You are on page 1of 14

‫البحث الفصلي في مادة فقة الجنايي بعنوانه‪:‬‬

‫"عقوبة الدية ومقدارها في الشريعة اإلسالمية مقارنا بالقانون‬


‫الوضعي الباكستاني"‬

‫مطهر علي‬ ‫اعداد الطالب‬


‫أ‪.‬د‪ .‬امين مكي حفظه للا‬ ‫استاذ المادة‬
‫‪5228‬‬ ‫رقم التسجيل‬
‫العام الجامعي‪2022 :‬‬

‫‪Department of Sharia & Law‬‬


‫‪Faculty of Sharia & Law‬‬
‫‪International Islamic University Islamabad‬‬
‫)‪(FALL 2022‬‬
‫مقدمة البحث‬
‫الحمد لل الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا‪ ،‬قيما لينذر بأسا ً شديداً من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم‬
‫أجراً حسنا‪.‬‬
‫والصالة والسالم على رسول للا محمد بن عبدللا الذي أرسله ربه بالهدي ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالل شهيدا وعلى آله‬
‫وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد‪:‬‬
‫فإن البحث في الديات من اإلبحاث المهمة؛ وذلك ألن الديات تعويض إلزهاق روح اإلنسان أو تعطيل عضو من أعضائه‪ ،‬وكما هو‬
‫معلوم فإن المحافظة على ألنفس اإلنسانية‪ ،‬يعتبر من المثل العليا التي جاء بها اإلسال‪.‬‬
‫إن الد يات في حقيقتها هي عبارة عن عقوبة وتعويض؛ عقوبة للطائشين والمتهورين المستهينين بإزهاق أرواح ألناس أو إلحاق اإلذي‬
‫والضرر بهم‪ ،‬وفي الوقت نفسه تعويض للذين فقدوا عزيزا لهم‪ ،‬أو لمن فقد بعضا من أعضائه‪ ،‬أو لمن أصابته جراح في جسده‪ ،‬ولذلك‬
‫كان البد من اإلهتمام ببحث الديات من حيث مشروعيتها ومن حيث مقاديرها‪.‬‬
‫وفي هذا البحث يسعى الباحث إللسهام في توضيح أحكام ومقادير الديات‪ ،‬مستصحبا آراء الفقهاء واختالفاتهم حول تلك المقادير‪ ،‬بغرض‬
‫مقدار للدية يليق بعظمة اإلنسان‪ ،‬وفي الوقت نفسه يكبح جماح‬
‫ٍ‬ ‫الوصول إلى رأي فقهي واضح‪ ،‬يستعين به الحكام والقضاة على تبني‬
‫المتفلتين ويشفى غيظ قلوب المكلومين‪ ،‬سائال اإلله عز وجل التوفيق والسداد‪.‬‬
‫أتقدم بالﺸﻜﺮ الجزيﻞ مﻦ خالل هذا العمل المتواضع الي كل األساتذة من أهل األختصاص في الشريعة والقانون الذين أفادوني بتوجيهاتهم‬
‫ي حتي خرج هذا العمل‬ ‫ونﺼائﺤهﻢ‪ ،‬وعلى رأسهﻢ مﻦ أشﺮﻑ علي البحث األستاذ الدكتور أمين مكي حفظه للا لما بﺬاله مﻦ جهﺪ وصﱪعل ّ‬
‫الي نور‪.‬‬

‫خطة البحث‪:‬‬
‫قد اشتمل البحث علي مقدمة وخمسة مباحث ومطالب ثم المصادروالمراجع‪.‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬تعريﻑ الدية‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬تعريﻑ الدية في اللغة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعريﻑ الدية في االصطالح‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬مشروعية الدية من الكتاب والسنة‪.‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬آراء الفقهاء واختالفاتهم حول مقدار الدية الكاملة‬
‫المطلب االول‪ :‬مذهب الحنفية‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مذهب المالكية‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مذهب الشافعية‬
‫المطلب الرابع‪:‬مذهب الحنابلة‬
‫المبحث الرابع‪ :‬دية الجنين الذي يُسقَط من بطن أمه ميتا‬
‫المبحث الخامس‪ :‬الدية في القانون الباكستاني‬
‫المصادروالمراجع‬
‫المبحث األول ‪ :‬تعريف الدية‬
‫المطلب األول ‪ :‬تعريف الدية في اللغة‪.‬‬
‫الديّة لغة‪ :‬الدية من ودي وهي عبارة عن ح ُق القتيل‪ ،‬وقد وديتهُ وديّاً‪ ،‬فالديةُ واحدة ٌ وجمعها ديات‪ ،‬والهاء عوض عن الواو‪ ،‬تقول وديت‬
‫القتيل أديهُ ديةً أي أعطيته ديةً‪ ،‬واتديتُ أي بمعنى أخذت ديتهُ‪ ،‬وفي حديث القسامة “فودا ُه مائةً من إبل الصدقة” صحيح البخاري ‪ .‬أي‬
‫أعطى ديتهُ‪ .‬وعرفها ابن منظور بأنها هي ح ُق القتيل‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف الدية في االصطالح‪.‬‬


‫سنذكر بعضها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الديّة اصطالحا‪ :‬وقد عرفها الفقهاء بتعاريﻑ عدة‬
‫– عرفها الحنفية‪ :‬بأنها اسم للمال الذي هو بدل ألنفس‪ .‬وقال السرخسي‪ :‬الدية هي ما ٌل يؤدى في مقابلة تلﻑ ليس بمال وهو ألنفس‪،‬‬
‫واألرش بدل ما دون ألنفس‪ .‬ويُفهم من تعريﻑ الحنفية أن الدية ما ٌل يُدفع للمجني عليه في مقابلة إزهاق الروح‪ ،‬مع أن الروح ال تُقدر‬
‫بثمن‪ ،‬ولكن هذا من باب تعويض أهل القبيل عن بعض ما فقدوه‪.‬‬
‫– وعرفهُ المالكية‪ :‬بأنها المال الذي يجب بقت ِل آدمي حر‪ ،‬وذلك عِوضا ً عن دمه‪ .‬ويُفهم من تعريﻑ المالكية أن الدية هي اسم للمال‬
‫الواجب بذله ألهل القتيل عِوضا ً عن دمه‪ ،‬فهي مقتصرة على الجناية على ألنفس‪.‬‬
‫– وعرفها الشافعية‪ :‬بأنها هي المال الواجب بالجناية على الحر في ألنفس‪ ،‬أو فيما دونها‪.‬‬
‫– أما الحنابلة فقال ‪ :‬هي المال المؤدى إلى المجني عليه أو وليه‪ ،‬أو وارثه بسبب جنايةٍ‪ ،‬فتشمل الجناية على ألنفس وما دونها‪.‬‬
‫ومن خالل التعريفات السابقة للدية يتضح لنا ما يلي‪ :‬أن الفقهاء اتفقوا على إطالق الدية على المال الذي هو بدل ألنفس‪ .‬ولكن اختلفوا في‬
‫إطالقها على ما دون ألنفس؛ ألن البعض أطلق عليها دية‪ ،‬وهم الشافعية والحنابلة والبعض أطلق عليها أرشاً‪ ،‬وهم األحناﻑ والمالكية‪.‬‬
‫وهذا يرجع إلى االختالﻑ في دالالت ألنصوص‪ ،‬حيث دلت بعض ألنصوص على أن المال الذي يؤخذ مقابل األعضاء أو بعضها يُعتبر‬
‫ديّة ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أن ألنبي صلى للا عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن وكان في كتابه‪ ” :‬إن من اعتبط مؤمنا قتال‬
‫عن بينةٍ‪ ،‬فاته قود إال أن يُرضي أولياء المقتول‪ ،‬وأن في ألنفس مائة من اإلبل ‪ ،‬وفي األنف إذا أوعب جدعة الدية وفي اللسان الدية‬
‫نصف الواحدة نصف وفي‬ ‫ُ‬ ‫وفي الشفتين الدية وفي البيضتين الدية وفي الذكر الدية وفي الصلب الدية وفي العينين الدية وفي الرجل‬
‫المأمومة ثُلث الدية وفي الجائفة ثُلث الدية”‪ .‬سنن ألنسائي‪.‬‬
‫‪ -2‬أيضا ً حديث عن ابن عباس رضي للا عنهما قال‪ :‬قال رسول للا صلّى للا عليه وسلم “دية األصابع اليدين والرجلين سواء عشر من‬
‫اإلبل في كل إصبع”‪ .‬شرح الترمذي‪ .‬ووجه الداللة بين الحديثين أن ألنبي عليه الصالة والسالم أطلق على المال الذي يؤخذ مقابل جرح‬
‫األعضاء دية‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬مشروعية الدية من الكتاب والسنة‪.‬‬

‫مشروعية الدية من القران والسنة‬


‫وأما دليل مشروعية الدية من القرآن الكريم فهو قوله تعالى‪ " :‬وما كان ِل ُمؤْ مِ ٍن أنْ ي ْقتُل ُمؤْ مِ نا ِإ اال خطأ ومنْ قتل ُمؤْ مِ نا خطأ فتحْ ِري ُر ‪:‬‬
‫رقب ٍة ُمؤْ مِ ن ٍة ودِيةٌ ُمسلامةٌ إِلى أ ْه ِل ِه‪.‬‬
‫( سورة ألنساء اآليات ‪)92‬‬

‫قال ابن كثير في بيان معنى قوله تعالى‪( :‬ودية مسلمة إلى أهله)‪ .‬هو الواجب الثاني فيما بين القاتل وأهل القتيل‪ ،‬عوضا لهم عما فاتهم‬
‫من قريبهم‪( .‬تفسير القرآن العظيم‪ :‬إسماعيل بن عمر بن كثير)‬

‫سلَّ َمةٌ" مدفوعة مؤداة‪ .‬ثم قال‪ :‬ولم يعين ‪" .‬‬
‫وقال القرطبي في تفسير اآلية المذكورة‪" :‬الدية؛ ما يعطى عوضا عن دم القتيل إلى وليه" ُم َ‬
‫للا في كتابه ما يعطى في الدية‪ ،‬وإنما في اآلية إيجاب الدية مطلقا"‪(.‬الجامع ألحكام القرآن المام القرطبي)‬

‫والباحث يري أن ما قاله القرطبي هو الحق؛ ففي اإلية بيان وجوب الدية‪ ،‬وأما بيان مقادير الدية فقد جاء في سنة رسول للا ‪،‬ومعلوم أن‬
‫السنة تفسر القرآن الكريم وتبينه من حيث‪ :‬تفصيل مجمله‪ ،‬أو تقييد مطلقه‪ ،‬أو تخصيص عامه‪ ،‬أو إلحاق فرع بأصله‪ ،‬إلى غير ذلك من‬
‫أنواع البيان‪.‬‬
‫وقد جاء بيان السنة الفعلية والقولية لمقادير الدية شامال؛ دية ألنفس‪ ،‬ودية أعضاء اإلنسان والجروح التي تصيب جسمه؛ التي تعرﻑ‬
‫باإلرش‪ ،‬وكذلك دية الجنين الذي يسقط من بطن أمه ميتاً‪ ،‬مما يدل داللة واضحة على مشروعية الدية في القرآن الكريم والسنة ألنبوية‬
‫المطهرة‪.‬‬
‫ان نَبِيِّ ِه ‪.‬‬
‫س ِ‬ ‫سلَّ َمةً إلَى أَ ْه ِلهِ‪َ ،‬وأَبَانَ َ‬
‫علَى ِل َ‬ ‫علَى قَاتِ ِل ا ْل ُمؤْ مِ ِن‪ِ ،‬ديَةً ُم َ‬
‫َّللا َج َّل ثَنَا ُؤهُ فِي تَ ْن ِزي ِل ِكتَا ِب ِه أَنَّ َ‬
‫ي‪" :‬فأحكم َّ ُ‬ ‫قَا َل اإلمام ال َّ‬
‫شافِ ِع ُّ‬
‫سلَّ َم ‪َ :‬ك ْم ال ِ ّديَةُ؟" (احكام القرآن للشافعي)‬ ‫صلَّى للا َ‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫َ‬

‫وقال القرطبي‪" :‬وثبتت األخبار عن رسول للا بأن الدية مائة من اإلبل‪ ،‬فكان ذلك بيانا على لسان نبيه عليه السالم لمجمل كتابه"‪.‬‬
‫(الجامع ألحكام القرآن المام القرطبي)‬

‫َّللا قُتِ َل َوطُ ِر َح فِي ‪.‬‬ ‫ع ْب َد َّ ِ‬ ‫صةُ أَنَّ َ‬ ‫صابَ ُه ْم‪ ،‬فَأ ُ ْخبِ َر ُم َحيِّ َ‬ ‫صةَ‪ ،‬خ ََر َجا إِلَى َخ ْيبَ َر مِ ْن َج ْه ٍد أَ َ‬ ‫س ْه ٍل‪َ ،‬و ُم َحيِّ َ‬‫َّللا بْنَ َ‬ ‫ومن تلك األخبار ما روي‪ :‬أَنَّ َ‬
‫ع ْب َد َّ ِ‬
‫صةُ‪،‬‬ ‫علَى قَ ْومِ ِه فَذَك ََر لَ ُه ْم‪َ ،‬وأَ ْق َب َل ه َُو َوأَخُو ُه ح َُو ِّي َ‬ ‫َّللاِ‪ ،‬ث ُ َّم أَ ْق َب َل َحتَّى قَد َِم َ‬
‫َّللا قَتَ ْلت ُ ُمو ُه‪ ،‬قَالُوا‪َ :‬ما قَتَ ْلنَا ُه َو َّ‬
‫عي ٍْن ‪ ،‬فَأَتَى َي ُهو َد فَقَالَ‪ :‬أَ ْنت ُ ْم َو َّ ِ‬ ‫ِير أَ ْو َ‬
‫فَق ٍ‬
‫صةُ‪ ،‬ث َّمُ‬ ‫َّ‬
‫سنَّ ‪ ،‬فَتَ َكل َم ح َُويِّ َ‬ ‫صة‪َ ،‬كبِّرْ َكبِّرْ ي ُِري ُد ال ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫َب ِليَتَ َكل َم َوه َُو الذِي كَانَ بِ َخ ْيبَ َر‪ ،‬فَقَا َل ألنبِ ُّ‬
‫ي ِل ُم َحيِّ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫س ْه ٍل‪ ،‬فَذه َ‬ ‫الرحْ َم ِن ْب ُن َ‬ ‫ع ْب ُد َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َوه َُو أكبَ ُر مِ نهُ َو َ‬
‫َّللا َما قَتَ ْلنَاهُ‪ .‬فَقَا َل‬ ‫َّللا ِلَ ْي ِه ْم في ذَلِكَ فَ َكتَبُوا ِإنَّا َو َّ ِ‬
‫َب َرسُو ُل َّ ِ‬ ‫صاحِ بَكُ ْم َو ِإ َّما أَ ْن يُؤْ ِذنُوا بِ َحرْ بٍ‪ ،‬فَ َكت َ‬ ‫َّللا‪ِ :‬إ َّما أَ ْن يَدُوا َ‬ ‫صةُ‪ ،‬فَقَا َل َرسُو ُل َّ ِ‬ ‫تَ َكلَّ َم ُم َحيِّ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِﻑ لك ْم يَ ُهودُ‪ ،‬قالوا‪ :‬ل ْيسُوا بِ ُم ْسلِمِ ينَ ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫صاحِ بِك ْم‪ ،‬قالوا‪ :‬ال‪ ،‬قالَ‪ :‬أفتَحْ ل ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الرحْ َم ِن‪ ،‬أتَحْ ِلفونَ َوت ْستحِ قونَ د ََم َ‬ ‫َ‬ ‫ع ْب ِد َّ‬ ‫َ‬
‫صة َو َ‬ ‫َ‬
‫صة َو ُم َحيِّ َ‬ ‫َرسُو ُل َّ ِ‬
‫َّللا ِلح َُويِّ َ‬
‫ضتْنِي مِ ْن َها نَاقَة"‪( .‬أخرجه البخاري عن سهل بن أبي حتمة)‬ ‫ٌ‬ ‫س ْهلٌ‪ :‬ف ََر َك َ‬ ‫َّار‪ ،‬قَا َل َ‬ ‫ُ‬
‫َّللا مِ ْن ِع ْن ِد ِه مِائَةَ نَاقَ ٍة َحتَّى أ ْدخِ لَتْ الد َ‬ ‫ف ََودَاهُ َرسُو ُل َّ ِ‬
‫هذا في السنة الفعلية وأما السنة القولية فقد روي أن ألنبي صلى للا عليه و سلم كتب لعمرو بن حزم كتابا إلى أهل اليمن فيه الفرائض‬
‫والسنن والديات وقال فيه‪" :‬وإن في ألنفس مائة من اإلبل"‪( .‬سنن ألنسائي بشرح السيوطي وحاشية السندي)‬
‫ففي هذين الحديثين بيان بأن مقدار دية ألنفس مائة من اإلبل‪ ،‬غير أن هذا المقدار جاء مطلقا‪ ،‬من غير تحديد سن معين‪ ،‬ومن غير بيان‬
‫لصفات تلك اإلبل‪ ،‬في حالة إذا ما كان القتل عمداً أو شبه عمد أو خطأ ً‪.‬‬
‫وقد وردت أحاديث صحيحة عن الرسول ‪،‬وآثار صحاح عن صحابته الكرام‪ ،‬تبين أسنان تلك اإلبل وتوضح صفاتها‪ ،‬وفي الوقت نفسه‬
‫تشير إلى مقدار الدية من غير اإلبل حال عدم توفرها‪.‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬آراء الفقهاء واختالفاتهم حول مقدار الدية الكاملة‬
‫وكما ذكر الباحث فإن ألنصوص واألثار الواردة في مقدار الدية‪ ،‬جاءت مختلفة األلفاظ فيما يتعلق بأوصاﻑ اإلبل وأسنانها‪ ،‬فكان ذلك ‪.‬‬
‫أحد أسباب نشوء الخالﻑ بين الفقهاء‪.‬‬
‫وثاني أسباب الخالﻑ في مقدار الدية‪ ،‬هو إذا وجبت الدية في بلد ليس من عادة أهلها رعي اإلبل أو تربيتها‪ ،‬فإن الفقهاء اختلفوا في‬
‫مقدار ما يدفعه أهل تلك البالد في الدية‪ ،‬هل هو قيمة المائة من اإلبل‪ ،‬أم يدفعونها من األموال المتوفرة في بالدهم‪ ،‬سواء كانت ذهبا ً أم‬
‫فضة "نقود"‪ ،‬أم كانت بقراً أم غنماً‪ ،‬أم غير ذلك من أنواع األموال المتوفرة عندهم‪ ،‬بغض ألنظر عن مساواة ذلك المقدار الذي يدفعونه‬
‫لقيمة المائة من اإلبل‪ ،‬أو عدم مساواته لقيمتها‪.‬‬
‫وهناك سبب ثالث لخالﻑ الفقهاء حول مقدار الدية‪ ،‬هو الكفر بألنسبة للذميين والمستأمنين‪ ،‬واألنوثة بألنسبة للمرأة‪ .‬وإليك فيما يلي آراء‬
‫فقهاء المذاهب األربعة واختالفاتهم حول مقدار الدية‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مذهب الحنفية‬
‫عشرة َآالﻑ دِرْ هَم فضَّة‪ ،‬أَو مائَة من اإلبل‪ ،‬كل َواحِ دَة أصل‪َ ،‬وه َُو‬
‫َ‬ ‫مِ ْقدَار ِديَة الرجل الحر المسلم عند أبي حنيفة‪ :‬ألﻑ دينار ذهبا‪ ،‬أَو‬
‫ظاهِر فِي قَول أبي حنيفَة‪ ،‬وهذه الثالثة أصناﻑ؛ اإلبل والذهب والفضة‪ ،‬هي أصول الدية عند أبي حنيفة كل واحد منها دفعه الجاني أجزأ‬ ‫ال َّ‬
‫عنه ‪ (.‬تحفة الفقهاء ج‪3‬ص‪)10‬‬

‫وعند صاحبيه أبي يُوسُﻑ َو ُم َح ّمد بن الحسن‪ :‬أن أصول الدية باألضافة إلى األصناﻑ الثالثة المذكورة؛ من ا ْلبَقر مِ ائَتَا بقرة‪َ ،‬ومن ا ْلغنم ألفا‬
‫شَاة‪َ ،‬ومن ا ْلحلَل مِ ائَتَا حلَّة‪ ،‬كل حلَّة ثَ ْو َبان‪ِ :‬إزَ ار ورداء‪ .‬فتكون أصول الدية عندهما ستة‪ ،‬يخالفان بذلك إمامهما أبي حنيفة ‪ (.‬تحفة الفقهاء‬
‫‪-‬ج‪- 3‬ص‪)106‬‬

‫الو ِرق عشرة‬‫واستدل الحنفية بما روي عن عمر بن الخطاب رضي للا عنه‪" :‬أنه جعل الدية على أهل اإلبل مائة من اإلبل‪ ،‬وعلى أهل َ‬
‫األﻑ درهم‪ ،‬وعلى أهل الذهب ألﻑ دينار‪ ،‬وعلى أهل الشاء ألفي شاة ُم ِسنّة فَتِيّة‪ ،‬وعلى أهل البقر مائتي بقرة‪ ،‬وعلى أهل ال ُحلَل مائتي‬
‫‪ُ .‬حلّة"‪( .‬أخرجه أبو داود حديث رقم (‪)4544‬عن عمرو بن شعيب)‬

‫وبما ورد من أصناﻑ في هذا األثر عن عمر أخذ أبو يوسﻑ ومحمد‪ ،‬وأما أبو حنيفة‪ :‬فقد أخذ منه اإلبل والذهب والفضة فقط‪ ،‬معالل‬
‫ذلك بقوله‪ :‬إنما أخذ عمر رضي للا عنه بذلك ألنه كانت أموالهم‪ ،‬فلما صارت الدواوين‪ ،‬واألعْطِ َية‪ ،‬جعل أموالهم الدراهم والدنانير‬
‫واإلبل‪.‬‬

‫وأما بألنسبة لتصنيﻑ إبل ال ِديَة من حيث أسنانها عند الحنفية‪ ،‬فإن دية شبه ا ْلعمد "المغلظة" عند أبي حنيفَة وأبي يُوسُﻑ‪ :‬أَربَاعًا؛ خمس‬
‫عة‪ (.‬تحفة الفقهاء‪ :‬ج‪3‬ص‪)107‬‬ ‫َو ِع ْش ُرونَ بنت َمخَاض‪َ ،‬وخ ْمس َو ِع ْش ُرونَ بنت لبون‪َ ،‬وخ ْمس َو ِع ْش ُرونَ حقة‪َ ،‬وخ ْمس َو ِع ْش ُرونَ َجذَ َ‬

‫ت لَبُون‪،‬‬
‫وخمس وعشرون بنا ِ‬
‫ٌ‬ ‫عةً‪،‬‬
‫وخمس وعشرونَ َجذَ َ‬
‫ٌ‬ ‫خمس وعشرون حِ قَّةً‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ودليهما ما روي عن ابن مسعود قال‪" :‬في شب ِه العم ِد‬
‫ت مخاض"‪( .‬سنن أبي داود‪ :‬رقم(‪)4552‬باب الدية كم هي – ج‪- 6‬ص‪)611‬‬ ‫وخمس وعشرون بنا ِ‬
‫ٌ‬
‫عة‪َ ،‬وأَرْ بَعُونَ َما بَين ثنية إِلَى‬
‫َوخالفهما ُم َح َّمد بن الحسن فِي ذلك حيث يري ‪ :‬أن دية شبه ا ْلعمد "المغلظة" أثالثا؛ ثَ َالثُونَ حقة‪َ ،‬وثَ َالثُونَ َجذَ َ‬
‫ع ْن ُهم أجمعين‪( .‬انظر المصنﻑ في‬ ‫ضي للا َ‬ ‫ي والمغيرة َر ِ‬ ‫سى ْاأل َ ْش َع ِر ّ‬
‫بازل عامها كل َها خلقَة‪َ ،‬واستند في ذلك على قَول عمر َوأبي ُمو َ‬
‫األحاديث واألثار‪ :‬أبو بكر بن أبي شيبة‪)،‬‬

‫وير الحنفية أن الدية ال تتغلّظ ّإال في اإلبل; ِألَنَّهُ لَ ْم يَ ِر ِد ألنصُّ بِالتَّ ْغلِيظِ إِ َّال فِي َها َو َال يُ ْع َر ُ‬
‫ﻑ ذَلِكَ ‪ -‬أي التغليظ ‪ -‬إِ َّال نَصًّا ‪( .‬األختيار‬
‫لتعليل المختار‪ :‬عبد اللها بن محمود بن مودود الموصلي البلدحي)‬

‫عشرون بنت َمخَاض‪َ ،‬و ِع ْش ُرونَ ابْن َمخَاض‪َ ،‬و ِع ْش ُرونَ بنت لبون‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َوأما أسنان المائة من اإلبل فِي ِديَة ا ْل َخ َ‬
‫طأ عند الحنفية فإِنَّ َها أخماسا؛‬
‫عة‪( .‬كنز الدقائق‪ :‬أبو البركات عبد اللها بن أحمد بن محمود حافظ الدين ألنسفي)‬ ‫َو ِع ْش ُرونَ حقة‪َ ،‬و ِع ْش ُرونَ َجذَ َ‬
‫عةً ‪َ ,‬و ِع ْش ُرونَ بَنَا ِ‬
‫ت َمخَاض‬ ‫سةُ أَ ْخ َم ٍ‬
‫اس ‪ِ ,‬ع ْش ُرونَ حِ قَّةً ‪َ ,‬و ِع ْش ُرونَ َجذَ َ‬ ‫واستندوا في ذلك على َ قَول ابْن َم ْسعُود‪ِ " :‬ديَةُ ا ْل َخ َ‬
‫ط ِأ َخ ْم َ‬
‫ُون ذُكُور"‪ٌ.‬‬
‫ُون ‪َ ,‬و ِع ْش ُرونَ بَنُو لَب ٍ‬
‫ت لَب ٍ‬
‫َو ِع ْش ُرونَ بَنَا ِ‬

‫الرجل‪ ،‬في ألنفس وفيما دونها ‪ ( .‬البناية شرح الهداية‪ :‬أبو محمد محمود بن أحمد‬
‫وأما دية المرأة عند األحناﻑ فهي على ألنصﻑ من دية ّ‬
‫بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابى الحنفي بدر الدين العيني)‬

‫َّللا تَعَالَى َ‬
‫ع ْنهُ قال‪ :‬قال رسول للا‬ ‫ي َّ ُ‬‫ض َ‬
‫واستدلوا على ذلك بما روي مرفوعا إلى ألنبي ‪،‬عن معاذ بن جبل َر ِ‬
‫)"دية المرأة على ألنصﻑ من دية الرجل"‪ (.‬أخرجه البيهقي حديث رقم (‪))16305‬‬

‫َّللا تَ َعالَى َ‬
‫ع ْنهُ قال‪" :‬عقل المرأة على ألنصﻑ من عقل الرجل في ألنفس وفيما‬ ‫ي َّ ُ‬‫ض َ‬
‫وبما روي موقوفا عن علي بن أبي طالب َر ِ‬
‫دونها"‪( .‬سنن البيهقي رقم (‪))16309‬‬

‫واستدلوا كذلك بالقياس كما جاء في كتاب األختيار لتعليل المختار‪:‬‬

‫الر ُج ِل فَ َكذَلِكَ ال ِ ّد َيةُ"‪( .‬األختيار لتعليل المختار‪. -‬ج‪5‬ص‪.)36‬‬


‫علَى ألنصْﻑِ مِ نَ َّ‬ ‫" َو ِألَنَّ َها فِي ا ْلمِ َ‬
‫يراثِ‪َ ،‬وال َّ‬
‫ش َها َدةِ َ‬

‫وأما دية أهل الذمة من أهل الكتاب وغيرهم‪ ،‬فإنها عند الحنفية‪ :‬مثل دية المسلمين رجالهم كرجالهم‪ ،‬ونساؤهم كنسائهم‪ ،‬وهذا ألنهم بعقد‬
‫الذمة التزموا أحكام األ سالم فيما يرجع إلى المعامالت‪ ،‬فيثبت فيما بينهم من الحكمة ما هو ثابت بين المسلمين‪ ،‬وديتهم مثل دية أحرار‬
‫ب أَ ْن يَ ِج َ‬
‫ب‬ ‫ب أَ ْن يَكُونُوا ُم ْل َحقِينَ بِا ْل ُم ْسلِمِ ينَ ‪ ،‬ف ََو َج َ‬ ‫صو ُمونَ ُمتَقَ ّ ِو ُمونَ ِ ِإلحْ َر ِاز ِه ْم أَ ْنفُ َ‬
‫س ُه ْم بِالد َِّار‪ ،‬ف ََو َج َ‬ ‫"و ِألَنَّ ُه ْم َم ْع ُ‬
‫المسلمين‪ .‬قال الزيلعي‪َ :‬‬
‫صو َمةً ُمتَقَ ّ ِو َمةً َي ِجبُ ِبإِتْ َال ِف َها َما َي ِجبُ ِبإِتْ َالﻑِ َما ِل ا ْل ُم ْس ِل ِم‪،‬‬
‫َ ْ ُ‬ ‫ع‬‫م‬ ‫َتْ‬ ‫ن‬‫َا‬
‫ك‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫م‬‫ه‬
‫ْ َ ُ ْ َّ‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫و‬ ‫م‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫نَّ‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫ي‬‫َر‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬
‫ال‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ينَ‪،‬‬ ‫ل‬
‫ُ ِمِ‬‫س‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫ُوا‬ ‫ن‬‫َا‬‫ك‬ ‫و‬‫ِبقَتْ ِل ِه ْم َما َي ِجبُ ِبقَتْ ِل ِه ْم أَ ْن لَ ْ‬
‫ظنُّك فِي أَ ْنفُ ِس ِه ْم"‪( .‬لمبسوط‪ :‬محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس األئمة السرخسي)‪.‬‬
‫فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي أَ ْم َوا ِل ِه ْم فَ َما َ‬

‫سلَّ َمةٌ ِإلَى أَ ْه ِل ِه"‪( .‬سورة ألنساء اآلية ‪)92‬‬


‫واستدل الحنفية على ذلك بقوله تعالى‪َ ":‬و ِإ ْن كَانَ مِ ْن قَ ْو ٍم َب ْينَكُ ْم َو َب ْينَ ُه ْم مِيثَا ٌق فَ ِد َيةٌ ُم َ‬
‫واستدلوا كذلك بق َْو ِل ِه ‪.‬حيث رأوا أن المراد منه ما هو المراد من قوله في قتل المؤمن؛ ودية مسلمة إلى أهله ‪.‬‬

‫َار"‪( .‬أخرجه أبو داوود في المراسيل رقم ( ‪ ) 264‬عن سعيد بن المسيب)‬ ‫ع ْه ِد ِه أَ ْل ُ‬


‫ﻑ دِين ٍ‬ ‫" ِد َيةُ كُ ِّل ذِي َ‬
‫ع ْه ٍد فِي َ‬
‫و بما رواه ابن عباس أن رسول للا‪ ":‬ود العامريين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري‪ ،‬وكانا مستأمنين عند رسول للا ‪،‬بدية حرين‬
‫مسلمين"‪( .‬أخرجه الترمذي بالرقم(‪ )1404‬انظر سنن الترمذي ‪ -‬ج‪- 4‬ص‪.)2‬‬

‫وبما روي عن أبي بكر وعمر رضي للا عنهما أنهما قاأل‪" :‬دية الذمي مثل دية الحر المسلم"‪.‬‬
‫وبما روي عن علي رضي للا عنه قوله‪ " :‬إنما أعطيناهم الذمة وبذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموألنا"‪.‬‬
‫(المبسو ط ‪-‬ج‪- 26‬ص‪. 152-150‬واألختيار ‪ -‬ج‪ - 5‬ص‪.)36.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مذهب المالكية‬


‫الدية عند المالكية تدفع من ثالثة أنواع من أال موال؛ إبل‪ ،‬وذهب‪ ،‬وفضة‪ ،‬ال يؤخذ مما سو ذلك من عروض‪ ،‬وال حيوان‪ ،‬وال غير ذلك‪،‬‬
‫وهي من اإلبل مائة‪ ،‬ومن الذهب ألﻑ دينار‪ ،‬ومن الورق اثني عشر ألﻑ درهم ‪( .‬لقبس في شرح موطأ مالك بن أنس‪ :‬القاضي محمد بن‬
‫عبد اللها أبو بكر بن العربي)‬
‫"ال يُ ْقبَ ُل مِ ْن أَ ْه ِل ‪.‬‬
‫وكل نوع من هذه أالنواع الثالثة هو أصل في الدية قائم بذاته‪ ،‬ال يجوز أن يقوم نوع آخر مقامه‪ ،‬جاء في التمهيد‪َ :‬‬
‫ق ِإ َّال ا ْل َو ِر ُق"‪( .‬التمهيد لما في الموطأ من المعاني وأالسانيد)‬
‫ب ِإ َّال الذَّهَبُ ‪َ ،‬و َال مِ ْن أَ ْه ِل ا ْل َو ِر ِ‬
‫اإلبل ِإ َّال اإلبل‪َ ،‬و َال مِ ْن أَ ْه ِل الذَّهَ ِ‬
‫واستند المالكية في ذلك على فعل عمر بن الخطاب رضي للا عنه‪ ،‬في أنه قضى على أهل اإلبل مائة‪ ،‬وعلى أهل الذهب ألﻑ دينار‪،‬‬
‫الورق اثنا عشر ألﻑ درهم ‪.‬‬
‫وعلى أهل ِ‬
‫ُون‪َ ،‬و ِع ْش ُرونَ حِ قَّةً‪،‬‬
‫َاض‪َ ،‬و ِع ْش ُرونَ ابْنَ لَب ُْو ٍن‪َ ،‬و ِع ْش ُرونَ بِ ْنتَ لَب ٍ‬
‫وأما دية الخطأ عند المالكية فهي خمسة أخماس؛ ِع ْش ُرونَ بِ ْنتَ َمخ ٍ‬
‫عةً‪.‬‬
‫َو ِع ْش ُرونَ َجذَ َ‬
‫ي ٌء َولَ ِكنَّهُ‬
‫ش ْ‬ ‫ع ْن َ‬
‫صاحِ بي َ‬ ‫ار َولَي َ‬
‫ْس فِي ِه َ‬ ‫س ٍ‬‫غ ْن سُلَ ْي َمانَ ب ِْن يَ َ‬
‫ي َ‬
‫مر ِو َ‬
‫واستدل المالكية على ذلك بعمل أهل المدينة‪ ،‬قال ابن عبد البر‪" :‬وهو ُ‬
‫علَ ْي ِه أَ ْه ُل ا ْل َمدِينَ ِة"‪( .‬التمهيد لما في الموطأ من المعاني وأالسانيد‪-‬ج‪17‬ص‪.)355‬‬
‫َ‬
‫س َو ِع ْش ُرونَ حِ قَّةً‪،‬‬ ‫ُون‪َ ،‬و َخ ْم ٌ‬ ‫س َو ِع ْش ُرونَ بِ ْنتَ َلب ٍ‬ ‫َاض‪َ ،‬و َخ ْم ٌ‬ ‫س َو ِع ْش ُرونَ بِ ْنتَ َمخ ٍ‬ ‫وأما ِديَةَ ا ْلعَ ْم ِد إِذَا ُقبِ َلتْ عند المالكية فإنها أَرْ بَاعًا؛ َخ ْم ٌ‬
‫عةً‪ ،‬وهذا المقدار والتقسيم إللبل في دية العمد ليس ملزما عند المالكية‪ ،‬فيمكن أن يزيد ويمكن أن ينقص حسب اتفاق‬ ‫س َو ِع ْش ُرونَ َجذَ َ‬ ‫َو َخ ْم ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ْس ِع ْن َد َمالِكٍ فِي قَت ِل العَ ْم ِد ِديَة َم ْعلو َمة َوإِنَّ َما فِي ِه‬ ‫َ‬
‫القاتل وأولياء الدم‪ ،‬ألن القتل العمد ليس له دية معلومة عند هم‪ .‬قَا َل ابن عبد البر‪" :‬لي َ‬
‫علَى ال ِ ّديَ ِة‬ ‫ع ْمدًا َ‬ ‫ع ِن ا ْلقَاتِ ِل َ‬‫ِي َ‬
‫َ‬ ‫ف‬‫ع‬
‫ُ‬ ‫و‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ِ‪،‬‬ ‫ه‬‫ن‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ل‬
‫ِكَ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫علَى ال ِ ّديَ ِة َوأَ ْب َه ُموا ذَلِكَ َولَ ْم يَ ْذكُ ُروا َ‬
‫ش ْيئًا مِ‬ ‫ي ا ْل َم ْقتُو ِل َ‬
‫ع ْم ًدا َو َو ِل ُّ‬ ‫طلَ َح ا ْلقَاتِ ُل َ‬
‫ص َ‬ ‫ا ْلق ََودُ‪ ،‬فَإِ ِن ا ْ‬
‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ﻑ دِين ٍَار‪َ ،‬وإِن كَانَ مِ ن أه ِل ال َو ِر ِ‬ ‫ْ‬
‫ب فأل ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫عل ْي ِه حِ ينَئِ ٍذ َحالة فِي َما ِل ِه أرْ بَاعًا‪َ ،‬وإِن كَانَ مِ ن أه ِل الذهَ ِ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫نَّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫هَ َكذَا َوكَانَ مِ ْن أه ِل اإلبل‪ ،‬فإِ ال ِ ّديَة تَكو ُن َ‬
‫ُ‬
‫علَ ْي ِه"( أالستذكار‪:‬‬ ‫طلَ َحا َ‬ ‫ص َ‬ ‫يءٍ فَيَلزَ ُم ُه َما َما ا ْ‬ ‫ْ‬ ‫ش ْ‬‫علَى َ‬ ‫ط ِل َحا َ‬ ‫ص َ‬ ‫َ‬
‫َص مِ ْنهُ‪ ،‬إِ َّال أ ْن يَ ْ‬
‫علَى ذَلِكَ َو َال يُ ْنق ُ‬ ‫ﻑ دِرْ ه ٍَم‪َ ،‬حالَّةٌ فِي َما ِل ِه َال يُزَ ا ُد َ‬ ‫عش ََر أَ ْل َ‬‫فَاثْنَا َ‬
‫أبو عمر يوسﻑ بن عبد اللها بن محمد بن عبد البر بن عاصم ألنمري القرطبي)‬
‫والدليل عند المالكية على أنه ليس للقتل العمد دية معلومة هو قوله تعالى‪:‬‬
‫ان"‪( .‬سورة البقرة أالية‪)178‬‬
‫س ٍ‬‫ي ٌء فَاتِّ َباعٌ ِبا ْل َم ْع ُروﻑِ َوأَدَا ٌء ِإلَ ْي ِه ِبإِحْ َ‬ ‫ِي لَهُ مِ ْن أَخِ ي ِه َ‬
‫ش ْ‬ ‫فَ َم ْن عُف َ‬
‫وشيء نكرة يقع على القليل والكثير ‪.‬‬
‫غي َْر‪َ ،‬و َال تُغَلَّظُ ال ِ ّد َيةُ عندهم فِي َ‬
‫غي ِْر ذلك‪،‬‬ ‫ب فِي َق ْت ِل ِه ابنه‪َ ،‬و َك َذلِكَ ا ْل َج ُّد َال َ‬
‫ع َلى ْاأل َ ِ‬
‫وأما الدية "المغلظة" عند المالكية فإنها ال تكون أال َ‬
‫وتكون من اإلبل أثالثا؛ ثالثون حقة‪ ،‬وثالثون جذعة‪ ،‬وأربعون خلفة؛ وهي الحوامل‪ ،‬وتغليظ الدية على أهل الذهب والفضة فيه روايتان‬
‫عند المالكية‪ :‬إحداهما‪ :‬أنها ال تغلظ وال تؤخذ منهم زيادة على ما يؤخذ في دية الخطأ والعمد‪ ،‬والثانية‪ :‬أنها تغلظ‪ ،‬وفي كيفية تغليظها‬
‫روايتان‪ :‬إحداهما‪ :‬أنه يلزمه من الذهب أو الفضة قيمة اإلبل مغلظة ما بلغت‪ ،‬ما لم ينقص عن ألﻑ دينار‪ ،‬أو اثني عشر ألﻑ درهم‪.‬‬
‫والرواية أالخر ‪ :‬أنه ينظر قدر ما بين دية الخطأ والتغليظ فيحصل جزاء زائدًا على دية الذهب والورق ‪ (.‬لمعونة على مذهب عالم‬
‫المدينة "أالمام مالك بن أنس"‪ :‬أبو محمد عبد الوهاب البغدادي المالكي)‬
‫شعَ ْيبٍ‪" :‬أَنَّ َرج ًُال مِ ْن بَنِي ُم ْدلِجٍ يُقَا ُل لَهُ قَتَا َدة ُ‪،‬‬ ‫ع ْم ِرو ب ِْن ُ‬‫ع ْن َ‬ ‫واستدل المالكية على حصر الدية المغلظة في قتل أالب البنه فقط ‪ ،‬بما روي َ‬
‫ب‪ ،‬فَذَك ََر ذَلِكَ لَهُ‪ ،‬فَقَا َل لَهُ عُ َم ُر‪ :‬ا ْع ُد ْد‬ ‫طا ِ‬ ‫علَى عُ َم َر ب ِْن ا ْل َخ َّ‬
‫ي فِي جُرْ حِ ِه فَ َماتَ ‪ ،‬فَقَد َِم س َُراقَةُ ْب ُن ُج ْعش ٍُم َ‬ ‫ساقَهُ‪ ،‬فَن ُِز َ‬
‫اب َ‬‫ص َ‬ ‫سيْﻑِ ‪ ،‬فَأ َ َ‬ ‫َحذَ َ‬
‫ﻑ ا ْبنَهُ ِبال َّ‬
‫عة‪ً،‬‬‫ب‪ ،‬أَ َخذَ مِ ْن تِ ْلكَ اإلبل ثَ َالثِينَ حِ قَّةً‪َ ،‬وثَ َالثِينَ َجذ ََ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عليْكَ ‪ ،‬فَل َّما قد َِم إِل ْي ِه عُ َم ُر ْب ُن ال َخطا ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِير َحتى أقد ََم َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫علَى َماءِ ق َد ْي ٍد ِعش ِرينَ َومِ ائَة بَع ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫يء"‪ (.‬موطأ أالمام مالك)‬ ‫ش ْ‬
‫ْس ِلقَاتِ ٍل َ‬ ‫َوأَرْ بَعِينَ َخ ِلفَةً‪ ،‬ث ُ َّم قَالَ‪" :‬أَيْنَ أَخُو ال َم ْقتُو ِل؟" قَا َل‪ :‬هَأنَذَا‪ ،‬قَالَ‪ُ :‬خ ْذهَا فَإِنَّ َرسُو َل َّ ِ‬
‫َّللا فالَ‪" :‬لَي َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬

‫ودية المرأة عند المالكية‪ :‬على ألنصﻑ من دية الرجل في ألنفس‪ ،‬لقوله‪ ":‬دية المرأة على نصﻑ من دية الرجل"‪.‬‬
‫وأما دية جراحها فإنها تساوي الرجل فيما دون ثلث الدية‪ ،‬ويرجع إلى حساب ديتها فيما زاد على ذلك‪ ،‬فإذا قطع لها أصبع أو أصبعان أو‬
‫ثالثة على سبيل المثال‪ :‬أخذت ثالثين من اإلبل فإن قطع لها أربع أصابع أخذت عشرين بحساب ديتها‪ ،‬واستند المالكية في قولهم‪ :‬مساواة‬
‫المرأة ل لرجل في دية الجراح فيما دون الثلث‪ ،‬إلى إجماع أهل المدينة ‪ ،‬ويروي المالكية في ذلك كيﻑ أن سعيد بن المسيب‪ ،‬أغلظ القول‬
‫لربيعة بن أبي عبد الرحمن‪ ،‬لما سأله عن ذلك وحاجه من طريق المقايسة‪ ،‬فقال أعراقي أنت؟ لما قال له‪ :‬أحين عظمت مصيبتها واشتد‬
‫جراحها قل عقلها فقال‪ :‬هي السنة‪.‬‬

‫ص َحابُ ا ْل َجنَّ ِة"‪ (.‬سورة‬


‫ار َوأَ ْ‬ ‫"ال َي ْستَ ِوي أَ ْ‬
‫ص َحابُ ألن ِ‬ ‫ودية أهل الذمة عند المالكية على ألنصﻑ من دية المسلمين‪ .‬واستدلوا بق َْوله تَ َعالَى‪َ :‬‬
‫الحشر أالية‪.)20‬‬

‫واستدلوا كذلك بقوله‪ ":‬فِي ألن ْف ِس ا ْل ُمؤْ مِ نَ ِة مِ ائَةٌ مِ نَ اإلبل "‪( .‬السنن الصغير للبيهقي)‬
‫ْﻑ ِديَ ِة ا ْلح ُّر"‪ (.‬المعجم‬
‫ْﻑ ِديَ ِة ا ْل ُم ْسل ِِم" َوفِي رواية‪ِ " :‬ديَةُ ا ْل ُمعَا ِه ِد نِص ُ‬
‫سلَّم قوله‪ِ " :‬ديَةُ ا ْل ُمعَا ِه ِد نِص ُ‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ ُ‬
‫َّللا َ‬ ‫ي َ‬‫ع ِن ألنبِ ِّ‬
‫وبما روي َ‬
‫أالوسط)‪.‬‬
‫ع ْق ِل ا ْل ُم ْسلِمِ ينَ "‪ (.‬مسند أالمام أحمد بن حنبل)‬
‫ْﻑ َ‬ ‫ع ْق َل أَ ْه ِل ا ْل ِكتَا ِ‬
‫ب نِص ُ‬ ‫ضى أَنَّ َ‬
‫ي عنه‪" :‬أنه قَ َ‬
‫َوبما ُر ِو َ‬
‫َاألُنُوثَة‪.‬‬ ‫َو ِألَنَّهُ نَ ْقصٌ فَيُؤْ ثَ ُر ألنص ُ‬
‫ْﻑ ك ْ‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مذهب الشافعية‬
‫صلُ؛ فَإِذَا‬
‫ليس لمقدار الدية عند الشافعية أال أصل واحد هو مائة من اإلبل‪ ،‬فإن أعوزت فقيمتها بالدراهم والدنانير‪ ،‬فاإلبل إنَّ َما هي أال ْ‬
‫ب ا ْل َو ْقتِ‪ ،‬من نقد البلد‪ ،‬بالغة ما بلغت‪ (.‬الحاوي في فقه الشافعي)‪.‬‬ ‫ظ ُر فِي بَ َد ِل َها‪َ ،‬وه َُو ا ْلقِي َمةُ بِحِ َ‬
‫سا ِ‬ ‫عُ ِد َمتْ َو ْقتَ ا ْل ُوجُو ِ‬
‫ب‪ ،‬فَحِ ينَئِ ٍذ يُ ْن َ‬

‫واستدلوا بما روي عمرو بن حزم ‪" :‬أن ألنبي ‪،‬كتب إلى أهل اليمن كتابا ً فيه الفرائض‪ ،‬والسنن‪ ،‬وأن في ألنفس مائة من اإلبل"‪.‬‬

‫ظةٌ‪ ،‬مِ ْن َها أَرْ بَعُونَ َخ ِلفَةً فِي بُطُونِ َها أَ ْوال ُدهَا"‪ (.‬مسند‬
‫صا مِائَةً مِ نَ اإلبل ُمغَلَّ َ‬
‫ط ِأ بِالس َّْوطِ َوا ْل َع َ‬
‫وبما روي عنه أنه قال‪" :‬أال ِإنَّ فِي قَتْ ِل ا ْل َع ْم ِد ا ْل َخ َ‬
‫أالمام الشافعي)‬
‫وهذا يدل على أنه ال يجوز العدول عنها إلى غيرها ‪ (.‬البيان في مذهب أالمام الشافعي)‬

‫واستدلوا أيضا بما رو عمرو بن شعيب‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ :‬أنه قال‪ :‬كانت قيمة الدية على عهد رسول للا" ثمانمائة دينار‪ ،‬وفي رواية‪:‬‬
‫ع ْنهُ وأرضاه‪ ،‬فغلت اإلبل‪ ،‬فصعد المنبر خطيباً‪ ،‬وقال أال إن اإلبل قد‬
‫َّللا َ‬
‫ثمانية أالﻑ درهم‪ ،‬فكانت كذلك إلى أن استخلﻑ عمر رضي َّ ُ‬
‫غلت‪ ،‬ففرض الدية‪ :‬على أهل الذهب ألﻑ دينار‪ ،‬وعلى أهل الورق اثني عشر ألﻑ درهم"‪( .‬خرجه أبو داود حديث رقم‪)4544‬‬

‫َّللا‬
‫ي َّ ُ‬‫ض َ‬
‫فموضع الدليل من الخبر أنه قال‪ :‬كانت قيمة الدية على عهد رسول للا كذا وكذا‪ ،‬فدل على أن الواجب هو اإلبل‪ ،‬وألن عمر َر ِ‬
‫ع ْنهُ وأرضاه قال‪" :‬أال إن اإلبل قد غلت"‪ ،‬وفرض عليهم ألﻑ دينار أو اثني عشر ألﻑ درهم‪ ،‬فتعلق بغالء اإلبل‪ ،‬فدل على أن ذلك من‬ ‫َ‬
‫طريق القيمة؛ ألن ما وجبت قيمته اختلﻑ بالزيادة والنقصان‪ ،‬ولم يخالفه أحد من الصحابة ‪.‬‬
‫وعلى ذلك فإن كل ما ورد من أصناﻑ في مقدار الدية من غير اإلبل‪ ،‬حمله الشافعية على أنه من قبيل القيمة‪ ،‬وعليه فإنه ال يكون للدية‬
‫عندهم اال أصل واحد وهو اإلبل‪.‬‬
‫عةً‪َ ،‬وأَرْ َبعون خِ ْلفَةً‪،‬‬ ‫وأما أَ ْسنَا ُن اإلبل فِي دية ا ْل َع ْم ِد المحض َأو ِش ْب ِه ا ْل َع ْم ِد "المغلظة" عند الشافعية فهي أثالثا؛ ثَ َال َ‬
‫ثون حِ قَّةً‪َ ،‬وثَ َالثون َجذَ َ‬
‫ِي ا ْل َحامِ ُل مِ ْن اإلبل ‪( .‬األم‪ :‬الشافعي أبو عبد اللها محمد بن إدريس بن العباس)‬ ‫َوا ْل َخ ِلفَةُ ه َ‬
‫واستدلوا بما روي عن النبي أنه قال يوم فتح مكة‪" :‬اال إن في قتيل العمد الخطأ بالسوط والعصا مائة من اإلبل‪ ،‬منها أربعون خلفة‪ ،‬في‬
‫بطونها اوالدها‪ (.‬أخرجه الشافعي عن ابن عمر انظراألم)‬
‫اع َوثُلُ ُ‬
‫ث َما بَيْنَ ثَنِيَّ ٍة إلَى‬ ‫ق َوثُلُ ُ‬
‫ث ِجذَ ٍ‬ ‫ث حِ قَا ٍ‬ ‫طأ ُ ِش ْبهُ ا ْلعَ ْم ِد بِا ْل َخ َ‬
‫شبَ ِة َوا ْل َح َج ِر الض َّْخ ِم ثُلُ ُ‬ ‫ع ْنهُ أنه قَالَ‪" :‬ا ْل َخ َ‬
‫َّللا َ‬
‫ي َّ ُ‬‫ض َ‬
‫ي َر ِ‬ ‫ع ْن َ‬
‫ع ِل ٍّ‬ ‫وبما روي َ‬
‫عا ُّم َها كُلُّ َها خِ ْلفَةٌ"‪( .‬أخرجه الشافعي في االم)‬ ‫از ٍل َ‬
‫َب ِ‬

‫الرحِ ِم‪َ ،‬و َال تُغَلَّظُ فِي َما سِو َ‬


‫ي‬ ‫ش ْه ِر ا ْل َح َر ِام‪َ ،‬وا ْلبَلَ ِد ا ْل َح َر ِام‪َ ،‬وقَتْ ِل ِذي َّ‬
‫طأِ‪َ ،‬وا ْلقَتْ ِل فِي ال َّ‬
‫َوتَ ْغلِيظُ ال ِ ّديَ ِة عند الشافعية يكون فِي ا ْلعَ ْمدِ‪َ ،‬وا ْلعَ ْم ِد ا ْل َخ َ‬
‫هَؤ َُالءِ ‪(.‬األم المام الشافعي)‬

‫ُون‪َ ،‬و ِع ْش ُرونَ ابْنَ لَب ٍ‬


‫ُون‬ ‫َاض‪َ ،‬و ِع ْش ُرونَ بِ ْنتَ لَب ٍ‬ ‫اس؛ ِع ْش ُرونَ بِ ْنتَ َمخ ٍ‬ ‫ط ِأ عند الشافعية فهي أَ ْخ َم ٌ‬ ‫وأما أسنَا ُن المائة من اإلبل فِي دية ا ْل َخ َ‬
‫ار أَنَّ ُه ْم كَانُوا يَقُولُونَ ِديَةُ ا ْل َخ َ‬
‫ط ِأ ِع ْش ُرونَ بِ ْنتَ َمخ ٍ‬
‫َاض‬ ‫س ٍ‬ ‫عةً‪ .‬واستدلوا بما روي َ‬
‫ع ْن سُلَ ْي َمانَ ب ِْن يَ َ‬ ‫ذكر‪َ ،‬و ِع ْش ُرونَ حِ قَّةً‪َ ،‬و ِع ْش ُرونَ َجذَ َ‬
‫عةً ‪.‬‬
‫ُون ذَك ٍَر َو ِع ْش ُرونَ حِ قَّةً َو ِع ْش ُرونَ َجذ ََ‬
‫ُون َو ِع ْش ُرونَ ابْنَ لَب ٍ‬
‫َو ِع ْش ُرونَ ِب ْنتَ لَب ٍ‬
‫وأما دية المرأة عند الشافعية‪ ،‬فإنها على النصﻑ من دية الرجل‪ ،‬في النفس والجراح‪ ،‬ودليلهم ما روي عن النبي أنه قال‪" :‬ودية المرأة‬
‫نصﻑ دية الرجل"‪.‬‬

‫الر ُج ِل َو َذلِكَ َخ ْمسُونَ مِ ْن اإلبل‪،‬‬


‫ْﻑ ِديَ ِة َّ‬‫َّللا تَ َعا َلى‪َ " :‬ل ْم أَ ْع َل ْم ُمخَا ِل ًفا مِ ْن أَ ْه ِل ا ْل ِع ْل ِم َقدِي ًما َو َال َحدِيثًا فِي أَنَّ ِديَ َة ا ْل َمرْ أَةِ نِص ُ‬
‫ي َرحِ َمهُ َّ ُ‬ ‫َقا َل ال َّ‬
‫شافِ ِع ُّ‬
‫الر ُج ِل َوفِي َجمِ يعِ ِج َراحِ َها بِ َهذاَ‬
‫وض َح ِة َّ‬
‫ْﻑ َما فِي ُم ِ‬ ‫وض َحتِ َها نِص ُ‬
‫ِﻑ‪ ،‬ففِي ُم ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫الر ُج ِل فِي ِديَتِ ِه ال تَختل ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َو ِج َرا ُح ال َمرْ أةِ فِي ِديَتِ َها ك َِج َراحِ َّ‬
‫ب"‪.‬‬ ‫سا ِ‬ ‫ا ْلحِ َ‬
‫وأما دية الذمي والمستأمن والمعاهد عند الشافعية‪ ،‬فإنها ثلث دية المسلم‪.‬‬
‫واستدلوا بما روي عبادة بن الصامت أن النبي قال‪" :‬دية اليهودي والنصراني أربعة االﻑ درهم"‪.‬‬
‫ب‬
‫طا ِ‬‫ضى عُ َم ُر ْب ُن ا ْل َخ َّ‬ ‫ي رحمه للا تعالى‪" :‬فَقَ َ‬ ‫شافِ ِع ّ‬‫واستدلوا كذلك بفعل عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي للا عنهما‪ ،‬قَا َل ال َّ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ان إلى ُمدةٍ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬
‫ث ِديَ ِة ا ْل ُم ْسل ِِم‪ ،‬ثم قال‪ :‬فَ َم ْن قَتَ َل يَ ُهو ِديًّا أ ْو نَص َْرانِيًّا َخطأ‪َ ،‬و ِلل َمقتو ِل ِذ َّمة بِأ َم ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي بِثُلُ ِ‬‫ي َوالنَّص َْرانِ ِّ‬‫عفَّانَ ‪ :‬فِي ِديَ ِة ا ْليَ ُهو ِد ِّ‬
‫َوعُثْ َما ُن ْب ُن َ‬
‫ث ِديَ ِة ا ْل ُم ْسل ِِم‪َ ،‬وذَلِكَ ثَ َال ٌ‬
‫ث َوثَ َالثُونَ مِ ْن اإلبل َوثُلُ ٌ‬
‫ث"‪.‬‬ ‫ت أَ َمانِ ِه مِ ْن ا ْل ُم ْسلِمِ ينَ ‪ ،‬فَعَلَ ْي ِه ثُلُ ُ‬
‫ع ٍة فَقَتَلَهُ فِي َو ْق ِ‬
‫سا َ‬ ‫طاءِ ِج ْزيَةٍ‪ ،‬أَ ْو أَ َم ِ‬
‫ان َ‬ ‫اَ ْو ِذ َّمةٌ بِإِ ْع َ‬
‫(األم المام الشافعي)‬
‫المطلب الرابع‪ :‬مذهب الحنابلة‬
‫ﻑ دِرْ ه ٍَم فضة‪ ،‬فَ َه ِذ ِه‬ ‫عش ََر أَ ْل َ‬
‫ﻑ مِ ثْقَا ٍل ذهب‪ ،‬أَ ِو اثْنَا َ‬ ‫مقدار ِديَ ُة ا ْلح ِ ُّر ا ْل ُم ْسل ِِم عند الحنابلة؛ مِ ائَ ٌة مِ نَ اإلبل‪ ،‬أَ ْو مِ ائَتَا بَق ََرةٍ‪ ،‬أَ ْو أَ ْلفَا شَاةٍ‪ ،‬أَ ْو أَ ْل ُ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫س َوا ٌء كَانَ مِ ن أه ِل ذلِكَ الن ْوعِ‪ ،‬أ ْو ل ْم يَكن; ِألن َها‬ ‫ش ْيئًا مِ ْن َها لَ ِز َم قَبُولُهُ‪ ،‬بِغَي ِْر خِ َالﻑٍ ‪َ ،‬‬ ‫علَ ْي ِه ال ِ ّديَةُ َ‬ ‫صو ٌل فِي ال ِ ّديَ ِة إِذَا أَحْ َ‬
‫ض َر َم ْن َ‬ ‫س؛ أ ُ ُ‬
‫ا ْل َخ ْم ُ‬
‫ارةِ ‪.‬‬ ‫ْ‬
‫صا ِل ال َكفَّ َ‬
‫علَ ْي ِه َكخِ َ‬ ‫ت الخِ يَ َرة ُ إِلَى َم ْن َو َجبَتْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ئ َواحِ ٌد مِ ْن َها‪ ،‬فَكَانَ ِ‬ ‫ب يُجْ ِز ُ‬
‫اج ِ‬ ‫ْ‬
‫صو ٌل فِي قَضَاءِ ال َو ِ‬‫أُ ُ‬
‫َار"‪.‬‬ ‫ق أَ ْل ُ‬
‫ﻑ دِين ٍ‬ ‫علَى أَ ْه ِل ا ْل َو ِر ِ‬
‫َب ِإلَى أَ ْه ِل ا ْل َي َم ِن‪َ " :‬و ِإنَّ فِي النَّ ْف ِس ا ْل ُمؤْ مِ نَ ِة مِ ائَةٌ مِ نَ اإلبل‪َ ،‬و َ‬ ‫ع ْم ِرو ب ِْن َح ْز ٍم أَنَّ النَّ ِب َّ‬
‫ي َكت َ‬ ‫واستدلوا ب َما رواه َ‬
‫عش ََر أَ ْلفًا"‪ (.‬سنن أبي داود‪ :‬حديث رقم ‪)4548‬‬ ‫ي ِديَتَهُ اثْنَ ْ‬
‫ي َ‬ ‫َّاس‪» :‬أَنَّ َرج ًُال قُتِ َل فَ َجعَ َل النَّبِ ُّ‬
‫عب ٍ‬ ‫وبما روي اب ِْن َ‬
‫ع ْقلُهُ فِي ال َّ‬
‫شاءِ‬ ‫ع ْقلُهُ فِي ا ْل َبق َِر مِائَتَ ْ‬
‫ي َبق ََرةٍ‪َ ،‬و َم ْن كَانَ َ‬ ‫َّللا أَنَّ َم ْن كَانَ َ‬ ‫ع ْن أَ ِبيهِ‪َ ،‬‬
‫ع ْن َج ِ ّدهِ‪ ،‬قَالَ‪" :‬قَ َ‬
‫ضى َرسُو ُل َّ ِ‬ ‫ع ْم ِرو ب ِْن شُ َع ْيبٍ‪َ ،‬‬
‫َوبما رواه َ‬
‫ي شَاةٍ"‪( .‬المجتبى من السنن‪ :‬للنسائي – رقم‪)4801‬‬ ‫أَ ْلفَ ْ‬
‫وبما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‪" :‬أن عمر قام خطيبا فقال‪ :‬اال أن اإلبل قد غلت فقوم على أهل المذهب ألﻑ دينار وعلى أهل‬
‫الورق اثني عشر ألفا وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاة ألفي شاة وعلى أهل الحلل مائتي حلة"‪.‬‬
‫صلٌ‪َ ،‬وقَد ُْرهَا مِائَتَا ُحلَّ ٍة مِ ْن ُحلَ ِل ا ْل َي َم ِن‪ ،‬كُ ُّل‬
‫ستْ أَص ًْال فِي ال ِ ّد َيةِ‪ ،‬والرواية الثانية‪ :‬أَنَّ َها أَ ْ‬ ‫َوفِي ا ْل ُحلَ ِل عند الحنابلة ِر َوا َيت ِ‬
‫َان‪ِ :‬إحْ دَاهُ َما‪ :‬أنها لَ ْي َ‬
‫ث عُ َم َر المذكور أعاله‪.‬‬ ‫َان‪ ،‬وهي الراجحة عندهم ِل َحدِي ِ‬ ‫ُحلَّ ٍة بُرْ د ِ‬
‫علَى اإلبل َو ِإ َّال ا ْنتَقَ َل ِإلَ ْي َها‪ِ ،‬لق َْو ِل‬ ‫صةً‪َ ،‬وهَ ِذ ِه االصناﻑ المذكورة أَ ْبدَا ٌل َ‬
‫ع ْن َها‪ ،‬فَإِ ْن قَد ََر َ‬ ‫ِي ْاأل َ ْ‬
‫ص ُل خَا َّ‬ ‫عن االمام أحمد‪ :‬أَنَّ اإلبل ه َ‬ ‫َوروي َ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫صا مِ ائة مِ نَ اإلبل"‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫َّللا فِي قتِي ِل الس َّْوطِ َوالعَ َ‬
‫َرسُو ِل َّ‬
‫علَ ْي َها‬ ‫الر َوايَةُ ا ْقتَ َ‬
‫ص َر َ‬ ‫ض َها‪َ ،‬و َال يَتَ َحقَّ ُق هَذَا فِي َ‬
‫غي ِْر اإلبل‪ ،‬قال ابن مفلح‪َ :‬وهَ ِذ ِه ِ ّ‬ ‫ض َها َو َخفَّ َ‬
‫ﻑ بَ ْع َ‬ ‫ط ِأ فَغَلَّ َ‬
‫ظ بَ ْع َ‬ ‫َو ِألَنَّهُ ف ََّرقَ بَيْنَ ِديَ ِة ا ْلعَ ْمدِ‪َ ،‬وا ْل َخ َ‬
‫ص ُّح مِ ْن َحي ُ‬
‫ْث ال َّدلِي ِل ‪.‬‬ ‫ِي أَ َ‬‫ي‪َ ،‬وه َ‬ ‫ا ْلخِ َرقِ ُّ‬
‫س َو ِع ْش ُرونَ بِ ْنتُ لَب ٍ‬
‫ُون‪،‬‬ ‫ع ْمدٍ‪ ،‬فإن الدية عند الحابلة تكون أَرْ بَاعًا؛ َخ ْم ٌ‬
‫س َو ِع ْش ُرونَ بِ ْنتُ َمخ ٍ‬
‫َاض‪َ ،‬و َخ ْم ٌ‬ ‫ع ْمدًا أَ ْو ِش ْبهَ َ‬
‫فَإِ ْن كَانَ ا ْلقَتْ ُل َ‬
‫وخمس وعشرونَ‬
‫ٌ‬ ‫خمس وعشرون حِ قَّةً‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫عن اب ِْن َم ْسعُو ٍد قال‪" :‬في شب ِه العم ِد‬ ‫عةٌ‪ .‬لما َ روي ِ‬‫س َو ِع ْش ُرونَ َجذَ َ‬‫س َو ِع ْش ُرونَ حِ قَّةٌ‪َ ،‬و َخ ْم ٌ‬ ‫َو َخ ْم ٌ‬
‫مخاض"‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ت‬
‫وخمس وعشرون بنا ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ت لبُون‪،‬‬‫َ‬ ‫وخمس وعشرون بنا ِ‬ ‫ٌ‬ ‫عةً‪،‬‬
‫َجذَ َ‬
‫عةً‪َ ،‬وأَرْ بَعُونَ َخ ِلفَةً فِي بُطُونِ َها أَ ْو َال ُدهَا‪َ ،‬و َال تُغَلَّظُ الدية عند الحنابلة فِي َ‬
‫غي ِْر اإلبل ‪.‬‬ ‫وفي رواية إنَّ َها أثالثا؛ ثَ َالثُونَ حِ قَّةً‪َ ،‬وثَ َالثُونَ َجذَ َ‬

‫ي أنه قَالَ‪َ " :‬م ْن قَتَ َل ُمتَ َع ِ ّمدًا ُر ِف َع ِإلَى ْو ِليَاءِ ا ْل َم ْقتُو ِل‪ ،‬فَإِ ْن شَا ُءوا قَتَلُوا‪َ ،‬و ِإ ْن شَا ُءوا أَ َخذُوا ال ِ ّد َيةَ‪َ ،‬وه َ‬
‫ِي ثَ َالثُونَ حِ قَّ ًة َوثَ َالثُونَ‬ ‫ِل َما روي عن النَّ ِب َّ‬
‫علَ ْي ِه فَ ُه َو لَ ُه ْم"‪.‬‬‫صو ِلحُوا َ‬ ‫عةً َوأَرْ بَعُونَ َخ ِلفَة‪َ ،‬و َما ُ‬
‫ً‬ ‫َجذَ َ‬

‫ض‪َ ،‬و ِع ْش ُرونَ ِب ْنتُ لَب ٍ‬


‫ُون‪،‬‬ ‫طأ ً فإن الدية عند الحنابلة تجب أَ ْخ َماسًا؛ ِع ْش ُرونَ ِب ْنتُ َمخ ٍ‬
‫َاض‪َ ،‬و ِع ْش ُرونَ ا ْب ُن َمخَا ٍ‬ ‫َوأما ِإ ْن كان القتل َخ َ‬
‫ع ِن اب ِْن َم ْسعُو ٍد ‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫عة‪ِ ،.‬ل َما روي َ‬‫َو ِع ْش ُرونَ حِ قَّةٌ‪َ ،‬و ِع ْش ُرونَ َجذ َ‬
‫َ‬

‫ْﻑ أَجْ ِذ َ‬
‫عةً ‪.‬‬ ‫ْﻑ أَتْبِ َعةً‪َ ،‬وفِي ا ْلغَن َِم النِّص ُ‬
‫ْﻑ ثَنَايَا‪َ ،‬والنِّص ُ‬ ‫َويُؤْ َخذُ مِ نَ ا ْلبَق َِر النِّص ُ‬
‫ْﻑ ُم ِسنَّاتٍ‪َ ،‬والنِّص ُ‬
‫سا ِوي ِج َرا ُح َها ِج َرا َحهُ إِلَى ثُلُ ِ‬
‫ث ال ِ ّديَ ِة ‪.‬‬ ‫الر ُج ِل في النفس‪َ ،‬وت ُ َ‬ ‫َو ِديَةُ ا ْل َمرْ أَةِ عند الحنابلة نِص ُ‬
‫ْﻑ ِديَ ِة َّ‬
‫ي أنه قَالَ‪ِ » :‬ديَةُ ا ْل َمرْ أَةِ نِص ُ‬
‫ْﻑ ِديَ ِة الرجل"‪.‬‬ ‫ِل َما روي عن النَّبِ َّ‬
‫الر ُج ِل َحتَّى تَ ْبلُ َغ الثُّلُثَ مِ ْن ِد َيتِ َها"‪.‬‬ ‫ع ْق ُل ا ْل َمرْ أَةِ مِ ثْ ُل َ‬
‫ع ْق ِل َّ‬ ‫و ِل َما روي عنه أنه قَالَ‪َ " :‬‬
‫ودية أهل الذمة عند الحنابلة على النصﻑ من دية المسلمين‪ ،‬ونساؤهم على النصﻑ من دياتهم‪ .‬واستدلوا بما روي عن النبي أنه قال‪" :‬‬
‫دية المعاهد نصﻑ دية المسلم"‪( .‬السنن الكبرى‪ :‬أبو عبد الرحمن النسائي‪ -‬رقم‪)6980‬‬

‫واستدلوا أيضا بالقياس قال الخطابي‪" :‬وألنه نقص مؤثر في الدية فأثر في تنصيفها كاالنوثة"‬
‫المبحث الرابع‪ :‬دية الجنين الذي يُسقط من بطن أمه ميتا‬
‫إذا سقط الجنين من بطن أمه ميتاً‪ ،‬نتيجة العتداء على أمه‪ ،‬فإنه يجب على المعتدي دفع دية مقدارها‪ :‬نصﻑ عشر الدية الكاملة أي‪ :‬خمس‬
‫من اإلبل‪ ،‬وكان ذلك في عهد النبي يساوي قيمة عبد أو أمة وهو ما يعرﻑ بالغرة‪.‬‬
‫وقد ورد ذكر دية الجنين عن رسول للا‬
‫َان مِ ْن ُه َذ ْي ٍل‪ ،‬ف ََر َمتْ إِحْ دَاهُ َما اال ْخ َر بِ َح َج ٍر فَقَتَلَتْ َها َو َما في‬ ‫ت ا ْم َرأَت ِ‬‫في أحاديث عديدة منها‪ :‬ما رواه أبو هريرة رضي للا عنه َقالَ‪" :‬ا ْقتَتَ َل ِ‬
‫عاقِلَتِ َها‪َ ،‬و َو َّرثَ َها َولَ َدهَا‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫رْ‬ ‫م‬‫ل‬‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫َ َ ِ َ َ‬‫د‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ى‬‫ض‬ ‫َ‬ ‫ق‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ة‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ِي‬
‫ل‬ ‫َّللا‪ :‬أَنَّ ِد َيةَ َجنِينِ َهاغ َُّرة ٌ َ ْ َ‬
‫و‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫د‬
‫ٌ‬ ‫ب‬
‫ْ‬ ‫ع‬ ‫؛‬ ‫ضى َرسُو ُل َّ ِ‬ ‫ص ُموا ِإلَى َرسُو ِل َّ‬
‫َّللا فَقَ َ‬ ‫َاختَ َ‬ ‫َب ْ‬
‫طنِ َها‪ ،‬ف ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ب َوا َل أ َكلَ‪َ ،‬وا َل نَطقَ َوا َل ا ْستَ َهلَّ‪ ،‬فَمِ ث ُل ذلِكَ يُطلُّ‪ .‬فَقَا َل‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ْﻑ أغ َر ُم َم ْن ا َل ش َِر َ‬ ‫َّللا َكي َ‬‫َو َم ْن َمعَ ُه ْم‪ .‬فَقَا َل َح َم ُل ْب ُن النَّابِغَ ِة الهذلي‪ :‬يَا َرسُو َل َّ ِ‬
‫س َج َع"‪ (.‬أخرجه مسلم حديث رقم‪)4485‬‬ ‫سجْ ِع ِه الَّ ِذ َ‬ ‫ان؛ مِ ْن أَجْ ِل َ‬
‫ان ا ْلكُ َّه ِ‬
‫َّللا ِإنَّ َما هَذَا مِ ْن ِإ ْخ َو ِ‬
‫َرسُو ُل َّ ِ‬

‫ص ا ْل َمرْ أَةِ ‪.‬‬


‫اس في إِ ْمالَ ِ‬
‫ب النَّ َ‬ ‫َار عُ َم ُر ْب ُن ا ْل َخ َّ‬
‫طا ِ‬ ‫ومنها ما رواه ا ْلمِ س َْو ِر ب ِْن َم ْخ َر َمةَ حيث قَالَ‪ :‬ا ْستَش َ‬
‫ع ْب ٍد أَ ْو أَ َمةٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَقَا َل عمر‪ :‬ائْتِنِى بِ َم ْن يَ ْش َه ُد َم َعكَ ‪ ،‬قَالَ‪ :‬فَ َ‬
‫ش ِه َد لَهُ ُم َح َّم ُد ْب ُن َم ْسلَ َمةَ‬ ‫فَقَا َل ا ْل ُمغ َ‬
‫ِيرة ُ ْب ُن شُ ْعبَةَ‪َ :‬‬
‫ش ِهدْتُ النبي قَ َ‬
‫ضى فِي ِه بِغ َُّرةٍ؛ َ‬
‫فهذه االحاديث بينت أن مقدار دية الجنين "غرة"‪.‬‬
‫وقد فُ ِسّرت الغرة في االحاديث نفسها بأنها عبد أو أمة‪ ،‬وليس أي عبد وأي أمة وإنما خيارهما‪ ،‬ولذلك عبر عنهما بالغرة‪ ،‬ألن الغرة عند‬
‫العرب معناها‪ :‬أنفس وأفضل ما يمتلكه االنسان من شيء‪.‬‬
‫ِير النَّ ِجيبُ غ َُّرة ُ‬
‫الرجُل‪ ،‬والعَ ْب ُد غ َُّرة ُ مالِه‪ ،‬والبَع ُ‬
‫س غ َُّرة ُ مال َّ‬ ‫يءٍ يُ ْملَك وأَ ْف َ‬
‫ضلُه‪ ،‬فالف ََر ُ‬ ‫ب أَ ْنف ُ‬
‫َس ش ْ‬ ‫جاء في تاج العروس‪" :‬الغ َُّرة ُ عند العَ َر ِ‬
‫َارهَةُ مِ ْن غ َُّرةِ المال"‪( .‬تاج العروس من جواهر القاموس _ج‪)13‬‬ ‫مالِه‪ ،‬واال َمةُ الف ِ‬
‫وغ َُّرة المال؛ خِ ياره كالفرس والبعير النَّجيب والعبِد واال َمة الفارهة‪.‬‬
‫البياض فال يُقبل في دية الجنين‬
‫َ‬ ‫ى لقال‪ :‬في الجنين عبداً أو أمة" ولكنّه عنَى‬
‫قال أبو عمرو بن العالء‪ :‬لوال أنّ رسول للا عني بالغ ُّرة معن ً‬
‫إال غال ٌم أبيض أو جاريةٌ بيضاء"‪.‬‬
‫وعلى ذلك فإن المقصود بالعبد أو االمة‪ ،‬الوارد ذكرهما في الحديث هو قيمتهما‪ ،‬وهي التي عبر عنها الحديث بلفظ الغرة التي معناها؛‬
‫علوالقيمة‪ .‬وهي عند الفقهاء تساوي نصﻑ عشر دية الخطأ الكاملة‪ ،‬أي خمس من اإلبل‪ .‬جاء في معجم لغة الفقهاء‪" :‬الغرة؛ دية الجنين إذا‬‫ّ‬
‫أسقط ميتاً‪ ،‬وقدرها‪ :‬عبد أو أمة أو نصﻑ عشر الدية الكاملة للقتل الخطأ"‪ (.‬معجم لغة الفقهاء‪_.‬ج‪_1‬ص‪)395‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬الدية في القانون الباكستاني‬
‫أدخلت باكستان ‪ ،‬ذات الغالبية السنية ‪ ،‬قانون القصاص والدية في عام ‪ ، 1990‬لتعديل األقسام من ‪ 229‬إلى ‪ 338‬من قانون العقوبات‬
‫الباكستاني‪.‬‬

‫استبدل القانون الجديد القوانين الجنائية للعصر البريطاني بشأن األذى الجسدي والقتل بأحكام متوافقة مع الشريعة اإلسالمية ‪،‬‬
‫كما طالب به مجلس االستئناﻑ للشريعة في المحكمة العليا الباكستانية‪ .‬كما تم تعديل قانون اإلجراءات الجنائية لمنح الورثة‬
‫الشرعيين للمقتول إمكانية الدخول في تسوية وقبول تعويض ‪ ،‬بدالً من المطالبة بعقوبات انتقامية على أساس القصاص على‬
‫القتل أو األذى الجسدي‪ .‬الحكومة المنتخبة ديمقراطيا نواز شريﻑ‪ ،‬في عام ‪ ،1997‬وحل محله قانون عن طريق‬
‫سن القصاص و الدية الشرعية أحكام باسم القانون‪ ،‬من خالل قانون صادر عن البرلمان لها‪.‬‬

‫]‪[40‬‬
‫ومتوافقة مع الشريعة اإلسالمية القصاص و الدية أصبح القانون أدلى القتل جريمة خاصة‪ ،‬وليس جريمة ضد المجتمع أو‬
‫الدولة‪ ،‬وبالتالي مالحقة والمقاضاة‪ ،‬ومعاقبة المسؤولين عن قتل مسؤولية رثة الضحية وأولياء األمور‪.‬‬

‫وقانون العقوبات الباكستاني تحديثها المذهب الحنفي من القصاص و الدية من خالل القضاء على التمييز بين المسلمين‬
‫وغير المسلمين‪.‬‬

‫قضية أخرى هي القتل العمد أو األذى الجسدي للف قراء على يد األثرياء ‪ ،‬حيث العقوبة الوحيدة التي يعاني منها الجناة هي دفع‬
‫صغيرا من دخلهم أو ثروتهم‪.‬‬
‫ً‬ ‫تعويضات مالية تشكل جز ًءا‬

‫الديات هو التعويض المالي الذي يدفع للضحية أو ورثة الضحية‪ .‬يجوز دفع التعويض في حاالت القتل العمد أو األذى الجسدي أو‬
‫اإلضرار بالممتلكات‪.‬‬
‫عرﻑ قانون العقوبات الباكستاني "الديات" على أنها التعويض المحدد في المادة ‪ 323‬المستحقة لورثة الضحية‪.‬‬
‫ّ‬
‫أخطرت المادة ‪ 323‬من قانون العقوبات الباكستاني بقيمة الديات على النحو التالي‪:‬‬

‫(‪ ) 1‬مع مراعاة تعاليم اإلسالم المنصوص عليها في القرآن الكريم والسنة النبوية ومع مراعاة الوضع المالي للمحكوم عليه وورثة المجني‬
‫عليه ‪ ،‬تحدد قيمة الدية التي يجب أال تكون‪ .‬أقل من ثالثين ألفًا وستمائة وثالثين جرا ًما من الفضة‪.‬‬
‫(‪ )2‬ألغراض القسم الفرعي (‪ ، )1‬تعلن الحكومة االتحادية ‪ ،‬عن طريق إشعار في الجريدة الرسمية ‪ ،‬عن قيمة الفضة ‪ ،‬في اليوم األول‬
‫من شهر يوليو من كل عام أو في التاريخ الذي تراه مناسبًا ‪ ،‬والتي يجب أن تكون القيمة المستحقة الدفع خالل سنة مالية‪.‬‬
‫الديات هي إحدى طرق العقاب بموجب المادة ‪ 53‬من قانون العقوبات الباكستاني‪.‬‬

‫المادة ‪ : 53‬العقوبات التي يتحملها المخالفون بموجب أحكام هذا القانون هي‪:‬‬

‫أوال القصاص‪.‬‬
‫ثانيا ديات‪.‬‬
‫ثالثا أرش‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬ضمان‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬التعزير‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬الموت‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬الحبس المؤبد‪.‬‬
‫ثامناً‪ :‬الحبس على صفتين ‪ ،‬وهما‪- :‬‬
‫(‪ )1‬صارمة ‪ ،‬أي األشغال الشاقة ؛‬

‫(‪ )2‬بسيط ؛‬

‫تاسعا‪ :‬التجريد من الممتلكات‪.‬‬


‫عاشرا بخير ‪.‬‬

‫بموجب قانون العقوبات الباكستاني حيث ال يكون القصاص واجب التنفيذ ‪ ،‬يكون الجاني مسؤوالً عن دفع الدية‪.‬‬
‫البند ‪ :308‬العقوبة في القتل العمد غير الخاضعة للقصاص ونحوه‪:‬‬

‫(‪ )1‬إذا لم يكن الجاني المدان بارتكاب القاتل مسؤوالً عن القصاص بموجب المادة ‪ 306‬أو أن الجيز غير قابل للتنفيذ بموجب البند (ج)‬
‫من القسم ‪ ، 307‬فإنه يكون مسؤوالً عن الدية‪:‬‬

‫قاصرا أو مجنونًا ‪ ،‬تُدفع الدية إما من ممتلكاته أو من قبل الشخص الذي تحدده المحكمة‪:‬‬
‫ً‬ ‫شريطة أنه ‪ ،‬إذا كان الجاني‬

‫قاصرا وقت ارتكاب القاتل ‪ ،‬يكون قد بلغ النضج الكافي لكونه مجنونًا ‪ ،‬ولديه فترة زمنية واضحة ‪،‬‬
‫ً‬ ‫بشرط أيضًا أنه عندما يكون الجاني‬
‫قادرا على إدراك عواقب فعله ‪ ،‬فقد يكون كذلك يعاقب بالسجن من أي من الصنفين لمدة قد تمتد إلى خمسة وعشرين سنة‬ ‫حتى يكون ً‬
‫تعزير‪.‬‬

‫بشرط أيضًا أنه في حالة عدم وجوب تنفيذ القصاص بموجب البند (ج) من المادة ‪ ، 307‬يكون الجاني عرضة للدية فقط إذا كان هناك أي‬
‫والي غير الجاني ‪ ،‬وإذا لم يك ن هناك والي غير الجاني ‪ ،‬يعاقب‪ .‬بالسجن من أي من األصناﻑ لمدة قد تمتد إلى خمسة وعشرين سنة‬
‫تعزير‪.‬‬

‫(‪ )2‬بصرﻑ النظر عن أي شيء وارد في القسم الفرعي (‪ ، )1‬يجوز للمحكمة ‪ ،‬مع مراعاة وقائع ومالبسات القضية باإلضافة إلى عقوبة‬
‫الدية ‪ ،‬أن تعاقب الجاني بالسجن من أي من الوصفين لمدة قد تمتد إلى خمسة وعشرين عا ًما ‪ ،‬كتعزير‪.‬‬

‫"أعلنت الحكومة االتحادية عن مبلغ ديات بمبلغ ‪ 4.26‬مليون روبية للسنة المالية ‪ .2022/2021‬يجب أن‬
‫تكون الكمية بقيمة ‪ 30630‬جراما من الفضة"‬

‫هذا وصلى هللاا وسلم على سيدنا محمد وعلى آله صحبه أجمعين‪.‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫القرآن الكريم‪-‬‬

‫الجامع الصحيح المختصر‪ :‬محمد بن إسماعيل أبو عبداهلل البخاري‬


‫الجامع الصحيح المسمى صحيح مسلم‪ :‬أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري‬
‫لسان العرب‪ :‬محمد بن مكرم بن علي ابن منظور‬
‫الجامع الصحيح سنن الترمذي‪ :‬محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي‬
‫سنن أبي داود‪ :‬أبو داود سليمان بن األشعث السجستاني‬
‫سنن الدار قطني ‪ :‬علي بن عمر أبو الحسن الدار قطني البغدادي‬
‫سنن ابن ماجه‪ :‬محمد بن يزيد أبو عبداهلل القزويني‬
‫الموطأ‪ :‬مالك بن أنس‬
‫تفسير القرآن العظيم‪ :‬إسماعيل بن عمر بن كثير أبو الفداء عماد الدين‬
‫الجامع ألحكام القرآن‪ :‬أبو عبد اهلل محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح األنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي‬
‫أحكام القرآن‪ :‬محمد بن عبداهلل بن محمد المعافري اإلشبيلي المالكي أبوبكر بن العربي‬
‫البحر الرائق شرح كنز الدقائق )في الفقه الحنفي( زين الدين بن إبراهيم بن محمد‪ ،‬الشهير بابن نجيم‬
‫الحاوي في فقه الشافعي‪ :‬أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي؛ الشهير بالماوردي‬
‫بداية المجتهد ونهاية المقتصد إللمام القاضي أبوالوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي األندلسي الشهير بابن رشد‬
‫الحفيد‬
‫تاج العروس من جواهر القاموس‪ :‬محمد بن محمد عبد الرزاق الحسيني‬
‫أحكام القرآن للشافعي‪ -‬جمع البيهقي‪ :‬أحمد بن الحسين بن علي بن موسى‬
‫المصنﻑ في األحاديث واآلثار‪ :‬أبو بكر بن أبي شيبة‪ ،‬عبد اهلل بن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن خواستي العبسي‬
‫االختيار لتعليل المختار‪ :‬عبد اهلل بن محمود بن مودود الموصلي البلدحي‬
‫مسند اإلم ام أحمد بن حنبل‪ :‬أحمد بن حنبل أبو عبداهلل الشيباني‬
‫مسند اإلمام الشافعي‪ :‬الشافعي أبو عبد اهلل محمد بن إدريس بن العباس‬
‫األم‪ :‬الشافعي أبو عبد اهلل محمد بن إدريس بن العباس‬
‫المغني في فقه اإلمام أحمد بن حنبل الشيباني‪ :‬أبو محمد موفق الدين عبد اهلل بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي‬
‫الحنبلي‪ ،‬الشهير بابن قدامة المقدسي‪.‬‬

‫قانون العقوبات الباكستاني‪( 1860‬تعديل في عام ‪)1990‬‬

You might also like