You are on page 1of 65

‫ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب و ااﻟﻠﻐﺎت‬

‫ﻗﺴﻢ‪ :‬اﻟﻠﻐﺔ و اﻷﻷدب اﻟﻌﺮ ﻲ‬


‫ﺑﻲ‬
‫ت ﻧﻘﺪﻳﺔ‬
‫ﺗﺨﺼﺺ‪ :‬دراﺳﺎت‬
‫ﺺ‬

‫اﻟﻌﺒﺚ و اﻟﻼﻣﻌﻌﻘﻮل ﰲ رواﻳﺔ اﻟﻐﺮ ﺐ‬


‫ﻳﺐ‬
‫ﻻٔﻟﺒﲑ ﰷﻣﻮ‬

‫ستر‬
‫مقدمة لنيل شھھادة الماس‬
‫ة‬ ‫مذكررة‬
‫اف ا ٔﻻﺳـﺘﺎﺎذ‪:‬‬
‫ٕاﴍ ف‬ ‫ﻣﻦ إﻋﻋﺪاد‪:‬‬
‫*د‪ .‬إﺳﺳﲈﻋﻴﻞ ﺟﺟﺒﺎرة‬ ‫* ﻓﲑﲑوز ﳒﺎرر‬
‫* ﻣﺮﺮﱘ ﺷـﻴﺨﻲ‬
‫ﺨﻲ‬
‫ﺸﺔ‬
‫ﺠﻨﺔ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸ‬
‫ﻟﺠ‬
‫‪...................................................................................................... -‬رﺋﻴﺴﺎ‬
‫ﺸﺮﻓﺎ ﻣﻘﺮرا‬
‫‪ -‬إإﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺟﺒﺎرة ‪....................................................................................‬ﻣﺸ‬
‫‪ ....................................................................................................... -‬ﻣﻨﺎﻗﺸﺎ‬

‫‪2016/20‬‬
‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﻴﻴﺔ‪015 :‬‬
‫ﺔ‬
‫ﺗﻘدﻳر ﻷﺳﺗﺎﺎذﻧﺎ اﻟﻔﺎﺿ‬
‫ﺿﻝ‬ ‫ﺧﺎﻟص اﻟﺗﻘ‬
‫ﻧﺗﻘددم ﺑﺟزﻳﻝ اﻟﺷﻛر و ﺧ‬

‫إﺳﻣﺎﻋﻳﻝ ﺟﺑﺎرة"‬
‫ﻝ‬ ‫اﻟدﻛﺗور "‬

‫ﺷﺎد و ﻣﺗﺎﺑﺑﻌﺔ طواﻝ ﻣدة إﻋدادﻧﺎ ﻟﻠﺑﺣث‬


‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗددﻣﻪ ﻣن ﺗووﺟﻳﻪ و إرﺷ‬

‫اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺣﻔّﻧﺎ ﺑﻬﺎ‬


‫ﻋﺎﻳﺗﻪ ﻘﺔ‬‫ﺳدﻳد و رﻋ‬
‫ﻛﺎن ﻟﻣذﻛرﺗﻧﺎﺎ أن ﺗرى ااﻟﻧور ﻟوﻻ ﺗﺗوﺟﻳﻬﻪ اﻟﺳ‬
‫ﻓﻣﺎ ن‬
‫إﺷراﻓﻪ‬
‫ﺿﻼ ﻋن ﺷ‬
‫اﻟﻛﺑﻳر ﻓﻲ إظﻬﻬﺎر ﻫذﻩ اﻟﻣﻣذﻛرة ﻓﺿ‬
‫ر‬ ‫ﻓﻛﺎن ﻟﻣﻼﺣظﺎﺗﺗﻪ اﻟﻘﻳﻣﺔ اﻷﺛر‬
‫ﺗﺷﺟﻳﻌﻪ ﻟﻧﺎ‪.‬‬
‫ﻪ‬ ‫ﻋﻠﻳﻧﺎ و‬

‫ﻓﻠﻪ ﻣﻣﻧﺎ ﺟزﻳﻝ اﻟﺷﻛر و اﻻﻣﺗﻧﺎن اﻋ‬


‫ﻋﺗراﻓﺎ ﺑﺟﻬﻬودﻩ اﻟﻌظﻳﻳﻣﺔ‬
‫إﻫﺪاء‬
‫أﻫﺪي ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻤﺘﻮاﺿﻊ إﻟﻰ‬

‫ﻋﺰ و ﺟﻞ‪:‬‬
‫ﻣﻦ ﻗـﺎل ﻓﻴﻬﻤﺎ اﻟﻤﻮﻟﻰ ّ‬
‫ﻚ أﱠَﻻ ﺗَـ ْﻌﺒُ ُﺪوا إِﱠﻻ إِﻳﱠﺎﻩُ َوﺑِﺎﻟْ َﻮاﻟِ َﺪﻳْ ِﻦ إِ ْﺣ َﺴﺎﻧًﺎ﴾‬
‫ﻀ ٰﻰ َرﺑﱡ َ‬
‫﴿ و ﻗَ َ‬
‫إﻟﻰ ﻧﻮر ﻋﻴﻨﻲ و ﻟﺆﻟﺆة ﻗـﻠﺒﻲ و ﻧﺒﻊ اﻟﺤﻨﺎن‬

‫أﻣﻲ اﳊﺒﻴﺒﺔ‬

‫و اﻟﺬي ﺗﻌﺐ و ﻛﺪّ ﻷﺟﻞ أن ﻳﻮﺻﻠﻨﻲ ﻟﻬﺬا اﻟﻤﺴﺘﻮى‬

‫أﰊ اﻟﻌﺰﻳﺰ‬

‫إﻟﻰ إﺧﻮﺗﻲ و أﺧﻮاﺗﻲ‬

‫ﻣﺮﻳﻢ‪....‬‬
‫ﻣﻘدﻣﺔ‬
‫ﻣﻘدﻣﺔ‬

‫ﻣﻘدﻣﺔ ‪:‬‬

‫ﺗﻌرض اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻠﻛﺛﻳر ﻣن اﻟﺣروب و اﻟﺻراﻋﺎت ‪ ،‬وﻋﺎن ﻣن اﻟظﻠم و اﻟﻣﺷﺎﻛﻝ اﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ و‬


‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ ‪ ،‬اﻷﻣر اﻟذي ﺟﻌﻠﻪ ﻳﻌﻳش ﻓﻲ ﻓراغ روﺣﻲ ﺣﻳث وﺟد ﻧﻔﺳﻪ ﻓﻲ ﻋﺎﻟم ﺧﺎﻝ ﻣن‬
‫اﻟﻘﻳم اﻟروﺣﻳﺔ و اﻟﺧﻠﻘﻳﺔ ‪ ،‬ﻋﺎﻟم ﻣﻠﻲء ﺑﺎﻟﻔوﺿﻰ ﻻ ﻧظﺎم ﻓﻳﻪ و ﻻ ﻣﺑرر ﻟﺑﻘﺎﺋﻪ ‪ ،‬ﻓﻬو ﻋﺎﻟم ﻣن‬
‫اﻷوﻫﺎم اﺟﺗﺎﺣﺗﻪ ﻋواﻣﻝ اﻟﺿﻌف و اﻟﺗﻔﻛك ﻣﺎ أدي إﻟﻲ اﻧﻌدام اﻟطﻣﺄﻧﻳﻧﺔ و اﻟﺳﻛﻳﻧﺔ ‪ ،‬ﻓدﺧﻝ‬
‫ﻫذا اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺿﻌﻳف ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ رﻋب و وﻗﻠق و ﻫﻠﻊ ‪ ،‬ﻓراح ﻳﺑﺣث ﻋن وﺳﻳﻠﺔ ﻟﻺﻓﺻﺎح ﻋن‬
‫ﻣﻛﺑوﺗﺎ ﺗﻪ و اﻟﺗﻌﺑﻳر ﻋن اﻟﻣوﻗف اﻟراﻓض ﻟﻬذا اﻟوﺿﻊ ﻣن ﺧﻼﻝ اﻟﻣزج ﺑﻳن اﻟﺳﺧرﻳﺔ و‬
‫اﻟﻣﺄﺳﺎة ‪ ،‬ﻓﺎﻧﺑﺛق ﺗﻳﺎر ﻳﻌرف ﺑﺎﻟﻌﺑﺛﻳﺔ و اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﺑث ﻫو ﺷﻌور واع ﻳﺻﺎدف اﻹﻧﺳﺎن‬
‫ﻓﺟﺄة ﻓﻲ ﺣﻳﺎﺗﻪ و ﻫو ﻧﺎﺟم ﻋن ﻣوﻗف اﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﻻﻋﻘﻼﻧﻳﺔ ﻟﻠوﺟود ‪.‬‬

‫وﻗد ﺗﻧﺎوﻟﻧﺎ ﻓﻲ ﺑﺣﺛﻧﺎ إﺷﻛﺎﻟﻳﺔ رﺋﻳﺳﻳﺔ ﺗﺗﻣﺛﻝ ﻓﻲ اﻧﻌﻛﺎس ﻋﺑﺛﻳﺔ أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣو ﻓﻲ رواﻳﺔ ﻋﻠﻲ وﺟﻪ‬
‫اﻟﻌﻣوم ورواﻳﺔ اﻟﻐرﻳب ﻋﻠﻲ وﺟﻪ اﻟﺧﺻوص ‪.‬‬

‫ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻣن أﻫم اﻟﺷﺧﺻﻳﺎت اﻷدﺑﻳﺔ و اﻟﻔﻠﺳﻔﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺣﺳدت ﺗﻳﺎر اﻟﻌﺑث ‪ ،‬وﺗﺗﻣﺛﻝ اﻹﺷﻛﺎﻟﻳﺔ‬
‫اﻟرﺋﻳﺳﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻫو اﻟﻌﺑث و اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ؟ وﻛﻳف ﻧﺷﺄ ؟ ﻣن ﻫو أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣو ؟ وﻛﻳف ﺟﺳد ﻫذا‬
‫اﻟﺗﻳﺎر ﻓﻲ ﻣؤﻟﻔﺎﺗﻪ ؟ وﻣﺎ ﻫﻲ ﻣظﺎﻫرﻩ ؟‬

‫ﻓﻛﻝ ﻫذﻩ اﻟﺗﺳﺎؤﻻت ﻛﺎﻧت ﺳﺑﺑﺎ ﻻﺧﺗﻳﺎرﻧﺎ ﻫذا اﻟﺑﺣث ﻫذا اﻟﺗﻳﺎر اﻟﻐﺎﻣض اﻟﻣﺑﻬم ﺟﻌﻠﻧﺎ‬
‫ﻧﻐوص و ﻧﺳﺑﺢ ﻓﻲ ﻓﻬم ﻣظﺎﻫرﻩ‬

‫أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻷﺳﺑﺎب اﺧﺗﻳﺎرﻧﺎ ﻟﻬذا اﻟﻣوﺿوع ﻓﻳﻛﻣن ﻓﻲ ﺗﻘﺳﻳﻣﻬﺎ إﻟﻲ‪:‬‬

‫أ‪ -‬أﺳﺑﺎب ذاﺗﻳﺔ ‪:‬‬


‫‪ -1‬رﻏﺑﺗﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻌرﻳف ﻋﻠﻲ ﻗﻳم اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻐرﺑﻲ اﻟﺣدﻳث و اﻟﻣﻌﺎﺻر‬
‫‪ -2‬ﻓﺿوﻟﻧﺎ اﻟﻣﻌرﻓﻲ ﻓﻲ اﻻطﻼع ﻋﻠﻲ ﺷﺧﺻﻳﺔ أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣﻲ اﺑن اﻟﺟزاﺋر –ﻣوﻟدا‪-‬‬

‫‪2‬‬
‫ﻣﻘدﻣﺔ‬

‫ب‪ -‬أﺳﺑﺎب ﻣﻌرﻓﻳﺔ ‪:‬‬


‫‪ -1‬اﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻲ أﻓﻛﺎر ﻛﺎﻣﻲ و اﻻطﻼع ﻋﻠﻲ اﻟﻌواﻣﻝ اﻟﺗﻲ ﺻﻧﻔت ﻫذا اﻟﻔﻛر اﻟﻌﺑﺛﻲ ﻛﻣﺎ‬
‫ﻻ ﻳﺧﻔﻲ ﻋﻧﺎ أن رواﻳﺔ اﻟﻐرﻳب اﻟﺗﻲ ﻫﻲ ﻣوﺿوع ﺑﺣﺛﻧﺎ ﻧﺎﻟت ﺷﻬرة ﻋﺎﻟﻣﻳﺔ ﻛﺎﻓﻳﺔ ﻣﻣﺎ ﻳﺑﻌث‬
‫ﻓﻳﻬﺎ اﻟﻔﺿوﻝ و اﻟﺗﺷوﻳق ﻟﻼطﻼع ﻋﻠﻳﻬﺎ و دراﺳﺗﻬﺎ ﻓﻬذا اﻟﻣوﺿوع ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻷﻫﻣﻳﺔ ﻣن‬
‫ﺧﻼﻝ ﺣﻣﻠﻪ ﻷﻓﻛﺎر ﻓﻠﺳﻔﻳﺔ أدﺑﻳﺔ ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﻣﻌﺗﻣد ﻫو اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺗﺣﻠﻳﻠﻲ ﻷﻧﻪ ﻳﺗﻧﺎﺳب و ﻣوﺿوع ﺑﺣﺛﻧﺎ اﻟذي ﻫو ﻋﺑﺎرة ﻋن‬
‫ﺗﺣﻠﻳﻝ ودراﺳﺔ ﻟﻸﻓﻛﺎر اﻟرواﺋﻳﺔ و اﻟﻔﻠﺳﻔﻳﺔ ‪ ،‬أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺧطﺔ ﻓﺎن ﻟﻛﻝ ﻋﻣﻝ ﻻﺑد ﻣن‬
‫ﺧطﺔ ﺗﻧظم ﺳﻳرﻩ و ﺗﺣددﻩ ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻗﺳﻣﻧﺎ ﻫذا اﻟﻌﻣﻝ إﻟﻲ ﻓﺻﻠﻳن إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻲ ﻣﻘدﻣﺔ و ﺧﺎﺗﻣﺔ‬
‫ﻣﻘدﻣﺔ و ﻓﻳﻬﺎ ﺑﻳﻧﺎ أﻫﻣﻳﺔ اﻟﻣوﺿوع و اﻹﺷﻛﺎﻟﻳﺔ و اﻟﻧﻬﺞ اﻟﻣﺗﺑﻊ‪.‬‬
‫اﻟﻔﺻﻝ اﻷوﻝ ‪ :‬ﺗﺣت ﻋﻧوان ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺎت أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣوا اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ رواﻳﺔ‬
‫اﻟطﺎﻋون ‪ ،‬و رواﻳﺔ اﻟﻣﻘﺻﻠﺔ‪ ،‬رواﻳﺔ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣﺗﻣرد ‪ ،‬رواﻳﺔ أﺳطورة ﺳﻳزﻳف‬
‫اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ :‬ﻓﻬو ﻣﻌﻧون ﺑﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ اﻟﻐرﻳب وﻫذا اﻟﻔﺻﻝ ﻣﻘﺳم إﻟﻲ‬
‫ﻣﺑﺣﺛﻳن اﻷوﻝ دراﺳﺔ اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ اﻟﻣﺣورﻳﺔ "ﻣوروﺳو" و اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ‬
‫رواﻳﺗﻪ و ﻣن ﺧﻼﻝ اﻟﻣﻛﺎن‬
‫وﺧﺎﺗﻣﺔ ﺑﻳﻧﺎ ﻓﻳﻬﺎ اﻻﺳﺗﻧﺗﺎﺟﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺧﺿت ﻋن ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ‬
‫أﻣﺎ ﺑﺧﺻوص اﻟﺻﻌﺑﺎت اﻟﺗﻲ واﺟﻬﻧﺎﻫﺎ ﻫﻲ ﺻﻌوﺑﺎت اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ﺳﻼﻣﺔ ﺗرﺟﻣﺔ اﻟﻧﺻوص‬
‫اﻷﺻﻠﻳﺔ ﻷﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣﻲ ﻣﻣﺎ ﻳﺻﻌب ﻣﻼﺣظﺔ ﻣواطن اﻟﻌﺑث ‪ ،‬ﻛﻣﺎ واﺟﻬﺗﻧﺎ ﺻﻌوﺑﺔ ﻓﻲ إﻳﺟﺎد‬
‫دراﺳﺎت ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﻬذا اﻟﻣوﺿوع ﻣﻊ ﻧﻘص ﻓﻲ اﻟﻣراﺟﻊ ‪ ،‬إﻻ أن ﻫذﻩ اﻟﺻﻌﺑﺎت ﻟم ﺗﻣﻧﻊ‬
‫إﺻ اررﻧﺎ وﻟم ﺗﻛﺑﺢ ﻓﺿوﻟﻧﺎ ﻓﻲ اﻻطﻼع و ﺣب اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻟﻣﺎ ﻳﺣﻣﻠﻪ ﻫذا اﻟﻣوﺿوع ﻣن أﻫﻣﻳﺔ‬
‫ﻋﻠﻣﻳﺔ ﻻن ﻛﺗﺎب ﻫذا اﻟﺗﻳﺎر ﻓرﺿوا ﻣﻛﺎﻧﺗﻬم اﻟﺑﺎرزة ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎﻝ اﻷدﺑﻲ ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ﻣدﺧﻝ‬
‫ﻣﻔﺎﻫﻳم أوﻟﻳﺔ‬
‫‪ -1‬ﻣﻔﻬوم اﻟﻌﺑث‬

‫‪ -2‬ﻣﻔﻬوم اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ‬

‫‪ -3‬ﻧﺷﺄة اﻟﻌﺑث ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻐرﺑﻳﺔ‬


‫مفاھيم أولية‬ ‫مدخل‪:‬‬

‫ﻣدﺧﻝ إﻟﻰ ﻣﻔﻬوم اﻟﻌﺑث واﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ‪:‬‬

‫ﻳﻣﺛﻝ ﺗﻳﺎر اﻟﻌﺑث أو اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ اﺗﺟﺎﻩ ﺟدﻳد ﻓﻲ اﻟﻣﺳرح اﻟﻣﻌﺎﺻر"وﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﺟدﻳد ﻳدﻋوﻩ‬
‫اﻟﻧﻘﺎد اﻟﻧزﻋﺔ اﻟﻣﺳرﺣﻳﺔ اﻟﻣﻌﺗﺎدة ﻟﻠﻣﺳرح"ﺣﻳث ﺗﺣﻝ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﻧﻔﺳﻳﺔ ﻣﻛﺎن ﻣطﺎﺑﻘﺔ اﻟﺷﺧﺻﻳﺎت‬
‫ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ‪ ،‬وﻳﺗﺟﺎﻫﻝ اﻟﺣدﻳث واﻟﺗﺳﻠﺳﻝ اﻟﻧﺳﺑﻲ ﻟﻪ‪،‬وﻟﻳس ﺛﻣﺔ ﻣﻛﺎن ﻟﻠدراﻣﺎ أو اﻟﻣﺄﺳﺎة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ﻓﺎﻟﻣﺄﺳﺎوي ﻳﺻﻳر ﻫزﻟﻳﺎ‪،‬واﻟﻬزﻟﻲ ﻣﺄﺳﺎوﻳﺎ"‬

‫وﻗد ظﻬر ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﺑﻌد اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ اﻟﺛﺎﻧﻳﺔ ﻣﻊ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟرواد ﻫم‪:‬‬

‫"ﺻواﻣﻳﻝ ﺑﻛﻳت"‪،‬آدﻣوف"‪"،‬ﻳوﻧﺳﻛو"و"ﺟﻧﻳﻪ"‪،‬وﻳﺻور ﻫذا اﻟﻣﺳرح اﻟﺗﺟرﻳدي اﻟﺣﻳﺎة ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ‬


‫ﻋﻳث اﻟﻣﺗﺷﺎﺋم اﻷﺳود ﻋﻧد ﻣﻔﻬوﻣﻪ وﻏرﻳﺑﺔ وﻏﻳر ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻣﻘﺎﻳﻳس اﻟﻣﻧطق وﻳﻛﻣﻝ اﻟﺗﺟدﻳد‬
‫ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺳرح ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ اﻟﺻﻣت وﻧﻘط اﻟﻔراغ واﻟﺗﻘﻠﻳﻝ ﻣن اﻟﺷﺧﺻﻳﺎت واﺳﺗﺧدام اﻟﻬذﻳﺎن‬
‫و اﻟﺗﺄرﺟﺢ ﺑﻳن اﻟﺗواﺻﻝ أﻟﻠﻔﺿﻲ واﻟﺗواﺻﻝ ﻏﻳر اﻟﻠﻔظﻲ و اﻹﻛﺛﺎر ﻣن اﻟﺣوار اﻟداﺧﻠﻲ‬
‫واﻟﻣﻧﺎﺟﺎة‪.‬وﻗد ﺗﺄﺛر ﻛﺗﺎب ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﺑﻛﺗﺎﺑﺎت "ﺟﻳﻣس ﺟوس""أﻟﺳﻳر ﻛﺎﻣوا"و"ﺗﻘﻧﻳﺔ اﻟرواﻳﺔ‬
‫اﻟﺟدﻳدة"و"رواﻳﺎت ﺗﻳﺎر اﻟوﻋﻲ"‪.‬وﻟم ﺗﻧﺑﺛق ﻫذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﻳن إﻻ ﻛرد ﻓﻌﻝ ﻋن‬
‫اﻟﻌﻘﻼﻧﻳﺔ‪ ،‬اﻟﺗﻲ أوﻗﻌت اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﻛﺛﻳر ﻣن اﻟﺣروب وﺣوﻟﺗﻪ إﻟﻰ ﺑﻳﺎﻧﺎت و أرﻗﺎم وﻋﻠﺑﺗﻪ ﻓﻲ‬
‫إطﺎر ﻣﺎ ﻫو ﻣﺎدي‪ٕ "،‬وان أﻓﻛﺎر ﻫذا اﻟﻣﺳرح اﻻﻋﺗﻘﺎد ﺑﺄن ﺣﻳﺎة اﻹﻧﺳﺎن ﻻﻣﻌﻧﺎ ﻟﻬﺎ وﻻ‬
‫‪2‬‬
‫وﻫذا اﻟﻣﺳرح ﻳﺻور اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺗﺎﺋﻪ ‪،‬اﻟذي‬ ‫ﻫدف‪،‬وأن اﻟوﺟود اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻻ ﻳﻣﻛن ﺗواﺻﻠﻪ‬
‫ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻔراغ اﻟروﺣﻲ و ﻳﻔﺗﻘد اﻻﺳﺗﻘرار اﻟﻧﻔﺳﻲ و ﻳﺟد ﻧﻔﺳﻪ داﺋﻣﺎ ﻳﺳﺄﻝ ﻋن ﻫدف و‬
‫ﻣﻐزى وﺟودﻩ‬

‫‪ -1‬د‪ /‬حفناوي بعلي ‪ ،‬أربعون عاما علي خشبة مسرح الھواة في الجزائر ‪ ،‬منشورات اتحاد كتاب الجزائريين دار ھومة‬
‫‪ ،‬الجزائر‪، ،‬ط‪2002 ،1‬م‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ -2‬شكري عبد الوھاب ‪ ،‬تاريخ وتاريخ وتطور العمارة المسرحية مؤسس حورس الدولية ‪ ،‬اإلسكندرية ‪،‬ط ‪،2007 ،‬‬
‫ص ‪. 68‬‬
‫‪5‬‬
‫مفاھيم أولية‬ ‫مدخل‪:‬‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻷوﻝ‪ :‬ﻣﻔﻬوم اﻟﻌﺑث‪.‬‬

‫ﻟﻐﺔ واﺻطﻼﺣﺎ ‪:‬‬

‫ﻟﻐﺔ‪ :‬ﺟﺎء ﻓﻲ ﻣﻌﺟم اﻟﻌﻳن ﻣﺎدة ﻋﺑث‪":‬ﻋﻳث ﻓﻬو ﻋﺎﺑث ﺑﻣﺎ ﻻ ﻳﻌﻧﻳﻪ وﻟﻳس ﻟﻪ ﻣﻌﻧﻰ وﻟﻳس‬
‫ﻣن ﺑﺎﻟﻪ أي ﻻﻋب‪،‬وﻋﻳث اﻷﻗط أﻋﺑﺛﻪ ﻋﺑﺛﺎ ﻓﺄﻧﺎ ﻋﺎﺑث أي ﺣﻘﻳﻘﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺷﻣس و اﻻﺳم اﻟﻌﺑث‬
‫‪3‬‬
‫واﻟﻌﺑﺛﻳﺔ‪:‬اﻟﺧﻠط"‬

‫وﻋﻧد ﻋودﺗﻧﺎ إﻟﻰ ﻣﻌﺟم ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ﻧﺟد أن ﻫذﻩ اﻟﻛﻠﻣﺔ ﺗﻔﺳر ﻛﻣﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬ﻋﻳث‬
‫ﺑﻪ‪،‬ﺑﺎﻟﻛﺳر‪،‬ﻋﺑﺛﺎ‪،‬ﻟﻌب‪،‬ﻓﻬو ﻋﺎﺑث‪،‬ﻻﻋب ﺑﻣﺎ ﻻ ﻳﻌﻧﻳﻪ وﻟﻳس ﻣن ﺑﺎﻟﻪ واﻟﻌﺑث أن ﺗﻌﺑث ﺑﺎﻟﺷﺊ‪.4‬‬

‫ﻓﺣﺳب رأﻳﻧﺎ ﻣن ﻫذا اﻟﺗﻌرﻳف اﻟﻠﻐوي ﻧﺟد أن اﻟﻌﺑث ﻳﺄﺧذ ﺷﻛﻠﻪ أو ﻣﻔﻬوﻣﻪ ﻣن‬
‫اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ‪.‬ﻟﻬذا ﻋﺑر ﻋﻠﻳﻪ اﻟﻣﻌﺟم ﺑﺎﻟﻌب‪.‬وﻟو ﻋدﻧﺎ إﻟﻰ ﺑﻌض اﻟﺗﻌرﻳﻔﺎت ﻟﻬذا اﻟﻣﻔﻬوم ﻧﺟد أن‬
‫اﻟﺑﻌض ﻳرﺟﻊ ﻣﻔﻬوﻣﻬﺎ إﻟﻰ ﻛﻠﻣﺔ ‪ abswrd‬اﻟﺗﻲ ﺗﺗرﺟم ﻏﺎﻟﺑﺎ إﻟﻰ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﻌﺑث أو‬
‫اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ)‪(...‬ﻓﻌﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻷﺻﻠﻲ وﺻف ذﻟك اﻟﻣﺳرح ﺑﻬﺎ‪.‬ﻫﻲ ﻓﻲ أﺻﻠﻬﺎ اﻟﻼﺗﻳﻧﻲ‬
‫ﺗﻌﻧﻲ اﻟﺷﺊ اﻟﻣﺗﻧﺎﻓر‪،‬ﻏﻳر اﻟﻣﺗﻔﺎﻫم‪،‬ﻏﻳر اﻟﻣﺗواﻓق‪،‬أو ﻏﻳر اﻟﻣﻧﺳﺟم‪،‬وﺑذﻟك ﻳﺻﺑﺢ ذﻟك اﻟﺷﺊ أﻳﺎ‬
‫‪5‬‬
‫ﻛﺎن ﻏﻳر ﻣﻌﻘوﻝ ﻋﺑﺛﻲ"‬

‫وﻟﻬذا وﺟب ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺎن أن ﻳﻣﺗﻠك ﻣﻌرﻓﺔ ﺣﻘﻳﻘﻳﺔ ﻟﻠﺗﺧﻠص ﻣن ﺗﻠك اﻟﺗﻧﺎﻗﺿﺎت وﺗﻠك اﻟﻘﻳود‬
‫واﻟﺗﻧﺎﻓرات‪.‬‬

‫‪ -1‬الخليل بن احمد الفراھيدي ‪ ،‬معجم العين ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪،‬بيروت لبنان ‪ ،‬ط‪2003 ،1‬م‪1426 ،‬ه‪ ،‬ص ‪82‬‬
‫‪ -2‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار الصادر لطباعة و النشر ‪،‬بيروت لبنان‪ ،‬ط‪ ،2005 ،4‬ص‪7‬‬
‫‪ -3‬عالء الدين العالم‪ ،‬تيار العبث بين المسرح و الفلسفة‪ ،‬مجلة دلتانون‪،‬العدد األول ‪ ،‬يوليو‪ ، 2014‬ص‪3‬‬
‫‪6‬‬
‫مفاھيم أولية‬ ‫مدخل‪:‬‬

‫وﺟﺎء ﻓﻲ ﻣﻌﺟم ﻣﻘﺎﻳﻳس اﻟﻠﻐﺔ‪":‬ﻋﻳث اﻟﻌﻳن و اﻟﺑﺎء واﻟﺛﺎء أﺻﻝ ﺻﺣﻳﺢ واﺣد ﺑدﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﺧﻠط‬
‫‪،‬ﻳﻘﺎﻝ ﻋﻳث اﻷﻗط و أﻧﺎ أﻋﺑﺛﻪ ﻋﺑﺛﺎ وﻫو ﻋﺑﻳث ‪،‬وﻫو ﻳﺧﻠت وﻳﺣﻘق ﻓﻲ اﻟﺷﻣس واﻟﻌﺑث‪:‬ﻛﻝ‬
‫ﺧﻠط وﻳﻘﺎﻝ ﻓﻲ ﻫذا اﻟوادي ﻋﺑﺛﻳﺔ أي ﺧﻠط ﻣن ﺣﻳن وﻣﻣﺎ ﻗﻳس ﻋﻠﻰ ﻫذا ﻛﺎﻟﻌﺑث وﻫو اﻟﻔﻌﻝ‬
‫اﻟذي ﻳﻔﻌﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﺳواء وﺧﻠوص ﺻواب‪،‬ﻧﻘوﻝ ﻋﻳث ﻳﻌﻳث ﻋﺑﺛﺎ وﻫو ﻋﺎﺑث ﺑﻣﺎ ﻻ ﻳﻌﻧﻳﻪ‬
‫‪6‬‬
‫وﻟﻳس ﻣن ﺑﺎﻟﻪ‪.‬‬

‫ﻧﺳﺗﺧﻠص أن ﺟﻝ اﻟﺗﻌرﻳﻔﺎت ﺗﺗﻔق ﻋﻠﻰ أن اﻟﻌﺑث ﻳراد ﺑﻪ اﻟﻠﻌب وﻋدم اﻟﻘﺻد ﻓﻲ اﻟﺷﺊ و‬
‫اﻟﻼﻣﺑﺎﻻة ﻓﻳﻪ‪.‬‬

‫اﺻطﻼﺣﺎ ‪:‬‬

‫ﻳﺧﺗﻠف ﺗﻌرﻳف اﻟﻌﺑث ﻓﻲ ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻻﺻطﻼﺣﻲ ﻓﻌﻧد رﺟوﻋﻧﺎ إﻟﻲ ﻣﻌﺟم ﺟﻣﻳﻝ ﺻﻠﻳﺑﺎ ﻧﺟدﻩ‬
‫ﻋرف اﻟﻌﺑث ﺑﺄﻧﻪ دار ارﺗﻛﺎب أﻣر ﻏﻳر ﻣﻌﻠوم اﻟﻔﺎﺋدة وﻗﻳﻝ طﺎﻟﻳس ﻓﻳﻪ ﻋرض ﺻﺣﻳﺢ ﻟﻔﺎﻋﻠﻪ‬
‫وﻓﻲ ﻛﺷﺎف اﺻطﻼﺣﺎت اﻟﻔﻧون ﻟﻠﺗﻬﺎون ‪ :‬اﻟﻌﺑث ﻓﻌﻝ ﻻ ﻳﺗرﺗب ﻋﻠﻳﺔ ﻓﺎﺋدة أﺻﻼ أو ﻓﻌﻝ ﻻ‬
‫ﻳﺗرﺗب ﻋﻠﻳﻪ اﻋﺗﻣﺎد اﻟﻔﻌﻝ ﻓﺎﺋدة أو ﻳﺗرﺗب ﻋﻠﻳﻪ ﻓﺎﺋدة ﻟﻛﻧﻬﺎ ﻻ ﻳﻌﺗﻣد ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻧظر اﻟﻔﺎﻋﻝ‪ٕ .‬واذا‬
‫ﻓﻌﻝ اﻟﻣرء ﻓﻌﻼ ﻻ ﻳﺗرﺗب ﻋﻠﻳﻪ ﻓﺎﺋدة‪ ،‬أوﻟﻳس ﻟﻪ ﻓﻳﻪ ﻏرض ﺻﺣﻳﺢ ﻗﻳﻝ أﻧﻪ ﻳﻔﻌﻝ ذﻟك ﻋﺑﺛﺎ ‪"7‬‬

‫ٕواذا ﻋدﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻣﻌﺟم اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﻧﺟد ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻌطﻳﻧﺎ ﺗﻌرﻳﻔﺎ أﺧر ﻟﻠﻌﺑث ‪ :‬اﻟﻌﺑﺛﺔ ﻣدرﺳﺔ أدﺑﻳﺔ ﻓﻛرﻳﺔ‬
‫‪ ،‬ﺗدﻋﻲ أن اﻹﻧﺳﺎن ﺿﺎﺋﻊ ﻟم ﻳﻌد ﺑﺳﻠوﻛﻪ ﻣﻌﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﻣﻌﺎﺻرة وﻟم ﻳﻌد ﻷﻓﻛﺎرﻩ ﻣﺿﻣون‬
‫ٕواﻧﻣﺎ ﻫو ﻳﻧﺟز أﻓﻛﺎرﻩ ﻷﻧﻪ ﻓﻘد اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ رؤﻳﺔ اﻷﺷﻳﺎء ﺑﺣﺟﻣﻬﺎ اﻟطﺑﻳﻌﻲ ﻧﺗﻳﺟﺔ ﻟﻠرﻏﺑﺔ ﻓﻲ‬
‫ﺳﻳطرة اﻵﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻳﺎة ﻟﺗﻛون‬

‫‪ -1‬ابن فارس‪ ،‬مقايس اللغة ‪،‬دار الكتب العلمية ‪،‬لبنان ‪ ،‬ط ‪1420،‬ه‪ ،1999،‬ص‪208.207‬‬
‫‪ -2‬جميل صليبا‪ ،‬المعجم الفلسفي ‪ ،‬الجزء ‪،2‬دار الكتاب اللبناني‪ ،‬بيروت‪،‬ط ‪52، 1982 ،‬‬
‫‪7‬‬
‫مفاھيم أولية‬ ‫مدخل‪:‬‬

‫ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﺣﻳث اﻧﻘﻠﺑت اﻷﻣﺔ ﻓﺄﺻﺑﺢ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻵﻟﺔ و ﺗﺣوﻝ اﻟﻧﺎس إﻟﻰ‬
‫‪8‬‬
‫ﺗروس ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﻟﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ اﻟﻛﺑﻳرة ‪".‬‬

‫ﻓﻣن ﺧﻼﻝ ﻫذا اﻟﺗﻌرﻳف ﻳﺗﺑﻳن ﻟﻧﺎ أﻧﺎ ﻋﻣﻝ اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺎﻵﻟﺔ وﺣﻠوﻟﻬﺎ ﻣﺣﻝ اﻹﻧﺳﺎن ﺣﻳث‬
‫أﺻﺑﺣت اﻵﻟﺔ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻣﻝ ﻋﻣﻝ اﻹﻧﺳﺎن وﺗﻠﺑﻲ رﻏﺑﺎﺗﻪ ٕواﻋﻣﺎﻟﻪ ‪ .‬وﻫدا ﻳﺗﻌﺑد ﻧوﻋﺎ ﻣن‬
‫اﻟﻌﺑث ‪ ،‬ﻻن أﻓﻛﺎرﻩ أﺻﺑﺣت ﺿﺎﺋﻌﺔ ﺟدوى ﻣﻧﻬﺎ ﺣﻳث ﻓﻘدت ﻣﻛﺎﻧﺗﻬﺎ اﻟطﺑﻳﻌﻳﺔ ﻛﺎ إﻧﺳﺎن‬
‫ﻋﺎﻣﻝ وﺻﺎﻧﻊ وﻣﺑدع وﻓﻧﺎن طﻣوح ‪ ،‬ﺣﻳث ﺗﻐﻳر ﺣﺎﻟﻪ ﻓﺄﺻﺑﺢ إﻧﺳﺎﻧﺎ ﻣﺗﻛﻼ وﻏﻳر ﻣﺑﺎﻝ وﻫذا‬
‫ﺳوف ﻳؤدي ﻓﻲ اﻷﺧﻳر إﻟﻰ أﺷﻳﺎء ﻏﻳر ﻣرﻋوب ﻓﻳﻬﺎ ‪،‬أو إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ‪".‬ﻓﺎﻟﻌﺑﺛﻳﺔ إذا‬
‫ﻻ ﻳﺗﻘﻳد ﻧﻔﺳﻬﺎ ﺑﺎﻟﻛﺛﻳر ﻣن اﻟﻘﻳم اﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ وﻻ ﺗرى أن ﻫﻧﺎك أي ﻣﺿﻣون ﺣﻘﻳﻘﻲ وراء اﻟﺳﻠوك‬
‫اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟذي اﻧﺣﻠﻝ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻐرﺑﻲ ﺑﺳﺑب ﺳﻳطرة اﻵﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺎرات اﻟﺣﻳﺎة ‪،‬ﺣﻳث‬
‫أﻧﻬﺎ ﺟﻌﻠت اﻹﻧﺳﺎن ﺗرﺳﺎ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻵﻟﺔ اﻟﺿﺧﻣﺔ ‪ ،‬وﻗد ﺗﺄﺛرت ﻫذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ ﺑﺂراء ﻓروﻳد ﻓﻲ‬
‫ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻟﺗﺣﻠﻳﻠﻲ ‪ ،‬وﻣﺎ ﻓﻳﻪ ﻣن أﺣﻼم و أوﻫﺎم وﺧﻳﺎرات )‪ (......‬ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗرﺟﻊ ﺿﻳﺎع‬
‫‪9‬‬
‫ﻓﻣن ﺧﻼﻝ ﻫذا ﻧﺟد أن ﺣﻠوﻝ اﻵﻟﺔ ﻣﺣﻝ اﻹﻧﺳﺎن‬ ‫اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﻐرب إﻟﻰ اﻟﻔراغ اﻟروﺣﻲ "‬
‫ﺟﻌﻝ اﻹﻧﺳﺎن اﻷوروﺑﻲ ﻳﻔﻘد ﻣﻛﺎﻧﺗﻪ اﻟطﺑﻳﻌﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﻳﺎة ﻣن ﺧﻼﻝ اﻟﻔراغ اﻟروﺣﻲ اﻟذي ﻳﻧﺗﺎﺑﻪ‬
‫وﻫذا ﺳوف ﻳؤدي ﺑﻪ إﻟﻰ اﻟﻳﺄس واﻟﻣﻠﻝ واﻟﺿﻳﺎع‬

‫أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎﻝ اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ﻧﺟد أن اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ أﺑدﻋوا ﻓﻲ إﻋطﺎء أراﺋﻬم ﻋن ﻫذا اﻟﻣﺻطﻠﺢ‬
‫وﺧﺻوﺻﺎ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟوﺟودﻳﻳن اﻟذﻳن ﻳرون ﺑﺎن اﻟﻌﺑد ﻫو ﻣﺷﻛﻠﺔ وﺟودﻳﺔ ﺑﻝ أن اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ‬
‫اﻟوﺟودﻳﺔ ﺗﺑدأ إﻋﺎدة ﻣن ﻣوﻗف ﻳﺷﺑﻪ ﻣوﻗﻔﺎ ﻏرﻳب ‪ .‬ﺗﻣﺎﻣﺎ ذﻟك أن ﻧﻘطﺔ اﻟﺑدء ﻋﻧد اﻟوﺟودﻳﻳن‬
‫‪10‬‬
‫ﻫﻲ ﺻﻔﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺗﻬز اﻹﻧﺳﺎن ﻓﺟﺄة ﻋﻧدﻣﺎ ﻳدرك أن اﻟﺣﻳﺎة ﻻ ﻣﻌﻧﻰ ﻟﻬﺎ "‬

‫‪ -1‬مصطفي حسيبة ‪،‬معجم الفلسفي‪،‬دار أسامة ‪،‬عمان ‪،‬ط‪،2009 ،1‬ص‪،308‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪،‬ص ‪308‬‬
‫‪ -3‬محمد زكي العشماوي ‪،‬دراسات في النقد األدبي المعاصر ‪،‬دار الشروق‪ ،‬القاھرة‪ ،‬ط‪،1991،1‬ص‪1‬‬
‫‪8‬‬
‫مفاھيم أولية‬ ‫مدخل‪:‬‬

‫أي أن اﻟﻌﺑث ﻣرﺗﺑط ﺑﺣﻳﺎة اﻹﻧﺳﺎن ووﺟودﻩ اﻟذي ﻫو ﻓﻳﻪ ﺧﻼﻝ ﺷﻌورﻩ ﺑﺄﻧﻪ إﻧﺳﺎن ﻏرﻳب ﻋن‬
‫ﻫذا اﻟﻌﺎﻟم اﻟذي ﻫو ﻓﻳﻪ ﺣﻳث ﻳﺷﻌر اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺎن ﺣﻳﺎﺗﻪ ﻻ ﻣﻌﻧﻰ ﻟﻪ وﻻ ﺟدوى ﻣﻧﻬﺎ‪ .‬ﺑﺳﺑب‬
‫ﻫذا اﻟﻌﺑث اﻟذي ﻳﺷﻌر ﺑﻪ ﺑﻛﻝ ﻣﻛﺎن وزﻣﺎن ﺣﻳث ظﻬرت اﻟﻌدﻳد ﻣن اﻟﻣدارس اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺑﻧﻰ ﻫذا‬
‫اﻟﻣﺻطﻠﺢ ﻛﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ" ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﺻراع ﺑﻳن ﻣﻳﻝ اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻠﺑﺣث ﻋن اﻟﺣﻘﺎﺋق اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ‬
‫‪11‬‬
‫ﻓﻬذا اﻟﺗﻌرﻳف ﻳﺟﻌﻝ ﻣن‬ ‫وﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣﻳﺎة وﺑﻳن ﻋدم ﻗدرة اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻠﻰ اﻟوﺻوﻝ ﻷي ﻣﻧﻬﺎ‪".‬‬
‫اﻟﻌﺑث ﻟﻳس آﻣ ار ﻣﺳﺗﺣﻳﻝ ﻟﻛن ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻧﻔﺳﻪ ﻳﺳﺗﺣﻳﻝ ذﻟك ‪ ،‬وﻫذا راﺟﻊ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻧﺎ‬
‫إﻟﻰ ظروف اﻟطﺑﻳﻌﺔ ‪ ،‬ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻛون ظروف ﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺔ ‪ ،‬وﻫذا ﻓﻲ اﻷﺧﻳر ﺳوف ﻳؤدي إﻟﻰ ﺟﻌﻝ‬
‫اﻹﻧﺳﺎن ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ظروف ﻏﻳر ﻣرﻏوب ﻓﻳﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻪ ‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻣﻛن ﺗﺣﻘﻳق ﻛﻝ ﻣﺎ ﻳرﻏب‬
‫ﻓﻳﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻛون ‪ ،‬ﻟﻬذا اﺿطرت ﻋدة ﻣذاﻫب ﺗﻌﺎﻟﺞ ﻫذا اﻟﻣوﺿوع‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﺟﻌﻝ‬
‫ﻣﻔﻬوم اﻟﻌﺑﺛﺔ ﻣرﺗﺑطﺎ ﻓﻳﻬﺎ ﻓﻧﺟدﻫﺎ ﺗرﺗﺑط ﺑﺷﻛﻝ ﻛﺑﻳر ﻣﻊ ﻣذﻫﺑﻲ اﻟوﺟودﻳﺔ واﻟﻌدﻳﻣﺔ‪ ،‬وﻗد ﺑدأت‬
‫ﺟذورﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻝ‪ 19‬ﻋﺷر ﻟدى ﻓﻳﻠﺳوف اﻟدﻳﻧﻣﺎرﻛﻲ ﺳورﻳﻳن ﻛﻳر ﻛﻳﻔﺎرد واﻟذي اﺧﺗﺑﺎر أن‬
‫ﻳواﺟﻪ اﻷزﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗواﺟﻪ اﻟﺑﺷرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻣن ﺧﻼﻝ ﺗطوﻳر ﻓﻠﺳﻔﺔ وﺟودﻳﺔ ‪ ،‬وﻗد‬
‫وﻟدت اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻛﺗﺿﺎم اﻋﺗﻘﺎدي ﻓﻲ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟوﺟودﻳﺔ اﻷوروﺑﻳﺔ اﻟﺗﻲ اﻧطﻠﻘت ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌد رﻓض‬
‫اﻟﻛﺎﺗب واﻟﻔﻳﻠﺳوف اﻟﺟزاﺋري اﻟﺑرت ﻛﺎﻣو ‪ .‬ﺑﻌض اﻟﻣﻔﺎﻫﻳم ﻣن اﻟﺧط اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ وﻧﺷر ﻣﻘﺎﻟﺔ‬
‫اﺳطروﻩ ﺳﻳزﻳف وﻗد ﻗدﻣت ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ اﻟﺛﺎﻧﻳﺔ اﻟﺑﻳﺋﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺷطت وﺟﻬﺔ‬
‫اﻟﻧظر اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ‪ .‬وﺳﻣﺣت ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺗطور ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ اﻟﻣدﻣرة‪".‬‬

‫‪ -1‬عامر صالح الفلسفة العبثية الموقع ‪:‬‬


‫‪www. Sgrt. Es .f.55 nevember 4/2013/7 pm. Page 3/2‬‬

‫‪9‬‬
‫مفاھيم أولية‬ ‫مدخل‪:‬‬

‫وﻋﻧد رﺟوﻋﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻘرءان اﻟﻛرﻳم ﻧﺟد أن اﷲ ﻋز وﺟﻝ ذﻛر ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ اﻟﻛرﻳم ﻛﻠﻣﺔ اﻟﻌﺑث ﺣﻳث‬
‫ﻳﻘوﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ ‪ ":‬اﻓﺣﺳﺑﺗم أﻧﻣﺎ ﺧﻠﻘﻧﺎﻛم ﻋﻳث "‪ .‬أي ﺣﺳب رأﻳﻧﺎ ﻫﻧﺎ أن اﷲ ﻟم ﻳﺧﻠق اﻹﻧﺳﺎن‬
‫ﺑﺎﻟﺑﺎطﻝ ‪ ،‬اﻟذي ﻻ ﻏﺎﻳﺔ ﻟﻪ وﻻ ﺟدوى ﻣﻧﻪ وﻻ أﺳﺎس ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﺑث ﻫﻧﺎ ﻳﺷﻳر إﻟﻰ اﻟﺑﺎطﻝ وﻟﺗﺄﻛد‬
‫ﻣن ﺻﺣﺔ اﻟﻘوﻝ ﻋدﻧﺎ إﻟﻰ ﺗﻔﺳﻳر اﻟﻘرءان ﻓوﺟدﻧﺎ اﻧﻪ ﻳﻔﺳر ﻫذا اﻟﻛﻼم ﻛﺎﻷﺗﻲ ‪):‬اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم ﻓﻲ‬
‫ﻗوﻟﻪ اﻓﺣﺳﺑﺗم (ﻟﻺﻧﻛﺎر واﻟﺣﺳﺑﺎن ﻫﻧﺎ ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟظن ﺑﻣﻌﻧﻰ أظﻧﻧﺗم اﻧﺄ ﺧﻠﻘﻧﺎﻛم ﻋﺑﺛﺎ ﻻ ﻟﺣﻛﻣﺔ‬
‫)‪ (.......‬وﻗوﻟﻪ ﻋﺑﺛﺎ ﻳﺟوز إﻋراﺑﻪ ﺣﺎﻻ ﻷﻧﺔ ﻣﺻدر ﻣذﻛر أي إﻧﻣﺎ ﺧﻠﻘﻧﺎﻛم ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻛوﻧﻧﺎ‬
‫ﻋﺎﺑﺛﻳن واﻟﻌﺑث ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻠﻌب ‪ .‬وﻳدﻝ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺳﻳر ﻓﻲ اﻵﻳﺔ ﺑﺎﻟﻠﻌب ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ‪ "):‬وﻣﺎ‬
‫‪12‬‬
‫ﺧﻠﻘﻧﺎ اﻟﺳﻣوات و اﻷرض وﻣﺎ ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ ﻻﻋﺑﻳن"(‪.‬‬

‫‪ -1‬عامر صالح الفلسفة العبثية الموقع ‪:‬‬


‫‪www. Sgrt. Es .f.55 nevember 4/2013/7 pm. Page 312‬‬

‫‪10‬‬
‫مفاھيم أولية‬ ‫مدخل‪:‬‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﻣﻔﻬوم اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ‪:‬‬

‫ﻟﻐﺔ‪ :‬ﻋرف ﻗﺎﻣوس أﻛﺳﻔورد اﻷﻗﺻر ﻛﻠﻣﺔ اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ‬

‫‪-1‬ﻣوﺳﻳﻘﻰ‪:‬ﻻﻣﺗﻧﺎ ﻏم‪.‬‬

‫‪-2‬ﻏﻳر ﻣﻧﺳﺟم ﻣﻊ اﻟﻌﻘﻝ أو اﻟﻠﻳﺎﻗﺔ‪،‬وﻓﻲ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻝ اﻟﺣدﻳث‪ ،‬واﺿﺢ اﻟﺗﺿﺎد ﻣﻊ اﻟﻌﻘﻝ‪،‬‬


‫‪13‬‬
‫وﻟذﻟك ﻣﺿﺣك‬

‫ﻓﻬﻲ ﻣﺗﺿﺎدة ﻣﻊ ﻛﻠﻣﺔ ﻣﻌﻘوﻝ‪،‬ﻓﻼﻣﻌﻘوﻝ ﺗﺗﻧﺎﻓﻰ ﻣﻊ اﻟﻌﻘﻝ و اﻟﻣﻧطق‪ ،‬ﻓﺎﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ﻳﺻدر‬


‫أﻓﻌﺎﻻ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺑث و اﻟﺳﺧرﻳﺔ و اﻟﻼوﻋﻲ و اﻟﻼﻣﺑﺎﻻة‪.‬‬

‫وﻳﻔﺳر أﻧدري ﻻﻧد اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ﺑﺄﻧﻪ "ﻧﻘﻳض اﻟﻣﻌﻘوﻝ ﻫو ﻣﺎ ﻻ ﻳﺳﺗﻘﻳم ﻟﻣﻧطق اﻟﻌﻘﻝ‪،‬أﻣﺎ اﻟﻔﻛرة‬
‫اﻟﻼﻣﻌﻘوﻟﺔ ﻓﻬﻲ اﻟﻌﻧﺎﺻر ﻏﻳر اﻟﻣﺄﻟوﻓﺔ‪.14‬‬

‫ﻓﺎﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ﻫو ﺧروج ﻋن اﻟﻣﻧطق وﻋن اﻷﻣور اﻟﻣﺄﻟوﻓﺔ ‪ ،‬ﻓﻬو ﻳﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟوﻫم و اﻟﺣﻠم‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪ ،‬عبد الواحد لؤلؤة ‪ ،‬موسوعة المصطلح النقدي ‪ ،‬المؤسسة العربية للموسوعات و النشر ‪ ،‬بيروت ص ‪16‬‬
‫‪ -2‬نوال زين الدين ‪ ،‬االمعقول و الزمان المطلق في مسرح توفيق الحكيم ‪ ،‬الھيئة المصريسة العامة للكتاب ‪،‬‬
‫مصر‪،‬دط‪،1999،‬ص‪13‬‬
‫‪11‬‬
‫مفاھيم أولية‬ ‫مدخل‪:‬‬

‫اﺻطﻼﺣﺎ‪:‬‬

‫وﻟﻔظﺔ اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ﻋرﻓﻬﺎ اﻟﻔرﻧﺳﻳون ﻣﻧذ ﺑداﻳﺔ اﻟرﺑﻊ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﻳن ﻋﻧدﻣﺎ اﺗﺟﻬت‬
‫ﺑﻌض اﻟﻔﻠﺳﻔﺎت إﻟﻰ ﻣﻬﺎﺟﻣﺔ اﻟﺣﺿﺎرة اﻟروﻣﺎﻧﺗﻳﻛﻳﺔ وﺗﻳﺎر اﻟﺣرﻛﺔ اﻟوﺿﻌﻳﺔ و ﻛﺎن ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ‬
‫ﺻراع ﺣﺎﻓﻝ ﺑﺎﻷﺣداث‪،‬ﻓﺎﻟﻣﺎدة ﺗرﻳد أن ﺗﺳﻳطر و ﺗﺳود ﻟﻛن اﻟروح ﺗﻌﺎرض و ﺗﺛور‪ ،‬وﻣﺎ إن‬
‫‪15‬‬
‫ﺣﻠت ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر وﺑداﻳﺔ اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﻳن ﺣﺗﻰ ﺑﻠﻎ اﺧﺗﻼﻝ اﻟﺗوازن أﺷدﻩ‬

‫ﻧﻔﻬم ﻣن ﻫذا أن ﺗﻳﺎر اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ﺟﺎء ﻛرد ﻓﻌﻝ ﻟﻠﺗﻳﺎر اﻟروﻣﺎﻧﺳﻲ واﻟﺣرﻛﺔ اﻟوﺿﻌﻳﺔ أﻣﺎ اﻷوﻝ‬
‫ﻳﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟروح اﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ واﻟﺛﺎﻧﻲ ﻳﺳﺗﻧد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺎدة‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ ﻳﻌﺑر ﻫذا اﻟﻣذﻫب ‪-‬اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ـ ﻋن اﻟﺳﺧرﻳﺔ اﻟﻣرﻳرة اﻟﺗﻲ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﻣﻧطق‬
‫اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺗﻘﻠﻳدي وﻋدم اﻟﺛﻘﺔ ﺑﻪ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﻧﻪ ﻳﻘوم ﺑﺗﺻوﻳر اﻟﺗﻣزق اﻟروﺣﻲ اﻟذي أﺻﺎب‬
‫‪16‬‬
‫اﻟذات اﻟﺗﻲ اﺻطدﻣت ﺑﻬذا اﻟﻣﻧطق‬

‫وﻫذا ﻣﺎ ﻋﻧﻳﻧﺎﻩ ﺑﻘوﻟﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ أن ﺗﻳﺎر اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ﻳﻬﺗم ﺑﺎﻟروح اﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ واﻟﻧﻔس اﻟﺑﺷرﻳﺔ ﻣن‬
‫ﺧﻼﻝ ﺗﺻوﻳر اﻵﻻم واﻟﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﺗﻲ ﻳﺻﺎدﻓﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن أﺛﻧﺎء ﻣواﻗف ﻣﻌﻳﻧﺔ أو اﻟواﻗﻊ اﻟذي‬
‫ﻳﻌﻳﺷوﻧﻪ‪.‬‬

‫‪ -1‬نوال زين الدين ‪ ، ،‬الالمعقول و الزمن المطلق في مسرح توفيق الحكيم ‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪ -2‬د‪.‬عز الدين إسماعيل ‪ ،‬األدب و فنونه ‪ ،‬ص ‪ 37‬بتصريف‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫مفاھيم أولية‬ ‫مدخل‪:‬‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬ﻧﺷﺄة اﻟﻌﺑث ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻐرﺑﻳﺔ‪:‬‬

‫ﻓﻘد اﻟﻧﺎس ﺛﻘﺗﻬم ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻝ )اﻟﻛﻼﺳﻳﻛﻳﺔ( ﻛﻣﺎ ﻓﻘدوﻫﺎ ﻣن ﺑﻌد ﻓﻲ اﻟﻌﺎطﻔﺔ )اﻟروﻣﺎﻧﺗﻳﻛﻳﺔ( وراﺣوا‬
‫ﺑﻌد ذﻟك ﻳﺑﺣﺛون ﻋن أﺳﻠوب ﺟدﻳد ﻹدراك اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ وﻗد ظﻬرت ﻧﺗﻳﺟﺔ ﻟذﻟك ﻣدارس ﻛﺛﻳرة‬
‫ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ وﻣﺗﻌﺎرﺿﺔ وﻟﻛن ﻧﺳﺗطﻳﻊ أن ﻧﻠﻣﺢ ﻋﺎﻣﻼ واﺣدا ﻳﻛﻣن وراءﻫﺎ و ﻳوﺟﻬﻬﺎ ﻫو‬
‫)اﻟﻼﺷﻌور( ﻓﺎﻟروح اﻟﻌﺎم ﻟذﻟك اﻟﻌﺻر ﻫو اﻟﺑﻌد ﻋن اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺧﺎرﺟﻲ واﻟﻔرار ﻣﻧﻪ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟم‬
‫اﻟداﺧﻠﻲ‪،‬واﻷدﻳب ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻳﺗرك ذاﻛرﺗﻪ )اﻟﻼﺷﻌورﻳﺔ( ﺗﻌﻣﻝ وﺗﺳﺟﻝ أﻓﻛﺎرﻫﺎ اﻟﻐرﺑﻳﺔ‪،‬وﻫو‬
‫ﺑذﻟك ﻳﺣﺎوﻝ ﻧوﻋﺎ ﻣن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ اﻵﻟﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺗرب ﺑدرﺟﺔ ﺗﺧﺗﻠف ﻗﻠﻪ وﻛﺛرة ﻣن ﻋﻣﻝ اﻟﻼﺷﻌور‬
‫‪17‬‬
‫ﻋﻧدﻩ‪،‬أو ﻳﻣﺛﻝ ذاﻟك اﻟﻌﻣﻝ ﻋن طرﻳق ﺗداﻋﻲ اﻷﻓﻛﺎر‪.‬‬

‫ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﻳﺗﺑﻠور ﻓﻲ وﺿوح اﻟﻣذﻫب )اﻟﺳرﻳﺎﻟﻲ( ﻓﺎﻟﺳرﻳﺎﻟﻳﺔ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ آﻟﻳﺔ ﻧﻔﺳﻳﺔ ﺻرف‬
‫ﺗﻬدف إﻟﻰ اﻟﺗﻌﺑﻳر ﻋن اﻟﻌﻣﻝ اﻟﺣﻘﻳﻘﻲ ﻟﻼﺷﻌور ﻓﻬﻲ إﻋﻼء اﻟﻼﺷﻌور دون وﺟود أي رﻗﺎﺑﺔ‬
‫‪18‬‬
‫ﻟﻠﻌﻘﻝ وﺑﻌﻳدا ﻋن ﻛﻝ اﻫﺗﻣﺎم ﻓﻧﻲ أو أﺧﻼﻗﻲ‪.‬‬

‫وﻳﻣﻛن ﻧﻠﻣس ﺧﻳوط اﻻﺗﺟﺎﻩ إﻟﻰ اﻟﻼﺷﻌور ﺑﺗﺄﺳﻳس اﻟﻣذﻫب"اﻟدادي" ‪ dadism‬ﻋﻠﻰ ﻳد ﺗﺳﺎ از‬
‫‪19‬‬
‫وﻫو ﻛﺎﺗب ﻓرﻧﺳﻲ ﻋن أﺻﻝ ﻳوﻧﺎﻧﻲ ﻓﻲ زﻳورخ ﺳﻧﺔ ‪. 1916‬‬

‫ٕواﻟﻰ ﺟﺎﻧب ذﻟك ﻳﻧﺑﻐﻲ اﻋﺗﺑﺎر اﻟوﺟودﻳﺔ وﻫﻲ ﻋن أوﺿﺢ اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﻔﻛرﻳﺔ اﻟﺣدﻳﺛﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫أﺛرت ﻓﻲ اﻷدب ﺑﻣظﺎﻫرﻫﺎ اﻟﻣﺳرح اﻟﺻوﻓﻲ اﻟﻣﺗﻣﺛﻝ ﻓﻲ ﻣؤﻟﻔﺎت "ﺗﻳﻝ ﻛﺣورد" اﻟداﻧﻣﺎرﻛﻲ و "‬
‫ﺟﺎﺑﻳرﺑﻳﻝ" اﻟﻔرﻧﺳﻲ واﻟﻣظﻬر اﻵﺧر اﻹﻟﺣﺎدي ﻋﻧد "ﺟﺎن ﺑوﻝ ﺳﺎرﺗر" و "أﻟﺳﻳرﻛﺎﻣو"و"ﺟﺎن‬
‫‪20‬‬
‫أﻧوي" ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ و"ﻫﺎﻳدﺟر" و "ﻳﺳﺑرون" ﻓﻲ أﻟﻣﺎﻧﻳﺎ‪،‬ﺗﻣﺛﻝ ﻧظرﻳﺔ اﻟﻔردﻳﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ‬

‫‪ -1‬عزالدين إسماعيل ‪ ،‬األدب و فنونه‪ ،‬دار الفكر الغربي ‪ ،‬القاھرة ‪ ،‬ط‪2002 ،1‬م ص ‪33 . 32‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪33‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪33‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪36 . 35‬‬
‫‪13‬‬
‫مفاھيم أولية‬ ‫مدخل‪:‬‬

‫ﻗد أﻋطت ظروف اﻟﺣرب ﻓﻲ ﺑﻠد ﻣﺛﻝ ﻓرﻧﺳﺎ ﺗﺣت اﻻﺣﺗﻼﻝ اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ أﻋطت ﻣﻌﻧﻰ ﺟدﻳد ‪،‬‬
‫اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻻﺧﺗﻳﺎر ﻫذﻩ ﻓﺎﻟﺣرﺑﺎن اﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺗﺎن و اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺳﻳﺋﺔ ﻟﻠﺛورة ‪ ،‬ﻗد ﺗرﻛت اﻟﺛﻘﺗﻳن ﻋن‬
‫اﻟﻧﺎس ﻓﻲ اﻟﻐرب ﻓﻲ ﺷك إزاء اﷲ و اﻟﺗﻘدم و اﻟﺗطور و اﻟدﻳﻣﻘراطﻳﺔ ‪ ،‬و ﻓﻲ ﺣﺎﻻت اﻷﻣم‬
‫اﻟﻣﺣﺗﻠﺔ ﻛﺎن اﻟﺗﻘﻬﻘر إﻟﻲ ﻫدوء اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ ﻓﻲ ذاﺗﻪ اﺧﺗﻳﺎ ار أي ﺗﻌﺎوﻧﺎ ﻫﺎدئ ﻣﻊ اﻟﻐزاة‪،‬‬
‫وﻗد ﻛﺎن اﻟﺗﻣرد ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟﻣوت أو اﻟﺗﻌذﻳب أو ﻋﻠﻲ اﻷﻗﻝ ﺣﻳﺎة اﻟﻘﻠق و اﻟﺧطر و ﻛﺎن ﻟﻬذا أﺛرﻩ‬
‫‪21‬‬
‫ﻓﻲ اﻧﻬﻳﺎر ﻛﺛﻳر ﻣن اﻟﻘﻳم ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟوﺟودﻳﺔ أﻛﺛر ﻣن ﻓﻛرة ﻋﻘﻠﻳﺔ ‪ ،‬أﻧﻬﺎ ﻓﻠﺳﻔﺔ وﻟدت ﻧﺗﻳﺟﺔ ﻟﻠﻘﻠق ﻓﻲ ﻋﺻرﻧﺎ و اﻟﻔراغ اﻟذي‬
‫ﻳرﺟﻊ إﻟﻰ ﺿﻳﺎع ﻋﻘﺎﺋدﻧﺎ و ﺗﺑﻌﺛرﻫﺎ ‪.‬‬

‫وﻣﺎ ﻳزاﻝ اﻟﻘﻠق و اﻟﺧوف ﻳﻘﻳم ﻋﻠﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﺑﻌد اﻟﻣﺣن اﻟﻘﺎﺳﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻣر ﺑﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻳس اﻟﺣﻳﺎة ﻣﺎ‬
‫ﻳطﻣﺋن ﻛﺛﻳ ار ‪ ،‬إذا ﻛﺎن ﻣﺎ ﻳرﺟﻲ ﻣﻧﻪ اﻟﻧﻔﻊ ﻓﻳﻬﺎ ﻗد ﻳﻧﻘﻠب ﺑﻳن ﻋﺷﻳﺔ و ﺿﺣﺎﻫﺎ أداة ﻟﻠﺗﺧرﻳب‬
‫‪ ،‬وﺗﺻﺑﺢ اﻟﺳؤاﻝ ﻋﻣﺎ ﻳﺣب اﻟﺣﺻوﻝ ﻟذﻛﺎﺋﻬﺎ اﻟﺧﺎص ‪ ،‬وﻗد أﺻﺑﺢ اﻟﺳؤﻝ ﻋﻣﺎ ﻳﺟب‬
‫اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻳﻪ ﺣﺗﻰ ﻧﺄﻣن ﻣن اﻟﺧوف أﻫم اﻟدواﻓﻊ ﻓﻲ اﻟﺣﻳﺎة ‪ ،‬وﻟﻛن ﻣن ﻫﻧﺎ ﻳﻘ أر اﻟﻘﺻﺔ‬
‫اﻟﻳوم ﻟﻳﺗﺳﻠﻲ ﻣن ذا اﻟذي ﻳﻛﺗب و ﻫدﻓﻪ اﻷوﻝ اﻹﻣﺗﺎع ? إن اﻟﻛﺎﺗب و اﻟﻘﺎرئ اﻟﻳوم ﻛﻼﻫﻣﺎ‬
‫ﻣﺗﺷﺑﻊ ﺑﺎﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة و ﻫﻲ ﺷﻌورﻧﺎ اﻟﻘوي ﺑﻌدم اﻻطﻣﺋﻧﺎن ‪ ،‬ﻓﺎن روح ﻫذا اﻟﻌﺻر و‬
‫ﺳﻣﺎﺗﻪ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻣﺣرﻛﺔ ﻫﻲ ﻓﻘدان اﻟﺗوازن ‪ ،‬و اﻟﺗﺣﻠﻳﻝ و اﻟﻘﻠق و اﻟﺗﺧﺑط و رﺑﻣﺎ ﻛﺎن أﺧر‬
‫ﻣذﻫب أدﺑﻲ طﻠﻊ ﻋﻠﻳﻧﺎ ﻣن اﻟﻐرب و اﺣدث ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﻛﻠﻪ ﺿﺟﺔ ﺣوﻟﻪ ﻫو ﻣذﻫب اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ‬
‫‪ ،dbsurd‬وﻗد داع ﺻﻳت ﻫذﻩ اﻷﺧﻳرة ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ و ﻳﻌﺗﺑر ﻫذا اﻟﻣذﻫب ﻋن اﻟﺳﺧرﻳﺔ اﻟﻣرﻳرة‬
‫ﻣن ﻣﻧطق اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺗﻘﻠﻳدي و ﻋدم اﻟﺛﻘﺔ ﻓﻳﻪ ﻛﻣﺎ ﻳﺻور اﻟﺗﻣزق اﻟروﺣﻲ اﻟذي أﺻﺎب اﻟذات‬
‫‪22‬‬
‫"‬

‫‪ -1‬عز الدين إسماعيل ‪ ،‬األدب وفنونه‪ ،‬ص ‪36‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪37 . 36‬‬
‫‪14‬‬
‫مفاھيم أولية‬ ‫مدخل‪:‬‬

‫ﻟﻘد ﺣﻘﻘت اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﺷﻬرﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺧﻣﺳﻳﻧﻳﺎت ﻋن ﻫذا اﻟﻘرن إﻻ أن إرﻫﺎﺻﺎﺗﻬﺎ اﻷوﻟﻲ ﻛﺎﻧت‬
‫‪23‬‬
‫ﺿﺎرﺑﺔ ﻓﻲ ذﻟك ﺑﻛﺛﻳر ‪.‬‬

‫ﻳﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺣرﻛﺔ اﻟدادﻳﺔ أوﻝ ﺣرﻛﺔ ﻣﻧﺿﻣﺔ ﻟﻬﺎ وﺟﻬﺔ ﻧظر ﻋﺑﺛﻳﺔ و ﻳﻼﺣظ أن اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻗد‬
‫اﺳﺗﻌﺎرت اﻟﻌدﻳد ﻣن ﺗﻘﻧﻳﺎت اﻟﺳرﻳﺎﻟﻳﺔ رﻏم أن اﻟﺣرﻛﺗﻳن اﻟدادﻳﺔ و اﻟﺳرﻳﺎﻟﻳﺔ ﻟم ﺗﻘدﻣﺎ ﻋرﺿﺎ‬
‫‪24‬‬
‫دراﻣﻳﺎ ﺣﻘﻳﻘﻳﺎ ‪.‬‬

‫ﻓﻬﻧﺎك ﻣن اﻟﻧﻘﺎد ﻣن ﻳري أن اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻗد اﺳﺗﻌﺎرت ﺑﻌض اﻟﺗﻘﻧﻳﺎت ﻣن ﺗﻳﺎرات ﺣدﻳﺛﺔ ﻛﺎﻟدادﻳﺔ و‬
‫اﻟﺳرﻳﺎﻟﻳﺔ ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟدادﻳﺔ ﻫﻲ ﺣرﻛﺔ ﻓﻧﻳﺔ ﻧﺷﺄت ﻓﻲ أﻋﻘﺎب اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ اﻷوﻟﻲ و ﺗﻬدف إﻟﻲ‬
‫ﺗﺧرﻳب اﻟﻘﻳم و اﻟﺟﻣﺎﻟﻳﺎت و اﻟﺳﺧرﻳﺔ ﻣن اﻟﻔن ذاﺗﻪ و ﻋرض ﻛﻝ ﻣﺎ ﻫو ﻏﺎﺋب و ﻏﻳر ﻣﻌﻘوﻝ‬
‫‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﺣرﻛﺔ ذات ﻣوﻗف ﻋدﻣﻲ ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﺳرﻳﺎﻟﻳﺔ ﻓﻬﻲ ﺣرﻛﺔ ﻗﺎﻣت ﺑﻌد اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ اﻷوﻟﻲ‬
‫و ﻓﻲ ﻛﻠﻣﺔ ﺗﻌﻧﻲ ﻣﺎ ﻓوق اﻟواﻗﻊ ‪ ،‬آو ﻣﺎ وراء اﻟطﺑﻳﻌﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ ‪ ،‬و ﻗﺎﻣت ﻫذﻩ اﻟﺣرﻛﺔ ﻋﻠﻲ‬
‫ﻗﺎﻋدة اﻟﺗﺣﻠﻝ ﻋن اﻟﺣﻳﺎة اﻟواﻋﻳﺔ و اﻟﺗﺣرر ﻋن ﺳﻠطﺎن اﻟﻌﻘﻝ و اﻋﺗﻣﺎد اﻟﻼﺷﻌور و اﻟﻼوﻋﻲ‬

‫و ﻟﻔظﺔ اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ﻋرﻓﻬﺎ اﻟﻔرﻧﺳﻳون ﻣﻧذ ﺑداﻳﺔ اﻟرﺑﻊ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﻳن ﻋﻧدﻣﺎ اﺗﺟﻬت‬
‫ﺑﻌض اﻟﻔﻠﺳﻔﺎت إﻟﻲ ﻣﻬﺎﺟﻣﺔ اﻟﺣﺿﺎرة اﻟروﻣﻧﺗﻛﻳﺔ وﺗﻳﺎر اﻟﺣرﻛﺔ اﻟوﺿﻌﻳﺔ وﻛﺎن ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ ﺻراع‬
‫ﺣﺎﻓﻝ ﺑﺎﻷﺣداث ﻓﺎﻟﻣﺎدة ﺗرﻳد أن ﺗﺳﻳطر و ﺗﺳود ‪ ،‬ﻟﻛن اﻟروح ﺗﻌﺎرض و ﺗﺛور وﻣﺎ أن ﺣﻠت‬
‫‪25‬‬
‫ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر و ﺑداﻳﺔ اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﻳن ﺣﺗﻰ ﺑﻠﻎ اﺧﺗﻼﻝ اﻟﺗوازن أﺷدﻩ ‪.‬‬

‫و ﺑﻬذا اﻧﺷﺄ اﻟﻌﺑث ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﻓﻲ اﻟﺑداﻳﺔ ﺛم اﻧﺗﺷر إﻟﻲ ﻣﻌظم أرﺟﺎء اﻟﻌﺎﻟم اﻧﺑﺛق ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ‬
‫ﻛرد ﻓﻌﻝ ﻋن اﻟﻌﻘﻼﻧﻳﺔ اﻟﺗﻲ أوﻗﻌت اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﻛﺛﻳر ﻣن اﻟﺣروب و ﺣوﻟﺗﻪ إﻟﻲ ﺑﻳﺎﻧﺎت و‬
‫أرﻗﺎم و ﻋﻠﺑﺗﻪ ﻓﻲ إطﺎر ﻣﺎ ﻫو ﻣﺎدي ‪ ،‬ﺣﻳث ﻳﺻور ﺗﻳﺎر اﻟﻌﺑث و اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺗﺎﺋﻪ‬

‫‪ -1‬شكري عبد الوھاب ‪ ،‬تاريخ و تطور العمارة المسرحية حورس الدولة‪ ،‬اإلسكندرية ‪،‬بط‪ ،2007 ،‬ص ‪680‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪680‬‬
‫‪ -3‬نوال زين الدين ‪ ،‬الالمعقول و الزمن المطلق في مسرح توفيق الحكيم ‪ ،‬الھيئة المصرية العامة للكتاب ‪ ،‬مصر ‪ ،‬د ط‬
‫‪ ،1998 ،‬مص ‪14‬‬
‫‪15‬‬
‫مفاھيم أولية‬ ‫مدخل‪:‬‬

‫اﻟذي ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻔراغ اﻟروﺣﻲ و ﻳﻔﻘد اﻻﺳﺗﻘرار اﻟﻧﻔﺳﻲ و ﻳﺟد ﻧﻔﺳﻪ داﺋﻣﺎ ﻳﺳﺎﻝ ﻋن ﻫدف و‬
‫ﻣﻐزى وﺟودﻩ‪.‬‬

‫وﻗد ﻛﺎﻧت اروﻳﺎ ﺗﻌﻳش ﻫذﻩ اﻷزﻣﺔ ﺑﻌد اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ اﻟﺛﺎﻧﻳﺔ ﻓﻲ أرﺑﻌﻳﻧﺎت اﻟﻘرن ﺣﻳث روج‬
‫اﻟوﺟودﻳون ﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻧﻛﺳﺔ ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﺑﻌد أن ﺿﺎﻋت ﻛﻝ ﻣﻘدﺳﺎﺗﻬﺎ و ﻟم ﻧﻌد ﻧرى أﺻﻼ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﺻﻳر و ﻻ ﺷﻳﺎ ﻓﻲ اﻟرﻓق اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﺳوي اﻟﻌﺑث وﻛﺎﻧت ﻗﺿﻳﺔ اﻟوﺟود و اﻟﻣﺎﻫﻳﺔ أو‬
‫اﻟطﺑﻳﻌﺔ اﻟﻧﺎﻗﺻﺔ و اﻟطﺑﻳﻌﺔ اﻟﻣﻛﺗﻣﻠﺔ ﺛم اﻟﻣﺳﺎﻓﺔ اﻟﺗﻲ ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ ‪ ،‬و اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺑب اﻟﺗوﺗر أو اﻟﻘﻠق‬
‫اﻟوﺟودي ﻛﺎن ذﻟك ﻣﺎدة ﺧﺻﺑﺔ ﻟﻸدﺑﺎء اﺑﺗداء ﻣن "ﺳﺎرﺗر" و "ﺳوﻳون دوي ﺑﻣﻐوار"إﻟﻲ اﺻﻐر‬
‫‪26‬‬
‫ﺑﺎدئ ﻳﺟد ﻟذة ﻓﻲ أن ﻳﻘوﻝ اﻧﻪ ﻣن إﺗﺑﺎع اﻟﻌﺑث أو اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ‪.‬‬

‫‪-‬ﻳري ﻳوﻧﺳﻛو زﻋﻳم اﻟﻌﺑث أن اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﺟﺗﻣﻊ و ﻟﻳس اﻷدب و أن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‬
‫اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ﻫو اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟذي ﻳﺷﻌر ﻓﻳﻪ اﻟﻔرد ﺑﺎﻟﺿﻳﺎع ﻟﻌدة أﺳﺑﺎب ‪:‬‬

‫‪ – 1‬اﻟطﺑﻳﻌﺔ اﻵﻟﻳﺔ ﻓﻲ ﻗﻳﻣﺔ و ﺟودﻫم و ﻏﺎﻳﺗﻪ ﻓﻲ ذﻟك إﻳﺣﺎء ﺑﺎﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ‪.‬‬

‫‪ -2‬إﺣﺳﺎس ﺣﺎد ﺑﻣرور اﻟزﻣن ‪ ،‬أو اﻹدراك ﺑﺄن اﻟزﻣن ﻗوة ﺗدﻣﻳر‪.‬‬

‫‪-3‬إﺣﺳﺎس ﻳﻛون اﻟﻣرء ﻣﺗروﻛﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﻏرﻳب و ﻳرى اﻟﺳﻳرﻛﺎﻣﻲ أن اﻟﻌﺎﻟم اﻟذي ﻳﻣﻛن أن‬
‫ﻳﻔﺳر وﻟو ﺑﺄﺳﺑﺎب ردﻳﺋﺔ ﻫو ﻋﺎﻟم ﻣﺄﻟوف ‪ ،‬وﻟﻛن اﻹﻧﺳﺎن ﻳﺷﻌر ﺑﻧﻔﺳﻪ ﻏرﻳﺑﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻟم أزﻳﺣت‬
‫ﻣﻧﻪ اﻷوﻫﺎم و اﻟﺑﺻﻳرة ﻋﻠﻲ ﺣﻳن ﻏرة ﻳﺻﻝ ﻫذا اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻻﻏﺗراب ﻓﻲ اﺷد ﺣﺎﻻﺗﻪ إﻟﻰ درﺟﺔ‬
‫اﻟﻐﺛﻳﺎن ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺻﺑﺢ اﻷﺷﻳﺎء اﻟﻣﺄﻟوﻓﺔ اﻟﻣدﺣﺑﺔ ﻋﺎدة ﻛﺎﻟﺻﺧر أو اﻟﺷﺟرة ﻣﻧزوﻋﺔ ﻛذﻟك ﻣن‬
‫ﺻﻔﺎﺗﻬﺎ اﻟﻣﺄﻟوﻓﺔ‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الواحد لؤلؤة‪ ،‬موسوعة المصطلح النقدي ‪ ،‬المؤسسة العربية لدراسات و النشر ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ص ‪73. 72‬‬
‫‪16‬‬
‫اﻟﻔﺻﻝ اﻷوﻝ‬
‫ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺎت‬
‫أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣو‬
‫‪ -1‬اﻟﻣﺑﺣث اﻷوﻝ‪ :‬ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ اﻟطﺎﻋون‬

‫‪ -2‬اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ اﻟﻣﻘﺻﻠﺔ‬

‫‪ -3‬اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣﺗﻣرد‬

‫‪ -4‬اﻟﻣﺑﺣث اﻟراﺑﻊ‪ :‬ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ أﺳطورة ﺳﻳزﻳف‬


‫مظاھر العبث في روايات ألبير كامو‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻷوﻝ‪ :‬ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ اﻟطﺎﻋون‪:‬‬

‫ﺗﻌﺗﺑر رواﻳﺔ اﻟطﺎﻋون ﻣن أﺿﺧم اﻷﻋﻣﺎﻝ اﻷدﺑﻳﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﻳﺔ اﻟﺗﻲ أﻟﻔﻬﺎ أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣو ﺣﻳث‬
‫اﻣﺗﺎزت ﺑﺑﺳﺎطﺔ أﺳﻠوﺑﻬﺎ ووﺿوح أﻓﻛﺎرﻫﺎ واﻋﻝ اﺧﺗﻳﺎر ﻛﺎﻣو "اﻟطﺎﻋون" ﻋﻧواﻧﺎ ﻟرواﻳﺗﻪ ﻫو‬
‫ﻧﺗﺎج ﻣﻌﺎﺻرﺗﻪ ﺣﻘﺑﺔ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر اﻟﻧﺎزي ﻟﻔرﻧﺳﺎ وﺷﻘﺎﺋﻪ ﺑﻳن اﻟﻣرض واﻟﻣﻧﻔﻰ‪،‬ﻓﺎﻟطﺎﻋون ﻫو‬
‫اﻟرﻋب و اﻟﻣوت واﻟﺷﻘﺎء و اﻟﻣرض‪.‬‬

‫ﺗﺑدأ أﺣداث اﻟرواﻳﺔ ﺑﺎﻧدﻻع اﻟﺣروب و ﻣوت اﻵﻻف ﻣن اﻟﺑﺷر ﻓﻧزﻝ اﻟطﺎﻋون ﻓﻲ اﻟﺑﻠد و‬
‫ﻣﺎت ﺑﻌﺿﻬم و اﻟﺑﻌض اﻵﺧر اﺳﺗﺳﻠم ﻟﻠﻘدر واﻟﻣوت اﻟﻣﺣﺗوم‪ 1.‬وﻣن ﺑﻳن ﻫؤﻻء ﻫﻧﺎك رﺟﻝ‬
‫أﺑﻰ أن ﻳﺳﺗﺳﻠم ﻟﻠﻘدر وراح ﻳﺗﺳﺎءﻝ ﻋن وﺟودﻩ اﻟﺗﻌﻳس و ﻣﺳﺗﻘﺑﻠﻪ اﻟﻐﺎﻣض ﻓﻬو ﻻ ﻳﻔﻛر ﻣﺛﻝ‬
‫ﻏﻳرﻩ و أﺻﺑﺢ ﻳﺣﻣﻝ أﻓﻛﺎر ﻏرﻳﺑﺔ‪.‬‬

‫إن إدراك ﻋﺑﺛﻳﺔ اﻟوﺟود ﻳﺳﺗﻠزم ﺗﻣرد اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬ﺛم ﻳﺗﺣوﻝ ﻫذا اﻟﺗﻣرد اﻟﻔردي إﻟﻰ ﺗﻣرد ﺷﺎﻣﻝ‬
‫ﺣﻳث ﻳؤﻛد ﻛﺎﻣو ذﻟك ﺑﻘوﻟﻪ"إن اﻟطﺎﻋون ﺑدون أي ﻣﻼﺑﺳﺎت ﻫو اﻧﺗﻘﺎﻝ ﻣن ﻣرﺣﻠﺔ اﻧﻔرادﻳﺔ‬
‫إﻟﻰ اﻻﻋﺗراف ﻳﺗﺣﺎﻟف ﺑﻳن اﻟﻧﺎس ﻳﺷﺗرﻛون ﺑﻪ ﻓﻲ ﻣﻘﺎوﻣﺗﻬم‪ 2‬وﻛﻲ ﻳوﺿﺢ ﻫذا اﻟﺗطور اﺧﺗﻳﺎر‬
‫اﻟطﺎﻋون ﻋﻧواﻧﺎ ﻟرواﻳﺗﻪ ﻟﻣﺎ ﺗﻌﻣﻠﻪ ﻣن وﺑﺎء ﻳﻌم اﻟﻣدﻳﻧﺔ ﺛم ﻳﺗﻼﺷﻰ ﻟﻳﻧﺗﻬﻲ ﺑﺎﻹﺗﺣﺎد و اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ‬
‫ﻳﻘوﻝ "إن اﻟطﺎﻋون ﻳﻛﺷف ﻋن اﺗﻔﺎق ﻋﻣﻳق ﺑﻳن وﺟﻬﺎت اﻟﻧظر اﻟﻔردﻳﺔ‬

‫‪ -1‬عبد القادر توازن ‪ ،‬الشعور باالغتراب عند أبي عالء المعري و البير كامي‪ ،‬أطروحة الدكتوراه‪ 2006. 2005 ،‬ص‬
‫‪ 176‬بتصريف‪.‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪ ،177‬بتصريف‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫مظاھر العبث في روايات ألبير كامو‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫ﺗﺟﺎﻩ ﻋﺑث واﺣد"ﻟﻳﺷﻳر أن اﻟﻌﺑث ﻫو ﺣﻘﻳﻘﺔ واﺣدة ﻳدرﻛﻬﺎ اﻟﺟﻣﻳﻊ‬

‫و أﺑطﺎﻝ اﻟرواﻳﺔ ﻳﻣﺛﻠون ﺻراع اﻟﺑﺷر ﻣﻊ اﻟﻘدر‪،‬اﻟﺻراع اﻟﻼﻧﻬﺎﺋﻲ ﻣﻊ ﻋدو ﻣﺑﻬم‪،‬وﺑطﻝ‬

‫اﻟرواﻳﺔ ﻣﺗﻠﺑس ﺑﺎﻟﺗﺻدي اﻟﻣﻔﻌم ﺑﺎﻷﻣﻝ إﻧﻪ اﻟﺗﺣدي اﻟﺻﺎﻏﻲ ﻟﺻرﺧﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻣن أﻋﻣﺎﻗﻪ‬

‫اﻟراﻓﺿﺔ ﻟﻠﻣوت اﻟطﻣوح إﻟﻰ اﻟﺧﻼص ﻟﻬذا ﻳﻔﺿﻝ "رﻳو" اﻟدﻓﺎع ﻋن اﻹﻧﺳﺎن ﻟذﻟك ﻋﻧدﻣﺎ ﺳﺄﻟﻪ‬

‫"ﺗﺎرو" ﺿد ﻣن‪ ˁ‬ﻳﺟﻳﺑﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﻌرف ﻫذا اﻟﻌدو وأوﻝ ﺷﺊ ﻳﻘوم ﺑﻪ رﺟﺎﻝ ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟطﺎﻋون ﻫو‬

‫‪2‬‬
‫اﻟﺗﺣدي و إن ﻛﺎن ﻏﻳر ﻣﺟد‬

‫‪3‬‬
‫وﻟﻬذا ﻛﺎن اﻟﺻﻣت‬ ‫اﻧﺗﺎب اﻟطﺑﻳب اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﺧوف و اﻷﻟم اﻟﻣﺻﺎﺣب ﻟﻪ ﻛﻼﻫﻣﺎ ﺻﺎﻣﺗﻳن‬

‫أﺣﺳن ﺗﻌﺑﻳر ﻋن آﻻم اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬ﻷن اﻟﺻﻣت وﺟﻪ ﻣن وﺟوﻩ اﻟﻼﻣﺑﺎﻻة ﻓﻳﻔﺻﻝ ﻛﻝ ﻣﻧﻬم أن‬

‫ﻳﺿﻝ ﺻﺎﻣﺗﺎ رﺑﻣﺎ ﻷن ﺷﻛوى اﻷﻟم ﻻ ﺗﻔﻳد‪ ،‬وﺟﻌﻠوا ﻣن اﻟﺗﻌود ﻋﻠﻰ ﺗﻠك اﻟﺣﻳﺎة ﻣﻠﺟﺄ ﻟﺧوﻓﻬم‬

‫اﻟداﺋم و إﻧﺗﺿﺎ رﻫم ﻟﻠﻣوت ﻣﺛﻝ ذﻟك اﻟﺷﻳﺦ اﻟﻌﺟوز اﻟذي ﻳﻘﺿﻲ ﺣﻳﺎﺗﻪ ﻣﻧﺗظر ﻣوﺗﻪ و ﻫو‬

‫ﻳﻧﻘﻝ ﺣﺑﺎت اﻟﺑﺎزﻻء ﻣن اﻹﻧﺎء اﻷوﻝ إﻟﻰ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻟﻳﻣﻸ ﺑﻬﺎ ﻓراغ ﺣﻳﺎﺗﻪ أو ذﻟك اﻟذي ﺗﻌود أن‬

‫‪4‬‬
‫ﻳﺑﺻق ﻣن اﻟﺷرﻓﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘطط اﻟﺗﻲ ﺗﻌودت ﻫﻲ اﻷﺧرى أن ﺗﺗﺟﻣﻊ ﺗﺣت اﻟﺷرﻓﺔ‬

‫‪ -1‬عبد القادر توزان ‪ ،‬الشعور باالغتراب عند ابي عالء المعري و البير كامي ‪،‬ص‪ 178‬بتصريف‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪،‬ص ‪ 179‬بتصريف‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه ‪،‬ص ‪ 180‬بتصريف‬
‫‪ -4‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪ 181‬بتصريف‬

‫‪19‬‬
‫مظاھر العبث في روايات ألبير كامو‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أﻣﺎ ﻣوﻗﻔﻪ ﻣن اﻟدﻳﺎﻧﺔ ﺗﺗﺟﻠﻰ ﻣن ﺧﻼﻝ ﺗﻌﺎرض ﺧطب اﻷب "ﺑﺎﻧﻠو" ﻣﻊ ﺣﻘﻳﻘﺔ اﻟطﻔﻝ اﻟذي‬

‫ﻣﺎت ﺑﻌد اﻟطﺎﻋون اﻟذي ﻓﺳرﻫﺎ ﺑﺄن اﻟطﺎﻋون ﻫو ﺟزء ﻣن ذﻧوب أﻗﺗرﻓﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن ﺣﻳث ﻳدﻋو‬

‫إﻟﻰ ﺗﻘﺑﻝ طﺎﻋون ﻳﻔﺗك ﺑﺎﻷﺑرﻳﺎء ﺑدون أي ﺗﺑرﻳر ﻣن اﻹﻟﻪ وﻫو ﻣوﻗف ﻣﺗﻌﺎرض ﻣﻊ ﻓﻠﺳﻔﺔ‬

‫اﻟﺗﻣرد اﻟداﻋﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻣﺳﺗﻣرة ﻓﻲ ﺗﻌد ﻟﻬذا اﻟﻘدر ‪ ،1‬اﻟذي ﻻ ﻳﻘﻬر ‪ ،‬وﻳﺗﺳم ﻫذا‬

‫اﻟﺗﺣدي ﺑﺎﻷﻣﻝ رﻏم إﺳﺗﻌﺎﺑﻬم ﻟﺧطورة اﻟوﺿﻊ اﻟﻣﺗﻣﺛﻝ ﻓﻲ وﺑﺎء اﻟطﺎﻋون وﻫذا اﻷﺧﻳر ﻫو‬

‫ﺣﺗﻣﻳﺔ اﻟﻣوت ‪،‬واﻟطﺎﻋون اﻟﻣﺟﺳد ﻟﻬذﻩ اﻟﻣدرﻋﺎت اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻳﻔرض وﺟود أﺑطﺎﻝ ﻳﺗﻌﻠم اﻹﻧﺳﺎن‬

‫ﻣﻧﻬم ﻛﻳﻔﻳﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺗﻣرد اﻟذي ﻫو ﺑدورﻩ ﺟﻣﻠﺔ ﻣن ﺗﺻرﻓﺎت اﻹﻧﺳﺎن اﻟداﺧﻠﺔ ﻓﻳﻣﺎ ﻫو واﺟب‬

‫ﻋﻠﻳﻪ ﻓﻌﻠﻪ ﻛذﻟك ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﻧﻬزم اﻟطﺎﻋون ﺑﻬزﻳﻣﺔ اﻹﺗﺣﺎد واﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ وﻟﻳس ﺑﺎﺳﺗطﺎﻋﺔ ﻛﻝ اﻟﺑﺷر‬

‫رﻏم ﺗﻣزﻗﻬم اﻟﻧﻔﺳﻲ أن ﻳﻛوون ﻗدﻳﺳﻳن وﻟﻛﻧﻬم ﻳرﻓﺿﻬم اﻟﻣﺻﺎﺋب وﻳﺟﻬدون أﻧﻔﺳﻬم ﻋﻠﻰ أن‬

‫ﻳﻛوون أطﺑﺎء‪،‬و أوﻝ ﻧﺷﺊ ﻳﻘوم ﺑﻪ اﻟﺗﻣرد ﻫو ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺷر ﺑﻛﻝ ﻣﺎ ﻳﺣﻣﻠﻪ ﻣن ﻣﻌﺎﻧﻲ و‬

‫أﺷﻛﺎﻝ‪،‬و إﺑطﺎﻝ اﻟطﺎﻋون ﻫم أطﺑﺎء ﻳطﻣﻌون ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻧﺎس وﺧﻼﺻﻬم ﻣن ﻫذا اﻟوﺑﺎء‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد القادر توزال ‪ ،‬الشعور باالغتراب عند ابي العالء المعري و البيركامي ‪ ،‬ص ‪ 182‬بتصرف‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫مظاھر العبث في روايات ألبير كامو‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ﻣن ﻫﻧﺎ ﻛﺎﻧت ﻓﻠﺳﻔﺔ ﻛﺎﻣو ﺗﻧطق ﻣن اﻹﺣﺳﺎس ﺑﺎﻷﻟم ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻷرض اﻟذي ﻳﺳﺗﻠزم ﻣﻘﺎوﻣﺔ‬

‫ﻣﻠﻣوﺳﺔ ﺑﻌﻳدة ﻋن ﻛﻝ اﻋﺗﻣﺎد ﻏﻳﺑﻲ ‪،‬واﻟطﺎﻋون ﻋدو اﻹﻧﺳﺎن واﻟﻣﺟﺳد ﻷﻟﻣﻪ ﺑﺄﺷﻛﺎﻟﻪ‬

‫اﻟﻣﺗﻌددة وﻣن واﺟب اﻟﺑﺷرﻳﺔ أن ﺗﺗﺣد ﻓﻲ اﻟﻛﻔﺎح ﺿدﻩ ﻋﻠﻰ أﻣﻝ ﺧﻼﺻﻬﺎ ﻣن ﺷرورﻩ ﺑﺣﻳث‬

‫أن ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺑﺷر ﺗﺟﺎﻫﻪ ﺗﻛون ﻣﺑﻧﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺎطف واﻟﺗﺿﺎﻣن و إذا ﻋﺟز اﻷطﺑﺎء ﻋن‬

‫اﻻﻧﺗﺻﺎر ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟطﺎﻋون ظﺎﻫرﻳﺎ ﻓﺈن اﻻﻧﺗﺻﺎر اﻟﺣﻘﻳﻘﻲ ﻳﻛﻣن ﻓﻲ ﺗﺄدﻳﺔ ﻟﻠواﺟب وﺑﻬذﻩ‬

‫اﻟﺗﺿﺣﻳﺔ ﻳﺗطور ﻫذا اﻟﺗﻣرد اﻟﻔردي إﻟﻰ ﺗﻣرد ﺟﻣﺎﻋﻲ ﻳﺻﺑﺢ ﻓﻳﻪ ﻣﺻﻳر اﻟﻔرد ﻫو ﻣﺻﻳر‬

‫اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻛﻠﻬﺎ وﻳﺻﺑﺢ اﻟطﺎﻋون ﻗﺻﺔ ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻳﺗﻘﺎﺳم ﻓﻳﻬﺎ اﻟﺟﻣﻳﻊ ﻋواطﻔﻬم‪.‬‬

‫ﻳﻘوﻝ ﺗﺎرو"ﻓﻬﻣت أﻧﺎداك أﻧﻧﻲ ﻣﺎزﻟت ﻣﺻﺎﺑﺎ ﺑﺎﻟطﺎﻋون طﻳﻠﺔ ﻫذﻩ اﻟﺳﻧوات اﻟﻣﺎﺿﻳﺔ اﻟﺗﻲ‬

‫ﻣﻛﺛت ﺑﻬﺎ ﻣن ﻛﻝ أﻋﻣﺎﻗﻲ ﻣﻘﺎوﻣﺎ ﻟﻬذا اﻟطﺎﻋون‪.1‬‬

‫‪ -1‬عبد القادر توزال ‪ ،‬الشعور باالعتزال ‪ ،‬عند ابي العالء المعري ة البير كامي‪ ،‬ص‪186‬‬
‫‪21‬‬
‫مظاھر العبث في روايات ألبير كامو‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ﺣﺎوﻝ ﻛﺎﻣﻲ ﻣن ﺧﻼﻝ رواﻳﺔ اﻟطﺎﻋون ﺗﺑﻳﺎن ﻋﺑﺛﻳﺔ اﻹﻧﺳﺎن وﺑﻌﻳدا ﻋن أي ﺗﺷﺎؤم ‪ ،‬دﻋﺎ‬

‫اﻹﻧﺳﺎن إﻟﻲ اﻻﺗﺣﺎد ﻣن اﺟﻝ ﺣرﻳﺗﻪ و ﺳﻌﺎدﺗﻪ ‪ ،‬ورأﻓﺔ ﺑﻪ واﻧﺗﺻﺎر ﻟﻪ ﻋن أﻻﻣﻪ وواﻗﻌﻪ‬

‫‪1‬‬
‫اﻟﺗﻌﻳس ‪ ،‬ﻛﺎﻧت ﻓﻠﺳﻔﺗﻪ اﻟﺗﻣردﻳﺔ ﺻرﺧﺔ ﻓﻲ وﺟﻪ اﻹﻟﻪ ورﻓﺿﺎ ﻣﺻﺣﺣﺎ ﻟﻠدﻳﺎﻧﺔ اﻟﻣﺳﻳﺣﻳﺔ ‪.‬‬

‫وﺗوﺿﺢ ﻛذﻟك ﻣوﻗف ﻛﺎﻣﻲ ﻣن اﻟﻣﺟود اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﻳﺎة وﻋﺑﺛﻳﺔ اﻟرواﻳﺔ ﺗظﻬر ﻓﻲ‬

‫ﺣدﻳﺛﻪ ﻋن ﺳﻛﺎن وﻫران اﻟﺗﻲ ﺗﺑدو ﺣﻳﺎﺗﻬم اﻟﺳﻌﻳدة و ان ﻫذﻩ اﻟﻣظﺎﻫر اﻟﺑﺎﺋﺳﺔ و اﻟﻣوﻟدة‬

‫ﻟﻠﺷﻌور اﻟﻐرﻳب اﻟذي ﻛﺎن ﻳﻧﺗﺎﺑﻪ ‪ ،‬ﻣﻬدت ﻟظﻬور وﺑﺎء اﻟطﺎﻋون ‪ ،‬وﻳظﻬر اﻟداء اﻟذي ﻫو‬

‫اﻟﻣوت و اﻟذي ﻳﻔﺗك ﺑدون رﺣﻣﺔ وﺑدون ﺳﺑب ﺣﻳﺎة اﻟﺟﻣﻳﻊ ‪ ،‬ﻟﻛن ﻛﺎﻣو ﻣن ﺧﻼﻝ ﺑطﻝ‬

‫رواﻳﺗﻪ "رﻳو" ﻻ ﻳرﺿﻲ ﺑﺎﻻﺳﺗﺳﻼم ﻟﻘدرﻩ اﻟﻣﺣﺗوم ‪ٕ ،‬واﻧﻣﺎ ﻳﺧﺗﺎر طرﻳق اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ ﺣﺗﻰ اﻟﻧﻬﺎﻳﺔ‬

‫ﺣﺗﻰ و إن ﻋﻠم ﻣﺳﺑﻘﺎ أن ﺟﻣﻳﻊ ﻣرﺿﺎﻩ طرﻳﻘﻬم ﺣﺗﻣﺎ ﻫو اﻟﻬﻼك ٕواذ ﻳﺻﺎرع اﻟﻣوت واﻗﻔﺎ‬

‫ﺷﺎﻣﺧﺎ ﺣﺗﻰ اﻟﻧﻬﺎﻳﺔ ‪ ،‬ﻓﻬو ﻻ ﻳﻌﺗﺑر ﻣﻧﺗﺻ ار وﻻ ﻣﻬزوﻣﺎ ﻓﺎﻟﺣﻳﺎة ﻣن ﺧﻼﻝ رواﻳﺔ اﻟطﺎﻋون ﻫﻲ‬

‫ﺻراع اﻹﻧﺳﺎن ﻣﻊ اﻟﻣوت‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد القادر توزال ‪ ،‬الشعور باالغتراب عند ابي عالء المعري و البير كامى ‪ ،‬ص ‪187‬‬
‫‪22‬‬
‫مظاھر العبث في روايات ألبير كامو‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ٕواﺑطﺎﻝ رواﻳﺔ اﻟطﺎﻋون وﺑﺎﻷﺧص رﻳو ﻻ ﻳﻌرﻓون اﻟﺗﺧﺎذﻝ وﻻ اﻟﺗراﺟﻊ وﻫم ﻳﻣﺛﻠون اﻟﺻراع ﻣﻊ‬
‫اﻟﻘدر ‪.‬‬

‫ﺗظﻬر اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻣن ﺧﻼﻝ ﻧﻔور اﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﻫذا اﻟﻌﺎﻟم ﻧﺗﻳﺟﺔ ﻟﻣﺻﺎﺋﺑﻪ وأوﺑﺋﺔ و ﻗﺳوة اﻹﻟﻪ ‪،‬‬
‫ﻓﻳﻧﻣو ﻋﻧدﻩ اﻹﺣﺳﺎس ﺑﻬذا اﻟﻌﺎﻟم ﻧﺗﻳﺟﺔ اﻟﺷﻌور و ﺗﺗﻛرر أﺳﺋﻠﺗﻪ ﺣوﻝ ﺟدوﻝ ﻋﻳش وﻗدر‬
‫‪1‬‬
‫اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺻراﻋﻪ اﻷﺑدي ﻣﻊ اﻟﺣﻳﺎة ﺣﺗﻰ اﻟﻣوت‪.‬‬

‫ﻓﻬذﻩ اﻟرواﻳﺔ ﺗوﺿﺢ ان ﺳﻛﺎن ﻣﻧطﻘﺔ وﻫران ﻟم ﻳﺳﺗﺳﻠﻣوا ﻟذﻟك اﻟوﺑﺎء ﺑﻝ ﻗﺎوﻣوﻩ ﺑﺻﺑرﻫم‬
‫وﺷﺟﺎﻋﺗﻬم واﺗﺣﺎدﻫم ﻟﻣواﺟﻬﺔ ﻫذا اﻟﻣرض ﻓﺎن اﻟوﺑﺎء ﺑرﻏم ﻣﺎ ﻓﻳﻪ ﻣن ﻣوت وﻣﺣﺎﻝ ﻗد‬
‫ﻛﺷف أﻧﺑﻝ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎن ‪ :‬اﻟطﻳﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﺗطﻝ ﻣن ﻋﻳﻧﻲ اﻷﻟم اﻟﻌﺟوز ‪ ،‬اﻟﻌﺑر اﻟﺻﺎﻣﺔ ﻓﻲ‬
‫ﻗﻠب رﻳو ‪ ،‬اﻟﺑراءة ﻓﻲ ﻧﻔس ﻛوﺗﺎﻝ ‪ ،‬اﻟرﻗﺔ و اﻟﺣﻧﺎن ﻓﻲ ﻗﻠوب اﻟﻌﺷﺎق و اﻟﻣﺣﺑﻳن‪ ،‬اﻷﻣﺎﻧﺔ ‪،‬‬
‫اﻟرﺟوﻟﺔ ‪ ،‬اﻟﺻﻔﺎء ‪ ،‬اﻟﺻﺑر ‪ ،‬اﻟﺻﻣت ‪ ،‬اﻟﺳﻌﺎدة‪ ،‬ﺗﻠك ﺑﻌض ﻟﻠﻛﻠﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗردد ﻛﺛﻳ ار ﻓﻲ‬
‫‪2‬‬
‫ﻗﺎﻣوس ﻛﺎﻣﻲ ‪.‬‬

‫ﻧرﺻد ﻛذﻟك ﻣﻼﻣﺢ اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻋﻧد ﻛﺎﻣﻲ ﻣن ﺧﻼﻝ ﻓﻠﺳﻔﺗﻪ ﺣوﻝ اﻟﻣوت ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣوت ﺷﻌور ﻳﺧص‬
‫ﻛﻝ إﻧﺳﺎن ﻷﻧﻪ ﻫو اﻟوﺣﻳد اﻟذي ﻳﺷﻌر ﺑﻪ ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﺧﻼﻝ ﺣﻳﺎﺗﻪ اﻧﻪ ﺳوف ﻳؤدي ﺑﻪ ﻓﻲ‬
‫أﺧر اﻟﻣطﺎف إﻟﻲ اﻟﻣوت اﻟﻣر ﻓﺎﻟﻣوت إذا ﻳﺑرز ﻟﻧﺎ ﻋﺑﺛﻳﺔ اﻟﺣﻳﺎة‬

‫وﻫذا ﻣﺎ أراد ﻛﺎﻣﻲ أن ﻳوﺿﺣﻪ ﻣن ﺧﻼﻝ ﺣدﺛﻪ ﻋن اﻟﻌﺑث و أن اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﺗﺳﺎءﻝ ﻋن‬
‫ﻫذﻩ اﻟﺣﻳﺎت ﻓﺎﻧﻪ ﻳﺻﻝ ﻓﻲ اﻷﺧﻳر إﻟﻲ اﻟﻣوت اﻟذي ﻳﺑرز ﻋﺑﺛﻳﺔ اﻟﺣﻳﺎة ‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد القادر توزال ‪ ،‬الشعور باالغتراب عند ابي العالء المعري و البيركامى ‪ ،‬ص‪230‬‬
‫‪ -2‬عبد الغفار مكاوي ‪ ،‬البلد السعيد ‪ ،‬دار الكتاب العربي ‪ ،‬القاھرة ‪ ،‬دط ‪ ،1968 ،‬ص ‪243‬‬
‫‪23‬‬
‫مظاھر العبث في روايات ألبير كامو‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ اﻟﻣﻘﺻﻠﺔ ‪:‬‬

‫ﻟﻘد ﻛﺎن ﻛﺎﻣﻲ ﻣﻌﺎرﺿﺎ ﺑﺷدة ﻗﺿﻳﺔ اﻹﻋدام ﺣﻳث ﻳﺟدﻩ أﻣر ﻻ اﻧﺳﻧﺎ ﻧﻳﺎ و ﻏﻳر أﺧﻼﻗﻳﻰ ‪،‬‬

‫وﻋﻘوﺑﺔ ﻗﺎﺳﻳﺔ وﻳﺗﺟﻠﻲ ذﻟك ﻓﻲ رواﻳﺔ" اﻟﻣﻘﺻﻠﺔ " )) إن اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ اﻟﺻﺎرﺧﺔ ﺗظﻬر ﻋﻠﻲ اﻟﻌﻛس‬

‫اﻟﻌﻘوﺑﺔ ﻻ ﺗﻘﻝ وﺣﺷﻳﺔ ﻋن اﻟﺟﻧﺎﻳﺔ ‪ ،‬وان ﻫذﻩ اﻟﺟرﻳﻣﺔ اﻟﺟدﻳدة ﺑدﻝ أن ﺗﻐﺳﻝ اﻻﻫﺎﻧﺔ اﻟﺗﻲ‬

‫‪1‬‬
‫ﻟﺣﻘت ﺑﺎﻟﻬﻳﺋﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ ﺗزﻳد ﻓﻲ ﺑﺷﺎﻋﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ اﻻوﻟﻲ ((‬

‫‪2‬‬
‫'))وﻛﺄﻧﻬم ﻣدرﻛون ﻟﻣﺎ ﻓﻳﻪ ﻣن إﺛﺎرة وﻋﺎر ﻓﻲ أن واﺣد((‬

‫ﺑﻣﻌﻧﻲ أﻧﻬم ﻳدرﻛون أن اﻹﻋدام ﺟرﻳﻣﺔ إﻻ أﻧﻬم ﻳﻘوﻣون ﺑﺈﺧﻔﺎﺋﻪ ﻋن اﻟﻧﺎس ‪))،‬ﻟﻘد اﻗﺗﺻرت اﻷﺳر‬

‫اﻟﺑورﺟوازﻳﺔ ﻟﻣدة طوﻳﻠﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﻘوﻝ أن اﻻﺑﻧﺔ اﻟﺑﻛر ﻛﺎﻧت ﺿﻌﻳﻔﺔ اﻟﺻدر ا وان اﻷب ﻛﺎن ﻳﺷﻛو ﻣن‬

‫اﻟورم ‪ ،‬ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧت ﺗﻌﺗﺑر اﻟﺳﻝ و اﻟﺳرطﺎن أﻣراض ﻣﺟذﻳﺔ ﺑﻌض اﻟﺷﺊ وﻫذا ﻳﺻﺢ أﻛﺛر ﻋﻠﻲ‬

‫‪3‬‬
‫ﻋﻘوﺑﺔ اﻟﻣوت ﺑﻼ رﻳب ((‬

‫ﻧﺟد ﻛﺎﻣﻲ ﻳﺻف ﻓﻲ رواﻳﺗﻪ ﺗﻠك اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺷﻧﻳﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻓﻳﻬﺎ اﻟﺿﺣﻳﺔ ﺑﻌد إﻋداﻣﻪ )) إن اﻟدم‬

‫ﻳﺧرج ﻣن اﻷوﻋﻳﺔ ﺑﻘوة ﻧﺑض اﻟوداﺟﻳن ‪.‬‬

‫‪ -1‬البير كامو ‪ ،‬المقصلة ‪ ،‬تر‪ ،‬جورج طرابشي‪ ،‬دار مكتبة الحياة‪ ،‬بيروت ‪،‬دط‪،،‬ص‪10‬‬
‫‪ -2‬المصدر نفسه ‪،‬ص‪10‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسه‪،‬ص‪10‬‬
‫‪24‬‬
‫مظاھر العبث في روايات ألبير كامو‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اﻟﻣﻘطﻌﻳن ﺛم ﺑﺗﺧﺛر و ﺗﺗﺷﻧﺞ اﻟﻌﺿﻼت وﺗﺗﻘﻠص ﻟﻳﻔﺎﺗﻬﺎ ﺑطرﻳﻘﺔ ﻣذﻫﻠﺔ ‪ ،‬وﻳﺗﻣوج اﻟﻣﻌﻲ وﻳﻧﺑض‬

‫‪1‬‬
‫اﻟﻘﻠب ﺑﺣرﻛﺎت ﻻ ﻣﻧﺗظﻣﺔ ﻧﺎﻗﺻﺔ((‬

‫إن ﻫذا اﻟوﺻف ﺧﻳر ﻣﺛﺎﻝ ﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻛﺎﻣﻰ ﻟوﺻﻔﻪ ﻫذا اﻟﻣﻧظر اﻟﺷﻧﻳﻊ وﻛﺄﻧﻪ ﻳﺻف ﻣﻧظ ار طﺑﻳﻌﻳﺎ‬

‫ﺧﻼﺑﺎ ‪.‬‬

‫ﻳﻌﺗﺑر ﻛﺎﻣو أن اﻟﻣﺣﻛوم ﻋﻠﻳﻪ ﺿﺣﻳﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟظﺎﻟم ﻻن اﻟﻔﻘر و أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻫﻲ ﻣﺎ ﺗﺟﻌﻝ‬

‫اﻹﻧﺳﺎن ﻣﺟرﻣﺎ ‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ اﻗﺗرح ﺣﻼ أﺧر ﻳﻌوض ﻋﻘوﺑﺔ اﻹﻋدام وذﻟك ﻣن ﺧﻼﻝ وﺿﻊ )) ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻘوﺑﺔ اﻟﻣوت‬

‫‪2‬‬
‫اﻷﺷﻐﺎﻝ اﻟﺷﺎﻗﺔ اﻟﻣؤﺑدة((‬

‫‪ -1‬البير كامو ‪،‬المقصلة‪،‬ص‪19‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.80‬‬
‫‪25‬‬
‫مظاھر العبث في روايات ألبير كامو‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣﺗﻣرد ‪:‬‬

‫رواﻳﺔ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣﺗﻣرد رواﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺑث واﻟﺗﻣرد ‪ ،‬اﻧﻪ رﻛز ﺑﺎﻷﺧص ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻣرد‪ .‬وﻓﻲ اﻟﻌدد‬

‫ﻻﺑد واﻟﺗﻌرض ﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺗﻣرد‬

‫ﻣﻔﻬوم اﻟﺗﻣرد‪:‬‬

‫ﻟﻐﺔ‪ :‬ﺗﻣرد اﻟﻐﻼم ‪ :‬ﻣرد ‪ ،‬وﺗﻣرد ﻋﻠﻰ اﻟﺷﻲء م ﻋﻠﻳﻪ واﻋﺗﺎد وﺗﻣرد ﻋﻠﻰ اﻟﻘوم ‪ :‬ﻋﺻﻰ ﻋﻧﻳدا‬

‫‪1‬‬
‫ﻣﺻرا‪ ،‬وﻳﻘﺎﻝ ‪ :‬ﺗﻣرد ﻋﻠﻰ اﻟﺷر ‪:‬طﻐﻰ‬

‫اﺻطﻼﺣﺎ ‪ :‬ﻳﻌرف ﺑﺄﻧﻪ ﺷﻛﻝ ﻣن أﺷﻛﺎﻝ اﻟﻣواﺟﻬﺔ اﻟﻣﺳﻠﺣﺔ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻘﺎﺋم ﻣن ﻗﺑﻝ ﺑﻌض‬

‫اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣدﻧﻳﺔ أو اﻟﻌﺳﻛرﻳﺔ أو اﻻﺛﻧﻳن ﻣﻌﺎ‪ ،‬وذﻟك ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺿﻐط واﻟﺗﺄﺛﻳر ﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم‬

‫ﻟﻼﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﻣﻌﻳﻧﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﻘوى وﻗد ﻳﻛون اﻟﺗﻣرد طوﻳﻝ اﻟﻣدى ﻣﻘدﻣﺔ ﻟﺛورة ﻗد ﺗطﻳﺢ‬

‫‪2‬‬
‫ﺑﺎﻟﻧظﺎم ﺑرﻣﺗﻪ‬

‫وﻫو ﻧﺗﺎج اﻹرادة واﻟوﻋﻲ ﻓﻬو أﻳﺿﺎ ﻧﺗﺎج ظروف وﻋواﻣﻝ ﺗﺧﺗﻠف ﻣن ﺣﺎﻟﺔ أو ﻣن ﺷﺧص‬

‫‪3‬‬
‫إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﺷﺧص ﻷﺧر‬

‫‪ -1‬ابر ھيم مصطفي واحمد الزيات وآخرون ‪ ،‬المعجم الوسيط ‪ ،‬د‪.‬ب ‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬ص‪191‬‬
‫‪ -2‬ادم قبي‪ ،‬روية نظرية حول العنف السياسي ‪ ،‬مجلة الباحث‪ ،‬عدد‪، 2012 ،1‬ص ‪.1065‬‬
‫‪ -3‬علي شلش التمرد علي األدب ‪ ،‬دار الشروق ‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،1994 ،1‬ص ‪.18‬‬
‫‪26‬‬
‫مظاھر العبث في روايات ألبير كامو‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وﻟو ﻋدﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻔﻛر اﻷوروﺑﻲ ﻧﺟد أن اﻷﻏﻠﺑﻳﺔ ﻣﻧﻬم ﻳرون أن اﻟﺗﻣرد ﻓﻠﺳﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﻳﺎﺳﺔ ﺑﻝ‬

‫أن روح اﻟﺗﻣرد ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺟﻌﻠت اﻟﻌﻘﻝ اﻷوروﺑﻲ ‪ ،‬وﻗد أدرك ﻋﻘم اﻟﺣﻳﺎة وﻋﺑﺛﻬﺎ ﻳﻧطﻠق ﻧﺣو‬

‫اﻟﺗﺣرر‪ ،‬اﻟﻣﻌﺎﻧﺎة ﻓﻲ اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻔردﻳﺔ وﺣرﻛﺔ اﻟﺗﻣرد وﺣدﻫﺎ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺣوﻟﻬﺎ إﻟﻰ ﺗﺟرﺑﺔ‬

‫‪1‬‬
‫ﺟﻣﺎﻋﻳﺔ‬

‫إذ ﻳﺑدا اﻟﺗﻣرد ﺑﺎﻟﻌواﻣﻝ اﻟﺗﻲ ﺗدﻓﻊ ﺑﺎﻹﻧﺳﺎن إﻟﻰ ﻓﻌﻝ اﻟﺗﻣرد وﻫﻲ إﺣﺳﺎﺳﻪ ورﻏﺑﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻌداﻟﺔ‬

‫إذ ﻳﻘوﻝ ﻛﺎﻣﻲ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد " رﻓﺿﻪ اﻷﻧﻣﺎط اﻟﺳﺎﺋدة واﻟﻣﻘﺑوﻟﺔ ﻣن اﻟﻌداﻟﺔ ﻛوﻧﻬﺎ ﺗﺛﻳر ﻧوﻋﺎ‬

‫‪2‬‬
‫ﻣن اﻟرﺿﺎ ﻟدى اﻟﻔرد اﻟﺧﺎﺿﻊ ﻟﻬﺎ"‬

‫ﻛﻣﺎ ﻳرﻛز ﻋﻠﻰ دور اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﻓﻲ طﺑﻳﻌﺔ اﻟﺗﻣرد ﺟراء اﻟﺛورات وﻣﺎ ﺧﻠﻔﺗﻪ ﻣن ﺧﻠق أﻧظﻣﺔ ﺟدﻳدة‬

‫‪ ،‬ﺛم ﻳﺧرج ﺑﻧﺗﻳﺟﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ اﻧﻪ ﻻﺑد ﻣن اﻟﺗﺣﻠﻲ ﺑﺎﻷﺧﻼق اﻟﺳﺎﻣﻳﺔ واﻟﻣﺑﺎدئ ‪ ،‬ﺑﻌﻳدا ﻋن‬

‫اﻟﻔوﺿوﻳﺔ ‪ ،‬وﻫذا ﻳوﺿﻊ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣﺗﻣرد إذ ﻳﻘوﻝ ﻛﺎﻣﻲ " إن اﻟﻘﺗﻝ اﻟﺑﺷري ﻻ ﻳؤدي إﻟﻰ‬

‫ﺷﻲء وﻟﺗﺎﻣﻳن اﻧﺗﺻﺎر ﻣﺑدأ ﻳﺟب اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ ﻛﻝ ﻓﺳﺎد أﺧﻼﻗﻲ ﻫو ﻓﺳﺎد ﺳﻳﺎﺳﻲ‬

‫‪3‬‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻛس‪".‬‬

‫‪4‬‬
‫واﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣﺗﻣرد ﻋﻧد ﻛﺎﻣﻲ ﻫو"اﻹﻧﺳﺎن اﻟذي ﻳﻘوﻝ ﻻ"‬

‫‪ -1‬فاروق القاضى ‪ ،‬افاق التمرد ‪،‬المؤسسة العربية ‪ ،‬القاھرة ‪،‬ط‪ ،2004 ،1‬ص‪45‬‬
‫‪ -2‬البير كامو ‪ ،‬اإلنسان المتمرد ‪،‬تر‪ :‬نھاد رضا ‪ ،‬منشورات عويدات ‪ ،‬بيروت‪،‬ط‪، 1983 ،3‬ص ‪94‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسه ‪،‬ص ‪94‬‬
‫‪ -4‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪18‬‬
‫‪27‬‬
‫مظاھر العبث في روايات ألبير كامو‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وﻳﻘوﻝ ﻛذﻟك ‪":‬إن اﻟﺗﻣرد ﻳﻧﺷﺎ ﻣن ﻣﺷﻬد اﻧﻌدام اﻟﻣﻧطق أﻣﺎم وﺿﻊ ﺟﺎﺋر ﻣﺳﺗﻐﻠق وﻟﻛن ﺛوﺑﺔ‬

‫اﻷﻋﻣﻰ ﻳطﺎﻟب وﺳط اﻟﻔوﺿﻰ وﺑﺎﻟوﺣدة ﻓﻲ ﺻﻣﻳم اﻟرذاﺋﻝ اﻟﻣﺗﻼﺷﻲ اﻧﻪ ﻳﺻرخ وﻳطﻠب‬

‫‪1‬‬
‫ﺑﺈﻟﺣﺎح"‬

‫"ﻓﻼﺑد ﻟﻠﺗﻣرد أن ﻳﻛون ﻣﻘﺗرﻧﺎ ﺑﺷﻌور اﻟﻣرء ﺑﺄﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺣق ﺑﺻورة ﻣﺎ ﻓﻲ ﺻورة ﻣﺎ وﻣﺟﺎﻝ ﻣﺎ‪،‬‬

‫‪2‬‬
‫وﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻳﻘوﻝ اﻟﻌﺑد ﻧﻌم وﻻ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت"‬

‫ﻧﺟد أن ﻛﺎﻣﻲ ﻳﺻرح ﻟﻧﺎ ﻓﻲ رواﻳﺔ ﺑﺎن اﻻﺳﺗﻘﻼﻝ ﻟﻳس ﻣطﻠﺑﺎ رﺋﻳﺳﻳﺎ ﻟدى اﻟﻣﺗﻣرد ‪ ،‬ﻓﻬو‬

‫ﻳطﺎﻟب ﺑﺣرﻳﺔ ﻣﺣددة ﻋﻧد ﺑداﻳﺔ ﺣرﻳﺔ اﻵﺧرﻳن‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﺗﻣرد ﺣﺳب راﻳﺔ ﺟﺎء ﻟﺗﺣﺳﻳن اﻟﻌداﻟﺔ وﻫذا ﻧﺎﺑﻊ ﻣن اﻟﺗﻣرد اﻟﻛﺎﻣوي ﺗﻣرد أﺻﻳﻝ ﻟﺻﻳق‬

‫ﺑﺎﻟﻘﻳم ‪ ،‬إذا ﺣﺎدت إﺣداﻫﺎ ﻋﻧﻪ ﻓﻘد ﻣﻌﻧﺎﻩ وأﺻﺎﻟﺗﻪ إذ ﻛﻝ ﻗﻳﻣﺔ ﻣن ﻗﻳم اﻟﺗﻣرد ﺗوﻟد اﻟﻘﻳم‬

‫اﻷﺧرى‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن اﻟﻘﻳﻣﺔ اﻟﺗﻲ اﻛﺗﺷﻔﻬﺎ اﻟﺗﻣرد ﻟﻳﺳت ﻗﻳﻣﺔ ﻣﺑﻬﻣﺔ ﻣﺎﺋﻌﺔ ﻓﺈﻧﻣﺎ ﻫﻲ وﻋﻲ ﻟﻪ‬

‫وﺗﺣدﻳدات وﺑﻧﺎﻳﺎت أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻝ ﺗروع ﻧﺣو ﺑﻳﺎﻧﺎت ﻣﺣدد ﻟﻬﺎ ‪ "،‬ﻓﺎن اﻟﻘﻳم اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻛﻝ ﻣﻧﻬﺎ‬

‫اﻟﺗﻣرد ﻟﻳﺳت ﻗﻳم ﻣﺟردة وﺣﺳب ٕواﻧﻣﺎ ﻫﻲ ﻗﻳم ﻟﻬﺎ واﻗﻌﻬﺎ وﻣﻌﻧﺎ ﻣﻳزﻫﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺄﻛد ﻋﺑر أﻓﻌﺎﻝ‬

‫‪3‬‬
‫اﻟﺗﻣرد ﻧﻔﺳﻪ ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺗﻣرد اﻟﺣق ﻣﺛﻠﻣﺎ ﻳرى ﻛﺎﻣﻲ ﻣﺑدع ﻗﻳم‪".‬‬

‫‪ -1‬البير كامو ‪ ،‬االنسان المتمرد ‪ ،‬ص‪16. 15‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪18‬‬
‫‪ -3‬دولوبين روبير ‪ ،‬كامو و التمرد‪ ،‬تر‪ :‬سھيل ادريس ‪ ،‬دار اادب ‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،1964 ،2‬ص‪30‬‬
‫‪28‬‬
‫مظاھر العبث في روايات ألبير كامو‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ﺗﺗرﺻد ﻓﻲ رواﻳﺔ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣﺗﻣرد ﻧوﻋﺎن رﺋﻳﺳﻳﺎن ﻣن اﻟﺗﻣرد اﻟﻣﻳﺗﺎﻓﻳزﻳﻘﻲ واﻟﺗﺎرﻳﺧﻲ ‪ ".‬ﻫﻧﺎك‬

‫‪1‬‬
‫ﻗرﻧﺎن ﻣن اﻟﺗﻣرد اﻟﻣﺎوراﻧﻲ واﻟﺗﺎرﻳﺧﻲ "‬

‫أوﻻ‪ :‬اﻟﺗﻣرد اﻟﻣﻳﺗﺎﻓﻳزﻳﻘﻲ ‪:‬‬

‫ﻫو اﻟﺗﻣرد اﻟﻣﻧﺣرف اﻟذي ﻳﻧﺳﺎق ﻧﺣو اﻻﻧﺗﺣﺎر واﻟﻣوت واﻟﻘﺗﻝ ‪،‬وﻫذا اﻟﻧوع ﺑﻌﻳد ﻋن اﻹﻟﺣﺎد‬

‫ﻓﻬو ﻻ ﻳﻧﻛر وﺟود اﷲ ﺑﻝ ﻳﺗﺣداﻩ‪ .‬ﻛم ﻳﻘوﻝ ﻛﺎﻣﻲ ‪ ":‬اﻹﻧﺳﺎن ﻫو اﻟﻛﺎﺋن اﻟوﺣﻳد اﻟذي ﻳرﻓض‬

‫أن ﻳﻛون ﻣﺎ ﻋﻠﻳﻪ "‪2‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ‪ ":‬اﻟﺗﻣرد اﻟﻣﺎوراﺋﻲ ﻫو اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﺗﻲ ﺑواﺳطﺗﻬﺎ ﻳﺛور إﻧﺳﺎن ﻣﺎ ﺿد‬

‫‪3‬‬
‫وﺿﻌﻪ وﺿد اﻟﺧﻠق ﻛﻠﻪ ‪،‬اﻧﻪ ﻣﺎ وراﺋﻲ ﻷﻧﻪ ﻳﻧﻛر ﻏﺎﻳﺎت اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺧﻠق"‬

‫أدرج ﻛﺎﻣﻲ ﻓﻲ رواﻳﺗﻪ إﺑﻠﻳس اﻟذي ﻗﺎﻝ ﻓﻳﻪ اﻧﻪ ﻟم ﻳﻧﻛر وﺟود اﷲ ﺑﻝ ﺗﺣداﻩ‪ .‬ﻓﻬذا إﺑﻠﻳس ﻳﺑرز‬

‫ﻓﻲ اﻷﺳﺎطﻳر اﻟدﻳﻧﻳﺔ ﻛﻣﺗﻣرد ﻣن ﻫذا اﻟﺷﻛﻝ "‪ .......‬ﺷﻬﻳدا أزﻟﻳﺎ ﻣﺣروﻣﺎ إﻟﻰ اﻵﺑد ﻣن ﻣﻐﻔرة‬

‫‪4‬‬
‫ﻳرﻓض اﻟﺗﻣﺎﺳﻬﺎ‬

‫"‪ ........‬ﻻ ﻳﺣذف اﷲ ﺑﻝ ﻳﻛﻠﻣﻪ ﻓﻘط ﻛﻼم اﻟﻧد ﻟﻠﻧد ‪ .......‬ﺑﻝ ﻣﺳﺎﻟﺔ ﻣﺟﺎدﻟﺔ ﺗﺣدﻫﺎ اﻟرﻏﺑﺔ‬

‫‪5‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﺗﻐﻠب"‬

‫‪ -1‬البير كامو ‪ ،‬اإلنسان المتمرد ‪ ،‬ص‪18‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪16‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪32‬‬
‫‪ -4‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪36‬‬
‫‪ -5‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪34‬‬
‫‪29‬‬
‫مظاھر العبث في روايات ألبير كامو‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ﻛذﻟك ﻧﻳﺗش ﻫو اﻷﺧر وﺻﻔﻪ ﻛﺎﻣﻲ ﻣﺗﻣردا وراﺋﻳﺎ ﻷﻧﻪ ﺗﻣرد ﻋﻠﻰ اﷲ‪ .." .‬ﻧﻳﺗﺷﻪ ﻟم ﻳوﺟﻪ إﻻ‬

‫‪1‬‬
‫إﻟﻰ اﻟﻪ ﻳﻔﺿﻝ دوﻧﻣﺎ ﺳﺑب ﻣﻘﻧﻊ ﺗﺿﺣﻳﺔ ﻫﺎﺑﻳﻝ ﺑدﻻ ﻣن ﻗﺎﺑﻳﻝ ﺳﺑﺑﺎ ﺑذﻟك أوﻝ ﺟرﻳﻣﺔ ﻗﺗﻝ "‬

‫ﻓﻬو ﻳرﻓض أي ﺣدﻳث ﻋن اﷲ وﻳﻧﻛر وﺟودﻩ‪ ".‬إﻧﻧﺎ ﻧذﻛر اﷲ ‪ ،‬ﻧﻧﻛر ﻣﺳؤوﻟﻳﺔ اﷲ‪ ،‬ﺑﻬذﻩ‬

‫‪2‬‬
‫اﻟﺻورة ﻟﻳس ﻏﻳر ﺳﻧﺣرر اﻟﻌﺎﻟم"‬

‫ﻧﺟد ﻧﻣوذﺟﺎ أﺧر ﻟﻠﻣﺗﻣرد اﻟﻣﺎوراﺋﻲ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟرواﻳﺔ ﻫو اﻟﻣرﻛﻳز دي ﺳﺎد‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﻳن ﻫذا‬

‫اﻟﻧﻣوذج ﻳرﻓض رﻓﺿﺎ ﻣطﻠﻘﺎ ﻟﻛﻝ ﻣﺎ ﻫو ﻣوﺟود "إن ﺳﺎد ﻻ ﻳﺳﺗﺧﻠص ﻣن اﻟﺗﻣرد ﺳوى‬

‫اﻟرﻓض اﻟﻣطﻠق"‪ 3‬وﻳﻌود ﺳﺑب ﻫذا اﻟﺗﻣرد ﻣطﻠق ﻟﺳﺎد ﺳﻧوات اﻟﺳﺟن اﻟﺗﻲ ﻗﺿﺎﻫﺎ ﻣدة ‪27‬‬

‫ﻋﺎﻣﺎ " إﻧﻧﺎ ﻧﻣﺟد ﻓﻳﻪ اﻟﻔﻳﻠﺳوف اﻟﻣﻛﺑﻝ ﺑﺎﻷﻏﻼﻝ ‪ ،‬وأوﻝ ﻋﻘﺎﺋدي ﻟﻠﺗﻣرد اﻟﻣطﻠق ‪ .....‬إن‬

‫‪4‬‬
‫اﻟﻌﻘﻝ اﻟﻣﻛﺑﻝ ﻳﻔﻘد ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻳد اﻟوﺿوح واﻟﺗﻣﻳز"‬

‫ﻧﺳﺗﺧﻠص ﻣﻣﺎ ﺳﺑق أن اﻟﺗﻣرد اﻟﻣﺎوراﺋﻲ ﻫو ﺗﻣرد ﺛﺎﺋر ﺿد اﻻﺳﺗﺑداد واﻟظﻠم واﻟﺷر واﻟﻌذاب ‪.‬‬

‫‪ -1‬البير كامو ‪،‬اإلنسان المتمرد ‪ ،‬ص ‪34‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪86‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪48‬‬
‫‪ -4‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪48‬‬
‫‪30‬‬
‫مظاھر العبث في روايات ألبير كامو‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ﺛﺎﻧﻳﺎ‪ :‬اﻟﺗﻣرد اﻟﺗﺎرﻳﺧﻲ ‪:‬‬

‫وﻫذا اﻟﻧوع ﻫو اﻟﻣﻬم ﻟﻣﺎ ﻳﺣﻣﻠﻪ ﻣن أﻫداف ﻟﻠﺣرﻳﺔ واﻟﻌداﻟﺔ ‪ ،‬وﻣن اﻟﻧﻣﺎذج اﻟواردة ﻋن ﻫذا‬

‫اﻟﺗﻣرد ﺗﻠك اﻟﺛورات اﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف اﻷزﻣﺔ أوﻟﻬﺎ ﺛورة اﻟﻌﺑﻳد وﺗﻣرد "ﺳﺑﺎرﺗﻛوس " ﺿد‬

‫اﻷﺳﻳﺎد ﻓﻲ روﻣﺎ ‪ ،‬ﻓﻘد ﻛﺎن اﻷﺳﻳﺎد ﻳرﻏﻣون اﻟﻌﺑﻳد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺻﺎرﻋﺔ ﻣن اﺟﻝ اﻟﺗﺳﻠﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎم‬

‫اﻟﻌﺑﻳد ﺑﺗﻌﻳﻳن ﺳﺑﺎرﻛوس ﻗﺎﺋدا أﻟﻣﺗﻣردﻫم ﻣطﺎﻟﺑﻳن ﺑﺗوﻗﻳف ظﻠم اﻟروﻣﺎن ﻟﻬم‪" .‬ﺑﻬذا ﻳرﺗﻘﻲ‬

‫‪1‬‬
‫اﻟﻣوت ﺑوﺻﻔﻪ ﺳﻳدا ﻟﻳس ﻋﺑدا‪".‬‬

‫ﻛذﻟك اﻟﺛورات اﻻﺷﺗراﻛﻳﺔ ﻻﺳﻳﻣﺎ اﻟﺛورة اﻟروﺳﻳﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ اﻟﻔوﺿوﻳون ﺳﻧﺔ ‪1905‬‬

‫ﺣﻳث ﺛﺎروا وطﺎﻟﺑوا ﺑﺣﻘوﻗﻬم‪ ،‬وﻓﻲ ﺳﻧﺔ ‪ 1917‬ﻋﺎد اﻟﺑﻠﺷﻔﻳﻳن إﻟﻰ اﻟﺛورة ﻣﺟددا وﻓﻳﻬﺎ ﻏﻳرو‬

‫اﻟﺣﻛم ﻣن ﻗﻳﺻري إﻟﻰ ﺣﻛم دﻳﻣﻘراطﻲ‪ ،‬وﻓﻳﻪ أﻧﺷﺄت اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻣؤﻗﺗﺔ ﻟﻼﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﻳﺗﻲ‪.‬‬

‫ﻧﺳﺗﺧﻠص ﻣﻣﺎ ﺳﺑق أن اﻟﺗﻣرد ﻣرﺣﻠﺔ ﻻ ﺗﻛﺎد ﺗﻧﻔﺻﻝ ﻋن اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﻌﺑث واﻟﺗﻣرد ﻫو اﻹﻧﺳﺎن‬

‫اﻟﻣﺗﺣدي واﻟراﻏب دوﻣﺎ ﻟﻠوﺣدة ‪.‬‬

‫‪ -1‬البير كامو ‪ ،‬اإلنسان المتمرد ‪ ،‬ص‪147‬‬


‫‪31‬‬
‫مظاھر العبث في روايات ألبير كامو‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟراﺑﻊ‪ :‬ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ أﺳطورة ﺳﻳزﻳف‪:‬‬

‫إن أﺳطورة ﺳﻳزﻳف ﻧﻣوذج ﻳوﺿﺢ ﻣن ﺧﻼﻟﻪ ﻛﺎﻣو ﻓﻠﺳﻔﺗﻪ اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ‪ ،‬ﻓﻬذﻩ اﻷﺳطورة ﺗري أن‬

‫ﺳﻳزﻳف ﺣﻛم ﻋﻠﻳﻪ ﻣن طرﻓﻲ اﻵﻟﻬﺔ ﺑﺣﻣﻝ اﻟﺣﺟر ﻣن أﺳﻔﻝ اﻟﺟﺑﻝ أﻟﻲ أﻋﻼﻩ وﻫﻛذا ذا ﻛﻝ‬

‫ﻣري وﻫذا راﺟﻊ ﺑﺳﺑب ﺳﺧرﻳﺗﻪ ﻣن اﻹﻟﻬﺔ واﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ آﻟﻬﺔ ظﺎﻟﻣﺔ وﻗﻳﺎم ﺳﻳزﻳف ﺑذاﻟك اﻷﻣر‬

‫ﻣ ار ار و ﺗﻛ ار ار ﺟﻌﻠﻪ ﻳﺗﻣﺳك ﺑﺎﻟﺣﻳﺎة رﻏم ﺷﻌورﻩ ﺑﺎﻟﻌﺑث إﻻ اﻧﻪ ﻳرﻓض اﻟﻣوت ﺣﻳث ﻳﻘوﻝ ﻛﺎﻣﻲ‬

‫ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣوﺿوع " وﺣﻳث ﺗﺗﺷﺑث ﺻور اﻷرض ﺑﺷدة ﺑﺎﻟذاﻛرة وﺣﻳث ﻳﺷﺗد إﻟﺣﺎح ﻧداء‬

‫‪1‬‬
‫اﻟﺳﻌﺎدة ‪ ........‬وﻫذا ﻫو اﻧﺗﺻﺎر اﻟﺻﺧرة ﻫذﻩ ﻫﻲ اﻟﺻﺧرة ذاﺗﻬﺎ "‬

‫ﻓﺎﻟﻌﺑث ﻋﻧد ﻛﺎﻣو ﻫو ﻓﻘدان اﻷﻣﻝ ﻓﻲ اﻟﺧﻼص وأﺳطورة ﺳﻳزﻳف ﻫﻲ ﺧﻳر ﻣﺛﺎﻝ ﻟﺗﺣدي‬

‫‪2‬‬
‫اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ‬

‫ٕواﻧﺳﺎن اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ﻫو ﺳﻳزﻳف اﻟذي وﺻﻔﻪ اﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣو اﻧﻪ ﻳﻛرﻩ اﻟﻣوت وﻳﺣب اﻟﺣﻳﺎة وﻳﻌﺻﻲ أواﻣر‬

‫اﻵﻟﻬﺔ اﻟﺗﻲ ﺣﻛﻣت ﻋﻠﻳﻪ ﺑﺎن ﻳرﻓﻊ ﺣﺟر إﻟﻲ ﻗﻣﺔ اﻟﺟﺑﻝ ‪ ،‬وﻛﻠﻣﺎ ﺑﻠﻎ اﻟﺣﺟر اﻟﻘﻣﺔ اﻧﺣدر إﻟﻲ اﻟﺳﻔﺢ‬

‫‪ ،‬وﻳﻌود ﺳﻳزﻳف و ﻳرﻓﻊ اﻟﺣﺟر وﻳﻌود اﻟﺣﺟر ﻓﻳﺳﻘط ﻣن ﺟدﻳد وﻫﻛذا ﻣﺎ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ‪ ......‬وﺳﻳزﻳف‬

‫ﻳﻌﻠم أن ﻋﻣﻠﻪ ﻋﺑث ﻻ ﻣﻌﻧﻲ و ﻻ ﺟدوى ﻣﻧﻪ ‪ ،‬وﺷﻘﺎء ﻻ ﻫدف ﻟﻪ وﻟﻛن ﻳﻌﻠم أﻳﺿﺎ أن ﺑطوﻟﺗﻪ ﻓﻲ‬

‫اﻟﻘﻳﺎم ﺑﻬذا اﻟﻌﻣﻝ ﻻن اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋﻧﻪ ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻻﻧﺗﺣﺎر ‪.‬‬

‫‪ -1‬البير كامو ‪ ،‬أسطورة سيزيف ‪ ،‬تر ‪:‬أنيس زكي حسين ‪ ،‬منشورات دار مكتبة الحياة ‪ ،‬بيروت ‪،‬دط‪،1983،‬ص‪141‬‬
‫‪ -2‬نضال النجار ‪ ،‬فلسفة العبث وإنسانية التمرد ‪ ،‬مقال ) منشور( ‪ 14‬أغسطس ‪30: 12 ،2003‬‬
‫‪www. Diwanalarab . com‬‬ ‫الموقع االلكتروني ‪:‬‬

‫‪32‬‬
‫مظاھر العبث في روايات ألبير كامو‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫وﻫﻛذا ﻳﻛرﻩ اﻟﻣوت و ﻳﺣب اﻟﺣﻳﺎة ﺣﺗﻰ و ﻟو ﻛﺎﻧت ﺑﻬذا اﻟﻌذاب و اﻟزﻳﺎدة ‪.‬‬

‫ﻓﺳﻳزﻳف ﻣن ﺧﻼﻝ وﻋﻳﻪ واﺳﺗﻳﻌﺎﺑﻪ ﻟﻠﺣﻳﺎة ﺗﺷﺑث ﺑﻬﺎ ﺣﺗﻰ ﻳﺗوﺻﻝ إﻟﻲ اﻟﺳﻌﺎدة ‪ ،‬ﻷﻧﻪ أدرك ﻫذا‬

‫اﻟﻌﺑث اﻟذي ﻫو ﻓﻳﻪ ﻓﻛﺎﻣﻲ ﺟﻌﻝ ﺳﻳزﻳف ﻣﺛﺎﻻ راﺋﻌﺎ و ﺑطﻼ ﻳﺳﺗﻌﺎن ﺑﻪ ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺗﺳﺎءﻟﻧﺎ ﻧﺣن ﻛﻳف‬

‫ﻟﻺﻧﺳﺎن أن ﻳﻌﺎﻣﻝ ﺑﺗﻠك اﻟطرﻳﻘﺔ أن ﻳﻛون إﻧﺳﺎﻧﺎ ﺳﻌﻳدا وﻫو ﻳﺣﻣﻝ أﺛﻘﺎﻻ ﻛﺑﻳرة ﻓﻲ ﻛﻝ ﻣرة وﻳدﻓﻌﻬﺎ‬

‫إﻟﻲ ﻋﻠﻲ اﻟﺟﺑﻝ ؟ وﻫذا ﻳﺗطﻠب ﻣﺟﻬودا ﻛﺑﻳ ار ﻛﻣﺎ ﻳﻘوﻝ ﻛﺎﻣﻲ ‪" :‬وﻳرى اﻟﻣرء اﻟوﺟﻪ ﻣﻠﺗوﻳﺎ و اﻟﺧد‬

‫ﻣﺗوﺗ ار ﺑﺟﺎﻧب اﻟﺻﺧرة ‪ ،‬و اﻟﻛﺗف وﻫو ﻳﻌﺎﻧق اﻟﻛﺗﻠﺔ اﻟﻣﻐطﺎة ﺑﺎﻟطﻳن ‪ ،‬واﻟﻘدم و ﻫﻲ ﺗﺳﺗﻧد ﻟﺗدﻓﻊ و‬

‫‪2‬‬
‫ﻓﻣن ﺧﻼﻝ ﻫذا اﻟﻘوﻝ ﻳﺗﺳﺎءﻝ أي ﺷﺧص ﻟﻣﺎذا ﻗﺎﻝ‬ ‫اﻟﺑداﻳﺔ اﻟﻌوﻳدة و اﻟﺳﺎﻋدﻳن وﻫو ﻳﺷﻣرﻫﻣﺎ "‬

‫ﻛﺎﻣﻲ ﺑﺄﻧﻪ رﻏم ﺗﻌرض اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻬذا إﻻ اﻧﻪ ﻳﻛون ﺳﻌﻳدا و ﻫذا راﺟﻊ ﺣﺳب ﻛﺎﻣﻲ إﻟﻲ اﻟوﻋﻲ ﻣن‬

‫‪3‬‬
‫ﺧﻼﻝ ﻗوﻟﻪ ‪ " :‬ﻟﺳت أرﻳد أﻻن أن أﻛون ﺳﻌﻳدا ‪ ،‬إن ﻛﻝ ﻣﺎ أرﻳدﻩ أن أﻛون واﻋﻳﺎ "‬

‫‪ -1‬د‪ .‬جمعة قاجة ‪ ،‬المدارس المسرحية و طرق إخراجھا ‪ ،‬نور للطباعة و النشر والدراسات‪ ،‬سوريا ‪ ،‬دمشق‪،‬‬
‫ط‪ 12007 ،2006،1‬ص‪239‬‬
‫‪ -2‬البير كامو ‪ ،‬أسطورة سيزيف ‪،‬ص ‪135‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪45‬‬
‫‪33‬‬
‫مظاھر العبث في روايات ألبير كامو‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ﻣن ﺧﻼﻝ أﺳطورة ﺳﻳزﻳف ﻧﺟد أن اﻟﺣﻳﺎة ﻋﻧد ﻛﺎﻣﻲ ﺗﺣﺗوي ﻋﻠﻲ اﻟﻌﺑث اﻟذي ﻳﺟﻌﻝ اﻹﻧﺳﺎن ﻳﺷﻌر‬

‫ﺑﺎﻟﻣﻠﻝ و اﻟﻛرﻩ ﺑﺳﺑب ﻧﻔس اﻷﺷﻳﺎء ﻳوﻣﻳﺎ " ﻓﻳﺣدث أن ﻣﺷﺎﻫدة اﻟﻣﺳرح ﺗﺗﻬدم اﻟﻧﻬوض ‪ ،‬اﻟﺑﺎص‬

‫أرﺑﻊ ﺳﺎﻋﺎت ﻣن اﻟﻔﺻﻝ ‪ ،‬وﺟﺑﺔ اﻟطﻌﺎم ‪ ،‬اﻟﻧوم واﻻﺛﻧﻳن ‪ ،‬اﻟﺛﻼﺛﺎء ‪ ،‬اﻷرﺑﻌﺎء ‪ ،‬اﻟﺧﻣﻳس أ اﻟﺟﻣﻌﺔ‬

‫‪1‬‬
‫‪ ،‬اﻟﺳﺑت طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻧﺳق ﻧﻔﺳﻪ "‬

‫ﻓﻳﺳﺑب ﻫذا اﻟﺗﻛرار اﻟﻣﻠﻝ ﻧﻔﺳﻪ اﻟذي ﻳﻣر ﺑﻪ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﻛﻝ ﻣﻛﺎن ‪ ،‬ﻳﺟﻌﻝ ﻫذا اﻟﺗﻛرار اﻹﻧﺳﺎن‬

‫ﻳﺗﺳﺎءﻝ ﻋن ﺳﺑب ﻫذﻩ اﻷﻋﻣﺎﻝ ﻓﻲ ﻛﻝ ﻳوم ﻣن ﺧﻼﻝ وﻋﻳﻪ و إدراﻛﻪ ‪ ،‬وﻛذﻟك ﻳﻌﺗﺑر اﻟزﻣن ﻛﻌﺎﻣﻝ‬

‫أﺧر ﻳﺟﻌﻝ اﻹﻧﺳﺎن ﻳﺷﻌر ﺑﺎن ﺣﻳﺎﺗﻪ ﻻ ﺟدوى ﻣﻧﻬﺎ اي ﻣن ﺧﻼﻝ ﻣرور اﻟزﻣن ﺗﻧﺗﻬﻲ ﺣﻳﺎة اﻟﻣرء‬

‫ﻳﻘوﻝ ﻛﺎﻣﻲ ﻓﻲ ﻫذا ‪" :‬وﻫﻛذا و ﺧﻼﻝ ﻛﻝ ﻳوم ﻣن أﻳﺎم اﻟﺣﻳﺎة اﻟﻌﺎدﻳﺔ ‪ ،‬ﻳﻌﻣﻠﻧﺎ اﻟزﻣن وﻟﻛن ﺗﺄﺗﻲ‬

‫ﻟﺣظﺔ ﻳﻛون ﻋﻠﻳﻧﺎ ﻧﺣن أن ﻧﻌﻣﻝ اﻟزﻣن ﻓﻳﻬﺎ وﻣﺛﻝ ﻫذﻩ اﻷﻣور راﺋﻌﺔ ﻷﻧﻧﺎ ﻋﻠﻲ ﻛﻝ ﺣﺎﻝ ﻧﺟد أن‬

‫‪2‬‬
‫اﻟﻣﺳﺎﻟﺔ ﻫﻲ ﻣﺳﺎﻟﺔ اﻟﻣوت‬

‫‪ -1‬البير كامو ‪ ،‬أسطورة سيزيف ‪ ،‬ص‪21‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪22‬‬
‫‪34‬‬
‫مظاھر العبث في روايات ألبير كامو‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اﻹﻧﺳﺎن رﻏم وﺟودﻩ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﻳﺎة ورﻏم ﻋﻳﺷﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻝ إﻻ أن اﻟﻣوت ﺳوف ﻳﻧﺎﻝ ﻣﻧﻪ ﻓﻲ آﺧر‬
‫اﻟﻣطﺎف ﻛﻣﺎ أن ﻛﺎﻣﻲ أﻳﺿﺎ وﺟود ﺷﻳﺎ أﺧر ﻳﺟﻌﻝ اﻹﻧﺳﺎن ﻳﺷﻌر ﺑﺎﻟﻌﺑث ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ " ﺧطوة أﺧري‬
‫ﺛم ﺗزﺣف اﻟﻐراﺑﺔ ‪ ،‬ﻓﻲ رؤﻳﺔ أن اﻟﻌﺎﻟم ﻛﺛﻳف وﻓﻲ ﺗﻘدﻳر درﺟﺔ ﻏرﺑﺔ وﺑﻌد ﺣﺟر ﻣﺎ ﻋﻧﺎ اﻟﺗرﻛﻳز‬
‫‪1‬‬
‫اﻟذي ﺗﻧﻔﻳﻧﺎ ﺑﻪ اﻟطﺑﻳﻌﺔ أو اﻟﻣﻧظر وﻓﻲ ﻗﻠب ﻛﻝ ﺣﺎﻝ "‬

‫ﻓﻣن ﺧﻼﻝ ﺗﺄﻣﻝ اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻠﻌﺎﻟم ﻳﺗﺿﺢ ﻟﻪ ﺑﺎن اﻟﺣﻳﺎة ﻓﻳﻬﺎ ﻋﺑث ‪ ،‬و ﻳﺷﻌر اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺄﻧﻪ ﻏرﻳب ﻓﻲ‬
‫ﻫذﻩ اﻟدﻧﻳﺎ ﻛﻣﺎ ﻳﻌﺗﻘد ﻛﺎﻣﻲ أن اﻹﻧﺳﺎن ﻳﻘوم ﺑﺑﻌض اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺣﻣﻝ أي دﻻﻟﺔ ‪ " .‬ﺗﺟﻌﻝ ﺗﻠك‬
‫اﻟﺣرﻛﺎت اﻟﺧوﺳﺎء اﻟﺳﺧﻳﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﻣﻌﻧﻲ ﻟﻬﺎ ﻛﻝ ﻧﺷﺊ ﻳﺣﻳط ﺑﻬم ﻳﺗﺻف ﺑﺗﻠك اﻟﺳﺧﺎﻓﺔ رﺟﻝ‬
‫ﻳﺗﺣدث ﻓﻲ اﻟﺗﻠﻔزﻳون وراء ﺣﺎﺟز زﺟﺎﺟﻲ أﻧت ﻻ ﺗﺳﺗطﻳﻊ أن ﺗﺳﻣﻌﻪ ‪ ،‬وﻟﻛن ﺗري ﻣﻧظرﻩ اﻟﺻﺎﻣت‬
‫‪2‬‬
‫ﻏﻳر اﻟﻣﻔﻬوم "‬

‫ﻓﻧﺟد أن ﻛﺎﻣﻲ ﻳﺑﻳن ﻟﻧﺎ ﻣن ﺧﻼﻝ اﻷﻣﺛﻠﺔ اﻟﺗﻲ أﻋطﺎﻫﺎ ﻟﻧﺎ أن ﻛﻝ ﺗﻠك اﻹﻋﻣﺎﻝ و اﻷﻓﻌﺎﻝ ﺗﺟﻌﻝ‬
‫اﻹﻧﺳﺎن ﻳﺷﻌر اﻧﻪ ﻏرﻳب ﻋن اﻟﻌﺎﻟم اﻟذي ﻳﻌﻳش ﻓﻳﻪ واﻧﻪ ﻣﻌزوﻝ وﻳؤدي ﺑﻪ اﻷﻣر إﻟﻲ اﻹﺣﺳﺎس‬
‫ﺑﺎﻟﻌﺑث ﻛﻣﺎ ﻳؤدي ﺑﻪ إﻟﻲ اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﻐراﺑﺔ أو اﻟﻐرﺑﺔ‬

‫وﺗﺗﺟﻠﻲ ﻋﺑﺛﻳﺔ اﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣﻲ ﻣن ﺧﻼﻝ ﺷﺧﺻﻳﺔ ﺳﻳزﻳف ﺑﻳن ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻓﻛرﺗﻪ ﻋن اﻟﻣﻌﺎﻝ ‪ ،‬ﻓﻬذﻩ‬
‫اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ اﻟﻣﺗﻣﻳزة ﺑﺎﻟﺻﺑر اﻟﺷدﻳد ﺣﻳث ﺗﺣدي ﻫذا اﻟﻣﻌﺎﻝ وﻟم ﻳﺳﺗﺳﻠم ﻟﻪ ﻣن ﺧﻼﻝ ﻣﻣﺎرﺳﺗﻪ‬
‫ﻟﻣﻬﻧﺗﻪ ﻓﻲ ﺻﻣت و ﻋزﻳﻣﺔ وﺣﺑﺎ ﻟﻠﺣﻳﺎة وﺗﻣﺳﻛﺎ ﺑﻬﺎ ‪.‬‬

‫‪ -1‬البير كامو أسطورة سيزيف ‪ ،‬ص‪23‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه ص‪23‬‬
‫‪35‬‬
‫اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺛﺎﻧﻲ‬
‫ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب"‬
‫‪ -1‬اﻟﻣﺑﺣث اﻷوﻝ‪ :‬ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب"‬

‫‪ -2‬اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﺷﺧﺻﻳﺔ ﻣورﺳو‬

‫‪ -3‬اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬اﻟﻌﺑث ﻣن ﺧﻼﻝ اﻟﻣﻛﺎن‬


‫ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب"‬ ‫اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪:‬‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻷوﻝ ‪ :‬ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب"‬

‫ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟرواﻳﺔ ﻳﺟﻌﻝ ﻛﺎﻣوا ﻣن ﺑطﻝ رواﻳﺔ اﻟﻣﺛﺎﻝ اﻷﻓﺿﻝ ﻋن ﺣﺗﻣﻳﺔ اﻟﻼﺟدوى ﻓﻲ ﺣﻳﺎة‬

‫اﻟﻣوﺟود اﻟﺑﺷري إذ ﻳﺗﺿﺢ ﺟﻠﻳﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻝ ﻣدي اﻻﻧﻔﺻﺎﻝ اﻟﺣﺎﺻﻝ ﺑﻳن ﺑطﻝ اﻟرواﻳﺔ و ﺑﻳن‬

‫ﻋﺎﻟﻣﻪ اﻟﻣﺣﻳط ‪ ،‬ﻣﺎ ﻳؤﻛد ﻓﻛرة ﻣﺎ اﻧﻔك ﻛﺎﻣوا ﻋن ﺗردﻳدﻫﺎ ﻟﺷﻌور اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺎﻟﻌﺑث و إدراﻛﻪ‬

‫ﻟﻼﺟدوى وﻫﻲ ‪ :‬أن اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟﻌﺑث ﻫو اﻧﻔﺻﺎﻝ ﺑﻳن اﻹﻧﺳﺎن وﺣﻳﺎﺗﻪ "‪1‬وﺑذﻟك ﻳؤﻛد ﻛﺎﻣوا ﻣن‬

‫ﺧﻼﻝ ﻓﻠﺳﻔﺗﻪ اﻟﻌﺑث ﻋﻠﻲ أن إدراك اﻹﻧﺳﺎن ﻫو إدراك ﺣﺎﺻﻝ ﻻ ﻣﺣﺎﻝ ﻋﻠﻲ ﺣد ﺗﻌﺑﻳر ﻛﺎﻣوا‬

‫ﻟﻼﺟدوي اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻳط ﺑﻪ واﻟﻼﻣﻌﻘوﻟﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟم اﻟذي ﻳﻌﻳش ﻓﻳﻪ ﻳﻌﻣق ﺷﻌورﻩ ﺑﻌﺑﺛﻳﺔ اﻟﻔﻌﻝ و‬

‫اﻟوﺟود ‪ ،‬ﻣﺎ ﻳﺳﺎﻫم ﻓﻲ اﻧﻔﺻﺎﻝ اﻟﻔرد ﻋن ﺣﻳﺎﺗﻪ ‪ ،‬إن اﻻﻧﻔﺻﺎﻝ اﻟذي ﻳﻘﺻدﻩ ﻛﺎﻣو ﻟﻳس‬

‫اﻻﻧﻔﺻﺎﻝ اﻟﻣرﺿﻲ اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻲ اﻟﻌزﻟﺔ ﻋن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟواﺻﻝ ﺣد اﻟﺗوﺣد ‪ ،‬ﺑﻝ ﻫو اﻧﻔﺻﺎﻝ‬

‫ﺿﻣﻧﻲ ﻣﺑطن ﻧﺎﺗﺞ ﻋن ﺷﻌور اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺎﻟﻌﺑث ف ‪ " :‬اﻟﻌﺑث أو اﻟﻣﺣﺎﻝ ﺑﺣث ﻻ طﺎﺋﻝ‬

‫‪2‬‬
‫ﺗﺣﺗﻪ ﻣن اﺟﻝ اﻟﻣﻌﻧﻲ ﻓﻲ ﻛون ﻳﺧﻠو ﻣن اﻟﻌرﺿﻳﺔ "‬

‫إن ﻣﺎ ﻳﻬﺗم ﺑﻪ ﻛﺎﻣوا أﺳﺎﺳﺎ ﻫو اﻻﺗﻔﺎق ﻣﻊ اﻟﻌﺑث أو اﻟﻣﺣﺎﻝ ﻻن ذﻟك ﻳﻔﺳر ﺛﻘﻝ وﻏراﺑﺔ اﻟﻌﺎﻟم‬

‫اﻟﻣرﻋﺑﺔ ﻛﻣﺎ ﻳﺣﻳزﻩ ﻛﻝ ﻣوﺟود ﺑﺷري ‪.‬‬

‫وﻳﺷرع ﻛﺎﻣو ﻣن ﺧﻼﻝ رواﻳﺗﻪ "اﻟﻐرﻳب" إﻟﻲ إﺑراز ﻫذا اﻟﺻراع اﻟﻘﺎﺋم ﺑﻳن رﻏﺑﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ‬

‫اﻟوﺿوح و اﻟﺗﺣﻠﻲ وﻻ ﻣﻌﻘوﻟﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺗﻲ ﺗﺻدﻣﻪ ﻋﻠﻲ اﻟدوام ‪ ،‬وﻻ ﻳﺳﻣن ﻛﺎﻣوا ﻫذا اﻟﺻراع‬

‫‪ -1‬مبروفيتش ديفيت زين ‪ ،‬كوركوس الن ‪ ،‬اقدم لك البير كامي ‪ ،‬ترجمة امام عبد الفتاح امام ‪ ،‬المشرف القومي‬
‫للترجمة ‪ ،‬القاھرة ‪ 2002 ،‬ص‪47‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه ص ‪49‬‬
‫‪37‬‬
‫ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب"‬ ‫اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪:‬‬

‫ﺑﻳن اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻓﺣﺳب ‪ ،‬ﺑﻝ ﻳﺟد أن ﻫذا اﻟﺻراع اﻟﻼﻣﺗﻧﺎﻫﻲ ﺑﺣد ذاﺗﻪ ﻫو اﻟﻌﺑث ﻋﻳﻧﻪ " ﻣﺎ ﻫو‬

‫ﻣﺣﺎﻝ أو ﻋﻳث ﻫو اﻟﻣواﺟﻬﺔ ﺑﻳن ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ و اﻟرﻏﺑﺔ اﻟﻌﺎرﻣﺔ ﻓﻲ اﻟوﺿوح اﻟﺗﻲ ﺗرن‬

‫‪1‬‬
‫إن ﺗرﻛﻳز ﻛﺎﻣوا ﻋﻠﻲ ﻓﻛرة اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب " دﻓﻊ‬ ‫ﻓﻲ أﻋﻣﺎق اﻟﻣوﺟود اﻟﺑﺷري "‬

‫ﻛﺛﻳرﻳن ﻟﻠﻘوﻝ أﻧﻬﺎ ﻣن أﻫم أﻋﻣﺎﻟﻪ اﻷدﺑﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌرﺿت ﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻌﺑث وﺷرﻋت ﻓﻲ ﺗﻔﺳﻳرﻫﺎ‬

‫وﻫذا ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻛﺎﺗﺑﺎ " أﻗدم ﻟك اﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣوا " ان ﻛﺎﻣوا ﻟم ﻳوﺻف اﻟﻌﺑث ﺑطرﻳﻘﺔ ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻓﻲ أي‬

‫ﻣﻛﺎن أﻛﺛر ﻣﻣﺎ وﺻﻔﻪ ﻓﻲ اﻟرواﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﻳﺣﻣﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻘﻳﺑﺗﻪ " وﻫﻧﺎ ﻳﻘﺻد رواﻳﺔ اﻟﻐرﻳب ‪.‬‬

‫وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة ﺑﻧﺎ ﻓﻲ ﺧﺗﺎم اﻟﺣدﻳث ﻋن ﻋﻣﻝ ﻛﺎﻣوا ﻫذا أن ﻣورﺳوا ﺑطﻝ رواﻳﺔ اﻟﻐرﻳب‬

‫ﻳوﺿﻊ ﻓﻲ اﻻﺧﻳﺎر ‪ ،‬ﺑوﺿﻊ ﻛﺎﻣوا ﺑطﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﻼﺧﻳﺎر ﻫو ﺣﻳز ﻣﺛﺎﻝ ﻋﻠﻲ أﻣرﻳن ‪ ،‬اﻷوﻝ‬

‫ﺣﺗﻣﻳﺔ اﻟﻌﺑث ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣوﺟود اﻟﺑﺷري و اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻫو ﻣﻧﺎﻗﺿﺔ ﻓﻛرة ﺳﺎرﺗر اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻲ‬

‫اﻟﺧﻳﺎرات اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ أﻣﺎم اﻹﻧﺳﺎن و اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌﻝ اﻟﺣرﻳﺔ ‪ ،‬ﺣرﻳﺔ اﺧﺗﻳﺎر ﻣﺎ أﻛون ‪ ،‬ﻣن اﻟﺻﻔﺎت‬

‫اﻷﺻﻠﻳﺔ ﻟﻠﻛﺎﺋن اﻟﺑﺷري‪.‬‬

‫‪ -1‬مبروفيتش ديفيت زين ‪ ،‬كوركوس الن ‪ ،‬اقدم لك البير كامي ‪ ،‬ترجمة امام عبد الفتاح امام ‪ ،‬المشرف القومي‬
‫للترجمة ‪ ،‬القاھرة ‪ ،2002 ،‬ص ‪80‬‬
‫‪38‬‬
‫ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب"‬ ‫اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪:‬‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﺷﺧﺻﻳﺔ ﻣورﺳو ‪:‬‬

‫ﻳﺗﻣﻳز ﺑﺻﻔﺔ اﻟﻼﻣﺑﺎﻻة ‪ ،‬ﺣﻳث ﺗﺟﻌﻠﻪ ﻣﺑﻬﻣﺎ ‪ ،‬ﻏرﻳﺑﺎ ﻋن ﺗﺻرﻓﺎﺗﻪ ﻓﻬو ﻟم ﻳﺗﺄﺛر ﺑﻣوت أﻣﻪ‬

‫وﻟم ﻳﺻدﻣﻪ ﻫذا اﻟﻧﺑﺄ ‪ ،‬ﺑﻌد أن أودﻋﻬﺎ اﺣد اﻟﻣﻼﺟﺊ ‪ ،‬ﻓﻌﻧد دﻓن أﻣﻪ ﻳﻐﺗﻧم أوﻝ ﻓرﺻﺔ ﺗﺗﺎح‬

‫ﻟﻪ ﻟﻳﻘﻳم ﻋﻼﻗﺔ ﻏﻳر ﺷرﻋﻳﺔ ﻣﻊ ﻣﺎري ‪ ،‬وﺣدﻳﺛﻪ ﻋن ﻫذا اﻟﺣدث اﻟﻣؤﻟم ‪ ،‬ﻳﺑدو ﻓﻳﻪ ﻋدﻳم‬

‫اﻹﺣﺳﺎس و اﻟﺷﻔﻘﺔ ﻋﻠﻲ أﻣﻪ ‪ ،‬وﻫذﻩ اﻟﺻﻔﺔ اﻟﻣﻘروﻧﺔ ﺑﻣواﻗف أﺧري ﻣن ﺑطﻝ اﻟرواﻳﺔ ﻫﻲ‬

‫اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌﻠﻪ ﻏرﻳب ﻋن ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻳﻧدﻫش ﺑﺗﺻرﻓﺎﺗﻪ وﻳﺣﻛم ﻋﻠﻳﻪ ﺑﺎﻹﻋدام ﻛﻣﺎ إن ﻫذﻩ اﻟﺻﻔﺎت‬

‫و اﻟﻣواﻗف اﺗﺟﺎﻩ اﻟﻌﺎﻟم ﻋﺎﻣﺔ ﻻ ﺗﺑﻌد أن ﺗﻛون ﻓﻲ ﻧظرﻧﺎ ﺗﻌﺑﻳر ﻋن إﺣﺳﺎس ﺑﺎﻟﻣوت ﻗﺑﻝ‬

‫أواﻧﻪ ﻻن ﻫذﻩ اﻟﻼﻣﺑﺎﻻة ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻫﻲ ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﻳﺷﻌر ﺑﻬﺎ ﺗﻣﺎﻣﺎ ﺑﻌد أن ﺣﻛم ﻋﻠﻳﻪ ﺑﺎﻹﻋدام و‬

‫‪1‬‬
‫ﻷوﻝ ﻣرة‬

‫ﺗﻛﻣن ﺳﻌﺎدة ﻣوارﺳو ﻓﻲ أن ﻳﻌﻳش ﻏرﻳﺑﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻌﺎﻟم ﺗواﻓﻘﺎ إﻟﻲ ﻋﺎﻟم اﻟﻧﻬﺎﻳﺔ ﺑرﺟوﻋﻪ إﻟﻲ‬

‫اﻟﻐﻧﺎء و اﻟﻌدم إﻟﻲ اﻟﻣوت ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ اﻟﻣﻧﺗظرة ﻟﻛﻝ إﻧﺳﺎن وﺑﻣﻘدار ﻣﺎ ﻳﺗﻌد ﻋن ﻫذا‬

‫اﻟﻌﺎﻟم ‪ ،‬ﻳﺟد ﺳﻌﺎدﺗﻪ وﻳﻘﺗرب ﻣن ﺣﻘﻳﻘﺗﻪ اﻟﺗﻲ ﻳﺄﺑﻲ اﻟﻔﻛر اﻟﻌﻳﺷﻲ إﻻ أن ﺑطﻝ ذﻫﻧﻪ ﻣﺷﺑﻌﺎ‬

‫ﺑﻬﺎ ﺣﺗﻰ اﻟﻧﻬﺎﻳﺔ‪.‬‬

‫‪ -1‬عبر القادر توزان ‪ ،‬الشعور باالغتراب عند ابي عالء المعري و البير كاموا ‪ ،‬أطروحة الدكتوراه‪2006 */ 2005 ،‬‬
‫‪،‬ص‪153‬‬
‫‪39‬‬
‫ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب"‬ ‫اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪:‬‬

‫ﻧﻠﻣس ﺻﻔﺔ اﻟﻼﻣﺑﺎﻻة ﻓﻲ ﻛﺛﻳر ﻣن اﻟﻌﺑﺎرات اﻟﻣﺗﻛررة ﻋﻠﻲ ﻟﺳﺎن ﻣوارﺳو "ﻟﻳس ﻫذا ذﻫﻧﻲ "‬

‫‪1‬‬
‫وﻛذﻟك ﻗﺗﻠﻪ ﻟﻠﻌرﺑﻲ اﻟذي ﺗم ﺗﻧﻔﻳذﻩ ﺑﻘوة ﺗﻔوق إرادﺗﻪ ‪.‬‬

‫وﻣن ﺑﻳن ﺻﻔﺎت اﻟﻐرﻳب ﻣوﻗﻔﻪ اﻟﻼﻣﺑﺎﻻة ﻣرة أﺧري ﻣن ﺗﻘﺎﻟﻳد اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وأﺧﻼﻗﻪ ﻷﻧﻪ إﻧﺳﺎن‬

‫ﻣﻌدوم اﻟﻌواطف ﻟﻛﻧﻪ ﻗوي اﻹﺣﺳﺎس وﻟﻬذا ﺗﺑدو ﻣﻌﺎﻣﻠﺗﻪ ﻻﻣﻪ و ﻣﺎري ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻻ أﺧﻼﻗﻳﺔ‬

‫ﻓﻲ ﻧظر اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن إﻳﻣﺎﻧﻪ ﺑﺎﻟﺣس وﻓﻘداﻧﻪ اﻟﻌﺎطﻔﻲ ﻫو اﻟذي ﻳدﻓﻌﻪ ﻫﻧﺎ إﻟﻲ ﺗﺣﻘﻳق‬

‫‪2‬‬
‫اﻟﻣﺗﻌﺔ اﻟﺣﺳﻳﺔ وﻧﻛران اﻟﻘﻳم اﻷﺧﻼﻗﻲ‬

‫ٕواذا ﻛﺎن ﻣوارﺳو ﻻ ﻳدرك ﻣﻌﻧﻲ اﻟﺣب ﻓﻼﻧﺔ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻌﻳﺷﻰ ﻻ ﻳؤﻣن ﺑﺎﻟﻐﻳﺑﻳﺎت و إن ﻋﺎﻟﻣﻪ‬

‫ﻛﻠﻪ ﻫو اﻷرض وﻳؤﻣن ﻓﻘط ﺑﺎﻟﺷﻲء اﻟﻣﻠﻣوس ﻻ ﻣﺣﺳوس‪.‬‬

‫وﻳري ﻗﻣﻳر ﻣﺣﻳد ﻟطوﻳﻝ إن ﻣوﻗف "ﻣوارﺳو" ﻫو رﻣز ﻟﻺﻧﺳﺎن اﻟﺑريء اﻟذي ﻻ ﻳﺣس ﻟﻌﺑﺔ‬

‫اﻟرﻳﺎء اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ‪.‬‬

‫ٕواذا ﺳﻠﻣﻧﺎ ﺑﺎن "ﻣوارﺳو" ﻻ ﻳﺧﺗﻠف ﻛﺛﻳ ار ﻋن اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺑداﺋﻲ ﺑﺗﺻرﻓﺎﺗﻪ ﻫذﻩ ﻓﺎﻧﻪ ﻻ ﺑد أن‬

‫‪3‬‬
‫ﻳﺿﻝ ﻋﺎﺟ از ﻋن ﻓﻬم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣﺛﻠﻣﺎ ﻳﻌﺟز اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋن ﻓﻬﻣﻪ‬

‫ﻳﻘوﻝ اﺣد اﻟدارﺳﻳن ﻓﻲ ﺷﺧﺻﻳﺔ" ﻣوارﺳو" إن ﻣوارﺳو ﻳﻬب ﻧﻔﺳﻪ ﻟﻠﺗﺣرﻳﺔ اﻟﺧﺎﻟﺻﺔ ﻟﻠﺳﻌﺎدة‬

‫اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻧﺣﻬﺎ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷرة وﻛﺄﻧﻪ طﻔﻝ ﻛﺑﻳر ﻳﻔﺗﺢ ﻋﻳﻧﻳﻪ ﻷوﻝ ﻣرة ﻋﻠﻲ ﺑراءة اﻟﻧور وﻳﻔرح‬

‫‪ -1‬عبر القادر توزان ‪ ،‬الشعور باالغتراب عند ابي عالء المعري و البير كاموا ‪ ،‬أطروحة الدكتوراه‪2006 */ 2005 ،‬‬
‫‪ ،‬ص ‪154‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪155‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه ‪ ،‬ينظر ص ‪158‬‬
‫‪40‬‬
‫ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب"‬ ‫اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪:‬‬

‫ﻣن ﻗﻠﺑﻪ ‪ ،‬ﻳﻔر ﻣن اﻷﻟوان وﻳرﺗﻌش ﻓﻲ ﻛﻝ اﻟﻣوﺟودات ‪ ،‬ﻟﻘد اﻟﻘﻲ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻋﺎﻟم ﻻ ﻳﻌرﻓﻪ اﻧﻪ‬

‫‪1‬‬
‫ﻳﺣﻳﺎ ﻛﺎﻟﻐرﻳب ﺑﻳن اﻟﻐرﺑﺎء‬

‫ﻣوارﺳو ﻓﻲ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ رﺟﻝ ﻣﺗﻣرد ﻳرﻓض اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟﻣﺑﻧﻳﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﻧﻔﺎق ﻓﻲ ﺣﻳﺎﺗﻧﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ ‪،‬‬

‫‪2‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﻳرﻓض اﻟﻌواطف اﻟﻌﻧﻳﻔﺔ و اﻟﺣرﻛﺎت اﻟﻣﺳطرة و اﻟذي ﻻ ﻳﺣب أن ﻳﺗظﺎﻫر ﺑﺷﻲء ﻣﺎ‬

‫ﻓﻬو ﻳرﻓض إﻟﻲ أﺧر ﻟﺣظﺔ ﻣن ﺣﻳﺎﺗﻪ اﻟدﺧوﻝ ﻓﻲ ﻟﻌﺑﺔ اﻵﺧرﻳن ﻟﻛﻧﻪ ﺿﻝ ﻣرﺗﺑطﺎ ﺑﺄﻣور‬

‫ﻫدوء اﻟﻣﺳﺎء ‪ ،‬وﺑﺄﻣﺎن اﻟﻠﻳﺎﻟﻲ ‪.‬‬

‫ﻟﻘد اﺳﺗﻣر ﻓﻲ اﻟﻌﻳش ﻏرﻳﺑﺎ ﻻ ﻳﻣد ﺑﺄدﻧﻰ ﺻﻠﺔ ﻟﻬذا اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ‪.‬‬

‫ﻟﻘد اﺧﺗﺎر ﻛﺎﻣوا "ﻣوارﺳو" اﻟﻣﻣﺛﻝ اﻟﺷﺧﺻﻲ وﻗد اﺧﺗﺎر اﺳم اﻟﺑطﻝ "ﻣوارﺳو" ‪ moursoult‬و‬

‫‪3‬‬
‫اﻟذي ﻳﺣﻣﻝ ﻣﻌﻧﻲ ‪ Mer – soleil‬اﻟﺷﻣس و اﻟﺑﺣر وﻓﻲ أﺳﻣﺎء ﻳﻘدﺳﻬﺎ اﻟﻛﺎﺗب‬

‫وﻣن اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻷﺧرى اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﺣﺗوﻳﻬﺎ ﻛﻠﻣﺔ ‪Moursoult‬‬

‫‪Meurt . mort . meurtre . mer . mure . mure .‬‬

‫‪Salt . salut . sot .solitaire . sol . soleil‬‬

‫و اﻟﺗﻲ ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ‬

‫ﻳﻣوت ‪ .‬اﻟﻣوت ‪.‬ﻗﺗﻝ ‪ .‬ﺑﺣر ‪ .‬ﻣﺧﺎطر ‪ .‬أم ‪.‬‬

‫‪ -1‬عبر القادر توزان ‪ ،‬الشعور باالغتراب عند ابي عالء المعري و البير كاموا ‪ ،‬أطروحة الدكتوراه‪2006 */ 2005 ،‬‬
‫ص ‪164 ، 163‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪165‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه ‪ ،‬ينظر ص ‪168‬‬
‫‪41‬‬
‫ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب"‬ ‫اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺧﻼص ‪ .‬ﻏﺑﻲ ‪ .‬وﺣﻳد ‪ .‬ارض ‪ .‬ﺷﻣس ‪.‬‬

‫اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬اﻟﻌﺑث ﻣن ﺧﻼﻝ اﻟﻣﻛﺎن ‪:‬‬

‫ﺗﺟري أﺣداث ﻫذﻩ اﻟرواﻳﺔ ﺑﺎﻟﺟزاﺋر اﻟﻌﺎﺻﻣﺔ و اﻟدارس ﻟﻬﺎ ﻳﻼﺣظ أﻧﻬﺎ ﻣﻠﻳﺋﺔ ﺑﺎﻟﺗﻌﺎﺑﻳر‬

‫اﻟوﺻﻔﻳﺔ اﻟﻣﺗﻌددة ﻟﻠطﺑﻳﻌﺔ اﻟﺟزاﺋرﻳﺔ ﻣن ﺷﻣس و ﺑﺣر وﺑﻧﻳﺎت و ﺷوارع وﺻﻔﺎ دﻗﻳﻘﺎ و ﻏرﻳﺑﺎ‬

‫ﻓﻳﻘوﻝ ﻓﻲ اﺣد اﻟﻣواﺿﻳﻊ "ﺑﻌد ﻣرورﻩ ﺻﺎر اﻟﺷﺎرع ﻳﺧﻠو روﻳدا روﻳدا ﻣن اﻟﻣﺎرة ‪ ،‬اﻋﺗﻘد أن‬

‫ﺟﻣﻳﻊ اﻷﻓﻼم ﻓﻲ دور اﻟﻌرض ﻛﺎﻧت ﻗد ﺑدأت ﻓﻲ ﻛﻝ ﻣﻛﺎن ‪ ،‬ﻓﻠم ﻳﻌد ﻓﻲ اﻟﺷﺎرع إﻻ‬

‫أﺻﺣﺎب اﻟﺣواﻧﻳت و اﻟﻘطط ‪ ،‬ﻛﺎﻧت اﻟﺳﻣﺎء ﺻﺎﻓﻳﺔ دون ﺑرﻳق ﻓوق أﺷﺟﺎر اﻟﺗزﻳن ﻋﻠﻲ‬

‫ﺟﺎﻧﺑﻲ اﻟطرﻳق ‪ ،‬اﺧرج ﺑﺎﺋﻊ اﻟﺗﺑﻎ ﻛرﺳﻳﺎ ووﺿﻌﻪ أﻣﺎم ﺑﺎﺑﻪ و ﺟﻠس ﻋﻠﻳﻪ ﻣﺗﻛﺋﺎ ﺑرﻳد ﻋﻠﻲ‬

‫‪2‬‬
‫ﻣﺳﻧدﻩ ‪ ،‬ﻟﻘد ﺻﺎر اﻟﺗرام اﻟذي ﻛﺎن ﻣزدﺣﻣﺎ ﻣﻧذ ﻗﻠﻳﻝ ﻓﺎرﻏﺎ‬

‫ﻓﻬذا اﻟوﺻف ﻓﻲ ﻣﺟﻣﻠﻪ ﻳدﻝ ﻋﻠﻲ ﺑطﻝ اﻟرواﻳﺔ ﺷﺧص ﻣﺗﻔرغ ﻟدرﺟﺔ اﻧﻪ اﺳﺗﻐرق ﻓﻲ وﺻﻔﻪ‬

‫ﻟﻠواﺟﻬﺔ اﻟﺗﻲ ﻳطﻝ ﻋﻠﻳﻬﺎ‪.‬‬

‫‪ -1‬عبر القادر توزان ‪ ،‬الشعور باالغتراب عند ابي عالء المعري و البير كاموا ‪ ،‬أطروحة الدكتوراه‪2006 */ 2005 ،‬‬
‫‪ ،‬ص ‪170‬‬
‫‪ -2‬البير كامي ‪ ،‬الغريب ‪ ،‬تر ‪ :‬دكتور محمد بو عالق ‪ ،‬دار تالنتيقين للنشر ‪ ،‬بجاية ‪، 2013 ،‬ص ‪35‬‬
‫‪42‬‬
‫ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب"‬ ‫اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪:‬‬

‫وﻳﺿﻳف ‪ " ،‬أﺿﻳﺋت ﻣﺻﺎﺑﻳﺢ اﻟﺷﺎرع ﻓﺟﺄة ﻣﺎ ﺟﻌﻝ ﻟون اﻟﻧﺟوم ﻳﺷﺣب ‪ ،‬ﺷﻌرت ﺑﺎن ﻋﻳﻧﺎي‬

‫ﺑدأﺗﺎ ﺗﺗﻌﺑﺎن ﻣن ﻛﺛرت اﻟﻧظر إﻟﻲ اﻷرﺻﻔﺔ اﻟﻣﻣﻠؤة ﺑﺎﻟرﺟﺎﻝ و اﻷﺿواء ‪ ،‬ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺻﺎﺑﻳﺢ‬

‫‪1‬‬
‫ﺗﻠﻣﻊ اﻟﺟزء اﻟﻣﺑﻠط ﻣن اﻟﺷﺎرع ‪ ،‬ﺑﻝ ﺗﻠﻣﻊ ﺣﺗﻰ اﻟﺷﻌور اﻟﻼﻣﻌﺔ و اﻻﺑﺗﺳﺎﻣﺎت و اﻟﺣﻠﻲ"‬

‫ﻧﻼﺣظ ﻣن ﺧﻼﻝ ﻫذا اﻟوﺻف ﺑﻌض اﻟﺗﻧﺎﻗﺿﺎت ﻣن طرف اﻟﻛﺎﺗب ﻫﻝ ﻫو ﻳﺗﺄﻣﻝ ﻫذا‬

‫اﻟﻣﻧظر ﺑﺈﻋﺟﺎب أو ﺑﺎﻧزﻋﺎج ‪ ،‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻣن ﻫﻧﺎ ﺗظﻬر ﻣﻼﻣﺢ اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻓﻬو ﻣﻌﺟب ﺗﺎرة‬

‫وﻣﻧزﻋﺞ ﺗﺎرة أﺧري ‪ ،‬و ﻣن ﻧﻣﺎذج اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻣن ﺧﻼﻝ اﻟﻣﻛﺎن ﻫو ذﻟك اﻟوﺻف اﻟﻐرﻳب ﻟﺷﻘﺔ‬

‫ﺟﺎرﻩ " ﻟدﻳﻪ ﺳوي ﻏرﻓﺔ وﺣدة و ﻣطﺑﺦ ﺑدون ﻧﺎﻓذة ﻓوق ﺳرﻳرﻩ ﻳوﺟد ﺗﻣﺛﺎﻝ ﻟﻣﻼك ﻣن اﻟرﺧﺎم‬

‫اﻷﺑﻳض و اﻟوردي ‪ ،‬وﺑﻌض ﺻور اﻟﻣﺷﺎﻫﻳر وﺻورﺗﻳن أو ﺛﻼﺛﺔ ﻟﻧﺳﺎء ﻋﺎرﻳﺎت ﻛﺎﻧت اﻟﻐرﻓﺔ‬

‫‪2‬‬
‫ﻣﺗﺳﺧﺔ و اﻟﺳرﻳر ﻏﻳر ﻣﻧظم "‬

‫ﻧﻼﺣظ ﻣظﻬ ار أﺧر ﻣن ﻋﺑﺛﻳﺔ ﻏرﻳب اﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣوا ﻣن ﺧﻼﻝ وﺻﻔﻪ ﺟﻧﺎزة أﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﻠﺟﺄ ‪،‬‬

‫دﺧﻠت ﻛﺎﻧت اﻟﻘﺎﻋﺔ ﻣﺿﻳﺋﺔ ﺟدا واﺑﻳض ﺑﺎﻟﺟﻳر وﺗم ﺗﺄﺛﻳﺛﻬﺎ ﺑﺎﻟﻛراﺳﻲ ﻓﻲ اﻟوﺳط ﻳوﺟد ﺗﺎﺑوت‬

‫ﻣﻐطﻲ ﺗري ﻓﻳﻪ ﻣﺳﺎﻣﻳر ﺗﻠﻣﻊ ﻟم ﻳﺗم دﻗﻪ إﻟﻲ ﻧﻬﺎﻳﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘرب ﻣن اﻟﺗﺎﺑوت وﻗﻔت ﻣﻣرﺿﺔ‬

‫‪3‬‬
‫ﻋرﺑﻳﺔ ﻻﺑﺳﺔ ﺟﻠﺑﺎﺑﺎ اﺑﻳض و ﻋﻠﻲ رأﺳﻬﺎ وﺷﺎح ﻣن ﻟون ﻻﻣﻊ‬

‫‪ -1‬البير كامي ‪ ،‬الغريب ‪ ،‬ص ‪37‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪42‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪19 . 18‬‬
‫‪43‬‬
‫ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب"‬ ‫اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪:‬‬

‫وﻓﻲ ﻣوﺿﻊ أﺧر ﻳﻘوﻝ ‪ " :‬ﻛﺎن ﻫﻧﺎك ﻣﻧظر اﻟﻛﻧﻳﺳﺔ و اﻟﻘروﻳﻳن ﻓوق اﻷرﺻﻔﺔ وورود‬

‫ﺑﻧﻌﻣﺎن اﻟﺣﻣراء ﻓوق ﺿراﺋﺢ اﻟﻣﻘﺑرة ‪ٕ ،‬واﻧﻣﺎءة ﺑﻳرﻳز ) ﻛﺄﻧﻪ دﻣﻳﺔ ﻣﻔﻛﻛﺔ ( ﺛم اﻟﺗراب ﺑﺎﻟﻠون‬

‫اﻟدﻣوي ﻳﻘﻠب ﻋﻠﻲ ﺗﺎﺑوت أﻣﻲ ﻣﺧﺗﻠط ﺑﺎﻟﺟذوع اﻟﺑﻳﺿﺎء أﻧﺎس آﺧرون أﺻوات اﻟﻘرﻳﺔ ‪،‬‬

‫اﻻﻧﺗظﺎر أﻣﺎم اﻟﻣﻘﻬﻰ ﺿوﺿﺎء اﻟﻣﺣرﻛﺎت اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﺗوﻗف ﺛم ﻫﻧﺎك ﻓرﺣﺔ ﻋﻧدﻣﺎ دﺧﻠت‬

‫‪1‬‬
‫اﻟﺣﺎﻓﻠﺔ إﻟﻲ أﺿواء اﻟﺟزاﺋر وﻓﻛرت ﻓﻲ أﻧﻧﻲ ﺳوف اذﻫب ﻷﻧﺎم ﻟﻣدة ‪ 12‬ﺳﺎﻋﺔ "‬

‫و اﻟﻣﺳﺗﻐرق ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟرواﻳﺔ ﻳﻼﺣظ أن اﻟﺑطﻝ ﻳﻧزﻋﺞ ﻛﺛﻳ ار ﻣن اﻟﺣ اررة اﻟﻼﻣطﺎﻗﺔ ‪ ،‬وﻻ ﻳﻧزﻋﺞ‬

‫ﻟﻣوت أﻣﻪ ﺑﻝ ﻫو ﻣﺳﺗﻌﺟﻝ ﻻن ﻳذﻫب إﻟﻲ اﻟﻧوم وﻳظﻬر اﻧزﻋﺎﺟﻪ ﻣن اﻟﺣ اررة ﻓﻲ اﻟﻌدﻳد ﻣن‬

‫اﻟﻣﻘﺎطﻊ " ﻛﺎﻧت اﻟﺷﻣس ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻲ اﻟرﻣﺎﻝ ﺑﺷﻛﻝ ﻋﻣودي ﺗﻘرﻳﺑﺎ وﻟﻣﻌﺎﻧﻬﺎ اﻟذي ﻻ ﻳطﺎق ﻳﻘﻊ‬

‫‪2‬‬
‫ﻓوق ﻣﻳﺎﻩ اﻟﺑﺣر "‬

‫وﻓﻲ ﻣﻘطﻊ أﺧر " ﻟﻘد ﻛﻧت ﺗواﻗﺎ ﻟﺳﻣﺎع اﻟﺧرﻳر اﻟﻬﺎدئ ﻟﺗﻠك اﻟﻣﻳﺎﻩ ﺗواﻗﺎ ﻟﻠﻬروب ﻣن ﺗﻠك‬

‫‪3‬‬
‫اﻟﺷﻣس"‬

‫ﻓﻬو ﻳﺳﻬب ﻓﻲ وﺻف اﻟﺣ اررة اﻟﻼﻣطﺎﻗﺔ ودﻛﻧﺗﻬﺎ و اﺣﻣرارﻫﺎ ‪.‬‬

‫وﻣﺎ ﻳﻠﻔت اﻻﻧﺗﺑﺎﻩ و ﻳﺷد اﻷﻧظﺎر ﺗﻠك اﻟﻧرﺟﺳﻳﺔ ﻣن طرف اﻟﻛﺎﺗب ﺧﻼﻝ وﺻﻔﻬﺎ أﺛﻧﺎء‬

‫ﻣﺣﺎﻛﻣﺔ ﻣوارﺳو ﺑداﻳﺔ ﻋﻧد اﺳﺗﺟواﺑﻪ ﻣن طرف ﻗﺎﺿﻲ اﻟﺗﺣﻘﻳق " ﻗد اﺳﺗﻘﺑﻠﻧﻲ ﻓﻲ ﺣﺟرة‬

‫ﻣﺣﺎطﺔ ﺑﺳﺗﺎﺋر وﻋﻠﻲ ﻣﻛﺗﺑﻪ ﻣﺻﺑﺎح واﺣد ﻳﺿﻲء اﻟﻣﻘﻌد اﻟذي أﺟﻠﺳﻧﻲ ﻋﻠﻳﻪ ﻓﻲ ﻣﻛﺎﻧﻪ و‬

‫‪ -1‬البير كامي ‪ ،‬الغريب ‪ ،‬ص ‪31‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪66‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪71‬‬
‫‪44‬‬
‫ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب"‬ ‫اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪:‬‬

‫ﻧﻔﺳﻪ ﻳﺧﺿﻊ ﻓﻲ اﻟظﻼم ‪ ،‬ﻛﻧت ﻗد ﻗرأت وﺻﻔﺎ ﻣﺷﺎﺑﻬﺎ ﻓﻲ أﺣﺎدﻳث اﻟﻛﺗب وﻋﻠﻳﻪ ﻓﻘد ﺑدى ﻟﻲ‬

‫اﻷﻣر ﻛﻠﻪ وﻛﺄﻧﻪ ﺗﻣﺛﻳﻠﻳﺔ ‪".‬‬

‫إﻧﻪ ﻟوﺻف ﻏرﻳب " وﻛﺄﻧﻪ ﺗﻣﺛﻳﻠﻳﺔ" ﻓﻣوارﺳو ﻓﻲ وﺿﻊ ﺣرج ﻣﺗﻬم ﻓﻲ ﺟرﻳﻣﺔ ﻗﺗﻝ إﻻ أﻧﻪ ﻳدﻗق‬

‫ﻓﻲ ﻣﻼﺣظﺔ اﻟﻣﻛﺗب ‪ ،‬و ﻳﻛﻣﻝ ﻓﻲ وﺻف ﻗﺎﺿﻲ " ﻓرأﻳﺗﻪ رﺟﻼ ذا ﻣﻼﻣﺢ دﻗﻳﻘﺔ و ذا ﻋﻳﻧﺎن‬

‫زرﻗﺎوان ﻏﺎﺋرﺗﺎن ﻣﺗﻘدم ﻓﻲ اﻟﺳن ﻟﻪ ﺷﺎرب رﻣﺎدي و ﺷﻌر اﺑﻳض ﻛﺛﻳف ﺑدا ﻟﻲ أن ذﻟك اﻟرﺟﻝ‬

‫ﻣﺗﻌﻘﻝ ﺟدا وﻋﻠﻲ درﺟﺔ ﻛﺑﻳرة ﻣن ﺧﻔﺔ اﻟﺿﻝ ‪ ،‬رﻏم ﺗﻠك اﻟﻐﻣﺎزات اﻟﻼإرادﻳﺔ ﻋﻠﻲ أﺣد ﺟﺎﻧب‬

‫‪1‬‬
‫وأﺧﻳ ار‬ ‫اﻟﻔم ‪،‬ﻫﻣﻣت ﺑﻣﺻﺎﻓﺣﺗﻪ ﻟﻛﻧﻧﻲ ﺗذﻛرت ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﻠﺣظﺔ أﻧﻧﻲ ﻛﻧت ﻗد ﻗﺗﻠت رﺟﻼ"‬

‫ﺗذﻛراﻧﻪ ﻓﻲ ورطﺔ ﻻ ﻣﺧرج ﻣﻧﻬﺎ ﺑﻌد ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﺗﺄﻣﻼت و اﻟﻣﻼﺣظﺎت وﺣﺗﻰ ﻋﻧد إدﺧﺎﻟﻪ‬

‫اﻟﺳﺟن ﻟم ﻳﻧﻔك ﻳﻼﺣظ و ﻳﺻف " ﺗﺑﻌﺗﻪ إﻟﻲ ﺣﻳث ﻳوﺟد ﻗﺎﻋﺔ اﻟﺣدﻳث ﻋﺑر ﻣﻣر طوﻳﻝ ﺛم‬

‫ﺻﻌدﻧﺎ اﻟﺳﻠم ﺛم ﻣﻣ ار أﺧر ودﺧﻠت إﻟﻲ ﻗﺎﻋﺔ ﻛﺑﻳرة ﺗﺿﻳﺋﻬﺎ ﻓﺗﺣﺔ واﺳﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﻘف ﻛﺎﻧت‬

‫ﺗﻠك اﻟﻘﺎﻋﺔ ﻣﻘﺳﻣﺔ طوﻟﻳﺎ ﺑواﺳطﺔ ﺷﺑﻛﺗﻳن ﻣﻌدﻧﻳﺗﻳن إﻟﻲ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺳﺎم وﺑﻳن ﻫﺎﺗﻳن اﻟﺷﺑﻛﺗﻳن‬

‫‪2‬‬
‫ﻛﺎﻧت ﻫﻧﺎﻟك ﻣﺳﺎﻓﺔ ﺗﻔﺻﻝ ﺑﻳن اﻟزوار و اﻟﻣﺳﺎﺟﻳن ﻗد ﺗﺻﻝ إﻟﻲ ﻋﺷرة أﻣﻳﺎﻝ "‬

‫ﻳﺎ ﻟﻪ ﻣن وﺻف دﻗﻳق ﺣﺗﻰ اﻧﻪ ﻳﺳﺗﻌﻣﻝ اﻟﻣﻘﺎﺳﺎت‬

‫ﻟﻘد ﻛﺎن ﻣوارﺳو ﻳﺗﺟوﻝ رﻏم اﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﺳﺟوﻧﺎ إﻻ اﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺗﺟوﻝ وﻳﺗﻧﻘﻝ ﻟﻛن ﻓﻲ ﻣﺧﻳﻠﺗﻪ‬

‫‪ -1‬البير كامي ‪ ،‬الغريب ‪ ،‬ص ‪76‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪85‬‬
‫‪45‬‬
‫ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب"‬ ‫اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪:‬‬

‫"ﺛم اﻧﺗﻬﻲ اﻷﻣر إﻟﻲ أﻧﻧﻲ ﻟم اﻋد ى اﺷﻌر ﺑﺎﻟﺿﻳق و ذﻟك ﻣﻧذ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻠﻣت ﻓﻳﻬﺎ‬

‫ﻛﻳف اﺳﺗﻌد اﻟذﻛرﻳﺎت ﻓﻔﻲ ﺑﻌض اﻟﻣرات ﻛﻧت أﻓﻛر ﻓﻲ ﺣﺟرﺗﻲ وﻛﻧت اذﻫب إﻟﻲ اﺣد‬

‫‪1‬‬
‫اﻷرﻛﺎن ﺑﺎﻟﺧﻳﺎﻝ طﺑﻌﺎ ﺛم أﻋود و أﻧﺎ أﺣﺻﻲ ذﻫﻧﻳﺎ ﻣﺎ ﻫو ﻣوﺟود ﻓﻲ طرﻳﻘﻲ "‬

‫ﻓﻬو ﻗد وﺟد وﺳﻳﻠﺔ ﻟﻘﺗﻝ اﻟوﻗت ﻣﻧﺟﺢ ﻓﻲ ذﻟك " ﺣﺗﻰ أﻧﻧﻲ ﻓﻲ ظرف ﻋدة أﺳﺎﺑﻳﻊ ﺻرت‬

‫‪2‬‬
‫اﺳﺗطﻳﻊ اﻟﻘﺿﺎء ﺳﺎﻋﺎت طوﻳﻠﺔ دون ﻣﻠﻝ "‬

‫ﻣن اﻟواﺿﺢ أن ﻣوارﺳو ﻗد ﺗﻌود ﻋﻠﻲ اﻷﻳﺎم ﻓﻲ اﻟﺳﺟن ورﺑﻣﺎ وﺟد ﻧﻔﺳﻪ أرﻳﺢ ﻣن اﻧﻪ ﻛﺎن‬

‫طﻠﻳﻘﺎ وﻟﻌﻝ ﻫذا اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟراﺣﺔ و اﻟﺣرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﺟن ﻳﺑرز اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻌﺑﺛﻲ ﻟرواﻳﺔ ‪.‬‬

‫واﺻﻝ ﻛﺎﻣﻲ وﺗﻳرﺗﻪ اﻟوﺻﻔﻳﺔ اﻟﻣﺗﺳﻣﺔ ﺑﺎﻟﻌﺑث و اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻟوﺻف أﺣداث ﻣﺣﺎﻛﻣﺗﻪ " ﻛﺎﻧت‬

‫اﻟﻘﺎﻋﺔ ﻣﻠﻳﺋﺔ ﻋن أﺧرﻫﺎ و رﻏم وﺟود اﻟﺳﺗﺎﺋر ﻓﺎن اﻟﺷﻣس ﻣوﺟودة ﻓﻲ ﺑﻌض أﻣﺎﻛن اﻟﻘﺎﻋﺔ و‬

‫‪3‬‬
‫اﻟﻬواء ﺧﺎﻧق ﻻن زﺟﺎج اﻟﻧواﻓذ ﻛﺎن ﻣﻐﻠﻘﺎ‬

‫ﻳﺑدو ﺑطﻝ اﻟرواﻳﺔ ﻣﻧزﻋﺟﺎ ﻟﻛن ﻣﺻدر اﻧزﻋﺎﺟﻪ ﻟم ﻳﻛن ﺳﺑﺑﻪ اﻟﺗﻬﻣﺔ اﻟﻣوﺟﻬﺔ إﻟﻳﻪ ﺑﻝ اﻟﺣﺷد‬

‫اﻟﻛﺑﻳر ﻣن اﻟﻧﺎس و اﻟﺻﺣﻔﻳﻳن و اﻟدر ﻛﻳن ﻫو ﻣن ﺳﺑب ﻟﻪ اﻻﻧزﻋﺎج " ﻻﺣظت آن اﻟﻧﺎس‬

‫ﻛﻠﻬم ﻳﺗﻘﺎﺑﻠون وﻳﺗﺻﺎﻓﺣون و ﻳﺗﺟﺎدﻟون اﻟﺣدﻳث ﻓﻲ ﺳﻌﺎدة ﻛﻣﺎ ﻟو ﻛﺎﻧوا ﻓﻲ اﻟﺣد اﻷﻧدﻳﺔ ﺛم‬

‫‪ -1‬البير كامي ‪ ،‬الغريب ‪ ،‬ص ‪91‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪92‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪96‬‬
‫‪46‬‬
‫ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب"‬ ‫اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪:‬‬

‫ﺣﺎوﻟت ﻷﻓﺳر ﻟﻧﻔﺳﻲ ذﻟك اﻟﺷﻌور اﻟﻌﺟﻳب اﻟذي اﻋﺗراﻧﻲ ﻣن أﻧﻧﻲ ﺷﺧص ﻏﻳر ﻣرﻏوب ﻓﻳﻪ‬

‫‪1‬‬
‫وﺳط اﻟﺟﻣﻊ إﻧﻧﻲ دﺧﻳﻝ ﻋﻠﻳﻬم "‬

‫ﻟم ﻳﺻﻝ ﻣوارﺳو ﺑﻌد إﻟﻲ ﻧﻘطﺔ اﻧﻪ ﻣﺗﻬم ﻓﻲ ﺟرﻳﻣﺔ ﻗﺗﻝ ﻓﻬو ﻟم ﻳﺳﺗوﻋب ﺑﻌد ﺳﺑب ﻫذا‬

‫اﻟﺗﺟﻣﻊ و اﻻﻛﺗظﺎظ‬

‫وﻫو أﻻن ﻳﺻف اﻟﻣﻘﺻﻠﺔ وﻫﻲ اﻷداة اﻟﺗﻲ ﺳﻳﻣوت ﺑﻬﺎ وﻛﺄﻧﻪ ﻳﺗﻐزﻝ ﺑﻬذﻩ اﻷﺧﻳرة " ﻛﺎﻧت‬

‫اﻵﻟﺔ ﻣوﺿوﻋﺔ و ﺑﻛﻝ ﺑﺳﺎطﺔ ﻋﻠﻲ اﻷرض وﻛﺎﻧت ﻓﻲ ﺷﻛﻠﻬﺎ اﻗﻝ ﺿﻳﻘﺎ ﻣﻣﺎ ﻛﻧت أﺗﺧﻳﻠﻪ ‪،‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ .....‬ﺑﻬرﺗﻧﻲ دﻗﺔ ﺻﻧﺎﻋﺗﻬﺎ اﻟﻣﺗﻘﻧﺔ "‬

‫ﻓﻬذﻩ اﻟﺻورة و اﻷوﺻﺎف ﺗوﺣﻲ ﻓﻲ ﻣﺟﻣﻠﻬﺎ ﺟﺎﻧﺑﺎ ﻣن اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﻌﺑﺛﻲ وﺻﻔﺔ اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ و‬

‫اﻟﻼﻣﻧطق ‪ ،‬ﻓﺎن اﻟدارس ﻟﻬذﻩ اﻟرواﻳﺔ و اﻟﻣﺗﺄﻣﻝ ﻓﻳﻬﺎ ﻳﻠﻣﺢ اﻟﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﻣن ﺧﻼﻝ اﻷﻣﺎﻛن‬

‫اﻟذي ﺗﻌرض ﻟﻬﺎ ﻛﺎﻣﻲ ‪.‬‬

‫‪ -1‬البير كامي ‪ ،‬الغريب ‪ ،‬ص ‪97‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪126‬‬
‫‪47‬‬
‫ﺧﺎﺗﻣﺔ‬
‫خاتمة‬

‫ﺧﺎﺗﻣﺔ ‪:‬‬

‫ﻫذﻩ ﺧطوط ﻋﺎﻣﺔ ﺻورﻧﺎ ﺑﻬﺎ ظﺎﻫرة اﻟﻌﺑث ﻓﻲ اﻷدب ﻣن ﺣﻳث ﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﺣﻳﺎة اﻟﻌﺎﻣﺔ وأﺛرﻩ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻧﻔس اﻟﺑﺷرﻳﺔ ‪ ،‬وﻗد ﺣﺻرﻧﺎ ﻓﻲ ﺑﻳﺎن ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻋﻠﻲ أن ﻳﻘف اﻟﻘﺎرئ ﻋﻠﻲ اﻟﻣﻌﺎﻟم‬
‫اﻟﻛﺑرى اﻟواﺿﺣﺔ ﻓﻲ ﺣﻳﺎة اﻷدب ﺧﻼﻝ اﻟﻌﺻور اﻟﺣدﻳﺛﺔ ﺧﺎﺻﺔ وﻗﺗﻧﺎ اﻟﺣﺎﺿر ﻟﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك‬
‫ﻣن ﺳﺑﻳﻝ إﻟﻲ ﺗوﺳﻳﻊ إدراﻛﻪ‬

‫و ﻣن ﺧﻼﻝ ﺗﻌرﺿﻧﺎ ﻟدراﺳﺔ ﺗﻳﺎر اﻟﻌﺑث و اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ ﻟﻣﺎ ﺗﺣﻣﻠﻪ اﻟﻛﻠﻣﺔ ﻣن اﺳﺗﻬزاء و ﺳﺧرﻳﺔ‬
‫أدرﻛﻧﺎ اﻧﻪ ﻋﻠﻲ اﻟرﻏم أن أدب اﻟﻌﺑث ﻻ ﻳﺣﺗوي إﻻ ﻋﺑث اﻟﺣﻳﺎة و ﺿﻳﺎع اﻹﻧﺳﺎن ﻣﻊ ﻋﺎﻟم‬
‫ﻳﺧﻠو ﻣن اﻟﻘﻳم اﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ اﻻ اﻧﻪ اﺳﺗطﺎع أن ﻳﺻور اﻟﻣﻌﺎﻧﺎت و اﻟﻌزﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﻌﻳﺷﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن‬
‫اﻟﻣﻌﺎﺻر ‪ ،‬ﻓﺣرﻛﺔ اﻟﻌﺑث ﻟم ﺗﺄﺗﻲ ﻋﺑﺛﺎ و ﻟو أن ﺗﺻوﻳرﻫﺎ ﻣﺟرد ﺳﺧرﻳﺔ إﻻ اﻧﻪ و ﻟﻸﺳف ﻫو‬
‫اﻟواﻗﻊ اﻟﻣﻌﺎش ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ ﺗﻧﺑﺛق ﻋﻧﻬﺎ ﺛﻼث ﻧﺗﺎﺋﺞ ‪ :‬اﻟﺗﻣرد ‪ ،‬اﻟﺣرﻳﺔ ‪ ،‬اﻻﻣﺗﻼء ‪ ،‬أي أن اﻹﻧﺳﺎن ﻣرو ار‬
‫ﺑﺎﻟﻌﺑث ﻳﺣﻘق ﺣرﻳﺗﻪ وﻫﻲ إدراك ﺣﻘﻳﻘﺗﻪ و ﺣﻘﻳﻘﺔ وﺟودﻩ ‪ ،‬ﺛم ﻳﻧﺑﺛق ﻋﻧﻬﺎ اﻟﺗﻣرد اﻟداﻋﻲ إﻟﻲ‬
‫اﻻﺳﺗﻐﻼﻝ اﻟﺣﺿر و اﻟﺗﻣﺗﻊ ﺑﻠذات اﻟﺣﻳﺎة إﻟﻲ ﺣد اﻻﻣﺗﻼء ﻓﺎﻟﺧﻼﺻﺔ أن ﻓﻛرﺗﺎ اﻟﺗﻣرد و‬
‫اﻟﻌﺑث ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻣﻌﻧﻲ ﺣﻘﻳﻘﻲ و اﻳﺟﺎﺑﻲ ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﺧﻼﻝ ﺷﻌورﻩ ﺑﺎﻟﻌﺑث ﻳﺗﻔطن ﻣن ﺧﻼﻝ‬
‫اﻟوﻋﻲ‬

‫ﻧﺳﺗﺧﻠص ﻛذﻟك أن أﻋﻣﺎﻝ ﻛﺎﻣو ﺗﻌﺑر ﻋن أﻓﻛﺎرﻩ اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ ﻓﻘد ﻛﺎن ﻳﺟﻣﻊ اﻧطﺑﺎﻋﺎﺗﻪ اﻟﻳوﻣﻳﺔ‬
‫ﻣن ﺧﻼﻝ ﻣواﻗﻔﻪ اﻟﻣﺗواﻟﻳﺔ ﻋﺑر اﻻﻳﺎم و اﻟﻠﻳﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﺧﺿم ﺣﻳﺎﺗﻪ ﻟﻳوظﻔﻬﺎ ﻋﻠﻲ طرﻳﻘﺗﻪ وﻋﻠﻲ‬
‫ﻟﺳﺎن أﺑطﺎﻟﻪ أو ﻣن ﺧﻼﻝ ﻣوﻗﻔﻪ ﻣن اﻟﺣﻳﺎة ﻣﺛﻝ اﻛﺗﺷﺎف اﻟﻼﻣﻌﻧﻲ ﻟﻠوﺟود ﻓﻲ أﺳطورة‬
‫ﺳﻳزﻳف أو اﻟﺻراع ﻣﻊ اﻟﻘدر ﻓﻲ رواﻳﺔ اﻟطﺎﻋون ‪ ،‬و ﻛذﻟك اﻟﻼﻣﺑﺎﻻة اﻟﺻرﺧﺔ ﻓﻲ رواﻳﺔ‬
‫اﻟﻐرﻳب ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫ﻣﻠﺣق‬
‫‪ -1‬ﺣﻳﺎة أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣو‬

‫‪ -2‬ﻣﻠﺧص رواﻳﺔ اﻟﻐرﻳب‬


‫ﻣﻠﺣق‬

‫ﺣﻳﺎﺗﻪ ‪:‬‬

‫وﻟد أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣﻲ ﻓﻲ ﻣدﻳﻧﺔ اﻟدرﻋﺎن ﺑوﻻﻳﺔ اﻟطﺎرف ﻳوم ‪ 7‬ﻧوﻓﻣﺑر ﻋﺎم ‪ ، 1913‬وﻛﺎن اﻻﺑن‬
‫اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻷﺳرة ﻟوﺳﻳﺎن ﻛﺎﻣﻲ اﻟذي ﻛﺎن ﻳﻌﻣﻝ ﻓﻼﺣﺎ وﺗدﻋﻲ ﻛﺎﺗرﻳن ﺳﺎﻧﺗﻳس ‪ ،‬ﺧﺎدﻣﺔ ﺷﺎﺑﺔ ﻣن‬
‫أﺻﻝ اﺳﺑﺎﻧﻲ ﻛﺎﻧت أﻣﻳﺔ و ﺗﺗﻛﻠم ﺑﺻﻌوﺑﺔ ‪ ،‬ﺗم ﺗﺟﻧﻳد ﻟوﺳﻳﺎان ﻛﺎﻣﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﻳﺔ‬
‫اﻷوﻟﻲ وﻣﺎت ﻓﻲ ﺣرب ﻻﻣﺎرن ‪ ،‬أﻟﺑﻳر اﻟﺷﺎب ﻟم ﻳﻌرف أﺑﺎﻩ ‪ ،‬وﻗﺎﻣت ﺑﺗرﺑﻳﺗﻪ أﻣﻪ وﺟدﺗﻪ اﻟﺗﻲ‬
‫‪1‬‬
‫ﻛﺎﻧت اﻣرأة ﻣﺗﺳﻠطﺔ وﺧﺎﻟﻪ اﻟذي ﻛﺎن ﺟ از ار ‪ ،‬ﺗﻌﻠم ﺣﻳﺎة اﻟﺑؤس ﻓﻲ ﺣﻲ ﺑﻠوزداد‬

‫وﺑﻔﺿﻝ ﻣﺳﺎﻋدة اﺣد ﻣﻌﻠﻣﻳﻪ اﻟﺳﻳد ﺟرﻣﺎن ﺗﺣﺻﻝ أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣﻲ ﻋﻠﻲ ﻣﻧﺣﺔ ﻣﺎ ﻣﻛﻧﻪ ﻣن‬
‫ﻣﺗﺎﺑﻌﺔ دراﺳﺗﻪ ﻓﻲ ﺛﺎﻧوﻳﺔ ﺑﻳﺟو ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر اﻟﻌﺎﺻﻣﺔ ﺗﺣﺻﻝ ﻋﻠﻲ اﻟﺑﻛﺎﻟورﻳﺎ ﺳﻧﺔ ‪، 1913‬‬
‫ﻓﻲ ﺳﻧﺔ ‪ 1934‬ﺗزوج ﺳﻳون ﻫﻲ ﻓﻲ ﺳﻧﺔ ‪ 1935‬اﻧﺧرط ﻓﻲ اﻟﺣزب اﻟﺷﻳوﻋﻲ اﻟذي اﻧﺳﺣب‬
‫ﻣﻧﻪ ﻋﺎم ‪ ، 1937‬ﻓﻲ ﺳﻧﺔ ‪ 1936‬ﺗﺣﺻﻝ ﻋﻠﻲ ﺷﻬﺎدة ﻋﻠﻳﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ‪ ،‬وﻓﻲ ﺳﻧﺔ ‪1938‬‬
‫‪2‬‬
‫ﺻﺎر ﺻﺣﻔﻳﺎ ﻓﻲ ﺟرﻳدة" اﻟﺟزاﺋر اﻟﺟﻣﻬورﻳﺔ "‬

‫ﻓﻲ أﻛﺗوﺑر ﺳﻧﺔ ‪ 1957‬ﺣﺻﻝ أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣﻲ ﻋﻠﻲ ﺟﺎﺋزة ﻧوﺑﻝ ﻟﻣﺎ ﻗدﻣﻪ ﻓﻲ ﻣؤﻟﻔﺎﺗﻪ اﻟﺗﻲ ﺗﻠﻘﻲ‬
‫اﻟﺿوء ﺑﺟدﻳﺔ ﺛﺎﻗﺑﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﻣﺷﺎﻛﻝ اﻟﺗﻲ ﺗطرح اﻟﻳوم ﻋﻠﻲ اﻟﺿﻣﻳر اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ‪ ،‬ﻛﺎن ﻋﻣرﻩ‬
‫‪3‬‬
‫آﻧذاك ‪ 44‬ﺳﻧﺔ‬

‫ﺑﻌد ﺛﻼث ﺳﻧوات و ﻓﻲ ﻳوم ‪ 4‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ﻣن ﺳﻧﺔ ‪ 1960‬ﺷﺎءت اﻷﻗدار أن ﻳﻣوت ﻛﺎﻣﻲ‬
‫ﺑﺣﺎدث ﺳﻳر ‪ ،‬ﻓﻠﻣﺎ ﻛﺎن ﻫذا اﻷﺧﻳر ﻳﺗﻬﻳﺄ ﻟﺳﻔر إﻟﻲ ﺑﺎرﻳس اﻗﺗرح ﻋﻠﻳﻪ ﻏﺎﻟﻳﻣﺎر أن ﻳﻌطﻳﻪ‬

‫‪ 1‬أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣﻲ ‪ ،‬اﻟﻐرﻳب ‪ ،‬ص ‪9‬‬


‫‪ 2‬اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ‪ ،‬ص ‪10‬‬
‫‪ 3‬اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ‪ ،‬ص ‪19‬‬

‫‪51‬‬
‫ﻣﻠﺣق‬

‫ﺳﻳﺎرﺗﻪ ﻟﻳذﻫب رﻓﻘﺔ اﻟﺳﺎﺋق إﻟﻲ ﻣﺣطﺔ اﻟﻘطﺎر و ﺑﺎﻟﻘرب ﻣن ﻣدﻳﻧﺔ ﺳﺎﻧس ‪ ،‬وﻟﺳﺑب ﻏﺎﻣض‬
‫‪4‬‬
‫ﻓﻘد اﻟﺳﺎﺋق ﺗﺣﻛﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﺳﻳﺎرة ‪ ،‬ﻓﻣﺎت ﻛﺎﻣﻲ ‪.‬‬

‫ﻟم ﺗﻛﺗف ﺣﻳﺎة أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣﻲ ﻣن اﻟﻔﻘر و اﻟﺑؤس ‪ ،‬ﻓﻘد ﻛﺎن ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣن ﻣرض اﻟﺳﻝ اﻟذي‬
‫ﻛﺎن ﻳﻬدد ﺣﻳﺎﺗﻪ ‪ ،‬وﻓﻲ ذﻟك ﻳروي اﺣد اﻟدارﺳﻳن ‪ :‬وﺟب ﻋﻠﻳﻧﺎ أن ﻧﺗذﻛر اﻧﻪ ﻣﻧذ أن ﻛﺎن‬
‫ﻋﻣر ﻛﺎﻣو ﺳﺑﻌﺔ ﻋﺷر ﺳﻧﺔ إﻟﻲ أن ﺑﻠﻎ اﻟﺛﻼﺛﻳن ﺳﻧﺔ أي ﺧﻼﻝ ﺛﻼث ﻋﺷر ﺳﻧﺔ ﺗﻠﻘﻲ ﻛﺎﻣو‬
‫ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻟﻳس اﻗﻝ ﻣن ﺛﻼث ﻧوﺑﺎت ﺣﺎدة ﻣن ﻣرض اﻟﺳﻝ ﻟﺗﻘﻌدﻩ ﻋن اﻟدراﺳﺔ وﻣﻣﺎرﺳﺔ أي‬
‫‪5‬‬
‫ﻧﺷﺎط ﻣذﻛر ‪.‬‬

‫ﻓﻬذا اﻟﻣرض اﻟﻘﺎﺗﻝ ﺟﻌﻝ ﻛﺎﻣﻲ ﻳرﻓض اﻟﻣوت وﻫذا ﻳﻧﻌﻛس ﻋﻠﻲ ﺟﻝ ﻣؤﻟﻔﺎﺗﻪ ‪ ،‬ﻓﻬو ﻳﻘف‬
‫ﻣوﻗﻔﺎ راﻓﺿﺎ ﻟﻠﻣوت ‪ ،‬ﻓﻘد ﻗﺿﻲ ﻛﺎﻣو اﻏﻠب ﺣﻳﺎﺗﻪ واﻋﻳﺎ ﺑﺎﻟﻣوت ‪ ،‬وﻟﻌﻝ اﻟﻣرض اﻟذي‬
‫‪6‬‬
‫أﺻﺎﺑﻪ ﻣﺑﻛ ار ﻓﻲ ﺣﻳﺎﺗﻪ ﻛﺎن اﻟﺳﺑب اﻟﻣﺑﺎﺷر ﻓﻲ إﻗﺎض ﺷﻌورﻩ ﺑذﻟك‬

‫ﻧﺳﺗﺧﻠص ﻣﻣﺎ ﺳﺑق أن أﻓﻛﺎر ﻛﺎﻣﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﻳﺔ ﻟم ﺗﺄﺗﻲ ﻣن اﻟﻌدم ﺑﻝ وﻟﻳدة و ﻧﺗﺎج اﻟﺣﻳﺎة‬
‫اﻟﺗﻲ ﻋﺎﺷﻬﺎ اﻟﻔﻳﻠﺳوف و اﻟﻌواﻣﻝ اﻟﺗﻲ آدت إﻟﻲ اﺳﺗﻧزاف اﻷﻋﻣﺎﻝ اﻟرواﻳﺔ و اﻟﻣﺳرﺣﻳﺔ‬
‫اﻟﻣﻣزوﺟﺔ ﺑﺎﻟﻌﺑث و اﻻﺳﺗﻬزاء ‪ ،‬ﻓﺣﻳﺎة اﻟﻔﻘر و اﻟﻣرض اﻟﺗﻲ ﻋﺎﺷﻬﺎ أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣﻲ ﻟم ﺗﻛن إﻻ‬
‫ﺣﺎﻗ ار أو ﺗﺣدﻳﺎ ﻟﻠوﺿﻊ ‪ ،‬ﻓﻬذا اﻟوﺿﻊ ﻛﺎن ﻣﺻد ار ﻹﻟﻬﺎﻣﻪ اﻟﻌﺑﺛﻲ‬

‫‪ 4‬اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ‪ ،‬ص‪14‬‬


‫‪ -5‬ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﺗوزان ‪ ،‬اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻻﻏﺗراب ﻋﻧد اﺑﻲ اﻟﻌﻼء اﻟﻣﻌري واﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣﻲ ‪ ،‬ص‪143‬‬
‫‪ -6‬اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ‪ ،‬ص ‪139‬‬

‫‪52‬‬
‫ﻣﻠﺣق‬

‫ﻣﻠﺧص اﻟرواﻳﺔ ‪:‬‬

‫ﺑدأت أﺣداث اﻟرواﻳﺔ ﻋﻧد ﺗﻠﻘﻲ "ﻣوارﺳو" ﺗﻠﻐراﻣﺎ ﻣن دار اﻟﺷﻳﺧوﺧﺔ ورد ﻓﻳﻪ وﻓﺎت واﻟدﺗﻪ ‪،‬‬
‫اﺳﺗﻘﻝ " ﻣوارﺳو" اﻟﺣﺎﻓﺔ إﻟﻲ ﻣرﻳﻧﻐو ﻣﻛﺎن –دار اﻟﺷﻳﺧوﺧﺔ‪ -‬ﻟﺣﺿور ﺟﻧﺎزﺗﻬﺎ إﻻ اﻧﻪ ﻟم ﺗﺑدو‬
‫ﻋﻠﻳﻪ ﻋﻼﻣﺎت اﻟﺗﺄﺛر أو اﻟﻘﻠق ﺣﺗﻰ اﻧﻪ رﻓض رؤﻳﺔ ﺟﺛﻣﺎﻧﻬﺎ و اﻟﻐرﻳب ﻓﻲ اﻷﻣر اﻧﻪ أﺛﻧﺎء‬
‫ﺳﻬرة اﻟﺟﻧﺎزة اﺣﺗﺳﻲ ﻛﺎس ﻣن اﻟﻘﻬوة ودﺧن ﺳﻳﺟﺎرة وراح ﻳﺗﺄﻣﻝ اﻷﺷﺧﺎص اﻟﺣﺎﺿرﻳن و‬
‫ﻳﺗﺳﺎءﻝ ﻋن ﺳﺑب ﺣزﻧﻬم وﻋﻧدﻣﺎ ﺣﺎن وﻗت اﻟدﻓن ﻟم ﻳظﻬر أي ﻣﺷﺎﻋر أو ﺑﻛﺎء ‪ ،‬وﺑدﻻ ﻣن‬
‫اﻟﺑﻛﺎء ﻋﻠﻲ أﻣﻪ راح ﻳﺗرﺻد ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺣﺎﺿرﻳن وﻫو ﻣﺳﺗﻌﺟب ﻋﻠﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻣراﺳم ﺑﺳﺑب‬
‫اﻧزﻋﺎﺟﻪ ﻟﻛﺛرة اﻟﻧﺎس وارﺗﻔﺎع درﺟﺔ اﻟﺣ اررة وﻓﻲ اﻟﻳوم اﻟﻣواﻟﻲ اﺳﺗﻳﻘظ وﻛﺄﻧﻪ ﻟم ﻳﺣدث ﺷﻲء‬
‫ﻓﺣﻠق ذﻗﻧﻪ و ذﻫب إﻟﻲ ﺣﻣﺎﻣﺎت اﻟﻣﻳﻧﺎء ﻟﻼﺳﺗﺣﻣﺎم و ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻣﻛﺎن اﻟﺗﻘﻲ ﺑزﻣﻳﻠﺗﻪ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻌﻣﻝ ﺳﺎﺑﻘﺎ اﺳﻣﻬﺎ "ﻣﺎري ﻛﺎردوﻧﺎ" ﻓﺎﺳﺗﺣﻣﺎ ﻣﻌﺎ وﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎء ذﻫﺑﺎ إﻟﻲ اﻟﺳﻳﻧﻣﺎ ﻟﺣﺿور ﻓﻠم‬
‫ﻛوﻣﻳدي ﺑﻌدﻫﺎ ﻏﺎدر إﻟﻲ ﺑﻳت "ﻣورﺳو" واﻣﺿﻳﺎ اﻟﻠﻳﻠﺔ ﺳوﻳﺎ ﺣﺗﻰ اﻧﻪ ﻟم ﻳﺧﺑرﻫﺎ ﻋن وﻓﺎت أﻣﻪ‬
‫ﻟوﻻ ﻣﻼﺣظﺔ ﻣﺎري ﻟﺛﻳﺎب اﻟﺣداد ‪.‬‬

‫ﻛﺎن ﻝ " ﻣورﺳو" ﺟﺎر اﺳﻣﻪ "رﻳﻣو ﺳﺎﻧﺗﻳس" ﺗﻌرﻓﺎ ﻋﻠﻲ ﺑﻌض ﻫﻣﺎ و دﻋﺎﻩ ﻫذا اﻷﺧﻳر‬
‫إﻟﻲ ﻣﻧزﻟﻪ وﺗﺑﺎدﻻ أطراف اﻟﺣدﻳث ‪ ،‬وﻗد ﻛﺎن رﻳﻣون ﻣﺻﺎب ﻓﻲ ﻳدﻩ ﺳﺄﻟﻪ ﻣورﺳو ﻋن اﻟﺳﺑب‬
‫ﻓﺎﺧﺑرﻩ ﻗﺻﺗﻪ ﻋن ﻋﺷﻳﻘﺗﻪ اﻟﺧﺎﺋﻧﺔ وﺿرﺑﻪ ﻟﻬﺎ وﺷﺟﺎرﻩ ﻣﻊ أﺧﻳﻬﺎ ﻓﺄﺻﺑﺢ ﺻدﻳﻘﻳن ﻣﻧذ ذﻟك‬
‫اﻟﻳوم ‪.‬‬

‫وﻓﻲ اﻷﺳﺑوع اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﻳﻧﻣﺎ ﻛﺎن ﻣورﺳو و ﻣﺎري ﻓﻲ اﻟﺑﻳت ﺳﻣﻌﺎ ﺿﺟﺔ ﻓﻲ ﺑﻳت رﻳﻣون ﻛﺎن‬
‫ﻳﺗﻌﺎرك ﺑﺷﻛﻝ ﻋﻧﻳف ﻣﻊ ﻋﺷﻳﻘﺗﻪ اﻟﺗﻲ اﻋﺗﻘد أﻧﻬﺎ ﺗﺧوﻧﻪ ‪ ،‬ﺑﻌد ﻟﺣظﺎت أﺗﻲ رﺟﻝ ﻣن اﻟﺷرطﺔ‬
‫و أﻣرﻩ ﺑﺎﻻﻧﺗظﺎر ﻓﻲ ﺑﻳﺗﻪ إﻟﻲ أن ﻳﺗم اﺳﺗدﻋﺎؤﻩ إﻟﻲ ﻗﺳم اﻟﺷرطﺔ ‪ ،‬ﺑﻌد ﻣﻐﺎدرة اﻟﺷرطﻲ ذﻫب‬
‫رﻳﻣون إﻟﻲ ﻣورﺳو ﻟﻳطﻠب ﻣﻧﻪ أن ﻳﻛون ﺷﺎﻫدﻩ وﻳﺻرح أن اﻟﻔﺗﺎة ﻗد ﺧﺎﻧﺗﻪ ﻓواﻓق ﻋﻠﻲ ذﻟك‬
‫وأدﻟﻲ ﺑﺷﻬﺎدﺗﻪ ﻓﺄﻓرج ﻋن رﻳﻣون ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫ﻣﻠﺣق‬

‫ﻓﻲ ﻳوم ﻣن اﻷﻳﺎم اﺗﺻﻝ رﻳﻣون ﺑﻣورﺳو ﻹﺑﻼﻏﻪ أن اﺣد أﺻدﻗﺎﺋﻪ دﻋﺎﻩ ﻟﻘﺿﺎء ﻋطﻠﺔ ﻳوم‬
‫اﻷﺣد ﻓﻲ ﺧﻳﻣﺗﻪ اﻟﺑﺣرﻳﺔ ﻓرﺣب ﻣورﺳو ﺑﺎﻟﻔﻛرة ‪.‬‬

‫وﻓﻲ ﻳوم اﻷﺣد اﻧطﻠق ﻛﻝ ﻣن ﻣورﺳو و ﻣﺎري و رﻳﻣون إﻟﻲ اﻟﻣﻛﺎن اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﻳﻪ ﻓﺎﺳﺗﻘﻠوا‬
‫اﻟﺣﺎﻓﻠﺔ ‪ ،‬ﻻﺣظ رﻳﻣون أن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺷﺑﺎن اﻟﻌرب ﻳﻼﺣﻘوﻧﻬم ‪ ،‬اﻟﺗﻘﻲ اﻷﺻدﻗﺎء ﻓﻲ‬
‫اﻟﺧﻳﻣﺔ اﻟﺧﺷﺑﻳﺔ وأﻣﺿوا وﻗﺗﺎ ﻣﻣﺗﻌﺎ وﺑﻌد ﺗﻧﺎوﻝ و ﺟﺑﺔ اﻟﻐداء ﻗرر اﻷﺻدﻗﺎء اﻟذﻫﺎب إﻟﻲ‬
‫ﻧزﻫﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﺷﺎطﺊ وﻓﺟﺄة وﺟد ﻣورﺳو اﺛﻧﻳن ﻣن اﻟﻌرب ﻣﺗوﺟﻬﻳن ﻧﺣوﻫم و ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻷﺛﻧﺎء ﺑدا‬
‫اﻟﻌراك ﺑﻳﻧﻬم ﺣﻳث أﺻﻳب رﻳﻣون ﺑﺿرﺑﺔ ﺳﻛﻳن ﻋﻠﻲ ﻣﺳﺗوي ذراﻋﻪ ﻓﺄﺧذﻩ ﺻدﻳﻘﺎﻩ ﻹﺳﻌﺎﻓﻪ‬

‫ﻋﺎد ﻣورﺳو ﻳﺗﻣش ﻓوﺟد ﺻدﻳﻘﻪ اﻟذي وﺿﻊ ﻳدﻩ ﻓﻲ ﺟﻳﺑﻪ ﻣﺣﺎوﻻ إﺧراج اﻟﺳﻛﻳن ﻓوﺿﻊ‬
‫ﻣورﺳو ﻫو اﻷﺧر ﻳدﻩ ﻓﻲ ﺟﻳﺑﻪ ﻟﻳﻘﺑض ﻋﻠﻲ اﻟﻣﺳدس اﻟذي ﻧزﻋﻪ ﻣن رﻳﻣون ‪ ،‬ﻓﺎﺧرج اﻟﺷﺎب‬
‫اﻟﻌرﺑﻲ ﺳﻛﻳﻧﻪ وﺑﻌد ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﻧظرات اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ ﺿﻐط ﻋﻠﻲ اﻟزﻧﺎد ﻓﺄطﻠق أرﺑﻊ رﺻﺎﺻﺎت‬
‫ﻟﻳردي اﻟﺷﺎب ﻗﺗﻳﻼ ‪ ،‬وﺳﺑب إطﻼﻗﻪ اﻟﻧﺎر ﻳﻘوﻝ ﻣورس وان أﺷﻌﺔ اﻟﺷﻣس اﻟﺗﻲ ﺿرﺑت ﻓﻲ‬
‫ﻋﻳﻧﻪ ﺳﺑب ﻟﻪ إزﻋﺎﺟﺎ ﻓﺿﻐط ﻋﻠﻲ اﻟزﻧﺎد‬

‫وﻓﻲ اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟرواﻳﺔ ﻳﻠﻘﻲ اﻟﻘﺑض ﻋﻠﻲ ﻣورﺳو وﺧﺿﻊ ﻟﻌدة اﺳﺗﺟواﺑﺎت ﻣن طرف‬
‫ﻗﺎﺿﻰ اﻟﺗﺣﻘﻳق و اﻟﻣﺣﺎﻣﻲ ‪ ،‬و اﻟﻠذان ﻋﺟ از ﺑدورﻫﻣﺎ ﻓﻬم ﺷﺧﺻﻳﺔ اﻟﻣﺗﻬم ‪ ،‬وﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ‬
‫اﻟﻣطﺎف ادﺧﻝ إﻟﻲ اﻟﺳﺟن و اﻟﺷﻲء اﻟوﺣﻳد اﻟذي ﺗﺄﺳف ﻋﻠﻳﻪ ﻫو اﺑﺗﻌﺎدﻩ ﻋن ﻣﺎري وﻋدم‬
‫ﻣﻘﺎﺑﻠﺗﻬﺎ وطواﻝ ﻓﺗرة ﺳﺟﻧﻪ ﻟم ﻳﻛﺗرث ﺳواء ﻛﺎن ﻓﻲ ﺷﻘﺗﻪ أو اﻟزﻧزاﻧﺔ ﻓﻬو ﻳﺣس اﻧﻪ ﻏرﻳب‬
‫ﻋﻣﺎ ﻳﺣﺻﻝ ﺣوﻟﻪ ‪ ،‬وﻟم ﻳﺣس ﻳوﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧدم ﻟﻘﺗﻠﻪ اﻟﺷﺎب اﻟﻌرﺑﻲ‬

‫ﺣﺎن وﻗت اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ ﻧﻘﻝ إﻟﻲ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ وﻫو ﻛﻌﺎدﺗﻪ ﻳراﻗب ﺣرﻛﺎت و ﻣﻼﻣﺢ اﻟوﺟوﻩ اﻟﺣﺎﺿرة‬
‫ﻛﺄﻧﻪ ﻟﻳس ﻫو اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﻳﻪ وﺑﻌد ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﺳﺋﻠﺔ أدﻳن و اﺗﻬم اﻧﻪ دﻓن أﻣﻪ ﺑﻘﻠب ﺑﺎرد‬
‫وﻗﺗﻝ اﻟﺷﺎب ﺑﻛﻝ وﺣﺷﻳﺔ ودون رﺣﻣﺔ و دون إﺣﺳﺎس ﺑﺎﻟذﻧب ﻫذا اﻷﻣر اﻟذي ﺟﻌﻝ ﻫﻳﺋﺔ‬
‫اﻟﻣﺣﻠﻘﻳن ﻳﺣﻛﻣون ﻋﻠﻳﻪ ﺑﺎﻹﻋدام ﻋﻠﻧﺎ ووﺻﻔﻪ ﺑﺎﻟﻣﺟرم اﻟﻧﻔﺳﻲ و اﻟﺟﺳدي ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫ﻣﻠﺣق‬

‫ﻋﺎد ﻣورﺳو إﻟﻲ زﻧزاﻧﺗﻪ ﻏﻳر ﻣﺑﺎﻟﻲ ﺑﺎﻟﺣﻛم ﺿدﻩ وﻓﻲ اﻧﺗظﺎر ﺗﻧﻔﻳذﻩ اﻟﺣﻛم رﻓض اﺳﺗﻘﺑﺎﻝ‬
‫اﻟﻘس و ﻋﻧدﻣﺎ أﻟﺢ ﻫذا اﻷﺧﻳر ﻋﻠﻲ ذﻟك ﻗﺑﻝ ﻣورﺳو ﻓﺑدا اﻟﻘس ﺑﻣواﺳﺎﺗﻪ وﺑﻌث روﺣﻪ ﺑﺗﻌﻠﻲ‬
‫اﻹﻳﻣﺎن وﺗذﻛﻳرﻩ ﺑوﺟود اﷲ و ﺑﻌد ﺳﻛون و ﺻﻣت ﺗﻬﺟم ﻣورﺳو ﻋﻠﻲ اﻟﻘس و رﻣﻲ ﺑﻪ ﺧﺎرﺟﺎ‬

‫ﻋﺎد ﻟﻳﺟﻠس وﺣﻳدا ﻣﻧﺗظ ار ﻟﺣظﺔ إﻋداﻣﻪ ﺑﻛﻝ ﻫدوء واﺳﺗﻌداﻝ و ﻫو ﻣﻘﺗﻧﻊ ﻓﻲ ﻓ اررة ﻧﻔﺳﻪ أن‬
‫اﻟﺣﻳﺎة واﺣدة ﻋﻠﻳﻪ أن ﻳﻌﻳﺷﻬﺎ ﺣﻳث ﺗﻧﺗﻬﻲ ﺑﻣﺟرد ﻣوﺗﻪ وﻻ ﻳوﺟد ﺷﻲء أﺧر ﺑﻌد اﻟﻣوت ‪.‬‬

‫وأﺛﻧﺎء اﻧﺗظﺎرﻩ ﺟﺎﻝ ﻓﻲ ﺧﺎطرﻩ ﻋدد اﻟﻧﺎس و اﻟﺟﻣﺎﻫﻳر اﻟذﻳن ﻳﻧﺗظرون ﻣوﻋد إﻋداﻣﻪ وأﻧﻬم‬
‫ﻳﻛﻧون ﻟﻪ اﻻﺣﺗﻘﺎر و اﻟﻛرﻩ‬

‫‪55‬‬
‫ﻗﺎﺋﻣﺔ‬
‫اﻟﻣﺻﺎدر و اﻟﻣراﺟﻊ‬
‫ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣﺻﺎدر واﻟﻣراﺟﻊ‬

‫‪-1‬اﻟﻘرءان اﻟﻛرﻳم‪:‬‬

‫اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﻣﺗرﺟﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬اﻟﺑﻳرﻛﺎﻣو‪ ،‬أﺳطورة ﺳﻳزﻳف‪ ،‬ت ر‪ ،‬أﻧﻳس زﻛﻲ ﺣﺳﻳن ﻣﻧﺷورات‪ ،‬دار ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺣﻳﺎة‪ ،‬ط‬
‫‪.1970‬‬
‫‪ -2‬اﻟﺑﻳرﻛﺎﻣو‪ ،‬اﻟﻐرﻳب‪ ،‬ت ر‪ ،‬د‪ ،‬ﻣﺣﻣد ﺑوﻋﻼق‪ ،‬دار ﺗﻼﻧﺗﻳﻘﻳن ﻟﻠﻧﺷر ﺑﺟﺎﻳﺔ‪.2013 ،‬‬
‫‪ -3‬اﻟﺑﻳرﻛﺎﻣو‪ ،‬اﻟﻣﻘﺻﻠﺔ‪ ،‬ت ر‪ :‬ﺟورج طراﺑﻳﺷﻲ دار ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺣﻳﺎة‪ ،‬ﺑﻳروت‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬س‪.‬‬
‫‪.1983‬‬
‫‪ -4‬اﻟﺑﻳرﻛﺎﻣو‪ ،‬اﻻﻧﺳﺎن اﻟﺗﻣرد‪ ،‬ت ر‪ :‬ﻧﻬﺎد رﺿﺎ‪ ،‬ﻣﻧﺷورات ﻋوﻳدات‪ ،‬ﺑﻳروت‪ ،‬ط ‪،3‬‬
‫‪.1983‬‬

‫‪ -2‬اﻟﻣﻌﺎﺟم‪:‬‬

‫‪ -5‬اﺑراﻫﻳم ﻣﺻطﻔﻰ وأﺣﻣد اﻟزﻳﺎب وآﺧرون‪ ،‬اﻟﻌﺟم اﻟوﺳﻳط‪ ،‬د‪.‬ب ‪.‬ط‪.‬‬


‫‪ -6‬اﺑن ﻣﻧﺻور‪ ،‬ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب دار اﻟﺻﺎدر ﻟطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر‪ ،‬ﺑﻳروت ﻟﺑﻧﺎن‪ ،‬ط‪.2005 ،4‬‬
‫‪ -7‬اﺑن ﻓﺎرس‪ ،‬ﻣﻘﺎﻳﻳس اﻟﻠﻐﺔ‪ ،‬دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ‪ ،‬ﺑﻳروت ﻟﺑﻧﺎن‪ ،‬ط‪.1999 ،1420 .‬‬
‫‪ -8‬ﺟﻣﻳﻝ ﺻﻠﻳﺑﺎ‪ ،‬اﻟﻣﻌﺟم اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ ج ‪ ،2‬دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻠﺑﻧﺎﻧﻲ ‪ ،‬ﺑﻳروت د‪.‬ط ‪.1982‬‬
‫‪ -9‬اﻛﻠﻳﻝ ﺑن أﺣﻣد اﻟﻔراﻫﻳدي‪ ،‬ﻣﻌﺟم اﻟﻌﻳن‪ ،‬دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ‪ ،‬ﺑﻳروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن ط‪،1‬‬
‫‪.1426 ،2003‬‬
‫‪ -10‬ﻣﺻطﻔﻰ ﺣﺳﻳﺑﺔ‪ ،‬اﻟﻣﻌﺟم اﻟﻔﻠﺳﻔس‪ ،‬دار أﺳﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻟﻣﺎن‪ ،‬ط‪.2009 ،1‬‬

‫‪57‬‬
‫ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣﺻﺎدر واﻟﻣراﺟﻊ‬

‫اﻟﻣراﺟﻊ‪:‬‬

‫‪ -11‬ﺟﻣﻌﺔ ﻗﺎﺟﺔ‪ ،‬اﻟﻣدارس اﻟﻣﺳرﺣﻳﺔ وطرق إﺧراﺟﻬﺎ‪ ،‬ﻧور اﻟطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر واﻟدراﺳﺎت‪،‬‬
‫ﺳورﻳﺎ‪ ،‬دﻣﺷق‪ ،‬ط‪.2006.2007 ،1‬‬
‫‪ -12‬د‪ .‬ﺣﻔﻧﺎوي ﻋﻠﻲ‪ ،‬أرﺑﻌون ﻋﺎﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﺷﺑﺔ اﻟﻣﺳرح اﻟﻬواة ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر‪ ،‬ﻣﻧﺷورات إﺗﺣﺎد‬
‫اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺟزاﺋرﻳﻳن‪ ،‬دار ﻫوﻋﺔ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،‬ط‪.2002 ،1‬‬
‫‪ -13‬ﺷﻛري ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب‪ ،‬ﺗﺎرﻳﺦ وﺗطور اﻟﻌﻣﺎرة اﻟﻣﺳرﺣﻳﺔ‪ ،‬ﻣؤﺳﺳﺔ ﻧورس اﻟدوﻟﻳﺔ اﻹﺳﻛﻧدرﻳﺔ‪،‬‬
‫د‪.‬ط ‪.2007‬‬
‫‪ -14‬ﻋﺑد اﻟﻐﻔﺎر ﻣﻛﺎوي‪ ،‬اﻟﺑﻠد اﻟﺳﻌﻳد‪ ،‬دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻌرﺑﻲ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة د‪.‬ط ‪.1968‬‬
‫‪ -15‬ﻋﺑد اﻟواﺣد ﻟؤﻟؤة‪ ،‬ﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﻣﺻطﻠﺢ اﻟﻧﻘدي‪ ،‬اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت واﻟﻧﺷر‪،‬‬
‫ﺑﻳروﺗد‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ -16‬ﻋﻠﻲ ﺷﻠش‪ ،‬اﻟﺗﻣرد ﻋﻠﻰ اﻷدب‪ ،‬دار اﻟﺷروق‪ ،‬ﺑﻳروت ط‪.1994 ،1‬‬
‫‪ -17‬ﻋز اﻟدﻳن اﺳﻣﺎﻋﻳﻝ‪ ،‬اﻷدب وﻓﻧوﻧﻪ‪ ،‬دار اﻟﻔﻛر اﻟﻌرﺑﻲ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬ط‪.2002 ،1‬‬
‫‪ -18‬ﻣﺣﻣد زﻛﻲ اﻟﻌﺷﻣﺎوي‪ ،‬دراﺳﺎت ﻣﻌﺟم اﻟﻧﻘد اﻷدﺑﻲ اﻟﻣﻌﺎﺻر‪ ،‬دار اﻟﺷروق اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬ط‬
‫‪1991 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ -19‬ﻧواﻝ زﻳن‪ ،‬اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ واﻟزﻣن اﻟﻣطﻠق ﻣﻌﺟم ﻣﺳرح ﺗوﻓﻳق اﻟﺣﻛﻳم‪ ،‬اﻟﻬﻳﺋﺔ اﻟﻣﺻرﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﻟﻠﻛﺗﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻣﺻر‪ ،‬د‪.‬ط‪.1998 .‬‬
‫‪ -20‬ﻓﺎروق اﻟﻘﺎﺿﻲ‪ ،‬آﻓﺎق اﻟﺗﻣرد‪ ،‬اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬ط‪.2004 ،1‬‬

‫اﻟﻣراﺟﻊ اﻟﻣﺗرﺟﻣﺔ‪:‬‬

‫‪ -21‬دو ﻟوﺑﻳﺔ روﺑﻳر‪ ،‬ﻛﺎﻣو واﻟﺗﻣرد‪ ،‬ت ر‪ ،‬ﺳﻬﻳﻝ ادرﻳس دار اﻷدب‪ ،‬ط ‪.1964 ،2‬‬
‫‪ -22‬ﻣﻳروﻓﻳﺗش دﻳﻔﻳد زﻳن‪ ،‬ﻛورﻛوس أﻟن‪ ،‬أﻗدم ﻷﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣو‪ ،‬ت ر‪ ،‬إﻣﺎم اﻟﻔﺗﺎح إﻣﺎم‪،‬‬
‫اﻟﺷروق اﻟﻌﻣوﻣﻲ ﻟﻠﺗرﺟﻣﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة ‪.2002‬‬

‫‪58‬‬
‫ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣﺻﺎدر واﻟﻣراﺟﻊ‬

‫اﻟرﺳﺎﺋﻝ اﻟﺟﺎﻣﻌﻳﺔ‪:‬‬

‫‪ -23‬ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﺗوزان‪ ،‬اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻻﻏﺗراب ﻋﻧد أﺑﻲ اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻌرﺑﻲ واﻟﺑرﻛﺎﻣﻲ‪ ،‬أطروﺣﺔ‬
‫اﻟدﻛﺗوراة‪.2005.2006 ،‬‬

‫اﻟﻣﺟﻼت واﻟﻣﻘﺎﻻت‪:‬‬

‫‪ -24‬آدم ﻓﻧﻲ‪ ،‬رؤﻳﺔ ﻧظرﻳﺔ ﺣوﻝ اﻟﻌﻧف اﻟﺳﻳﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻋﺟﻠﺔ اﻟﺑﺎﺣث ﻋدد ‪.2012 ،1‬‬
‫‪ -25‬ﻋﻼء اﻟدﻳن اﻟﻌﺎﻟم‪ ،‬ﺗﻳﺎر اﻟﻌﺑث ﺑن اﻟﻣﺳرح واﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻣﺟﻠﺔ دﻟﺗﺎﻧون‪ ،‬اﻟﻌدد اﻷوﻝ‪،‬‬
‫ﻳوﻟﻳو ‪.2014‬‬
‫‪ -26‬ﻧﺿﺎﻝ اﻟﻧﺟﺎر‪ ،‬ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﻌﺑث واﻧﺳﺎﻧﻳﺔ اﻟﺗﻣرد ﻣﻘﺎﻝ) ﻣﻧﺷورة‪ 14 ،‬أﻏﺳطس ‪،2003‬‬
‫‪www.diwanalarals.com‬‬ ‫‪ 12.30‬اﻟﻣوﻗﻊ‪:‬‬

‫اﻟﻛﺗب اﻟرﻗﻣﻳﺔ‪:‬‬

‫‪ -27‬ﻋﺎﻣر ﺻﺎﻟﺢ‪ ،‬اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻌﺑﺛﻳﺔ‪ ،‬اﻟﻣوﻗﻊ‪،‬‬


‫‪www.sejrt.es.ts 5 novembre /2013/ 7.08 pm‬‬

‫‪59‬‬
‫ﻓﻬرس‬
‫اﻟﻣوﺿوﻋﺎت‬
‫فھرس الموضوعات‬

‫اﻟﺻﻔﺣﺔ‬ ‫اﻟﻣوﺿوع‬

‫ﺷﻛر ﺧﺎص‬

‫إﻫداء‬

‫ﻣﻘدﻣﺔ‪02 ............................................................................‬‬

‫‪ -I‬ﻣدﺧﻝ‪:‬ﻣﻔﺎﻫﻳم أوﻟﻳﺔ‪05 ............................................................‬‬

‫‪ -1‬اﻟﻣﺑﺣث اﻷوﻝ‪ :‬ﻣﻔﻬوم اﻟﻌﺑث‪06 .............................................‬‬

‫‪ -2‬اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﻣﻔﻬوم اﻟﻼﻣﻌﻘوﻝ‪11 .........................................‬‬

‫‪ -3‬اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬ﻧﺷﺄة اﻟﻌﺑث ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻐرﺑﻳﺔ‪13 ............................‬‬

‫‪ -II‬اﻟﻔﺻﻝ اﻷوﻝ‪ :‬ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺎت أﻟﺑﻳر ﻛﺎﻣو‬

‫‪ -1‬اﻟﻣﺑﺣث اﻷوﻝ‪ :‬ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ اﻟطﺎﻋون‪18 .........................‬‬

‫‪ -2‬اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ اﻟﻣﻘﺻﻠﺔ‪24 .........................‬‬

‫‪ -3‬اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣﺗﻣرد‪26 ..................‬‬

‫‪ -4‬اﻟﻣﺑﺣث اﻟراﺑﻊ‪ :‬ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ أﺳطورة ﺳﻳزﻳف‪32 ...................‬‬

‫‪ -III‬اﻟﻔﺻﻝ اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ :‬ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب"‬

‫‪ -1‬اﻟﻣﺑﺣث اﻷوﻝ‪ :‬ﻣظﺎﻫر اﻟﻌﺑث ﻓﻲ رواﻳﺔ "اﻟﻐرﻳب"‪37 ........................‬‬

‫‪ -2‬اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬ﺷﺧﺻﻳﺔ ﻣورﺳو‪39 .........................................‬‬

‫‪ -3‬اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬اﻟﻌﺑث ﻣن ﺧﻼﻝ اﻟﻣﻛﺎن ‪42 ................................‬‬

‫‪61‬‬
‫فھرس الموضوعات‬

‫ﺧﺎﺗﻣﺔ‪49 ...........................................................................‬‬
‫ﻣﻠﺣق‬
‫‪ -1‬ﺣﻳﺎﺗﻪ‪51 .......................................................................‬‬
‫‪ -2‬ﻣﻠﺧص اﻟرواﻳﺔ ‪53 ............................................................‬‬

‫ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣﺻﺎدر و اﻟﻣراﺟﻊ‪57 .......................................................‬‬


‫ﻓﻬرس اﻟﻣوﺿوﻋﺎت‪61 .............................................................‬‬

‫‪62‬‬

You might also like