You are on page 1of 32

‫جمهورية العراق‬

‫ديوان الوقف الشيعي‬

‫جامعة االمام الكاظم ( ع )‬

‫كلية القانون‬

‫عنوان البحث‬
‫جدوى العقوبة في الجرائم ذات التطرف الديني‬

‫بحث مقدم من قبل الطالب ( احمد طالب عويد عبود ) الى‬


‫مجلس قسم القانون كلية األمام الكاظم ( ع) اقسام ذي قار‬
‫بأعتباره جزء من متطلبات نيل شهادة البكالوريوس في القانون‬

‫إشراف‬
‫أ‪.‬م‪.‬د عباس ابراهيم المالكي‬

‫‪2024‬م‬ ‫‪ 1445‬هــ‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫( ِإَّن ٱَّلِذيَن َء اَم ُنوْا َو ٱَّلِذيَن َهاُدوْا َو ٱلَّن َٰص َر ٰى َو ٱلَّٰص ِبِٔـيَن َم ۡن‬
‫َء اَم َن ِبٱِهَّلل َو ٱۡل َي ۡو ِم ٱٓأۡلِخِر َو َع ِم َل َٰص ِلٗح ا َفَلُهۡم َأۡج ُر ُهۡم ِع نَد‬
‫َر ِّب ِه ۡم َو اَل َخ ۡو ٌف َع َلۡي ِه ۡم َو اَل ُهۡم َي ۡح َز ُنوَن )‬

‫صدق اهلل العلي العظيم‬

‫سورة البقره اية ‪62‬‬

‫األهداء‬
‫هللا رب العالمين‬ ‫الى من املي رضاه ورجائي غفرانه‬
‫محمد رسول هللا‬ ‫الى مدينة العلم ومنقذ البشرية‬
‫علي امير المؤمنين‬ ‫الى باب مدينة علم رسول هللا‬
‫مهد الحضارات‬ ‫الى بلدي الغالي العراق العزيز‬
‫والدي العزيز‬ ‫الى من اعيش على نبضات قلبي‬
‫والدتي العزيزة‬ ‫الى الشفاه التي اكثرت الدعاء‬
‫استاذي العزيز‬ ‫الى من زرع الثقة في نفسي‬
‫عرفانا بالجميل‬ ‫الى جميع اساتذتي‬
‫فخرا واعتزازا‬ ‫الى اخوتي واخواتي‬

‫اهدي هذا البحث المتواضع‬

‫الشكر والتقدير‬
‫ابتداء الشكر هلل والصالة على رسول هللا وعلى اهل بيتة الطيبين الطاهرين ‪.‬‬
‫وبعد‬
‫اتقدم بخالص عبارات الشكر والتقدير الى استاذي الفاضل (عباس ابراهيم المالكي)‬
‫لعنايته الكريمة وتوجيهه السديد االثر البالغ في انجاز هذا البحث وادعو من هللا ان‬
‫يحفظه ويمد في عمره كي يبقى شالال للعطاء واالبداع ينهل منه الجميع وكذلك كل‬
‫الشكر والتقدير يتوجه الى قسم القانون‬
‫( أ‪ .‬د محمود كاظم موات الغزي )‬
‫واخيرا اتقدم بالشكر الجزيل الى كل من قدم يد العون والمساعدة في انجاز هذا‬
‫البحث داعي المولى العلي العظيم ان يحفظ العراق‬
‫واهله انه سميعا مجيب‬
‫وكما بدأت اختم شكري بالحمد هلل‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬


‫‪1‬‬ ‫المقدمة‬
‫‪2‬‬ ‫المبحث االول ‪ :‬مفهوم جرائم التطرف الديني‬
‫‪2‬‬ ‫المطلب االول‪ :‬مفهوم التطرف الديني‬
‫‪2-5‬‬ ‫الفرع االول ‪ :‬تعريف التطرف الديني واسبابه‬
‫‪5-6‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬تمييز التطرف الديني عن االرهاب‬
‫‪7‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬مظاهر التطرف الديني‬
‫‪7-9‬‬ ‫الفرع االول ‪ :‬مناهج التطرف الديني‬
‫‪9-13‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬اساليب المعالجة‬
‫‪14‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬طبيعة العقوبة في جرائم التطرف الديني‬
‫‪14‬‬ ‫المطلب االول‪ :‬كيفية تنفيذ العقوبة‬
‫‪14-15‬‬ ‫الفرع االول ‪ :‬دور المرشد الديني‬
‫‪15-16‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬دور الباحث االجتماعي‬
‫‪17-22‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬اثر العقوبة في جريمة التطرف الديني‬
‫‪23-24‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪25-26‬‬ ‫المحتويات‬
‫قائمةالمصادر‬
‫المقدمة‬
‫في إطار حماية المجتمعات العربية من التطرف ال ديني ال ذي ي ؤدي إلى زعزع ة االمن واالس تقرار ‪ ،‬ويع وق‬
‫مسيرة البناء والتق دم والرفاهي ة؛ وذل ك ألن الفك ر المنح رف ي ؤدي إلى زعزع ة االمن ال ذي يع د من أه داف‬
‫المجتمعات البشرية‪ .‬وهذا ما جعلني في هذا البحث اركز على معرف ة أس باب التط رف ال ديني ‪ ،‬وذل ك به دف‬
‫الوصول إلى معرفة وسائل وطرق حماي ة المجتم ع كم ا أن انتش ار بعض التنظيم ات أو الجماع ات االرهابي ة‬
‫التي تبث فكرها المنحرف في عقول بعض الشباب حتى تستغل ظروفهم النفسية واالقتص ادية واالجتماعي ة في‬
‫التصادم مع المجتمع بارتكاب أعمال إرهابية ضد مؤسس ات الدول ة أو مواطنيه ا به دف تق ويض دع ائم الدول ة‬
‫وهز كيانها‪ .‬وهذا ما اقتضى منا ضرورة الوقوف على الحماية الجنائية للفكر المتطرف‪ ،‬وهذا يتأتى من تج ريم‬
‫التنظيمات االرهابية المتطرفة للقضاء عليها ح تى يعيش المجتم ع في أمن وأم ان‪ ،‬وحمايت ه من ت أثير االفك ار‬
‫الهدامة بين أفراده‪.‬‬

‫مشكلة البحث ‪ :‬وتكمن مشكلة البحث في كيفية مواجهة هذا النوع من الجرائم ال تي انتش رت كث يرا في العص ر‬
‫الحديث ومعرفة اسبابها ومظاهرها وكيفية تخليص المجتمع وتحديدا الشباب من ارتكابها ‪.‬‬

‫هدف البحث ‪ :‬يهدف البحث الى دراسة ماهية جريمة التط رف ال ديني وعالقته ا باالره اب واث ر العقوب ة على‬
‫مرتكبي جرائم التطرف الديني ‪.‬‬

‫اهميــة البحث ‪ :‬فه و من الموض وعات المهم ة للدراس ات الجنائي ة حيث تناول ة العدي د من الب احثين للدراس ة‬
‫واالستقراء والتحليل لذلك دفعنا هذا األمر الى تناول هكذا موضوع ‪.‬‬

‫[‪]1‬‬
‫المبحث االول‬
‫مفهوم جرائم التطرف الديني‬
‫سنقسم هذا المبحث الى مطلبين ‪-:‬‬
‫المطلب االول ‪ :‬مفهوم التطرف الديني‬
‫سنبحث في هذا المطلب مفهوم التطرف الديني حيث يقس م الى ف رعين الف رع االول تعري ف‬
‫التطرف الديني واسبابه وعوامله اما الفرع الثاني تمييز التطرف الديني عن االرهاب ‪:‬‬
‫الفرع االول ‪ :‬تعريف التطرف الديني واسبابه وعوامله ‪:‬‬
‫اوًال ‪ :‬التطرف في اللغة‬

‫التطرف من الطرف في اللغة‪ ،‬وقد وردت له عدة معان في معاجم اللغة نذكر منها ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬الطرف ‪ :‬العين ال ُيثّن ى وال يجمع؛ ألنه في األصل مصدر‪ ،‬فيكون واحدا وجمعا‪ ،‬قال تع الى ‪ :‬ال َي ْر َت ُّد ِإَلْي ِه ْم‬
‫َط ْر ُفُهْم َو َأْف ِئَد ُتُهْم َهَو اء ) (سورة إبراهيم‪ ، )43/‬كما يراد به ا ط رف بص ره إذا أطب ق أح د جفني ه على اآلخ ر‪،‬‬
‫والمرة منه طرفة‪ ،‬ويقال‪ :‬أسرع من طرف ة عين و الطرف ة أيض ًا‪ ،‬نقط ة حم راء‪ ،‬تح دث في العين من ض ربة‬
‫وغيرها‪.‬‬

‫ب ‪ -‬طرف الشيء ‪ :‬جوانبه ‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬أِقِم الَّصالَة َط َر َفِي الَّن َه اِر َو ُزَلفًا ِمَن الَّلْي ِل (سورة هود ‪ ،)114 /‬فطرف‬
‫النهار األول صالة الصبح ‪ ،‬وطرفه اآلخر صالة الظه ر والعص ر‪ ،‬وزلف ا من اللي ل ص الة المغ رب والعش اء‪،‬‬
‫وقال تعالى ‪َ ﴿ :‬أَو َلْم َيَر ْو ا َأَّن ا َن ْأِتي اَأْلْر َض َت ْنُقُص َه ا ِمْن َأْط َر اِفَه ا ﴾ (س ورة الرع د (‪ )41‬أي نواحيه ا وجوانبه ا‪،‬‬
‫والطرف الجماعة من الناس قال تعالى‪ِ ﴿ :‬لَي ْقَط َع َط َر فًا ِمَن اَّلِذيَن َكَفُر وا ) (سورة آل عم ران ‪ ،)127/‬وأط راف‬
‫الرجل جماعته وأعمامه وأخواله وكل قرابته‪ ،‬كما يقال‪ :‬فالن كريم الطرفين‪ .‬يراد به نسب أبيه وأم ه وأط راف‬
‫البدن الرجالن واليدان والرأس‪.‬‬

‫ج ‪ -‬الطرف بالكسر بمعنى الكريم العتيق من الخي ل ق ال أب و زي د‪ :‬ه و نعت لل ذكور خاص ة‪ ،‬والط رف ب الفتح‬
‫الشيء الطيب‪ ،‬والنادر التحفة‪ ،‬ويقال‪ :‬أطرفت فالنًا‪ ،‬إذا أعطيته شيئًا لم يملك مثله فأعجبه والطريف والط ارف‬
‫من المال المستحدث‪ ،‬وهو ضد التالد والتليد يقال‪ :‬ماله طارف وال تليد‪ .‬ويراد به من ليس لديه مال مس تحدث ‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وال موروث من آبائه وأجداده ‪.‬‬

‫د ‪ .‬والمتطرف من الرجال هو ال ذي ال يثبت على أم ر ورج ل ط رف وام رأة طرف ة ‪ ،‬إذا كان ا ال يثبت ان على‬
‫(‪)2‬‬
‫عهد‪ ،‬والتطرف في اصطالح الناس هو مجاوزة حد االعتدال والتنطع والغلو واعتماد التشدد فيما ذهب إليه‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬المتطرف في االصطالح‬

‫‪ -1‬ابن منظور ‪ ,‬لسان العرب ‪. 436 : 1‬‬


‫‪ -2‬د‪ .‬ناصر الطريفي ‪ ,‬نظرة الشريعة لظاهرة االرهاب ص ‪158‬‬

‫[‪]2‬‬
‫يعني مجاوزة االعتدال في السلوك الديني فكرًا وعمًال ‪ ،‬أو هو الخروج عن مسلك السلفي فهم الدين وفي العم ل‬
‫به‪ ،‬فمسلك السلف في اإلسالم هو المعيار والمقياس الذي يناسب السلوك القويم (‪ ،)1‬كما ينصرف التطرف إلى‬
‫التشدد والتصلب والمغاالة في الدين‪ ،‬ومجاوزة الحد المطلوب والمقدر شرعًا(‪.)2‬‬

‫وقد يراد به الخ روج عن النس ق الس ليم‪ ،‬والنهج الص حيح لل دين اإلس المي‪ ،‬واتب اع األفك ار والم ذاهب الش اذة‬
‫والضعيفة منهجا ودستورا لهم لفرضه على االخرين (‪. )3‬‬

‫ومن ذلك نرى أن التطرف الديني وفق التعريفات السابقة يمثل ما يأتي ‪:‬‬

‫الخروج عن الدين اإلسالمي الصحيح‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫مجاوزة حد االعتدال في التدين‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫االنحراف عن النسق السليم‪ ،‬والنهج الصحيح للدين القويم‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اتباع األفكار والمذاهب الشاذة والضعيفة وترك منهج اإلسالم الص افي ومعين ه ال ذي ال ينض ب الق رآن‬ ‫‪‬‬
‫الكريم وسنة النبي األمين ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫التشدد والتصلب والمغاالة في الفكر والعمل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تكفير من ال يؤمن بنهج المتشددين‪ ،‬وتسفيه الرأي اآلخر‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المروق عن سلطة المجتمع وحكم الدين ومخالفة مذهب األمة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وتاريخ التطرف الديني قديم قدم الحضارة اإلسالمية كما أسلفنا‪ ،‬واالنحراف أخذ ص ورا ومن اهج عدي دة‪ ،‬تمث ل‬
‫في خروج الخوارج عن طاعة اإلمام علي‪ ،‬وانقسامهم إلى فرق عديدة سببت مآسي لألمة وحروبا وفتنا‪ ،‬وكذلك‬
‫الشأن مع فرق الشيعة التي تفرقت إلى شيع وأح زاب‪ .‬وفي عه ود االس تعمار ظه رت ف رق من خ ارج ال وطن‬
‫العربي بلغت مرحلة الكفر واإللحاد‪ ،‬كما حدث مع فرق اليزيدية والقرامطة والقاديانية والبهائية وغيرها‪.‬‬
‫أما الفرق المتطرفة الحديث ة‪ ،‬فق د انطلقت من مص ر والس ودان والس عودية والجزائ ر واليمن وتمث ل جماع ات‬
‫تعرف باإلخوان المسلمين والتكفير والهجرة والجهاد وغيره ا من الحرك ات ‪،‬الزندقي ة ال تي تح اول أن تس تغل‬
‫اإلسالم لتحقيق مآربها للوصول للسلطة‪ ،‬وقد وجدت في وضع األمة اإلس المية المتهال ك‪ ،‬وواقعه ا المت أزم في‬
‫مواجهة الهجمة الصهيونية واالستعمارية والهزائم المتكررة التي لحقت بها‪ ،‬بيئة صالحة لنشر أفكارها وتضليل‬
‫الشباب وإقحامهم في فتن ومؤامرات وحروب أهلية‪ ،‬نتيجة عمليات االغتيال والقت ل واإلره اب وال رعب ال ذي‬
‫تمارسه هنا وهناك‪ ،‬حتى أننا ال نكاد نجد بلدا عربيا أو إسالميا‪ ،‬إال عانى من هؤالء ‪.‬‬

‫أسباب وعوامل التطرف الديني‬


‫‪ -1‬د‪ .‬علي عبد الرزاق جلبي وآخرون‪ ،‬علم االجتماع والمشكالت االجتماعية‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‬
‫ط ‪2000 1‬ف ص ‪.436‬‬
‫‪ - 2‬د‪ .‬محمد مصطفى الزحيلي‪ ،‬االعتدال في التدين فكرًا وأسلوبًا ومنهجًا‪ ،‬منشورات كلية‬
‫الدعوة اإلسالمية ط‪ 19922‬ص ‪12‬‬
‫‪ -3‬الباحث‪ ،‬مضامين اإلرهاب والتطرف في اللغة واالصطالح صحيفة جميعة الدعوة اإلسالمية العدد ‪ 670‬ص ‪10‬‬

‫[‪]3‬‬
‫للتطرف الديني في العص ر الح ديث العدي د من األس باب والعوام ل‪ ،‬بعض ها مرتب ط ب المتطرف ذات ه والبعض‬
‫اآلخر يمثل أسبابا وعوامل عامة‪ ،‬سنتولى توضيحها بشيء من اإليجاز‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫أوًال ‪ -‬األسباب المباشرة لبروز ظاهرة التطرف‬

‫الفهم الخاطئ للدين ومبادئه وأحكامه‪ ،‬والظروف التي تهيئ له وتعين عليه‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫اإلحباط الذي يلقاه الشباب نتيجة افتقارهم للمثل العليا التي يؤمنون بها في نطاق المجتمع‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫الخطأ في إدراك حقيقة المثل العليا‪ ،‬وطبيعة المجتمعات اإلنسانية وأسلوب اإلصالح‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫تبسيط األحكام وتعميمها والنظرة السوداوية والتشاؤمية للمجتمع واليأس في إص الحه‪ ،‬مم ا ي دفعهم إلى‬ ‫‪.4‬‬
‫التشدد والعنف واإلرهاب‪.‬‬
‫اإلحساس بشيوع القهر والقمع بدًال من الطمأنينة والحوار واإلقناع على المستويات كافة‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫غياب الح وار الج اد المفي د من قب ل رج ال ال دين والعلم اء والمتمك نين لالس تماع وال رد على اآلراء‬ ‫‪.6‬‬
‫واألفكار المتطرفة وتفنيدها‪ ،‬وبيان الصحيح في مجال العبادة واالجتماع واالقتص اد والسياس ة بأس لوب‬
‫الدعوة اإلسالمية السليمة‪ ،‬دون غوغائية أو قمع أو تهويش ‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ -‬األسباب العامة للتطرف الديني‬

‫هناك أسباب وعوامل عديدة للتطرف الديني‪ ،‬أبرزتها البحوث والدراسات التي أجريت على الحرك ات الزندقي ة‬
‫في الوطن العربي والتي توصلت إليها التقارير األمنية‪ ،‬وكانت خالصة ألعم ال اللج ان المش تركة‪ ،‬ال تي كلفت‬
‫بدراسة الظاهرة وأسبابها ‪ ،‬نوجزها فيما يأتي ‪:‬‬

‫ضعف التنشئة األسرية واالجتماعية من نواحي دينية وأخالقية‬ ‫‪-1‬‬


‫عدم قدرة المدارس على استكمال التنشئة والتربية والتحصين ال ذاتي للف رد ‪ ،‬كي يك ون في من أى عن‬ ‫‪-2‬‬
‫التطرف والتشدد‪.‬‬
‫عدم قيام الخطباء بواجباتهم في التوعية والتثقي ف واإلرش اد ال ديني‪ ،‬لع دم ق درتهم على ذل ك‪ ،‬لض عف‬ ‫‪-3‬‬
‫تأهيلهم‪ ،‬فيمكن ألي كان أن يؤم المسلمين‪ ،‬وأن يخطب فيهم‪ ،‬سواء كان من أهل العلم أو من غيرهم‪.‬‬
‫عدم وجود معاهد متخصصة إلعداد الخطباء واألئمة‪ ،‬وفق األصول السليمة؛ لمواجهة الهجمة الشرس ة‬ ‫‪-4‬‬
‫للمتشددين دينيًا‪ ،‬والحوار معهم وتفنيد إدعاءاتهم وضالالتهم وترهاتهم‪ ،‬وتقديم اإلسالم الصحيح للن اس‪،‬‬
‫كما أراده هللا في كتابه الكريم‪ ،‬وسنة رسوله األمين ‪ .‬صلى هللا عليه واله وسلم ‪...‬‬
‫عدم االهتمام بالشباب في تعليمهم وتدريبهم وتأهيلهم وتكوينهم‪ ،‬وتوفير فرص العمل لهم‪ ،‬وكذلك إتاحة‬ ‫‪-5‬‬
‫فرص العيش الكريم لهم‪ ،‬من خالل برامج حقيقية فعالة وليست مجرد وعود وكالم‪ ،‬ال يسمن وال يغ ني‬
‫من جوع‪ ،‬فإذا وجد الفراغ والبطالة والحاج ة‪ ،‬ف إن ذل ك يجعلهم ص يدا س هال للزنادق ة والم ارقين على‬
‫سلطان الدين والمجتمع والقانون ‪.‬‬
‫اإلعالم المرئي والمسموع والندوات والمحاضرات واإلرشاد والفتوى‪ ،‬كلها جوانب مهمة في التحصين‬ ‫‪-6‬‬
‫وهي مفقودة‪ ،‬وإن وجدت فهي برامج هزلية ونادرة‪ ،‬وال تحقق المستهدف منها‪.‬‬
‫ضعف األجهزة األمنية وتهالكها‪ ،‬وعدم قدرتها على التخطيط للوقاية والمواجهة بأسلوب علمي لدراسة‬ ‫‪-7‬‬
‫الظاهرة ومعرفة أسبابها‪ ،‬والحد من المتورطين فيها‪ ،‬والتعامل برقي ومسؤولية مع هؤالء‪.‬‬
‫القيام بحمالت أمنية بشكل متأخر‪ ،‬وبعد تفاقم األمر وتجاوزه كل الحدود ؛ ألن القرار ليس بيد األجهزة‬ ‫‪-8‬‬
‫األمنية وحدها‪ ،‬ورهينة بتدخالت من جهات عدة‪ ،‬قد ال تفهم العمل األمني واألسلوب الصحيح ألدائه‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫د‪ .‬علي عبد الرزاق جلبي وآخرون‪( ،‬م‪.‬س) ص ‪423‬‬

‫[‪]4‬‬
‫عدم اتخاذ إجراءات صارمة للحد من تسلل التط رف واألفك ار والكتب واألدبي ات الزندقي ة من ال دول‬ ‫‪-9‬‬
‫المجاورة السودان ومصر والجزائر وتونس‪ .‬وكذلك عدم إشراك الناس في الوقاية والمكافحة للظ اهرة‪،‬‬
‫سواء على مستوى األسرة أو المدرسة أو الن ادي أو المجتم ع المحلي والنقاب ات واالتح ادات والرواب ط‬
‫المهنية وحركة اللجان الثورية واألمن الشعبي‪ ،‬والقوى المجتمعية كافة؛ ألنها األقرب إلى هذه الظواهر‬
‫(‪)1‬‬
‫واألقدر على اإلسهام في تحقيق نتائج إيجابية ملموسة‪ ،‬في هذا المجال‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬تمييز التطرف الديني عن االرهاب ‪:‬‬

‫مما تجدر اإلشارة إليه أن التطرف الديني ق د يك ون من العوام ل المؤدي ة إلى وق وع اإلره اب‪ ،‬وذل ك لش يوع‬
‫التطرف الديني واإلرهاب کوجهين لعملة واح دة عن دما يتح ول الفك ر المتط رف إلى أنم اط عنيف ة في ص ورة‬
‫اعت داءات على الحري ات أو الممتلك ات أو األرواح أو تش كيل التنظيم ات المس لحة ال تي تس تخدم في مواجه ة‬
‫(‪)2‬‬
‫المجتمع ‪.‬‬
‫فالتطرف الديني يعتبر بمثابة الوقود لإلرهاب‪ ،‬وذلك ألن م رتكب األعم ال اإلرهابي ة يعتن ق نم ط دي ني معين‬
‫يتسم بالتشدد والتطرف‪ ،‬سواء كان هذا النمط دينيًا أو سياسيًا أو غير ذلك‪ ،‬فيعتبر ه ذا الفك ر المنح رف من أهم‬
‫العوامل المؤدية لإلرهاب(‪.)3‬‬
‫فاإلرهاب أحد إفرازات االنحراف الفكري الذي يساعد على انتشاره الجهل وذلك بوقوع البس طاء تحت س يطرة‬
‫اإلرهاب لعدم قدرتهم على النقد والحوار والتمييز‪ ،‬مما يؤدي إلى تعصبهم لجماعة أو طائفة معينة‪ ،‬واإليمان‬
‫المطلق بأفكارها المتطرفة دون وعي مما يساعد على انتشار العنف واإلرهاب (‪.)4‬‬
‫وعلى هذا فإن معالجة االنحراف الفكري تع د مقدم ة لمواجه ة اإلره اب‪ ،‬وذل ك ألن ب ذور اإلره اب تنش أ من‬
‫االنح راف الفك ري‪ )5( .‬ومن ثم يجب على الدول ة التص دي لالنح راف الفك ري عن طري ق ال دعوة والنص ح‬
‫واإلرش اد للش باب في جمي ع دور العلم والعب ادة ووس ائل اإلعالم‪ ،‬وذل ك عن طري ق الح وار في بي ان المنهج‬
‫الوسطي وبيان سماحة اإلسالم‪.‬‬

‫ومما يجب أن نشير إليه أن التطرف الديني يختلف عن اإلرهاب في المسائل اآلتية ‪:‬‬
‫إن التطرف الديني يرتبط بمعتقدات وأفكار بعيدة عما هو معتاد عليه سياس يًا واجتماعي ًا وفكري ا دون أن‬ ‫‪.1‬‬
‫ترتبط تلك المعتقدات واألفكار بسلوكيات مادي ة عنيف ة‪ ،‬أم ا إذا ارتب ط التط رف ب العنف الم ادي أو التهدي د‬
‫بالعنف فإن يخرج من دائرة التطرف إلى اإلرهاب الذي يعد شكًال أشكال فرض ال رأي المتط رف ب القوة‪،‬‬

‫‪ -1‬الباحث ‪ :‬الوجيز في األمن الشعبي المحلي إصدارات اللجنة الشعبية العامة للعدل واألمن العام‬
‫ط‪1994/1‬ف ص ‪ .45‬الباحث ‪ :‬النماذج العربية للشرطة المجتمعية بحث مقدم للندوة العلمية‬
‫للشرطة المجتمعية بجامعة دمشق خالل الفترة من ‪2000/4/26 24‬ف ص ‪ .85‬إصدارات‬
‫أكاديمية نايف العربية للعلوم األمنية الكتاب ‪ 261‬الرياض ‪2001‬ف‪.‬‬
‫‪ - 2‬يونس ذكور‪ ،‬مفهوم التطرف وعالقته باإلرهاب مقال منشور على شبكة النبأ‬
‫المعلوماتية‪ ،‬ذي القعدة ‪١٤٢٧‬ه‪ ،‬ص ‪.٢١‬‬
‫‪ - 3‬بكيل بن محمد البرشي دور األمن الفكري في الوقاية من اإلرهاب ‪ -‬دراسة تطبيقية في‬
‫الجمهورية اليمنية جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬رسالة استكماًال للماجستير‪،‬‬
‫الرياض‪٢٠١١ ،‬م‪ ،‬ص ‪. ٤٩‬‬
‫‪ - 4‬د‪ .‬عصام عبدالفتاح مطر ‪ :‬الجريمة اإلرهابية رسالة دكتوراه‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،٢٠٠٦ ،‬ص‪۳۲‬‬
‫‪ - 5‬إبراهيم الحمود‪ :‬االنحراف الفكري وعالقته باإلرهاب جامعة الملك سعود‪ ،‬الرياض‬
‫‪١٤٢٩‬هـ‪ ،‬ص‪10.‬‬

‫[‪]5‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وذلك ألن اإلرهاب يولد من ويترعرع في أحضان الفكر المنحرف الذي يقوم على فرض الرأي بالقوة)‪.‬‬
‫ومن ثم فإن التطرف الديني هو تجاوز ح د االعت دال‪ ،‬أم ا اإلره اب في اإلس الم يتج اوز مرحل ة التط رف‬
‫(‪)2‬‬
‫الديني إلى مرحلة فرض المعتقدات بالقوة‪.‬‬
‫‪ .2‬التطرف الديني ال يعاقب عليه القانون وال يعتبر جريمة‪ ،‬بينما اإلرهاب هو جريمة يعاقب عليه ا قانون ًا‪،‬‬
‫و هو حركة في اتجاه القاعدة االجتماعية أو القانونية أو األخالقية‪ ،‬ولكنه ا حرك ة يتج اوز م داها الح دود‬
‫(‪)3‬‬
‫التي وصلت إليها القاعدة وارتضاها المجتمع‬
‫‪ .3‬ومن ثم يصعب تجريمه فالقانون ال يعاقب على النواي ا واألفك ار‪ ،‬في أن الس لوك اإلره ابي المج رم ه و‬
‫خروج عن القواع د االجتماعي ة والقانوني ة باتخ اذ أس لوب يتع ارض معه ا ومن ثم يجب تجريم ه‪ .‬حين‬
‫وعلى هذا فإن الفكر المنحرف إذا لم يخرج إلى ح يز الفع ل أو الس لوك الع نيف‪ ،‬وظ ل األم ر داخلي ًا في‬
‫شخصية المتطرف فال يقع تحت طائلة القانون الجنائي‪ ،‬بينما إذا خرج الفكر المنحرف إلى حيز الس لوك‬
‫أو الفع ل في ش كل اإلك راه أو اس تخدام الق وة في نش ر وف رض ه ذه األفك ار‪ ،‬وإش اعة ال ذعر وال رعب‬
‫ًا (‪)4‬‬
‫واإلضرار بمصالح الوطن فإنه يقع تحت طائلة هذا القانون‪ ،‬ويصبح مرتكب هذا السلوك مجرم ‪.‬‬
‫ومن ثم فإن التطرف الديني ال يعد جريمة إذا لم يخرج إلى الحيز المادي‪ ،‬وظل أمرًا داخليًا في شخصية‬
‫المتطرف‪ ،‬وذلك ألن الشريعة اإلسالمية والقانون الجن ائي ال عق اب فيه ا على النواي ا واألم ور الداخلي ة‬
‫التي لم تخرج إلى مرحلة البدء في التنفيذ‪ .‬يختلف التطرف ال ديني عن اإلره اب أيض ًا من خالل ط رق‬
‫معالجته‪ ،‬فالتطرف في الدين تكون وسيلة عالجه الحوارواالعتدال ‪ ،‬أم ا إذا تح ول التط رف ال ديني إلى‬
‫تصادم فهو يخرج عن حدود الفكر إلى نطاق الجريمة مما يستلزم تغييرًا في م دخل المعامل ة وأس لوبها"‪.‬‬
‫(‪ )5‬وهناك نماذج عملية للحركات المتطرفة كنموذج للتطرف الديني المؤدي لإلرهاب لقد انتشرت بعض‬
‫الجماعات الدينية المتطرفة والتي ارتكب المنتمين إليها الكثير من األعمال اإلرهابية ومن هذه الجماع ات‬
‫‪ :‬ما يسمى بالدولة االسالمية في العراق والشام ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬مظاهر ومناهج التطرف الديني واساليبه‬


‫يأخذ التطرف الديني مظاهر عديدة‪ ،‬ويعتم د من اهج وأس اليب مح ددة لتحقي ق غايات ه وأغراض ه لإلخالل ب أمن‬
‫الفرد والمجتمع‪ ،‬والمس اس بمعتقدات ه والتش كيك في قيم ه‪ ،‬النابع ة من ال دين اإلس المي الق ويم واألخالق والقيم‬
‫المجتمعية الرصينة‪ .‬وينقسم الى فرعين ‪:‬‬
‫‪ - 1‬د‪ .‬عبدهللا عبدالعزيز األنساق االجتماعية ودورها في مقاومة اإلرهاب والتطرف‪ ،‬ص ‪. ۲۳‬‬
‫‪ - 2‬د‪ .‬إسماعيل لطفي عبدالرحمن اإلرهاب والعنف والتطرف في ميزان الشرع‪ ،‬بحث‬
‫منشور على موقع السكينة ‪ http://www.assakina.com‬ص‪7.‬‬
‫‪ - 3‬د‪ .‬حسين عبد الحميد أحمد اإلرهاب والتطرف من منظور علم االجتماع‪ ،‬مؤسسة‬
‫شباب جامعة اإلسكندرية‪ ،‬طبعة ‪۲۰۰۲‬م‪ ،‬ص ‪10.‬‬
‫‪ - 4‬د‪ .‬محمد يسري دعبس اإلرهاب بين التجريم ‪،‬والمرض‪ ،‬ص ‪ ،۱۳‬ولذات المؤلف‪:‬‬
‫اإلرهاب األسباب واستراتيجية المواجهة‪ ،‬ص ‪.١٣‬‬
‫‪ - 5‬محمد شوقي الفنجري اإلرهاب والتطرف وجوهر الحل اإلسالمي‪ ،‬المثقفون‬
‫واإلرهاب‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬ط ‪ ،١٩٩٣‬ص ‪. ٦٤‬‬

‫[‪]6‬‬
‫الفرع االول ‪ :‬مظاهر ومناهج التطرف الديني‬

‫أوال ‪ :‬مظاهر التطرف الديني‬

‫يقوم التطرف في بدايته على التعصب للرأي تعصبًا‪ ،‬ال يعترف لآلخرين برأي‪ ،‬وهذا يشير إلى جم ود‬ ‫‪.1‬‬
‫هؤالء‪ ،‬وعدم قدرتهم على فهم واستيعاب آراء اآلخرين‪ ،‬بأريحي ة وتس امح تجاوب ا م ع روح اإلس الم‪،‬‬
‫وهديه والدعوة والحوار مع اآلخرين‪ ،‬ال سيما ما يتصل باالجتهاد في الحق‪ ،‬بم ا يتج اوب م ع مقاص د‬
‫الشرع وظروف العصر‪ ،‬فالمتطرف يرى أن ه وح ده على ح ق‪ ،‬وم ا ع داه علىض الل‪ ،‬وك ذلك يس مح‬
‫لنفسه باالجتهاد في الحق وأدق القضايا الفقهية‪ ،‬ولكنه ال يجيز ذلك وال يقبله من علماء العصر‪ ،‬س واء‬
‫كانوا منفردين أو مجتمعين ‪،‬ما دام الذي توصلوا إليه مخالفًا لما ينادي به ‪.‬‬
‫التشدد في القيام بالواجبات الدينية‪ ،‬ومحاسبة الن اس على النواف ل والس نن وكأنه ا ف رائض واالهتم ام‬ ‫‪.2‬‬
‫بالجزئيات والفروع والحكم على إهمالها بالكفر واإللحاد‪.‬‬
‫الميل إلى العنف في التعامل مع اآلخرين بخشونة في األسلوب وغلظة في الدعوة‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫س وء الظن ب اآلخرين والنظ ر إليهم نظ رة تش اؤمية ال ت رى أعم الهم الحس نة وتض خم من س يئاتهم‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫فاألصل عند هؤالء االتهام واإلدانة؛ نتيجة الثقة الزائدة بأنفسهم مما يجعلهم في فترة الحقة يصلون إلى‬
‫درجة االزدراء والسخرية باآلخرين‪.‬‬
‫وقد يبلغ التطرف مداه حين يسقط المتطرف عصمة اآلخرين‪ ،‬ويستبيح دم اءهم وأعراض هم وأم والهم‬ ‫‪.5‬‬
‫وهم بالنسبة إليه متهمون بالخروج عن اإلسالم‪ ،‬ويصل في النهاية إلى دائرة التطرف التي تتيح لألقلية‬
‫الحكم على األكثرية بالكفر واإللحاد و ليست هذه الظاهرة وليدة العص ر‪ ،‬بلهي تك رر من حين آلخ ر‪،‬‬
‫من ذ خ روج الخ وارج على نهج األم ة في عه د آخ ر الخلف اء الراش دين‪ ،‬وغ يرهم من غالة الف رق‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلسالمية المتطرفة‪ ،‬كما سبق بيانه ‪.‬‬

‫ومن ذلك نرى أن التطرف حلقات متتالية‪ ،‬تبدأ بالتعصب في الفكر والتشدد في العبادات‪ ،‬ومحاس بة الن اس على‬
‫الكب يرة والص غيرة‪ ،‬والتعام ل معهم‪ .‬بغلظ ة وس وء ظن‪ ،‬وإذا لم يتج اوبوا معهم يرم ونهم ب الكفر واإللح اد‪،‬‬
‫ويستبيحون أرواحهم وأعراضهم ودماءهم‪ ،‬ثم يخلقون أجواء الفتنة والتناحر واالقتتال؛ نتيجة التعصب والمغاالة‬
‫والتشدد والتطرف في الدين‪ ،‬خالفًا لنهج اإلسالم وهديه‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬مناهج التطرف الديني ‪:‬‬


‫على الرغم من تعدد الجماعات المتطرفة واختالفها فيما بينه ا إال أن مناهجه ا وأس اليبها ال تي تس تخدمها تعتم د‬
‫على مداخل منهجية وأساليب محددة‪ ،‬نجملها فيما يأتي ‪:‬‬

‫‪ - 1‬د‪ .‬علي عبد الرزاق جلبي وآخرون (م‪.‬س) ص ‪.425‬‬

‫[‪]7‬‬
‫المنهج الحرفي في تفسير النصوص‪ ،‬وانتقاء آي ات وأح اديث معين ة‪ ،‬والتمس ك المطل ق بحرفيته ا دون‬ ‫‪.1‬‬
‫االلتفات إلى مقاصدها العامة‪ ،‬وفق السياق السليم لفهمها‪ ،‬واستخالص األحكام منها تبع ًا لمنهج اإلس الم‬
‫الصحيح المرتبط بأسباب النزول‪ ،‬ومعرفة أصول االستدالل اللغوي والفقهي‪ ،‬دون التمي يز بين القاع دة‬
‫واالستثناء المرتبط بسببه‪ .‬ومن هذا القبيل اعتبارهم المجتمعات اإلسالمية المعاصرة مجتمعات ك افرة‪،‬‬
‫ألنها تحكم بقوانين وضعية؛ استنادًا إلى تفسيرهم لقوله تعالى‪َ ﴿ :‬و َم ْن َلْم َي ْح ُك ْم ِبَم ا َأْن َز َل ُهَّللا َف ُأوَلِئ َك ُه ُم‬
‫اْل َفاِس ُقون ﴾ (س ورة المائ دة ‪ ، )47/‬وق د ذهبت ب المتطرفين إلى اس تخدام العن ف وتخ ريب مؤسس ات‬
‫المجتم ع‪ ،‬اس تنادًا إلى قول ه تع الى‪َ ﴿ :‬م ا َقَط ْع ُتْم ِمْن ِليَن ٍة َأْو َت َر ْكُتُموَه ا َق اِئَم ًة َع َلى ُأُص وِلَه ا َف ِب ِإْذ ِن ِهَّللا‬
‫َو ِلُيْخ ِز ي اْل َفاِس ِقيَن ) (سورة الحشر‪.)5/‬‬
‫أخذ المعرفة الدينية عن طريق السماع عن الخطباء والوعاظ‪ ،‬واالس تخفاف ب آراء األئم ة والمجته دين‬ ‫‪.2‬‬
‫والتسليم المطلق بحق االجتهاد واإلفتاء لزعاماتهم‪ ،‬كل في نطاق جماعته‪ ،‬فأفتى هؤالء باستحالل دم اء‬
‫المسلمين وأعراضهم وأموالهم‪ ،‬مما ورط بعضهم في أمور تخالف صريح المعقول والمقبول‪ ،‬وتخ الف‬
‫الشريعة مخالفة ال تحتمل التأويل‪ ،‬كمن أفتى بتزويج أخته أو أمه المتزوجة دون أن تطل ق‪ ،‬اس تنادًا إلى‬
‫أن زوجه ا ك افر لرفض ه ال دخول في الجماع ة‪ ،‬بع د أن بلغت ه ال دعوى‪ ،‬أو أن ه مرت د ‪.‬لخروج ه عن‬
‫الجماعة‪ ،‬وأسباب هذه الفتوى أن كفر ال زوج األول ي ترتب علي ه‪ ،‬في زعمهم‪ ،‬فس خ العق د‪ ،‬وال حاج ة‬
‫لديهم لطلب التطليق من القاضي‪.‬‬
‫منهج العزلة عن المجتمع وتهدف الجماعات المتطرفة من ورائه تحقيق أمرين ‪:‬‬ ‫‪.3‬‬

‫األول‪ :‬تجنب أعضاء الجماعة المنكرات التي تمأل جوانب المجتمع وحمايتهم من أن يشاركوا في نهج الجاهلية‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬تكوين مجتمع خاص بهم‪ ،‬تطبق فيه مبادئ اإلسالم وتتسع دائرته شيئًا فشيئا ‪ ،‬حتى تس تطيع في النهاي ة‬
‫غزو المجتمع الجاهلي من خارجه‪ ،‬وكما هو واضح فإن األم ر األول دي ني ‪ ،‬والث اني سياس ي‪ .‬تختل ف درج ة‬
‫العزلة عن المجتمع من جماعة إلى أخرى حيث أن بعض ا منه ا يكتفي ب االعتزال الش عوري‪ ،‬ويس تمر ب العيش‬
‫داخ ل المجتم ع‪ ،‬في حين أن البعض اآلخ ر ين ادي ب الهجرة المادي ة إلى الكه وف والجب ال‪ ،‬ويق اطع الم دارس‬
‫والمساجد والجامعات والوظائف‪ ،‬وتعد هذه الفكرة من أخطر عناصر هذا المنهج الفك ري والعقائ دي والح ركي‬
‫للجماعات المتطرفة‪ ،‬ألن العزلة تتيح لهؤالء فرصة التخطيط والت دبير إلح داث الفتن والقالق ل واإلخالل ب أمن‬
‫الوطن والمواطن‪ ،‬حينما تغيب شمس الحقيقة‪ ،‬ويختلط الحابل بالنابل ويتوقف العقل وتت داخل األفك ار وال رؤى‪،‬‬
‫وتخرج عن إطار المعقول والمنطقي إلى غياهب الضاللة والتشدد والتطرف‪ ،‬الذي ال عودة عنه‪.‬‬

‫وأخيرًا تقوم معظم أفكار الجماعات المتطرفة حول فكرة محوري ة‪ ،‬تق وم على أن (الحاكمي ة هللا وح ده‬ ‫‪.4‬‬
‫ولذا ينبغي أن يكون التشريع نابعا من اإلسالم‪ ،‬كما أن الديمقراطية كف ر؛ ألنه ا تس مح لألقلي ة أن تحكم‬
‫وتعمل بتشريع وضعي‪ ،‬يبيح المنكرات ويخالف شرع هللا ؛ لذا فكل من يخ الف رأيهم فه و ك افر‪ ،‬ومن‬
‫بلغته دعوتهم ولم ينظم إليها فهو كافر أيضًا‪ ،‬ومن دخلها وخرج عنها فقد ارتد‪ .‬مناهج وأس اليب عقيم ة‬
‫تش كك في اإلس الم وهدي ه‪ ،‬وت تيح ألع داد من الغوغ ائيين ممن ليس ل ديهم العلم الك افي‪ ،‬وال الخ برة‬
‫باالجتهاد والفتوى وتخلق مجتمعا داخل المجتمع‪ ،‬له إمكانياته وأفكاره ومعتقداته وخطط ه؛ لتخل ق الفتن‬
‫واالقتتال بين المسلمين‪ ،‬وكل من يعارضهم يكفر‪ ،‬ولم يسلم أحد من أذاهم‪ ،‬ولذا نجدهم أض روا ض ررا‬
‫بليغا بعدد ال بأس به من الدول العربي ة واإلس المية وأس اؤا إلى اإلس الم أيم ا إس اءة‪ ،‬ب ل إنهم ورط وا‬
‫العرب والمس لمين في نزاع ات دولي ة‪ ،‬ومخطط ات إمبريالي ة واس تعمارية‪ ،‬ال يعلم م داها إال هللا ‪ .‬ل ذا‬
‫وجب علينا التعرف إلى هذه المظ اهر والمن اهج واألس اليب ودراس اتها‪ ،‬وت أمين ش بابنا ومجتمعن ا من‬

‫[‪]8‬‬
‫غلواء هذه الجماعات المتطرفة‪ ،‬والتعامل معها بما تستحق من معالجات‪ ،‬وفقًا لما يتناسب وما قامت ب ه‬
‫وما تنوي القيام به‪ ،‬وما هي مستهدفاتها ‪ ،‬كما سيأتي بيانه‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬اساليب معالجة التطرف الديني‬


‫رأينا فيما تقدم مضامين التطرف الديني في اللغ ة واالص طالح‪ ،‬ولمس نا عن ق رب أس بابه وعوامل ه ومظ اهره‬
‫ومناهجه التي يسعى من خاللها إلى اإلضرار بالفرد والجماعة‪ ،‬ويهدر القيم الدينية واألخالقية المجتمعية؛ س عيًا‬
‫إلى الوصول إلى غاياتهم وأهدافهم التي ال تتناغم مع أهداف وغايات المجتمع المسلم‪.‬‬

‫ومنذ البداية يجب أن نؤكد على أن التطرف الديني ال يعني االلتزام الديني وفقًا لمض امين اإلس الم الص حيحة‪،‬‬
‫حيث أن التردد على المساجد وأداء الصلوات في أوقاتها وقراءة القرآن والسير على هدى اإلسالم‪ ،‬أمر مطلوب‬
‫من كل مسلم يؤمن باهلل ورسوله‪ .‬فحينما نرى الشباب واألطفال يزاحمون الرجال والش يوخ في المس اجد‪ ،‬ف ذلك‬
‫أمر طيب يدل على أننا نعيش في مجتمع متدين يسير وفقًا لما ارتضاه هللا لعباده في كتابه الكريم‪ ،‬وسنة رس وله‬
‫األمين‪.‬‬

‫وذلك ال يدعو إلى القلق وانما إلى الفرح‪ ،‬ويتطلب منا المباركة والدعم لجذورنا اإلس المية ال تي تتن اغم م ع م ا‬
‫عرف عن مجتمعنا العربي الليبي من تدين ومحب ة للس ير على ه دى اإلس الم‪ .‬وق د اتخ ذت الدول ة ع دة ط رق‬
‫ووسائل لدعم هذا المنهج القويم لنكون جميعًا جبه ة واح دة ض د ه ؤالء المتط رفين والمتش ددين الم ارقين على‬
‫أحكام الدين وسنة الرسول الكريم‪ ،‬لعل من أبرزها ‪:‬‬

‫النص في إعالن قيام سلطة الشعب على أن القرآن الكريم شريعة للمجتمع الجماهيري‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الخطوات المباركة التي تمت في مطلع الثورة‪ ،‬إلصدار تشريعات نابعة من التشريع اإلسالمي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إنشاء جمعية الدعوة اإلسالمية‪ ،‬لتتولى حماية المسلمين ودعمهم في شتى بقاع العالم‪ ،‬وتعمل على نش ر‬ ‫‪‬‬
‫اإلسالم في كل مكان‪ ،‬وتؤس س المس اجد والمكتب ات والجامع ات اإلس المية في العدي د من م دن الع الم‬
‫وتتولى من خالل مؤسساتها الجامعية تخريج أساتذة وعلماء وفقهاء وخطب اء؛ ليكون وا ه داة ودع اة في‬
‫أوطانهم؛ لنشر اإلسالم والتصدي لموجات التبشير ومؤامرات الصهيونية‪.‬‬
‫بعث هيئة متخصصة من العلماء والمخلصين من أبناء هذا الشعب؛ لوضع استراتيجية للعناية بالمس اجد‬ ‫‪‬‬
‫في الجماهيرية‪ ،‬من حيث صيانتها ودعمها بالكتب والمراجع‪ ،‬وتوفير خطباء ووعاظ ق ادرين على أداء‬
‫الخطب والدروس الدينية؛ إلفهام الناس أمور دينهم ودنياهم وفق اإلسالم الصحيح‪.‬‬
‫طباعة القرآن الكريم أكثر من مرة‪ ،‬ونشره على مستوى الجماهيرية والوطن العربي واإلسالمي والعالم‬ ‫‪‬‬
‫وإصدار العديد من الكتب والمراجع العلمية والموسوعات التي ت ثري الدراس ات اإلس المية وتفتح آف اق‬
‫المعرفة الحقة للمسلمين في كل مكان‪.‬‬
‫فتح المدارس والمعاهد القرآنية والمنارات؛ لتعليم القرآن الك ريم وه دى رس وله ةاألمين‪ ،‬فينش أ المس لم‬ ‫‪‬‬
‫ويشب متسلحا باإلسالم الصحيح‪ ،‬الذي يجعله في حصن حصين من التأثيرات الهدامة ‪.‬‬
‫عقد الندوات والمؤتمرات الوطنية والعربي ة واإلقليمي ة والدولي ة؛ لمناقش ة قض ايا اإلس الم والمس لمين‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫وسبل مواجهة التحديات التي تواجه األمة العربية واإلسالمية‪ ،‬والعم ل على نش ر البح وث والدراس ات‬
‫التي تلقى فيه ا ‪ ،‬وفتح الح وار م ع الحض ارات وال ديانات األخ رى‪ ،‬لمزي د من التف اهم والتواص ل م ع‬
‫اآلخر‪ ،‬في ظل التحوالت التي يشهدها العالم جراء العولم ة وتأثيراته ا في مختل ف المج االت بم ا فيه ا‬
‫الجانب الثقافي واألخالقي‪.‬‬

‫[‪]9‬‬
‫تنظيم المسابقات القرآنية والمشاركة فيها على ع دة مس تويات‪ ،‬ال تي ك ان‪ ،‬بفض ل هللا ألبنائن ا قص ب‬ ‫‪‬‬
‫السبق فيها ‪،‬واألولوية في العديد من المحافل العربية واإلسالمية والدولية‪.‬‬
‫مباركة أي جه د ع ربي أو إس المي‪ ،‬يس عى إلى إب راز ص ورة اإلس الم الص حيحة‪ ،‬ويع رف بفض ل‬ ‫‪‬‬
‫اإلسالم وهديه وينأى به عن التطرف واإلرهاب‪ ،‬ويدعو إلى التحاور مع األديان األخرى‪.‬‬

‫هذا غيض من فيض من جهود بالدنا من أجل اإلسالم‪ ،‬ولذا ففي إمكانن ا ال رد على ك ل م دع‪ ،‬ي رى غ ير ه ذا‬
‫ويحاول أن يسوق أفكاره السوداوية‪ ،‬وترهاته وأباطيله اتجاه بالدنا وشعبنا وثورتن ا‪ ،‬س واء ك ان من ال داخل أو‬
‫من الخارج‪.‬‬

‫وح ق لن ا البحث بجدي ة‪ ،‬عن معالج ات علمي ة وعالمي ة‪ ،‬يمكن أن تفي د في التص دي له ذه الش راذم والعناص ر‬
‫المتطرفة‪ ،‬التي ال تمثل شيئًا قياسًا بوحدة شعبنا والتزامه بثورتنا ونهجنا الق ويم؛ ل ذا ف إن الب احث ي رى إمكاني ة‬
‫اإلسهام بمعالجات متواضعة يمكنها أن تفيد في الحد من ظاهرة التطرف ال ديني‪ ،‬ال تي تس ربت إلين ا من ال دول‬
‫المجاورة‪ ،‬ومن خالل العمالة الوافدة التي استغلت سماحة هذا الشعب للوصول إلى المساجد‪ ،‬والقيام بش ؤونها ‪،‬‬
‫مدرس ين وواعظين ومعلمين‪ ،‬ولكَّن ق وى اإلس الم الحي ة وأبن اء ه ذا الش عب األبي‪ ،‬واألجه زة األمني ة في‬
‫الجماهيرية العظمى تفطنت لذلك‪ ،‬واتخذت ما يلزم من إجراءات لحماية أبنائنا وشبابنا وشعبنا من هذه التي ارات‬
‫الهدامة والحركات المارقة التي تتخذ من الدين ستارًا لها؛ لتحقيق مآربه ا المش بوهة للوص ول إلى الس لطة‪ ،‬من‬
‫خالل إثارة الفتن والحروب األهلية‪ ،‬وإشاعة الرعب والخوف واإلرهاب في كل مكان‪ ،‬فما هي ه ذه المعالج ات‬
‫التي يمكن أن تفيد فيهذا الجانب ؟‬

‫في الواقع هذه الظاهرة تحتاج إلى معالجات عديدة من جميع الن واحي‪ ،‬لمحاص رتها ووأده ا في مه دها؛ حماي ة‬
‫لديننا وقيمنا وش عبنا كي تنطل ق الس واعد والعق ول‪ ،‬للبن اء والتش ييد وتحقي ق االزده ار لألم ة في ظ ل اإلس الم‬
‫والعروبة الحقة دون زيف أو تدجيل‪ ،‬من هؤالء أو غيرهم‪ .‬ولعل من أبرز هذه المعالج ات من الن واحي الديني ة‬
‫واالجتماعية واالقتصادية واإلعالمية واألمنية‪ ،‬ما نوجزه فيما يأتي‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬المعالجات الدينية‬

‫اعتماد القرآن الكريم شريعًة للمجتمع الجماهيري تطبيقًا وعمًال‪ ،‬بحيث يكون له أث ر ب الغ في أوض اعنا‬ ‫‪.1‬‬
‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية والحياتية كاف ة‪ ،‬لنس قط في أي دي ه ؤالء المتش ددين‪ ،‬ال ذين ي دعون‬
‫اإلسالم ويحاربون للوصول إلى السلطة‪ ،‬بحجة إصالح األمة‪.‬‬
‫االستمرار في تعديل تشريعاتنا ونظمنا وفقًا لنهج اإلسالم الصحيح‪ ،‬وهذا م ا بدأت ه الث ورة المبارك ة في‬ ‫‪.2‬‬
‫بداية السبعينات وينبغي المحافظة على ما تحقق‪ ،‬ونس عى إلى المزي د فم ا عن دنا من أحك ام وتش ريعات‬
‫ونظريات نابعة من اإلسالم‪ ،‬تفوق مما لدى الغرب‪ ،‬وإَّن الكثير مما عندهم إن هو إال فروع لم ا عن دنا‪،‬‬
‫فليس علين ا إال أن نجلي الص دى عن عقولن ا‪ ،‬ونش مر عن س واعدنا وننفض الغب ار عن تراثن ا الفقهي‬
‫والديني؛ إلخراج الدرر والنظريات والتشريعات التي تتج اوب م ع احتي اج مجتمعن ا‪ ،‬أك ثر مم ا تحقق ه‬
‫التشريعات التي فرضت علينا من خالل االستعمار والتغريب والعولمة‪.‬‬

‫الحوار الهادئ الرصين من لدن العناصر القادرة على الحوار الجاد المسؤول‪ ،‬كإخواننا العلماء والفقهاء‬ ‫‪.3‬‬
‫ممن أعطاهم هللا القدرة على الحوار والعلم الغزير في الدين والق درة على اإلقن اع بالحكم ة والموعظ ة‬

‫[‪]10‬‬
‫الحسنة‪ ،‬والبعد عن استعمال العنف‪ ،‬وبيان ضحالة فكرهم‪ ،‬وعدم صحة معتقداتهم وضالالتهم‪ ،‬والعم ل‬
‫على إعادتهم إلى جادة الصواب‪ ،‬مع إبراز ذلك لعامة الناس؛ ليعرفوا الح ق فيتبع وه‪ ،‬ويكتش فوا الباط ل‬
‫فيجتنبوه‪ ،‬ونضمن سالمة الدين من التحريف‪ ،‬والمجتمع من االنحراف عن الجادة‪.‬‬
‫مزيد االهتمام بالمساجد من حيث تأمين الخطباء واألئمة والوعاظ‪ ،‬الق ادرين على أداء رس التهم الديني ة‬ ‫‪.4‬‬
‫واالجتماعي ة‪ ،‬وف ق ه دى اإلس الم؛ لتعري ف المس لمين ب أمور دينهم ودني اهم‪ ،‬بعي دا عن التره ات‬
‫والضالالت‪.‬‬
‫توفير الكتب الدينية التي تعّر ف اإلنسان بأمور دينه ودنياه‪ ،‬بأسلوب س هل بس يط‪ ،‬ليتمكن عام ة الن اس‬ ‫‪.5‬‬
‫من اإلطالع عليه ا ‪ ،‬واالس تفادة منه ا في تط وير مع رفتهم الديني ة‪ ،‬وينبغي أن تك ون ه ذه الكتب في‬
‫متناول الجميع‪ ،‬من حيث وجودها بالمساجد والمكتبات والبيوت والمدارس والنوادي‪ ...‬الخ‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬المعالجات االجتماعية‬

‫العمل على ضمان تنشئة دينية واجتماعية أخالقية قويمة‪ ،‬تش ارك في النه وض به ا األس رة والمدرس ة‬ ‫‪.1‬‬
‫والمسجد والحي‪ ...‬الخ‪ ،‬لتوفير سياج يحمي أف راد المجتم ع من االنح راف‪ ،‬وي وفر مقوم ات التحص ين‬
‫الذاتي‪.‬‬
‫مسؤولية الوقاية من التطرف ومكافحته‪ ،‬مسؤولية الجميع‪ ،‬كل فرد وكل جماعة‪ ،‬وكل هيئة أو أمان ة أو‬ ‫‪.2‬‬
‫نادي رياضي أو جمعية أهلية‪ ...‬الخ‪ ،‬جميعها مطالبة بأدوار إيجابية؛ لتنفيذ استراتيجية المجتم ع للوقاي ة‬
‫والمكافحة‪ ،‬ألن الجهود الفردية ال تحقق المستهدف منها‪ ،‬فمتى ما تحقق الوعي لدى كل الجه ات‪ ،‬وق ام‬
‫كل منهم بدوره‪ ،‬فإن التطرف سيندحر وجماعاته ستنكشف وستفشل في تحقيق مخططاته ا ‪ ،‬ألن األم ر‬
‫مسؤولية الجميع‪.‬‬
‫التع اطف والتماس ك واللحم ة المجتمعي ة‪ ،‬ينبغي أن تت وافر بين أبن اء األم ة حيث أن تربي ة الم واطن‬ ‫‪.3‬‬
‫الصالح‪ ،‬وإشباعه بحب الوطن وحب الخير ألبنائه‪ ،‬وتوعيته بمواطنته وانتمائه‪ ،‬كل ذلك يجعل اإلنس ان‬
‫يغلب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ويتفانى في خدمة مجتمعه وأمته بال حدود ‪.‬‬
‫إيجاد حلول ومعالجات مجتمعية للعديد من المشاكل التي يعاني منها الشباب‪ ،‬كالفراغ والزواج والس كن‬ ‫‪.4‬‬
‫وفرص العمل والمعاش المجزي‪ ،‬فإنها تجعل الشباب يشعرون بأن المجتمع يحضنهم ويدعمهم‪ ،‬وي وفر‬
‫لهم فرصة العيش‪ ،‬وتكوين أسرة سوية قادرة على أداء دورها في بناء المجتمع‪ ،‬وهذه مسؤولية الجمي ع‬
‫بدءا من الفرد حتى الدولة‪.‬‬
‫العمل على إيجاد بيئة ووسط اجتماعي س وي تتحق ق في ه مقوم ات الجماع ة القويم ة في إط ار األس رة‬ ‫‪.5‬‬
‫والعشيرة والقبيلة والمجتم ع المحلي والمجتم ع الكب ير؛ ألن األف راد إن هم إال ج زء من المجتم ع ال ذي‬
‫يتواج دون في ه‪ ،‬ف إذا ك انت البيئ ة س ليمة‪ ،‬فس يكون ه ؤالء خ الين من العق د ومن التش دد والتط رف‬
‫وسيتأثرون بما ينادي به اإلسالم من رحمة وتسامح بين أفراده وجماعاته‪.‬‬

‫ثالثًا ‪ :‬المعالجات االقتصادية‬

‫توفير فرص العمل للشباب والحد من البطالة حيث أن وجود شباب خريجين ومؤهلين وأصحاب حرف‬ ‫‪.1‬‬
‫قادرين على العمل ال تتوفر لهم فرصة العمل‪ ،‬قد يدفعهم لالنحراف والحقد على المجتم ع والت ورط في‬
‫اإلجرام والتطرف‪.‬‬
‫تحقيق العدالة االجتماعية واالقتصادية والحد من الف وارق الطبقي ة وتط بيق االش تراكية اإلس المية‪ ،‬كي‬ ‫‪.2‬‬
‫يستفيد كل أفراد المجتمع من ثروة المجتمع‪.‬‬

‫[‪]11‬‬
‫إعادة النظر في األجور والمرتبات من حين آلخر‪ ،‬لتكون في مستوى يمكن من توف ير متطلب ات العيش‬ ‫‪.3‬‬
‫المناسب ألبناء الشعب‪ ،‬لتوفير احتياجاتهم واحتياجات أسرهم‪.‬‬
‫إنشاء صناديق ومصارف لخدمة أفراد المجتمع‪ ،‬ودعمهم في مشاريعهم وأنشطتهم بما يضمن تطويره ا‬ ‫‪.4‬‬
‫وكفايتها‪ ،‬لتسهم في نهضة المجتمع من خالل توفير فرص العمل‪ ،‬وإنعاش النشاط االقتصادي‪.‬‬

‫رابعًا‪ :‬المعالجات اإلعالمية‬

‫يف ترض أن نعطي مس احة كافي ة‪ ،‬في إعالمن ا المق روء والمس موع والم رئي‪ ،‬لالهتم ام ب النواحي‬ ‫‪.1‬‬
‫الدينية واألخالقية واالجتماعية‪ ،‬من قبل اختصاص يين ووف ق خط ة واض حة‪ ،‬ت روي عطش أف راد‬
‫المجتمع وتلبي احتياجاتهم بشكل مدروس منظم مستمر‪ ،‬يركز على الج وانب كاف ة‪ ،‬وبمش اركة من‬
‫جميع الجه ات ذات العالق ة‪ ،‬كاألوق اف واإلعالم والتعليم والمعاه د والجامع ات ومؤسس ات البحث‬
‫العلمي‪.‬‬
‫تشجيع المؤسسات التعليمية والدينية والمجتمعية على االهتمام بهذا الجانب‪ ،‬ك ل في نطاق ه لتتكام ل‬ ‫‪.2‬‬
‫الجهود‪ ،‬ونخلق وعيا جماهيريا بأمور الدين والدنيا‪ ،‬وفق النهج القويم الذي ارتضاه هللا لعباده ح تى‬
‫تتوافر إمكانات التحصين من التأثيرات الغوغائية والمضللة‪ ،‬التي يقوم بها المتطرفون والمتشددون‬
‫إصدار النشرات والدوريات والدراسات والبحوث العلمية والتشجيع على عقد الندوات والم ؤتمرات‬ ‫‪.3‬‬
‫ال تي تن اقش المس ائل الديني ة واألخالقي ة والمجتمعي ة؛ لتك وين ثقاف ة رص ينة‪ ،‬وتواص ل علمي‬
‫وإعالمي‪ ،‬يحقق ما نصبوا إليه‪.‬‬
‫تطوير مؤسساتنا اإلعالمية ودعمها بالمتخصصين‪ ،‬وفتح آفاق التأهي ل للموج ودين‪ ،‬واالس تفادة من‬ ‫‪.4‬‬
‫خبرة الدول الشقيقة في هذا الميدان كي نجذب المواطن لإلطالع على صحفنا ودورياتنا‪ ،‬وبرامجن ا‬
‫المسموعة والمرئية في خضم الغزو الثقافي والتواصل اإلعالمي‪ ،‬الذي تجاوز كل حدود‪.‬‬

‫خامسًا ‪ :‬المعالجات األمنية‬

‫تأتي المعالجات األمنية كآخر حل‪ ،‬عندما ال تجدي المعالجات السابقة‪ ،‬من خالل وضع اس تراتيجية أمني ة كامل ة‬
‫لرصد الظاهرة‪ ،‬ومتابع ة تطوره ا وجم ع البيان ات عن ك ل أطرافه ا وت دقيق المعلوم ات‪ ،‬وتص نيف العناص ر‬
‫المعادية والمتورط ة في ه ذا النش اط واالس تفادة من القي ادات الش عبية والم ؤتمرات واللج ان الش عبية واللج ان‬
‫الثورية وأولياء األمور في التنبيه على الخطر الذي يتع رض ل ه أبناؤن ا وش بابنا‪ ،‬والعم ل على تج نيب ك ل من‬

‫[‪]12‬‬
‫يمكن تجنيبه من خالل التوجيه والتوعية والتبصير بأن ما يقوم به يخالف نهج اإلسالم ويمس معتقدات المجتمع‪،‬‬
‫ويوقعه في المحظور‪ ،‬وأخذ تعهد عليه بحضور أهله والفعاليات الشعبية والثورية‪ ،‬ويخلي سبيله‪.‬‬

‫م ع اس تمرار المتابع ة والرص د والتق ييم للعناص ر الحاق دة والمص رة على نهج التض ليل والتخ ريب والت دمير‬
‫للمجتمع والتي تتآمر على أمنه ومقدساته ومعتقداته وإنجازات ه‪ ،‬وتس عى ل ذلك بك ل الس بل‪ ،‬فيتم الترك يز عليه ا‬
‫واالستعداد لمواجهتها من خالل الضبط والتحقيق واإلحالة إلى القضاء‪ ،‬قبل أن يستفحل أمرهم ويش تد خط رهم‪،‬‬
‫وهذا يتطلب اإلعداد واالستعداد والتجهيز والتخطيط لكل تحرك‪ ،‬بشكل علمي مدروس‪ ،‬بما يضمن اجتثاث الداء‬
‫بأيد خبيرة في شكل برنامج متكامل فعال‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬طبيعة عقوبة التطرف الديني‬


‫وينقسم هذا المبحث الى مطلبين ‪:‬‬
‫المطلب االول ‪ :‬كيفية تنفيذ العقوبة‬

‫[‪]13‬‬
‫وينقسم المطلب االول الى فرعين ‪:‬‬
‫الفرع االول دور المرشد الديني ‪-:‬‬
‫اوًال ‪ -‬االرشاد الديني ‪:‬‬

‫يعد وسيلة لتحقيق التوبة وذلك من خالل بث الشعور بالتقوى في نف وس ال نزالء وتح ويلهم إلى أش خاص‬
‫حريص ين على تع اليم ال دين وتقب ل أداء الش عائر والطق وس الديني ة والته ذيب ال ديني ل ه دور مهم في عالج‬
‫ومقاومة الجريمة حيث أن كثيرًا ممن ارتكب وا الجريم ة والس لوك االنح رافي يرج ع إج رامهم إلى قل ة ال وازع‬
‫الديني وضعف الجانب األخالقي‪ ،‬والدين له سيطرة على النفوس ويستند إلى تقاليد وتعاليم عريق ة وه و مص در‬
‫لقيم وأفكار عديدة تسود المجتمع وتعالمه واضحة وفكرة الجزاء فيه بارة وجميع األمورالحياتية تخضع للدين (‬
‫عباس و عليوي ‪ ، ٢٠١٩ ،‬ص ‪. ) ٤٤٢‬‬

‫ويتولى التهذيب رجال الدين تعينهم اإلدارة اإلصالحية لهذا الغرض‪ ،‬ويجب أن يتوافر فيهم من الناحية المؤه ل‬
‫العلمي ال ذي يمكنهم من اداء مهمتهم الديني ة بنج اح‪ ،‬ومن ناحي ة أخ رى يجب أن يكون وا على معرف ة جي دة‬
‫بالمشاكل القانونية وظروف الحياة داخل السجن ‪ ،‬وحبذا ل و أع دت لهم دورات تدريبي ة لت أهيلهم له ذه المهن ة ‪،‬‬
‫ولكي يؤدي رجال الدين رسالتهم على أكمل وجه ‪ ،‬يجب المشاركة مع إدارة الس جنفي معالج ة نفس ية النزي ل ‪،‬‬
‫كما يجب أن يكون سلوكه قدوة صالحة ( كالنمر ‪ ،۲۰۱۲ ،‬ص ‪ )۱۱۹‬حيث أن الدين يحم ل الف رد على إع ادة‬
‫التفكير فيما فعل من إثم ‪ ،‬وهذا يدفعه إلى البحث عن التوبة فعلى المؤسسات اإلصالحية أن تتولى الدين والتعليم‬
‫الديني في المؤسسات العقابية العناية القصوى في عملية اإلصالح من خالل ما يلي ‪:‬‬

‫تنظيم المحاضرات الدينية ‪ :‬من خالل وجود رجال دين ذو كفاءة وخبرة بأس اليب المعامل ة اإلص الحية‬ ‫‪‬‬
‫( الرشيدي ‪ ،۲۰۱۰۰‬ص ‪. )۲۰‬‬
‫إقامة الشعائر والفروض الدينية ‪ ،‬حيث يعتبر ذل ك التزام ًا يق ع على ع اتق الدول ة ‪ ،‬ألن النزي ل قب ل‬ ‫‪‬‬
‫دخوله السجن كان من حقه أداء هذه الشعائر والفروض ‪ ،‬لذلك يجب عليها أن تهيئ أماكن للعبادة داخل‬
‫المؤسسة ‪ ،‬وعليه ا أن ت راعي دين النزي ل عن د وض ع ب رامج الته ذيب وأن تل تزم الحي اد بين األدي ان‬
‫المختلفة ‪ ،‬وأال تلجأ إلى إجبار النزيل على اعتناق عقيدة دينية معينة ‪ ،‬وذلك تطبيقًا لمبدأ حري ة العقي دة‬
‫( بواقنة ‪ ، ۲۰۰۹ ،‬ص ‪. ) ۱۳۰‬‬
‫إقامة المسابقات الدينية ‪ :‬يعتبر برنامج تحفيظ الق رآن الك ريم أح د القواع د األساس ية ال تي ته دف إلى‬ ‫‪‬‬
‫اإلصالح وتقويم النزالء حتى يعودوا مواطنين صالحين ألنفسهم وألسرهم ومجتمعهم‬
‫(‪)1‬‬
‫( العنزي ‪ ، ٢٠٠٥‬ص ‪. ) ٤٠‬‬

‫ثانيًا ‪ -‬اإلرشاد الخلقي ‪:‬‬

‫ويقصد باالرشاد الخلقي ‪ ،‬غرس القيم األخالقية في نفس النزيل ‪ ،‬وتنمية روح التع اون لدي ه ‪ ،‬وتبص يره ب دور‬
‫االستقامة والصدق واألمانة والمحبة في بناء المجتمع ( بواقنة ‪ ،۲۰۰۹ ،‬ص ‪. ) ۱۱۳‬‬

‫‪ -1‬دراسة ميدانية في قسم الناصرية المركزي من اعداد الباحث االجتماعي ( حسين محمد جالب ) ‪ .‬بحث غير منشور‬

‫[‪]14‬‬
‫حيث له أهمية بالنسبة للنزالء الذين ال يحتل الدين في نفوسهم مكانه الطبيعي‪ ،‬فيكون مخاطبتهم ب الوازع الخلقي‬
‫هو األقرب إلى عقولهم ومفاهيمهم‪ ،‬كما له أهمية بالنسبة لمن يسيطر الوازع الديني عليهم ‪ ،‬وال يقتصر االرشاد‬
‫الخلقي على السلوك الخارجي والعم ل مطابقت ه للقيم االجتماعي ة وإنم ا يتج ه إلى أعم اق النفس كي تك ون ه ذه‬
‫المطابقة صادرة عن اقتناع وتبني نفسي لهذه القيم‬

‫ويت ولى مهم ة االرش اد الخلقي رج ال ال دين ‪ ،‬أو المتط وعين‪ ،‬ولكن يفض ل أن يك ون من المختص ين في ه ذه‬
‫المج ال ال ذين يت وافر فيهم العلم والدراي ة بعلم األخالق ‪ ،‬وعلم االجتم اع وعلم النفس والق انون ‪ ،‬فض ًال عن‬
‫معرفته بالحياة داخل السجن وكيفية التعامل مع النزالء‪ ،‬وقدرت ه على إقن اعهم وكس ب ثقتهم ( كالنم ر ‪،۲۰۱۲‬‬
‫ص ‪. )۱۲۰‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬دور الباحث االجتماعي ‪-:‬‬


‫ويكون دور الباحث على النحو اآلتي ‪:‬‬

‫فور دخول النزيل يقوم الب احث االجتم اعي المس ؤول عن جن اح االس تقبال بمقابلت ه وإج راء االتص ال‬ ‫‪.1‬‬
‫الهاتفي بأسرته لطمأننهم عن وجوده في السجن‪.‬‬
‫يقوم الباحث االجتماعي بتهيئة النزيل عند دخوله السجن ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫يسعى ويعمل الب احث االجتم اعي من خالل العم ل م ع ال نزالء الس جن لتأكي د اس تمرارية العالق ة بين‬ ‫‪.3‬‬
‫النزيل واألسرة من خالل إزالة المعوقات التي قد تقف حائًال أمام تقوية تلك العالقة وتنميتها خاصة بعد‬
‫صدور الحكم على النزيل ( خوشناو و شكاك ‪ ، ۲۰۱۹ ،‬ص ‪. )۲۰‬‬
‫إجراء البحث االجتماعي المبدئي للتعرف على حالة السجين والبدء في تكوين العالقة المهني ة من خالل‬ ‫‪.4‬‬
‫تقبل السجين بحالته ‪ ،‬وحتى يثق باألخصائي االجتماعي الذي يسعى لمساعدته ‪ ،‬وذلك لغ رض التكي ف‬
‫واالستقرار المأمول ‪ ،‬وبما يمكن من متابعة مراحل تأهيله وعالجه ‪.‬‬
‫دراسة مشاكل النزالء من خالل المقابالت الفردية وتسجيل ما يتم بين الب احث االجتم اعي والنزي ل [‬ ‫‪.5‬‬
‫‪]٢٥‬‬
‫يقوم الباحث االجتماعي بأخذ المعلومات الالزمة الذي تحتوي على استمارة خاصة ح ول النزي ل وه ذه‬ ‫‪.6‬‬
‫االستمارة تشمل جميع النواحي الحياة داخل مؤسسة اإلصالحية وخارجها‪.‬‬
‫تبدأ الرعاية النفسية للنزيل ف ور دخول ه الس جن حيث يق وم اإلخص ائي النفس ي بمقابل ة النزي ل وإع داد‬ ‫‪.7‬‬
‫تقرير نفسي ‪ ،‬وفي حال ظهور أعراض نفسية عليه ‪ ،‬تحال لمجمع الصحة النفسية أو مصحة تنشأ له ذا‬
‫الغرض بهدف متابعته ومعالجته ‪.‬‬
‫يوعظ ويرشد بأهمية بالغة لما له من دور كب ير في تق ويم س لوك النزي ل ف ور دخ ولهم الس جن لتق ديم‬ ‫‪.8‬‬
‫النصح الالزم لهم ومتابعته‬
‫تتم مخاطبة مكتب التوجه واإلرشاد بالسجن ورفع بأسماء من هم بحاجة على تكثيف النصح واإلرش اد‬ ‫‪.9‬‬
‫لتتم مقابلتهم من قبل رجال الدين لكل األديان والمختصين في كافة المجاالت (صالح ‪ ، ،‬ص ‪)۲۱‬‬
‫يتم تزويد النزالء بالكتب والمنشورات التي تحتوي على نصائح مفيدة وكذلك ش رح تع اليم ال دين بك ل‬ ‫‪.10‬‬
‫األديان الموجودة في السجن وكتب اجتماعية ونفسية ‪ ..‬إلى آخره ‪.‬‬
‫على الباحث االجتماعي تزويد النزيل معلومات عن حقوقه والتزاماته كتابة حتى يقرأها ‪ ،‬وإذا كان أميًا‬ ‫‪.11‬‬
‫لزم قرأتها للنزيل شفويًا ‪ .‬أما بالنسبة للنزيل االجنبي فيلزم أن تكون عن طريق الترجمة ‪.‬‬

‫[‪]15‬‬
‫عند دخول النزيل يتم عم ل التحالي ل اللزم ة والكش ف الط بي علي ه للتأك د من ص حته اذا ك ان مص ابًا‬ ‫‪.12‬‬
‫بمرض مزمن أو اية امراض اخرى ‪ ،‬وتصرف األدوية للنزيل مجانًا إال فيما ندر‬
‫على الباحث االجتماعي أن يعتمد على تقني ة االس تماع واالنص ات لمن ي واجههم من ال نزالء ‪ ،‬بع د أن‬ ‫‪.13‬‬
‫يكسب ثقتهم ‪ ،‬ويترك لهم المجال لسرد تاريخ حياتهم‪ ،‬بحيث تساعد هذه الطريقة األخصائي االجتماعي‬
‫على تقييم الظروف والعوامل الكامنة والظاهرة التي جعلت المستهدف يخرج عن المعايير االجتماعية ‪،‬‬
‫ومن هنا تأتي أهمية هذه التقنية لدراسة حالة النزيل ‪.‬‬
‫مس اعدة األس رة من خالل المؤسس ات االجتماعي ة من أج ل اطمئن ان النزي ل على أس رته خالل ف ترة‬ ‫‪.14‬‬
‫المحكومية ‪ ،‬مثل االستعانة بمساعدات الضمان االجتماعي‬
‫يجب على الباحث االجتماعي إيداع النزيل الى مكان خاص بشعبة االستقبال ال تق ل عن عش رة أي ام ‪،‬‬ ‫‪.15‬‬
‫وال تزيد عن عشرين يوم‪ ،‬وهي المرحلة األولى بالنسبة للنزيل ‪ ،‬لكي يعرف عن النزي ل عن تص رفاته‬
‫والحالة االجتماعية والنفسية وبعد ذلك تصنيفه إلى مكان آخر‬
‫ام ا بخص وص الس جناء األج انب فعلى الب احث االجتم اعي مراع ات ك ل ع اداتهم وتقالي دهم وك ذلك‬ ‫‪.16‬‬
‫(‪)1‬‬
‫معتقداتهم التي يؤمنون بها ‪ ،‬مع ضرورة احترام ذلك ( خوشناو و شكاك ‪ ، ۲۰۱۹ ،‬ص ‪. )۲۱‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬أثر تشديد العقوبة في الجرائم ذات التطرف الديني ‪:‬‬

‫الجرائم التي تشدد عقوبتها اذا ارتكبت واتضح خطورة المجرم فيها وعلة التشديد واحدة كما بينا بوضوح الدافع‬
‫أو الحكمة إلى تشديد العقاب بسبب الخطورة االجرامي ة ‪ ،‬والتش ديد العق ابي‪ ،‬إلى ج انب م ا يملك ه القاض ي من‬
‫‪-1 1‬‬
‫دراسة ميدانية في قسم الناصرية المركزي من اعداد الباحث االجتماعي ( حسين محمد جالب ) ‪ .‬بحث غير منشور‬

‫[‪]16‬‬
‫سلطة في تق دير العقوب ة ض من النط اق الن وعي والكمي للعقوب ة المق ررة أص ًال للجريم ة‪ ،‬فإن ه يتمت ع بس لطة‬
‫استثنائية في هذا المجال‪ ،‬تسمح له بتجاوز هذا النطاق المحدد أساسًا نحو التخفيف أو تبعًا لما تقرره التش ريعات‬
‫المختلفة التشديد وهذا يظهر له أثر فعال في تحقيق الردع العام‬

‫والخاص ولذلك سوف نقسم هذا المطلب الى فرعين كاآلتي ‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تحقيق الردع العام والخاص ويحتوي على قسمين ‪:‬‬

‫القسم األول‪ :‬تحقيق الردع العام‬

‫يمكن تعريف الردع العام بأنه ‪ :‬النية في ردع عامة الن اس من ارتك اب الج رائم من خالل معاقب ة أولئ ك ال ذين‬
‫يرتكبون الجرائم عندما ُيردع مجرم من خالل إرساله إلى السجن على سبيل المثال‪ُ ،‬ترسل رس الة واض حة إلى‬
‫بقية المجتمع بأن هذا النوع من السلوك سوف ينتج اس تجابة بغيض ة من نظ ام القض اء الجن ائي‪ .‬ال يري د معظم‬
‫الناس االنتهاء في السجن ولذلك ُيردعون عن ارتكاب الجرائم التي ق د ت ودي بهم إلى العقوب ة به ذه الطريق ة أو‬
‫هو إيقاع العقوبة على المجرم او المخالف على ما ارتكبه من فعل حتى يردعه وال يعاود ارتكاب الفعل المج رم‬
‫او المخالف مره أخرى والغاية من العقوبة ه و من ع ارتك اب الفع ل وفي ح االت كث يرة يك ون ال ردع والمن ع‬
‫وسيلة لتحقيق الغاية المرجوة منه‪ ،‬وهو منع خطورة الشخص االجرامية‪.‬‬

‫وتعتبر العوامل اإلجرامية مصدرا للخطورة وقرائن عليها‪ ،‬مما يستوجب إقام ة دلي ل على توافره ا ح تى يمكن‬
‫توقيع التدبير‪ ،‬وهذا يترك للسلطة التقديرية للقاضي دون تحديد ضوابط وعناصر الخطورة‪ .‬وإذا ك انت الس لطة‬
‫التقديرية للقاضي تنصب على درجة الخطورة االجرامية حتى يمكن اختي ار العقوب ة المناس بة‪ ،‬فمع نى ذل ك أن‬
‫الخطورة البد أن تكون فعلية وليست مفترضة ف الخطورة المفترض ة ال ت دع مج اال للس لطة التقديري ة للقاض ي‬
‫وإنما تخضع لتقدير المشرع ذاته استنادا إلى عناصر الواقعة المادية والمعنوية وما توافر في الفاعل من ص فات‬
‫وظ روف يأخ ذها بعين االعتب ار وه ذا م ا يح دث عن دما يق رر القاض ي تط بيق العقوب ة الرادع ة أو الت دابير‬
‫(‪.)1‬‬
‫االحترازية‬

‫والقول بأن الجريمة تفصح عن مدى خط ورة مرتكبه ا ف إن القاض ي يك ون ه و الجه ة األق در واألك ثر معرف ة‬
‫بشخصية الجاني وظروفه‪ ،‬مما يمكنه من اختيار الج زاء أو الت دبير المالئم لحماي ة المجتم ع من ه ذه الخط ورة‬
‫وفي نفس الوقت حماية المجرم وفرض المعاملة العقابية الكفيلة إلعادة تأهيله وإصالح أما فكرة الردع الع ام في‬
‫جوهرها تعني تحقيق الوقاية من الجريمة‪ ،‬والردع العام هو أحد نتائج سياسة العقاب في المدرسة التقليدي ة ال تي‬
‫أحدثت ثورة في تاريخ القانون الجنائي الس يئة ال تي ك انت عليه ا العدال ة الجنائي ة قبله ا‪ ،‬فالعقوب ة في المرحل ة‬
‫(‪.)2‬‬
‫السابقة على المدرسة التقليدية لم يكن لها هدف سوى االنتقام من الجاني‬

‫فكلما كان الفعل خطيرًا كانت العقوبة أشد ‪ ،‬ولم تتوقف التشريعات الجنائية في مختلف بق اع الع الم عن التط ور‬
‫بسبب التغير الذي عرفه المجتمع البشري وانتقاله من مجتمع زراعي الى مجتمع صناعي وأصبحت قيمة الف رد‬
‫تتزايد في المجتمع‪ ،‬وفي خالل القرن الثامن عشر بدأت نقطة تحول مهمة في تاريخ النظام الجن ائي حيث ن ادى‬
‫علماء االجرام بأهمية تحقيق الردع في العقوبة اتقاء لخطورة الج اني والعقوب ة في التش ريع الجن ائي اإلس المي‬

‫‪ - 1‬د‪ .‬اسحاق منصور ابراهيم موجز في علم اإلجرام وعلم العقاب‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪٢٠٠٦ .‬م‪ .‬ص ‪.۲۹‬‬
‫‪ - 2‬د‪ .‬عبد الفتاح الصيفي‪ ،‬حق الدولة في العقاب‪ ،‬ط‪١٩٨٥ ،٢‬م‪ ،‬ص‪".۲۲‬‬

‫[‪]17‬‬
‫نوع من االيالم المقصود يلح ق بالج اني مقاب ل م ا أرتكب ه من ج رم تحقيق ًا للعدال ة بين الن اس وردع ًا لهم عن‬
‫(‪.)1‬‬
‫معاودة الوقوع في الجريمة‬

‫والحقيقة التي ال بد من ذكرها أن العقوبة العادية في مواجهة أصحاب الخط ورة اإلجرامي ة أثبتت ع دم نجاحه ا‬
‫في تحقيق أهدافها ‪ ،‬ألنها ليست رادعة‪ ،‬فق د اتض ح أن أغلب أص حاب الخط ورة اإلجرامي ة ال تم ر عليهم م دة‬
‫طويلة على االنته اء من العقوب ة الس ابقة‪ ،‬ح تى يع ودوا إلى س ابق عه دهم في اإلج رام‪ ،‬وزرع الش ر والفس اد‬
‫والرعب والهلع في المجتمع‪ ،‬لذلك أرى في االعتماد على السياسة الجنائية تق نين نص وص خاص ة في مواجه ة‬
‫أصحاب الخطورة اإلجرامية‪ ،‬حتى يتخلص المجتمع من شرورهم‪ ،‬وآثامهم بما‬

‫يوافق المصلحة العامة لألفراد وتحقيق الردع العام‬

‫القسم الثاني‪ :‬تحقيق الردع الخاص‬

‫إن عقوبات شرب الخمر والقذف وقطع الطريق حققت الردع والزجر وهي لم تشرع دون علم بالنفس اإلنس انية‬
‫ودوافعها‪ ،‬فشرعت العقوبات في الجنايات الواقعة بين الناس في النفوس واألبدان واألع راض واألم وال كالقت ل‬
‫والجراح والقذف والسرقة لتحقيق الردع العام والخاص‬

‫والردع الخاص ‪ :‬هو األثر المباشر للعقوبة التي تحدث على ذات المجرم المحك وم علي ه‪ ،‬أو األث ر الناش ئ عن‬
‫(‪.)2‬‬
‫حقوق المحكوم عليه في بدنه‪ ،‬أو حريته‪ ،‬أو ماله‪ ،‬أو شرفه واعتباره‬

‫فالردع الخاص ‪ :‬هو إيقاع العقوبة على المجرم او المخ الف على م ا ارتكب ه من فع ل ح تى يردع ه وال يع اود‬
‫ارتكاب الفعل المجرم او المخالف مره أخرى والغاية من العقوبة هو منع ارتكاب الفعل واقف هن ا ألق ول بان ه‬
‫في حاالت كثيرة يكون الردع والمنع وسيلة لتحقيق الغاي ة المرج وة من ه‪ ،‬وه و من ع الش خص من القي ام بعم ل‬
‫يؤدي الى حرمان آخرين من الوصول الى حق وقهم علم ا انن ا نع اني في ه ذا ال وقت من ع دم تش ديد العقوب ات‬
‫بشكل عام وقد شرعت العقوبة بوصفها وسيلة لحماي ة المجتم ع وه ذا ال يتحق ق إال بغل ق أب واب الش ر والفس اد‬
‫والفتن والتعدي وذلك يأتي بتشريع احك ام ص ارمة ورادع ة للج اني والب د من تنفي ذها‪ .‬ل ذلك العقوب ة ض رورة‬
‫اجتماعية البد منها‪ ،‬والض رورة تق در بق درها‪ ،‬فال تك ون أعظم مم ا ينبغي وال أق ل مم ا يجب‪ ،‬لتص بح اآلث ار‬
‫المرجوة في حماية المجتمع ونظامه واقعًا ملموسًا‪ ،‬فليس المقصود من العقوبة نكاية بالجاني أو انتقام ًا من ه ألن‬
‫األحكام العادلة تدور حول اصالح المجتمع‪ .‬وفي الشريعة اإلس المية إن إقام ة العقوب ة التعزيري ة على المج رم‬
‫يهدف إلى ردع الجاني حتى ال يعود إلى ارتكاب أي جريمة مرة أخرى‪ ،‬ذلك أن العقوبة‪ ،‬وما يترتب عليه ا من‬
‫(‪.)3‬‬
‫أذى‪ ،‬وألم مادي ومعنوي تصده عن العودة إلى اقتراف الجريمة‬

‫والهدف من الردع الخ اص ه و من ع الج اني من مع اودة الجريم ة م رة أخ رى‪ ،‬ومن ع غ ير الج اني من تقلي ده‬
‫باإلجرام‪ ،‬ألن التعزير الذي أقيم على من ارتكب الجريمة يمكن أن يق ع علي ه إذا وقعت من ه الجريم ة‪ ،‬فيرت دع‬
‫وينزجر عن ارتكاب أي جريمة‪ ،‬لذا يجب أن تك ون العقوب ات التعزيري ة زاج رة رادع ة الستئص ال الجريم ة‪،‬‬
‫والمجرمين؛ ومن في قلبه مرض من جنبات المجتمع‪ ،‬والجماعة (‪ . )4‬وبعد ظهور الحركات الفكري ة في ال دفاع‬

‫‪ - 1‬د‪ .‬محمد نعيم يس‪ ،‬الوجيز في الفقه الجنائي اإلسالمي‪ ،‬مؤسسة االسراء للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫‪۱۹۹۱‬م‪ ،‬ص ‪. ۱۰‬‬
‫‪ - 2‬محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية‪ ،‬إعالم الموقعين‪ ،‬ج ‪.٦ /١‬‬
‫‪ - 3‬أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي‪ ،‬ج ‪ ،۱‬الناشر‪،‬‬
‫عالم الكتب للقرافي‪ ،‬ص‪313‬‬
‫‪ - 4‬زين الدين بن إبراهيم بن محمد المعروف بابن نجيم المصري البحر الرائق‪ ،‬ج ‪ ،۵‬ص‪۲۱۳ .۳‬‬

‫[‪]18‬‬
‫االجتماعي‪ ،‬ووقاية المجتمع من الجريم ة ‪،‬وأخطاره ا اس تقر في السياس ات العقابي ة المعاص رة على أن ه دف‬
‫الردع الخاص القائم على فكرة إصالح الجناة وتأهيلهم‪ ،‬ينبغي أن يك ون الغاي ة النهائي ة لوظيف ة العقوب ة‪ ،‬ولق د‬
‫انعكس ذلك على التشريعات العقابية الحديث ة ال تي أخ ذت به ذه الفك رة ‪ .‬ويمكن قي اس مس توى ال ردع الخ اص‬
‫بمستوى العود أي عود الفرد نفسه الى الجريمة‪ ،‬فكلما كان العود مرتفع ًا دّل ذل ك على ض عف ال ردع الخ اص‬
‫للعقوبة‪ ،‬وكلما كان العود منخفضًا دل ذلك على أن العقوبة تردع الفرد مرتكب الجريمة‪ ،‬وأن العقوبة ناجحة في‬
‫خفض مستوى الجريمة‪ ،‬ويمكننا أن نقول بأن الردع الخاص يؤدي الى خفض مستوى الخطورة االجرامية ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬الحفاظ على األمن والسلم المجتمعي‬

‫ارتكاب الجريمة مجاهرة أو في مكان عام ما يثير قلق وفزع العامة ويحدث انطباعا لدى الن اس بانع دام األمن‪،‬‬
‫إذا كان الفعل المجرم المرتكب ينم عن دناءة نفس وخسة طبع‪ ،‬كمن يسرق المصابين في الحوادث المرورية أو‬
‫يقوم بتصوير النساء المصابات أو اللواتي تحت البنج بالمستشفيات أو ارتكاب المتهم ألك ثر من جريم ة‪ ،‬أو من‬
‫ينهب تحت تهديد السالح في الطرق الخالية من المارة‪.‬‬

‫إن الشريعة اإلسالمية شريعة متكاملة صالحة لكل زمان ومكان‪ ،‬عادل ة في تش ريعاتها وأحكامه ا‪ ،‬وه ذا يتجلى‬
‫في موازنة التشريع ألنواع العقوبات الش رعية ب أنواع مس بباتها‪ ،‬فجع ل ش دة العق اب مقاب ل ش دة أث ر الجريم ة‬
‫والخط ورة االجرامي ة على المجتم ع اإلس المي أف راًد ا وجماع ات‪ ،‬ب ل إن تط بيق العقوب ات الش رعية على‬
‫المجرمين خير وسيلة للقضاء على الخطورة االجرامية ‪ ،‬وخير وس يلة لحف ظ ال دماء أن تس فك‪ ،‬والحي اة من أن‬
‫تهدر‪ ،‬واألعراض من أن تنتهك ‪ ،‬واألنساب من أن تختلط واألموال من أن تض يع أو تؤك ل بالباط ل‪ ،‬والعق ول‬
‫من أن تختل والدين من أن يتخذ سخرية وهزوًا‪ ،‬ومن المعلوم أن المهام التي تسند إلى اإلم ام ونواب ه هي إقام ة‬
‫الحدود والعقوبات الشرعية وكل ما فيه صالح الرعية‪ ،‬وال يج وز االع تراض علي ه في ش يء‪ ،‬ح تى ال تك ون‬
‫فوضى يعجز الناس عن ت داركها أو قمعه ا فتس فك دم اء وتس رق أم وال وتنته ك أع راض ويأك ل فيه ا الق وي‬
‫الضعيف‪ .‬وجاء في الحديث الشريف‪ ،‬عن أبي هريرة رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال ‪« :‬إنما‬
‫اإلمام ُج َّن ًة ‪ُ ،‬يَقاَت ُل ِمْن ورائه َو ُيَّت َقى به‪ ،‬فإن أمر بتقوى هللا وَع َد ل كان له بذلك أجر ‪ ،‬وإن يأمر بغ يره ك ان علي ه‬
‫منه» رواه البخاري ومسلم‪ .‬وللقاضي سلطة تقديرية واسعة في اختي ار ن وع العقوب ة وت درجها ض من النط اق‬
‫المحدد لعقوبة كل جريمة على حده كما ان له سلطة استثنائية تسمح له بتجاوز النطاق المحدد في تشديد العقوب ة‬
‫(‪.)1‬‬
‫إذا كانت تقضي على الخطورة االجرامية وتحافظ على أمن المجتمع‬

‫والشك أن ف رض األمن والطمأنين ة في الحي اة الفردي ة واالجتماعي ة من األم ور األساس ية ال تي أدت الش ريعة‬
‫اإلسالمية على تحقيقها‪ ،‬وذلك عبر إقامة الحدود على المعتدين التي يكون لها األثر في اختفاء بوادر االنح راف‬
‫والفساد في المجتمع‪ .‬ولو ضربنا مثاًال لجريمة القتل العمد نج د أن عقوب ة القص اص عالج ن اجح في معالج ة‬
‫حوادث القتل والفلتان األمني والفساد االجتماعي‪ ،‬وتعتبر من أب رز االحك ام الش رعية ال تي تحف ظ حي اة واالم ة‬
‫التي تعيش بال عقوبة لمرجميها‪ ،‬فهي أمة ض عيفة منحل ة مفكك ة األوص ال؛ ألنه ا تعيش في فوض ى اجتماعي ة‬
‫وتخبط من كثرة حوادث اإلجرام التي تسبب الخوف وعدم األمن والسالم في المجتمع‪.‬‬

‫وعقوبة القصاص يكمن فيها إصالح الحياة اإلنسانية وتعمل على زيادة التنشئة االجتماعي ة عن د الف رد واألس رة‬
‫والمجتمع على حد الس واء‪ ،‬وتحق ق لألم ة األمن والس الم والبن اء الحض اري في المجتم ع‪ ،‬وتحاف ظ على حي اة‬

‫‪ - 1‬نجالء بوقصه ‪ ،‬تفريد العقاب وأثره على الجزاء الجنائي‪ ،‬جامعة العربي التبسي‪۲۰۲۱ ،‬م ‪ ،‬ص ‪.٥‬‬

‫[‪]19‬‬
‫الناس االجتماعية واألمنية واألخالقية والسياسية واالقتصادية‪ ،‬فيعم األمان ويسود االطمئنان والرفاه االجتماعي‬
‫(‪.)1‬‬
‫ربوع الوطن الذي يحتكم فيه الناس إلى الشريعة اإلسالمية‬

‫إن الهدف األسمى للشريعة اإلسالمية هو الحفاظ على األمن واالستقرار وترسيخ ذل ك في المجتم ع فه و مطلب‬
‫أكدت عليه النصوص القرآنية والسنة الشريفة‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬و ِإْذ َق اَل ِإْب َر اِهيُم َر ِّب اْج َع ْل َه ذا َب َلًد ا آِم ًن ا َو اْر ُز ْق َأْه َلُه‬
‫ِمَن الَّث َم َر اِت َم ْن آَمَن ِم ْن ُهم ِباِهَّلل َو اْل َي ْو ِم اآْل ِخ ِر َق اَل َو َم ن َكَف َر َف ُأَم ِّت ُع ُه َق ِلياًل ُثَّم َأْض َط ُّر ُه ِإَلى َع َذ اِب الَّن اِر َو ِبْئ َس‬
‫اْلَمِص يُر (‪ .)2‬وباإلض افة إلى األمن واالس تقرار أك دت الش ريعة اإلس المية أيض ًا على الحف اظ على ض رورات‬
‫اإلنسان وهي الدين والعقل والنفس والعرض والمال والحفاظ عليها يكون بإقامة العقوبات الش رعية من الح دود‬
‫والتعزيرات في حق الجناة‪ ،‬وأما إذا ضيعت حدود هللا أو أسقطت أو فّر ق فيه ا بين الغ ني والفق ير أو ش فع فيه ا‬
‫شافع وُقبلت شفاعته بعد أن رفعت إلى القاضي فهذا يؤدي إلى ع واقب ال تحم د عقباه ا‪ ،‬مم ا ي ؤدي إلى وق وع‬
‫األزمات والكوارث والحروب بين المذاهب والطوائف‪ .‬ومن ه ذه الح دود ال تي يف ترض تس ليط الض وء عليه ا‬
‫والبحث فيها ألنها موضع حاجة وه و ح د للمجتم ع ونظ رًا للظ روف الق اهرة ال تي يم ر به ا كث ير من البل دان‬
‫اإلسالمية الحرابة‪ ،‬فهي من الجرائم العظيمة وهي قطع الطريق وتهدي د الن اس بالس الح ألخ ذ أم والهم ويطل ق‬
‫على هؤالء قطاع الطرق فهم يخرجون على الناس بأنواع األسلحة‪ ،‬قال تعالى ‪ِ( :‬إَّن ما َج زاُء اَّلِذيَن ُيحاِر ُبوَن َهَّللا‬
‫َو َر ُس وَلُه َو َي ْس َع ْو َن ِفي اَأْلْر ِض َف س ادًا َأْن ُيَقَّت ُل وا َأْو ُيَص َّلُبوا َأْو ُتَقَّط َع َأْي ِديِه ْم َو َأْر ُج ُلُهْم ِمْن ِخالٍف َأْو ُيْن َف ْو ا ِمَن‬
‫اَأْلْر ِض َذ ِلَك َلُهْم ِخ ْز ٌي ِفي الُّد ْن َي ا َو َلُهْم في اآْل ِخَر ِة َع َذ اٌب َعِظ يٌم) (‪ )3‬هذه اآلية هي من أو آخر ما نزل من القرآن‬
‫أي بعد أن عالج القرآن كل ما يتعلق باالنحرافات الفردية واالجتماعية فهذه اآلية ال تتكلم عن موضوع عادي أو‬
‫جريمة كالجرائم المعروفة التي تحصل في المجتمعات المؤمنة وغير المؤمنة وإنما جريمة لها أثرها على الف رد‬
‫والمجتمع‪.‬‬

‫وفي سياق الجرائم المتعلقة بالتطرف الديني‪ ،‬تع د العقوب ة جانًب ا حاس ًما يع الج اآلث ار المجتمعي ة واالعتب ارات‬
‫(‪)4‬‬
‫األخالقية ‪.‬‬

‫يشكل مفهوم التطرف الديني مجموعة واسعة من األفكار ال تي غالًب ا م ا تع ارض األع راف المجتمعي ة وتظه ر‬
‫وجهات نظر جامدة‪ ،‬مما يؤثر على جوانب مختلفة من الحياة‪ .‬لق د لعب اإلس الم ك دين دورا تاريخي ا هام ا في‬
‫(‪)5‬‬
‫توجيه المجتمعات ونشر الرحمة والهداية في مختلف المناطق‪ ،‬مع التأكيد على أهمية االعتدال والتوازن‪.‬‬

‫إن معالجة التطرف الديني تنطوي على توضيح الجوهر الحقيقي لإلسالم ومنهج ه في التغي ير‪ ،‬وتحدي د أس باب‬
‫(‪)6‬‬
‫التطرف ومظاهره‪ ،‬والعمل على إيجاد الحلول لمنع تصاعده‪.‬‬

‫إن االعتراف بوجود التطرف الديني‪ ،‬خاصة في المجتمعات اإلسالمية‪ ،‬والتصدي له بشكل فعال‪ ،‬هو أكثر فائدة‬
‫(‪)7‬‬
‫من إنكار هذه الظواهر السلبية أو تجاهلها‪.‬‬

‫الحمد هلل الذي أنزل الكتاب تبيانا لكل شيء‪ ،‬نورا يضيء طريق المستمسکین به ويه ديهم إلى ص راط مس تقيم‪،‬‬
‫والصالة والسالم على المبعوث رحمة للعالمين القائل‪ « :‬إن الدين يسر‪ ،‬ولم يش اد أح د ال دين إال غلب ه » وبع د‬

‫‪ - 1‬عصام العبد محمد القصاص وأثره على التنشئة االجتماعية‪ ،‬الجامعة اإلسالمية غزة‪ ،‬فلسطين‪ ،۲۰۰۸ ،‬ص ‪.۱‬‬
‫‪ - 2‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)١٢٦‬‬
‫‪ - 3‬سورة المائدة‪ ،‬اآلية (‪.)۳۳‬‬
‫‪ - 4‬التميمي ع‪ .‬ع‪ .)2007( .‬التطرف الديني‪ ،‬حقيقته وأسبابه‪ .‬مجلة الجامعة األسمرية‪.203–195 ,7 ,‬‬
‫‪ - 5‬صالح أ‪ .‬ع‪ .)2003( .‬التطرف الديني وآلياته في تلقي النص‪ .‬مجلة الجامعة األسمرية‪.193–163 ,2 ,‬‬
‫‪ - 6‬جميل رشيد ح‪ .)2022( .‬آليات اإلمام الصادق عليه السالم (ت‪148‬ه‪765 /‬م) في مواجهة التطرف الديني‪.‬‬
‫‪ - 7‬لتطرف الديني‪ :‬أسبابه وسبل مواجهته‪ .)2021( .‬مجلة اآلداب ‪.518-503 ،)136( 1 ،‬‬

‫[‪]20‬‬
‫فإن خير ما اشتغل به العلماء في هذا الزمان الدعوة إلى هللا بالحكم ة والموعظ ة الحس نة‪ ،‬وإحي اء م ا أميت من‬
‫سنة الرسول عليه الصالة والسالم‪ ،‬والعودة باألمة إلى جادة الصواب حتى تتسنم زعامة األمم بإرض اء ربه ا و‬
‫تطبيق شرعه‪ .‬وإن مما يعيق عمل ال دعاة والعلم اء فك ر التط رف والغل و ال ذي انتش ر وش وه ص ورة اإلس الم‬
‫والداعين إليه من حيث يظن أصحابه أنهم يحسنون صنعا‪ .‬من هنا ك ان لزام ا على العلم اء والمفك رين وال دعاة‬
‫التصدي ألصحاب الفكر الغالي المتطرف ببي ان حقيق ة اإلس الم‪ ،‬ومنهج ه في التغي ير‪ ،‬وبیان أس باب التط رف‬
‫ومظاهره‪ ،‬ومحاولة عالجها قبل أن تستفحل‪ .‬وقد قام باحثون بعرض هذه القضية ودرسها من جوانب عدة‪ .‬وما‬
‫هذا البحث إال مشاركة في هذا الجهد المتواصل لعالج هذه المشكلة التي أصابت فئة ليست بالقليلة من المس لمين‬
‫يقولون في المثل الشعبي ‪ :‬ال دخان من غيرنار‪ ،‬وبالفعل فإن اتهام المسلمين من قبل الغرب بالتطرف ال ديني لم‬
‫يأت مـن فـراغ ‪ .‬واالعتراف بوجـود ظـاهـرة (التطـرف الـديني) وغيرهـا مـن الظـواهر السلبية في المجتمعات‬
‫اإلسالمية ومحاولة عالج هذه الظواهر خير مما يفعله البعض من نفيهـا ودفـن الـرؤوس في الرم ال ‪ .‬وهـذا ال‬
‫يع ني أننـا نـزه الغرب يين في اتهامـاتهم‪ ،‬فهـم وإن ك انوا يصـدرون في اتهام اتهم عن أص ل من أص ل من‬
‫المالحظ ة ص حيح‪ ،‬يمزجـون ب الحق ب اطال وبالصـدق ك ذبا ‪ .‬والمغالط ة ال تي يتعمـدهـا بعـض السياس يين‬
‫والمثقفين الغربيين في مجال (التطرف الديني) في المجتمعات اإلسالمية تتركز في جانبين‪ :‬أولهمـا ‪ :‬تعميم هـذه‬
‫الظـاهـرة بحيـث يسمون غالـب المسلمين بـ (التطرف) بينما المتطرفون في واقع األمـر‪ .‬ال يخفى على أح د ان‬
‫من اخطر المشاكل التي تواجه المجتمعات البشرية على م ر العص ور هي ظ اهرة التط رف ال ديني واالره اب‬
‫الفك ري تل ك الظ اهرة ال تي ك انت وم ا ت زال تفت ك في جمي ع المجتمع ات البش رية إذ ال تنحص ر في المجتم ع‬
‫االسالمي دون سواه وإنما ط الت جمي ع االدي ان والم ذاهب على م ر الت اريخ‪ ،‬وق د ش كلت تل ك الظ اهرة س مة‬
‫خطيرة أخذ أعداء االسالم يصفون بها مجتمعاتنا االسالمية مدعين ان الدين االسالمي هو دين التطرف والتشدد‬
‫ومصادرة الحريات كل ذلك من أج ل تش ويه الهوي ة االس المية فتع اليم ال دين االس المي ب راء من ك ل مظ اهر‬
‫التطرف واالره اب الفك ري وإنم ا ذل ك ك ان نتيج ة للفهم الخ اطئ لل دين وتعاليم ه من قب ل بعض الجهل ة ممن‬
‫يحسبون على الدين االسالمي فضًال عن الدور الذي لعبته بعض انظمة الحكم الظالمة على مر العص ور به دف‬
‫االضطهاد واالستبداد ‪ ،‬وإيمانًا منا بض رورة البحث عن حل ول ناجع ة لتل ك المش كلة فق د ج اء بحثن ا الموس وم‬
‫((آليات اإلمام الصادق علي ه الس الم (‪148‬ه‪765 /‬م) في مواجه ة التط رف ال ديني)) ليس لط الض وء على أهم‬
‫الوسائل وااللي ات ال تي يمكن االس تفادة منه ا للقض اء على ذل ك الم رض الخط ير ال ذي أخ ذ يفت ك بمجتمعاتن ا‬
‫االس المية ال يخفى على أح د ان من اخط ر المش اكل ال تي تواج ه المجتمع ات البش رية على م ر العص ور هي‬
‫ظاهرة التطرف الديني واالرهاب الفكري تلك الظاهرة التي كانت وما تزال تفتك في جميع المجتمعات البش رية‬
‫إذ ال تنحصر في المجتمع االسالمي دون س واه وإنم ا ط الت جمي ع االدي ان والم ذاهب على م ر الت اريخ‪ ،‬وق د‬
‫شكلت تلك الظاهرة سمة خطيرة أخذ أعداء االسالم يصفون بها مجتمعاتنا االسالمية مدعين ان الدين االس المي‬
‫هو دين التطرف والتشدد ومصادرة الحريات كل ذلك من أجل تشويه الهوية االسالمية فتع اليم ال دين االس المي‬
‫براء من كل مظاهر التطرف واالرهاب الفكري وإنم ا ذل ك ك ان نتيج ة للفهم الخ اطئ لل دين وتعاليم ه من قب ل‬
‫بعض الجهلة ممن يحسبون على الدين االسالمي فضًال عن الدور الذي لعبت ه بعض انظم ة الحكم الظالم ة على‬
‫مر العصور بهدف االضطهاد واالستبداد ‪ ،‬وإيمانًا منا بضرورة البحث عن حلول ناجعة لتلك المشكلة فق د ج اء‬
‫بحثنا الموس وم ((آلي ات اإلم ام الص ادق علي ه الس الم (‪148‬ه‪765 /‬م) في مواجه ة التط رف ال ديني)) ليس لط‬
‫الضوء على أهم الوسائل واالليات التي يمكن االستفادة منها للقضاء على ذلك المرض الخطير ال ذي أخ ذ يفت ك‬
‫بمجتمعاتنا االسالمية شهد القرن العشرين ظهور العديد من الجمعيات والحركات الديني ة‪ ،‬المعتدل ة والمتطرف ة‪،‬‬
‫والحقيقة أن هذه الحركات لم تنشأ من فراغ‪ ،‬إذ تضافرت ع دة عوام ل سياس ية وفكري ة واجتماعي ة واقتص ادية‬
‫أدت إلى ظهور الفكر اإلسالمي‪ .‬هذه الجماعات نتيجة ش عورها بالحاج ة إلى تب ني أس لوب جدي د في اإلص الح‬

‫[‪]21‬‬
‫والتجديد‪ ،‬ولذلك يظهر بين الحين واآلخر الزعيم الديني الذي يحاول جمع الش باب حول ه ويب دأ بتعليمهم مب ادئ‬
‫الدين‪ .‬تصحيح ال دين‪ ،‬وت وجيههم إلى كيفي ة إص الح الف رد‪ ،‬وتقوي ة األم ة‪ ،‬والحكم الع ادل‪ .‬وله ذا الس بب ف إن‬
‫الشباب المنتمين إلى هذه الجماعات لديهم ميول دينية جارفة وهنا يظهر العنف كأداة لتنفيذ األوامر وك ذلك الفهم‬
‫الخ اطئ لبعض األوام ر‪ .‬والمب ادئ الديني ة وف ق مقاص د الق ادة ال دينيين‪ ،‬ويب دأ االحتك اك بين ه ذه الجماع ات‬
‫والجهاز السياسي للدولة‪ .‬الجماعات الدينية أو الحركات الدينية إذن هي اسم يطل ق على ك ل جماع ة تح اول أن‬
‫تتخذ لنفسها كيانا مستقال ومختلفا في السلوك عما فهمه الناس من تقالي د وع ادات‪ ،‬وظه ور ه ذه الجماع ات في‬
‫المجتمعات اإلسالمية هي ضرورة فرضتها طبيعة الدين اإلسالمي‪ ،‬حيث األمر بالمعروف والنهي عن المنك ر‪،‬‬
‫كما فرضتها الظروف االقتصادية واالجتماعية والثقافية والسياسية التي تمر بها المجتمعات‪ .‬غالًبا ما تتحد ه ذه‬
‫المجموعات الدينية حول المعايير والمبادئ الدينية‪ ،‬وعلى الرغم من مشاركة ه ذه المجموع ات م ع مجموع ات‬
‫أخرى من حيث طبيعة التنظيم‪ ،‬إال أن ل ديهم أه داًفا مختلف ة وق د يك ون ل ديهم مجموع ة من المع ايير التنظيمي ة‬
‫المختلفة أيًض ا‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن الجماعات الدينية‪ ،‬مثل أي مجموعة أخ رى‪ ،‬تح ل االختالف ات في تفس ير وتنفي ذ‬
‫أه دافها ومعاييره ا وأدواره ا‪ ،‬وق د تمي ل إلى تك ييف أو تع ديل ه ذه االختالف ات واألع راف واألدوار لتناس ب‬
‫المجموعات األخرى‪ .‬عندما يزداد حجم الجماعة أو المنظمة الدينية‪ ،‬تنخفض درجة االتفاق بين األعضاء ح ول‬
‫األهداف والمعايير إلى درجة كبيرة‪ .‬وبحسب فهم هذه الحركات‪ ،‬ومن أج ل فهم أس باب ظه ور العن ف وتحدي د‬
‫مدى تأثيره على الفكر الحركي للحركات اإلسالمية‪ ،‬سنحاول تقصي األسباب ال تي أدت إلى ظه وره على نم ط‬
‫من سلوك جماعات كان من المفترض أن تكون مثاال للتس امح والتس امح والرحم ة ألنه ا نت اج قيم ديني ة تتم يز‬
‫بإنسانيتها العالية‪ ،‬ولكن قبل ذلك نؤكد أن السبب الرئيسي وراء التطرف الديني هو سبب أي ديولوجي‪ ،‬ل ذلك أم ا‬
‫األسباب األخرى فهي أسباب مساعدة وثانوية‪ .‬وال ننكر دور المستوى المعيشي ألفراد الحركات اإلسالمية مثال‬
‫في ممارسة العنف‪ ،‬لكنه ليس سببا رئيس يا‪ .‬بخالف ذل ك‪ ،‬ف إن زعيم تنظيم القاع دة الس ابق أس امة بن الدن ه و‬
‫ملياردير معروف‪ .‬وينتمي معظم أعضاء الحركات اإلسالمية إلى الطبقة الوس طى‪ ،‬وينطب ق الش يء نفس ه على‬
‫المستويات التعليمية‪( .‬رائد البنا) األردني الذي قاد تفجير مدينة الحلة العراقي ة ك ان خ ريج كلي ة الحق وق وك ان‬
‫مرتاحًا جدًا وعاش لفترة في أمريكا‪ ،‬وعمر أحمد عبد هللا الذي قاد عملية التفجير‪ .‬تفجير مس رح في دول ة قط ر‬
‫كان مهندسًا إلكترونيًا ويتقاضى راتبًا شهريًا مرتفعًا‪ .‬كما أن األسباب المتبقية خارج دائ رة الفك ر واالعتق اد هي‬
‫أسباب ثانوية مقارنة بالسبب الرئيسي‪ ،‬وهذا ما تؤك ده البيان ات اإلحص ائية والدراس ات الميداني ة ال تي أج ريت‬
‫على عينات مختلفة من أعضاء الحركات اإلسالمية المتطرفة‪ ،‬وقد تبين أن يتمتع أفراد هذه الحركات بمستويات‬
‫أكاديمية وعلمية جيدة‪ ،‬وقد حصل معظمهم على شهادات أكاديمية ت راوحت بين ش هادة المتوس طة وال دكتوراه‪،‬‬
‫وهو المستوى الذي من المف ترض أن ي وفر ق درًا ال ب أس ب ه من ال وعي ال ذي يمن ع اقتح ام الم وت وتع ريض‬
‫األرواح للخطر‪ .‬بينما الواقع غير ذلك‪ ،‬فقد نفذ العديد من العمليات االنتحارية أفرادًا من ذوي الشهادات العلمي ة‬
‫المتقدمة والمناصب الوظيفية المميزة‪ ،‬مما يدفعنا للبحث عن أسباب أخرى لهذه الظاهرة‪ ،‬والبد من دراسة الفهم‬
‫العقائدي الذي يدفعهم إلى ذلك‪ .‬عاصفة الموت والزهد في الحياة رغم الرفاهية التي يتمتع بها هؤالء الشباب‪.‬‬

‫الخاتمة‬

‫[‪]22‬‬
‫االستنتاجات والتوصيات‬
‫اوال‪ :‬االستنتاجات ‪:‬‬
‫لم يرد لفظ التطرف ال في القرآن وال في السنة النبوية ولكن عرفه العلماء بأنه القول أو الفعل المخ الف‬ ‫‪.1‬‬
‫للشريعة) مصطلح يضاد مصطلح الوسطية الذي هو من الوسط بين الطرفين وهو ميل ام ا الى غل و او‬
‫الى تساهل ويستعمل في االوساط العامة في جانب الزيادة والتشدد كثيرا‪.‬‬
‫رغم شيوع ربط التطرف باالس الم والمس لمين ل دى اع داءه اال ان االس الم ح ذر أك ثر من غ يره على‬ ‫‪.2‬‬
‫التطرف في الدين لسلبياته الكثيرة واخطاره على األفراد والمجتمع واغلب المس لمين هم اه ل الوس طية‬
‫والتسامح الديني وينكرون على افعال المتطرفين‪.‬‬
‫ال ينحصر التطرف من جانب الدين فحسب بل للتطرف اشكال وانواع كثيرة – هناك تطرف سياس ي ‪-‬‬ ‫‪.3‬‬
‫قومي ‪ -‬اجتماعي ‪ -‬علماني ‪....‬الخ‪.‬‬
‫للمتطرفين في الدين خصائص وسمات ومظاهر كث يرة منه ا الجه ل بقواع د االس الم األعراض هم عن‬ ‫‪.4‬‬
‫العلماء والوقوع في اعراضهم‪ ،‬وسوء الظن باآلخرين‪ ،‬وكثرة الجدل في المسائل االجتهادي ة والتج روء‬
‫على الفتوى والتزام التشدد دائما والغلظة في التعامل ‪.‬‬
‫هناك الفاظ ذات الصلة بالتطرف في الدين الغلو العنف التنطع التشدد االفراط ‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫للتطرف اس باب كث يرة متنوع ة ومتداخل ة منه ا فك ري وسياس ي واقتص ادي واجتم اعي ونفس ي وبع د‬ ‫‪.6‬‬
‫االنحراف الفكري من اهم االسباب وسببه وجود الفجوة بين الش باب والعلم اء وك ذا االس باب السياس ية‬
‫وسببه الظلم والعدوان وعدم وجود الشورى والديمقراطية‪.‬‬
‫لمعالج ة التط رف يجب معالج ة اس باب ظه وره ويجب أن تس هم الجامع ات والمؤسس ات التربوي ة‬ ‫‪.7‬‬
‫والثقافية والدينية ومراكز البحوث لوضع الحلول الفعالة لمواجهة التطرف‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬التوصيات ‪:‬‬


‫من اجل القضاء ومعالجة التطرف في الدين اوصي بتطبيق جميع قرارات وتوصيات الم ؤتمرات ال تي‬ ‫‪.1‬‬
‫انعقدت في العالم االسالمي بشأن قضية التطرف في الدين وفق منهجية شرعية وعلمية‪.‬‬
‫تطبيق الشريعة االسالمية في مختلف ش ؤون الحي اة واتخ اذ الخط وات الج ادة لألص الح الش امل ال ذي‬ ‫‪.2‬‬
‫يحقق العدل ويرعى الحقوق ويحقق تطلعات الشعوب‪.‬‬
‫دعم المشاريع التنموية والحد من البطالة والقضاء على تهميش االجتماعي للشباب بتوفير فرص العم ل‬ ‫‪.3‬‬
‫ومحاربة الفقر والجهل والمرض‪.‬‬
‫معالجة تفشي الفساد االداري والعالي وضعف المحاسبة وقص ورها في مواجه ة المش كالت واالزم ات‬ ‫‪.4‬‬
‫االدارية واالقتصادية‬
‫تشجيع البحوث والدراسات وعقد الم ؤتمرات والن دوات في مج االت ظ اهرة الغل و والتط رف ووض ع‬ ‫‪.5‬‬
‫الحلول لمعالجتها‪.‬‬
‫بالع دل فق ط ينعم الجمي ع ويس تقر البالد والعب اد وتقض ي على الفس اد والظلم وب ه فق ط تنكس ر ش وكة‬ ‫‪.6‬‬
‫التطرف والمتطرفين لذا على الدولة التي تريد معالجة التطرف في الدين تحقيق العدل في كافة مجاالت‬
‫الحياة واال تفشل كل محاوالتهم للقضاء على التطرف‬

‫[‪]23‬‬
‫ضرورة تحييد عمل جميع المؤسسات التعليمي ة والديني ة والثقافي ة عن الص راعات السياس ية والحزبي ة‬ ‫‪.7‬‬
‫لتكون اداة جمع ابناء االمة التمزيقها ‪.‬‬
‫في رأيينا كباحث اضافة الى وضيفتنا كمنتسب في وزاره العدل العراقية دائرة االصالح هناك نوع من‬ ‫‪.8‬‬
‫التطرف هو االكثر انتشارا في األونه االخيرة في ما يسمى بالدول ة االس المية (داعش) نس به كب يره‬
‫منهم عن د لقائن ا معهم وب الرغم من اهتم ام دائ رة االص الح بهم وتط بيق حق وق االنس ان في االقس ام‬
‫السجنيه في دائره االصالح العراقيه هم مازالوا خطرا على الع راق واخص ب ذلك ال ذين حكم وا اع دام‬
‫هنا يجب على الحكومه تنفيذ احك ام االع دام بهم النهم ح تى في م ده بق اهم في الس جن ينش رون الفك ر‬
‫المتطرف والتكفير واخالل االمن في االقسام السجنيه ‪.‬‬

‫وعساي في النهاية ان اكون بهذا الجهد المتواضع الذي يمثل غيضًا من فيض قد سلطت الضوء على جرائم‬
‫التطرف الديني وجدوى العقوبة فيها فلكل مجتهد نصيب ‪..‬‬

‫وأخر دعوانا ان الحمد هلل رب العالمين‬


‫انتهى بفضل هللا وعونه‬

‫المصادر‬
‫[‪]24‬‬
‫ابن منظور ‪ ,‬لسان العرب ‪. 436 : 1‬‬ ‫‪.1‬‬
‫د‪ .‬ناصر الطريفي ‪ ,‬نظرة الشريعة لظاهرة االرهاب ص ‪158‬‬ ‫‪.2‬‬
‫د‪ .‬علي عبد الرزاق جلبي وآخرون‪ ،‬علم االجتماع والمشكالت االجتماعية‪ ،‬دار المعرفة الجامعي ة ط ‪1‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪2000‬ف ص ‪.436‬‬
‫د‪ .‬محم د مص طفى ال زحيلي‪ ،‬االعت دال في الت دين فك رًا وأس لوبًا ومنهج ًا‪ ،‬منش ورات كلي ة ال دعوة‬ ‫‪.4‬‬
‫اإلسالمية ط‪ 19922‬ص ‪12‬‬
‫الباحث‪ ،‬مضامين اإلرهاب والتطرف في اللغ ة واالص طالح ص حيفة جميع ة ال دعوة اإلس المية الع دد‬ ‫‪.5‬‬
‫‪ 670‬ص ‪10‬‬
‫د‪ .‬علي عبد الرزاق جلبي وآخرون‪( ،‬م‪.‬س) ص ‪423‬‬ ‫‪.6‬‬
‫د‪ .‬عبدهللا عبدالعزيز األنساق االجتماعية ودورها في مقاومة اإلرهاب والتطرف‪ ،‬ص ‪. ۲۳‬‬ ‫‪.7‬‬
‫د‪ .‬إسماعيل لطفي عبدالرحمن اإلرهاب والعنف والتطرف في ميزان الشرع‪ ،‬بحث منشور على موق ع‬ ‫‪.8‬‬
‫السكينة ‪ http://www.assakina.com‬ص‪7‬‬
‫د‪ .‬حس ين عب د الحمي د أحم د اإلره اب والتط رف من منظ ور علم االجتم اع‪ ،‬مؤسس ة ش باب جامع ة‬ ‫‪.9‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬طبعة ‪۲۰۰۲‬م‪ ،‬ص ‪10.‬‬
‫د‪ .‬محم د يس ري دعبس اإلره اب بين التج ريم ‪،‬والم رض‪ ،‬ص ‪ ،۱۳‬ول ذات المؤل ف‪ :‬اإلره اب‬ ‫‪.10‬‬
‫األسباب واستراتيجية المواجهة‪ ،‬ص ‪.١٣‬‬
‫محم د ش وقي الفنج ري اإلره اب والتط رف وج وهر الح ل اإلس المي‪ ،‬المثقف ون واإلره اب‪ ،‬الهيئ ة‬ ‫‪.11‬‬
‫المصرية العامة للكتاب‪ ،‬ط ‪ ،١٩٩٣‬ص ‪. ٦٤‬‬
‫د‪ .‬علي عبد الرزاق جلبي وآخرون (م‪.‬س) ص ‪.425‬‬ ‫‪.12‬‬
‫دراسة ميدانية في قسم الناص رية المرك زي من اع داد الب احث االجتم اعي ( حس ين محم د جالب ) ‪.‬‬ ‫‪.13‬‬
‫بحث غير منشور‬
‫د‪ .‬اس حاق منص ور اب راهيم م وجز في علم اإلج رام وعلم العق اب‪ ،‬دي وان المطبوع ات الجامعي ة ‪.‬‬ ‫‪.14‬‬
‫‪٢٠٠٦‬م‪ .‬ص ‪.۲۹‬‬
‫د‪ .‬عبد الفتاح الصيفي‪ ،‬حق الدولة في العقاب‪ ،‬ط‪١٩٨٥ ،٢‬م‪ ،‬ص‪".۲۲‬‬ ‫‪.15‬‬
‫د‪ .‬محم د نعيم يس‪ ،‬الوج يز في الفق ه الجن ائي اإلس المي‪ ،‬مؤسس ة االس راء للنش ر والتوزي ع‪ ،‬ط‬ ‫‪.16‬‬
‫‪3،۱۹۹۱‬م‪ ،‬ص ‪. ۱۰‬‬
‫محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية‪ ،‬إعالم الموقعين‪ ،‬ج ‪.٦ /١‬‬ ‫‪.17‬‬
‫أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي‪ ،‬ج ‪ ،۱‬الناشر‪،‬ع الم‬ ‫‪.18‬‬
‫الكتب للقرافي‪ ،‬ص‪313‬‬
‫زين الدين بن إبراهيم بن محمد المعروف بابن نجيم المصري البحر الرائق‪ ،‬ج ‪ ،۵‬ص‪۲۱۳ .۳‬‬ ‫‪.19‬‬
‫نجالء بوقصه ‪ ،‬تفريد العقاب وأثره على الجزاء الجنائي‪ ،‬جامعة العربي التبسي‪۲۰۲۱ ،‬م ‪ ،‬ص ‪.٥‬‬ ‫‪.20‬‬

‫‪ .21‬عصام العبد محمد القصاص وأثره على التنشئة االجتماعية‪ ،‬الجامعة اإلسالمية غزة‪ ،‬فلسطين‪،۲۰۰۸ ،‬ص‬
‫‪۱‬‬

‫‪ .22‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية (‪.)١٢٦‬‬

‫‪ .23‬سورة المائدة‪ ،‬اآلية (‪.)۳۳‬‬

‫[‪]25‬‬
‫‪ .24‬التميمي ع‪ .‬ع‪ .)2007( .‬التطرف الديني‪ ،‬حقيقته وأسبابه‪ .‬مجلة الجامعة األسمرية‪.203–195 ,7 ,‬‬

‫‪ .25‬صالح أ‪ .‬ع‪ .)2003( .‬التطرف الديني وآلياته في تلقي النص‪ .‬مجل ة الجامع ة األس مرية‪–163 ,2 ,‬‬
‫‪.193‬‬

‫‪ .26‬جميل رشيد ح‪ .)2022( .‬آليات اإلمام الصادق عليه السالم (ت‪148‬ه‪765 /‬م) في مواجهة التط رف‬
‫الديني‪.‬‬

‫‪ .27‬لتطرف الديني‪ :‬أسبابه وسبل مواجهته‪ .)2021( .‬مجلة اآلداب ‪.518-503 ،)136( 1 ،‬‬

‫[‪]26‬‬

You might also like