Professional Documents
Culture Documents
المقدمة
المقدمة
راق ،يمتلك مقومات فنية خاصة ،يقوم على مجموعة من قصص األطفال هو جنس من أجناس أدب الطفل وأهمها ،فنٌّ أدبي ٍ
ِّ
وتمثل قيما ً إنسانية شتى، الحوادث المترابطة ،مستوحاة من الواقع أو الخيال ،أو كالهما ،تدور 3في بيئة زمانية ومكانية،
تفضي لنهاية يتوجَّ ب أن تكون خيِّرة .وقصة األطفال وسيلة تربوية تعليمية محببَّة ،تهدف إلى غرس القيم واالتجاهات
اإليجابية في نفوس جمهوره ،وإشباع بعض احتياجاتهم 3النفسية ،واإلسهام 3في توسيع 3مداركهم وإثارة خياالتهم ،واالستجابة
لميولهم في المغامرة واالستكشاف .ويُع ُّد هذا الفنّ أبرز فنون أدب األطفال ،وأكثرها 3انتشاراً ..إذ يستأثر بأعلى نسبة من
النتاج اإلبداعي الموجَّ ه لألطفال ،ويحظى بالمنزلة األولى لديهم قياساً 3إلى الفنون األدبية الطفلية األخرى .يُعرِّ فها الباحث
«سمر روحي 3الفيصل» بأنها« :جنسٌ أدبي نثري قصصي ،موجَّ ه إلى الطفل ،مالئم لعالمه ،يض ُّم حكاية شائقة ،ليس لها
موضوع 3مح َّدد أو طول معيَّن ،شخصياتها 3واضحة األفعال ،لغتها مستمدة من معجم الطفل ،تطرح قيمة ضمنية ،وتع ِّبر 3عن
مغزى ذي أساس تربوي ،مستمد من علم نفس الطفل 1وهنا نقسم بحثنا الى العناصر 3االساسية من أهمية قصص واالطفال
وتطورها 3ونشأتها 3وأهدافها إلي أنواعها الكثيرة المتعددة وما تحتويها 3من افكار 3ورؤي متغيره من زمن لزمن وأسس االختيار
ونتطرق 3إلي المقومات االدبية والفنية لقصة والبناء
32هي طاقات من الحيوية والحركة ،وعال ٌم يض ُّج باألحالم والخياالت ،يملؤه الفضول وحبُّ االستكشاف 3واالنبهار بالتصوّ رات
والشخصيات ،والوله بالمغامرة وارتياد 3المجهول ..إنها الطفولة .وللقصة الطفلية خصائصُ وميّزات ،نستطيع بواسطتها
دخول عالم الطفولة ،واالستجابة لطبيعتها ،إذ تهيِّئ عالما ً ساحراً متنوِّ عاً؛ سحر الطفولة وتنوّ ع انفعاالتها ،لذا تراهم يشغفون
بها ،يتوقون لسماعها ،يندمجون بأحداثها ،ويتفاعلون مع أبطالها ،ومن هنا اكتسبت القصة تأثيرها الساحر على األطفال.
يقول الكاتب «نزار نجار»« :القصة وسيلة تربوية ناجحة ،وهي فنّ ..فنٌ لمّاح ذكي ،يعتمد على الترميز واإلضاءات
تفوقت القصة في أدب األطفال على غيرها من األجناس األدبية ..واألطفال يتم َّتعون بميزة
الخاطفة وسرعة االلتقاط ،ولذلك َّ
تذوّ ق الجمال ،إنّ في داخلهم ندا ًء عميقا ً يجذبهم نحو الجميل ،كذلك لديهم ٌ
توق للتسامي والبطولة ،وإلى المعرفة والمغامرة
واالنطالق ..والقصة ُتشبع هذا التوق ،وتح ِّقق ذلك الذوق ..القصة تجعل األطفال قادرين على االتصال بالفن ،بفضل بساطة
أسلوبها ،وسحر أحداثها
قصة األطفال أداة تربوية تثقيفية ناجحة ،فهي ُتثري خبرات األطفال ،وتنمّي مهاراتهم ،وتكسبهم االتجاهات اإليجابية ..وهي
تزوِّ دهم بالمعارف والمعلومات والحقائق 3عن الطبيعة والحياة ،و ُتطلعهم 3على البيئات االجتماعية .كما أنها ُتثري لغتهم وترقى
بأساليبها ،وتنمّي قدراتهم 3التعبيرية عن األفكار والمشاعر واالحتياجات .وللقصة الطفلية دو ٌر فعال في النمو االنفعالي للطفل،
من خالل ضبط انفعاالته ،وتخفيف التوتر 3عنه ،والتنفيس عن رغباته المكبوتة ،ومعالجة بعض المشكالت ،واألمراض
1أحمد شوقي ( ،)2012الشوقيّات (الطبعة األولى) ،القاهرة :مؤ ّسسة الهنداوي للتعليم والثقافة ،صفحة .905-904بتصرّ ف.
2
3
النفسية ،وبعض العيوب اللفظية لديه .وهي أيضا ً وسيلة جيدة لتكريس عالقات وأنماط سلوك إيجابية في حياة الطفل ،وتعزيز
االتجاهات التي تنمي قدراته على مواجهة المشكالت .كما تهدف إلى تحقيق أهداف ترويحية وترفيهية ع َّدة ،واالستجابة
لميول الطفولة إلى اللعب والحركة ،وتوفير قسط من المتعة والترفيه ،وتبديد أجواء الروتين والرتابة.
تشمل قصص األطفال أنواعا ً عدة ،منها :الحكايات ،القصص التراثية ،قصص الحيوان ،قصص السِ ير ،قصص البطولة
والمغامرة ،قصص الخيال العلمي ،قصص الخيال التاريخي ،قصص الفكاهة ،القصص الدينية ،القصص االجتماعية،
وغيرها ..إال أن هذا التصنيف 3ليس معياراً ثابتا ً يُعتمد عليه في تقسيم قصص األطفال .يقول «الهيتي» في مؤلَفه «ثقافة
األطفال»« :يصعب االعتماد على معيار واحد في تقسيم قصص األطفال ،لذا نجد تقسيمات حسب الموضوع ،أو حسب
الشخصيات ،أو حسب عالقتها بالواقع أو الخيال 4..لكن التفسير األكثر شيوعا ً هو الذي يقسِّمها إلى :حكايات وخرافات،
وقصص حيوان ،وقصص بطولة ومغامرة ،وقصص 3خيال علمي ،وقصص 3خيال تاريخي ،وقصص فكاهة.
والحكايات نو ٌع هام من أنواع قصص األطفال ،يعني( :السرد القصصي الذي يتناقله الناس) ،وهي بذلك تختلف عن القصة
بمفهومها الحديث ،بأنها في األصل ذات طابع شفهي مرتبط باألدب الشعبـي ،في حين أن القصة نتاج لكاتب فرد ،وقد 3تكون
مستمدة في بعض أنواعها من الحكاية واألسطورة ،كما يرى «أحمد صوان».
ومن الحكايات ما هي شعبية ،ومنها ما هي خرافية ،وهي تمتاز -عموماً -بالبساطة والمضمون 3الثريِّ والعميق 3في الوقت
نفسه .والحكاية الشعبية هي« :نوع قصصي 3ليس له مؤلف ،ألنه حاصل ضرب عدد كبير من ألوان السرد القصصي
الشفهي ،الذي يضفي عليه الرواة أو يحوروِّ ن فيه أو يقتطعون منه ،وهو يعبِّر عن جوانب من شخصية الجماعة» ،ويع ُّد هذا
النوع أقدم األنواع األدبية المق َّدمة للطفل .وعن أهميتها ودورها كمنهل لقصص األطفال عبر العصور ،يقول «الهيتي»:
«أمكن القول إن كثيراً من قصّاصي 3األطفال ،استمدوا 3من الحكايات الشعبية أفكار 3قصصهم ،والقت تلك القصص هوىً في
نفوس األطفال ،وسُعدوا 3بأبطالها الذين يتحرَّ كون دون حواجز 3أو قيود ،وأنسوا بالحيوانات 3التي تتصرَّ ف- 3في الغالب -تصرُّ فا ً
إنسانياً ،وبالنباتات التي تتحرَّ ك وتطير وتضحك ،وباألدوات 3الجامدة التي تروح وتجيء وتقرع الطبول وتغني ..وأثارت هذه
الحكايات مشاعر األطفال وسط 3أجواء التضحية أو البطولة أو الصدق أو العدل ،حيث ينتصر الخير واألخيار ،ويخذل الشر
واألشرار» .كما أن قصص الحيوان ،وأسلوب األنسنة -حيث تتحرَّ ك الشخصيات في بيئة حيّة ،تف ِّكر وتتح َّدث 3كالبشر-
تحظى بجاذبية كبيرة ،وبإقبال 3ال يضاهى ،من قبل جموع األطفال ،السيما في المرحلة المبكرة .كما أنها تع ُّد من أقدم أنواع
الحكايات الشعبية ،نهل منها ك ّتاب قصص األطفال -كما ّدة خصبة -الكثير وال يزالون ،ويع ُّد كتاب «كليلة ودمنة» من أهم ما
ُكتب هذا المجال.
24الموقف األدبي ،مجلة أدبية شهرية ،تصدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق ،العدد ،414عنوان البحث" :بدايات قصة األطفال في سورية" محمد قرانيا ،ص /56عن "سمر
روحي الفيصل" الشكل الفني لقصة الطفل في سورية ،الموقف األدبي ،العدد 208عام 1988
للقصة -عموماً -شك ٌل ومضمون ،ومجموعة من العناصر المتآلفة ،وقصة األطفال ال تخرج عن هذا اإلطار ،إال أنها تتسم
بالخصوصية في الكثير من جوانبها .وتتمثل عناصر قصة األطفال األساسية في :الفكرة ،الحدث ،الحبكة ،الشخصية،
5
الحوار ،األسلوب ،والبيئة الزمانية ،والبيئة المكانية.
الحدث
البناء والحبكة
فنُّ ترتيب الحوادث وتطويرها ،وأسلوب عرض الوقائع والشخصيات 3في تسلسل طبيعي ومنطقي ..بحيث تكون مترابطة
ارتباطا ً منطقياً ،يجعلها وحدة متماسكة األجزاء« .تمثل الحبكة في القصة قمَّة؛ تنمو فيها الفكرة والحوادث 3والوقائع األخرى،
وتتحرَّ ك الشخصيات ،مؤلِّفة خيطا ً غير منظور ،يمسك بنسيج القصة وبنائها ،مما يدفع الطفل إلى متابعة قراءتها ،أو
االستماع إليها ،ألن ذلك الخيط يستلزم تفكيراً أو تخيالً أو تذ ُّكراً ،أو يستلزم هذه كلها» .من شروطها 3:أن تكون محكمة،
وبسيطة وواضحة ،وأن تقوم على حوادث ومواقف 3مترابطة ،وشخصيات 3غير مفتعلة ،تجمعها أشياء غير الزمان أو المكان.
الشخصية
أدب الطفل في ضوء اإلسالم ،مؤسسة الرسالة ،الطبعة الرابعة ،عام 1419هـ ،تأليف د .نجيب الكيالني 35
ٌ
وشرط رئيسي 3من شروط 3نجاحها ،إذ تقوم باألحداث في القصة ..وللشخصية في قصة الطفل عنصر أساسي 3في بناء القصّة،
مزايا ع ّدة ،أهمها المقدرة االستثنائية على جذب الطفل ،بحكم طبيعته المولعة باستكشاف 3الشخصيات وتقليدها ،ولما تتيحه من
إرضاء لميوله ونوازعه« .تجسِّد الشخصيات في القصة المواقف واألفكار 3،بشكل تجعل األطفال ي َّتخذون الموقف 3العاطفي
إزاءها ،تعلقا ً أو نفوراً أو عطفاً ،ويصل األمر باألطفال إلى التقمُّص الوجداني 3مع األبطال ،فيحزنون لحزنهم ،ويفرحون
لفرحهم» .والشخصية في قصة األطفال قد تكون طفالً أو رجالً أو امرأة عجوز ،كما ليس بالضرورة أن تكون إنساناً ،فقد
قطة أو سلحفاة أو حمامة ،أو تكون نباتاً؛ كأن تكون زهرة أو شجرة ،أو إحدى مظاهر3تكون حيوانا ً أو طائراً ،كأن تكون َّ
الطبيعة؛ كأن تكون نهراً أو سحابة أو جبالً .ومن أكثر الشخصيات التي يهواها الطفل ،ويحبها ،كما يرى «نور الدين
الهاشمي»« :هي الشخصيات المغامرة الجريئة التي تتح ّدى األخطار ،وت َّتسم بالذكاء والشجاعة والمرح والطموح ،وحبِّ
الحرية واالنطالق 3.أما أهم خصائص الشخصية في قصة األطفال :أن تكون مألوفة للطفل ،قريبة إلى نفسه ،مالئمة لثقافته.
وتكون قادرة على اإلقناع والتأثير 3،وأن تكون مشبعة بالقيم اإلنسانية العليا ،ودالّة على قيم أخالقية واضحة..
هناك عدد من مقومات التذوق األدبي التي ينبغي توافرها في النصوص األدبية:
أو ًال :المقومات الفكرية:
هي العنصر العقلي في النص ،ومظهر فكر الشاعر وثقافته ،وإليه يستند في إظهار ما يريد أن يقوله نحو التجربة الشعرية
التي مرَّ بها .وتحليل الفكرة ،وتذوقها في النص األدبي يكون بالبحث عن مدى صحتها ،ومدى تأثيرها في المتلقي ،ويكون
بدراسة نوعها من حيث كونها عصرية مبتكرة ،أو قديمة ،أو رمزية ،وتحديد 3الفكرة المحورية واألفكار الجزئية ،والمعاني3
الضمنية ،والقيم التي يتناولها النص .ومقياس نقدها يكون بالبحث عن المثالية والواقعية ،التجديد واالبتكار ،العمق ،شرف3
المعنى ،عدم التناقض.
والفكرة أساس العمل األدبي ،وهي مادته ،وال يمكن أن يقوم إال بها وتعرف 3هذه المقومات بالعنصر العقلي وهو يمثل
الفكرة التي يأتي بها الكاتب ليبني منها موضوعه ،والتي يعبر عنها في عمله األدبي .وتعد الفكرة أساسا ً في جميع اآلثار
األدبية القيمة ،فاألدب عاطفة وخيال وفكرة وعبارة ،وأن منه نوعا ً خالصا ً كالشعر والنثر الفني تكون العاطفة غايته األولى
والفكرة سنداً وعونا ً وهناك النوع العام الذي تتقدم فيه الفكرة فتأخذ مكان العاطفة؛ ألن الفكرة غايته األولى ،والعاطفة وسيلة
تبعث في الحقيقة روعة وتكسب اإلنشاء صفة أدبية محبوبة.
وال يمكن أن يتصور 3نص أدبي بدون تلك المقومات الفكرية ،فإذا كان النص األدبي بال معنى أو فكرة راقية فيصبح
ضربا ً من الهذيان وعلى الرغم من أهمية الفكرة في العمل األدبي إال أن تلك األهمية تتفاوت بين األجناس األدبية ،فهي في
الشعر ليست حاسمة ألن الشعر تعبير عن تجربة شعورية ،فالعنصر 3العاطفي أكثر أهمية في الشعر من العنصر العقلي
( األفكار ، ) 3قال ابن رشيق منكراً طغيان الفكر على الشعر " والفلسفة " وحجر األخبار باب آخر غير الشعر)...
ولكن المعاني واألفكار 3في النثر أكثر أهمية ،وهي ذات خطٍ أكبر في أشكال األدب الموضوعي ،كالمسرح ،والقصة،
الرواية ،ألنـها تأخذ في هذا الضرب من األدب شكل القضية أو الموقف ، 3حيث يكون الفكر مرتكزاً أساسيا ً مهما ً عند ذاك .
وللمقومات الفكرية معايير عديدة ،وهي:
أ -سمو األفكار: 3والمقصود بسمو األفكار 3هنا :هي األفكار الرفيعة التي تسهم في رفع قدر اإلنسان ،ودفعه إلى تجاوز
أوضاعه الراهنة والتطلع إلى أوضاع 3أفضل .
واألدب الرفيع 3شرطه أن تكون فكرته سامية جديرة بأن تثار العواطف ألجلها ،وأن ترسخ في الذهن ،ويشتغل بها العقل
ليزداد بها تمسكا ً ويعتصم 3بنفعها ،وال تكون الفكرة كذلك إال إذا تجنبت االبتذال والسخافة ومسايرة القراء واإلفساد.
ب -جدة األفكار وابتكارها :والمقصود 3بجدة األفكار 3:أن تكون األفكار التي يتناولها 3النص األدبي جديدة مبتكرة ،وليس
المقصود هنا بالجدة إبداع أفكار لم تعرف من قبل بل المقصود 3األفكار القديمة التي يصوغها األديب على غير مثال سابق،
بحيث يخلع عليها من عاطفته وخياله وشخصيته حتى تخرج في ثوب جديد.
ج -ترابط األفكار: 3والمقصود بترابط األفكار 3:هو االنتقال من فكرة إلى أخرى تشرحها 3وتدعمها ،وتزيدها 3وضوحا ،مع
حسن الوصل بين األفكار 3وربط بعضها ببعض ،فتتابع منسقة حسنة التنسيق ال يزعجها انتقال مفاجئ أو استطراد 3يعكر على
القارئ صفاء االستمرار ،فتشكل نسيجا ً متجانسا ً وكالً متكامالً يوضح الفكرة العامة للنص األدبي .
د -عمق األفكار :والمقصود بها :تلك األفكار التي ال تدرك للوهلة األولى ،والتي يتولد عنها أفكار ومعاني 3أخرى عند
إمعان النظر فيها.والحق 3أنه ال يحق أن يسمى األدب أدبا ً إال إذا كان له حظ من أفكار راقية ومعان سامية ،وأن قيمة األثر
األدبي تكبر بما فيه من عمق وغزارة في المعاني.
هـ -صدق األفكار: 3والمقصود بصدق 3األفكار 3:تلك التي تحمل معان نرتضيها ونقبلها في إطار العمل األدبي بشرط أن
تكون تلك األفكار 3صادقة في اإلحساس والشعور3.
فليس المقصود 3هنا بالصدق الصدق العلمي إنـما المقصود هو الصدق الفني األدبي ،بمعنى أن يكون األديب مخالفا ً للحقيقة
والواقع لكنه صادق في نقل خلجات وجدانه إلينا ،بشرط أال تكون تلك األفكار 3منافية للحقائق الكونية أو اآلراء الفلسفية .فإن
كان كذلك فهو ناقص ؛ ألنه لو كانت فكرته مؤسسة على حقيقة ثابتة ،ال تقبل المراء لكان أقرب إلى الكمال ،و أوفر 3حظا ً
الرتقاء المرتبة العليا في األدب .
ثانيا ً :المقومات العاطفية :
وهي محور ارتكاز النص األدبي ،وهي جملة من االنفعاالت المجتمعة نحو شيء واحد ،أو موضوع 3ما سلبا ً وإيجاباً،
والشاعر بدوره ينقلها للمتلقي بنفس الدرجة ،ليثير فيه ما أثارته في نفسه .وتحليل العاطفة وتذوقها 3في النص يكون بالبحث
عن مدى تأثيرها في نفس المتلقي ،وما تحدثه من مشاركة الحب أو البغض أو الرضا أو الحزن أو السرور 3أو غير ذلك من
سائر االنفعاالت ،التي تستجيب لها النفس .ومقياس نقدها يكون بالبحث عن :نوع العاطفة الغالبة على النص ،صدق العاطفة
وصحتها ،قوتها 3وحيويتها ،ثباتها واستمرارها ،تنوعها ،سموها ،عالقتها باألفكار.
والعاطفة عنصر مهم في األدب ،فاألدب ذاتي ،ومعنى ذلك أن األديب ال ينقل لنا حقائق الحياة كما هي ،ولكنه ينقلها كما
يحسها ،ينقلها ممتزجة بشخصيته ،وطبيعته النفسية ،وقيمه المختلفة التي يحملها .
والمقصود بها :هي مجموعة األحاسيس والمشاعر التي تنتاب األديب عندما يمر بتجربة ما ،وهو يحاول أن يعبر عنها
في صورة لفظية معينة بغية إيصالها إلى القارئ لمشاركته في تجربته والتفاعل معه فيما أحس.
والشك أن للعاطفة مقاييس نستعين بها في نقد العاطفة األدبية ونذكر 3منها :
-1صدق العاطفة أو صحتها :المقصود هنا :أي قدرة العاطفة أن تجعل العمل األولى يشق طريقه وسط زحمة
الموجودات ليبرز بداللة ويلوح برسالة ( أي ما تنبعث عن سبب صحيح غير زائف وال مصطنع 3حتى تكون عميقة تهب
لألدب قيمة خالدة .
ثالثاً :المقومات الخيالية :
ويمثل الخيال عنصرا مهما من عناصر األدب ،ويقصد 3به :قدرة األديب التأليفية والتركيبية على التأليف بين الصور3
والمشاهد والمواقف المختلفة وصهرها 3في بوتقة العمل األدبي؛ لتعطي صورة جديدة مبتكرة مخالفة للواقع لتؤثر في وجدان
الملتقى وتجعله قادراً على تمثل الجمال في العمل األدبي وتذوقه .
وهو وسيلة إبراز العاطفة ،وهو أكثر العناصر 3قدرة على التعبير عن العاطفة ،وهو القوة التي تنفث في الشعر الحركة،
وتمده بالصور الوفيرة المجسمة إلحساس الشاعر ،وهو عامل مهم من عوامل اإلثارة الفنية ،التي تظهر في صورة خيالية،
وهو الذي يركب الصور تركيبا ً جديداً .وتحليل الخيال وتذوقه ،يكون بالبحث عن نوع الخيال (بسيط ،موحي ،مبدع) وعن
عالقته بالعاطفة ،وقدرته على التعبير عنها ،وعن قوة التصوير 3المجسمة في النص .ومقياس نقد الخيال يتمثل في :قوة
الشخصيات المبتكرة ،والجدة في التصوير 3البياني ،وقدرته على إبراز المعاني ،والتميز.
وتتعدد أنواع الخيال إلى ثالثة أنواع وهي:
-1 الخيال االبتكاري:هو 3الذي يؤلف صوراً حسية جديدة ،عناصرها موجودة في ذاكرة األديب ،وهي ال تقدم الواقع
الخارجي كما هو في حدود المادية ،وإنما تقدمه على شكل جديد ،ولكن في حدود ما يمكن أن يوجد في العالم الخارجي
والحياة المعقولة فإن كانت هذه الصورة تنافي الحياة المعقولة كانت وهما ً ،وأكثر ما يوجد هذا النوع من الخيال في الشعر و
القصص والروايات والمسرحيات .
-2الخيال التأليفي أو المؤلف :هو خيال يوجد بين األشياء المتشابهة إذا كان يضمها إطار عاطفي واحد ،أو حالة نفسية
متماثلة ،كأن تستدعي إحدى صور الطبيعة لنفس األديب صورة مشابهة ،مثل أن يرى الشمس تشرق في الصباح وتغرب
في المساء ،ويمضي يوم ويولد يوم آخر فيستدعي ذلك إلى نفسه صورة انقضاء العمر ،فالصورة الحسية للشمس وتداول
األيام هي التي استدعت في النفس صورة جديدة لتشابههما في الحالة الشعورية والعكس أن تستدعي حالة شعورية معينة في
النفس صورة حسية من الطبيعة لتشابههما في الموقف العاطفي ،فليس في هذا النوع ابتداع صور جديدة ،وإنـما فيه تأليف
بين متشابهات .
-3الخيال البياني أو التفسيري :وهذا الخيال ال يعني بوصف األشياء الخارجية ،إنـما يحاول تفسيرها ،كأن يجسد الشاعر
الطبيعة إنسانا ً ،أو يتمثلها فتاة حسناء بغية تفسير جمالها.وهذا 3النوع هو الغالب في أدبنا العربي ، 3وهو خير وسيلة لوصف
الطبيعة وصفا ً أديبا ً رائعاً ،ألنه قائم على إدراك جمال األشياء وأسرارها؛ ثم اختيار العناصر 3التي تمثل هذا الجمال تمثيالً
قويا ً ،والغريب أن وصف 3الطبيعة أحيانا ً يكون أروع وأجمل من الطبيعة نفسها وذلك ألن األديب يختار أجمل ما في الطبيعة
من عناصر ويفسر لنا ما فيها من أسباب الجمال التي ال يمكن أن ندركها وحدنا 3حين نشهد الطبيعة.
رابعا ً :المقومات الفنية :
المقومات الفنية :هي العنصر الرابع الذي يقوم عليه العمل األدبي ،ويعرف هذا العنصر 3بعنصر 3التأليف واألسلوب ،
وهذا معناه أن األدب يقوم على عناصر 3بمثابة " المادة والحياة " ( الفكرة ،والخيال ،والعاطفة ) وبعضها يتحقق في عملية
" التكوين " أي في بناء العمل األدبي من هذه المادة.
يقصد بها الجانب المادي في النص ،والقالب الذي يحتوي األفكار والعواطف والخياالت وتتمثل في األلفاظ والتراكيب3
والموسيقى ،واألساليب اللغوية ،و المحسنات البديعية ،وحدة الجو النفسي ،وحدة الموضوع ،الخصائص البنائية لبعض
الفنون األدبية ،وتفصيل ذلك فيما يلي :
األلفاظ:
وهي رموز المعاني ،ومادة التصوير ،وهي أساس بنية النص ،وتكمن قيمتها 3الحقيقية والجمالية في مدى قوتها ،وتذوقها
يكون بالبحث عن قوتها األدبية ،ودالالتها المستمدة من السياق ،ومدى تفردها ،ومدى انتقائها ووضعها 3في مكانها من
العبارة .ومقياس نقدها يكون بدراسة شروط 3فصاحتها ،مثل :تآلفها ،وصياغتها ،ومخارجها 3،وألفتها ،وعذوبتها ،وبعدها عن
االبتذال ،ودقتها ،وإيحاءاتها ،وجدتها،ومطابقتها 3للمعاني.
واأللفاظ :هي الترجمة اللغوية للمعنى ،والمادة األولية للتعبير ،والجزء األصغر الذي يتألف منه األسلوب ،وال شك أن
األلفاظ في العمل األدبي تختلف عن األلفاظ في الحياة اليومية بمعنى أن األلفاظ في العمل األدبي يعنى األديب باختيارها3
لتصور المعنى ،وتجسد الخيال ،وتبرز 3العاطفة ،وتسعى 3إلى إثارة الحس الجمالي في المتلقي؛ فهي ليست وعاء للتعبير عن
المعاني واألفكار ،أو أداة لتوصيلها 3فحسب ،وإنـما هي تسعى إلى اإليصال والتأثير ،إلى اإلفهام واإلقناع. 3
التراكيب :وهي اجتماع األلفاظ إلفادة المعنى وتعبير 3ظاهر عن حالة باطنه ،ويجب أن تكون األلفاظ سليمة من العيوب
وقد تكون مفرداتها خالية من العيوب وهي مستقلة – فإذا تزاوجت باءت بعدم االنسجام ، 3فلم تأتلف ،وتبدل حسنها قبحا ً ،
واستبد بها التنافر.فمن العيوب في التركيب :التعقيد المعنوي 3واللفظي و المعاضلة ،والحشو اللفظي واالبتذال ،والخطأ
النحوي .
األساليب اللغوية :هي الطريقة أو المذهب أو الوجه الذي يعبر به األديب عن المعاني التي تجول في خاطره.واألسلوب3
ليس هو طريقة التعبير 3فحسب ،ولكنه طريقة التعبير والتفكير ،بكل ما يتكون منه هذا التفكير أو يدل عليه ،وبكل ما ينهض
عليه التعبير من استعمال لغوي ،وتكوين للصور ،وتشكيل للمادة من البداية إلى النهاية.
المحسنات البديعية:ال يكتفي األسلوب األدبي بالدقة والوضوح ،فهما مقياس للكتابة العقلية الخالصة القائمة على اإلفهام
المجرد الذي ال تخالطه العاطفة.6وال يكتفي بمعاني الكلمات الحرفية ،فالكلمات تعبير طبيعي 3عن األفكار ،ورموز
لألغراض ال للمشاعر ألن عماد األديب العاطفة – وغايته الفضلى تصوير اإلحساس الراقي وبعثه ،لذلك يستعين األديب فيه
بحسن التأليف والموسيقى 3ليبلغ به أوجا ً من القوة والجمال ،ويحقق ما يرمي إليه من إثارة العاطفة في نفوس القراء ،مع ما
يعرضه من المعاني.
وتنقسم المحسنات إلى قسمين :
36مجلة "الجندي المسلم" العدد 120عام ،2005عنوان البحث" :مدخل إلى مصطلحات أدب األطفال وثقافتهم"
أ -المحسنات المعنوية :وهي التي يكون التحسين فيها راجعا ً إلى المعنى أوالً وبالذات ،ويتبعه تحسين اللفظ ثانيا ً
وبالعرض .ومن أمثلة المحسنات المعنوية :الطباق والمقابلة ،والتورية ،وحسن التعليل وغيرها.
ب -المحسنات اللفظية :وهي التي يكون التحسين فيها راجعا ً إلى اللفظ أوالً بالذات ،ويتبعه تحسين المعنى ثانيا ً و
بالعرض.ومن أمثلة المحسنات اللفظية :الجناس والسجع ،ورد األعجاز على الصدور 3وغيرها.
-الموسيقا :وهي ما تميز لغة الشعر؛ فاإليقاع شرط مهم في الشعر ،سواء أكان ذلك يتمثل في الموسيقى الداخلية أم
الخارجية ،والموسيقى 3الشعرية ال تنفصم عن المعنى ،فالوزن الشعري هو وعاء المعنى ،وبعد من أبعاد الحركة التعبيرية
الشعرية ،والقافية هي أساس التوازن في لغة الشعر ،ولها قيمتها 3في موضوع القصيدة .وتحليل الموسيقى يكون باستكشافها3
داخل النص ،ودراسة نوعيتها ،ومدى تأثيرها لدى المتلقي ،ودراسة العالقة بين الوزن والتجربة .ومقياس نقدها يتمثل في
البحث عن مدى انسيابها ،وتوافقها مع التجربة ،ودقتها في الموسيقى الخارجية ،وعن مدى تناسقها ،وتالؤمها 3وانسجامها في
الموسيقى الداخلية.
والموسيقى 3عنصر رئيس من عناصر التشكل الشعري ،وهي ليس مجرد وسيلة من وسائل التطريب ،بل ركن من أركان
الرؤية الشعرية ،لذلك فإن العديد من النقاد يربطون بين الوزن الشعري ممثال في البحر وبين الموضوع والعاطفة .
وحدة الموضوع : 3والمقصود بالوحدة هنا أن القصيدة تدور حول موضوع واحد فحسب إذا كان محورها محدداً ويكون لها
عنوان يدل على هذا الموضوع ، 3ويستلزم ذلك ترتيب األفكار ترتيباً 3به تتقدم القصيدة شيئا ً فشيئاً 3حتى تنتهي إلى خاتمة
يستلزمها لترتيب األفكار والصور ،على أن تكون أجزاء القصيدة كالبنية الحية لكل جزء وظيفته فيها ويؤدي بعضها إلى
بعض عن طريق تسلسل في التفكير والمشاعر.
-وحدة الجو النفسي :ويقصد فيها وحدة الشعور واإلحساس 3الذي يسري في جنبات النص األدبي فيلون جميع عناصره
من أفكار 3وألفاظ وصور بلون واحد تابع من موقف 3نفسي يعانيه األديب أو الشاعر " فالمقصود هنا أيضا ً وحدة الشعور3
ووحدة المشاعر التي يثيرها الموضوع ،فالقصائد 3في العصر الجاهلي مثالً قد تتراءى به وحدة نفسية أو شعورية لكن وحدة
الموضوع 3غائبة ألنه ال صلة فكرية بين أجزائها .فالوحدة فيها خارجية ال رباط فيها إال من ناحية خيال الجاهلي وحالته
7
النفسية في وصفه الرحلة ومدح الممدوح .
المراجع -:
أحمد شوقي ( ،)2012الشوقيّات (الطبعة األولى) ،القاهرة :مؤسّسة الهنداوي
47كتاب العربي الشهري ،الكتاب /50/تشرين األول /أكتوبر" 2002 3ثقافة الطفل العربي" مجموعة من الك ّتاب ،عنوان البحث" :مشكالت الكتابة للطفل العربي" ص 47
الموقف األدبي ،مجلة أدبية شهرية ،تصدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق ،العدد
،414عنوان البحث" :بدايات قصة األطفال في سورية" محمد قرانيا ،ص /56
عن "سمر روحي الفيصل" الشكل الفني لقصة الطفل في سورية ،الموقف األدبي،
العدد 208عام 1988
أدب الطفل في ضوء اإلسالم ،مؤسسة الرسالة ،الطبعة الرابعة ،عام 1419هـ،
مجلة "الجندي المسلم" العدد 120 3عام ،2005عنوان البحث" :مدخل إلى
كتاب العربي الشهري ،الكتاب /50/تشرين األول /أكتوبر " 2002ثقافة الطفل
العربي" مجموعة من الك ّتاب ،عنوان البحث" :مشكالت الكتابة للطفل العربي"
ص 47