You are on page 1of 13

‫‪SBSM 2043‬‬

‫فقه املعامالت‬
‫اسم احملاضرة‪:‬األستاذة نورىتا بنت قمرالدين‬
‫عنوان البحث‪ :‬الرهن‬
‫رقم الطالب‬ ‫اسم الطالب‬
‫‪21BI01015‬‬ ‫حممد دانيأل أفيق بن قمر الزمان‬
‫‪21BI01026‬‬ ‫معزم بن ذكري‬

‫‪1‬‬
‫الفهرس‬

‫‪3‬‬ ‫التعريف الرهن‬


‫‪4‬‬ ‫الفرق بني الرهن احليازي والرهن الرمسي يف‬
‫القانون‬
‫‪5‬‬ ‫مشروعية الرهن‬
‫‪5‬‬ ‫حكمة تشريع الرهن‬
‫‪6‬‬ ‫حكم الرهن الرمسي يف الشريعة اإلسالمية‬
‫‪7‬‬ ‫أركان وشروطه الرهن‬
‫‪8‬‬ ‫ما يرتتب على لزوم الرهن‬
‫‪8‬‬ ‫وضع املرهون عند عدل (شخص اثلث)‬

‫‪8‬‬ ‫التصرف يف املرهون‬


‫‪9‬‬ ‫بيع املرهون لوفاء الدين‬
‫‪9‬‬ ‫زوائد الرهن‬
‫‪10‬‬ ‫حائز الرهن‬
‫‪10‬‬ ‫ضمان املرهون وانفكاكه‬
‫‪10‬‬ ‫مؤنة الرهن‬
‫‪11‬‬ ‫فائدة الرهن‬
‫‪11‬‬ ‫انتهاء الرهن‬
‫‪11‬‬ ‫االختالف يف الرهن‬
‫‪12‬‬ ‫ملحق ‪ -‬تعلق الدين ابلرتكة‬
‫‪13‬‬ ‫املراجع‬

‫‪2‬‬
‫التعريف الرهن‬

‫يطلق الرهن يف اللغة على على الثبوت و الدوم‪ ,‬كما يطلق على احلبس‪ .‬ومن األول قوهلم‪ :‬نعمة هللا راهنة‪ ,‬أي‬
‫اثبتة وداءمة‪ .‬ومن الثاين قول هللا تعاىل ( كل نفس مبا كسبت رهينة)‪ .1‬أي حمبوسة بكسبها و عملها‪.‬‬

‫ومعطى الرهن يسما رهنا‪ .‬واخدذه مرهتنا‪ .‬و العني املرهونة تسمى رهنا ورهينة ومرهونة‪ .‬والفعل رهن إذا أعططى‬
‫رهنا‪ ,‬وارهتن إذا أخذ رهنا‪.2‬‬

‫وأما معناه يف الفقه اإلسالمي فهو جعل عني مالية وثيقة بدين‪ 3‬حبيث ميكن أخذ ذلك الدين أو بعضه من مثن‬
‫تلك العني إن تعذر االستيفاء ممن هو عليه‪.4‬‬

‫فإن استدان شخص دينا من شخص آخر وجعـل له يف نظري ذلك الدين عقارا أو حيوان حمبوسا حتت يده‬
‫حىت يقضيه‪ ،‬كان ذلك هو الرهن شرعا‪ .‬وهو الذي يعرف يف اصطالح القانون ابلرهن احليازي‪ ،‬أما الرهن الرمسي فلم‬
‫يتكلم عنه الفقهاء القدامي ‪.‬‬

‫والرهن يف القانون نوعان ‪ :‬رهن رمسي‪ ،‬ورهن حيازي ‪ .‬فاألول هو عقد به يكسب الدائن على عقار خمصص‬
‫لوفاء دينه حقا عينيا‪ ،‬يكون له مبقتضاه أن يتقدم على الدائنني العاديني والدائنني التالني له يف املرتبة يف استيفاء حقه من‬
‫مثن ذلك العقار يف أي يد يكون‪ ,5‬وال ينعقد إال إذا كان بورقة رمسية‪.6‬‬

‫ويتميز عقد الرهن الرمسي‪ 7‬أبنه عقد شكلي‪ ،‬فال يكفي النعقاده جمرد توافق االرادتني‪ ،‬أو أن يكتب يف حمرر‬
‫عريف‪ ،‬بل يلزم أن يفرغ يف حمرر رمسي ‪ ،‬وأن يذكر يف هذا احملرر البيانت الكافية لتخصيص العقـار املرهون والدين املضمون‬
‫‪.‬‬

‫كما يتميز أبنه عقد ملزم جلانب واحد‪ ،‬ألنه ينشأ التزامات يف ذمة الراهن‪ ،‬أما الدائن املرهتن فال يلتزم يف عقد‬
‫الرهن ذاته بشيء‪ ،‬إذ املفروض أن املرهتن سبق أن أقرض أو التزم إبقراض املدين أو منحه أجال لوفاء الدين ‪.‬‬

‫أما الرهن احليازي يف القانون فهو عقد به يلتزم شخص‪ ،‬عليه أو على غريه‪ ،‬أن يسلم اىل الدائن أو اىل أجنيب‬
‫يعينه املتعاقدان‪ ،‬شيئا يرتب عليه الدائن حقا عينيا خيوله حبس الشيء حلني استيفاء الدين‪ ،‬وأن يتقدم على الدائنني‬
‫العاديني والدائنني التالني له يف املرتبة يف اقتضاء حقه من مثن هذا الشيء يف أي يد يكون‪.8‬‬

‫‪ 1‬سورة المدثر اية ‪٣٨‬‬


‫‪ 2‬مختار الصحاح للرازي‪ ،‬باب التون ـ فصل الراء‪ ،‬ص ‪.٤٩٧‬‬
‫‪ 3‬شيئا مستوثق به‪ ،‬وذلك ألن الدين أصبح بحبس هذه العين محكما ال بد من سداده‪ ،‬أو تضيع على المدين العين المرهونة كلها أو‬
‫بعضها بحب ذلك الدين‬
‫‪ 4‬المغني البن قدامة‪ ،‬ج ‪ ،4‬ص ‪ ،361‬وفقه السنة للسيد سابق ‪ ،‬ج ‪ ،۳‬ص ‪۱۸٧‬‬
‫‪ 5‬م ‪ ۱۰۳۰‬مدني مصري‪ ،‬رم ‪ ۱۰٧۱‬مدن سوري‪ ،‬وم ‪ ۱٢۸٥‬مدن عراقي ‪ ،‬وم ‪ ۱٢۰‬من قانون الملكية العقارية اللبناني‬
‫‪ 6‬م ‪ ۱۰۳۱‬مدن مصري‬
‫‪ 7‬راجع هذه الميزات في كتـابنـا دروس في التامينات العبية‪ ،‬عـل الـة كـانة سنة ‪ ۱٤۰٢‬هـ ‪ ۱٩۸٢ /‬م بالقاهرة‪ ،‬ص ‪٩ ،۸‬‬
‫‪ 8‬م ‪ ۱۰٩٦‬ملي مصـري‪ ،‬وم ‪ ۱۰٥٦ ،۱۰٥٥ ،۱۰٤٦ ،۱۰۳۰ ،۱۰٢۸‬مدل سـوري‪ ،‬وم ‪ ۱۱۰۰‬مدن ليبي‪ ،‬وم ‪،۱۳٢٢ ، ۱۳٢۱‬‬
‫‪ ۱۳٢۳‬مدن عراقي ‪ ،‬رم ‪ ۱۰٢ ،۱۰۱‬من قانون الملكية العقارية اللبناني‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫خيتص عقد الرهن احليازي‪ 9‬أبنه عقد رضـائي ملزم للجانبني‪ ،‬فينعقد مبجرد تبادل اجياب وقبول متطابقني‪ ،‬وال‬
‫يتطلب شيئا آخر‪ .‬وملزم للجانبني فيلتزم الدائن املرهتن ابحملافظة على الشيء املرهون واستثماره وإدارته ورده عند انقضاء‬
‫الرهن وتقدمي حساب عن ذلك‪ ،‬ويلتزم املدين الراهن بتسليم العني املرهونة ‪ -‬منقوال كان أم عقارا ـ اىل الدائن املرهتن‪،‬‬
‫وبضمان املرهون ‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬واألصل يف الراهن رهنا رمسيا أو حيازي أنه ال يـرهـن مالـه تربعـا للمرهتن‪ ،‬بل يقدمه مبقابل‪ ،‬قد يكون قرضا‬
‫أو أجال ‪.‬‬

‫وقد يكون الراهن فيها غري املدين (أي كفيال عينيا)‪ ،‬وهذا الكفيل العيين قد يقدم الضمان تربعا أو مبقابل‬
‫أيخذه من املدين الذي يقدم الرهن لضمان الوفاء مبا عليه من دين للمرهتن ‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫الفرق بني الرهن احليازي والرهن الرمسي يف القانون‬

‫ختلف الرهن احليازي عن الرهن الرمسي فيها أييت ‪:‬‬

‫من حيث العقد ‪ :‬الرهن احليازي عقد رضائي فال تشرتط فيه الرمسية ‪ ،‬فأي إجياب وقبول متطابقني على رهن‬ ‫‪.1‬‬
‫حيازي يكفيان يف عقد الرهن احليازي ‪ .‬أما الرهن الرمسي فإنه يشرتط فيه أن يكون العقد شكليا‪ ،‬فال ينعقد‬
‫بعقد عريف ‪.‬‬
‫کما أن عقد الرهن احليازي ملزم للجانبني يف حني أن عقـد الـرهن الرمسي ملزم اجلانب واحد‪.‬‬
‫من حيث احملل‪ :‬حمل الرهن احليازي يصح أن يكون عقـارا أو أن يكون منقوال‪ ،‬وليس القيد ضروري لسرين‬ ‫‪.2‬‬
‫الرهن احليازي يف مواجهة الغري إال إذا كان حمل الرهن احليازي عقارا‪ .‬أما الرهن الرمسي‪ ،‬فال يكون حمله إال‬
‫عقارا‪ ،‬وال يقع على منقول‪ ،‬ولذلك يكون القيد ضروري يف الرهن الرمسي ليكون الرهن نفذا يف حق الغري‪ ،‬وال‬
‫يرهن املنقول رهنا رمسيا‪.‬‬
‫من حيث املضمون ‪ :‬خيول الرهن احليازي حبس الشيء املرهون‪ ،‬منقـوال كان أم عقارا‪ ،‬حىت يستويف الدائن‬ ‫‪.3‬‬
‫دينه‪ ،‬أما الرهن الرمسي‪ ،‬فال خيول الدائن حق احلبس‪ ،‬وكل ما للدائن إذ حل دينه هو أن ينفذ على العقـار‬
‫املرهون رهنا رمسيا‪ ،‬متقدما ومتتبعا‪.‬‬
‫من حيث احليازة ‪ :‬يف الرهن احليازي يوجد التزام على الراهن هو أن يسلم الشيء املرهون‪ ،‬منقوال كان أم عقارا‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫للدائن املرهتن (أو األجنيب) حيافظ عليه ويديره ويستغله‪ .‬أما يف الرهن الرمسي‪ ،‬فيبقى العقـار املرهون يف حيازة‬
‫الراهن‪ ،‬وال ينتقل منه إىل أحد ‪.‬‬

‫‪ 9‬انظر خصائص عقد الرهن الحباري د‪ .‬التهوري في الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬الجزء العاشر‪ ،‬في التامينات الشخصية‬
‫والعينية‪ ،‬مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر سنة ‪ 1919‬م القاهرة‪ ،‬فقرة ‪ ،٤٩٧‬من ‪ ٧٤۱‬وما بعدهما‬
‫‪ 10‬الوسيط للستوري‪ ،‬ج ‪ ،۱۰‬فقرة ‪ ،401‬م ‪717 ، 746‬‬

‫‪4‬‬
‫ويشرتك الرهن احليازي مع الرهن الرمسي فيما يلي ‪:‬‬

‫كل من الرهن احليازي والرهن الرمسي ال ينشأ إال من عقد‪ .‬فال ينشأ حبكم قضائي ‪ ،‬وال بنص يف القانون‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫كل من الرهن احليـازي والرهن الـرمسي يتضمن حقا عينيا‪ ،‬أي سلطة مباشرة على مال معني‪ ،‬فينفذ قبل الكافة‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫كل من الرهن احليـازي والرهن الـرمسي يتضمن حقا تبعيـا‪ .‬فيتبع احلق املضمون وجودا وعدما‪ .‬وجيوز للراهن أن‬ ‫‪.3‬‬
‫يتمسك قبل املرهتن بكل الدفوع اليت تؤثر يف احلق املضمون ‪.‬‬
‫كل من الرهن احليـازي والرهن الـرمسي يتضمن حقا ال يتجزا‪ ،‬فتبقى سلطة الدائن املرهتن على املال املرهون كله‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫حىت يستوىف كـل الـدين املضمون‪.‬‬
‫كل من الرهن احليازي والرهن الرمسي خيول الدائن املرهتن أن ينفذ على العني املرهونة‪ ،‬مستعمال يف ذلك حق‬ ‫‪.5‬‬
‫التقدم والتتبع ‪.‬‬

‫مشروعية الرهن ‪:‬‬

‫الرهن جائز‪ ،‬ودليل جوازه الكتاب والسنة واإلمجاع ‪.‬‬

‫ما الكتاب ‪ :‬فقول هللا تعاىل‪( :‬وإن كنتم على سفر ومل جتدوا كـاتبـا فـرهـان مقبوضة)‪.11‬‬

‫أما السنة ‪ :‬فقد روي أن رسول هللا ﷺ اشرتى من يهودي طعاما نسيئة ورهنه درعه‪ ،12‬وكان الرسول ﷺ يف املدينة‪.‬‬

‫أما اإلمجاع ‪ :‬فقد أمجع العلماء على جوازه ومشروعيته ومل خيالف يف ذلك أحد‪ .‬وإن كانوا قد اختلفوا يف مشروعيته‬
‫يف احلضر‪ .‬فقال اجلمهـور‪ :‬يشرع يف احلضر‪ ،‬كما يشرع يف السفر‪ .‬لفعل الرسول ﷺ وهو مقيم ابملدينة‪ ،‬وأمـا تقييده‬
‫ابلسفر يف اآلية فإنه خرج خمرج الغالب‪ ،‬فإن الرهن غالبا يكون يف السفر‪ .‬وقال جماهد والضحاك والظاهرية ‪ :‬ال‬
‫يشرع الرهن إال يف السفر استدالال ابآلية‪ ،‬واحلديث حجة عليهم‪.13‬‬

‫حكمة تشريع الرهن ‪:‬‬

‫حرص اإلسالم منذ شروق فجره على تشجيع مد يد العون لذوي احلاجة واحلرص على أن يتشبع املسلم بروح‬
‫املواساة لبين جنسه حىت يعيش اجملتمع مرتامحا متوادا‪.‬‬

‫وتشجيعا هلذا الغرض النبيل‪ ،‬وضع تشريعات تضمن احلقوق من الضياع وحتفظها من احلجود حىت يظل ابب‬
‫التعاون على اخلري مفتوحا على مصراعيه‪ ،‬وبذلك تنعم البشرية حبياة تعطرها روح اإلخاء والتعاطف واملودة‪.‬‬

‫‪ 11‬سورة البقرة آية ‪٢۸۳‬‬


‫‪ 12‬صحيح البخاري‪ ،‬ج ‪ ،۳‬ص ‪٧٧‬‬
‫‪ . 13‬فقه السنة للسيد سابق‪ ،‬ج ‪ ،۳‬ص ‪۱۸۸‬‬

‫‪5‬‬
‫حكم الرهن الرمسي يف الشريعة اإلسالمية‪:14‬‬

‫لقد بينت الشريعة اإلسالمية‪ ،‬أحكام رهن احليازة‪ ،‬أما الرهن الرمسي فهو معاملة استحدثت أحكامها القوانني‬
‫الوضعية‪ ،‬ومل يكن هذا النوع من الرهن معروفا يف عهد فقهاء املسلمني اجملتهدين القدامي‪.‬‬

‫لذلك تكلم فيه العلماء احملدثون‪ ،‬وتفرقت وجوه الرأي فيه‪ ،‬فمنهم من جييزه‪ ،‬ومنهم من مينعه‪ ،‬ولكل وجهة هو‬
‫موليها‪.‬‬

‫املختار‪ ،‬هو القول بصحة عقد الرهن الرمسي‪ ،‬ألن التعامل به ال يتناىف مع ما شرع الرهن له من التوثق حلفظ‬
‫مال املرهتن‪ .‬ذلك أنه عقد أعطى املرهتن حق تتبع العني املرهونة‪ ،‬فدينه متعلق ابلعني‪ ،‬وال خياف من تصرف املدين‬
‫فيهـا أبي وجه من وجوه التصرف وانتقاهلا من يده اىل يد أخرى‪ ،‬فاملرهتن له عند حلول أجل الدين إذا مل يوف‬
‫املدين ما عليه من الدين املضمون‪ ،‬أن يتتبع العني املرهونة يف أي يد كانت ويبيعها ويستويف دينه من مثنها مقدما‬
‫على سائر الغرماء‪ ،‬وهو يبيح للراهن أن يتصرف يف املرهون مبا هو مباح له قبل الرهن‪ ،‬وأن ينتفع به االنتفاع الصحيح‬
‫الذي رمبا كان سببا من أسباب قضاء دينه‪ ،‬فال منافاة يف هذا الرهن حلكمة الشارع‪ ،‬وال فرق بينه وبني رهن احليازة‬
‫يف معىن التوثق ‪ .‬على أن املرهون رهنا رمسيا‪ ،‬ليس يف يد الراهن حقيقة‪ ،‬بل هو يف يد احلاكم الذي ينوب عن املرهتن‬
‫يف احلفظ كما ينوب العدل عنه‪ ،‬ويد احلاكم أقوى من يد العدل‪ ،‬فإن العدل قد يفاجأ ابملوت وقد ينكر ورثته‬
‫الودائع اليت حتت يده‪ ،‬أما بد احلاكم فال ميكن أن يطرأ عليها االنكار‪ ،‬ألن شخصية احلاكم معنوية دائمة ليست‬
‫حمصورة يف ذات معينة وإن كان حيصل يف ذواهتا البدل‪ ،‬فالتوثيق الرمسي املقيد يف سجالت احلاكم يقوم مقام القبض‬
‫فال يتصور إنكار الراهن‪ ،‬وحق التتبع وحىت التقدم فيها الضمان الكايف حلفظ مال املرهتن‪.‬‬

‫كما يقول أنصار هذا الرأي املختار إن قول هللا تعاىل‪( :‬وإن كنتم على سفر ومل جتدوا كاتبا فرهان مقبوضة)‪،15‬‬
‫يدل على أن الرهان يف هذه احلال‪ ،‬حال السفر‪ ،‬جيب أن تكون مقبوضة حىت يتأتى هبا االستيثاق‪ ،‬ألهنا إذا تركت‬
‫يف يد الـراهن ‪ --‬أمكنه أن يتصرف فيها أو يستهلكها فال تطمئن نفس الدائن بذلك‪ .‬وأما يف غري حال السفر‪،‬‬
‫فليس يف اآلية ما يدل على لزوم قبض الرهن فيها‪.‬‬

‫فضال عن أنه إذا كان القبض مل يشرتطه الشارع تعبدا‪ ،‬وإمنا اشرتطه لتأمني الدائن املرهتن‪ ،‬وجب قياسا أن يقوم‬
‫مقام قبض الرهن كل وسيلة تؤدي اىل هذا التأمني وال يستطيع معها املدين الراهن أن خيل بتعهده أو يتالعب بدائنه‪.‬‬

‫ومن ذلك‪ ،‬ما فرضه القانون املدين من األحكام يف الرهن الرمسي‪ ،‬فإن الوسائل اليت شرعها القانون للمحافظة‬
‫على حق الدائن فيه ‪ ،‬من قيد وغريه كفيلة حبفظ العني املرهونة وبقائها ضمان للدائن‪ ،‬فكان يف ذلك أتمني الدائن‪،‬‬
‫وليس ما مينع أن يقوم هذا مقام القبض شرعا‪.‬‬

‫‪ 14‬الشيخ ابراهيم دسوقي الشهاري‪ ،‬في المذاهب الفقهية‪ ،‬والباب األول من القسم الثاني) ص ‪ ،۱٩‬شركة الطباعة الفنية المتحدة‬
‫‪ ٧٢/٧۳‬بالقاهرة‪ ،‬والمستشار عبد الوهاب البنداري في شرح التأمينات العينية ‪ ،‬م ‪ ٧٤/۱٩٧٥‬م ‪ ،‬المعلمة األميرية بالقاهرة‪ ،‬ص ‪، ٢۱‬‬
‫وكتابنا دروس في التامينات العنية‪ ،‬من ‪.۱۳ ،۱٢‬‬
‫‪ 15‬سورة البقرة آية ‪. ٢۸۳‬‬

‫‪6‬‬
‫أركان وشروطه الرهن ‪:‬‬

‫أركان الرهن يف الفقه اإلسالمي أربعة هي‪: 16‬‬

‫العاقد من راهن ومرهتن‪ ،‬ويشرتط فيه البلوغ والعقل‪.‬‬ ‫‪.1‬‬


‫مرهون وهو الشرتط فيه أن يكون مما يصح بيعه‪ ،‬وأن يكون معلوما‪ ،‬وان يكون مقدورا على تسليمه خالفا‬ ‫‪.2‬‬
‫للبعض‪ ،‬وأن يكون مملوكا للراهن‪ ،‬وأن يكون عينا منتفعا هبا‪ ،‬وأن ال يكون مما يسرع اليه الفساد إال إذا كان‬
‫الدين حاال أو مؤجال حيل قبل فساده‪ ،‬وأن يقبضه املرهتن أو وكيله‪.‬‬
‫مرهون به هو الشرتط فيه كونه دينا‪ ،‬اثبتا اي الزما‪ ،‬معلوما‪ ،‬معينا‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫الصيغة‪ .‬وهي كل ما يدل على اإلجياب والقبول بشروطها‪ .‬وأركان الرهن الرمسي يف القانون هي أركان موضوعية‬ ‫‪.4‬‬
‫وأخرى شكلية‪.17‬‬

‫فاملوضوعية هي ‪:‬‬

‫‪ .1‬الرضا وهو توفق االرادتني واجتاهها اىل إحداث أثر قانوين معني ‪ .‬هو إنشاء حق الرهن الرمسي‪ .‬ويشرتط لصحة‬
‫الرضا أن تكون كل من االرادتني خالية من عيوب الرضا‪ .‬وأن تكون االرادة صادرة من شخص له أهلية مباشرة‬
‫عقد الرهن‪ .‬وهذه األهلية ختتلف يف املرهتن عنها يف الراهن ‪ .‬فبالنسبة للدائن املرهتن يكفي أن يكون مميزا‪ ،‬ألن‬
‫عقد الرهن الرمسي ابلنسبة له يعترب من العقود النافعة له نفعا حمضا‪ .‬أما األهلية املطلوبة ابلنسبة للراهن‪ ،‬فهي‬
‫أن يكون أهال للتصرف‪ ،‬وابلتايل يلزم لصحة هذا العقد أن يكون الراهن ابلغا سن الرشد‪ ،‬مع عدم إصابته‬
‫بعارض من عوارض األهلية أو مبانع من موانعها‪.‬‬
‫‪ .2‬احملل‪ ،‬وهو العقار املرهون‪ .‬ويشرتط فيه أن يكون ماال عقاري‪ ،‬وأن يكون العقار مما يصح التعامل به وبيعه ابملزاد‬
‫العلين‪ ،‬وأن يكون العقـار مـوجـودا وقت الرهن‪ ،‬وأن يكون العقار معينا ابلذات تعيينا دقيقا من حيث طبيعته‬
‫وموقعه‪ ،‬وأن يكون العقار مملوكا للراهن‪.‬‬
‫‪ .3‬السبب ‪ .‬وهو الدين املضمون‪ .‬ويشرتط فيه أن يكون الـديـن مـوجـودا وأن يكون مبلغا حمددا يف عقد الرهن‬
‫على األقل يف حده األقصى‪.‬‬

‫وأما األركان الشكلية فهي الرمسية والتخصيص‪ ،‬والرمسية هي إفراغ عقد الرهن يف ورقة رمسية‪ ،‬يقوم بتحريرها املوثق‬
‫املختص إبحدى مكاتب التوثيق امللحقة ابلشهـر وفقا لالجراءات املقررة يف القـانـون‪ ،‬أو املوظف املختص ابلقنصليات‬
‫إذا أبرم العقد خارج البالد‪ .‬والتخصيص هو أن يذكر يف هذا احملرر مجيع البيانت الالزمة لتخصيص الرهن‪ ،‬أي‬
‫لتحديد كل من العقار املرهون والدين املضمون‪.‬‬

‫أركان الرهن احليـازي يف القانون هي ‪ :‬املتعاقدان من راهن ودائن مرهتن‪ ،‬وجيب أن يكون كل منها كامل األهلية‪.‬‬
‫واملال املرهون عقـارا كان أم منقوال‪ .‬والدين املضمون كالدين املضمون يف الرهن الرمسي‪.18‬‬

‫‪ 16‬منهج اإلسالم في المعامالت المالية‪ ،‬د‪ .‬أحمد عثمان‪ ،‬ص ‪ ٢۸۳‬وما بعدها‬
‫‪ 17‬کتابنا دروس في التأمينات المية ‪ ،‬س ‪ ۱۳‬وما بعدها‬
‫‪ 18‬الوسيط للسنهوري ‪ ،‬جزء ‪ ،10‬فقرة ‪ ،505‬ص ‪ ٧٥۱‬وما بعدهما‬

‫‪7‬‬
‫ما يرتتب على لزوم الرهن‬

‫إذا لزم الرهن ابإلقباض‪ ،‬فتكون اليد يف املرهون (أي احليازة) للمرهتن‪ ،‬لتحقيق التوثق‪ ،‬وال تزال يده عنه إال‬
‫لتمكني الراهن من االنتفاع به‪.‬‬

‫وعلى الراهن مؤنة (نفقة) الرهن‪ ،‬ويلزم هبا صيانة حلق املرهتن‪ .‬وللراهن زوائد الرهن املنفصلة كلنب ومثرة‪.‬‬

‫ويد املرهتن يد أمانة على املرهون‪ ،‬فال يضمنه إال ابلتعدي أو التقصري‪ ،‬فإن هلك املرهون عند املرهتن بال تفريط‪،‬‬
‫مل يلزمه شيء‪ ،‬لقوله ﷺ فيما رواه مصعب بن اثبت قال‪ :‬مسعت عطاء حيدث أن رجال رهن فرسا‪ ،‬فنفق يف يده‪،19‬‬
‫فقال رسول هللا ﷺ للمرهتن ‪( :‬ذهب حقك)‪ ،20‬واألوىل من هذا الدليل اخلرب اآليت ‪ (:‬الرهن من راهنه‪ ،‬له غنمه وعليه‬
‫غرمه)‪ .21‬فلو شرط كونه مضمون مل يصح الرهن‪ .‬وإن هلك املرهون عند املرهتن بتفريط منه ضمنه‪ ،‬لقوله ﷺ‪( :‬ال يغلق‬
‫الرهن من صاحبه الذي رهنه‪ ،‬له غنمه‪ ،‬وعليه غرمه)‪ 22‬فهذا دليل على أن ضمان الرهن على الراهن‪.‬‬

‫وضع املرهون عند عدل (شخص اثلث)‬

‫جيوز وضع املرهون عند عدل ابتفاق العاقدين (الراهن واملرهتن) ألن كال منهما قد ال يثق بصاحبه‪ .‬وجيوز وضعه‬
‫عند اثنني مثال‪ ،‬ويتم حفظه حيتذ حبسب اتفاق العاقدين عندمها أو عند أحدمها‪ .‬فإن أطلق العاقدان الكالم فليس‬
‫ألحدمها االنفراد حبفظه يف األصح‪ ،‬بل حيفظانه معا‪ ،‬كما هو احلكم يف الوكالة والوصاية‪ ،‬فيجعالنه يف حرز هلما‪ ،‬كما يف‬
‫حال النص على اجتماعهما‪ .‬فإن انفرد أحدمها حبفظه‪ ،‬ضمن نصفه‪.‬‬

‫ولو مات العدل املوضوع عنده أو فسق‪ ،‬أو عجز عن حفظه‪ ،‬أو حدثت عداوة بينه وبني أحدمها‪ ،‬وطلبا أو‬
‫طلب أحدمها نقله نقل‪ ،‬وجيعل حيث يتفق العاقدان‪ .‬وإن تنازعا‪ ،‬وضعه احلاكم عند عدل يراه‪ ،‬قطعا للنزاع‪.‬‬

‫التصرف يف املرهون‬

‫ليس للراهن املقبض (الذي سلم املرهون للدائن املرهتن) تصرف مع غري ملرهتن يزيل امللك عن املرهون‪ ،‬كاهلبة‬
‫والبيع والوقف‪ ،‬ألنه لو صح لفائت الوثيقة‪ .‬أما التصرف مع املرهتن أو إبذنه فيصح‪.‬‬

‫وليس للراهن أيضا رهن املرهون لغري املرهتن‪ ،‬ملزامحته حق املرهتن األول‪ ،‬فيفوت مقصود الرهن‪ .‬وال جيوز يف‬
‫املذهب اجلديد رهن املرهون عند املرهتن بدين آخر‪ ،‬مع بقاء رهنه األول‪.‬‬

‫وليس للراهن كذلك إجارة املرهون من غري املرهتن إن كان الدين حاال؛ ألن القيمة تنقص وتقل الرغبات يف‬
‫املأجور ‪ ،‬عند احلاجة إىل البيع‪ .‬ويف اجلملة ‪ :‬ليس للراهن أن يتصرف يف املرهون مبا يبطل حق املرهتن كبيع وهبة‪ ،‬أو‬
‫ينقص قيمته كلبس الثوب املرهون‪.‬‬

‫‪ 19‬أي ملك‬
‫‪ 20‬رواه أبو داوود في مراسيله وابن أبي شيبة في المصنف والبيهقي والطحاوي‪ ،‬وهو ضعيف ‪ ،‬وهو دليل الحنفية على ضمان الرهن‪.‬‬
‫‪ 21‬أي من ضمان راهنه‪ ,‬قال الشافعي‪ :‬وهذا أنصح ما قاله العرب ‪ :‬الشيء من فالن‪ ،‬أي من ضمانه‪.‬‬
‫‪ 22‬رواه الدارقطني والحاكم وابو داوود في المراسيل وابن أبي شيبة وعبد الرزاق والشافعي والبيهقي‬

‫‪8‬‬
‫بيع املرهون لوفاء الدين‬

‫يستحق بيع املرهون عند احلاجة لوفاء الدين إن مل يوف من غريه‪ ،‬ويكون للمرهتن حق التقدم أو األولوية بثمن‬
‫املرهون‪ .‬والذي يبيعه هو الراهن أو وكيله إبذن املرهتن ألن له فيه حقا‪ ،‬فإن مل أيذن املرهتن ابلبيع‪ ،‬قال له احلاكم ‪ :‬أتذن‬
‫يف بيعه‪ ،‬أو تربئ املدين من الدين‪ ،‬دفعا لضرر الراهن‪.‬‬

‫لو طلب املرهتن بيع املرهون‪ ،‬فأيب الراهن ذلك‪ ،‬ألزمه القاضي قضاء الدين أو بيعه‪ .‬فإن أصر الراهن أو املرهتن‬
‫على االمتناع من البيع‪ ،‬ابعه احلاكم عليه ‪ ،‬ووىف الدين من مثنه‪ ،‬دفعا لضرر اآلخر‪ .‬ولو ابع املرهتن املرهون إبذن الراهن‪،‬‬
‫فاألصح أنه إن ابع حبضرة الراهن صح البيع‪ ،‬وإال فال يصح‪ ،‬ألنه يبيعه لغرض نفسه‪ ،‬فيتهم يف الغيبة ابالستعجال وترك‬
‫ولو شرط أن يبيع العدل املرهون عند احملل (حلول أجل الدين) جاز البيع التحفظ دون احلضور‪.‬‬

‫ولو شرط أن يبيع العدل املرهون عند احملل (حلول أجل الدين) جاز البيع وصح الشرط‪ .‬وال يشرتط حينئذ‬
‫مراجعة الراهن يف البيع يف األصح‪ ،‬ألن األصل بقاء اإلذن األول‪ .‬فإن ابع العدل املرهون وقبض الثمن‪ ،‬فالثمن عند‬
‫العدل من ضمان الراهن حىت يقبضه املرهتن‪ ،‬ألن املرهون ملك الراهن‪ ،‬والعدل أمينه‪.‬‬

‫ولو تلف الثمن يف يد العدل‪ ،‬مث استحق املرهون املبيع‪ ،‬فإن شاء املشرتي رجع على العدل لوضع يده عليه‪،‬‬
‫وإن شاء رجع على الراهن‪ ،‬ويستقر الثمن يف النهاية على الراهن‪ ،‬فريجع العدل بعد غرمه عليه‪.‬‬

‫وال يبيع العدل املرهون إال بثمن املثل حاال من نقد بلده كالوكيل‪ ،‬فإن أخل بشيء منها‪ ،‬مل يصح البيع‪ ،‬لكن‬
‫ال يضر النقص عن مثن املثل مبا يتغابن به الناس عادة‪ ،‬ألهنم يتساحمون فيه‪.‬‬

‫فإن زاد راغب يف الشراء قبل انقضاء خيار اجمللس‪ ،‬فيفسخ البيع‪ ،‬ويباع الشيء للراغب فيه‪ .‬ولو شرط كون‬
‫املرهون مبيعا للمرهتن عند حلول أجل الدين فسد الرهن‪ ،‬ويكون املرهون قبل حلول أجل الدين أمانة يف يد املرهتن‪ ،‬ألنه‬
‫مقبوض حبكم الرهن الفاسد‪ ،‬بعده مضمون حبكم الشراء الفاسد‪ .‬واملقرر عند الشافعية أن لفاسد العقود الصادرة من‬
‫رشيد حكم صحيحها يف الضمان وعدمه‪.‬‬

‫زوائد الرهن‬

‫إما متصلة وإما منفصلة‪.‬‬

‫أما الزايدة املتصلة كالسمن واجلمال والكرب فيشملها الرهن‪ ،‬فتكون مرهونة تبعا لألصل لعدم متييزها‪.‬‬

‫وأما الزايدة املنفصلة أو املتميزة كالثمرة والشجرة والولد واللنب والصوف والشعر والبيض‪ ،‬فال يسري الرهن إليها‪ ،‬ألن‬
‫الرهن عقد ال يزيل امللك عن الرقبة‪ ،‬فال يسري إليها كاإلجارة‪ ،‬وحلديث أيب هريرة املتقدم‪ ،‬أن النيب ﷺ قال ‪ :‬وال يغلق‬
‫الرهن من راهنه الذي رهنه ‪ ،‬له غنمه‪ ،‬وعليه غرمه‪.23،‬‬

‫‪ 23‬رواه الشافعي والدارقطني وقال هذا إسناد حسن متصل‪ ،‬وأخرجه أيضا الحاكم والبيهقي وابن حبان في صحيحه وابن ماجه‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫والنماء من الغنم‪ ،‬فوجب أن يكون له‪ ،‬ألن الشارع قد جعل الغنم والغرم للراهن‪ ،‬وعن ابن عمر وأيب هريرة مرفوعا‪( :‬الرهن‬
‫حملوب ومركوب)‪ ،‬أي للراهن‪ .24‬فلو رهن حامال‪ ،‬وحل األجل وهي حامل‪ ،‬بيعت‪ ،‬وإن ولدته بيع معها يف األظهر‪ ،‬ألن‬
‫احلمل يعلم فهو رهن‪ .‬فإن كانت حامال عند البيع دون الرهن‪ ،‬فالولد ليس برهن يف األظهر‪.‬‬

‫حائز الرهن‬

‫عرفنا فيما تقدم أنه إذا لزم الرهن ابإلقباض‪ ،‬فاليد يف املرهون للمرهتن‪ ،‬ألهنا الركن األعظم يف الوثوق‪ ،‬وال تزال إال لالنتفاع‬
‫من الرهن كما سبق‪ ،‬وهذا يف الغالب‪ ،‬وإال فقد ال تكون له اليد‪ ،‬كما لو رهن مصحفا من كافر‪ ،‬أو سالحا من حريب‪،‬‬
‫فيوضع عند من له متلكه‪.‬‬

‫ضمان املرهون وانفكاكه‬

‫تبني فيما تقدم أن املرهتن ال يضمن املرهون إال ابلتعدي أو التقصري يف احلفظ‪ ،‬ألن املرهون أمانة يف يد املرهتن‪،‬‬
‫ألنه قبضه إبذن الراهن‪ ،‬فكان كالعني املستأجرة‪ ،‬فال يضمنه إال ابلتعدي وحنوه كسائر األمانت‪ .‬فلو تلف املرهون بغري‬
‫تعد أو تقصري‪ ،‬مل يضمنه‪ ،‬ومل يسقط من الدين شيء؛ ألنه وثيقة يف دين‪ ،‬فال يسقط الدين بتلفه ‪ ،‬كموت الضامن‬
‫والشاهد‪.‬‬

‫وكذلك يكون املرهون بعد زوال الرهن أمانة يف يد املرهتن‪ ،‬ال يضمنه إذا تلف إال ابلتعدي وحنوه‪ .‬فإن هلك‬
‫املرهون عند املرهتن بال تفريط‪ ،‬مل يلزمه شيء‪ ،‬أو بتفريط منه ضمنه‪ ،‬وال يسقط بتلفه شيء من الدين‪.‬‬

‫وكذلك يكون املرهون بعد زوال الرهن أمانة يف يد املرهتن‪ ،‬ال يضمنه إذا تلف إال ابلتعدي وحنوه‪ .‬فإن هلك‬
‫املرهون عند املرهتن بال تفريط‪ ،‬مل يلزمه شيء‪ ،‬أو بتفريط منه ضمنه‪ ،‬وال يسقط بتلفه شيء من الدين‪.‬‬

‫واملرهون كله وثيقة بكل الدين ويكل جزء منه‪ ،‬فال ينفك حىت يقضى مجيع الدين‪ ،‬وفاء مبقتضى الرهن‪ .‬فإذا‬
‫قضى الراهن بعض احلق‪ ،‬مل خيرج شيء من الرهن‪ ،‬حىت يقضي مجيعه‪.‬‬

‫مؤنة الرهن‬

‫مؤنة (نفقة) الرهن كعلف دابة‪ ،‬وأجرة سقي أشجار‪ ،‬وجداد مثار وجتفيفها‪ ،‬وأجرة ختزين وحنو ذلك‪ ،‬على الراهن‬
‫املالك ابإلمجاع‪ ،‬إال ما روي عن احلسن البصري ‪ :‬أهنا على املرهتن‪.‬‬

‫وجيرب الراهن على حتمل املؤنة رعاية حلق املرهتن على الصحيح‪ ،‬حفظا للوثيقة‪ .‬وال مينع الراهن من تقدمي خدمة‬
‫ملصلحة املرهون متعلقة ابملداواة‪ ،‬كالقصد واحلجامة‪ ،‬واملعاجلة ابألدوية واملراهم‪ ،‬حفظا مللكه‪.‬‬

‫وفي لفظ (مجلوب)‪.‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪10‬‬
‫فائدة الرهن‬

‫فائدة الرهن متكني املرهتن من بيع العني املرهونة عند احلاجة إىل وفاء احلق الذي هو على الراهن‪ ،‬فإن امتنع‬
‫الراهن منه‪ ،‬أي من البيع عند طلب املرهتن‪ ،‬ألزمه احلاكم إما الوفاء ابلدين‪ ،‬أو بيع املرهون‪ .‬فإن أصرب الراهن على االمتناع‬
‫من البيع‪ ،‬ابع احلاكم العني املرهونة جربا عليه‪ ،‬أي على الراهن‪.‬‬

‫انتهاء الرهن‬

‫ينتهي الرهن أو ينقضي مبا أييت من احلاالت وهي‪:‬‬

‫‪ .1‬نسخ املرهتن الرهن ولو دون رضا الراهن‪ ،‬ألن احلق له‪ ،‬والرهن جائز (غري الزم) من جهة املرهتن‪.‬‬
‫لكن مبا أن الرتكة مرهونة ابلدين‪ ،‬وهو األصح‪ ،‬وأراد صاحب الدين مل يكن له ذلك‪ ،‬ألن الرهن ملصلحة‬
‫امليت‪ ،‬ففك الرهن يفوهتا‪ .‬أما الراهن فال ينفك الرهن بفسخه من قبله‪ ،‬للزومه من جهته‪.25‬‬
‫‪ .2‬هالك املرهون أو تلفه‪ ،‬ألن العقد ينتهي بزوال حمله أو ضياعه‪.‬‬
‫‪ .3‬صريورة املرهون غري متقوم‪ ،‬أي ال يباح االنتفاع به‪ ،‬كما لو كان املرهون عصريا‪ ،‬فصار يف يد املرهتن مخرا‪ ،‬زال‬
‫ملك الراهن عنه‪ ،‬وبطل الرهن‪ ،‬ألنه صار حمرما ال جيوز التصرف فيه‪ ،‬فزال امللك فيه وبطل الرهن‪ ،‬كاحليوان إذا‬
‫مات‪.‬‬
‫فإن ختللت اخلمر عاد الرهن‪ ،‬ألنه عاد إىل امللك املباح الذي جيوز التصرف فيه كجلد امليتة إذا دبغ‪ ،‬وقد كان‬
‫يف امللك السابق رهنا‪ ،‬فعاد رهنا‪.‬‬

‫االختالف يف الرهن‬

‫إذا اختلف املرتاهنان‪ ،‬فإما أن يكون االختالف يف عني الرهن أو أصله‪ ،‬أو يف مقداره‪ ،‬أو يف قدر الدين‪ ،‬أو يف قبضه‪،‬‬
‫أو يف وقت رجوع املرهتن عن اإلذن يف بيع املرهون‪ ،‬أو يف اللفظ الصادر من الراهن أو من املرهتن‪ ،‬أو يف حدوث واقعة‬
‫‪26‬‬
‫هالك املرهون‪.‬‬

‫‪ .1‬إذا كان االختالف يف أصل الرهن‪ ،‬كأن قال املرهتن‪ :‬رهنتين كذا فأنكر‪ ،‬فقال مثال ‪ :‬رهنتك هذا الكتاب‪،‬‬
‫وقال املرهتن ‪ :‬بل رهنتين الثوب الفالين‪ ،‬فالقول قول الراهن فهو املصدق بيمينه أنه مل يرهن الثوب‪ ،‬ألن األصل‬
‫عدم ما يدعيه املرهتن‪.‬‬
‫‪ .2‬وكذلك إذا اختلفا يف قدر الرهن‪ ،‬فقال الراهن ‪ :‬رهنتك هذا الكتاب‪ ،‬وقال املرهتن ‪ :‬بل رهنتين هذين الكتابني‪،‬‬
‫فالقول قول الراهن‪ ،‬ألن األصل عدم الرهن إال فيما أقر به‪.‬‬
‫‪ .3‬وأيضا إن اختلفا يف قدر الدين‪ ،‬فقال الراهن ‪ :‬رهنتك هذا الكتاب أبلف ‪ ،‬وقال املرهتن ‪ :‬بل رهنتنيه أبلفني‪،‬‬
‫فالقول قول الراهن بيمينه‪ ،‬ألن األصل عدم األلف‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪26‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ .4‬ن كان االختالف يف لفظ اإلبراء‪ ،‬حيث أبرأ املرهتن الراهن مث اختلفا يف اللفظ‪ ،‬فادعي الراهن أنه قال‪ :‬أبرأتك‬
‫عن األلف اليت هبا الرهن‪ ،‬وقال املرهتن ‪ :‬بل قلت‪ :‬أبرأتك من األلف اليت ال رهن هبا‪ ،‬فالقول قول املرهتن‪ ،‬ألنه‬
‫‪ .‬الذي يربئ‪ ،‬فكان القول يف صفة اإلبراء قوله‪.‬‬
‫‪ .5‬إذا كان االختالف يف حدوث هالك الـمـرهـون‪ ،‬فادعى الـمـرتـهـن هـالك الرهن‪ ،‬وأنكر الراهن‪ ،‬فالقول قول‬
‫املرهتن بيمينه‪ ،‬ألنه أمني‪ ،‬فكان القول قوله يف اهلالك‪ ،‬كالوديع‪ ،‬وإن ادعى املرهتن الرد‪ ،‬مل يقبل قوله‪ ،‬ألنه قبض‬
‫العني املرهونة‪ ،‬ملنفعة نفسه‪ ،‬فلم يقبل قوله يف الرد كاملستأجر‪.‬‬

‫ملحق ‪ -‬تعلق الدين ابلرتكة‬

‫من مات وعليه دين‪ ،‬تعلق برتكته تعلقه ابملرهون‪ ،‬ألنه أحوط للميت‪ ،‬إذ ميتنع حينئذ تصرف الوارث فيه جزما‪،‬‬
‫أي إن دين امليت يتعلق ابلرتكة كتعلق الدين ابلشيء املرهون‪ ،‬فيثبت للدائن حق عيين يف ذات الرتكة‪ ،‬وتكون مرهونة‬
‫ابلدين‪.27‬‬

‫ال فرق يف ذلك يف األصح بني الدين املستغرق وغريه يف رهن الرتكة‪ ،‬فال ينفذ تصرف الوارث يف شيء من‬
‫الرتكة‪ ،‬كما ال يتصرف يف املرهون‪.‬‬

‫وإذا تصرف الوارث يف الرتكة‪ ،‬حيث مل يكن هناك دين‪ ،‬مث طرأ وجود الدين‪ ،‬بسبب رد مبيع معيب‪ ،‬فاألصح‬
‫صحة تصرف الوارث‪ ،‬ألنه كان سائغا له يف الظاهر‪ ،‬فإن مل يقض الوارث الدين‪ ،‬فسخ تصرفه‪ ،‬ليصل املستحق إىل حقه‪.‬‬

‫وإذا تصرف الوارث يف الرتكة‪ ،‬حيث مل يكن هناك دين‪ ،‬مث طرأ وجود الدين‪ ،‬بسبب رد مبيع معيب‪ ،‬فاألصح‬
‫صحة تصرف الوارث‪ ،‬ألنه كان سائغا له يف الظاهر‪ ،‬فإن مل يقض الوارث الدين‪ ،‬فسخ تصرفه‪ ،‬ليصل املستحق إىل حقه‪.‬‬

‫والصحيح أن تعلق الدين ابلرتكة ال مينع اإلرث‪ ،‬فال يتعلق الدين بزوائد الرتكة ككسب ونتاج‪ ،‬ألهنا حدثت يف‬
‫ملك الوارث‪.‬‬

‫‪27‬‬

‫‪12‬‬
‫املراجع‬

‫‪.1‬‬

‫‪13‬‬

You might also like