Professional Documents
Culture Documents
خطة البحث:
قد اشتمل البحث علي مقدمة وخمسة مباحث ومطالب ثم المصادروالمراجع.
المبحث األول :تعريﻑ الدية.
المطلب األول :تعريﻑ الدية في اللغة.
المطلب الثاني :تعريﻑ الدية في االصطالح.
المبحث الثاني :مشروعية الدية من الكتاب والسنة.
المبحث الثالث :آراء الفقهاء واختالفاتهم حول مقدار الدية الكاملة
المطلب االول :مذهب الحنفية
المطلب الثاني :مذهب المالكية
المطلب الثالث :مذهب الشافعية
المطلب الرابع:مذهب الحنابلة
المبحث الرابع :دية الجنين الذي يُسقَط من بطن أمه ميتا
المبحث الخامس :الدية في القانون الباكستاني
المصادروالمراجع
المبحث األول :تعريف الدية
المطلب األول :تعريف الدية في اللغة.
الديّة لغة :الدية من ودي وهي عبارة عن ح ُق القتيل ،وقد وديتهُ وديّاً ،فالديةُ واحدة ٌ وجمعها ديات ،والهاء عوض عن الواو ،تقول وديت
القتيل أديهُ ديةً أي أعطيته ديةً ،واتديتُ أي بمعنى أخذت ديتهُ ،وفي حديث القسامة “فودا ُه مائةً من إبل الصدقة” صحيح البخاري .أي
أعطى ديتهُ .وعرفها ابن منظور بأنها هي ح ُق القتيل.
قال ابن كثير في بيان معنى قوله تعالى( :ودية مسلمة إلى أهله) .هو الواجب الثاني فيما بين القاتل وأهل القتيل ،عوضا لهم عما فاتهم
من قريبهم( .تفسير القرآن العظيم :إسماعيل بن عمر بن كثير)
سلَّ َمةٌ" مدفوعة مؤداة .ثم قال :ولم يعين " .
وقال القرطبي في تفسير اآلية المذكورة" :الدية؛ ما يعطى عوضا عن دم القتيل إلى وليه" ُم َ
للا في كتابه ما يعطى في الدية ،وإنما في اآلية إيجاب الدية مطلقا"(.الجامع ألحكام القرآن المام القرطبي)
والباحث يري أن ما قاله القرطبي هو الحق؛ ففي اإلية بيان وجوب الدية ،وأما بيان مقادير الدية فقد جاء في سنة رسول للا ،ومعلوم أن
السنة تفسر القرآن الكريم وتبينه من حيث :تفصيل مجمله ،أو تقييد مطلقه ،أو تخصيص عامه ،أو إلحاق فرع بأصله ،إلى غير ذلك من
أنواع البيان.
وقد جاء بيان السنة الفعلية والقولية لمقادير الدية شامال؛ دية ألنفس ،ودية أعضاء اإلنسان والجروح التي تصيب جسمه؛ التي تعرﻑ
باإلرش ،وكذلك دية الجنين الذي يسقط من بطن أمه ميتاً ،مما يدل داللة واضحة على مشروعية الدية في القرآن الكريم والسنة ألنبوية
المطهرة.
ان نَبِيِّ ِه .
س ِ سلَّ َمةً إلَى أَ ْه ِلهَِ ،وأَبَانَ َ
علَى ِل َ علَى قَاتِ ِل ا ْل ُمؤْ مِ ِنِ ،ديَةً ُم َ
َّللا َج َّل ثَنَا ُؤهُ فِي تَ ْن ِزي ِل ِكتَا ِب ِه أَنَّ َ
ي" :فأحكم َّ ُ قَا َل اإلمام ال َّ
شافِ ِع ُّ
سلَّ َم َ :ك ْم ال ِ ّديَةُ؟" (احكام القرآن للشافعي) صلَّى للا َ
علَ ْي ِه َو َ َ
وقال القرطبي" :وثبتت األخبار عن رسول للا بأن الدية مائة من اإلبل ،فكان ذلك بيانا على لسان نبيه عليه السالم لمجمل كتابه".
(الجامع ألحكام القرآن المام القرطبي)
َّللا قُتِ َل َوطُ ِر َح فِي . ع ْب َد َّ ِ صةُ أَنَّ َ صابَ ُه ْم ،فَأ ُ ْخبِ َر ُم َحيِّ َ صةَ ،خ ََر َجا إِلَى َخ ْيبَ َر مِ ْن َج ْه ٍد أَ َ س ْه ٍلَ ،و ُم َحيِّ ََّللا بْنَ َ ومن تلك األخبار ما روي :أَنَّ َ
ع ْب َد َّ ِ
صةُ، علَى قَ ْومِ ِه فَذَك ََر لَ ُه ْمَ ،وأَ ْق َب َل ه َُو َوأَخُو ُه ح َُو ِّي َ َّللاِ ،ث ُ َّم أَ ْق َب َل َحتَّى قَد َِم َ
َّللا قَتَ ْلت ُ ُمو ُه ،قَالُواَ :ما قَتَ ْلنَا ُه َو َّ
عي ٍْن ،فَأَتَى َي ُهو َد فَقَالَ :أَ ْنت ُ ْم َو َّ ِ ِير أَ ْو َ
فَق ٍ
صةُ ،ث َّمُ َّ
سنَّ ،فَتَ َكل َم ح َُويِّ َ صةَ ،كبِّرْ َكبِّرْ ي ُِري ُد ال ِ ّ َ َّ
َب ِليَتَ َكل َم َوه َُو الذِي كَانَ بِ َخ ْيبَ َر ،فَقَا َل ألنبِ ُّ
ي ِل ُم َحيِّ َ َّ َ
س ْه ٍل ،فَذه َ الرحْ َم ِن ْب ُن َ ع ْب ُد َّ ْ ْ َ
َوه َُو أكبَ ُر مِ نهُ َو َ
َّللا َما قَتَ ْلنَاهُ .فَقَا َل َّللا ِلَ ْي ِه ْم في ذَلِكَ فَ َكتَبُوا ِإنَّا َو َّ ِ
َب َرسُو ُل َّ ِ صاحِ بَكُ ْم َو ِإ َّما أَ ْن يُؤْ ِذنُوا بِ َحرْ بٍ ،فَ َكت َ َّللاِ :إ َّما أَ ْن يَدُوا َ صةُ ،فَقَا َل َرسُو ُل َّ ِ تَ َكلَّ َم ُم َحيِّ َ
َ ُ َ
ِﻑ لك ْم يَ ُهودُ ،قالوا :ل ْيسُوا بِ ُم ْسلِمِ ينَ ، ُ َ َ َ َ ُ
صاحِ بِك ْم ،قالوا :ال ،قالَ :أفتَحْ ل ُ َ ُ ُّ َ َ ُ
الرحْ َم ِن ،أتَحْ ِلفونَ َوت ْستحِ قونَ د ََم َ َ ع ْب ِد َّ َ
صة َو َ َ
صة َو ُم َحيِّ َ َرسُو ُل َّ ِ
َّللا ِلح َُويِّ َ
ضتْنِي مِ ْن َها نَاقَة"( .أخرجه البخاري عن سهل بن أبي حتمة) ٌ س ْهلٌ :ف ََر َك َ َّار ،قَا َل َ ُ
َّللا مِ ْن ِع ْن ِد ِه مِائَةَ نَاقَ ٍة َحتَّى أ ْدخِ لَتْ الد َ ف ََودَاهُ َرسُو ُل َّ ِ
هذا في السنة الفعلية وأما السنة القولية فقد روي أن ألنبي صلى للا عليه و سلم كتب لعمرو بن حزم كتابا إلى أهل اليمن فيه الفرائض
والسنن والديات وقال فيه" :وإن في ألنفس مائة من اإلبل"( .سنن ألنسائي بشرح السيوطي وحاشية السندي)
ففي هذين الحديثين بيان بأن مقدار دية ألنفس مائة من اإلبل ،غير أن هذا المقدار جاء مطلقا ،من غير تحديد سن معين ،ومن غير بيان
لصفات تلك اإلبل ،في حالة إذا ما كان القتل عمداً أو شبه عمد أو خطأ ً.
وقد وردت أحاديث صحيحة عن الرسول ،وآثار صحاح عن صحابته الكرام ،تبين أسنان تلك اإلبل وتوضح صفاتها ،وفي الوقت نفسه
تشير إلى مقدار الدية من غير اإلبل حال عدم توفرها.
المبحث الثالث :آراء الفقهاء واختالفاتهم حول مقدار الدية الكاملة
وكما ذكر الباحث فإن ألنصوص واألثار الواردة في مقدار الدية ،جاءت مختلفة األلفاظ فيما يتعلق بأوصاﻑ اإلبل وأسنانها ،فكان ذلك .
أحد أسباب نشوء الخالﻑ بين الفقهاء.
وثاني أسباب الخالﻑ في مقدار الدية ،هو إذا وجبت الدية في بلد ليس من عادة أهلها رعي اإلبل أو تربيتها ،فإن الفقهاء اختلفوا في
مقدار ما يدفعه أهل تلك البالد في الدية ،هل هو قيمة المائة من اإلبل ،أم يدفعونها من األموال المتوفرة في بالدهم ،سواء كانت ذهبا ً أم
فضة "نقود" ،أم كانت بقراً أم غنماً ،أم غير ذلك من أنواع األموال المتوفرة عندهم ،بغض ألنظر عن مساواة ذلك المقدار الذي يدفعونه
لقيمة المائة من اإلبل ،أو عدم مساواته لقيمتها.
وهناك سبب ثالث لخالﻑ الفقهاء حول مقدار الدية ،هو الكفر بألنسبة للذميين والمستأمنين ،واألنوثة بألنسبة للمرأة .وإليك فيما يلي آراء
فقهاء المذاهب األربعة واختالفاتهم حول مقدار الدية:
المطلب األول :مذهب الحنفية
عشرة َآالﻑ دِرْ هَم فضَّة ،أَو مائَة من اإلبل ،كل َواحِ دَة أصلَ ،وه َُو
َ مِ ْقدَار ِديَة الرجل الحر المسلم عند أبي حنيفة :ألﻑ دينار ذهبا ،أَو
ظاهِر فِي قَول أبي حنيفَة ،وهذه الثالثة أصناﻑ؛ اإلبل والذهب والفضة ،هي أصول الدية عند أبي حنيفة كل واحد منها دفعه الجاني أجزأ ال َّ
عنه (.تحفة الفقهاء ج3ص)10
وعند صاحبيه أبي يُوسُﻑ َو ُم َح ّمد بن الحسن :أن أصول الدية باألضافة إلى األصناﻑ الثالثة المذكورة؛ من ا ْلبَقر مِ ائَتَا بقرةَ ،ومن ا ْلغنم ألفا
شَاةَ ،ومن ا ْلحلَل مِ ائَتَا حلَّة ،كل حلَّة ثَ ْو َبانِ :إزَ ار ورداء .فتكون أصول الدية عندهما ستة ،يخالفان بذلك إمامهما أبي حنيفة (.تحفة الفقهاء
-ج- 3ص)106
الو ِرق عشرةواستدل الحنفية بما روي عن عمر بن الخطاب رضي للا عنه" :أنه جعل الدية على أهل اإلبل مائة من اإلبل ،وعلى أهل َ
األﻑ درهم ،وعلى أهل الذهب ألﻑ دينار ،وعلى أهل الشاء ألفي شاة ُم ِسنّة فَتِيّة ،وعلى أهل البقر مائتي بقرة ،وعلى أهل ال ُحلَل مائتي
ُ .حلّة"( .أخرجه أبو داود حديث رقم ()4544عن عمرو بن شعيب)
وبما ورد من أصناﻑ في هذا األثر عن عمر أخذ أبو يوسﻑ ومحمد ،وأما أبو حنيفة :فقد أخذ منه اإلبل والذهب والفضة فقط ،معالل
ذلك بقوله :إنما أخذ عمر رضي للا عنه بذلك ألنه كانت أموالهم ،فلما صارت الدواوين ،واألعْطِ َية ،جعل أموالهم الدراهم والدنانير
واإلبل.
وأما بألنسبة لتصنيﻑ إبل ال ِديَة من حيث أسنانها عند الحنفية ،فإن دية شبه ا ْلعمد "المغلظة" عند أبي حنيفَة وأبي يُوسُﻑ :أَربَاعًا؛ خمس
عة (.تحفة الفقهاء :ج3ص)107 َو ِع ْش ُرونَ بنت َمخَاضَ ،وخ ْمس َو ِع ْش ُرونَ بنت لبونَ ،وخ ْمس َو ِع ْش ُرونَ حقةَ ،وخ ْمس َو ِع ْش ُرونَ َجذَ َ
ت لَبُون،
وخمس وعشرون بنا ِ
ٌ عةً،
وخمس وعشرونَ َجذَ َ
ٌ خمس وعشرون حِ قَّةً،
ٌ ودليهما ما روي عن ابن مسعود قال" :في شب ِه العم ِد
ت مخاض"( .سنن أبي داود :رقم()4552باب الدية كم هي – ج- 6ص)611 وخمس وعشرون بنا ِ
ٌ
عةَ ،وأَرْ بَعُونَ َما بَين ثنية إِلَى
َوخالفهما ُم َح َّمد بن الحسن فِي ذلك حيث يري :أن دية شبه ا ْلعمد "المغلظة" أثالثا؛ ثَ َالثُونَ حقةَ ،وثَ َالثُونَ َجذَ َ
ع ْن ُهم أجمعين( .انظر المصنﻑ في ضي للا َ ي والمغيرة َر ِ سى ْاأل َ ْش َع ِر ّ
بازل عامها كل َها خلقَةَ ،واستند في ذلك على قَول عمر َوأبي ُمو َ
األحاديث واألثار :أبو بكر بن أبي شيبة)،
وير الحنفية أن الدية ال تتغلّظ ّإال في اإلبل; ِألَنَّهُ لَ ْم يَ ِر ِد ألنصُّ بِالتَّ ْغلِيظِ إِ َّال فِي َها َو َال يُ ْع َر ُ
ﻑ ذَلِكَ -أي التغليظ -إِ َّال نَصًّا ( .األختيار
لتعليل المختار :عبد اللها بن محمود بن مودود الموصلي البلدحي)
عشرون بنت َمخَاضَ ،و ِع ْش ُرونَ ابْن َمخَاضَ ،و ِع ْش ُرونَ بنت لبون،
ُ َوأما أسنان المائة من اإلبل فِي ِديَة ا ْل َخ َ
طأ عند الحنفية فإِنَّ َها أخماسا؛
عة( .كنز الدقائق :أبو البركات عبد اللها بن أحمد بن محمود حافظ الدين ألنسفي) َو ِع ْش ُرونَ حقةَ ،و ِع ْش ُرونَ َجذَ َ
عةً َ ,و ِع ْش ُرونَ بَنَا ِ
ت َمخَاض سةُ أَ ْخ َم ٍ
اس ِ ,ع ْش ُرونَ حِ قَّةً َ ,و ِع ْش ُرونَ َجذَ َ واستندوا في ذلك على َ قَول ابْن َم ْسعُودِ " :ديَةُ ا ْل َخ َ
ط ِأ َخ ْم َ
ُون ذُكُور"ٌ.
ُون َ ,و ِع ْش ُرونَ بَنُو لَب ٍ
ت لَب ٍ
َو ِع ْش ُرونَ بَنَا ِ
الرجل ،في ألنفس وفيما دونها ( .البناية شرح الهداية :أبو محمد محمود بن أحمد
وأما دية المرأة عند األحناﻑ فهي على ألنصﻑ من دية ّ
بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابى الحنفي بدر الدين العيني)
َّللا تَعَالَى َ
ع ْنهُ قال :قال رسول للا ي َّ ُض َ
واستدلوا على ذلك بما روي مرفوعا إلى ألنبي ،عن معاذ بن جبل َر ِ
)"دية المرأة على ألنصﻑ من دية الرجل" (.أخرجه البيهقي حديث رقم ())16305
َّللا تَ َعالَى َ
ع ْنهُ قال" :عقل المرأة على ألنصﻑ من عقل الرجل في ألنفس وفيما ي َّ ُض َ
وبما روي موقوفا عن علي بن أبي طالب َر ِ
دونها"( .سنن البيهقي رقم ())16309
وأما دية أهل الذمة من أهل الكتاب وغيرهم ،فإنها عند الحنفية :مثل دية المسلمين رجالهم كرجالهم ،ونساؤهم كنسائهم ،وهذا ألنهم بعقد
الذمة التزموا أحكام األ سالم فيما يرجع إلى المعامالت ،فيثبت فيما بينهم من الحكمة ما هو ثابت بين المسلمين ،وديتهم مثل دية أحرار
ب أَ ْن يَ ِج َ
ب ب أَ ْن يَكُونُوا ُم ْل َحقِينَ بِا ْل ُم ْسلِمِ ينَ ،ف ََو َج َ صو ُمونَ ُمتَقَ ّ ِو ُمونَ ِ ِإلحْ َر ِاز ِه ْم أَ ْنفُ َ
س ُه ْم بِالد َِّار ،ف ََو َج َ "و ِألَنَّ ُه ْم َم ْع ُ
المسلمين .قال الزيلعيَ :
صو َمةً ُمتَقَ ّ ِو َمةً َي ِجبُ ِبإِتْ َال ِف َها َما َي ِجبُ ِبإِتْ َالﻑِ َما ِل ا ْل ُم ْس ِل ِم،
َ ْ ُ عم َتْ نَا
ك ا م َ ل مه
ْ َ ُ ْ ََّ ل او مَ أ نََّ أ يَر
َ ت َ
ال َ أ ينَ، ل
ُ ِمِس
ْ م ُوا نَاك وِبقَتْ ِل ِه ْم َما َي ِجبُ ِبقَتْ ِل ِه ْم أَ ْن لَ ْ
ظنُّك فِي أَ ْنفُ ِس ِه ْم"( .لمبسوط :محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس األئمة السرخسي).
فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي أَ ْم َوا ِل ِه ْم فَ َما َ
وبما روي عن أبي بكر وعمر رضي للا عنهما أنهما قاأل" :دية الذمي مثل دية الحر المسلم".
وبما روي عن علي رضي للا عنه قوله " :إنما أعطيناهم الذمة وبذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموألنا".
(المبسو ط -ج- 26ص. 152-150واألختيار -ج - 5ص.)36.
ودية المرأة عند المالكية :على ألنصﻑ من دية الرجل في ألنفس ،لقوله ":دية المرأة على نصﻑ من دية الرجل".
وأما دية جراحها فإنها تساوي الرجل فيما دون ثلث الدية ،ويرجع إلى حساب ديتها فيما زاد على ذلك ،فإذا قطع لها أصبع أو أصبعان أو
ثالثة على سبيل المثال :أخذت ثالثين من اإلبل فإن قطع لها أربع أصابع أخذت عشرين بحساب ديتها ،واستند المالكية في قولهم :مساواة
المرأة ل لرجل في دية الجراح فيما دون الثلث ،إلى إجماع أهل المدينة ،ويروي المالكية في ذلك كيﻑ أن سعيد بن المسيب ،أغلظ القول
لربيعة بن أبي عبد الرحمن ،لما سأله عن ذلك وحاجه من طريق المقايسة ،فقال أعراقي أنت؟ لما قال له :أحين عظمت مصيبتها واشتد
جراحها قل عقلها فقال :هي السنة.
واستدلوا كذلك بقوله ":فِي ألن ْف ِس ا ْل ُمؤْ مِ نَ ِة مِ ائَةٌ مِ نَ اإلبل "( .السنن الصغير للبيهقي)
ْﻑ ِديَ ِة ا ْلح ُّر" (.المعجم
ْﻑ ِديَ ِة ا ْل ُم ْسل ِِم" َوفِي روايةِ " :ديَةُ ا ْل ُمعَا ِه ِد نِص ُ
سلَّم قولهِ " :ديَةُ ا ْل ُمعَا ِه ِد نِص ُ
علَ ْي ِه َو َ صلَّى َّ ُ
َّللا َ ي َع ِن ألنبِ ِّ
وبما روي َ
أالوسط).
ع ْق ِل ا ْل ُم ْسلِمِ ينَ " (.مسند أالمام أحمد بن حنبل)
ْﻑ َ ع ْق َل أَ ْه ِل ا ْل ِكتَا ِ
ب نِص ُ ضى أَنَّ َ
ي عنه" :أنه قَ َ
َوبما ُر ِو َ
َاألُنُوثَة. َو ِألَنَّهُ نَ ْقصٌ فَيُؤْ ثَ ُر ألنص ُ
ْﻑ ك ْ
المطلب الثالث :مذهب الشافعية
صلُ؛ فَإِذَا
ليس لمقدار الدية عند الشافعية أال أصل واحد هو مائة من اإلبل ،فإن أعوزت فقيمتها بالدراهم والدنانير ،فاإلبل إنَّ َما هي أال ْ
ب ا ْل َو ْقتِ ،من نقد البلد ،بالغة ما بلغت (.الحاوي في فقه الشافعي). ظ ُر فِي بَ َد ِل َهاَ ،وه َُو ا ْلقِي َمةُ بِحِ َ
سا ِ عُ ِد َمتْ َو ْقتَ ا ْل ُوجُو ِ
ب ،فَحِ ينَئِ ٍذ يُ ْن َ
واستدلوا بما روي عمرو بن حزم " :أن ألنبي ،كتب إلى أهل اليمن كتابا ً فيه الفرائض ،والسنن ،وأن في ألنفس مائة من اإلبل".
ظةٌ ،مِ ْن َها أَرْ بَعُونَ َخ ِلفَةً فِي بُطُونِ َها أَ ْوال ُدهَا" (.مسند
صا مِائَةً مِ نَ اإلبل ُمغَلَّ َ
ط ِأ بِالس َّْوطِ َوا ْل َع َ
وبما روي عنه أنه قال" :أال ِإنَّ فِي قَتْ ِل ا ْل َع ْم ِد ا ْل َخ َ
أالمام الشافعي)
وهذا يدل على أنه ال يجوز العدول عنها إلى غيرها (.البيان في مذهب أالمام الشافعي)
واستدلوا أيضا بما رو عمرو بن شعيب ،عن أبيه ،عن جده :أنه قال :كانت قيمة الدية على عهد رسول للا" ثمانمائة دينار ،وفي رواية:
ع ْنهُ وأرضاه ،فغلت اإلبل ،فصعد المنبر خطيباً ،وقال أال إن اإلبل قد
َّللا َ
ثمانية أالﻑ درهم ،فكانت كذلك إلى أن استخلﻑ عمر رضي َّ ُ
غلت ،ففرض الدية :على أهل الذهب ألﻑ دينار ،وعلى أهل الورق اثني عشر ألﻑ درهم"( .خرجه أبو داود حديث رقم)4544
َّللا
ي َّ ُض َ
فموضع الدليل من الخبر أنه قال :كانت قيمة الدية على عهد رسول للا كذا وكذا ،فدل على أن الواجب هو اإلبل ،وألن عمر َر ِ
ع ْنهُ وأرضاه قال" :أال إن اإلبل قد غلت" ،وفرض عليهم ألﻑ دينار أو اثني عشر ألﻑ درهم ،فتعلق بغالء اإلبل ،فدل على أن ذلك من َ
طريق القيمة؛ ألن ما وجبت قيمته اختلﻑ بالزيادة والنقصان ،ولم يخالفه أحد من الصحابة .
وعلى ذلك فإن كل ما ورد من أصناﻑ في مقدار الدية من غير اإلبل ،حمله الشافعية على أنه من قبيل القيمة ،وعليه فإنه ال يكون للدية
عندهم اال أصل واحد وهو اإلبل.
عةًَ ،وأَرْ َبعون خِ ْلفَةً، وأما أَ ْسنَا ُن اإلبل فِي دية ا ْل َع ْم ِد المحض َأو ِش ْب ِه ا ْل َع ْم ِد "المغلظة" عند الشافعية فهي أثالثا؛ ثَ َال َ
ثون حِ قَّةًَ ،وثَ َالثون َجذَ َ
ِي ا ْل َحامِ ُل مِ ْن اإلبل ( .األم :الشافعي أبو عبد اللها محمد بن إدريس بن العباس) َوا ْل َخ ِلفَةُ ه َ
واستدلوا بما روي عن النبي أنه قال يوم فتح مكة" :اال إن في قتيل العمد الخطأ بالسوط والعصا مائة من اإلبل ،منها أربعون خلفة ،في
بطونها اوالدها (.أخرجه الشافعي عن ابن عمر انظراألم)
اع َوثُلُ ُ
ث َما بَيْنَ ثَنِيَّ ٍة إلَى ق َوثُلُ ُ
ث ِجذَ ٍ ث حِ قَا ٍ طأ ُ ِش ْبهُ ا ْلعَ ْم ِد بِا ْل َخ َ
شبَ ِة َوا ْل َح َج ِر الض َّْخ ِم ثُلُ ُ ع ْنهُ أنه قَالَ" :ا ْل َخ َ
َّللا َ
ي َّ ُض َ
ي َر ِ ع ْن َ
ع ِل ٍّ وبما روي َ
عا ُّم َها كُلُّ َها خِ ْلفَةٌ"( .أخرجه الشافعي في االم) از ٍل َ
َب ِ
ي أنه قَالََ " :م ْن قَتَ َل ُمتَ َع ِ ّمدًا ُر ِف َع ِإلَى ْو ِليَاءِ ا ْل َم ْقتُو ِل ،فَإِ ْن شَا ُءوا قَتَلُواَ ،و ِإ ْن شَا ُءوا أَ َخذُوا ال ِ ّد َيةََ ،وه َ
ِي ثَ َالثُونَ حِ قَّ ًة َوثَ َالثُونَ ِل َما روي عن النَّ ِب َّ
علَ ْي ِه فَ ُه َو لَ ُه ْم".صو ِلحُوا َ عةً َوأَرْ بَعُونَ َخ ِلفَةَ ،و َما ُ
ً َجذَ َ
ْﻑ أَجْ ِذ َ
عةً . ْﻑ أَتْبِ َعةًَ ،وفِي ا ْلغَن َِم النِّص ُ
ْﻑ ثَنَايَاَ ،والنِّص ُ َويُؤْ َخذُ مِ نَ ا ْلبَق َِر النِّص ُ
ْﻑ ُم ِسنَّاتٍَ ،والنِّص ُ
سا ِوي ِج َرا ُح َها ِج َرا َحهُ إِلَى ثُلُ ِ
ث ال ِ ّديَ ِة . الر ُج ِل في النفسَ ،وت ُ َ َو ِديَةُ ا ْل َمرْ أَةِ عند الحنابلة نِص ُ
ْﻑ ِديَ ِة َّ
ي أنه قَالَِ » :ديَةُ ا ْل َمرْ أَةِ نِص ُ
ْﻑ ِديَ ِة الرجل". ِل َما روي عن النَّبِ َّ
الر ُج ِل َحتَّى تَ ْبلُ َغ الثُّلُثَ مِ ْن ِد َيتِ َها". ع ْق ُل ا ْل َمرْ أَةِ مِ ثْ ُل َ
ع ْق ِل َّ و ِل َما روي عنه أنه قَالََ " :
ودية أهل الذمة عند الحنابلة على النصﻑ من دية المسلمين ،ونساؤهم على النصﻑ من دياتهم .واستدلوا بما روي عن النبي أنه قال" :
دية المعاهد نصﻑ دية المسلم"( .السنن الكبرى :أبو عبد الرحمن النسائي -رقم)6980
واستدلوا أيضا بالقياس قال الخطابي" :وألنه نقص مؤثر في الدية فأثر في تنصيفها كاالنوثة"
المبحث الرابع :دية الجنين الذي يُسقط من بطن أمه ميتا
إذا سقط الجنين من بطن أمه ميتاً ،نتيجة العتداء على أمه ،فإنه يجب على المعتدي دفع دية مقدارها :نصﻑ عشر الدية الكاملة أي :خمس
من اإلبل ،وكان ذلك في عهد النبي يساوي قيمة عبد أو أمة وهو ما يعرﻑ بالغرة.
وقد ورد ذكر دية الجنين عن رسول للا
َان مِ ْن ُه َذ ْي ٍل ،ف ََر َمتْ إِحْ دَاهُ َما اال ْخ َر بِ َح َج ٍر فَقَتَلَتْ َها َو َما في ت ا ْم َرأَت ِفي أحاديث عديدة منها :ما رواه أبو هريرة رضي للا عنه َقالَ" :ا ْقتَتَ َل ِ
عاقِلَتِ َهاَ ،و َو َّرثَ َها َولَ َدهَا
َ ى َ ل ع
َ ة
ِ َ أ رْ ملْ ا ة
ِ ي
َ َ ِ َ َد ِ ب ىض َ قو ، ٌ ة د
َ ِي
ل َّللا :أَنَّ ِد َيةَ َجنِينِ َهاغ َُّرة ٌ َ ْ َ
و و َ أ د
ٌ ب
ْ ع ؛ ضى َرسُو ُل َّ ِ ص ُموا ِإلَى َرسُو ِل َّ
َّللا فَقَ َ َاختَ َ َب ْ
طنِ َها ،ف ْ
َ َ ْ َ
ب َوا َل أ َكلََ ،وا َل نَطقَ َوا َل ا ْستَ َهلَّ ،فَمِ ث ُل ذلِكَ يُطلُّ .فَقَا َل َ ْ َ
ْﻑ أغ َر ُم َم ْن ا َل ش َِر َ َّللا َكي ََو َم ْن َمعَ ُه ْم .فَقَا َل َح َم ُل ْب ُن النَّابِغَ ِة الهذلي :يَا َرسُو َل َّ ِ
س َج َع" (.أخرجه مسلم حديث رقم)4485 سجْ ِع ِه الَّ ِذ َ ان؛ مِ ْن أَجْ ِل َ
ان ا ْلكُ َّه ِ
َّللا ِإنَّ َما هَذَا مِ ْن ِإ ْخ َو ِ
َرسُو ُل َّ ِ
استبدل القانون الجديد القوانين الجنائية للعصر البريطاني بشأن األذى الجسدي والقتل بأحكام متوافقة مع الشريعة اإلسالمية ،
كما طالب به مجلس االستئناﻑ للشريعة في المحكمة العليا الباكستانية .كما تم تعديل قانون اإلجراءات الجنائية لمنح الورثة
الشرعيين للمقتول إمكانية الدخول في تسوية وقبول تعويض ،بدالً من المطالبة بعقوبات انتقامية على أساس القصاص على
القتل أو األذى الجسدي .الحكومة المنتخبة ديمقراطيا نواز شريﻑ ،في عام ،1997وحل محله قانون عن طريق
سن القصاص و الدية الشرعية أحكام باسم القانون ،من خالل قانون صادر عن البرلمان لها.
][40
ومتوافقة مع الشريعة اإلسالمية القصاص و الدية أصبح القانون أدلى القتل جريمة خاصة ،وليس جريمة ضد المجتمع أو
الدولة ،وبالتالي مالحقة والمقاضاة ،ومعاقبة المسؤولين عن قتل مسؤولية رثة الضحية وأولياء األمور.
وقانون العقوبات الباكستاني تحديثها المذهب الحنفي من القصاص و الدية من خالل القضاء على التمييز بين المسلمين
وغير المسلمين.
قضية أخرى هي القتل العمد أو األذى الجسدي للف قراء على يد األثرياء ،حيث العقوبة الوحيدة التي يعاني منها الجناة هي دفع
صغيرا من دخلهم أو ثروتهم.
ً تعويضات مالية تشكل جز ًءا
الديات هو التعويض المالي الذي يدفع للضحية أو ورثة الضحية .يجوز دفع التعويض في حاالت القتل العمد أو األذى الجسدي أو
اإلضرار بالممتلكات.
عرﻑ قانون العقوبات الباكستاني "الديات" على أنها التعويض المحدد في المادة 323المستحقة لورثة الضحية.
ّ
أخطرت المادة 323من قانون العقوبات الباكستاني بقيمة الديات على النحو التالي:
( ) 1مع مراعاة تعاليم اإلسالم المنصوص عليها في القرآن الكريم والسنة النبوية ومع مراعاة الوضع المالي للمحكوم عليه وورثة المجني
عليه ،تحدد قيمة الدية التي يجب أال تكون .أقل من ثالثين ألفًا وستمائة وثالثين جرا ًما من الفضة.
( )2ألغراض القسم الفرعي ( ، )1تعلن الحكومة االتحادية ،عن طريق إشعار في الجريدة الرسمية ،عن قيمة الفضة ،في اليوم األول
من شهر يوليو من كل عام أو في التاريخ الذي تراه مناسبًا ،والتي يجب أن تكون القيمة المستحقة الدفع خالل سنة مالية.
الديات هي إحدى طرق العقاب بموجب المادة 53من قانون العقوبات الباكستاني.
المادة : 53العقوبات التي يتحملها المخالفون بموجب أحكام هذا القانون هي:
أوال القصاص.
ثانيا ديات.
ثالثا أرش.
رابعاً :ضمان.
خامساً :التعزير.
سادساً :الموت.
سابعا :الحبس المؤبد.
ثامناً :الحبس على صفتين ،وهما- :
( )1صارمة ،أي األشغال الشاقة ؛
( )2بسيط ؛
بموجب قانون العقوبات الباكستاني حيث ال يكون القصاص واجب التنفيذ ،يكون الجاني مسؤوالً عن دفع الدية.
البند :308العقوبة في القتل العمد غير الخاضعة للقصاص ونحوه:
( )1إذا لم يكن الجاني المدان بارتكاب القاتل مسؤوالً عن القصاص بموجب المادة 306أو أن الجيز غير قابل للتنفيذ بموجب البند (ج)
من القسم ، 307فإنه يكون مسؤوالً عن الدية:
قاصرا أو مجنونًا ،تُدفع الدية إما من ممتلكاته أو من قبل الشخص الذي تحدده المحكمة:
ً شريطة أنه ،إذا كان الجاني
قاصرا وقت ارتكاب القاتل ،يكون قد بلغ النضج الكافي لكونه مجنونًا ،ولديه فترة زمنية واضحة ،
ً بشرط أيضًا أنه عندما يكون الجاني
قادرا على إدراك عواقب فعله ،فقد يكون كذلك يعاقب بالسجن من أي من الصنفين لمدة قد تمتد إلى خمسة وعشرين سنة حتى يكون ً
تعزير.
بشرط أيضًا أنه في حالة عدم وجوب تنفيذ القصاص بموجب البند (ج) من المادة ، 307يكون الجاني عرضة للدية فقط إذا كان هناك أي
والي غير الجاني ،وإذا لم يك ن هناك والي غير الجاني ،يعاقب .بالسجن من أي من األصناﻑ لمدة قد تمتد إلى خمسة وعشرين سنة
تعزير.
( )2بصرﻑ النظر عن أي شيء وارد في القسم الفرعي ( ، )1يجوز للمحكمة ،مع مراعاة وقائع ومالبسات القضية باإلضافة إلى عقوبة
الدية ،أن تعاقب الجاني بالسجن من أي من الوصفين لمدة قد تمتد إلى خمسة وعشرين عا ًما ،كتعزير.
"أعلنت الحكومة االتحادية عن مبلغ ديات بمبلغ 4.26مليون روبية للسنة المالية .2022/2021يجب أن
تكون الكمية بقيمة 30630جراما من الفضة"
هذا وصلى هللاا وسلم على سيدنا محمد وعلى آله صحبه أجمعين.
المصادر والمراجع
القرآن الكريم-