You are on page 1of 9

‫المقدمة‪-:‬‬

‫راق‪ ،‬يمتلك مقومات فنية خاصة‪ ،‬يقوم على مجموعة من‬ ‫قصص األطفال هو جنس من أجناس أدب الطفل وأهمها‪ ،‬فنٌّ أدبي ٍ‬
‫ِّ‬
‫وتمثل قيما ً إنسانية شتى‪،‬‬ ‫الحوادث المترابطة‪ ،‬مستوحاة من الواقع أو الخيال‪ ،‬أو كالهما‪ ،‬تدور‪ 3‬في بيئة زمانية ومكانية‪،‬‬
‫تفضي لنهاية يتوجَّ ب أن تكون خيِّرة‪ .‬وقصة األطفال وسيلة تربوية تعليمية محببَّة‪ ،‬تهدف إلى غرس القيم واالتجاهات‬
‫اإليجابية في نفوس جمهوره‪ ،‬وإشباع بعض احتياجاتهم‪ 3‬النفسية‪ ،‬واإلسهام‪ 3‬في توسيع‪ 3‬مداركهم وإثارة خياالتهم‪ ،‬واالستجابة‬
‫لميولهم في المغامرة واالستكشاف‪ .‬ويُع ُّد هذا الفنّ أبرز فنون أدب األطفال‪ ،‬وأكثرها‪ 3‬انتشاراً‪ ..‬إذ يستأثر بأعلى نسبة من‬
‫النتاج اإلبداعي الموجَّ ه لألطفال‪ ،‬ويحظى بالمنزلة األولى لديهم قياساً‪ 3‬إلى الفنون األدبية الطفلية األخرى‪ .‬يُعرِّ فها الباحث‬
‫«سمر روحي‪ 3‬الفيصل» بأنها‪« :‬جنسٌ أدبي نثري قصصي‪ ،‬موجَّ ه إلى الطفل‪ ،‬مالئم لعالمه‪ ،‬يض ُّم حكاية شائقة‪ ،‬ليس لها‬
‫موضوع‪ 3‬مح َّدد أو طول معيَّن‪ ،‬شخصياتها‪ 3‬واضحة األفعال‪ ،‬لغتها مستمدة من معجم الطفل‪ ،‬تطرح قيمة ضمنية‪ ،‬وتع ِّبر‪ 3‬عن‬
‫مغزى ذي أساس تربوي‪ ،‬مستمد من علم نفس الطفل‪ 1‬وهنا نقسم بحثنا الى العناصر‪ 3‬االساسية من أهمية قصص واالطفال‬
‫وتطورها‪ 3‬ونشأتها‪ 3‬وأهدافها إلي أنواعها الكثيرة المتعددة وما تحتويها‪ 3‬من افكار‪ 3‬ورؤي متغيره من زمن لزمن وأسس االختيار‬
‫ونتطرق‪ 3‬إلي المقومات االدبية والفنية لقصة والبناء‬

‫أهمية قصص األطفال وأهدافها‬

‫‪32‬هي طاقات من الحيوية والحركة‪ ،‬وعال ٌم يض ُّج باألحالم والخياالت‪ ،‬يملؤه الفضول وحبُّ االستكشاف‪ 3‬واالنبهار بالتصوّ رات‬
‫والشخصيات‪ ،‬والوله بالمغامرة وارتياد‪ 3‬المجهول‪ ..‬إنها الطفولة‪ .‬وللقصة الطفلية خصائصُ وميّزات‪ ،‬نستطيع بواسطتها‬
‫دخول عالم الطفولة‪ ،‬واالستجابة لطبيعتها‪ ،‬إذ تهيِّئ عالما ً ساحراً متنوِّ عاً؛ سحر الطفولة وتنوّ ع انفعاالتها‪ ،‬لذا تراهم يشغفون‬
‫بها‪ ،‬يتوقون لسماعها‪ ،‬يندمجون بأحداثها‪ ،‬ويتفاعلون مع أبطالها‪ ،‬ومن هنا اكتسبت القصة تأثيرها الساحر على األطفال‪.‬‬
‫يقول الكاتب «نزار نجار»‪« :‬القصة وسيلة تربوية ناجحة‪ ،‬وهي فنّ ‪ ..‬فنٌ لمّاح ذكي‪ ،‬يعتمد على الترميز واإلضاءات‬
‫تفوقت القصة في أدب األطفال على غيرها من األجناس األدبية‪ ..‬واألطفال يتم َّتعون بميزة‬
‫الخاطفة وسرعة االلتقاط‪ ،‬ولذلك َّ‬
‫تذوّ ق الجمال‪ ،‬إنّ في داخلهم ندا ًء عميقا ً يجذبهم نحو الجميل‪ ،‬كذلك لديهم ٌ‬
‫توق للتسامي والبطولة‪ ،‬وإلى المعرفة والمغامرة‬
‫واالنطالق‪ ..‬والقصة ُتشبع هذا التوق‪ ،‬وتح ِّقق ذلك الذوق‪ ..‬القصة تجعل األطفال قادرين على االتصال بالفن‪ ،‬بفضل بساطة‬
‫أسلوبها‪ ،‬وسحر أحداثها‬

‫قصة األطفال أداة تربوية تثقيفية ناجحة‪ ،‬فهي ُتثري خبرات األطفال‪ ،‬وتنمّي مهاراتهم‪ ،‬وتكسبهم االتجاهات اإليجابية‪ ..‬وهي‬
‫تزوِّ دهم بالمعارف والمعلومات والحقائق‪ 3‬عن الطبيعة والحياة‪ ،‬و ُتطلعهم‪ 3‬على البيئات االجتماعية‪ .‬كما أنها ُتثري لغتهم وترقى‬
‫بأساليبها‪ ،‬وتنمّي قدراتهم‪ 3‬التعبيرية عن األفكار والمشاعر واالحتياجات‪ .‬وللقصة الطفلية دو ٌر فعال في النمو االنفعالي للطفل‪،‬‬
‫من خالل ضبط انفعاالته‪ ،‬وتخفيف التوتر‪ 3‬عنه‪ ،‬والتنفيس عن رغباته المكبوتة‪ ،‬ومعالجة بعض المشكالت‪ ،‬واألمراض‬

‫‪ 1‬أحمد شوقي (‪ ،)2012‬الشوقيّات (الطبعة األولى)‪ ،‬القاهرة‪ :‬مؤ ّسسة الهنداوي للتعليم والثقافة‪ ،‬صفحة ‪ .905-904‬بتصرّ ف‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫النفسية‪ ،‬وبعض العيوب اللفظية لديه‪ .‬وهي أيضا ً وسيلة جيدة لتكريس عالقات وأنماط سلوك إيجابية في حياة الطفل‪ ،‬وتعزيز‬
‫االتجاهات التي تنمي قدراته على مواجهة المشكالت‪ .‬كما تهدف إلى تحقيق أهداف ترويحية وترفيهية ع َّدة‪ ،‬واالستجابة‬
‫لميول الطفولة إلى اللعب والحركة‪ ،‬وتوفير قسط من المتعة والترفيه‪ ،‬وتبديد أجواء الروتين والرتابة‪.‬‬

‫أنواع قصص األطفال‬

‫تشمل قصص األطفال أنواعا ً عدة‪ ،‬منها‪ :‬الحكايات‪ ،‬القصص التراثية‪ ،‬قصص الحيوان‪ ،‬قصص السِ ير‪ ،‬قصص البطولة‬
‫والمغامرة‪ ،‬قصص الخيال العلمي‪ ،‬قصص الخيال التاريخي‪ ،‬قصص الفكاهة‪ ،‬القصص الدينية‪ ،‬القصص االجتماعية‪،‬‬
‫وغيرها‪ ..‬إال أن هذا التصنيف‪ 3‬ليس معياراً ثابتا ً يُعتمد عليه في تقسيم قصص األطفال‪ .‬يقول «الهيتي» في مؤلَفه «ثقافة‬
‫األطفال»‪« :‬يصعب االعتماد على معيار واحد في تقسيم قصص األطفال‪ ،‬لذا نجد تقسيمات حسب الموضوع‪ ،‬أو حسب‬
‫الشخصيات‪ ،‬أو حسب عالقتها بالواقع أو الخيال‪ 4..‬لكن التفسير األكثر شيوعا ً هو الذي يقسِّمها إلى‪ :‬حكايات وخرافات‪،‬‬
‫وقصص حيوان‪ ،‬وقصص بطولة ومغامرة‪ ،‬وقصص‪ 3‬خيال علمي‪ ،‬وقصص‪ 3‬خيال تاريخي‪ ،‬وقصص فكاهة‪.‬‬

‫والحكايات نو ٌع هام من أنواع قصص األطفال‪ ،‬يعني‪( :‬السرد القصصي الذي يتناقله الناس)‪ ،‬وهي بذلك تختلف عن القصة‬
‫بمفهومها الحديث‪ ،‬بأنها في األصل ذات طابع شفهي مرتبط باألدب الشعبـي‪ ،‬في حين أن القصة نتاج لكاتب فرد‪ ،‬وقد‪ 3‬تكون‬
‫مستمدة في بعض أنواعها من الحكاية واألسطورة‪ ،‬كما يرى «أحمد صوان»‪.‬‬

‫ومن الحكايات ما هي شعبية‪ ،‬ومنها ما هي خرافية‪ ،‬وهي تمتاز ‪-‬عموماً‪ -‬بالبساطة والمضمون‪ 3‬الثريِّ والعميق‪ 3‬في الوقت‬
‫نفسه‪ .‬والحكاية الشعبية هي‪« :‬نوع قصصي‪ 3‬ليس له مؤلف‪ ،‬ألنه حاصل ضرب عدد كبير من ألوان السرد القصصي‬
‫الشفهي‪ ،‬الذي يضفي عليه الرواة أو يحوروِّ ن فيه أو يقتطعون منه‪ ،‬وهو يعبِّر عن جوانب من شخصية الجماعة»‪ ،‬ويع ُّد هذا‬
‫النوع أقدم األنواع األدبية المق َّدمة للطفل‪ .‬وعن أهميتها ودورها كمنهل لقصص األطفال عبر العصور‪ ،‬يقول «الهيتي»‪:‬‬
‫«أمكن القول إن كثيراً من قصّاصي‪ 3‬األطفال‪ ،‬استمدوا‪ 3‬من الحكايات الشعبية أفكار‪ 3‬قصصهم‪ ،‬والقت تلك القصص هوىً في‬
‫نفوس األطفال‪ ،‬وسُعدوا‪ 3‬بأبطالها الذين يتحرَّ كون دون حواجز‪ 3‬أو قيود‪ ،‬وأنسوا بالحيوانات‪ 3‬التي تتصرَّ ف‪- 3‬في الغالب‪ -‬تصرُّ فا ً‬
‫إنسانياً‪ ،‬وبالنباتات التي تتحرَّ ك وتطير وتضحك‪ ،‬وباألدوات‪ 3‬الجامدة التي تروح وتجيء وتقرع الطبول وتغني‪ ..‬وأثارت هذه‬
‫الحكايات مشاعر األطفال وسط‪ 3‬أجواء التضحية أو البطولة أو الصدق أو العدل‪ ،‬حيث ينتصر الخير واألخيار‪ ،‬ويخذل الشر‬
‫واألشرار»‪ .‬كما أن قصص الحيوان‪ ،‬وأسلوب األنسنة ‪-‬حيث تتحرَّ ك الشخصيات في بيئة حيّة‪ ،‬تف ِّكر وتتح َّدث‪ 3‬كالبشر‪-‬‬
‫تحظى بجاذبية كبيرة‪ ،‬وبإقبال‪ 3‬ال يضاهى‪ ،‬من قبل جموع األطفال‪ ،‬السيما في المرحلة المبكرة‪ .‬كما أنها تع ُّد من أقدم أنواع‬
‫الحكايات الشعبية‪ ،‬نهل منها ك ّتاب قصص األطفال ‪-‬كما ّدة خصبة‪ -‬الكثير وال يزالون‪ ،‬ويع ُّد كتاب «كليلة ودمنة» من أهم ما‬
‫ُكتب هذا المجال‪.‬‬

‫أسس اختيار القصص الجيدة‬

‫‪ 24‬الموقف األدبي‪ ،‬مجلة أدبية شهرية‪ ،‬تصدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق‪ ،‬العدد ‪ ،414‬عنوان البحث‪" :‬بدايات قصة األطفال في سورية"‪ ‬محمد قرانيا‪ ،‬ص ‪ /56‬عن "سمر‬
‫روحي الفيصل" الشكل الفني لقصة الطفل في سورية‪ ،‬الموقف األدبي‪ ،‬العدد ‪ 208‬عام ‪1988‬‬
‫للقصة ‪-‬عموماً‪ -‬شك ٌل ومضمون‪ ،‬ومجموعة من العناصر المتآلفة‪ ،‬وقصة األطفال ال تخرج عن هذا اإلطار‪ ،‬إال أنها تتسم‬
‫بالخصوصية في الكثير من جوانبها‪ .‬وتتمثل عناصر قصة األطفال األساسية في‪ :‬الفكرة‪ ،‬الحدث‪ ،‬الحبكة‪ ،‬الشخصية‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫الحوار‪ ،‬األسلوب‪ ،‬والبيئة الزمانية‪ ،‬والبيئة المكانية‪.‬‬

‫الموضوع أو الفكرة الرئيسة‬


‫َّ‬
‫وتتمثل في معانيها ومغزاها‪ ..‬والقصة الجيدة هي التي‬ ‫تجري أحداث القصة في إطارها‪ ،‬و ُتطرح الموضوعات من خاللها‪،‬‬
‫الحق والخير والجمال‪ ،‬عبر إيحاءات تحترم‪ 3‬قدرات متل ِّقيها‪ ،‬وتالئمها كما يجب‪ .‬يقول د‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تحمل الفكرة اإليجابية‪ ،‬وتدعو إلى‬
‫«نجيب الكيالني»‪« :‬الحدث ال ينطلق عشوائياً‪ ،‬والشخصيات‪ 3‬ال تتصرَّ ف ارتجاالً أو اعتباطاً‪ ،‬إن وراء كل حركة وسكنة في‬
‫القصة هدفاً‪ ،‬أو تعبيراً عن معنى‪ ..‬عن فكرة‪ ،‬عن موضوع‪ ،‬والتوازن الفني بين الشكل والموضوع‪" 3‬الفكرة"‪ ،‬هو المعادلة‬
‫الحسّاسة لكاتب القصة»‪ .‬أهم خصائص الفكرة‪ :‬أن تكون مناسبة لمستوى نضج الطفل‪ ،‬ومراعية لمستوياته الثقافية واللغوية‬
‫والوجدانية واالجتماعية‪ .‬وأن تتناول مواضيعا ً مستمد ًة من عالمه‪ ،‬وتعالج أموراً تصبُّ في دائرة اهتماماته‪ .‬وأن تق ِّدم له‬
‫تصوّ راً واقعياً‪ 3‬وصحيحا ً عن الحياة‪ .‬وأال تكون الفكرة ساذجة‪ ،‬أو باعثة على خوفٍ أو رعب‪ ،‬أو مُغرقة في تفصيالت فرعية‬
‫تبعث على الملل‪.‬‬

‫الحدث‬

‫وتصور الشخصيات‪ ..‬الحادثة الفنية هي مجموع الوقائع المتسلسلة‬


‫َّ‬ ‫يع ُّد الحدث بمثابة الخلفية التي تنبثق عنها األفكار‬
‫والمترابطة‪ ،‬التي تدور حول أفكار القصة في إطار فنيّ محكم‪«( .‬تؤلِّف حوادث القصة جزءاً من النسيج البنائي لها‪ ،‬في‬
‫شكل متسلسل ومتناسق‪ 3‬ومنساب‪ ،‬ويترابط دون افتعال أو حشو لتتكامل معاً‪ ،‬وتتأزم مشكلة أو عقدة يجد األطفال أنفسهم‬
‫شوق للوقوف‪ 3‬على الحل»‪ .‬من خصائص الحدث‪ :‬أن يتسم بالوضوح الكافي والحركة الحيَّة والتفاعل‪ ،‬وأن يجري‬
‫ٍ‬ ‫إزاءها في‬
‫في أمكنة؛ للطفل تصوّ ٌ‪3‬ر كافٍ عنها‪ .‬وأال يكون مغرقاً‪ 3‬في التفرُّ عات الطويلة‪ ،‬أو مبالِغا ً في الخروج على هو مألوف‪.‬‬

‫البناء والحبكة‬

‫فنُّ ترتيب الحوادث وتطويرها‪ ،‬وأسلوب عرض الوقائع والشخصيات‪ 3‬في تسلسل طبيعي ومنطقي‪ ..‬بحيث تكون مترابطة‬
‫ارتباطا ً منطقياً‪ ،‬يجعلها وحدة متماسكة األجزاء‪« .‬تمثل الحبكة في القصة قمَّة؛ تنمو فيها الفكرة والحوادث‪ 3‬والوقائع األخرى‪،‬‬
‫وتتحرَّ ك الشخصيات‪ ،‬مؤلِّفة خيطا ً غير منظور‪ ،‬يمسك بنسيج القصة وبنائها‪ ،‬مما يدفع الطفل إلى متابعة قراءتها‪ ،‬أو‬
‫االستماع إليها‪ ،‬ألن ذلك الخيط يستلزم تفكيراً أو تخيالً أو تذ ُّكراً‪ ،‬أو يستلزم هذه كلها»‪ .‬من شروطها‪ 3:‬أن تكون محكمة‪،‬‬
‫وبسيطة وواضحة‪ ،‬وأن تقوم على حوادث ومواقف‪ 3‬مترابطة‪ ،‬وشخصيات‪ 3‬غير مفتعلة‪ ،‬تجمعها أشياء غير الزمان أو المكان‪.‬‬

‫الشخصية‬

‫أدب الطفل في ضوء اإلسالم‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬عام ‪1419‬هـ‪ ،‬تأليف د‪ .‬نجيب الكيالني‬ ‫‪35‬‬
‫ٌ‬
‫وشرط رئيسي‪ 3‬من شروط‪ 3‬نجاحها‪ ،‬إذ تقوم باألحداث في القصة‪ ..‬وللشخصية في قصة الطفل‬ ‫عنصر أساسي‪ 3‬في بناء القصّة‪،‬‬
‫مزايا ع ّدة‪ ،‬أهمها المقدرة االستثنائية على جذب الطفل‪ ،‬بحكم طبيعته المولعة باستكشاف‪ 3‬الشخصيات وتقليدها‪ ،‬ولما تتيحه من‬
‫إرضاء لميوله ونوازعه‪« .‬تجسِّد الشخصيات في القصة المواقف واألفكار‪ 3،‬بشكل تجعل األطفال ي َّتخذون الموقف‪ 3‬العاطفي‬
‫إزاءها‪ ،‬تعلقا ً أو نفوراً أو عطفاً‪ ،‬ويصل األمر باألطفال إلى التقمُّص الوجداني‪ 3‬مع األبطال‪ ،‬فيحزنون لحزنهم‪ ،‬ويفرحون‬
‫لفرحهم»‪ .‬والشخصية في قصة األطفال قد تكون طفالً أو رجالً أو امرأة عجوز‪ ،‬كما ليس بالضرورة أن تكون إنساناً‪ ،‬فقد‬
‫قطة أو سلحفاة أو حمامة‪ ،‬أو تكون نباتاً؛ كأن تكون زهرة أو شجرة‪ ،‬أو إحدى مظاهر‪3‬‬‫تكون حيوانا ً أو طائراً‪ ،‬كأن تكون َّ‬
‫الطبيعة؛ كأن تكون نهراً أو سحابة أو جبالً‪ .‬ومن أكثر الشخصيات التي يهواها الطفل‪ ،‬ويحبها‪ ،‬كما يرى «نور الدين‬
‫الهاشمي»‪« :‬هي الشخصيات المغامرة الجريئة التي تتح ّدى األخطار‪ ،‬وت َّتسم بالذكاء والشجاعة والمرح والطموح‪ ،‬وحبِّ‬
‫الحرية واالنطالق‪ 3.‬أما أهم خصائص الشخصية في قصة األطفال‪ :‬أن تكون مألوفة للطفل‪ ،‬قريبة إلى نفسه‪ ،‬مالئمة لثقافته‪.‬‬
‫وتكون قادرة على اإلقناع والتأثير‪ 3،‬وأن تكون مشبعة بالقيم اإلنسانية العليا‪ ،‬ودالّة على قيم أخالقية واضحة‪..‬‬

‫المقومات األساسية للقصة كعمل أدبي وفني‬

‫هناك عدد من مقومات التذوق األدبي التي ينبغي توافرها في النصوص األدبية‪:‬‬
‫أو ًال‪ :‬المقومات الفكرية‪:‬‬
‫هي العنصر العقلي في النص‪ ،‬ومظهر فكر الشاعر وثقافته‪ ،‬وإليه يستند في إظهار ما يريد أن يقوله نحو التجربة الشعرية‬
‫التي مرَّ بها‪ .‬وتحليل الفكرة ‪ ،‬وتذوقها في النص األدبي يكون بالبحث عن مدى صحتها‪ ،‬ومدى تأثيرها في المتلقي‪ ،‬ويكون‬
‫بدراسة نوعها من حيث كونها عصرية مبتكرة‪ ،‬أو قديمة‪ ،‬أو رمزية‪ ،‬وتحديد‪ 3‬الفكرة المحورية واألفكار الجزئية‪ ،‬والمعاني‪3‬‬
‫الضمنية‪ ،‬والقيم التي يتناولها النص‪ .‬ومقياس نقدها يكون بالبحث عن المثالية والواقعية‪ ،‬التجديد واالبتكار‪ ،‬العمق‪ ،‬شرف‪3‬‬
‫المعنى‪ ،‬عدم التناقض‪.‬‬
‫والفكرة أساس العمل األدبي‪ ،‬وهي مادته ‪ ،‬وال يمكن أن يقوم إال بها وتعرف‪ 3‬هذه المقومات بالعنصر العقلي وهو يمثل‬
‫الفكرة التي يأتي بها الكاتب ليبني منها موضوعه‪ ،‬والتي يعبر عنها في عمله األدبي ‪.‬وتعد الفكرة أساسا ً في جميع اآلثار‬
‫األدبية القيمة‪ ،‬فاألدب عاطفة وخيال وفكرة وعبارة‪ ،‬وأن منه نوعا ً خالصا ً كالشعر والنثر الفني تكون العاطفة غايته األولى‬
‫والفكرة سنداً وعونا ً وهناك النوع العام الذي تتقدم فيه الفكرة فتأخذ مكان العاطفة؛ ألن الفكرة غايته األولى‪ ،‬والعاطفة وسيلة‬
‫تبعث في الحقيقة روعة وتكسب اإلنشاء صفة أدبية محبوبة‪.‬‬
‫وال يمكن أن يتصور‪ 3‬نص أدبي بدون تلك المقومات الفكرية‪ ،‬فإذا كان النص األدبي بال معنى أو فكرة راقية فيصبح‬
‫ضربا ً من الهذيان وعلى الرغم من أهمية الفكرة في العمل األدبي إال أن تلك األهمية تتفاوت بين األجناس األدبية ‪ ،‬فهي في‬
‫الشعر ليست حاسمة ألن الشعر تعبير عن تجربة شعورية ‪ ،‬فالعنصر‪ 3‬العاطفي أكثر أهمية في الشعر من العنصر العقلي‬
‫( األفكار‪ ، ) 3‬قال ابن رشيق منكراً طغيان الفكر على الشعر " والفلسفة " وحجر األخبار باب آخر غير الشعر‪)...‬‬
‫ولكن المعاني واألفكار‪ 3‬في النثر أكثر أهمية‪ ،‬وهي ذات خطٍ أكبر في أشكال األدب الموضوعي‪ ،‬كالمسرح ‪ ،‬والقصة‪،‬‬
‫الرواية ‪ ،‬ألنـها تأخذ في هذا الضرب من األدب شكل القضية أو الموقف‪ ، 3‬حيث يكون الفكر مرتكزاً أساسيا ً مهما ً عند ذاك ‪.‬‬
‫وللمقومات الفكرية معايير عديدة ‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬سمو األفكار‪: 3‬والمقصود بسمو األفكار‪ 3‬هنا ‪ :‬هي األفكار الرفيعة التي تسهم في رفع قدر اإلنسان‪ ،‬ودفعه إلى تجاوز‬
‫أوضاعه الراهنة والتطلع إلى أوضاع‪ 3‬أفضل ‪.‬‬
‫‪ ‬واألدب الرفيع‪ 3‬شرطه أن تكون فكرته سامية جديرة بأن تثار العواطف‪  ‬ألجلها‪ ،‬وأن ترسخ في الذهن‪ ،‬ويشتغل بها العقل‬
‫ليزداد بها تمسكا ً ويعتصم‪ 3‬بنفعها ‪ ،‬وال تكون الفكرة كذلك إال إذا تجنبت االبتذال والسخافة ومسايرة القراء واإلفساد‪.‬‬
‫ب‪ -‬جدة األفكار وابتكارها ‪:‬والمقصود‪ 3‬بجدة األفكار‪ 3:‬أن تكون األفكار التي يتناولها‪ 3‬النص األدبي جديدة مبتكرة‪ ،‬وليس‬
‫المقصود هنا بالجدة إبداع أفكار لم تعرف من قبل بل المقصود‪ 3‬األفكار القديمة التي يصوغها األديب على غير مثال سابق‪،‬‬
‫بحيث يخلع عليها من عاطفته وخياله وشخصيته حتى تخرج في ثوب جديد‪.‬‬
‫ج ‪ -‬ترابط األفكار‪: 3‬والمقصود بترابط األفكار‪ 3:‬هو االنتقال من فكرة إلى أخرى تشرحها‪ 3‬وتدعمها‪ ،‬وتزيدها‪ 3‬وضوحا‪ ،‬مع‬
‫حسن الوصل بين األفكار‪ 3‬وربط بعضها ببعض‪ ،‬فتتابع منسقة حسنة التنسيق ال يزعجها انتقال مفاجئ أو استطراد‪ 3‬يعكر على‬
‫القارئ صفاء االستمرار‪ ،‬فتشكل نسيجا ً متجانسا ً وكالً متكامالً يوضح الفكرة العامة للنص األدبي ‪.‬‬
‫د ‪ -‬عمق األفكار ‪:‬والمقصود بها‪ :‬تلك األفكار التي ال تدرك للوهلة األولى‪ ،‬والتي يتولد عنها أفكار ومعاني‪ 3‬أخرى عند‬
‫إمعان النظر فيها‪.‬والحق‪ 3‬أنه ال يحق أن يسمى األدب أدبا ً إال إذا كان له حظ من أفكار راقية ومعان سامية‪ ،‬وأن قيمة األثر‬
‫األدبي تكبر بما فيه من عمق وغزارة في المعاني‪.‬‬
‫هـ‪ -‬صدق األفكار‪: 3‬والمقصود بصدق‪ 3‬األفكار‪ 3:‬تلك التي تحمل معان نرتضيها ونقبلها في إطار العمل األدبي بشرط أن‬
‫تكون تلك األفكار‪ 3‬صادقة في اإلحساس والشعور‪3.‬‬
‫فليس المقصود‪ 3‬هنا بالصدق الصدق العلمي إنـما المقصود هو الصدق الفني األدبي‪ ،‬بمعنى أن يكون األديب مخالفا ً للحقيقة‬
‫والواقع لكنه صادق في نقل خلجات وجدانه إلينا‪ ،‬بشرط أال تكون تلك األفكار‪ 3‬منافية للحقائق الكونية أو اآلراء الفلسفية‪ .‬فإن‬
‫كان كذلك فهو ناقص ؛ ألنه لو كانت فكرته مؤسسة على حقيقة ثابتة‪ ،‬ال تقبل المراء لكان أقرب إلى الكمال ‪ ،‬و أوفر‪ 3‬حظا ً‬
‫الرتقاء المرتبة العليا في األدب ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬المقومات العاطفية ‪:‬‬
‫وهي محور ارتكاز النص األدبي‪ ،‬وهي جملة من االنفعاالت المجتمعة نحو شيء واحد‪ ،‬أو موضوع‪ 3‬ما سلبا ً وإيجاباً‪،‬‬
‫والشاعر بدوره ينقلها للمتلقي بنفس الدرجة‪ ،‬ليثير فيه ما أثارته في نفسه‪ .‬وتحليل العاطفة وتذوقها‪ 3‬في النص يكون بالبحث‬
‫عن مدى تأثيرها في نفس المتلقي‪ ،‬وما تحدثه من مشاركة الحب أو البغض أو الرضا أو الحزن أو السرور‪ 3‬أو غير ذلك من‬
‫سائر االنفعاالت‪ ،‬التي تستجيب لها النفس‪ .‬ومقياس نقدها يكون بالبحث عن‪ :‬نوع العاطفة الغالبة على النص‪ ،‬صدق العاطفة‬
‫وصحتها‪ ،‬قوتها‪ 3‬وحيويتها‪ ،‬ثباتها واستمرارها‪ ،‬تنوعها‪ ،‬سموها ‪ ،‬عالقتها باألفكار‪.‬‬
‫والعاطفة عنصر مهم في األدب‪ ،‬فاألدب ذاتي‪ ،‬ومعنى ذلك أن األديب ال ينقل لنا حقائق الحياة كما هي‪ ،‬ولكنه ينقلها كما‬
‫يحسها‪ ،‬ينقلها ممتزجة بشخصيته‪ ،‬وطبيعته النفسية ‪ ،‬وقيمه المختلفة التي يحملها ‪.‬‬
‫والمقصود بها‪ :‬هي مجموعة األحاسيس والمشاعر التي تنتاب األديب عندما يمر بتجربة ما‪ ،‬وهو يحاول أن يعبر عنها‬
‫في صورة لفظية معينة بغية إيصالها إلى القارئ لمشاركته في تجربته والتفاعل معه فيما أحس‪.‬‬
‫والشك أن للعاطفة مقاييس نستعين بها في نقد العاطفة األدبية ونذكر‪ 3‬منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬صدق العاطفة أو صحتها ‪:‬المقصود هنا ‪ :‬أي قدرة العاطفة أن تجعل العمل األولى يشق طريقه وسط زحمة‬
‫الموجودات ليبرز بداللة ويلوح برسالة ( أي ما تنبعث عن سبب صحيح غير زائف وال مصطنع‪ 3‬حتى تكون عميقة تهب‬
‫لألدب قيمة خالدة ‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬المقومات الخيالية ‪:‬‬
‫ويمثل الخيال عنصرا مهما من عناصر األدب‪ ،‬ويقصد‪ 3‬به ‪ :‬قدرة األديب التأليفية والتركيبية على التأليف بين الصور‪3‬‬
‫والمشاهد والمواقف المختلفة وصهرها‪ 3‬في بوتقة العمل األدبي؛ لتعطي صورة جديدة مبتكرة مخالفة للواقع لتؤثر في وجدان‬
‫الملتقى وتجعله قادراً على تمثل الجمال في العمل األدبي وتذوقه ‪.‬‬
‫وهو وسيلة إبراز العاطفة‪ ،‬وهو أكثر العناصر‪ 3‬قدرة على التعبير عن العاطفة‪ ،‬وهو القوة التي تنفث في الشعر الحركة‪،‬‬
‫وتمده بالصور الوفيرة المجسمة إلحساس الشاعر‪ ،‬وهو عامل مهم من عوامل اإلثارة الفنية‪ ،‬التي تظهر في صورة خيالية‪،‬‬
‫وهو الذي يركب الصور تركيبا ً جديداً‪ .‬وتحليل الخيال وتذوقه‪ ،‬يكون بالبحث عن نوع الخيال (بسيط‪ ،‬موحي ‪ ،‬مبدع) وعن‬
‫عالقته بالعاطفة‪ ،‬وقدرته على التعبير عنها‪ ،‬وعن قوة التصوير‪ 3‬المجسمة في النص‪ .‬ومقياس نقد الخيال يتمثل في‪ :‬قوة‬
‫الشخصيات المبتكرة‪ ،‬والجدة في التصوير‪ 3‬البياني‪ ،‬وقدرته على إبراز المعاني‪ ،‬والتميز‪.‬‬
‫وتتعدد أنواع الخيال إلى ثالثة أنواع وهي‪:‬‬
‫‪ -1 ‬الخيال االبتكاري‪:‬هو‪ 3‬الذي يؤلف صوراً حسية جديدة‪ ،‬عناصرها موجودة في ذاكرة األديب‪ ،‬وهي ال تقدم الواقع‬
‫الخارجي كما هو في حدود المادية‪ ،‬وإنما تقدمه على شكل جديد ‪ ،‬ولكن في حدود ما يمكن أن يوجد في العالم الخارجي‬
‫والحياة المعقولة فإن كانت هذه الصورة تنافي الحياة المعقولة كانت وهما ً ‪ ،‬وأكثر ما يوجد هذا النوع من الخيال في الشعر و‬
‫القصص والروايات والمسرحيات ‪.‬‬
‫‪ -2‬الخيال التأليفي أو المؤلف ‪:‬هو خيال يوجد بين األشياء المتشابهة إذا كان يضمها إطار عاطفي واحد‪ ،‬أو حالة نفسية‬
‫متماثلة ‪ ،‬كأن تستدعي إحدى صور الطبيعة لنفس األديب صورة مشابهة‪ ،‬مثل أن يرى الشمس تشرق في الصباح وتغرب‬
‫في المساء ‪ ،‬ويمضي يوم ويولد يوم آخر فيستدعي ذلك إلى نفسه صورة انقضاء العمر‪ ،‬فالصورة الحسية للشمس وتداول‬
‫األيام هي التي استدعت في النفس صورة جديدة لتشابههما في الحالة الشعورية والعكس أن تستدعي حالة شعورية معينة في‬
‫النفس صورة حسية من الطبيعة لتشابههما في الموقف العاطفي‪ ،‬فليس في هذا النوع ابتداع صور جديدة‪ ،‬وإنـما فيه تأليف‬
‫بين متشابهات ‪.‬‬
‫‪ -3‬الخيال البياني أو التفسيري ‪:‬وهذا الخيال ال يعني بوصف األشياء الخارجية‪ ،‬إنـما يحاول تفسيرها‪ ،‬كأن يجسد الشاعر‬
‫الطبيعة إنسانا ً ‪ ،‬أو يتمثلها فتاة حسناء بغية تفسير جمالها‪.‬وهذا‪ 3‬النوع هو الغالب في أدبنا العربي‪ ، 3‬وهو خير وسيلة لوصف‬
‫الطبيعة وصفا ً أديبا ً رائعاً‪ ،‬ألنه قائم على إدراك جمال األشياء وأسرارها؛ ثم اختيار العناصر‪ 3‬التي تمثل هذا الجمال تمثيالً‬
‫قويا ً ‪ ،‬والغريب أن وصف‪ 3‬الطبيعة أحيانا ً يكون أروع وأجمل من الطبيعة نفسها وذلك ألن األديب يختار أجمل ما في الطبيعة‬
‫من عناصر ويفسر لنا ما فيها من أسباب الجمال التي ال يمكن أن ندركها وحدنا‪ 3‬حين نشهد الطبيعة‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬المقومات الفنية ‪:‬‬
‫المقومات الفنية ‪ :‬هي العنصر الرابع الذي يقوم عليه العمل األدبي‪ ،‬ويعرف هذا العنصر‪ 3‬بعنصر‪ 3‬التأليف واألسلوب ‪،‬‬
‫وهذا معناه أن األدب يقوم على عناصر‪ 3‬بمثابة " المادة والحياة " ( الفكرة ‪ ،‬والخيال ‪ ،‬والعاطفة ) وبعضها يتحقق في عملية‬
‫" التكوين " أي في بناء العمل األدبي من هذه المادة‪.  ‬‬
‫يقصد بها الجانب المادي في النص‪ ،‬والقالب الذي يحتوي األفكار والعواطف والخياالت وتتمثل في األلفاظ والتراكيب‪3‬‬
‫والموسيقى‪ ،‬واألساليب اللغوية‪ ،‬و المحسنات البديعية ‪ ،‬وحدة الجو النفسي‪ ،‬وحدة الموضوع ‪ ،‬الخصائص البنائية لبعض‬
‫الفنون األدبية ‪ ،‬وتفصيل ذلك فيما يلي ‪:‬‬
‫األلفاظ‪:‬‬
‫وهي رموز المعاني‪ ،‬ومادة التصوير‪ ،‬وهي أساس بنية النص‪ ،‬وتكمن قيمتها‪ 3‬الحقيقية والجمالية في مدى قوتها‪ ،‬وتذوقها‬
‫يكون بالبحث عن قوتها األدبية‪ ،‬ودالالتها المستمدة من السياق‪ ،‬ومدى تفردها‪ ،‬ومدى انتقائها ووضعها‪ 3‬في مكانها من‬
‫العبارة‪ .‬ومقياس نقدها يكون بدراسة شروط‪ 3‬فصاحتها‪ ،‬مثل‪ :‬تآلفها‪ ،‬وصياغتها‪ ،‬ومخارجها‪ 3،‬وألفتها‪ ،‬وعذوبتها‪ ،‬وبعدها عن‬
‫االبتذال‪ ،‬ودقتها‪ ،‬وإيحاءاتها‪ ،‬وجدتها‪،‬ومطابقتها‪ 3‬للمعاني‪.‬‬
‫واأللفاظ‪ :‬هي الترجمة اللغوية للمعنى ‪ ،‬والمادة األولية للتعبير ‪ ،‬والجزء األصغر الذي يتألف منه األسلوب ‪ ،‬وال شك أن‬
‫األلفاظ في العمل األدبي تختلف عن األلفاظ في الحياة اليومية بمعنى أن األلفاظ في العمل األدبي يعنى األديب باختيارها‪3‬‬
‫لتصور المعنى‪ ،‬وتجسد الخيال‪ ،‬وتبرز‪ 3‬العاطفة‪ ،‬وتسعى‪ 3‬إلى إثارة الحس الجمالي في المتلقي؛ فهي ليست وعاء للتعبير عن‬
‫المعاني واألفكار‪ ،‬أو أداة لتوصيلها‪ 3‬فحسب‪ ،‬وإنـما هي تسعى إلى اإليصال والتأثير‪ ،‬إلى اإلفهام واإلقناع‪. 3‬‬
‫‪ ‬التراكيب ‪:‬وهي اجتماع األلفاظ إلفادة المعنى وتعبير‪ 3‬ظاهر عن حالة باطنه‪ ،‬ويجب أن تكون األلفاظ سليمة من العيوب‬
‫وقد تكون مفرداتها خالية من العيوب وهي مستقلة – فإذا تزاوجت باءت بعدم االنسجام‪ ، 3‬فلم تأتلف ‪ ،‬وتبدل حسنها قبحا ً ‪،‬‬
‫واستبد بها التنافر‪.‬فمن العيوب في التركيب ‪:‬التعقيد المعنوي‪ 3‬واللفظي و المعاضلة ‪ ،‬والحشو اللفظي واالبتذال‪ ،‬والخطأ‬
‫النحوي ‪.‬‬
‫األساليب اللغوية ‪:‬هي الطريقة أو المذهب أو الوجه الذي يعبر به األديب عن المعاني التي تجول في خاطره‪.‬واألسلوب‪3‬‬
‫ليس هو طريقة التعبير‪ 3‬فحسب‪ ،‬ولكنه طريقة التعبير والتفكير ‪ ،‬بكل ما يتكون منه هذا التفكير أو يدل عليه‪ ،‬وبكل ما ينهض‬
‫عليه التعبير من استعمال لغوي‪ ،‬وتكوين للصور‪ ،‬وتشكيل للمادة من البداية إلى النهاية‪.‬‬
‫المحسنات البديعية‪:‬ال يكتفي األسلوب األدبي بالدقة والوضوح‪ ،‬فهما مقياس للكتابة العقلية الخالصة القائمة على اإلفهام‬
‫المجرد الذي ال تخالطه العاطفة‪.6‬وال يكتفي بمعاني الكلمات الحرفية ‪ ،‬فالكلمات تعبير طبيعي‪ 3‬عن األفكار ‪ ،‬ورموز‬
‫لألغراض ال للمشاعر ألن عماد األديب العاطفة – وغايته الفضلى تصوير اإلحساس الراقي وبعثه‪ ،‬لذلك يستعين األديب فيه‬
‫بحسن التأليف والموسيقى‪ 3‬ليبلغ به أوجا ً من القوة والجمال ‪ ،‬ويحقق ما يرمي إليه من إثارة العاطفة في نفوس القراء ‪ ،‬مع ما‬
‫يعرضه من المعاني‪.‬‬
‫وتنقسم المحسنات إلى قسمين ‪:‬‬

‫‪ 36‬مجلة "الجندي المسلم" العدد ‪ 120‬عام ‪ ،2005‬عنوان البحث‪" :‬مدخل إلى مصطلحات أدب األطفال وثقافتهم"‬
‫أ‪ -‬المحسنات المعنوية ‪ :‬وهي التي يكون التحسين فيها راجعا ً إلى المعنى أوالً وبالذات ‪ ،‬ويتبعه تحسين اللفظ ثانيا ً‬
‫وبالعرض ‪.‬ومن أمثلة المحسنات المعنوية ‪:‬الطباق والمقابلة‪ ،‬والتورية ‪ ،‬وحسن التعليل وغيرها‪.‬‬
‫ب‪ -‬المحسنات اللفظية ‪ :‬وهي التي يكون التحسين فيها راجعا ً إلى اللفظ أوالً بالذات ‪ ،‬ويتبعه تحسين المعنى ثانيا ً و‬
‫بالعرض‪.‬ومن أمثلة المحسنات اللفظية‪ :‬الجناس والسجع ‪ ،‬ورد األعجاز على الصدور‪ 3‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬الموسيقا ‪ :‬وهي ما تميز لغة الشعر؛ فاإليقاع شرط مهم في الشعر‪ ،‬سواء أكان ذلك يتمثل في الموسيقى الداخلية أم‬
‫الخارجية‪ ،‬والموسيقى‪ 3‬الشعرية ال تنفصم عن المعنى‪ ،‬فالوزن الشعري هو وعاء المعنى‪ ،‬وبعد من أبعاد الحركة التعبيرية‬
‫الشعرية‪ ،‬والقافية هي أساس التوازن في لغة الشعر‪ ،‬ولها قيمتها‪ 3‬في موضوع القصيدة‪ .‬وتحليل الموسيقى يكون باستكشافها‪3‬‬
‫داخل النص‪ ،‬ودراسة نوعيتها‪ ،‬ومدى تأثيرها لدى المتلقي‪ ،‬ودراسة العالقة بين الوزن والتجربة‪ .‬ومقياس نقدها يتمثل في‬
‫البحث عن مدى انسيابها‪ ،‬وتوافقها مع التجربة‪ ،‬ودقتها في الموسيقى الخارجية‪ ،‬وعن مدى تناسقها‪ ،‬وتالؤمها‪ 3‬وانسجامها في‬
‫الموسيقى الداخلية‪.‬‬
‫والموسيقى‪ 3‬عنصر رئيس من عناصر التشكل الشعري ‪،‬وهي ليس مجرد وسيلة من وسائل التطريب ‪ ،‬بل ركن من أركان‬
‫الرؤية الشعرية ‪،‬لذلك فإن العديد من النقاد يربطون بين الوزن الشعري ممثال في البحر وبين الموضوع والعاطفة ‪.‬‬
‫وحدة الموضوع‪ : 3‬والمقصود بالوحدة هنا أن القصيدة تدور حول موضوع واحد فحسب إذا كان محورها محدداً ويكون لها‬
‫عنوان يدل على هذا الموضوع‪ ، 3‬ويستلزم ذلك ترتيب األفكار ترتيباً‪ 3‬به تتقدم القصيدة شيئا ً فشيئاً‪ 3‬حتى تنتهي إلى خاتمة‬
‫يستلزمها لترتيب األفكار والصور‪ ،‬على أن تكون أجزاء القصيدة كالبنية الحية لكل جزء وظيفته فيها ويؤدي بعضها إلى‬
‫بعض عن طريق تسلسل في التفكير والمشاعر‪.‬‬
‫‪ -‬وحدة الجو النفسي‪ :‬ويقصد فيها وحدة الشعور واإلحساس‪ 3‬الذي يسري في جنبات النص األدبي فيلون جميع عناصره‬
‫من أفكار‪ 3‬وألفاظ وصور بلون واحد تابع من موقف‪ 3‬نفسي يعانيه األديب أو الشاعر " فالمقصود هنا أيضا ً وحدة الشعور‪3‬‬
‫ووحدة المشاعر التي يثيرها الموضوع‪ ،‬فالقصائد‪ 3‬في العصر الجاهلي مثالً قد تتراءى به وحدة نفسية أو شعورية لكن وحدة‬
‫الموضوع‪ 3‬غائبة ألنه ال صلة فكرية بين أجزائها ‪ .‬فالوحدة فيها خارجية ال رباط فيها إال من ناحية خيال الجاهلي وحالته‬
‫‪7‬‬
‫النفسية في وصفه الرحلة ومدح الممدوح ‪.‬‬

‫المراجع ‪-:‬‬
‫أحمد شوقي (‪ ،)2012‬الشوقيّات (الطبعة األولى)‪ ،‬القاهرة‪ :‬مؤسّسة الهنداوي‬ ‫‪‬‬

‫للتعليم والثقافة‪ ،‬صفحة ‪ .905-904‬بتصرّ ف‪.‬‬


‫‪‬‬

‫‪ 47‬كتاب العربي الشهري‪ ،‬الكتاب ‪ /50/‬تشرين األول‪ /‬أكتوبر‪" 2002 3‬ثقافة الطفل العربي" مجموعة من الك ّتاب‪ ،‬عنوان البحث‪" :‬مشكالت الكتابة للطفل العربي" ص ‪47‬‬
‫الموقف األدبي‪ ،‬مجلة أدبية شهرية‪ ،‬تصدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق‪ ،‬العدد‬ ‫‪‬‬
‫‪ ،414‬عنوان البحث‪" :‬بدايات قصة األطفال في سورية"‪ ‬محمد قرانيا‪ ،‬ص ‪/56‬‬
‫عن "سمر روحي الفيصل" الشكل الفني لقصة الطفل في سورية‪ ،‬الموقف األدبي‪،‬‬
‫العدد ‪ 208‬عام ‪1988‬‬

‫أدب الطفل في ضوء اإلسالم‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬عام ‪1419‬هـ‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫تأليف د‪ .‬نجيب الكيالني‬

‫مجلة "الجندي المسلم" العدد‪ 120 3‬عام ‪ ،2005‬عنوان البحث‪" :‬مدخل إلى‬ ‫‪‬‬

‫مصطلحات أدب األطفال وثقافتهم"‬

‫كتاب العربي الشهري‪ ،‬الكتاب ‪ /50/‬تشرين األول‪ /‬أكتوبر ‪" 2002‬ثقافة الطفل‬ ‫‪‬‬

‫العربي" مجموعة من الك ّتاب‪ ،‬عنوان البحث‪" :‬مشكالت الكتابة للطفل العربي"‬
‫ص ‪47‬‬

You might also like