You are on page 1of 1

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على المبعوث رحمة للعاملين‪ ،‬سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه‬

‫الطيبين الطاهرين‪.‬‬
‫اللهم إني أعوذ بك من السالطة والهذر‪ ،‬كما أعوذ بك من العي والحصر‪ ،‬وأعوذ بك من التكلف لما ال أحسن‪،‬‬
‫كما أعوذ بك من العجب بما أحسن‪ .‬وبعد‪:‬‬
‫إخوة اإليمان‪ :‬لو سألتُ أي واحد من المصلين في هذا الجامع‪ِ :‬ل َم خلقنا هللا تعالى؟ فإن الجواب سيأتي مباشرة‪:‬‬
‫س ِإ َّال ِليَ ْعبُد ِ‬
‫ُون)‪.‬‬ ‫(و َما َخلَ ْقتُ ْال ِج َّن َو ْ ِ‬
‫اإل ْن َ‬ ‫"خلقنا هللا تعالى لعبادته" َ‬
‫والعبادة بمفهومها الشامل ال تتعدى "امتثال ما أمر هللا به واجتناب ما نهى عنه"‪.‬‬
‫فالسؤال الذي ينبغي طرحه‪ ،‬هو‪ :‬هل نحن على الطريق الصحيح في اجتناب ما نهى هللا عنه؟‬
‫وقد يكون الجواب عند كثير منا بـــ "نعم" إذا كان األمر متعلقا بكبائر الذنوب‪ ،‬مثل‪( :‬الشرك باهلل‪ ،‬الزنا‪ ،‬قتل‬
‫النفس‪ ،‬السحر‪ ،‬وغيرها‪ ،)..‬لكن بالنسبة للصغائر أين نحن من تركها؟ فكثير من المسلمين يرتكبون صغائر‬
‫الذنوب دون مباالة‪ ،‬ودون أي شعور بأنهم ارتكبوا ذنبا‪.‬‬
‫وقد حذرنا الرسول – صلى هللا عليه وسلم – بمحقرات الذنوب في بعض األحاديث‪ ،‬منها حديث سيدتنا عائشة‬
‫– رضي هللا عنها – قالت‪ :‬قال لي رسول هللا – صلى هللا عليه وسلم ‪( :-‬يا عائشةَ ِ‬
‫إياك ومحقَّرات الذنوب‪ ،‬فإن‬
‫لها من هللا طالبا)‪ .‬ومصداق ذلك في قوله تعالى‪(( :‬ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره))‪.‬‬
‫فعلى المؤمن أن يخشى الوقوع في الذنوب وإن كانت صغيرة‪ ،‬ألمور كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫هللا سبحانه وتعالى يحاسب العبد على الصغير والكبير‪(( .‬ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه‪.))....‬‬ ‫‪.1‬‬
‫المؤمن يجب أن ينظر إلى عظم من عصاه وهو هللا سبحانه وتعالى‪ .‬قال بالل بن سعد – رحمه هللا – "ال‬ ‫‪.2‬‬
‫تنظر إلى صغر الخطيئة‪ ،‬ولكن انظر إلى من عصيت"‪.‬‬
‫يظن العبد الذنب صغيرا‪ ،‬فإذا به عظيم عند هللا تعالى‪(( .‬إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم‬ ‫ّ‬ ‫قد‬ ‫‪.3‬‬
‫به علم وتحسبونه هينا وهو عند هللا عظيم))‪.‬‬
‫ب َكقَ ْو ٍم نَ َزلُوا فِي بَ ْط ِن‬‫ت الذُّنُو ِ‬ ‫ب فَ ِإنَّ َما َمث َ ُل ُم َحقَّ َرا ِ‬
‫ت الذُّنُو ِ‬ ‫كثرة المحقرات واجتماعها يهلك العبد‪( .‬إِيَّا ُك ْم َو ُم َحقَّ َرا ِ‬ ‫‪.4‬‬
‫ب َمتَى يُ ْؤ َخ ْذ بِ َها ص ِ‬
‫َاحبُ َها ت ُ ْه ِل ْكهُ)‬ ‫ت الذُّنُو ِ‬ ‫ض ُجوا ُخب َْزت َ ُه ْم‪َ ،‬وإِنَّ ُم َحقَّ َرا ِ‬ ‫َوادٍ‪ ،‬فَ َجا َء ذَا بِعُودٍ‪َ ،‬و َجا َء ذَا بِعُو ٍد َحتَّى أ َ ْن َ‬
‫ال تحقرنّ من الذنوب أقلها *** إن القليل إلى القليل كثير‬
‫ار‪،‬‬‫س َجنَتْها حتَّى مات َتْ ‪ ،‬فَ َد َخلَتْ فيها النَّ َ‬ ‫ام َرأَةٌ في ِه َّر ٍة َ‬ ‫ت ْ‬ ‫ع ِذّبَ ِ‬
‫ربّ ذنب يظنه اإلنسان صغيرا ويدخل به النار‪ُ ( .‬‬ ‫‪.5‬‬
‫ض)‪.‬‬ ‫األر ِ‬ ‫شاش ْ‬ ‫ستْها‪ ،‬وال هي ت َ َر َكتْها تَأ ْ ُك ُل ِمن َخ ِ‬ ‫سقَتْها‪ْ ،‬‬
‫إذ َحبَ َ‬ ‫ال هي أ ْطعَ َمتْها وال َ‬
‫الذنوب الصغار تكبر مع اإلصرار‪(( .‬والذين إذا فعلو فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا هللا فاستغفروا ‪.))...‬‬ ‫‪.6‬‬
‫وبعد كل ما تقدم من خطر الذنوب واإلصرار عليها‪ ..‬فإنه ينبغي لإلنسان أن ال يقف مكتوف األيدي وييأس‬
‫َّللا يَ ْغ ِف ُر‬ ‫علَى أ َ ْنفُ ِس ِه ْم َال ت َ ْقنَ ُ‬
‫طوا ِم ْن َرحْ َم ِة َّ ِ‬
‫َّللا إِ َّن َّ َ‬ ‫ِي الَّذِينَ أَس َْرفُوا َ‬
‫من رحمة هللا سبحانه وتعالى‪(( :‬قُ ْل يَا ِعبَاد َ‬
‫الر ِحي ُم))‪.‬‬ ‫وب َج ِمي ًعا ِإنَّهُ ه َُو ْالغَفُ ُ‬
‫ور َّ‬ ‫الذُّنُ َ‬
‫اللهم اجعلنا من التوابين وممن تقبل توبتهم يا رب العالمين‪ ،‬واغفرنا اللهم ذنوبنا ما قدمنا وما أخرنا‪ ،‬وما‬
‫أسررنا وما أعلنا‪ ،‬وما أنت أعلم به منا إنك أنت الغفور الرحيم‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وصلى هللا وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

You might also like