You are on page 1of 2

‫ويبدو وألول وهلة فارق أساسى بين التربية باألحداث في مكة ‪ ،‬والتربية باألحداث‬

‫في المدينة‪ .‬في العهد المكي كان التوجيه إلى الصبر على األذى ‪ ،‬واحتمال المكروه ‪ ،‬ومغالبة النفس على هذا االحتمال ‪ ،‬وفى العهد المدنى ‪ ،‬كان التوجيه إلى رد‬
‫العدوان ومجابهة المعتدين بالقوة ‪ ،‬ورفض الخضوع والمذلة وإباء الضيم (‪ .)۱‬لكن هذا الفارق (الظاهرى) سرعان ما ينمحى داخل الهدف‪ ،‬وهو التخلص من الوشائج‬
‫الذاتية ليكون كل شئ في سبيل هللا‬
‫وتعد ( القدوة الحسنة ) هي بحق مدرسة الحياة العملية التي ترسخ في النفوس وتعلق باألفهام‪ ،‬ومن طبيعة البشر أنهم طبعوا على االقتداء ودرجت نفوسهم على‬
‫التأثر بما يرونه منفذاً أكثر مما يسمعونه منطوقا ً أو مقروءاً ‪ .‬وقد أولى اإلسالم عنايته بهذا الجانب السلوكي ‪ ،‬فبين أثر القدوة وأهميتها فى التربية والتعليم (‪، )۲‬‬
‫فها هو القرآن يوجه الرسول نفسه إلى ضرورة االقتداء بمن سبقه من األنبياء والرسل في تحملهم لألذى وصبرهم على أقوالهم « أولئك الذين هداهم هللا ‪ ،‬فبهداهم‬
‫اقتده (‪ )۳‬وقال ‪ « :‬فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل (‪. )4‬‬
‫ولم يكن األمر باالقتداء مقصوراً على الرسول وحده ‪ ،‬فالمسلمون جميعا ً بمقتضى النص القرآني مطالبون باالقتداء بكل ما هو حسن طيب ‪ ،‬ومن ثم كان التوجيه‬
‫بضرورة االقتداء بالرسول « لقد كان لكم في رسول هللا أسوة حسنة لمن كان يرجو هللا واليوم اآلخر وذكر هللا كثيراً (ه) ‪.‬‬
‫وتدريب حواس الطفل يكسبه معرفة وعلما ً ‪ ،‬فعندما يبدأ فى النمو ويبتدئ بتشغيل يديه في عمل من األعمال‪ ،‬فإن ذلك يثير في عقله اليقظة فيشاهد أمامه كيف يدرب‬
‫حواسه ويعيد هو بنفسه ذلك العمل ‪ ،‬وهكذا يتقن العمل ويتطلع إلى إجادته خطوة خطوة ‪ ،‬فقد‬
‫)‪•(1‬‬
‫محمد قطب ‪ :‬منهج التربية اإلسالمية ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار القلم ‪ ،‬ط ‪ ، ۲‬د‪.‬ت ص ‪ )۲( . ٢٥٦‬حسن عبد الحميد حسن ‪ :‬منهج الدعوة فى العهد المدنى ‪ :‬القاهرة‪ ،‬دار‬
‫الثقافة للطباعة والنشر ‪،‬‬
‫‪ ، ١٩٨٤‬ص ‪. ٥٢‬‬
‫(‪ )۳‬األنعام ‪ )٤( . ٨٩ /‬األحقاف ‪. ٣٥ /‬‬
‫(‪ )٥‬األحزاب ‪. ۲۱ /‬‬
‫‪٤٥‬‬
‫الممسوحة ضوئيا بـ ‪Cs CamScanner‬‬

You might also like