفقهية أقوال متمايرة مختلفة‪.‬‬

‫المستحب اصطالحا ًً‪ :‬هو بمعنى المندوب قال االمام الشعراني‪" :‬وكذلك نقول في المندوب‪،‬‬
‫)‪(3‬‬
‫والمستحب‪ ،‬والتطوع‪ ،‬والسنة ّأنها بمعنى واحد"‪.‬‬

‫)‪(4‬‬
‫وعليه يكون تعريف المستحب "هو ما طلب الشارع فعله طلباً غير الزم"‪.‬‬

‫ابن فارس‪ ،‬مقاييس اللغة )‪.(2/175‬‬ ‫‪1‬‬

‫الراغب األصفهاني‪ ،‬أبو القاسم الحسين بذن محمذد‪ ،‬المفنردات فني غرينب القنرلن الكنريم‪ ،‬المحقذ ‪ :‬صذفوان عذدنان الذداودي‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫دار القلم‪ ،‬الدار الشامية ‪-‬دمش بيروت‪ ،‬ط‪8182 ،8‬هذ‪.)291/8( ،‬‬


‫الشعراني‪ ،‬عبد الوهاب‪ ،‬منهاج الوصول‪ ،‬تحقي ‪ :‬يوسف رضوان الكود‪ ،‬دار الفتح عمان‪ ،‬ط‪2084 ،8‬م‪.)214( ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫أبو زهرة‪ ،‬محمد‪ ،‬أصول الفقه‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة سنة ‪8991‬م‪.)41( ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪27‬‬
‫ثانياً‪ :‬المعنى العام للقاعدة‪:‬‬

‫هذه قاعدة عظيمة الشأن‪ ،‬لما لها من االحتياط‪ ،‬قال العز بن عبد السالم‪" :‬وإن تقاربت األدلة في‬
‫سائر الخالف بحيث ال يبعد قول المخالف كل البعد‪ ،‬فهذا ما يستحب الخروج من الخالف فيه‬
‫حذ اًر من كون الصواب مع الخصم‪ ،‬والشرع يحتاط لفعل الواجبات والمندوبات كما يحتاط لترك‬

‫المحرمات والمكروهات" )‪ ،(1‬وفي بيان أهمية هذه القاعدة يقول اومام السبكي‪" :‬ما اشتهر في كالم‬
‫كثير من األئمة ‪-‬ويكاد يحسبه الفقيه ‪-‬مجمعا عليه‪ -‬من أن الخروج من الخالف أولى‬
‫)‪(2‬‬
‫وأفضل"‪.‬‬

‫فالخروج من الخالف‪ :‬النفاذ من دائرة االختالف إلى االتفاق ولو بشكل جزئي‪ .‬فالمكلف حينما‬

‫يأخذ بقول المخالف يمل دائرة الخالف‪ ،‬ويقترب من االتفاق‪.‬‬

‫وبناء على هذا يكون عمل المكلف بفعل ما اختلفوا في وجوبه‪ ،‬وترك ما اختلف في تحريمه)‪.(3‬‬
‫ً‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة القاعدة‪:‬‬

‫من األدلة التي يمكن أن يستدل بها لهذه القاعدة‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬أدلتها من النقل‪:‬‬

‫األول‪ :‬لعل من أشهر أدلتها ما رواه البخاري‪ ،‬وغيره عن عائشة رضي الله عنها‪ ،‬قالت‪ :‬كان عتبة‬
‫ّ‬
‫عهد إلى أخيه سعد‪ :‬أن ابن وليدة زمعة مني‪ ،‬فاقبضه إليك‪ ،‬فلما كان عام الفتح أخذه سعد‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ابن أخي عهد إلي فيه‪ ،‬فقام عبد بن زمعة‪ ،‬فقال‪ :‬أخي وابن وليدة أبي‪ ،‬ولد على فراشه‪ ،‬فتساوقا‬

‫إلى النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فقال سعد‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬ابن أخي‪ ،‬قد كان عهد إلي فيه‪ ،‬فقال‬
‫عبد بن زمعة‪ :‬أخي وابن وليدة أبي‪ ،‬ولد على فراشه‪ ،‬فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪« :‬هو لك‬

‫ابن دقي العيد‪ ،‬إحكام اإلحكام شرح عمدة األحكام‪ ،‬مطبعة السنة المحمدية‪ ،‬طبعة بدون تاريخ (‪.)291/8‬‬ ‫‪1‬‬

‫السبكي‪ ،‬األشباه والنظائر ‪.(111/1).‬‬ ‫‪2‬‬

‫العماري‪ ،‬االختالف في الفقه اإلسالمي‪ ،‬حقيقته وقواعد تدبيره )‪.(51‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪28‬‬
‫يا عبد بن زمعة‪ ،‬الولد للفراش وللعاهر الحجر» ثم قال لسودة بنت زمعة‪« :‬احتجبي منه» لما رأى‬

‫من شبهه بعتبة‪ ،‬فما رآها حتى لقي الله تعالى)‪.(1‬‬

‫وجه الداللة في الحديث‪ :‬بالرغم أنه حكم بأن الولد ابن زمعة؛ ألنه ولد على فراشه وهو بذلك‬

‫يكون أخو سودة‪ ،‬لكن مراعاة للشبه بعتبه أمرها باالحتجاب منه الحتمال أن الفراش مقتض‬
‫ٍ‬
‫مقتض ولحاقه بعتبة‪ ،‬فأعطي النسب بمقتضى الفراش‪ .‬وأُلح بزمعة‪،‬‬ ‫البين‬
‫ولحاقه بزمعة والشبه ّ‬
‫وروعي أمر الشبه بأمر سودة باالحتجاب منه‪ .‬فأعطي الفرع حكما بين حكمين فلم يمحض أمر‬
‫)‪(2‬‬
‫المحرمية بينه وبين سودة‪ ،‬وال روعي أمر الشبه مطلقا فيلتح بعتبة"‬
‫ّ‬ ‫الفراش فتثبت‬

‫ثانياً‪ :‬عن عائشة‪ ،‬أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪ :‬أيما امرأة ُنكحت بمير إذن وليها‬

‫فنكاحها باطل‪ ،‬فنكاحها باطل‪ ،‬فنكاحها باطل‪ ،‬فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها‪،‬‬
‫فإن اشتجروا فالسلطان ولي من ال ولي له))‪.(3‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬فهنا حكم النبي ببطالن عقد النكاح مؤكدا ذلك بالتكرار ثالثاً‪ ،‬مما يقتضي أن ال‬

‫يترتب على العقد شيء‪ ،‬مع هذا نجده يثبت لها المهر بعد الدخول‪ ،‬فال يعد هذا النكاح زنا؛ ألن‬
‫مهر البمي حرام‪ ،‬فكأنه عمل بدليل قبل الوقوع وأخر بعده)‪.(4‬‬

‫ثالثا ‪ :‬حديث النعمان بن بشير المشهور الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم‪( :‬إن الحالل‬
‫ّبين‪ ،‬وإن الحرام ّبين‪ ،‬وبينهما مشتبهات ال يعلمهن كثير من الناس‪ ،‬فمن اتقى الشبهات استب أر‬
‫لدينه‪ ،‬وعرضه‪ ،‬ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام‪ ،‬كالراعي يرعى حول الحمى‪ ،‬يوشك أن‬
‫يرتع فيه‪ ،‬أال وإن لكل ملك حمى‪ ،‬أال وإن حمى الله محارمه‪ ،‬أال وإن في الجسد مضمة‪ ،‬إذا‬
‫صلحت‪ ،‬صلح الجسد كله‪ ،‬وإذا فسدت‪ ،‬فسد الجسد كله‪ ،‬أال وهي القلب))‪.(5‬‬

‫البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الفرائض‪ ،‬باب الولد للفراش رقم ‪.6119‬‬ ‫‪1‬‬

‫ابن دقي العيد‪ ،‬إحكام األحكام شرح عمدة األحكام‪ ،‬مطبعة السنة المحمدية‪ ،‬طبعة بدون تاريخ‪.)201/2( ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫الترمذي‪ ،‬سنن الترمذي‪ ،‬باب ال نكاح إال بولي رقم ‪ ،8802‬وقال هذا حديث حسن‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫السيسي‪ ،‬طاهر خليفة‪ ،‬الفرق بين قاعدة مراعاة الخالف والخروج من الخالف )‪.(97‬‬ ‫‪4‬‬

‫مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬باب أخذ الحالل وترك الحرام‪ ،‬رقم ‪.8999‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪29‬‬
‫ثانياً‪ :‬أدلتها من المعقول‪:‬‬

‫"عمل المكلف قد تتنازعه جهتان‪ ،‬الجواز والمنع‪ ،‬فإن ترجح عند المجتهد جهة‪ ،‬ال يعني ذلك أن‬
‫الجهة األخرى ملمية بشكل كلي‪ ،‬وإنما يجوز مراعاتها‪ ،‬قال ابن العربي‪ :‬القضاء بالترجيح‪ ،‬ال‬
‫يقطع حكم المرجوح بالكلية‪ ،‬بل يجب العطف عليه بحسب مرتبته لقوله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬

‫الولد للفراش‪.(1)".....‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقيات على قاعدة الخروج من الخالف‬

‫إن الناظر في كتب الفروع الفقهية ليجد الكثير من أقوال الفقهاء بمسائل تخالف ما ذهبوا خروجاً‬
‫من الخالف‪ ،‬وهذه بعض األمثلة في بيان ذلك‪:‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪ .1‬استحباب استيعاب الرأس بالمسح؛ خروجاً من خالف من أوجبه وهم المالكية‪.‬‬

‫‪ .2‬يستحب الوضوء من النوم ولو كان ممكناً مقعده من األرض؛ خروجاً من الخالف)‪.(3‬‬

‫‪ .3‬استحباب الوضوء عند الحنفية من مس الذكر مع قولهم بعدم النقض بالمس؛ خروجاً من‬
‫خالف من أوجب)‪.(4‬‬

‫‪ .4‬تجديد الماء لمسح األذنين سدنة من سنن الوضوء عند الشافعية‪ ،‬أما عند الحنفية فإنه إذا لم‬

‫يجدد الماء لمسح األذنين‪ ،‬وإنما مسح بما بقي بعد مسح الرأس‪ ،‬فإنه يكون مقيماً للسنة آتياً‬
‫بها‪ ،‬ومع ذلك قال الحنفية بأولوية تجديد الماء لمسح األذنين؛ خروجاً من خالف الشافعية في‬
‫)‪(5‬‬
‫ذلك‪.‬‬

‫السيسي‪ ،‬الفرق بين مراعاة الخالف والخروج منه )‪.(98-99‬‬ ‫‪1‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار (‪ .)11‬السيوطي‪ ،‬األشباه والنظائر (‪ .)201‬ابن جزي‪ ،‬محمد بن أحمد‪ ،‬القوانين الفقهية‪ ،‬تحقي‬ ‫‪2‬‬

‫ماجد الحموي‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬ط‪2084 ،8‬م (‪.)98‬‬


‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(97‬‬ ‫‪3‬‬

‫ابن عابدين‪ ،‬رد المحتار )‪.(1/158‬‬ ‫‪4‬‬

‫الشربيني‪ ،‬محمد بن محمد‪ ،‬مغني المحتاج‪ ،‬تحقي ‪ :‬محمد محمد تامر‪ ،‬شريف عبد الله‪ ،‬دار الحذديث‪ ،‬القذاهرة‪ ،‬طبعذة سذنة‬ ‫‪5‬‬

‫‪2006‬م (‪ ،)60/8‬ابذن عابذدين‪ ،‬محمذذد أمذين بذن عمذذر‪ ،‬رد المحتنار علننى الندر المختننار‪ ،‬دار الفكذر‪-‬بيذذروت‪ ،‬ط‪8182 ،2‬ه‪،‬‬
‫(‪.)848/8‬‬
‫‪31‬‬
‫‪ .5‬استحباب غسل البدن‪ ،‬أو الثوب إذا أصابه بول‪ ،‬أو َرْوث من حيوان مباح األكل عند المالكية‬
‫)‪(1‬‬
‫–مع قولهم بطهارته؛ خروجاً من خالف من قال بنجاسته وهم الشافعية‪.‬‬

‫‪ .6‬كراهة استعمال الماء الذي ولغ فيه الكلب عند المالكية –مع قولهم بطهارته‪-‬؛ خروجاً من‬
‫)‪(2‬‬
‫خالف من قال بنجاسته كالشافعية‪.‬‬

‫)‪(3‬‬
‫المني عند الشافعية مع قولهم بطهارته خروجاً من خالف من قال بنجاسته‪.‬‬
‫‪،‬‬ ‫‪ .7‬استحباب غسل‬
‫ّ‬

‫المطلب الرابع‪ :‬شروط وضوابط العمل بقاعدة الخروج من الخالف مستحب‪:‬‬

‫ليس العمل بهذه القاعدة على اطالقه‪ ،‬بل هي مقيدة بشروط من أهمها‪:‬‬

‫نص ٍ‬
‫ثابت من القرآن أو السنة‪ ،‬أو خرق‬ ‫‪ .1‬أن ال يؤدي الخروج من الخالف إلى مخالفة ٍ‬
‫)‪(4‬‬
‫اجماع‪.‬‬

‫فمراعاة هذا الخالف قد يترتب عليها ترك سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالكلية‪ ،‬ألجل‬
‫ذلك ال يراعى خالف الحنفية في مسألة رفع اليدين في الصالة‪ ،‬لثبوت ذلك‪ ،‬قال النووي‪" :‬وأما‬
‫رفعهما في تكبيرة الركوع‪ ،‬وفي الرفع منه فمذهبنا أنه سنة فيهما‪ ،‬وبه قال أكثر العلماء من‬
‫الصحابة‪ ،‬والتابعين‪ ،‬ومن بعدهم حكاه الترمذي عن ابن عمر‪ ،‬وابن عباس‪ ،‬وجابر‪ ،‬وأنس‪ ،‬وابن‬
‫الزبير وأبي هريرة‪ ،‬وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم‪ ،‬جماعة من التابعين منهم طاووس‬
‫وعطاء ومجاهد والحسن وسالم بن عبد الله وسعيد بن جبير ونافع وغيرهم‪ ،‬وعن ابن المبارك‬
‫وأحمد واسح وحكاه ابن المنذر عن أكثر هؤالء‪ ،‬وعن أبي سعيد الخدري والليث بن سعد وأبي‬
‫ثور قال ونقله الحسن البصري عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم قال وقال األوزاعي أجمع‬

‫الرعينذذي‪ ،‬محمذذد بذذن محمذذد‪ ،‬مواهنننب الجليننل فننني شننرح مختصنننر خليننل‪ ،‬دار الفكذذر‪ ،‬ط‪8182 ،4‬ه‪8992-‬م‪.)842/8( ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الماوردي‪ ،‬علي بن محمد‪ ،‬الحناوي‪ ،‬المحقذ ‪ :‬علذي محمذد معذوض ‪-‬عذادل أحمذد عبذد الموجذود‪ ،‬دار الكتذب العلميذة‪ ،‬بيذروت‪،‬‬
‫ط‪8189 ،8‬ه‪8999-‬م‪.)401/8( ،‬‬
‫الرعيني‪ ،‬مواهب الجليل (‪ .)804/8‬الماوردي‪ ،‬الحاوي )‪.(1/304‬‬ ‫‪2‬‬

‫السيوطي‪ ،‬االشباه والنظائر )‪.(136‬‬ ‫‪3‬‬

‫السيوطي‪ ،‬األشباه والنظائر (‪.)209‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪31‬‬
‫عليه علماء الحجاز والشام والبصرة‪ ،‬وحكاه ابن وهب عن مالك قال ابن المنذر‪ ،‬وبه قال اومام‬

‫أبو عبد الله البخاري يروي هذا الرفع عن سبعة عشر نفسا من أصحاب النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪.(1)"...‬‬

‫‪ .1‬أن يكون الخالف الذي يستحب الخروج منه له دليل يستند إليه‪ ،‬وهو ما ُي ّ‬
‫عبر عنه بالخالف‬

‫القوي‪ ،‬وإال فالضعيف ال ُينظر إليه)‪.(2‬‬

‫لهذا لم ُينظر لقول ابن حزم بوجوب الفطر للصائم المسافر في رمضان‪ ،‬لمخالفته النص بجواز‬
‫الفطر للمسافر‪ ،‬جاء في المحلى‪" :‬ومن سافر في رمضان ‪-‬سفر طاعة أو سفر معصية‪ ،‬أو ال‬

‫طاعة وال معصية‪ -‬ففرض عليه الفطر إذا تجاوز ميال‪ ،‬أو بلمه‪ ،‬أو إزاءه‪ ،‬وقد بطل صومه حينئذ‬
‫ال قبل ذلك")‪.(3‬‬

‫قال ابن قدامة في الممني‪" :‬وجواز الفطر للمسافر ثابت بالنص‪ ،‬واوجماع‪ ،‬وأكثر أهل العلم على‬
‫)‪(4‬‬
‫أنه إن صام أجزأه"‪.‬‬

‫‪ .1‬أن ال يودي الخروج من الخالف إلى المنع من اوكثار من عبادة معينة‪ ،‬ومثال ذلك قول‬
‫المالكية بكراهية تكرار العمرة في نفس العام‪.‬‬

‫جاء في مواهب الجليل‪" :‬ويستحب في كل سنة مرة‪ ،‬ويكره تكرارها في العام الواحد على المشهور‪،‬‬
‫وقاله مالك في المدونة؛ ألنه ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬لم يكررها في عام واحد مع قدرته على‬
‫)‪(5‬‬
‫ذلك"‪.‬‬

‫النووي‪ ،‬يحيى بن شذرف الذدين‪ ،‬المجمنوع شنرح المهنذب‪ ،‬دار الفكذر‪ ،‬تحقيذ ‪ :‬محمذود مطرجذي‪ ،‬دار الفكذر‪ ،‬بيذروت‪ ،‬طبعذة‬ ‫‪1‬‬

‫‪2009‬م‪.)499/4( ،‬‬
‫الزركشذذي‪ ،‬المنثنننور فننني القواعننند (‪ ،)829/2‬المعمذذوري‪ ،‬محمذذد كامذذل‪ ،‬قاعننندة الخنننروج منننن الخنننالف مسنننتحب الضنننوابط‬ ‫‪2‬‬

‫والتطبيقات‪ ،‬مجلة ديالى‪ ،‬عدد‪.11‬‬


‫ابن حزم‪ ،‬علي بن أحمد‪ ،‬المحلى‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬بدون طبعة وبدون تاريخ (‪.)411/1‬‬ ‫‪3‬‬

‫ابن قدامة‪ ،‬المغني )‪.(3/157‬‬ ‫‪4‬‬

‫الرعيني‪ ،‬مواهب الجليل )‪.(2/467‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪32‬‬
‫فاألخذ بقول المالكية يحرم الناس من تكرار عبادة العمرة‪ ،‬والتي ال يتمكن الكثير من أدائها إال مرة‬

‫أصالً‪.‬‬

‫‪ .2‬أن ال يوقع مراعاته في خالف آخر‪ ،‬ومن ثم كان فصل الوتر أفضل من وصله‪ ،‬ولم يراع‬
‫)‪(1‬‬
‫خالف أبي حنيفة‪ ،‬ألن من العلماء من ال يجيز الوصل‪.‬‬

‫‪ .1‬أن ال يودي إلى ترك مذهبه بالكلية‪ ،‬ألن ذلك يعد مجرد تقليد للمير)‪.(2‬‬

‫السيوطي‪ ،‬األشباه والنظائر )‪.(137‬‬ ‫‪1‬‬

‫السبكي‪ ،‬األشباه والنظائر (‪ .)882/8‬السنوسي‪ ،‬عبد الرحمن بن معمر‪ ،‬مراعناة الخنالف فني االجتهنادات دراسنة أصنولية‬ ‫‪2‬‬

‫)‪.(26-27‬‬
‫‪33‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫قاعدة‪( :‬ما أوجب أعظم األمرين بخصوصه فال يوجب أ َْد َوْنهما بعمومه)‬

‫المطلب األول‪ :‬شرح القاعدة‪:‬‬

‫أوال‪ :‬مفردات القاعدة‪:‬‬

‫الوجوب لغة‪ :‬يقال وجب الشيء يجب وجوبا أي لزم‪ ،‬واستوجبه أي استحقه)‪.(1‬‬

‫)‪(2‬‬
‫والوجوب عند الفقهاء اصطالحاً‪ :‬شمل ذمة المكلف بالواجب‪.‬‬

‫)‪(3‬‬
‫أعظم‪ :‬من العظم بكسر العين خالف الصمر‪.‬‬

‫)‪(4‬‬
‫تفرد بعض الشيء بما ال يشاركه فيه الجملة‪ ،‬وذلك خالف العموم‪.‬‬
‫الخصوص لغة‪ّ :‬‬

‫والمراد به في القاعدة النظر إلى السبب المتضمن لسبب آخر دونه باعتبار أعظمهما وقطع النظر‬
‫)‪(5‬‬
‫عما يتضمنه كالزنا بالنسبة لما يتضمنه من المالمسة‪.‬‬

‫العموم‪ :‬يراد بالعموم في القاعدة‪ :‬النظر إلى السبب باعتبار مجموع ما يتضمنه‪ ،‬كالزنا إذا نظر‬
‫)‪(6‬‬
‫إليه باعتبار شموله للمالمسة ونحوها‪.‬‬

‫ابن منظور‪ ،‬لسان العرب )‪.(1/739‬‬ ‫‪1‬‬

‫الجرجاني‪ ،‬علي بن محمد‪ ،‬التعريفات‪ ،‬المحق ‪ :‬ضذبطه وصذححه جماعذة مذن العلمذاء بإشذراف الناشذر‪ ،‬دار الكتذب العلميذة‬ ‫‪2‬‬

‫بيروت –لبنان‪ ،‬ط‪8914 ،8‬م (‪.)811‬‬


‫الفيذذروز آبذذادي‪ ،‬محمذذد بذذن يعقذذوب‪ ،‬القنناموس المحننيط‪ ،‬تحقي ذ ‪ :‬محمذذود مسذذعود أحمذذد‪ ،‬المكتبذذة العص ذرية‪ ،‬بيذذروت‪ ،‬ط‪،8‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪2009‬م‪.)8090( ،‬‬
‫الراغب األصفهاني‪ ،‬المفردات في غريب القرلن الكريم )‪.(284‬‬ ‫‪4‬‬

‫عبد اللطيف‪ ،‬عبد الرحمن بن صالح‪ ،‬القواعد والضنوابط المتضنمنة للتيسنير‪ ،‬الجامعذة اوسذالمية ‪-‬عمذادة البحذث العلمذي‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫ط‪2004–8124 ،8‬م‪.)490( ،‬‬


‫المصدر الساب (‪.)490‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪34‬‬
‫ثانياً‪ :‬معنى القاعدة‪:‬‬

‫تعني هذه القاعدة أنه إذا اجتمع سببان أحدهما داخل في اآلخر‪ ،‬واألعلى منهما يتضمن األدنى لم‬

‫يترتب على مجموعهما معا إال ما يترتب على أعظمهما‪ ،‬ومثال ذلك الزنا يتضمن المالمسة‬
‫والمفاخدة‪ ،‬وهو ‪-‬الزنا‪ -‬يوجب إقامة الحد الذي هو أعظم بخصوص كونه زنا؛ فال يوجب التعزير‬
‫ألهون األمرين‪ ،‬وهي المالمسة‪ ،‬والمفاخدة)‪ ،(1‬التي تحصل مع الزنا‪.‬‬

‫هذه القاعدة ذكرها اومام الحصني في كتابه القواعد عند الكالم على أقسام األسباب والمسببات‬
‫تحت القسم الثالث‪ ،‬وهو أن يتحد السبب ويتعدد المسبب‪ ،‬إال ّأنه يندرج أحدهما في اآلخر‪ ،‬وبعد‬
‫)‪(2‬‬
‫ايراد األمثلة عليها ذكرها بصيمتها‪.‬‬

‫ومن خالل النظر في األمثلة المذكورة لقاعدة "ما أوجب أعظم األمرين بخصوصه ال يوجب‬
‫أن اومام الحصني يدرج في هذه القاعدة المسائل التي قد يتعدد سببها‪.‬‬
‫أدونهما بعمومه" يتبين ّ‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة القاعدة‪:‬‬

‫لما أقام حد الرجم في ماعز فعن‬


‫يمكن االستدالل لهذه القاعدة بفعل النبي صلى الله عليه وسلم‪ّ ،‬‬
‫ما‬ ‫أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لماعز بن مالك‪« :‬أح‬
‫ابن عباس رضي الله عنهما‪ّ ،‬‬
‫بلمني عنك؟» قال‪ :‬وما بلمك عني؟ قال‪« :‬بلمني أنك وقعت بجارية آل فالن؟»‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫)‪(3‬‬
‫فشهد أربع شهادات‪ ،‬ثم أمر به فرجم‪.‬‬

‫وجه الداللة في الحديث‪ :‬أن النبي صلى الله عليه وسلم طب حكم الرجم‪ ،‬ولم يأمر بتعزيره‪.‬‬

‫عبد اللطيف‪ ،‬القواعد والضوابط المتضمنة للتيسير )‪.(351‬‬ ‫‪1‬‬

‫الحصني‪ ،‬القواعد )‪.(2/111-113‬‬ ‫‪2‬‬

‫مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الحدود‪ ،‬باب من اعترف على نفسه بالزنا‪ ،‬حديث رقم ‪.)8420/4( ،8694‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪35‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات القاعدة‪:‬‬

‫‪ .1‬خروج المني ال يوجب الوضوء بعموم كونه خارجاً؛ ألنه أوجب المسل‪ ،‬وهو أعظم بخصوص‬
‫كونه منياً)‪ ،(1‬وصورة عدم نقض الوضوء بخروج المني تكون إذا نزل منه المني‪ ،‬وهو نائم‬
‫)‪(2‬‬
‫ممكن مقعده من األرض‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪ .2‬الزاني المحصن تنفذ فيه عقوبة الرجم فقط‪ ،‬وال يجلد قبلها ألن زنا المحصن أوجب أعظم‬
‫األمرين بخصوصه وهو استحقاق الرجم‪ ،‬فال يوجب أدونهما وهو الجلد بعموم كونه زنا)‪.(3‬‬

‫)‪(4‬‬
‫‪ .3‬ال يجب على الزاني التعزير بالمالمسة‪ ،‬والمفاخدة‪ ،‬ونحوهما لوجوب حد الزنا عليه‪.‬‬

‫)‪(5‬‬
‫‪ .4‬الجناية على األطراف إذا مات المجني عليه بسببها فال دية فيها لوجوب دية النفس‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬مستثنيات القاعدة‪:‬‬

‫من المسائل التي تستثنى من هذه القاعدة‪:‬‬

‫)‪(6‬‬
‫‪ .1‬الحيض والنفاس‪ ،‬فإنهما ينقضان الوضوء‪ ،‬والمسل معاً‪.‬‬

‫قال الشرواني معلالً ذلك‪" :‬ألنهما يمنعان صحة الوضوء مطلقا‪ ،‬فال يجامعانه بخالف خروج‬
‫)‪(7‬‬
‫المني يصح معه الوضوء في صورة سلس المني فيجامعه"‪.‬‬

‫)‪(8‬‬
‫‪ .2‬من قاتل من أهل الكمال أكثر من غيره يرضخ له مع السهم‪.‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(96‬‬ ‫‪1‬‬

‫المصدر الساب (‪.)809‬‬ ‫‪2‬‬

‫الحصني القواعد )‪.(2/111‬‬ ‫‪3‬‬

‫السيوطي‪ ،‬االشباه والنظائر )‪.(224‬‬ ‫‪4‬‬

‫المصدر الساب )‪.(2/111‬‬ ‫‪5‬‬

‫السيوطي‪ ،‬األشباه والنظائر (‪ .)229‬الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(96‬‬ ‫‪6‬‬

‫الهيتمي‪ ،‬أحمد بن محمذد‪ ،‬تحفنة المحتناج فني شنرح المنهناج‪ ،‬المكتبذة التجاريذة الكبذرى بمصذر لصذاحبها مصذطفى محمذد‪،‬‬ ‫‪7‬‬

‫الطبعة‪ :‬طبعة مصورة‪8914 ،‬م‪.)848/8( ،‬‬


‫السيوطي‪ ،‬األشباه والنظائر )‪.(225‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪36‬‬
‫المبحث الرابع‬

‫قاعدة‪( :‬اليقين ال يزول بالشك‪ /‬استصحاب األصل‪ /‬طرح الشك‪ /‬بقاء ما كان على‬
‫ما كان)‬

‫المطلب األول‪ :‬شرح القاعدة‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬مفردات القاعدة‪:‬‬

‫اليقين لغة‪ :‬أصلها‪ :‬الياء والقاف والنون‪ :‬اليقن واليقين)‪ ،(1‬واليقين‪ :‬العلم وزوال الشك‪ .‬يقال‪ :‬يقنت‬
‫)‪(2‬‬
‫ويقال‪ :‬يقن الماء في الحوض‪ ،‬إذا‬ ‫األمر يقنا‪ ،‬وأيقنت‪ ،‬واستيقنت‪ ،‬وتيقنت‪ ،‬كله‪ ،‬بمعنى واحد‪.‬‬
‫)‪(3‬‬
‫استقر فيه‪.‬‬

‫اليقين اصطالحاً‪ :‬عرفه أبو البقاء الكفوي ّ‬


‫)‪(4‬‬
‫بأنه‪" :‬االعتقاد الجازم الثابت المطاب للواقع"‪.‬‬

‫)‪(5‬‬
‫الشك لغة‪" :‬خالف اليقين فقولهم خالف اليقين هو التردد بين شيئين"‬

‫)‪(6‬‬
‫الشك اصطالحاً‪" :‬التردد بين النقيضين بال ترجيح ألحدهما على اآلخر عند الشاك"‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬المعنى العام للقاعدة‪:‬‬

‫تعد قاعدة "اليقين ال يزول بالشك" من أوسع القواعد الفقهية‪ ،‬بحيث تدخل في أغلب األبواب‬
‫الفقهية‪ ،‬فضالً عن أنها يتبعها الكثير من القواعد الفرعية والقواعد المكملة لها‪ ،‬قال السيوطي‪:‬‬

‫ابن فارس‪ ،‬مقاييس اللغة )‪(6/157‬‬ ‫‪1‬‬

‫الجوهري‪ ،‬إسماعيل بن حماد‪ ،‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربينة‪ ،‬تحقيذ ‪ :‬أحمذد عبذد المفذور عطذار‪ ،‬دار العلذم للماليذين‬ ‫‪2‬‬

‫–بيروت‪ ،‬ط‪8911 ،1‬م‪.)2289/6( ،‬‬


‫الجرجاني‪ ،‬التعريفات )‪.(259‬‬ ‫‪3‬‬

‫أبو البقاء الكفوي‪ ،‬أيوب بن موسى‪ ،‬الكليات‪ ،‬المحقذ ‪ :‬عذدنان درويذ‪- ،‬محمذد المصذري‪ ،‬مؤسسذة الرسذالة –بيذروت‪ .‬د‪.‬ت‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫(‪.)919‬‬
‫الفيومي‪ ،‬المصباح المنير )‪.(320‬‬ ‫‪5‬‬

‫الجرجاني‪ ،‬التعريفات )‪.(92‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪37‬‬
‫الم َخ در َجة عليها تبلغ ثالثة أرباع الفقه‬
‫"إعلم أن هذه القاعدة تدخل في جميع أبواب الفقه‪ ،‬والمسائل ُ‬
‫)‪(1‬‬
‫وأكثر"‪.‬‬

‫ألجل ذلك نرى أن اومام الحصني قد عقد عنواناً لهذه القاعدة عند ذكره لبعض فروعها‪ ،‬حيث‬
‫قال‪" :‬من القواعد المقررة التي ينبني عليها كثير من أحكام الشريعة استصحاب األصل وطرح‬

‫الشك وبقاء ما كان على ما كان‪ ،‬وقد أجمع الناس على أن الشخص لو شك هل طل زوجته أم‬
‫ال‪ ،‬أنه يجوز له وطؤها كما لو شك في امرأة هل تزوجها أم ال؛ ال يجوز له وطؤها‪ ،‬ومن ذلك ما‬
‫إذا تيقن الطهارة‪ ،‬وشك في الحدث فاألصل بقاء الطهارة وعدم الحدث‪ ،‬ولو تيقن الحدث وشك في‬
‫)‪(2‬‬
‫الطهارة فاألصل بقاء الحدث وعدم الطهارة"‪.‬‬

‫واومام الحصني قد تناول هنا القاعدة الفرعية وهي استصحاب األصل‪ ،‬وبقاء ما كان على ما‬
‫كان‪ ،‬أو طرح الشك وكلها تفيد المعنى ذاته‪.‬‬

‫فهذه القواعد السابقة تعني أن ما ثبت في الزمن الماضي ُيحكم ببقائه وثبوته على حالته دون‬

‫تميير في الزمن الحاضر‪ ،‬وهذا يكون في اوثبات كتيقن الطهارة مثالً ‪ ،‬فإنه يحكم ببقائها‪ ،‬أو في‬
‫حالة النفي مثل الشك هل طل زوجته أم ال‪ ،‬فال يؤثر على األصل‪ ،‬وهو عدم الطالق واستمرار‬
‫)‪(3‬‬
‫الحياة الزوجية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة القاعدة‪:‬‬

‫ومن األدلة التي تستند إليها هذه القاعدة‪:‬‬


‫)‪(4‬‬
‫ﱔ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜﱠ‪.‬‬
‫ﱕ‬ ‫‪ -1‬قوله تعالى‪ :‬ﱡ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱐ‬
‫ﱏﱑﱒﱓ‬

‫أن الظن‪ ،‬والمراد به هنا التوهم على ما فسره األلوسي ال يقوم مقام الح‬
‫وجه الداللة في اآلية‪ّ :‬‬
‫)‪(5‬‬
‫الذي هو يقين‪.‬‬

‫السيوطي‪ ،‬األشباه والنظائر )‪.(91‬‬ ‫‪1‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(99‬‬ ‫‪2‬‬

‫الحصني‪ ،‬القواعد )‪.(1/127‬‬ ‫‪3‬‬

‫سورة النجم آية ‪.21‬‬ ‫‪4‬‬

‫األلوسذذي‪ ،‬محمذذود بذذن عبذذد اللذذه الحسذذيني‪ ،‬روح المعنناني‪ ،‬المحق ذ ‪ :‬علذذي عبذذد البذذاري عطيذذة‪ ،‬دار الكتذذب العلميذذة –بيذذروت‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫ط‪8189 ،8‬ه‪.)99/81( ،‬‬


‫‪38‬‬
‫‪ -1‬عن أبي هريرة‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪« :‬إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا‪،‬‬

‫فأشكل عليه أخرج منه شيء أم ال‪ ،‬فال؟ يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا‪ ،‬أو يجد‬
‫)‪(1‬‬
‫ريحا»‪.‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬قال النووي رحمه الله‪" :‬وهذا الحديث أصل من أصول اوسالم وقاعدة عظيمة من‬

‫قواعد الفقه‪ ،‬وهي أن األشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خالف ذلك‪ ،‬وال يضر الشك‬
‫)‪(2‬‬
‫الطارئ عليها"‪.‬‬

‫‪ -1‬عن أبي سعيد الخدري‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪« :‬إذا شك أحدكم في‬

‫صالته‪ ،‬فلم يدر كم صلى ثالثا أم أربعا‪ ،‬فليطرح الشك وليبن على ما استيقن‪ ،‬ثم يسجد‬
‫سجدتين قبل أن يسلم‪ ،‬فإن كان صلى خمسا شفعن له صالته‪ ،‬وإن كان صلى إتماما ألربع‬
‫)‪(3‬‬
‫كانتا ترغيما للشيطان»‪.‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬يدل هذا الحديث على أن العبرة باليقين‪ ،‬وأن الشك الطارئ على المصلي ال يؤثر‬

‫في صالته‪.‬‬

‫‪ -2‬دليل عقلي‪:‬‬

‫)‪(4‬‬
‫وهو أن اليقين أقوى من الشك‪ ،‬ألن في اليقين حكماً قطعياً جازماً فال ينهدم بالشك‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات القاعدة‪:‬‬

‫قاعدة اليقين ال يزول بالشك لها الكثير من التطبيقات الفقهية‪ ،‬وقد ذكر لها اومام الحصني عدة‬
‫أمثلة في كتابه كفاية األخيار منها‪:‬‬

‫مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الحيض‪ ،‬باب الدليل على من تيقن الطهارة‪ ...‬حديث رقم ‪.)216/8( 462‬‬ ‫‪1‬‬

‫النذذووي‪ ،‬يحيذذى بذذن شذذرف الذذدين‪ ،‬المنهنناج شننرح صننحيح مسننلم بننن الحجنناج‪ ،‬دار إحيذذاء الت ذراث العربذذي –بيذذروت‪ ،‬ط ‪،2‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.)19/1( ،8492‬‬
‫مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب‪ ،‬الصالة‪ ،‬باب السهو في الصالة‪...‬حديث رقم ‪.)100/8( ،918‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 4‬آل بورنذذو‪ ،‬محمذذد صذذدقي بذذن أحمذذد‪ ،‬الننوجيز فنني إيضنناح قواعنند الفقننه الكليننة‪ ،‬مؤسسذذة الرسذذالة‪ ،‬بيذذروت –لبنذذان‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪8996‬م‪.)861( ،‬‬
‫‪39‬‬
‫‪ .1‬إذا تيقن الطهارة وشك في الحدث فاألصل بقاء الطهارة وعدم الحدث‪ ،‬ولو تيقن الحدث وشك‬
‫)‪(1‬‬
‫في الطهارة فاألصل بقاء الحدث وعدم الطهارة‪.‬‬

‫ورغم سعة تطبيقات قاعدة "اليقين ال يزول بالشك" إال أنه وقع خالف بين الجمهور والمالكية في‬
‫)‪(2‬‬
‫هذه المسالة‪ ،‬وهي الشك الطارئ على الطهارة على قولين‪:‬‬

‫ومعهم ابن حزم الظاهري)‪.(4‬‬ ‫)‪(3‬‬


‫القول األول‪ :‬الجمهور‬

‫قالوا‪ :‬إن اليقين وهو ‪-‬الطهارة‪ -‬ال يزول بالشك ‪-‬الحدث‪ -‬عمالً بالقاعدة‪.‬‬

‫واستدلوا باألحاديث التي هي أصل لهذه القاعدة ومن أهمها حديث أبي هريرة الذي مر سابقاً «إذا‬

‫وجد أحدكم في بطنه شيئا‪ ،‬فأشكل عليه أخرج منه شيء أم ال‪ ،‬فال يخرجن من المسجد حتى‬
‫يسمع صوتا‪ ،‬أو يجد ريحا»(‪.)5‬‬

‫)‪(6‬‬
‫القول الثاني‪ :‬مذهب المالكية‬

‫فهم يرون أن الصالة ال تصح مع الشك في الطهارة‪.‬‬

‫واستدلوا‪ :‬بأن األصل اشتمال ذمة المكلف بالصالة‪ ،‬والشك في الطهارة ال يرفع هذا اليقين‪ ،‬إال‬
‫وضح ذلك القرافي قائالً‪" :‬شمل الذمة بالصالة متيقن يحتاج إلى سبب مبرئ‪،‬‬
‫بطهارة متيقنة‪ ،‬وقد ّ‬
‫والشك في الشرط يوجب الشك في المشروط فيقع الشك في الصالة الواقعة بالطهارة المشكوك‬
‫)‪(7‬‬
‫فيها‪ ،‬وهي السبب المبرئ والمشكوك فيه ملمى"‪.‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(99‬‬ ‫‪1‬‬

‫الحصني‪ ،‬القواعد‪.(1/279) ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ابن عابدين‪ ،‬رد المحتار على الدر المختار‪ .)890/8( ،‬الحصني‪ ،‬كفاية األخيار (‪ .)99‬ابن قدامة‪ ،‬موف الدين عبد اللذه‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫الكافي في فقه اومام أحمد‪ ،‬المكتب اوسالمي‪ ،‬ط‪2004 ،8‬م‪.)46( ،‬‬


‫ابن حزم‪ ،‬المحلى باآلثار )‪.(1/319‬‬ ‫‪4‬‬

‫مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الحيض‪ ،‬باب الدليل على من تيقن الطهارة‪ ...‬حديث رقم ‪.)216/8( 462‬‬ ‫‪5‬‬

‫ابن جزي‪ ،‬القوانين الفقهية )‪.(56‬‬ ‫‪6‬‬

‫القرافي‪ ،‬أحمد بن إدريس‪ ،‬الذخيرة‪ ،‬تحقي ‪ :‬أحمد عبد الرحمن‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪-‬بيروت‪ ،‬ط ‪2001 ،2‬م‪.)284/8( ،‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪41‬‬
‫والراجح قول الجمهور لقوة دليلهم‪ ،‬فداللة الحديث واضحة على أن الشك ال عبرة به‪ ،‬وهو ورد‬

‫أساساً في مسألة الطهارة‪.‬‬

‫ممكناً ثم مال‪ ،‬وانتبه أيهما أسب ‪ ،‬أو شك هل ما رآه ر يا أو حديث‬


‫‪ .1‬إذا شك من نام قاعداً ّ‬
‫)‪(1‬‬
‫نفس‪ ،‬أو هل لمس الشعر أو البشرة ونحو ذلك فال ينتقض الوضوء في جميع ذلك‪.‬‬

‫‪ .1‬إذا سّلم من الصالة وشك هل ترك ركنا‪ ،‬أو ركعة فالمذهب الصحيح أنه ال يلزمه شيء‬
‫وصالته ماضية على الصحة ألن الظاهر أنه أتى بها بكمالها وعروض الشك كثير ال سيما‬
‫عند طول الزمان فلو قلنا بتأثير الشك ألدى إلى حرج ومشقة وال حرج في الدين وهذا بخالف‬

‫عروض الشك في الصالة فإنه يبني على اليقين ويعمل باألصل كما ذكره الشيخ من بعده‪،‬‬
‫فإذا شك في أثناء الصالة هل صلى ثالثاً‪ ،‬أو أربعاً أخذ باليقين‪ ،‬وأتى بركعة وال ينفعه غلبة‬
‫)‪(2‬‬
‫الظن أنه صلى أربعا‪.‬‬

‫هنا صورتان األولى تيقن أنه أتى بالصالة كاملة‪ ،‬فال عبرة بالشك العارض بعدها‪ ،‬أما الثانية‬
‫فالشك في عدد الركعات‪ ،‬وبذلك يكون اليقين هو العدد األقل من الركعات‪.‬‬

‫‪ .2‬إذا شك هل طل زوجته أم ال‪ ،‬ال يقع الطالق؛ ألن األصل بقاء النكاح‪ ،‬فهذا اليقين ال يزول‬
‫)‪(3‬‬
‫بمجرد الشك‪ ،‬وهو الطالق‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬مستثنيات القاعدة‪:‬‬

‫هناك مسائل ال يؤخذ فيها باليقين وطرح الشك ومنها‪:‬‬

‫)‪(4‬‬
‫‪ .1‬من أصاب ثوبه نجاسة‪ ،‬وال يعرف مكانها‪ ،‬وجب عليه غسل الثوب كله‪.‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(100‬‬ ‫‪1‬‬

‫المصدر الساب (‪.)204-202‬‬ ‫‪2‬‬

‫الزركشي‪ ،‬المنثور في القواعد )‪.(3/136‬‬ ‫‪3‬‬

‫السيوطي‪ ،‬األشباه والنظائر )‪.(120‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ .1‬لو شك المسافر هل ابتدأ المسح في الحضر‪ ،‬أو في السفر؛ أخذ بالحضر‪ ،‬ويقتصر على يوم‬
‫)‪(1‬‬
‫وليلة‪ ،‬وكذلك األمر لو شك في انقضاء مدة المسح؛ فإنه يحكم بانقضائها‪.‬‬

‫‪ .1‬لو اقتدى المسافر بمن علمه‪ ،‬أو ظنه مقيماً لزمه اوتمام‪ ،‬وكذا لو شك هل هو مقيم أو‬
‫)‪(2‬‬
‫مسافر؛ يلزمه اوتمام‪.‬‬

‫في المسائل أعاله يالحظ أن الشك قد كان محل اعتبار؛ ولم يطالب المكلف فيها بتحري اليقين‪،‬‬
‫وطرح الشك‪.‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار‪.)889( ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫المصدر الساب (‪.)221‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪42‬‬
‫المبحث الخامس‬

‫قاعدة‪( :‬الرخص ال تناط بالمعاصي)‬

‫المطلب األول‪ :‬شرح القاعدة‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬مفردات القاعدة‪:‬‬

‫الرخصة لغة‪ :‬التسهيل في األمر والتيسير)‪ ،(1‬والرخصة في األمر خالف التشديد فيه)‪.(2‬‬

‫الرخصة اصطالحاً‪" :‬ما شرع من األحكام لعذر مع قيام السبب المحرم")‪.(3‬‬

‫المعصية لغة‪ :‬من العصيان‪ ،‬وهو خالف الطاعة يقال عصى العبد ربه إذا خالف أمره‪ ،‬وعصى‬
‫)‪(4‬‬
‫‪،‬‬
‫عاص وعصي‪.‬‬ ‫فالن أميره يعصيه عصيا وعصيانا ومعصية إذا لم يطعه‪ ،‬فهو‬
‫ّ‬
‫)‪(5‬‬
‫المعصية اصطالحاً‪ :‬قال البزدوي‪" :‬المعصية اسم لفعل حرام مقصود بعينه"‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬المعنى العام للقاعدة‪:‬‬

‫هذه من القواعد المهمة التي تتعل بالرخص الشرعية‪ ،‬وهي من القواعد التي اشتهر الخالف فيها‬
‫بين الجمهور والحنفية‪ ،‬وفي بيان معناها يقول السيوطي‪ :‬معنى قولنا الرخص‪" :‬ال تناط‬
‫أن فعل الرخصة متى توقف على وجود شيء‪ ،‬نظر في ذلك الشيء‪ ،‬فإن كان تعاطيه‬
‫بالمعاصي " ّ‬
‫)‪(6‬‬
‫في نفسه حراما‪ ،‬امتنع معه فعل الرخصة‪ ،‬وإال فال"‪.‬‬

‫الفيومي‪ ،‬المصباح المنير )‪.(136‬‬ ‫‪1‬‬

‫الرازي‪ ،‬مختار الصحاح (‪ .)890‬ابن منظور لسان العرب )‪.(7/40‬‬ ‫‪2‬‬

‫اآلمدي‪ ،‬اإلحكام في أصول األحكام‪ ،‬تحقي ‪ :‬عبد الرزاق عفيفي‪ ،‬دار الصميعي‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط ‪2082 ،2‬م‪.)816/8( ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ابن منظور‪ ،‬لسان العرب )‪.(15/67‬‬ ‫‪4‬‬

‫البخاري‪ ،‬عبد العزيز بن أحمد‪ ،‬كشف األسرار‪ ،‬دار الكتاب اوسالمي‪ ،‬ط‪ :‬بدون طبعة وبدون تاريخ‪.)200 /4( ،‬‬ ‫‪5‬‬

‫السيوطي‪ ،‬األشباه والنظائر )‪.(214‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪43‬‬
‫فلما كانت الرخص الشرعية مبنية على التسهيل‪ ،‬والتيسير للعبد المؤمن‪ ،‬ليتسنى له إقامة‬

‫هذا التسهيل‪،‬‬ ‫الطاعات في الظروف غير العادية كالسفر‪ُ ،‬ح ‪،‬رم منها العاصي ألنه ال يستح‬
‫‪1‬‬
‫واوعانة؛ حتى ال تكون الرخصة عوناً في معصيته‪.‬‬

‫عدها النووي قائالً ‪" :‬قال اصحابنا رخص السفر ثمان‪:‬‬


‫وغالب هذه الرخص متعل بالسفر‪ ،‬وقد ّ‬
‫ثالث تختص بالطويل‪ ،‬وثنتان ال تختصان‪ ،‬وثالث فيها قوالن‪ :‬فالمختص القصر والفطر والمسح‬
‫على الخف ثالثا‪ ،‬وغير المختص ترك الجمعة‪ ،‬وأكل الميتة‪ ،‬والثالث اللواتي فيهن قوالن‪ :‬الجمع‬
‫بين الصالتين‪ ،‬واألصح اختصاصه بالطويل‪ ،‬والتنقل على الدابة‪ ،‬واسقاط الفرض بالتيمم واالصح‬
‫‪2‬‬
‫عدم اختصاصهما"‪.‬‬

‫وال بد من التفري بين المعصية في السفر كشرب الخمر‪ ،‬وبين سفر المعصية‪ ،‬فالذي يمنع التمتع‬
‫بالرخص هو سفر المعصية‪ ،‬فالمسافر غرضه من سفره هذا تحقي معصية كقطع الطري مثالً ‪،‬‬
‫أما وقوع المعصية أثناء السفر كأن يعتدي على ح غيره‪ ،‬فهذا ال يؤثر على األخذ بها‪ ،‬ألن‬
‫الرخصة لم تتوقف على هذه المعصية‪ ،‬بينما سفر المعصية أصالة غير مشروع‪ ،‬ألنه أُنشئ‬
‫لمعصية‪ ،‬فتعل الرخصة به يعني تعلقها بمعصية‪.3‬‬

‫وفي هذا يقول اومام الحصني‪" :‬واحترز الشيخ ‪-‬صاحب المتن‪ -‬بقوله "في غير معصية" عن‬
‫سفر المعصية كالسفر لقطع الطري ‪ ،‬وأخذ المكوس‪ ،‬وجلب الخمر‪ ،‬والحشي‪ ،،‬ومن تبعثه الظلمة‬
‫في أخذ الرشا والجبايات‪ ،‬وسفر المرأة بمير إذن زوجها‪ ،‬وسفر العبد اآلب ‪ ،‬وسفر المديون القادر‬
‫على الوفاء بمير إذن صاحب الدين‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬فهؤالء وأشباههم ال يترخصون بالقصر‪ ،‬ألن‬
‫‪4‬‬
‫القصر رخصة‪ ،‬وهذا السفر معصية‪ ،‬والرخص ال تناط بالمعاصي"‪.‬‬

‫الذذدميري‪ ،‬محمذذد بذذن موسذذى‪ ،‬النننجم الوهنناج فنني شننرح المنهنناج‪ ،‬دار المنهذذاج‪ ،‬جذذدة‪ ،‬المحقذ ‪ :‬لجنذذة علميذذة‪ ،‬ط‪2001 ،8‬م‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫(‪.)121/2‬‬
‫النووي‪ ،‬محيي الدين يحيذى بذن شذرف‪ ،‬األصنول والضنوابط‪ ،‬المحقذ ‪ :‬محمذد حسذن هيتذو‪ ،‬دار البشذائر اوسذالمية –بيذروت‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ط‪8106 ،8‬ه‪ .)10( ،‬الحصني‪ ،‬القواعد )‪.(1/311-313‬‬


‫الزركشي‪ ،‬المنثور في القواعد )‪.(2/170‬‬ ‫‪3‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(221-222‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪44‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة القاعدة‪:‬‬

‫يرجع أصل هذه القاعدة إلى اآليات القرآنية التي تحدثت عن أكل الميتة للمضطر وهي‪:‬‬

‫)‪(1‬‬
‫ﲑ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖﱠ‬
‫ﲒ‬ ‫‪ .1‬قوله تعالى‪ :‬ﱡ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ‬

‫)‪(2‬‬
‫‪ .1‬قوله تعالى‪ :‬ﱡ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁﱠ‬

‫‪ .1‬قوله تعالى‪ :‬ﱡ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎﲏ‬

‫ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙﱠ)‪.(3‬‬

‫بناء على اختالفهم في تفسير لفظ عاد وباغ في اآليات‬


‫وقد اختلف العلماء في العمل بهذه القاعدة ً‬
‫)‪(4‬‬
‫السابقة على قولين‪:‬‬

‫)‪(7‬‬
‫القول األول‪ :‬الجمهور من المالكية)‪ ،(5‬والشافعية)‪ ،(6‬والحنابلة‪.‬‬

‫الترخص؛ ألن الترخص إعانة على‬ ‫إن الرخص ال تناط بالمعاصي‪ ،‬فالعاصي ال يستح‬
‫قالوا ّ‬
‫الطاعة وهو منتفي هنا‪.‬‬

‫واستدلوا بعدة أدلة منها‪:‬‬

‫ﲑ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖﱠ)‪،(8‬‬
‫ﲒ‬ ‫‪ .1‬قوله تعالى‪ :‬ﱡ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ‬

‫باوضافة لآليات السابقة‪.‬‬

‫سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.814‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة المائدة‪ ،‬اآلية ‪.4‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة النحل‪ ،‬اآلية ‪.889‬‬ ‫‪3‬‬

‫ابن رشد‪ ،‬محمد بن أحمد‪ ،‬بداية المجتهد‪ ،‬تحقي ‪ :‬ماجد الحموي‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪8999 ،8‬م‪.)429/8( ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫الق ارفذذي‪ ،‬أحمذذد بذذن إدريذذس‪ ،‬الننذخيرة‪ ،‬تحقي ذ ‪ :‬أحمذذد عبذذد الذذرحمن‪ ،‬دار الكتذذب العلميذذة ‪-‬بيذذروت‪ ،‬ط‪2001 ،2‬م‪-491/4( ،‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪.)491‬‬
‫النووي‪ ،‬المجموع )‪.(4/287‬‬ ‫‪6‬‬

‫ابن قدامة‪ ،‬المغني‪.(2/205) ،‬‬ ‫‪7‬‬

‫سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.814‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪45‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬أن الله أباح للمضطر األكل من الميتة شريطة أن يكون غير باغ وال عاد‪.‬‬

‫قال‪ :‬مجاهد‪" :‬فمن اضطر غير باغ وال عاد"‪ ،‬يقول‪ :‬ال قاطعا للسبيل‪ ،‬وال مفارقا ل ئمة‪ ،‬وال‬
‫خارجا في معصية الله‪ ،‬فله الرخصة‪ .‬ومن خرج باغيا أو عاديا في معصية الله‪ ،‬فال رخصة له‬
‫‪1‬‬
‫وإن اضطر إليه"‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ .1‬قالوا مشروعية الترخص في السفر لإلعانة على فعل الطاعة‪ ،‬والعاصي ال ٌيعان‪.‬‬

‫ألن الترخص شرع لإلعانة على تحصيل المقصد المباح‪ ،‬توصالً إلى‬
‫قال ابن قدامة‪" :‬و ّ‬
‫المصلحة‪ ،‬فلو شرع هاهنا لشرع إعانة على المحرم‪ ،‬تحصيالً للمفسدة‪ ،‬والشرع منزه عن هذا‪،‬‬

‫والنصوص وردت في ح الصحابة‪ ،‬وكانت أسفارهم مباحة‪ ،‬فال يثبت الحكم فيمن سفره مخالف‬
‫لسفرهم‪ ،‬ويتعين حمله على ذلك جمعاً بين النصين‪ ،‬وقياس المعصية على الطاعة بعيد‬
‫‪3‬‬
‫لتضادهما"‪.‬‬

‫إن العاصي قادر على االستفادة من هذه الرخص‪ ،‬كأكل الميتة للمضطر حفاظاً على‬
‫‪ .1‬قالوا ّ‬
‫‪4‬‬
‫حياته بالتوبة‪ ،‬فهو من يجني على نفسه‪ ،‬بعدم توبته التي تبيح له الرخص‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫القول الثاني‪ :‬الحنفية‪ ،5‬والظاهرية‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫إن الرخص الشرعية جاءت مطلقة عامة دون التفري بين المطيع‪ ،‬والعاصي‪.‬‬
‫قالوا ّ‬

‫الطبذذري‪ ،‬محمذذد بذذن جريذذر‪ ،‬جننامع البيننان‪ ،‬المحق ذ ‪ :‬أحمذذد محمذذد شذذاكر‪ ،‬مؤسسذذة الرسذذالة‪ ،‬ط‪8120 ،8‬ه‪2000-‬م‪/4( ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.)422‬‬
‫الرملي‪ ،‬محمد بن أحمد‪ ،‬نهاية المحتاج‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪2004 ،4‬م‪.)264/2( ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ابن قدامة‪ ،‬المغني )‪.(2/206‬‬ ‫‪3‬‬

‫النووي‪ ،‬المجموع (‪ .)211/1‬القرافي‪ ،‬الذخيرة )‪.(3/397‬‬ ‫‪4‬‬

‫الكاسذذاني‪ ،‬عذذالء الذذدين ابذذي بكذذر بذذن مسذذعود‪ ،‬بنندائع الصنننائع‪ ،‬تحقي ذ ‪ :‬محمذذد محمذذد تذذامر‪ ،‬دار الحذذديث‪ ،‬القذذاهرة‪ ،‬ط‪،8‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪2009‬م‪.)488/8( .‬‬
‫ابن حزم‪ ،‬المحلى )‪.(4/265‬‬ ‫‪6‬‬

‫الميداني‪ ،‬عبد المني المنيمي‪ ،‬اللباب‪ ،‬تحقي ‪ :‬عبد المجيد طعمة حلبي‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪8991 ،8‬م‪.)11/8( .‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪46‬‬
‫واستدلوا بأدلة منها‪:‬‬

‫‪ .1‬تفسير لفظ عاد‪ ،‬وباغ على أن المراد بها الزيادة في أكل الميتة عن قدر الضرورة‪.‬‬

‫قال قتادة والحسن والربيع وابن زيد وعكرمة‪" :‬غير باغ" في أكله فوق حاجته‪" ،‬وال عاد" بأن يجد‬
‫عن هذه المحرمات مندوحة ويأكلها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وقال السدي‪" :‬غير باغ" في أكلها شهوة‪" ،‬وال عاد" باستيفاء األكل إلى حد الشبع"‪.‬‬

‫‪ .1‬استدلوا باآليات التي تنهى عن إهالك النفس أو قتلها وهي قوله تعالى‪ :‬ﱡ ﱩ ﱪ‬

‫ﱫ ﱭﱮﱯﱰﱱﱠ‪ ،2‬وقوله تعالى‪ :‬ﱡ ﲔ ﲕﲖ ﲗﲘﱠ)‪،(3‬‬


‫ﱬ‬

‫أن حفظ النفس من مقاصد الشريعة الكبرى‪ ،‬وإتالفها معصية‪ ،‬ومنع العاصي من‬
‫فمن المعلوم ّ‬
‫الترخص ما هو إال دفعه لمعصية أكبر‪.4‬‬

‫‪ .1‬األدلة التي جاءت بالرخص عامة‪ ،‬ومطلقة دون التفري بين مسافر‪ ،‬ومسافر‪.5‬‬

‫قال الجصاص‪ :‬قوله تعالى‪" :‬إال ما اضطررتم إليه" يوجب اوباحة للجميع من المطيعين والعصاة‬
‫وقوله في اآلية األخرى "غير باغ وال عاد"‪ ،‬وقوله تعالى‪" :‬غير متجانف وثم" لما كان محتمال أن‬
‫يريد به البمي‪ ،‬والعدوان في األكل واحتمل البمي على اومام أو غيره لم يجز لنا تخصيص عموم‬
‫‪6‬‬
‫اآلية األخرى باالحتمال بل الواجب حمله على ما يواطئ معنى العموم من غير تخصيص"‪.‬‬

‫‪ .2‬العاصي المقيم تباح له الرخص كالجمع‪ ،‬وكذلك التيمم يباح للعاصي في سفره‪ ،‬فما هو‬
‫‪7‬‬
‫الفرق بينهما‪.‬‬

‫القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرلن )‪.(1/623‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة النساء‪ ،‬أية ‪.29‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة البقرة‪ ،‬األية ‪ ،899‬القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرلن )‪.(1/624‬‬ ‫‪3‬‬

‫البيجذذوري‪ ،‬إبذراهيم بذذن محمذذد‪ ،‬حاشننية البيجننوري علننى فننتح القريننب المجيننب‪ ،‬تحقيذ ‪ :‬علذذوي أبذذو بكذذر السذذقاف‪ ،‬دار الكتذذب‬ ‫‪4‬‬

‫اوسالمية‪ ،‬جاكرتا‪ ،‬ط‪2001 ،8‬م‪.)211/8( ،‬‬


‫الجصاص‪ ،‬أحمد بن علي أبذو بكذر‪ ،‬أحكنام القنرلن‪ ،‬المحقذ ‪ :‬عبذد السذالم محمذد علذي شذاهين‪ ،‬دار الكتذب العلميذة بيذروت‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫ط‪8991 ،8‬م‪.)488/8( ،‬‬


‫الجصاص‪ ،‬أحكام القرلن )‪.(1/156‬‬ ‫‪6‬‬

‫ابن حزم‪ ،‬المحلى )‪.(4/267‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪47‬‬
‫سبب الخالف‪:‬‬

‫يرجع سبب الخالف في اختالف العلماء في األصل الذي استنبطت منه هذه القاعدة‪ ،‬وهو اآليات‬
‫السابقة‪ ،‬فلفظ عاد وباغ من المشترك اللموي الذي يحتمل أكثر من معنى‪ ،‬فقد يراد به غير باغ‬
‫وإخافة الناس‪ ،‬أو غير باغ وال عاد في األكل‪ ،‬وهو الزيادة عن سد‬ ‫في سفره كقطع الطري‬
‫)‪(1‬‬
‫الرم ‪.‬‬

‫فالجمهور حملوها على المعنى األول‪ ،‬واستنبطوا منها أن الرخص ال تناط بالمعاصي‪ ،‬بينما حملها‬
‫الحنفية على المعنى الثاني‪ ،‬فلم يعتبروا المعصية سبباً في المنع من األخذ بالرخص‪.‬‬

‫مناقشة األدلة‪:‬‬

‫‪ .1‬لم تسلم أدلة الفريقين من االعتراض‪ ،‬والرد فاالستدالل باآلية‪ ،‬فكل من الفريقين حملها على‬
‫)‪(2‬‬
‫الوجه الذي بنى عليه استدالله‪ ،‬وكال األمرين ورد عن المفسرين من التابعين‪.‬‬

‫‪ .2‬نوق‪ ،‬دليل المجيزين بأن الرخص لإلعانة على الطاعة‪ ،‬بأن الشخص قد يرتكب معصية‬
‫كالتعدي على حقوق المير –وهي المعصية في السفر‪ -‬وال يمنعه ذلك من الترخص‪.‬‬

‫‪ .3‬ناق‪ ،‬الجمهور دليل الحنفية أن هذا ال يؤدي إلى ارتكاب معصية أكبر بإتالف نفسه بأنه‬
‫قادر على الترخص بمجرد التوبة‪.‬‬

‫بين العاصي المقيم‬ ‫بين مسافر‪ ،‬وأخر‪ ،‬والرخص جاءت عامة‪ ،‬وكذلك التفري‬ ‫‪ .4‬أما التفري‬
‫السبب بالمسبب‪ ،‬ومن هنا جاء‬ ‫والعاصي في السفر‪ ،‬بأن الرخصة تعلقت بالمعصية تعل‬
‫)‪(3‬‬
‫التفري بين المعصية في المقام وسفر المعصية الذي هو أساساً معصية بحد ذاته‪.‬‬

‫الروكى‪ ،‬نظرية التقعيد الفقهي‪ .)219( ،‬مزوز‪ ،‬إبراهيم‪ ،‬االختالف في القواعد والضوابط الفقهية‪.(33-38 87-88) ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الطبري‪ ،‬جامع البيان )‪.(3/223-224‬‬ ‫‪2‬‬

‫القرافي‪ ،‬الفروق )‪.(2/452‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪48‬‬
‫الترجيح‪:‬‬

‫بعد النظر في أدلة الفريقين ومناقشتها‪ ،‬يالحظ أن قول الجمهور بعدم جواز الترخص للعاصي‬

‫ابتداء للتسهيل واوعانة‬


‫ً‬ ‫بالسفر هو الراجح ‪-‬مالله أعلم‪ -‬وذلك لقوة أدلتهم فهذه الرخص شرعت‬
‫للمسلم في سفره المباح‪ ،‬فلو أجيزت للعاصي لكانت تسهيالً له في معصيته وهذا ينافي مقصد‬
‫الشارع من الرخص‪.‬‬

‫إال إنه قد يباح أكل الميتة عند االضطرار‪ ،‬إذ قد يصل األمر للوجوب لدفع الهالك عن نفسه)‪،(1‬‬
‫بينما رخص السفر األخرى كالجمع‪ ،‬والقصر‪ ،‬واوفطار في رمضان‪ ،‬ال تتعدى أن تكون أن‬
‫رخص يباح األخذ بها‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات القاعدة‪:‬‬

‫من تطبيقات هذه القاعدة عند القائلين بها‪:‬‬

‫ألن الثالثة أيام هي رخصة للمسافر‪،‬‬


‫‪ .1‬ال يمسح العاصي بسفره ثالثة أيام وإنما يوم وليلة‪ّ ،‬‬
‫والعاصي ال يستحقها‪ ،‬قال إمام الحصني‪" :‬واعلم أن المسافر إنما يمسح ثالثة أيام إذا كان‬
‫سفره طويال فإن قصر مسح يوما وليلة ويشترط أيضا أالّ يكون سفره معصية‪ ،‬فإن كان‬
‫معصية كمن سافر ألخذ المكس أو بعثه ظالم ألخذ الرشا والمصادرة ونحو ذلك‪ ،‬أو كان عليه‬
‫آلدمي يجب عليه أدا ه إليه فال يترخص البتة‪ ،‬ألن المسح رخصة‪ ،‬فال يتعل‬ ‫ح‬
‫)‪(2‬‬
‫بالمعاصي‪ ،‬والراجح أنه يترخص يوما وليلة"‪.‬‬

‫‪ .1‬جواز ترك استقبال القبلة في صالة الخوف في قتال ال معصية فيه‪.‬‬

‫قال اومام الحصني‪ ..." :‬يشمل كل ما ليس بمعصية من أنواع القتال‪ ،‬فيجوز في قتال الكفار‬
‫وألهل العدل في قتال البماة‪ ،‬وفي قتال قطاع الطري ‪ ،‬وال يجوز للبماة وال لقطاع الطري ذلك‬
‫‪3‬‬
‫لعصيانهم فال يخفف عنهم"‪.‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار)‪.(671‬‬ ‫‪1‬‬

‫المصدر الساب )‪.(114‬‬ ‫‪2‬‬

‫المصدر الساب )‪.(169-170‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪49‬‬
‫‪ .1‬ال يستح العاصي بالسفر الترخص بقصر الصالة الرباعية‪ ،‬والجمع بين الصالتين‪ ،‬والتنفل‬

‫على الراحلة‪ ،‬وأكل الميتة للمضطر‪.‬‬

‫وفي هذا يقول اومام الحصني موضحاً بعض األسباب المباحة ل خذ برخص السفر‪" :‬ثم شرط‬
‫السفر أن يكون في غير معصية فيشمل الواجب كسفر الحج وقضاء الديون ونحوهما ويشمل‬

‫المندوب كحج التطوع وصلة الرحم ونحوهما ويشمل المباح كسفر التجارة والتنزه ويشمل المكروه‬
‫‪1‬‬
‫كسفر المنفرد عن رفيقه"‪.‬‬

‫وفي المقابل أخذ يعدد بعض األسباب التي ال تبيح األخذ برخص السفر قائالً‪" :‬واحترز الشيخ‬

‫وأخذ المكوس وجلب الخمر‬ ‫بقوله في غير معصية عن سفر المعصية‪ ،‬كالسفر لقطع الطري‬
‫والحشي‪ ،،‬ومن تبعثه الظلمة في أخذ الرشا والجبايات‪ ،‬وسفر المرأة بمير إذن زوجها‪ ،‬وسفر العبد‬
‫اآلب وسفر المديون القادر على الوفاء بمير إذن صاحب الدين ونحو ذلك‪ ،‬فهؤالء وأشباههم ال‬
‫يترخصون بالقصر‪ ،‬ألن القصر رخصة وهذا السفر معصية‪ ،‬والرخص ال تناط بالمعاصي‪ ،‬وكما‬
‫ال يقصر العاصي بسفره ال يجمع بين الصالتين‪ ،‬وال يتنفل على الراحلة وال يمسح ثالثة أيام‪ ،‬وال‬
‫‪2‬‬
‫يأكل الميتة عند االضطرار"‪.‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(221‬‬ ‫‪1‬‬

‫المصدر الساب )‪.(221-222‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪51‬‬
‫المبحث السادس‬

‫قاعدة‪( :‬التحريم عند اجتماع الحالل والحرام)‬

‫المطلب األول‪ :‬شرح القاعدة‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬مفردات القاعدة‪:‬‬

‫التحريم‪ :‬من الحرام وقد مر معنا سابقاً‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫اجتماع‪ :‬اجتمع ضد تفرق‪.‬‬

‫)‪(2‬‬
‫الحالل اصطالحاً‪ :‬ما ال يتعل بفعله أو تركه مدح وال ذم‬

‫ثانياً‪ :‬معنى القاعدة‪:‬‬

‫معنى القاعدة أنه إذا اجتمع الحرام والحالل في شيء ما فإنه يأخذ حكم الحرام‪ ،‬وهذه القاعدة من‬
‫القواعد المهمة التي ال بد من االعتناء بها؛ ألنها توضح وتبين المخرج الشرعي عند تزاحم الحرام‬
‫والحالل‪ ،‬ويتمثل فيها جانب االحتياط في الدين)‪ ،(3‬قال السيوطي‪" :‬قال األئمة وإنما كان التحريم‬
‫أحب ألن فيه ترك المباح الجتناب محرم وذلك أولى من عكسه")‪ .(4‬لذا قال فيها إمام الحرمين‬
‫)‪(5‬‬
‫الجويني‪" :‬لم يخرج عنها إال ما ندر"‪.‬‬

‫ويملب الحرام الحالل إذا كان أكثر أو مساوياً في حالة اجتماعهما معا‪ ،‬فإن كان الحالل أكثر‬
‫)‪(6‬‬
‫غلب الحالل‪ ،‬وإذا أمكن التمييز بين الحالل‪ ،‬والحرام‪ ،‬فكل واحد يأخذ حكمه‪.‬‬

‫الفيذذروز آبذذادي‪ ،‬محمذذد بذذن يعقذذوب‪ ،‬القنناموس المحننيط‪ ،‬تحقي ذ ‪ :‬محمذذود مسذذعود أحمذذد‪ ،‬المكتبذذة العص ذرية‪ ،‬بيذذروت‪ ،‬ط‪،8‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.)216( ،2009‬‬
‫السذذبكي‪ ،‬تقذذي الذذدين علذذي بذذن عبذذد الكذذافي‪ ،‬اإلبهنناج فنني شننرح المنهنناج‪ ،‬تحقي ذ ‪ :‬شذذعبان محمذذد إسذذماعيل‪ ،‬دار ابذذن حذذزم‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫بيروت‪ ،‬ط ‪2001 ،8‬م‪.)812/8( ،‬‬


‫الندوي‪ ،‬القواعد الفقهية )‪.(309‬‬ ‫‪3‬‬

‫السيوطي‪ ،‬األشباه والنظائر )‪.(165‬‬ ‫‪4‬‬

‫المصدر الساب ‪.)869( ،‬‬ ‫‪5‬‬

‫مجموعة من العلماء‪ ،‬معلمة دايد للقواعد الفقهية )‪.(12/386-390‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪51‬‬
‫وبناء على ذلك يكون عمل القاعدة في اجتماع حرام مع حالل متساويين‪ ،‬وال يمكن التمييز‬
‫ً‬
‫‪1‬‬
‫بينهما‪ ،‬لعدم وجود مرجح إال تمليب الحرام على الحالل‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة القاعدة‪:‬‬

‫هناك عدة أحاديث تعد أصوالً لهذه القاعدة منها‪:‬‬

‫‪ .1‬حديث الحسن بن علي قال‪ :‬حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬دع ما يريبك إلى‬
‫‪2‬‬
‫ما ال يريبك"‪.‬‬

‫فإن المكلف يحتاط لدينه ولو‬


‫وجه الداللة في الحديث‪ :‬أنه إذا تردد األمر بين الحرمة واوباحة‪ّ ،‬‬
‫كان بترك المباح حتى ال يقع في الحرام‪ ،‬وإلى هذا المعنى أشار حديث عطية السعدي‪ :‬قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬ال يبلغ العبد أن يكون من المتقين‪ ،‬حتى يدع ما ال بأس به‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫حذ ار لما به البأس"‪.‬‬

‫‪ .1‬حديث النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪ :‬إن الحالل ّبين‪ ،‬وإن الحرام ّبين‪،‬‬
‫وبينهما مشتبهات ال يعلمهن كثير من الناس‪ ،‬فمن اتقى الشبهات استب أر لدينه‪ ،‬وعرضه‪ ،‬ومن‬
‫وقع في الشبهات وقع في الحرام‪ ،‬كالراعي يرعى حول الحمى‪ ،‬يوشك أن يرتع فيه‪ ،‬أال وإن‬
‫لكل ملك حمى‪ ،‬أال وإن حمى الله محارمه‪ ،‬أال وإن في الجسد مضمة‪ ،‬إذا صلحت‪ ،‬صلح‬
‫‪4‬‬
‫الجسد كله‪ ،‬وإذا فسدت‪ ،‬فسد الجسد كله‪ ،‬أال وهي القلب"‪.‬‬

‫عبد الحميد‪ ،‬القواعد والضوابط الفقهية في كتاب األم )‪.(201‬‬ ‫‪1‬‬

‫أحمد‪ ،‬أحمد بن محمد بن حنبل‪ ،‬مسند اإلمام أحمد‪ ،‬المحقذ ‪ :‬شذعيب األرنذؤوط ‪-‬عذادل مرشذد‪ ،‬وآخذرون‪ ،‬مؤسسذة الرسذالة‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ط‪8128 ،8‬ه‪2008-‬م‪ ،‬حديث رقم ‪ .)219/4( ،8142‬النسائي‪ ،‬أحمذد بذن شذعيب‪ ،‬سننن النسنائي‪ ،‬تحقيذ ‪ :‬عبذد الفتذاح أبذو‬
‫غدة‪ ،‬مكتب المطبوعذات اوسذالمية –حلذب‪ ،‬ط‪8916–8106 ،2‬م‪ ،‬فذي بذاب الحذث علذى تذرك الشذبهات‪ ،‬حذديث رقذم ‪،9208‬‬
‫(‪ .)881/9‬والترمذي‪ ،‬حديث رقم ‪ ،)661/1( ،2981‬وقال حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫ابذذن ماجذذة‪ ،‬محمذذد بذذن يزيذذد‪ ،‬سنننن ابننن ماجننه‪ ،‬تحقيذ ‪ :‬محمذذد فذؤاد عبذذد البذذاقي‪ ،‬دار إحيذذاء الكتذذب العربيذذة ‪-‬فيصذذل عيسذذى‬ ‫‪3‬‬

‫البابي الحلبي‪ ،‬دون تاريخ‪ ،‬كتاب الزهد‪ ،‬باب الورع والتقوى‪ ،‬حديث رقم ‪.)8109/2( 1289‬‬
‫البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬باب‪ :‬الحالل بين‪ ،‬والحرام بين‪ ،‬وبينهما مشبهات‪ ،‬حذديث رقذم ‪ ،)94/4( ،2098‬مسذلم‪ ،‬صذحيح‬ ‫‪4‬‬

‫مسلم‪ ،‬في باب أخذ الحالل وترك الشبهات‪ ،‬حديث رقم ‪.)8289/4( ،8999‬‬
‫‪52‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬عل اومام ابن حجر على هذا الحديث قائالً‪" :‬والثالث مشتبه لخفائه فال يدرى هل‬

‫هو حالل أو حرام؟ وما كان هذا سبيله ينبمي اجتنابه؛ ألنه إن كان في نفس األمر حراما فقد‬
‫‪1‬‬
‫بريء من تبعتها وإن كان حالال فقد أجر على تركها بهذا القصد"‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات القاعدة‪:‬‬

‫تدخل هذه القاعدة في كثير من األبواب الفقهية منها‪:‬‬

‫‪ .1‬ما ذكره اومام الحصني عند الكالم عن الثوب المصنوع من الحرير وغيره من األقمشة قال‪:‬‬

‫"وإذا كان بعض الثوب إبريسماً‪ ،‬وبعضه قطنا أو كتانا جاز لبسه ما لم يكن االبريسم غالباً‬
‫حرم ما حرم استعماله من الحرير الصرف‪ ،‬وإذا ركب مع غيره مما يباح استعماله كالكتان‪،‬‬
‫وغيره ما حكمه ينظر إن كان األغلب الحرير حرم‪ ،‬وإن كان األغلب غيره حل تمليبا لجانب‬
‫األكثر إذ الكثرة من أسباب الترجيح فإن استويا فوجهان‪ ،‬األصح الحل؛ ألنه ال يسمى ثوب‬
‫ألن‬
‫حرير‪ ،‬واألصل في المنافع اوباحة‪ ،‬وقيل يحرم تمليبا لجانب التحريم‪ ،‬وهو القياس؛ ّ‬
‫القاعدة التحريم عند اجتماع الحالل والحرام"‪.2‬‬

‫أن اومام الحصني أعقب المثال بالقاعدة تدليالً على كالمه‪ ،‬بعد أن تكلم عن اختالط‬
‫فيالحظ ّ‬
‫الحرام بالحالل‪ ،‬ورجح التحريم عمال بالقاعدة‪.‬‬

‫أمر سكينا على حل شاة أو قتال‬


‫‪" .1‬لو شارك مجوسي مسلما في ذبح أو اصطياد قاتل كأن ّا‬
‫صيدا بسهم أو كلب حرم المذبوح‪ ،‬والمصطاد تمليبا للحرام‪ ،‬ولو أرسال كلبين‪ ،‬أو سهمين‪ ،‬فإن‬
‫سب آلة المسلم فقتل الصيد‪ ،‬أو أنهاه إلى حركة مذبوح حل‪ ،‬ولو انعكس ما ذكر‪ ،‬أو جرحاه‬
‫معا‪ ،‬أو جهل ذلك‪ ،‬أو مرتبا‪ ،‬ولم يقذف أحدهما بإعجام‪ ،‬وإهمال أي لم يقتل سريعا فهلك بهما‬
‫‪3‬‬
‫حرم تمليبا للحرام"‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن حجر‪ ،‬أحمد بن علذي‪ ،‬فتح الباري‪ ،‬رّقذم كتبذه وأبوابذه وأحاديثذه‪ :‬محمذد فذؤاد عبذد البذاقي‪ ،‬قذام بإخ ارجذه وصذححه وأشذرف‬
‫على طبعه‪ :‬محب الدين الخطيب‪ ،‬عليه تعليقات العالمة‪ :‬عبد العزيز بن عبد الله بن بذاز‪ ،‬دار المعرفذة ‪-‬بيذروت‪8419 ،‬ه‪،‬‬
‫(‪.)298/1‬‬
‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(246‬‬ ‫‪2‬‬

‫المحلي‪ ،‬محمد بن أحمد‪ ،‬كنز النراغبين‪ ،‬ضذبطه‪ :‬عبذد اللطيذف عبذد الذرحمن‪ ،‬دار الكتذب العلميذة‪ ،‬بيذروت‪ ،‬ط ‪8991 ،8‬م‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫(‪.)218/1‬‬
‫‪53‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ .1‬لو كان بعض الشجرة في الحل‪ ،‬وبعضها في الحرم َح ُرَم قطعها‪.‬‬

‫‪ .2‬إذا وجد كلبا مع الكلب المعلم عند الصيد‪ ،‬عن عدي بن حاتم رضي الله عنه‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬يا‬
‫رسول الله أرسل كلبي وأسمي‪ ،‬فأجد معه على الصيد كلبا آخر لم أسم عليه‪ ،‬وال أدري أيهما‬
‫‪2‬‬
‫أخذ؟ قال‪« :‬ال تأكل‪ ،‬إنما سميت على كلبك ولم تسم على اآلخر»‪.‬‬

‫أن الصيد الذي يشارك في صيده كلب غير معلم أو أرسله َمن ليس ‪،‬من أهل‬ ‫في هذا الحديث بيان ّ‬
‫الذكاة‪ ،‬ففي هذه الحالة إما أن يكون أمسكه الكلب المعلم‪ ،‬فيكون مباحاً‪ ،‬أو األخر فيكون ميتة‪،‬‬
‫والتي هي حرام‪ ،‬فيمّلب جانب الحرام على الحالل‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬مستثنيات القاعدة‪:‬‬

‫من مستثنيات هذه القاعدة التي ال يمّلب فيا جانب الحرام‪:‬‬

‫‪ .1‬لو اختلطت محرمة بعدد غير محصور كنسوة قرية كبيرة‪ ،‬فله النكاح منهن إلى أن يبقى‬
‫‪3‬‬
‫محصو اًر‪.‬‬

‫فإنه يجتهد ليتحرى الطاهرة‪ ،‬وال يتركها كلها‪.‬‬


‫‪ .2‬لو اشتبهت عليه آواني طاهرة بأخرى نجسه‪ّ ،‬‬

‫‪ .3‬من أحد أبويه كتابي‪ ،‬واآلخر مجوسي‪ ،‬فإنه يحل نكاحه‪ ،‬وذبيحته‪ ،‬ويجعل كتابيا‪ ،‬وال يقتضي‬
‫أن يجعل مجوسيا‪ ،‬وبه قال الشافعي‪ ،‬ولو كان الكتابي األب في األظهر عنده تمليبا لجانب‬
‫فإن المجوسي شر من الكتابي فال يجعل‬
‫التحريم؛ لكن أصحابنا تركوا ذلك نظ ار للصمير‪ّ ،‬‬
‫)‪(4‬‬
‫الولد تابعا له‪.‬‬

‫‪ .4‬لو رمى سهماً إلى طائر فجرحه‪ ،‬ووقع على األرض فمات فإنه يحل أكله إن لم يصبه شيء‬
‫)‪(5‬‬
‫عند سقوطه على األرض ألنه ال يمكن التحرز عنه‪.‬‬

‫الزكشي‪ ،‬المنثور في القواعد )‪.(1/130‬‬ ‫‪1‬‬

‫البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب البيوع‪ ،‬باب تفسير المشبهات‪ ،‬حديث رقم ‪.)91/4( 2091‬‬ ‫‪2‬‬

‫اللحجي‪ ،‬إيضاح القواعد الفقهية (‪.)16‬‬ ‫‪3‬‬

‫ابن نجيم‪ِ ،‬‬


‫األشباه والنظائر )‪.(123‬‬ ‫‪4‬‬

‫الحصني‪ ،‬القواعد )‪.(2/90‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪54‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫الضوابط الفقهية في الطهارة والصالة‬

‫‪55‬‬
‫المبحث األول‬

‫ضابط‪( :‬كل تغير يمنع اسم الماء اإلطالق يسلبه الطهورية وإال فال)‬

‫المطلب األول‪ :‬شرح الضابط‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬مفردات الضابط‪:‬‬

‫)‪(1‬‬
‫التغير‪ :‬هو انتقال الشيء من حالة إلى حالة أخرى‪.‬‬

‫)‪(2‬‬
‫اإلطالق‪ :‬من معانيها في اللمة الحل واورسال‪ ،‬يقال بعير طل اليدين‪ ،‬أي غير مقيد‪.‬‬

‫)‪(3‬‬
‫وقال الجرجاني‪" :‬المطل ما يدل على واحد غير معين"‪.‬‬

‫الطهور‪ :‬قال ابن فارس‪ :‬الطاء والهاء والراء أصل واحد صحيح يدل على نقاء وزوال دنس‪ .‬ومن‬

‫ذلك الطهر‪ ،‬خالف الدنس‪.‬‬

‫والطهور‪ :‬الماء قال الله تعالى‪ :‬ﱡ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﱠ)‪ .(4‬الطهور‪ :‬الطاهر في نفسه‬
‫)‪(5‬‬
‫المطهر لميره‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬معنى الضابط‪:‬‬

‫أورد اومام الحصني هذا الضابط بلفظه عند الحديث عن النوع الثالث من أقسام المياه‪ ،‬وهو‬
‫)‪(6‬‬
‫المتمير بما خالطه من الطاهرات أي الطاهر غير المطهر لميره‪.‬‬

‫وعليه يكون الماء الطاهر المطهر لميره هو الماء المطل الذي لم يخالطه شيء ينزع عنه اسم‬
‫الماء‪ ،‬ولم يتمير طعمه‪ ،‬أو لونه‪ ،‬أو رائحته‪.‬‬

‫الجرجاني‪ ،‬التعريفات )‪.(46‬‬ ‫‪1‬‬

‫األزهري‪ ،‬تهذيب اللغة )‪.(9/19‬‬ ‫‪2‬‬

‫الجرجاني‪ ،‬التعريفات )‪.(152‬‬ ‫‪3‬‬

‫سورة الفرقان اآلية ‪.11‬‬ ‫‪4‬‬

‫ابن فارس‪ ،‬مقاييس اللغة )‪.(3/428‬‬ ‫‪5‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(72‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪56‬‬
‫بأنه العاري عن القيود‪ ،‬واوضافة الالزمة كماء الورد‪ ،‬أما‬
‫وقد عرف اومام الحصني الماء المطل ّ‬
‫اوضافة غير الالزمة؛ فال تؤثر كماء النهر‪ ،‬وقيل الماء المطل هو الباقي على وصف خلقته‪،‬‬
‫)‪(1‬‬
‫وسمي مطلقأ؛ ألن الماء إذا أطل انصرف إليه‪.‬‬

‫التمير الذي يمنع إطالق اسم الماء عليه يكون بمخالطة ما يستمني الماء عنه كالزعفران‪ ،‬أما إذا‬
‫و ّ‬
‫)‪(2‬‬
‫تمير بما ال يستمني الماء عنه كالطين‪ ،‬والطحلب فال يؤثر‪ ،‬وهو ما يكون في ممره ومقره‬

‫وهذا الضابط أدق من ضابط "كل الماء طهور ما لم تخالطه نجاسة")‪ ،(3‬فهذا الضابط تناول‬
‫التمير بمالقاة النجس فقط‪ ،‬بينما ضابط "كل تمير يمنع اسم الماء اوطالق يسلبه الطهورية وإال‬

‫فال" تحدث أي تمير يخرج الماء عن مسماه الحقيقي ولو كان هذا المخالط طاه اًر‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة الضابط‪:‬‬

‫األصل في هذا الضابط اآليات القرآنية‪ ،‬واألحاديث النبوية التي دلت على طهارة الماء فمن‬
‫اآليات‪:‬‬

‫‪ .1‬قوله تعالى‪ :‬ﱡ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﱠ)‪.(4‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬قال الكيا الهراسي‪" :‬وال خالف أن للماء هذا الحكم‪ ،‬إذا كان على خلقته‪ ،‬وهو ينزل‬

‫من السماء‪ ،‬فما دام على نعت المنزل من السماء‪ ،‬وفي قرار األرض؛ فهو طهور ومطل )‪."(5‬‬

‫أن الماء المنزل من السماء طاهر في نفسه مطهر لميره‪ ،‬فإن الطهور بناء‬
‫وقال القرطبي‪ " :‬فبين ّ‬
‫مبالمة في طاهر‪ ،‬وهذه المبالمة اقتضت أن يكون طاه ار مطهرا‪ .‬وإلى هذا ذهب الجمهور)‪."(6‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(69‬‬ ‫‪1‬‬

‫المصدر الساب )‪.(72‬‬ ‫‪2‬‬

‫الشافعي‪ ،‬محمد بن إدريذس‪ ،‬األم‪ ،‬دار المعرفذة –بيذروت‪ ،‬بذدون طبعذة‪8990 ،‬م‪ .)86/8( .‬عبذد الحميذد‪ ،‬القواعند والضنوابط‬ ‫‪3‬‬

‫الفقهية في كتاب األم )‪.(360‬‬


‫الفرقان ‪.11‬‬ ‫‪4‬‬

‫الكيا الهراسي‪ ،‬محمد الطبري‪ ،‬أحكام القرلن‪ ،‬دار الكتب العلمية بيروت‪ ،‬ط ‪8914 ،8‬م‪.)429/2( ،‬‬ ‫‪5‬‬

‫القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرلن )‪.(7/39‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪57‬‬
‫)‪(1‬‬
‫‪ .1‬وقوله تعالى‪ :‬ﱡ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱠ‬

‫فهذه اآليات دلت على طهارة الماء النازل من السماء‪ ،‬ووردت األحاديث الدالة على طهارة ماء‬
‫البحار‪ ،‬وكذا الماء الموجود في اآلبار ومنها‪:‬‬

‫‪ .1‬عن أبي هريرة ‪-‬رضي الله عنه‪ :-‬جاء رجل إلى رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ ،-‬فقال‪:‬‬

‫يا رسول الله إنا نركب البحر‪ ،‬ونحمل معنا القليل من الماء‪ ،‬فإن توضأنا به عطشنا‪ ،‬أفنتوضأ‬
‫)‪(2‬‬
‫به‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪« :‬هو الطهور ما ه الحل ميتته»‪.‬‬

‫‪ .1‬عن أبي سعيد الخدري‪ ،‬قال‪ :‬قيل‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬أتتوضأ من بئر بضاعة‪ ،‬وهي بئر يلقى فيها‬

‫إن الماء طهور ال‬


‫الحيض‪ ،‬ولحوم الكالب‪ ،‬والنتن؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ّ « :‬‬
‫)‪(3‬‬
‫ينجسه شيء»‪.‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬دلت األحاديث السابقة على طهارة ماء البحر وماء اآلبار ويشمل ذلك ماء األنهار‬

‫والينابيع‪ ،‬فالماء على أصله طاهر مطهر لميره ما لم يتمير‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات الضابط‪:‬‬

‫هذا الضابط أورده الشافعية لبيان ضابط الماء المطل ‪ ،‬وفي هذا المطلب سنبحث مدى العمل به‬
‫الضابط عند المذاهب األخرى‪.‬‬

‫سورة األنفال األية ‪.88‬‬ ‫‪1‬‬

‫مالك‪ ،‬مالك بن أنس‪ ،‬الموطأ‪ ،‬صححه ورقمه وخرج أحاديثه وعل عليه‪ :‬محمد فؤاد عبذد البذاقي‪ ،‬دار إحيذاء التذراث العربذي‬ ‫‪2‬‬

‫–بيذذروت‪8919 ،‬م‪ .)22/8( ،‬أبذذو داود سذذليمان بذذن األشذذعث‪ ،‬سننننن أبننني داود‪ ،‬المحق ذ ‪ :‬محمذذد محيذذي الذذدين عبذذد الحميذذد‪،‬‬
‫المكتبة العصرية‪ ،‬صيدا –بيذروت‪ .‬فذي كتذاب الطهذارة‪ ،‬بذاب الوضذوء بمذاء البحذر‪ ،‬حذديث رقذم ‪ .)28/8( ،14‬الترمذذي‪ ،‬سننن‬
‫الترمنذي‪ ،‬بذاب مذا جذاء فذي مذذاء البحذر أنذه طهذور‪ ،‬حذديث رقذم ‪ .)800/8( ،69‬قذذال الترمذذي‪" :‬هذذا الحذديث حسذن صذذحيح"‪.‬‬
‫وقال األلباني‪ ،‬صحيح‪ ،‬ينظر‪ :‬األلباني‪ ،‬محمد ناصر الذدين‪ ،‬إرواء الغلينل فني تخنريج أحادينث مننار السنبيل‪ ،‬إشذراف‪ :‬زهيذر‬
‫الشاوي‪ ،،‬المكتب اوسالمي –بيروت‪ ،‬ط‪8109 ،2‬هذ‪8919-‬م (‪.)12/8‬‬
‫الترمذذذي‪ ،‬سنننن الترمننذي‪ ،‬بذذاب مذذا جذذاء أن المذذاء ال ينجسذذه شذذيء‪ ،‬حذذديث رقذذم ‪ .)99/8( ،66‬قذذال الترمذذذي‪" :‬هذذذا حذذديث‬ ‫‪3‬‬

‫حسن"‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫أوالً‪ :‬مذهب الحنفية‪:‬‬

‫يرى الحنفية عدم جواز الطهارة بالماء المتمير بمخالطة غيره بما يخرجه عن طبع الماء كالخل‬

‫والمرق‪ ،‬وماء الورد‪ ،‬فهذه ليست بماء حقيقة‪.‬‬

‫أما إذا خالط الماء شيء طاهر كاألشنان ‪ ،‬والصابون والزعفران‪ ،‬ولم ّ‬
‫تميره عن حقيقته فتجوز‬ ‫(‪)1‬‬

‫)‪(2‬‬
‫الطهارة به‪.‬‬

‫قال المرغيناني‪" :‬وال يجوز" بماء غلب عليه غيره فأخرجه عن طبع الماء كاألشربة والخل وماء‬
‫الباقالء والمرق وماء الورد وماء الزردج)‪(3‬؛ ألنه ال يسمى ماء مطلقا والمراد بماء الباقالء وغيره ما‬
‫)‪(4‬‬
‫تمير بالطبخ فإن تمير بدون الطبخ يجوز التوضي به"‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬مذهب المالكية‪:‬‬

‫قال القاضي عبد الوهاب‪" :‬المياه ضربان‪ :‬مطل ومضاف‪ ،‬فالمطل هو ما لم يتمير أحد أوصافه‬
‫غالبا مما ليس بقرار له‪ ،‬وال حادث عنه‪ ،‬والمضاف هو ما تمير بما‬
‫بما يخالطه مما ينفك عنه ً‬
‫وصفناه من ذلك المتمير بالزعفران‪ ،‬والعصفر‪ ،‬والخل واللبن وغيره‪ ،‬فأما المتمير بالطين‪ ،‬ففي‬
‫غالبا‪ ،‬وكذلك الطحلب ألنه متولد عنه عن طول مكثه‪،‬‬
‫القسم األول ألنه ق ارره وال ينفك عنه ً‬
‫وكذلك تمييره بالحمأة‪ ،‬وما أشبهها‪ ،‬ثم بعد هذا على ضربين‪ :‬طاهر‪ ،‬ونجس‪ ،‬وذلك يرجع إلى‬
‫طاهر غير مطهر كسائر‬
‫ًا‬ ‫طاهر سلبه حكم التطهير فقط‪ ،‬وكان‬
‫ًا‬ ‫صفة ما تمير به‪ ،‬فإن كان‬
‫)‪(5‬‬
‫جميعا"‪.‬‬
‫ً‬ ‫نجسا سلبه الصفتين‬
‫المائعات‪ ،‬وإن كان ً‬

‫األشنان‪ :‬قال األزهري‪ :‬شذجر األشذنان يقذال لذه الحذرض وهذو مذن الحمذض ومنذه يسذوى القلذي الذذي تمسذل بذه الثيذاب‪ ،‬ابذن‬ ‫‪1‬‬

‫منظور‪ ،‬لسان العرب (‪.)849/1‬‬


‫أبو الحاج‪ ،‬صالح محمد‪ ،‬تهذيب خالصة الدالئل وتنقيح المسائل في شرح القدوري‪ ،‬دار الفاروق‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪2020 ،8‬م‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫(‪.)49-41/8‬‬
‫الزردج هو ماء يخرج من العصفر المنقوع فيطرح وال يصبغ به‪ .‬ينظر‪ :‬الهداية (‪ )8/18‬الهام‪.،‬‬ ‫‪3‬‬

‫المرغيناني‪ ،‬علي بن أبي بكر‪ ،‬الهداينة‪ ،‬تحقيذ ‪ :‬محمذد تذامر‪ ،‬وحذافظ عاشذور حذافظ‪ ،‬دار السذالم ‪-‬القذاهرة‪ ،‬ط‪2000 ،8‬م‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫(‪.)18/8‬‬
‫القاضذذي عبذذد الوهذذاب بذذن علذذي‪ ،‬المعونننة‪ ،‬تحقي ذ ‪ :‬حمذذي‪ ،‬عبذذد الح ذ ‪ ،‬مكتبذذة ن ذزار مصذذطفى البذذاز‪ ،‬مكذذة المكرمذذة‪ ،‬ط‪،8‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪2001‬م‪.)829-821/8( ،‬‬
‫‪59‬‬
‫ثالثاً‪ :‬مذهب الحنابلة‪:‬‬

‫قال الشيخ منصور البهوتي‪" :‬النوع الثاني من المياه طاهر غير مطهر كماء ورد وكل مستخرج‬
‫بعالج ألنه ال يصدق عليه اسم الماء بال قيد‪ ،‬وال يلزم من وكل في شراء ماء قبوله‪.‬‬

‫وكطهور تمير كثير من لونه أو طعمه أو ريحه بمخالط طاهر طبخ فيه‪ ،‬كماء الباقالء والحمص‪،‬‬

‫أو ال‪ ،‬كزعفران سقط فيه فتمير به كذلك وأنه زال إطالق اسم الماء عليه‪ ،‬وزال عنه أيضا‪ ،‬معنى‬
‫الماء‪ ،‬فال يطلب بشربه اورواء‪ ،‬وعلم منه أن ما تمير جميع أوصافه أو كل صفة منها بطاهر أو‬
‫)‪(1‬‬
‫غلب عليه طاهر باألولى‪ ،‬وأن يسير صفة ال يسلبه الطهورية"‪.‬‬

‫أن هذا الضابط محل خالف فقد عمل به الجمهور ‪-‬على‬


‫يظهر من خالل هذه النصوص الفقهية ّ‬
‫تفصيل‪ -‬خالفاً للحنفية الذي يرون جواز استعمال الماء المتمير في الطهارة ما لم يطبخ؛ ّ‬
‫ألن‬
‫الطبخ يخرجه عن معنى الماء المنزل‪.‬‬

‫القول األول‪ :‬الجمهور‪:‬‬

‫أن الطهارة ال تصح إال بالماء المطل (‪.)2‬‬


‫ذهب الجمهور إلى ّ‬

‫واستدلوا بعدة أدلة من المنقول‪ ،‬والمعقول‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫)‪(3‬‬
‫‪ .1‬قوله تعالى‪ :‬ﱡ ﱾ ﱿﲀ ﲁ ﲂ ﱠ‪.‬‬

‫)‪(4‬‬
‫‪ .1‬وقوله تعالى‪ :‬ﱡ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱠ‪.‬‬

‫)‪(5‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬قالوا اختص الله الماء بالتطهير دون غيره‪.‬‬

‫البهذوتي‪ ،‬منصذور بذن يذذونس‪ ،‬شنرح منتهنى اإلرادات‪ ،‬تحقيذ ‪ :‬عذادل بذن سذذعد‪ ،‬دار الكتذب العلميذة‪ ،‬بيذذروت‪ ،‬ط‪2009 ،8‬م‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫(‪.)28-20/8‬‬
‫القاضي عبد الوهاب‪ ،‬المعونة (‪ .)829-821/8‬النووي‪ ،‬المجموع (‪ .)821-826/8‬ابن قدامة المغني (‪.)20/8‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة الفرقان اآلية ‪.11‬‬ ‫‪3‬‬

‫سورة األنفال اآلية ‪.88‬‬ ‫‪4‬‬

‫العمراني‪ ،‬يحيى بن سالم‪ ،‬البيان‪ ،‬تحقي ‪ :‬قاسم النوري‪ ،‬دار المنهاج‪ ،‬جدة‪ ،‬ط ‪2081 ،1‬م‪.)81/8( ،‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪61‬‬
‫)‪(1‬‬
‫‪ .1‬قوله تعالى‪ :‬ﱡ ﲶﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﱠ‬

‫أن الله نقلهم عند عدم الماء إلى التيمم فدل على أنه ال يجوز الوضوء بميره من‬
‫وجه الداللة‪ّ :‬‬
‫)‪(2‬‬
‫المائعات‪.‬‬

‫‪ .2‬واستدلوا بحديث أنس بن مالك‪ ،‬أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أعرابيا يبول في المسجد‬
‫)‪(3‬‬
‫فقال‪« :‬دعوه حتى إذا فرغ دعا بماء فصبه عليه»‪.‬‬

‫قال ابن قاضي شهبة‪" :‬فصفة اوطالق الزمة للفظ (الماء) ما لم يقيد‪ ،‬وإن لم يصرح بها‪ ،‬وحينئذ‬
‫فيكون الماء المأمور به ماء مطلقا‪ ،‬فيخرج المقيد بمفهوم الصفة‪ ،‬والمأمور ال يخرج عن األمر إال‬
‫)‪(4‬‬
‫بامتثال ما أمر به"‪.‬‬

‫بأن لفظ طهور في اآليات السابقة المقصود به الطاهر في نفسه‬


‫‪ .1‬استدل الجمهور باللمة ّ‬
‫المطهر لميره‪ ،‬واعتبروا اآلية الثانية مفسرة ل ولى)‪ ،(5‬فلفظ ماء في اآلية‪ :‬عامة لوقوعها في‬
‫سياق االمتنان؛ إذ يستحيل أن يمتن علينا بمير طاهر‪ ،‬فوجب حمل قوله‪{ :‬طهورا} على‬
‫)‪(6‬‬
‫معنى زائد‪ ،‬وهو‪ :‬التطهير‪.‬‬

‫القول الثاني‪ :‬مذهب الحنفية‪:‬‬

‫ذهب الحنفية إلى جواز التطهر بالماء الذي خالطه شيء من الطاهرات كاألشنان ما لم تميره عن‬
‫حقيقته‪.‬‬

‫سورة النساء أية ‪.14‬‬ ‫‪1‬‬

‫ابن قدامة‪ ،‬المغني )‪.(1/20‬‬ ‫‪2‬‬

‫البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الوضوء‪ ،‬باب ترك النبذي صذلى اللذه عليذه وسذلم والنذاس األع اربذي حتذى فذرغ مذن بولذه فذي‬ ‫‪3‬‬

‫المسجد‪ ،‬حديث رقم ‪ .)91/8( ،289‬مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬بذاب وجذوب غسذل البذول وغيذره‪ ،‬حذديث رقذم‪،211‬‬
‫(‪.)246/8‬‬
‫ابذذن قاضذذي شذذهبة‪ ،‬محمذذد بذذن أبذذي بكذذر‪ ،‬بدايننة المحتنناج‪ ،‬تحقي ذ ‪ :‬أنذذور الداغسذذتاني‪ ،‬دار المنهذذاج‪ ،‬جذذدة‪ ،‬ط‪2088 ،8‬م‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫(‪.)806/8‬‬
‫النووي‪ ،‬المجموع )‪.(1/126-127‬‬ ‫‪5‬‬

‫الدميري‪ ،‬النجم الوهاج )‪.(1/222‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪61‬‬
‫واستدلوا بأدلة منها‪:‬‬

‫‪ .1‬اآليات السابقة التي استدل بها الجمهور‪ ،‬فقالوا تجوز الطهارة بالماء الذي خالطه شيء من‬
‫ألن اسم الماء باق على اوطالق أال ترى ّأنه لم يتجدد له اسم على‬
‫الطاهرات كالزعفران؛ ّ‬
‫ألن الخلط القليل ال معتبر به لعدم‬
‫حدة‪ ،‬وإضافته إلى الزعفران كإضافته إلى البئر‪ ،‬والعين؛ و ّ‬
‫)‪(1‬‬
‫إمكان اوحتراز‪.‬‬

‫‪ .1‬كما استدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهم‪ ،‬قال‪ :‬بينما رجل واقف بعرفة إذ وقع عن‬
‫راحلته‪ ،‬فوقصته ‪-‬أو قال‪ :‬فأوقصته‪ -‬قال النبي صلى الله عليه وسلم‪« :‬اغسلوه بماء وسدر‪،‬‬
‫)‪(2‬‬
‫وكفنوه في ثوبين‪ ،‬وال تحنطوه‪ ،‬وال تخمروا رأسه‪ ،‬فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا»‪.‬‬

‫‪ .1‬وبحديث أم هانئ بنت أبي طالب ّأنها دخلت على النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬يوم فتح‬
‫)‪(3‬‬
‫مكة‪ ،‬وهو يمتسل من قصعة فيها أثر العجين»‪.‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬في الحديثين السابقين جواز استعمال الماء الذي خالطه شيء من الطاهرات كالسدر‬
‫)‪(4‬‬
‫والعجين ولم ينزع عنه صفة الماء‪.‬‬

‫‪ .2‬التفري بين اوضافة للتعريف‪ ،‬واوضافة للتقييد‪ ،‬فقالوا إضافته إلى الزعفران‪ ،‬ونحوه للتعريف‬
‫كإضافته إلى البئر بخالف ماء البطيخ‪ ،‬ونحوه حيث تكون إضافته للتقييد‪ ،‬ولهذا ينفى اسم‬
‫)‪(5‬‬
‫الماء عنه‪ ،‬وال يجوز نفيه عن األول‪.‬‬

‫المرغيناني‪ ،‬الهداية )‪.(1/42-43‬‬ ‫‪1‬‬

‫البخذذاري‪ ،‬صننحيح البخنناري‪ ،‬بذذاب الكفذذن فذذي ثذذوبين‪ ،‬حذذديث رقذذم ‪ .)19/2( ،8269‬ومسذذلم‪ ،‬صننحيح مسننلم‪ ،‬بذذاب مذذا يفعذذل‬ ‫‪2‬‬

‫بالمحرم إذا مات‪ ،‬حديث رقم ‪.)169/2( ،8206‬‬


‫النسذذائي‪ ،‬سنننن النسننائي‪ ،‬كتذذاب الميذذاه‪ ،‬بذذاب االغتسذذال فذذي قصذذعة فيهذذا أثذذر العجذذين‪ ،‬حذذديث رقذذم ‪ .)202/8( ،189‬وهذذو‬ ‫‪3‬‬

‫حديث صحيح‪ ،‬ينظر‪ :‬األلباني‪ ،‬صحيح وضعيف سنن النسائي‪.‬‬


‫الزيلعي‪ ،‬عثمذان بذن علذي‪ ،‬تبينين الحقنائ شنرح كننز الندقائ ‪ ،‬المطبعذة الكبذرى األميريذة ‪-‬بذوالق‪ ،‬القذاهرة‪ ،‬ط‪8484 ،8‬ه‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫(‪.)28/8‬‬
‫الزيلعي‪ ،‬تبيين الحقائ )‪.(1/21‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪62‬‬
‫وقد شرح الفرق بينهما العيني قائالً‪" :‬والفرق بينهما ّ‬
‫أن المضاف إذا لم يكن خارجا من المضاف‬

‫إليه بالعالج فاوضافة للتعريف‪ ،‬وماء الزعفران‪ ،‬وماء البئر‪ ،‬وماء العين من هذا القبيل‪ ،‬وإن كان‬
‫خارجا منه‪ ،‬فهي للتقييد كماء الورد‪ ،‬ونحوه‪ ،‬والتمير في اللون موجود في بعض المياه المطلقة‬
‫نحو ماء المد‪ ،‬والواقعة فيها األوراق‪ ،‬وكذا ماء بعض األبيار يضرب في السواد فال يخرج عن‬
‫)‪(1‬‬
‫كونه مطلقاً"‪.‬‬

‫سبب الخالف‪:‬‬

‫قال ابن رشد‪" :‬وسبب اختالفهم هو خفاء تناول اسم الماء المطل للماء الذي خالطه أمثال هذه‬

‫األشياء‪( ،‬أعني‪ :‬هل يتناوله أو ال يتناوله؟) فمن رأى أنه ال يتناوله اسم الماء المطل ‪ ،‬و ّإنما‬
‫‪-‬لم يجز الوضوء به‪ ،‬إذ كان‬ ‫يضاف إلى الشيء الذي خالطه فيقال‪ :‬ماء كذا ال ماء مطل‬
‫أجاز به الوضوء‪،‬‬ ‫الوضوء إنما يكون بالماء المطل ‪ ،‬ومن رأى أنه يتناوله اسم الماء المطل‬
‫ولظه ور عدم تناول اسم الماء للماء المطبو مع شيء طاهر اتفقوا على أنه ال يجوز الوضوء به‪،‬‬
‫)‪(2‬‬
‫وكذلك في مياه النبات المستخرجة‪.‬‬

‫مناقشة األدلة‪:‬‬

‫أن الماء الذي ُيتطهر به يجب أن يكون ماءً مطلقاً لم يخالطه شيء‪،‬‬
‫‪ .1‬اعتمد الجمهور على ّ‬
‫أن ما استدلوا به من النصوص تدعم هذا االعتبار‪ ،‬وهي من‬
‫وعلى هذا األساس يالحظ ّ‬
‫الوجاهة بمحل‪.‬‬

‫أن يميره شيء قليل‪ ،‬فجعلوا العبرة في‬


‫أن مفهوم الماء المطل أوسع من ّ‬
‫‪ .1‬بينما اعتبر الحنفية ّ‬
‫التمير الذي ُيذهب خاصية الماء‪ ،‬وهو ما يحصل بالطبخ‪ ،‬أو التميير الذي يذهب صفاته‪،‬‬
‫ّ‬
‫فلذلك يالحظ على أدلتهم مراعاة ذلك‪.‬‬

‫العيني‪ ،‬محمد محمذود بذن أحمذد‪ ،‬البناينة شنرح الهداينة‪ ،‬دار الكتذب العلميذة ‪-‬بيذروت‪ ،‬ط‪8120 ،8‬ه‪2000-‬م‪-461/8( ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.)469‬‬
‫ابن رشد‪ ،‬بداية المجتهد )‪.(1/57‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ .1‬م ا استدل به الحنفية من حديث ابن عباس‪ ،‬وأم هانئ ليس فيه داللة على الطهارة بالماء‬

‫المتمير‪ ،‬فالسدر‪ ،‬والعجين المذكورين لم يمي ار في الماء شيئاً‪ ،‬ولم ينزعا عنه صفة الماء‬
‫المطل ‪ ،‬وهذا مواف لقول الجمهور‪.‬‬

‫‪ .2‬تفري الحنفية بين اوضافة للتعريف‪ ،‬والتقييد ليس بدقي فقولنا ماء البئر يختلف عن قولنا‬

‫ألن ماء الزعفران تمير به حتى أخذ اسما جديداً بينما ماء البئر أو النهر هو‬
‫ماء الزعفران؛ ّ‬
‫مجرد إضافة الماء إلى المكان الذي هو فيه‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬

‫بعد مناقشة األدلة يتبين أن مذهب الجمهور بعدم جواز الطهارة بالماء المتمير بمخالطة شيء من‬
‫الطاهرات هو الراجح ‪-‬مالله أعلم‪ -‬وذلك لقوة أدلتهم‪.‬‬

‫قال ابن المنذر‪" :‬أجمعوا على أن الوضوء ال يجوز‪ :‬بماء الورد‪ ،‬وماء الشجر‪ ،‬وماء العصفر‪ ،‬وال‬
‫)‪(1‬‬
‫تجوز الطهارة‪ :‬إال بماء مطل ‪ ،‬يقع عليه اسم الماء"‪.‬‬

‫وهو ما يواف مضمون الضابط "كل تمير يمنع اسم الماء اوطالق يسلبه الطهورية وإال فال"‪.‬‬

‫ابذذن المنذذذر‪ ،‬محمذذد بذذن إب ذراهيم‪ ،‬اإلجمنناع‪ ،‬تحقي ذ ‪ :‬ف ذؤاد عبذذد المذذنعم أحمذذد‪ ،‬دار المسذذلم للنشذذر والتوزيذذع‪ ،‬ط‪8129 ،8‬ه‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2001‬م‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫ضابط‪( :‬األصل في الحيوانات الطهارة)‬

‫المطلب األول‪ :‬شرح الضابط‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬مفردات الضابط‪:‬‬

‫)‪(1‬‬
‫األصل لغة‪ :‬أسفل الشيء‪ ،‬وأساسه‪ ،‬وأصل كل شيء ما يستند وجود ذلك الشيء إليه‪.‬‬

‫)‪(2‬‬
‫األصل اصطالحاً‪ :‬ما يبنى عليه غيره‪.‬‬

‫الطهارة اصطالحاً‪ :‬قال الحصني‪" :‬عبارة عن رفع الحدث وإزالة النجس‪ ،‬وما في معناهما وعلى‬
‫)‪(3‬‬
‫صورتهما"‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬معنى الضابط‪:‬‬

‫هذا الضابط أورده اومام الحصني بلفظ "األصل في الحيوانات الطهارة" عند الحديث عن األعيان‬
‫النجسة‪ ،‬فالحيوانات كلها طاهرة إال ما استثني منها‪ ،‬وهي الكلب والخنزير‪ ،‬وما تولد منهما أو من‬
‫كمال االنتفاع إال أن تكون‬ ‫بأن الحيوانات خلقت لمنافع العباد؛ وال يتحق‬
‫أحدهما‪ ،‬وعّلل ذلك ّ‬
‫)‪(4‬‬
‫طاهرة‪.‬‬

‫وهذا الضابط ذكره علماء الشافعية بعدة صيغ منها‪:‬‬


‫)‪(5‬‬
‫‪ .1‬قال الشافعي‪" :‬ال نجاسة في حي إال الكلب والخنزير"‪.‬‬

‫)‪(6‬‬
‫‪ .1‬قال السبكي‪" :‬األصل في الحيوانات الطهارة"‪.‬‬

‫الفيروز آبادي‪ ،‬القاموس المحيط (‪ ،)91‬الفيومي‪ ،‬المصباح المنير )‪.(15‬‬ ‫‪1‬‬

‫الجرجاني‪ ،‬التعريفات )‪(24‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(68‬‬


‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(135‬‬ ‫‪4‬‬

‫الشافعي‪ ،‬األم )‪.(2/249‬‬ ‫‪5‬‬

‫السبكي‪ ،‬األشباه والنظائر )‪.(1/218‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪65‬‬
‫)‪(1‬‬
‫‪ .1‬قال الزركشي‪" :‬الحيوان طاهر في حال حياته‪ ،‬إال الكلب والخنزير والمتولد منهما"‪.‬‬

‫)‪(2‬‬
‫‪ .2‬قال السيوطي‪" :‬الحيوان طاهر إال الكلب والخنزير وفروعهما"‪.‬‬

‫أن الصيمة التي أوردها الحصني‪ ،‬والسبكي‪ ،‬والزركشي‪ ،‬والسيوطي‬


‫ومن خالل هذه الصيغ يتبين ّ‬
‫كلها تطرقت لطهارة الحيوانات فقط‪ ،‬بينما الصيمة التي ذكرها الشافعي نفت النجاسة عن كل حي‪،‬‬

‫وهو ما يشمل اونسان‪ ،‬كما يالحظ ّأنها كلها استثنت الكلب‪ ،‬والخنزير من الطهارة عدا الصيمة‬
‫التي ذكرها السبكي‪ ،‬والحصني فقد أفردوا المستثنيات عن الضابط‪.‬‬

‫وأضاف الزركشي قيد مهم لطهارة الحيوان وهو "حال الحياة"؛ ليخرج بذلك الميتة‪ ،‬ولعل أدق هذه‬

‫الصيغ ما ذكره الشافعي فكلمة حي تشمل اونسان‪ ،‬والحيوان‪.‬‬

‫ونقتصر بالبحث في هذا الضابط عن طهارة الحيوان حال الحياة‪ ،‬وما استثني منه‪ ،‬أما فيما يتعل‬
‫بطهارة اونسان حياً وميتا فتبحث إن شاء الله في الضابط الثالث "الميتة ما زالت حياته بمير ذكاة‬
‫شرعية"‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة الضابط‪:‬‬

‫هناك عدة أدلة تبين طهارة الحيوان حال الحياة ومنها‪:‬‬

‫أن أبا قتادة دخل عليها‪ ،‬قالت‪:‬‬


‫‪ .1‬عن كبشة بنت كعب بن مالك‪ ،‬وكانت عند ابن أبي قتادة‪ّ ،‬‬
‫فسكبت له وضوءاً‪ ،‬قالت‪ :‬فجاءت هرة تشرب‪ ،‬فأصمى لها اوناء حتى شربت‪ ،‬قالت كبشة‪:‬‬
‫فرآني أنظر إليه‪ ،‬فقال‪ :‬أتعجبين يا بنت أخي فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‪ :‬إن رسول الله صلى الله عليه‬
‫)‪(3‬‬
‫وسلم قال‪ّ « :‬إنها ليست بنجس‪ ،‬إنما هي من الطوافين عليكم‪ ،‬أو الطوافات»‪.‬‬

‫الزركشي‪ ،‬المنثور في القواعد )‪.(2/112‬‬ ‫‪1‬‬

‫السيوطي‪ ،‬األشباه والنظائر )‪.(577‬‬ ‫‪2‬‬

‫مالك‪ ،‬الموطأ‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب الطهور للوضوء (‪ ،)24/8‬أبو داود‪ ،‬سننن أبني داود‪ ،‬كتذاب الطهذارة‪ ،‬بذاب سذؤر الهذرة‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫حديث رقم ‪ ،)89/8( ،19‬ابن ماجذه‪ ،‬سنن ابنن ماجنه‪ ،‬كتذب الطهذرة‪ ،‬بذاب الوضذوء بسذؤر الهذرة‪ ،‬والرخصذة فذي ذلذك‪ ،‬حذديث‬
‫رقم ‪ .)848/8( ،461‬الترمذي‪ ،‬سنن الترمذي‪ ،‬أبواب الطهارة‪ ،‬باب ما جاء في سؤر الهرة‪ ،‬حديث رقذم ‪ ،)894/8( ،92‬قذال‬
‫الترمذي‪" :‬هذا حديث حسن صحيح"‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬أن الحيوان حال حياته طاهر‪ ،‬فأبو قتادة استدل بالحديث لبيان طهارة الهرة حينما‬

‫ظنت كبشة بنت مالك ّأنها نجسة وتعجبت من إصماء اوناء لها‪.‬‬

‫‪ .1‬عن جابر بن عبد الله‪ ،‬قال‪ :‬قيل يا رسول الله أنتوضأ بما أفضلت الحمر‪ ،‬قال‪" :‬نعم وبما‬
‫)‪(1‬‬
‫أفضلت السباع كلها"‪.‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬أنها لو كانت نجسة لما جاز التوضؤ بسؤرها‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات الضابط وما يستثنى منه‪:‬‬

‫اتف الفقهاء على أن األصل في الحيوانات الطهارة حال الحياة‪ ،‬ولكنهم اختلفوا فيما يستثنى منها‬

‫وهي الكلب والخنزير‪.‬‬

‫أوال‪ :‬نجاسة الكلب‪:‬‬

‫اختلف العلماء في نجاسة الكلب على قولين‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬الجمهور‬

‫ذهب الشافعية‪ ،‬والحنابلة إلى نجاسة الكلب‪ ،‬وقال الحنفية ليس بنجس وإنما النجس منه سؤره‬
‫)‪(2‬‬
‫ورطوباته‪.‬‬

‫استدل الجمهور بأدلة منها‪:‬‬

‫‪ .1‬ما رواه أبو هريرة قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪« :‬طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه‬
‫)‪(3‬‬
‫الكلب‪ ،‬أن يمسله سبع مرات أوالهن بالتراب»‪.‬‬

‫الشافعي‪ ،‬األم‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬الماء الراكد (‪ .)20/8‬البيهقي‪ ،‬أحمد بن الحسين‪ ،‬السنن الكبر ‪ ،‬المحق ‪ :‬محمد عبد القادر‬ ‫‪1‬‬

‫عطا‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪8121 ،4‬ه‪2004-‬م‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب سؤر سائر الحيوانات سوى الكلب والخنزيذر‪،‬‬
‫حذديث رقذذم ‪ .)411/08 ،8811‬قذذال األلبذذاني‪ :‬ضذعيف‪ ،‬ينظذذر‪ :‬التبريذذزي‪ ،‬محمذذد بذن عبذذد اللذذه‪ ،‬مشننكاة المصننابيح‪ ،‬المحقذ ‪:‬‬
‫محمد ناصر الدين األلباني‪ ،‬المكتب اوسالمي –بيروت‪ ،‬ط‪8919 ،4‬م‪.)898/8( .‬‬
‫النووي‪ ،‬المجموع (‪ .)924/2‬ابن قدامة‪ ،‬المغني (‪ .)11/8‬الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع )‪.(1/227-228‬‬ ‫‪2‬‬

‫مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬حكم ولوغ الكلب‪ ،‬حديث رقم ‪.)241/8( ،219‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪67‬‬
‫أن الطهور معناه المطهر والتطهير ال يكون إال عن حدث أو نجس‪ ،‬وال حدث على‬
‫وجه الداللة‪ّ :‬‬
‫)‪(1‬‬
‫فتعين النجس‪.‬‬
‫اوناء ّ‬

‫وفي رواية أخرى عن أبي هريرة‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪« :‬إذا ولغ الكلب في‬
‫)‪(2‬‬
‫إناء أحدكم فليرقه ثم ليمسله سبع مرار»‪.‬‬

‫وجه الداللة في هذه الرواية‪ :‬قال الحصني‪" :‬وفي الحديث داللة على نجاسة ما ولغ فيه الكلب‪،‬‬

‫وإن كان طعاما مائعا حرم أكله؛ ألن إراقته إضاعة مال‪ ،‬فلو كان طاه ار لم يؤمر بإراقته مع ّأنا قد‬
‫نهينا عن إضاعة المال‪ ،‬ثم ال فرق بين أن يتنجس بولوغه‪ ،‬أو بوله‪ ،‬أو دمه‪ ،‬أو عرقه أو شعره‬
‫)‪(3‬‬
‫فإنه يمسل سبعا إحداهن بالتراب"‪.‬‬
‫أو غير ذلك من جميع أجزائه وفضالته؛ ّ‬

‫‪ .1‬مفهوم حديث الهرة "و ّإنها ليست بنجس" فقد ذكر هذا الحديث في معرض التعليل فدل على‬
‫)‪(4‬‬
‫نجاسة الكلب‪.‬‬

‫القول الثاني‪ :‬مذهب المالكية‪:‬‬

‫قال المالكية‪ :‬األصل في األشياء الطهارة‪ .‬فجميع أجزاء األرض وما تولد منها طاهر‪ ،‬والنجاسة‬
‫)‪(5‬‬
‫عارضة‪ .‬فكل حي ‪-‬ولو كلبا وخنزي ار– طاهر‪.‬‬

‫واستدلوا بما يلي‪:‬‬

‫)‪(6‬‬
‫‪ .1‬قوله تعالى‪ :‬ﱡ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﱠ‪.‬‬

‫)‪(7‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬قال مالك‪" :‬يؤكل صيده‪ ،‬فكيف يكره لعابه"‪.‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(135‬‬ ‫‪1‬‬

‫مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬حكم ولوغ الكلب‪ ،‬حديث رقم ‪.)241/8( ،219‬‬ ‫‪2‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(137‬‬ ‫‪3‬‬

‫ابن الدهان‪ ،‬محمد بن علي‪ ،‬تقويم النظنر‪ ،‬تحقيذ ‪ :‬أيمذن نصذر الذدين األزهذري‪ ،‬دار الكتذب العلميذة بيذروت‪ ،‬ط‪2008 ،8‬م‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫(‪.)98/8‬‬
‫الصاوي‪ ،‬أحمد بن محمد‪ ،‬بلغة السالك ألقرب المسالك‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬الطبعة‪ :‬بدون طبعة وبدون تاريخ (‪.)14/8‬‬ ‫‪5‬‬

‫سورة المائدة‪ ،‬أية رقم ‪.1‬‬ ‫‪6‬‬

‫مالذذك‪ ،‬مالذذك ابذذن أنذذس‪ ،‬المدوننننة الكبنننر ‪ ،‬تحقي ذ ‪ :‬عذذامر الخ ذزار وعبذذد اللذذه المنشذذاوي‪ ،‬دار الحذذديث القذذاهرة‪ ،‬طبعذذة سذذنة‬ ‫‪7‬‬

‫‪2009‬م‪.)29/8( ،‬‬
‫‪68‬‬
‫‪ .1‬وقالوا المراد من حديث التطهير من ولغ الكلب سبعاً عبادة غير معللة‪ ،‬وليس المقصود منه‬
‫)‪(1‬‬
‫التطهير من النجاسة بدليل اشتراط العدد‪ ،‬وهو معارض لآلية السابقة‪.‬‬

‫‪ .1‬استدلوا بأن األصل في الحيوانات الطهارة‪.‬‬

‫قال القرافي‪" :‬وفي الجواهر الحي كله طاهر عمال باألصل وألن الحياة علة الطهارة عمالً بالدوران‬

‫في األنعام فإنها حال حياتها حية ظاهرة وحال موتها ليست حية وال طاهرة والدوران دليل عليه‬
‫)‪(2‬‬
‫المدار الدائر فيلح به محل النزاع كالكلب والخنزير ونحوهما"‪.‬‬

‫مناقشة األدلة‪:‬‬

‫لم تسلم أدلة الفريقين من المناقشة واالعتراض‪:‬‬

‫‪ .1‬ناق‪ ،‬المالكية استدالل الجمهور بالحديث قال ابن العربي المالكي‪" :‬وأما لفظ الطهارة فال‬
‫يقتضي النجاسة‪ ...‬والدليل على أنه ُع ٍّري عن النجاسة هنا ذكر العدد فيه وخلط التراب معه؛‬
‫عبادة‪ ،‬فأن غسل النجاسة ال يكون فيه عدد وال مدخل للتراب‬
‫ً‬ ‫وهذا يدل على ّأنه طاهر‬
‫)‪(3‬‬
‫عليه"‪.‬‬
‫‪ .1‬ناق‪ ،‬الجمهور قول المالكية بأن المسل للتعبد؛ بأنها عبادة معقولة المعنى‪ ،‬وهي إزالة‬
‫النجاسة‪.‬‬

‫قال الشيخ شبير عثماني‪" :‬وقوله "فليرقه" هذا يقوي القول بأن المسل للتنجيس؛ إذ المراق أعم من‬
‫)‪(4‬‬
‫ماء أو طعاماً ‪ ،‬فلو كان طاه اًر لم يؤمر بإراقته للنهي عن إضاعة المال"‪.‬‬ ‫أن يكون‬
‫ً‬

‫وهو ما جنح إليه ابن رشد حيث ذكر تعليالً طبياً عن جده صاحب المقدمات قال " إن هذا‬
‫الحديث معلل معقول المعنى ليس من سبب النجاسة‪ .‬بل من سبب ما يتوقع أن يكون الكلب الذي‬

‫ابذذن رشذذد‪ ،‬بدايننة المجتهنند (‪ .)62/8‬الشذذنقيطي‪ ،‬محمذذد الخضذذر‪ ،‬إيضنناح مختصننر خليننل‪ ،‬مؤسسذذة الرسذذالة‪ ،‬بيذذروت‪ ،‬ط‪،8‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2000‬م‪.)66( ،‬‬
‫القرافي‪ ،‬الذخيرة )‪.(1/172‬‬ ‫‪2‬‬

‫ابن العربي‪ ،‬محمد بن عبد الله‪ ،‬عارضة األحوذي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.)849/8( ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫عثماني‪ ،‬شبير أحمد‪ ،‬فتح الملهم‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمش ‪ ،‬ط‪2006 ،8‬م‪.)29/4( ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪69‬‬
‫ولغ في اوناء كل‪،‬با‪ ،‬فيخاف من ذلك السم‪ .‬قال‪ :‬ولذلك جاء هذا العدد الذي هو السبع في غسله‪،‬‬
‫)‪(1‬‬
‫فإن هذا العدد قد استعمل في الشرع في مواضع كثيرة في العالج والمداواة من األمراض"‪.‬‬

‫‪ .1‬أجاب الجمهور عن استدالل المالكية باآلية بأن هناك خالفاً معروفاً‪ ،‬هل يجب غسل ما‬
‫أصابه الكلب‪ ،‬حتى وإن لم يجب فإنه يعفى عنه للمشقة)‪ ،(2‬فإباحة األكل مما أمسكن ال تنافي‬
‫)‪(3‬‬
‫وجوب تطهير مكان النجس‪.‬‬

‫‪ .2‬أما القول بأن األصل في الحيوانات الطهارة‪ ،‬فيناق‪ ،‬بأنه ليس على إطالقه بدليل نجاسة‬
‫الكلب والخنزير‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬

‫يتبين أن قول الجمهور بنجاسة الكلب هو الراجح ‪-‬مالله أعلم؛ وذلك لقوة أدلتهم‬
‫بعد مناقشة األدلة ّ‬
‫خصوصاُ حديث غسل اوناء من ولوغ الكلب قال ابن حجر في الفتح‪ " :‬والتعليل بالتنجيس أقوى‬

‫ألنه في معنى المنصوص وقد ثبت عن بن عباس التصريح بأن المسل من ولوغ الكلب بأنه‬
‫)‪(4‬‬
‫رجس رواه محمد بن نصر المروزي بإسناد صحيح ولم يصح عن أحد من الصحابة خالفه"‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬نجاسة الخنزير‪:‬‬

‫اختلف العلماء في نجاسة الخنزير على قولين‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬الجمهور‬

‫قالوا إن الخنزير نجس حياً وميتاً‪ ،‬وكذلك نجاسة جميع أجزائه وما ينفصل عنه كعرقه ولعابه‬
‫)‪(5‬‬
‫ومنيه‬
‫ّ‬

‫ابن رشد‪ ،‬بداية المجتهد )‪.(1/64‬‬ ‫‪1‬‬

‫النووي‪ ،‬المجموع )‪.(2/524‬‬ ‫‪2‬‬

‫الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي‪ ،‬نيل األوطار‪ ،‬تحقي خليل محمود شيحا‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪2002 ،8‬م‪.)42/8( ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ابن حجر‪ ،‬فتح الباري )‪.(1/276‬‬ ‫‪4‬‬

‫مجموعة من العلماء‪ ،‬الموسوعة الفقهية )‪.(20/33‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪71‬‬
‫)‪(1‬‬
‫وإلى هذا القول ذهب الجمهور من الحنفية‪ ،‬والشافعية‪ ،‬والحنابلة‪.‬‬

‫واستدلوا بما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬قوله تعالى‪ :‬ﱡ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﱠ)‪ .(2‬والمراد جملة الخنزير ألن لحمه دخل في‬
‫)‪(4‬‬
‫عموم الميتة)‪ ،(3‬ومعنى الرجس النجس‪.‬‬

‫‪ .1‬بأنه أسوأ حاالً من الكلب ألنه ال يجوز االنتفاع به‪ ،‬وال يقتنى بحال‪ ،‬ويندب قتله بال‬
‫)‪(5‬‬
‫ضرر‪.‬‬

‫القول الثاني‪ :‬مذهب المالكية‪:‬‬

‫قالوا إن الخنزير طاهر حال الحياة‪.‬‬

‫)‪(6‬‬
‫وهذا مذهب المالكية‪ ،‬وقال به الشوكاني‪.‬‬

‫واستدلوا بما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬قوله تعالى‪ :‬ﱡ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﱠ ‪ .‬وقد ّ‬


‫)‪(7‬‬
‫فسر الشوكاني الرجس بأنه الحرام‪ ،‬وال‬
‫)‪(8‬‬
‫تالزم بين التحريم والنجاسة فقد يكون الشيء حراماً وهو طاهر‪.‬‬

‫‪ .1‬بأن األصل في الحيوانات الطهارة حال الحياة‪ ،‬والنجاسة عارضة بدليل أنها حية فإذا ماتت‬
‫)‪(9‬‬
‫أصبحت نجسة بالموت‪.‬‬

‫الميذذداني‪ ،‬اللبنناب (‪ .)24/8‬باعشذذن‪ ،‬سذذعيد بذذن محمذذد‪ ،‬بشننر الكننريم بشننرح مسننائل التعلننيم‪ ،‬تحقي ذ ‪ :‬عمذذاد حيذذدر الطيذذار‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫مؤسسة الرسالة ناشرون‪ ،‬دمش ‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪2006 ،8‬م‪ .)821( ،‬البهوتي‪ ،‬شرح منتهى اإلرادات )‪.(1/134‬‬
‫سورة األنعام أية ‪.819‬‬ ‫‪2‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(135‬‬ ‫‪3‬‬

‫الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع )‪.(1/219‬‬ ‫‪4‬‬

‫الشربيني‪ ،‬مغني المحتاج )‪.(1/212‬‬ ‫‪5‬‬

‫الصاوي‪ ،‬بلغة السالك (‪ .)14/8‬الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي‪ ،‬السيل الجرار‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬ط‪.)26/8( ،8‬‬ ‫‪6‬‬

‫سورة األنعام أية ‪.819‬‬ ‫‪7‬‬

‫الشوكاني‪ ،‬السيل الجرار )‪.(1/25-26‬‬ ‫‪8‬‬

‫القرافي‪ ،‬الذخيرة )‪.(1/172‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪71‬‬
‫مناقشة األدلة‪:‬‬

‫‪ .1‬اعترض الشوكاني على استدالل الجمهور باآلية بأن المراد بالرجس هنا ليس النجس وإنما‬
‫)‪(1‬‬
‫الحرام‪ ،‬وال تالزم بين النجاسة والتحريم فقد يكون الشيء طاه اًر وهو محرم‪.‬‬

‫ويجاب عن هذا االعتراض‪:‬‬

‫بأن تفسير نجس بالحرام بعيد‪ ،‬وال يستقيم مع سياق اآلية؛ فيكون تقدير اآلية‪" :‬قل ال أجد فيما‬
‫أوحي إلى محرماً على طاعم يطعمه إال أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه حرام"‬
‫فيبعد أن يكون صدر اآلية وآخرها على تكرار التحريم‪ ،‬بل قوله تعالى‪ " :‬فإنه رجس" تعليل‬
‫)‪(2‬‬
‫للتحريم‪ ،‬وليس تك ار اًر له‪.‬‬

‫‪ .1‬ويناق‪ ،‬القول بأنه يقتل وال ينتفع به؛ بأنه ال تالزم بين تحريم االقتناء واألكل‪ ،‬وبين النجاسة؛‬
‫)‪(3‬‬
‫فالسم مثالً يحرم تناوله مع أنه طاهر‪ ،‬ويحرم اقتناء آواني الذهب والفضة مع أنها طاهرة‪.‬‬

‫‪ .1‬أما دليل أن األصل في الحيوات الطهارة‪ ،‬فيناق‪ ،‬بأن هذا ال يمنع وجود مستثنى له لورود‬
‫الدليل وهو اآلية السابقة‪.‬‬

‫‪ .2‬قال اومام النووي رحمه‪" :‬نقل ابن المنذر في كتاب اوجماع إجماع العلماء على نجاسة‬
‫الخنزير وهو أولى ما يحتج به لو ثبت اوجماع‪...‬وليس لنا دليل واضح على نجاسة الخنزير‬
‫)‪(4‬‬
‫في حياته"‪.‬‬

‫)‪(5‬‬
‫واختار أنه يكفي لمسل ما ولغ فيه الخنزير مرة واحدة بدون تراب‪.‬‬

‫الشوكاني‪ ،‬السيل الجرار )‪.(26‬‬ ‫‪1‬‬

‫الدبيان‪ُ ،‬د ْبَي ‪،‬‬


‫ان بن محمد‪ ،‬موسوعة أحكام الطهارة‪ ،‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ ،8‬الثانية‪8126 ،‬ه‪2009-‬م‪.)886/84( ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫الدبيان‪ ،‬موسوعة احكام الطهارة )‪.(13/118‬‬ ‫‪3‬‬

‫النووي‪ ،‬المجموع )‪.(2/524‬‬ ‫‪4‬‬

‫النووي المجموع )‪.(2/538‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪72‬‬
‫وقد نقل اومام الحصني قول النووي في ضعف القول بنجاسة الخنزير‪ ،‬وناق‪ ،‬االستدالل بأنه ال‬

‫ينتفع به وال يقتنى بأن الحشرات كذلك وهي طاهرة)‪.(1‬‬

‫الترجيح‪:‬‬

‫بعد عرض األدلة‪ ،‬ومناقشتها يالحظ أن قول الجمهور هو الراجح ‪-‬مالله أعلم‪ -‬فأدلتهم أقوى‬

‫خصوصاً اآلية ففيها داللة قوية على نجاسة الخنزير‪.‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(135‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪73‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫ضابط‪( :‬الميتة ما دالت حياته بغير ذكاة شرعية)‬

‫المطلب األول‪ :‬شرح الضابط‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬مفردات الضابط‪:‬‬

‫)‪(1‬‬
‫ذكيت النار أي أتممت وقودها‪.‬‬
‫الذكاة لغة‪ :‬تمام الشيء‪ ،‬ومنه الذكاء في الفهم‪ ،‬يقال ّ‬

‫)‪(2‬‬
‫الذكاة اصطالحاً‪ :‬هي السبب الموصل لحل أكل الحيوان البري اختيا اًر‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬معنى الضابط‪:‬‬

‫أ ورد اومام الحصني هذا الضابط لبيان حقيقة الميتة التي هي نجسة‪ ،‬وبهذا يحصل التفري بين‬
‫)‪(3‬‬
‫الطاهر والنجسة فيما زالت حياته من الحيوان‪.‬‬

‫وجاء هذا الضابط بعدة صيغ منها‪:‬‬

‫)‪(4‬‬
‫‪ .1‬قال السيوطي‪" :‬الميتات نجسة إال السمك والجراد باوجماع"‪.‬‬

‫‪ .1‬قال السبكي‪" :‬األصل في الميتات النجاسة ويستثنى السمك والجراد وميتة ما ال نفس لها‬
‫)‪(5‬‬
‫سائلة"‪.‬‬

‫‪ .1‬وأغلب كتب الشافعية ذكرته بصيمة موافقة لما ذكره الحصني‪ ،‬قال الرملي‪ " :‬الميتة ما زالت‬
‫حياته ال بذكاة شرعية")‪.(6‬‬

‫الفيومي‪ ،‬المصباح المنير )‪.(128‬‬ ‫‪1‬‬

‫مجموعة من العلماء‪ ،‬الموسوعة الفقهية الكويتية (‪.)814/28‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(136‬‬


‫السيوطي‪ ،‬األشباه والنظائر )‪.(577‬‬ ‫‪4‬‬

‫السبكي‪ ،‬األشباه والنظائر )‪.(1/218‬‬ ‫‪5‬‬

‫الرملي‪ ،‬نهاية المحتاج )‪.(1/238‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪74‬‬
‫يالحظ على هذه الصيغ أمرين‪:‬‬

‫صرح بنجاسة الميتة مع ذكر المستثنيات‪.‬‬


‫األول‪ :‬أنها بعضها ّ‬

‫أن الصيمة التي ذكرها الحصني وغيره‪ ،‬جاءت لبيان مفهوم الميتة التي هي نجسة‪ ،‬وهذه‬
‫الثاني‪ّ :‬‬
‫الصيمة أدق من غيرها فقد حددت القيود التي إذا وجد واحد منها اعتبر الحيوان ميتة‪ ،‬وهذه القيود‬

‫هي‪:‬‬

‫األول‪ :‬كل حيوان مات حتف أنفه بأي سبب‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬كل حيوان غير مأكول اللحم إذا ذبح‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫اختل فيه شرط من شروط التذكية‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬الحيوان مأكول اللحم إذا ّ‬

‫وزوال الحياة له أسباب كثيرة‪ ،‬كما أن الحيوانات منها مأكولة اللحم وغير مأكولة اللحم‪ ،‬وعند‬
‫وبناء على هذا الضابط يكون كل حيوان مات بمير‬
‫ً‬ ‫الشافعية التذكية ال تكون إال في مأكول اللحم‪،‬‬
‫ذكاة شرعية ميتة؛ وتفصيل ذلك أن كل حيوان غير مأكول اللحم مات حتف أنفه أو ذبح فإنه‬
‫نجس‪ ،‬وكذلك الحيوان مأكول اللحم يصير ميتة إذا مات حتف أنفه أو اختل فيه شرط من شروط‬
‫التذكية كذبيحة المجوسي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة الضابط‪:‬‬

‫هناك عدة أدلة تدل على هذا الضابط وما يستثنى منه‪:‬‬

‫)‪(2‬‬
‫‪ .1‬قوله تعالى‪ :‬ﱡ ﱁ ﱂ ﱃ ﱠ‪.‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬قال الخطيب الشربيني‪" :‬وتحريم ما ليس بمحترم وال مستقذر وال ضرر فيه يدل على‬
‫)‪(3‬‬
‫نجاسته"‪.‬‬

‫الدميري‪ ،‬النجم الوهاج )‪.(1/404‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة المائدة اآلية ‪.4‬‬ ‫‪2‬‬

‫الشربيني‪ ،‬مغني المحتاج )‪.(1/213‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪75‬‬
‫)‪(1‬‬
‫‪ .2‬قوله تعالى‪ :‬ﱡ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅﱠ‪.‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬قال ابن العربي‪" :‬فصيده ما صيد وتكلف أخذه وطعامه ما طفا عليه‪ ،‬أو جزر‬
‫)‪(2‬‬
‫عنه"‪.‬‬

‫)‪(3‬‬
‫‪ .3‬قوله تعالى‪ :‬ﱡ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯﲰ ﲱ ﱠ‪.‬‬

‫‪ .4‬حديث ابن عمر قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬أحلت لنا ميتتان‪ ،‬ودمان‪ .‬فأما‬
‫)‪(4‬‬
‫الميتتان‪ :‬فالحوت والجراد‪ ،‬وأما الدمان‪ :‬فالكبد والطحال"‪.‬‬

‫‪ .5‬حديث أبي هريرة ‪-‬رضي الله عنه‪ :-‬حينما سئل عن البحر فقال رسول الله صلى الله عليه‬
‫)‪(5‬‬
‫وسلم‪« :‬هو الطهور ما ه الحل ميتته»‪.‬‬

‫‪ .6‬حديث عبد الله بن أبي أوفى‪ ،‬قال‪« :‬غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات‬
‫)‪(6‬‬
‫نأكل الجراد»‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات الضابط ومستثنياته‪:‬‬

‫اتف الفقهاء على نجاسة الميتة ولكنهم اختلفوا فيما يستثنى منها‪:‬‬

‫سورة المائدة‪ ،‬اآلية ‪.96‬‬ ‫‪1‬‬

‫ابن العربي‪ ،‬محمد بن عبد اللذه‪ ،‬أحكنام القنرلن‪ ،‬تحقيذ ‪ :‬محمذد الحفنذاوي وإسذماعيل الشذنديدي‪ ،‬دار الحذديث القذاهرة‪ ،‬طبعذة‬ ‫‪2‬‬

‫سنة ‪2088‬م‪.)92/8( ،‬‬


‫سورة النحل‪ ،‬اآلية ‪.81‬‬ ‫‪3‬‬

‫أحمد‪ ،‬مسند اإلمام أحمد‪ ،‬حديث رقم ‪ .)86/80( ،9142‬ابن ماجه‪ ،‬سننن ابنن ماجنه‪ ،‬كتذاب الصذيد‪ ،‬بذاب صذيد الحيتذان‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫والجذراد‪ ،‬حذذديث رقذذم ‪ .)8012/2( ،4281‬وهذذا حذذديث صذذحيح موقذوف علذذى ابذذن عمذر‪ ،‬ولذذه حكذذم المرفذوع‪ ،‬ينظذذر‪ :‬األلبذذاني‪،‬‬
‫السلسة الصحيحة (‪.)882-888/4‬‬
‫مالك‪ ،‬مالك بن أنس‪ ،‬الموطأ‪ ،‬صححه ورقمه وخرج أحاديثه وعل عليه‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار إحياء التراث العربذي‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫بيذذروت‪8919 ،‬م‪ .)22/8( ،‬أبذذو داود‪ ،‬سننننن أبننني داود‪ ،‬فذذي كتذذاب الطهذذارة‪ ،‬بذذاب الوضذذوء بمذذاء البحذذر‪ ،‬حذذديث رقذذم ‪،14‬‬
‫(‪ .)28/8‬الترمذي‪ ،‬سنن الترمذي‪ ،‬بذاب مذا جذاء فذي مذاء البحذر أنذه طهذور‪ ،‬حذديث رقذم ‪ .)800/8( ،69‬قذال الترمذذي‪" :‬هذذا‬
‫الحديث حسن صحيح"‪.‬‬
‫البخذذاري‪ ،‬صننحيح البخنناري‪ ،‬كتذذاب الذذذبائح والصذذيد‪ ،‬بذذاب أكذذل الج ذراد حذذديث رقذذم ‪ .)90/1( ،9199‬مسذذلم‪ ،‬صذذحيح مسذذلم‪،‬‬ ‫‪6‬‬

‫كتاب الجهاد والسير‪ ،‬باب إباحة الجراد‪ ،‬حديث رقم ‪.)8916/4( ،8992‬‬
‫‪76‬‬
‫أوالً‪ :‬ميتة اآلدمي‪:‬‬

‫درج الفقهاء حينما تكلموا عن نجاسة الميتة أن يبحثوا مسألة طهارة األدمي حياً وميتاً‪.‬‬

‫ومن األدلة على طهارة األدمي‪:‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪ .1‬قوله تعالى‪ :‬ﱡ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﱠ‪.‬‬

‫)‪(2‬‬
‫والتكريم يقتضي أن ال يحكم بنجاسة اآلدمي بالموت‪ ،‬وهذا يشمل الكافر‪ ،‬والمسلم‪.‬‬

‫‪ .1‬حديث أبي هريرة قال‪ :‬لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جنب‪ ،‬فأخذ بيدي‪ ،‬فمشيت‬
‫معه حتى قعد‪ ،‬فانسللت‪ ،‬فأتيت الرحل‪ ،‬فاغتسلت ثم جئت وهو قاعد‪ ،‬فقال‪« :‬أين كنت يا أبا‬
‫)‪(3‬‬
‫هر»‪ ،‬فقلت له‪ ،‬فقال‪« :‬سبحان الله يا أبا هر إن المؤمن ال ينجس»‪.‬‬

‫‪ .1‬حديث أبي هريرة‪ ،‬الذي قال فيه‪" :‬بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيال قبل نجد‪،‬‬
‫)‪(4‬‬
‫فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له‪ :‬ثمامة بن أثال‪ ،‬فربطوه بسارية من سواري المسجد"‪.‬‬

‫ليس فيه دليل على النجاسة الحسية‪ ،‬إنما المراد‬ ‫)‪(5‬‬


‫أما قوله تعالى‪ :‬ﱡ ﱒ ﱓ ﱔ ﱠ ‪.‬‬
‫)‪(6‬‬
‫نجاسة االعتقاد ‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬السمك والجراد‪:‬‬

‫يستثنى من الميتة السمك والجراد)‪ ،(7‬وقد وردت النصوص الدالة على طهارتهما عند‬
‫الحديث على أدلة الضابط‪.‬‬

‫سورة اوسراء‪ ،‬اآلية ‪.10‬‬ ‫‪1‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار (‪ .)846‬ابن قدامة‪ ،‬الكافي )‪.(16‬‬ ‫‪2‬‬

‫البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬باب‪ :‬الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره وقال عطاء‪« :‬يحتجم الجنب‪ ،‬ويقلم أظفاره‪ ،‬ويحل‬ ‫‪3‬‬

‫أرسذذه‪ ،‬وإن لذذم يتوضذذأ» حذذديث رقذذم ‪ .)69/8( 219‬مسذذلم‪ ،‬صننحيح مسننلم‪ ،‬بذذاب الذذدليل علذذى أن المسذذلم ال يذذنجس حذذديث رقذذم‬
‫‪.)212/8( 418‬‬
‫البخذذاري‪ ،‬صننحيح البخنناري‪ ،‬بذذاب دخذذول المشذذرك المسذذجد‪ ،‬حذذديث رقذذم ‪ .)808/8( ،169‬مسذذلم‪ ،‬صننحيح مسننلم‪ ،‬بذذاب ربذذط‬ ‫‪4‬‬

‫األسير وحبسه‪ ،‬وجواز المن عليه‪ ،‬حديث رقم ‪.)8416/4( ،8161‬‬


‫سورة التوبة اآلية ‪.21‬‬ ‫‪5‬‬

‫النووي‪ ،‬المجموع )‪.(2/518‬‬ ‫‪6‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية الخيار (‪.)846‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪77‬‬
‫ثالثاً‪ :‬ميتة الحيوان الذي ال دم له سائل‪:‬‬

‫اختلف العلماء في الميتة التي ال دم لها سائل على قولين‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬الجمهور‬

‫ميتة الحيوان الذي ال دم له سائل كالذباب والعقرب والخنفساء طاهرة‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫وهذا قول الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة‪.‬‬

‫واستدلوا‪:‬‬

‫‪ .1‬حديث أبي هريرة رضي الله عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال النبي صلى الله عليه وسلم‪« :‬إذا وقع الذباب في‬
‫)‪(2‬‬
‫شراب أحدكم فليممسه ثم لينزعه‪ ،‬فإن في إحدى جناحيه داء واألخرى شفاء»‪.‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬قال ابن قدامة‪" :‬هذا لفظ عام في كل شراب بارد أو حار أو دهن مما يموت بممسه‬
‫)‪(3‬‬
‫فيه فلو كان ينجس الماء كان أم اًر بإفساده"‪.‬‬

‫‪ .1‬ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم إباحة ميتة السمك والجراد فهما مخصوصان‪،‬‬
‫)‪(4‬‬
‫والمخصص لهما انعدام الدم‪ ،‬فيقاس عليهما الميتة التي ال دم لها‪.‬‬

‫القول الثاني‪ :‬مذهب الشافعية‪:‬‬

‫قالوا ميتة ما ال دم لها سائل كالذباب والعقارب والخنافس نجسة‪ ،‬ويعبر عنها بما ال نفس له‬
‫)‪(5‬‬
‫سائلة‪.‬‬

‫ابن عابدين‪ ،‬رد المحتار (‪ .)489/8‬الصاوي‪ ،‬بلغة السالك (‪ .)19-11/8‬ابن قدامة‪ ،‬الكافي )‪.(16‬‬ ‫‪1‬‬

‫البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليممسه‪ ،‬فإن في إحذدى جناحيذه داء وفذي األخذرى شذفاء‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫حديث رقم ‪.)840/1( ،4420‬‬


‫ابن قدامة‪ ،‬المغني )‪.(1/44-45‬‬ ‫‪3‬‬

‫الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع (‪ .)229-221/8‬القرافي‪ ،‬الذخيرة )‪.(1/172‬‬ ‫‪4‬‬

‫باعشن‪ ،‬بشر الكريم )‪.(128‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪78‬‬
‫)‪(1‬‬
‫واستدلوا بأدلة منها‪ :‬قوله تعالى‪ :‬ﱡ ﱁ ﱂ ﱃ ﱠ‪.‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬تحريم ما ليس بمحترم وال مستقذر وال ضرر فيه يدل على نجاسته وهذا يشمل جميع‬
‫)‪(2‬‬
‫الميتات‪.‬‬

‫مناقشة األدلة‪:‬‬

‫‪ .1‬ناق‪ ،‬الشافعية استدالل الجمهور بحديث غمس الذباب في اوناء قالوا‪ :‬محل النص فيه‬

‫معنيان مناسبان هما عدم الدم‪ ،‬وعموم البلوى؛ فكيف يقاس عليه ما وجد فيه أحدهما؛ لذا فهو‬
‫)‪(3‬‬
‫خاص بالذباب دون غيره بدليل أن غمسه ألجل الدواء‪ ،‬وهو مفقود في غيره‪.‬‬

‫‪ .1‬ناق‪ ،‬الحنفية استدالل الشافعية بأن النص لم يتناول محل الضرورة والحرج‪ ،‬بل المخصص‬
‫)‪(4‬‬
‫هو عدم انعدام الدم المسفوح كالسمك والجراد المنصوص على طهارتهما‪.‬‬

‫إن سبب النجاسة هو انعدام الدم؛ بأن اآلية فرقت بين الميتة والدم‬
‫‪ .1‬ويمكن أن يناق‪ ،‬القول ّ‬
‫فميتة الحيوان مأكول اللحم تطهر بالتذكية بينما الدم ال تعمل فيه التذكية فكيف يقال إن الدم‬
‫سبب النجاسة‪.‬‬

‫الترجيح‪:‬‬

‫أن قول الجمهور بعدم نجاسة ميتة ما ال دم له هو الراجح‬


‫بعد قراءة أدلة الفريقين ومناقشتها يتبين ّ‬
‫‪-‬مالله أعلم‪ -‬وذلك لقوة دليلهم‪.‬‬

‫سورة المائدة اآلية ‪.4‬‬ ‫‪1‬‬

‫الشربيني‪ ،‬مغني المحتاج (‪ .)284/8‬الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(134‬‬ ‫‪2‬‬

‫اوسنوي‪ ،‬المهمات )‪.(1/38-39‬‬ ‫‪3‬‬

‫الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع )‪.(1/225‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪79‬‬
‫المبحث الرابع‬

‫ضابط‪( :‬الفعل الزائد على الصالة إن كان من جنسها يبطل عمده وإن كان من غير‬
‫جنسها يبطل الكثير منه دون القليل)‬

‫المطلب األول‪ :‬شرح الضابط‪:‬‬

‫يتناول هذا الضابط األفعال التي تبطل الصالة‪ ،‬وهي أنواع كثيرة‪ ،‬ومعلوم أ ّن العمل الكثير في‬
‫الصالة يمير نظمها ويذهب الخشوع الذي هو مقصودها؛ لذا البد من ضابط يحصر هذه الصور‬
‫)‪(1‬‬
‫وينظمها‪.‬‬

‫وتفصيل األفعال التي تبطل الصالة على النحو اآلتي‪:‬‬

‫كل فعل زائد في الصالة إما أن يكون من جنسها كالركوع والسجود والقيام أو يكون من غير‬
‫جنسها كالخطوة‪ ،‬والضرب‪ ،‬والحك‪.‬‬

‫فكل فعل زائد من جنس الصالة يبطل عمده دون سهوه ّ‬


‫قل‪ ،‬أو كثر كزيادة ركوع أو سجود أو‬
‫قيام‪ .‬أما الفعل الزائد من غير جنس الصالة فإنه يبطل الكثير منه دون القليل سواء أكان عمداً أو‬
‫)‪(2‬‬
‫سهواً؛ ألن الحاجة ال تدعو إليه‪.‬‬

‫قال الحصني‪" :‬وفي ضبط القليل والكثير أوجه الصحيح الرجوع فيه إلى العادة فال يضر ما عده‬
‫الناس قليال كاوشارة برد السالم وخلع النعل ونحوهما‪....‬والثالث كثيرة قطعا واالثنتان قليل على‬
‫أن الكثير إنما يبطل إذا توالى فإن تفرق بأن خطا خطوة ثم بعد‬
‫األصح‪ ،‬واتف األصحاب على ّ‬
‫زمن خطوة أخرى وكرر ذلك م ارت فال يضر قطعا‪....‬فلو تردد في فعل هل وصل إلى حد الكثرة‬
‫ألن األصل عدم الكثرة وعدم بطالن الصالة ثم حد التفري‬
‫أم ال قال اومام األظهر ّأنه ال يؤثر؛ ّ‬
‫)‪(3‬‬
‫أن يعد الثاني منقطعا عن األول"‪.‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(198‬‬ ‫‪1‬‬

‫الشربيني‪ ،‬مغني المحتاج )‪.(1/459-460‬‬ ‫‪2‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(168‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪81‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة الضابط‪:‬‬

‫هناك الكثير من األدلة التي هي أساس لهذا الضابط ومنها‪:‬‬

‫‪ .1‬عن أبي قتادة األنصاري‪« ،‬أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة‬
‫بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وألبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس فإذا‬
‫)‪(1‬‬
‫سجد وضعها‪ ،‬وإذا قام حملها»‪.‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬قال النووي‪" :‬واألفعال في الصالة ال تبطلها إذا قلت أو تفرقت وفعل النبي صلى‬
‫)‪(2‬‬
‫الله عليه وسلم هذا بيانا للجواز"‪.‬‬

‫‪ .1‬قال يحيى‪ :‬أخبرنا عبد العزيز بن أبي حازم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬أن نف ار جاءوا إلى سهل بن سعد‪ ،‬قد‬
‫تماروا في المنبر من أي عود هو؟ فقال‪ :‬أما مالله إني ألعرف من أي عود هو‪ ،‬ومن عمله‪،‬‬
‫ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أول يوم جلس عليه‪ ،‬قال فقلت له‪ :‬يا أبا عباس‪،‬‬
‫فحدثنا‪ ،‬قال‪ :‬أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى امرأة ‪ -‬قال أبو حازم‪ :‬إنه ليسميها‬
‫يومئذ ‪« -‬انظري غالمك النجار‪ ،‬يعمل لي أعوادا أكلم الناس عليها» فعمل هذه الثالث‬
‫درجات‪ ،‬ثم أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فوضعت هذا الموضع‪ ،‬فهي من طرفاء‬
‫المابة‪ .‬ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عليه فكبر وكبر الناس وراءه‪ ،‬وهو‬
‫على المنبر‪ ،‬ثم رفع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر‪ ،‬ثم عاد‪ ،‬حتى فرغ من آخر‬
‫صالته‪ ،‬ثم أقبل على الناس فقال‪« :‬يا أيها الناس إني صنعت هذا لتأتموا بي‪ ،‬ولتعلموا‬
‫)‪(3‬‬
‫صالتي»‪.‬‬

‫)‪(4‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬قال العظيم آبادي‪" :‬وفيه أن العمل اليسير ال يقطع الصالة"‪.‬‬

‫البخ ذذاري‪ ،‬صنننحيح البخننناري ‪ ،‬كت ذذاب الص ذذالة‪ ،‬ب ذذاب إذا حم ذذل جاري ذذة ص ذذميرة عل ذذى عنق ذذه ف ذذي الص ذذالة‪ ،‬ح ذذديث رق ذذم‪،986‬‬ ‫‪1‬‬

‫(‪ ،)809/8‬مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب المساجد‪ ،‬باب جواز حمل الصبيان في الصالة‪ ،‬حديث رقم ‪.)419/8( ،914‬‬
‫النووي‪ ،‬شرح صحيح مسلم )‪.(5/32‬‬ ‫‪2‬‬

‫مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب المساجد‪ ،‬باب جواز الخطوة والخطوتين في الصالة‪ ،‬حديث رقم ‪.)416/8( ،911‬‬ ‫‪3‬‬

‫العظيم آبادي‪ ،‬محمد أشرف بن أمير‪ ،‬عون المعبود‪ ،‬دار الكتب العلمية –بيروت‪ ،‬ط ‪8189 ،2‬هذ‪.)219/2( ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪81‬‬
‫‪ .1‬عن أبي هريرة‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬اقتلوا األسودين في الصالة‪:‬‬
‫)‪(1‬‬
‫الحية‪ ،‬والعقرب"‪.‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬قال الترمذي‪" :‬والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله‬

‫عليه وسلم وغيرهم وبه يقول أحمد وإسحاق» وكره بعض أهل العلم قتل الحية والعقرب في الصالة‬
‫)‪(2‬‬
‫" قال إبراهيم‪« :‬إن في الصالة لشمال»‪« ،‬والقول األول أصح»‪.‬‬

‫‪ .2‬عن أبي سعيد الخدري‪ ،‬قال‪ :‬بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع‬
‫نعليه فوضعهما عن يساره‪ ،‬فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم‪ ،‬فلما قضى رسول الله صلى الله‬

‫عليه وسلم صالته‪ ،‬قال‪« :‬ما حملكم على إلقاء نعالكم»‪ ،‬قالوا‪ :‬رأيناك ألقيت نعليك فألقينا‬
‫نعالنا‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬إن جبريل صلى الله عليه وسلم أتاني فأخبرني‬
‫أن فيهما قذ ار ‪-‬أو قال‪ :‬أذى‪ "-‬وقال‪" :‬إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر‪ :‬فإن رأى في نعليه‬
‫)‪(3‬‬
‫قذ ار أو أذى فليمسحه وليصل فيهما"‪.‬‬

‫ان الفعل القليل ال يبطل الصالة‪.‬‬


‫وجه الداللة‪ :‬في الحديث داللة على ّ‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات الضابط‪:‬‬

‫اتف الفقهاء على أن الفعل الكثير يبطل الصالة‪ ،‬وقد مر معنا في شرح الضابط كالم الشافعية‬
‫)‪(4‬‬
‫في ضبط الفعل الذي يبطل الصالة‪.‬‬

‫أبو داود‪ ،‬سنن أبي داود‪ ،‬كتاب الصالة‪ ،‬باب العمل في الصذالة‪ ،‬حذديث رقذم ‪ .)212/8( ،928‬الترمذذي‪ ،‬سننن الترمنذي‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫حديث رقم ‪ .)244/2( ،490‬وهو حديث صحيح‪ ،‬ينظر‪ :‬األلباني‪ ،‬صحيح وضعيف سنن أبي داود (‪.)2/8‬‬
‫الترمذي‪ ،‬سنن الترمذي )‪.(2/233‬‬ ‫‪2‬‬

‫أبو داود‪ ،‬سنن أبي داود‪ ،‬كتاب الصالة‪ ،‬باب الصالة في النعل‪ ،‬حديث رقم ‪ .)819/8( ،690‬وهو حديث صحيح‪ ،‬ينظر‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫األلباني‪ ،‬صحيح وضعيف سنن أبي داود (‪.)2/8‬‬


‫مجوعة بن العلماء‪ ،‬الموسوعة الفقهية )‪.(27/126‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪82‬‬
‫أوالً‪ :‬مذهب الحنفية‪:‬‬

‫عند الحنفية‪ :‬توجد خمسة أقوال في ضبط الفعل الذي يبطل الصالة وأصح هذه األقوال هو ما ال‬
‫أن الذي أمامه في صالة‪ ،‬أو ال‬
‫شك الناظر ّ‬
‫يشك الناظر في فاعله أنه ليس في صالة‪ ،‬فإن ّ‬
‫يعتبر هذا الفعل قليل‪ ،‬كذلك اشترطوا أالّ يكون هذا الفعل من أعمالها‪ ،‬أو وصالحها‪ ،‬أو فعل‬
‫)‪(1‬‬
‫لعذر كقتل حية‪ ،‬أو عقرب‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬مذهب المالكية‪:‬‬

‫قالوا‪" :‬تبطل بكثير فعل كحك جسد وعبث بلحيته ووضع رداء على كتف ودفع مار وإشارة بيد؛‬
‫)‪(2‬‬
‫يخيل للناظر أنه ليس في صالة‪.‬‬
‫فالقليل من ذلك ال يبطلها " الفعل الكثير ما ّ‬

‫ثالثاً‪ :‬مذهب الحنابلة‪:‬‬

‫مذهب الحنابلة كالشافعية قال ابن قدامة‪" :‬والزيادات على ضربين؛ زيادة أفعال‪ ،‬وزيادة أقوال‪:‬‬
‫فزيادات األفعال قسمان‪ :‬أحدهما‪ ،‬زيادة من جنس الصالة‪ ،‬مثل أن يقوم في موضع جلوس‪ ،‬أو‬
‫يجلس في موضع قيام‪ ،‬أو يزيد ركعة أو ركنا‪ ،‬فهذا تبطل الصالة بعمده‪ ،‬ويسجد لسهوه‪ ،‬قليال‬
‫كان أو كثيرا؛ لقول النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪« -‬إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين» رواه‬
‫التروح‪ ،‬فهذا تبطل الصالة بكثيره‪ ،‬ويعفى‬
‫مسلم‪ .‬والثاني‪ ،‬من غير جنس الصالة كالمشي والحك و ّ‬
‫)‪(3‬‬
‫عن يسيره‪ ،‬وال يسجد له‪ ،‬وال فرق بين عمده وسهوه"‪.‬‬

‫وفي ضبط القليل من الكثير جاء في كشاف القناع‪" :‬وال يتقدر اليسير بثالث‪ ،‬وال بميرها من‬
‫)‪(4‬‬
‫العدد‪ ،‬بل اليسير ما عده العرف يسي اًر؛ ألنه ال توقيف فيه فيرجع للعرف كالقبض والحرز"‪.‬‬

‫ابن عابدين‪ ،‬رد المحتار )‪.(2/384-385‬‬ ‫‪1‬‬

‫الصاوي‪ ،‬بلغة السالك )‪.(1/348‬‬ ‫‪2‬‬

‫ابن قدامة‪ ،‬المغني )‪.(2/25‬‬ ‫‪3‬‬

‫البهوتي‪ ،‬منصور بن يونس‪ ،‬كشاف القناع‪ ،‬دار الكتب العلمية دون تفاصيل‪.)411/8( ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪83‬‬
‫يمكن أن يالحظ من األقوال السابقة االتفاق على بطالن الصالة بالفعل الكثير‪ ،‬وضبط القليل من‬

‫الكثير عند الشافعية‪ ،‬والحنابلة يعود للعرف‪ ،‬لكن الشافعية قيدوا الفعل بأن ال يزيد التكرار عن‬
‫ثالث مرات متواليات وهذا قيد مهم‪.‬‬

‫أن الناظر إلى‬


‫أما الحنفية‪ ،‬والمالكية فأقوالهم متقاربة‪ ،‬وتمييز القليل من الكثير عندهم راجع إلى ّ‬
‫المصلي متى اعتقد انه في غير صالة فكثير‪.‬‬

‫والحقيقة أن األقوال كلها متقاربة‪ ،‬ومكمل الواحد منها اآلخر‪ ،‬لكن قول الشافعية أدق حيث‬
‫اشترطوا أن ال يتكرر الفعل ثالث مرات متتاليات‪ ،‬كي ال يعتبر كثي اًر‪ ،‬وبهذا يتم ضبط الكثرة‬

‫المبنية على العرف‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬مستثنيات الضابط‪:‬‬

‫هناك بعض الصور المستثناة من الضابط وهي‪:‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪ .1‬الفعل الذي تدعو الحاجة إليه في صالة الخوف‪ ،‬كالطعنات والضربات المتوالية‪.‬‬

‫)‪(2‬‬
‫‪ .1‬األفعال في صالة النافلة على الراحلة كتحريك يده أو رجله‪ ،‬ال تضر؛ ولو كثرت‪.‬‬

‫)‪(3‬‬
‫‪ .1‬الفعل القليل إن فح‪ ،‬كالوثبة يبطل الصالة‪ ،‬وال ينظر فيه للتكرار؛ لشدة منافاته الصالة‪.‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(169‬‬ ‫‪1‬‬

‫الشربيني‪ ،‬مغني المحتاج )‪.(1/459‬‬ ‫‪2‬‬

‫الجفري‪ ،‬علوي بن سقاف‪ ،‬شرح عمدة السالك‪ ،‬اعتنى به حسن الكاف‪ ،‬دار الميراث النبوي‪ ،‬تريم حضذرموت ط‪،2088 ،8‬‬ ‫‪3‬‬

‫(‪.)219-211‬‬
‫‪84‬‬
‫المبحث الخامس‬

‫ضابط‪( :‬سجود السهو إما بارتكاب شيء منهي عنه أو ترك مأمور به)‬

‫المطلب األول‪ :‬شرح الضابط‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬مفردات الضابط‪:‬‬

‫)‪(1‬‬
‫السهو لغة‪ :‬المفلة‪.‬‬

‫)‪(2‬‬
‫السهو اصطالحاً‪ :‬المفلة عن الشيء في الصالة‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬معنى الضابط‪:‬‬

‫سجود السهو سجدتان يؤديهما المصلي أخر الصالة لجبر الخلل الحاصل فيها بارتكاب منهي‬
‫)‪(3‬‬
‫عنه أو ترك مأمور به‪.‬‬

‫وأسباب سجود السهو ثالثة‪:‬‬

‫األول‪ :‬ارتكاب شيء منهي عنه كزيادة ركوع أو سجود أو قيام أو قعود في غير محله على وجه‬

‫السهو‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬ترك مأمور به‪ ،‬والمتروك من الصالة عند الشافعية الذي يقتضي سجود السهو إما أن‬

‫يكون‪:‬‬

‫‪ .1‬واجب‪ :‬كترك ركوع أو سجود أو قيام واجب‪ ،‬او ترك قراءة واجبة‪ ،‬أو تشهد واجب وقد فات‬
‫أتم صالته‪ ،‬ويسجد للسهو‪.‬‬
‫تذكره أثناء الصالة تدارك ما فاته و ّ‬
‫محله‪ ،‬إن ّ‬

‫فإن تذكر بعد السالم ُينظر‪ :‬إذا تذكره مباشرة ولم يطل الفصل؛ تدارك ما فاته وسجد للسهو‪ ،‬فإن‬
‫طال الفصل استأنف الصالة من جديد‪.‬‬

‫الفيومي‪ ،‬المصباح المنير )‪.(176‬‬ ‫‪1‬‬

‫البجيرمي‪ ،‬سليمان بن محمد‪ ،‬تحفة الحبيب شرح الخطيب‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪8996 ،8‬م‪.)214/2( ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫الدميري‪ ،‬النجم الوهاج (‪ .)211/2‬المحلى‪ ،‬كنز الراغبين )‪.(1/288‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ .1‬سنة‪ :‬وتسمى أبعاض الصالة وهي ستة‪ :‬التشهد األول‪ ،‬والقعود له‪ ،‬والقنوت في الصبح وفي‬

‫النصف األخير من شهر رمضان‪ ،‬والقيام له‪ ،‬والصالة على النبي صلى الله عليه وسلم في‬
‫التشهد األول‪ ،‬والصالة على اآلل في التشهد األخير‪ ،‬فإن تركها سهواً أو عمداً؛ ال يعود إليها‬
‫إن تلبس بميرها بل يسجد للسهو‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫الثالث‪ :‬الشك‪ ،‬فإذا تردد المصلي وشك هل صلى ثالثاً أو أربعا بنى على اليقين وسجد للسهو‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة الضابط‪:‬‬

‫من األدلة التي تشهد لهذا الضابط‪:‬‬

‫‪ .1‬عن عبد الله ابن بحينة رضي الله عنه‪ ،‬أنه قال‪« :‬إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام‬
‫من اثنتين من الظهر لم يجلس بينهما‪ ،‬فلما قضى صالته سجد سجدتين‪ ،‬ثم سلم بعد‬
‫)‪(2‬‬
‫ذلك»‪.‬‬

‫‪ .1‬عن إبراهيم‪ ،‬عن علقمة‪ ،‬عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه‪ :‬أن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم صلى الظهر خمسا‪ ،‬فقيل له‪ :‬أزيد في الصالة؟ فقال‪« :‬وما ذاك؟» قال‪ :‬صليت‬
‫)‪(3‬‬
‫خمسا‪ ،‬فسجد سجدتين بعد ما سلم‪.‬‬

‫‪ .1‬عن أبي سعيد الخدري‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪« :‬إذا شك أحدكم في‬
‫صالته‪ ،‬فلم يدر كم صلى ثالثا أم أربعا‪ ،‬فليطرح الشك وليبن على ما استيقن‪ ،‬ثم يسجد‬
‫سجدتين قبل أن يسلم‪ ،‬فإن كان صلى خمسا شفعن له صالته‪ ،‬وإن كان صلى إتماما ألربع‬
‫)‪(4‬‬
‫كانتا ترغيما للشيطان»‪.‬‬

‫باعشن‪ ،‬بشرى الكريم (‪ .)421‬جعل الخطيب الشربيني الشك من ضمن الفعل المنهي عنه وذلك للتردد فذي زيذادة المشذكوك‬ ‫‪1‬‬

‫فيه‪ .‬ينظر مغني المحتاج )‪.(2/ 473‬‬


‫البخذذاري‪ ،‬صننحيح البخنناري‪ ،‬أبذواب مذذا جذذاء فذذي السذذهو‪ ،‬بذذاب مذذا جذذاء فذذي السذذهو إذا قذذام مذذن ركعتذذي الفريضذذة‪ ،‬حذذديث رقذذم‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،)61/2( ،8229‬مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب المساجد‪ ،‬باب السهو في الصالة والسجود له‪ ،‬حديث رقم ‪.)499/8( ،910‬‬
‫البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬أبواب ما جاء في السهو‪ ،‬باب إذا صلى خمسا‪ ،‬حديث رقم ‪.)61/2( ،8226‬‬ ‫‪3‬‬

‫مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬باب السهو في الصالة والسجود له‪ ،‬حديث رقم‪.)100/8( ،918 ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪86‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات الضابط‪:‬‬

‫به أحكام كثيرة‪ ،‬كحكمه‪ ،‬هل واجب أم سنة‪،‬‬ ‫أن سجود السهو موضوع واسع تتعل‬
‫ال شك ّ‬
‫وموضعه‪ ،‬هل هو قبل السالم أم بعده‪ ،‬مع فروع فقهية أخرى متعلقة به‪.‬‬

‫أن هذا الضابط تناول أسباب سجود السهو عند الشافعية؛ سنحاول أن نرى مدى تطبي هذا‬
‫وبما ّ‬
‫الضابط في المذاهب األخرى من ناحية أسباب سجود السهو‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬مذهب الحنفية‪:‬‬

‫أن سجود السهو يجب بترك‬ ‫يرى الحنفية ّ‬


‫أن سجود السهو واجب‪ ،‬قال السمرقندي‪" :‬أصل الباب ّ‬
‫الواجب األصلي في الصالة‪ ،‬أو بتميير فرضها على سبيل السهو؛ وال يجب بترك السنن‬
‫)‪(1‬‬
‫واآلداب"‪.‬‬

‫وعليه يمكن حصر أسباب سجود السهو فيما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬ترك واجب من واجبات الصالة كترك الفاتحة‪ ،‬واالطمئنان في الركوع‪ ،‬والسجود‪ ،‬والجلوس‬
‫األول سهواً‪.‬‬

‫وال يسجد للسهو من ترك واجب عمداً إال في ثالث حاالت وهي‪:‬‬

‫أ‪ .‬ترك القعود األول عمداً‪.‬‬

‫ب‪ .‬تأخير سجدة من الركعة األولى إلى آخر الصالة‪.‬‬

‫)‪(2‬‬
‫ج‪ .‬تفكره عمداً بقدر ما يشمله عن ركن‪.‬‬

‫)‪(3‬‬
‫‪ .1‬الزيادة في الصالة فعالً من جنسها ليس منها كما إذا أتى بركوعين أو بثالث سجدات‪.‬‬

‫الس ذذمرقندي‪ ،‬ع ذذالء ال ذذدين‪ ،‬تحفننننة الفقهنننناء‪ ،‬تحقيذ ذ محم ذذد زك ذذي عب ذذد الب ذذر‪ ،‬مكتب ذذة دار التذ ذراث‪ ،‬الق ذذاهرة‪ ،‬ط‪8991 ،4‬م‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫(‪.)442/8‬‬
‫الشرنباللي‪ ،‬حسن بن عمار‪ ،‬مراقي الفالح‪ ،‬اعتنى به وراجعه‪ :‬نعيم زرزور‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬ط‪8129 ،8‬ه‪.)811/8( ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫المرغيناني‪ ،‬الهداية )‪.(1/189‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪87‬‬
‫‪ .1‬التميير في نظم الصالة كأن قعد في موضع القيام‬

‫‪ .2‬الشك في الصالة‪ ،‬إذا لم يكن الشك من عادته بطلت الصالة‪ ،‬وعليه أن يستأنف من جديد‪،‬‬
‫وإن كان كثير الوقوع في الشك عمل بما يملب على ظنه‪ ،‬فإن لم يترجح لديه شيء عمل‬
‫)‪(1‬‬
‫باليقين وهو البناء على األقل‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬مذهب المالكية‪:‬‬

‫قال في أقرب المسالك موضحاُ أسباب سجود السهو عند المالكية‪" :‬يسن لساه عن سنة مؤكدة‬
‫فأكثر أو عن سنتين خفيفتين فأكثر‪ ،‬بأن ترك ما ذكر سهوا بال زيادة شيء في صالته أو مع‬

‫زيادة‪ :‬لشيء سهوا من قول أو فعل غير كثير‪ ،‬إذ زيادة الكثير مبطل‪ ،‬وسواء كان من جنس‬
‫الصالة أو من غير جنسها كما يأتي‪ .‬إذا كان النقص وحده أو مع الزيادة تحقيقا أو ظنا‪ ،‬بل ولو‬
‫)‪(2‬‬
‫شكا"‪.‬‬

‫)‪(3‬‬
‫وعليه يمكن حصر أسباب السهو عند المالكية في ثالثة أمور‪:‬‬

‫‪ .1‬النقصان‪:‬‬

‫أ‪ .‬كأن يترك سنة مؤكدة داخلة في الصالة سهواً مثل اوسرار في موضعه والجهر في‬
‫موضعه‪ ،‬وقراءة السورة والتشهد األول‪.‬‬

‫ب‪ .‬أو يترك سنتين غير مؤكدتين مثل تكبيرة الهوي للركوع‪.‬‬

‫‪ .1‬الزيادة القليلة سهواً يقيناً أو شكاً سواء أكانت الزيادة‪:‬‬

‫أ‪ -‬من جنس الصالة كالفرائض القولية كمن أعاد قراءة الفاتحة‪ ،‬أو الفرائض الفعلية كزيادة‬
‫عمد‪.‬‬
‫ركعة او ركعتين سهواً أو ً‬

‫ابن عابدين‪ ،‬رد المختار )‪.(2/560-562‬‬ ‫‪1‬‬

‫الدردير‪ ،‬أقرب المسالك مع حاشية بلغة السالك )‪.(1/377‬‬ ‫‪2‬‬

‫ابن رشد‪ ،‬أبو الوليد محمد بن أحمد‪ ،‬المقندمات والممهندات‪ ،‬تحقيذ ‪ :‬الذدكتور محمذد حجذي‪ ،‬دار المذرب اوسذالمي‪ ،‬بيذروت‬ ‫‪3‬‬

‫–لبنان‪ ،‬ط‪8101 ،8‬ه‪.)208-896/8( ،‬‬


‫‪88‬‬
‫ب‪ -‬زيادة فعل من غير جنس الصالة كاألكل القليل‪ ،‬والكالم اليسير سهواً‪.‬‬

‫ت‪ -‬الشك‪ :‬فمن شك صالته يبني على اليقين‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬مذهب الحنابلة‪:‬‬

‫)‪(1‬‬
‫يمكن حصر أسباب سجود السهو عند الحنابلة في ثالثة أمور‪:‬‬

‫‪ .1‬زيادة فعل من جنس الصالة كركعة أو ركن سهواً‪.‬‬

‫‪ .1‬النقص في الصالة كنسيان واجب مثل التشهد األول‪.‬‬

‫‪ .1‬الشك في الصالة فمن شك في عدد الركعات بنى على اليقين‪.‬‬

‫أن أسباب سجود السهو ال تتعدى أن تكون زيادة في الصالة أو‬


‫وخالصة الكالم في هذا الضابط ّ‬
‫الشك فيها‪ ،‬وهذا الجزء محل اتفاق بين المذاهب‪ ،‬وعدى ذلك فلكل مذهب‬
‫ّ‬ ‫نقص منها أو وقوع‬
‫تفصيل في هذه األسباب المستلزمة لسجود السهو‪.‬‬

‫المقدسي‪ ،‬عبد الرحمن بن إبراهيم‪ ،‬العدة شرح العمدة‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بدون طبعة‪2004 ،‬م‪.)92-19( ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪89‬‬
‫الفصل الرابع‬

‫الضوابط الفقهية في الزكاة والصوم والحج‬

‫‪91‬‬
‫المبحث األول‬

‫ضابط‪( :‬كل عرض ملك بمعاوضة بقصد التجارة فهو مال تجارة)‬

‫المطلب األول‪ :‬شرح الضابط‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬مفردات الضابط‪:‬‬

‫)‪(1‬‬
‫َعْرض‪ :‬هو المتاع‪ ،‬ويطل على األشياء ما عدا النقدين‪.‬‬

‫)‪(2‬‬
‫معاوضة‪ :‬من العوض وهو البدل‪.‬‬

‫)‪(3‬‬
‫التجارة‪ :‬هي تقليب المال بالمعاوضة لمرض الربح‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬معنى الضابط‪:‬‬

‫من أصناف األموال التي تجب فيها الزكاة العروض التجارية‪ ،‬وهي السلع واألمتعة التي يقصد‬
‫صاحبها عند تملكها المتاجرة بها؛ بما أنه تختلف غايات الناس من هذه السلع فمنها ما يكون‬

‫للقنية ومنها ما يكون للتجارة؛ فكان ال بد من ضابط يميز بين ما تجب فيه الزكاة‪ ،‬وما ال تجب‬
‫فيه‪.‬‬

‫لهذا أورد اومام الحصني هذا الضابط لبيان متى تجب الزكاة في عروض التجارة قال‪ " :‬كل‬
‫عرض ملك بمعاوضة محضة بقصد التجارة؛ فهو مال تجارة وإن لم يكن معاوضة أو كانت‬
‫ولكنها غير محضة؛ فال تصير العروض مال تجارة وإن قصد التجارة‪"(4).‬‬

‫هناك عدة شروط لكي تعتبر السلع كثياب أو سيارات أو كتب أخرى عروض تجارية وقد تناول‬

‫هذا الضابط شرطين منها‪:‬‬

‫الفيومي‪ ،‬المصباح المنير (‪ .)218‬الرازي‪ ،‬مختار الصحاح )‪.(255‬‬ ‫‪1‬‬

‫الفيومي‪ ،‬المصباح المنير )‪.(260‬‬ ‫‪2‬‬

‫الشربيني‪ ،‬مغني المحتاج )‪.(2/142‬‬ ‫‪3‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(264‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪91‬‬
‫‪ .1‬أن يقصد اوتجار بها عند تملكها‪ ،‬فلو كانت للقنية وأراد اوتجار فيها ال تصير عروض‬

‫تجارية‪.‬‬

‫معاوضة محضة كأن تدخل في ملكه بالشراء سواء اشتراها‬ ‫‪ .1‬أن يكون تملكها عن طري‬
‫بعرض أو نقد أو دين حال أو مؤجل‪ ،‬وكذلك تملكها عن طري مصالحة عن دين له في ذمة‬
‫)‪(1‬‬
‫إنسان آخر‪ ،‬فلو ملكها عن طري هبة أو إرث أو اصطياد ال تكون عروض تجارة‪.‬‬

‫وقد ذكر هذا الضابط اومام النووي قائالً‪" :‬ومال التجارة كل ما قصد االتجار فيه عند اكتساب‬
‫)‪(2‬‬
‫الملك بمعاوضة محضة"‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة الضابط‪:‬‬

‫هناك عدة أدلة تشهد لهذا الضابط منها‪:‬‬

‫)‪(3‬‬
‫‪ .1‬قوله تعالى‪ :‬ﱡ ﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﱠ ‪.‬‬

‫)‪(4‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬قال مجاهد‪" :‬من طيبات ما كسبتم" أي من التجارة‪.‬‬

‫‪ .1‬عن سمرة بن جندب‪ ،‬قال‪« :‬أما بعد‪ ،‬فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن‬
‫)‪(5‬‬
‫نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع»‪.‬‬

‫)‪(6‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬قال العمراني‪" :‬وهذا نص ألن الذي نعده للبيع هو عروض التجارة"‪.‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار)‪.(264‬‬ ‫‪1‬‬

‫النذذووي‪ ،‬محي ذي الذذدين يحيذذى بذذن شذذرف‪ ،‬روضننة الطننالبين‪ ،‬تحقي ذ ‪ :‬زهيذذر الشذذاوي‪ ،،‬المكتذذب اوسذذالمي‪ ،‬بيذذروت –دمش ذ‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬عمان‪ ،‬ط‪8998 ،4‬م‪.(2/266) ،‬‬


‫سورة البقرة‪ ،‬أية ‪.261‬‬ ‫‪3‬‬

‫الطبري‪ ،‬جامع البيان )‪.(5/556‬‬ ‫‪4‬‬

‫أبو داود‪ ،‬سنن أبي داود‪ ،‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب العروض إذا كانت للتجارة‪ ،‬هذل فيهذا مذن زكذاة‪ ،‬حذديث رقذم ‪،)99/2( ،8962‬‬ ‫‪5‬‬

‫الذذدارقطني‪ ،‬سذذنن الذذدارقطني‪ ،‬كتذذاب الزكذذاة‪ ،)49/4( ،‬البيهقذذي‪ ،‬السنننن الكبننر ‪ ،‬كتذذاب الزكذذاة حذذديث رقذذم ‪.)211/1( ،1991‬‬
‫وهذو حذذديث ضذعيف‪ ،‬ينظذذر‪ :‬محمذد ناصذذر الذذدين األلبذاني‪ ،‬محمذذد ناصذر‪ ،‬ضننعيف أبنني داود‪ ،‬مؤسسذذة غذراس للنشذذر والتوزيذذع‬
‫‪-‬الكويت‪ ،‬ط‪8124 ،8‬ه‪.)806-801/2( ،‬‬
‫العمراني‪ ،‬البيان )‪.(3/307‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪92‬‬
‫‪ .1‬عن أبي ذر‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪« :‬في اوبل صدقتها‪ ،‬وفي المنم‬
‫)‪(1‬‬
‫صدقتها‪ ،‬وفي البز صدقته» قال الحاكم‪ :‬صحيح على شرط الشيخين‪ ،‬ولم يخرجاه"‪.‬‬

‫البز يطل على الثياب المعدة للبيع عند الب اززين وزكاة العين ال‬
‫وجه الداللة‪ :‬قال الحصني‪" :‬و ّ‬
‫)‪(2‬‬
‫تجب في الثياب فتعين الحمل على زكاة التجارة"‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات الضابط‪:‬‬

‫تناول هذا الضابط شرطين من شروط وجوب الزكاة في عروض التجارة عند الشافعية‪ ،‬ومن خالل‬
‫النصوص التالية سنرى مدى تطبي هذا الضابط لدى المذاهب األخرى‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬مذهب الحنفية‪:‬‬

‫اشترط الحنفية أن ينوي التجارة لتصبح عروض تجارية ولم يتعرضوا لطريقة حصول الملك)‪ .(3‬قال‬
‫الكاساني‪" :‬وأما صفة هذا النصاب فهي أن يكون معدا للتجارة وهو أن يمسكها للتجارة وذلك بنية‬
‫التجارة مقارنة لعمل التجارة لما ذكرنا فيما تقدم بخالف الذهب والفضة فإنه ال يحتاج فيهما إلى‬
‫)‪(4‬‬
‫نية التجارة"‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬مذهب المالكية‪:‬‬

‫قال ابن جزي‪" :‬تنقسم العروض إلى أربعة أقسام للقنية خالصا فال زكاة فيه إجماعا وللتجارة‬
‫خالصا ففيه الزكاة خالفا للظاهرية‪ ،‬وللقنية والتجارة فال زكاة فيه خالفا ألشهب‪ ،‬وللملة والكراء ففي‬
‫)‪(5‬‬
‫تعل الزكاة به أن يبيع قوالن وال يخرج من القنية إلى التجارة بمجرد النية بل بالفعل"‪.‬‬

‫الح ذذاكم‪ ،‬محم ذذد ب ذذن عب ذذد الل ذذه‪ ،‬المسنننتدرك علنننى الصنننحيحين‪ ،‬تحقيذ ذ ‪ :‬مص ذذطفى عب ذذد الق ذذادر عط ذذا‪ ،‬دار الكت ذذب العلمي ذذة‬ ‫‪1‬‬

‫–بيروت‪ ،‬ط‪ ،8990 ،8‬كتاب الزكاة‪ ،‬حديث رقم‪.(1/545) ،1432‬‬


‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(263‬‬ ‫‪2‬‬

‫ابن عادين‪ ،‬رد المحتار )‪.(3/234‬‬ ‫‪3‬‬

‫الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع )‪.(2/429‬‬ ‫‪4‬‬

‫ابن جزي‪ ،‬القوانين الفقهية )‪.(189-190‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪93‬‬
‫فقد اشترط المالكية نية التجارة وأن يكون قد ملك بمعاوضة مالية بخالف ما لو ملك بإرث أو‬
‫)‪(1‬‬
‫صداق أو هبة‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬مذهب الحنابلة‪:‬‬

‫قال ابن قدامة‪" :‬وال يصير العرض للتجارة إال بشرطين؛ أحدهما أن يملكه بفعله‪ ،‬كالبيع‪ ،‬والنكاح‪،‬‬

‫والخلع‪ ،‬وقبول الهبة‪ ،‬والوصية‪ ،‬والمنيمة‪ ،‬واكتساب المباحات؛ ألن ما ال يثبت له حكم الزكاة‬
‫بدخوله في ملكه ال يثبت بمجرد النية‪ ،‬كالصوم‪ .‬وال فرق بين أن يملكه بعوض أو بمير عوض‪.‬‬
‫ذكر ذلك أبو الخطاب‪ ،‬وابن عقيل؛ ألنه ملكه بفعله‪ ،‬أشبه الموروث‪.‬‬

‫والثاني‪ ،‬أن ينوي عند تملكه أنه للتجارة فإن لم ينو عند تملكه أنه للتجارة لم يصر للتجارة وإن نواه‬
‫بعد ذلك‪ .‬وإن ملكه بإرث‪ ،‬وقصد أنه للتجارة‪ ،‬لم يصر للتجارة ألن األصل القنية‪ ،‬والتجارة‬
‫عارض‪ ،‬فلم يصر إليها بمجرد النية‪ ،‬كما لو نوى الحاضر السفر‪ ،‬لم يثبت له حكم السفر بدون‬
‫)‪(2‬‬
‫الفعل"‪.‬‬

‫بنية‬ ‫من خالل عرض الشروط التي ذكرها أصحاب المذاهب األخرى يظهر أن الشرط المتعل‬
‫التجارة في العروض التجارية متف عليه بين المذاهب األربعة على تفصيل في بعض الجوانب)‪.(3‬‬

‫أما الشرط األخر وهو أن تكون عروض التجارة قد ملكها بمعاوضة فقد أخذ به المالكية والشافعية‪،‬‬
‫بينما اشترط الحنابلة أن يكون تملكه بفعله وهو ما يشمل الملك بمعاوضة كالشراء‪ ،‬أو بدون‬
‫)‪(4‬‬
‫معاوضة مثل اكتساب المباح كالصيد وقبول الهدية‪.‬‬

‫وبناء على ما سب يتبين أن هذا الضابط قد عمل به الشافعية‪ ،‬والمالكية وإن لم يصرحوا به‪.‬‬

‫الدسوقي‪ ،‬حاشية الدسوقي )‪.(1/472‬‬ ‫‪1‬‬

‫ابن قدامة‪ ،‬المغني )‪.(3/30-31‬‬ ‫‪2‬‬

‫مجموعة من العلماء‪ ،‬الموسوعة الفقهية الكويتية )‪.(23/270‬‬ ‫‪3‬‬

‫البهوتي‪ ،‬شرح منتهى اإليرادات )‪.(1/530‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪94‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫ضابط‪( :‬من لزمته نفقة بسبب نكاح أو قرابة أو ملك لزمته فطرة المنف عليه)‬

‫المطلب األول‪ :‬شرح الضابط‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬مفردات الضابط‪:‬‬

‫النفقة في اللغة‪ :‬اسم من المصدر نف ‪ ،‬يقال‪ :‬نفقت الدراهم نفقا‪ :‬نفدت‪ ،‬يقال‪ :‬نف الشيء نفقا‬
‫)‪(1‬‬
‫فني‪ ،‬وأنفقته أفنيته‪ ،‬ونفقت السلعة والمرأة نفاقا‪ :‬كثر طالبها وخطابها‪.‬‬

‫)‪(2‬‬
‫والنفقة في االصطالح‪ :‬قال ابن عرفة‪" :‬ما به قوام معتاد حال اآلدمي دون سرف"‪.‬‬

‫دكاة الفطر‪ :‬قال النووي‪" :‬يقال للمخرج‪ :‬فطرة‪ .‬والفطرة ‪-‬بكسر الفاء ال غير‪ -‬وهي لفظة‬
‫)‪(3‬‬
‫اصطالحية للفقهاء‪ ،‬فتكون حقيقة شرعية على المختار‪ ،‬كالصالة والزكاة"‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬معنى الضابط‪:‬‬

‫زكاة الفطر واجبة على كل مسلم موسر وهو من يملك زيادة عن قوته وقوت عياله في ذلك اليوم‪،‬‬
‫وتجب بمروب الشمس من آخر يوم من رمضان‪.‬‬

‫وبما أن الشخص يخرجها عمن ينف عليهم‪ ،‬ال بد من ضابط يحدد منهم الذين يخرج زكاة الفطرة‬
‫عنهم‪.‬‬

‫أورد اومام الحصني هذا الضابط لبيان أسباب وجوب تحمل زكاة الفطر عن المير قال‪" :‬اعلم أن‬
‫جهات التي تتحمل زكاة الفطر ثالثة الملك والنكاح والقرابة؛ فمن لزمه نفقة بسبب منها لزمه فطرة‬
‫)‪(4‬‬
‫المنف عليه"‪.‬‬

‫الفيومي‪ ،‬المصباح المنير )‪.(367‬‬ ‫‪1‬‬

‫الصاوي‪ ،‬بلغة السالك )‪.(2/729‬‬ ‫‪2‬‬

‫النووي‪ ،‬المجموع )‪.(6/85‬‬ ‫‪3‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية االخيار )‪.(281‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪95‬‬
‫وقد ورد هذا الضابط عند الشافعية بأكثر من صيمة منها‪:‬‬

‫قال السبكي‪" :‬من وجبت عليه فطرته وجبت عليه فطرة كل من تلزمه نفقته إذا كانوا مسلمين ووجد‬
‫)‪(1‬‬
‫ما يؤدي عنهم"‪.‬‬

‫وبناء على هذا الضابط من لزمته نفقة غيره بأحد أسباب النفقة التالية وجب عليه أن يخرج زكاة‬

‫الفطر عنه‪ ،‬وأسباب النفقة ثالثة هي‪:‬‬

‫‪ .1‬القرابة‪ :‬توجب النفقة لكل منهم على اآلخر لشمول البعضية‪ ،‬والشفقة ولهذا إنما تجب بقرابة‬
‫البعضية وهي األصول والفروع فيجب للوالد على الولد وإن عال وللولد على الوالد وإن سفل‬
‫)‪(2‬‬
‫لصدق األبوة والبنوة‪.‬‬

‫‪ .1‬النكاح‪ :‬السبب الثاني من أسباب النفقة النكاح‪ ،‬فيجب على الزوج نفقة زوجته بحسب قدرته‬

‫المادية)‪.(3‬‬

‫‪ .1‬ملك اليمين‪ :‬فمن ملك عبداً أو أمة لزمه نفقته‪ ،‬وما يتعبها قال الحصني‪" :‬كان قنا أو مدب ار أو‬

‫أم ولد وسواء كان صمي ار أو كبي ار وسواء كان زمنا أو أعمى أو سليما وسواء كان مرهونا أو‬
‫)‪(4‬‬
‫مستأج ار أو غير ذلك لوجود السبب الموجب لذلك وهو ملك اليمين"‪.‬‬

‫فمن وجبت عليه نفقة غيره بأحد هذه األسباب وجب عليه أن يخرج زكاة الفطر عنه‪.‬‬

‫السبكي‪ ،‬األشباه والنظائر )‪.(1/226‬‬ ‫‪1‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(576‬‬ ‫‪2‬‬

‫المصدر الساب )‪.(580‬‬ ‫‪3‬‬

‫المصدر الساب )‪.(578‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪96‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة الضابط‬

‫من األدلة التي تشهد لهذا الضابط‪:‬‬

‫‪ .1‬عن نافع عن ابن عمر‪« :‬أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان‬
‫على الناس‪ ،‬صاعا من تمر‪ ،‬أو صاعا من شعير‪ ،‬على كل حر أو عبد‪ ،‬ذكر أو أنثى‪ ،‬من‬
‫)‪(1‬‬
‫المسلمين»‪.‬‬

‫‪ .1‬عن جعفر بن محمد عن أبيه «أن رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬فرض زكاة الفطر‬
‫)‪(2‬‬
‫على الحر والعبد والذكر واألنثى ممن يمونون»‪.‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬قال اومام الشافعي‪" :‬وفي حديث نافع داللة بينة بحديث جعفر إذ فرضها رسول الله‬

‫‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬على الحر والعبد‪ ،‬والعبد ال مال له‪ ،‬وبين أن رسول الله ‪-‬صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ -‬إنما فرضها على سيده وما ال اختالف فيه أن على السيد في عبده وأمته زكاة الفطر‬
‫)‪(3‬‬
‫وهما ممن يمون"‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات الضابط‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬مذهب الحنفية‪:‬‬

‫قال السمرقندي‪" :‬كل من كان من أهل وجوب صدقة الفطر على نفسه‪ ،‬وله والية كاملة على من‬
‫)‪(4‬‬
‫كان من جنسه‪ ،‬وتجب مؤنته ونفقته فأنه تجب عليه صدقة فطرة"‪.‬‬

‫البخ ذذاري‪ ،‬صنننحيح البخننناري‪ ،‬كت ذذاب الزكذ ذ اة‪ ،‬ب ذذاب‪ :‬ص ذذدقة الفط ذذر عل ذذى العب ذذد وغيذ ذره م ذذن المس ذذلمين‪ ،‬ح ذذديث رق ذذم ‪،8901‬‬ ‫‪1‬‬

‫(‪ .)840/2‬مسذذلم‪ ،‬صننحيح مسننلم‪ ،‬كتذذاب الزكذذاة‪ ،‬بذذاب زكذذاة الفطذذر علذذى المسذذلمين مذذن التمذذر والشذذعير‪ ،‬حذذديث رقذذم ‪،911‬‬
‫(‪.)611/2‬‬
‫الشافعي‪ ،‬األم (‪ .)61/2‬البيهقي‪ ،‬أحمد بن الحسذين‪ ،‬السنن الكبر ‪ ،‬المحقذ ‪ :‬محمذد عبذد القذادر عطذا‪ ،‬دار الكتذب العلميذة‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫بي ذذروت‪ ،‬ط‪ 2004 ،4‬م‪ ،‬كت ذذاب الزك ذذاة‪ ،‬ب ذذاب إخذ ذراج زك ذذاة الفط ذذر ع ذذن نفس ذذه وغيذ ذره مم ذذن تلزم ذذه مؤنت ذذه‪ ،‬ح ذذديث رق ذذم ‪،1612‬‬
‫(‪ .)218/1‬الدارقطني‪ ،‬علي بن عمر‪ ،‬سنن الدارقطني‪ ،‬حققه وضبط نصه وعل عليه‪ :‬شذعيب األرنذؤوط‪ ،‬حسذن عبذد المذنعم‬
‫شلبي‪ ،‬عبد اللطيف حرز الله‪ ،‬أحمد برهوم‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪2001 ،8‬م‪ ،‬كتذاب زكذاة الفطذر‪ ،‬حذديث رقذم ‪،2011‬‬
‫(‪.)66/4‬‬
‫الشافعي‪ ،‬األم )‪.(2/68‬‬ ‫‪3‬‬

‫السمرقندي‪ ،‬تحفة الفقهاء )‪.(1/513‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪97‬‬
‫فيرى الحنفية أن سبب وجوب نفقة الفطر عن المير منوطة بالنفقة والوالية التي إنفاذ القول على‬
‫)‪(1‬‬
‫المير‪ ،‬فاألب يخرجها عن أبنائه الصمار‪ ،‬وعن ابنه الكبير إذا كان مجنوناً‪.‬‬

‫بناء على هذا ال يجب عليه أن يخرجها عن زوجته أو أبنائه الكبار العاقلين‪ ،‬فهؤالء عليه نفقتهم‬
‫ً‬
‫)‪(2‬‬
‫لكن ليس له عليهم والية كاملة‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬مذهب المالكية‪:‬‬

‫قال القاضي عبد الوهاب‪" :‬ويلزم اونسان عن نفسه وعن غيره ممن تلزمه نفقته‪ ...‬وألنها طهرة‬
‫تجري مجرى المؤونة فأشبهت سائر النفقات‪ ،‬ويلزمه عن ولده الصمير إذا لم يكن له مال‪ ،‬فإن‬

‫فقير ز‪،‬مًنا‪ ،‬وعن أبويه الفقيرين‬


‫كان له مال أخرج عنه من ماله‪ ،‬ويلزمه عن ولده الكبير إذا بلغ ًا‬
‫)‪(3‬‬
‫المسلمين وعن عبيده المسلمين كانوا للتجارة أو للقنية"‪.‬‬

‫جعل المالكية سبب زكاة الفطر النفقة الواجبة بالقرابة أو الزوجية أو الرق‪ ،‬فيجب عليه بذلك أن‬
‫)‪(4‬‬
‫يخرج زكاة الفطر عن زوجته وزوجة أبيه‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬مذهب الحنابلة‪:‬‬

‫عليهم من كأوالده‬ ‫عند الحنابلة تجب زكاة الفطر على المسلم يخرجها عن نفسه وعمن ينف‬
‫)‪(5‬‬
‫وزوجته وعبده‪.‬‬

‫قال ابن قدامة‪" :‬ويلزمه أن يخرج عن نفسه‪ ،‬وعن عياله‪ ،‬إذا كان عنده فضل عن قوت يومه‬
‫وليلته‪ .‬عيال اونسان‪ :‬من يعوله‪ .‬أي يمونه فتلزمه فطرتهم‪ ،‬كما تلزمه مؤنتهم‪ ،‬إذا وجد ما يؤدي‬

‫عنهم؛ لحديث ابن عمر‪« ،‬أن رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬فرض صدقة الفطر‪ ،‬عن كل‬

‫ابن عابدين‪ ،‬رد المحتار )‪(3/317‬‬ ‫‪1‬‬

‫الميداني‪ ،‬اللباب (‪ .)821/8‬المرغيناني‪ ،‬الهداية )‪.(1/291‬‬ ‫‪2‬‬

‫القاضي عبد الوهاب‪ ،‬المعونة )‪.(1/319-320‬‬ ‫‪3‬‬

‫الدسوقي‪ ،‬محمد بن احمد‪ ،‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بدون طبعة وبدون تاريخ (‪.)906/8‬‬ ‫‪4‬‬

‫االتملبي‪ ،‬عبد القادر بن عمر‪ ،‬نيل المآرب بشرح دليل الطالب‪ ،‬تحقي ‪ ،‬محمد سذليمان األشذقر‪ ،‬دار النفذائس‪ ،‬عمذان‪ ،‬ط‪،8‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪8914‬م‪.)291-291/8( ،‬‬
‫‪98‬‬
‫صمير وكبير‪ ،‬حر وعبد‪ ،‬ممن تمونون‪ ».‬والذي يلزم اونسان نفقتهم وفطرتهم ثالثة أصناف‪:‬‬

‫الزوجات‪ ،‬والعبيد‪ ،‬واألقارب‪ .‬فأما الزوجات فعليه فطرتهن‪ .‬وبهذا قال مالك والشافعي‪،‬‬
‫)‪(1‬‬
‫وإسحاق"‪.‬‬

‫على زوجة والده أو زوجة عبده الحرة؛ وجب عليه أن يخرج عنهم زكاة الفطر‪،‬‬ ‫فلو كان ينف‬
‫)‪(2‬‬
‫واستحبوا لمن تبرع بمؤنة غيره في شهر رمضان أن يخرجه عنه‪.‬‬

‫يالحظ مما سب أن هذا الضابط أخذ به الفقهاء فقد جعلت النفقة على المير سبباً لوجوب زكاة‬
‫الفطر عنه‪ ،‬وبهذا قال الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة‪ ،‬مع اختالفهم في بعض الفروع؛‬
‫)‪(3‬‬
‫بينما الشافعية قالوا تجب النفقة‬ ‫فالمالكية والحنابلة أوجبوا على االبن زكاة الفطر عن زوجة أبيه‬
‫دون زكاة الفطر‪.‬‬

‫أما الحنفية فقد اشترطوا لوجوب زكاة الفطر أم اًر أخر مع النفقة‪ ،‬وهو الوالية الكاملة على من‬
‫ينف ؛ لهذا استثنوا الزوجة‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬مستثنيات الضابط‪:‬‬

‫هناك صور مستثناة م ن هذا الضابط‪ ،‬فتجب لهم النفقة وال يلزم إخراج زكاة الفطر عنهم‪ ،‬فمن‬
‫مستثنيات هذا الضابط‪:‬‬

‫)‪(4‬‬
‫‪ .1‬على االبن أن ينف على زوجة األب لكن ال يلزمه إخراج زكاة الفطر عنها‪.‬‬

‫‪ .1‬االبن البالغ الذي نفقته على أبيه إن وجد قوته يوم العيد وليلته لم يجب على األب أن يخرج‬
‫)‪(5‬‬
‫زكاة الفطر عنه‪.‬‬

‫ابن قدامة‪ ،‬المغني )‪.(3/63‬‬ ‫‪1‬‬

‫البهوتي‪ ،‬شرح منتهى اإليرادات )‪.(1/535-536‬‬ ‫‪2‬‬

‫ابن جزي‪ ،‬القوانين الفقهية )‪.(230‬‬ ‫‪3‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(281‬‬ ‫‪4‬‬

‫الحصني‪ ،‬القواعد )‪.(4/99-100‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪99‬‬
‫‪ .1‬من كان له قريب كافر‪ ،‬أو عبد كافر‪ ،‬أو أمة كافرة ونفقتهم عليه ال يجب عليه إخراج زكاة‬
‫)‪(1‬‬
‫الفطر عنهم؛ ألنها تخرج عن المسلم‪.‬‬

‫‪ .2‬الفقير المسلم العاجز عن الكسب يجب على المسلمين نفقته‪ ،‬لكن ال يجب عليهم أن يخرجوا‬
‫)‪(2‬‬
‫زكاة الفطر عنه‪.‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(281‬‬ ‫‪1‬‬

‫البيجوري‪ ،‬حاشية البيجوري )‪.(1/536‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪111‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫ضابط‪( :‬كل عين وصلت من الظاهر إلى الباطن في منفذ مفتوح عن قصد مع ذكر‬
‫الصوم تبطل الصيام)‬

‫المطلب األول‪ :‬شرح الضابط‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬مفردات الضابط‪:‬‬


‫)‪(1‬‬
‫العين‪ :‬تطل في اللمة على عدة معان منها‪ :‬حاسة البصر ونبع الماء والجاسوس وغيرها‪.‬‬

‫والمراد هنا كل ما وصل إلى الجوف مما تراه العين‪.‬‬

‫مجوف‪ ،‬كالمطمئن من األرض وجوف اونسان‪ :‬أي بطنه‪،‬‬


‫في اللمة على كل ّ‬ ‫الجوف‪ :‬يطل‬
‫)‪(2‬‬
‫وباطن البطن‪ ،‬والجائفة‪ :‬الطعنة التي تبلغ الجوف‪.‬‬

‫والمقصود من الجوف هنا‪ :‬الدماغ والبطن وباطن األذن‪.‬‬

‫المنفذ المفتوح‪ :‬إما أن يكون مفتوح عرفاً‪ :‬كالفم واألذن األنف‪ ،‬أو مفتوح بواسطة‪ :‬كالمأمومة أو‬

‫الطعن في البطن‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬معنى الضابط‪:‬‬

‫ذكر اومام الحصني هذا الضابط عند الحديث عن مفسدات الصوم)‪ ،(3‬وذكره قبله اومام الرافعي‬
‫والنووي وغيرهما)‪ ،(4‬ومعنى هذا الضابط أن كل عين سواء كانت مما يؤكل من طعام أو شراب أو‬
‫مما ال يؤكل كحجر او خشب أو غيرها‪ ،‬يسي اًر كانت أو كثي ار وصلت إلى الجوف عبر منفذ مفتوح‬
‫)‪(5‬‬
‫(كاألنف أو الفم أو القبل أو الدبر) عن قصد مع ذكر الصوم يعتبر من المفطرات‪.‬‬

‫ابن فارس‪ ،‬معجم مقاييس اللغة )‪.(4/199‬‬ ‫‪1‬‬

‫ابن سيده‪ ،‬علي بن إسذماعيل‪ ،‬المحكم والمحيط األعظم‪ ،‬المحقذ ‪ :‬عبذد الحميذد هنذداوي‪ ،‬دار الكتذب العلميذة –بيذروت‪ ،‬ط‪،8‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪8128‬هذ‪2000-‬م‪ .)962/1( .‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب )‪.(9/34‬‬


‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(294‬‬ ‫‪3‬‬

‫الرافعي‪ ،‬فتح العزير بشرح الوجيز (‪ .)460/6‬النووي‪ ،‬روضة الطالبين )‪.(2/356‬‬ ‫‪4‬‬

‫الدميري‪ ،‬النجم الوهاج (‪ .)299/4‬الرملي‪ ،‬فتح بشرح دبد ابن رسالن )‪.(473‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪111‬‬
‫وقد ذكر فقهاء الشافعية لهذا الضابط بعض القيود وهي‪:‬‬

‫األول‪ :‬أن يكون في الجوف قوة تحيل المذاء أو الدواء؛ ألن ما تحيله ال تتمذى به النفس وال ينتفع‬

‫به البدن فأشبه الواصل إلى غير الجوف‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬أن يكون الصائم قاصداً مختا اًر‪ ،‬فلو دخلت ذبابة إلى أو غبار فال يفطر‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫الثالث‪ :‬أن يكون ذاك اًر غير ٍ‬
‫ناس‪ ،‬فلو أكل ناسياً ال يضر ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة الضابط‪:‬‬

‫استدل فقهاء الشافعية لهذا الضابط بالكتاب والسنة والمعقول وهي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬قوله تعالى‪ :‬ﱡﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ‬


‫)‪(2‬‬
‫ﱮﱠ‬

‫)‪(3‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬هذه اآلية جاءت عامة في تحريم جميع ما يدخل الجوف ‪.‬‬

‫وء ‪،‬م دما َي ْخ ُرُج َوَل ْي َس ‪،‬م دما َي ْد ُخ ُل‪َ ،‬وإ‪،‬دن َما اْل ‪،‬ف ْ‬
‫ط ُر‬ ‫ض ُ‬‫ثانياً‪ :‬قول ابن عباس رضي الله عنهما‪،" :‬إدن َما اْل ُو ُ‬
‫)‪(4‬‬
‫‪،‬م دما َد َخ َل َوَل ْي َس ‪،‬م دما َخ َرَج"‪.‬‬

‫)‪(5‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬أن هذا األثر ذكر أن ما يدخل الجوف عموماً يفطر به اونسان‪.‬‬

‫الم ازلذي‪ ،‬أبذذو حامذذد محمذد بذذن محمذذد‪ ،‬الوسنيط‪ ،‬المحقذ ‪ :‬أحمذذد محمذود إبذراهيم‪ ،‬ممحمذذد محمذد تذذامر‪ ،‬دار السذذالم‪ ،‬القذذاهرة‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ط‪8181 ،8‬ه‪ .)921/2( .‬زكريا األنصذاري‪ ،‬زكريذا بذن محمذد‪ ،‬الغنرر البهينة فني شنرح البهجنة الوردينة‪ ،‬المطبعذة الميمنيذة‪،‬‬
‫بدون طبعة وبدون تاريخ‪.)284/2( ،‬‬
‫سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.811‬‬ ‫‪2‬‬

‫زكريذا األنصذذاري‪ ،‬زكريذذا بذذن محمذذد‪ ،‬أسنننى المطالننب فنني شننرح روض الطالننب‪ ،‬دار الكتذذاب اوسذذالمي‪ ،‬بذذدون طبعذذة وبذذدون‬ ‫‪3‬‬

‫تاريخ‪.)189/8( ،‬‬
‫‪ 4‬البيهقي‪ ،‬السنن الكبر ‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬باب اوفطار بالطعام وبمير الطعام إذا ازدرده عامداً أو بالسذعوط‪ ،‬واالحتقذان وغيذر‬
‫ذلك مما يدخل جوفه باختياره‪ ،‬حديث رقم ‪.)149/1( ،1294‬‬
‫زكريا األنصاري‪ ،‬أسنى المطالب في شرح روض الطالب )‪.(1/415‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪112‬‬
‫ثالثا‪ :‬حديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول الله أخبرني عن الوضوء قال‪:‬‬
‫)‪(1‬‬
‫‪،‬‬
‫االستنشاق إال أن تكون صائماً"‪.‬‬ ‫وبالغ في‬
‫" ْ‬

‫وجه الداللة‪ :‬دل الحديث على أنه إذا وصل إلى الدماغ شيء بطل صومه‪ ،‬ألن الدماغ أحد‬
‫)‪(2‬‬
‫الجوفين فبطل الصوم بالواصل إليه كالبطن‪ ،‬ويقاس على ذلك بقية ما يدخل‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬من المعقول‪ :‬ألن الصوم هو اومساك عن كل ما يصل إلى الجوف‪ ،‬ولهذا يقال "فالن‬

‫يأكل الحجر ويأكل الطين"‪ ،‬وألنه إذا بطل الصوم بما يصل إلى الجوف مما ليس يؤكل كالسعوط‬
‫)‪(3‬‬
‫والحقنة وجب أن يبطل أيضاً بما يصل مما ليس بمأكول‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات الضابط‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬مذهب الحنفية‪:‬‬

‫يرى الحنفية أن ما يصل إلى الجوف من الصدر والبطن والظهر والجنبين‪ ،‬وما وصل من الرقبة‬
‫الفطر عندهم بكل ما دخل جسم اونسان‬ ‫إلى الموضع الذي وصل إليه يعتبر مفط اًر‪ ،‬فيتحق‬
‫صورة كابتالع التراب والورق‪ ،‬أو بالمعنى كالواصل إلى جوف اونسان أو دماغه مثل‪ :‬حقنة أو‬
‫)‪(4‬‬
‫استعاط أو مداواة جائفة أو تقطير في أذنه‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬مذهب المالكية‪:‬‬

‫يمكن بيان مفهوم الجوف عند المالكية من خالل تعريفهم للجائفة وهي‪ :‬ما أفضى من الجراحات‬
‫إلى الجوف وال يكون إال في الظهر والبطن‪ ،‬وأما الحل فيحصل الفطر بمجرد وصول المائع إليه‬
‫)‪(5‬‬
‫وإن لم يجاوزه على الصحيح من مذهبهم‪.‬‬

‫ابذذن ماجذذه‪ ،‬سنننن ابننن ماجننه‪ ،‬كتذذاب الطهذذارة‪ ،‬بذذاب المبالمذذة فذذي االستنشذذاق واالسذذتنثار‪ ،‬حذذديث (‪ .)812/8( ،)101‬قذذال‬ ‫‪1‬‬

‫األلباني‪ :‬وهذا سند صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين‪ .‬األلباني‪ ،‬إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل )‪.(4/79‬‬
‫الشيرازي‪ ،‬إبراهيم بن علي‪ ،‬المهذب‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ .)441/8( .‬النووي‪ ،‬المجموع شرح المهذب )‪.(6\312‬‬ ‫‪2‬‬

‫الشيرازي‪ ،‬المهذب (‪ .)441/8‬الماوردي‪ ،‬الحاوي )‪.(3/456‬‬ ‫‪3‬‬

‫الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع (‪ .)94/4‬السمرقندي‪ ،‬تحفة الفقهاء )‪.(1/356‬‬ ‫‪4‬‬

‫اومام مالك‪ ،‬المدونة (‪ .)966/1‬الخرشي‪ ،‬محمد بن عبد الله‪ ،‬شرح مختصر خليل للخرشي‪ ،‬دار الفكر للطباعة –بيروت‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫بدون طبعة وبدون تاريخ‪.)291/2( ،‬‬


‫‪113‬‬
‫إن المالكية يفطرون بمجرد الوصول إلى الحل وإن لم ينزل‪ ،‬ويرون أن الجوف هو‬
‫خالصة القول ّ‬
‫كل البطن وليس فقط المعدة‪ ،‬واختلفوا في الدماغ‪ ،‬وباقي المنافذ يشترطون لها وصول الداخل منها‬
‫)‪(1‬‬
‫إلى الجوف ‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬مذهب الحنابلة‪:‬‬

‫يرى الحنابلة أن ما وصل إلى الجوف من أي موضع كان أو إلى الدماغ‪ ،‬مثل االحتقان ومداواة‬
‫الجائفة بما يصل جوفه‪ ،‬أو طعن نفسه أو طعنه غيره بإ اردته بما يصل جوفه‪ ،‬أو قطرة إذا وصلت‬
‫)‪(2‬‬
‫إلى دماغه‪ ،‬أفطر عندهم بذلك كله‪.‬‬

‫ط اًر من منفذ معتبر‪ ،‬والظاهر أن أقوال الفقهاء‬


‫ني على ما يعتبر وصوله للجوف ُمف ّ‬ ‫هذا الضابط ب‬
‫ُ َ‬
‫متقاربة فيما بينها‪ ،‬وقد ارتكزت على ما توصل إليه الطب في عصرهم‪ ،‬ولكن مع تطور علم‬
‫أن بعض المنافذ ال يصل منها شيء إلى الجوف‪ ،‬فال تعتبر من المفطرات‬
‫الطب الحديث تأكد ّ‬
‫)‪(3‬‬
‫عند المعاصرين وعليه‪.‬‬

‫الصاوي‪ ،‬حاشية الصاوي على الشرح الصغير )‪.(1/698-699‬‬ ‫‪1‬‬

‫ابن قدامة‪ ،‬عبد الرحمن بن محمد‪ ،‬الشرح الكبير‪ ،‬تحقي ‪ :‬عبد الله بن عبد المحسن التركي ‪-‬عبد الفتاح محمد الحلذو‪ ،‬دار‬ ‫‪2‬‬

‫هجذذر‪ ،‬القذذاهرة‪ ،‬ط‪8189 ،8‬ه‪8999-‬م‪ .)109/1( ،‬ابذذن تيميذذة الجذذد‪ ،‬عبذذد السذذالم بذذن عبذذد اللذذه‪ ،‬المحننرر فنني الفقننه‪ ،‬مكتبذذة‬
‫المعارف ‪-‬الرياض‪ ،‬ط‪8101 ،2‬ه‪8911-‬م‪.)229\8( ،‬‬
‫ينظر‪ :‬الكندي‪ ،‬عبد الرزاق بن عبد الله‪ ،‬المفطرات الطبية المعاصرة‪ ،‬دار الحقيقة الكونية للنشذر والتوزيذع‪ ،‬ط‪8149 ،8‬ه‪-‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪2081‬م‪ 808( ،‬وما بعدها)‪.‬‬


‫‪114‬‬
‫المبحث الرابع‬

‫ضابط‪( :‬تجب الفدية بما يسمى سات ار)‬

‫المطلب األول‪ :‬شرح الضابط‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬مفردات الضابط‪:‬‬

‫)‪(1‬‬
‫الفدية لغة‪ :‬مال أو نحوه يستنقذ به األسير فيخلصه مما هو فيه‪.‬‬

‫)‪(2‬‬
‫واصطالحاً‪ :‬هي البدل الذي يتخلص به المكلف من مكروه توجه إليه‪.‬‬

‫وهي‪ :‬ما يقدم لله تعالى جزاء لتقصير في عبادة‪ ،‬مثل كفارة الصوم‪ ،‬والحل ‪ ،‬ولبس المخيط في‬
‫)‪(3‬‬
‫االحرام‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬معنى الضابط‪:‬‬

‫من محذورات اوحرام التي يجب على المحرم تجنبها‪ ،‬تمطية الرأس؛ فجاء هذا الضابط لبيان ما‬
‫يعد سات اًر يوجب الفدية إذا فعله المحرم‪ ،‬قال الحصني‪" :‬والضابط أنه تجب الفدية بما يعد سات اًر‪،‬‬
‫ّ‬
‫)‪(4‬‬
‫سواء ستر الرأس أو بعضه"‪.‬‬

‫وصرح به ابن حجر الهيتمي في حاشيته على اويضاح قال‪(" :‬قوله بكل ما يعد سات اًر) هذا‬
‫)‪(5‬‬
‫الضابط هو المعتمد‪ ،‬وال يضر ما لو شد خيطاً على رأسه؛ ألنه ال يعد سات اًر"‪.‬‬

‫الفيومي‪ ،‬المصباح المنير )‪.(276‬‬ ‫‪1‬‬

‫التهذانوي‪ ،‬محمذد بذذن علذذي‪ ،‬موسننوعة كشنناف اصننطالحات الفنننون والعلننوم‪ ،‬تقذذديم وإشذراف ومراجعذذة‪ :‬رفيذ العجذذم‪ ،‬تحقيذ ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫علي دحروج‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون –بيروت‪ ،‬ط ‪8996 ،8‬م‪.)8261/2( ،‬‬
‫أبو جيب‪ ،‬سعدي‪ ،‬القاموس الفقهي‪ ،‬دار الفكر‪ .‬دمش ‪ ،‬ط‪8911 ،2‬م‪.)218( ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(320‬‬ ‫‪4‬‬

‫الهيتمي‪ ،‬أحمد بن محمد‪ ،‬حاشية علنى شنرح اإليضناح فني مناسنك الحنج‪ ،‬تحقيذ ‪ :‬عبذد المذنعم إبذراهيم‪ ،‬المكتبذة العصذرية‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫بيروت‪ ،‬ط‪8999 ،8‬م‪.)818( ،‬‬


‫‪115‬‬
‫وعليه كل ما يصدق عليه اللبس كالقلنسوة‪ ،‬أو العمامة‪ ،‬أو ما يعد سات ًار عرفاً يجب بلبسه الفدية‪،‬‬

‫قال في بشرى الكريم‪" :‬وإنما يحرم بما يعد سات اًر عرفاً وإن حاك لون البشرة ولو غير محيط‬
‫)‪(1‬‬
‫وحناء ثخين"‪.‬‬
‫كعصابة عريضة بحيث ال تقارب الخيط ّ‬

‫وكذا لو طلى رأسه بطين ثخين‪ ،‬أو حناء‪ ،‬أو مرهم ثخين وجبت الفدية؛ ألن هذا ست ار للرأس‪ ،‬فلو‬
‫)‪(2‬‬
‫كان ما ذكر رقيقاً ال يستر الرأس فال شيء عليه"‪.‬‬

‫وال يشترط تمطية كل الرأس لوجوب الفدية؛ فلو غطى جزء من الرأس لزمته الفدية كأن يعصب‬
‫رأسه بخرقة‪ ،‬أو يضع لفافة على جرح‪.‬‬

‫أن الضابط جعل الفدية متعلقة بالساتر‪ ،‬وهو إما أن يكون لباساَ كالعمامة‪ ،‬أو ما يعد سات ار‬
‫يالحظ ّ‬
‫)‪(3‬‬
‫في عرف الناس‪ ،‬أو يقصد به الستر‪.‬‬

‫)‪(4‬‬
‫كقفة على رأسه لم يحرم بشرط أن ال يقصد الستر‬ ‫قال في فتح العالم‪" :‬ولو حمل نحو زنبيل‬
‫به‪ ،‬وأن ال يسترخي على رأسه كالطاقية‪ ،‬فإن قصد الستر به حرم‪ ،‬ولزمته الفدية‪ ،‬وكذا إن‬
‫استرخى كما ذكر فيحرم فتجب الفدية‪ ،‬وإن لم يقصد ذلك ما لم يكن فيه شيء يحمل‪ ،‬وإال فال‬
‫يضر‪ ،‬ولو كفى نحو زنبيل على رأسه حتى صار كالقلنسوة حرم‪ ،‬ولزمته الفدية مطلقاً أي سواء‬
‫)‪(5‬‬
‫قصد الستر أوال"‪.‬‬

‫باعشن‪ ،‬بشر الكريم )‪.(731‬‬ ‫‪1‬‬

‫النووي‪ ،‬المجموع )‪.(7/228‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 3‬النووي‪ ،‬اإليضاح في مناسك الحج والعمرة وعليه اإلفصاح على مسائل اإليضاح‪ ،‬دار البشائر اوسالمية‪ ،‬ط‪2009 ،9‬م‪،‬‬
‫)‪.(146‬‬
‫‪ 4‬الزنبيل أو الزبيل هو القفة‪ ،‬لسان العرب (‪.)408/88‬‬
‫الجرداني‪ ،‬محمد عبد الله‪ ،‬فتح العالم بشرح مرشد األنام‪ ،‬صححه وعل عليه محمد الحجار‪ ،‬دار السالم ‪-‬القاهرة‪ ،‬ط ‪،1‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪.)418/1( ،8990‬‬
‫‪116‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة الضابط‪:‬‬

‫من أدلة هذا الضابط‪:‬‬

‫‪ .1‬عن بن عمر رضي الله عنهما‪ ،‬أن رجال قال‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬ما يلبس المحرم من الثياب؟‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪« :‬ال يلبس القمص‪ ،‬وال العمائم‪ ،‬وال السراويالت‪ ،‬وال‬

‫البرانس‪ ،‬وال الخفاف إال أحد ال يجد نعلين‪ ،‬فليلبس خفين‪ ،‬وليقطعهما أسفل من الكعبين‪ ،‬وال‬
‫)‪(1‬‬
‫تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران أو ورس»‪.‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬النهي عن لبس العمائم‪ ،‬والبرانس للمحرم ألنها تمطي الرأس‪.‬‬

‫‪ .1‬عن ابن عباس رضي الله عنهما‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬خر رجل من بعيره‪،‬‬
‫فوقص فمات‪ ،‬فقال‪« :‬اغسلوه بماء وسدر‪ ،‬وكفنوه في ثوبيه‪ ،‬وال تخمروا رأسه‪ ،‬فإن الله يبعثه‬
‫)‪(2‬‬
‫يوم القيامة ملبيا»‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات الضابط‪:‬‬

‫ورد هذا الضابط لبيان أحد محذورات اوحرام‪ ،‬وهو غطاء الرأس بما يعد سات اًر عند الشافعية‪،‬‬
‫غطاء للرأس عرفاً‪ ،‬أو قصد به المحرم التمطية‪ ،‬أو ما كان على هيئة‬
‫ً‬ ‫فجعل المحذور ما كان‬
‫اللباس‪ ،‬ومن خالل النصوص التالية سنرى ما مدى تطبي هذا الضابط في المذاهب األخرى‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬مذهب الحنفية‪:‬‬

‫قال الكاساني في بدائع الصنائع‪" :‬وال يمطي رأسه بالعمامة‪ ،‬وال غيرها مما يقصد به التمطية؛ ألن‬

‫المحرم ممنوع عن تمطية رأسه بما يقصد به التمطية"‪.‬‬

‫البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الحج‪ ،‬باب ما ال يلبس المحرم من الثياب‪ ،‬حديث رقم ‪ ،)841/2( ،8914‬مسلم‪ ،‬صحيح‬ ‫‪1‬‬

‫مسذذلم ‪ ،‬كتذذاب الزكذذاة‪ ،‬بذذاب مذذا يبذذاح للمحذذرم بحذذج أو عم ذرة‪ ،‬ومذذا ال يبذذاح وبيذذان تح ذريم الطيذذب عليذذه‪ ،‬حذذديث رقذذم ‪،88111‬‬
‫(‪.)149/2‬‬
‫البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الحج‪ ،‬باب ما يفعل بالمحرم إذا مات‪ ،‬حديث رقم ‪.)169/2( ،8206‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪117‬‬
‫وقال أيضاً‪" :‬ول و حمل على رأسه شيئا فإن كان مما يقصد به التمطية من لباس الناس ال يجوز‬

‫له ذلك؛ ألنه كاللبس‪ ،‬وإن كان مما ال يقصد به التمطية كإجانة‪ ،‬أو عدل بز وضعه على رأسه‬
‫)‪(1‬‬
‫فال بأس بذلك؛ ألنه ال يعد ذلك لبسا‪ ،‬وال تمطية"‪.‬‬

‫وجاء في البحر الرائ ‪" :‬والمراد بستر الرأس تمطيتها بما يمطى به عادة كالثوب احت ار از عن شيء‬
‫)‪(2‬‬
‫ال يمطى به عادة كالعدل والطب ‪ ،‬واوجانة‪ ،‬وال فرق بين ستر الكل والبعض" ‪.‬‬

‫يتبين من هذا أن الحنفية يرون ّ‬


‫أن المحذور هو غطاء الرأس بما يقصد به التمطية عادة‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬مذهب المالكية‪:‬‬

‫قال في شرح كفاية الطالب مع حاشية العدوي‪(" :‬وإحرام الرجل في وجهه ورأسه) بمعنى يبديهما‬
‫في حال اوحرام ليالً‪ ،‬ونها اًر‪ ،‬فإن غطى شيئا من ذلك‪ ،‬وانتفع حرم عليه‪ ،‬وافتدى ناسياً كان‪ ،‬أو‬
‫عالماً‪ ،‬أو جاهالً‪ ،‬وإن نزع مكانه فال شيء عليه‪ ،‬ويجوز توسده‪ ،‬وستره بيده من شمس‪ ،‬وغيرها‬
‫وحمله عليه ما ال بد منه من خرجه‪ ،‬وجرابه‪ ،‬وغيره‪ ،‬فإن حمل لميره أو للتجارة فالفدية‪ .‬وقال‬
‫)‪(3‬‬
‫أشهب‪ :‬إال أن يكون عيشه ذلك‪ ،‬ويجوز استظالله بالبناء واألخبية وما في معناها"‪.‬‬

‫وقال العدوي موضحاً قول الشارح‪[" :‬قوله‪ :‬وما في معناها] أي مما يثبت فيجوز له أن يتظلل‬
‫بجانب المحمل نازلة‪ ،‬أو سائرة‪ ،‬وكذا تحته على الراجح‪ ،‬وكذلك االستظالل بالبعير نازالً‪ ،‬أو سائ اًر‬
‫أو باركاً‪ ،‬وال يجوز له أن يتظلل وهو في المحمل بأعواد يرفعها‪ ،‬أو بثوب بجعله على عصا‪ ،‬وهل‬
‫تلزمه الفدية أو تندب؟ خالف‪ ،‬وقلنا بأعواد احت ار از عما لو كان له سقف‪ ،‬فإنه كالبناء واألخبية‬
‫)‪(4‬‬
‫فيجوز"‪.‬‬

‫الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع )‪.(3/214‬‬ ‫‪1‬‬

‫ابن نجيم‪ ،‬زين الدين بن إبراهيم بن محمد‪ ،‬البحر الرائ ‪ ،‬دار الكتاب اوسالمي‪ ،‬ط ‪ ،2‬بدون تاريخ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫العذذدوي‪ ،‬علذذي بذذن أحمذذد‪ ،‬حاشننية العنندوي علننى شننرح كفايننة الطالننب الربنناني‪ ،‬المحقذ ‪ :‬يوسذذف الشذذيخ محمذذد البقذذاعي‪ ،‬دار‬ ‫‪3‬‬

‫الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬طبعة ‪8181‬ه‪8991-‬م (‪.)999/8‬‬


‫المصدر الساب (‪.)999/8‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪118‬‬
‫ثالثاً‪ :‬مذهب الحنابلة‪:‬‬

‫قال ابن قدامة‪" :‬ويحرم تمطية بعضه؛ ألن النهي تناول جميعه‪ ،‬وال يجوز أن يعصبه بعصابة وال‬
‫سير‪ ،‬وال يجعل عليه شيئاً يلص به‪ ،‬سواء كان فيه دواء‪ ،‬أو ال دواء فيه‪ ،‬وال يطينه بطين وال‬
‫حناء‪ ،‬وال دواء يستره؛ ألنه نوع تمطية‪ ،‬وفيه الفداء لما ذكرنا في اللباس‪ .‬فإن حمل عليه طبقاً‪ ،‬أو‬
‫)‪(1‬‬
‫وضع يده عليه‪ ،‬فال بأس؛ ألنه ال يقصد به الستر"‪.‬‬

‫أما االستظالل بمحمل فعند الحنابلة روايتين واحدة بالكراهة‪ ،‬واألخرى بالتحريم ذكرهما‬
‫)‪(2‬‬
‫المرداوي‪.‬‬

‫يظهر من األقوال السابقة أن الكل متف على حرمة غطاء بلبس معتاد كالعمامة‪ ،‬والقلنسوة‪ ،‬ولو‬
‫حمل على رأسه شيئاً فالحنفية‪ ،‬والحنابلة يرون أن ال شيء عليه؛ ألنه ليس لباساً‪ ،‬وال يقصد به‬
‫أما المالكية فقالوا‪:‬‬
‫أن لهم تفصيالً قد مر سابقاً‪ّ ،‬‬
‫المطاء عادة‪ ،‬وهذا قريب من قول الشافعية‪ ،‬إال ّ‬
‫بجواز حمل ما البد منه‪ ،‬فإن حمل لمير حاجة‪ ،‬أو حمل لميره فعليه الفدية عندهم‪ ،‬وهذا القول‬
‫أضي األقوال في الحمل على الرأس‪.‬‬

‫أما االستظالل فإن كان له أصل ثابت كخيمة فال خالف في ذلك‪ ،‬أما المحمل الذي يستظل به‬
‫)‪(3‬‬
‫والشافعية على جوازه‪ ،‬وعند الحنابلة روايتين إحداهما الكراهة‪.‬‬ ‫فالحنفية‬

‫)‪(4‬‬
‫والحنابلة في رواية إلى عدم جواز االستظالل بالمحمل‪ ،‬وعّلل ذلك ابن قدامة‪:‬‬ ‫وذهب المالكية‬
‫)‪(5‬‬
‫أن الحنابلة استثنوا أن يظله أحد بثوب؛‬
‫"بأنه ستر بما يقصد به الترفه‪ ،‬أشبه ما لو غطاه" ‪ .‬إال ّ‬
‫لما روت أم الحصين‪ ،‬قالت‪« :‬حججت مع رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬حجة الوداع‪،‬‬

‫ابن قدامة‪ ،‬الكافي )‪.(256‬‬ ‫‪1‬‬

‫المذذرداوي‪ ،‬علذذي بذذن سذذليمان‪ ،‬اإلنصنناف فنني معرفننة ال نراجح مننن الخننالف‪ ،‬دار إحيذذاء الت ذراث العربذذي‪ ،‬ط ‪ ،2‬بذذدون تذذاريخ‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫(‪.)168/4‬‬
‫االكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع )‪.(3/218‬‬ ‫‪3‬‬

‫القرافي‪ ،‬الذخيرة )‪.(3/137‬‬ ‫‪4‬‬

‫ابن قدامة‪ ،‬المغني )‪.(3/268‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪119‬‬
‫فرأيت أسامة وبالال‪ ،‬وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬واآلخر رافع ثوبه‬
‫)‪(1‬‬
‫يستره من الحر‪ ،‬حتى رمى جمرة العقبة»‪.‬‬

‫وقد فسروا االستظالل الذي في الحديث بأنه ال يقصد به االستدامة‪ ،‬فلم يكن به بأس‪،‬‬
‫)‪(2‬‬
‫كاالستظالل بحائط‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬مستثنيات الضابط‪:‬‬

‫بناء على أن المقصود بالساتر ما يقصد به الستر‪ ،‬أو يعد سات اًر عرفا فإن هناك صو اًر من الستر‬
‫ً‬
‫ال تجب فيها الفدية ومنها‪:‬‬

‫)‪(3‬‬
‫‪ .1‬لو توسد وسادة‪ ،‬أو ضع يده على رأسه‪ ،‬أو انممس في الماء فال شيء عليه‪.‬‬

‫)‪(4‬‬
‫‪ .1‬يجوز أن يستظل الحاج‪ ،‬أو المعتمر بمحمل‪ ،‬وهو المظلة الشمسية؛ ألنه ال يعد سات اًر‪.‬‬

‫)‪(5‬‬
‫‪ .1‬لو حمل على رأسه حمالَ فال شيء عليه‪.‬‬

‫)‪(6‬‬
‫‪ .2‬لو شد على رأسه خيطاً لم يضره ألنه ال يقصد به الستر‪.‬‬

‫مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الحج‪ ،‬باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا‪ ،‬حديث رقم ‪.)911/2( ،8291‬‬ ‫‪1‬‬

‫ابن فدامة‪ ،‬المغني )‪.(3/268‬‬ ‫‪2‬‬

‫الهيتمي‪ ،‬تحفة المحتاج )‪.(4/160‬‬ ‫‪3‬‬

‫النووي‪ ،‬اإليضاح )‪.(147‬‬ ‫‪4‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(320‬‬ ‫‪5‬‬

‫النووي‪ ،‬المجموع )‪.(7/328‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪111‬‬
‫المبحث الخامس‬

‫ضابط‪( :‬ما يحرم صيده يشترط أن يكون مأكو ًال أو في أصله مأكوالً)‬

‫المطلب األول‪ :‬شرح الضابط‪:‬‬

‫من المحذورات التي يحرم على المحرم أن يقترفها الصيد‬

‫فكان ال بد من ضابط يميز بين ما يحرم صيده من غيره‪ ،‬وقد أورده اومام الحصني دون أن‬
‫يشير إلى كلمة ضابط في البداية كعادته حيث قال‪" :‬يشترط أن يكون وحشيا وإن استأنس فيشترط‬
‫)‪(1‬‬
‫أيضا أن يكون مأكوال أو في أصله مأكوال"‪.‬‬

‫وقد صرح اومام النووي بهذا الضابط في المجموع‪ " :‬قال أصحابنا يحرم عليه كل صيد بري‬

‫مأكول‪ ،‬أو في أصله مأكول وحشيا كان‪ ،‬أو في أصله وحشي هذا ضابطه فأما ما ليس بصيد‬
‫كالبقر‪ ،‬والمنم‪ ،‬واوبل‪ ،‬والخيل‪ ،‬وغيرها من الحيوان اونسي فليس بحرام باوجماع؛ ألنه ليس‬
‫)‪(2‬‬
‫بصيد وإنما حرم الشرع الصيد" ‪.‬‬

‫فالحيوان الذي يحرم صيده هو البري المتوح‪ ،‬الذي ال يمكن أخذه إال بحيلة طي اًر كان‪ ،‬أو دابة‪،‬‬
‫)‪(3‬‬
‫مباحاً‪ ،‬أو مملوكاً‪.‬‬

‫أما الحيوان المتولد بين مأكول اللحم مع غيره‪ ،‬وهو ما ورد في الضابط بعبارة في أصله مأكول‬
‫)‪(4‬‬
‫ويقع ذلك في ثالث صور هي‪:‬‬

‫‪ .1‬أن يكون الصيد تولد بين مأكولين أحدهما متوح‪ ،‬كالظبي‪ ،‬واآلخر أهلي كشاة‪.‬‬

‫‪ .1‬أن يتولد بين وحشي مأكول مثل الحمار الوحشي‪ ،‬وأهلي غير مأكول كالحمار‪.‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(322‬‬ ‫‪1‬‬

‫النووي المجموع )‪.(7/263‬‬ ‫‪2‬‬

‫الحصني‪ ،‬كفاية األخيار )‪.(322‬‬ ‫‪3‬‬

‫الهيتمي‪ ،‬حاشية على شرح اإليضاح )‪.(213‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪111‬‬
‫‪ .1‬أن يتولد بين وحشيين أحدهما مأكول كالضبع‪ ،‬واآلخر غير مأكول كالذئب‪.‬‬

‫فكل حيوان توفرت فيه هذه الشروط يحرم قتله‪ ،‬أو تنفيره‪ ،‬أو التعرض ألجزائه مثل لبنه وريشه‪،‬‬
‫)‪(1‬‬
‫ومسكه‪ ،‬وفأرته المتصالت به‪ ،‬ولو باوعانة عليه‪ ،‬أو الداللة لمير محرم ‪.‬‬

‫فال يحرم ما عدا ذلك من صيد البحر؛ ألنه ليس بري‪ ،‬وكذلك الحيوان األهلي كاألنعام؛ ألنه ليس‬
‫)‪(3‬‬
‫بصيد‪ ،‬وإن توح‪ ،(2)،‬وكذلك الحيوان غير المأكول؛ بل قد يندب قتله ولو في الحرم كالفواس‬
‫التي وردت في حديث عائشة رضي الله عنها‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪" :‬خمس‬
‫)‪(4‬‬
‫فواس ‪ ،‬يقتلن في الحل والحرم‪ :‬الحية‪ ،‬والمراب األبقع‪ ،‬والفأرة‪ ،‬والكلب العقور‪ ،‬والحديا"‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أدلة الضابط‪:‬‬

‫من األدلة التي يبنى عليها هذا الضابط‬


‫)‪(5‬‬
‫ﲠ ﱠ‪.‬‬
‫ﲡ‬ ‫‪ .1‬قوله تعالى‪ :‬ﱡﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ‬

‫وجه الداللة‪ :‬قال ابن كثير‪" :‬وهذا تحريم منه تعالى لقتل الصيد في حال اوحرام‪ ،‬ونهي عن‬
‫)‪(6‬‬
‫تعاطيه فيه‪ ،‬وهذا إنما يتناول من حيث المعنى المأكول وما يتولد منه ومن غيره"‪.‬‬

‫ﱈﱊ ﱋﱌﱍﱎ‬
‫ﱉ‬ ‫‪ .2‬قوله تعالى‪ :‬ﱡ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ‬
‫) ‪(7‬‬
‫ﱐ ﱒ ﱓﱔ ﱕ ﱖﱠ‪.‬‬
‫ﱑ‬ ‫ﱏ‬

‫وجه الداللة‪" :‬اتف المسلمون على تحريم الصيد على المحرم‪ ،‬وهو الحيوان الوحشي الذي يحل‬
‫) ‪(8‬‬
‫أكله‪ ،‬فأما ما ال يحل أكله‪ ،‬فال يحرم باوحرام‪ ،‬ويحرم أخذه وقتله‪ ،‬وال جزاء على من قتله"‪.‬‬

‫باعشن‪ ،‬بشر الكريم )‪.(747‬‬ ‫‪1‬‬

‫الدميري‪ ،‬النجم الوهاج )‪.(3/593-594‬‬ ‫‪2‬‬

‫العمراني‪ ،‬البيان )‪.(4/188‬‬ ‫‪3‬‬

‫البخاري‪ ،‬صنحيح البخناري‪ ،‬كتذاب الصذيد‪ ،‬بذاب مذا يقتذل المحذرم مذن الذدواب‪ ،‬حذديث رقذم ‪ ،)84/4( ،8129‬مسذلم‪ ،‬صذحيح‬ ‫‪4‬‬

‫مسلم‪ ،‬كتاب الحج‪ ،‬باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم‪ ،‬حديث رقم ‪.)196/2( ،8891‬‬
‫سورة المائدة‪ ،‬آية ‪.99‬‬ ‫‪5‬‬

‫ابن كثير‪ ،‬تفسير القرلن العظيم )‪.(3/190‬‬ ‫‪6‬‬

‫سورة المائدة‪ ،‬آية ‪.96‬‬ ‫‪7‬‬

‫ابن عادل‪ ،‬عمر بن علي‪ ،‬اللباب في علوم الكتاب‪ ،‬المحق ‪ :‬الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمذد معذوض‪،‬‬ ‫‪8‬‬

‫دار الكتب العلمية –بيروت‪ ،‬ط‪8189 ،8‬ه‪8991-‬م‪.)941/1( ،‬‬


‫‪112‬‬
‫‪ .4‬عن أبي قتادة‪ ،‬قال‪ :‬خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬حتى إذا كنا بالقاحة‪ ،‬فمنا‬

‫المحرم ومنا غير المحرم‪ ،‬إذ بصرت بأصحابي يتراءون شيئا‪ ،‬فنظرت فإذا حمار وح‪،،‬‬
‫فأسرجت فرسي وأخذت رمحي‪ ،‬ثم ركبت فسقط مني سوطي‪ ،‬فقلت ألصحابي‪ :‬وكانوا‬
‫محرمين‪ :‬ناولوني السوط‪ ،‬فقالوا‪ :‬مالله‪ ،‬ال نعينك عليه بشيء‪ ،‬فنزلت فتناولته‪ ،‬ثم ركبت‪،‬‬

‫فأدركت الحمار من خلفه وهو وراء أكمة‪ ،‬فطعنته برمحي فعقرته‪ ،‬فأتيت به أصحابي‪ ،‬فقال‬
‫بعضهم‪ :‬كلوه‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬ال تأكلوه‪ ،‬وكان النبي صلى الله عليه وسلم أمامنا فحركت‬
‫) ‪(1‬‬
‫فرسي فأدركته فقال‪« :‬هو حالل‪ ،‬فكلوه»‪.‬‬

‫وجه الداللة‪ :‬امتناع الصحابة عن اوعانة على قتل الصيد‪ ،‬ولو بمناولة السوط وهم ُحرم‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تطبيقات الضابط‪:‬‬

‫مر معنا أن هذا الضابط عند الشافعية جاء لبيان نوع الحيوان الذي هو صيد يحرم قتله‪ ،‬أو‬
‫أن الصيد المحرم هو كل حيوان بري متوح‪ ،‬مأكوالً‪ ،‬أو في أصله‬
‫التعرض له‪ ،‬وبذلك تبين ّ‬
‫مأكوالً‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬مذهب الحنفية‪:‬‬

‫قال السمرقندي‪" :‬المحرم يحرم عليه أخذ صيد البر‪ ،‬وقتله‪ ،‬واوشارة إليه‪ ،‬والداللة عليه فأما صيد‬
‫إن الدجاج‪ ،‬والبط‬
‫البحر فحالل له‪ ،‬والصيد ما كان متوحشاً ممتنعاً إماً بجناحيه أو بقوائمه حتى ّ‬
‫) ‪(2‬‬
‫األهلي لم يكن من الصيد"‪.‬‬

‫وجاء في اللباب شرح الكتاب‪" :‬ومن قتل ما ال يؤكل لحمه من الصيد كالسباع‪ ،‬ونحوها فعليه‬
‫) ‪(3‬‬
‫الجزاء‪ ،‬وال يتجاوز بقيمتها شاة"‪.‬‬

‫البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب جزاء الصيد‪ ،‬باب ال يعين المحرم الحالل فذي قتذل الصذيد‪ ،‬حذديث رقذم ‪،)82/4( ،8124‬‬ ‫‪1‬‬

‫مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الحج‪ ،‬باب تحريم الصيد للمحرم‪ ،‬حديث رقم ‪.)198/2( ،8896‬‬
‫السمرقندي‪ ،‬تحفة الفقهاء )‪.(1/643‬‬ ‫‪2‬‬

‫المنيمي‪ ،‬اللباب في شرح الكتاب )‪.(1/168‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪113‬‬
‫ثانياً‪ :‬مذهب المالكية‪:‬‬

‫قال ابن جزي‪" :‬فال يقتل المحرم شيئا من صيد البر ما أكل لحمه‪ ،‬وما لم يؤكل سواء كان ماشياً‪،‬‬
‫أو طائ اًر‪ ،‬في الحرم‪ ،‬أو في غيره‪ ،‬وال يأمر به‪ ،‬وال يدل عليه‪ ،‬وال يشير إليه فإن أمر‪ ،‬أو دل فقد‬
‫) ‪(1‬‬
‫أساء‪ ،‬وال كفارة عليه"‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬مذهب الحنابلة‪:‬‬

‫قال الحجاوي‪" :‬وذبحه واصطياده وأذاه‪ ،‬وهو ما كان وحشيا أصالً ال وصفاً‪ ،‬فلو تأهل وحشي‬
‫ضمنه ال إن توح‪ ،‬أهلي‪ ،‬ويحرم‪ ،‬ويفدي متولد من المأكول‪ ،‬وغيره كمتولد بين وحشي وأهلي‪،‬‬
‫) ‪(2‬‬
‫وبين وحشي وغير مأكول"‪.‬‬

‫أن الشافعية‪ ،‬والحنابلة اعتبروا الصيد ما كان مأكول اللحم‪ ،‬أو كان‬
‫يالحظ من األقوال أعاله ّ‬
‫أصله مأكوالً‪ ،‬فميرهما مما ال يوكل لحمه كالفهد‪ ،‬والنمر ال جزاء فيها)‪ ،(3‬بينما اعتبرها الحنفية من‬
‫الصيد المحرم قتله إذا لم يبدر منها أذى‪ ،‬إال ما ورد األمر في الحديث بقتله‪ ،‬أما المالكية فلهم‬
‫تفصيل في ذلك حيث قالوا يحرم قتلها إال إذا ابتدأت بالضرر واويذاء‪ ،‬وال شيء عليه بقتلها‪ ،‬وكذا‬
‫) ‪(4‬‬
‫الفواس المذكورة في الحديث‪.‬‬

‫استدل الجمهور بأن الصيد المحرم هو مأكول اللحم بأدلة منها‪:‬‬

‫‪ .8‬حديث عائشة رضي الله عنها‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪" :‬خمس فواس ‪،‬‬
‫) ‪(5‬‬
‫يقتلن في الحل والحرم‪ :‬الحية‪ ،‬والمراب األبقع‪ ،‬والفأرة‪ ،‬والكلب العقور‪ ،‬والحديا"‪.‬‬

‫ابن جزي‪ ،‬القوانين الفقهية )‪.(247-248‬‬ ‫‪1‬‬

‫الحجذذاوي‪ ،‬موسذذى بذذن أحمذذد‪ ،‬اإلقننناع فنني فقننه اإلمننام أحمنند بننن حنبننل‪ ،‬المحقذ ‪ :‬عبذذد اللطيذذف محمذذد موسذذى السذذبكي‪ ،‬دار‬ ‫‪2‬‬

‫المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬


‫ابن الدهان‪ ،‬تقويم النظر )‪.(1/264‬‬ ‫‪3‬‬

‫القرافي‪ ،‬الذخيرة )‪.(3/146‬‬ ‫‪4‬‬

‫البخاري‪ ،‬صنحيح البخناري‪ ،‬كتذاب الصذيد‪ ،‬بذاب مذا يقتذل المحذرم مذن الذدواب‪ ،‬حذديث رقذم ‪ ،)84/4( ،8129‬مسذلم‪ ،‬صنحيح‬ ‫‪5‬‬

‫مسلم‪ ،‬كتاب الحج‪ ،‬باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم‪ ،‬حديث رقم ‪.)196/2( ،8891‬‬
‫‪114‬‬
‫أن السبع يسمى كلباً كما في قوله صلى الله عليه وسلم في عتبة بن أبي لهب‪:‬‬
‫وجه الداللة‪ّ :‬‬
‫"اللهم سلط عليه كلباً من كالبك"(‪ ،)1‬فأكله السبع‪.‬‬

‫) ‪(2‬‬
‫نص على الكلب العقور نبه على السبع الذي هو أشد ضر ًار‪.‬‬
‫ّأنه لما ّ‬

‫‪ .2‬قال الفخر الرازي‪" :‬والحكم المذكور عقيب الوصف المناسب مشعر بكون الحكم معلال بذلك‬

‫الوصف‪ ،‬وهذا يدل على أن كونها فواس علة لحل قتلها‪ ،‬وال معنى لكونها فواس إال كونها‬
‫) ‪(3‬‬
‫مؤذية‪ ،‬وصفة اويذاء في السباع أقوى فوجب جواز قتلها"‪.‬‬

‫‪ .4‬قالوا هذه سباع مؤذية بطبعها‪ ،‬وقتل المؤذي دفع ألذائه‪.‬‬

‫) ‪(4‬‬
‫‪ .1‬استدلوا بأن الصيد المعهود عند العرب هو صيد ما يوكل لحمه‪.‬‬

‫واستدل الحنفية لقولهم بالجزاء على قتل غير مأكول اللحم بأدلة منها‪:‬‬
‫)‪(5‬‬
‫ﲠ ﱠ‪.‬‬
‫ﲡ‬ ‫‪ .1‬قوله تعالى‪ :‬ﱡﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ‬

‫قالوا اآلية عامة أو مطلقة من غير تفصيل بين مأكول اللحم أو غيره‪ ،‬واسم الصيد يشمل المأكول‬
‫)‪(6‬‬
‫وغيره‪.‬‬

‫‪ .1‬استدلوا بالحديث الساب الذي فيه األمر بقتل الفواس ‪ ،‬قالوا المحصور بعدد يدل على نفي ما‬
‫سواه على قول كثير من أصحابنا‪ ،‬ولو ألحقنا بالخمسة غيرها‪ ،‬سقطت فائدة الحصر وبطل‬
‫)‪(7‬‬
‫ذكر العدد‪.‬‬

‫فعن أبي نوفل بن أبي عقرب‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬قال‪ :‬كان لهب بن أبي لهب يسب النبي صلى اللذه عليذه وسذلم‪ ،‬فقذال النبذي صذلى‬ ‫‪1‬‬

‫الله عليه وسلم‪« :‬اللهم سلط عليه كلبك» فخرج في قافلة يريد الشام فنزل منزال‪ ،‬فقال‪ :‬إني أخاف دعوة محمد صلى الله عليه‬
‫وسذذلم قذذالوا لذذه‪ :‬كذذال‪ ،‬فحطذوا متذذاعهم حولذذه وقعذذدوا يحرسذذونه فجذذاء األسذذد فانتزعذذه فذذذهب بذذه «صذذحيح اوسذذناد ولذذم يخرجذذاه»‪،‬‬
‫ينظر‪ :‬الحاكم‪ ،‬المستدرك على الصحيح‪ ،‬حديث رقم ‪ ،)911/2( ،4911‬وقال صحيح االسناد ولم يخرجاه‪.‬‬
‫ابن الجوزي‪ ،‬عبد الرحمن بن علي‪ ،‬التحقي فني أحادينث الخنالف‪ ،‬تحقيذ مسذعد عبذد الحميذد محمذد السذعدني‪ ،‬دار الكتذب‬ ‫‪2‬‬

‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪8991 ،8‬م‪.)841/2( ،‬‬


‫الرازي‪ ،‬محمد بن عمر‪ ،‬مفاتيح الغيب‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪8120 ،4‬ه‪.)119/82( ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ابن الدهان‪ ،‬تقويم النظر )‪.(1/264‬‬ ‫‪4‬‬

‫سورة المائدة‪ ،‬آية ‪.99‬‬ ‫‪5‬‬

‫الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع )‪.(3/248‬‬ ‫‪6‬‬

‫القدوري‪ ،‬التجريد )‪.(4/2115‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪115‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬مستثنيات الضابط‪:‬‬

‫من الصور التي هي مستثناة من هذا الضابط‪:‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪ .1‬الصيد إذا صال على المحرم فقتله دفاعاً عن النفس فال شيء عليه‪.‬‬

‫)‪(2‬‬
‫‪ .1‬ال يحرم أكل الصيد للمحرم لشدة الجوع إذا لم يجد غيره لكن عليه الضمان‪.‬‬

‫)‪(3‬‬
‫عم الجراد الطري ولم يجد بدا من وطئه فال شيء عليه‪.‬‬
‫‪ .1‬إذا ّ‬

‫الدميري‪ ،‬النجم الوهاج )‪.(3/597‬‬ ‫‪1‬‬

‫العمراني‪ ،‬البيان )‪.(4/194‬‬ ‫‪2‬‬

‫النووي‪ ،‬اإليضاح )‪.(219‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪116‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬

‫الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات‪ ،‬والصالة والسالم على خاتم المرسلين‪ ،‬فأحمد الله الذي‬
‫وّفقني وتمام هذه الرسالة العلمية‪ ،‬فما كان فيها من صواب فمن توفي الله‪ ،‬وما كان من خطأ‬
‫من نفسي والشيطان‪.‬‬

‫أهم النتائج‪:‬‬

‫من أهم النتائج التي توصل لها الباحث في هذه الرسالة‪:‬‬

‫‪ -1‬اهتمام اومام الحصني بالقواعد الفقهية‪ ،‬ففي باب العبادات فقط؛ وجد الباحث ست قواعد‬

‫فقهية‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ -‬قاعدة‪( :‬ما حرم استعماله حرم اتخاذه)‪.‬‬

‫‪ -‬قاعدة‪( :‬اليقين ال يزول الشك)‪.‬‬

‫‪ -‬قاعدة‪( :‬الخروج من الخالف مستحب)‪.‬‬

‫‪ -‬قاعدة‪( :‬ما أوجب أعزم األمرين بخصوصه فال يوجب أدونهما بعمومه)‪.‬‬

‫‪ -‬قاعدة‪( :‬الرخص ال تناط بالمعصية)‪.‬‬

‫‪ -‬قاعدة‪( :‬إذا اجتمع الحالل والحرام غّلب التحريم)‪.‬‬

‫‪ -1‬كذلك اهتمامه بالضوابط الفقهية ففي باب العبادات وحده تم استخراج عشرة ضوابط منها‪:‬‬

‫‪ -‬ضابط‪( :‬كل تمير يمنع إطالق اسم الماء يسلبه الطهورية‪ ،‬وإال فال)‪،‬‬

‫‪ -‬ضابط‪( :‬األصل في الحيوانات الطهارة)‪.‬‬

‫‪ -‬ضابط‪( :‬الفعل الزائد في الصالة إن كان من جنسها يبطل عمده‪ ،‬وإن كان من غير‬
‫جنسها يبطل الكثير منه دون القليل)‪.‬‬
‫‪117‬‬
‫عرض ملك بمعاوضة بقصد التجارة فهو مال تجارة)‪.‬‬
‫‪ -‬ضابط‪( :‬كل ْ‬

‫‪ -‬ضابط‪( :‬تجب الفدية بما يسمى سات اًر)‪.‬‬

‫‪ -1‬يستعمل اومام الحصني القواعد الفقهية‪ ،‬والضوابط الفقهية‪ ،‬لخدمة الفقه باالستئناس بها‪،‬‬
‫ولتعليل األحكام‪ ،‬وجمع الفروع المتشابهة‪ ،‬وهذا أحد أهم فوائد القواعد الفقهية‪ ،‬وهي خدمة‬

‫الفروع الفقهية‪.‬‬

‫‪ -2‬دراسة القواعد والضوابط الفقهية بشكل مقارن‪ ،‬تكشف الكثير عن مواطن االتفاق‪ ،‬واالختالف‬
‫بين العلماء‪.‬‬

‫أن بعضها محل‬ ‫هذه الضوابط عند المذاهب األخرى ّ‬


‫تبين ّ‬ ‫‪ -1‬من خالل دراسة مدى تطبي‬
‫اتفاق‪ ،‬والبعض األخر مختلف في تطبيقه‬

‫التوصيات‪:‬‬

‫من خالل المطالعة‪ ،‬والبحث أثناء كتابة هذه الرسالة يرى الباحث بعض األمور التي بحاجة إلى‬
‫مزيد بحث‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪ -1‬ينصح الباحث بإجراء الدراسات العلمية حول الكتب الفقهية القديمة‪ ،‬الستخراج ما فيها من‬
‫كنوز وفوائد‪.‬‬

‫‪ -1‬ضرورة دراسة الضوابط الفقهية بشكل أوسع‪ ،‬ومقارن بين المذاهب مع االهتمام بالضوابط‬
‫المتعلقة بالمسائل الفقهية المعاصرة‪ ،‬بعكس القواعد الفقهية التي حظيت باهتمام أكثر منها‪.‬‬

‫‪ -1‬عاش اومام الحصني في الفترة ما بين التنقيح األول للمذهب الشافعي الذي قام به الرافعي‬
‫والنووي‪ ،‬والتنقيح الثاني الذي قام به ابن حجر الهيتمي‪ ،‬والرملي؛ لهذا ال بد من دراسة تبين‬
‫مكانة اومام تقي الدين الحصني في خدمة المذهب الشافعي في هذه الفترة‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫القرلن الكريم‬

‫الصفحة‬ ‫رقمها‬ ‫اآلية‬ ‫السورة‬


‫‪7‬‬ ‫‪127‬‬
‫‪‬ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱋ‬
‫ﱊ‬ ‫البقرة‬

‫ﱌ ﱍﱎ ﱏ‪‬‬
‫‪45‬‬ ‫‪173‬‬
‫ﲑ ﲓ ﲔ‬
‫ﲒ‬ ‫‪‬ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ‬ ‫البقرة‬

‫ﲕ ﲖ‪‬‬
‫‪802‬‬ ‫‪811‬‬
‫ﱡﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ‬ ‫البقرة‬

‫ﱬ ﱭ ﱮﱠ‬
‫‪11‬‬ ‫‪899‬‬
‫‪‬ﲔﲕﲖﲗﲘ‪‬‬ ‫البقرة‬
‫‪92‬‬ ‫‪261‬‬
‫‪ ‬ﭐﱡﭐ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﱠ‪‬‬ ‫البقرة‬
‫‪11‬‬ ‫‪29‬‬ ‫ﱫ ﱭ ﱮﱯﱰﱱ ‪‬‬
‫ﱬ‬ ‫النساء ‪ ‬ﱩ ﱪ‬
‫‪68‬‬ ‫‪14‬‬ ‫النساء ‪‬ﲶﲷﲸ ﲹﲺﲻ‪‬‬
‫‪19 ،19‬‬ ‫‪4‬‬
‫المائدة ‪‬ﱁ ﱂ ﱃ‪‬‬

‫المائدة ‪‬ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ‬
‫‪19‬‬ ‫‪3‬‬

‫ﲁ‪‬‬

‫المائدة ‪‬ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ‪‬‬


‫‪61‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪889 ،882‬‬ ‫‪99‬‬ ‫ﲠ‪‬‬


‫ﲡ‬ ‫المائدة ‪‬ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ‬
‫‪882 ،16‬‬ ‫‪96‬‬ ‫المائدة ‪‬ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ‪‬‬
‫‪18‬‬ ‫‪819‬‬ ‫األنعام ‪‬ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ‪‬‬
‫‪60 ،91‬‬ ‫‪88‬‬ ‫األنفال ‪‬ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫﱬ ﱭ‪‬‬
‫‪11‬‬ ‫‪10‬‬ ‫اوسراء ‪‬ﱾﱿ ﲀ ﲁ‪‬‬
‫‪19‬‬ ‫‪115‬‬ ‫‪‬ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ‬ ‫النحل‬

‫‪119‬‬
‫ﲎﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗ‬
‫ﲋﲌﲍ ﲏ‬
‫ﲘ ﲙ‪‬‬
‫‪16‬‬ ‫‪81‬‬ ‫ﱡ ﲪ ﲫ ﲬﲭﲮﲯﲰ ﲱ ﱠ‬ ‫النحل‬

‫‪،91 ،96‬‬ ‫‪48‬‬ ‫الفرقان ‪‬ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ‪‬‬


‫‪60‬‬
‫‪41‬‬ ‫‪21‬‬ ‫ﱔﱖﱗﱘﱙﱚﱛ‬
‫ﱕ‬ ‫ﱏﱑﱒﱓ‬
‫‪‬ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱐ‬ ‫النجم‬

‫ﱜ‪‬‬

‫األحاديث الشريفة‬

‫الصفحة‬ ‫الحديث‬
‫‪35‬‬ ‫"أح ما بلمني عنك؟» قال‪ :‬وما بلمك عني؟ قال‪« :‬بلمني أنك وقعت بجارية‪"...‬‬
‫‪76‬‬ ‫"أحلت لنا ميتتان‪ ،‬ودمان‪ .‬فأما الميتتان‪ :‬فالحوت والجراد‪ ،‬وأما الدمان‪ :‬فالكبد‪"...‬‬
‫‪82‬‬ ‫"إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر‪ :‬فإن رأى في نعليه قذ ار أو أذى فليمسحه‪"...‬‬
‫‪86 ،39‬‬ ‫"إذا شك أحدكم في صالته‪ ،‬فلم يدر كم صلى ثالثا أم أربعا‪ ،‬فليطرح الشك‪"...‬‬
‫‪40 ،39‬‬ ‫"إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا‪ ،‬فأشكل عليه أخرج منه شيء أم ال‪ ،‬فال‪"...‬‬
‫‪78‬‬ ‫"إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليممسه ثم لينزعه‪ ،‬فإن في إحدى جناحيه‪"...‬‬
‫‪68‬‬ ‫"إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليمسله سبع مرار"‬
‫‪81‬‬ ‫"أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى امرأة ‪-‬قال أبو حازم‪ :‬إنه ليسميها‪"...‬‬
‫‪62‬‬ ‫"اغسلوه بماء وسدر‪ ،‬وكفنوه في ثوبين‪ ،‬وال تحنطوه‪ ،‬وال تخمروا رأسه‪ ،‬فإنه‪"...‬‬
‫‪107‬‬ ‫"اغسلوه بماء وسدر‪ ،‬وكفنوه في ثوبيه‪ ،‬وال تخمروا رأسه‪ ،‬فإن الله يبعثه يوم‪"...‬‬
‫‪82‬‬ ‫"اقتلوا األسودين في الصالة‪ :‬الحية‪ ،‬والعقرب"‬
‫‪62‬‬ ‫"أم هانئ بنت أبي طالب أنها دخلت على النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬يوم‪"...‬‬
‫‪92‬‬ ‫"أما بعد‪ ،‬فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نخرج الصدقة‪"...‬‬
‫‪52 ،29‬‬ ‫"إن الحالل ّبين‪ ،‬وإن الحرام ّبين‪ ،‬وبينهما مشتبهات ال يعلمهن كثير من‪"...‬‬
‫‪58‬‬ ‫"إن الماء طهور ال ينجسه شيء"‬
‫‪86‬‬ ‫"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمسا‪ ،‬فقيل له‪ :‬أزيد في‪"...‬‬
‫‪97‬‬ ‫"أن رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬فرض زكاة الفطر على الحر والعبد‪"...‬‬
‫‪97‬‬ ‫"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على‬

‫‪121‬‬
‫الناس‪"...‬‬
‫‪86‬‬ ‫"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين من الظهر لم يجلس‪"...‬‬
‫‪81‬‬ ‫"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب‪"...‬‬
‫‪102‬‬ ‫ط ُر ‪،‬م دما َد َخ َل َوَل ْي َس ‪،‬م دما َخ َرَج"‬
‫وء ‪،‬م دما َي ْخ ُرُج َوَل ْي َس ‪،‬م دما َي ْد ُخ ُل‪َ ،‬وإ‪،‬دن َما اْل ‪،‬ف ْ‬
‫ض ُ‬‫"‪،‬إدن َما اْل ُو ُ‬
‫‪66‬‬ ‫"إنها ليست بنجس‪ ،‬إنما هي من الطوافين عليكم‪ ،‬أو الطوافات"‬
‫‪29‬‬ ‫"أيما امرأة ُنكحت بمير إذن وليها فنكاحها باطل‪ ،‬فنكاحها باطل‪ ،‬فنكاحها‪"...‬‬
‫‪77‬‬ ‫"بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيال قبل نجد‪ ،‬فجاءت برجل من بني‪"...‬‬
‫‪109‬‬ ‫"حججت مع رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬حجة الوداع‪ ،‬فرأيت أسامة‪"...‬‬
‫"خمس فواس ‪ ،‬يقتلن في الحل والحرم‪ :‬الحية‪ ،‬والمراب األبقع‪ ،‬والفأرة‪ ،‬والكلب‪114 ،112 "...‬‬
‫‪52‬‬ ‫"دع ما يريبك إلى ما ال يريبك"‬
‫‪61‬‬ ‫"دعوه حتى إذا فرغ دعا بماء فصبه عليه"‬
‫‪67‬‬ ‫"طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب‪ ،‬أن يمسله سبع مرات أوالهن بالتراب"‬
‫‪76‬‬ ‫"غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل الجراد"‬
‫‪93‬‬ ‫"في اوبل صدقتها‪ ،‬وفي المنم صدقتها‪ ،‬وفي البز صدقته"‬
‫‪24‬‬ ‫"كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة‪ ،‬وكان خمرهم يومئذ الفضيخ‪ ،‬فأمر‪"...‬‬
‫‪54‬‬ ‫"ال تأكل‪ ،‬إنما سميت على كلبك ولم تسم على اآلخر"‬
‫‪52‬‬ ‫"ال يبلغ العبد أن يكون من المتقين‪ ،‬حتى يدع ما ال بأس به‪ ،‬حذ ار لما به البأس"‬
‫‪107‬‬ ‫"ال يلبس القمص‪ ،‬وال العمائم‪ ،‬وال السراويالت‪ ،‬وال البرانس‪ ،‬وال الخفاف إال‪"...‬‬
‫‪77‬‬ ‫"لقيني رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬وأنا جنب‪ ،‬فأخذ بيدي‪ ،‬فمشيت‬
‫معه‪"...‬‬
‫‪67‬‬ ‫"نعم وبما أفضلت السباع كلها"‬
‫‪76 ،58‬‬ ‫"هو الطهور ما ه الحل ميتته"‬
‫‪113‬‬ ‫"هو حالل‪ ،‬فكلوه"‬
‫‪29‬‬ ‫"هو لك يا عبد بن زمعة‪ ،‬الولد للفراش وللعاهر الحجر‪"...‬‬

‫الكتب‬

‫‪ -‬أحمد‪ ،‬أحمد بن محمد بن حنبل‪ ،‬مسند اإلمام أحمد‪ ،‬المحق ‪ :‬شعيب األرنؤوط ‪-‬عادل‬

‫مرشد‪ ،‬وآخرون‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط ‪1211 ،1‬هذ‪1111-‬م‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫‪ -‬األزهري‪ ،‬محمد بن أحمد‪ ،‬تهذيب اللغة‪ ،‬المحق ‪ :‬محمد عوض مرعب‪ ،‬دار إحياء التراث‬

‫العربي –بيروت‪ ،‬ط‪1111 ،1‬م‪.‬‬


‫‪ -‬اوسنوي‪ ،‬جمال الدين عبد الرحيم‪ ،‬المهمات‪ ،‬تحقي ‪ :‬أحمد بن علي‪ ،‬دار ابن حزم‪،‬‬

‫بيروت‪ ،‬ط‪1119 ،1‬م‪.‬‬


‫‪ -‬آل بورنو‪ ،‬محمد صدقي بن أحمد‪ ،‬الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية‪ ،‬مؤسسة‬

‫الرسالة‪ ،‬بيروت –لبنان‪ ،‬ط‪1996 ،2‬م‪.‬‬

‫‪ -‬آل بورنو‪ ،‬محمد صدقي بن أحمد‪ ،‬موسوعة القواعد الفقهية‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪،‬‬

‫ط‪1212 ،1‬هذ‪1111-‬م‪.‬‬

‫‪ -‬األلباني‪ ،‬محمد ناصر الدين‪ ،‬إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل‪ ،‬إشراف‪:‬‬

‫زهير الشاوي‪ ،،‬المكتب اوسالمي –بيروت‪ ،‬ط‪1211 ،1‬ه‪1921-‬م‪.‬‬

‫‪ -‬األلباني‪ ،‬محمد ناصر الدين‪ ،‬سلسلة األحاديث الصحيحة‪ ،‬مكتبة المعارف للنشر‬

‫والتوزيع‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪( ،1‬لمكتبة المعارف)‪ ،‬ج‪1211 :2-1‬ه‪1991-‬م‪ ،‬ج‪:6‬‬


‫‪1216‬ه‪1996-‬م‪ ،‬ج‪1211 :7‬ه‪1111-‬م‪.‬‬

‫‪ -‬األلباني‪ ،‬محمد ناصر الدين‪ ،‬ضعيف سنن أبي داود‪ ،‬مؤسسة غراس للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الكويت‪ ،‬ط‪1211 ،1‬ه‪.‬‬

‫‪ -‬األلوسي‪ ،‬محمود بن عبد الله الحسيني‪ ،‬روح المعاني‪ ،‬المحق ‪ :‬علي عبد الباري عطية‪،‬‬

‫دار الكتب العلمية –بيروت‪ ،‬ط‪1211 ،1‬ه‪.‬‬

‫‪ -‬اآلمدي‪ ،‬علي بن محمد‪ ،‬اإلحكام في أصول األحكام‪ ،‬تحقي ‪ :‬عبد الر ازق عفيفي‪ ،‬دار‬

‫الصميعي‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1111 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬باعشن‪ ،‬سعيد بن محمد‪ ،‬بشر الكريم بشرح مسائل التعليم‪ ،‬تحقي ‪ :‬عماد حيدر‬

‫الطيار‪ ،‬مؤسسة الرسالة ناشرون‪ ،‬دمش ‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1116 ،1‬م‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫‪ -‬البجيرمي‪ ،‬سليمان بن محمد‪ ،‬تحفة الحبيب شرح الخطيب‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪،‬‬

‫ط‪1996 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬البخاري‪ ،‬عبد العزيز بن أحمد‪ ،‬كشف األسرار‪ ،‬دار الكتاب اوسالمي‪ ،‬ط‪ :‬بدون طبعة‬

‫وبدون تاريخ‪.‬‬

‫‪ -‬البخاري‪ ،‬محمد بن إسماعيل‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬المحق ‪ :‬محمد زهير بن ناصر الناصر‪،‬‬

‫دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) ط‪،1‬‬
‫‪1211‬ه‪.‬‬

‫‪ -‬أبو البقاء الكفوي‪ ،‬أيوب بن موسى‪ ،‬الكليات‪ ،‬المحق ‪ :‬عدنان دروي‪- ،‬محمد المصري‪،‬‬

‫مؤسسة الرسالة –بيروت‪.‬‬

‫‪ -‬البهوتي‪ ،‬منصور بن يونس‪ ،‬شرح منتهى اإلرادات‪ ،‬تحقي ‪ :‬عادل بن سعد‪ ،‬دار الكتب‬

‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1111 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬البهوتي‪ ،‬منصور بن يونس‪ ،‬كشاف القناع‪ ،‬دار الكتب العلمية دون تفاصيل‪.‬‬

‫‪ -‬البيجوري‪ ،‬إبراهيم بن محمد‪ ،‬حاشية البيجوري على فتح القريب المجيب‪ ،‬تحقي ‪ :‬علوي‬

‫أبو بكر السقاف‪ ،‬دار الكتب اوسالمية‪ ،‬جاكرتا‪ ،‬ط‪1117 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬البيهقي‪ ،‬أحمد بن الحسين‪ ،‬السنن الكبر ‪ ،‬المحق ‪ :‬محمد عبد القادر عطا‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1212 ،1‬هذ‪1111-‬م‪.‬‬

‫‪ -‬التبريزي‪ ،‬محمد بن عبد الله‪ ،‬مشكاة المصابيح‪ ،‬المحق ‪ :‬محمد ناصر الدين األلباني‪،‬‬

‫المكتب اوسالمي –بيروت‪ ،‬ط‪1921 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الترمذي‪ ،‬محمد بن عيسى‪ ،‬سنن الترمذي‪ ،‬المحق ‪ :‬بشار عواد معروف‪ ،‬دار المرب‬

‫اوسالمي‪ ،‬بيروت‪1992 ،‬م‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫‪ -‬التملبي‪ ،‬عبد القادر بن عمر‪ ،‬نيل المآرب بشرح دليل الطالب‪ ،‬تحقي ‪ :‬محمد سليمان‬

‫األشقر دار النفائس‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪1921 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬التهانوي‪ ،‬محمد بن علي‪ ،‬موسوعة كشاف اصطالحات الفنون والعلوم‪ ،‬تقديم وإشراف‬

‫العجم‪ ،‬تحقي ‪ :‬علي دحروج‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون –بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫ومراجعة‪ :‬رفي‬

‫‪1996‬م‪.‬‬

‫‪ -‬ابن تيمية الجد‪ ،‬عبد السالم بن عبد الله‪ ،‬المحرر في الفقه‪ ،‬مكتبة المعارف ‪-‬الرياض‪،‬‬

‫ط ‪1212 ،1‬هذ‪1922-‬م‪.‬‬

‫عليه محمد‬ ‫‪ -‬الجرداني‪ ،‬محمد عبد الله‪ ،‬فتح العالم بشرح مرشد األنام‪ ،‬صححه وعل‬

‫الحجار‪ ،‬دار السالم القاهرة‪ ،‬ط‪.1991 ،2‬‬

‫‪ -‬ابن جزي‪ ،‬محمد بن أحمد‪ ،‬القوانين الفقهية‪ ،‬تحقي ماجد الحموي‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1111‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الجصاص‪ ،‬أحمد بن علي أبو بكر‪ ،‬أحكام القرلن‪ ،‬المحق ‪ :‬عبد السالم محمد علي‬

‫شاهين‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪-‬بيروت‪ ،‬ط‪1992 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الجفري‪ ،‬علوي بن سقاف‪ ،‬شرح عمدة السالك‪ ،‬اعتنى به حسن الكاف‪ ،‬دار الميراث‬
‫النبوي‪ ،‬تريم حضرموت‪ ،‬ط‪1111 ،1‬م‪.‬‬

‫مسعد عبد‬ ‫في أحاديث الخالف‪ ،‬تحقي‬ ‫‪ -‬ابن الجوزي‪ ،‬عبد الرحمن بن علي‪ ،‬التحقي‬

‫الحميد محمد السعدني‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1992 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الجوهري‪ ،‬إسماعيل بن حماد‪ ،‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬تحقي ‪ :‬أحمد عبد‬

‫المفور عطار‪ ،‬دار العلم للماليين –بيروت‪ ،‬ط‪1927 ،2‬م‪.‬‬

‫‪ -‬أبو الحاج‪ ،‬صالح محمد‪ ،‬تهذيب خالصة الدالئل وتنقيح المسائل في شرح القدوري‪،‬‬
‫دار الفاروق‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪1111 ،1‬م‪.‬‬
‫‪124‬‬
‫‪ -‬حاجي خليفة‪ ،‬كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون‪ ،‬مصطفى بن عبد الله‪ ،‬مكتبة‬

‫المثنى ‪-‬بمداد (وصورتها عدة دور لبنانية‪ ،‬بنفس ترقيم صفحاتها‪ ،‬مثل‪ :‬دار إحياء التراث‬
‫العربي‪ ،‬ودار العلوم الحديثة‪ ،‬ودار الكتب العلمية)‪1921 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الحاكم‪ ،‬محمد بن عبد الله‪ ،‬المستدرك على الصحيحين‪ ،‬تحقي ‪ :‬مصطفى عبد القادر‬

‫عطا‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪-‬بيروت‪ ،‬ط‪1991 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬أبو جيب‪ ،‬سعدي‪ ،‬القاموس الفقهي‪ ،‬دار الفكر‪ .‬دمش ‪ ،‬ط‪1922 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الحجاوي‪ ،‬موسى بن أحمد‪ ،‬اإلقناع في فقه اإلمام أحمد بن حنبل‪ ،‬المحق ‪ :‬عبد اللطيف‬

‫محمد موسى السبكي‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫‪ -‬ابن حجر‪ ،‬أحمد بن علي‪ ،‬إنباء الغمر بأبناء العمر‪ ،‬المحق ‪ :‬حسن حبشي‪ ،‬المجلس‬

‫األعلى للشئون اوسالمية ‪-‬لجنة إحياء التراث اوسالمي‪ ،‬مصر‪1129 ،‬هذ‪1969-‬م‪.‬‬

‫‪ -‬ابن حجر‪ ،‬أحمد بن علي‪ ،‬فتح الباري‪ ،‬رّقم كتبه وأبوابه وأحاديثه‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪،‬‬

‫قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه‪ :‬محب الدين الخطيب‪ ،‬عليه تعليقات العالمة‪:‬‬
‫عبد العزيز بن عبد الله بن باز‪ ،‬دار المعرفة ‪-‬بيروت‪1179 ،‬ه‪.‬‬

‫‪ -‬ابن حزم‪ ،‬علي بن أحمد‪ ،‬المحلى‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬بدون طبعة وبدون تاريخ‪.‬‬

‫‪ -‬الحصني‪ ،‬أبو بكر بن محمد‪ ،‬القواعد‪ ،‬تحقي عبد الرحمن الشعالن‪ ،‬وجبريل البصيلي‪،‬‬
‫مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1997 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الحصني‪ ،‬أبو بكر بن محمد‪ ،‬كفاية األخيار‪ ،‬تحقي ‪ :‬عبد الله بن سميط ممحمد شادي‬

‫عرب‪ ،،‬دار المنهاج‪ ،‬جدة‪ ،‬ط‪1112 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الخرشي‪ ،‬محمد بن عبد الله‪ ،‬شرح مختصر خليل للخرشي‪ ،‬دار الفكر للطباعة –بيروت‪،‬‬

‫الطبعة‪ :‬بدون طبعة وبدون تاريخ‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫عليه‪ :‬شعيب‬ ‫‪ -‬الدارقطني‪ ،‬علي بن عمر‪ ،‬سنن الدارقطني‪ ،‬حققه وضبط نصه وعل‬

‫االرنؤوط‪ ،‬حسن عبد المنعم شلبي‪ ،‬عبد اللطيف حرز الله‪ ،‬أحمد برهوم‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪1112 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬أبو داود‪ ،‬سليمان بن األشعث‪ ،‬سنن أبي داود‪ ،‬المحق ‪ :‬محمد محيي الدين عبد الحميد‪،‬‬

‫المكتبة العصرية‪ ،‬صيدا –بيروت‪.‬‬

‫‪ -‬الدبيان‪ُ ،‬د ْب َي ‪،‬‬


‫ان بن محمد‪ ،‬موسوعة أحكام الطهارة‪ ،‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ ،1‬الثانية‪،‬‬

‫‪1216‬ه‪1111-‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الدسوقي‪ ،‬محمد بن احمد‪ ،‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬الطبعة‪:‬‬

‫بدون طبعة وبدون تاريخ‪.‬‬

‫‪ -‬ابن دقي العيد‪ ،‬إحكام اإلحكام شرح عمدة األحكام‪ ،‬مطبعة السنة المحمدية‪ ،‬طبعة بدون‬

‫تاريخ‪.‬‬

‫‪ -‬الدميري‪ ،‬محمد بن موسى‪ ،‬النجم الوهاج في شرح المنهاج‪ ،‬دار المنهاج‪ ،‬جدة‪ ،‬المحق ‪:‬‬

‫لجنة علمية‪ ،‬ط‪1112 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬ابن الدهان‪ ،‬محمد بن علي‪ ،‬تقويم النظر‪ ،‬تحقي أيمن نصر الدين األزهري‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية بيروت‪ ،‬ط‪1111 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الرازي‪ ،‬محمد بن عمر‪ ،‬مفاتيح الغيب‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1211‬ه‪.‬‬

‫‪ -‬الراغب األصفهاني‪ ،‬أبو القاسم الحسين بن محمد‪ ،‬المفردات في غريب القرلن الكريم‪،‬‬

‫‪-‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫المحق ‪ :‬صفوان عدنان الداودي‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الدار الشامية ‪-‬دمش‬
‫‪1211‬هذ‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫‪ -‬ابن رشد‪ ،‬أبو الوليد محمد بن أحمد‪ ،‬المقدمات والممهدات‪ ،‬تحقي ‪ :‬محمد حجي‪ ،‬دار‬

‫المرب اوسالمي‪ ،‬بيروت –لبنان‪ ،‬ط‪1212 ،1‬ه‪.‬‬

‫‪ -‬ابن رشد‪ ،‬محمد بن أحمد‪ ،‬بداية المجتهد‪ ،‬تحقي ‪ :‬ماجد الحموي‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬بيروت‪،‬‬

‫ط‪1991 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الرعيني‪ ،‬محمد بن محمد‪ ،‬مواهب الجليل في شرح مختصر خليل‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1211‬ه‪1991-‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الرملي‪ ،‬أحمد بن أحمد‪ ،‬فتح الرحمن بشرح دبد ابن رسالن‪ ،‬تحقي ‪ :‬سيد بن شلتوت‪،‬‬

‫دار المنهاج‪ ،‬جدة‪ ،‬ط‪1119 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الرملي‪ ،‬محمد بن أحمد‪ ،‬نهاية المحتاج‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1111 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الروكى‪ ،‬محمد‪ ،‬نظرية التقعيد الفقهي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1992‬م‪.‬‬

‫محمد‪ ،‬تاج العروس‪ ،‬المحق ‪ :‬مجموعة من المحققين‪ ،‬دار الهداية‪.‬‬


‫محمد بن ّ‬
‫‪ -‬الزبيدي‪ّ ،‬‬

‫‪ -‬الزحيلي‪ ،‬وهبة‪ ،‬أصول الفقه‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1111 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬زكريا األنصاري‪ ،‬زكريا بن محمد‪ ،‬أسنى المطالب في شرح روض الطالب‪ ،‬دار الكتاب‬
‫اوسالمي‪ ،‬بدون طبعة وبدون تاريخ‪.‬‬

‫‪ -‬زكريا األنصاري‪ ،‬زكريا بن محمد‪ ،‬الغرر البهية في شرح البهجة الوردية‪ ،‬المطبعة‬

‫الميمنية‪ ،‬بدون طبعة وبدون تاريخ‪.‬‬

‫‪ -‬أبو زهرة‪ ،‬محمد‪ ،‬أصول الفقه‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة سنة ‪1997‬م‪.‬‬

‫شرح كنز الدقائ ‪ ،‬المطبعة الكبرى األميرية‬ ‫‪ -‬الزيلعي‪ ،‬عثمان بن علي‪ ،‬تبيين الحقائ‬

‫‪-‬بوالق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط ‪1111 ،1‬ه‪.‬‬


‫‪127‬‬
‫‪ -‬السبكي‪ ،‬تقي الدين علي بن عبد الكافي‪ ،‬اإلبهاج في شرح المنهاج‪ ،‬تحقي ‪ :‬شعبان‬

‫محمد إسماعيل‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1112 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬السبكي‪ ،‬عبد الوهاب‪ ،‬األشباه والنظائر‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1211 ،1‬هذ‪1991-‬م‪.‬‬

‫‪ -‬السمرقندي‪ ،‬عالء الدين‪ ،‬تحفة الفقهاء‪ ،‬تحقي محمد زكي عبد البر‪ ،‬مكتبة دار التراث‪،‬‬

‫القاهرة‪ ،‬ط‪1992 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬السنوسي‪ ،‬عبد الرحمن بن معمر‪ ،‬مراعاة الخالف في االجتهادات دراسة أصولية‪ ،‬مجلة‬
‫البيان‪ ،‬عدد‪.111‬‬

‫‪ -‬ابن سيده‪ ،‬علي بن إسماعيل‪ ،‬المحكم والمحيط األعظم‪ ،‬المحق ‪ :‬عبد الحميد هنداوي‪،‬‬

‫دار الكتب العلمية –بيروت‪ ،‬ط‪1211 ،1‬هذ‪1111-‬م‪.‬‬

‫‪ -‬السيسي‪ ،‬طاهر خليفة‪ ،‬الفرق بين قاعدة مراعاة الخالف والخروج من الخالف‪ ،‬المجلة‬
‫العربية للتربية والعلوم واآلداب‪ ،‬عدد‪.1‬‬

‫محمد حسن إسماعيل‪،‬‬ ‫‪ -‬السيوطي‪ ،‬عبد الرحمن بن أبي بكر‪ ،‬األشباه والنظائر‪ ،‬تحقي‬
‫دار الكتب العلمية بيروت‪ ،‬ط‪1111 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الشافعي‪ ،‬محمد بن إدريس‪ ،‬األم‪ ،‬دار المعرفة –بيروت‪ ،‬د‪.‬ط‪1991 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الشربيني‪ ،‬محمد بن محمد‪ ،‬مغني المحتاج‪ ،‬تحقي ‪ :‬محمد محمد تامر‪ ،‬شريف عبد الله‪،‬‬
‫دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة ‪1116‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الشرنباللي‪ ،‬حسن بن عمار‪ ،‬مراقي الفالح‪ ،‬اعتنى به وراجعه‪ :‬نعيم زرزور‪ ،‬المكتبة‬

‫العصرية‪ ،‬ط‪1211 ،1‬ه‪.‬‬

‫‪ -‬الشعراني‪ ،‬عبد الوهاب‪ ،‬منهاج الوصول‪ ،‬تحقي ‪ :‬يوسف رضوان الكود‪ ،‬دار الفتح عمان‪،‬‬

‫ط‪1111 ،1‬م‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫‪ -‬الشنقيطي‪ ،‬محمد الخضر‪ ،‬إيضاح مختصر خليل‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1111‬م‪.‬‬

‫‪ -‬ابن قاضي شهبة‪ ،‬أبو بكر بن أحمد بن محمد‪ ،‬طبقات الشافعية‪ ،‬تحقي ‪ :‬عبد العليم‬

‫خان‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،1‬دون تاريخ‪.‬‬

‫‪ -‬الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي‪ ،‬البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع‪ ،‬دار المعرفة‪.‬‬

‫‪ -‬الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي‪ ،‬السيل الجرار‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬ط‪.1‬‬

‫خليل محمود شيحا‪ ،‬دار المعرفة‪،‬‬ ‫‪ -‬الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي‪ ،‬نيل األوطار‪ ،‬تحقي‬

‫بيروت‪ ،‬ط‪1111 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الشيرازي‪ ،‬إبراهيم بن علي‪ ،‬المهذب‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬

‫‪ -‬الصاوي‪ ،‬أحمد بن محمد‪ ،‬بلغة السالك ألقرب المسالك‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬الطبعة‪ :‬بدون‬

‫طبعة وبدون تاريخ‪.‬‬

‫‪ -‬الطبري‪ ،‬محمد بن جرير‪ ،‬جامع البيان‪ ،‬المحق ‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬
‫ط‪1211 ،1‬ه‪1111-‬م‪.‬‬

‫‪ -‬ابن عابدين‪ ،‬محمد أمين بن عمر‪ ،‬رد المحتار على الدر المختار‪ ،‬دار الفكر‪-‬بيروت‪،‬‬
‫ط‪1211 ،1‬هذ‪.‬‬

‫‪ -‬ابن عادل‪ ،‬عمر بن علي‪ ،‬اللباب في علوم الكتاب‪ ،‬المحق ‪ :‬الشيخ عادل أحمد عبد‬

‫الموجود والشيخ علي محمد معوض‪ ،‬دار الكتب العلمية –بيروت‪ ،‬ط‪1219 ،1‬ه‪-‬‬
‫‪1992‬م‪.‬‬

‫‪ -‬عبد اللطيف‪ ،‬عبد الرحمن بن صالح‪ ،‬القواعد والضوابط الفقهية المتضمنة للتيسير‪،‬‬

‫الجامعة اوسالمية ‪-‬عمادة البحث العلمي‪ ،‬ط‪1111–1211 ،1‬م‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫‪ -‬عبد الله‪ ،‬لبيب نجيب‪ ،‬القواعد الفقهية في كتاب كنز الراغبين‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬عمان‪،‬‬

‫ط‪1112 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬عثماني‪ ،‬شبير أحمد‪ ،‬فتح الملهم‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمش ‪ ،‬ط‪1116 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬العدوي‪ ،‬علي بن أحمد‪ ،‬حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني‪ ،‬المحق ‪:‬‬

‫يوسف الشيخ محمد البقاعي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬طبعة ‪1212‬ه‪1992-‬م‪.‬‬

‫‪ -‬العراقي‪ ،‬أحمد بن عبد الرحيم‪ ،‬تحرير الفتاو ‪ ،‬المحق ‪ :‬عبد الرحمن فهمي محمد‬

‫الزواوي‪ ،‬دار المنهاج للنشر والتوزيع‪ ،‬جدة ‪-‬المملكة العربية السعودية‪ ،‬ط‪1211 ،1‬ه‪.‬‬

‫‪ -‬ابن العربي‪ ،‬محمد بن عبد الله‪ ،‬أحكام القرلن‪ ،‬تحقي ‪ :‬محمد الحفناوي وإسماعيل‬

‫الشنديدي‪ ،‬دار الحديث القاهرة‪ ،‬طبعة سنة ‪1111‬م‪.‬‬

‫‪ -‬ابن العربي‪ ،‬محمد بن عبد الله‪ ،‬عارضة األحوذي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫‪ -‬العز بن عبد السالم‪ ،‬عبد العزيز بن عبد السالم‪ ،‬قواعد األحكام في مصالح األنام‪،‬‬

‫راجعه وعل عليه‪ :‬طه عبد الر وف سعد‪ ،‬مكتبة الكليات األزهرية –القاهرة‪ ،‬طبعة‪ :‬جديدة‬
‫مضبوطة منقحة‪1212 ،‬ه‪1991-‬م‪.‬‬

‫‪ -‬ابن العماد‪ ،‬شهاب الدين عبد الحي بن أحمد‪ ،‬شذرات الذهب في أخبار من ذهب‪ ،‬تحقي‬
‫عبد القادر أرنا وط‪ ،‬ومحمود األرنا وط‪ ،‬دار ابن كثير‪ ،‬دمش ‪1926 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -‬العماري‪ ،‬محمد الصادقي‪ ،‬االختالف في الفقه اإلسالمي‪ ،‬حقيقته وقواعد تدبيره‪ ،‬مجلة‬

‫الجمعية الفقهية السعودية‪ ،‬عدد‪.21‬‬

‫‪ -‬العمراني‪ ،‬يحيى بن سالم‪ ،‬البيان‪ ،‬تحقي ‪ :‬قاسم النوري‪ ،‬دار المنهاج‪ ،‬جدة‪ ،‬ط‪،2‬‬

‫‪1112‬م‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫‪ -‬العيني‪ ،‬محمد محمود بن أحمد‪ ،‬البناية شرح الهداية‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪-‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1211‬ه‪1111-‬م‪.‬‬

‫‪ -‬المزالي‪ ،‬أبو حامد محمد بن محمد‪ ،‬الوسيط‪ ،‬المحق ‪ :‬أحمد محمود إبراهيم‪ ،‬ممحمد‬

‫محمد تامر‪ ،‬دار السالم‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1217 ،1‬ه‪.‬‬

‫‪ -‬المزي‪ ،‬محمد بن أحمد‪ ،‬بهجة الناظرين‪ ،‬تحقي ‪ :‬عبد الله الكندري‪ ،‬دار ابن حزم‪،‬‬

‫بيروت‪1111 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الفاداني‪ ،‬محمد ياسين‪ ،‬الفوائد الجنية‪ ،‬اعتنى به رمزي دمشقية‪ ،‬دار البشائر اوسالمية‪،‬‬

‫بيروت‪ ،‬ط‪1996 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬ابن فارس‪ ،‬أحمد بن فارس‪ ،‬مقاييس اللغة‪ ،‬المحق ‪ :‬عبد السالم محمد هارون‪ ،‬دار‬

‫الفكر‪.‬‬

‫‪ -‬الفيروز آبادي‪ ،‬محمد بن يعقوب‪ ،‬القاموس المحيط‪ ،‬تحقي ‪ :‬محمود مسعود أحمد‪،‬‬

‫المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪.1119 ،1‬‬

‫‪ -‬الفيومي‪ ،‬أحمد بن محمد‪ ،‬المصباح المنير‪ ،‬دار الحديث القاهرة‪ ،‬ط‪1111 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬ابن قاضي شهبة‪ ،‬محمد بن أبي بكر‪ ،‬بداية المحتاج‪ ،‬تحقي ‪ :‬أنور الداغستاني‪ ،‬دار‬
‫المنهاج‪ ،‬جدة‪ ،‬ط‪1111 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬القاضي عبد الوهاب بن علي‪ ،‬المعونة‪ ،‬تحقي ‪ :‬حمي‪ ،‬عبد الح ‪ ،‬مكتبة نزار مصطفى‬

‫الباز‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬ط‪1112 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬ابن قدامة‪ ،‬عبد الرحمن بن محمد‪ ،‬الشرح الكبير‪ ،‬تحقي ‪ :‬عبد الله بن عبد المحسن‬

‫التركي وعبد الفتاح محمد الحلو‪ ،‬دار هجر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1211 ،1‬ه‪1991-‬م‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫‪ -‬ابن قدامة‪ ،‬موف الدين عبد الله‪ ،‬الكافي في فقه اإلمام أحمد‪ ،‬المكتب اوسالمي‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1111‬م‪.‬‬

‫‪ -‬ابن قدامة‪ ،‬موف الدين عبد الله‪ ،‬المغني‪ ،‬اعتنى به محمد سامح عامر وآخرون‪ ،‬دار ابن‬

‫الجوزي‪ ،‬ط‪1111 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬القدوري‪ ،‬أحمد بن محمد‪ ،‬التجريد‪ ،‬المحق ‪ :‬مركز الدراسات الفقهية واالقتصادية محمد‬
‫أحمد سراج‪ ،‬وعلي جمعة محمد‪ ،‬دار السالم –القاهرة‪ ،‬ط‪1217 ،1‬هذ‪1116-‬م‪.‬‬

‫‪ -‬القرافي‪ ،‬أحمد بن إدريس‪ ،‬الذخيرة‪ ،‬تحقي ‪ :‬أحمد عبد الرحمن‪ ،‬دار الكتب العلمية بيروت‪،‬‬

‫ط‪1112 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬القرطبي‪ ،‬محمد بن أحمد‪ ،‬الجامع ألحكام القرلن‪ ،‬تحقي ‪ :‬محمد الحفناوي‪ ،‬ومحمود‬

‫عثمان‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫‪ -‬الكاساني‪ ،‬عالء الدين ابي بكر بن مسعود‪ ،‬بدائع الصانع في ترتيب الشرائع‪ ،‬تحقي ‪:‬‬

‫محمد محمد تامر‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1111 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الكتاني‪ ،‬عبد المجيد‪ ،‬مراعاة الخالف في الفقه‪ ،‬مجلة المناهج القانونية‪ ،‬عدد‪.16/11‬‬

‫‪ -‬ابن كثير‪ ،‬إسماعيل بن عمر‪ ،‬تفسير القرلن العظيم‪ ،‬تحقي سامي بن محمد سالمة‪ ،‬دار‬
‫طيبة للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪1211 ،1‬ه‪1999-‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الكندي‪ ،‬عبد الرزاق بن عبد الله‪ ،‬المفطرات الطبية المعاصرة‪ ،‬دار الحقيقة الكونية للنشر‬

‫والتوزيع‪ ،‬ط‪1211 ،1‬ه‪1112-‬م‪.‬‬

‫‪ -‬اللحجي‪ ،‬عبد الله بن سعيد‪ ،‬إيضاح القواعد الفقهية‪ ،‬مطبعة المدني‪1122 ،‬ه‪.‬‬

‫‪ -‬ابن ماجه‪ ،‬محمد بن يزيد‪ ،‬سنن ابن ماجه‪ ،‬تحقي ‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار إحياء‬

‫الكتب العربية ‪-‬فيصل عيسى البابي الحلبي‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫السالمي‪ ،‬دار‬
‫‪ -‬المازري‪ ،‬محمد بن علي بن عمر‪ ،‬شرح التلقين‪ ،‬المحق ‪ :‬مح دمد المختار ّ‬
‫المرب ‪،‬‬
‫اوسالمي‪ ،‬ط‪1112 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬مالك‪ ،‬مالك ابن أنس‪ ،‬المدونة الكبر ‪ ،‬تحقي ‪ :‬عامر الخزار وعبد الله المنشاوي‪ ،‬دار‬

‫الحديث القاهرة‪ ،‬طبعة سنة ‪1111‬م‪.‬‬

‫‪ -‬مالك‪ ،‬مالك بن أنس‪ ،‬الموطأ‪ ،‬صححه ورقمه وخرج أحاديثه وعل عليه‪ :‬محمد فؤاد عبد‬

‫الباقي‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪1921 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الماوردي‪ ،‬علي بن محمد‪ ،‬الحاوي‪ ،‬المحق ‪ :‬علي محمد معوض وعادل أحمد عبد‬

‫الموجود‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1219 ،1‬هذ‪1999-‬م‪.‬‬

‫‪ -‬مجموعة من العلماء‪ ،‬الموسوعة الفقهية الكويتية‪ ،‬و ازرة األوقاف والشئون اوسالمية‪،‬‬

‫الكويت‪ ،‬الطبعة‪( :‬من ‪1217-1212‬ه)‪ .‬األجزاء‪ :11-1‬ط ‪ ،1‬دار السالسل ‪-‬‬


‫الكويت‪ .‬األجزاء ‪ :12-12‬ط‪ ،1‬مطابع دار الصفوة –مصر‪ .‬األجزاء ‪ :21 19‬ط‪،1‬‬
‫طبع الو ازرة‪.‬‬

‫‪ -‬مجموعة من العلماء‪ ،‬معلمة دايد للقواعد الفقهية واألصولية‪ ،‬مؤسسة زايد بن سلطان آل‬

‫نهيان ل عمال الخيرية واونسانية ‪-‬منظمة التعاون اوسالمي مجمع الفقه اوسالمي‬
‫الدولي‪1111-1212 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -‬المحلي‪ ،‬محمد بن أحمد‪ ،‬كنز الراغبين‪ ،‬ضبطه‪ :‬عبد اللطيف عبد الرحمن‪ ،‬دار الكتب‬

‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1997 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬المرداوي‪ ،‬علي بن سليمان‪ ،‬اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف‪ ،‬دار إحياء التراث‬

‫العربي‪ ،‬ط‪ ،1‬بدون تاريخ‪.‬‬

‫‪ -‬المرغيناني‪ ،‬علي بن أبي بكر‪ ،‬الهداية‪ ،‬تحقي ‪ :‬محمد تامر‪ ،‬وحافظ عاشور حافظ‪ ،‬دار‬
‫السالم القاهرة‪ ،‬ط‪1111 ،1‬م‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫‪ -‬مزوز‪ ،‬إبراهيم‪ ،‬االختالف في القواعد والضوابط الفقهية‪ .‬دون تفاصيل النشر‪.‬‬

‫‪ -‬مسلم‪ ،‬مسلم بن الحجاج‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬المحق ‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار إحياء‬

‫التراث العربي –بيروت‪.‬‬

‫‪ -‬المعموري‪ ،‬محمد كامل‪ ،‬قاعدة الخروج من الخالف مستحب الضوابط والتطبيقات‪ ،‬مجلة‬

‫ديالى‪ ،‬عدد‪.22‬‬

‫‪ -‬المقدسي‪ ،‬عبد الرحمن بن إبراهيم‪ ،‬العدة شرح العمدة‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫‪ -‬ابن المنذر‪ ،‬محمد بن إبراهيم‪ ،‬اإلجماع‪ ،‬تحقي ‪ :‬فؤاد عبد المنعم أحمد‪ ،‬دار المسلم للنشر‬

‫والتوزيع‪ ،‬ط ‪1211 ،1‬هذ‪1112-‬م‪.‬‬

‫‪ -‬ابن منظور‪ ،‬محمد بن مكرم بن على‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1212‬ه‪.‬‬

‫‪ -‬الميداني‪ ،‬عبد المني المنيمي‪ ،‬اللباب في شرح الكتاب‪ ،‬تحقي ‪ :‬عبد المجيد طعمة حلبي‪،‬‬

‫دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1992 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬ابن نجيم‪ ،‬زين الدين بن إبراهيم بن محمد‪ ،‬البحر الرائ ‪ ،‬دار الكتاب اوسالمي‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫بدون تاريخ‪.‬‬

‫‪ -‬النسائي‪ ،‬أحمد بن شعيب‪ ،‬سنن النسائي‪ ،‬تحقي ‪ :‬عبد الفتاح أبو غدة‪ ،‬مكتب‬
‫المطبوعات اوسالمية –حلب‪ ،‬ط‪1926–1216 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬النووي‪ ،‬اإليضاح في مناسك الحج والعمرة وعليه اإلفصاح على مسائل اإليضاح‪ ،‬دار‬

‫البشائر اوسالمية‪ ،‬ط‪1111 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬النووي‪ ،‬محيي الدين يحيى بن شرف‪ ،‬األصول والضوابط‪ ،‬المحق ‪ :‬محمد حسن هيتو‪،‬‬

‫دار البشائر اوسالمية –بيروت‪ ،‬ط‪1216 ،1‬ه‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫‪ -‬النووي‪ ،‬محيي الدين يحيى بن شرف‪ ،‬روضة الطالبين‪ ،‬تحقي ‪ :‬زهير الشاوي‪ ،،‬المكتب‬

‫اوسالمي‪ ،‬بيروت ‪-‬دمش ‪-‬عمان‪ ،‬ط‪1991 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ -‬النووي‪ ،‬يحيى بن شرف الدين‪ ،‬المجموع شرح المهذب‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬تحقي ‪ :‬محمود‬

‫مطرجي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬طبعة ‪1111‬م‪.‬‬

‫‪ -‬النووي‪ ،‬يحيى بن شرف الدين‪ ،‬المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج‪ ،‬دار إحياء‬

‫التراث العربي –بيروت‪ ،‬ط‪.1191 ،1‬‬

‫‪ -‬الهيتمي‪ ،‬أحمد بن محمد‪ ،‬تحفة المحتاج في شرح المنهاج‪ ،‬المكتبة التجارية الكبرى‬

‫بمصر لصاحبها مصطفى محمد‪ ،‬الطبعة‪ :‬طبعة مصورة‪1921 ،‬م‪.‬‬

‫عبد‬ ‫‪ -‬الهيتمي‪ ،‬أحمد بن محمد‪ ،‬حاشية على شرح اإليضاح في مناسك الحج‪ ،‬تحقي‬

‫المنعم إبراهيم‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1999 ،1‬م‪.‬‬

‫‪135‬‬
An- Najah National University
Faculty of Graduate Studies

The Jurisprudential Rules and Controllers


(829AH) in Al Imam Hisny's Book: Kafayat
al-Akhyar in Devotions Section

By
Mohammad Salameh Freih Abu Sbeih

Supervisor
Dr. Abdullah Abu Wahdan

This Thesis Submitted in Partial Fulfillment of the Requirements for


the Degree of Master of Jurispradence and Legislation, Faculty of
Graduate Student, Al-Najah National University, Nablus- Palestine.
2021
The Jurisprudential Rules and Controllers (829AH) in Al Imam
Hisny's Book: Kafayat al-Akhyar in Devotions Section

By
Mohammad Salameh Freih Abu Sbeih
Supervised by
Dr. Abdullah Abu Wahdan

Abstract

Praise be to Allah, and peace and blessings be upon the prophets and
messengers, our Prophet Muhammad and his family and companions and
followed them benevolently on religion.

This Master thesis entitled: The Jurisprudential Rules and Controllers in Al


Hisny Imam’s Book: Kafayat al-Ahkyar in the Devotions Section. A

Jurisprudential aims at finding the jurisprudential rules and conditions in


devotions section found in the book. This thesis is composed of four
chapters. The introductory chapter deals with the definitions of Islamic
legal maxim and jurisprudential controller, the differences between them,
the author's translation, and an overview of the book and finally his
approach to the rules of jurisprudence.

All in all, the book has shown its extensive material and its benefits, with
Imam Hisny’s due regard to jurisprudential roles and controllers, in which
he has shown his clear approach in using them.

In the first chapter, the researcher talks about the jurisprudential rules of
the book by study, explanation and application. This chapter shows six
main jurisprudential rules in devotions section most importantly: certainty
B
is not removed by doubt, concessions are not allowed in acts of

disobedience, Leaving the pros and the cons is suggested, with employing
these rules for the service of jurisprudential branches.

The second chapter deals with the jurisprudential controllers of purity and

prayer in which three controllers were found in purity: Firstly, any change
converting Water shall make it unpurified or never. However, this
condition causes a disagreement between the public and the Hanafi School.

Secondly, "The origin in animals is purity." This control is agreed on but


there has been a disagreement in what it should be excluded from. This
also goes for the third controller which is eating carrion without

conditional slaughter.

The prayer is held by a controller; any intended action rather the Pillars of
Prayer shall be deemed unsound while if that act is irrelevant to the Pillars,

a lot shall be nullified not the least. It is an important controller which


brings together many branches, since it has been shown that each school
has a certain mechanism for controlling acts that nullify prayer, perhaps

this controller is the most accurate. On the other hand, the other controller
is for the causes of Sojud, which is agreed on among jurisconsults

The third chapter deals with zakat, fast and pilgrimage controllers by

explanation, analysis and application. In zakat, there is a controller on one


of the conditions of zakat upon goods. However, the jurisconsults disagree
on it. There is also a controller on the fast nullifications. In addition, there
are two controllers for the pilgrimage. The first controller is on what

C
necessitates the expiation for the head cover of the pilgrim. The other

controller is about the conditions of the forbidden animal haunting for the
pilgrim. However, there was a disagreement between the public and the
Hanafi School in applying it.

One of the findings of this study is the interest of Al Imam Hisny in


Jurisprudential rules and disciplines, and their use for the service of
jurisprudence in explanation and representation. The researcher

recommends that discipline studies should be carried out in a comparative


manner, with an interest in disciplines that govern contemporary
jurisprudential issues.

You might also like