Professional Documents
Culture Documents
أصل نسب اإلمام مالك اإلمام مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر األصبحي اليمني ،ولد ألم وأب عربيين يمنيين ،وقد ولد اإلمام
.مالك في المدينة المنوَّ رة ،ويعود أصله إلى قبيل ٍة يميَّنةٍ؛ ُتد َعي بذي أصبح ،وتسمَّى أمُّه بالعالية بنت شريك األزديَّة
كان أكثر األئمة الذين ظهروا 9في عصر اإلمام مالك تالمذة له ،وقد كان تالميذه من شتى بقاع األرض ال
يعدون وال يحصون والذي ساعده على ذلك أنه كان مقيما ً بالمدينة المنورة وكان الحجاج يذهبون لزيارة
مسجد الرسول صلى هللا عليه وسلم فيجلسون نحوه يتعلمون منه العلم ،فمنهم من كان يطول به المقام
عنده ومنهم 9من كان يقصر به المقام .والذي جعل أيضا ً تالميذ اإلمام مالك كثيري 9أن مالكا ً كان معمراً
:فلقد عاش تسعين عاماً .وأحصى الذهبي ما يزيد عن ألف وأربعمائة تلميذا ،منهم
.محمد بن إدريس الشافعي ،صاحب المذهب الشافعي
عبد الرحمن بن القاسم
عبد هللا بن وهب
أشهب بن عبد العزيز القيسي
أسد بن الفرات
عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون
.ابن ابي اياس أبو الحسن الخرساني
ابن الوليد أبو يحمد الحميري
.ابن خداش أبو الهيثم المهلبي
.أبو عبد هللا اللخمي
.سعيد ابن شعبة أبو عثمان الخرساني
.سليمان بن جارود أبو داوود الطياليسي9
.ابن ذكوان أبو عبد هللا الترميذي9
.بن حماد أبو يحي النرسي9
.بن جبلة عبدان المروزي9
.عبد هللا بن نافع الزبيري9
.بن عمرو القيسي أبو عامر العقدي
.وكيع بن جراح أبو سفيان الرؤاسي9
يتناول البحث بالدراسة والتحليل المذهب المالكي معرفا 9به وبالمراحل 9التي مر بها ,مبتدئا بمرحلة نشوئه
على يد مؤسسه إمام دار الهجرة مالك بن أنس(ت179ه) بالمدينة المنورة ,وما اختص به رضي هللا عنه
من األحكام الشرعية الفرعية االجتهادية ,التي بذل وسعه في تحصيلها وفق 9أصول ومبادئ اتبعها في
االجتهاد واالستنباط 9,والتي تعود جذورها األولى إلى علماء المدينة صحابة وتابعين .ثم مرحلة ازدهاره
وتدوينه وانتشاره في الحواضر اإلسالمية :العراق ,ومصر ,وإفريقية ,واألندلس ,بواسطة تالميذ اإلمام
مالك الذين اجتهدوا في بناء الفروع على أصوله التي بنى عليها فقهه ,وفي تخريج الفروع على الفروع
المستنبطة أحكامها من األدلة الشرعية التي ذهب إليها ,ثم النقد والموازنة بين األقوال المتعارضة
.والترجيح بينها .ومختتما 9بمرحلة المختصرات والشروح والحواشي9
مر المذهب المالكي منذ بداية تأسيسه ،إلى أن نضج واكتمل بمراحل علمية مختلفة ،وأطوار متعددة ،ولكل مرحلة من هذه
المراحل خصائصها ،وميزاتها؛ التي تميِّزها عن غيرها .ويمكن تلخيص تلك األطوار في ثالث مراحل رئيسية؛ هي :مرحلة
[]2
ال ُّن شوء والتكوين ،ومرحلة التطور والتوسع ،ومرحلة االستقرار.
أوالً :مرحلة النشوء والتكوين ( 110هـ 300 -هـ
وهي مرحلة التأصيل والتأسيس ،وتبدأ من جلوس إمام المذهب اإلمام مالك للفتوى ،وتسليم الناس له باإلمامة سنة ( 110هـ)،
وتنتهي بنهاية القرن الثالث الهجري ،وقد ُت وِّ جت هذه المرحلة بنبوغ طائفة من تالميذ اإلمام مالك ،وتالميذ تالميذه؛ منهم:
عالم العراق القاضي إسماعيل بن إسحاق( ت 282 هـ) ،مؤلف كتاب (المبسوط) ،آخر الدواوين ظهوراً في هذه المرحلة .وقد
تميّزت هذه المرحلة بجمع الروايات عن اإلمام مالك ،وترتيبها ،وتدوينها في مصنفات 9معتمدة ،تضم إلى جانبها بعض ما
ص ِّنفت في هذه المرحلة :األمهات األربع ،وهي :المدوَّ نة،
لتالميذ اإلمام من اجتهادات وتخريجات .ومن أهم الكتب التي ُ
.والواضحة ،وال ُع ْت ِبيَّة ،والموازيَّة
ثانياً :مرحلة التطور ( 301هـ 600 -هـ)
وكانت هذه المرحلة على يد نوابغ علماء 9المالكية؛ الذين فرَّ عوا ،وطبَّقوا ،ومن ثم رجَّ حوا ،وشهَّروا؛ فالتطور هنا يراد به معناه
الشامل؛ الذي يندرج تحته :التفريع ،والتطبيق ،والترجيح .وتبدأ هذه المرحلة مع بداية القرن الرابع الهجري تقريباً ،وتنتهي
بنهاية القرن السادس وبداية القرن السابع ،أو بوفاة ابن شاس( ت 610 هـ أو 616 هـ)؛ رابع أربعة اعتمدهم خليل بن إسحاق
الجندي( ت 767 هـ)؛ مص ِّن ف أشهر مختصر في الفقه المالكي .وهذه المرحلة تميزت بظهور نزعة الضبط والتحرير،
والتمحيص والتنقيح ،والتلخيص والتهذيب ،مع التفريع ،وكذا الترجيح لما ورد في كتب المرحلة السابقة من الروايات واألقوال؛
فهي بمثابة 9الغربلة والتمحيص لما كان في مرحلة الجمع والترتيب .ومن أشهر المصنفات المختصرة في هذه المرحلة:
المدو نة ألبي سعيد خلف بن أبي القاسم محمد األزدي القيرواني
َّ التفريع البن الجاَّل ب( ت 378 هـ) ،وتهذيب
.الشهير بالبراذعي( ت 438 هـ)
ثالثاً :مرحلة االستقرار ( 601هـ إلى العصر الحاضر)
وتبدأ هذه المرحلة ببداية القرن السابع الهجري تقريباً ،أو بظهور مختصر ابن الحاجب الفرعي؛ المعروف بـ(جامع األمهات)،
وتستمر إلى العصر الحاضر .وهذه المرحلة مرحلة الشروح ،والمختصرات ،والحواشي ،والتعليقات ،وهي سمة تظهر غالبا ً
حين يصل علماء المذهب إلى قناعة فكرية بأن اجتهادات علماء 9المذهب السابقين لم تترك مجاالً لمزيد من االجتهاد؛ إال أن
يكون اختياراً ،أو اختصاراً ،أو شرحا ً .وقد شهدت هذه المرحلة امتزاج آراء مدارس المذهب المالكي ،وانصهارها في بوتقة
واحدة؛ أنتجت كتبا ً فقهية ِّ
تمث ل المذهب بغض النظر عن االنتماء المدرسي؛ فاندمجت اآلراء العلمية في بعضها 9،وتالشت
االختالفات الجذريّة؛ إال ما كان من قبيل االجتهادات الفرديَّة؛ التي تظهر حتى بين علماء 9المدرسة الواحدة
أصول االستنباط العامة في المذهب
القرآن الكريمً
مراعيا ً ترتيبه -وكذلك السنة النبوية -من حيث الوضوح؛ بتقديم نصوصه ،ثم ظواهره ،ثم مفهوماته ]6[9.وظاهر مذهب اإلمام
[]7 مالك :األخذ بالقراءة 9الشاذة في األحكام الشرعية؛ وذلك الستدالله بها في ( ّ
موطئه) على بعض المسائل الفقهية.
السنة النبوية
المرسل ،واالحتجاج به؛ فقد أرسل أحاديث
َ متواترها ،ومشهورها ،وآحادها ]6[.والمشهور من ذهب اإلمام مالك :قبول الحديث
[]8 كثيرة في ( ّ
موطئه) ،واحتج بها ،ولكن ذلك مشروط عنده بكون المرسِ ل ثقة ،عارفا ً بما يرسِ ل؛ فال يرسل إال عن ثقة.
اإلجماع
مذهب اإلمام مالك أن إجماع المجتهدين من األمة اإلسالمية في عصر من األعصار 9على حكم شرعي حُجَّ ة؛
فإجماع الصحابة في عصرهم حُجَّ ة على من بعدهم ،وإجماع التابعين في عصرهم حجة على من بعدهم ،وهكذا ]9[.ويصح أن
يكون مست َند اإلجماع عنده دليالً من الكتاب والسُّنة ،أو قياسا .
ً []10
القياس
كان من مذهب اإلمام مالك العمل بالقياس على ما ورد فيه نص من الكتاب والسنة ،وإلحاق الفروع باألصول في الحكم ،وهذا
مما يدخل في قوله -فيما سبق نقله عنه" :9-والحكم الذي يجتهد فيه العالم برأيه" .وقد توسع مالك وأصحابه في باب القياس؛
حيث لم يحصروه في القياس على األحكام المنصوص عليها؛ بل ع َّدوه إلى القياس على ما ثبت منها بالقياس؛ فيقيسون الفروع
على الفروع والمسائل المستنبطة بالقياس ]11[.وقد نقل بعضهم عن اإلمام مالك :تقديم القياس على خبر الواحد إذا تعارضا ،ولم
يمكن العمل بهما 9جميعاً ]12[.وال يصح ذلك عنه على التحقيق ،وال يليق بما ع ُِرف به من تعظيم الس ّنة واألثر؛ بل الصحيح من
مذهبه :تقديم الخبر على القياس ]13[.وهذه األصول األربع ال خالف في األخذ بها عند أئمة المذاهب األربعة من حيث الجملة؛
كما قال القاضي أبو بكر بن العربي" :فأصول األحكام خمسة :منها أربعة متفق عليها من األمّة :الكتاب ،والسنة ،واإلجماع،
[]14
والنظر واالجتهاد."...
عمل أهل المدينة
وهذا األصل اختص اإلمام مالك باعتماده دون غيره من أئمة المذاهب ،وقد احتج مالك به في مسائل يكثر تعدادها ]15[.والمراد
به على المختار :اتفاق أهل العلم بالمدينة أو أكثرهم زمن الصحابة أو التابعين 9على أمر من األمور ]16[.والمشهور :أن اإلمام
مالك يحتج بعمل أهل المدينة فيما كان طريقه التوقيف كنقلهم مقدار الصاع ،والمُد ،واألذان ،ال فيما طريقه الرأي واالجتهاد،
[]17
وإليه أشار ال َّناظم بقوله:
وأو ِج َبنْ ُح ِّج َّي ًة لل َمدَ ني
ْ فيما على التوقيف أمره ُبنِي
وهذا النوع من العمل -إذا كان ظاهراً متصالً -أقوى عند اإلمام مالك من خبر الواحد؛ ولهذا يق ِّدمه عليه عند التعارض؛ ألنه
[]18
يجري عنده مجرى ما ُنقل َن ْقل المتواتر من األخبار.
قول الصحابي
والمراد به :قوله الذي قاله عن اجتهاد ،وال يُعلَم له مخالِف من الصحابة ،ولم يشتهر ،أو لم يعلم هل اشتهر أم ال؟ وأما ما
اش ُتهر ،ولم يُعلم له فيه مخالف؛ فهو إجماع وحُجة ،أو حُجة وليس بإجماع؛ كما هو معروف من الخالف في اإلجماع السكوتي.
[