You are on page 1of 13

‫السنة الثانية ماستر‬

‫تخصص لسانيات عامة‬

‫األستاذ حمراوي محمد‬

‫المحاضرة الخامسة‪ :‬قضايا تحليل المحاثة‬

‫‪ .1‬التفاعل اللغوي‪:‬‬
‫يكون من المفيد جدا التطرق إلى نص لـ روبير فيون (‪ )Robert Vion‬يحدد من خالله‬
‫مفهوم التفاعل اللغوي‪ ،‬يقول‪":‬يمكن أن نحدد هذا المفهوم بالحديث مثل كربرات‪-‬أوركيوني‬
‫عن التفاعل اللغوي*‪ ،‬ويبقى إذن هذا المفهوم في حقل التبليغ والنشاط اللغوي"‪.‬‬

‫ومن خالل التمييز بين التفاعل والتفاعل اللغوي‪ ،‬يمكن الوقوف عند مجال التفاعل‬
‫اللغوي والذي هو "أكثر تحديدا من التفاعل حتى وإن اشترط حضور كل القنوات شبه اللغوية‬
‫وغير اللغوية في التبليغ"‪.‬‬

‫يبين هذا القول أن ما نسميه تفاعال لغويا ال يجب أن يخلو من أدوات التواصل‬
‫األخرى التي تكون شبه لغوية أو غر لغوية إطالقا‪ ،‬التي يدرجها المتخاطبون في تخاطبهم‬
‫القتضاءات مقامية ألن مسألة االستعانة بهذه األدوات لها قمة إضافة هامة في التخاطب هذا‬
‫من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن هذه األدوات ليست هي لغة التخاطب وإنما هي أدوات‬
‫مساعدة‪ ،‬وعليه فإنها ال تنفي صفة "اللغوي" عن التفاعل إذا وجدت فيه‪.‬‬

‫وإذا انتقلنا إلى مفهوم التفاعل اللغوي عند كربرات‪-‬أوركيوني‪ ،‬فإننا نجد كالما أكثر‬
‫تحديدا فيما يخص هذا المفهوم‪ ،‬وهي تحدد بذلك شرط كون التفاعل تفاعال لغويا إذ تقول‪:‬‬
‫"حتى يكون هناك تبادل تبليغي ال يكفي أن يتكلم متخاطبان (أو أكثر) بالتبادل‪ ،‬بل يجب أيضا‬
‫على هذين المتكلمين أن يتخاطبا‪ ،‬أي يجب على االثنين أن (يندمجا) في التبادل‪ ،‬وأن ينتجا‬
‫إجراءات «اإلثباتات التخاطبية»‪.‬‬ ‫أدلة لهذا االندما التبادل‪ ،‬باالستعانة بمختل‬

‫‪1‬‬
‫انطالقا من هذا القول يمكن الوقوف عند ثالثة معايير‪ ،‬متى وجدت‪ ،‬يمكن الحديث عن‬
‫تفاعل لغوي وهذي المعايير هي‪:‬‬

‫‪ .1‬االندما ‪ :‬إذ من الممكن أن يتحدث متكلم في سياق ومتكلم في سياق آخر‪.‬‬


‫‪ .2‬إنتا األدلة‪ :‬فال وجود لتفاعل لغوي ما لم توجد األدلة اللغوية‪.‬‬
‫‪ .3‬اإلثباتات التخاطبية‪ :‬وهي عموما التحيات والتقديمات وكل األدلة اللغوية ذات‬
‫الوظيفة التواصلية إضافة إلى كل الطقوس التخاطبية وتشرح كربرات‪-‬أوركيوني‬
‫هذه اإلثباتات بقولها‪" :‬تلعب التحيات والتقديمات والطقوس األخرى «اإلثباتيات»‬
‫دورا مهما في التبادل التواصلي‪.".‬‬

‫وتجدر اإلشارة هنا إلى تحديد شهير لـ غوفمان ‪ 1973 Goffman‬يعد أكثر حصرا‬
‫بقليل (ألنه يقصي التفاعالت عن بعد أو المؤجلة‪ ،‬وهو‪" :‬نعني بمصطلح تفاعل (أي التفاعل‬
‫وجها لوجه) تقريبا التأثر المتبادل الذي مارسه المشاركون على أفعالهم الخاصة بكل منهم‬
‫عندما يلتقي بعضهم ببعض التقاء فيزيائيا مباشرا‪ ،‬ونعني بتفاعل واحد مجموع التفاعل الذي‬
‫يحدث في مناسبة ما عندما يكون أفراد مجموعة معينة بعضهم بحضرة بعض بصفة‬
‫متواصلة‪ ،‬ويمكن للفظ <التقاء> أن يصلح لذلك"‪.‬‬

‫التفاعالت اللغوية بأنها تلك التي تحقق أساسا‬ ‫أخيرا بصورة أبسط وأدق يمكن وص‬
‫عن طريق أدوات لغوية مثل التخاطب‪.‬‬

‫‪ .2‬بين تحليل الخطاب وتحليل التخاطب‪:‬‬


‫"يقابل‪ Levinson‬لفنسن ‪ 1983‬في مجال التحليل التحادثي‪ ،‬بين تيارين‪ :‬تحليل‬
‫الخطاب القائم على تحليل النصوص التحادثية تحليال لسانيا تراتبيا والتحليل التحادثي بالمعنى‬
‫الدقيق الذي يندر في حركة اإلثنية المنهجية"‪.‬‬

‫"يتميز التحليل المحادثاتي عن تحليل الخطاب بقدر ما يتميز عن المقاربات التفاعلية‬


‫التي أوحى بها أ‪.‬غوفمان الذي يولي بجانب ضغوط األنساق مكانة هامة بل طاغية للضغوط‬
‫الطقوسية"‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وفي القاموس الموسوعي للتداولية‪ ،‬يثبت كل من جاك موشلر وآن ربول عدة‬
‫خصائص مشتركة بين تحليل الخطاب وتحليل التخاطب منها‪:‬‬

‫‪" ‬يعني تحليل الخطاب وتحليل المحادثة بالخطاب الشفوي أساسا‪ ،‬وبتحليل‬
‫المحادثات الطبيعية على وجه الخصوص"‪.‬‬
‫‪" ‬تهتم المقاربتان‪ ،‬أساسا بالنظام المفسر لتعاقب المحادثات‪ ،‬وتهتمان على وجه‬
‫الخصوص بالمبادئ أو القواعد أو المعايير التي تحقق لها االنسجام ولهذا‬
‫السبب المهم‪ ،‬يتبن أن قسما هاما من األعمال حول االنسجام النصي المنجزة‬
‫في نطاق اللسانيات النصية لم تؤخذ بعين االعتبار في تقليد تحليل المحادثات"‪.‬‬
‫‪" ‬تتمثل الخاصية الثالثة المشتركة بن تحليل المحادثة وتحليل الخطاب في‬
‫كونهما يحيالن‪ ،‬بصفة صريحة أو ضمنية‪ ،‬على منطق األعمال"‪.‬‬

‫فيها تحلل‬ ‫هذا م ن جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فإنهما يثبتان أيضا المظاهر التي اختل‬
‫الخطاب عن تحليل المحادثة‪ .‬وهذه المظاهر هي‪:‬‬

‫‪ ‬مجال اإلحالة‪" :‬فتحاليل الخطاب تستند إلى نسق اللسانيات الشكلية بينما مرجع‬
‫أصول تحاليل المحادثة إلى علم االجتماع التعاملي‪.‬‬
‫‪ ‬المنهج‪" :‬إن االختالف األساسي بين تحليل الخطاب وتحليل المحادثة هو‬
‫اختالف منهجي فتحاليل الخطاب تستعمل منهجية تقليدية خاصة بلسانيات‬
‫الجملة‪....‬أما تحليل المحادثة فقد اعتنى‪ ،‬من جهته‪ ،‬بمسألة تعاقب المقطوعات‪،‬‬
‫أساسا‪ ،‬وال سيما بالقواعد أو المبادئ التي تمكن المشاركين في محادثة ما من‬
‫ترتيب أخذ أدوارهم في الكالم"‪.‬‬
‫‪ ‬ثالث االختالفات بين تحليل الخطاب وتحليل المحادثة هو اختالف ذو طبيعة‬
‫إبستيمية‪ ،‬فإستيمولوجيا تحليل الخطاب إنما هي إبستيمولوجيا المحاكاة أي‬
‫فرضية استنباطية الن غرض تحليل الخطاب منولة المحادثة‪ .‬ومن جهتها فإن‬
‫إبستيمولوجيا تحليل المحادثة اختبارية واستقرائية‪ ،‬إذ يخلص تحليل المحادثة‪،‬‬
‫انطالقا من عدد كبير من المعطيات المحادثية‪ ،‬إلى تعميمات حذرة"‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وهنا يجب أن نوضح أن مصطلح خطاب في "تحليل الخطاب" ومصطلح تخاطب في‬
‫"تحلي ل التخاطب" المذكورين في نقاط االشتراك ونقاط االختالف السابقة الذكر ال يدالن أبدا‬
‫على أن هناك اختالفا في طبيعة المدونة أي أن مصطلح "خطاب" ال يدل على نص من إنتا‬
‫شخص واحد‪ ،‬وأن مصطلح "تخاطب" ال يدل على نص من إنتا شخصين أو أكثر‪.‬‬

‫وعليه فإن مصطلح "خطاب" في تحليل الخطاب‪ ،‬ومصطلح "تخاطب" في تحليل‬


‫التخاطب يحيالن على المدونة نفسها‪ ،‬وإنما القصد من نقاط االشتراك ونقاط االختالف هو‬
‫التنصيص على وجود مقاربتين في تحليل التخاطب‪.‬‬

‫ويمكن االستناد إلى رأي ٍ أثبته موشلر بعد عرض نقاط االشتراك واالختالف‬
‫في تحليل المحادثة‪ ...‬مثاال‬ ‫نصه‪":‬من الممكن عد المنوال التراتبي الوظيفي (لمدرسة) جني‬
‫نموذجيا لمنوال تحليل الخطاب"‪.‬‬

‫فالمنوال التراتيبي هو منوال في تحليل المحادثة‪ ،‬والمنوال الجنيفي (نسبة إلى مدرسة‬
‫جني ) القائم على التناول التراتيبي مثال نموذجي لمنوال تحليل الخطاب‪ ،‬هذا ال يستقيم إال‬
‫في ضوء ما ذكرنا سابقا‪.‬‬

‫ونجد أيضا معجم تحليل الخطاب يتبنى هذا‪" ،‬ويقابل س‪.‬ك ليفنسون (‪ )1983‬في‬
‫مجال التحادثي‪ ،‬بين تيارين‪ :‬تحليل الخطاب (‪ (discourse analysis‬القائم على تحليل‬
‫النصوص التحادثية تحليال لسانيا تراتبيا والتحلل التحادثي (‪(conversation analysis‬‬
‫بالمعنى الدقي الذي يندر في حركة اإلثنية المنهجية ويمثل التيار األول األعمال األولى‬
‫لمدرسة جني "‪.‬‬

‫ونجد في معجم تحليل الخطاب‪ ،‬حديثا عن هذه النقطة‪ ،‬ال يدع مجاال للجدل‪،‬‬
‫نصه‪":‬وهاتان المقاربتان في دراسة الشيء الواحد تفترقان في نقاط مختلفة (قد نوقشت‬
‫بالتفصيل في لفنسون ‪."...)1983‬‬

‫ويدر كل من مانغينو وشارودو هذا الكالم لوعيهم أن هناك شيئا من األخذ والرد‬
‫يحيط بالمصطلح‪ ،‬فقد ذكرا في المدخل‪ :‬تحليل تحادثي أن "عبارة ( ‪analyse‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ )conversationnelle‬المستعملة في الفرنسية هي ترجمة لإلنكليزية ( ‪conversation‬‬
‫‪ ،)analysis‬وهي عبارة تشير إلى تيار من تيارات اإلثنومنهجية‪ ...‬ورغم هذا المعنى الدقيق‬
‫دقة متناهية فإن شيئا من األخذ والرد مكن أن يحيط بهذا المصطلح أحيانا وذلك ألسباب‬
‫مختلفة‪....‬ومن جهة أخرى أمكن استعمال التحليل التحادثي لإلشارة إلى أنماط من تحليل‬
‫المبادالت اللغوية األصلية التي ينتمي إلى سنن غير اإلثنومنهجية وخاصة منها ما يتصل‬
‫بتحليل الخطاب‪.‬‬

‫‪ .3‬التفاعل والمعرفة المشتركة‪:‬‬


‫تبني المعرفة المشتركة أسس عملية التفاعل في المحادثة‪" .‬فيشكل المتكلم خطابه‬
‫انطالقا مما هو مشترك ومفهوم عند غيره ممن يشاركه التلفظ‪ ،‬وتظهر في التفاعل الكالمي‬
‫معرفة مشتركة تساهم في عملية التواصل بين المتكلمين"‪.‬‬

‫أي أن هذه المعرفة المشتركة هي الوسط الحيوي لعملية التفاعل‪ ،‬ولذلك "فإن أي‬
‫تفاعل يمثل إشارة قوية إلى الترابط الحاصل بين األدوار الكالمية التي ينجزها كل مشارك‪،‬‬
‫فيتحول المتكلم من دور إلى آخر وفي ذهنه مجموعة من المقاييس المشتركة مع غيره‪ ،‬فهو‬
‫ينتج كالمه وفق ا لها ويوزعه متقيدا بمسألة الترابط الذي يمكنه من بناء أدوار كالمية سليمة‬
‫ومفهومة"‪.‬‬

‫وتمكن المعارف المشتركة من التفاعل في المحادثة دون فصل مظاهرها الداخلية عن‬
‫مظاهرها الخارجية‪" ،‬إذ إن عملية التفاعل تأتي كتلة واحدة يعبر فيها المتكلم عن فهمه‬
‫للمحادثة وفك رموزه ا من خالل ما يملك من قدرات لسانية وغير لسانية تتفاعل فيما بينها‬
‫لتشكل مفتاحا للفهم وآليات للتأويل"‪.‬‬

‫ولهذه المعارف المشتركة رافدان أساسيان هما‪ :‬البنية اللغوية والبنية االجتماعية‪،‬‬
‫ولذلك "فإن المتكلم وهو ينجز كالمه يعود إلى مرجعين أساسيين في اآلن نفسه‪ :‬مرجع يتعلق‬
‫بما حصله من رصيد لساني يختار منه ما يناسبه لحظة إنجاز الكالم ومرجع يتعلق بالبنية‬

‫‪5‬‬
‫االجتماعية التي أنتجت بنى لسانية استقرت في الذاكرة الجماعية وباتت من إحدى‬
‫خصوصيتها‪.‬‬

‫ويتأثر المتكلمون بثالثة متغيرات في الوضعية الكالمية‪ ،‬وهي "المتغيرات النفسية‬


‫والمتغيرات المعرفية والمتغيرات االجتماعية‪ ،‬التي تساهم في ضبط عملية التلفظ وإنتا‬
‫أشكال كالمية لها خصوصيات هذه المتغيرات ما يجعلها متفقة معها"‪.‬‬

‫إن هذه المتغيرات الثالثة‪ :‬النفسية والمعرفية واالجتماعية تنضاف إلى المرجعين‬
‫السابقين‪ :‬البنية اللسانية والبنية االجتماعية‪ .‬ويمثالن معا ظروف التلفظ‪ ،‬باإلضافة إلى طبيعة‬
‫البنى الخطابية التي على أساسها يحدد المتكلمون شكال تخاطبيا معينا‪.‬لذلك "يضع كل متكلم‪،‬‬
‫وهو ينجز كالمه‪ ،‬في حسبانه مجموعة من االعتبارات تجعله يتقيد بها في أثناء عملية التلفظ‪،‬‬
‫أهمها من يتكلم وإلى من يتكلم؟ ولذلك فاألشخاص كثيرا ما يتطلبون أكثر من شكل واحد‬
‫للكالم وبالطبع فهم قادرون على طلب معرفة أكثر من مجموعة ضوابط في عملية التلفظ"‪.‬‬

‫إن كل ما أتينا على ذكره فيما يتعلق بالمعرفة المشتركة وما يحيط بها من مفاهيم‬
‫يصب في تحديد الداللة‪ .‬فالداللة ليست في ذهن المتكلمين وليست في العالم وإنما هي في‬
‫المعرفة المشتركة‪.‬‬

‫‪ .4‬تحليل التخاطب‪:‬‬
‫إن أول مسألة ينبغي أن تذكر هنا هي "التأكيد على إزالة الفصل بين النص والمحادثة‬
‫وإفساح مكان جوهري لتحليل المحادثات ‪ ...‬وعلى الرغم من أن ثمة تسويغا لدمج مشكالت‬
‫تحليل المحادثة في مدخل لغوي نصي فإنه يبدو من المفيد أن تبرز هنا مرة أخرى حجتان‬
‫لمعالجة تكاملية للنصوص والمحادثات"‪.‬‬

‫تقوم الحجة األولى على وجوب التأكيد على أن المحادثة تصور شكل التفاعل اللغوي‬
‫تصويرا رائعا‪ ،‬شكال يتفاعل من خالله المشاركون في الفعل في سياق يحدد تفاعال مباشرا‪،‬‬
‫ُجرون نشاطا منظما تعاونيا‪ .‬أما الحجة الثانية فإنه يعزى للمحادثة لذلك أيضا مكان‬
‫ومن ثم ي ُ‬
‫خاص في أفكار تحليل النص إذ إن المحادثات هي الشكل األصلي للنشاط اللغوي‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫وعلى أساس هاتين الحجتين التي مفادهما أن التخاطب هو الشكل األصلي للنشاط‬
‫اللغوي أوال‪ ،‬وأنه قادرا على تصوير التفاعل اللغوي تصويرا رائعا ثانيا فإنه "تنبغي‬
‫المطالبة بتجاوز الفصل بين المجالين العلميين الذي لم يعد يتمسك به‪ ،‬الذي أدى لتجاوزها‬
‫لعقد من الزمان إلى تعاضد بناء بين تحليل النص وتحليل المحادثة"‪.‬‬

‫إلى جانب مصطلح (تخاطب) هناك مصطلحات أخرى تتقارب مع هذا المصطلح‬
‫وتتداخل معه أحيانا مثل‪ :‬الحوار والتحادث والتواصل والتبادل‪ .‬وال سبيل إلى التمييز بين هذه‬
‫المفاهيم إلى ضمن نموذ نظري محدد‪" .‬وهكذا فإنه يوجد في المراجع إلى جوار المقولة‬
‫هذه‬ ‫األساس «محادثة» الحوار والتحادث أيضا حيث تستخدم بعض مقترحات النماذ‬
‫التصورات مترادفة"‪.‬‬

‫بعد الحديث عن المصطلح‪ ،‬يجب ههنا الحديث عن كنه التخاطب‪ ،‬عن طبيعته‬
‫ومكوناته‪ ،‬عن هذا الشيئ الذي يسمى "تخاطبا"‪ .‬يمكن تحديد المحادثة عن طريق أفعال يتم‬
‫من خاللها افتتاح عملية التخاطب "أي أن إنجاز هذه األفعال يفضي ضرورة إلى وسط‬
‫المحادثة وتفترض أفعال مماثلة إلنهاء المحادثة ويقع ما يسمى بوسط المحادثة بين افتتاح‬
‫المحادثة وإنهائها الذي يحدد شكليا بأنه يتأخر عن االفتتاح ويتقدم على اإلنهاء‪ ،‬ومع ذلك ال‬
‫خالف في أن ذلك ليس كافيا بأية حال لتحديد المكونات المفردة للمحادثة‪ .‬ومع ذلك فما يزال‬
‫من غير الممكن عمل حدود موضوعية بين هذه األجزاء الثالثة للمحادثة وتكمن الصعوبة‬
‫الرئيسية كما كانت الحال من قبل في تحديد ما يسمى وسط المحادثة أو مرحلة تحقيق الهدف‬
‫عن المبادئ البنوية لتنظيمها والخواص الوظيفية المرتبطة بها"‪.‬‬ ‫تحديدا دقيقا والكش‬

‫هذه األفعال‪ :‬أفعال االفتتاح التي تفضي إلى الوسط‪ ،‬وأفعال اإلنهاء تسمى وحدات‬
‫التخاطب "ويمكن أن يقرر فيما يتعلق بتحديد وحدات المحادثة وبخاصة بوحدات البنية‬
‫الكبرى لما يسمى بوسط المحادثة أن متكلما ما يحاول أن يجعل مضامين الوعي في محادثة‬
‫ما غير مباشرة‪ ،‬يبنى هذه المضامين ويصورها في وحدات داللية (أساسية)‪ .‬وتتبع عملية‬
‫البناء الداللي للوحدات فيما يبدو أوجه االطراد والقيود ذاتها‪ ،‬التي تعد مميزة لنصوص‬
‫الحوار الذاتي (الداخلي)‪ ،‬أي أن الوحدات الداللية األساسية ال يمكن أن تدمج في وحدات‬

‫‪7‬‬
‫أكثر تعقيدا إال حين توجد بين القضايا عالقات ربط قضوية داخلية‪ ،‬وحين توجد بين األحوال‬
‫التي تعكسها صالت أو يمكن إقامتها‪ ،‬وبذلك يمكن أن تحد وحدات الموضوع في المحادثات‬
‫على أساس قيود الربط هذه‪ ،‬أو حتى يمكن أن تدرك هذه العمليات الخاصة ببناء داللي‬
‫للوحدات إدراكا كافيا من خالل نظرية‪ ،‬فإنه يبدو من الضروري أن يحل محل المفهوم‬
‫االستاتيكي للمعنى الذي يعد أساسا تصور البنية الكبرى وتصور الموضوع أيضا تصور‬
‫دينامي للمعنى‪ ،‬يقيم عالقة متبادلة بين عمليات البناء الداللي للوحدات وعمليات إنتا‬
‫المحادثة وتفسيرها ويعد وحدات البنية الكبرى هذه شرطا ضروريا لمعالجة النص‪ .‬ولعله‬
‫بذلك ل م يعد ينظر إلى المعنى على أنه ظاهرة خاصة بباطن النص أو المحادثة‪ ،‬بل بوصفه‬
‫نتيجة ألنشطة أساسية‪ ،‬يؤديها شركاء التفاعل في المحادثة"‪.‬‬

‫وبإشراك المكون الداللي في تحديد وحدات التخاطب سواء الوحدات الكبرى منها أو‬
‫الصغرى‪ ،‬فإن األمر يتجه أكثر نحو الصعوبة "ويسلك كل من أهليش‪ ،‬ريهباين (‪،)1972‬‬
‫وفريتش‪ ،‬هونزنور شر (‪ )1975‬ومارتنز(‪ )1974‬وبتن(‪ )1976‬وشونتال(‪)1989‬‬
‫وفوندرليش(‪ )1973‬و(‪ )1976‬طريقا بديلة في تحديد وحدات البنية الكبرى في المحادثة‬
‫تتابعات المحادثة‬ ‫ينتقلون فيها مقوالت التحليل الخاصة بنظرية الفعل الكالمي إلى وص‬
‫االتهام_التبرير‪ ،‬أن متكلما ما‬ ‫والمحادثا ت بأكملها‪ .‬وهكذا يبين فريتش بمساعدة نموذ‬
‫يستطيع أن يعتذر في حركة مضادة لالتهام أو يدافع عن نفسه أيضا‪ ،‬بأن يرد عن نفسه التهمة‬
‫في حال الدفاع‪ ،‬وينكر مسؤوليته أو يقدم تبريرا‪ ،‬يمكن أن يسحب فيه التهمة في حركة‬
‫مضادة أخرى ويوضح حجته"‪.‬‬

‫كما يجب التنبيه إلى جذور الــ ‪ C A‬التي تعود إلى التحليل العرقي‪ ،‬إذ "نشأ تحليل‬
‫المحادثة إثر نشأة علم اإلتنوميتودولوجيا وتمييز بسمات خاصة به ويهتم بدراسة نظام‬
‫المحادثة اللساني واالجتماعي باالعتماد على تسجيل المحادثات وفحصها فحصا دقيقا‪ .‬ويهتم‬
‫أيضا بدراسة ال نظام الداخلي لألدوار الكالمية كما يساعد على معالجة تفاصيل الحياة‬
‫اليومية"‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ورغم أن التوجهات في تحليل المحادثة عديدة‪ ،‬إال انه يمكن تصنيفها إلى تيارين‬
‫أساسيين هما‪:‬‬

‫‪ ‬تيار يعنى بالجوانب الشكلية البنوية والتنظيمية‪ ،‬تمثله أعمال كل من ساكس‬


‫وشجلوف وجفرسن‪.Sacks, Schegloff, Jefferson .‬‬
‫‪ ‬وتيار يهتم بدراسة الجوانب التداولية والتفاعلية واالجتماعية وتمثله أعمال‬
‫غرايس ‪ ، Grice‬فان دايك ‪ ،Van Dijk‬وسيرل ‪.Searle‬‬

‫"ويمكن أن نفهم تحلل المحادثة على أنه بعد خاص في التحليل الذي يمكن أن يستعمل‬
‫لبلوغ نوع خاص من بعد نظري وتنظيمي يتعلق بطرق التفاعل بين أفراد المجتمع‪ .‬وقد ذهب‬
‫القدرات‬ ‫"هرتا ‪ )1984( Heritage‬إلى تحليل المحادثة له هدف مركزي يتمثل في وص‬
‫التي يستعملها المتكلم وتفسيرها قصد المشاركة‪.‬‬

‫تحليل التخاطب في تحليل الخطاب وينزع منه‬ ‫وهناك من الدارسين من يدر‬


‫استقالليته‪ ،‬ويرى أنه فرع م ن فروع تحليل الخطاب‪" ،‬إن دراسة تحليل الخطاب لم تتغافل‬
‫عن دراسة تحليل المحادثة بصفتها مظهرا من مظاهر تحليل الخطاب الشفوي‪ ،‬وقد رأى‬
‫كيفية اشتغال المحادثة‬ ‫الدارسون‪ ،‬في هذا المجال‪ ،‬أن تحليل المحادثة يقوم على وص‬
‫وتفسيرها"‪.‬‬

‫ويمكن إجمال القضايا التي يعني بها تحليل التخاطب في‪:‬‬

‫‪ ‬كيفية إنتا المتكلم الكالم وتأويله قصد التواصل مع اآلخر‪.‬‬


‫عن طبيعة بناء المحادثة من جوانب لسانية وبرغماتية‪ ،‬إذ يرى‬ ‫الكش‬ ‫‪‬‬
‫"مواشالر ‪ "Moeschler‬أنه يتعين على دارس المحادثة اإلجابة عن سؤالين‬
‫رئيسيين‪ ،‬يتعلق األول بالبرهنة على الدراسة التي تهتم بالمحادثة وليس‬
‫بالجملة ويتعلق الثاني بإمكانية تحليل اللغة تحليال براغماتيا (‪ ،1992‬ص‪110‬‬
‫‪..." .) 111 ،‬فارتبط تحليل الخطاب باللسانيات عامة وأصبح تحليل المحادثة‬
‫مقاربة من تحليل الخطاب"‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫االنتظام‪ ،‬إذ "تهدف‬ ‫بناء على ذلك فإن الهدف األساسي لتحليل التخاطب هو توصي‬
‫طرق تحليل المحادثة إلى البحث في كيفية انتظام عملية التلفظ وتخضع هذه التفاصيل الختيار‬
‫قائم على منهج في التحليل يساعد على فهم المحادثة وتنظيمها"‪.‬‬

‫‪ .5‬التخاطب‪:‬‬
‫أما فيما يخص التخاطب فإنه عد أكثر تحديدا من مصطلح التفاعل‪ ،‬بل أكثر من ذلك‪،‬‬
‫إذ "يستعمل* في حقل تحليل الخطاب في معنى ضيق يشير إلى نمط مخصوص من‬
‫التفاعالت اللغوية"‪.‬‬

‫وعليه فالتخاطب بحسب ما يذهب إليه المعجم هو "فن الحديث المتحضر"‪ ،‬كما يعد‬
‫أيضا نمطا من أنماط التفاعل‪ ،‬ويؤسس كل هذا انطالقا من أعمال كل من (شغلوف ‪،1968‬‬
‫‪.‬‬
‫ولفنسن ‪")1983‬‬

‫وإذا كان التخاطب نمط من أنماط تفاعلية أخرى‪ ،‬فالبد له من شيء يميزه عن باق‬
‫األنماط‪ ،‬هذا الشيء هو كون التخاطب "نشاط مجاني"‪.‬‬

‫هذا النوع من التفاعل الخالي من الفائدة المباشرة واآلنية‬ ‫ويمكن حينئذ "أن نص‬
‫وحيث نتكلم خاصة لمجرد الكالم من باب المتعة أو اللعب أو اآلداب"‪.‬‬

‫يقصي كل عمليات التخاطب ذات المنفعة أو الهادفة إلى‬ ‫ونالحظ أن هذا التعري‬
‫شيء معين‪ ،‬أو تلك التي تتوخى تحصيل منفعة مستقبلية‪" .‬وكثير من الباحثين خاصة في‬
‫البلدان األنغلوسكونية‪ ،‬يرون أن الخطاب نشاط تفاعلي أساسا‪ ،‬يماهون قليال أو كثيرا تحليل‬
‫الخطاب بالتحليل التحادثي"‪.‬‬

‫إذا انتقلنا إلى مصطلح آخر يعد لصيقا بالتخاطب والذي هو التحليل التخاطبي الذي‬
‫تتجاذبه مقاربتان األولى "تستعمل كلمة المحادثة في معنى أجناسي‪ ،‬والثانية تستعمل التحليل‬
‫التحادثي لإلشارة إلى أنماط من تحليل المبادالت اللغوية األصلية التي تنتمي إلى سنن أخرى‬
‫غير اإلثنومنهجية وخاصة منها ما يتصل بتحليل الخطاب"‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫هاتان المقاربتان تفترقان في نقاط كثيرة يتجاوزها أ‪.‬رولي‪ .Roulet.‬في كتابه‬
‫‪" :"L’articulation du discours en français contemporain‬تمفصل الخطاب في الفرنسية‬
‫الحديثة "إذ هو ال يميز المحادثات عن بقية أشكال الخطاب‪ ،‬يقول‪" :‬إني أستعمل لفظ خطاب‬
‫بكيفية أجناسية ألشير إلى كل إنتا يحصل عن تفاعل تغلب عليه اللغة سواء أكان حواريا أم‬
‫حواريا أحاديا‪ ،‬شفويا أم مكتوبا تلقائيا أم بالصنعة في أبعاده اللسانية والنصية و المقامية"‪.‬‬

‫تتحدث كربرات‪-‬أوركيوني في كتابها "‪" "La conversation‬التخاطب" وفي الفصل‬


‫األول تحديدا عن التخاطب في سياقه العام‪ ،‬حيث أدرجت أنواع التفاعل والتفاعل اللغوي‬
‫أنماط التفاعل اللغوي‪ ،‬لتنتهي بعد ذلك إلى ثالث خالصات‬ ‫وغير اللغوي إضافة إلى مختل‬
‫عن التخاطب هي‪:‬‬

‫‪ ‬يشكل التخاطب نمطا مخصوصا من التفاعالت اللغوية‪.‬‬


‫‪ ‬وبصورة أدق‪ ،‬يدرس التخاطب عموما كصيغة نمطية عليا أي الصيغة األكثر‬
‫العامة للتفاعالت اللغوية‪.‬‬ ‫اشتراكا والممثلة للوظائ‬
‫‪ ‬التبادالت التواصلية الحقيقة ليست بالضرورة أنماطا عليا بحتة‪.‬‬

‫نالحظ غالبا في مجرى تفاعل معين‪ ،‬انزالق جنس إلى جنس آخر مثال من ثرثرة غير‬
‫لطيفة إلى الئحة احترافية في تفاوض تجاري أو استشارة طبية‪" .‬بينما تعتبر استعارات‬
‫أخرى المحادثة تقاطعا مروريا يشتمل على حركة متعاقبة كثيفة دون أية حوادث اصطدام"‪.‬‬

‫وعليه يمكن القول أن التخاطب شكل من أشكال الحياة‪ ،‬على أساس أن استعمال اللغة‬
‫البد له من تشارك‪ .‬ألن "الخطاب ال يكون إال في مخاطبة وهذا اللفظ نفسه مصدر خاطب فال‬
‫يتصور خطاب إال في حال خطابية مع مخاطب معين"‪ .‬فمعنى المشاركة في الصيغة بُدأة‪،‬‬
‫"فالتخاطب كتبادل هو الذي يكون الموضوع للتحليل اللغوي واالهتمام بصفة خاصة بجزء‬
‫منه وال يعني أبدا التخلي عن النظر في المجموعة التي ينتمي إليها كخطاب متبادل"‪.‬‬

‫ويُذ َكر التخاطب في المراجع كثيرا بوصفه معيارا جوهريا للتفريق بين النصوص‬
‫بصفتها وحدات منطوق خاصة بحديث انفرادي ومحادثات‪" ،‬ذلك المعيار الذي مفاده أن‬

‫‪11‬‬
‫المحادثات ينشئها شركا تفاعل على األقل‪ ،‬بينما يفترض أنه ليس للنص إال منتج واحد‪،‬‬
‫ويمكن أن ينتج النص بوجه عام على نحو جماعي‪ ،‬ويستنتج أيضا من هذا التفريق كيرا أن‬
‫المحادثات بناء على ذلك تفهم على أنها في حد ذاتها وحدات تفاعلية‪ ،‬بينما تنكر هذه التفاعلية‬
‫على النصوص"‪.‬‬

‫يقول كولثارد‪" :‬إننا في البداية نشعر بالحاجة إلى مستويين فقط من التلفظ والتخاطب‪،‬‬
‫فالتلفظ والتخاطب‪ ،‬فالتلفظ يعرف بأنه كل ما يقال من قبل المتكلم قبل أن يتكلم شخص آخر‬
‫أما التخاطب فإنه تلفظان أو أكثر"‪.‬‬

‫"تتطلب المحادثة بوصفها تفاعال كالميا وجود كقابلة بين شخصن أو عدة أشخاص‬
‫من مجموعة لسانية تتمتع بسجل تواصلي موحد وبخصوصيات اجتماعية ونفسية تتعلق‬
‫بالمكانة االجتماعية وبالوضعية التي يدور فيها التفاعل"‪.‬‬

‫"وتتمثل المحادثة في األسس المباشرة األولى للعالقات االجتماعية بين األشخاص‬


‫وهي مسألة تظهر في كل وقت‪ ،‬وتتكون المحادثة من التبادل الكالمي والنغمي‪ ،‬فهي مسألة‬
‫مشتركة بالنسبة إلى تطور التجربة االجتماعية نفسها"‪.‬‬

‫وتلخص كربرات‪-‬أوركيوني خصائص التخاطب في ثالث نقاط كبرى‪:‬‬

‫‪ .1‬تكون المخاطبات نوعا خاصا من التفاعالت الكالمية‪.‬‬


‫‪ .2‬تعبر المخاطبات عامة عن الشكل األول لمادة التفاعل‪.‬‬
‫‪ .3‬ليس بالضرورة أن تكون التبادالت االتصالية الحقيقية مصنفة تصنيفا دقيقا ونؤكد‬
‫أنه غالبا ما تقع بعض االنزالقات من تفاعل إلى آخر في نفس مجرى التفاعل‪.‬‬

‫وتؤكد ترافرسو ‪ Traverso‬على أن للتخاطب خصوصيات داخلية وخارجية‪" ،‬تتمثل‬


‫الخصوصيات الداخلية في مظهر التبادل على أساس أن كل متكلم يتحول إلى سامع ثم يعود‬
‫إلى مرتبة المتكلم وهذا التعاقب الذي يختص به التخاطب يميزه عن كل وضعيات الكالم‬
‫األخرى مثل المحاضرات أو الخطب السياسية‪ .‬ويعد تعاقب األدوار في التخاطب دون إعداد‬
‫مسبق‪ ،‬سمة تمييزية في تحديدها"‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ويمكن أن نحدد التخاطب بصفة أكثر بساطة من خالل قو ٍل لطه عبد الرحمان‪" :‬وأن‬
‫«التخاطب» هو إجماال عبارة عن إلقاء جانبين ألقوال بغرض إفهام كل منهما اآلخر مقصودا‬
‫معينا"‪.‬‬

‫ثم ال يجد طه عبد الرحمن بدا من الربط بين التخاطب من جهة والقواعد التي تنضبط‬
‫بها عملية التخاطب على مستويين‪:‬‬

‫‪ ‬المستوى التواصلي أو التبليغي‪.‬‬


‫‪ ‬المستوى التعاملي أو التهذيبي‪.‬‬

‫يقول‪" :‬ولما كان التخاطب يقتضي إشراك جانبين عاقلين في إلقاء األقوال وإتيان‬
‫األفعال‪ ،‬لزم أن تنضبط هذه األقوال بقواعد تحدد وجوه فائدتها اإلخبارية أو قل «فائدتها‬
‫التواصلية»‪ ،‬نسميها بــــ«قواعد التبليغ»‪ ،‬علما بأن مصطلح «التبليغ» موضوع للداللة على‬
‫التواصل الخاص باإلنسان‪ ،‬كما لزم أن تنضبط هذه األفعال بقواعد تحدد وجوه استقامتها‬
‫األخالقية أو قل «التعاملية»‪ ،‬نسميها بــــ «قواعد التهذيب» مع العلم بأن مصطلح «التهذيب»‬
‫موضوع للداللة على التعامل األخالقي‪ .‬ومعروف أن التخاطب في كال وجهيه‪ ،‬التواصلي أو‬
‫اآلفاق العلمية من منطقيين‬ ‫التبليغ والتعاملي أو التهذيبي‪ ،‬أخذ يشغل الباحثين من مختل‬
‫ولسانيين وفالسفة واجتماعيين ونفسانيين‪.‬‬

‫‪13‬‬

You might also like