Professional Documents
Culture Documents
Untitled
Untitled
مفهوم المنهج:
مفه ==وم المنهج :يف اللغ ة ،يعرف ه "ابن منظ ور" يف لس ان الع رب على أن كلم ة منهج من
الفعل هنج مبعىن الطريق البني الواضح .ويقال فالن استنهج طريق فالن مبعىن سلك طريقه
أو مشى على هنجه ،واملنهج هو الطريق املستقيم.
أم ا "أفالط ون" ف ريى بأن ه البحث والنظ ر واملعرف ة ،ف املنهج اذن ه و الطري ق املؤدي إىل
للكشف عن احلقيقة يف العلوم بواسطة جمموعة من القواعد العامة .هتيمن على سري العقل
وحتدد عملياته ،حىت يصل إىل نتيجة معلومة.
األركيولوجي ا من حيث املص طلح ،تع ين العلم ال ذي يُع ىن بدراس ة احلض ارات ال يت َش يَّ َدها
اإلنس ان ق دميًا ،باس تعمال األدوات والوس ائل املختلف ة ،هبدف احلف ر والتَّنقيب عن اآلث ار
واملع امل ال يت خلَّفته ا تل ك احلض ارات؛ َّأما بالنِّس بة لـ"فوك و"؛ فإنَّه يس تخدم ه ذا املفه وم
للمنهج ال ذي وض عه يف دراس ته وحتليل ه للب ىن املعرفيَّة الغربيَّة ،حيث يُِق ُّر يف أركيولوجي ا
املعرفة ،أنَّه أطلق على منهجه "وبكيفية رمَّب ا رمسيَّة إسم احلفريات ،اليَّت ستعمل على وصف
أن املن اهج املمارس ات اخلطابي ة بطريق ة خمالف ة لب اقي املن اهج التارخيي ة؛ ففي نظ ر "فوك و" َّ
املعم ول هبا غ ري ق ادرة -أو لنق ل قاص رة -على وص ف اخلط اب وحتليل ه بالكيفي ة الاَّل زم ة،
وانطالقا من هذا ،يَُبِّرر "فوكو" اعتماده على املنهج األركيولوجي يف قوله" :فقد سبق أن
دت مناهج كثرية قادرة على وصف اللُّغة وحتليلها ،حبيث ال ميكن ٍّ
ألي كان أن يزهو َو َج ُ
منهجا جديدا إليها.
ضيف ًبنفسه ويُعجب هباُ ،مدَّعيًّا أنَّه يُ ُ
َّ
أن األركيولوجي ا ال تس عى للبحث عن الب دايات األوىل ،فهي ليس ت مبحث ا جيولوجي ا أو
تنقيبيًّاَّ ،
ألن الوص ف األركيولوجي يس عى يف أساس ه إىل اس تنطاق املنطوق ات أو العب ارات
أن منهجية النَّقد األركيولوجي ،تسعى للكشف عن تمثَّلة يف األرشيف؛ وميكن القول َّ
املُ َ
األس س التارخيي ة ال يت تش َّكلت يف ظلِّه ا اخلطاب ات ،من خالل حتلي ل القط ائع(Les
)Rupturesال يت ش هدهتا خمتل ف اإلبس تيميات ،حبكم َّ
أن اخلط اب ه و م ا تس عى
األركيولوجيا إىل وصفه وحتليله ودراسته ،إضافة إىل أهَّن ا هتدف أساسا إىل وضع اليد على
طريق ة ُمغَ ايرة يف رص د نُظم املعرف ة ،عن طري ق حتلي ل اخلط اب يف مس توى ظه وره وأفول ه
تصور تاريخ الثَّقافات كما لو كان سلسلة من النُّظم املعرفية
واندثاره" ،ويتمثَّل ذلك يف ُّ
تتقاسم لفرتات تارخيي ة دائ رة احلقيقة"؛ وهبذا يك ون الت اريخ األركيول وجي ،دراس ة نقدية
ملختلف اخلطابات اليت َش َّكلت يف فرتة ما مركزيَّة احلقيقةَّ ،
ألن األركيولوجيا مبثابة "وصف
وحتليل للتاريخ الع ام جملموع املمارسات اخلطابي ة وغ ري اخلطابية ،فتحليليَّة ت اريخ اخلطاب
فيها ختلِّي مطلق عن الشُّمولية التارخيية ،لكنَّها يف الوقت نفسه تُعىَن مبجموع اآلثار الفعلية
للخطاب عرب التاريخ" ،إذ َي ْغ ُدو التاريخ عبارة عن سلسلة من األحداث املتقطِّعة ،اليت ال
الش تات والتَّبع ثر؛ فك ل مرحلة تارخيي ة ،هلا من
تع رف االتِّص ال أب دا ،لكوهنا خاضعة ملبدأ َّ
الص فات واخلصائص ما جيعلها تتميَّز عن باقي املراحل اليت تليها؛ وبناءاً على هذا ،تتَّجه
ِّ
األركيولوجي ا حنو تل ك اإلنفص االت ال يت يش هدها اخلط اب ،ب النَّظر إىل أمهِّيته ا يف بل ورة
خطاب احلقيقة.
فاإلسرتاتيجية الفوكوية ،تُس لِّط الضَّوء على اجملال املعريف يف مجيع مستوياته وجتلِّيَّاته،
ه ذا م ا يص طلح علي ه "فوك و" بـ"اإلبس تمي"( )épistémèال ذي يع ين ب ه" :جمم وع
وحد يف فرتة ُم َعيَّنة بني املمارس ات اخلطابية ،ال يت تفس ح اجملال العالقات ال يت بإمكاهنا أن تُ ِّ
صو ِريًّا ،إهَّن ا النَّمط الذي يَتِ ُّم
أمام أشكال ابستيومولوجيا وعلوم وأحيانا مبنظومات ُمصاغة ُ
حس به االنتق ال داخ ل تش كيلة خطابي ة ،إىل التَّنظ ري اإلبس تيمولوجي والعملي ة والص ياغة
الصورية
وعلى ه ذا األس اس ،جه د "فوك و" يف ع زل ووص ف خمتل ف النُّظم املعرفي ة ،ال يت َت ْرت ُّد يف
حقيقة تاريخ تكوينها وظهورها ،إىل ثالث ِح ْقبَات كربى يف تاريخ الفكر الغريب ،اصطلح
عليها تباعا :عصر النهضة ،العصر الكالسيكي و العصر احلديث ،دون أن يكون بني هذه
َأي اس تمرار أو اتِّص ال ،ب ل جُم َّرد فواص ل وتقطُّع ات (.)Des Ruptures املراح ل ُّ
اس تنادا إىل ه ذا ،س يعمل "فوك و" على َتتَبُّع خمتل ف املع ارف ال يت تك َّونت وظه رت يف
تتب ًعا تارخييا وفقا ملنظور حتليلي أركيولوجي ،كاشفا من
احلقب الزمانية الكربى واملختلفةُّ ،
الس يَّاق التَّارخيي ب املفهوم
خالل ه عن البُىَن الدَّاخلي ة جملم ل اخلطاب ات ،بعي دا يف ذل ك عن ِّ
أن "فوك و" يف مع رض حتليالت ه ،ال الكالس يكي ال ذي تعتم ده املن اهج األخ رى؛ خصوص ا َّ
شكلت عرب التاريخ، يفتأ أن يَصف تلك املناهج املعتمدة يف حتليل املنظومات املعرفية اليت تَ َّ
بأهَّن ا قاصرة أو عاجزة عن الوصف الدَّقيق،
همة األساسية لألركيولوجي ا ،ليس ت ُمتمح ورة يف البحث عن األفك ار واملع ارف ال يت
فامل َّ
ُ
تتجسد يف "حتديد هذه اخلطابات َّ
من شأهنا أن تظهر أو ختتفي يف خطاب ما ،بل إن غايتها َّ
من حيث هي ممارسات حتكمها قواعد ُمعيَّنة ،فهي تنظر للخطاب على أنَّه وثيقة" ،فيكون
مادة وج ًها إىل خمتلف البىن اخلطابية ،مبعىن َّ
أن اخلطاب يُعترب َّ معول التَّحليل األركيولوجيُ ،م َّ
يتم التَّمييز بينه وبني
الوصف األركيولوجي ،لكونه موضوع البحث والدِّراسة ،شريطة أن َّ
الوثيق ةَّ ،
ألن األركيولوجي ا تُلغي دور الوثيق ة يف عملي ة البحث الت ارخيي ،لكوهنا ليس ت
مبحثا تأويليا يسعى إلنتاج خطاب من خطاب آخر يُعترب َّأوليا ،بل َّ
إن األركيولوجيا تُعىَن
صبًا أثريًّا قائما بذاته ،له جتلِّياته وآليَّاته وإسرتاتيجيته يف املمارسة.
باخلطاب باعتباره نُ ْ
زيَّادة على ما سبق ،تتميَّز األركيولوجيا خبصائص جتعل منها منهجا مغايرا لباقي املناهج
التارخيية والنقدية ،تَتمثَّل يف إسقاط األثر وعدم اإلعالء من شأنه ،وإمَّن ا البحث عن اللَّحظة
اليت يظهر فيها ،بعيدا يف ذلك عن ربطه بالذات اليت أنتجته ،سواء منفرد ًة أو جمتمعة ،عن
طريق عزل األحداث اخلطابية عن ِس يَّاقها االجتماعي والنَّفسي على السواءَّ ،
ألن "اإلحلاح
على دور ال َّذات املبدع ة ،واعتباره ا علَّة وج ود األث ر ومب دأ وحدت ه ،أم ر ال تُق ُّر علي ه
نص كب اقي أركيولوجي ا املعرف ة" ،فمهم ا ك ان ن وع اخلط اب ،جيب النَّظ ر إلي ه على أنَّه ٌّ
بالنُّصوص األخرى ،دون إضفائه هبالة من القداسة ،جتعل من جوهر ممارساته مغطَّى حِب ُ ُج ٍ
كل االعتبارات َّ
الذاتية يتمكن الباحث األركيولوجي من إدراكها ،فاألركيولوجيا تُلغِي َّ ال َّ
واأليديولوجية ،مهما كان مص درها ،وهبذا يصل الت اريخ إىل حتقيق املوضوعية ،متجاوزا
نسقيَّة التَّحليل امليتافيزيقي.
آخر اخلصائص اليت يُفردها "فوكو" لألركيولوجيا ،نفيه أن تكون حماولة "لرتديد ما قيل،
من خالل التَّعم ق يف ماهيَّة اخلط اب وهويَّت ه" ،فالوص ف األركيول وجي ليس تك رارا
خلطابات قد تَبلورت ،وال إعادة صيَّاغتها بلغة خمالفة ،وال يكون ذلك إاَّل بنزع تلك ِّ
الص لة
الوثيقة بني املؤلَّف وأث ره ،بتجاهل هدف الكشف َّ
عما أراد أن يقوله البش ر من خالل ما
ك انوا يُ َف ِّكرون في ه؛ ألنَّه ع ادة م ا يتح َّول التحلي ل إىل دراس ة اجلانب الس يكولوجي أو
السوس يولوجي ،وه ذا م ا يُبع د النَّص عن س ياقه ال ذي ُو ِض َع في ه ،ك ون التحلي ل
األركيول وجي ال يس عى للكش ف عن البني ة النفس ية للنَّص ،من خالل ربطه ا ب املؤلف؛
أن اخلطاب كأرشيف ،خمتلف عن باقي العناصر فالتَّعامل يكون مع اخلطاب ُمنعزال ،مبعىن َّ
األخ رى ،ال يت من ش أهنا أن تُبعِ ده عن س ياقه احلقيقي ،ويك ون ذل ك بتحلي ل منطوق ات
اخلطاب ،و الكشف عن آثارها ومدى ارتباطها بالواقع الذي ظهرت فيه.
أهم اخلص ائص ال يت تتميَّز هبا األركيولوجي ا ،نالح ظ بأهَّن ا تَ ربُز كمنهج ق ائم
من خالل ِّ
بذات هُ ،متميِّز عن بقيَّة املن اهج ال يت تُع ىن بدراس ة الرُّت اث اإلنس اين ،فهي وص ف منتظم
ادة دراس تها؛ إض افة إىل َّ
أن تل ك املب ادئ ال يت مُت يِّز للخط اب ال ذي يُعت رب موض وعها وم َّ
فكل خاص يَّة سنجد َّ
بأن هلا األركيولوجيا ،نلمس فيها انسجاما وتناسقا إىل أبعد احلدودُّ ،
فاعليَّة يف وصف البىن املعرفية ،وسنجدها حاضرة يف نقد خمتلف اخلطابات اليت بُنيَّت على
يتم ذل ك عن طري ق أرب ع مف اهيم أساس ية ،حُي دِّدها "فوك و"
أساس ها احلض ارة الغربي ة؛ ُّ
السلسلة ،مفهوم اإلطِّراد ،مفهوم شرط اإلمكان؛
بالتسلسل اآليت :مفهوم احلادث ،مفهوم ِّ
السلس لة م ع
أن "احلادث يتع ارض م ع اخلل ق واإلب داع ،وتتع ارض ِّ حيث ي رى "فوك و" َّ
الوحدة ،واالطِّراد يتعارض مع الطَّريقة ،وشرط اإلمكان يتعارض مع الدَّاللة".
يعتم د املنهج األركيول وجي يف وص فه وحتليل ه ونق ده للخطاب ات باختالفه ا على جمموع ة
من اآللي ات والقواع د ،وه و م ا بين ه فوك و يف كتاب ه أكيولوجي ا املعرف ة ميكن حتدي دها يف
اخلطوات التالية:
الندرة اليت توظف يف التحليل العباري ،الندرة تعاكس مقوليت الكلية والوفرة اليت تأخذها
املن اهج التارخيي ة منطلق ا هلا .وه ذا يع ين "أن ذات املؤل ف ع ادة م ا تنحص ر يف التحلي ل
وتتجاوز خمتلف التقنيات واملوضوعات اليت أبدعها اإلنسان.
حتليل العبارة يف خارجيتها ،وفيها يرى "فوكو" أنه البد من أن تتجه التحليالت التارخيية
ص وب البحث يف ج وهر املوض وعات ويف ثناياه ا الداخلي ة ال اخلارجي ة ،ل ذلك وجب
االهتمام بباطن العبارات ال باملظهر اخلارجي هلا.
الرتاكمي ة :وتتمث ل وظيفته ا األركيولوجي ا يف الكش ف عن منط الوج ود ال ذي مييز العب ارة
حيث يتم الكشف عن وجودية العبارة ،يف حني ال يشرتط مراعاة زمن تلك العبارة.
وآخ ر آلي ة يف املنهج األركيول وجي هي :القبلي الت ارخيي ،وهي ش رط أساس ي لنش وء
العبارات ،وهي البحث يف اخللفيات اليت مبوجبها ظهر حطاب معني يف فرتة تارخيية معينة.
أهم أعالم الفكر الفلسفي املعاصر ،من خالل منهجه الذي وضعه ساعيًّا
يُعترب هوسرل من ِّ
من ورائه إىل جعل الفلسفة خاليا من كل ما هو ميتافيزيقي،من خالل حتديد موضوعاهتا
ومنهجه ا ،فق د اعتق د َّ
أن منهج الظ واهر -كم ا َبنَّي ذل ك من خالل مقالت ه املعنون ة
املهمة.
بـ"الفلسفة كعلم حمكم" -هو أنسب املناهج هلذه َّ
ومن حيث الدالل ة االش تقاقية ملص طلح الفينومينولوجي ا ،مص طلح ينقس م اىل قس مني:
فينومان ولوغوس ،وهبذا الشكل يأخذ املفهوم معىن :علم الظواهر ،واملعىن من هذا حماولة
الوصف املوضوعي للمعرفة بالتخلي املطلق عن جمموعة االحكام املسبقة اليت من شاهنا ان
تش وه املع ىن احلقيقي للمعرف ة واغراقه ا يف املف اهيم امليتافيزيقي ة ،وهبذا الش كل س تكون
الفينومينولوجيا الدعوة للعودة اىل األساس األول للمعرفة وهو املستوى األنطولوجي ،ومن
هن ا تق وم الفينومينولوجي ا على ض رورة الع ودة اىل املع اين الكامن ة وراء الظ واهر األبدي ة
للعي ان ،وانطالق ا من ه ذا ك ان منهج ا وص فيا ح اول من خالل ه هوس رل التاس يس لفهم
جديد للحقيقة خالفا ملا هو ساد عند الطبيعيني.
حيث يق ول هوس رل يف ه ذا الس ياق" :الس مة الفارق ة للفينومينولوجي ا اهنا حتلي ل للماهي ة،
وحبث يف املاهية يف نطاق اعتبار نظري حمض ،ويف نطاق انعطاء بالنفس مطلق .تلك هي
ص فتها الض رورية ،فهي تع تزم ان تك ون علم ا ومنهج ا يُ بنِّي املمكن ات :ممكن ات املعرف ة
وممكنات التقومي ،ويبينها انطالقا من أسس املاهية اليت هلا امنا هي ممكنات مشكلة عموما
ومباحثه ا تبع ا ل ذلك هي مب احث هام ة يف املاهي ة" ومن ه ذه الزاوي ة س تكون املاهي ة هي
جوهر البحث الظواهري ،الذي يتجه صوب البحث عن كوامن الذات املدركة يف اجتاهها
صوب املوضوع املدرك،
ُ
وهبذا الش كل عملت الفينومينولوجي ا على الع ودة اىل األش ياء يف ذاهتا بالكش ف عن
الدالالت الكامنة وراءها ،فانطالقا من مقولة اإليبوخيا ) وضع كل األحكام بني قوسني)
تتعام ل الفينومينولوجي ا م ع املوض وعات تع امال موض وعيا يتج اوز االحك ام املس بقة بغاي ة
التأسيس العلمي للمعرفة باملوضوعات باختالفها.
الرؤيا هي املصدر األعلى جلميع اإلثباتات العقلية ،وحبسب تعبريه حيث رأى هوسرل َّ
أن ُّ
الشعور األصيل الذي ُوهب لإلنسان ،فقد اعتقد َّ
أن اإلنسان جيب أن يتَّجه إىل األشياء يف
ذاهتا ،وهي مبثابة القاعدة األساسية يف املنهج الفينومينولوجي ،ومن هنا بىن هوسرل منهجه
على فك رة القص د أو ال نزوع ))L’intentionnalitéالق ائم على مب دأ الش عور ،تل ك
ألي العملية احليَّة فينا؛ واملقصود من هذاَّ ،
أن شعورا ما هو شعور بشيء ُمعنَّي ،إذ ال معىن ِّ
جهد فكري دون أن تكون هنالك أفكار ،وال معىن لرغبة ما يف غياب موضوعات تلك
الرغب ةَّ ،
ألن خمتل ف ه ذه األفك ار والرغب ات ،هي حمت وى الش عور ومقص ده ،وخمتل ف
العمليات العقلية اليت يقوم هبا اإلنسان.
ميكن رص د جمموع ة من القواع د ال يت تق وم عليه ا الفينومينولوجي ا عن د هوس رل يف النق اط
التالية:
البداه = =ة= القطعية:وهي وعي اإلنس ان املس تقل ،وهي تتم يز عن البداه ة البس يطة ب اليقني
. املطلق
القص= ==دية= :واملقص ود هبا الط ابع املوج ه بش كل أساس ي لل وعي ،فالقص دية هي الص يغة
األساسية اليت متيز اجلانبني النفسي عن اجلانب الفيزيائي ،فالشعور عند هوسرل هو الذي
يعطي للموضوعات املعىن اليت هي عليه ،فاملوضوع ال ميتلك قيمة يف ذاته ،بل الذات اليت
تدركه عن طريق وعيها هي من متنح له تلك القيمة الوجودية.
التع==الي :قص د هبا هوس رل أن املع ىن املوض وعي ينش أ بع د االرت داد من ع امل احملسوس ات
اخلارجي ة املادي ة إىل ع امل الش عور ال داخلي ،فالتع ايل ه و األس اس القبلي لكينون ة املوض وع
املدرك.
الماهية :ت دل املاهي ة الفينومينولوجي ة على بني ة املوض وع ،وي بني ذل ك هوس رل يف قول ه:
"ليس ت ه ذه األش ياء ال ذي ينبغي الرج وع إليه ا هي أش ياء املنهج التجري يب ال ذي ي دعي
حيرفه ،لذلك فإن الغىن احلقيقي ،ال يكمن يف األوراق
اإللتصاق بواقع الشيء يف حني أنه ِّ
ا" ذي يغمنه ة و لكن يف ذهب ال النقدي
الذاتية= :وهي الفك رة ال يت من خالهلا يتمأس س وجودن ا اخلاص ،ال ذي يق وم أساس ا على
عملي ة التفك ري فق د أعطى هوس رل اهتمام ا كب ريا لل ذات ،بألهَّن ا احملور األساسي يف عملية
الفهم ،و البحث عن املع ىن التأس يس :التأس يس ال يع ين هن ا عملي ة إنت اج موض وع م ا يف
العامل ،بل العملية اليت من خالهلا يتكون معىن موضوع ما يف سياق التجربة ،يقول هوسرل
يف هذا السياق" :جيب تأسيس نظرية معرفة تكون مهمتها أساسا مهمة نقدية هتدف إىل
فض ح الس خافات ال يت يق ع فيه ا بص ورة ال مف ر منه ا التفك ري الط بيعي .
ال==رد الفينومينول==وجي:ال رد املاهوي أو الفينومينول وجي ه و عمل ة إرج اع موض وع م ا إىل
ماهيته احلقيقية ،وهو ما يُتيح لنا إدراك العامل كظاهرة ،وليس يف صورة واقعه الفعلي ،و
إمنا يف واقع ه املالزم واحملايث للش عور ،واملع ىن من ه ذا ،أن نفهم أن كينون ة الع امل مل تع د
تعىن وجوده أو حقيقته بل معناه احلقيقي الذي يتجلى عن طريق الشعور.
المحايثة :احملايثة هي عكس املفارقة ،وقد اعتربها هوسرل دالله على االهتمام بالشيء يف
ذاته فتكون بالطابع االجيايب للرد الفينومينولوجي.
تعريف البنيوية:
لتحدي د مفهوم البنيوية ال ب د من الع ودة للدَّاللة اللغوية ،فبالعودة إىل املعاجم والق واميس
اللغوية يتضح أن البنيويةمشتقة من بىن ْيب ين بناءً وبنية ،وهبذا فهي تأخذ معىن الصورة أو
اهليئة اليت ُش يِّد عليها بناءٌ معني ،هذا ال يعين عملية البناء نفسها أو املواد اليت تتكون منه
املواد وتركيبها وتأليفها لتكوين
تلك العملية ،بل تعين الكيفية اليت مت من خالهلا مجع تلك ِّ
شيء ما؛ هبدف تأدية وظائف وأغراض معينة.
شكلت اللغة جوهر البحث األلسين ،لكوهنا كيان قائم بذاته، وبناءا على ما سبقَّ ،
بالدقَّة واليقني ،واهلدف من ذلك كما ميكن أن يُدرس دراسة تُفضي إىل نتائج علميَّة تتَّسم ِّ
َّصرف ببنية اللغة ،بل على حتديد هذه البنية ووصفها يرى دوسوسري" :ال يقوم على الت ُّ
انطالقا من هذا املبدأ باشر دوسوسري مشروعه األلسين ،بداية بضبط مفهوم اللغة على أهَّن ا
واقع قائم بذاته ،أو كيان ال حُت دِّده عناصر خارجة عنه ،ويتَّضح ذلك من خالل الثُّنائيات
مؤسس ة اجتماعي ة ،يف ال يت أبرزه ا يف اللغ ة؛ بداي ة بتمي يزه بني اللغ ة والكالمُ ،معت ربا اللغ ة َّ
أن اللغ ة هي جمم وع املص طلحات املتواض ع عليه ا من مؤسس ة فردي ةمبعىن َّ
أن الكالم َّ حني َّ
ُ
قبل جمموعة بشريَّة ُم َعيَّنة ،هبدف ممارسة الفعل اللِّساين ،بينما الكالم فهو من مُي ثِّل وجُي ِّس د
الذات املتكلِّمة ،فموضوع اللغة َيتَحدَّد على تلك املمارسة؛ ومبعىن آخر ،يُعترب الكالم فعل َّ
الس معية عن د السلس لة َّ الرم وز واإلش ارات" ،يَتولَّد من التَّحدي د املتب ادل بني ِّأنَّه نس ق من ُّ
َّصوريَّة للموضوع املشار إليه ،أو املعىن القائم والسلسلة الت ُّ
ليدل على موضوع ماِّ ، املتكلم َّ
الرم وز وال دَّالالت عن د دوسوس ري ذات وجهني اث نني، يف ال ذهن واملع ىن من ه ذاَّ ،
أن ُّ
والعالمة اللغوية عبارة عن احِّت اد وتطابق بني صورة صوتيَّة ،وهو ما يُصطلح عليه بالدَّال(
قر
،)Signifiéيُقابله معىن ذهين جُم َّرد وهو املدلول( ،)Signifiantومن هذا املنطلق يُّ ُّ
بالرغم من االختالف والص وريَّة يف اللغةَّ ،
الصوتيَّة ُّدوسوسري باستحالة الفصل بني النَّواحي َّ
املادي يف العالم ةيت ال دَّال واملدلول ،لك ون ال دَّال يُعرِّب عن اجلانب ِّ اجلوهري بني ثن ائيَّ ِّ
جمردة ،ألنَّه تعبري عن املعىن الذي حيمله املتلقِّي اللغوية ،يف حني َّ
أن املدلول يُعترب من طبيعة َّ
ُ
يف ذهن ه عن ال دَّال ال ذي اس تقبله؛ فالدَّاللة( )Significationأو املع ىن ،ال ميكن أن
يتح دَّد إاَّل ب التَّالحم بني ال دَّال واملدلول" ،ف الكالم إذن ميثِّل نظام ا س يميولوجيا متك امال
أي إشارة لغوية دون ولكل منها دال ومدلول ،وال ميكن تعريف ُّ لإلشارات ثنائيَّة األوجهٍّ ،
اإلشارة إىل كال الوجهني".
وكنتيجة هلذا ،يكون الكالم يف ارتباط وثيق باللُّغة ،ألنَّه نتيجة الزمة الستعماهلا ،إاَّل
أن بينهما فروقات ش ىَّت ،ميكن حتديدها يف كون اللغة تتميَّز بالثَّبات ،يف حني الكالم الذي َّ
ِ
اج اجتماعي يُطبع به الفرد، أن اللغة تَتميَّز بأهَّن ا نتَ ُ
يتميَّز بالتَّغرُّي من مكان آلخر ،إضافة إىل َّ
وأخريا ميكن اعتبار اللغة اجلزء االجتماعي من عمليَّة التَّكلُّم؛ ومن خالل هذه اخلصائص،
يتح دَّد الطَّابع الاَّل ش عوري أو الاَّل واعي يف اللغ ة ،ه ذه امليزة ال يت س تأخذ مكان ة احملور يف
األحباث والدراس ات البنيوي ة الالحق ة بع د دوسوس ري ،كم ا ه و احلال عن د كل ود ليفي
سرتوس يف دراسة أنظمة القرابة
السوسرييَّة،آخر تفرقة يقوم هبا دوسوسري ،واليت تُعترب جوهر العمل يف اللسانيات ُّ
اقب( ائييت التَّزامن( )Synchroniqueوالتَّع يز بني ثن تتمثَّل يف التَّمي
)Diachroniqueيف الدِّراس ات اللغوي ة؛ فالتَّزامني ة ميكن من خالهلا حتلي ل أيَّة لغ ة
بعينها" ،كوهنا منظومة من الوحدات والروابط املوجودة مع بعضها البعض" ،فدراسة أيَّة
للزم ان أي دور فيه ا ،ه ذا م ا حُي ي ل إىل دراس ة اللغ ة لغ ة تك ون من ج انب وص في ليس َّ
وحتليله ا انطالق ا من ص ورهتا البنيوي ة ال يت مُت ثِّل جوهره ا؛ َّأما فيم ا خيص التَّع اقب ،فيع ين
"دراس ة التَّغرُّي ات ال يت تت داخل يف تسلس ل ت ارخيي هلذه األنظم ة ،ال يت تتع اقب الواح د تل و
الزمنيَّة الواحدة".اآلخر يف احلقبة َّ
أن التحلي ل اللغ وي يُع ىن بدراس ة خمتل ف العالق ات املوج ودة بني الب ىن واملع ىن من ه ذاَّ ،
جراء التَّغرُّي ات التارخيية ،ومبعىن أكثر دقَّةَّ ،
إن التَّعاقبيَّة هي اللغوية ،وما يطرأ عليها من تغرُّي َّ
ؤكد َّطورات اليت وقعت عليها.إذ يُ ِّ دراسة اللغة من زاويَّة تارخيية ،دراسة وصفيَّة ملختلف الت ُّ
دوسوسري يف هذه النقطة ،على ضرورة الفصل بني هاتني الثُّنائيتني ،الستحالة وجود وسط
ألن التَّناقض بني وجهيت النَّظر التزامنية والتعاقبية مطلق ،وال يدع جماال أليَّة جامع بينهماَّ ،
حلول وسطية.
أن اهلدف األساسي الذي سعى إليه دوسوسري يف دراسة اللغة، ميكن القول أخرياَّ ،
تطور تارخيي ،وهذا بطبيعة األمر اقتداء أي ُّهو التَّعامل معها كظاهرة يف ذاهتا ،مبعزل عن ِّ
مبا ه و معم ول ب ه يف اجملال الوض عي ،فكم ا جيب أن تُ درس الظَّاهرة كم ا هي على أرض
دخل للج وانب الذاتي ة ،ينبغي أن يُنظ ر للُّغ ة على أهَّن ا نس ق وبني ة ذات الواق ع دون أدىن ت ُّ
فالبد من التَّسليم بأهَّن ا ال تنطوي يف ذاهتا على أيَّة أبعاد تارخيية.
صيغة رمزيَّةَّ ،
أهم الأعالم ال يت رفعت ش عار النق د الب نيوي ،ميكم ذك ر روالن ب ارت ،وتزفيت ان
ومن ِّ
تودوروف ،وجريار جينيت ،ميشيل فوكو يف بداياته الفلسفية ،ألتوسري ،وغريهم.
ومن أهم االنتق ادات ال يت وجهت اىل البنيوي ة ،تل ك ال يت وجهه ا الناق د الربيط اين" ليون ارد
وَأماهَت ا ه و أهنا منهج ينط وي على جاكس ون" ،إذ ي رى َّ
أن الس بب ال ذي أودى بالبنيوي ة َ
ِّع ا خبص ائص الكث ري من التناقض ات ،على ال رغم من َّ
أن أص حابه أرادوه أن يك ون متمت ً
أن أي نظرية ترمي إىل الكلِّيَّة هي مستحيلة من حيث املبدأ.
الكمال والتماسك ،يف حني َّ
لكن الفلس فة احلديث ة ع رفت ظه ورا للمنهج اجلديل ولن ليس بالطريق ة نفس ها ال يت وج د
فيها عند اليونان ،فقد بىن ماركس فلسفته على الطريقة اجلدلية وهيجل أيضا .
مفهوم الجدل:
اجلدل يف اللغة مشتق من الفعل جادل ،ويعين مقابلة احلجة باحلجة ،ومن هنا يأيت املعىن
االصطالحي للجدل على انه املناظرة واملخاصمة كما ورد يف لسان العرب البن منظور؛
أما اجلرجاين فيعرفه بقوله :اجلدل :هو القياس املؤلف من املشهورات واملسلمات ،والغرض
منه ،إلزام اخلصم وإفحام من هو قاصر عن إدراك مقدمات الربهان.
غ ري َّ
أن اجلدل أو ال ديالكتيك ،ش هدالعديد من التغ ريات والتح والت ع رب مراح ل التفك ري
الفلسفي املختلفة ،ومن اهم الذين قدَّموا وجها جديدا للديالكتيك ،جند الفيلسوف األملاين
فري ديريك هيج ل؛ ال ذي ح اول أن يُعطي تص ورا مثالي ا خالص ا للمنهج ال ديالكتيكي يف
حتليل الظواهر ودراستها ،وخصوصا الظواهر واألحداث التارخيية.
ومن أجل بيان الوجه احلقيق للجدل وضع هيجل جمموعة من القوانني اليت حيتكم إليها
الديالكتيك تتمثل فيما يلي:
م ا ميكن استخالص ه من ه ذا ،ان فك رة التن اقض عن د هيج ل فك رة جوهري ة يف تفس ري
الوقائعواالحداث اليت تقع عرب التاريخ ،فال ميكن ان نتصور حدوث ظاهرة دون ان تسبقها
ظاهرة أخ رى منافية ومناقض ة هلا ،فان أردنا حتلي ل ظاهرة معينة ال ميكن اب دا فصلها عن
سابقتها ،وكان هناك تشابك ال انفصال فيه بني ما حدث وما سيحدث،
َّ
ختاماأن الديالكتيك عند هيجل اتص ف بالعقلية اخلالصة او املثالية ،اذ يقول ميكن القول
هيج ل يف كتاب ه فينومينولوجي ا ال روح" :كم ا انن ا يف فينومينولوجي ا ال روح ب دانا ب الوعي
املباشر ،ومبا اننا يف ميدان العلم اخلالص فال بد أن نبدأ باملباشرة اخلالصة ،واملباشرة اخلالصة
هي الوج ود اخلالص" وعلى ه ذا األس اس ُوص فت نظري ة ال ديالكتيك اهليجلي بـ " النظري ة
الديالكتيكية املثالية".
_02بول فرياباند ،ثالثة حماور يف املعرفة ،ترمجة حممد أمحد السيد ،مكتبة اإلسكندرية.
_04عبداهلل إب راهيم ،نق د املركزي ة الغربي ة ،إش كالية التك ون والتمرك ز ح ول ال ذات،
املركز الثقايف العريب ،ط ،1الدار البيضاء ،سنة .1997
_05مسارات فلسفية ،تأليف جمموعة من الكتاب ،ترمجة حممد ميالد ،دار احلوار للنشر
والتوزيع،
_06إمام عبد الفتاح إمام ،املنهج اجلديل عند هيجل ،دار املعارف ،مصر.1969 ،
_07روجي غارودي ،فكر هيجل ،ترمجة إلياس مرفص ،دار احلقيقة ،بريوت.1983 ،
_09إديث كريزويل ،عصر البنيوية( ،تر :جابر عصفور) ،دار سعاد الصباح ،الكويت،
ط.1993 ،1
_10زكري ا إب راهيم ،مش كلة البني ة ،أو أض واء على البنيوي ة ،مكتب ة مص ر ،الق اهرة،
.1976
_11جون شوك ،البنيوي ة وم ا بع دها ،ترمجة حممد عصفور،ع امل املعرفة ،اجمللس ال وطن
للثقافة والفنون واآلداب ،الكويت ،سنة 1996
_12الزواوي بغورة ،املنهج البنيوي ،حبث يف األصول واملبادئ والتطبيقات ،دار اهلدى،
اجلزائر ،ط ،1سنة 2001م
_13الطاهر وعزيز ،املناهج الفلسفية ،املركز الثقايف العريب ،الدار البيضاء ،بريوت ،ط،1
سنة 1990م
_15كلود ليفي سرتوس ،األنرتبولوجية البنيوية ،ترمجة مصطفى صاحل ،منشورات وزارة
الثقافة واإلرشاد القومي ،دمشق سنة 1977