You are on page 1of 133

‫رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص‬

‫ماستر العدالة الجنائية والعلوم الجنائية‬


‫تحت عنوان‪:‬‬

‫التنمر اإللكرتون‬
‫‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫حتت إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫إعـداد الطالب الباحث‪:‬‬

‫د‪ .‬سعيد الوردي‬ ‫عبد الغني البورقادي‬

‫لجنة المناقشة‬
‫د‪ .‬سعيد الوردي‪ :‬أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية فاس‪ :‬مشرفا ورئيسا‬
‫د‪ .‬نجيب األعرج‪ :‬أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية فاس‪ :‬عضوا‬
‫دة‪ .‬سهيلة بوزالفة‪ :‬أستاذة باحثة بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية فاس‪ :‬عضوا‬

‫السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪2022-2021‬‬
‫بسم هللا الرمحان الرحيم‬

‫َي أايُّـ اها الَّ ِذين آمنُوا اَل يس اخر قاـوٌم ِمن قاـوٍم اعس ٰى أان ي ُكونُوا اخ ْْيا ِم ْنـ ُهم واَل نِ‬
‫ساءٌ‬‫ً ْا ا‬ ‫ا‬ ‫ْ ا‬ ‫اْ ْ ْ‬ ‫ا ا‬ ‫ا‬
‫ِمن نِس ٍاء اعس ٰى أان يا ُك َّن اخ ْْيا ِم ْنـ ُه َّن ۖ واَل تاـل ِ‬
‫ْم ُزوا أان ُفس ُك ْم اواَل تاـنااباـ ُزوا ِِب ْألالْ اق ِ‬
‫اب ۖ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫ب فاأُوٰلائِ ا‬
‫ك ُه ُم الظَّالِ ُمو ان (‪(11‬‬ ‫بِْئس ِاَل ْسم الْ ُفسو ُق بـ ْع اد ِْ ِ‬
‫اإلمياان ۚ اوامن ََّّلْ ياـتُ ْ‬ ‫ُ ُ ا‬ ‫ا‬

‫صدق هللا العظيم‬

‫سورة الحجرات اآلية ‪.11‬‬


‫شكر وتقدير‬

‫ل‬ ‫ل‬
‫ا حمد الله بكرة وعشيا‪ ،‬ا حمد جهرة ونجيا‪ ،‬عسى الا اكون بدعاء برى شقيا‪ .‬احمدة ابلغ حمدة واركاة‪ ،‬واصلى واسلم على معلم‬

‫بص‬ ‫م‬
‫البش برة سيدبا حمد صلى الله علية وسلم وعلى اله واصحابة اهل اليقين واليقى‪ ،‬صلاة ببير الابصار والبصائر و لح ليا‬

‫الياطن والظاهر‪.‬‬

‫ل‬
‫وعملا بقوله صلى الله علية وسلم " من لم يشكر الياس لم يشكر الله " بطيب لى ان ابوجة – عرفابا منى با حميل باسمى‬

‫ابات الشكر واليقدئر والامييان الى اسياذي‪ :‬شعيد الورذي الدي بفصل بالاشراف على هدة الرساله واعظابى‬

‫الكيير من فبض علمة ووفية فكان بعم الموجة والمرسد فله منى كل الشكر واليقدئر على جشن بصجة‪ ،‬فقد كان ليوجيهابة‬

‫ق‬‫ب‬ ‫ع‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ل‬‫ع‬‫ال‬ ‫ه‬ ‫المي‬
‫ي‬
‫جية وارساذابة مية وموافقة الا سابية ابير الائر فى ا حار هدا جب جراة الله جير جراء وبارك فى مرة و غ‬

‫بعلمة‪.‬‬

‫كما ابقدم نحالض الشكر واليقدئر والامييان الى الاسابدة اصحات العلم الغ ئرر والمقام الرفيغ لجية الميافشة كل باسمة‬

‫وصقية واليقدئر والاجيرام الواجب له‪.‬‬

‫ولن ايسى ان ابقدم نجربل الشكر واليقدئر والغرفان لاشرة ماسير العداله الجيابية والعلوم الجيابية القوج اليابى عشر‪.‬‬
‫إهداء‬
‫إلى الينبوع الذي ال يمل العطاء إلى صوت‬
‫الوجود النابض ونداء الحياة الدائمة إلى‬
‫رمز الكفاح والصبر والتضحية إلى‬
‫والدتي الغالية‬
‫إلى من سعى وشقي ألنعم بالراحة والهناء الذي‬
‫لم يبخل بشيء من أجل دفعي في طريق النجاح‬
‫الذي علمني أن أرتقي بسلم الحياة بحكمة‬
‫وصبر إلى‬
‫والدي العزيز‬
‫إلى من حبهم يجري في عروقي ويبتهج بذكرهم‬
‫فؤادي إلى‬
‫إخوتي األعزاء‬
‫إلى من سرنا سويا ونحن نشق الطريق معا نحو‬
‫النجاح واإلبداع إلى من تكاتفنا يدا بيد‬
‫ونحن نقطف زهرة تعلمنا إلى‬
‫أصدقائي وزميالتي‬
‫إلى كل من علمونا حروفا من ذهب وكلمات من‬
‫درر وعبارات من أسمى وأجلى عبارات العلم‬
‫إلى من صاغوا لنا من علمهم حروفا ومن فكرهم‬
‫منارة تشير لنا مسيرة العلم والنجاح إلى‬
‫أساتذتي الكرام‬
‫إلى كل من مر بخفة وترك فينا أقرا طيبا في‬
‫حياتنا‪...‬إلى كل من هون علينا الطريق يوما‬
‫ما‬
‫إلى كل من حمل في قلبه ودا لنا‪...‬إلى من‬
‫جمعتنا بهم الصدف‬
‫إلى ذكرى جدتي الغالية‬
‫إلى‬
‫إلى كل هؤالء أهدي ثمرة جهدي راجيا من اهلل عز‬
‫وجل القبول‪.‬‬
‫❖ الئحة المختصرات‪:‬‬

‫➢ ‪ -‬ص‪ :‬الصفحة‪.‬‬
‫➢ ‪ -‬م‪ .‬س‪ :‬مرجع سابق‪.‬‬
‫➢ ‪ -‬ق‪.‬ج‪ .‬م‪ :‬القانون الجنائي المغربي‪.‬‬
‫➢ ق‪.‬م‪.‬ج‪ :‬قانون المسطرة الجنائية المغربي‪.‬‬
‫➢ ق‪.‬ل‪.‬ع‪ :‬قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫➢ ‪ -‬ط‪ :‬الطبعة‪.‬‬

‫‪❖ Liste des abréviations :‬‬


‫‪➢ - P: page.‬‬
‫‪➢ - N°: Numéro.‬‬
‫‪➢ - V : Volume.‬‬
‫‪➢ - I : ISSUE.‬‬
‫‪➢ ART : Article‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫ما أن وقف العالم على عتبة القرن الواحد والعشرون‪ ،‬حتى بدأت تطفو على سطح حقل‬
‫اإلعالم والمعلومات مصطلحات علمية جديدة لم تكن معهودة من قبل‪ ،‬بفعل التطورات‬
‫الحاصلة في ميدان تكنولوجيا المعلومات واالتصال‪ ،‬وما صاحبها من مزايا كبيرة بشر بها‬
‫المتفائلون‪ ،‬ومن مخاطر أكبر أنذر بها المتشائمون‪.‬‬

‫ولعل أهم هذه المصطلحات التي صارت متداولة على ألسنة الباحثين المتخصصين في‬
‫علوم اإلعالم والمعلوميات‪ :‬الثورة المعلوماتية‪ ،‬االنفجار المعلوماتي‪ ،‬المجتمع المعلوماتي‬
‫المجتمع الرقمي‪ ،‬مجتمع اإلعالم والمعلومات‪ ،...‬وغيرها من المصطلحات التي شكلت محور‬
‫اهتمام معظم الدارسين المعاصرين لإلعالم‪.‬‬

‫وإذا كانت الدول النامية تزال تنظر إلى الزراعة والصناعة على أنها أساس الموارد‬
‫والقوة والتقدم‪ ،‬فإن الدول المتقدمة قد تجاوزت هذه النظرة القديمة التي لم تعد تصلح اليوم في‬
‫مجتمع اإلعالم والمعلومة‪ ،‬بحيث صار التركيز منصبا على المعلومات والمعرفة باعتبارها‬
‫مصدرا جديدا للقوة والثراء والتقدم‪.1‬‬

‫فقوة األمم اليوم لم تعد تقاس بما تملكه من ثروات اقتصادية أو عسكرية فحسب‪ ،‬بل‬
‫أصبحت القوة الحقيقية ألية أمة من األمم تقاس بمدى امتالكها للمعلومات وكيفية توظيفها‬
‫فالمتحكم اليوم في زمام األمور والذي يدير قواعد اللعبة الكونية هو ذلك الذي يملك أكبر قدر‬
‫من المعلومات‪ ،‬فعالم اليوم شئنا أم أبينا هو عالم الرقمنة بامتياز‪.‬‬

‫ولذلك فقد أصبح التحكم في التكنولوجيا الحديثة مسعى كل متعلم وكل مجتمع على اختالف‬
‫ثقافته وديانته وانتماء أفراده‪ ،...‬بل وأصبح التحكم في هذه التكنولوجيا سبيال للتحكم في‬
‫موازين القوى العالمية‪ ،‬فالمتتبع للواقع الحالي يرى أن الحرب اليوم أصبحت حرب المعلومات‬
‫والتكنولوجيا‪ ،‬فمن يملك المعلومة ويملك التكنولوجيا يملك القوة‪.‬‬

‫‪ - 1‬قواسم بن عيسى‪ ":‬الفجوة الرقمية والمعلوماتية بين الدول العربية – دراسة مقارنة بين الجزائر واإلمارات العربية‬
‫المتحدة‪ ،" -‬مذكرة تخرج لنيل شهادة الماجستير في علوم اإلعالم واالتصال‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية والحضارة اإلنسانية قسم‬
‫اإلعالم و االتصال‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬الموسم الجامعي ‪ ،2007-2006‬ص ‪.14‬‬
‫‪1‬‬
‫وألن لكل شيء إيجابياته وسلبياته‪ ،‬فهذه الثورة ورغم ما جاءت به من إيجابيات‪ ،‬إال أنه‬
‫في مقابل ذلك أفرزت نوعا جديدا من الجرائم ذات الطبيعة التقنية‪ ،‬مستفيدة من تكنولوجيا‬
‫المعلومات أطلق عليها بعض الفقه اإلجرام المعلوماتي‪.2‬‬

‫فبالموازاة مع هذا التطور الحاصل على المستوى التكنولوجي‪ ،‬فقد صاحب هذا التطور‬
‫تطور على مستوى األفعال اإلجرامية‪ ،‬ففي عصر توسعت فيه البيئة الرقمية وتزايد استخدام‬
‫مواقع التواصل االجتماعي ومختلف التطبيقات اإللكترونية‪ ،‬انتشرت أصناف جديدة من‬
‫الجرائم لم تكن معهودة في الماضي‪.‬‬

‫فتعددت بذلك أوجه استخدام تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬وتنوعت مجاالتها بين تجارية وإدارية‬
‫واجتماعية حتى أصبحت جزءا من حياتنا اليومية نظرا العتبارها من أكثر الوسائل المسهلة‬
‫للتعارف بين الناس عن طريق ما يعرف بمواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬فأصبح التواصل بين‬
‫األشخاص يتم بالصوت والصورة‪ ،‬فرادى وجماعات وأصبح نشر األخبار والمعلومات يتم‬
‫بسرعة كبيرة‪ ،3‬إذ في خالل ثواني معدودة يمكن أن يصل الخبر لمختلف ربوع العالم خاصة‬
‫مع انتشار شبكة الجيل الخامس‪.‬‬

‫هذا األمر جعل الناس يعتقدون أنها فضاء مباح ومنطقة فوق القانون‪ ،‬خاصة مع ظهور‬
‫مواقع التواصل االجتماعي التي فتحت أبواب الحوار على مصراعيه بين مختلف الشعوب‪.‬‬

‫وحيث وجدت الحرية وجد التعدي على الحرية‪ ،‬فالواقع اإللكتروني والعالم االفتراضي‬
‫أفرز العديد من التجاوزات عن طريق االستخدام غير المشروع لمواقع التواصل االجتماعي‬
‫فتحولت من فضاءات للتعارف والتقارب وتبادل المعارف واألفكار والرأي‪ ،‬إلى منابر للمس‬
‫بأمن الدولة واستقرارها أو بشرف األشخاص واعتباراتهم أو بالنظام العام واآلداب العامة‪.4‬‬

‫‪ -2‬عفيفي كمال عفيفي‪ ":‬جرائم الكمبي وتر وحقوق المؤلف والمصنفات الفنية ودور الشرطة والقانون – دراسة مقارنة‪،"-‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان بيروت‪ ،‬ط ‪ ،2003‬ص ‪.15‬‬
‫‪ -3‬سعيد الوردي‪ ":‬التنمر اإللكتروني "‪ ،‬مداخلة ألقيت بمناسبة المؤتمر الدولي االفتراضي األول حول التكنولوجيا القانون‬
‫والتعليم بين الواقع والمستقبل المنظم من قبل المدرسة العليا للتكنولوجية بمكناس أيام ‪ 23 :‬إلى ‪ 26‬يناير ‪.2022‬‬
‫‪ -4‬بهلول بن حوى‪ ":‬جريمة القذف عبر مواقع التواصل االجتماعي‪ :‬مذكرة نهاية الدراسة لنيل شهادة الماستر‪ ،‬جامعة عبد‬
‫الحميد بن باديس مستغانم‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2020-2019‬ص‪.1‬‬
‫‪2‬‬
‫وهو األمر الذي جعل مسألة ضبط هذه الحرية أمرا واجبا‪ ،‬خاصة عندما يكون مجال‬
‫ممارسة هذه الحرية هو وسائل التواصل االجتماعي والمواقع اإللكترونية‪ .‬حيث إن استعمال‬
‫هذه الوسائل يتم من طرف جميع شرائح ال مجتمع‪ ،‬ومنهم من يطلق العنان لحريته حتى تقع‬
‫أفعاله تحت طائلة التجريم والعقاب بسبب المساس بحقوق اآلخرين‪.5‬‬

‫وفي الصدد فقد برزت العديد من الظواهر السلبية الناتجة عن االستعمال غير العقالني‬
‫للوسائل اإللكترونية وأصبح المجرمون وأصحاب النيات السيئة يعتمدون على هذه الوسائل‬
‫لممارسة أفعالهم اإلجرامية‪ ،‬بحيث أصبحت البيئة الرقمية مجاال خصبا النتشار جرائم متعددة‬
‫منها‪ :‬االحتيال اإللكتروني‪ ،‬االبتزاز الجنسي اإللكتروني‪ ،‬السب والقذف عبر وسائل التواصل‪،‬‬
‫التهديد اإللكتروني‪ ...‬وغيرها من الجرائم والظواهر التي لها مساس بحريات األفراد‬
‫وحقوقهم‪.‬‬

‫ويعد التنمر اإللكتروني ‪ cyberbullying‬أبرز صيحات هذا النوع من اإلجرام‬


‫اإللكتروني‪ ،‬فمما ال شك فيه أن هللا عز وجل أراد عمارة الكون وشرع لتحقيق ذلك كثرا من‬
‫األحكام التي تحقق هذه الغاية؛ ومن ذلك ما ثبت شرعا أن هللا أراد تحقيق مصلحة العباد ودفع‬
‫الض رر عنهم‪ ،‬فكل ما يدفع الضرر هو في حد ذاته تحقيق لمصلحة العباد‪ .‬وكذلك تحقيق‬
‫األمن واالستقرار لإلنسان الذي به يعمر الكون‪ .‬لذلك فإن سلوك التنمر على الخلق ومضايقتهم‬
‫يؤثر في أمن واستقرار ومصلحة األفراد والجماعات‪.‬‬

‫وعلى مدار التاريخ فإن كثيرا من األذى والفساد يظهر أو يتطور تبعا لتطور البشر وتغير‬
‫الزمان‪ ،‬ومن سلوكيات الفساد واألذى التي تطورت ونمت وتفشت في المجتمعات سلوك‬
‫التنمر‪ ،‬فأصبح بذلك‪ -‬التنمر‪ -‬من المشكالت الخطيرة‪.6‬‬

‫‪ -5‬سعيد الوردي‪ ":‬جرائم السب والقذف عبر وسائل التواصل االجتماعي والمواقع اإللكترونية– دراسة فقهية مقارنة في‬
‫ضوء أحكام القانون الجنائي المغربي والقانون رقم ‪ 88.13‬المتعلق بالصحافة والنشر والعمل القضائي المقارن‪ :‬مطبعة‬
‫األمنية الرباط‪ ،‬ط األولى‪ ،2020 ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -6‬كمال سيد عبد الحليم محمد نصر‪ ":‬جريمة التنمر وعقوبتها في الشريعة والقانون"‪ ،‬مقال منشور بمجلة كلية الشريعة‬
‫والقانون‪ ،‬جامعة األزهر‪ ،‬فرع أسيوط‪ ،‬العدد الرابع والثالثون‪ ،‬اإلصدار األول‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬يناير ‪ ،2022‬ص ‪.2383‬‬
‫‪3‬‬
‫ورغم توافر كثير من األدلة العلمية على أن اإلنسان عرف التنمر منذ القدم‪ 7‬كأحد أشكال‬
‫السلوك العدوان ي بوصف العدوان مشكلة قديمة قدم نشأة حياة اإلنسان على وجه األرض‪،‬‬
‫وهو ما أشار له القرآن الكريم؛ حيث سرد قصة أول عدوان بين ولدي آدم عليه السالم" َوإِ ْذ‬
‫قَا َل َربُّكَ ِل ْل َم َالئِ َك ِة إِنِي َجا ِع ٌل فِي ْاأل َ ْر ِ‬
‫ض َخ ِليفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْ عَ ُل فِي َها َمن يُ ْف ِس ُد فِي َها َويَ ْس ِفكُ ِ‬
‫الد َما َء‬
‫ِس لَكَ ۖ قَا َل إِنِي أ َ ْعلَ ُم َما َال ت َ ْعلَ ُمونَ "‪ ،8‬إال أن ظاهرة التنمر اليوم‬ ‫سبِ ُح بِ َح ْمدِكَ َونُقَد ُ‬ ‫َونَحْ ُن نُ َ‬
‫أصبحت أكثر شيوعا في ظل عصر العولمة واالنفجار المعرفي والتكنولوجي‪.‬‬

‫التطور التاريخي الموضوع‪:‬‬

‫يُحضر مصطلح التنمر إلى األذهان ذاكرة مؤلمة ال يمكن نسيانها ألي شخص شاهد أو‬
‫مر مرة في حياته بإحدى تجارب التهديد والتعذيب أو بنبرات اإلذالل والغيظ‪.‬‬

‫‪ bullying‬معنى مضاد للمعنى الذي يعرفه‬ ‫فمنذ خمسمائة عام‪ ،‬كان لكلمة التنمر‬
‫اليوم‪ .‬حيث اشتقت كلمة ‪ bullying‬من الكلم ة األلمانية " بويل" والتي تفيد معنى اآلخر‬
‫المحبوب الصديق‪ ،‬أو فرد من العائلة المحبوبة‪ .‬وإذا تتبعنا المعنى الحديث للتنمر تتبعا منهجيا‬
‫نجد أنها اشتقت من مظاهره وأشكاله‪.9‬‬

‫ومع اختالف األزمنة التاريخية تنوعت وتعددت صور التنمر‪ ،‬إال أن أكثر األنواع شيوعا‬
‫في األزمنة األولى كان العنف الجسدي‪ ،‬والقتل واإلذالل البشري‪.‬‬

‫إذ أن اإلنسان القديم كان يتعارك ويتصارع مع اآلخرين من أجل المال أو نتيجة الغيظ‬
‫أو طلبا للسلطة‪ ،‬بل إن هناك قانونا ان تشر لفترة طويلة عبر األزمان وهو الرق والعبودية‪.‬‬
‫حيث كنا نرى النساء واألطفال يوضعون في األسر ضد إرادتهم ويباعون سلعا في األسواق‪،‬‬
‫ويروي " مارتن لوثر كنينج" في العام ‪ 1962‬شكال آخر للعبودية وتنمر السادة على العبيد‬

‫‪ -7‬وهذا طبيعي مادامت السلوكات اإلنسانية قد نشأت مع اإلنسان وتطورت بتطوره‪.‬‬


‫‪ -8‬سورة البقرة اآلية ‪.30‬‬
‫‪ -9‬مسعد أبو الديار‪ ":‬سيكولوجية التنمر بين النظرية والعالج"‪ ،‬الطبعة الثانية‪1433 ،‬ه‪2012/‬م‪ ،‬الكويت‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪4‬‬
‫قائال‪ ":‬إن أجدادنا السابقين عملوا دون أجور أكثر من قرنين‪ ،‬فقد شيدوا دور أسيادهم ومنازلهم‬
‫وسط الذل والظلم‪.10‬‬

‫وعندما جاء الدين اإلسالمي فتح بابا واسعا لتحرير العبيد حيث جعل كفارة الذنوب عتق‬
‫الرقاب‪ ،‬حتى كاد الرق يتالشى‪.‬‬

‫وقبل ذلك أوصى اإلسالم بهم خيرا حين جعل العبيد إخوان األحرار وطالبهم بأن يعاملوهم‬
‫معاملة إنسانية تليق بإنسانيتهم في مطعمهم وملبسهم‪.‬‬

‫وبهذا فالتنمر في شكله التقليدي كان يشمل جميع أشكال العنف اللفظي والبدني‪ ،‬واإلساءة‬
‫الموجهة ضد شخص معين أو جماعة معينة‪ .‬وما ميز التنمر خالل هذه المرحلة هو كونه كان‬
‫يمارس في العالم الواقعي‪.‬‬

‫ومع تطور المجتمعات وازدهارها وتنامي اإلقبال على وسائل االتصال اإللكترونية مثل‬

‫" فيسبوك" و " تويتر" و " غوغل" وغيرها من القنوات االلكترونية الجديدة‪ ،‬أصبحت‬
‫حياتنا الواقعية أكثر تداخال مع حياة اإلنترنيت‪ ،‬ومع هذا التطور التكنولوجي تطورت أيضا‬
‫أشكال التنمر لينتقل من العالم الواقعي إل ى العالم االفتراضي‪ ،‬وتنعكس نتائجه مجددا على‬
‫أرض الواقع‪.11‬‬

‫فالتنمر التقليدي المباشر يرتبط بمفهوم التنمر اإللكتروني إال أنهما يختلفان من حيث‬
‫الوسيلة‪ ،‬فالتنمر التقليدي مرتبط باآلثار الجسدية والنفسية للضحية ويكون وجها لوجه ‪face‬‬
‫‪ to face‬في الدراسة أو مقر العمل أو الجلسات العائلية وغيرها‪ ،‬كما يعتمد على إمكانيات‬
‫المتنمر الجسدية والنفسية وسهولة معرفة المتنمر‪ -‬الجاني‪ ، -‬كما ينتهي – التنمر التقليدي‪-‬‬
‫وال تبقى غير الذكرى‪ ،‬وتكرار فعل التنمر منحصر فقط في المواجهة بين طرفي التنمر‪ .‬بينما‬

‫‪10‬‬‫‪-Smith.J.T wenlow,S& hoover,D(1999), victims and bystanders : A method of in school‬‬


‫‪intervention and possible parental contributions, children psychiatry and human‬‬
‫‪development, p 29-37.‬‬
‫‪ -11‬نوال وسار‪ ":‬التنمر اإللكتروني في الجزائر بين حرية التعبير وانتهاك الخصوصية"‪ ،‬مقال منشور بمجلة الرسالة‬
‫للدراسات والبحوث اإلنسانية‪ ،‬المجلد‪ ،06‬العدد ‪ ،03‬يوليوز ‪ ،2021‬ص ‪.179‬‬

‫‪5‬‬
‫التنمر اإل لكتروني له أثار على الجانب النفسي واالنفعالي للضحية‪ ،‬ويرتبط بقوة التكنولوجية‬
‫التي تسمح له التخفي وعدم معرفة هوية فاعله‪ ،‬ويتميز بانتشاره بسرعة وعلى مدى أوسع‬
‫من التنمر التقليدي وصعوبة تحديد وقت النتهائه؛ كون أن مادة التنمر موجودة في اإلنترنيت‬
‫ومتاحة للكثيرين‪.12‬‬

‫وبالتالي ومع هذا التطور المهول الذي شهدته تكنولوجيا االتصال أصبح التنمر اإللكتروني‬
‫ظاهرة مقلقة تدق ناقوس الخطر‪ ،‬فقد أبان استطالع قامت به األمم المتحدة بين الشباب‪ ،‬تبين‬
‫من خالله أن ‪ 20%‬من الشباب اضطروا لعدم الذهاب إلى المدارس ومبارحة منازلهم بسبب‬
‫التنمر‪ ،‬كما أن واحدا من بين كل ‪ 3‬شبان يتعرضون للتنمر عبر اإلنترنيت وذلك في ‪30‬‬
‫دولة شملها االستطالع‪ .‬وحسب موقع المنظمة فإن ما يصل إلى ‪ 7‬من كل ‪ 10‬شباب قد‬
‫تعرضوا لإلساءة عبر اإلنترنيت في مرحلة ما‪ ،‬كما أن واحدا من كل ‪ 3‬ضحايا للتنمر قد‬
‫تعرض ألذى ذاتي من جراء ذلك وأقدم كل ‪ 10‬على محاولة االنتحار وفق المنظمة‪.13‬‬

‫وقد جاءت مجموعة من الدراسات لتثبت انتشار هذه الظاهرة –التنمر اإللكتروني‪ -‬حيث‬
‫سجل مستويات مرتفعة في جميع أنحاء العالم بحيث جاءت دراسة كل من ‪Michele and‬‬
‫‪ ybarra 2003‬بالواليات المتحدة األمريكية على أنه كل واحد ممن يستخدمون اإلنترنت‬
‫متورطون في التنمر اإللكتروني حيث ‪ 4%‬تعرضوا للتنمر و ‪ 20%‬منهم متنمرون‪.14‬‬

‫وفي أستراليا يتعرض طالب من بين ‪ 6‬طالب في المرحلة العمرية بين التاسعة والسابعة‬
‫عشر لالعتداء مرة أسبوعيا على األقل‪.15‬‬

‫وفي ظل جائحة كوفيد ‪ 19‬التي اجتاحت العالم بأسره والتي فرضت على عدد كبير من‬
‫األفراد العيش والتعلم والتواصل عن بعد عرف التنمر اإللكتروني زيادة ملحوظة في معدالته‪.‬‬

‫‪ -12‬سحر فؤاد‪ /‬مجيد النجار‪ ":‬جريمة التنمر اإللكتروني‪ -‬دراسة مقارنة في القانون العراقي واألمريكي‪ ،"-‬مقال منشور‬
‫بالمجلة األكاديمية للبحث القانوني‪ ،‬المجلد ‪ ،11‬العدد ‪ ،2020 ،04‬ص ‪.141‬‬
‫‪ -13‬التنمر اإللكتروني‪...‬كيف تعرف األمم المتحدة الظاهرة التي تهدد الشباب‪ ،‬منشور على الموقع اإللكتروني‬
‫التالي‪ https://www.alroeya.com/60-64/2223278-%25:‬تم اإلطالع عليه يوم ‪ 2022/11/10‬على الساعة‬
‫‪.00:30‬‬
‫‪ -14‬ثناء هاشم محمد‪ ":‬واقع ظاهرة التنمر اإللكتروني لدى طالب المرحلة الثانوية في محافظة الفيوم وسبل مواجهتها‪ -‬دراسة‬
‫ميدانية‪ ،" -‬مقال منشور بمجلة جامعة الفيوم للعلوم التربوية والنفسية‪ ،‬العدد الثاني عشر‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،2019 ،‬ص ‪.187‬‬
‫‪ -15‬ثناء هاشم محمد‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪.188‬‬
‫‪6‬‬
‫حيث إن منظمة اليونيسيف أشارت إلى كون أن التنمر اإللكتروني قد تضاعف ضد األطفال‬
‫تحديدا بنسبة ‪ 64%‬خالل هذه جائحة ‪.‬‬

‫وهذا بالطبع مفهوم وليس مقبول‪ ،‬ذل ك أن فترات الحظر قد جعلت اإلنسان يتكئ على‬
‫التكنولوجيا والتواصل االجتماعي كمادة للتندر والتنمر في آن واحد‪.16‬‬

‫ومن خالل هذا التأصيل التاريخي للموضوع الحظنا كيف أن التنمر قد مر بمرحلتين‬
‫أساسيتين‪ ،‬مرحلة تقليدية ومرحلة حديثة‪ .‬فما يميز المرحلة التقليدية للتنمر هو اقتصاره‬
‫وممارسته على أرض الواقع كما أنه اتخذ أشكاال بدائية ( ضرب‪ ،‬عنف‪ ،‬إيذاء‪.)...‬أما المرحلة‬
‫الحديثة للتنمر فقد تميزت بانتقال هذا األخير إلى عالم افتراضي عالم بدون رقيب وهو ما‬
‫جعل أنواعه وأشكاله تعرف تزايدا وتغيرا واتخذت أنواعا عدة‪ ،‬وهو األمر الذي جعل الجميع‬
‫ينتبه إما بشكل مباشر أو غير مباشر لهذه الظاهرة والمناداة بضرورة وضع حد لها‬
‫والستفحالها‪ .‬سواء عن طريق عقد لقاءات أو ندوات أو أيام دراسية أو عن طريق المطالبة‬
‫بالتدخل زجريا والحيلولة دون تفاقمها‪.‬‬

‫وقبل الغوص في ثنايا الموضوع الذي ال يمكن ألحد أن ينكر أهميته أو قيمته العلمية‪ ،‬ال‬
‫بد أوال من التأصيل المفاهيمي للموضوع خاصة وأننا أمام مفاهيم قد تبدو مألوفة للبعض‪ ،‬بل‬
‫ويمكن القول أننا أمام مصطلحات معروفة على مستوى الممارسة ومجهولة من حيث المعنى‪.‬‬

‫التأصيل المفاهيمي‪:‬‬

‫نسعى من خالل هذا البحث إلى تحقيق هدف رئيسي والمتمثل في محاولة تقديم دراسة‬
‫علمية تكشف عن أهم التحديات والعراقيل ذات الصلة بالموضوع وخاصة القانونية‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل رصد مختلف جوانب ظاهرة التنمر اإللكتروني‪ .‬ولذلك سنحاول التعرف على مفهوم‬
‫التنمر اإللكتروني‪ ،‬لكن قبل ضبط تعريف التنمر اإللكتروني ال بد أوال من التطرق إلى مفهوم‬

‫‪ -16‬رفعت بدر‪ ،‬التنمر االلكتروني في عصر الكورونا‪ ،‬مقال منشور على الموقع التالي‪:‬‬
‫‪ .https://abouna.org/abouna-opinion‬تاريخ النشر ‪ 21‬يوليوز ‪ ،2021‬تم اإلطالع عليه يوم ‪ 2022/11/16‬على‬
‫الساعة ‪.20 :15‬‬

‫‪7‬‬
‫التنمر بمعناه العام باعتباره سلوكا من السلوكيات القديمة في تاريخ الحياة اإلنسانية التي‬
‫الزمت اإلنسان وتطورت بتطور الحياة البشرية لتصل إلى الحالة التي هي عليه اليوم‪.‬‬

‫مفهوم التنمر لغة‪:‬‬

‫التنمر لغة من فعل ت َن َّمر‪ ،‬يَت َن َّم ُر‪ ،‬تَنَ ُّم ًرا‪ .‬فهو ُمتَن َِم ٌر والمفعول متنمر له‪ .‬ويقال تَنَ َّم َر‬
‫الشخص‪ :‬نَ ُم َر‪ ،‬غضب وساء خلقه‪ ،‬وصار كالنمر الغاضب‪ .‬وتَنَ َّمر‪ :‬ت َ َ‬
‫شبَّه بالنمر في لونه أو‬
‫طبعه‪ .‬ويقال تَنَ َّم َر الشخص لفالن‪ :‬تنكر له وأوعده‪ ،‬ويقال أيضا تَنَ َّم َر‪ :‬مدد في صوته عند‬
‫الوعيد‪.17‬‬

‫كما يقترن التنمر في اللغة بالغضب وسوء الخلق‪ ،‬فيقال للرجل السيئ الخلق قد ن َِم َر وتَنَ َّم َر‬
‫ونَ َّم َر وجهه أي غي ََّره وعبسه‪ .‬والنمر لونه أنمر وفيه نمرة محمرة أو نمرة بيضاء وسوداء‪،‬‬
‫ومن لونه اشتق السحاب النمر‪ ،‬بحيث قال األصمعي‪ :‬ت َن َّم َر له أي تنكر وتغير وأوعده ألن‬
‫النمر ال تلقاه أبدا إال متنكرا غضبانا‪.18‬‬

‫فهو مشتق من اسم ( النمر) كما اشتق من اسم ( الحجر) تحجرا‪ .19‬والنمر حيوان معروف‬
‫أخبث من األسد سمي بذلك لتنمره واختالف لون جسده معجبا بنفسه ذو قهر وسطوات عنيدة‬
‫ووثبات شديدة‪ 20‬وهو أعدى عدو للحيوانات ال تردعه سطوة أحد وهو معجب بنفسه‪.21‬‬

‫والنمر كناية عن شدة الحقد والغضب تشبيها بأخالق النمر وشراسته‪ ،‬ونَ ُم َر الرجل وتَنَ َّمر‪:‬‬
‫غضب والجمع نمور واألنثى نمرة‪.22‬‬

‫التنمر اصطالحا‪:‬‬

‫التالي‪:‬‬ ‫‪ -17‬معجم المعاني الجامع‪ ،‬معجم عربي عربي متوفر على الموقع اإللكتروني‬
‫‪/https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D8%AA%D9%86%D9%85%D8%B1‬‬
‫‪ -18‬لسان العرب البن منظور‪ ،‬الجزء الخامس‪ ،‬ص ‪.235‬‬
‫‪ -19‬المعجم الوسيط‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص ‪.954‬‬
‫‪ - 20‬تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشوراني ‪ ،‬البن حجر الهيثي‪ ،‬الجزء التاسع‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪ -21‬تاج العروس‪ ،‬الجزء الرابع عشر‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪ -22‬الصحاح تاج اللغة‪ ،‬وصحاح العربية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص ‪.328‬‬
‫‪8‬‬
‫لقد استعمل مصط لح التنمر من قبل بعض العلماء‪ ،‬ومنهم اإلمام الزرقاني في كتابه (‬
‫مناهل العرفان في علوم القرآن) فقال ‪ ":‬تنمر أعداء هللا على القرآن‪ ،‬وألقوا في طريق اإليمان‬
‫به حباال وعصيا من التخيالت واألوهام‪ ،‬من ذلك شبهات لفقوها ووجهوها إلى أسلوبه‪ ،‬وهي‬
‫مع التوائها وخبثها تراها مفضوحة منقوصة‪.‬‬

‫وقصد اإلمام الزرقاني في استعماله لفظ التنمر هنا‪ :‬التلفيق واالدعاء بغير حق‪ ،‬وتشويه‬
‫القرآن بتسميات باطلة‪ ،‬وهذا الذي قصده اإلمام الزرقاني يعد نوعا وشكال من أشكال التنمر‬
‫وليس جميع صوره‪.23‬‬

‫وإذا كان التنمر لغة التوعد والتهديد والتخويف‪ ،‬فهذه المعاني اللغوية مالحظة في التعريف‬
‫االصطالحي ‪ ،‬بحيث عرفه بعض الباحثين المختصين بأنه‪ :‬إيقاع األذى على فرد أو أكثر‬
‫بدنيا أو نفسيا أو عاطفيا أو لفظيا‪ ،‬ويتضمن أيضا التهديد البدني أو الجسمي بالسالح واالبتزاز‬
‫أو مخالفة الحقوق المدنية‪ ،‬و كذلك يتضمن االعتداء بالضرب أو العمل ضمن عصابات‬
‫ومحاوالت القتل أو التهديد‪.24‬‬

‫وعرفه البعض بأنه‪ ":‬اإلعتداء اللفظي أو الجسدي المتكرر والذي يمارسه عادة الفتى‬
‫المعتدي أو الفتاة على من هم في سنهم أو أصغر منهم‪ ،‬ويعتمد المعتدي فيه على قوته ورفقته‪،‬‬
‫وفي المقابل يستغل ضعف المعتدى عليه أو انفراده‪.25‬‬

‫كما عرفه البعض بكونه أحد أشكال العنف الذي يمارسه طفل أو مجموعة من األطفال‬
‫ضد طفل أخر أو إزعاجه بطريقة متعددة ومتكررة‪ ،‬وقد يأخذ هذا التنمر أشكاال متعددة كنشر‬
‫اإلشاعات أو التهديد‪ ،‬أو مهاجمة الطفل المتنمر عليه بدنيا أو لفضيا‪.26‬‬

‫‪ -23‬كمال سيد عبد الحليم محمد نصر‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.2391‬‬
‫‪ -24‬على موسى الصبيحة‪ ،‬محمد فرمان القضاة‪ ":‬سلوك التنمر عند األطفال المراهقين‪ -‬مفهومه أسبابه عالجه –"‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪1434‬ه‪ ،2013/‬ص ‪.8‬‬
‫‪ -25‬كمال سيد عبد الحليم محمد نصر‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪.2392 ،‬‬
‫‪ -26‬التنمر يحدث للجميع ويوقعه الجميع‪ ،‬مقال منشور على الموقع اإللكتروني التالي‪:‬‬
‫‪https://www.unicef.org/egypt/ar/bullying.‬‬
‫‪9‬‬
‫وهذا التعريف يعد قاصرا عن إعطاء مفهوم للتنمر ألنه يقتصر على تنمر األطفال على‬
‫األطفال فقط‪ ،‬في حين أنه يمكن أن يقع‪ -‬التنمر‪ -‬من البالغين والكبار‪.‬‬

‫ولهذا فقد تم تعريف التنمر بكونه‪ :‬اإليذاء الذي يقوم به طرف بحق طرف آخر غالبا ما‬
‫يكون أضعف منه على المستوى الجسدي والفكري‪ ،‬وسواء كان أحد الطرفين فردا أو‬
‫مجموعة‪.27‬‬

‫ورغم أن هذا التعريف شامل لجميع صور التنمر وشامل لكل من يتعرض للتنمر صغيرا‬
‫أو كبيرا‪ ،‬فردا أو مجموعة وكذلك لمن يقع منهم التنمر‪ ،‬إال أن ما يؤاخذ عليه أنه يصور‬
‫المتنمر بأنه هو األقوى في الغالب من الشخص الضحية‪ -‬المتنمر عليه‪ .-‬وهذا غير صحيح‬
‫نظرا لكون أن التنمر قد يقع من أشخاص أضعف من المتنمر عليه وأصغر منه أحيانا لكون‬
‫أن سلوك التنمر مرتبط بما هو أخالقي وتربوي‪.‬‬

‫التعريف القانوني‪:‬‬

‫من بين التعريفات القانونية التي أعطيت للتنمر نجد تعريف المشرع المصري الذي عرف‬
‫تنمرا كل قول أو استعراض قوة أو سيطرة للجاني أو استغالل ضعف للمجني‬
‫التنمر‪ ":28‬يعد ً‬
‫عليه‪ ..‬أو لحالة يعتقد الجاني أنها تسئ للمجني عليه كالجنس أو العرق أو الدين أو األوصاف‬
‫البدنية أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى االجتماعي‪ ..‬بقصد تخويفه أو وضعه موضع‬
‫السخرية أو الحط من شأنه أو إقصائه من محيطه االجتماعي"‪ .‬وما يالحظ على أن المشرع‬
‫المصري أطنب في تعريف التنمر‪ ،‬ولقد أحسن واضعوا القانون صنعا حينما وسعوا من مفهوم‬
‫التنمر ونطاقه بحيث لم يحصروه في أفعال األطفال األقوى على األضعف منهم كما عرفه‬
‫البعض ولم يقصره على أماكن معينة كالمدارس كما فعل البعض اآلخر‪ .‬وهذا األمر الذي‬
‫فعله واضعوا هذا القانون يعطي للقاضي سلطة عقاب من قام بهذه األفعال وغيرها من األفعال‬
‫المجرمة التي تسيء إلى كرامة الشخص واعتباره‪ .‬فنطاق العقوبات في القانون المصري‬
‫طبقا للمادة ‪ 309‬مكرر ( ب) يجعل التنمر يحدث في أي مكان بداية من المنزل واألسرة‬

‫‪ -27‬كمال سيد عبد الحليم محمد نصر‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.2393‬‬
‫‪ - 28‬المادة ‪ 309‬مكرر (ب) من قانون العقوبات المصري رقم ‪ 85‬لسنة ‪ 1937‬المعدل بموجب القانون رقم ‪ 89‬لسنة ‪.2020‬‬
‫‪10‬‬
‫والمدرسة ومكان العمل ومنصات التواصل االجتماعي والمواقع اإللكترونية وتطبيقات‬
‫المراسلة وغيرها سواء وقعت هذه األفعال من الكبير أو الصغير‪ ،‬من الفرد أو الجماعة‪ ،‬من‬
‫األنثى أو الذكر‪ .‬ولهذا فمسألة إعطاء تعريف واسع للتنمر تحسب للمشرع المصري‪.‬‬

‫وانطالقا من التعريفات السابقة نخلص إلى كون أن التنمر هو تلك السلوكيات العدوانية‬
‫المرفوضة وغير المرغوب فيها والموجهة من شخص يسمى ُمتَن َِم ًرا إلى شخص آخر يسمى‬
‫ُمت َن َّم ًرا عليه وذلك بغيت إذالله واحتقاره واالنتقاص من قيمته والمساس بشعوره وكرامته‬
‫سواء كان العدوان ماديا أو معنويا أو نفسيا أيا كان زمان ومكان ووسيلة ارتكابه‪.‬‬

‫تعريف التنمر اإللكتروني‪:‬‬

‫تحديد تعريف التنمر اإللكتروني ليست مهمة سهلة‪ ،‬بالنظر إلى تنوع األسماء المستخدمة‬
‫والمجال الواسع لألفعال التي يمكن اعتبارها تنمرا الكتروني‪ ،‬إذ يعتبر التنمر اإللكتروني أحد‬
‫التبعات السلبية التي خلفها التطور التكنولوجي في هذا العصر‪.29‬‬

‫ويعرف البعض التنمر اإللكتروني بأنه‪ :‬فعل عدواني متعمد من فرد أو مجموعة أفراد‬
‫باستخدام وسائل االتصال اإللكترونية بشكل متكرر ضد الضحية الذي ال يستطيع أن يدافع‬
‫عن نفسه‪.30‬‬

‫في حين عرفه البعض‪ ،‬بأنه شكل من أشكال العدوان يعتمد على استخدام وسائل االتصال‬
‫الحديثة وتطبيقات االنترنيت ( الهواتف المحمولة‪ ،‬كاميرا الفيديو‪ ،‬البريد اإللكتروني صفحات‬
‫الويب‪ )...‬في نشر منشورات أو تعليقات تسبب التنكيد للضحية أو الترويج ألخبار كاذبة أو‬
‫إرسال رسائل إلكترونية للتحرش بالضحية بهدف إرباكه وإصابته بحالة من التنكيد المادي‬
‫والمعنوي‪.31‬‬

‫‪ -29‬يمينة المدوري‪ ":‬التنمر اإللكتروني – مقاربة مفاهيمية‪ ،" -‬مقال منشور بمجلة التكامل في بحوث العلوم االجتماعية‬
‫والرياضية‪ ،‬المجلد ‪ ،5‬العدد ‪ 21 ،2‬دجنبر‪ ،2021 ،‬ص ‪.135‬‬
‫‪ -30‬محمود كامل محمد كمال‪ ":‬التنمر اإللكتروني وتقدير الذات لدى عينة من الطالب المراهقين الصم وضعاف السمع‪-‬‬
‫دراسة سيكومثرية إكلينيكية"‪ ،‬رسالة مقدمة للحصول على درجة الماجستير في التربية‪ ،‬جامعة طنطا‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬قسم‬
‫الصحة النفسية‪1434 ،‬ه‪2018/‬م‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ -31‬نوال وسار‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪.181‬‬
‫‪11‬‬
‫كما تم تعريف التنمر اإللكتروني أيضا بكونه الفعل الذي يحدث على األجهزة الرقمية‬
‫مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر واألجهزة اللوحية‪ ،‬ما يمكن أن يحدث من خالل‬
‫الرسائل القصيرة والنصوص والتطبيقات أو عبر وسائل التواصل االجتماعي حيث يمكن‬
‫لألفراد عرض المحتوى أو المشاركة فيه أو مشاركته كما يشمل أيضا ‪ -‬التنمر اإللكتروني‪-‬‬
‫إرسال أو نشر أو مشاركة محتوى سلبي أو ضار خاطئ أو وضيع عن شخص آخر‪ .‬ويمكن‬
‫أن يشتمل أيضا مشاركة معلومات شخصية أو خاصة عن شخص تسبب له اإلحراج أو‬
‫اإلذالل ‪.32‬‬

‫إذن ومن خالل ما التعريفات ‪ ،‬يمكن إذن أن نعرف التنمر اإللكتروني بكونه هو ‪ :‬تلك‬
‫السلوكيات العدوانية المرفوضة وغير المرغوب فيها والموجهة عبر مختلف الوسائل‬
‫اإللكترونية من شخص يسمى ُمتَن َِم ًرا إلى شخص آخر يسمى ُمتَنَ َّم ًرا عليه بغية إذالله‬
‫واحتقاره واالنتقاص من قيمته والمس بشعوره وكرامته‪.‬‬

‫أهمية الموضوع‪:‬‬

‫إن ضمان استقرار ورقي أي مجتمع ينبع من ضمان وحماية حقوق أفراده‪ ،‬فال تتحقق‬
‫هذه الغاية دون أن يحس هؤالء باألمان واالطمئنان على حقوقهم ومكتسباتهم‪ .‬ومن هذه‬
‫الحقوق نجد الشرف واالعتبار والكرامة التي عملت كل التشريعات على إعطائها األهمية‬
‫التي تستحقها من خالل مجموعة من النصوص القانونية التي وضعت اإلطار القانوني‬
‫للشرعية في ردع كل مساس بهذه الحقوق‪.‬‬

‫ومن هنا تبرز أهمية موضوع الدراسة في كون أن التنمر اإللكتروني يشكل اعتداء‬
‫صارخا على هذه الحقوق؛ خاصة في ظل االستعمال المتزايد لمواقع التواصل االجتماعي‬
‫وغياب الوعي األخالقي والقانوني لدى روادها‪.‬‬

‫كما تبرز أهمية الموضوع أيضا على المستويين العلمي واالجتماعي ‪:‬‬

‫‪-What‬‬ ‫‪Is‬‬ ‫‪Cyberbullying‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪article‬‬ ‫‪posted‬‬ ‫‪on‬‬ ‫‪the‬‬ ‫‪website‬‬ ‫‪: 32‬‬
‫‪, See it on : 17/11/2022 at : 23:00. https://www.stopbullying.gov/cyberbullying/what-is-it‬‬

‫‪12‬‬
‫فعلى المستوى العلمي‪:‬‬

‫تتجلى أهمية الموضوع في الخصوصية التي يتميز بها نظرا لكونه أن من المواضيع‬
‫المستجدة وغير المستهلكة في الحقل القانوني بحيث تعد كتابتنا هذه من الكتابات األولى في‬
‫هذا الموضوع‪.‬‬

‫أما على المستوى االجتماعي‪:‬‬

‫ظاهرة التنمر اإللكتروني من أكثر الظواهر الماسة بنفسية األشخاص نظرا لما تخلفه‬
‫من آثار نفسية وصحية قد تالزم ضحاياها طيلة حياتهم‪ ،‬هذا إن لم ينتهي األمر ببعضهم إلى‬
‫اختيار االنتحار الذي له ارتباط كبير بهذه الظاهرة‪.‬‬

‫صعوبات الدراسة‪:‬‬

‫لكل موض وع صعوباته الخاصة التي تميزه عن غيره من المواضيع‪ ،‬وهذه الخاصية‬
‫تضفي على البحث طابعا خاصا ال يعلمه إال من عانى أمام حداثة الموضوع وندرة الكتابات‬
‫فيه‪.‬‬

‫كذلك الشأن بالنسبة لموضوع التنمر اإللكتروني‪ ،‬إذ يعتبر هذا الموضوع موضوعا حديثا‬
‫ذو راهنيه خاصة في غياب بحوث تناولت هذه الظاهرة اللهم بعض الدراسات القليلة والتي‬
‫تناولته وعالجته من زاوية علم النفس واالجتماع‪.‬‬

‫ولهذا فقد حد حملنا على عاتقنا التحدي والبحث محاولين اإلحاطة بالموضوع من مختلف‬
‫جوانبه خاصة القانونية منها نظرا لكون أن تشريعات بعض الدول العربية قد قطعت أشواطا‬
‫في هذا الشأن بحيث نظمت هذه الظاهرة‪ -‬التنمر اإللكتروني‪ -‬وجعلت منها جريمة قائمة‬
‫األركان والصور‪ ،‬وهو األمر الذي نتمنى أن نتفوق فيه بقدرة هللا‪.‬‬

‫إشكالية البحث‪:‬‬

‫بناء على كل ما تقدم يمكن القول أن موضوع‪ -‬التنمر اإللكتروني‪ -‬يثير العديد من‬
‫اإلشكاليات خاصة في ظل الطابع الخاص الذي يميز المجتمع المغربي الذي أصبح في عالقة‬

‫‪13‬‬
‫تطبيع مع هذه الظاهرة‪ ،‬وهو ما سيجعل مسألة معالجتنا للموضوع من الناحية القانونية‬
‫مسألة صعبة خاصة وأن المشرع الجنائي المغربي لم يورد أي مصطلح يتضمن "التنمر"‬
‫سواء على مستوى القانون الجنائي أو على مستوى القوانين الخاصة‪.‬‬

‫ولكون أن أفعال التنمر اإللكتروني في بعض األحيان تتخذ صورا وأشكاال تشبه أفعاال‬
‫تكتسي طابع تجريمي بمقتضى نصوص القانون الجنائي المغربي‪ ،‬فإن اإلشكالية المثارة في‬
‫هذا الصدد تختزل في ما يلي ‪ :‬إلى أي حد يمكن القول بأن النصوص الجنائية في القانون‬
‫الجنائي المغربي كفيلة بمواجهة ظاهرة التنمر اإللكتروني؟‬

‫ويترتب عن هذه اإلشكالية مجموعة من الفرضيات‪:‬‬

‫‪ -‬ظاهرة التنمر اإللكتروني مجرمة بمقتضى مجموعة من نصوص القانون‬


‫الجنائي‪.‬‬
‫‪ -‬نصوص القانون الجنائي المغربي كفيلة بمواجهة ظاهرة بعض صور وأشكال‬
‫التنمر اإللكتروني؟‬
‫‪ - -‬ظاهرة التنمر اإللكتروني تطرح مشكلة على مستوى اإلختصاص القضائي‬
‫والمسؤولية الجنائية‪.‬‬
‫‪ -‬التشريعات المقارنة اتخذت خطوة بعيدة في معالجة هذه الظاهرة‪.‬‬

‫المقاربة المنهجية للموضوع‪:‬‬

‫إن اختيار المنهج المتبع ال يأتي من قبيل الصدفة أو الميل‪ ،‬وإنما يفرضه موضوع‬
‫الدراسة وأهدافه‪ ،‬فاختيار المنهج المناسب والدقيق هو الذي يعطي مصداقية وموضوعية‬
‫للنتائج المتوصل إليها‪ .‬وبما أن دراستنا تتمحور حول دراسة موضوع – التنمر اإللكتروني‬
‫دراسة مقارنة‪ ،‬فقد ارتأينا االستعانة بالمنهج الوصفي وذلك من خالل وصف مختلف أبعاد‬
‫هذه الظاهرة وتحديد أهدافها وظروفها وكذا أبعادها المختلفة‪ .‬وإضافة إلى المنهج الوصفي‬
‫استعنا كذلك بالمنهج التحليلي لما يتيحه هذا المنهج من إمكانية لتحليل النصوص التشريعية‬
‫الوطنية والمقارنة المؤطرة لهذه الظاهرة‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ولكون أن دراستنا ستكون دراسة مقارنة‪ ،‬فإن االعتماد على المنهج المقارن أمر ال‬
‫محيد عنه نظرا ألهميته الكبيرة في إغناء البحوث العلمية وذلك من خالل مقارنة موقف‬
‫التشريع الوطني مع موقف مختلف التشريعات المقارنة تجاه هذه الظاهرة‪.‬‬

‫كنا اعتمدنا كذلك على المنهج االستنباطي وذلك من خالل محاولة استنباط مجموعة‬
‫من األحكام الواردة في القانون الجنائي المغربي ومحاولة إسقاطها على أفعال التنمر‬
‫اإللكتروني ‪.‬‬

‫خطة البحث‪:‬‬

‫لدراسة هذا الموضوع اعتمدنا على خطة علمية حاولنا من خاللها اإلحاطة بمختلف‬
‫جوانب الموضوع بحيث تم تقسيم الموضوع إلى فصلين‪:‬‬

‫بحيث سنتطرق في الفصل األول لظاهرة التنمر اإللكتروني في التشريع الجنائي‬


‫المغربي محاولين إعطاء مقاربة قانونية ألفعال التنمر اإللكتروني وكذا مختلف اإلشكاالت‬
‫التي تطرحها ال سواء على مستوى اإلختصاص القضائي أو على مستوى أحكام المسؤولية‬
‫الجنائية‪.‬‬

‫أما الفصل الثاني فسنخصصه لموقف التشريعات األجنبية تجاه ظاهرة التنمر‬
‫اإللكتروني‪ ،‬سواء العربية منها أو األجنبية‪.‬‬

‫وفي األخير سوف نورد خاتمة لموضوع بحثنا نضمنها مختلف النتائج والمقترحات‬
‫والتوصيات المتوصل إليها والتي نتمنى أن تكون ذات فائدة في إغناء الطرح القانوني لهذا‬
‫البحث‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التنمر اإللكتروني في التشريع الجنائي المغربي‬
‫يشهد العالم المعاصر مجموعة من التغيرات المتسارعة في مجال االتصال وتقنية‬
‫المعلومات‪ ،‬ما جعل العالم قرية كونية تنتقل فيها المعلومات إلى جميع أنحاء الكرة األرضية‬
‫في وقت وجيز‪ ،‬وال شك أن هذه التغيرات لها تأثير مباشر على األفراد والمؤسسات المكونة‬
‫للمجتمع‪ ،‬ما دفع المجتمعات بقبول هذه المستحدثات والتكيف معها لتحقيق االستفادة مما تقدمه‬
‫من مزايا في جميع المجاالت‪.33‬‬

‫والمجتمع المغربي كأحد مجتمعات العالم المعاصر لم يكن بعيدا عن هذه الثورة‪ ،‬فقد شهد‬
‫منذ عقود خلت إقباال كبيرا في مجال التحول إلى مجتمع تقني يقوم على االستفادة من المزايا‬
‫التي تقدمها تقنية االتصال بشكل خاص والتقنية الحديثة بشكل عام في شتى المجاالت‬
‫والميادين‪ ،‬وذلك مواكبة لعصر العولمة الذي فرض على الجميع‪ ،‬وحتى ال يجد نفسه في‬
‫عزلة عن بقية دول العالم‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد برزت مواقع التواصل االجتماعي لتصبح في مقدمة إنجازات ثورة‬
‫المعلوميات دون منافس‪ ،‬حيث ربطت شبكة المعلومات األشخاص بعضهم ببعض في جميع‬
‫أنحاء العالم لتجعل من العالم قرية صغيرة‪.‬‬

‫وقد شهدت استعماالت هذه المواقع إقباال متزايدا وطلبا كبيرا من شرائح المجتمع المختلفة‬
‫لما تحققه من تفاعل إيجابي يشير إلى العمليات اإلدراكية والوجدانية االنفعالية والسلوكية التي‬
‫تتم بين األطراف المتصلة بحيث تتبادل هذه األطراف رسائل كثيرة فيما بينها في موقف‬
‫اجتماعي محدد زمنيا ومكانيا‪.34‬‬

‫‪ -33‬حنان بنت شعشوع الشهري‪“ :‬أثر استخدام شبكات التواصل اإللكتروني على العالقات اإلجتماعية – الفيس بوك وتويتر‬
‫نموذجا‪ " -‬دراسة ميدانية على عينة من طالبات جامعة عبد العزيز بجدة‪ ،‬جامعة الملك عبدا لعزيز‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم‬
‫اإلنسانية‪1433 ،‬ه‪ ،‬ص ‪.2‬‬
‫‪ -34‬أحمد علي الدروبي‪ ":‬مواقع التواصل االجتماعي وأثرها على العالقات االجتماعية "‪ ،‬مقال منشور بالمجلة العربية للنشر‬
‫العلمي‪ ،‬العدد األول‪ ،2018 ،‬ص ‪.3‬‬
‫‪16‬‬
‫وفي هذا الشأن تشكل شبكات التواصل االجتماعي موضوعا تصطدم فيه أطروحتان‬
‫مختلفتان‪ :‬األطروحة األولى ترى في هذه المواقع فرصة للبشرية للنماء وتبادل االتصال‬
‫والمعرفة والقضاء على عوائق الزمان والمكان‪ .‬فيما تنظر األطروحة الثانية لهذه الشبكات‬
‫نظرة كارثية‪ ،‬إذ ترى أنها تشكل مصدر الخطر الحقيقي على العالقات االجتماعية وتؤدي‬
‫إلى العزلة وتفكك نسيج الحياة االجتماعية نتيجة الستفحال مجموعة من الجرائم والسلوكيات‬
‫غير األخالقية التي أخذت من هذه الشبكات مسرحا لها‪.‬‬

‫وهو األمر الذي انتبهت إليه جل دول العالم‪ ،‬بحيث تدخلت وأخضعت استخدام مواقع‬
‫التواصل االجتماعي لضوابط شرعية وقانونية يجب احترامها‪ .‬فال ينبغي لألشخاص أن يطلقوا‬
‫العنان لحريتهم إلى الحد الذي يؤذي غيرهم‪ .‬فالمتصفح لصفحات مواقع التواصل االجتماعي‪،‬‬
‫أو القارئ لتعليقات الزوار بالصحف اإللكترونية‪ ،‬سيالحظ بسهولة مدى انتشار حاالت لسوء‬
‫استعمال هذه الوسائل اإللكترونية بحيث يتجاوز فيها البعض الحدود المسموح بها في حرية‬
‫التعبير وينغمسن في ارتكاب جرائم السب والقذف والتشهير في حق الغير‪.35‬‬

‫وعلى خطى جل الدول التي أخضعت استعمال مواقع التواصل االجتماعي لضوابط‬
‫شرعية‪ ،‬وتبعا لما أصبحت تشكله الثورة المعلوماتية من اعتداء صارخ على حقوق وحريات‬
‫األفراد المكفولة دستوريا‪ ،‬فقد تدخل المشرع الجنائي المغربي لزجر هذه األفعال اإلجرامية‪،‬‬
‫وقد توج ذلك بإصدار مجموعة من النصوص القانونية والقوانين الخاصة‪ .‬إال أنه وفي ظل‬
‫تنامي ظاهرة اإلجرام الرقمي وبروز مجموعة من الظواهر اإلجرامية المستحدثة‪ ،‬يبقى‬
‫التساؤل المطروح حول موقف المشرع المغربي من هذه الظواهر وخاصة ظاهرة التنمر‬
‫اإللكتروني التي عرفت انتشارا واسعا ومهوال في اآلونة األخيرة‪.‬‬

‫وهو األمر الذي دفعنا إلى التساؤل عن موقف المشرع القانون الجنائي من أفعال التنمر‬
‫اإللكتروني‪.‬‬

‫‪ -35‬سعيد الوردي‪ ":‬التنمر اإللكتروني "‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬بدون صفحة‪.‬‬


‫‪17‬‬
‫وهو ما سنحاول اإلجابة عليها وذلك من خالل تطرقنا إلى التكييف القانوني ألفعال التنمر‬
‫(المبحث األول) ثم المسؤولية الجنائية واالختصاص القضائي في أفعال التنمر اإللكتروني‬
‫(المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬المقاربة القانونية ألفعال التنمر اإللكتروني‬


‫أفرز الواقع اإللكتروني والعالم االفتراضي العديد من التجاوزات عن طريق االستخدام‬
‫غير المشروع لمواقع التواصل االجتماعي فتحولت من فضاء للتعارف والتقارب وتبادل‬
‫األفكار والرأي‪ ،‬إلى منابر لبعض األفعال الماسة بأمن الدولة واستقرارها أو بشرف األشخاص‬
‫واعتباراتهم‪.36‬‬

‫وتعتبر حرية التعبير من أهم القضايا التي الزمت اإلنسانية عبر أزمنتها المتعددة ومراحل‬
‫تطورها المختلفة‪ ،‬فهي من أثمن المطالب التي ناضلت البشرية من أجلها‪ .‬حتى أصبحت‬
‫تحظى بأهمية خاصة في المجتمعات الديمقراطية وتعد شرطا أساسيا لرقي المجتمع‬
‫وانفتاحه‪.37‬‬

‫وتشكل ظاهرة التنمر اإللكتروني اعتداءات صارخا على هذه الحقوق نظرا لما فيها من‬
‫مساس بحقوق األفراد وحرياتهم‪ ،‬فالمجتمع المغربي كغيره من المجتمعات األخرى يعرف‬
‫تفشي ظاهرة التنمر اإللكتروني بمختلف أشكاله وأنواعه خاصة في ظل التطور التكنولوجي‬
‫وظهور الوسائط الرقمية؛ لتصبح بذلك ظاهرة التنمر اإللكتروني ظاهرة تنخر جسد المجتمع‬
‫المغربي تتعرض له مختلف الفئات العمرية‪.‬‬

‫هذا األمر دفعنا إلى التساؤل عن موقف المشرع المغربي تجاه ظاهرة التنمر اإللكتروني‪،‬‬
‫وال سيما أن بعض الدول قد تعرضت لهذه الظاهرة وجرمته بشكل صريح وأطرته بقانون‬
‫خاص‪ ،‬وهو األمر الذي دفعنا إلى البحث في مختلف نصوص القانون الجنائي والقوانين‬
‫الخاصة لنخلص في األخير إلى كون أن المشرع المغربي لم ينص على تجريم أو معاقبة‬

‫‪ -36‬بهلول بن حوى‪ ":‬جريمة القذف عبر مواقع التواصل االجتماعي "‪ ،‬مذكرة نهاية الدراسة لنيل شهادة الماستر في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2020‬ص ‪.1‬‬
‫‪ -37‬سعيد الوردي‪ ":‬جرائم السب والقذف عبر وسائل التواصل االجتماعي والمواقع اإللكترونية "‪ ،‬األولى‪ ،2020 ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪18‬‬
‫التنمر اإللكتروني بل إن هذا التشريع ال يتضمن بتاتا مصطلح التنمر اإللكتروني‪ ،‬ولم يسبق‬
‫له أن جرمه وعاقب عليه حتى في صبغته التقليدية‪ ،‬ولعل ذلك راجع إلى التطبيع من قبل‬
‫المجتمع المغربي مع هذه الظاهرة إلى الحد الذي أصبحت تعتبر من األمور العادية التي ال‬
‫تستدعي تدخل القانون لزجرها‪.38‬‬

‫وهنا قد يقول البعض وأنه طبقا للقاعدة القانونية " ال جريمة وال عقوبة إال بنص" أن أفعال‬
‫التنمر اإللكتروني تبقى خارج نطاق المساءلة الجنائية‪ ،‬إال انه ال نشاطرهم الرأي وذلك لعدة‬
‫اعتبارات من أهمها‪ :‬أن هناك مجموعة من النصوص الجنائية التي يمكن لها أن تتسع لتشمل‬
‫مختلف أشكال التنمر اإللكتروني‪ ،‬وبالتالي فإنه يمكن تطويع هذه النصوص لتشمل أفعال‬
‫التنمر اإللكتروني بالمساءلة الجنائية‪.‬‬

‫ولتوضيح ذلك‪ ،‬فإننا سنحاول التطرق إلى مختلف األشكال العامة للتنمر اإللكتروني التي‬
‫يمكن أن تشملها نصوص المتابعة (المطلب األول) على أن نتطرق باإلضافة إلى ذلك إلى‬
‫بعض أشكال التنمر الواقعة على بعض الفئات الخاصة إما بسبب الجنس أو بسبب السن والتي‬
‫يمكن أن تشملها نصوص خاصة (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬األشكال العامة للتنمر اإللكتروني‬


‫تعتبر شبكات التواصل االجتماعي اليوم من بين أهم المنصات التي تضم ماليين‬
‫المستخدمين مما جعلها بيئة خصبة الرتكاب العديد من الجرائم التي تشكل اعتداء على حرمة‬
‫الحياة الخاصة‪ .‬فمفهوم الحياة الخاصة يعبر عن مفهوم قديم قدم اإلنسانية نفسها‪ ،‬وتعد من بين‬
‫الحقوق اللصيقة لإلنسان ومن أهم الحقوق باإلضافة إلى الحق في الحرية وفي صيانة العرض‬
‫والحق في الشرف واالعتبار‪.39‬‬

‫‪ -38‬سعيد الوردي‪ ":‬التنمر اإللكتروني "‪ ،‬م‪ ،‬س‪ .‬بدون صفحة‪.‬‬


‫‪ -39‬بن حليمة سعاد‪ ":‬الحماية الجنائية من الجرائم الماسة بالشرف المرتكبة داخل الفضاء الرقمي "‪ ،‬مقال مقدم بمناسبة‬
‫المؤتمر الدولي االفتراضي انعكاسات التطور التكنولوجي على حق اإلنسان في السالمة الجسدية أيام ‪17‬و ‪ 18‬أبريل ‪،2021‬‬
‫منشور بمجلة إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية برلين‪ /‬ألمانيا‪ ،‬الجزء‬
‫الثاني‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫‪19‬‬
‫وتعد جريمتي السب والقذف من بين الجرائم الماسة بشرف واعتبار األشخاص‪ ،‬وهي‬
‫األكثر انتشارا خاصة في ظل ظهور مواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬إذ أصبحت تستغل هذه‬
‫األخيرة للنيل من شرف الغير وكرامته واعتباره‪.‬‬

‫وأمام غياب نص قانوني خاص يجرم أفعال التنمر اإللكتروني؛ فإنه ال مانع من استعارة‬
‫نصوص جريمتي السب والقذف لرؤية مدى إمكانية تطبيقهما على أفعال التنمر اإللكتروني‬
‫وخاصة التنمر اللفظي الذي يشتمل على كل المضايقات اللفظية من إهانات وسخرية وعبارات‬
‫سب وقذف (الفقرة األولى)‪.‬‬

‫وإذا كانت نصوص جريمتي السب والقذف كفيلة بأن تستحوذ على شكل من أشكال التنمر‬
‫اإللكتروني‪ ،‬فماذا عن بقية األشكال األخرى هل تبقى خارج نطاق العقاب إذا ما تم ارتكابها‬
‫خارج إطار فصول جريمتي السب والقذف؟ والحديث هنا عن شكل من أخطر أشكال التنمر‬
‫اإللكتروني وهو التنمر العنصري‪.‬‬

‫وفي هذا الص دد فإننا نرى أن أفعال التنمر إذا انطوت على شكل من أشكال التمييز أو‬
‫العنصرية فإنه ال محالة من استعارة نصوص القانون الجنائي المجرمة ألفعال التمييز‬
‫وتطويعها لتشمل أفعال التنمر اإللكتروني العنصري‪ ،‬حيث يمكن القول أن التنمر اإللكتروني‬
‫العنصري يمثل الشكل الحديث لجريمة التمييز (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬التنمر اإللكتروني في إطار السب والقذف‬


‫يحمل كثير من رواد مواقع التواصل االجتماعي أفكارا خاطئة عن استخدام اإلنترنيت فهم‬
‫يعتقدون أنه فضاء مباح ال يخضع للقانون‪ ،‬الشيء الذي يدفعهم للفضول أحيانا والعمد أحيانا‬
‫أخرى إلى ارتكاب أفعال تعد في نظر القانون جريمة‪ ،‬األمر الذي يجعلهم محل مساءلة‪.40‬‬

‫وتعد جريمتي السب والقذف األكثر شيوعا عبر شبكة اإلنترنت عموما وشبكات التواصل‬
‫االجتماعي خصوصا‪ ،‬فهي ترتكب للنيل من كرامة األشخاص وشرفهم واعتبارهم‪ .‬وقد ذهبت‬

‫‪ -40‬نجاعي سامية‪ ":‬تكنولوجيا اإلعالم واالتصال الحديثة ودورها في نشر الجرائم اإللكترونية‪-‬الفيس بوك نموذجا‪ "-‬مقال‬
‫مقدم بمناسبة وقائع المؤتمر الدولي االفتراضي انعكاسات على حق اإلنسان في السالمة الجسدية أيام ‪17‬و ‪ 18‬أبريل ‪،2021‬‬
‫منشور بمجلة إصدارات المركز العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية ألمانيا‪ /‬برلين‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص‬
‫‪.259‬‬
‫‪20‬‬
‫التشريعات الوضعي ة في مجملها إلى تجريم أفعال السب والقذف والمعاقبة عليها‪ ،‬ومن ضمنها‬
‫التشريع المغربي الذي تضمن عدة نصوص متفرقة بين القانون الجنائي وقانون الصحافة‬
‫والنشر تجرم أفعال السب والقذف وتعاقب عليها بعقوبات زجرية‪.41‬‬

‫لكن تطور الظاهرة اإلجرامية أفرزت نوعا جديدا من الجرائم هي في حد ذاتها تعتمد على‬
‫ألفاظ وعبارات من شأنها المساس بكرامة األشخاص وشرفهم وكذا اعتبارهم‪ ،‬إال أنها تبقى‬
‫خارج نطاق المساءلة نظرا لغياب نص صريح يحتوي هذه األفعال وهو ما ينطبق على أفعال‬
‫التنمر اإللكتروني‪.‬‬

‫فغياب نص صريح في القانون الجنائي المغربي يجرم أفعال التنمر اإللكتروني ال يعني‬
‫أن تبقى هذه األفعال خارج نطاق المساءلة الجنائية‪ ،‬خاصة وأنها تخلف أضرارا معنوية‬
‫ونفسية وأثارا وخيمة على الضحية‪ ،‬وبالتالي فإن القضاء يمكنه تكييف أفعال التنمر‬
‫المعروضة عليه على أنها أفعال سب أو قذف‪.‬‬

‫ولتوضيح األمر أكثر‪ ،‬فإننا سنحاول المقارنة بين أركان كل من جريمتي السب والقذف‬
‫وأركان جريمة التنمر في التشريع المقارن وفق ما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أركان جريمتي السب والتنمر اإللكتروني‬

‫إن محاولة المقارنة بين أركان كل من جريمتي السب والقذف والتنمر‪ ،42‬تقتضي منا‬
‫الوقوف على كل من الركن المادي والمعنوي لكل جريمة‪.‬‬

‫أ‪-‬الركن المادي لجريمتي السب والتنمر اإللكتروني‬

‫ال قيام ألية جريمة بدون نشاط خارجي يصدر عن الجاني وتدركه الحواس‪.43‬‬

‫‪ -41‬سعيد الو ردي‪ ":‬جرائم السب والقذف عبر وسائل التواصل االجتماعي والمواقع اإللكترونية "‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ -42‬نشير إلى كون أن التنمر ليست جريمة مستقلة عن جريمة التنمر اإللكتروني‪ ،‬وإنما االختالف يكمن في الوسيلة المستعملة‬
‫للتنمر ال غير‪( .‬ال فرق بين التنمر التقليدي والتنمر اإللكتروني إال في الوسيلة المستعملة)‪.‬‬
‫‪ -43‬أحمد الخمليشي‪ ":‬شرح القانون الجنائي القسم العام "‪ ،‬مكتبة المعارف للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1985‬ص ‪.141‬‬
‫‪21‬‬
‫ويعرف الركن المادي بأنه كافة االعتداءات المادية أو االمتناعات التي تكون السلوك‬
‫اإلجرامي ويعتمد توفر هذا الركن على ثالثة عناصر أساسية‪ :‬السلوك اإلجرامي والعالقة‬
‫السببية والنتيجة اإلجرامية‪.‬‬

‫وبالتأمل في الركن المادي لجريمة السب نجد هذا األخير يتمثل في كل تعبير يكون فيه‬
‫خدش لشرف واعتبار المجني عليه‪ ،‬وقد يتخذ هذا التعبير أي وسيلة من وسائل التعبير‪.44‬‬

‫وهو األمر الذي أشار له المشرع المغربي في الفصل ‪ 443‬ق‪.‬ج‪.‬م حيث نص على كون‬
‫أن السب هو كل تعبير شائن أو عبارة تحقير أو قدح ال تتضمن نسبة واقعة معينة‪.‬‬

‫والركن المادي لجريمة السب يقوم على عنصرين هما فعل اإلسناد وتعيين المجني عليه‬
‫إضافة إلى ضرورة توفر عنصر العالنية حتى نكون أمام جنحة السب العلني‪.45‬‬

‫فاإلسناد يتحقق عن طريق قيام الفاعل بتوجيه عبارات خادشه لشرف أو العتبار المجني‬
‫عليه أو تتضمن تحقيرا له‪ ،‬فهو يتحقق بمجرد رمي المجني عليه بما يخدش حياءه وشرفه‬
‫‪46‬‬
‫واعتباره دون أن تسند إليه واقعة معينة مثل توصيف المجني عليه بأنه لص أو محتال‬
‫ويستوي في ذلك أن يكون السب صريحا أو ضمنيا طالما كان المفهوم الضمني يتضمن خدشا‬
‫للشرف واالعتبار‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى عنصر اإلسناد يتطلب الركن المادي في جريمة السب تعيين الشخص‬
‫المجني عليه‪ ،‬بمعنى أنه يجب أن يكون السب موجها لشخص أو أشخاص معينين أو ممكن‬
‫تعيينهم‪ ،‬والمجني عليه في جريمة السب يمكن أن يكون شخصا ذاتيا أو معنويا كهيئة أو‬
‫جمعية ما‪ .‬وال يشترط في هذا التعيين ذكر اسم الشخص كامال‪ ،‬بل يكفي استطاعة األفراد أو‬
‫بعضهم تحديد الشخص المقصود من العبارات بأي وسيلة وبدون عناء‪.47‬‬

‫‪ -44‬جواهر علي األميري‪ ":‬جريمة القذف والسب عبر وسائل تقنية المعلومات "‪ ،‬مقال منشور بالمجلة األكاديمية لألبحاث‬
‫والنشر العلمي‪ ،‬اإلصدار الرابع عشر‪ ،2020 ،‬ص ‪.107‬‬
‫‪ -45‬نميز في هذا الصدد بين السب العلني الذي يعتبر جنحة والسب غير العلني والذي يعتبر مخالفة ويخضع الختصاص‬
‫قضاء القرب‪ .‬أنظر المادة ‪16‬من القانون ‪ 42.10‬المتعلق بتنظيم قضاء القرب‪.‬‬
‫‪ -46‬سعيد الوردي‪ ":‬جرائم السب والقذف عبر وسائل التواصل االجتماعي والمواقع اإللكترونية "‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.134‬‬
‫‪ -47‬نفسه‪ ،‬ص ‪.137‬‬
‫‪22‬‬
‫ولكي تكتمل عناصر الركن المادي لجريمة السب ال بد من توفر شرط العالنية والتي تعد‬
‫واحدا من أهم العناصر الواجب توفرها لتحقق جريمة السب‪ ،‬ويتحقق عنصر العالنية إذا كان‬
‫السب على مسمع األشخاص المارة في الطريق‪ ،...‬كما تتحقق عن طريق مواقع االتصال‬
‫اإللكترونية ومواقع التواصل االجتماعي‪.‬‬

‫أما فيما يخص العنصر األخير والمتمثل في النتيجة اإلجرامية فإن جريمة السب من الجرائم‬
‫الشكلية التي ال يتوقف وجودها على تحقق النتيجة اإلجرامية‪ ،‬أي أن ركنها المادي يتكون من‬
‫مجرد سلوك معين بصرف النظر عن حصول النتيجة اإلجرامية أو عدم حصولها‪.48‬‬

‫هذا فيما يخ ص الركن المادي لجريمة السب‪ ،‬أما بخصوص جريمة التنمر اإللكتروني فإنه‬
‫وباستحضار ركنها المادي على مستوى التشريعات المقارنة وخاصة التشريع المصري الذي‬
‫نص عليها كجريمة مستقلة‪ ،‬وحدد لها إطار قانوني خاص والمتمثل في القانون رقم ‪189‬‬
‫لسنة ‪ 2020‬الصادر بشأن تعديل بعض أحكام قانون العقوبات المصري رقم ‪ 58‬لسنة ‪1937‬‬
‫وخاصة المادة ‪ 309‬مكرر ب ‪ ،‬فإن الركن المادي لجريمة التنمر يتمثل في كل قول أو‬
‫استعراض قوة أو سيطرة للجاني أو استغالل للمجني عليه أو لحالة يعتقد أنها تسيء للمجني‬
‫عليه‪ ،‬كالجنس أو العرق أو الدين أو األوصاف البدنية أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى‬
‫االجتماعي ‪.49‬‬

‫وبناء عليه فإن السلوك اإلجرامي لجريمة التنمر يتمثل في كل‪ :‬قول أو استعراض للقوة أو‬
‫السيطرة أو االستغالل‪ ،‬وما يهمنا في هذا الصدد هو فعل القول الذي ينصرف إلى ما يصدر‬
‫عن اإلنسان من كالم‪ ،‬سواء كان ذلك بجملة أو أكثر أم مجرد لفظ من األلفاظ وسواء كان‬
‫نثرا أم شعرا أم بأسلوب الخطابة‪.50‬‬

‫‪ -48‬إن كل جريمة سواء كانت مادية أو شكلية لها نتيجة ضارة تتمثل في انتهاك حق من حقوق المجتمع‪ ،‬وهذه النتيجة هي‬
‫أساس التجريم في كل الجرائم‪ .‬إال أنه في الجرائم المادية ال يتحقق الركن المادي إال إذا حصل فعال الضرر الباعث على‬
‫التجريم أما في الجرائم الشكلية فإن المشرع يكتفي بتجريم سلوك معين من الفرد ولو لم يترتب عليه أي ضرر بالفعل استنادا‬
‫إلى أن هذا السلوك يؤدي غالبا إلى تحقيق الضرر‪ .‬أحمد الخمليشي‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ -49‬كمال سيد عبد الحليم محمد نصر‪ ":‬جريمة التنمر وعقوبتها في الشريعة والقانون "‪ ،‬مقال منشور بمجلة كلية الشريعة‬
‫والقانون‪ ،‬جامعة األزهر فرع أسيوط‪ ،‬العدد الرابع والثالثون‪ ،‬اإلصدار األول‪ ،‬يناير ‪ ،2022‬الجزء الثالث‪ ،‬ص ‪.2497‬‬
‫‪ -50‬يوسف سعد الدين‪ ":‬المسؤولية الجنائية الناشئة عن التنمر"‪ ،‬مقال منشور بمجلة سوهاج للشباب الباحثين‪ ،‬مجلد ‪،)4(2‬‬
‫ص ‪.5‬‬
‫‪23‬‬
‫وبالتالي فإن التنمر اللفظي قد ينطوي على أفعال قد تشكل سبا وشتما وهذا يعني أن التنمر‬
‫إذا كان من شأنه أن يتضمن تعبيرات شائنة أو عبارات للتحقير او القدح فإنه يمكن تكييفه‬
‫وفقا للفصول المتعلقة بجريمة السب‪ ،‬إذا أن القاسم المشترك بين هذا النوع من التنمر‪ -‬التنمر‬
‫اللفظي‪ -‬وجريمة السب هو عنصر التعبير الخادش للحياء والشرف‪ ،‬حيث أن وقع فعل التنمر‬
‫على الضحية ال يختلف عن وقع فعل السب‪ .‬إذن فال مانع من تكييف التنمر اللفظي المتضمن‬
‫لعبارات التحقير او القدح على كون أنه فعل سب او شتم مادام أن هذا األخير يخلف نفس‬
‫اآلثار التي يخلفها فعل السب أو أكثر خاصة إذا مورس التنمر بشكل اعتيادي‪ ،‬بل حتى أن‬
‫جريمة التنمر في التشريع المقارن هي من جرائم السلوك‪ ،‬أي أنها ال تتطلب حدوت نتيجة‬
‫إجرامية‪.‬‬

‫إذن فخالصة القول أن نصوص القانون الجنائي المتعلقة بالسب هي نصوص وإن لم تنص‬
‫صراحة على مصطلح التنمر إال أنها يمكن أن تشمل أفعال التنمر اللفظي بالعقاب فالعبرة‬
‫بالسلوك ال بالمفردات واأللفاظ‪ ،‬فاللفظ يختلف إال أن األثر والضرر واحد‪.51‬‬

‫ب‪-‬الركن المعنوي في جريمتي السب والتنمر‬

‫ال تقوم الجريمة قانونا بمجرد ارتكاب الفاعل للفعل الجرمي المكون للركن المادي‪ ،‬بل‬
‫يجب أن يصدر هذا الفعل عن شخص طبيعي متمتع باألهلية القانونية وأن يسند إليه هذا الفعل‬
‫معنويا‪ ،‬فالقاعدة العامة أنه ال جريمة بغير ركن معنوي فيه يتم تحديد مسؤولية الفاعل عن‬
‫الجريمة بحيث ال يسأل الفاعل عن الجريمة ما لم تكن هناك صلة بين مادياتها ونفسيته‪.52‬‬

‫وجريمتي السب والتنمر تعتبران من الجرائم العمدية‪ ،‬لذلك وجب أن يتوفر فيهما القصد‬
‫الجنائي والذي يتحقق بتوجيه إرادة الجاني إلى تحقيق النتيجة اإلجرامية والمتمثلة في إسناد‬
‫عبارات خادشه للحياء واالعتبار في جريمة السب‪ ،‬أما في جريمة التنمر فإن القصد الجنائي‬

‫‪ -51‬في هذا الصدد أرى أنه يمكن القول على أن السب قد يشكل تنمرا لفظيا‪ ،‬خاصة وأن التنمر في التعريف اللغوي هو‬
‫تعبير عن الغضب وسوء الخلق‪.‬‬
‫‪ -52‬حسين محمد فالح البرايسه‪ ":‬الركن المعنوي في الجرائم اإللكترونية وفقا لقانون العقوبات األردني " رسالة مقدمة‬
‫الستكمال متطلبات الحصول على درجة الماجستير في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق جامعة الشرق األوسط‪ ،‬حزيران‪،2021 ،‬‬
‫ص ‪.75‬‬
‫‪24‬‬
‫فيها يتمثل في تعمد المتنمر إحداث األذى اللفظي بالمتنمر به قاصدا بذلك اإلساءة إليه والتقليل‬
‫من شأنه‪ 53‬وخدش حيائه واعتباره‪ ،‬ويتحقق ذلك بكل العبارات التي يستعملها المتنمر وخاصة‬
‫عبارات السب والقذف‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أركان جريمتي القذف والتنمر‬

‫إن المقارنة بين أركان كل من جريمتي القذف والتنمر تقتضي منا السير على النهج الذي‬
‫اعتمدناه في المقارنة بين أركان جريمتي السب والتنمر‪ ،‬وبالتالي فإننا سوف نقوم كذلك هنا‬
‫بالمقارنة بين أركان جريمتي القذف والتنمر وكل ذلك من أجل معرفة مدى إمكانية استيعاب‬
‫النصوص الجنائية المنظمة لجريمة القذف في القانون المغربي ألفعال التنمر‪.‬‬

‫أ‪-‬الركن المادي في جريمتي القذف والتنمر‬

‫عرف المشرع الجنائي المغربي جريمة القذف في الفصل ‪ 442‬ق‪.‬ج‪.‬م‪ ،‬الذي جاء فيه‪" :‬‬
‫يعد قذفا ادعاء واقعة أو نسبتها إلى شخص أو هيئة‪ ،‬إذا كانت هذه الواقعة تمس شرف أو‬
‫اعتبار الشخص أو الهيئة التي نسبت إليها‪ ،" 54‬واشترط لقيام ركنها المادي العناصر التالية‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫اإلسناد‪ :‬ويقصد به نسبة أمر أو واقعة إلى شخص معين بأي وسيلة من وسائل التعبير‬
‫وهو يتحقق بأي وسيلة من وسائل التعبير سواء بالقول أو الصياح أو التهديد أو المنشورات‬
‫أو الكتابات أو الرسوم أو الصور‪ ...‬أو بأي وسيلة تنقل فكرة اإلسناد من فكر الجاني إلى فكر‬
‫شخص أو أشخاص آخرين‪ ،‬ويتحقق اإلسناد سواء بنية القذف إلى المجني عليه على سبيل‬
‫القطع والتأكيد أو على سبيل الشك واالحتمال‪ ،‬ويتحقق القذف سواء بنسبة الواقعة إما عن‬
‫ترديد روايات الغير أو عن طريق إعادة نشر وقائع سبق نشرها‪.56‬‬

‫‪ -53‬كمال سيد عبد الحليم محمد نصر‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.2499‬‬
‫‪ -54‬وهو نفس التعريف الوارد في المادة ‪ 83‬من القانون رقم ‪ 88.13‬المتعلق بالصحافة والنشر حيث جاء فيه‪ ":‬يقصد في‬
‫مدلول هذا القانون ب‪ :‬القذف ادعاء واقعة أو نسبتها إلى شخص أو هيئة إذا كانت هذه الواقعة تمس شرف أو اعتبار الشخص‬
‫أو الهيئة التي نسبت إليها‪.‬‬
‫‪ -55‬فتوح عبد هللا الشاذلي‪ ":‬شرح قانون العقوبات القسم الخاص‪ :‬دار المطبوعات اإلسكندرية ‪ ،2001‬بدون طبعة‪ ،‬ص‬
‫‪.299‬‬
‫‪ -56‬بهلول بن حوى‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪25‬‬
‫وهو ما أكدته المادة ‪ 87‬من قانون الصحافة والنشر بنصها على أنه‪ :‬يمكن ألي شخص‬
‫يعتبر نفسه ضحية نشر قذف‪ ...‬بطريقة مباشرة أو عن طريق النقل‪ ،57‬وهو ما يعني أن‬
‫اإلسناد قد يكون بطريقة مباشرة نابع عن إرادة القاذف وقد يكون مجرد نقل عن صحيفة‬
‫أخرى أو رواية عن مصدر أخر‪.58‬‬

‫ويشترط في فعل اإلسناد أن يتم إسناد الواقعة إلى شخص معين أو محدد‪ ،‬حيث أنه ال تقوم‬
‫الجريمة في حالة لم يكن اإلسناد موجها لشخص معين‪ ،‬والقانون لم يتطلب التحديد التفصيلي‬
‫لشخص المجني عليه بذكر اسمه كامال مثال وإنما اكتفى بتحديد نسبي من الممكن لفئة من‬
‫الناس التعرف عليه‪ ،‬وقد تكون عبارات القدح موجهة إلى أشخاص معنوية كالشركات‬
‫والمؤسسات‪.59‬‬

‫تعيين الواقعة‪ :‬وهو ما يميز جريمة القذف عن جريمة السب‪ .‬فالقذف ال يكون إال بإسناد‬
‫واقعة معينة محددة إلى المجني عليه‪ ،‬وال يشترط في هذه الواقعة أن تكون محددة تحديدا‬
‫كامال بذكر التفاصيل‪ ،‬بل يكفي أن يستنبط من خاللها واقعة محددة من صيغة اإلسناد‪ .60‬وهو‬
‫ما يرجع إلى السلطة التقديرية للقاضي للتحديد التام والكامل للقضية‪ .61‬وإلى جانب ضرورة‬
‫تحديد واقعة القذف‪ ،‬ال بد أن تكون العبارات المستعملة تمس بشرف المقذوف أو اعتباره‪ ،‬أو‬
‫توجب عقابه حسب ما يستفاد من الفقرة األخيرة من المادة ‪ 83‬من القانون ‪ ،88.13‬حيث ال‬
‫تعتبر الوقائع المثارة في تعريف القذف موجبة لتحريك المتابعة إال إذا كانت تلك الوقائع‬
‫من‬ ‫‪62‬‬
‫معاقب ع ليها‪ .‬وهو نفس األمر الذي ذهب إليه المشرع الجزائري في المادة ‪296‬‬
‫قانون العقوبات‪ ،‬بينما المشرع المصري استوجب في الوقعة أن تكون مستوجبة العقاب‪.63‬‬

‫‪ -57‬أنظر ظر المادة ‪ 87‬من القانون رقم ‪ 88.13‬المتعلق بالصحافة والنشر‪.‬‬


‫‪ -58‬سعيد الوردي‪ ":‬جرائم السب والقذف عبر وسائل التواصل االجتماعي والمواقع اإللكترونية "‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪ -59‬جواهر علي األميري‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.106‬‬
‫‪ -60‬بهلول بن حوى‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪ -61‬فتوح عبد هللا الشاذلي‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.603‬‬
‫‪ -62‬عرف المشرع الجزائري القذف في المادة ‪ 296‬من قانون العقوبات بأنه‪ ":‬كل ادعاء بواقعة من شأنها المساس بشرف‬
‫أو اعتبار األشخاص أو الهيئة المدعى عليها به أو إسنادها إليهم أو إلى تلك الهيئة‪.‬‬
‫‪ -63‬انظر المادة ‪ 302‬من قانون العقوبات المصري التي جاء فيها‪ ":‬يعد قاذفا كل من أسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة‬
‫في المادة ‪ 171‬من هذا القانون أمورا لو كانت صادقة ألوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا أو‬
‫اوجبت احتقاره من أهل وطنه‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫وقبل المرور إلى الركن المادي المتعلق بجريمة التنمر ال بد أن نشير إلى ضرورة توفر‬
‫شرط العالنية في عنصر اإلسناد وهو ما تم التنصيص عليه في المادة ‪ 7264‬من القانون رقم‬
‫‪ 88.13‬الذي حدد وسائل العلنية في أية وسيلة من الوسائل‪.‬‬

‫أما بخصوص الركن المادي لجريمة التنمر فقد أشار المشرع المصري في المادة ‪309‬‬
‫مكرر (ب) إلى مجموعة من الصور التي تتحقق بواسطتها جريمة التنمر ومن أبرزها األقوال‬
‫التي يعتقد الجاني أنه يسيء من خاللها للضحية‪ ،‬وبهذا فإنه يشترط لوقوع جريمة التنمر أن‬
‫يكون من شأن الفعل المكون للركن المادي أن يلقي السخرية أو الحط من شأن المجني عليه‬
‫أو عزله عن محيطه االجتماعي أو تكدير أمنه أو طمأنينته أو يسيء إليه ويلحق به أضرارا‬
‫تمس بشرفه أو اعتباره أو مكانته في المجتمع‪.65‬‬

‫وبهذا فالتنمر عن طريق القذف يتحقق عن طريق إسناد أمر أو واقعة ما إلى شخص معين‬
‫بأي وسيلة من وسائل التعبير‪ ،‬بما فيها وسائل التواصل االجتماعي والمواقع اإللكترونية‬
‫قاصدا بتنمره النيل من شرفه واعتباره‪ ،‬وكما رأينا مع جريمة القذف فإن الواقعة المتنمر بها‬
‫على الضحية يجب أن تكون واقعة محددة وأن تكون العبارات التي استعملها المتنمر عبارات‬
‫وألفاظ مسيئة إلى شرف المتنمر به المقذوف‪ ،‬وال تعتبر الوقائع المثارة أو المتنمر بها موجبة‬
‫للعقاب إال إذا كانت وقائع يعاقب عليها القانون‪.66‬‬

‫وهكذا فإذا ما توفرت هذه الشروط في أفعال التنمر يمكننا أن نقول أن بعض صور التنمر‬
‫اللفظي تعد قذفا لما يشتمل عليه هذا النوع من التنمر من انتقاص من قيمة الشخص ولما فيهمن‬
‫مساس بشرفه واعتباره وسمعته وهو من أوضح صور التنمر المذموم‪.‬‬

‫أما بخصوص النتيجة اإلجرامية في جريمتي القذف والتنمر فإن كالهما من جرائم السلوك‬
‫فال يتطلبان تحقق نتيجة معينة‪.‬‬

‫ب ‪-‬الركن المعنوي في جريمتي القذف والتنمر‬

‫‪ -64‬أنظر المادة ‪ 72‬من القانون رقم ‪ 88.13‬المتعلق بالصحافة والنشر ‪.‬‬


‫‪ -65‬كمال سيد عبد الحليم محمد نصر‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.2498‬‬
‫‪ -66‬أنظر الفقرة األخيرة من المادة ‪ 83‬من القانون ‪ 88.13‬المتعلق بالصحافة والنشر‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫جريمتي القذف والتنمر من الجرائم العمدية‪ ،‬حيث إنه ال تتحققان إال بتوفر القصد الجنائي‬
‫لدى مرتكبيها والمتمثل في علم الجاني بعناصر الجريمة وانصراف إرادته إلى ارتكابها‪.‬‬

‫ويتحقق القصد الجنائي في جريمة القذف متى أذاع القاذف أو نشر الخبر المتضمن للقذف‪،‬‬
‫وهو عالم بأن ذلك الخبر فيه مساس بشرف وسمعة المقذوف‪ .‬وال عبرة بالبواعث فقد ال‬
‫يكون فيه غرض اإلضرار بالمقذوف‪ ،‬وقد يكون من واجب القاضي النظر إلى تلك البواعث‬
‫واالعتداد بها في تخفيض العقوبة‪ ،‬لكن ال يمكن أن تكون سببا في محو الجريمة‪.67‬‬

‫فالقذف في جميع حاالته جريمة عمدية وركنها المعنوي يتخذ فقط صورة القصد العام‪ ،‬أما‬
‫سوء النية الذي على القصد الخاص فهو مفترض‪.68‬‬

‫أما بخصوص جريمة التنمر فإنها تتطلب لوقوعها قصدا عاما وخاصا‪ ،‬فالقصد العام يتمثل‬
‫كون المتنمر يتعمد إحداث األذى اللفظي واإلضرار بالمتنمر به ولم يكن هناك مجال للخطأ‪.‬‬
‫وبالتالي يقوم القصد العام في جريمة التنمر على العلم واإلرادة‪ ،‬حيث يجب أن يكون الجاني‬
‫عالما بأن فعل التنمر من شأنه المساس باعتبار المجني عليه أو بشرفه أو إقصائه من محيطه‬
‫االجتماعي‪ ،69‬أما القصد الخاص فيتحقق باتجاه إرادة الجاني إلى إحداث الضرر بالمجني‬
‫عليه بوضعه موضع سخرية أو الحط من شأنه والنيل من شرفه واعتباره‪.‬‬

‫إذن فانطالقا من مقارنتنا لجريمتي القذف والتنمر يمكننا أن نقول على أن نصوص جريمة‬
‫القذف في القانون المغربي يمكن لها أن تتسع وتشمل أفعال التنمر بالعقاب على الرغم من‬
‫كون أن جريمة التنمر في التشريع المقارن تشترط ضرورة توفر قصد جنائي عام وخاص‪،‬‬
‫إذ أن هذا األمر مصدر خالف بين التشريعات ويبقى لكل تشريع أخذ ما يناسبه وترك ما ال‬

‫‪ -67‬سارة عياط‪ ":‬جريمة القذف على شبكة اإلنترنت "‪ ،‬مذكرة مكملة من متطلبات نيل شهادة الماستر في الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫محمد خيضر بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الموسم الجامعي ‪ ،2014-2013‬ص ‪.23-22‬‬
‫‪ -68‬سعيد الوردي‪ ":‬جرائم السب والقذف عبر وسائل التواصل االجتماعي والمواقع اإللكترونية "‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪ -69‬كمال سيد عبد الحليم محمد نصر‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.2499‬‬
‫‪28‬‬
‫يناسبه وليس بالضرورة االعتداد بعنصر القصد الجنائي الخاص في جريمة التنمر لتكييف‬
‫أفعالها على كونها أفعال قذف‪.70‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التنمر اإللكتروني الشكل الحديث لجريمة التمييز‬


‫ساهم التطور التقني في وسائل االتصال وظهور شبكات التواصل االجتماعي في انتشار‬
‫خطابات متعددة ومتنوعة تمثلت في خطابات الكراهية والنقد وحرية الرأي وبينها خط فاصل‬
‫رفيع‪ ،‬فاألصل في النقد وحرية الرأي والتعبير أن تكون مباحة للجميع وأن يكون لكل شخص‬
‫القدرة على التعبير عن رأيه بالطريقة التي يريدها وبأي وسيلة يراها مناسبة‪ ،‬وحتى مواثيق‬
‫حقوق اإلنسان وضحت ذلك من خالل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬إال‬
‫أن مواقع التواصل اليوم أصبحت بيئة خصبة لخطاب الكراهية‪ .‬لكونه يتجاوز مرحلة التعبير‬
‫عن الرأي ويدعو إلى التحريض على العنف والحط من المكانة االجتماعية للغير‪.71‬‬

‫وأمام هذا الواقع تبرز أهمية مبدأ عدم التمييز باعتباره من بين المبادئ اإلنسانية إن لم تكن‬
‫أهمها عل ى اإلطالق وهو ما جعل منه مبدأ أساسيا في كافة الدول والنظم الديمقراطية في‬
‫العالم وحجر الزاوية فيها‪ ،‬كونه يعد بمثابة حق عام إلى جانب مبدأ المساواة تتفرع عنه حقوق‬
‫اإلنسان األخرى‪ ،‬فهو إن صح القول نقطة االنطالق لكافة الحقوق اإلنسانية والحريات‬
‫العامة‪.72‬‬

‫والمملكة المغربية وإدراكا منها لضرورة إدراج عملها في إطار المنظمات الدولية فإنها‬
‫تتعهد بااللتزام بما تقتضيه مواثيقها من حقوق وواجبات‪ ،‬وتؤكد تشبهتا بحقوق اإلنسان كما‬
‫هي متعارف عليها عالميا‪ ...‬وتؤكد وتلتزم بحماية منظومة حقوق اإلنسان وحظر ومكافحة‬
‫كل أشكال التمييز بسب ب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو االنتماء االجتماعي أو الجهوي‬

‫‪ -70‬ونشير إلى أن الشريعة اإلسالمية كان لها فضل السبق في تجريم جميع أفعال التنمر وصوره وذلك بالنهي الصريح عن‬
‫السخرية والهمز واللمز‪ .‬وقد اشترطت الشريعة اإلسالمية لقيام جريمة التنمر القصد العام دون القصد الخاص‪ ،‬وفي ذلك‬
‫تكون الشريعة اإلسالمية أكثر مرونة واشت ماال على جميع حاالت القصد من اإليذاء في أفعال التنمر‪ ،‬فالمعتبر في أفعال‬
‫التنمر هو قصد الفعل ال القصد الخاص‪ .‬كمال سيد عبد الحليم محمد نصر‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.2500‬‬
‫‪ -71‬صخر أحمد الخصاونه‪ /‬سهل علي العتوم‪ ":‬دور وسائل التواصل االجتماعي في نشر خطاب الكراهية من وجهة نظر‬
‫الصحفيين األردنيين – دراسة ميدانية ‪ ،" -‬مقال منشور بمجلة الجامعة اإلسالمية للدراسات الشرعية والقانونية‪،‬‬
‫‪ ،vol29,No.1,2021‬ص‪.301‬‬
‫‪72- Hirsch .Pauterpacht: ” An International Bill of rights of man", 1954; P 115.‬‬

‫‪29‬‬
‫أو اللغوي أو اإلعاقة أو أي وضع شخصي مهما كان‪ .73‬وفي هذا اإلطار فقد ارتقت المملكة‬
‫المغربية بمبدأ التمييز إلى مصاف المبادئ الدستورية‪ ،‬وأفرزت له حماية خاصة سواء على‬
‫مستوى القوانين الخاصة أو على مستوى القانون الجنائي‪.‬‬

‫فقد نص المشرع المغربي على تجريم كل أشكال التمييز وخطابات الكراهية في الفرع‬
‫األول من الباب المعنون بحماية النظام العام من قانون الصحافة والنشر‪ ،‬ونص في الفقرة‬
‫الثانية من المادة ‪ 70‬على أنه تطبق أحكام المادتين ‪ 102‬و‪ 104‬من نفس القانون إذا تضمنت‬
‫إحدى المطبوعات الدورية أو إحدى الصحف اإللكترونية تصريحات على التمييز أو على‬
‫الكراهية بين األشخاص‪ .‬ويعاقب المشرع المغربي من خالل المادة ‪ 71‬من نفس القانون‬
‫بغرامة من ‪ 20 000‬إلى ‪ 200 000‬درهم كل من يحرض تحريضا مباشرا على الكراهية‬
‫أو التمييز وذلك ب أي وسيلة من الوسائل وال سيما بواسطة المكتوبات والمطبوعات المبيعة أو‬
‫الموزعة أو المعروضة على أنظار العموم‪ ،‬وإما بواسطة مختلف وسائل اإلعالم السمعية‬
‫البصرية أو اإللكترونية أو أي وسيلة أخرى تستعمل لهذا الغرض دعامة إلكترونية‪ ،‬كما منعت‬
‫المادة ‪ 63‬من القانون ذاته مع مراعاة حرية اإلبداع كل إشهار في الصحافة المكتوبة أو‬
‫اإللكترونية يتضمن تحريضا على الكراهية أو جرائم الحرب والجرائم ضد اإلنسانية أو اإلبادة‬
‫أو التعذيب‪.74‬‬

‫ويشمل التحريض هنا‪ ،‬التحريض على الميز العنصري أو التحريض على الكراهية أو‬
‫العنف ضد شخص أو أشخاص اعتبارا ألصلهم أو لونهم أو جنسهم أو انتمائهم العرقي أو‬
‫الديني أو مساندة الحرب ضد اإلنسانية‪.‬‬

‫وهنا تبرز الحماية المقررة لمبدأ التمييز على مستوى القوانين الخاصة‪ ،‬أما على مستوى‬
‫فقد نص على تجريم األفعال التي من شأنها أن تشكل تحريضا على التمييز‬ ‫‪75‬‬
‫القانون الجنائي‬

‫‪ -73‬تصدير دستور المغرب لسنة ‪.2011‬‬


‫‪ -74‬سناء السرحاني‪ ":‬الجرائم المرتكبة عبر مواقع التواصل االجتماعي "‪ ،‬بحث لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا فاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2018-2017‬ص ‪-65‬‬
‫‪.66‬‬
‫‪ -75‬عرف المشرع الجنائي المغربي مبدأ التمييز في الفصل ‪ 431.1‬بنصه على‪ ":‬تكون تمييزا كل تفرقة بين األشخاص‬
‫الطبيعيين بسبب األصل الوطني أو األصل االجتماعي أو اللون أو الجنس أو الوضعية العائلية أو الصحية أو اإلعاقة أو‬
‫‪30‬‬
‫أو الكراهية بين األشخاص‪ ،‬وذلك بمقتضى الفصل ‪ 431.5‬الذي عاقب بالحبس من شهر إلى‬
‫سنة وغرامة من ‪ 5000‬إلى ‪ 50 000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين‪ ،‬كل من قام‬
‫بالتحريض على التمييز أو الكراهية بين األشخاص‪ ،‬وتكون العقوبة في الحبس من سنة إلى‬
‫سنتين وبغرامة من ‪5000‬إلى ‪ 50 000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا ارتكب‬
‫التحريض على التمييز أو على الكراهية بين األشخاص بواسطة الخطب أو الصياح أو‬
‫التهديدات المفوه بها في األماكن والتجمعات العمومية أو بواسطة الملصقات المعروضة على‬
‫أنظار العموم أو بواسطة كل وسيلة تحقق شرط العالنية‪ ،‬بما فيها الوسائل اإللكترونية والورقية‬
‫والسمعية البصرية‪.‬‬

‫إذن من خالل ما سبق تتضح لنا الحماية التي أوالها المشرع المغربي لمبدأ عدم التمييز إذ‬
‫نص على تجريم كل األفعال التي من شأنها نشر خطابات الكراهية أو التحريض عليها وهنا‬
‫يثار التساؤل حول مدى استيعاب كل هذه النصوص لألفعال المكونة لجريمة التنمر خاصة‬
‫التنمر العنصري‪76‬؟‬

‫إن اإلجابة عن هذا التساؤل تقتضي منا التطرق إلى األفعال المكونة لعناصر التنمر‬
‫العنصري ومالحظة مدى تطابقها مع األفعال المشكلة لجريمة التمييز في إطار التشريع‬
‫الجنائي المغربي‪.‬‬

‫كما جرت اإلشارة فقد نص المشرع المصري بمقتضى تنظيمه لجريمة التنمر في إطار‬
‫للفصل ‪ 309‬مكرر ب من قانون العقوبات إلى مجموعة األفعال المكونة لفعل التنمر‪ ،‬ومن‬
‫بين هذه األفعال نجد تلك األفعال التي يعتقد الجاني من خالل إتيانها أنها تسيء للمجني عليه‬
‫بسبب جنسه أو عرقه أو دينه أو أوصافه البدنية أو حالته الصحية أو العقلية أو مستواه‬

‫الرأي السياسي أو االنتماء النقابي أو بسبب االنتماء أو عدم االنتماء الحقيقي أو المفترض لعرق أو ألمة أو لساللة أو لدين‬
‫معين‪.‬‬
‫تكون أيضا تمييزا كل تفرقة بين األشخاص المعنوية بسبب أصل أعضائها أو بعض أعضائها أو جنسهم أو وضعيتهم العائلية‬
‫أو حالتهم الصحية أو إعاقتهم أو آرائهم السياسية أو أنشطتهم النقابية أو بسبب انتمائهم أو عدم انتمائهم الحقيقي أو المفترض‬
‫لعرق أو ألمة أو لساللة أو لدين معين‪.‬‬
‫‪ -76‬التنمر العنصري ‪ : racist bullying‬يقوم هذا النوع من التنمر بدافع الكراهية والتحيز تجاه شخص أو مجموعة‪،‬‬
‫ويتضمن االستهزاء والسخرية من عرق أو ساللة معينة أو من دين معين‪ ،‬أو قومية معينة‪ ،‬وقد يكون هناك تحيز لجنس‬
‫معين عن األخر‪ .‬مسعد أبو الديار‪ ":‬سيكولوجية التنمر بين النظرية والعالج "‪ ،‬مكتبة الكويت الوطنية‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪ ،2012‬ص ‪.60-59‬‬
‫‪31‬‬
‫االجتماعي‪ ،‬حيث إن المتنمر قد يستغل الحالة االجتماعية للمجني عليه أو لونه أو عرقه ويقوم‬
‫بالتحريض على التنمر ضده أو نشر خطابات الكراهية عبر مختلف الوسائل من قبيل وسائل‬
‫التواصل وغيرها من الوسائل اإللكترونية‪ ،‬بهدف إقصائه من محيطه االجتماعي أو وضعه‬
‫موضع السخرية‪.‬‬

‫إذن من خالل كل ما سبق نخلص إلى كون أن أفعال التنمر التي من شأنها التحريض على‬
‫الكراهية بين األشخاص يمكن أن تشملها مقتضيات الفصل ‪ 431.5‬ق‪.‬ج‪.‬م بالعقاب‪ .‬فمبدأ‬
‫عدم التمييز مبدأ دستوري وال يمكن السماح بالتطاول عليه إذا أن هذا المبدأ على عموميته‬
‫يتسع ليشمل أي فعل يراد به النيل من كرامة اإلنسان وكينونته‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أشكال التنمر اإللكتروني الواقع على بعض الفئات‬


‫الخاصة‬
‫سبقت اإلشارة إلى كون أن التنمر اإللكتروني يعتبر من بين الظواهر االجتماعية التي تقع‬
‫على جميع أفراد المجتمع بدون استثناء‪ ،‬إذ أنه ال يميز بين الكبير أو الصغير‪ ،‬المرأة أو الرجل‬
‫إذ يقع على الجميع وبأشكال متفاوتة‪.‬‬

‫وفي العالم االفتراضي الواسع ومع تنامي اإلقبال على وسائل االتصال اإللكترونية‪ ،‬توسع‬
‫التنمر اإللكتروني ليشمل جميع الفئات العمرية والتعليمية في المجتمع ‪ ،‬الكل بات معرضا‬
‫لحمالت مزعجة تندرج تحت إطار التنمر اإللكتروني نظرا لتركيزها وتكرارها واتصافها‬
‫بالقبح والسوء لفضيا‪ ،‬أو احتوائها على قدر كبير من اإلهانة والتحقير‪ ،‬فأصبح النجوم‬
‫والمؤثرون عرضة للتنمر لعدة أسباب كإظهار جانب من حياتهم الشخصية على الشبكات‬
‫االجتماعية‪.77‬‬

‫‪ -77‬نوال وسار‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.180‬‬


‫‪32‬‬
‫وإذا كانت ظاهرة التسلط اإللكتروني (التنمر اإللكتروني) تصيب الناس من كل األعمار‪،‬‬
‫فال شك أن الشباب وصغار السن بصفة عامة هم األكثر عرضة لهذه الظاهرة من غيرهم‪.78‬‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫إال أن التسلط عبر اإلنترنت ال يقتصر على األطفال بل يشمل البالغين أيضا خاصة النساء‬
‫في شكل ‪ ،cyber harassement‬حيث يتم أن العديد من المتحرشين ‪cyber‬‬
‫‪ stalkers‬يعمدون إلى محاولة اإلساءة إلى سمعة المرأة (الفقرة األولى)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬التنمر اإللكتروني ضد النساء‬


‫تعد ظاهرة العنف ضد النساء من القضايا المستمرة والمستجدة والموثقة في جميع دول‬
‫العالم‪ ،‬إذ ال يخلو مجتمع من هذه الظاهرة إذ أصبحت مسألة أولوية متقدمة كونها مشكلة‬
‫عالمية‪ .‬ومع ظهور العولمة اإللكترونية في مجتمعنا والتي أصبحت سمة من سمات العصر‬
‫الحالي وبما تمتاز به من صفات منها سرعة نشر المعلومة وإرسالها وكذلك اختصار الوقت‪،‬‬
‫فبالنسبة للكثير من النساء حول العالم فإن اإلنترنيت أصبح يمثل لهن نافذة للحرية حيث أتاح‬
‫لهن مساحة من حرية التعبير والتواصل والعمل أيضا لم تكن لتتاح لهن من دونه‪ ،‬لكنه في‬
‫المقابل فتح بابا على شكل جديد من أشكال العنف ضد النساء‪.79‬‬

‫وبالموازاة مع ذلك فقد أدت األزمة الحالية الناتجة عن كوفيد ‪ 19‬ومرحلة الحجر الصحي‬
‫إلى تفاقم أعمال العنف ضد النساء‪ ،‬مما ترتب عنه جعل بعض أنواع العنف جلية للعيان‪.‬‬
‫العنف الرقمي‪ ،‬العنف التكنولوجي‪ ،‬العنف بواسطة تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت‪ ،‬التنمر‬
‫الرقمي‪ ،‬التحرش السيبراني‪ ...‬تسميات كثيرة قد يراد بها في كثير من األحيان نفس الشيء‪،‬‬

‫‪ -78‬خالد موسى توني‪ ":‬المواجهة الجنائية لظاهرة التسلط اإللكتروني في التشريعات الجنائية المقارنة "‪ ،‬مقال منشور بمجلة‬
‫كلية الشريعة والقانون بطنطا‪ ،‬العدد ‪ ،31‬الجزء األول‪ ،‬يناير ‪ ،2016‬ص ‪.28‬‬
‫‪ -79‬سجى عمر شعبان آل عمرو‪ ":‬العنف الرقمي الشكل الحديث للعنف ضد المرأة والحماية القانونية لها"‪ ،‬ورقة بحثية مقدمة‬
‫إلى الندوة اإللكترونية العلمية الدولية في مركز الدراسات اإلقليمية (العنف ضد المرأة وآليات الحماية)‪ ،‬جامعة الموصل‪،‬‬
‫‪ ،2020‬ص ‪.1‬‬
‫‪33‬‬
‫كما أن بعضها قد يكون قاصرا وضيقا ال يشمل كل أفعال العنف الرقمي‪ ،‬وقد يكون بعضها‬
‫اآلخر أكثر اتساعا وشموال لكن تعوزه الدقة والقصور في معالجة بعض أفعال العنف‪.80‬‬

‫وأمام تنامي ظاهرة العنف الرقمي ضد المرأة داخل المجتمع المغربي‪ ،‬برز إلى السطح‬
‫مصطلح التنمر الجنسي اإللكتروني ضد المرأة‪ ،‬وأما غياب نص تشريعي واضح يواجه هذه‬
‫الظاهرة في مجتمعنا المغربي‪ ،‬تطرح إشكالية التكييف القانوني ألفعال التنمر الجنسي‬
‫اإللكتروني ضد المرأة‪ .‬وعلى هذا األساس فإننا سنحاول إعطاء مقاربة قانونية ألفعال التنمر‬
‫الجنسي اإللكتروني ضد المرأة مستعيرين نصوص القانون الجنائي المغربي والتي يمكن‬
‫بمقتضاها إعطاء تكييف ألفعال التنمر ضد النساء تكييفات عدة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مدى استيعاب نصوص جريمة التحرش الجنسي ألفعال التنمر اإللكتروني ضد‬
‫النساء‬

‫تعتبر جريمة التحرش الجنسي من الجرائم الحديثة في على القانون الجنائي المغربي‬
‫والقوانين الجنائية العربية‪ ،‬والتحرش الجنسي يمكن تعريفه بكونه شكل من أشكال العنف‬
‫المختلفة والتي تترجم في صور متنوعة والذي تتعرض له النساء والرجال أحيانا داخل‬
‫مجتمعنا وهو عبارة عن اعتداء يعبر عن سلوكيات وتصرفات واضحة أو ضمنية أو إيحائية‬
‫تحمل مضمونا جنسيا‪،‬‬

‫وتعد جريمة التحرش الجنسي عبر الوسائل اإللكترونية من الجرائم الحديثة التي ولدت مع‬
‫الثورة المعلوماتية والتقدم التكنولوجي بفعل انتشار شبكة اإلنترنت‪ ،‬الذي من خالله يستطيع‬
‫الفرد إرسال واستقبال ما يريد سواء كانت كتابة أو صورة أو محادثة مباشرة بالصوت‬
‫والصورة وهذه األخيرة األكثر استعماال بين مستخدمي اإلنترنت؛ مما دفع بعض المجرمين‬
‫إلى استغالل ذلك في تنفيذ مخططاتهم اإلجرامية نتيجة االستخدام السلبي لتلك التقنيات‪.81‬‬

‫‪ -80‬إدريس كسيكس‪ ،‬فاضمة آيت موسى‪ ،‬سلمى بوشيبة‪ ":‬العنف ضد النساء في ضوء القانون وسياق الجائحة–وثيقة توجيهية‬
‫–"‪ ،‬مركز األبحاث إكونوميا ‪ ،Economia‬سنة النشر ‪2021‬م‪،‬ص ‪.10‬‬
‫‪ -81‬مراد بنار‪ ":‬الجرائم المرتكبة عبر الوسائط اإللكترونية "‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص تخصيص العلوم‬
‫الجنائية واألمنية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪-2018‬‬
‫‪ ،2021‬ص ‪.73‬‬
‫‪34‬‬
‫والمشرع الجنائي المغربي وعيا منه بخطورة أفعال التحرش الجنسي عبر الفضاء الرقمي‪،‬‬
‫‪82‬‬
‫نجده قد سارع الركب اإللك تروني والمعلوماتي وأخرج إلى الوجود القانون رقم‪103.13‬‬
‫المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‪ .‬وقد جاء هذا األخير بمجموعة من المقتضيات الزجرية‬
‫المتعلقة بمحاربة العنف ضد النساء سواء فيما يتعلق بالعنف المادي أو التحرش الجنسي الذي‬
‫يطال الغير في الفضاء العام أو عبر الوسائط اإللكترونية ومواقع التواصل االجتماعي‪.83‬‬

‫وبناء عليه فإننا سوف نتطرق إلى أركان جريمة التحرش الجنسي محاولين المقارنة بين‬
‫كل من أركان هذه األخيرة وأركان التنمر الجنسي اإللكتروني‪.‬‬

‫أ – الركن المادي في جريمتي التحرش والتنمر الجنسي‬

‫نظم المشرع المغربي جريمة التحرش الجنسي بمقتضى الفصل ‪ 503.1‬والفصل‬


‫‪ 503.1.1‬من القانون الجنائي‪ ،‬وباستقرائنا ألحكام الفصل ‪ 503.1‬نالحظ أن المشرع‬
‫المغربي قد عاقب على أفعال التحرش الجنسي في إطار عالقة الرئيس بمرؤوسه‪ ،‬إذ أن هذا‬
‫الفصل اشترط ركنا مفترضا لهذه الجريمة والمتمثل في استغالل السلطة من الجاني‪ .‬كما أنه‬
‫أغفل الوسائل التي يتم بها هذا التحرش‪ ،‬إال أن هذا ال يمنع من إعمال السلطة التقديرية للقاضي‬
‫وتطبيق هذا النص على كل الصور التي من خاللها يتحقق التحرش الجنسي‪ ،‬بما فيها التحرش‬
‫الجنسي عبر مواقع التواصل االجتماعي‪.84‬‬

‫ويقسم الفقه التحرش الجنسي إلى نوعين‪:‬‬

‫‪ -‬التحرش المساواماتي ‪la harcèlement marchandage‬‬

‫‪ -82‬القانون رقم ‪ 103.13‬المتعلقة بمحاربة الع نف ضد النساء الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.18.19‬بتاريخ ‪5‬‬
‫جمادى اآلخرة ‪1439‬ه ( ‪ 22‬فبراير ‪ ،)2018‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6655‬بتاريخ ‪ 23‬جمادى اآلخرة ‪1439‬ه‪ 12/‬مارس‬
‫‪ ،2018‬ص ‪.1449‬‬
‫‪ -83‬سناء السرحاني‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪ -84‬في هذا الصدد فقد اعتبرت محكمة النقض الفرنسية في أحد قرارتها الصادر بتاريخ ‪ 2011/10/19‬أن قيام أحد األجراء‬
‫بإرسال رسالة إلكترونية لزميلتين له في العمل وخارج ساعة ومكان العمل عبر ‪MSN‬وخالل الفترة الزمنية ما بين ‪12:00‬‬
‫و‪ 13:30‬زوال تحرشا جنسيا‪:‬‬
‫‪rendu le 19/10/2011, cassation (09-72672، Chambre sociale، Arrêt de la Cour de cassation‬‬

‫‪35‬‬
‫وهو الذي يرتكب من طرف الرئيس في العمل بترغيب مرؤوسه في امتيازات في العمل‬
‫كالترقية‪ ،‬التحويل إلى مصالح أفضل‪ ،‬الحماية على منصب العمل‪ ...‬مقابل الحصول على‬
‫رغبات جنسية‪.‬‬

‫‪ -‬التحرش بالتخويف ‪la harcèlement par intimidation‬‬

‫ويكون بنفس الطلبات الجنسية السابقة‪ ،‬لكن ينعدم فيه التراضي المتبادل بين الجاني‬
‫والمجني عليه مقابل المنفعة الوظيفية‪ ،‬فيلجأ فيها إلى تخويفه بزوال مصلحة أو تفويت فرصة‬
‫إن لم ينته عن امتناعه ويرضخ للرغبات الجنسية‪.85‬‬

‫وباإلضافة إلى الفصل ‪ 503.1‬فقد جاء القانون رقم ‪ 103.13‬المعدل والمتمم لمجموعة‬
‫القانون الجنائي والمتعلق بالعنف ضد النساء‪ ،‬متضمنا لمقتضيات زجرية مهمة أبرزها تجريم‬
‫التحرش الجنسي خارج فضاء العمل وعبر الوسائل اإللكترونية‪ ،‬حيث نص هذا األخير في‬
‫الفصل ‪ 503.1.1‬ق‪.‬ج‪.‬م على أنه يعتبر مرتكبا لجريمة التحرش الجنسي ويعاقب بالحبس‬
‫من شهر واحد إلى ‪ 6‬أشهر وغرامة من ‪ 2000‬إلى ‪ 10 000‬درهم أو بإحدى هاتين‬
‫العقوبتين كل من أمعن في مضايقة الغير في الحاالت التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬في الفضاءات العمومية أو غيرها‪ ،‬بأفعال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو ألغراض‬
‫جنسية؛‬
‫‪ .2‬بواسطة رسا ئل مكتوبة أو هاتفية أو إلكترونية أو تسجيالت أو صور ذات طبيعة‬
‫جنسية أو ألغراض جنسية‪.‬‬

‫فالمالحظ من خالل هذا الفصل وفي عالقة بالركن المادي لجريمة التحرش الجنسي‪،‬‬
‫يالحظ أن المشرع استعان بتعريف واسع عن طريق تحديد مجموعة من األفعال التي تستوجب‬
‫التكرار وتشكل في جوهرها الركن المادي لهذه الجريمة والمتمثلة في اإلمعان في مضايقة‬
‫الغير‪ ،‬بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو ألغراض جنسية‪ ،‬أو توجيه رسائل‬

‫‪- Pralus Dupuy, le harcèlement sexuel, commentaire de l’article 222-23 du nouveau code‬‬
‫‪85‬‬

‫‪pénal et de la loi 92- 1179 du 02 novembre 1992 relative à l'abus d'autorité en matière sexuelle‬‬
‫‪dans les relations de travail et modifiant le code du matériel et le code de procédure pénale,‬‬
‫‪1993, P53.‬‬
‫‪36‬‬
‫مكتوبة هاتفية أو إلكترونية أو سجالت أو صور ذات طبيعة جنسية أو ألغراض جنسية‪،86‬‬
‫وبالتالي قد يستغل الجاني جنس الضحية ويقوم بمضايقتها عبر مختلف الوسائل السيما‬
‫اإللكترونية منها‪.‬‬

‫وهكذا فإذا ما قمنا بإسقاط هذه األفعال المكونة للركن المادي لجريمة التحرش الجنسي على‬
‫األفعال المكونة للركن المادي للتنمر الجنسي فإن القاسم المشترك بين هذه األفعال هي الضحية‬
‫أوال حيث أن الفعل في غالب األحيان ال يقع إال على ضحية أنثى‪ ،‬ثانيا‪ :‬أن أفعال التنمر‬
‫الجنسي شأنها شأن أفعال التحرش الجنسي فإنها تخلف نفس اآلثار النفسية على الضحية مما‬
‫يجعلها تحس بكونها مستبعدة من الوسط االجتماعي وهذا فيه مساس لكينونتها‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬عنصر االستغالل‪ ،‬إذ أنه في غالب األحيان ما ترتكب جريمتي التحرش والتنمر‬
‫الجنسي بهدف استغالل الضحية وتلبية الحاجات الجنسية للجاني‪.‬‬

‫وأخيرا‪ :‬إن األفعال المكونة للتنمر الجنسي هي نفسها المكونة للتحرش الجنسي‪ ،‬حيث إن‬
‫أفعال التنمر هي األخرى تشمل التلميح برسائل غير مرغوب فيها وذات طبيعة جنسية‪.87‬‬

‫إذن يتضح لنا أن النصوص الخاصة بجريمة التحرش الجنسي وإن كانت تتعلق بجريمة‬
‫التحرش الجنسي إال أنها تغطي أفعال التنمر الجنسي‪ ،‬عالوة على ذلك تم الكشف عن أوجه‬
‫التشابه والعالقة المتبادلة بين التنمر اإللكتروني والتحرش الجنسي عبر اإلنترنيت إذ أن التنمر‬
‫اإللكتروني يمكن التعبير عنه من خالل التحرش الجنسي‪.88‬‬

‫ب – الركن المعنوي في جريمتي التحرش والتنمر اإللكتروني‬

‫جريمتي ال تحرش والتنمر الجنسي من الجرائم العمدية التي تتطلب لقيامها ركنا معنويا أو‬
‫قصدا جنائيا‪ ،‬والمتمثل في النية اإلجرامية في هذه األفعال التي تكون غالبا إرادية‪ .‬فالقصد‬
‫في هذه التصرفات هو الذي يبين الفعل ما إذا كان الفعل تحرشا أم ال‪ ،‬وال تقوم الجريمة إال‬

‫‪ -86‬مراد بنار‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.77-76‬‬


‫‪87-Committe for children, 2003, steps to respect: Preview of researche, Article pdf, P 18.‬‬

‫‪88- Jurate kuklyte, cyber sexual harassment asicts development consequences: A review,‬‬

‫‪Article posted in European journal Business science and technology, Volume: 4, issue 2, issn‬‬
‫‪2336- 6494, P 189.‬‬
‫‪37‬‬
‫إذا كان ال قصد هو اإلضرار أو اإليذاء‪ ،‬وبالتالي وجب إقامة الدليل على نية المتحرش أو‬
‫المتنمر ألن القصد الجنائي حالة نفسية ال تدرك بالحس الظاهر‪ ،‬بل يستدل عليها من خالل‬
‫تحري المظاهر الخارجية التي تعبر عن تحققها في شخص الجاني‪ .89‬بحيث يقوم القصد العام‬
‫على عنصري العلم واإلرادة ‪ ،‬حيث أن الجاني سواء كان متحرشا أو متنمرا يكون على علم‬
‫بكونه يعتدي على الحرية الجنسية للضحية بما يأتيه من أفعال مع عدم رضائها بذلك‪.‬‬

‫وال يكفي لقيام جريمتي التنمر والتحرش الجنسي اإللكتروني توافر القصد العام من علم‬
‫وإرادة‪ ،‬بل يشترط قصدا جنائيا خاصا تنصرف ف يه نية المتحرش أو المتنمر إلى غاية معينة‬
‫والمتمثلة في تلبية رغباته الجنسية‪.90‬‬

‫ثانيا‪ :‬االبتزاز الجنسي والتنمر اإللكتروني‪:‬‬

‫تواترت في اآلونة األخيرة قضايا كثيرة لالبتزاز الجنسي ضحاياه نساء ورجال على حد‬
‫سواء‪ ،‬وقعوا ضحية لمبتزين يمتهنون استدراج ضحاياهم إلى أوضاع حميمية يحرصون على‬
‫توثيقها أو تسلم صورها أو تسجيلها ليوظفوها الحقا في عمليات ابتزاز رخيصة يحصلون من‬
‫خاللها على مبالغ مالية من ضحاياهم‪.91‬‬

‫وقد عرفت هذه الظاهرة تطورا كبيرا مع تطور وسائل االتصال وشيوع استعمالها من قبل‬
‫مختلف الفئات العمرية واالجتماعية‪ ،‬ومن القاصرين على وجه التحديد‬

‫وقد جرم المشرع المغربي جريمة االبتزاز الجنسي اإللكتروني في الفصل ‪ 538‬من‬
‫القانون الجنائي بالباب التاسع المعنون بالجنايات والجنح المتعلقة باألموال في الفرع األول‬

‫‪ -89‬مراد بنار‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.72‬‬


‫‪ -90‬إن إثبات الركن المعنوي في جريمتي التحرش الجنسي عبر الوسائط اإللكترونية من خالل تحديد العالقة السببية بين‬
‫األفعال الموصوفة بالتحرش و بلوغ الجاني النتيجة اإلجرامية المقصودة المتمثلة في تلبية رغبات جنسية أو الحصول على‬
‫فعل ذي طابع جنسي‪ ،‬يعد من الصعوبة بمكان إن لم نقل يستعصي في أغلب األحيان‪ ،‬ما عدا في حالة األفعال الموصوفة‬
‫بالتحرش لفظية كانت أو جسدية والتي تحمل داللة واضحة ال لبس فيها كإرسال عبارات أو صور جنسية للضحية وإغراؤها‬
‫أو تهديدها مقابل الرضوخ لنزوات جنسية‪ .‬فأغلب األفعال تقع تحت طائلة التلميح من خالل استعمال عبارات وجمل تحمل‬
‫أكثر من معنى‪ .‬مراد بنار‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.79‬‬
‫‪ -91‬عبد العالي خالد‪ ":‬جرائم االبتزاز الجنسي بالمغرب وسؤال التأطير والحماية" مقال منشور بجريدة االتحاد االشتراكي‪،‬‬
‫تم االطالع عليه على الموقع التالي‪ https://www.maghress.com/alittihad/1251196 :‬يوم ‪،2022/07/15‬‬
‫على الساعة‪.13:03 :‬‬
‫‪38‬‬
‫الخاص بالسرقات وانتزاع األموال والفصل ‪ 607.3‬بالباب العاشر المتعلق بالمس بنظم‬
‫المعالجة اآللية للمعطيات والمادة ‪ 89‬من القانون رقم ‪ 88.13‬المتعلق بالصحافة والنشر‬
‫والفصل ‪ 447‬مكرر الفقرة ‪ 1‬و‪ 2‬و‪ 3‬من القانون ‪ 103.13‬المعدل والمتمم لمجموعة القانون‬
‫الجنائي‪.‬‬

‫فانطالقا من هذه الفصول التي أحاط بها المشرع المغربي جريمة االبتزاز الجنسي‪،‬‬
‫سنتطرف إلى أركان هذه األخيرة للتحقق من مدى مطابقة هذه األركان لجريمة التنمر الجنسي‪.‬‬

‫أ – الركن المادي لجريمتي االبتزاز والتنمر الجنسي‬

‫باستقرا ئنا لمختلف النصوص القانونية الواردة أعاله‪ ،‬فإن الركن المادي لجريمة االبتزاز‬
‫الجنسي اإللكتروني يتحقق بالترهيب والتهديد سواء بالقول مباشرة عن طريق االتصال‬
‫بواسطة مكالمة هاتفية أو عبر مختلف وسائل االتصال بالصوت والصورة‪ ،‬أو بطريقة غير‬
‫مباشرة بإرسال رسائل التهد يد والوعيد للضحية وذلك بغية الحصول على المال أو عالقة‬
‫جنسية أو إكراه على ارتكاب جرائم كالسرقة أو الدعارة‪ .92‬وهو ما يجعل الضحية تضطر‬
‫إلى القيام بالمطلوب منها خوفا من نشر المعلومات السرية المحصل عليها‪.‬‬

‫وتتكون هذه الجريمة من عنصرين أولهما هو محل االعتداء على حرية اإلرادة وثانيهما‬
‫وسيلة االعتداء عليها‪ ،‬وما تجدر اإلشارة إليه هو كون أن جريمة االبتزاز الجنسي تدخل‬
‫زمرة الجرائم المادية وليس الشكلية‪ .‬والجريمة المادية أو ما يصطلح عليها أيضا في الفقه‬
‫الجنائي جريمة النتيجة‪ ،‬إذ تتطلب لقيام ركنها المادي قيام الفاعل بنشاط إجرامي إضافة إلى‬
‫تحقق نتيجة إجرامية‪.93‬‬

‫إذن فمن خالل استقرائنا األفعال المكونة لجريمة االبتزاز الجنسي فإن ما يالحظ كون أن‬
‫هذه األفعال تقع أيضا من قبل المتنمر الذي قد يعمد بإرسال صور ومقاطع فيديو‪ ،‬أو إرسال‬
‫رسائل أو كتابات أو ألفاظ ذات طبيعة جنسية وفي بعض األحيان يقوم بتصوير الضحية في‬

‫‪ -92‬مراد بنار‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.82‬‬


‫‪ -93‬لطيفة الداودي‪ ":‬الوجيز في القانون الجنائي المغربي "‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2007 ،‬ص ‪-68‬‬
‫‪.69‬‬
‫‪39‬‬
‫وضعية مخلة بالحياء‪ ،‬كما قد يعمد المتنمر باختراق حاسوب الضحية أو جهاز االتصال‬
‫الخاص بها والحصول على صورها ومعلوماتها الخاصة‪ ،‬ويقوم بعد ذلك بممارسة نوع من‬
‫اإلكراه والتسلط اإللكتروني عليها بغية الحصول على منفعة جنسية من الضحية ‪.‬‬

‫ب –الركن المعنوي في جريمتي االبتزاز والتنمر الجنسي‬

‫فيما يخص الركن المعنوي في جريمتي االبتزاز الجنسي‪94‬والتنمر الجنسي‪ 95‬فإن جريمتي‬
‫االبتزاز والتنمر الجنسي من الجرائم العمدية‪ .‬أي أنه يلزم لقيامهما ضرورة توفر القصد‬
‫الجنائي‪ ،‬إذ تتطلبان ضرورة توفر قصد جنائي عام وقصد جنائي خاص‪ ،‬حيث إن القصد‬
‫الجنائي العام فيهما ينصرف إلى كون أن الجاني على علم بكون ما يصدر عنه من أفعال‬
‫االبتزاز أ و التنمر تشكل تهديدا للضحية وكذاعلمه بأن محل االعتداء ليس له الحق فيه‪ .‬أما‬
‫القصد الخاص فينصرف إلى نية تملك مال الضحية أو استغاللها جنسيا أو دفعها الرتكاب‬
‫جرائم أخرى‪.‬‬

‫إذن فمن خالل اطالعنا على مختلف النصوص الجنائية المنظمة لجريمة االبتزاز الجنسي‬
‫وكذا مقارنة هذه األخيرة مع أركان جريمة التنمر الجنسي‪ ،‬يمكن القول على أن الفصول‬
‫الجنائية المؤطرة ألفعال االبتزاز الجنسي يمكنها أن تشمل أفعال التنمر اإللكتروني الجنسي‬
‫بالعقاب خاصة في ظل غياب نص يؤطر أفعال التنمر الجنسي ومع تنامي هذه األخيرة في‬
‫الوسط االجتماعي المغربي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التنمر ضد األطفال‬


‫تمثل مرحلة الطفولة أهم وأخطر المراحل في حياة اإلنسان الذي خلقه هللا سبحان وتعالى‬
‫كي يستخلف في األرض إلعمارها‪ ،‬ذلك أن األطفال هم المستقبل وأداة صنعه وعلى عاتقهم‬
‫يتواصل العطاء اإلنساني وتتقدم مسيرة الحضارة اإلنسانية‪ .‬والطفولة مرحلة هامة من مراحل‬
‫العمر التي يمر بها كل فرد والتي يتوقف عليها بناء شخصيته مستقبال خاصة وأن الطفل في‬

‫‪ -94‬للتفصيل أكثر بخصوص الركن المعنوي في جريمة االبتزاز الجنسي يرجى االطالع على‪ :‬مراد بنار‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص ‪.85-84‬‬
‫‪ -95‬فيما يخص الركن المعنوي لجريمة التنمر الجنسي يرجى االطالع على‪ :‬كمال سيد عبد الحليم محمد نصر‪ ،‬المرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪.2499‬‬
‫‪40‬‬
‫هذه المرحلة يكون شديد الحساسية والمالحظة‪ ،‬ضف إلى ذلك ما يخضع له من مؤثرات‬
‫أسرية واجتماعية وإفرازات مرحلة المراهقة‪ ،‬كل هذه العوامل تتدخل في بلورة شخصية‬
‫الطفل‪ ،‬فالطفولة بهذا تعد طورا هاما من أطوار السن‪.96‬‬

‫فالطفولة تحتل مكانة استثنائية كونها مستقبل كل أمة والقاعدة األساسية ألهم صور البناء‬
‫المادي والروحي لإلنسان‪ ،‬ونظرا لحساسية هذه المرحلة وخطورتها أحاطت الحضارات‬
‫بسياج خاص من الرعاية والحماية‪ .‬وبهذا أخدت حقوق‬ ‫‪97‬‬
‫اإلنسانية والمجتمع الدولي الطفل‬
‫الطفل اهتماما دوليا وصل صداه إلى إصدار اتفاقية دولية لحقوق الطفل واعتمادها من قبل‬
‫الجمعية العامة لألمم المتحدة في ‪ 20‬نونبر ‪.981989‬‬

‫وفي ظل التزايد المستمر لتكنولوجيا االتصال‪ ،‬ونظرا لكون أن هذه األخيرة ال يقتصر‬
‫استعمالها على سن محدد‪ ،‬إذ أن الكبير والصغير اليوم أصبح يملك حسابا أو حسابات على‬
‫مختلف مواقع التواصل االجتماعي ورغم اإليجابيات التي قدمتها للبشرية إال أنها شكلت‬
‫فرصة مالئمة للمجرمين لتوظيفها في اإلجرام والجريمة‪ .‬فأصبح الطفل عرضة للعديد من‬
‫الجرائم التي جعلت من مواقع التواصل االجتماعي بيئة لها‪.‬‬

‫في هذا الصدد برزت العديد من الجرائم االلكترونية التي تستهدف فئة األطفال بشكل خاص‬
‫من بينها‪ :‬االتجار اإللكتروني باألطفال‪ ،‬التجنيد االلكتروني‪ ،‬والعديد من الجرائم‪...‬إال أن‬
‫التنمر اإللكتروني يبقى من أهم الجرائم اإللكترونية المرتكبة ضد األطفال واألكثر انتشارا في‬
‫اآلونة األخيرة‪ ،‬ففي ظل االنتشار الواسع لشبكة اإلنترنيت لم يعد التنمر مقيدا بالبيئة المدرسية‪.‬‬

‫ومن هنا برزت أهمية مواجهة ظاهرة التنمر اإللكتروني التي تستهدف األطفال واألحداث‬
‫في إطار االهتمام المتزايد لدى السلطات العامة ورجال القانون على حد سواء نحو التوسع‬

‫‪ -96‬آسيا مغموش‪ ":‬الحماية الجنائية للطفولة "‪ ،‬مذكرة تكميلية لنيل شهادة الماستر شعبة الحقوق تخصص قانون جنائي‬
‫لألعمال‪ ،‬جامعة العربي بن مهدي أم البواقي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2014-2013‬ص ‪.1‬‬
‫‪ -97‬عرفت االتفاقية الدولية لحقوق الطفل في مادتها األولى الطفل بأنه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر‪ ،‬ما لم يبلغ سن‬
‫الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه‪.‬‬
‫‪ -98‬مزيتي فاتح – دالج محمد الخضر‪ ":‬حماية األ طفال من االستغالل عبر شبكات التواصل االجتماعي في المواد اإلباحية"‪،‬‬
‫مقال مقدم بمناسبة وقائع المؤتمر الدولي االفتراضي انعكاسات التطور التكنولوجي على حق اإلنسان في السالمة الجسدية‬
‫أيام ‪17‬و ‪ 18‬أبريل ‪ ،2021‬منشور بالمركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية ألمانيا‪/‬‬
‫برلين‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص ‪.240‬‬
‫‪41‬‬
‫في نطاق تدخل القانون الجنائي لحماية الطفل‪ ،‬حيث بدأ الفقه يتحدث عن ذاتية القانون الجنائي‬
‫لألطفال ‪ child criminal law‬أو ( لألحداث) ‪L'autonomie du droit penal‬‬
‫‪ ، des mineurs‬وقيل إن هذا القانون ال يعد خروجا أو استثناء على القانون الجنائي المقرر‬
‫للبالغين‪ ،‬وإنما هو نموذج خاص يأخذ في االعتبار التغيرات المعاصرة داخل المجتمع‬
‫والنصوص اإلقليمية والدولية التي تقتضي بأن تكفل الدول للطفل حماية خاصة‪.‬‬

‫ومن المالحظ أن معظم التشريعات الجنائية المقارنة الحديثة تتضمن نصوصا بشأن الجرائم‬
‫التي ترتكب ضد األطف ال‪ ،‬وذلك إن لم يكن هناك تشريعات مستقلة تعالج صور هذه الحماية‬
‫بنصوص خاصة‪ ،‬وهو ما ينم عن تطور تشريعي واضح وملموس بشأن الحماية الجنائية‬
‫‪99‬‬
‫لألطفال ويعكس اتساع نطاق هذه الحماية في القوانين العقابية ذات الصلة‪.‬‬

‫والمجتمع المغربي حاله كحال باقي المجتمعات يعرف انتشارا واسعا لظاهرة التنمر‬
‫اإللكتروني ضد األطفال‪ ،‬وأمام هذا االنتشار الواسع لهذه الظاهرة وفي ظل غياب نص خاص‬
‫في القانون الجنائي المغربي ينظم أفعال التنمر هذه يثار التساؤل حول المقاربة القانونية التي‬
‫بإمكانها أن تشمل أفعال التنمر الواقعة على األطفال؟‬

‫ونظرا للمكانة القانونية التي يحظى بها الطفل سواء على المستوى الوطني أو الدولي فإنه‬
‫ال يمكن أن تظل أفعال التنمر اإللكتروني الواقعة على األطفال خارج دائرة العقاب‪.‬‬

‫ولعل من بين أهم النصوص القانونية التي يمكن أن تشمل أفعال التنمر الواقعة على األطفال‬
‫تلك النصوص المتع لقة باالستغالل الجنسي لألطفال فقد ظهرت بصورة واضحة مشكلة‬
‫االستغالل الجنسي لألطفال وتطورت أساليبها‪ ،‬إذ مثلت االنترنيت فرصة مالئمة لذوي النفوس‬
‫الضعيفة والمنظمات اإلجرامية لتوظيفها في عملياتها المختلفة وخاصة في استغالل األطفال‬

‫‪-RENUCCI (jean-francois), Le droit penal des mineurs entre son passé et son avenir, R. S. C. 99‬‬
‫‪2000, p. 79 et ss, NERAC-CROISIER (Roselyne), Droit penal et mineur victime, Indifference ou‬‬
‫‪protectionnisme? In "La protection judiciaire du mineur en danger, L' Hamattan, paris, 2000,‬‬
‫‪p. 15 et 16.‬‬
‫‪42‬‬
‫في المواد اإلباحية‪ ،‬كما أنها سهل ت بقدر هائل من عمل الجناة في استغالل األطفال وكانت‬
‫سببا في االعتداء عليهم‪.100‬‬

‫ووعيا بخطورة جرائم االستغالل الجنسي لألطفال‪ ،‬فقد نص المشرع المغربي على تجريم‬
‫أفعال االستغالل الجنسي في الفصل ‪ 497‬بأنه " يعاقب بالحبس من سنتين إلى عشر سنوات‬
‫وبغرامة من عشرين ألف إل ى مائتي ألف درهم كل من حرض القاصرين دون الثامنة عشر‬
‫على الدعارة أو البغاء أو شجعهم عليها أو سهلها لهم"‪ .‬فباستقرائنا لمضمون هذا الفصل يتضح‬
‫أن المشرع عاقب كل من حرض القاصرين على الدعارة أو البغاء أو شجعهم عليها أو سهلها‬
‫لهم‪ ،‬إال أن المشرع لم يشر إلى الوسائل التي بها هذا التحريض‪ ،‬وحسنا فعل المشرع لكون‬
‫أن النص على وسائل التحريض قد يجعل بعض أفعال االستغالل تقع خارج دائرة العقاب‬
‫وبالتالي فالتحريض على الدعارة أو البغاء يمكن تصوره بمجموعة من الوسائل من أهمها‬
‫وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬كما أن أفعال التحريض تتحقق بمجموعة من الصور من بينها‪:‬‬

‫تنظيم عروض أو عالقات جنسية يشارك فيها الطفل أو يكون حاضرا أو يتم تحميلها‬ ‫‪-‬‬
‫على أقراص حاسوبية أو على مواقع اإلنترنيت‪ ،‬وعند دخول الطفل إلى موقع ما يتعلق بالمواد‬
‫اإلباحية يجد نفسه فريسة سهلة لمروجي هذه التجارة‪ ،‬حيث تتيح تلك المواقع فرصا لالتصال‬
‫الجنسي وتمهد له مساعدات تقنية هاتفية وأخرى ذات عالقات يترتب عليها لقاءات وهمية مع‬
‫شخص آخر وكل هذا للقيام بعمل جنسي معين‪ 101‬ووفق منظومة وصور ومقاطع فيديو بحسب‬
‫الحال وكل هذا إلغواء األطفال للقيام بأعمال جنسية معينة وتحريضهم للقيام بها‪.‬‬
‫عرض صور إباحية ونشرها‪ :‬ويتحقق ذلك بقيام الجاني بصناعة أو تسجيل أو نقل‬ ‫‪-‬‬
‫صور إباحية للطفل بغرض عرضها على اإلنترنيت مستخدما في ذلك تقنية الحاسب اآللي أو‬
‫االنترنيت‪ ،‬حيث تصنع هذه التقنية بين يدي الجاني منظومة غير محددة لسبل إنتاج صور‬
‫جنسية فاضحة للقاصرين ذكورا أ و إناثا بعضها قد يكون حقيقيا حصل عليها الفاعل بطرق‬

‫‪ -100‬سارة مقراني‪ ":‬جريمة االستغالل الجنسي لألطفال عبر اإلنترنيت "‪ ،‬مذكرة تكميلية لنيل شهادة الماستر‪ ،‬تخصص‬
‫قانون جنائي لألعمال‪ ،‬جامعة العربي بن مهدي أم البواقي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪،2016-2015‬‬
‫ص ‪.2‬‬
‫‪ -101‬أسامة أحمد المناعسة‪ ،‬جالل محمد الزغبي‪ ":‬جرائم تقنية نظم المعلومات اإللكترونية "‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‬
‫األردن‪ ،‬الطبعة األولى و الثانية‪ ،‬ص ‪.263 -262‬‬
‫‪43‬‬
‫غير شرعية ويوجهها كما هي وأخرى وهي األكثر واألعم صور ومقاطع غير حقيقية تدخل‬
‫في منظومة الدوبالج والتحوير ونحو ذلك‪ ،‬ثم يعاد استغالل المنتج مرة أخرى في الجريمة‬
‫واستغالل القاصرين بها‪ .102‬وغالبا ما يعمد الجناة بعد الحصول على هذه الصور إلى إرسالها‬
‫إلى الطفل الضحية ذكرا كان أو أنثى والذي يجد نفسه مضطرا إلى الرضوخ إلى طلبات‬
‫الجاني الذي يمارس عليه نوعا من التسلط والتنمر فيدفعه إلى ارتكاب أفعال جنسية مقابل أخذ‬
‫تلك الصور‪ ،‬فالجاني هنا يستغل ضعف المجني عليه الطفل ويمارس عليه سلطة وسيطرة‬
‫وهو المقتضى الذي عبر عنه المشرع المصري في مقتضيات الفصل ‪ 309‬مكرر ب الذي‬
‫جرم أفعال التنمر اإللكتروني والذي جاء فيه ‪ ":‬يعد تنمرا كل قول أو استعراض قوة أو‬
‫سيطرة للجاني أو استغالل ضعف المجني عليه ‪ "...‬وبالتالي فاالستغالل الجنسي لألطفال‬
‫يمكن اعتباره شكال من أشكال التنمر إذ أنه وعلى الرغم من غياب نص يجرم أفعال التنمر‬
‫الجنسي المرتكب ضد األطفال‪ ،‬إال أن مقتضيات الفصل ‪ 497‬ق‪.‬ج‪.‬م تشمل هذا الشكل من‬
‫أشكال التنمر اإللكتروني التي يكون الغرض منها استغالل األطفال جنسيا‪ ،‬ال سيما وأن‬
‫المصلحة الفضلى للطفل تقتضي حمايته من كل أشكال العنف الخوف‬
‫وما ينبغي اإلشارة إليه قبل أن ننهي هذه الفقرة هو كون أن جرائم االستغالل الجنسي‬
‫لألطفال أصبحت ترتكب في إطار شركات ومنظمات إجرامية‪ ،‬وهو األمر الذي انتبهت‬
‫إليه العديد من التشريعات أهمها المشرع المغربي والذي نص في الفصل ‪501.1‬ق‪.‬ج‪":‬‬
‫إذا كان مرتكب الجرائم المنصوص عليها في الفصول ‪ 497‬إلى ‪ 503‬شخصا معنويا‪،‬‬
‫فيعاقب بالغرامة من عشرة آالف إلى ثالثة ماليين سنتيم "‪ .‬كما نص في الفصل ‪":499.1‬‬
‫يعاقب على األفعال المنصوص عليها في الفصل ‪ 499‬أعاله بالسجن لمدة تتراوح بين‬
‫‪10‬سنوات و‪ 20‬سنة وبالغرامة من مائة ألف إلى ثالثة مالين درهم إذا ارتكبت بواسطة‬
‫عصابة إجرامية"‪.‬‬

‫‪ -102‬أسامة أحمد المناعسة‪ ،‬جالل محمد الزغبي‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.263‬‬
‫‪44‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المسؤولية الجنائية واالختصاص القضائي في جرائم‬
‫التنمر اإللكتروني‬
‫ساهم التقدم الهائل الذي أضحى واضحا في المجال التكنولوجي والزيادة المضطردة في‬
‫عدد مستخدمي التكنولوجيا واألجهزة الحديثة من أشخاص طبيعية أو من هيئات وأشخاص‬
‫معنوية‪ ،‬وكذلك االستخدام المتزايد لوسائل التواصل االجتماعي‪ .‬كل ذلك أسهم في ارتفاع‬
‫أفعال التنمر اإللكترو ني‪ ،‬الشيء الذي طرح معه العديد من التساؤالت‪ .‬ولعل التساؤل األهم‬
‫يرتبط بشكل خاص في بيان أحكام المسؤولية الجنائية المترتبة عن هذه الظاهرة‪ ،‬وكذا الجهات‬
‫المختصة بالنظر في الدعاوى الخاصة بهذه الجرائم كونها تعتبر صورة من صور الجرائم‬
‫المعلوماتية العابرة للحدود‪.‬‬

‫فالتنمر التقليدي ينشأ ويرتكب في عالم مادي وفي مسرح جريمة تقليدي‪ ،‬حيث يترك الجاني‬
‫فيه بصمته وآثاره‪ .‬أما التنمر اإللكتروني فيتم في عالم افتراضي مليء بالرموز والشفرات‪،‬‬
‫ويتنامى التحدي حين نجد العراقيل والصعوبات التي تواجه أجهزة التحقيق فيها وفي التعامل‬
‫مع الدل يل الرقمي‪ ،‬فهذه الجريمة أصبحت تمثل هوسا لدى مستخدمي التكنولوجيا الحديثة وذلك‬
‫بعد ثورة المعلومات والتكنولوجيا‪ .‬فإزاء هذه الثورة حاولت بعض الدول المقارنة تطوير‬
‫تشريعاتها لتواكب هذه الجريمة وتنبهت لضرورة إفراد نصوص تشريعية خاصة بهذه‬
‫الجريمة‪ ،‬الشيء الذي جعل هذه األخيرة‪-‬التنمر اإللكتروني‪-‬ال تطرح أي إشكال على مستوى‬
‫أحكام المسؤولية الجنائية وكذا االختصاص القضائي‪.‬‬

‫وفي التشريع الجنائي المغربي وأمام غياب نص ينظم أفعال التنمر اإللكتروني فإن السؤال‬
‫الذي يثار هو مدى كفاية أحكام المسؤولية الجنائية في القانون الجنائي المغربي لتشمل أفعال‬
‫التنمر اإللكتروني؟ وإذا كانت أحكام المسؤولية الجنائية كفيلة بأن تشمل أفعال التنمر‬
‫اإللكتروني فماذا عن األحكام المتعلقة باالختصاص القضائي ومدى كفايتها لمواجهة أفعال‬
‫التنمر اإللكتروني العابرة للحدود؟‬

‫وعلى ضوء ما تقدم فإن معالجتنا ألحكام الم سؤولية الجنائية واالختصاص القضائي في‬
‫جرائم التنمر اإللكتروني ستكون وفق مطلبين‪ ،‬نخصص األول للحديث عن أحكام المسؤولية‬

‫‪45‬‬
‫الجنائية الناشئة عن أفعال التنمر‪ ،‬على أن نخصص المطلب الموالي للحديث عن االختصاص‬
‫القضائي في أفعال التنمر اإللكتروني‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أحكام المسؤولية الجنائية الناشئة عن أفعال التنمر‬


‫اإللكتروني‬
‫تعد المسؤولية الجنائية من أهم موضوعات القانون الجنائي‪ ،‬إذ تعد المحور األساسي الذي‬
‫ترتكز عليه الفلسفة والسياسة الجنائية‪ ،103‬وهي تحظى بأهمية كبيرة ضمن التشريعات‬
‫الجنائية‪ ،‬إال أنها لم تكن محط اهتمام تشريعي من ح يث وضع تعريف لها‪ ،‬ذلك أن المشرع‬
‫وكعادته ترك المسألة بيد الفقه الجنائي والذي عرف المسؤولية الجنائية بكونها التزام بتحمل‬
‫النتائج القانونية المترتبة على توافر أركان الجريمة وموضوعه هو العقوبة أو التدبير‬
‫االحترازي الذي ينزله القانون بالمسؤول عن الجريمة‪ ،‬وهذا التعريف ينسجم مع اشتقاق لفظ‬
‫المسؤولية من حيث إنه مرادف لمساءلة أو سؤال مرتكب الجريمة عن السبب في اتخاذه‬
‫بجريمته مسلكا متناقضا لنظم المجتمع ومصالحه‪ ،‬ثم التعبير عن اللوم االجتماعي إزاء هذا‬
‫المسلك وإعطاء هذا التعبير المظهر المحسوس اجتماعيا في شكل العقوبة أو التدبير‬
‫االحترازي‪.‬‬

‫كما أن صفة المجرم‪ ،‬حالته العقلية وإمكانياته الذهنية‪ ،‬صلة القرابة بينه وبين الضحية‪،‬‬
‫ظروف ارتكابه للجريمة‪...‬كلها عوامل قد تتدخل للتأثير في المسؤولية الجنائية للفاعل فتنفيها‬
‫أحيانا بصفة نهائية‪ ،‬وفي أحيان تعمل على تخفيفها أو تشديدها‪.104‬‬

‫وعالقة بأحكام المسؤولية الجنائية المترتبة عن أفعال التنمر اإللكتروني يثار التساؤل حول‬
‫طبيعة األشخاص المسؤولين جنائيا عن أفعال التنمر الصادرة عنهم (الفقرة األولى) وما إذا‬
‫كانت أحكام المسؤولية الجنائية تقتصر على أفعال المتنمرين وحدهم أم أنها تمتد لتشمل‬
‫أشخاصا آخرين (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪ -103‬محمد داوود يعقوب‪ ":‬المسؤولية في القانون الجنائي االقتصادي"‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،2008 ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪ -104‬سعيد الوردي‪ ":‬شرح القانون الجنائي العام المغربي – دراسة فقهية وقضائية‪ ،" -‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،2020،‬ص ‪.130‬‬
‫‪46‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المسؤولية الجنائية الشخصية عن أفعال التنمر اإللكتروني‬
‫بعد تطور استمر حقبة من الزمن ظهر في القوانين المقارنة مبدأ شخصية المسؤولية‬
‫الجنائية الذي أخذ به المشرع المغربي بدوره‪ ،‬ومفاده أن المسؤولية الجنائية ال تطال إال الذي‬
‫إحدى الوقائع التي عدها المشرع الجنائي في الفصل ‪132‬من ق‪.‬ج‪.‬م‪،‬‬ ‫‪105‬‬
‫ارتكب شخصيا‬
‫الذي نص بمقتضاه على كون أنكل شخص سليم العقل قادر على التمييز يكون مسؤوال شخصيا‬
‫عن‪:‬‬

‫‪ -‬الجرائم التي يرتكبها‪.‬‬


‫‪ -‬الجنايات أو الجنح التي يكون مشاركا في ارتكابها‪.‬‬
‫‪ -‬محاوالت الجنايات‪.‬‬
‫‪ -‬محاوالت بع ض الجنح ضمن الشروط المقررة في القانون للعقاب عليها وال‬
‫يستثنى من هذا المبدأ إال الحاالت التي ينص فيها القانون صراحة على خالف ذلك‪.‬‬

‫فالقاتل وحده هو الذي يسأل عن ارتكابه لجريمة القتل العمد دون زوجته أو أحد أقربائه‬
‫مثال‪ ،‬والمشارك في ذات الجريمة هو وحده الذي يسأل باعتباره مرتكب لجناية المشاركة في‬
‫القتل العمد‪ ،‬والمتنمر وحده هو الذي يسأل عن أفعال تنمره دون أحد من أقربائه‪ ،‬والمشارك‬
‫في أفعال التنمر يسأل باعتباره مشاركا وهكذا‪ ...‬على اعتبار أن المسؤولية الجنائية شخصية‪،‬‬
‫هذا هو المبدأ العام‪ ،‬فال يسأل الشخص إال على ما ارتكبه وال شأن له بفعل غيره‪.106‬‬

‫ولكي تقوم المسؤولية الجنائية ال بد من توفر شروط حددها المشرع المغربي في الفصل‬
‫‪ 132‬ق‪.‬ج‪.‬م (أوال)‪ ،‬ذلك أن اختالل توفر هذه الشروط يؤدي ال محالة إلى إنقاص المسؤولية‬
‫الجنائية أو إعدامها بصفة نهائية (ثانيا)‪.‬‬

‫‪ -105‬عبد الواحد العلمي‪ ":‬شرح القانون الجنائي المغربي‪ -‬القسم العام‪ ،"-‬الطبعة التاسعة‪14440 ،‬ه‪2019/‬م‪ ،‬ص ‪.131‬‬
‫‪ -106‬وهذا هو األصل العام في التشريع الجنائي المغربي‪ ،‬لكن المشرع المغربي أورد استثناء في الفقرة األخيرة من الفصل‬
‫‪ 132‬حينما قال‪ ":‬وال يستثنى من هذا المبدأ إال الحاالت التي ينص فيها القانون صراحة على خالف ذلك " حيث أقر بمقتضاه‬
‫نوعا من المسؤولية الجنائية غير الشخصية يسأل فيها الشخص عن أفعال غيره‪ ،‬وهذا خروجا عن المبدأ العام السابق وذلك‬
‫في كل حالة ورد بخصوصها نص خاص يسمح بالمساءلة الجنائية عن غير فعل الشخص وهي نوع من المسؤولية‬
‫الموضوعية أو المفترضة التي تقوم على افتراض الخطأ في جانب المسؤول‪ .‬وسنترك التفصيل في هذه النقطة إلى الفقرة‬
‫الثانية من ذات المطلب والمتعلقة بالمسؤولية الجنائية المفترضة في أفعال التنمر اإللكتروني‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫أوال‪ :‬شروط قيام المسؤولية الجنائية عن أفعال التنمر اإللكتروني‬

‫ال تقوم المسؤولية الجنائية للمتنمر إال بقيام اإلدراك والتمييز وحرية االختيار لدى هذا‬
‫األخير‪ ،‬فالقواعد الجنائية ال توجه إال لمن يفهم ويدرك ماهيتها‪ .‬وحسب مقتضيات الفصل‬
‫‪ 132‬من القانون الجنائي فإن كل شخص يكون عاقال وبالغا سن الرشد الجنائي ومتمتعا‬
‫باإلرادة وحرية االختيار فإنه يكون مسؤوال جنائيا‪.‬‬

‫‪ -1‬األهلية الجنائية في أفعال التنمر اإللكتروني‬

‫األهلية صفة يقدرها الشارع في الشخص تجعله محال صالحا للخطاب باألحكام الشرعية‪،‬‬
‫وهذه األهلية تختلف قوة وضعفا‪ ،‬باختالف المراحل التي يمر بها اإلنسان والظروف المالبسة‬
‫لذلك منذ تكوينه جنينا في بطن أمه إلى أن يموت‪.107‬‬

‫وشرط األهلية يستفاد من الفصل ‪ 132‬ق‪.‬ج‪.‬م الذي يشترط لقيام المسؤولية الجنائية أن‬
‫يكون الشخص قادرا على التمييز‪ ،‬ذلك أن انعدام التمييز يعدم المسؤولية الجنائية‪ .‬وبحسب‬
‫الفصل ‪ 140‬ق‪.‬ج‪.‬م فإنه‪" :‬يعتبر كامل المسؤولية الجنائية كل شخص بلغ سن الرشد بإتمام‬
‫ثمان عشرة سنة كاملة "‪ ،‬فبلوغ سن الرشد الجنائي يعتبر مناطا للمسؤولية الجنائية‪ ،‬وتكون‬
‫مسؤولية الشخص فيه مسؤولية كاملة‪.108‬‬

‫وبالتالي فإنه ال تقوم المسؤولية الجنائية تجاه الحدث المتنمر الذي لم يبلغ سن الرشد الجنائي‬
‫بعد‪ ، 109‬غير أنه قد تقوم مسؤولية الشخص المتنمر قبل بلوغه سن الرشد الجنائي إذا كان قد‬
‫أدرك سن التمييز حيث تكون مسؤوليته في هذه الحالة مسؤولية ناقصة‪ ،‬وسواء كانت‬
‫المسؤولية الجنائية كاملة أو ناقصة فإنه ال بد أن يتمتع المتنمر بحرية اإلرادة‪.‬‬

‫‪ -2‬حرية اإلرادة واالختيار في أفعال التنمر اإللكتروني‬

‫‪ -107‬برمضان الطيب‪ ":‬المسؤولية الجنائية في الفقه اإلسالمي والقانون الجزائري"‪ ،‬مقال منشور بمجلة المعيار‪ ،‬المجلد ‪،2‬‬
‫العدد ‪ ،2021 ،01‬ص ‪.92‬‬
‫‪ -108‬سعيد الوردي‪ ":‬شرح القانون الجنائي العام المغربي "‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.134‬‬
‫‪ -109‬إن مسألة تحديد سن المتنمر في ظل التنمر التقليدي ال تثير أي إشكال خاصة وأن التنمر التقليدي يمارس في بيئة تقليدية‪.‬‬
‫وعلى العكس من ذلك فإن مسألة تحديد سن الجاني المتنمر في التنمر اإللكتروني مسألة صعبة ومعقدة فالمتنمر اإللكتروني‬
‫يختبئ وراء جهازه اإللكتروني و يمارس أفعال تنمره في ظل غياب أي محدد يحدد سنه أو حالته العقلية‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫يعتبر مبدأ حرية االختيار الشرط الثاني لقيام المسؤولية الجنائية‪ ،‬ومناطه قدرة اإلنسان‬
‫على توجيه نفسه على عمل معين أو االمتناع عنه‪ ،‬أو هي قدرته على الفعل أو الترك‪.‬‬

‫وهي المظهر اإليجابي للمسؤولية الجنائية‪ ،‬فمن يسأل جنائيا يجب أن يكون له شعور‬
‫وإرادة‪ ،‬ثم بعد ذلك يكون هذا الشعور واإلرادة على درجة من القوة يعترف بها القانون لكي‬
‫يسأل جنائيا‪ ،‬فليس أي شعور وإرادة تمهد إلى قيام المسؤولية الجنائية‪ .‬ويتولى القضاء رصد‬
‫ضوابط لهذه القوة التي ينبغي أن يكون عليها هذا الشعور وتلك اإلرادة لكي يتم مساءلة‬
‫الشخص جنائيا‪ ،‬وإن كان الفقه يستند في تفسيره لقوة الشعور واإلرادة إلى المظهر السلبي في‬
‫المسؤولية الجنائية حيث إن أولى مظاهر التأثير السلبي هو السن الذي وضعه القانون‪ ،‬ثم‬
‫الحاالت التي تكون فيها األهلية ناقصة‪ .‬وهي إما حاالت طبيعية كالعاهات والعوائق المزمنة‬
‫مثل األمراض العقلية‪ ،‬وإما حاالت مصطنعة كالسكر والتخدير‪.110‬‬

‫فالمتنمر ال تنتفي إرادته وحرية اختياره إذا كان سبب تنمره هو التعاطي للكحول أو‬
‫المخدرات‪ ،111‬أما إن كان سبب تنمره مرض ذهني أو انعدام حرية االختيار لديه فالحالة هذه‬
‫ال مجال لقيام مسؤوليته‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬موانع المسؤولية الجنائية الناشئة عن التنمر اإللكتروني‬

‫ال يكفي لقيام المسؤولية الجنائية عن أفعال التنمر اإللكتروني توفر الشروط السالفة الذكر‪،‬‬
‫وإنما يجب أن تكون هذه الشروط خالية من أي مانع قد يمنع قيام المسؤولية الجنائية أو يعدمها‪.‬‬

‫وموانع المسؤولية الجنائية هي أسباب شخصية تتعلق بالفاعل وال تزيل عن الفعل وصف‬
‫الجريمة‪ ،‬وهي حاالت تتجرد فيها اإلرادة عن الصفة القانونية فال يعتد بها القانون وال يتوافر‬
‫بها الركن المعنوي‪.‬‬

‫ويعتبر كل عامل السن والخلل العقلي من أهم العوامل المؤثرة في المسؤولية الجنائية‪.‬‬

‫‪ -110‬صابرين ناجي طه‪ ":‬المسؤولية الجزائية الناشئة عن التنمر اإللكتروني "‪ ،‬مقال منشور بمجلة جامعة تكريت للحقوق‪،‬‬
‫السنة السادسة‪ ،‬المجلد ‪ ،6‬العدد ‪ ،2‬الجزء ‪ ،2021 ،1‬ص ‪.218-219‬‬
‫‪ -111‬أنظر في ذلك الفصل ‪ 137‬من القانون الجنائي الذي نص على‪ ":‬السكر وحالت االنفصال أو االندفاع العاطفي أو الناشئ‬
‫عن تعاطي المواد المخدرة عمدا ال يمكن بأي حال من األحوال أن يعدم المسؤولية أو ينقصها "‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫‪ -1‬مسؤولية المتنمر القاصر‬

‫تشكل ظاهرة تنمر األحداث ظاهرة متميزة وذات خطورة بالغة تستدعي عناية خاصة على‬
‫اعتبار أن الحدث أقرب إلى التقويم واإلدماج في المجتمع من المجرم الراشد‪ ،‬وهذا ما اتبعه‬
‫المشرع المغربي بالفعل إذ بالرجوع إلى المجموعة الجنائية نجده قد اعتبر صغر السن سبب‬
‫من األسباب التي تؤثر على المسؤولية الجنائية فتمنعها إما كليا أو جزئيا بحسب ما إذا كان‬
‫التمييز عند الصغير منعدما أو ناقصا‪.112‬‬

‫وقد حدد المشرع الجنائي حاالت انعدام المسؤولية الجنائية للقاصر في الفصل ‪ 138‬ق‪.‬ج‪.‬م‬
‫الذي نص على كون أن الحدث الذي لم يبلغ سن اثنتي عشرة سنة كاملة‪ ،‬يعتبر غير مسؤول‬
‫جنائيا النعدام تمييزه‪ ،‬وبناء على ذلك فإن الصغير منذ والدته وإلى أن يتم الثانية عشر من‬
‫عمره‪ ،‬يعتبر غير أهل لتحمل المسئولية الجنائية عن أفعال التنمر التي قد تصدر عنه‪.‬‬

‫أما الحدث الذي أتم اثنتي عشرة سنة ولم يبلغ الثامنة عشر من عمره فيعتبر مسؤوال‬
‫مسؤولية جنائية ناقصة وذلك لعدم اكتمال عنصر التمييز واإلدراك لديه‪ ،113‬وهو ما يقتضي‬
‫معه تخفيف مسؤوليته الجنائية عمال بمقتضيات الفصل ‪ 139‬ق‪.‬ج‪.‬م‪.114‬‬

‫‪ -2‬الخلل العقلي‬

‫إن من الحاالت التي تنعدم فيها المسؤولية الجنائية هي حالة الخلل العقلي‪ ،‬وهي الحالة التي‬
‫يستحيل معها اإلدراك وقت ارتكاب الجريمة‪ ،115‬وقد جاء في الفصل ‪ 134‬ق‪.‬ج‪.‬م‪ ":‬ال يكون‬
‫م سؤوال جنائيا ويجب الحكم بإعفائه من كان وقت ارتكاب الجريمة المنسوبة إليه في حالة‬
‫يستحيل عليه معها اإلدراك أو اإلرادة نتيجة لخلل عقلي في قواه العقلية "‪.‬‬

‫‪ -112‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.350‬‬


‫‪ -113‬يتمتع الحدث في الحالة المذكورة بعذر صغر السن‪ ،‬وال يجوز الحكم عليه إال طبقا للمقتضيات المقررة في الكتاب الثالث‬
‫من قانون المسطرة الجنائية المتعلق بالقواعد الخاصة باألحداث‪ .‬راجع الفصل ‪ 471‬ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬
‫‪ -114‬ينص الفصل ‪ 139‬من القانون الجنائي على كون أن الحدث الذي أتم اثنتي عشرة سنة يعتبر مسؤوال مسؤولية جنائية‬
‫ناقصة بسبب عدم اكتمال تمييزه‪.‬‬
‫يتمتع الحدث في الحالة المذكورة في الفقرة األولى من هذا الفصل بعذر صغر السن وال يجوز الحكم عليه إال طبقا للمقتضيات‬
‫المقررة في الكتاب الثالث من القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية‪.‬‬
‫‪ -115‬أحمد الخمليشي‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.268‬‬
‫‪50‬‬
‫يتضح من خالل مقتضيات هذا الفصل أن المشرع قد أكد على الشروط الواجب توفرها‬
‫لقيام حالة الخلل عند الفاعل وعل ى حكم قيام هذا العارض‪ ،‬لكنه لم يعرف الخلل العقلي‪ ،‬ويمكن‬
‫القول بأن هذا المصطلح‪-‬الخلل العقلي‪ -‬الذي استعمله المشرع من الوسع بحيث تدخل في نطاقه‬
‫كل االضطرابات التي تلحق بعقل الفاعل وتؤدي إلى إلحاق خلل به يفضي إلى القضاء على‬
‫اإلرادة عنده‪ ،‬مما يؤدي بالتالي إلى امتناع مساءلته من الناحية الجنائية‪ .116‬ومن أمثلة الخلل‬
‫العقلي نذكر‪:‬‬

‫الجنون‪ :‬وهو مرض يحل بالعقل ويخل القوة المميزة بين األشياء القبيحة والحسنة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫والجنون ينقسم إلى نوعين‪ :‬الجنون المطبق أو المستمر‪ ،‬ويسمى مطبق ألنه يستوعب كل‬
‫اوقات المجنون‪ ،‬والنوع الثاني هو المتقطع وهو جنون غير مستمر فهو يصيب الشخص تارة‬
‫ويرفع عنه تارة أخرى فإذا أصابه فقد عقله وإذا ارتفع عنه عاد إليه‪.117‬‬
‫وفي كافة األحوال فإن حكم الجنون أو فقدان القوى العقلية لوظائفها الحيوية واحد ال‬
‫يختلف‪ ،‬وهو أن الفاعل تمنع مساءلته جنائيا إذا ارتكب الجريمة وهو في حالة الجنون‪ ،‬غير‬
‫أن هذا الحكم ال يعمل به إذا ثبت أن الشخص المشهور بالجنون المتقطع قد ارتكب الجريمة‬
‫وهو في حالة إفاقة‪.‬‬

‫ونشير إلى أن هناك حاالت يكون فيها ضعف عقلي ال يرتقي إلى مصاف الجنون من حيث‬
‫إعدامه للمسؤولية الجنائية وإنما يقتصر على إنقاص اإلدراك واإلرادة وتبعا لذلك تنقيص‬
‫المسؤولية الجنائية‪ .‬وهو عبارة عن حالة نقص أو تأخر أو تخلف أو توقف أو عدم اكتمال‬
‫النمو العقلي المعرفي يولد بها الفرد أو تحدث في سن مبكرة‪ ،‬نتيجة لعوامل وراثية أو مرضية‬
‫فال هو كامل‬ ‫‪118‬‬
‫أو بيئية تؤثر على الجهاز العصبي للفرد مما يؤدي إلى نقص الذكاء عنده‬
‫اإلدراك كالشخص الطبيعي المتمتع بكامل قواه العقلية‪ ،‬وال هو مختل العقل تماما كالمجنون‬
‫أو المعتوه‪ ...‬من تم استلزم األمر مراعاة ظروفه عند تقرير مسؤوليته‪ .‬فال ينبغي القول‬

‫‪ -116‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.341‬‬


‫‪ -117‬داليا مجذوب ابراهيم علي‪ ":‬موانع المسؤولية الجنائية ‪-‬دراسة مقارنة ‪"-‬بحث مقدم لنيل شهادة الماستر في القانون العام‪،‬‬
‫كلية الدراسات العليا والبحث العلمي‪ ،‬جامعة شندي‪ ،2016 ،‬ص ‪.73-72‬‬
‫‪ -118‬سعيد الوردي‪ ":‬شرح القانون الجنائي العام المغربي "‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.148‬‬
‫‪51‬‬
‫بامتناع مسؤوليته نهائيا‪ ،‬وال تحميله إياها بالكامل‪ .119‬ووفق هذا المنوال سار المشرع‬
‫المغربي في الفصل ‪ 135‬حين نص على‪ ":‬تكون مسؤولية الشخص ناقصة إذا كان وقت‬
‫ارتكابه الجريمة مصابا بضعف في قواه العقلية من شأنه أن ينقص إدراكه أو إرادته ويؤدي‬
‫إلى تنقيص مسؤوليته جزئيا"‪.120‬‬

‫وبالتالي فإذا تبثث حالة الضعف العقلي لدى المتنمر أدت إلى االنتقاص من إدراكه وإرادته‬

‫وبالتالي ففي حالة تنمره فإن مسؤوليته تنقص جزئيا وال تمنع كليا‪ ،‬وهذا لكون أن المشرع‬
‫المغربي اتبع منوال المدرسة التقليدية الحديثة التي تتدرج فيها المسؤولية الجنائية من الكمال‬
‫إلى النقصان إلى االنعدام والزوال‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬المسؤولية الجنائية المفترضة الناشئة عن التنمر اإللكتروني‬


‫إذا كان األصل في المسؤولية الجنائية أنها شخصية يتحملها مرتكب الجريمة وهذا هو‬
‫األصل العام‪ ،‬إال أن هناك حاالت محددة قد يقف فيها هذا األصل عاجزا عن القيام بدوره‬
‫المناط به في بعض الجرائم كما هو الشأن في جرائم التنمر اإللكتروني‪ ،‬وبصفة خاصة‬
‫الجرائم التي تكون فيها التقنية واضحة المعالم‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد فإننا سوف نتطرق إلى كل من المسؤولية الجنائية عن فعل الغير في التنمر‬
‫اإللكتروني (أوال) على أن نتطرق كذلك إلى المسؤولية الجنائية لمزودي الخدمات ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المسؤولية الجنائية عن فعل الغير في التنمر اإللكتروني‬

‫إن من أهم مبادئ القانون الجنائي هو شخصية المسؤولية الجنائية وشخصية العقوبة وذلك‬
‫على اعتبار أن اإلنسان حتى يسأل عن النتائج التي تحدث في العالم الخارجي‪ ،‬ال بد وأن‬
‫يكون قد تسبب في إحداثها بسلوكه‪.‬‬

‫‪ -119‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.348‬‬


‫‪ -120‬هذا بالنسبة للمسؤولية الجنائية‪ ،‬أما بخصوص المسؤولية المدنية التي يمكن أن تترتب عن فعله فإنه يتحملها كاملة وغير‬
‫ناقصة‪ .‬راجع في ذلك الفصل ‪ 96‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫وعلى ه ذا األساس فقد حظيت المسؤولية الجنائية عن فعل الغير بجدل فقهي واسع النطاق‬
‫فيما يتعلق باألساس الذي تقوم عليه وهذا كله راجع لما تحمله هذه المسؤولية من استثناء‬
‫وخروج عن القواعد العامة‪ ،‬وفي هذا برز اتجاهين للفقه والقضاء في مجال تفسير المسؤولية‬
‫الجنائية عن فعل الغير‪.121‬‬

‫إذ في الوقت الذي يرى فيه جانب من الفقه أن المسؤولية الجنائية عن فعل الغير عادية ال‬
‫خرق فيها لمبدأ شخصية العقوبة‪ ،‬وأن الشخص إنما يسأل في ظلها عن خطئه الشخصي وال‬
‫يمكن مساءلته عن خطأ غيره‪ .‬يذهب جانب ثان من الفقه إلى خالف ذلك ويرى في المسؤولية‬
‫الجنائية عن فعل الغير مسؤولية تخالف األحكام العامة للمسؤولية الجنائية‪ ،‬ويرى فيها انتهاكا‬
‫وخرقا لمبدأ شخصية العقوبة‪.122‬‬

‫ويقصد بالمسؤولية الجنائية عن فعل الغير‪ :‬المساءلة الجنائية لشخص ما عن فعل قام به‬
‫شخص أخر وذلك لوجود عالقة معينة بينهما تفترض أن يكون الشخص األول مسؤوال عما‬
‫صدر عن الشخص الثاني من أفعال‪ .‬ويرجع الفقه تبرير ذلك إلى اقتضاء مصلحة المجتمع‪،‬‬
‫ألن العقاب ال فائدة ترجى منه إن هو اقتصر على مرتكب الجريمة كفاعل أو شريك‪ ،‬بل‬
‫يتعدى األمر لينال من له حق اإلشراف والمتابعة والرقابة‪ .‬فافتراض المسؤولية الجزائية في‬
‫حقه من شأنها أن تحمله على إحكام الرقابة وبذل العناية الالزمة والكافية للحيلولة دون وقوع‬
‫الجريمة‪ . 123‬فال شك أن مجرد القول بوجود مسؤولية عن فعل الغير كاف ألن يثير القلق‬
‫وقيام االضطراب األمر الذي يدعوا اإلنسان إلى التفكير العميق لتفهم هذه المسؤولية ومبررات‬
‫تقديريها‪.‬‬

‫وإن كان األصل العام في القانون الجنائي المغربي هو مبدأ " شخصية المسؤولية " فإن‬
‫المسؤولية الجنائية عن فعل الغير هي استثناء من هذا األصل‪ ،‬وهي نوع من المسؤولية‬

‫‪ -121‬نبيل مالكية‪ ":‬المسؤولية الجنائية‪ :‬مجموعة محاضرات ألقيت على طلبة السنة الثانية ماستر‪ ،‬تخصص قانون جنائي‪،‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم الحقوق‪ ،‬جامعة عباس لغرور خنشلة ‪ ،2017-2016‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -122‬نجبب بروال‪ ":‬األساس القانوني للمسؤولية الجنائية عن فعل الغير "‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في العلوم‬
‫القانونية تخصص علم اإلجرام وعلم العقاب‪ ،‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم الحقوق‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ،2013-2021‬ص ‪.83‬‬
‫‪ -123‬عيسى علي‪ ":‬المسؤولية الجزائية عن فعل الغير في الجرائم البيئية"‪ ،‬مقال منشور بمجلة العلوم السياسية والقانون‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،3‬العدد ‪ ،2019 ،13‬المركز الديمقراطي العربي – ألمانيا –برلين‪ ،‬ص ‪.202‬‬
‫‪53‬‬
‫الجنائية الموضوعية أو المفترضة التي تقوم على افتراض الخطأ في جانب المسؤول‪.124‬‬
‫وهي تجد أساسها في الفقرة األخيرة من الفصل ‪132‬ق‪.‬ج الذي نص على‪ ":‬وال يستثنى من‬
‫هذا المبدأ‪-‬مبدأ شخصية المسؤولية‪ -‬إال الحاالت التي ينص فيها القانون صراحة على خالف‬
‫ذلك"‪.‬‬

‫وقد حاول الفقهاء تفسير المسؤولية الجنائية عن فعل الغير كأساس للمسؤولية الجنائية في‬
‫الجرائم التنمرية الواقعة بسبب الصحافة اإللكترونية‪ ،‬إذ حاول البعض تفسيرها وفقا لنظرية‬
‫الخطأ المفترض‪ ،‬وهناك من حاول تفسيرها على أساس تحمل التبعة‪ ،‬كما أن هناك من حاول‬
‫تفسيرها وفقا لنظرية الفاعل المعنوي‪.‬‬

‫‪ -1‬تفسير المسؤولية الجنائية عن فعل الغير وفقا لنظرية الخطأ المفترض‬

‫حسب هذا االتجاه يرى بعض الفقهاء أن مسؤولية مدير النشر هي مسؤولية مفترضة‪ ،‬أي‬
‫أنها مبنية على افتراض يتمثل في اطالعه على كل ما ينشر في المطبوع الدوري أو الصحيفة‬
‫اإللكترونية التي يشرف عليها‪ .‬فالمدير أو الناشر الذي يتولى مهام إدارة الجريدة‪ ،‬يفترض فيه‬
‫أن يراجع ويراقب ما يتم نشره ويعد ارتكاب الجريدة التي يرأسها لجريمة معينة قصورا منه‬
‫في القيام بالمهام المنوطة به وإخالال بواجبه ومن تم تتم مساءلته جنائيا عن اإلهمال‪.125‬‬

‫وتبعا لذلك تكون مسؤولية المدير مفترضة وذلك وفقا لما جاء في المادة ‪ 95‬من القانون‬
‫الجديد للصحافة والنشر التي صرحت بأنه‪ :‬يعتبر األشخاص اآلتي ذكرهم فاعلين أصليين‬
‫لألفعال المرتكبة عن طريق الصحافة‪ ،‬وذلك حسب الترتيب التالي‪:‬‬

‫‪ -‬مديرو النشر كيفما كانت مهنتهم أو صفتهم‪.126‬‬


‫‪ -‬أصحاب المادة الصحافية‪ ،‬إن لم يكن هناك مديرون للنشر‪.‬‬
‫‪ -‬الطابع ومقدمو الخدمات إن لم يكن هناك مدراء للنشر وأصحاب المادة الصحافية‪.‬‬
‫‪ -‬المضيف إن لم يكن هناك مقدمو الخدمات‪.‬‬

‫‪ -124‬أنظر هامش اإلحالة رقم ‪28‬ص ‪332‬من كتاب عبد الواحد العلمي المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -125‬علي بوييس‪ ":‬جرائم الصحافة بين القانون والعمل القضائي "‪ ،‬رسالة نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء‪- 2009 ،‬‬
‫‪ ،2010‬ص ‪.60‬‬
‫‪ -126‬انظر المادة ‪ 95‬من القانون ‪ 88.13‬المتعلق بالصحافة والنشر المغربي‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫‪ -‬الموزعون والبائعون والمكلفون باإللصاق‪ ،‬إن لم يكن هناك أصحاب المطابع‬
‫ومقدمو الخدمات‪.‬‬

‫وهو ما ينتج عنه قرينة مفادها افتراض علمه بكل ما يتم نشره‪ ،‬وهي قرينة ال تقبل إثبات‬
‫العكس إال بإثبات السبب األجنبي‪.‬‬

‫وما أخذ على نظرية االفتراض في الخطأ أن المسؤولية عن فعل الغير هي مسؤولية‬
‫موضوعية تقوم دون الركن المعنوي (القصد الجنائي)‪ ،‬األمر الذي يجعل عبئ اإلثبات يقع‬
‫على عاتق المتهم الذي عليه أن يثبت براءته من الخطأ العمدي المنسوب إليه‪127‬وفي هذا‬
‫مخالفة للقواعد العامة القاضية بأن المتهم غير ملزم بإثبات براءته لكونها مفترضة فيه‪.‬‬

‫‪ -2‬تفعيل المسؤولية الجنائية عن فعل الغير على أساس تحمل التبعة‬

‫يذهب جانب من الفقه إلى القول بأن هذه النظرية تصلح لتفسير المسؤولية الجنائية عن فعل‬
‫الغير في الجرائم الصحافية عند نسبتها إلى مدير النشر‪ .‬فمثلما رب العمل مسؤول عن أعمال‬
‫تابعه التي ينتفع منها‪ ،‬فكذلك األمر بالنسبة لمدير النشر الذي انتفع من أعمال تابعه الذي حرر‬
‫المقال الصحفي المكون للجريمة‪ ،‬ومن ثم عليه أن يتحمل مسؤولية هذا النشر‪.‬‬

‫وقد وجهت لهذه النظرية هي األخرى عدة انتقادات أهمها أن هذه النظرية ال تستقيم وبعض‬
‫المبادئ الراسخة في القانون الجنائي‪ ،‬وهي مراعاة شخصية المجرم بشأن التجريم والعقاب‪،‬‬
‫والتأكد من إرادته اإلجرامية من عدمها في ارتكاب الفعل المجرم ناهيك عن كونها لم تحترم‬
‫بدورها مبدأ قرينة البراءة‪.128‬‬

‫‪ -3‬تفسير المسؤولية الجنائية عن فعل الغير تبعا لنظرية الفاعل المعنوي‬

‫الفاعل المعنوي هو الشخص الذي يريد ارتكاب الجريمة وتتوفر لديه النية اإلجرامية وبدل‬
‫أن ينفذها بنفسه يدفع شخصا آخر عديم القصد الجنائي إلى تنفيذها‪ .‬وقد كان الفاعل المعنوي‬

‫‪ -127‬أنس مشهور‪ ":‬المسؤولية الجنائية للصحفي المهني – دراسة مقارنة‪ "-‬رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص‪،‬‬
‫تخصص العدالة الجنائية والعلوم الجنائية‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫فاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2020-2019‬ص ‪.113-112‬‬
‫‪ -128‬أنس مشهور‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪55‬‬
‫يقتصر على من يحمل شخصا عديم التمييز على ارتكاب الجريمة كمن يدفع طفال أو مجنونا‬
‫إلى االعتداء على الضحية‪ ...‬غير أن الفقه حديثا توسع في مدلول الفاعل المعنوي ليشمل كل‬
‫الحاالت التي ينعدم فيها القصد الجنائي لدى الفاعل المادي الذي يسخره الجاني لتنفيذ جريمته‬
‫كمن يكره غيره ماديا على ارتك اب الجريمة‪ ،‬والرئيس الذي يأمر مرؤوسه بالقيام بعمل يكون‬
‫جريمة والحال أن المنفذ كان حسن النية وغير عالم بعدم مشروعية العمل الذي قام به‪.129‬‬

‫وعلى الرغم من أن بعض الفقه يعترض على مساءلة الفاعل المعنوي بوصفه فاعال‬
‫للجريمة‪ ،‬واعتباره في أحسن األحوال مساهما عن طريق التحريض‪ ،‬إال أن أغلب الفقه أخذ‬
‫بهذه النظرية‪ .‬وتجد هذه النظرية‪-‬نظرية الفاعل المعنوي‪-‬أساسها في مبادئ القانون الجنائي‪،‬‬
‫على اعتبار أن المشرع الذي يجرم النتيجة هو نفسه الذي يجرم الوسيلة التي استعملت في‬
‫ذلك مهما كان نوعها‪.130‬‬

‫وعموما فإن الهدف من نظرية الفاعل المعنوي هو معاقبة هذا األخير إما ألنه أوصى غيره‬
‫بارتكاب الجريمة كالمدير الذي يوصي إلى تابعه بكتابة عبارات تنمرية‪ ،‬أو لكونه تركه يقترف‬
‫ذلك في الوقت الذي كان من واجبه السهر على ما يقضي به القانون ومنعه من ذلك‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المسؤولية الجنائية لمزودي الخدمات‬

‫مع التطور الهائل الذي شهدته تقنية اإلنترنيت‪ ،‬اتسع الجدل الدائر بين الفقه والقضاء حول‬
‫المسؤولية الجنائية لمقدمي خدمة اإلنترنت‪131‬خاصة عن المعلومات الواردة في ذلك المحتوى‬
‫إذا ما تضمنت اإلساءة للمتعاملين في مواقع التعامالت اإللكترونية‪ ،‬أو نشر وقائع تشكل‬

‫‪ -129‬أحمد الخمليشي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.210‬‬


‫‪ -130‬أنس مشهور‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪ -131‬مزود خدمة االنترنت ‪ internet service provider‬ويطلق عليه اختصارا)‪(ISP‬ويسمى أيضا بموفر خدمة‬
‫االتصاالت باإلنترنت وهو كل شخص طبيعي أو معنوي يوفر لعمالئه الوسائل التقنية التي تسمح له بالحصول على الخدمات‬
‫المعلوماتية عبر اإلنترنيت‪ ،‬ويعد وسيلة اتصال بين مستخدمي اإلنترنت ومقدمي الخدمات المعلوماتية عبر الشبكة ويمكنهم‬
‫من الدخول إلى المواقع التي يرغبونها و الحصول على حاجتهم من المعلومات المتاحة عبر شبكة اإلنترنت‪ .‬براء علي‬
‫صالح محمد‪ ":‬المسؤولية العقدية لمزودي خدمات عبر اإلنترنيت‪-‬دراسة مقارنة‪ ،"-‬رسالة مقدمة الستكمال متطلبات‬
‫الحصول على درجة الماجستير في القانون الخاص‪ ،‬قسم الحقوق كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الشرق األوسط‪ ،2020 ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪56‬‬
‫جريمة‪ .‬وفي ظل تنا مي ظاهرة التنمر اإللكتروني يثار التساؤل حول كيفية التأصيل لمسؤولية‬
‫مزودي خدمات اإلنترنيت عن أفعال التنمر اإللكتروني؟‬

‫إن تحديد مسؤولية مقدمي خدمات اإلنترنيت يعد من أصعب المواضيع الممكن مواجهتها‪،‬‬
‫ومرد ذلك إلى عدة أسباب أولها الطابع التقني المعقد للشبكة‪ ،‬وثانيها عالمية النشاط اإللكتروني‬
‫غير الخاضع لسيطرة دولة معينة أو إلدارة مركزية باإلضافة إلى تعدد المتدخلين في تسيير‬
‫هذه الشبكة‪.‬‬

‫ومع ذلك فقد عرفت بعض التشريعات المقارنة كالتشريع المصري صورا للمسؤولية عن‬
‫فعل الغير في بعض الجرائم االقتصادية وجرائم النشر‪ ،‬وكان أساس هذه المسؤولية اعتناق‬
‫الفقه والقضاء الفرنسي لبعض النظريات لتبرير هذا االستثناء من المسؤولية وهي نظرية‬
‫الحيلة القانونية أو التمثيل القانوني لمدير المنشأة عن العاملين فيها‪ .‬إذ أنه وإزاء وجود خلل‬
‫في وسائل اإلثبات في الجرائم المعلوماتية‪ ،‬فقد اتجه المشرع المقارن إلى األخذ بهذه الحيلة‬
‫القانونية إلخفاء العيوب المتعلقة باإلجراءات الجنائية‪ ،‬واعتبر أن هذا النوع من المسؤولية‬
‫المفترضة يفترضها القانون مسبقا‪ .‬ولذلك يضفي عليها المشروعية بحيث يسأل عن الجريمة‬
‫المعلوماتية عبر اإلنترنت من لم يقم بارتكابها بالفعل ولكنه يسأل عنها ألنه كان على صلة‬
‫بالواقعة اإلجرامية أو مرتكبها‪.132‬‬

‫وبالنسبة للمشرع المغربي فما تجدر اإلشارة إليه هو أنه ال يوجد فراغ قانوني في هذا‬
‫الشأن حيث أن الباب الرابع المكرر من القانون رقم ‪ 2.00‬المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق‬
‫المجاورة كما تم تغييره وتتميمه بمقتضى القانون رقم ‪ 34.05‬تطرق لمسؤولية مقدمي خدمات‬
‫اإلنترنيت ولكن فقط عند التعدي على حقوق المؤلف والحقوق المجاورة على شبكة اإلنترنت‪،‬‬

‫‪ -132‬أحمد عبد الاله عبد الحميد عبد الرحيم المراغي‪ ":‬المسؤولية الجنائية لمقدمي خدمات اإلنترنيت ‪-‬دراسة تحليلية خاصة‬
‫لمسؤولية مزودي خدمات االتصاالت اإللكترونية‪ ،" -‬مقال منشور بمجلة حقوق حلوان للدراسات القانونية واالقتصادية‪،‬‬
‫اإلصدار‪ ،2812‬لم يتم ذكر السنة‪ ،‬ص ‪.220-219‬‬
‫‪57‬‬
‫وإن كنا نعتقد أن األمر قابل للتطبيق على المخالفات األخرى التي يتم ارتكابها على نفس‬
‫الشبكة‪.133‬‬

‫وبذلك فإننا نرى أن امتداد المسؤولية الجنائية لمزودي الخدمات ستجعل هذا األخير أكثر‬
‫حيطة وحذر وسيعمل على الحيلولة دون تحقق األفعال اإلجرامية اإللكترونية بشكل عام‬
‫والتنمرية بشكل خاص‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االختصاص القضائي في جريمة التنمر اإللكتروني‬


‫لقد صاحب ظهور ا لجريمة اإللكترونية الكثير من الصعوبات التي تواجه االختصاص‬
‫وإجراءات التحقيق وجمع األدلة وتسليم المجرمين‪ ،‬وإذا كانت الجريمة اإللكترونية التي‬
‫ترتكب داخل التراب الوطني ال تثير أية إشكالية بخصوص والية المحاكم الوطنية للنظر‬
‫فيها‪ ،‬فإنه في حالة الجريمة اإللكتروني ة عابرة الحدود تخلق متاعب كثيرة تهم تحديد جهة‬
‫االختصاص المعنية بمباشرة إجراءات المتابعة والمحاكمة في مواجهة الجناة بالنظر إلى‬
‫طبيعة هذا النوع من الجرائم وما تتسم به من خصائص وسمات‪ ،‬األمر الذي بات يثير كثيرا‬
‫من التحديات أمام القائمين بمكافحتها والتصدي لها‪.134‬‬

‫والتنمر اإللكتروني كصورة من صور الجرائم اإللكترونية وفي ظل االنتشار الواسع لشبكة‬
‫اإلنترنيت وتوسع نطاق استخدامها ودخول جميع فئات المجتمع إلى خانة المستخدمين‪ ،‬عرف‬
‫انتشارا مهوال وتعددت بذلك صوره وأشكاله‪ .‬وعلى هذا األساس أفرزت ظاهرة التنمر‬
‫اإللكتروني شأنها ش أن باقي الجرائم اإللكترونية تحديات واضحة للقوانين الوضعية التي‬
‫وضعت لمكافحتها‪ ،‬وما زاد األمر تعقيدا أن هذه الظاهرة سريعة الحدوث وفي عديد من الدول‬
‫وعابرة للحدود وما تطرحه معها من مشاكل في مجال االختصاص من جهة الجهات المختصة‬
‫المخول لها متابعة المجرمين أو من خالل المحاكم المختصة‪ .‬حيث إن التنمر اإللكتروني قد‬

‫‪ -133‬فؤاد بن صغير‪ ":‬مقدمات في القانون اإللكتروني المغربي"‪ ،‬مقال منشور على الموقع اإللكتروني التالي‪:‬‬
‫‪ https://www.google.com/amp/s/satv.ma‬تم اإلطالع عليه يوم ‪ 2022/08/02‬على الساعة ‪.15:50‬‬
‫‪ -134‬جمال زين العابدين أمين محمد‪ ":‬االختصاص القضائي وإجراءات التحقيق في الجرائم اإللكترونية "‪ ،‬مقال منشور‬
‫بمجلة مستقبل العلوم االجتماعية‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬يناير ‪ ،2021‬ص ‪.69‬‬

‫‪58‬‬
‫يرتكب في دولة وتكون آثاره في دولة أخرى وقد يكون الجاني المتنمر يحمل جنسية دولة‬
‫وأداة تنمره توجد في دولة أخرى وخارج النطاق اإلقليمي لجهة التحقيق‪.‬‬

‫ولما كان االختصاص القضائي هو سلطة المحكمة للحكم في القضية المعروضة عليها أو‬
‫الوالية التي يمنحها المشرع لمحكمة ما للبث في القضايا المعروضة عليها‪ ،‬فإن طبيعة التنمر‬
‫اإللكتروني والخصوصية التي تمتاز بها جعلها تطرح العديد من اإلشكاالت والتحديات والتي‬
‫تثير التساؤل حول المبادئ والقواعد التي تحكم االختصاص في هذا اإلطار‪.‬‬

‫وبناءا عليه فإننا سوف نتطرق في هذا المطلب إلى أهم مبدأ يحكم قواعد االختصاص في‬
‫إطار التنمر اإللكتروني (الفقرة األولى) على أن نتطرق إلى أهم اإلشكاالت المثارة حول‬
‫تنازع االختصاص في إطار التنمر اإللكتروني(الفقرة الثانية )‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مبدأ إقليمية النص الجنائي في جرائم التنمر اإللكتروني‬


‫عرف مجال تطبيق القانون الجنائي من حيث المكان ‪le domaine d'application‬‬
‫‪ de la loi penal dans l'espace‬تغييرا مستمرا أثرت عليه األوضاع السياسية‬
‫واإليديولوجية من جهة والتطور في مجال التكنولوجيا من جهة أخرى‪.‬‬

‫فالمبدأ السائد قديما هو شخصية القانون ‪la personnalite de la loi‬بحيث ال يسري‬


‫قانون دولة إال على رعاياها‪ .‬وهو يتبعهم إلى خارج حدودها اإلقليمية فينطبق عليهم من أجل‬
‫كل سلوك قاموا به خارج دولتهم ولعل ذلك يعود لالعتقاد السائد خالل مرحلة من التاريخ‬
‫بكون السيادة شخصية‪ ،‬بمعنى لصيقة بكل المنتمين لدولة معينة أينما حلوا وارتحلوا‪ .‬لكن‬
‫وبعد قيام الثورة الفرنسية تم إحالل نظرية إقليمية القوانين ‪territorialité des lois‬بدل‬
‫شخصية القوانين‪ ،‬وأصبح القانون يسري على جميع المقيمين فوق أرض الدولة بصرف‬
‫النظر عن الجنسية التي يحملونها وبذلك أصبح القانون الجنائي من أهم مظاهر سيادة الدولة‬
‫على إقليمها‪ ،‬ألنها وحدها التي تملك مباشرة تنفيذ قوانينها الجنائية على جميع الجرائم التي‬
‫تقع داخل حدودها السياسية‪.135‬‬

‫‪ -135‬محمد بوزالفة‪ ":‬االختصاص العيني في القانون الجنائي المغربي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالجتماعية أكدال‪-‬الرباط‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1996-1995‬ص ‪.2-1‬‬
‫‪59‬‬
‫وتأسيسا على ذلك‪ ،‬فقد نص المشرع الجنائي المغربي على هذا المبدأ بمقتضى الفصل‬
‫‪ 10‬ق‪.‬ج والذي بمقتضاه فإن التشريع الجنائي المغربي يسري على كل من يتواجد بإقليم‬
‫المملكة من مواطنين وأجانب وعديمي الجنسية‪ .‬وبهذا فالجرائم اإللكترونية التي ترتكب داخل‬
‫التراب الوطني ال تطرح أي إشكال بخصوص المحكمة صاحبة الوالية وبالتالي فهي تخضع‬
‫لالختصاص الثالثي المنظم وفق مقتضيات المسطرة الجنائية‪ ،136‬والمتمثل في مكان ارتكاب‬
‫الجريمة أو محل إقامة الجاني أو محل إلقاء القبض‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مكان ارتكاب الجريمة‬

‫يرتبط مكان ارتكاب الجر يمة بآثارها‪ ،‬حيث يبقى المحل الذي نفذت فيه أحد عناصر‬
‫الجريمة (الركن المادي أو جزء من هذا الركن) هو مكان االختصاص القضائي‪ .‬فقواعد‬
‫القانون الجنائي المغربي وقواعد المسطرة الجنائية تخضع في تطبيقها من حيث المكان إلى‬
‫مبدأ اإلقليمية حيث أن مبدأ إقليمية النص الجنائ ي يساعد القاعدة الجنائية على تأدية وظيفتها‬
‫وبسط نفوذها على أقاليم الدولة‪.137‬‬

‫إال أنه ومن الصعوبات التي يمكن أن تطرحها الجريمة اإللكترونية وعلى الخصوص‬
‫التنمر اإللكتروني في عالقة باالختصاص القضائي‪ :‬هي الحاالت التي يتوزع فيها السلوك‬
‫اإلجرامي في أكثر من مدينة‪ .‬كأن يقع السلوك اإلجرامي في مدينة معينة‪ ،‬في حين تتحقق‬
‫نتيجته اإلجرامية في مدينة أخرى‪ ،‬ويكون بالتالي كل مدينة قد تحقق فيها أحد العناصر المكونة‬
‫للركن المادي للجريمة‪ .‬ومثال ذلك ارتكاب فعل التنمر في مدينة ويتلقى هذا الفعل الضحية‬
‫في مدينة أخرى بعد أن يمر فعل الت نمر في كثير من األحيان بأكثر من مدينة‪ ،‬وهو ما يثير‬
‫إشكالية المحكمة صاحبة االختصاص‪ .‬ونظرا لغياب تطبيقات قضائية في جرائم التنمر من‬
‫هذا القبيل حتى على مستوى التشريع المقارن‪ ،‬ونظرا لكون أنه ومن خالل معالجتنا للتنمر‬
‫اإللكتروني قلنا على كون أن هذا األخير قد يتخذ أشكاال مختلفة من أبرزها صورة االبتزاز‬
‫الجنسي اإللكتروني‪ ،‬فإننا سنعرض لقراءة في أحد القرارات القضائية التي عالجت مسألة‬

‫‪ -136‬أنظر المادة ‪ 259‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬


‫‪ -137‬حامدة الفيدة‪ ":‬دور القضاء المغربي في مواجهة اإلجرام اإللكتروني ضد المرأة "‪ ،‬مقال منشور بمجلة قراءات علمية‬
‫في األبحاث والدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬يوليوز ‪ ،2021‬ص ‪.425-424‬‬
‫‪60‬‬
‫االختصاص المكاني في جرائم االبتزاز الجنسي اإللكتروني وذلك تحسبا لإلشكاليات التي قد‬
‫تثيرها هذه الظاهرة‪-‬التنمر اإللكتروني‪-‬مستقبال على مستوى االختصاص القضائي‪.‬‬

‫وقد جاء في هذا القرار‪:‬‬

‫حيث إن المحكمة المؤيد حكمها بالقرار المطعون فيه عندما ردت الدفع بعدم االختصاص‬
‫المكاني وعللت قرارها بالقول‪ :‬حيث لئن كان من الثابت فعال أن محل إقامة األضناء ومكان‬
‫إلقاء القبض عليهم بمدينة واد زم فإن مكان اقتراف الجرائم موضوع المتابعة وهي االبتزاز‬
‫والمشاركة فيه طبقا للفصلين ‪538‬و ‪ 129‬من القانون الجنائي هي جرائم تقليدية فإن الوسائل‬
‫التي اعتمدها األضناء والمتمثلة في االتصاالت الهاتفية والرسائل النصية وشبكة اإلنترنيت‬
‫وتسلم وتسليم المقابل المادي لعدم إفشاء األمر الشائن‪ ،‬نقلت مكان الجريمة من إطار مادي‬
‫محدود جغرافي ا إلى بيئة افتراضية غير ملموسة‪ ...‬األمر الذي يفهم منه أن الركن المادي‬
‫للجريمة والذي يعتبر معيارا للقول بمكان ارتكاب الفعل؛ قد ارتكب في نطاق افتراضي وفي‬
‫ظروف آنية َو َّح َد مدينة واد زم وسال في مكان واحد‪ ،‬مما يجعل المحكمة االبتدائية بسال‬
‫صاحبة والية هي األخرى مكانيا للنظر في الجرائم موضوع المتابعة‪ .‬تكون المحكمة قد‬
‫خرقت إجراء من اإلجراءات المسطرية وفسرت المادة ‪ 259‬ق‪.‬م‪.‬ج تفسيرا خاطئا وعرضت‬
‫بذلك قرارها للنقض‪.138‬‬

‫يظهر من خالل القرار موضوع الدراسة أن األمر يتعلق بالتهديد بإفشاء أمور شائنة‬
‫(االبتزاز) عرض على المحكمة االبتدائية بسال‪ ،‬ارتكبت من طرف المتهمين موضوع المتابعة‬
‫واللذين ينحدرون من واد زم في حق الضحية الذي يقطن بمدينة سال‪ .‬وأن وسائل أداة ارتكاب‬
‫الجريمة انحصرت في وسائل التواصل واالتصال وشبكة اإلنترنيت‪ ،‬مما تكون معه الجريمة‬
‫قد انتقلت من جريمة عادية تقليدية إلى جريمة إلكترونية تم اقترافها برسائل إلكترونية‪ ،‬كما‬
‫أن السلوك اإلجرامي المكون للجريمة توزع بين كل من مدينتي واد زم وسال‪ ،‬ويكون بالتالي‬

‫‪ - 138‬يوسف قجاج‪ ":‬الجريمة اإللكترونية وإشكالية االختصاص القضائي– مكان ارتكاب الجريمة نموذجا‪ ،"-‬قراءة في قرار‬
‫محكمة النقض عدد ‪ 7/233‬في الملف الجنحي عدد ‪ 2017/7/6/14280‬الصادر بتاريخ ‪ ،2018/02/14‬مقال منشور على‬
‫الموقع اإللكتروني التالي‪ https://www.droitarabic.com :‬تم اإلطالع عليه يوم‪ 2022/08/10 :‬على الساعة‪.9:30 :‬‬

‫‪61‬‬
‫كل مدينة قد تحقق فيها أحد عناصر الركن المادي للجريمة ذلك أن العمل اإلجرامي ارتكب‬
‫في بيئة افتراضية غير ملموسة‪.‬‬

‫فالثابت من خال ل القرار أعاله موضوع الدراسة أنه تأثر بغياب إطار قانوني يحكم وينظم‬
‫موضوع االختصاص في الجريمة اإللكترونية‪ ،‬األمر الذي يحتم إعمال قواعد االختصاص‬
‫المحلي التقليدية وهذا ما يطرح جملة من الصعوبات خصوصا أن مكان ارتكاب الجريمة‬
‫اإللكترونية والذي يكون دائما في البيئة االفتراضية غير الملموسة يختلف عن مكان ارتكاب‬
‫الجرائم التقليدية األخرى في العالم الملموس‪.139‬‬

‫وبناء عليه فإن تطبيق قاعدة مكان ارتكاب الجريمة بمفهومها التقليدي ال تتالءم مع طبيعة‬
‫التنمر الرقمي وخصوصياتها وذلك اعتبارا لكون أن هذه القاعدة صيغت لكي تحدد‬
‫االختصا ص المتعلق بجرائم قابلة للتحديد المكاني وبالتالي فهي ال تصلح إلعمالها بشأن‬
‫الجرائم اإللكترونية على العموم وكذا التنمر اإللكتروني على الخصوص‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬محل إقامة الجاني‬

‫وفقا للقاعدة المقررة في المادة ‪ 259‬من قانون المسطرة الجنائية فقد حددت انعقاد‬
‫االختصاص كذلك إلى المحكمة التي يقع بدائرة نفوذها محل إقامة المتهم أو محل إقامة أحد‬
‫المساهمين أو المشاركين معه‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬محل إلقاء القبض‬

‫يعتبر مكان إلقاء القبض من أسهل العوامل لمالحقة ومتابعة كل متهم وإحالته على المحاكم‪،‬‬
‫وقد يحقق هذا المقتضى فائدة أكبر في حالة تعذر معرفة مكان ارتكاب الجريمة أو محل إقامة‬
‫الجاني‪ .‬وفي حالة تعدد المحاكم في قضية واحدة فإن االختصاص يكون حسب الترتيب بدءا‬
‫بمحكمة مكان ارتكاب الجريمة ثم محل إقامة الجاني وأخيرا محكمة إلقاء القبض‪ .140‬وهو قد‬

‫‪ -139‬يوسف قجاج ‪ ،‬م ‪ ،‬س‪ ،‬ص‪.4‬‬


‫‪ -140‬حامدة الفيدة‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.427‬‬
‫‪62‬‬
‫يؤدي إلى تخلي بعض المحاكم لفائدة أخرى تحقيقا للعدالة وردعا لكل خارج عن القانون‬
‫وتجاوز لمشكلة االختصاص القضائي في الجرائم اإللكترونية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تنازع االختصاص القضائي في أفعال التنمر اإللكتروني‬


‫إذا كان االختصاص القضائي على المستوى الوطني ال يثير أي إشكال إذ يتم الرجوع في‬
‫تحديده إلى المعايير المحددة سلفا في قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬فإن المشكلة تثار بالنسبة‬
‫لالختصاص على المستوى الدولي بين الدول وذلك في ظل عالمية وخصوصية جرائم‬
‫اإلنترنيت من جهة‪ ،‬والختالف التشريعات والنظم القانونية من جهة أخرى‪.141‬‬

‫وإبرازا لذاتية وخصوصية هذه الجرائم – الجرائم اإللكترونية – وكذلك التنمر اإللكتروني‬
‫فقد يقع السلوك اإلجرامي في دولة معينة‪ ،‬في حين أن النتيجة اإلجرامية تتحقق في دولة‬
‫أخرى‪ ،‬ويكون بالتالي قانون كل دولة تت حقق فيها الركن المادي للجريمة قابال للتطبيق‪ ،‬الشيء‬
‫الذي يؤدي إلى تنازع إيجابي في االختصاص بين أكثر من تشريع وطني وبين أكثر من دولة‬
‫لمالحقة نفس النشاط اإلجرامي وكمثال على ذلك‪ :‬فقد يرتكب فعل التنمر عبر الوسائل‬
‫اإللكترونية في بلد ويتلقاه الضحية في بلد آخر بعد أن يمر هذا الفعل في كثير من األحيان‬
‫بأكثر من دولة قبل أن يصل إلى دولة االستقبال‪ ،‬فمثل هذه الحالة تفرض تنازعا في‬
‫االختصاص بل غموضا في تحديد معياره‪ .‬وبالتالي يثار التساؤل‪ :‬هل العبرة في تحديد جهة‬
‫االختصاص بمكان تحقق السلوك اإلجرامي أم بمكان تحقق النتيجة وأي دولة من الدول يمكن‬
‫أن نعتبرها مكان للفعل الجرمي؟‬

‫وحال لهذا اإلشكال‪ ،‬وتحقيقا للتعاون الدولي في مجال مكافحة الجرائم اإللكترونية العابرة‬
‫للحدود فقد تم اعتماد االتفاقية الدولية المتعلقة بالجريمة اإللكترونية من طرف مجلس الوزراء‬
‫األوربي ببودابست بتاريخ ‪ 8‬نونبر ‪ ،2001‬إذ أنه وبالرجوع إلى المادة ‪ 22‬من هذه االتفاقية‬
‫نجدها تنص على كون أنه ‪ :‬يعتمد كل طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى‬
‫وذلك إلقرار االختصاص بشأن أي جريمة تنص عليها المواد من ‪ 2‬إلى ‪ 11‬من هذه االتفاقية‪،‬‬

‫‪ -141‬آمال فكيري‪ ":‬إشكاالت اإلثبات واالختصاص في جرائم تكنولوجيا اإلعالم واالتصال العابرة للحدود"‪ ،‬مقال منشور‬
‫بمجلة العلوم القانونية والسياسية‪ ،‬عدد ‪ ،17‬يناير ‪ ،2018‬ص ‪.642‬‬
‫‪63‬‬
‫وذلك عندما ترتكب الجريمة في إقليم الدولة أ و على متن إحدى السفن ترفع علم ذلك الطرف‪،‬‬
‫أو على متن إحدى الطائرة المسجلة بموجب قوانينها‪ .‬وكذا كل جريمة مرتكبة من جانب أحد‬
‫مواطنيها‪ ،‬إذا كانت الجريمة معاقب عليها بموجب القانون الجنائي بمكان ارتكابها‪ ،‬أو في‬
‫‪142‬‬
‫حالة ارتكاب الجريمة خارج االختصاص القضائي اإلقليمي ألي دولة‪...‬‬

‫يتضح من خالل قراءة هذه المادة أن االختصاص القضائي في الجرائم المعلوماتية يعود‬
‫الدولة الطرف إذا ارتكبت الجريمة على أراضيها‪ ،‬أو على متن سفينة تحمل علمها‪ ،‬أو على‬
‫متن طائرة مسجلة باسمها‪ ،‬أو إذا ارتكب هذه الجريمة خارج االختصاص المكاني ألي دولة‪،‬‬
‫إال أنه ومع ذلك فقد تقع الدول في حالة تنازع االختصاص فيما بينها بخصوص واليتها في‬
‫متابعة مرتكب الجريمة المعلوماتية‪ .‬وفي هذا الصدد نجد أن البند الخامس من نفس المادة‬
‫المشار إليها أعاله قد عالج هذه المسألة بنصه على إمكانية توافق تلك الدول والتشاور فيما‬
‫بينها من أجل منح االختصاص للدولة التي تكون وضعيتها تسمح بممارسة اختصاصها‬
‫القضائي على الجريمة بشكل أفضل‪ ،‬حيث جاء فيه ما يلي‪ ":‬في حالة مطالبة أكثر من طرف‬
‫من األطراف باالختصاص القضائي بشأن جريمة ما تقررها هذه االتفاقية‪ ،‬يقوم األطراف‬
‫المعنيون متى كان ذلك مالئما‪ ،‬بالتشا ور بخصوص تحديد االختصاص القضائي األكثر‬
‫مالءمة للمحاكمة‪.143‬‬

‫وهو نفس التوجه الذي سارت عليه االتفاقية العربية المتعلقة بمكافحة جرائم تقنية‬
‫المعلومات إذ نصت في مادتها ‪ 30‬الفقرة األولى على أنه‪ :‬تلتزم كل دولة طرف بتبني‬
‫اإلجراءات الضرورية لمد اختصاصها على أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا الفصل‬
‫الثاني من هذه االتفاقية وذلك إذا ما ارتكبت الجريمة كليا أو جزئيا أو تحققت "‬

‫أ‪ -‬في إقليم الدولة الطرف‪.‬‬


‫ب‪ -‬على متن سفينة تحمل علم الدولة‪.‬‬
‫ت‪ -‬على متن طائرة مسجلة تحت قوانين الدولة الطرف‪.‬‬

‫‪ -142‬المادة ‪ 22‬من اتفاقية بودابست المتعلقة بمكافحة الجريمة المعلوماتية‪.‬‬


‫‪ -143‬البند الخامس من اتفاقية بودابست‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫ث‪ -‬من قبل أحد مواطني الدولة الطرف إذا كانت الجريمة يعاقب عليها حسب‬
‫القانون الداخلي في مكان ارتكابها خارج منطقة االختصاص القضائي ألي دولة‪.144‬‬

‫إذن وانطالقا من كل ما سبق يتضح أن الجرائم اإللكترونية العابرة للحدود ال تحدها حدود‬
‫على عكس الجرائم التقليدية‪ ،‬فالتنمر اإللكتروني قد يمارسه شخص يحمل حاسوبا وهو مسافر‬
‫على متن طائرة مسجلة باسم الدولة (أ) وحامل لجنسية الدولة (ب) في حين أن الضحية يقطن‬
‫بالدولة (ج)‪.‬‬

‫كما قد يمارس التنمر اإللكتروني من قبل أشخاص متعددي الجنسية على ضحية يحمل‬
‫جنسية مغايرة والعكس كذلك‪ ،‬كما أن التنمر قد يطال شخصيات بارزة وقد يمارس ضد ملوك‬
‫الد ول وقاداتها وبالتالي فهذا النوع من الجرائم يجعلها في بعض األحيان تستعصي على‬
‫الخضوع للقواعد القانونية التي تحكم مسألة االختصاص بالنسبة للجرائم التقليدية‪.‬‬

‫فالتنمر اإللكتروني ال يطرح وحده مشكلة االختصاص القضائي‪ ،‬وإنما جميع الجرائم‬
‫اإللكترونية‪ ،‬األمر الذي يفرض ضرورة العمل على تبني حلول أكثر مرونة تأخذ في الحسبان‬
‫النطاق الجغرافي لهذه الجرائم وسهولة ارتكابها وآلية اقترافها والتخلص من آثارها‪.‬‬

‫‪ -144‬أنظر المادة ‪ 30‬من االتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات‪.‬‬


‫‪65‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬التنمر اإللكتروني في التشريع الجنائي المقارن‬
‫إن ظاااااهرة التنماااار اإللكترونااااي ‪ cyberbullying‬ظاااااهرة عالميااااة ونااااوع‬
‫مختلااف ومغاااير تمامااا عاان أشااكال الجاارائم اإللكترونيااة األخاارى‪ ،‬بحيااث أنهااا أصاابحت‬
‫تهدد جميع بلدان العالم‪.‬‬

‫وقاااد أصااابح انتشاااار وتوساااع ظاااااهرة التنمااار اإللكتروناااي فاااي ظااال الثااااورة‬
‫المعلوماتيااة والتطااور الهائاال الحاصاال علااى مسااتوى وسااائل االتصااال الحديثااة أماارا‬
‫واقعيااا ال س ا يما أن هااذه التكنولوجيااا قااد ربطاات العااالم برباااط واحااد م ان خااالل شاابكات‬
‫المعلوماات الدولياة‪ ،‬وقاد كاان مان أهام العوامال التاي أثارت بال وسااهمت فاي تزاياد هاذه‬
‫الظااااهرة وانتشاااارها بسااارعة مرعباااة مجتاحاااة العاااالم بأساااره؛ التطاااورات العلمياااة‬
‫والتحااااوالت االقتصااااادية واالجتماعيااااة والثقافيااااة العالميااااة والمحليااااة‪ ،‬وكااااذا الفااااراغ‬
‫االجتمااااعي األساااري وغيااااب القااايم والمباااادئ الدينياااة واألخالقياااة لااادى المتنمااارين‪،‬‬
‫والساااعي وراء إثباااات الاااذات ولاااو علاااى حسااااب الغيااار‪ ،‬وكاااان مااان أخطااار العوامااال‬
‫المساااهمة أيضااا فااي انتشااار هااذه الظاااهرة هااو غياااب نااص تشااريعي مناسااب وعقوبااة‬
‫رادعة‪.‬‬

‫ولاااذلك فقاااد باااات التنمااار والوقاااوع ضاااحية لاااه فاااي اآلوناااة األخيااارة يشاااكل قلقاااا‬
‫اجتماعياااا حقيقياااا علاااى الصاااعيدين العرباااي والعاااالمي‪ ،‬فقاااد تزاياااد حجماااا ونوعاااا‬
‫وأسلوبا‪.145‬‬

‫وإزاء هااذا الوضااع المقلااق فقااد حملاات الاادول علااى عاتقهااا لااواء البحااث فااي هااذا‬
‫الجانااب وحرصااات علااى تطاااوير نظااام المكافحااة التشاااريعية لااديها بإدخالهاااا نصاااوص‬
‫تشاااريعية عقابياااة وإجرائياااة تتوافاااق وظااااهرة اإلجااارام التقناااي الحاااديث بشاااكل عاااام‬
‫وظاهرة التنمر اإللكتروني بشكل خاص‪.‬‬

‫‪ -145‬أ دهم رجب محمود الخفاجي‪ ":‬أثر برنامج إرشادي في تنمية المهارات االجتماعية لدى ضحايا التنمر المدرسي"‪ ،‬رسالة‬
‫لنيل شهادة ماجستير آداب في اإلرشاد النفسي والتوجيه التربوي‪ ،‬كلية التربية األساسية‪ ،‬قسم اإلرشاد النفسي والتوجيه‬
‫التربوي‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2015‬ص‪.5‬‬
‫‪66‬‬
‫وبناااء عليااه فااإن معالجتنااا لموضااوع التنماار اإللكترونااي علااى مسااتوى التشااريع‬
‫الجناااائي المقاااارن ساااوف تكاااون وفاااق مبحثاااين رئيسااايين‪ ،‬نخصاااص المبحثثثث األول‬
‫للحاااديث عااان موقاااف التشاااريعات األجنبياااة مااان جريماااة التنمااار اإللكتروناااي علاااى أن‬
‫نتطااارق فاااي المبحثثثث الثثثثاني إلاااى موقاااف التشاااريعات العربياااة مااان جريماااة التنمااار‬
‫اإللكتروني‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التنمر اإللكتروني على ضوء التشريعات األجنبية‬


‫إن التنماار االلكترونااي لاايس بظاااهرة محليااة أو مقتصاارة علااى مجتمااع معااين دون‬
‫آخاار‪ ،‬فهااي منتشاارة بااين كاال المجتمعااات بشااكل متفاااوت‪ ،‬وهااو األماار الااذي اقتضااى ماان‬
‫التشااريعات علااى قلتهااا‪ ،‬وضااع ترسااانة قانونيااة وتشااريعية لمكافحااة هااذا النااوع ماان‬
‫األفعااال التااي يغيااب فيهااا الااوازع األخالقااي‪ .‬فااي الوقاات الااذي ال نجااد فيااه أي تنظاايم‬
‫قااانوني خااااص فاااي أغلاااب التشاااريعات المقارناااة‪ ،‬فقاااد أخاااذت بعضاااها فقاااط باااالقوانين‬
‫العقابيااااة التقليديااااة‪ ،146‬وعملاااات علااااى تطويعهااااا لتشاااامل مختلااااف أشااااكال التنماااار‬
‫اإللكتروني‪.‬‬

‫وهاااو األمااار الاااذي ثاااار معاااه خاااال ف حاااول ضااارورة التااادخل جنائياااا بنصاااوص‬
‫خاصااة لمواجهااة هااذه الظاااهرة‪ ،‬كمااا أنااه وفااي حالااة اإلقاارار بضاارورة تاادخل القااانون‬
‫الجناااائي لمواجهاااة هاااذه الظااااهرة‪ ،‬فإناااه يثاااار التسااااؤل حاااول مااادى كفاياااة نصاااوص‬
‫التجااريم التقليديااة لمواجهااة هااذه الظاااهرة وتكييفهااا جنائيااا فااي إطااار مااا تقاارره هااذه‬
‫النصااوص مااان جاار ائم‪ ،‬وذلاااك العتباااارات محتملااة ياااأتي فاااي مقاادمتها‪ :‬االمتثاااال لماااا‬
‫يقاارره مباادأ الشاارعية الجنائيااة ووجااوب التفسااير الضاايق للنصااوص الجنائيااة‪ ،‬وحظاار‬
‫القياااس فيهااا لتطبيقهااا علااى وقااائع لاام تكاان فااي ذهاان المشاارع عنااد صااياغته للاانص‬
‫الجنااائي‪ ،‬بحيااث ماان الااالزم مواجهتهااا بنصااوص خاصااة مسااتحدثة تعااالج هااذه الظاااهرة‬
‫فااي جوانبهااا المختلفااة‪ ،‬ممااا يساامح بوجااود مقاربااة قانونيااة تحماال فااي طياتهااا عناصاار‬
‫ذاتيتهاااا الخاصاااة القائماااة علاااى تحدياااد تشاااريعي دقياااق لمضااامون التنمااار االلكتروناااي‬

‫‪ -146‬التنمر االلكتروني‪ ،‬أية حماية قانونية وقضائية للضحية‪ ،‬مقال منشور على الموقع االلكتروني التالي‪:‬‬
‫‪ https://www.aljami3a.com‬تم اإلطالع عليه يوم‪ 2022 /11/20 :‬على الساعة ‪.16:34‬‬
‫‪67‬‬
‫وصااوره ونطاااق التجااريم وحاادوده وضااوابطه‪ ،‬ومااا يترتااب عليااه ماان أثااار خاصااة‬
‫بااالجزاء الجنااائي المقاارر عنهااا‪ ،‬سااواء تمثاال فااي عقوبااات جنائيااة خالصااة أو جمعاات‬
‫معهااا بعااض ماان التاادابير غياار الجنائيااة الكفيلااة بتحقيااق فعاليااة المواجهااة‪ ،‬بمااا يضاامن‬
‫عاادم التساالط عنااد اسااتخدام الخاادمات التااي توفرهااا شاابكات االنترنياات‪ ،‬وعلااى وجااه‬
‫الخصوص وسائل التواصل االجتماعي‪.147‬‬

‫وبناااء عليااه‪ ،‬فااإن معالجتنااا لظاااهرة التنماار االلكترونااي علااى مسااتوى التشااريعات‬
‫المقارناااة ساااوف تكاااون وفاااق مطلباااين‪ :‬نخصاااص المطلثثثب األول للحاااديث عااان التنمااار‬
‫اإللكترونااي فااي التشااريع االنجلوسكسااوني‪ ،‬علااى أن نتطاارق فااي المطلثثب الثثثاني إلااى‬
‫التنمر اإللكتروني في التشريع الالتيني ‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التنمر االلكتروني في التشريع األنجلوسكسوني‬


‫أضااحت ظاااهرة التنماار االلكترونااي اليااوم تشااكل خطاارا متفاقمااا يهاادد جميااع بلاادان‬
‫العااالم‪ ،‬علااى اخااتالف إيااديولوجياتها ‪ ،‬ممااا يؤكااد علااى عاادم إمكانيااة تجاهلهااا أو التعاماال‬
‫معهااا علااى كونهااا ظاااهرة عاديااة‪ ،‬الساايما وأن خطااورة هااذه الظاااهرة تاازداد حاادة مااع‬
‫تنامي استخدام االنترنيت‪ ،‬وتزايد شعبية مواقع التواصل االجتماعي‪.‬‬

‫ومااان أجااال ذلاااك فقاااد ساااارعت العدياااد مااان الااادول األجنبياااة الخطاااى مااان أجااال‬
‫التصاادي لهااذه الظاااهرة ومواجهتهااا‪ ،‬وذلااك ماان خااالل الاانص صااراحة علااى تجااريم هااذه‬
‫الظااااهرة ووضاااع حاااد للسااالوكيات التنمرياااة التاااي أصااابحت تساااتهدف جمياااع الفئاااات‬
‫العمرية‪.‬‬

‫وقااااد أدت حادثااااة االنتحااااار المأساااااوية للطفلااااة المراهقااااة ‪MEGANMEIR‬‬


‫بالواليااات المتحاادة األمريكيااة فااي ساانة ‪ 2006‬إلااى لفاات االنتباااه القااومي إلااى اآلثااار‬
‫الماادمرة لظاااهرة التحاارش الجنسااي عباار االنترنياات والتساالط االلكترونااي‪ ،‬فقااد كاناات‬
‫الفتاااة المااذكورة تبلااغ ماان العماار ‪ 13‬عامااا‪ ،‬تلميااذة فااي إحاادى الماادارس المتوسااطة‪ ،‬وقااد‬

‫‪ -147‬خالد موسى التوني‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.16 :‬‬


‫‪68‬‬
‫انخرطاات هااذه الفتاااة مااع زمياال لهااا فااي ساان المراهقااة ياادعى‪ JOSH EVANS‬ماان‬
‫خااالل أحااد مواقااع التواصاال االجتماااعي يطلااق عليااه ‪ my space‬بيااد أن هااذه العالقااة‬
‫التااي باادأت فااي شااكل رسااائل متبادلااة ماان الغاازل واإلعجاااب‪ ،‬ساارعان مااا تحولاات إلااى‬
‫رسااائل تهجاام وإهانااات وتنماار‪ ،‬ممااا دفااع بهااا إلااى اإلقاادام علااى االنتحااار ووضااع حااد‬
‫لحياتهااا‪ ،‬حيااث ف وجئاات والاادة الفتاااة المااذكورة بابنتهااا وقااد تاادلت ماان السااقف ملعقااة ماان‬
‫رقبتهاااا‪ ،‬بعاااد أن أقااادمت علاااى االنتحاااار فاااي ذات الياااوم‪ ،‬الاااذي كتاااب فيهاااا صاااديقها‬
‫منشورا على االنترنيت يقول فيهك " إن العالم سيكون مكانا أفضل من دونك"‪.148‬‬

‫وال تعاااد حادثاااة الفتااااة ‪ MEGAN‬فريااادة أو معتاااادة فاااي هاااذا الساااياق‪ ،‬حياااث‬
‫يتكاارر حاادوث ظاااهرة التنماار االلكترونااي فااي أشااكال وسااياقات متعااددة‪ ،‬إذ يالحااظ أن‬
‫تااأثير هااذه الظاااهرة يطااال األطفااال والشااباب بالدرجااة األولااى‪ ،‬وهمااا الطائفتااان األكثاار‬
‫جدارة بالحماية التشريعية في مختلف الدول‪.‬‬

‫وتعتباار الواليااات المتحاادة األمريكيااة ماان الاادول البااارزة التااي عملاات علااى تجااريم‬
‫أفعااال التنماار االلكترونااي‪ ،‬بحيااث تماات المعاقبااة علااى أفعااال التنماار االلكترونااي ألول‬
‫ماارة فااي عاادد ماان الواليااات المتحاادة األمريكيااة ‪ ،‬إذ ساانت العديااد ماان الواليااات قااوانين‬
‫ضاااد التنمااار االلكتروناااي فاااي سااانة ‪2008‬م (الفقثثثرة األولثثثى)‪ ،‬وإذا كانااات الوالياااات‬
‫المتحااادة األمريكياااة ودول أخااارى قاااد اختاااارت مواجهاااة ظااااهرة التنمااار اإللكتروناااي‬
‫بوضااع تشااريع شااامل وخاااص لمكافحااة ظاااهرة التنماار االلكترونااي‪ ،‬فااإن بعااض الاادول‬
‫ذهباات إلااى تجنااب إصاادار تشااريع شااامل لمكافحااة التنماار االلكترونااي بكافااة صااوره‬
‫وأشاااكاله‪ ،‬واالقتصاااار فقاااط علاااى إصااادار بعاااض القاااوانين الخاصاااة لمكافحاااة بعاااض‬
‫صاااور ا لتنمااار االلكتروناااي‪ ،‬ماااع إمكانياااة الرجاااوع إلاااى القواعاااد العاماااة فاااي قاااانون‬
‫العقوبات لمكافحة باقي الصور األخرى (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪- Alison V. King, Constitutionality of Cyberbullying Laws: Keeping the Online Playground‬‬
‫‪148‬‬

‫‪Safe for Both Teens and Free Speech, 63 Vanderbilt Law Review 845 (2019) Available at:‬‬
‫‪https://scholarship.law.vanderbilt.edu/vlr/vol63/iss3/6.‬‬
‫‪69‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬التنمر االلكتروني في التشريع األمريكي‬
‫علااى إثاار الحادثااة التااي دفعاات الفتاااة المراهقااة ‪ MEGAN‬إلااى االنتحااار شاارع‬
‫الكاااونغرس األمريكاااي وعاااد د مااان الوالياااات األمريكياااة فاااي سااان واقتاااراح تشاااريعات‬
‫خاصاااة لمواجهاااة ظااااهرة التنمااار االلكتروناااي‪ ،‬ويالحاااظ أناااه إذا كانااات العدياااد مااان‬
‫التشااريعات قااد جاااءت مدفوعااة بحاااالت معينااة تظهاار ماادى خطااورة هااذه الظاااهرة‪ ،‬فااإن‬
‫عاادد آخاار ماان هااذه التشااريعات يعكااس جهاادا اسااتباقي لمنااع هااذه الحاااالت المتطرفااة ماان‬
‫التنمر االلكتروني من الحوادث مستقبال‪.149‬‬

‫إال أنااه مااا يالحااظ فااي هااذه التشااريعات أنهااا أتاات مركاازة علااى التحاارش عباار‬
‫االنترنيااات‪ ،‬وعلاااى التنمااار داخااال المااادارس العاماااة‪ ،‬دون أن تاااولي اهتمامهاااا ببااااقي‬
‫صااور التنماار االلكترونااي األخاارى (أوال)‪ ،‬وهااو مااا أدى إلااى بااروز توجيهااات مختلفااة‬
‫تسااااتهدف التوسااااع بتبنااااي رؤى ومقاربااااات شاااااملة لكافااااة مظاااااهر وصااااور التنماااار‬
‫االلكتروني (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التشريعات الخاصة المتبناة لمواجهة التنمر االلكتروني‬

‫حتااى عااام ‪ ، 2009‬كاناات عشاارون واليااة أمريكيااة قااد تبناات تشااريعات خاصااة‬
‫بمواجهاااة ظااااهرة التنمااار االلكتروناااي‪ ،‬وقاااد حاولااات هاااذه التشاااريعات حظااار ظااااهرة‬
‫التنمر بطريقتين‪:‬‬

‫األولاااى بتضااامين بعاااض التشاااريعات الااانص علاااى حظااار بعاااض أفعاااال التنمااار‬
‫االلكترونااي‪ ،‬والثانيااة ماان خااالل الاانص علااى حظاار أفعااال التنماار االلكترونااي بمعناااه‬
‫األوسااع‪ ،‬مااع تضاامين التساالط االلكترونااي فااي التعريااف التشااريعي لمصااطلحات التساالط‬
‫‪bull Ying‬أو الترهيب ‪ intimidation‬أو التحرش ‪.harassement‬‬

‫وفيماااا عااادا التشاااريع المتبناااى فاااي والياااة " اليناااوى" تركاااز تشاااريعات التنمااار‬
‫االلكترونااي بصاافة أساسااية علااى الماادارس العامااة‪ ،‬حيااث تتطلااب هااذه التشااريعات ماان‬

‫‪-Alison Virginia King,ipid.‬‬


‫‪149‬‬

‫‪70‬‬
‫مجاااالس إدارة هاااذه المااادارس بتبناااي سياساااات لحظااار التسااالط االلكتروناااي‪ ،‬بحياااث أن‬
‫هااذه التشااريعات تقااوم علااى المباادأ األساسااي المتمثاال فااي الحااق فااي تلقااي التعلاايم العااام‬
‫فاااي بيئاااة تعليمياااة و فاااي مااادارس عاماااة خالياااة مااان الترهياااب الماااادي أو التحااارش أو‬
‫الضرر أو التهديد بالضرر‪.‬‬

‫ويالحااظ الاابعض أن تفااويض المشاارع فااي عاادد ماان الواليااات المتحاادة األمريكيااة‬
‫ساالطة تحديااد وإنفاااذ حظاار التنماار االلكترونااي فااي الماادارس العامااة‪ ،‬يكشااف عاان أنااه قااد‬
‫اختااار السااياق األكثاار مالءمااة لمعالجااة مشااكلة التساالط االلكترونااي‪ ،‬بحيااث ياارى هااذا‬
‫االتجااااه عااادم مالءماااة تااادخل القاااانون الجناااائي لمعالجاااة اآلثاااار السااالبية التاااي تساااببها‬
‫ظاهرة التنمر االلكتروني على مستوى األحداث في المدارس العامة‪.150‬‬

‫وتفساااااير ذلاااااك أن الساااااماح لمجاااااالس إدارات المااااادارس بوضاااااع السياساااااات‬


‫المناهضااة لمشااكلة التساالط االلكترونااي‪ ،‬يضااع المسااألة فااي يااد المؤسسااات األكثاار تااأثرا‬
‫بصااورة مباشاارة بالمشااكلة‪ ،‬وماان ثاام األكثاار قاادرة علااى إيجاااد حاال لهااا‪ ،‬ماان ذلااك علااى‬
‫ساابيل المثااال أن قااانون التساالط االلكترونااي فااي واليااة واشاانطن يتطلااب ماان الماادارس‬
‫المحلياااة أن تتبناااى السياسا ا ات المناهضاااة للتحااارش والتسااالط االلكتروناااي‪ ،‬مااان خاااالل‬
‫إجااراءات تتضاامن تمثياال األطفااال أو القيمااين علاايهم ومااوظفي المدرسااة‪ ،‬والمتطااوعين‬
‫والطاااالب والماااديرين وممثلاااي المجتماااع المحلاااي‪ ،‬ويالحاااظ أن هاااذا النظاااام التعااااوني‬
‫الااذي يفسااح المجااال الشااتراك كافااة األطااراف ‪ ،‬وهااو بااذلك يمكاان الماادارس ماان وضااع‬
‫السياساااات التاااي تعكاااس مصاااالح الجمياااع‪ ،‬بماااا فااايهم األحاااداث؛ حياااث أناااه الشاااك أن‬
‫الماادارس العامااة التااي يتااوافر لهااا مستشااارون ماادربون لإلرشاااد ‪ ،‬أقاادر علااى مواجهااة‬
‫مشااكلة التنماار االلكترونااي بااين المااراهقين مقارنااة بنظااام العدالااة لألحااداث‪ ،‬ذلااك أنااه‬
‫بااالنظر إلااى العالقااات القائمااة بااين المدر سااين والمااديرين وطالبهاام‪ ،‬فااإنهم أقاادر ماان‬
‫غياارهم علااى منااع واإلمساااك بحاااالت التنماار االلكترونااي علااى األقاال تلااك التااي تحاادث‬
‫فااي المدرسااة‪ ،‬أو تمااس الطااالب حااال وجااودهم فااي فصااول الدراسااة‪ ،‬وماان ثاام فااإذا مااا‬

‫‪- Alison Virginia king,ipid.‬‬


‫‪150‬‬

‫‪71‬‬
‫طبقااات هاااذه المقارباااة بفعالياااة‪ ،‬فاااإن المااادارس بإمكانهاااا التااادخل لحااال مشاااكلة التنمااار‬
‫االلكت روناااي بسااارعة أكباااار‪ ،‬وعلاااى درجااااة أقااال إزعاجاااا لحياااااة الطاااالب مقارنااااة‬
‫باإلجراءات القضائية‪.151‬‬

‫إال أنااه ومااا يالحااظ علااى هااذه القااوانين أنهااا ال تتضاامن معالجااة لمشااكلة التنماار‬
‫االلكتروناااي‪ ،‬إال عنااادما تثاااور هاااذه المشاااكلة فاااي نطااااق اختصااااص مجاااالس إدارات‬
‫الماادارس‪ ،‬ومعنااى ذلااك أن مثاال هااذه القااوانين ال تنطبااق علااى أوجااه الساالوك المشااكل‬
‫لجريمااة التنماار االلكترونااي‪ ،‬إال عناادما يقااع الساالوك فااي سااياق معااين هااو الماادارس‬
‫العامااة‪ ،‬بمااا يعناااي تاارك جانااب كبيااار ماان مشااكلة التنمااار االلكترونااي خااارج نطااااق‬
‫التاادخل‪ ،‬وذلااك عناادما يقااع الساالوك المشااكل لظاااهرة التنماار خااارج الحاارم المدرسااي أو‬
‫بعد انتهاء ساعات الدراسة‪.‬‬

‫بياااد أن إدراك المشااارع لهاااذه المساااألة دفاااع السااالطات التشاااريعية فاااي بعاااض‬
‫الوالياااات إلاااى تضااامين قاااوانين لمواجهاااة التنمااار االلكتروناااي الواقاااع خاااارج أساااوار‬
‫الماادارس‪ ،‬وهااو األماار المالحااظ علااى مسااتوى واليااة " الينااوى"‪ ،‬حيااث يعااد قانونهااا‬
‫األكثاار شااموال بااين قااوانين التساالط االلكترونااي المتبناااة فااي الواليااات المتحاادة األمريكيااة‬
‫األخاارى‪ ،‬وآيااة ذلااك أن قااانون التنماار االلكترونااي فااي واليااة الينااوى ال يقتصاار تطبيقااه‬
‫خالفااا فااي الواليااات األخاارى علااى بيئااة الماادارس العامااة فقااط‪ ،‬حيااث يحظاار قااانون‬
‫واليااة الينااوى للتنماار االلكترونااي التحاارش ماان خااالل وسااائل االتصااال علااى اتس ااعها‪،‬‬
‫وماان ناحيااة أخاارى‪ ،‬فااإن القااانون المااذكور يطبااق علااى البااالغين تمامااا كمااا يطبااق علااى‬
‫طاااالب الماااادارس‪ ،‬كمااااا يحظاااار هااااذا القاااانون بصاااافة خاصااااة التوصاااايل أو النقاااال‬
‫االلكترونااااي لوسااااائل يقصااااد بهااااا التحاااارش بشااااخص‪ ،‬يصاااال عمااااره ‪ 13‬ساااانة أو‬
‫التحريض المتعمد لشخص آخر على نقل مثل هذه الوسائل‪.152‬‬

‫‪ 151‬خالد موسى التوني‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.146-145 :‬‬


‫‪-Alison Virginia King, ipid,p 861.152‬‬
‫‪72‬‬
‫إال أنااه ومااع ذلااك‪ ،‬فااإن مااا يالحااظ علااى هااذه التشااريعات كونهااا أنهااا قااد تبناات‬
‫مقاربااة قانونيااة لمواجهااة صااورة واحاادة ماان التنماار االلكترونااي‪ ،‬وهااي تلااك القائمااة‬
‫علاااى أفعاااال التحااارش بااااآلخرين‪ ،‬بغاااض النظااار عااان فئااااتهم العمرياااة‪ ،‬فاااي حاااين أن‬
‫المقاربااة التشااريعية األمثاال ماان وجهااة نظرنااا كااان ماان الواجااب أن تقااوم علااى مضاامون‬
‫موضاااوعي أكثااار اتسااااعا وشاااموال‪ ،‬بحياااث تتضااامن جمياااع أفعاااال التنمااار االلكتروناااي‬
‫التااي تااتم فااي إطااار غياار مباارر اتجاااه اآلخاارين‪ ،‬أيااا كااان هاادفها أو الغاارض منهااا أو‬
‫مكااان ارتكابهااا‪ ،‬وعلااى وجااه الخصااوص تجااريم صااور التنماار التااي تحماال فااي طياتهااا‬
‫خطاارا عامااا‪ ،‬يهاادد مصااالح علااى درجااة ماان األهميااة االجتماعيااة التااي تباارر مواجهتهااا‬
‫بنصاااوص جنائياااة كاااالتنمر العنصاااري والسياساااي بوصااافها صاااورا تقتضاااي مواجهاااة‬
‫جنائيااة بنصااوص تشااريعية خاصااة‪ ،‬ولعاال هااذا النقااد هااو مااا جعاال بعااض الواليااات‬
‫األمريكيااة تااذهب إلااى مقاربااات قانونيااة شاااملة تتماشااى مااع المفهااوم الواسااع لظاااهرة‬
‫التنمر االلكتروني‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التشريعات المقترحة لمواجهة ظاهرة التنمر االلكتروني‬

‫باإلضااافة إلااى قااوانين التنماار االلكترونااي السااارية المفعااول والمشااار إليهااا أنفااا ‪،‬‬
‫فااإن عااددا آخاار ماان الواليااات األمريكيااة‪ ،153‬أعاادت مشاااريع كقااوانين مقترحااة لمواجهااة‬
‫ظااااهرة التسااالط االلكتروناااي‪ ،‬وإن كانااات هاااذه المشااااريع الزالااات فاااي طاااور النقااااش‬
‫السياسي‪.154‬‬

‫ومااا يالحااظ علااى هااذه المشاااريع أنااه ثمااة تشااابه واضااح بااين مشااروعات القااوانين‬
‫المقترحااة فااي الواليااات المشااار إليهااا أنفااا‪ ،‬وبااين القااوانين السااارية فعااال فااي بعااض‬
‫الواليات األخرى‪ ،‬السيما من ناحية تركيز هذه المشاريع على بيئة المدرسة‪.‬‬

‫‪ -153‬وتشمل كل من والية كاليفورنيا و كونيتيكت وهاواي وكنتا كي وبنسلفانيا‪ ،‬مين ‪ ،‬ميسوري‪ ،‬نيويورك‪ ،‬بنسلوفانيا‪،‬‬
‫فيرمونتا‪.‬‬
‫‪ -154‬كما اقترح المجلس التشريعي في واشنطن مشروع قانون من شأنه تعزيز قانون التنمر الحالي ‪ ،‬والذي يغطي التنمر‬
‫عبر الوسائل اإللكترونية‪ .‬و باإلضافة إلى سياسات مكافحة التنمر يتطلب القانون المقترح تنفيذ إجراءات مكافحة التنمر نظ ًرا‬
‫ألن التغييرات المقترحة على القانون ضئيلة ‪ ،‬فلن يتم تضمينها في المناقشة أعاله لقوانين التسلط عبر اإلنترنت المقترحة‪.‬‬
‫‪https://www.stopbullying.gov/resources/laws/washington‬‬
‫‪73‬‬
‫وتتطلاااب العدياااد مااان مشااااريع القاااوانين المقترحاااة ماان المااادارس المحلياااة اتخااااذ‬
‫طائفااة ماان اإلجااراءات لتحديااد واإلبااالغ وتوثيااق حااوادث التساالط االلكترونااي‪ ،‬ويااذهب‬
‫مشااروع القااانون المقتاارح فااي واليااة كنتاااكي األمريكيااة خطااوة أبعااد ‪ ،‬عناادما يتطلااب‬
‫ماان الماادارس المحليااة تااوفير تاادريب كافااة المهنيااين‪ ،‬الااذين لااديهم اتصااال مباشاار مااع‬
‫الطاااالب‪ ،‬وذلاااك لمسااااعدتهم علاااى تحدياااد أوجاااه السااالوكيات المشاااكلة لظااااهرة التنمااار‬
‫االلكترونااي‪ ،‬والعماال علااى منعهااا‪ ،‬كمااا يتضاامن مشااروع القااانون المقتاارح فااي واليااة‬
‫فيرموناات أيضااا بعاادا تربويااا‪ ،‬حيااث يتطلااب مشااروع القااانون األخياار ماان وزارة التعلاايم‬
‫‪SECONDRY‬‬ ‫علاااااى مساااااتوى ال والياااااة‪ ،‬إنشااااااء منتااااادى ترباااااوي ثاااااانوي‬
‫‪ EDICATOIN CURRICULUN‬باإلضاااافة إلاااى تعلااايم ضاااوابط األماااان علاااى‬
‫شاااابكة االنترنياااات‪ ،‬بمااااا فااااي ذلااااك االعتااااراف واإلبااااالغ عاااان ممارسااااات التساااالط‬
‫اإللكترونااي‪ .‬وبالمثاال فااإن المشاارع فااي واليااة كاليفورنيااا الااذي ساان بالفعاال قانونااا يساامح‬
‫بطااارد الطاااالب الاااذين يتورطاااون فاااي ارتكااااب السااالوك المشاااكل لظااااهرة التسااالط‬
‫اإللكتروناااي‪ ،‬كماااا يااادرس أيضاااا تبناااي تشاااريع إضاااافي يتطلاااب إجاااراء دراساااة بشاااأن‬
‫اآلثار السلبية لظاهرة التسلط االلكتروني في المدارس العامة‪.‬‬

‫ويمكاان القااول بااأن عااددا قلاايال ماان القااوانين المقترحااة يتساام باالتساااع المفاارط‪ ،‬ماان‬
‫ذلاااك علاااى سااابيل المثاااال القاااانون المقتااارح فاااي والياااة "ماااين" الاااذي يغطاااي األفعاااال‬
‫المرتكبااة مااان خاااالل طائفااة واساااعة مااان الوساااائل التكنولوجيااة الحديثاااة‪ ،‬التاااي تشااامل‬
‫الوساااائل النصاااية التاااي يااازداد اساااتخدامها بصاااورة ملحوظاااة مااان جاناااب الماااراهقين‪،‬‬
‫ويشاامل القااانون فااي واليااة فرموناات التساالط االلكترونااي الااذي يحاادث فااي أي موقااع كااان‬
‫إذا كااان اسااتخدام التكنولوجيااا يقااع فااي الوسااط المدرسااي‪ ،‬والشااك أن هااذه المقاربااة تفااتح‬
‫للماادارس ساالطة بالغااة االتساااع للعقاااب علااى أفعااال التساالط اإللكترونااي التااي تااتم ماان‬
‫خالل أجهزة الكمبيوتر‪ ،‬خاصة تلك التي تقع خارج الحرم المدرسي‪.155‬‬

‫‪ -155‬خالد موسى التوني‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.154 :‬‬


‫‪74‬‬
‫وتأسيساااا علاااى ماااا سااابق‪ ،‬وفاااي نهاياااة عاااام ‪ 2018‬أصااابحت جمياااع الوالياااات‬
‫المتحااادة األمريكياااة‪ ،‬لاااديها تشاااريعات لمكافحاااة ظااااهرة التنمااار االلكتروناااي‪ ،‬وذلاااك‬
‫بصااورة ودرجااات متفاوتااة‪ ،‬حيااث تحظاار ثمانيااة و أربعااون واليااة التحاارش‪ ،‬باعتباااره‬
‫صورة من صور ظاهرة التنمر االلكتروني‪.‬‬

‫وتحظاار ‪ 23‬واليااة جاارائم التنماار االلكترونااي‪ ،‬ولكاان هناااك ‪ 17‬واليااة أمريكيااة‬


‫فقااط التااي تتطلااب ماان الماادارس وضااع سياسااات للتعاماال مااع ظاااهرة التنماار االلكترونااي‬
‫أو التحااارش اإللكتروناااي‪ ،‬الاااذي يحااادث خاااارج المااادارس أو الجامعاااات‪ ،‬أماااا علاااى‬
‫المساااتوى الفياااديرالي األمريكاااي‪ ،156‬فماااازال لااام يصااادر تشاااريع فياااديرالي لمواجهاااة‬
‫ظاااهرة التنماار اإللكترونااي‪ ،‬إال أن ذلااك ال يمنااع ماان مساااءلة الشااخص قانونيااا إذا تاام‬
‫التنمااار االلكتروناااي علاااى أسااااس العااارق أو اللاااون أو األصااال القاااومي أو الجااانس أو‬
‫اإلعاقااة‪ ،‬إذ فااي هااذه الحالااة يجااوز للمجنااي عليااه أن يبنااي دعااواه علااى أساااس الباااب‬
‫السااادس ماان قااانون الحقااوق المدنيااة األمريكااي الصااادر فااي عااام ‪ 1964‬والم اادة ‪504‬‬
‫ماان قااانون إعااادة التأهياال العااام الفيااديرالي الصااادر فااي عااام ‪ ،1973‬والمااادة الثانيااة‬
‫من القانون األمريكي الفيديرالي لذوي اإلعاقة الصادر في عام ‪.1571990‬‬

‫‪ -156‬تجدر اإلشارة إلى أنه على المستوى الفدرالي فقد تم اقتراح مشروع قانون لمنع التسلط اإللكتروني في أبريل عام‬
‫‪ 2009‬تقدمت به النائبة ‪ linda T.smachez‬يطلق عليه ‪ Megan Meier cyberbullying.‬المشروع يفرض غرامة‬
‫وحبسا يصل إلى سنتين لكل شخص ينقل في سياق التجارة بين الواليات أو التجارة األجنبية أي اتصال بقصد اإلجبار أو‬
‫اإلزعاج أو التحرش أو تسبيب إزعاج عاطفي لشخص من خالل استخدام وسائل إلكترونية لدعم سلوك عدواني متكرر‪ .‬بيد‬
‫أن هذا المشروع الذي كان ي سانده أربعة عشر نائبا من الحزب الديموقراطي ونائبين من الحزب الجمهوري بدا من غير‬
‫المرجح الموافقة عليه‪ ،‬حيث وصف نواب من كال الحزبين الديمقراطي والجمهوري مشروع القانون هذا بأنه يتضمن‬
‫‪Megan Meier Cyberbullying Prevention Act,‬‬ ‫تقييدا غير دستوري لحرية الحديث‪.‬‬
‫)‪H,R.111thcom.(2009‬‬ ‫‪https://www.congress.gov/bill/111th-congress/house-‬‬
‫‪bill/1966/text‬‬
‫‪ -157‬ياسر محمد هللا معي‪ ":‬المواجهة الجنائية لظاهرة التنم ر اإللكتروني في ضوء السياسة التشريعية الحديثة‪ -‬دراسة مقارنة‪-‬‬
‫"‪ ،‬مقال منشور بمجلة روح القوانين‪ ،‬العدد الخامس والتسعون‪ ،‬إصدار يوليوز ‪ ،2021‬ص ‪.126-125‬‬
‫‪75‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التنمر اإللكتروني في التشريع االنجليزي والكندي‬
‫بااادأ االهتماااام بدراساااة التنمااار االلكتروناااي وخاصاااة التنما ار باااين الطاااالب فاااي‬
‫الساابعينيات ماان القاارن الماضااي‪ ،‬بحيااث أصاابح التنماار موضااوعا ماان الموضااوعات‬
‫التي تحظى باهتمام متزايد في العديد من البلدان‪.‬‬

‫وتأسيسااا علااى مااا ساابق‪ ،‬وكمااا تماات اإلشااارة إلااى كااون أن التشااريعات تختلااف فااي‬
‫مواقفهااا ماان حيااث طاارق مواجهااة ظاااهرة التنماار االلكترونااي؛ ففااي الحااين الااذي نجااد‬
‫فياااه أن بعاااض التشاااريعات األنجلوسكساااونية قاااد عالجااات ظااااهرة التنمااار االلكتروناااي‬
‫بنصاااوص واضاااحة المعاااالم ومحاااددة جعلااات مااان هاااذه األخيااارة ‪-‬ظااااهرة التنمااار‬
‫االلكتروناااي ‪-‬جريماااة قائماااة األركاااان‪ ،‬نجاااد أن بعاااض التشاااريعات األنجلوسكساااونية‬
‫األخااارى قاااد اكتفااات بمواجهاااة بعا ا ض الصاااور عااان التنمااار االلكتروناااي اساااتنادا إلاااى‬
‫القواعااد العامااة الااواردة قااانون العقوبااات‪ ،‬أو فااي بعااض القااوانين الخاصااة ذات الصاالة؛‬
‫الشااايء الاااذي يجعااال بااااقي الصاااور األخااارى مااان التنمااار اإللكتروناااي خاااارج دائااارة‬
‫المسائلة والعقاب وذلك هو حال كل من المشرع االنجليزي والكندي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التنمر اإللكتروني في التشريع االنجليزي‬

‫التنمااار اإللكتروناااي فاااي حاااد ذاتاااه لااايس بجريماااة وال ينظماااه قاااانون محااادد فاااي‬
‫المملكااة المتحاادة‪ ،‬لكاان ومااع ذلااك فقااد يرتكااب الشااخص ماان خااالل ارتكابااه لفعاال ماان‬
‫أفعااال التنماار عباار االنترنياات جريمااة جنائيااة معاقااب عليهااا بموجااب قااانون العقوبااات‬
‫االنجليزي‪.158‬‬

‫فماااع ارتفااااع نساااب التنمااار االلكتروناااي خاصاااة فاااي ظااال التناااوع الاااذي يعرفاااه‬
‫المجتمااع االنجلياازي علااى المسااتوى االجتماااعي‪ ،‬فقااد تنبااه المشاارع فااي المملكااة المتحاادة‬
‫إلااى أهميااة تجااريم األفعااال المكونااة للتنماار االلكترونااي والحيلولااة دون التنماار بصاافة‬
‫غيااار مباشااارة فاااي سلسااالة مااان التشاااريعات كاااان أولهاااا قاااانون مكافحاااة التميياااز ضاااد‬
‫اإلعاقااة فااي ساانة ‪ 1995‬والااذي اسااتلهم فيااه المشاارع االنجلياازي تجااريم مااواطن الحااط‬

‫‪-158 https://www.localsolicitors.com/criminal-guides/the-law-on-cyberbullying.‬‬
‫‪76‬‬
‫ماان الكرامااة وتحقيااق األفضاالية والتمااايز بساابب الجاانس أو اللغااة أو الاادين أو المركااز‬
‫االجتمااااعي والسياساااي ومناااع اإلقصااااء‪ . 159‬فبمقتضاااى هاااذا القاااانون يمكااان للمشااارع‬
‫اإلنجلياازي أن يعاقااب علااى كاال األفعااال التنمريااة‪ ،‬التااي ماان شااأنها إقصاااء الفاارد أو‬
‫الحااط ماان كرامتااه بساابب جنسااه أو حالتااه البدنيااة أو العقليااة أو مركاازه االجتماااعي أو‬
‫السياسااي‪ ،‬هااذا إضااافة إلااى قااانون الحااد ماان الكراهيااة والعنصاارية لعااام ‪ 2005‬الااذي‬
‫نقااال تجاااريم التنمااار نقلاااة نوعياااة إذ عااارف عناصاااره وباااين مقوماتاااه وأوضا اح أهااام‬
‫العقوبات التي تطال األفراد جراء ارتكابه‪.‬‬

‫كماااا أن المشااارع االنجليااازي وفاااي سااابيل مكافحاااة أفعاااال التنمااار االلكتروناااي‪،‬‬


‫يمتلااك قااانون هااو األفضااال فااي العااالم‪ ،‬يساامى قاااانون تحقيااق المساااواة فااي الحقاااوق‬
‫الصااادر ساانة ‪ ،2010‬والااذي يحتااوي علااى مسااارات متنوعااة لتكااريس المساااواة فااي‬
‫الحقااااوق والواجبااااات‪ ،‬والااااذي صاااادر بهاااادف توحيااااد وتحااااديث تشااااريعات تجسااااد‬
‫المساااواة‪ 160‬بااين أفااراد المجتمااع االنجلياازي الواحااد‪ ،‬ويضاام كااذلك تشااريعات غائيااة‬
‫للحااد ماان التنماار والعنااف المنزلااي كقااانون الحااد ماان العنااف المنزلااي ضااد أفااراد األساارة‬
‫وانتشار الجريمة لعام ‪ ،2004‬وهو تشريع جد متطور للحد من التنمر‪.161‬‬

‫هاااذا باإلضاااافة إلاااى مجموعاااة مااان القاااوانين التاااي يمكااان مااان خاللهاااا للمشااارع‬
‫االنجلياازي مواجهااة التنماار االلكترونااي‪ ،‬كقااانون الصااحة والسااالمة العامااة فااي العماال‬
‫لعااام ‪ 1974‬والااذي يضااع علااى عاااتق جميااع أرباااب العماال واجااب الرعايااة وتااوفير‬
‫بيئااة عماال آمنااة للمااوظفين‪ ،‬بحيااث إذا كااان الموظااف ضااحية للتنماار االلكترونااي فااي‬
‫العماال ماان خااالل اسااتخدام معاادات الكمبيااوتر والبيئااة التحتيااة للشااركة يكااون صاااحب‬
‫العماال قااد انتهااك واجبااه فااي حمايااة المااوظفين بموجااب قااانون الصااحة العامااة والسااالمة‬

‫‪159‬‬‫‪-Disability Discrimination Act 1995 - [8th November 1995]- The Disability Discrimination‬‬
‫‪Codes of Practice (Employment and Occupation, and Trade Organisations and Qualifications‬‬
‫‪Bodies) Appointed Day Order 2004 . UK Public General Acts.‬‬
‫‪160- Equality Act 2010 - UK Public General Acts.‬‬

‫‪161- Domestic Violence, Crime and Victims Act 2004- (Amendment) Act 2012- UK Public‬‬

‫‪General Acts.‬‬
‫‪77‬‬
‫فاي العماال؟ كمااا يقااع علااى عاتقااه حماياة الماوظفين ماان األفعااال التااي تشااكل تنماارا داخاال‬
‫بيئااة العماال سااواء كاناات صااادرة منااه ‪ -‬رب العماال ‪ -‬أو ماان زمياال فااي العماال‪ .‬ففااي‬
‫حكاام للمحكمااة الملكيااة جاااء فيااه‪ " :‬أن الساايد مايكاال يااارلو قااد عااانى ماان نوبااة اكتئاااب‬
‫الزمتااه ماادة طويلااة‪ ،‬علااى إثاار تخويفااه وتهديااد رب العماال لااه بفقدانااه وظيفتااه إذا لاام‬
‫ينصاااع إلااى العماال لساااعات طويلااة أو تنفيااذ أوامااره ممااا ساابب لااه مشاااكل فااي القلااب‬
‫وأعااراض جساادية مزمنااة ظاهريااة نتيجااة االسااتقواء بمركااز‪162‬وظيفااي للجاااني الااذي‬
‫كان يتم على عاتقه توفير بنية آمنة للعمل"‪.‬‬

‫وهكاااذا‪ ،‬فبخصاااوص موقاااف القضااااء االنجليااازي تجااااه األفعاااال المشاااكلة للتنمااار‬


‫اإللك تروناااي‪ ،‬فاااإن للقضااااء االنجليااازي صاااالحيات واساااعة فاااي اساااتلهام األفعاااال التاااي‬
‫تاااؤدي إلاااى نتاااائج محظاااورة منبعهاااا التنمااار والمضاااايقة القوليا اة والفعلياااة واالساااتقواء‬
‫واالبتاازاز‪ ،‬فقااد أرساات تطبيقااات الااركن المااادي والمعنااوي لجريمااة التنماار فااي القضاااء‬
‫االنجلياازي قواعااد هامااة وتطبيقااات جوهريااة تضاامنت ضاارورة قيااام أنماااط التنماار علااى‬
‫هاادف غااائي ماان ورائااه حتااى تتأكااد ماان تشااديد العقاااب أو نفااي القصااد‪ ،‬كمااا رصاادت‬
‫مظااااهر جديااادة لااام تساااتوعبها النصاااوص التكميلياااة التاااي تحاااارب الظااااهرة أهماااا‬
‫االستقواء واإلذالل والترهيب واإلقصاء االجتماعي‪.163‬‬

‫ونظااارا الرتفااااع ظااااهرة اإلجااارام االلكتروناااي وكاااذا التنمااار االلكتروناااي داخااال‬


‫الوسااط االنجلياازي تخلااد المملكااة المتحاادة كاال ساانة يومااا وطنيااا " يثثوم اإلنترنيثثت اآلمثثن‬
‫"‪ ،‬بحياااث يهااادف هاااذا الياااوم الاااوطني لالحتفاااال باااالطرق الساااليمة التاااي تقتضااايها‬
‫تكنولوجيااا الحياااة اليوميااة وتشااجع الجميااع علااى تطااوير ممارسااات أكثاار أمانااا عباار‬
‫االنترنيت‪.‬‬

‫وهااذا الياااوم هااو حااادث سااانوي بالمملكااة المتحااادة يجماااع األشااخاص مااان جمياااع‬
‫األعمااار بمااا فااي ذلااك المعلمااين ورجااال القااانون واآلباااء واألخصااائيين االجتماااعيين‬

‫‪-162‬أحمد عبد هللا الطيار ‪ ،‬م ‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.1676‬‬


‫‪ -163‬أحمد عبد هللا الطيار ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.1676‬‬
‫‪78‬‬
‫وشاااركات تكنولوجياااا المعلو ماااات وصاااناع السياساااات للمسااااعدة فاااي تطاااوير أسااااليب‬
‫اسااتعمال االنترنياات األكثاار أمانااا‪ ،‬بحيااث ياارى الاابعض أنااه فااي هااذا اليااوم الااوطني‬
‫سيكون المتنمرون اإللكترونيون أقل انتشارا وأقل نجاحا‪.164‬‬

‫ثانيا‪ :‬التنمر اإللكتروني في التشريع الكندي‬

‫بالنساابة للعديااد ماان الكنااديين‪ ،‬تضاامنت بعااض حااوادث التساالط عباار االنترنياات‬
‫ماان قبياال توزيااع الصااور الحميميااة للشااباب والطااالب‪ ،‬إثااارة للقلااق فااي الساانوات القليلااة‬
‫الماضاااية ‪ ،‬والتاااي ثبااات أن لهاااا تاااأثيرا كثيااارا علاااى احتااارامهم لاااذاتهم‪ ،‬وفاااي بعاااض‬
‫الحاااالت تااؤدي بهاام إلااى االنتحااار بحيااث يقااول ثال ثااة ماان كاال عشاار شااباب كنااديين أنهاام‬
‫تعرضوا للتنمر االلكتروني وكانوا ضحية له‪.165‬‬

‫وقااد أدت هااذه الحااوادث المتزاياادة للتنماار االلكترونااي فااي المجتمااع الكناادي إلااى‬
‫زيااادة الااوعي العااام بخطااورة التنماار عباار االنترناات وضااغطت علااى الحكومااات التخاااذ‬
‫إجااراءات قانونيااة ماان التنماار اإللكترونااي والمعاقبااة عليااه‪ ،‬إذ ياادور الجاادل فااي الوقاات‬
‫الحاضاار حااول مااا إذا كااان لاادى نظااام العدالااة الكنديااة قااوانين مناساابة للتعاماال مااع هااذه‬
‫الظاااهرة أم ال‪ ،‬نظاارا ألن آثااار التنماار عباار االنترناات يمكاان أن تكااون شااديدة ويمكاان‬
‫أن تسبب ضررا كبيرا‪.166‬‬

‫وفاااي هاااذا الصااادد‪ ،‬بااادأ القاااانون الكنااادي فاااي االعتاااراف بالتسااالط اإللكتروناااي‬
‫باعتباااره شااكوى مشااروعة‪ ،‬فقااد حااددت نقابااة المحااامين الكنديااة (‪ )CBA‬التساالط عباار‬
‫االنترناات علااى موقفهااا علااى النحااو التااالي‪ :‬التنماار اإللكترونااي هااو نااوع ماان المضااايقات‬
‫باسااتخدام التكنولوجيااا الجدياادة يسااتخدم المتنماارون خاللااه االنترنياات ووسااائل التواصاال‬

‫‪164‬‬‫‪https://www.rayburntours.com/blog/2022/02/01/safer-internet-day-2022/.‬‬
‫‪165‬‬‫‪- https://www.canada.ca/en/public-safety-canada/campaigns/cyberbullying.html.‬‬
‫‪166- Shannon Noonan, Ian Fraser,CYBER-BULLYING AND THE LAW: ARE WE DOING‬‬

‫‪ENOUGH?,Article in The American Association of Behavioral and Social Sciences Journal (The‬‬
‫‪AABSS Journal, 2013, Volume 17), p: 6 and 7.‬‬
‫‪79‬‬
‫االجتماااعي لالنخااراط فااي ساالوك متعمااد ومتكاارر وعاادواني يهاادف إلااى إيااذاء شااخص‬
‫ما أو إخراجه أو تشويهه‪.‬‬

‫وفاااي محاولاااة للتخفياااف مااان المخااااوف المتزايااادة بشاااأن التنمااار عبااار االنترنااات‬
‫أقاارت الحكومااة الكنديااة مشااروع قااانون ‪ ( CB‬قثثانون حمايثثة الكنثثديين مثثن الجثثرائم‬
‫عبثثر االنترنيثثت ) والااذي ياانظم حظاارا علااى نشاار الصااور الحميميااة غياار الرضااائية كمااا‬
‫يحاارم أيضااا التحاارش والساالوكيات المزعجااة التااي تااتم عباار االتصاااالت االلكترونيااة‪.‬‬
‫وقااد حصاال مشااروع القااانون هااذا علااى الموافقااة الملكيااة فااي ‪ 9‬ديساامبر ‪ 2014‬ودخاال‬
‫حيااز التنفيااذ فااي مااارس ‪ ،2015167‬بعااد أن كاناات هناااك العديااد ماان المخاااوف بشااأن‬
‫هااذا القااانون الجديااد بعااد أن تعاارض للعديااد ماان االنتقااادات بساابب االنتهاكااات المحتملااة‬
‫لخصوصاااية الكناااديين بسااابب زياااادة صاااالحية الشااارطة للتحقياااق فاااي الجااارائم عبااار‬
‫اإلنترنيت وإنفاذها بشكل عام‪.168‬‬

‫إال أنااه ومااع ذلااك فهااذا القااانون ال يغطااي كاال أفعااال التنماار االلكترونااي األماار‬
‫الااذي يجعاال مسااألة محاربااة التنماار االلكترونااي فااي المجتمااع الكناادي مسااألة مستعصااية‬
‫فااي ظاال غياااب نااص خاااص يجاارم أفعااال التنماار اإللكترونااي ويحاادد معااالم التجااريم‬
‫والعقاب على هذه الجريمة ‪-‬التنمر اإللكتروني ‪.-‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التنمر االلكتروني في التشريع الالتيني‬


‫قبااال سااانوات كاااان التنمااار مجااارد ظااااهرة حديثاااة ومصاااطلح جدياااد يبحاااث لاااه‬
‫المتخصصاااون فاااي الغااارب عااان تعرياااف متفاااق علياااه‪ ،‬والياااوم بعاااد أن تنامااات هاااذه‬
‫الظاااهرة و تعااددت صااورها و أشااكالها أضااحت جريمااة يعاقااب عليهااا القااانون‪ ،‬بحيااث‬

‫‪167‬‬‫‪-Bill C-13: Canada’s New Cyberbullying Legislation, https://www.kruselaw.ca/library/bill-c-‬‬


‫‪13-canada-s-new-cyberbullying-legislation-kruse-law.cfm.‬‬
‫‪168-Ron‬‬ ‫‪Roesch,‬‬ ‫‪Cyberbullying:‬‬ ‫‪Is‬‬ ‫‪Federal‬‬ ‫‪Criminal‬‬ ‫‪Legislation‬‬ ‫‪the‬‬
‫‪Solution,Article in Canadian Journal of Criminology and Criminal Justice/La Revue‬‬
‫‪canadienne de criminologie et de justice pénale · October 2015, p 2 And 5.‬‬
‫‪80‬‬
‫اتجهاات الحكومااات إلااى اسااتحداث قااوانين تتصاادى لهااذه الظاااهرة بعااد أن تبااين لهاام ماادى‬
‫خطورتها وتأثيرها على ضحايا التنمر‪.‬‬

‫و بهااذا باادأ االهتمااام بدراسااة التنماار و أصاابح موضااوعا ماان الموضااوعات التااي‬
‫تحظااى باهتمااام متزايااد فااي العديااد ماان التشااريعات الالتينيااة‪ ،‬التااي عملاات علااى الحااد ماان‬
‫بعااض صااور التنماار االلكترونااي ماان خااالل إصاادار بعااض القااوانين الخاصااة لمكافحااة‬
‫هااذ ه الصااور الخاصااة ماان التنماار االلكترونااي‪ ،‬مااع إمكانيااة الرجااوع إلااى القواعااد العامااة‬
‫المقررة في قانون العقوبات لمكافحة بعض الصور األخرى‪.‬‬

‫و بناااء عليااه فااإن دراسااتنا للتنماار االلكترونااي فااي إطااار التشااريع الالتينااي سااوف‬
‫تقتصااار علاااى التطااارق لموقاااف المشااارع الفرنساااي باعتبااااره مااان أبااارز التشاااريعات‬
‫الالتينيااة التااي عملاات علااى محاولااة الحااد ماان التنماار االلكترونااي و ذلااك ماان خااالل‬
‫التطاارق إلااى صااور جريمااة التنماار االلكترونااي ( الفقثثرة األولثثى) وكااذل إلااى عقوبااة‬
‫التنمر االلكتروني ( الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬صور جريمة التنمر االلكتروني في التشريع الفرنسي‬


‫يعتباار ا لتشااريع الفرنسااي ماان بااين التشااريعات التااي انضاامت إلااى ركااب الاادول‬
‫التااي عملاات علااى تجااريم أفعااال التنماار االلكترونااي ماان خااالل إفااراد نصااوص خاصااة‬
‫لاابعض صااور هااذا األخياار‪-‬التنماار اإللكترونااي ‪ -‬فقااد وردت هااذه الجريمااة فااي الباااب‬
‫الثااااني مااان الكتااااب الثااااني مااان قاااانون العقوباااات الفرنساااي فاااي الماااادة ‪222-33-2‬‬
‫‪ harcèlement‬و يااااأتي مصااااطلح‬ ‫تحاااات مساااامى التحاااارش المعنااااوي ‪moral‬‬
‫التحاارش ‪ harceler‬فااي اللغااة الفرنسااية القديمااة‪ ،‬بمعنااى إساااءة المعاملااة و التعااذيب‬
‫أو اإلزعااااج‪ ،‬كماااا يقصاااد باااه كاااذلك الخضاااوع دون توقاااف لالعتاااداءات صاااغيرة و‬
‫متكررة و متواصلة ‪.169‬‬

‫‪- Diane Delage: La prévention du harcèlement psychologique: agir à la source,‬‬


‫‪169‬‬

‫‪développement d'un intrument de mesure, Université du Québec à Trois-Rivières, 2006, p.27-‬‬


‫‪28.‬‬
‫‪81‬‬
‫وقااد تتبااع المشاارع الفرنسااي فااي تجريمااه للتحاارش المعنااوي (التنماار المعنااوي)‬
‫مسااتويات مختلفااة‪ ،‬بحيااث أن قااانون العقوبااات الفرنسااي يتضاامن نصوصااا تعاقااب علااى‬
‫التنماار بحسااب إذا مااا تاام ارتكابااه فااي بيئااة العماال‪ ،‬و أخاارى تعاقااب عليااه بحسااب مااا إذا‬
‫تاام ارتكاباااه فااي إطاااار العالقااة الزوجياااة أو فااي إطاااار اتفاااق تضاااامني ماادني أوباااين‬
‫خليلين‪ ،‬و أخرى تعاقب عليه إذا ما تم ارتكابه في صورة تحرش جنسي‪.‬‬

‫وهو ما سنوضحه على الشكل التالي‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬تجريم التنمر في بيئة العمل‬

‫تنااااول المشااارع الفرنساااي التنمااار فاااي بيئاااة العمااال فاااي إطاااار عالقاااة الااارئيس‬
‫بمرؤوسااه فااي إطاااار المااادة ‪ 222-33-2‬مااان قااانون العقوبااات ‪ ،‬ووفقااا لهااذه الماااادة‬
‫يعاارف التنماار بأنااه مضااايقة اآلخاارين ماان خااالل القااول أو الفعاال المتكاارر الااذي يكااون‬
‫هدفااه أو أثااره تاادهور ظااروف العماال التااي يحتماال معهااا المساااس بحقااوق العمااال أو‬
‫كااارامتهم‪ ،‬أو تاااؤثر فاااي صاااحتهم الجسااادية أو العقلياااة‪ ،‬أو تعااارض مساااتقبلهم المهناااي‬
‫للخطر‪.170‬‬

‫ويشااترط المشاارع الفرنسااي للعقاااب علااى هااذا النااوع ماان التنماار أن يقااع الساالوك‬
‫المكااون للفعاال اإلجرامااي بشااكل متكاارر فااي بيئااة العماال أو بمناساابته‪ ،‬كمااا يكفااي للعقاااب‬
‫أن يكون أثر هذا السلوك التنمري محتمل‪.‬‬

‫ولمااا كااان هااذا النااوع ماان التنماار يقااع بااين العاااملين فااي بيئااة عماال معينااة‪ ،‬أو ماان‬
‫صاااحب مصااالحة بمناساابة أداء العمااال ( زبااون ماااثال) فااإن الجااااني قااد يكاااون رئيساااا‬
‫للمجنااي عليااه‪ ،‬بحيااث يكااون التنماار فااي هااذه الحالااة رأساايا ماان األعلااى إلااى األساافل أي‬

‫‪ -170‬تنص المادة ‪ 222-33-2‬من قانون العقوبات الفرنسي على ما يلي ‪ " :‬يُعاقب على حقيقة التحرش باآلخرين من خالل‬
‫مالحظاتهم أو سلوكياتهم المميزة التي تهدف أو تؤدي إلى تدهور ظروف العمل من قابلية التعدي على حقوقهم وكرامتهم ‪،‬‬
‫أو تغيير صحتهم الجسدية أ و العقلية أو المساس بمستقبلهم المهني بالسجن لمدة عامين وغرامة قدرها ‪ 30‬ألف يورو "‪ .‬وهو‬
‫المفهوم نفسه الذي تبناه المشرع الفرنسي للتنمر في قانون العمل؛ بحيث تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 122-49‬من قانون‬
‫العمل على ما يلي‪“ :‬يجب أال يتعرض أي موظف ألعمال مضايقة أخالقية متكررة يكون هدفها أو تأثيرها تدهور ظروف‬
‫العمل التي من المحتمل أن تنتهك حقوقهم وكرامتهم ‪ ،‬أو لتغيير صحتهم الجسدية أو العقلية أو تعرض مستقبلهم المهني‬
‫للخطر ”‪.‬‬
‫‪82‬‬
‫تنماار ساالطوي‪ ،‬وقااد يكااون التنماار أفقيااا عناادما يرتكااب ماان أحااد العاااملين اتجاااه زميلااه‬
‫فااي المسااتوى الااوظيفي نفسااه‪ ،‬كمااا قااد يمكاان أن يكااون عموديااا إلااى األعلااى حينمااا يكااون‬
‫الجاني مرؤوسا لضحيته‪.‬‬

‫وفااي هااذا الصاادد ذهباات محكمااة الاانقض الفرنسااية إلااى ترساايخ اتجاااه التوسااعة‬
‫فااي تعريااف التحاارش المعنااوي( التنماار المعنااوي) فااي حكمهااا الصااادر فااي ‪ 6‬كااانون‬
‫األول لعاااام ‪ 2011‬المتعلاااق بالسااايد ( بييااار) ضاااد مااادير العمااال بااادعوى التحااارش‬
‫المعناااوي‪ ،‬بقولهاااا " مفهاااوم المرتكاااب لجريماااة التحااارش المعناااوي ‪ ،‬يجاااب أن يخضاااع‬
‫للمعنى الواسع‪ ،‬بحيث يمكن أن يكون رئيسا أو مرؤوسه أو زميل أو موظف‪.171‬‬

‫وهااو مااا يعنااي أن التحاارش المعنااوي كصااورة ماان صااور التنماار االلكترونااي‪،‬‬
‫يمكن توقعه من الزميل كما المدير‪.‬‬

‫إذن يتضااح لنااا يكااون المشاارع الفرنسااي فااي تجريمااه للتنماار فااي بيئااة العماال قااد‬
‫يتبنااى مفهومااا واسااعا إلااى حااد مااا ‪ ،‬كمااا أنااه ركااز علااى آثااار التنماار أكثاار عاان تركياازه‬
‫علااى أساابابه و عناصااره إضااافة إلااى أنااه يشااترط تكاارار الساالوك التنمااري الصااادر عاان‬
‫المتنمر للعقاب عليه وال يعاقب عليه إذا لم يتحقق شرط التكرار‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التنمر في إطار العالقة الزوجية‬

‫تمااات إضاااافة هاااذه الصاااورة مااان التنمااار بموجاااب القاااانون ‪ 769‬لسااانة ‪2010‬‬
‫بشااأن العنااف ضااد الماارأة و بااين الاازوجين‪ ،‬والااذي أضاااف المشاارع الفرنسااي بموجبااه‬
‫إلااى قااانون العقوبااات المااادة ‪ ،1-2-33-222‬التااي تجاارم التنماار الواقااع بااين األزواج‬
‫أو الشااركاء الماارتبطين بموجااب اتفاااق تضااامني‪ ،‬أو الماارتبطين باادون اتفاااق ( خليلااين)‬
‫ووفقااا لهااذه المااادة يعاارف هااذا النااوع ماان التنماار بأنااه مجموعااة ماان األقااوال أو األفعااال‬

‫‪- Cass.crim. 13 déc. 2016, N° de pourvoi: 15-81.853,‬‬


‫‪171‬‬ ‫‪sur le lien suivant:‬‬
‫‪https://www.legifrance.gouv.fr/juri/id/JURITEXT000033629181/-‬‬
‫‪83‬‬
‫المتكاااررة التاااي يكاااون غرضاااها أو أثرهاااا تااادهور ظاااروف المعيشاااة مماااا ياااؤدي إلاااى‬
‫المساس بالصحة الجسدية أو العقلية للمجني عليه‪.172‬‬

‫و ترتكااب هااذه الصااورة ماان صااور التنماار ماان خااالل المضااايقات التااي تحاادث‬
‫بااين زوجااين أو شااريكين يجمعهمااا اتفاااق تضااامني ماادني أو حتااى بااين خليلااين ‪ ،‬طالمااا‬
‫كاان ساالوك المتنماار متكاررا‪ ،‬و ماان صااور التنماار التاي تقااع فااي إطاار هااذه العالقااات مااا‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ -‬الساايطرة الساالوكية و مثااال ذلااك‪ :‬عاادم اإلنفاااق‪ ،‬الحرمااان ماان االسااتقالل‬


‫المادي‪ ،‬التحكم في ساعات النوم‪ ،‬منع الضحية من الخروج‪.‬‬
‫‪ -‬العزلة من العائلة و األصدقاء‬
‫‪ -‬المضايقة عبر الهاتف‬
‫‪ -‬التحقياار أو السااخرية و عاادم االحتاارام‪ ،‬و إظهااار أن المجنااي عليااه لاايس‬
‫ذي قيمة‪.‬‬
‫‪ -‬أفعال التخويف و االبتزاز‪.‬‬
‫‪ -‬الالمباااالة بالمطالااب العاطفيااة مثاال عاادم اإلحساااس أو عاادم األمااان ممااا‬
‫يولد حالة من النقص أو اإلحباط‪.173‬‬

‫وال يشاااترط إلعماااال مقتضااايات الماااادة ‪ 1-2-33-222‬مااان قاااانون العقوباااات‬


‫الفرنساااي أن تكاااون العالقاااة باااين الجااااني أو الضاااحية مازالااات قائماااة‪ ،‬بحياااث تطباااق‬
‫العقوبااات الااواردة بهااا حتااى عناادما ترتكااب الجريمااة ماان زوج سااابق‪ ،‬أو خلياال سااابق‪،‬‬
‫أو شريك سابق كان مرتبطا بضحيته‪ ،‬باتفاق تضامن مدني‪.174‬‬

‫‪ -172‬أنظر المادة ‪ 222-33-2-1‬من قانون العقوبات الفرنسي‪.‬‬


‫‪- Nada Douraidi: La Violence conjugale à L’égard des Femmes Marocaines et son Impact‬‬
‫‪173‬‬

‫‪Psychiatrique, Thèse n 175, Université Mohammed V, Faculté de Médecine et de Pharmacie,‬‬


‫‪Rabat, 2019, p.41-42.‬‬
‫‪ - 174‬تنص المادة ‪ 222-33-2-1‬من قانون العقوبات في فقرتها الثانية على ما يلي‪ ":‬وتُفرض نفس العقوبات عندما يرتكب‬
‫هذه الجريمة زوج سابق للضحية أو شريك سابق للضحية ‪ ،‬أو شريك سابق مرتبط باألخير بموجب ميثاق تضامن مدني "‪.‬‬
‫‪84‬‬
‫ومااا ينبغااي اإلشااارة إليااه إلااى كااون أن المشاارع الفرنسااي قااد عاقااب علااى التحاارش‬
‫كصااورة ماان صااور التنماار االلكترونااي وفقااا وفااق نمااوذجين‪ ،‬األول فااي إطااار التحاارش‬
‫المعنااوي وهااو مااا تماات اإلشااارة إليااه أعاااله‪ ،‬و الثاااني فااي إطااار التحاارش الجنسااي‪.‬‬
‫فأ مااام اسااتفحال ظاااهرة التحاارش الجنسااي بالوسااط الفرنسااي‪ ،‬و انتشااارها بشااكل واسااع‬
‫خاصااة فااي ظاال التطااور الرقمااي الحاصاال و مااع بااروز هااذه األخياارة فااي صااورة جدياادة‬
‫فااي صااورة التنماار الجنسااي‪ ،‬فقااد عماال المشاارع الفرنسااي علااى تجااريم أفعااال التحاارش‬
‫الجنسااي بمقتضااى المااادة ‪ 222.33‬المعدلااة بموجااب القااانون رقاام ‪ 703‬لساانة ‪2018‬‬
‫التااي يااتم فرضااها – أفعااال التحاارش الجنسااي‪ -‬ماان قباال شااخص سااواء عاان طريااق‬
‫القاااول أو اإلشاااارة أو أي طريقاااة أخااارى ماااادام كاااان لهاااذه الكلماااات أو التصااارفات‬
‫داللااة جنسااية أو تقااويض للكرامااة أو ترتااب عليهااا الخااوف أو اإلهانااة بااالحبس لماادة‬
‫سااانتين و بالغراماااة المالياااة التاااي ال تزياااد عااان ‪ 30.000‬ألاااف ياااورو‪ .‬و فاااي حالاااة‬
‫ارتكاااب التحاارش عباار االنترنياات أو ماان خااالل أي وساايلة رقميااة أو الكمبيااوتر أو فااي‬
‫حالااة مااا إذا كااان المجنااي عليااه قاصاارا لاام يبلااغ ‪ 15‬ساانة أو فااي حالااة اسااتغالل ضااعف‬
‫المجنااي عليااه بساابب الساان أو الماارض أو العجااز سااواء كااان العجااز باادني أو عقلااي أو‬
‫حالااة الحماال أو حالتااه االجتماعيااة أو االقتصااادية‪ ،‬فااإن المشاارع الفرنسااي شاادد العقوبااة‬
‫لتصبح هي السجن لمدة ‪ 3‬سنوات و غرامة مالية ال تزيد عن ‪ 45000‬يورو‪.175‬‬

‫و نسااتخلص ممااا ساابق إلااى كااون أن المشاارع الفرنسااي يجاارم التنماار االلكترونااي‬
‫و الااذي يااتم فااي صااورة التحاارش الجنسااي ‪ ،‬بحيااث يعتباار التنماار المرتكااب فااي إطااار‬
‫التحاااارش الجنسااااي االلكترونااااي أو التحاااارش السااااتغالل ضااااعف المجنااااي عليااااه أو‬
‫التحرش على قاصر من قبيل ظروف التشديد المشددة للعقاب‪.‬‬

‫‪-Article 222-33Version en vigueur depuis le 06 août 2018‬‬


‫‪175‬‬

‫‪Modifié par LOI n°2018-703 du 3 août 2018 - art. 11‬‬


‫‪Modifié par LOI n°2018-703 du 3 août 2018 - art. 13 sur:‬‬
‫‪https://www.legifrance.gouv.fr/codes/article_lc/LEGIARTI000037289662/.‬‬

‫‪85‬‬
‫عااالوة علااى ذلااك ي جاارم المشاارع الفرنسااي التعليقااات أو الساالوكيات القائمااة علااى‬
‫التحااارش الجنساااي و المفروضاااة علاااى شاااخص الضاااحية بشاااكل متكااارر أو ماااا يطلاااق‬
‫عليهااا الغااارات الرقميااة التااي تااتم بالتعليقااات و الرسااائل التااي تشااكل تحرشااات جنسااية‬
‫باعتبارها صورة من صور ظاهرة التنمر االلكتروني في شكل تحرش جنسي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عقوبة التنمر االلكتروني في التشريع الفرنسي‬


‫ساابقت اإلشااارة إلااى كااون أن المشاارع الفرنسااي قااد واجااه التنماار ماان خااالل عاادة‬
‫نماااذج تجريميااة‪ ،‬و بااذلك يقتضااي األماار منااا تناااول العقوبااة المقااررة لجريمااة التنماار فااي‬
‫كل نموذج على حدة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬عقوبة التنمر االلكتروني المرتكبة في إطار عالقة العمل‬

‫نظاام المشاارع الفرنسااي عقوبااة جريمااة التنماار التااي يااتم ارتكابهااا فااي إطااار عالقااة‬
‫العماال فااي المااادة ‪ 222-33-2‬ماان قااانون العقوبااات الفرنسااي ‪ ،‬ووفقااا لهااذه المااادة‬
‫يعاقااب الجاااني الااذي يرتكااب التنماار فااي إطااار عاقااة عماال علااى المجنااي عليااه بعقوبااة‬
‫ا لحبس لمدة تصل إلى سنتين أو بغرامة تصل إلى ثالثين ألف يورو‪.176‬‬

‫ويشااترط لتطبيااق العقوبااات الااواردة فااي المااادة ‪ 222-33-2‬أن يتااوافر العنصاار‬


‫المقتاارض الااذي يتطلبااه هااذا النمااوذج لجريمااة التنماار و الااذي يتمثاال فااي عالقااة العماال‬
‫بااين الجاااني والمجنااي عليااه والتااي ترتكااب الجريمااة فااي إطارهااا‪ ،‬فااإذا انتفاات هااذه‬
‫العالقاااة فاااال تقاااوم جريماااة التنمااار المنصاااوص عليهاااا فاااي الماااادة ‪ 222-33-2‬و لاااو‬
‫كاناات الوقااائع المنسااوبة إلااى المتنماار مطابقااة للساالوك المنصااوص عليااه فااي نفااس المااادة‬
‫‪ ،‬كمااا يشااترط أال تكااون الوقااائع المنسااوبة إلااى المااتهم قااد اتخااذت فااي حاادود ساالطته فااي‬
‫نطاااق العماال‪ ،‬فااإذا كااان مااا صاادر عاان المااتهم بوصاافه رئيسااا إداريااا للمجنااي عليااه أنااه‬
‫أشااار أثناااء اجتماااع عااام مااع المااوظفين إلااى عاادم كفاااءة المجنااي عليااه فااي أداء عملااه‪:‬‬

‫‪ -176‬تنص المادة ‪ 222-33-2‬من قانون العقوبات الفرنسي على ما يلي‪ ":‬يعاقب على فعل التحرش باآلخرين عن طريق‬
‫المالحظات المتكررة أو السلوك الذي يهدف أو يؤدي إلى تدهور ظروف العمل التي من المحتمل أن تنتهك حقوقهم وكرامتهم‬
‫‪ ،‬أو أن تغير صحتهم البدنية أو العقلية أو تعرض مستقبلهم المهني للخطر ‪ ،‬السجن وغرامة قدرها ‪ 30‬ألف يورو"‪.‬‬
‫‪86‬‬
‫فاإن ذلاك ال يعااد مان قبياال التنمار‪ ،‬طالماا كااان لاه مااا يبارره مان واقااع أداء المجناي عليااه‬
‫لعمله‪ ،‬وكان الهدف منه حثه على االجتهاد‪.177‬‬

‫كمااا أنااه‪ ،‬و كمااا تماات اإلشااارة ماان قباال فإنااه ال يشااترط فااي الجاااني أن تكااون لااه‬
‫ساالطة رئاسااية علااى المجنااي عليااه‪ ،‬فقااد يكااون المتنماار هااو الماارؤوس‪ ،‬و يكااون المجنااي‬
‫عليه هو الرئيس اإلداري‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬عقوبة التنمر الواقع في إطار العالقة الزوجية‬

‫وردت عقوباااة جريماااة التنمااار التاااي ترتكاااب فاااي إطاااار عالقاااة زوجياااة و اتفااااق‬
‫التضاااامن المااادني‪ ،‬أو علاااى الشاااريك خاااارج العالقاااة الزوجياااة‪ ،‬أو علاااى الخليااال فاااي‬
‫الفقااارة األولاااى مااان الماااادة ‪ 222-33-2-1‬مااان قاااانون العقوباااات الفرنساااي‪ ،‬بحياااث‬
‫نصاات هااذه الفقاارة علااة أنااه يعاقااب علااى التحاارش المعنااوي بااالزوج أو الشااريك بموجااب‬
‫اتفاااق تضااامن ماادني أو الخلياال بااالحبس لماادة تصاال إلااى ثااالث ساانوات و بغرامااة تصاال‬
‫إلااى ‪ 45‬ألااف يااورو‪ ،‬كمااا يعاقااب الجاااني بااالحبس لماادة تصاال إلااى خمااس ساانوات و‬
‫بغراماااة تصااال إلاااى ‪75000‬ياااورو‪ 178‬إذا كاااان مااان شاااأن فعااال التنمااار أو المضاااايقات‬
‫إحداث عجز عن العمل أو ارتكب في حضور قاصر‪.‬‬

‫كمااا أشااارت الفقاارة الثانيااة ماان نفااس المااادة أعاااله‪ ،‬إلااى توقيااع نفااس العقوبااات‬
‫الااواردة فااي الفقاارة األولااى ماان ذات المااادة عنااد ارتكاااب هااذه الجريمااة – التنماار‪ -‬ماان‬
‫قبااال الااازوج الساااابق أو الشاااريك الساااابق للمجناااي علياااه‪ ،‬أو الشاااريك الساااابق المااارتبط‬
‫باااألجير بموجااب اتفاااق تضااامن ماادني‪ ،‬و يجااب لتطبيااق العقوبااات الااواردة بالمااادة‪-1‬‬
‫‪ 2-33-222‬أن يرتكااب الجاااني جريمتااه بوصاافه زوجااا أو شااريكا و لااو كااان شااريكا‬

‫‪ -177‬أحمد عبد الموجود أبو الحمد زكير‪ ":‬المواجهة الجنائية لظاهرة التنمر‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،"-‬مقال بالمجلة القانونية ‪ISSN:‬‬
‫‪ ،2537 – 0758‬لم ذكر سنة النشر‪ ،‬ص ‪.2657‬‬
‫‪ -178‬تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 222-33-2-1‬من قانون العقوبات الفرنسي على ما يلي‪ ":‬يعاقب على المضايقات‪... ،‬‬
‫بالحبس لمدة خمس سنوات وغرامة قدرها ‪ 75000‬يورو إذا تسببوا في عجز كلي عن العمل ألكثر من ثمانية أيام أو تم‬
‫ارتكابهم أثناء وجود قاصر وحضوره"‪.‬‬
‫‪87‬‬
‫ساااابقا فاااي إطاااار تلاااك العالقاااة‪ ،‬أماااا إذا كاااان الجااااني زوجاااا للضاااحية ولكناااه ارتكاااب‬
‫جريمته في سياق مهني فال تطبق عليه العقوبات المشار إليها أعاله‪.179‬‬

‫ثالثا‪ :‬عقوبة جريمة التنمر في نموذجها العام‬

‫إضااافة إلااى صااور التن ماار التااي يعاقااب عليهااا المشاارع الفرنسااي فااي إطااار عالقااة‬
‫العماال أو العالقااة الزوجيااة‪ ،‬يعاقااب كااذلك علااى التنماار المعنااوي المرتكااب خااارج إطااار‬
‫عالقااااات العماااال أو الاااازواج و ذلااااك بموجااااب المااااادة ‪ 222-33-2-1‬ماااان قااااانون‬
‫العقوبااات الفرنسااي‪ ،‬فوفقااا للفقاارة األولااى ماان هااذه المااادة يعاقااب الجاااني بعقوبااة الحاابس‬
‫لماادة ال تتجاااوز ساانة‪ ،‬و بغرامااة ال تتجاااوز ‪ 15‬ألااف يااورو‪ ،‬و يااتم الحكاام علااى الجاااني‬
‫بالعقوبااات المشااار إليهااا‪ ،‬إذ تنااتج عاان الجريمااة عجااز كلااي عاان العماال لماادة تقاال عاان ‪8‬‬
‫أيام أو تساويها‪.180‬‬

‫كماااا تطباااق العقوباااات الاااواردة فاااي الفقااارة األولاااى المشاااار إليهاااا أعااااله إذا تااام‬
‫ارتكاااب الجريمااة ‪-‬التنمااار المعنااوي‪ -‬ماان قبيااال عاادة أشااخاص علاااى نفااس الضاااحية؛‬
‫سااواء كااان االعتااداء باالتفاااق أو بااالتحريض عاان أحاادهم‪ ،‬ولااو لاام يرتكااب كاال ماانهم‬
‫ساالوكه بشااكل متكاارر‪ ،‬إذ أن تعاادد الجناااة يغنااي عاان التكاارار المتطلااب فااي الساالوك‬
‫التنمري‪.181‬‬

‫و أخياارا تطبااق العقوبااات المشااار إليهااا فااي الفقاارة األولااى ماان المااادة ‪-33-2-1‬‬
‫‪ 222‬إذا تاام ارتكاااب الجريمااة ‪-‬التنماار المعنااوي‪ -‬علااى التااوالي علااى نفااس الضااحية ماان‬
‫قباال عاادة أشااخاص يعرفااون أن الضااحية المجنااي عليااه ساابق أن تعاارض للتنماار ماان قباال‬
‫و أنااه بساالوكهم هااذا يتااوفر عنصاار التكاارار‪ ،‬وهااو مااا يعنااي أن المشاارع الفرنسااي ال‬
‫يتطلااب فااي هااذه الحالااة أن يكااون ساالوك التنماار متكااررا ماان قباال نفااس الجاااني‪ .‬و‬
‫يشااترط فااي هااذه الحالااة لتطبيااق العقوبااات المشااار إليهااا أن يتعاادد الجناااة و أن يكونااوا‬

‫‪- Cass.crim. 13 déc. 2016, N° de pourvoi: 15-81.853,sur le lien suivant:‬‬


‫‪179‬‬

‫‪https://www.legifrance.gouv.fr/juri/id/JURITEXT000033629181/.‬‬
‫‪ -180‬الفقرة األولى من المادة ‪ 222-33-2-1‬من قانون العقوبات الفرنسي‪.‬‬
‫‪ -181‬الفقرة الثالثة من المادة ‪ 222-33-2-1‬من قانون العقوبات الفرنسي‪.‬‬
‫‪88‬‬
‫علاام و علااى دراياااة بكااون باااأن ساالوكهم يعاااد تكاارارا لالعتاااداء و أن يحاادث السااالوك‬
‫التنماااري علاااى نفاااس الضاااحية‪ ،‬وال يشاااترط لاااذلك أن تكاااون مسااااهمة جنائياااة باااين‬
‫الجناة‪.182‬‬

‫إذن وكمااا تماات اإلشااارة ماان قباال فقااد عماال المشاارع الفرنسااي علااى تجااريم أفعااال‬
‫التنمااار تحااات مسااامى التحااارش المعناااوي ‪ harcèlement moral‬وفاااق مساااتويات‬
‫متعااددة‪ ،‬وباإلضااافة إلااى عقاااب المشاارع الفرنسااي علااى أفعااال التحاارش المعنااوي فااي‬
‫صااورها الااثالث كصااورة ماان صااور التنماار ‪ ،‬ع فقااد عماال المشاارع الفرنسااي كااذلك‬
‫علااى تجااريم أفعااال التحاارش الجنسااية كصااورة ثانيااة ماان صااور التنماار بمقتضاااى‬
‫المادة ‪ 222.33‬من قانون العقوبات‪.183‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التنمر اإللكتروني في التشريعات العربية‬


‫ساابق أن أشاارنا إلااى كااون أن التنماار اإللكترونااي لاايس بظاااهرة محليااة مقتصاارة‬
‫على مجتم ع دون آخر‪ ،‬فهي منتشرة بين كل المجتمعات وبشكل متفاوت‪.‬‬

‫وكمااا هااو حااال التشااريعات األجنبيااة‪ ،‬فقااد أصاابح التنماار أخطاار الظااواهر التااي‬
‫تهاادد التشااريعات العربيااة وتااؤرق مسااؤوليها‪ ،‬خاصااة وأن المجتمعااات العربيااة تعاااني‬
‫ماان نقااص حقيقااي فااي المعرفااة بهااذه المشااكلة وماادى تجساادها فااي الواقااع ومعاادالت‬
‫انتشااارها‪ ،‬وذلااك بعكااس المجتمعااات الغربيااة التااي تشااهد اهتمامااا واسااع وحقيقااي بهااذه‬
‫المشاااكلة ويمتلكاااون عاااددا مااان المساااوح العلمياااة الواساااعة التاااي رصااادت أبعااااد هاااذه‬
‫المشكلة وتطورها في واقعهم ووضعوا استراتيجيات وطرق لمواجهتها‪.184‬‬

‫‪ -182‬الفقرة الرابعة من المادة ‪ 222-33-2-1‬من قانون العقوبات الفرنسي‪.‬‬


‫‪- Article 222-33Version en vigueur depuis le 06 août 2018‬‬
‫‪183‬‬

‫‪Modifié par LOI n°2018-703 du 3 août 2018 - art. 11‬‬


‫‪Modifié par LOI n°2018-703 du 3 août 2018 - art. 13.‬‬
‫‪https://www.legifrance.gouv.fr/codes/article_lc/LEGIARTI000037289662.‬‬

‫‪-184‬ثناء هاشم محمد‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.190‬‬


‫‪89‬‬
‫وإذا كااان المشاارع المغربااي وكمااا رأينااا فااي الفصاال األول الزال لاام يتاادخل بعااد‬
‫لتجاااريم أفعاااال التنمااار اإللكتروناااي‪ ،‬فاااإن األمااار خاااالف ذلاااك بالنسااابة لااابعض الااادول‬
‫العربيااة التااي سااارعت الخطااى لمكافحااة هااذه الظاااهرة وتبنااي اسااتراتيجيات للحااد ماان‬
‫هذه الظاهرة ومنع انتشارها‪.‬‬

‫ويعتباار التشااريع المصااري فااي طليعااة التشااريعات العربيااة التااي تنبهاات إلااى خطااورة‬
‫التنماار االلكترونااي‪ ،‬فنظاار الزدياااد صاااور وأشااكال التنماار اإللكترونااي فااي المجتماااع‬
‫المصااري حاااول المشاارع المصااري التصاادي لااه تشااريعيا عاان طريااق إقاارار قااانون‬
‫يجرم التنمر اإللكتروني والضرب بيد من حديد على كل السلوكيات التنمرية‪.‬‬

‫ونظاارا لكااون أن المشاارع المصااري قااد نااص علااى تجااريم أفعااال التنماار اإللكترونااي‬
‫بمقتضااى نااص خاااص‪ ،‬بحيااث جعلهااا جريمااة قائمااة األركااان والصااور وحاادد معالمهااا‬
‫بصاااورة تاماااة فإناااه يبقاااى التشاااريع العرباااي الوحياااد إلاااى حاااد اآلن الاااذي يااانظم هاااذه‬
‫الجريمااة بمقتضااى نااص خاااص يعاارف فيااه جريمااة التنماار ويحاادد األفعااال المكونااة لهااا‬
‫والظااروف المشااددة للعقوبااة فيهااا‪ ،‬ولهااذا فقااد كااان ماان الواجااب علينااا البحااث فااي معااالم‬
‫تجااريم هااذه الظاااهرة علااى مسااتوى هااذا التشااريع العربااي‪ ،‬وإن كنااا نأماال صااراحة‬
‫إيجاااد تشااريع عربااي مقااارن ياانظم معااالم هااذه الظاااهرة‪ -‬التنماار اإللكترونااي‪ -‬كمااا هااو‬
‫الحااال بالنساابة المشاارع المصااري إال ولغياااب أي نمااوذج عربااي يااوازي فااي تجريمااه‬
‫أفعال التنمر فقد ارتأينا االكتفاء بالنموذج المصري فقط‪.‬‬

‫وبناااءا عليااه فااإن معالجتنااا لجريمااة التنماار اإللكترونااي فااي التشااريع الجنااائي المصااري‬
‫مان خااالل هاذا المبحااث ساوف تكااون وفاق نقطتااين رئيساتين‪ :‬بحيااث ساوف نتطاارق فااي‬
‫المطلثثب األول إلااى أركااان جريمااة التنماار اإللكترونااي فااي التشااريع المصااري‪ ،‬علااى‬
‫أن نتطرق في المطلب الموالي إلى العقوبات المقررة لها‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أركان جريمة لتنمر اإللكتروني في التشريع المصري‬


‫يعتبااار التشاااريع المصاااري مااان التشاااريعات الرائااادة فاااي مجاااال مكافحاااة التنمااار‬
‫اإللكتروناااي‪ ،‬فبعااادما أصااابحت هاااذه الظااااهرة تشاااكل خطااارا علاااى المجتماااع المصاااري‬
‫‪90‬‬
‫وعائقاااا يحاااول دون تطبياااق موجباااات الحيااااة الكريماااة للماااواطنين‪ ،‬تااادخل المشااارع‬
‫الجنااائي المصااري وأصاادر القااانون رقاام ‪ 189‬لساانة ‪ 2020‬القاضااي بإضااافة المااادة‬
‫‪ 309‬مكرر(ب) إلى قانون العقوبات لمواجهة هذه الظاهرة والحد من تفاقمها‪.‬‬

‫وبالتااالي يكااون المشاارع المصاااري قااد نااص علااى تجاااريم أفعااال التنماار اإللكتروناااي‬
‫واعتبره جريمة قائمة األركان والصور‪.‬‬

‫وبالتااالي‪ ،‬فااإن معالجتنااا لهااذه النقطااة سااوف تكااون وفااق فقاارتين‪ :‬الفقثثرة األولثثى نتطاارق‬
‫فيهاااا إلاااى كااال مااان الاااركن القاااانوني والماااادي لجريماااة التنمااار اإللكتروناااي‪ ،‬علاااى أن‬
‫نتطرق في الفقرة الثانية إلى الركن المعنوي في جريمة التنمر اإللكتروني‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الركن الشرعي والمادي لجريمة التنمر اإللكتروني‬


‫ماان المتفااق عليااه فقهااا وقضاااء أنااه لقيااام أي جريمااة ال بااد ماان تااوافر العناصاار‬
‫المكوناااة لنموذجهاااا القاااانوني كماااا حااادده المشااارع‪ .‬وجريماااة التنمااار اإللكتروناااي يلااازم‬
‫لقيامهاااا تاااوافر ركنهاااا الشااارعي تطبيقاااا لمبااادأ" ال جريماااة وال عقوباااة إال بااانص "‪،‬‬
‫باإلضافة إلى الركن المادي المكون للسلوك اإلجرامي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الركن الشرعي لجريمة التنمر اإللكتروني‬

‫يقصااد بااالركن الشاارعي أن يكااون العماال أو الساالوك المكااون للجريمااة سااواء كااان‬
‫فعااال أو امتناعااا عاان فعاال أن يكااون ذلااك محظااورا باانص القااانون‪ ،‬أي أنااه يوجااد نااص‬
‫يجرم الفعل ويعاقب على إتيانه تطبيقات بمبدأ " ال جريمة وال عقوبة إال بنص "‪.‬‬

‫ويتحاادد الااركن القااانوني‪ -‬الشاارعي‪ -‬لجريمااة التنماار فااي نااص المااادة األولااى ماان‬
‫القااانون رقاام ‪ 189‬لساانة ‪ 2020‬بحيااث جاااء هااذا القااانون بمااادتين فقااط‪ ،‬إذ أن المااادة‬
‫األولااى حااددت مجموعااة ماان الساالوكات التااي تاادخل فااي إطااار التنماار كمااا حااددت أيضااا‬
‫العقوبااات الكفيلااة لمواجهااة هااذه الساالوكيات‪ ،185‬أمااا المااادة الثانيااة ماان نفااس القااانون‬

‫‪ -185‬أنظر القانون رقم ‪ 189‬لسنة ‪ 2020‬القاضي بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات المصري الصادر بالقانون رقم ‪58‬‬
‫لسنة ‪ ،1937‬الجريدة الرسمية العدد ‪ 36‬مكرر( ب) في (‪ 5‬سبتمبر ‪ ،)2020‬ص ‪.10‬‬
‫‪91‬‬
‫فقااد نصاات علااى كااون أن هااذا القااانون ينشاار فااي الجرياادة الرساامية‪ ...‬ويعماال بااه ماان‬
‫اليوم التالي لتاريخ صدوره‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الركن المادي في جريمة التنمر اإللكتروني‬

‫يكتفااي المشاارع المصااري لقيااام جريمااة التنماار بااأن يصاادر عاان الجاااني الساالوك‬
‫اإلجرامااي المنصااوص عليااه فااي المااادة ‪ 309‬مكثثرر( ب) ماان قااانون العقوبااات‪ ،‬فااال‬
‫يتطلااب أن يترتااب علااى هااذا الساالوك أي نتيجااة‪ .‬وبالتااالي فااال مجااال للبحااث ف اي العالقااة‬
‫السااببية علااى اعتبااار أن جريمااة التنماار اإللكترونااي وفااق منظااور المشاارع المصااري‬
‫هااي ماان الجاارائم الشااكلية‪ ،‬بحيااث يكتفااي لقيامهااا إتيااان الفعاال المحاارم قانونااا؛ علااى‬
‫خااالف المشاارع الفرنسااي الااذي اشااترط لقيااام جريمااة التنماار ضاارورة تااوفر العالقااة‬
‫السببية‪.‬‬

‫وقااد وضااحت المااادة ‪ 309‬مكثثرر (ب) ماان قااانون العقوبااات المصااري الساالوك‬
‫اإلجرامااي فااي جريمااة التنماار بنصااها علااى أنااه‪ " :‬يعااد كاال قااول أو اسااتعراض قااوة أو‬
‫ساايطرة للجاااني أو اسااتغالل ضااعف المجنااي عليااه أو لحالااة يعتقااد الجاااني أنهااا تساايء‬
‫للمجنااي عليااه كااالجنس أو العاارق أو الاادين أو األوصاااف البدنيااة أو الحالااة الصااحية أو‬
‫العقلية أو المستوى االجتماعي‪.‬‬

‫وبناااء عليااه فااإن الساالوك المااادي فااي جريمااة التنماار اإللكترونااي يتمثاال فااي كاال‬
‫من‪ :‬القول‪ ،‬استعراض القوة‪ ،‬السيطرة‪ ،‬االستغالل‪.‬‬

‫أ‪ :‬فعل القول‬

‫ينصارف القااول إلااى كاال ماا يصاادر عاان اإلنسااان ماان كاالم سااواء كااان ذلااك بجملااة‬
‫أو أكثاار‪ ،‬أم بمجااارد لفاااظ مااان األلفااااظ‪ .‬وساااواء كاااان ذلاااك نثااارا أم شاااعرا أو بأسااالوب‬
‫الخطابة‪.186‬‬

‫‪ -186‬أحمد فتحي سرور‪ ":‬الوسيط في قانون العقوبات – القسم الخاص‪ ،" -‬دار النهضة العربية‪ ،‬ط‪ ،2013 ،5‬ص ‪.58‬‬
‫‪92‬‬
‫ويطلااق علااى التنماار بااالقول التنماار اللفظااي‪ ،‬وأغلااب حاااالت التنماار تااتم بااالقول لمااا‬
‫لهااذا الساالوك ماان قااوة وفعاليااة فااي التعبياار عاان قصااد الجاااني فااي هااذا النااوع ماان‬
‫الجارائم‪ ،‬إذ يعباار الابعض عاان هااذا التاأثير الااذي يحظاى بااه القااول بأناه" ال توجااد طريقااة‬
‫أفضااال لنقااال المشااااعر مااان روح إلاااى روح أخااارى مااان الكلماااات؛ فجمياااع وساااائل‬
‫االتصااال األخاارى غياار كافيااة لتحقيااق هااذه الغايااة‪ .187‬ويقااع التنماار اللفظااي إمااا عاان‬
‫طريق االعتداء اللفظي المباشر أو االعتداء اللفظي غير المباشر‪.188‬‬

‫وجاادير بالااذكر أن التنماار اللفظااي كساالوك فااي بعااض صااوره يقتاارب ماان السااب‬
‫الااذي عرفتااه محكمااة الاانقض المصاارية بقولهااا‪ ":‬المااراد بالسااب فااي أصاال اللغااة الشااتم‬
‫سااواء بااإطالق اللفااظ الصااريح الاادال عليااه أو باسااتعمال المعاااريض التااي تااومي إليااه‪،‬‬
‫وهااو المعنااى الملحااوظ فااي اصااطالح القااانون الااذي اعتباار السااب كاال إلصاااق لعيااب أو‬
‫تعبياار يحااط ماان قاادر الشااخص عنااد نفسااه أو يخاادش ساامعته لاادى اآلخاارين‪ .‬خاصااة أن‬
‫المشاارع المصااري ال يشااترط فااي التنماار تكاارار الساالوك حتااى يعاقااب الجاااني بوصااف‬
‫التنمر‪ ،‬كماا أناه ال يوجاد ماا يمناع مان وقاوع التنمار اللفظاي بوسايلة مان وساائل العالنياة‬
‫المطلوبااة فااي السااب العلنااي‪ . 189‬وهااو األماار الااذي تماات اإلشااارة إليااه فااي معاارض‬
‫مقاربتنااااا القانونيااااة لجريمااااة التنماااار اإللكترونااااي علااااى مسااااتوى التشااااريع الجنااااائي‬
‫المغربااي‪ ،‬بحياااث تماات اإلشاااارة إلااى أن التنمااار اإللكترونااي تنطباااق عليااه النصاااوص‬
‫القانونية المجرمة لجريمة السب في القانون المغرب‪.190‬‬

‫‪Stella Bresciani: Le harcèlement moral par les images et les représentation, Cahiers du -187‬‬
‫‪Brésil Contemporain, 2004, n°55/56, pp.11-22 (p.11).‬‬
‫‪ -188‬يكون االعتداء اللفظي مباشرا إذا لجأ الجاني إلى توجيه اإلهانة إلى المجني عليه أو استخدم كلمات معينة بشكل سيء‬
‫في مواجهته‪ ،‬أو استخدم عبارة من شأنها التقليل من المستوى الفكري له‪...‬أما االعتداء اللفظي غير المباشر فيكون بقيام‬
‫الجاني بتعريض المجني عليه التهامات باطلة بشكل متكرر أو إطالق شائعات حوله‪ .‬أحمد عبد الموجود ابو الحمد زكير م‬
‫س‪ ،‬ص ‪.2615-2614‬‬
‫‪ -189‬أحمد عبد الموجود أبو الحمد زكير‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.2615‬‬
‫‪ -190‬انظر الفقرة األولى من هذا البحث المتعلقة بالتنمر اإللكتروني في إطار السب والقذف ‪.‬‬
‫‪93‬‬
‫وإذا كااان التنماار فااي أغلااب األحيااان يقااع عاان طريااق القااول الساايء فإننااا ناارى أنااه‬
‫ال مااانع ماان وقوعااه بقااول غياار ساايء فااي ذاتااه طالمااا كااان القصااد منااه وضااع المجنااي‬
‫عليه موضع السخرية واالحتقار‪.‬‬

‫ب‪ :‬استعراض القوة‬

‫فااي جريمااة التنماار أن يظهاار الجاااني قوتااه لتخويفااه‬ ‫‪191‬‬


‫يقصااد باسااتعراض القااوة‬
‫أو وضعه موضع السخرية‪ ،‬أو للحط من شأنه أو لعزله اجتماعيا‪.‬‬

‫ويتحقااق اسااتعراض القااوة فااي جريمااة التنماار بصاادور أي حركااة عضااوية ماان‬
‫الجاااني‪ ،‬شااريطة أن تكااون هااذه الحركااة إراديااة‪ ،192‬بحيااث ال يعااد ماان قبياال اسااتعراض‬
‫القااوة مااا يصاادر عاان الجاااني ماان حركااات غياار إراديااة ولااو كاناات فااي ظاهرهااا تااوحي‬
‫بأنها استعراض للقوة‪.‬‬

‫ويعااد ماان قبياال اسااتعراض القااوة إمساااك الجاااني بسااالح والتلااويح بااه أمااام المجنااي‬
‫عليااه‪ ،‬إذ أن رؤيااة المجنااي عليااه للسااالح فااي يااد الجاااني تلقااي فااي نفسااه الخااوف‪ .‬وهااو‬
‫ما يمكن الجاني من ممارسة فعله التنمري في غياب المقاومة من المجني عليه‪.193‬‬

‫وال يشاااترط أن يقاااوم الجااااني باساااتعراض القااوة بنفساااه‪ ،‬بحياااث يعاااد استعراضاااا‬
‫للقااوة قيااام الجاااني باادفع مجموعااة ماان األشااخاص للقيااام بااأي عماال ماان شااأنه تخويااف‬
‫المجني عليه‪.‬‬

‫ومااا تجاادر اإلشااارة إليااه هااو أن اسااتعراض القااوة ماان قباال الجاااني لااه وقااع أكثاار‬
‫من فعل التنمر على نفسية المجني عليه إذ من شأنه إلقاء الرعب والرهبة لديه‪.‬‬

‫ج‪ :‬السيطرة‬

‫‪ -191‬يعني االستعراض إظهار الشيء أو إبرازه‪ ،‬والقوة في اللغة هي المؤثر الذي يغير أو يميل إلى تغيير حالة سكون الجسم‬
‫أو حالة حركته بسرعة منتظمة في خط مستقيم‪ ،‬أو بعث النشاط والنمو والحركة‪ ،‬وتنقسم إلى طبيعية وحيوية وعقلية‪ ،‬كما‬
‫تنقسم إلى باعثة وفاعلة‪ .‬المعجم الوسيط‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،2014،‬ص ‪.593‬‬
‫‪ -192‬محمد سامي الشوا‪ ":‬جرائم البلطجة "‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،2002 ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪ -193‬محمد سامي الشوا‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪94‬‬
‫تعنااي الساايطرة التساالط واإلشااراف وتعهااد الحااال‪ ،194‬سااواء كااان ذلااك ماان خااالل‬
‫إجبار الشخص على القيام بعمل معين أو منعه من القيام بعمل معين‪.‬‬

‫وعنصاار االسااتغالل فااي جريمااة التنماار اإللكترونااي يتحقااق بااأي وساايلة ماان شااأنها‬
‫تمكااين الجاااني ماان الااتحكم فااي المجنااي عليااه والتااأثير عليااه‪ ،‬ومثااال ذلااك قيااام الجاااني‬
‫بجعاال المجنااي عليااه يقااوم رغمااا عاان إرادتااه بالقيااام بتصاارف ماان شااأنه أن يضااعه‬
‫موضااع السااخرية أمااام مجموعااة ماان األفااراد‪ ،‬كمااا لااو جعاال المجنااي عليااه يقااول عاان‬
‫نفسااه كلمااات ساايئة أمااام اآلخاارين‪ ،‬أو أن يقااوم بنشاار تدوينااة عباار صاافحته الشخصااية‬
‫يصف فيها نفسه بأوصاف دنيئة تمس اعتباره‪.‬‬

‫ويعاااد مااان قبيااال السااايطرة كاااذلك إسااااءة اساااتخدام السااالطة التاااي تماااارس علاااى‬
‫المجنااي عليااه‪ ،‬ومثااال ذلااك تكليااف المجنااي عليااه بأعمااال ال تاادخل فااي اختصاصااه‪ ،‬أو‬
‫تغيياار أوقااات العمااال دون مباارر أو نقاال الموظاااف ماان فاارع إلاااى فاارع آخاار بشاااكل‬
‫متكرر دون وجود ما يبرر ذلك‪.‬‬

‫د‪ :‬االستغالل‬

‫وفقااا لمقتضاايات المااادة ‪ 309‬مكثثرر ( ب) ماان قااانون العقوبااات المصااري فااإن‬


‫الساالوك فااي جريمااة التنماار اإللكترونااي يتااوافر متااى اسااتغل الجاااني ضااعف المجنااي‬
‫عليه أو استغل حالة أخرى غير الضعف يعتقد أنها تسيء للمجني عليه‪.‬‬

‫ويشااير مفهااوم الضااعف إلااى عجااز وهشاشااة الشااخص‪ ،‬سااواء كااان ذلااك بساابب‬
‫مرض أو إعاقة أو سن‪ ،‬أو الوضع االجتماعي أو االقتصادي للفرد‪.‬‬

‫‪ -194‬المعجم الوسيط‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬ص ‪.468‬‬


‫‪95‬‬
‫فالشااخص المستضااعف هااو كاال شااخص معاارض لالعتااداء أو االسااتغالل بساابب‬
‫هشاشااته الجسااادية أو النفساااية أو االجتماعيااة أو االقتصاااادية‪ ،195‬وهاااو مااا يعناااي عااادم‬
‫قدرة الشخص على الدفاع عن نفسه عند تعرضه للتنمر‪.‬‬

‫وتقسااام أساااباب الضاااعف إلاااى فئتاااين‪ :‬األولاااى تااارتبط بالعوامااال الداخلياااة‪ ،‬وذلاااك‬
‫عنااادما يكاااون مصااادر الضاااعف الحالاااة الجسااادية أو النفساااية للشاااخص والتاااي تتمثااال‬
‫خصوصاااا فاااي السااان‪ ،‬المااارض‪ ،‬اإلعاقاااة وحالاااة الحمااال‪ ،196‬والفئاااة الثانياااة تااارتبط‬
‫بالعوامااال الخارجياااة وهاااي عوامااال متعاااددة يشاااير توافرهاااا إلاااى الضاااعف االجتمااااعي‬
‫بحياااث تشاااير بعاااض الدراساااات إلاااى أن األشاااخاص الضاااعفاء اجتماعياااا هااام األكثااار‬
‫عر ضاااة للتنمااار بسااابب اساااتغالل المتنمااار لضاااعفهم االجتمااااعي خاصاااة عبااار مواقاااع‬
‫التواصل االجتماعي عن طريق نشر تدوينات من شأنها استحقارهم‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الركن المعنوي في جريمة التنمر اإللكتروني‬


‫يسااتند الحااق فااي العقاااب الجنااائي إلااى مبااادئ أساسااية‪ ،‬منهااا أنااه ماان غياار المقبااول‬
‫نساابة فعاال إلااى شااخص مااا دون التحقااق أوال ماان أنااه ماادعوم بااادراك وإرادة آثمااة‪ ،‬فااال‬
‫يتاادخل القااانون الجنااائي للعقاااب علااى فعاال مااا إال إذا كااان فاعلااه قااد ارتكااب اسااتنادا إلااى‬
‫حالة ذهنية يتوافر فيها الوعي واإلرادة اإلجرامية‪.197‬‬

‫وجريمااة التنماار اإللكتروناااي ماان الجااارائم العمديااة‪ ،‬فااال يعاقااب عليهااا المشااارع‬
‫المصااري بوصااف الخطااأ‪ ،‬وهااو مااا يعنااي ضاارورة تااوفر العناصاار التااي يقااوم عليهااا‬
‫الااركن المعنااوي فااي الجاارائم العمديااة بصاافة عامااة والعناصاار التااي يشااترطها المشاارع‬
‫في جريمة التنمر بصفة خاصة‪.‬‬

‫‪ -195‬حسام محمد السيد محمد‪ ":‬مفهوم االستضعاف وأثره في السياسة الجنائية المعاصرة "‪ ،‬منشور بمجلة الدراسات القانونية‪،‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬جامعة أسيوط‪ ،‬العدد ‪ ،43‬ج الثالث‪ ،2018 ،‬ص ‪.396‬‬
‫‪196- Nadia L'Espérance: La peur du crime chez les aînés: des facteurs psychologiques‬‬

‫‪prédisposants, Thèse, Université du Québec à Trois-Rivières, 2011, p.32‬‬

‫‪ -197‬محمود حسني‪ ":‬النظرية العامة للقصد الجنائي‪ -‬دراسة مقارنة للركن المعنوي في الجرائم العمدية‪ ،"-‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،2006 ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪96‬‬
‫وتقااوم جريماااة التنماار اإللكتروناااي متاااى تااوافر القصاااد الجنااائي العاااام‪ ،‬غيااار أن‬
‫المشاارع المصااري يتطلااب إلااى جانااب هااذا القصااد ضاارورة أن يتااوفر لاادى الجاااني‬
‫القصد الخاص‪.‬‬

‫أوال‪ :‬القصد الجنائي العام‬

‫يلااازم لقياااام جريماااة التنمااار اإللكتروناااي ضااارورة تاااوفر القصاااد الجناااائي العاااام؛‬
‫والااذي يعاارف بأنااه‪ ":‬اتجاااه اإلرادة إلااى الساالوك ونتيجتااه مااع العلاام بكاال العناصاار التااي‬
‫يشترطها القانون لوجود الجريمة‪.198‬‬

‫والقصااد العااام يرتكااز علااى عنصاارين أساساايين همااا العلاام واإلرادة‪ ،‬إذ يجااب أن‬
‫يكاااون الجااااني عالماااا بكاااون أن سااالوكه التنماااري يحقا اق االعتاااداء علاااى حاااق يحمياااه‬
‫القااانون‪ ،‬فيجااب عليااه أن يعلاام بااأن مااا يصاادر عنااه يعااد استعراضااا للقااوة أو ساايطرة‬
‫علااى المجنااي عليااه أو اسااتغالل لضااعفه أو لجنسااه أو لحالتااه الصااحية أو غياار ذلااك ماان‬
‫الحاااالت التااي يعتقااد الجاااني أنهااا تساايء إلااى المجنااي عليااه‪ ،‬أمااا إذا انتفااى علمااه بااذلك‬
‫أو وقع في غلط بشأن هذا السلوك فينتفي تبعا لذلك القصد الجنائي‪.‬‬

‫ولمااا كااان المشااارع المصااري يعاقاااب علااى جريمااة التنمااار اإللكترونااي بمجااارد‬
‫ارتكاااب الساالوك اإلجرامااي‪ ،‬فيكفااي لتااوافر عنصاار العلاام أن يكااون الجاااني علااى علاام‬
‫بطبيعاااة هاااذا السااالوك دون البحاااث فاااي مااادى علماااه بالنتيجاااة المترتباااة علاااى هاااذا‬
‫السلوك‪.199‬‬

‫أماااا عنصااار اإلرادة والتاااي تعااارف بكونهاااا قاااوة نفساااية تسااايطر علاااى السااالوك‬
‫وتوجهااه نحااو تحقيااق غايااة معينااة ابتغاااء إشااباع باعااث معااين‪ ،200‬فإنهااا تتحقااق باتجاااه‬

‫‪ -198‬عوض محمد‪ ":‬قانون العقوبات – القسم العام‪ ،" -‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،1998 ،‬ص‪.215‬‬
‫‪ -199‬وإذا كان هذا هو األمر في التشريع المصري‪ ،‬فإن المشرع الفرنسي ال يعاقب على جريمة التنمر في نموذجا العام إال‬
‫إذا تحققت نتيجة معينة ‪.‬وهو األمر ذاته في النموذج الخاص بالتنمر في إطار العالقة الزوجية أو اتفافات التضامن المدني‪،‬‬
‫وي كفي احتمال تحقق هذه النتيجة إذا كان التنمر في إطار عالقة العمل‪ ،‬وهو ما يعني ضرورة توافر علم المتهم بهذه النتيحة‪،‬‬
‫وعلمه بأن هذه النتيحة سوف ترتكب كاثر مباشر لفعله‪ .‬أحمد عبد الموجود ابو الحمد زكير‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.2650‬‬
‫‪- 200‬عمر السعيد رمضان‪ ":‬شرح قانون العقوبات‪ -‬القسم العام –" دار النهضة العربية‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص ‪.248‬‬
‫‪97‬‬
‫إرادة المتنماار إلااى ارتكاااب الفعاال المكااون للتنماار الااذي ماان شااأنه اإلساااءة إلااى المجنااي‬
‫علياااه والتقليااال مااان شاااأنه بسااابب ديناااه أو عرقاااه أو حالتاااه البدنياااة او الصاااحية أو‬
‫االجتماعية‪.‬‬

‫ولكااي يعتااد بعنصاار اإلرادة يشااترط أن تكااون هااذه اإلرادة معتباارة قانونااا وبااأن‬
‫أن تكااون ممياازة ومدركااة ومختااارة‪ .‬فااإذا أكااره شااخص علااى ارتكاااب فعاال التنماار فإنااه‬
‫فااي هااذه الحالااة تنتفااي اإلرادة وتنااافس معهااا جريمااة التنماار‪ ،201‬ومثااال ذلااك إجبااار‬
‫الغياار المااتهم علااى قااول أو إيااذاع أو نشاار شاايء مساايء للمجنااي عليااه يضااعه موضااع‬
‫السااخرية‪ ،‬أو أن الجاااني كااان يعااا ني ماان ماارض عقلااي والااذي يعتباار معاادما للمسااؤولية‬
‫تنعدم معه اإلرادة وبالتالي ال يتوافر القصد الجنائي العام‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬القصد الجنائي الخاص‪:‬‬

‫ال تقاااوم جريماااة التنمااار اإللكتروناااي بمجااارد تاااوافر القصاااد الجناااائي العاااام كماااا‬
‫سااابقت اإلشاااارة فحساااب‪ ،‬فالمشااارع المصاااري يشاااترط كاااذلك ضااارورة تاااوافر القصاااد‬
‫الجنائي الخاص إلى جانب القصد العام‪.‬‬

‫ويتمثاال جااوهر القصااد الخاااص فااي اتجاااه إرادة الجاااني إلااى هاادف محاادد يتجاااوز‬
‫ماديااات الجريمااة‪ ،‬أو غايااة يسااعى إلااى تحقيقهااا‪ ،202‬أو باعااث معااين يكااون قااد دفااع نيااة‬
‫الجاني إلى السلوك اإلجرامي‪.‬‬

‫وقاااد بينااات الماااادة‪ 309‬مكثثثرر (ب) مااان قاااانون العقوباااات المصاااري القصاااد‬
‫الخاااص فااي جريمااة التنماار بقولهااا‪ ":‬بقصااد تخويفااه أو وضااعه موضااع السااخرية أو‬
‫الحااط ماان شااأنه أو إقصااائه ماان محيطااه االجتماااعي "‪ ،‬وبناااء علااى ذلااك يجااب لتااوفر‬
‫الااركن المعنااوي لاادى المااتهم فااي جريمااة التنماار أن تكااون إرادتااه قااد اتجهاات إلااى‬

‫‪ -201‬كمال سيد عبد الحليم محمد نصر‪ ،‬م‪،‬س‪،‬ص ‪.2499‬‬


‫‪202‬عمر سالم‪ ":‬شرح قانون العقوبات المصري – القسم العام‪ ،"-‬دار النهضة العربية‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص ‪.374‬‬
‫‪98‬‬
‫تخويااف المجنااي عليااه أو وضااعه موضااع السااخرية‪ ،‬أو الحااط ماان شااأنه أو إقصااائه ماان‬
‫محيطه االجتماعي‪.‬‬

‫وباااالرغم مااان أن القاااانون يتطلاااب اتجااااه إرادة الجااااني إلاااى تحقياااق غاياااة معيناااة‬
‫لقيااام الاارك ن المعنااوي فااي بعااض الجاارائم‪ ،‬إال أنااه ال يتطلااب أن تتحقااق هااذه الغايااة‬
‫بالفعل وإنما يكفي أن تكون إرادة الجاني قد اتجهت إليها وهو عالم بها‪.‬‬

‫وبناااء عليااه فإنااه يكفااي أن تكااون إرادة الجاااني فااي جريمااة التنماار اإللكترونااي قااد‬
‫اتجهاات إلااى تخويااف المجنااي عليااه أو وضااعه موضااع السااخرية أو الحااط ماان شااأنه أو‬
‫عزلااااه اجتماعيااااا‪ ،‬دون أن تكااااون هناااااك ضاااارورة لتحقااااق أي ماااان هااااذه الغايااااات‬
‫بالفعل‪.203‬‬

‫وتتجلااى أهميااة القصااد الجنااائي الخاااص فااي بعااض الجاارائم بجانااب أهمتااه لقيااام‬
‫الجريمااة ذاتهااا فااي أن هااذا القصااد هااو الااذي يخضااع الجريمااة لوصااف قااانوني معااين‬
‫تمييزا لها عن غيرها من الجرائم‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬سلطة القضاء في استخالص قصد التنمر‬

‫إن مسااألة اسااتخالص القصااد الجنااائي أيااا كااان نوعااه ماان المسااائل ذات الطبيعااة‬
‫المزدوجاااة فهاااي موضاااوعية مااان ناحياااة‪ ،‬وقانونياااة مااان ناحياااة أخااارى‪ .‬إذ أن القصاااد‬
‫مساااألة موضاااوعية يستخلصاااها القاضاااي وال معقاااب علياااه ماااادام استخالصاااه ساااائغا‬
‫يستشااافه مااان الظاااروف المحيطاااة أو القااارائن واألماااارات واألدلاااة ‪ ،‬ومااان مختلاااف‬
‫المظااااهر الخارجياااة للجريماااة نفساااها أو ل لجااااني ذاتاااه؛ وهاااي سااالطة تقديرياااة كاملاااة‬
‫للقاضي الجنائي‪.‬‬

‫وال تلتاازم محكمااة الموضااوع بالتحاادث صااراحة أو اسااتقالال عاان القصااد‪ ،‬متااى‬
‫كااان واضااحا تااوافره ماان عبااارات الحكاام وظااروف الواقعااة‪ .‬ولكاان هااذا ال يمنعهااا ماان‬

‫‪ -203‬أحمد عبد الموجود أبو الحمد زكير‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.2654‬‬
‫‪99‬‬
‫التزامهااا األصاايل فااي تبيااان تااوافره بوضااوح وصااراحة حتااى تكتماال مهمااة المحكمااة‬
‫الع ليا في الرقابة الفعالة على توافر القصد طالما أثبه الحكم في طياته‪.204‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬عقوبة التنمر اإللكتروني في التشريع المصري‬


‫نظاارا الزدياااد صااور جريمااة التنماار فااي المجتمااع المصااري خاصااة عباار مختلااف‬
‫وسااائل التواصاال االجتماااعي‪ ،‬كااان لزامااا علااى المشاارع المصااري التصاادي لمثاال هااذه‬
‫الجاارائم بحيااث حاادد المشاارع المصااري عقوبااات متنوعااة ومتدرجااة لجريمااة التنماار‬
‫اإللكتروني‪.‬‬

‫فااإذا كااان المتنماار قااد ارتكااب جريمتااه دون أن يتااوافر أي ظاارف ماان الظااروف‬
‫المشاااددة فيعاقاااب بالعقوباااات المقاااررة للجريماااة فاااي صاااورتها البسااايطة ( الفقثثثرة‬
‫األولثثثى) أماااا إذا تاااوافر أحاااد الظاااروف التاااي عااادها المشااارع مشاااددة للعقااااب فيعاقاااب‬
‫الجاني بما يقتضيه توافر هذه الظروف (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬عقوبة جريمة التنمر اإللكتروني في صورتها البسيطة‬


‫نصااات الماااادة ‪ 309‬مكثثثرر ( ب) مااان قاااانون العقوباااات المصاااري فاااي فقرتهاااا‬
‫الثانيااة علااى أنااه‪ ":‬وما ع عاادم اإلخااالل بااأي عقوبااة أشااد منصااوص عليهااا فااي أي قااانون‬
‫أخاار‪ ،‬يعاقااب علااى التنماار بااالحبس ماادة ال تقاال عاان سااتة أشااهر وبغرامااة ال تقاال عاان‬
‫عشرة آالف جنيه وال تزيد عن ثالثين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين "‪.‬‬

‫وماان خااالل نااص المااادة أعاااله يتضااح لنااا أن المشاارع المصااري يرصااد عقااوبتين‬
‫لمرتكااب جريمااة التنماار‪ ،‬األولااى سااالبة للحريااة تتمثاال فااي عقوبااة الحاابس‪ ،‬التااي رفااع‬
‫المشاارع المصااري حاادها األدنااى عاان الحااد األدنااى العااام‪ ،‬بحيااث يجااب أن ال تقاال عاان‬
‫سااتة أشااهر‪ ،‬أمااا الحااد األقصااى فهااو الحااد العااام المقاارر لعقوبااة الحاابس دون تغيياار وهااو‬
‫ثالث سنوات‪.‬‬

‫‪ -204‬أحمد عبد هللا الطيار‪ ،":‬ص ‪.1633‬‬


‫‪100‬‬
‫ويعكااس حاارص المشاارع المصااري علااى أن ال تقاال عقوبااة الحاابس عاان سااتة‬
‫أشاااهر رغبتاااه فاااي مواجهاااة ظااااهرة التنمااار بعقوباااات رادعاااة‪ ،‬خاصاااة ماااع االنتشاااار‬
‫الواسااع لهااذه الظاااهرة فااي اآلونااة األخياارة داخاال المجتمااع المصااري‪ ،‬وتتمثاال العقوبااة‬
‫الثانيااة فااي عقوبااة الغرامااة والتااي وضااع لهااا المشاارع حاادا أدنااى ال يقاال عاان عشاارة‬
‫آالف جنيه‪ ،‬وال يزيد عن حدها األقصى عن ثالثين ألف جنيه‪.‬‬

‫وماااا يالحاااظ‪ ،‬هاااو كاااون أن المشااارع المصاااري لااام يجعااال الجماااع باااين عقاااوبتي‬
‫الحاابس والغرامااة أماارا واجبااا وإنمااا تاارك تقاادير ذلااك للمحكمااة المختصااة‪ ،‬فلهااا أن‬
‫تجمااع بااين العقااوبتين ولهااا أن تكتفااي بااأي منهمااا؛ ولهااا أيضااا أن تااأمر بإيقاااف تنفيااذ‬
‫الع قوبااة‪ ،‬سااواء فااي حالااة الجمااع بااين العقااوبتين أم فااي حالااة الحكاام بواحااد منهااا‪ .‬ونشااير‬
‫إلاااى كاااون أن العقوباااات المنصاااوص عليهاااا فاااي الفقااارة الثانياااة مااان الماااادة ‪309‬‬
‫مكثثرر(ب) تطبااق فااي حااال عاادم وجااود عقوبااة أشااد منصااوص عليهااا فااي قااانون آخاار‪،‬‬
‫فااإذا ساالوك المااتهم يخضااع ألوصاااف متعااددة يكااون التنماار أحاادها‪ ،‬فااال تطبااق عقوبااة‬
‫التنمر إذا لم تكن هي األشد‪.205‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬عقوبة جريمة التنمر اإللكتروني في صورتها المشددة‬


‫لقاااد شااادد المشااارع المصاااري عقوباااة جريماااة التنمااار إذا ماااا تاااوافرت ظاااروف‬
‫معينااة‪ ،‬حااددتها المااادة ‪ 309‬مكثثرر (ب) ‪ ،‬بحيااث تاانص الفقاارة الثالثااة ماان هااذه المااادة‬
‫علااى أنااه‪ ":‬وتكااون العقوبااة الحاابس ماادة ال تقاال عاان ساانة وبغرامااة ال تقاال عاان عشاارين‬
‫ألااف جنياااه وال تزيااد عااان مائاااة ألااف جنياااه أو بإحااادى هاااتين العقاااوبتين‪ ،‬إذا وقعااات‬
‫الجريمااة ماان شخصااين أو أكثاار؛ أو كااان الجاااني ماان أصااول المجنااي عليااه أو المتااولين‬
‫تربيتااه أو مالحظتااه أو مماان لهاام ساالطة عليااه أو كااان مساالما إليااه بمقتضااى القااانون أو‬
‫حكاام قضااائي أو خادمااا لاادى الجاااني ‪ ،‬أمااا إذا اجتمااع الظرفااان يضاااعف الحااد األدنااى‬
‫للعقوبااة"‪ .‬فااي حااين تاانص الفقاارة الرابعااة ماان المااادة ذاتهااا علااى أنااه فااي حالااة العااود‬
‫تضاعف العقوبة في حديها األدنى واألقصى‪.‬‬

‫‪ -205‬أحمد عبد الموجود أبو الحمد زكير‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.2656‬‬
‫‪101‬‬
‫ويتضااح ماان خااالل الفقاارتين السااابقتين أن بعااض الظااروف الااواردة بهمااا يتعلااق‬
‫بعضااها بصاافة موجااودة فااي الجاااني أو المجنااي عليااه‪ ،‬وبعضااها اآلخاار يتعلااق بتعاادد‬
‫الجناة‪ ،‬والبعض اآلخر يتعلق بظروف العود‪.‬‬

‫وعليااه فإنناااا ساااوف نتنااااول هاااذه الظاااروف بشااايء مااان التفصااايل علاااى الشاااكل‬
‫التالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬وقوع التنمر من شخصين أو أكثر‬

‫أشااارت المااادة‪ 309‬مكثثثرر ( ب) إلااى تشااديد العقوباااة علااى األفعااال التنمرياااة‬


‫لتكااون العقوبااة الحاابس ماادة ال تقاال عاان ساانة‪ ،‬وبغرامااة ال تقاال عاان عشاارين ألااف جنيااه‬
‫وال تزيااد عاان مائااة ألااف جنيااه أو بإحاادى هاااتين العقااوبتين إذا مااا وقعاات هااذه األفعااال‬
‫من شخص أو أكثر‪.206‬‬

‫ولعاال تشااديد العقوبااة فااي هااذه الصااورة يرجااع إلااى مااا ينطااوي عليااه ارتكاااب‬
‫الجريمااة ماان شخصااين أو أكثاار ماان الخطااورة والرعااب والفاازع والخااوف الااذي يحاادث‬
‫للمجنااي عليااه وكااذلك لمااا يتضاامنه فعاال التنماار إذا وقااع ماان أكثاار ماان شخصااين أو‬
‫أكثاار ماان عاادم قاادرة المجنااي عليااه علااى المقاومااة أو الفاارار ممااا يجعلااه فريسااة فااي‬
‫أياادي الجناااة‪ .‬فنظاارا لخطااورة ارتكاااب التنماار ماان شخصااين أو أكثاار تاام تشااديد العقوبااة‬
‫فجعاال المشاارع العقوبااة هااي الحاابس ماادة ال تقاال عاان ساانة وغرامااة ال تقاال عاان عشاارين‬
‫ألاااف جنياااه وال تتجااااوز مائاااة ألاااف جنياااه‪ ،‬كماااا أجااااز المشااارع للقاضاااي الجماااع باااين‬
‫العقااوبتين فااي حاادهما األدنااى واألقصااى ‪ ،‬أو االكتفاااء بإحاادى هاااتين العقااوبتين؛ الحاابس‬
‫أو الغرامة بحديهما األقصى أو األدنى‪.207‬‬

‫‪ -206‬القاعدة العامة أن تعدد مرتكبي الجريمة ال يعد ظرف لتشديد العقاب على الجريمة في التشريع المصري‪ ،‬إال أن المشرع‬
‫سيخرج عن هذه القاعدة في شأن بغض الجرائم مثل السرقة أو دخول عقار بقصد منع حيازته و كذلك األمر في جريمة‬
‫التنمر‪ .‬هشام محمد رستم‪ ":‬قانون العقوبات‪ -‬القسم العام‪ ،2006-2005 ،"-‬ص ‪.233‬‬
‫‪ -207‬كمال سيد عبد الحليم محمد نصر‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.2517‬‬
‫‪102‬‬
‫ثانيا‪ :‬التشديد لتوافر صفة في الجاني أو المجني عليه‬

‫يشاادد المشاارع المصااري عقوبااة جريمااة التنماار بموجااب الفقاارة الثالثااة ماان المااادة‬
‫‪ 309‬مكثثثرر(ب) مااان قاااانون العقوباااات إذا جااااني مااان أصاااول المجناااي علياااه أو مااان‬
‫المتااولين تربيتااه أو مالحظتااه‪ ،‬أو مماان لهاام ساالطة عليااه أو كااان مساالما إليااه بمقتضااى‬
‫القانون أو بموجب حكم قضائي أو كان خادما لدى الجاني‪.‬‬

‫وال تخفااى علااى أحااد العلااة ماان تشااديد عقوبااة الجاااني إذا تااوافرت إحاادى الصاافات‬
‫المشااار إليهااا‪ ،‬وتكماان هااذه العلااة فااي إساااءة الجاااني السااتعمال الساالطة التااي تكااون لديااه‬
‫علااى المجنااي عليااه وعاادم جدارتااه بالثقااة الموضااوعة فيااه‪ ،‬فيخاال بالتزاماتااه ويهاادر‬
‫واجباته بشكل يتعدى اإلهمال ويصل إلى االستغالل‪.208‬‬

‫وستناول فيما يلي بيان هذه الصفات بنوع من التفصيل‪:‬‬

‫أ‪ :‬الحالة التي يكون فيها الجاني من أصول المجني عليه‬

‫يكاااون الجااااني مااان أصاااول الضاااحية المجناااي علياااه إذا كاااان األول ممااان تناسااال‬
‫ماانهم الثاااني تناسااال حقيقيااا ال حكميااا‪ ،‬وذلااك مثاال األب وإن عااال‪ ،‬أمااا األب بااالتبني فااال‬
‫يعااد ماان أصااول المجنااي عليااه‪ ،‬بحيااث أنااه إذا كااان األب بااالتبني هااو الجاااني فااي جريمااة‬
‫التنماار فااإن العقوبااة ال تشاادد بناااء علااى هااذه الصاافة‪ ،‬وإنمااا تشاادد تأسيسااا علااى ساابب‬
‫آخر كتولي التربية أو اإلشراف‪.209‬‬

‫ويشاااترط حتاااى يعاااد الجااااني مااان أصاااول المجناااي علياااه أن تكاااون هاااذه الصا الة‬
‫شاارعية‪ ،‬فااال يسااري التشااديد بناااء علااى هااذه الصاالة إذا كااان الجاااني أبااا غياار شاارعي‬
‫للمجني عليه‪ ،‬وذلك ألن األب في هذه الحالة يتماثل مع األب بالتبني‪.‬‬

‫ب‪ :‬الحالة التي يكون فيها الجاني متوليا تربية المجني عليه أو مالحظته‬

‫‪ -208‬أحمد عبد الموجود أبو الحمد زكير‪ ،‬م‪،‬س‪،‬ص ‪.2662‬‬


‫‪ -209‬مجدي محمود محب حافظ‪ ":‬موسوعة الجرائم المخلة باآلداب العامة وجرائم العرض"‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار العدالة‪،‬‬
‫‪ ،2007‬ص‪ ،113‬أشار له أحمد عبد الموجود أبو الحمد زكير‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.2663‬‬
‫‪103‬‬
‫يكاااون الجااااني مااان المتاااولين لتربياااة المجناااي علياااه أو مالحظتاااه أو اإلشاااراف‬
‫عليااه‪ ،‬إذا كااان مماان وكاال إليااه أماار اإلشااراف علااى المجنااي عليااه وتهذيبااه؛ سااواء وكاال‬
‫إليااه ذلااك بحكا م القااانون كااالولي والوصااي والماادرس‪ ،‬أو كاناات هااذه المهمااة أسااندت إليااه‬
‫بحكاام الواقااع كااالعم أو الخااال أو زوج األم ‪ ،‬أم كااان متوليااا تربيااة المجنااي عليااه باالتفاااق‬
‫كالمدرس الخصوصي‪.210‬‬

‫وهكااذا قااد يسااتغل الجاااني إشاارافه علااى المجنااي عليااه ليقااوم بساالوكيات تنمريااة ماان‬
‫شاااأنها أن تسااايء للمجناااي علياااه وتضاااعه موضاااع احتقاااار باااين زمالئاااه‪ ،‬كاااأن يقاااوم‬
‫المدرس مثال بنعت أو مناداة أحد تالمذته بأوصاف تسيء له‪.‬‬

‫ج‪ :‬أن يكون للجاني سلطة على المجني عليه‬

‫تتحقاااق سااالطة الجااااني علاااى المجناااي علياااه إذا كاااان لهاااذا األخيااار القااادرة علاااى‬
‫فاارض ساايطرته علااى المجنااي عليااه وجعلااه يقااوم بتنفيااذ أوامااره واالنصااياع لطلباتااه‪،‬‬
‫ويستوي في ذلك أن تكون سلطة قانونية أم فعلية‪.‬‬

‫وتتحقااق الساالطة القانونيااة إذا كااان المجنااي عليااه عااامال لاادى الجاااني؛ امااا الساالطة‬
‫الفعليااة فهااي التااي يكااون مصاادرها الواقااع كااأن يكااون الجاااني أحااد أقااارب المجنااي عليااه‬
‫من غير المتولين لتربيته‪.‬‬

‫وال يشاااترط المشااارع المصاااري أن تكاااون سااالطة الجااااني علاااى المجناااي علياااه‬
‫ساالطة ذاتيااة‪ ،‬إذ يتااوافر ظاارف التشااديد ولااو كاناات ساالطة مؤقت اة‪ ،‬كساالطة الطبيااب عنااد‬
‫إشرافه على عالج المريض‪.‬‬

‫‪ -210‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬م‪ ،‬ص ‪.85‬‬


‫‪104‬‬
‫د‪ :‬الحالثثة التثثي يكثثون فيهثثا المجنثثي عليثثه مسثثلما إلثثى الجثثاني بمقتضثثى القثثانون‬
‫أو حكم قضائي‬

‫ممااا ال شااك فيااه أن تسااليم المجنااي عليااه إلااى الجاااني بموجااب حكاام قضااائي أو‬
‫بمقتضااى القااانون يكااون مااثقال بعاادة التزامااات يغلااب عليهااا عاادم اإلضاارار بالمساالم أو‬
‫بمصالحه‪ ،‬وإذا أخل الجاني بهذه االل تزامات فيكون قد خان الثقة التي وضعت فيه‪.‬‬

‫والحاااالت التااي يااتم فيهااا التسااليم فااي القااانون المصااري متعااددة؛ ماان أهمهااا مااا‬
‫تاانص عليااه المااادة ‪ 103‬ماان قااانون الطفاال رقاام ‪ 12‬لساانة ‪ 1996‬والمعاادل بالقااانون‬
‫رقاام ‪ 126‬لساانة ‪ 2008‬التااي نصاات علااى أنااه ‪ ":‬يساالم الطفاال إلااى أحااد أبويااه أو إلااى‬
‫مان لااه الواليااة أو الوصاااية عليااه‪ ،‬فااإذا لاام تتاوافر فااي أيهاام الصااالحية فااي القيااام بتربيتااه‬
‫ساالم إلااى شااخص مااؤتمن يتعهااد بتربيتااه وحساان ساايره أو إلااى أساارة موثااوق بهااا يتعهااد‬
‫عائلهااا بااذلك"‪ .‬وكااذلك مااا تاانص عليااه المااادة ‪ 365‬ماان قااانون اإلجااراءات الجنائيااة‬
‫المصااري بنصااها علااى أنااه‪ ":‬يحااوز عنااد الضاارورة فااي كاال جنايااة أو جنحااة تقااع علااى‬
‫نفااس الصااغير الااذي لاام يبلااغ ماان العماار خمااس عشاارة ساانة أن يااؤمر بتسااليمه إلااى‬
‫شااخص مااؤتمن يتعهااد بمالحظتااه والمحافظااة عليااه أو إلااى معهااد خيااري معتاارف بااه‬
‫من وزارة الشؤون االجتماعية حتى يفصل في الدعوى"‪.‬‬

‫إذن يتضااح لنااا ماان خااالل هاااتين المااادتين العنايااة التااي خااص بهااا المشاارع الطفاال‬
‫الااذي يكااون مساالما بمقتضااى القااانون أو بموجااب حكاام قضااائي ‪ ،‬فاانص علااى تشااديد‬
‫عقوبااة التنماار إذا مااا مورساات خااالل هااذه العالقااة خاصااة وأن نفسااية الطفاال تكااون فااي‬
‫حاجة ماسة لالحتضان والحنان‪.‬‬

‫ه ‪ :‬الحالة التي يكون فيها المجني عليه خادما لدى الجاني‬

‫يشاادد المشاارع المصااري عقوبااة جريمااة التنماار فااي حالااة إذا كااان المجنااي عليااه‬
‫خادمااا لاادى الجاااني‪ ،‬فالخااادم هااو ذلااك الشااخص الااذي يقااوم بخدمااة غيااره فااي الحياااة‬

‫‪105‬‬
‫اليوميااة‪ ،‬سااواء كااان ذلااك بشااكل دائاام كالخااادم المقاايم مااع الجاااني فااي المناازل‪ ،‬أو كااان‬
‫خادما لمدة محددة كالبستاني الذي يعمل لبعض الوقت‬

‫كمااا أن المشاارع لاام يشااترط أن يكااون المجنااي عليااه خادمااا لاادى الجاااني مقاباال‬
‫أجاار‪ ،‬بحيااث يشاادد العقاااب علااى الجاااني ولااو كااان المجنااي عليااه خادمااا لاادى األول‬
‫‪211‬‬
‫بدون مقابل مادي‬

‫فااإذا تااوافرت إحاادى الصاافات المشااار إليهااا أعاااله تكااون عقوبااة جريمااة التنماار‬
‫الحاابس ماادة ال تقاال عاان ساانة‪ ،‬وغرامااة ال تقاال عاان عشاارين ألااف جنيااه وال تزيااد عاان‬
‫مائااة ألااف جنيااه أو بإحاادى هاااتين‪ .‬ومااا يالحااظ هااو أن المشاارع المصااري رفااع الحااد‬
‫األدنااى لعقوبااة الحااابس بحيااث ال يقاال هاااذا الحااد عااان ساانة مااع اإلبقااااء علااى حااادها‬
‫األقصااى العااام‪ ،‬كمااا رفااع المشاارع الحاادين األدنااى واألقصااى لعقوبااة الغرامااة؛ فااال يقاال‬
‫حادها ا ألدناى عان عشارين ألاف جنياه وال يزياد حادها األقصاى عان مائاة ألاف جنياه ماع‬
‫اإلبقاء على سلطة المحكمة في الحكم بإحدى العقوبتين أو الجمع بينهما‪.212‬‬

‫ثالثا‪ :‬التشديد الجتماع الظرفين‬

‫تااانص الماااادة ‪ 309‬مكااارر (ب) مااان قاااانون العقوباااات المصاااري علاااى أناااه‪ ":‬أماااا إذا‬
‫اجتمع الظرفان يضاعف الحد األدنى للعقوبة "‪.‬‬

‫ويقصااد بااالظرفين فااي هااذه الفقاارة؛ الظاارف الخاااص بتعاادد الجناااة المنصااوص‬
‫عليهااا فااي بدايااة الفقاارة ذاتهااا‪ ،‬والظااروف المتعلقااة بتااوفر صاافة فااي المجنااي عليااه أو‬
‫الجاااني‪ ،‬فااإذا ارتكااب التنماار ماان شخصااين أو أكثاار‪ ،‬وكااان الجاااني ماان أصااول المجنااي‬
‫عليااه أو ماان المتااولين لتربيتااه أو كااان المجنااي عليااه خادمااا لاادى الجاااني‪ ...‬فااإن عقوبااة‬
‫التنماار تشاادد‪ ،‬ويكااون التشااديد بمضاااعفة الحااد األدنااى للعقوبااة‪ ،‬بحيااث تكااون العقوبااة‬
‫فااي حالااة اجتماااع الظاارفين هااي الحاابس ماادة ال تقاال عاان ساانتين وغرامااة ماليااة ال تقاال‬

‫‪ -211‬أحمد عبد الموجود أبو الحمد زكير‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.2666‬‬
‫‪ -212‬أحمد عبد الموجود أبو الحمد زكير‪ ،‬ص‪.2662‬‬
‫‪106‬‬
‫عاان أربعااين ألااف جنيااه وال تزيااد عاان مائااة ألااف جنيااه أو بإحاادى هاااتين العقااوبتين‬
‫فقط ‪.213‬‬

‫رابعا‪ :‬التشديد لتوافر ظرف العود‬

‫طبقااا للمااادة ‪ 309‬مكثثرر (ب) ماان قااانون العقوبااات يعتباار العااود إلااى ارتكاااب‬
‫جريمااة التنماار ظرفااا مشااددا للعقوبااة‪ ،‬بحيااث نصاات هااذه المااادة علااى أنااه‪ ":‬فااي حالااة‬
‫عاااودة الجااااني إلاااى ارتكااااب نفاااس الجريماااة تضااااعف العقوباااة فاااي حاااديها األدناااى‬
‫واألقصى‪.214‬‬

‫ولمااا كااان العااود يعاارف بأنااه عااودة الشااخص إلااى اإلجاارام بارتكابااه جريمااة أو‬
‫جاارائم أخاارى بعااد ساابق إدانتااه بحكاام بااات فااي جريمااة سااابقة‪ ،‬فهااو بااذلك يكشااف عاان‬
‫خطااورة إجراميااة لاادى الجاااني لاام يفلااح الحكاام السااابق فااي إزالتهااا‪ .‬لااذلك فااإن ساابب‬
‫تشااديد العقوبااة هنااا يرجااع إلااى شااخص الجاااني‪ ،‬لااذا فهااو ماان الظااروف العامااة لتشااديد‬
‫العقاب ال تتعلق بجريمة معينة‪.215‬‬

‫وقااد بيناات المااادة ‪ 49‬ماان قااانون العقوبااات ماان يعااد عائاادا‪ ،‬إذ فااي ضااوء هااذه‬
‫المادة يشترط للقول بتوافر العود ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬صدور حكم نهائي ضد المتهم في جناية أو جنحة‪:‬‬


‫فااال تطبااق أحكااام العااود إذا كااان الحكاام صااادرا فااي مخالفااة؛ كمااا يشااترط‬
‫في الحكم أن يصير باتا قبل وقوع الجريمة الجديدة‪.‬‬
‫‪ -‬أن يرتكب الجاني جريمة أخرى ‪:‬‬

‫‪ -213‬أنظر الفقرة الثالثة من المادة ‪ 309‬مكرر (ب) من قانون العقوبات المصري‪.‬‬


‫‪ -214‬تنص الفقرة الرابعة من المادة ‪ 309‬مكرر (ب) من قانون العقوبات المصري على أنه‪ ":‬في حالة العود تضاعف العقوبة‬
‫في حديها األدنى واألقصى "‪ ،‬وتكون بذلك عقوبة الجاني العائد الحبس مدة ال تقل عن سنة‪ ،‬وال تزيد عن سنتين‪ ،‬وبغرامة‬
‫ال تقل عن عشرين ألف جنيه‪.‬‬
‫‪ -215‬محمد عبد اللطيف فرج‪ ":‬شرح قانون العقوبات‪ -‬القسم العام – النظرية العامة للعقوبة و التدابير االحترازية "‪،2012 ،‬‬
‫ص ‪.187‬‬
‫‪107‬‬
‫بحياااث يجاااب أن تكاااون الجريماااة التالياااة جناياااة أو جنحاااة‪ ،‬ومساااتقلة عااان‬
‫الجريمة السابقة‪ ،‬فإذا كان بينهما ارتباط ال تطبق قواعد العود‪.‬‬
‫ويساااتوي أن تكاااون الجريماااة الجديااادة تاماااة أو أوقفااات عناااد الشاااروع‪،‬‬
‫ويستوي كذلك أن يكون الجاني قد ساهم فيها بوصفه فاعال أم شريكا‬
‫‪ -‬أن تتاااوافر إحااادى الحااااالت المنصاااوص عليهاااا فاااي الماااادة ‪ 39‬مااان‬
‫العقوبات المصري‪ ،‬والتي تتمثل في‪:‬‬
‫‪ -‬من حكم عليه بعقوبة جناية وثبت ارتكابه بعد ذلك جناية أو جنحة‪.‬‬
‫‪ -‬ماان حكاام عليااه بااالحبس ماادة ساانة أو أكثاار وثباات أنااه ارتكااب جنحااة قباال‬
‫مضاااي خماااس سااانوات مااان تااااريخ انقضااااء هاااذه العقوباااة أو تااااريخ ساااقوطها‬
‫بمضي التقادم‪.‬‬
‫‪ -‬ماان حكاام عليااه لجنايااة أو جنحااة بااالحبس ماادة أقاال ماان ساانة واحاادة أو‬
‫بالغرامااة وثباات أنااه ارتكااب جنحااة مماثلااة للجريمااة األولااى قباال مضااي خمااس‬
‫سنوات من تاريخ الحكم المذكور‪.‬‬

‫وبالتاااالي يكاااون فاااي حالاااة عاااود ويعاقاااب عااان أفعاااال التنمااار اإللكتروناااي‬
‫الشخص المتوفرة فيه الشروط السالفة الذكر‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫في ختام البحث المتعلق بموضوع التنمر اإللكتروني يتبين لنا أن ظاهرة التنمر اإللكتروني‬
‫أصبحت اليوم تشكل خطرا متفاقما مما يؤكد على عدم إمكانية تجاهلها أو التعامل معها على‬
‫نحو تقليدي بالرجوع إلى النصوص العقابية التقليدية‪.‬‬

‫وقد رأينا كيف أن بعض الدول سواء العربية منها أو األجنبية قد سارعت الركب لسن‬
‫تشريعات خاصة لمواجهة تنامي هذه الظاهرة‪ ،‬وإن كان المشرع المغربي الزال إلى حد‬
‫يومنا هذا ال يدرج أي مصطلح للتنمر على مستوى قانونه الجنائي ‪ ،‬فإن االستعانة بالنصوص‬
‫الجنائية التقليدية لمواجهة هذه الظاهرة وحده غير كاف‪ ،‬خاصة وأن أفعال التنمر اإللكتروني‬
‫تتخذ صورا وأشكاال متعددة قد تفلح بعض النصوص الجنائية في القانون المغربي في‬
‫مواجهتها كما هو الشأن بالنسبة للنصوص المنظمة لجريمتي السب والقذف وكذا تلك المتعلقة‬
‫بالتحرش واالبتزاز الجنسيين‪ ،‬إال أن البعض اآلخر من أفعال التنمر اإللكتروني تبقى خارج‬
‫نطاق العقاب والمساءلة القانونية‪.‬‬

‫فالمتأمل في التشريعات األجنبية وخاصة العربية منها‪ ،‬يرى كيف أن المشرع المصري‬
‫وعلى غرار باقي التشريعات العربية ق د خطى خطوة مهمة حينما نص على تجريم التنمر‬
‫اإللكتروني على مستوى قانون عقوباته‪ ،‬وبذلك يكون هذا التشريع قد قطع خطوات مهمة في‬
‫تعزيز وحماية ثقافة حقوق اإلنسان‪ ،‬خاصة في هذا المجال المرتبط بشرفهم واعتبارهم‪.‬‬

‫أما على مستوى التشريعات الغربية‪ ،‬فال يخفى على أحد المكانة التي وصلت إليها بعض‬
‫الدول على مستوى حماية حقوق وحريات أفرادها‪ ،‬والعمل على توفير قدر كبير من حرية‬
‫التعبير والرأي بشكل ال يمس وال يضر بشرف واعتبار اآلخر‪.‬‬

‫فمن خالل بحثنا هذا رأينا كيف واجه كل من التشريع االنجلوسكسوني والالتيني ظاهرة‬
‫التنمر اإللكترو ني خاصة على مستوى المدارس التي تعتبر نقطة االنطالق األولى لهذه‬
‫الشرارة‪ ،‬بحيث عملت هذه التشريعات على محاربة التنمر بشتى أنواعه سواء من خالل‬
‫النصوص القانونية الرادعة أو البرامج التربوية والتعليمية التي تجعل من مصلحة المتمدرس‬
‫الهدف األول وتتعامل معه على أساس أنه لبنة من لبنات المجتمع وتوفر له كل متطلبات‬
‫‪109‬‬
‫العطف والحنان‪ ،‬خاصة وأن هذه المجتمعات قطعت خطوات مهمة في العمل على نفسية‬
‫أفرادها‪.‬‬

‫وختاما فال حاجة لنا بالتذكير بكون أن التنمر اإللكتروني أصبح اليوم ظاهرة تنخر في جميع‬
‫المجتمعات على اختالف ثقافاتها وايديولوجياتها‪ ،‬لذلك فإن التصدي لهذا النمط المستحدث من‬
‫اإلجرام ال يتحقق فقط عن طريق النصوص التقليدية‪ ،‬بل على المشرع الوطني تطوير ترسانته‬
‫القانونية لمواكبة هذه األفعال التي أقل م ا يقال عن آثارها أنها مقبرة لبعض األشخاص‪.‬‬

‫وكما هو الحال بالنسبة لكل الدراسات فإن دراستنا هذه ال تخلوا من نتائج واقتراحات نأمل‬
‫من خاللها أن ننظر لواقع وحقيقة " التنمر اإللكتروني "‪:‬‬

‫➢ خالصات‪:‬‬
‫✓ أصبحت النصوص القانونية التقليدية قاصرة ال تلبي كل حاجيات الحماية الجنائية‬
‫لألفراد الذين أصبحوا معرضين لخطر التطور التكنولوجي الحالي‪.‬‬
‫✓ ظاهرة التنمر اإللكتروني تتنوع من حيث طرائق ارتكابها بحيث يمكن ارتكابها عبر‬
‫مختلف الوسائل التقنية الحديثة‪.‬‬
‫✓ ظاهرة التنمر اإللكتروني تستهدف الجميع دون استثناء بحيث تستهدف النساء‬
‫والرجال‪ ،‬األطفال واألحداث وحتى مختلف الشخصيات الكبرى في البالد‪.‬‬
‫✓ ظاهرة التنمر اإللكتروني من الظواهر العابرة للحدود التي قد يرتكبها المتنمر في دولة‬
‫بتنمره على ضحية في دولة أخرى‪.‬‬
‫✓ ظاهرة التنمر اإللكتروني لها خصوصية خاصة لكون أن الجاني المتنمر يستخدم‬
‫المواقع االلكترونية والصفحات الوهمية في ارتكاب جريمته وهو األمر الذي يتطلب‬
‫عمال مضاعفا للوصول إلى الجناة‪.‬‬
‫➢ اقتراحات‪:‬‬
‫✓ ضرورة نشر الوعي المجتمعي بمخاطر ظاهرة التنمر اإللكتروني وتظافر جهود‬
‫فعاليات المجتمع المدني ووسائل اإلعالم من خالل إقامة حلقات ونقاشات وأوراش‬
‫عمل وندوات ومؤتمرات للتعريف باآلثار السلبية للتنمر اإللكتروني‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫✓ التوعية بآليات االستخدام اآلمن لإلنترنت وتفعيل دور األسرة في مجال توعية األبناء‬
‫لالستعمال األمثل لتقنية المعلومات وتجاوز سلبيات االستخدام ونشر الوعي الثقافي‪.‬‬
‫✓ ضرورة تدريس مادة لتعليم أخالقيات استخدام اإلنترنيت الصحيحة لألجيال الصاعدة‬
‫في التعليم ما قبل المشوار الجامعي وإنشاء أقسام جديدة بكليات الحقوق بمختلف‬
‫الجامعات المغرية لدراسة الحماية القانونية المعلوماتية أو قانون التكنولوجيا‬
‫واإلنترنت‪.‬‬
‫✓ العودة الى التمسك بآداب التربية اإلسالمية لمعالجة القضايا المتعلقة بحقوق الطفل‬
‫وتربيتهم خصوصا واالهتمام بالتربية الجنسية‪.‬‬
‫✓ تشجيع األشخاص الذين يتعرضون للتنمر اإللكتروني على اإلخبار بتلك األفعال‪،‬‬
‫نظرا لكون الكثير من األشخاص يعزفون عن اإلخبار خشية الفضيحة‪.‬‬
‫✓ تشجيع األطفال واألحداث على التكلم في حال وقوعهم ضحايا للتنمر وعدم تجاهلهم‬
‫وتوجيههم في حال كانوا هم المتنمرين‪.‬‬
‫✓ تخصيص أرقام هاتفية لالتصال بالجهات المعنية ( الشرطة أو الدرك ) في حالة‬
‫التعرض للتنمر‪.‬‬
‫✓ وأخيرا ندعو المشرع المغربي إلى التدخل والحد من االرتفاع المهول الذي تعرفه‬
‫هذه الظاهرة وذلك عن طريق تبني سياسة تشريعية واضحة المعالم تمزج بين الطابع‬
‫الوقائي والردعي لمواجهة كافة أشكال التنمر‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫المراجع‪:‬‬ ‫➢ الئحة‬

‫❖ المعاجم ‪:‬‬

‫✓ تاج العروس‪ ،‬الجزء الرابع عشر‪.‬‬


‫✓ تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشوراني ‪ ،‬البن حجر الهيثي‪ ،‬الجزء‬
‫التاسع‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫✓ الصحاح تاج اللغة‪ ،‬وصحاح العربية‪ ،‬الجزء الثاني‪.‬‬
‫✓ لسان العرب البن منظور‪ ،‬الجزء الخامس‪.‬‬
‫✓ المعجم الوسيط‪ ،‬الجزء الثاني‪.‬‬

‫❖ الكتب العامة‪:‬‬

‫✓ أحمد الخمليشي‪ :‬شرح الجنائي القسم العام "‪ ،‬مكتبة المعارف للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫ط‪.1985‬‬
‫✓ أحمد فتحي سرور‪ ":‬الوسيط في قانون العقوبات‪ -‬القسم الخاص '"‪ ،‬ط‪ ،5 ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪.2013 ،‬‬
‫✓ أسامة أحمد المناعسة‪ ،‬جالل محمد الزغبي‪ ":‬جرائم تقنية نظم المعلومات اإللكترونية‬
‫"‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع األردن‪ ،‬الطبعة األولى و الثانية‪.‬‬
‫✓ سعيد الوردي ‪ ":‬جرائم السب والقذف عبر وسائل التواصل االجتماعي والمواقع‬
‫اإللكترونية – دراسة فقهية وقضائية مقارنة في ضوء أحكام القانون الجنائي المغربي‬
‫والقانون رقم ‪ 88.13‬المتعلق بالصحافة والنشر والعمل القضائي المغربي والمقارن"‪،‬‬
‫مطبعة األمنية الرباط‪ ،‬ط األولى‪.2020،‬‬

‫‪112‬‬
‫✓ سعيد الوردي‪ " :‬شرح القانون الجنائي العام المغربي – دراسة فقهية وقضائية‪،" -‬‬
‫مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪.2020 ،‬‬
‫✓ عبد الواحد العلمي‪ ":‬شرح القانون الجنائي المغربي‪ -‬القسم العام‪ ،"-‬الطبعة التاسعة‪،‬‬
‫‪14440‬ه‪2019/‬م‪.‬‬
‫✓ عفيفي كمال عفيفي‪ " :‬جرائم الكمبيوتر وحقوق المؤلف والمصنفات الفنية ودور‬
‫الشرطة والقانون – دراسة مقارنة‪ ،" -‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان بيروت‪ ،‬ط‬
‫‪.2003‬‬
‫✓ عمر السعيد رمضان‪ ":‬شرح قانون العقوبات‪ -‬القسم العام –" دار النهضة العربية‪،‬‬
‫بدون تاريخ‬
‫✓ عمر سالم‪ ":‬شرح قانون العقوبات المصري – القسم العام‪ ،"-‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫بدون تاريخ‪.‬‬
‫✓ عوض محمد‪ ":‬قانون العقوبات – القسم العام‪ ،" -‬دار المطبوعات الجامعية‪.1998 ،‬‬
‫✓ فتوح عبد هللا الشاذلي‪ " :‬شرح قانون العقوبات القسم الخاص‪ :‬دار المطبوعات‬
‫اإلسكندرية ‪ ،2001‬بدون طبعة‪ ،‬ص ‪.299‬‬
‫✓ لطيفة الداودي‪ ":‬الوجيز في القانون الجنائي المغربي "‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪،2007 ،‬‬
‫✓ ‪-‬محمد داوود يعقوب ‪ ":‬المسؤولية في القانون الجنائي االقتصادي"‪ ،‬منشورات الحلبي‬
‫الحقوقية‪ ،‬بيروت‪.2008 ،‬‬
‫✓ محمد عبد اللطيف فرج‪ ":‬شرح قانون العقوبات‪ -‬القسم العام ‪ -‬النظرية العامة للعقوبة‬
‫والتدابير االحترازية "‪ ،2012 ،‬ص ‪.187 :‬‬
‫✓ محمود حسني‪ ":‬النظرية العامة للقصد الجنائي‪ -‬دراسة مقارنة للركن المعنوي في‬
‫الجرائم العمدية‪ ،"-‬دار النهضة العربية‪.2006 ،‬‬
‫✓ هشام محمد رستم‪ ":‬قانون العقوبات‪ -‬القسم العام‪.2006-2005 ،"-‬‬

‫‪113‬‬
‫❖ الكتب الخاصة‪:‬‬

‫✓ أحمد عبد هللا الطيار‪ " :‬جريمة التنمر في التشريع المصري والمقارن‪ ،:‬بحث مقدم‬
‫لكلية الحقوق‪ ،‬جامعة اإلسكندرية بدون طبعة وال تاريخ نشر‪.‬‬
‫✓ على موسى الصبيحة‪ ،‬محمد فرمان القضاة‪ ":‬سلوك التنمر عند األطفال المراهقين‪-‬‬
‫مفهومه أسبابه عالجه –"‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة األولى ‪1434‬ه‪.2013/‬‬
‫✓ مسعد أبو الديار‪ " :‬سيكولوجية التنمر بين النظرية والعالج"‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪1433‬ه‪2012/‬م‪ ،‬الكويت‪.‬‬

‫❖ الرسائل‪:‬‬
‫✓ أدهم رجب محمود الخفاجي‪ " :‬أثر برنامج إرشادي في تنمية المهارات االجتماعية‬
‫لدى ضحايا التنمر المدرسي"‪ ،‬رسالة لنيل شهادة ماجستير آداب في اإلرشاد النفسي‬
‫والتوجيه التربوي‪ ،‬كلية التربية األساسية‪ ،‬قسم اإلرشاد النفسي والتوجيه التربوي‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪.2015‬‬
‫✓ آسيا مغموش‪ " :‬الحماية الجنائية للطفولة "‪ ،‬مذكرة تكميلية لنيل شهادة الماستر شعبة‬
‫الحقوق تخصص قانون جنائي لألعمال‪ ،‬جامعة العربي بن مهدي أم البواقي‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2014-2013‬‬
‫✓ أنس مشهور‪ ":‬المسؤولية الجنائية للصحفي المهني – دراسة مقارنة‪ "-‬رسالة لنيل‬
‫شهادة الماستر في القانون الخاص‪ ،‬تخصص العدالة الجنائية والعلوم الجنائية‪ ،‬جامعة‬
‫سيدي محمد بن عبد هللا‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية فاس‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.2020-2019‬‬
‫✓ براء علي صالح محمد‪ ":‬المسؤولية العقدية لمزودي خدمات عبر اإلنترنيت‪-‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ،" -‬رسالة مقدمة الستكمال متطلبات الحصول على درجة الماجستير في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬قسم الحقوق كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الشرق األوسط‪2020 ،‬‬

‫‪114‬‬
‫✓ بهلول بن حوى‪ " :‬جريمة القذف عبر مواقع التواصل االجتماعي "‪ ،‬مذكرة نهاية‬
‫الدراسة لنيل شهادة الماستر في ا لقانون الخاص‪ ،‬جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم‪،‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2020‬‬
‫✓ حسين محمد فالح البرايسه‪ " :‬الركن المعنوي في الجرائم اإللكترونية وفقا لقانون‬
‫العقوبات األردني " رسالة مقدمة الستكمال متطلبات الحصول على درجة الماجستير‬
‫في القا نون العام‪ ،‬كلية الحقوق جامعة الشرق األوسط‪ ،‬حزيران‪.2021 ،‬‬
‫✓ حسين محمد فالح البرايسه‪ " :‬الركن المعنوي في الجرائم اإللكترونية وفقا لقانون‬
‫العقوبات األردني " رسالة مقدمة الستكمال متطلبات الحصول على درجة الماجستير‬
‫في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق جامعة الشرق األوسط‪ ،‬حزيران‪.2021 ،‬‬
‫✓ داليا مجذوب ابراهيم علي‪ ":‬موانع المسؤولية الجنائية ‪-‬دراسة مقارنة ‪"-‬بحث مقدم‬
‫لنيل شهادة الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية الدراسات العليا والبحث العلمي‪ ،‬جامعة‬
‫شندي‪.2016 ،‬‬
‫✓ سارة عياط‪ " :‬جريمة القذف على شبكة اإلنترنت "‪ ،‬مذكرة مكملة من متطلبات نيل‬
‫شها دة الماستر في الحقوق‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الموسم الجامعي‬
‫‪.2014-2013‬‬
‫✓ سارة مقراني‪ " :‬جريمة االستغالل الجنسي لألطفال عبر اإلنترنيت "‪ ،‬مذكرة تكميلية‬
‫لنيل شهادة الماستر‪ ،‬تخصص قانون جنائي لألعمال‪ ،‬جامعة العربي بن مهدي أم‬
‫البواقي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2016-2015‬‬
‫✓ سناء السرحاني‪ " :‬الجرائم المرتكبة عبر مواقع التواصل االجتماعي "‪ ،‬بحث لنيل‬
‫شهادة الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫جامعة سيدي محمد بن عبد هللا فاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2018-2017‬‬
‫✓ علي بوييس‪ " :‬جرائم الصحافة بين القانون والعمل القضائي "‪ ،‬رسالة نهاية التدريب‬
‫بالمعهد العالي للقضاء‪.2010-2009 ،‬‬
‫✓ قواسم بن عيسى‪ " :‬الفجوة الرقمية والمعلوماتية بين الدول العربية – دراسة مقارنة‬
‫بين الجزائر واإلمارات العربية المتحدة‪ ،"-‬مذكرة تخرج لنيل شهادة الماجستير في‬
‫‪115‬‬
‫عل وم اإلعالم واالتصال‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية والحضارة اإلنسانية قسم اإلعالم و‬
‫االتصال‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬الموسم الجامعي ‪.2007-2006‬‬
‫✓ محمد بوزالفة‪ " :‬االختصاص العيني في القانون الجنائي المغربي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالجتماعية أكدال‪-‬الرباط‪،‬‬
‫جامعة محمد الخامس‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1996-1995‬‬
‫✓ محمود كامل محمد كمال‪ " :‬التنمر اإللكتروني وتقدير الذات لدى عينة من الطالب‬
‫المراهقين الصم وضعاف السمع‪ -‬دراسة سيكومثرية إكلينيكية"‪ ،‬رسالة مقدمة‬
‫للحصول على درجة الماجستير في الترب ية‪ ،‬جامعة طنطا‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬قسم الصحة‬
‫النفسية‪1434 ،‬ه‪2018/‬م‪.‬‬
‫✓ مراد بنار‪ " :‬الجرائم المرتكبة عبر الوسائط اإللكترونية "‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر‬
‫في القانون الخاص تخصيص العلوم الجنائية واألمنية‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪-2018‬‬
‫‪.2021‬‬
‫✓ نبيل مالكية‪ " :‬المسؤولية الجنائية‪ :‬مجموعة محاضرات ألقيت على طلبة السنة الثانية‬
‫ماستر‪ ،‬تخصص قانون جنائي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫عباس لغرور خنشلة ‪.2017-2016‬‬
‫✓ نجبب بروال‪ ":‬األساس القانوني للمس ؤولية الجنائية عن فعل الغير "‪ ،‬مذكرة مقدمة‬
‫لنيل شهادة الماجستير في العلوم القانونية تخصص علم اإلجرام وعلم العقاب‪ ،‬جامعة‬
‫الحاج لخضر باتنة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.2013-2021‬‬

‫‪116‬‬
‫❖ المقاالت ‪:‬‬
‫✓ أحمد عبد الاله عبد الحميد عبد الرحيم المراغي‪ ":‬المسؤولية الجنائية لمقدمي خدمات‬
‫اإلنترنيت ‪ -‬دراسة تحليلية خاصة لمسؤولية مزودي خدمات االتصاالت اإللكترونية‪-‬‬
‫"‪ ،‬مقال منشور بمجلة حقوق حلوان للدراسات القانونية واالقتصادية‪ ،‬اإلصدار‪،2812‬‬
‫لم يتم ذكر السنة‪.‬‬
‫✓ أحمد علي الدروبي‪ ":‬مواقع التواصل االجتماعي وأثرها على العالقات االجتماعية‬
‫"‪ ،‬مقال منشور بالمجلة العربية للنشر العلمي‪ ،‬العدد األول‪.2018 ،‬‬
‫✓ إدريس كسيكس‪ ،‬فاضمة آيت موسى‪ ،‬سلمى بوشيبة‪ ":‬العنف ضد النساء في ضوء‬
‫القانون وسياق الجائحة –وثيقة توجيهية –"‪ ،‬مركز األبحاث إكونوميا‪،Economia‬‬
‫سنة النشر ‪.2021‬‬
‫✓ آمال فكيري‪ " :‬إشكاالت اإلثبات واالختصاص في جرائم تكنولوجيا اإلعالم واالتصال‬
‫العابرة للحدود"‪ ،‬مقال منشور بمجلة العلوم القانونية والسياسية‪ ،‬عدد ‪ ،17‬يناير‬
‫‪.2018‬‬
‫✓ برمضان الطيب‪ " :‬المسؤولية الجنائية في الفقه اإلسالمي والقانون الجزائري"‪ ،‬مقال‬
‫منشور بمجلة المعيار‪ ،‬المجلد ‪ ،2‬العدد ‪.2021 ،01‬‬
‫✓ بن حليمة سعاد ‪ ":‬الحماية الجنائية من الجرائم الماسة بالشرف المرتكبة داخل الفضاء‬
‫الرقمي "‪ ،‬مقال مقدم بمناسبة المؤتمر الدولي االفتراضي انعكاسات التطور‬
‫التكنولوجي على حق اإلنسان في السالمة الجسدية أيام ‪17‬و ‪ 18‬أبريل ‪ ،2021‬منشور‬
‫بمجلة إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية‬
‫واالقتصادية برلين‪ /‬ألمانيا‪ ،‬الجزء الثاني‪.‬‬
‫✓ ثناء هاشم محمد‪ " :‬واقع ظاهرة التنمر اإللكتروني لدى طالب المرحلة الثانوية في‬
‫محافظة الفيوم وسبل مواجهتها‪ -‬دراسة ميدانية‪ ،"-‬مقال منشور بمجلة جامعة الفيوم‬
‫للعلوم التربوية والنفسية‪ ،‬العدد الثاني عشر‪ ،‬الجزء الثاني‪.2019 ،‬‬

‫‪117‬‬
‫✓ جمال زين العابدين أمين محمد‪ ":‬االختصاص القضائي وإجراءات التحقيق في الجرائم‬
‫اإللكترونية "‪ ،‬مقال منشور بمجلة مستقبل العلوم االجتماعية‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬يناير‬
‫‪.2021‬‬
‫✓ جواهر علي األميري‪ ":‬جريمة القذف والسب عبر وسائل تقنية المعلومات "‪ ،‬مقال‬
‫منشور بالمجلة األكاديمية لألبحاث والنشر العلمي‪ ،‬االصدار الرابع عشر‪.2020 ،‬‬
‫✓ حامدة الفيدة‪ " :‬دور القضاء المغربي في مواجهة اإلجرام اإللكتروني ضد المرأة "‪،‬‬
‫مقال منشور بمجلة قراءات علمية في األبحاث والدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬العدد‬
‫الخامس‪ ،‬يوليوز ‪.2021‬‬
‫✓ خالد موسى توني‪ " :‬المواجهة الجنائية لظاهرة التسلط اإللكتروني في التشريعات‬
‫الجنائية المقارنة "‪ ،‬مقال منشور بمجلة كلية الشريعة والقانون بطنطا‪ ،‬العدد ‪،31‬‬
‫الجزء األول‪ ،‬يناير ‪.2016‬‬
‫✓ سام محمد السيد محمد‪ ":‬مفهوم االستضعاف وأثره في السياسة الجنائية المعاصرة‬
‫"‪ ،‬مقال م نشور بمجلة الدراسات القانونية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة اسيوط‪ ،‬العدد ‪ ،43‬ج‬
‫الثالث‪ ،2018 ،‬ص ‪.396‬‬
‫✓ سجى عمر شعبان آل عمرو‪ " :‬العنف الرقمي الشكل الحديث للعنف ضد المرأة‬
‫والحماية القانونية لها"‪ ،‬ورقة بحثية مقدمة إلى الندوة اإللكترونية العلمية الدولية في‬
‫مركز الدراسات اإلقليمية (العنف ضد المرأة وآليات الحماية)‪ ،‬جامعة الموصل‪،‬‬
‫‪.2020‬‬
‫✓ سحر فؤاد‪ /‬مجيد النجار‪ ":‬جريمة التنمر اإللكتروني‪ -‬دراسة مقارنة في القانون‬
‫العراقي واألمريكي‪ ،" -‬مقال منشور بالمجلة األكاديمية للبحث القانوني‪ ،‬المجلد ‪،11‬‬
‫العدد ‪.04‬‬
‫✓ سعيد الوردي ‪ ":‬التنمر اإللكتروني "‪ ،‬مداخلة ألقيت بمناسبة المؤتمر الدولي‬
‫االفتراضي األول حول التكنولوجيا التعليم والقانون‪ ،‬األربعاء ‪ 26‬يناير ‪.2022‬‬

‫‪118‬‬
‫✓ صابرين ناجي طه‪ " :‬المسؤولية الجزائية الناشئة عن التنمر اإللكتروني "‪ ،‬مقال منشور‬
‫بمجلة جامعة تكريت للحقوق‪ ،‬السنة السادسة‪ ،‬المجلد ‪ ،6‬العدد ‪ ،2‬الجزء ‪.1‬‬
‫✓ صخر أحمد الخصاونه‪ /‬سهل علي العتوم‪ ":‬دور وسائل التواصل االجتماعي في نشر‬
‫خطاب الكراهية من وجهة نظر الصحفيين األردنيين – دراسة ميدانية ‪ ،"-‬مقال منشور‬
‫بمجلة الجامعة اإلسالمية للدراسات الشرعية والقانونية‪.vol29,No.1,2021 ،‬‬
‫✓ عبد العالي خالد‪ " :‬جرائم االبتزاز الجنسي بالمغرب وسؤال التأطير والحماية" مقال‬
‫منشور بجريدة االتحاد االشتراكي‪ ،‬تم االطالع عليه على الموقع التالي‪:‬‬
‫‪. https://www.maghress.com/alittihad/1251196‬‬
‫✓ عيسى علي‪ " :‬المسؤولية الجزائية عن فعل الغير في الجرائم البيئية"‪ ،‬مقال منشور‬
‫بمجلة العلوم السياسية والقانون‪ ،‬المجلد ‪ ،3‬العدد ‪ ،2019 ،13‬المركز الديمقراطي‬
‫العربي – ألمانيا –برلين‪.‬‬
‫✓ فؤاد بن صغير‪ " :‬مقدمات في القانون اإللكتروني المغربي"‪ ،‬مقال منشور على الموقع‬
‫اإللكتروني التالي‪. https://www.google.com/amp/s/satv.ma :‬‬
‫✓ كمال سيد عبد الحليم محمد نصر‪ " :‬جريمة التنمر وعقوبتها في الشريعة والقانون "‪،‬‬
‫مقال منشور بمجلة كلية الشريعة والقانون‪ ،‬جامعة األزهر فرع أسيوط‪ ،‬العدد الرابع‬
‫والثالثون‪ ،‬اإلصدار األول‪ ،‬يناير ‪ ،2022‬الجزء الثالث‪.‬‬
‫✓ مزيتي فاتح – دالج محمد الخضر‪ " :‬حماية األطفال من االستغالل عبر شبكات‬
‫التواصل االجتماعي في المواد اإلباحية"‪ ،‬مقال مقدم بمناسبة وقائع المؤتمر الدولي‬
‫االفتراضي انعكاسات التطور التكنولوجي على حق اإلنسان في السالمة الجسدية أيام‬
‫‪17‬و ‪ 18‬أبريل ‪ ، 2021‬منشور بالمركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية‬
‫والسياسية واالقتصادية ألمانيا‪ /‬برلين‪ ،‬الجزء الثاني‪.‬‬
‫✓ نجاعي سامية‪ " :‬تكنولوجيا اإلعالم واالتصال الحديثة ودورها في نشر الجرائم‬
‫اإللكترونية‪-‬الفيس بوك نموذجا‪ "-‬مقال مقدم بمناسبة وقائع المؤتمر الدولي االفتراضي‬
‫انعكاسات على حق اإلنسان في السالمة الجسدية أيام ‪17‬و ‪ 18‬أبريل ‪ ،2021‬منشور‬

‫‪119‬‬
‫بمجلة إصدارات المركز العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‬
‫ألمانيا‪ /‬برلين‪ ،‬الجزء الثاني‪.‬‬
‫✓ نوال وسار‪ ":‬التنمر اإللكتروني في الجزائر بين حرية التعبير وانتهاك الخصوصية‬
‫"‪ ،‬مقال منشور بمجلة الرسالة للدراسات والبحوث اإلنسانية‪ ،‬المجلد ‪ ،6‬العدد ‪،3‬‬
‫يوليوز ‪.2021‬‬
‫✓ ياسر محمد هللا معي‪ " :‬المواجهة الجنائية لظاهرة التنمر اإللكتروني في ضوء السياسة‬
‫التشريعية الحديثة‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،"-‬مقال منشور بمجلة روح القوانين‪ ،‬العدد الخامس‬
‫والتسعون‪ ،‬إصدار يوليوز ‪.2021‬‬
‫✓ يمينة المدوري‪ ":‬التنمر اإللكتروني – مقاربة مفاهيمية‪ ،" -‬مقال منشور بمجلة التكامل‬
‫في بحوث العلوم االجتماعية والرياضية‪ ،‬المجلد ‪ ،5‬العدد ‪ 21 ،2‬دجنبر‪.2021 ،‬‬
‫✓ يوسف سعد الدين‪ " :‬المسؤولية الجنائية الناشئة عن التنمر"‪ ،‬مقال منشور بمجلة‬
‫سوهاج للشباب الباحثين‪ ،‬مجلد ‪.)4(2‬‬
‫✓ يوسف قجاج‪ ":‬الجريمة اإللكترونية وإشكالية االختصاص القضائي– مكان ارتكاب‬
‫الجريمة نموذجا‪ ،"-‬قراءة في قرار محكمة النقض عدد ‪ 7/233‬في الملف الجنحي‬
‫عدد ‪ 2017/7/6/14280‬الصادر بتاريخ ‪.2018/02/14‬‬

‫❖ محاضرات ‪:‬‬
‫✓ نبيل مالكية‪ " :‬المسؤولية الجنائية‪ :‬مجموعة محاضرات ألقيت على طلبة السنة الثانية‬
‫ماستر‪ ،‬تخصص قانون جنائي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫عباس لغرور خنشلة ‪.2017-2016‬‬

‫‪120‬‬
‫❖دراسات ‪:‬‬
‫✓ حنان بنت شعشوع الشهري‪“ :‬أثر استخدام شبكات التواصل اإللكتروني على العالقات‬
‫اإلجتماعية – الفيس بوك وتويتر نموذجا‪ " -‬دراسة ميدانية على عينة من طالبات‬
‫جامعة عبد العزيز بجدة‪ ،‬جامعة الملك عبدا لعزيز ‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪،‬‬
‫‪1433‬ه‪.‬‬

‫❖ القوانين ‪:‬‬
‫✓ دستور المغرب لسنة ‪.2011‬‬
‫✓ القانون الجنائي المغربي ‪.‬‬
‫✓ قانون االلتزامات والعقود المغربي‪.‬‬
‫✓ قانون العقوبات المصري ‪.‬‬
‫✓ قانون العقوبات الفرنسي ‪.‬‬
‫✓ القانون رقم ‪ 103.13‬المتعلقة بمحاربة العنف ضد النساء‪.‬‬
‫✓ القانون رقم ‪ 42.10‬المتعلق بقضاء القرب‪.‬‬
‫✓ القانون رقم ‪ 2.00‬المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة‪.‬‬

‫❖ المراجع باللغة اإلنجليزية‪:‬‬

‫‪❖ BOOKS :‬‬

‫‪✓ Hirsch .Pauterpacht:” An International Bill of rights of man",‬‬


‫‪1954.‬‬

‫‪121‬‬
✓ Smith.J.T wenlow,S & hoover,D(1999), victims and bystanders :
A method of in school intervention and possible parental
contributions, children psychiatry and human.

❖ARTICLE :
✓ Alison V. King, Constitutionality of Cyberbullying Laws: Keeping
the Online Playground Safe for Both Teens and Free Speech, 63
Vanderbilt Law Review 845 (2019) Available at:
https://scholarship.law.vanderbilt.edu/vlr/ vol63/iss3/6.
✓ Committe for children, 2003, steps to respect: Preview of
researche, Article pdf.
✓ Jurate kuklyte, cyber sexual harassment asicts development
consequences: A review, Article posted in European journal Business
science and technology, Volume: 4, issue 2, issn 2336- 6494.
✓ Megan Meier Cyberbullying Prevention
Act,H,R.111thcom.(2009) https://www.congress.gov/bill/111th-
congress/house-bill/1966/text.
✓ Ron Roesch, Cyberbullying: Is Federal Criminal Legislation the
Solution,Article in Canadian Journal of Criminology and Criminal
Justice/La Revue canadienne de criminologie et de justice pénale ·
October 2015.
✓ Shannon Noonan, Ian Fraser,CYBER-BULLYING AND THE LAW:
ARE WE DOING ENOUGH?,Article in The American Association of

122
Behavioral and Social Sciences Journal (The AABSS Journal, 2013,
Volume 17).

:‫❖ المراجع بالفرنسية‬

❖Thèses:
✓ Nadia L'Espérance: La peur du crime chez les aînés: des facteurs
psychologiques prédisposants, Thèse, Université du Québec à
Trois-Rivières, 2011.

❖ Mémoires:

✓ Diane Delage: La prévention du harcèlement psychologique: agir


à la source, développement d'un intrument de mesure,
Université du Québec à Trois-Rivières, 2006.

❖Articles:
✓ Pralus Dupuy, le harcèlement sexuel, commentaire de
l’article 222-23 du nouveau code pénal et de la loi 92- 1179

123
du 02 novembre 1992 relative à l'abus d'autorité en matière
sexuelle dans les relations de travail et modifiant le code
du matériel et le code de procédure pénale, 1993.
✓ RENUCCI (jean-francois), Le droit penal des mineurs entre
son passé et son avenir, R. S. C. 2000, p. 79 et ss, NERAC-
CROISIER (Roselyne), Droit penal et mineur victime,
Indifference ou protectionnisme? In "La protection
judiciaire du mineur en danger, L' Hamattan, paris, 2000.
✓ Stella Bresciani: Le harcèlement moral par les images et les
représentation, Cahiers du Brésil Contemporain, 2004,
n°55/56, pp.11-22.

:‫❖المواقع االلكترونية‬

‫ منشور‬،‫كيف تعرف األمم المتحدة الظاهرة التي تهدد الشباب‬...‫✓ التنمر اإللكتروني‬
https://www.alroeya.com/60- :‫التالي‬ ‫اإللكتروني‬ ‫الموقع‬ ‫على‬
. 64/2223278-%25
:‫ مقال منشور على الموقع اإللكتروني التالي‬،‫✓ التنمر يحدث للجميع ويوقعه الجميع‬
https://www.unicef.org/egypt/ar/bullying
‫ مقال منشور على الموقع‬،‫ التنمر االلكتروني في عصر الكورونا‬،‫✓ رفعت بدر‬
:‫التالي‬
.https://abouna.org/abouna-opinion/

124
:‫ معجم عربي عربي متوفر على الموقع اإللكتروني التالي‬،‫✓ معجم المعاني الجامع‬
https://www.almaany.com/ar/dict/ar-
/ar/%D8%AA%D9%86%D9%85%D8%B1

❖Webographie:

✓ https://www.localsolicitors.com/criminal-guides/the-law-on-
cyberbullying
✓ https://www.rayburntours.com/blog/2022/02/01/safer-
internet-day-2022/
✓ https://www.canada.ca/en/public-safety-
canada/campaigns/cyberbullying.html
✓ https://www.kruselaw.ca/library/bill-c-13-canada-s-new-
cyberbullying-legislation-kruse-law.cfm

125
‫الفهرس‪:‬‬
‫مقدمة‪1 .................................................................................................... :‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التنمر اإللكتروني في التشريع الجنائي المغربي ‪16 ..................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المقاربة القانونية ألفعال التنمر اإللكتروني ‪18 .......................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬األشكال العامة للتنمر اإللكتروني ‪19 ..................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬التنمر اإللكتروني في إطار السب والقذف ‪20 .........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التنمر اإللكتروني الشكل الحديث لجريمة التمييز ‪29 .................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أشكال التنمر اإللكتروني الواقع على بعض الفئات الخاصة ‪32 ....................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬التنمر اإللكتروني ضد النساء ‪33 .......................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التنمر ضد األطفال ‪40 ....................................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المسؤولية الجنائية واالختصاص القضائي في جرائم التنمر اإللكتروني ‪45 .....‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أحكام المسؤولية الجنائية الناشئة عن أفعال التنمر اإللكتروني ‪46 ................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المسؤولية الجنائية الشخصية عن أفعال التنمر اإللكتروني‪47 .....................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المسؤولية الجنائية المفترضة الناشئة عن التنمر اإللكتروني ‪52 ..................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬االختصاص القضائي في جريمة التنمر اإللكتروني ‪58 .............................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مبدأ إقليمية النص الجنائي في جرائم التنمر اإللكتروني ‪59 ........................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تنازع االختصاص القضائي في أفعال التنمر اإللكتروني‪63 .........................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬التنمر اإللكتروني في التشريع الجنائي المقارن ‪66 ..................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التنمر اإللكتروني على ضوء التشريعات األجنبية ‪67 ...............................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التنمر االلكتروني في التشريع األنجلوسكسوني ‪68 ..................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬التنمر االلكتروني في التشريع األمريكي ‪70 ...........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التنمر اإللكتروني في التشريع االنجليزي والكندي ‪76 ...............................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التنمر االلكتروني في التشريع الالتيني ‪80 ...........................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬صور جريمة التنمر االلكتروني في التشريع الفرنسي ‪81 ...........................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬عقوبة التنمر االلكتروني في التشريع الفرنسي ‪86 ..................................‬‬

‫‪126‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التنمر اإللكتروني في التشريعات العربية ‪89 .........................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أركان جريمة لتنمر اإللكتروني في التشريع المصري ‪90 ...........................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الركن الشرعي والمادي لجريمة التنمر اإللكتروني ‪91 ..............................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الركن المعنوي في جريمة التنمر اإللكتروني ‪96 .....................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬عقوبة التنمر اإللكتروني في التشريع المصري ‪100 ...............................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬عقوبة جريمة التنمر اإللكتروني في صورتها البسيطة‪100 .......................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬عقوبة جريمة التنمر اإللكتروني في صورتها المشددة ‪101 .......................‬‬
‫خاتمة‪109 ................................................................................................. :‬‬
‫الئحة المراجع‪112 ....................................................................................... :‬‬
‫الفهرس‪126 .............................................................................................. :‬‬

‫‪127‬‬

You might also like