Professional Documents
Culture Documents
الخطبة الأول1 PDF
الخطبة الأول1 PDF
الحمد هلل نحمد ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ،ومن سيئات أعمالنا،
من يهدي هللا فال مضل له ،ومن يضلل فال هادي له ،وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له ،وأشهد
أن محمدا عبده ورسوله ،صلى هللا عليه وعلى آله وأصحابه ،وسلم تسليما كثيرا ،أما بعد
ينيد* َف َأ َّما َّالذ َ ُّأيها الناس ،إن هللا سبحانه وتعالى خلق الخلق ،فمنهم مؤمن ومنهم كافر(َ :فم ْن ُه ْم َشق ٌّي َو َسع ٌ
ِ ِ ِ ِ
َ َ َّ َ َ َ َ َ ْ َّ َ َ ُ َ َ َّ َ ُ ْ َ َ ٌ َ َ ٌ َ َ َ
ال َ َّ
ِ
َ
ض إال َما ش َاء َرُّبك إن َرَّبك ف َّع ٌ
ِ
األ ْر ُيق* خ ِال ِدين ِفيها ما دامت السموات و ش ُقوا ف ِفي الن ِار لهم ِفيها ز ِفير وش ِه
َ َ َ َ َ َ َ ْ َّ َ َ ُ َ َ ْ ُ َّ َ
ض ِإال َما ش َاء َرُّب َك َعط ًاء غ ْي َر
َ ُ َ ْ
ين ُس ِعدوا ف ِفي ال َج َّن ِة خ ِال ِدين ِفيها ما دامت السموات واألر ِلَا ُير ُيد* َو َأ َّما َّالذ َ
ِ ِ ِ
ُ
َم ْجذ ٍوذ).
عباد هللا ،إن الشقاوة والسعادة لهما أسباب من قبل العبد ،فالشقاوة سببها الكفر باهلل عز وجل واِلعاص ي
والسيئات التي ال يتوب منها صاحبها ،وأما السعادة فهي بسبب األعمال الصالحة وتقوى هللا سبحانه وتعالى:
فإن تاب إلى هللا عز وجل من ذنوبه غفر هللا له وجزاه بالجزاء الحسن ،نتيجة الستغفاره:
ْ َ َ ُ َ َ ْ َ ْ َ ّ ُ ْ َ َ َّ َ ْ ُ َ َّ َ َ ُ َ َ ْ ُ ُ
ض أ ِع َّد ْت ِلل ُم َّت ِق َين)، (وس ِارعوا ِإلى مغ ِفر ٍة ِمن رِبكم وجن ٍة عرضها السموات واألر
َ َّ َ َ َ َ ُ َ َ ً َ ْ َ َ ُ َ ْ ُ َ ُ ْ َ َ ُ َّ َ َ ْ َ ْ َ ُ ُ ُ ْ َ َ ْ َ ْ ُ ُّ ُ َ َّ
وب ِإال احشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا َّللا فاستغفروا ِلذن ِوب ِهم ومن يغ ِفر الذن (وال ِذين ِإذا فعلوا ف ِ
َ َ َّ ُ َ َ ْ ُ ُّ َ َ َ َ َ ُ َ ُ ْ َ ْ َ ُ َن ُ ْ َ َ َ َ ُ ُ ْ َ ْ َ ٌ ْ َ ّ ْ َ َ َّ ٌ َ
ات ت ْج ِري ِم ْن ت ْح ِت َها األ ْن َه ُار َّللا ولم ي ِصروا على ما فعلوا وهم يعلمو * أول ِئك جزاؤهم مغ ِفرة ِمن رِب ِهم وجن
َ ْ َخالد َ
ين ِف َيها َو ِن ْع َم أ ْج ُر ال َع ِام ِل َين)، ِِ
َْ َ َّ ْ َ
التا ِئ ُب ِم َن الذن ِب ك َم ْن ال ذن َب ل ُه ،وال يقنط اإلنسان من رحمة هللا ومغفرته مهما عمل؛ ولكنه َو َّ
ً الذ ُن َ َّ َ َ ْ َ ُ َ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ ُ ْ َ ْ َ َّ َّ َّ َ َ ْ ُ ُّ ُ َ َ
وب َج ِميعا َّللا ِإن َّللا يغ ِفر يبادر بالتوبة( :ق ْل يا ِعب ِادي ال ِذين أسرفوا على أنف ِس ِهم ال تقنطوا ِمن رحم ِة ِ
َ َ ُ َ َّ ُ ُ َ ْ َ ُ ُ َّ ُ َ
يم* َوأ ِن ُيبوا ِإلى َرِّبك ْم َوأ ْس ِل ُموا ل ُه) ِإنه هو الغفور الر ِح
بهذا الشرط فمن تاب تاب هللا عليه مهما كانت ذنوبه وخطاياه ،التوبة تمحو الذنوب ،تمحو ما
ّ
وتنقي العبد وتطهره إذا كانت توبة صادقة ليست باللسان فقط ،فالتوبة لها شروط كما
قبلها من الذنوبِ ،
هو معلوم:
الشرط األول :ترك الذنب،
أما من يستغفر هللا وهو مقيم على الذنب ال يتغير إنما يستغفر بلسانه فهذا ليس تائبا إلى هللا عز
وجل،؛ بل هو إلى السخرية أقرب ،ترك الذنب هذا الشرط األول.
فإن كان في نيته أنه يعود إلى الذنوب مرة أخرى فهذا توبته مؤقتة ،وال تقبل عند هللا سبحانه وتعالى،
البد أن يعلم هللا من قلبه ،أنه ال يعود إلى الذنوب ،فإن علم من قلبه أنه سيعود إلى الذنوب فإن هللا ال
يغفر له ،وال يقبل توبته.
والشرط الثالث :إذا كان بينه وبين الناس مظالم أخطأ في حقهم أو أكل أموالهم ،أو ظلمهم فالبد
أن يرد اِلظالم إلى أهلها ،وأن يطلب منهم اِلسامحة.
فهذه شروط التوبة فليست التوبة باللسان فقط ،أي إذا أذنب استغفر.
ال إ ّني ُت ْب ُت َ َ َّ َ َ َ َ َ َ ُ ْ َ ْ ُ َ َ َ ْ َ ْ َّ ْ َ ُ َّ َ َ ْ َ ُ َن َّ ّ َ
اآلن) يؤخر ات حتى ِإذا حض َر أحده ْم اِلوت ق َ ِ ِ الس ِيئ ِ وكذلك( :وليست التوبة ِلل ِذين يعملو
التوبة إلى الغرغرة إلى أن ينزل به اِلوت ويعلم أنه مفارق للحياة حينئذ يتوب هذا ال تقبل توبته ،إنما التوبة
َ َ َ ْ في حال الصحة وفي حال الحياة أما إذا يأس من الحياة فإنه ال تقبل توبته :إ َّن َّ َ
َّللا َي ْق َب ُل ت ْو َبة ال َع ْب ِد َما ل ْم ِ
َ
ُيغ ْر ِغ ْر أي :ما لم تبلغ روحه الغرغرة ،وإال فكل الناس يتوبون عند اِلوت؛ ولكن ال تقبل توباتهم عند اِلوت
وهذا من شروط التوبة أن تكون في وقت التوبة الذي تقبل فيه وال تكون عند اليأس من الحياة،
ومن الناس من يتساهل في اِلعاص ي يقول سهلة اِلعاص ي سهلة وهللا غفور رحيم ،نعم إن هللا غفور رحيم
َ ّ َ َ َّ ٌ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ً ُ
ص ِالحا ث َّم ْاه َت َدى) فهذا هو الذي يغفر ولكنه غفور رحيم ِلن؟ ِلن تاب( :و ِإ ِني لغفار ِِلن تاب وآمن وع ِمل
هللا له ،أما من يمهل لنفسه ويقول أتوب بعدين أو يعتمد على الرجاء فقط ويقول هللا غفور رحيم فهذا
متعلق باألماني الكاذبة التي ال تحقق له قبوال عند هللا سبحانه وتعالى.
فمن اتصف بهذه الصفات فإنه هو السعيد :إذا أعطي شكر ،وإذا ابتلي صبر ،وإذا أذنب استغفر ،فإن هذه
الثالث هي عنوان السعادة ،أسأل هللا أن يوفقنا وإياكم لهذه الصفات العظيمة ،وأن ُّيمن علينا وعليكم
بالتوبة ،وأن ُّيمن علينا وعليكم باِلغفرة والقبول إنه سميع مجيب الدعاء ،فالبد من هذه األمور الثالثة
ُ
لتتحقق له السعادة ،ليست السعادة باِلال واألوالد ،ليست السعادة باِللك والرئاسة ،ليست السعادة
بالشهوات ،إنما السعادة بتقوى هللا سبحانه وتعالى ،وفقنا هللا وإياكم لتقواه ،والعمل بما يرضاه ،إنه قريب
مجيب ،أقول قولي هذا واستغفر هللا لي ولكم ولسائر اِلسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور
الرحيم.
الخطبة الثانية:
ً
محمدا عبده الحمد هلل على فضله وإحسانه ،وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له ،وأشهد أن
ورسوله ،صلى هللا عليه وعلى آله وأصحابه ،وسلم تسليما كثيرا ،أما بعد:
أيها الناس ،اتقوا هللا وأطيعوه ،وتوبوا إليه واستغفروه ،من الناس من يعمل الكبائر يترك الصالة ،يمنع
الزكاة ،ينخرط في سبيل اِلالحدة والعلمانيين ويقول :اإليمان بالقلب ليس هو الصالة ليس هو العمل
اإليمان بالقلب هذه مغالطة ،اإليمان بالقلب وباللسان وباألعمال ،يقول أهل السنة والجماعة :اإليمان قول
باللسان ،واعتقاد بالقلب ،وعمل بالجوارح ،أما الذي يضيع الصالة ويمنع الزكاة ويشكك في العقيدة فهؤالء
من الذين قال هللا فيهم،
قال هللا عن أمثالهم ومن سبقهم إذا ألقوا في النار سألهم أهل الجنة:
ص ِّل َين* َو َل ْم َن ُك ُن ْط ِع ُم ْ ِاِل ْس ِك َين* َو ُك َّنا َن ُخ ُ
وض َم َع َ(ما َس َل َك ُك ْم في َس َق َر) ما هو السبب؟ َ(ق ُالوا َل ْم َن ُك م َن ْاِلُ َ
ِ ِ
َ َّ َ َّ َ َ َ ْ َ ُ َ َ َ ْ َ ُ ُ ْ َ َ َ ُ ّ ّ َ ُ ُ
َ َ َّ ْ َ
الد ِين* حتى أتانا الي ِقين* فما تنفعهم شفاعة الشا ِف ِعين) نسأل هللا العافية الخا ِئ ِضين* وكنا نك ِذ ُب ِب َي ْو ِم ِ
ثالثة جرائم:
َ ْ َ ُ َ ُْ َ ّ
ص ِل َين) هذه جريمة تركوا ركنا من أركان اإلسالم بعد الشهادتين. (لم نك ِمن اِل
َ َ ُ ْ ْ
َ(ول ْم ن ُك نط ِع ُم ِاِل ْس ِك َين) منعوا الزكاة.
ْ َ َ(و ُك َّنا َن ُخ ُ
وض َم َع الخا ِئ ِض َين) في العقيدة في أمور الدين وما أكثرهم اليوم الذين يخوضون في العقيدة
ويشككون اِلسلمين في عقائدهم ويقولون :اإلسالم ليس باللحية ،ليس بالصالة ليس بكذا وكذا ،اإليمان
بالقلب فقط نسأل هللا العافية.
فعلى اِلسلم أن يتقي هللا ،وأن ينجو بنفسه قبل الفوات ،وأن يدعو غيره إال النجاة ،وأن يصلح نفسه ثم
نس َ
ان َ َْ ْ
صر* إ َّن اإل َ
يسعى في إصالح غيره ،يأمر باِلعروف وينهى عن اِلنكر ،ويدعو إلى هللا على بصيرة( :والع ِ ِ ِ
الص ْب ِر) هكذا اِلؤمن حقا ،أسأل اص ْوا ب ْال َح ّق َو َت َو َ
اص ْوا ب َّ ات َو َت َو َ الصال َ
ح َلفي ُخ ْسر* إ َّال َّالذ َ
ين َآم ُنوا َو َعم ُلوا َّ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ٍ ِ ِ ِ
هللا أن يجعلنا وإياكم من اِلؤمنين الصادقين.
َّ
الهدي هدي محمد صلى هللا عليه وسلمَّ ،
وشر األمور ثم اعملوا عباد هللاَّ ،
أن خير الحديث كتاب هللا ،وخير
َّ َّ ُمحدثاتها ،وكل بدعة ضاللة ،وعليكم بالجماعةَّ ،
فإن يد هللا على الجماعة ،ومن شذ شذ في النار.
َّ ُ َّ ّ ّ ً ص ُّلوا َع َل ْيه َو َس ّل ُموا َت ْ ين َآم ُنوا َ النب ّي َيا َأ ُّي َها َّالذ َ َّ َّ َ َ َ َ َ ُ ُ َ ُّ َ َ َ َّ
وسلم على ِ ِ صل م هالل ا)، يم لِ س ِ ِ ِ ِ(إن َّللا ومال ِئكته يصلون على ِ ِ
َ ُ َ َّ َّ
وعلي ،وعن ٍ
وعثمانّ ، َ
وعمر، بكر،األئمة اِلهديين ،أبي َ ِ وارض الل ُه َّم عن خلفا ِئه الراشدين، نبينا محمد،
يوم الدين. بإحسان إلى ِ ٍ الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم
َّ َّ َّ
الل ُه َّم أعز اإلسالم واِلسلمين ،الل ُه َّم أعز اإلسالم واِلسلمين ،الل ُه َّم أعز اإلسالم واِلسلمين ،ودمر أعداء
َّ
الدين ،ونصر عبادك اِلوحدين ،يا حي يا قيوم يا سميع الدعاء ،الل ُه َّم من أراد اإلسالم واِلسلمين بسوء
َّ
فأشغله بنفسه ،وردد كيده في نحره وجعل تدميره في تدبيره ،الل ُه َّم أمنا في أوطاننا وأصلح سلطاننا وولي علينا
َّ
خيارنا وكفنا شر شرارنا وقنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن ،الل ُه َّم كف عنا بأس الذين كفروا فأنت أشد
َّ َّ َّ
بأسا وأشد تنكيال ،الل ُه َّم أردد كيدهم في نحورهم وكفنا شرورهم ،الل ُه َّم أمنا في أوطاننا ،الل ُه َّم أمنا في دورنا،
َّ َّ َّ
الل ُه َّم أصلح والة أمورنا ،وجعلهم هداة مهتدين ،الل ُه َّم أصلح ولي أمرنا وهده سبل السالم ،الل ُه َّم أصلحه
َّ َّ
وأصلح به يا حي يا قيوم يا سميع الدعاء ،الل ُه َّم أعنهم على الحق وبصرهم به ،الل ُه َّم كثر أنصارهم وأعوانهم
ين) ،على هللا على الحق يا رب العاِلين(َ ،رَّب َنا َظ َل ْم َنا َأ ُنف َس َنا َوإ ْن َل ْم َت ْغف ْر َل َنا َو َت ْر َح ْم َنا َل َن ُك َون َّن م ْن ْال َخاسر َ
ِ ِ ِ ِ ِ
َ ْ َ ْ َ َّ ً َْ َ ْ
توكلنا(َ ،رَّب َنا ال ت ْج َعل َنا ِف ْت َنة ِللق ْو ِم الظ ِ ِاِل َين* َون ِ ّجنا ِبرحم ِتك ِمن القو ِم الكا ِف ِرين).
َ ْ ْ َ َ ْ َ َ
ُُ ُْ َ ْ ْ ْ َ ْ
اإل ْح َس ِان َو ِإ َيت ِاء ِذي ال ُق ْرَبى َو َي ْن َهى َع ْن ال َف ْحش ِاء َواِلنك ِر َوال َبغ ِي َي ِعظك ْم َّ َّ َ َ ْ ُ ُ ْ َ ْ َ َ
عباد هللا(ِ ،إن َّللا يأمر ِبالعد ِل و ِ
َ َ َّ ُ ْ َ َ َّ ُ َ َ َ ْ ُ َ ْ َّ َ َ َ ْ ُ ْ َ َ ُ ُ َ ْ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َ ْ ُ ْ َّ َ َ ُ
َّللا َعل ْيك ْم يدها وقد جعلتم َّللا ِإذا عاهدتم وال تنقضوا األيمان بعد تو ِك ِ لعلكم تذكرون)( ،وأوفوا ِبعه ِد ِ
ولذ ْك ُر هللا َ ْ ُ َ ً َّ َّ َ َ ْ َ َ ْ َ ُ َ
أكبر ،وهللا ي ُ
علم ك ِفيال ِإن َّللا يعل ُم َما تفعلون) ،فذكروا هللا يذكركم ،واشكروه على نعمه ِيزدكمِ ،
ما تصنعون.