You are on page 1of 21

‫الحقوق المتعلقة بالتركة‪:‬‬

‫والخالصــة‪ :‬أن تصنيف األموال والحقوق المتعلقة بالتركة يمكن تقسيمها على النحو االآتى‪:‬‬
‫الصنف االول‪ :‬مااتفق الفقهاء على اعتباره من التركة‪:‬‬
‫ـ األموال بكافة أنواعها‪ ،‬سواء كانت عقارات أو منقوالت في حيازة الميت عند وفاته أو في‬
‫حيازه غيره كالمستأجر أو المستعير‪.‬‬
‫‪.‬االموال التي يستحقها المورث ولم يتسلمها بعد‪ :‬كالديون التي له في ذمة الغير‪ ،‬وكالدية‬
‫الواجبة بالقتل الخطأ‪.‬‬
‫‪.‬الحقوق العينية التي ليست بمال في ذاتها‪ ،‬ولكنها تقوم بالمال أو تتصل به مثل‪ :‬حقوق‬
‫االرتفاق‪ :‬كحق الشرب‪ ،‬والمرور والمسيل‪ ،‬وحق التعلى‪ ،‬واألموال التي يتعلق بها حق عيني‬
‫كالعين المرتهنة‪.‬‬
‫الصنف الثانى‪ :‬مااتفق الفقهاء على عدم اعتباره من التركة‪ :‬وهى الحقوق الشخصية‬
‫المحضة مثل‪ :‬حق الحضانة‪ ،‬وحق األب في الوالية على مال الصغير‪ ،‬وحق الوصى في‬
‫االشراف على مال من هو تحت واليته‪ ،‬والحق في والية التزويج‪ ،‬وحق الموظف في‬
‫الوظيفة‪.‬‬
‫الصنف الثالث‪ :‬مااختلف الفقهاء في دخوله في التركة من عدمه‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ المنافع‪ :‬مثل حق االنتفاع بالعين المؤجرة‪ ،‬وحقوق الملكية األدبية والفنية والصناعية‪.‬‬
‫فقد رأى االحناف انها التعد من األموال؛ ألنه اليمكن حيازتها‪ ،‬فهى تستهلك في وقتها‬
‫باالستعمال‪ ،‬؛ وصفة المالية ال تثبت إال بالتمول والتمول صيانة الشيء وإح ارزه‪ ،‬وأن هذه‬
‫المنافع ال تبقى زمانين‪ ،‬بل تكسب في حينها‪ ،‬فال تكون فيها خالفة وال تورث‪ ،‬وبهذا فهي ال‬
‫تعتبر من التركة من ذلك‪ :‬حق االجارة‪ ،‬والوقف‪،‬واالعارة والوصية بالمنفعة‪ ،‬فال تعد هذه‬
‫الحقوق من األموال والتنتقل الى الورثة‪.‬‬
‫‪.‬أما المنافع فقد رجح الجمهور فيها الجانب المالي ومن ثم تعتبر ترك ًة وتورث‪ :‬ألن الغرض‬
‫من شراء األعيان هو الحصول على منافعها‪.‬‬
‫والرأى الراجح والذى أخذ به القانون المدنى المصرى هورأى جمهور الفقهاء؛ وهو أن‬
‫المنافع من األموال التي تدخل في التركة‪ ،‬وتنتقل الى الورثة بعد موت مورثهم؛ ألنه يتفق مع‬
‫أغراض الناس الذين يدفعون أموالهم ليتملكوا منافعها‪ ،‬ومع طبائع األشياء‪.‬‬

‫‪- 2‬الخيارت الشخصية مثل خيارالشرط والرؤية وخيار العيب‪ :‬فقد ذهب االحناف‬
‫الى انها ليست من األموال فال تدخل في التركة؛ ألنها متعلقة بإرادة المورث ومرتبطة‬
‫بشخصه‪ ،‬وتزول مع موته‪.‬‬
‫أما الجمهور فيرون انها تتعلق بالمال‪ ،‬ومن ثم فهى تدخل في التركة وتنتقل الى الورثة‪.‬‬
‫والراجح ماذهب اليه الجمهور من انتقال الحق في الخيارات الى الورثة؛ دفعا للضرر‬
‫عنهم‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ حق الشفعة‪ :‬ذهب االحناف الى انه حق شخصى يتعلق بإرادة واختيار المورث‪،‬‬
‫ويزول بموته‪ ،‬فال يدخل في التركة‪ ،‬وال يطالب به الورثة‪.‬‬
‫أما الجمهور فقالوا‪:‬هو من الحقوق الشخصية التي تتعلق بالمال؛ فتدخل في‬
‫التركة وتنتقل الى الورثة‪.‬‬
‫والراجح الذى أخذت به محكمة النقض المصرية هو‪ :‬رأى الجمهور فى انتقال الحق في‬
‫الشفعة الى الورثة؛ ألنه قد توافرت فيه عناصر المالية من التقوم والنفع‪ ،‬بجانب دفع الضرر عن‬
‫الورثة‪.‬‬
‫الحقوق المتعلقة بالتركة ‪:‬‬
‫يموت االنسان وتلحق بتركته حقوق يجب إخراجها منها عند وجود أسبابها‪ ،‬منها‬
‫ما يكون للميت وهي التجهيز‪ ،‬ومنها ما يكون عليه وهي الديون‪ ،‬ومنها ماال يكون للميت وال‬
‫يكون عليه‪ ،‬فهذه إما أن تكون اختيارية وهي الوصية وإما أن تكون اضط اررية وهي الميراث‪.‬‬
‫وبناء عليه يمكن اجمال الحقوق المتعلقة بالتركة على النحو اآلتى‪:‬‬
‫(‪ )1‬تجهيز الميت‬
‫(‪ )2‬الوفاء بديون الميت‬
‫(‪ )3‬انفاذ وصايا الميت‬
‫(‪ )4‬توزيع الباقى من التركة على الورثة‬
‫اتفق الفقهاء على تقديم نفقات التجهيز على الوصية والميراث‪ ،‬ولكنهم اختلفوا في عدد هذه‬
‫الحقوق على النحو اآلتى‪:‬‬
‫أوال‪ :‬حق اخراج نفقات تجهيز الميت‪:‬‬
‫وهو ما يحتاج إليه من حين موته إلى أن يوارى في التراب من نفقات تغسيله وتكفينه وحمله‬
‫ودفنه إلى غير ذلك مما يقتضيه تجهيزه على وفق ما جاء به الشرع مع مراعاة ما يليق بأمثاله‬
‫بحسب يساره وإعساره من غير إسراف وال تقتير‪.‬‬
‫اختلف الفقهاء في تقديم نفقات تجهبز الميت على سائر الديون المتعلقة بالتركة على النحو‬
‫االآتى‪:‬‬
‫الرأي األول‪ :‬يرى تقديم نفقات تجهيز الميت على سائر الديون‪ ،‬ساء أكانت عينية ام شخصية‪،‬‬
‫وهو رأى الحنابلة ومن وافقهم‪ ،‬وقد استندوا الى أن التجهيز من الحاجات األصلية لإلنسان‪،‬‬
‫وحاجاته األصلية مقدمة على سائر الديون حال حياته‪ ،‬وعند إفالسه يبقى له قوته وملبسه وال‬
‫يباع شيء من ذلك في دينه مع تحقق القدرة على اكتساب ثوب آخر يسترعورته‪ ،‬فأولى تقديم‬
‫الحاجات األصلية بعد مماته‬
‫الراى الثانى ويرى‪ :‬تقديم الديون العينية على نفقات تجهيز الميت كالمبيع الذى اشتراه الميت‬
‫ولم يدفع ثمنه‪ ،‬والمرهون من أموال الميت في يد المرتهن‪ .‬وهذ ماذهب اليه الجمهور‬
‫والراى الراجح الذى اخذ به قانون المواريث المصرى هوقول الحنابلة بتقديم نفقات تجهيز‬
‫الميت على سائر ديونه ولو كانت عينية‪ ،‬الكرام الميت ورفع المهانة والحرج عن اهله‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬من تلزمه نفقتهم من األقارب كالوالدين واألوالد‪:‬‬


‫ذهب الجمهور الى أن نفقات تجهيز هؤالء من تركة الميت؛ ألن نفقة هؤالء كما تلزمه في‬
‫حال حياته فان نفقة تجهيزهم تجب عليه من تركته بعد مماته كما تجب عليه في حال حياته‪.‬‬
‫وهذا ماذهب اليه جمهور الفقهاء من الشافعية وأبي يوسف من الحنفية والحنابلة ؛ ألن التجهيز‬
‫من النفقة الواجبة عليه حال حياته فتجب كذلك عليه بعد وفاته واما المالكية فيرون انه التجب‬
‫على الميت نفقات هؤالء األقارب او غيرهم اال اذا كان من الخدم‪.‬‬
‫ولعل الراجح الذى اخذ به قانون المواريث المصرى هو‪ :‬ما ذهب إليه أصحاب القول األول‬
‫من وجوب نفقة تجهيز األقارب الفقراء على الشخص في حال حياته ومن تركته في حال‬
‫وفاته‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬نفقات تجهيز الزوجة‪:‬‬


‫ذهب ابوحنيفة ومن وافقه الى ان نفقات تجهيز الزوجة الميتة يكون من مال الزوج‪ ،‬ولو‬
‫كانت الزوجة غنية‪ ،‬بينما يرى جمهور الفقهاء ان نفقات تجهيز الزوجة واجب في مال زوجها‬
‫سواء اكانت غنية او فقيرة‪ ،‬الن سبب االنفاق وهو عقد الزواج قد انتهى بالوفاة‪.‬‬
‫والــــ ـراى الــــ ـراجح الــــــذى اخــــــذ بــــــه قــــــانون المواريــــــث المصــــــرى هو و وووراى ابو و ووى حنيفو و ووة‬
‫م و و وون وج و و وووب تجهيو و و ووز الزوج و و ووة مو و و وون م و و ووال زوجه و و ووا؛ الن نفقو و و ووة التجهي و و ووز فو و و ووي ح و و ووال الوفو و و وواة‬
‫تشو و و ووبه نفقو و و ووة الزوجو و و ووة فو و و ووي حو و و ووال حياتهو و و ووا‪ ،‬فكمو و و ووا يلو و و ووزم الو و و ووزوج نفقو و و ووة كسو و و وووة الزوجو و و ووة فو و و ووي‬
‫ح و و ووال حياته و و ووا فانه و و ووا تلزم و و ووه ه و و ووذه النفق و و ووة ف و و ووي ح و و ووال وفاته و و ووا وه و و ووى نفق و و ووات الكف و و وون ونح و و وووه‬
‫ولو كانت غنية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬حق تأدية الديون الثابتة في ذمة الميت‪:‬‬
‫الديون وهي القروض الثابتة في الذمة على سبيل المعاوضة بسبب من األسباب الموجبة له‬
‫وهي تتمثل في العقود كالبيع واإلجارة كما تشمل الديون النقدية‪ ،‬وتشمل ايضا‪:‬‬
‫الحقوق العينية ويقصد بها الديون التي لها تعلق بأعيان األموال قبل وفاة المدين ويطلق عليها‬
‫في القانون الديون الممتازة أو الموثقة‬
‫الديون المطلقة ( العادية ) وهي التي تتعلق بذمة المدين دون أن تتعلق بشيء من أعيان‬
‫أموال التركة‪ ،‬وتسمى في العرف القانوني بالديون غير الممتازة‪.‬‬

‫أم و ووا األول و ووى فه و ووي المتعلق و ووة بع و ووين م و وون أعي و ووان الترك و ووة‪ ،‬مث و وول ال و وودين المض و وومون بع و ووين‬
‫مرهون و ووة أي دي و وون ال و وورهن المتعل و ووق ب و ووالعين المرهونو و ووة‪ ،‬ف و ووإن المو و ورتهن أح و ووق ب و ووالعين المرهونو و ووة‬
‫حت و ووى يس و ووتوفي مال و ووه منه و ووا‪ ،‬وك و وودين ثم و وون المبي و ووع المحب و وووس عن و وود الب و ووائع ب و ووالثمن‪ ،‬ف و ووإذا م و ووات‬
‫المش و ووتري ول و ووم يدفع و ووه ف و ووإن الب و ووائع أح و ووق ب و ووالمبيع حت و ووى يس و ووتوفي ثمن و ووه‪ ،‬وك و وودين أجو و ورة ال و وودار‬
‫المس و و ووت أجرة الت و و ووي عجله و و ووا المس و و ووتأجر ث و و ووم م و و ووات الم و و ووؤجر قب و و وول مض و و ووي م و و وودة اإلج و و ووارة‪ ،‬ف و و ووإن‬
‫المستأجر أحق هو اآلخر بالعين التي استأجرها‪.‬‬
‫وأمو و ووا الثانيو و ووة أي المطلقو و ووة أو المرسو و وولة فهو و ووي التو و ووي لهو و ووا تعلو و ووق بذمو و ووة المو و وودين دون أن تتعلو و ووق‬
‫بشو و وويء مو و وون أعيو و ووان أم و و ووال التركو و ووة‪ ،‬كو و وودين القو و وورض مو و ووثالً أوديو و وون المهو و وور‪ ،‬وسو و ووميت مطلقو و ووة‬
‫ومرس و وولة إلطالقه و ووا عو و وون التعل و ووق بأعيو و ووان الترك و ووة‪ ،‬فهو و ووذه تقض و ووى مو و وون جمي و ووع مو و ووا تبق و ووى مو و وون‬
‫األموال بعد قضاء مؤن التجهيز والديون العينية؛‪ ،‬وهذه نوعان‪:‬‬
‫تنقسم الديون باعتبار الدائن الذي ثبت له الحق إلى نوعين‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬حقوق هللا‪ ،‬وهي الحقوق الواجبة هلل تعالى في المال‪ ،‬وهذه الحقوق تصل في واقع‬
‫األمر إلى الفقراء والمساكين‪ ،‬وإنما أسندت هلل تعالى تعظيماً لشأنها وتنبيهاً إلى وجوب أدائها‬
‫وإن كان ليس لها مطالب من جهة العباد كالزكاة والكفارات والنذور‪ ،‬وقد اختلف الفقهاء في‬
‫اعتبار إخراجها من عدمه على قولين‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬لألحناف حيث يرى هؤالء أن الميت إذا لم يوص بها‪ ،‬فإنه تسقط وال يجب على‬
‫الورثة إخراجها من التركة ؛ ألن تادية ديون هللا عبادة‪ ،‬والعبادة تحتاج إلى نية وفعل من‬
‫المكلف‪ ،‬وهذان قد فاتا بموته‪ ،‬فال يتصور بقاء هذه الديون عليه بعد موته‪ ،‬بخالف ديون العباد‬
‫التي ال تحتاج إلى نية وال إلى فعل من المكلف‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬يرى الجمهور أن حقوق هللا ال تسقط بالموت‪ ،‬فهي تخرج من التركة‪ ،‬أوصى‬
‫الميت بها أو لم يوص‪ ،‬فال اعتبار فيها لنيته وال لعمله كما هو في العبادة بدليل أن الزكاة‬
‫تخرج من مال الصغير وهو غير مكلف‪ ،‬وأن لولي األمر حق أخذها عنوة ممن يجحدها لقوله‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬حقوق العباد وهي التي تثبت في ذمة المتوفى نتيجة تعامله مع الناس كالقروض‬
‫والمهر واألجرة ونحو ذلك‪.‬‬
‫واألصل في ديون العباد أنها تتعلق بذمة المدين حال حياته وتتعلق بتركته بعد موته‪ ،‬ومنها ما‬
‫يتعلق بأعيان التركة فتظل كذلك حتى بعد وفاته ومنها كما تقدم يتعلق بذمة المتوفى‪ ،‬فإذا كان‬
‫الدائن شخصاً واحداً فإنه يستوفي دينه من التركة‪ ،‬بال إشكال ما دامت التركة تكفي للوفاء بهذا‬
‫الدين‪.‬‬
‫أما إذا كان الدين يستغرق التركة كلها أو يزيد عليها وهو ما يسمى بتزاحم الديون فما يقدم من‬
‫هذه الديون عند التزاحم ؟ قبل اإلجابة على هذا السؤال البد من معرفة أقسام هذه الديون‪.‬‬
‫تنقسم من حيث قوة إثباتها إلى ديون صحة وديون مرض‪:‬‬
‫فاألولى هي التي يمكن إثباتها بحجة ال شبهة فيها‪ ،‬وليس دائما المراد منها ما نشأ حال‬
‫صحة المدين أي قبل مرضه مرض الموت‪ ،‬بل المراد منها تلك الديون التي يمكن إثباتها‬
‫بالبينة أو باإلقرار الذي ال تحوم حوله شبهة‪.‬‬
‫وعلى هذا فديون الصحة إما أن تكون قد نشأت حال صحة المتوفى أي قبل أن يمرض‬
‫مرض الموت وأمكن إثباتها بإقرار المدين قبل مرضه أو بالبينة الثابتة أو النكول عن اليمين‬
‫حال الصحة‪ .‬وإما أن تكون قد نشأت في حال مرضه األخير‪ ،‬غير أنه أمكن إثباتها بالبينة‪،‬‬
‫بأن كان سببها معروفاً للناس‪ ،‬مثل اقتراض مبلغ من المال للعالج‪ ،‬ونحوه من األسباب‬
‫الظاهرة أمام الناس‪.‬‬
‫فالمدار على اعتبار الدين من ديون الصحة وهو إمكان إثباته بحجة ال شبهة فيها‪ ،‬بغض‬
‫النظر عن كونه نشأ حال الصحة أو حال المرض‪.‬‬

‫وهذه الديون ال سبيل إلى إثباتها إال بإقرار المدين في مرض‬ ‫والثانية‪ :‬ديون المرض‪،‬‬
‫موته أو فيما له حكم هذا المرض‪ ،‬كأن يقر بأن لفالن علي مبلغاً من المال دون أن يكون‬
‫ٌ‬
‫هناك دليل آخر يثبت الدين سوى اإلقرار‪ .‬فهذا الدين يعتبر من ديون المرض ألنه نشأ بسبب‬
‫غير معروف إال من جانب المقر وحده حال مرضه األخير‪ ،‬ولذلك يرى بعض الفقهاء في هذا‬
‫الشأن أن إلق ارره هذا حجة قاصرة حتى ولو أسنده إلى تاريخ سابق على المرض‪.‬‬
‫وبعد هذا التوضيح يأتي الجواب على السؤال المتقدم في شأن تزاحم هذه الديون‪.‬‬

‫لقد اختلف الفقهاء في حال تزاحم الديون أيهم يقدم عن اآلخر على أقوال‪:‬‬
‫وخالصة ماسبق يشان الديون الثابتة في ذمة الميت هو‪:‬‬
‫‪ -1‬الوفاء بديون هللا وديون العباد‪:‬‬
‫الرأي الراجح الذى أخذ به قانون المواريث المصرى هو رأى االحناف‪ :‬تقديم ديون العباد على‬
‫ديون هللا‪ ،‬فتسقط ديون هللا بموت من وجبت عليه‪ ،‬كالزكاة والكفارات والنذور التى على الميت‪،‬‬
‫وال تؤدى منها اال اذا أوصى بها قبل موته‪،‬ومن ثم فالديون التي يجب إخراجها من التركة هي‬
‫ديون العباد؛ لحاجة العباد وفقرهم‪ ،‬وغنى هللا وسعة رحمته‪ ،‬وألن العباد غالباً اليتسامحون فيما‬
‫لهم من حقوق وديون إال بأداء ما لهم عند غيرهم ؛ لقوله صلى هللا عليه وسلم‪" :‬نفس المؤمن‬
‫معلقة بدينه حتى يقضى عنه" ( ولذلك تجب المبادرة بقضاء ما على الميت من دين حتى تب أر‬
‫ذمته (‪.‬‬
‫‪ -2‬الوفاء بالديون العينية والشخصية‪:‬‬
‫الديون العينية‪ :‬هي التي تتعلق بعين من أعيان التركة‪ ،‬كما لو رهن المورث قبل موته عينا من‬
‫أعيان التركة في دين عليه‪ ،‬وكما لو اشترى شيئا ومات قبل ان يدفع ثمنه‪.‬‬
‫الديون الشخصية‪ :‬هي التي تتعلق بذمة المدين البعين من أعيان التركة كالقرض ونحوه‪ ،‬وهى‬
‫تشمل ديون الصحة وديون المرض‪.‬‬
‫فاذا وجد في التركة مايكفى للوفاء بكل ديون الميت من عينية وشخصية فيجب الوفاء بها‪ ،‬أم‬
‫اذا لم تكف التركة فان الديون العينية المتعلقة بعين في التركة تقدم في األداء على الديون‬
‫الشخصية‪ .‬فصاحب هذا الدين الممتاز أولى من غيره في استيفاء حقه‪،‬‬
‫الراى الراجح‪ .‬هو ماذهب اليه جمهور الفقهاء‪ ،‬وهو مااخذ به القانون المدنى المصرى‪،‬‬
‫فجعل لصاحب الحق المضمون بتأمين ( مثل الرهن) مقدم في استيفاء حقه على سائر‬
‫الديون ( المادة ‪)1096‬‬
‫‪ -3‬ديون الصحة وديون المرض‪:‬‬
‫ديون الصحة‪:‬هي التي تثبت بدليل قوى الشبهة فيه سواء في حال الصحة أو في حال‬
‫المرض‪ ،‬كالبينة أو باإلقرار الذي ال تحوم حوله شبهة‪ ،‬كما سبق بيانه‪.‬‬
‫أما ديون المرض فهى‪ :‬التي ال سبيل إلى إثباتها إال بإقرار المدين في مرض موته أو فيما له‬
‫حكم هذا المرض‪ ،‬كأن يقر بأن لفالن علي مبلغاً من المال دون أن يكون هناك دليل آخر‬
‫ٌ‬
‫يثبت الدين سوى اإلقرار‪.‬‬
‫والراجح في هذه المسألة هو رأى جمهور الفقهاء الذى يسوى بين ديون الصحة وديون‬
‫المرض في الوفاء؛ الستوائهما في سبب الوجوب‪ ،‬وهو اإلقرار في محله‪.‬‬
‫المدين‪:‬‬ ‫سقوط أجل الدين بموت المورث‬
‫هل الدين المؤجل يحل بموت المدين أم ال ؟ هذه مسألة فيها أقوال للفقهاء‪:‬‬
‫مؤجال سقط األجل‬
‫ً‬ ‫األول‪ :‬يرى الجمهور من المالكية وبعض الشافعية والحنفية إن كان الدين‬
‫وحل الدين بموت المدين ويجب أداؤه من التركة‪" .‬إن حق األجل في الدين حق متصل‬
‫بشخص المدين في الفقه اإلسالمي‪ ،‬نظر فيه إلى شخص المدين ألمانته أو لمالءمته أو‬
‫للشفقة عليه أو للرغبة في إسداء الجميل إليه وهذه كلها اعتبارات شخصية‪ ...‬فإذا مات المدين‬
‫قبل أن يحل أجل دينه لم ينتفع الوارث باألجل بل يحل الدين بموت المدين‪...‬‬
‫الثاني‪ :‬يرى بعض فقهاء التابعين والحنابلة في المشهور عنهم أن األجل ال يسقط بموت‬
‫المدين بل يورث عنه ؛ ألنه من حقوقه فيورث عنه كسائر حقوقه التي تورث‪ ،‬فيأخذ الورثة‬
‫التركة وعليهم يبقى سداد الدين حينما يحل أجله‪ .‬فإن أراد الورثة التصرف في التركة البد لهم‬
‫من توثيق الورثة الدين بكفيل أو رهن مقابل حق الدائن أو أن يؤدي ورثة المدين ما على‬
‫مورثهم من دين مؤجل ويرض بذلك الدائن‪.‬‬
‫واستدلوا على عدم سقوط أجل الدين بوفاة المدين بقول النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ..." :‬من‬
‫عياال فإلي"‪ ،‬وأن تأجيل الديون حق للمدين فال‬ ‫)‬
‫كال أو ً‬
‫ماال فلورثته‪ ،‬ومن ترك ً‬
‫ترك حقاً أو ً‬
‫يبطل بموته (وقد رد الجمهور ما ورد في دليل الحنابلة من أن كلمة "حقاً" لم تثبت في الحديث‬
‫وإنما هي زيادة من الراوي فال ينهض ً‬
‫دليال على إثبات المدعى‪ ،‬وعليه ال يصح االستدالل به‬

‫وإذا نظرنا إلى هذا الرأي وجدناه يوازن بين الدائنين في ضمان حق كل منهم‪ ،‬فاألجل حق‬
‫للمدين وينتقل إلى ورثته بعد موته‪ ،‬والدائنون من حقهم أن يحصلوا على ضمان أو كفيل يحل‬
‫محل الثقة التي كانت لهم في مدينهم األصلي إذا لم يرضوا بمثلها في ورثته‬
‫والخالصة‪ :‬أن الراجح في هذه المسألة هو رأى الجمهور؛ بسقوط أجل الدين بوفاة المدين‪ ،‬وال‬
‫ينتقل الحق في االجل للورثة؛ ألن األجل في الدين إنما شرع تيسي اًر له حال قدرته على السعي‬
‫؛ ليتمكن من تسديد ما عليه من ديون دون إعنات وال إرهاق‪ ،‬فإذا مات أصبح التيسير ال محل‬
‫مؤجال‪.‬‬
‫ً‬ ‫له‪ ،‬فتتعلق الديون التي كانت في ذمته بماله الذي تركه فيحل ما كان‬
‫وقد أخذ القانون المدنى المصرى بما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أن الديون المؤجلة تحل‬
‫بالموت‪ ،‬أي يسقط األجل ويحل الدين بموت المورث الذى عليه الدين‪ ،‬وال تختلف إال في‬
‫الفوائد‪ ،‬وقد أوردت ( م‪ ) 898‬أن‪ :‬للمحكمة بناء على طلب جميع الورثة أن تحكم بحلول الدين‬
‫المؤجل وبتعيين المبلغ الذي يستحقه الدائن )‪ ،‬ولم يتعرض قانون المواريث لمسألة الديون‬
‫المؤجلة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬انفاذ وصاياه‪:‬‬


‫وانفاذ وصايا المورث هي من الحقوق التي يجب إخراجها من التركة بعد نفقات‬
‫تجهيزه‪،‬وسداد ديونه‪ ،‬وتخرج من ثلث باقي التركة بعد التجهيز وسداد الديون على حسب‬
‫الترتيب المراعى في تعلق الحقوق بالتركة‪ ،‬والمتفق عليه بين الفقهاء أنها تأتي بعد سداد‬
‫الديون‪ ،‬ولم يقل أحد بخالف ذلك على الرغم من أن هللا تعالى قدم الوصية على الدين في‬
‫دين)‬ ‫أكثر من موضع في آيات المواريث‪ ،‬قال تعالى‪ ) :‬من بعد وصية يوصي بها أو‬

‫رابعا‪:‬حق الورثة في التركة‪:‬‬


‫ينتقل الحق الى الورثة في الباقى من التركة بعد استخراج نفقات تجهيز المورث‪ ،‬وسداد‬
‫ديونه‪ ،‬وانفاذ وصاياه في حدود الثلث‪ ،‬ولكن متى وكيف ينتقل هذا الحق الى الورثة؟ او بمعنى‬
‫آخر‪ :‬ماهو الوقت الذي تنتقل فيه التركة إلى الورثة‪ ،‬هل هو عقب الوفاة أو بعد سداد ديون‬
‫التركة إذا كانت مدينة ؟ وهنا ال بد من التفريق بين حاالت ثالث‪:‬‬
‫وخالصة هذا الرأي أنه يعطي الحق للورثة في تملك التركة وقسمتها من وقت وفاة‬
‫المورث‪ ،‬وكون كل جزء منها ضامناً لما يقابله من دين‪ ،‬وهذا ال شك فيه إضرار‬
‫بالدائنين لمشقة تحصيل ديونهم من عدد من الورثة قد يقل وقد يكثر‪ ،‬بينما كان‬
‫مدينهم واحداً تسهل مطالبته وتحصيل الديون منه‪ .‬ومع ذلك فهو الرأي الذي مال‬
‫إليه الكثير من الفقهاء ورجحوه لقوة دليله وأكثر توازناً بين الحقين الدائنين والورثة‪،‬‬
‫بانتقال وبين ضمان كل جزء من التركة لحق الدائنين‬ ‫فقد جمع بين دفع الضرر عن الورثة‬

‫وتتألف هذه األركان من ثالثة وهي‪:‬‬


‫‪ – 1‬المورث وهو الميت الذي انقطعت حياته حقيقة أو حكماً أو تقدي اًر‪ ،‬واالنقطاع الحقيقي‬
‫مفارقة الحياة بالفعل‪ ،‬كأن شوهد ميتاً من أثر مرض أو غرق أو غير ذلك‪ ،‬وأما االنقطاع‬
‫الحكمي فهو من انقطعت أخباره عن أهله ولم يعلم له مكان حتى يظن موته‪ ،‬فيحكم القاضي‬
‫بموته‪ ،‬كالمفقود واألسير الذي وقع في يد األعداء وقد عاد رفاقه ولم يعلم شيء عنه‪ ،‬أما‬
‫الموت تقدي اًر فهو كالجنين الذي ينفصل ميتاً بسبب الجناية على أمه‪ ،‬فإنه يعتبر ميتاً تقدي اًر‪،‬‬
‫رغم أنه يتردد بين احتمالين إما أن يكون حياً قبل الجناية ومات بسببها‪ ،‬أو يكون ميتاً وقت‬
‫الجناية وكل ما فعلته أنها حركته فنزل‪.‬‬
‫‪ – 2‬الوارث وهو من ينتمي إلى الميت بسبب من أسباب اإلرث( النسب والزوجية والوالء )‪،‬‬
‫فإذا وجد أحدها في هذا الشخص بأن كان أبناً أو أباً أو زوجاً للمتوفى وتحققت شروط اإلرث‬
‫وانتفت عنه موانعه من قتل ونحوه كان من الورثة‪.‬‬
‫‪ – 3‬الموروث وهو الشيء الذي يتركه المورث – بعد تجهيزه وسداد ديونه وتنفيذ وصاياه –‬
‫من أموال وحقوق ومنافع‪ ،‬سواء أكانت األموال في صورة منقوالت أو عقارات أو ديون أم‬
‫كانت حقوقاً مالية كحق القصاص أم حقوقاً مرتبطة بالعقار يطلق عليها حقوق االرتفاق‬
‫أما حقوقاً شخصية كحق الوالية والحضانة ال تدخل في عداد ما يورث وهذا الركن يسمى‬
‫ميراث وإرث وتركة‪ ،‬وهو من أهم األركان الثالثة إذ لو انعدمت التركة فإنه ال يكون ثمة‬
‫وارث وال مورث‬

‫أسباب الميراث‪:‬‬
‫أوًال‪ :‬العالقة الزوجية (عقد النكاح )‪:‬‬
‫من أسباب الميراث المتفق عليها بين الفقهاء‪ :‬العالقة التى منشؤها عقد زواج صحيح قائم بين‬
‫الزوجين حقيقة أو حكماً‪ ،‬دخل بها أو لم يدخل‪.‬‬

‫وخالصة ماسبق‪:‬أنه يثبت التوارث بين الزوجين ما دامت العصمة قائمة بينهما بهذا العقد‬
‫الصحيح دخل بها أو لم يدخل‪ ،‬فإذا مات أحدهما أو طلقها الزوج وال زالت في العدة من‬
‫طالق رجعي‪ ،‬ثبت التوارث باتفاق األئمة األربعة‪ ،‬وهو ماأخذ به قانون المواريث المصرى‪.‬‬
‫يشترط لالرث بعقد النكاح ان يكون العقد صحيحا‪ ،‬فلو كان العقد باطال أو فاسدا فاليصلح‬
‫أن يكون سببا للميراث بين الزوجين‪ .‬ومن ثم فالميراث للزوجة المحرمة على زوجها بنسب أو‬
‫رضاع‪ ،‬وال للزوجة التى تزوجت بدون شهود‪.‬‬
‫اتفق الفقهاء على انه الميراث بين الزوجين اذا كان الطالق بائناً حال الصحة ؛ لعدم اتهامه‬
‫بالفرار من اإلرث‪ ،‬فوقوع الطالق في هذه الحال ينفي عن الزوج تهمة الفرار من اإلرث‪ ،‬كما‬
‫أن الطالق البائن يقطع العالقة الزوجية الذى هو سبب الميراث وهذا محل اتفاق بين الفقهاء‪.‬‬
‫بناء على طلبها‪ ،‬فإنه – حينئذ – ال يكون فا اًر من‬
‫اذا طلق الزوج زوجنه بائنا في مرضه ً‬
‫اإلرث‪ ،‬وعليه ال يحكم بتوريثها منه‪ ،‬سواء مات في مرضه أو بعده‪ ،‬واليرث هو منها أيضا‪.‬‬
‫كما لو طلبت تطليقها بائنا لعدم تحملها مرض الزوج‪ ،‬أو قال لها في مرض موته‪ :‬أنت طالق‬
‫ثالثا ان شئت فقالت شئت‪.‬‬
‫و أن تكون الزوجة ً‬
‫أهال للميراث وقت إيقاع الطالق عليها‪ ،‬وأن تستمر تلك األهلية إلى حين‬
‫أهال للميراث وقت الطالق كما لو كانت كتابية وقت الطالق وهو‬
‫وفاة زوجها‪ ،‬فإذا لم تكن ً‬
‫مسلم أو أنها كانت مسلمة ثم ارتدت‪ ،‬فإنها ال ترثه لعدم استحقاقها للميراث‪ ،‬وعليه فإنه ال وجه‬
‫للحكم عليه بميراث الفار‪.‬‬
‫و أال يكون الزوج قد أوقع الطالق في حالة إكراه ؛ ألن اإلكراه ال يرتب على المكره حكماً‬
‫وبالتالي ال يكون الزوج فا اًر من اإلرث‪ ،‬ولذا ال يحكم بتوريثها منه‪.‬‬
‫أال يكون الطالق في مرض الموت خلعاً أي نظير مال منها‪ ،‬فإن كان كذلك فال يعتبر الزوج‬
‫وبناء على رغبتها‪ ،‬ومن ثم‬
‫ً‬ ‫فا ار وال يحكم لها بميراث منه بدليل أن الطالق كان برضا الزوجة‬
‫أسقطت حقها في الميراث‪.‬‬
‫الرأي الراجح الذى أخذ به قانون المواريث المصرى وحكمت به محكمة النقض المصرية فى‬
‫الرجل الذى طلق زوجته بائنا في مرض الموت بدون رضاها‪ ،‬ومات وهى في العدة فانها ترث‬
‫منه؛ ألن الزوج قصد الفرار من ميراث زوجته‪ ،‬فيعامل بنقيض قصده‪.‬‬
‫الرجل الذى طلق زوجته بائنا في مرض الموت بدون رضاها‪ ،‬وماتت هى في العدة فانه اليرث‬
‫منها‪ ،‬ألنه قصده كان سيئا فال يستفيد منه‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬الميراث بالنسب ( القرابة )‪ :‬وهم ثالثة أقسام‪:‬‬


‫القسم األول‪ :‬لهم سهام مقدرة في التركة كالربع و الثمن‪ ،‬ويسمون أصحاب الفروض وهم اثنا‬
‫عشر‪ ،‬أربع ذكور وثمان إناث على تفضيل سيأتي فيما بعد و أن أصحاب هذا القسم يقدمون‬
‫على غيرهم في اإلرث‪ ،‬وقد يطلق عليهم النسبيين‪ ،‬ألن قرابتهم عن طريق النسب‪ ،‬وقرابة الدم‪،‬‬
‫بعكس الزوجين‪ ،‬فهما أصحاب فروض و لكنهما ليسا نسبيين‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬ليس لهم سهام مقدرة‪ ،‬ولكنهم يأخذون ما بقى من التركة بعد أصحاب الفروض‪،‬‬
‫أو يأخذون جميع التركة‪ ،‬إذا لم يكن هناك أحد من أصحاب الفروض‪ ،‬وهم فروع الميت‪،‬‬
‫وأصوله‪ ،‬وحواشيه‪ ،‬ويسمون العصبة النسبية‪.‬‬

‫القسم الثالث‪ :‬وهم بقية األقارب سوى أصحاب الفروض و العصبات‪ ،‬ويسمون بذوي‬
‫األرحام‪ ،‬وقد يرث الشخص القريب بالفرض و التعصب كاألب و الجد في بعض الحاالت‪،‬‬
‫كما قد يرث الشخص بالفرض والرد‪ ،‬كما يوجد في بعض األحيان شخص يرث من جهتين‬
‫مختلفتين‪.‬‬

‫بيت مال المسلمين‪،‬‬


‫من مات من غير أن يترك من يرثه فقد اختلف الفقهاء فيمن تؤول إليه تركة المتوفى‪ ،‬وجاء‬
‫ذلك على النحو اآلتي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬يرى الحنفية والحنابلة أن بيت المال ليس سبباً من أسباب اإلرث مطلقاً سواء أكان‬
‫منتظماً أم غير منتظم‪.‬‬
‫ثانياً‪:‬يرى المالكية والشافعية أن بيت المال سبب من أسباب اإلرث‬
‫والرأي الراجح‪ :‬هو ما ذهب إليه الشافعية والمتأخرون من المالكية‪ ،‬لقوله صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ومعلوم أنه صلى هللا عليه وسلم ال يرث‬ ‫"‪ ...‬وأنا وارث من ال وارث له أعقل عنه وارثه "‬
‫لنفسه شيئاً وإنما يصرف ذلك في مصالح المسلمين‪.‬‬

‫شروط اإلرث‪:‬‬

‫(‪ )1‬رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه‪ ،‬الشوكاني‪ ،‬المرجع السابق‪86/6 ،‬‬
‫الشرط ا\ألول‪ :‬التحقق من موت المورث حقيقة أو حكماً أو تقدي اًر‪ ،‬فموته حقيقة يكون بالتحقق‬
‫من مفارقة الحياة فعالً‪ ،‬أو التثبت من ذلك بالمشاهدة‪ ،‬كأن رآه أحد ميتاً و وقف على تغسيله‬
‫بنفسه‪ ،‬أو تكفينه أو دفنه أو ببينة شرعية بأن تثبت بحكم القاضي‪ ،‬وحكماً فهو الموت الذي‬
‫يكون بحكم قضائي في المفقود واألسير‪ ،‬بعد التحري والتثبت بمختلف الوسائل التي تراعى في‬
‫حق المفقود أواألسير الذي عاد إخوانه و هو مازال غائبا‪ ،‬والموت التقديري هو حالة انفصال‬
‫الجنين ميتاً بفعل جناية على أمه‪ ،‬فهو ميت ليس حقيقية أو حكما و لكن تقديرياً ؛ ألنه‬
‫يحتمل موته بسبب االعتداء أم بغيره ‪.‬‬
‫وقد اتفق العلماء على أن الموت الحقيقي أو الحكمي شرط الستحقاق اإلرث‪ ،‬لكنهم‬
‫اختلفوا في الموت التقديري‪،‬ذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫الرأي األول‪ :‬أن ورثة الجنين هم الذين يستحقون الغرة‪ ،‬تقسم بينهم على فرائض هللا عز‬
‫وجل‪ ،‬وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية و المالكية و الشافعية و الحنابلة‪.‬‬
‫الرأي الثاني‪ :‬أن األم هي التي تستحق الغرة وحدها‪ ،‬تعويضا لها عما أصابها من ضرر‪ ،‬وذلك‬
‫ألن الجنين جزء منها‪ ،‬و الجناية على جزء منها كالجناية على سنها أو عينها أو إصبعها‪،‬‬
‫فالجناية قد وقعت عليها و حدها فيكون الجزاء لها وحدها‪ ،‬و إلى هذا ذهب الليث بن سعد و‬
‫ربيعة بن عبد الرحمن‪.‬‬
‫الرأي الراجح‪ :‬ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من القول بأن الذي يستحق الغرة هم ورثة الجنين‪،‬‬
‫وذلك ألن الغرة بدل نفس الجنين‪،‬وبدل النفس يكون ميراثا كالدية(‪ ،)2‬وقد خالف القانون‬
‫المصري رأي الجمهور و أخذ برأي الليث ومن و افقه بأن الذي يستحق الغرة هي األم و‬
‫حدها‪ ،‬فنص في (م‪ )1.‬من قانون المواريث رقم ‪ 77‬لسنة ‪ 1943‬م على أنه‪" :‬و يستحق اإلرث‬
‫بموت أو باعتباره ميتاً بحكم القاضي‪ ،‬وقت وفاة مورثه أو وقت الحكم باعتباره ميتا‪.‬‬

‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬حاشية على كفاية الطالب الرباني لرسالة أبي زيد القيرواني‪ ،‬علي الصعيدي العدوي المالكي‪،298 /6 ،‬‬
‫وحواشي الشرنواني والعبادي على تحفة المحتاج بشرح المنهاج‪ ،‬ابن حجر الهيثمي‪ ،360/6،‬والمغني‪ ،‬ابن قدامةعلى‬
‫مختصر الخرقي‪360 /6 ،‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬التحقق من حياة الوارث حقيقة وقت وفاة قريبه‪ ،‬بالمشاهدة أوبالبينة أو تحقق‬
‫حياته حكماً كالحمل في بطن أمه‪ ،‬فإنه يعتبر من ضمن الورثة وإن كانت حياته ليست حقيقة‬
‫الحتمال أن يكون موت مورثه كان قبل نفخ الروح فيه؛ لذلك ال يستحق اإلرث بالفعل لعدم‬
‫تحقق حياته‪ ،‬وانما يحجز له اوفر النصيبين على تقدير انه ذكر وعلى تقدير أنه انثى‪ ،‬وال‬
‫يأخذ نصيبه اال بشرطين‪ :‬أن يتحقق وجوده في بطن أمه وقت وفاة مورثه‪ ،‬وأن يولد حيا‪.‬‬
‫ويوقف نصيبه من التركة وهو أوفر النصيبين حتى يتبين أمره بوالدته‪ ،‬وذلك لالحتياط محافظة‬
‫على حقه‪ .‬ويتفرع عن هذا الشرط عدة مسائل‪:‬‬
‫أوالً‪:‬عدم التوارث بين الغرقى والحرقى والهدمى‪ ،‬فإذا مات اثنان أو أكثر مما يتوارثونكأب‬
‫وأوالده أو زوج وزوجته ولم يعلم ترتيب موتهم يقيناً بسبب حادث مفاجئ عمهم جميعاً في‬
‫وقت واحد كأن غرقوا في سفينة جميعاً أو وقعوا في نار أو سقط عليهم جدار أو ألقيت عليهم‬
‫قنبلة‪ ،‬ففي هذه األحوال ال ت وارث بينهم لعدم التيقن من حياة الوارث بعد موت مورثه بحسب‬
‫الواقع أو بحسب العلم ؛ حيث لم يعلم ترتيب موتهم يقيناً وامتناع الترجيح بال مرجح‪ ،‬فيكون‬
‫مال هؤالء لورثتهم األحياء‪ ،‬وسند ذلك و ما روى حارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه انه قال‪:‬‬
‫أمرني أبو بكر الصديق رضي هللا عنه في أهل اليمامة فورثت األحياء من األموات ولم أورث‬
‫األموات بعضهم من بعض‪.‬‬
‫الشرط الثالث‪:‬التحقق من وجود تركة وهو من أهم الشروط إذ من غير التركة ال يتصور‬
‫إرث‪ ،‬وغني عن البيان أن التركة هي مناط بحث المواريث كلها‪.‬‬
‫الشرط الرابع‪ :‬أال يقوم مانع من موانع اإلرث‪.‬‬
‫التفريق بين المانع و الحجب‪.‬‬
‫فالشخص الذي قام به المانع من اإلرث بعد وجود سبب اإلرث و تحققت شروطه فيه‬
‫يسمى في االصطالح ممنوعاً من الميراث‪ ،‬ويسمى أيضاً محروماً منه و يسمى عدم إرثه‬
‫منعاً وحرماناً و يعتبر وجوده كعدمه فال يؤثر على غيره من الورثة‪ ،‬بخالف من قام به‬
‫سبب من أسباب اإلرث و تحققت فيه شروطه‪ ،‬و انتفت موانعه‪ ،‬و لكن ال يرث مع ذلك‬
‫لوجود وارث هو أولى منه بالميراث‪ ،‬فإنه يسمى في االصطالح محجوباً‪ ،‬ويسمى عدم‬
‫إرثه حجباً‪ ،‬وال يعتبر و جوده كعدمه‪ ،‬بل يؤثر على غيره من الورثة و لنضرب أمثلة على‬
‫ذلك للتوضيح و البيان‪:‬‬
‫فمثالً إذا توفيت عن زوج وابن قاتل لها‪ ،‬و أخ شقيق‪ .‬فالزوج في هذه الحال يأخذ فرضه عند‬
‫عدم وجود ولد لزوجته المتوفاة وهو نصف التركة‪ ،‬و الباقي منها وهو النصف اآلخر يأخذه‬
‫شقيقها تعصيباً‪ ،‬وال يرث االبن القاتل؛ لكونه محروماً من الميراث لقيام المانع به وهو القتل مع‬
‫قيام سبب اإلرث وهو القرابة و تحقيق شروطه‪ ،‬فوجود االبن حينئذ وعدمه سواء‪ ،‬فلم يؤثر‬
‫وجوده على الزوج و األخ‪ ،‬ولذا أخذ كل منهما نصيبه من التركة كما إذا لم يوجد معهما ابن‬
‫المتوفاة ‪.‬أما إذا كان االبن غير قاتل‪ ،‬ففي هذه الحال يحجب الزوج باالبن حجب نقصان‪ ،‬و‬
‫يأخذ فرضه وهو الربع‪ ،‬و ال يأخذ الشقيق شيئاً من التركة بطريق الميراث ألنه محجوب باالبن‬
‫حجب حرمان فيكون الباقي لالبن يأخذه تعصيباً‪ .‬وكذلك إذا توفي عن أب و أم و أخوين‬
‫ألب‪ .‬األخوان ألب ال يرثان لكونهما محجوبان باألب عن الميراث حجب حرمان‪ ،‬ومع ذلك فإنه‬
‫بالرغم من كونهما محجوبان حجب حرمان فإنهما يؤثران على األم فتأخذ السدس فرضاً بدال‬
‫من الثلث ألن وجود األخوين فأكثر‪ ،‬سواء كانوا أشقاء أو ألب أو ألم يحجب األم من الثلث‬
‫إلى السدس سواء كانوا وارثين‪ ،‬أم محجوبين عن اإلرث كما في هذا المثال‪ ،‬و يأخذ األب‬
‫الباقي تعصيباً‪.‬ولو لم يوجد األخوان في هذا المثال‪ ،‬فإن حجب النقصان ال يدخل على األم و‬
‫تأخذ ثلث التركة‪ ،‬و يأخذ األب الباقي تعصيباً‪ ،‬هذا‪ ،‬ولإلرث موانع منها ما اتفق عليها الفقهاء‪،‬‬
‫ومنها ما اختلف فيه‪.‬‬
‫فالمتفق عليها‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬الرق‪ :‬يعرف بأنه عجز حكمي يقوم باإلنسان سببه الكفر‪ ،‬وقد اتفق األئمة على أنه يمنع‬
‫من اإلرث مطلقاً سواء كان تاما أو ناقصاً‪ ،‬فال توارث بين حر وعبد رقيق ؛ ألن الرق ينافي‬
‫األهلية أي أهلية الملك‪ ،‬إذ مقتضى كونه ماالً أال يكون مالكاً للمال‪ ،‬وقد قال تعالى‪):‬ضرب هللا‬
‫مثالً عبداً مملوكاً ال يقدر على شيء( [ النحل‪ ]16 :‬وقال صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪" :‬ال يملك العبد إال الطالق وحيث ال يملك المال بسائر أسباب التملك فال يملكه‬
‫باإلرث‪ ،‬وألن جميع ما في يده ملك لسيده‪.‬‬
‫‪ .‬ثانياً‪ :‬القتل‪ :‬وهو ما يحصل به زهوق الروح‪.‬‬
‫وقد اتفقت كلمة الفقهاء على أن القتل مانع من موانع اإلرث‪ ،‬فالقاتل يمنع من ميراث المقتول‪،‬‬
‫وال يمنع المقتول من ميراث القاتل‪ ،‬فمثالً إذا جرح الولد أباه أو أخاه جرحاً أفضى به إلى‬
‫الموت‪ ،‬ثم مات قبل المجروح فإنه يرثه فاألب المجروح يرث ابنه القاتل إذا مات هذا األخير‬
‫قبل والده‪ .‬و استدلوا على ذلك‪:‬‬
‫و بما روي عن ابن عباس رضي هللا عنه بقول النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ " :‬من قتل قتيالً‬
‫(‬
‫فإنه ال يرثه وإن لم يكن له وارث غيره إن كان والده أو ولده‪ ،‬فليس لقاتل ميراث"‬

‫و بما روي عن عمررضي هللا عنه أنه منع ميراث القاتل حيث أعطى دية ابنه قتادة المذجي‬
‫ألخيه دون أبيه‪ ،‬وكان أبوه قد حذفه بسيفه فقتله‪ ،‬واشتهرت هذه القضية بين الصحابة ولم ينكر‬
‫عليه أحد منهم فكان ذلك إجماعاً على منع القاتل من الميراث‪.‬‬
‫و بما روي أيضاً عن عمر أنه قال‪ :‬سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول‪ ":‬ليس للقاتل‬
‫(‬
‫من تركة المقتول شيء "‪ ،‬وفي رواية أخرى‪ " :‬ليس للقاتل شيء "‬
‫و أنه لو لم يمنع القاتل من ميراث من قتله التخذ الورثة قتل مورثيهم ذريعة للوصول إلى‬
‫تركاتهم واالنتفاع بها‪ ،‬فتسود الفوضى ويكثر القتل بين األقارب ؛ إذ يتعجل الوارث موت مورثه‬
‫بإزهاق روحه‪ ،‬وذلك أمر لم يعهد في عدالة السماء وال في شريعة الخلود التي جاءت لمنع‬
‫الفساد في األرض‪.‬‬
‫ومن القواعد الفقهية المقررة‪:‬من استعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه " فضالً عن أن‬
‫القتل في حد ذاته جريمة شنعاء ومعصية يجازى عليها بأشد العقاب هلل وليس من المستساغ‬
‫عقالً وشرعاً أن يكون ارتكاب الجريمة واقتراف المعصية طريقاً إلى النعمة ووسيلة إلى أن‬
‫يتملك الجاني مال المجني عليه ويستفيد المجرم مما اقترفت يداه من جريمته‪ ،‬ومن هنا أن علة‬
‫منع القاتل للميراث دائرة بين تهمة االستعجال من الوارث القاتل وبين سد ذريعة الفساد‬
‫والفوضى في األرض‪ .‬فالميراث نعمة ال تنال بالمحظور‪ ،‬وهو القتل الذي يقطع المواالة‬
‫والمناصرة التي ينبني عليها اإلرث‪.‬‬
‫نوع القتل المانع من الميراث‪:‬‬
‫السؤال هنا هل كل قتل مانع من الميراث أم أن هناك أنواعاً تمنع وأخرى ال تمنع ؟‬
‫بالرغم من اتفاق الفقهاء على كون القتل مانعاً من الميراث إال أنهم اختلفوا في نوع القتل‬
‫المانع من الميراث‪ ،‬فجاء اختالفهم على النحو التالي‪:‬‬

‫الرأي األول‪ :‬يرى الشافعية ورواية عن أحمد أن القتل المانع من اإلرث هو القتل مطلقاً‪ ،‬أيا‬
‫كان نوعه‪ ،‬سواء أكان عمداً أو خطأ‪ ،‬مباشرة أو تسببا‪ ،‬بحق أو بغير حق‪.‬‬

‫الرأي الثاني‪ :‬يرى الحنابلة في أظهر الروايتين أن القتل المانع من اإلرث هو القتل بغير‬
‫حق وهو المضمون بقصاص أو دية أو كفارة‪ ،‬فيشمل القتل العمد وشبة العمد و القتل‬
‫الخطأ‬

‫الرأي الثالث‪ :‬يرى الحنفية أن القتل المانع من الميراث هو الذي يجب فيه القصاص كالقتل‬
‫العمد‪ ،‬أو الكفارة‪ ،‬وهذا يشمل األنواع التالية‪:‬‬
‫ـ قتل العمد‪.‬‬
‫ـ شبه العمد‪.‬‬
‫ـ الخطأ‪.‬‬
‫الرأي الرابع‪ :‬ذهب المالكية إلى أن القتل المانع من اإلرث هو القتل العمد العدوان‪ ،‬سواء أكان‬
‫بالمباشرة أم بالتسيب‪ ،‬كأن يقصد ضرب شخص معصوم الدم بما يقتل غالباً‪ ،‬فإذا مات من‬
‫هذه الضربة فإنه ال يرث؛ ألنه عمد عدوان أو ممن ال يباشر القتل بنفسه كأن يحفر عامداً بئ اًر‬
‫فيقع فيه قريبه‪ ،‬فال يرثه‪.‬‬
‫أما الخطأ فهو ال يمنع من إرث المال‪ ،‬ولكن يمنع من الدية‪ ،‬وقول الحنابلة بأن الصبي‬
‫و المجنون ال يرث كل منهما مورثه الذي قتله‬

‫والرأي الراجح هو ما ذهب إليه المالكية من أن القتل المانع من الميراث هو القتل العمد‬
‫العدوان فقط‪ ،‬سواء أكان بطريق المباشرة أو بطريق التسبب‪ ،‬هذا هو الذي يناسبه عقوبة‬
‫الحرمان من الميراث لما فيه من قصد القتل المحظور‪ ،‬فيعامل بنقيض المقصود‪.‬‬
‫أما القتل الخطأ فال قصد فيه إلى قتل المورث استعجاالً ألخذ ماله وإذا انتفى القصد‬
‫انتفت المعاملة بنقيض المقصود‪ ،‬فال يحرم من الميراث ولكن يحرم من الدية ؛ ألنه إذا‬
‫كانت الدية على القاتل وورث منها فال يدفعها كاملة‪ ،‬وإن كانت على العاقلة فال يعقل أن‬
‫تدفععنه الدية وبسببه وهو يحصلها لنفسه كلها أو بعضها إذا ورثها أو ورث بعضها‬

‫موقف القانون المصرى‪:‬‬


‫أخذ القانون المصري المالكية إذ جاء في (م‪ " )5 .‬من موانع اإلرث‪ :‬قتل المورث عمداً‪،‬‬
‫سواء كان القاتل فاعالً أصيال أو شريكاً‪ ،‬أم كان شاهداً زور أدت شهادته الحكم باإلعدام و‬
‫تنفيذه‪ ،‬إذا كان القتل بغير حق‪ ،‬وكان القاتل عاقالً بالغا من العمر خمس عشرة سنة و يعد‬
‫من األعذار تجاوز حق الدفاع الشرعي "‪ .‬أما القتل الخطأ فال قصد فيه إلى قتل المورث‬
‫استعجاالً ألخذ ماله وإذا انتفى القصد انتفت المعاملة بنقيض المقصود‪ ،‬فال يحرم من الميراث‬
‫ولكن يحرم من الدية‪.‬‬
‫المانع الثانى‪ :‬اختالف الدين‪:‬‬
‫يعني أن يكون الوارث مخالفاً لدين المورث‪ ،‬وفي هذا الشأن يمكن حصر الحديث في‬
‫موضعين‪:‬‬
‫األول‪ :‬اختالف الدين باإلسالم وغير اإلسالم من الديانات األخرى سماوية كانت أو غير‬
‫سماوية‪ :‬اتفق الجمهور ( المالكية والشافعية والحنفية ) على أنه ال توارث بين المسلم وغير‬
‫المسلم سواء كان غير المسلم كتابياً ( اليهود والنصارى ) أو غير كتابي ( كالمجوس والوثنيين)‬
‫ويستوي في الوارث أو المورث أن يكون مسلماً أو غير مسلم‪ ،‬وسواء كان سبب اإلرث القرابة‬
‫أو الزوجية أو الوالء‪ ،‬وسواء أسلم الكافر قبل قسمة التركة أو ال‪ .‬فاختالف الدين يمنع‬
‫من التوارث بين المسلم وغير المسلم‪ ،‬ألن أساس التوارث التراحم و التناصر والتعاون التام‪،‬‬
‫وهذه أمور منتفية بين المسلم وغير المسلم‪ ،‬فالمسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو‬
‫تداعى له سائر األعضاء بالسهر و الحمى‪ ،‬وعلى هذا فال غرابة إذا كان االختالف في الدين‬
‫يمنع من الميراث النقطاع المواالة بين المسلمين وغيرهم‪ ،‬ففي الميراث معنى الوالية‪ ،‬ألن‬
‫الوارث يخلف المورث في ماله و بتصرف فيه كيفما يشاء‪ ،‬ومع اختالف الدين ال تثبت الوالية‬
‫ألحدها على اآلخر‪،،‬وعليه ال يرث الزوج المسلم زوجته الكتابية وال هي ترثه وال يرث القريبان‬
‫أي منهما اآلخر إذا كان أحدهما مسلماً واآلخر غير مسلم‪ ،‬فاألخ المسلم ال يرث أخاه غير‬
‫المسلم والعكس بالعكس‪.‬‬
‫وسند القائلين بهذا الرأي‪:‬‬
‫و قول النبي صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬ال يرث المسلم الكافر و ال الكافر المسلم "‪.‬‬
‫و " ال يتوارث أهل ملتين شتى "‪.‬‬
‫و لما مات أبو طالب ترك أربعة بنين علياً وجعف اًر مسلمين وعقيالً وطالباً كافرين فورث النبي ‪‬‬
‫عقيالً وطالباً تركة أبيهما ولم يورث علياً وجعف أر منها شيء‪.‬‬
‫وذهب اإلمام أحمد بن جنبل إلى أنه ال توارث بين المسلم وغير المسلم إذا كان سبب اإلرث‬
‫القرابة أو الزوجية أما إذا كان سببه الوالء فإن اختالف الدين ال يمنع التوارث فالمعتق ( أي‬
‫السيد) يرث عتيقه غير المسلم‪.‬‬

‫بينما ترى الشييعة اإلمامية أن اختالف الدين ال يمنع المسلم من أن يرث غير المسلم‪،‬‬
‫فالزوج المسلم يرث زوجته الكتابية واألب يرث ابنه الكافر‪ ،‬وقد استند هؤالء على قوله صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪ ":‬اإلسالم يعلو وال يعلى عليه " ومن العلو أن يرث المسلم من غير المسلم وال‬
‫يرث الكافر منه‪ ،‬وقوله صلى هللا عليه وسلم‪ ":‬اإلسالم يزيد وال ينقص " أي يزيد في حقوق من‬
‫أسلم وال ينقص شيئا من حقه‪.‬‬
‫الرأي الراجح هو رأى الجمهور‪ :‬لما رأى من قوة أدلتهم وصحتها وهو ماأخذ به قانون المواريث‬
‫المصرى‪.‬‬

‫وهنا تثور مسألة أخرى في هذا الشأن وهي متى يكون اختالف الدين مانعاً من اإلرث‬
‫ولإلجابة على هذا التساؤل نقول‪ :‬إن اختالف الدين يكون مانعاً من استحقاق اإلرث وقت‬
‫وفاة المورث‪ ،‬فإذا مات الزوج المسلم مثالً له زوجة كتابية لم تسلم قبل وفاته ثم أسلمت بعد‬
‫ذلك فإنها ال ترثه ؛ لقيام المانع بها وقت استحقاق الميراث‪ ،‬وال عبرة بإسالمها بعد ذلك‪ ،‬سواء‬
‫أحصل إسالمها قبل تقسيم التركة أم بعد التقسيم‪ ،‬وكذلك األخ القريب غير المسلم ال يرث‬
‫أخاه المسلم ولو كان إسالمه قبل توزيع التركة‪ ،‬بخالف ما ذهب إليه اإلمام أحمد ابن حنبل‬
‫من أنه إذا أسلمت الزوجة أو القريب قبل تقسيم التركة فإن الزوجة ترث من زوجها والقريب‬
‫يرث من قريبه‪ ،‬وذلك ترغيباً في اإلسالم من جهة‪ ،‬وأن المانع هنا هو الكفر وقد زال‪.‬‬
‫ميراث غير المسلمين بعضهم من بعض‪:‬‬
‫الرأي الراجح‪ :‬هو رأى جمهور الفقهاء وهو‪ :‬أن غير المسلمين كلهم ملة واحدة‪ ،‬وذلك ألن‬
‫الميراث قائم على المواالة بين الوارث و المورث‪ ،‬وهي قائمة بين هذه الملل قال تعالى ‪‬‬
‫ض ‪ ‬وقال صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬الناس كلهم حيز ونحن حيز‬ ‫ض ُهم أ َْولِ َياء َب ْع ٍ‬ ‫َّ‬
‫ذين َكَف ُروْا َب ْع ُ ْ‬
‫َوال َ‬
‫وقد وافق القانون المصري جمهور الفقهاء في األخذ بعدم ميراث غير المسلم من المسلم و‬
‫المسلم من غير المسلم‪ ،‬وفي األخذ بتوارث غير المسلمين بعضهم من بعض فنص في (م‪6/‬‬
‫)على أنه‪ " :‬ال توارث بين المسلم وغير مسلم‪ ،‬ويتوار غير المسلمين من بعض "‬
‫ومعنى ال توارث بين مسلم وغير مسلم أي أنه منع التوارث من الجانبين‪ ،‬فال يرث المسلم‬
‫من غيره‪ ،‬وال يرث غير المسلم من المسلم‪ ،‬ومعنى توارث غير المسلمين من بعض إذا ما‬
‫تحاكموا لدينا أي نعتبر جميع الملل غير اإلسالم يتوارثون بعضهم من بعض‪ ،‬ال فرق بين ملة‬
‫و أخرى‪.‬‬

‫موانع اإلرث المختلف فيها‪ :‬تتعدد موانع اإلرث المختلف فيها إلى نوعين‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬اختالف الدارين‪ ،‬وهو أن يكون كل من الوارث و المورث تابعاً لدولة أخرى‬
‫و نرى أن اختالف الدارين بين غير المسلمين ال يعد مانعاً من اإلرث ؛ ألن الديانة أو الملة‬
‫ض ‪ ، ‬وقد أخذ قانون المواريث‬ ‫ض ُهم أ َْولِ َياء َب ْع ٍ‬ ‫َّ‬
‫ذين َكَف ُرواْ َب ْع ُ ْ‬
‫واحدة‪ ،‬لعموم قوله تعالى‪َ  :‬وال َ‬
‫المصري بهذا الرأي أيضاً‪ ،‬فنص في( م‪ )6.‬على أن‪ :‬اختالف الدارين ال يمنع من اإلرث بين‬
‫المسلمين وال يمنع بين غير المسلمين‪ ،‬إال إذا كانت شريعة الدار األجنبية تمنع من توريث‬
‫األجنبي عنها تحقيقا للتسوية بين المسلمين وغيرهم في هذه الحالة‪ ،‬كما في ذلك مراعاة من‬
‫قبل القانون لمبدأ المعاملة بالمثل‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬إبهام الموت ( عد معرفة وقت وفاة األقارب)‪ ،‬لو مات متوارثان بغرق أو‬
‫حرق أو هدم أو في غربة معا أو جهل أسبقهما لم يرث أحدهما من اآلخر‪ ،‬وهذا ما‬
‫ذهب إليه الشافعية‪ ،‬ألن شرط اإلرث تحقق حياة الوارث بعد موت المورث‪ ،‬وهو هنا منتفي‪،‬‬
‫وتركة كل من الميتين بغرق ونحوه لباقي ورثته ؛ ألن هللا تعالى إنما يورث األحياء من‬
‫األموات‪ ،‬وهنا ال تعلم حياته عند موت صاحبه فال يرث‪ ،‬وألننا إن ورثنا أحدهما فقط فهو‬
‫تحكم‪ ،‬و إن ورثنا كال من صاحبه تبقنا الخطأ‪ ،‬وإن ماتاً معا ففيه توريث ميت من ميت‪ ،‬وإن‬
‫ماتا متعاقبين ففيه توريث من تقدم ممن تأخر‪.‬‬
‫أما جمهور الفقهاء فال يعدون إبهام وقت الموت من موانع اإلرث ؛ ألن المراد‬
‫بالمانع هو الذي يجمع السبب و الشرط ( أي يوجد مع وجودهما ) وعدم اإلرث إلبهام تاريخ‬
‫الموت إنما هو لعدم وجود الشرط وهو تحقق وجود الوارث ( أي تحقق حياته ) عند موت‬
‫المورث‪.‬‬

‫والرأى الراجح هو‪ :‬الرأي األول‪ :‬فاليرث الهدمى والحرقى والغرقى الذين لم يعرف وقت وفاتهم‪،‬‬
‫ولم يعرف المتقدم منهم في الوفاة والمتأخر؛ فال ميراث بينهم لتخلف شرط ثبوت حياة الوارث‬
‫وقت وفاة المورث‪،‬فاذا ماثبت عن طريق الطب الشرعى تقدم وفاة أحدهم وتأخر اآلخر فانه‬
‫يرث منه‪.‬‬

You might also like