You are on page 1of 175

‫جامعة عبد الرحمان ميرة –بجاية‪-‬‬

‫كلي ة الحقوق و العلوم الاياسية‬


‫قام الق انون العام‬

‫المصالحة الوطنية في إطار المق اربة الجزائرية للعدالة االنتق الية‬


‫‪8811-‬م‪5182/‬م‪-‬‬
‫(دراسة في ضوء معايير هيئة األمم المتحدة)‬

‫مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر في الحقوق‬


‫فرع‪ :‬الق انون العام‬
‫تخصص الق انون الدولي اإلنااني و الق انون الدولي لحقوق اإلناان‬

‫تحت إشراف‪:‬‬ ‫من إعداد الطالبة‪:‬‬


‫د‪.‬بويحيى جمال‬ ‫‪ -‬حمداوي كنزة‬

‫لجنة المناقشة‬

‫أ‪ /‬ق اسيمي يوسف‪ ،‬أستاذ مااعد قام 'أ'‪،‬جامعة عبد الرحمان ميرة "بجاية"‪............‬رئياا‬

‫د‪ /‬بويحيى جمال‪ ،‬أستاذ حاضر قام "ب"‪ ،‬جامعة عبد الرحمان ميرة "بجاية"…… مشرف ا ومقررا‬

‫شراد محمّد‪ ،‬أستاذ مااعد قام 'أ'‪،‬جامعة عبد الرحمان ميرة "بجاية"‪ ...............‬ممتحنا‬
‫أ‪ّ /‬‬

‫تاريخ المناقشة ‪4602/60/42‬‬


‫من المؤكد أن الطريق لمعرفة حقيقة بعض المآسي التي أفرزتها األزمة شائك ومعقد‪ ،‬لكن‬ ‫»‬

‫بجرة قلم‪ ،‬ال تغطي‬


‫الرواية الرسمية لهذه المآسي‪ ،‬والتي يزّكيها "ميثاق السلم والمصالحة" ّ‬
‫الحقيقة كاملة‪.‬‬

‫أن معرفة الحقيقة عن هذه المآسي ليست دائما مرحلة‬‫وأعتقد انه آن األوان أن ندرك ّ‬
‫قانونية إلنزال العقاب‪ ،‬بل إنها قد تكون أفضل طريق للتسامح والتعاون على بناء المستقبل‪،‬‬
‫ومعرفة الحقيقة‪.‬‬

‫من جهة أخرى‪ ،‬حق لألفراد المعنيين ال يمكن التنازل عنه إال برضاهم‪ ،‬وحق للمجتمع‬
‫تفجرت في حضنه والتي تمثّل معرفة الحقيقة‬
‫المدعو الستخالص العبرة من هذه المآسي التي ّ‬
‫أحسن ضمان لعدم تكرارها‪.‬‬

‫إن المذابح الجماعية‪ ،‬وقتل النساء واألطفال‪ ،‬وفقد عشرات اآلالف من المواطنين في ظروف‬
‫غامضة‪ ،‬وغيرها من المآسي التي أفرزتها األزمة‪ ،‬ليست أحداثاً عادية في تاريخ األمم‪ ،‬وأسوأ‬
‫طريقة للتعامل معها هي محاولة تغطيتها بالنسيان واقامة الحواجز دون معرفة األسباب‬
‫والظروف التي ولّدتها «‬

‫عبد الحميد مهري – رحمه اهلل‪.-‬‬


‫شكر وعرفان‬
‫هلل الشكر من قبل من بعد ثم إلى‪:‬‬
‫‪ -‬من كان و الزال قدوتي في أخالقه ومنهجه العلمي وككياميم منيو أول سين اامعةي ليي للي يومنيا‬
‫هوا كستاذ املشرف م‪ .‬بويحيى امال عل واسع صبره وتفهميه‪ ،‬ناهةي عين احتوائيه لهيوا العمي‬
‫بالتدقةق التنقةح وإلاثراء‪ ،‬فأل من أسمى آيات الشكر والتقدير أستاذي الفاض ‪.‬‬
‫‪ -‬ميين ز ف فييي الفوييول والشي للي البحي كسييتاذ ماتييا ي عبييد الكييريع علي توايهاتييه ونئييائحه‬
‫القةم منو السن أول ماستر لل الةوم الوي أبئر فةه هوا العم النو ‪.‬‬
‫‪ -‬م يين ك ييان ل ييه الفو ي ف ييي تلقةن ي أول ي مب ييام الق ييانون ال ييدولي إلايس ييايي والق ييانون ال ييدولي ق ييو‬
‫إلايسييان والييوي افقنييا أنييا وزماليئييي بأسييلو ه املييري فييي التعلييةع عل ي مييدا ثييالس سيينوات‪ ،‬كسييتاذ‬
‫قاسةم يوس ‪.‬‬
‫‪ -‬م يين ك ييانوا ل ي س ييندا عةل ي مراح ي لع ييدامي له ييوا البح ي ‪ :‬حم ييداوي ص ييونة وحم ييداوي س ييوفةان‬
‫ولعوامري عايئش ‪ ،‬فجزاكع هللا عن ك خير‪.‬‬
‫‪ -‬مين صييد فيييهع امللي القائي " رب أخ لممم دهممد لم أمم "‪ ،‬لخييوتي‪ :‬حيييرع عبييد الرحمييان‪ ،‬حمومييو‬
‫عب ييد املالي ي ‪ ،‬أون ييا ي ه ييايي‪ ،‬لخر ييان وس ييةع ‪ ،‬اب ييي أم ييال‪ ،‬و يوس ييفي ف ييايزن‪ ،‬ال ييوين أب ييوا لال أن‬
‫يكونوا في املوعد عند ا اا لليهع‪.‬‬

‫حمداوي كنزة‬
‫إه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـداء‬
‫أهدي هذا العمل إلى‪:‬‬

‫إلى أبائي وأمهاتي‪ :‬لعوامري جياللي ‪ ،‬حمداوي حفيظ ‪ ،‬لعوامري عبد‬


‫الكريم ‪ ،‬حسان خدوجة ‪ ،‬بن هالل فتيحة‪ ،‬لعوامري نصيرة ‪ ،‬لعوامري‬
‫صفية ؛حبا وإجالال‪.‬‬

‫إلى أخوالي وخاالتي ؛ تقديرا وعرفانا‪.‬‬

‫إلى روح أستاذي شليحي أحمد‪-‬رحمه هللا‪-‬وفاء و تكريما‪.‬‬

‫إلى وطن ال تكون فيه العدالة‬

‫منحة أو حلم يستحيل تحقيقه‪.‬‬


‫»يعد هذا البحث بطبيعته بحثا في أسباب األزمة‬
‫األمنية التي عاشتها الجزائر في الفترة الممتدة بين سنوات‬
‫(‪8811‬م و‪ )5182‬بغية تفسيرها‪ ،‬وليس تبريرها‪ ،‬بما يعنيه‬
‫الفرق القانوني بين المصطلحين‪ ،‬وهذا لغرض تالفي إمكانية‬
‫تكرارها من طرف األجيال الالحقة‪.‬‬

‫إن ماعايشته الجزائر في تسعينات القرن الماضي‬


‫تلق قبوال دولياً – مع‬
‫هو حرب (فعلية) على اإلرهاب لم َ‬
‫األسف‪ -‬إال بعد أحداث ‪5118/18/88‬م لعديد األسباب؛‬
‫منها الرغبة في إطالة أمد النزاع في الجزائر ألطول مدة‬
‫ممكنة و خدم ًة ألهداف غامضة؟ ! «‬

‫د‪.‬بويحيى جمال‬
‫قائمة للتعريف بأهم المختصرات المستعملة‬

‫)_ باللغة العربية‬1

‫ الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬: ‫ش‬.‫د‬.‫ج‬.‫ج‬.‫ر‬.‫ج‬


‫صفحة‬: .‫ص‬
‫ دون دار نشر‬:‫ن‬.‫د‬.‫د‬
‫ المجلة الجزائرية للعلوم القانونية اإلقتصادية السياسية‬:‫س‬.‫إ‬.‫ق‬.‫ع‬.‫ج‬.‫م‬

: ‫ باللغة األجنبية‬-)2
N°. : Numéro.
M.D.N : Ministère de la Défense Nationale.
Ibid. : In Bifore Indication document « Même ouvrage précédemment cité ».
O.N.D.H. : Observatoire National des Droits de l’homme.
O.P.U. : Office des Publications Universitaires.
Op.cit . :Opus Citatum « Ouvrage précédemment cité ».
PP. : De la page …a….la page.
R.A. S.J.E.P: Revue Algérienne des Sciences juridiques Economiques et
Politiques.
R.I.C.R : Revue International de la Croix- Rouge.

.
‫مقدّمـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫مقدّمــــــــــــة‬

‫شهدت األوضاع الدولية منذ بداية الثمانينات تطورات حاسمة بما أفرزته بوادر‬
‫تصدع المعسكر االشتراكي‪ ،‬من مد عالمي للنموذج الديمقراطي‪ ،‬وكغيرها من دول العالم‬
‫الثالث‪ ،‬لعب الظرف الدولي دو ار محوريا في إقرار عملية التحول الديمقراطي الجزائري‪ ،‬تحت‬
‫ضغط تفاعل كل من الوضع االقتصادي المتردي‪ ،‬والحراك االجتماعي الذي تجسد في أحداث‬
‫أكتوبر ‪.8811‬‬

‫استجابة لهذا الواقع تصدرت مساعي اإلصالح أدبيات الخطاب السياسي‪ ،‬مما أفضي‬
‫إلى تبني دستور سياسي جديد‪ ،‬أفرغت في إطاره مجموعة من المبادئ المرتبطة بالعهد‬
‫الديمقراطي التعددي من قبيل مبدأ الفصل بين السلطات‪ ،‬الرقابة علي دستورية‬
‫القوانين‪ ،‬االعتراف بطائفة جديدة من الحقوق والحريات‪ ،‬ناهيك عن تكريس مبدأ التعددية‬
‫الحزبية الذي طرح علي أنه أهم مكسب من مكاسب دستور ‪.8818‬‬

‫و من اإلقرار الدستوري إلي النفاذ التشريعي‪ ،‬بموجب إصدار كل من قانون األحزاب‬


‫ذات الطبيعة السياسية و قانون االنتخابات‪ ،‬انتقلت الدولة الجزائرية إلي التجسيد التعددي من‬
‫خالل تجربتين رائدتين‪ ،‬أسفرة كالهما عن "الفوز الساحق" للجبهة اإلسالمية لإلنقاذ( المحلة)‪.‬‬

‫وبين منازع في نتائج االنتخابات ومقر لها‪ ،‬طرحت حجة القطيعة بين مقومات النظام‬
‫الجمهوري والخطاب العنيف المتبني من قبل الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ (المحلة)‪ ،‬توقيف المسار‬
‫االنتخابي كضرورة حتمية إلنقاذ الجمهورية‪ ،‬أين لم يعدو الفراغ المؤسساتي المفتعل بفعل اقتران‬
‫استقالة رئيس الجمهورية بحل المجلس الشعبي الوطني أن يكون إال مجرد واجهة لتحقيق هذا‬
‫المقصد‪.‬‬

‫لقد فرض هذا الفراغ المؤسساتي بما أفضى إليه من أزمة دستورية‪ ،‬إلي البحث عن‬
‫تصور مؤسساتي جديد‪ ،‬وصل حد تجميد دستور ‪ ،8818‬وحلول ترتيب جديد للسلطة محل‬
‫المؤسسات الدستورية ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫مقدّمــــــــــــة‬

‫لم تنأى الحالة األمنية بنفسها عن هذا الوضع‪ ،‬أين تمخض عن توقيف المسار‬
‫االنتخابي دخول الدولة الجزائرية في حالة من "العنف المسلح" المتنازع في تكيفها بين‬
‫األطروحة الرسمية التي تدفع نحو تأصيل مفهوم الحرب على اإلرهاب‪ ،‬وبين األطروحة القائلة‬
‫باستيفاء حالة العنف المسلح الجزائرية لعتبة النزاعات المسلحة غير الدولية‪.‬‬

‫دفعت هذه الحالة األمنية الدولة الجزائرية إلى تبني سياسة تشريعية ردعية تجلت‬
‫معالمها في إصدار كل من قانون الطوارئ عطفا على إقرار الجريمة اإلرهابية كتدبير جنائي‬
‫دائم‪.‬‬

‫إال أنه‪ ،‬وأمام ما أفصحت عنه الحصيلة اإلنسانية الكارثية وتداعياتها الخارجية من‬
‫فشل الدولة الجزائرية في االضطالع بمهامها الدستورية في حماية مواطنيها‪ ،‬عمد المشرع‬
‫الجزائري إلي تبني نهج جديد قائم على "المزاوجة" بين السياسة الردعية واالحتوائية في مواجهة‬
‫الظاهرة اإلرهابية‪.‬‬

‫عبدت هذه األخيرة(السياسة االحتوائية) من خالل آلية الحوار الوطني الطريق إلى تبني‬
‫كل من تدابير الرحمة وقانون الوئام المدني‪ ،‬بصفتيهما تدبيرين هادفين إلي احتواء حالة العنف‬
‫المسلح الجزائرية‪ ،‬وانتهت إلى إقرار قانون المصالحة الوطنية‪.‬‬

‫هذا األخير‪ ،‬الذي تعدت أهدافه مجرد البحث عن تحقيق مقصدي السلم واألمن إلى‬
‫معالجة أثار المأساة الوطنية نهائيا على نحو يحقق مصالحة وطنية حقيقية‪ ،‬يحيلنا إلى مفهوم‬
‫العدالة االنتقالية وفقا للتعريف الذي طرحه األمين العام لألمم المتحدة والذي يعرفها على أنها‪:‬‬
‫" نطاق للعمليات واآلليات المرتبطة بالمحاوالت التي يبذلها المجتمع لمعالجة أثار تركة من‬
‫تجاوزات الماضي الواسعة النطاق بغية كفالة المسألة واقامة العدالة وتحقيق المصالحة‪.1‬‬

‫‪ -)1‬تقرير األمين العام لألمم المتحدة‪ ،‬سيادة القانون والعدالة االنتقالية في مجتمعات الصراع وما بعد الصراع‪ ،‬رمز‬
‫‪.6‬‬ ‫الوثيقة‪ ، S/2004/616:‬ص‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫مقدّمــــــــــــة‬

‫من هذا المنطلق ارتأينا تناول مسألة المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية لما تكتسيه من‬
‫أهمية خاصة في ضوء مآالت الوضع الدولي واإلقليمي بل والمحلي الراهن‪ ،‬الذي أسفر عن‬
‫ترسخ هذا الطرح في األدبيات السياسية والحقوقية الحالية‪ ،‬ولما كانت التجربة الجزائرية من‬
‫التجارب الرائدة في هذا الصدد فإن التساؤل حول مدى تقديمها لنموذج يمكن االستلهام منه‬
‫يطرح نفسه بإلحاح‪.‬‬

‫وعليه نطرح اإلشكالية التالية‪ :‬إلىّأيّّمستوىّأخذتّالدّولةّالجزائريةّبمعاييرّالعدالةّ‬


‫االنتقاليّةّفيّتجسيدهاّلمفهومّالمصالحةّالوطنيّة‪ّ،‬أمّأنّّهذهّاألخيرةّذاتّخصوصيةّجزائريةّ‬
‫بحتة؟!‪ّ.‬‬

‫بغية اإلجابة عن االستفهامات التي تفرعت عن هذه اإلشكالية ارتأينا تقسيم بحثنا تقسيما‬
‫ثنائيا‪ ،‬نتناول في الجزئية األولى منه المحددات القانونية لمسار المأساة الوطنية الجزائرية وكيف‬
‫أن انفتاح األزمة األمنية على األزمة الدستورية في السياق الجزائري قد أفضى إلي مأساة‬
‫إنسانية حقيقية(فصلّأول)‪ ،‬أما في الجزئية الثانية من هذا البحث فقد تناولنا المقاربة الجزائرية‬
‫للعدالة االنتقالية بما تعكسه من قصور في استكمال أركان هذه األخيرة (فصلّثان)‪.‬‬

‫وقد فرضت علينا طبيعة الموضوع االعتماد علي مجموعة من المناهج من بينها‪:‬‬
‫المنهج التاريخي‪ ،‬الذي وظفناه في الوقوف علي مختلف المحطات التي مرت بها التجربة‬
‫الجزائرية‪ ،‬بداية من محددات مسار المأساة الوطنية‪ ،‬مرو ار بمراحل التي مرت بها عملية‬
‫المصالحة الوطنية في السياق الجزائري ‪.‬‬

‫في حين فرض المنهجين التحليلي والنقدي نفسيهما كأداتين ضروريتين لغرض فحص‬
‫وتدقيق النصوص القانونية‪ ،‬فضال عن تحليل اآلراء الفقهية القائلة بالموضوع ‪ ،‬واللذان ساعدانا‬
‫في تحليل مرتكزات المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫مقدّمــــــــــــة‬

‫هذا ولم يكن هناك من بد من إعمال المنهج المقارن‪ ،‬لما له من أهمية في مقاربة التجربة‬
‫الجزائرية بالتجارب المقارنة‪ ،‬والذي انتهينا من خالله إلى القول بخصوصية التجربة الجزائرية‬
‫سواء في سياقها أو تصورها لتحقيق المصالحة الوطنية‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫الفصل األول‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫الفصل األول‬
‫معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫لا ًعند ًمقتضيات ًبحثنا ًالذي ًيتناول مسألة ًالمقاربة ًالجزائريًة ًللعدالةًًًًًً‬
‫نزوً‬
‫النتقالية‪ً ،‬منًحيثًأنً ًهذهًاألخيرةًتنطلقًمنًفرضيةًمفادهاًضرورةًمعالجةًأثارًالماضيً‬
‫لبناءًالمستقبلًفيًكنفًالمصالحةًالوطنية‪ً 1‬‬
‫‪ً،‬وانطالقاًمنًتسليمناًبأنً ًأيً ًمحاولةًلمقاربةً‬
‫قضية ًأثار ًالماضي ًل ًيمكن ًلها ًأن ًتتأتًي ًبمنأى ًعن ًالضطًالع ًبمعالجة ًدقيقة ًوقراءةً‬
‫موضوعيةًللمحدًداتًالتيًيحكمها ًسياقًكلًتجربةًبخصوصياتها‪ً،‬ارتأيناًبأنًهًمنًاألهميًةً‬
‫بماًكانًالوقوفًعليًمحدًداتًمسارًالمأساةًالوطنيًةًالجزائيًة‪ً،‬والتيًيمكنًأنًنختزلها ًفيً‬
‫إخفاق ًعملية ًالبناء ًالدًيمقراطي ًالتعددي (مبحث أول)‪ً ،‬ممًا ًأفرز ًحالة ًمن ًالعنف ًالمسلًحً‬
‫التيًطرحتًكإطارًللمأساةًالوطنية(مبحث ثان)‪.‬‬

‫المبحث األول‬
‫إخفاق مشروع البناء الديمقراطي التعددي كخلفية للمأساة الوطنية‬

‫‪-‬قراءة في العوامل –‬

‫يعرف ًمفهوم ًالتًحول ًالدًيمقراطي ًعلى ًأنًه‪ً ":‬عملية ًمستمرة ًتمر ًبثالث ًمراحلً‬
‫أساسيًة‪ً ،‬من ًشأن ًاجتيازها ًكفالة ًتجسًيد ًنظام ًديمقراطي ًيستجيب ًلتًطلعاتًًًًًًًًً‬
‫الشًعوب"‪ً ،2‬وبتقًصيًمراحلًتجربةًالتًحولًالدًيمقراطيًالتيًمرتًبهاًالدًولةًالجزائريًةًيمكنً‬

‫‪1‬‬
‫‪)- YOUSSEF Nada, la transition démocratique et la garantie des droits fondamentaux,ً U.P.E ,Paris,‬‬
‫‪2010, p.36.‬‬
‫‪ً-)2‬بلعوووور مصوووطفي‪ً،‬التحووولًالوودًيمقراطيًفوويًالوونًظمًالسًياسوويةًالعربيووة‪ً،‬د ارسووةًحالووةًالنًظووامًالسًياسوويًالج ازئووريً‬
‫(‪ً،)8001-8811‬أطروحووةًمقدمووةًلنيوولًشووهادةًدكتوووراهًفوويًالعلووومًالسًياسووية‪ً،‬فوورعًالتًنظوويمًالسًياسوويًواإلداري‪ً،‬قسوومً‬
‫العلوومًالسًياسوويةًوالعالقوواتًالدًوليووة‪ًً،‬كليوةًالعلووومًالسيًاسوويةًواإلعووالم‪ً،‬جامعووةًبونًيوسووفًبوونًخوودة‪ً،‬الج ازئوور‪ً،8080ً،‬‬
‫ص‪ً.82.‬‬
‫‪12‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫ًاألولي ًفي ًاتجاه ًعملية ًالتًحولًًً‬


‫ً‬ ‫تقسيمها ًإلى ًسياقين؛ ًأما ًاألًول ًفيعكس ًالمسار‬
‫الدًيمقراطي‪ً،‬وقدًنجحتًفيهًالتًجربةًالجزائريةًفيًاجتيازًكلًمنًمرحلةًاألزمةًالتيًعكستهاً‬
‫انتفاضةًأكتوبرً‪ً 8811‬على ًخلفيةًاألوضاعًالقتصاديةًوالجتماعيةًالمتردًية‪ً ،‬وماًواكبهاً‬
‫مستوى ًالسًاحة ًالدولية‪ً ،1‬وكذا ًمرحلة ًالقرار ًالسيًاسي ًوالذي ًاكتسى ًفيً‬
‫من ًتًحولت ًعلى ً ً‬
‫الرأسي‪ً.2‬‬
‫التًجربةًالجزائريةًنمطًًالقرارً ً‬

‫ًوأمًا ًالثًاني ًفقد ًأسًس ًلفشل ًتجربة ًالتًحول ًالدًيمقراطي ًالجزائريًة‪ً ،‬عند ًحدود ًمرحلةً‬
‫النتقال ًالدًيمقراطي ًباعتبارها ًالمنعرج ًاألخطر ًفي ًمسار ًالتًحول ًالدًيمقراطي‪ً ،‬أين ًتكثرً‬
‫المرحلةًالرابعةًوهيً‬
‫ً‬ ‫احتمالتًالرجوعًإلى ًالممارسات ًالسًابقة‪ً ،‬مماًحالًدونًالمرورًإلى ً‬
‫ً‬
‫مرحلةًترسيخًالخيارًالدًيمقراطي‪ً.3‬‬
‫نعوز ًهذا ًاإلخفاق ًبدرجة ًأولى ًإلى ًكل ًمن؛ ًواجهية ًمشروع ًالبناء ًالدًيمقراطيًًًًًً‬
‫في ًالسًياق ًالجزائري(مطولب أول)‪ً ،‬ثم ًهشاشة ًالبنية ًالمؤسًساتية ًللدًولة ًالتي ًفشلتًًًًًًًًً‬
‫فيًضمانًاستم ارريةًالدًولةً(مطلب ثان)‪.‬‬

‫‪ً-)1‬لمزي وودًم وونًالتًفاص وويلًح ووولًخلفي وواتًانتفاض ووةًاكت وووبر‪ ً8811‬ارجو و ‪ :‬طعيبوووة احمووود‪ً،‬أزم ووةًالتًح ووولًال وودًيمقراطيًًًًًًًً‬
‫فيًالجزائرً‪ً،8881-8811‬رسالةًمقدمةًلنيلًشهادةًالماجستيرًفيًالعلومًالسًياسيةًوالعالقاتًالدًولية‪ً،‬فرعًالتًنظيمً‬
‫السًياسيًواإلداري‪ً،‬معهدًالعلومًالسًياسيةًواإلدارية‪ً،‬جامعةًالجزائرً‪ً،8881‬ص‪ً.21-28ً.‬‬
‫حولًالرأسيًعلىًأنًهًقيامًقادةًالحكمًمهماًكانتًطبيعوتهمًمدنيوةًأوًسياسويةًبمبوادرةًتييورًالنًظوامًًً‬
‫ً‬ ‫‪ً-)2‬يعرفًنمطًالتً‬
‫منًاألعلى‪ً،‬علىًخلفيةًبروزًنوعًمنًالنشقاقاتًومظاهرًالضًعف‪ً،‬أنظرًفيًذلك‪ :‬بلعور مصطفي‪ً،‬مرج ًسوابق‪ً،‬‬
‫ص‪ًً.98.‬‬

‫*ًلق وودًانبع ووثًمش ووروعًالتًح ووولًال وودًيمقراطيًم وونًوح وويًالسو ولطةًالرئاس وويةًكامت وودادًلسلس وولةًاإلص ووالحاتً"المحتش وومة"ً‬

‫والمناسباتيةًالمنتهجةًمنذً‪ًً،8818‬والتيًأعلنتًفشلهاًعلىًوق ًالحراكًالشًعبيًالذيًاعتبرًتجسيماًلألزمةًالخانقةً‬
‫التوويًعايشووتهاًالج ازئوورًفوويًتلووكًالحقبووة‪ً،‬أنظوورًفوويًذلووك‪ً:‬سووكيل رقيووة‪"ً،‬التًعووديالتًالدًسووتوريةًالسووابقةًف ويًالج ازئوور"‪ً،‬‬
‫مداخلووةًملقوواةًفوويًإطووارًفعليوواتًالملتقووىًالوودًوليًحووولًالتًعووديالتًالدًسووتوريةًفوويًالوودًولًالعربيووةًعلووىًضوووءًالمتييوراتً‬
‫الدًوليةًالراهنةً–حالةًالجزائر‪ً،-‬جامعةًًحسيبةًبنًبوعلي‪ً،‬الشًلف‪ً،‬يوميً‪ً02-00‬ديسمبر‪ً،8088‬ص‪ً.8-1ً.‬‬
‫‪ً-)3‬بلعور مصطفي‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.82.‬‬
‫‪13‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫المطلب األول‬
‫واجهية مشروع البناء الديمقراطي التعددي‬
‫‪-‬قصور اإلطار القانوني كمؤشر–‬

‫يمكن ًتقصي ًمعالم ًواجهية ًمشروع ًالبناء ًالدًيمقراطي ًالتًعددي ًفي ًإطار ًالتًجربةًً‬
‫ائريًة ًمن ًخالل‪ً ،‬عدم ًجدية ًالمؤشًرات ًالدًالة ًعلى ًإحداث ًالقطيعة ًم ًأبجديات ًالنظًامً‬
‫الجز ً‬
‫السًابق‪ًً ،‬وهو ًما ًيعكسه ًبأمانة ًقصور ًاإلطار ًالقانوني ًلالنتقال ًنحو ًالدًيمقراطيةًًًًًًًً‬
‫المشرع ًالجزائريين ًفي ًتكييف ًالمنظومة ًالقانونيةً‬
‫التًعددية‪ً ،‬أين ًأخفق ًكل ًمن ًالمؤسًس ًو ً‬
‫الجزائريًة ًم ًالتًوجه ًالجديد‪ً ،‬وهو ًما ًيمكن ًأن ًنلمس ًمعالمه ًمن ًخالل ًعدم ًاكتمال ًبناءً‬
‫الخياراتًالدًستوريةًفيًإطارًدستور‪ً 8818ً،‬مماًأسًهمًفيًدخولًهذاًاألخيرًغمارًأزمةً‬
‫دستورية ً(فرع أول)‪ً ،‬ناهيك ًعن ًتعبئة ًالمنظومة ًالتًشريعية ًفي ًمواجهة ًالتًكريس ًالتًعدديً‬
‫(فرع ثان)‪ً.‬‬

‫الفرع األول‬
‫دستور‪9191‬‬
‫–دستور أزمة أم أزمة الدستور‪-‬‬

‫من ًخالل ًتتب ًالعرف ًالذي ًدلً ًعليه ًتواتر ًالتًعديالت ًالدًستورية ًالتي ًعرفتهاً‬
‫سوىً‬
‫الجمهورية ًالجزائرية ًالدًيمقراطية ًالشًعبية‪ً ،‬نلحظ ًبأنً ًدستور‪ً 8818‬لم ًيعدو ًأن ًيكون ً ً‬
‫مجرد ًمحاولة ًلدرئ ًمعالم ً(إفالس) ًالنًظام ًالسًياسي ًالجزائري‪ً ،1‬باعتباره ًاإلطار ًالتًأسيسيً‬

‫‪ً-)1‬لقوودًعرفووتًالج ازئوورًالمسووتقلةًعلووىًموودارًأزيوودًموونً‪ً00‬سوونةًثمانيووةًدسوواتيرًيمكوونًتقسوويمهاًموونًحيووثًجهوواتً‬
‫وظروفًوضعهاًًإلىًأربعةًدساتيرًشكليةً"كبيرة"‪ً،‬هذهًاألخيرةًبدورهاًيمكنناًتقسيمهاًمنًحيوثًالتًوجوهًاأليوديولوجيً‬
‫لهاًإلوىًدسواتيرًبرنوامدًودسواتيرًقوانون‪ً،‬وأربعوةًدسواتيرًماديوةًصوييرةً‪ً،‬وهووًمواًيعكوسًديناميكيوةًالحركوةًالدًسوتوريةً‬
‫الجزائريةًالتيًتعدًمنًمؤشراتًعدمًاستقرارًالنًظامًالجزائري‪ً،‬كترجمةًلقترانًجلًالتًعديالتًًالتيًعرفتهاًالدسواتيرً‬
‫الجزائريةًًبمفهومًاألزمةً‪ً.‬‬
‫‪14‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫المجسًد ًلشعارات ًاإلصالح ًالمرفوعة ًمن ًقبل ًالسًلطة ًالجزائريًة‪ً ،1‬في ًطليعتها ًالخيارً‬
‫التًعددي‪ً.‬‬
‫لترتبيةًالهرمًالقانونيً‬
‫هذهًاإلصالحاتًالسًياسيةًالتيًأقرتًبموجبًالنًصًالمتصدًرً ًا‬
‫فيًالدًولةًعلىًمرحلتين‪ً،‬عمدًفيًكليهماًالسًيدًرئيسًالجمهوريًةً"الشادلي بن جديد" ‪-‬رحمهً‬
‫اهلل‪ً -‬إلى ًإشراط ًاإلرادة ًالشًعبية‪ً ،‬من ًخالل ًإخضاع ًكل ًمن ًمشروع ًالتًعديل ًالدًستوريً‬
‫ل‪9‬نوفمبر‪(ً 8811‬مشروع ًفصل ًالدًولة ًعن ًالحزب) ًبموجب ًالمادة ً‪ً 888‬من ًدستورًً‬
‫‪ً ،8828‬وكذا ًمشروع ًالتًعديل ًالدًستوري ًلو‪ً 89‬فيفري ً‪ً 8818‬بموجب ًالمادة ً‪ً 0‬من ًالتًعديلً‬
‫الدًستوريًلو‪9‬نوفمبر‪ً 8811‬إلى ًالستفتاءًالشًعبي‪ً ،2‬تعتبرًإصالحاتًشاملة ًخاصة ًأنًها ًلمً‬
‫تتورعًأنًطالتًحتًىًالنصوصًوالمبادئًغيرًالقابلةًللتًعديلًوفقا ًلدستور‪ً ،8828‬مماًيرسًمً‬
‫هًدستورًجديدًيشكلًإلياءًضمنيًاًلدستور‪ً.38818‬‬
‫اً‬ ‫دستورً‪8818‬علىًأنً‬
‫الرغم ًمن ًأنً ًدستور‪ً 8818‬يدخل ًفي ًمصاف ًجملة ًالدًساتير ًالتي ًيصطلحً‬
‫ًوعلى ً ً‬
‫ينطوي ًعلى ًأحكام ًبرنامجيًة‪ً ،‬إلً ًأنً ًهذا ًالحضرً‬
‫على ًتسميتها ًبدساتير ًقوانين‪ً ،‬كونه ًل ً ً‬
‫األيديولوجي ًلدستور ً‪ً ،8818‬لم ًيحل ًدون ًاعتناقه ًلطائفة ًمن ًاألسسً ًالتي ًتقوم ًعليهاً‬
‫الدًيمقراطية ًالليبرالية‪ً ،4‬والتي ًتدور ًحسب ًرأي ًاألستاذ ً"سعيد بو الشعير" ًضمن ًفلكًً‬
‫المذهب ًالدًستوري‪ً-‬القائمًعلى ًفكرةًالمزاوجةًبينًالحريًةًوالسًلطةً–‪ً،‬وذلكًمنًخالل ًإقرارً‬
‫الحقوق ًوالحريًات ًاألساسية‪ً ،‬وأسسً ًدولة ًالقانون ًباعتبارها ًمن ًالمقومات ًاألساسية ًللجمً‬

‫‪ً-)1‬يووذهبًاألسووتاذ"صوودوق عموور"ًفوويًتفسوويرهًلمفهووومًاإلصووالحًبأنووه‪"ً:‬يعنوويًالحكوومًالمطلووقًعلووىًالوض و ًالسووابقً‬


‫والحوواليًبأنووهًفاسوودًولبوودًموونًإصووالحه‪ً،‬وكووذلكًالحكوومًعلووىًاإلجوراءاتًالجديوودةًبأنهوواًإيجابيووةًوصووالحة"ًوبالتوواليًهوووًًًًً‬
‫اعت ورافًبفشوولًالتًوجووهًالسووابقًموونًجهووة‪ً،‬وفوور ًقس وريًللتًوجووهًالجديوودًموونًجهووةًأخوورى‪ً،‬أنظوورًفوويًًذلووك‪ً:‬صوودوق‬
‫ًقضاياًاألزمة‪ً،‬ديوانًالمطبوعاتًالجامعية‪ً،‬الجزائر‪ً،8880ً،‬ص‪ً.80.‬‬ ‫عمر‪ً،‬أراءًسياسيةًوقانونيةًفيًبع‬
‫‪ً -)2‬يعتبر ًتمرير ًمشروع ًتعديل ًدستور ً‪ً 8822‬عن ًطريق ًالستفتاء ًدون ًالمرور ًعلى ًالمجلسًالشعبي ًالوطنيً‬
‫مخالفًلألحكامًالدستوريةًالمتعلقةًبتعديلًالدًستورًأنظرًفيًذلك‪ً:‬دستور ‪9191‬الصادرًبموجبًالمرسومًالرئاسيً‬
‫رقمً‪ً،82-22‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ً،‬عددً‪ً،81‬الصادرةًفيً‪ً81‬نوفمبر‪ً،8822‬الموادًمنً‪ً888‬إلىً‪ً.889‬‬
‫‪ً-)3‬بو الشعير سعيد‪ً،‬النظامًالسًياسيًالجزائري‪ً،‬دار الهدي‪ً،‬الجزائر‪ً،8889ً،‬ص‪ً.888.‬‬
‫‪ً-)4‬سكيل رقية‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.2.‬‬
‫‪15‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫إطالق ًسًلطة ًالحاكم‪ً ،‬وتكريس ًمبدأ ًالسًيادة ًالشًعبية ًالتي ًيمارسها ًفي ًإطار ًنظام ًحكمً‬
‫ديمقراطيًتعدًدي‪ً،‬وبالتًاليًتكريسًالدًيمقراطيةًبمفهومهاًالليبرالي‪ً.1‬‬
‫إلً ًأنً ًجدلية ًاإلقرار ًوالتًكريس ًالتي ًجسًدها ًدستور ً‪ً 8811‬في ًتعاطيه ًم ًهذهً‬
‫‪ً،‬والتيًتحققًبعضهاًبعضاًبحكمًالعتمادًالمتبادلًالقائمًبينها‪ً،‬حالًدونًالتًجسيدً‬
‫المقومات ً‬
‫الفعليًلهاًعلىًأر ًالواق ‪ً،‬وهذاًماًيتجلىًمنًخاللًماًيلي‪ً:‬‬

‫أولا‬
‫بالنسبة لتنظيم الحقوق والحريات‬
‫‪-‬إقرار دون تكريس‪-‬‬

‫منًخاللًالفصلًالراب ًمنًدستورً‪ً 8818‬المخصصًللحقوقًوالحرياتًأنًهً‬


‫ً‬ ‫يتجلى ً‬
‫ط ًطويل ًةا ًفيًوقفًالقطيعةًبينًالنصًالتًأسيسي ًللدًولة‪ً ً ،‬وطائفةًمهمةًمنًحقوقً‬
‫قط ًأشوا اً‬
‫الجيلًاألًول‪ًً،2‬وهوًماًيعتبرهًاألستاذ "براهيمي"ًًنتيجةًمنطقيةًللتًييرًالذيًطرأًعلىً ًوظائفً‬
‫الدًولة ًكامتداد ًلواق ًفشل ًالدًولة ًالمتدخلة ً(دولة ًالرفاه) ًفي ًالضطًالع ًباألدوار ًالمناطةًًًًً‬
‫بها‪ً،‬ويذهبًفيًذلكًإلىًالقولًبأنًهً"إذاًكانتًسعادةًالمواطنًتبقىًدائماًمحلًتأكد‪ً،‬إلًًأنًً‬
‫ماًالحريةًأضحتًهيًالوسيلةًالجديدةًًلتحقيقً‬
‫ً‬ ‫الدولةًلمًتعدًالوسيلةًلتحقيقًهذهًالسًعادةًوانً‬
‫السًعادةًالمنشودة"‪ً.3‬‬
‫كانًمنًالمتاحًممارسةًالحريةًمتى ًتوافرًالسًندًالقانونيًلذلك‪ً ،‬إلً ًأنًً‬
‫ً‬ ‫يبقى ًأنًهًإذاً‬
‫هذاًالتًمكينًقدًيصلًإلىًدرجةًالنعدامًمتىًكانًهذاًالسًندًالقانونيًمحلًقصورًفيًتنظيمً‬
‫حدود ًهذا ًالتًمكين‪ً ،‬وهو ًما ًيًؤخذ ًعلى ًدستور‪8818‬الذي ًكاد ًينعدم ًفيه ًالتًأسيس ًلتقييدً‬

‫‪ً-)1‬بو الشعير سعيد‪ً،‬النًظامًالسًياسيًالجزائري‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.881.‬‬


‫‪ً -)2‬مرسوم رئاسي رقم ‪ً ،99-91‬مؤرخ ًفي ً‪ً 81‬فيفري‪ً ،8818‬يتعلق ًبنشر ًالتًعديل ًالدًستوري ًالموافق ًعليهً‬
‫بموجبًاستفتاءً‪ً89‬فيفري‪ً،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬شًعدد‪ً،08‬صادرةًفيً‪ً8‬مارسً‪ً،8818‬الموادًمنً‪ً81‬إلى‪ً.11‬‬
‫‪3‬‬
‫‪)- BRAHIMI Mohamed, Le pouvoir en Algérie et ses formes d’expression institutionnelle, O.P.U ,‬‬
‫‪Alger, 1995, p.51.‬‬
‫‪16‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫الحريات‪ً ،‬اللًهم ًما ًتعلق ًبما ًورد ًفي ًإطار ًأحكام ًالمادة ً‪ً 01‬منه‪ً ،1‬ممًا ًرتًب ًنتائدًًًًًً‬
‫ً‬
‫عكسية‪ً،‬ذلكًأنًانعدام ًًتحديدًالحقوقًالقابلةًللتًقييدًعلى ًسبيلًالحصرًواحاطةًهذاًالتًقييدً‬
‫بشروطًصارمة‪ً ،‬فضالًعن ًالتًأكيد ًعلى ًضرورة ًمشروعيةًالهدفًمنًالتًقييد‪ً ،‬منًشأنهًفتحً‬
‫ًًًًًً‬ ‫المجال ًأمام ًالمشًرع ًوهو ًبصدد ًتنظيم ًهذه ًالحقوق ًالنحراف ًفي ًتقييده ًلبع‬
‫الحقوق‪ً ،2‬وهو ًما ًنلمسه ًفي ًالعديد ًمن ًالنصوص ًالتًشريعية ًالتي ًأعقبت ًصدورً‬
‫دستور‪ً ،38818‬ولعل ًالقصور ًاألكثر ًخطورة ًالذي ًيعتري ًتنظيم ًدستور‪ً 8818‬للحقوقً‬
‫والحريات‪ً،‬هوًذلكًالذيًيتعلقًبمرونةًإجراءاتًوشروطًإعالنًالحالةًالستثنائية‪ً،‬ومطاطيةً‬
‫ًاآلخرًمنها‪ً.4‬‬ ‫ًو‪/‬أوًإبهامًالبع‬ ‫ًالمصطلحاتًوكذاًغمو‬ ‫بع‬

‫‪ً -)1‬تنص ًالمادة ً‪ً 01‬من ًدستور ً‪8818‬على ًما ًيلي‪":‬الحق ًفي ًاإلضراب ًمعترف ًبه ًويمارس ًفي ًإطارًًًًًً‬
‫القانون‪ً،‬يمكنًأنًيمن ًالقانونًممارسًهذاًالحقًأوًيجعلًحدودا ًلممارستهًفيًميادينًالدًفاعًالوطنيًواألمنًأوً‬
‫فيًجمي ًالخدماتًأوًاألعمالًالعموميةًذاتًالمنفعةًالحيويةًللمجتم ‪ ،‬مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫الحريات‪ً ،‬وعادًةا ًماًيحيلًالنًصً‬ ‫‪ً -)2‬يعتبرًتنظيمًالحقوق ًو ً‬
‫الحرياتًمنًبينًأهمًضمانات ًتكريسًهذهًالحقوقًو ً‬
‫الحريات ًإلى ًالتًشري ‪ً ،‬ولما ًكان ًمن ًالبديهي ًأن ًيصاحب ًهذاً‬
‫التًأسيسي ًفي ًالدًولة ًمسألة ًتنظيم ًهذه ًالحقوق ًو ً‬
‫ًالممارسات‪ً ،‬وجبًضبطًذلكًفيًحدودًمعينةًوبشروطًصارمةًمنًخاللًحصرً‬ ‫ًالقيودًعلىًبع‬ ‫التنظيمًبع‬
‫وهوًماًلًنلمسهًلدىًالمشرعً‬
‫ً‬ ‫الحالتًالتيًيجوزًفيهاًالًتقييد‪ً،‬والًتأكيدًعلىًضروريةًمشروعيةًالهدفًمنًالتًقييد‪ًً،‬‬
‫الجزائري‪ً،‬أنظرًفيًذلك‪ً :‬قادري نسيمة‪ً،‬الممارسةًالتًشريعيةًفيًمجالًاآللياتًالتًشريعيةًالدًوليةًالخاصةًبحقوقً‬
‫اإلنسان‪ً،‬مذكرةًلنيلًدرجةًالماجستيرًفيًالقانون‪ً،‬فرعًالقانونًالعام‪ً،‬تخصصًتحولتًالدًولة‪ً،‬كليًةًالحقوق‪ً،‬جامعةً‬
‫مولودًمعمريًتيزيًوزو‪ً،8008ً،‬ص‪ً.80.‬‬
‫‪ً -)3‬نذكر ًمنها‪ً :‬قانون رقم ‪ 91-19‬المؤرخ في ‪90‬جوان ‪ً ،9119‬المتعلق ًبكيفية ًممارسة ًالحقًًًًًًًًًًًًً‬
‫النًقابي‪ً ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬عدد‪ً ،89‬الصًادرة ًبتاريخ ً‪02‬جوان ً‪8880‬؛ ًقانون رقم‪ً ،99-19‬المًؤًرخ ًفي ً‪9‬أبريلً‬
‫‪ً،8880‬يتعلقًباإلعالم‪ً،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ً،‬عدد‪ً،81‬الصًادرةًبتاريخً‪ً01‬أفريلً‪ً،8880‬المعدًلًوالمتمم‪ً.‬‬
‫‪ً-)4‬تتجليًمظاهرًمرونةًإجراءاتًإعالنًالتًدابيرًالستثنائيةًمنًالنًاحيةًالشًكليةًفيًتوقفهاًًبالنسبةًإلعالنًحالةً‬
‫الطًوارئ ًوحالة ًالحصار ًعلى ًمجرد ًاستشارة ًالمجلس ًالدًستوري ًوالستماع ًإلى ًالمجلس ًاألعلى ًلألمن ًومجلسً‬
‫الوزراء‪-‬وهو ًإجراء ًيطيى ًعليه ًالطًاب ًاإلستئناسي‪ً ،-‬وعلى ًالجتماع ًالوجوبي ًللمجلس ًالشًعبي ًالوطني ًبالنسبةً‬
‫إلعالنًالحالةًالستثنائية؛ ًأماًبالنسبةًللشروطًالشًكليةًلإلعالنًهذهًالحالت‪ً،‬فأهمًماًيستوقفناًبشأنهاًهوًإبهامً‬
‫ًالمصطلحاتًالمعتمدة‪ً،‬منًقبيلًالضًرورةًالملحًة‪ً،‬خطرًداهم‪ً،‬فضالًعنًعدمًتمييزًالمؤسًسًبينًحالةً‬ ‫وغمو‬
‫الطوارئ ًوحالة ًالحصار؛ ًومن ًبين ًأهم ًالمآخذ ًالتي ًيمكن ًأن ًنسجلها ًبشأن ًتنظيم ًدستور ً‪ً 8818‬للظًروفًًًًًًًًً‬
‫‪17‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫ثاني ا‬
‫عدم اكتمال أسس بناء دولة القانون‬

‫عمدًالمؤسًسًالدًستوريًالجزائريً‪ً -‬بخطواتًحثيثةًفيًمسارًإرساءًمقوماتًدولةً‬
‫القانون‪ً -‬إلى ًإحالل ًالشًرعية ًالدًستورية ًمحل ًالشًرعية ًالثًورية‪ً ،‬من ًخالل ًالتًأسيس ًلمبدأيً‬
‫ستورية‪ً،‬فضالًعنًتبنيًالنهدًالديمقراطيًالتًعددي‪ً.‬‬
‫الفصلًبينًالسلطاتً ًوسموًالقاعدةًالدً ً‬
‫إلً ًأنه‪ً ،‬عند ًالوقوف ًعلى ًمسألة ًمدى ًفاعلية ًاألطر ًاإلجرائية ًوالموضوعيةًًًًًًًً‬
‫عدمًتجاوزًهذهًاألخيرة ًحدودً‬
‫ً‬ ‫فيًالتًجسيدًالفعليًلهذهًالمقومات‪ً ،‬نجدًدللتًقاطعةًعلى ً‬
‫التًنصيص‪ًًً.‬‬
‫ففيماًيتعلقًبمبدأًالفصلًبينًالسًلطاتًنجدًبأنًدستور‪ًً-8818‬وعلىًإق اررناًبنجاحهً‬
‫في ًتقليص ًدور ًالسًلطة ًالتًنفيذية ًوتدعيمه ًلمركز ًالسًلطة ًالتًشريعية‪ً -‬إلً ًأنًه ًقد ًأبقىًًًًً‬
‫علىًانعدامًمعادلةًالموازنةًبينًماًاصًطلحًعلىًتسميتهمًبالسًلطاتًالثالثة‪ً،‬وذلكًمنًخاللً‬
‫دًسترة ًهيمنة ًالسًلطة ًالتًنفيذية‪ً ،‬مجسًدًةا ًفي ًقطبها ًالوحيد* ًالممثًل ًفي ًرئيس ًالجمهوريًةًًً‬
‫على ًباقي ًالمؤسًسات ًالدًستورية‪ً ،‬كنتيجة ًمنطقية ًلفكرة ًالتًجسيد ًالتي ًاعتنقها ًالمؤسًسً‬
‫الجزائًري‪ً،‬والتيًتستقيًحجًيتهاًمنًالشًرعيةًالشًعبيةًالمعترفًبهاًلرئيسًالجمهوريًة‪ً.1‬‬

‫=الستثنائيةًهوًعدمًإقرانًحالةًالطوارئًًبمدةًزمنيةًمحدًدةًعلىًسبيلًالتًدقيقًكماًهوًشأنًالمؤسًسًالفرنسيً‬
‫الذي ًحدًدها ًبو‪ً 88‬يوما‪ً ،‬لمزيد ًمن ًالتًفاصيل ًراج ‪ :‬بو الشعير سعيد‪ً ،‬النًظام ًالسًياسي ًالجزائري‪ً ،‬مرج ًسابق‪ً،‬‬
‫ص‪ً.810-821.‬‬
‫علىًالرغمًمنًتبنيًدستورً‪ً 8818‬مبدأًثنائيةًالجهازًالتًنفيذيًإلً ًأنً ًهامشيةًدورًرئيسًالحكومةًالذيًيتلخصً‬
‫ً‬ ‫*‬
‫ًالوظائفً‬ ‫في ًمجرد؛ ًتنسيق ًوتنفيذ ًبرنامد ًحكومته‪ً ،‬السًهر ًعلى ًتنفيذ ًالقوانين ًوالتًنظيمات‪ً ،‬التعين ًفي ًبع‬
‫الحكوميةًالتيًلًتنزويًضمنًالمجالًالمحفوظًلرئيسًالجمهوريًة‪ً،‬هذاًفيًمقابلًالسًلطاتًالواسعةًوالشًبهًمطلقةً‬
‫التيًيتمت ًبهاًرئيسًالجمهوريًة‪ً ،‬يدفعناًللقولًبصورية ًاعتناقًالمؤسسًالجزائريةً ًلثنائيةًالسًلطةًالتنفيذية‪ً،‬لمزيدً‬
‫منًالتًفاصيلًحولًاختصاصاتًكلًمنًرئيسًالجمهوريةًورئيسًالحكومةًبموجبًدستورً‪ً،8818‬راج ‪ً:‬‬
‫‪-BRAHIMI Mohamed, Op.cit, pp.72-80.‬‬
‫‪ً-)1‬بوالشعير سعيدً‪،‬النظامًالسًياسيًالجزائري‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪.888-888.‬‬
‫‪18‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫هذا‪ً ً،‬ويمكنًاستقراءًمظاهرًهذهًالهيمنةًمن ًالجانبًالعضويًفي‪ً ،‬السًيطرةًالرئاسيةً‬


‫علىًالمؤسًسةًالتًشريعية(البرلمان)ًمنًخاللًتخويلًهذهًاألخيرةًصالحيةًًالحلًالرئاسيًفيً‬
‫مقابلًعدمًترتيبًالمسؤوليةًالسًياسيةًفيًمواجهتها‪ً،1‬ومنًالناحيةًالوظيفيةًمنًخاللًالتفوقً‬
‫التًشريعيًللسًلطةًالتًنفيذية‪ً ،‬منًحيثًإطالقًمجالًالتًنظيمًفيًمقابلًحصرًمجالًالتًشري ً‬
‫للمؤسًسة ًالتًشريعية(البرلمان)‪ً ،2‬ناهيك ًعن ًسمو ًالتًشري ًالرئاسي ً(القوانين ًاإلستفتائيةً‬
‫والمعاهدات ًالدًولية) ًعلى ًالتًشري ًالبرلماني‪ً ،3‬عطفا ًعلى ًاسًتئثار ًرئيس ًالجمهوريًة ًبحقً‬
‫المبادرةًبتعديلًالدستور‪ً،4‬مماًأفرغًمبدأًالفصلًبينًالسًلطاتًمنًمحتواه‪ً.‬‬

‫لقدًخولتًالمادةً‪ً 880‬منًالدًستورًلرئيسًالجمهوريًةًحقًحل ًالمجلسًالشًعبيًالوطنيًأوًإجراءًانتخاباتً‬


‫ً‬ ‫‪ً - )1‬‬
‫تشريعيةًمسبقة‪ً،‬إل ًأنهاًفيًالمقابلًفرضتًعليهًجملةًمنًالقيودًفيًسبيلًممارسةًهذهًالصًالحية‪ً،‬تقصرًهذهً‬
‫األخيرةًعلىً ًمجردًاستشارةًكلًمنًرئيسًالمجلسًالشًعبيًالوطنيًورئيسًمجلسًاألمًةً‪ً ،‬كماًجعلتًالمادةً‪ً19‬‬
‫ًحقاا ًشخصيًا ًلرئيس ًالجمهورية‪ً ،‬وهو ًما ًيمكن ًاستقراءه ً ًمن ًخالل ًحظر ًتفويضه ًأليًة ًجهةًًًًً‬
‫من ًهذا ًالحق ً‬
‫كانت‪ً،‬ويردً ًاألستاذ "براهيمي" ً ًالسببًفيًتخويلًرئيسًالجمهوريًةًهذاًالحقًإلىًالدًورًالتحكيميًالذيًيتمتً ًبهً‬
‫هذاًاألخير‪ً،‬والمستوحىًمنًالنًموذجًالفرنسيًللجمهوريةًالخامسة‪ً،‬ولئنًكانًالمؤسًسًالجزائريًلمًيشرًصراحةًإلىً‬
‫هذه ًالوظيفة ًعلى ًعكس ًلما ًذهب ًإليه ًالمؤسًس ًالفرنسي ًإلً ًأنًها ًتجد ًأساسها ًفي ًفكرة ًالتًجسيد ًالتي ًاعتنقهاً‬
‫المؤسًس ًالجزائري ًفي ًإطار ًالمادة ً‪ً 22‬من ًالدًستور‪ً ً ،‬لمزيد ًمن ًالتًفاصيل ًراج ‪ً :‬محمد براهيمي ً‪"ً ،‬حق ًالحلًًًًً‬
‫فيًدستورً‪،ً"8818‬م‪.‬ج‪.‬ع‪.‬ق‪.‬إ‪.‬س‪ً،‬عدد‪ً،8889ً،8‬ص‪ً.10-21.‬‬
‫ستورًالمجالتًالتيًيشرعًفيها ًالمجلسًالشًعبيًالوطنيًبو‪ً88‬‬
‫ً‬ ‫‪ً -)2‬فيًالوقتًالذيًحدًدتًفيهًالمادةً‪ً 880‬منًالدً‬
‫لتًأخرىًيحددهاًالدًستورًعلىًسبيلًالحصر‪ً،‬أطلقتًالمادةً‪ً882‬السًلطةًالتًنظيميةًلرئيسً‬
‫ً‬ ‫الاًعنًمجا‬
‫لا‪ً،‬فض ً‬
‫مجا ً‬
‫لتًالتيًيشرعًفيهاًالمجلسًالشًعبيًالوطني‪ً،‬دستورً‪ً،8818‬مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫ً‬ ‫الجمهوريةًخارجًالمجا‬
‫‪ً-)3‬يتمت ًرئيسًالجمهوريةًبحقًأصيلًشخصيًومطلقًًفيًاللًجوءًإلىًالستفتاء‪ً،‬ولماًكانتًالقوانينًاإلستفتائيةً‬
‫عبارةًعنًتعبيرًعنًإرادةًصاحبًالسًيادةًاألصلي‪ً،‬فهيًتتبوأًمرتبةًأعلىًمنًتلكًالتيًتتبوؤهاًالقوانينًالعاديةًفيً‬
‫تراتبيةًالهرمًالقانونيًللدًولة‪ً ،‬مماًيعتبرًأداة ًفعًالةًلتجاوزًالبرلمان‪ً،‬أماًبالنًسبةًللمعاهداتًالدًوليةًفهيًتجدًأساسً‬
‫سموها ًفي ًمضمون ًالمادة ً‪ً 889‬من ًالدًستور ًالتي ًتقضي ًصراحة ًبسمو ًالمعاهدات ًالتي ًيصادق ًعليها ًرئيسً‬
‫الجمهوريةًعلىًالقانون‪ً،‬أنظرًفيًذلكًالمواد‪ً،911-889-19-8/21-2-2ً:‬دستور ‪،9191‬مرج ًسابق‪ًً.‬‬
‫‪ً-)4‬المادةً‪ً،829‬منًالمرج ًنفسه‪ً.‬‬
‫‪19‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫أمًاًفيماًيتعلقًبمبدأًسموًالدًستور‪ً ،‬والذيًتًمًإق اررهً ًبموجبًالفقرةً‪ً 80‬منًديباجةً‬


‫دستًورً‪ً ،18818‬فقدًعمدًالمؤسًس ًالجزائري ًفيًسبيلًتجسيدهًإلى ًإعادةًبعثًمبدأًالرقابةً‬
‫وتحرىًًًًً‬
‫على ًدستورية ًالقوانين‪ً ،‬من ًحيث ًأنًها ًالضمانة ًاألساسية ًلتكريس ًهذا ًالسمو‪ً ً ،2‬‬
‫في ًتجسيده ًلهذه ًالضًمانة ًأن ًعهد ًبمهمة ًالسًهر ًعلى ًاحترام ًالدًستور ًإلى ًهيئة ًتعوزهاً‬
‫مقومات ًالستقاللية‪ً ،‬في ًمواجهة ًالمتياز ًالكًمي ًوالنًوعي ًلرئيس ًالجمهوريًة ًفي ًتعيًينً‬
‫أعضائها ًمن ًجهة‪ً ،3‬وافتقار ًالمنظومة ًاإلجرائية ًالضًابطة ًلعملها ًلمظاهر ًالفاعلية ًبفعلً‬

‫‪ً -)1‬تنصًالفقرةً‪ً 80‬منًديباجةًدستورً‪ً 8818‬علىًماًيليً‪":‬إنً ًالدًستورًفوقًالجمي ً‪ً،‬وهوًالقانونًاألساسيً‬


‫الذي ًيضمن ًالحقوق ًوالحريات ًالفردية ًوالجماعية‪ً ،‬ويحمي ًمبدأ ًحرية ًاختيار ًالشًعب‪ً ،‬ويضفي ً ًالشًرعية ًعلىًًًًًًً‬
‫ممارساتًالسلطة‪ً،‬ويكفلًالحمايةًالقانونية‪ً،‬ورقابةًعملًالسًلطاتًالعموميةًفيًمجتم ًتسودهًالشرعية‪ً،‬ويتحققًفيهً‬
‫تفتحًاإلنسانًبكلًأبعاده"‪ً،‬دستور‪ً،8818‬مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫‪ً -)2‬تبنى ًالمؤسسًالجزائريًمبدأًالرقابةًعلىًدستوريةًالقو‬
‫انينًبموجبًأولًدستورًللبالدًإلً ًأنًهًلمًيبصرًطريقهً‬
‫ً‬
‫إلىًالتأسيسًبحكمًتجميدًالعملًبهذاًاألخيرًبعد ً‪ً 89‬يوم ًمنًإصدارهًمنًخالل ًتفعيل ًالسيد ًالرئيس ًاألسبق ً"بنً‬
‫ًالرقابة ًعلى ًدستوريةً‬
‫بلة" ً– ًرحمه ًاهلل‪ً -‬للمادة ً‪ً 08‬من ًهذا ًاألخير ًوقد ًتراج ًدستور ً‪ً 8822‬عن ًاألخذ ًبمبدأ ً‬
‫أولًهيئةًمكلًفةًبالسًهرًعلىًاحترامً‬
‫القوانينًوبقي ًالحالًعلىًذلكًإلىًغايةًصدورًدستورً‪ً 8818‬الذيًأرسى ً ً‬
‫الدًستور ًفي ًتاريخ ًالجمهورية ًالجزائرية ًالدًيمقراطية ًالشًعبية‪ً ،‬أنظر ًفي ًذلك ً‪ً :‬بو الشعير سعيد‪ً ،‬النًظام ًالسًياسيً‬
‫الجزائري‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.102.‬‬
‫‪ً -)3‬يتمت ًرئيس ًالجمهورية ً ًبامتياز ًتعيين ًأكبر ًعدد ًمن ًأعضاء ًالمجلس ًالدًستوري ًبمعدل ًثالث ًأعضاء ًمنً‬
‫أصلًسبعةًأعضاء‪ً،‬فيًمقابلًانتخابًكلًمنًالسًلطةًالقضائيةًوالسًلطةًالتشريعيةً‪-‬كلًًعلىًحدى‪ً-‬لعضوينًمنً‬
‫أعضاءًالمجلسًالدستوري‪ً،‬كماًيعكسًتخويلًرئيسًالجمهوريةًسلطةًًتعيينًرئيسًالمجلسًالدستوريًذيًالصوتً‬
‫ًالدستوري ًالمتياز ًالنوعي ًلهذا ًاألخير ًفي ًتعيين ًأعضاءً‬
‫ً‬ ‫المرجح ًوصالحية ًتعيين ًالعضو ًالمقرر ًفي ًالمجلس‬
‫المجلسًالدستوريً‪ً ،‬أنظرًفيًذلك ًكلًمن‪ً :‬المادة‪801ً:‬منًالدستورً‪ً 8818‬مرج ًسابق؛ًالمًواد‪-0-1-8/8ًً :‬‬
‫‪ً ،2‬النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ‪ً،9191‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش ًعدد‪ً،98‬صادرةًفيً‪ً 2‬غشتً‬
‫‪ً،8818‬المليى ًبموجبًالنظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ‪ً،0999‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬شًعدد‪ً،11‬‬
‫الصادرة ًفي ً‪ً 2‬أوت ً‪ً ،8000‬المعدل ًبموجب ًالنظام ًالمحدد ًلقواعد ًعمل ًالمجلس ًالدستوري ًلسنة ً‪ً،8088‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬شًعدد‪ً،82‬الصادرةًبتاريخً‪ً02‬أوتً‪ً.8000‬‬
‫‪20‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫أخرى‪ً ،1‬مما ًيدفعناًًًًًً‬


‫محدودية ًالجهات ًالمخول ًلها ًسلطة ًإخطار ًهذا ًاألخير ًمن ًجهة ً ً‬
‫إلىًالقولًبصوريةًهذهًالضًمانة‪ً.‬‬
‫ًًًًًهذا‪ً ً،‬وفيًحينًطرحًالخيارًالدًيمقراطيًعلىًأنًهًنتاجًلنضالًالشًعبًالجزائري‪ً،‬وامتدادً‬
‫يمارسهاًالشًعبًالج ازئري ًوفقا ًألحكامًالدًستًور‪ً ،2‬فيً‬
‫للسًيادة ًالوطنيةًالتيًهيًملكًللشًعبً ً‬
‫صورةًالدًيمقراطيةًالتًمثيليةًكأصلًعامًعنًطريقًالقًتراعًالعامًالمباشرًوالسًري‪ً.3‬‬
‫ًًًًًفإنً ًالدًيمقراطيةًالتًعددية ًبماًفتحتهًمنًأفاقًنحوًإرساءًمجتم ًمدني ًقوي‪ً ،‬قدًطًرحتً‬
‫المكرسةً‬
‫علىًأنًهاًأهمًمكسبًمنًمكاسبًالنفتاحًالدًيمقراطي‪ً،‬مجسًداًفيًالتًعدديةًالحزبيةً ً‬
‫بموجبًالمادة ً‪ً 10‬منًدستورً‪ً ،8818‬لكنًوفقاًلنموذجًخاصًوهوًالجمعيات ًذاتًالطاب ً‬
‫السياسي‪ً،4‬ممًاًيًوحيً(باحتًشام)ًدخولًالمؤسًسًالجزائريًلمعتركًالتًعدديةًالحزبية‪ً.‬‬
‫ًتفسيره ً ًلدللت ًاعتمادً‬ ‫ًًًًًً ًوفي ًهذا ًالصدد ًذهب ًاألستاذ ً"عمر صدوق" ًفي ًمعر‬
‫المؤسًس ًالجزائري ًلمصطلح ًالجمعيات ًذات ًالطًاب ًالسًياسي ًدون ًمصطلح ًاألحزابً‬
‫السًياسيةًمنًالجانبًالسًياسي‪ً،‬إلىًاقتراحًثالثًاحتمالتًممثًلةًفي‪ً:‬‬
‫‪ ‬الرغبةًفيًتضييقًمجالًنفوذًالتًعددية ًلينحصرًدًوًرهاًفيًالمعارضةًدونًالمشاركةً‬
‫الفعليًةًالمؤثرةً‪.‬‬
‫‪ ‬استبعادًانتعاشًأوًقيامًأحزابًمعينة‪.‬‬
‫ًالمعركةًالنتخابية‪.5‬‬ ‫ًعدمًوجودًأوًقيامًأحزابًمؤهلةًأوًقادرةًعلىًخو‬ ‫‪ ‬افت ار‬

‫‪ً -)1‬لقدًحصر ًدستورً‪ً 8818‬سلطةًإخطارًالمجلسًالدًستوري‪ً،‬على ًكلً ًمنًرئيسًالجمهوريًةًورئيسًالمجلسً‬


‫الرقابةًعلىًدستوريةًالقوانين‪ً،‬أنظرًفيًذلك‪ً:‬‬
‫الشًعبيًالوطني‪ً،‬وًهوًماًمنًشأنهًأنًيقلًلًمنًحظوظًتفعيلًعمليةً ً‬
‫المادةً‪802‬منًدستورً‪ً،8818‬مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫‪ً-)2‬أنظرًفيًذلك‪ً:‬الفقرةًالثًامنةًمنًديباجةًالمرج ًنفسه‪ً.‬‬
‫‪ً -)3‬أخذًالمشًرعًالجزائريًبصورةًالدًيمقراطيةًالتًمثيليةًكأصلًعامًم ًتبنيًأسلوبًالستفتاءًالشًعبيًكتعبيرًعنً‬
‫اطيةًغيرًالمباشرةً‪،‬أنظرًفيًذلك‪ً:‬المادةً‪ً02‬منًالمرج ًنفسه‪.‬‬
‫ً‬ ‫صورةًالدًيمقر‬
‫‪ً -)4‬تنص ًالمادة ً‪ً 10‬من ًدستور ً‪ً 8818‬على ًما ًيلي‪"ً :‬حق ًإنشاء ًالجمعيات ذات الطابع ًالسياسي ًمعترفًًًًًً‬
‫به"‪ً،‬المرج ًنفسه‪ً.‬‬
‫‪ً-)5‬صدوق عمر‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.08.‬‬
‫‪21‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫ًيكرسهاًًًً‬
‫مما ًيدفعنا ًإلى ًالقول ًبأنً ًالمؤسًس ًالجزائري ًقد ًأقرً ًالتًعددية ًالحزبية ًلكنه ًلم ً‬
‫فيًواق ًاألمر‪ً.‬‬
‫فيًإطارًهذهًالخياراتًالدًستوريةًالجديدةًغيرًالمكتًملةًالبناءًفتحًدستورً‪ً 8818‬منفذاً‬
‫قانونياً(لالنقالب ًعلى ًنفسه)‪ً ،‬جسًدهًعدمًاكتًمال ًالنصًالمنظًمًإلجراءاتًاإلنابةًفيًحالةًً‬
‫الشيور ًالمزدوج ًلمنصبي ًرئيس ًالجمهوريًة ًبالستقالة ًو ًرئيس ًالمجلس ًالشًعبي ًالوطنيً‬
‫بالحل‪ً ،‬وهو ًما ًسارع ًفي ًتجميد ًالعمل ًبهذا ًاألخير ًمن ًالنًاحية ًالقانونية‪ً .1‬ليدخل ًبذلكً‬
‫مةًفيًأزمةًدستوريًة‪ً.‬‬
‫ً‬ ‫دستورًاألز‬
‫ً‬

‫الفرع الثاني‬
‫تعبئة المنظومة التشريعية في مواجهة التكريس التعددي‬

‫في ًإطار ًعملية ًاستكمال ًاألطر ًالتًشريعية ًلعملية ًالبناء ًالتعدًدي‪ً ،‬عمد ًالمشرعً‬
‫الجزائري ًإلى ًتعبئة ًالمنظومة ًالتًشريعية ًفي ًمواجهة ًتكريس ًهذا ًاألخير ًوهو ًما ًيمكن ًأنً‬
‫نلمس ًمعالمه ًمن ًخالل ًكل ًمن ًالتًوجه ًنحو ًاإلقرار ًالتعددي ًالمفتوح ًفي ًإطار ًقانونً‬
‫الجمعياتًذاتًالطاب ًالسًياسي‪ً،‬ناهيكًعنًتوظيفًالمنظومةًالنتخابيةًفيًنفسًالتوجه‪ًً:‬‬

‫ً‬

‫ًاألول ًتبريره ًمن ًالنًاحية ًالقانونية ًفي ًعدم ًإيراد ًدستور ً‪ً 8818‬أيً ًحكم ًبشأن ًمساهمةً‬
‫=في ًرأينا ًيجد ًالحتمال ً‬
‫األغلبيةًالحزبيةًفيًتشكيلًالحكومة‪ً.‬‬
‫‪ً-)1‬بلودنين أحمد‪ً ،‬األزمةًالسياسيةًفيًالجزائرًوتضخمًاللًجانًالوطنيةًلإلصالح‪ً،‬رسالةًمنًأجلًالحصولًعلىً‬
‫شهادةًالدكتوراهًفيًالقانونًالعام‪ً،‬كليةًالحقوق‪ً،‬جامعةًبنًيوسفًبنًخدة‪ً،‬الجزائر‪ً،802،‬ص‪ً.82.‬‬
‫‪22‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫أولا‬
‫ًقانون الجمعيات ذات الطابع السياسي‬
‫‪-‬التوجه نحو اإلقرار التعددي المفتوح ‪-‬‬

‫ًالمشرع‪ً ،‬استكمال ًلعملية ًهيكلة ًاإلطار ًالقانوني ًلتًعددية ًالحزبية ًإلى ًإصدارً‬
‫ً‬ ‫عمد‬ ‫ًً‬
‫القانون ًرقم ً‪ً 88-18‬المتعلقًبإنشاءًالجمعياتًذاتًالطاب ًالسًياسي‪ً ،‬مفسحاًبذلكًالسًبيلًًًًً‬
‫إلى ًالممارسة ًالتًعددية ًفي ًحدود ًجملة ًمن ًاألطر ًالقانونية ًالتي ًيطيى ًعليها ًعاملًًًً‬
‫المرونة‪ً،‬حيثًأوقفًالقان ًونًرقمً‪ً88-18‬حقًإنشاءًحزبًسياسيًعلىًمجردًاستيفاءًجملةً‬
‫من ًالشًروط ًالعامًة ًالتي ًيمكن ًتلخيصها ًفي ًعدم ًمناقضة ًطبيعة ًالجمعية ًذات ًالطًاب ً‬
‫السًياسي‪ً ،‬وعدم ًالخروج ًعن ًأهدافها‪ً ً ،1‬فضال ًعن ًاستنفاذ ًمجموعة ً‬
‫ًأخرى ًمن ًاإلجراءاتً‬
‫البسيطة‪ًً.2‬‬
‫ًًًًًًهذا‪،‬ما ًأفرز ًتضخما ًباليا ًفي ًعدد ًاألحزاب ًالفتيًة‪ً ،3‬إذا ًما ًسلًمنا ًبأنً ًالعترافً‬
‫ًبحقًالتحزب ًلمًيعدو ًبالنسًبة ًلمجموعة ًمن ًاألحزاب ًأنً ًيكون ًإلً ًمجرد ًاعترافً‬
‫ً‬ ‫القانوني‬
‫كاشف‪ً ،‬وهو ًما ًيذهب ًاألستاذ ً"عمر صدوق" بصدده ًإلى ًالقول‪ً ،‬بأنً ًاعتماد ًالمؤسًسً‬
‫ًالمادة ً‪ً 10‬من ًالدًستور ًلم ًيسقط ًبصفةًًً‬ ‫الجزائري ًمصطلح ًمعترف ًبه ًفي ًمعر‬
‫اعتباطية‪ً،‬وانًماًبقصد ًالدللةًعلى ًأنً ًالتًعددًالحزبيًكانًقائماًفيًالواق ًالسًياسيًالجزائريً‬

‫‪ً -)1‬أنظر ًفي ًذلك‪ً :‬المواد ًمن ً‪ً 9‬إلى ً‪ً ،80‬من ًقانون رقم ‪ً ،99-19‬المؤرخ ًفي ً‪ً 00‬جويلية ً‪ً ،8818‬يتعلقً‬
‫بالجمعياتًذاتًالطًاب ًالسياسي‪،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬شًعدد‪،82‬الصادرةًبتاريخً‪0‬جويليةً‪ً،8818‬معدلًومتمم‪ً.‬‬
‫‪ً-)2‬أنظرًفيًذلك‪ً:‬الموادًمنً‪88‬إلىً‪ً،80‬منًالمرج ًنفسه‪ًً.‬‬
‫‪ً -)3‬بلغ ًعدد ًاألحزاب ًالمعتمدة ًفي ًنهاية ًسنة‪ً 08،8888‬حزبا ًراج ًفي ًذلك‪ً :‬طعيبة أحمد‪ً ،‬مرج ًًًًًًًًًًً‬
‫سابق‪ً،‬ص‪ًً.892.‬‬
‫‪23‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫من ًقبل ًإصدار ًدستور‪ً ،8818‬وأنً ًدور ًهذا ًاألخير ًقد ًاقًتصر ًعلى ًتقنين ًواق ًوطبعهً‬
‫بطاب ًالمشروعية‪ً.1‬‬
‫ساهم ًهذا ًاإلقرار ًالتًعددي ًالمفتوح ًفي ًإسقاط ًطبيعة ًالدًيمومة ًوالسًتم ارريةًًًًًًًً‬
‫عنًاألحزابًالسًياسية‪ً،‬منًحيثًأنًهاًمشروعًمؤسًسةًقائمةًعلىًتنفيذًمشروعًسياسي‪ًً.‬‬

‫ثالثا‬
‫توظيف المنظومة النتخابيةً‬

‫بعد ًالنتائد ًغير ًالمتوقعة ًالتي ًأفرزتها ًالتًجربة ًالتعددية ًالرائدة ًفي ًالجزائر‪ًً ،‬والتيً‬
‫أسفرت ًعن ًفوز ًالجبهة ًاإلسالمية ًلإلنقاذ ً(المحلة)‪ً ،2‬لم ًيكن ًهنالك ًبدً ًمن ًإعادة ًهيكلةً‬
‫وقانونًتقسيمًالدوائرً‬
‫ً‬ ‫المنظومة ًالنتخابية ًوذلكًعنًطريقًتعديلًكلًمنًقانونًالنتخابات ً‬
‫النتخابيةًالتيًطالتًطائفةًمهمةًمنًاألحكامًلعلًًأهمهاًماًيليً‪ً:‬‬
‫‪ً-)8‬أهم التعديالت التي طالت قانون النتخابات‪:‬‬
‫ًًًًتتجليًأهمًالتًعديالتًالتيًطالتًقانونًالنتخاباتًفي‪ً:‬‬

‫ًالمادة ً‪ًًًًً10‬‬ ‫‪ً -)1‬يذهب ًاألستاذ ً"عمر صدوق" ًإلى ًالقول ًبأن ًاعتماد ًالمؤسًس ًمصطلح ًمعترف ًبه ًفي ًمعر‬
‫من ًالدستور ًلم ًتكن ًبصفة ًاعتباطية‪ً ،‬وانما ًبقصد ًالدللة ًعلى ًأن ًالتًعدد ًالحزبي ًكان ًقائما ًفي ًالواق ًالسًياسيً‬
‫الجزائري ًمن ًقبل ًصدًور ًدستور ً‪ً 8818‬الذي ًاقتصر ًدوره ًعلى ًتقنين ًواقعا ًوطبعه ًبطاب ًالمشروعية‪ً ،‬أنظرًًًًًً‬
‫فيًذلكًصدوق عمر‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.21.‬‬
‫‪ً -)2‬أسفرتًنتائدًالنتخاباتًالمحليةًالتيًأ ً‬
‫جريتًبتاريخً‪88‬جوانً‪8880‬عنًالفوزً(الساحق) ًللجبهةًاإلسالميةً‬
‫لإلنقاذ ً(المحلة) ًبحيثًحصدتًلوحدهاً‪ً 101‬مجلسا ًبلديًا ًمنًمجموعً‪ً 8018‬مجلسا ًبلديًا‪ً ،‬و‪ً 98‬مجلساًولئيًا ًمنً‬
‫تليهاًمباشرًةاً‬
‫ً‬ ‫مجموعً‪ً11‬مجلساًولئيًا‪ً،‬أيًبمعدلً‪ً%10.22‬منًالمجالسًالبلديةًو‪%00.01‬منًالمجالسًالولئية‪ً،‬‬
‫جبهة ًالتحرير ًالوطني ًالتي ًحصدت ً‪ً 111‬مجلسا ًبلديا ًو‪ً 81‬مجلسا ًولئيا‪ً ،‬أي ًبمعدل ً‪ً %92.20‬من ًالمجالسً‬
‫البلديةًو‪ً %92.28‬منًالمجالسًالولئية‪ًً ،‬لمزيدًمنًالتفاصيلًحولًنتائدًالنتخاباتًراج ‪ً:‬طعيبة أحمد‪ً،‬مرج ً‬
‫سابق‪ً،‬ص‪ً.802.‬‬
‫‪24‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫‪ ‬تعديل ًنمط ًالقتراع ًأين ًتراج ً ً‬


‫المشرع ًالج ازئري ًعن ًما ًكان ًمعمول ًبه ًفي ًظلً‬
‫القانون ًرقم ً‪ً ،89-18‬من ًتبني ًنمط ًالقتراع ًالنًسبي ًعلى ًالقائمة ًالواحدةًًًًًًًًًًً‬
‫م ًأفضليةًاألغلبية ًفيًدورًواحد‪ً ،1‬إلى ًتبنيًنظامًالقتراع ًالفرديًفيًدورينًم ً‬
‫شرط ًتحصل ًأحد ًالمترشحين ًالمتنافسين ًلكي ًيفوز ًبالمقعد ًفي ًالدور ًاألول ًعلىً‬
‫جراء ًدور ًثانً ًبين ًالمتنافسينً‬
‫األغلبية ًالمًطًلًقًةً ًلألصوات ًالمعبر ًعنها‪ً ،‬والً ًتمً ًإ ً‬
‫اللًذينًاحتالًالمرتبةًاألًولى ًوالثًانية‪ً،‬وهوًماًيسمحًألحدهماًبالحصولًعلىًاألغلبيةً‬
‫المًطًلًقًة‪.2‬‬
‫‪ ‬إعادةًتحديدًمسألةًالوكالةًوتنظيمهاًبمعدلًتوكيلًواحدًفقطًلكلًولي‪.3‬‬
‫‪ -)0‬إعادة تقسيم الدوائر النتخابية بما يخدم حزب السلطة‪:‬‬
‫لاًًًًًًً‬
‫ًالجيرفية ًبد ً‬
‫ًا‬ ‫تمً ًإعادة ًتقسيم ًالدًوائر ًالنتخابية‪ً ،‬م ًاألخذ ًبمعيار ًالمساحة‬
‫منًاألخذًبمعيارًالكثافةًالسًكانية‪ً ،‬وعليهًلمًتحصلًالمناطقًذاتًالكثافةًالسًكانيةًالعاليةً‬
‫على ًتمثيلًكبيرًإلً ًبفارقًضئيلًبالمقارنةًم ًالمناطقًالسًكانيةًذاتًالكثافة ًالبسيطة‪ً ،‬ممًاً‬
‫سمح ًبتمثيل ًأكبر ًللمناطق ًالريفية ًوالمدن ًالجنوبية ًالتي ًعًرفت ًبولئها ًلجبهة ًالتحريرً‬
‫ًفازت ًالجبهةً‬
‫الوطني‪ً ،‬على ًحساب ًالمناطق ًذات ًالتًجمعات ًالسكانية ًالمرتفعة‪ً ،‬التي ً‬
‫اإلسالميةًلإلنقاذً(المحلة)ًبأغلبًأصواتًسكانها‪ً.4‬‬
‫ًأغلب ًالتًشكيالت ًالسًياسية‪ً ،5‬في ًطليعتها ًالجبهةً‬ ‫قوبلت ًهذه ًالتًعديالت ًبرف‬
‫اإلسالمية ًلإلنقاذ ً(المحلة)‪ً ،‬وقد ًأدى ًتعاقب ًاألحداث ًإلى ًإعالن ًهذه ًاألخيرة ًللعصيانً‬

‫‪ً-)1‬بوالشعير سعيد‪ً،‬النًظامًالسًياسيًالجزائري‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.988.‬‬


‫‪ً -)2‬المواد ً‪ً 11‬مكرر‪ً ،9-8-8‬من ًقانون ًرقم ً‪ً 02-88‬المؤرخ ًفي ً‪ً 08‬أفريل ً‪ً ،8888‬متعلق ًبالنتخابات‪ً،‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬شًعدد‪ً،81‬الصادرةًبتاريخً‪ً،8888‬معدلًومتمم‪ً.‬‬
‫‪ً-)3‬المادةً‪ً،01‬المرج ًنفسه‪ً.‬‬
‫‪ً-)4‬بلعور مصطفى‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.819.‬‬
‫‪ً -)5‬لمزيدًمنًالتًفاصيلًحولًموقفًالًتشكيالتًالسًياسيةًمنًقانونًاألحزابًالسًياسية ًوتقسيمًالدًوائرًالنتخابيةً‬
‫راج ‪ً:‬طعيبة احمد‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.802.‬‬
‫‪25‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫المدنيًمماًأفرزًما ًسميًبأزمةًصيفً‪ً ،18888‬وم ًتصعيدًحدًةًالضطرابات ًأقدم ًالسًيدً‬


‫الرئيس ً"شادلي بن جديد"‪-‬رحمه ًاهلل‪ً ً -‬إلى ًإعالن ًحالة ًالحصار ًلمدة ً‪ً 1‬أشهر ًبهدفً‬
‫ضمانًاستتباب ًاألوضاع‪ً ،2‬والياءًالمرسومًالرئاسيًرقمً‪ً 11-88‬المتضمنًاستدعاءًهيئةً‬
‫الناخبينًإلجراءًانتخاباتًتشريعيةًمسبقة‪ً.3‬‬
‫بدأت ًاألوضاع ًفي ًأخذ ًمنحاها ًالطًبيعي ًنسبيا ًبعد ًإعالن ًقيادة ًالجبهة ًاإلسالميةً‬ ‫ًً‬
‫لإلنقاذً(المحلة)ًعنًتوقيفًاإلضراب‪ً،‬فيًأعقابًسلسلةًمنًالمفاوضاتًجمعتًبينًقياداتً‬
‫الجبهة ًاإلسالمية ًلإلنقاذ ً(المحلة) ًًوالسًيد ًرئيس ًالحكومة ً ً"سيد أحمد غزالي"‪ً ،4‬الذيً‬
‫استخلفت ًحكومته ًحكومة ًالسًيد ً"مولود حمروش" ًعلى ًخلفية ًاألزمة‪ً ،5‬نتد ًعنها ًعكوفً‬
‫الحكومةًعلىًتعديلًقانونيًالنتخاباتًوتقسيمًالدوائرًالنتخابية‪ً.6‬‬
‫الرهان ًالديمقراطيًًًًًًً‬
‫ًميزت ًالمناخ ًالسًياسي ًإلً ًأنً ً ً‬
‫ورغم ًاألجواء ًالمشحونة ًالتي ً‬
‫قدًعرفًطريقهًإلىًالتًجسيدًعلىًإثرًإصدارًالسًيدًرئيسًالجمهوريةً"الشادلي بن جديد"ً‪-‬‬

‫‪ً -)1‬حول ًخلفيات ًونتائد ًأزمة ًصيف ً‪ً 8888‬راج ‪ً :‬تاملت محمد‪ً ،‬الجزائر ًمن ًفوق ًالبركان‪ً ،‬د‪.‬د‪.‬ن‪ً ،‬الطبعةً‬
‫الثانية‪،‬الجزائر‪ً،8888ً،‬ص‪ً.28-20.‬‬
‫‪ً -)2‬مرسوم رئاسي رقم ‪ً ،911-19‬المؤرخًفيًً‪ً 1‬يونيوً‪ً ،8888‬يتضمنًتقريرًحالةًالحصار‪ً،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬شً‬
‫عدد‪ً ،88‬بتاريخ ً‪ً 88‬يونيو ً‪888‬؛ ًتم ًإليائه ًبموجب ًمرسوم رئاسي رقم ‪ً ،331-19‬المؤرخ ًفي ًسبتمبرًًًًًًً‬
‫‪ً،8888‬يتضمنًرف ًحالةًالحصار‪ً،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬شًعدد‪ً،11‬الصادرةًبتاريخً‪ً88‬يونيوً‪ً.8888‬‬
‫‪ً -)3‬مرسوم رئاسي رقم ‪ً ،919-19‬المؤرخًفيً‪ً 00‬جوانً‪ً،8888‬يلييًمرسومًرئاسيًرقمً‪ً،81-88‬المؤرخًفيً‬
‫‪ً 09‬أبريلً‪ً ،ً 8888‬المتضمنًاستدعاءًهيئةًالناخبينًإلجراءًانتخابات ًتشريعيةًمسبقة‪ً ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪..‬د‪.‬ش ًعدد‪ً،88‬‬
‫الصادرةًبتاريخً‪ً88‬يونيو‪ً.8888‬‬
‫‪ً -)4‬لمزيد ًمن ًالتًفاصيل ًحول ًمالبسات ً ًالمشاورات ًالتي ًقامت ًبين ًقيادات ًالجبهة ًاإلسالمية ًلإلنقاذ ً(المحلة)ً‬
‫ًوحكومةًالسًيدً"سيد أحمد غزالي"‪ً،‬راج ‪ً:‬تاملت محمد‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.28-21ً.‬‬
‫‪ً-)5‬تمًذلكًفيً‪ً0‬جوانً‪ًً.8888‬‬
‫‪ً -)6‬في ًأعقاب ًسلسلة ًمن ًالمشاورات ًالتي ًخاضها ًالسًيد ً"سيد أحمد غزالي" ًم ًمختلف ًتشكيالت ًالمجتم ًًًً‬
‫المدني‪ًً،‬والتىًتييبتًعنهاًمجموعةًمهمةًمنًاألحزابًفيًطليعتهاًالجبهةًاإلسالميةًلإلنقاذً(المحلة)ًبفعلًاعتقالً‬
‫رؤسائها‪ً ،‬انتهى ًمنًخاللهما ًالسيدً"سيد أحمد غزالي" ًإلىًتعديلًكلًمنًقانونًالنتخابات ًوقانونًتقسيمًالدًوائرً‬
‫النتخابية‪ً،‬لمزيدًمنًالتفاصيلًراج ‪ً:‬طعيمة أحمد‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.810-829.‬‬
‫‪26‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫رحمهًاهلل‪ً -‬مرسوم ًاستدعاء ًالهيئةًالناخبةًللمشاركةًفيًالنتخابات ًالتشًريعيةًل‪ً 82‬ديسمبرً‬


‫‪ً،18888‬والتيًأسفرتًهيًاألخرىًعنًفوزًالجبهةًاإلسالميةًلإلنقاذً(المحلة)ً‪ً.2‬‬

‫المطلب الثانيً‬
‫هشاشة البنية المؤسساتية للدولة‬

‫إنً ًمصطلح ًالمؤسًساتية ًمن ًحيث ًأنًه ًتعبير ًعن ًالعمليًة ًالتي ًبواسطتها ًتًحققً‬
‫اآللياتًمشروعيتهاًوضمانًاستقرارهاًبنجاح‪ً،‬تعدًمنًأهمًالشًروطًالضًروريةًلبناءًمؤسًساتً‬
‫قوية‪ً،3‬أمًاًفيًالسًياقًالجزائريًفقدًأفصحًإخفاقًالمؤسًساتًالدستوريةًفيًضمانًاستم ارريةً‬
‫الدًولةً(فرع أول)‪ً،‬عنًهشاشةًالبنيةًالمؤسًساتيةًللدًولة‪ً،‬وهوًماًدف ًالمجلسًاألعلىًلألمنً‬
‫الذيًلًيعدو ًأنًيكونًهيئةًاستشاريةً(فرع ثان) ًإلىًتخويلًنفسهًسلطاتًمؤسِّسةًبير ً‬
‫ضمانًاستم ارريةًالدولة‪ً.‬‬

‫‪ً -)1‬مرسوم رئاسي رقم ‪ً ،391-19‬مؤرخ ًفي ً‪ً 82‬أكتوبر ً‪ً ،8888‬يتضمن ًاستدعاء ًهيئة ًالنًاخبين ًإلجراءً‬
‫انتخاباتًًتشريعيةًمسبقة‪ً،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬شًعدد‪ً،11‬الصًادرةًبتاريخً‪82‬أكتوبر‪ً.8888‬‬
‫‪ً -)2‬حصلتًالجبهةًاإلسالميةًلإلنقاذً(المحلة) ًعلىً‪ً 811‬مقعداًفيًالدًورًاألول‪ً ،‬أيًبنسبةً‪ %20‬منًالمقاعدً‬
‫التيًفصلًفيهاًخاللًهذاًالدورًوالمقدًرةًب‪ً898‬مقعدا‪ً،‬وهذاًماًيمثًلًكتلةًانتخابيةًقدرهاً‪ً9.820.88‬صوت‪ً،‬أيًً‬
‫‪ًً % 81.08‬من ًاألصواتًالمعبًرًعنها‪ً ،‬م ًمرورً‪ً 81‬مرشحًللدورًالثانيًوبالتاليًبقيًيفصلهاًعنًاألغلبيةً‪ً82‬‬
‫مقعداًفقط‪ً،‬أنظر ًفيًذلك‪ً:‬اإلعالنًالمؤرخًفيً‪ً 90‬ديسمبرً‪ً،8888‬يتضمنًالنتائدًالرسميةًلالنتخابات ًالتشريعيةً‬
‫الدورًاألول)‪ً،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬شًعدد‪ً،8‬الصادرةًبتاريخً‪ً.8888/08/01‬‬
‫ً‬ ‫بتاريخً‪ً(ً8888/88/82‬‬
‫‪ -)3‬بلعور مصطفي‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪.811.‬‬
‫‪27‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫الفرع األول‬
‫إخفاق المؤسسات الدستورية في ضمان استمرارية الدولة في ضوء البدائل المتاحةً‬

‫ًًًًًًفيًضوءًجملةًمنًالبدائلًالمطروحةًلعبتًالمؤسًساتًالدًستوريةًدوراًمحورياًفيً‬
‫تحديدًمألتًاألزمةً‪،‬منهاًماًهوًإيجابيًويتعلقًبدورًرئيسًالجمهوريةًفيًافتعالًالفراغً‬
‫المؤسساتي‪ً ،‬ومنها ًما ًهو ًسلبي ًوالذي ًيتعلق ًبإحجام ًرئيسي ًكل ًمن ًالمجلس ًالشعبيً‬
‫الوطنيًوالمجلسًالدستوريًعنًاتخاذًالخطواتًالقانونيةًالالًزمةًلدرئًاألزمة‪.‬‬

‫أولا‬
‫اقتران الشغور ودوره في افتعال األزمة المؤسساتيةً‬

‫بعدًأيًامًمنًاإلعالنًعنًًنتائدًالدًورًاألًولًمنًالنتخابات ًالتًشريعية ًًوالتيًأسفرتً‬


‫عن ًفوز ًالجبهة ًاإلسالمية ًلإلنقاذ ً(المحلة)‪ً ،1‬أخذت ًاألوضاع ًفي ًالجزائر ًمنعرجاًًًًً‬
‫حاسما‪ً ،‬على ًخلفية ًإعالن ًالسًيد ًرئيس ًالجمهورية ً "الشادلي بن جديد" ‪-‬رحمه ًاهلل‪ً -‬عنً‬
‫‪ً،‬وهوًالقرارًالذيًأقرنهًبحلًالمجلسًالشعبيً‬
‫قرار ًالتخليًعن ًمهامهًفي ًرئاسة ًالجمهورية‪ً 2‬‬
‫الوطني‪.3‬‬

‫‪ً-)1‬لقدًكانًفوزًالجبهةًاإلسالميًلإلنقاذً(المحلة)ًبأغلبيةًالمقاعدًفيًالدورًاألولًمنًالنتخاباتًالتشريعيةًإًيذًانًاً‬
‫ًالتًشكيالتًالسًياسيةًعلىًرأسهاًالنخبةً‬ ‫بتشكلًأغلبيةًذاتًشرعيةًحقيقيةًفيًاألفق‪ً ،‬وهوًماًاعتبارًبالنسبةًلبع‬
‫الحاكمةًبأنهًبدايةًالعدًالعكسيًللتأريخًلنهايةًالحلمًالدًيمقراطيًفيًالجزائر‪ً،‬لمزيدًمنًالتفاصيلًحولًردودًاألفعالً‬
‫عنًفًوزًالجبهةًاإلسالميةًلإلنقاذً(المحلة)ًراج ‪ً:‬طعيبة أحمد‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.880-810ً.‬‬
‫‪ً -)2‬أنظر ًنصًاستقالةًالسيدًرئيسًالجمهوريةًً"الشادلي بن جديد" ً‪-‬رحمهًاهلل‪ً ً -‬ليومً‪ً،ً 8888/80/88‬طعيبة‬
‫أحمد‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ملحقًرقمً‪ً.80‬‬
‫‪ً -)3‬مرسوم رئاسي رقم ‪ً ،99-10‬مؤرخ ًفي‪ً 01‬جانفي ً‪ً ،8888‬يتضمن ًحل ًالمجلس الشًعبيًًًًًًًًًًًًًًً‬
‫الوطني‪ً،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ً،‬عددً‪ً،8‬الصادرةًبتاريخً‪ً1‬ينايرً‪ً.8888‬‬
‫‪28‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫‪ )9‬إشكالية المطابقة الدستورية لستقالة رئيس الجمهورية‪:‬‬


‫بينًفرضيتيًاإلقالةًوالسًتقالة ًالتيًتنازعتها ًمختلفًالتًشكيالتًالسًياسية‪ً،1‬وانطالقاً‬
‫ًأولًلقاءً‬
‫ً‬ ‫منًًالتًسليمًجدلًبالفرضيةًالثًانية‪ً،‬نزولًعندًتصريحًرئيسًالجمهوريةًفيًمعر‬
‫ًإرادته ًودون ًأيً‬ ‫صحفي ًله ًبعد ًاألزمة ًالتي ًألمت ًبالجزائر‪ً ،‬أين ًأكد ًبأنه ًاستقال ًبمح‬
‫ضيط‪ً،‬نتساءلًعنًمدىًدستوريةًهذهًالستقالة؟‪ً.2‬‬
‫لقدًحاولًاألستاذً"سعيد بو الشعير" ًاإلجابةًعنًهذهًاإلشكالية‪ً ،‬وقدًانتهى ًفيًهذاً‬
‫الصددًإلى ًالتًأكيد ًعلى ًعدمًدستوريةًاستقالة ًرئيسًالجمهورية‪ً ،‬انطالقا ًمنًأنً ًعدمًإيرادً‬
‫نصًالمادةً‪ً11‬فيًمعرضهاًأيًحكمًبشأنًاقترانًاستقالةًرئيسًالجمهوريًةًبشيورًالمجلسً‬
‫ًالمؤسًسًالدًستوريًلفكرةًالستقالةًفيًظلً‬ ‫الشًعبيًالوطنيًيتجليًمنهًبمفهومًالمخالفةًرف‬
‫هذه ًالحالة‪ً ،‬مؤكًدا ًبأنً ًالستقالة ًفي ًتلك ًالظروف ًغير ًالعادية ًتتنافي ًم ًروح ًالدستورً‬
‫ألسبابًعديدةًمنهاً‪ً:‬‬
‫‪ ‬أن ًالستقالة ًجاءت ًفيًوقتًيصعبًفيهًضمانًاستم اررية ًالعملًبالدًستورًبصفةً‬
‫كلًيةًإلًًإذاًكانًالرئيسًمصراًعلىًإحداثًأزمةًدستورية‪.‬‬
‫‪ ‬أن ًالستقالة ًفي ًتلك ًالظروف ًتتنافى ًم ًأبسط ًالواجبات ًالدًستورية ًالملقاة ًعلىً‬
‫عاتقًالرئيس‪.‬‬
‫‪ ‬اعتبار ًالستقالة ًفي ًتلك ًالظروف ًتهربًا ًمن ًالمسؤولية‪ً ،‬يستوجب ًفي ًاألنظمةً‬
‫الدًيمقراطيةًتكييفهًعلىًأنهًخيانةًلألمانةًحتىًلًنقولًخيانةًعظمى‪ًًًًًًًًًًًً.3‬‬
‫وكامتداد ًلهذاًالطرح ًذهب ًاألستاذً"بوسوماح" إلى ًمحاولة ًللقيام ًبمقاربةًبينًمفهومً‬
‫الخيانة ًالعظمى ًوما ًأقدم ًعليه ًرئيس ًالجمهورية ًمنًتقديمًاستقالته ًفيًظل ًالظًروف ًالتيً‬

‫‪1‬‬
‫‪(-Voir :BOUSSOUMAH Mohamed , La parenthèse des pouvoirs publics constitutionnels de‬‬
‫‪1992a1998 ;O. P.U , 2005, Alger, pp.41-61.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(- BENCHICOU Mohamed, Chadli « mes vérités » , Le Matin, N° 2702 , du 13/01/2001.‬‬
‫‪ -)3‬بوو الشووعير سووعيد‪"ً،‬وجهوةًنظورًقانونيوةًحوولًاسووتقالةًرئويسًالجمهوريووةًفويً‪ً88‬جووانفيً‪ً8888‬وحولًالمجلووسً‬
‫الشًعبيًالوطني"‪ً،‬إدارة‪ً،‬مجلةًسداسيةًتصدرًعنًمركزًالتًوثيقًوالبحوثًاإلدارية‪ً،8889ً،‬ص‪.88-80.‬‬
‫‪29‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫كانتًتعيشهاًالبالدًفيًتلكًالمرحلة‪،‬وقدًخلصًإلى ًأنً ًالسًيد ًرئيسًالجمهورية ً"الشادلي بن‬


‫جديد" ‪-‬رحمهًاهلل‪ً-‬قدًأخلًًبواجباتهًالدستوريةًعلىًاألقلًمنً‪ً9‬نواحي‪:‬‬
‫‪ ‬إخاللهًبواجبهًفيًحمايةًالدستورًوفقاًللمادةً‪ً22‬منًالدستًور‪.‬‬
‫ًبواجبه ًفي ًضمان ًالتًوجه ًالديمقراطي ًالذي ًتبناه ًدستور ً‪ً 8818‬من ًخاللً‬
‫‪ ‬إخالله ً‬
‫نصًالمادةً‪.81‬‬
‫‪ ‬إخالله ًبالقسم ًالدًستوري ًما ًتعلق ًمنه ًبالدًفاع ًعن ًالدستور‪ً ،‬احترام ًحرية ًاختيارً‬
‫الشعبًومؤسساتًالجمهوريةًوقوانينها‪.‬‬
‫وهو ًما ًمن ًشأنه ًحسب ًرأي ًهذا ًاألخير ًأن ًيكيًف ًفي ًإطار ًالنًظم ًالدًستوريةً‬
‫ًرئيسً‬ ‫الدًيمقراطية ًوفي ًإطار ًدولة ًالقانون ًعلى ًأنًه ًخيانة ًعظمى‪ً ،‬تستوجب ًعر‬
‫الجمهوريةًعلى ًمحكمةًعليا‪ً ،‬حتى ًوانًكانًالمؤسًسًلمًينصًبأيًشكلًمنًاألشكالًعلىً‬
‫تقرير ًمسؤولية ًرئيس ًالجمهوريًة ً‪ً ،‬إلً ًانًه ًيمكن ًفي ًسبيل ًذلك ًالعتماد ًعلى ًما ًوردًًًًًًً‬
‫فيًقانونًالعقوباتًمنًتجريمًإساءةًاستعمالًالسًلطة‪ً.1‬‬
‫ً‬
‫ًبقراءة ًمتالزمة ًلهذه ًالنتائد ًوفحوى ًنص ًاستقالة ًرئيس ًالجمهورية ًالتي ًطرحهاًًًً‬
‫على ًأنًهاًتضحيةًفيًسبيلًتحقيقًالمصلحةًالعلياًلألمة‪ً ،‬نتوقفًعندًإمكانيةًتوافرًحلولً‬
‫أخرىًغيرًافتعالًفراغًمؤسًساتيًلتحقيقًمصلحةًاألمًة‪ً،2‬وفيًهذاًالصددًيمكنًلناًاإلشارةً‬
‫ً‬
‫إلىًمخرجينًتمًاقتراحهماًفيًهذاًالمجال‪ً:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪(- BOUSSOUMAH Mohamed ,Op.cit,p.47.‬‬

‫‪ -‬نجوودًبووأنًًالقتوراحًالووذيًأوردهًاألسووتاذً"بوسووماح"ًلوومًيكوونًبووأيًشووكلًموونًاألشووكالًقووابالًللتًجسوويدًفوويًظولًغيووابً‬
‫دستوريًلجهةًالتهام‪ً،‬اإلجراءاتًالمتًبعةًلتقريرًهذهًالمسؤولية‪ً،‬الجهةًالتويًتتوولىًالنظورًفويًمودىًتووافرًعناصورهاً‬
‫واصوودارًالحكوومًبشووأنها‪ًً،‬مموواًيوورهنًأيًاحتمووالًكووانًوارداًبشووأنًمًس واءًلًةًًالسوويدًرئوويسًالجمهوريووةً "الشوووادلي بووون‬
‫جديد"‪-‬رحمهًاهلل‪ً.-‬‬
‫لقدًصرحًوزيرًحقوقًاإلنسانًاألسبقًالسًيدً"علي هارون"ًبوأنًقورارًاسوتقالةًالسويدًرئويسًالجمهوريوةً"الشوادلي‬
‫ً‬ ‫‪ً-)2‬‬
‫بن جديد"‪-‬رحمهًاهلل‪ً-‬لمًيكنًإلًمطيةًلماًأسوماهًبتوأخيرًالودًورًالثوانيًلالنتخابواتًالتًشوريعية‪ً،‬باعتبوارهًالحولًالوحيودً‬
‫المبررًسياسياًوالمقبولًقانونياًالذيًلحًفيًاألفقًبعدًنهايةًعهدةًالمجلسًالشوعبيًالووطني‪ًً،‬ممواًيؤكودًبوأنًًالفوراغً‬
‫ً‬
‫المؤسًساتيًفيًتلكًالحقبةًكانًمفتعال‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫األول ًبما ًطرحه ًاألستاذ ً"سعيد بو الشعير" ًمن ًأنً ًرئيس ًالجمهورية ًيملكً‬
‫يتعلق ً ً‬
‫بموجبًالسًلطاتًالمخولةًلهًدستورياًحقًحلًالمجلسًالشعبيًالوطنيًبعدًفشلًالتعايشًً‬
‫أو ًعند ًاقتران ًوصوله ًللسًلطة ًبوجود ًأغلبية ًمعارضة ًله‪ً ،‬فيطلب ًمن ًالشعب ًبعد ًحلً‬
‫البرلمانًتزكيتهًوالوقوفًإلىًجانبهًلتنفيذًمشروعهًالسياسي‪ً.1‬‬
‫أمًا ًالثًاني‪ً ،‬فيتعلق ًبالخيار ًالذي ًطرحه ًاألستاذ ً"فوزي أوصديق" ً ًمن ًأنً ًرئيسً‬
‫الجمهوريًة ًكان ًبمقدوره ًاللًجوء ًإلى ًإعالن ًحالة ًالطوارئ ًاستنادا ًإلى ًأحكام ًالمادة‪ًًًًًً12‬‬
‫منًالدستور‪ً.2‬‬

‫‪=-Voir : ALI Haroun, L’éclaircie promotion des droits de l’homme et inquiétudes (1991-1992), Casbah,‬‬
‫‪Alger, 2011, pp.291-215.‬‬
‫‪ً-)1‬بو الشعير سعيد‪"ً،‬وجهةًنظرًقانونيةًحوولًاسوتقالةًرئويسًالجمهوريوةًبتواريخً‪ً88‬جوانفيً‪ً8888‬وحولًالمجلوسً‬
‫الشًعبيًالوطني"‪ ،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.88.‬‬
‫منًوجهةًنظرنا‪ً ،‬فإنً ًهذاًالرأيًوانًكانًيجدًماًيبررهًمنًالنًاحيةًالقانونية‪ً ،‬منًحيثًأنً ًدستورً‪ً 8818‬قدًوفًرًً‬
‫منًأدواتًالتًوازنًبينًالسلطتين بلًوالمرجحةًلصالحًالسًلطةًالتًنفيذيةًماًمنًشأنهًأنًيكفلًالتًعايشًبينًالًسلطتينً‬
‫لجمهوريةًفيًاستعمال ًحق ًالحلًالرئاسي‪ً،‬ناهيكً‬
‫ً‬ ‫التًنفيذيةًوالتًشريعية‪ًً ،‬خاص ًةا ًماًتعلقًمنهاًبإطالقًحقًرئيسًا‬
‫عن ًإمكانية ًالنحالل ًالتًلقائي ًللمجلس ًالشعبي ًالوطني ًفي ًحالة ًعدم ًالموافقة ًعلى ًبرنامد ًالحكومة ًللمرةًًًًًً‬
‫الثًانية‪ًً،‬فضالًعنًتخويلهًسلطةًًطلبًإجراءًمداولةًثانيةًعلىًقانونًتمًًالتًصويتًعليهًًوحصرًصالحيةًالتًعيينً‬
‫فيًالوظائفًالمدنيةًوالعسكريةًالحسًاسةًًوكذاًحقًالمبادرةًبتعديلًالًدستورًفيًيدًرئيسًالجمهورية‪ً،‬إلًًأنًهًيتجلىً‬
‫من ًخالل ًنص ًخطاب ًالسيد ًرئيس ًالجمهورية ً ًفي ًفقرتهً‪ً 0‬أنً ًخيار ًالسماح ًبوصول ًالجبهة ًاإلسالمية ًلإلنقاذً‬
‫(المحلة) ًلقبةًالبرلمانًبصفتهًالحزبًالحاصلًعلىًاألغلبيةًلمًيكنًمطروحاًالبتة‪ً،‬وهوًماًأكًدهًكلًمنًاألستاذً‬
‫"علي هارون" ًو ًوزير ًالدفاع ًاألسبق ًالسًيد ً"خالد نزار"‪ً ،‬فضال ًعن ًالسًيد ً"رضا مالك" ًمن ًخالل ًتصريحاتهمً‬
‫المتعاقبة‪.‬‬
‫‪ً-)2‬أوصووديق فوووزي‪ً،‬النًظووامًالدًسووتوريًالج ازئووريًووسووائلًالتًعبيوورًالمؤسسوواتي‪ً،‬الطًبعووةًالثانيووة‪ً،‬دي ووانًالمطبوعوواتً‬
‫الجامعية‪ً،‬الجزائر‪ً،8001ً،‬ص‪ًً.90.‬‬
‫‪ً -‬نوافقًاألستاذً"أوصديق فوزي" ًفيماًذهبًإليهًمنًالتًساؤلًحولًالسببًوراءًعدمًلجوء ًالسيد ًرئيسًالجمهوريةًًًًًً‬
‫إلىًاستعمالًحقهًفيًتقريرًالتدابيرًالستثنائية‪ً ،‬خاصةًوأنًالمؤسًسًقدًأطلقًالسًلطةًالتقديريةًلهذاًاألخيرً ًفيً‬
‫تقريرًمدى ًتوافرًش ًروطًإعالنًحالتيًالطوارئًوالحصا‪ً ،‬وكذاًالحالةًالستثنائية‪ً،‬والتيًقدًتوافرتًجمي ًالم ًؤشراتً‬
‫الدالة ًعلىًوجودها ًفيًنص ًاستقالة ًالسيد ًالرئيس "شادلي بن جديد" ً‪-‬رحمه ًاهلل‪ً -‬من ًخالل ًاستعماله ًللعباراتً‬
‫تجاوزهًدونًالمساسًالخطيرًوالوشيكًبالنسجامًالوطنيًوالحفاظًعلىًالنظامً‬
‫التاليةً‪ً...ً":‬بليتًاليومًحداًلًيمكنً ً‬
‫‪31‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫‪-0‬شبهة عدم دستورية حل المجلس الشعبي الوطني‪:‬‬


‫األولً‬
‫تنازع ًفكرة ًمدى ًدستورية ًحل ًالمجلس ًالشًعبي ًالوطني ًمن ًعدمه ًاتجاهان؛ ً ً‬
‫يجبًأنًتطرحً‬
‫ً‬ ‫بقيادة ًالسًيد ً"علي هارون" ًوالذيًيذهبًإلى ًأنً ًدستوريةًالحلًمن ًعدمهًل ً‬
‫البتًةًذلكًأن ًهذاًاألخيرًقدًأنهىًعهدتهًبتاريخ ً‪ً 8888/08/01‬وبالتاليًفإنًًالحلًلًيعدوً‬
‫أنًيكون ًإلً ًإجراء ًشكلي‪ً ،1‬وهو ًالرأي ًالذيًيفنًده ًاألستاذ ًبوسوماح ًوالذي ًأكًد ًبأنً ًنهايةً‬
‫عهدةًالمجلسًالشعبيًالوطنيًًتتزامنًوًتاريخً‪ً02‬مارسً‪ً.21992‬‬
‫أماً ًالتًجاه ًالثًاني ًفهو ًيثير ًشبهة ًعدم ًدستورية ًالحل ًوقد ًأوردوا ًفي ًذلك ًعدة ًحجدً‬
‫نجملهاًفيماًيلي‪ً:‬‬
‫‪ ‬لما ًكان ًبمفهوم ًالمادة ً‪880‬من ًالدستور ًأنً ًاعتماد ًأيً ًمن ًآليه ًالحل ًالرئاسي ًأوً‬
‫إجراء ًانتخابات ًتشريعية ًمسبقة ًيقصي ًأحدهما ًاآلخر‪ً ،‬فإنً ًلجوء ًالسيد ًرئيسً‬
‫الجمهوريةًإلىًإعمالًسلطتهًفيًالحلًرغمًأنهًسبقًوًأنًأعلنًعنًإجراءًانتخاباتً‬
‫تشريعيةًمسبقةًيثيرًشبهةًعدمًدستوريةًهذاًاإلجراء‪.3‬‬

‫المتأزمً‪ًًً"...‬‬
‫=العامًوالوحدةًالوطنية ً‪.....‬أمامًحجمًهذاًالخطرًالدًاهم‪...‬أمامًهذهًالمستجدًاتًالخطيرةً‪ً...‬الوض ً ً‬
‫فقدًكانًمنًشأنًتبني ًالسيد ًرئيسًالجمهوريةًلهذاًالخيار‪ًً ،‬بماًمنًشأنهًأنًيخولًلهًمنًسلطاتًواسعةًإلعادةً‬
‫األوضاع ًإلى ًمسارها ًالطًبيعي ًعلى ًالرغم ًمن ًنتائجه ً ًالخطيرة ًعلى ًالحق ًوق ًوالحريات‪ً ،‬أن ًيحول ًدون ًاألزمةً‬
‫المؤسًساتية ًوالدًستورية ًبل ًوربما ًحتى ًاألمنية ًالتي ًعايشتها ًالجزائر‪ً ،‬وما ًيزيد ًمن ًاستيرابنا ًهو ًلجوء ًمن ًقبلً‬
‫المجلس ًاألعلى ًللدولة ًلهذا ًالخيار ًبموجب المرسوم رئاسي رقم‪،ً 11-10‬مؤرخ ًفي‪ً 8‬فبراير ً‪ً ،8888‬يتضمنً‬
‫إعالنًحالةًالطوارئ‪ً،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬عدد‪ً،80‬الصادرةًبتاريخً‪ً.8888‬‬
‫‪1‬‬
‫‪(- ALI Haroun, L’éclaircie promotion des droits de l’homme et inquiétudes (1991-1992), Op.cit,‬‬
‫‪p.206.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(- BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit, p.51.‬‬
‫‪ً-)3‬بوالشوعير سووعيد‪"ً،‬وجهوةًنظورًقانونيووةًحوولًاسوتقالةًرئوويسًالجمهوريوةًبتواريخً‪ً88‬جووانفيً‪ً8888‬وحولًالمجلووسً‬
‫الشًعبيًالوطنيً"‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.82-80.‬‬
‫‪32‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫‪ ‬وقوفاًعندًتصريحًرئيسًالمجلسًالشعبيًالوطنيًالسًيدً"عبد العزيز بلخادم"ًالقاضيً‬


‫بعدم ًاستشارة ًالسيد ًرئيس ًالجمهورية ًله ًقبل ًاإلعالن ًعن ًإجراء ًالحل‪ً ،1‬خالفاً‬
‫ألحكام ًالمادة ً‪ً 8/880‬منًالدستور‪ً ،‬يظهرًجليا ًعدمًاستنفاذ ًالسًيد ًرئيسًالجمهوريةً‬
‫لإلجراءاتًالشكليةًالتيًوضعهاًالمؤسًسًكشرطًلصحةًإجراءًالحل‪ً.2‬‬
‫وهو ًما ًيجعلنا ًنذهب ًإلى ًتحميل ًرئيس ًالمجلس ًالشعبي ًالوطني ًمسؤولية ًعدمً‬
‫ستوري ًللنظر ًفي ًمدى ًدستورية ًإجراء ًالحل ًمن ًعدمه‪ً ،‬الذي ًكانًًًًًً‬
‫إخطار ًالمجلس ًالدً ً‬
‫منًشأنهًأنًيح ًولًدونًافتعالًالفراغًالمؤسًساتيًالذيًتخبطتًفيهًالدولةًفيًتلكًالحقبة‪ً.3‬‬

‫ثاني ا‬
‫إشكالية تحفظ المجلس الدستوريً‬

‫لا ًعند ًمقتضياتًالمادة ً‪ً 11‬منًالدًستًور‪ً ،‬والمادةً‪ً 82‬منًالنظام ًالمحدًدًلقواعدً‬


‫نزوً‬
‫عمله ًاجتم ًالمجلس ًالدًستوري ًبقوة ًالقانون ًإلثبات ًالشيور ًالنهائي ًلمنصب ًرئاسةً‬
‫الجمهورية ًبالستقالة‪ً ،4‬وقد ًانتهى ًإلى ًإصدار ًبيان ًيمكن ًتقسيمه ًإلى ًثالثًًًًًًًًًًً‬
‫محاًور؛ ًأما ًاألول ًفيتعلق ًبإثبات ًالشيور ًالنهائي ًلرئاسة ًالجمهورية ًبالستقالة‪ً ،‬في ًحينً‬
‫يذهبًالمحورًالثانيًإلىًتقرير ًالفراغًالدًستوري ًمنًحيثًأنً ًالمادةً‪ً 11‬لًتوردًفيًفحواهاً‬

‫‪ً-)1‬حي ووثًص وًورحًالس وويدًرئ وويسًالمجل ووسًالشو وعبيًال وووطنيًق ووائال‪"ً:‬لألمانوووة فأنوووا لوووم أستشووور"ًنق ووالًع وون‪ًً:‬طعيبووووة‬
‫أحمد‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.809.‬‬
‫‪ً-)2‬توونصًالمووادة‪ً880‬موونًدسووتورً‪ً8818‬فوويًفقرتهوواًاألول وىًعلووىًموواًيلوويً"يمكوونًل ورئيسًالجمهوريووةًأنًيقووررًحوولً‬
‫المجلسًالشًعبيًالوطنيًأوًإجراءًانتخاباتًتشريعيةًقبلًأوانها‪ً،‬بعدًاستشارةًرئيسًالمجلسًالشوعبيًالووطنيًورئويسً‬
‫الحكومة"‪ً،‬مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫‪ً-)3‬لق و وودًخول و ووتًالم و ووادةً‪ً802‬م و وونًدس و ووتورً‪ً،8818‬لو و ورئسًالمجل و ووسًالشو و وعبيًال و وووطنيًس و وولطةًإخط و ووارًالمجل و ووسًًًً‬
‫الدًسووتوري‪ً،‬ورغوومًأنًًالوض و ًكووانًيسووتوجبًتفعيوولًهووذهًالسوولطةًإلًًأنًًرئوويسًالمجلووسًالش وعبيًالوووطنيًأحجوومًعوونً‬
‫استعمالًهذاًالحق‪ً.‬‬
‫ً‪ -)4‬ارجو ًفوويًذلووكًكوولًموون‪ً:‬الموادةً‪ً11‬موونًالمرجو ًنفسووه؛ًًوالنظووامًالمحوودًدًلقواعودًعموولًالمجلووسًالدسووتوريًلسوونةً‬
‫‪ً،8818‬مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫‪33‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫أيً ًحكم ًبشأن ًاقتران ًاستقالة ًرئيس ًالجمهورية ًبحل ًالمجلس ًالشًعبي ًالوطني‪ً ،‬أما ًبالنسبةً‬
‫للمحور ًالثالثًًفيًلقي ًفيهًالمجلس ًالدًستوري ًباللتزام ًبالسهرًعلى ًضمانًاستم اررية ًالدولةً‬
‫علىًعاتقًالمؤسًساتًالدًستوريةًوتوفيرًالشروطًالضًروريةًللسًيرًالعاديًللمؤسًساتًوالنظامً‬
‫الدًستوري‪ً،1‬وهوًماًمنًشأنهًأنًيرتًبًجملةًمنًالمالحظاتًنجملهاًفيماًيلي‪ً:‬‬
‫عدمًوجودًمبرر ًلتًقًيًدً‬
‫ً‬ ‫ًًًًالمالحظة ًاألولى ًالتيًنوردهاًفيًهذا ًالصددًتتمثلًفي ً‬
‫المجلسًالدستوريًفيًتفسيرهًلفحوى ًالمادةً‪ً 11‬منًالدستورًبحرفيةًالنص‪ً ،‬وهوًما ًيعتبرهً‬
‫األستاذ "بوسوماح" ًقراءةًسياسيةًأكثرًمنهاًقانونية ًلنصًالمادة‪ً ،‬منًحيثًأن ًهذاًاألخيرً‬
‫ً ًقراءة ًكل ًمن ًالفقرتين ً‪ً 8‬و‪ً 80‬من ًالمادة ً‪ً 11‬قراءة ًمتالزمة‪ً ،‬على ًالرغم ًمن ًأنًً‬ ‫رف‬
‫المشرعين ًالدستًوًريين ًفي ًالقانون ًالمقارن ًقد ًدأبوا ًعلى ًالستناد ًإلي ًروح ًالنص ًأو ًالربطً‬
‫ً‬
‫ًالذي ًيعتري ًالنًص ًاألساسي ًفيً‬ ‫بالحالت ًالمشابهة ًلسد ًالثًيرات‪ً ،‬أو ًتفسير ًاليمو‬
‫الدولة‪ً.2‬‬
‫أمًا ًالمالحظة ًالثًانية ًفتتمثًل ًفي ًأنًنا ًنجد ًبأنه ًمن ًغير ًالمنطقي ًاكتفاء ًالمجلسً‬
‫الدًستوريًباإلشارةًإلى ًأنً ًالستقالة ًكانتًمرتبطةًباألوضاعًالسًائدةًفيًالبالد‪ً ،‬فيًالوقتً‬
‫الذيًكانًمنًالمفتر ًأنًيبحثًفيهًمدى ًدستوريةًالستقالة‪ً ً ،‬أفالًيعتبرًذلكًخروجاًعنً‬
‫صالحياتهًوهوًالمناطًبرقابةًالدًستوريةًدونًرقابةًالمالئمة‪ً.3‬‬
‫نؤكد ًعلى ًعدم ًمقب ًولية ًإيثار ًالمجلس ًالدًستوري ًالتحفظ ًحول ً(التًكليف ًالعام)ً‬
‫كما ً ً‬
‫ًعليه ًمنً‬ ‫الذيًأناطهًبهًالمؤسًس ًوالمتمثل ًفي ًالسهرًعلى ًاحترام ًالدستور‪ً،4‬والذيًيفر‬
‫ًاستقالة ًالسًيد ًرئيسًالجمهورية‪ً،‬أوًتقريرًأهليةًرئيسهًفيًتوليًمهامً‬ ‫بابًأولى ًإمًاًرف‬

‫‪ً-)1‬بيان المجلس الدستوري الصادر بتاريخ ‪ 99‬جانفي ‪ً،9191‬متو‬


‫افرًعلىًمستوىًموق ًالمجلسًالدستوريً‪:‬‬
‫ً‬
‫‪htt://www.consiel-constitutionnel.dz, consulté le : 13/05/2015 à 02 :20‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(-BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit, p.36.‬‬
‫‪ً-)3‬أنظرًفيًذلكً‪:‬بو الشعير سعيد‪"ً،‬وجهةًنظرًقانونيةًحولًاستقالةًرئيسًالجمهوريةًبتاريخً‪ً88‬جوانفيً‪ً8888‬‬
‫وحلًالمجلسًالشًعبيًالوطني"‪ً،‬المرج ًالسابق‪ً،‬ص‪ًً.82.‬‬
‫‪ -)4‬أنظرًفيًذلك‪ً:‬المادةً‪ً809‬منًدستور‪ً،8818‬مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫‪34‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫رئاسةًالدًولةًإنًلمًيكنًذلكًباعتماد ًقراءةًواسعةًلنصًالمادةً‪ً 11‬منًالًدستًور‪ً ،‬فمنًخاللً‬


‫بيان ًالمجلس ًالدًستوري ًنفسه ًفي ًفقرته ًاألخيرة‪ً ،1‬بدل ًمن ًتخويل ًنفسه ًسلطة ًقاعدية ًفيً‬
‫الكشف ًعن ًنظرية ً"استم اررية ًالدًولة"‪ً ،2‬غير ًمتفق ًحول ًمصداقية ًاعتمادها ًفي ًتلكً‬
‫الظًروف‪ً ،3‬والتًنصلًمنًالتزاماته ًبإلقاءًهذاًاللتزام ًعلى ًجمي ً ًالمؤسًساتًالمكلًفةًبالسًلطةً‬
‫الدستورية ًلضمان ًاستم اررية ًالدًولة‪ً ،‬وتوفير ًالشًروط ًالضرورية ًللسًير ًالعادي ًللمؤسًساتً‬
‫منًغيره‪.4‬‬
‫ً‬ ‫والنظامًالدًستوري‪ً،‬فيًحينًأنهًأولىًبتحملًهذاًاللتزامً‬

‫‪ -)1‬بوالشوعير سووعيد‪"ً،‬وجهوةًنظورًقانونيووةًحوولًاسوتقالةًرئوويسًالجمهوريوةًبتواريخً‪ً88‬جووانفيً‪ً8888‬وحولًالمجلووسً‬
‫الشًعبيًالوطني"‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.82.‬‬
‫‪ً-)2‬للتًفصوويلًفوويًاإلطووارًالنًظووريًلنظريووةًاسووتم ارريةًالدًولووةًنحيوولًالقووارئًإلووىً‪ً:‬بوون مالووك بشووير‪ً،‬نظووامًالنتخابوواتً‬
‫الرئاسيةًفيًالجزائر‪ً،‬رسالةًلنيلًدرجةًالودكتوراهًفويًالقوانونًالعوام‪ً،‬كليوةًالحقووقًوالعلوومًالسياسوية‪ً،‬جامعوةًأبويًبكورً‬
‫بلقايد‪ً،‬تلمسانً‪ً،8088،‬ص‪ً.800-880ً.‬‬
‫‪ً-)3‬فوويًالوقووتًالووذيًذهووبًفيووهًاألسووتاذ "براهيموووي"ًإل وىًأنًالج ازئوورًفوويًأعقووابًالشوويورًالمووزدوجًلمنصووبيًرئاسووةً‬
‫لاًبفعوولًشوويورًمنصووبً‬
‫الجمهوريووةًوًرئاسووةًالمجلووسًالش وعبيًالوووطنيًكانووتًفعووالًإزاءًمعضوولةًاسووتم ارريةًالدًولووة‪ً،‬أوً‬
‫ثانيواًبفعوولًخطورًانفجووارًاألموةًالتويًتقووومًعليهواًمقوموواتًشخصويًةًالدًولووة‪ً،‬وعلووىً‬
‫رئويسًالجمهوريووةًمجسودًالدًولووة‪ً،‬وً ا‬
‫الرغمًموونًأنًً‬
‫ًموونًذلووكًذهووبًاألسووتاذًبوسوووماحًإلووىًأنًاسووتم ارريةًالدولووةًلوومًتكوونًالبتوةًمحوولًتهديوود‪ً،‬فعلويًبو ً‬ ‫النقووي‬
‫رئيسًالجمهوريةًيًعتبرًمفتاحًقبةًالنًظامًالدًستوريًالجزائري‪ً،‬إلًًأنًًغيابوهًلًيوؤدًيًإلوىًانودثارًالدًولوةًفويًظولًبقواءً‬
‫الحكوموةًورئيسوهاًالووذيًأكودًبأنوهًسو ًوفًيموارسًسولطاتهًالدًسووتورية‪ً،‬وبقواءًاإلدارةًتوأتمرًبووأمرًالحكوموة‪ً ً،‬ودورانًاآللووةً‬
‫ًالتًجواربًالمقارنوةً‬ ‫القتصادية‪ًً،‬ناهيكًعونًممارسوةًالقضواءًلمهاموهًالدسوتورية‪ً،‬كمواًاستشوهدًفويًهوذاًالصوددًبوبع‬
‫أينًمرتًبحالةًمماثلةًللحالةًالجزائريةًفيً‪ً88‬جانفيً‪ً8888‬إلًًأنًًاستم ارريةًالدًولةًلمًتكنًمحلًتساؤل‪ً،‬‬
‫‪-Voir : BRAHIMI Mohamed, Op.cit,p.90 ; Voire aussi : BOUSSOUMAH Mohamed ,Op.cit ,pp.48-‬‬
‫‪49.‬‬
‫‪ً-)4‬انطالقاًمنًالفقرةًاألخيرةًمنًبيانًالمجلسًالدًستوريًالذيًيقضيًبأنًهًيتعينًعلىًالمؤسًساتًالمخولةًبالسًلطةً‬
‫الدًس ووتورية‪ًً،‬والت وويًذك وورًم وونًبينه وواًف وويًمع وور ًتع وودادهًله ووذهًالمؤسًس وواتًتل ووكًالت وويًت وونصًعليه وواًالم ووادةً‪ً809‬م وونً‬
‫أنًالمجلسًالدستوريًنفسهًيدخلًفيًمصافًهذهًاألخيرةً‪ً،‬وبالتواليًكوانًحريوًاًبوهًأنًيسوتندًإلوىًهوذهً‬
‫الدستور‪ً،‬أيً ً‬
‫الفقرةًفيًتقريرًأهليًتهًلضمانًاستم ارريةًالدًولة"‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫ًعلى ًضوء ًهذه ًالمالحظات ًنخلص ًإلى ًالقول ًبإخالل ًالمجلس ًالدًستوريًباللتزامً‬
‫الملقى ًعلى ًعاتقه ًوالمتعلقًبالسهرًعلى ًاحترام ًالدًستور‪ً ،‬وهوًما ًيصعبًتبرًيره ًمنًالنًاحيةً‬
‫القانونية‪ً.1‬‬

‫الفرع الثانيً‬
‫المجلس األعلى لألمن هيئة استشارية بصالحيات سلطة؟!‬

‫لمًتكنًمفارقةًالمؤسًسةًالستشارية ًبسلطاتًدستوريةًإلً ًتكريسا ًلتصورًمؤسًساتيً‬


‫جديد ًخارج ًالتًعبير ًالدًستوري ًللدًولة ًكامتداد ًلنظرية ًاستم اررية ًالدًولة‪ً ،2‬جسده ًالمجلسً‬
‫األعلى ًلألمن ًفي ًاجتماعه ًالمعيب ًمن ًالنًاحية ًالدًستورية ًبفعل ًغياب ًالهيئة ًالتي ًتسًتأثرً‬
‫ًالجمهورية‪ً ،3‬من ًخاللًً‬
‫ً‬ ‫بسلطتي ًدعوته ًلالنعقاد ًواعداد ًبرنامد ًأعماله ًممثلة ًفي ًرئيس‬
‫مقرراًلنفسهًسلطةًماًفوقً‬
‫انحرافًهذاًاألخيرًعنًالصالحياتًالمنبثقةًعنًطبيعتهًالقانونيةً ً‬
‫سسًة‪ً ،4‬فيًحينًأنهًل ًيعدو ًأنًيكون ًسوى ًمجردًهيئةًاستشاريةً‬
‫دستوريةًًباتخاذ ًتدابيرًمً ًؤ ًِّ‬

‫‪ً-)1‬لقوودًذهووبًاألسووتاذً"براهيمووي"ًإلووىًأنًًموقووفًالمجلووسًالدًسووتوريًإزاءًاألزمووةًلًيمكوونًوصووفهًإلًًعلووىًأنوهًتعبئووةً‬
‫للقانونًفيًمواجهةًالحزبًالفائزًفيًالنتخاباتًالتًشريعية‪ً،‬أنظرًفيًذلك‪ً:‬‬
‫‪-BRAHIMI Mohamed, Op.cit,p.87.‬‬
‫‪ً-)2‬فيًمحاولةًمنهًإلضفاءًنوعًمنًًالشًرعيةًعلىًأعماله‪ً،‬عمدًالمجلسًاألعلىًلألمنًمنًخاللًالحيثيوةًاألخيورةً‬
‫منًاإلعالنًالذيًأصدرهًهذاًاألخير‪ً،‬إلىًالربطًًبوينًالفقورةًاألخيورةًمونًبيوانًالمجلوسًالدسوتوري‪ًً،‬التويًيودعوًفيهواً‬
‫هووذاًاألخيوورًًالهيووآتًًالمخولووةًبالسوولطةًالدسووتوريةًإلووىًضوومانًاسووتم ارريةًًالدولووة‪ًً،‬وبووينًانعقوواده‪ًً،‬وهوووًربووطًغيوورً‬
‫منطقوويًباعتبووارًأنًبيووانًالمجلووسًالدًسووتوريًلوومًيشوورًبووأيًشووكلًموونًاألشووكالًًإلووىًًالمجلووسًاألعلووىًلألموونًًفوويً‬
‫معر ًبيانه‪ً،‬لمزيدًمنًالتفاصيلًراج ًفيًذلك‪ً:‬‬
‫‪-BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit, p.57.‬‬
‫‪ً-)3‬المادتينً‪ً8‬و‪ً،9‬منًمرسومًرئاسويًرقومً‪ً،882-18‬الموؤرخًفويً‪ً81‬أكتووبرً‪ً،8818‬المتضومًنًتنظويمًالمجلوسً‬
‫األعلىًلألمنًوعمله‪ً،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬شًعدد‪،10‬الصادرةًبتاريخ‪ً82‬أكتوبر‪ً.8818‬‬
‫‪4‬‬
‫‪)- Voir :BRAHIMI Mohamed, Op.cit, p.88.‬‬
‫‪36‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫بدللة ًالمواد ً‪ً 828‬من ًالدستور ًوالمادة ً‪ً 1‬من ًالمرسوم ًالرئاسي ًرقم ً‪ً 882-18‬المتضمنً‬
‫لألمنًوعمله‪ً.1‬‬
‫ً‬ ‫تنظيمًالمجلسًاألعلىً‬
‫وهو ًما ًيفصح ًبصفة ًقاطعة ًالدللة ًعن ًعدم ًمشروعية ًالتدابير ًالتي ًاتخذها ًهذاً‬
‫األخير‪ً،‬والتيًأيكنًتقسيمهاًمنًحيثًاألهميةًإلىًماًيلي‪:‬‬

‫أولا‬
‫توقيف المسار النتخابي‬
‫‪ -‬بين إنقاذ الجمهورية ومصادرة اإلرادة الشعبية ‪-‬‬

‫بدأت ًسلسلة ًاإلجراءات ًالتي ًسطًرت ًمعالمها ًلجنة ًاألربعة ًمنذ ًاليوم ًالثًالثًًًًًًًً‬
‫منًاإلعالنًعنًنتائدًالدورًاألًولًمنًالنتخاباتًالتًشريعية‪ً،2‬فيًافتعالًالفراغًالمؤسًساتيً‬
‫مرو ار ًبتعبئة ًالقانون‪ًً ،3‬وانتهى ًالمجلس ًاألعلى ًلألمن ًإلى ًتبرير ًوقف ًالمسار ًالنتخابيًً‬
‫تحتًعنوانًاستحالةًمواصلةًالمسارًالنتخابيًحتىًتتًوافرًالشًروطًالضًروريةًللسًيرًالعاديً‬
‫ً‬
‫للمؤسًسات‪ً.4‬‬

‫‪ً-)1‬المووادةً‪ً،828‬موونًدسووتورً‪ً،8818‬مرج و ًسووابق؛ًأنظ ورًكووذلك‪ً:‬المووادةً‪ً9‬مو ً‬


‫ونًمرسووومًرئاسوويًرقوومً‪ً،882-18‬‬
‫مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫لقدًصرحًاألستاذً"علي هارون"ًبأنًقرارًتوقيفًالمسارًالنتخابيًقدًتمًاتخاذهًفيًمجلسًالحكومةًبعدًمورورً‬
‫ً‬ ‫‪ً-)2‬‬
‫‪ً9‬أيامًمنًتاريخًًإعالنًنتوائدًالودورًاألولًمونًالنتخابواتًالتشوريعية‪ًً،‬وقودًعهودًالمجلوسًبمهموةًإيجوادًحولًمقبوولً‬
‫قانونياًومبررًسياسياًلمنو ًالجبهوةًاإلسوالميةًلإلنقواذً(المحلوة)ًمونًالوصوولًإلوىًالبرلموان‪ً-‬مهمواًكلوفًاألمورًذلوك‪ً-‬‬
‫إلوىًلجنوةًمكونووةًمونًأربو ًشخصوياتً‪ً،‬شخصوويتينًمودنيتينًتوومًانتودابهماًموونًقبولًرئوويسًالحكوموةًالسوويدً"سوويد أحموود‬
‫غزالي"ًممثلتوينًفويًكولًمونًًالسويدً"علوي هوارون"ًوالسويدً"أبووا بكور بلقايود"‪ً،‬وشخصويتينًمنتودبتينًمونًقبولًالسولطةً‬
‫العسكريةًممثلتينًفيًالجنرالينً"عبد المجيد"ًوً"تواتي"‪ً،‬أنظرفيًذلك‪ً:‬‬
‫‪- ALI Haroun, L’éclaircie promotion des droits de l’homme et inquiétudes(1991-1992),pp.187-192.‬‬
‫‪ً-)3‬أنظرًفيًذلك‪ًً:‬صً‪ً88‬منًهذاًالبحث‪ً .‬‬
‫‪ً-)4‬أنظرًفيًذلكًكلًمون‪ً:‬إعالن المجلس األعلى لألمن الصوادر بتواريخ ‪ً،9110/99/90‬يتعلوقًبوقوفًالمسوارًًًً‬
‫النتخابي؛ًطعيبة أحمد‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ملحقًرقمً‪ً.88‬‬
‫‪37‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫ولئن ًكانت ًذرائ ًإنقاذ ًالجمهورية‪ً ،‬الدًيمقراطية‪ً ،‬حماية ً ًالدولة ًمن ًحربًًًًًًًً‬
‫ًلهذه ًالمقومات ًالذي ًتبنته ًالجبهة ًاإلسالمية ًلإلنقاذً‬ ‫أهلية‪ً ً ،1‬توظيفا ًللخطاب ًالمعار‬
‫ً ً ‪ً -‬م ً‬ ‫(المحلًة)‪ً ،2‬مسوغا ًكافيا ًلتوقيف ًالمسار ًالنتخابي ًمن ًالناحية ًالسًياسية ًللبع‬
‫‪3‬‬
‫ًإهدارً ًللدًعائم ًاألساسية ًلهذهًًًًًًً‬
‫ا‬ ‫تعتبر‬‫ً‬ ‫ًالقانونية‬ ‫ًالناحية‬ ‫من‬ ‫ً‬ ‫ها‬‫أن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫إل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪،‬‬ ‫التحفظ‪ً -‬‬
‫المقومات‪ً،‬بحيثًأنًًتوقيفًالمسارًالنتخابيًمنًمنطلقًفر ًالوصايةًعلىًالشًعبًيعتبرً‬
‫مصادرة ًلإلرادة ًالشًعبية ًومنه ًتنك ار ًلمبدأ ًالسيادة ًالشًعبية ًالتي ًكرسها ًالدستور ًفي ً ًمادتهًًًً‬
‫ً ًتقبل ًتداول ًالبرامد ًالسًياسية ًعلى ًاختالف ًتوجًهاتها‪ً ،‬وهو ًماً‬ ‫‪ً ،42‬كما ًيعبًر ًعن ًرف‬
‫هًتنكر ًلمبدأًالتداولًعلى ًالسلطةًًوبالنتيجة ًإفراغا ًلمفه ًوميًالديمقراطيةًوالدًولةً‬
‫يعتبرًبدور ًا‬
‫الجمهوريًةًمنًمحتواهما‪.5‬‬

‫‪ً-)1‬فوويًًذلووك‪ً،‬صوورحًالسوويدً"علووي هووارون"ًب وأنً‪"ً:‬توقيووفًالمسووارًالنتخووابيًكووانًناتجوواًعوونًالتخوووفًموونًالسووقوطًًًًً‬


‫فيًاختبارًيمكنًأنًيق ًودًإلىًتكريسًأحاديةًحزبيةًجديدة"؛ًفيًحينًذهبًالسيدً"رضا مالك"ًإلىًأنًًتوقيفًالمسوارً‬
‫ًرغوومًتبنوويًالجبهووةًاإلسووالميةًلإلنقوواذً‬ ‫النتخووابيًًإنموواًهوووًإنقوواذًللجمهوريووةًموونًخطوورًالنوودثارًغفوولًعنووهًالووبع‬
‫(المحلووة)ًلخطووابًالعنووفًًوالووذيًتجلوىًبعوودًأحووداثًصوويفً‪ً،8888‬ظهوورتًمعووهًدللتًقاطعووةًبتوجووهًهووذاًاألخيوورً‬
‫نحوووًتفكي ووكًمقوموواتًالدًولووةًًالجمهوري وة؛ً"أموواًوزيوورًالوودفاعًاألسووبقًالسوويدً"خالووود نوووزار"ًفقوودًذهووبًإلووىًأنًًالجبهووةً‬
‫اإلسالميةًلإلنقاذً(المحلة)ًقدًرفعتًشعارًالدًولةًاإلسوالميةًبالسويفًوالبندقيوةًًوأنًالجويشًحمولًنفسوهًمهموةًحمايوةً‬
‫الدولةًمنًحربًأهليةًمحقًقةًبتوقيفًالمسارًالنتخابي"‪ً،‬أنظرًفيًذلك‪:‬‬
‫‪- ALI Haroun et CHANGNOLLAUD Jean-paul, « Il fallait arrêter le processus électoral », In‬‬
‫‪Confluence Méditerranée, N°40, 2002, p.217 ; Voire aussi :ALI Haroun et autre, Algérie arrêt du‬‬
‫‪processus électoral enjeux et démocratie, publisud pour le monde hors Algérie, paris, 2002, p p.13-14.‬‬
‫‪ً-)2‬لمزيدًمن التفاصيلًحولًالتًوجهًالشًموليًللجبهةًاإلسالميةًلإلنقاذً(المحلة)‪ً،‬راج ًكولًمون‪ً:‬سويف الودين عبود‬
‫الفتوواح إسووماعيل‪ً،‬التيواراتًاإلسووالميةًوقضوويةًالدًيمقراطيوةًرؤيووةًموونًخواللًالحوودثًالج ازئووري‪ً،‬سلسولةًكتووبًالمسووتقبلً‬
‫العربية‪ً،‬مركزًدراساتًالوحدةًالعربية‪ً،‬بيروت‪ً8888ً،‬ص‪808-89.‬؛ً‬
‫‪-ALI Haroun et autre, Op.cit, pp.32-50.‬‬
‫لعلًًأبرزًهذهًالتًصريحاتًماًتعلقًبتنصيبًمحاكمًشعبيةًلمحاكمةًالمسًؤولين‪.‬‬
‫‪ً-)3‬لمزيدًمنًالتًفاصيلًحولًموقفًالتشكيالتًالسياسيةًمنًتوقيفًالمسوارًالنتخوابيً ارجو ‪ً،‬طعيبوة أحمود‪ً،‬مرجو ً‬
‫سابق‪ً،‬ص‪ً.802-801.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪(- Voir : BRAHIMI Mohamed, Op.cit, p.88.‬‬
‫‪ -)5‬بلودنين أحمد‪ً،‬األزمةًالسًياسيةًفيًالج ازئرًوتضخًمًاللًجانًالوطنيةًلإلصالح‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.82.‬‬
‫‪38‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫وقدًكانتًالحجًةًالقائلةًبعدمًمصداقية ًنتائدًالنتخابيات‪ً ،‬التيًسجًلتًبشأنها ًعددً‬


‫كبير ًمن ًالطًعون ًالنتخابية ًمرفقة ًبتصريحات ًتفيد ًبحدوث ًتجاوزات ًخطيرة ًمن ًطرفً‬
‫الجبهةًاإلسالميةًلإلنقاذ ً(المحلة)‪ً ،1‬ليعتدًبهاًًلوًتمًتأكيدهاًمنًطرفًالسًلطةًالمنوطًبهاً‬
‫مهمة ًالسًهر ًعلى ًصحة ًالعملية ًالنتخابية‪ً ،‬والتي ًخول ًلها ًالدستور ًلوحدها ًسلطة ًإلياءً‬
‫نتائدًالنتخاباتًمتىًتبيًنًلهاًذلك‪ً،2‬ممثلةاًفيًالمجلسًالدًستوري‪ً.‬‬
‫مكرسًدستوريا‪ً،‬ليستًممارسةًموق ًوفةًعلىًشرطً‬
‫إنًًالدًيمقراطيةًمنًحيثًأنًهاًمبدأً ً‬
‫‪ً،‬وبالتاليًفإنًً‬ ‫فاسخ‪ً،‬أوًمرهونةًبمدىًالتزامًطرفًماًبقواعدها‪ً،‬كماًًيحلوًتصويرهاًللبع‬
‫الخروج ًعن ًقواعد ًالممارسة ًالدًيمقراطية ًتحت ًأي ًذريعة ًل ًيمكن ًأن ًيفسًر ًإلً ًعلى ًأنًهً‬
‫إهدارًللمبادئًالدًستورية‪ً.3‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬

‫‪ً-)1‬لقدًعرفتًالنتخاباتًالتشريعيةًتقديمً‪ً981‬طعناًفيًنتائدً‪810‬مقعداًشملتً‪ً11‬ولية‪ً،‬كماًتًمتًاإلشارةًمنً‬
‫طرف ًالحكومة ًعلى ًلسان ًرئيسها ًبحدوث ًتجاوزات ًفي ًعملية ًالقتراع ًلسيما ًما ًتعلق ًبشطب ًأسماء ًأشخاصً‬
‫يحملونًبطاقةًانتخابيةًمنًلوائحًالبلدياتًالتيًتسيطر ًعليهاًالجبهةًاإلسالميةًلإلنقاذً(المحلة)‪ً،‬وعدمًتوزي ً‪ً900‬‬
‫بطاقة‪ً،‬راج ًفيًذلك‪ً:‬طعيبة أحمد‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.820.‬‬
‫‪ً -)2‬أنظرًفيًذلك‪ً :‬المادةً‪ً 809‬منًدستورً‪8818‬؛ًوالموادًمنً‪،98-98‬منًالنظامًالمحدًدًلقواعد ًعملًالمجلسً‬
‫الدستوري‪ً،‬مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫‪ً -)3‬وهوًما ًنجدًفيًموقفًالسًيدً"ًسيد أحمد غزالي" ًماًيناقضه ًفيًقوله‪ً :‬المسألةًليستًمعرفةًإذاًكناًفيًأوً‬
‫خارجًالتًأسيسًإنًماًالمسألةًهيًإعطاءًنظرةًعلىًمتطلباتًالحياةًومستقبلًالبالد‪ً،‬إاًذاًلًنبحثًعنًالدًيمقراطيةًمنً‬
‫جلًكشفًحساباتًوصيانةًسلطةًالفريق‪ ،‬نقالًعن‪ً:‬‬
‫ً‬ ‫أجلًالدًيمقراطيةًوًإنًماًنريدًالدًيمقراطيةًمنًأ‬
‫‪-GHOZALI Nasser –eddine, L’Algérie dans tous ses états. de la crise à la démocratie orpheline, In Ou‬‬
‫‪va l’Algérie, karthala, 2001، p.12.‬‬
‫‪39‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫ثاني ا‬
‫تنصيب المجلس األعلى للدولة كهيئة فعلية لضمان استمرارية الدولة‬

‫امتًدت ًالسلطة ًالتًأسيسية ًالتي ًخولها ًالمجلس ًاألعلى ًلألمن ًلنفسه ًتحت ًغطاءً‬
‫نظريةًاستم ارريةًالدًولة‪ً،‬إلىًاستحداثًهيئةًإنابةًرئاسيةًفعليًةًمقصياًبذلكًالفقرةًاألخيرةًمنً‬
‫بيانًالمجلسًالدًستوريًل و‪ً88‬جانفيً‪ً8888‬منًإمكانيةًالتطبيق‪ً.1‬‬
‫هذا‪ً ،‬وقد ًعهد ًالمجلس ًاألعلى ًلألمن ًبموجب ًإعالن ً‪ً 81‬جانفي ً‪ً ،28888‬لهيئةًً‬
‫رئاسيةًجماعيةًقائمةًعلىًمجموعةًمنًالشًًرعياتًكبديلًعنًالشًرعيةًالدستورية*‪ً،‬بممارسةً‬
‫جمي ًالسًلطات ًالتي ًخولها ًالًدستور ًلرئيس ًالجمهورية‪ً ،‬في ًمحاولة ًفاشلة ًعلى ًاألقلًًًًًًًًًً‬
‫عملًهذهًاألخيرة‪ً ،3‬كما ًربطً‬
‫ً‬ ‫منًالنًاحيةًالقانونيةًإلضفاءًنوعًمنًالمتداد ًالدًستوريًعلى ً‬
‫إعالن ًالمجلس ًاألعلى ًلألمن ًمهمته ًمن ًالنًاحية ًالزمنية ًباستكمال ًالعهدة ًالرئاسيةًًًًًًًًً‬
‫في ًقراءة ًخاطئة ًلمفهوم ًالستقالة ًالتي ًيتولد ًعنها ًإلياء ًجمي ًصالحيات ًومهام ًرئيسً‬
‫الجمهورية‪ً.4‬‬
‫الشراح ًًأثرًلًفيًاألنظمةًالمقارنة ًولًفيًالممارسةً‬
‫هذهًالسابقةًالتيًلمًيجدًلها ً ً‬
‫الجزائرية ًأين ًتمً ًاستبعاد ًالنص ًالتًأسيسي ً ًولو ًفي ًجزء ًمنه ًعن ًطريق ًهيئة ًاستشاريةًً‬

‫‪1‬‬
‫‪(-Voir: BOUSSOUMAH Mohame, Op.cit, p.63.‬‬
‫‪ً-)2‬إعالن المجلس األعلى لألمن‪ً،‬مؤرخًفويً‪ً81‬جوانفيً‪ً،8888‬المتضومًنًاإلعوالنًعونًإقاموةًالمجلوسًاألعلوىً‬
‫للدًولة‪ً،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬شًعددً‪ً،9‬الصادرةًفيً‪0‬جانفيً‪ً.8888‬‬
‫*ًالسويدً"محمد بوضوياف"ً(رحموهًاهلل)ًرئيسواًوالسويدً"علوي كوافي "عضوواًلبعوديهماًالثووري‪ً،‬السويدً"خالود نوزار"ًمموثالً‬
‫للبعدًالوطني‪ً،‬السًيدً"تيجاني هدام"ًممثالًللبعدًاإلسالميًوالسًيدً"علي هارون"ًممثالًللبعدًالديمقراطي‪ً.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(- Voir: BRAHIMI Mohamed, Op.cit, p.91.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪(- Voir: BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit, p.63.‬‬
‫‪40‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫بموجبًمعاييرًقانونيةًغيرًمكافئةًله‪ًً ،‬أسفرتًعنًنشوءًهيئةًفعليًةًتفتقرًأليً ًشرعيةًأوً‬


‫مشروعيةًقانونية‪ً،1‬وفرضهاًكأمرًواق ًإلدارةًالمرحلةًالنتقالية‪ً.‬‬
‫لمًيتوقفًالخروجًعنًالنصًالتًأسيسي ًعندًهذاًالحد‪ً،‬بلًتعداهًبأنًعهدًالمجلسًً‬
‫األعلى ًللدًولةًلنفسهًمتصرفا ًكسلطةًتأسيسيةًهوًاآلخرًبمهمةًالتشري ًعنًطريقًالمراسيمً‬
‫التًشريعية‪ً ،2‬كاشفا ًبصورة ًجليًة ًالطبيعة ًالصورية ًللمجلس ًالستشاري ًالوطني ً‪-‬كمحاولةً‬
‫لمقاربةًمبدأًالفصلًبينًالسلطاتً‪ً-‬بحيثًلمًينطًهذاًالجهازًالذيًأنشئًبير ًسدًالفراغً‬
‫مستوىًالهيئةًالتشريعيةًبأيًمهمةًتشريعيةًكانتًأمًرقابية‪ً،‬وهوًماًيجعلناً‬
‫المؤسساتيًعلىً ً‬
‫نقولًباعتمادًالمجلسًاألعلىًللدولةًفيًإدارةًالمرحلةًالنتقاليةًعلىًمبدأًتركيزًالسلطة‪ً.3‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫العنف المسلح كإطار للمأساة الوطنية‬

‫ًالشراح ًفي ًتأريخهم ًلحالة ًالعنف ًالمسلح ًالجزائرية ًإلى ًالنطالقً‬


‫يذهب ًالعديد ًمن ً‬
‫من ًتاريخ ًوقف ًالمسار ًالنتخابي ًباعتباره ًالش اررة ًالتي ًأججت ًمن ًنزعة ًالعنف ًلدىً‬
‫ًالمتطرفة‪ً ،4‬وما ًاستتبعها ًمن ًتبني ًالدًولة ًلخيار ًالمواجهةً‬
‫ً‬ ‫التنظيمات ًاإلسالمية ًالجزائرية‬
‫األمنية‪ًً.‬‬

‫‪ً-)1‬رابحوووي أحسووون‪ً،‬مب وودأًت وودرجًالمع ووايرًالقان ًوني ووةًف وويًالنًظ ووامًالق ووانونيًالج ازئ ووري‪ً،‬رس ووالةًلني وولًدرج ووةًدكت وووراهًف وويًًًً‬
‫القانون‪ً،‬معهدًالحقوقًوالعلومًاإلدارية‪ً،‬بنًعكنون‪ً،‬جامعةًالجزائر‪ً،8002ً،‬ص‪ً.81-88.‬‬
‫‪ -)2‬مداولووة المجلووس األعلووى للدولووة رقووم ‪ ،90-10‬مؤرخووةًفوويً‪ً81‬أفريوولً‪ً،8888‬تتعلووقًبم ارسوويمًذاتًالط واب ً‬
‫التًشريعي‪ً،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬شًعدد‪ً،81‬الصًادرةًبتاريخ‪ً80‬أفريلً‪ً.ً8888‬‬
‫‪-)3‬تمًاسوتحداثًالمجلوسًالستشواريًالووطنيًًبموجوبًالفقورةً‪ً2‬مونًإعوالنًالمجلوسًاألعلوىًلألمونًالموؤرخًفويً‪ً81‬‬
‫جو ووانفيً‪ً،8888‬مرج و و ًسو ووابق؛ًوتو وومًترسو وويمهًبموجو ووبً‪ً:‬مرسووووووم رئاسوووووي رقوووووم ‪ً،31-10‬المو ووؤرخًفو وويً‪ً1‬فب اري و ورًًًًًًً‬
‫‪ً،8888‬يتعلقًبصالحياتًالمجلسًالستشاريًالووطنيًوطورقًتنظيموهًوعملوه‪ً،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ً،‬عودد‪ً،08‬الصوادرةً‬
‫بتاريخ‪ً8ً:‬فبراير‪ً.8888‬‬
‫‪ً-)4‬علووىًالوًورغمًموونًأنًًالت وأريخًللمرحلووةًالدًمويووةًالتوويًعاشووتهاًالج ازئوورًعووادةًموواًيبوودأًموونًأعقووابًتوقيووفًالمسووارً‬
‫النتخابي‪ً،‬إلًًأنًهاًفيًالحقيقةًوليدةًممارساتًسابقة‪ً،‬لًنبالغًإذاًماًقلنواًبأنًهواًبودأتًمنوذًسونواتً‪ ً،8818‬ارجو ًفويًً‬
‫‪41‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫ًالخطيرة ًجملة ًمن ًالمقاربات ًالقائلة ًبالطبيعةً‬


‫ً‬ ‫ًوقد ًأفرزت ًهذه ًاألوضاع ًاألمنية‬
‫القانونيةًلحالةًالعنفًالمسلحًالجزائريةً(مطلب أول)‪ً،‬أخذتًفيًمجملهاًبالحصيلةًاإلنسانيةً‬
‫المأساوية ًالتي ًخلفتها ًهذه ًاألوضاع ً‪،‬والتي ًنعزيها ًفي ًحقيقة ًاألمر ًللممارسة ًالمعكوسةً‬
‫للتطبيق ًالمتكامل ًللقانون ًالدولي ًاإلنساني ًوالقانون ًالدولي ًلحقوق ًاإلنسان ًفي ًإطار ًحالةً‬
‫العنفًالمسلحًالجزائرية(مطلب ثان)‪ً.‬‬

‫المطلب األول‬
‫بحث الطبيعة القانونية لحالة العنف المسلح الجزائريةً‬

‫ًًًًً ًيكتسي ًالبحث ًفي ًالطًبيعة ًالقانونية ًلظاهرة ًالعنف ًالمسلًح ًالتي ًعاشتها ًالجزائرً‬
‫أهمية ًبالية ًفي ًتحديد ًالمنظومة ًالقانونية ًالواجبة ًاإلنفاذ ًلحتواء ًهذه ًالظاهرة‪ً ،‬بما ًيحققًً‬
‫معادلة ًالتوازن ًبين ًالحفاظ ًعلى ًهيبة ًالدًولة ًوحماية ًمواطنيها‪ً ،‬إلً ًأنً ًهذه ًالعملية ًعلىً‬
‫ًمعهاًعنًالتًباينًفيًالتكييفًميالطاتً‬ ‫أهميتهاًتطرحًصعوباتًحقيقية ًًلدرجةًقدًيتمخ‬
‫قانونية‪ً.‬‬
‫ًًًًًًوفي ًمحاولة ًمنا ًلتبيان ًالطبيعة ًالقانونية ًلظاهرة ًالعنف ًالمسلًح ًالتي ًعاشتهاًًًًً‬
‫ًالمقاربة ًالرسمية ًلحالة ًالعنف ًالمسلًح ًالجزائريةً‬ ‫الجزائر‪ً ،‬سنعمد ًفي ًالبداية ًإلى ًاستع ار‬
‫(فرع أول)‪ ،‬ثمًننتقلًللبحثًفيًمدى ًاستيفاءًحالةًالعنفًالمسلًحًالجزائرية ًلعتبةًالنزاعاتً‬
‫المسلًحةًذاتًالطاب ًغيرًالدوليً(فرع ثان)‪.‬‬

‫=ذلك‪ً:‬برقوق محند‪"ً،‬مكافحةًاإلرهابًفيًالج ازئورًمونًالمقاربوةًاألمنيوةًإلوىًالحولًالسًياسوي"ً‪ً،‬مجلوةًالمفكور‪ً،‬العوددً‬


‫الثًاني‪ً،‬جامعةًمحمدًخيضر‪ً،‬بسكرةً‪ً،8002ً،‬ص‪ً.11-10.‬‬
‫‪42‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫الفرع األول‬
‫المقاربة الرسمية لحالة العنف المسلح الجزائرية‬
‫‪-‬الدفع نحو تأصيل أطروحة الحرب على اإلرهاب‪-‬‬

‫ًالرسمية ًفي ًتكييف ًحالة ًالعنف ًالمسلًحً‬


‫لعل ًالسًمة ًاألساسية ًلمختلف ًالمقاربات ً ً‬ ‫ًًًً‬
‫الجزائري‪ً ،‬التي ًتتكشف ًعنها ًالتًدابير ًالمعتمدة ًفي ًتطويق ًهذه ًالحالة‪ً ،‬هو ًالتفافها ًحولً‬
‫مفاهيمًقانونيةًتشتركًفيًأنًهاًأدنىًمنًعتبةًالن ازعًالمسلًحةًذاتًالطاب ًغيرًالدولي‪ًً،‬وهوً‬
‫التًوجهًالذيًتعًوزهًالحجةًالقانونيةًالقاطعةًبفعلًنسبيةًمعيارًالعتبةًفيًشقهًالسلبيًكأساسً‬
‫للتًكييف‪ً.‬‬
‫أولاً‬

‫المرتكزات القانونية للمقاربة الرسمية لحالة العنف المسلح الجزائرية‬


‫‪-‬الحرب على اإلرهاب‪-‬‬

‫إعتمدًالمشرعًالجزائريًمبدأًالتدرجًفيًمجابهتهًلظاهرةًالعنفًالمسلًحًالجزائريةًبدايةً‬
‫من ًتبني ًإجراء ًظرفي ًممثال ًفي ًإعالن ًحالة ًالطوارئ‪ً ،1‬مرو ار ًبإقرار ًالجريمة ًاإلرهابيةً‬
‫والتًخريبية ًكتدبير ًقانوني ًدائم‪ً ،2‬وقد ًعكست ًهذه ًالسياسة ًالتًشريعية ًالنظرة ًالرسمية ًلحالةً‬
‫تكزت ًفي ًمراحلها ًاألولى ًعلى ًمفهومً‬
‫ًوالتي ًار ً‬
‫العنف ًالمسلًح ًالتي ًعاشتها ًالجزائر ً‬
‫الضطرابات ًوالتًوترات ًالداخلية‪ً ،‬لتستقر ًفي ًنهاية ًالمطاف ًعلى ًمفهوم ًالجريمة ًاإلرهابيةً‬
‫كأساسًلت ًوصيفًحالةًالعنفًالمسلًحًالجزائرية‪ًً.‬‬

‫‪ً-)1‬أنظرًفيًذلك‪ً:‬مرسوم رئاسي ‪ً،11-10‬مرج ًسابق‪ً.‬‬


‫‪ -)2‬مرسووووووووووم تشوووووووووريعي رقوووووووووم ‪ً،93-10‬الم و و و ووؤرخًف و و و وويً‪ً90‬ديس و و و وومبرً‪ً،8888‬يتعل و و و ووقًبمكافح و و و ووةًالتخري و و و ووبًًًًًًًًًًًًًً‬
‫واإلرهاب‪ً،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬شًعدد‪ً،20‬الصًادرةًبتاريخً‪80‬ينوايرً‪8888‬؛ًمرسووم تشوريعي رقوم ‪ً،90-13‬الموؤرخًفويً‬
‫‪ً88‬أبريوولً‪ً،8889‬يعوودلًويووتمم مرسوووم تشووريعي رقووم ‪ً،93-10‬المووؤرخًفوويً‪90‬سووبتمبرً‪ً8888‬والمتعلووقًبمكافحووةً‬
‫التًخريبًواإلرهاب‪.ً،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬شًعددً‪ً،80‬الصادرةًبتاريخً‪ً80‬أفريلً‪ً.8889‬‬
‫‪43‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫‪-)9‬الضطرابات والتوترات الداخلية‪:‬‬


‫ًًً ذهب ًالمشرع ًالجزائري ًكمرحلة ًأولى ًفي ًسبيل ًتطويق ًحالة ًالعنف ًالمسلًح ًالتيً‬
‫عايشتهاًالجزائرًفيًأعقابًتوقيفًالمسارًالنتخابي‪ً،‬إلى ًتبنيًتدبيرًأمنيًوقائيًتجلًفيً‬
‫إعالنًحالةًالطوارئ‪ً.1‬‬
‫ًًًًهذاًاإلجراءًالذيًًربطهًالمشرعًفيًحيثيتهًاأل ًولى ًبالمساسًالخطيرًوالمستمرًبالنظامً‬
‫العامًالمسجًلًفيًالعديدًمنًنقاط ًالترابًالوطني‪ً ،‬وربطهًفيًالحيثيةًالثانيةًبالتًهديداتًالتيً‬
‫المتكرر ًبأمن ًالمواطنين ًوالسًلمًًًًًًً‬
‫تستهدف ًاستقرار ًالمؤسًسات ًوالمساس ًالخطير ًو ً‬
‫ًالمشرع ًالجزائري ًنحو ًإسقاط ً ًمفهوم ًالضطراباتً‬
‫ً‬ ‫المدني‪ً ،2‬يحيلنا ًإلى ً ًالقول ًبنزوع‬
‫والتًوترات ًالداخلية ًعلى ًحالة ًالعنف ًالمسلًح ًالتي ًعرفتها ًالدًولة ًالجزائرية‪ً ،3‬ول ًننطلق ًفيً‬
‫تحليلناًهذاًمنًالعدم‪ً ،‬وانماًلناًأنًنستندًفيًذلك ًإلى ًالخطابًالذيًوجًههًرئيسًالمجلسً‬
‫األعلىًللدًولةًالسًيدً"محمد بوضياف" ً‪-‬رحمهًاهلل‪ً -‬لألمًةًقبيلًإعالنًحالةًالطوارئ‪ً ،‬حيثً‬

‫‪ً-)1‬مرسوم رئاسي رقم‪ً،11-10‬مرج ًسابق‪ً.‬‬


‫‪ً-)2‬أنظرًفيًذلك‪ً:‬ديباجةًالمرسوم الرئاسي رقم ‪ً،11-10‬المرج ًنفسه‪ً.‬‬
‫‪ -)3‬خلصتًاللًجنةًالدًوليةًللصليبًاألحمرًفيًتقرير‬
‫هاًاألوليًلسنةً‪ًً8820‬بشأنًحالةًالضطراباتًالداخليةًإلىً‬
‫ً‬
‫الكلمة‪ً،‬توجدًفيهاًعلىًالمستوىً‬
‫ً‬ ‫أنها» ًتلكًالحالتًالتيًدونًأنًتسميًنزاعاتًمسلحةًغيرًدوليةًبأتًمًمعنى ً‬
‫الداخليًمواجهاتًعلىًدرجةًمنًالخطورةًوالستمرار‪ً،‬وتنطويًعلىًأعمالًعنفًقدًتكتسيًأشكالًمختلفة‪ً ،‬بدأً‬
‫بانطالقًأعمالًثورةًتلقائيا‪ً ،‬حتىًالصراعًبينًمجموعاتًمنظمةًشيئا‪ً،‬والسلطاتًالحاكمة‪ً ،‬وفيًهذهًالحالتًالتيً‬
‫لًتؤولًبالضًرورةًلصراعًمفتوحًتدعوًالسًلطاتًالحاكمةًقواتًشرطةًكبيرة‪ً،‬وربماًقواتًمسلحة‪ً،‬حتىًتعيدًالنظامً‬
‫الداخليًإلىًنصابه‪ً ،‬وعددًالضحاياًالمرتف ًيجعلًمنًالضرورةًتطبيقًحدًأدنيًمنًالقواعدًاإلنسانية« ؛ًأمًاًبشأنً‬
‫ًالخصائص ًالتي ًتصطبغ ً ًبها ًهذه ًاألخيرة ًوالتي ًجملتها ًفي‪ً :‬انتشارً‬ ‫التًوترات ًالداخلية ًفقد ًاكتفت ًبإيراد ًبع‬
‫اإليقافات ًالجماعية ً‪،‬ارتفاع ًعدد ًالمعتقلين ًالسًياسيين ًأو ًبسبب ًأرائهم ًومعتقداتهم‪ً ،‬وظروف ًالعتقالًًًًًً‬
‫الالإنسانية‪ً ،‬والمعاملة ًالسًيئة‪ً ،‬وتعطيل ًالضًمانات ًالقضائية ًاألساسية ًعند ًإعالن ًحالة ًالطوًارئ ًمثال‪ً ،‬وظهورً‬
‫حالت ًالختفاء‪ً ،‬وقد ًتكون ًهذه ًالظًواهر ًمجتمعة ًأو ًمنفردة‪ً ،‬لكنها ًتعكس ًرغبة ًالنًظام ًالحاكم ًفي ًتطويق ًأثارً‬
‫التوترات ًمن ًخالل ًاللجوء ًإلى ًوسائل ًوقائية ًللسًيطرة ًعلى ًاألوضاع‪ً ،‬أنظر ًفي ًذلك‪ً :‬الزمالي‬
‫الضطرابات ًو ً‬
‫عامر‪ًً،‬مدخلًإلىًالقانونًالدًوليًاإلنساني‪ً،‬الطًبعةًالثانية‪ً،‬منشوراتًالمعهدًالعربيًلحقوقًاإلنسانًواللًجنةًالدوليةً‬
‫للصًليبًاألحمر‪ً،‬تونس‪ً،8882ً،‬ص‪ً.10.‬‬
‫‪44‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫ًاليدً‬ ‫ذهبًهذاًاألخير ًفيًتبريرهًألسبابًاتخاذًهذاًاإلجراءًللقول‪.... »ً:‬هذاًالحزبًرف‬


‫التي ًمددناها ًله ًوقد ًلجأ ًإلى ًالعنف ًوخلق ًتوترات ًو ًاضطرابات ًمهددة ًألمن ًاألمة ًفيً‬
‫محاولةًلخلقًحربًأهلية‪ً،‬ولهذهًاألسبابًقررناًفر ًحالةًالطوارئ‪ً.1 «....‬‬
‫في ًقراءة ًمقاربتية ًلتعريف ًالضطرابات ًوالتوترات ًالداخلية ً ًومجمل ًالوقائ ًالتيً‬ ‫ًًًً‬
‫أفرزتهاًاألوضاعًالجزائريةًفيًأعقابًتوقيفًالمسارًالنتخابيً‪ً،‬أينًعرفتًالمواجهاتًبينً‬
‫ًمن ًأنصار ًالجبهة ًاإلسالمية ًلإلنقاذ ً"المحلًة" ًتصعيداًًًًًً‬ ‫الجيش ًالجزائري ًوبع‬
‫ملحوظا‪ً ،2‬وهو ًما ًنتد ًعنه ًعلى ًخلفية ًإعالن ًحالة ًالطوارئ ً ًتخويل ًالسلطة ًالتنفيذيةً‬
‫صالحية ًواسعة ًضخًمت ًمن ًفاتورة ًانتهاكات ًحقوق ًاإلنسان‪ً ،‬على ًغرار ًإنشاء ًمراكزً‬
‫لالعتقالت ًالجماعية‪ً ،‬تنصيب ًالمحاكم ًالستثنائية‪ً ،‬تمديد ًنطاق ًالختصاص ًالشخصيً‬
‫للمحاكم ًالعسكرية ًلتشمل ًغير ًالعسكريين‪ً ،3‬تسجيل ًحالت ًاختفاء‪ً ،‬تجاوزات ً ًوتعسفاتً‬
‫ملحوظةًفيًتطبيقًالتًدابيرًاألمنيةًوغيرهاًمنًالممارساتً ًومنًالمعامالتًالمسيئةًللكرامةً‬
‫اإلنسانية‪ً ،4‬ننتهي ًإلى ًاستجابة ًحالة ًالعنف ًالمسلًح ًالجزائري ًفي ًمراحلها ً‬
‫ًاألولية ًلعتبةً‬
‫الضطراباتًوالتًوتراتًالداخلية‪ً.5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪)-Message a la nation du président du haut comite d’Etat, In El moujahid, du 11fevrier 1992.‬‬
‫‪ً-)0‬لمزيدًمنًالتًفصيلًحولًخلفياتًومالبساتًًالمواجهاتًبينًالجًيشًوأنصارًالجًبهةًاإلسالميةًلإلنقاذً(المحلة)ً‬
‫راج ‪ً:‬تاملت محمد‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.881-880.‬‬
‫‪ً-)3‬أنظرًفيًذلك‪ :‬مرسومًرئاسي‪ً،11-88‬مرج ًسابق‪.‬‬
‫نويًاألولًلس و و وونةً‪ً،8888‬م‪.‬أ‪.‬ن‪.‬أ‪ً،‬الج ازئ و و وور‪ًًًًًًًًًًًًًً،‬‬
‫ً‬ ‫‪ً ً-)4‬‬
‫المرص و و وودًال و و وووطنيًلحق و و وووقًاإلنس و و ووانً(س و و ووابقا)‪ً،‬التًقري و و وورًالسو و و و‬
‫‪ً،8889‬ص‪ًً.08-88.‬‬
‫‪ -)5‬يشكًل ًالقانون ًالدًولي ًلحقوق ًاإلنسان ًالنًظام ًالقانوني ًالدًولي ًالمعني ًبمسألة ًالضًطرابات ًوالتوتراتًًًًًً‬
‫امًالذيًعادةا ًماًيتمًتفعيلهًمنًطرفًحكوماتًالدًولًالتيًتعانيًمنًحالةً‬
‫ً‬ ‫الداخلية‪ً ،‬إلً ًأنً ًبندًالتًحللًمنًاللتز‬
‫ًالحقوقًًًًًًًًًً‬ ‫ًهذه ًالحقوق ًاللهم ًما ًتعلق ًببع‬ ‫اضطرابات ًوتوترات ًداخلية ًغالبا ًما ًيؤدي ًإلى ًتقوي‬
‫بالعديدًمنًالشراحًانطالقاًمنًقصورً‬
‫ً‬ ‫األساسية‪ًً ،‬تعددهاًهذهًالتفاقياتًعلىًأنهاًغيرًقابلةًللتًقييد‪ً ،‬هذاًماًدف ً‬
‫ًحالت ًالضطرابات ًوالتوترات ًالدًاخليةًًًًًًً‬ ‫أحكام ًالقانون ًالدًولي ًلحقوق ًاإلنسان ًفي ًحماية ًالمدنيين ًفي ًبع‬
‫التيًتكونًعلىًدرجةًمعتبرةًمنًالخطورةً‪،‬إلىًالقولًبضرورةًًتطبيقًحدًأدنى ًمنًقواعدًالقانونًالدًوليًاإلنسانيً‬
‫‪45‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫‪ )0‬الجريمة اإلرهابية والتخريبية‪:‬‬


‫ًًيتًكشفًنزوعًالمشًرعًالجزائريًنحوًإسقاطًمفهومًالجريمةًاإلرهابيةًعلىًحالةًالعنفً‬
‫المسلًح ًالتي ًعاشتها ًالدًولة ًالجزائرية‪ً ،‬من ًخالل ًما ًطرحه ًهذا ًاألخير ًعلى ًأنه ًاستكمالً‬
‫لعمليةًالهيكلةًالتًشريعيةًالجنائية‪ً،‬بماًيحققًاستجابتهاًللواق ًالجنائيًالجديدًممثالًفيًًإقرارً‬
‫الجريمة ًاإلرهابية ًكتدبير ًقانوني ًدائم‪ً ،‬بموجب ًالمرسوم ًالتشريعي ًرقم ً‪ً ،09-88‬الذي ًتمًً‬
‫استكمالًمعالمهًبموجبًالمرسومًالتشريعيًرقمًً‪ً.109-89‬‬
‫ًوقدًأدرجًهذاًالتصورًالتًشريعيًفيًقانونًالعقوبات‪ً ،‬منًخالل ًكلًمن ًاألمرين ًرقمً‬
‫‪88-80‬و‪ً،80-80‬كمرحلةًأخيرةًمنًمراحلًالمواجهةًالًتشريعيةًالردعيةًلماًأسماهًبالجريمةً‬
‫اإلرهابيةًوالتًخريبية‪ً.2‬‬
‫ًًًًًًطرحت ًالسًياسة ًالحتوائية ً‪-‬في ًذات ًالنسق‪ً -‬التي ًرسم ًمعالمها ًكل ًمن ًقانونً‬
‫الرحمة‪ً ،‬ثمًقانونًالوئامًالمدني‪ً ،‬بعدهاًلحقاًقانونًالمصالحةًالوطنية‪ً ،‬على ًأنهاًجملةًمنً‬
‫الجزاءات ًالتًحفيزية ًالهادفة ًإلى ًالتًشجي ًعلى ًالعدول ًعن ًالجرائم ًاإلرهابية‪ً ،3‬مما ًيثبتًً‬
‫ًالمشرع ًالجزائري ًحول ًمفهوم ًواحد ًلتكييف ًحالة ًالعنف ًالمسلًح ًالجزائري‪ً ،‬أل ًوهوً‬
‫ً‬ ‫التفاف‬
‫الجريمة ًاإلرهابية‪ً ،‬يبقي ًأنً ًالمفهوم ًالذي ًكان ًمتوأصًال ًفي ًأدبيات ًالخطاب ًالسياسي ًهوً‬

‫=على ًهذه ًالحالت‪ً ً ،‬من ًخالل ًحث ًالدًول ًعلى ًاحترام ًالضًمانات ًالمقررة ًبموجب ًالمادة ً‪ً 20‬من ًالبرتوكولً‬
‫ًاألول ًالملحق ًباتفاقيات ًجنيف ًواإللتزام ًبأحكام ًإعالن ًطوركوا ًفلًناد ًالمتعلق ًبالحد ًاألدنى ًمن ًالقواعدً‬
‫اإلضافي ً‬
‫اإلنسانيةًالمطبقةًفيًحالةًالضطراباتًوالتوتراتًالداخلية‪ً،‬لمزيدًمنًالتفاصيلًراج ‪ً:‬‬
‫‪-MOMTAZ (D), « Les règles humanitaires minimales applicables en période de troubles et tentions‬‬
‫‪internes », In R.I.C.R, N°831, 1998 ,pp.487-495.‬‬
‫ً‬
‫‪ -)1‬أنظرًفيًذلك‪ً:‬المرسوم التشريعي رقم ‪ً،93-10‬مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫‪ -)0‬أنظرًفيًذلكًكلًمن‪ً:‬أمر رقم ‪ً ،99-10‬مؤرخًفيً‪ً 80‬فبراير‪ً،8880‬يعدلًوًيتممًاألمر رقم ‪ً،900-11‬‬
‫المؤرخًفيً‪ً 1‬يونيوً‪ً،8822‬والمتضمنًقانونًاإلجراءاتًالجزائية‪،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ً،‬عددً‪ً،88‬الصادرةًبتاريخً‪ً8‬‬
‫مارسً‪8880‬؛ًواألمر رقم ‪ً،99-10‬مؤرخًفيً‪ً80‬فبراير‪ً،8880‬يعدلًوًيتممًأمر رقم ‪ً،800-11‬المؤرخًفيً‪ً1‬‬
‫‪ً،‬والمتضمنًقانونًالعقوبات‪ً،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ً،‬عددً‪ً،88‬الصادرةًبتاريخً‪ً8‬مارسً‪.8880‬‬
‫يونيوً‪ً 8822‬‬
‫‪ً-)3‬برقوق محند‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬جامعةًمحمدًخيضر‪ً،‬بسكرةً‪ً،8002ً،‬ص‪ً.10.‬‬
‫‪46‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫مفهومًالحربًالشًاملةًعلىًاإلرهابًعلىًالنحو ًالذيًطرحتهًالمجموعةًالدوليةًفيًأعقابًً‬
‫أحداثً‪ً.8008/08/88‬‬
‫ثانيا‬
‫نسبية معيار العتبة كأساس للتكيف‬

‫يطرحًمعيارًالعتبةًكمؤشرًلتحديدًنقاطًالتقاط ًبينًماًهوًنزاعًمسلحًوماًهوًدونً‬
‫ذلكًمنًأعمالًعنف‪ً،‬بماًفيهاًالضطراباتًوالتًوتراتًالداخليةًوكذاًالظًاهرةًاإلرهابية‪ً.1‬‬
‫إلً ًأنً ًهاتين ًالحالتين ًاألخيرتين ًًوعلى ًالرغم ًمن ًالتًوجه ًإلى ًالقول ًبانعدام ًالدًللةً‬
‫القانونيةًبشأنهماًفيًإطارًالقانونًالدوليًاإلنساني‪ًً،2‬تبقيانًمرشحتين ًلستفاءًعتبةًالنزاعً‬
‫المسلًحًمتىًانطوتًإحداهماًعلى ًعنصرًأطرافًالنزاع‪ً ،‬وهوًماًيدفعناًإلى ًالقولًبنسبيةً‬
‫معيارًالعتبةًفيًشقهًالسلبيًًكأساسًللتًكيفًالقانونيًلظاهرةًالعنف ًالجزائرية‪ً ،‬بحيثًأنًً‬
‫العتماد ًعلى ًمعيار ًالعتبة ًبهذا ًالمدلول ًل ًيقصي ًفرضية ًاستيراق ًحالة ًالعنفًالجزائريةًً‬
‫لعتبة ًالنزاع ًالمسلًح ًذات ًالطاب ًغير ًالدولي‪ً ،‬وانما ًيبقيها ًمنفتح ًةا ًعلى ًفرضية ًإثباتً‬
‫العكس‪ً،3‬مماًيدفعناًللقولًبعدمًقطعيةًالتكيفًالرسميًلحالةًالعنفًالمسلحًالجزائرية‪ً.‬‬

‫‪ً-)1‬كوواتلين لفانوود‪"ً،‬مقابلووةًبعنووانًالن ازعوواتًالمسوولحةًأوًحووالتًالعنووفًاألخوورى‪ -‬موواًالفوورقًبالنسووبةًللضووحايا‪-‬؟"‪ً،‬‬


‫اللًجنةًالدوليةًللصًليبًاألحمر‪ً،‬مركزًالمعلومات‪ً،‬قاعدةًالبيانات‪ً،‬مقابلة‪ً،‬متوفرًعلىًالموق ًاإللكتروني‪:‬‬
‫‪htt://www.icrc.org. consulté le :17/05/2015 à 01 :15‬‬
‫‪ً-)2‬لًينسحبًالقانونًالدًوليًاإلنسانيًفويًنطاقوهًالمواديًليشوملًأيًًمونًالضوطًراباتًوالتووتراتًالدًاخليوةًأوًحالوةً‬
‫اإلرهوواب‪ً،‬وعليووهًفووإنًمعالجووةًهووذهًالحووالتًيقتضوويًإنفوواذًنًظومًًقانونيووةًوطنيووةًأوًدوليووةًخووارجًقواعوودًالقووانونًالوودًوليً‬
‫اإلنسانيً‪ً،‬أنظرًفيًذلكًكلًمنً‪ً:‬كتلين لفند‪ً،‬مرج ًسابق؛ً‬
‫‪-SYLVEN Vit , « Typologie des conflits armés en droit international humanitaire : concepts juridiques‬‬
‫‪et réalités » , In R.I.C.R, N° 873 , mars, 2009, p.09.‬‬

‫‪ً-)3‬لفاند كاتلين‪ً،‬المرج ًنفسه‪ً.‬‬


‫‪47‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫الفرع الثاني‬
‫بحث مدى استجابة حالة العنف المسلح الجزائرية لعتبة النزاعات المسلحة ذات‬
‫الطابع غير الدولي‬

‫يقتضي ًالبحث ًفي ًمدى ًاستجابة ًحالة ًالعنف ًالمسًلح ًالجزائرية ًلعتبة ًالنزاعاتً‬
‫المسلًحة ًذات ًالطًاب ًغير ًالدًولي ًتقصي ًإمكانية ًاستيفائها ًللمعايير ًالتي ًتطرحها ًأحكامً‬
‫القان ًون ًالدًولي ًاإلنساني ًالضًابطة ًللنًطاق ًالمادي ًلما ًاصطلح ًعليه ًتسميته ًبالنزاعاتً‬
‫المسلحةًذاتًالطًاب ًغيرًالدًولي‪ً،‬والتيًأضحى ًمنًالمقبولًبشأنهاًعلى ًنطاقًواس ًلدىً‬
‫الفقهًالدًوليًالتًوجهًنحوًالقولًبوجودًنظامينًقانونيينًمتوازيينًيعنيانًبأنسنتها‪ً،1‬ممثلتينً‬
‫في ًكل ًمن ًالمادة ًالثًالثةًالمشتركة ًمشكلة ًبذاتها ًاتفاقية ًمصيرة ًفي ًإطار ًاتفاقيات ًجنيفً‬
‫األربعة‪ً ً،2‬وكذاًالبرتوكولًاإلضافيًالثانيًالملحقًباتفاقياتًجنيفًاألربعة‪ً ،3‬وعليهًسنحاولً‬
‫تبيين ًمدى ًاستيفاء ًحالة ًالعنف ًالمسلح ًالجزائرية ًلعتبة ًالنزاعات ًذات ًالطاب ًغير ًالدوليً‬
‫بالستنادًعلىًكلًمنًهاتيتنًالتفاقيتينًعلىًحدى‪ً.‬‬

‫‪ً-)1‬عتلم حازم محمد‪ً،‬قان ًونًالنًزاعاتًالمسلحةًغيرًالدًولية‪ً،‬القانونًالدًوليًاإلنساني‪ً:‬دليولًالتًطبيوقًعلوىًالصوعيدً‬


‫الدًولي‪ً،‬دارًالنهضةًالعربية‪ً،‬القاهرة‪ً،8008ً،‬ص‪ً.888.‬‬
‫‪ً-)2‬تعتبوورًالمووادةًالثًالثووةًالمشووتركةًبووينًاتفاقيوواتًجنيووفًاألربعووةًاتفاقيووةًمصوويرةًموونًحيووثًأنًهوواًالمووادةًالوحيوودةًالتوويً‬
‫تعنو و و وويًبالن ازعو و و وواتًالمسو و و وولًحةًذاتًالطو و و وواب ًغيو و و وورًالو و و وودولي‪ً،‬أنظو و و وورًًفو و و وويًذالو و و ووكً‪ً:‬اتفاقيو و و ووةًجنيو و و ووفً‪ً،‬المؤرخو و و ووةًًًًًًًًًًًًًًً‬
‫يريووةًموونً‬
‫فوويً‪ً،ًً8818/01/88‬دخلووتًًحيووزًالتنفيووذًفوويً‪ً،8800/02/88‬انضوومتًإليهوواًالج ازئوورًأثنوواءًالثووورةًالتحر ً‬
‫طرفًالحكومةًالمؤقتة‪ً.‬‬
‫‪ً-)3‬تقضيًالمادةًاألولىًمنًالبرتوكول اإلضافي الثانيًبماًيلي‪"ً:‬يسريًهذاًالملحقًالبرتوكوولًالوذيًيط ًوورًويكمولً‬
‫المووادةًالثًالثووةًالمشووتركةًبووينًاتفاقيوواتًجنيووفًاألربعووةًالمبرمووةًفوويً‪ً90‬أغسووطسً‪ً8818‬دونًأنًيعوودًلًموونًالش وروطً‬
‫الراهنووةًلتطبيقهووا‪ً،"ً...‬أنظوورًفوويًذلووك‪ً:‬المووادةًاألولوويًموونًالبرتوكوووول اإلضوووافي الثووواني الملحوووق باتفاقيوووات جنيوووف‬
‫ً‬
‫األربعووة‪ً،‬المتعلووقًبحمايووةًضووحاياًالمنازعوواتًغيوورًالدًوليووةًالمسوولحة‪ً،‬المووؤرخًفوويً‪ً،8822/02/80‬دخوولًحيووزًالتنفيووذً‬
‫بتو وواريخً‪ً،8821/88/02‬انضو وومتًإليو ووهًالج ازئو وورًبموجو ووبًمرسو ووومًتنفيو ووذيًرقو وومً‪،21-18‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬شًعو وودد‪ً80‬‬
‫الصًادرةًبتاريخً‪ً.8820/02/80‬‬
‫‪48‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫أولا‬
‫مدى استيفاء حالة العنف المسلح الجزائرية لمعايير النزاعات المسلحة ألغ ارض‬
‫تطبيق المادة الثالثة المشتركة‬

‫ًترسي ًالمادة ًالثًالثة ًالمشتركة ًالمعايير ًاإلنسانية ًالدنيا ًالمطبقة ًفي ًحالة ًالنزاعاتً‬
‫ً‬ ‫المسلًحة ًغير ًالدولية‪ً ،‬لكن ًدون ًبيان ًالمقصود ًبالنزاعات ًالمسلًحة ًغير ًالدولية ًألغ ار‬
‫انطباقًأحكامها‪ً،‬مكتفيةًفيًذلكًبإيرادًحكمًعامًمفادهًأنًًأحكامهاًتنصرفًلتشملًالنزاعاتً‬
‫المسلًحةًالتيًليسًلهاًطاب ًدولي‪ًً،‬والواقعةًفيًأراضيًأحدًاألطرافًالسًاميةًالمتعاقدة‪ً.1‬‬
‫إنً ًعدمًإيرادًالمادةًالثًالثةًالمشتركةًلتعريفًملزمًقانونا‪ً،‬يفر ًعليناًلضرورةًتبينً‬
‫مدى ًاستجابة ًحالة ًالعنف ًالمسلًح ًالجزائري ًللنطاق ًالمادي ًللمادة ًالثالثة ًالمشتركة‪ً ،‬تحليلً‬
‫الحالةًاستنادًإلىًالمعاييرًالتيًبلورهاًالفقهًوالقضاءًالدوليينًبير ًتفسيرًمفهومً‬
‫اً‬ ‫وقائ ًهذهً‬
‫النزاعات ًالمسلًحة ًذات ًالطاب ًغير ًالدولي ًبمفهوم ًالمادة ًالثالثة ًالمشتركة ًفي ًهذاًًًًً‬
‫ًواللتباس ًحول ًماً‬ ‫الصدد‪ً ،2‬وان ًلم ًتنجح ًهي ًاألخرى ًفي ًإماطة ًجمي ًجوانب ًاليمو‬
‫يدخل ًفي ًمصاف ًالنزاعات ًالمسلحة ًذات ًالطًاب ًغير ًالدًولي ًبمفهوم ًالمادة ًالثالثةً‬
‫المشتركة‪ً.3‬‬
‫مستوى ًالفقهًالدًوليًعلى ًأنً ًاكتفاءًالمادةًالثالثةً‬
‫فإذاًكانًالتفاق ًًقدًانعقدًًعلى ً ً‬
‫المشتركة ًبإعطاء ًمفهوم ًعام ًللنزاع ًالمسلح ًغير ًالدولي ًدون ًإيراد ًأي ًتعريف ًمقيدًًًًًً‬

‫‪ً-)1‬تنصًالمادةًالثًالثةًالمشتركةًبينًاتفاقياتًجنيفًاألربعةًعلىًماًيلي‪"ً:‬فيًحالةًقيامًنزاعًمسلًحًليسًلهًطواب ً‬
‫دولوويًفوويًإقلوويمًأحوودًاألط ورافًالس واميةًالمتعاقوودةًيلتووزمًكوولًطوورفًفوويًالن وزاعًأنًيطبووقًكحوودًأدن وىًاألحكووامًالتًاليووة‪ًًًًًً.‬‬
‫‪ً،"ً..‬مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫‪ -)2‬بيجيووتش يلينووا‪"ً،‬نطوواقًالحمايووةًالووذيًتوووفرهًالمووادةًالثًالثووةًالمشووتركة‪ً:‬واضووحًللعيووان"‪ً،‬المجلوةًالدًوليووةًللصوليبً‬
‫األحمر‪ً(ً،‬اللجنةًالدوليةًللصليبًاألحمرً)‪ً،‬المجلدً‪ً،89‬مختاراتًمنًالعدد‪ً،118‬مارسً‪ً،8088‬ص‪ً.09.‬‬
‫‪ً-)3‬بركاني خديجة‪ً،‬حمايةًالمدنيينًفيًالنًزاعاتًالمسلًحةًغيورًالدًوليوة‪ً،‬موذكرةًمقدموةًلنيولًشوهادةًالماجسوتير‪ً،‬فورعً‬
‫القووانونًالع ووام‪ً،‬تخصووصًالق وانونًوالقضوواءًالوودًوليينًالجنووائيين‪ً،‬كليووةًالحق وووق‪ً،‬جامعووةًمنت وووري‪ً،‬قسوونطينة‪ً،8001ً،‬‬
‫ص‪ً.91.‬‬
‫‪49‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫بشأنه‪ً ،‬كانًالهدفًمنهًإضفاءًمرونةًأكثرًعلىًمفهومًالنًزاعاتًالمسلحة ًغيرًالدولية‪ً ،‬بماً‬


‫يكفلًتوسي ًالنًطاقًالماديًلهذهًاألخيرة‪ً ،1‬إلً ًأنً ًاإلشكالًقدًاحتدمًحولًتبيانًحدودًهذاً‬
‫التًساع‪ًًً.2‬‬
‫ًتوضيح ًمفهوم ً ًالنًزاعات ًالمسلًحة ًغير ًذات ًالطاب ً‬ ‫وهو ًما ًحدى ًبالفقه ًألغر‬
‫الدولي‪ً ،‬إلى ًبلورة ًجملة ًمن ًالمعايير ًاإلرشادية‪ً ،3‬والتي ًسنكتفي ًبشأنها ًعلى ًكثرتها ًوعدمً‬
‫اللتفاف ًحول ًمعيار ًموحد ًبشأنها‪ً ،‬إلى ًاإلشارة ًلتلك ًالمعايير ًالتي ًاعتمدها ًاألستاذ ً"سي‬
‫ًبحثهًتحتًعنوان» قابلية تطبيق قواعد القانون الدولي على‬
‫ً‬ ‫صالح نور الدين"ًفيًمعر‬
‫األوضاع الجزائرية منذ ‪، « 9110‬أين ًخلص ًإلى ًالقول ًباستيفاء ًحالة ًالعنف ًالمسلحً‬
‫الجزائري ًلعتبة ً ًالنزاعات ًالمسلحة ًذات ًالطاب ًغير ًالدولية ًبالمفهوم ًالذي ًتطرحه ًالمادةً‬
‫الثالثة ًالمشتركة ًمستندا ًفي ًذلك ًإلى ًمؤشرين؛ ًيتعلق ًاألول ًبلجوء ًالحكومة ًإلى ًاستدعاءً‬
‫الجيشًالمنظم‪ً ،‬أماًالثانيًفيتمثلًفيًاعترافًالحكومةًبصفةًالمقاتلًللجماعاتًاإلسالميةً‬
‫المسلحة ًوهو ًالمؤشر ًالذي ًتبين ًمعالمه ًمن ًخالل ًما ًأشي ًمن ًوجود ًاتفاق ًبين ًكل ًمنً‬
‫الجيش ًالجزائري ًو ًفصيل ًمن ًفصائل ًالجماعات ًالمسلحة ًاإلسالمية ًالمتطرفة ًالجزائريةً‬
‫(اإلرهابية) ًالجيش ًاإلسالمي ًلإلنقاذ ً( ًالمنحل)‪ً ،*4‬فضال ًعن ًتبني ًالسًلطة ًالجزائريةً‬

‫‪ً-)1‬بركاني خديجة‪،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.92.‬‬


‫ًالشراحًإلىًالقولًبشمولًالمادةًالثًالثةًالمشتركةًلحالةًالضًطراباتًوالتًوتراتً‬
‫ً‬ ‫‪ً-)2‬فيًالوقتًالذيًيذهبًفيهًبع‬
‫الدًاخلية‪ً،‬يتجهًفريقًآخرًللقولًبأنًلجوءًالمؤتمرينًفيًجنيفًإلىًاصطالحًالنزاعاتًالمسلحةًغيرًالدًوليةًلمًيكنً‬
‫مؤداهًأنًانصرفتًأذهانهمًإلىًشيءًآخرًغيرًالح ًروبًاألهليةًبمعناهاًالفنيًالودًقيق‪ً،‬أنًظورًفويًذلوك‪ً:‬عوتلم محمود‬
‫حازم‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.881ً.‬‬
‫‪ً -)3‬لمزيدًمنًالتًفاصيلًحولًاآلراءًالفقهيةًالقائلةًبتفسيرًمفهومًالمادةً‪ً 9‬المشتركةًراج ‪ :‬الزمالي عامر‪ً،‬مرج ً‬
‫سابق‪ً،‬ص‪ً.10-91.‬‬
‫‪ً*)1‬لقدًتداولتًالصحفًالوطنيةًواألجنبيةًخبرًوجودًمفاوضاتًدائرةًبينًالجناحًالمسلًحًللجيشًاإلسالميًلإلنقاذً‬
‫(المنحل) ًو ًالمخابرات ًالجزائرية ًوهو ًما ًأكًدته ًتصريحات ًلحقة ًمن ًقبل ًالمدعو ً"مدني مزراق" ًأمير ًالجيشً‬
‫اإلسالميًلإلنقاذًسابقا‪ً،‬إلً ًأنً ًهذهًاألخبارًظلًتًمحلًتفنيد ًمنًقبلًالمخابراتًالجزائريةًمصرحينًبأنًماًكانً‬
‫دائراًبينهاًلمًيعدوًأنًيكونًسوىًمجردًدعواتًلالستسالمً‪ً،‬لمزيدًمنًالتًفاصيلً ارج ‪ً:‬‬
‫‪50‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫لمجموعةًمنًالتًدابيرًالستثنائية ًفيًمواجهةًهذهًاألخيرة ًمنًقبيلها‪ً ،‬إنشاءًجهازًالشًرطةً‬


‫البلديةًوالسماحًبتكوينًجماعاتًالدًفاعًالذاتي‪ً.1‬‬
‫مستوى ًالقضاء ًالدًولي ًفقد ًطرحت ًالمحكمة ًالجنائية ًالدًولية ًليوغوسالفياً‬
‫أمًا ًعلى ً ً‬
‫سابقاًمنًخاللًتناولهاًلمفهومًالنزاعاتًالمسلًحةًغيرًذاتًالطًاب ًالدًوليًبالتعريف‪ً،‬كلًمنً‬
‫استطالة ًأمد ًالنزاع ًو ًاستيفاء ًالجماعات ًالمسلًحة ًغير ًالنظامية ًلحد ًأدنى ًمن ًشروطً‬
‫التنظيم‪ً ،‬كمعيارين ًيتم ًالعتماد ًعليهما ًفي ًتكييف ًوجود ًنزاع ًمسلًح ًغير ًدولي ًمنًًً‬
‫عدمه‪ً،2‬وهوًالتًوجهًالذيًتبناهًالنظامًاألساسيًللمحكمةًالجنائيةًالدًوليةًالدائمة‪ً.3‬‬

‫; ‪=ISSAMI Mohamed ,Le FIS et le terrorisme au cœur de l’enfer ,le MATIN , Algérie,2001, p.317‬‬
‫‪MARTINEZ Luis , « Algérie les enjeux des négociation entre l’AIS et l’Armée » , politique étrangère ,N°‬‬
‫‪4 , 1997,62em année ,pp.499-512.‬‬
‫‪ً-)1‬أنظرًفيًذلك‪ً:‬سي صالح نور الدين‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ًً.84-28ً.‬‬
‫يبقويًأننواًننووزعًللقوولًبنسووبيةًهوذهًالعناصوورًوعودمًإمكانيووةًتوصويفهاًعلوىًأنهوواًعناصورًفاصوولةًفويًالتمييووزًبوينًحالووةً‬
‫النزاعًالمسلحًبمفهومًالمادة‪ً9‬المشتركةًبينًاتفاقياتًجنيفًاألربعةًومفهومًالضطراباتًالداخلية‪ًً،‬فبالنسبةًلعنصرً‬
‫استدعاءًالجيشًالمنظمًًيشيرًالتعريوفًالوذيًانتهوتًإليوهًاللجنوةًالدوليوةًللصوليبًاألحمورًبشوأنًمفهوومًلضوطراباتً‬
‫الداخليةًإلىًاحتمالًلجوءًالدولةًإلىًاستدعاءًقواتهاًالمسلحةًلحتواءًهذهًالحالة‪ً،‬كماًأنًالقوولًبحودوثًمفاوضواتً‬
‫بينًالمخوابراتًالجزائريوةًوقيواداتًالجويشًاإلسوالميًلإلنقواذً(المنحول)ًبمواًيحيولًإليوهًمونًوجوودًاعتورافًضومنيًمونً‬
‫قبلًالطرفًالحكوميًبصفةًالمقاتلًلهؤلءًيبقيًمحلًشكًأمامًتفنيدًالخطابًالرسميًالجزائريًلوذلك‪ً،‬كمواًيسوتوقفناً‬
‫العنصرًاألخيرًللبحثًفيًالطبيعةًالقانونيوةًألفورادًالودفاعًالوذاتيًخاصوةاًوأنوهًلومًيوردًفويًإطوارًالبرتوكو ًولًاإلضوافيً‬
‫الثو ووانيًحكو وومًمماثو وولًلو ووذلكًالو ووذيًتقضو وويًبو ووهًالمو ووادةً‪8/1‬و‪ً8‬مو وونًاتفاقيو ووةًجنيو ووفًالثالثو ووةًالمتعلقو ووةًبحمايو ووةًأسو وورىًًًًًًً‬
‫الحرب؛ًأنظرًفيًذلكًكلًمنً‪ً:‬المادةً‪8/1‬و‪ً8‬منًاتفاقية جنيف الثالثة المتعلقوة بحمايوة أسورى الحورب‪ً،‬المؤرخوةً‬
‫يريووةًموونً‬
‫فوويً‪ً،8818/01/88‬دخلووتًًحيووزًالتنفيووذًفوويً‪ً،8800/02/88‬انضوومتًإليهوواًالج ازئوورًأثنوواءًالث وورةًالتًحر ً‬
‫طرفًالحكومةًالمؤقتوة؛ًًمرسووم تنفيوذي رقوم ‪ً،91-19‬الموؤرخًفويً‪،8882/ً08/ً01‬يحوددًشوروطًممارسوةًعمولً‬
‫الدفاعًالمشروعًفيًإطارًمنظمً‪ً،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ً،‬عدد‪ً،8‬الصادرةًبتاريخً‪ً.8882‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(-TPIY ,Arrêt relatif a l’appel de la défense concernant l’exception préjudicielle d’incompétence ,le‬‬
‫‪procureur C . Dusko Tadic , affaire n°IT-94-1-A, 2 Octobre 1995,Par 70.‬‬
‫‪ً-)3‬تنصًالموادةً‪(ً8/1‬و)ًمونًالنظوامًاألساسويًللمحكموةًالجنائيوةًالدًوليوةًعلوىًمواًيلوي‪ً"ً:‬تطبوقًالفقورةً‪(8‬ه)ًعلوىً‬
‫المنازعاتًالمسولحةًغيورًذاتًالطواب ًالودًولي‪ً ً،‬وبالتواليًفهويًلًتطبوقًعلوىًحوالتًالضوطراباتًوالتووتراتًالدًاخليوةً‬
‫مثوولًأعمووالًالشويبًوأعمووالًالعنووفًالمنفووردةًأوًغيرهوواًموونًاألعمووالًذاتًالطًبيعووةًالمماثلووة‪ً،‬وتطبووقًعلووىًالمنازعوواتً‬
‫التيًتق ًفيًإقليمًدولةًعندماًيوجدًصراعًمسلحًمتطواولًاألجولًبوينًالسولطاتًالحكوميوةًوجماعواتًمسولًحةًمنظًموةً‬
‫‪51‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫لقد ًأفضى ًبنا ًالبحث ًفي ًواق ًالنزاع ًالمسلًح ًالجزائري ًلًتًبًيًان ًمدى ًتوافر ًالعناصرً‬
‫التيًأوردهاًالجتهادًالقضائيًإلىًالنتائدًالتالية‪ً:‬‬
‫فيماًيتعلقًبأمدًاستطالةًالنًزاع‪ًً،‬وهوًالمعيارًالذيًأشارتًاألحكامًالقضائيةًالالًحقةً‬
‫للمحكمةًالجنائيةًالدوليةًليوغوسالفياًسابقاًإلى ًانًهًيعتًدًبشأنهًبشدًةًالًنزاعًأكثر ًممًاًيعتًدً‬
‫العقدًمنًالزمنًالذيًعاشتهًالجزائرًتحتًطائلةًالعنفًالمسلًحًمخلًفةً‬
‫ً‬ ‫بأمدًالنًزاع‪ً ،1‬فلعلً ً‬
‫كارثة ًإنسانية ًبأتًم ًمعنى ًالكلمة‪ً ،‬بليت ًحصيلتها ًحسب ًالمعطيات ًالرسمية ًمئة ًوخمس ًونً‬
‫ألف ًقتيل‪ً ،‬أكثر ًمن ًمليون ًمتضرر‪ً ،‬أكثر ًمن ًمليون ًومائتي ًألف ًمهجًر ًداخلي‪ً ،‬فضالًًًً‬
‫عن ًالخسائرًالماديةًالتيًبليتًعشرونًمليارًدولرًأمريكي‪ً،‬كفيلًبالقولًبتحققًعنصرً‬
‫استطالةًأمدًالنًزاعًًفيًالحالةًالجزائرية‪ً.2‬‬
‫ًأمًا ًعن ًمدى ًاستيفاء ًالجماعات ًاإلسالمية ًالمتطرفة ًالمسلًحة ًالجزائرية(اإلرهابية)ً‬
‫لمقتضياتًالتًنظيم‪ً،‬الشًرطًالذيًربطتهًاألحكامًالقضائيةًالالًحقةًبقدرةًالجماعةًعلىًالتسلًحً‬
‫وقدرتها ًعلى ًتجنيد ًعناصر ًفي ًإطار ًالجماعة‪ً،‬واعدادهم ًإعدادا ًعسكريا‪ً ،‬وكذا ًالقدرةًًًًًً‬
‫علىًالقيامًبعملياتًعدائيةًبموجبًإستراتيجياتًمحكمةًفضالًعنًوحدةًالكلمةًبينًأعضاءً‬
‫التًنظيم‪ً.3‬‬

‫=أوًفيموواًبووينًهووذهًالجماعوواتً"‪ً،‬تجوودرًاإلشووارةًفوويًهووذاًالصووددًإلووىًأنًًاعتمووادًالمووادةًالثامنووةًلمصووطلحًًالمنازعوواتً‬
‫المسلًحةًغيرًذاتًالطًاب ًالدًولي‪ً،‬قدًأثارًالعديدًمنًالتًساؤلتًحولًماًإذاًاتجوهًالنًظوامًاألساسويًلمحكموةًالجنائيوةً‬
‫الدًوليةًإلىًتأسيسًنووعًثالوثًمونًأنوواعًالنً ازعواتًالمسولحة‪ ً،‬ارجو ًفويًذلوكًكولًمونًالموادةً‪(ً8/1‬و)ًمونًنظوامًرومواً‬
‫األساسو وويًالمتعلو ووقًبالمحكمو ووةًالجنائيو ووةًالدًوليو ووةًالمعتمو وودًبرومو وواًبتو وواريخً‪ً8881/02/82‬دخو وولًحيو ووزًالتًنفيو ووذًبتو وواريخًً‬
‫‪ً،8008/02/8‬وقًعتًعليهًالجزائرًفيً‪8000/88/81‬؛ًبيجيتش يلينا‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.1.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪( -TPIY , jugement , Procureur C. HARADINAJ , affaire n°IT-04-84,3avril 208.Par48.‬‬
‫‪ً -)2‬علووىًالوًورغمًموونًأنًًالت وأريخًللمرحلووةًالدًمويووةًالتوويًعاشووتهاًالج ازئوورًعو ً‬
‫وادةاًموواًيبوودأًموونًأعقووابًتوقيووفًالمسووارً‬
‫النتخووابيًإلًًأنًه واًفوويًالحقيقووةًوليوودةًممارسوواتًسووابقة‪ً،‬لًنب والغًإذاًموواًقلنوواًبأنهوواًبوودأتًمنووذًسوونواتً‪ ً،8818‬ارج و ًًًً‬
‫فيًذلك‪ًً:‬برقوق محند‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.11-10.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪( - TPIY, jugement , Procureur C. HARADINAJ, Op.cti, Pra 64.‬‬
‫‪52‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫ًففيًرأيناًنجدًبأنًًهذهًالمعاييرًغيرًمتوافقةًم ًاتًساعًاإلطارًالماديًللمادةًالثالثةً‬
‫المشتركة‪ً ،‬على ًالنحو ًالذي ًتفصح ًعنه ًمالبسات ًاألعمال ًالتًحضيرية ًلتفاقيات ًجنيفً‬
‫األربعة‪ً ،1‬ولهذا ًسنرجئ ًالبحث ًفي ًمدى ًاستيفاء ًالجماعات ًالمسلًحة ًاإلسالمية ًالمتطرفةً‬
‫الجزائرية( ًالجماعات ًاإلرهابية)‪ً ،‬لهذه ًالمعايير ًإلى ًالجزئية ًالتيًنبحث ًفيها ًمدى ًاستجابةً‬
‫حالةًالعنفًالمسلًحًالجزائريةًلمعاييرًالبرتوكولًاإلضافيًالثًاني‪ً.‬‬
‫يبقى ًأنناًننزعًإلى ًالقولًبأنًاتساعًاإلطارًالماديًللمادةًالثالثةًالمشتركةًوالتيًلً‬
‫توفًرًإلً ًالحدًاألدنىًمنًمعاييرًأنسنةًالنزاعاتًالمسلحةًغيرًالدًوليةًكفيلًباستيعابًحالةً‬
‫العنفًالمسلًحًالجزائرية‪ً.‬‬
‫ثانيا‬
‫مدى استيفاء حالة العنف المسلح الجزائرية لمعايير البرتوكول اإلضافي الثاني‬

‫على ًخالفًالمادةًالثًالثةًالمشتركة‪ً ،‬يحدًدًالبرتوكولًاإلضافيًالثًانيًنطاقهًالماديً‬


‫بشيء ًمن ًالدًقة‪ً ،‬حيث ًيقضي ًبأنً ًأحكامه ًل ًتسري ًإلً ًعلى ًتلك ًالنزاعات ًالتي ًتدورًًًًً‬
‫في ًإقليم ًأحد ًاألطراف ًالًسامية ًالمتعاقدة ًبين ًقواته ًالمسلًحة ًوقوات ًمسلًحة ًمنشقةًًًًًًًًًًًً‬
‫أو ًجماعاتًنظاميةًمسلًحة‪ً ،‬م ًاشتراطًجملةًمنًالعناصرًالواقعيةًالواجبةًالتًوافرًفيًتلكً‬
‫الجماعات‪ً ،‬ممثلة ًفي ًممارسة ًتحت ًقيادة ًمسًؤولة ًعلى ًجزء ًمن ًاإلقليم ًمن ًالسًيطرة ًماً‬
‫يمكًنها ًمن ًالقيام ًبعمليات ًعسكرية(عدائية) ًمتواصلة ًومنسًقة‪ً ،‬ومن ًالضطالع ًبتنفيذ ًهذاً‬
‫البرتوكول‪ً.2‬‬

‫‪ً-)1‬للتفصيلًفيًاألعمالًالتًحضيريةًلتفاقياتًجنيوفًاألربعوةً ارجو ‪ً:‬جبابلوة عموار‪ً،‬مجوالًتطبيوقًالحمايوةًالدًوليوةً‬


‫لضو ووحاياًالن ازعو وواتًغيو وورًالدًوليو ووة‪ً،‬مو ووذكرةًلنيو وولًشو ووهادةًالماجسو ووتيرًفو وويًالعلو ووومًالقانونيو ووة‪ًً،‬تخصو ووصًقو ووانونًدولو وويًًًًًً‬
‫إنسانيً‪ً،‬كلًيةًالحقوق‪ً،‬جامعةًالحاجًلخضر‪ً،‬باتنة‪ً،8008ً،‬ص‪ً.12-19.‬‬
‫‪ً-)2‬راج ًفيًذلك‪ً:‬المادةً‪ً8/8‬منًالبرتوكول اإلضافي الثاني الملحق باتفاقيات جنيف األربعة‪ً،‬مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫‪53‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫سنحاول ًفيما ًيلي ًفي ًسبيل ًتبيان ًمدى ًاستيراق ًالبرتوكول ًاإلضافي ًالثًاني ًلحالةً‬
‫العنف ًالمسلًح ًالجزائرية‪ً ،‬البحث ًفي ًمدى ًاستيفاء ًالجماعات ًالمسلًحة ًاإلسالمية ًالمتطرفةً‬
‫الجزائريةً(ًالجماعاتًاإلرهابيةً)ًلهذهًالمعايير‪ً.‬‬
‫وهوًاألمرًالذيًيصعبًتحقيقهًبفعلًكثرةًتفرعًهذهًالجماعاتًالتيًلمًتنجحًرغمً‬
‫المحاولت ًالعديدة ًللتًوحيد ًأن ًترتصً ًتحت ًلواء ًواحد‪ً ،1‬مما ًيجعلنا ًنقتصر ًفي ًمحاولتناً‬
‫إلسقاطًالمعاييرًالتيًيطرحهاًالبرتوكولًاإلضافيًالثًانيًعلى ًتنظيمينًمنًهذهًالتًنظيماتًًً‬
‫ممثلة ًفي ًكل ًمن ًالجماعة ًاإلسالمية ًالمسلحة(سابقا)‪ً ،‬والجيش ًاإلسالمي ًلإلنقاذ(المنحل)ً‬
‫ًاألول ًألنهماًعدًتا ًمن ًأكثرًالًتنظيمات ًاإلسالمية ًالمتطرفة ًالمسلًحةً‬
‫ًوذلك ًلسببين؛ ًالسًبب ً‬
‫في ًالجزائر(اإلرهابية) ًالمرشًحة ًإلى ًالقول ًباستيفائها ًألحكام ًالبرتوكول ًاإلضافي ًالثًاني‪ً،‬‬
‫والسًببًالثانيًيكمنًًفيًأنً ًأغلبًالتًنظيماتًاألخرى ًمافتئتًأنً(تشظًت) ًبعدًالنشقاقاتً‬
‫التيًعرفتهاًلتنتهيًإلىًًالنزواءًتحتًمظلةًأحدًهاذينًالتًنظيمين‪ً.2‬‬
‫‪ )9‬مدى استيفاء الجماعات المسلحة اإلسالمية المتطرفة الجزائرية ( الجماعات اإلرهابية)‬
‫لمقتضيات التنظيم ‪:‬‬
‫أشارتًاللًجنةًالدًوليةًللصًليبًاألحمرًفيًمعر ًتعليقهاًعلى ًأحكامًالمادةًاألولىً‬
‫منًالبرتوكولًاإلضافيًالثاني ًإلى ًأنً ًشرطًاستيفاءًالجماعاتًالمسلًحةًلمقتضياتًالتًنظيمً‬
‫ل ًيعني ًبالضًرورة ًإنشاء ًنظام ًعسكري ًبتنظيم ًهرمي ًموازي ًلنظام ًالقوات ًالمسلًحةً‬
‫النًظامية‪ً.3‬‬

‫‪ً-)1‬لمزيودًموونًالتًفاصوويلًحووولًمختلووفًالجماعواتًالمسوولًحةًالتوويًظهوورتًفوويًالج ازئورًمنووذًسوونواتً‪ ً8888‬ارجو ًكوولًًً‬


‫موونً‪ً:‬بوووكراع إليوواسً‪ً،‬الج ازئورًالرعووبًالمقوودسً‪ً،‬الطبعووةًاألولوويً‪ً،‬دارًالف ارب ويًللنشوورًوالتوزي و ً‪ً،‬الج ازئوورً‪ً،8009،‬‬
‫ص‪812-829.‬؛ً‬
‫‪-MAIZA (A), « L’engagement de l’Armée populaire contre le terrorisme » , In acte de colloque‬‬
‫‪international sur le terrorisme : le précédent Algérien , M.D.N ,Alger , de 26 au 28 octobre 2002, p 248.‬‬
‫‪ً-)2‬بشأنًانقسامًالجماعاتًالمسلحةًالجزائريةًراج ً‪ً:‬بو كراع إلياس‪ً،‬الملحقًرقمً‪ً82‬ص‪ً.880.‬‬
‫‪ً-)3‬سي صالح نور الدين‪ً،‬مرج ًسابقً‪ً،‬صً‪ً.10.‬‬
‫‪54‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫فيًحينًذهبتًاألستاذةً"آن ماري لروز" ًإلى ًًالقولًبضرورةًالقراءةًالمتالزمةًلكلً‬ ‫ًً‬


‫توافر ًقيادة ًمسؤولة‪ً ،‬ومعياري ًالقدرة ًعلى ًالقيام ًبعمليات ًعسكرية ًمتواصلةً‬
‫من ًمعيار ً ً‬
‫وتطبيقًأحكامًالبرتوكولًاإلضافيًالثاني‪ً،‬وتطرحًهذهًاألخيرةًالمؤشًراتًالتيًيمكنًالستنادً‬
‫ًالرقابة ًاإلقليمية ًمن ًعدمها‪ً ،‬و ًالتي ًحدًدتها ًفي ًأن ًتكون ًهذهً‬
‫عليها ًللقول ًبتوافر ًشرط ً‬
‫الجماعات ًتابعة ًلقيادة ًوفقا ًلتسلسل ًهرمي‪ً ،‬فضال ًعن ًوجود ًنظام ًتأديبي ًتخض ًله ًهذهً‬
‫الجماعات ًفي ًحالة ًخرقها ًألحكام ًالقانون ًالدولي‪ً ،1‬أما ًعن ًالمحكمة ًالجنائية ًالدًوليةً‬
‫ليوغوسالفيا ًسابقا ً ًفقد ًطرحت ًكل ًمن ًقدرة ً ًالجماعات ًالمسلًحة ًالمنظًمة ًعلى ًالتسلًحً‬
‫ًوالتًجنيد‪ً ً ،‬وقدرة ًهذه ًالجماعات ًعلى ًتوحيد ًكلمتها‪ً ،‬كمؤشرات ًعلى ًاستيفاءها ًللشًرط ًالذيً‬
‫يقتضيًتمتعهاًبحدًأدنىًمنًالتنظيم‪ًً.2‬‬
‫بالرجوع ًإلى ًالهيكل ًالتًنظيمي ًلكل ًمن ًالجبهة ًاإلسالمية ًلإلنقاذ ً(المحلة)‪ً ،‬وكذاً‬
‫الجماعةًاإلسالميةًالمسلًحة ً(سابقا) ًنخلصًإلى ًالقولًباستيفائهاًلمقتضياتًالتنظيمًوهوًماً‬
‫يجدًتأكيدهًفيماًيلي‪ً:‬‬
‫بالنسبةًللجيشًاإلسالميًلإلنقاذ(ًالمنحل)‪ً:‬‬
‫يمكن ًأن ًنلمس ًدللت ًاستيفاء ًالجيش ًاإلسالمي ًلإلنقاذ ً(المنحل) ًلشرط ًالقيادةً‬ ‫ًً‬
‫المسًؤولةًمنًخاللًماًخلصًإليهًهذاًاألخيرًمنًتوحيدًقيادتيهًالشرقيةًواليربيةًبعدًتصاعدً‬
‫وتيرة ًالقطيعة ًبين ًهذه ًالجماعة ًوالجماعة ًاإلسالمية ًالمسلحة ً(سابقا)‪ً ،‬من ًخالل ًمبايعةً‬
‫مستوىًالجيشًاإلسالميًلإلنقاذ(ًالمنحل)‪ً.3‬‬
‫المدعوً"مدني مزراق"ًأميراًوطنياًعلىً ً‬
‫أمًاًعنًالتًنظيمًالهيكليًلهذهًاألخيرةًفوفقاًلتصريحاتًمنًيطلقًعليهًوصفً(أميرً‬
‫مستوى ًالنًاحيةً‬
‫اللًجنة ًالعسكرية ًللشرق)المدعو ً"بن عائشة"‪ً ،‬فإن ًدعائمه ًقد ًأرسيت ًعلى ً ً‬

‫‪1‬‬
‫‪(- LA ROSA (A-M) et WUERZNER(C) , « Groupes armés sanction et mise en œuvre du droit‬‬
‫‪international humanitaire », In R.I.C.R ,N° 870 ,2008,p.3.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪( - TPIY , jugement , Procureur C. HARADINAJ , Op.cit ,Par64.‬‬
‫‪ً-)3‬لمزيوودًموونًالتفاصوويلًحووولًخلفيوواتًإنشوواءًالجوويشًاإلسووالميًلإلنقوواذً ارج و ً‪ً:‬كميوول الطويوول‪ً،‬الحركووةًاإلسووالميةً‬
‫المسلًحةًفيًالجزائر‪ً،‬دارًالنهارًللنشر‪ً،‬بيروتً‪ً،8881‬ص‪ً.888-808.‬‬
‫‪55‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫ًجهوي ًقائماًًًًً‬
‫ًجهوي ًوتنصيب ًأمير ً‬
‫العسكرية ًالشًرقية‪،‬من ًخالل ًإنشاء ًمجلس ًشوري ً‬
‫مستوى ًكل ًمن ًولية ًعين ًالدفلة‪ً ،‬غيليزان‪ً،‬‬
‫عليها‪ً ،‬فضال ًعن ًتعيين ًأمراء ًولئيين ًعلى ً ً‬
‫ًوتيارتًوبشار‪ً.1‬‬ ‫مستيانم‪ً،‬الشلف‪ً،‬وهران‪ً،‬معسكر‪ً،‬تلمسانًوالبي‬
‫هذا ًوقد ًعمد ًالملقًب ًبأمير ًالجيش ًاإلسالمي ًلإلنقاذ ًالمدعو ً"مداني مزراق"ًًًًًًً‬ ‫ًً‬
‫إلى ًتزويدًالجيشًاإلسالميًلإلنقاذ(ًالمنحل) ًبمدونةًللسًلوك ًتحددًالمبادئًوالخطوطًونظامً‬
‫ًعناصرًالضطرابات‪ً.2‬‬ ‫تأديبيًيخولًلهًعزلًبع‬
‫ًالكتاباتًبأنًً‬ ‫ًوفيماًيتعلقًبقدراتًهذهًاألخيرةًعلىًالتًجنيدًوالتًسلحًفقدًقدًرتًبع‬
‫اليًسبعةًألفًعنصراً(إرهابيا)ً‬
‫ً‬ ‫تعدادًالمنتسبينًللجيشًاإلسالميًلإلنقاذ(المنحل)ًقدًبلغًحو‬
‫أغلبهمًمنًالشبابًالملتحقينًطوعاًبالجبال‪ً،‬فضالًعنًالكمياتًالهائلةًمنًاألسلحةًالتيًتمًً‬
‫تسليمهاًللجيشًالجزائريًمنًقبلًهذهًالجماعةًفيًأعقابًإعالنهاًللهدًنةًاألحاديةًالجانب‪ً.3‬‬
‫كماًنستدلًبالبيانًالذيًأصدرهًالمدعوً"العيادة" ًوالملقب ًبأميرًالجماعةًاإلسالميةً‬ ‫ًً‬
‫المسلًحة ًفي ً‪ً ،8889-8-88‬للتأكيد ًعلى ًقدرات ًالجيش ًاإلسالمي ًلإلنقاذ ً( ًالمنحل)فيً‬
‫الحصول ًعلى ًتمويل ًبما ًيكفل ًله ًالتسلًح‪ً ،‬ورد ًفيه‪ً "ً :‬إنً ًهؤلء ًالذين ًيرسلون ًممولينً‬
‫سياسيين ًإلى ًأوروبا ًويجمعون ًاألموال ًويتكلمون ًباسم ًالمجاهدين ًنقول ًلهم ًمنذ ًاآلن ًلنً‬
‫يكونًلكمًتصريحاتًوادًعاءًتمثيلًالمجاهدين"‪ً.4‬‬
‫أمًا ًعن ًوحدة ًالكلمة ًبين ًأعضاء ًالجيش ًاإلسالمي ًلإلنقاذ ًسابقا‪ً ،‬فيمكن ًتقصيً‬ ‫ًً‬
‫دللتهاًمنًخاللًتعيينًقيادةًوطنيةًموحدة‪ً،‬وهوًاألمرًالذيًيذهبًبشأنهًالصحفيً"محمدً‬

‫‪ً-)1‬نق ً‬
‫الاًعنًسي صالح نور الدين‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.11.‬‬
‫‪ -)2‬خيليوووووووة ؤريووووووودةً‪ً،‬الوضو و ووعيةًاألمنيو و ووةًفو و وويًالج ازئو و وورًمو و وونًخو و وواللًالص و و وحافةًالوطنيو و ووة‪ً،‬فو و وويًالفت و و ورةًمو و ووابينًًًًًًًًًًًًًًً‬
‫‪ً،ً8000-ً8888‬أطروحةًلنيلًشهادةًدكتوراهًفيًعلومًاإلعالمًوالتصالً‪ً،‬قسمًالعلوومًًاإلعوالمًوالتًصوال‪ً،‬كليوةً‬
‫العلومًالسياسيةًوعلومًاإلعالمًوالتًصال‪ًً،‬جامعةًالجزائرً‪ً9‬داليًبراهيم‪ً،‬الج ازئر‪ً،8088ً،‬ص‪ً.819.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(- Algéria Watch, Dissolution de l’Armée islamique du salut, disponible en linge sur :‬‬
‫‪http://www.algeria-watche.org , consulté le: 20/05/2015 à 02 :38.‬‬
‫‪-)1‬نقالًعنًبوكراع إلياس‪ً،‬مرج ًسابقً‪ً،‬ص‪ً.811.‬‬
‫‪56‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫إيسمي" ًإلى ًالقول ًبأن ًالباعث ًوراءه ًسياسي ًأكثر ًمنه ًعسكري ًوهو ًتعزيز ًموق ًالجيشً‬
‫اإلسالمي ًلإلنقاذ(المنحل)‪ً ،1‬وفي ًذات ًالسياق ًيذهب ًاألستاذ ً"سي صالح نور الدين"ًًًًً‬
‫إلى ًالقول ًبأن ًالتزام ًجمي ًأعضاء ًالجيش ًاإلسالمي ًلإلنقاذ ً(المنحل) ًبالهدنة ًاألحاديةً‬
‫الجانبًالمعلنة ًمنًقبلًقادتهاًفيً‪ً 88‬سبتمبرً‪ً 8882‬إلى ًغايةًاإلعالنًنفسًالقيادةًعنً‬
‫حلًالجيشًاإلسالميًلإلنقاذًسنةً‪ً،8000‬يعتبرًدليالًعلىًإحكامًقيادةًهذاًاألخيرًسلطتهاً‬
‫علىًالعناصرًالمنضويةًتحتًقيادتها‪ً.2‬‬
‫ًأمًا ًعن ًالجماعة ًاإلسالمية ًالمسلًحة(سابقا) ًًوالتي ًتم ًاإلعالن ًعن ًتأسيسهاًًًًًًًً‬
‫فيًأعقابًفشلًجمي ًمحاولتًالتًوحيدًبينًمختلفًالتًنظيماتًالمسلًحةًسنةً‪ً 8888‬والتيً‬
‫صنفتًعلىًأنًهاًمنًأكثرًالتًنظيماتًدموي ًةاًفيًالجزائر‪ً.3‬‬
‫فلقدًأنيطتًهذهًاألخيرةًبنظامًداخليًمنذًبدايةًتأسيسها‪ً،‬ويمكنًلناًأنًنستشفًمدىً‬
‫التزامًعناصرًهذهًالجماعةًبأحكامًهذاًالنظامًمنًخاللًحرصًالجماعةًاإلسالميةًالمسلحةً‬
‫(سابقا) ًالدائمًعلى ًاللتزامًبتعيينًأميرًللجماعةًفيًمدةًلًتتجاوز‪ً 9‬أيامًمنًتاريخًموتً‬
‫األمير ًالسابق ًرغم ًأن ًالظروف ًلم ًتكن ًسانحة ًفي ًالكثير ًمن ًالحالت‪ً ،4‬كما ًيظهر ًمنً‬
‫خاللًالشًهاداتًالتيًساق ًلناًاألستاذً"إلياس بوكراع" ًًبعضاًمنهاًأنًالتنظيمًكانًيطبقً‬
‫نظاماًتأديبياًصارماًأينًكانتًالعقوبات(ًإرهابيةًودم ًوية)ًتتراوحًبينًالقتلًذبحا‪ً،‬البقر‪ً،‬بترً‬
‫ًاألعضاءًأوًحرقها‪ً.‬‬ ‫ًوجذعًبع‬

‫‪1‬‬
‫; ‪)-ISSAMI Mohamad, Le FIS et le terrorisme au cœur de l’enfer, le MATIN, Algérie, 2001, p.317‬‬
‫‪GHEZALI Abdelkarim, Le discours de zeroual confirme les incertitudes actuelles sur un accord‬‬
‫‪politique , In La Tribune, du 6/07/1995; MARTINEZ Luis , « Algérie les enjeux des négociation entre‬‬
‫‪l’AIS et l’Armée », politique étrangère, N° 4, 1997, 62em année, pp.499-512.‬‬
‫‪ً-)2‬سي صالح نور الدين‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.11.‬‬
‫‪ -)3‬لمزيودًمونًالتًفاصويلًحوولًفشولًمحواولتًتوحيودًالتًنظيمواتًاإلسوالميةًالمسولًحة المتطرفوة(اإلرهابيوة)ًًوأثورًذلوكً‬
‫علىًنشأةًالجماعةًاإلسالميةًالمسلًحةًراج ً‪ً:‬خيلية ؤريدةً‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.888-882.‬‬
‫‪ً-)4‬ح وولًالنظو وامًال وودًاخليًللجماع ووةًاإلس ووالميةًالمسوولًحةً ارجو و ‪ً:‬بوووو كوووراع إليووواس‪ً،‬مرجو و ًس ووابق‪ً،‬ملح ووقًرق وومً‪ً88‬‬
‫ص‪ً.181.‬‬
‫‪57‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫كما ًتظهر ًحملة ًالتًصفيات ًالتي ًشنًها ًالمدعو ً"زيتوني" ًوالملقب ًباألمير ًالسابقً‬
‫للجماعة ًاإلسالمية ًالمسلًحة(سابقا) ً‪-‬بعد ًتربًعه ًعلى ًرأس ًهذه ًاألخيرة‪ً ،-‬والتي ًطالتً‬
‫مجموعة ًمن ًقيادات ًالتًشكيالت ًالمنضوية ًتحت ًلواء ًالجماعة ًاإلسالمية ًالمسلًحةًًًً‬
‫(سابقا)‪ً ،‬مدى ًجدًيةًهذاًالتًنظيمًفيًفر ًاللتزام ًبالولءًوالطًاعةًعلى ًجمي ًعناصره‪ً ،‬أينً‬
‫تعتبر ًأيً ًمعارضةًلمنهدًاألمير ًخروجا ًعنًالجماعة‪ً ،‬فيًحينًيعتبرًأيً ًعصيانًألوامرً‬
‫األميرًخروجاًعنًالبيعةًمماًينجرًعنهًإهدارًدمًالعناصرًالمارقة‪ً.1‬‬
‫هذا ًويتيح ًلنا ًالهيكل ًالتًنظيمي ًللجماعة ًاإلسالمية ًالمسلًحة ً(سابقا) ًالقول ًبوجودً‬ ‫ًً‬
‫مستوىًالهياكل‪ً.2‬‬
‫مستوىًالقيادةًفضالًعنًوجودًنوعًمنًالمًأًسًسًةًعلىً ً‬
‫تسلسلًهرميًعلىً ً‬
‫إلًًأنًناًلًيمكنًأنًنجزمًبمدىًصالبةًهذاًالتًنظيمًبماًيخولهًتنفيذًأحكامًالب ًرًوتكولً‬
‫اإلضافيًالثًاني‪ً ،‬وفيًهذاًالصددًيمكنناًأنًنشيرًإلى ًتصريحًرئيسًالحكومةًاألسبقًالسًيد‬
‫"رضا مالك" ًالذيًذهبًإلى ًالقولًبأنً‪ً":‬الجماعة اإلسالمية المسلحة هي عبارة عن تنظيم‬
‫مكون من جماعات جهوية متمتعة باستقالليتها على مستوى الجبهات التي ينشطون بها‪،‬‬
‫إل أنهم خاضعون لتوجيهات القيادة المركزية التي تضع لهم الخطوط العريضة بشأن‬
‫النشاط المسلح‪ً."3‬‬
‫على ًصعيد ًأخر ًلم ًتكن ًمسألة ًالتسلح ًأو ًالتجنيد ًمن ًالمسائل ًالتي ًتثير ًإشكالً‬ ‫ًً‬
‫بالنسبة ًلهذه ًاألخيرة‪ً ،‬فمن ًحيث ًعمليات ًالتجنيد ً ًفقد ًأسهم ًفشل ًمؤتمر ًالتوحيد ًواعتقالً‬
‫مجموعةًمنًقياداتًالجماعاتًالمسلحة ًاإلسالميةًالمتطرفة(اإلرهابية) ًالمتفرقة‪ً ،‬إلىًانشقاقً‬
‫هذهًالجماعاتًوانخراطًمجموعةًكبيرةًمنًمجنديهاًتحتًلواءًالجماعةًاإلسالميةًالمسلحة‪ً.4‬‬

‫‪ً-)1‬بو كراع إلياس‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.980-918ً.‬‬


‫‪-)0‬المرجع نفسه‪ً،‬الملحقًرقمً‪ً،88‬ص‪ً.180.‬‬
‫‪ -)3‬نقالًعنًسي صالح نور الدين‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.18ً.‬‬
‫‪ً-)4‬لمزي وودًم وونًالتفاص وويلًح ووولًالجماع وواتًالت وويًالتح ووقًمجن وودوهاًبالجماع ووةًاإلسو والميةًالمس وولًحةً ارجو و ً‪ً،‬خيليووووة‬
‫ؤريدة‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.898-888.‬‬
‫‪58‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫أمًا ًبالنًسبة ًلعمليات ًالتسلًح ًفقد ًلعبت ًالدًعاية ًالخارجية ًدو ار ًمحوريا ًفي ًتأسيسً‬
‫مستوى ًأغلب ًاألقطار ًاألوروبية ًلدعم ًعمل ًالجماعة ًاإلسالمية ًالمسلحةً‬
‫شبكات ًعلى ً ً‬
‫(اإلرهابية)فيًالجزائر‪ً ،‬هذاًولمًتتوانًالتًنظيماتًاإلسالمية ًالمتطرفة ًفي ًأغلبًبقاعًالعالمًًً‬
‫من ًتقديم ًالدًعم ًلظهيرها ًاإلسًالمي ًالمتطرف ًفي ًالجزائر ًممثًال ًفي ًالجماعة ًاإلسالميةً‬
‫المسلحةً(سابقا)‪ً.1‬‬
‫يظهر ًجليًا ًعلى ًضوء ًما ًسلف ًبيانه ًاستيفاء ًالجماعتين ًالمسلحتين ً(اإلرهابيتين)ً‬
‫مستوى ًالتًنظيماتًاإلسالميةًالمتطرفةًالجزائرية(التًنظيمات ًاإلرهابية)ًلمعيارً‬
‫البارزتينًعلى ً ً‬
‫التًنظيمًبمفهومًالبرتوكولًاإلضافيًالثاني‪ً.‬‬
‫‪ً-)8‬مدي استيفاء الجماعات المسلحة اإلسالمية المتطرفة الجزائرية (اإلرهابية)‬
‫لمقتضيات الرقابة اإلقليمية الهادئة والمنتظمة‪ً:‬‬
‫ًالرقابة ًاإلقليميةً‬
‫وفيما ًيتعلق ًبالبحث ًعن ًمدى ًاستيفاء ًهذه ًالجماعات ًلشرط ً‬
‫المنتظمة‪ً،‬فإنهً ًوبالعودةًإلىًالبحثًعنًمدلولًهذاًالشًرطًنجدًبأنًهًلمًيكنًأكثرًوضوحاًمنً‬
‫ًالمًؤتمرًالدًبلوماسيًلعامً‪ً 8822‬أيً ًمنًالقتراحات ًالقائلةًبتحديدً‬ ‫شرطًالتًنظيم‪ً،‬أمامًرف‬
‫فكرة ًالسًيطرة ًعلى ًاإلقليم ً ًبأن ًتكون ًالسًيطرة ًعلى ًجزء ًمن ًاإلقليم ًيكون ًغير ًمهملًًًًًًً‬
‫رطًالرقابةًاإلقليمية‪ً،‬يبقىً‬
‫ً‬ ‫أوًالسًيطرةًعلىًجزءًمهمًمنًاإلقليم‪ً،‬ومهماًكانًمنًأمرًحدودًشً‬
‫حةًاإلسالميةًالمتطرفةً(الجماعاتً‬
‫ً‬ ‫أنهًكماًهوًالحالًبالنسبةًلشرطًاستيفاءًالجماعاتًالمسلً‬
‫اإلرهابية) ًلمقتضياتًالتًنظيم‪ً ،‬يتطلبًالبحثًفيًمدل ًولًهذاًاألخيرًقراءةًهذاًالشرطًقراءةً‬
‫متالزمةًوًكلًمنًشرطيًالقدرةًعلىًالقيامًبعملياتًعدائيةًمتواصلةًومنسًقة‪ً،‬والمقدرةًعلىً‬
‫تنفيذًأحكامًالبرتوكولًاإلضافيًالثًاني‪ً.2‬‬
‫ويذهب ًاألستاذ ً"سي صالح نور الدين" ًفيما ًيتعلق ًباستيفاء ًالجيش ًاإلسالميً‬
‫لإلنقاذ(المحل) ًلمتطلبات ًالرقابة ًاإلقليمية ًإلى ًالستشهاد ًبالشريط ًالوثائقي ًللصحافيً‬

‫‪ً-)1‬راج ًفيًذلك‪ً:‬خيلية ؤريدة‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.882-888.‬‬


‫‪ً-)2‬جبابلة عمار‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.20.‬‬
‫‪59‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫البريطاني ً"‪ " PHILRESSE‬الذي ًاستطاع ًتصوير ًمعاقل ًالجيش ًاإلسالمي ًلإلنقاذً‬
‫(المنحل)ًفيًمنطقةًالشلف‪ً ،‬أين ًوقفً ًفيًمركزًقيادةًالمنطقة ًعلىً ًالعديدًمنًالمنشآتً‬
‫مثلًمراكزًالستشفاءًمصن ًلصناعةًالقنابلًومركزًلالتًصالت‪ً ،‬كماًيوضحًالشًريطًإحكامً‬
‫الجيش ًاإلسالمي ًلإلنقاذ ً(المنحل)سيطرته ًعلى ًتلك ًالمناطق ًبحيث ًأنه ًعلى ًمسار ً‪ً800‬‬
‫كلمًًقطعهًالمصورونًبالسيارةًلمًيصادفًوأنًقابلواًأيًعنصرًمنًعناصرًاألمن‪ً،‬م ً‬
‫اإلشارةًإلى ًأنً ًهذاًالمعقلًلًيعدوًأنًيكونًإلً ًواحداًمنًمعاقلًالجيشًاإلسالميًلإلنقاذً‬
‫(المنحل)‪ً.1‬‬
‫أمًاًفيماًيتعلقًبالجماعةًاإلسالميةًالمسلًحة ً(سابقا) ًفيقدم ًالملحقًرقم‪ً 88‬منًكتابً‬
‫ً‬ ‫"الجزائر الرعب المقدس" ًتصو ار ًعن ًالتوزي ًالجيرافي ًلهذه ًاألخيرة ً‪ً ،2‬كما ًتشير ًبع‬
‫ًالمناطق ًالتي ًأحكمتً‬ ‫الشًهادات ً ًالتي ًساقها ًالصحفي ً"لياس بوكراع" ًإلى ًوجود ًبع‬
‫عليهاًهذهًالجماعاتًسيطرتهاًبحيثًعدًتًمنًالمناطقًالتيًيصعبًالسًيطرةًعليهاًمنًقبلً‬
‫عناصر ًاألمن ًمن ًقبيلها ً‪:‬مفتاح‪ً ،‬الكاليتوس‪ً ،‬خميس ًالخشنة‪ً ،‬قصر ًبوخاري‪ً ،‬بوغار‪ً،‬‬
‫مناطقًأخرىًعديدة‪ً.3‬‬
‫ً‬ ‫ًو‬
‫وهذا‪ً،‬ماًيجعلناًنقولًباستيفاءًعلىًاألقلًكلًمنًالجماعةًاإلسالميةًالمسلًحة(سابقا)ً‬
‫والجيش ًاإلسالمي ًلإلنقاذ ً(المنحل)‪ً ،‬لشرط ًالرقابية ًاإلقليمية ًبما ًيكفل ًلها ًالقيام ًبعملياتً‬
‫متواصلةًومنسًقةًوتنفيذًأحكامًالبرتوكولًاإلضافيًالثًاني‪ً.‬‬
‫ًليبقى ًفيًرأيناًأن ًحالةًالعنفًالمسلحًالجزائريةًقدًاستوفتًعناصرًالنزاعًالمسلحً‬
‫غير ًالدولي ًبمفهوم ًكل ًمن ًالبرتوك ًول ًاإلضافي ًالثاني ًالملحق ًباتفاقيات ًجنيف ًاألربعةًً‬
‫والمادةًالثًالثةًالمشتركةًبينًاتًفاقياتًجنيفًاألربعة‪ً.4‬‬

‫‪ً-)1‬سي صالح نور الدين‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.89.‬‬


‫‪ً-)2‬أنظر‪ :‬إلياس بوكراع‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ملحقًرقم‪ً،88‬ص‪ً.180.‬‬
‫‪ً-)3‬المرجع نفسه‪ً،‬ص‪ً.988-912.‬‬
‫‪ً -)4‬يتجه ًاألستاذ ً"جبابلة عمار" ًإلى ًالقول ًبعدم ًاستيفاء ًالجماعات ًاإلسالمية ًالمتطرفة ًالمسلحة ً(الجماعاتً‬
‫اإلرهابية)ًلعنصرًأطرفًالنزاعً‪،‬وذلكًفيًظلًغيابًمنظمةًمسلًحةًذاتًبعدًوطنيًوقادرةًعليًتوجيهًالمجموعاتً‬
‫‪60‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫المطلب الثاني‬
‫الممارسة المعكوسة للتطبيق المتكامل القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي‬
‫لحقوق اإلنسان في إطار حالة العنف المسلح الجزائري‬

‫تناضل ًالعتبارات ًاإلنسانية ًبقوة ًمن ًأجل ًتعزيز ًالتًطبيق ًالمتكامل ًألحكام ًالقانونً‬
‫الدًولي ًاإلنساني ًوالقانون ًالدًولي ًلحقوق ًاإلنسان ًفي ًإطار ًحالة ً ًالعنف ًالمسلًحً‬
‫الجزائرية‪،1‬إلً ًأنًهًلماًكانًتحقيقًمعادلةًالتًفاعلًبينًهاتينًالمنظومتينًمر اً‬
‫هون ًعلى ًنطاقً‬
‫واس ًبفعل ًأطراف ًالنًزاع‪ً ،‬كانت ًالممارسة ًالمعكوسة ًللتًطبيق ًالمتكامل ًلها ًهي ًالنتيجةً‬
‫الحتميةًلعدمًالمتثالًأليًًمنًهاتينًالمنظومتين‪ً.2‬‬
‫ًًيجد ًهذا ًالتوصيف ًفي ًحالة ًالعنف ًالمسلًح ًالجزائري ً(الحرب ًعليً‬
‫اإلرهاب)انعكاسا ًواقعيا ًله‪ً ،‬أين ًتفاعل ًإقصاء ًالقانون ًالدًولي ًاإلنساني ًمن ًنطاق ًالتطبيقً‬
‫ًأول)‪ً ،‬م ًتهمش ًأحكامً‬
‫على ًحالة ًالعنف ًالمسلح ًالجزائرية(الحرب ًعلى ًاإلرهاب ً) ً(فرع ً‬
‫القانونًالدًوليًلحقوقًاإلنسان(فرعًثانً)‪ً.‬‬

‫=األخرىًوربطها ًمركزيا‪ً ،‬أنظر ًفي ًذلك‪ً :‬جبابلة عمار‪ً ،‬مرج ًسابق‪ً ،‬ص‪ً 28.‬؛ ًوهو نفس الطرح الذي يتبناه‬
‫األستاذ "بويحيى جمال"‪ ،‬أين يتجه إلي التأكيد على الموقف الرسمي الذي يدفع بتأصيل أطروحة الحرب على‬
‫اإلرهاب بالمفهوم الذي كرسته المجموعة الدولية في أعقاب أحداث ‪/99‬سبتمبر‪ 0999/‬من منطلق أن اإلرهاب‬
‫ليس مرتبط ل بعرق ول بدين محدد بل أنه عابر للقارات‪ ،‬مع تحفظه على التكييف القانوني لتوقيف المسار‬
‫النتخابي‪ ،‬كما يتجه إلى تفنيد أي توجه قائل باستيفاء ( الحرب على اإلرهاب ) لعتبة النزاعات المسلحة غير‬
‫الدولية من منطلق أن الجيش الجزائري قد تمكن من احتواء هذه الظاهرة قبل أن تبلغ عتبة النزاعات المسلحة‬
‫غير الدولية‪.‬‬
‫‪ً-)1‬لمزيدًمنًالتًفاصيلًحولًتطبيقًمبدأًالتًكاملًبينًالقانونًالدًوليًاإلنسانيًوالقوانونًالودًوليًلحقووقًاإلنسوانًفويً‬
‫إطارًالنزاعاتًالمسلًحةًراج ً‪:‬مفوضيةًاألممًالمتًحدةًلحقوقًاإلنسان‪ً،‬الحمايةًالقانونيةًالدًوليوةًلحقووقًاإلنسوانًفويً‬
‫النًزاعاتًالمسلًحةً‪ً،‬وثائقًاألممًالمتًحدةً‪ً،‬رمزًالوثيقةً‪ً.8088، HR/PUB/11/1،‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(- JONATHNE Somer « ,La justice de la jungle :juger de l’égalité des belligérants dans un conflit‬‬
‫‪armé non international », In R.I.C.R ,N° 867 , 2007, p.19.‬‬
‫‪61‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫الفرع األول‬
‫حدود تطبيق القانون الدولي اإلنساني في إطارًحالة العنف المسلح الجزائري‬

‫يواجه ًتطبيق ًقواعد ًالقانون ًالدًولي ًاإلنساني ًعلى ًحالة ًالنًزاعات ًالمسلًحة ًغيرً‬
‫التيًعادةا ًماًلًتفلحًفيًإقناعًأطرافًالنزاعً‬
‫ً‬ ‫الدوليةًمأزقاًحقيقياًأمامًعدمًواقعيةًأحكامه‪ً ،‬‬
‫باللتزامًبتطبيقها‪ً،‬كماًهوًالحالًبالنسبةًألطرافًحالةًالعنفًالمسلًحًالجزائريًوهوًماًأسفرً‬
‫عنًمأساةًإنسانيةًحقيقية‪ً.‬‬

‫أولا‬
‫عدم واقعية أحكام القانون الدولي اإلنساني‬
‫‪ -‬أساس أم ذريعة لعدم المتثال‪-‬‬

‫لم ًتكن ًمسألة ًاحترام ًقواعد ًالقانون ًالًدولي ًاإلنساني ًبالنسبة ًألطراف ًحالة ًالعنفً‬
‫المسلًح ًالجزائري ًباألهمية ًالتي ًتبدو ًعليها‪ً ،‬أين ًتوحًد ًفي ًمفارقة ًعجيبة ًموقف ًكل ًمنً‬
‫الطرفًالحكوميًالجزائريًوالجماعاتًالمسلًحةًاإلسالمية ًالمتطرفةً(اإلرهابية) ًمنًانطباقً‬
‫ً‬
‫هذهًاألخيرةًفيًمواجهتها‪ً.1‬‬
‫يستوقفناًفيًهذاًالصددًالموقفًالضعيفًللبرتوكولًاإلضافيًالثًانيًمنًإلزامًأطرافً‬
‫ًاحترام ًأحكامه‪ً ،‬أين ًصمت ًهذا ًاألخير ًصمتا ًمطبقا ًعن ًمسألتيً‬ ‫النزاع ًباحترام ًوفر‬
‫اإلنفاذ ًوالتً نفيذ ًاللهم ًما ًتعلق ًبما ًأوردته ًالمادة ًالتاسعة ًعشر ًالقائلة ًبنشر ًالبرتوكولًًًًًً‬
‫على ًأوس ًنطاق‪ً ،‬فضال ًعن ًعدم ًإشارة ًهذا ًاألخير ًبأي ًشكل ًمن ًاألشكال ًإلى ًوصفً‬
‫أطرافًالنًزاع‪ً.2‬‬
‫ً‬

‫‪ً-)1‬سي صالح نور الدين‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.1.‬‬


‫‪ً-)2‬الزمالي عامر‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.91.‬‬
‫‪62‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫ًالشراحًإلى ًالتساؤلًعماًإذاًكانًهذاًالبرتوكولًملزماً‬
‫ً‬ ‫هذاًالصمتًقدًدف ًًبع‬ ‫ًً‬
‫ألطرافًالنزاعًمنًغيرًالدًولًخاص ًةا ًأنهًلًيحويًأيًحكمًمماثلًلذلك ًالذيًتنصًعليهً‬
‫ًبالرجوع ًإلى ًاألعمال ًالتًحضيريةً‬
‫ًاألول‪ً ،‬إل ًأنه ً‬
‫المادة ً‪ً 9/82‬من ًالبرتوكول ًاإلضافي ً‬
‫للبرتوكول ًاإلضافي ًالثًاني ًننتهي ًبما ًل ًيدع ًمجال ًللًشك ًبأن ًإرادة ًالدًول ًالمؤتمرة ًقدً‬
‫انصرفتًإلىًإلزامًكالًطرفيًالنزاعًبأحكامًالبرتوكولًاإلضافيًالثًاني‪ً.1‬‬
‫غير ًأنًه‪ً ،‬حتى ًواذا ًكانت ًالعتبارات ًاإلنسانية ًتناضل ًبشدًة ًلتفعيل ًأحكام ًالقانونً‬
‫الدًوليًاإلنسانيًبصددًالنزاعاتًالمسلًحةًذاتًالطاب ًغيرًالدولي‪ً،‬إلً ًأنً ًخلوًأحكامًهذاً‬
‫وجهًمنًأوجهًالرقابةًاإللزامية‪ً ،‬فضالًعنًتوقفًالتنفيذًالفعليًلهذهًاألحكامً‬
‫ً‬ ‫القانون ًمنًأيً ً‬
‫على ًاتًخاذ ًالدًولة ًلتدابير ًإنفاذها‪ً ،‬يؤكًد ًحقيقة ًمرهونية ًتطبيق ًهذه ًالقواعد ًعلى ًاعترافً‬
‫الطًرفًالحكوميًبوجودًنزاعًمسلًحًغيرًدولي‪ً.2‬‬
‫وهو ًاألمر ًالذي ًلم ًيكن ًمن ًالمجدي ًالمراهنة ًعليه ًبصدد ًحالة ًالعنف ًالمسلًحً‬
‫ًالقاط ًللطًرفًالحكوميًالجزائريًأليً ًتصريحًقائلًبوجوبًتطبيقً‬ ‫أمامًالرف‬
‫ً‬ ‫الجزائري‪ً ،‬‬
‫أحكام ًالقانون ًالدًولي ًاإلنساني ًعلى ًحالة ًالنزاع ًالمسلًح ًالجزائرية‪ً ،‬لما ًقد ًيحيلًًًًًًًًًًً‬
‫إليهًمنًإسقاطًوصفًطرفًالنزاعًًعلىًمنًتصطلحًهذهًاألخيرةًعلىًتسميتهمًبالجماعاتً‬
‫اإلرهابية ًوالتًخريبية‪ً ،3‬تأسيسا ًعلى ًأن ًالقول ًبتمت ً(الجماعات ًاإلرهابية) ًبوصف ًطرفً‬
‫النًزاعًمنًشأنهًإسباغًنوعًمنًالشًرعيةًعلىًنشاطاتًهذهًاألخيرة‪ً.4‬‬

‫‪ -)1‬عتلم حازم محمد‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.882.‬‬


‫ًالحورب‪ً،‬اللًجنووةًالدًوليووةًللصوليبًاألحموور‪ً،‬جنيووف‪ً،‬‬ ‫‪ً-)2‬فووريتس كالسووهوفن وتسووغفلد ليزابيووث‪ً،‬ضووابطًتحكوومًخووو‬
‫‪ً،8001‬ص‪ً.18.‬‬
‫‪ً-)3‬مالئمووة القووانون الوودولي اإلنسوواني فووي حووالت اإلرهوواب‪ً،‬اللًجنووةًالدوليووةًللصووليبًاألحموور‪ً،‬مركووزًالمعلومووات‪ً،‬‬
‫ًاإللكترونيًالتالي‪:‬‬ ‫متوافرًعلىًالموق‬
‫‪http://www.icrc.org ،consulté le : 27/05/2015 à 02 :18.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪)- ICRC ,International humanitarian law and other legal regimes: interplay in situation of violence,‬‬
‫‪XXVII the round table on current problems of international humanitarian law ,the international‬‬
‫‪institution of humanitarian law in cooperation with he International Committee of the Red Cross, Suisse,‬‬
‫‪November 2003.p.7.‬‬

‫‪63‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫إنً ًهذا ًالتًوجه ًوان ًكان ًيجد ًما ًيبرره ًنسبيا ًفي ًإطار ًالقواعد ًالقانونية ًالتي ًتحكمً‬
‫النزاعات ًالمسلًحة ًالدولية‪ً ،‬فإنًه ًعلى ًالعكس ًمن ًذلك ًيجد ًفي ًقصور ًالشًخصية ًالقانونيةً‬
‫التيًتسبيها ًأحكام ًالقانون ًالدًولي ًاإلنساني ًالضًابطة ًللنًزاعات ًالمسلًحة ًذات ًالطاب ًغيرً‬
‫الدوليًعلىًالجماعاتًالمسلًحة‪ً ،1‬فضال ًعنًعدمًإسقاطًالتًجريمًعلى ًاألعمالًالتيًتأتيهاً‬
‫هذهًاألخيرةًفيًسياقًالنزاعاتًالمسلًحة‪ً،‬ماًيدحضه‪ً.2‬‬
‫الرغمًمنًاعترافًأحكامًالقانونًالدًوليًاإلنساني ًالتيًتنصرف ًلتنظيمً‬
‫ذلكًأنًهًعلى ً ً‬
‫مجالً ًللنزاعاتًالمسلحةًذاتًالطاب ًغير ًالدًوليًبالشخصيةًالقانونيةًللجماعاتًالمسلًحة‪ً،‬‬
‫إلًًأنًًهذاًالعترافًبقيًمستقالًعنًنظامًالعترافًبالمقاتلينًومقتضياته‪ً،3‬ومؤدىًذلكًأنًً‬
‫أحكام ًالقانون ًالدًولي ًاإلنساني ًفيما ًيتعلق ًبالنزاعات ًالمسلحة ًذات ًالطًاب ًغير ًالدًولي ًلً‬
‫تنصرف ًلكفالة ًصفة ًأسير ًالحرب ًلهذه ًالجماعات ًمما ًيجعل ًمن ًمجرد ًمشاركتهم ًفيً‬
‫العملياتًالعدائيةًأساساًكفيالًلمقاضاتهمًأمامًالمحاكمًالوطنية‪ً.4‬‬
‫هذا ًويعزز ًعنصر ًالتفاعل ًبين ًالنظام ًالقانوني ًالداخلي ًوالنظام ًالقانون ًالدوليً‬
‫اإلنساني ًفي ًحالة ًالنزاعات ًالمسلحة ًذات ًالطاب ًغير ًالدولي‪ً ،‬من ًأساسًتجريم ًاألعمالً‬
‫التيًتعتبرًإرهابيةًفيًوقتًالسًلمًمتىًارتكبتًفيًسياقًنزاعًمسلحًذوًطاب ًغيرًدولي‪ًً.‬‬
‫بحيث ًيكفل ًهذا ًالتًفاعل ً ًفضال ًعن ًتجريم ًهذه ًاألعمال ًالتي ًتوصف ًعلى ًأنهاً‬
‫إرهابيةًوتخريبيةًتأسيساًعلىًالمنظومةًالجنائيةًالوطنية‪5‬؛ًًتفعيلًالقانونًالدًوليًالجنائيًفيً‬
‫مواجهتهاًمتىًاستوفتًمقًتضياتًهذاًًالتًجريمًوفقاًألحكامًالقانونًالدًوليًالجنائي‪ً،6‬وفيً‬

‫‪ً-)1‬عتلم حازم محمد‪ ،‬مرج ًسابق‪ً.888.‬‬


‫‪ -)2‬سي صالح نور الدين‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.22ً.‬‬
‫‪ -)3‬عتلم حازم محمد‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.880.‬‬
‫‪ -)4‬مالئمة القانون الدولي اإلنساني في حالت اإلرهاب‪ً،‬مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪)-I.C.R.C, International humanitarian law and other legal regimes: interplay in situation of‬‬
‫‪violence, Op.cti,p.7.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪)- Voir : SIMON Therrien-Denis, L’autre terrorisme la criminalisation de la violation de l’interdiction‬‬
‫‪de terrorisme prévue en droit international humanitaire et les éléments constitutifs de crime, mémoire‬‬
‫‪64‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫هذا ًالصدد ًيعتبر ًالحظر ًالوارد ًبموجب ًأحكام ًالقانون ًالدًولي ًاإلنساني ًعلى ًالتدابيرً‬
‫واألعمال ًاإلرهابية ًالموجهة ًضدً ًالمدنيين ًبموجب ًكل ًمن ًالمادة ً‪ً 99‬من ًاتفاقية ًجنيفً‬
‫الرابعةًوالمادةً‪(ً 8/1‬د)ًمنًالبرتوكولًاإلضافيًالثًانيًالملحقًباتفاقياتًجنيف‪ً ،‬والذيًيجدً‬
‫ًتقرها ًكل ًمن ًالمادةً‬
‫في ًقاعدة ًحظر ًأعمال ًالعنف ًالتي ًتستهدف ًالسًكان ًالمدنيين ًًوالتي ً‬
‫ًاألول ًوالمادة ً‪ً 8/89‬من ًالبرتوكول ًاإلضافي ًالثًاني ًتعزيزاً‬
‫‪ً 8/08‬من ًالبرتوكول ًاإلضافي ً‬
‫له‪ً ،1‬أساسا ًكفيال ًبإسقاط ًمدلول ًجرائم ًالحرب ًعلى ًهذه ًاألفعال ًوفقا ًلما ًيقتضيه ًالنظامً‬
‫األساسيًللمحكمةًالجنائيةًالدوليةًمنًمنطلقًأنهاًتعتبرًخرقاًألحدًالمبادئًالعرفيةًالقاعديةً‬
‫فيًالقانونًالدًوليًاإلنسانيًممثالًفيًمبدأًالتًميز‪ً.2‬‬
‫ًوهو ًما ًمن ًشأنه‪ً ،‬توسي ًحدود ًالولية ًالقضائية ًعلى ًهذه ًاألفعال ًإعمال ًلمبدأً‬
‫التًكاملية‪ً ،‬ومبدأ ًالختصاص ًالجنائي ًالعالمي ًفي ًمواجهة ًمرتكبيها ًسواء ًبسواء ًبالنسبةً‬
‫للجماعاتًالمسلحةًالنظاميةًأمًالمتمردين‪ً.3‬‬
‫إنً ًالموقف ًالمناوئ ًالذي ًاتًخذته ًالحكومة ًالجزائرية ًفي ًمواجهة ًأي ًتوجه ًقائلً‬
‫باستجابةًحالتًالعنف(الظاهرةًاإلرهابية) ًلعتبةًالنزاعًالمسلح‪ ،‬يجدًتبريرهًعلى ًصعيدًآخرً‬
‫فيًتًوجسًهذهًاألخيرةًمنًاتخاذًحالةًالنزاعًالمسلحًكمطيًةًللتًدخلًاإلنساني‪ً.‬‬

‫‪=présenté pour l’obtention du grade de maitre en droit ,faculté de droit , université de Laval ,Québec‬‬
‫‪,2011,pp.72-80.‬‬
‫‪ ً-)1‬ارجو ًفوويًذلووكًكوولًموون‪ً:‬المووادةً‪ً99‬موونًاتفاقيووة جنيووف الرابعووة بشووأن حمايووة األشووخاي الموودنيين فووي وقووت‬
‫الحوورب‪ً،‬مرج و ًسووابق؛ًالمووادةً‪ً8/80‬موونًالبرتوكووول اإلضووافي األول الملحووق باتفاقيووات جنيووف األربعووة والمتعلووق‬
‫بحمايوووووووة ضوووووووحايا النزاعوووووووات الدوليوووووووة المسووووووولحة الموووووووؤرخ فوووووووي ‪ً،9199/91/ 99‬دخو و وولًحيو و ووزًالنفو و وواذًفو و وويًًًًًً‬
‫‪ً،8821/88/02‬انضوومتًإليووهًالج ازئوورًبموجووبًمرسووومًرئاسوويً‪ً21-18‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ً،‬عوودد‪ً،80‬الصووادرةًبتوواريخً‬
‫‪8881/00/82‬؛ًوالم ووادً‪ً8/1‬و‪ً8/89‬موونًالبرتوكووول اإلضووافي الثوواني الملحووق باتفاقيووات جنيووف األربعووة‪ً،‬مرج و ً‬
‫سابق‪ً.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪)- Voir : SIMONT Therrien- denis ,Op.cit, pp.32-36.‬‬
‫‪ -)3‬راج ًفيًذلوك‪ً،‬هوانز بيتور جاسور‪" ،‬األعموالًاإلرهابيوة‪"ً،‬واإلرهوابً"والقوانونًالودوليًاإلنسواني"‪ً،‬المجلوةًالدوليوةً‬
‫للصًليبًاألحمر‪(ً،‬لجنةًالصليبًاألحمر)‪ً،‬مختاراتًمنًاألعدادً‪ًً،8008‬ص‪ً.898.‬‬
‫‪65‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫هذاًالموقفًًوانًكانًيجدًماًيبررهًمنًالنًاحيةًالعملية‪ً،1‬إلًأنًهًمنًالنًاحيةًالقانونيةً‬
‫ًالعترافًبوجودًحالةًنزاعًمسلًحًعلىً‬ ‫يفتحًالمجالًللتًساؤلًحولًجدوىًتشبًثًالدًولًبرف‬
‫إقليمها ًفي ًالوقت ًالذي ًعدل ًفيه ًالقانون ًالدًولي ًعن ًنظام ًالعتراف ًبالمحاربين ًكأساسً‬
‫لتكيفًالنًزاعاتًالمسلحة‪ًً.2‬‬
‫ًأخرى ًنجد ًفي ًالحظر ًالعام ًالوارد ًبموجب ًالمادة ً‪ً 8/9‬من ًالبرتوكولً‬
‫ومن ًجهة ً‬
‫اإلضافي ًالثًاني ًالملحق ًباتًفاقيات ًجنيف ًاألربعة ًألي ًتدخل ًأجنبي ًفي ًالنزاعات ًالمسلحةً‬
‫ذات ًالطًاب ًغير ًالدًولي‪ً ،‬باعثا ًعلى ًالتشبًث ًبنفاذ ًأحكام ًالقانون ًالدًولي ًاإلنساني ًفيً‬
‫مواجهتهاًوليسًالعكس‪ً.3‬‬
‫إذاًكانًمؤدىًالمادةً‪ً8/9‬منًالبرتوكولًاإلضافيًالثًانيًأنًهًليسًفيًهذاًالبرتوكولً‬
‫ماًيبيحًأوًيرخًصًالتًدخلًالمباشر ًأو ًغير ًالمباشرًوفقًأيًستارًأوًحجًة‪ً ،‬فيًالنًزاعاتً‬
‫المسلحة ًذات ًالطًاب ًغير ًالدولي ًالتي ًتنشب ًعلى ًإقليم ًالطًرف ًالسًامي ًالمتعاقد‪ً ،4‬فإنًناً‬
‫نذهبًإلىًالتًأكيدًعلىًأنًًأعمالًالتًدخلًالتيًيتًخذهاًمجلسًاألمنًلًتتوقفًبأيًشكلًمنً‬
‫األشكال ًعلى ًالوصف ًالقانوني ًالذي ًتًتخذه ًحالت ًالعنف ًوانما ًانطالقا ًمن ًاختصاصهً‬
‫األصيلًفيًحفظًالسًلمًواألمنًالدًوليين‪ًً.5‬‬

‫‪ً-)1‬وهوًالموقفًالذيًاتًخذتوهًالج ازئورًعلوىًلسوانًرئيسوهاًالسويدً"عبود العزيوز بوتفليقوة"ًأموامًالجمعيوةًالعاموةًلألمومً‬


‫المتًحدةًفيً‪،ً88/8/80‬عندماًردًعلىًاألمينًالعامًلألممًالمتًحدةًالسيدً"كوفي عنان"ًعلىًإثورًطلوبًًهوذاًاألخيورً‬
‫منًالحكومةً الجزائريةًقبولًالتدخلًاإلنسانيًالدوليًللعملًعلىًالحدًمنًأثارًالنوزاعًالوداخليًالمسولحًالج ازئوريً‪ً،‬وً‬
‫ًال ورئيسًالج ازئووريًللتعاموولًالوودوليًم و ًاألزمووةًعلووىًأسوواسًأنًالمعوواييرًاإلنسووانيةًلًيووتمًاتخاذهوواًإلًًفوويً‬ ‫جوواءًرف و‬
‫مواجهةًالدولًالصييرة‪ً،‬نقالًعن‪ً:‬مسعد عبد الرحمان زيدان‪ً،‬تدخلًاألممًالمتحدةًفيًالنزاعاتًالمسولحةًغيورًذاتً‬
‫الطًاب ًالدًولي‪ً،‬دارًالكتبًالقانونية‪ً،‬مصر‪ً،8001ً،‬ص‪ً.81.‬‬
‫‪ً-)2‬عتلم حازم محمدً‪ً،‬مرج ًسابقً‪.‬ص‪ً.882.‬‬
‫منًالبرتوكولًاإلضافيًالثاني‪ً،‬مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫ً‬ ‫‪ً-)3‬راج ًفيًذلكًالمادةً‪ً8/9‬‬
‫‪ً-)4‬عتلم حازم محمد‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.881.‬‬
‫‪ً -)5‬لقدًمنحًميثاقًاألممًالمتًحدةًبموجبًالمادةً‪ً 91‬منهًسلطاتًواسعةًلمجلسًاألمنًفيًتقديرًماًيعتبرًتهديداً‬
‫للسًلم ًأو ًإخالل ًبالسًلم ًواألمن ًالدًوليين ًبمفهوم ًالمادة ً‪ً 8/1‬من ًميثاق ًاألمم ًالمتًحدة ًسواء ًتعلق ًذلك ًبحالةًًًًً‬
‫‪66‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫ًاعتراف ًالدًولًبوجودًحالةًنزاعًداخلي‪ً ،‬نردهاًإلىًرغبةً‬ ‫تطرحًفرضيةًثانيةًلرف‬


‫هذهًاألخيرة ًفيًالتًنصلًمنًاللتزاماتًالتيًتًفرضهاًأحكامًالقانونًالدًوليًاإلنساني‪ً ،‬والتيً‬
‫إنًكانتًمنًالنًاحيةًالنًظريةًتلزمًكالًطرفيًالنًزاع‪ً،‬إلًًأنًهًمنًالنًاحيةًالواقعيةًيبدوًالطًرفً‬
‫الحكوميًأكثرًالمعنيينًبها‪ً ،‬خاص ًةا ًوأنً ًأحكامًالقانونًالدًوليًاإلنسانيًغيرًخاضعةًلمبدأً‬
‫المعاملةًالسًلبيةًبالمثل‪ً.1‬‬
‫عاتًالمتمردةً‬
‫ً‬ ‫لتضحيًبذلكًالقواعدًالقليلةًالقائلةًبالتزامًاألطًرافًالحكوميةًإزاءًالجما‬
‫بضمانًجملةًمنًالحقوقًوالتيًتبدواًأكثرًتشدًداًمنًتلكًالتيًتفرضهاًأحكامًالقانونًالدوليً‬
‫لحقوقًاإلنسان‪-‬متىًتمًتفعيلًبندًالتًحللًمنًاللتزام‪ً،-‬تشكلًهاجساًلدىًالطًرفًالحكوميً‬
‫باعتبارهاًمنًمعوقاتًالضطالعًبمهمةًالسًيطرةًعلىًاألوضاعًالداخلية‪ًً.2‬‬
‫على ًصعيد ًآخر‪ً ،‬عادة ًما ًيعزز ًعدم ًتخويل ًأحكام ًالقانون ًالدًولي ًللجماعاتً‬
‫المسلًحة ًأهلية ًمتساوية ًلممارسة ًالحقوق ًالناجمة ًعن ًاللتزامات ًوالمحظورات ًالمنصوصً‬

‫=نزاعات ًمسًلحة ًدولية ًأو ًذات ًطاب ًغير ًدولي‪ً ،‬كما ًقد ًأكدت ًمحكمة ًالعدل ًالدًولية ًعلى ًالسًلطات ًالواسعةً‬
‫ًالشراحًأنًكلًمنًالمادتينً‪ً00‬‬
‫ً‬ ‫لمجلسًاألمنًمنًخاللًإقرارهاًلنظريةًالختصاصاتًالضًمنية‪ً،‬هذاًويعتبرًبع‬
‫و‪ً02‬منًميثاقًاألممًالمتًحدةًتعتبرانًأساساًقانونياًخصباًللتًدخلًاإلنسانيًسواءًتعلقًاألمرًبنزاعًمسلحًدوليًأوً‬
‫غيرًًدولي‪ً ،‬وتجدرًاإلشارةًإلىًأنً ًمجلسًاألمنًقدًاعتمدًمبدأ ًمسؤوليةًالحمايةًكأساسًقانونيًجديدًللتًدخلًفيً‬
‫حالتًالتًهديدًأوًاإلخاللًبالسًلمًوًاألمنًالدًوليين‪ً ،‬راج ًفيًذلكً‪" :‬تابتي لمية" ًو ً"بوشباح وسيلة"‪ً ،‬إشكاليةً‬
‫تدخل ًمجلس ًاألمن ًفي ًالنًزاعات ًالمسلًحة ًغير ًالدًولية‪ً ،‬مذكرة ًلنيل ًشهادة ًالماستر ًفي ًالحقوق‪ً ،‬شعبة ًالقانونًًً‬
‫العام‪ً ،‬تخصص ًالقانون ًالدًولي ًاإلنساني ًوحقوق ًاإلنسان‪ً ،‬كلًية ًالحقوق ًوالعلوم ًالسًياسية‪ً ،‬جامعة ًعبد ًالرحمانًً‬
‫ميرة‪ً،‬بجاية‪ً،8089ً،‬ص‪ً.90-89.‬‬
‫‪ً-)1‬هانز بيتر جاسر‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.898.‬‬
‫‪ً-)2‬راج ًفيًذلكًكلًمن‪ً:‬المرجع نفسه‪ً،‬ص‪891.‬؛ًًً‬
‫‪- COHEN Samy, « Pourquoi les démocraties en guerre contre le terrorisme violent-elles les droits de‬‬
‫‪l'homme ? »,In critique internationale, N° 41, 2008, p. 9-20.‬‬
‫‪67‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫عليها ًفي ًالقانون ًالدًولي ًاإلنساني‪ً ،1‬من ًعدم ًاسًتعداد ًهذه ًاألخيرة ًعلى ًغرار ًالجماعاتً‬
‫المسلًحة ًاإلسالمية ًالمتطرفة ً( ًالجماعات ًاإلرهابية) ًفي ًالجزائر ًلالمتثال ًألحكام ًهذاً‬
‫األخير‪ًً.‬‬
‫منًالشراحًإلى ًالقولًبعدمًواقعيةًمبدأًالمساواةًبينً‬
‫ً‬ ‫وفيًهذاًالصًددًيذهب ًالعديد ً‬
‫األطرافًالمتحاربةًفيًإطارًالنزاعاتًالمسلًحةًغيرًالدًولية‪ً،‬وبالمقابلًعدمًمنطقيًةًالمساواةً‬
‫فيًاللتزامًبأحكامًالقانونًالدًوليًاإلنساني‪ً،‬التيًتقرً ًولوًضمنياًبعدمًالتًكافؤًبينًطرفيً‬
‫اللتزام‪ً،2‬وهوًالرأيًالذيًيدعمهًغيابًأساسًمبررًمنًالناحيةًالقانونيةًإللزامًالجماعاتً‬
‫المسلحةًبالمتثالًألحكامًالقانونًالدًوليًاإلنساني‪ً.3‬‬
‫ينصرف ًهذا ًالتوجه ًإلى ًحد ًبعيد ًليشمل ًالجماعات ًالمسلحة ًاإلسالمية ًالمتطرفةً‬
‫(الجماعاتًاإلرهابية)ًفيًالجزائر‪ً،‬م ًاختالفًبسيطًفيًالطًرحًأينًأعربتًهذهًاألخيرةًعنً‬
‫نيًتها ًفي ًعدم ًالمتثال ًأليًة ًقواعد ًوضعية‪ً ،‬تحت ًشعار ًإقامة ً"الدولة ًاإلسالمية ًبالدًمً‬
‫والبندقية"‪ً،‬متًخذًةاًًمنًمجموعةًمنًالفتاوىًالتًكفيريةًالشاذة‪ً،4‬سبيالًإلهدارًالقواعدًاإلنسانيةً‬

‫‪-)1‬ساسووولي موواركواًوويوفووال شووانيً‪"ً،‬هوولًيجووبًأنًتكووونًالت ازموواتًالوودًولًوالجماعوواتًالمسوولًحةًمتسوواويةًبموجووبً‬


‫الق ووانونًال وودًوليًاإلنس ووانيًف وويًالواقو و ً"‪ً،‬المجل ووةًالدًولي ووةًللصو وليبًاألحمووور‪ً(ً،‬المرك ووزًالووودًوليًللصو وليبًاألحمووور)‪ً،‬‬
‫المجلد‪ً،89‬العدد‪.8088ً،118‬ص‪ً.9.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪)- JONATHNE Somer ,Op.cit, p.28.‬‬
‫‪ً-)3‬طرحووتًالعديوودًموونًالنظًريوواتًالقائلووةًبأسوواسًالتوزامًالجماعوواتًالمسوولًحةًبوواحترامًقواعوودًالقووانونًالوودًوليًاإلنسووانيً‬
‫منها‪ً:‬نظريةًالختصواصًالتًشوريعي‪،‬القوةًالملزموةًمونًخواللًالفوردً‪ً،‬نظريوةًالمهوامًالحكوميوةًالفعليوةً‪ً،‬نظريوةًإلزاميوةً‬
‫القانونًًالدًوليًاإلنسانيًالعرفي‪ً،‬الرضًيًكأساسًوحيدًلاللتزام‪ً،‬راج ًفيًذلكً‪ً:‬جان كيه كليفنور‪"ً،‬انطبواقًالقوانونً‬
‫الوودًوليًاإلنسووانيًعلووىًالجماعوواتًالنًظاميووةًالمسوولًحة"‪ً،‬المجلووةًالدًوليووةًللص وليبًاألحموورً‪(ً،‬اللًجنووةًالدوليووةًللص وليبً‬
‫األحمر)ً‪ً،‬المجلدً‪ً،89‬العدد‪ً،8088ً،118‬ص‪ً.81-8.‬‬
‫‪ً-)4‬بوكراع إلياس‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.910-928.‬‬
‫‪68‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫المتضمًنةًفيًأحكامًالشًريعةًاإلسالميةًاليراءًوالتيًتسقطًعندًكمالهاًبدائيًةًقواعدًالقانونً‬
‫الدًوليًاإلنسانيًالوضعي‪ً.1‬‬
‫وهو ًما ًأسفر ًفي ًالوقت ًالذي ًلم ًيترك ًفيه ًالموقف ًالحكومي ًأيً ًبصيص ًأملً‬ ‫ًً‬
‫للتًعويل ًعليه ًفي ًحمل ًهذه ًاألخيرة ًعلى ًتنفيذ ًأحكام ًالقانون ًالدًولي ًاإلنساني‪ ،‬عن ًمأساةً‬
‫إنسانيةًحقيقية‪ً.2‬‬

‫ثانيا‬
‫البحث في مدى إمكانية إطالق وصف الجريمة الدولية على حالت النتهاكات‬
‫الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني في إطار النزاع المسلح الجزائري‬

‫لقدًدفعتناًالمأساةًاإلنسانيةًالتيًخلًفتهاًالنتهاكاتًالجسيمةًللقانونًالدًوليًاإلنسانيً‬
‫في ًإطار ًحالة ًالعنف ًالمسلًح ًالجزائري ً(الحرب ًعلى ًاإلرهاب) ًللبحث ًفي ًاإلطارً‬
‫الموضوعيًلهذهًالنتهاكاتًوالتيًيمكنًأنًنجملهاًفيماًيلي‪ً:‬‬

‫‪ً-)1‬لمزيوودًموونًالتًفاصوويلًحووولًالقواعوودًاإلنسووانيةًالتوويًتقرهوواًالش وريعةًاإلسووالميةً ارج و ‪ً:‬عبووود الغنوووي عبووود الحميووود‬


‫محمود‪ً،‬حمايةًضحاياًالنًزاعاتًالمسولحةًفويًالقوانونًالودًوليًاإلنسوانيًوالن ازعواتًالمسولحة‪ً،‬اللًجنوةًالدًوليوةًللصوليبً‬
‫األحمر‪ً،‬مصر‪ً.8008ً،‬‬
‫‪ً-)2‬تحثًًالفقرةًالثًانيةًمنًالمادةًالثًالثةًالمشتركةًبينًاتفاقياتًجنيوفًاألربعوةًأطورافًالنوزاعًأنًًتعمولًوفقواًلتفاقيوةً‬
‫نًهذاًالنوعًمنًالتفاقياتًمنًتقريبً‬
‫ً‬ ‫خاصةًًعلىًاحترامًجمي ًأحكامًالقانونًالدًوليًاإلنسانيًًولًيخفىًماًمنًشأ‬
‫وجهاتًالنظرًبينًأطرافًالنزاعًًمماًقدًيسمحًبالتطبيقًالفعليًألحكامًالقانونًالدوليًاإلنسانيًمنًقبلًكالًطرفيً‬
‫ًالجماعواتًالمسولحةًأيًمنفوذًللحووارًوأيًنيوةًلالمتثوالًلقواعودً‬ ‫النزاع ‪ً،‬أماًفيًالحالةًالجزائريةًورغمًعودمًفوتحًبعو‬
‫القانونًالدوليًاإلنسانيًإلًأنًهناكًمنهاًمنًأبدىًنيتهًفيًاللتزامًبهذهًالقواعدًمثلًالجيشًاإلسالميًلإلنقاذًالذيً‬
‫دأبًعلىًتفنيدًنسبًأيًعمليوةًعدائيوةًتموسًالمودنيينًإلوىًتنظيموه‪ ً،‬ارجو ًفويًذلوكًكولًمون‪ً:‬بووكراع إليواس‪ً،‬مرجو ً‬
‫سابق‪ً،‬ص‪919-921.‬؛ً‬
‫‪-BANJERTER Olivier, « Les raison pour les groupes armée de choisir de respecter le droit international‬‬
‫‪humanitaire ou pas », In R.I.C.R, N°882, 2011, p.64.‬‬

‫‪69‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫ًً ‪ -)9‬الجماعات اإلرهابية و جريمة اإلبادة الجماعية ً‬


‫‪ -‬البحث في مدى توافر العنصر المعنوي ‪-‬‬
‫ًالعزل‪ً ،1‬والتي ًيذهب ًكلًًًًًًًًًً‬
‫تشهد ًالمجازر ًالجماعية ًالمرتكبة ًفي ًحق ًالمدنيًن ً‬
‫منًاألستاذً"علي يحي عبد النور" واألستاذً"لويس مارتنيز"ًإلىًتوصيفهاًعلىًأنًهاًعملياتً‬
‫جماعيًلجزءًمنًمجموعةًمنًالسًكانًالمدنينًفيًإطارًهجومًواس ًالنطاقًومنهجي‪ً،2‬‬
‫ً‬ ‫قتلً‬
‫استيفائهاًللركنًالماديًلجريمةًاإلبادةًالجماعية‪ً.3‬‬
‫ً‬ ‫علىً‬
‫ًالرغبة ًفي ًاإلهالك ًالقائمة ًعلى ًباعثًًً‬
‫ليبقى ًالبتً ًفي ًمدى ًتوافر ًعنصر ً‬
‫عنصري‪ً ،4‬محلًشًكًأمامًتباينًالمعطياتًالتيًيمكنًالستنادًعليهاًفيًذلك ًبينًتلكًالتًيً‬
‫تصنفًالمجازرًالجماعيةًعلىًأنًهاًعملياتًانتقاميًةًوتلكًالقائلةًبأنًهاًعمليةًتًطهيريةًقائمةًًًًً‬
‫علىًخلفيةًعقائديًةًأسًهمتًمجموعةًمنًالفتاوىًالتًكفيريةًًالشاًذةًعلىًتيذيتها‪ً.5‬‬
‫تجدر ًاإلشارة ًإلى ًأنًه ًتم ًإيفاد ًلجنة ًمن ًطرف ًاألمم ًالمتًحدة ًللبحث ًفي ًالتًهامً‬
‫الموجًه ًللسًلطة ًالجزائرية ًالقائل ً ًبأنً ًالمجازر ًالجماعيًة ًالتي ًلحقت ًبالمدنين ًهي ًنتيجةً‬

‫‪ً-)1‬لقدًشهدتًالجزائرًمنذًبدايةً‪ً8880‬هذاًالنووعًمونًالممارسواتًالتويًتعودًًانتهاكواًجسويمةًلقواعودًالقوانونًالودًوليً‬
‫اإلنس ووانيًلكنه وواًاتخ ووذتًوتيو ورةًأكث وورًتص ووعيدا‪ً،‬وًش وويلتًحيو وزاًإعالمي وواًأكث وورًتوس ووعاًمن ووذًس وونةً‪ً،8882‬أنظ وورًف وويًًًًًًً‬
‫ذلكً‪ًً:‬بوكراعًإلياس‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.902ً.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪)-Voir : Algeria Watch, Entretien avec Me Ali Yahia Abdenour, propos recueillis par( K) Rachid, le‬‬
‫‪jeune indépendant, 22et 23septembre1998, disponible (en ligne)sur www.algeria-watch.org, consulté le :‬‬
‫‪20/05/2015 à 06 : 21; Voire aussi : MARTINEZ Luise , « Algérie: les massacres des civils dans la‬‬
‫‪guerre », In R.I.P.C , Vol 8, N°1,2001, p.47.‬‬
‫‪ً-)3‬يعتبوورًالو ًوركنًالموواديًفوويًحالووةًجريمووةًاإلبووادةًالجماعيووةًًمسووتوفىًعنوودًالقيووامًبعمليوواتًقتوولًجموواعيًلجووزءًموونً‬
‫مجموع ووةًًم وونًالسو وكانًالم وودنيينًف وويًإط ووارًهج ووومًواسو و ًالنًط وواقًأوًمنهج وويًعل ووىًه ووؤلء‪ً،‬أنظو ور‪ً،‬تمرخووووان بكووووة‬
‫سوسووووون‪ً،‬الجو و ورائمًض و وودًاإلنس و ووانيةًف و وويًض و وووءًالنًظ و ووامًاألساس و وويًللمحكم و ووةًالجنائي و ووةًالدًولي و ووة‪ً،‬منش و وووراتًالحلب و وويًًًًًًً‬
‫الحقوقية‪ً،‬بيروت‪ً،8002ً،‬ص‪ً.989.‬‬
‫‪ -)4‬يتمثوولًالعنصوورًالمعنووويًلجريمووةًاإلبووادةًالجماعيووةًفوويًتوجووهًالقصوودًالجنووائيًإلووىًاإلهووالكًًالكلوويًأوًالجزئوويً‬
‫لجماعةًقومية‪ً،‬إثنية‪ً،‬عرقية‪ً،‬أوًدينية‪ً،‬أنظر‪ً:‬المرج ًنفسه‪ً،‬ص‪ً.982.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪) –Voir: MARTINEZ Luise, « Algérie :les massacres des civils dans la guerre », Op.cti ,pp.47,48.‬‬
‫‪70‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫إرهاب ًالدًولة‪ً ،‬وقد ًانتهت ً ًإلى ًنفي ًالتًهمة ًعن ًالسًلطة ًفي ًالجزائر ًخصوصا ًفي ًظلً‬
‫األطروحةًالتيًكانتًقائمةًآنذاكً"منًيقتًلًمن"‪ً.1‬‬
‫‪ )0‬الجماعات اإلرهابية والجرائم ضد اإلنسانية‪:‬‬
‫لقدًمورسًفيًإطارًحالةًالعنفًالمسلًحًالجزائريةًمجموعةًمنًالجرائمًالتيًيمكنًوصفهاً‬
‫بالجرائمًضدًًاإلنسانيةًعليًالنحوًالمبينًفيماًيلي‪:‬‬
‫أ) جريمة التعذيب‪:‬‬
‫توجًهًًالعديدًمنًتقاريرًالمنظًماتًالحقوقيةًوكذاًالبالغاتًالمقدمةًأمامًالهيآتًالدًولية‪ً،‬‬
‫أصاب ًالتًهامًإلى ًالسًلطةًاألمنيةًفيًالجزائرًباقترافًعملياتًتًعذيبًفيًحقًاآللفًمنً‬
‫الجزائريينًبصفةًمنتظمةًوممنهجةً‪ً.2‬‬
‫وقد ًقوبلت ًهذه ًالتًهامات ًالتي ًمن ًشأن ًثبوتها ًإسقاط ًصفة ًالجريمة ًضد ًاإلنسانيةًًً‬
‫على ًممارسات ًالجهاتًاألمنية‪ً ،3‬بالنفي ًمن ًقبل ًالدًولة ًالجزائرية ًالتي ًأكدت ًبأنً ًعملياتً‬

‫‪1‬‬
‫‪) – Voir: NATION Unies, Algérie, Rapport du groupe de personnalités éminentes, juillet out 1998,‬‬
‫‪département de l’information , nation unies, septembre, 1998.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪) –Voir : SIDHOUM Salah-eddine, « La torture, antichambre de la mort », In confluence‬‬
‫‪méditerranée , N°51 ,2004,pp.23-38 ; Voire aussi: Alegria –Watch ,Entretien avec Me ali yahia‬‬
‫‪abdenour, Op.cti.‬‬
‫‪-‬كماًوردًفيًتقريرًلمنظمةًالعفوًالدًوليةًماًيليً"ظولًالتعوذيبًمتفشوياًعلوىًنطواقًواسو ‪ً،‬وكوانًكثيورًممونًوردًأنًهومً‬
‫تعرضوواًللتًعوذيبًقوودًاعتقلوواًلالشوتباهًفوويًأنًًلهومًصوالتًبجماعوواتًمسولًحةً‪........‬وخواللًفتوراتًالحتجوازًالسووريً‬
‫ً‬
‫دأبتًالحكومةًوالسًلطاتًالقضائيةًعلىًنفيًعلمهاًبالمحتجزين‪ً،‬ولمًتقرًباحتجازهمًإلًًعندًتقوديمهمًللمحاكمواتًأوً‬
‫اإلفراجًعنهم؛ًمنظموة العفوو الدوليوة‪ً،‬تقريورًالعوامً‪ً،8009‬رموزًالوثيقوة‪ً،ًPOL10/003/2003،‬الصوفحةًالخاصوةً‬
‫بالجزائر‪ً،‬ص‪.881-882ً.‬‬
‫‪ً ً - )3‬‬
‫تعرفًجريمةًالتعذيبًبمفهومًالفقرةً‪(8‬ه)ًمنًالمادةًالسابعةًمنًالنظامًاألساسيًللمحكمةًالجنائيةًالدوليًةً"ً‬
‫تعمدًإلحاقًألمًشديدًأوًمعاناةًشديدة‪ً،‬سواءًبدنياًأمًعقليا‪ً،‬بشخصًموجودًتحتًإشرافًالمتًهمًأوًسيطرتهً"‪ً،‬نظامً‬
‫روماًاألساسي‪ً،‬مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫‪71‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫التًعذيبًالتيًوقعتًأثناءًالمأساةًالوطنيةًلمًتعدوًأنًتكونًإلً ًتجاوزاتًفردية‪ً،1‬يمكنًأنً‬
‫تحصلًفيًأيةًدولةًتواجهًالوض ًنفسه‪ً.‬‬
‫ب) الحرب على اإلرهاب واشكالية حالت اإلخفاء القسري‪:‬‬
‫يعتبر ًما ًيسمى ًبملفً ًالمفقودين ًمن ًأكثر ًالملفًات ًالشًائكة ًالتي ًأفرزتًها ًاألزمةً‬
‫األمنية ًالجزائرية‪ً ً ،2‬وذلك ًلما لها ًمن ًارتباط ًوثيق ًبمفهوم ًجريمة ًالختفاء ًالقسًري‪ً ،3‬والتيً‬
‫أماًاألولىًفتتعلقًبماًتذهبًإليهًالمنظًماتًالحقوقيةًفيًطليعتهاً‬
‫ً‬ ‫نسجًلًبصددهاًأطروحتين؛ً‬
‫كل ًمن ً"منظمة العفو الدولية" ًو"منظمة هيومن رايت واتش" ًاللتان ًوجًهتا ًاتًهاماتها ًإلىً‬
‫السًلطةًالجزائرية‪ً.4‬‬
‫ًالرسمي‪ً ،‬هذا ًاألخير ًالذي ًفنًد ًهذا ًالتًوجهً‬
‫أمًا ًالثانية ًفهي ًتًلك ًالمتعلقة ًبالموقف ً‬
‫والذيًيندرجً‪-‬حسبهً–ًضمنًالسًياقًالعامًالذيًتشتيلًفيهًالمنظًماتًالدًوليةًغيرًالحكوميةً‬
‫ذات ًالتًوجهات ًالسًياسية ًاليامضة‪ً ،‬وبالتًالي ًفهي ًتفتقد ًللمصداقية ًفي ًمثل ًهذه ًالحالتًً‬

‫‪1‬‬
‫‪)-Voir : NATION Unies, Comité des droit de l’homme , Deuxième rapport périodique que le‬‬
‫‪gouvernement algérien devait présenter en 1995 au CDH, CCPR/C/101/Add/1 ; Voire aussi: ALI‬‬
‫‪Haroun et autre, Op.cit,pp.71-106.‬‬
‫‪ً-)2‬سي صالح نور الدينً‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.20.‬‬
‫ًعلوىًأيًأشوخاصًأوًاحتجوازهمًأوًاختطوافهمًمونًقبولً‬ ‫‪ -)3‬تعرفًجريمةًالختفاءًالقسرىًعلوىًأنهواً"ًإلقواءًالقوب‬
‫دولووةًأوًمنظمووةًسياسووية‪ً،‬أوًبووإذنًأوًدعوومًمنهوواًلهووذاًالفعوولًأوًبسووكوتهاًعليووه‪ً،‬ثوومًرفضووهاًاإلق ورارًبحرمووانًهووؤلءً‬
‫األشخاصًمنًحريتهمًأوًإعطاءًمعلوماتًعنًمصيرهمًأوًعونًأمواكنًوجوودهمًبهودفًحرموانهمًمونًحمايوةًالقوانونً‬
‫لفت ورةًزمنيووةًطويلووة‪ً،‬الفق ورةً‪(8‬ط)ًموونًالمووادة‪ً2‬موونًنظووامًروموواًاألساسوويًالمتعلووقًبالمحكمووةًالجنائيووةًالدوليووة‪ً،‬مرج و ً‬
‫سابق‪ً.‬‬
‫‪ً-)4‬أنظرًفيًذلكًكلًمن‪ً:‬منظمة العفو الدولية‪ً،‬إرثًاإلفالتًمنًالعقابًتهديدًلمستقبلًالجزائر‪ً،‬األمانوةًالدوليوةً‬
‫لمنظمةًالعفوًالدًولية‪ً،‬لندن‪ً،MDE /81/008/8008ً،8008ً،‬ص‪91-82.‬؛ً‬
‫‪-HUMEN RIGHT WHATCH, Disparussions forcées en Algérie, Rapport, février 2003, disponible en‬‬
‫‪ligne sur :http://www.hrw.org,reports/2003/algeria.0203/. consulté le: 20/05/2015 à 02 :58.‬‬
‫‪72‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫علىًاعتبارًأنهاًكانتًدوماًغافلةًعماًيجريًفيًالجزائرً"ًالعترافًبالحربًعلىًاإلرهابً‬
‫وماًصاحبهًمنًأطروحةًمنًيقتلًمن"‪ً.1‬‬
‫ج)‪ -‬الجماعات اإلرهابية وجريمة اإلغتصاب واإلستعباد الجنسي‪:‬‬
‫لقد ًلعب ًالجندر ًالجنسي‪ً ،2‬دو ار ًمحوريا ًفي ًتعزيز ًمعاناة ًالنساء ًالجزائريات ًخاللً‬
‫مرحلة ًالنًزاع ًالمسلح ًالجزائري‪ً ،‬أين ًتعرضت ًحوالي ًعشرة ًألف ًامرأة ًجزائريةًًًًًًًًًًًً‬
‫–على ًاألقل‪ً ،3-‬بعد ًخطفها ًمن ًقبل ًالجماعات ًاإلسًالمية ًالمتًطرفة ًالمسلًحة ً(اإلرهابية)ً‬
‫ًالقسًريًفيًحالةً‬ ‫لالسًتعباد ًالجنسي ً(اإلغتصابًثمًالذبح‪ً ،‬اإلغتصاب ًالجماعي‪ً،‬اإلجها‬
‫ثبوت ًالحمل‪ً ،4)...‬هذا ًوقد ًذهبت ًالمقررة ًالخاصة ًالمعنية ًبالعنف ًضدً ًالمرأة ًفي ًتقريرهاً‬
‫لسنة ً‪ً 8001‬إلى ًتكييف ًجرائم ًالعنف ًالجنسي ًالمرتكبة ًفي ًإطار ًحالة ًالعنف ًالمسلًحً‬
‫الجزائريةًعلىًأنهاًجرائمًضدًًاإلنسانية‪.5‬‬
‫‪ -)3‬في إمكانية الدفع بجرائم الحرب ‪:‬‬
‫لقدًشملتًالعملياتًالعدائيةًالممارسةًمنًقبل ًالجماعاتًاإلرهابية ًفيًالجزائر ًضدًً‬
‫المدنيين ًبصفتهم ًهذه ًكأهداف ًمباشرة ًسواء ًعن ًطريق ً‪،‬الغتيالت ًالفردية ًأو ًالمجازرً‬

‫‪ -)1‬فووواروق قسووونطيني‪ً،‬الج ازئ وورًتؤك وودًالش ووفافيةًحي ووالًالمفق ووودينًخ وواللًالعشو وريةًالسو ووداء‪ً،‬يومي ووةًالش ووروقً‪ً،‬لي ووومً‬
‫‪88‬أفريلً‪ً.8088‬‬
‫‪ً -)2‬فرقت ًمنظًمةًالصحةًالعالميةًبينًمصطلحيًالجنسًو ًالجندر( ًالنوع ًالجتماعي)ًوعرفت ًمصطلحًالجندرً‬
‫ًالرجل ًوالمرأة ًكصفات ًمركبةً‬
‫على ًأنه ً‪"ً :‬المصطلح ًالذي ًيفيد ًاستعماله ًفي ًوصف ًالخصائص ًالتي ًيحملها ً‬
‫اجتماعياًلًعالقةًلهاًبالختالفاتًالعضويةً"ًكماًتقضيًالمادةً‪ً9/2‬منًنظامًروماًاألساسيًبمايلي‪ً":‬لير ًهذاً‬
‫النًظامًاألساسي‪ً,‬منًالمفهومًأنًًتعبيرً"ًنوعًالجنسً"ًيشيرًإلىًالجنسينً‪ً,‬الذكر ًًواألنثى‪ً,‬فيًإطارًالمجتم ً‪ً,‬ولً‬
‫يشيرًتعبيرً"ًنوعًالجنس " إلىًأيًمعنيًآخرًيخالفًذلك"‪ً،‬راج ًالمادةً‪ً 9/2‬منًنظامًروماًاألساسي‪ً،‬مرج ً‬
‫سابق‪ً.‬‬
‫ً‬
‫‪ً-)3‬مصفي بسطاميً‪،‬منحًألكثرًمنً‪ً80000‬ميتصبة‪ً،‬النهارًالجديد‪ً،‬ليومً‪ً.8081/8/88‬‬
‫‪ً-)4‬بوكراع إلياس‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً ً.912-911.‬‬
‫‪-)5‬نقالًعنًسي صالح نورالدين‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.20.‬‬
‫‪73‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫الجماعية‪ً ،‬التًفجيراتًفيًاألماكنًالعمومية‪ً ،‬الحواجزًالمزيًفة‪ً ،‬الختًطافات‪ً،1‬وهوًماًيجعلناً‬


‫نقول ًباستيفاء ًهذه ًالممارسات ًلمدلول ًجرائم ًالحرب‪ً ،2‬متى ًتمًتكييف ًحالة ًالعنف ًالمسلًحً‬
‫الجزائريًعلىًأنهاًنزاعًمسلًحًذوًطاب ًغيرًدولي‪ًً.‬‬

‫الفرع األول‬
‫تهميش أحكام القانون الدولي لحقوق اإلنسان في إطارً(الحرب على اإلرهاب)‬
‫في الجزائر‬

‫إنً ًالتًسليم ًبأنً ًالظًروف ًالسًتثنائية ًتقتضي ًبالضًرورة ًاتًخاذ ًإجراءاتًًًًًًًً‬ ‫ً‬
‫اسًتثنائية‪ً ،‬يستتبعه ًالتًأكيد ًعلى ًضرورة ًعدم ًإطالق ًسلطات ًالدًولة ًفي ًاتًخاذ ًمثل ًهذهً‬
‫التًدابير‪ً ،‬وهو ًالوصف ًالذي ًينطبق ًكذلك ًعلى ًموضوع ًحقوق ًاإلنسان ًأثناء ًالحالتً‬
‫السًتثنائية‪ً ،‬بحيث ًأنً ًتخويل ًسلطات ًالدًولة ًاتًخاذ ًتدابير ًتقًييدية ًلحقوق ًاإلنسان ًسيتًتبعهً‬
‫بالضًرورةًتقيدًهذهًاألخيرةًفيًإقرارهاًلهذهًالتدابيرًبجملةًمنًالقيود‪ً ،‬منهاًماًتعلقًباألطرً‬
‫القانونيةًومنهاًماًتعلقًبالجانبًالممارساتي‪ً ،‬وهوًماًيبدوًبأنهًلمًيكنًمحل ًامتثالًمنًقبلً‬
‫الدًولةًالجزائرية‪ً.‬‬

‫‪ًً-)1‬وراج ًكلًمونً‪ً:‬المرصد الوطني لحقوق اإلنسان‪ً،‬التقريورًالسونويًحوولًحقووقًاإلنسوانًفويًالج ازئورً‪ً،8888‬‬


‫مرج ًسابق‪ً،‬ص‪91-88.‬؛ً‬
‫‪-O.N.D.H, Rapport annuel de l’observatoire national des droits de l’homme 2994, Algérie, 1994, pp.25 -‬‬
‫‪57 ; O.N.D.H , Rapport annuel de l’observatoire national des droits de l’homme2995, Algérie, 1996,‬‬
‫‪pp.25-65; O.N.D.H , Rapport annuel de l’observatoire national des droits de l’homme2996, Algérie,‬‬
‫‪1997,pp.17-35. ;O.N.D.H, Rapport annuel de l’observatoire national des droits de l’homme 2998, Op.cti,‬‬
‫‪pp.19-45.‬‬
‫‪ً-)2‬لقدًذهبتًكلًمنًالمحكمةًالدوليةًالجنائيوةًليوغوسوالفياًسوابقا‪ً،‬والمحكموةًالجنائيوةًًالدوليوةًلروانودا‪ً،‬فضوالًعونً‬
‫نظامًروماًاألساسي‪ً،‬إلىًتجوريمًاألفعوالًالتويًتشوكلًانتهاكواتًجسويمةًللقووانينًوأعورافًالحورب‪ً،‬والتويًمونًبوينًأهومً‬
‫مبادئهوواًمبوودأًًالتمييووز‪ ً،‬ارج و ًفوويًذلووك‪"ً،‬براهيمووي إسوووماعيل"‪ً،‬الحووربًفوويًالن ازعوواتًالمسوولحةًغيوورًالدوليووة‪ً،‬مووذكرةً‬
‫للحصولًعلىًشهادةًالماجستيرًفيًالحقوق‪ً،‬فرعًالقانونًالدًوليًوالعالقاتًالدًولية‪ً،‬كليًةًالحقوق‪ً،‬جامعةًالجزائر‪ً،8‬‬
‫‪ً،8088‬ص‪ً.00-11.‬‬
‫‪74‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫أولا‬
‫األساس القانوني لنتهاكات حقوق اإلنسان في إطارًالحرب‬
‫على اإلرهاب في الجزائر‬
‫‪-‬تقيد حقوق اإلنسان خارج مبدأ المشروعية–‬

‫أمامًضرورةًاستتبابًالنًظامًالعامًوضمانًأفضًلًألمنًاألشخاصًوالممتلكاتًفضالً‬
‫عنًتأمينًالسًيرًالحسنًلمؤسًساتًالدولة‪ً،1‬لمًيكنًهنالكًمنًبدًمنًتفعيلًقانونًالضرورةً‬
‫فيًمواجهةًالحالةًالسًتثنائيةًالتيًمرتًبهاًالجزائر‪ً.2‬‬
‫بموجبًالمرسومًالرئاسيًرقمً‪ً،11-88‬الذيًتعدىًمجردً‬
‫ً‬ ‫توطًدتًمعالمًهذاًاإلجراءً‬
‫كونه ًتعبي ار ًعن ًاألزمة ًاألمنية ًالتي ًعايشتها ًالبالد‪ً ،‬ليشكل ًفضال ًعن ًذلك ًمرآة ًعاكسةً‬
‫لألزمة ًالشًرعية ًالدًستورية ًالتيًتخبًط ًفيها ًالنًظام ًالجزائري‪ً ،‬أين ًأضحى ًالحديث ًعن ًمبدأً‬
‫المشروعيةًبدونًجدوىًأمامًانهيارًمقوماتًدولةًالقانون‪ً،‬بفعلًكلًمنًًتجميدًمبدأًالفصلً‬
‫ًالرقابة ًعلى ًدستورية ًالقوانين ًوظهور ًأزمة ًالمعايير ًالقانونية‪ً،‬‬
‫بين ًالسًلطات‪ً ،‬إسقاط ًمبدأ ً‬
‫ناهيكًعنًإحاللًمؤسًساتًفعليةًمحلًالمؤسًساتًالدًستورية‪ًً.3‬‬
‫أصبح ً ًبالمحصًلة ًالبحث ًعن ًمدى ًمشروعية ًهذا ًاإلجراء ًمن ًعدمه ًبدونًًًًًًً‬
‫جدوى‪ً ،‬في ًظل ًكل ًمن ًغياب ًالهيئة ًالمخولة ًدستو ار ًعلى ًوجه ًالتًخصيص ًبإعالن ًحالةً‬
‫الطًوارئ‪ًً،4‬فظالًعنًالتًشكيلةًالمبتورةًلهيئاتًالستشارة ًالقانونية ًمنًحيثًشيور ًالمؤسًسةً‬
‫التشريعية‪ً ،5‬ضف ًإلى ًذلك ًالجتماع ًالناقص ًبل ًوالمنعدم ًاألثر ً ًللمجلس ًاألعلىًًًًًً‬

‫‪ً-)1‬المادةً‪ً8‬منًمرسومًتشريعيًرقمً‪،ً11-88‬مرج ًسابق‪ًً.‬‬
‫‪ -)2‬برقوق محند‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.18.‬‬
‫‪ً-)3‬بولودنين أحمد‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.21-21.‬‬
‫‪ً-)4‬راج ًفيًذلك‪ً:‬المادةً‪ً،19‬من دستور ‪ً،9191‬مرج ًسابق‪ًً.‬‬
‫‪ً-)5‬أنظرًفيًذلكًكلًمن‪ً:‬المادةً‪ً88‬منًالمرج ًنفسه؛ًومرسوم رئاسي رقم ‪ً،99-10‬مرج ًسابق‪ًً.‬‬
‫‪75‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫الجمهورية ًالذيً‬
‫ً‬ ‫لألمن‪ً،‬بفعلًغيابًكلًمنًرئيسًالمجلسًالشًعبيًالوطنيًوغيابًرئيسً‬
‫يسًتأثرًقانوناًبسلطةًاستدعاءًهذاًاألخيرًوًوض ًجدولًأعماله‪ً.1‬‬
‫ًومهماًكانًمنًاسًتيفاءًالمجلسًاألعلىًللدًولةًفيًسياقًإعالنهًلحالةًالطًوارئًًلكلً‬
‫من ًشرط ًاستشارة ًرئيس ًالحكومة ًورئيس ًالمجلس ًالدًستوري‪ً ،‬فضال ًعن ًتحديد ًمدًة ًحالةً‬
‫الطوارئ ًب و ً‪ً 88‬شهر ًدون ًإغفال ًتوافر ًشرط ًالضًرورة ًالملحة‪ً ،‬وهو ًالشًرط ًالذي ًيخض ًًًً‬
‫فيًتقريرًوجودهًمنًعدمهًللسًلطةًالتًقديريةًالواسعةًلرئيسًالجمهوريًة‪ً.2‬‬
‫إلً ًأنًه ًلمًا ًكان ًاحترام ًالدًستور ًلم ًيعد ًيتًم ًإلً ًفي ًحدود ًما ًيمكن ًأن ًيكون‪ً ،‬فإنًً‬
‫التعويلًعلى ًالضًماناتًالدستوريةًالقائلةًبحمايةًحقوقًاإلنسانًفيً ًظلًحالةًالطًوارئًلمً‬
‫يعدًيرجىًمنهًنتيجةًتذكر‪ً.‬‬
‫وهذاًما ًيجدًتأكيدهًفيًالمرسومًالتًشريعيًرقمً‪ً –ً 08-89‬الذيًأسًقطًصفةًالتًأقيتً‬
‫عن ًحالة ًالطًوارئ‪ً ،‬أين ًلم ًيتم ًالًتقيد ًبأدنى ًشروط ًالمشًروعية ًفي ًإعالن ًتمديد ًحالةً‬
‫الطًوارئ‪ً.3‬‬
‫كامتداد ًلهذه ًالممارسة‪ً ،‬لم ًتًكن ًالضًمانات ًالدًولية ًالقائلة ًباحترام ًحقوق ًاإلنسانًًًًً‬
‫الا ًللتفعيلًفيًإطارًإعالنًحالةًالطوارئ ًفيًالسياقً‬
‫فيًالحالةًالسًتثنائيةًهيًاألخرىًمح ً‬
‫الجزائري‪ً،‬بحيثًتمًًاختزالًالقيودًالواردةًعلىًبندًالتحلًلًمنًاللتزامًفيًحدودًاستيفاءًشرطً‬
‫الا ًلالنتهاك‪ً ،‬لعلً ًأخطرهاًعلى ًحقوقًاإلنسانً‬
‫اإلخطار ًاإللزامي‪ً ،‬أينًكانتًباقيًالقيودًمح ً‬
‫ًالحقوق‪ً.4‬‬ ‫تلكًالمتعلًقةًبانتهاكًمبدأًحظرًتقييدًبع‬

‫‪ً-)1‬أنظرًفيًذلكً‪ً ً:‬‬
‫الموادً‪ً،1-9-8‬منًمرسوم رئاسي ‪ً،911-91‬مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫‪ً -)2‬أنظرًفيًذلكًكلًمن‪ً :‬المادةً‪ً 88‬منًدستور ‪ً ،9191‬مرج ًسابق؛ًمرسوم رئاسي رقم ‪ً،11-10‬مرج ً‬
‫سابق‪ً.‬‬
‫‪ -)3‬مرسوم تشريعي رقم ‪ً ،90-13‬المؤرخ ًفي ً‪ً 2‬جانفي ً‪8889‬يتعلق ًبتمديد ًحالة ًالطوارئ‪ً ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬د‪.‬شً‬
‫عدد‪ً،01‬الصادرةًبتاريخ‪ً2ً،‬فبرايرً‪ً.8889‬‬
‫‪ً-)4‬سي صالح نور الدينً‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.98.‬‬
‫‪76‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫كما ًجسًد ًقانون ًمكافحة ًاإلرهاب ًوالتًخريب ً‪-‬في ًنفس ًالسياق‪ً -‬أساسا ًلنتهاكاتً‬
‫حقوق ًاإلنسان ً ًفي ًالجزائر ًبما ًكرسه ًمن ًتدابير ًاستثنائية ًلمواجهة ًالظاهرة ًاإلرهابيةً‬
‫والتًخريبية‪ً.1‬‬
‫ثانيا‬
‫الترجمة العملية لنتهاك حقوق اإلنسان في إطار الحرب على اإلرهاب‬

‫سنكتفي ًفي ًهذا ًالصًدد ًبالتًطرق ًللمظاهر ًانتهاكات ًحقوق ًاإلنسان ًالمنبثقة ًعنً‬ ‫ًً‬
‫ًاللتزاماتًالدًوليةً‬ ‫القانونينًالسًالفينًالذكر‪ًً،‬والتيًتشًكلًانتهاكاًلمبدأًحظرًالتحلًلًمنًبع‬
‫في ًمجال ًحقوق ًاإلنسان ًفي ًالحالت ًالسًتثنائية ًلما ًلها ًمن ًآثار ًوخيمة ًعلى ًالكرامةً‬
‫اإلنسانية‪ً.2‬‬
‫‪ -)9‬الحق في محاكمة عادلة‪:‬‬
‫ًالمادة ً‪ًًًًًً8/1‬‬ ‫على ًالرغم ًمن ًعدم ًورود ًالحق ًفي ًالمحاكمة ًالعادلة ًفي ًمعر‬ ‫ًً‬
‫منًالعهدًالدوليًالخاصًبالحقوقًالمدنيةًوًالسًياسية‪ً،3‬إلًًأنًًالمادةً‪ً0‬منًنفسًالعهدًالتيً‬
‫ةًبحقوقًاإلنسانًالمقررةًفيًالقوانينًالدًاخليةًوالمعاهداتًالدًوليةً‬
‫ً‬ ‫تقرً ًبحظًرًالتًدابيرًالماسً‬

‫‪ً-)1‬شطاب كمال ‪ً،‬حقوقًاإلنسانًفيًالجزائرًبينًالحقيقةًالدًستوريةًوالواق ًالمفقودً(‪،ً)8009-8818‬مذكرةًلنيولً‬


‫شو ووهادةًالماجسو ووتيرًفو وويًالعلو ووومًالسياسو وويةًوالعالقو وواتًالدًوليو ووةً‪،‬فو وورعًتنظو وويمًسياسو وويًواداري‪ً،‬كليو ووةًالعلو ووومًالسًياسو وويةًًً‬
‫واإلعالم‪ً،‬معهدًالعلومًالسًياسيةًوالعالقاتًالدًولية‪ً،‬جامعةًالجزائر‪ً،8001ً،‬ص‪ً.812.‬‬
‫‪ً-)2‬جغلووول زغوودودً‪ً،‬تقييوودًالنًصوووصًالقانونيووةًالدًوليووةًوالدًاخليووةًإلعمووالًسوولطةًالطووارئًكضوومانةًلحقوووقًاإلنسووانً‬
‫أثناءًحالةًالطًوارئً(بينًالنصًوالواق ً)‪ً،‬أعملًالملتقىًالدًوليًحولًحقوقًاإلنسانًفيًالجزائر‪ً،‬جامعةًصوديقًبونً‬
‫يحىً‪ً،‬جيجل‪ً،‬يوميً‪ً88‬وً‪ً89‬مايً‪ً،8081‬ص‪ً.8.‬‬
‫‪ً-)3‬تنصًالمادةً‪ً8/1‬منًالعهدًالدوليًالخاصًبالحقوقًالمدنيةًوالسياسيةًعلىًماًيليً‪"ًً:‬لًيجيزًهذاًالنصًأيً‬
‫مخالفو ووةًألحكو ووامًالم و وواد‪ً(ً-1-2-2ً،‬فق و ورتينً‪8‬و‪88ً)8‬و‪80‬و‪82‬و‪ًً81‬العهو وودًالو وودًوليًالخو وواصًبو ووالحقوقًالمدنيو ووةً‬
‫ًللتًوقيو و و و و ًوالتًص و و و ووديقًوالنض و و و وومامًبموج و و و ووبًقو و و و ورارًالجمعي و و و ووةًالعام و و و ووةًلألم و و و وومًًًًًًًًًًًًًًً‬ ‫والسًياس و و و وويةًالمعتم و و و وودًوالمع و و و وورو‬
‫المتًحدة‪8800ً،‬ألفً(د‪ً،)88-‬المؤرخًفيً‪ً80‬ديسمبرً‪ً،8811‬صادقتًًعليهًالجزائرًبموجبًالمرسومًرئاسيًرقومً‬
‫‪ً22-18‬المؤرخًفيًفيً‪ً،8818/00/82‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬شًعدد‪ً88‬الصًادرةًبتاريخً‪ً.8818-00-82ً،‬‬
‫‪77‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫األخرى ًمن ًشأًنه ًأن ًيشكل ًأرضية ًخصبة ًللقول ًبحظر ًالتحلًل ًمن ًالحقًًًًًًًًًًًً‬
‫في ًالمحاكمة ً ًالعادلة‪ً ،‬الذي ًيشكًل ًقاعدة ًأساسية ًفي ًكل ًمن ًالقانون ًالدًولي ًاإلنسانيً‬
‫التًعاهديًوالعرفي‪ً ،1‬والذيًقدًتوصًلناًفيًماًسبقًإلى ًالقولًبانسحابهًعلى ًالحالةًالجزائريةً‬
‫استناداًلماًانتهيناًإليهًمنًاستيفائهاًلعتبةًالنزاعاتًالمسلحةًغيرًذاتًالطاب ًالدًولي‪ً.‬‬
‫تظهر ًمظاهر ًانتهاك ًالحق ًفي ًالمحاكمة ًالعادلة ًفي ًظًل ًمرحلة ًالنزاع ًالمسلًحًً‬
‫الجزائريًمنًخاللًكلًمنً‪ً:‬‬
‫‪ً -‬تمديد ًنطاق ًالختصاص ًالشًخصي ًللمحاكم ًالعسكرية ً ًليطال ًغير ًالعسكريينًًً‬
‫من ًالمدنين‪ً ،2‬وما ًاستتًبعه ًمن ًإهدار ًالضًمانات ًالقضائية ًخاصة ًما ًتعلق ًمنها ًبييابً‬
‫الضًوابط ًالمتعلقة ًبالحبس ًالمؤقًت ًمن ًحيث ًمجال ًالتًطبيق ًوحدود ًاإلجراء‪ً ،‬تقييد ًحقوقً‬
‫الدًفاع ًباشتراط ًالمهنية ًفي ًالمحاماة ًواخضاع ًتعيين ًالمحامي ًلعتماد ًرئيسًًًًًًًً‬
‫المحكمة‪ً،‬اختاللًمبدأًالفصلًبينًالوظائفًالقضائيةًفضالًعنًاستبعادًمبدأًالتًقاضيًعلىً‬
‫درجتين‪ً.3‬‬
‫ً‪ً -‬إحداثًماًسميًبالمجالسًالقضائيةًالخاصًةًكتكريسًللطًاب ًالسًتثنائي ًلقانونً‬
‫مكافحةًاإلرهابًوالتًخريب‪ً ،‬أينًتًمتًإناطتهاًبمهمةًالضطًالع ًعلى ًالمخالفاتًالمنصوصً‬
‫عليهاًفيًالفصلًاألولًالمرسومًالتشريعيًرقمً‪ً ،409-88‬فيًاستقالليةًتامةًعنًمبدأًعدمً‬
‫رجعيةًقانونًالعقوبات‪ً،5‬وتعديًصارخًعلىًالضًماناتًالمتعلقةًبمحاكمةًاألحداث‪ً.1‬‬

‫‪ً-)1‬بيجيتش يلينا‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.81ً.‬‬


‫‪ً-)2‬المادةً‪ً80‬منًالمرسوم الرئاسي رقم ‪ً،11-10‬مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫‪-)3‬بربووارة عبوود الرحمووان‪ً،‬حوودودًالطًبيعووةًالسووتثنائيةًلقووانونًالقضوواءًالعسووكري‪ً،‬أطروحووةًلنيوولًدكتوووراهًفوويًالقووانونً‬
‫الجنائي‪ً،‬كليةًالحقوق‪ً،‬جامعةًالجزائر‪ً،8002ً،‬ص‪ً.889-819.‬‬
‫‪ً-)4‬أنظرًفيًذلك‪ً:‬المادةً‪ً88‬منًالمرسوم التشريعي رقم ‪ً،93-10‬مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫‪-)5‬يستشف ًمن ًالمادة ً‪ً 10‬من ًالمرسوم التشريعي ‪ً 93-10‬أنه ًيسري ًبأثر ًرجعي ًعلى ًاألعمال ًاإلرهابيةً‬
‫والتخريبيةًالتيًوقعتًقبلًصدورهًوهوًماًيعتبرًانتهاكاًللحظرًالواردًبموجبًالمادةً‪ً 1‬منًالعهدًالدولي ًالخاصً‬
‫بالحقوقًالمدنيةًوالسياسة‪ً،‬أنظرًكلًمنً‪ً:‬المادة ً‪ً 10‬منًمرسوم تشريعي رقم ‪ً،93-10‬مرج ًنفسه؛ًوالمادةً‪ً1‬‬
‫منًالعهدًالدوليًالخاصًبالحقوقًالمدنيةًوالسياسية‪ً،‬مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫‪78‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫م ًتجريد ًهذه ًاألخيرة ًمن ًأيً ًمظًهر ًمن ًمظاهر ًالسًتقاللية ًسواء ًالعضوية‪ًًًًًًً،‬‬
‫اسيمًالرئاسيةً‬
‫ً‬ ‫أوًالوظيفية‪ً 2‬‬
‫‪ً،‬وانتفاءًصًفةًالشًفافية ًعنًتشكيلةًالمحكمةًأينًيحظر ًنشر ًالمر‬
‫وق ارراتًوزيرًالعدل ًالتيًتتضمنًتعيينًقضاتها‪ً ،‬بلًويحظرًتحتًطائلةًالعقوبة ًاإلعالنً‬
‫عنًهويتهمًأوًإفشاءًأيًًمعلومةًمنًشأًنهاًالسًماحًبالتعرفًعليهم‪ًً.3‬‬
‫وفيماًيتعلقًبإهدارًالضًماناتًالسًابقةًعنًمرحلةًالمحاكمةًفيمكنًاإلشارةًإلى ًكلً‬
‫منًتمديدًمدةًالتًوقيفًللنظرًمنً‪ً 88‬إلى ً‪ً 11‬ساعة‪ً ،4‬وهوًماًلمًيتًمًاحترامهًفيًأغلبً‬
‫األحيان‪ً،5‬إخضاعًعمليةًتوكيلًالمحاميًلعتمادًرئيسًالمجلسًالقضائيًالمعني‪ً،6‬فضالً‬
‫عن ًتقليص ًحرية ًالمحامي ًفي ًممارسة ًحق ًالدًفاع ًمما ًيعد ً ًانتقاصا ًمن ًالحق ًفيًًًًً‬
‫الدًفاع‪ً،7‬ضفًإليًذلكًإهدارًمبدأًالتًقاضيًعلىًدرجتين‪ً.8‬‬
‫لقد ًتمً ًبالنظر ًإلى ًالمحدودية ًالوظيفية ًوضعفًنجاعة ًهذه ًالمجالس‪ً ،‬وكذا ًتأثيرهاً‬
‫السًلبي ًعلى ًصورة ًالجزائر ًفي ًالخارج‪ً ،‬إلياء ًالعمل ًبها ًبموجب ًاألمر ً‪ً 08-80‬واحالةً‬
‫عمليةًالمعالجةًالقضائيةًلألعمالًالتًخريبيةًواإلرهابًإلىًقانونًالعقوباتًوقانونًاإلجراءاتً‬
‫الجزائيةً ًوذلكًأمامًالقضاءًالعادي‪ً.9‬‬
‫ً‬

‫‪ً-)1‬تنصًالمادة‪ً91ً،‬منًالقانون رقم‪ً93-10‬علىًمايليً‪":‬يختصًالمجلوسًالقضوائيًالخواصًبمحاكموةًالقصور‪ً،‬‬
‫الباليينًمنًالعمرً‪ً82‬عشرًسنةًكاملة‪ً،‬المرج ًنفسه‪ً.‬‬
‫‪ً-)2‬أنظرًفيًذلك‪ً،‬بولدنين أحمد‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.81.‬‬
‫‪ً-)3‬المادةً‪ً،82‬منًالقانون رقم ‪ً،93-10‬مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫‪ً-)4‬المادةً‪ً،88‬المرج ًنفسه‪ً.‬‬
‫‪ً-)5‬المرصد الوطني لحقوق اإلنسان‪ً،‬التقريرًالسنويً‪ً،8889‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.11.‬‬
‫‪ً-)6‬المادةً‪ً81‬منًالمرسوم التشريعي ‪ً،90-13‬مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫‪ً -)7‬أنظرًفيًذلك ًكلًمن‪ً:‬المادةً‪ً 98‬المرج ًنفسه؛ ًالمرصد الوطني لحقوقًاإلنسان‪ً ،‬تقريرًأوليًعنًوضعيةً‬
‫حقوقًاإلنسانًفيًالجزائرً‪ً،8889‬مرج ًسابقً‪ً،‬ص‪ً.12.‬‬
‫‪ً-)8‬المادةً‪ً،90‬منًالمرسوم التشريعي رقم ‪ً،93-10‬مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫‪ً-)9‬يتعلقًاألمرًبكلًمن‪ً:‬األمر رقم ‪99-10‬؛ًواألمر‪ً،99-10‬مرج ًسابق‪ً.‬‬
‫‪79‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫‪ -)0‬الوضع في مراكز األمن ‪:‬‬


‫ًالرئاسي ًرقم ً‪ً ،11-88‬تًم ًإنشاء ًالعديدًًًًً‬
‫استنادا ًإلى ًالمادة ًالخامسة ًمن ًالمرسوم ً‬
‫من ًمراكز ًاألمن ًبموجبًقرار ًمن ًوزير ًالدًاخلية ًوالجماعات ًالمحليًة‪ً ،1‬الذيًفو ً ًسلطةً‬
‫اإلمضاء ًباسمه ًللولة ًعلى ًمقررات ًالوض ًفي ًهذه ًاألخيرة‪ًً ،2‬وهو ًما ًيعتبر ًخرقا ًلمبدأًً‬
‫مجردًالشتباهًفيًأنًًنشاطًشخصًراشدًيشكلً‬
‫اإلحضارًأوًالمثولًأمامًالقاضيًبحيثًأنًً ً‬
‫خطورةًعلىًالنظامًواألمنًالعموميين‪ً،‬أوًعلىًالسًيرًالحسنًللمصالحًالعمومية‪ً،‬يعدًًمسوغاً‬
‫كافياًللوض ًفيًمراكزًاألمنًدونًالحاجةًإلىًتوجيهًتهمةًمحددةًأوًمحاكمةًمسبقة‪ً.3‬‬

‫‪-)1‬نذكرًمنها‪ً:‬‬
‫‪-‬ق ورار مووؤرخ فووي ‪99‬فيفووري ‪،ً9110‬يتضوومنًإنشوواءًكوولًموونًمركووزًرقووانً(وليووةًأدرار)ًبالناحيووةًالعسووكريةًالثالثووة‪ً،‬‬
‫مركووزًأموونًعووينًصووالحً(وليووةًتامنيسووت)ًبالناحيووةًالعسووكريةًالسادسووة‪ً،‬مركووزًأموونًفوويًورقلووةًوليووةً(ورقلووة)ًبالناحيووةً‬
‫العسكريةًالرابعة‪ً،‬ج‪.‬رج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ً،‬عدد‪ً،88‬الصادرةًبتاريخً‪88‬فبرايرً‪ً.8888‬‬
‫‪ -‬قرار مؤرخ في ‪ 90‬فيفوري‪ً،8888‬يتضومنًإنشواءًمركوزًأمونًفويًالحمورًً(وليوةًأدرار)ًالناحيوةًالعسوكريةًالثالثوة‪ً،‬‬
‫ج‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬عددً‪ً،81‬الصادرةًبتاريخً‪ً89‬فيفريً‪ً.8888‬‬
‫واءًمركووزًأموونًفوويًالمنيعووةً(وليووةًغردايووة)ًبالناحيووةًالعسووكريةً‬
‫‪ -‬ق ورار مووؤرخ فووي ‪ 91‬فيفووري ‪ً،9110‬يتضوومنًإنشو ً‬
‫الرابعة‪ًً،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ً،‬عدد‪ً،80‬الصادرةًبتاريخ‪ً82ً،‬فيفريً‪ً.8888‬‬
‫ًاإلمضاءًإلىًالولةًفيمواًيخوصًالوضو ًفويًم اركوزًاألمون‪ً،‬‬ ‫‪ً-)2‬ق ارر مؤرخ في ‪ 99‬فيفري ‪ً،9110‬يتضمنًتفوي‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬عدد‪ً،88‬الصادرةًبتاريخً‪88‬فبرايرً‪ًً.8888‬‬
‫‪ً -)3‬المادةً‪ً 0‬منًالمرسوم الرئاسي ‪ً،11-10‬مرج ًسابق؛ًلقدًأشارًتقريًالمرصدًالوطنيًلحقوقًاإلنسانًإلىً‬
‫أن‪ً :‬لقد ًبلغ ًعدد ًاألشخاص ًالذين ًكانوا ًمحل ًاستنطاق ًفي ًنهاية ًشهر ًأبريل ً‪ً 8888‬قرابةً‬
‫‪8800‬شخص‪......،‬وغالباًما ًخصتًأشخاصًبالنظرًإلىًمظاهرهمًالخارجيةًوأعمارهم‪ً،‬وقدًخصًهذاًاإلجراءً‬
‫بوجه ًخاص ًمنتسبي ًالجبهة ًاإلسالمية ًلإلنقاذ ً(المحلة) ًوالمتعاطفين ًمعها‪ً ،‬بما ًفيهم ًالعناصر ًالتي ًلها ًمسؤوليةً‬
‫تأطيرًالحزب‪ً،‬المرصد الوطني لحقوق اإلنسان‪ً،‬التًقريرًالسنويًلسنةً‪ً،8889‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.80.‬‬
‫‪80‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫لقد ًأطلق ًعلى ًهذه ًالمراكز ًالمتمثًلة ًفي ًمجموعة ًمن ًالمعتقالت ًفي ًالصحراءً‬
‫موضوعةًتحتًوصايةًالسًلطةًالعسكرية‪ً ،‬حيث ًتنعدمًفيهاًأدنىًشروطًالحياة‪ً ،‬بلغًعددهاً‬
‫‪ً88‬معتقالًغيرًمتًفقًحولًعددًالمحتجزينًبهاًلحدًاآلن‪ً،‬اسمًمحتشداتًالموت‪ً.1‬‬
‫كماًشكلتًهذهًاألخيرةًهاجساًحقيقياًبالنسبة ًللمنظًمات ًالنًاشطةًفيًمجالًحقوقً‬
‫اإلنسانًسواءًالدًوليةًمنهاًأوًالوطنيًة‪ً،2‬والتيًكانتًتدف ًبأنًًالوض ًفيًمراكزًاألمنًيعتبرً‬
‫منًقبيلًالنتهاكاتًالخطيرةًللقانونًًالدوليًلحقوقًاإلنسان‪ًً.3‬‬
‫تجدرًاإلشارةًإلىًأنهًنظراًللضًيوطاتًالدًوليةًوالدًاخليةًتمًإغالقًجمي ًهذهًالمراكزً‬
‫فيًديسمبرً‪ً.48880‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬

‫‪ً-)1‬راج ًكلًمن‪ً:‬شطاب كمال‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪810ً.‬؛ًظروفًالعتقالًسيئةًجدا‪ً،‬جريدةًالسالم‪ًً80ً،‬مارسً‬


‫ًالموقوفينًقريبوا‪ً،‬جريودةًالمسواءً‬ ‫موقوفًبالمركزًاألمنيةًاإلفراجًعنًبع‬
‫ًا‬ ‫‪8888‬؛ًبلخيرًفيًندوةًصحفية‪ً2212ً:‬‬
‫‪ً80‬مارسً‪ًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًً.8888‬‬
‫‪ً-)2‬أنظرًكلًمن‪ً:‬سي صالح نور الدين‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪91.‬؛ًًيحياوي جمال‪ً،‬األسوتاذًعلي يحي عبود النوور‪ً:‬‬
‫ًحولًطاولةًمستديرة‪ً،‬جريدةًالنور‪ً،‬ل وً‪ً82‬مارسً‪ً.8888‬‬ ‫ًحولًالنعوشًأوًعندًأبوابًالسجونًنتفاو‬ ‫لًنتفاو‬
‫‪ً-)3‬للتفصيلًفيًموقفًالقانونًالدوليًمنًعملياتًالعتقالًراج ً‪:‬‬
‫‪-JELENA Pejic, « Principes en matière de procédure et mesures de protection pour l’internement/la‬‬
‫‪détention administrative dans le d’un conflit armé et d’autres situations de violence »,In R.I.C.R, volume‬‬
‫‪87, sélection française 2005,pp.331-350.2005olume 87 Sélection française 2005Volume 87 Sélection français‬‬
‫‪ً-)4‬شطاب كمال‪ً،‬مرج ًسابق‪ً،‬ص‪ً.810.‬‬
‫‪81‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬

‫خالصة الفصل األول‬

‫ًًًًًعلىًضوءًماًسلفًبيانًنخلصًإليًأنًًاألزمةًالدًستوريةًالتيًعايشتهاًالجزائرًلمًتكنً‬
‫إلً ًنتيجة ًمنطقية ًإلخفاق ًمشروع ًالبناء ًالدًيمقراطي ًالتعددًي ًفي ًالسياق ًالجزائر‪ً ،‬في ًظلً‬
‫واجهية ًمشروع ًالبناء ًالدًيمقراطي ًالجزائري‪ً ،‬وهشاشة ًالبنية ًالمؤسًساتية ًللدًولة‪ً ،‬أين ًطرحً‬
‫توقيفًالمسارًالنتخابيًعلى ًأنًهًالحلًالوحيدًإلنقاذًالجمهوريةًفيًضوءًجملةًمنًالبدائلً‬
‫القانونيةًالمتاحة‪ً.‬‬
‫ًًًًهذا‪ً ً،‬ويعتبرًتاريخًتوقيفًالمسارًالنًتخابي‪ً،‬تاريخاًحاسماًفيًحياةًالجمهوريةًالجزائريةً‬
‫منًحيثًأنهًيؤرخًلبدايةًاألزمةًاألمنيةًالجزائرية‪ً،‬والتيًإنًكانًالبحثً‬
‫ً‬ ‫الدًيمقراطيةًالشعبية‪ً،‬‬
‫فيًطبيعتهاًالقانونيةًيكتسيًأهميةًباليةًفيًتحديدًالمنظومةًالقانونيةًالواجبةًاإلنفاذًلحتواءً‬
‫هذهًالظًاهرةًبماًيحققًمعادلةًالتًوازنًبينًالحفاظًعلى ًهيبةًالدًولةًوحمايةًأمنًمواطنيها‪ً،‬‬
‫إل ًأنً ًهذه ًالعملية ًلم ًتكن ًبالسًهولة ًالتي ًتبدوا ًعليها ًأمام ًتباين ًاألطروحات ًالقائلة ًبهذاً‬
‫الصدد‪ًًً.‬‬
‫ًًًًًامتدادا ًلذلك ًنتد ًعن ًالممارسة ًالمعكوسة ًلتًطبيق ًالمتكامل ًللقانون ًالدًولي ًاإلنسانيً‬
‫والقانونًالدًوليًلحقوقًاإلنسانًفيًالسًياقًالجزائري‪ً،‬مأساةًوطنيةًحقيقية‪ًً.‬‬
‫ً‬
‫ًً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬

‫‪82‬‬
‫الفصل الث اني‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫الفصل الثاني‬
‫المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫أمام ما أفصحت عنه الحصيلة اإلنسانية المأساوية التي أفرزتها المأساة الوطنية‬
‫وتداعياتها الخارجية من فشل الدولة الجزائرية في االضطالع بمهامها الدستورية في حماية‬
‫مواطنيها‪ ،‬عمد المشرع الجزائري إلي تبني نهج جديد في معالجة األزمة األمنية‪ ،‬الحت بوادرها‬
‫من خالل التمهيد السياسي لعملية المصالحة الوطنية‪ ،‬والتي أعقبتها عملية التجسيد التشريعي‬
‫لهذه األخيرة من خالل جملة من األطر التشريعية (مبحث أول)‪ ،‬تفرد من خاللها قانون‬
‫المصالحة الوطنية بما يطرحه من تقارب مع فكرة العادلة االنتقالية‪ ،‬من حيث أن أهدافه قد‬
‫تجاوزت مجرد البحث عن حل لألزمة األمنية إلى محاولة معالجة أثارها‪ ،‬لكن وفقا لمقاربة‬
‫خاصة بالسياق الجزائري التي لم تكتمل في إطارها أركان العادلة االنتقالية (مبحث ثان)‪.‬‬

‫المبحث األول‬
‫المصالحة الوطنية‬
‫– من التمهيد السياسي إلى التجسيد التشريعي–‬

‫إدراكا منه بأن المصالحة الوطنية هي عبارة عن عملية معقدة في سياق سلسلة من‬
‫الخيارات الحاسمة‪ ،‬عمد النظام الجزائري إلي التمهيد لهذه العملية من خالل تبنيه لسياسة‬
‫الحوار الوطني (مطلب أول)‪ ،‬هذه األخيرة ورغم إخفاقها في التوصل إلي بناء أرضية واطار‬
‫سياسي قوى للمصالحة الوطنية‪ ،‬إال أنها نجحت في التمهيد لهذا المسعى‪ ،‬وهو ما تجل من‬
‫خالل مختلف المقاربات التشريعية الهادفة لتحقيق المصالحة الوطنية(مطلب ثان)‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫المطلب األول‬
‫الحوار الوطني كأرضية للمصالحة الوطنية‬

‫عبرت سياسة الحوار التي الحت بوادرها في الجزائر بداية من الشروع في مشاورات‬
‫وطنية على نطاق واسع مرو ار بإنشاء ندوة الوفاق الوطني التي كللت باإلفراج عن أرضية‬
‫الوفاق الوطني‪ ،‬عن وعي السلطة الجزائرية بأن أية بادرة للخروج من األزمة المتعددة األقطاب‬
‫التي عايشتها الجزائر‪ ،‬ال يمكن أن يكتب لها النجاح بدون بناء أرضية قائمة على أساس‬
‫التوافق الوطني في تسير المرحلة االنتقالية‪ ،‬مما من شانه أن يشكل دفعا قويا نحو تحقيق‬
‫المصالحة الوطنية(فرع أول)‪ ،‬إال أن أرضية الوفاق الوطني قد أخفقت في بناء هذه األرضية‬
‫التي من شأنها الدفع بمسعى المصالحة إلي األمام (فرع ثان)‪.‬‬

‫الفرع األول‬
‫إدراك ضرورة التوصل إلى توافق وطني حول‬
‫تسيير المرحلة االنتقالية كأرضية للنهوض بالمصالحة الوطنية‬

‫يطرح التوافق الوطني على أنه عملية ديمقراطية هادفة إلى تسطير برنامج يحضى‬
‫بنوع من اإلجماع من قبل مختلف القوى السياسية واالجتماعية الفاعلة على الساحة الوطنية‬
‫بهدف رسم معالم عملية االنتقال الديمقراطي‪.1‬‬
‫لقد احتلت هذه العملية " االنتقال الديمقراطي عبر آلية التوافق الوطني " صدارة‬
‫انشغاالت القائمين على عمليات االنتقال الديمقراطي في مجموعة من التجارب المقارنة‪ ،‬وهو‬
‫ما تمت ترجمته عبر جملة من التجارب الرائدة في مجال االنتقال الديمقراطي‪ ،‬أين نجحت في‬
‫لتحقيق التوافق الوطني حول المرحلة االنتقالية‪ ،2‬سواء بالنسبة‬ ‫إيجاد صيغة "سياسية "‬

‫‪1‬‬
‫‪(-YOUSSEF Nada, Op.cit, p.36.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(-TIANGYE (N), « Crise de l’légitimité du pouvoir de l’Etat et conférences nationales en Afrique »,‬‬
‫‪In R.A.D.I.C , N°-1992, p.605.‬‬
‫‪85‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫للحاالت التي طرحت فيها عملية التحول الديمقراطي على أنها محاولة لتالفي حرب‬
‫أهلية‪ ،‬أو تلك التي طرحت فيها على أنها ضرورة حتمية للخروج من حالة حرب أهلية‪.1‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد ألهمت صيغة المؤتمرات الوطنية مجموعة واسعة من الدول اإلفريقية‪ ،2‬مقتبسة‬
‫من تجربة جمهورية البنين الرائدة في تحقيق انتقال ديمقراطي سلسل عبر آلية المؤتمر‬
‫الوطنية‪.‬‬
‫كما أن هذا األخير قد نجح في فرض سيادته ونفاذ ق ارراته‪ ،‬مما أسفر عن صياغة دستور‬
‫توافقي واحداث القطيعة التامة مع أبجديات النظام السابق القائم على الديكتاتورية الماركسية‬
‫اللينينية‪.3‬‬
‫ومن بين أهم التجارب التي أعقبت التجربة البنينية‪ ،‬تبرز التجربة الجنوب اإلفريقية‬
‫من خالل المؤتمر الوطني لجنوب إفريقيا الديمقراطية والذي جمع ‪ 91‬هيئة من هيئات‬
‫المجتمع المدني‪ ،4‬أين شكلت مسألة تحقيق المصالحة الوطنية‪ ،‬أهم محاور هذا المؤتمر‪ ،‬الذي‬
‫خلص بشأنها إلى تبني سياسة العفو المشروط عن الجرائم التي تم ارتكابها سواء باسم نظام‬
‫الفصل العنصري أو باسم معارضته‪ ،‬رغم إصرار حكومة الفصل العنصري على تبني خيار‬
‫العفو الشامل‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪)- YOUSSEF Nada, Op.cit, p.64.‬‬
‫‪ -)2‬نذكر منها تجربة النيجر سنة ‪ ،9119‬تجربة الزائير ‪ ،9111-9119‬وتجربة التشاد ‪ ،9111‬أنظر في ذلك‪:‬‬
‫‪-TIANGYE (N), Op. cit, P.604.‬‬
‫‪ -)3‬تميزت هذه التجربة عن غيرها من تجارب االنتقال الديمقراطي عبر آلية الحوار الوطني‪ ،‬في أنها كانت نتيجة‬
‫لمفارقة حقيقية ذلك أن الرئيس البنيني "‪ "Mathieu Kérékou‬المسؤول عن إرساء نظام الحكم الماركسي‪ ،‬اللينينى‬
‫منذ سنة ‪ 9191‬في البنين هو نفسه من طرح فكرة الندوة الوطنية‪ ،‬على خلفية أعمال الشغب التي عرفتها البالد في‬
‫سنة ‪ 9191‬والتي كانت نتيجة انهيار النظام المصرفي في البينين وعدم تمكن الدولة من دفع مرتبات الجيش‪ ،‬وبعد‬
‫تنصيب ندوة القوات الحية للدولة والتي ضمت مندوبين منتخبين عن مختلف الفعاليات االجتماعية والسياسة‪،‬‬
‫عمدت هذه األخيرة إلى تنصيب نفسها على أنها هيئة سيادية‪ ،‬وأن ق ارراتها نافذة في مواجهة جميع مؤسسات الدولة‬
‫انتهت فعاليتها بإرساء دستور توافقي كما تم تنظيم انتخابات رئاسية في سنة ‪ ،9119‬أنظر في ذلك‪:‬‬
‫‪-EBOUSSI- BOULAG fabien , Les conférences nationales en Afrique noire - une affaire a suivre ,‬‬
‫‪Karthala, 1993, p.65-68.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪(- YOUSSEF Nada, Op.cit, p.66.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪(-VALLY Hanif , « La paix avec la justice : l’amnistie en Afrique du sud », Mouvements ,N°53, 2008,‬‬
‫‪pp.102-109.‬‬
‫‪86‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫وقد انتهت هذه المفاوضات إلى إقرار دستور انتقالي في سنة ‪ ،9111‬وتعيين الزعيم‬
‫اإلفريقي الراحل السيد "نلسون منديال" رئيسا للحكومة االنتقالية سنة ‪ ،9111‬الذي شرع عقبها‬
‫في تجسيد برنامج للمصالحة الوطنية في جنوب إفريقيا‪.1‬‬
‫في محاولة لمقاربة التجارب المبينة أعاله ‪ ،2‬مدفوعا بدنو نهاية عهدته‪ ،‬طرح المجلس‬
‫األعلى للدولة آلية الحوار الوطني على أنها الوسيلة الوحيدة للخروج من األزمة التي تعيشها‬
‫الجزائر‪ ،‬أين لم يكن هنالك من بد من تعبيد الطريق نحو الدخول في مرحلة انتقالية‬
‫جديدة‪ ،‬لكن مع تدارك اإلخفاقات السابقة‪ ،‬وال يمكن لذلك أن يتم بمنأى عن حث مختلف‬
‫الفاعلين الوطنيين على االلتفاف حول أرضية سياسية ومؤسساتية تعكس إلى حد ما تطلعات‬
‫المجتمع الجزائري‪ ،3‬من شأنها أن تشكل مرتك از للنهوض بعملية المصالحة الوطنية‪.4‬‬
‫وهو ما تم الشروع فيه من قبل المجلس األعلى للدولة منذ يوم ‪ 19‬جويلية‬
‫‪ ،9111‬الذي يمثل تاريخ انطالق المرحلة األولى من المشاورات الوطنية‪ ،‬والتي أعقبت‬
‫بمرحلتين ثانيتين‪ ،‬تمحورت جلها حول بحث تعيين مؤسسات شبه دستورية لتسير المرحلة‬
‫االنتقالية القادمة‪.5‬‬
‫إال أنه وعلى الرغم من المؤشرات اإليجابية‪ ،‬التي بدأ المجلس األعلى للدولة يلمسها‪ ،‬من‬
‫هذه الجوالت‪ ،‬أين نجحت في تقريب وجهات النظر حول بعض المسائل المبدئية‪ ،‬التي تمحورت‬
‫حول التأكيد على كل من‪ :‬الطابع الجمهوري للدولة‪ ،‬احترام مبادئ الديمقراطية والتعددية‬

‫‪1‬‬
‫‪(- TIANGYE (N), Op.cti, pp.609.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪)- BRAHIMI Mohamed, Op.cit ,p.741.‬‬
‫‪ -)3‬بلحربي نوال‪ ،‬أزمة الشرعية في الجزائر (‪ ،)1009-9111‬رسالة لنيل شهادة الماجستير في فرع التنظيم‬
‫السياسي واإلداري‪ ،‬قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪ ،‬جامعة بن يوسف بن‬
‫خدة‪ ،‬الجزائر‪ ،1009 ،‬ص‪.991-991.‬‬
‫‪ -)4‬أحمد طعيبة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.199.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪(-Voir: BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit ,pp.104-771‬‬
‫‪87‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫السياسية ‪،‬احترام الحقوق والحريات ومبدأ التداول على السلطة‪ ،‬ناهيك عن االتفاق على التنديد‬
‫باإلرهاب‪.1‬‬
‫غير أن‪ ،‬المشروع التمهيدي المتعلق باألرضية المتضمنة اإلجماع الوطني حول المرحلة‬
‫االنتقالية‪ ،‬والذي كان نتاجا لهذه الجوالت‪ ،‬قد حمل معه بوادر فشله أين لم يعكس تطلعات‬
‫أطراف الحوار‪ ،‬وهو ما جعله محال النتقادات واسعة من قبل مجموعة معتبرة من األحزاب‬
‫السياسية‪.2‬‬
‫لقد حمل هذا الرفض الذي قوبل به المشروع التمهيدي المتعلق باألرضية المتضمنة‬
‫اإلجماع الوطني حول المرحلة االنتقالية‪ ،‬المجلس األعلى للدولة‪ ،‬إلى التوجه نحو اتخاذ‬
‫خطوات أخرى‪ ،‬تمثلت في تنصيب لجنة للحوار الوطني بتاريخ ‪.39111/90/91‬‬
‫يعتري الطبيعة القانونية لهذه األخيرة غموضا ملفتا لالنتباه‪ ،‬فعلى الرغم من أن المجلس‬
‫األعلى للدولة قد طرحها على أنها هيئة مستقلة‪ ،4‬إال أن كل من عامل تنصيبها بموجب‬
‫معيار أدنى من المعايير التشريعية المعتمدة عادة‪ ،‬أين تم تنصيبها بموجب إعالن من قبل‬
‫المجلس األعلى للدولة‪ ،‬والذي لم ينشر في الجريدة الرسمية‪ ،‬فضال عن حصر صالحياتها‬
‫في مجرد تقريب وجهات النظر بين مختلف األطراف‪ ،‬من أجل التوافق حول مشروع تمهيدي‬
‫للمرحلة االنتقالية‪ ،‬ضف إلى ذلك المدة الوجيزة التي يفترض بها إنهاء عملها خاللها ‪ ،‬كل‬
‫هذه االعتبارات تنفي حسب رأي األستاذ "بوسوماح" عنها صفة الهيئة اإلدارية المستقلة‪.5‬‬

‫‪ -)1‬يذهب األستاذ "محمد براهيمي" فيما يتعلق بنقطة التنديد باإلرهاب‪ ،‬والتي طرحها المجلس األعلى للدولة كشرط‬
‫مبدئي لالنخراط في جلسات الحوار على أنه يهدف إلى التقليص من الشرعية التي اكتسبها الحزب الفائز بأغلبية‬
‫األصوات في الدور األول من االنتخابات التشريعية (الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ المحلة)‪ ،‬مما من شأنه أن يشكل‬
‫بمفهوم المخالفة اعترافا بضرورة إيجاد المجلس األعلى للدولة راجع في ذلك كل من ‪ :‬قوقة وداد‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.990.‬‬
‫‪-BRAHIMI Mohamed , Op.cit, p.112.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(- Voir : BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit, pp.111-119.‬‬
‫‪ -)3‬بلحربي نوال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.999.‬‬
‫‪ -)4‬قوقة وداد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.999.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪)- Voir : BOUSSOUMAH Mohamed , Op.cit, pp.119-120.‬‬
‫‪88‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫وما زاد من تعقيد مهام هذه األخيرة‪ ،‬جملة العراقيل التي صادفتها في تعبئة مختلف‬
‫فعاليات المجتمع المدني‪ ،‬ويتعلق األمر خاصة بالسجال الذي طرح بشأن إشراك قيادات‬
‫الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ ( المحلة) في عملية الحوار من عدمها‪.‬‬
‫أمام هاجس الدخول في مرحلة شغور مؤسساتي‪ ،‬بفعل انتهاء عهدت المجلس األعلى‬
‫للدولة‪ ،‬التي صادفت نهاية سنة ‪ ،9111‬اجتمع كل من المجلس األعلى لألمن والمجلس‬
‫األعلى للدولة‪ ،‬لتقرير تمديد عهدة هذا األخير إلى غاية ‪ 19‬جانفي ‪ ،9111‬كما تم تحديد‬
‫يومي ‪ 11-11‬جانفي موعدا النعقاد ندوة الوفاق الوطني‪.1‬‬
‫وفي التاريخ المحدد لها انعقدت ندوة الوفاق الوطني في ظل مقاطعة األحزاب‬
‫السياسية الحائزة على الشرعية الشعبية في الدور األول لالنتخابات التشريعية لسنة‬
‫‪ ،*9119‬كما عرف سير أشغال الندوة العديد من التوترات ‪ ،‬والتي أسفرت عن انسحاب‬
‫بعض من األحزاب األخرى‪ ،‬في حين عرفت مشاركة واسعة من قبل المنظمات الجماهيرية‬
‫والوطنية المختلفة‪.2‬‬
‫انتهت أعمال هذه األخيرة‪ ،‬باإلفراج عن أرضية الوفاق الوطني التي أثارت العديد‬
‫من التساؤالت حول طبيعتها القانونية‪.3‬‬

‫‪ -)1‬يتساءل األستاذ "طعيبة أحمد" في هذا الصدد عن الطبيعة القانونية لهذا التمديد‪ ،‬أين تقرر هيئة استشارية‬
‫تمديد عمل هيئة مؤسسة‪" ،‬يشير االمتداد الدستوري الذي تم إضفاؤه على عملها بأنها أسمى من المجلس األعلى‬
‫لألمن"‪ ،‬وهو ما قد نرده ‪-‬على األرجح‪ -‬إلى تحري هذه األخيرة في عملية التمديد احترام مبدأ توازي األشكال‪ ،‬أنظر‬
‫في ذلك ‪ :‬طعيبة أحمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.110.‬‬
‫* يتعلق األمر بكل من الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ (المحلة) بمجموع (‪ 1110111‬صوت)‪ ،‬جبهة التحرير الوطنية‬
‫بمجموع(‪9191119‬صوت )‪ ،‬جبهة القوى االشتراكية بمجموع (‪ 190119‬صوت)‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪)-Voir : BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit,pp.129-141.‬‬
‫‪ -)3‬قوقة ودادا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.999.‬‬
‫‪89‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫الفرع الثاني‬
‫إخفاق أرضية الوفاق الوطني في تحقيق توافق وطني حول تسيير‬
‫المرحلة االنتقالية‬

‫على الرغم من إخفاق ندوة الوفاق الوطني في التوصل إلي صيغة موحدة للمرحلة‬
‫االنتقالية‪ ،‬إال أن ذلك لم يحل دون إقرار أرضية الوفاق الوطني كنص دستوري بحكم‬
‫الواقع‪ ،‬يستقي مشروعيته من ضرورة استرجاع هيبة الدولة‪ ،‬الهدف الذي عهدت بمهمة تحقيقه‬
‫لمجموعة من المؤسسات االنتقالية الفعلية الخاضعة في تشكيلتها لمبدأ التعيين‪.‬‬

‫أوالا‬
‫أرضية الوفاق الوطني نص دستوري بحكم الواقع أم امتداد للدستور القائم‬

‫في الوقت الذي عجزت فيه أحكام دستور ‪9191‬عن إيجاد مخرج ألزمة الشرعية‬
‫الدستورية في أعقاب توقيف المسار االنتخابي‪ ،1‬وأمام حتمية تعزيز النظام الدستوري‬
‫واستمراريته‪ ،2‬لم تجد السلطة السياسية في الجزائر مناصا من الدخول في مرحلة انتقالية‬
‫تفصل بين الشرعيتين االستثنائية والدستورية العادية‪ ،3‬تكون كفيلة بتوفير ظروف أكثر‬
‫مالئمة للخروج من األزمة‪ ،‬على أساس تالحم سياسي واجتماعي أوسع من شأنه تعبئة‬
‫الطاقات من جديد وتوظيف اإلمكانيات المتوافرة‪ ،4‬متخذة من معيار قانوني جديد منافس‬
‫للدستور مرجعية لها في تحقيق ذلك‪ ،5‬وهو ما يدفعنا للتساؤل عن موقع دستور‪9191‬من‬
‫هذا األخير‪.‬‬

‫‪ -)1‬بلودنين أحمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.919.‬‬


‫‪ -)2‬المادة ‪ 1‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،94-49‬المؤرخ في ‪ 11‬جانفي ‪ ،9111‬يتعلق بنشر أرضية الوفاق‬
‫الوطني حول المرحلة االنتقالية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪.‬عدد ‪ ،01‬الصادرة بتاريخ ‪ 9‬جانفي ‪.9111‬‬
‫‪ -)3‬رابحي أحسن ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.901.‬‬
‫‪ -)4‬الفقرة ‪ 1‬من مرسوم رئاسي رقم ‪ ،94-94‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -)5‬رابحي أحسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.910 .‬‬
‫‪90‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫تستوقفنا في هذا الصدد اإلحاالت المتكررة من طرف أرضية الوفاق الوطني إلى‬
‫الدستور‪ ،1‬خاصة ما تعلق بنص الفقرة ‪ 91‬من الديباجة‪ ،‬التي أفضت إلى القول ببقاء‬
‫الدستور األساس القانوني لهذا البناء و أنه يعد اإلطار المرجعي الجوهري الذي ينير الحياة‬
‫العامة‪ ،‬إال أنها علقت كل ذلك على شرط إمكانية تطبيقه بشكل كامل‪ ،‬وهو ما لم يكن‬
‫متواف ار حسب ما يعبر عنه مضمونها بالنظر إلى ما أسمته باالستحالة المسلم بها فيما يتعلق‬
‫بتنظيم انتخابات على المدى القصير‪.2‬‬
‫يدفعنا هذا المعطى األخير إلى المنازعة في فكرة االمتداد التي يوحي بها نص الفقرة‬
‫‪ 91‬من األرضية المتضمنة الوفاق الوطني‪ ،3‬لعدم استيفاء هذه األخيرة للمتطلبات اإلجرائية‬
‫للتعديل الدستوري وفقا لما تطرحه أحكام دستور ‪ ،9191‬في ظل غياب كل من هيئة‬
‫االقتراح ممثلة في رئيس الجمهورية ‪ ،4‬وهيئة اإلقرار المبدئي ممثلة في المجلس الشعبي‬
‫الوطني‪.5‬‬
‫هذا فضال عن تغييب صاحب السلطة التأسيسية األصلية ممثال في الشعب عن‬
‫عملية اإلقرار النهائية ألرضية الوفاق الوطني‪ ،6‬دون مراعاة االستثناء الوارد في معرض‬
‫المادة ‪ 911‬من الدستور التي تجعل من عملية عرض مشاريع التعديالت الدستورية أم ار‬
‫جوازي ‪ ،‬متى أرى المجلس الدستوري بأن ذلك ال يمس البتة بالمبادئ العامة التي تحكم‬
‫المجتمع الجزائري وحقوق اإلنسان والمواطن وحرياتهما‪ ،7‬وال يمس بأي شكل من األشكال‬
‫التوازنات األساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية وعلل رأيه‪ ،‬وهو اإلجراء الذي كان‬
‫مغيبا في إطار عملية وضع وثيقة أرضية الميثاق الوطني‪.‬‬

‫‪ -)1‬يتعلق األمر بكل من الفقرتين ‪ 9‬و‪ 91‬من الديباجة‪ ،‬وكذا المادة ‪ 1‬من المرسوم الرئاسي ‪ ،94-94‬مرجع‬
‫سابق‪.‬‬
‫‪ -)2‬راجع في ذلك‪ :‬الفقرة ‪ 91‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(-Voir : BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit, p.741.‬‬
‫‪ -)4‬أنظر في ذلك‪ :‬المادة ‪ 361‬من دستور ‪ ،3494‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪-)5‬أنظر في ذلك كل من‪ :‬المادتين ‪ 361‬و‪ 361‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -)6‬أنظر في ذلك كل من ‪:‬المادة ‪، 09‬المادة ‪،911‬المادة ‪ ،911‬المادة ‪ ،911‬منالمرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -)7‬أنظر في ذلك‪ :‬المادة ‪ 369‬من دستور ‪ ،3494‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪91‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫على صعيد آخر‪ ،‬لم يتم اللجوء إلى طريقة السلطة التأسيسية األصلية في إقرار هذه‬
‫األخير‪ ،1‬وهو ما يدفعنا إلى القول بأن األرضية لم تستوف من الناحية اإلجرائية الشروط‬
‫التي تكفل لها وصف التعديل الدستوري‪ ،2‬فهل نجد من الناحية الموضوعية ما يفيد بغير‬
‫هذا االستنتاج ؟‪.‬‬
‫إن اإلجابة على هذا الطرح تقتضي منا الوقوف على معالم االختالف الموضوعي‬
‫بين ما تطرحه أرضية الوفاق الوطني وما تقضي به أحكام دستور ‪ ،39191‬بحيث‬
‫مست هذه التعديالت جملة من النقاط الجوهرية سواء على الصعيد المؤسساتي أين جاء‬
‫هذا األخير بهيكلة جديدة لمختلف مؤسسات الدولة‪ ،4‬أو على الصعيد المعياري أين‬
‫أضحت الوظيفة التشريعية تعتمد على نوعين من المعايير‪ ،‬المراسيم الرئاسية المخولة‬
‫لرئيس الدولة‪ ،‬واألوامر المخولة للمجلس الوطني االنتقالي‪ ،5‬وهو ما يؤكد بأن دستور‬
‫‪ 9191‬قد عمد إلى وضع نظام دستوري جديد للدولة خارج اإلجراءات المعتمدة في أي‬
‫توجه دستوري‪ ،‬مما يطرح إشكالية الطبيعة القانونية لهذا النص‪.6‬‬
‫إن المرسوم الرئاسي رقم‪ ،94-49‬من حيث أنه معيار قانوني أدنى من أن يكفل‬
‫صفة المشروعية ألرضية الوفاق الوطني‪ ،‬فضال عن أن تقنية النشر التي تم اعتمادها من قبل‬
‫المجلس األعلى للدولة في طرح هذا النص ال تعدو أن تكون إال أداة قانونية‪ ،‬مفادها إعالم‬
‫الجمهور بصدور نص قانوني جديد دون ترتيب أدنى أثر قانوني على طبيعة هذا‬
‫النص‪ ،7‬ليستا كفيلتين بإضفاء وصف التصرف القانوني على المرسوم الرئاسي‬
‫‪ ،49-49‬المتعلق بنشر األرضية المتضمنة الوفاق الوطني‪.8‬‬

‫‪1‬‬
‫‪(-Voir : BRAHIMI Mohamed, Op.cit, p.145.‬‬
‫‪ -)2‬رابحي أحسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.901.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(- Voir : BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit, p.145.‬‬
‫‪ -)4‬بولودنين أحمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.919.‬‬
‫‪ -)5‬رابحي أحسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.901.‬‬
‫‪ -)6‬قوقة ودادا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.919.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪)-Voir : BRAHIMI Mohamed, Op.cit ,pp.146-147.‬‬
‫‪8‬‬
‫‪(- Voir : BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit, p145.‬‬
‫‪92‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫كما أنه نزوال عند مقتضيات المادة األولى من األرضية المتضمنة الوفاق الوطني‪ ،‬التي‬
‫تشير إلى أن المرحلة االنتقالية تستمد مشروعيتها من موافقة القوى السياسية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية على محتوى األرضية المعتمدة من طرف ندوة الوفاق الوطني‪ ،1‬نذهب إلى القول‬
‫بأن المشروعية التي تستند عليها المرحلة االنتقالية أضحت منعدمة بفعل غياب األحزاب‬
‫السياسية الثالثة الحائزة على الشرعية الشعبية‪ ،‬خاصة ما تعلق بغياب الجبهة اإلسالمية‬
‫لإلنقاذ (المحلة) التي تعد طرفا أساسيا في األزمة‪ ،‬ومقاطعة أحزاب أخرى لفعالياتها‪.2‬‬
‫إنه‪ ،‬وبق ارءة متالزمة لنتائج السالفة البيان نصل إلى القول بأن األرضية المتضمنة الوفاق‬
‫الوطني هي عبارة عن وثيقة تحتوي مدلول الدساتير الفعلية‪ ،‬لذلك تفيد معنى تجميد دستور‬
‫‪ ،39191‬أين أضحى هذا األخير مجرد معيار تكميلي احتياطي للمعايير التي تطرحها أرضية‬
‫أرضية الوفاق الوطني‪.4‬‬

‫ثاني ا‬
‫المرحلة االنتقالية كضرورة حتمية السترجاع هيبة الدول‬

‫أمام الوضع الداخلي المتأزم و الدولي الخانق الذي شهدته الجزائر‪ ،5‬لم يكن هنالك‬
‫مناص من العمل على وضع إستراتيجية ناجعة بغية استعادة هيبت الدولة‪ ،‬وفي هذا الصدد‬

‫‪ -)1‬المادة األولى من المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،94-49‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ -)2‬يتعلق األمر ب‪ 99‬تشكيلة أهمها‪ ،‬حركة حماس (سابقا) وحزب التجديدي الجزائري‪ ،‬راجع‪ :‬طعيبة أحمد‪،‬‬
‫ص‪.919.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(- Voir : BRAHIMI Mohamed, Op.cit, p.144.‬‬
‫‪ -)4‬وذلك بناء على الفقرة ‪ 91‬من ديباجة األرضية التي تشير إلى أن التطبيق الكامل للدستور ال يمكن أن يتم‬
‫بشكل كلي بالنظر إلى االستحالة المسلم بها فيما يتعلق بتنظيم انتخابات على المدى القصير‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -)5‬لقد تم تشديد الحصار الدبلوماسي واالقتصادي على الجزائر من قبل المجموعة الدولية‪ ،‬أين أبدي الموقف‬
‫الفرنسي الرافض لألوضاع التي تعيشها الجزائر‪ ،‬في حين ربطت الواليات المتحدة األمريكية دعمها للجزائر بمدى‬
‫تقدمها في مسار المصالحة الوطنية وسياسة الدعم االجتماعي ومرافقة هذا المسعى بمزيد من الدعم‬
‫االقتصادي‪ ،‬هذا وقد ضاعفت المنظمات الحقوقية من حدة الضغوط الدولية على الجزائر‪ ،‬ويحضرنا في هذا الصدد‬
‫التوصية التي رفعتها االتحادية الفدرالية األوروبية لإلتحاد األوروبي تطالب فيها اللجنة األوروبية بإيقاف المفاوضات‬
‫‪93‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫تنطلق األرضية المتضمنة الوفاق الوطني من التسليم بإخفاق الممارسات السابقة‪ ،1‬لتنتقل إلى‬
‫تحديد عناصر األزمة‪ ،2‬ثم تنتهي بعدها إلى وضع برنامج مسطر للخروج منها‪ ،‬والذي كان‬
‫موجهة ألربع محاور رئيسية (سياسية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬أمنية‪ ،‬واجتماعية ) وهو ما سنتعرض إليه‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -)9‬األهداف السياسية‪:‬‬
‫تتصدر األهداف السياسية أعلى نقاط االهتمام المزمع تحقيقها خالل المرحلة‬
‫االنتقالية‪ ،‬وهو ما يرده األستاذ "بوسوماح" إلى وعي واضعي أرضية الوفاق الوطني‪ ،‬بأن‬
‫األزمة التي عرفتها الجزائر‪ ،‬هي قبل كل شيء أزمة سياسية‪.3‬‬
‫يمكننا أن نوجز هذه األهداف التي وصفها األستاذ "براهيمي" باألهداف الطموحة و‬
‫التي تتطلب ثورة حقيقية من طرف سلطة ال تملك ال المقدرة و ال الوسائل لتحقيقها‪ ،4‬في ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -‬االسترجاع الحازم للسلم المدني‪.‬‬
‫‪ -‬الرجوع في أقرب الظروف الممكنة للمسار االنتخابي‪.‬‬
‫‪ -‬النهوض بعملية إصالح هيكلية لغرض إعادة االعتبار لوظيفة الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬أخلقت الوظائف العمومية وتعزيز وظائف الرقابة‪.‬‬
‫‪ -‬إعادة النظر في قوانين سابقة كانت أساسا للتعددية‪.5‬‬

‫=االقتصادية واشتراط استئنافها بتحسين األوضاع اإلنسانية في الجزائر‪ ،‬راجع في ذلك‪ :‬بوضياف محمد‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.991.‬‬
‫‪ -)1‬راجع في ذلك‪ :‬الفقرة الثانية من ديباجة المرسوم الرئاسي رقم‪ ،94-49 ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -)2‬راجع في ذلك‪ :‬الفقرة الرابعة من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(-Voir : BOUSSOUMAH Mohamed, Op.cit, p150.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪(-Voir : BRAHIMI Mohamed, Op.cit, p.147.‬‬
‫‪ -)5‬الهدف األول من أهداف المرحلة االنتقالية‪ ،‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،94-49‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪94‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫‪ ) 2‬األهداف األمنية‪:‬‬
‫فرضت األوضاع األمنية المتردية إن لم نقل الكارثية‪ ،‬التي كانت تعيشها الجزائر منذ‬
‫البداية‪ ،‬اعتماد سياسة الكل األمني من قبل الدولة ‪ ،1‬وهي السياسة التي ثمنتها أرضية الوفاق‬
‫الوطني مع اإلشارة إلى إمكانية اتخاذ تدابير لتهدئة الوضع بصفة تدريجية وحسب تطور‬
‫الوضع‪.2‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد جعل ربط واضعي أرضية الوفاق الوطني بين عملية مكافحة اإلرهاب ومهمة‬
‫الدولة في ضمان أمن األشخاص والممتلكات واستتباب األمن المدني‪ ،3‬األستاذ "براهيمي"‬
‫يذهب إلى توصيف الحكومة االنتقالية "بمفهوم األهداف األمنية للمرحلة االنتقالية"‪ ،‬على أنها‬
‫حكومة ثورية وفقا للنموذج الذي تولد على أثر قيام الثورة الفرنسية‪.4‬‬
‫‪ )1‬األهداف االقتصادية‪:‬‬
‫سنوات‬ ‫منذ‬ ‫الجزائر‬ ‫عرفتها‬ ‫التي‬ ‫المتردية‬ ‫االقتصادية‬ ‫األوضاع‬ ‫أثرت‬
‫الثمانينات‪ ،‬والتي تفاقمت بفعل أعمال العنف‪ ،5‬على التوجه الرامي إلى وضع إستراتيجية‬
‫شاملة قصد إنعاش االقتصاد الوطني‪ ،‬وهو ما لم يتجل بصورة واضحة في إطار أرضية‬
‫الوفاق الوطني‪ ،‬التي اكتفت بوضع برنامج يتسم بالعمومية‪ ،‬والقائم على أربعة محاور يمكن‬
‫اختزالها في‪:‬‬
‫‪ -‬تكييف االقتصاد الوطني مع التحوالت الكبرى لالقتصاد العالمي‪ ،‬واالنتقال المتحكم فيه‬
‫إلى اقتصاد السوق‪.‬‬
‫‪ -‬إجراء إعادة الهيكلة الصناعية‪.‬‬
‫‪ -‬تدعيم وترقية الصادرات من غير المحروقات قصد تنويع مصادر تمويل االقتصاد‪.‬‬

‫‪ -)1‬يتعلق األمر بالمرسوم الرئاسي رقم‪ ،92-42 ،‬مرجع سابق؛ المرسوم التشريعي رقم ‪ ،41-42‬مرجع سابق؛‬
‫المرسوم تشريعي رقم‪ ،41-41‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -)2‬راجع في ذلك‪ :‬الفقرة الرابعة من أهداف المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،94-49‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -)3‬الفقرة الرابعة من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪(-Voir : BRAHIMI Mohamed, Op.cit, pp.151-152.‬‬
‫‪ -)5‬بشأن الحالة االقتصادية الجزائرية راجع‪ :‬بوضياف محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.110-199.‬‬
‫‪95‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫‪ -‬انتهاج سياسة حيوية وشاملة لصالح الفالحة‪ ،‬تمكن البالد من الوصول إلى أمنها‬
‫الغذائي‪.‬‬
‫‪ -‬ترقية مجال الخدمات‪.1‬‬
‫‪ )1‬األهداف االجتماعية‪:‬‬
‫رسمت أرضية الوفاق الوطني جملة من األهداف‪ ،‬التي تصب في مسعى تحسن‬
‫الظروف المعيشية للمواطن‪ ،‬معلنة عن جملة من النقاط التي تهدف إلى تحقيقها‪ ،‬و التي‬
‫تتمثل في تعزيز العدالة االجتماعية‪ ،‬ترقية اإلسكان‪ ،‬وكذا إعداد وتنفيذ سياسة مالئمة وجريئة‬
‫في فائدة الشباب‪.2‬‬
‫تطرح مختلف األهداف المسطرة أعاله‪ ،‬إمكانية تصنيف األرضية المتضمنة الوفاق‬
‫الوطني على أنها دستور برنامج‪.3‬‬

‫ثالث ا‬
‫مؤسسات المرحلة االنتقالية‬
‫‪-‬بين التعيين وتركيز السلطة‪-‬‬

‫لقد أوكلت األرضية المتضمنة الوفاق الوطني مهمة تحقيق شروط الخروج من األزمة‬
‫لهيئات المرحلة االنتقالية ممثلة‪ ،4‬في كل من ‪:‬‬
‫‪ )3‬الجهاز التنفيذي‪:‬‬
‫يقوم الجهاز التنفيذي للمرحلة االنتقالية على مقاربة مبدأ الفصل بين السلطات‬
‫بحيث يتكون من كل من‪:‬‬

‫‪ -)1‬القرة الثانية من أهداف المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،94-49‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ -)2‬الفقرة الثالثة من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -)3‬رابحي أحسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.901.‬‬
‫‪ -)4‬الفقرة‪ 99‬من ديباجة‪ ،‬مرسوم رئاسي رقم ‪ ،94-49‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪96‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫أ) رئاسة الدولة‪:‬‬


‫وهي الهيئة التي يتم تعيينها من طرف المجلس األعلى للدولة في تكرار غير مبرر‬
‫إلثارة مسألة المشروعية‪ ،‬أين عمدت هيئة استشارية إلى تعيين هيئة مؤسساتية‪ ،‬من حيث أن‬
‫صالحيات رئاسة الدولة مستمدة من كل من الدستور‪ ،‬وأرضية الوفاق الوطني‪ ،‬فضال عن أنها‬
‫لم تخرج عن الصالحيات التقليدية المخولة لرئيس الجمهورية في الدساتير الجزائرية‬
‫المتعاقبة‪.1‬‬
‫ب) الحكومة‪:‬‬
‫يضطلع رئيس الحكومة المعين من طرف رئيس الدولة‪ ،2‬بمجموعة من‬
‫الصالحيات‪ ،3‬لعل أهمها إعداد البرنامج االنتقالي طبقا لألهداف الواردة في أرضية الوفاق‬
‫الوطني‪ ،4‬الذي يعرض على المجلس الوطني االنتقالي للمصادقة عليه بأغلبية ‪ 1/1‬من‬
‫األعضاء‪ ،‬واستثناء في حالة التصويت على الئحة التحفظات حيث يكيف برنامجه حسب هذه‬
‫التحفظات المعبر عنها‪ ،‬أو يطلب تصويتا بالثقة الذي يتم باألغلبية البسيطة‪ ،‬وذلك بعد إجراء‬
‫مجلس الوزراء مداولة حوله‪.5‬‬
‫‪ )2‬المجلس الوطني االنتقالي‪:‬‬
‫يعتبر المجلس الوطني االنتقالي الهيئة الثانية المستخلفة للمجلس الشعبي الوطني بعد‬
‫المجلس االستشاري الوطني‪ ،6‬وعلى الرغم من أنه‪ ،‬من الناحية الوظيفية يقارب إلى حد بعيد‬
‫من حيث صالحياته مهام المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬من حيث اضطالعه بمهمة التشريع عن‬
‫طريق األوامر‪ ،‬كما يتمتع بصالحيات رقابية‪.‬‬

‫‪ -)1‬أنظر الفرع األول من الفصل الثاني من المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،10-49‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -)2‬المادة‪ 1/91 :‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -)3‬راجع في ذلك‪ :‬الفرع الثاني من الفصل الثاني من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -)4‬المادة‪ 9/99 :‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -)5‬المادة‪1/99 :‬و‪ 1‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪(-Voir : BRAHIMI Mohamed, Op.cit, p.166.‬‬
‫‪97‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫إال أنه‪ ،‬من ناحية التشكيلة ال يعدو أن يكون هيئة معينة من قبل كل من رئاسة‬
‫الدولة‪ ،‬من األحزاب السياسية‪ ،‬والقوى االقتصادية واالجتماعية‪.1‬‬
‫مما يجعلنا نقول بإخفاق أرضية الوفاق الوطني في مقاربة مبدأ الفصل بين السلطات‪.2‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫المقاربة التشريعية للمصالحة الوطنية‬

‫علي الرغم من إخفاق سياسة الحوار الوطني في بناء أرضية قوية لدفع بمسعى‬
‫المصالحة الوطنية‪ ،‬إال أن هذه األخيرة قد عرفت طريقها إلى التجسيد من خالل جملة من‬
‫األطر التشريعية التي إعتمد بشأنها المشرع مقاربات متفاوتة‪ ،‬في تبني سياسة احتوائية لدفع‬
‫بعملية المصالحة الوطنية‪ ،‬بداية من إقرار تدابير الرحمة(فرع أول)‪ ،‬مرو ار بإشراك اإلرادة‬
‫الشعبية من خالل قانوني الوئام المدني والمصالحة الوطنية (فرع ثان)‪.‬‬

‫الفرع األول‬
‫تدابير الرحمة‬

‫يطرح قانون الرحمة على أنه امتداد لسياسة الحوار التي تبناها السيد "اليمين زروال"‬
‫عقب تنصيبه رئيسا للدولة‪،‬أين أعرب عن نيته في فتح حوار جدي مع الجميع‪.3‬‬
‫تجسيدا لهذا المسعى‪ ،‬شرع السيد رئيس الدولة آنذاك في اتخاذ إجراءات حاسمة تأكيدا‬
‫على جدية مسعاه‪ ،‬أهمها إطالق صراح إثنين من قادة الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ (المحلة)‬
‫المدعوان (علي جدي وعبد القادر بوخمهم)‪ ،‬إقالة حكومة السيد "رضا مالك"‪ ،‬وتعيين حكومة‬

‫‪ -)1‬راجع في ذلك‪ :‬المادة ‪ 19‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،94-49‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ -)2‬قوقة وداد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.911.‬‬
‫‪ -)3‬تاملت محمد ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.911.‬‬
‫‪98‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫جديدة بقيادة السيد "مقداد سيفي"‪ ،‬إعالنه عن شروعه في عملية الحوار بنفسه مع بعض‬
‫التشكيالت السياسية الفاعلة ومع قادة الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ( المحلة)‪.1‬‬
‫غير أن مساعي السيد رئيس الدولة "اليمين زروال" قد باءت بالفشل‪ ،‬بفعل تعنت كل‬
‫من التشكيالت السياسية الفاعلة على الساعة الوطنية في التمسك بمطالبها‪ ،‬فضال عن رفض‬
‫قادة الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ (المحلة) لمقترحات هذا األخير التي تبدو معقولة لحد بعيد‪،‬‬
‫والتي تجلت في اقتران إطالق صراح قادة الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ (المحلة) والغاء جميع‬
‫القوانين االستثنائية‪ ،‬فضال عن إعادة االعتبار لهذه األخيرة تحت تسمية أخرى‪ ،‬بمجرد نبذ‬
‫العنف من قبل هذه األخيرة‪ ،‬وهو ما قوبل بالرفض القاطع من قبل هؤالء؟‪.2‬‬
‫انتهت عملية الحوار بإعالن السيد رئيس الدولة عن فشلها في ‪ 19‬أكتوبر‬
‫‪ ،9111‬محمال وزر هذا الفشل ألطراف الحوار األخرى‪ ،‬وعلى إثر ذلك دعا هذا األخير‬
‫األحزاب لمواجهة الشعب مباشرة من خالل اإلعالن عن تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة‪ ،‬وذلك‬
‫إلضفاء الشرعية على المؤسسة الرئاسية‪.3‬‬
‫لم يؤثر إخفاق عملية الحوار على النهج التصالحي‪ ،‬الذي تبناه السيد رئيس الدولة‬
‫"اليمين زروال"‪ ،‬أين تم إصدار األمر رقم ‪ ،32-46‬المتضمن تدابير الرحمة نزوال عند‬
‫مقتضيات األرضية المتضمنة الوفاق الوطني‪ ،‬التي تذهب في فقرتها الرابعة المتعلقة بأهداف‬
‫المرحلة االنتقالية إلى القول بإمكانية اتخاذ تدابير لتهدئة الوضع بصفة تدريجية وحسب تطور‬
‫الوضع‪.4‬‬
‫يستوقفنا البناء القانوني لألمر رقم ‪ ،32-64‬المؤسس على أحكام المادة ‪9/91‬‬
‫من األرضية المتضمنة الوفاق الوطني‪ ،‬التي تخول السيد رئيس الدولة‪ ،‬حق إصدار عفو‬

‫‪ -)1‬بلحربي نوال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.919.‬‬


‫‪ -)2‬يونسي حفيظة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.999.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(- GHEZALI Abdelkarim, Le discoure de Zeroual confirme les incertitudes sure un accord politique,‬‬
‫‪Op.cit.‬‬
‫‪ -)4‬مرسوم رئاسي رقم ‪ ،10-11‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪99‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫خاص وحق تخفيض العقوبات أو استبدالها‪ ،1‬في الوقت الذي تم إصداره بموجب معيار‬
‫تشريعي‪ ،‬ممثل في أمر رئاسي من طرف المجلس الوطني االنتقالي‪.‬‬
‫أما عن محاور هذا األخير فيمكن تقسيمها في األساس إلى ثالث محاور على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ )3‬األشخاص المستفيدون من تدابير الرحمة‪:‬‬
‫لقد قسم المشرع الجزائري األشخاص المستفيدون من تدابير الرحمة إلى‪:‬‬
‫أ) األشخاص المستفيدون من عدم المتابعة القضائية‪:‬‬
‫حصرتهم المادة ‪ 11‬من قانون الرحمة في األشخاص المنتمين إلى أحد المنظمات المذكورة‬
‫في المادة ‪ 99‬مكرر‪ 1‬من قانون العقوبات سواء باإلنشاء أو التأسيس‪ ،‬أو التسيير أو بمجرد‬
‫االنخراط أو المشاركة مع معرفة أغراضها أو نشاطاتها‪ ،‬والذين لم يقوموا بارتكاب جريمة قتل‬
‫شخص أو التسبب له في عجز دائم وكذا عدم المساس بالسالمة المعنوية أو الجسدية‬
‫للمواطن‪ ،‬فضال عن عدم تخريب األمالك العمومية أو الخاصة‪.‬‬
‫وكذا األشخاص الذين يسلمون تلقائيا‪ ،‬ما بحوزتهم من أسلحة ومتفجرات أو وسائل مادية‬
‫أخرى‪.2‬‬
‫ب) األشخاص المستفيدون من التخفيف من العقوبة‪:‬‬
‫ويتعلق األمر باألشخاص الذين سلموا أنفسهم تلقائيا للسلطات المختصة‪ ،‬وأشعروها‬
‫بتوقفهم عن كل نشاط إرهابي‪ ،‬لكنهم تسببوا في قتل أشخاص أو إصابتهم بعجز دائم‪.3‬‬
‫‪ )2‬إجراءات االستفادة من تدابير الرحمة ‪:‬‬
‫أ) بالنسبة لألشخاص المستفيدون من عدم المتابعة القضائية‪:‬‬
‫تتطلب االستفادة من عدم المتابعة القضائية‪ ،‬إتباع الشخص التائب لإلجراءات‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪ -)1‬المادة‪ ، 9/91 :‬مرسوم رئاسي رقم ‪ ،94-49‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ -)2‬المادتين ‪ 1‬و‪ 1‬من أمر رقم ‪ ،32-41‬مؤرخ في ‪ 91‬يوليو ‪ ،9111‬يتضمن تدابير الرحمة‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬‬
‫عدد‪ ،11‬الصادرة بتاريخ ‪91‬يوليو ‪.9111‬‬
‫‪ -)3‬المادة ‪ 1‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪100‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫‪ ‬الحضور التلقائي أمام السلطات المختصة‪ ،‬مع اصطحاب الولي عند االقتضاء و‪/‬‬
‫أو المحامي‪.‬‬
‫‪ ‬يتم عند حضورهم تسليمهم وصل الحضور يؤكد من خالله حضورهم التلقائي‪.‬‬
‫‪ ‬يسلم المعني خالل أجل ‪ 10‬يوم من تاريخ تسليم وصل الحضور‪ ،‬وثيقة تتضمن‬
‫عبارة مستفيد من تدابير الرحمة من طرف السلطة القضائية‪.1‬‬
‫ت) بالنسبة لألشخاص المستفيدون من تخفيف العقوبة‪:‬‬
‫يحول جميع األشخاص التائبين الذين ال تتوافر فيهم شروط االستفادة من تدابير عدم‬
‫المتابعة القضائية إلى المحكمة المختصة لتقديمهم إلى وكيل الجمهورية‪ ،‬الذي يحرر محضر‬
‫معاينة ويحرك الدعوى العمومية‪.2‬‬
‫نالحظ على األمر المتضمن تدابير الرحمة خلوه من أية إشارة لعنصرين مهمين من‬
‫العناصر التي تقتضي توصيفه على أنه قانون هادف لتحقيق المصالحة الوطنية‪ ،‬والتي تتعلق‬
‫بعدم تحقيقه لنهج شامل لعدم اإلفالت من العقاب‪ ،‬الذي يقتضي تفعيل المحاكمات في مواجهة‬
‫األطراف األمنية التي تخرق القانون بناء على تصرفات معزولة ‪ ،3‬وكذا عدم اإلشارة إلى لمسألة‬
‫جبر الضرر بالنسبة لضحايا اإلرهاب‪.4‬‬

‫‪ -)1‬المادتين‪ 1 :‬و‪ 1‬من األمر رقم ‪ ،32-41‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ -)2‬المواد‪ 1،9،1 :‬من األمر رقم ‪ ،32-41‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -)3‬برقوق محند‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪(- Voir : O.N.D.H, Rapport annuel de l’observatoire national des droits de l’homme 1994 ,Op.cti,p.215.‬‬
‫‪101‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫الفرع الثاني‬
‫إشراك اإلرادة الشعبية في عملية المصالحة‬

‫تكتسي العمليات اإلستفتائية أهمية بالغة من حيث أنها تعد من أحد مظاهر الديمقراطية‬
‫غير المباشرة‪ ،‬التي تضع بين يدي الشعب وسائل تمكنه من ممارسة السلطة خارج أطر‬
‫الديمقراطية التمثلية‪.1‬‬
‫وتعتبر مؤسسة االستفتاء في السياق الجزائري‪ ،‬مكسب من المكاسب الشعبية‪ ،‬لبعدها‬
‫التاريخي‪ ،‬أين تقترن بعملية االستفتاء على تقرير المصير في ‪ 9‬جويلية ‪ ،9111‬هذا وقد كرست‬
‫جميع الدساتير المتعاقبة للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية هذه الصورة ن صور‬
‫الديمقراطية المباشرة ‪ ،‬مع الربط بين عملية االستفتاء‪ ،‬ومبدأ السيادة الشعبية‪.2‬‬
‫هذا وقد عرفت الممارسة الجزائرية عدة استفتاءات؛ من بينها االستفتاء حول قانون الوئام‬
‫المدني‪ ،‬واالستفتاء حول الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية‪ ،3‬محل بحثنا‪.‬‬
‫مما يدفعنا إلى البحث عن القيمة القانونية لهذين األخيرين‪ ،‬وهو ما سنعمد إلى تناوله من‬
‫خالل نقطتين تتعلق األولى منهما باإلجراءات المتبعة في سبيل إقرار هذين النصين‪ ،‬أما الثانية‬
‫فتتعلق باآلثار المترتبة عنها ‪:‬‬

‫‪ -)1‬بقالم مراد‪" ،‬االستفتاء كوسيلة مباشرة لتعديل الدستور "‪ ،‬مداخلة مقدمة في إطار الملتقي الدولي‬
‫حول‪ ،‬التعديالت الدستورية في الجزائر‪ ،‬يومي ‪ 1‬و‪ 1‬ديسمبر ‪ ،1091‬جامعة الشلف‪ ،‬ص‪.1.‬‬
‫‪ -)2‬مزياني لوناس‪ ،‬انتفاء السيادة التشريعية للبرلمان في ظل دستور ‪ ،9111‬مذكرة لنيل درجة الماجستير‬
‫في القانون العام ‪ ،‬فرع تحوالت الدولة ‪،‬كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة مولود معمري تيزي وزو‪.199 ،‬ص‪.111.‬‬
‫‪ -)3‬راجع في ذلك كل من‪ :‬إعالن المجلس الدستوري رقم ‪/42‬أ‪.‬م‪.‬د‪ ،44/‬المؤرخ في ‪ ،9111/01/91‬المتعلق‬
‫بإعالن نتائج قانون الوئام المدني ‪،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬عدد‪ ،11‬الصادرة بتاريخ‪19‬سبتمبر‪9111‬؛ مرسوم رئاسي رقم‬
‫‪ ،279-41‬مؤرخ في ‪ 91‬غشت سنة ‪ ،1001‬يتضمن استدعاء هيئة الناخبين لالستفتاء المتعلق بالمصالحة‬
‫الوطنية‪ ،‬يوم الخميس ‪ 11‬سبتمبر سنة ‪ ،1001‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬عدد ‪ ،11‬الصادر بتاريخ ‪ 91‬غشت ‪.1001‬‬
‫‪102‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫أوالا‬
‫اإلجراءات المتبعة في سبيل إقرار كل من قانون المصالحة الوطنية‬
‫وقانون الوئام المدني‬

‫يبدو من األهمية بما كان الوقوف على اإلجراءات المتبعة في سبيل إقرار كل من قانون‬
‫النموذجين الوحيدين لنمط‬ ‫المصالحة الوطنية وقانون الوئام المدني‪ ،‬من حيث أنهما؛‬
‫االستفتاء التشريعي في الجزائر‪.1‬‬
‫هذه األخيرة من حيث أنها تمثل مشاريع قوانين من المفترض أن يتم التقدم بها وفقا‬
‫ألسلوبي‪:‬‬
‫أما األول فيتعلق بالطريقة العادية‪ ،‬والتي تتجلى في تقديم مشروع القوانين اإلستفتائية من‬
‫طرف الحكومة أو اقتراحها من قبل ‪ 10‬نائبا لتضحي قابلة للمناقشة‪ ،2‬لتمر بعد ذلك‬
‫بإجراءات التصديق‪،‬وفقا لألساليب المنصوص عليها في الدستور و حسب الطبيعة القانونية‬
‫للنص محل التصديق‪ ،3‬أو أن يتم تمريرها بموجب أمر رئاسي وفقا للشروط المحددة بموجب‬
‫المادة ‪ 911‬من الدستور‪ ،4‬في حين يبقي إقرارها النهائي مرهونا بتصديق الشعب علي مشروع‬
‫القانون اإلستفائي‪.5‬‬
‫وما يالحظ على الممارسة الجزائرية‪ ،‬فيما يتعلق بإقرار كل من قانون الوئام المدني‬
‫وقانون المصالحة الوطنية‪ ،‬أنها لم تشذ عن هذه القاعدة‪.‬‬
‫فأما بالنسبة إلقرار قانون الوئام المدني‪ ،‬نجد بأنه تم وفقا لإلجراءات التشريعية العادية‬
‫إلقرار القوانين‪ ،‬أين عمدت رئاسة الجمهورية إلى إصدار بيان تؤكد فيه أن رئيس‬
‫الجمهورية‪ ،‬سيكلف الحكومة بتبني مشروع قانون جديد يعرض على البرلمان‪ ،‬و هو ما تم‬

‫‪ -)1‬في مفهوم االستفتاء التشريعي راجع ‪ :‬بقالم مراد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1.‬‬
‫‪ -)2‬أنظر في ذالك‪ :‬المادة ‪ 991‬من المرسوم الرئاسي ‪ ،919 -46‬المؤرخ ‪ 09‬ديسمبر‪ ،‬المتعلق بنشر دستور‬
‫‪ 19‬نوفمبر‪ ،9111‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد ‪ ،91‬الصادرة بتاريخ ‪ 9‬ديسمبر ‪.9111‬‬
‫‪ -)3‬راجع في ذلك‪ :‬المادة ‪ 910‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -)4‬راجع في ذلك‪ :‬المادة ‪ ،911‬من المرسوم الرئاسي ‪ ،919 -46‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -)5‬رابحي أحسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.991.‬‬
‫‪103‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫الشروع فيه‪ ،‬حيث قامت الحكومة بإعداد محتوى المشروع المتضمن الوئام المدني‪ ،‬ليتم عرضه‬
‫بعد ذلك على مجلس الدولة من أجل أخذ الرأي بشأنه‪ ،‬قبل أن يعرض مرة أخرى على مجلس‬
‫الوزراء للمصادقة عليه‪.1‬‬
‫وقد أردفت هذه اإلجراءات بعرض المشروع المتضمن الوئام المدني للمصادقة عليه من‬
‫قبل البرلمان‪ ،‬والذي انتهى إلى إجازته بعد استيفائه لنصاب التصويت المقرر دستو ار بالنسبة‬
‫للقوانين العادية‪.2‬‬
‫تأتي المرحلة الثالثة‪ ،‬والتي تدعو حقيقة للتساؤل‪ ،‬أين عمد السيد رئيس الجمهورية وفقا‬
‫للصالحيات المخولة له دستو ار بموجب المادة ‪ 911‬من الدستور إلى إصدار نص قانون الوئام‬
‫المدني‪ ،‬الذي تم نشره في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬المؤرخة‬
‫في‪ ،3911/09/91‬وذلك قبل عرضه على االستفتاء الشعبي بتاريخ ‪ 91‬سبتمبر ‪ ،49111‬وهو‬
‫ما يدفعنا للتساؤل عن مدى تأثير هذا اإلجراء على الصورة التي من المفترض أن تكتسيها عملية‬
‫االستفتاء والتي من المفترض أن تلعب دو ار تصديقيا‪.5‬‬
‫أما بالنسبة للميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية‪ ،‬فقد سلك المشرع الجزائري بشأنه‬
‫أسلوب التشريع االستثنائي‪ ،‬أين تم إنفاذه في صيغة أمر رئاسي‪ ،‬وذلك بعد المصادقة عليه من‬

‫‪ -)1‬لمزيد من التفاصيل راجع‪ :‬شريفي عبد الغني‪ ،‬تطبيق االستفتاء في الجزائر انطالقا من تجربة ‪ ،9111‬رسالة‬
‫لنيل شهادة الماجستير في القانون الدستوري وعلم التنظيم السياسي‪ ،‬كلية الحقوق‪ -‬بن عكنون‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪ ،1009 ،‬ص‪.11.‬‬
‫‪ -)2‬راجع في ذالك كل من‪ :‬المادتين ‪ 910‬و‪ 911‬من دستور ‪ ،3446‬مرجع سابق ؛ شريفي عبد الغني‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.11-19.‬‬
‫‪ -)3‬قانون رقم ‪ ،49-44‬المؤرخ في ‪ ،911/09/91‬المتعلق باستعادة الوئام المدني‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬رقم ‪،11‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪.9111/09/91‬‬
‫‪ -)4‬أنظر في ذلك‪ :‬إعالن المجلس الدستوري رقم ‪/42‬أ‪.‬م‪.‬د‪ ،44/‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -)5‬فماذا لو أن نتائج االستفتاء لم تكن في صالح قانون الوئام المدني‪ ،‬هل كان سينجر عن ذلك إلغائه بأثر‬
‫رجعي؟!‪ ،‬وهو اإلجراء الذي من شأنه أن يؤثر على الحقوق المكتسبة بموجبه‪ ،‬أم اإلبقاء على النص على أنه تشريع‬
‫عادي استوفى جميع اإلجراءات الواجب إتباعها في إقرار هذا النوع من النصوص‪ ،‬وهو ما من شأنه أن يعتبر مساسا‬
‫بمبدأ السيادة الشعبية بموجب المادة السابعة من الدستور‪.‬‬
‫‪104‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫قبل الشعب في استفتاء ‪ 11‬سبتمبر ‪ ،11001‬ليتم عرضه بعد ذلك على البرلمان للموافقة عليه‬
‫في أول دورة له‪.2‬‬

‫ثانيا‬
‫البحث في حقيقة تفعيل القوانين اإلستفتائية لمبدأ السيادة الشعبية‬

‫إن عملية المصالحة الوطنية من حيث أنها عملية قوامها تحقيق مصالحة‬
‫مجتمعية‪ ،‬تقتضي بالضرورة إشراك جميع القوي الفاعلة في المجتمع‪ ،‬عطفا عن إشراط اإلرادة‬
‫الشعبية في بعدها الدستوري القائم على مبدأ السيادة الشعبية‪ ،‬والذي تم إفراغه في السياق‬
‫الجزائري في صورة الديمقراطية المباشرة عن طريق العمليات اإلستفتائية‪ ،‬إال انه لما كانت‬
‫السيادة الشعبية هي العامل الذي يضفي الطبيعة "ما فوق القانونية " للقوانين اإلستفتائية فإننا‬
‫نتساءل عن فعلية إشراك اإلرادة الشعبية في سياق عملية إقرار المصالحة الوطنية الجزائرية‪ ،‬وهو‬
‫ما يمكن أن نتبينه من خالل البحث عن أثار تبني القوانين اإلستفتائية في النظام الدستوري‬
‫الجزائري‪.‬‬
‫‪ )3‬الطبيعة "ما فوق القانونية" للقوانين اإلستفتائية ‪:‬‬
‫على الرغم من أن التشريعات اإلستفتائية تنصب على القوانين من الناحية‬
‫الموضوعية‪ ،‬إال أن ارتباط المصادقة عليها باالستفتاء تجعله يسمو عن سائر المعايير‬
‫التشريعية األخرى‪ ،‬وهو بذلك يحتل مرتبة موالية للدستور ضمن التصنيف المعياري العام‪.3‬‬
‫هذا ويذهب األستاذ "بويحيى جمال" في معرض توصيفه للطبيعة القانونية لميثاق‬
‫السلم والمصالحة الوطنية‪ ،‬بأنه آلية فوق قانونية ( ‪ ، ) SUPRA JURIDIQUE‬معلال‬
‫ذلك بأن مثل هذه اآلليات تأتي في مراحل تجتاز فيها الدول بمؤسساتها حالة من عدم‬

‫‪ -)1‬أنظر في ذلك‪ :‬المرسوم الرئاسي ‪ ،279-41‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ -)2‬راجع في ذلك‪ :‬كل من المادة ‪ 1/911‬من دستور ‪ ،9111‬مرجع سابق؛ باخالد عبد الرزاق‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.911.‬‬
‫‪ -)3‬راجع في ذلك كل من‪ :‬رابحي أحسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 999.‬؛‬
‫‪- HONFUNG (M.G), Le référendum, collection que sais – je ?, P.U.F, Paris, 198, p.63.‬‬
‫‪105‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫االستقرار واالنهيار إلى درجة تهديد ‪ -‬هذه األخيرة – في استم ارريتها‪ ،‬كما يفتقد جموع‬
‫متساكنيها للعديد من حقوقهم‪ ،‬بالقدر الذي يصبح معه الحق في الحياة مهددا بشكل‬
‫كبير‪ ،‬حينها تصبح مثل هذه الحلول كمخرج ‪ -‬و إن كان منتقد‪ -‬ألزمة غير عادية‪. 1‬‬
‫‪ )2‬اآلثار المترتبة عن القوانين اإلستفتائية ‪:‬‬
‫يترتب عن إقرار القوانين اإلستفتائية في السياق الجزائري بما لها من ارتباط وثيق‬
‫بمبدأ السيادة الشعبية فضال عن صورية إشراك اإلرادة الشعبية حول البرنامج موضوع‬
‫االستفتاء في السياقات الجزائرية ‪ ،‬تقويض دور البرلمان في الرقابة على القوانين اإلستفتائية‬
‫ناهيك عن تحجيم دور المجلس الدستوري في الرقابة على مدى مطابقة القوانين اإلستفتائية‬
‫للدستور‪.‬‬
‫أ)‪-‬تقويض دور البرلمان‪:‬‬
‫يظهر من خالل عمومية نص كل من المادة ‪ 9‬والمادة ‪ 9/99‬من دستور ‪ ( 9111‬قبل‬
‫التعديل الدستوري لسنة ‪ ،)1009‬طالقها لحق رئيس الجمهورية في تفعيل سلطته في اللجوء‬
‫إلى الشعب في كل قضية ذات أهمية وطنية‪ ،‬دون إيراد أية ضوابط لترسيم حدود هذه السلطة‬
‫أو إعطاء تصور عما من شأنه أن يدرج في مصاف المواضيع ذات األهمية الوطنية‪.2‬‬
‫وهو ما من شأنه أن يتخذ من قبل رئيس الجمهورية كمطية لتحجيم دور البرلمان سواء في‬
‫شقه التشريعي أو الرقابي‪ ،3‬أين يتأتى لرئيس الجمهورية تجاوز هذا األخير نهائيا‪ ،‬سواء من‬
‫خالل عرض مشاريع القوانين التي يرفضها هذا األخير على الشعب للفصل فيها‪ ،‬مما يجعل من‬
‫تصديق البرلمان على مشاريع القوانين من عدمها مجرد تحصيل حاصل‪ ،‬أو من خالل تمرير‬

‫‪ -)1‬بويحيى جمال‪" ،‬دولة القانون واالنتقال الديمقراطي‪ :‬تداعيات االنتفاضات الراهنة"‪ ،‬ورقة بحث مقدمة‬
‫إلى مخبر العولمة والقانون الوطني‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪،1091 ،‬‬
‫ص‪.91.‬‬
‫‪ -)2‬أنظر في ذلك‪ :‬المادتين ‪ 9‬و‪ 9/99‬من دستور ‪ ،3446‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -)3‬رابحي أحسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.991.‬‬
‫‪106‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫مشاريع القوانين اإلستفتائية مباشرة على صاحب السيادة األصلي الذي يخول له وحده الفصل‬
‫في إجازة القانون الستفتائي أو رفضه‪.1‬‬
‫ب)‪-‬تحجيم دور المجلس الدستوري‪:‬‬
‫تنضوي القوانين اإلستفتائية ضمن طائفة أعمال السيادة‪ ،‬وهو ما يجعل من دور المجلس‬
‫الدستوري بشأنها يختزل في مجرد السهر على صحة العملية اإلستفتائية‪ ،2‬دون تجاوزها لفرض‬
‫رقابته على مدى مطابقة هذه األخيرة ألحكام الدستور‪.3‬‬
‫ج)‪-‬صورية إشراك اإلرادة الشعبية‪:‬‬
‫إن المتتبع لمالبسات العمليات اإلستفتائية في الجزائر‪ ،‬ال يسعه إال اإلقرار بانسحاب‬
‫مفهوم االستفتاء الشخصي على هذه األخيرة‪ ،‬أين أضحت عملية لتزكية شخص الرئيس‬
‫وليس عملية للمصادقة على برنامج قائم في حد ذاته‪ ،4‬ويجد هذا الطرح أساسه في أحكام‬
‫الدستور ذاته التي جعلت من حق في اللجوء إلى اإلرادة الشعبية حقا محجو از لرئيس‬
‫الجمهورية‪ ،5‬مما يجعلنا ننزع للقول بصورية إش ارك اإلرادة الشعبية حول البرنامج موضوع‬
‫االستفتاء في السياقات الجزائرية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫عدم اكتمال أركان العدالة االنتقالية في إطار التجربة الجزائرية‬

‫يمكن تبين أركان العادلة االنتقالية في ضوء التعريف الذي أورده األمين العام لألمم‬
‫المتحد بشأنها‪ ،‬والذي يقضي بأنها عبارة عن"مجموعة من اآلليات والعمليات القضائية وغير‬

‫‪ -)1‬مزياني لوناس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.111 .‬‬


‫‪ -)2‬أنظر في ذلك‪ :‬المادة ‪ 911‬من دستور ‪ ،3446‬مرجع سابق؛ المادة ‪.911‬‬
‫‪ -)3‬شريفي عبد الغني ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.919-911.‬‬
‫‪-)4‬لمزيد من التفاصيل حول الموضوع راجع ‪ :‬شريفي عبد الغني ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.99-91.‬‬
‫‪ -)5‬راجع في ذلك‪ :‬المادة ‪ 1/99‬من دستور ‪ ،3446‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪107‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫القضائية المرتبطة بالمحاوالت التي يبذلها المجتمع لمعالجة آثار تركت من تجاوزات‬
‫الماضي الواسعة النطاق بغية كفالة المسألة واقامة العدالة وتحقيق المصالحة "‪.1‬‬
‫نستشف مما سبق قيام العدالة االنتقالية على ركنين أساسيين؛ يتعلق األول بضرورة‬
‫تحقيق التكامل بين عناصر العدالة االنتقالية‪ ،‬أما الثاني فيتعلق بإرساء آليات فعالة‬
‫لالضطالع بعملية تحقيق هذا التكامل‪.‬‬
‫وهو ما ال نلمسه في إطار المقاربة الجزائرية أين لم تنجح هذه األخيرة في استيفاء‬
‫العناصر التي تطرحها العدالة االنتقالية (مطلب أول)‪ ،‬فضال عن إقصاء آليات هذه األخيرة‬
‫من إنفاذ قانون المصالحة الوطنية (مطلب ثان)‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫عدم استيفاء المقاربة الجزائرية لعناصر العدالة االنتقالية‬

‫تنطلق العدالة االنتقالية من ضرورة إرساء التوازن بين مجموعة من األهداف المختلفة‬
‫بل والمتناقضة‪ ،‬فهي من جهة ال تسعى لتحقيق عدالة بأثر رجعي بأي ثمن‪ ،‬كما أنها ال‬
‫ترتكز على المحافظة على السالم علي حساب الضحايا‪ ،2‬مما يجعلها تقوم على نهج‬
‫متكامل من العناصر التصالحية والجنائية بغية تحقيق مصالحة عادلة‪ ،‬إال أن نهج المشرع‬
‫الجزائري في التعاطي مع هذه العناصر من حيث غياب مقاربة شاملة لعناصر العدالة‬
‫االنتقالية في إطار قانون المصالحة الوطنية (فرع أول)‪ ،‬فضال عن تبنيه لخيار العفو (فرع‬
‫ثان)‪ ،‬جعلنا نقول بعدم استيفاء المقاربة الجزائرية لعناصر العدالة االنتقالية‪.‬‬

‫‪ -)1‬تقريررررر األمررررين العررررام لألمررررم المتحرررردة‪ ،‬س يييادة الق ييانون والعدالي يية االنتقالي يية في ييي مجتمعي ييات الصي يراع وم ييا بعي ييد‬
‫الصراع‪ ،‬رمز الوثيقة‪ ، S/2004/61 :‬ص‪.1 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪(- PENA Mariana , « Réparation individuelle et réparation collective », In acte du séminaire pour :la‬‬
‫‪paix et conciliation , organiser pars : CFDA, SOS disparus, FDA, Djazairouna, ANFD, Soumoud,‬‬
‫‪Bruxelles,18-19 mars 2007, p.153.‬‬
‫‪108‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫الفرع األول‬
‫غياب مقاربة شاملة للعناصر التصالحية للعدالة االنتقالية‬
‫في إطار قانون المصالحة الوطنية‬

‫في الوقت الذي تفترض فيه العدالة االنتقالية‪ ،‬اضطالع برامج المصالحة الوطنية‬
‫بالعناصر التصالحية للعدالة االنتقالية من خالل مقاربة شاملة‪ ،‬تقوم المقاربة الجزائرية على‬
‫التعويض كبديل لجبر الضرر‪ ،‬واهدار الحق في معرفة الحقيقة‪.‬‬

‫أوالا‬
‫التعويض كبديل عن جبر الضرر‬

‫لقد أضحى الحق في االنتصاف وجبر الضرر‪ -‬والذي يجد في القانون الدولي العرفي‬
‫لمسؤولية الدول مصد ار معز از ألساسه‪ ،1-‬مرسخا بقوة في المعاهدات الدولية لكل من‬
‫حقوق اإلنسان‪ ،2‬والقانون الدولي اإلنساني‪ ،3‬بل وحتى القانون الدولي الجنائي‪ ،4‬وقد انعكس‬
‫هذا اإلدماج لحقوق اإلنسان في مسؤولية الدول بفعل تفاعل القانون الدولي العرفي‬
‫على النحو المنصوص عليه في قانون مسؤولية الدول مع التطور التدريجي لقانون حقوق‬
‫اإلنسان في جانبه التعاهدي على المفهوم التقليدي لهذه المسؤولية‪ ،‬بشكل يكرس حق الفرد‬
‫في االنتصاف وجبر الضرر‪ ،5‬طبقا للمبدأ القائل بأن كل انتهاك لاللتزامات الدولية يؤدي‬

‫‪ -)1‬يتعلق األمر بقاعدة عرفية راسخة في القانون الدولي مفادها أن "الدولة مسئولة في مواجهة باقي الدول عن‬
‫جبر الضرر الناتج عن أفعالها غير المشروعة"‪ ،‬راجع في ذلك‪ :‬هنكرتس جون –ماري و لويز دون والد –بك‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.111.‬‬
‫‪ -)2‬نذكر منها‪ :‬المادة ‪ 1‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسة‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -)3‬نذكر منها‪ :‬المادة ‪ 19‬من البرتوكول اإلضافي األول الملحق باتفاقيات جنيف األربعة‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -)4‬يتعلق األمر بالمادتين ‪ 19‬و‪ 91‬من نظام روما األساسي‪ ،‬المتعلق بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪.‬‬
‫‪ -)5‬مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان‪ ،‬أدوات سيادة القانون للدول الخارجة من الصراعات‪ ،‬برامج جبر‬
‫الضرر‪ ،‬وثائق األمم المتحدة‪ ،‬رمز الوثيقة‪ ،2006 HR/PUB/06/ ،‬ص‪.1.‬‬
‫‪109‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫إلى إنهاض واجب يتعلق بجبر الضرر‪ ،‬وأبعاده تقتضي التكامل بين شمولية الجانب المادي‬
‫والموضوعي لمسألة جبر الضرر‪.1‬‬
‫كرس قانون المصالحة الوطنية بدوره الحق في االنتصاف وجبر الضرر‪ ،‬لكن وفقا‬
‫لتصور خاص بالمشرع الجزائري سواء من حيث أساس التعويض أو من حيث أبعاده‪:‬‬
‫‪ )3‬المسؤولية السلبية للدولة كأساس للتعويض‪:‬‬
‫يقيم قانون المصالحة الوطنية مسؤولية الدولة في التعويض بعنوان المأساة‬
‫الوطنية‪ ،‬على أساس الضرر مع إقصاء عنصر الخطأ أو الفعل غير المشروع من عناصر‬
‫المسؤولية‪ ،‬وهو ما يتجل من خالل ما يلي‪:‬‬
‫أ) التعويض بعنوان ضحية المأساة الوطنية‪:‬‬
‫– المخاطر االجتماعية كأساس للمسؤولية‪-‬‬
‫يقضي البند الرابع من مشروع الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية بالتمييز بين‬
‫المسؤولية الجنائية عن عمليات االختفاء القسري‪ ،‬التي يردها إلى كل من النشاط اإلجرامي‬
‫لإلرهابيين و بعض التجاوزات الفردية ألعوان الدولة‪ ،‬وبين المسؤولية المدنية للدولة‬
‫في التعويض التي تقوم في استقالل تام عن أية مسؤولية جنائية‪.2‬‬
‫ويتأكد هذا الطرح من خالل بنود قانون المصالحة الوطنية التي تحصر شروط‬
‫الحصول على صفة ضحية المأساة الوطنية‪ ،3‬التي من شأنها تخويل ذوي حقوقه الحق في‬

‫‪1‬‬
‫‪( - PENA Mariana, « Réparation individuelle et réparation collective », In acte du séminaire pour :la‬‬
‫‪paix et conciliation , organiser pars : CFDA, SOS disparus, FDA, Djazairouna, ANFD, Soumoud,‬‬
‫‪bruxelles, 18-19 mars, 2007,p.153.‬‬
‫‪ -)2‬أنظيير فييي ذلييك‪ :‬البنييد ال اربييع ميين مشييروع الميثيياق ميين أجييل السييلم والمصييالحة الوطنييية مت يوافر علييى الموقييع‬
‫اإللكتروني‪:‬‬
‫‪www.el-mouradia.dz/consulter, consulté le:06/06/2015, à 01 :16‬‬

‫‪ -)3‬تنص المادة ‪ 19‬على ما يلي‪" :‬يعتبر ضحية المأساة الوطنية الشخص الذي يصرح بفقدانه في الظرف الخاص‬
‫الذي نجم عن المأساة الوطنية‪ ،‬التي فصل فيها الشعب بكيل سييادة ‪ ....‬تترتيب صيفة ضيحية المأسياة الوطنيية الحيق‬
‫في التصريح بالوفاة بموجب حكم قضائي"‪ ،‬أمر رقم ‪ ،43-46‬الميؤرخ فيي ‪ 19‬فب اريير ‪ ،1001‬يتضيمن تنفييذ ميثياق‬
‫السلم والمصالحة الوطنية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪ ،99‬موافق‪ 19‬فبراير ‪.1001‬‬
‫‪110‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫اقتضاء التعويض‪ ،1‬في استصدار حكم التصريح بالوفاة بناء على محضر تعده الشرطة‬
‫القضائية على إثر عملية البحث والتحري الذي تقوم به بكل الوسائل القانونية التي بقيت‬
‫بدون جدوى‪ ،2‬دون اشتراط ألي من عنصر الفعل غير المشروع أو حتى إقران الحصول‬
‫على صفة ضحية المأساة الوطنية‪ ،‬بالمخاطر الناشئة عن أعمال أعوان األمن المشروعة في‬
‫إطار مكافحة اإلرهاب‪.3‬‬
‫وهو ما يجعلنا نقول باتساع األساس القانوني للتعويض في إطار إجراءات التكفل بملف‬
‫المفقودين بناء على أحكام قانون المصالحة الوطنية‪ ،‬التي لم تتوقف عند شرط الخطأ‬
‫الجسيم أو شرط المخاطر الناشئة عن أعمال أعوان األمن‪ ،4‬للقول باستحقاق ذوي حقوق‬
‫ضحية المأساة الوطنية بمفهوم المادة ‪ 1‬من المرسوم الرئاسي رقم‪ 11-01‬للتعويض‪ ،‬وانما‬
‫أقامتها على أساس المخاطر االجتماعية‪.5‬‬
‫ب) التعويض على أساس التضامن االجتماعي‪:‬‬
‫لقد أقام المشرع الجزائري التعويضات بعنوان اإلجراءات الرامية إلى تعزيز المصالحة‬
‫التماسك‬ ‫تعزيز‬ ‫إلى‬ ‫الرامية‬ ‫اإلجراءات‬ ‫بعنوان‬ ‫التعويضات‬ ‫وكذا‬ ‫الوطنية‪،6‬‬
‫الوطني‪ ،7‬على أساس التضامن االجتماعي وهو ما يتجلى من خالل ما يلي‪:‬‬

‫‪ -)1‬المادة‪ 19‬من األمر رقم ‪ ،43-46‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ -)2‬المادة ‪10‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -)3‬أنظر في ذلك‪ :‬عميرش نذير‪ ،‬المسؤولية المدنية للدولة عن األضرار الناتجة عن أعمال العنف واإلرهاب‪:‬‬
‫دراسة مقاربة ‪،‬أطروحة لنيل درجة دكتوراه علوم في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫منتوري‪ ،‬قسنطينة‪ ،1099،‬ص‪.119.‬‬
‫‪ -)4‬باخلييد عبييد الييرزاق‪ ،‬المصييالحة الوطنييية فييي إطييار السياسيية الجنائييية‪ ،‬بحييث لنيييل شييهادة الماجسييتير فييي القييانون‬
‫الجنائي والعلوم الجنائية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم القانونية‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪ ،1090-1001 ،‬ص‪.101.‬‬
‫‪ -)5‬أنظر في ذلك‪ :‬عميرش نذير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.199.‬‬
‫‪ -)6‬القسم الثاني من الفصل الثالث‪ ،‬من األمر رقم ‪ ،43-46‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -)7‬الفصل الخامس من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫‪-‬التعويض أو إعادة اإلدماج بعنوان اإلجراءات الرامية إلى تعزيز المصالحة الوطنية‪:‬‬
‫كفل المشرع الجزائري الحق في التعويض أو إعادة اإلدماج للشغل بالنسبة للموظفين‬
‫أو العمال الذين كانوا محل إجراء للتسريح اإلداري من العمل بسبب األفعال المتصلة‬
‫بالمأساة الوطنية‪ ،1‬متى كان حائ از لقرار عزل معلل قانونا‪ ،2‬ولم يتم تعويضه بمقتضى قرار‬
‫قضائي أو إداري سابق لتاريخ نشر هذا المرسوم‪ ،3‬وموجود ضمن قائمة األشخاص إما‬
‫الموضوعين قيد االعتقال بموجب إجراء إداري‪ ،‬أو المتابعين والمحبوسين أو المحكوم عليهم‬
‫بسبب أفعال مرتبطة بالمأساة الوطنية ‪،‬أو المستفيدين من أحكام قانون الوئام المدني واألمر‬
‫المتعلق بالمصالحة الوطنية‪.4‬‬
‫ويكون التعويض متناسبا مع سنوات النشاط المهني ويدفع من الحساب رقم ‪-011‬‬
‫‪ 101‬الذي عنوانه‪" :‬الصندوق الخاص للتضامن الوطني"‪ ،‬مما يجعل التعويض في هذه‬
‫الحاالت قائما على أساس التضامن الوطني‪.5‬‬
‫‪-‬التعويض بعنوان اإلجراءات الرامية إلى تعزيز التماسك الوطني‪:‬‬
‫عمد المشرع الجزائري في إطار مسعاه الرامي إلى تعزيز التماسك الوطني‪ ،‬فظال عن‬
‫إسقاط تهمة اعتبار األسر التي ابتليت بضلوع أحد أقاربها في األفعال المذكورة في المادة ‪1‬‬
‫من نفس األمر فاعلين أصليين أو محرضين أو مساهمين أو شركاء‪ ،6‬وكذا تجريم أي‬

‫‪ -)1‬أنظر في ذلك المادة ‪ 11‬من األمر رقم ‪ ،43-46‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ -)2‬المييادة ‪ 1‬ميين المرسرروم الرئاسرري رقررم ‪ ،329-46‬المييؤرخ فييي ‪ 19‬مييارس ‪ ،1001‬يحييدد كيفيييات إعييادة إدميياج‬
‫أو تعييويض األشييخاص الييذين كييانوا موضييوع إج يراءات إدارييية للتس يريح ميين العمييل بسييبب األفعييال المتصييلة بالمأسيياة‬
‫الوطنية‪ ،‬ج‪.‬رج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪ ،91‬الصادرة بتاريخ ‪ 11‬مارس سنة ‪.1001‬‬
‫‪ -‬تجدر اإلشارة إلى أن اشتراط إرفاق طلب عادة اإلدمياج أو التعيويض بقيرار التسيريح قيد يشيكل عوائيق حقيقيية أميام‬
‫االستفادة من أحكام المادة ‪ 11‬من األمر ‪ 43-46‬خاصة في حاالت التسريح الفعلي‪.‬‬
‫‪ -)3‬المادة ‪ ،10‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -)4‬المادة ‪ ، 9‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪-)5‬عميرش نذير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.111.‬‬
‫‪-)6‬المادة ‪ 10‬من األمر رقم ‪ ،43-46‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫تمييز في حق هذه الفئة‪ ،1‬إلى إقرار حق األسر المحرومة التي ابتليت بضلوع أحد أقاربها‬
‫في اإلرهاب من إعانة تمنحها الدولة بعنوان التضامن االجتماعي‪.2‬‬
‫على ضوء ما سلف بيانه نالحظ بأن المشرع قد وسع من األساس القانوني للتعويض‬
‫الذي أقامه في استقاللية تامة عن عنصر الخطأ‪ ،‬ما من شأنه أن يكفل تعزيز مركز‬
‫الضحايا وحقهم في اقتضاء التعويض‪ ،3‬إال أنه ليس يخفنا أن نبحث عن مدى كفاية اتساع‬
‫األساس القانوني للتعويض في تجسيد برنامج متكامل وشامل لجبر الضرر في بعديه المادي‬
‫والموضوعي‪.‬‬
‫‪) 2‬عدم تحقيق برنامج التعويض في إطار قانون المصالحة الوطنية لعناصر‬
‫االكتمال والشمولية‪:‬‬
‫إن مسألة جبر الضرر‪ ،‬من حيث ما تشكله من أهمية جوهرية في مسار تحقيق‬
‫العدالة واعادة االعتبار للضحايا بما يضمن توفير أرضية خصبة لتجاوز الماضي واالنطالق‬
‫نحو المستقبل‪ ،‬تفترض النهوض ببرامج متكاملة وشاملة لتحقيق هذا المسعى‪.4‬‬
‫ويتخذ اكتمال برامج جبر الضرر بالمفهوم الذي تطرحه المفوضية السامية لحقوق‬
‫اإلنسان بعدين؛ بعد موضوعي وبعد مادي وهو ما سنعمل على توضيحه على النحو‬
‫التالي‪:5‬‬

‫‪-)1‬المادة ‪ 19‬من األمر رقم ‪ ،43-46‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪-)2‬المييادة ‪ 11‬ميين المرجييع نفسييه؛ وفييي ه يذا الصييدد يشييير تقرييير اللجنيية الوطنييية االستشييارية لترقييية وحماييية حقييوق‬
‫اإلنسييان إلييى أنييه فييي سيينة ‪ 1009‬تييم قبييول ‪ 9111‬ملفييا ميين أصييل ‪ 99099‬ملييف تييم تقديمييه علييى مسييتوى اللجييان‬
‫الوالئية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪)- Voir: C.N.P.P.D.H, Rapport annuel, état de droit en Algérie, ANEP, Alger, 2000, pp.21-22.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪(- MOTTET Carol et POUT Christina , la justice transitionnel: une voie vers la réconciliation et la‬‬
‫‪construction d’une paix durable, en collaborations de: D.F.A.E , M.A.E.E.F, C.N.O.U.D.H.D.A.C,‬‬
‫‪Conférence paper1/2011, p.21.‬‬
‫‪ -)5‬مفوضررية األمررم المتحرردة لحقرروق اإلنسرران‪ ،‬أدوات سيييادة القييانون للييدول الخارجيية ميين الصيراعات‪ ،‬ب يرامج جبيير‬
‫الضرر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1.‬‬
‫‪113‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫أ) من حيث البعد المادي لبرامج جبر الضرر‪:‬‬


‫يقتضي اكتمال برامج جبر الضرر في بعدها المادي تحويل كل ضحية من ضحايا‬
‫االنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق اإلنسان و القانون الدولي اإلنساني إلى‬
‫مستفيد‪ ،‬وهو ما يقتضي شمولية جميع ضحايا االنتهاكات الجسيمة لحقوق اإلنسان في برامج‬
‫التعويض‪.1‬‬
‫إن تسليمنا باستحالة تحقيق برامج جبر الضرر بل والناجحة منها لمقصد االكتمال لما‬
‫يرتبط به من صعوبات على مستوى التمويل‪ ،‬فضال عن المستوى اإلج ارئي‪ ،‬وكذا على‬
‫مستوى ضبط المعايير االستداللية ‪ ،2‬ال يبرر بأي شكل من األشكال إقصاء شريحة واسعة‬
‫من الضحايا من برامج جبر الضرر على غرار ما ذهب إليه المشرع الجزائري في إطار‬
‫قانون المصالحة الوطنية‪.‬‬
‫مع العلم‪ ،‬بأن األحكام التي يقرها تحت عنوان تعويض ضحايا المأساة الوطنية ال‬
‫تعدو أن تكون إال استكماال للتدابير التي تم إقرارها‪ ،‬بعنوان تعويض ضحايا اإلرهاب منذ‬
‫سنوات ‪ ،39111‬ورغم ذلك يبقي هذا األخير بعيدا كل البعد عن استيفاء مقتضيات‬
‫االكتمال‪.‬‬

‫‪ -)1‬المرجع نفسيه مفوضرية األمرم المتحردة لحقروق اإلنسران‪ ،‬أدوات سييادة القيانون لليدول الخارجية مين الصيراعات‪،‬‬
‫برامج جبر الضرر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.91.‬‬
‫‪ -)2‬على الرغم من اعتبار كل مين تجربية جنيوب إفريقييا والتجربية المغربيية مين التجيارب الناجحية فيي مجيال العدالية‬
‫االنتقالية إال أنهما لم تتمكنا من بلوغ الكمال فيما يتعلق بجبر الضرر‪ ،‬لمزيد مين التفاصييل ارجيع كيل مين ‪ :‬الطيرب‬
‫هايرردي‪" ،‬العداليية االنتقالييية نميياذج دولييية مختييارة "‪ ،‬العداليية االنتقالييية فييي السييياقات العربييية‪ ،‬المنضييمة العربييية لحقييوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬د‪.‬ب‪.‬ن‪.1091 ،‬ص‪19.‬؛ الريسونس مصطفى‪" ،‬جبر الضير فيي التجربية المغربيية"‪ ،‬العدالية االنتقاليية فيي‬
‫السياقات العربية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11-91.‬‬
‫‪ -)3‬يتعلق األمر بكل من‪:‬‬
‫‪ -‬قررررانون رقررررم ‪ 24-44‬المي ييؤرخ في ييي ‪ 91‬أوت ‪ ،9110‬يتعلي ييق بالتعويضي ييات الناجمي يية عي يين قانون ي يا للعفي ييو الشي ييامل‬
‫رقم ‪ ،91-10‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد ‪ 11‬بتاريخ ‪91‬أوت ‪.9110‬‬
‫‪ -‬مرسرررررررررروم تشررررررررررريعي رقررررررررررم ‪ 43-41‬م ي ي ي ييؤرخ ف ي ي ي ييي ‪ 91‬ين ي ي ي يياير ‪ ،9111‬المتض ي ي ي ييمن ق ي ي ي ييانون المالي ي ي ي يية لس ي ي ي يينة‬
‫‪ ،9111‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬دش‪ ،‬عدد ‪ ،1‬الصادرة بتاريخ‪ 10 ،‬يناير ‪.9111‬‬
‫‪114‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫تستوقفنا كذلك في هذا الصدد‪ ،‬مسألة عدم توسيع المشرع الجزائري لمفهوم ضحية‬
‫المأساة الوطنية لباقي الحاالت المتضمنة في النصوص القانونية المتعلقة بتعويض ضحايا‬
‫اإلرهاب تماشيا مع منطقه المبني على ربط التعويضات واإلعانات بالمأساة الوطنية‪ ،‬والذي‬
‫كان من شأنه أن يحول دون تعميق الهوة بين مختلف التدابير المتعلقة بإعادة كرامة‬
‫الضحايا‪.1‬‬
‫نتوقف عند نهج واضعي قانون المصالحة الوطنية في التعاطي مع مسألة تعويض‬
‫الرغم مما ذهب إليه‬ ‫ضحايا المأساة الوطنية في بعدها المادي‪ ،‬والذي على‬
‫– في خطوة محمودة– من توسيع النطاق المادي لمسألة جبر الضرر لتشمل كل من األسر‬
‫المحرومة التي ابتليت بضلوع أحد أقاربها في اإلرهاب من إعانات مالية بعنوان التضامن‬
‫االجتماعي‪ ،2‬وكذا تقرير حق األشخاص الذين كانوا محل تسريح إداري من العمل بسبب‬
‫األفعال المتصلة بالمأساة الوطنية في االستفادة من التعويض أو إعادة إدماجهم في مناصب‬

‫=‪ -‬مرسرررررررروم تشررررررررريعي رقررررررررم ‪ ،39-41‬مي ي ي ييؤرخ في ي ي ييي ‪ 11‬ديسي ي ي ييمبر ‪ ،9111‬يتضي ي ي ييمن قي ي ي ييانون الماليي ي ي يية لسي ي ي يينة‬
‫‪ ،9111‬ج‪.‬رج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪ ،99‬الصادرة بتاريخ ‪ 10‬ديسمبر ‪.9111‬‬
‫‪ -‬قرررانون رقرررم ‪ ،49-44‬الم ييؤرخ ف ييي ‪ 91‬يولي ييو ‪ ،9111‬يتعل ييق باس ييتعادة الوئ ييام الم ييدني‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬ع ييدد‬
‫‪ ،11‬الصادرة بتاريخ ‪ 91‬يوليو ‪.9111‬‬
‫‪ -‬مرسررروم تنفيرررذي رقرررم ‪ ،929-49‬المييؤرخ ف ييي ‪ 91‬ديسييمبر ‪ ،9119‬يحييدد ش ييروط التكفييل بالعييائالت المحروم يية‬
‫ضحايا المأساة الوطنية وكيفيات تطبيقها‪ ،‬ج‪.‬رج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد ‪ ،11‬الصادرة بتاريخ ‪ 91‬ديسمبر‪.9119‬‬
‫‪ -‬مرسرررروم تنفيررررذي رقررررم ‪ ،97-44‬الم ييؤرخ ف ييي ‪ 91‬فب اري يير ‪ ،9111‬يتعل ييق بم يينح تعويض ييات لص ييالح األش ييخاص‬
‫الطبيعيييين ضييحايا األض يرار الجسييدية والمادي ية التييي لحقييت بهييم نتيجيية أعمييال إرهابييية أو حييوادث وقعييت فييي إطييار‬
‫مكافحة اإلرهاب‪ ،‬وكذا لصالح ذوي حقوقهم‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪ ،01‬الصادرة بتاريخ ‪ 99‬فبراير ‪.9111‬‬
‫‪ -‬مرسررروم تنفيرررذي رقرررم ‪ ،392-44‬مييؤرخ ف ييي ‪ 91‬فب ارييير‪ ،9111‬يتض يمن إحييداث دور اسييتقبال اليتييامى ض ييحايا‬
‫اإلرهاب وتنظيمها وعملها‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد ‪ ،01‬الصادرة بتاريخ ‪ 99‬فبراير ‪.9111‬‬
‫‪ -)1‬لقييد دع يي األسييتاذ "مرررروان عرررزي" رئيييس خلييية المسيياعدة القضييائية لتنفيييذ الميثيياق ميين أجييل الس يلم والمصييالحة‬
‫الوطنية ‪ ،‬إلى ضيرورة تحييين القيوانين المتعلقية بتعيويض ضيحايا اإلرهياب بميا يتوافيق ميع متطلبيات هيذه الفئية‪ ،‬أنظير‬
‫ف ييي ذل ييك‪( ،‬خ) ملكيرررة‪ ،‬خلي يية المس يياعدة القض ييائية لتنفي ييذ ميث يياق م يين أج ييل الس ييلم والمص ييالحة الوطني يية ‪ 91:‬اقت ارح ييا‬
‫الستكمال المسار وسد الثغرات‪ ،‬جريدة المساء‪ ،‬يوم ‪.1099-01-99‬‬
‫‪ -)2‬المادة ‪ 11‬من األمر رقم ‪ ،43-46‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪115‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫الشغل‪ ،1‬إال أنه انتهى وفي مفارقة عجيبة إلى إقصاء طائفة واسعة من الضحايا من تقرير‬
‫حقهم في التعويض سواء بصفة جزئية أم كلية‪.‬‬
‫فمن حيث اإلقصاء الجزئي نجده يتجلي من خالل النقص الذي يعتري نظام‬
‫التعويض المقرر بعنوان ضحايا المأساة الوطنية‪ ،‬والذي يقصي كل من المتضررين‬
‫المباشرين " الشخص المفقود" في حالة ما إذا أسفرت نتائج عمليات البحث المتبعة من‬
‫طرف الشرطة القضائية عن عدم هالكه‪ ،‬من الحق في الحصول على تعويض متى ثبت أن‬
‫حالة الفقدان لم تكن نتيجة التحاق الشخص( بالجماعات اإلرهابية)‪ ،2‬فضال عن إقصاء كل‬
‫من أبناء "ضحية المأساة الوطنية" البالغين ‪ 19‬سنة فما فوق وكذلك األبناء البالغين ‪ 91‬سنة‬
‫فما فوق والذين ال يزاولون الدراسة أو ال يتبعون التمهين‪ ،‬فضال عن بنات الهالك ذوات‬
‫دخل‪ ،3‬مما يجعلنا نتساءل عن سبب هذه الترجمة التشريعية الخاطئة لمفهوم التعويض‬
‫الشامل المترتب عن المسؤولية المدنية للدولة‪ ،‬الذي يفترض أن يطال جميع المتضررين‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬نأخذ على المشرع الجزائري‪ ،‬ما ذهب إليه من عدم التمييز بين‬
‫األشخاص الذين كانوا محل تسريح إداري بفعل األعمال المتصلة بالمأساة الوطنية و الذين‬
‫ثبتت براءتهم فيما بعد‪ ،‬و أولئك الذين تأكدت إدانتهم‪ ،4‬خاصة فيما يتعلق بإجراءات إعادة‬
‫اإلدماج‪ ،‬فإذا كان من المنطقي ما ذهب إليه المشرع الجزائري من تغليب عملية التعويض‬
‫بدال من اإلدماج مراعاة لوضعية المستخدم‪ ،‬الذي قد يكون قد تعرض للتصفية أو اإلفالس‬
‫أو إعادة الهيكلة‪ ،‬هذا فضال عما انجر عن عملية الخوصصة من غلق العديد من‬
‫المؤسسات االقتصادية العامة‪،‬وكذا مراعاة للحالة النفسية أو البدنية أو أي حائل آخر قد‬
‫يحول دون تمكن الشخص التائب من العودة إلى منصب عمله‪.5‬‬

‫‪ -)1‬المادة ‪ 11‬من األمر ‪ ،43-46‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪) - C.F.D.A , Rapport annuel, situation des droit de l’homme en Algérie, 2013, p.25.‬‬
‫‪ -)3‬راجع المادة ‪ 1‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،41-46‬المؤرخ في ‪ 19‬فبراير ‪ ،1001‬يتعلق بتعويض ضحايا‬
‫المأساة الوطنية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪ ،99‬الصادرة بتاريخ ‪ 19‬فبراير سنة ‪.1001‬‬
‫‪ -)4‬المادة ‪ 11‬من األمر رقم ‪ ،43-46‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -)5‬المادة ‪ 91‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،329-46‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪116‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫واذا كان من المنطقي ما ذهبت إليه تعليمة رئيس الحكومة الصادرة في أفريل‬
‫‪ ،1001‬من استثناء كل من العارضين الذين تتوافر فيهم الشروط المقررة‪ ،‬والذين مارسوا‬
‫سابقا بصفتهم مستخدمين مدنيين شبيهين بو ازرة الدفاع الوطني و مستخدمي المديرية العامة‬
‫لألمن الوطني‪ ،‬زيادة على مناصب التعليم و التأطير في مؤسسات التربية الوطنية والتكوين‬
‫المهني والجامعات‪ ،‬من الحق في إعادة اإلدماج‪ ،1‬واذا كان من المقبول ما ذهب إليه‬
‫المشرع من عدم ترتيب آثار مالية رجعية عن عملية إعادة اإلدماج‪ ،2‬إال أن كل ذلك قد‬
‫يعتبر إجحافا واهدار للحقوق عندما يتعلق األمر بأشخاص ثبتت براءتهم‪.‬‬
‫أما عن عملية اإلقصاء الكلي‪ ،‬فهي تتعلق بمجموعة واسعة من الضحايا المباشرين‬
‫لالنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق اإلنسان والقانون الدولي اإلنساني خالل المأساة‬
‫ملف معتقلي الصحراء‪ ،‬ملف‬ ‫الوطنية‪ ،‬طرحت جملة من الملفات ممثلة في كل من؛‬
‫عناصر األمن الوطني الذين كانوا محل تسريح خالل المأساة الوطنية ‪ ،‬ملف األشخاص‬
‫الذين كانوا ضحايا عمليات تعذيب و معامالت الإنسانية ومهينة نتيجة تصرفات انفرادية‬
‫من طرف أعوان األمن الوطني‪ ،‬ملف األشخاص الذين ثبتت براءتهم بعد مكوثهم فترة معتبرة‬
‫في المؤسسات العقابية‪ ،3‬ملف أطفال الجبل الذين لم يثبت نسبهم‪ ،4‬ملف عناصر الدفاع‬
‫الذاتي‪ ،5‬وكذلك الملفات المتعلقة بكل من المهجرين داخليا‪ ،6‬فضال عن تعويض الممتلكات‬

‫‪-)1‬تعليمة رئيس الحكومة رقم ‪ 41‬المؤرخة في ‪ ،2446/33/21‬المتعلقة بدراسة طلبات التعويض المقدمة من‬
‫قبل المستخدمين العسكريين والمدنيين التابعين لو ازرة الدفاع الوطني المتطوعين أو المفصولين من الخدمة‪.‬‬
‫‪-)2‬المادة ‪ 1/91‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،392-46‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪) - Voir :C.N.P.P.D.H, Rapport annuel, état de droit en Algérie, Op.cti,p.69.‬‬

‫‪ -)4‬لقد صرح األستاذ "مروان عزي" بأن خليتيه تلقيت ‪ 900‬مليف مين أبنياء الجبيال دون شيهادة مييالد وقيد تيم تسيوية‬
‫‪10‬مليف منهييا فقيط عيين طرييق اعتميياد تقنيية الحمييض النييووي المكلفية جييدا عليى حييد تعبييره‪ ،‬كمييا أشيار هييذا األخييير‬
‫إلييى وجييود ‪ 100‬طفييال آخ يرين لييم تييتم تسييوية ملفيياتهم بعييد‪ ،‬أنظيير فييي ذلييك‪ :‬بوروينررة فتيحررة‪ 100" ،‬طفييل مولييودون‬
‫في معاقل اإلرهاب ينتظرون شهادات ميالد رسمية"‪ ،‬المساء‪ 11 ،‬جويلية ‪.1091‬‬
‫‪5‬‬
‫‪( - Voir :C.N.P.P.D.H, 2010, Op.cit.p.69.‬‬
‫‪ -)6‬لقد تم إحصياء أكثير مين ملييون وميأتي مهجير داخليي خيال فيي أعقياب األزمية األمنيية الجزائريية ‪ ،‬ارجيع برقروق‬
‫محند‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪10.‬‬
‫‪117‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫الممتلكات الخاصة لألشخاص المعنوية المتضررة من المأساة الوطنية‪ ،1‬كما ظل ملف‬


‫النساء المغتصبات طي النسيان لمدة ‪ 90‬سنوات من تاريخ إقرار قانون المصالحة الوطنية‪،‬‬
‫بقية فيها مقاربة النوع(الجندر) خارج نطاق قانون المصالحة الوطنية‪.2‬‬
‫ب) من حيث البعد الموضوعي لبرامج جبر الضرر‪:‬‬
‫يختزل قانون المصالحة عمليات جبر الضرر في بعدها الموضوعي في مجرد‬
‫التعويض المالي‪ ،‬والذي إن كان في حقيقة األمر يحتل أهمية محورية في برامج جبر‬
‫الضرر إال أنها ال تتوقف عنده‪ ،‬أين تقتضي شمولية برامج جبر الضرر في بعدها‬
‫الموضوعي استيفاء كل من عنصر‪:‬‬
‫‪ -‬إعادة الرتأهيل‪ :‬الذي يشمل كل من الرعاية الطبية والنفسية وكذا اإلجراءات‬
‫االجتماعية والقانونية‪ ،3‬والتي يمكن القول بأنها كانت منعدمة في إطار قانون‬
‫المصالحة الوطنية‪.‬‬
‫إعادة الوضع إلى ما كان عليه‪ :‬قبل وقوع االنتهاكات المتعلقة بحقوق اإلنسان‬ ‫‪-‬‬
‫والقانون الدولي اإلنساني‪ ،‬والذي قد يتخذ صورة استرداد الممتلكات‪ ،‬الحصول على‬
‫الحرية‪ ،‬ضمان العودة إلى مكان اإلقامة‪ ،‬تعويض األشخاص الطبيعية والمعنوية عن‬
‫الممتلكات الخاصة المتضررة‪ ،4‬وقد تناول قانون المصالحة الوطنية هذا العنصر‬
‫بصفة هامشية‪ ،‬من خالل إقرار إعادة الموظفين والمستخدمين الذين كانوا محل‬

‫‪1‬‬
‫‪)- Billant de l’application de la charte pour la paix et la réconciliation entre satisfaction et scepticisme,‬‬
‫‪In el watan. du 12/9/2006.‬‬
‫‪ -)2‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ ،26-39‬مؤرخ فيي‪ 9‬فيفيري ‪ ،1091‬ييتمم مرسيوم تنفييذي رقيم ‪ ،19-11‬الميؤرخ فيي ‪91‬‬
‫فبراير ‪ ،9111‬يتعلق بمنح تعويضات لصيالح األشيخاص الطبيعييين ضيحايا األضيرار الجسيدية والماديية التيي لحقيت‬
‫بهم نتيجة أعمال إرهابية أو حوادث وقعت في إطار مكافحة اإلرهاب‪ ،‬وكذا لصيالح ذوي حقيوقهم‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬‬
‫عدد ‪ ،1‬الصادرة بتاريخ ‪ 1‬فبراير ‪.1091‬‬
‫‪3‬‬
‫‪)- Voir : PENA Mariana , « Réparation individuelle et réparation collective » , Op.cit, p.155.‬‬
‫‪ -)4‬مفوضررية األمررم المتحرردة لحقرروق اإلنسرران‪ ،‬أدوات سيييادة القييانون للييدول الخارجيية ميين الصيراعات‪ ،‬ب يرامج جبيير‬
‫الضرر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1.‬‬
‫‪118‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫تسريح إداري إلى مناصب عملهم على نطاق ضيق‪ ،1‬تعويض األشخاص الطبيعية‬
‫عن ممتلكاتهم الخاصة المتضررة سواء جراء األعمال اإلرهابية أو جراء عمليات‬
‫مكافحة اإلرهاب‪.2‬‬
‫‪ -‬ضمان عدم التكرار‪ :‬وهو العنصر الذي يأخذ بعد جبر الضرر الجماعي‪ ،‬ويتعلق‬
‫خاصة باالضطالع بعمليات إصالحات مؤسسية‪ ،‬وترقية حقوق اإلنسان‪ ،3‬وهو ما‬
‫التدابير‬ ‫خالل مجموعة من‬ ‫عمل المشرع الجزائري على محاولة تحقيقه من‬
‫التشريعية‪ -‬الغير مكتملة البناء‪ -‬خارج إطار قانون المصالحة الوطنية‪ ،‬منها ما كان‬
‫الحقا عن قانون المصالحة الوطنية ويتعلق األمر برفع حالة الطوارئ‪ ، 4‬تعديل‬
‫قانون اإلعالم‪ ،‬إعادة هيكلة الواقع التشريعي المتعلق بحرية اإلعالم‪ ،‬الممارسة‬
‫الحزبية وكذلك الحركة الجمعوية؛ ومنها ما كان سابقا عن قانون المصالحة الوطنية‬
‫طالت كل من مرفق‬ ‫ويتعلق األمر باإلصالحات المؤسسية الواسعة التي‬
‫القضاء‪ ،‬السجون‪ ،‬وكذلك اإلدارات العمومية‪ ،5‬هذا وترتبط ضمانات عدم التكرار‬
‫ارتباطا وثيقا بالحق في معرفة الحقيقة في بعده الجماعي واالعتراف بأخطاء‬
‫السابقة‪ ،‬وهو ما سنري الحقا في إطار هذا البحث بأنه من الحقوق التي تم إقصائها‬
‫في إطار قانون المصالحة الوطنية‪.‬‬

‫‪ -)1‬أنظر مرسوم رئاسي رقم ‪ ،329-46‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ -)2‬أنظر مرسوم تنفيذي ‪ ،97-44‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪) - Voir : PENA Mariana , « Réparation individuelle et réparation collective » , Op.cit, p.155.‬‬
‫‪-)4‬أمررررررر رقررررررم ‪ ،43-33‬مي ي ييؤرخ في ي ييي ‪11‬فب اريي ي يير‪ ،1099‬يتضي ي ييمن رفي ي ييع حالي ي يية الط ي ي يوارئ‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬عي ي ييدد‬
‫‪ ،91‬الصادرة بتاريخ ‪ 11‬فبراير ‪.1099‬‬
‫‪ -)5‬لمزيد من التفاصيل حول عمليات اإلصالح المؤسساتي التي تبناها المشرع الجزائري ارجيع‪ ،‬بولرودنين أحمرد‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.191-999.‬‬
‫‪119‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫‪ -‬الترضية‪ :‬وتتعلق بمجموعة واسعة من التدابير‪ ،‬تتراوح بين التدابير الهادفة إلى وقف‬
‫االنتهاكات من خالل استجالء الحقيقة وفرض العقوبات القضائية‪.1‬‬

‫ثاني ا‬
‫إهدار قانون المصالحة الوطنية للحق في معرفة الحقيقة‬

‫لقد برز الحق في معرفة الحقيقة كأحد أهم المساءل التي عادة ما تثار في أعقاب‬
‫النزاعات واالضطرابات الداخلية‪ ،‬وقد ارتبط منذ أزمنة قريبة بحقوق الضحايا وأسرهم‬
‫في معرفة وقائع ومالبسات حاالت االختفاء القسري‪ ،‬إال أنه سرعان ما اتسع نطاقه المادي‬
‫ليشمل جميع صور االنتهاكات الجسيمة لحقوق اإلنسان‪.2‬‬
‫هذا الحق الذي حضي بأهمية واسعة في إطار التجارب المقارنة للعدالة‬
‫االنتقالية‪ ،3‬والذي تم طرحه على أنه حق غير قابل للتصرف أو التقادم ومرتبط ارتباطا وثيقا‬
‫بالحقوق األخرى‪ ،4‬يجد في تدابير العفو غير الخاضعة للمسألة أحد أبرز مظاهر الممارسة‬
‫التي تعوق تكريسه على أرض الواقع‪.5‬‬
‫وهو ما يعكسه قانون المصالحة الوطنية الذي يقصي الحق في معرفة الحقيقة من‬
‫أولوياته سواء في بعده الفردي‪ ،‬أين اختزل قانون المصالحة الوطنية حق ذوي حقوق‬

‫‪1‬‬
‫‪)- MOTTET Carol et POUT Christina, la justice transitionnel: une voie vers la réconciliation et la‬‬
‫‪construction d’une paix durable, Op.cti.23.‬‬
‫‪ -)2‬نقبرري ياسررمين‪" ،‬الحييق فييي معرفيية الحقيقيية فييي القييانون الييدولي واقييع أم خيييال "‪ ،‬مختييارات ميين المجل ية الدولييية‬
‫للصليب األحمر‪ ،‬اللجنة الدولية للصليب األحمر‪ ،‬المجلد ‪ ،99‬العدد‪ ،911‬حزيران ‪ ،1001‬ص‪.11-19.‬‬
‫‪ -)3‬تعتبر كيل مين لجيان الحقيقية والمصيالحة المنشيأة فيي جنيوب إفريقييا‪ ،‬ولجنية المصيالحة واإلنصياف المغربيية مين‬
‫قبيل التجارب الرائدة في هذا المجال ‪:‬‬
‫‪-Voir : YOUSSEF Nada,Op.cti ,pp.227-246.‬‬
‫‪ -)4‬سيادة القانون والعدالة االنتقالية لمجتمعات الصراع ومجتمعات ما بعد الصرراع‪ ،‬وثيائق‪ ،‬األميم المتحيدة‪ ،‬رميز‬
‫الوثيقة ‪ S/1001/119‬بتاريخ ‪ 11‬أوت ‪ ، 1001‬ص‪.90-1.‬‬
‫‪ -)5‬سررووكا ياسررمين‪" ،‬النظيير إلييى الماضييي والعداليية االنتقالييية لبنيياء السيالم ميين ̨خييالل الكشييف عيين المسييؤوليات"‪،‬‬
‫المجلة الدولية للصليب األحمر‪( ،‬اللجنة الدولية للصليب األحمر)‪ ،‬مختارات من األعداد ‪ 1001‬ص‪.19.‬‬
‫‪120‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫األشخاص المفقودين في مجرد الحصول على تعويضات مادية‪ ،‬وهو الحق الذي يتوقف‬
‫على مدى استعداد عائالت المفقود في التصريح بوفاة الشخص المفقود مما يشكل عذابا‬
‫نفسيا حقيقيا بالنسبة لعائالت الضحايا‪ ،1‬فضال عن ما تتكشف عنه نصوص الميثاق ذاته‬
‫من صورية عملية البحث التي يتعين على أعضاء الشرطة القضائية الشروع فيها‪ ،‬نظ ار‬
‫لربطها بنتيجة وحيدة وتتمثل في تحرير محضر بالفقدان جراء عدم جدوى البحث‪ ،‬دون إيراد‬
‫أي احتمال آخر‪ ،‬وتنظيم ما قد ينجر عنه من نتائج ‪.2‬‬
‫هذا‪ ،‬وال يقر قانون المصالحة الوطنية لذوي حقوق الضحايا‪ ،‬بالحق في الحصول‬
‫على معلومات كافية عن ظروف ومالبسات وقوع حاالت االختفاء‪ ،‬أو تحديد مكان الوفاة‬
‫وسببها وارشاد األهالي إلى مكان دفن ذويهم‪.3‬‬
‫أما عن الحق في معرفة الحقيقة في بعده الجماعي فنجد مقصي من خالل المادة ‪11‬‬
‫من قانون المصالحة الوطنية التي تنص على ما يلي‪" :‬يعاقب بالحبس من ‪ 1‬سنوات إلى ‪1‬‬
‫كل من يستعمل من خالل‬ ‫سنوات وبغرامة من‪ 11.000‬دج إلى ‪ 1000.000‬دج‬
‫تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر‪ ،‬جراح المأساة الوطنية أو يعتد بها للمساس‬
‫بمؤسسات الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬أو إلضعاف الدولة‪ ،‬أو لإلضرار بكرامة‬
‫أعوانها الذين خدموها بشرف‪ ،‬أو لتشويه سمعة الجزائر في المحافل الدولية"‪ ،4‬وهو ما‬

‫‪ -)1‬لقييد طالبييت لجنيية حقييوق اإلنسييان ميين الج ازئيير إلغيياء شييرط التص يريح بالوفيياة للحصييول علييى التعييويض‪ ،‬أنظيير‬
‫في ذلك‪:‬‬
‫‪- Comité des droit de l’homme, Observation final sur l’Algérie, CCPR/C/DZA/3, du 12 décembre 2007,‬‬
‫‪p. 12.‬‬
‫‪ -)2‬المادة ‪ 10‬من األمر ‪ ،43-46‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -)3‬لقييد حث يت لجنيية حقييوق اإلنسييان الدولييية الج ازئيير علييى اتخيياذ اإلج يراءات الضييرورية لضييمان ذوي حييق عييائالت‬
‫المفقودين في معرفة مصير الشخص المفقود‪،‬‬
‫‪-Voir : Comité des droit de l’homme, Observation final sur l’Algérie, CCPR/C/DZA/3, du 12 décembre‬‬
‫‪2007, Op.cit, pr.12.‬‬
‫‪ -)4‬المادة ‪ 11‬من األمر ‪ ،43-46‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪121‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫نستقرئ منه مقدار معينا من القيد على كل باحث على الحقيقة‪ ،1‬مما يشكل قيدا علي كل‬
‫باحث عن الحقيقة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫تبني قانون المصالحة الوطنية لخيار العفو‬
‫‪-‬بين ضرورة استتباب األمن و متطلبات تحقيق العدالة –‬

‫على الرغم من تضافر الجهود الدولية في إطار القانون الدولي التعاهدي في محاربة‬
‫اإلفالت من العقاب‪ ،‬من خالل ترسانة من الصكوك الدولية التي لم يغفل المجتمع الدولي‬
‫عن تضمينها أحكام تشدد على بذل جميع الجهود الالزمة لمحاكمة مرتكبي الجرائم‬
‫الدولية‪ ،‬إال أن هاته األحكام المتضمنة لمظاهر السعي الحثيث للنهوض بهذه القيمة من قبل‬
‫المجتمع الدولي تصطدم بااللتباس المتوطن حول مدى شرعية تدابير العفو من عدمها‪.2‬‬
‫والتي عادة‪ ،‬ما تلجأ الدول في أعقاب النزاعات المسلحة ذات الطابع غير الدولي إلى‬
‫تبنيها‪ ،‬نزوال عند مقتضيات المادة ‪ 1/1‬من البرتوكول اإلضافي الثاني التفاقيات جنيف‬
‫األربعة‪ ،‬التي تحث الدول في أعقاب النزاعات المسلحة ذات الطابع غير الدولي لمنح العفو‬
‫الشامل على نطاق واسع لألشخاص الذين شاركوا في النزاع المسلح أو الذين قيدت حريتهم‬
‫ألسباب تتعلق بالنزاع المسلح‪ ،‬سواء كانوا معتقلين أم محتجزين‪.3‬‬

‫‪ -)1‬ومع تقديرنا الكامل لمضمون هذه المادة من جهة أن الدولة الجزائرية كانت في حرب ضد اإلرهاب الذي سعى‬
‫إلى المساس بالمنظومة االجتماعية فضال عن مؤسسات الدولة ‪ ،‬إال أن‪ ،‬كل حالة عنف مسلح من هذا القبيل‬
‫تقتضي وجود تجاوزات – انفرادية – إلى أن إطباق العدالة الوطنية على هذه النزوات هو بحد ذاته تحقيقا لشرف‬
‫األعوان وضمان لهيبة الدولة بل وانجا از للثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة‪.‬‬
‫‪ -)2‬بن خديم نبيل‪ ،‬استيفاء حقوق الضحايا في القانون الدولي الجنائي‪ ،‬مذكرة لنيل درجة الماجستير في‬
‫الحقوق‪ ،‬تخصص القانون الدولي العام‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪،‬‬
‫‪ ،1091‬ص‪.911.‬‬
‫‪ -)3‬المادة ‪ 1/1‬من البرتوكول اإلضافي الثاني الملحق باتفاقيات جنيف األربعة‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪122‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫على صعيد آخر يذهب مجلس األمن في ق ارره رقم ‪ 9191‬إلى تأييد التحفظ الوارد في‬
‫ار بأن إجراء العفو يعتبر إجراءا قانونيا مقبوال باعتباره خطوة‬
‫تقرير األمين العام المتضمن إقر ا‬
‫مهمة الستتباب السلم وتحقيق المصالحة عقب انتهاء حرب أهلية أو صراع داخلي‬
‫مسلح‪ ،‬إال أنه ال يمكن تطبيقه في حالة ارتكاب جرائم دولية‪ ،‬وانتهى األمر بإدراج نص‬
‫المادة ‪ 90‬في النظام األساسي للمحكمة الجنائية المختلطة لسيراليون‪.1‬‬
‫نخلص من خالل ما سبق إلى القول بعدم إطالق حق الدول في اتخاذ تدابير‬
‫العفو‪ ،‬ذلك أن شرعية هذه األخيرة من عدمها تتوقف على مدى استجابتها للقيود التي‬
‫يفرضها القانون الدولي من خالل مسعاه في مكافحة اإلفالت من العقاب‪.‬‬
‫نستشف بصفة واضحة‪ -‬عند العودة إلى أحكام قانون المصالحة الوطنية الجزائري‬
‫أنه ال يعدو أن يكون إال صورة أخرى من صور اإلفالت من العقاب بعنوان العفو الشامل‬
‫غير الخاضع للمسألة‪ ،‬وهو ما يمكن تبيينه من خالل ما يلي‪:‬‬

‫أوالا‬
‫قانون المصالحة الوطنية عبارة عن تدبير عفو غير خاضع للمسألة‬

‫تعتبر من قبيل تدابير العفو ألغراض البحث في مدى مشروعيتها بالمفهوم الذي‬
‫تطرحه هيئة األمم المتحدة تلك القوانين التي تهدف إلى‪:‬‬
‫حظر المالحقة الجنائية وفي بعض الحاالت اإلجراءات المدنية الحقا‪ ،‬ضد أشخاص‬
‫معنيين أو فئات معينة من األشخاص فيما يتعلق بسلوك إجرامي محدد أرتكب قبل اعتماد‬
‫حكم العفو؛ أو إبطال أي مسؤولية قانونية سبق إثباتها‪.2‬‬
‫وهو التعريف الذي استوفى قانون المصالحة الوطنية إلى حد بعيد مقتضياته‪ ،‬أين‬
‫يترتب عن االستفادة من إجراءات انقضاء الدعوى العمومية اإلعفاء من المتابعة‪ ،‬إذا كانت‬

‫‪ -)1‬بن خديم نبيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.100.‬‬


‫‪ -)2‬مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان‪ ،‬أدوات سيادة القانون للدول ما بعد الصراع‪ ،‬تدابير العفو‪ ،‬وثائق‬
‫األمم المتحدة‪ ،‬رمز الوثيقة‪ ،92009 HR /PUB/09 0 ،‬ص‪.1 .‬‬
‫‪123‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫القضية ال تزال على مستوى التحقيق االبتدائي‪ ،‬أو انقضاء الدعوى العمومية إذا كانت‬
‫موضوع تحقيق قضائي أو تأجيل أو قيد في الجدول أو مداولة أمام الجهات القضائية‬
‫للحكم‪ ،‬انقضاء الدعوى العمومية‪ ،‬والتي يترتب عنه بالمحصلة حضر المتابعة الجزائية‬
‫والمدنية في حق الشخص التائب عن األفعال محل قانون العفو‪ ،1‬وذلك بالنسبة للفئات‬
‫التالية ‪:‬‬
‫‪ )9‬األشخاص الذين سلموا أنفسهم إلى السلطات المختصة في الفترة الممتدة من‬
‫‪ 91‬يناير من سنة ‪ 1000‬إلى ‪ 19‬فبراير‪.21001‬‬
‫‪ )1‬األشخاص الذين يكفون عن ارتكاب األفعال المنصوص عليها في المواد‬
‫‪ 99‬مكرر إلى ‪ 99‬مكرر‪ 1‬ومن المادة ‪99‬مكرر‪ 1/‬إلى ‪ 90‬من قانون‬

‫‪ -)1‬أنظر في ذاك المادة ‪ 91‬من األمر رقم ‪ ،43-46‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ -)2‬ويتعلييق األميير باألشييخاص الييذين سييلموا أنفسييهم بعييد انقضيياء سيريان قييانون الوئييام المييدني ‪ ،‬كمييا تقضييي ‪19‬ميين‬
‫نفس القانون بإلغاء إجيراءات الحرميان مين حيق االنتخياب أو الترشيح وعليى العميوم كافية الحقيوق الوطنيية والسياسيية‬
‫ومن حمل أي وسام ‪-‬وهو الحكم الذي تقرره المادة ‪ 1‬من قانون الوئام المدني‪ -‬بالنسبة لألشيخاص المسيتفيدين مين‬
‫أحكام قانون الوئام المدني‪ ،‬ونتوجه إلى القول بأن هذا الحكم قد جاء لتعميم حكيم المرسيوم الرئاسيي رقيم ‪01-0100‬‬
‫المتضييمن عف يوا خاصييا عيين األشييخاص الييذين سييبق لهييم االنتميياء إلييى منظمييات قييررت بصييفة إرادييية وتلقائييية إنهيياء‬
‫أعمال العنف ووضعت نفسها تحت تصرف الدولة كليا أو جزئيا والمذكورة أسماؤهم بملحق أصيل هيذا المرسيوم‪ ،‬كميا‬
‫جيياء للمسيياواة بييين اإلرهييابيين الت يائبين المسييتفيدين ميين أحكييام قييانون الوئييام المييدني وغيييرهم ميين اإلرهييابيين التييائبين‬
‫المستفيدين من أحكام قيانون المصيالحة الوطنيية‪ ،‬كيون هيذا األخيير ال يقيرر أيية عقوبية تبعيية‪ ،‬تجيدر اإلشيارة إليى أن‬
‫هييذا الحكييم يبقييي موقوفييا – تحييت عنيوان إجيراءات الوقاييية ميين تكيرار المأسيياة الوطنييية‪ -‬سيواء بالنسييبة للمسييتفيدين ميين‬
‫إج يراءات قييانون الوئييام المييدني‪ ،‬أو بالنسييبة لؤلئييك المسييتفيدين ميين إج يراءات قييانون المصييالحة الوطني ية‪ ،‬علييى شييرط‬
‫اإلقرار بمسيؤوليتهم فيي وضيع وتطبييق سياسية تمجييد العنيف ضيد األمية وسياسية الدولية‪ ،‬وفقيا لميا تفصيح عنيه الميادة‬
‫‪ 1/11‬من قانون المصالحة الوطنية‪ ،‬إال انه يستوقفنا في هيذا الصيدد ميا ذهبيت إلييه نفيس الميادة فيي فقرتهيا األوليى‬
‫من حضر ممارسة النشاط السياسي بأي شكل من األشكال على كل شخص مسؤول عن االستعمال المغرض لليدين‬
‫الذي أفضي إلى المأساة الوطنيية مميا ييدفعنا للقيول بعيم اسيتفادة قييادات الجبهية اإلسيالمية لإلنقياذ (المحلية)مين الحيق‬
‫في ممارسة الحقوق السياسية‪ ،‬أنظر في ذلك كل من‪ :‬المادة ‪1‬و‪ ، 19‬من أمير رقيم ‪ 09-01‬مرجيع سيابق؛ لميادة ‪1‬‬
‫م ي يين الق ي ييانون رق ي ييم ‪09-11‬؛ مرس ي ييوم رئاس ي ييي رق ي ييم ‪ ،01-1000‬م ي ييؤرخ ف ي ييي ‪ 90‬ج ي ييانفى ‪ ،1000‬يتض ي ييمن عفي ي يوا‬
‫خاصا‪،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬عدد‪ ،9‬الصادرة بتاريخ ‪99‬جانفي ‪.1000‬‬
‫‪124‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫العقوبات‪ ،‬ويمثلون طواعية أمام السلطات المختصة ويقدمون تصريحا‬


‫باألفعال التي ارتكبوها أو حرضوا عليها وبالوسائل ذات الصلة بهذه األفعال‬
‫‪ ،‬وتسليمها أو التدليل على مكان وجودها‪.‬‬
‫‪ )1‬األشخاص محل البحث والتحري داخل أو خارج التراب الوطني الرتكابهم أو‬
‫مشاركتهم في ارتكاب فعل أو أكثر من أفعال المادة ‪ 01‬من هذا‬
‫القانون‪ ،‬ويمثلون طوعا أمام السلطات المختصة في أجل ‪ 01‬أشهر السابقة‬
‫الذكر‪.1‬‬
‫‪ )1‬األشخاص الذين يضعون حدا ألنشطتهم ويصرحون به في أجل ‪01‬‬
‫أشهر‪ ،‬وتخص فقط أفعال المادتين ‪99‬مكرر‪ 1‬ومكرر‪.21‬‬
‫‪ )1‬األشخاص المحكوم عليهم غيابيا وفقا إلجراءات التخلف عن الحضور الرتكابهم‬
‫فعل منصوص عليه في المادة ‪.391‬‬
‫هذا فضال عن ما يطرحه قانون المصالحة الوطنية من تخويل اإلرهابيين التائبين من‬
‫من إجراءات العفو‬ ‫االستفادة بموجب المادتين ‪91‬و‪ 99‬من قانون المصالحة الوطنية‬
‫بالنسبة لألشخاص المحكوم عليهم نهائيا بسبب ارتكابهم أو مشاركتهم في ارتكاب أحد‬
‫األفعال المنصوص عليها في المادة ‪ 1‬من قانون المصالحة الوطنية أو المواد ‪99/9‬مكرر‪1‬‬
‫و‪99‬مكرر‪ 1‬من قانون العقوبات من العفو طبقا لألحكام المنصوص عليها في الدستور‬
‫والتي تخول رئيس الجمهورية حق إصدار العفو الخاص‪.4‬‬

‫‪ -)1‬المادة ‪ ، 1‬من األمر رقم ‪ ،43-46‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ -)2‬المادة‪ 1‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -)3‬المادة ‪ ،9‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -)4‬المادتين ‪ 91‬و‪ ،99‬األمر ‪ ،43-46‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪125‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫ثانيا‬
‫منافذ اإلفالت من العقاب في إطار قانون المصالحة الوطنية‬

‫يمكن أن تتبين منافذ اإلفالت من العقاب في إطار قانون المصالحة الوطنية من خالل ما‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ )9‬استعماله سياسة استبعاد ناقصة بعيدة كل البعد عن استيعاب جميع فئات السلوك‬
‫التي ينبغي أن تخضع لتحقيق فعال و أن يالحق مرتكبوها جنائيا عند ثبوت األدلة‪ ،1‬وهو ما‬
‫يفضي بنا إلى القول بصورية اعتبار قانون المصالحة الوطنية من قبيل قوانين العفو‬
‫الخاضعة للمسألة‪ ،‬أين اختزل الفئات المستبعدة من االستفادة من أحكامه في كل من‪:‬‬
‫األشخاص الذين ارتكبوا أفعال المجازر الجماعية‪ ،‬أو انتهاك الحرمات‪ ،‬أو استعمال‬
‫المتفجرات في األماكن العمومية‪ ،‬أو شاركوا فيها أو حرضوا عليها‪.2‬‬
‫‪ )1‬تقرير قانون المصالحة الوطنية ألحكام عفو بحكم الواقع في صورة حصانة من‬
‫المقاضاة من خالل نص المادة ‪ 11‬من األمر ‪ 43-46‬المتضمن تنفيذ ميثاق السلم‬
‫والمصالحة الوطنية‪ ،‬ويتعلق األمر بحضر الشروع في أية متابعة قضائية بصورة فردية أو‬
‫جماعية في حق أفراد قوى الدفاع واألمن للجمهورية بسبب أفعال نفذت من أجل حماية‬
‫األشخاص والممتلكات‪ ،‬ونجدة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،3‬فإذا كانت‬
‫المتابعات القضائية العامة مرفوضة بحكم قواعد اإلنصاف وحقوق اإلنسان وبإعمال مبدأ‬
‫عدم المساس بمؤسسات الجمهورية‪ ،‬إال أن المتابعات الفردية ال يوجد مبرر أو مسوغ‬

‫‪-)1‬مفوضية األمم المتحدة السامية‪ ،‬أدوات سيادة القانون للدول ما بعد الصراع‪ ،‬تدابير العفو‪ ،‬وثائق األمم‬
‫المتحدة‪ ،‬رمز الوثيقة‪ ،92009 HR /PUB/09 0،‬ص‪.1 .‬‬
‫‪ -)2‬هذا وقد خولت أحكام قانون المصالحة الوطنية لهذه الفئة الحق في االستفادة من استبدال العقوبة أو‬
‫تخفيضها؟!!‪ ،‬أ نضر في ذلك المواد ‪ 90‬و‪ 1/91‬و‪99‬و ‪91‬و ‪10‬من األمر رقم ‪ ،43-46‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -)3‬المادة ‪ 11‬من األمر ‪ ،43-46‬مرجع نفسه‪.‬‬
‫‪126‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫الستبعادها‪ ،‬إن لم تكن من جهة الضحايا كان يجب أن تكون من جهة النيابة العامة‬
‫المختصة تلقائيا‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫إقصاء آليات العدالة االنتقالية من إنفاذ قانون المصالحة الوطنية‬

‫تطرح عملية بناء آليات العدالة االنتقالية على أنها عملية مرنة‪ ،‬من حيث أنها تسمح‬
‫في ظل غياب نموذج موحد عن هذه اآلليات‪ ،‬للدولة التي هي بصدد عملية انتقال ‪،‬استلهام‬
‫آليات خاصة بها من خالل اإلفادة من مكاسب واخفاقات التجارب المقارنة السابقة‬
‫عنها‪ ،1‬مما من شأنه أن يتيح لها بناء آليات للعدالة االنتقالية على درجة من الشمولية في‬
‫ضوء معايير العدالة االنتقالية وخصوصية تجربتها‪.2‬‬
‫واذا أضحى من المسلم به على نطاق واسع‪ ،‬بأن بناء العدالة االنتقالية على مقاربة‬
‫شمولية ومتكاملة ال يمكن أن يتأتى بمنأى عن الموازنة بين اآلليات التصالحية واآلليات‬
‫العقابية‪ ،‬وأن أي مقاربة قائمة على أساس نهج واحد من اآلليات تطرح فكرة العدالة‬
‫االنتقائية‪ ،3‬فإن قيام المقاربة الجزائرية على إقصاء كل من اآلليات التصالحية (فرع أول)‬
‫واآلليات العقابية (فرع ثان) من نطاق إنفاذ قانون المصالحة الوطنية يطرح مفهوم العدالة‬
‫اإلقصائية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪)- YOUSSEF Nada ,Op.cti, p.227.‬‬
‫‪ -)2‬بلكررروش حبيرررب‪" ،‬العداليية االنتقالييية ‪ ...‬المفيياهيم اآلليييات "‪ ،‬العداليية االنتقالييية فييي الس يياقات العربييية‪ ،‬المنظميية‬
‫العربية لحقوق اإلنسان‪ ،‬د‪.‬ب‪.‬ن‪.1091 ،‬ص‪.11.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪)- YOUSSEF Nada, Op.cti, p.227 .‬‬
‫‪127‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫الفرع األول‬
‫إقصاء اآلليات التصالحية من نطاق إنفاذ قانون المصالحة الوطنية‬

‫لقد سمحت التجارب المقارنة في مجال العدالة االنتقالية ببناء اتجاه جديد مثلتها‬
‫تجارب العدالة االنتقالية من خالل لجان الحقيقة‪ ،1‬والتي على الرغم من إسهامها في إثراء‬
‫حقل العدالة االنتقالية من خالل ما يقارب ‪10‬تجربة على درجات متفاوتة من النجاح عرفت‬
‫إرهاصاتها األولى منذ بداية السبعينات‪ ،‬إال أنها الزالت تعد من التطورات الحديثة نسبيا في‬
‫إرساء آليات (تصالحية) غير قضائية ضمن نهج شامل ومتكامل للعدالة االنتقالية‪.2‬‬
‫أماعن المقصود بلجان الحقيقة‪ ،‬فيمكن أن نستقي دالالتها في ضوء أهم الخصائص‬
‫التي تتميز بها هذه األخيرة‪ ،‬والتي يمكن استنباطها من مختلف التجارب المقارنة في هذا‬
‫الصدد والمتمثلة في‪:‬‬

‫‪ )9‬محدودية الوالية‪ :‬سواء تعلق األمر بالوالية الموضوعية‪ ،‬من خالل الحصر المرن‬
‫لنوع الجرائم التي تعني اللجنة بالتحقيق فيها‪ ،‬كما قد تم توسيع الوالية الموضوعية‬
‫للجان الحقيقة لتشمل عمليات جبر الضرر‪ ،3‬وكذا الوالية الزمنية أين يكون‬
‫االختصاص الزمني لهذه اللجان مؤقت‪ ،‬سواء فيما يتعلق بالوالية محل التحقيق أو‬
‫فيما يتعلق بمدة عملها‪ ،‬على أن يكون تحديد هذه األخيرة مرنا وقابال للتمديد لعهدة‬
‫أو عهدتين‪.4‬‬

‫‪ -)1‬بلكوش حبيب‪ ،‬مرجع سابق‪ .‬ص‪.11.‬‬


‫‪ -)2‬مفوضررية األمررم المتحرردة لحقرروق اإلنسرران‪ ،‬سيييادة القييانون لييدول مييا بعييد الصيراعات‪ :‬لجييان الحقيقيية‪ ،‬منشييورات‬
‫األمم المتحدة‪ ،‬رمز المنشورة ‪ ،HR/PUB/06/1:‬الصادرة سنة ‪ ،1001‬ص‪.91.‬‬
‫‪-‬حتحرروت نررور الرردين‪" ،‬لجييان الحقيقيية وشييروط تحقيييق المصييالحة الوطني ية"‪ ،‬مجليية المفك ير‪ ،‬كلييية الحقييوق والعلييوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة ‪ ،‬العدد ‪ ،1090 ،1‬ص‪.‬‬
‫‪ -)3‬مفوضررية األمررم المتحرردة لحقرروق اإلنسرران‪ ،‬أدوات سييادة القييانون للييدول مييا بعيد الصيراع‪ ،‬لجييان الحقيقيية‪ ،‬وثيائق‬
‫األمم المتحدة‪ ،‬رمز الوثيقة‪ ،1001 ،HR/PUB/06/1 :‬ص‪.1.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪)- HAZAN Pierre, « Mesurer l'impact des politiques de châtiment et de pardon : plaidoyer pour‬‬
‫‪l'évaluation de la justice transitionnelle », In R.I.C.R, Volume 88,N° 861, mars 2006, p. 358.‬‬
‫‪128‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫‪ )1‬التفاعل مع مناهج العدالة االنتقالية األخرى‪ :‬سواء تعلق األمر بالبرامج التصالحية‬
‫األخرى‪ ،‬والتي قد تكون لجان الحقيقة وعاء لها متى تمت إناطتها بمهمة‬
‫االضطالع بعمليات جبر الضرر و‪/‬أو البحث في السبل الفعالة لإلصالح‬
‫المؤسساتي‪ ،‬أو قد تكون هذه البرامج امتداد لعمل لجان الحقيقة‪ ،‬من خالل ما‬
‫تطرحه توصياتها من أسس يمكن االستناد عليها في بناء نهج متكامل للعدالة‬
‫االنتقالية‪ ،1‬هذا و تتقاطع أعمال لجان الحقيقة مع العمليات الجنائية‪ ،‬إما بتعزيز‬
‫الهدف المنشود منها من خالل ما قد تقدمه من دعم لجهات االتهام‪ ،‬أين تتناول‬
‫لجان الحقيقة بالتحقيق المواضيع التي يمكن لها أن تكون موضوعا للمحاكم‪ ،‬أو‬
‫بتجاوزها كما هو األمر بالنسبة لتقرير حق العفو المشروط مقابل الحقيقة‪ ،‬بالنسبة‬
‫للجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب إفريقيا‪.2‬‬
‫‪ )1‬االنطالق من الماضي لبناء المستقبل‪ ،‬بحيث تقوم فلسفة لجان الحقيقة على الوقوف‬
‫على انتهاكات الماضي من أجل اإلفادة منها في صياغة توصيات للمساعدة على‬
‫النهوض بالمستقبل‪.3‬‬
‫و إذا كان من المسلم به‪ ،‬أن نجاعة أداء لجان الحقيقة يدور وجودا وعدما مع‬
‫استيفائها لمقومات‪ ،‬الحياد‪ ،‬االستقاللية‪ ،‬مدى االلتزام بتوصياتها‪ ،‬الدعم الجماهيري‬
‫لها‪ ،‬المقدرة على حماية الشهود‪ ،‬كفاية التمويل‪ ،‬التكامل مع إجراءات العدالة االنتقالية‬
‫األخرى‪ ،4‬فضال عن التفرد بما يستجيب لخصوصية سياق تجربة الدولة محل عملية‬
‫االنتقال‪ ،‬والتي إن كانت تشكل المبادئ األساسية لنجاعة عمل لجان الحقيقة‪ ،‬إال أنها‬

‫‪ -)1‬مفوضررية األمررم المتحرردة لحقرروق اإلنسرران‪ ،‬أدوات سيييادة القييانون لليدول مييا بعييد الصيراع‪ ،‬لجييان الحقيقيية‪ ،‬مرجييع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.1.‬‬
‫‪ -)2‬سووكا ياسمين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.19.‬‬
‫‪ -)3‬بلكوش حبيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.19 .‬‬
‫‪4‬‬
‫‪) - HAZAN Pierre, Op.cti, p.359.‬‬
‫‪129‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫يصدق عليها في الوقت نفسه وصف التحديات التي تواجه العدالة االنتقالية عبر آلية لجان‬
‫الحقيقة‪.1‬‬
‫على صعيد آخر‪ ،‬تحتل إشكالية مدى مالئمة آلية لجان الحقيقة كبنية أساسية‬
‫لتحقيق العدالة االنتقالية‪ ،‬صدارة المسائل التي يجب التوقف عندها والتي عادة ما تكون‬
‫رهينة المحددات التاريخية‪ ،‬السياسية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬واالجتماعية للسياق الذي تطرح فيه مسألة‬
‫العدالة االنتقالية‪ ،2‬أين تتفاعل هذه المحددات للحيلولة دون اعتماد آليات الستجالء الحقيقة‬
‫بالمطلق‪ ،‬سواء تعلق األمر بلجان الحقيقة أو غيرها من نماذج اآلليات التي يطلق عليها‬
‫وصف اآلليات التصالحية الهادفة إلى إعادة اعتبار للضحايا ووضع ضمانات عدم التكرار‬
‫من خالل قناة إجالء الحقيقة‪ ،3‬األمر الذي يمكن أن نلمس مظاهره من خالل التجربة‬
‫الجزائرية‪.‬‬
‫نسجل كذلك‪ ،‬محدودية تجربة العدالة االنتقالية من خالل آليات إجالء الحقيقة في‬
‫إلهام واضعي الميثاق من أجل السلم والمصالحة‪ ،4‬رغم أن الجزائر قد عرفت تجربة سابقة‬
‫شبيهة بلجان الحقيقة حيث انتهى السيد رئيس الجمهورية "عبد العزيز بوتفليقة" بموجب‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،111-01‬إلى إلحاق هيئة خاصة ومؤقتة باللجنة االستشارية لترقية‬
‫و حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬أنيطت بها مهمة التكفل بالعرائض الرامية إلى البحث عن كل‬
‫شخص يصرح أحد أعضاء أسرته بفقدانه‪.5‬‬
‫يطغى على عمل هذه األخيرة طابع الجرد والتنسيق أين تم حصر صالحياتها في‪:‬‬

‫‪ -)1‬مفوضررية األمررم المتحرردة لحقرروق اإلنسرران‪ ،‬أدوات سيييادة القييانون لليدول مييا بعييد الصيراع‪ ،‬لجييان الحقيقيية‪ ،‬مرجييع‬
‫سابق ص‪.10.‬‬
‫‪ -)2‬بلكوش حبيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.19.‬‬
‫‪ -)3‬سووكا ياسمين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.19.‬‬
‫‪ -)4‬أمر رقم ‪ ،43-46‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪-)5‬مرسرروم رئاسرري ‪ ،244-41‬المييؤرخ فييي ‪99‬سييبتمبر ‪ ،1001‬يييتمم المرسييوم الرئاسييي رقييم ‪ ،99-09‬المييؤرخ ‪11‬‬
‫مييارس ‪ ،1009‬والمتضييمن إحييداث الجنيية االستشييارية بترقييية حقييوق اإلنسييان وحمايتهييا‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عييدد ‪11‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪ 91‬سبتمبر‪.1001‬‬
‫‪130‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫‪-‬تحديد حاالت اإلدعاء بالفقدان‪.1‬‬


‫‪ -‬تكليف السلطات المختصة بالقيام بجميع األبحاث الضرورية لتحديد مكان وجود‬
‫األشخاص المصرح بفقدانهم والتكليف بالقيام بعمليات تحديد هوية الجثث التي يتم العثور‬
‫عليها‪.2‬‬
‫‪-‬إعالم أسر األشخاص المصرح بفقدانهم بنتيجة األبحاث المنجزة‪ ،‬وتوجيههم فيما يخص‬
‫اإلجراءات الواجب إتباعها لتسوية المسائل الزوجية والمسائل المتعلقة بالميراث على مختلف‬
‫الحاالت‪.3‬‬
‫‪-‬تصور تدابير اإلعانة والتعويض باالتصال مع السلطات العمومية لصالح ذوي حقوق‬
‫األشخاص المفقودين‪.4‬‬
‫‪-‬القيام بدور الوسيط بين المؤسسات العمومية وأسر األشخاص المصرح بفقدانهم‪.5‬‬
‫وهو ما يدفعنا للقول بأن المرسوم رقم ‪ ،111-01‬قد أناط اللجنة الوطنية الخاصة‬
‫المعنية بالمفقودين بصالحيات مبتورة أين تنعدم اإلشارة ألي اختصاص يتعلق بتحديد‬
‫المسؤوليات عن عملية االختفاء القسري‪ ،‬عدم اإلشارة على ضرورة تضمين توصيتها تصو ار‬
‫عن ضمانات عدم التك ارر‪ ،‬حصر التزاماتها إزاء أسر الضحايا في إعالمهم بنتيجة األبحاث‬
‫المنجزة‪ ،‬وهو ما ال يعتبر كافيا بأي شكل من األشكال‪ ،‬بحيث أن انتهاء بعض التحقيقات‬
‫الوقتية إلى عدم جدوى البحث غير كاف إلقناع أسر الضحايا بالمصير الحقيقي لذويهم‪.6‬‬
‫هذا وتستوقفنا الفقرتين ج و د من المادة ‪ 9‬مكرر اللتان تعطيان انطباع بأن أعمال‬
‫اللجنة تنصرف على وجه التخصيص إلى ذوي حقوق ضحايا االختفاء القسري‪ ،‬أين ال يشير‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،244-41‬ألي التزامات لهذه األخيرة في مواجهة األشخاص الذين‬

‫‪ -)1‬المادة ‪9/9‬من المرسوم الرئاسي‪ ،244-41‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ -)2‬المادة ‪ 1/9‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -)3‬المادة ‪ 1/9‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -)4‬المادة ‪ 1/9‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،73-43‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -)5‬المادة‪ ، 1/9‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪)- C.F.D.A, Op.cit , p.28.‬‬
‫‪131‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫تم العثور عليهم‪ ،‬سواء تعلق األمر بعمليات التعويض أو إعادة اإلدماج في المجتمع‪ ،‬وهو‬
‫ما ترده الرابطة الجزائرية لحقوق اإلنسان إلى كون نتائج التحقيق في حقيقة األمر كانت‬
‫محسومة منذ البداية‪.1‬‬
‫نزوال عند مقتضيات المادة ‪9‬مكرر‪ 1‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ ،244-41‬عمدت‬
‫اللجنة إلى رفع تقريرها إلى رئيس الجمهورية تزامنا مع نهاية عهدتها أواخر شهر مارس‪ ،‬وهو‬
‫التقرير الذي لم يبصر النور بعدها أبدا‪.2‬‬
‫يبقى أن نشير إلى أن أعمال هذه األخيرة‪ ،‬لم تسفر عن أية نتيجة تذكر‪ ،‬أين اختزل‬
‫قانون المصالحة الوطنية التدابير المعتمدة إزاء ملفات االختفاء القسري في تعويض ذوي‬
‫حقوق الضحايا بعنوان "ضحية المأساة الوطنية" بناء على حكم قضائي بالوفاة‪ ،‬يتم‬
‫استصداره من طرف أحد ورثته أو أي شخص ذي مصلحة‪ ،‬بموجب محضر معاينة بفقدان‬
‫الشخص المعني‪ ،‬تعده الشرطة القضائية على إثر عمليات البحث التي تنتهي إلى عدم‬
‫جدوى البحث‪.3‬‬
‫إال أن تسليمنا بكون إخفاق تجربة العدالة االنتقالية من عدمها‪ ،‬ليس مرهونا باعتماد‬
‫آليات استجالء الحقيقة على الرغم من محورية دور هذه األخيرة في مسارات العدالة‬
‫االنتقالية‪ ،4‬دفعنا إلى عدم التوقف عند جزئية إقصاء قانون المصالحة الوطنية لهذه الطائفة‬
‫من اآلليات‪ ،‬للحكم على نجاح المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية في بعدها اإلجرائي‪ ،‬بل‬
‫نتجاوزها للبحث عن حقيقة رصد قانون المصالحة الوطنية آلليات فعالة في إطار نهج‬
‫متكامل وشامل للعدالة االنتقالية‪ ،‬من شأنها أن تعكس حقيقة اإلرادة السياسية في تجاوز‬
‫مخلفات الماضي وفقا لرؤية خاصة ومتفردة تستجيب للخصوصية السياق الجزائري‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪(- C.F.D.A, Op.cit , p.28.‬‬
‫‪ -)2‬سي صالح نور الدين ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.19.‬‬
‫‪ -)3‬المادتين ‪ 10‬و‪ 19‬من األمر رقم ‪ ،43-46‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -)4‬بلكوش حبيب‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬ص‪.19.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪)- YOUSSEF Nada, Op.cti, p.227.‬‬
‫‪132‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫وهو ما انتهينا بشأنه إلى القول بقيام المقاربة الجزائرية في بعدها اإلجرائي على نهج‬
‫سلبي في التعامل مع آليات العدالة االنتقالية‪ ،‬أين لم يتم رصد أي آلية تصالحية تذكر في‬
‫هذا الصدد‪ ،‬وهو ما يفسر في حقيقة األمر إخفاق قانون المصالحة الوطنية في التعامل مع‬
‫ملف المفقودين‪ ،‬و النقص في التعامل مع مسألة جبر الضرر‪ ،‬فضال عن التجاوز النهائي‬
‫والتام لمسألة اإلصالح المؤسساتي‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫قانون المصالحة الوطنية واشكالية اعتماد آليات المساءلة الجنائية‬

‫يتوقف تحقيق مقاربة فعلية للعدالة االنتقالية في شقها الردعي‪ ،‬على مدى‬
‫االضطالع بتعزيز عملية إقرار المساءلة الجنائية بآليات إجرائية فعالة‪ ،‬وهو األمر الذي‬
‫يقتضي أولوية الفعل الوطني ‪ ،‬مع اإلبقاء على افتراض نهوض اآلليات الدولية بهذه المهمة‬
‫في حالة عدم مقدرة أو عدم رغبة الدولة في االضطالع بمهامها المتعلقة بالمساءلة‬
‫الجنائية‪.2‬‬
‫وفي هذا الصدد تعتبر قوانين العفو غير الخاضعة للمساءلة على غرار قانون‬
‫المصالحة الوطنية‪ ،‬من بين المقوضات األكثر شيوعا لتفعيل اختصاص الهيئة القضائية‬
‫المحلية في مواجهة االنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق‬
‫اإلنسان‪ ،3‬وهو ما يطرح دور اآلليات الجنائية الدولية في محاربة اإلفالت من العقاب في‬
‫السياق الجزائري على باسطة البحث‪.‬‬

‫‪ -)1‬وهو ما نوه إليه األستاذ "مروان عزي" أين تضمنت جملة االقتراحات التيي طرحهيا عليى السييد رئييس الجمهوريية‬
‫ضمن مسيعى‪ ،‬اسيتكمال مسيار المصيالحة الوطنيية ضيرورة ‪ ،‬إنشياء هيئية خاصية بغيية الوقيوف عليى الثغيرات التيي‬
‫تعتري قانون المصالحة الوطنية ‪.‬‬
‫‪ -)2‬مفوضررررية األمررررم المتحرررردة لحقرررروق اإلنسرررران‪ ،‬أدوات سي يييادة القي ييانون لي ييدول مي ييا بعي ييد الص ي يراعات‪ ،‬مبي ييادرات‬
‫المقاضاة‪ ،‬وثائق األمم المتحدة‪ ،‬رمز الوثيقة‪ ،1001 ،HR/PUB/06.04 ،‬ص‪.9.‬‬
‫‪ -)3‬مفوضية األمم المتحدة لحقروق اإلنسران‪ ،‬أدوات سييادة القيانون ليدول ميا بعيد الصيراعات‪ ،‬تيدابير العفيو‪ ،‬مرجيع‬
‫سابق ص‪.1.‬‬
‫‪133‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫أوالا‬
‫تقويض قانون المصالحة الوطنية اختصاص الهيئات القضائية المحلية‬
‫في مواجهة اإلفالت من العقاب‬

‫تجد عملية تفعيل اختصاص الهيئات القضائية المحلية في مواجهة اإلفالت من‬
‫العقاب‪ ،‬ترجمتها في كل من القيام بعمليات تحقيق شاملة ومستقلة في جميع أنماط الجرائم‬
‫التي قد تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬و إخضاع الفاعلين المحتملين لهذه الجرائم للمحاكمة‪.1‬‬
‫وهو ما نجده مغيبا تماما في إطار قانون المصالحة الوطنية‪ ،‬أين ربط المشرع‬
‫الجزائري عودة المستفيدين من انقضاء الدعوى العمومية إلى بيوتهم بمجرد استيفاء جملة من‬
‫اإلجراءات الشكلية التي تقتصر على‪ ،‬تقديم تصريح يشتمل خصوصا على كل من األفعال‬
‫التي ارتكبها أو كان شريكا فيها أو محرضا عليها و األسلحة والذخائر أو المتفجرات أو أي‬
‫وسيلة أخرى يحوزها كانت ذات صلة بهذه األفعال‪ ،‬وفي هذه الحالة عليه أن يسلمها‬
‫للسلطات المذكورة أو يدلها على المكان التي تكون موجودة فيه‪.2‬‬
‫وذلك بالنسبة لألشخاص الذين يقومون في أجل أقصاه ‪ 1‬أشهر ابتداء من تاريخ‬
‫نشر األمر رقم ‪ 09-01‬في الجريدة الرسمية‪ ،‬بالمثول طوعا أمام السلطات‬
‫المختصة‪ ،‬ويكفون عن ارتكاب األفعال المنصوص عليها بموجب أحكام المادة ‪ 1‬من نفس‬
‫األمر ماعدا المواد ‪99‬مكرر‪ 1‬و‪ 99‬مكرر‪ ،31‬وكذا األشخاص الذين هم محل بحث في‬
‫داخل التراب الوطني أو خارجه‪ ،‬بسبب ارتكابه أو اشتراكه في فعل من األفعال المنصوص‬

‫‪ -)1‬سيييادة القييانون والعداليية االنتقالييية لمجتمعييات الصيراع ومجتمعييات مييا بعييد الصيراع‪ ،‬وثييائق األمييم المتحييدة‪ ،‬رمييز‬
‫الوثيقة ‪ S/1001/119‬بتاريخ ‪ 11‬أوت ‪ ،1001‬ص‪.11 .‬‬
‫‪ -)2‬المادة ‪ 91‬من األمر رقم ‪ ،43-46‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -)3‬المادة ‪ 1‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪134‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫عليها بموجب األحكام المذكورة في المادة ‪ 1‬من قانون المصالحة الوطنية‪ ،‬والذي يمثل‬
‫طوعا أمام السلطات المختصة في أجل أقصاه ‪ 1‬أشهر‪.1‬‬
‫مما يجعل من احتمال استفادة األشخاص السالفين الذكر من إجراءات انقضاء‬
‫الد عوى العمومية بناء على تصريحات كاذبة‪ ،‬أمر محتمل الوقوع في ظل عدم إشارة قانون‬
‫المصالحة الوطنية لضرورة القيام بتحقيقات قضائية‪ ،‬لبحث مدى صحة التصريحات المدلى‬
‫بها‪ ،‬وهو ما من شأنه أن يفرغ نص المادة ‪ 90‬من األمر رقم ‪ 43-46‬من محتواه‪ ،‬في‬
‫ظل انعدام احتمال إخضاع مرتكبي األفعال المنصوص عليها في المادة ‪ 90‬إلى‬
‫المحاكمة‪.2‬‬
‫على صعيد أخر‪ ،‬نجد في الحصانة من المقاضاة التي تطرحها المادة ‪ 11‬من قانون‬
‫المصالحة الوطنية‪ ،‬مظه ار آخر من مظاهر تقويض اختصاص الهيئات القضائية المحلية‬
‫في محاربة اإلفالت من العقاب‪.3‬‬

‫ثاني ا‬
‫مدى اختصاص آليات العدالة الجنائية الدولية في مكافحة اإلفالت من العقاب في‬
‫سياق حالة العنف المسلح الجزائرية‬

‫في الوقت الذي نستبعد فيه إمكانية إقامة محاكم مختلطة في السياق الجزائري‪ ،‬وأمام‬
‫عدم اختصاص المحكمة الجنائية الدولية الدائمة في النظر في الجرائم المرتكبة في نطاق‬
‫حالة العنف المسلح الجزائرية‪ ،‬يبقي بذلك االختصاص العالمي اآللية الوحيدة لمكافحة إفالت‬
‫مرتكبي الجرائم الدولية الجسيمة في إطار حالة العنف المسلح الجزائرية من العقاب‪.‬‬

‫‪ -)1‬المادة ‪ 9‬من األمر رقم ‪ ،43-46‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ -)2‬تقصي المادة ‪ 90‬من قانون المصالحة الوطنيية كيل مين مرتكبيي أفعيال المجيازر الجماعيية أو انتهياك الحرميات‬
‫أو اسييتعمال المتفج يرات فييي األميياكن العمومييية أو شيياركوا فيهييا أو حرض يوا عليهييا‪ ،‬ميين االسييتفادة ميين أحكييام انقضيياء‬
‫مييع اسييتفادتهم ميين إج يراءات اسييتبدال العقوبيية أو تخفيفهييا وفقييا لمقتضيييات الميواد ميين‪-91-99‬‬ ‫الييدعوى العمومييية‪،‬‬
‫‪10‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -)3‬المادة ‪ ،11‬من المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪135‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫‪ )3‬استبعاد إقامة محاكم مختلطة في سياق حالة العنف المسلح الجزائرية؟!‬


‫إن غياب تعريف جامع لما يصطلح على تسميته بالمحاكم المختلطة‪ ،‬يفضي بنا‬
‫إلى البحث عن مفهوم هذه األخيرة في ضوء خصائصها المستقاة من التجارب المقارنة في‬
‫مجال إرساء هذا النوع من اآلليات‪ ،‬والتي يمكن أن نجملها في كونها‪:1‬‬
‫‪-‬محاكم هجينة ذات تشكيلة مختلطة ووالية مختلطة‪ ،‬بحيث تضم عناصر دولية و عناصر‬
‫محلية‪.‬‬
‫‪ -‬تهدف إلى إيجاد حلول مستدامة لمشكلة اإلفالت من العقاب‪ ،‬تتعدى مجرد‬
‫المحاكمة‪ ،‬و إنما تتجاوزها إلى بناء القدرات الوطنية لضمان نهج مستمر لسيادة القانون‬
‫وحماية حقوق اإلنسان‪.2‬‬
‫‪ -‬هي محاكم اتفاقية عادة ما يتم إنشاؤها بناء على اتفاق بين منظمة دولية وأحد‬
‫الد ول‪ ،‬يكون مردها إما عدم مقدرة نظام العدالة المحلي على االضطالع بالتزاماته في مجال‬
‫محاربة اإلفالت من العقاب‪ ،‬أو عدم كفاية القدرات المحلية في هذا الصدد والتي تقتضي‬
‫تعزيزها عن طريق الخبرات الدولية ‪.3‬‬
‫هذا وقد اكتسبت المحاكم المختلطة أهمية بارزة باعتبارها من أهم التطورات الهيكلية‬
‫في مجال العدالة االنتقالية‪ ،‬التي جسدتها جملة من التجارب المتفاوتة النجاح‪.4‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن نجاح المحاكم المختلطة في االضطالع بالمهام التي أنشأت‬
‫لغرضها‪ ،‬يبقى مرهونا بمدى تمتعها بمقومات االستقاللية والحياد عن األطراف الحكومية‬
‫وعدم الخضوع للضغوطات‪ ،‬كفاية التمويل‪ ،‬فضال عن مراعاة سياق إنشائها‪.‬‬

‫‪-)1‬جرررردادوة عررررادل‪" ،‬المحي يياكم المختلطي يية نمي ييوذج جديي ييد للعدالي يية الدوليي يية "‪ ،‬مجل ي ية الفقي ييه والقي ييانون‪ ،‬العي ييدد الثالي ييث‬
‫عشر‪ .1091 ،‬ص‪.911.‬‬
‫‪ -)2‬مفوضرية األمررم المتحرردة لحقرروق اإلنسرران‪ ،‬أدواة سيييادة القييانون لييدول مييا بعييد الصيراع‪ ،‬زيييادة مييوروث المحيياكم‬
‫المختلطة‪ ،‬وثائق األمم المتحدة‪ ،‬رمز الوثيقة‪ 1009 ،HR/PUB/08/02 ،‬ص‪.91 .‬‬
‫‪ -)3‬جدادوة عادل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.919.‬‬
‫‪-)4‬مفوضررررررية األمررررررم المتحرررررردة لحقرررررروق اإلنسرررررران‪ ،‬أدوات سي ي يييادة القيي ييانون ليي ييدول م ي ييا بع ي ييد الصي ي يراع‪ ،‬مبي ي ييادرات‬
‫المقاضاة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1.‬‬
‫‪136‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫أما في السياق الجزائري‪ ،‬فبالتأكيد ينتفي هذا الطرح بالنظر إلى التوجه العام للرؤية‬
‫الجزائرية لهذا النوع من المحاكم‪ ،‬بما يحويه من تداخل بين السياسي والقانوني‪ ،‬هذا فضال‬
‫عن الموقف المبدئي من المنظمات الدولية العاملة في هذا المجال‪ ،‬والتي تنطوي على‬
‫أهداف ال تكون بالضرورة واضحة‪.1‬‬
‫‪ )2‬عدم خضوع الجرائم الدولية المرتكبة في نطاق حالة العنف المسلح‬
‫الجزائرية لوالية المحكمة الجنائية الدولية الدائمة‪:‬‬
‫تتكون المنظومة األمنية اإلنسانية ككل من أمن اإلنسان ذاته‪ ،‬هذه األخيرة التي‬
‫الحت بوادرها في أعقاب الحرب العالمية األولى لتتوطد أكثر لدى المجموعة الدولية‪ ،‬جراء‬
‫الكارثة اإلنسانية التي خلفتها الحرب العالمية الثانية خلفت أيما أثر‪ ،‬على منهج المجموعة‬
‫الدولية في التعاطي مع مسألة إرساء آليات للعدالة الجنائية الدولية‪ ،‬والتي منيت في نهاية‬
‫المطاف بإقرار النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية من طرف الجمعية العامة لألمم‬
‫المتحدة بتاريخ ‪ 99‬جويلية ‪ ،9119‬والذي دخل حيز النفاذ بعد إيداع الصك الستين‬
‫للتصديق بتاريخ ‪ 9‬جويلية ‪.21001‬‬
‫وتعتبر هذه األخيرة بمفهوم المادة األولى من نظامها األساسي‪ ،‬هيئة قضائية دولية‬
‫مستقلة ومكملة للوالية القضائية الوطنية‪ ،3‬في اإلشارة لمبدأ التكاملية الذي يجعل من‬
‫اختصاص المحكمة الجنائية الدولية اختصاصا مكمال للوالية القضائية الوطنية‪ ،‬كمحاولة‬
‫للتوفيق بين احترام سيادة الدول ومهمتها األصيلة في مكافحة اإلفالت من العقاب‪.4‬‬

‫‪ -)1‬أنظر في ذلك الفقرة ‪ 1‬من ديباجة مشروع الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪-)2‬لمزيد من التفاصيل راجع‪ :‬خياطي مخترار‪ ،‬دور القضياء الجنيائي اليدولي فيي حمايية حقيوق اإلنسيان‪ ،‬ميذكرة لنييل‬
‫شيهادة الماجسيتير‪ ،‬فيي إطييار مدرسية اليدكتوراه "القيانون األساسييي والعليوم السياسيية"‪ ،‬فيرع القييانون اليدولي العيام‪ ،‬كلييية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،1099 ،‬ص‪.919-991.‬‬
‫‪ -)3‬المادة األولى من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -)4‬حسررررراني خالرررررد ‪" ،‬مبي ييدأ التكامي ييل في ييي اختصي يياص المحكمي يية الجنائيي يية الدوليي يية "‪ ،‬المجلي يية األكاديميي يية للبحي ييث‬
‫القانوني‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪̔ ،‬المجلد ‪ ،90‬عدد‪ 1091 ،01‬ص‪.91-99.‬‬
‫‪137‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫بحيث تنعقد والية المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬في حالة ما إذا ثبتت عدم مقدرة الدولة‬
‫أو عدم رغبتها في االضطالع باختصاصاتها القضائية‪ ،‬متى تم استيفاء شروط كل من‬
‫االختصاص الزمني والمكاني والموضوعي للمحكمة الجنائية الدولية‪ ،1‬وهي الشروط التي ال‬
‫يبدو أنها مستوفاة في السياق الجزائري‪ ،‬بحيث أن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية‬
‫اختصاص مستقبلي ال ينعقد بأثر رجعي على الجرائم التي تم ارتكابها قبل دخول نظامها‬
‫األساسي حيز النفاذ‪ ،2‬في حين أن أغلب الجرائم التي تم ارتكابها في إطار حالة العنف‬
‫المسلح الجزائرية والتي تدخل في مجال االختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدولية قد‬
‫تم ارتكابها قبل تاريخ ‪ 9‬جويلية ‪ ،31001‬اللهم ما تعلق بجريمة االختفاء القسري باعتبارها‬
‫من الجرائم المستمرة‪ ،‬وحتى هذه األخيرة ال يمكن تصور خضوعها لوالية المحكمة الجنائية‬
‫الدولية الدائمة إال متى صادقت الجزائر على النظام األساسي لهذه األخيرة ‪.4‬‬
‫‪ )1‬االختصاص العالمي كآلية وحيدة لمكافحة اإلفالت من العقاب في إطار‬
‫حالة العنف المسلح الجزائرية‪:‬‬
‫يقوم مبدأ االختصاص العالمي على إشراك القضاء الجنائي الوطني في تنفيذ القانون‬
‫الدولي الجنائي‪ ،‬عن طريق االعتراف للمحاكم الوطنية بسلطة عقد اختصاصها القضائي‬
‫الجنائي في النظر في الجرائم دون أي رابط مباشر أو فعلي مع الجريمة أو المجرم‪ ،‬متى‬
‫كانت الجريمة الدولية على درجة من الخطورة‪ ،‬وكذا الوجود اإلرادي للمتهم على إقليم دولة‬
‫االختصاص العالمي‪.5‬‬

‫‪ -)1‬راجع دريدي وفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.191-191.‬‬


‫‪ -)2‬المادة ‪ 99‬من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -)3‬بشان الجرائم المرتكبة في الجزائر نحيل القارئ الكريم إلى‪ :‬ص‪ 69-69.‬من هذا البحث‪.‬‬
‫‪ -)4‬سوسن تمرخان بكة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.191.‬‬
‫‪ -)5‬أوكيررل محمررد أمررين‪ ،‬اإلختصيياص الجنييائي العييالمي ودوره فييي الحييد ميين اإلفييالت ميين العقيياب ‪ ،‬مداخليية مقدميية‬
‫روعي ‪ 60-60‬نوفعدح‬ ‫في إطار الملتقى الدولي حيول القانون الدولي اإلنااني ااعة بدد الحمعان عرح داار‬
‫‪ 2602‬ص‪.0-3.‬‬
‫‪138‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫تجدر اإلشارة ‪ -‬في هذا الصدد‪ -‬إلى أنه تم اتهام ومتابعة كل من األخوين عبد‬
‫القادر وحسين محمد من قبل وكيل جمهورية محكمة "نيم" بشأن تهمة التعذيب‪ ،‬كما تم رفع‬
‫شكوى ضد الجنرال األسبق السيد "خالد نزار" أمام المحاكم الفرنسية‪ ،‬وأيضا ضد وزير الدولة‬
‫ورئيس حزب حمس –سابقا‪ -‬السيد "أبو جرة سلطاني" أمام المحاكم السويسرية بتهمة‬
‫التعذيب‪.1‬‬

‫‪. www.trialdejustice.org consulté le:06/06/2015, à 01 :16‬‬ ‫‪ -)1‬عتوافح بلي العوقع اإللكتحوني‪:‬‬

‫‪139‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬

‫خالصة الفصل الثاني‬

‫نظ ار للنتائج المحدودة التيي أسيفرت عنهيا السياسية الردعيية " الكيل األمنيي" المعتميدة مين طيرف‬
‫الدولة الجزائرية‪ -‬في بدايات األزمية ‪-‬لمواجهية الظياهرة اإلرهابيية‪ ،‬فيي مجيال حمايية الميواطنين‬
‫(خاصة)‪،‬كان لزاما عليي الدولية الجزائريية‪ -‬و بيالموازاة ميع هيذه األخييرة ‪ -‬التوجيه نحيو تأصييل‬
‫سياسة قانونية أخرى بهدف احتواء األزمة األمنية‪.‬‬
‫شيرع فييي التمهيييد لهييذه األخييرة ميين خييالل إقيرار الحيوار الييوطني كحييل وحيييد لبنيياء أرضييية‬
‫خصي ييبة لالنطي ييالق نحي ييو تحقيي ييق مسي ييعى المصي ييالحة الوطني ي ية‪ ،‬مي ييرو ار بإرسي يياء مجموعي يية مي يين‬
‫التشريعات االحتوائية‪ ،‬برز في إطارها قيانون المصيالحة للوطنيية عليي أنيه مقاربية غيير مكتملية‬
‫األركان للعدالة االنتقالية‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫خاتم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫خاتمـــــــــــــــــة‬

‫لقد أسفر انفتاح األزمة الدستورية التي عايشتها الجزائر في أعقاب توقيف المسار‬
‫االنتخابي علي أزمة أمنية وعن مأساة وطنية حقيقة‪ ،‬تجلت محدداتها القانونية في كل من‬
‫إخفاق مشروع البناء الديمقراطي التعددي كنتيجة منطقية لتفاعل كل من واجهية هذا األخير‬
‫واخفاق المؤسسات الدستورية في ضمان استم اررية الدولة من جهة‪ ،‬فضال عن العنف‬
‫المسلح الذي جسد اإلطار الفعلي لهذه المأساة من جهة أخرى‪.‬‬

‫إن هذا الوضع‪ ،‬من حيث أنه لم يعدو أن يكون إال انعكاسا للفراغ المؤسساتي‬
‫المفتعل في أعقاب فوز الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ (المحلة) بنتائج الدور األول من االنتخابات‬
‫التشريعية لسنة ‪ ،1991‬كان ممكن تالفيه من خالل إنفاذ القواعد الدستورية المتعلقة‬
‫بممارسة السلطة‪ ،‬والتي يبدوا أنها كانت من وجهة نظر منظري ومؤيدي توقيف المسار‬
‫االنتخابي قاصرة عن ضمان ديمومة الطابع الجمهوري للدولة ‪.‬‬

‫ومن جهتها لعبت المؤسسات الدستورية دو ار محوريا في تحديد مآالت األزمة‪ ،‬منها‬
‫ما هو "إيجابي" ويتعلق بدور رئيس الجمهورية في افتعال األزمة الدستورية‪ ،‬ومنها ما يتعلق‬
‫بالدور "السلبي" لكل من رئيسي؛ المجلس الشعبي الوطني و المجلس الدستوري من هذا‬
‫الفراغ(اإلحجام عن اتخاذ الخطوات القانونية الالزمة) ‪.‬‬

‫كما تعد نظرية استم اررية الدولة بما أوجدته من أساس خصب لبروز مؤسسات فعلية‬
‫خارج التعبير المؤسساتي للدولة‪ ،‬األساس القانوني لتوقيف المسار االنتخابي‪.‬‬

‫وقد أسفر هذا األخير(توقيف المسار اإلنتخابي)عن تأجيج نزعة العنف لدي‬
‫التنظيمات اإلسالمية المتطرفة (اإلرهابية)‪ ،‬من حيث أنه مهد لبداية مرحلة التأريخ لحالة‬
‫العنف المسلح الجزائرية‪ ،‬المتنازع حول طبيعتها القانونية‪ ،‬بين دفع الموقف الرسمي نحو‬
‫تأصيل أطروحة الحرب علي اإلرهاب‪ ،‬وبين استيفاء بعض الجماعات المسلحة اإلسالمية‬
‫المتطرفة(اإلرهابية) لمعايير طرف النزاع وفقا للمفهوم الذي تطرحه كل من المادة الثالثة‬

‫‪142‬‬
‫خاتمـــــــــــــــــة‬

‫المشتركة بين اتفاقيات جنيف األربعة والبرتوكول اإلضافي الثاني‪ ،‬مما يجعلنا ننزع إلى القول‬
‫باستيفاء حالة العنف المسلح الجزائرية لعتبة النزاعات المسلحة غير الدولية‪.‬‬

‫هذا وقد ألقت مسألة التكييف هذه بظاللها على النظام القانوني الواجب التطبيق علي‬
‫حالة العنف المسلح الجزائرية‪ ،‬التي تفاعل في إطارها كل من إقصاء أحكام القانون الدولي‬
‫اإلنساني وتهميش أحكام القانون الدولي لحقوق اإلنسان من اإلنفاذ في مواجهتها‪.‬‬

‫مما أسفر عن مأساة إنسانية بل واقتصادية واجتماعية حقيقية‪ ،‬بين ممارسات واسعة من‬
‫االنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني التي استوفت اإلطار الموضوعي للجرائم‬
‫الدولية‪ ،‬و انتهاكات أخرى جسيمة للقانون الدولي لحقوق اإلنسان في إطار الحرب على‬
‫اإلرهاب‪ ،‬علي غرار تفعيل بند التحلل من االلتزام من خالل إعالن حالة الطوارئ دون‬
‫التقييد بالشروط التي يقتضيها ذلك‪ ،‬لعل أخطرها علي حقوق اإلنسان تلك المتعلقة بعدم‬
‫االمتثال لشرط حضر التحلل من بعض االلتزامات‪ ،‬والذي نلمسه في الممارسة الجزائرية في‬
‫إطار الحرب علي اإلرهاب من خالل إهدار الحق في محاكمة عادلة و الوضع في مراكز‬
‫األمن‪.‬‬

‫نزوال عند أثار هذه المحددات القانونية لمسار المأساة الوطنية عمد النظام الجزائري‬
‫إلى تبني نهج جديد لتطويق األزمة األمنية‪ ،‬قائم علي (المزاوجة) بين السياسة الردعية‬
‫وسياسة احتوائية تدور وجودا وعدما مع مفهوم المصالحة الوطنية‪.‬‬

‫هذه األخيرة (السياسة المصالحاتية)‪ ،‬وعلي الرغم من إخفاق آلية الحوار الوطني في‬
‫تعبيد الطريق إليها‪ ،‬أين فشلت في الوصول إلي توافق وطني حول تسير المرحلة االنتقالية‬
‫الثانية‪ ،‬إال أنها عرفت طريقها للتجسيد من خالل جملة من األطر التشريعية التي إعتمد‬
‫بشأنها المشرع الجزائري مقاربات متفاوتة‪ ،‬بداية من إقرار تدابير الرحمة مرو ار بإشراك اإل اردة‬
‫الشعبية من خالل كل من قانوني؛ الوئام المدني و المصالحة الوطنية‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫خاتمـــــــــــــــــة‬

‫لقد برز في إطار هذه الخيارات قانون المصالحة الوطنية من حيث أن أهدافه تتعدي‬
‫مجرد البحث عن مخرج من األزمة األمنية إلي محاولة معالجة أثار المأساة الوطنية‬
‫الجزائرية‪ ،‬على أنه مقاربة غير مكتملة األركان للعدالة االنتقالية‪ ،‬وذلك لعدم استيفاءه‬
‫لعناصر العادلة االنتقالية‪ ،‬سواء من حيث عدم قيامه على مقاربة شاملة للعناصر‬
‫التصالحية‪ ،‬أين إكتفي هذا األخير بالتعويض كبديل عن جبر الضرر‪ ،‬كما انتهي إلى إهدار‬
‫الحق في معرفة الحقيقة‪ ،‬عطفا على تبنيه لخيار العفو بما يتضمنه من منافذ لإلفالت من‬
‫العقاب‪ ،‬هذا من جهة ‪.‬‬

‫ومن جهة أخري من خالل إقصاء قانون المصالحة الوطنية آلليات العدالة االنتقالية سواء‬
‫التصالحية منها أو العقابية من نطاق إنفاذ أحكامه‪.‬‬

‫ننتهي في هذا الصدد إلي إيراد جملة من التوصيات بهدف استكمال مسار المصالحة‬
‫الوطنية الجزائرية في كنف العدالة االنتقالية‪ ،‬خاصة أمام التوجه نحو دسترة هذه‬
‫األخيرة‪ ،‬أين نوصي بتفعيل رئيس الجمهورية للتفويض الذي أوكله إياه استفاء يوم ‪99‬‬
‫سبتمبر ‪ 9002‬وفقا لما تقضي به أحكام المادة ‪ 74‬من قانون المصالحة الوطنية‪ ،‬على‬
‫النحو الذي من شأنه أن يكفل تحقيق ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬ضرورة استكمال العناصر التصالحية للعدالة االنتقالية من جبر للضرر‪ ،‬إصالح مؤسساتي‬
‫فضال عن تكريس الحق في معرفة الحقيقة علي األقل في بعده الفردي بالنسبة لعائالت‬
‫المفقودين وبنائها علي نهج شامل ومتكامل عطفا على تعزيزها بآليات فعالة لالضطالع‬
‫بهذا الدور‪.‬‬
‫‪ -‬تماشيا مع ما تطرحه العدالة االنتقالية من ضرورة الموازنة بين جملة من األهداف‬
‫المتعارضة في طليعتها السالم في مواجهة العدالة‪ ،‬فضال عما تؤكد عليه هذه األخيرة‬
‫من ضرورة استجابة برامج العدالة االنتقالية للسياقات التي تحكمها‪ ،‬نذهب إلي عدم جدوى‬
‫التأكيد علي ضرورة مكافحة اإلفالت من العقاب‪ ،‬إال أننا في مقابل ذالك نؤكد علي ضرورة‬

‫‪144‬‬
‫خاتمـــــــــــــــــة‬

‫تفعيل مبدأ المساءلة الجنائية كنهج من مناهج تكريس الحق في معرفة الحقيقة وانتصا ار‬
‫لكرامة الضحايا‪.‬‬

‫إال انه لما كانت االستجابة لهذه المتطلبات " التوصيات" رهينة مجموع من المحددات‬
‫في طليعتها توافر سياق سياسي واقتصادي وكذا أمني مالئم‪ ،‬نتساءل عن إمكانية استكمال‬
‫مسار المصالحة الوطنية في ضوء معايير العدالة االنتقالية ‪-‬على مثاليتها‪-‬؟‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫ق ائمة المراجع‬
‫قائمة المراجع‬

‫باللغة العربية‪:‬‬
‫أوال‪ -‬الكتب‪:‬‬
‫‪ .1‬الزمالي عامر‪ ،‬مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬منشورات المعهد العربي لحقوق‬
‫اإلنسان واللجنة الدولية للصليب األحمر‪ ،‬تونس‪.7991 ،‬‬
‫‪ .2‬أوصديق فوزي‪ ،‬النظام الدستوري الجزائري ووسائل التعبير المؤسساتي‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.8002 ،‬‬
‫‪ .3‬بوالشعير سعيد‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬دار الهدي‪ ،‬الجزائر‪.7991 ،‬‬
‫‪ .4‬بوكراع إلياس‪ ،‬الجزائر الرعب المقدس‪ ،‬الطبعة األولي‪ ،‬دار الفرابي للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.8001‬‬
‫‪ .5‬بيجيتش يلينا‪ ،‬نطاق الحماية الذي توفره المادة الثالثة المشتركة‪ :‬واضح للعيان‪ ،‬المجلة الدولية‬
‫للصليب األحمر‪ ( ،‬اللجنة الدولية للصليب األحمر )‪ ،‬المجلد ‪ ،91‬مختارات من العدد‪ ،227‬مارس‬
‫‪.8077‬‬
‫‪ .6‬تاملت محمد‪ ،‬الجزائر من فوق البركان‪ ،‬د‪.‬د‪.‬ن‪ ،‬الطبعة الثانية‪.7999 ،‬‬
‫‪ .7‬تمرخا بكة سوسن‪ ،‬الجرائم ضد اإلنسانية في ضوء النظام األساسي للمحكمة الجنائية‬
‫الدولية‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪.8002 ،‬‬
‫‪ .8‬سيف الدين عبد الفتاح إسماعيل‪ ،‬التيارات اإلسالمية وقضية الديمقراطية رؤية من خالل الحدث‬
‫الجزائري‪ ،‬سلسلة كتب المستقبل العربية‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪.7999 ،‬‬
‫‪ .9‬صدوق عمر‪ ،‬أراء سياسية وقانونية في بعض قضايا األزمة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.7991‬‬
‫‪ .11‬عبد الغني عبد الحميد محمود‪ ،‬حماية ضحايا النزاعات المسلحة في القانون الدولي اإلنساني‬
‫والنزاعات المسلحة‪ ،‬اللجنة الدولية للصليب األحمر‪ ،‬مصر‪.8008 ،‬‬
‫‪ .11‬عتلم حازم محمد‪ ،‬قانون النزاعات المسلحة غير الدولية‪ ،‬والقانون الدولي اإلنساني‪ :‬دليل التطبيق‬
‫على الصعيد الدولي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.8008 ،‬‬

‫‪147‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .12‬فريتس كالسهوفن و تسغفلد ليزابيث‪ ،‬ضوابط تحكم خوض الحرب‪ ،‬اللجنة الدولية للصليب‬
‫األحمر‪ ،‬جنيف‪.8002 ،‬‬
‫‪ .13‬كميل الطويل‪ ،‬الحركة اإلسالمية المسلحة في الجزائر‪ ،‬دار النهار للنشر‪ ،‬بيروت‪.7992 ،‬‬
‫‪ .14‬مسعد عبد الرحمان زيدان‪ ،‬تدخل األمم المتحدة في النزاعات المسلحة غير ذات الطابع‬
‫الدولي‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪.8002 ،‬‬

‫ثانيا‪ -‬األطروحات والمذكرات الجامعية‪:‬‬

‫أ‪-‬اطروحات الدكتوراه‪:‬‬
‫‪ .1‬بلعورمصطفي‪ ،‬التحول الديمقراطي في النظم السياسية العربية‪ ،‬دراسة حالة النظام السياسي‬
‫الجزائري (‪ ،)8002-7922‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه في العلوم السياسية‪ ،‬فرع التنظيم‬
‫السياسي واإلداري‪ ،‬قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪ ،‬جامعة‬
‫بن يوسف بن خدة‪ ،‬الجزائر‪.8070 ،‬‬
‫‪ .2‬بلودنين أحمد‪ ،‬األزمة السياسية في الجزائر وتضخم اللّجان الوطنية لإلصالح‪ ،‬رسالة من أجل‬
‫الحصول على شهادة الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة بن يوسف بن‬
‫خدة‪ ،‬الجزائر‪.8001،‬‬
‫‪ .3‬بن مالك بشير‪ ،‬نظام اإلنتخابات الرئاسية في الجزائر‪ ،‬رسالة لنيل درجة الدكتوراه في القانون‬
‫العام‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقا يد‪ ،‬تلمسان‪.8077،‬‬
‫‪ .4‬خيلية ؤريدة‪ ،‬الوضعية األمنية في الجزائر من خالل الصحافة الوطنية‪ ،‬في الفترة مابين ‪7998‬‬
‫‪ ،8000-‬أطروحة لنيل سهادة دكتوراه في علوم اإلعالم واالتصال‪ ،‬قسم العلوم اإلعالم‬
‫واالتصال‪ ،‬كلية العلوم السياسية وعلوم اإلعالم واالتصال‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ 1‬دالي براهيم‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.8077‬‬
‫‪ .5‬رابحي أحسن‪ ،‬مبدأ تدرج المعاير القانونية في النظام القانوني الجزائري‪ ،‬رسالة لنيل درجة دكتوراه‬
‫في القانون‪ ،‬معهد الحقوق والعلوم اإلدارية بن عكنون‪ ،‬جامعة الجزائر‪.8002 ،‬‬

‫‪148‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .6‬عميرش نذير‪ ،‬المسؤولية المدنية للدولة عن األضرار الناتجة عن أعمال العنف واإلرهاب ‪ :‬دراسة‬
‫مقاربة‪ ،‬أطروحة لنيل درجة دكتوراه علوم في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫منتوري‪ ،‬قسنطينة‪.8077،‬‬
‫ب‪ -‬مذكرات الماجستير‪:‬‬
‫‪ .1‬باخالد عبد الرزاق‪ ،‬المصالحة الوطنية في إطار السياسة الجنائية‪ ،‬بحث لنيل شهادة الماجستير في‬
‫القانون الجنائي والعلوم الجنائية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم القانونية‪ ،‬جامعة منتوري‪ ،‬قسنطينة‬
‫‪.8070-8009،‬‬
‫‪ .2‬براهيمي إسماعيل‪ ،‬الحرب في النزاعات المسلحة غير الدولية‪ ،‬مذكرة للحصول على شهادة‬
‫الماجستير في الحقوق‪ ،‬فرع القانون الدولي والعالقات الدولية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪.8077 ،7‬‬
‫‪ .3‬بركاني خديجة‪ ،‬حماية المدنيين في النزاعات المسلحة غير الدولية‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة‬
‫الماجستير‪ ،‬فرع القانون العام‪ ،‬تخصص القانون والقضاء الدوليين الجنائيين‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫منتوري‪ ،‬قسنطينة‪.8002 ،‬‬
‫‪ .4‬بلحربي نوال‪ ،‬أزمة الشرعية في الجزائر (‪ ،)8001-7998‬رسالة لنيل شهادة الماجستير في فرع‬
‫والعالقات الدولية‪ ،‬كلية العلوم السياسية‬ ‫التنظيم السياسي واإلداري‪ ،‬قسم العلوم السياسية‬
‫واإلعالم‪ ،‬جامعة بن يوسف بن خدة‪ ،‬الجزائر‪.8001 ،‬‬
‫‪ .5‬بن خديم نبيل‪ ،‬استيفاء حقوق الضحايا في القانون الدولي الجنائي‪ ،‬مذكرة لنيل درجة الماجستير‬
‫في الحقوق‪ ،‬تخصص القانون الدولي العام‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق ‪،‬جامعة‬
‫محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪.8078 ،‬‬
‫‪ .6‬جبابلة عمار‪ ،‬مجال تطبيق الحماية الدولية لضحايا النزاعات غير الدولية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‬
‫تخصص قانون دولي إنساني‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الحاج‬ ‫الماجستير في العلوم القانونية‪،‬‬
‫لخضر‪ ،‬باتنة‪.8009 ،‬‬

‫‪149‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .7‬خياطي مختار‪ ،‬دور القضاء الجنائي الدولي في حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‬
‫الماجستير‪ ،‬في إطار مدرسة الدكتوراه "القانون األساسي والعلوم السياسية"‪ ،‬فرع القانون الدولي‬
‫العام‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪.8077 ،‬‬
‫‪ .8‬سي صالح نور الدين ‪ ،‬قابلية تطبيق القانون الدولي على األوضاع السائدة منذ جانفي‬
‫‪ ،7998‬مذكرة لنيل درجة الماجستير في العلوم القانونية‪ ،‬فرع قانون التعاون الدولي‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة ملود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪.8078،‬‬
‫‪ .9‬شريفي عبد الغني‪ ،‬تطبيق اإلستفتاء في الجزائر انطالقا من تجربة ‪ ،7999‬رسالة لنيل شهادة‬
‫الماجستير في القانون الدستوري وعلم التنظيم السياسي‪ ،‬كلية الحقوق بن عكنون‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪.8007 ،‬‬
‫‪ .11‬شطاب كمال‪ ،‬حقوق اإلنسان في الجزائر بين الحقيقة الدستورية والواقع المفقود (‪)8001-7929‬‬
‫‪،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬فرع تنظيم سياسي واداري‪ ،‬كلية‬
‫العلوم السياسية واإلعالم‪ ،‬معهد العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.8002 ،‬‬
‫‪ .11‬طعيبة احمد‪ ،‬أزمة التحول الديمقراطي في الجزائر ‪ ،7992-7922‬رسالة مقدمة لنيل شهادة‬
‫الماجستير في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬فرع التنظيم السياسي واإلداري‪ ،‬معهد العلوم السياسية‬
‫واإلدارية‪ ،‬جامعة الجزائر ‪.7992‬‬
‫‪ .12‬قادري نسيمة‪ ،‬الممارسة التشريعية في مجال اآلليات التشريعية الدولية الخاصة بحقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬مذكرة لنيل درجة الماجستير في القانون‪ ،‬فرع القانون العام‪ ،‬تخصص تحوالت الدولة‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة مولود معمري تيزي وزو‪.8009 ،‬‬
‫‪ .13‬قوقة وداد‪ ،‬الشرعية والمشروعية في مؤسسات المرحلة االنتقالية في ظل التجربة التعددية‬
‫الجزائرية‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام‪ ،‬فرع المؤسسات السياسية واإلدارية‬
‫‪،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة منتوري‪ ،‬قسنطينة‪.8009 ،‬‬
‫‪ .14‬مزياني لوناس‪ ،‬إنتفاء السيادة التشريعية للبرلمان في ضل دستور ‪ ،7992‬مذكرة لنيل درجة‬
‫الماجستير في القانون العام‪ ،‬فرع تحوال الدولة‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة مولود معمري تيزي وزو‪.8077 ،‬‬

‫‪150‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫ماستر‪:‬‬ ‫‪-‬مذكرة‬
‫‪.‬تابتي المية و بوشباح وسيلة‪ ،‬إشكالية تدخل مجلس األمن في النزاعات المسلحة غير‬

‫الدولية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق‪ ،‬شعبة القانون العام‪ ،‬تخصص القانون الدولي‬
‫اإلنساني وحقوق اإلنسان‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪،‬‬
‫‪.8071‬‬

‫المقاالت‪:‬‬ ‫ثالثا‪-‬‬
‫أ)‪-‬المقاالت األكاديمية‪:‬‬
‫‪ .1‬برقوق محند‪" ،‬مكافحة اإلرهاب في الجزائر من المقاربة األمنية إلى الحل السياسي"‪ ،‬مجلة‬
‫المفكر‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪.8001 ،‬‬
‫‪ .2‬بلكوش حبيب‪" ،‬العدالة االنتقالية ‪ ...‬المفاهيم اآلليات "‪ ،‬العدالة االنتقالية في السياقات‬
‫العربية‪ ،‬المنضمة العربية لحقوق اإلنسان‪ ،‬د‪.‬ب‪.‬ن‪.8072 ،‬‬
‫‪ .3‬بو الشعير سعيد‪" ،‬وجهة نظر قانونية حول استقالة رئيس الجمهورية في ‪ 77‬جانفي ‪7998‬وحل‬
‫المجلس الشعبي الوطني"‪ ،‬إدارة‪ ،‬مجلة سداسية تصدر عن مركز التوثيق والبحوث‬
‫اإلدارية‪.7991 ،‬‬
‫الراهنة " ‪ ،‬ورقة بحث‬
‫‪ .4‬بويحيى جمال ‪" ،‬دولة القانون واالنتقال الديمقراطي ‪ :‬تداعيات االنتفاضات ّ‬
‫مقدمة إلى مخبر العولمة و القانون الوطني‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة ملود معمري‬
‫تيزي وزو‪.8072 ،‬‬
‫‪ .5‬جان كيه كليفنر‪" ،‬انطباق القانون الدولي اإلنساني على الجماعات النظامية المسلحة"‪ ،‬المجلة‬
‫الدولية للصليب األحمر‪( ،‬اللجنة الدولية للصليب األحمر)‪ ،‬المجلد ‪ ،91‬العدد‪.8077 ،228‬‬
‫‪ .6‬جدادوة عادل ‪" ،‬المحاكم المختلطة نموذج جديدي للعدالة الدولية "‪ ،‬مجلة الفقه والقانون‪ ،‬العدد‬
‫الثالث عشر‪ .8071 ،‬ص‪.792.‬‬
‫كلية‬ ‫‪ .7‬حتحوت نور الدين‪" ،‬لجان الحقيقة وشروط تحقيق المصالحة الوطنية"‪ ،‬مجلة المفكر‪،‬‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬العدد‪.8070 ،1‬‬

‫‪151‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .8‬حساني خالد ‪" ،‬مبدأ التكامل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية "‪ ،‬المجلة األكاديمية‬
‫للبحث القانوني‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪̔ ،‬المجلد ‪ ،70‬عدد‪.8072 ،08‬‬
‫‪ .9‬ساسولي ماركوا و ويوفال شاني‪" ،‬هل يجب أن تكون التزامات الدول والجماعات المسلحة متساوية‬
‫بموجب القانون الدولي اإلنساني في الواقع "‪ ،‬المجلة الدولية للصليب األحمر‪( ،‬المركز الدولي للصليب‬
‫األحمر)‪ ،‬المجلد‪ ،91‬العدد‪.8077 ،228‬‬
‫‪ .11‬سكيل رقية‪" ،‬التعديالت الدستورية السابقة في الجزائر"‪ ،‬مداخلة ملقاة في إطار فعليات الملتقى‬
‫الدولي حول التعديالت الدستورية في الدول العربية على ضوء المتغيرات الدولية الراهنة –حالة‬
‫الجزائر‪ ،‬جامعة حسيبة بن بوعلي‪ ،‬شلف‪ ،‬يومي ‪ 02-01‬ديسمبر‪.8078‬‬
‫‪ .11‬سووكا ياسمين‪" ،‬النظر إلى الماضي والعدالة االنتقالية لبناء السالم من ̨خالل الكشف عن‬
‫المسؤوليات"‪ ،‬المجلة الدولية للصليب األحمر‪( ،‬اللجنة الدولية للصليب األحمر)‪ ،‬مختارات من األعداد‬
‫‪.8002‬‬
‫‪ .12‬محمد براهيمي‪" ،‬حق الحل في دستور ‪ ،"7929‬م‪.‬ج‪.‬ع‪.‬ق‪.‬إ‪.‬س‪ ،‬عدد‪.7991 ،7‬‬
‫‪ .13‬نقبي ياسمبن‪" ،‬الحق في معرفة الحقيقة في القانون الدولي واقع أم خيال "‪ ،‬مختارات من المجلة‬
‫الدولية للصليب األحمر‪ ،‬اللّجنة الدولية للصليب األحمر‪ ،‬المجلد ‪ ،22‬العدد‪ ،228‬حزيران ‪.8002‬‬
‫‪ .14‬هانز بيتر جاسر‪" ،‬األعمال اإلرهابية‪" ،‬واإلرهاب "والقانون الدولي اإلنساني"‪ ،‬المجلة الدولية‬
‫للصليب األحمر‪( ،‬لجنة الصليب األحمر)‪ ،‬مختارات من األعداد‪.8008 ،‬‬
‫ب) المقاالت اإللكترونية‪:‬‬
‫‪ -1‬كاتلين الفاند‪" ،‬مقابلة بعنوان النزاعات المسلحة أو حاالت العنف األخرى‪-‬ما الفرق بالنسبة‬
‫للضحايا‪-‬؟"‪ ،‬اللجنة الدولية للصليب األحمر‪ ،‬مركز المعلومات‪ ،‬قاعدة البيانات‪ ،‬مقابلة‪ ،‬متوفرة‬
‫على الموقع اإللكتروني التالي‪:‬‬
‫‪http://www.icrc.org. , consulter le :17/05/2015 à 01 :15.‬‬
‫‪ -2‬مالئمة القانون الدولي اإلنساني في حاالت اإلرهاب‪ ،‬اللجنة الدولية للصليب األحمر‪ ،‬مركز‬
‫المعلومات‪ ،‬متوفرة على الموقع اإللكتروني التالي‪:‬‬
‫‪http://www.icrc.org. , consulter le :17/05/2015 à 03 :15.‬‬

‫‪152‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫رابعا‪ -‬الملتقيات‪:‬‬
‫‪.1‬أوكيل محمد أمين ‪" ،‬اإلختصاص الجنائي العالمي ودوره في الحد من اإلفالت من العقاب "‪،‬‬
‫مداخلة مقدمة في إطار الملتقي الدولي حول القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬جامعة عبد الرحمان‬
‫ميرة‪ ،‬بجاية ‪ ،‬يومي ‪ 01-02‬أفريل‪.8078‬‬
‫‪.2‬بقالم موراد‪" ،‬الستفتاء كوسيلة مباشرة لتعديل الدستور "‪ ،‬مداخلة ملقاة في إطار فعليات الملتقى‬
‫الدولي حول التعديالت الدستورية في الدول العربية على ضوء المتغيرات الدولية الراهنة‬
‫–حالة الجزائر‪ ،-‬جامعة حسيبة بن بوعلي‪ ،‬شلف‪ ،‬يومي ‪ 02-01‬ديسمبر‪.8078‬‬
‫‪.3‬جغلول زغدود‪" ،‬تقييد النصوص القانونية الدولية والداخلية إلعمال سلطة الطوارئ كضمانة‬
‫لحقوق اإلنسان أثناء حالة الطوارئ (بين النص والواقع )"‪ ،‬أعمل الملتقى الدولي حول حقوق‬
‫اإلنسان في الجزائر‪ ،‬جامعة صديق بن يحى‪ ،‬جيجل‪ ،‬يومي ‪ 78‬و ‪ 71‬ماي ‪.8072‬‬

‫خامسا‪ -‬النصوص القانونية‪:‬‬


‫أ‪ -‬الدساتير‪:‬‬
‫‪ ‬الدساتير المادية‪:‬‬
‫‪ .1‬إعالن المجلس األعلى لألمن‪ ،‬مؤرخ في ‪ 72‬جانفي ‪ ،7998‬متضمن اإلعالن عن إقامة‬
‫المجلس األعلى للدولة‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد ‪ ،1‬الصادرة في ‪1‬جانفي ‪.7998‬‬
‫‪ .2‬مداولة المجلس األعلى للدولة‪ ،‬رقم ‪ ،08-98‬مؤرخة في ‪ 72‬أفريل ‪ ،7998‬تتعلق بمراسيم‬
‫ذات الطابع التشريعي‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪ ،82‬الصادرة بتاريخ‪ 71‬أفريل ‪. 7998‬‬
‫‪.3‬األرضية المتضمنة الوفاق الوطني حول المرحلة االنتقالية‪ ،‬منشورة بموجب المرسوم الرئاسي رقم‬
‫‪ ،20-92‬مؤرخ في ‪ 89‬جانفي ‪ ،7992‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ .‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد ‪ ،02‬صادرة في ‪ 17‬جانفي‬
‫‪.7992‬‬

‫‪153‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ ‬الدساتير الشكلية‪:‬‬
‫‪ .1‬دستور ‪ 7912‬الصادر بموجب المرسوم الرئاسي ‪ ،91-12‬مورخ في ‪ 88‬نوفمبر‬
‫‪ ،7912‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪ ،92‬الصادرة في ‪ 88‬نوفمبر‪.7912‬‬
‫‪ .2‬دستور‪ 81‬فيفري ‪7929‬المنشور بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ 72/29‬المؤرخ في ‪ 82‬فيفري‬
‫‪ ،7929‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ .‬د‪.‬ش عدد ‪ ،09‬الصادرة في ‪ 7‬مارس‪.7929‬‬
‫‪ .3‬دستور ‪ 82‬نوفمبر ‪ ،7992‬منشور بموجب المسوم الرئاسي رقم ‪ ،212-92‬مؤرخ في ‪ 01‬ديسمبر‬
‫‪ ،7992‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد ‪12‬ن صادر في ‪ 02‬ديسمبر ‪ ،7992‬المعدل بالقانون رقم‬
‫‪ ،01-08‬مؤرخ في ‪ 70‬أفريل ‪ ،8008‬يتضمن التعديل الدستوري‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،81‬صادر في ‪ 72‬أفريل ‪ ،8008‬والقانون رقم ‪ ،79-02‬مؤرخ في ‪ 71‬نوفمبر ‪ ،8002‬يتضمن‬
‫التعديل الدستوري‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد ‪ ،21‬صادر في ‪ 72‬نوفمبر ‪.8002‬‬

‫ب‪ -‬المواثيق و االتفاقيات الدولية‪:‬‬


‫‪ .1‬اتفاقية جنيف‪ ،‬المؤرخة في ‪ ،7929/02/78‬دخلت حيز التنفيذ في ‪ ،7910/02/87‬انضمت‬
‫إليها الجزائر أثناء الثورة التحريرية من طرف الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بتاريخ ‪ 80‬جوان‬
‫‪. 7920‬‬
‫‪ .2‬العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المعتمد والمعروض للتوقيع والتصديق واالنضمام‬
‫بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة‪8800 ،‬ألف (د‪ ،)87-‬المؤرخ في ‪ 70‬ديسمبر‬
‫المؤرخ‬ ‫‪21-29‬‬ ‫رقم‬ ‫رئاسي‬ ‫مرسوم‬ ‫بموجب‬ ‫الجزائر‬ ‫صادقت‬ ‫‪،7922‬‬
‫في ‪ ،7929/01/72‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪ 77‬الصادرة بتاريخ‪.7929-01-71 ،‬‬
‫األول الملحق باتفاقيات جنيف األربعة والمتعلق بحماية ضحايا النزاعات‬
‫‪ .3‬البرتوكول اإلضافي ّ‬
‫الدولية المسلحة المؤرخ في ‪ ،7911/02/ 70‬دخل حيز النفاذ في‪ ،7912/78/01‬انضمت إليه‬
‫الجزائر بموجب مرسوم رئاسي ‪ 22-29‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪ ،80‬الصادرة بتاريخ ‪.7992/01/71‬‬
‫‪ .4‬البرتوكول اإلضافي الثاني الملحق باتفاقيات جنيف األربعة‪ ،‬المتعلق بحماية ضحايا المنازعات‬
‫بتاريخ‬ ‫التنفيذ‬ ‫حيز‬ ‫دخل‬ ‫‪،7911/02/70‬‬ ‫في‬ ‫المؤرخ‬ ‫المسلحة‪،‬‬ ‫الدولية‬ ‫غير‬

‫‪154‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ ،7912/78/01‬انضمت إليه الجزائر بموجب مرسوم تنفيذي رقم ‪ ،22-29‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬‬


‫عدد‪ 80‬الصادرة بتاريخ ‪.7920/02/80‬‬

‫ت ‪ -‬النصوص التشريعية‪:‬‬
‫‪ ‬القوانين العادية‪:‬‬
‫‪ .1‬قانون رقم ‪ ،11-89‬المؤرخ في ‪ 01‬جويلية ‪ ،7929‬يتعلق بالجمعيات ذات الطابع‬

‫السياسي‪،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬عدد‪،81‬الصادرة بتاريخ ‪1‬جويلية ‪،7929‬معدل ومتمم ‪.‬‬


‫‪ .2‬قانون رقم ‪ ،14-91‬المؤرخ في ‪08‬جوان ‪ ،7990‬المتعلق بكيفية ممارسة الحق‬
‫النقابي‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬عدد‪ ،81‬الصادرة بتاريخ ‪02‬جوان ‪7990‬؛ قانون رقم‪ ،01-90‬المؤخ في‬
‫‪1‬أبريل ‪ ،7990‬يتعلق باإلعالم‪،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬عدد‪ ،72‬الصادرة بتاريخ ‪ 02‬أفريل ‪7990‬‬
‫المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ .3‬قانون رقم ‪ 21-91‬المؤرخ في ‪ 71‬أوت ‪ ،7990‬يتعلق بالتعويضات الناجمة عن قانونا لعفو‬
‫الشامل رقم ‪ ، 79-90‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬عدد‪،11‬الصادرة بتاريخ ‪71‬أوت ‪.7990‬‬
‫‪ .4‬قانون رقم ‪ 16-91‬المؤرخ في ‪ 08‬أفريل ‪ ،7997‬متعلق باالنتخابات‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬‬
‫عدد‪ ،72‬الصادرة بتاريخ ‪ ،7997‬معدل ومتمم‪.‬‬
‫‪ .5‬مرسوم تشريعي رقم ‪ ،13-92‬المؤرخ في ‪ 10‬ديسمبر ‪ ،7998‬يتعلق بمكافحة التخريب‬
‫واإلرهاب‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪ ،10‬الصادرة بتاريخ ‪80‬يناير ‪.7998‬‬
‫‪ .6‬مرسوم تشريعي رقم ‪ ،11-93‬مؤرخ في ‪ 79‬يناير ‪ ،7991‬المتضمن قانونا لمالية لسنة‬
‫‪ ،7991‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬دش‪ ،‬عدد‪ ،2‬الصادرة بتاريخ‪ 80 ،‬يناير ‪.7991‬‬
‫يتعلق بتمديد حالة‬ ‫‪ .7‬مرسوم تشريعي رقم ‪ ،12-93‬المؤرخ في ‪2‬جانفي ‪7991‬‬
‫الطوارئ‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪.‬عدد‪ ،02‬الصادرة بتاريخ‪1 ،‬فبراير ‪.7991‬‬
‫‪ .8‬مرسوم تشريعي رقم ‪ ،15-93‬المؤرخ في ‪ 79‬أبريل ‪ ،7991‬يعدل ويتمم مرسوم تشريعي رقم‬
‫‪ 01-98‬المؤرخ في ‪10‬سبتمبر ‪ 7998‬والمتعلق بمكافحة التخريب واإلرهاب‪. ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،81‬الصادرة بتاريخ ‪ 81‬أفريل ‪.7991‬‬

‫‪155‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .9‬مرسوم تشريعي رقم ‪ ،18-93‬مؤرخ في ‪ 89‬ديسمبر ‪ ،7991‬يتضمن قانون المالية لسنة‬


‫‪،7992‬ج‪.‬رج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪ ،22‬الصادرة بتاريخ ‪10‬ديسمبر ‪.7991‬‬
‫‪ .11‬أمر رقم ‪ ،11-95‬مؤرخ في ‪ 81‬فبراير‪ ،7991‬يعدل و يتمم أمر رقم ‪ ،711-22‬المؤرخ في ‪2‬‬
‫يونيو ‪ ،7922‬والمتضمن قانون اإلجراءات الجزائية‪،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد ‪ ،77‬الصادرة بتاريخ ‪7‬‬
‫مارس ‪.7991‬‬
‫‪ .11‬أمر رقم ‪ ،11-95‬مؤرخ في ‪ 81‬فبراير‪ ،7991‬يعدل و يتمم أمر رقم ‪ ،711-22‬المؤرخ في ‪2‬‬
‫يونيو ‪ ،7922‬والمتضمن قانون العقوبات‪،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد ‪ ،77‬الصادرة بتاريخ ‪ 7‬مارس‬
‫‪.7991‬‬
‫الرحمة‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬‬
‫‪.12‬أمر رقم ‪ ،12-95‬مؤرخ في ‪ 71‬يوليو ‪ ،7999‬يتضمن تدابير ّ‬
‫عدد‪ ،22‬الصادرة بتاريخ ‪71‬يوليو ‪.7999‬‬
‫‪ .13‬قانون رقم ‪ ،18-99‬المؤرخ في ‪ ،7999/01/71‬المتعلق باستعادة الوئام المدني‪،‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬رقم ‪ ،22‬الصادرة بتاريخ ‪.7999/01/71‬‬
‫السلم والمصالحة‬
‫‪ .14‬أمر رقم ‪ ،11-16‬المؤرخ في ‪ 81‬فبراير ‪ ،8002‬يتضمن تنفيذ ميثاق ّ‬
‫الوطنية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬عدد‪ ،77‬موافق‪ 82‬فبرايرسنة‪.8002‬‬
‫أمر رقم ‪ 11-11‬المؤرخ في ‪81‬فبراير‪ ،8077‬يتضمن رفع حالة الطوارئ ‪،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬عدد‬
‫‪ ،78‬الصادرة بتاريخ ‪ 81‬فبراير ‪.8077‬‬
‫ث‪ -‬النصوص التنظيمية‪:‬‬
‫‪ ‬المراسيم الرئاسية‪:‬‬
‫‪ .1‬مرسوم رئاسي رقم ‪ ،196-89‬المؤرخ في ‪ 81‬أكتوبر ‪ ،7929‬المتضمن تنظيم المجلس‬
‫األعلى لألمن وعمله‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪ ،21‬سنة ‪.7929‬‬
‫‪ 2‬يونيوا ‪ ،7997‬يتضمن تقرير حالة‬ ‫‪ .2‬مرسوم رئاسي رقم ‪ ،196-91‬المؤرخ في‬
‫الحصار‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪ ،89‬بتاريخ‪ 78‬يونيو‪7997‬؛ تم إلغائه بموجب مرسوم رئاسي رقم‬
‫‪ ،112-97‬المؤرخ في سبتمبر ‪ ،7997‬يتضمن رفع حالة الحصار‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،22‬الصادرة بتاريخ ‪ 78‬يونيو ‪.7997‬‬

‫‪156‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .3‬مرسوم رئاسي رقم ‪ ،197-91‬المؤرخ في ‪ 01‬جوان ‪ ،7997‬يلغي مرسوم رئاسي رقم ‪-97‬‬
‫‪ ،92‬المؤرخ في ‪ 01‬أبريل ‪ ،7997‬المتضمن استدعاء هيئة الناخبين إلجراء إنتخابات تشريعية‬
‫مسبقة‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪..‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪ ،89‬الصادرة بتاريخ ‪ 78‬يونيو‪. 7997‬‬
‫‪ .4‬مرسوم رئاسي رقم ‪ ،386-91‬المؤرخ في ‪ 72‬أكتوبر ‪ ،7997‬يتضمن استدعاء هيئة‬
‫الناخبين إلجراء إنتخابات تشريعية مسبقة‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪ ،22‬الصادرة بتاريخ ‪72‬أكتوبر‬
‫‪.7997‬‬
‫‪ .5‬مرسوم رئاسي رقم ‪ ،11-92‬مؤرخ في ‪ 02‬جانفي ‪ ،7998‬يتضمن حل المجلس الشعبي‬
‫الوطني‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد ‪ ،8‬الصادرة بتاريخ ‪ 2‬يناير‪.7998‬‬
‫‪ .6‬مرسوم رئاسي رقم ‪ ،39-92‬المؤرخ في ‪ 2‬فبرابر ‪ ،7998‬يتعلق بصالحيات المجلس‬
‫اإلستشاري الوطني وطرق تنظيمه وعمله‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪ ،‬الصادرة بتاريخ‪ 9:‬فبراير ‪.799‬‬
‫‪ .7‬مرسوم رئاسي رقم‪ ،44- 92‬مؤرخ في‪ 9‬فبراير ‪ ،7998‬يتضمن إعالن حالة‬
‫الطوارئ‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬عدد‪ ،70‬الصادرة بتاريخ ‪.7998‬‬
‫‪ .8‬مرسوم رئاسي رقم ‪ ،438-96‬المؤرخ‪01‬ديسمبر‪ ،‬المتعلق بنشر دستور ‪ 82‬نوفمبر‬
‫‪ ،7992‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد ‪ ،12‬الصادرة بتاريخ ‪ 2‬ديسمبر ‪.7992‬‬
‫‪ .9‬مرسوم رئاسي رقم ‪ ،93-16‬المؤرخ في ‪ 82‬فبراير ‪ ،8002‬يتعلق بتعويض ضحايا المأساة‬
‫الوطنية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪ ،77‬الصادرة بتاريخ ‪ 82‬فبراير سنة ‪.8002‬‬
‫‪ .11‬مرسوم رئاسي رقم ‪ ،124-16‬المؤرخ في ‪ 81‬مارس ‪،8002‬يحدد كيفيات إعادة إدماج أو‬
‫تعويض األشخاص الذين كانوا موضوع إجراءات إدارية للتسريح من العمل بسبب األفعال المتصلة‬
‫بالمأساة الوطنية‪ ،‬ج‪.‬رج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪ ،79‬الصادرة بتاريخ ‪ 89‬مارس سنة ‪.8002‬‬

‫المراسيم التنفيذية‪:‬‬
‫‪ .1‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ ،424-98‬المؤرخ في ‪ 71‬ديسمبر ‪ ،7992‬يحدد شروط التكفل‬
‫ضحايا المأساة الوطنية و كيفيات تطبيقها‪ ،‬ج‪.‬رج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪،92‬‬ ‫بالعائالت المحرومة‬
‫الصادرة بتاريخ ‪ 72‬ديسمبر‪.7992‬‬

‫‪157‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .2‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ ،47-99‬المؤرخ في ‪ 71‬فبراير ‪ ،7999‬يتعلق بمنح تعويضات لصالح‬


‫األشخاص الطبيعيين ضحايا األضرار الجسدية والمادية التي لحقت بهم نتيجة أعمال إرهابية أو‬
‫حوادث وقعت في إطار مكافحة اإلرهاب‪ ،‬وكذا لصالح ذوي حقوقهم‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪09‬‬
‫‪ ،‬الصادرة بتاريخ ‪ 71‬فبراير ‪.7999‬‬
‫‪ .3‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 142-99‬مؤرخ في ‪ 71‬فبراير‪ ،7999‬يتضمن إحداث دور استقبال‬
‫اليتامى ضحايا اإلرهاب وتنظيمها وعملها‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪ ،09‬الصادرة بتاريخ ‪ 71‬فبراير‬
‫‪.7999‬‬
‫يتمم مرسوم تنفيذي رقم‬ ‫‪ .4‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ ،26-14‬مؤرخ في ‪ 7‬فيفري ‪،8072‬‬
‫‪ ،21-99‬المؤرخ في ‪ 71‬فبراير ‪ ،7999‬يتعلق بمنح تعويضات لصالح األشخاص الطبيعيين‬
‫ضحايا األضرار الجسدية والمادية التي لحقت بهم نتيجة أعمال إرهابية أو حوادث وقعت في إطار‬
‫مكافحة اإلرهاب‪ ،‬وكذا لصالح ذوي حقوقهم‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪ ،1‬الصادرة بتاريخ ‪8‬‬
‫فبراير‪.8072‬‬

‫‪ ‬األنظمة الداخلية‪:‬‬
‫النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ‪ ،7929‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬عدد‪.18‬صادرة في‬ ‫‪.‬‬
‫لسنة‬ ‫‪ 1‬غشت ‪ ،7929‬الملغى بموجب النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‬
‫‪ ،8000‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪،22‬الصادرة في ‪ 2‬أوت ‪ 8000‬والمعدل بموجب النظام المحدد‬
‫لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة ‪ ،8078‬ج‪.‬رج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش عدد ‪ ،82‬الصادرة في ‪ 01‬مايو‬
‫‪.8078‬‬
‫‪ ‬ق اررات وزارية ‪:‬‬
‫‪ .1‬قرار مؤرخ في ‪70‬فيفري ‪ ،7998‬يتضمن إنشاء كل من مركز رقان (والية أدرار) بالناحية‬
‫العسكرية الثالثة‪ ،‬مركز أمن عين صالح (والية تامنغست ) بالناحية العسكرية السادسة‪ ،‬مركز أمن‬
‫في ورقلة والية (ورقلة ) بالناحية العسكرية الرابعة‪ ،‬ج‪.‬رج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬عدد‪ ،77‬الصادرة بتاريخ‬
‫‪77‬فبراير ‪.7998‬‬

‫‪158‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .2‬قرار مؤرخ في ‪77‬فيفري ‪ ،7998‬يتضمن تفويض اإلمضاء إلى الوالة فيما يخص الوضع في‬
‫مراكز األمن‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪ ،‬عدد‪ ،77‬الصادرة بتاريخ ‪77‬فبراير ‪.7998‬‬
‫‪ .3‬قرار مؤرخ في ‪ 79‬فيفري ‪ ،7998‬يتضمن إنشاء مركز أمن في المنيعة (والية غرداية ) بالناحية‬
‫العسكرية الرابعة‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬عدد‪ ،71‬الصادرة بتاريخ‪82 ،‬فيفري ‪.7998‬‬
‫‪ .4‬قرار مؤرخ في ‪ 71‬فيفري يتضمن إنشاء مركز أمن في الحمر (والية أدرار)الناحية العسكرية الثالثة‬
‫‪ ،‬ج‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬عدد‪ ،72‬الصادرة بتاريخ ‪81‬فيفري ‪.7998‬‬

‫الدستوري‪:‬‬ ‫سادسا‪ -‬إعالنات وبيانات المجلس‬


‫‪ .1‬بيان المجلس الدستوري الصادر بتاريخ ‪ 77‬جانفي ‪ ،7929‬متوفر على مستوى موقع المجلس‬
‫الدستوري ‪http://www.consiel-constitutionnel.dz‬‬
‫تاريخ المطالعة‪ .8071/01/71 :‬على ‪.81:72‬‬
‫‪.2‬اإلعالن المؤرخ في ‪ 10‬ديسمبر ‪ ،7997‬يتضمن النتائج الرسمية لإلنتخابات التشريعية بتاريخ‬
‫‪ ( 7997/78/82‬الدور األول )‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬عدد‪ ،7‬الصادرة بتاريخ ‪.7998/07/02‬‬
‫‪.3‬إعالن المجلس الدستوري رقم ‪/08‬أ‪.‬م‪.‬د‪ ،99/‬المؤرخ في ‪ ،7999/09/79‬المتعلق بإعالن‬
‫نتائج قانون الوئام المدني ‪،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬عدد‪،22‬الصادرة بتاريخ‪87‬سبتمبر‪7999‬؛مرسوم‬
‫رئاسي رقم ‪،812-01‬مؤرخ في ‪ 72‬غشت سنة ‪ ،801‬يتضمن استدعاء هيئة الناخبين لالستفتاء‬
‫‪،8001‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش‪،‬‬ ‫سنة‬ ‫‪89‬سبتمبر‬ ‫الخميس‬ ‫يوم‬ ‫الوطنية‬ ‫بالمصالحة‬ ‫المتعلق‬
‫عدد‪ ،11‬الصادر بتاريخ‪ 71،‬غشت ‪.8001‬‬

‫وثائق‪:‬‬ ‫سابعا‪ :‬تقارير و‬


‫‪ ‬تقارير‪:‬‬
‫‪.7‬المرصد الوطني لحقوق اإلنسان (سابقا)‪ ،‬التقرير السنوي األول لسنة ‪ ،7998‬م‪.‬أ‪.‬ن‪.‬أ‪،‬‬
‫الجزائر‪،7991،‬ص‪.17-87.‬‬
‫‪ .2‬تقريررر األمررين العررام لممررم المتحرردة ‪ ،‬سيييادة القييانون والعداليية االنتقالييية فيي مجتمعييات الصيراع‬
‫وما بعد الصراع‪ ،‬رمز الوثيقة ‪. S/2004/616:‬‬

‫‪159‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .3‬منظمة العفو الدولية‪ ،‬إرث اإلفالت من العقاب تهديد لمستقبل الجزائر‪ ،‬األمانة الدولية لمنظمية‬
‫العفو الدولية‪ ،‬لندن‪.MDE /82/007/ 8009،8009 ،‬‬
‫الدوليررة‪ ،‬تقرييير العييام ‪ ،8001‬رمييز الوثيقيية‪ ،POL10/003/2003 ،‬الصييفحة‬
‫‪ .2‬منظمررة العفررو ة‬
‫الخاصة بالجزائر‪.‬‬

‫‪ ‬وثائق‪:‬‬
‫‪ .1‬مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان‪ ،‬سيادة القانون والعدالة االنتقالية لمجتمعات الصراع‬
‫ومجتمعات ما بعد الصراع‪ ،‬وثائق‪ ،‬األمم المتحدة‪ ،‬رمز الوثيقة ‪ S/8002/227‬بتاريخ ‪ 81‬أوت‬
‫‪.8002‬‬
‫‪ .2‬مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان‪ ،‬أدوات سيادة القانون للدول الخارجة من الصراعات‪،‬‬
‫برامج جبر الضرر‪ ،‬وثائق األمم المتحدة‪ ،‬رمز الوثيقة‪.200 HR/PUB/06/ ،‬‬
‫‪ .3‬مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان‪ ،‬سيادة القانون لدول ما بعد الصراعات ‪ :‬لجان الحقيقة‬
‫منشورات األمم المتحدة ‪ ،‬رمز المنشورة ‪ ،HR/PUB/06/1:‬الصادرة سنة ‪.8002‬‬
‫‪ .4‬مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان‪ ،‬أدوات سيادة القانون للدول ما بعد الصراع‪ ،‬لجان‬
‫الحقيقة‪ ،‬وثائق األمم المتحدة‪ ،‬رمز الوثيقة ‪.8002 ،HR/PUB/06/1 :‬‬
‫‪ .5‬مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان‪ ،‬أدوات سيادة القانون لدول ما بعد‬
‫الصراعات‪ ،‬مبادرات المقاضاة‪ ،‬وثائق األمم المتحدة‪ ،‬رمز الوثيقة‪.8002،HR/PUB/06.04 ،‬‬
‫‪ .6‬مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان‪ ،‬أدواة سيادة القانون لدول ما بعد الصراع‪ ،‬زيادة موروث‬
‫المحاكم المختاطة‪ ،‬وثائق األمم المتحدة‪ ،‬رمز الوثيقة‪ ،‬تحقيق أقصي زيادة إلرث الحاكم‬
‫المختلطة‪ ،‬وثائق األمم المتحدة‪ ،‬رمز الوثيقة‪.8002 ،HR/PUB/08/02 ،‬‬
‫‪ .7‬مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان‪ ،‬أدوات سيادة القانون للدول ما بعد الصراع ‪-‬تدابير‬
‫العفو‪ ،‬وثائق األمم المتحدة‪ ،‬رمز الوثيقة‪.2009, HR /PUB/09/07 ،‬‬
‫األمم المتحدة لحقوق اإلنسان‪ ،‬الحماية القانونية الدولية لحقوق اإلنسان أثناء‬ ‫‪ .8‬مفوضية‬
‫النزاعات المسلحة‪ ،‬وثائق األمم المتحدة‪ ،‬رمز الوثيقة‪.8077، HR/PUB/11/1،‬‬

‫‪160‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫االستقصائي‪:‬‬ ‫ثامنا‪ :‬البحث الصحفي‬

‫بالمركز األمنية اإلفراج عن بعض الموقوفين قريبا‪،‬‬


‫ا‬ ‫‪.1‬بلخير في ندوة صحفية ‪ 2122:‬موقوف‬
‫جريدة المساء‪ ،‬ليوم ‪ 71‬مارس ‪.7998‬‬
‫‪.2‬يحياوي جمال ‪ ،‬األستاذ علي يحي عبد النور‪ :‬ال نتفاوض حول النعوش أو عند أبواب السجون‬
‫نتفاوض حول طاولة مستديرة ‪ ،‬جريدة النور‪ ،‬ليوم ‪ 72‬مارس ‪.7998‬‬
‫‪( .3‬خ) ملكية‪ ،‬خلية المساعدة القضائية لتنفيذ ميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية ‪71:‬‬
‫اقتراحا الستكمال المسار وسد الثغرات‪ ،‬جريدة المساء‪ ،‬ليوم ‪.8077-01-72‬‬
‫‪ .4‬فاروق قسنطيني‪ ،‬الجزائر تؤكد الشفافية حيال المفقودين خالل العشرية السوداء‪ ،‬يومية‬
‫الشروق‪ ،‬ليوم ‪78‬أفريل ‪.8078‬‬
‫‪ .5‬بوروينة فتيحة‪ 100 ،‬طفل مولودون في معاقل اإلرهاب ينتظرون شهادات ميالد رسمية‪،‬‬
‫جريدة المساء‪ ،‬ليوم ‪88‬جويلية ‪.8078‬‬
‫‪ .6‬مصفي بسطامي‪ ،‬منح ألكثر من ‪ 70000‬مغتصبة‪ ،‬جريدة لنهار الجديد‪ ،‬ليوم ‪.8072/7/78‬‬

‫باللغة الفرنسية‪:‬‬

‫‪1)-Ouvrages‬‬
‫‪1. ALI Haroun, L’éclaircie promotion des droits de l’homme et inquiétudes‬‬
‫‪(1991-1992), Casbah ,Alger , 2011.‬‬
‫‪2. ALI Haroun et autre, Algérie arrêt du processus électoral enjeux et‬‬
‫‪démocratie, publisud pour le monde hors Algérie, paris, 2001.‬‬
‫‪3. BRAHIMI Mohamed ,Le pouvoir en Algérie et ses formes d’expression‬‬
‫‪institutionnelle, O.P.U, Alger, 1995.‬‬
‫‪4. BOUSSOUMAH Mohamed, La parenthèse des pouvoirs publics‬‬
‫‪constitutionnels de 1992 a 1998, O.P.U, Alger, 2005.‬‬
‫‪5. EBOUSSI- BOULAG fabien , Les conférences nationales en Afrique noire -‬‬
‫‪une affaire a suivre , Karthala, 1993.‬‬
‫‪6. GHOZALI Nasser –eddine, L’Algérie dans tous ses états. de la crise à la‬‬
‫‪démocratie orpheline, In Ou va l’Algérie, karthala, 2001.‬‬

‫‪161‬‬
‫قائمة المراجع‬

7. HONFUNG (M.G), Le référendum, collection que sais – je ? , P.U.F ,


Paris, 1987.
8. ISSAMI Mohamad, Le FIS et le terrorisme au cœur de l’enfer,le MATIN ,
Algérie, 2001.
9. MAHIOU Ahmed et henry .Jean – Robert, Ou va l’Algérie ?édition karhala et
Iremam, paris, 2001.
10.YOUSSEF Nada, la transition démocratique et la garantie des droits
fondamentaux, U.P.E, paris, 2010.

2)- Thèse :
1. SIMON Therrien-denis, L’autre terrorisme la criminalisation de la violation de
l’interdiction de terrorisme prévue en droit international humanitaire et les
éléments constitutifs de crime , mémoire présenté pour l’obtention du grade de
maitre en droit ,faculté de droit , université de Laval ,Québec ,2011.
3)- Articles Académiques :
1. ALI Haroun et CHANGNOLLAUD Jean-Paul, « Il fallait arrêter le
processus électoral » ,In Confluence Méditerranée , N°40, 2002.
2. BANJERTER Olivier, « Les raison pour les groupes armée de choisir de
respecter le droit international humanitaire ou pas » , In R.I.C.R, N°882, 2011.
3. LA ROSA (A-M)et WUERZNER(C) , « Groupes armés sanction et mise en
œuvre du droit international humanitaire », In R.I.C.R ,N° 870, 2008.
4. JONATHNE Somer « ,La justice de la jungle :juger de l’égalité des
belligérants dans un conflit armé non international »,In ,R.I.C.R ,N° 867 , 2007.
5. MARTINAISE Luis , « Algérie les enjeux des négociation entre l’AIS et
l’Armée » , politique étrangère ,N° 4 , 1997.
6. MARTINEZ Luise , « Algérie :les massacres des civils dans la guerre », In
R.I.P.C , Vol 8,N°1,2001.
7. MOMTAZ (D) , « Les règles humanitaires minimales applicables en période
de troubles et tentions internes » ,In R.I.C.R , N°831 ,1998.
8. SIDHOUM Salah-eddine , « La torture, antichambre de la mort » , In
confluence méditeranée ,N°51 ,2004.
9. SYLVEN Vit , « Typologie des conflits armés en droit international
humanitaire : concepts juridiques et réalités » , In R.I.C.R,N° 873 , mars ,2009.
10.-TIANGYE (N), « Crise de l’légitimité du pouvoir de l’état et conférences
nationales en Afrique », In R.A.D.I.C ,N°-1992.
11.VALLY Hanif , « La paix avec la justice : l’amnistie en Afrique de sud,
Mouvements » ,N°53, 2008.

162
‫قائمة المراجع‬

4)-Colloque International :
1. MAIZA (A), « L’engagement de l’Armée populaire contre le terrorisme » , In
acte de colloque international sur le terrorisme : le précédent Algérien ,
.M.D.N ,Alger , de 26 au 28 octobre 2002, pp. 243-252.
2. PENA Mariana , « Réparation individuelle et réparation collective », In acte
du séminaire pour :la paix et conciliation , organiser pars : CFDA ,SOS
disparus, CFD, Djazairouna , ANFD, Soumoud , Bruxelles ,18-19 mars 2007.
5)-Jurisprudences:

1. TPIY , Arrêt relatif a l’appel de la défense concernant l’exception préjudicielle


d’incompétence ,le procureur C . Dusko Tadic , affaire n°IT-94-1-A, 2 Octobre
1995.
2. TPIY , jugement , Procureur C. HARADINAJ , affaire n°IT-04-84,3avril2008.
6)-Documents, Rapports :
1. Algérie Watch , Dissolution de l’Armée islamique du salut , disponible en linge
sur : http://www.algeria-watche.org, , consulté le: 20/05/2015 à 02 :38.
2. Comité des droit de l’homme, Observation final sur l’Algérie,
CCPR/C/DZA/3, du 12 décembre 2007.
3. C.N.P.P.D.H, Rapport annule , état de droit en Algérie ,ANEP , Alger,2007.
4. ,Rapport annule , état de droit en Algérie ,A.N.E.P ,2010.
5. C.F.D.A , Rapport annuel, situation des droit de l’homme en Algérie, 2013.
6. HUMEN RIGHT WHATCH , Disparussions forcées en Algérie, Rapport,
février 2003, disponible en ligne sur : :
http://www.hrw.org,reports/2003/algeria.0203.
7. NATION Unies , Comité des droit de l’homme , Deuxième rapport périodique
que le gouvernement algérien devait présenter en 1995 au CDH,
CCPR/C/101/Add/1.
8. , Algérie ,Rapport du groupe de personnalités éminentes ,juillet
out 1998, département de l’information nation unies, septembre ,1998.
9. O.N.D.H , Rapport annuel de l’observatoire national des droits de
l’homme9194 ,Algérie ,1995.
10. , Rapport annuel de l’observatoire national des droits de l’homme
9195, Algérie, 1996.
11. , Rapport annuel de l’observatoire national des droits de l’homme
9196, Algérie, 1997.
12. , Rapport annuel de l’observatoire national des droits de l’homme
9198, Algérie, 1998.

163
‫قائمة المراجع‬

7)- Articles de presse :


1. Algeria Watch, Entretien avec Me Ali Yahia Abdenour, propos recueillis par
(K) Rachid, le jeune indépendant, 22et 23septembre1998, disponible (en
ligne)sur www.algeria-watch.org, consulté le : 20/05/2015 à 03 :91.
2. BENCHICOU Mouhamd, Chadli « mes vérités », Le Matin, N°2702 ,du
13/01/2001.
3. Billant de l’application de la charte pour la paix et la réconciliation entre
satisfaction et scepticisme , In el watan.du 12/9/2006.
4. GHEZALI Abdelkarim, Le discours de zeroual confirme les incertitudes
actuelles sur un accord politique , In La Tribune , du 6/07/1995 .
5. Message à la nation du président du Haut Comite d’Etat, In El moujahid, du
11fevrier 1992.
8) Sites internets :
http://www.conseil-constitutionnel.dz.
http://www.icrc.org.
www.trial de justice.org.

164
‫الفهرس‬
‫الفهرس‬

‫‪7‬‬ ‫المقدمة‬
‫الفصل األول‬
‫معالجة آثار المأساة الوطنية كموجب للمصالحة الوطنية‬
‫‪12‬‬
‫‪-‬بحث في المحددات القانونية–‬
‫المبحث األول‬
‫إخفاق مشروع البناء الديمقراطي التعددي كخلفية للمأساة الوطنية‬
‫‪12‬‬
‫‪-‬قراءة في العوامل –‬

‫المطلب األول‬
‫واجهية مشروع البناء الديمقراطي التعددي‬
‫‪15‬‬
‫‪-‬قصور اإلطار القانوني كمؤشر–‬
‫الفرع األول‬
‫دستور‪9191‬‬
‫‪17‬‬
‫–دستور أزمة أم أزمة الدستور‪-‬‬

‫أولا‬
‫بالنسبة لتنظيم الحقوق والحريات‬
‫‪19‬‬
‫‪-‬إقرار دون تكريس‪-‬‬

‫ثاني ا‬
‫‪22‬‬
‫عدم اكتمال أسس بناء دولة القانون‬

‫الفرع الثاني‬
‫‪22‬‬
‫تعبئة المنظومة التشريعية في مواجهة التكريس التعددي‬

‫أولا‬
‫قانون الجمعيات ذات الطابع السياسي‬
‫‪22‬‬ ‫‪-‬التوجه نحو اإلقرار التعددي المفتوح –‬

‫‪166‬‬
‫الفهرس‬

‫‪22‬‬ ‫ثالث ا‬
‫توظيف المنظومة االنتخابية‬
‫‪22‬‬ ‫‪ -)9‬أهم التعديالت التي طالت قانون االنتخابات‬
‫‪22‬‬ ‫‪ -)2‬إعادة تقسيم الدوائر االنتخابية بما يخدم حزب السلطة‬
‫المطلب الثاني‬
‫‪26‬‬
‫هشاشة البنية المؤسساتية للدولة‬
‫الفرع األول‬
‫‪27‬‬
‫إخفاق المؤسسات الدستورية في ضمان استم اررية الدولة في ضوء البدائل المتاحة‬

‫أولا‬
‫‪28‬‬
‫اقتران الشغور ودوره في افتعال األزمة المؤسساتية‬
‫‪29‬‬ ‫‪ )9‬إشكالية المطابقة الدستورية الستقالة رئيس الجمهورية‬
‫‪21‬‬ ‫‪ )2‬شبهة عدم دستورية حل المجلس الشعبي الوطني‬

‫ثاني ا‬
‫‪22‬‬
‫إشكالية تحفظ المجلس الدستوري‬
‫الفرع الثاني‬
‫‪25‬‬
‫المجلس األعلى لألمن هيئة استشارية بصالحيات سلطة؟!‬

‫أولا‬
‫‪27‬‬ ‫توقيف المسار االنتخابي‬
‫‪ -‬بين إنقاذ الجمهورية ومصادرة اإلرادة الشعبية ‪-‬‬

‫ثاني ا‬
‫‪29‬‬
‫تنصيب المجلس األعلى للدولة كهيئة فعلية لضمان استم اررية الدولة‬
‫المبحث الثاني‬
‫‪22‬‬
‫العنف المسلح كإطار للمأساة الوطنية‬
‫المطلب األول‬
‫‪21‬‬
‫بحث الطبيعة القانونية لحالة العنف المسلح الجزائرية‬

‫‪167‬‬
‫الفهرس‬

‫الفرع األول‬
‫‪22‬‬ ‫المقاربة الرسمية لحالة العنف المسلح الجزائرية‬
‫‪-‬الدفع نحو تأصيل أطروحة الحرب على اإلرهاب‪-‬‬

‫أولا‬
‫‪22‬‬ ‫المرتكزات القانونية للمقاربة الرسمية لحالة العنف المسلح الجزائرية‬
‫‪-‬الحرب على اإلرهاب‪-‬‬
‫‪22‬‬ ‫‪ )9‬االضطرابات والتوترات الداخلية‬
‫‪25‬‬ ‫‪ )2‬الجريمة اإلرهابية والتخريبية‬
‫ثانيا‬
‫‪26‬‬
‫نسبية معيار العتبة كأساس للتكيف‬
‫الفرع الثاني‬
‫‪27‬‬ ‫بحث مدى استجابة حالة العنف المسلح الجزائرية لعتبة النزاعات المسلحة ذات الطابع غير‬
‫الدولي‬

‫أولا‬
‫‪28‬‬ ‫مدى استيفاء حالة العنف المسلح الجزائرية لمعايير النزاعات المسلحة ألغ ارض تطبيق‬
‫المادة الثالثة المشتركة‬

‫ثاني ا‬
‫‪52‬‬
‫مدى استيفاء حالة العنف المسلح الجزائرية لمعايير البرتوكول اإلضافي الثاني‬
‫‪ )9‬مدى استيفاء الجماعات المسلحة اإلسالمية المتطرفة الجزائرية ( الجماعات اإلرهابية)‬
‫‪52‬‬
‫لمقتضيات التنظيم‬
‫‪ -) )2‬مدي استيفاء الجماعات المسلحة اإلسالمية المتطرفة الجزائرية (اإلرهابية)‬
‫‪58‬‬
‫لمقتضيات الرقابة اإلقليمية الهادئة والمنتظمة‬
‫المطلب الثاني‬
‫الممارسة المعكوسة للتطبيق المتكامل القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق‬
‫‪62‬‬
‫اإلنسان في إطار حالة العنف المسلح الجزائري‬

‫‪168‬‬
‫الفهرس‬

‫الفرع األول‬
‫‪61‬‬
‫حدود تطبيق القانون الدولي اإلنساني في إطار حالة العنف المسلح الجزائري‬

‫أولا‬
‫‪61‬‬ ‫عدم واقعية أحكام القانون الدولي اإلنساني‬
‫‪ -‬أساس أم ذريعة لعدم االمتثال‪-‬‬
‫ثانيا‬
‫‪68‬‬ ‫البحث في مدى إمكانية إطالق وصف الجريمة الدولية على حاالت االنتهاكات الجسيمة‬
‫للقانون الدولي اإلنساني في إطار النزاع المسلح الجزائري‬
‫‪ )1‬الجماعات اإلرهابية و جريمة اإلبادة الجماعية‬
‫‪69‬‬
‫‪ -‬البحث في مدى توافر العنصر المعنوي ‪-‬‬
‫‪72‬‬ ‫‪ )2‬الجماعات اإلرهابية والجرائم ضد اإلنسانية‬
‫‪72‬‬ ‫أ) جريمة التعذيب‬
‫‪71‬‬ ‫ب)الحرب على اإلرهاب واشكالية حاالت اإلخفاء القسري‬
‫‪72‬‬ ‫ج) الجماعات اإلرهابية وجريمة اإلغتصاب واإلستعباد الجنسي‬
‫‪72‬‬ ‫‪ 3‬في إمكانية الدفع بجرائم الحرب‬
‫الفرع األول‬
‫‪2‬‬
‫تهميش أحكام القانون الدولي لحقوق اإلنسان في إطار (الحرب على اإلرهاب) في الجزائر‬

‫أولا‬
‫‪72‬‬
‫األساس القانوني النتهاكات حقوق اإلنسان في إطار الحرب على اإلرهاب في الجزائر‬
‫‪-‬تقيد حقوق اإلنسان خارج مبدأ المشروعية–‬

‫ثاني ا‬
‫‪76‬‬
‫الترجمة العملية النتهاك حقوق اإلنسان في إطار الحرب على اإلرهاب‬
‫‪76‬‬ ‫‪ )9‬الحق في محاكمة عادلة‬
‫‪79‬‬ ‫‪ )2‬الوضع في مراكز األمن‬
‫خالصة الفصل األول‬
‫‪81‬‬

‫‪169‬‬
‫الفهرس‬

‫الفصل الثاني‬
‫‪82‬‬
‫المقاربة الجزائرية للعدالة االنتقالية‬
‫المبحث األول‬
‫‪82‬‬ ‫المصالحة الوطنية‬
‫– من التمهيد السياسي إلى التجسيد التشريعي–‬
‫المطلب األول‬
‫‪82‬‬
‫الحوار الوطني كأرضية للمصالحة الوطنية‬
‫الفرع األول‬
‫‪82‬‬ ‫إدراك ضرورة التوصل إلى توافق وطني حول‬
‫تسيير المرحلة االنتقالية كأرضية للنهوض بالمصالحة الوطنية‬
‫الفرع الثاني‬
‫‪89‬‬
‫إخفاق أرضية الوفاق الوطني في تحقيق توافق وطني حول تسيير المرحلة االنتقالية‬

‫أولا‬
‫‪89‬‬
‫أرضية الوفاق الوطني نص دستوري بحكم الواقع أم امتداد للدستور القائم‬
‫ثانيا‬
‫‪92‬‬
‫المرحلة االنتقالية كضرورة حتمية السترجاع هيبة الدول‬

‫ثالث ا‬
‫‪92‬‬ ‫مؤسسات المرحلة االنتقالية‬
‫‪-‬بين التعيين وتركيز السلطة‪-‬‬
‫‪95‬‬ ‫‪ )9‬الجهاز التنفيذي‬
‫‪96‬‬ ‫‪ )2‬المجلس الوطني االنتقالي‬
‫المطلب الثاني‬
‫‪97‬‬
‫المقاربة التشريعية للمصالحة الوطنية‬
‫الفرع األول‬
‫‪97‬‬ ‫تدابير الرحمة‬

‫‪170‬‬
‫الفهرس‬

‫الفرع الثاني‬
‫‪121‬‬
‫إشراك اإلرادة الشعبية في عملية المصالحة‬

‫أولا‬
‫‪122‬‬
‫اإلجراءات المتبعة في سبيل إقرار كل من قانون المصالحة الوطنية وقانون الوئام المدني‬

‫ثاني ا‬
‫‪122‬‬
‫البحث في حقيقة تفعيل القوانين اإلستفتائية لمبدأ السيادة الشعبية‬
‫‪122‬‬ ‫‪ 9‬الطبيعة "ما فوق القانونية" للقوانين اإلستفتائية‬
‫‪125‬‬ ‫‪ )2‬اآلثار المترتبة عن القوانين اإلستفتائية‬
‫‪125‬‬ ‫أ)‪-‬تقويض دور البرلمان‬
‫‪126‬‬ ‫ب)‪-‬تحجيم دور المجلس الدستوري‬
‫المبحث الثاني‬
‫‪126‬‬
‫عدم اكتمال أركان العدالة االنتقالية في إطار التجربة الجزائرية‬
‫المطلب األول‬
‫‪127‬‬
‫عدم استيفاء المقاربة الجزائرية لعناصر العدالة االنتقالية‬
‫الفرع األول‬
‫‪128‬‬ ‫غياب مقاربة شاملة للعناصر التصالحية للعدالة االنتقالية في إطار قانون المصالحة‬
‫الوطنية‬

‫أولا‬
‫‪128‬‬
‫التعويض كبديل عن جبر الضرر‬
‫‪129‬‬ ‫‪ )9‬المسؤولية السلبية للدولة كأساس للتعويض‬
‫‪ )2‬عدم تحقيق برنامج التعويض في إطار قانون المصالحة الوطنية لعناصر االكتمال‬
‫‪125‬‬
‫والشمولية‬

‫ثاني ا‬
‫إهدار قانون المصالحة الوطنية للحق في معرفة الحقيقة‬
‫‪119‬‬

‫‪171‬‬
‫الفهرس‬

‫الفرع الثاني‬
‫‪121‬‬ ‫تبني قانون المصالحة الوطنية لخيار العفو‬
‫‪-‬بين ضرورة استتباب األمن و متطلبات تحقيق العدالة –‬

‫أولا‬
‫‪122‬‬
‫قانون المصالحة الوطنية عبارة عن تدبير عفو غير خاضع للمسألة‬

‫ثاني ا‬
‫‪125‬‬
‫منافذ اإلفالت من العقاب في إطار قانون المصالحة الوطنية‬
‫المطلب الثاني‬
‫‪126‬‬
‫إقصاء آليات العدالة االنتقالية من إنفاذ قانون المصالحة الوطنية‬
‫الفرع األول‬
‫‪128‬‬
‫إقصاء اآلليات التصالحية من نطاق إنفاذ قانون المصالحة الوطنية‬
‫الفرع الثاني‬
‫‪122‬‬
‫قانون المصالحة الوطنية واشكالية اعتماد آليات المساءلة الجنائية‬

‫أولا‬
‫‪122‬‬ ‫تقويض قانون المصالحة الوطنية اختصاص الهيئات القضائية المحلية في مواجهة اإلفالت‬
‫من العقاب‬
‫ثانيا‬
‫‪122‬‬ ‫مدى اختصاص آليات العدالة الجنائية الدولية في مكافحة اإلفالت من العقاب في سياق‬
‫حالة العنف المسلح الجزائرية‬
‫‪122‬‬ ‫‪ )9 )9‬استبعاد إقامة محاكم مختلطة في سياق حالة العنف المسلح الجزائرية؟!‬
‫‪ )2‬عدم خضوع الجرائم الدولية المرتكبة في نطاق حالة العنف المسلح الجزائرية لوالية‬
‫‪126‬‬
‫المحكمة الجنائية الدولية الدائمة‬
‫‪ )3‬االختصاص العالمي كآلية وحيدة لمكافحة اإلفالت من العقاب في إطار حالة العنف‬
‫‪127‬‬
‫المسلح الجزائرية‬
‫‪129‬‬ ‫خالصة الفصل الثاني‬
‫‪121‬‬ ‫خاتمــــــــــــــــــــــــــــة‬
‫‪172‬‬
‫الفهرس‬

‫‪126‬‬ ‫قائمة المراجع‬


‫‪166‬‬ ‫الفهرس‬

‫‪173‬‬
‫ملخص‬

‫فرضت المصالحة الوطنية الجزائرية نفسها كضرورة حتمية للدفع بمسعى السلم إلى األمام في‬
‫المصاحبة‬
‫ضوء معالجة أثار المأساة الوطنية الجزائرية‪ ،‬التي لم تعدو أن تكون إال نتاجا للممارسة ُ‬
‫للممارسة المعكوسة للتطبيق المتزامن للقانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬في‬
‫إطار الحرب على اإلرهاب التي عرفتها الجزائر‪.‬‬
‫إن هذا الطرح بما يحيل إليه من جدلية بين قيمتي؛ السلم واإلنصاف‪ ،‬يجعلنا نستحضر آلية‬
‫العدالة االنتقالية من حيث أنها البوتقة التي تنفرج عنها مفارقة "مصالحة الوطنية في إطار سلم‬
‫عادل"‪.‬‬
‫غير أن مقاربة العدالة االنتقالية من حيث أنها قيمة مثالية‪ ،‬في ضوء خصوصية سياق المأساة‬
‫الوطنية‪ ،‬قد أسفر عن محدودية آثارها القانونية من جهة الممارسة‪ ،‬حتى وان استرجعت األمن‬
‫والسكينة‪.‬‬

‫‪Résumé‬‬

‫‪La réconciliation nationale algérienne s’est imposée comme un moyen‬‬


‫‪nécessaire, afin de propulser la démarche de la paix dans le traitement de‬‬
‫‪l’impact de la tragédie nationale. Celle-ci, n’est que l’effet des pratiques‬‬
‫‪relatives à l’application des règles du droit international humanitaire et des‬‬
‫‪droits de l’homme dans la lutte contre le terrorisme en l’Algérie.‬‬
‫‪Cette hypothèse de nature dialectique impose le renvoi vers les‬‬
‫‪mécanismes de la justice transitionnelle fondée sur la paix équitable, qui a‬‬
‫‪pu instaurer la sécurité et la tranquillité. Seulement, elle demeure‬‬
‫‪utopique, et cela suite aux insuffisances des effets juridiques qu’elle‬‬
‫‪procure.‬‬

You might also like