Professional Documents
Culture Documents
المصالحة الوطنية في إطار المق اربة الجزائرية للعدالة الانتق الية
المصالحة الوطنية في إطار المق اربة الجزائرية للعدالة الانتق الية
لجنة المناقشة
أ /ق اسيمي يوسف ،أستاذ مااعد قام 'أ'،جامعة عبد الرحمان ميرة "بجاية"............رئياا
د /بويحيى جمال ،أستاذ حاضر قام "ب" ،جامعة عبد الرحمان ميرة "بجاية"…… مشرف ا ومقررا
شراد محمّد ،أستاذ مااعد قام 'أ'،جامعة عبد الرحمان ميرة "بجاية" ...............ممتحنا
أّ /
أن معرفة الحقيقة عن هذه المآسي ليست دائما مرحلةوأعتقد انه آن األوان أن ندرك ّ
قانونية إلنزال العقاب ،بل إنها قد تكون أفضل طريق للتسامح والتعاون على بناء المستقبل،
ومعرفة الحقيقة.
من جهة أخرى ،حق لألفراد المعنيين ال يمكن التنازل عنه إال برضاهم ،وحق للمجتمع
تفجرت في حضنه والتي تمثّل معرفة الحقيقة
المدعو الستخالص العبرة من هذه المآسي التي ّ
أحسن ضمان لعدم تكرارها.
إن المذابح الجماعية ،وقتل النساء واألطفال ،وفقد عشرات اآلالف من المواطنين في ظروف
غامضة ،وغيرها من المآسي التي أفرزتها األزمة ،ليست أحداثاً عادية في تاريخ األمم ،وأسوأ
طريقة للتعامل معها هي محاولة تغطيتها بالنسيان واقامة الحواجز دون معرفة األسباب
والظروف التي ولّدتها «
حمداوي كنزة
إه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـداء
أهدي هذا العمل إلى:
د.بويحيى جمال
قائمة للتعريف بأهم المختصرات المستعملة
: باللغة األجنبية-)2
N°. : Numéro.
M.D.N : Ministère de la Défense Nationale.
Ibid. : In Bifore Indication document « Même ouvrage précédemment cité ».
O.N.D.H. : Observatoire National des Droits de l’homme.
O.P.U. : Office des Publications Universitaires.
Op.cit . :Opus Citatum « Ouvrage précédemment cité ».
PP. : De la page …a….la page.
R.A. S.J.E.P: Revue Algérienne des Sciences juridiques Economiques et
Politiques.
R.I.C.R : Revue International de la Croix- Rouge.
.
مقدّمـ ـ ـ ـ ـ ــة
مقدّمــــــــــــة
شهدت األوضاع الدولية منذ بداية الثمانينات تطورات حاسمة بما أفرزته بوادر
تصدع المعسكر االشتراكي ،من مد عالمي للنموذج الديمقراطي ،وكغيرها من دول العالم
الثالث ،لعب الظرف الدولي دو ار محوريا في إقرار عملية التحول الديمقراطي الجزائري ،تحت
ضغط تفاعل كل من الوضع االقتصادي المتردي ،والحراك االجتماعي الذي تجسد في أحداث
أكتوبر .8811
استجابة لهذا الواقع تصدرت مساعي اإلصالح أدبيات الخطاب السياسي ،مما أفضي
إلى تبني دستور سياسي جديد ،أفرغت في إطاره مجموعة من المبادئ المرتبطة بالعهد
الديمقراطي التعددي من قبيل مبدأ الفصل بين السلطات ،الرقابة علي دستورية
القوانين ،االعتراف بطائفة جديدة من الحقوق والحريات ،ناهيك عن تكريس مبدأ التعددية
الحزبية الذي طرح علي أنه أهم مكسب من مكاسب دستور .8818
وبين منازع في نتائج االنتخابات ومقر لها ،طرحت حجة القطيعة بين مقومات النظام
الجمهوري والخطاب العنيف المتبني من قبل الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ (المحلة) ،توقيف المسار
االنتخابي كضرورة حتمية إلنقاذ الجمهورية ،أين لم يعدو الفراغ المؤسساتي المفتعل بفعل اقتران
استقالة رئيس الجمهورية بحل المجلس الشعبي الوطني أن يكون إال مجرد واجهة لتحقيق هذا
المقصد.
لقد فرض هذا الفراغ المؤسساتي بما أفضى إليه من أزمة دستورية ،إلي البحث عن
تصور مؤسساتي جديد ،وصل حد تجميد دستور ،8818وحلول ترتيب جديد للسلطة محل
المؤسسات الدستورية .
7
مقدّمــــــــــــة
لم تنأى الحالة األمنية بنفسها عن هذا الوضع ،أين تمخض عن توقيف المسار
االنتخابي دخول الدولة الجزائرية في حالة من "العنف المسلح" المتنازع في تكيفها بين
األطروحة الرسمية التي تدفع نحو تأصيل مفهوم الحرب على اإلرهاب ،وبين األطروحة القائلة
باستيفاء حالة العنف المسلح الجزائرية لعتبة النزاعات المسلحة غير الدولية.
دفعت هذه الحالة األمنية الدولة الجزائرية إلى تبني سياسة تشريعية ردعية تجلت
معالمها في إصدار كل من قانون الطوارئ عطفا على إقرار الجريمة اإلرهابية كتدبير جنائي
دائم.
إال أنه ،وأمام ما أفصحت عنه الحصيلة اإلنسانية الكارثية وتداعياتها الخارجية من
فشل الدولة الجزائرية في االضطالع بمهامها الدستورية في حماية مواطنيها ،عمد المشرع
الجزائري إلي تبني نهج جديد قائم على "المزاوجة" بين السياسة الردعية واالحتوائية في مواجهة
الظاهرة اإلرهابية.
عبدت هذه األخيرة(السياسة االحتوائية) من خالل آلية الحوار الوطني الطريق إلى تبني
كل من تدابير الرحمة وقانون الوئام المدني ،بصفتيهما تدبيرين هادفين إلي احتواء حالة العنف
المسلح الجزائرية ،وانتهت إلى إقرار قانون المصالحة الوطنية.
هذا األخير ،الذي تعدت أهدافه مجرد البحث عن تحقيق مقصدي السلم واألمن إلى
معالجة أثار المأساة الوطنية نهائيا على نحو يحقق مصالحة وطنية حقيقية ،يحيلنا إلى مفهوم
العدالة االنتقالية وفقا للتعريف الذي طرحه األمين العام لألمم المتحدة والذي يعرفها على أنها:
" نطاق للعمليات واآلليات المرتبطة بالمحاوالت التي يبذلها المجتمع لمعالجة أثار تركة من
تجاوزات الماضي الواسعة النطاق بغية كفالة المسألة واقامة العدالة وتحقيق المصالحة.1
-)1تقرير األمين العام لألمم المتحدة ،سيادة القانون والعدالة االنتقالية في مجتمعات الصراع وما بعد الصراع ،رمز
.6 الوثيقة ، S/2004/616:ص.
8
مقدّمــــــــــــة
من هذا المنطلق ارتأينا تناول مسألة المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية لما تكتسيه من
أهمية خاصة في ضوء مآالت الوضع الدولي واإلقليمي بل والمحلي الراهن ،الذي أسفر عن
ترسخ هذا الطرح في األدبيات السياسية والحقوقية الحالية ،ولما كانت التجربة الجزائرية من
التجارب الرائدة في هذا الصدد فإن التساؤل حول مدى تقديمها لنموذج يمكن االستلهام منه
يطرح نفسه بإلحاح.
بغية اإلجابة عن االستفهامات التي تفرعت عن هذه اإلشكالية ارتأينا تقسيم بحثنا تقسيما
ثنائيا ،نتناول في الجزئية األولى منه المحددات القانونية لمسار المأساة الوطنية الجزائرية وكيف
أن انفتاح األزمة األمنية على األزمة الدستورية في السياق الجزائري قد أفضى إلي مأساة
إنسانية حقيقية(فصلّأول) ،أما في الجزئية الثانية من هذا البحث فقد تناولنا المقاربة الجزائرية
للعدالة االنتقالية بما تعكسه من قصور في استكمال أركان هذه األخيرة (فصلّثان).
وقد فرضت علينا طبيعة الموضوع االعتماد علي مجموعة من المناهج من بينها:
المنهج التاريخي ،الذي وظفناه في الوقوف علي مختلف المحطات التي مرت بها التجربة
الجزائرية ،بداية من محددات مسار المأساة الوطنية ،مرو ار بمراحل التي مرت بها عملية
المصالحة الوطنية في السياق الجزائري .
في حين فرض المنهجين التحليلي والنقدي نفسيهما كأداتين ضروريتين لغرض فحص
وتدقيق النصوص القانونية ،فضال عن تحليل اآلراء الفقهية القائلة بالموضوع ،واللذان ساعدانا
في تحليل مرتكزات المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية.
9
مقدّمــــــــــــة
هذا ولم يكن هناك من بد من إعمال المنهج المقارن ،لما له من أهمية في مقاربة التجربة
الجزائرية بالتجارب المقارنة ،والذي انتهينا من خالله إلى القول بخصوصية التجربة الجزائرية
سواء في سياقها أو تصورها لتحقيق المصالحة الوطنية.
10
الفصل األول
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
الفصل األول
معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
لا ًعند ًمقتضيات ًبحثنا ًالذي ًيتناول مسألة ًالمقاربة ًالجزائريًة ًللعدالةًًًًًً
نزوً
النتقاليةً ،منًحيثًأنً ًهذهًاألخيرةًتنطلقًمنًفرضيةًمفادهاًضرورةًمعالجةًأثارًالماضيً
لبناءًالمستقبلًفيًكنفًالمصالحةًالوطنيةً 1
ً،وانطالقاًمنًتسليمناًبأنً ًأيً ًمحاولةًلمقاربةً
قضية ًأثار ًالماضي ًل ًيمكن ًلها ًأن ًتتأتًي ًبمنأى ًعن ًالضطًالع ًبمعالجة ًدقيقة ًوقراءةً
موضوعيةًللمحدًداتًالتيًيحكمها ًسياقًكلًتجربةًبخصوصياتهاً،ارتأيناًبأنًهًمنًاألهميًةً
بماًكانًالوقوفًعليًمحدًداتًمسارًالمأساةًالوطنيًةًالجزائيًةً،والتيًيمكنًأنًنختزلها ًفيً
إخفاق ًعملية ًالبناء ًالدًيمقراطي ًالتعددي (مبحث أول)ً ،ممًا ًأفرز ًحالة ًمن ًالعنف ًالمسلًحً
التيًطرحتًكإطارًللمأساةًالوطنية(مبحث ثان).
المبحث األول
إخفاق مشروع البناء الديمقراطي التعددي كخلفية للمأساة الوطنية
-قراءة في العوامل –
يعرف ًمفهوم ًالتًحول ًالدًيمقراطي ًعلى ًأنًهً ":عملية ًمستمرة ًتمر ًبثالث ًمراحلً
أساسيًةً ،من ًشأن ًاجتيازها ًكفالة ًتجسًيد ًنظام ًديمقراطي ًيستجيب ًلتًطلعاتًًًًًًًًً
الشًعوب"ً ،2وبتقًصيًمراحلًتجربةًالتًحولًالدًيمقراطيًالتيًمرتًبهاًالدًولةًالجزائريًةًيمكنً
1
)- YOUSSEF Nada, la transition démocratique et la garantie des droits fondamentaux,ً U.P.E ,Paris,
2010, p.36.
ً-)2بلعوووور مصوووطفيً،التحووولًالوودًيمقراطيًفوويًالوونًظمًالسًياسوويةًالعربيووةً،د ارسووةًحالووةًالنًظووامًالسًياسوويًالج ازئووريً
(ً،)8001-8811أطروحووةًمقدمووةًلنيوولًشووهادةًدكتوووراهًفوويًالعلووومًالسًياسوويةً،فوورعًالتًنظوويمًالسًياسوويًواإلداريً،قسوومً
العلوومًالسًياسوويةًوالعالقوواتًالدًوليووةًً،كليوةًالعلووومًالسيًاسوويةًواإلعووالمً،جامعووةًبونًيوسووفًبوونًخوودةً،الج ازئوورً،8080ً،
صً.82.
12
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
ًوأمًا ًالثًاني ًفقد ًأسًس ًلفشل ًتجربة ًالتًحول ًالدًيمقراطي ًالجزائريًةً ،عند ًحدود ًمرحلةً
النتقال ًالدًيمقراطي ًباعتبارها ًالمنعرج ًاألخطر ًفي ًمسار ًالتًحول ًالدًيمقراطيً ،أين ًتكثرً
المرحلةًالرابعةًوهيً
ً احتمالتًالرجوعًإلى ًالممارسات ًالسًابقةً ،مماًحالًدونًالمرورًإلى ً
ً
مرحلةًترسيخًالخيارًالدًيمقراطيً.3
نعوز ًهذا ًاإلخفاق ًبدرجة ًأولى ًإلى ًكل ًمن؛ ًواجهية ًمشروع ًالبناء ًالدًيمقراطيًًًًًً
في ًالسًياق ًالجزائري(مطولب أول)ً ،ثم ًهشاشة ًالبنية ًالمؤسًساتية ًللدًولة ًالتي ًفشلتًًًًًًًًً
فيًضمانًاستم ارريةًالدًولةً(مطلب ثان).
ً-)1لمزي وودًم وونًالتًفاص وويلًح ووولًخلفي وواتًانتفاض ووةًاكت وووبر ً8811ارجو و :طعيبوووة احمووودً،أزم ووةًالتًح ووولًال وودًيمقراطيًًًًًًًً
فيًالجزائرًً،8881-8811رسالةًمقدمةًلنيلًشهادةًالماجستيرًفيًالعلومًالسًياسيةًوالعالقاتًالدًوليةً،فرعًالتًنظيمً
السًياسيًواإلداريً،معهدًالعلومًالسًياسيةًواإلداريةً،جامعةًالجزائرًً،8881صً.21-28ً.
حولًالرأسيًعلىًأنًهًقيامًقادةًالحكمًمهماًكانتًطبيعوتهمًمدنيوةًأوًسياسويةًبمبوادرةًتييورًالنًظوامًًً
ً ً-)2يعرفًنمطًالتً
منًاألعلىً،علىًخلفيةًبروزًنوعًمنًالنشقاقاتًومظاهرًالضًعفً،أنظرًفيًذلك :بلعور مصطفيً،مرج ًسوابقً،
صًً.98.
*ًلق وودًانبع ووثًمش ووروعًالتًح ووولًال وودًيمقراطيًم وونًوح وويًالسو ولطةًالرئاس وويةًكامت وودادًلسلس وولةًاإلص ووالحاتً"المحتش وومة"ً
والمناسباتيةًالمنتهجةًمنذًًً،8818والتيًأعلنتًفشلهاًعلىًوق ًالحراكًالشًعبيًالذيًاعتبرًتجسيماًلألزمةًالخانقةً
التوويًعايشووتهاًالج ازئوورًفوويًتلووكًالحقبووةً،أنظوورًفوويًذلووكً:سووكيل رقيووة"ً،التًعووديالتًالدًسووتوريةًالسووابقةًف ويًالج ازئوور"ً،
مداخلووةًملقوواةًفوويًإطووارًفعليوواتًالملتقووىًالوودًوليًحووولًالتًعووديالتًالدًسووتوريةًفوويًالوودًولًالعربيووةًعلووىًضوووءًالمتييوراتً
الدًوليةًالراهنةً–حالةًالجزائرً،-جامعةًًحسيبةًبنًبوعليً،الشًلفً،يوميًً02-00ديسمبرً،8088صً.8-1ً.
ً-)3بلعور مصطفيً،مرج ًسابقً،صً.82.
13
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
المطلب األول
واجهية مشروع البناء الديمقراطي التعددي
-قصور اإلطار القانوني كمؤشر–
يمكن ًتقصي ًمعالم ًواجهية ًمشروع ًالبناء ًالدًيمقراطي ًالتًعددي ًفي ًإطار ًالتًجربةًً
ائريًة ًمن ًخاللً ،عدم ًجدية ًالمؤشًرات ًالدًالة ًعلى ًإحداث ًالقطيعة ًم ًأبجديات ًالنظًامً
الجز ً
السًابقًً ،وهو ًما ًيعكسه ًبأمانة ًقصور ًاإلطار ًالقانوني ًلالنتقال ًنحو ًالدًيمقراطيةًًًًًًًً
المشرع ًالجزائريين ًفي ًتكييف ًالمنظومة ًالقانونيةً
التًعدديةً ،أين ًأخفق ًكل ًمن ًالمؤسًس ًو ً
الجزائريًة ًم ًالتًوجه ًالجديدً ،وهو ًما ًيمكن ًأن ًنلمس ًمعالمه ًمن ًخالل ًعدم ًاكتمال ًبناءً
الخياراتًالدًستوريةًفيًإطارًدستورً 8818ً،مماًأسًهمًفيًدخولًهذاًاألخيرًغمارًأزمةً
دستورية ً(فرع أول)ً ،ناهيك ًعن ًتعبئة ًالمنظومة ًالتًشريعية ًفي ًمواجهة ًالتًكريس ًالتًعدديً
(فرع ثان)ً.
الفرع األول
دستور9191
–دستور أزمة أم أزمة الدستور-
من ًخالل ًتتب ًالعرف ًالذي ًدلً ًعليه ًتواتر ًالتًعديالت ًالدًستورية ًالتي ًعرفتهاً
سوىً
الجمهورية ًالجزائرية ًالدًيمقراطية ًالشًعبيةً ،نلحظ ًبأنً ًدستورً 8818لم ًيعدو ًأن ًيكون ً ً
مجرد ًمحاولة ًلدرئ ًمعالم ً(إفالس) ًالنًظام ًالسًياسي ًالجزائريً ،1باعتباره ًاإلطار ًالتًأسيسيً
ً-)1لقوودًعرفووتًالج ازئوورًالمسووتقلةًعلووىًموودارًأزيوودًموونًً00سوونةًثمانيووةًدسوواتيرًيمكوونًتقسوويمهاًموونًحيووثًجهوواتً
وظروفًوضعهاًًإلىًأربعةًدساتيرًشكليةً"كبيرة"ً،هذهًاألخيرةًبدورهاًيمكنناًتقسيمهاًمنًحيوثًالتًوجوهًاأليوديولوجيً
لهاًإلوىًدسواتيرًبرنوامدًودسواتيرًقوانونً،وأربعوةًدسواتيرًماديوةًصوييرةًً،وهووًمواًيعكوسًديناميكيوةًالحركوةًالدًسوتوريةً
الجزائريةًالتيًتعدًمنًمؤشراتًعدمًاستقرارًالنًظامًالجزائريً،كترجمةًلقترانًجلًالتًعديالتًًالتيًعرفتهاًالدسواتيرً
الجزائريةًًبمفهومًاألزمةًً.
14
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
المجسًد ًلشعارات ًاإلصالح ًالمرفوعة ًمن ًقبل ًالسًلطة ًالجزائريًةً ،1في ًطليعتها ًالخيارً
التًعدديً.
لترتبيةًالهرمًالقانونيً
هذهًاإلصالحاتًالسًياسيةًالتيًأقرتًبموجبًالنًصًالمتصدًرً ًا
فيًالدًولةًعلىًمرحلتينً،عمدًفيًكليهماًالسًيدًرئيسًالجمهوريًةً"الشادلي بن جديد" -رحمهً
اهللً -إلى ًإشراط ًاإلرادة ًالشًعبيةً ،من ًخالل ًإخضاع ًكل ًمن ًمشروع ًالتًعديل ًالدًستوريً
ل9نوفمبر(ً 8811مشروع ًفصل ًالدًولة ًعن ًالحزب) ًبموجب ًالمادة ًً 888من ًدستورًً
ً ،8828وكذا ًمشروع ًالتًعديل ًالدًستوري ًلوً 89فيفري ًً 8818بموجب ًالمادة ًً 0من ًالتًعديلً
الدًستوريًلو9نوفمبرً 8811إلى ًالستفتاءًالشًعبيً ،2تعتبرًإصالحاتًشاملة ًخاصة ًأنًها ًلمً
تتورعًأنًطالتًحتًىًالنصوصًوالمبادئًغيرًالقابلةًللتًعديلًوفقا ًلدستورً ،8828مماًيرسًمً
هًدستورًجديدًيشكلًإلياءًضمنيًاًلدستورً.38818
اً دستورً8818علىًأنً
الرغم ًمن ًأنً ًدستورً 8818يدخل ًفي ًمصاف ًجملة ًالدًساتير ًالتي ًيصطلحً
ًوعلى ً ً
ينطوي ًعلى ًأحكام ًبرنامجيًةً ،إلً ًأنً ًهذا ًالحضرً
على ًتسميتها ًبدساتير ًقوانينً ،كونه ًل ً ً
األيديولوجي ًلدستور ًً ،8818لم ًيحل ًدون ًاعتناقه ًلطائفة ًمن ًاألسسً ًالتي ًتقوم ًعليهاً
الدًيمقراطية ًالليبراليةً ،4والتي ًتدور ًحسب ًرأي ًاألستاذ ً"سعيد بو الشعير" ًضمن ًفلكًً
المذهب ًالدًستوريً-القائمًعلى ًفكرةًالمزاوجةًبينًالحريًةًوالسًلطةً–ً،وذلكًمنًخالل ًإقرارً
الحقوق ًوالحريًات ًاألساسيةً ،وأسسً ًدولة ًالقانون ًباعتبارها ًمن ًالمقومات ًاألساسية ًللجمً
إطالق ًسًلطة ًالحاكمً ،وتكريس ًمبدأ ًالسًيادة ًالشًعبية ًالتي ًيمارسها ًفي ًإطار ًنظام ًحكمً
ديمقراطيًتعدًديً،وبالتًاليًتكريسًالدًيمقراطيةًبمفهومهاًالليبراليً.1
إلً ًأنً ًجدلية ًاإلقرار ًوالتًكريس ًالتي ًجسًدها ًدستور ًً 8811في ًتعاطيه ًم ًهذهً
ً،والتيًتحققًبعضهاًبعضاًبحكمًالعتمادًالمتبادلًالقائمًبينهاً،حالًدونًالتًجسيدً
المقومات ً
الفعليًلهاًعلىًأر ًالواق ً،وهذاًماًيتجلىًمنًخاللًماًيليً:
أولا
بالنسبة لتنظيم الحقوق والحريات
-إقرار دون تكريس-
الحرياتً ،اللًهم ًما ًتعلق ًبما ًورد ًفي ًإطار ًأحكام ًالمادة ًً 01منهً ،1ممًا ًرتًب ًنتائدًًًًًً
ً
عكسيةً،ذلكًأنًانعدام ًًتحديدًالحقوقًالقابلةًللتًقييدًعلى ًسبيلًالحصرًواحاطةًهذاًالتًقييدً
بشروطًصارمةً ،فضالًعن ًالتًأكيد ًعلى ًضرورة ًمشروعيةًالهدفًمنًالتًقييدً ،منًشأنهًفتحً
ًًًًًً المجال ًأمام ًالمشًرع ًوهو ًبصدد ًتنظيم ًهذه ًالحقوق ًالنحراف ًفي ًتقييده ًلبع
الحقوقً ،2وهو ًما ًنلمسه ًفي ًالعديد ًمن ًالنصوص ًالتًشريعية ًالتي ًأعقبت ًصدورً
دستورً ،38818ولعل ًالقصور ًاألكثر ًخطورة ًالذي ًيعتري ًتنظيم ًدستورً 8818للحقوقً
والحرياتً،هوًذلكًالذيًيتعلقًبمرونةًإجراءاتًوشروطًإعالنًالحالةًالستثنائيةً،ومطاطيةً
ًاآلخرًمنهاً.4 ًو/أوًإبهامًالبع ًالمصطلحاتًوكذاًغمو بع
ً -)1تنص ًالمادة ًً 01من ًدستور ً8818على ًما ًيلي":الحق ًفي ًاإلضراب ًمعترف ًبه ًويمارس ًفي ًإطارًًًًًً
القانونً،يمكنًأنًيمن ًالقانونًممارسًهذاًالحقًأوًيجعلًحدودا ًلممارستهًفيًميادينًالدًفاعًالوطنيًواألمنًأوً
فيًجمي ًالخدماتًأوًاألعمالًالعموميةًذاتًالمنفعةًالحيويةًللمجتم ،مرج ًسابقً.
الحرياتً ،وعادًةا ًماًيحيلًالنًصً ً -)2يعتبرًتنظيمًالحقوق ًو ً
الحرياتًمنًبينًأهمًضمانات ًتكريسًهذهًالحقوقًو ً
الحريات ًإلى ًالتًشري ً ،ولما ًكان ًمن ًالبديهي ًأن ًيصاحب ًهذاً
التًأسيسي ًفي ًالدًولة ًمسألة ًتنظيم ًهذه ًالحقوق ًو ً
ًالممارساتً ،وجبًضبطًذلكًفيًحدودًمعينةًوبشروطًصارمةًمنًخاللًحصرً ًالقيودًعلىًبع التنظيمًبع
وهوًماًلًنلمسهًلدىًالمشرعً
ً الحالتًالتيًيجوزًفيهاًالًتقييدً،والًتأكيدًعلىًضروريةًمشروعيةًالهدفًمنًالتًقييدًً،
الجزائريً،أنظرًفيًذلكً :قادري نسيمةً،الممارسةًالتًشريعيةًفيًمجالًاآللياتًالتًشريعيةًالدًوليةًالخاصةًبحقوقً
اإلنسانً،مذكرةًلنيلًدرجةًالماجستيرًفيًالقانونً،فرعًالقانونًالعامً،تخصصًتحولتًالدًولةً،كليًةًالحقوقً،جامعةً
مولودًمعمريًتيزيًوزوً،8008ً،صً.80.
ً -)3نذكر ًمنهاً :قانون رقم 91-19المؤرخ في 90جوان ً ،9119المتعلق ًبكيفية ًممارسة ًالحقًًًًًًًًًًًًً
النًقابيً ،ج.ر.ج.ج.د.ش،عددً ،89الصًادرة ًبتاريخ ً02جوان ً8880؛ ًقانون رقمً ،99-19المًؤًرخ ًفي ً9أبريلً
ً،8880يتعلقًباإلعالمً،ج.ر.ج.ج.د.شً،عددً،81الصًادرةًبتاريخًً01أفريلًً،8880المعدًلًوالمتممً.
ً-)4تتجليًمظاهرًمرونةًإجراءاتًإعالنًالتًدابيرًالستثنائيةًمنًالنًاحيةًالشًكليةًفيًتوقفهاًًبالنسبةًإلعالنًحالةً
الطًوارئ ًوحالة ًالحصار ًعلى ًمجرد ًاستشارة ًالمجلس ًالدًستوري ًوالستماع ًإلى ًالمجلس ًاألعلى ًلألمن ًومجلسً
الوزراء-وهو ًإجراء ًيطيى ًعليه ًالطًاب ًاإلستئناسيً ،-وعلى ًالجتماع ًالوجوبي ًللمجلس ًالشًعبي ًالوطني ًبالنسبةً
إلعالنًالحالةًالستثنائية؛ ًأماًبالنسبةًللشروطًالشًكليةًلإلعالنًهذهًالحالتً،فأهمًماًيستوقفناًبشأنهاًهوًإبهامً
ًالمصطلحاتًالمعتمدةً،منًقبيلًالضًرورةًالملحًةً،خطرًداهمً،فضالًعنًعدمًتمييزًالمؤسًسًبينًحالةً وغمو
الطوارئ ًوحالة ًالحصار؛ ًومن ًبين ًأهم ًالمآخذ ًالتي ًيمكن ًأن ًنسجلها ًبشأن ًتنظيم ًدستور ًً 8818للظًروفًًًًًًًًً
17
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
ثاني ا
عدم اكتمال أسس بناء دولة القانون
عمدًالمؤسًسًالدًستوريًالجزائريًً -بخطواتًحثيثةًفيًمسارًإرساءًمقوماتًدولةً
القانونً -إلى ًإحالل ًالشًرعية ًالدًستورية ًمحل ًالشًرعية ًالثًوريةً ،من ًخالل ًالتًأسيس ًلمبدأيً
ستوريةً،فضالًعنًتبنيًالنهدًالديمقراطيًالتًعدديً.
الفصلًبينًالسلطاتً ًوسموًالقاعدةًالدً ً
إلً ًأنهً ،عند ًالوقوف ًعلى ًمسألة ًمدى ًفاعلية ًاألطر ًاإلجرائية ًوالموضوعيةًًًًًًًً
عدمًتجاوزًهذهًاألخيرة ًحدودً
ً فيًالتًجسيدًالفعليًلهذهًالمقوماتً ،نجدًدللتًقاطعةًعلى ً
التًنصيصًًً.
ففيماًيتعلقًبمبدأًالفصلًبينًالسًلطاتًنجدًبأنًدستورًً-8818وعلىًإق اررناًبنجاحهً
في ًتقليص ًدور ًالسًلطة ًالتًنفيذية ًوتدعيمه ًلمركز ًالسًلطة ًالتًشريعيةً -إلً ًأنًه ًقد ًأبقىًًًًً
علىًانعدامًمعادلةًالموازنةًبينًماًاصًطلحًعلىًتسميتهمًبالسًلطاتًالثالثةً،وذلكًمنًخاللً
دًسترة ًهيمنة ًالسًلطة ًالتًنفيذيةً ،مجسًدًةا ًفي ًقطبها ًالوحيد* ًالممثًل ًفي ًرئيس ًالجمهوريًةًًً
على ًباقي ًالمؤسًسات ًالدًستوريةً ،كنتيجة ًمنطقية ًلفكرة ًالتًجسيد ًالتي ًاعتنقها ًالمؤسًسً
الجزائًريً،والتيًتستقيًحجًيتهاًمنًالشًرعيةًالشًعبيةًالمعترفًبهاًلرئيسًالجمهوريًةً.1
=الستثنائيةًهوًعدمًإقرانًحالةًالطوارئًًبمدةًزمنيةًمحدًدةًعلىًسبيلًالتًدقيقًكماًهوًشأنًالمؤسًسًالفرنسيً
الذي ًحدًدها ًبوً 88يوماً ،لمزيد ًمن ًالتًفاصيل ًراج :بو الشعير سعيدً ،النًظام ًالسًياسي ًالجزائريً ،مرج ًسابقً،
صً.810-821.
علىًالرغمًمنًتبنيًدستورًً 8818مبدأًثنائيةًالجهازًالتًنفيذيًإلً ًأنً ًهامشيةًدورًرئيسًالحكومةًالذيًيتلخصً
ً *
ًالوظائفً في ًمجرد؛ ًتنسيق ًوتنفيذ ًبرنامد ًحكومتهً ،السًهر ًعلى ًتنفيذ ًالقوانين ًوالتًنظيماتً ،التعين ًفي ًبع
الحكوميةًالتيًلًتنزويًضمنًالمجالًالمحفوظًلرئيسًالجمهوريًةً،هذاًفيًمقابلًالسًلطاتًالواسعةًوالشًبهًمطلقةً
التيًيتمت ًبهاًرئيسًالجمهوريًةً ،يدفعناًللقولًبصورية ًاعتناقًالمؤسسًالجزائريةً ًلثنائيةًالسًلطةًالتنفيذيةً،لمزيدً
منًالتًفاصيلًحولًاختصاصاتًكلًمنًرئيسًالجمهوريةًورئيسًالحكومةًبموجبًدستورًً،8818راج ً:
-BRAHIMI Mohamed, Op.cit, pp.72-80.
ً-)1بوالشعير سعيدً،النظامًالسًياسيًالجزائريً،مرج ًسابقً،ص.888-888.
18
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
ًيكرسهاًًًً
مما ًيدفعنا ًإلى ًالقول ًبأنً ًالمؤسًس ًالجزائري ًقد ًأقرً ًالتًعددية ًالحزبية ًلكنه ًلم ً
فيًواق ًاألمرً.
فيًإطارًهذهًالخياراتًالدًستوريةًالجديدةًغيرًالمكتًملةًالبناءًفتحًدستورًً 8818منفذاً
قانونياً(لالنقالب ًعلى ًنفسه)ً ،جسًدهًعدمًاكتًمال ًالنصًالمنظًمًإلجراءاتًاإلنابةًفيًحالةًً
الشيور ًالمزدوج ًلمنصبي ًرئيس ًالجمهوريًة ًبالستقالة ًو ًرئيس ًالمجلس ًالشًعبي ًالوطنيً
بالحلً ،وهو ًما ًسارع ًفي ًتجميد ًالعمل ًبهذا ًاألخير ًمن ًالنًاحية ًالقانونيةً .1ليدخل ًبذلكً
مةًفيًأزمةًدستوريًةً.
ً دستورًاألز
ً
الفرع الثاني
تعبئة المنظومة التشريعية في مواجهة التكريس التعددي
في ًإطار ًعملية ًاستكمال ًاألطر ًالتًشريعية ًلعملية ًالبناء ًالتعدًديً ،عمد ًالمشرعً
الجزائري ًإلى ًتعبئة ًالمنظومة ًالتًشريعية ًفي ًمواجهة ًتكريس ًهذا ًاألخير ًوهو ًما ًيمكن ًأنً
نلمس ًمعالمه ًمن ًخالل ًكل ًمن ًالتًوجه ًنحو ًاإلقرار ًالتعددي ًالمفتوح ًفي ًإطار ًقانونً
الجمعياتًذاتًالطاب ًالسًياسيً،ناهيكًعنًتوظيفًالمنظومةًالنتخابيةًفيًنفسًالتوجهًً:
ً
ًاألول ًتبريره ًمن ًالنًاحية ًالقانونية ًفي ًعدم ًإيراد ًدستور ًً 8818أيً ًحكم ًبشأن ًمساهمةً
=في ًرأينا ًيجد ًالحتمال ً
األغلبيةًالحزبيةًفيًتشكيلًالحكومةً.
ً-)1بلودنين أحمدً ،األزمةًالسياسيةًفيًالجزائرًوتضخمًاللًجانًالوطنيةًلإلصالحً،رسالةًمنًأجلًالحصولًعلىً
شهادةًالدكتوراهًفيًالقانونًالعامً،كليةًالحقوقً،جامعةًبنًيوسفًبنًخدةً،الجزائرً،802،صً.82.
22
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
أولا
ًقانون الجمعيات ذات الطابع السياسي
-التوجه نحو اإلقرار التعددي المفتوح -
ًالمشرعً ،استكمال ًلعملية ًهيكلة ًاإلطار ًالقانوني ًلتًعددية ًالحزبية ًإلى ًإصدارً
ً عمد ًً
القانون ًرقم ًً 88-18المتعلقًبإنشاءًالجمعياتًذاتًالطاب ًالسًياسيً ،مفسحاًبذلكًالسًبيلًًًًً
إلى ًالممارسة ًالتًعددية ًفي ًحدود ًجملة ًمن ًاألطر ًالقانونية ًالتي ًيطيى ًعليها ًعاملًًًً
المرونةً،حيثًأوقفًالقان ًونًرقمًً88-18حقًإنشاءًحزبًسياسيًعلىًمجردًاستيفاءًجملةً
من ًالشًروط ًالعامًة ًالتي ًيمكن ًتلخيصها ًفي ًعدم ًمناقضة ًطبيعة ًالجمعية ًذات ًالطًاب ً
السًياسيً ،وعدم ًالخروج ًعن ًأهدافهاً ً ،1فضال ًعن ًاستنفاذ ًمجموعة ً
ًأخرى ًمن ًاإلجراءاتً
البسيطةًً.2
ًًًًًًهذا،ما ًأفرز ًتضخما ًباليا ًفي ًعدد ًاألحزاب ًالفتيًةً ،3إذا ًما ًسلًمنا ًبأنً ًالعترافً
ًبحقًالتحزب ًلمًيعدو ًبالنسًبة ًلمجموعة ًمن ًاألحزاب ًأنً ًيكون ًإلً ًمجرد ًاعترافً
ً القانوني
كاشفً ،وهو ًما ًيذهب ًاألستاذ ً"عمر صدوق" بصدده ًإلى ًالقولً ،بأنً ًاعتماد ًالمؤسًسً
ًالمادة ًً 10من ًالدًستور ًلم ًيسقط ًبصفةًًً الجزائري ًمصطلح ًمعترف ًبه ًفي ًمعر
اعتباطيةً،وانًماًبقصد ًالدللةًعلى ًأنً ًالتًعددًالحزبيًكانًقائماًفيًالواق ًالسًياسيًالجزائريً
ً -)1أنظر ًفي ًذلكً :المواد ًمن ًً 9إلى ًً ،80من ًقانون رقم ً ،99-19المؤرخ ًفي ًً 00جويلية ًً ،8818يتعلقً
بالجمعياتًذاتًالطًاب ًالسياسي،ج.ر.ج.ج.د.شًعدد،82الصادرةًبتاريخً0جويليةًً،8818معدلًومتممً.
ً-)2أنظرًفيًذلكً:الموادًمنً88إلىًً،80منًالمرج ًنفسهًً.
ً -)3بلغ ًعدد ًاألحزاب ًالمعتمدة ًفي ًنهاية ًسنةً 08،8888حزبا ًراج ًفي ًذلكً :طعيبة أحمدً ،مرج ًًًًًًًًًًً
سابقً،صًً.892.
23
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
من ًقبل ًإصدار ًدستورً ،8818وأنً ًدور ًهذا ًاألخير ًقد ًاقًتصر ًعلى ًتقنين ًواق ًوطبعهً
بطاب ًالمشروعيةً.1
ساهم ًهذا ًاإلقرار ًالتًعددي ًالمفتوح ًفي ًإسقاط ًطبيعة ًالدًيمومة ًوالسًتم ارريةًًًًًًًً
عنًاألحزابًالسًياسيةً،منًحيثًأنًهاًمشروعًمؤسًسةًقائمةًعلىًتنفيذًمشروعًسياسيًً.
ثالثا
توظيف المنظومة النتخابيةً
بعد ًالنتائد ًغير ًالمتوقعة ًالتي ًأفرزتها ًالتًجربة ًالتعددية ًالرائدة ًفي ًالجزائرًً ،والتيً
أسفرت ًعن ًفوز ًالجبهة ًاإلسالمية ًلإلنقاذ ً(المحلة)ً ،2لم ًيكن ًهنالك ًبدً ًمن ًإعادة ًهيكلةً
وقانونًتقسيمًالدوائرً
ً المنظومة ًالنتخابية ًوذلكًعنًطريقًتعديلًكلًمنًقانونًالنتخابات ً
النتخابيةًالتيًطالتًطائفةًمهمةًمنًاألحكامًلعلًًأهمهاًماًيليًً:
ً-)8أهم التعديالت التي طالت قانون النتخابات:
ًًًًتتجليًأهمًالتًعديالتًالتيًطالتًقانونًالنتخاباتًفيً:
ًالمادة ًًًًًً10 ً -)1يذهب ًاألستاذ ً"عمر صدوق" ًإلى ًالقول ًبأن ًاعتماد ًالمؤسًس ًمصطلح ًمعترف ًبه ًفي ًمعر
من ًالدستور ًلم ًتكن ًبصفة ًاعتباطيةً ،وانما ًبقصد ًالدللة ًعلى ًأن ًالتًعدد ًالحزبي ًكان ًقائما ًفي ًالواق ًالسًياسيً
الجزائري ًمن ًقبل ًصدًور ًدستور ًً 8818الذي ًاقتصر ًدوره ًعلى ًتقنين ًواقعا ًوطبعه ًبطاب ًالمشروعيةً ،أنظرًًًًًً
فيًذلكًصدوق عمرً،مرج ًسابقً،صً.21.
ً -)2أسفرتًنتائدًالنتخاباتًالمحليةًالتيًأ ً
جريتًبتاريخً88جوانً8880عنًالفوزً(الساحق) ًللجبهةًاإلسالميةً
لإلنقاذ ً(المحلة) ًبحيثًحصدتًلوحدهاًً 101مجلسا ًبلديًا ًمنًمجموعًً 8018مجلسا ًبلديًاً ،وً 98مجلساًولئيًا ًمنً
تليهاًمباشرًةاً
ً مجموعًً11مجلساًولئيًاً،أيًبمعدلًً%10.22منًالمجالسًالبلديةًو%00.01منًالمجالسًالولئيةً،
جبهة ًالتحرير ًالوطني ًالتي ًحصدت ًً 111مجلسا ًبلديا ًوً 81مجلسا ًولئياً ،أي ًبمعدل ًً %92.20من ًالمجالسً
البلديةًوً %92.28منًالمجالسًالولئيةًً ،لمزيدًمنًالتفاصيلًحولًنتائدًالنتخاباتًراج ً:طعيبة أحمدً،مرج ً
سابقً،صً.802.
24
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
ً -)1حول ًخلفيات ًونتائد ًأزمة ًصيف ًً 8888راج ً :تاملت محمدً ،الجزائر ًمن ًفوق ًالبركانً ،د.د.نً ،الطبعةً
الثانية،الجزائرً،8888ً،صً.28-20.
ً -)2مرسوم رئاسي رقم ً ،911-19المؤرخًفيًًً 1يونيوًً ،8888يتضمنًتقريرًحالةًالحصارً،ج.ر.ج.ج.د.شً
عددً ،88بتاريخ ًً 88يونيو ً888؛ ًتم ًإليائه ًبموجب ًمرسوم رئاسي رقم ً ،331-19المؤرخ ًفي ًسبتمبرًًًًًًً
ً،8888يتضمنًرف ًحالةًالحصارً،ج.ر.ج.ج.د.شًعددً،11الصادرةًبتاريخًً88يونيوًً.8888
ً -)3مرسوم رئاسي رقم ً ،919-19المؤرخًفيًً 00جوانًً،8888يلييًمرسومًرئاسيًرقمًً،81-88المؤرخًفيً
ً 09أبريلًً ،ً 8888المتضمنًاستدعاءًهيئةًالناخبينًإلجراءًانتخابات ًتشريعيةًمسبقةً ،ج.ر.ج.ج..د.ش ًعددً،88
الصادرةًبتاريخًً88يونيوً.8888
ً -)4لمزيد ًمن ًالتًفاصيل ًحول ًمالبسات ً ًالمشاورات ًالتي ًقامت ًبين ًقيادات ًالجبهة ًاإلسالمية ًلإلنقاذ ً(المحلة)ً
ًوحكومةًالسًيدً"سيد أحمد غزالي"ً،راج ً:تاملت محمدً،مرج ًسابقً،صً.28-21ً.
ً-)5تمًذلكًفيًً0جوانًًً.8888
ً -)6في ًأعقاب ًسلسلة ًمن ًالمشاورات ًالتي ًخاضها ًالسًيد ً"سيد أحمد غزالي" ًم ًمختلف ًتشكيالت ًالمجتم ًًًً
المدنيًً،والتىًتييبتًعنهاًمجموعةًمهمةًمنًاألحزابًفيًطليعتهاًالجبهةًاإلسالميةًلإلنقاذً(المحلة)ًبفعلًاعتقالً
رؤسائهاً ،انتهى ًمنًخاللهما ًالسيدً"سيد أحمد غزالي" ًإلىًتعديلًكلًمنًقانونًالنتخابات ًوقانونًتقسيمًالدًوائرً
النتخابيةً،لمزيدًمنًالتفاصيلًراج ً:طعيمة أحمدً،مرج ًسابقً،صً.810-829.
26
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
المطلب الثانيً
هشاشة البنية المؤسساتية للدولة
إنً ًمصطلح ًالمؤسًساتية ًمن ًحيث ًأنًه ًتعبير ًعن ًالعمليًة ًالتي ًبواسطتها ًتًحققً
اآللياتًمشروعيتهاًوضمانًاستقرارهاًبنجاحً،تعدًمنًأهمًالشًروطًالضًروريةًلبناءًمؤسًساتً
قويةً،3أمًاًفيًالسًياقًالجزائريًفقدًأفصحًإخفاقًالمؤسًساتًالدستوريةًفيًضمانًاستم ارريةً
الدًولةً(فرع أول)ً،عنًهشاشةًالبنيةًالمؤسًساتيةًللدًولةً،وهوًماًدف ًالمجلسًاألعلىًلألمنً
الذيًلًيعدو ًأنًيكونًهيئةًاستشاريةً(فرع ثان) ًإلىًتخويلًنفسهًسلطاتًمؤسِّسةًبير ً
ضمانًاستم ارريةًالدولةً.
ً -)1مرسوم رئاسي رقم ً ،391-19مؤرخ ًفي ًً 82أكتوبر ًً ،8888يتضمن ًاستدعاء ًهيئة ًالنًاخبين ًإلجراءً
انتخاباتًًتشريعيةًمسبقةً،ج.ر.ج.ج.د.شًعددً،11الصًادرةًبتاريخً82أكتوبرً.8888
ً -)2حصلتًالجبهةًاإلسالميةًلإلنقاذً(المحلة) ًعلىًً 811مقعداًفيًالدًورًاألولً ،أيًبنسبةً %20منًالمقاعدً
التيًفصلًفيهاًخاللًهذاًالدورًوالمقدًرةًبً898مقعداً،وهذاًماًيمثًلًكتلةًانتخابيةًقدرهاًً9.820.88صوتً،أيًً
ًً % 81.08من ًاألصواتًالمعبًرًعنهاً ،م ًمرورًً 81مرشحًللدورًالثانيًوبالتاليًبقيًيفصلهاًعنًاألغلبيةًً82
مقعداًفقطً،أنظر ًفيًذلكً:اإلعالنًالمؤرخًفيًً 90ديسمبرًً،8888يتضمنًالنتائدًالرسميةًلالنتخابات ًالتشريعيةً
الدورًاألول)ً،ج.ر.ج.ج.د.شًعددً،8الصادرةًبتاريخًً.8888/08/01
ً بتاريخًً(ً8888/88/82
-)3بلعور مصطفيً،مرج ًسابقً،ص.811.
27
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
الفرع األول
إخفاق المؤسسات الدستورية في ضمان استمرارية الدولة في ضوء البدائل المتاحةً
ًًًًًًفيًضوءًجملةًمنًالبدائلًالمطروحةًلعبتًالمؤسًساتًالدًستوريةًدوراًمحورياًفيً
تحديدًمألتًاألزمةً،منهاًماًهوًإيجابيًويتعلقًبدورًرئيسًالجمهوريةًفيًافتعالًالفراغً
المؤسساتيً ،ومنها ًما ًهو ًسلبي ًوالذي ًيتعلق ًبإحجام ًرئيسي ًكل ًمن ًالمجلس ًالشعبيً
الوطنيًوالمجلسًالدستوريًعنًاتخاذًالخطواتًالقانونيةًالالًزمةًلدرئًاألزمة.
أولا
اقتران الشغور ودوره في افتعال األزمة المؤسساتيةً
ً-)1لقدًكانًفوزًالجبهةًاإلسالميًلإلنقاذً(المحلة)ًبأغلبيةًالمقاعدًفيًالدورًاألولًمنًالنتخاباتًالتشريعيةًإًيذًانًاً
ًالتًشكيالتًالسًياسيةًعلىًرأسهاًالنخبةً بتشكلًأغلبيةًذاتًشرعيةًحقيقيةًفيًاألفقً ،وهوًماًاعتبارًبالنسبةًلبع
الحاكمةًبأنهًبدايةًالعدًالعكسيًللتأريخًلنهايةًالحلمًالدًيمقراطيًفيًالجزائرً،لمزيدًمنًالتفاصيلًحولًردودًاألفعالً
عنًفًوزًالجبهةًاإلسالميةًلإلنقاذً(المحلة)ًراج ً:طعيبة أحمدً،مرج ًسابقً،صً.880-810ً.
ً -)2أنظر ًنصًاستقالةًالسيدًرئيسًالجمهوريةًً"الشادلي بن جديد" ً-رحمهًاهللً ً -ليومًً،ً 8888/80/88طعيبة
أحمدً،مرج ًسابقً،ملحقًرقمًً.80
ً -)3مرسوم رئاسي رقم ً ،99-10مؤرخ ًفيً 01جانفي ًً ،8888يتضمن ًحل ًالمجلس الشًعبيًًًًًًًًًًًًًًً
الوطنيً،ج.ر.ج.ج.د.شً،عددًً،8الصادرةًبتاريخًً1ينايرًً.8888
28
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
1
(-Voir :BOUSSOUMAH Mohamed , La parenthèse des pouvoirs publics constitutionnels de
1992a1998 ;O. P.U , 2005, Alger, pp.41-61.
2
(- BENCHICOU Mohamed, Chadli « mes vérités » , Le Matin, N° 2702 , du 13/01/2001.
-)3بوو الشووعير سووعيد"ً،وجهوةًنظورًقانونيوةًحوولًاسووتقالةًرئويسًالجمهوريووةًفويًً88جووانفيًً8888وحولًالمجلووسً
الشًعبيًالوطني"ً،إدارةً،مجلةًسداسيةًتصدرًعنًمركزًالتًوثيقًوالبحوثًاإلداريةً،8889ً،ص.88-80.
29
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
1
(- BOUSSOUMAH Mohamed ,Op.cit,p.47.
-نجوودًبووأنًًالقتوراحًالووذيًأوردهًاألسووتاذً"بوسووماح"ًلوومًيكوونًبووأيًشووكلًموونًاألشووكالًقووابالًللتًجسوويدًفوويًظولًغيووابً
دستوريًلجهةًالتهامً،اإلجراءاتًالمتًبعةًلتقريرًهذهًالمسؤوليةً،الجهةًالتويًتتوولىًالنظورًفويًمودىًتووافرًعناصورهاً
واصوودارًالحكوومًبشووأنهاًً،مموواًيوورهنًأيًاحتمووالًكووانًوارداًبشووأنًمًس واءًلًةًًالسوويدًرئوويسًالجمهوريووةً "الشوووادلي بووون
جديد"-رحمهًاهللً.-
لقدًصرحًوزيرًحقوقًاإلنسانًاألسبقًالسًيدً"علي هارون"ًبوأنًقورارًاسوتقالةًالسويدًرئويسًالجمهوريوةً"الشوادلي
ً ً-)2
بن جديد"-رحمهًاهللً-لمًيكنًإلًمطيةًلماًأسوماهًبتوأخيرًالودًورًالثوانيًلالنتخابواتًالتًشوريعيةً،باعتبوارهًالحولًالوحيودً
المبررًسياسياًوالمقبولًقانونياًالذيًلحًفيًاألفقًبعدًنهايةًعهدةًالمجلسًالشوعبيًالووطنيًً،ممواًيؤكودًبوأنًًالفوراغً
ً
المؤسًساتيًفيًتلكًالحقبةًكانًمفتعال.
30
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
األول ًبما ًطرحه ًاألستاذ ً"سعيد بو الشعير" ًمن ًأنً ًرئيس ًالجمهورية ًيملكً
يتعلق ً ً
بموجبًالسًلطاتًالمخولةًلهًدستورياًحقًحلًالمجلسًالشعبيًالوطنيًبعدًفشلًالتعايشًً
أو ًعند ًاقتران ًوصوله ًللسًلطة ًبوجود ًأغلبية ًمعارضة ًلهً ،فيطلب ًمن ًالشعب ًبعد ًحلً
البرلمانًتزكيتهًوالوقوفًإلىًجانبهًلتنفيذًمشروعهًالسياسيً.1
أمًا ًالثًانيً ،فيتعلق ًبالخيار ًالذي ًطرحه ًاألستاذ ً"فوزي أوصديق" ً ًمن ًأنً ًرئيسً
الجمهوريًة ًكان ًبمقدوره ًاللًجوء ًإلى ًإعالن ًحالة ًالطوارئ ًاستنادا ًإلى ًأحكام ًالمادةًًًًًً12
منًالدستورً.2
=-Voir : ALI Haroun, L’éclaircie promotion des droits de l’homme et inquiétudes (1991-1992), Casbah,
Alger, 2011, pp.291-215.
ً-)1بو الشعير سعيد"ً،وجهةًنظرًقانونيةًحوولًاسوتقالةًرئويسًالجمهوريوةًبتواريخًً88جوانفيًً8888وحولًالمجلوسً
الشًعبيًالوطني" ،مرج ًسابقً،صً.88.
منًوجهةًنظرناً ،فإنً ًهذاًالرأيًوانًكانًيجدًماًيبررهًمنًالنًاحيةًالقانونيةً ،منًحيثًأنً ًدستورًً 8818قدًوفًرًً
منًأدواتًالتًوازنًبينًالسلطتين بلًوالمرجحةًلصالحًالسًلطةًالتًنفيذيةًماًمنًشأنهًأنًيكفلًالتًعايشًبينًالًسلطتينً
لجمهوريةًفيًاستعمال ًحق ًالحلًالرئاسيً،ناهيكً
ً التًنفيذيةًوالتًشريعيةًً ،خاص ًةا ًماًتعلقًمنهاًبإطالقًحقًرئيسًا
عن ًإمكانية ًالنحالل ًالتًلقائي ًللمجلس ًالشعبي ًالوطني ًفي ًحالة ًعدم ًالموافقة ًعلى ًبرنامد ًالحكومة ًللمرةًًًًًً
الثًانيةًً،فضالًعنًتخويلهًسلطةًًطلبًإجراءًمداولةًثانيةًعلىًقانونًتمًًالتًصويتًعليهًًوحصرًصالحيةًالتًعيينً
فيًالوظائفًالمدنيةًوالعسكريةًالحسًاسةًًوكذاًحقًالمبادرةًبتعديلًالًدستورًفيًيدًرئيسًالجمهوريةً،إلًًأنًهًيتجلىً
من ًخالل ًنص ًخطاب ًالسيد ًرئيس ًالجمهورية ً ًفي ًفقرتهًً 0أنً ًخيار ًالسماح ًبوصول ًالجبهة ًاإلسالمية ًلإلنقاذً
(المحلة) ًلقبةًالبرلمانًبصفتهًالحزبًالحاصلًعلىًاألغلبيةًلمًيكنًمطروحاًالبتةً،وهوًماًأكًدهًكلًمنًاألستاذً
"علي هارون" ًو ًوزير ًالدفاع ًاألسبق ًالسًيد ً"خالد نزار"ً ،فضال ًعن ًالسًيد ً"رضا مالك" ًمن ًخالل ًتصريحاتهمً
المتعاقبة.
ً-)2أوصووديق فوووزيً،النًظووامًالدًسووتوريًالج ازئووريًووسووائلًالتًعبيوورًالمؤسسوواتيً،الطًبعووةًالثانيووةً،دي ووانًالمطبوعوواتً
الجامعيةً،الجزائرً،8001ً،صًً.90.
ً -نوافقًاألستاذً"أوصديق فوزي" ًفيماًذهبًإليهًمنًالتًساؤلًحولًالسببًوراءًعدمًلجوء ًالسيد ًرئيسًالجمهوريةًًًًًً
إلىًاستعمالًحقهًفيًتقريرًالتدابيرًالستثنائيةً ،خاصةًوأنًالمؤسًسًقدًأطلقًالسًلطةًالتقديريةًلهذاًاألخيرً ًفيً
تقريرًمدى ًتوافرًش ًروطًإعالنًحالتيًالطوارئًوالحصاً ،وكذاًالحالةًالستثنائيةً،والتيًقدًتوافرتًجمي ًالم ًؤشراتً
الدالة ًعلىًوجودها ًفيًنص ًاستقالة ًالسيد ًالرئيس "شادلي بن جديد" ً-رحمه ًاهللً -من ًخالل ًاستعماله ًللعباراتً
تجاوزهًدونًالمساسًالخطيرًوالوشيكًبالنسجامًالوطنيًوالحفاظًعلىًالنظامً
التاليةًً...ً":بليتًاليومًحداًلًيمكنً ً
31
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
المتأزمًًًً"...
=العامًوالوحدةًالوطنية ً.....أمامًحجمًهذاًالخطرًالدًاهم...أمامًهذهًالمستجدًاتًالخطيرةًً...الوض ً ً
فقدًكانًمنًشأنًتبني ًالسيد ًرئيسًالجمهوريةًلهذاًالخيارًً ،بماًمنًشأنهًأنًيخولًلهًمنًسلطاتًواسعةًإلعادةً
األوضاع ًإلى ًمسارها ًالطًبيعي ًعلى ًالرغم ًمن ًنتائجه ً ًالخطيرة ًعلى ًالحق ًوق ًوالحرياتً ،أن ًيحول ًدون ًاألزمةً
المؤسًساتية ًوالدًستورية ًبل ًوربما ًحتى ًاألمنية ًالتي ًعايشتها ًالجزائرً ،وما ًيزيد ًمن ًاستيرابنا ًهو ًلجوء ًمن ًقبلً
المجلس ًاألعلى ًللدولة ًلهذا ًالخيار ًبموجب المرسوم رئاسي رقم،ً 11-10مؤرخ ًفيً 8فبراير ًً ،8888يتضمنً
إعالنًحالةًالطوارئً،ج.ر.ج.ج.د.ش،عددً،80الصادرةًبتاريخًً.8888
1
(- ALI Haroun, L’éclaircie promotion des droits de l’homme et inquiétudes (1991-1992), Op.cit,
p.206.
2
(- BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit, p.51.
ً-)3بوالشوعير سووعيد"ً،وجهوةًنظورًقانونيووةًحوولًاسوتقالةًرئوويسًالجمهوريوةًبتواريخًً88جووانفيًً8888وحولًالمجلووسً
الشًعبيًالوطنيً"ً،مرج ًسابقً،صً.82-80.
32
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
ثاني ا
إشكالية تحفظ المجلس الدستوريً
ً-)1حي ووثًص وًورحًالس وويدًرئ وويسًالمجل ووسًالشو وعبيًال وووطنيًق ووائال"ً:لألمانوووة فأنوووا لوووم أستشووور"ًنق ووالًع وونًً:طعيبووووة
أحمدً،مرج ًسابقً،صً.809.
ً-)2توونصًالمووادةً880موونًدسووتورًً8818فوويًفقرتهوواًاألول وىًعلووىًموواًيلوويً"يمكوونًل ورئيسًالجمهوريووةًأنًيقووررًحوولً
المجلسًالشًعبيًالوطنيًأوًإجراءًانتخاباتًتشريعيةًقبلًأوانهاً،بعدًاستشارةًرئيسًالمجلسًالشوعبيًالووطنيًورئويسً
الحكومة"ً،مرج ًسابقً.
ً-)3لق و وودًخول و ووتًالم و ووادةًً802م و وونًدس و ووتورًً،8818لو و ورئسًالمجل و ووسًالشو و وعبيًال و وووطنيًس و وولطةًإخط و ووارًالمجل و ووسًًًً
الدًسووتوريً،ورغوومًأنًًالوض و ًكووانًيسووتوجبًتفعيوولًهووذهًالسوولطةًإلًًأنًًرئوويسًالمجلووسًالش وعبيًالوووطنيًأحجوومًعوونً
استعمالًهذاًالحقً.
ً -)4ارجو ًفوويًذلووكًكوولًموونً:الموادةًً11موونًالمرجو ًنفسووه؛ًًوالنظووامًالمحوودًدًلقواعودًعموولًالمجلووسًالدسووتوريًلسوونةً
ً،8818مرج ًسابقً.
33
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
أيً ًحكم ًبشأن ًاقتران ًاستقالة ًرئيس ًالجمهورية ًبحل ًالمجلس ًالشًعبي ًالوطنيً ،أما ًبالنسبةً
للمحور ًالثالثًًفيًلقي ًفيهًالمجلس ًالدًستوري ًباللتزام ًبالسهرًعلى ًضمانًاستم اررية ًالدولةً
علىًعاتقًالمؤسًساتًالدًستوريةًوتوفيرًالشروطًالضًروريةًللسًيرًالعاديًللمؤسًساتًوالنظامً
الدًستوريً،1وهوًماًمنًشأنهًأنًيرتًبًجملةًمنًالمالحظاتًنجملهاًفيماًيليً:
عدمًوجودًمبرر ًلتًقًيًدً
ً ًًًًالمالحظة ًاألولى ًالتيًنوردهاًفيًهذا ًالصددًتتمثلًفي ً
المجلسًالدستوريًفيًتفسيرهًلفحوى ًالمادةًً 11منًالدستورًبحرفيةًالنصً ،وهوًما ًيعتبرهً
األستاذ "بوسوماح" ًقراءةًسياسيةًأكثرًمنهاًقانونية ًلنصًالمادةً ،منًحيثًأن ًهذاًاألخيرً
ً ًقراءة ًكل ًمن ًالفقرتين ًً 8وً 80من ًالمادة ًً 11قراءة ًمتالزمةً ،على ًالرغم ًمن ًأنًً رف
المشرعين ًالدستًوًريين ًفي ًالقانون ًالمقارن ًقد ًدأبوا ًعلى ًالستناد ًإلي ًروح ًالنص ًأو ًالربطً
ً
ًالذي ًيعتري ًالنًص ًاألساسي ًفيً بالحالت ًالمشابهة ًلسد ًالثًيراتً ،أو ًتفسير ًاليمو
الدولةً.2
أمًا ًالمالحظة ًالثًانية ًفتتمثًل ًفي ًأنًنا ًنجد ًبأنه ًمن ًغير ًالمنطقي ًاكتفاء ًالمجلسً
الدًستوريًباإلشارةًإلى ًأنً ًالستقالة ًكانتًمرتبطةًباألوضاعًالسًائدةًفيًالبالدً ،فيًالوقتً
الذيًكانًمنًالمفتر ًأنًيبحثًفيهًمدى ًدستوريةًالستقالةً ً ،أفالًيعتبرًذلكًخروجاًعنً
صالحياتهًوهوًالمناطًبرقابةًالدًستوريةًدونًرقابةًالمالئمةً.3
نؤكد ًعلى ًعدم ًمقب ًولية ًإيثار ًالمجلس ًالدًستوري ًالتحفظ ًحول ً(التًكليف ًالعام)ً
كما ً ً
ًعليه ًمنً الذيًأناطهًبهًالمؤسًس ًوالمتمثل ًفي ًالسهرًعلى ًاحترام ًالدستورً،4والذيًيفر
ًاستقالة ًالسًيد ًرئيسًالجمهوريةً،أوًتقريرًأهليةًرئيسهًفيًتوليًمهامً بابًأولى ًإمًاًرف
-)1بوالشوعير سووعيد"ً،وجهوةًنظورًقانونيووةًحوولًاسوتقالةًرئوويسًالجمهوريوةًبتواريخًً88جووانفيًً8888وحولًالمجلووسً
الشًعبيًالوطني"ً،مرج ًسابقً،صً.82.
ً-)2للتًفصوويلًفوويًاإلطووارًالنًظووريًلنظريووةًاسووتم ارريةًالدًولووةًنحيوولًالقووارئًإلووىًً:بوون مالووك بشوويرً،نظووامًالنتخابوواتً
الرئاسيةًفيًالجزائرً،رسالةًلنيلًدرجةًالودكتوراهًفويًالقوانونًالعوامً،كليوةًالحقووقًوالعلوومًالسياسويةً،جامعوةًأبويًبكورً
بلقايدً،تلمسانًً،8088،صً.800-880ً.
ً-)3فوويًالوقووتًالووذيًذهووبًفيووهًاألسووتاذ "براهيموووي"ًإل وىًأنًالج ازئوورًفوويًأعقووابًالشوويورًالمووزدوجًلمنصووبيًرئاسووةً
لاًبفعوولًشوويورًمنصووبً
الجمهوريووةًوًرئاسووةًالمجلووسًالش وعبيًالوووطنيًكانووتًفعووالًإزاءًمعضوولةًاسووتم ارريةًالدًولووةً،أوً
ثانيواًبفعوولًخطورًانفجووارًاألموةًالتويًتقووومًعليهواًمقوموواتًشخصويًةًالدًولووةً،وعلووىً
رئويسًالجمهوريووةًمجسودًالدًولووةً،وً ا
الرغمًموونًأنًً
ًموونًذلووكًذهووبًاألسووتاذًبوسوووماحًإلووىًأنًاسووتم ارريةًالدولووةًلوومًتكوونًالبتوةًمحوولًتهديوودً،فعلويًبو ً النقووي
رئيسًالجمهوريةًيًعتبرًمفتاحًقبةًالنًظامًالدًستوريًالجزائريً،إلًًأنًًغيابوهًلًيوؤدًيًإلوىًانودثارًالدًولوةًفويًظولًبقواءً
الحكوموةًورئيسوهاًالووذيًأكودًبأنوهًسو ًوفًيموارسًسولطاتهًالدًسووتوريةً،وبقواءًاإلدارةًتوأتمرًبووأمرًالحكوموةً ً،ودورانًاآللووةً
ًالتًجواربًالمقارنوةً القتصاديةًً،ناهيكًعونًممارسوةًالقضواءًلمهاموهًالدسوتوريةً،كمواًاستشوهدًفويًهوذاًالصوددًبوبع
أينًمرتًبحالةًمماثلةًللحالةًالجزائريةًفيًً88جانفيًً8888إلًًأنًًاستم ارريةًالدًولةًلمًتكنًمحلًتساؤلً،
-Voir : BRAHIMI Mohamed, Op.cit,p.90 ; Voire aussi : BOUSSOUMAH Mohamed ,Op.cit ,pp.48-
49.
ً-)4انطالقاًمنًالفقرةًاألخيرةًمنًبيانًالمجلسًالدًستوريًالذيًيقضيًبأنًهًيتعينًعلىًالمؤسًساتًالمخولةًبالسًلطةً
الدًس ووتوريةًً،والت وويًذك وورًم وونًبينه وواًف وويًمع وور ًتع وودادهًله ووذهًالمؤسًس وواتًتل ووكًالت وويًت وونصًعليه وواًالم ووادةًً809م وونً
أنًالمجلسًالدستوريًنفسهًيدخلًفيًمصافًهذهًاألخيرةًً،وبالتواليًكوانًحريوًاًبوهًأنًيسوتندًإلوىًهوذهً
الدستورً،أيً ً
الفقرةًفيًتقريرًأهليًتهًلضمانًاستم ارريةًالدًولة".
35
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
ًعلى ًضوء ًهذه ًالمالحظات ًنخلص ًإلى ًالقول ًبإخالل ًالمجلس ًالدًستوريًباللتزامً
الملقى ًعلى ًعاتقه ًوالمتعلقًبالسهرًعلى ًاحترام ًالدًستورً ،وهوًما ًيصعبًتبرًيره ًمنًالنًاحيةً
القانونيةً.1
الفرع الثانيً
المجلس األعلى لألمن هيئة استشارية بصالحيات سلطة؟!
ً-)1لقوودًذهووبًاألسووتاذً"براهيمووي"ًإلووىًأنًًموقووفًالمجلووسًالدًسووتوريًإزاءًاألزمووةًلًيمكوونًوصووفهًإلًًعلووىًأنوهًتعبئووةً
للقانونًفيًمواجهةًالحزبًالفائزًفيًالنتخاباتًالتًشريعيةً،أنظرًفيًذلكً:
-BRAHIMI Mohamed, Op.cit,p.87.
ً-)2فيًمحاولةًمنهًإلضفاءًنوعًمنًًالشًرعيةًعلىًأعمالهً،عمدًالمجلسًاألعلىًلألمنًمنًخاللًالحيثيوةًاألخيورةً
منًاإلعالنًالذيًأصدرهًهذاًاألخيرً،إلىًالربطًًبوينًالفقورةًاألخيورةًمونًبيوانًالمجلوسًالدسوتوريًً،التويًيودعوًفيهواً
هووذاًاألخيوورًًالهيووآتًًالمخولووةًبالسوولطةًالدسووتوريةًإلووىًضوومانًاسووتم ارريةًًالدولووةًً،وبووينًانعقووادهًً،وهوووًربووطًغيوورً
منطقوويًباعتبووارًأنًبيووانًالمجلووسًالدًسووتوريًلوومًيشوورًبووأيًشووكلًموونًاألشووكالًًإلووىًًالمجلووسًاألعلووىًلألموونًًفوويً
معر ًبيانهً،لمزيدًمنًالتفاصيلًراج ًفيًذلكً:
-BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit, p.57.
ً-)3المادتينًً8وً،9منًمرسومًرئاسويًرقومًً،882-18الموؤرخًفويًً81أكتووبرًً،8818المتضومًنًتنظويمًالمجلوسً
األعلىًلألمنًوعملهً،ج.ر.ج.ج.د.شًعدد،10الصادرةًبتاريخً82أكتوبرً.8818
4
)- Voir :BRAHIMI Mohamed, Op.cit, p.88.
36
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
بدللة ًالمواد ًً 828من ًالدستور ًوالمادة ًً 1من ًالمرسوم ًالرئاسي ًرقم ًً 882-18المتضمنً
لألمنًوعملهً.1
ً تنظيمًالمجلسًاألعلىً
وهو ًما ًيفصح ًبصفة ًقاطعة ًالدللة ًعن ًعدم ًمشروعية ًالتدابير ًالتي ًاتخذها ًهذاً
األخيرً،والتيًأيكنًتقسيمهاًمنًحيثًاألهميةًإلىًماًيلي:
أولا
توقيف المسار النتخابي
-بين إنقاذ الجمهورية ومصادرة اإلرادة الشعبية -
بدأت ًسلسلة ًاإلجراءات ًالتي ًسطًرت ًمعالمها ًلجنة ًاألربعة ًمنذ ًاليوم ًالثًالثًًًًًًًً
منًاإلعالنًعنًنتائدًالدورًاألًولًمنًالنتخاباتًالتًشريعيةً،2فيًافتعالًالفراغًالمؤسًساتيً
مرو ار ًبتعبئة ًالقانونًً ،3وانتهى ًالمجلس ًاألعلى ًلألمن ًإلى ًتبرير ًوقف ًالمسار ًالنتخابيًً
تحتًعنوانًاستحالةًمواصلةًالمسارًالنتخابيًحتىًتتًوافرًالشًروطًالضًروريةًللسًيرًالعاديً
ً
للمؤسًساتً.4
ولئن ًكانت ًذرائ ًإنقاذ ًالجمهوريةً ،الدًيمقراطيةً ،حماية ً ًالدولة ًمن ًحربًًًًًًًً
ًلهذه ًالمقومات ًالذي ًتبنته ًالجبهة ًاإلسالمية ًلإلنقاذً أهليةً ً ،1توظيفا ًللخطاب ًالمعار
ً ً ً -م ً (المحلًة)ً ،2مسوغا ًكافيا ًلتوقيف ًالمسار ًالنتخابي ًمن ًالناحية ًالسًياسية ًللبع
3
ًإهدارً ًللدًعائم ًاألساسية ًلهذهًًًًًًً
ا تعتبرً ًالقانونية ًالناحية من ً هاأن
ً ً إل
ً ً ، التحفظً -
المقوماتً،بحيثًأنًًتوقيفًالمسارًالنتخابيًمنًمنطلقًفر ًالوصايةًعلىًالشًعبًيعتبرً
مصادرة ًلإلرادة ًالشًعبية ًومنه ًتنك ار ًلمبدأ ًالسيادة ًالشًعبية ًالتي ًكرسها ًالدستور ًفي ً ًمادتهًًًً
ً ًتقبل ًتداول ًالبرامد ًالسًياسية ًعلى ًاختالف ًتوجًهاتهاً ،وهو ًماً ً ،42كما ًيعبًر ًعن ًرف
هًتنكر ًلمبدأًالتداولًعلى ًالسلطةًًوبالنتيجة ًإفراغا ًلمفه ًوميًالديمقراطيةًوالدًولةً
يعتبرًبدور ًا
الجمهوريًةًمنًمحتواهما.5
ً-)1لقدًعرفتًالنتخاباتًالتشريعيةًتقديمًً981طعناًفيًنتائدً810مقعداًشملتًً11وليةً،كماًتًمتًاإلشارةًمنً
طرف ًالحكومة ًعلى ًلسان ًرئيسها ًبحدوث ًتجاوزات ًفي ًعملية ًالقتراع ًلسيما ًما ًتعلق ًبشطب ًأسماء ًأشخاصً
يحملونًبطاقةًانتخابيةًمنًلوائحًالبلدياتًالتيًتسيطر ًعليهاًالجبهةًاإلسالميةًلإلنقاذً(المحلة)ً،وعدمًتوزي ًً900
بطاقةً،راج ًفيًذلكً:طعيبة أحمدً،مرج ًسابقً،صً.820.
ً -)2أنظرًفيًذلكً :المادةًً 809منًدستورً8818؛ًوالموادًمنً،98-98منًالنظامًالمحدًدًلقواعد ًعملًالمجلسً
الدستوريً،مرج ًسابقً.
ً -)3وهوًما ًنجدًفيًموقفًالسًيدً"ًسيد أحمد غزالي" ًماًيناقضه ًفيًقولهً :المسألةًليستًمعرفةًإذاًكناًفيًأوً
خارجًالتًأسيسًإنًماًالمسألةًهيًإعطاءًنظرةًعلىًمتطلباتًالحياةًومستقبلًالبالدً،إاًذاًلًنبحثًعنًالدًيمقراطيةًمنً
جلًكشفًحساباتًوصيانةًسلطةًالفريق ،نقالًعنً:
ً أجلًالدًيمقراطيةًوًإنًماًنريدًالدًيمقراطيةًمنًأ
-GHOZALI Nasser –eddine, L’Algérie dans tous ses états. de la crise à la démocratie orpheline, In Ou
va l’Algérie, karthala, 2001، p.12.
39
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
ثاني ا
تنصيب المجلس األعلى للدولة كهيئة فعلية لضمان استمرارية الدولة
امتًدت ًالسلطة ًالتًأسيسية ًالتي ًخولها ًالمجلس ًاألعلى ًلألمن ًلنفسه ًتحت ًغطاءً
نظريةًاستم ارريةًالدًولةً،إلىًاستحداثًهيئةًإنابةًرئاسيةًفعليًةًمقصياًبذلكًالفقرةًاألخيرةًمنً
بيانًالمجلسًالدًستوريًل وً88جانفيًً8888منًإمكانيةًالتطبيقً.1
هذاً ،وقد ًعهد ًالمجلس ًاألعلى ًلألمن ًبموجب ًإعالن ًً 81جانفي ًً ،28888لهيئةًً
رئاسيةًجماعيةًقائمةًعلىًمجموعةًمنًالشًًرعياتًكبديلًعنًالشًرعيةًالدستورية*ً،بممارسةً
جمي ًالسًلطات ًالتي ًخولها ًالًدستور ًلرئيس ًالجمهوريةً ،في ًمحاولة ًفاشلة ًعلى ًاألقلًًًًًًًًًً
عملًهذهًاألخيرةً ،3كما ًربطً
ً منًالنًاحيةًالقانونيةًإلضفاءًنوعًمنًالمتداد ًالدًستوريًعلى ً
إعالن ًالمجلس ًاألعلى ًلألمن ًمهمته ًمن ًالنًاحية ًالزمنية ًباستكمال ًالعهدة ًالرئاسيةًًًًًًًًً
في ًقراءة ًخاطئة ًلمفهوم ًالستقالة ًالتي ًيتولد ًعنها ًإلياء ًجمي ًصالحيات ًومهام ًرئيسً
الجمهوريةً.4
الشراح ًًأثرًلًفيًاألنظمةًالمقارنة ًولًفيًالممارسةً
هذهًالسابقةًالتيًلمًيجدًلها ً ً
الجزائرية ًأين ًتمً ًاستبعاد ًالنص ًالتًأسيسي ً ًولو ًفي ًجزء ًمنه ًعن ًطريق ًهيئة ًاستشاريةًً
1
(-Voir: BOUSSOUMAH Mohame, Op.cit, p.63.
ً-)2إعالن المجلس األعلى لألمنً،مؤرخًفويًً81جوانفيًً،8888المتضومًنًاإلعوالنًعونًإقاموةًالمجلوسًاألعلوىً
للدًولةً،ج.ر.ج.ج.د.شًعددًً،9الصادرةًفيً0جانفيًً.8888
*ًالسويدً"محمد بوضوياف"ً(رحموهًاهلل)ًرئيسواًوالسويدً"علوي كوافي "عضوواًلبعوديهماًالثووريً،السويدً"خالود نوزار"ًمموثالً
للبعدًالوطنيً،السًيدً"تيجاني هدام"ًممثالًللبعدًاإلسالميًوالسًيدً"علي هارون"ًممثالًللبعدًالديمقراطيً.
3
(- Voir: BRAHIMI Mohamed, Op.cit, p.91.
4
(- Voir: BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit, p.63.
40
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
المبحث الثاني
العنف المسلح كإطار للمأساة الوطنية
ً-)1رابحوووي أحسووونً،مب وودأًت وودرجًالمع ووايرًالقان ًوني ووةًف وويًالنًظ ووامًالق ووانونيًالج ازئ ووريً،رس ووالةًلني وولًدرج ووةًدكت وووراهًف وويًًًً
القانونً،معهدًالحقوقًوالعلومًاإلداريةً،بنًعكنونً،جامعةًالجزائرً،8002ً،صً.81-88.
-)2مداولووة المجلووس األعلووى للدولووة رقووم ،90-10مؤرخووةًفوويًً81أفريوولًً،8888تتعلووقًبم ارسوويمًذاتًالط واب ً
التًشريعيً،ج.ر.ج.ج.د.شًعددً،81الصًادرةًبتاريخً80أفريلًً.ً8888
-)3تمًاسوتحداثًالمجلوسًالستشواريًالووطنيًًبموجوبًالفقورةًً2مونًإعوالنًالمجلوسًاألعلوىًلألمونًالموؤرخًفويًً81
جو ووانفيًً،8888مرج و و ًسو ووابق؛ًوتو وومًترسو وويمهًبموجو ووبًً:مرسووووووم رئاسوووووي رقوووووم ً،31-10المو ووؤرخًفو وويًً1فب اري و ورًًًًًًً
ً،8888يتعلقًبصالحياتًالمجلسًالستشاريًالووطنيًوطورقًتنظيموهًوعملوهً،ج.ر.ج.ج.د.شً،عوددً،08الصوادرةً
بتاريخً8ً:فبرايرً.8888
ً-)4علووىًالوًورغمًموونًأنًًالت وأريخًللمرحلووةًالدًمويووةًالتوويًعاشووتهاًالج ازئوورًعووادةًموواًيبوودأًموونًأعقووابًتوقيووفًالمسووارً
النتخابيً،إلًًأنًهاًفيًالحقيقةًوليدةًممارساتًسابقةً،لًنبالغًإذاًماًقلنواًبأنًهواًبودأتًمنوذًسونواتً ً،8818ارجو ًفويًً
41
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
المطلب األول
بحث الطبيعة القانونية لحالة العنف المسلح الجزائريةً
ًًًًً ًيكتسي ًالبحث ًفي ًالطًبيعة ًالقانونية ًلظاهرة ًالعنف ًالمسلًح ًالتي ًعاشتها ًالجزائرً
أهمية ًبالية ًفي ًتحديد ًالمنظومة ًالقانونية ًالواجبة ًاإلنفاذ ًلحتواء ًهذه ًالظاهرةً ،بما ًيحققًً
معادلة ًالتوازن ًبين ًالحفاظ ًعلى ًهيبة ًالدًولة ًوحماية ًمواطنيهاً ،إلً ًأنً ًهذه ًالعملية ًعلىً
ًمعهاًعنًالتًباينًفيًالتكييفًميالطاتً أهميتهاًتطرحًصعوباتًحقيقية ًًلدرجةًقدًيتمخ
قانونيةً.
ًًًًًًوفي ًمحاولة ًمنا ًلتبيان ًالطبيعة ًالقانونية ًلظاهرة ًالعنف ًالمسلًح ًالتي ًعاشتهاًًًًً
ًالمقاربة ًالرسمية ًلحالة ًالعنف ًالمسلًح ًالجزائريةً الجزائرً ،سنعمد ًفي ًالبداية ًإلى ًاستع ار
(فرع أول) ،ثمًننتقلًللبحثًفيًمدى ًاستيفاءًحالةًالعنفًالمسلًحًالجزائرية ًلعتبةًالنزاعاتً
المسلًحةًذاتًالطاب ًغيرًالدوليً(فرع ثان).
الفرع األول
المقاربة الرسمية لحالة العنف المسلح الجزائرية
-الدفع نحو تأصيل أطروحة الحرب على اإلرهاب-
إعتمدًالمشرعًالجزائريًمبدأًالتدرجًفيًمجابهتهًلظاهرةًالعنفًالمسلًحًالجزائريةًبدايةً
من ًتبني ًإجراء ًظرفي ًممثال ًفي ًإعالن ًحالة ًالطوارئً ،1مرو ار ًبإقرار ًالجريمة ًاإلرهابيةً
والتًخريبية ًكتدبير ًقانوني ًدائمً ،2وقد ًعكست ًهذه ًالسياسة ًالتًشريعية ًالنظرة ًالرسمية ًلحالةً
تكزت ًفي ًمراحلها ًاألولى ًعلى ًمفهومً
ًوالتي ًار ً
العنف ًالمسلًح ًالتي ًعاشتها ًالجزائر ً
الضطرابات ًوالتًوترات ًالداخليةً ،لتستقر ًفي ًنهاية ًالمطاف ًعلى ًمفهوم ًالجريمة ًاإلرهابيةً
كأساسًلت ًوصيفًحالةًالعنفًالمسلًحًالجزائريةًً.
1
)-Message a la nation du président du haut comite d’Etat, In El moujahid, du 11fevrier 1992.
ً-)0لمزيدًمنًالتًفصيلًحولًخلفياتًومالبساتًًالمواجهاتًبينًالجًيشًوأنصارًالجًبهةًاإلسالميةًلإلنقاذً(المحلة)ً
راج ً:تاملت محمدً،مرج ًسابقً،صً.881-880.
ً-)3أنظرًفيًذلك :مرسومًرئاسيً،11-88مرج ًسابق.
نويًاألولًلس و و وونةًً،8888م.أ.ن.أً،الج ازئ و و وورًًًًًًًًًًًًًً،
ً ً ً-)4
المرص و و وودًال و و وووطنيًلحق و و وووقًاإلنس و و ووانً(س و و ووابقا)ً،التًقري و و وورًالسو و و و
ً،8889صًً.08-88.
-)5يشكًل ًالقانون ًالدًولي ًلحقوق ًاإلنسان ًالنًظام ًالقانوني ًالدًولي ًالمعني ًبمسألة ًالضًطرابات ًوالتوتراتًًًًًً
امًالذيًعادةا ًماًيتمًتفعيلهًمنًطرفًحكوماتًالدًولًالتيًتعانيًمنًحالةً
ً الداخليةً ،إلً ًأنً ًبندًالتًحللًمنًاللتز
ًالحقوقًًًًًًًًًً ًهذه ًالحقوق ًاللهم ًما ًتعلق ًببع اضطرابات ًوتوترات ًداخلية ًغالبا ًما ًيؤدي ًإلى ًتقوي
بالعديدًمنًالشراحًانطالقاًمنًقصورً
ً األساسيةًً ،تعددهاًهذهًالتفاقياتًعلىًأنهاًغيرًقابلةًللتًقييدً ،هذاًماًدف ً
ًحالت ًالضطرابات ًوالتوترات ًالدًاخليةًًًًًًً أحكام ًالقانون ًالدًولي ًلحقوق ًاإلنسان ًفي ًحماية ًالمدنيين ًفي ًبع
التيًتكونًعلىًدرجةًمعتبرةًمنًالخطورةً،إلىًالقولًبضرورةًًتطبيقًحدًأدنى ًمنًقواعدًالقانونًالدًوليًاإلنسانيً
45
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
=على ًهذه ًالحالتً ً ،من ًخالل ًحث ًالدًول ًعلى ًاحترام ًالضًمانات ًالمقررة ًبموجب ًالمادة ًً 20من ًالبرتوكولً
ًاألول ًالملحق ًباتفاقيات ًجنيف ًواإللتزام ًبأحكام ًإعالن ًطوركوا ًفلًناد ًالمتعلق ًبالحد ًاألدنى ًمن ًالقواعدً
اإلضافي ً
اإلنسانيةًالمطبقةًفيًحالةًالضطراباتًوالتوتراتًالداخليةً،لمزيدًمنًالتفاصيلًراج ً:
-MOMTAZ (D), « Les règles humanitaires minimales applicables en période de troubles et tentions
internes », In R.I.C.R, N°831, 1998 ,pp.487-495.
ً
-)1أنظرًفيًذلكً:المرسوم التشريعي رقم ً،93-10مرج ًسابقً.
-)0أنظرًفيًذلكًكلًمنً:أمر رقم ً ،99-10مؤرخًفيًً 80فبرايرً،8880يعدلًوًيتممًاألمر رقم ً،900-11
المؤرخًفيًً 1يونيوًً،8822والمتضمنًقانونًاإلجراءاتًالجزائية،ج.ر.ج.ج.د.شً،عددًً،88الصادرةًبتاريخًً8
مارسً8880؛ًواألمر رقم ً،99-10مؤرخًفيًً80فبرايرً،8880يعدلًوًيتممًأمر رقم ً،800-11المؤرخًفيًً1
ً،والمتضمنًقانونًالعقوباتً،ج.ر.ج.ج.د.شً،عددًً،88الصادرةًبتاريخًً8مارسً.8880
يونيوًً 8822
ً-)3برقوق محندً،مرج ًسابقً،جامعةًمحمدًخيضرً،بسكرةًً،8002ً،صً.10.
46
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
مفهومًالحربًالشًاملةًعلىًاإلرهابًعلىًالنحو ًالذيًطرحتهًالمجموعةًالدوليةًفيًأعقابًً
أحداثًً.8008/08/88
ثانيا
نسبية معيار العتبة كأساس للتكيف
يطرحًمعيارًالعتبةًكمؤشرًلتحديدًنقاطًالتقاط ًبينًماًهوًنزاعًمسلحًوماًهوًدونً
ذلكًمنًأعمالًعنفً،بماًفيهاًالضطراباتًوالتًوتراتًالداخليةًوكذاًالظًاهرةًاإلرهابيةً.1
إلً ًأنً ًهاتين ًالحالتين ًاألخيرتين ًًوعلى ًالرغم ًمن ًالتًوجه ًإلى ًالقول ًبانعدام ًالدًللةً
القانونيةًبشأنهماًفيًإطارًالقانونًالدوليًاإلنسانيًً،2تبقيانًمرشحتين ًلستفاءًعتبةًالنزاعً
المسلًحًمتىًانطوتًإحداهماًعلى ًعنصرًأطرافًالنزاعً ،وهوًماًيدفعناًإلى ًالقولًبنسبيةً
معيارًالعتبةًفيًشقهًالسلبيًًكأساسًللتًكيفًالقانونيًلظاهرةًالعنف ًالجزائريةً ،بحيثًأنًً
العتماد ًعلى ًمعيار ًالعتبة ًبهذا ًالمدلول ًل ًيقصي ًفرضية ًاستيراق ًحالة ًالعنفًالجزائريةًً
لعتبة ًالنزاع ًالمسلًح ًذات ًالطاب ًغير ًالدوليً ،وانما ًيبقيها ًمنفتح ًةا ًعلى ًفرضية ًإثباتً
العكسً،3مماًيدفعناًللقولًبعدمًقطعيةًالتكيفًالرسميًلحالةًالعنفًالمسلحًالجزائريةً.
الفرع الثاني
بحث مدى استجابة حالة العنف المسلح الجزائرية لعتبة النزاعات المسلحة ذات
الطابع غير الدولي
يقتضي ًالبحث ًفي ًمدى ًاستجابة ًحالة ًالعنف ًالمسًلح ًالجزائرية ًلعتبة ًالنزاعاتً
المسلًحة ًذات ًالطًاب ًغير ًالدًولي ًتقصي ًإمكانية ًاستيفائها ًللمعايير ًالتي ًتطرحها ًأحكامً
القان ًون ًالدًولي ًاإلنساني ًالضًابطة ًللنًطاق ًالمادي ًلما ًاصطلح ًعليه ًتسميته ًبالنزاعاتً
المسلحةًذاتًالطًاب ًغيرًالدًوليً،والتيًأضحى ًمنًالمقبولًبشأنهاًعلى ًنطاقًواس ًلدىً
الفقهًالدًوليًالتًوجهًنحوًالقولًبوجودًنظامينًقانونيينًمتوازيينًيعنيانًبأنسنتهاً،1ممثلتينً
في ًكل ًمن ًالمادة ًالثًالثةًالمشتركة ًمشكلة ًبذاتها ًاتفاقية ًمصيرة ًفي ًإطار ًاتفاقيات ًجنيفً
األربعةً ً،2وكذاًالبرتوكولًاإلضافيًالثانيًالملحقًباتفاقياتًجنيفًاألربعةً ،3وعليهًسنحاولً
تبيين ًمدى ًاستيفاء ًحالة ًالعنف ًالمسلح ًالجزائرية ًلعتبة ًالنزاعات ًذات ًالطاب ًغير ًالدوليً
بالستنادًعلىًكلًمنًهاتيتنًالتفاقيتينًعلىًحدىً.
أولا
مدى استيفاء حالة العنف المسلح الجزائرية لمعايير النزاعات المسلحة ألغ ارض
تطبيق المادة الثالثة المشتركة
ًترسي ًالمادة ًالثًالثة ًالمشتركة ًالمعايير ًاإلنسانية ًالدنيا ًالمطبقة ًفي ًحالة ًالنزاعاتً
ً المسلًحة ًغير ًالدوليةً ،لكن ًدون ًبيان ًالمقصود ًبالنزاعات ًالمسلًحة ًغير ًالدولية ًألغ ار
انطباقًأحكامهاً،مكتفيةًفيًذلكًبإيرادًحكمًعامًمفادهًأنًًأحكامهاًتنصرفًلتشملًالنزاعاتً
المسلًحةًالتيًليسًلهاًطاب ًدوليًً،والواقعةًفيًأراضيًأحدًاألطرافًالسًاميةًالمتعاقدةً.1
إنً ًعدمًإيرادًالمادةًالثًالثةًالمشتركةًلتعريفًملزمًقانوناً،يفر ًعليناًلضرورةًتبينً
مدى ًاستجابة ًحالة ًالعنف ًالمسلًح ًالجزائري ًللنطاق ًالمادي ًللمادة ًالثالثة ًالمشتركةً ،تحليلً
الحالةًاستنادًإلىًالمعاييرًالتيًبلورهاًالفقهًوالقضاءًالدوليينًبير ًتفسيرًمفهومً
اً وقائ ًهذهً
النزاعات ًالمسلًحة ًذات ًالطاب ًغير ًالدولي ًبمفهوم ًالمادة ًالثالثة ًالمشتركة ًفي ًهذاًًًًً
ًواللتباس ًحول ًماً الصددً ،2وان ًلم ًتنجح ًهي ًاألخرى ًفي ًإماطة ًجمي ًجوانب ًاليمو
يدخل ًفي ًمصاف ًالنزاعات ًالمسلحة ًذات ًالطًاب ًغير ًالدًولي ًبمفهوم ًالمادة ًالثالثةً
المشتركةً.3
مستوى ًالفقهًالدًوليًعلى ًأنً ًاكتفاءًالمادةًالثالثةً
فإذاًكانًالتفاق ًًقدًانعقدًًعلى ً ً
المشتركة ًبإعطاء ًمفهوم ًعام ًللنزاع ًالمسلح ًغير ًالدولي ًدون ًإيراد ًأي ًتعريف ًمقيدًًًًًً
ً-)1تنصًالمادةًالثًالثةًالمشتركةًبينًاتفاقياتًجنيفًاألربعةًعلىًماًيلي"ً:فيًحالةًقيامًنزاعًمسلًحًليسًلهًطواب ً
دولوويًفوويًإقلوويمًأحوودًاألط ورافًالس واميةًالمتعاقوودةًيلتووزمًكوولًطوورفًفوويًالن وزاعًأنًيطبووقًكحوودًأدن وىًاألحكووامًالتًاليووةًًًًًً.
ً،"ً..مرج ًسابقً.
-)2بيجيووتش يلينووا"ً،نطوواقًالحمايووةًالووذيًتوووفرهًالمووادةًالثًالثووةًالمشووتركةً:واضووحًللعيووان"ً،المجلوةًالدًوليووةًللصوليبً
األحمرً(ً،اللجنةًالدوليةًللصليبًاألحمرً)ً،المجلدًً،89مختاراتًمنًالعددً،118مارسًً،8088صً.09.
ً-)3بركاني خديجةً،حمايةًالمدنيينًفيًالنًزاعاتًالمسلًحةًغيورًالدًوليوةً،موذكرةًمقدموةًلنيولًشوهادةًالماجسوتيرً،فورعً
القووانونًالع ووامً،تخصووصًالق وانونًوالقضوواءًالوودًوليينًالجنووائيينً،كليووةًالحق وووقً،جامعووةًمنت وووريً،قسوونطينةً،8001ً،
صً.91.
49
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
; =ISSAMI Mohamed ,Le FIS et le terrorisme au cœur de l’enfer ,le MATIN , Algérie,2001, p.317
MARTINEZ Luis , « Algérie les enjeux des négociation entre l’AIS et l’Armée » , politique étrangère ,N°
4 , 1997,62em année ,pp.499-512.
ً-)1أنظرًفيًذلكً:سي صالح نور الدينً،مرج ًسابقً،صًً.84-28ً.
يبقويًأننواًننووزعًللقوولًبنسووبيةًهوذهًالعناصوورًوعودمًإمكانيووةًتوصويفهاًعلوىًأنهوواًعناصورًفاصوولةًفويًالتمييووزًبوينًحالووةً
النزاعًالمسلحًبمفهومًالمادةً9المشتركةًبينًاتفاقياتًجنيفًاألربعةًومفهومًالضطراباتًالداخليةًً،فبالنسبةًلعنصرً
استدعاءًالجيشًالمنظمًًيشيرًالتعريوفًالوذيًانتهوتًإليوهًاللجنوةًالدوليوةًللصوليبًاألحمورًبشوأنًمفهوومًلضوطراباتً
الداخليةًإلىًاحتمالًلجوءًالدولةًإلىًاستدعاءًقواتهاًالمسلحةًلحتواءًهذهًالحالةً،كماًأنًالقوولًبحودوثًمفاوضواتً
بينًالمخوابراتًالجزائريوةًوقيواداتًالجويشًاإلسوالميًلإلنقواذً(المنحول)ًبمواًيحيولًإليوهًمونًوجوودًاعتورافًضومنيًمونً
قبلًالطرفًالحكوميًبصفةًالمقاتلًلهؤلءًيبقيًمحلًشكًأمامًتفنيدًالخطابًالرسميًالجزائريًلوذلكً،كمواًيسوتوقفناً
العنصرًاألخيرًللبحثًفيًالطبيعةًالقانونيوةًألفورادًالودفاعًالوذاتيًخاصوةاًوأنوهًلومًيوردًفويًإطوارًالبرتوكو ًولًاإلضوافيً
الثو ووانيًحكو وومًمماثو وولًلو ووذلكًالو ووذيًتقضو وويًبو ووهًالمو ووادةً8/1وً8مو وونًاتفاقيو ووةًجنيو ووفًالثالثو ووةًالمتعلقو ووةًبحمايو ووةًأسو وورىًًًًًًً
الحرب؛ًأنظرًفيًذلكًكلًمنًً:المادةً8/1وً8منًاتفاقية جنيف الثالثة المتعلقوة بحمايوة أسورى الحوربً،المؤرخوةً
يريووةًموونً
فوويًً،8818/01/88دخلووتًًحيووزًالتنفيووذًفوويًً،8800/02/88انضوومتًإليهوواًالج ازئوورًأثنوواءًالث وورةًالتًحر ً
طرفًالحكومةًالمؤقتوة؛ًًمرسووم تنفيوذي رقوم ً،91-19الموؤرخًفويً،8882/ً08/ً01يحوددًشوروطًممارسوةًعمولً
الدفاعًالمشروعًفيًإطارًمنظمًً،ج.ر.ج.ج.د.شً،عددً،8الصادرةًبتاريخًً.8882
2
(-TPIY ,Arrêt relatif a l’appel de la défense concernant l’exception préjudicielle d’incompétence ,le
procureur C . Dusko Tadic , affaire n°IT-94-1-A, 2 Octobre 1995,Par 70.
ً-)3تنصًالموادةً(ً8/1و)ًمونًالنظوامًاألساسويًللمحكموةًالجنائيوةًالدًوليوةًعلوىًمواًيلويً"ً:تطبوقًالفقورةً(8ه)ًعلوىً
المنازعاتًالمسولحةًغيورًذاتًالطواب ًالودًوليً ً،وبالتواليًفهويًلًتطبوقًعلوىًحوالتًالضوطراباتًوالتووتراتًالدًاخليوةً
مثوولًأعمووالًالشويبًوأعمووالًالعنووفًالمنفووردةًأوًغيرهوواًموونًاألعمووالًذاتًالطًبيعووةًالمماثلووةً،وتطبووقًعلووىًالمنازعوواتً
التيًتق ًفيًإقليمًدولةًعندماًيوجدًصراعًمسلحًمتطواولًاألجولًبوينًالسولطاتًالحكوميوةًوجماعواتًمسولًحةًمنظًموةً
51
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
لقد ًأفضى ًبنا ًالبحث ًفي ًواق ًالنزاع ًالمسلًح ًالجزائري ًلًتًبًيًان ًمدى ًتوافر ًالعناصرً
التيًأوردهاًالجتهادًالقضائيًإلىًالنتائدًالتاليةً:
فيماًيتعلقًبأمدًاستطالةًالنًزاعًً،وهوًالمعيارًالذيًأشارتًاألحكامًالقضائيةًالالًحقةً
للمحكمةًالجنائيةًالدوليةًليوغوسالفياًسابقاًإلى ًانًهًيعتًدًبشأنهًبشدًةًالًنزاعًأكثر ًممًاًيعتًدً
العقدًمنًالزمنًالذيًعاشتهًالجزائرًتحتًطائلةًالعنفًالمسلًحًمخلًفةً
ً بأمدًالنًزاعً ،1فلعلً ً
كارثة ًإنسانية ًبأتًم ًمعنى ًالكلمةً ،بليت ًحصيلتها ًحسب ًالمعطيات ًالرسمية ًمئة ًوخمس ًونً
ألف ًقتيلً ،أكثر ًمن ًمليون ًمتضررً ،أكثر ًمن ًمليون ًومائتي ًألف ًمهجًر ًداخليً ،فضالًًًً
عن ًالخسائرًالماديةًالتيًبليتًعشرونًمليارًدولرًأمريكيً،كفيلًبالقولًبتحققًعنصرً
استطالةًأمدًالنًزاعًًفيًالحالةًالجزائريةً.2
ًأمًا ًعن ًمدى ًاستيفاء ًالجماعات ًاإلسالمية ًالمتطرفة ًالمسلًحة ًالجزائرية(اإلرهابية)ً
لمقتضياتًالتًنظيمً،الشًرطًالذيًربطتهًاألحكامًالقضائيةًالالًحقةًبقدرةًالجماعةًعلىًالتسلًحً
وقدرتها ًعلى ًتجنيد ًعناصر ًفي ًإطار ًالجماعةً،واعدادهم ًإعدادا ًعسكرياً ،وكذا ًالقدرةًًًًًً
علىًالقيامًبعملياتًعدائيةًبموجبًإستراتيجياتًمحكمةًفضالًعنًوحدةًالكلمةًبينًأعضاءً
التًنظيمً.3
=أوًفيموواًبووينًهووذهًالجماعوواتً"ً،تجوودرًاإلشووارةًفوويًهووذاًالصووددًإلووىًأنًًاعتمووادًالمووادةًالثامنووةًلمصووطلحًًالمنازعوواتً
المسلًحةًغيرًذاتًالطًاب ًالدًوليً،قدًأثارًالعديدًمنًالتًساؤلتًحولًماًإذاًاتجوهًالنًظوامًاألساسويًلمحكموةًالجنائيوةً
الدًوليةًإلىًتأسيسًنووعًثالوثًمونًأنوواعًالنً ازعواتًالمسولحة ً،ارجو ًفويًذلوكًكولًمونًالموادةً(ً8/1و)ًمونًنظوامًرومواً
األساسو وويًالمتعلو ووقًبالمحكمو ووةًالجنائيو ووةًالدًوليو ووةًالمعتمو وودًبرومو وواًبتو وواريخًً8881/02/82دخو وولًحيو ووزًالتًنفيو ووذًبتو وواريخًً
ً،8008/02/8وقًعتًعليهًالجزائرًفيً8000/88/81؛ًبيجيتش يليناً،مرج ًسابقً،صً.1.
1
( -TPIY , jugement , Procureur C. HARADINAJ , affaire n°IT-04-84,3avril 208.Par48.
ً -)2علووىًالوًورغمًموونًأنًًالت وأريخًللمرحلووةًالدًمويووةًالتوويًعاشووتهاًالج ازئوورًعو ً
وادةاًموواًيبوودأًموونًأعقووابًتوقيووفًالمسووارً
النتخووابيًإلًًأنًه واًفوويًالحقيقووةًوليوودةًممارسوواتًسووابقةً،لًنب والغًإذاًموواًقلنوواًبأنهوواًبوودأتًمنووذًسوونواتً ً،8818ارج و ًًًً
فيًذلكًً:برقوق محندً،مرج ًسابقً،صً.11-10.
3
( - TPIY, jugement , Procureur C. HARADINAJ, Op.cti, Pra 64.
52
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
ًففيًرأيناًنجدًبأنًًهذهًالمعاييرًغيرًمتوافقةًم ًاتًساعًاإلطارًالماديًللمادةًالثالثةً
المشتركةً ،على ًالنحو ًالذي ًتفصح ًعنه ًمالبسات ًاألعمال ًالتًحضيرية ًلتفاقيات ًجنيفً
األربعةً ،1ولهذا ًسنرجئ ًالبحث ًفي ًمدى ًاستيفاء ًالجماعات ًالمسلًحة ًاإلسالمية ًالمتطرفةً
الجزائرية( ًالجماعات ًاإلرهابية)ً ،لهذه ًالمعايير ًإلى ًالجزئية ًالتيًنبحث ًفيها ًمدى ًاستجابةً
حالةًالعنفًالمسلًحًالجزائريةًلمعاييرًالبرتوكولًاإلضافيًالثًانيً.
يبقى ًأنناًننزعًإلى ًالقولًبأنًاتساعًاإلطارًالماديًللمادةًالثالثةًالمشتركةًوالتيًلً
توفًرًإلً ًالحدًاألدنىًمنًمعاييرًأنسنةًالنزاعاتًالمسلحةًغيرًالدًوليةًكفيلًباستيعابًحالةً
العنفًالمسلًحًالجزائريةً.
ثانيا
مدى استيفاء حالة العنف المسلح الجزائرية لمعايير البرتوكول اإلضافي الثاني
سنحاول ًفيما ًيلي ًفي ًسبيل ًتبيان ًمدى ًاستيراق ًالبرتوكول ًاإلضافي ًالثًاني ًلحالةً
العنف ًالمسلًح ًالجزائريةً ،البحث ًفي ًمدى ًاستيفاء ًالجماعات ًالمسلًحة ًاإلسالمية ًالمتطرفةً
الجزائريةً(ًالجماعاتًاإلرهابيةً)ًلهذهًالمعاييرً.
وهوًاألمرًالذيًيصعبًتحقيقهًبفعلًكثرةًتفرعًهذهًالجماعاتًالتيًلمًتنجحًرغمً
المحاولت ًالعديدة ًللتًوحيد ًأن ًترتصً ًتحت ًلواء ًواحدً ،1مما ًيجعلنا ًنقتصر ًفي ًمحاولتناً
إلسقاطًالمعاييرًالتيًيطرحهاًالبرتوكولًاإلضافيًالثًانيًعلى ًتنظيمينًمنًهذهًالتًنظيماتًًً
ممثلة ًفي ًكل ًمن ًالجماعة ًاإلسالمية ًالمسلحة(سابقا)ً ،والجيش ًاإلسالمي ًلإلنقاذ(المنحل)ً
ًاألول ًألنهماًعدًتا ًمن ًأكثرًالًتنظيمات ًاإلسالمية ًالمتطرفة ًالمسلًحةً
ًوذلك ًلسببين؛ ًالسًبب ً
في ًالجزائر(اإلرهابية) ًالمرشًحة ًإلى ًالقول ًباستيفائها ًألحكام ًالبرتوكول ًاإلضافي ًالثًانيً،
والسًببًالثانيًيكمنًًفيًأنً ًأغلبًالتًنظيماتًاألخرى ًمافتئتًأنً(تشظًت) ًبعدًالنشقاقاتً
التيًعرفتهاًلتنتهيًإلىًًالنزواءًتحتًمظلةًأحدًهاذينًالتًنظيمينً.2
)9مدى استيفاء الجماعات المسلحة اإلسالمية المتطرفة الجزائرية ( الجماعات اإلرهابية)
لمقتضيات التنظيم :
أشارتًاللًجنةًالدًوليةًللصًليبًاألحمرًفيًمعر ًتعليقهاًعلى ًأحكامًالمادةًاألولىً
منًالبرتوكولًاإلضافيًالثاني ًإلى ًأنً ًشرطًاستيفاءًالجماعاتًالمسلًحةًلمقتضياتًالتًنظيمً
ل ًيعني ًبالضًرورة ًإنشاء ًنظام ًعسكري ًبتنظيم ًهرمي ًموازي ًلنظام ًالقوات ًالمسلًحةً
النًظاميةً.3
1
(- LA ROSA (A-M) et WUERZNER(C) , « Groupes armés sanction et mise en œuvre du droit
international humanitaire », In R.I.C.R ,N° 870 ,2008,p.3.
2
( - TPIY , jugement , Procureur C. HARADINAJ , Op.cit ,Par64.
ً-)3لمزيوودًموونًالتفاصوويلًحووولًخلفيوواتًإنشوواءًالجوويشًاإلسووالميًلإلنقوواذً ارج و ًً:كميوول الطويوولً،الحركووةًاإلسووالميةً
المسلًحةًفيًالجزائرً،دارًالنهارًللنشرً،بيروتًً،8881صً.888-808.
55
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
ًجهوي ًقائماًًًًً
ًجهوي ًوتنصيب ًأمير ً
العسكرية ًالشًرقية،من ًخالل ًإنشاء ًمجلس ًشوري ً
مستوى ًكل ًمن ًولية ًعين ًالدفلةً ،غيليزانً،
عليهاً ،فضال ًعن ًتعيين ًأمراء ًولئيين ًعلى ً ً
ًوتيارتًوبشارً.1 مستيانمً،الشلفً،وهرانً،معسكرً،تلمسانًوالبي
هذا ًوقد ًعمد ًالملقًب ًبأمير ًالجيش ًاإلسالمي ًلإلنقاذ ًالمدعو ً"مداني مزراق"ًًًًًًً ًً
إلى ًتزويدًالجيشًاإلسالميًلإلنقاذ(ًالمنحل) ًبمدونةًللسًلوك ًتحددًالمبادئًوالخطوطًونظامً
ًعناصرًالضطراباتً.2 تأديبيًيخولًلهًعزلًبع
ًالكتاباتًبأنًً ًوفيماًيتعلقًبقدراتًهذهًاألخيرةًعلىًالتًجنيدًوالتًسلحًفقدًقدًرتًبع
اليًسبعةًألفًعنصراً(إرهابيا)ً
ً تعدادًالمنتسبينًللجيشًاإلسالميًلإلنقاذ(المنحل)ًقدًبلغًحو
أغلبهمًمنًالشبابًالملتحقينًطوعاًبالجبالً،فضالًعنًالكمياتًالهائلةًمنًاألسلحةًالتيًتمًً
تسليمهاًللجيشًالجزائريًمنًقبلًهذهًالجماعةًفيًأعقابًإعالنهاًللهدًنةًاألحاديةًالجانبً.3
كماًنستدلًبالبيانًالذيًأصدرهًالمدعوً"العيادة" ًوالملقب ًبأميرًالجماعةًاإلسالميةً ًً
المسلًحة ًفي ًً ،8889-8-88للتأكيد ًعلى ًقدرات ًالجيش ًاإلسالمي ًلإلنقاذ ً( ًالمنحل)فيً
الحصول ًعلى ًتمويل ًبما ًيكفل ًله ًالتسلًحً ،ورد ًفيهً "ً :إنً ًهؤلء ًالذين ًيرسلون ًممولينً
سياسيين ًإلى ًأوروبا ًويجمعون ًاألموال ًويتكلمون ًباسم ًالمجاهدين ًنقول ًلهم ًمنذ ًاآلن ًلنً
يكونًلكمًتصريحاتًوادًعاءًتمثيلًالمجاهدين"ً.4
أمًا ًعن ًوحدة ًالكلمة ًبين ًأعضاء ًالجيش ًاإلسالمي ًلإلنقاذ ًسابقاً ،فيمكن ًتقصيً ًً
دللتهاًمنًخاللًتعيينًقيادةًوطنيةًموحدةً،وهوًاألمرًالذيًيذهبًبشأنهًالصحفيً"محمدً
ً-)1نق ً
الاًعنًسي صالح نور الدينً،مرج ًسابقً،صً.11.
-)2خيليوووووووة ؤريووووووودةًً،الوضو و ووعيةًاألمنيو و ووةًفو و وويًالج ازئو و وورًمو و وونًخو و وواللًالص و و وحافةًالوطنيو و ووةً،فو و وويًالفت و و ورةًمو و ووابينًًًًًًًًًًًًًًً
ً،ً8000-ً8888أطروحةًلنيلًشهادةًدكتوراهًفيًعلومًاإلعالمًوالتصالًً،قسمًالعلوومًًاإلعوالمًوالتًصوالً،كليوةً
العلومًالسياسيةًوعلومًاإلعالمًوالتًصالًً،جامعةًالجزائرًً9داليًبراهيمً،الج ازئرً،8088ً،صً.819.
3
(- Algéria Watch, Dissolution de l’Armée islamique du salut, disponible en linge sur :
http://www.algeria-watche.org , consulté le: 20/05/2015 à 02 :38.
-)1نقالًعنًبوكراع إلياسً،مرج ًسابقًً،صً.811.
56
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
إيسمي" ًإلى ًالقول ًبأن ًالباعث ًوراءه ًسياسي ًأكثر ًمنه ًعسكري ًوهو ًتعزيز ًموق ًالجيشً
اإلسالمي ًلإلنقاذ(المنحل)ً ،1وفي ًذات ًالسياق ًيذهب ًاألستاذ ً"سي صالح نور الدين"ًًًًً
إلى ًالقول ًبأن ًالتزام ًجمي ًأعضاء ًالجيش ًاإلسالمي ًلإلنقاذ ً(المنحل) ًبالهدنة ًاألحاديةً
الجانبًالمعلنة ًمنًقبلًقادتهاًفيًً 88سبتمبرًً 8882إلى ًغايةًاإلعالنًنفسًالقيادةًعنً
حلًالجيشًاإلسالميًلإلنقاذًسنةًً،8000يعتبرًدليالًعلىًإحكامًقيادةًهذاًاألخيرًسلطتهاً
علىًالعناصرًالمنضويةًتحتًقيادتهاً.2
ًأمًا ًعن ًالجماعة ًاإلسالمية ًالمسلًحة(سابقا) ًًوالتي ًتم ًاإلعالن ًعن ًتأسيسهاًًًًًًًً
فيًأعقابًفشلًجمي ًمحاولتًالتًوحيدًبينًمختلفًالتًنظيماتًالمسلًحةًسنةًً 8888والتيً
صنفتًعلىًأنًهاًمنًأكثرًالتًنظيماتًدموي ًةاًفيًالجزائرً.3
فلقدًأنيطتًهذهًاألخيرةًبنظامًداخليًمنذًبدايةًتأسيسهاً،ويمكنًلناًأنًنستشفًمدىً
التزامًعناصرًهذهًالجماعةًبأحكامًهذاًالنظامًمنًخاللًحرصًالجماعةًاإلسالميةًالمسلحةً
(سابقا) ًالدائمًعلى ًاللتزامًبتعيينًأميرًللجماعةًفيًمدةًلًتتجاوزً 9أيامًمنًتاريخًموتً
األمير ًالسابق ًرغم ًأن ًالظروف ًلم ًتكن ًسانحة ًفي ًالكثير ًمن ًالحالتً ،4كما ًيظهر ًمنً
خاللًالشًهاداتًالتيًساق ًلناًاألستاذً"إلياس بوكراع" ًًبعضاًمنهاًأنًالتنظيمًكانًيطبقً
نظاماًتأديبياًصارماًأينًكانتًالعقوبات(ًإرهابيةًودم ًوية)ًتتراوحًبينًالقتلًذبحاً،البقرً،بترً
ًاألعضاءًأوًحرقهاً. ًوجذعًبع
1
; )-ISSAMI Mohamad, Le FIS et le terrorisme au cœur de l’enfer, le MATIN, Algérie, 2001, p.317
GHEZALI Abdelkarim, Le discours de zeroual confirme les incertitudes actuelles sur un accord
politique , In La Tribune, du 6/07/1995; MARTINEZ Luis , « Algérie les enjeux des négociation entre
l’AIS et l’Armée », politique étrangère, N° 4, 1997, 62em année, pp.499-512.
ً-)2سي صالح نور الدينً،مرج ًسابقً،صً.11.
-)3لمزيودًمونًالتًفاصويلًحوولًفشولًمحواولتًتوحيودًالتًنظيمواتًاإلسوالميةًالمسولًحة المتطرفوة(اإلرهابيوة)ًًوأثورًذلوكً
علىًنشأةًالجماعةًاإلسالميةًالمسلًحةًراج ًً:خيلية ؤريدةًً،مرج ًسابقً،صً.888-882.
ً-)4ح وولًالنظو وامًال وودًاخليًللجماع ووةًاإلس ووالميةًالمسوولًحةً ارجو و ً:بوووو كوووراع إليووواسً،مرجو و ًس ووابقً،ملح ووقًرق وومًً88
صً.181.
57
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
كما ًتظهر ًحملة ًالتًصفيات ًالتي ًشنًها ًالمدعو ً"زيتوني" ًوالملقب ًباألمير ًالسابقً
للجماعة ًاإلسالمية ًالمسلًحة(سابقا) ً-بعد ًتربًعه ًعلى ًرأس ًهذه ًاألخيرةً ،-والتي ًطالتً
مجموعة ًمن ًقيادات ًالتًشكيالت ًالمنضوية ًتحت ًلواء ًالجماعة ًاإلسالمية ًالمسلًحةًًًً
(سابقا)ً ،مدى ًجدًيةًهذاًالتًنظيمًفيًفر ًاللتزام ًبالولءًوالطًاعةًعلى ًجمي ًعناصرهً ،أينً
تعتبر ًأيً ًمعارضةًلمنهدًاألمير ًخروجا ًعنًالجماعةً ،فيًحينًيعتبرًأيً ًعصيانًألوامرً
األميرًخروجاًعنًالبيعةًمماًينجرًعنهًإهدارًدمًالعناصرًالمارقةً.1
هذا ًويتيح ًلنا ًالهيكل ًالتًنظيمي ًللجماعة ًاإلسالمية ًالمسلًحة ً(سابقا) ًالقول ًبوجودً ًً
مستوىًالهياكلً.2
مستوىًالقيادةًفضالًعنًوجودًنوعًمنًالمًأًسًسًةًعلىً ً
تسلسلًهرميًعلىً ً
إلًًأنًناًلًيمكنًأنًنجزمًبمدىًصالبةًهذاًالتًنظيمًبماًيخولهًتنفيذًأحكامًالب ًرًوتكولً
اإلضافيًالثًانيً ،وفيًهذاًالصددًيمكنناًأنًنشيرًإلى ًتصريحًرئيسًالحكومةًاألسبقًالسًيد
"رضا مالك" ًالذيًذهبًإلى ًالقولًبأنًً":الجماعة اإلسالمية المسلحة هي عبارة عن تنظيم
مكون من جماعات جهوية متمتعة باستقالليتها على مستوى الجبهات التي ينشطون بها،
إل أنهم خاضعون لتوجيهات القيادة المركزية التي تضع لهم الخطوط العريضة بشأن
النشاط المسلحً."3
على ًصعيد ًأخر ًلم ًتكن ًمسألة ًالتسلح ًأو ًالتجنيد ًمن ًالمسائل ًالتي ًتثير ًإشكالً ًً
بالنسبة ًلهذه ًاألخيرةً ،فمن ًحيث ًعمليات ًالتجنيد ً ًفقد ًأسهم ًفشل ًمؤتمر ًالتوحيد ًواعتقالً
مجموعةًمنًقياداتًالجماعاتًالمسلحة ًاإلسالميةًالمتطرفة(اإلرهابية) ًالمتفرقةً ،إلىًانشقاقً
هذهًالجماعاتًوانخراطًمجموعةًكبيرةًمنًمجنديهاًتحتًلواءًالجماعةًاإلسالميةًالمسلحةً.4
أمًا ًبالنًسبة ًلعمليات ًالتسلًح ًفقد ًلعبت ًالدًعاية ًالخارجية ًدو ار ًمحوريا ًفي ًتأسيسً
مستوى ًأغلب ًاألقطار ًاألوروبية ًلدعم ًعمل ًالجماعة ًاإلسالمية ًالمسلحةً
شبكات ًعلى ً ً
(اإلرهابية)فيًالجزائرً ،هذاًولمًتتوانًالتًنظيماتًاإلسالمية ًالمتطرفة ًفي ًأغلبًبقاعًالعالمًًً
من ًتقديم ًالدًعم ًلظهيرها ًاإلسًالمي ًالمتطرف ًفي ًالجزائر ًممثًال ًفي ًالجماعة ًاإلسالميةً
المسلحةً(سابقا)ً.1
يظهر ًجليًا ًعلى ًضوء ًما ًسلف ًبيانه ًاستيفاء ًالجماعتين ًالمسلحتين ً(اإلرهابيتين)ً
مستوى ًالتًنظيماتًاإلسالميةًالمتطرفةًالجزائرية(التًنظيمات ًاإلرهابية)ًلمعيارً
البارزتينًعلى ً ً
التًنظيمًبمفهومًالبرتوكولًاإلضافيًالثانيً.
ً-)8مدي استيفاء الجماعات المسلحة اإلسالمية المتطرفة الجزائرية (اإلرهابية)
لمقتضيات الرقابة اإلقليمية الهادئة والمنتظمةً:
ًالرقابة ًاإلقليميةً
وفيما ًيتعلق ًبالبحث ًعن ًمدى ًاستيفاء ًهذه ًالجماعات ًلشرط ً
المنتظمةً،فإنهً ًوبالعودةًإلىًالبحثًعنًمدلولًهذاًالشًرطًنجدًبأنًهًلمًيكنًأكثرًوضوحاًمنً
ًالمًؤتمرًالدًبلوماسيًلعامًً 8822أيً ًمنًالقتراحات ًالقائلةًبتحديدً شرطًالتًنظيمً،أمامًرف
فكرة ًالسًيطرة ًعلى ًاإلقليم ً ًبأن ًتكون ًالسًيطرة ًعلى ًجزء ًمن ًاإلقليم ًيكون ًغير ًمهملًًًًًًً
رطًالرقابةًاإلقليميةً،يبقىً
ً أوًالسًيطرةًعلىًجزءًمهمًمنًاإلقليمً،ومهماًكانًمنًأمرًحدودًشً
حةًاإلسالميةًالمتطرفةً(الجماعاتً
ً أنهًكماًهوًالحالًبالنسبةًلشرطًاستيفاءًالجماعاتًالمسلً
اإلرهابية) ًلمقتضياتًالتًنظيمً ،يتطلبًالبحثًفيًمدل ًولًهذاًاألخيرًقراءةًهذاًالشرطًقراءةً
متالزمةًوًكلًمنًشرطيًالقدرةًعلىًالقيامًبعملياتًعدائيةًمتواصلةًومنسًقةً،والمقدرةًعلىً
تنفيذًأحكامًالبرتوكولًاإلضافيًالثًانيً.2
ويذهب ًاألستاذ ً"سي صالح نور الدين" ًفيما ًيتعلق ًباستيفاء ًالجيش ًاإلسالميً
لإلنقاذ(المحل) ًلمتطلبات ًالرقابة ًاإلقليمية ًإلى ًالستشهاد ًبالشريط ًالوثائقي ًللصحافيً
البريطاني ً" " PHILRESSEالذي ًاستطاع ًتصوير ًمعاقل ًالجيش ًاإلسالمي ًلإلنقاذً
(المنحل)ًفيًمنطقةًالشلفً ،أين ًوقفً ًفيًمركزًقيادةًالمنطقة ًعلىً ًالعديدًمنًالمنشآتً
مثلًمراكزًالستشفاءًمصن ًلصناعةًالقنابلًومركزًلالتًصالتً ،كماًيوضحًالشًريطًإحكامً
الجيش ًاإلسالمي ًلإلنقاذ ً(المنحل)سيطرته ًعلى ًتلك ًالمناطق ًبحيث ًأنه ًعلى ًمسار ًً800
كلمًًقطعهًالمصورونًبالسيارةًلمًيصادفًوأنًقابلواًأيًعنصرًمنًعناصرًاألمنً،م ً
اإلشارةًإلى ًأنً ًهذاًالمعقلًلًيعدوًأنًيكونًإلً ًواحداًمنًمعاقلًالجيشًاإلسالميًلإلنقاذً
(المنحل)ً.1
أمًاًفيماًيتعلقًبالجماعةًاإلسالميةًالمسلًحة ً(سابقا) ًفيقدم ًالملحقًرقمً 88منًكتابً
ً "الجزائر الرعب المقدس" ًتصو ار ًعن ًالتوزي ًالجيرافي ًلهذه ًاألخيرة ًً ،2كما ًتشير ًبع
ًالمناطق ًالتي ًأحكمتً الشًهادات ً ًالتي ًساقها ًالصحفي ً"لياس بوكراع" ًإلى ًوجود ًبع
عليهاًهذهًالجماعاتًسيطرتهاًبحيثًعدًتًمنًالمناطقًالتيًيصعبًالسًيطرةًعليهاًمنًقبلً
عناصر ًاألمن ًمن ًقبيلها ً:مفتاحً ،الكاليتوسً ،خميس ًالخشنةً ،قصر ًبوخاريً ،بوغارً،
مناطقًأخرىًعديدةً.3
ً ًو
وهذاً،ماًيجعلناًنقولًباستيفاءًعلىًاألقلًكلًمنًالجماعةًاإلسالميةًالمسلًحة(سابقا)ً
والجيش ًاإلسالمي ًلإلنقاذ ً(المنحل)ً ،لشرط ًالرقابية ًاإلقليمية ًبما ًيكفل ًلها ًالقيام ًبعملياتً
متواصلةًومنسًقةًوتنفيذًأحكامًالبرتوكولًاإلضافيًالثًانيً.
ًليبقى ًفيًرأيناًأن ًحالةًالعنفًالمسلحًالجزائريةًقدًاستوفتًعناصرًالنزاعًالمسلحً
غير ًالدولي ًبمفهوم ًكل ًمن ًالبرتوك ًول ًاإلضافي ًالثاني ًالملحق ًباتفاقيات ًجنيف ًاألربعةًً
والمادةًالثًالثةًالمشتركةًبينًاتًفاقياتًجنيفًاألربعةً.4
المطلب الثاني
الممارسة المعكوسة للتطبيق المتكامل القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي
لحقوق اإلنسان في إطار حالة العنف المسلح الجزائري
تناضل ًالعتبارات ًاإلنسانية ًبقوة ًمن ًأجل ًتعزيز ًالتًطبيق ًالمتكامل ًألحكام ًالقانونً
الدًولي ًاإلنساني ًوالقانون ًالدًولي ًلحقوق ًاإلنسان ًفي ًإطار ًحالة ً ًالعنف ًالمسلًحً
الجزائرية،1إلً ًأنًهًلماًكانًتحقيقًمعادلةًالتًفاعلًبينًهاتينًالمنظومتينًمر اً
هون ًعلى ًنطاقً
واس ًبفعل ًأطراف ًالنًزاعً ،كانت ًالممارسة ًالمعكوسة ًللتًطبيق ًالمتكامل ًلها ًهي ًالنتيجةً
الحتميةًلعدمًالمتثالًأليًًمنًهاتينًالمنظومتينً.2
ًًيجد ًهذا ًالتوصيف ًفي ًحالة ًالعنف ًالمسلًح ًالجزائري ً(الحرب ًعليً
اإلرهاب)انعكاسا ًواقعيا ًلهً ،أين ًتفاعل ًإقصاء ًالقانون ًالدًولي ًاإلنساني ًمن ًنطاق ًالتطبيقً
ًأول)ً ،م ًتهمش ًأحكامً
على ًحالة ًالعنف ًالمسلح ًالجزائرية(الحرب ًعلى ًاإلرهاب ً) ً(فرع ً
القانونًالدًوليًلحقوقًاإلنسان(فرعًثانً)ً.
=األخرىًوربطها ًمركزياً ،أنظر ًفي ًذلكً :جبابلة عمارً ،مرج ًسابقً ،صً 28.؛ ًوهو نفس الطرح الذي يتبناه
األستاذ "بويحيى جمال" ،أين يتجه إلي التأكيد على الموقف الرسمي الذي يدفع بتأصيل أطروحة الحرب على
اإلرهاب بالمفهوم الذي كرسته المجموعة الدولية في أعقاب أحداث /99سبتمبر 0999/من منطلق أن اإلرهاب
ليس مرتبط ل بعرق ول بدين محدد بل أنه عابر للقارات ،مع تحفظه على التكييف القانوني لتوقيف المسار
النتخابي ،كما يتجه إلى تفنيد أي توجه قائل باستيفاء ( الحرب على اإلرهاب ) لعتبة النزاعات المسلحة غير
الدولية من منطلق أن الجيش الجزائري قد تمكن من احتواء هذه الظاهرة قبل أن تبلغ عتبة النزاعات المسلحة
غير الدولية.
ً-)1لمزيدًمنًالتًفاصيلًحولًتطبيقًمبدأًالتًكاملًبينًالقانونًالدًوليًاإلنسانيًوالقوانونًالودًوليًلحقووقًاإلنسوانًفويً
إطارًالنزاعاتًالمسلًحةًراج ً:مفوضيةًاألممًالمتًحدةًلحقوقًاإلنسانً،الحمايةًالقانونيةًالدًوليوةًلحقووقًاإلنسوانًفويً
النًزاعاتًالمسلًحةًً،وثائقًاألممًالمتًحدةًً،رمزًالوثيقةًً.8088، HR/PUB/11/1،
2
(- JONATHNE Somer « ,La justice de la jungle :juger de l’égalité des belligérants dans un conflit
armé non international », In R.I.C.R ,N° 867 , 2007, p.19.
61
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
الفرع األول
حدود تطبيق القانون الدولي اإلنساني في إطارًحالة العنف المسلح الجزائري
يواجه ًتطبيق ًقواعد ًالقانون ًالدًولي ًاإلنساني ًعلى ًحالة ًالنًزاعات ًالمسلًحة ًغيرً
التيًعادةا ًماًلًتفلحًفيًإقناعًأطرافًالنزاعً
ً الدوليةًمأزقاًحقيقياًأمامًعدمًواقعيةًأحكامهً ،
باللتزامًبتطبيقهاً،كماًهوًالحالًبالنسبةًألطرافًحالةًالعنفًالمسلًحًالجزائريًوهوًماًأسفرً
عنًمأساةًإنسانيةًحقيقيةً.
أولا
عدم واقعية أحكام القانون الدولي اإلنساني
-أساس أم ذريعة لعدم المتثال-
لم ًتكن ًمسألة ًاحترام ًقواعد ًالقانون ًالًدولي ًاإلنساني ًبالنسبة ًألطراف ًحالة ًالعنفً
المسلًح ًالجزائري ًباألهمية ًالتي ًتبدو ًعليهاً ،أين ًتوحًد ًفي ًمفارقة ًعجيبة ًموقف ًكل ًمنً
الطرفًالحكوميًالجزائريًوالجماعاتًالمسلًحةًاإلسالمية ًالمتطرفةً(اإلرهابية) ًمنًانطباقً
ً
هذهًاألخيرةًفيًمواجهتهاً.1
يستوقفناًفيًهذاًالصددًالموقفًالضعيفًللبرتوكولًاإلضافيًالثًانيًمنًإلزامًأطرافً
ًاحترام ًأحكامهً ،أين ًصمت ًهذا ًاألخير ًصمتا ًمطبقا ًعن ًمسألتيً النزاع ًباحترام ًوفر
اإلنفاذ ًوالتً نفيذ ًاللهم ًما ًتعلق ًبما ًأوردته ًالمادة ًالتاسعة ًعشر ًالقائلة ًبنشر ًالبرتوكولًًًًًً
على ًأوس ًنطاقً ،فضال ًعن ًعدم ًإشارة ًهذا ًاألخير ًبأي ًشكل ًمن ًاألشكال ًإلى ًوصفً
أطرافًالنًزاعً.2
ً
ًالشراحًإلى ًالتساؤلًعماًإذاًكانًهذاًالبرتوكولًملزماً
ً هذاًالصمتًقدًدف ًًبع ًً
ألطرافًالنزاعًمنًغيرًالدًولًخاص ًةا ًأنهًلًيحويًأيًحكمًمماثلًلذلك ًالذيًتنصًعليهً
ًبالرجوع ًإلى ًاألعمال ًالتًحضيريةً
ًاألولً ،إل ًأنه ً
المادة ًً 9/82من ًالبرتوكول ًاإلضافي ً
للبرتوكول ًاإلضافي ًالثًاني ًننتهي ًبما ًل ًيدع ًمجال ًللًشك ًبأن ًإرادة ًالدًول ًالمؤتمرة ًقدً
انصرفتًإلىًإلزامًكالًطرفيًالنزاعًبأحكامًالبرتوكولًاإلضافيًالثًانيً.1
غير ًأنًهً ،حتى ًواذا ًكانت ًالعتبارات ًاإلنسانية ًتناضل ًبشدًة ًلتفعيل ًأحكام ًالقانونً
الدًوليًاإلنسانيًبصددًالنزاعاتًالمسلًحةًذاتًالطاب ًغيرًالدوليً،إلً ًأنً ًخلوًأحكامًهذاً
وجهًمنًأوجهًالرقابةًاإللزاميةً ،فضالًعنًتوقفًالتنفيذًالفعليًلهذهًاألحكامً
ً القانون ًمنًأيً ً
على ًاتًخاذ ًالدًولة ًلتدابير ًإنفاذهاً ،يؤكًد ًحقيقة ًمرهونية ًتطبيق ًهذه ًالقواعد ًعلى ًاعترافً
الطًرفًالحكوميًبوجودًنزاعًمسلًحًغيرًدوليً.2
وهو ًاألمر ًالذي ًلم ًيكن ًمن ًالمجدي ًالمراهنة ًعليه ًبصدد ًحالة ًالعنف ًالمسلًحً
ًالقاط ًللطًرفًالحكوميًالجزائريًأليً ًتصريحًقائلًبوجوبًتطبيقً أمامًالرف
ً الجزائريً ،
أحكام ًالقانون ًالدًولي ًاإلنساني ًعلى ًحالة ًالنزاع ًالمسلًح ًالجزائريةً ،لما ًقد ًيحيلًًًًًًًًًًً
إليهًمنًإسقاطًوصفًطرفًالنزاعًًعلىًمنًتصطلحًهذهًاألخيرةًعلىًتسميتهمًبالجماعاتً
اإلرهابية ًوالتًخريبيةً ،3تأسيسا ًعلى ًأن ًالقول ًبتمت ً(الجماعات ًاإلرهابية) ًبوصف ًطرفً
النًزاعًمنًشأنهًإسباغًنوعًمنًالشًرعيةًعلىًنشاطاتًهذهًاألخيرةً.4
63
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
إنً ًهذا ًالتًوجه ًوان ًكان ًيجد ًما ًيبرره ًنسبيا ًفي ًإطار ًالقواعد ًالقانونية ًالتي ًتحكمً
النزاعات ًالمسلًحة ًالدوليةً ،فإنًه ًعلى ًالعكس ًمن ًذلك ًيجد ًفي ًقصور ًالشًخصية ًالقانونيةً
التيًتسبيها ًأحكام ًالقانون ًالدًولي ًاإلنساني ًالضًابطة ًللنًزاعات ًالمسلًحة ًذات ًالطاب ًغيرً
الدوليًعلىًالجماعاتًالمسلًحةً ،1فضال ًعنًعدمًإسقاطًالتًجريمًعلى ًاألعمالًالتيًتأتيهاً
هذهًاألخيرةًفيًسياقًالنزاعاتًالمسلًحةً،ماًيدحضهً.2
الرغمًمنًاعترافًأحكامًالقانونًالدًوليًاإلنساني ًالتيًتنصرف ًلتنظيمً
ذلكًأنًهًعلى ً ً
مجالً ًللنزاعاتًالمسلحةًذاتًالطاب ًغير ًالدًوليًبالشخصيةًالقانونيةًللجماعاتًالمسلًحةً،
إلًًأنًًهذاًالعترافًبقيًمستقالًعنًنظامًالعترافًبالمقاتلينًومقتضياتهً،3ومؤدىًذلكًأنًً
أحكام ًالقانون ًالدًولي ًاإلنساني ًفيما ًيتعلق ًبالنزاعات ًالمسلحة ًذات ًالطًاب ًغير ًالدًولي ًلً
تنصرف ًلكفالة ًصفة ًأسير ًالحرب ًلهذه ًالجماعات ًمما ًيجعل ًمن ًمجرد ًمشاركتهم ًفيً
العملياتًالعدائيةًأساساًكفيالًلمقاضاتهمًأمامًالمحاكمًالوطنيةً.4
هذا ًويعزز ًعنصر ًالتفاعل ًبين ًالنظام ًالقانوني ًالداخلي ًوالنظام ًالقانون ًالدوليً
اإلنساني ًفي ًحالة ًالنزاعات ًالمسلحة ًذات ًالطاب ًغير ًالدوليً ،من ًأساسًتجريم ًاألعمالً
التيًتعتبرًإرهابيةًفيًوقتًالسًلمًمتىًارتكبتًفيًسياقًنزاعًمسلحًذوًطاب ًغيرًدوليًً.
بحيث ًيكفل ًهذا ًالتًفاعل ً ًفضال ًعن ًتجريم ًهذه ًاألعمال ًالتي ًتوصف ًعلى ًأنهاً
إرهابيةًوتخريبيةًتأسيساًعلىًالمنظومةًالجنائيةًالوطنية5؛ًًتفعيلًالقانونًالدًوليًالجنائيًفيً
مواجهتهاًمتىًاستوفتًمقًتضياتًهذاًًالتًجريمًوفقاًألحكامًالقانونًالدًوليًالجنائيً،6وفيً
هذا ًالصدد ًيعتبر ًالحظر ًالوارد ًبموجب ًأحكام ًالقانون ًالدًولي ًاإلنساني ًعلى ًالتدابيرً
واألعمال ًاإلرهابية ًالموجهة ًضدً ًالمدنيين ًبموجب ًكل ًمن ًالمادة ًً 99من ًاتفاقية ًجنيفً
الرابعةًوالمادةً(ً 8/1د)ًمنًالبرتوكولًاإلضافيًالثًانيًالملحقًباتفاقياتًجنيفً ،والذيًيجدً
ًتقرها ًكل ًمن ًالمادةً
في ًقاعدة ًحظر ًأعمال ًالعنف ًالتي ًتستهدف ًالسًكان ًالمدنيين ًًوالتي ً
ًاألول ًوالمادة ًً 8/89من ًالبرتوكول ًاإلضافي ًالثًاني ًتعزيزاً
ً 8/08من ًالبرتوكول ًاإلضافي ً
لهً ،1أساسا ًكفيال ًبإسقاط ًمدلول ًجرائم ًالحرب ًعلى ًهذه ًاألفعال ًوفقا ًلما ًيقتضيه ًالنظامً
األساسيًللمحكمةًالجنائيةًالدوليةًمنًمنطلقًأنهاًتعتبرًخرقاًألحدًالمبادئًالعرفيةًالقاعديةً
فيًالقانونًالدًوليًاإلنسانيًممثالًفيًمبدأًالتًميزً.2
ًوهو ًما ًمن ًشأنهً ،توسي ًحدود ًالولية ًالقضائية ًعلى ًهذه ًاألفعال ًإعمال ًلمبدأً
التًكامليةً ،ومبدأ ًالختصاص ًالجنائي ًالعالمي ًفي ًمواجهة ًمرتكبيها ًسواء ًبسواء ًبالنسبةً
للجماعاتًالمسلحةًالنظاميةًأمًالمتمردينً.3
إنً ًالموقف ًالمناوئ ًالذي ًاتًخذته ًالحكومة ًالجزائرية ًفي ًمواجهة ًأي ًتوجه ًقائلً
باستجابةًحالتًالعنف(الظاهرةًاإلرهابية) ًلعتبةًالنزاعًالمسلح ،يجدًتبريرهًعلى ًصعيدًآخرً
فيًتًوجسًهذهًاألخيرةًمنًاتخاذًحالةًالنزاعًالمسلحًكمطيًةًللتًدخلًاإلنسانيً.
=présenté pour l’obtention du grade de maitre en droit ,faculté de droit , université de Laval ,Québec
,2011,pp.72-80.
ً-)1ارجو ًفوويًذلووكًكوولًموونً:المووادةًً99موونًاتفاقيووة جنيووف الرابعووة بشووأن حمايووة األشووخاي الموودنيين فووي وقووت
الحووربً،مرج و ًسووابق؛ًالمووادةًً8/80موونًالبرتوكووول اإلضووافي األول الملحووق باتفاقيووات جنيووف األربعووة والمتعلووق
بحمايوووووووة ضوووووووحايا النزاعوووووووات الدوليوووووووة المسووووووولحة الموووووووؤرخ فوووووووي ً،9199/91/ 99دخو و وولًحيو و ووزًالنفو و وواذًفو و وويًًًًًً
ً،8821/88/02انضوومتًإليووهًالج ازئوورًبموجووبًمرسووومًرئاسوويًً21-18ج.ر.ج.د.شً،عووددً،80الصووادرةًبتوواريخً
8881/00/82؛ًوالم ووادًً8/1وً8/89موونًالبرتوكووول اإلضووافي الثوواني الملحووق باتفاقيووات جنيووف األربعووةً،مرج و ً
سابقً.
2
)- Voir : SIMONT Therrien- denis ,Op.cit, pp.32-36.
-)3راج ًفيًذلوكً،هوانز بيتور جاسور" ،األعموالًاإلرهابيوة"ً،واإلرهوابً"والقوانونًالودوليًاإلنسواني"ً،المجلوةًالدوليوةً
للصًليبًاألحمر(ً،لجنةًالصليبًاألحمر)ً،مختاراتًمنًاألعدادًًً،8008صً.898.
65
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
هذاًالموقفًًوانًكانًيجدًماًيبررهًمنًالنًاحيةًالعمليةً،1إلًأنًهًمنًالنًاحيةًالقانونيةً
ًالعترافًبوجودًحالةًنزاعًمسلًحًعلىً يفتحًالمجالًللتًساؤلًحولًجدوىًتشبًثًالدًولًبرف
إقليمها ًفي ًالوقت ًالذي ًعدل ًفيه ًالقانون ًالدًولي ًعن ًنظام ًالعتراف ًبالمحاربين ًكأساسً
لتكيفًالنًزاعاتًالمسلحةًً.2
ًأخرى ًنجد ًفي ًالحظر ًالعام ًالوارد ًبموجب ًالمادة ًً 8/9من ًالبرتوكولً
ومن ًجهة ً
اإلضافي ًالثًاني ًالملحق ًباتًفاقيات ًجنيف ًاألربعة ًألي ًتدخل ًأجنبي ًفي ًالنزاعات ًالمسلحةً
ذات ًالطًاب ًغير ًالدًوليً ،باعثا ًعلى ًالتشبًث ًبنفاذ ًأحكام ًالقانون ًالدًولي ًاإلنساني ًفيً
مواجهتهاًوليسًالعكسً.3
إذاًكانًمؤدىًالمادةًً8/9منًالبرتوكولًاإلضافيًالثًانيًأنًهًليسًفيًهذاًالبرتوكولً
ماًيبيحًأوًيرخًصًالتًدخلًالمباشر ًأو ًغير ًالمباشرًوفقًأيًستارًأوًحجًةً ،فيًالنًزاعاتً
المسلحة ًذات ًالطًاب ًغير ًالدولي ًالتي ًتنشب ًعلى ًإقليم ًالطًرف ًالسًامي ًالمتعاقدً ،4فإنًناً
نذهبًإلىًالتًأكيدًعلىًأنًًأعمالًالتًدخلًالتيًيتًخذهاًمجلسًاألمنًلًتتوقفًبأيًشكلًمنً
األشكال ًعلى ًالوصف ًالقانوني ًالذي ًتًتخذه ًحالت ًالعنف ًوانما ًانطالقا ًمن ًاختصاصهً
األصيلًفيًحفظًالسًلمًواألمنًالدًوليينًً.5
=نزاعات ًمسًلحة ًدولية ًأو ًذات ًطاب ًغير ًدوليً ،كما ًقد ًأكدت ًمحكمة ًالعدل ًالدًولية ًعلى ًالسًلطات ًالواسعةً
ًالشراحًأنًكلًمنًالمادتينًً00
ً لمجلسًاألمنًمنًخاللًإقرارهاًلنظريةًالختصاصاتًالضًمنيةً،هذاًويعتبرًبع
وً02منًميثاقًاألممًالمتًحدةًتعتبرانًأساساًقانونياًخصباًللتًدخلًاإلنسانيًسواءًتعلقًاألمرًبنزاعًمسلحًدوليًأوً
غيرًًدوليً ،وتجدرًاإلشارةًإلىًأنً ًمجلسًاألمنًقدًاعتمدًمبدأ ًمسؤوليةًالحمايةًكأساسًقانونيًجديدًللتًدخلًفيً
حالتًالتًهديدًأوًاإلخاللًبالسًلمًوًاألمنًالدًوليينً ،راج ًفيًذلكً" :تابتي لمية" ًو ً"بوشباح وسيلة"ً ،إشكاليةً
تدخل ًمجلس ًاألمن ًفي ًالنًزاعات ًالمسلًحة ًغير ًالدًوليةً ،مذكرة ًلنيل ًشهادة ًالماستر ًفي ًالحقوقً ،شعبة ًالقانونًًً
العامً ،تخصص ًالقانون ًالدًولي ًاإلنساني ًوحقوق ًاإلنسانً ،كلًية ًالحقوق ًوالعلوم ًالسًياسيةً ،جامعة ًعبد ًالرحمانًً
ميرةً،بجايةً،8089ً،صً.90-89.
ً-)1هانز بيتر جاسرً،مرج ًسابقً،صً.898.
ً-)2راج ًفيًذلكًكلًمنً:المرجع نفسهً،ص891.؛ًًً
- COHEN Samy, « Pourquoi les démocraties en guerre contre le terrorisme violent-elles les droits de
l'homme ? »,In critique internationale, N° 41, 2008, p. 9-20.
67
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
عليها ًفي ًالقانون ًالدًولي ًاإلنسانيً ،1من ًعدم ًاسًتعداد ًهذه ًاألخيرة ًعلى ًغرار ًالجماعاتً
المسلًحة ًاإلسالمية ًالمتطرفة ً( ًالجماعات ًاإلرهابية) ًفي ًالجزائر ًلالمتثال ًألحكام ًهذاً
األخيرًً.
منًالشراحًإلى ًالقولًبعدمًواقعيةًمبدأًالمساواةًبينً
ً وفيًهذاًالصًددًيذهب ًالعديد ً
األطرافًالمتحاربةًفيًإطارًالنزاعاتًالمسلًحةًغيرًالدًوليةً،وبالمقابلًعدمًمنطقيًةًالمساواةً
فيًاللتزامًبأحكامًالقانونًالدًوليًاإلنسانيً،التيًتقرً ًولوًضمنياًبعدمًالتًكافؤًبينًطرفيً
اللتزامً،2وهوًالرأيًالذيًيدعمهًغيابًأساسًمبررًمنًالناحيةًالقانونيةًإللزامًالجماعاتً
المسلحةًبالمتثالًألحكامًالقانونًالدًوليًاإلنسانيً.3
ينصرف ًهذا ًالتوجه ًإلى ًحد ًبعيد ًليشمل ًالجماعات ًالمسلحة ًاإلسالمية ًالمتطرفةً
(الجماعاتًاإلرهابية)ًفيًالجزائرً،م ًاختالفًبسيطًفيًالطًرحًأينًأعربتًهذهًاألخيرةًعنً
نيًتها ًفي ًعدم ًالمتثال ًأليًة ًقواعد ًوضعيةً ،تحت ًشعار ًإقامة ً"الدولة ًاإلسالمية ًبالدًمً
والبندقية"ً،متًخذًةاًًمنًمجموعةًمنًالفتاوىًالتًكفيريةًالشاذةً،4سبيالًإلهدارًالقواعدًاإلنسانيةً
المتضمًنةًفيًأحكامًالشًريعةًاإلسالميةًاليراءًوالتيًتسقطًعندًكمالهاًبدائيًةًقواعدًالقانونً
الدًوليًاإلنسانيًالوضعيً.1
وهو ًما ًأسفر ًفي ًالوقت ًالذي ًلم ًيترك ًفيه ًالموقف ًالحكومي ًأيً ًبصيص ًأملً ًً
للتًعويل ًعليه ًفي ًحمل ًهذه ًاألخيرة ًعلى ًتنفيذ ًأحكام ًالقانون ًالدًولي ًاإلنساني ،عن ًمأساةً
إنسانيةًحقيقيةً.2
ثانيا
البحث في مدى إمكانية إطالق وصف الجريمة الدولية على حالت النتهاكات
الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني في إطار النزاع المسلح الجزائري
لقدًدفعتناًالمأساةًاإلنسانيةًالتيًخلًفتهاًالنتهاكاتًالجسيمةًللقانونًالدًوليًاإلنسانيً
في ًإطار ًحالة ًالعنف ًالمسلًح ًالجزائري ً(الحرب ًعلى ًاإلرهاب) ًللبحث ًفي ًاإلطارً
الموضوعيًلهذهًالنتهاكاتًوالتيًيمكنًأنًنجملهاًفيماًيليً:
69
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
ً-)1لقدًشهدتًالجزائرًمنذًبدايةًً8880هذاًالنووعًمونًالممارسواتًالتويًتعودًًانتهاكواًجسويمةًلقواعودًالقوانونًالودًوليً
اإلنس ووانيًلكنه وواًاتخ ووذتًوتيو ورةًأكث وورًتص ووعيداً،وًش وويلتًحيو وزاًإعالمي وواًأكث وورًتوس ووعاًمن ووذًس وونةًً،8882أنظ وورًف وويًًًًًًً
ذلكًًً:بوكراعًإلياسً،مرج ًسابقً،صً.902ً.
2
)-Voir : Algeria Watch, Entretien avec Me Ali Yahia Abdenour, propos recueillis par( K) Rachid, le
jeune indépendant, 22et 23septembre1998, disponible (en ligne)sur www.algeria-watch.org, consulté le :
20/05/2015 à 06 : 21; Voire aussi : MARTINEZ Luise , « Algérie: les massacres des civils dans la
guerre », In R.I.P.C , Vol 8, N°1,2001, p.47.
ً-)3يعتبوورًالو ًوركنًالموواديًفوويًحالووةًجريمووةًاإلبووادةًالجماعيووةًًمسووتوفىًعنوودًالقيووامًبعمليوواتًقتوولًجموواعيًلجووزءًموونً
مجموع ووةًًم وونًالسو وكانًالم وودنيينًف وويًإط ووارًهج ووومًواسو و ًالنًط وواقًأوًمنهج وويًعل ووىًه ووؤلءً،أنظو ورً،تمرخووووان بكووووة
سوسووووونً،الجو و ورائمًض و وودًاإلنس و ووانيةًف و وويًض و وووءًالنًظ و ووامًاألساس و وويًللمحكم و ووةًالجنائي و ووةًالدًولي و ووةً،منش و وووراتًالحلب و وويًًًًًًً
الحقوقيةً،بيروتً،8002ً،صً.989.
-)4يتمثوولًالعنصوورًالمعنووويًلجريمووةًاإلبووادةًالجماعيووةًفوويًتوجووهًالقصوودًالجنووائيًإلووىًاإلهووالكًًالكلوويًأوًالجزئوويً
لجماعةًقوميةً،إثنيةً،عرقيةً،أوًدينيةً،أنظرً:المرج ًنفسهً،صً.982.
5
) –Voir: MARTINEZ Luise, « Algérie :les massacres des civils dans la guerre », Op.cti ,pp.47,48.
70
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
إرهاب ًالدًولةً ،وقد ًانتهت ً ًإلى ًنفي ًالتًهمة ًعن ًالسًلطة ًفي ًالجزائر ًخصوصا ًفي ًظلً
األطروحةًالتيًكانتًقائمةًآنذاكً"منًيقتًلًمن"ً.1
)0الجماعات اإلرهابية والجرائم ضد اإلنسانية:
لقدًمورسًفيًإطارًحالةًالعنفًالمسلًحًالجزائريةًمجموعةًمنًالجرائمًالتيًيمكنًوصفهاً
بالجرائمًضدًًاإلنسانيةًعليًالنحوًالمبينًفيماًيلي:
أ) جريمة التعذيب:
توجًهًًالعديدًمنًتقاريرًالمنظًماتًالحقوقيةًوكذاًالبالغاتًالمقدمةًأمامًالهيآتًالدًوليةً،
أصاب ًالتًهامًإلى ًالسًلطةًاألمنيةًفيًالجزائرًباقترافًعملياتًتًعذيبًفيًحقًاآللفًمنً
الجزائريينًبصفةًمنتظمةًوممنهجةًً.2
وقد ًقوبلت ًهذه ًالتًهامات ًالتي ًمن ًشأن ًثبوتها ًإسقاط ًصفة ًالجريمة ًضد ًاإلنسانيةًًً
على ًممارسات ًالجهاتًاألمنيةً ،3بالنفي ًمن ًقبل ًالدًولة ًالجزائرية ًالتي ًأكدت ًبأنً ًعملياتً
1
) – Voir: NATION Unies, Algérie, Rapport du groupe de personnalités éminentes, juillet out 1998,
département de l’information , nation unies, septembre, 1998.
2
) –Voir : SIDHOUM Salah-eddine, « La torture, antichambre de la mort », In confluence
méditerranée , N°51 ,2004,pp.23-38 ; Voire aussi: Alegria –Watch ,Entretien avec Me ali yahia
abdenour, Op.cti.
-كماًوردًفيًتقريرًلمنظمةًالعفوًالدًوليةًماًيليً"ظولًالتعوذيبًمتفشوياًعلوىًنطواقًواسو ً،وكوانًكثيورًممونًوردًأنًهومً
تعرضوواًللتًعوذيبًقوودًاعتقلوواًلالشوتباهًفوويًأنًًلهومًصوالتًبجماعوواتًمسولًحةً........وخواللًفتوراتًالحتجوازًالسووريً
ً
دأبتًالحكومةًوالسًلطاتًالقضائيةًعلىًنفيًعلمهاًبالمحتجزينً،ولمًتقرًباحتجازهمًإلًًعندًتقوديمهمًللمحاكمواتًأوً
اإلفراجًعنهم؛ًمنظموة العفوو الدوليوةً،تقريورًالعوامًً،8009رموزًالوثيقوةً،ًPOL10/003/2003،الصوفحةًالخاصوةً
بالجزائرً،ص.881-882ً.
ً ً - )3
تعرفًجريمةًالتعذيبًبمفهومًالفقرةً(8ه)ًمنًالمادةًالسابعةًمنًالنظامًاألساسيًللمحكمةًالجنائيةًالدوليًةً"ً
تعمدًإلحاقًألمًشديدًأوًمعاناةًشديدةً،سواءًبدنياًأمًعقلياً،بشخصًموجودًتحتًإشرافًالمتًهمًأوًسيطرتهً"ً،نظامً
روماًاألساسيً،مرج ًسابقً.
71
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
التًعذيبًالتيًوقعتًأثناءًالمأساةًالوطنيةًلمًتعدوًأنًتكونًإلً ًتجاوزاتًفرديةً،1يمكنًأنً
تحصلًفيًأيةًدولةًتواجهًالوض ًنفسهً.
ب) الحرب على اإلرهاب واشكالية حالت اإلخفاء القسري:
يعتبر ًما ًيسمى ًبملفً ًالمفقودين ًمن ًأكثر ًالملفًات ًالشًائكة ًالتي ًأفرزتًها ًاألزمةً
األمنية ًالجزائريةً ً ،2وذلك ًلما لها ًمن ًارتباط ًوثيق ًبمفهوم ًجريمة ًالختفاء ًالقسًريً ،3والتيً
أماًاألولىًفتتعلقًبماًتذهبًإليهًالمنظًماتًالحقوقيةًفيًطليعتهاً
ً نسجًلًبصددهاًأطروحتين؛ً
كل ًمن ً"منظمة العفو الدولية" ًو"منظمة هيومن رايت واتش" ًاللتان ًوجًهتا ًاتًهاماتها ًإلىً
السًلطةًالجزائريةً.4
ًالرسميً ،هذا ًاألخير ًالذي ًفنًد ًهذا ًالتًوجهً
أمًا ًالثانية ًفهي ًتًلك ًالمتعلقة ًبالموقف ً
والذيًيندرجً-حسبهً–ًضمنًالسًياقًالعامًالذيًتشتيلًفيهًالمنظًماتًالدًوليةًغيرًالحكوميةً
ذات ًالتًوجهات ًالسًياسية ًاليامضةً ،وبالتًالي ًفهي ًتفتقد ًللمصداقية ًفي ًمثل ًهذه ًالحالتًً
1
)-Voir : NATION Unies, Comité des droit de l’homme , Deuxième rapport périodique que le
gouvernement algérien devait présenter en 1995 au CDH, CCPR/C/101/Add/1 ; Voire aussi: ALI
Haroun et autre, Op.cit,pp.71-106.
ً-)2سي صالح نور الدينًً،مرج ًسابقً،صً.20.
ًعلوىًأيًأشوخاصًأوًاحتجوازهمًأوًاختطوافهمًمونًقبولً -)3تعرفًجريمةًالختفاءًالقسرىًعلوىًأنهواً"ًإلقواءًالقوب
دولووةًأوًمنظمووةًسياسوويةً،أوًبووإذنًأوًدعوومًمنهوواًلهووذاًالفعوولًأوًبسووكوتهاًعليووهً،ثوومًرفضووهاًاإلق ورارًبحرمووانًهووؤلءً
األشخاصًمنًحريتهمًأوًإعطاءًمعلوماتًعنًمصيرهمًأوًعونًأمواكنًوجوودهمًبهودفًحرموانهمًمونًحمايوةًالقوانونً
لفت ورةًزمنيووةًطويلووةً،الفق ورةً(8ط)ًموونًالمووادةً2موونًنظووامًروموواًاألساسوويًالمتعلووقًبالمحكمووةًالجنائيووةًالدوليووةً،مرج و ً
سابقً.
ً-)4أنظرًفيًذلكًكلًمنً:منظمة العفو الدوليةً،إرثًاإلفالتًمنًالعقابًتهديدًلمستقبلًالجزائرً،األمانوةًالدوليوةً
لمنظمةًالعفوًالدًوليةً،لندنً،MDE /81/008/8008ً،8008ً،ص91-82.؛ً
-HUMEN RIGHT WHATCH, Disparussions forcées en Algérie, Rapport, février 2003, disponible en
ligne sur :http://www.hrw.org,reports/2003/algeria.0203/. consulté le: 20/05/2015 à 02 :58.
72
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
علىًاعتبارًأنهاًكانتًدوماًغافلةًعماًيجريًفيًالجزائرً"ًالعترافًبالحربًعلىًاإلرهابً
وماًصاحبهًمنًأطروحةًمنًيقتلًمن"ً.1
ج) -الجماعات اإلرهابية وجريمة اإلغتصاب واإلستعباد الجنسي:
لقد ًلعب ًالجندر ًالجنسيً ،2دو ار ًمحوريا ًفي ًتعزيز ًمعاناة ًالنساء ًالجزائريات ًخاللً
مرحلة ًالنًزاع ًالمسلح ًالجزائريً ،أين ًتعرضت ًحوالي ًعشرة ًألف ًامرأة ًجزائريةًًًًًًًًًًًً
–على ًاألقلً ،3-بعد ًخطفها ًمن ًقبل ًالجماعات ًاإلسًالمية ًالمتًطرفة ًالمسلًحة ً(اإلرهابية)ً
ًالقسًريًفيًحالةً لالسًتعباد ًالجنسي ً(اإلغتصابًثمًالذبحً ،اإلغتصاب ًالجماعيً،اإلجها
ثبوت ًالحملً ،4)...هذا ًوقد ًذهبت ًالمقررة ًالخاصة ًالمعنية ًبالعنف ًضدً ًالمرأة ًفي ًتقريرهاً
لسنة ًً 8001إلى ًتكييف ًجرائم ًالعنف ًالجنسي ًالمرتكبة ًفي ًإطار ًحالة ًالعنف ًالمسلًحً
الجزائريةًعلىًأنهاًجرائمًضدًًاإلنسانية.5
-)3في إمكانية الدفع بجرائم الحرب :
لقدًشملتًالعملياتًالعدائيةًالممارسةًمنًقبل ًالجماعاتًاإلرهابية ًفيًالجزائر ًضدًً
المدنيين ًبصفتهم ًهذه ًكأهداف ًمباشرة ًسواء ًعن ًطريق ً،الغتيالت ًالفردية ًأو ًالمجازرً
-)1فووواروق قسووونطينيً،الج ازئ وورًتؤك وودًالش ووفافيةًحي ووالًالمفق ووودينًخ وواللًالعشو وريةًالسو ووداءً،يومي ووةًالش ووروقًً،لي ووومً
88أفريلًً.8088
ً -)2فرقت ًمنظًمةًالصحةًالعالميةًبينًمصطلحيًالجنسًو ًالجندر( ًالنوع ًالجتماعي)ًوعرفت ًمصطلحًالجندرً
ًالرجل ًوالمرأة ًكصفات ًمركبةً
على ًأنه ً"ً :المصطلح ًالذي ًيفيد ًاستعماله ًفي ًوصف ًالخصائص ًالتي ًيحملها ً
اجتماعياًلًعالقةًلهاًبالختالفاتًالعضويةً"ًكماًتقضيًالمادةًً9/2منًنظامًروماًاألساسيًبمايليً":لير ًهذاً
النًظامًاألساسيً,منًالمفهومًأنًًتعبيرً"ًنوعًالجنسً"ًيشيرًإلىًالجنسينًً,الذكر ًًواألنثىً,فيًإطارًالمجتم ًً,ولً
يشيرًتعبيرً"ًنوعًالجنس " إلىًأيًمعنيًآخرًيخالفًذلك"ً،راج ًالمادةًً 9/2منًنظامًروماًاألساسيً،مرج ً
سابقً.
ً
ً-)3مصفي بسطاميً،منحًألكثرًمنًً80000ميتصبةً،النهارًالجديدً،ليومًً.8081/8/88
ً-)4بوكراع إلياسً،مرج ًسابقً،صً ً.912-911.
-)5نقالًعنًسي صالح نورالدينً،مرج ًسابقً،صً.20.
73
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
الفرع األول
تهميش أحكام القانون الدولي لحقوق اإلنسان في إطارً(الحرب على اإلرهاب)
في الجزائر
إنً ًالتًسليم ًبأنً ًالظًروف ًالسًتثنائية ًتقتضي ًبالضًرورة ًاتًخاذ ًإجراءاتًًًًًًًً ً
اسًتثنائيةً ،يستتبعه ًالتًأكيد ًعلى ًضرورة ًعدم ًإطالق ًسلطات ًالدًولة ًفي ًاتًخاذ ًمثل ًهذهً
التًدابيرً ،وهو ًالوصف ًالذي ًينطبق ًكذلك ًعلى ًموضوع ًحقوق ًاإلنسان ًأثناء ًالحالتً
السًتثنائيةً ،بحيث ًأنً ًتخويل ًسلطات ًالدًولة ًاتًخاذ ًتدابير ًتقًييدية ًلحقوق ًاإلنسان ًسيتًتبعهً
بالضًرورةًتقيدًهذهًاألخيرةًفيًإقرارهاًلهذهًالتدابيرًبجملةًمنًالقيودً ،منهاًماًتعلقًباألطرً
القانونيةًومنهاًماًتعلقًبالجانبًالممارساتيً ،وهوًماًيبدوًبأنهًلمًيكنًمحل ًامتثالًمنًقبلً
الدًولةًالجزائريةً.
أولا
األساس القانوني لنتهاكات حقوق اإلنسان في إطارًالحرب
على اإلرهاب في الجزائر
-تقيد حقوق اإلنسان خارج مبدأ المشروعية–
أمامًضرورةًاستتبابًالنًظامًالعامًوضمانًأفضًلًألمنًاألشخاصًوالممتلكاتًفضالً
عنًتأمينًالسًيرًالحسنًلمؤسًساتًالدولةً،1لمًيكنًهنالكًمنًبدًمنًتفعيلًقانونًالضرورةً
فيًمواجهةًالحالةًالسًتثنائيةًالتيًمرتًبهاًالجزائرً.2
بموجبًالمرسومًالرئاسيًرقمًً،11-88الذيًتعدىًمجردً
ً توطًدتًمعالمًهذاًاإلجراءً
كونه ًتعبي ار ًعن ًاألزمة ًاألمنية ًالتي ًعايشتها ًالبالدً ،ليشكل ًفضال ًعن ًذلك ًمرآة ًعاكسةً
لألزمة ًالشًرعية ًالدًستورية ًالتيًتخبًط ًفيها ًالنًظام ًالجزائريً ،أين ًأضحى ًالحديث ًعن ًمبدأً
المشروعيةًبدونًجدوىًأمامًانهيارًمقوماتًدولةًالقانونً،بفعلًكلًمنًًتجميدًمبدأًالفصلً
ًالرقابة ًعلى ًدستورية ًالقوانين ًوظهور ًأزمة ًالمعايير ًالقانونيةً،
بين ًالسًلطاتً ،إسقاط ًمبدأ ً
ناهيكًعنًإحاللًمؤسًساتًفعليةًمحلًالمؤسًساتًالدًستوريةًً.3
أصبح ً ًبالمحصًلة ًالبحث ًعن ًمدى ًمشروعية ًهذا ًاإلجراء ًمن ًعدمه ًبدونًًًًًًً
جدوىً ،في ًظل ًكل ًمن ًغياب ًالهيئة ًالمخولة ًدستو ار ًعلى ًوجه ًالتًخصيص ًبإعالن ًحالةً
الطًوارئًً،4فظالًعنًالتًشكيلةًالمبتورةًلهيئاتًالستشارة ًالقانونية ًمنًحيثًشيور ًالمؤسًسةً
التشريعيةً ،5ضف ًإلى ًذلك ًالجتماع ًالناقص ًبل ًوالمنعدم ًاألثر ً ًللمجلس ًاألعلىًًًًًً
ً-)1المادةًً8منًمرسومًتشريعيًرقمً،ً11-88مرج ًسابقًً.
-)2برقوق محندً،مرج ًسابقً،صً.18.
ً-)3بولودنين أحمدً،مرج ًسابقً،صً.21-21.
ً-)4راج ًفيًذلكً:المادةًً،19من دستور ً،9191مرج ًسابقًً.
ً-)5أنظرًفيًذلكًكلًمنً:المادةًً88منًالمرج ًنفسه؛ًومرسوم رئاسي رقم ً،99-10مرج ًسابقًً.
75
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
الجمهورية ًالذيً
ً لألمنً،بفعلًغيابًكلًمنًرئيسًالمجلسًالشًعبيًالوطنيًوغيابًرئيسً
يسًتأثرًقانوناًبسلطةًاستدعاءًهذاًاألخيرًوًوض ًجدولًأعمالهً.1
ًومهماًكانًمنًاسًتيفاءًالمجلسًاألعلىًللدًولةًفيًسياقًإعالنهًلحالةًالطًوارئًًلكلً
من ًشرط ًاستشارة ًرئيس ًالحكومة ًورئيس ًالمجلس ًالدًستوريً ،فضال ًعن ًتحديد ًمدًة ًحالةً
الطوارئ ًب و ًً 88شهر ًدون ًإغفال ًتوافر ًشرط ًالضًرورة ًالملحةً ،وهو ًالشًرط ًالذي ًيخض ًًًً
فيًتقريرًوجودهًمنًعدمهًللسًلطةًالتًقديريةًالواسعةًلرئيسًالجمهوريًةً.2
إلً ًأنًه ًلمًا ًكان ًاحترام ًالدًستور ًلم ًيعد ًيتًم ًإلً ًفي ًحدود ًما ًيمكن ًأن ًيكونً ،فإنًً
التعويلًعلى ًالضًماناتًالدستوريةًالقائلةًبحمايةًحقوقًاإلنسانًفيً ًظلًحالةًالطًوارئًلمً
يعدًيرجىًمنهًنتيجةًتذكرً.
وهذاًما ًيجدًتأكيدهًفيًالمرسومًالتًشريعيًرقمًً –ً 08-89الذيًأسًقطًصفةًالتًأقيتً
عن ًحالة ًالطًوارئً ،أين ًلم ًيتم ًالًتقيد ًبأدنى ًشروط ًالمشًروعية ًفي ًإعالن ًتمديد ًحالةً
الطًوارئً.3
كامتداد ًلهذه ًالممارسةً ،لم ًتًكن ًالضًمانات ًالدًولية ًالقائلة ًباحترام ًحقوق ًاإلنسانًًًًً
الا ًللتفعيلًفيًإطارًإعالنًحالةًالطوارئ ًفيًالسياقً
فيًالحالةًالسًتثنائيةًهيًاألخرىًمح ً
الجزائريً،بحيثًتمًًاختزالًالقيودًالواردةًعلىًبندًالتحلًلًمنًاللتزامًفيًحدودًاستيفاءًشرطً
الا ًلالنتهاكً ،لعلً ًأخطرهاًعلى ًحقوقًاإلنسانً
اإلخطار ًاإللزاميً ،أينًكانتًباقيًالقيودًمح ً
ًالحقوقً.4 تلكًالمتعلًقةًبانتهاكًمبدأًحظرًتقييدًبع
ً-)1أنظرًفيًذلكًً ً:
الموادًً،1-9-8منًمرسوم رئاسي ً،911-91مرج ًسابقً.
ً -)2أنظرًفيًذلكًكلًمنً :المادةًً 88منًدستور ً ،9191مرج ًسابق؛ًمرسوم رئاسي رقم ً،11-10مرج ً
سابقً.
-)3مرسوم تشريعي رقم ً ،90-13المؤرخ ًفي ًً 2جانفي ً8889يتعلق ًبتمديد ًحالة ًالطوارئً ،ج.ر.ج.د.شً
عددً،01الصادرةًبتاريخً2ً،فبرايرًً.8889
ً-)4سي صالح نور الدينًً،مرج ًسابقً،صً.98.
76
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
كما ًجسًد ًقانون ًمكافحة ًاإلرهاب ًوالتًخريب ً-في ًنفس ًالسياقً -أساسا ًلنتهاكاتً
حقوق ًاإلنسان ً ًفي ًالجزائر ًبما ًكرسه ًمن ًتدابير ًاستثنائية ًلمواجهة ًالظاهرة ًاإلرهابيةً
والتًخريبيةً.1
ثانيا
الترجمة العملية لنتهاك حقوق اإلنسان في إطار الحرب على اإلرهاب
سنكتفي ًفي ًهذا ًالصًدد ًبالتًطرق ًللمظاهر ًانتهاكات ًحقوق ًاإلنسان ًالمنبثقة ًعنً ًً
ًاللتزاماتًالدًوليةً القانونينًالسًالفينًالذكرًً،والتيًتشًكلًانتهاكاًلمبدأًحظرًالتحلًلًمنًبع
في ًمجال ًحقوق ًاإلنسان ًفي ًالحالت ًالسًتثنائية ًلما ًلها ًمن ًآثار ًوخيمة ًعلى ًالكرامةً
اإلنسانيةً.2
-)9الحق في محاكمة عادلة:
ًالمادة ًًًًًًً8/1 على ًالرغم ًمن ًعدم ًورود ًالحق ًفي ًالمحاكمة ًالعادلة ًفي ًمعر ًً
منًالعهدًالدوليًالخاصًبالحقوقًالمدنيةًوًالسًياسيةً،3إلًًأنًًالمادةًً0منًنفسًالعهدًالتيً
ةًبحقوقًاإلنسانًالمقررةًفيًالقوانينًالدًاخليةًوالمعاهداتًالدًوليةً
ً تقرً ًبحظًرًالتًدابيرًالماسً
األخرى ًمن ًشأًنه ًأن ًيشكل ًأرضية ًخصبة ًللقول ًبحظر ًالتحلًل ًمن ًالحقًًًًًًًًًًًً
في ًالمحاكمة ً ًالعادلةً ،الذي ًيشكًل ًقاعدة ًأساسية ًفي ًكل ًمن ًالقانون ًالدًولي ًاإلنسانيً
التًعاهديًوالعرفيً ،1والذيًقدًتوصًلناًفيًماًسبقًإلى ًالقولًبانسحابهًعلى ًالحالةًالجزائريةً
استناداًلماًانتهيناًإليهًمنًاستيفائهاًلعتبةًالنزاعاتًالمسلحةًغيرًذاتًالطاب ًالدًوليً.
تظهر ًمظاهر ًانتهاك ًالحق ًفي ًالمحاكمة ًالعادلة ًفي ًظًل ًمرحلة ًالنزاع ًالمسلًحًً
الجزائريًمنًخاللًكلًمنًً:
ً -تمديد ًنطاق ًالختصاص ًالشًخصي ًللمحاكم ًالعسكرية ً ًليطال ًغير ًالعسكريينًًً
من ًالمدنينً ،2وما ًاستتًبعه ًمن ًإهدار ًالضًمانات ًالقضائية ًخاصة ًما ًتعلق ًمنها ًبييابً
الضًوابط ًالمتعلقة ًبالحبس ًالمؤقًت ًمن ًحيث ًمجال ًالتًطبيق ًوحدود ًاإلجراءً ،تقييد ًحقوقً
الدًفاع ًباشتراط ًالمهنية ًفي ًالمحاماة ًواخضاع ًتعيين ًالمحامي ًلعتماد ًرئيسًًًًًًًً
المحكمةً،اختاللًمبدأًالفصلًبينًالوظائفًالقضائيةًفضالًعنًاستبعادًمبدأًالتًقاضيًعلىً
درجتينً.3
ًً -إحداثًماًسميًبالمجالسًالقضائيةًالخاصًةًكتكريسًللطًاب ًالسًتثنائي ًلقانونً
مكافحةًاإلرهابًوالتًخريبً ،أينًتًمتًإناطتهاًبمهمةًالضطًالع ًعلى ًالمخالفاتًالمنصوصً
عليهاًفيًالفصلًاألولًالمرسومًالتشريعيًرقمًً ،409-88فيًاستقالليةًتامةًعنًمبدأًعدمً
رجعيةًقانونًالعقوباتً،5وتعديًصارخًعلىًالضًماناتًالمتعلقةًبمحاكمةًاألحداثً.1
م ًتجريد ًهذه ًاألخيرة ًمن ًأيً ًمظًهر ًمن ًمظاهر ًالسًتقاللية ًسواء ًالعضويةًًًًًًً،
اسيمًالرئاسيةً
ً أوًالوظيفيةً 2
ً،وانتفاءًصًفةًالشًفافية ًعنًتشكيلةًالمحكمةًأينًيحظر ًنشر ًالمر
وق ارراتًوزيرًالعدل ًالتيًتتضمنًتعيينًقضاتهاً ،بلًويحظرًتحتًطائلةًالعقوبة ًاإلعالنً
عنًهويتهمًأوًإفشاءًأيًًمعلومةًمنًشأًنهاًالسًماحًبالتعرفًعليهمًً.3
وفيماًيتعلقًبإهدارًالضًماناتًالسًابقةًعنًمرحلةًالمحاكمةًفيمكنًاإلشارةًإلى ًكلً
منًتمديدًمدةًالتًوقيفًللنظرًمنًً 88إلى ًً 11ساعةً ،4وهوًماًلمًيتًمًاحترامهًفيًأغلبً
األحيانً،5إخضاعًعمليةًتوكيلًالمحاميًلعتمادًرئيسًالمجلسًالقضائيًالمعنيً،6فضالً
عن ًتقليص ًحرية ًالمحامي ًفي ًممارسة ًحق ًالدًفاع ًمما ًيعد ً ًانتقاصا ًمن ًالحق ًفيًًًًً
الدًفاعً،7ضفًإليًذلكًإهدارًمبدأًالتًقاضيًعلىًدرجتينً.8
لقد ًتمً ًبالنظر ًإلى ًالمحدودية ًالوظيفية ًوضعفًنجاعة ًهذه ًالمجالسً ،وكذا ًتأثيرهاً
السًلبي ًعلى ًصورة ًالجزائر ًفي ًالخارجً ،إلياء ًالعمل ًبها ًبموجب ًاألمر ًً 08-80واحالةً
عمليةًالمعالجةًالقضائيةًلألعمالًالتًخريبيةًواإلرهابًإلىًقانونًالعقوباتًوقانونًاإلجراءاتً
الجزائيةً ًوذلكًأمامًالقضاءًالعاديً.9
ً
ً-)1تنصًالمادةً91ً،منًالقانون رقمً93-10علىًمايليً":يختصًالمجلوسًالقضوائيًالخواصًبمحاكموةًالقصورً،
الباليينًمنًالعمرًً82عشرًسنةًكاملةً،المرج ًنفسهً.
ً-)2أنظرًفيًذلكً،بولدنين أحمدً،مرج ًسابقً،صً.81.
ً-)3المادةًً،82منًالقانون رقم ً،93-10مرج ًسابقً.
ً-)4المادةًً،88المرج ًنفسهً.
ً-)5المرصد الوطني لحقوق اإلنسانً،التقريرًالسنويًً،8889مرج ًسابقً،صً.11.
ً-)6المادةًً81منًالمرسوم التشريعي ً،90-13مرج ًسابقً.
ً -)7أنظرًفيًذلك ًكلًمنً:المادةًً 98المرج ًنفسه؛ ًالمرصد الوطني لحقوقًاإلنسانً ،تقريرًأوليًعنًوضعيةً
حقوقًاإلنسانًفيًالجزائرًً،8889مرج ًسابقًً،صً.12.
ً-)8المادةًً،90منًالمرسوم التشريعي رقم ً،93-10مرج ًسابقً.
ً-)9يتعلقًاألمرًبكلًمنً:األمر رقم 99-10؛ًواألمرً،99-10مرج ًسابقً.
79
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
-)1نذكرًمنهاً:
-ق ورار مووؤرخ فووي 99فيفووري ،ً9110يتضوومنًإنشوواءًكوولًموونًمركووزًرقووانً(وليووةًأدرار)ًبالناحيووةًالعسووكريةًالثالثووةً،
مركووزًأموونًعووينًصووالحً(وليووةًتامنيسووت)ًبالناحيووةًالعسووكريةًالسادسووةً،مركووزًأموونًفوويًورقلووةًوليووةً(ورقلووة)ًبالناحيووةً
العسكريةًالرابعةً،ج.رج.ج.د.شً،عددً،88الصادرةًبتاريخً88فبرايرًً.8888
-قرار مؤرخ في 90فيفوريً،8888يتضومنًإنشواءًمركوزًأمونًفويًالحمورًً(وليوةًأدرار)ًالناحيوةًالعسوكريةًالثالثوةً،
ج.ج.ج.د.ش،عددًً،81الصادرةًبتاريخًً89فيفريًً.8888
واءًمركووزًأموونًفوويًالمنيعووةً(وليووةًغردايووة)ًبالناحيووةًالعسووكريةً
-ق ورار مووؤرخ فووي 91فيفووري ً،9110يتضوومنًإنشو ً
الرابعةًً،ج.ر.ج.ج.د.شً،عددً،80الصادرةًبتاريخً82ً،فيفريًً.8888
ًاإلمضاءًإلىًالولةًفيمواًيخوصًالوضو ًفويًم اركوزًاألمونً، ً-)2ق ارر مؤرخ في 99فيفري ً،9110يتضمنًتفوي
ج.ر.ج.ج.د.ش،عددً،88الصادرةًبتاريخً88فبرايرًًً.8888
ً -)3المادةًً 0منًالمرسوم الرئاسي ً،11-10مرج ًسابق؛ًلقدًأشارًتقريًالمرصدًالوطنيًلحقوقًاإلنسانًإلىً
أنً :لقد ًبلغ ًعدد ًاألشخاص ًالذين ًكانوا ًمحل ًاستنطاق ًفي ًنهاية ًشهر ًأبريل ًً 8888قرابةً
8800شخص......،وغالباًما ًخصتًأشخاصًبالنظرًإلىًمظاهرهمًالخارجيةًوأعمارهمً،وقدًخصًهذاًاإلجراءً
بوجه ًخاص ًمنتسبي ًالجبهة ًاإلسالمية ًلإلنقاذ ً(المحلة) ًوالمتعاطفين ًمعهاً ،بما ًفيهم ًالعناصر ًالتي ًلها ًمسؤوليةً
تأطيرًالحزبً،المرصد الوطني لحقوق اإلنسانً،التًقريرًالسنويًلسنةًً،8889مرج ًسابقً،صً.80.
80
الفصل األول :معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
-بحث في المحددات القانونية–
لقد ًأطلق ًعلى ًهذه ًالمراكز ًالمتمثًلة ًفي ًمجموعة ًمن ًالمعتقالت ًفي ًالصحراءً
موضوعةًتحتًوصايةًالسًلطةًالعسكريةً ،حيث ًتنعدمًفيهاًأدنىًشروطًالحياةً ،بلغًعددهاً
ً88معتقالًغيرًمتًفقًحولًعددًالمحتجزينًبهاًلحدًاآلنً،اسمًمحتشداتًالموتً.1
كماًشكلتًهذهًاألخيرةًهاجساًحقيقياًبالنسبة ًللمنظًمات ًالنًاشطةًفيًمجالًحقوقً
اإلنسانًسواءًالدًوليةًمنهاًأوًالوطنيًةً،2والتيًكانتًتدف ًبأنًًالوض ًفيًمراكزًاألمنًيعتبرً
منًقبيلًالنتهاكاتًالخطيرةًللقانونًًالدوليًلحقوقًاإلنسانًً.3
تجدرًاإلشارةًإلىًأنهًنظراًللضًيوطاتًالدًوليةًوالدًاخليةًتمًإغالقًجمي ًهذهًالمراكزً
فيًديسمبرًً.48880
ً
ً
ً
ًًًًًعلىًضوءًماًسلفًبيانًنخلصًإليًأنًًاألزمةًالدًستوريةًالتيًعايشتهاًالجزائرًلمًتكنً
إلً ًنتيجة ًمنطقية ًإلخفاق ًمشروع ًالبناء ًالدًيمقراطي ًالتعددًي ًفي ًالسياق ًالجزائرً ،في ًظلً
واجهية ًمشروع ًالبناء ًالدًيمقراطي ًالجزائريً ،وهشاشة ًالبنية ًالمؤسًساتية ًللدًولةً ،أين ًطرحً
توقيفًالمسارًالنتخابيًعلى ًأنًهًالحلًالوحيدًإلنقاذًالجمهوريةًفيًضوءًجملةًمنًالبدائلً
القانونيةًالمتاحةً.
ًًًًهذاً ً،ويعتبرًتاريخًتوقيفًالمسارًالنًتخابيً،تاريخاًحاسماًفيًحياةًالجمهوريةًالجزائريةً
منًحيثًأنهًيؤرخًلبدايةًاألزمةًاألمنيةًالجزائريةً،والتيًإنًكانًالبحثً
ً الدًيمقراطيةًالشعبيةً،
فيًطبيعتهاًالقانونيةًيكتسيًأهميةًباليةًفيًتحديدًالمنظومةًالقانونيةًالواجبةًاإلنفاذًلحتواءً
هذهًالظًاهرةًبماًيحققًمعادلةًالتًوازنًبينًالحفاظًعلى ًهيبةًالدًولةًوحمايةًأمنًمواطنيهاً،
إل ًأنً ًهذه ًالعملية ًلم ًتكن ًبالسًهولة ًالتي ًتبدوا ًعليها ًأمام ًتباين ًاألطروحات ًالقائلة ًبهذاً
الصددًًً.
ًًًًًامتدادا ًلذلك ًنتد ًعن ًالممارسة ًالمعكوسة ًلتًطبيق ًالمتكامل ًللقانون ًالدًولي ًاإلنسانيً
والقانونًالدًوليًلحقوقًاإلنسانًفيًالسًياقًالجزائريً،مأساةًوطنيةًحقيقيةًً.
ً
ًً
ً
ً
ً
ً
82
الفصل الث اني
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
الفصل الثاني
المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
أمام ما أفصحت عنه الحصيلة اإلنسانية المأساوية التي أفرزتها المأساة الوطنية
وتداعياتها الخارجية من فشل الدولة الجزائرية في االضطالع بمهامها الدستورية في حماية
مواطنيها ،عمد المشرع الجزائري إلي تبني نهج جديد في معالجة األزمة األمنية ،الحت بوادرها
من خالل التمهيد السياسي لعملية المصالحة الوطنية ،والتي أعقبتها عملية التجسيد التشريعي
لهذه األخيرة من خالل جملة من األطر التشريعية (مبحث أول) ،تفرد من خاللها قانون
المصالحة الوطنية بما يطرحه من تقارب مع فكرة العادلة االنتقالية ،من حيث أن أهدافه قد
تجاوزت مجرد البحث عن حل لألزمة األمنية إلى محاولة معالجة أثارها ،لكن وفقا لمقاربة
خاصة بالسياق الجزائري التي لم تكتمل في إطارها أركان العادلة االنتقالية (مبحث ثان).
المبحث األول
المصالحة الوطنية
– من التمهيد السياسي إلى التجسيد التشريعي–
إدراكا منه بأن المصالحة الوطنية هي عبارة عن عملية معقدة في سياق سلسلة من
الخيارات الحاسمة ،عمد النظام الجزائري إلي التمهيد لهذه العملية من خالل تبنيه لسياسة
الحوار الوطني (مطلب أول) ،هذه األخيرة ورغم إخفاقها في التوصل إلي بناء أرضية واطار
سياسي قوى للمصالحة الوطنية ،إال أنها نجحت في التمهيد لهذا المسعى ،وهو ما تجل من
خالل مختلف المقاربات التشريعية الهادفة لتحقيق المصالحة الوطنية(مطلب ثان).
84
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
المطلب األول
الحوار الوطني كأرضية للمصالحة الوطنية
عبرت سياسة الحوار التي الحت بوادرها في الجزائر بداية من الشروع في مشاورات
وطنية على نطاق واسع مرو ار بإنشاء ندوة الوفاق الوطني التي كللت باإلفراج عن أرضية
الوفاق الوطني ،عن وعي السلطة الجزائرية بأن أية بادرة للخروج من األزمة المتعددة األقطاب
التي عايشتها الجزائر ،ال يمكن أن يكتب لها النجاح بدون بناء أرضية قائمة على أساس
التوافق الوطني في تسير المرحلة االنتقالية ،مما من شانه أن يشكل دفعا قويا نحو تحقيق
المصالحة الوطنية(فرع أول) ،إال أن أرضية الوفاق الوطني قد أخفقت في بناء هذه األرضية
التي من شأنها الدفع بمسعى المصالحة إلي األمام (فرع ثان).
الفرع األول
إدراك ضرورة التوصل إلى توافق وطني حول
تسيير المرحلة االنتقالية كأرضية للنهوض بالمصالحة الوطنية
يطرح التوافق الوطني على أنه عملية ديمقراطية هادفة إلى تسطير برنامج يحضى
بنوع من اإلجماع من قبل مختلف القوى السياسية واالجتماعية الفاعلة على الساحة الوطنية
بهدف رسم معالم عملية االنتقال الديمقراطي.1
لقد احتلت هذه العملية " االنتقال الديمقراطي عبر آلية التوافق الوطني " صدارة
انشغاالت القائمين على عمليات االنتقال الديمقراطي في مجموعة من التجارب المقارنة ،وهو
ما تمت ترجمته عبر جملة من التجارب الرائدة في مجال االنتقال الديمقراطي ،أين نجحت في
لتحقيق التوافق الوطني حول المرحلة االنتقالية ،2سواء بالنسبة إيجاد صيغة "سياسية "
1
(-YOUSSEF Nada, Op.cit, p.36.
2
(-TIANGYE (N), « Crise de l’légitimité du pouvoir de l’Etat et conférences nationales en Afrique »,
In R.A.D.I.C , N°-1992, p.605.
85
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
للحاالت التي طرحت فيها عملية التحول الديمقراطي على أنها محاولة لتالفي حرب
أهلية ،أو تلك التي طرحت فيها على أنها ضرورة حتمية للخروج من حالة حرب أهلية.1
هذا ،وقد ألهمت صيغة المؤتمرات الوطنية مجموعة واسعة من الدول اإلفريقية ،2مقتبسة
من تجربة جمهورية البنين الرائدة في تحقيق انتقال ديمقراطي سلسل عبر آلية المؤتمر
الوطنية.
كما أن هذا األخير قد نجح في فرض سيادته ونفاذ ق ارراته ،مما أسفر عن صياغة دستور
توافقي واحداث القطيعة التامة مع أبجديات النظام السابق القائم على الديكتاتورية الماركسية
اللينينية.3
ومن بين أهم التجارب التي أعقبت التجربة البنينية ،تبرز التجربة الجنوب اإلفريقية
من خالل المؤتمر الوطني لجنوب إفريقيا الديمقراطية والذي جمع 91هيئة من هيئات
المجتمع المدني ،4أين شكلت مسألة تحقيق المصالحة الوطنية ،أهم محاور هذا المؤتمر ،الذي
خلص بشأنها إلى تبني سياسة العفو المشروط عن الجرائم التي تم ارتكابها سواء باسم نظام
الفصل العنصري أو باسم معارضته ،رغم إصرار حكومة الفصل العنصري على تبني خيار
العفو الشامل.5
1
)- YOUSSEF Nada, Op.cit, p.64.
-)2نذكر منها تجربة النيجر سنة ،9119تجربة الزائير ،9111-9119وتجربة التشاد ،9111أنظر في ذلك:
-TIANGYE (N), Op. cit, P.604.
-)3تميزت هذه التجربة عن غيرها من تجارب االنتقال الديمقراطي عبر آلية الحوار الوطني ،في أنها كانت نتيجة
لمفارقة حقيقية ذلك أن الرئيس البنيني " "Mathieu Kérékouالمسؤول عن إرساء نظام الحكم الماركسي ،اللينينى
منذ سنة 9191في البنين هو نفسه من طرح فكرة الندوة الوطنية ،على خلفية أعمال الشغب التي عرفتها البالد في
سنة 9191والتي كانت نتيجة انهيار النظام المصرفي في البينين وعدم تمكن الدولة من دفع مرتبات الجيش ،وبعد
تنصيب ندوة القوات الحية للدولة والتي ضمت مندوبين منتخبين عن مختلف الفعاليات االجتماعية والسياسة،
عمدت هذه األخيرة إلى تنصيب نفسها على أنها هيئة سيادية ،وأن ق ارراتها نافذة في مواجهة جميع مؤسسات الدولة
انتهت فعاليتها بإرساء دستور توافقي كما تم تنظيم انتخابات رئاسية في سنة ،9119أنظر في ذلك:
-EBOUSSI- BOULAG fabien , Les conférences nationales en Afrique noire - une affaire a suivre ,
Karthala, 1993, p.65-68.
4
(- YOUSSEF Nada, Op.cit, p.66.
5
(-VALLY Hanif , « La paix avec la justice : l’amnistie en Afrique du sud », Mouvements ,N°53, 2008,
pp.102-109.
86
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
وقد انتهت هذه المفاوضات إلى إقرار دستور انتقالي في سنة ،9111وتعيين الزعيم
اإلفريقي الراحل السيد "نلسون منديال" رئيسا للحكومة االنتقالية سنة ،9111الذي شرع عقبها
في تجسيد برنامج للمصالحة الوطنية في جنوب إفريقيا.1
في محاولة لمقاربة التجارب المبينة أعاله ،2مدفوعا بدنو نهاية عهدته ،طرح المجلس
األعلى للدولة آلية الحوار الوطني على أنها الوسيلة الوحيدة للخروج من األزمة التي تعيشها
الجزائر ،أين لم يكن هنالك من بد من تعبيد الطريق نحو الدخول في مرحلة انتقالية
جديدة ،لكن مع تدارك اإلخفاقات السابقة ،وال يمكن لذلك أن يتم بمنأى عن حث مختلف
الفاعلين الوطنيين على االلتفاف حول أرضية سياسية ومؤسساتية تعكس إلى حد ما تطلعات
المجتمع الجزائري ،3من شأنها أن تشكل مرتك از للنهوض بعملية المصالحة الوطنية.4
وهو ما تم الشروع فيه من قبل المجلس األعلى للدولة منذ يوم 19جويلية
،9111الذي يمثل تاريخ انطالق المرحلة األولى من المشاورات الوطنية ،والتي أعقبت
بمرحلتين ثانيتين ،تمحورت جلها حول بحث تعيين مؤسسات شبه دستورية لتسير المرحلة
االنتقالية القادمة.5
إال أنه وعلى الرغم من المؤشرات اإليجابية ،التي بدأ المجلس األعلى للدولة يلمسها ،من
هذه الجوالت ،أين نجحت في تقريب وجهات النظر حول بعض المسائل المبدئية ،التي تمحورت
حول التأكيد على كل من :الطابع الجمهوري للدولة ،احترام مبادئ الديمقراطية والتعددية
1
(- TIANGYE (N), Op.cti, pp.609.
2
)- BRAHIMI Mohamed, Op.cit ,p.741.
-)3بلحربي نوال ،أزمة الشرعية في الجزائر ( ،)1009-9111رسالة لنيل شهادة الماجستير في فرع التنظيم
السياسي واإلداري ،قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية ،كلية العلوم السياسية واإلعالم ،جامعة بن يوسف بن
خدة ،الجزائر ،1009 ،ص.991-991.
-)4أحمد طعيبة ،مرجع سابق ،ص.199.
5
(-Voir: BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit ,pp.104-771
87
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
السياسية ،احترام الحقوق والحريات ومبدأ التداول على السلطة ،ناهيك عن االتفاق على التنديد
باإلرهاب.1
غير أن ،المشروع التمهيدي المتعلق باألرضية المتضمنة اإلجماع الوطني حول المرحلة
االنتقالية ،والذي كان نتاجا لهذه الجوالت ،قد حمل معه بوادر فشله أين لم يعكس تطلعات
أطراف الحوار ،وهو ما جعله محال النتقادات واسعة من قبل مجموعة معتبرة من األحزاب
السياسية.2
لقد حمل هذا الرفض الذي قوبل به المشروع التمهيدي المتعلق باألرضية المتضمنة
اإلجماع الوطني حول المرحلة االنتقالية ،المجلس األعلى للدولة ،إلى التوجه نحو اتخاذ
خطوات أخرى ،تمثلت في تنصيب لجنة للحوار الوطني بتاريخ .39111/90/91
يعتري الطبيعة القانونية لهذه األخيرة غموضا ملفتا لالنتباه ،فعلى الرغم من أن المجلس
األعلى للدولة قد طرحها على أنها هيئة مستقلة ،4إال أن كل من عامل تنصيبها بموجب
معيار أدنى من المعايير التشريعية المعتمدة عادة ،أين تم تنصيبها بموجب إعالن من قبل
المجلس األعلى للدولة ،والذي لم ينشر في الجريدة الرسمية ،فضال عن حصر صالحياتها
في مجرد تقريب وجهات النظر بين مختلف األطراف ،من أجل التوافق حول مشروع تمهيدي
للمرحلة االنتقالية ،ضف إلى ذلك المدة الوجيزة التي يفترض بها إنهاء عملها خاللها ،كل
هذه االعتبارات تنفي حسب رأي األستاذ "بوسوماح" عنها صفة الهيئة اإلدارية المستقلة.5
-)1يذهب األستاذ "محمد براهيمي" فيما يتعلق بنقطة التنديد باإلرهاب ،والتي طرحها المجلس األعلى للدولة كشرط
مبدئي لالنخراط في جلسات الحوار على أنه يهدف إلى التقليص من الشرعية التي اكتسبها الحزب الفائز بأغلبية
األصوات في الدور األول من االنتخابات التشريعية (الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ المحلة) ،مما من شأنه أن يشكل
بمفهوم المخالفة اعترافا بضرورة إيجاد المجلس األعلى للدولة راجع في ذلك كل من :قوقة وداد ،مرجع
سابق ،ص.990.
-BRAHIMI Mohamed , Op.cit, p.112.
2
(- Voir : BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit, pp.111-119.
-)3بلحربي نوال ،مرجع سابق ،ص.999.
-)4قوقة وداد ،مرجع سابق ،ص.999.
5
)- Voir : BOUSSOUMAH Mohamed , Op.cit, pp.119-120.
88
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
وما زاد من تعقيد مهام هذه األخيرة ،جملة العراقيل التي صادفتها في تعبئة مختلف
فعاليات المجتمع المدني ،ويتعلق األمر خاصة بالسجال الذي طرح بشأن إشراك قيادات
الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ ( المحلة) في عملية الحوار من عدمها.
أمام هاجس الدخول في مرحلة شغور مؤسساتي ،بفعل انتهاء عهدت المجلس األعلى
للدولة ،التي صادفت نهاية سنة ،9111اجتمع كل من المجلس األعلى لألمن والمجلس
األعلى للدولة ،لتقرير تمديد عهدة هذا األخير إلى غاية 19جانفي ،9111كما تم تحديد
يومي 11-11جانفي موعدا النعقاد ندوة الوفاق الوطني.1
وفي التاريخ المحدد لها انعقدت ندوة الوفاق الوطني في ظل مقاطعة األحزاب
السياسية الحائزة على الشرعية الشعبية في الدور األول لالنتخابات التشريعية لسنة
،*9119كما عرف سير أشغال الندوة العديد من التوترات ،والتي أسفرت عن انسحاب
بعض من األحزاب األخرى ،في حين عرفت مشاركة واسعة من قبل المنظمات الجماهيرية
والوطنية المختلفة.2
انتهت أعمال هذه األخيرة ،باإلفراج عن أرضية الوفاق الوطني التي أثارت العديد
من التساؤالت حول طبيعتها القانونية.3
-)1يتساءل األستاذ "طعيبة أحمد" في هذا الصدد عن الطبيعة القانونية لهذا التمديد ،أين تقرر هيئة استشارية
تمديد عمل هيئة مؤسسة" ،يشير االمتداد الدستوري الذي تم إضفاؤه على عملها بأنها أسمى من المجلس األعلى
لألمن" ،وهو ما قد نرده -على األرجح -إلى تحري هذه األخيرة في عملية التمديد احترام مبدأ توازي األشكال ،أنظر
في ذلك :طعيبة أحمد ،مرجع سابق ،ص.110.
* يتعلق األمر بكل من الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ (المحلة) بمجموع ( 1110111صوت) ،جبهة التحرير الوطنية
بمجموع(9191119صوت ) ،جبهة القوى االشتراكية بمجموع ( 190119صوت).
2
)-Voir : BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit,pp.129-141.
-)3قوقة ودادا ،مرجع سابق ،ص.999.
89
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
الفرع الثاني
إخفاق أرضية الوفاق الوطني في تحقيق توافق وطني حول تسيير
المرحلة االنتقالية
على الرغم من إخفاق ندوة الوفاق الوطني في التوصل إلي صيغة موحدة للمرحلة
االنتقالية ،إال أن ذلك لم يحل دون إقرار أرضية الوفاق الوطني كنص دستوري بحكم
الواقع ،يستقي مشروعيته من ضرورة استرجاع هيبة الدولة ،الهدف الذي عهدت بمهمة تحقيقه
لمجموعة من المؤسسات االنتقالية الفعلية الخاضعة في تشكيلتها لمبدأ التعيين.
أوالا
أرضية الوفاق الوطني نص دستوري بحكم الواقع أم امتداد للدستور القائم
في الوقت الذي عجزت فيه أحكام دستور 9191عن إيجاد مخرج ألزمة الشرعية
الدستورية في أعقاب توقيف المسار االنتخابي ،1وأمام حتمية تعزيز النظام الدستوري
واستمراريته ،2لم تجد السلطة السياسية في الجزائر مناصا من الدخول في مرحلة انتقالية
تفصل بين الشرعيتين االستثنائية والدستورية العادية ،3تكون كفيلة بتوفير ظروف أكثر
مالئمة للخروج من األزمة ،على أساس تالحم سياسي واجتماعي أوسع من شأنه تعبئة
الطاقات من جديد وتوظيف اإلمكانيات المتوافرة ،4متخذة من معيار قانوني جديد منافس
للدستور مرجعية لها في تحقيق ذلك ،5وهو ما يدفعنا للتساؤل عن موقع دستور9191من
هذا األخير.
تستوقفنا في هذا الصدد اإلحاالت المتكررة من طرف أرضية الوفاق الوطني إلى
الدستور ،1خاصة ما تعلق بنص الفقرة 91من الديباجة ،التي أفضت إلى القول ببقاء
الدستور األساس القانوني لهذا البناء و أنه يعد اإلطار المرجعي الجوهري الذي ينير الحياة
العامة ،إال أنها علقت كل ذلك على شرط إمكانية تطبيقه بشكل كامل ،وهو ما لم يكن
متواف ار حسب ما يعبر عنه مضمونها بالنظر إلى ما أسمته باالستحالة المسلم بها فيما يتعلق
بتنظيم انتخابات على المدى القصير.2
يدفعنا هذا المعطى األخير إلى المنازعة في فكرة االمتداد التي يوحي بها نص الفقرة
91من األرضية المتضمنة الوفاق الوطني ،3لعدم استيفاء هذه األخيرة للمتطلبات اإلجرائية
للتعديل الدستوري وفقا لما تطرحه أحكام دستور ،9191في ظل غياب كل من هيئة
االقتراح ممثلة في رئيس الجمهورية ،4وهيئة اإلقرار المبدئي ممثلة في المجلس الشعبي
الوطني.5
هذا فضال عن تغييب صاحب السلطة التأسيسية األصلية ممثال في الشعب عن
عملية اإلقرار النهائية ألرضية الوفاق الوطني ،6دون مراعاة االستثناء الوارد في معرض
المادة 911من الدستور التي تجعل من عملية عرض مشاريع التعديالت الدستورية أم ار
جوازي ،متى أرى المجلس الدستوري بأن ذلك ال يمس البتة بالمبادئ العامة التي تحكم
المجتمع الجزائري وحقوق اإلنسان والمواطن وحرياتهما ،7وال يمس بأي شكل من األشكال
التوازنات األساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية وعلل رأيه ،وهو اإلجراء الذي كان
مغيبا في إطار عملية وضع وثيقة أرضية الميثاق الوطني.
-)1يتعلق األمر بكل من الفقرتين 9و 91من الديباجة ،وكذا المادة 1من المرسوم الرئاسي ،94-94مرجع
سابق.
-)2راجع في ذلك :الفقرة 91من المرجع نفسه.
3
(-Voir : BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit, p.741.
-)4أنظر في ذلك :المادة 361من دستور ،3494مرجع سابق.
-)5أنظر في ذلك كل من :المادتين 361و 361من المرجع نفسه.
-)6أنظر في ذلك كل من :المادة ، 09المادة ،911المادة ،911المادة ،911منالمرجع نفسه.
-)7أنظر في ذلك :المادة 369من دستور ،3494من المرجع نفسه.
91
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
على صعيد آخر ،لم يتم اللجوء إلى طريقة السلطة التأسيسية األصلية في إقرار هذه
األخير ،1وهو ما يدفعنا إلى القول بأن األرضية لم تستوف من الناحية اإلجرائية الشروط
التي تكفل لها وصف التعديل الدستوري ،2فهل نجد من الناحية الموضوعية ما يفيد بغير
هذا االستنتاج ؟.
إن اإلجابة على هذا الطرح تقتضي منا الوقوف على معالم االختالف الموضوعي
بين ما تطرحه أرضية الوفاق الوطني وما تقضي به أحكام دستور ،39191بحيث
مست هذه التعديالت جملة من النقاط الجوهرية سواء على الصعيد المؤسساتي أين جاء
هذا األخير بهيكلة جديدة لمختلف مؤسسات الدولة ،4أو على الصعيد المعياري أين
أضحت الوظيفة التشريعية تعتمد على نوعين من المعايير ،المراسيم الرئاسية المخولة
لرئيس الدولة ،واألوامر المخولة للمجلس الوطني االنتقالي ،5وهو ما يؤكد بأن دستور
9191قد عمد إلى وضع نظام دستوري جديد للدولة خارج اإلجراءات المعتمدة في أي
توجه دستوري ،مما يطرح إشكالية الطبيعة القانونية لهذا النص.6
إن المرسوم الرئاسي رقم ،94-49من حيث أنه معيار قانوني أدنى من أن يكفل
صفة المشروعية ألرضية الوفاق الوطني ،فضال عن أن تقنية النشر التي تم اعتمادها من قبل
المجلس األعلى للدولة في طرح هذا النص ال تعدو أن تكون إال أداة قانونية ،مفادها إعالم
الجمهور بصدور نص قانوني جديد دون ترتيب أدنى أثر قانوني على طبيعة هذا
النص ،7ليستا كفيلتين بإضفاء وصف التصرف القانوني على المرسوم الرئاسي
،49-49المتعلق بنشر األرضية المتضمنة الوفاق الوطني.8
1
(-Voir : BRAHIMI Mohamed, Op.cit, p.145.
-)2رابحي أحسن ،مرجع سابق ،ص.901.
3
(- Voir : BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit, p.145.
-)4بولودنين أحمد ،مرجع سابق ،ص.919.
-)5رابحي أحسن ،مرجع سابق ،ص.901.
-)6قوقة ودادا ،مرجع سابق ،ص.919.
7
)-Voir : BRAHIMI Mohamed, Op.cit ,pp.146-147.
8
(- Voir : BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit, p145.
92
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
كما أنه نزوال عند مقتضيات المادة األولى من األرضية المتضمنة الوفاق الوطني ،التي
تشير إلى أن المرحلة االنتقالية تستمد مشروعيتها من موافقة القوى السياسية واالقتصادية
واالجتماعية على محتوى األرضية المعتمدة من طرف ندوة الوفاق الوطني ،1نذهب إلى القول
بأن المشروعية التي تستند عليها المرحلة االنتقالية أضحت منعدمة بفعل غياب األحزاب
السياسية الثالثة الحائزة على الشرعية الشعبية ،خاصة ما تعلق بغياب الجبهة اإلسالمية
لإلنقاذ (المحلة) التي تعد طرفا أساسيا في األزمة ،ومقاطعة أحزاب أخرى لفعالياتها.2
إنه ،وبق ارءة متالزمة لنتائج السالفة البيان نصل إلى القول بأن األرضية المتضمنة الوفاق
الوطني هي عبارة عن وثيقة تحتوي مدلول الدساتير الفعلية ،لذلك تفيد معنى تجميد دستور
،39191أين أضحى هذا األخير مجرد معيار تكميلي احتياطي للمعايير التي تطرحها أرضية
أرضية الوفاق الوطني.4
ثاني ا
المرحلة االنتقالية كضرورة حتمية السترجاع هيبة الدول
أمام الوضع الداخلي المتأزم و الدولي الخانق الذي شهدته الجزائر ،5لم يكن هنالك
مناص من العمل على وضع إستراتيجية ناجعة بغية استعادة هيبت الدولة ،وفي هذا الصدد
تنطلق األرضية المتضمنة الوفاق الوطني من التسليم بإخفاق الممارسات السابقة ،1لتنتقل إلى
تحديد عناصر األزمة ،2ثم تنتهي بعدها إلى وضع برنامج مسطر للخروج منها ،والذي كان
موجهة ألربع محاور رئيسية (سياسية ،اقتصادية ،أمنية ،واجتماعية ) وهو ما سنتعرض إليه
فيما يلي:
-)9األهداف السياسية:
تتصدر األهداف السياسية أعلى نقاط االهتمام المزمع تحقيقها خالل المرحلة
االنتقالية ،وهو ما يرده األستاذ "بوسوماح" إلى وعي واضعي أرضية الوفاق الوطني ،بأن
األزمة التي عرفتها الجزائر ،هي قبل كل شيء أزمة سياسية.3
يمكننا أن نوجز هذه األهداف التي وصفها األستاذ "براهيمي" باألهداف الطموحة و
التي تتطلب ثورة حقيقية من طرف سلطة ال تملك ال المقدرة و ال الوسائل لتحقيقها ،4في ما
يلي:
-االسترجاع الحازم للسلم المدني.
-الرجوع في أقرب الظروف الممكنة للمسار االنتخابي.
-النهوض بعملية إصالح هيكلية لغرض إعادة االعتبار لوظيفة الدولة.
-أخلقت الوظائف العمومية وتعزيز وظائف الرقابة.
-إعادة النظر في قوانين سابقة كانت أساسا للتعددية.5
=االقتصادية واشتراط استئنافها بتحسين األوضاع اإلنسانية في الجزائر ،راجع في ذلك :بوضياف محمد ،مرجع
سابق ،ص.991.
-)1راجع في ذلك :الفقرة الثانية من ديباجة المرسوم الرئاسي رقم ،94-49 ،مرجع سابق.
-)2راجع في ذلك :الفقرة الرابعة من المرجع نفسه.
3
(-Voir : BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit, p150.
4
(-Voir : BRAHIMI Mohamed, Op.cit, p.147.
-)5الهدف األول من أهداف المرحلة االنتقالية ،المرسوم الرئاسي رقم ،94-49مرجع سابق.
94
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
) 2األهداف األمنية:
فرضت األوضاع األمنية المتردية إن لم نقل الكارثية ،التي كانت تعيشها الجزائر منذ
البداية ،اعتماد سياسة الكل األمني من قبل الدولة ،1وهي السياسة التي ثمنتها أرضية الوفاق
الوطني مع اإلشارة إلى إمكانية اتخاذ تدابير لتهدئة الوضع بصفة تدريجية وحسب تطور
الوضع.2
هذا ،وقد جعل ربط واضعي أرضية الوفاق الوطني بين عملية مكافحة اإلرهاب ومهمة
الدولة في ضمان أمن األشخاص والممتلكات واستتباب األمن المدني ،3األستاذ "براهيمي"
يذهب إلى توصيف الحكومة االنتقالية "بمفهوم األهداف األمنية للمرحلة االنتقالية" ،على أنها
حكومة ثورية وفقا للنموذج الذي تولد على أثر قيام الثورة الفرنسية.4
)1األهداف االقتصادية:
سنوات منذ الجزائر عرفتها التي المتردية االقتصادية األوضاع أثرت
الثمانينات ،والتي تفاقمت بفعل أعمال العنف ،5على التوجه الرامي إلى وضع إستراتيجية
شاملة قصد إنعاش االقتصاد الوطني ،وهو ما لم يتجل بصورة واضحة في إطار أرضية
الوفاق الوطني ،التي اكتفت بوضع برنامج يتسم بالعمومية ،والقائم على أربعة محاور يمكن
اختزالها في:
-تكييف االقتصاد الوطني مع التحوالت الكبرى لالقتصاد العالمي ،واالنتقال المتحكم فيه
إلى اقتصاد السوق.
-إجراء إعادة الهيكلة الصناعية.
-تدعيم وترقية الصادرات من غير المحروقات قصد تنويع مصادر تمويل االقتصاد.
-)1يتعلق األمر بالمرسوم الرئاسي رقم ،92-42 ،مرجع سابق؛ المرسوم التشريعي رقم ،41-42مرجع سابق؛
المرسوم تشريعي رقم ،41-41مرجع سابق.
-)2راجع في ذلك :الفقرة الرابعة من أهداف المرسوم الرئاسي رقم ،94-49مرجع سابق.
-)3الفقرة الرابعة من المرجع نفسه.
4
(-Voir : BRAHIMI Mohamed, Op.cit, pp.151-152.
-)5بشأن الحالة االقتصادية الجزائرية راجع :بوضياف محمد ،مرجع سابق ،ص.110-199.
95
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
-انتهاج سياسة حيوية وشاملة لصالح الفالحة ،تمكن البالد من الوصول إلى أمنها
الغذائي.
-ترقية مجال الخدمات.1
)1األهداف االجتماعية:
رسمت أرضية الوفاق الوطني جملة من األهداف ،التي تصب في مسعى تحسن
الظروف المعيشية للمواطن ،معلنة عن جملة من النقاط التي تهدف إلى تحقيقها ،و التي
تتمثل في تعزيز العدالة االجتماعية ،ترقية اإلسكان ،وكذا إعداد وتنفيذ سياسة مالئمة وجريئة
في فائدة الشباب.2
تطرح مختلف األهداف المسطرة أعاله ،إمكانية تصنيف األرضية المتضمنة الوفاق
الوطني على أنها دستور برنامج.3
ثالث ا
مؤسسات المرحلة االنتقالية
-بين التعيين وتركيز السلطة-
لقد أوكلت األرضية المتضمنة الوفاق الوطني مهمة تحقيق شروط الخروج من األزمة
لهيئات المرحلة االنتقالية ممثلة ،4في كل من :
)3الجهاز التنفيذي:
يقوم الجهاز التنفيذي للمرحلة االنتقالية على مقاربة مبدأ الفصل بين السلطات
بحيث يتكون من كل من:
-)1أنظر الفرع األول من الفصل الثاني من المرسوم الرئاسي رقم ،10-49مرجع سابق.
-)2المادة 1/91 :من المرجع نفسه.
-)3راجع في ذلك :الفرع الثاني من الفصل الثاني من المرجع نفسه.
-)4المادة 9/99 :من المرجع نفسه.
-)5المادة1/99 :و 1من المرجع نفسه.
6
(-Voir : BRAHIMI Mohamed, Op.cit, p.166.
97
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
إال أنه ،من ناحية التشكيلة ال يعدو أن يكون هيئة معينة من قبل كل من رئاسة
الدولة ،من األحزاب السياسية ،والقوى االقتصادية واالجتماعية.1
مما يجعلنا نقول بإخفاق أرضية الوفاق الوطني في مقاربة مبدأ الفصل بين السلطات.2
المطلب الثاني
المقاربة التشريعية للمصالحة الوطنية
علي الرغم من إخفاق سياسة الحوار الوطني في بناء أرضية قوية لدفع بمسعى
المصالحة الوطنية ،إال أن هذه األخيرة قد عرفت طريقها إلى التجسيد من خالل جملة من
األطر التشريعية التي إعتمد بشأنها المشرع مقاربات متفاوتة ،في تبني سياسة احتوائية لدفع
بعملية المصالحة الوطنية ،بداية من إقرار تدابير الرحمة(فرع أول) ،مرو ار بإشراك اإلرادة
الشعبية من خالل قانوني الوئام المدني والمصالحة الوطنية (فرع ثان).
الفرع األول
تدابير الرحمة
يطرح قانون الرحمة على أنه امتداد لسياسة الحوار التي تبناها السيد "اليمين زروال"
عقب تنصيبه رئيسا للدولة،أين أعرب عن نيته في فتح حوار جدي مع الجميع.3
تجسيدا لهذا المسعى ،شرع السيد رئيس الدولة آنذاك في اتخاذ إجراءات حاسمة تأكيدا
على جدية مسعاه ،أهمها إطالق صراح إثنين من قادة الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ (المحلة)
المدعوان (علي جدي وعبد القادر بوخمهم) ،إقالة حكومة السيد "رضا مالك" ،وتعيين حكومة
جديدة بقيادة السيد "مقداد سيفي" ،إعالنه عن شروعه في عملية الحوار بنفسه مع بعض
التشكيالت السياسية الفاعلة ومع قادة الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ( المحلة).1
غير أن مساعي السيد رئيس الدولة "اليمين زروال" قد باءت بالفشل ،بفعل تعنت كل
من التشكيالت السياسية الفاعلة على الساعة الوطنية في التمسك بمطالبها ،فضال عن رفض
قادة الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ (المحلة) لمقترحات هذا األخير التي تبدو معقولة لحد بعيد،
والتي تجلت في اقتران إطالق صراح قادة الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ (المحلة) والغاء جميع
القوانين االستثنائية ،فضال عن إعادة االعتبار لهذه األخيرة تحت تسمية أخرى ،بمجرد نبذ
العنف من قبل هذه األخيرة ،وهو ما قوبل بالرفض القاطع من قبل هؤالء؟.2
انتهت عملية الحوار بإعالن السيد رئيس الدولة عن فشلها في 19أكتوبر
،9111محمال وزر هذا الفشل ألطراف الحوار األخرى ،وعلى إثر ذلك دعا هذا األخير
األحزاب لمواجهة الشعب مباشرة من خالل اإلعالن عن تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة ،وذلك
إلضفاء الشرعية على المؤسسة الرئاسية.3
لم يؤثر إخفاق عملية الحوار على النهج التصالحي ،الذي تبناه السيد رئيس الدولة
"اليمين زروال" ،أين تم إصدار األمر رقم ،32-46المتضمن تدابير الرحمة نزوال عند
مقتضيات األرضية المتضمنة الوفاق الوطني ،التي تذهب في فقرتها الرابعة المتعلقة بأهداف
المرحلة االنتقالية إلى القول بإمكانية اتخاذ تدابير لتهدئة الوضع بصفة تدريجية وحسب تطور
الوضع.4
يستوقفنا البناء القانوني لألمر رقم ،32-64المؤسس على أحكام المادة 9/91
من األرضية المتضمنة الوفاق الوطني ،التي تخول السيد رئيس الدولة ،حق إصدار عفو
خاص وحق تخفيض العقوبات أو استبدالها ،1في الوقت الذي تم إصداره بموجب معيار
تشريعي ،ممثل في أمر رئاسي من طرف المجلس الوطني االنتقالي.
أما عن محاور هذا األخير فيمكن تقسيمها في األساس إلى ثالث محاور على النحو التالي:
)3األشخاص المستفيدون من تدابير الرحمة:
لقد قسم المشرع الجزائري األشخاص المستفيدون من تدابير الرحمة إلى:
أ) األشخاص المستفيدون من عدم المتابعة القضائية:
حصرتهم المادة 11من قانون الرحمة في األشخاص المنتمين إلى أحد المنظمات المذكورة
في المادة 99مكرر 1من قانون العقوبات سواء باإلنشاء أو التأسيس ،أو التسيير أو بمجرد
االنخراط أو المشاركة مع معرفة أغراضها أو نشاطاتها ،والذين لم يقوموا بارتكاب جريمة قتل
شخص أو التسبب له في عجز دائم وكذا عدم المساس بالسالمة المعنوية أو الجسدية
للمواطن ،فضال عن عدم تخريب األمالك العمومية أو الخاصة.
وكذا األشخاص الذين يسلمون تلقائيا ،ما بحوزتهم من أسلحة ومتفجرات أو وسائل مادية
أخرى.2
ب) األشخاص المستفيدون من التخفيف من العقوبة:
ويتعلق األمر باألشخاص الذين سلموا أنفسهم تلقائيا للسلطات المختصة ،وأشعروها
بتوقفهم عن كل نشاط إرهابي ،لكنهم تسببوا في قتل أشخاص أو إصابتهم بعجز دائم.3
)2إجراءات االستفادة من تدابير الرحمة :
أ) بالنسبة لألشخاص المستفيدون من عدم المتابعة القضائية:
تتطلب االستفادة من عدم المتابعة القضائية ،إتباع الشخص التائب لإلجراءات
التالية:
الحضور التلقائي أمام السلطات المختصة ،مع اصطحاب الولي عند االقتضاء و/
أو المحامي.
يتم عند حضورهم تسليمهم وصل الحضور يؤكد من خالله حضورهم التلقائي.
يسلم المعني خالل أجل 10يوم من تاريخ تسليم وصل الحضور ،وثيقة تتضمن
عبارة مستفيد من تدابير الرحمة من طرف السلطة القضائية.1
ت) بالنسبة لألشخاص المستفيدون من تخفيف العقوبة:
يحول جميع األشخاص التائبين الذين ال تتوافر فيهم شروط االستفادة من تدابير عدم
المتابعة القضائية إلى المحكمة المختصة لتقديمهم إلى وكيل الجمهورية ،الذي يحرر محضر
معاينة ويحرك الدعوى العمومية.2
نالحظ على األمر المتضمن تدابير الرحمة خلوه من أية إشارة لعنصرين مهمين من
العناصر التي تقتضي توصيفه على أنه قانون هادف لتحقيق المصالحة الوطنية ،والتي تتعلق
بعدم تحقيقه لنهج شامل لعدم اإلفالت من العقاب ،الذي يقتضي تفعيل المحاكمات في مواجهة
األطراف األمنية التي تخرق القانون بناء على تصرفات معزولة ،3وكذا عدم اإلشارة إلى لمسألة
جبر الضرر بالنسبة لضحايا اإلرهاب.4
الفرع الثاني
إشراك اإلرادة الشعبية في عملية المصالحة
تكتسي العمليات اإلستفتائية أهمية بالغة من حيث أنها تعد من أحد مظاهر الديمقراطية
غير المباشرة ،التي تضع بين يدي الشعب وسائل تمكنه من ممارسة السلطة خارج أطر
الديمقراطية التمثلية.1
وتعتبر مؤسسة االستفتاء في السياق الجزائري ،مكسب من المكاسب الشعبية ،لبعدها
التاريخي ،أين تقترن بعملية االستفتاء على تقرير المصير في 9جويلية ،9111هذا وقد كرست
جميع الدساتير المتعاقبة للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية هذه الصورة ن صور
الديمقراطية المباشرة ،مع الربط بين عملية االستفتاء ،ومبدأ السيادة الشعبية.2
هذا وقد عرفت الممارسة الجزائرية عدة استفتاءات؛ من بينها االستفتاء حول قانون الوئام
المدني ،واالستفتاء حول الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية ،3محل بحثنا.
مما يدفعنا إلى البحث عن القيمة القانونية لهذين األخيرين ،وهو ما سنعمد إلى تناوله من
خالل نقطتين تتعلق األولى منهما باإلجراءات المتبعة في سبيل إقرار هذين النصين ،أما الثانية
فتتعلق باآلثار المترتبة عنها :
-)1بقالم مراد" ،االستفتاء كوسيلة مباشرة لتعديل الدستور " ،مداخلة مقدمة في إطار الملتقي الدولي
حول ،التعديالت الدستورية في الجزائر ،يومي 1و 1ديسمبر ،1091جامعة الشلف ،ص.1.
-)2مزياني لوناس ،انتفاء السيادة التشريعية للبرلمان في ظل دستور ،9111مذكرة لنيل درجة الماجستير
في القانون العام ،فرع تحوالت الدولة ،كلية الحقوق ،جامعة مولود معمري تيزي وزو.199 ،ص.111.
-)3راجع في ذلك كل من :إعالن المجلس الدستوري رقم /42أ.م.د ،44/المؤرخ في ،9111/01/91المتعلق
بإعالن نتائج قانون الوئام المدني ،ج.ر.ج.ج.د.ش،عدد ،11الصادرة بتاريخ19سبتمبر9111؛ مرسوم رئاسي رقم
،279-41مؤرخ في 91غشت سنة ،1001يتضمن استدعاء هيئة الناخبين لالستفتاء المتعلق بالمصالحة
الوطنية ،يوم الخميس 11سبتمبر سنة ،1001ج.ر.ج.ج.د.ش،عدد ،11الصادر بتاريخ 91غشت .1001
102
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
أوالا
اإلجراءات المتبعة في سبيل إقرار كل من قانون المصالحة الوطنية
وقانون الوئام المدني
يبدو من األهمية بما كان الوقوف على اإلجراءات المتبعة في سبيل إقرار كل من قانون
النموذجين الوحيدين لنمط المصالحة الوطنية وقانون الوئام المدني ،من حيث أنهما؛
االستفتاء التشريعي في الجزائر.1
هذه األخيرة من حيث أنها تمثل مشاريع قوانين من المفترض أن يتم التقدم بها وفقا
ألسلوبي:
أما األول فيتعلق بالطريقة العادية ،والتي تتجلى في تقديم مشروع القوانين اإلستفتائية من
طرف الحكومة أو اقتراحها من قبل 10نائبا لتضحي قابلة للمناقشة ،2لتمر بعد ذلك
بإجراءات التصديق،وفقا لألساليب المنصوص عليها في الدستور و حسب الطبيعة القانونية
للنص محل التصديق ،3أو أن يتم تمريرها بموجب أمر رئاسي وفقا للشروط المحددة بموجب
المادة 911من الدستور ،4في حين يبقي إقرارها النهائي مرهونا بتصديق الشعب علي مشروع
القانون اإلستفائي.5
وما يالحظ على الممارسة الجزائرية ،فيما يتعلق بإقرار كل من قانون الوئام المدني
وقانون المصالحة الوطنية ،أنها لم تشذ عن هذه القاعدة.
فأما بالنسبة إلقرار قانون الوئام المدني ،نجد بأنه تم وفقا لإلجراءات التشريعية العادية
إلقرار القوانين ،أين عمدت رئاسة الجمهورية إلى إصدار بيان تؤكد فيه أن رئيس
الجمهورية ،سيكلف الحكومة بتبني مشروع قانون جديد يعرض على البرلمان ،و هو ما تم
-)1في مفهوم االستفتاء التشريعي راجع :بقالم مراد ،مرجع سابق ،ص.1.
-)2أنظر في ذالك :المادة 991من المرسوم الرئاسي ،919 -46المؤرخ 09ديسمبر ،المتعلق بنشر دستور
19نوفمبر ،9111ج.ر.ج.ج.د.ش ،عدد ،91الصادرة بتاريخ 9ديسمبر .9111
-)3راجع في ذلك :المادة 910من المرجع نفسه.
-)4راجع في ذلك :المادة ،911من المرسوم الرئاسي ،919 -46مرجع سابق.
-)5رابحي أحسن ،مرجع سابق ،ص.991.
103
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
الشروع فيه ،حيث قامت الحكومة بإعداد محتوى المشروع المتضمن الوئام المدني ،ليتم عرضه
بعد ذلك على مجلس الدولة من أجل أخذ الرأي بشأنه ،قبل أن يعرض مرة أخرى على مجلس
الوزراء للمصادقة عليه.1
وقد أردفت هذه اإلجراءات بعرض المشروع المتضمن الوئام المدني للمصادقة عليه من
قبل البرلمان ،والذي انتهى إلى إجازته بعد استيفائه لنصاب التصويت المقرر دستو ار بالنسبة
للقوانين العادية.2
تأتي المرحلة الثالثة ،والتي تدعو حقيقة للتساؤل ،أين عمد السيد رئيس الجمهورية وفقا
للصالحيات المخولة له دستو ار بموجب المادة 911من الدستور إلى إصدار نص قانون الوئام
المدني ،الذي تم نشره في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،المؤرخة
في ،3911/09/91وذلك قبل عرضه على االستفتاء الشعبي بتاريخ 91سبتمبر ،49111وهو
ما يدفعنا للتساؤل عن مدى تأثير هذا اإلجراء على الصورة التي من المفترض أن تكتسيها عملية
االستفتاء والتي من المفترض أن تلعب دو ار تصديقيا.5
أما بالنسبة للميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية ،فقد سلك المشرع الجزائري بشأنه
أسلوب التشريع االستثنائي ،أين تم إنفاذه في صيغة أمر رئاسي ،وذلك بعد المصادقة عليه من
-)1لمزيد من التفاصيل راجع :شريفي عبد الغني ،تطبيق االستفتاء في الجزائر انطالقا من تجربة ،9111رسالة
لنيل شهادة الماجستير في القانون الدستوري وعلم التنظيم السياسي ،كلية الحقوق -بن عكنون ،جامعة
الجزائر ،1009 ،ص.11.
-)2راجع في ذالك كل من :المادتين 910و 911من دستور ،3446مرجع سابق ؛ شريفي عبد الغني ،مرجع
سابق ،ص.11-19.
-)3قانون رقم ،49-44المؤرخ في ،911/09/91المتعلق باستعادة الوئام المدني ،ج.ر.ج.ج.د.ش ،رقم ،11
الصادرة بتاريخ .9111/09/91
-)4أنظر في ذلك :إعالن المجلس الدستوري رقم /42أ.م.د ،44/مرجع سابق.
-)5فماذا لو أن نتائج االستفتاء لم تكن في صالح قانون الوئام المدني ،هل كان سينجر عن ذلك إلغائه بأثر
رجعي؟! ،وهو اإلجراء الذي من شأنه أن يؤثر على الحقوق المكتسبة بموجبه ،أم اإلبقاء على النص على أنه تشريع
عادي استوفى جميع اإلجراءات الواجب إتباعها في إقرار هذا النوع من النصوص ،وهو ما من شأنه أن يعتبر مساسا
بمبدأ السيادة الشعبية بموجب المادة السابعة من الدستور.
104
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
قبل الشعب في استفتاء 11سبتمبر ،11001ليتم عرضه بعد ذلك على البرلمان للموافقة عليه
في أول دورة له.2
ثانيا
البحث في حقيقة تفعيل القوانين اإلستفتائية لمبدأ السيادة الشعبية
إن عملية المصالحة الوطنية من حيث أنها عملية قوامها تحقيق مصالحة
مجتمعية ،تقتضي بالضرورة إشراك جميع القوي الفاعلة في المجتمع ،عطفا عن إشراط اإلرادة
الشعبية في بعدها الدستوري القائم على مبدأ السيادة الشعبية ،والذي تم إفراغه في السياق
الجزائري في صورة الديمقراطية المباشرة عن طريق العمليات اإلستفتائية ،إال انه لما كانت
السيادة الشعبية هي العامل الذي يضفي الطبيعة "ما فوق القانونية " للقوانين اإلستفتائية فإننا
نتساءل عن فعلية إشراك اإلرادة الشعبية في سياق عملية إقرار المصالحة الوطنية الجزائرية ،وهو
ما يمكن أن نتبينه من خالل البحث عن أثار تبني القوانين اإلستفتائية في النظام الدستوري
الجزائري.
)3الطبيعة "ما فوق القانونية" للقوانين اإلستفتائية :
على الرغم من أن التشريعات اإلستفتائية تنصب على القوانين من الناحية
الموضوعية ،إال أن ارتباط المصادقة عليها باالستفتاء تجعله يسمو عن سائر المعايير
التشريعية األخرى ،وهو بذلك يحتل مرتبة موالية للدستور ضمن التصنيف المعياري العام.3
هذا ويذهب األستاذ "بويحيى جمال" في معرض توصيفه للطبيعة القانونية لميثاق
السلم والمصالحة الوطنية ،بأنه آلية فوق قانونية ( ، ) SUPRA JURIDIQUEمعلال
ذلك بأن مثل هذه اآلليات تأتي في مراحل تجتاز فيها الدول بمؤسساتها حالة من عدم
االستقرار واالنهيار إلى درجة تهديد -هذه األخيرة – في استم ارريتها ،كما يفتقد جموع
متساكنيها للعديد من حقوقهم ،بالقدر الذي يصبح معه الحق في الحياة مهددا بشكل
كبير ،حينها تصبح مثل هذه الحلول كمخرج -و إن كان منتقد -ألزمة غير عادية. 1
)2اآلثار المترتبة عن القوانين اإلستفتائية :
يترتب عن إقرار القوانين اإلستفتائية في السياق الجزائري بما لها من ارتباط وثيق
بمبدأ السيادة الشعبية فضال عن صورية إشراك اإلرادة الشعبية حول البرنامج موضوع
االستفتاء في السياقات الجزائرية ،تقويض دور البرلمان في الرقابة على القوانين اإلستفتائية
ناهيك عن تحجيم دور المجلس الدستوري في الرقابة على مدى مطابقة القوانين اإلستفتائية
للدستور.
أ)-تقويض دور البرلمان:
يظهر من خالل عمومية نص كل من المادة 9والمادة 9/99من دستور ( 9111قبل
التعديل الدستوري لسنة ،)1009طالقها لحق رئيس الجمهورية في تفعيل سلطته في اللجوء
إلى الشعب في كل قضية ذات أهمية وطنية ،دون إيراد أية ضوابط لترسيم حدود هذه السلطة
أو إعطاء تصور عما من شأنه أن يدرج في مصاف المواضيع ذات األهمية الوطنية.2
وهو ما من شأنه أن يتخذ من قبل رئيس الجمهورية كمطية لتحجيم دور البرلمان سواء في
شقه التشريعي أو الرقابي ،3أين يتأتى لرئيس الجمهورية تجاوز هذا األخير نهائيا ،سواء من
خالل عرض مشاريع القوانين التي يرفضها هذا األخير على الشعب للفصل فيها ،مما يجعل من
تصديق البرلمان على مشاريع القوانين من عدمها مجرد تحصيل حاصل ،أو من خالل تمرير
-)1بويحيى جمال" ،دولة القانون واالنتقال الديمقراطي :تداعيات االنتفاضات الراهنة" ،ورقة بحث مقدمة
إلى مخبر العولمة والقانون الوطني ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة مولود معمري ،تيزي وزو،1091 ،
ص.91.
-)2أنظر في ذلك :المادتين 9و 9/99من دستور ،3446مرجع سابق.
-)3رابحي أحسن ،مرجع سابق ،ص.991.
106
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
مشاريع القوانين اإلستفتائية مباشرة على صاحب السيادة األصلي الذي يخول له وحده الفصل
في إجازة القانون الستفتائي أو رفضه.1
ب)-تحجيم دور المجلس الدستوري:
تنضوي القوانين اإلستفتائية ضمن طائفة أعمال السيادة ،وهو ما يجعل من دور المجلس
الدستوري بشأنها يختزل في مجرد السهر على صحة العملية اإلستفتائية ،2دون تجاوزها لفرض
رقابته على مدى مطابقة هذه األخيرة ألحكام الدستور.3
ج)-صورية إشراك اإلرادة الشعبية:
إن المتتبع لمالبسات العمليات اإلستفتائية في الجزائر ،ال يسعه إال اإلقرار بانسحاب
مفهوم االستفتاء الشخصي على هذه األخيرة ،أين أضحت عملية لتزكية شخص الرئيس
وليس عملية للمصادقة على برنامج قائم في حد ذاته ،4ويجد هذا الطرح أساسه في أحكام
الدستور ذاته التي جعلت من حق في اللجوء إلى اإلرادة الشعبية حقا محجو از لرئيس
الجمهورية ،5مما يجعلنا ننزع للقول بصورية إش ارك اإلرادة الشعبية حول البرنامج موضوع
االستفتاء في السياقات الجزائرية.
المبحث الثاني
عدم اكتمال أركان العدالة االنتقالية في إطار التجربة الجزائرية
يمكن تبين أركان العادلة االنتقالية في ضوء التعريف الذي أورده األمين العام لألمم
المتحد بشأنها ،والذي يقضي بأنها عبارة عن"مجموعة من اآلليات والعمليات القضائية وغير
القضائية المرتبطة بالمحاوالت التي يبذلها المجتمع لمعالجة آثار تركت من تجاوزات
الماضي الواسعة النطاق بغية كفالة المسألة واقامة العدالة وتحقيق المصالحة ".1
نستشف مما سبق قيام العدالة االنتقالية على ركنين أساسيين؛ يتعلق األول بضرورة
تحقيق التكامل بين عناصر العدالة االنتقالية ،أما الثاني فيتعلق بإرساء آليات فعالة
لالضطالع بعملية تحقيق هذا التكامل.
وهو ما ال نلمسه في إطار المقاربة الجزائرية أين لم تنجح هذه األخيرة في استيفاء
العناصر التي تطرحها العدالة االنتقالية (مطلب أول) ،فضال عن إقصاء آليات هذه األخيرة
من إنفاذ قانون المصالحة الوطنية (مطلب ثان).
المطلب األول
عدم استيفاء المقاربة الجزائرية لعناصر العدالة االنتقالية
تنطلق العدالة االنتقالية من ضرورة إرساء التوازن بين مجموعة من األهداف المختلفة
بل والمتناقضة ،فهي من جهة ال تسعى لتحقيق عدالة بأثر رجعي بأي ثمن ،كما أنها ال
ترتكز على المحافظة على السالم علي حساب الضحايا ،2مما يجعلها تقوم على نهج
متكامل من العناصر التصالحية والجنائية بغية تحقيق مصالحة عادلة ،إال أن نهج المشرع
الجزائري في التعاطي مع هذه العناصر من حيث غياب مقاربة شاملة لعناصر العدالة
االنتقالية في إطار قانون المصالحة الوطنية (فرع أول) ،فضال عن تبنيه لخيار العفو (فرع
ثان) ،جعلنا نقول بعدم استيفاء المقاربة الجزائرية لعناصر العدالة االنتقالية.
-)1تقريررررر األمررررين العررررام لألمررررم المتحرررردة ،س يييادة الق ييانون والعدالي يية االنتقالي يية في ييي مجتمعي ييات الصي يراع وم ييا بعي ييد
الصراع ،رمز الوثيقة ، S/2004/61 :ص.1 .
2
(- PENA Mariana , « Réparation individuelle et réparation collective », In acte du séminaire pour :la
paix et conciliation , organiser pars : CFDA, SOS disparus, FDA, Djazairouna, ANFD, Soumoud,
Bruxelles,18-19 mars 2007, p.153.
108
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
الفرع األول
غياب مقاربة شاملة للعناصر التصالحية للعدالة االنتقالية
في إطار قانون المصالحة الوطنية
في الوقت الذي تفترض فيه العدالة االنتقالية ،اضطالع برامج المصالحة الوطنية
بالعناصر التصالحية للعدالة االنتقالية من خالل مقاربة شاملة ،تقوم المقاربة الجزائرية على
التعويض كبديل لجبر الضرر ،واهدار الحق في معرفة الحقيقة.
أوالا
التعويض كبديل عن جبر الضرر
لقد أضحى الحق في االنتصاف وجبر الضرر -والذي يجد في القانون الدولي العرفي
لمسؤولية الدول مصد ار معز از ألساسه ،1-مرسخا بقوة في المعاهدات الدولية لكل من
حقوق اإلنسان ،2والقانون الدولي اإلنساني ،3بل وحتى القانون الدولي الجنائي ،4وقد انعكس
هذا اإلدماج لحقوق اإلنسان في مسؤولية الدول بفعل تفاعل القانون الدولي العرفي
على النحو المنصوص عليه في قانون مسؤولية الدول مع التطور التدريجي لقانون حقوق
اإلنسان في جانبه التعاهدي على المفهوم التقليدي لهذه المسؤولية ،بشكل يكرس حق الفرد
في االنتصاف وجبر الضرر ،5طبقا للمبدأ القائل بأن كل انتهاك لاللتزامات الدولية يؤدي
-)1يتعلق األمر بقاعدة عرفية راسخة في القانون الدولي مفادها أن "الدولة مسئولة في مواجهة باقي الدول عن
جبر الضرر الناتج عن أفعالها غير المشروعة" ،راجع في ذلك :هنكرتس جون –ماري و لويز دون والد –بك،
مرجع سابق ،ص.111.
-)2نذكر منها :المادة 1من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسة ،مرجع سابق.
-)3نذكر منها :المادة 19من البرتوكول اإلضافي األول الملحق باتفاقيات جنيف األربعة ،مرجع سابق.
-)4يتعلق األمر بالمادتين 19و 91من نظام روما األساسي ،المتعلق بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية ،مرجع
سابق.
-)5مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان ،أدوات سيادة القانون للدول الخارجة من الصراعات ،برامج جبر
الضرر ،وثائق األمم المتحدة ،رمز الوثيقة ،2006 HR/PUB/06/ ،ص.1.
109
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
إلى إنهاض واجب يتعلق بجبر الضرر ،وأبعاده تقتضي التكامل بين شمولية الجانب المادي
والموضوعي لمسألة جبر الضرر.1
كرس قانون المصالحة الوطنية بدوره الحق في االنتصاف وجبر الضرر ،لكن وفقا
لتصور خاص بالمشرع الجزائري سواء من حيث أساس التعويض أو من حيث أبعاده:
)3المسؤولية السلبية للدولة كأساس للتعويض:
يقيم قانون المصالحة الوطنية مسؤولية الدولة في التعويض بعنوان المأساة
الوطنية ،على أساس الضرر مع إقصاء عنصر الخطأ أو الفعل غير المشروع من عناصر
المسؤولية ،وهو ما يتجل من خالل ما يلي:
أ) التعويض بعنوان ضحية المأساة الوطنية:
– المخاطر االجتماعية كأساس للمسؤولية-
يقضي البند الرابع من مشروع الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية بالتمييز بين
المسؤولية الجنائية عن عمليات االختفاء القسري ،التي يردها إلى كل من النشاط اإلجرامي
لإلرهابيين و بعض التجاوزات الفردية ألعوان الدولة ،وبين المسؤولية المدنية للدولة
في التعويض التي تقوم في استقالل تام عن أية مسؤولية جنائية.2
ويتأكد هذا الطرح من خالل بنود قانون المصالحة الوطنية التي تحصر شروط
الحصول على صفة ضحية المأساة الوطنية ،3التي من شأنها تخويل ذوي حقوقه الحق في
1
( - PENA Mariana, « Réparation individuelle et réparation collective », In acte du séminaire pour :la
paix et conciliation , organiser pars : CFDA, SOS disparus, FDA, Djazairouna, ANFD, Soumoud,
bruxelles, 18-19 mars, 2007,p.153.
-)2أنظيير فييي ذلييك :البنييد ال اربييع ميين مشييروع الميثيياق ميين أجييل السييلم والمصييالحة الوطنييية مت يوافر علييى الموقييع
اإللكتروني:
www.el-mouradia.dz/consulter, consulté le:06/06/2015, à 01 :16
-)3تنص المادة 19على ما يلي" :يعتبر ضحية المأساة الوطنية الشخص الذي يصرح بفقدانه في الظرف الخاص
الذي نجم عن المأساة الوطنية ،التي فصل فيها الشعب بكيل سييادة ....تترتيب صيفة ضيحية المأسياة الوطنيية الحيق
في التصريح بالوفاة بموجب حكم قضائي" ،أمر رقم ،43-46الميؤرخ فيي 19فب اريير ،1001يتضيمن تنفييذ ميثياق
السلم والمصالحة الوطنية ،ج.ر.ج.ج.د.ش ،عدد ،99موافق 19فبراير .1001
110
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
اقتضاء التعويض ،1في استصدار حكم التصريح بالوفاة بناء على محضر تعده الشرطة
القضائية على إثر عملية البحث والتحري الذي تقوم به بكل الوسائل القانونية التي بقيت
بدون جدوى ،2دون اشتراط ألي من عنصر الفعل غير المشروع أو حتى إقران الحصول
على صفة ضحية المأساة الوطنية ،بالمخاطر الناشئة عن أعمال أعوان األمن المشروعة في
إطار مكافحة اإلرهاب.3
وهو ما يجعلنا نقول باتساع األساس القانوني للتعويض في إطار إجراءات التكفل بملف
المفقودين بناء على أحكام قانون المصالحة الوطنية ،التي لم تتوقف عند شرط الخطأ
الجسيم أو شرط المخاطر الناشئة عن أعمال أعوان األمن ،4للقول باستحقاق ذوي حقوق
ضحية المأساة الوطنية بمفهوم المادة 1من المرسوم الرئاسي رقم 11-01للتعويض ،وانما
أقامتها على أساس المخاطر االجتماعية.5
ب) التعويض على أساس التضامن االجتماعي:
لقد أقام المشرع الجزائري التعويضات بعنوان اإلجراءات الرامية إلى تعزيز المصالحة
التماسك تعزيز إلى الرامية اإلجراءات بعنوان التعويضات وكذا الوطنية،6
الوطني ،7على أساس التضامن االجتماعي وهو ما يتجلى من خالل ما يلي:
-التعويض أو إعادة اإلدماج بعنوان اإلجراءات الرامية إلى تعزيز المصالحة الوطنية:
كفل المشرع الجزائري الحق في التعويض أو إعادة اإلدماج للشغل بالنسبة للموظفين
أو العمال الذين كانوا محل إجراء للتسريح اإلداري من العمل بسبب األفعال المتصلة
بالمأساة الوطنية ،1متى كان حائ از لقرار عزل معلل قانونا ،2ولم يتم تعويضه بمقتضى قرار
قضائي أو إداري سابق لتاريخ نشر هذا المرسوم ،3وموجود ضمن قائمة األشخاص إما
الموضوعين قيد االعتقال بموجب إجراء إداري ،أو المتابعين والمحبوسين أو المحكوم عليهم
بسبب أفعال مرتبطة بالمأساة الوطنية ،أو المستفيدين من أحكام قانون الوئام المدني واألمر
المتعلق بالمصالحة الوطنية.4
ويكون التعويض متناسبا مع سنوات النشاط المهني ويدفع من الحساب رقم -011
101الذي عنوانه" :الصندوق الخاص للتضامن الوطني" ،مما يجعل التعويض في هذه
الحاالت قائما على أساس التضامن الوطني.5
-التعويض بعنوان اإلجراءات الرامية إلى تعزيز التماسك الوطني:
عمد المشرع الجزائري في إطار مسعاه الرامي إلى تعزيز التماسك الوطني ،فظال عن
إسقاط تهمة اعتبار األسر التي ابتليت بضلوع أحد أقاربها في األفعال المذكورة في المادة 1
من نفس األمر فاعلين أصليين أو محرضين أو مساهمين أو شركاء ،6وكذا تجريم أي
تمييز في حق هذه الفئة ،1إلى إقرار حق األسر المحرومة التي ابتليت بضلوع أحد أقاربها
في اإلرهاب من إعانة تمنحها الدولة بعنوان التضامن االجتماعي.2
على ضوء ما سلف بيانه نالحظ بأن المشرع قد وسع من األساس القانوني للتعويض
الذي أقامه في استقاللية تامة عن عنصر الخطأ ،ما من شأنه أن يكفل تعزيز مركز
الضحايا وحقهم في اقتضاء التعويض ،3إال أنه ليس يخفنا أن نبحث عن مدى كفاية اتساع
األساس القانوني للتعويض في تجسيد برنامج متكامل وشامل لجبر الضرر في بعديه المادي
والموضوعي.
) 2عدم تحقيق برنامج التعويض في إطار قانون المصالحة الوطنية لعناصر
االكتمال والشمولية:
إن مسألة جبر الضرر ،من حيث ما تشكله من أهمية جوهرية في مسار تحقيق
العدالة واعادة االعتبار للضحايا بما يضمن توفير أرضية خصبة لتجاوز الماضي واالنطالق
نحو المستقبل ،تفترض النهوض ببرامج متكاملة وشاملة لتحقيق هذا المسعى.4
ويتخذ اكتمال برامج جبر الضرر بالمفهوم الذي تطرحه المفوضية السامية لحقوق
اإلنسان بعدين؛ بعد موضوعي وبعد مادي وهو ما سنعمل على توضيحه على النحو
التالي:5
-)1المرجع نفسيه مفوضرية األمرم المتحردة لحقروق اإلنسران ،أدوات سييادة القيانون لليدول الخارجية مين الصيراعات،
برامج جبر الضرر ،مرجع سابق ،ص.91.
-)2على الرغم من اعتبار كل مين تجربية جنيوب إفريقييا والتجربية المغربيية مين التجيارب الناجحية فيي مجيال العدالية
االنتقالية إال أنهما لم تتمكنا من بلوغ الكمال فيما يتعلق بجبر الضرر ،لمزيد مين التفاصييل ارجيع كيل مين :الطيرب
هايرردي" ،العداليية االنتقالييية نميياذج دولييية مختييارة " ،العداليية االنتقالييية فييي السييياقات العربييية ،المنضييمة العربييية لحقييوق
اإلنسان ،د.ب.ن.1091 ،ص19.؛ الريسونس مصطفى" ،جبر الضير فيي التجربية المغربيية" ،العدالية االنتقاليية فيي
السياقات العربية ،مرجع سابق ،ص.11-91.
-)3يتعلق األمر بكل من:
-قررررانون رقررررم 24-44المي ييؤرخ في ييي 91أوت ،9110يتعلي ييق بالتعويضي ييات الناجمي يية عي يين قانون ي يا للعفي ييو الشي ييامل
رقم ،91-10ج.ر.ج.ج.د.ش ،عدد 11بتاريخ 91أوت .9110
-مرسرررررررررروم تشررررررررررريعي رقررررررررررم 43-41م ي ي ي ييؤرخ ف ي ي ي ييي 91ين ي ي ي يياير ،9111المتض ي ي ي ييمن ق ي ي ي ييانون المالي ي ي ي يية لس ي ي ي يينة
،9111ج.ر.ج.ج.دش ،عدد ،1الصادرة بتاريخ 10 ،يناير .9111
114
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
تستوقفنا كذلك في هذا الصدد ،مسألة عدم توسيع المشرع الجزائري لمفهوم ضحية
المأساة الوطنية لباقي الحاالت المتضمنة في النصوص القانونية المتعلقة بتعويض ضحايا
اإلرهاب تماشيا مع منطقه المبني على ربط التعويضات واإلعانات بالمأساة الوطنية ،والذي
كان من شأنه أن يحول دون تعميق الهوة بين مختلف التدابير المتعلقة بإعادة كرامة
الضحايا.1
نتوقف عند نهج واضعي قانون المصالحة الوطنية في التعاطي مع مسألة تعويض
الرغم مما ذهب إليه ضحايا المأساة الوطنية في بعدها المادي ،والذي على
– في خطوة محمودة– من توسيع النطاق المادي لمسألة جبر الضرر لتشمل كل من األسر
المحرومة التي ابتليت بضلوع أحد أقاربها في اإلرهاب من إعانات مالية بعنوان التضامن
االجتماعي ،2وكذا تقرير حق األشخاص الذين كانوا محل تسريح إداري من العمل بسبب
األفعال المتصلة بالمأساة الوطنية في االستفادة من التعويض أو إعادة إدماجهم في مناصب
= -مرسرررررررروم تشررررررررريعي رقررررررررم ،39-41مي ي ي ييؤرخ في ي ي ييي 11ديسي ي ي ييمبر ،9111يتضي ي ي ييمن قي ي ي ييانون الماليي ي ي يية لسي ي ي يينة
،9111ج.رج.ج.د.ش ،عدد ،99الصادرة بتاريخ 10ديسمبر .9111
-قرررانون رقرررم ،49-44الم ييؤرخ ف ييي 91يولي ييو ،9111يتعل ييق باس ييتعادة الوئ ييام الم ييدني ،ج.ر.ج.ج.د.ش ،ع ييدد
،11الصادرة بتاريخ 91يوليو .9111
-مرسررروم تنفيرررذي رقرررم ،929-49المييؤرخ ف ييي 91ديسييمبر ،9119يحييدد ش ييروط التكفييل بالعييائالت المحروم يية
ضحايا المأساة الوطنية وكيفيات تطبيقها ،ج.رج.ج.د.ش ،عدد ،11الصادرة بتاريخ 91ديسمبر.9119
-مرسرررروم تنفيررررذي رقررررم ،97-44الم ييؤرخ ف ييي 91فب اري يير ،9111يتعل ييق بم يينح تعويض ييات لص ييالح األش ييخاص
الطبيعيييين ضييحايا األض يرار الجسييدية والمادي ية التييي لحقييت بهييم نتيجيية أعمييال إرهابييية أو حييوادث وقعييت فييي إطييار
مكافحة اإلرهاب ،وكذا لصالح ذوي حقوقهم ،ج.ر.ج.ج.د.ش ،عدد ،01الصادرة بتاريخ 99فبراير .9111
-مرسررروم تنفيرررذي رقرررم ،392-44مييؤرخ ف ييي 91فب ارييير ،9111يتض يمن إحييداث دور اسييتقبال اليتييامى ض ييحايا
اإلرهاب وتنظيمها وعملها ،ج.ر.ج.ج.د.ش ،عدد ،01الصادرة بتاريخ 99فبراير .9111
-)1لقييد دع يي األسييتاذ "مرررروان عرررزي" رئيييس خلييية المسيياعدة القضييائية لتنفيييذ الميثيياق ميين أجييل الس يلم والمصييالحة
الوطنية ،إلى ضيرورة تحييين القيوانين المتعلقية بتعيويض ضيحايا اإلرهياب بميا يتوافيق ميع متطلبيات هيذه الفئية ،أنظير
ف ييي ذل ييك( ،خ) ملكيرررة ،خلي يية المس يياعدة القض ييائية لتنفي ييذ ميث يياق م يين أج ييل الس ييلم والمص ييالحة الوطني يية 91:اقت ارح ييا
الستكمال المسار وسد الثغرات ،جريدة المساء ،يوم .1099-01-99
-)2المادة 11من األمر رقم ،43-46مرجع سابق.
115
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
الشغل ،1إال أنه انتهى وفي مفارقة عجيبة إلى إقصاء طائفة واسعة من الضحايا من تقرير
حقهم في التعويض سواء بصفة جزئية أم كلية.
فمن حيث اإلقصاء الجزئي نجده يتجلي من خالل النقص الذي يعتري نظام
التعويض المقرر بعنوان ضحايا المأساة الوطنية ،والذي يقصي كل من المتضررين
المباشرين " الشخص المفقود" في حالة ما إذا أسفرت نتائج عمليات البحث المتبعة من
طرف الشرطة القضائية عن عدم هالكه ،من الحق في الحصول على تعويض متى ثبت أن
حالة الفقدان لم تكن نتيجة التحاق الشخص( بالجماعات اإلرهابية) ،2فضال عن إقصاء كل
من أبناء "ضحية المأساة الوطنية" البالغين 19سنة فما فوق وكذلك األبناء البالغين 91سنة
فما فوق والذين ال يزاولون الدراسة أو ال يتبعون التمهين ،فضال عن بنات الهالك ذوات
دخل ،3مما يجعلنا نتساءل عن سبب هذه الترجمة التشريعية الخاطئة لمفهوم التعويض
الشامل المترتب عن المسؤولية المدنية للدولة ،الذي يفترض أن يطال جميع المتضررين.
ومن جهة أخرى ،نأخذ على المشرع الجزائري ،ما ذهب إليه من عدم التمييز بين
األشخاص الذين كانوا محل تسريح إداري بفعل األعمال المتصلة بالمأساة الوطنية و الذين
ثبتت براءتهم فيما بعد ،و أولئك الذين تأكدت إدانتهم ،4خاصة فيما يتعلق بإجراءات إعادة
اإلدماج ،فإذا كان من المنطقي ما ذهب إليه المشرع الجزائري من تغليب عملية التعويض
بدال من اإلدماج مراعاة لوضعية المستخدم ،الذي قد يكون قد تعرض للتصفية أو اإلفالس
أو إعادة الهيكلة ،هذا فضال عما انجر عن عملية الخوصصة من غلق العديد من
المؤسسات االقتصادية العامة،وكذا مراعاة للحالة النفسية أو البدنية أو أي حائل آخر قد
يحول دون تمكن الشخص التائب من العودة إلى منصب عمله.5
واذا كان من المنطقي ما ذهبت إليه تعليمة رئيس الحكومة الصادرة في أفريل
،1001من استثناء كل من العارضين الذين تتوافر فيهم الشروط المقررة ،والذين مارسوا
سابقا بصفتهم مستخدمين مدنيين شبيهين بو ازرة الدفاع الوطني و مستخدمي المديرية العامة
لألمن الوطني ،زيادة على مناصب التعليم و التأطير في مؤسسات التربية الوطنية والتكوين
المهني والجامعات ،من الحق في إعادة اإلدماج ،1واذا كان من المقبول ما ذهب إليه
المشرع من عدم ترتيب آثار مالية رجعية عن عملية إعادة اإلدماج ،2إال أن كل ذلك قد
يعتبر إجحافا واهدار للحقوق عندما يتعلق األمر بأشخاص ثبتت براءتهم.
أما عن عملية اإلقصاء الكلي ،فهي تتعلق بمجموعة واسعة من الضحايا المباشرين
لالنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق اإلنسان والقانون الدولي اإلنساني خالل المأساة
ملف معتقلي الصحراء ،ملف الوطنية ،طرحت جملة من الملفات ممثلة في كل من؛
عناصر األمن الوطني الذين كانوا محل تسريح خالل المأساة الوطنية ،ملف األشخاص
الذين كانوا ضحايا عمليات تعذيب و معامالت الإنسانية ومهينة نتيجة تصرفات انفرادية
من طرف أعوان األمن الوطني ،ملف األشخاص الذين ثبتت براءتهم بعد مكوثهم فترة معتبرة
في المؤسسات العقابية ،3ملف أطفال الجبل الذين لم يثبت نسبهم ،4ملف عناصر الدفاع
الذاتي ،5وكذلك الملفات المتعلقة بكل من المهجرين داخليا ،6فضال عن تعويض الممتلكات
-)1تعليمة رئيس الحكومة رقم 41المؤرخة في ،2446/33/21المتعلقة بدراسة طلبات التعويض المقدمة من
قبل المستخدمين العسكريين والمدنيين التابعين لو ازرة الدفاع الوطني المتطوعين أو المفصولين من الخدمة.
-)2المادة 1/91من المرسوم الرئاسي رقم ،392-46مرجع سابق.
3
) - Voir :C.N.P.P.D.H, Rapport annuel, état de droit en Algérie, Op.cti,p.69.
-)4لقد صرح األستاذ "مروان عزي" بأن خليتيه تلقيت 900مليف مين أبنياء الجبيال دون شيهادة مييالد وقيد تيم تسيوية
10مليف منهييا فقيط عيين طرييق اعتميياد تقنيية الحمييض النييووي المكلفية جييدا عليى حييد تعبييره ،كمييا أشيار هييذا األخييير
إلييى وجييود 100طفييال آخ يرين لييم تييتم تسييوية ملفيياتهم بعييد ،أنظيير فييي ذلييك :بوروينررة فتيحررة 100" ،طفييل مولييودون
في معاقل اإلرهاب ينتظرون شهادات ميالد رسمية" ،المساء 11 ،جويلية .1091
5
( - Voir :C.N.P.P.D.H, 2010, Op.cit.p.69.
-)6لقد تم إحصياء أكثير مين ملييون وميأتي مهجير داخليي خيال فيي أعقياب األزمية األمنيية الجزائريية ،ارجيع برقروق
محند ،مرجع سابق ،ص10.
117
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
1
)- Billant de l’application de la charte pour la paix et la réconciliation entre satisfaction et scepticisme,
In el watan. du 12/9/2006.
-)2مرسوم تنفيذي رقم ،26-39مؤرخ فيي 9فيفيري ،1091ييتمم مرسيوم تنفييذي رقيم ،19-11الميؤرخ فيي 91
فبراير ،9111يتعلق بمنح تعويضات لصيالح األشيخاص الطبيعييين ضيحايا األضيرار الجسيدية والماديية التيي لحقيت
بهم نتيجة أعمال إرهابية أو حوادث وقعت في إطار مكافحة اإلرهاب ،وكذا لصيالح ذوي حقيوقهم ،ج.ر.ج.ج.د.ش،
عدد ،1الصادرة بتاريخ 1فبراير .1091
3
)- Voir : PENA Mariana , « Réparation individuelle et réparation collective » , Op.cit, p.155.
-)4مفوضررية األمررم المتحرردة لحقرروق اإلنسرران ،أدوات سيييادة القييانون للييدول الخارجيية ميين الصيراعات ،ب يرامج جبيير
الضرر ،مرجع سابق ،ص.1.
118
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
تسريح إداري إلى مناصب عملهم على نطاق ضيق ،1تعويض األشخاص الطبيعية
عن ممتلكاتهم الخاصة المتضررة سواء جراء األعمال اإلرهابية أو جراء عمليات
مكافحة اإلرهاب.2
-ضمان عدم التكرار :وهو العنصر الذي يأخذ بعد جبر الضرر الجماعي ،ويتعلق
خاصة باالضطالع بعمليات إصالحات مؤسسية ،وترقية حقوق اإلنسان ،3وهو ما
التدابير خالل مجموعة من عمل المشرع الجزائري على محاولة تحقيقه من
التشريعية -الغير مكتملة البناء -خارج إطار قانون المصالحة الوطنية ،منها ما كان
الحقا عن قانون المصالحة الوطنية ويتعلق األمر برفع حالة الطوارئ ، 4تعديل
قانون اإلعالم ،إعادة هيكلة الواقع التشريعي المتعلق بحرية اإلعالم ،الممارسة
الحزبية وكذلك الحركة الجمعوية؛ ومنها ما كان سابقا عن قانون المصالحة الوطنية
طالت كل من مرفق ويتعلق األمر باإلصالحات المؤسسية الواسعة التي
القضاء ،السجون ،وكذلك اإلدارات العمومية ،5هذا وترتبط ضمانات عدم التكرار
ارتباطا وثيقا بالحق في معرفة الحقيقة في بعده الجماعي واالعتراف بأخطاء
السابقة ،وهو ما سنري الحقا في إطار هذا البحث بأنه من الحقوق التي تم إقصائها
في إطار قانون المصالحة الوطنية.
-الترضية :وتتعلق بمجموعة واسعة من التدابير ،تتراوح بين التدابير الهادفة إلى وقف
االنتهاكات من خالل استجالء الحقيقة وفرض العقوبات القضائية.1
ثاني ا
إهدار قانون المصالحة الوطنية للحق في معرفة الحقيقة
لقد برز الحق في معرفة الحقيقة كأحد أهم المساءل التي عادة ما تثار في أعقاب
النزاعات واالضطرابات الداخلية ،وقد ارتبط منذ أزمنة قريبة بحقوق الضحايا وأسرهم
في معرفة وقائع ومالبسات حاالت االختفاء القسري ،إال أنه سرعان ما اتسع نطاقه المادي
ليشمل جميع صور االنتهاكات الجسيمة لحقوق اإلنسان.2
هذا الحق الذي حضي بأهمية واسعة في إطار التجارب المقارنة للعدالة
االنتقالية ،3والذي تم طرحه على أنه حق غير قابل للتصرف أو التقادم ومرتبط ارتباطا وثيقا
بالحقوق األخرى ،4يجد في تدابير العفو غير الخاضعة للمسألة أحد أبرز مظاهر الممارسة
التي تعوق تكريسه على أرض الواقع.5
وهو ما يعكسه قانون المصالحة الوطنية الذي يقصي الحق في معرفة الحقيقة من
أولوياته سواء في بعده الفردي ،أين اختزل قانون المصالحة الوطنية حق ذوي حقوق
1
)- MOTTET Carol et POUT Christina, la justice transitionnel: une voie vers la réconciliation et la
construction d’une paix durable, Op.cti.23.
-)2نقبرري ياسررمين" ،الحييق فييي معرفيية الحقيقيية فييي القييانون الييدولي واقييع أم خيييال " ،مختييارات ميين المجل ية الدولييية
للصليب األحمر ،اللجنة الدولية للصليب األحمر ،المجلد ،99العدد ،911حزيران ،1001ص.11-19.
-)3تعتبر كيل مين لجيان الحقيقية والمصيالحة المنشيأة فيي جنيوب إفريقييا ،ولجنية المصيالحة واإلنصياف المغربيية مين
قبيل التجارب الرائدة في هذا المجال :
-Voir : YOUSSEF Nada,Op.cti ,pp.227-246.
-)4سيادة القانون والعدالة االنتقالية لمجتمعات الصراع ومجتمعات ما بعد الصرراع ،وثيائق ،األميم المتحيدة ،رميز
الوثيقة S/1001/119بتاريخ 11أوت ، 1001ص.90-1.
-)5سررووكا ياسررمين" ،النظيير إلييى الماضييي والعداليية االنتقالييية لبنيياء السيالم ميين ̨خييالل الكشييف عيين المسييؤوليات"،
المجلة الدولية للصليب األحمر( ،اللجنة الدولية للصليب األحمر) ،مختارات من األعداد 1001ص.19.
120
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
األشخاص المفقودين في مجرد الحصول على تعويضات مادية ،وهو الحق الذي يتوقف
على مدى استعداد عائالت المفقود في التصريح بوفاة الشخص المفقود مما يشكل عذابا
نفسيا حقيقيا بالنسبة لعائالت الضحايا ،1فضال عن ما تتكشف عنه نصوص الميثاق ذاته
من صورية عملية البحث التي يتعين على أعضاء الشرطة القضائية الشروع فيها ،نظ ار
لربطها بنتيجة وحيدة وتتمثل في تحرير محضر بالفقدان جراء عدم جدوى البحث ،دون إيراد
أي احتمال آخر ،وتنظيم ما قد ينجر عنه من نتائج .2
هذا ،وال يقر قانون المصالحة الوطنية لذوي حقوق الضحايا ،بالحق في الحصول
على معلومات كافية عن ظروف ومالبسات وقوع حاالت االختفاء ،أو تحديد مكان الوفاة
وسببها وارشاد األهالي إلى مكان دفن ذويهم.3
أما عن الحق في معرفة الحقيقة في بعده الجماعي فنجد مقصي من خالل المادة 11
من قانون المصالحة الوطنية التي تنص على ما يلي" :يعاقب بالحبس من 1سنوات إلى 1
كل من يستعمل من خالل سنوات وبغرامة من 11.000دج إلى 1000.000دج
تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر ،جراح المأساة الوطنية أو يعتد بها للمساس
بمؤسسات الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،أو إلضعاف الدولة ،أو لإلضرار بكرامة
أعوانها الذين خدموها بشرف ،أو لتشويه سمعة الجزائر في المحافل الدولية" ،4وهو ما
-)1لقييد طالبييت لجنيية حقييوق اإلنسييان ميين الج ازئيير إلغيياء شييرط التص يريح بالوفيياة للحصييول علييى التعييويض ،أنظيير
في ذلك:
- Comité des droit de l’homme, Observation final sur l’Algérie, CCPR/C/DZA/3, du 12 décembre 2007,
p. 12.
-)2المادة 10من األمر ،43-46مرجع سابق.
-)3لقييد حث يت لجنيية حقييوق اإلنسييان الدولييية الج ازئيير علييى اتخيياذ اإلج يراءات الضييرورية لضييمان ذوي حييق عييائالت
المفقودين في معرفة مصير الشخص المفقود،
-Voir : Comité des droit de l’homme, Observation final sur l’Algérie, CCPR/C/DZA/3, du 12 décembre
2007, Op.cit, pr.12.
-)4المادة 11من األمر ،43-46مرجع سابق.
121
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
نستقرئ منه مقدار معينا من القيد على كل باحث على الحقيقة ،1مما يشكل قيدا علي كل
باحث عن الحقيقة.
الفرع الثاني
تبني قانون المصالحة الوطنية لخيار العفو
-بين ضرورة استتباب األمن و متطلبات تحقيق العدالة –
على الرغم من تضافر الجهود الدولية في إطار القانون الدولي التعاهدي في محاربة
اإلفالت من العقاب ،من خالل ترسانة من الصكوك الدولية التي لم يغفل المجتمع الدولي
عن تضمينها أحكام تشدد على بذل جميع الجهود الالزمة لمحاكمة مرتكبي الجرائم
الدولية ،إال أن هاته األحكام المتضمنة لمظاهر السعي الحثيث للنهوض بهذه القيمة من قبل
المجتمع الدولي تصطدم بااللتباس المتوطن حول مدى شرعية تدابير العفو من عدمها.2
والتي عادة ،ما تلجأ الدول في أعقاب النزاعات المسلحة ذات الطابع غير الدولي إلى
تبنيها ،نزوال عند مقتضيات المادة 1/1من البرتوكول اإلضافي الثاني التفاقيات جنيف
األربعة ،التي تحث الدول في أعقاب النزاعات المسلحة ذات الطابع غير الدولي لمنح العفو
الشامل على نطاق واسع لألشخاص الذين شاركوا في النزاع المسلح أو الذين قيدت حريتهم
ألسباب تتعلق بالنزاع المسلح ،سواء كانوا معتقلين أم محتجزين.3
-)1ومع تقديرنا الكامل لمضمون هذه المادة من جهة أن الدولة الجزائرية كانت في حرب ضد اإلرهاب الذي سعى
إلى المساس بالمنظومة االجتماعية فضال عن مؤسسات الدولة ،إال أن ،كل حالة عنف مسلح من هذا القبيل
تقتضي وجود تجاوزات – انفرادية – إلى أن إطباق العدالة الوطنية على هذه النزوات هو بحد ذاته تحقيقا لشرف
األعوان وضمان لهيبة الدولة بل وانجا از للثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
-)2بن خديم نبيل ،استيفاء حقوق الضحايا في القانون الدولي الجنائي ،مذكرة لنيل درجة الماجستير في
الحقوق ،تخصص القانون الدولي العام ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،قسم الحقوق ،جامعة محمد خيضر ،بسكرة،
،1091ص.911.
-)3المادة 1/1من البرتوكول اإلضافي الثاني الملحق باتفاقيات جنيف األربعة ،مرجع سابق.
122
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
على صعيد آخر يذهب مجلس األمن في ق ارره رقم 9191إلى تأييد التحفظ الوارد في
ار بأن إجراء العفو يعتبر إجراءا قانونيا مقبوال باعتباره خطوة
تقرير األمين العام المتضمن إقر ا
مهمة الستتباب السلم وتحقيق المصالحة عقب انتهاء حرب أهلية أو صراع داخلي
مسلح ،إال أنه ال يمكن تطبيقه في حالة ارتكاب جرائم دولية ،وانتهى األمر بإدراج نص
المادة 90في النظام األساسي للمحكمة الجنائية المختلطة لسيراليون.1
نخلص من خالل ما سبق إلى القول بعدم إطالق حق الدول في اتخاذ تدابير
العفو ،ذلك أن شرعية هذه األخيرة من عدمها تتوقف على مدى استجابتها للقيود التي
يفرضها القانون الدولي من خالل مسعاه في مكافحة اإلفالت من العقاب.
نستشف بصفة واضحة -عند العودة إلى أحكام قانون المصالحة الوطنية الجزائري
أنه ال يعدو أن يكون إال صورة أخرى من صور اإلفالت من العقاب بعنوان العفو الشامل
غير الخاضع للمسألة ،وهو ما يمكن تبيينه من خالل ما يلي:
أوالا
قانون المصالحة الوطنية عبارة عن تدبير عفو غير خاضع للمسألة
تعتبر من قبيل تدابير العفو ألغراض البحث في مدى مشروعيتها بالمفهوم الذي
تطرحه هيئة األمم المتحدة تلك القوانين التي تهدف إلى:
حظر المالحقة الجنائية وفي بعض الحاالت اإلجراءات المدنية الحقا ،ضد أشخاص
معنيين أو فئات معينة من األشخاص فيما يتعلق بسلوك إجرامي محدد أرتكب قبل اعتماد
حكم العفو؛ أو إبطال أي مسؤولية قانونية سبق إثباتها.2
وهو التعريف الذي استوفى قانون المصالحة الوطنية إلى حد بعيد مقتضياته ،أين
يترتب عن االستفادة من إجراءات انقضاء الدعوى العمومية اإلعفاء من المتابعة ،إذا كانت
القضية ال تزال على مستوى التحقيق االبتدائي ،أو انقضاء الدعوى العمومية إذا كانت
موضوع تحقيق قضائي أو تأجيل أو قيد في الجدول أو مداولة أمام الجهات القضائية
للحكم ،انقضاء الدعوى العمومية ،والتي يترتب عنه بالمحصلة حضر المتابعة الجزائية
والمدنية في حق الشخص التائب عن األفعال محل قانون العفو ،1وذلك بالنسبة للفئات
التالية :
)9األشخاص الذين سلموا أنفسهم إلى السلطات المختصة في الفترة الممتدة من
91يناير من سنة 1000إلى 19فبراير.21001
)1األشخاص الذين يكفون عن ارتكاب األفعال المنصوص عليها في المواد
99مكرر إلى 99مكرر 1ومن المادة 99مكرر 1/إلى 90من قانون
ثانيا
منافذ اإلفالت من العقاب في إطار قانون المصالحة الوطنية
يمكن أن تتبين منافذ اإلفالت من العقاب في إطار قانون المصالحة الوطنية من خالل ما
يلي:
)9استعماله سياسة استبعاد ناقصة بعيدة كل البعد عن استيعاب جميع فئات السلوك
التي ينبغي أن تخضع لتحقيق فعال و أن يالحق مرتكبوها جنائيا عند ثبوت األدلة ،1وهو ما
يفضي بنا إلى القول بصورية اعتبار قانون المصالحة الوطنية من قبيل قوانين العفو
الخاضعة للمسألة ،أين اختزل الفئات المستبعدة من االستفادة من أحكامه في كل من:
األشخاص الذين ارتكبوا أفعال المجازر الجماعية ،أو انتهاك الحرمات ،أو استعمال
المتفجرات في األماكن العمومية ،أو شاركوا فيها أو حرضوا عليها.2
)1تقرير قانون المصالحة الوطنية ألحكام عفو بحكم الواقع في صورة حصانة من
المقاضاة من خالل نص المادة 11من األمر 43-46المتضمن تنفيذ ميثاق السلم
والمصالحة الوطنية ،ويتعلق األمر بحضر الشروع في أية متابعة قضائية بصورة فردية أو
جماعية في حق أفراد قوى الدفاع واألمن للجمهورية بسبب أفعال نفذت من أجل حماية
األشخاص والممتلكات ،ونجدة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،3فإذا كانت
المتابعات القضائية العامة مرفوضة بحكم قواعد اإلنصاف وحقوق اإلنسان وبإعمال مبدأ
عدم المساس بمؤسسات الجمهورية ،إال أن المتابعات الفردية ال يوجد مبرر أو مسوغ
-)1مفوضية األمم المتحدة السامية ،أدوات سيادة القانون للدول ما بعد الصراع ،تدابير العفو ،وثائق األمم
المتحدة ،رمز الوثيقة ،92009 HR /PUB/09 0،ص.1 .
-)2هذا وقد خولت أحكام قانون المصالحة الوطنية لهذه الفئة الحق في االستفادة من استبدال العقوبة أو
تخفيضها؟!! ،أ نضر في ذلك المواد 90و 1/91و99و 91و 10من األمر رقم ،43-46مرجع سابق.
-)3المادة 11من األمر ،43-46مرجع نفسه.
126
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
الستبعادها ،إن لم تكن من جهة الضحايا كان يجب أن تكون من جهة النيابة العامة
المختصة تلقائيا.
المطلب الثاني
إقصاء آليات العدالة االنتقالية من إنفاذ قانون المصالحة الوطنية
تطرح عملية بناء آليات العدالة االنتقالية على أنها عملية مرنة ،من حيث أنها تسمح
في ظل غياب نموذج موحد عن هذه اآلليات ،للدولة التي هي بصدد عملية انتقال ،استلهام
آليات خاصة بها من خالل اإلفادة من مكاسب واخفاقات التجارب المقارنة السابقة
عنها ،1مما من شأنه أن يتيح لها بناء آليات للعدالة االنتقالية على درجة من الشمولية في
ضوء معايير العدالة االنتقالية وخصوصية تجربتها.2
واذا أضحى من المسلم به على نطاق واسع ،بأن بناء العدالة االنتقالية على مقاربة
شمولية ومتكاملة ال يمكن أن يتأتى بمنأى عن الموازنة بين اآلليات التصالحية واآلليات
العقابية ،وأن أي مقاربة قائمة على أساس نهج واحد من اآلليات تطرح فكرة العدالة
االنتقائية ،3فإن قيام المقاربة الجزائرية على إقصاء كل من اآلليات التصالحية (فرع أول)
واآلليات العقابية (فرع ثان) من نطاق إنفاذ قانون المصالحة الوطنية يطرح مفهوم العدالة
اإلقصائية.
1
)- YOUSSEF Nada ,Op.cti, p.227.
-)2بلكررروش حبيرررب" ،العداليية االنتقالييية ...المفيياهيم اآلليييات " ،العداليية االنتقالييية فييي الس يياقات العربييية ،المنظميية
العربية لحقوق اإلنسان ،د.ب.ن.1091 ،ص.11.
3
)- YOUSSEF Nada, Op.cti, p.227 .
127
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
الفرع األول
إقصاء اآلليات التصالحية من نطاق إنفاذ قانون المصالحة الوطنية
لقد سمحت التجارب المقارنة في مجال العدالة االنتقالية ببناء اتجاه جديد مثلتها
تجارب العدالة االنتقالية من خالل لجان الحقيقة ،1والتي على الرغم من إسهامها في إثراء
حقل العدالة االنتقالية من خالل ما يقارب 10تجربة على درجات متفاوتة من النجاح عرفت
إرهاصاتها األولى منذ بداية السبعينات ،إال أنها الزالت تعد من التطورات الحديثة نسبيا في
إرساء آليات (تصالحية) غير قضائية ضمن نهج شامل ومتكامل للعدالة االنتقالية.2
أماعن المقصود بلجان الحقيقة ،فيمكن أن نستقي دالالتها في ضوء أهم الخصائص
التي تتميز بها هذه األخيرة ،والتي يمكن استنباطها من مختلف التجارب المقارنة في هذا
الصدد والمتمثلة في:
)9محدودية الوالية :سواء تعلق األمر بالوالية الموضوعية ،من خالل الحصر المرن
لنوع الجرائم التي تعني اللجنة بالتحقيق فيها ،كما قد تم توسيع الوالية الموضوعية
للجان الحقيقة لتشمل عمليات جبر الضرر ،3وكذا الوالية الزمنية أين يكون
االختصاص الزمني لهذه اللجان مؤقت ،سواء فيما يتعلق بالوالية محل التحقيق أو
فيما يتعلق بمدة عملها ،على أن يكون تحديد هذه األخيرة مرنا وقابال للتمديد لعهدة
أو عهدتين.4
)1التفاعل مع مناهج العدالة االنتقالية األخرى :سواء تعلق األمر بالبرامج التصالحية
األخرى ،والتي قد تكون لجان الحقيقة وعاء لها متى تمت إناطتها بمهمة
االضطالع بعمليات جبر الضرر و/أو البحث في السبل الفعالة لإلصالح
المؤسساتي ،أو قد تكون هذه البرامج امتداد لعمل لجان الحقيقة ،من خالل ما
تطرحه توصياتها من أسس يمكن االستناد عليها في بناء نهج متكامل للعدالة
االنتقالية ،1هذا و تتقاطع أعمال لجان الحقيقة مع العمليات الجنائية ،إما بتعزيز
الهدف المنشود منها من خالل ما قد تقدمه من دعم لجهات االتهام ،أين تتناول
لجان الحقيقة بالتحقيق المواضيع التي يمكن لها أن تكون موضوعا للمحاكم ،أو
بتجاوزها كما هو األمر بالنسبة لتقرير حق العفو المشروط مقابل الحقيقة ،بالنسبة
للجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب إفريقيا.2
)1االنطالق من الماضي لبناء المستقبل ،بحيث تقوم فلسفة لجان الحقيقة على الوقوف
على انتهاكات الماضي من أجل اإلفادة منها في صياغة توصيات للمساعدة على
النهوض بالمستقبل.3
و إذا كان من المسلم به ،أن نجاعة أداء لجان الحقيقة يدور وجودا وعدما مع
استيفائها لمقومات ،الحياد ،االستقاللية ،مدى االلتزام بتوصياتها ،الدعم الجماهيري
لها ،المقدرة على حماية الشهود ،كفاية التمويل ،التكامل مع إجراءات العدالة االنتقالية
األخرى ،4فضال عن التفرد بما يستجيب لخصوصية سياق تجربة الدولة محل عملية
االنتقال ،والتي إن كانت تشكل المبادئ األساسية لنجاعة عمل لجان الحقيقة ،إال أنها
-)1مفوضررية األمررم المتحرردة لحقرروق اإلنسرران ،أدوات سيييادة القييانون لليدول مييا بعييد الصيراع ،لجييان الحقيقيية ،مرجييع
سابق ،ص.1.
-)2سووكا ياسمين ،مرجع سابق ،ص.19.
-)3بلكوش حبيب ،مرجع سابق ،ص.19 .
4
) - HAZAN Pierre, Op.cti, p.359.
129
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
يصدق عليها في الوقت نفسه وصف التحديات التي تواجه العدالة االنتقالية عبر آلية لجان
الحقيقة.1
على صعيد آخر ،تحتل إشكالية مدى مالئمة آلية لجان الحقيقة كبنية أساسية
لتحقيق العدالة االنتقالية ،صدارة المسائل التي يجب التوقف عندها والتي عادة ما تكون
رهينة المحددات التاريخية ،السياسية ،االقتصادية ،واالجتماعية للسياق الذي تطرح فيه مسألة
العدالة االنتقالية ،2أين تتفاعل هذه المحددات للحيلولة دون اعتماد آليات الستجالء الحقيقة
بالمطلق ،سواء تعلق األمر بلجان الحقيقة أو غيرها من نماذج اآلليات التي يطلق عليها
وصف اآلليات التصالحية الهادفة إلى إعادة اعتبار للضحايا ووضع ضمانات عدم التكرار
من خالل قناة إجالء الحقيقة ،3األمر الذي يمكن أن نلمس مظاهره من خالل التجربة
الجزائرية.
نسجل كذلك ،محدودية تجربة العدالة االنتقالية من خالل آليات إجالء الحقيقة في
إلهام واضعي الميثاق من أجل السلم والمصالحة ،4رغم أن الجزائر قد عرفت تجربة سابقة
شبيهة بلجان الحقيقة حيث انتهى السيد رئيس الجمهورية "عبد العزيز بوتفليقة" بموجب
المرسوم الرئاسي رقم ،111-01إلى إلحاق هيئة خاصة ومؤقتة باللجنة االستشارية لترقية
و حماية حقوق اإلنسان ،أنيطت بها مهمة التكفل بالعرائض الرامية إلى البحث عن كل
شخص يصرح أحد أعضاء أسرته بفقدانه.5
يطغى على عمل هذه األخيرة طابع الجرد والتنسيق أين تم حصر صالحياتها في:
-)1مفوضررية األمررم المتحرردة لحقرروق اإلنسرران ،أدوات سيييادة القييانون لليدول مييا بعييد الصيراع ،لجييان الحقيقيية ،مرجييع
سابق ص.10.
-)2بلكوش حبيب ،مرجع سابق ،ص.19.
-)3سووكا ياسمين ،مرجع سابق ،ص.19.
-)4أمر رقم ،43-46مرجع سابق.
-)5مرسرروم رئاسرري ،244-41المييؤرخ فييي 99سييبتمبر ،1001يييتمم المرسييوم الرئاسييي رقييم ،99-09المييؤرخ 11
مييارس ،1009والمتضييمن إحييداث الجنيية االستشييارية بترقييية حقييوق اإلنسييان وحمايتهييا ،ج.ر.ج.ج.د.ش ،عييدد 11
الصادرة بتاريخ 91سبتمبر.1001
130
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
تم العثور عليهم ،سواء تعلق األمر بعمليات التعويض أو إعادة اإلدماج في المجتمع ،وهو
ما ترده الرابطة الجزائرية لحقوق اإلنسان إلى كون نتائج التحقيق في حقيقة األمر كانت
محسومة منذ البداية.1
نزوال عند مقتضيات المادة 9مكرر 1من المرسوم الرئاسي رقم ،244-41عمدت
اللجنة إلى رفع تقريرها إلى رئيس الجمهورية تزامنا مع نهاية عهدتها أواخر شهر مارس ،وهو
التقرير الذي لم يبصر النور بعدها أبدا.2
يبقى أن نشير إلى أن أعمال هذه األخيرة ،لم تسفر عن أية نتيجة تذكر ،أين اختزل
قانون المصالحة الوطنية التدابير المعتمدة إزاء ملفات االختفاء القسري في تعويض ذوي
حقوق الضحايا بعنوان "ضحية المأساة الوطنية" بناء على حكم قضائي بالوفاة ،يتم
استصداره من طرف أحد ورثته أو أي شخص ذي مصلحة ،بموجب محضر معاينة بفقدان
الشخص المعني ،تعده الشرطة القضائية على إثر عمليات البحث التي تنتهي إلى عدم
جدوى البحث.3
إال أن تسليمنا بكون إخفاق تجربة العدالة االنتقالية من عدمها ،ليس مرهونا باعتماد
آليات استجالء الحقيقة على الرغم من محورية دور هذه األخيرة في مسارات العدالة
االنتقالية ،4دفعنا إلى عدم التوقف عند جزئية إقصاء قانون المصالحة الوطنية لهذه الطائفة
من اآلليات ،للحكم على نجاح المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية في بعدها اإلجرائي ،بل
نتجاوزها للبحث عن حقيقة رصد قانون المصالحة الوطنية آلليات فعالة في إطار نهج
متكامل وشامل للعدالة االنتقالية ،من شأنها أن تعكس حقيقة اإلرادة السياسية في تجاوز
مخلفات الماضي وفقا لرؤية خاصة ومتفردة تستجيب للخصوصية السياق الجزائري.5
1
(- C.F.D.A, Op.cit , p.28.
-)2سي صالح نور الدين ،مرجع سابق ،ص.19.
-)3المادتين 10و 19من األمر رقم ،43-46مرجع سابق.
-)4بلكوش حبيب ،مرجع سابق .ص.19.
5
)- YOUSSEF Nada, Op.cti, p.227.
132
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
وهو ما انتهينا بشأنه إلى القول بقيام المقاربة الجزائرية في بعدها اإلجرائي على نهج
سلبي في التعامل مع آليات العدالة االنتقالية ،أين لم يتم رصد أي آلية تصالحية تذكر في
هذا الصدد ،وهو ما يفسر في حقيقة األمر إخفاق قانون المصالحة الوطنية في التعامل مع
ملف المفقودين ،و النقص في التعامل مع مسألة جبر الضرر ،فضال عن التجاوز النهائي
والتام لمسألة اإلصالح المؤسساتي.1
الفرع الثاني
قانون المصالحة الوطنية واشكالية اعتماد آليات المساءلة الجنائية
يتوقف تحقيق مقاربة فعلية للعدالة االنتقالية في شقها الردعي ،على مدى
االضطالع بتعزيز عملية إقرار المساءلة الجنائية بآليات إجرائية فعالة ،وهو األمر الذي
يقتضي أولوية الفعل الوطني ،مع اإلبقاء على افتراض نهوض اآلليات الدولية بهذه المهمة
في حالة عدم مقدرة أو عدم رغبة الدولة في االضطالع بمهامها المتعلقة بالمساءلة
الجنائية.2
وفي هذا الصدد تعتبر قوانين العفو غير الخاضعة للمساءلة على غرار قانون
المصالحة الوطنية ،من بين المقوضات األكثر شيوعا لتفعيل اختصاص الهيئة القضائية
المحلية في مواجهة االنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق
اإلنسان ،3وهو ما يطرح دور اآلليات الجنائية الدولية في محاربة اإلفالت من العقاب في
السياق الجزائري على باسطة البحث.
-)1وهو ما نوه إليه األستاذ "مروان عزي" أين تضمنت جملة االقتراحات التيي طرحهيا عليى السييد رئييس الجمهوريية
ضمن مسيعى ،اسيتكمال مسيار المصيالحة الوطنيية ضيرورة ،إنشياء هيئية خاصية بغيية الوقيوف عليى الثغيرات التيي
تعتري قانون المصالحة الوطنية .
-)2مفوضررررية األمررررم المتحرررردة لحقرررروق اإلنسرررران ،أدوات سي يييادة القي ييانون لي ييدول مي ييا بعي ييد الص ي يراعات ،مبي ييادرات
المقاضاة ،وثائق األمم المتحدة ،رمز الوثيقة ،1001 ،HR/PUB/06.04 ،ص.9.
-)3مفوضية األمم المتحدة لحقروق اإلنسران ،أدوات سييادة القيانون ليدول ميا بعيد الصيراعات ،تيدابير العفيو ،مرجيع
سابق ص.1.
133
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
أوالا
تقويض قانون المصالحة الوطنية اختصاص الهيئات القضائية المحلية
في مواجهة اإلفالت من العقاب
تجد عملية تفعيل اختصاص الهيئات القضائية المحلية في مواجهة اإلفالت من
العقاب ،ترجمتها في كل من القيام بعمليات تحقيق شاملة ومستقلة في جميع أنماط الجرائم
التي قد تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق
اإلنسان ،و إخضاع الفاعلين المحتملين لهذه الجرائم للمحاكمة.1
وهو ما نجده مغيبا تماما في إطار قانون المصالحة الوطنية ،أين ربط المشرع
الجزائري عودة المستفيدين من انقضاء الدعوى العمومية إلى بيوتهم بمجرد استيفاء جملة من
اإلجراءات الشكلية التي تقتصر على ،تقديم تصريح يشتمل خصوصا على كل من األفعال
التي ارتكبها أو كان شريكا فيها أو محرضا عليها و األسلحة والذخائر أو المتفجرات أو أي
وسيلة أخرى يحوزها كانت ذات صلة بهذه األفعال ،وفي هذه الحالة عليه أن يسلمها
للسلطات المذكورة أو يدلها على المكان التي تكون موجودة فيه.2
وذلك بالنسبة لألشخاص الذين يقومون في أجل أقصاه 1أشهر ابتداء من تاريخ
نشر األمر رقم 09-01في الجريدة الرسمية ،بالمثول طوعا أمام السلطات
المختصة ،ويكفون عن ارتكاب األفعال المنصوص عليها بموجب أحكام المادة 1من نفس
األمر ماعدا المواد 99مكرر 1و 99مكرر ،31وكذا األشخاص الذين هم محل بحث في
داخل التراب الوطني أو خارجه ،بسبب ارتكابه أو اشتراكه في فعل من األفعال المنصوص
-)1سيييادة القييانون والعداليية االنتقالييية لمجتمعييات الصيراع ومجتمعييات مييا بعييد الصيراع ،وثييائق األمييم المتحييدة ،رمييز
الوثيقة S/1001/119بتاريخ 11أوت ،1001ص.11 .
-)2المادة 91من األمر رقم ،43-46مرجع سابق.
-)3المادة 1من المرجع نفسه.
134
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
عليها بموجب األحكام المذكورة في المادة 1من قانون المصالحة الوطنية ،والذي يمثل
طوعا أمام السلطات المختصة في أجل أقصاه 1أشهر.1
مما يجعل من احتمال استفادة األشخاص السالفين الذكر من إجراءات انقضاء
الد عوى العمومية بناء على تصريحات كاذبة ،أمر محتمل الوقوع في ظل عدم إشارة قانون
المصالحة الوطنية لضرورة القيام بتحقيقات قضائية ،لبحث مدى صحة التصريحات المدلى
بها ،وهو ما من شأنه أن يفرغ نص المادة 90من األمر رقم 43-46من محتواه ،في
ظل انعدام احتمال إخضاع مرتكبي األفعال المنصوص عليها في المادة 90إلى
المحاكمة.2
على صعيد أخر ،نجد في الحصانة من المقاضاة التي تطرحها المادة 11من قانون
المصالحة الوطنية ،مظه ار آخر من مظاهر تقويض اختصاص الهيئات القضائية المحلية
في محاربة اإلفالت من العقاب.3
ثاني ا
مدى اختصاص آليات العدالة الجنائية الدولية في مكافحة اإلفالت من العقاب في
سياق حالة العنف المسلح الجزائرية
في الوقت الذي نستبعد فيه إمكانية إقامة محاكم مختلطة في السياق الجزائري ،وأمام
عدم اختصاص المحكمة الجنائية الدولية الدائمة في النظر في الجرائم المرتكبة في نطاق
حالة العنف المسلح الجزائرية ،يبقي بذلك االختصاص العالمي اآللية الوحيدة لمكافحة إفالت
مرتكبي الجرائم الدولية الجسيمة في إطار حالة العنف المسلح الجزائرية من العقاب.
-)1جرررردادوة عررررادل" ،المحي يياكم المختلطي يية نمي ييوذج جديي ييد للعدالي يية الدوليي يية " ،مجل ي ية الفقي ييه والقي ييانون ،العي ييدد الثالي ييث
عشر .1091 ،ص.911.
-)2مفوضرية األمررم المتحرردة لحقرروق اإلنسرران ،أدواة سيييادة القييانون لييدول مييا بعييد الصيراع ،زيييادة مييوروث المحيياكم
المختلطة ،وثائق األمم المتحدة ،رمز الوثيقة 1009 ،HR/PUB/08/02 ،ص.91 .
-)3جدادوة عادل ،مرجع سابق ،ص.919.
-)4مفوضررررررية األمررررررم المتحرررررردة لحقرررررروق اإلنسرررررران ،أدوات سي ي يييادة القيي ييانون ليي ييدول م ي ييا بع ي ييد الصي ي يراع ،مبي ي ييادرات
المقاضاة ،مرجع سابق ،ص.1.
136
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
أما في السياق الجزائري ،فبالتأكيد ينتفي هذا الطرح بالنظر إلى التوجه العام للرؤية
الجزائرية لهذا النوع من المحاكم ،بما يحويه من تداخل بين السياسي والقانوني ،هذا فضال
عن الموقف المبدئي من المنظمات الدولية العاملة في هذا المجال ،والتي تنطوي على
أهداف ال تكون بالضرورة واضحة.1
)2عدم خضوع الجرائم الدولية المرتكبة في نطاق حالة العنف المسلح
الجزائرية لوالية المحكمة الجنائية الدولية الدائمة:
تتكون المنظومة األمنية اإلنسانية ككل من أمن اإلنسان ذاته ،هذه األخيرة التي
الحت بوادرها في أعقاب الحرب العالمية األولى لتتوطد أكثر لدى المجموعة الدولية ،جراء
الكارثة اإلنسانية التي خلفتها الحرب العالمية الثانية خلفت أيما أثر ،على منهج المجموعة
الدولية في التعاطي مع مسألة إرساء آليات للعدالة الجنائية الدولية ،والتي منيت في نهاية
المطاف بإقرار النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية من طرف الجمعية العامة لألمم
المتحدة بتاريخ 99جويلية ،9119والذي دخل حيز النفاذ بعد إيداع الصك الستين
للتصديق بتاريخ 9جويلية .21001
وتعتبر هذه األخيرة بمفهوم المادة األولى من نظامها األساسي ،هيئة قضائية دولية
مستقلة ومكملة للوالية القضائية الوطنية ،3في اإلشارة لمبدأ التكاملية الذي يجعل من
اختصاص المحكمة الجنائية الدولية اختصاصا مكمال للوالية القضائية الوطنية ،كمحاولة
للتوفيق بين احترام سيادة الدول ومهمتها األصيلة في مكافحة اإلفالت من العقاب.4
-)1أنظر في ذلك الفقرة 1من ديباجة مشروع الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية ،مرجع سابق.
-)2لمزيد من التفاصيل راجع :خياطي مخترار ،دور القضياء الجنيائي اليدولي فيي حمايية حقيوق اإلنسيان ،ميذكرة لنييل
شيهادة الماجسيتير ،فيي إطييار مدرسية اليدكتوراه "القيانون األساسييي والعليوم السياسيية" ،فيرع القييانون اليدولي العيام ،كلييية
الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة مولود معمري ،تيزي وزو ،1099 ،ص.919-991.
-)3المادة األولى من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ،مرجع سابق.
-)4حسررررراني خالرررررد " ،مبي ييدأ التكامي ييل في ييي اختصي يياص المحكمي يية الجنائيي يية الدوليي يية " ،المجلي يية األكاديميي يية للبحي ييث
القانوني ،كلية الحقوق ،جامعة عبد الرحمان ميرة ،بجاية̔ ،المجلد ،90عدد 1091 ،01ص.91-99.
137
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
بحيث تنعقد والية المحكمة الجنائية الدولية ،في حالة ما إذا ثبتت عدم مقدرة الدولة
أو عدم رغبتها في االضطالع باختصاصاتها القضائية ،متى تم استيفاء شروط كل من
االختصاص الزمني والمكاني والموضوعي للمحكمة الجنائية الدولية ،1وهي الشروط التي ال
يبدو أنها مستوفاة في السياق الجزائري ،بحيث أن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية
اختصاص مستقبلي ال ينعقد بأثر رجعي على الجرائم التي تم ارتكابها قبل دخول نظامها
األساسي حيز النفاذ ،2في حين أن أغلب الجرائم التي تم ارتكابها في إطار حالة العنف
المسلح الجزائرية والتي تدخل في مجال االختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدولية قد
تم ارتكابها قبل تاريخ 9جويلية ،31001اللهم ما تعلق بجريمة االختفاء القسري باعتبارها
من الجرائم المستمرة ،وحتى هذه األخيرة ال يمكن تصور خضوعها لوالية المحكمة الجنائية
الدولية الدائمة إال متى صادقت الجزائر على النظام األساسي لهذه األخيرة .4
)1االختصاص العالمي كآلية وحيدة لمكافحة اإلفالت من العقاب في إطار
حالة العنف المسلح الجزائرية:
يقوم مبدأ االختصاص العالمي على إشراك القضاء الجنائي الوطني في تنفيذ القانون
الدولي الجنائي ،عن طريق االعتراف للمحاكم الوطنية بسلطة عقد اختصاصها القضائي
الجنائي في النظر في الجرائم دون أي رابط مباشر أو فعلي مع الجريمة أو المجرم ،متى
كانت الجريمة الدولية على درجة من الخطورة ،وكذا الوجود اإلرادي للمتهم على إقليم دولة
االختصاص العالمي.5
تجدر اإلشارة -في هذا الصدد -إلى أنه تم اتهام ومتابعة كل من األخوين عبد
القادر وحسين محمد من قبل وكيل جمهورية محكمة "نيم" بشأن تهمة التعذيب ،كما تم رفع
شكوى ضد الجنرال األسبق السيد "خالد نزار" أمام المحاكم الفرنسية ،وأيضا ضد وزير الدولة
ورئيس حزب حمس –سابقا -السيد "أبو جرة سلطاني" أمام المحاكم السويسرية بتهمة
التعذيب.1
139
الفصل الثاني :المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
نظ ار للنتائج المحدودة التيي أسيفرت عنهيا السياسية الردعيية " الكيل األمنيي" المعتميدة مين طيرف
الدولة الجزائرية -في بدايات األزمية -لمواجهية الظياهرة اإلرهابيية ،فيي مجيال حمايية الميواطنين
(خاصة)،كان لزاما عليي الدولية الجزائريية -و بيالموازاة ميع هيذه األخييرة -التوجيه نحيو تأصييل
سياسة قانونية أخرى بهدف احتواء األزمة األمنية.
شيرع فييي التمهيييد لهييذه األخييرة ميين خييالل إقيرار الحيوار الييوطني كحييل وحيييد لبنيياء أرضييية
خصي ييبة لالنطي ييالق نحي ييو تحقيي ييق مسي ييعى المصي ييالحة الوطني ي ية ،مي ييرو ار بإرسي يياء مجموعي يية مي يين
التشريعات االحتوائية ،برز في إطارها قيانون المصيالحة للوطنيية عليي أنيه مقاربية غيير مكتملية
األركان للعدالة االنتقالية.
140
خاتم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة
خاتمـــــــــــــــــة
لقد أسفر انفتاح األزمة الدستورية التي عايشتها الجزائر في أعقاب توقيف المسار
االنتخابي علي أزمة أمنية وعن مأساة وطنية حقيقة ،تجلت محدداتها القانونية في كل من
إخفاق مشروع البناء الديمقراطي التعددي كنتيجة منطقية لتفاعل كل من واجهية هذا األخير
واخفاق المؤسسات الدستورية في ضمان استم اررية الدولة من جهة ،فضال عن العنف
المسلح الذي جسد اإلطار الفعلي لهذه المأساة من جهة أخرى.
إن هذا الوضع ،من حيث أنه لم يعدو أن يكون إال انعكاسا للفراغ المؤسساتي
المفتعل في أعقاب فوز الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ (المحلة) بنتائج الدور األول من االنتخابات
التشريعية لسنة ،1991كان ممكن تالفيه من خالل إنفاذ القواعد الدستورية المتعلقة
بممارسة السلطة ،والتي يبدوا أنها كانت من وجهة نظر منظري ومؤيدي توقيف المسار
االنتخابي قاصرة عن ضمان ديمومة الطابع الجمهوري للدولة .
ومن جهتها لعبت المؤسسات الدستورية دو ار محوريا في تحديد مآالت األزمة ،منها
ما هو "إيجابي" ويتعلق بدور رئيس الجمهورية في افتعال األزمة الدستورية ،ومنها ما يتعلق
بالدور "السلبي" لكل من رئيسي؛ المجلس الشعبي الوطني و المجلس الدستوري من هذا
الفراغ(اإلحجام عن اتخاذ الخطوات القانونية الالزمة) .
كما تعد نظرية استم اررية الدولة بما أوجدته من أساس خصب لبروز مؤسسات فعلية
خارج التعبير المؤسساتي للدولة ،األساس القانوني لتوقيف المسار االنتخابي.
وقد أسفر هذا األخير(توقيف المسار اإلنتخابي)عن تأجيج نزعة العنف لدي
التنظيمات اإلسالمية المتطرفة (اإلرهابية) ،من حيث أنه مهد لبداية مرحلة التأريخ لحالة
العنف المسلح الجزائرية ،المتنازع حول طبيعتها القانونية ،بين دفع الموقف الرسمي نحو
تأصيل أطروحة الحرب علي اإلرهاب ،وبين استيفاء بعض الجماعات المسلحة اإلسالمية
المتطرفة(اإلرهابية) لمعايير طرف النزاع وفقا للمفهوم الذي تطرحه كل من المادة الثالثة
142
خاتمـــــــــــــــــة
المشتركة بين اتفاقيات جنيف األربعة والبرتوكول اإلضافي الثاني ،مما يجعلنا ننزع إلى القول
باستيفاء حالة العنف المسلح الجزائرية لعتبة النزاعات المسلحة غير الدولية.
هذا وقد ألقت مسألة التكييف هذه بظاللها على النظام القانوني الواجب التطبيق علي
حالة العنف المسلح الجزائرية ،التي تفاعل في إطارها كل من إقصاء أحكام القانون الدولي
اإلنساني وتهميش أحكام القانون الدولي لحقوق اإلنسان من اإلنفاذ في مواجهتها.
مما أسفر عن مأساة إنسانية بل واقتصادية واجتماعية حقيقية ،بين ممارسات واسعة من
االنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني التي استوفت اإلطار الموضوعي للجرائم
الدولية ،و انتهاكات أخرى جسيمة للقانون الدولي لحقوق اإلنسان في إطار الحرب على
اإلرهاب ،علي غرار تفعيل بند التحلل من االلتزام من خالل إعالن حالة الطوارئ دون
التقييد بالشروط التي يقتضيها ذلك ،لعل أخطرها علي حقوق اإلنسان تلك المتعلقة بعدم
االمتثال لشرط حضر التحلل من بعض االلتزامات ،والذي نلمسه في الممارسة الجزائرية في
إطار الحرب علي اإلرهاب من خالل إهدار الحق في محاكمة عادلة و الوضع في مراكز
األمن.
نزوال عند أثار هذه المحددات القانونية لمسار المأساة الوطنية عمد النظام الجزائري
إلى تبني نهج جديد لتطويق األزمة األمنية ،قائم علي (المزاوجة) بين السياسة الردعية
وسياسة احتوائية تدور وجودا وعدما مع مفهوم المصالحة الوطنية.
هذه األخيرة (السياسة المصالحاتية) ،وعلي الرغم من إخفاق آلية الحوار الوطني في
تعبيد الطريق إليها ،أين فشلت في الوصول إلي توافق وطني حول تسير المرحلة االنتقالية
الثانية ،إال أنها عرفت طريقها للتجسيد من خالل جملة من األطر التشريعية التي إعتمد
بشأنها المشرع الجزائري مقاربات متفاوتة ،بداية من إقرار تدابير الرحمة مرو ار بإشراك اإل اردة
الشعبية من خالل كل من قانوني؛ الوئام المدني و المصالحة الوطنية.
143
خاتمـــــــــــــــــة
لقد برز في إطار هذه الخيارات قانون المصالحة الوطنية من حيث أن أهدافه تتعدي
مجرد البحث عن مخرج من األزمة األمنية إلي محاولة معالجة أثار المأساة الوطنية
الجزائرية ،على أنه مقاربة غير مكتملة األركان للعدالة االنتقالية ،وذلك لعدم استيفاءه
لعناصر العادلة االنتقالية ،سواء من حيث عدم قيامه على مقاربة شاملة للعناصر
التصالحية ،أين إكتفي هذا األخير بالتعويض كبديل عن جبر الضرر ،كما انتهي إلى إهدار
الحق في معرفة الحقيقة ،عطفا على تبنيه لخيار العفو بما يتضمنه من منافذ لإلفالت من
العقاب ،هذا من جهة .
ومن جهة أخري من خالل إقصاء قانون المصالحة الوطنية آلليات العدالة االنتقالية سواء
التصالحية منها أو العقابية من نطاق إنفاذ أحكامه.
ننتهي في هذا الصدد إلي إيراد جملة من التوصيات بهدف استكمال مسار المصالحة
الوطنية الجزائرية في كنف العدالة االنتقالية ،خاصة أمام التوجه نحو دسترة هذه
األخيرة ،أين نوصي بتفعيل رئيس الجمهورية للتفويض الذي أوكله إياه استفاء يوم 99
سبتمبر 9002وفقا لما تقضي به أحكام المادة 74من قانون المصالحة الوطنية ،على
النحو الذي من شأنه أن يكفل تحقيق ما يلي:
-ضرورة استكمال العناصر التصالحية للعدالة االنتقالية من جبر للضرر ،إصالح مؤسساتي
فضال عن تكريس الحق في معرفة الحقيقة علي األقل في بعده الفردي بالنسبة لعائالت
المفقودين وبنائها علي نهج شامل ومتكامل عطفا على تعزيزها بآليات فعالة لالضطالع
بهذا الدور.
-تماشيا مع ما تطرحه العدالة االنتقالية من ضرورة الموازنة بين جملة من األهداف
المتعارضة في طليعتها السالم في مواجهة العدالة ،فضال عما تؤكد عليه هذه األخيرة
من ضرورة استجابة برامج العدالة االنتقالية للسياقات التي تحكمها ،نذهب إلي عدم جدوى
التأكيد علي ضرورة مكافحة اإلفالت من العقاب ،إال أننا في مقابل ذالك نؤكد علي ضرورة
144
خاتمـــــــــــــــــة
تفعيل مبدأ المساءلة الجنائية كنهج من مناهج تكريس الحق في معرفة الحقيقة وانتصا ار
لكرامة الضحايا.
إال انه لما كانت االستجابة لهذه المتطلبات " التوصيات" رهينة مجموع من المحددات
في طليعتها توافر سياق سياسي واقتصادي وكذا أمني مالئم ،نتساءل عن إمكانية استكمال
مسار المصالحة الوطنية في ضوء معايير العدالة االنتقالية -على مثاليتها-؟.
145
ق ائمة المراجع
قائمة المراجع
باللغة العربية:
أوال -الكتب:
.1الزمالي عامر ،مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني ،الطبعة الثانية ،منشورات المعهد العربي لحقوق
اإلنسان واللجنة الدولية للصليب األحمر ،تونس.7991 ،
.2أوصديق فوزي ،النظام الدستوري الجزائري ووسائل التعبير المؤسساتي ،الطبعة الثانية ،ديوان
المطبوعات الجامعية ،الجزائر.8002 ،
.3بوالشعير سعيد ،النظام السياسي الجزائري ،دار الهدي ،الجزائر.7991 ،
.4بوكراع إلياس ،الجزائر الرعب المقدس ،الطبعة األولي ،دار الفرابي للنشر والتوزيع ،الجزائر،
.8001
.5بيجيتش يلينا ،نطاق الحماية الذي توفره المادة الثالثة المشتركة :واضح للعيان ،المجلة الدولية
للصليب األحمر ( ،اللجنة الدولية للصليب األحمر ) ،المجلد ،91مختارات من العدد ،227مارس
.8077
.6تاملت محمد ،الجزائر من فوق البركان ،د.د.ن ،الطبعة الثانية.7999 ،
.7تمرخا بكة سوسن ،الجرائم ضد اإلنسانية في ضوء النظام األساسي للمحكمة الجنائية
الدولية ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت.8002 ،
.8سيف الدين عبد الفتاح إسماعيل ،التيارات اإلسالمية وقضية الديمقراطية رؤية من خالل الحدث
الجزائري ،سلسلة كتب المستقبل العربية ،مركز دراسات الوحدة العربية ،بيروت.7999 ،
.9صدوق عمر ،أراء سياسية وقانونية في بعض قضايا األزمة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر،
.7991
.11عبد الغني عبد الحميد محمود ،حماية ضحايا النزاعات المسلحة في القانون الدولي اإلنساني
والنزاعات المسلحة ،اللجنة الدولية للصليب األحمر ،مصر.8008 ،
.11عتلم حازم محمد ،قانون النزاعات المسلحة غير الدولية ،والقانون الدولي اإلنساني :دليل التطبيق
على الصعيد الدولي ،دار النهضة العربية ،القاهرة.8008 ،
147
قائمة المراجع
.12فريتس كالسهوفن و تسغفلد ليزابيث ،ضوابط تحكم خوض الحرب ،اللجنة الدولية للصليب
األحمر ،جنيف.8002 ،
.13كميل الطويل ،الحركة اإلسالمية المسلحة في الجزائر ،دار النهار للنشر ،بيروت.7992 ،
.14مسعد عبد الرحمان زيدان ،تدخل األمم المتحدة في النزاعات المسلحة غير ذات الطابع
الدولي ،دار الكتب القانونية ،مصر.8002 ،
أ-اطروحات الدكتوراه:
.1بلعورمصطفي ،التحول الديمقراطي في النظم السياسية العربية ،دراسة حالة النظام السياسي
الجزائري ( ،)8002-7922أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه في العلوم السياسية ،فرع التنظيم
السياسي واإلداري ،قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية ،كلية العلوم السياسية واإلعالم ،جامعة
بن يوسف بن خدة ،الجزائر.8070 ،
.2بلودنين أحمد ،األزمة السياسية في الجزائر وتضخم اللّجان الوطنية لإلصالح ،رسالة من أجل
الحصول على شهادة الدكتوراه في القانون العام ،كلية الحقوق ،جامعة بن يوسف بن
خدة ،الجزائر.8001،
.3بن مالك بشير ،نظام اإلنتخابات الرئاسية في الجزائر ،رسالة لنيل درجة الدكتوراه في القانون
العام ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة أبي بكر بلقا يد ،تلمسان.8077،
.4خيلية ؤريدة ،الوضعية األمنية في الجزائر من خالل الصحافة الوطنية ،في الفترة مابين 7998
،8000-أطروحة لنيل سهادة دكتوراه في علوم اإلعالم واالتصال ،قسم العلوم اإلعالم
واالتصال ،كلية العلوم السياسية وعلوم اإلعالم واالتصال ،جامعة الجزائر 1دالي براهيم ،الجزائر،
.8077
.5رابحي أحسن ،مبدأ تدرج المعاير القانونية في النظام القانوني الجزائري ،رسالة لنيل درجة دكتوراه
في القانون ،معهد الحقوق والعلوم اإلدارية بن عكنون ،جامعة الجزائر.8002 ،
148
قائمة المراجع
.6عميرش نذير ،المسؤولية المدنية للدولة عن األضرار الناتجة عن أعمال العنف واإلرهاب :دراسة
مقاربة ،أطروحة لنيل درجة دكتوراه علوم في القانون العام ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة
منتوري ،قسنطينة.8077،
ب -مذكرات الماجستير:
.1باخالد عبد الرزاق ،المصالحة الوطنية في إطار السياسة الجنائية ،بحث لنيل شهادة الماجستير في
القانون الجنائي والعلوم الجنائية ،كلية الحقوق والعلوم القانونية ،جامعة منتوري ،قسنطينة
.8070-8009،
.2براهيمي إسماعيل ،الحرب في النزاعات المسلحة غير الدولية ،مذكرة للحصول على شهادة
الماجستير في الحقوق ،فرع القانون الدولي والعالقات الدولية ،كلية الحقوق ،جامعة
الجزائر.8077 ،7
.3بركاني خديجة ،حماية المدنيين في النزاعات المسلحة غير الدولية ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة
الماجستير ،فرع القانون العام ،تخصص القانون والقضاء الدوليين الجنائيين ،كلية الحقوق ،جامعة
منتوري ،قسنطينة.8002 ،
.4بلحربي نوال ،أزمة الشرعية في الجزائر ( ،)8001-7998رسالة لنيل شهادة الماجستير في فرع
والعالقات الدولية ،كلية العلوم السياسية التنظيم السياسي واإلداري ،قسم العلوم السياسية
واإلعالم ،جامعة بن يوسف بن خدة ،الجزائر.8001 ،
.5بن خديم نبيل ،استيفاء حقوق الضحايا في القانون الدولي الجنائي ،مذكرة لنيل درجة الماجستير
في الحقوق ،تخصص القانون الدولي العام ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،قسم الحقوق ،جامعة
محمد خيضر ،بسكرة.8078 ،
.6جبابلة عمار ،مجال تطبيق الحماية الدولية لضحايا النزاعات غير الدولية ،مذكرة لنيل شهادة
تخصص قانون دولي إنساني ،كلية الحقوق ،جامعة الحاج الماجستير في العلوم القانونية،
لخضر ،باتنة.8009 ،
149
قائمة المراجع
.7خياطي مختار ،دور القضاء الجنائي الدولي في حماية حقوق اإلنسان ،مذكرة لنيل شهادة
الماجستير ،في إطار مدرسة الدكتوراه "القانون األساسي والعلوم السياسية" ،فرع القانون الدولي
العام ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة مولود معمري ،تيزي وزو.8077 ،
.8سي صالح نور الدين ،قابلية تطبيق القانون الدولي على األوضاع السائدة منذ جانفي
،7998مذكرة لنيل درجة الماجستير في العلوم القانونية ،فرع قانون التعاون الدولي ،كلية الحقوق
والعلوم السياسية ،جامعة ملود معمري ،تيزي وزو.8078،
.9شريفي عبد الغني ،تطبيق اإلستفتاء في الجزائر انطالقا من تجربة ،7999رسالة لنيل شهادة
الماجستير في القانون الدستوري وعلم التنظيم السياسي ،كلية الحقوق بن عكنون ،جامعة
الجزائر.8007 ،
.11شطاب كمال ،حقوق اإلنسان في الجزائر بين الحقيقة الدستورية والواقع المفقود ()8001-7929
،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية والعالقات الدولية ،فرع تنظيم سياسي واداري ،كلية
العلوم السياسية واإلعالم ،معهد العلوم السياسية والعالقات الدولية ،جامعة الجزائر.8002 ،
.11طعيبة احمد ،أزمة التحول الديمقراطي في الجزائر ،7992-7922رسالة مقدمة لنيل شهادة
الماجستير في العلوم السياسية والعالقات الدولية ،فرع التنظيم السياسي واإلداري ،معهد العلوم السياسية
واإلدارية ،جامعة الجزائر .7992
.12قادري نسيمة ،الممارسة التشريعية في مجال اآلليات التشريعية الدولية الخاصة بحقوق
اإلنسان ،مذكرة لنيل درجة الماجستير في القانون ،فرع القانون العام ،تخصص تحوالت الدولة ،كلية
الحقوق ،جامعة مولود معمري تيزي وزو.8009 ،
.13قوقة وداد ،الشرعية والمشروعية في مؤسسات المرحلة االنتقالية في ظل التجربة التعددية
الجزائرية ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام ،فرع المؤسسات السياسية واإلدارية
،كلية الحقوق ،جامعة منتوري ،قسنطينة.8009 ،
.14مزياني لوناس ،إنتفاء السيادة التشريعية للبرلمان في ضل دستور ،7992مذكرة لنيل درجة
الماجستير في القانون العام ،فرع تحوال الدولة ،كلية الحقوق ،جامعة مولود معمري تيزي وزو.8077 ،
150
قائمة المراجع
ماستر: -مذكرة
.تابتي المية و بوشباح وسيلة ،إشكالية تدخل مجلس األمن في النزاعات المسلحة غير
الدولية ،مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ،شعبة القانون العام ،تخصص القانون الدولي
اإلنساني وحقوق اإلنسان ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة عبد الرحمان ميرة ،بجاية،
.8071
المقاالت: ثالثا-
أ)-المقاالت األكاديمية:
.1برقوق محند" ،مكافحة اإلرهاب في الجزائر من المقاربة األمنية إلى الحل السياسي" ،مجلة
المفكر ،العدد الثاني ،جامعة محمد خيضر ،بسكرة.8001 ،
.2بلكوش حبيب" ،العدالة االنتقالية ...المفاهيم اآلليات " ،العدالة االنتقالية في السياقات
العربية ،المنضمة العربية لحقوق اإلنسان ،د.ب.ن.8072 ،
.3بو الشعير سعيد" ،وجهة نظر قانونية حول استقالة رئيس الجمهورية في 77جانفي 7998وحل
المجلس الشعبي الوطني" ،إدارة ،مجلة سداسية تصدر عن مركز التوثيق والبحوث
اإلدارية.7991 ،
الراهنة " ،ورقة بحث
.4بويحيى جمال " ،دولة القانون واالنتقال الديمقراطي :تداعيات االنتفاضات ّ
مقدمة إلى مخبر العولمة و القانون الوطني ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة ملود معمري
تيزي وزو.8072 ،
.5جان كيه كليفنر" ،انطباق القانون الدولي اإلنساني على الجماعات النظامية المسلحة" ،المجلة
الدولية للصليب األحمر( ،اللجنة الدولية للصليب األحمر) ،المجلد ،91العدد.8077 ،228
.6جدادوة عادل " ،المحاكم المختلطة نموذج جديدي للعدالة الدولية " ،مجلة الفقه والقانون ،العدد
الثالث عشر .8071 ،ص.792.
كلية .7حتحوت نور الدين" ،لجان الحقيقة وشروط تحقيق المصالحة الوطنية" ،مجلة المفكر،
الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة محمد خيضر ،بسكرة ،العدد.8070 ،1
151
قائمة المراجع
.8حساني خالد " ،مبدأ التكامل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية " ،المجلة األكاديمية
للبحث القانوني ،كلية الحقوق ،جامعة عبد الرحمان ميرة ،بجاية̔ ،المجلد ،70عدد.8072 ،08
.9ساسولي ماركوا و ويوفال شاني" ،هل يجب أن تكون التزامات الدول والجماعات المسلحة متساوية
بموجب القانون الدولي اإلنساني في الواقع " ،المجلة الدولية للصليب األحمر( ،المركز الدولي للصليب
األحمر) ،المجلد ،91العدد.8077 ،228
.11سكيل رقية" ،التعديالت الدستورية السابقة في الجزائر" ،مداخلة ملقاة في إطار فعليات الملتقى
الدولي حول التعديالت الدستورية في الدول العربية على ضوء المتغيرات الدولية الراهنة –حالة
الجزائر ،جامعة حسيبة بن بوعلي ،شلف ،يومي 02-01ديسمبر.8078
.11سووكا ياسمين" ،النظر إلى الماضي والعدالة االنتقالية لبناء السالم من ̨خالل الكشف عن
المسؤوليات" ،المجلة الدولية للصليب األحمر( ،اللجنة الدولية للصليب األحمر) ،مختارات من األعداد
.8002
.12محمد براهيمي" ،حق الحل في دستور ،"7929م.ج.ع.ق.إ.س ،عدد.7991 ،7
.13نقبي ياسمبن" ،الحق في معرفة الحقيقة في القانون الدولي واقع أم خيال " ،مختارات من المجلة
الدولية للصليب األحمر ،اللّجنة الدولية للصليب األحمر ،المجلد ،22العدد ،228حزيران .8002
.14هانز بيتر جاسر" ،األعمال اإلرهابية" ،واإلرهاب "والقانون الدولي اإلنساني" ،المجلة الدولية
للصليب األحمر( ،لجنة الصليب األحمر) ،مختارات من األعداد.8008 ،
ب) المقاالت اإللكترونية:
-1كاتلين الفاند" ،مقابلة بعنوان النزاعات المسلحة أو حاالت العنف األخرى-ما الفرق بالنسبة
للضحايا-؟" ،اللجنة الدولية للصليب األحمر ،مركز المعلومات ،قاعدة البيانات ،مقابلة ،متوفرة
على الموقع اإللكتروني التالي:
http://www.icrc.org. , consulter le :17/05/2015 à 01 :15.
-2مالئمة القانون الدولي اإلنساني في حاالت اإلرهاب ،اللجنة الدولية للصليب األحمر ،مركز
المعلومات ،متوفرة على الموقع اإللكتروني التالي:
http://www.icrc.org. , consulter le :17/05/2015 à 03 :15.
152
قائمة المراجع
رابعا -الملتقيات:
.1أوكيل محمد أمين " ،اإلختصاص الجنائي العالمي ودوره في الحد من اإلفالت من العقاب "،
مداخلة مقدمة في إطار الملتقي الدولي حول القانون الدولي اإلنساني ،جامعة عبد الرحمان
ميرة ،بجاية ،يومي 01-02أفريل.8078
.2بقالم موراد" ،الستفتاء كوسيلة مباشرة لتعديل الدستور " ،مداخلة ملقاة في إطار فعليات الملتقى
الدولي حول التعديالت الدستورية في الدول العربية على ضوء المتغيرات الدولية الراهنة
–حالة الجزائر ،-جامعة حسيبة بن بوعلي ،شلف ،يومي 02-01ديسمبر.8078
.3جغلول زغدود" ،تقييد النصوص القانونية الدولية والداخلية إلعمال سلطة الطوارئ كضمانة
لحقوق اإلنسان أثناء حالة الطوارئ (بين النص والواقع )" ،أعمل الملتقى الدولي حول حقوق
اإلنسان في الجزائر ،جامعة صديق بن يحى ،جيجل ،يومي 78و 71ماي .8072
153
قائمة المراجع
الدساتير الشكلية:
.1دستور 7912الصادر بموجب المرسوم الرئاسي ،91-12مورخ في 88نوفمبر
،7912ج.ر.ج.ج.د.ش ،عدد ،92الصادرة في 88نوفمبر.7912
.2دستور 81فيفري 7929المنشور بموجب المرسوم الرئاسي رقم 72/29المؤرخ في 82فيفري
،7929ج.ر.ج.ج .د.ش عدد ،09الصادرة في 7مارس.7929
.3دستور 82نوفمبر ،7992منشور بموجب المسوم الرئاسي رقم ،212-92مؤرخ في 01ديسمبر
،7992ج.ر.ج.ج.د.ش ،عدد 12ن صادر في 02ديسمبر ،7992المعدل بالقانون رقم
،01-08مؤرخ في 70أفريل ،8008يتضمن التعديل الدستوري ،ج.ر.ج.ج.د.ش ،عدد
،81صادر في 72أفريل ،8008والقانون رقم ،79-02مؤرخ في 71نوفمبر ،8002يتضمن
التعديل الدستوري ،ج.ر.ج.ج.د.ش ،عدد ،21صادر في 72نوفمبر .8002
154
قائمة المراجع
ت -النصوص التشريعية:
القوانين العادية:
.1قانون رقم ،11-89المؤرخ في 01جويلية ،7929يتعلق بالجمعيات ذات الطابع
155
قائمة المراجع
156
قائمة المراجع
.3مرسوم رئاسي رقم ،197-91المؤرخ في 01جوان ،7997يلغي مرسوم رئاسي رقم -97
،92المؤرخ في 01أبريل ،7997المتضمن استدعاء هيئة الناخبين إلجراء إنتخابات تشريعية
مسبقة ،ج.ر.ج.ج..د.ش ،عدد ،89الصادرة بتاريخ 78يونيو. 7997
.4مرسوم رئاسي رقم ،386-91المؤرخ في 72أكتوبر ،7997يتضمن استدعاء هيئة
الناخبين إلجراء إنتخابات تشريعية مسبقة ،ج.ر.ج.ج.د.ش ،عدد ،22الصادرة بتاريخ 72أكتوبر
.7997
.5مرسوم رئاسي رقم ،11-92مؤرخ في 02جانفي ،7998يتضمن حل المجلس الشعبي
الوطني ،ج.ر.ج.ج.د.ش ،عدد ،8الصادرة بتاريخ 2يناير.7998
.6مرسوم رئاسي رقم ،39-92المؤرخ في 2فبرابر ،7998يتعلق بصالحيات المجلس
اإلستشاري الوطني وطرق تنظيمه وعمله ،ج.ر.ج.ج.د.ش ،عدد ،الصادرة بتاريخ 9:فبراير .799
.7مرسوم رئاسي رقم ،44- 92مؤرخ في 9فبراير ،7998يتضمن إعالن حالة
الطوارئ ،ج.ر.ج.ج.د.ش،عدد ،70الصادرة بتاريخ .7998
.8مرسوم رئاسي رقم ،438-96المؤرخ01ديسمبر ،المتعلق بنشر دستور 82نوفمبر
،7992ج.ر.ج.ج.د.ش ،عدد ،12الصادرة بتاريخ 2ديسمبر .7992
.9مرسوم رئاسي رقم ،93-16المؤرخ في 82فبراير ،8002يتعلق بتعويض ضحايا المأساة
الوطنية ،ج.ر.ج.ج.د.ش ،عدد ،77الصادرة بتاريخ 82فبراير سنة .8002
.11مرسوم رئاسي رقم ،124-16المؤرخ في 81مارس ،8002يحدد كيفيات إعادة إدماج أو
تعويض األشخاص الذين كانوا موضوع إجراءات إدارية للتسريح من العمل بسبب األفعال المتصلة
بالمأساة الوطنية ،ج.رج.ج.د.ش ،عدد ،79الصادرة بتاريخ 89مارس سنة .8002
المراسيم التنفيذية:
.1مرسوم تنفيذي رقم ،424-98المؤرخ في 71ديسمبر ،7992يحدد شروط التكفل
ضحايا المأساة الوطنية و كيفيات تطبيقها ،ج.رج.ج.د.ش ،عدد،92 بالعائالت المحرومة
الصادرة بتاريخ 72ديسمبر.7992
157
قائمة المراجع
األنظمة الداخلية:
النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ،7929ج.ر.ج.ج.د.ش،عدد.18صادرة في .
لسنة 1غشت ،7929الملغى بموجب النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري
،8000ج.ر.ج.ج.د.ش ،عدد،22الصادرة في 2أوت 8000والمعدل بموجب النظام المحدد
لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ،8078ج.رج.ج.د.ش عدد ،82الصادرة في 01مايو
.8078
ق اررات وزارية :
.1قرار مؤرخ في 70فيفري ،7998يتضمن إنشاء كل من مركز رقان (والية أدرار) بالناحية
العسكرية الثالثة ،مركز أمن عين صالح (والية تامنغست ) بالناحية العسكرية السادسة ،مركز أمن
في ورقلة والية (ورقلة ) بالناحية العسكرية الرابعة ،ج.رج.ج.د.ش،عدد ،77الصادرة بتاريخ
77فبراير .7998
158
قائمة المراجع
.2قرار مؤرخ في 77فيفري ،7998يتضمن تفويض اإلمضاء إلى الوالة فيما يخص الوضع في
مراكز األمن ،ج.ر.ج.ج.د.ش ،عدد ،77الصادرة بتاريخ 77فبراير .7998
.3قرار مؤرخ في 79فيفري ،7998يتضمن إنشاء مركز أمن في المنيعة (والية غرداية ) بالناحية
العسكرية الرابعة ،ج.ر.ج.ج.د.ش،عدد ،71الصادرة بتاريخ82 ،فيفري .7998
.4قرار مؤرخ في 71فيفري يتضمن إنشاء مركز أمن في الحمر (والية أدرار)الناحية العسكرية الثالثة
،ج.ج.ج.د.ش،عدد ،72الصادرة بتاريخ 81فيفري .7998
159
قائمة المراجع
.3منظمة العفو الدولية ،إرث اإلفالت من العقاب تهديد لمستقبل الجزائر ،األمانة الدولية لمنظمية
العفو الدولية ،لندن.MDE /82/007/ 8009،8009 ،
الدوليررة ،تقرييير العييام ،8001رمييز الوثيقيية ،POL10/003/2003 ،الصييفحة
.2منظمررة العفررو ة
الخاصة بالجزائر.
وثائق:
.1مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان ،سيادة القانون والعدالة االنتقالية لمجتمعات الصراع
ومجتمعات ما بعد الصراع ،وثائق ،األمم المتحدة ،رمز الوثيقة S/8002/227بتاريخ 81أوت
.8002
.2مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان ،أدوات سيادة القانون للدول الخارجة من الصراعات،
برامج جبر الضرر ،وثائق األمم المتحدة ،رمز الوثيقة.200 HR/PUB/06/ ،
.3مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان ،سيادة القانون لدول ما بعد الصراعات :لجان الحقيقة
منشورات األمم المتحدة ،رمز المنشورة ،HR/PUB/06/1:الصادرة سنة .8002
.4مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان ،أدوات سيادة القانون للدول ما بعد الصراع ،لجان
الحقيقة ،وثائق األمم المتحدة ،رمز الوثيقة .8002 ،HR/PUB/06/1 :
.5مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان ،أدوات سيادة القانون لدول ما بعد
الصراعات ،مبادرات المقاضاة ،وثائق األمم المتحدة ،رمز الوثيقة.8002،HR/PUB/06.04 ،
.6مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان ،أدواة سيادة القانون لدول ما بعد الصراع ،زيادة موروث
المحاكم المختاطة ،وثائق األمم المتحدة ،رمز الوثيقة ،تحقيق أقصي زيادة إلرث الحاكم
المختلطة ،وثائق األمم المتحدة ،رمز الوثيقة.8002 ،HR/PUB/08/02 ،
.7مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان ،أدوات سيادة القانون للدول ما بعد الصراع -تدابير
العفو ،وثائق األمم المتحدة ،رمز الوثيقة.2009, HR /PUB/09/07 ،
األمم المتحدة لحقوق اإلنسان ،الحماية القانونية الدولية لحقوق اإلنسان أثناء .8مفوضية
النزاعات المسلحة ،وثائق األمم المتحدة ،رمز الوثيقة.8077، HR/PUB/11/1،
160
قائمة المراجع
باللغة الفرنسية:
1)-Ouvrages
1. ALI Haroun, L’éclaircie promotion des droits de l’homme et inquiétudes
(1991-1992), Casbah ,Alger , 2011.
2. ALI Haroun et autre, Algérie arrêt du processus électoral enjeux et
démocratie, publisud pour le monde hors Algérie, paris, 2001.
3. BRAHIMI Mohamed ,Le pouvoir en Algérie et ses formes d’expression
institutionnelle, O.P.U, Alger, 1995.
4. BOUSSOUMAH Mohamed, La parenthèse des pouvoirs publics
constitutionnels de 1992 a 1998, O.P.U, Alger, 2005.
5. EBOUSSI- BOULAG fabien , Les conférences nationales en Afrique noire -
une affaire a suivre , Karthala, 1993.
6. GHOZALI Nasser –eddine, L’Algérie dans tous ses états. de la crise à la
démocratie orpheline, In Ou va l’Algérie, karthala, 2001.
161
قائمة المراجع
2)- Thèse :
1. SIMON Therrien-denis, L’autre terrorisme la criminalisation de la violation de
l’interdiction de terrorisme prévue en droit international humanitaire et les
éléments constitutifs de crime , mémoire présenté pour l’obtention du grade de
maitre en droit ,faculté de droit , université de Laval ,Québec ,2011.
3)- Articles Académiques :
1. ALI Haroun et CHANGNOLLAUD Jean-Paul, « Il fallait arrêter le
processus électoral » ,In Confluence Méditerranée , N°40, 2002.
2. BANJERTER Olivier, « Les raison pour les groupes armée de choisir de
respecter le droit international humanitaire ou pas » , In R.I.C.R, N°882, 2011.
3. LA ROSA (A-M)et WUERZNER(C) , « Groupes armés sanction et mise en
œuvre du droit international humanitaire », In R.I.C.R ,N° 870, 2008.
4. JONATHNE Somer « ,La justice de la jungle :juger de l’égalité des
belligérants dans un conflit armé non international »,In ,R.I.C.R ,N° 867 , 2007.
5. MARTINAISE Luis , « Algérie les enjeux des négociation entre l’AIS et
l’Armée » , politique étrangère ,N° 4 , 1997.
6. MARTINEZ Luise , « Algérie :les massacres des civils dans la guerre », In
R.I.P.C , Vol 8,N°1,2001.
7. MOMTAZ (D) , « Les règles humanitaires minimales applicables en période
de troubles et tentions internes » ,In R.I.C.R , N°831 ,1998.
8. SIDHOUM Salah-eddine , « La torture, antichambre de la mort » , In
confluence méditeranée ,N°51 ,2004.
9. SYLVEN Vit , « Typologie des conflits armés en droit international
humanitaire : concepts juridiques et réalités » , In R.I.C.R,N° 873 , mars ,2009.
10.-TIANGYE (N), « Crise de l’légitimité du pouvoir de l’état et conférences
nationales en Afrique », In R.A.D.I.C ,N°-1992.
11.VALLY Hanif , « La paix avec la justice : l’amnistie en Afrique de sud,
Mouvements » ,N°53, 2008.
162
قائمة المراجع
4)-Colloque International :
1. MAIZA (A), « L’engagement de l’Armée populaire contre le terrorisme » , In
acte de colloque international sur le terrorisme : le précédent Algérien ,
.M.D.N ,Alger , de 26 au 28 octobre 2002, pp. 243-252.
2. PENA Mariana , « Réparation individuelle et réparation collective », In acte
du séminaire pour :la paix et conciliation , organiser pars : CFDA ,SOS
disparus, CFD, Djazairouna , ANFD, Soumoud , Bruxelles ,18-19 mars 2007.
5)-Jurisprudences:
163
قائمة المراجع
164
الفهرس
الفهرس
7 المقدمة
الفصل األول
معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية
12
-بحث في المحددات القانونية–
المبحث األول
إخفاق مشروع البناء الديمقراطي التعددي كخلفية للمأساة الوطنية
12
-قراءة في العوامل –
المطلب األول
واجهية مشروع البناء الديمقراطي التعددي
15
-قصور اإلطار القانوني كمؤشر–
الفرع األول
دستور9191
17
–دستور أزمة أم أزمة الدستور-
أولا
بالنسبة لتنظيم الحقوق والحريات
19
-إقرار دون تكريس-
ثاني ا
22
عدم اكتمال أسس بناء دولة القانون
الفرع الثاني
22
تعبئة المنظومة التشريعية في مواجهة التكريس التعددي
أولا
قانون الجمعيات ذات الطابع السياسي
22 -التوجه نحو اإلقرار التعددي المفتوح –
166
الفهرس
22 ثالث ا
توظيف المنظومة االنتخابية
22 -)9أهم التعديالت التي طالت قانون االنتخابات
22 -)2إعادة تقسيم الدوائر االنتخابية بما يخدم حزب السلطة
المطلب الثاني
26
هشاشة البنية المؤسساتية للدولة
الفرع األول
27
إخفاق المؤسسات الدستورية في ضمان استم اررية الدولة في ضوء البدائل المتاحة
أولا
28
اقتران الشغور ودوره في افتعال األزمة المؤسساتية
29 )9إشكالية المطابقة الدستورية الستقالة رئيس الجمهورية
21 )2شبهة عدم دستورية حل المجلس الشعبي الوطني
ثاني ا
22
إشكالية تحفظ المجلس الدستوري
الفرع الثاني
25
المجلس األعلى لألمن هيئة استشارية بصالحيات سلطة؟!
أولا
27 توقيف المسار االنتخابي
-بين إنقاذ الجمهورية ومصادرة اإلرادة الشعبية -
ثاني ا
29
تنصيب المجلس األعلى للدولة كهيئة فعلية لضمان استم اررية الدولة
المبحث الثاني
22
العنف المسلح كإطار للمأساة الوطنية
المطلب األول
21
بحث الطبيعة القانونية لحالة العنف المسلح الجزائرية
167
الفهرس
الفرع األول
22 المقاربة الرسمية لحالة العنف المسلح الجزائرية
-الدفع نحو تأصيل أطروحة الحرب على اإلرهاب-
أولا
22 المرتكزات القانونية للمقاربة الرسمية لحالة العنف المسلح الجزائرية
-الحرب على اإلرهاب-
22 )9االضطرابات والتوترات الداخلية
25 )2الجريمة اإلرهابية والتخريبية
ثانيا
26
نسبية معيار العتبة كأساس للتكيف
الفرع الثاني
27 بحث مدى استجابة حالة العنف المسلح الجزائرية لعتبة النزاعات المسلحة ذات الطابع غير
الدولي
أولا
28 مدى استيفاء حالة العنف المسلح الجزائرية لمعايير النزاعات المسلحة ألغ ارض تطبيق
المادة الثالثة المشتركة
ثاني ا
52
مدى استيفاء حالة العنف المسلح الجزائرية لمعايير البرتوكول اإلضافي الثاني
)9مدى استيفاء الجماعات المسلحة اإلسالمية المتطرفة الجزائرية ( الجماعات اإلرهابية)
52
لمقتضيات التنظيم
-) )2مدي استيفاء الجماعات المسلحة اإلسالمية المتطرفة الجزائرية (اإلرهابية)
58
لمقتضيات الرقابة اإلقليمية الهادئة والمنتظمة
المطلب الثاني
الممارسة المعكوسة للتطبيق المتكامل القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق
62
اإلنسان في إطار حالة العنف المسلح الجزائري
168
الفهرس
الفرع األول
61
حدود تطبيق القانون الدولي اإلنساني في إطار حالة العنف المسلح الجزائري
أولا
61 عدم واقعية أحكام القانون الدولي اإلنساني
-أساس أم ذريعة لعدم االمتثال-
ثانيا
68 البحث في مدى إمكانية إطالق وصف الجريمة الدولية على حاالت االنتهاكات الجسيمة
للقانون الدولي اإلنساني في إطار النزاع المسلح الجزائري
)1الجماعات اإلرهابية و جريمة اإلبادة الجماعية
69
-البحث في مدى توافر العنصر المعنوي -
72 )2الجماعات اإلرهابية والجرائم ضد اإلنسانية
72 أ) جريمة التعذيب
71 ب)الحرب على اإلرهاب واشكالية حاالت اإلخفاء القسري
72 ج) الجماعات اإلرهابية وجريمة اإلغتصاب واإلستعباد الجنسي
72 3في إمكانية الدفع بجرائم الحرب
الفرع األول
2
تهميش أحكام القانون الدولي لحقوق اإلنسان في إطار (الحرب على اإلرهاب) في الجزائر
أولا
72
األساس القانوني النتهاكات حقوق اإلنسان في إطار الحرب على اإلرهاب في الجزائر
-تقيد حقوق اإلنسان خارج مبدأ المشروعية–
ثاني ا
76
الترجمة العملية النتهاك حقوق اإلنسان في إطار الحرب على اإلرهاب
76 )9الحق في محاكمة عادلة
79 )2الوضع في مراكز األمن
خالصة الفصل األول
81
169
الفهرس
الفصل الثاني
82
المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية
المبحث األول
82 المصالحة الوطنية
– من التمهيد السياسي إلى التجسيد التشريعي–
المطلب األول
82
الحوار الوطني كأرضية للمصالحة الوطنية
الفرع األول
82 إدراك ضرورة التوصل إلى توافق وطني حول
تسيير المرحلة االنتقالية كأرضية للنهوض بالمصالحة الوطنية
الفرع الثاني
89
إخفاق أرضية الوفاق الوطني في تحقيق توافق وطني حول تسيير المرحلة االنتقالية
أولا
89
أرضية الوفاق الوطني نص دستوري بحكم الواقع أم امتداد للدستور القائم
ثانيا
92
المرحلة االنتقالية كضرورة حتمية السترجاع هيبة الدول
ثالث ا
92 مؤسسات المرحلة االنتقالية
-بين التعيين وتركيز السلطة-
95 )9الجهاز التنفيذي
96 )2المجلس الوطني االنتقالي
المطلب الثاني
97
المقاربة التشريعية للمصالحة الوطنية
الفرع األول
97 تدابير الرحمة
170
الفهرس
الفرع الثاني
121
إشراك اإلرادة الشعبية في عملية المصالحة
أولا
122
اإلجراءات المتبعة في سبيل إقرار كل من قانون المصالحة الوطنية وقانون الوئام المدني
ثاني ا
122
البحث في حقيقة تفعيل القوانين اإلستفتائية لمبدأ السيادة الشعبية
122 9الطبيعة "ما فوق القانونية" للقوانين اإلستفتائية
125 )2اآلثار المترتبة عن القوانين اإلستفتائية
125 أ)-تقويض دور البرلمان
126 ب)-تحجيم دور المجلس الدستوري
المبحث الثاني
126
عدم اكتمال أركان العدالة االنتقالية في إطار التجربة الجزائرية
المطلب األول
127
عدم استيفاء المقاربة الجزائرية لعناصر العدالة االنتقالية
الفرع األول
128 غياب مقاربة شاملة للعناصر التصالحية للعدالة االنتقالية في إطار قانون المصالحة
الوطنية
أولا
128
التعويض كبديل عن جبر الضرر
129 )9المسؤولية السلبية للدولة كأساس للتعويض
)2عدم تحقيق برنامج التعويض في إطار قانون المصالحة الوطنية لعناصر االكتمال
125
والشمولية
ثاني ا
إهدار قانون المصالحة الوطنية للحق في معرفة الحقيقة
119
171
الفهرس
الفرع الثاني
121 تبني قانون المصالحة الوطنية لخيار العفو
-بين ضرورة استتباب األمن و متطلبات تحقيق العدالة –
أولا
122
قانون المصالحة الوطنية عبارة عن تدبير عفو غير خاضع للمسألة
ثاني ا
125
منافذ اإلفالت من العقاب في إطار قانون المصالحة الوطنية
المطلب الثاني
126
إقصاء آليات العدالة االنتقالية من إنفاذ قانون المصالحة الوطنية
الفرع األول
128
إقصاء اآلليات التصالحية من نطاق إنفاذ قانون المصالحة الوطنية
الفرع الثاني
122
قانون المصالحة الوطنية واشكالية اعتماد آليات المساءلة الجنائية
أولا
122 تقويض قانون المصالحة الوطنية اختصاص الهيئات القضائية المحلية في مواجهة اإلفالت
من العقاب
ثانيا
122 مدى اختصاص آليات العدالة الجنائية الدولية في مكافحة اإلفالت من العقاب في سياق
حالة العنف المسلح الجزائرية
122 )9 )9استبعاد إقامة محاكم مختلطة في سياق حالة العنف المسلح الجزائرية؟!
)2عدم خضوع الجرائم الدولية المرتكبة في نطاق حالة العنف المسلح الجزائرية لوالية
126
المحكمة الجنائية الدولية الدائمة
)3االختصاص العالمي كآلية وحيدة لمكافحة اإلفالت من العقاب في إطار حالة العنف
127
المسلح الجزائرية
129 خالصة الفصل الثاني
121 خاتمــــــــــــــــــــــــــــة
172
الفهرس
173
ملخص
فرضت المصالحة الوطنية الجزائرية نفسها كضرورة حتمية للدفع بمسعى السلم إلى األمام في
المصاحبة
ضوء معالجة أثار المأساة الوطنية الجزائرية ،التي لم تعدو أن تكون إال نتاجا للممارسة ُ
للممارسة المعكوسة للتطبيق المتزامن للقانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان ،في
إطار الحرب على اإلرهاب التي عرفتها الجزائر.
إن هذا الطرح بما يحيل إليه من جدلية بين قيمتي؛ السلم واإلنصاف ،يجعلنا نستحضر آلية
العدالة االنتقالية من حيث أنها البوتقة التي تنفرج عنها مفارقة "مصالحة الوطنية في إطار سلم
عادل".
غير أن مقاربة العدالة االنتقالية من حيث أنها قيمة مثالية ،في ضوء خصوصية سياق المأساة
الوطنية ،قد أسفر عن محدودية آثارها القانونية من جهة الممارسة ،حتى وان استرجعت األمن
والسكينة.
Résumé