Professional Documents
Culture Documents
فقه املعامالت
اسم احملاضرة:األستاذة نورىتا بنت قمرالدين
عنوان البحث :الرهن
رقم الطالب اسم الطالب
21BI01015 حممد دانيأل أفيق بن قمر الزمان
21BI01026 معزم بن ذكري
1
الفهرس
2
التعريف الرهن
يطلق الرهن يف اللغة على على الثبوت و الدوم ,كما يطلق على احلبس .ومن األول قوهلم :نعمة هللا راهنة ,أي
اثبتة وداءمة .ومن الثاين قول هللا تعاىل ( كل نفس مبا كسبت رهينة) .1أي حمبوسة بكسبها و عملها.
ومعطى الرهن يسما رهنا .واخدذه مرهتنا .و العني املرهونة تسمى رهنا ورهينة ومرهونة .والفعل رهن إذا أعططى
رهنا ,وارهتن إذا أخذ رهنا.2
وأما معناه يف الفقه اإلسالمي فهو جعل عني مالية وثيقة بدين 3حبيث ميكن أخذ ذلك الدين أو بعضه من مثن
تلك العني إن تعذر االستيفاء ممن هو عليه.4
فإن استدان شخص دينا من شخص آخر وجعـل له يف نظري ذلك الدين عقارا أو حيوان حمبوسا حتت يده
حىت يقضيه ،كان ذلك هو الرهن شرعا .وهو الذي يعرف يف اصطالح القانون ابلرهن احليازي ،أما الرهن الرمسي فلم
يتكلم عنه الفقهاء القدامي .
والرهن يف القانون نوعان :رهن رمسي ،ورهن حيازي .فاألول هو عقد به يكسب الدائن على عقار خمصص
لوفاء دينه حقا عينيا ،يكون له مبقتضاه أن يتقدم على الدائنني العاديني والدائنني التالني له يف املرتبة يف استيفاء حقه من
مثن ذلك العقار يف أي يد يكون ,5وال ينعقد إال إذا كان بورقة رمسية.6
ويتميز عقد الرهن الرمسي 7أبنه عقد شكلي ،فال يكفي النعقاده جمرد توافق االرادتني ،أو أن يكتب يف حمرر
عريف ،بل يلزم أن يفرغ يف حمرر رمسي ،وأن يذكر يف هذا احملرر البيانت الكافية لتخصيص العقـار املرهون والدين املضمون
.
كما يتميز أبنه عقد ملزم جلانب واحد ،ألنه ينشأ التزامات يف ذمة الراهن ،أما الدائن املرهتن فال يلتزم يف عقد
الرهن ذاته بشيء ،إذ املفروض أن املرهتن سبق أن أقرض أو التزم إبقراض املدين أو منحه أجال لوفاء الدين .
أما الرهن احليازي يف القانون فهو عقد به يلتزم شخص ،عليه أو على غريه ،أن يسلم اىل الدائن أو اىل أجنيب
يعينه املتعاقدان ،شيئا يرتب عليه الدائن حقا عينيا خيوله حبس الشيء حلني استيفاء الدين ،وأن يتقدم على الدائنني
العاديني والدائنني التالني له يف املرتبة يف اقتضاء حقه من مثن هذا الشيء يف أي يد يكون.8
3
خيتص عقد الرهن احليازي 9أبنه عقد رضـائي ملزم للجانبني ،فينعقد مبجرد تبادل اجياب وقبول متطابقني ،وال
يتطلب شيئا آخر .وملزم للجانبني فيلتزم الدائن املرهتن ابحملافظة على الشيء املرهون واستثماره وإدارته ورده عند انقضاء
الرهن وتقدمي حساب عن ذلك ،ويلتزم املدين الراهن بتسليم العني املرهونة -منقوال كان أم عقارا ـ اىل الدائن املرهتن،
وبضمان املرهون .
هذا ،واألصل يف الراهن رهنا رمسيا أو حيازي أنه ال يـرهـن مالـه تربعـا للمرهتن ،بل يقدمه مبقابل ،قد يكون قرضا
أو أجال .
وقد يكون الراهن فيها غري املدين (أي كفيال عينيا) ،وهذا الكفيل العيين قد يقدم الضمان تربعا أو مبقابل
أيخذه من املدين الذي يقدم الرهن لضمان الوفاء مبا عليه من دين للمرهتن .
10
الفرق بني الرهن احليازي والرهن الرمسي يف القانون
من حيث العقد :الرهن احليازي عقد رضائي فال تشرتط فيه الرمسية ،فأي إجياب وقبول متطابقني على رهن .1
حيازي يكفيان يف عقد الرهن احليازي .أما الرهن الرمسي فإنه يشرتط فيه أن يكون العقد شكليا ،فال ينعقد
بعقد عريف .
کما أن عقد الرهن احليازي ملزم للجانبني يف حني أن عقـد الـرهن الرمسي ملزم اجلانب واحد.
من حيث احملل :حمل الرهن احليازي يصح أن يكون عقـارا أو أن يكون منقوال ،وليس القيد ضروري لسرين .2
الرهن احليازي يف مواجهة الغري إال إذا كان حمل الرهن احليازي عقارا .أما الرهن الرمسي ،فال يكون حمله إال
عقارا ،وال يقع على منقول ،ولذلك يكون القيد ضروري يف الرهن الرمسي ليكون الرهن نفذا يف حق الغري ،وال
يرهن املنقول رهنا رمسيا.
من حيث املضمون :خيول الرهن احليازي حبس الشيء املرهون ،منقـوال كان أم عقارا ،حىت يستويف الدائن .3
دينه ،أما الرهن الرمسي ،فال خيول الدائن حق احلبس ،وكل ما للدائن إذ حل دينه هو أن ينفذ على العقـار
املرهون رهنا رمسيا ،متقدما ومتتبعا.
من حيث احليازة :يف الرهن احليازي يوجد التزام على الراهن هو أن يسلم الشيء املرهون ،منقوال كان أم عقارا، .4
للدائن املرهتن (أو األجنيب) حيافظ عليه ويديره ويستغله .أما يف الرهن الرمسي ،فيبقى العقـار املرهون يف حيازة
الراهن ،وال ينتقل منه إىل أحد .
9انظر خصائص عقد الرهن الحباري د .التهوري في الوسيط في شرح القانون المدني ،الجزء العاشر ،في التامينات الشخصية
والعينية ،مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر سنة 1919م القاهرة ،فقرة ،٤٩٧من ٧٤۱وما بعدهما
10الوسيط للستوري ،ج ،۱۰فقرة ،401م 717 ، 746
4
ويشرتك الرهن احليازي مع الرهن الرمسي فيما يلي :
كل من الرهن احليازي والرهن الرمسي ال ينشأ إال من عقد .فال ينشأ حبكم قضائي ،وال بنص يف القانون. .1
كل من الرهن احليـازي والرهن الـرمسي يتضمن حقا عينيا ،أي سلطة مباشرة على مال معني ،فينفذ قبل الكافة. .2
كل من الرهن احليـازي والرهن الـرمسي يتضمن حقا تبعيـا .فيتبع احلق املضمون وجودا وعدما .وجيوز للراهن أن .3
يتمسك قبل املرهتن بكل الدفوع اليت تؤثر يف احلق املضمون .
كل من الرهن احليـازي والرهن الـرمسي يتضمن حقا ال يتجزا ،فتبقى سلطة الدائن املرهتن على املال املرهون كله، .4
حىت يستوىف كـل الـدين املضمون.
كل من الرهن احليازي والرهن الرمسي خيول الدائن املرهتن أن ينفذ على العني املرهونة ،مستعمال يف ذلك حق .5
التقدم والتتبع .
ما الكتاب :فقول هللا تعاىل( :وإن كنتم على سفر ومل جتدوا كـاتبـا فـرهـان مقبوضة).11
أما السنة :فقد روي أن رسول هللا ﷺ اشرتى من يهودي طعاما نسيئة ورهنه درعه ،12وكان الرسول ﷺ يف املدينة.
أما اإلمجاع :فقد أمجع العلماء على جوازه ومشروعيته ومل خيالف يف ذلك أحد .وإن كانوا قد اختلفوا يف مشروعيته
يف احلضر .فقال اجلمهـور :يشرع يف احلضر ،كما يشرع يف السفر .لفعل الرسول ﷺ وهو مقيم ابملدينة ،وأمـا تقييده
ابلسفر يف اآلية فإنه خرج خمرج الغالب ،فإن الرهن غالبا يكون يف السفر .وقال جماهد والضحاك والظاهرية :ال
يشرع الرهن إال يف السفر استدالال ابآلية ،واحلديث حجة عليهم.13
حرص اإلسالم منذ شروق فجره على تشجيع مد يد العون لذوي احلاجة واحلرص على أن يتشبع املسلم بروح
املواساة لبين جنسه حىت يعيش اجملتمع مرتامحا متوادا.
وتشجيعا هلذا الغرض النبيل ،وضع تشريعات تضمن احلقوق من الضياع وحتفظها من احلجود حىت يظل ابب
التعاون على اخلري مفتوحا على مصراعيه ،وبذلك تنعم البشرية حبياة تعطرها روح اإلخاء والتعاطف واملودة.
5
حكم الرهن الرمسي يف الشريعة اإلسالمية:14
لقد بينت الشريعة اإلسالمية ،أحكام رهن احليازة ،أما الرهن الرمسي فهو معاملة استحدثت أحكامها القوانني
الوضعية ،ومل يكن هذا النوع من الرهن معروفا يف عهد فقهاء املسلمني اجملتهدين القدامي.
لذلك تكلم فيه العلماء احملدثون ،وتفرقت وجوه الرأي فيه ،فمنهم من جييزه ،ومنهم من مينعه ،ولكل وجهة هو
موليها.
املختار ،هو القول بصحة عقد الرهن الرمسي ،ألن التعامل به ال يتناىف مع ما شرع الرهن له من التوثق حلفظ
مال املرهتن .ذلك أنه عقد أعطى املرهتن حق تتبع العني املرهونة ،فدينه متعلق ابلعني ،وال خياف من تصرف املدين
فيهـا أبي وجه من وجوه التصرف وانتقاهلا من يده اىل يد أخرى ،فاملرهتن له عند حلول أجل الدين إذا مل يوف
املدين ما عليه من الدين املضمون ،أن يتتبع العني املرهونة يف أي يد كانت ويبيعها ويستويف دينه من مثنها مقدما
على سائر الغرماء ،وهو يبيح للراهن أن يتصرف يف املرهون مبا هو مباح له قبل الرهن ،وأن ينتفع به االنتفاع الصحيح
الذي رمبا كان سببا من أسباب قضاء دينه ،فال منافاة يف هذا الرهن حلكمة الشارع ،وال فرق بينه وبني رهن احليازة
يف معىن التوثق .على أن املرهون رهنا رمسيا ،ليس يف يد الراهن حقيقة ،بل هو يف يد احلاكم الذي ينوب عن املرهتن
يف احلفظ كما ينوب العدل عنه ،ويد احلاكم أقوى من يد العدل ،فإن العدل قد يفاجأ ابملوت وقد ينكر ورثته
الودائع اليت حتت يده ،أما بد احلاكم فال ميكن أن يطرأ عليها االنكار ،ألن شخصية احلاكم معنوية دائمة ليست
حمصورة يف ذات معينة وإن كان حيصل يف ذواهتا البدل ،فالتوثيق الرمسي املقيد يف سجالت احلاكم يقوم مقام القبض
فال يتصور إنكار الراهن ،وحق التتبع وحىت التقدم فيها الضمان الكايف حلفظ مال املرهتن.
كما يقول أنصار هذا الرأي املختار إن قول هللا تعاىل( :وإن كنتم على سفر ومل جتدوا كاتبا فرهان مقبوضة)،15
يدل على أن الرهان يف هذه احلال ،حال السفر ،جيب أن تكون مقبوضة حىت يتأتى هبا االستيثاق ،ألهنا إذا تركت
يف يد الـراهن --أمكنه أن يتصرف فيها أو يستهلكها فال تطمئن نفس الدائن بذلك .وأما يف غري حال السفر،
فليس يف اآلية ما يدل على لزوم قبض الرهن فيها.
فضال عن أنه إذا كان القبض مل يشرتطه الشارع تعبدا ،وإمنا اشرتطه لتأمني الدائن املرهتن ،وجب قياسا أن يقوم
مقام قبض الرهن كل وسيلة تؤدي اىل هذا التأمني وال يستطيع معها املدين الراهن أن خيل بتعهده أو يتالعب بدائنه.
ومن ذلك ،ما فرضه القانون املدين من األحكام يف الرهن الرمسي ،فإن الوسائل اليت شرعها القانون للمحافظة
على حق الدائن فيه ،من قيد وغريه كفيلة حبفظ العني املرهونة وبقائها ضمان للدائن ،فكان يف ذلك أتمني الدائن،
وليس ما مينع أن يقوم هذا مقام القبض شرعا.
14الشيخ ابراهيم دسوقي الشهاري ،في المذاهب الفقهية ،والباب األول من القسم الثاني) ص ،۱٩شركة الطباعة الفنية المتحدة
٧٢/٧۳بالقاهرة ،والمستشار عبد الوهاب البنداري في شرح التأمينات العينية ،م ٧٤/۱٩٧٥م ،المعلمة األميرية بالقاهرة ،ص ، ٢۱
وكتابنا دروس في التامينات العنية ،من .۱۳ ،۱٢
15سورة البقرة آية . ٢۸۳
6
أركان وشروطه الرهن :
فاملوضوعية هي :
.1الرضا وهو توفق االرادتني واجتاهها اىل إحداث أثر قانوين معني .هو إنشاء حق الرهن الرمسي .ويشرتط لصحة
الرضا أن تكون كل من االرادتني خالية من عيوب الرضا .وأن تكون االرادة صادرة من شخص له أهلية مباشرة
عقد الرهن .وهذه األهلية ختتلف يف املرهتن عنها يف الراهن .فبالنسبة للدائن املرهتن يكفي أن يكون مميزا ،ألن
عقد الرهن الرمسي ابلنسبة له يعترب من العقود النافعة له نفعا حمضا .أما األهلية املطلوبة ابلنسبة للراهن ،فهي
أن يكون أهال للتصرف ،وابلتايل يلزم لصحة هذا العقد أن يكون الراهن ابلغا سن الرشد ،مع عدم إصابته
بعارض من عوارض األهلية أو مبانع من موانعها.
.2احملل ،وهو العقار املرهون .ويشرتط فيه أن يكون ماال عقاري ،وأن يكون العقار مما يصح التعامل به وبيعه ابملزاد
العلين ،وأن يكون العقـار مـوجـودا وقت الرهن ،وأن يكون العقار معينا ابلذات تعيينا دقيقا من حيث طبيعته
وموقعه ،وأن يكون العقار مملوكا للراهن.
.3السبب .وهو الدين املضمون .ويشرتط فيه أن يكون الـديـن مـوجـودا وأن يكون مبلغا حمددا يف عقد الرهن
على األقل يف حده األقصى.
وأما األركان الشكلية فهي الرمسية والتخصيص ،والرمسية هي إفراغ عقد الرهن يف ورقة رمسية ،يقوم بتحريرها املوثق
املختص إبحدى مكاتب التوثيق امللحقة ابلشهـر وفقا لالجراءات املقررة يف القـانـون ،أو املوظف املختص ابلقنصليات
إذا أبرم العقد خارج البالد .والتخصيص هو أن يذكر يف هذا احملرر مجيع البيانت الالزمة لتخصيص الرهن ،أي
لتحديد كل من العقار املرهون والدين املضمون.
أركان الرهن احليـازي يف القانون هي :املتعاقدان من راهن ودائن مرهتن ،وجيب أن يكون كل منها كامل األهلية.
واملال املرهون عقـارا كان أم منقوال .والدين املضمون كالدين املضمون يف الرهن الرمسي.18
16منهج اإلسالم في المعامالت المالية ،د .أحمد عثمان ،ص ٢۸۳وما بعدها
17کتابنا دروس في التأمينات المية ،س ۱۳وما بعدها
18الوسيط للسنهوري ،جزء ،10فقرة ،505ص ٧٥۱وما بعدهما
7
ما يرتتب على لزوم الرهن
إذا لزم الرهن ابإلقباض ،فتكون اليد يف املرهون (أي احليازة) للمرهتن ،لتحقيق التوثق ،وال تزال يده عنه إال
لتمكني الراهن من االنتفاع به.
وعلى الراهن مؤنة (نفقة) الرهن ،ويلزم هبا صيانة حلق املرهتن .وللراهن زوائد الرهن املنفصلة كلنب ومثرة.
ويد املرهتن يد أمانة على املرهون ،فال يضمنه إال ابلتعدي أو التقصري ،فإن هلك املرهون عند املرهتن بال تفريط،
مل يلزمه شيء ،لقوله ﷺ فيما رواه مصعب بن اثبت قال :مسعت عطاء حيدث أن رجال رهن فرسا ،فنفق يف يده،19
فقال رسول هللا ﷺ للمرهتن ( :ذهب حقك) ،20واألوىل من هذا الدليل اخلرب اآليت (:الرهن من راهنه ،له غنمه وعليه
غرمه) .21فلو شرط كونه مضمون مل يصح الرهن .وإن هلك املرهون عند املرهتن بتفريط منه ضمنه ،لقوله ﷺ( :ال يغلق
الرهن من صاحبه الذي رهنه ،له غنمه ،وعليه غرمه) 22فهذا دليل على أن ضمان الرهن على الراهن.
جيوز وضع املرهون عند عدل ابتفاق العاقدين (الراهن واملرهتن) ألن كال منهما قد ال يثق بصاحبه .وجيوز وضعه
عند اثنني مثال ،ويتم حفظه حيتذ حبسب اتفاق العاقدين عندمها أو عند أحدمها .فإن أطلق العاقدان الكالم فليس
ألحدمها االنفراد حبفظه يف األصح ،بل حيفظانه معا ،كما هو احلكم يف الوكالة والوصاية ،فيجعالنه يف حرز هلما ،كما يف
حال النص على اجتماعهما .فإن انفرد أحدمها حبفظه ،ضمن نصفه.
ولو مات العدل املوضوع عنده أو فسق ،أو عجز عن حفظه ،أو حدثت عداوة بينه وبني أحدمها ،وطلبا أو
طلب أحدمها نقله نقل ،وجيعل حيث يتفق العاقدان .وإن تنازعا ،وضعه احلاكم عند عدل يراه ،قطعا للنزاع.
التصرف يف املرهون
ليس للراهن املقبض (الذي سلم املرهون للدائن املرهتن) تصرف مع غري ملرهتن يزيل امللك عن املرهون ،كاهلبة
والبيع والوقف ،ألنه لو صح لفائت الوثيقة .أما التصرف مع املرهتن أو إبذنه فيصح.
وليس للراهن أيضا رهن املرهون لغري املرهتن ،ملزامحته حق املرهتن األول ،فيفوت مقصود الرهن .وال جيوز يف
املذهب اجلديد رهن املرهون عند املرهتن بدين آخر ،مع بقاء رهنه األول.
وليس للراهن كذلك إجارة املرهون من غري املرهتن إن كان الدين حاال؛ ألن القيمة تنقص وتقل الرغبات يف
املأجور ،عند احلاجة إىل البيع .ويف اجلملة :ليس للراهن أن يتصرف يف املرهون مبا يبطل حق املرهتن كبيع وهبة ،أو
ينقص قيمته كلبس الثوب املرهون.
19أي ملك
20رواه أبو داوود في مراسيله وابن أبي شيبة في المصنف والبيهقي والطحاوي ،وهو ضعيف ،وهو دليل الحنفية على ضمان الرهن.
21أي من ضمان راهنه ,قال الشافعي :وهذا أنصح ما قاله العرب :الشيء من فالن ،أي من ضمانه.
22رواه الدارقطني والحاكم وابو داوود في المراسيل وابن أبي شيبة وعبد الرزاق والشافعي والبيهقي
8
بيع املرهون لوفاء الدين
يستحق بيع املرهون عند احلاجة لوفاء الدين إن مل يوف من غريه ،ويكون للمرهتن حق التقدم أو األولوية بثمن
املرهون .والذي يبيعه هو الراهن أو وكيله إبذن املرهتن ألن له فيه حقا ،فإن مل أيذن املرهتن ابلبيع ،قال له احلاكم :أتذن
يف بيعه ،أو تربئ املدين من الدين ،دفعا لضرر الراهن.
لو طلب املرهتن بيع املرهون ،فأيب الراهن ذلك ،ألزمه القاضي قضاء الدين أو بيعه .فإن أصر الراهن أو املرهتن
على االمتناع من البيع ،ابعه احلاكم عليه ،ووىف الدين من مثنه ،دفعا لضرر اآلخر .ولو ابع املرهتن املرهون إبذن الراهن،
فاألصح أنه إن ابع حبضرة الراهن صح البيع ،وإال فال يصح ،ألنه يبيعه لغرض نفسه ،فيتهم يف الغيبة ابالستعجال وترك
ولو شرط أن يبيع العدل املرهون عند احملل (حلول أجل الدين) جاز البيع التحفظ دون احلضور.
ولو شرط أن يبيع العدل املرهون عند احملل (حلول أجل الدين) جاز البيع وصح الشرط .وال يشرتط حينئذ
مراجعة الراهن يف البيع يف األصح ،ألن األصل بقاء اإلذن األول .فإن ابع العدل املرهون وقبض الثمن ،فالثمن عند
العدل من ضمان الراهن حىت يقبضه املرهتن ،ألن املرهون ملك الراهن ،والعدل أمينه.
ولو تلف الثمن يف يد العدل ،مث استحق املرهون املبيع ،فإن شاء املشرتي رجع على العدل لوضع يده عليه،
وإن شاء رجع على الراهن ،ويستقر الثمن يف النهاية على الراهن ،فريجع العدل بعد غرمه عليه.
وال يبيع العدل املرهون إال بثمن املثل حاال من نقد بلده كالوكيل ،فإن أخل بشيء منها ،مل يصح البيع ،لكن
ال يضر النقص عن مثن املثل مبا يتغابن به الناس عادة ،ألهنم يتساحمون فيه.
فإن زاد راغب يف الشراء قبل انقضاء خيار اجمللس ،فيفسخ البيع ،ويباع الشيء للراغب فيه .ولو شرط كون
املرهون مبيعا للمرهتن عند حلول أجل الدين فسد الرهن ،ويكون املرهون قبل حلول أجل الدين أمانة يف يد املرهتن ،ألنه
مقبوض حبكم الرهن الفاسد ،بعده مضمون حبكم الشراء الفاسد .واملقرر عند الشافعية أن لفاسد العقود الصادرة من
رشيد حكم صحيحها يف الضمان وعدمه.
زوائد الرهن
أما الزايدة املتصلة كالسمن واجلمال والكرب فيشملها الرهن ،فتكون مرهونة تبعا لألصل لعدم متييزها.
وأما الزايدة املنفصلة أو املتميزة كالثمرة والشجرة والولد واللنب والصوف والشعر والبيض ،فال يسري الرهن إليها ،ألن
الرهن عقد ال يزيل امللك عن الرقبة ،فال يسري إليها كاإلجارة ،وحلديث أيب هريرة املتقدم ،أن النيب ﷺ قال :وال يغلق
الرهن من راهنه الذي رهنه ،له غنمه ،وعليه غرمه.23،
23رواه الشافعي والدارقطني وقال هذا إسناد حسن متصل ،وأخرجه أيضا الحاكم والبيهقي وابن حبان في صحيحه وابن ماجه.
9
والنماء من الغنم ،فوجب أن يكون له ،ألن الشارع قد جعل الغنم والغرم للراهن ،وعن ابن عمر وأيب هريرة مرفوعا( :الرهن
حملوب ومركوب) ،أي للراهن .24فلو رهن حامال ،وحل األجل وهي حامل ،بيعت ،وإن ولدته بيع معها يف األظهر ،ألن
احلمل يعلم فهو رهن .فإن كانت حامال عند البيع دون الرهن ،فالولد ليس برهن يف األظهر.
حائز الرهن
عرفنا فيما تقدم أنه إذا لزم الرهن ابإلقباض ،فاليد يف املرهون للمرهتن ،ألهنا الركن األعظم يف الوثوق ،وال تزال إال لالنتفاع
من الرهن كما سبق ،وهذا يف الغالب ،وإال فقد ال تكون له اليد ،كما لو رهن مصحفا من كافر ،أو سالحا من حريب،
فيوضع عند من له متلكه.
تبني فيما تقدم أن املرهتن ال يضمن املرهون إال ابلتعدي أو التقصري يف احلفظ ،ألن املرهون أمانة يف يد املرهتن،
ألنه قبضه إبذن الراهن ،فكان كالعني املستأجرة ،فال يضمنه إال ابلتعدي وحنوه كسائر األمانت .فلو تلف املرهون بغري
تعد أو تقصري ،مل يضمنه ،ومل يسقط من الدين شيء؛ ألنه وثيقة يف دين ،فال يسقط الدين بتلفه ،كموت الضامن
والشاهد.
وكذلك يكون املرهون بعد زوال الرهن أمانة يف يد املرهتن ،ال يضمنه إذا تلف إال ابلتعدي وحنوه .فإن هلك
املرهون عند املرهتن بال تفريط ،مل يلزمه شيء ،أو بتفريط منه ضمنه ،وال يسقط بتلفه شيء من الدين.
وكذلك يكون املرهون بعد زوال الرهن أمانة يف يد املرهتن ،ال يضمنه إذا تلف إال ابلتعدي وحنوه .فإن هلك
املرهون عند املرهتن بال تفريط ،مل يلزمه شيء ،أو بتفريط منه ضمنه ،وال يسقط بتلفه شيء من الدين.
واملرهون كله وثيقة بكل الدين ويكل جزء منه ،فال ينفك حىت يقضى مجيع الدين ،وفاء مبقتضى الرهن .فإذا
قضى الراهن بعض احلق ،مل خيرج شيء من الرهن ،حىت يقضي مجيعه.
مؤنة الرهن
مؤنة (نفقة) الرهن كعلف دابة ،وأجرة سقي أشجار ،وجداد مثار وجتفيفها ،وأجرة ختزين وحنو ذلك ،على الراهن
املالك ابإلمجاع ،إال ما روي عن احلسن البصري :أهنا على املرهتن.
وجيرب الراهن على حتمل املؤنة رعاية حلق املرهتن على الصحيح ،حفظا للوثيقة .وال مينع الراهن من تقدمي خدمة
ملصلحة املرهون متعلقة ابملداواة ،كالقصد واحلجامة ،واملعاجلة ابألدوية واملراهم ،حفظا مللكه.
10
فائدة الرهن
فائدة الرهن متكني املرهتن من بيع العني املرهونة عند احلاجة إىل وفاء احلق الذي هو على الراهن ،فإن امتنع
الراهن منه ،أي من البيع عند طلب املرهتن ،ألزمه احلاكم إما الوفاء ابلدين ،أو بيع املرهون .فإن أصرب الراهن على االمتناع
من البيع ،ابع احلاكم العني املرهونة جربا عليه ،أي على الراهن.
انتهاء الرهن
.1نسخ املرهتن الرهن ولو دون رضا الراهن ،ألن احلق له ،والرهن جائز (غري الزم) من جهة املرهتن.
لكن مبا أن الرتكة مرهونة ابلدين ،وهو األصح ،وأراد صاحب الدين مل يكن له ذلك ،ألن الرهن ملصلحة
امليت ،ففك الرهن يفوهتا .أما الراهن فال ينفك الرهن بفسخه من قبله ،للزومه من جهته.25
.2هالك املرهون أو تلفه ،ألن العقد ينتهي بزوال حمله أو ضياعه.
.3صريورة املرهون غري متقوم ،أي ال يباح االنتفاع به ،كما لو كان املرهون عصريا ،فصار يف يد املرهتن مخرا ،زال
ملك الراهن عنه ،وبطل الرهن ،ألنه صار حمرما ال جيوز التصرف فيه ،فزال امللك فيه وبطل الرهن ،كاحليوان إذا
مات.
فإن ختللت اخلمر عاد الرهن ،ألنه عاد إىل امللك املباح الذي جيوز التصرف فيه كجلد امليتة إذا دبغ ،وقد كان
يف امللك السابق رهنا ،فعاد رهنا.
االختالف يف الرهن
إذا اختلف املرتاهنان ،فإما أن يكون االختالف يف عني الرهن أو أصله ،أو يف مقداره ،أو يف قدر الدين ،أو يف قبضه،
أو يف وقت رجوع املرهتن عن اإلذن يف بيع املرهون ،أو يف اللفظ الصادر من الراهن أو من املرهتن ،أو يف حدوث واقعة
26
هالك املرهون.
.1إذا كان االختالف يف أصل الرهن ،كأن قال املرهتن :رهنتين كذا فأنكر ،فقال مثال :رهنتك هذا الكتاب،
وقال املرهتن :بل رهنتين الثوب الفالين ،فالقول قول الراهن فهو املصدق بيمينه أنه مل يرهن الثوب ،ألن األصل
عدم ما يدعيه املرهتن.
.2وكذلك إذا اختلفا يف قدر الرهن ،فقال الراهن :رهنتك هذا الكتاب ،وقال املرهتن :بل رهنتين هذين الكتابني،
فالقول قول الراهن ،ألن األصل عدم الرهن إال فيما أقر به.
.3وأيضا إن اختلفا يف قدر الدين ،فقال الراهن :رهنتك هذا الكتاب أبلف ،وقال املرهتن :بل رهنتنيه أبلفني،
فالقول قول الراهن بيمينه ،ألن األصل عدم األلف.
25
26
11
.4ن كان االختالف يف لفظ اإلبراء ،حيث أبرأ املرهتن الراهن مث اختلفا يف اللفظ ،فادعي الراهن أنه قال :أبرأتك
عن األلف اليت هبا الرهن ،وقال املرهتن :بل قلت :أبرأتك من األلف اليت ال رهن هبا ،فالقول قول املرهتن ،ألنه
.الذي يربئ ،فكان القول يف صفة اإلبراء قوله.
.5إذا كان االختالف يف حدوث هالك الـمـرهـون ،فادعى الـمـرتـهـن هـالك الرهن ،وأنكر الراهن ،فالقول قول
املرهتن بيمينه ،ألنه أمني ،فكان القول قوله يف اهلالك ،كالوديع ،وإن ادعى املرهتن الرد ،مل يقبل قوله ،ألنه قبض
العني املرهونة ،ملنفعة نفسه ،فلم يقبل قوله يف الرد كاملستأجر.
من مات وعليه دين ،تعلق برتكته تعلقه ابملرهون ،ألنه أحوط للميت ،إذ ميتنع حينئذ تصرف الوارث فيه جزما،
أي إن دين امليت يتعلق ابلرتكة كتعلق الدين ابلشيء املرهون ،فيثبت للدائن حق عيين يف ذات الرتكة ،وتكون مرهونة
ابلدين.27
ال فرق يف ذلك يف األصح بني الدين املستغرق وغريه يف رهن الرتكة ،فال ينفذ تصرف الوارث يف شيء من
الرتكة ،كما ال يتصرف يف املرهون.
وإذا تصرف الوارث يف الرتكة ،حيث مل يكن هناك دين ،مث طرأ وجود الدين ،بسبب رد مبيع معيب ،فاألصح
صحة تصرف الوارث ،ألنه كان سائغا له يف الظاهر ،فإن مل يقض الوارث الدين ،فسخ تصرفه ،ليصل املستحق إىل حقه.
وإذا تصرف الوارث يف الرتكة ،حيث مل يكن هناك دين ،مث طرأ وجود الدين ،بسبب رد مبيع معيب ،فاألصح
صحة تصرف الوارث ،ألنه كان سائغا له يف الظاهر ،فإن مل يقض الوارث الدين ،فسخ تصرفه ،ليصل املستحق إىل حقه.
والصحيح أن تعلق الدين ابلرتكة ال مينع اإلرث ،فال يتعلق الدين بزوائد الرتكة ككسب ونتاج ،ألهنا حدثت يف
ملك الوارث.
27
12
املراجع
.1
13