Professional Documents
Culture Documents
ستر
مقدمة لنيل شھھادة الماس
ة مذكررة
اف ا ٔﻻﺳـﺘﺎﺎذ:
ٕاﴍ ف ﻣﻦ إﻋﻋﺪاد:
*د .إﺳﺳﲈﻋﻴﻞ ﺟﺟﺒﺎرة * ﻓﲑﲑوز ﳒﺎرر
* ﻣﺮﺮﱘ ﺷـﻴﺨﻲ
ﺨﻲ
ﺸﺔ
ﺠﻨﺔ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸ
ﻟﺠ
...................................................................................................... -رﺋﻴﺴﺎ
ﺸﺮﻓﺎ ﻣﻘﺮرا
-إإﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺟﺒﺎرة ....................................................................................ﻣﺸ
....................................................................................................... -ﻣﻨﺎﻗﺸﺎ
2016/20
اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﻴﻴﺔ015 :
ﺔ
ﺗﻘدﻳر ﻷﺳﺗﺎﺎذﻧﺎ اﻟﻔﺎﺿ
ﺿﻝ ﺧﺎﻟص اﻟﺗﻘ
ﻧﺗﻘددم ﺑﺟزﻳﻝ اﻟﺷﻛر و ﺧ
إﺳﻣﺎﻋﻳﻝ ﺟﺑﺎرة"
ﻝ اﻟدﻛﺗور "
ﻋﺰ و ﺟﻞ:
ﻣﻦ ﻗـﺎل ﻓﻴﻬﻤﺎ اﻟﻤﻮﻟﻰ ّ
ﻚ أﱠَﻻ ﺗَـ ْﻌﺒُ ُﺪوا إِﱠﻻ إِﻳﱠﺎﻩُ َوﺑِﺎﻟْ َﻮاﻟِ َﺪﻳْ ِﻦ إِ ْﺣ َﺴﺎﻧًﺎ﴾
ﻀ ٰﻰ َرﺑﱡ َ
﴿ و ﻗَ َ
إﻟﻰ ﻧﻮر ﻋﻴﻨﻲ و ﻟﺆﻟﺆة ﻗـﻠﺒﻲ و ﻧﺒﻊ اﻟﺤﻨﺎن
أﻣﻲ اﳊﺒﻴﺒﺔ
أﰊ اﻟﻌﺰﻳﺰ
ﻣﺮﻳﻢ....
ﻣﻘدﻣﺔ
ﻣﻘدﻣﺔ
ﻣﻘدﻣﺔ :
وﻗد ﺗﻧﺎوﻟﻧﺎ ﻓﻲ ﺑﺣﺛﻧﺎ إﺷﻛﺎﻟﻳﺔ رﺋﻳﺳﻳﺔ ﺗﺗﻣﺛﻝ ﻓﻲ اﻧﻌﻛﺎس ﻋﺑﺛﻳﺔ أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣو ﻓﻲ رواﻳﺔ ﻋﻠﻲ وﺟﻪ
اﻟﻌﻣوم ورواﻳﺔ اﻟﻐرﻳب ﻋﻠﻲ وﺟﻪ اﻟﺧﺻوص .
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻣن أﻫم اﻟﺷﺧﺻﻳﺎت اﻷدﺑﻳﺔ و اﻟﻔﻠﺳﻔﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺣﺳدت ﺗﻳﺎر اﻟﻌﺑث ،وﺗﺗﻣﺛﻝ اﻹﺷﻛﺎﻟﻳﺔ
اﻟرﺋﻳﺳﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻫو اﻟﻌﺑث و اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ؟ وﻛﻳف ﻧﺷﺄ ؟ ﻣن ﻫو أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣو ؟ وﻛﻳف ﺟﺳد ﻫذا
اﻟﺗﻳﺎر ﻓﻲ ﻣؤﻟﻔﺎﺗﻪ ؟ وﻣﺎ ﻫﻲ ﻣظﺎﻫرﻩ ؟
ﻓﻛﻝ ﻫذﻩ اﻟﺗﺳﺎؤﻻت ﻛﺎﻧت ﺳﺑﺑﺎ ﻻﺧﺗﻳﺎرﻧﺎ ﻫذا اﻟﺑﺣث ﻫذا اﻟﺗﻳﺎر اﻟﻐﺎﻣض اﻟﻣﺑﻬم ﺟﻌﻠﻧﺎ
ﻧﻐوص و ﻧﺳﺑﺢ ﻓﻲ ﻓﻬم ﻣظﺎﻫرﻩ
2
ﻣﻘدﻣﺔ
3
ﻣدﺧﻝ
ﻣﻔﺎﻫﻳم أوﻟﻳﺔ
-1ﻣﻔﻬوم اﻟﻌﺑث
-2ﻣﻔﻬوم اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ
ﻳﻣﺛﻝ ﺗﻳﺎر اﻟﻌﺑث أو اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ اﺗﺟﺎﻩ ﺟدﻳد ﻓﻲ اﻟﻣﺳرح اﻟﻣﻌﺎﺻر"وﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﺟدﻳد ﻳدﻋوﻩ
اﻟﻧﻘﺎد اﻟﻧزﻋﺔ اﻟﻣﺳرﺣﻳﺔ اﻟﻣﻌﺗﺎدة ﻟﻠﻣﺳرح"ﺣﻳث ﺗﺣﻝ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﻧﻔﺳﻳﺔ ﻣﻛﺎن ﻣطﺎﺑﻘﺔ اﻟﺷﺧﺻﻳﺎت
ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ،وﻳﺗﺟﺎﻫﻝ اﻟﺣدﻳث واﻟﺗﺳﻠﺳﻝ اﻟﻧﺳﺑﻲ ﻟﻪ،وﻟﻳس ﺛﻣﺔ ﻣﻛﺎن ﻟﻠدراﻣﺎ أو اﻟﻣﺄﺳﺎة،
1
ﻓﺎﻟﻣﺄﺳﺎوي ﻳﺻﻳر ﻫزﻟﻳﺎ،واﻟﻬزﻟﻲ ﻣﺄﺳﺎوﻳﺎ"
وﻗد ظﻬر ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﺑﻌد اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ اﻟﺛﺎﻧﻳﺔ ﻣﻊ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟرواد ﻫم:
-1د /حفناوي بعلي ،أربعون عاما علي خشبة مسرح الھواة في الجزائر ،منشورات اتحاد كتاب الجزائريين دار ھومة
،الجزائر، ،ط2002 ،1م ،ص.21
-2شكري عبد الوھاب ،تاريخ وتاريخ وتطور العمارة المسرحية مؤسس حورس الدولية ،اإلسكندرية ،ط ،2007 ،
ص . 68
5
مفاھيم أولية مدخل:
ﻟﻐﺔ :ﺟﺎء ﻓﻲ ﻣﻌﺟم اﻟﻌﻳن ﻣﺎدة ﻋﺑث":ﻋﻳث ﻓﻬو ﻋﺎﺑث ﺑﻣﺎ ﻻ ﻳﻌﻧﻳﻪ وﻟﻳس ﻟﻪ ﻣﻌﻧﻰ وﻟﻳس
ﻣن ﺑﺎﻟﻪ أي ﻻﻋب،وﻋﻳث اﻷﻗط أﻋﺑﺛﻪ ﻋﺑﺛﺎ ﻓﺄﻧﺎ ﻋﺎﺑث أي ﺣﻘﻳﻘﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺷﻣس و اﻻﺳم اﻟﻌﺑث
3
واﻟﻌﺑﺛﻳﺔ:اﻟﺧﻠط"
وﻋﻧد ﻋودﺗﻧﺎ إﻟﻰ ﻣﻌﺟم ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ﻧﺟد أن ﻫذﻩ اﻟﻛﻠﻣﺔ ﺗﻔﺳر ﻛﻣﺎ ﻳﻠﻲ:ﻋﻳث
ﺑﻪ،ﺑﺎﻟﻛﺳر،ﻋﺑﺛﺎ،ﻟﻌب،ﻓﻬو ﻋﺎﺑث،ﻻﻋب ﺑﻣﺎ ﻻ ﻳﻌﻧﻳﻪ وﻟﻳس ﻣن ﺑﺎﻟﻪ واﻟﻌﺑث أن ﺗﻌﺑث ﺑﺎﻟﺷﺊ.4
ﻓﺣﺳب رأﻳﻧﺎ ﻣن ﻫذا اﻟﺗﻌرﻳف اﻟﻠﻐوي ﻧﺟد أن اﻟﻌﺑث ﻳﺄﺧذ ﺷﻛﻠﻪ أو ﻣﻔﻬوﻣﻪ ﻣن
اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ.ﻟﻬذا ﻋﺑر ﻋﻠﻳﻪ اﻟﻣﻌﺟم ﺑﺎﻟﻌب.وﻟو ﻋدﻧﺎ إﻟﻰ ﺑﻌض اﻟﺗﻌرﻳﻔﺎت ﻟﻬذا اﻟﻣﻔﻬوم ﻧﺟد أن
اﻟﺑﻌض ﻳرﺟﻊ ﻣﻔﻬوﻣﻬﺎ إﻟﻰ ﻛﻠﻣﺔ abswrdاﻟﺗﻲ ﺗﺗرﺟم ﻏﺎﻟﺑﺎ إﻟﻰ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﻌﺑث أو
اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ)(...ﻓﻌﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻷﺻﻠﻲ وﺻف ذﻟك اﻟﻣﺳرح ﺑﻬﺎ.ﻫﻲ ﻓﻲ أﺻﻠﻬﺎ اﻟﻼﺗﻳﻧﻲ
ﺗﻌﻧﻲ اﻟﺷﺊ اﻟﻣﺗﻧﺎﻓر،ﻏﻳر اﻟﻣﺗﻔﺎﻫم،ﻏﻳر اﻟﻣﺗواﻓق،أو ﻏﻳر اﻟﻣﻧﺳﺟم،وﺑذﻟك ﻳﺻﺑﺢ ذﻟك اﻟﺷﺊ أﻳﺎ
5
ﻛﺎن ﻏﻳر ﻣﻌﻘوﻝ ﻋﺑﺛﻲ"
وﻟﻬذا وﺟب ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺎن أن ﻳﻣﺗﻠك ﻣﻌرﻓﺔ ﺣﻘﻳﻘﻳﺔ ﻟﻠﺗﺧﻠص ﻣن ﺗﻠك اﻟﺗﻧﺎﻗﺿﺎت وﺗﻠك اﻟﻘﻳود
واﻟﺗﻧﺎﻓرات.
-1الخليل بن احمد الفراھيدي ،معجم العين ،دار الكتب العلمية ،بيروت لبنان ،ط2003 ،1م1426 ،ه ،ص 82
-2ابن منظور ،لسان العرب ،دار الصادر لطباعة و النشر ،بيروت لبنان ،ط ،2005 ،4ص7
-3عالء الدين العالم ،تيار العبث بين المسرح و الفلسفة ،مجلة دلتانون،العدد األول ،يوليو ، 2014ص3
6
مفاھيم أولية مدخل:
وﺟﺎء ﻓﻲ ﻣﻌﺟم ﻣﻘﺎﻳﻳس اﻟﻠﻐﺔ":ﻋﻳث اﻟﻌﻳن و اﻟﺑﺎء واﻟﺛﺎء أﺻﻝ ﺻﺣﻳﺢ واﺣد ﺑدﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﺧﻠط
،ﻳﻘﺎﻝ ﻋﻳث اﻷﻗط و أﻧﺎ أﻋﺑﺛﻪ ﻋﺑﺛﺎ وﻫو ﻋﺑﻳث ،وﻫو ﻳﺧﻠت وﻳﺣﻘق ﻓﻲ اﻟﺷﻣس واﻟﻌﺑث:ﻛﻝ
ﺧﻠط وﻳﻘﺎﻝ ﻓﻲ ﻫذا اﻟوادي ﻋﺑﺛﻳﺔ أي ﺧﻠط ﻣن ﺣﻳن وﻣﻣﺎ ﻗﻳس ﻋﻠﻰ ﻫذا ﻛﺎﻟﻌﺑث وﻫو اﻟﻔﻌﻝ
اﻟذي ﻳﻔﻌﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﺳواء وﺧﻠوص ﺻواب،ﻧﻘوﻝ ﻋﻳث ﻳﻌﻳث ﻋﺑﺛﺎ وﻫو ﻋﺎﺑث ﺑﻣﺎ ﻻ ﻳﻌﻧﻳﻪ
6
وﻟﻳس ﻣن ﺑﺎﻟﻪ.
ﻧﺳﺗﺧﻠص أن ﺟﻝ اﻟﺗﻌرﻳﻔﺎت ﺗﺗﻔق ﻋﻠﻰ أن اﻟﻌﺑث ﻳراد ﺑﻪ اﻟﻠﻌب وﻋدم اﻟﻘﺻد ﻓﻲ اﻟﺷﺊ و
اﻟﻼﻣﺑﺎﻻة ﻓﻳﻪ.
اﺻطﻼﺣﺎ :
ﻳﺧﺗﻠف ﺗﻌرﻳف اﻟﻌﺑث ﻓﻲ ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻻﺻطﻼﺣﻲ ﻓﻌﻧد رﺟوﻋﻧﺎ إﻟﻲ ﻣﻌﺟم ﺟﻣﻳﻝ ﺻﻠﻳﺑﺎ ﻧﺟدﻩ
ﻋرف اﻟﻌﺑث ﺑﺄﻧﻪ دار ارﺗﻛﺎب أﻣر ﻏﻳر ﻣﻌﻠوم اﻟﻔﺎﺋدة وﻗﻳﻝ طﺎﻟﻳس ﻓﻳﻪ ﻋرض ﺻﺣﻳﺢ ﻟﻔﺎﻋﻠﻪ
وﻓﻲ ﻛﺷﺎف اﺻطﻼﺣﺎت اﻟﻔﻧون ﻟﻠﺗﻬﺎون :اﻟﻌﺑث ﻓﻌﻝ ﻻ ﻳﺗرﺗب ﻋﻠﻳﺔ ﻓﺎﺋدة أﺻﻼ أو ﻓﻌﻝ ﻻ
ﻳﺗرﺗب ﻋﻠﻳﻪ اﻋﺗﻣﺎد اﻟﻔﻌﻝ ﻓﺎﺋدة أو ﻳﺗرﺗب ﻋﻠﻳﻪ ﻓﺎﺋدة ﻟﻛﻧﻬﺎ ﻻ ﻳﻌﺗﻣد ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻧظر اﻟﻔﺎﻋﻝٕ .واذا
ﻓﻌﻝ اﻟﻣرء ﻓﻌﻼ ﻻ ﻳﺗرﺗب ﻋﻠﻳﻪ ﻓﺎﺋدة ،أوﻟﻳس ﻟﻪ ﻓﻳﻪ ﻏرض ﺻﺣﻳﺢ ﻗﻳﻝ أﻧﻪ ﻳﻔﻌﻝ ذﻟك ﻋﺑﺛﺎ "7
ٕواذا ﻋدﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻣﻌﺟم اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﻧﺟد ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻌطﻳﻧﺎ ﺗﻌرﻳﻔﺎ أﺧر ﻟﻠﻌﺑث :اﻟﻌﺑﺛﺔ ﻣدرﺳﺔ أدﺑﻳﺔ ﻓﻛرﻳﺔ
،ﺗدﻋﻲ أن اﻹﻧﺳﺎن ﺿﺎﺋﻊ ﻟم ﻳﻌد ﺑﺳﻠوﻛﻪ ﻣﻌﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﻣﻌﺎﺻرة وﻟم ﻳﻌد ﻷﻓﻛﺎرﻩ ﻣﺿﻣون
ٕواﻧﻣﺎ ﻫو ﻳﻧﺟز أﻓﻛﺎرﻩ ﻷﻧﻪ ﻓﻘد اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ رؤﻳﺔ اﻷﺷﻳﺎء ﺑﺣﺟﻣﻬﺎ اﻟطﺑﻳﻌﻲ ﻧﺗﻳﺟﺔ ﻟﻠرﻏﺑﺔ ﻓﻲ
ﺳﻳطرة اﻵﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻳﺎة ﻟﺗﻛون
-1ابن فارس ،مقايس اللغة ،دار الكتب العلمية ،لبنان ،ط 1420،ه ،1999،ص208.207
-2جميل صليبا ،المعجم الفلسفي ،الجزء ،2دار الكتاب اللبناني ،بيروت،ط 52، 1982 ،
7
مفاھيم أولية مدخل:
ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﺣﻳث اﻧﻘﻠﺑت اﻷﻣﺔ ﻓﺄﺻﺑﺢ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻵﻟﺔ و ﺗﺣوﻝ اﻟﻧﺎس إﻟﻰ
8
ﺗروس ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﻟﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ اﻟﻛﺑﻳرة ".
ﻓﻣن ﺧﻼﻝ ﻫذا اﻟﺗﻌرﻳف ﻳﺗﺑﻳن ﻟﻧﺎ أﻧﺎ ﻋﻣﻝ اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺎﻵﻟﺔ وﺣﻠوﻟﻬﺎ ﻣﺣﻝ اﻹﻧﺳﺎن ﺣﻳث
أﺻﺑﺣت اﻵﻟﺔ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻣﻝ ﻋﻣﻝ اﻹﻧﺳﺎن وﺗﻠﺑﻲ رﻏﺑﺎﺗﻪ ٕواﻋﻣﺎﻟﻪ .وﻫدا ﻳﺗﻌﺑد ﻧوﻋﺎ ﻣن
اﻟﻌﺑث ،ﻻن أﻓﻛﺎرﻩ أﺻﺑﺣت ﺿﺎﺋﻌﺔ ﺟدوى ﻣﻧﻬﺎ ﺣﻳث ﻓﻘدت ﻣﻛﺎﻧﺗﻬﺎ اﻟطﺑﻳﻌﻳﺔ ﻛﺎ إﻧﺳﺎن
ﻋﺎﻣﻝ وﺻﺎﻧﻊ وﻣﺑدع وﻓﻧﺎن طﻣوح ،ﺣﻳث ﺗﻐﻳر ﺣﺎﻟﻪ ﻓﺄﺻﺑﺢ إﻧﺳﺎﻧﺎ ﻣﺗﻛﻼ وﻏﻳر ﻣﺑﺎﻝ وﻫذا
ﺳوف ﻳؤدي ﻓﻲ اﻷﺧﻳر إﻟﻰ أﺷﻳﺎء ﻏﻳر ﻣرﻋوب ﻓﻳﻬﺎ ،أو إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ".ﻓﺎﻟﻌﺑﺛﻳﺔ إذا
ﻻ ﻳﺗﻘﻳد ﻧﻔﺳﻬﺎ ﺑﺎﻟﻛﺛﻳر ﻣن اﻟﻘﻳم اﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ وﻻ ﺗرى أن ﻫﻧﺎك أي ﻣﺿﻣون ﺣﻘﻳﻘﻲ وراء اﻟﺳﻠوك
اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟذي اﻧﺣﻠﻝ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻐرﺑﻲ ﺑﺳﺑب ﺳﻳطرة اﻵﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺎرات اﻟﺣﻳﺎة ،ﺣﻳث
أﻧﻬﺎ ﺟﻌﻠت اﻹﻧﺳﺎن ﺗرﺳﺎ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﻟﺔ اﻟﺿﺧﻣﺔ ،وﻗد ﺗﺄﺛرت ﻫذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ ﺑﺂراء ﻓروﻳد ﻓﻲ
ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻟﺗﺣﻠﻳﻠﻲ ،وﻣﺎ ﻓﻳﻪ ﻣن أﺣﻼم و أوﻫﺎم وﺧﻳﺎرات ) (......ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗرﺟﻊ ﺿﻳﺎع
9
ﻓﻣن ﺧﻼﻝ ﻫذا ﻧﺟد أن ﺣﻠوﻝ اﻵﻟﺔ ﻣﺣﻝ اﻹﻧﺳﺎن اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﻐرب إﻟﻰ اﻟﻔراغ اﻟروﺣﻲ "
ﺟﻌﻝ اﻹﻧﺳﺎن اﻷوروﺑﻲ ﻳﻔﻘد ﻣﻛﺎﻧﺗﻪ اﻟطﺑﻳﻌﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﻳﺎة ﻣن ﺧﻼﻝ اﻟﻔراغ اﻟروﺣﻲ اﻟذي ﻳﻧﺗﺎﺑﻪ
وﻫذا ﺳوف ﻳؤدي ﺑﻪ إﻟﻰ اﻟﻳﺄس واﻟﻣﻠﻝ واﻟﺿﻳﺎع
أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎﻝ اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﻧﺟد أن اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ أﺑدﻋوا ﻓﻲ إﻋطﺎء أراﺋﻬم ﻋن ﻫذا اﻟﻣﺻطﻠﺢ
وﺧﺻوﺻﺎ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟوﺟودﻳﻳن اﻟذﻳن ﻳرون ﺑﺎن اﻟﻌﺑد ﻫو ﻣﺷﻛﻠﺔ وﺟودﻳﺔ ﺑﻝ أن اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
اﻟوﺟودﻳﺔ ﺗﺑدأ إﻋﺎدة ﻣن ﻣوﻗف ﻳﺷﺑﻪ ﻣوﻗﻔﺎ ﻏرﻳب .ﺗﻣﺎﻣﺎ ذﻟك أن ﻧﻘطﺔ اﻟﺑدء ﻋﻧد اﻟوﺟودﻳﻳن
10
ﻫﻲ ﺻﻔﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺗﻬز اﻹﻧﺳﺎن ﻓﺟﺄة ﻋﻧدﻣﺎ ﻳدرك أن اﻟﺣﻳﺎة ﻻ ﻣﻌﻧﻰ ﻟﻬﺎ "
أي أن اﻟﻌﺑث ﻣرﺗﺑط ﺑﺣﻳﺎة اﻹﻧﺳﺎن ووﺟودﻩ اﻟذي ﻫو ﻓﻳﻪ ﺧﻼﻝ ﺷﻌورﻩ ﺑﺄﻧﻪ إﻧﺳﺎن ﻏرﻳب ﻋن
ﻫذا اﻟﻌﺎﻟم اﻟذي ﻫو ﻓﻳﻪ ﺣﻳث ﻳﺷﻌر اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺎن ﺣﻳﺎﺗﻪ ﻻ ﻣﻌﻧﻰ ﻟﻪ وﻻ ﺟدوى ﻣﻧﻬﺎ .ﺑﺳﺑب
ﻫذا اﻟﻌﺑث اﻟذي ﻳﺷﻌر ﺑﻪ ﺑﻛﻝ ﻣﻛﺎن وزﻣﺎن ﺣﻳث ظﻬرت اﻟﻌدﻳد ﻣن اﻟﻣدارس اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺑﻧﻰ ﻫذا
اﻟﻣﺻطﻠﺢ ﻛﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ" ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﺻراع ﺑﻳن ﻣﻳﻝ اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻠﺑﺣث ﻋن اﻟﺣﻘﺎﺋق اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ
11
ﻓﻬذا اﻟﺗﻌرﻳف ﻳﺟﻌﻝ ﻣن وﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣﻳﺎة وﺑﻳن ﻋدم ﻗدرة اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻠﻰ اﻟوﺻوﻝ ﻷي ﻣﻧﻬﺎ".
اﻟﻌﺑث ﻟﻳس آﻣ ار ﻣﺳﺗﺣﻳﻝ ﻟﻛن ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻧﻔﺳﻪ ﻳﺳﺗﺣﻳﻝ ذﻟك ،وﻫذا راﺟﻊ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻧﺎ
إﻟﻰ ظروف اﻟطﺑﻳﻌﺔ ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻛون ظروف ﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺔ ،وﻫذا ﻓﻲ اﻷﺧﻳر ﺳوف ﻳؤدي إﻟﻰ ﺟﻌﻝ
اﻹﻧﺳﺎن ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ظروف ﻏﻳر ﻣرﻏوب ﻓﻳﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻪ ،ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻣﻛن ﺗﺣﻘﻳق ﻛﻝ ﻣﺎ ﻳرﻏب
ﻓﻳﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻛون ،ﻟﻬذا اﺿطرت ﻋدة ﻣذاﻫب ﺗﻌﺎﻟﺞ ﻫذا اﻟﻣوﺿوع ،ﻣﻣﺎ ﺟﻌﻝ
ﻣﻔﻬوم اﻟﻌﺑﺛﺔ ﻣرﺗﺑطﺎ ﻓﻳﻬﺎ ﻓﻧﺟدﻫﺎ ﺗرﺗﺑط ﺑﺷﻛﻝ ﻛﺑﻳر ﻣﻊ ﻣذﻫﺑﻲ اﻟوﺟودﻳﺔ واﻟﻌدﻳﻣﺔ ،وﻗد ﺑدأت
ﺟذورﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻝ 19ﻋﺷر ﻟدى ﻓﻳﻠﺳوف اﻟدﻳﻧﻣﺎرﻛﻲ ﺳورﻳﻳن ﻛﻳر ﻛﻳﻔﺎرد واﻟذي اﺧﺗﺑﺎر أن
ﻳواﺟﻪ اﻷزﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗواﺟﻪ اﻟﺑﺷرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻣن ﺧﻼﻝ ﺗطوﻳر ﻓﻠﺳﻔﺔ وﺟودﻳﺔ ،وﻗد
وﻟدت اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻛﺗﺿﺎم اﻋﺗﻘﺎدي ﻓﻲ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟوﺟودﻳﺔ اﻷوروﺑﻳﺔ اﻟﺗﻲ اﻧطﻠﻘت ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌد رﻓض
اﻟﻛﺎﺗب واﻟﻔﻳﻠﺳوف اﻟﺟزاﺋري اﻟﺑرت ﻛﺎﻣو .ﺑﻌض اﻟﻣﻔﺎﻫﻳم ﻣن اﻟﺧط اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ وﻧﺷر ﻣﻘﺎﻟﺔ
اﺳطروﻩ ﺳﻳزﻳف وﻗد ﻗدﻣت ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ اﻟﺛﺎﻧﻳﺔ اﻟﺑﻳﺋﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺷطت وﺟﻬﺔ
اﻟﻧظر اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ .وﺳﻣﺣت ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺗطور ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ اﻟﻣدﻣرة".
9
مفاھيم أولية مدخل:
وﻋﻧد رﺟوﻋﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻘرءان اﻟﻛرﻳم ﻧﺟد أن اﷲ ﻋز وﺟﻝ ذﻛر ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ اﻟﻛرﻳم ﻛﻠﻣﺔ اﻟﻌﺑث ﺣﻳث
ﻳﻘوﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ ":اﻓﺣﺳﺑﺗم أﻧﻣﺎ ﺧﻠﻘﻧﺎﻛم ﻋﻳث " .أي ﺣﺳب رأﻳﻧﺎ ﻫﻧﺎ أن اﷲ ﻟم ﻳﺧﻠق اﻹﻧﺳﺎن
ﺑﺎﻟﺑﺎطﻝ ،اﻟذي ﻻ ﻏﺎﻳﺔ ﻟﻪ وﻻ ﺟدوى ﻣﻧﻪ وﻻ أﺳﺎس ،ﻓﺎﻟﻌﺑث ﻫﻧﺎ ﻳﺷﻳر إﻟﻰ اﻟﺑﺎطﻝ وﻟﺗﺄﻛد
ﻣن ﺻﺣﺔ اﻟﻘوﻝ ﻋدﻧﺎ إﻟﻰ ﺗﻔﺳﻳر اﻟﻘرءان ﻓوﺟدﻧﺎ اﻧﻪ ﻳﻔﺳر ﻫذا اﻟﻛﻼم ﻛﺎﻷﺗﻲ ):اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﻓﻲ
ﻗوﻟﻪ اﻓﺣﺳﺑﺗم (ﻟﻺﻧﻛﺎر واﻟﺣﺳﺑﺎن ﻫﻧﺎ ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟظن ﺑﻣﻌﻧﻰ أظﻧﻧﺗم اﻧﺄ ﺧﻠﻘﻧﺎﻛم ﻋﺑﺛﺎ ﻻ ﻟﺣﻛﻣﺔ
) (.......وﻗوﻟﻪ ﻋﺑﺛﺎ ﻳﺟوز إﻋراﺑﻪ ﺣﺎﻻ ﻷﻧﺔ ﻣﺻدر ﻣذﻛر أي إﻧﻣﺎ ﺧﻠﻘﻧﺎﻛم ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻛوﻧﻧﺎ
ﻋﺎﺑﺛﻳن واﻟﻌﺑث ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻠﻌب .وﻳدﻝ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺳﻳر ﻓﻲ اﻵﻳﺔ ﺑﺎﻟﻠﻌب ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ "):وﻣﺎ
12
ﺧﻠﻘﻧﺎ اﻟﺳﻣوات و اﻷرض وﻣﺎ ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ ﻻﻋﺑﻳن"(.
10
مفاھيم أولية مدخل:
-1ﻣوﺳﻳﻘﻰ:ﻻﻣﺗﻧﺎ ﻏم.
وﻳﻔﺳر أﻧدري ﻻﻧد اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ﺑﺄﻧﻪ "ﻧﻘﻳض اﻟﻣﻌﻘوﻝ ﻫو ﻣﺎ ﻻ ﻳﺳﺗﻘﻳم ﻟﻣﻧطق اﻟﻌﻘﻝ،أﻣﺎ اﻟﻔﻛرة
اﻟﻼﻣﻌﻘوﻟﺔ ﻓﻬﻲ اﻟﻌﻧﺎﺻر ﻏﻳر اﻟﻣﺄﻟوﻓﺔ.14
ﻓﺎﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ﻫو ﺧروج ﻋن اﻟﻣﻧطق وﻋن اﻷﻣور اﻟﻣﺄﻟوﻓﺔ ،ﻓﻬو ﻳﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟوﻫم و اﻟﺣﻠم.
-1د ،عبد الواحد لؤلؤة ،موسوعة المصطلح النقدي ،المؤسسة العربية للموسوعات و النشر ،بيروت ص 16
-2نوال زين الدين ،االمعقول و الزمان المطلق في مسرح توفيق الحكيم ،الھيئة المصريسة العامة للكتاب ،
مصر،دط،1999،ص13
11
مفاھيم أولية مدخل:
اﺻطﻼﺣﺎ:
وﻟﻔظﺔ اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ﻋرﻓﻬﺎ اﻟﻔرﻧﺳﻳون ﻣﻧذ ﺑداﻳﺔ اﻟرﺑﻊ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﻳن ﻋﻧدﻣﺎ اﺗﺟﻬت
ﺑﻌض اﻟﻔﻠﺳﻔﺎت إﻟﻰ ﻣﻬﺎﺟﻣﺔ اﻟﺣﺿﺎرة اﻟروﻣﺎﻧﺗﻳﻛﻳﺔ وﺗﻳﺎر اﻟﺣرﻛﺔ اﻟوﺿﻌﻳﺔ و ﻛﺎن ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ
ﺻراع ﺣﺎﻓﻝ ﺑﺎﻷﺣداث،ﻓﺎﻟﻣﺎدة ﺗرﻳد أن ﺗﺳﻳطر و ﺗﺳود ﻟﻛن اﻟروح ﺗﻌﺎرض و ﺗﺛور ،وﻣﺎ إن
15
ﺣﻠت ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر وﺑداﻳﺔ اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﻳن ﺣﺗﻰ ﺑﻠﻎ اﺧﺗﻼﻝ اﻟﺗوازن أﺷدﻩ
ﻧﻔﻬم ﻣن ﻫذا أن ﺗﻳﺎر اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ﺟﺎء ﻛرد ﻓﻌﻝ ﻟﻠﺗﻳﺎر اﻟروﻣﺎﻧﺳﻲ واﻟﺣرﻛﺔ اﻟوﺿﻌﻳﺔ أﻣﺎ اﻷوﻝ
ﻳﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟروح اﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ واﻟﺛﺎﻧﻲ ﻳﺳﺗﻧد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺎدة.
ﻛﻣﺎ ﻳﻌﺑر ﻫذا اﻟﻣذﻫب -اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ـ ﻋن اﻟﺳﺧرﻳﺔ اﻟﻣرﻳرة اﻟﺗﻲ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﻣﻧطق
اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺗﻘﻠﻳدي وﻋدم اﻟﺛﻘﺔ ﺑﻪ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﻧﻪ ﻳﻘوم ﺑﺗﺻوﻳر اﻟﺗﻣزق اﻟروﺣﻲ اﻟذي أﺻﺎب
16
اﻟذات اﻟﺗﻲ اﺻطدﻣت ﺑﻬذا اﻟﻣﻧطق
وﻫذا ﻣﺎ ﻋﻧﻳﻧﺎﻩ ﺑﻘوﻟﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ أن ﺗﻳﺎر اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ﻳﻬﺗم ﺑﺎﻟروح اﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ واﻟﻧﻔس اﻟﺑﺷرﻳﺔ ﻣن
ﺧﻼﻝ ﺗﺻوﻳر اﻵﻻم واﻟﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﺗﻲ ﻳﺻﺎدﻓﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن أﺛﻧﺎء ﻣواﻗف ﻣﻌﻳﻧﺔ أو اﻟواﻗﻊ اﻟذي
ﻳﻌﻳﺷوﻧﻪ.
-1نوال زين الدين ، ،الالمعقول و الزمن المطلق في مسرح توفيق الحكيم ،ص.14
-2د.عز الدين إسماعيل ،األدب و فنونه ،ص 37بتصريف.
12
مفاھيم أولية مدخل:
ﻓﻘد اﻟﻧﺎس ﺛﻘﺗﻬم ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻝ )اﻟﻛﻼﺳﻳﻛﻳﺔ( ﻛﻣﺎ ﻓﻘدوﻫﺎ ﻣن ﺑﻌد ﻓﻲ اﻟﻌﺎطﻔﺔ )اﻟروﻣﺎﻧﺗﻳﻛﻳﺔ( وراﺣوا
ﺑﻌد ذﻟك ﻳﺑﺣﺛون ﻋن أﺳﻠوب ﺟدﻳد ﻹدراك اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ وﻗد ظﻬرت ﻧﺗﻳﺟﺔ ﻟذﻟك ﻣدارس ﻛﺛﻳرة
ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ وﻣﺗﻌﺎرﺿﺔ وﻟﻛن ﻧﺳﺗطﻳﻊ أن ﻧﻠﻣﺢ ﻋﺎﻣﻼ واﺣدا ﻳﻛﻣن وراءﻫﺎ و ﻳوﺟﻬﻬﺎ ﻫو
)اﻟﻼﺷﻌور( ﻓﺎﻟروح اﻟﻌﺎم ﻟذﻟك اﻟﻌﺻر ﻫو اﻟﺑﻌد ﻋن اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ واﻟﻔرار ﻣﻧﻪ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟم
اﻟداﺧﻠﻲ،واﻷدﻳب ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻳﺗرك ذاﻛرﺗﻪ )اﻟﻼﺷﻌورﻳﺔ( ﺗﻌﻣﻝ وﺗﺳﺟﻝ أﻓﻛﺎرﻫﺎ اﻟﻐرﺑﻳﺔ،وﻫو
ﺑذﻟك ﻳﺣﺎوﻝ ﻧوﻋﺎ ﻣن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ اﻵﻟﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺗرب ﺑدرﺟﺔ ﺗﺧﺗﻠف ﻗﻠﻪ وﻛﺛرة ﻣن ﻋﻣﻝ اﻟﻼﺷﻌور
17
ﻋﻧدﻩ،أو ﻳﻣﺛﻝ ذاﻟك اﻟﻌﻣﻝ ﻋن طرﻳق ﺗداﻋﻲ اﻷﻓﻛﺎر.
ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﻳﺗﺑﻠور ﻓﻲ وﺿوح اﻟﻣذﻫب )اﻟﺳرﻳﺎﻟﻲ( ﻓﺎﻟﺳرﻳﺎﻟﻳﺔ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ آﻟﻳﺔ ﻧﻔﺳﻳﺔ ﺻرف
ﺗﻬدف إﻟﻰ اﻟﺗﻌﺑﻳر ﻋن اﻟﻌﻣﻝ اﻟﺣﻘﻳﻘﻲ ﻟﻼﺷﻌور ﻓﻬﻲ إﻋﻼء اﻟﻼﺷﻌور دون وﺟود أي رﻗﺎﺑﺔ
18
ﻟﻠﻌﻘﻝ وﺑﻌﻳدا ﻋن ﻛﻝ اﻫﺗﻣﺎم ﻓﻧﻲ أو أﺧﻼﻗﻲ.
وﻳﻣﻛن ﻧﻠﻣس ﺧﻳوط اﻻﺗﺟﺎﻩ إﻟﻰ اﻟﻼﺷﻌور ﺑﺗﺄﺳﻳس اﻟﻣذﻫب"اﻟدادي" dadismﻋﻠﻰ ﻳد ﺗﺳﺎ از
19
وﻫو ﻛﺎﺗب ﻓرﻧﺳﻲ ﻋن أﺻﻝ ﻳوﻧﺎﻧﻲ ﻓﻲ زﻳورخ ﺳﻧﺔ . 1916
ٕواﻟﻰ ﺟﺎﻧب ذﻟك ﻳﻧﺑﻐﻲ اﻋﺗﺑﺎر اﻟوﺟودﻳﺔ وﻫﻲ ﻋن أوﺿﺢ اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﻔﻛرﻳﺔ اﻟﺣدﻳﺛﺔ اﻟﺗﻲ
أﺛرت ﻓﻲ اﻷدب ﺑﻣظﺎﻫرﻫﺎ اﻟﻣﺳرح اﻟﺻوﻓﻲ اﻟﻣﺗﻣﺛﻝ ﻓﻲ ﻣؤﻟﻔﺎت "ﺗﻳﻝ ﻛﺣورد" اﻟداﻧﻣﺎرﻛﻲ و "
ﺟﺎﺑﻳرﺑﻳﻝ" اﻟﻔرﻧﺳﻲ واﻟﻣظﻬر اﻵﺧر اﻹﻟﺣﺎدي ﻋﻧد "ﺟﺎن ﺑوﻝ ﺳﺎرﺗر" و "أﻟﺳﻳرﻛﺎﻣو"و"ﺟﺎن
20
أﻧوي" ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ و"ﻫﺎﻳدﺟر" و "ﻳﺳﺑرون" ﻓﻲ أﻟﻣﺎﻧﻳﺎ،ﺗﻣﺛﻝ ﻧظرﻳﺔ اﻟﻔردﻳﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ
-1عزالدين إسماعيل ،األدب و فنونه ،دار الفكر الغربي ،القاھرة ،ط2002 ،1م ص 33 . 32
-2المرجع نفسه ،ص 33
-3المرجع نفسه ،ص 33
-4المرجع نفسه ،ص 36 . 35
13
مفاھيم أولية مدخل:
ﻗد أﻋطت ظروف اﻟﺣرب ﻓﻲ ﺑﻠد ﻣﺛﻝ ﻓرﻧﺳﺎ ﺗﺣت اﻻﺣﺗﻼﻝ اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ أﻋطت ﻣﻌﻧﻰ ﺟدﻳد ،
اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻻﺧﺗﻳﺎر ﻫذﻩ ﻓﺎﻟﺣرﺑﺎن اﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺗﺎن و اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺳﻳﺋﺔ ﻟﻠﺛورة ،ﻗد ﺗرﻛت اﻟﺛﻘﺗﻳن ﻋن
اﻟﻧﺎس ﻓﻲ اﻟﻐرب ﻓﻲ ﺷك إزاء اﷲ و اﻟﺗﻘدم و اﻟﺗطور و اﻟدﻳﻣﻘراطﻳﺔ ،و ﻓﻲ ﺣﺎﻻت اﻷﻣم
اﻟﻣﺣﺗﻠﺔ ﻛﺎن اﻟﺗﻘﻬﻘر إﻟﻲ ﻫدوء اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ ﻓﻲ ذاﺗﻪ اﺧﺗﻳﺎ ار أي ﺗﻌﺎوﻧﺎ ﻫﺎدئ ﻣﻊ اﻟﻐزاة،
وﻗد ﻛﺎن اﻟﺗﻣرد ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟﻣوت أو اﻟﺗﻌذﻳب أو ﻋﻠﻲ اﻷﻗﻝ ﺣﻳﺎة اﻟﻘﻠق و اﻟﺧطر و ﻛﺎن ﻟﻬذا أﺛرﻩ
21
ﻓﻲ اﻧﻬﻳﺎر ﻛﺛﻳر ﻣن اﻟﻘﻳم .
ﻓﺎﻟوﺟودﻳﺔ أﻛﺛر ﻣن ﻓﻛرة ﻋﻘﻠﻳﺔ ،أﻧﻬﺎ ﻓﻠﺳﻔﺔ وﻟدت ﻧﺗﻳﺟﺔ ﻟﻠﻘﻠق ﻓﻲ ﻋﺻرﻧﺎ و اﻟﻔراغ اﻟذي
ﻳرﺟﻊ إﻟﻰ ﺿﻳﺎع ﻋﻘﺎﺋدﻧﺎ و ﺗﺑﻌﺛرﻫﺎ .
وﻣﺎ ﻳزاﻝ اﻟﻘﻠق و اﻟﺧوف ﻳﻘﻳم ﻋﻠﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﺑﻌد اﻟﻣﺣن اﻟﻘﺎﺳﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻣر ﺑﻬﺎ ،ﻓﻠﻳس اﻟﺣﻳﺎة ﻣﺎ
ﻳطﻣﺋن ﻛﺛﻳ ار ،إذا ﻛﺎن ﻣﺎ ﻳرﺟﻲ ﻣﻧﻪ اﻟﻧﻔﻊ ﻓﻳﻬﺎ ﻗد ﻳﻧﻘﻠب ﺑﻳن ﻋﺷﻳﺔ و ﺿﺣﺎﻫﺎ أداة ﻟﻠﺗﺧرﻳب
،وﺗﺻﺑﺢ اﻟﺳؤاﻝ ﻋﻣﺎ ﻳﺣب اﻟﺣﺻوﻝ ﻟذﻛﺎﺋﻬﺎ اﻟﺧﺎص ،وﻗد أﺻﺑﺢ اﻟﺳؤﻝ ﻋﻣﺎ ﻳﺟب
اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻳﻪ ﺣﺗﻰ ﻧﺄﻣن ﻣن اﻟﺧوف أﻫم اﻟدواﻓﻊ ﻓﻲ اﻟﺣﻳﺎة ،وﻟﻛن ﻣن ﻫﻧﺎ ﻳﻘ أر اﻟﻘﺻﺔ
اﻟﻳوم ﻟﻳﺗﺳﻠﻲ ﻣن ذا اﻟذي ﻳﻛﺗب و ﻫدﻓﻪ اﻷوﻝ اﻹﻣﺗﺎع ? إن اﻟﻛﺎﺗب و اﻟﻘﺎرئ اﻟﻳوم ﻛﻼﻫﻣﺎ
ﻣﺗﺷﺑﻊ ﺑﺎﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة و ﻫﻲ ﺷﻌورﻧﺎ اﻟﻘوي ﺑﻌدم اﻻطﻣﺋﻧﺎن ،ﻓﺎن روح ﻫذا اﻟﻌﺻر و
ﺳﻣﺎﺗﻪ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻣﺣرﻛﺔ ﻫﻲ ﻓﻘدان اﻟﺗوازن ،و اﻟﺗﺣﻠﻳﻝ و اﻟﻘﻠق و اﻟﺗﺧﺑط و رﺑﻣﺎ ﻛﺎن أﺧر
ﻣذﻫب أدﺑﻲ طﻠﻊ ﻋﻠﻳﻧﺎ ﻣن اﻟﻐرب و اﺣدث ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﻛﻠﻪ ﺿﺟﺔ ﺣوﻟﻪ ﻫو ﻣذﻫب اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ
،dbsurdوﻗد داع ﺻﻳت ﻫذﻩ اﻷﺧﻳرة ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ و ﻳﻌﺗﺑر ﻫذا اﻟﻣذﻫب ﻋن اﻟﺳﺧرﻳﺔ اﻟﻣرﻳرة
ﻣن ﻣﻧطق اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺗﻘﻠﻳدي و ﻋدم اﻟﺛﻘﺔ ﻓﻳﻪ ﻛﻣﺎ ﻳﺻور اﻟﺗﻣزق اﻟروﺣﻲ اﻟذي أﺻﺎب اﻟذات
22
"
ﻟﻘد ﺣﻘﻘت اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﺷﻬرﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺧﻣﺳﻳﻧﻳﺎت ﻋن ﻫذا اﻟﻘرن إﻻ أن إرﻫﺎﺻﺎﺗﻬﺎ اﻷوﻟﻲ ﻛﺎﻧت
23
ﺿﺎرﺑﺔ ﻓﻲ ذﻟك ﺑﻛﺛﻳر .
ﻳﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺣرﻛﺔ اﻟدادﻳﺔ أوﻝ ﺣرﻛﺔ ﻣﻧﺿﻣﺔ ﻟﻬﺎ وﺟﻬﺔ ﻧظر ﻋﺑﺛﻳﺔ و ﻳﻼﺣظ أن اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻗد
اﺳﺗﻌﺎرت اﻟﻌدﻳد ﻣن ﺗﻘﻧﻳﺎت اﻟﺳرﻳﺎﻟﻳﺔ رﻏم أن اﻟﺣرﻛﺗﻳن اﻟدادﻳﺔ و اﻟﺳرﻳﺎﻟﻳﺔ ﻟم ﺗﻘدﻣﺎ ﻋرﺿﺎ
24
دراﻣﻳﺎ ﺣﻘﻳﻘﻳﺎ .
ﻓﻬﻧﺎك ﻣن اﻟﻧﻘﺎد ﻣن ﻳري أن اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻗد اﺳﺗﻌﺎرت ﺑﻌض اﻟﺗﻘﻧﻳﺎت ﻣن ﺗﻳﺎرات ﺣدﻳﺛﺔ ﻛﺎﻟدادﻳﺔ و
اﻟﺳرﻳﺎﻟﻳﺔ ،أﻣﺎ اﻟدادﻳﺔ ﻫﻲ ﺣرﻛﺔ ﻓﻧﻳﺔ ﻧﺷﺄت ﻓﻲ أﻋﻘﺎب اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ اﻷوﻟﻲ و ﺗﻬدف إﻟﻲ
ﺗﺧرﻳب اﻟﻘﻳم و اﻟﺟﻣﺎﻟﻳﺎت و اﻟﺳﺧرﻳﺔ ﻣن اﻟﻔن ذاﺗﻪ و ﻋرض ﻛﻝ ﻣﺎ ﻫو ﻏﺎﺋب و ﻏﻳر ﻣﻌﻘوﻝ
،ﻓﻬﻲ ﺣرﻛﺔ ذات ﻣوﻗف ﻋدﻣﻲ ،أﻣﺎ اﻟﺳرﻳﺎﻟﻳﺔ ﻓﻬﻲ ﺣرﻛﺔ ﻗﺎﻣت ﺑﻌد اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ اﻷوﻟﻲ
و ﻓﻲ ﻛﻠﻣﺔ ﺗﻌﻧﻲ ﻣﺎ ﻓوق اﻟواﻗﻊ ،آو ﻣﺎ وراء اﻟطﺑﻳﻌﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ ،و ﻗﺎﻣت ﻫذﻩ اﻟﺣرﻛﺔ ﻋﻠﻲ
ﻗﺎﻋدة اﻟﺗﺣﻠﻝ ﻋن اﻟﺣﻳﺎة اﻟواﻋﻳﺔ و اﻟﺗﺣرر ﻋن ﺳﻠطﺎن اﻟﻌﻘﻝ و اﻋﺗﻣﺎد اﻟﻼﺷﻌور و اﻟﻼوﻋﻲ
و ﻟﻔظﺔ اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ﻋرﻓﻬﺎ اﻟﻔرﻧﺳﻳون ﻣﻧذ ﺑداﻳﺔ اﻟرﺑﻊ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﻳن ﻋﻧدﻣﺎ اﺗﺟﻬت
ﺑﻌض اﻟﻔﻠﺳﻔﺎت إﻟﻲ ﻣﻬﺎﺟﻣﺔ اﻟﺣﺿﺎرة اﻟروﻣﻧﺗﻛﻳﺔ وﺗﻳﺎر اﻟﺣرﻛﺔ اﻟوﺿﻌﻳﺔ وﻛﺎن ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ ﺻراع
ﺣﺎﻓﻝ ﺑﺎﻷﺣداث ﻓﺎﻟﻣﺎدة ﺗرﻳد أن ﺗﺳﻳطر و ﺗﺳود ،ﻟﻛن اﻟروح ﺗﻌﺎرض و ﺗﺛور وﻣﺎ أن ﺣﻠت
25
ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر و ﺑداﻳﺔ اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﻳن ﺣﺗﻰ ﺑﻠﻎ اﺧﺗﻼﻝ اﻟﺗوازن أﺷدﻩ .
و ﺑﻬذا اﻧﺷﺄ اﻟﻌﺑث ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﻓﻲ اﻟﺑداﻳﺔ ﺛم اﻧﺗﺷر إﻟﻲ ﻣﻌظم أرﺟﺎء اﻟﻌﺎﻟم اﻧﺑﺛق ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ
ﻛرد ﻓﻌﻝ ﻋن اﻟﻌﻘﻼﻧﻳﺔ اﻟﺗﻲ أوﻗﻌت اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﻛﺛﻳر ﻣن اﻟﺣروب و ﺣوﻟﺗﻪ إﻟﻲ ﺑﻳﺎﻧﺎت و
أرﻗﺎم و ﻋﻠﺑﺗﻪ ﻓﻲ إطﺎر ﻣﺎ ﻫو ﻣﺎدي ،ﺣﻳث ﻳﺻور ﺗﻳﺎر اﻟﻌﺑث و اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺗﺎﺋﻪ
-1شكري عبد الوھاب ،تاريخ و تطور العمارة المسرحية حورس الدولة ،اإلسكندرية ،بط ،2007 ،ص 680
-2المرجع نفسه ،ص 680
-3نوال زين الدين ،الالمعقول و الزمن المطلق في مسرح توفيق الحكيم ،الھيئة المصرية العامة للكتاب ،مصر ،د ط
،1998 ،مص 14
15
مفاھيم أولية مدخل:
اﻟذي ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻔراغ اﻟروﺣﻲ و ﻳﻔﻘد اﻻﺳﺗﻘرار اﻟﻧﻔﺳﻲ و ﻳﺟد ﻧﻔﺳﻪ داﺋﻣﺎ ﻳﺳﺎﻝ ﻋن ﻫدف و
ﻣﻐزى وﺟودﻩ.
وﻗد ﻛﺎﻧت اروﻳﺎ ﺗﻌﻳش ﻫذﻩ اﻷزﻣﺔ ﺑﻌد اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ اﻟﺛﺎﻧﻳﺔ ﻓﻲ أرﺑﻌﻳﻧﺎت اﻟﻘرن ﺣﻳث روج
اﻟوﺟودﻳون ﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻧﻛﺳﺔ ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﺑﻌد أن ﺿﺎﻋت ﻛﻝ ﻣﻘدﺳﺎﺗﻬﺎ و ﻟم ﻧﻌد ﻧرى أﺻﻼ ﻓﻲ
اﻟﻣﺻﻳر و ﻻ ﺷﻳﺎ ﻓﻲ اﻟرﻓق اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﺳوي اﻟﻌﺑث وﻛﺎﻧت ﻗﺿﻳﺔ اﻟوﺟود و اﻟﻣﺎﻫﻳﺔ أو
اﻟطﺑﻳﻌﺔ اﻟﻧﺎﻗﺻﺔ و اﻟطﺑﻳﻌﺔ اﻟﻣﻛﺗﻣﻠﺔ ﺛم اﻟﻣﺳﺎﻓﺔ اﻟﺗﻲ ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ ،و اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺑب اﻟﺗوﺗر أو اﻟﻘﻠق
اﻟوﺟودي ﻛﺎن ذﻟك ﻣﺎدة ﺧﺻﺑﺔ ﻟﻸدﺑﺎء اﺑﺗداء ﻣن "ﺳﺎرﺗر" و "ﺳوﻳون دوي ﺑﻣﻐوار"إﻟﻲ اﺻﻐر
26
ﺑﺎدئ ﻳﺟد ﻟذة ﻓﻲ أن ﻳﻘوﻝ اﻧﻪ ﻣن إﺗﺑﺎع اﻟﻌﺑث أو اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ.
-ﻳري ﻳوﻧﺳﻛو زﻋﻳم اﻟﻌﺑث أن اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺟﺗﻣﻊ و ﻟﻳس اﻷدب و أن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ
اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ﻫو اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟذي ﻳﺷﻌر ﻓﻳﻪ اﻟﻔرد ﺑﺎﻟﺿﻳﺎع ﻟﻌدة أﺳﺑﺎب :
-2إﺣﺳﺎس ﺣﺎد ﺑﻣرور اﻟزﻣن ،أو اﻹدراك ﺑﺄن اﻟزﻣن ﻗوة ﺗدﻣﻳر.
-3إﺣﺳﺎس ﻳﻛون اﻟﻣرء ﻣﺗروﻛﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﻏرﻳب و ﻳرى اﻟﺳﻳرﻛﺎﻣﻲ أن اﻟﻌﺎﻟم اﻟذي ﻳﻣﻛن أن
ﻳﻔﺳر وﻟو ﺑﺄﺳﺑﺎب ردﻳﺋﺔ ﻫو ﻋﺎﻟم ﻣﺄﻟوف ،وﻟﻛن اﻹﻧﺳﺎن ﻳﺷﻌر ﺑﻧﻔﺳﻪ ﻏرﻳﺑﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻟم أزﻳﺣت
ﻣﻧﻪ اﻷوﻫﺎم و اﻟﺑﺻﻳرة ﻋﻠﻲ ﺣﻳن ﻏرة ﻳﺻﻝ ﻫذا اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻻﻏﺗراب ﻓﻲ اﺷد ﺣﺎﻻﺗﻪ إﻟﻰ درﺟﺔ
اﻟﻐﺛﻳﺎن ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺻﺑﺢ اﻷﺷﻳﺎء اﻟﻣﺄﻟوﻓﺔ اﻟﻣدﺣﺑﺔ ﻋﺎدة ﻛﺎﻟﺻﺧر أو اﻟﺷﺟرة ﻣﻧزوﻋﺔ ﻛذﻟك ﻣن
ﺻﻔﺎﺗﻬﺎ اﻟﻣﺄﻟوﻓﺔ.
-1عبد الواحد لؤلؤة ،موسوعة المصطلح النقدي ،المؤسسة العربية لدراسات و النشر ،بيروت ،ص 73. 72
16
اﻟﻔﺻﻝ اﻷوﻝ
ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺎت
أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣو
-1اﻟﻣﺑﺣث اﻷوﻝ :ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ اﻟطﺎﻋون
ﺗﻌﺗﺑر رواﻳﺔ اﻟطﺎﻋون ﻣن أﺿﺧم اﻷﻋﻣﺎﻝ اﻷدﺑﻳﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﻳﺔ اﻟﺗﻲ أﻟﻔﻬﺎ أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣو ﺣﻳث
اﻣﺗﺎزت ﺑﺑﺳﺎطﺔ أﺳﻠوﺑﻬﺎ ووﺿوح أﻓﻛﺎرﻫﺎ واﻋﻝ اﺧﺗﻳﺎر ﻛﺎﻣو "اﻟطﺎﻋون" ﻋﻧواﻧﺎ ﻟرواﻳﺗﻪ ﻫو
ﻧﺗﺎج ﻣﻌﺎﺻرﺗﻪ ﺣﻘﺑﺔ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر اﻟﻧﺎزي ﻟﻔرﻧﺳﺎ وﺷﻘﺎﺋﻪ ﺑﻳن اﻟﻣرض واﻟﻣﻧﻔﻰ،ﻓﺎﻟطﺎﻋون ﻫو
اﻟرﻋب و اﻟﻣوت واﻟﺷﻘﺎء و اﻟﻣرض.
ﺗﺑدأ أﺣداث اﻟرواﻳﺔ ﺑﺎﻧدﻻع اﻟﺣروب و ﻣوت اﻵﻻف ﻣن اﻟﺑﺷر ﻓﻧزﻝ اﻟطﺎﻋون ﻓﻲ اﻟﺑﻠد و
ﻣﺎت ﺑﻌﺿﻬم و اﻟﺑﻌض اﻵﺧر اﺳﺗﺳﻠم ﻟﻠﻘدر واﻟﻣوت اﻟﻣﺣﺗوم 1.وﻣن ﺑﻳن ﻫؤﻻء ﻫﻧﺎك رﺟﻝ
أﺑﻰ أن ﻳﺳﺗﺳﻠم ﻟﻠﻘدر وراح ﻳﺗﺳﺎءﻝ ﻋن وﺟودﻩ اﻟﺗﻌﻳس و ﻣﺳﺗﻘﺑﻠﻪ اﻟﻐﺎﻣض ﻓﻬو ﻻ ﻳﻔﻛر ﻣﺛﻝ
ﻏﻳرﻩ و أﺻﺑﺢ ﻳﺣﻣﻝ أﻓﻛﺎر ﻏرﻳﺑﺔ.
إن إدراك ﻋﺑﺛﻳﺔ اﻟوﺟود ﻳﺳﺗﻠزم ﺗﻣرد اﻹﻧﺳﺎن ،ﺛم ﻳﺗﺣوﻝ ﻫذا اﻟﺗﻣرد اﻟﻔردي إﻟﻰ ﺗﻣرد ﺷﺎﻣﻝ
ﺣﻳث ﻳؤﻛد ﻛﺎﻣو ذﻟك ﺑﻘوﻟﻪ"إن اﻟطﺎﻋون ﺑدون أي ﻣﻼﺑﺳﺎت ﻫو اﻧﺗﻘﺎﻝ ﻣن ﻣرﺣﻠﺔ اﻧﻔرادﻳﺔ
إﻟﻰ اﻻﻋﺗراف ﻳﺗﺣﺎﻟف ﺑﻳن اﻟﻧﺎس ﻳﺷﺗرﻛون ﺑﻪ ﻓﻲ ﻣﻘﺎوﻣﺗﻬم 2وﻛﻲ ﻳوﺿﺢ ﻫذا اﻟﺗطور اﺧﺗﻳﺎر
اﻟطﺎﻋون ﻋﻧواﻧﺎ ﻟرواﻳﺗﻪ ﻟﻣﺎ ﺗﻌﻣﻠﻪ ﻣن وﺑﺎء ﻳﻌم اﻟﻣدﻳﻧﺔ ﺛم ﻳﺗﻼﺷﻰ ﻟﻳﻧﺗﻬﻲ ﺑﺎﻹﺗﺣﺎد و اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ
ﻳﻘوﻝ "إن اﻟطﺎﻋون ﻳﻛﺷف ﻋن اﺗﻔﺎق ﻋﻣﻳق ﺑﻳن وﺟﻬﺎت اﻟﻧظر اﻟﻔردﻳﺔ
-1عبد القادر توازن ،الشعور باالغتراب عند أبي عالء المعري و البير كامي ،أطروحة الدكتوراه 2006. 2005 ،ص
176بتصريف.
-2المرجع نفسه ،ص ،177بتصريف.
18
مظاھر العبث في روايات ألبير كامو الفصل األول:
1
ﺗﺟﺎﻩ ﻋﺑث واﺣد"ﻟﻳﺷﻳر أن اﻟﻌﺑث ﻫو ﺣﻘﻳﻘﺔ واﺣدة ﻳدرﻛﻬﺎ اﻟﺟﻣﻳﻊ
اﻟرواﻳﺔ ﻣﺗﻠﺑس ﺑﺎﻟﺗﺻدي اﻟﻣﻔﻌم ﺑﺎﻷﻣﻝ إﻧﻪ اﻟﺗﺣدي اﻟﺻﺎﻏﻲ ﻟﺻرﺧﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻣن أﻋﻣﺎﻗﻪ
اﻟراﻓﺿﺔ ﻟﻠﻣوت اﻟطﻣوح إﻟﻰ اﻟﺧﻼص ﻟﻬذا ﻳﻔﺿﻝ "رﻳو" اﻟدﻓﺎع ﻋن اﻹﻧﺳﺎن ﻟذﻟك ﻋﻧدﻣﺎ ﺳﺄﻟﻪ
"ﺗﺎرو" ﺿد ﻣن ˁﻳﺟﻳﺑﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﻌرف ﻫذا اﻟﻌدو وأوﻝ ﺷﺊ ﻳﻘوم ﺑﻪ رﺟﺎﻝ ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟطﺎﻋون ﻫو
2
اﻟﺗﺣدي و إن ﻛﺎن ﻏﻳر ﻣﺟد
3
وﻟﻬذا ﻛﺎن اﻟﺻﻣت اﻧﺗﺎب اﻟطﺑﻳب اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﺧوف و اﻷﻟم اﻟﻣﺻﺎﺣب ﻟﻪ ﻛﻼﻫﻣﺎ ﺻﺎﻣﺗﻳن
أﺣﺳن ﺗﻌﺑﻳر ﻋن آﻻم اﻹﻧﺳﺎن ،ﻷن اﻟﺻﻣت وﺟﻪ ﻣن وﺟوﻩ اﻟﻼﻣﺑﺎﻻة ﻓﻳﻔﺻﻝ ﻛﻝ ﻣﻧﻬم أن
ﻳﺿﻝ ﺻﺎﻣﺗﺎ رﺑﻣﺎ ﻷن ﺷﻛوى اﻷﻟم ﻻ ﺗﻔﻳد ،وﺟﻌﻠوا ﻣن اﻟﺗﻌود ﻋﻠﻰ ﺗﻠك اﻟﺣﻳﺎة ﻣﻠﺟﺄ ﻟﺧوﻓﻬم
اﻟداﺋم و إﻧﺗﺿﺎ رﻫم ﻟﻠﻣوت ﻣﺛﻝ ذﻟك اﻟﺷﻳﺦ اﻟﻌﺟوز اﻟذي ﻳﻘﺿﻲ ﺣﻳﺎﺗﻪ ﻣﻧﺗظر ﻣوﺗﻪ و ﻫو
ﻳﻧﻘﻝ ﺣﺑﺎت اﻟﺑﺎزﻻء ﻣن اﻹﻧﺎء اﻷوﻝ إﻟﻰ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻟﻳﻣﻸ ﺑﻬﺎ ﻓراغ ﺣﻳﺎﺗﻪ أو ذﻟك اﻟذي ﺗﻌود أن
4
ﻳﺑﺻق ﻣن اﻟﺷرﻓﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘطط اﻟﺗﻲ ﺗﻌودت ﻫﻲ اﻷﺧرى أن ﺗﺗﺟﻣﻊ ﺗﺣت اﻟﺷرﻓﺔ
-1عبد القادر توزان ،الشعور باالغتراب عند ابي عالء المعري و البير كامي ،ص 178بتصريف
-2المرجع نفسه ،ص 179بتصريف
-3المرجع نفسه ،ص 180بتصريف
-4المرجع نفسه ،ص 181بتصريف
19
مظاھر العبث في روايات ألبير كامو الفصل األول:
أﻣﺎ ﻣوﻗﻔﻪ ﻣن اﻟدﻳﺎﻧﺔ ﺗﺗﺟﻠﻰ ﻣن ﺧﻼﻝ ﺗﻌﺎرض ﺧطب اﻷب "ﺑﺎﻧﻠو" ﻣﻊ ﺣﻘﻳﻘﺔ اﻟطﻔﻝ اﻟذي
ﻣﺎت ﺑﻌد اﻟطﺎﻋون اﻟذي ﻓﺳرﻫﺎ ﺑﺄن اﻟطﺎﻋون ﻫو ﺟزء ﻣن ذﻧوب أﻗﺗرﻓﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن ﺣﻳث ﻳدﻋو
إﻟﻰ ﺗﻘﺑﻝ طﺎﻋون ﻳﻔﺗك ﺑﺎﻷﺑرﻳﺎء ﺑدون أي ﺗﺑرﻳر ﻣن اﻹﻟﻪ وﻫو ﻣوﻗف ﻣﺗﻌﺎرض ﻣﻊ ﻓﻠﺳﻔﺔ
اﻟﺗﻣرد اﻟداﻋﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻣﺳﺗﻣرة ﻓﻲ ﺗﻌد ﻟﻬذا اﻟﻘدر ،1اﻟذي ﻻ ﻳﻘﻬر ،وﻳﺗﺳم ﻫذا
اﻟﺗﺣدي ﺑﺎﻷﻣﻝ رﻏم إﺳﺗﻌﺎﺑﻬم ﻟﺧطورة اﻟوﺿﻊ اﻟﻣﺗﻣﺛﻝ ﻓﻲ وﺑﺎء اﻟطﺎﻋون وﻫذا اﻷﺧﻳر ﻫو
ﺣﺗﻣﻳﺔ اﻟﻣوت ،واﻟطﺎﻋون اﻟﻣﺟﺳد ﻟﻬذﻩ اﻟﻣدرﻋﺎت اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻳﻔرض وﺟود أﺑطﺎﻝ ﻳﺗﻌﻠم اﻹﻧﺳﺎن
ﻣﻧﻬم ﻛﻳﻔﻳﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺗﻣرد اﻟذي ﻫو ﺑدورﻩ ﺟﻣﻠﺔ ﻣن ﺗﺻرﻓﺎت اﻹﻧﺳﺎن اﻟداﺧﻠﺔ ﻓﻳﻣﺎ ﻫو واﺟب
ﻋﻠﻳﻪ ﻓﻌﻠﻪ ﻛذﻟك ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﻧﻬزم اﻟطﺎﻋون ﺑﻬزﻳﻣﺔ اﻹﺗﺣﺎد واﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ وﻟﻳس ﺑﺎﺳﺗطﺎﻋﺔ ﻛﻝ اﻟﺑﺷر
رﻏم ﺗﻣزﻗﻬم اﻟﻧﻔﺳﻲ أن ﻳﻛوون ﻗدﻳﺳﻳن وﻟﻛﻧﻬم ﻳرﻓﺿﻬم اﻟﻣﺻﺎﺋب وﻳﺟﻬدون أﻧﻔﺳﻬم ﻋﻠﻰ أن
ﻳﻛوون أطﺑﺎء،و أوﻝ ﻧﺷﺊ ﻳﻘوم ﺑﻪ اﻟﺗﻣرد ﻫو ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺷر ﺑﻛﻝ ﻣﺎ ﻳﺣﻣﻠﻪ ﻣن ﻣﻌﺎﻧﻲ و
أﺷﻛﺎﻝ،و إﺑطﺎﻝ اﻟطﺎﻋون ﻫم أطﺑﺎء ﻳطﻣﻌون ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻧﺎس وﺧﻼﺻﻬم ﻣن ﻫذا اﻟوﺑﺎء.
-1عبد القادر توزال ،الشعور باالغتراب عند ابي العالء المعري و البيركامي ،ص 182بتصرف.
20
مظاھر العبث في روايات ألبير كامو الفصل األول:
ﻣن ﻫﻧﺎ ﻛﺎﻧت ﻓﻠﺳﻔﺔ ﻛﺎﻣو ﺗﻧطق ﻣن اﻹﺣﺳﺎس ﺑﺎﻷﻟم ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻷرض اﻟذي ﻳﺳﺗﻠزم ﻣﻘﺎوﻣﺔ
ﻣﻠﻣوﺳﺔ ﺑﻌﻳدة ﻋن ﻛﻝ اﻋﺗﻣﺎد ﻏﻳﺑﻲ ،واﻟطﺎﻋون ﻋدو اﻹﻧﺳﺎن واﻟﻣﺟﺳد ﻷﻟﻣﻪ ﺑﺄﺷﻛﺎﻟﻪ
اﻟﻣﺗﻌددة وﻣن واﺟب اﻟﺑﺷرﻳﺔ أن ﺗﺗﺣد ﻓﻲ اﻟﻛﻔﺎح ﺿدﻩ ﻋﻠﻰ أﻣﻝ ﺧﻼﺻﻬﺎ ﻣن ﺷرورﻩ ﺑﺣﻳث
أن ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺑﺷر ﺗﺟﺎﻫﻪ ﺗﻛون ﻣﺑﻧﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺎطف واﻟﺗﺿﺎﻣن و إذا ﻋﺟز اﻷطﺑﺎء ﻋن
اﻻﻧﺗﺻﺎر ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟطﺎﻋون ظﺎﻫرﻳﺎ ﻓﺈن اﻻﻧﺗﺻﺎر اﻟﺣﻘﻳﻘﻲ ﻳﻛﻣن ﻓﻲ ﺗﺄدﻳﺔ ﻟﻠواﺟب وﺑﻬذﻩ
اﻟﺗﺿﺣﻳﺔ ﻳﺗطور ﻫذا اﻟﺗﻣرد اﻟﻔردي إﻟﻰ ﺗﻣرد ﺟﻣﺎﻋﻲ ﻳﺻﺑﺢ ﻓﻳﻪ ﻣﺻﻳر اﻟﻔرد ﻫو ﻣﺻﻳر
اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻛﻠﻬﺎ وﻳﺻﺑﺢ اﻟطﺎﻋون ﻗﺻﺔ ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻳﺗﻘﺎﺳم ﻓﻳﻬﺎ اﻟﺟﻣﻳﻊ ﻋواطﻔﻬم.
ﻳﻘوﻝ ﺗﺎرو"ﻓﻬﻣت أﻧﺎداك أﻧﻧﻲ ﻣﺎزﻟت ﻣﺻﺎﺑﺎ ﺑﺎﻟطﺎﻋون طﻳﻠﺔ ﻫذﻩ اﻟﺳﻧوات اﻟﻣﺎﺿﻳﺔ اﻟﺗﻲ
-1عبد القادر توزال ،الشعور باالعتزال ،عند ابي العالء المعري ة البير كامي ،ص186
21
مظاھر العبث في روايات ألبير كامو الفصل األول:
ﺣﺎوﻝ ﻛﺎﻣﻲ ﻣن ﺧﻼﻝ رواﻳﺔ اﻟطﺎﻋون ﺗﺑﻳﺎن ﻋﺑﺛﻳﺔ اﻹﻧﺳﺎن وﺑﻌﻳدا ﻋن أي ﺗﺷﺎؤم ،دﻋﺎ
اﻹﻧﺳﺎن إﻟﻲ اﻻﺗﺣﺎد ﻣن اﺟﻝ ﺣرﻳﺗﻪ و ﺳﻌﺎدﺗﻪ ،ورأﻓﺔ ﺑﻪ واﻧﺗﺻﺎر ﻟﻪ ﻋن أﻻﻣﻪ وواﻗﻌﻪ
1
اﻟﺗﻌﻳس ،ﻛﺎﻧت ﻓﻠﺳﻔﺗﻪ اﻟﺗﻣردﻳﺔ ﺻرﺧﺔ ﻓﻲ وﺟﻪ اﻹﻟﻪ ورﻓﺿﺎ ﻣﺻﺣﺣﺎ ﻟﻠدﻳﺎﻧﺔ اﻟﻣﺳﻳﺣﻳﺔ .
وﺗوﺿﺢ ﻛذﻟك ﻣوﻗف ﻛﺎﻣﻲ ﻣن اﻟﻣﺟود اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﻳﺎة وﻋﺑﺛﻳﺔ اﻟرواﻳﺔ ﺗظﻬر ﻓﻲ
ﺣدﻳﺛﻪ ﻋن ﺳﻛﺎن وﻫران اﻟﺗﻲ ﺗﺑدو ﺣﻳﺎﺗﻬم اﻟﺳﻌﻳدة و ان ﻫذﻩ اﻟﻣظﺎﻫر اﻟﺑﺎﺋﺳﺔ و اﻟﻣوﻟدة
ﻟﻠﺷﻌور اﻟﻐرﻳب اﻟذي ﻛﺎن ﻳﻧﺗﺎﺑﻪ ،ﻣﻬدت ﻟظﻬور وﺑﺎء اﻟطﺎﻋون ،وﻳظﻬر اﻟداء اﻟذي ﻫو
اﻟﻣوت و اﻟذي ﻳﻔﺗك ﺑدون رﺣﻣﺔ وﺑدون ﺳﺑب ﺣﻳﺎة اﻟﺟﻣﻳﻊ ،ﻟﻛن ﻛﺎﻣو ﻣن ﺧﻼﻝ ﺑطﻝ
رواﻳﺗﻪ "رﻳو" ﻻ ﻳرﺿﻲ ﺑﺎﻻﺳﺗﺳﻼم ﻟﻘدرﻩ اﻟﻣﺣﺗوم ٕ ،واﻧﻣﺎ ﻳﺧﺗﺎر طرﻳق اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ ﺣﺗﻰ اﻟﻧﻬﺎﻳﺔ
ﺣﺗﻰ و إن ﻋﻠم ﻣﺳﺑﻘﺎ أن ﺟﻣﻳﻊ ﻣرﺿﺎﻩ طرﻳﻘﻬم ﺣﺗﻣﺎ ﻫو اﻟﻬﻼك ٕواذ ﻳﺻﺎرع اﻟﻣوت واﻗﻔﺎ
ﺷﺎﻣﺧﺎ ﺣﺗﻰ اﻟﻧﻬﺎﻳﺔ ،ﻓﻬو ﻻ ﻳﻌﺗﺑر ﻣﻧﺗﺻ ار وﻻ ﻣﻬزوﻣﺎ ﻓﺎﻟﺣﻳﺎة ﻣن ﺧﻼﻝ رواﻳﺔ اﻟطﺎﻋون ﻫﻲ
-1عبد القادر توزال ،الشعور باالغتراب عند ابي عالء المعري و البير كامى ،ص 187
22
مظاھر العبث في روايات ألبير كامو الفصل األول:
ٕواﺑطﺎﻝ رواﻳﺔ اﻟطﺎﻋون وﺑﺎﻷﺧص رﻳو ﻻ ﻳﻌرﻓون اﻟﺗﺧﺎذﻝ وﻻ اﻟﺗراﺟﻊ وﻫم ﻳﻣﺛﻠون اﻟﺻراع ﻣﻊ
اﻟﻘدر .
ﺗظﻬر اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻣن ﺧﻼﻝ ﻧﻔور اﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﻫذا اﻟﻌﺎﻟم ﻧﺗﻳﺟﺔ ﻟﻣﺻﺎﺋﺑﻪ وأوﺑﺋﺔ و ﻗﺳوة اﻹﻟﻪ ،
ﻓﻳﻧﻣو ﻋﻧدﻩ اﻹﺣﺳﺎس ﺑﻬذا اﻟﻌﺎﻟم ﻧﺗﻳﺟﺔ اﻟﺷﻌور و ﺗﺗﻛرر أﺳﺋﻠﺗﻪ ﺣوﻝ ﺟدوﻝ ﻋﻳش وﻗدر
1
اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺻراﻋﻪ اﻷﺑدي ﻣﻊ اﻟﺣﻳﺎة ﺣﺗﻰ اﻟﻣوت.
ﻓﻬذﻩ اﻟرواﻳﺔ ﺗوﺿﺢ ان ﺳﻛﺎن ﻣﻧطﻘﺔ وﻫران ﻟم ﻳﺳﺗﺳﻠﻣوا ﻟذﻟك اﻟوﺑﺎء ﺑﻝ ﻗﺎوﻣوﻩ ﺑﺻﺑرﻫم
وﺷﺟﺎﻋﺗﻬم واﺗﺣﺎدﻫم ﻟﻣواﺟﻬﺔ ﻫذا اﻟﻣرض ﻓﺎن اﻟوﺑﺎء ﺑرﻏم ﻣﺎ ﻓﻳﻪ ﻣن ﻣوت وﻣﺣﺎﻝ ﻗد
ﻛﺷف أﻧﺑﻝ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎن :اﻟطﻳﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﺗطﻝ ﻣن ﻋﻳﻧﻲ اﻷﻟم اﻟﻌﺟوز ،اﻟﻌﺑر اﻟﺻﺎﻣﺔ ﻓﻲ
ﻗﻠب رﻳو ،اﻟﺑراءة ﻓﻲ ﻧﻔس ﻛوﺗﺎﻝ ،اﻟرﻗﺔ و اﻟﺣﻧﺎن ﻓﻲ ﻗﻠوب اﻟﻌﺷﺎق و اﻟﻣﺣﺑﻳن ،اﻷﻣﺎﻧﺔ ،
اﻟرﺟوﻟﺔ ،اﻟﺻﻔﺎء ،اﻟﺻﺑر ،اﻟﺻﻣت ،اﻟﺳﻌﺎدة ،ﺗﻠك ﺑﻌض ﻟﻠﻛﻠﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗردد ﻛﺛﻳ ار ﻓﻲ
2
ﻗﺎﻣوس ﻛﺎﻣﻲ .
ﻧرﺻد ﻛذﻟك ﻣﻼﻣﺢ اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻋﻧد ﻛﺎﻣﻲ ﻣن ﺧﻼﻝ ﻓﻠﺳﻔﺗﻪ ﺣوﻝ اﻟﻣوت ،ﻓﺎﻟﻣوت ﺷﻌور ﻳﺧص
ﻛﻝ إﻧﺳﺎن ﻷﻧﻪ ﻫو اﻟوﺣﻳد اﻟذي ﻳﺷﻌر ﺑﻪ ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﺧﻼﻝ ﺣﻳﺎﺗﻪ اﻧﻪ ﺳوف ﻳؤدي ﺑﻪ ﻓﻲ
أﺧر اﻟﻣطﺎف إﻟﻲ اﻟﻣوت اﻟﻣر ﻓﺎﻟﻣوت إذا ﻳﺑرز ﻟﻧﺎ ﻋﺑﺛﻳﺔ اﻟﺣﻳﺎة
وﻫذا ﻣﺎ أراد ﻛﺎﻣﻲ أن ﻳوﺿﺣﻪ ﻣن ﺧﻼﻝ ﺣدﺛﻪ ﻋن اﻟﻌﺑث و أن اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﺗﺳﺎءﻝ ﻋن
ﻫذﻩ اﻟﺣﻳﺎت ﻓﺎﻧﻪ ﻳﺻﻝ ﻓﻲ اﻷﺧﻳر إﻟﻲ اﻟﻣوت اﻟذي ﻳﺑرز ﻋﺑﺛﻳﺔ اﻟﺣﻳﺎة .
-1عبد القادر توزال ،الشعور باالغتراب عند ابي العالء المعري و البيركامى ،ص230
-2عبد الغفار مكاوي ،البلد السعيد ،دار الكتاب العربي ،القاھرة ،دط ،1968 ،ص 243
23
مظاھر العبث في روايات ألبير كامو الفصل األول:
ﻟﻘد ﻛﺎن ﻛﺎﻣﻲ ﻣﻌﺎرﺿﺎ ﺑﺷدة ﻗﺿﻳﺔ اﻹﻋدام ﺣﻳث ﻳﺟدﻩ أﻣر ﻻ اﻧﺳﻧﺎ ﻧﻳﺎ و ﻏﻳر أﺧﻼﻗﻳﻰ ،
وﻋﻘوﺑﺔ ﻗﺎﺳﻳﺔ وﻳﺗﺟﻠﻲ ذﻟك ﻓﻲ رواﻳﺔ" اﻟﻣﻘﺻﻠﺔ " )) إن اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ اﻟﺻﺎرﺧﺔ ﺗظﻬر ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻛس
اﻟﻌﻘوﺑﺔ ﻻ ﺗﻘﻝ وﺣﺷﻳﺔ ﻋن اﻟﺟﻧﺎﻳﺔ ،وان ﻫذﻩ اﻟﺟرﻳﻣﺔ اﻟﺟدﻳدة ﺑدﻝ أن ﺗﻐﺳﻝ اﻻﻫﺎﻧﺔ اﻟﺗﻲ
1
ﻟﺣﻘت ﺑﺎﻟﻬﻳﺋﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ ﺗزﻳد ﻓﻲ ﺑﺷﺎﻋﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ اﻻوﻟﻲ ((
2
'))وﻛﺄﻧﻬم ﻣدرﻛون ﻟﻣﺎ ﻓﻳﻪ ﻣن إﺛﺎرة وﻋﺎر ﻓﻲ أن واﺣد((
ﺑﻣﻌﻧﻲ أﻧﻬم ﻳدرﻛون أن اﻹﻋدام ﺟرﻳﻣﺔ إﻻ أﻧﻬم ﻳﻘوﻣون ﺑﺈﺧﻔﺎﺋﻪ ﻋن اﻟﻧﺎس ))،ﻟﻘد اﻗﺗﺻرت اﻷﺳر
اﻟﺑورﺟوازﻳﺔ ﻟﻣدة طوﻳﻠﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﻘوﻝ أن اﻻﺑﻧﺔ اﻟﺑﻛر ﻛﺎﻧت ﺿﻌﻳﻔﺔ اﻟﺻدر ا وان اﻷب ﻛﺎن ﻳﺷﻛو ﻣن
اﻟورم ،ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧت ﺗﻌﺗﺑر اﻟﺳﻝ و اﻟﺳرطﺎن أﻣراض ﻣﺟذﻳﺔ ﺑﻌض اﻟﺷﺊ وﻫذا ﻳﺻﺢ أﻛﺛر ﻋﻠﻲ
3
ﻋﻘوﺑﺔ اﻟﻣوت ﺑﻼ رﻳب ((
ﻧﺟد ﻛﺎﻣﻲ ﻳﺻف ﻓﻲ رواﻳﺗﻪ ﺗﻠك اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺷﻧﻳﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻓﻳﻬﺎ اﻟﺿﺣﻳﺔ ﺑﻌد إﻋداﻣﻪ )) إن اﻟدم
-1البير كامو ،المقصلة ،تر ،جورج طرابشي ،دار مكتبة الحياة ،بيروت ،دط،،ص10
-2المصدر نفسه ،ص10
-3المصدر نفسه،ص10
24
مظاھر العبث في روايات ألبير كامو الفصل األول:
اﻟﻣﻘطﻌﻳن ﺛم ﺑﺗﺧﺛر و ﺗﺗﺷﻧﺞ اﻟﻌﺿﻼت وﺗﺗﻘﻠص ﻟﻳﻔﺎﺗﻬﺎ ﺑطرﻳﻘﺔ ﻣذﻫﻠﺔ ،وﻳﺗﻣوج اﻟﻣﻌﻲ وﻳﻧﺑض
1
اﻟﻘﻠب ﺑﺣرﻛﺎت ﻻ ﻣﻧﺗظﻣﺔ ﻧﺎﻗﺻﺔ((
إن ﻫذا اﻟوﺻف ﺧﻳر ﻣﺛﺎﻝ ﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻛﺎﻣﻰ ﻟوﺻﻔﻪ ﻫذا اﻟﻣﻧظر اﻟﺷﻧﻳﻊ وﻛﺄﻧﻪ ﻳﺻف ﻣﻧظ ار طﺑﻳﻌﻳﺎ
ﺧﻼﺑﺎ .
ﻳﻌﺗﺑر ﻛﺎﻣو أن اﻟﻣﺣﻛوم ﻋﻠﻳﻪ ﺿﺣﻳﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟظﺎﻟم ﻻن اﻟﻔﻘر و أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻫﻲ ﻣﺎ ﺗﺟﻌﻝ
ﻛﻣﺎ اﻗﺗرح ﺣﻼ أﺧر ﻳﻌوض ﻋﻘوﺑﺔ اﻹﻋدام وذﻟك ﻣن ﺧﻼﻝ وﺿﻊ )) ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻘوﺑﺔ اﻟﻣوت
2
اﻷﺷﻐﺎﻝ اﻟﺷﺎﻗﺔ اﻟﻣؤﺑدة((
رواﻳﺔ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣﺗﻣرد رواﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺑث واﻟﺗﻣرد ،اﻧﻪ رﻛز ﺑﺎﻷﺧص ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻣرد .وﻓﻲ اﻟﻌدد
ﻣﻔﻬوم اﻟﺗﻣرد:
ﻟﻐﺔ :ﺗﻣرد اﻟﻐﻼم :ﻣرد ،وﺗﻣرد ﻋﻠﻰ اﻟﺷﻲء م ﻋﻠﻳﻪ واﻋﺗﺎد وﺗﻣرد ﻋﻠﻰ اﻟﻘوم :ﻋﺻﻰ ﻋﻧﻳدا
1
ﻣﺻرا ،وﻳﻘﺎﻝ :ﺗﻣرد ﻋﻠﻰ اﻟﺷر :طﻐﻰ
اﺻطﻼﺣﺎ :ﻳﻌرف ﺑﺄﻧﻪ ﺷﻛﻝ ﻣن أﺷﻛﺎﻝ اﻟﻣواﺟﻬﺔ اﻟﻣﺳﻠﺣﺔ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻘﺎﺋم ﻣن ﻗﺑﻝ ﺑﻌض
اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣدﻧﻳﺔ أو اﻟﻌﺳﻛرﻳﺔ أو اﻻﺛﻧﻳن ﻣﻌﺎ ،وذﻟك ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺿﻐط واﻟﺗﺄﺛﻳر ﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم
ﻟﻼﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﻣﻌﻳﻧﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﻘوى وﻗد ﻳﻛون اﻟﺗﻣرد طوﻳﻝ اﻟﻣدى ﻣﻘدﻣﺔ ﻟﺛورة ﻗد ﺗطﻳﺢ
2
ﺑﺎﻟﻧظﺎم ﺑرﻣﺗﻪ
وﻫو ﻧﺗﺎج اﻹرادة واﻟوﻋﻲ ﻓﻬو أﻳﺿﺎ ﻧﺗﺎج ظروف وﻋواﻣﻝ ﺗﺧﺗﻠف ﻣن ﺣﺎﻟﺔ أو ﻣن ﺷﺧص
3
إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﺷﺧص ﻷﺧر
-1ابر ھيم مصطفي واحمد الزيات وآخرون ،المعجم الوسيط ،د.ب ،د.ط ،ص191
-2ادم قبي ،روية نظرية حول العنف السياسي ،مجلة الباحث ،عدد، 2012 ،1ص .1065
-3علي شلش التمرد علي األدب ،دار الشروق ،بيروت ،ط ،1994 ،1ص .18
26
مظاھر العبث في روايات ألبير كامو الفصل األول:
وﻟو ﻋدﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻔﻛر اﻷوروﺑﻲ ﻧﺟد أن اﻷﻏﻠﺑﻳﺔ ﻣﻧﻬم ﻳرون أن اﻟﺗﻣرد ﻓﻠﺳﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﻳﺎﺳﺔ ﺑﻝ
أن روح اﻟﺗﻣرد ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺟﻌﻠت اﻟﻌﻘﻝ اﻷوروﺑﻲ ،وﻗد أدرك ﻋﻘم اﻟﺣﻳﺎة وﻋﺑﺛﻬﺎ ﻳﻧطﻠق ﻧﺣو
اﻟﺗﺣرر ،اﻟﻣﻌﺎﻧﺎة ﻓﻲ اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻔردﻳﺔ وﺣرﻛﺔ اﻟﺗﻣرد وﺣدﻫﺎ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺣوﻟﻬﺎ إﻟﻰ ﺗﺟرﺑﺔ
1
ﺟﻣﺎﻋﻳﺔ
إذ ﻳﺑدا اﻟﺗﻣرد ﺑﺎﻟﻌواﻣﻝ اﻟﺗﻲ ﺗدﻓﻊ ﺑﺎﻹﻧﺳﺎن إﻟﻰ ﻓﻌﻝ اﻟﺗﻣرد وﻫﻲ إﺣﺳﺎﺳﻪ ورﻏﺑﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻌداﻟﺔ
إذ ﻳﻘوﻝ ﻛﺎﻣﻲ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد " رﻓﺿﻪ اﻷﻧﻣﺎط اﻟﺳﺎﺋدة واﻟﻣﻘﺑوﻟﺔ ﻣن اﻟﻌداﻟﺔ ﻛوﻧﻬﺎ ﺗﺛﻳر ﻧوﻋﺎ
2
ﻣن اﻟرﺿﺎ ﻟدى اﻟﻔرد اﻟﺧﺎﺿﻊ ﻟﻬﺎ"
ﻛﻣﺎ ﻳرﻛز ﻋﻠﻰ دور اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﻓﻲ طﺑﻳﻌﺔ اﻟﺗﻣرد ﺟراء اﻟﺛورات وﻣﺎ ﺧﻠﻔﺗﻪ ﻣن ﺧﻠق أﻧظﻣﺔ ﺟدﻳدة
،ﺛم ﻳﺧرج ﺑﻧﺗﻳﺟﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ اﻧﻪ ﻻﺑد ﻣن اﻟﺗﺣﻠﻲ ﺑﺎﻷﺧﻼق اﻟﺳﺎﻣﻳﺔ واﻟﻣﺑﺎدئ ،ﺑﻌﻳدا ﻋن
اﻟﻔوﺿوﻳﺔ ،وﻫذا ﻳوﺿﻊ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣﺗﻣرد إذ ﻳﻘوﻝ ﻛﺎﻣﻲ " إن اﻟﻘﺗﻝ اﻟﺑﺷري ﻻ ﻳؤدي إﻟﻰ
ﺷﻲء وﻟﺗﺎﻣﻳن اﻧﺗﺻﺎر ﻣﺑدأ ﻳﺟب اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ ﻛﻝ ﻓﺳﺎد أﺧﻼﻗﻲ ﻫو ﻓﺳﺎد ﺳﻳﺎﺳﻲ
3
ﺑﺎﻟﻌﻛس".
4
واﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣﺗﻣرد ﻋﻧد ﻛﺎﻣﻲ ﻫو"اﻹﻧﺳﺎن اﻟذي ﻳﻘوﻝ ﻻ"
-1فاروق القاضى ،افاق التمرد ،المؤسسة العربية ،القاھرة ،ط ،2004 ،1ص45
-2البير كامو ،اإلنسان المتمرد ،تر :نھاد رضا ،منشورات عويدات ،بيروت،ط، 1983 ،3ص 94
-3المصدر نفسه ،ص 94
-4المصدر نفسه ،ص 18
27
مظاھر العبث في روايات ألبير كامو الفصل األول:
وﻳﻘوﻝ ﻛذﻟك ":إن اﻟﺗﻣرد ﻳﻧﺷﺎ ﻣن ﻣﺷﻬد اﻧﻌدام اﻟﻣﻧطق أﻣﺎم وﺿﻊ ﺟﺎﺋر ﻣﺳﺗﻐﻠق وﻟﻛن ﺛوﺑﺔ
اﻷﻋﻣﻰ ﻳطﺎﻟب وﺳط اﻟﻔوﺿﻰ وﺑﺎﻟوﺣدة ﻓﻲ ﺻﻣﻳم اﻟرذاﺋﻝ اﻟﻣﺗﻼﺷﻲ اﻧﻪ ﻳﺻرخ وﻳطﻠب
1
ﺑﺈﻟﺣﺎح"
"ﻓﻼﺑد ﻟﻠﺗﻣرد أن ﻳﻛون ﻣﻘﺗرﻧﺎ ﺑﺷﻌور اﻟﻣرء ﺑﺄﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺣق ﺑﺻورة ﻣﺎ ﻓﻲ ﺻورة ﻣﺎ وﻣﺟﺎﻝ ﻣﺎ،
2
وﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻳﻘوﻝ اﻟﻌﺑد ﻧﻌم وﻻ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت"
ﻧﺟد أن ﻛﺎﻣﻲ ﻳﺻرح ﻟﻧﺎ ﻓﻲ رواﻳﺔ ﺑﺎن اﻻﺳﺗﻘﻼﻝ ﻟﻳس ﻣطﻠﺑﺎ رﺋﻳﺳﻳﺎ ﻟدى اﻟﻣﺗﻣرد ،ﻓﻬو
ﻓﺎﻟﺗﻣرد ﺣﺳب راﻳﺔ ﺟﺎء ﻟﺗﺣﺳﻳن اﻟﻌداﻟﺔ وﻫذا ﻧﺎﺑﻊ ﻣن اﻟﺗﻣرد اﻟﻛﺎﻣوي ﺗﻣرد أﺻﻳﻝ ﻟﺻﻳق
ﺑﺎﻟﻘﻳم ،إذا ﺣﺎدت إﺣداﻫﺎ ﻋﻧﻪ ﻓﻘد ﻣﻌﻧﺎﻩ وأﺻﺎﻟﺗﻪ إذ ﻛﻝ ﻗﻳﻣﺔ ﻣن ﻗﻳم اﻟﺗﻣرد ﺗوﻟد اﻟﻘﻳم
اﻷﺧرى ،ﻛﻣﺎ أن اﻟﻘﻳﻣﺔ اﻟﺗﻲ اﻛﺗﺷﻔﻬﺎ اﻟﺗﻣرد ﻟﻳﺳت ﻗﻳﻣﺔ ﻣﺑﻬﻣﺔ ﻣﺎﺋﻌﺔ ﻓﺈﻧﻣﺎ ﻫﻲ وﻋﻲ ﻟﻪ
وﺗﺣدﻳدات وﺑﻧﺎﻳﺎت أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻝ ﺗروع ﻧﺣو ﺑﻳﺎﻧﺎت ﻣﺣدد ﻟﻬﺎ "،ﻓﺎن اﻟﻘﻳم اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻛﻝ ﻣﻧﻬﺎ
اﻟﺗﻣرد ﻟﻳﺳت ﻗﻳم ﻣﺟردة وﺣﺳب ٕواﻧﻣﺎ ﻫﻲ ﻗﻳم ﻟﻬﺎ واﻗﻌﻬﺎ وﻣﻌﻧﺎ ﻣﻳزﻫﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺄﻛد ﻋﺑر أﻓﻌﺎﻝ
3
اﻟﺗﻣرد ﻧﻔﺳﻪ ،ﻓﺎﻟﺗﻣرد اﻟﺣق ﻣﺛﻠﻣﺎ ﻳرى ﻛﺎﻣﻲ ﻣﺑدع ﻗﻳم".
ﺗﺗرﺻد ﻓﻲ رواﻳﺔ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣﺗﻣرد ﻧوﻋﺎن رﺋﻳﺳﻳﺎن ﻣن اﻟﺗﻣرد اﻟﻣﻳﺗﺎﻓﻳزﻳﻘﻲ واﻟﺗﺎرﻳﺧﻲ ".ﻫﻧﺎك
1
ﻗرﻧﺎن ﻣن اﻟﺗﻣرد اﻟﻣﺎوراﻧﻲ واﻟﺗﺎرﻳﺧﻲ "
ﻫو اﻟﺗﻣرد اﻟﻣﻧﺣرف اﻟذي ﻳﻧﺳﺎق ﻧﺣو اﻻﻧﺗﺣﺎر واﻟﻣوت واﻟﻘﺗﻝ ،وﻫذا اﻟﻧوع ﺑﻌﻳد ﻋن اﻹﻟﺣﺎد
ﻓﻬو ﻻ ﻳﻧﻛر وﺟود اﷲ ﺑﻝ ﻳﺗﺣداﻩ .ﻛم ﻳﻘوﻝ ﻛﺎﻣﻲ ":اﻹﻧﺳﺎن ﻫو اﻟﻛﺎﺋن اﻟوﺣﻳد اﻟذي ﻳرﻓض
أن ﻳﻛون ﻣﺎ ﻋﻠﻳﻪ "2وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ":اﻟﺗﻣرد اﻟﻣﺎوراﺋﻲ ﻫو اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﺗﻲ ﺑواﺳطﺗﻬﺎ ﻳﺛور إﻧﺳﺎن ﻣﺎ ﺿد
3
وﺿﻌﻪ وﺿد اﻟﺧﻠق ﻛﻠﻪ ،اﻧﻪ ﻣﺎ وراﺋﻲ ﻷﻧﻪ ﻳﻧﻛر ﻏﺎﻳﺎت اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺧﻠق"
أدرج ﻛﺎﻣﻲ ﻓﻲ رواﻳﺗﻪ إﺑﻠﻳس اﻟذي ﻗﺎﻝ ﻓﻳﻪ اﻧﻪ ﻟم ﻳﻧﻛر وﺟود اﷲ ﺑﻝ ﺗﺣداﻩ .ﻓﻬذا إﺑﻠﻳس ﻳﺑرز
ﻓﻲ اﻷﺳﺎطﻳر اﻟدﻳﻧﻳﺔ ﻛﻣﺗﻣرد ﻣن ﻫذا اﻟﺷﻛﻝ " .......ﺷﻬﻳدا أزﻟﻳﺎ ﻣﺣروﻣﺎ إﻟﻰ اﻵﺑد ﻣن ﻣﻐﻔرة
4
ﻳرﻓض اﻟﺗﻣﺎﺳﻬﺎ
" ........ﻻ ﻳﺣذف اﷲ ﺑﻝ ﻳﻛﻠﻣﻪ ﻓﻘط ﻛﻼم اﻟﻧد ﻟﻠﻧد .......ﺑﻝ ﻣﺳﺎﻟﺔ ﻣﺟﺎدﻟﺔ ﺗﺣدﻫﺎ اﻟرﻏﺑﺔ
5
ﻓﻲ اﻟﺗﻐﻠب"
ﻛذﻟك ﻧﻳﺗش ﻫو اﻷﺧر وﺻﻔﻪ ﻛﺎﻣﻲ ﻣﺗﻣردا وراﺋﻳﺎ ﻷﻧﻪ ﺗﻣرد ﻋﻠﻰ اﷲ .." .ﻧﻳﺗﺷﻪ ﻟم ﻳوﺟﻪ إﻻ
1
إﻟﻰ اﻟﻪ ﻳﻔﺿﻝ دوﻧﻣﺎ ﺳﺑب ﻣﻘﻧﻊ ﺗﺿﺣﻳﺔ ﻫﺎﺑﻳﻝ ﺑدﻻ ﻣن ﻗﺎﺑﻳﻝ ﺳﺑﺑﺎ ﺑذﻟك أوﻝ ﺟرﻳﻣﺔ ﻗﺗﻝ "
ﻓﻬو ﻳرﻓض أي ﺣدﻳث ﻋن اﷲ وﻳﻧﻛر وﺟودﻩ ".إﻧﻧﺎ ﻧذﻛر اﷲ ،ﻧﻧﻛر ﻣﺳؤوﻟﻳﺔ اﷲ ،ﺑﻬذﻩ
2
اﻟﺻورة ﻟﻳس ﻏﻳر ﺳﻧﺣرر اﻟﻌﺎﻟم"
ﻧﺟد ﻧﻣوذﺟﺎ أﺧر ﻟﻠﻣﺗﻣرد اﻟﻣﺎوراﺋﻲ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟرواﻳﺔ ﻫو اﻟﻣرﻛﻳز دي ﺳﺎد ،ﻓﻲ ﺣﻳن ﻫذا
اﻟﻧﻣوذج ﻳرﻓض رﻓﺿﺎ ﻣطﻠﻘﺎ ﻟﻛﻝ ﻣﺎ ﻫو ﻣوﺟود "إن ﺳﺎد ﻻ ﻳﺳﺗﺧﻠص ﻣن اﻟﺗﻣرد ﺳوى
اﻟرﻓض اﻟﻣطﻠق" 3وﻳﻌود ﺳﺑب ﻫذا اﻟﺗﻣرد ﻣطﻠق ﻟﺳﺎد ﺳﻧوات اﻟﺳﺟن اﻟﺗﻲ ﻗﺿﺎﻫﺎ ﻣدة 27
ﻋﺎﻣﺎ " إﻧﻧﺎ ﻧﻣﺟد ﻓﻳﻪ اﻟﻔﻳﻠﺳوف اﻟﻣﻛﺑﻝ ﺑﺎﻷﻏﻼﻝ ،وأوﻝ ﻋﻘﺎﺋدي ﻟﻠﺗﻣرد اﻟﻣطﻠق .....إن
4
اﻟﻌﻘﻝ اﻟﻣﻛﺑﻝ ﻳﻔﻘد ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻳد اﻟوﺿوح واﻟﺗﻣﻳز"
ﻧﺳﺗﺧﻠص ﻣﻣﺎ ﺳﺑق أن اﻟﺗﻣرد اﻟﻣﺎوراﺋﻲ ﻫو ﺗﻣرد ﺛﺎﺋر ﺿد اﻻﺳﺗﺑداد واﻟظﻠم واﻟﺷر واﻟﻌذاب .
وﻫذا اﻟﻧوع ﻫو اﻟﻣﻬم ﻟﻣﺎ ﻳﺣﻣﻠﻪ ﻣن أﻫداف ﻟﻠﺣرﻳﺔ واﻟﻌداﻟﺔ ،وﻣن اﻟﻧﻣﺎذج اﻟواردة ﻋن ﻫذا
اﻟﺗﻣرد ﺗﻠك اﻟﺛورات اﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف اﻷزﻣﺔ أوﻟﻬﺎ ﺛورة اﻟﻌﺑﻳد وﺗﻣرد "ﺳﺑﺎرﺗﻛوس " ﺿد
اﻷﺳﻳﺎد ﻓﻲ روﻣﺎ ،ﻓﻘد ﻛﺎن اﻷﺳﻳﺎد ﻳرﻏﻣون اﻟﻌﺑﻳد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺻﺎرﻋﺔ ﻣن اﺟﻝ اﻟﺗﺳﻠﻳﺔ ،ﻓﻘﺎم
اﻟﻌﺑﻳد ﺑﺗﻌﻳﻳن ﺳﺑﺎرﻛوس ﻗﺎﺋدا أﻟﻣﺗﻣردﻫم ﻣطﺎﻟﺑﻳن ﺑﺗوﻗﻳف ظﻠم اﻟروﻣﺎن ﻟﻬم" .ﺑﻬذا ﻳرﺗﻘﻲ
1
اﻟﻣوت ﺑوﺻﻔﻪ ﺳﻳدا ﻟﻳس ﻋﺑدا".
ﻛذﻟك اﻟﺛورات اﻻﺷﺗراﻛﻳﺔ ﻻﺳﻳﻣﺎ اﻟﺛورة اﻟروﺳﻳﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ اﻟﻔوﺿوﻳون ﺳﻧﺔ 1905
ﺣﻳث ﺛﺎروا وطﺎﻟﺑوا ﺑﺣﻘوﻗﻬم ،وﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1917ﻋﺎد اﻟﺑﻠﺷﻔﻳﻳن إﻟﻰ اﻟﺛورة ﻣﺟددا وﻓﻳﻬﺎ ﻏﻳرو
اﻟﺣﻛم ﻣن ﻗﻳﺻري إﻟﻰ ﺣﻛم دﻳﻣﻘراطﻲ ،وﻓﻳﻪ أﻧﺷﺄت اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻣؤﻗﺗﺔ ﻟﻼﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﻳﺗﻲ.
ﻧﺳﺗﺧﻠص ﻣﻣﺎ ﺳﺑق أن اﻟﺗﻣرد ﻣرﺣﻠﺔ ﻻ ﺗﻛﺎد ﺗﻧﻔﺻﻝ ﻋن اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﻌﺑث واﻟﺗﻣرد ﻫو اﻹﻧﺳﺎن
إن أﺳطورة ﺳﻳزﻳف ﻧﻣوذج ﻳوﺿﺢ ﻣن ﺧﻼﻟﻪ ﻛﺎﻣو ﻓﻠﺳﻔﺗﻪ اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ،ﻓﻬذﻩ اﻷﺳطورة ﺗري أن
ﺳﻳزﻳف ﺣﻛم ﻋﻠﻳﻪ ﻣن طرﻓﻲ اﻵﻟﻬﺔ ﺑﺣﻣﻝ اﻟﺣﺟر ﻣن أﺳﻔﻝ اﻟﺟﺑﻝ أﻟﻲ أﻋﻼﻩ وﻫﻛذا ذا ﻛﻝ
ﻣري وﻫذا راﺟﻊ ﺑﺳﺑب ﺳﺧرﻳﺗﻪ ﻣن اﻹﻟﻬﺔ واﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ آﻟﻬﺔ ظﺎﻟﻣﺔ وﻗﻳﺎم ﺳﻳزﻳف ﺑذاﻟك اﻷﻣر
ﻣ ار ار و ﺗﻛ ار ار ﺟﻌﻠﻪ ﻳﺗﻣﺳك ﺑﺎﻟﺣﻳﺎة رﻏم ﺷﻌورﻩ ﺑﺎﻟﻌﺑث إﻻ اﻧﻪ ﻳرﻓض اﻟﻣوت ﺣﻳث ﻳﻘوﻝ ﻛﺎﻣﻲ
ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣوﺿوع " وﺣﻳث ﺗﺗﺷﺑث ﺻور اﻷرض ﺑﺷدة ﺑﺎﻟذاﻛرة وﺣﻳث ﻳﺷﺗد إﻟﺣﺎح ﻧداء
1
اﻟﺳﻌﺎدة ........وﻫذا ﻫو اﻧﺗﺻﺎر اﻟﺻﺧرة ﻫذﻩ ﻫﻲ اﻟﺻﺧرة ذاﺗﻬﺎ "
ﻓﺎﻟﻌﺑث ﻋﻧد ﻛﺎﻣو ﻫو ﻓﻘدان اﻷﻣﻝ ﻓﻲ اﻟﺧﻼص وأﺳطورة ﺳﻳزﻳف ﻫﻲ ﺧﻳر ﻣﺛﺎﻝ ﻟﺗﺣدي
2
اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ
ٕواﻧﺳﺎن اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ﻫو ﺳﻳزﻳف اﻟذي وﺻﻔﻪ اﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣو اﻧﻪ ﻳﻛرﻩ اﻟﻣوت وﻳﺣب اﻟﺣﻳﺎة وﻳﻌﺻﻲ أواﻣر
اﻵﻟﻬﺔ اﻟﺗﻲ ﺣﻛﻣت ﻋﻠﻳﻪ ﺑﺎن ﻳرﻓﻊ ﺣﺟر إﻟﻲ ﻗﻣﺔ اﻟﺟﺑﻝ ،وﻛﻠﻣﺎ ﺑﻠﻎ اﻟﺣﺟر اﻟﻘﻣﺔ اﻧﺣدر إﻟﻲ اﻟﺳﻔﺢ
،وﻳﻌود ﺳﻳزﻳف و ﻳرﻓﻊ اﻟﺣﺟر وﻳﻌود اﻟﺣﺟر ﻓﻳﺳﻘط ﻣن ﺟدﻳد وﻫﻛذا ﻣﺎ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ......وﺳﻳزﻳف
ﻳﻌﻠم أن ﻋﻣﻠﻪ ﻋﺑث ﻻ ﻣﻌﻧﻲ و ﻻ ﺟدوى ﻣﻧﻪ ،وﺷﻘﺎء ﻻ ﻫدف ﻟﻪ وﻟﻛن ﻳﻌﻠم أﻳﺿﺎ أن ﺑطوﻟﺗﻪ ﻓﻲ
-1البير كامو ،أسطورة سيزيف ،تر :أنيس زكي حسين ،منشورات دار مكتبة الحياة ،بيروت ،دط،1983،ص141
-2نضال النجار ،فلسفة العبث وإنسانية التمرد ،مقال ) منشور( 14أغسطس 30: 12 ،2003
www. Diwanalarab . com الموقع االلكتروني :
32
مظاھر العبث في روايات ألبير كامو الفصل األول:
1
وﻫﻛذا ﻳﻛرﻩ اﻟﻣوت و ﻳﺣب اﻟﺣﻳﺎة ﺣﺗﻰ و ﻟو ﻛﺎﻧت ﺑﻬذا اﻟﻌذاب و اﻟزﻳﺎدة .
ﻓﺳﻳزﻳف ﻣن ﺧﻼﻝ وﻋﻳﻪ واﺳﺗﻳﻌﺎﺑﻪ ﻟﻠﺣﻳﺎة ﺗﺷﺑث ﺑﻬﺎ ﺣﺗﻰ ﻳﺗوﺻﻝ إﻟﻲ اﻟﺳﻌﺎدة ،ﻷﻧﻪ أدرك ﻫذا
اﻟﻌﺑث اﻟذي ﻫو ﻓﻳﻪ ﻓﻛﺎﻣﻲ ﺟﻌﻝ ﺳﻳزﻳف ﻣﺛﺎﻻ راﺋﻌﺎ و ﺑطﻼ ﻳﺳﺗﻌﺎن ﺑﻪ ،ﻓﺈذا ﺗﺳﺎءﻟﻧﺎ ﻧﺣن ﻛﻳف
ﻟﻺﻧﺳﺎن أن ﻳﻌﺎﻣﻝ ﺑﺗﻠك اﻟطرﻳﻘﺔ أن ﻳﻛون إﻧﺳﺎﻧﺎ ﺳﻌﻳدا وﻫو ﻳﺣﻣﻝ أﺛﻘﺎﻻ ﻛﺑﻳرة ﻓﻲ ﻛﻝ ﻣرة وﻳدﻓﻌﻬﺎ
إﻟﻲ ﻋﻠﻲ اﻟﺟﺑﻝ ؟ وﻫذا ﻳﺗطﻠب ﻣﺟﻬودا ﻛﺑﻳ ار ﻛﻣﺎ ﻳﻘوﻝ ﻛﺎﻣﻲ " :وﻳرى اﻟﻣرء اﻟوﺟﻪ ﻣﻠﺗوﻳﺎ و اﻟﺧد
ﻣﺗوﺗ ار ﺑﺟﺎﻧب اﻟﺻﺧرة ،و اﻟﻛﺗف وﻫو ﻳﻌﺎﻧق اﻟﻛﺗﻠﺔ اﻟﻣﻐطﺎة ﺑﺎﻟطﻳن ،واﻟﻘدم و ﻫﻲ ﺗﺳﺗﻧد ﻟﺗدﻓﻊ و
2
ﻓﻣن ﺧﻼﻝ ﻫذا اﻟﻘوﻝ ﻳﺗﺳﺎءﻝ أي ﺷﺧص ﻟﻣﺎذا ﻗﺎﻝ اﻟﺑداﻳﺔ اﻟﻌوﻳدة و اﻟﺳﺎﻋدﻳن وﻫو ﻳﺷﻣرﻫﻣﺎ "
ﻛﺎﻣﻲ ﺑﺄﻧﻪ رﻏم ﺗﻌرض اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻬذا إﻻ اﻧﻪ ﻳﻛون ﺳﻌﻳدا و ﻫذا راﺟﻊ ﺣﺳب ﻛﺎﻣﻲ إﻟﻲ اﻟوﻋﻲ ﻣن
3
ﺧﻼﻝ ﻗوﻟﻪ " :ﻟﺳت أرﻳد أﻻن أن أﻛون ﺳﻌﻳدا ،إن ﻛﻝ ﻣﺎ أرﻳدﻩ أن أﻛون واﻋﻳﺎ "
-1د .جمعة قاجة ،المدارس المسرحية و طرق إخراجھا ،نور للطباعة و النشر والدراسات ،سوريا ،دمشق،
ط 12007 ،2006،1ص239
-2البير كامو ،أسطورة سيزيف ،ص 135
-3المصدر نفسه ،ص 45
33
مظاھر العبث في روايات ألبير كامو الفصل األول:
ﻣن ﺧﻼﻝ أﺳطورة ﺳﻳزﻳف ﻧﺟد أن اﻟﺣﻳﺎة ﻋﻧد ﻛﺎﻣﻲ ﺗﺣﺗوي ﻋﻠﻲ اﻟﻌﺑث اﻟذي ﻳﺟﻌﻝ اﻹﻧﺳﺎن ﻳﺷﻌر
ﺑﺎﻟﻣﻠﻝ و اﻟﻛرﻩ ﺑﺳﺑب ﻧﻔس اﻷﺷﻳﺎء ﻳوﻣﻳﺎ " ﻓﻳﺣدث أن ﻣﺷﺎﻫدة اﻟﻣﺳرح ﺗﺗﻬدم اﻟﻧﻬوض ،اﻟﺑﺎص
أرﺑﻊ ﺳﺎﻋﺎت ﻣن اﻟﻔﺻﻝ ،وﺟﺑﺔ اﻟطﻌﺎم ،اﻟﻧوم واﻻﺛﻧﻳن ،اﻟﺛﻼﺛﺎء ،اﻷرﺑﻌﺎء ،اﻟﺧﻣﻳس أ اﻟﺟﻣﻌﺔ
1
،اﻟﺳﺑت طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻧﺳق ﻧﻔﺳﻪ "
ﻓﻳﺳﺑب ﻫذا اﻟﺗﻛرار اﻟﻣﻠﻝ ﻧﻔﺳﻪ اﻟذي ﻳﻣر ﺑﻪ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﻛﻝ ﻣﻛﺎن ،ﻳﺟﻌﻝ ﻫذا اﻟﺗﻛرار اﻹﻧﺳﺎن
ﻳﺗﺳﺎءﻝ ﻋن ﺳﺑب ﻫذﻩ اﻷﻋﻣﺎﻝ ﻓﻲ ﻛﻝ ﻳوم ﻣن ﺧﻼﻝ وﻋﻳﻪ و إدراﻛﻪ ،وﻛذﻟك ﻳﻌﺗﺑر اﻟزﻣن ﻛﻌﺎﻣﻝ
أﺧر ﻳﺟﻌﻝ اﻹﻧﺳﺎن ﻳﺷﻌر ﺑﺎن ﺣﻳﺎﺗﻪ ﻻ ﺟدوى ﻣﻧﻬﺎ اي ﻣن ﺧﻼﻝ ﻣرور اﻟزﻣن ﺗﻧﺗﻬﻲ ﺣﻳﺎة اﻟﻣرء
ﻳﻘوﻝ ﻛﺎﻣﻲ ﻓﻲ ﻫذا " :وﻫﻛذا و ﺧﻼﻝ ﻛﻝ ﻳوم ﻣن أﻳﺎم اﻟﺣﻳﺎة اﻟﻌﺎدﻳﺔ ،ﻳﻌﻣﻠﻧﺎ اﻟزﻣن وﻟﻛن ﺗﺄﺗﻲ
ﻟﺣظﺔ ﻳﻛون ﻋﻠﻳﻧﺎ ﻧﺣن أن ﻧﻌﻣﻝ اﻟزﻣن ﻓﻳﻬﺎ وﻣﺛﻝ ﻫذﻩ اﻷﻣور راﺋﻌﺔ ﻷﻧﻧﺎ ﻋﻠﻲ ﻛﻝ ﺣﺎﻝ ﻧﺟد أن
2
اﻟﻣﺳﺎﻟﺔ ﻫﻲ ﻣﺳﺎﻟﺔ اﻟﻣوت
اﻹﻧﺳﺎن رﻏم وﺟودﻩ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﻳﺎة ورﻏم ﻋﻳﺷﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻝ إﻻ أن اﻟﻣوت ﺳوف ﻳﻧﺎﻝ ﻣﻧﻪ ﻓﻲ آﺧر
اﻟﻣطﺎف ﻛﻣﺎ أن ﻛﺎﻣﻲ أﻳﺿﺎ وﺟود ﺷﻳﺎ أﺧر ﻳﺟﻌﻝ اﻹﻧﺳﺎن ﻳﺷﻌر ﺑﺎﻟﻌﺑث ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ " ﺧطوة أﺧري
ﺛم ﺗزﺣف اﻟﻐراﺑﺔ ،ﻓﻲ رؤﻳﺔ أن اﻟﻌﺎﻟم ﻛﺛﻳف وﻓﻲ ﺗﻘدﻳر درﺟﺔ ﻏرﺑﺔ وﺑﻌد ﺣﺟر ﻣﺎ ﻋﻧﺎ اﻟﺗرﻛﻳز
1
اﻟذي ﺗﻧﻔﻳﻧﺎ ﺑﻪ اﻟطﺑﻳﻌﺔ أو اﻟﻣﻧظر وﻓﻲ ﻗﻠب ﻛﻝ ﺣﺎﻝ "
ﻓﻣن ﺧﻼﻝ ﺗﺄﻣﻝ اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻠﻌﺎﻟم ﻳﺗﺿﺢ ﻟﻪ ﺑﺎن اﻟﺣﻳﺎة ﻓﻳﻬﺎ ﻋﺑث ،و ﻳﺷﻌر اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺄﻧﻪ ﻏرﻳب ﻓﻲ
ﻫذﻩ اﻟدﻧﻳﺎ ﻛﻣﺎ ﻳﻌﺗﻘد ﻛﺎﻣﻲ أن اﻹﻧﺳﺎن ﻳﻘوم ﺑﺑﻌض اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺣﻣﻝ أي دﻻﻟﺔ " .ﺗﺟﻌﻝ ﺗﻠك
اﻟﺣرﻛﺎت اﻟﺧوﺳﺎء اﻟﺳﺧﻳﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﻣﻌﻧﻲ ﻟﻬﺎ ﻛﻝ ﻧﺷﺊ ﻳﺣﻳط ﺑﻬم ﻳﺗﺻف ﺑﺗﻠك اﻟﺳﺧﺎﻓﺔ رﺟﻝ
ﻳﺗﺣدث ﻓﻲ اﻟﺗﻠﻔزﻳون وراء ﺣﺎﺟز زﺟﺎﺟﻲ أﻧت ﻻ ﺗﺳﺗطﻳﻊ أن ﺗﺳﻣﻌﻪ ،وﻟﻛن ﺗري ﻣﻧظرﻩ اﻟﺻﺎﻣت
2
ﻏﻳر اﻟﻣﻔﻬوم "
ﻓﻧﺟد أن ﻛﺎﻣﻲ ﻳﺑﻳن ﻟﻧﺎ ﻣن ﺧﻼﻝ اﻷﻣﺛﻠﺔ اﻟﺗﻲ أﻋطﺎﻫﺎ ﻟﻧﺎ أن ﻛﻝ ﺗﻠك اﻹﻋﻣﺎﻝ و اﻷﻓﻌﺎﻝ ﺗﺟﻌﻝ
اﻹﻧﺳﺎن ﻳﺷﻌر اﻧﻪ ﻏرﻳب ﻋن اﻟﻌﺎﻟم اﻟذي ﻳﻌﻳش ﻓﻳﻪ واﻧﻪ ﻣﻌزوﻝ وﻳؤدي ﺑﻪ اﻷﻣر إﻟﻲ اﻹﺣﺳﺎس
ﺑﺎﻟﻌﺑث ﻛﻣﺎ ﻳؤدي ﺑﻪ إﻟﻲ اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﻐراﺑﺔ أو اﻟﻐرﺑﺔ
وﺗﺗﺟﻠﻲ ﻋﺑﺛﻳﺔ اﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣﻲ ﻣن ﺧﻼﻝ ﺷﺧﺻﻳﺔ ﺳﻳزﻳف ﺑﻳن ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻓﻛرﺗﻪ ﻋن اﻟﻣﻌﺎﻝ ،ﻓﻬذﻩ
اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ اﻟﻣﺗﻣﻳزة ﺑﺎﻟﺻﺑر اﻟﺷدﻳد ﺣﻳث ﺗﺣدي ﻫذا اﻟﻣﻌﺎﻝ وﻟم ﻳﺳﺗﺳﻠم ﻟﻪ ﻣن ﺧﻼﻝ ﻣﻣﺎرﺳﺗﻪ
ﻟﻣﻬﻧﺗﻪ ﻓﻲ ﺻﻣت و ﻋزﻳﻣﺔ وﺣﺑﺎ ﻟﻠﺣﻳﺎة وﺗﻣﺳﻛﺎ ﺑﻬﺎ .
ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟرواﻳﺔ ﻳﺟﻌﻝ ﻛﺎﻣوا ﻣن ﺑطﻝ رواﻳﺔ اﻟﻣﺛﺎﻝ اﻷﻓﺿﻝ ﻋن ﺣﺗﻣﻳﺔ اﻟﻼﺟدوى ﻓﻲ ﺣﻳﺎة
اﻟﻣوﺟود اﻟﺑﺷري إذ ﻳﺗﺿﺢ ﺟﻠﻳﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻝ ﻣدي اﻻﻧﻔﺻﺎﻝ اﻟﺣﺎﺻﻝ ﺑﻳن ﺑطﻝ اﻟرواﻳﺔ و ﺑﻳن
ﻋﺎﻟﻣﻪ اﻟﻣﺣﻳط ،ﻣﺎ ﻳؤﻛد ﻓﻛرة ﻣﺎ اﻧﻔك ﻛﺎﻣوا ﻋن ﺗردﻳدﻫﺎ ﻟﺷﻌور اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺎﻟﻌﺑث و إدراﻛﻪ
ﻟﻼﺟدوى وﻫﻲ :أن اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﻌﺑث ﻫو اﻧﻔﺻﺎﻝ ﺑﻳن اﻹﻧﺳﺎن وﺣﻳﺎﺗﻪ "1وﺑذﻟك ﻳؤﻛد ﻛﺎﻣوا ﻣن
ﺧﻼﻝ ﻓﻠﺳﻔﺗﻪ اﻟﻌﺑث ﻋﻠﻲ أن إدراك اﻹﻧﺳﺎن ﻫو إدراك ﺣﺎﺻﻝ ﻻ ﻣﺣﺎﻝ ﻋﻠﻲ ﺣد ﺗﻌﺑﻳر ﻛﺎﻣوا
ﻟﻼﺟدوي اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻳط ﺑﻪ واﻟﻼﻣﻌﻘوﻟﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟم اﻟذي ﻳﻌﻳش ﻓﻳﻪ ﻳﻌﻣق ﺷﻌورﻩ ﺑﻌﺑﺛﻳﺔ اﻟﻔﻌﻝ و
اﻟوﺟود ،ﻣﺎ ﻳﺳﺎﻫم ﻓﻲ اﻧﻔﺻﺎﻝ اﻟﻔرد ﻋن ﺣﻳﺎﺗﻪ ،إن اﻻﻧﻔﺻﺎﻝ اﻟذي ﻳﻘﺻدﻩ ﻛﺎﻣو ﻟﻳس
اﻻﻧﻔﺻﺎﻝ اﻟﻣرﺿﻲ اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻲ اﻟﻌزﻟﺔ ﻋن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟواﺻﻝ ﺣد اﻟﺗوﺣد ،ﺑﻝ ﻫو اﻧﻔﺻﺎﻝ
ﺿﻣﻧﻲ ﻣﺑطن ﻧﺎﺗﺞ ﻋن ﺷﻌور اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺎﻟﻌﺑث ف " :اﻟﻌﺑث أو اﻟﻣﺣﺎﻝ ﺑﺣث ﻻ طﺎﺋﻝ
2
ﺗﺣﺗﻪ ﻣن اﺟﻝ اﻟﻣﻌﻧﻲ ﻓﻲ ﻛون ﻳﺧﻠو ﻣن اﻟﻌرﺿﻳﺔ "
إن ﻣﺎ ﻳﻬﺗم ﺑﻪ ﻛﺎﻣوا أﺳﺎﺳﺎ ﻫو اﻻﺗﻔﺎق ﻣﻊ اﻟﻌﺑث أو اﻟﻣﺣﺎﻝ ﻻن ذﻟك ﻳﻔﺳر ﺛﻘﻝ وﻏراﺑﺔ اﻟﻌﺎﻟم
وﻳﺷرع ﻛﺎﻣو ﻣن ﺧﻼﻝ رواﻳﺗﻪ "اﻟﻐرﻳب" إﻟﻲ إﺑراز ﻫذا اﻟﺻراع اﻟﻘﺎﺋم ﺑﻳن رﻏﺑﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ
اﻟوﺿوح و اﻟﺗﺣﻠﻲ وﻻ ﻣﻌﻘوﻟﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺗﻲ ﺗﺻدﻣﻪ ﻋﻠﻲ اﻟدوام ،وﻻ ﻳﺳﻣن ﻛﺎﻣوا ﻫذا اﻟﺻراع
-1مبروفيتش ديفيت زين ،كوركوس الن ،اقدم لك البير كامي ،ترجمة امام عبد الفتاح امام ،المشرف القومي
للترجمة ،القاھرة 2002 ،ص47
-2المرجع نفسه ص 49
37
ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب" اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺛﺎﻧﻲ :
ﺑﻳن اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻓﺣﺳب ،ﺑﻝ ﻳﺟد أن ﻫذا اﻟﺻراع اﻟﻼﻣﺗﻧﺎﻫﻲ ﺑﺣد ذاﺗﻪ ﻫو اﻟﻌﺑث ﻋﻳﻧﻪ " ﻣﺎ ﻫو
ﻣﺣﺎﻝ أو ﻋﻳث ﻫو اﻟﻣواﺟﻬﺔ ﺑﻳن ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ و اﻟرﻏﺑﺔ اﻟﻌﺎرﻣﺔ ﻓﻲ اﻟوﺿوح اﻟﺗﻲ ﺗرن
1
إن ﺗرﻛﻳز ﻛﺎﻣوا ﻋﻠﻲ ﻓﻛرة اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب " دﻓﻊ ﻓﻲ أﻋﻣﺎق اﻟﻣوﺟود اﻟﺑﺷري "
ﻛﺛﻳرﻳن ﻟﻠﻘوﻝ أﻧﻬﺎ ﻣن أﻫم أﻋﻣﺎﻟﻪ اﻷدﺑﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌرﺿت ﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻌﺑث وﺷرﻋت ﻓﻲ ﺗﻔﺳﻳرﻫﺎ
وﻫذا ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻛﺎﺗﺑﺎ " أﻗدم ﻟك اﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣوا " ان ﻛﺎﻣوا ﻟم ﻳوﺻف اﻟﻌﺑث ﺑطرﻳﻘﺔ ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻓﻲ أي
ﻣﻛﺎن أﻛﺛر ﻣﻣﺎ وﺻﻔﻪ ﻓﻲ اﻟرواﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﻳﺣﻣﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻘﻳﺑﺗﻪ " وﻫﻧﺎ ﻳﻘﺻد رواﻳﺔ اﻟﻐرﻳب .
وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة ﺑﻧﺎ ﻓﻲ ﺧﺗﺎم اﻟﺣدﻳث ﻋن ﻋﻣﻝ ﻛﺎﻣوا ﻫذا أن ﻣورﺳوا ﺑطﻝ رواﻳﺔ اﻟﻐرﻳب
ﻳوﺿﻊ ﻓﻲ اﻻﺧﻳﺎر ،ﺑوﺿﻊ ﻛﺎﻣوا ﺑطﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﻼﺧﻳﺎر ﻫو ﺣﻳز ﻣﺛﺎﻝ ﻋﻠﻲ أﻣرﻳن ،اﻷوﻝ
ﺣﺗﻣﻳﺔ اﻟﻌﺑث ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣوﺟود اﻟﺑﺷري و اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻫو ﻣﻧﺎﻗﺿﺔ ﻓﻛرة ﺳﺎرﺗر اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻲ
اﻟﺧﻳﺎرات اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ أﻣﺎم اﻹﻧﺳﺎن و اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌﻝ اﻟﺣرﻳﺔ ،ﺣرﻳﺔ اﺧﺗﻳﺎر ﻣﺎ أﻛون ،ﻣن اﻟﺻﻔﺎت
-1مبروفيتش ديفيت زين ،كوركوس الن ،اقدم لك البير كامي ،ترجمة امام عبد الفتاح امام ،المشرف القومي
للترجمة ،القاھرة ،2002 ،ص 80
38
ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب" اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺛﺎﻧﻲ :
ﻳﺗﻣﻳز ﺑﺻﻔﺔ اﻟﻼﻣﺑﺎﻻة ،ﺣﻳث ﺗﺟﻌﻠﻪ ﻣﺑﻬﻣﺎ ،ﻏرﻳﺑﺎ ﻋن ﺗﺻرﻓﺎﺗﻪ ﻓﻬو ﻟم ﻳﺗﺄﺛر ﺑﻣوت أﻣﻪ
وﻟم ﻳﺻدﻣﻪ ﻫذا اﻟﻧﺑﺄ ،ﺑﻌد أن أودﻋﻬﺎ اﺣد اﻟﻣﻼﺟﺊ ،ﻓﻌﻧد دﻓن أﻣﻪ ﻳﻐﺗﻧم أوﻝ ﻓرﺻﺔ ﺗﺗﺎح
ﻟﻪ ﻟﻳﻘﻳم ﻋﻼﻗﺔ ﻏﻳر ﺷرﻋﻳﺔ ﻣﻊ ﻣﺎري ،وﺣدﻳﺛﻪ ﻋن ﻫذا اﻟﺣدث اﻟﻣؤﻟم ،ﻳﺑدو ﻓﻳﻪ ﻋدﻳم
اﻹﺣﺳﺎس و اﻟﺷﻔﻘﺔ ﻋﻠﻲ أﻣﻪ ،وﻫذﻩ اﻟﺻﻔﺔ اﻟﻣﻘروﻧﺔ ﺑﻣواﻗف أﺧري ﻣن ﺑطﻝ اﻟرواﻳﺔ ﻫﻲ
اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌﻠﻪ ﻏرﻳب ﻋن ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻳﻧدﻫش ﺑﺗﺻرﻓﺎﺗﻪ وﻳﺣﻛم ﻋﻠﻳﻪ ﺑﺎﻹﻋدام ﻛﻣﺎ إن ﻫذﻩ اﻟﺻﻔﺎت
و اﻟﻣواﻗف اﺗﺟﺎﻩ اﻟﻌﺎﻟم ﻋﺎﻣﺔ ﻻ ﺗﺑﻌد أن ﺗﻛون ﻓﻲ ﻧظرﻧﺎ ﺗﻌﺑﻳر ﻋن إﺣﺳﺎس ﺑﺎﻟﻣوت ﻗﺑﻝ
أواﻧﻪ ﻻن ﻫذﻩ اﻟﻼﻣﺑﺎﻻة ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻫﻲ ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﻳﺷﻌر ﺑﻬﺎ ﺗﻣﺎﻣﺎ ﺑﻌد أن ﺣﻛم ﻋﻠﻳﻪ ﺑﺎﻹﻋدام و
1
ﻷوﻝ ﻣرة
ﺗﻛﻣن ﺳﻌﺎدة ﻣوارﺳو ﻓﻲ أن ﻳﻌﻳش ﻏرﻳﺑﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻌﺎﻟم ﺗواﻓﻘﺎ إﻟﻲ ﻋﺎﻟم اﻟﻧﻬﺎﻳﺔ ﺑرﺟوﻋﻪ إﻟﻲ
اﻟﻐﻧﺎء و اﻟﻌدم إﻟﻲ اﻟﻣوت ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ اﻟﻣﻧﺗظرة ﻟﻛﻝ إﻧﺳﺎن وﺑﻣﻘدار ﻣﺎ ﻳﺗﻌد ﻋن ﻫذا
اﻟﻌﺎﻟم ،ﻳﺟد ﺳﻌﺎدﺗﻪ وﻳﻘﺗرب ﻣن ﺣﻘﻳﻘﺗﻪ اﻟﺗﻲ ﻳﺄﺑﻲ اﻟﻔﻛر اﻟﻌﻳﺷﻲ إﻻ أن ﺑطﻝ ذﻫﻧﻪ ﻣﺷﺑﻌﺎ
-1عبر القادر توزان ،الشعور باالغتراب عند ابي عالء المعري و البير كاموا ،أطروحة الدكتوراه2006 */ 2005 ،
،ص153
39
ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب" اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺛﺎﻧﻲ :
ﻧﻠﻣس ﺻﻔﺔ اﻟﻼﻣﺑﺎﻻة ﻓﻲ ﻛﺛﻳر ﻣن اﻟﻌﺑﺎرات اﻟﻣﺗﻛررة ﻋﻠﻲ ﻟﺳﺎن ﻣوارﺳو "ﻟﻳس ﻫذا ذﻫﻧﻲ "
1
وﻛذﻟك ﻗﺗﻠﻪ ﻟﻠﻌرﺑﻲ اﻟذي ﺗم ﺗﻧﻔﻳذﻩ ﺑﻘوة ﺗﻔوق إرادﺗﻪ .
وﻣن ﺑﻳن ﺻﻔﺎت اﻟﻐرﻳب ﻣوﻗﻔﻪ اﻟﻼﻣﺑﺎﻻة ﻣرة أﺧري ﻣن ﺗﻘﺎﻟﻳد اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وأﺧﻼﻗﻪ ﻷﻧﻪ إﻧﺳﺎن
ﻣﻌدوم اﻟﻌواطف ﻟﻛﻧﻪ ﻗوي اﻹﺣﺳﺎس وﻟﻬذا ﺗﺑدو ﻣﻌﺎﻣﻠﺗﻪ ﻻﻣﻪ و ﻣﺎري ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻻ أﺧﻼﻗﻳﺔ
ﻓﻲ ﻧظر اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ،ﻛﻣﺎ أن إﻳﻣﺎﻧﻪ ﺑﺎﻟﺣس وﻓﻘداﻧﻪ اﻟﻌﺎطﻔﻲ ﻫو اﻟذي ﻳدﻓﻌﻪ ﻫﻧﺎ إﻟﻲ ﺗﺣﻘﻳق
2
اﻟﻣﺗﻌﺔ اﻟﺣﺳﻳﺔ وﻧﻛران اﻟﻘﻳم اﻷﺧﻼﻗﻲ
ٕواذا ﻛﺎن ﻣوارﺳو ﻻ ﻳدرك ﻣﻌﻧﻲ اﻟﺣب ﻓﻼﻧﺔ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻌﻳﺷﻰ ﻻ ﻳؤﻣن ﺑﺎﻟﻐﻳﺑﻳﺎت و إن ﻋﺎﻟﻣﻪ
وﻳري ﻗﻣﻳر ﻣﺣﻳد ﻟطوﻳﻝ إن ﻣوﻗف "ﻣوارﺳو" ﻫو رﻣز ﻟﻺﻧﺳﺎن اﻟﺑريء اﻟذي ﻻ ﻳﺣس ﻟﻌﺑﺔ
ٕواذا ﺳﻠﻣﻧﺎ ﺑﺎن "ﻣوارﺳو" ﻻ ﻳﺧﺗﻠف ﻛﺛﻳ ار ﻋن اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺑداﺋﻲ ﺑﺗﺻرﻓﺎﺗﻪ ﻫذﻩ ﻓﺎﻧﻪ ﻻ ﺑد أن
3
ﻳﺿﻝ ﻋﺎﺟ از ﻋن ﻓﻬم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣﺛﻠﻣﺎ ﻳﻌﺟز اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋن ﻓﻬﻣﻪ
ﻳﻘوﻝ اﺣد اﻟدارﺳﻳن ﻓﻲ ﺷﺧﺻﻳﺔ" ﻣوارﺳو" إن ﻣوارﺳو ﻳﻬب ﻧﻔﺳﻪ ﻟﻠﺗﺣرﻳﺔ اﻟﺧﺎﻟﺻﺔ ﻟﻠﺳﻌﺎدة
اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻧﺣﻬﺎ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷرة وﻛﺄﻧﻪ طﻔﻝ ﻛﺑﻳر ﻳﻔﺗﺢ ﻋﻳﻧﻳﻪ ﻷوﻝ ﻣرة ﻋﻠﻲ ﺑراءة اﻟﻧور وﻳﻔرح
-1عبر القادر توزان ،الشعور باالغتراب عند ابي عالء المعري و البير كاموا ،أطروحة الدكتوراه2006 */ 2005 ،
،ص 154
-2المرجع نفسه ،ص 155
-3المرجع نفسه ،ينظر ص 158
40
ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب" اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺛﺎﻧﻲ :
ﻣن ﻗﻠﺑﻪ ،ﻳﻔر ﻣن اﻷﻟوان وﻳرﺗﻌش ﻓﻲ ﻛﻝ اﻟﻣوﺟودات ،ﻟﻘد اﻟﻘﻲ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻋﺎﻟم ﻻ ﻳﻌرﻓﻪ اﻧﻪ
1
ﻳﺣﻳﺎ ﻛﺎﻟﻐرﻳب ﺑﻳن اﻟﻐرﺑﺎء
ﻣوارﺳو ﻓﻲ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ رﺟﻝ ﻣﺗﻣرد ﻳرﻓض اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟﻣﺑﻧﻳﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﻧﻔﺎق ﻓﻲ ﺣﻳﺎﺗﻧﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ ،
2
ﻛﻣﺎ ﻳرﻓض اﻟﻌواطف اﻟﻌﻧﻳﻔﺔ و اﻟﺣرﻛﺎت اﻟﻣﺳطرة و اﻟذي ﻻ ﻳﺣب أن ﻳﺗظﺎﻫر ﺑﺷﻲء ﻣﺎ
ﻓﻬو ﻳرﻓض إﻟﻲ أﺧر ﻟﺣظﺔ ﻣن ﺣﻳﺎﺗﻪ اﻟدﺧوﻝ ﻓﻲ ﻟﻌﺑﺔ اﻵﺧرﻳن ﻟﻛﻧﻪ ﺿﻝ ﻣرﺗﺑطﺎ ﺑﺄﻣور
ﻟﻘد اﺳﺗﻣر ﻓﻲ اﻟﻌﻳش ﻏرﻳﺑﺎ ﻻ ﻳﻣد ﺑﺄدﻧﻰ ﺻﻠﺔ ﻟﻬذا اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ .
ﻟﻘد اﺧﺗﺎر ﻛﺎﻣوا "ﻣوارﺳو" اﻟﻣﻣﺛﻝ اﻟﺷﺧﺻﻲ وﻗد اﺧﺗﺎر اﺳم اﻟﺑطﻝ "ﻣوارﺳو" moursoultو
3
اﻟذي ﻳﺣﻣﻝ ﻣﻌﻧﻲ Mer – soleilاﻟﺷﻣس و اﻟﺑﺣر وﻓﻲ أﺳﻣﺎء ﻳﻘدﺳﻬﺎ اﻟﻛﺎﺗب
-1عبر القادر توزان ،الشعور باالغتراب عند ابي عالء المعري و البير كاموا ،أطروحة الدكتوراه2006 */ 2005 ،
ص 164 ، 163
-2المرجع نفسه ،ص165
-3المرجع نفسه ،ينظر ص 168
41
ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب" اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺛﺎﻧﻲ :
1
ﺧﻼص .ﻏﺑﻲ .وﺣﻳد .ارض .ﺷﻣس .
ﺗﺟري أﺣداث ﻫذﻩ اﻟرواﻳﺔ ﺑﺎﻟﺟزاﺋر اﻟﻌﺎﺻﻣﺔ و اﻟدارس ﻟﻬﺎ ﻳﻼﺣظ أﻧﻬﺎ ﻣﻠﻳﺋﺔ ﺑﺎﻟﺗﻌﺎﺑﻳر
اﻟوﺻﻔﻳﺔ اﻟﻣﺗﻌددة ﻟﻠطﺑﻳﻌﺔ اﻟﺟزاﺋرﻳﺔ ﻣن ﺷﻣس و ﺑﺣر وﺑﻧﻳﺎت و ﺷوارع وﺻﻔﺎ دﻗﻳﻘﺎ و ﻏرﻳﺑﺎ
ﻓﻳﻘوﻝ ﻓﻲ اﺣد اﻟﻣواﺿﻳﻊ "ﺑﻌد ﻣرورﻩ ﺻﺎر اﻟﺷﺎرع ﻳﺧﻠو روﻳدا روﻳدا ﻣن اﻟﻣﺎرة ،اﻋﺗﻘد أن
ﺟﻣﻳﻊ اﻷﻓﻼم ﻓﻲ دور اﻟﻌرض ﻛﺎﻧت ﻗد ﺑدأت ﻓﻲ ﻛﻝ ﻣﻛﺎن ،ﻓﻠم ﻳﻌد ﻓﻲ اﻟﺷﺎرع إﻻ
أﺻﺣﺎب اﻟﺣواﻧﻳت و اﻟﻘطط ،ﻛﺎﻧت اﻟﺳﻣﺎء ﺻﺎﻓﻳﺔ دون ﺑرﻳق ﻓوق أﺷﺟﺎر اﻟﺗزﻳن ﻋﻠﻲ
ﺟﺎﻧﺑﻲ اﻟطرﻳق ،اﺧرج ﺑﺎﺋﻊ اﻟﺗﺑﻎ ﻛرﺳﻳﺎ ووﺿﻌﻪ أﻣﺎم ﺑﺎﺑﻪ و ﺟﻠس ﻋﻠﻳﻪ ﻣﺗﻛﺋﺎ ﺑرﻳد ﻋﻠﻲ
2
ﻣﺳﻧدﻩ ،ﻟﻘد ﺻﺎر اﻟﺗرام اﻟذي ﻛﺎن ﻣزدﺣﻣﺎ ﻣﻧذ ﻗﻠﻳﻝ ﻓﺎرﻏﺎ
ﻓﻬذا اﻟوﺻف ﻓﻲ ﻣﺟﻣﻠﻪ ﻳدﻝ ﻋﻠﻲ ﺑطﻝ اﻟرواﻳﺔ ﺷﺧص ﻣﺗﻔرغ ﻟدرﺟﺔ اﻧﻪ اﺳﺗﻐرق ﻓﻲ وﺻﻔﻪ
-1عبر القادر توزان ،الشعور باالغتراب عند ابي عالء المعري و البير كاموا ،أطروحة الدكتوراه2006 */ 2005 ،
،ص 170
-2البير كامي ،الغريب ،تر :دكتور محمد بو عالق ،دار تالنتيقين للنشر ،بجاية ، 2013 ،ص 35
42
ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب" اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺛﺎﻧﻲ :
وﻳﺿﻳف " ،أﺿﻳﺋت ﻣﺻﺎﺑﻳﺢ اﻟﺷﺎرع ﻓﺟﺄة ﻣﺎ ﺟﻌﻝ ﻟون اﻟﻧﺟوم ﻳﺷﺣب ،ﺷﻌرت ﺑﺎن ﻋﻳﻧﺎي
ﺑدأﺗﺎ ﺗﺗﻌﺑﺎن ﻣن ﻛﺛرت اﻟﻧظر إﻟﻲ اﻷرﺻﻔﺔ اﻟﻣﻣﻠؤة ﺑﺎﻟرﺟﺎﻝ و اﻷﺿواء ،ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺻﺎﺑﻳﺢ
1
ﺗﻠﻣﻊ اﻟﺟزء اﻟﻣﺑﻠط ﻣن اﻟﺷﺎرع ،ﺑﻝ ﺗﻠﻣﻊ ﺣﺗﻰ اﻟﺷﻌور اﻟﻼﻣﻌﺔ و اﻻﺑﺗﺳﺎﻣﺎت و اﻟﺣﻠﻲ"
ﻧﻼﺣظ ﻣن ﺧﻼﻝ ﻫذا اﻟوﺻف ﺑﻌض اﻟﺗﻧﺎﻗﺿﺎت ﻣن طرف اﻟﻛﺎﺗب ﻫﻝ ﻫو ﻳﺗﺄﻣﻝ ﻫذا
اﻟﻣﻧظر ﺑﺈﻋﺟﺎب أو ﺑﺎﻧزﻋﺎج ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻣن ﻫﻧﺎ ﺗظﻬر ﻣﻼﻣﺢ اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻓﻬو ﻣﻌﺟب ﺗﺎرة
وﻣﻧزﻋﺞ ﺗﺎرة أﺧري ،و ﻣن ﻧﻣﺎذج اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻣن ﺧﻼﻝ اﻟﻣﻛﺎن ﻫو ذﻟك اﻟوﺻف اﻟﻐرﻳب ﻟﺷﻘﺔ
ﺟﺎرﻩ " ﻟدﻳﻪ ﺳوي ﻏرﻓﺔ وﺣدة و ﻣطﺑﺦ ﺑدون ﻧﺎﻓذة ﻓوق ﺳرﻳرﻩ ﻳوﺟد ﺗﻣﺛﺎﻝ ﻟﻣﻼك ﻣن اﻟرﺧﺎم
اﻷﺑﻳض و اﻟوردي ،وﺑﻌض ﺻور اﻟﻣﺷﺎﻫﻳر وﺻورﺗﻳن أو ﺛﻼﺛﺔ ﻟﻧﺳﺎء ﻋﺎرﻳﺎت ﻛﺎﻧت اﻟﻐرﻓﺔ
2
ﻣﺗﺳﺧﺔ و اﻟﺳرﻳر ﻏﻳر ﻣﻧظم "
ﻧﻼﺣظ ﻣظﻬ ار أﺧر ﻣن ﻋﺑﺛﻳﺔ ﻏرﻳب اﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣوا ﻣن ﺧﻼﻝ وﺻﻔﻪ ﺟﻧﺎزة أﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﻠﺟﺄ ،
دﺧﻠت ﻛﺎﻧت اﻟﻘﺎﻋﺔ ﻣﺿﻳﺋﺔ ﺟدا واﺑﻳض ﺑﺎﻟﺟﻳر وﺗم ﺗﺄﺛﻳﺛﻬﺎ ﺑﺎﻟﻛراﺳﻲ ﻓﻲ اﻟوﺳط ﻳوﺟد ﺗﺎﺑوت
ﻣﻐطﻲ ﺗري ﻓﻳﻪ ﻣﺳﺎﻣﻳر ﺗﻠﻣﻊ ﻟم ﻳﺗم دﻗﻪ إﻟﻲ ﻧﻬﺎﻳﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘرب ﻣن اﻟﺗﺎﺑوت وﻗﻔت ﻣﻣرﺿﺔ
3
ﻋرﺑﻳﺔ ﻻﺑﺳﺔ ﺟﻠﺑﺎﺑﺎ اﺑﻳض و ﻋﻠﻲ رأﺳﻬﺎ وﺷﺎح ﻣن ﻟون ﻻﻣﻊ
وﻓﻲ ﻣوﺿﻊ أﺧر ﻳﻘوﻝ " :ﻛﺎن ﻫﻧﺎك ﻣﻧظر اﻟﻛﻧﻳﺳﺔ و اﻟﻘروﻳﻳن ﻓوق اﻷرﺻﻔﺔ وورود
ﺑﻧﻌﻣﺎن اﻟﺣﻣراء ﻓوق ﺿراﺋﺢ اﻟﻣﻘﺑرة ٕ ،واﻧﻣﺎءة ﺑﻳرﻳز ) ﻛﺄﻧﻪ دﻣﻳﺔ ﻣﻔﻛﻛﺔ ( ﺛم اﻟﺗراب ﺑﺎﻟﻠون
اﻟدﻣوي ﻳﻘﻠب ﻋﻠﻲ ﺗﺎﺑوت أﻣﻲ ﻣﺧﺗﻠط ﺑﺎﻟﺟذوع اﻟﺑﻳﺿﺎء أﻧﺎس آﺧرون أﺻوات اﻟﻘرﻳﺔ ،
اﻻﻧﺗظﺎر أﻣﺎم اﻟﻣﻘﻬﻰ ﺿوﺿﺎء اﻟﻣﺣرﻛﺎت اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﺗوﻗف ﺛم ﻫﻧﺎك ﻓرﺣﺔ ﻋﻧدﻣﺎ دﺧﻠت
1
اﻟﺣﺎﻓﻠﺔ إﻟﻲ أﺿواء اﻟﺟزاﺋر وﻓﻛرت ﻓﻲ أﻧﻧﻲ ﺳوف اذﻫب ﻷﻧﺎم ﻟﻣدة 12ﺳﺎﻋﺔ "
و اﻟﻣﺳﺗﻐرق ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟرواﻳﺔ ﻳﻼﺣظ أن اﻟﺑطﻝ ﻳﻧزﻋﺞ ﻛﺛﻳ ار ﻣن اﻟﺣ اررة اﻟﻼﻣطﺎﻗﺔ ،وﻻ ﻳﻧزﻋﺞ
ﻟﻣوت أﻣﻪ ﺑﻝ ﻫو ﻣﺳﺗﻌﺟﻝ ﻻن ﻳذﻫب إﻟﻲ اﻟﻧوم وﻳظﻬر اﻧزﻋﺎﺟﻪ ﻣن اﻟﺣ اررة ﻓﻲ اﻟﻌدﻳد ﻣن
اﻟﻣﻘﺎطﻊ " ﻛﺎﻧت اﻟﺷﻣس ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻲ اﻟرﻣﺎﻝ ﺑﺷﻛﻝ ﻋﻣودي ﺗﻘرﻳﺑﺎ وﻟﻣﻌﺎﻧﻬﺎ اﻟذي ﻻ ﻳطﺎق ﻳﻘﻊ
2
ﻓوق ﻣﻳﺎﻩ اﻟﺑﺣر "
وﻓﻲ ﻣﻘطﻊ أﺧر " ﻟﻘد ﻛﻧت ﺗواﻗﺎ ﻟﺳﻣﺎع اﻟﺧرﻳر اﻟﻬﺎدئ ﻟﺗﻠك اﻟﻣﻳﺎﻩ ﺗواﻗﺎ ﻟﻠﻬروب ﻣن ﺗﻠك
3
اﻟﺷﻣس"
وﻣﺎ ﻳﻠﻔت اﻻﻧﺗﺑﺎﻩ و ﻳﺷد اﻷﻧظﺎر ﺗﻠك اﻟﻧرﺟﺳﻳﺔ ﻣن طرف اﻟﻛﺎﺗب ﺧﻼﻝ وﺻﻔﻬﺎ أﺛﻧﺎء
ﻣﺣﺎﻛﻣﺔ ﻣوارﺳو ﺑداﻳﺔ ﻋﻧد اﺳﺗﺟواﺑﻪ ﻣن طرف ﻗﺎﺿﻲ اﻟﺗﺣﻘﻳق " ﻗد اﺳﺗﻘﺑﻠﻧﻲ ﻓﻲ ﺣﺟرة
ﻣﺣﺎطﺔ ﺑﺳﺗﺎﺋر وﻋﻠﻲ ﻣﻛﺗﺑﻪ ﻣﺻﺑﺎح واﺣد ﻳﺿﻲء اﻟﻣﻘﻌد اﻟذي أﺟﻠﺳﻧﻲ ﻋﻠﻳﻪ ﻓﻲ ﻣﻛﺎﻧﻪ و
ﻧﻔﺳﻪ ﻳﺧﺿﻊ ﻓﻲ اﻟظﻼم ،ﻛﻧت ﻗد ﻗرأت وﺻﻔﺎ ﻣﺷﺎﺑﻬﺎ ﻓﻲ أﺣﺎدﻳث اﻟﻛﺗب وﻋﻠﻳﻪ ﻓﻘد ﺑدى ﻟﻲ
إﻧﻪ ﻟوﺻف ﻏرﻳب " وﻛﺄﻧﻪ ﺗﻣﺛﻳﻠﻳﺔ" ﻓﻣوارﺳو ﻓﻲ وﺿﻊ ﺣرج ﻣﺗﻬم ﻓﻲ ﺟرﻳﻣﺔ ﻗﺗﻝ إﻻ أﻧﻪ ﻳدﻗق
ﻓﻲ ﻣﻼﺣظﺔ اﻟﻣﻛﺗب ،و ﻳﻛﻣﻝ ﻓﻲ وﺻف ﻗﺎﺿﻲ " ﻓرأﻳﺗﻪ رﺟﻼ ذا ﻣﻼﻣﺢ دﻗﻳﻘﺔ و ذا ﻋﻳﻧﺎن
زرﻗﺎوان ﻏﺎﺋرﺗﺎن ﻣﺗﻘدم ﻓﻲ اﻟﺳن ﻟﻪ ﺷﺎرب رﻣﺎدي و ﺷﻌر اﺑﻳض ﻛﺛﻳف ﺑدا ﻟﻲ أن ذﻟك اﻟرﺟﻝ
ﻣﺗﻌﻘﻝ ﺟدا وﻋﻠﻲ درﺟﺔ ﻛﺑﻳرة ﻣن ﺧﻔﺔ اﻟﺿﻝ ،رﻏم ﺗﻠك اﻟﻐﻣﺎزات اﻟﻼإرادﻳﺔ ﻋﻠﻲ أﺣد ﺟﺎﻧب
1
وأﺧﻳ ار اﻟﻔم ،ﻫﻣﻣت ﺑﻣﺻﺎﻓﺣﺗﻪ ﻟﻛﻧﻧﻲ ﺗذﻛرت ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﻠﺣظﺔ أﻧﻧﻲ ﻛﻧت ﻗد ﻗﺗﻠت رﺟﻼ"
ﺗذﻛراﻧﻪ ﻓﻲ ورطﺔ ﻻ ﻣﺧرج ﻣﻧﻬﺎ ﺑﻌد ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﺗﺄﻣﻼت و اﻟﻣﻼﺣظﺎت وﺣﺗﻰ ﻋﻧد إدﺧﺎﻟﻪ
اﻟﺳﺟن ﻟم ﻳﻧﻔك ﻳﻼﺣظ و ﻳﺻف " ﺗﺑﻌﺗﻪ إﻟﻲ ﺣﻳث ﻳوﺟد ﻗﺎﻋﺔ اﻟﺣدﻳث ﻋﺑر ﻣﻣر طوﻳﻝ ﺛم
ﺻﻌدﻧﺎ اﻟﺳﻠم ﺛم ﻣﻣ ار أﺧر ودﺧﻠت إﻟﻲ ﻗﺎﻋﺔ ﻛﺑﻳرة ﺗﺿﻳﺋﻬﺎ ﻓﺗﺣﺔ واﺳﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﻘف ﻛﺎﻧت
ﺗﻠك اﻟﻘﺎﻋﺔ ﻣﻘﺳﻣﺔ طوﻟﻳﺎ ﺑواﺳطﺔ ﺷﺑﻛﺗﻳن ﻣﻌدﻧﻳﺗﻳن إﻟﻲ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺳﺎم وﺑﻳن ﻫﺎﺗﻳن اﻟﺷﺑﻛﺗﻳن
2
ﻛﺎﻧت ﻫﻧﺎﻟك ﻣﺳﺎﻓﺔ ﺗﻔﺻﻝ ﺑﻳن اﻟزوار و اﻟﻣﺳﺎﺟﻳن ﻗد ﺗﺻﻝ إﻟﻲ ﻋﺷرة أﻣﻳﺎﻝ "
ﻟﻘد ﻛﺎن ﻣوارﺳو ﻳﺗﺟوﻝ رﻏم اﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﺳﺟوﻧﺎ إﻻ اﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺗﺟوﻝ وﻳﺗﻧﻘﻝ ﻟﻛن ﻓﻲ ﻣﺧﻳﻠﺗﻪ
"ﺛم اﻧﺗﻬﻲ اﻷﻣر إﻟﻲ أﻧﻧﻲ ﻟم اﻋد ى اﺷﻌر ﺑﺎﻟﺿﻳق و ذﻟك ﻣﻧذ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻠﻣت ﻓﻳﻬﺎ
ﻛﻳف اﺳﺗﻌد اﻟذﻛرﻳﺎت ﻓﻔﻲ ﺑﻌض اﻟﻣرات ﻛﻧت أﻓﻛر ﻓﻲ ﺣﺟرﺗﻲ وﻛﻧت اذﻫب إﻟﻲ اﺣد
1
اﻷرﻛﺎن ﺑﺎﻟﺧﻳﺎﻝ طﺑﻌﺎ ﺛم أﻋود و أﻧﺎ أﺣﺻﻲ ذﻫﻧﻳﺎ ﻣﺎ ﻫو ﻣوﺟود ﻓﻲ طرﻳﻘﻲ "
ﻓﻬو ﻗد وﺟد وﺳﻳﻠﺔ ﻟﻘﺗﻝ اﻟوﻗت ﻣﻧﺟﺢ ﻓﻲ ذﻟك " ﺣﺗﻰ أﻧﻧﻲ ﻓﻲ ظرف ﻋدة أﺳﺎﺑﻳﻊ ﺻرت
2
اﺳﺗطﻳﻊ اﻟﻘﺿﺎء ﺳﺎﻋﺎت طوﻳﻠﺔ دون ﻣﻠﻝ "
ﻣن اﻟواﺿﺢ أن ﻣوارﺳو ﻗد ﺗﻌود ﻋﻠﻲ اﻷﻳﺎم ﻓﻲ اﻟﺳﺟن ورﺑﻣﺎ وﺟد ﻧﻔﺳﻪ أرﻳﺢ ﻣن اﻧﻪ ﻛﺎن
طﻠﻳﻘﺎ وﻟﻌﻝ ﻫذا اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟراﺣﺔ و اﻟﺣرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﺟن ﻳﺑرز اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻌﺑﺛﻲ ﻟرواﻳﺔ .
واﺻﻝ ﻛﺎﻣﻲ وﺗﻳرﺗﻪ اﻟوﺻﻔﻳﺔ اﻟﻣﺗﺳﻣﺔ ﺑﺎﻟﻌﺑث و اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻟوﺻف أﺣداث ﻣﺣﺎﻛﻣﺗﻪ " ﻛﺎﻧت
اﻟﻘﺎﻋﺔ ﻣﻠﻳﺋﺔ ﻋن أﺧرﻫﺎ و رﻏم وﺟود اﻟﺳﺗﺎﺋر ﻓﺎن اﻟﺷﻣس ﻣوﺟودة ﻓﻲ ﺑﻌض أﻣﺎﻛن اﻟﻘﺎﻋﺔ و
3
اﻟﻬواء ﺧﺎﻧق ﻻن زﺟﺎج اﻟﻧواﻓذ ﻛﺎن ﻣﻐﻠﻘﺎ
ﻳﺑدو ﺑطﻝ اﻟرواﻳﺔ ﻣﻧزﻋﺟﺎ ﻟﻛن ﻣﺻدر اﻧزﻋﺎﺟﻪ ﻟم ﻳﻛن ﺳﺑﺑﻪ اﻟﺗﻬﻣﺔ اﻟﻣوﺟﻬﺔ إﻟﻳﻪ ﺑﻝ اﻟﺣﺷد
اﻟﻛﺑﻳر ﻣن اﻟﻧﺎس و اﻟﺻﺣﻔﻳﻳن و اﻟدر ﻛﻳن ﻫو ﻣن ﺳﺑب ﻟﻪ اﻻﻧزﻋﺎج " ﻻﺣظت آن اﻟﻧﺎس
ﻛﻠﻬم ﻳﺗﻘﺎﺑﻠون وﻳﺗﺻﺎﻓﺣون و ﻳﺗﺟﺎدﻟون اﻟﺣدﻳث ﻓﻲ ﺳﻌﺎدة ﻛﻣﺎ ﻟو ﻛﺎﻧوا ﻓﻲ اﻟﺣد اﻷﻧدﻳﺔ ﺛم
ﺣﺎوﻟت ﻷﻓﺳر ﻟﻧﻔﺳﻲ ذﻟك اﻟﺷﻌور اﻟﻌﺟﻳب اﻟذي اﻋﺗراﻧﻲ ﻣن أﻧﻧﻲ ﺷﺧص ﻏﻳر ﻣرﻏوب ﻓﻳﻪ
1
وﺳط اﻟﺟﻣﻊ إﻧﻧﻲ دﺧﻳﻝ ﻋﻠﻳﻬم "
ﻟم ﻳﺻﻝ ﻣوارﺳو ﺑﻌد إﻟﻲ ﻧﻘطﺔ اﻧﻪ ﻣﺗﻬم ﻓﻲ ﺟرﻳﻣﺔ ﻗﺗﻝ ﻓﻬو ﻟم ﻳﺳﺗوﻋب ﺑﻌد ﺳﺑب ﻫذا
اﻟﺗﺟﻣﻊ و اﻻﻛﺗظﺎظ
وﻫو أﻻن ﻳﺻف اﻟﻣﻘﺻﻠﺔ وﻫﻲ اﻷداة اﻟﺗﻲ ﺳﻳﻣوت ﺑﻬﺎ وﻛﺄﻧﻪ ﻳﺗﻐزﻝ ﺑﻬذﻩ اﻷﺧﻳرة " ﻛﺎﻧت
اﻵﻟﺔ ﻣوﺿوﻋﺔ و ﺑﻛﻝ ﺑﺳﺎطﺔ ﻋﻠﻲ اﻷرض وﻛﺎﻧت ﻓﻲ ﺷﻛﻠﻬﺎ اﻗﻝ ﺿﻳﻘﺎ ﻣﻣﺎ ﻛﻧت أﺗﺧﻳﻠﻪ ،
2
.....ﺑﻬرﺗﻧﻲ دﻗﺔ ﺻﻧﺎﻋﺗﻬﺎ اﻟﻣﺗﻘﻧﺔ "
ﻓﻬذﻩ اﻟﺻورة و اﻷوﺻﺎف ﺗوﺣﻲ ﻓﻲ ﻣﺟﻣﻠﻬﺎ ﺟﺎﻧﺑﺎ ﻣن اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﻌﺑﺛﻲ وﺻﻔﺔ اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ و
اﻟﻼﻣﻧطق ،ﻓﺎن اﻟدارس ﻟﻬذﻩ اﻟرواﻳﺔ و اﻟﻣﺗﺄﻣﻝ ﻓﻳﻬﺎ ﻳﻠﻣﺢ اﻟﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻣن ﺧﻼﻝ اﻷﻣﺎﻛن
ﺧﺎﺗﻣﺔ :
ﻫذﻩ ﺧطوط ﻋﺎﻣﺔ ﺻورﻧﺎ ﺑﻬﺎ ظﺎﻫرة اﻟﻌﺑث ﻓﻲ اﻷدب ﻣن ﺣﻳث ﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﺣﻳﺎة اﻟﻌﺎﻣﺔ وأﺛرﻩ
ﻓﻲ اﻟﻧﻔس اﻟﺑﺷرﻳﺔ ،وﻗد ﺣﺻرﻧﺎ ﻓﻲ ﺑﻳﺎن ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻋﻠﻲ أن ﻳﻘف اﻟﻘﺎرئ ﻋﻠﻲ اﻟﻣﻌﺎﻟم
اﻟﻛﺑرى اﻟواﺿﺣﺔ ﻓﻲ ﺣﻳﺎة اﻷدب ﺧﻼﻝ اﻟﻌﺻور اﻟﺣدﻳﺛﺔ ﺧﺎﺻﺔ وﻗﺗﻧﺎ اﻟﺣﺎﺿر ﻟﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك
ﻣن ﺳﺑﻳﻝ إﻟﻲ ﺗوﺳﻳﻊ إدراﻛﻪ
و ﻣن ﺧﻼﻝ ﺗﻌرﺿﻧﺎ ﻟدراﺳﺔ ﺗﻳﺎر اﻟﻌﺑث و اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ﻟﻣﺎ ﺗﺣﻣﻠﻪ اﻟﻛﻠﻣﺔ ﻣن اﺳﺗﻬزاء و ﺳﺧرﻳﺔ
أدرﻛﻧﺎ اﻧﻪ ﻋﻠﻲ اﻟرﻏم أن أدب اﻟﻌﺑث ﻻ ﻳﺣﺗوي إﻻ ﻋﺑث اﻟﺣﻳﺎة و ﺿﻳﺎع اﻹﻧﺳﺎن ﻣﻊ ﻋﺎﻟم
ﻳﺧﻠو ﻣن اﻟﻘﻳم اﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ اﻻ اﻧﻪ اﺳﺗطﺎع أن ﻳﺻور اﻟﻣﻌﺎﻧﺎت و اﻟﻌزﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﻌﻳﺷﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن
اﻟﻣﻌﺎﺻر ،ﻓﺣرﻛﺔ اﻟﻌﺑث ﻟم ﺗﺄﺗﻲ ﻋﺑﺛﺎ و ﻟو أن ﺗﺻوﻳرﻫﺎ ﻣﺟرد ﺳﺧرﻳﺔ إﻻ اﻧﻪ و ﻟﻸﺳف ﻫو
اﻟواﻗﻊ اﻟﻣﻌﺎش .
ﻓﺎﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﺗﻧﺑﺛق ﻋﻧﻬﺎ ﺛﻼث ﻧﺗﺎﺋﺞ :اﻟﺗﻣرد ،اﻟﺣرﻳﺔ ،اﻻﻣﺗﻼء ،أي أن اﻹﻧﺳﺎن ﻣرو ار
ﺑﺎﻟﻌﺑث ﻳﺣﻘق ﺣرﻳﺗﻪ وﻫﻲ إدراك ﺣﻘﻳﻘﺗﻪ و ﺣﻘﻳﻘﺔ وﺟودﻩ ،ﺛم ﻳﻧﺑﺛق ﻋﻧﻬﺎ اﻟﺗﻣرد اﻟداﻋﻲ إﻟﻲ
اﻻﺳﺗﻐﻼﻝ اﻟﺣﺿر و اﻟﺗﻣﺗﻊ ﺑﻠذات اﻟﺣﻳﺎة إﻟﻲ ﺣد اﻻﻣﺗﻼء ﻓﺎﻟﺧﻼﺻﺔ أن ﻓﻛرﺗﺎ اﻟﺗﻣرد و
اﻟﻌﺑث ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻣﻌﻧﻲ ﺣﻘﻳﻘﻲ و اﻳﺟﺎﺑﻲ ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﺧﻼﻝ ﺷﻌورﻩ ﺑﺎﻟﻌﺑث ﻳﺗﻔطن ﻣن ﺧﻼﻝ
اﻟوﻋﻲ
ﻧﺳﺗﺧﻠص ﻛذﻟك أن أﻋﻣﺎﻝ ﻛﺎﻣو ﺗﻌﺑر ﻋن أﻓﻛﺎرﻩ اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ ﻓﻘد ﻛﺎن ﻳﺟﻣﻊ اﻧطﺑﺎﻋﺎﺗﻪ اﻟﻳوﻣﻳﺔ
ﻣن ﺧﻼﻝ ﻣواﻗﻔﻪ اﻟﻣﺗواﻟﻳﺔ ﻋﺑر اﻻﻳﺎم و اﻟﻠﻳﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﺧﺿم ﺣﻳﺎﺗﻪ ﻟﻳوظﻔﻬﺎ ﻋﻠﻲ طرﻳﻘﺗﻪ وﻋﻠﻲ
ﻟﺳﺎن أﺑطﺎﻟﻪ أو ﻣن ﺧﻼﻝ ﻣوﻗﻔﻪ ﻣن اﻟﺣﻳﺎة ﻣﺛﻝ اﻛﺗﺷﺎف اﻟﻼﻣﻌﻧﻲ ﻟﻠوﺟود ﻓﻲ أﺳطورة
ﺳﻳزﻳف أو اﻟﺻراع ﻣﻊ اﻟﻘدر ﻓﻲ رواﻳﺔ اﻟطﺎﻋون ،و ﻛذﻟك اﻟﻼﻣﺑﺎﻻة اﻟﺻرﺧﺔ ﻓﻲ رواﻳﺔ
اﻟﻐرﻳب .
49
ﻣﻠﺣق
-1ﺣﻳﺎة أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣو
ﺣﻳﺎﺗﻪ :
وﻟد أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣﻲ ﻓﻲ ﻣدﻳﻧﺔ اﻟدرﻋﺎن ﺑوﻻﻳﺔ اﻟطﺎرف ﻳوم 7ﻧوﻓﻣﺑر ﻋﺎم ، 1913وﻛﺎن اﻻﺑن
اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻷﺳرة ﻟوﺳﻳﺎن ﻛﺎﻣﻲ اﻟذي ﻛﺎن ﻳﻌﻣﻝ ﻓﻼﺣﺎ وﺗدﻋﻲ ﻛﺎﺗرﻳن ﺳﺎﻧﺗﻳس ،ﺧﺎدﻣﺔ ﺷﺎﺑﺔ ﻣن
أﺻﻝ اﺳﺑﺎﻧﻲ ﻛﺎﻧت أﻣﻳﺔ و ﺗﺗﻛﻠم ﺑﺻﻌوﺑﺔ ،ﺗم ﺗﺟﻧﻳد ﻟوﺳﻳﺎان ﻛﺎﻣﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ
اﻷوﻟﻲ وﻣﺎت ﻓﻲ ﺣرب ﻻﻣﺎرن ،أﻟﺑﻳر اﻟﺷﺎب ﻟم ﻳﻌرف أﺑﺎﻩ ،وﻗﺎﻣت ﺑﺗرﺑﻳﺗﻪ أﻣﻪ وﺟدﺗﻪ اﻟﺗﻲ
1
ﻛﺎﻧت اﻣرأة ﻣﺗﺳﻠطﺔ وﺧﺎﻟﻪ اﻟذي ﻛﺎن ﺟ از ار ،ﺗﻌﻠم ﺣﻳﺎة اﻟﺑؤس ﻓﻲ ﺣﻲ ﺑﻠوزداد
وﺑﻔﺿﻝ ﻣﺳﺎﻋدة اﺣد ﻣﻌﻠﻣﻳﻪ اﻟﺳﻳد ﺟرﻣﺎن ﺗﺣﺻﻝ أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣﻲ ﻋﻠﻲ ﻣﻧﺣﺔ ﻣﺎ ﻣﻛﻧﻪ ﻣن
ﻣﺗﺎﺑﻌﺔ دراﺳﺗﻪ ﻓﻲ ﺛﺎﻧوﻳﺔ ﺑﻳﺟو ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر اﻟﻌﺎﺻﻣﺔ ﺗﺣﺻﻝ ﻋﻠﻲ اﻟﺑﻛﺎﻟورﻳﺎ ﺳﻧﺔ ، 1913
ﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1934ﺗزوج ﺳﻳون ﻫﻲ ﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1935اﻧﺧرط ﻓﻲ اﻟﺣزب اﻟﺷﻳوﻋﻲ اﻟذي اﻧﺳﺣب
ﻣﻧﻪ ﻋﺎم ، 1937ﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1936ﺗﺣﺻﻝ ﻋﻠﻲ ﺷﻬﺎدة ﻋﻠﻳﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ،وﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1938
2
ﺻﺎر ﺻﺣﻔﻳﺎ ﻓﻲ ﺟرﻳدة" اﻟﺟزاﺋر اﻟﺟﻣﻬورﻳﺔ "
ﻓﻲ أﻛﺗوﺑر ﺳﻧﺔ 1957ﺣﺻﻝ أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣﻲ ﻋﻠﻲ ﺟﺎﺋزة ﻧوﺑﻝ ﻟﻣﺎ ﻗدﻣﻪ ﻓﻲ ﻣؤﻟﻔﺎﺗﻪ اﻟﺗﻲ ﺗﻠﻘﻲ
اﻟﺿوء ﺑﺟدﻳﺔ ﺛﺎﻗﺑﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﻣﺷﺎﻛﻝ اﻟﺗﻲ ﺗطرح اﻟﻳوم ﻋﻠﻲ اﻟﺿﻣﻳر اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ،ﻛﺎن ﻋﻣرﻩ
3
آﻧذاك 44ﺳﻧﺔ
ﺑﻌد ﺛﻼث ﺳﻧوات و ﻓﻲ ﻳوم 4ﺟﺎﻧﻔﻲ ﻣن ﺳﻧﺔ 1960ﺷﺎءت اﻷﻗدار أن ﻳﻣوت ﻛﺎﻣﻲ
ﺑﺣﺎدث ﺳﻳر ،ﻓﻠﻣﺎ ﻛﺎن ﻫذا اﻷﺧﻳر ﻳﺗﻬﻳﺄ ﻟﺳﻔر إﻟﻲ ﺑﺎرﻳس اﻗﺗرح ﻋﻠﻳﻪ ﻏﺎﻟﻳﻣﺎر أن ﻳﻌطﻳﻪ
51
ﻣﻠﺣق
ﺳﻳﺎرﺗﻪ ﻟﻳذﻫب رﻓﻘﺔ اﻟﺳﺎﺋق إﻟﻲ ﻣﺣطﺔ اﻟﻘطﺎر و ﺑﺎﻟﻘرب ﻣن ﻣدﻳﻧﺔ ﺳﺎﻧس ،وﻟﺳﺑب ﻏﺎﻣض
4
ﻓﻘد اﻟﺳﺎﺋق ﺗﺣﻛﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﺳﻳﺎرة ،ﻓﻣﺎت ﻛﺎﻣﻲ .
ﻟم ﺗﻛﺗف ﺣﻳﺎة أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣﻲ ﻣن اﻟﻔﻘر و اﻟﺑؤس ،ﻓﻘد ﻛﺎن ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣن ﻣرض اﻟﺳﻝ اﻟذي
ﻛﺎن ﻳﻬدد ﺣﻳﺎﺗﻪ ،وﻓﻲ ذﻟك ﻳروي اﺣد اﻟدارﺳﻳن :وﺟب ﻋﻠﻳﻧﺎ أن ﻧﺗذﻛر اﻧﻪ ﻣﻧذ أن ﻛﺎن
ﻋﻣر ﻛﺎﻣو ﺳﺑﻌﺔ ﻋﺷر ﺳﻧﺔ إﻟﻲ أن ﺑﻠﻎ اﻟﺛﻼﺛﻳن ﺳﻧﺔ أي ﺧﻼﻝ ﺛﻼث ﻋﺷر ﺳﻧﺔ ﺗﻠﻘﻲ ﻛﺎﻣو
ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻟﻳس اﻗﻝ ﻣن ﺛﻼث ﻧوﺑﺎت ﺣﺎدة ﻣن ﻣرض اﻟﺳﻝ ﻟﺗﻘﻌدﻩ ﻋن اﻟدراﺳﺔ وﻣﻣﺎرﺳﺔ أي
5
ﻧﺷﺎط ﻣذﻛر .
ﻓﻬذا اﻟﻣرض اﻟﻘﺎﺗﻝ ﺟﻌﻝ ﻛﺎﻣﻲ ﻳرﻓض اﻟﻣوت وﻫذا ﻳﻧﻌﻛس ﻋﻠﻲ ﺟﻝ ﻣؤﻟﻔﺎﺗﻪ ،ﻓﻬو ﻳﻘف
ﻣوﻗﻔﺎ راﻓﺿﺎ ﻟﻠﻣوت ،ﻓﻘد ﻗﺿﻲ ﻛﺎﻣو اﻏﻠب ﺣﻳﺎﺗﻪ واﻋﻳﺎ ﺑﺎﻟﻣوت ،وﻟﻌﻝ اﻟﻣرض اﻟذي
6
أﺻﺎﺑﻪ ﻣﺑﻛ ار ﻓﻲ ﺣﻳﺎﺗﻪ ﻛﺎن اﻟﺳﺑب اﻟﻣﺑﺎﺷر ﻓﻲ إﻗﺎض ﺷﻌورﻩ ﺑذﻟك
ﻧﺳﺗﺧﻠص ﻣﻣﺎ ﺳﺑق أن أﻓﻛﺎر ﻛﺎﻣﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﻳﺔ ﻟم ﺗﺄﺗﻲ ﻣن اﻟﻌدم ﺑﻝ وﻟﻳدة و ﻧﺗﺎج اﻟﺣﻳﺎة
اﻟﺗﻲ ﻋﺎﺷﻬﺎ اﻟﻔﻳﻠﺳوف و اﻟﻌواﻣﻝ اﻟﺗﻲ آدت إﻟﻲ اﺳﺗﻧزاف اﻷﻋﻣﺎﻝ اﻟرواﻳﺔ و اﻟﻣﺳرﺣﻳﺔ
اﻟﻣﻣزوﺟﺔ ﺑﺎﻟﻌﺑث و اﻻﺳﺗﻬزاء ،ﻓﺣﻳﺎة اﻟﻔﻘر و اﻟﻣرض اﻟﺗﻲ ﻋﺎﺷﻬﺎ أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣﻲ ﻟم ﺗﻛن إﻻ
ﺣﺎﻗ ار أو ﺗﺣدﻳﺎ ﻟﻠوﺿﻊ ،ﻓﻬذا اﻟوﺿﻊ ﻛﺎن ﻣﺻد ار ﻹﻟﻬﺎﻣﻪ اﻟﻌﺑﺛﻲ
52
ﻣﻠﺣق
ﺑدأت أﺣداث اﻟرواﻳﺔ ﻋﻧد ﺗﻠﻘﻲ "ﻣوارﺳو" ﺗﻠﻐراﻣﺎ ﻣن دار اﻟﺷﻳﺧوﺧﺔ ورد ﻓﻳﻪ وﻓﺎت واﻟدﺗﻪ ،
اﺳﺗﻘﻝ " ﻣوارﺳو" اﻟﺣﺎﻓﺔ إﻟﻲ ﻣرﻳﻧﻐو ﻣﻛﺎن –دار اﻟﺷﻳﺧوﺧﺔ -ﻟﺣﺿور ﺟﻧﺎزﺗﻬﺎ إﻻ اﻧﻪ ﻟم ﺗﺑدو
ﻋﻠﻳﻪ ﻋﻼﻣﺎت اﻟﺗﺄﺛر أو اﻟﻘﻠق ﺣﺗﻰ اﻧﻪ رﻓض رؤﻳﺔ ﺟﺛﻣﺎﻧﻬﺎ و اﻟﻐرﻳب ﻓﻲ اﻷﻣر اﻧﻪ أﺛﻧﺎء
ﺳﻬرة اﻟﺟﻧﺎزة اﺣﺗﺳﻲ ﻛﺎس ﻣن اﻟﻘﻬوة ودﺧن ﺳﻳﺟﺎرة وراح ﻳﺗﺄﻣﻝ اﻷﺷﺧﺎص اﻟﺣﺎﺿرﻳن و
ﻳﺗﺳﺎءﻝ ﻋن ﺳﺑب ﺣزﻧﻬم وﻋﻧدﻣﺎ ﺣﺎن وﻗت اﻟدﻓن ﻟم ﻳظﻬر أي ﻣﺷﺎﻋر أو ﺑﻛﺎء ،وﺑدﻻ ﻣن
اﻟﺑﻛﺎء ﻋﻠﻲ أﻣﻪ راح ﻳﺗرﺻد ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺣﺎﺿرﻳن وﻫو ﻣﺳﺗﻌﺟب ﻋﻠﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻣراﺳم ﺑﺳﺑب
اﻧزﻋﺎﺟﻪ ﻟﻛﺛرة اﻟﻧﺎس وارﺗﻔﺎع درﺟﺔ اﻟﺣ اررة وﻓﻲ اﻟﻳوم اﻟﻣواﻟﻲ اﺳﺗﻳﻘظ وﻛﺄﻧﻪ ﻟم ﻳﺣدث ﺷﻲء
ﻓﺣﻠق ذﻗﻧﻪ و ذﻫب إﻟﻲ ﺣﻣﺎﻣﺎت اﻟﻣﻳﻧﺎء ﻟﻼﺳﺗﺣﻣﺎم و ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻣﻛﺎن اﻟﺗﻘﻲ ﺑزﻣﻳﻠﺗﻪ ﻓﻲ
اﻟﻌﻣﻝ ﺳﺎﺑﻘﺎ اﺳﻣﻬﺎ "ﻣﺎري ﻛﺎردوﻧﺎ" ﻓﺎﺳﺗﺣﻣﺎ ﻣﻌﺎ وﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎء ذﻫﺑﺎ إﻟﻲ اﻟﺳﻳﻧﻣﺎ ﻟﺣﺿور ﻓﻠم
ﻛوﻣﻳدي ﺑﻌدﻫﺎ ﻏﺎدر إﻟﻲ ﺑﻳت "ﻣورﺳو" واﻣﺿﻳﺎ اﻟﻠﻳﻠﺔ ﺳوﻳﺎ ﺣﺗﻰ اﻧﻪ ﻟم ﻳﺧﺑرﻫﺎ ﻋن وﻓﺎت أﻣﻪ
ﻟوﻻ ﻣﻼﺣظﺔ ﻣﺎري ﻟﺛﻳﺎب اﻟﺣداد .
ﻛﺎن ﻝ " ﻣورﺳو" ﺟﺎر اﺳﻣﻪ "رﻳﻣو ﺳﺎﻧﺗﻳس" ﺗﻌرﻓﺎ ﻋﻠﻲ ﺑﻌض ﻫﻣﺎ و دﻋﺎﻩ ﻫذا اﻷﺧﻳر
إﻟﻲ ﻣﻧزﻟﻪ وﺗﺑﺎدﻻ أطراف اﻟﺣدﻳث ،وﻗد ﻛﺎن رﻳﻣون ﻣﺻﺎب ﻓﻲ ﻳدﻩ ﺳﺄﻟﻪ ﻣورﺳو ﻋن اﻟﺳﺑب
ﻓﺎﺧﺑرﻩ ﻗﺻﺗﻪ ﻋن ﻋﺷﻳﻘﺗﻪ اﻟﺧﺎﺋﻧﺔ وﺿرﺑﻪ ﻟﻬﺎ وﺷﺟﺎرﻩ ﻣﻊ أﺧﻳﻬﺎ ﻓﺄﺻﺑﺢ ﺻدﻳﻘﻳن ﻣﻧذ ذﻟك
اﻟﻳوم .
وﻓﻲ اﻷﺳﺑوع اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﻳﻧﻣﺎ ﻛﺎن ﻣورﺳو و ﻣﺎري ﻓﻲ اﻟﺑﻳت ﺳﻣﻌﺎ ﺿﺟﺔ ﻓﻲ ﺑﻳت رﻳﻣون ﻛﺎن
ﻳﺗﻌﺎرك ﺑﺷﻛﻝ ﻋﻧﻳف ﻣﻊ ﻋﺷﻳﻘﺗﻪ اﻟﺗﻲ اﻋﺗﻘد أﻧﻬﺎ ﺗﺧوﻧﻪ ،ﺑﻌد ﻟﺣظﺎت أﺗﻲ رﺟﻝ ﻣن اﻟﺷرطﺔ
و أﻣرﻩ ﺑﺎﻻﻧﺗظﺎر ﻓﻲ ﺑﻳﺗﻪ إﻟﻲ أن ﻳﺗم اﺳﺗدﻋﺎؤﻩ إﻟﻲ ﻗﺳم اﻟﺷرطﺔ ،ﺑﻌد ﻣﻐﺎدرة اﻟﺷرطﻲ ذﻫب
رﻳﻣون إﻟﻲ ﻣورﺳو ﻟﻳطﻠب ﻣﻧﻪ أن ﻳﻛون ﺷﺎﻫدﻩ وﻳﺻرح أن اﻟﻔﺗﺎة ﻗد ﺧﺎﻧﺗﻪ ﻓواﻓق ﻋﻠﻲ ذﻟك
وأدﻟﻲ ﺑﺷﻬﺎدﺗﻪ ﻓﺄﻓرج ﻋن رﻳﻣون .
53
ﻣﻠﺣق
ﻓﻲ ﻳوم ﻣن اﻷﻳﺎم اﺗﺻﻝ رﻳﻣون ﺑﻣورﺳو ﻹﺑﻼﻏﻪ أن اﺣد أﺻدﻗﺎﺋﻪ دﻋﺎﻩ ﻟﻘﺿﺎء ﻋطﻠﺔ ﻳوم
اﻷﺣد ﻓﻲ ﺧﻳﻣﺗﻪ اﻟﺑﺣرﻳﺔ ﻓرﺣب ﻣورﺳو ﺑﺎﻟﻔﻛرة .
وﻓﻲ ﻳوم اﻷﺣد اﻧطﻠق ﻛﻝ ﻣن ﻣورﺳو و ﻣﺎري و رﻳﻣون إﻟﻲ اﻟﻣﻛﺎن اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﻳﻪ ﻓﺎﺳﺗﻘﻠوا
اﻟﺣﺎﻓﻠﺔ ،ﻻﺣظ رﻳﻣون أن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺷﺑﺎن اﻟﻌرب ﻳﻼﺣﻘوﻧﻬم ،اﻟﺗﻘﻲ اﻷﺻدﻗﺎء ﻓﻲ
اﻟﺧﻳﻣﺔ اﻟﺧﺷﺑﻳﺔ وأﻣﺿوا وﻗﺗﺎ ﻣﻣﺗﻌﺎ وﺑﻌد ﺗﻧﺎوﻝ و ﺟﺑﺔ اﻟﻐداء ﻗرر اﻷﺻدﻗﺎء اﻟذﻫﺎب إﻟﻲ
ﻧزﻫﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﺷﺎطﺊ وﻓﺟﺄة وﺟد ﻣورﺳو اﺛﻧﻳن ﻣن اﻟﻌرب ﻣﺗوﺟﻬﻳن ﻧﺣوﻫم و ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻷﺛﻧﺎء ﺑدا
اﻟﻌراك ﺑﻳﻧﻬم ﺣﻳث أﺻﻳب رﻳﻣون ﺑﺿرﺑﺔ ﺳﻛﻳن ﻋﻠﻲ ﻣﺳﺗوي ذراﻋﻪ ﻓﺄﺧذﻩ ﺻدﻳﻘﺎﻩ ﻹﺳﻌﺎﻓﻪ
ﻋﺎد ﻣورﺳو ﻳﺗﻣش ﻓوﺟد ﺻدﻳﻘﻪ اﻟذي وﺿﻊ ﻳدﻩ ﻓﻲ ﺟﻳﺑﻪ ﻣﺣﺎوﻻ إﺧراج اﻟﺳﻛﻳن ﻓوﺿﻊ
ﻣورﺳو ﻫو اﻷﺧر ﻳدﻩ ﻓﻲ ﺟﻳﺑﻪ ﻟﻳﻘﺑض ﻋﻠﻲ اﻟﻣﺳدس اﻟذي ﻧزﻋﻪ ﻣن رﻳﻣون ،ﻓﺎﺧرج اﻟﺷﺎب
اﻟﻌرﺑﻲ ﺳﻛﻳﻧﻪ وﺑﻌد ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﻧظرات اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ ﺿﻐط ﻋﻠﻲ اﻟزﻧﺎد ﻓﺄطﻠق أرﺑﻊ رﺻﺎﺻﺎت
ﻟﻳردي اﻟﺷﺎب ﻗﺗﻳﻼ ،وﺳﺑب إطﻼﻗﻪ اﻟﻧﺎر ﻳﻘوﻝ ﻣورس وان أﺷﻌﺔ اﻟﺷﻣس اﻟﺗﻲ ﺿرﺑت ﻓﻲ
ﻋﻳﻧﻪ ﺳﺑب ﻟﻪ إزﻋﺎﺟﺎ ﻓﺿﻐط ﻋﻠﻲ اﻟزﻧﺎد
وﻓﻲ اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟرواﻳﺔ ﻳﻠﻘﻲ اﻟﻘﺑض ﻋﻠﻲ ﻣورﺳو وﺧﺿﻊ ﻟﻌدة اﺳﺗﺟواﺑﺎت ﻣن طرف
ﻗﺎﺿﻰ اﻟﺗﺣﻘﻳق و اﻟﻣﺣﺎﻣﻲ ،و اﻟﻠذان ﻋﺟ از ﺑدورﻫﻣﺎ ﻓﻬم ﺷﺧﺻﻳﺔ اﻟﻣﺗﻬم ،وﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ
اﻟﻣطﺎف ادﺧﻝ إﻟﻲ اﻟﺳﺟن و اﻟﺷﻲء اﻟوﺣﻳد اﻟذي ﺗﺄﺳف ﻋﻠﻳﻪ ﻫو اﺑﺗﻌﺎدﻩ ﻋن ﻣﺎري وﻋدم
ﻣﻘﺎﺑﻠﺗﻬﺎ وطواﻝ ﻓﺗرة ﺳﺟﻧﻪ ﻟم ﻳﻛﺗرث ﺳواء ﻛﺎن ﻓﻲ ﺷﻘﺗﻪ أو اﻟزﻧزاﻧﺔ ﻓﻬو ﻳﺣس اﻧﻪ ﻏرﻳب
ﻋﻣﺎ ﻳﺣﺻﻝ ﺣوﻟﻪ ،وﻟم ﻳﺣس ﻳوﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧدم ﻟﻘﺗﻠﻪ اﻟﺷﺎب اﻟﻌرﺑﻲ
ﺣﺎن وﻗت اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ ﻧﻘﻝ إﻟﻲ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ وﻫو ﻛﻌﺎدﺗﻪ ﻳراﻗب ﺣرﻛﺎت و ﻣﻼﻣﺢ اﻟوﺟوﻩ اﻟﺣﺎﺿرة
ﻛﺄﻧﻪ ﻟﻳس ﻫو اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﻳﻪ وﺑﻌد ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﺳﺋﻠﺔ أدﻳن و اﺗﻬم اﻧﻪ دﻓن أﻣﻪ ﺑﻘﻠب ﺑﺎرد
وﻗﺗﻝ اﻟﺷﺎب ﺑﻛﻝ وﺣﺷﻳﺔ ودون رﺣﻣﺔ و دون إﺣﺳﺎس ﺑﺎﻟذﻧب ﻫذا اﻷﻣر اﻟذي ﺟﻌﻝ ﻫﻳﺋﺔ
اﻟﻣﺣﻠﻘﻳن ﻳﺣﻛﻣون ﻋﻠﻳﻪ ﺑﺎﻹﻋدام ﻋﻠﻧﺎ ووﺻﻔﻪ ﺑﺎﻟﻣﺟرم اﻟﻧﻔﺳﻲ و اﻟﺟﺳدي .
54
ﻣﻠﺣق
ﻋﺎد ﻣورﺳو إﻟﻲ زﻧزاﻧﺗﻪ ﻏﻳر ﻣﺑﺎﻟﻲ ﺑﺎﻟﺣﻛم ﺿدﻩ وﻓﻲ اﻧﺗظﺎر ﺗﻧﻔﻳذﻩ اﻟﺣﻛم رﻓض اﺳﺗﻘﺑﺎﻝ
اﻟﻘس و ﻋﻧدﻣﺎ أﻟﺢ ﻫذا اﻷﺧﻳر ﻋﻠﻲ ذﻟك ﻗﺑﻝ ﻣورﺳو ﻓﺑدا اﻟﻘس ﺑﻣواﺳﺎﺗﻪ وﺑﻌث روﺣﻪ ﺑﺗﻌﻠﻲ
اﻹﻳﻣﺎن وﺗذﻛﻳرﻩ ﺑوﺟود اﷲ و ﺑﻌد ﺳﻛون و ﺻﻣت ﺗﻬﺟم ﻣورﺳو ﻋﻠﻲ اﻟﻘس و رﻣﻲ ﺑﻪ ﺧﺎرﺟﺎ
ﻋﺎد ﻟﻳﺟﻠس وﺣﻳدا ﻣﻧﺗظ ار ﻟﺣظﺔ إﻋداﻣﻪ ﺑﻛﻝ ﻫدوء واﺳﺗﻌداﻝ و ﻫو ﻣﻘﺗﻧﻊ ﻓﻲ ﻓ اررة ﻧﻔﺳﻪ أن
اﻟﺣﻳﺎة واﺣدة ﻋﻠﻳﻪ أن ﻳﻌﻳﺷﻬﺎ ﺣﻳث ﺗﻧﺗﻬﻲ ﺑﻣﺟرد ﻣوﺗﻪ وﻻ ﻳوﺟد ﺷﻲء أﺧر ﺑﻌد اﻟﻣوت .
وأﺛﻧﺎء اﻧﺗظﺎرﻩ ﺟﺎﻝ ﻓﻲ ﺧﺎطرﻩ ﻋدد اﻟﻧﺎس و اﻟﺟﻣﺎﻫﻳر اﻟذﻳن ﻳﻧﺗظرون ﻣوﻋد إﻋداﻣﻪ وأﻧﻬم
ﻳﻛﻧون ﻟﻪ اﻻﺣﺗﻘﺎر و اﻟﻛرﻩ
55
ﻗﺎﺋﻣﺔ
اﻟﻣﺻﺎدر و اﻟﻣراﺟﻊ
ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣﺻﺎدر واﻟﻣراﺟﻊ
-1اﻟﻘرءان اﻟﻛرﻳم:
اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﻣﺗرﺟﺔ:
-1اﻟﺑﻳرﻛﺎﻣو ،أﺳطورة ﺳﻳزﻳف ،ت ر ،أﻧﻳس زﻛﻲ ﺣﺳﻳن ﻣﻧﺷورات ،دار ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺣﻳﺎة ،ط
.1970
-2اﻟﺑﻳرﻛﺎﻣو ،اﻟﻐرﻳب ،ت ر ،د ،ﻣﺣﻣد ﺑوﻋﻼق ،دار ﺗﻼﻧﺗﻳﻘﻳن ﻟﻠﻧﺷر ﺑﺟﺎﻳﺔ.2013 ،
-3اﻟﺑﻳرﻛﺎﻣو ،اﻟﻣﻘﺻﻠﺔ ،ت ر :ﺟورج طراﺑﻳﺷﻲ دار ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺣﻳﺎة ،ﺑﻳروت ،د.ط.س.
.1983
-4اﻟﺑﻳرﻛﺎﻣو ،اﻻﻧﺳﺎن اﻟﺗﻣرد ،ت ر :ﻧﻬﺎد رﺿﺎ ،ﻣﻧﺷورات ﻋوﻳدات ،ﺑﻳروت ،ط ،3
.1983
-2اﻟﻣﻌﺎﺟم:
57
ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣﺻﺎدر واﻟﻣراﺟﻊ
اﻟﻣراﺟﻊ:
-11ﺟﻣﻌﺔ ﻗﺎﺟﺔ ،اﻟﻣدارس اﻟﻣﺳرﺣﻳﺔ وطرق إﺧراﺟﻬﺎ ،ﻧور اﻟطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر واﻟدراﺳﺎت،
ﺳورﻳﺎ ،دﻣﺷق ،ط.2006.2007 ،1
-12د .ﺣﻔﻧﺎوي ﻋﻠﻲ ،أرﺑﻌون ﻋﺎﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﺷﺑﺔ اﻟﻣﺳرح اﻟﻬواة ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ،ﻣﻧﺷورات إﺗﺣﺎد
اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺟزاﺋرﻳﻳن ،دار ﻫوﻋﺔ ،اﻟﺟزاﺋر ،ط.2002 ،1
-13ﺷﻛري ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ،ﺗﺎرﻳﺦ وﺗطور اﻟﻌﻣﺎرة اﻟﻣﺳرﺣﻳﺔ ،ﻣؤﺳﺳﺔ ﻧورس اﻟدوﻟﻳﺔ اﻹﺳﻛﻧدرﻳﺔ،
د.ط .2007
-14ﻋﺑد اﻟﻐﻔﺎر ﻣﻛﺎوي ،اﻟﺑﻠد اﻟﺳﻌﻳد ،دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻌرﺑﻲ ،اﻟﻘﺎﻫرة د.ط .1968
-15ﻋﺑد اﻟواﺣد ﻟؤﻟؤة ،ﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﻣﺻطﻠﺢ اﻟﻧﻘدي ،اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت واﻟﻧﺷر،
ﺑﻳروﺗد.ت.
-16ﻋﻠﻲ ﺷﻠش ،اﻟﺗﻣرد ﻋﻠﻰ اﻷدب ،دار اﻟﺷروق ،ﺑﻳروت ط.1994 ،1
-17ﻋز اﻟدﻳن اﺳﻣﺎﻋﻳﻝ ،اﻷدب وﻓﻧوﻧﻪ ،دار اﻟﻔﻛر اﻟﻌرﺑﻲ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،ط.2002 ،1
-18ﻣﺣﻣد زﻛﻲ اﻟﻌﺷﻣﺎوي ،دراﺳﺎت ﻣﻌﺟم اﻟﻧﻘد اﻷدﺑﻲ اﻟﻣﻌﺎﺻر ،دار اﻟﺷروق اﻟﻘﺎﻫرة ،ط
1991 ،1م.
-19ﻧواﻝ زﻳن ،اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ واﻟزﻣن اﻟﻣطﻠق ﻣﻌﺟم ﻣﺳرح ﺗوﻓﻳق اﻟﺣﻛﻳم ،اﻟﻬﻳﺋﺔ اﻟﻣﺻرﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ
ﻟﻠﻛﺗﺎﺑﺔ ،ﻣﺻر ،د.ط.1998 .
-20ﻓﺎروق اﻟﻘﺎﺿﻲ ،آﻓﺎق اﻟﺗﻣرد ،اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﻘﺎﻫرة ،ط.2004 ،1
اﻟﻣراﺟﻊ اﻟﻣﺗرﺟﻣﺔ:
-21دو ﻟوﺑﻳﺔ روﺑﻳر ،ﻛﺎﻣو واﻟﺗﻣرد ،ت ر ،ﺳﻬﻳﻝ ادرﻳس دار اﻷدب ،ط .1964 ،2
-22ﻣﻳروﻓﻳﺗش دﻳﻔﻳد زﻳن ،ﻛورﻛوس أﻟن ،أﻗدم ﻷﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣو ،ت ر ،إﻣﺎم اﻟﻔﺗﺎح إﻣﺎم،
اﻟﺷروق اﻟﻌﻣوﻣﻲ ﻟﻠﺗرﺟﻣﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة .2002
58
ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣﺻﺎدر واﻟﻣراﺟﻊ
اﻟرﺳﺎﺋﻝ اﻟﺟﺎﻣﻌﻳﺔ:
-23ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﺗوزان ،اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻻﻏﺗراب ﻋﻧد أﺑﻲ اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرﺑﻲ واﻟﺑرﻛﺎﻣﻲ ،أطروﺣﺔ
اﻟدﻛﺗوراة.2005.2006 ،
اﻟﻣﺟﻼت واﻟﻣﻘﺎﻻت:
-24آدم ﻓﻧﻲ ،رؤﻳﺔ ﻧظرﻳﺔ ﺣوﻝ اﻟﻌﻧف اﻟﺳﻳﺎﺳﻲ ،ﻋﺟﻠﺔ اﻟﺑﺎﺣث ﻋدد .2012 ،1
-25ﻋﻼء اﻟدﻳن اﻟﻌﺎﻟم ،ﺗﻳﺎر اﻟﻌﺑث ﺑن اﻟﻣﺳرح واﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻣﺟﻠﺔ دﻟﺗﺎﻧون ،اﻟﻌدد اﻷوﻝ،
ﻳوﻟﻳو .2014
-26ﻧﺿﺎﻝ اﻟﻧﺟﺎر ،ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﻌﺑث واﻧﺳﺎﻧﻳﺔ اﻟﺗﻣرد ﻣﻘﺎﻝ) ﻣﻧﺷورة 14 ،أﻏﺳطس ،2003
www.diwanalarals.com 12.30اﻟﻣوﻗﻊ:
اﻟﻛﺗب اﻟرﻗﻣﻳﺔ:
59
ﻓﻬرس
اﻟﻣوﺿوﻋﺎت
فھرس الموضوعات
اﻟﺻﻔﺣﺔ اﻟﻣوﺿوع
ﺷﻛر ﺧﺎص
إﻫداء
ﻣﻘدﻣﺔ02 ............................................................................
61
فھرس الموضوعات
ﺧﺎﺗﻣﺔ49 ...........................................................................
ﻣﻠﺣق
-1ﺣﻳﺎﺗﻪ51 .......................................................................
-2ﻣﻠﺧص اﻟرواﻳﺔ 53 ............................................................
62