Professional Documents
Culture Documents
محقرات الذنوب 2
محقرات الذنوب 2
الطيبين الطاهرين.
اللهم إني أعوذ بك من السالطة والهذر ،كما أعوذ بك من العي والحصر ،وأعوذ بك من التكلف لما ال أحسن،
كما أعوذ بك من العجب بما أحسن .وبعد:
إخوة اإليمان :لو سألتُ أي واحد من المصلين في هذا الجامعِ :ل َم خلقنا هللا تعالى؟ فإن الجواب سيأتي مباشرة:
س ِإ َّال ِليَ ْعبُد ِ
ُون). (و َما َخلَ ْقتُ ْال ِج َّن َو ْ ِ
اإل ْن َ "خلقنا هللا تعالى لعبادته" َ
والعبادة بمفهومها الشامل ال تتعدى "امتثال ما أمر هللا به واجتناب ما نهى عنه".
فالسؤال الذي ينبغي طرحه ،هو :هل نحن على الطريق الصحيح في اجتناب ما نهى هللا عنه؟
وقد يكون الجواب عند كثير منا بـــ "نعم" إذا كان األمر متعلقا بكبائر الذنوب ،مثل( :الشرك باهلل ،الزنا ،قتل
النفس ،السحر ،وغيرها ،)..لكن بالنسبة للصغائر أين نحن من تركها؟ فكثير من المسلمين يرتكبون صغائر
الذنوب دون مباالة ،ودون أي شعور بأنهم ارتكبوا ذنبا.
وقد حذرنا الرسول – صلى هللا عليه وسلم – بمحقرات الذنوب في بعض األحاديث ،منها حديث سيدتنا عائشة
– رضي هللا عنها – قالت :قال لي رسول هللا – صلى هللا عليه وسلم ( :-يا عائشةَ ِ
إياك ومحقَّرات الذنوب ،فإن
لها من هللا طالبا) .ومصداق ذلك في قوله تعالى(( :ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)).
فعلى المؤمن أن يخشى الوقوع في الذنوب وإن كانت صغيرة ،ألمور كثيرة ،منها:
هللا سبحانه وتعالى يحاسب العبد على الصغير والكبير(( .ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه.)).... .1
المؤمن يجب أن ينظر إلى عظم من عصاه وهو هللا سبحانه وتعالى .قال بالل بن سعد – رحمه هللا – "ال .2
تنظر إلى صغر الخطيئة ،ولكن انظر إلى من عصيت".
يظن العبد الذنب صغيرا ،فإذا به عظيم عند هللا تعالى(( .إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم ّ قد .3
به علم وتحسبونه هينا وهو عند هللا عظيم)).
ب َكقَ ْو ٍم نَ َزلُوا فِي بَ ْط ِنت الذُّنُو ِ ب فَ ِإنَّ َما َمث َ ُل ُم َحقَّ َرا ِ
ت الذُّنُو ِ كثرة المحقرات واجتماعها يهلك العبد( .إِيَّا ُك ْم َو ُم َحقَّ َرا ِ .4
ب َمتَى يُ ْؤ َخ ْذ بِ َها ص ِ
َاحبُ َها ت ُ ْه ِل ْكهُ) ت الذُّنُو ِ ض ُجوا ُخب َْزت َ ُه ْمَ ،وإِنَّ ُم َحقَّ َرا ِ َوادٍ ،فَ َجا َء ذَا بِعُودٍَ ،و َجا َء ذَا بِعُو ٍد َحتَّى أ َ ْن َ
ال تحقرنّ من الذنوب أقلها *** إن القليل إلى القليل كثير
ار،س َجنَتْها حتَّى مات َتْ ،فَ َد َخلَتْ فيها النَّ َ ام َرأَةٌ في ِه َّر ٍة َ ت ْ ع ِذّبَ ِ
ربّ ذنب يظنه اإلنسان صغيرا ويدخل به النارُ ( . .5
ض). األر ِ شاش ْ ستْها ،وال هي ت َ َر َكتْها تَأ ْ ُك ُل ِمن َخ ِ سقَتْهاْ ،
إذ َحبَ َ ال هي أ ْطعَ َمتْها وال َ
الذنوب الصغار تكبر مع اإلصرار(( .والذين إذا فعلو فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا هللا فاستغفروا .))... .6
وبعد كل ما تقدم من خطر الذنوب واإلصرار عليها ..فإنه ينبغي لإلنسان أن ال يقف مكتوف األيدي وييأس
َّللا يَ ْغ ِف ُر علَى أ َ ْنفُ ِس ِه ْم َال ت َ ْقنَ ُ
طوا ِم ْن َرحْ َم ِة َّ ِ
َّللا إِ َّن َّ َ ِي الَّذِينَ أَس َْرفُوا َ
من رحمة هللا سبحانه وتعالى(( :قُ ْل يَا ِعبَاد َ
الر ِحي ُم)). وب َج ِمي ًعا ِإنَّهُ ه َُو ْالغَفُ ُ
ور َّ الذُّنُ َ
اللهم اجعلنا من التوابين وممن تقبل توبتهم يا رب العالمين ،واغفرنا اللهم ذنوبنا ما قدمنا وما أخرنا ،وما
أسررنا وما أعلنا ،وما أنت أعلم به منا إنك أنت الغفور الرحيم.
هذا ،وصلى هللا وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.