You are on page 1of 157

‫التَّعلِيق اجلَلِي‬

‫علَى‬
‫حلميدي‬
‫أصُول السُّنَّة لإلِمَام ا ُ‬

‫(شرح فَضِيلة الشَّيخ)‬

‫عبد القادر بن حممَّد بن عبد الرَّمحن اجلنيد‬


‫حفظه اهلل تعاىل‬
‫التعليق الجلِي على أصول السُّنَّة لإلمام الحميدي‬

‫احلمدُ ُهلل ُالكريم ُالرُمحن‪ُ ،‬والصُالة ُوالسُالم ُعىل ُنبينا ُحممُد ُاملبعوثُ‬

‫ُ‬ ‫رمحةُلإلنسُواجلان‪ُ،‬وعىلُآلهُوأصحابهُوالتابعنيُومُنُتبعهمُُبإحسان‪.‬‬

‫ُ‬ ‫أمُاُبعد‪:‬‬

‫فهذا ُرشح ُعىل ُرسالة ُخمترصة ُماتعة ُيف ُعقيدة ُالسلف ُالصالح ُأهلُ‬

‫موسومة‪"ُ:‬بأصولُالس ُنة"ُلإلمامُأيبُعبدُاهللُاحلُميدي‪-‬‬
‫ُّ ُ‬ ‫السنةُواحلديث ُ‬
‫ُّ‬
‫ُ‬ ‫رمحهُاهلل‪.-‬‬

‫وكنت ُقد ُرشحت ُهذه ُالرسالة ُبعد ُالعرشين ُِمن ُشهر ُرجب ُسنةُ‬
‫(‪1435‬ـه)‪ُ،‬ثمُ ُعاودتُرشحهاُيفُاألولُ ِمنُشهرُاهللُاملحر ِ‬
‫مُمنُهذاُ‬

‫ُ‬ ‫العامُ(‪1440‬ـه)‪.‬‬

‫وبعدُكتابةُالرشحُ ِمنُالتسجيلُراجعتهُقدْ رُاستطاعتيُووقتي‪ُ،‬وزدتُ‬

‫ُأن ُينفعني ُبِه‪ُ ،‬وينفع ُالقارئ ُله‪ُ،‬‬


‫فيه‪ُ ،‬ووثُقت ُنقوله‪ُ ،‬فأسأل ُاهلل ُتعاىل ْ‬
‫ِ‬
‫صلُمنهُ‬‫ُوواضحا‪ُ،‬يُ ُِفيُبالغرض‪ُ،‬وَي‬ ‫وأنُيكونُ ا‬
‫سهال‬ ‫ونارشهُبنيُالناس‪ْ ُ،‬‬
‫ا‬

‫ُ‬ ‫ُريبُسميعُجميب‪.‬‬ ‫ِّ‬


‫املعرفةُاجليدة‪ُ،‬إن ِّ ُ‬‫املقصود‪ُ،‬وتتِمُُبِهُُ‬

‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫‪1‬‬
‫وقبلُالبدءُبالرشحُوالتعليقُعىلُماُجاءُيفُطياتُهذهُالرسالةُالنافعةُ‬

‫ُوالسنُة‪ُ ،‬واألصول ُواملسائل‪ُ ،‬أقدِّ مُ‬


‫ُّ‬ ‫ِمن ُالعلم ُوالُدى‪ُ ،‬والتوحيد‬

‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫بمقدماتُأربع‪:‬‬

‫ُ‬ ‫املقدمةُاألوىلُ‪ُ/‬عنُمصنِّفُهذهُالرسالة‪.‬‬

‫مصنف ُهذه ُالرسالة ُالط ِّيبة‪ُ ،‬وكاتب ُهذه ُاألصول ُاجلليلة‪ُ ،‬أصولُ‬

‫ُالزبري ُالقريشُ‬
‫السنة‪ُ ،‬هو‪ُ :‬اإلمام ُاحلافظ ُالثقة ُأبو ُبكر ُعبد ُاهلل ُبن ُّ‬
‫ُّ‬
‫ُ‬ ‫احلُميدي‪ُ،‬شيخُاحلرم‪ُ،‬ومفتيُمكة‪-‬رمحهُاهللُتعاىل‪.-‬‬

‫أئمةُأهلُالسنةُواحلديث‪-‬رمحهمُ‬
‫ُّ ُ‬ ‫وقدُوصفهُباإلمامةُمجعُ ُعديدُ ِمن ُ‬

‫ُ‬ ‫اهلل‪ُ،-‬منهم‪:‬‬

‫أمحد ُبن ُحنبل‪ُ ،‬وإسحاق ُبن ُراهويه‪ُ ،‬وحممد ُبن ُإسامعيل ُالبخاري‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫وأبوُحاتمُالرازي‪.‬‬

‫ُ‬ ‫فقالُاإلمامُأمحدُبنُحنبل‪-‬رمحهُاهلل‪ُ:-‬‬

‫ُ‬ ‫احلميديُعندناُإمام‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫وقالُاإلمامُإسحاقُبنُراهويه‪-‬رمحهُاهلل‪:-‬‬

‫ُ‬ ‫األئمةُيفُزماننا‪ُ:‬الشافعي‪ُ،‬واحلُميدي‪ُ،‬وأبوُعبيد‪.‬ـها‬
‫‪2‬‬
‫ُ‬ ‫وقالُاإلمامُأبوُحاتمُالرازي‪-‬رمحهُاهلل‪ُ:-‬‬

‫أثبتُالناسُيفُابنُعيينة‪ُ:‬احلُميدي‪ُ،‬وهوُرئيسُأصحابُابنُعيينة‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫وهوُثقةُإمام‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫وقالُاإلمامُالبخاري‪-‬رمحهُاهلل‪:-‬‬

‫ُ‬ ‫احلُميديُإمامُيفُاحلديث‪.‬ـها‬

‫وهو ُ ِمن ُشيوخ ُاإلمام ُالبخاري‪-‬رمحه ُاهلل‪ُ ،-‬وأول ٍ‬


‫ُراو ُافتتح ُبهُ‬

‫البخاريُ"صحيحه"‪ُ،‬وذلكُعندُأولُحديثُذكرهُوأسندهُإىلُالنبيُصىلُ‬

‫ُ‬ ‫الِّن ِ‬
‫اتُ»‪.‬‬ ‫اهللُعليهُوسلمُ‪ُ،‬وهوُحديث‪ُ«ُ:‬إِنامُاأل ْعاملُبِ ِّ‬

‫ُ‬ ‫وهوُأيضاُمنُحفاظُاحلديث‪ُ،‬حيثُقالُاإلمامُالشافعي‪-‬رمحهُاهلل‪:-‬‬
‫ا‬

‫ماُرأيتُصاحبُب ْلغمُأحفظُ ِمنُاحلُميدي‪ُ،‬كانَُيفظُلسفيانُبنُعيينةُ‬

‫ُ‬ ‫عرشةُآالفُحديث‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫وقالُعنهُاحلافظُشمسُالدينُالذهبي‪-‬رمحهُاهلل‪:-‬‬

‫إمامُأهلُمكةُيفُالفقهُواحلديث‪ُ،‬ت ِّ‬
‫ويفُعىلُرأسُالعرشينُومئتني‪ُ،‬أخذُ‬

‫عن ُسفيان ُبن ُعيينة‪ُ ،‬والشافعي ُوغريمها‪ُ ،‬وصدر ُالبخاري ُ"صحيحه"ُ‬

‫ُ‬ ‫بروايتهُعنه‪.‬ـها‬
‫‪3‬‬
‫وقال ُاإلمام ُابن ُقيم ُاجلوزية‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُكتابه ُ"اجتامع ُاجليوشُ‬

‫ُ‬ ‫اإلسالميةُعىلُحربُاملع ِّطلةُواجلهمية"ُ(ص‪:)333-332:‬‬


‫ْ‬

‫أحدُشيوخُالنُّبل‪ُ،‬وأولُرجلُافتتحُبِهُالبخاريُ"صحيحه"‪.‬ـها‬

‫الناسُعىلُالضاللُالذينُير ُّدونُحديثُرسولُ‬
‫ُّ ُ‬ ‫وكانُأيضاُ ِمن ُأشدُِّ ُ‬
‫ا‬

‫اهلل ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُوال ُيقبلونه‪ُ ،‬فقد ُنقل ُعنه ُحممد ُبن ُاملهلبُ‬

‫ُ‬ ‫البخاري‪-‬رمحهُاهلل‪-‬أنهُقال‪ُ:‬‬

‫واهللُألنُأغزو ُهؤالءُالذينُير ُّد ْونُحديثُرسولُاهللُصىلُاهللُعليهُ‬

‫ُ‬ ‫ُعدَتمُ ِمنُاألتراك‪.‬ـها‬


‫أنُأغزو ِ‬
‫وسلمُأحبُإيلُ ِمنُ ُْ‬
‫ُّ‬

‫بل ُوكان‪-‬رمحه ُاهلل‪ِ -‬من ُأنصح ُالناس ُلإلسالم ُواملسلمني‪ُ ،‬إذ ُقالُ‬

‫ُ‬ ‫احلافظُيعقوبُالفسوي‪-‬رمحهُاهلل‪:-‬‬

‫ُ‬ ‫ُِ‬
‫ُلإلسالمُوأهلهُمنه‪.‬ـها‬ ‫ِ‬
‫ميدي‪ُ،‬وماُلقيتُأنصح‬‫حدثناُاحلُ‬

‫وذكرهُاإلمامُأبوُالقاسمُالاللكائي‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُكتابهُ"رشحُأصولُ‬

‫ٍُ‬
‫أوردهمُحتتُتبويبُ‬ ‫السنة ُواجلامعة"ُ(‪ُ)40ُ/1‬يفُمجلةُمن ُ‬
‫اعتقادُأهلُ ُّ‬
‫ُ‬ ‫قالُفيه‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫باإلمامةُيفُالسنةُوالدعوةُوالدايةُإىلُطريقُ‬
‫ُّ‬ ‫ياقُذكرُمنُر ِسمُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بابُس‬ ‫"ُ‬

‫ُ‬ ‫االستقامةُبعدُرسولُاّلُُصىلُاهللُعليهُوسلمُإمامُاألئمة"‪.‬‬

‫مج ٍُعُ ِمنُالصحابة‪ُ،‬ثمُُثنىُبأسامءُعددُ ِمنُالتابعنيُ ِمنُ‬


‫حيثُبدأُبتسميةُ ُْ‬

‫ُ‬ ‫بلدانُخمتلفة‪ُ،‬ثمُُذكرُآخ ُِرينُمُنُبعدهم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫املقدمةُالثانيةُ‪ُ/‬عنُثبوتُهذهُالرسالةُإىلُاإلمامُاحلُميدي‪-‬رمحهُاهلل‪.-‬‬

‫السنة" ُلإلمام ُأيب ُبكر ُاحلُميدي‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬صحيحةُ‬


‫رسالة ُ"أصول ُ ُّ‬
‫ثابتةُعنه‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وقدُدلُعىلُثبوَتاُعنهُهذهُاألمورُالثالثة‪:‬‬

‫ُ‬ ‫األمرُاألول‪ُ:‬‬

‫ُ‬ ‫أَّناُقدُذكرتُيفُختامُبعضُنسخُكتابهُ"املسند"ُ(‪.)548-546ُ/2‬‬

‫ُ‬ ‫ومسندهُثابتُعنهُمشهور‪.‬‬

‫متكنُمنُالنظرُيفُالنُّسخُاخلطية ُللكتاب ُألتأكدُ ِمن ُوجودهاُفيه‪ُ،‬‬


‫ِ‬ ‫وملُأ‬

‫ُ‬ ‫يدتُم ِ‬
‫نُقبلُمنُحقُقُ"املسند"‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اُقدُز‬ ‫أوُأَّنُ‬

‫ُ‬ ‫األمرُالثاين‪ُ:‬‬

‫‪5‬‬
‫ُ‬ ‫علامءُأهلُالسنةُواحلديث‪-‬رمحهمُاهلل‪-‬عىلُثبوَتاُعنه‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫تنصيصُ‬

‫ُ‬ ‫فقدُقالُاإلمامُابنُتيمية‪-‬رمحهُاهلل‪-‬كامُيفُ"جمموعُالفتاوى"ُ(‪:)6ُ/4‬‬

‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫ميديُأيبُبكرُعبدُاهللُبنُالزبريُأنهُقال‪ُ:‬‬ ‫وثبتُعنُاحلُ‬

‫لُالسنة‪-‬فذكرُأشياء‪-‬ثُمُُقال‪ُ:‬‬
‫"أصو ُّ‬

‫تُا ْليهودُيدُاهللُِم ْغلولةُغل ْتُ‬


‫"وماُنطقُبهُالقرآنُواحلديثُمثل‪{ُ:‬وقال ِ‬

‫ُ‬ ‫أيْ ِدهيِ ُْم}‪.‬‬

‫ُِ‬
‫‪ُ،‬وماُأشبهُهذاُمنُالقرآنُواحلديث‪ُ،‬‬‫ومثل‪{ُ:‬السامواتُم ْط ِوياتُبِي ِمين ِ ُِه}‬

‫ُ‬ ‫ماُوقفُعليهُالقرآنُوالسنة‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫زيدُفيه‪ُ،‬والُنفّسه‪ُ،‬ونقفُعىلُ‬
‫ِّ ُ‬ ‫الُنُ‬

‫ُاستوى}‪ُ،‬ومُنُزعمُغريُهذاُفهوُمبطلُ‬
‫ش ْ‬ ‫ونقول‪{ُ:‬الرُ ْمحن ُعىل ُا ْلع ْر ِ‬

‫ُ‬ ‫جهمي"‪.‬ـها‬

‫وأس ُند ُاحلافظ ُشمس ُالدين ُالذهبي‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُكتاب ُ"العرش"ُ‬


‫ُْ‬

‫ُ‬ ‫(‪ُ301-299ُ/2‬رقم‪ُ،)206:‬فقال‪:‬‬

‫أخربناُإسامعيلُبنُالفرُاء‪ُ،‬حدثناُحممدُبنُأمحدُبنُحممدُبنُقُدامةُسُنةُ‬

‫سُبعةُعرشُوستمئة‪ُ،‬أنبأناُسعدُاهللُبنُنرصُالدُجُ ُِ‬
‫اجي‪ُ،‬أنبأناُأبوُمنصورُ‬

‫‪6‬‬
‫اخلياط‪ُ،‬حدثناُأبوُطاهرُعبدُالغفارُابنُحممد‪ُ،‬أنبأناُأبوُعيلُبنُالصواف‪ُ،‬‬

‫أنبأناُبِرشُبنُموسى‪ُ،‬أنبأناُاحلُميدي‪ُ،‬قال‪ُ:‬‬
‫ُ‬

‫ُ‬ ‫"أصولُالسنة‪-‬فذكرُأشياء‪-‬ثُمُُقال‪ُ:‬‬
‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫"وماُنطقُبهُالقرآنُواحلديثُمثل‪ُ{ُ:‬وقال ِ‬
‫تُا ْليهودُيدُاهللُم ْغلولةُغل ْ‬
‫تُ‬

‫ُ‬ ‫أيْ ِدهيِ ْمُ}‪.‬‬

‫ومثلُ{ُالسامواتُم ْط ِوياتُبِي ِمينِ ِهُ}‪ُ،‬وماُأشبهُهذاُمنُالقرآنُواحلديثُ‬

‫ُ‬ ‫دُماُوقفُعليهُالقرآنُوالسنة‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫الُنزيدُفيه‪ُ،‬والُنفّسه‪ُ،‬ونقفُعن‬

‫ُاستوىُ}‪ُ،‬ومنُزعمُغريُهذاُفهوُمبطلُ‬
‫ش ْ‬ ‫ونقول‪ُ{ُ:‬الر ْمحن ُعىل ُا ْلع ْر ِ‬

‫ُ‬ ‫جهمي"‪.‬‬

‫هذاُحديثُثابتُعنُاحلُميديُأيبُبكرُعبدُاهللُبنُالزبري‪ُ،‬إمامُأهلُ‬

‫ُ‬ ‫مكةُيفُالفقهُواحلديث‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫األمرُالثالث‪ُ:‬‬

‫نقول ُأهل ُالعلم‪-‬رمحهم ُاهلل‪-‬ليشء ُِمن ُنصوص ُهذه ُالعقيدة ُيفُ‬

‫ُ‬ ‫مصنفاَتم‪ُ،‬ونسبتهاُإىلُاإلمامُاحلُميدي‪-‬رمحهُاهلل‪.-‬‬

‫ُ‬ ‫و ُممنُنُقلُعنه‪:‬‬
‫‪7‬‬
‫اُ‬
‫أوال‪ُ -‬اإلمامُموفُقُالدينُابنُقدامةُاملقديس‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُكتابهُ"ذمُ‬

‫ُ‬ ‫التأويل"ُ(ص‪ُ،ُ24:‬رقم‪.)39:‬‬

‫ُحيثُأسندهاُللحميدي‪ُ،‬وساقُأولا‪ُ،‬ثمُأشارُإىلُباقيها‪ُ،‬وختمُبِذكرُ‬

‫ُ‬ ‫ُِ‬
‫يشءُمنها‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ثانياا‪ُ-‬اإلمامُابنُتيمية‪-‬رمحهُاهللُ‪-‬كامُيفُ"جمموعُالفتاوى"ُ(‪.)6ُ/4‬‬

‫حيث ُنص ُعىل ُثبوَتا ُعن ُاحلُميدي‪ُ ،‬ثم ُأشار ُإىل ُباقيها‪ُ ،‬ثمُ ُأوردُ‬

‫ُ‬ ‫بعضها‪.‬‬

‫ثال اثا‪ُ -‬اإلمام ُابن ُقيم ُاجلوزية‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُكتابه ُ"اجتامع ُاجليوشُ‬

‫ُ‬ ‫اإلسالميةُعىلُحربُاملع ِّطلةُواجلهمية"ُ(ص‪.)333-332:‬‬


‫ْ‬

‫ُ‬ ‫حيثُنُقلُبعضُماُجاءُفيها‪ُ،‬ونسبهُللحُميدي‪-‬رمحهُاهلل‪.-‬‬

‫راب اعا‪ُ -‬احلافظ ُشمس ُالدين ُالذهبي‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُعدد ُ ِمن ُكتبه‪ُ،‬‬

‫ككتابُ"العرش"ُ(‪ُ 301-299ُ/2‬رقم‪ُ،)206:‬و ُ"العُلوُللعيلُالغفُارُ‬

‫يف ُإيضاح ُصحيح ُاألخبار ُوسقيمها" ُ(ص‪ُ ،)168-167:‬و"تذكرةُ‬

‫ُرب ُالعاملني" ُ(ص‪-84:‬‬


‫احلفُاظ" ُ(‪ُ ،)4-3/2‬و ُ"األربعني ُيف ُصفات ِّ ُ‬

‫ُ‬ ‫‪ُ85‬رقم‪.)87:‬‬

‫‪8‬‬
‫حيث ُأسندها ُإىل ُاحلُميدي‪ُ ،‬ونص ُعىل ُثبوَتا ُعنه‪ُ ،‬وساق ُأولا‪ُ ،‬ثمُُ‬

‫ُ‬ ‫أشارُإىلُباقيها‪ُ،‬وختمُبِذكرُبعضها‪.‬‬

‫ُ‬ ‫املقدمةُالثالثةُ‪ُ/‬عنُاسمُهذهُالرسالة‪.‬‬

‫السنة"‪.‬‬
‫طُبعتُهذهُالرسالةُباسم‪"ُ:‬أصولُ ُّ‬

‫وقدُتقدمُأن ُهذهُالرسالةُوردتُكاملةُيفَُّنايةُبعضُنسخُ"مسند"ُ‬

‫ُ‬ ‫اإلمامُاحلُميدي‪-‬رمحهُاهلل‪.-‬‬

‫"أصولُالسنة"ُ‪ُ،‬ويفُبعضها‪ُ:‬‬
‫ُّ‬ ‫وب ِّوبُعليهاُيفُبعضُنسخُ"مسنده"ُب ـُ‪ُ:‬‬

‫ُ‬ ‫"كتابُأصولُالسنة"‪.‬‬
‫ُّ‬

‫وقد ُأسندها ُاإلمامان‪ُ :‬موفُق ُالدين ُابن ُقُدامة ُاحلنبيل ُيف ُكتابه ُ"ذمُ‬

‫التأويل" ُ(ص‪ُ 24:‬رقم‪ُ ،)39:‬وشمس ُالدين ُالذهبي ُالشافعي‪-‬رمحهُ‬

‫ُ‬ ‫اهلل‪-‬يفُكتابُ"العرش"ُ(‪ُ301-299ُ/2‬رقم‪ُ،)206:‬وغريهُ ِمنُكتبه‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ْ‬
‫إىلُأنُقاال‪:‬‬

‫ُ‬ ‫"أنبأناُاحلميدي‪ُ،‬قال‪ُ:‬‬

‫"أصولُالسنة‪-‬فذكرُأشياء‪-‬ثمُقال‪."...ُ:‬ـها‬
‫ُّ‬

‫‪9‬‬
‫وكذلكُقالُاإلمامُابنُتيمية‪-‬رمحهُاهلل‪-‬كامُيف ُ"جمموعُالفتاوى"ُ(‪ُ/4‬‬

‫ُ‬ ‫‪.)6‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ذتُمنُأولُكلمةُجاءتُيفُهذهُالرسالة‪.‬‬‫فلعلُالتسميةُأ ِخ‬

‫وأيضا ُعامُة ُما ُذكِر ُفيها ُهو ُ ِمن ُاألصول ُعند ُالسُلف ُالصُالح ُأهلُ‬
‫ا‬

‫ُ‬ ‫السنةُواحلديث‪.‬‬
‫ُّ‬

‫السنـة‪ُ.‬‬
‫املقدمةُالرابعةُ‪ُ/‬عنُتسميةُالرسائلُاملتعلقةُبالعقيدةُب ُّ‬

‫السنة ُواحلديث‪-‬رمحهمُاهلل‪-‬عىلُتسميةُ‬ ‫جرُتُعادة ٍُ ِ‬


‫ُكثري ُمن ُأئمةُأهلُ ُ ُّ‬
‫الكتبُالتيُت ِ‬
‫وردُمسائلُاالعتقادُوماُخالفُفيهُأهلُالبدعُالنُّصوصُباسمُ‬

‫السنة»‪.‬‬
‫« ُّ‬

‫ُ‬ ‫ُِ‬
‫ومنُأمثلةُذلك‪ُ:‬‬

‫السنة» ُالبن ُأيبُ‬


‫ُالسنة» ُللحُميدي‪ُ ،‬و ُ« ُّ‬
‫هذا ُالكتاب‪ُ ،‬كتاب‪«ُ :‬أصول ُّ‬
‫السنة» ُلعبد ُاهلل ُبن ُاإلمام ُأمحد‪ُ ،‬وُ‬
‫السنة» ُللمزين‪ُ ،‬و ُ« ُّ‬
‫عاصم‪ُ ،‬و« ُرشح ُ ُّ‬
‫رصيحُالسنة» ُالبنُجريرُالطربي‪ُ،‬‬
‫ُّ‬ ‫السنة» ُللخالُل‪ُ،‬وُ«‬
‫السنة» ُلألثرم‪ُ،‬وُ« ُّ‬
‫« ُّ‬
‫أصولُالسنة» ُالبنُأيبُ‬
‫ُّ‬ ‫رشحُالسنة» ُللربهباري‪ُ،‬وُ«‬
‫ُّ‬ ‫السنة» ُللطرباين‪ُ،‬و ُ«‬
‫و ُ« ُّ‬
‫ُ‬ ‫السنة»ُأليبُالشيخ‪-‬رمحهمُاهلل‪.-‬‬‫«‬‫ُ‬‫ني‪ُ،‬و‬‫زمنِ‬
‫ُّ‬

‫‪10‬‬
‫وقدُقالُاإلمامُابنُتيمية‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُكتابهُ"االستقامة"ُ(‪-310ُ/2‬‬

‫ُ‬ ‫‪ُ:)311‬‬

‫ُالسنة ُيف ُالعبادات ُويفُ‬


‫السنة" ُيف ُكالم ُالسُلف ُيتناول ُّ‬
‫ولفظ ُ" ُّ‬
‫ُالسنة ُيقصدون ُالكالم ُيفُ‬ ‫االعتقادات‪ْ ،‬‬
‫ُوإن ُكان ُكثري ُمُن ُصنف ُيف ُّ‬
‫ُ‬ ‫االعتقادات‪.‬ـها‬

‫ولعل ُِ‬
‫ُمنُأسبابُهذهُالتسميةُأربعةُأمور‪:‬‬

‫األوُل‪ُ :‬تنبيه ُطالب ُالعلم ُإىل ُأنُ ُاملرجع ُيف ُمسائل ُالعقيدة ُليس ُالرأيُ‬

‫السنة ُالنبوية ُالصُحيحة‪ُ ،‬ومسائلُ‬


‫واالجتهاد؛ ُوإنُام ُنصوص ُالقرآن ُو ُّ‬
‫ُ‬ ‫ُِ‬
‫أكثرُمنهاُيفُالقرآن‪ُ.‬‬‫السنةُُ‬
‫العقيدةُيفُنصوصُُ ُّ‬

‫الثاين‪ُ:‬كونُأكثرُاملسائلُالتيُردهاُأهلُالبدعُوالضُاللُثبتتُعنُطريقُُ‬

‫ُ‬ ‫النبوية‪ُ.‬‬
‫السنةُ ُ‬
‫ُّ‬

‫النبوية ُالصُحيحة ُحجة ُيف ُباب ُالعقيدة‪ُ،‬‬


‫ُالسنة ُ ُ‬
‫الثالث‪ُ :‬التأكيد ُعىل ُأن ُّ‬
‫سواءُكانتُأحاديثهاُمتواترةُأوُآحا ادا‪ُ،‬خال افاُألهلُالبدعُواألهواء‪ُ،‬حيثُ‬

‫ُ‬ ‫ير ُّدونُأحاديثُاآلحاد‪ُ،‬ويأخذونُ ِمنُاملتواترُماُيوافقُأهواءهم‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫النبويةُ‬
‫السنة ُ ُ‬
‫الرابع‪ُ :‬تقويةُقلبُطالبُالعلمُعىلُالثباتُعىلُماُجاءُيفُ ُ ُّ‬
‫اعتقاد‪ُ،‬وإن ُقل ُمنُاعتقدهُونرشهُ ِمن ُأهلُزمنهُوماُقبله‪ُ،‬ألن ُمصدرهُ‬
‫ْ‬ ‫ِمن ُ‬

‫ُ‬ ‫السنة‪ُ.‬‬
‫وحجتهُهيُ ُّ‬

‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫ُ‬ ‫وبعدُهذهُاملقدماتُأبدأُمعكمُيفُالرشحُوالتعليقُعىلُهذهُالرسالة‪.‬‬

‫ُ‬ ‫أقولُمستعينااُباهلل‪-‬جلُوعزُ‪:-‬‬

‫ُ‬ ‫عبدُاهللُبنُالزبريُاحلميدي‪-‬رمحهُاهلل‪:-‬‬
‫ُُّ‬ ‫قالُاإلمامُأبوُبكرُ‬

‫ُ‬ ‫[ُأصولُالسنة ِ‬
‫ُعنْدنا‪:‬‬ ‫ُّ‬

‫رش ِه‪ُ،‬ح ْل ِو ِهُوم ِّر ِه‪ُ،‬وأ ْنُي ْعلمُأنُماُأصابهُ‬


‫ِّ‬ ‫ُو‬ ‫ري ِ‬
‫ه‬ ‫أ ْنُي ْؤ ِمنُالرجلُبِا ْلقد ِرُخ ْ ِ‬

‫خطِئه‪ُ،‬وأنُماُأ ْخطأهُملُْيك ْن ُلِي ِصيبه‪ُ،‬وأنُذلِكُكلهُقضاء ُِمنُاّلُِ‬


‫ملُْيك ْنُلِي ْ‬

‫ُ‬ ‫عزُوجلُ]‪ُ.‬‬

‫ُ‬ ‫الرشح‪-:‬‬

‫ِ‬
‫عظيمُمنُ‬ ‫هذاُاجلزءُ ِمن ُكالمُاإلمامُاحلُميدي‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يتعلقُ ٍ ُ‬
‫بباب ُ‬

‫ُ‬ ‫ٍُ‬
‫ين‪ُ،‬وأصلُكبريُيفُاالعتقاد‪ُ،‬وهوُالقُدُر‪.‬‬ ‫الدُِّ‬

‫ُ‬ ‫واملرادُبالقدر‪ُ:‬‬

‫‪12‬‬
‫ُ‬ ‫تقديرُاهلل‪-‬عزُوجلُ‪-‬لألشياءُقبلُكُ ُْوَّنا‪.‬‬

‫ُأن ُِ‬
‫ُيؤم ُناُإيامناا ُجاز اما ُال ُشكُفيهُوالُ‬ ‫فيجب ُعىل ُكل ُمسلم ُومسلمة ْ‬
‫ِ‬
‫رُيفُاألزلُمجيعُماُسيحصلُخللقهُمنُخريُأوُ‬‫رُيب‪ُ :‬أن ُاهللُتعاىلُقدُقد‬

‫رش‪ُ،‬حلوُأوُمرُ‪ُ،‬وأن ُماُقدرهُوقضاهُعليهمُواقعُالُحمالة‪ُ،‬والُدافعُله‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫والُمؤخر‪ُ،‬والُخم ِّفف‬


‫ِّ‬ ‫والُرادُ‪ُ،‬والُمقدِّ م‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ومنُأمثلةُهذهُاألقدار‪:‬‬

‫السعادة ُوالشقاوة‪ُ ،‬والصحة ُواملرض‪ُ ،‬والغنى ُوالفقر‪ُ ،‬واجلوعُ‬

‫ِّ‬
‫والشبع‪ُ ،‬واإلنجاب ُوالعقم‪ُ ،‬والّسقة ُواألمانة‪ُ ،‬والعلم ُواجلهل‪ُ،‬‬

‫ُوالسلمُ‬
‫ِّ‬ ‫والكذب ُوالصدق‪ُ ،‬والسفر ُواإلقامة‪ُ ،‬واخلوف ُواألمن‪،‬‬

‫ُ‬ ‫واحلرب‪.‬‬

‫ُ‬ ‫بالنصُواإلمجاع‪ُُ.‬‬
‫واإليامنُبالقدرُواجبُُ ُ‬

‫حيثُأخربُاهللُسبحانهُعنُتقريعه ُاجلاحدينُللقدرُيفُجهنمُفقال‪-‬‬
‫جلُ ُوعُالُ‪-‬يفُسورةُالقمر‪{ُ:‬ي ْوم ُي ْسحبون ُِيف ُالن ِ‬
‫ار ُعىل ُوج ِ‬
‫وه ِه ْم ُذوقواُ‬

‫ُيش ٍءُخل ْقناهُبِقد ٍر}‪.‬‬ ‫ِ‬


‫مسُسقرُإناُكل ْ‬

‫‪13‬‬
‫وأخرجُاإلمامُمسلمُيفُ"صحيحه"ُ(‪ُ)2656‬عنُأيبُهريرة‪-‬ريضُاهللُ‬

‫اصمون ُرسول ُاّلِ ُصىل ُاهلل ُعليهُ‬


‫ش ُُي ِ‬ ‫عنه‪-‬أنه ُقال‪«ُ :‬جاء ُم ْ ِ‬
‫رشكو ُقر ْي ٍ‬

‫وسلمُيف ُا ْلقد ُِر‪ُ ،‬فنزل ْت‪{ُ :‬ي ْوم ُي ْسحبون ُِيف ُالن ِ‬
‫ار ُعىل ُوج ِ‬
‫وه ِه ْم ُذوقوا ُمسُ‬ ‫ُِ‬

‫ُ‬ ‫يش ٍءُخل ْقناهُبِقد ٍُر}»‪ُ.‬‬ ‫ِ‬


‫سقرُإناُكلُُ ْ‬

‫وثبتُعنُعيلُبنُأيبُطالب‪-‬ريضُاهللُعنه‪-‬أنهُقال‪ُ:‬قالُرسولُاهللُ‬

‫صىلُاهللُعليهُوسلم‪«ُ:‬الُي ْؤ ِمنُع ْبدُحتُىُي ْؤ ِمنُبِأ ْربعٍ‪ُ:‬ي ْشهدُُأ ْنُالُإَِلُإِالُ‬


‫ث ُبعد ُاملو ِ‬
‫ت‪ُ،‬‬ ‫ُاّلِ ُبعثنِيُبِاحل ِّق‪ُ،‬وي ْؤ ِمنُ ُبِاملو ِ‬
‫ت‪ُ،‬وبِالبُع ِ‬ ‫اّل‪ُ،‬وأ ِّين ُرسول ُ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫ُ‬ ‫وي ْؤ ِمنُُبِالقد ُِر»‪.‬‬

‫ُ"السنة" ُ(‪ُ،)130‬‬
‫رواه ُأمحد ُ(‪ُ 758‬و ُ‪ُ ،)1112‬وابن ُأيب ُعاصم ُيف ُّ‬
‫والرتمذيُ(‪ُ،)2145‬وابنُماجهُ(‪ُ،)81‬واآلجُ ُِّريُيفُ"الرشيعة"ُ(‪ُ375‬وُ‬

‫ُ‬ ‫‪ُ413‬وُ‪ُ،)414‬وابنُحبانُ(‪ُ،)178‬واحلاكمُ(‪ُ90‬وُ‪ُ،)91‬وغريهم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وصحُحه‪ُ:‬ابنُحبان‪ُ،‬واحلاكم‪ُ،‬والذهبي‪ُ،‬واأللباين‪.‬‬

‫وثبتُعنُعبدُاهللُبنُعمروُبنُالعاص‪-‬ريضُاهللُعنهام‪-‬أنُرسولُ‬

‫ري ِهُ‬
‫اهلل ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُقال‪«ُ :‬ل ْن ُي ْؤ ِمنُ ُع ْبد ُحتى ُي ْؤ ِمن ُبِا ْلقد ِر ُخ ْ ِ‬

‫ُ‬ ‫رش ُِه»‪.‬‬


‫و ِّ‬

‫‪14‬‬
‫ُ"السنة" ُ(‪ُ،)13‬‬
‫رواه ُأمحد ُ(‪ُ 6985‬و‪ُ ،)6703‬وابن ُأيب ُعاصم ُيف ُّ‬
‫ُِ‬
‫والفريايبُيفُ"القدر"ُ(‪ُ 201‬وُ‪ُ،)202‬واآلجُ ُِّريُيفُ"الرشيعة"ُ(‪ُ 376‬وُ‬

‫ُ‬ ‫‪ُ415‬وُ‪ُ،)416‬وغريهم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وقالُالعالمةُاأللباين‪-‬رمحهُاهلل‪ُ:-‬إسنادهُحسن‪.‬ـها‬

‫أحدُأركانُاإليامنُالستة‪ُ،‬ودعائمهُالعظام‪ُ،‬وأصولهُ‬
‫ِّ‬ ‫بلُاإليامنُبالقدرُ‬

‫ُ‬ ‫ُِ‬
‫الكبار‪ُ،‬كامُجاءُمقرُ اراُيفُحديثُجربيلُالصُحيحُاملشهور‪ُ.‬‬

‫فقدُأخرجُاإلمامُمسلمُيفُ"صحيحه"ُ(‪ُ)8‬أن ُِ‬
‫هُقيلُلعبدُاهللُبنُعمرُ‬

‫بن ُاخلطاب‪-‬ريض ُاهلل ُعنهام‪«ُ :-‬إِنه ُقدْ ُظهر ُِقبلنا ُناس ُي ْقرءون ُا ْلق ْرآن‪ُ،‬‬

‫ويتقفرون ُا ْل ِع ْلم‪ُ،‬وذكر ُِم ْن ُش ْأ َِّنِ ْم‪ُ،‬وأَّن ُْم ُي ْزعمون ُأ ْن ُال ُقدر‪ُ،‬وأن ْ‬


‫ُاأل ْمرُ‬

‫أنف‪ُ،‬قال‪«ُ:‬ف ِإذاُل ِقيتُأ وَلِك ُفأ ْخ ِ ْربه ْمُأ ِّينُب ِريء ُِمنْه ْم‪ُ،‬وأَّن ْم ُبرآء ُِمنِّي»‪ُ،‬‬

‫يَُيلِفُبِ ِهُع ْبدُاهللُِ ْبنُعمرُ«ل ْوُأن ُِألح ِد ِه ْم ُِم ْثلُأح ٍدُذه ابا‪ُ،‬فأنْفقهُماُ‬
‫ْ‬ ‫ذ‬‫وال ِ‬

‫قبِلُاهلل ُِمنْهُحتىُي ْؤ ِمنُبِا ْلقد ُِر»ُثمُقال‪ُ:‬حدثنِيُأ ِيبُعمرُ ْبن ْ‬


‫ُاخلط ِ ُ‬
‫اب‪ُ،‬قال‪ُ:‬‬

‫ول ُاهللِ ُصىل ُاهلل ُعل ْي ِه ُوسلم ُذات ُي ْو ٍم‪ُ ،‬إِ ْذ ُطلع ُعل ْيناُ‬ ‫بينام ُنحن ِ‬
‫ُعنْد ُرس ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫اد ُالشع ِر‪ُ،‬ال ُيرىُعل ْي ِه ُأثر ُالسف ِر‪ُ،‬‬


‫اب‪ُ،‬ش ِديد ُسو ِ‬ ‫رجلُ‪ُ ،‬ش ِديد ُبي ُِ‬
‫اض ُال ِّثي ِ‬

‫وال ُي ْع ِرفه ُِمنا ُأحد‪ُ ،‬حتى ُجلس ُإِىل ُالنبِ ِّي ُصىل ُاهلل ُعل ْي ِه ُوسلم‪ُ ،‬فأ ْسندُ‬

‫‪15‬‬
‫خذ ْي ِه‪ُ،‬وُقال‪ُ:‬ياُحممدُ‪ُ ،‬فأ ْخ ِ ْرب ِين ُع ِنُ‬
‫ركْبتي ِه ُإِىل ُركْبتي ِه‪ُ،‬ووضع ُكفي ِه ُعىل ُف ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫اإليام ِن‪ُ ،‬قال‪«ُ :‬أ ْن ُت ْؤ ِمن ُبِاّلِ‪ُ ،‬ومالئِكتِ ِه‪ُ ،‬وكتبِ ِه‪ُ ،‬ورسلِ ِه‪ُ ،‬وا ْلي ْو ِم ْ‬
‫ُاآل ِخ ِر‪ُ،‬‬ ‫ِْ‬

‫ُ‬ ‫رش ُِه»‪ُ،‬قال‪ُ:‬صد ْقتُ»‪.‬‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬


‫وت ْؤمنُبِا ْلقدرُخ ْريهُو ِّ‬

‫ٍُ‬
‫لرجلُوقعُيفُقلبهُيشءُ‬ ‫يبُبنُكعب‪-‬ريضُاهللُعنه‪-‬أنهُقالُ‬
‫وثبتُعنُأ ِّ‬
‫يلُاّلُِماُقبِلهُاّل ُِمنْكُحتىُ‬ ‫حولُالقدر‪«ُ:‬ولوُأنْف ْقت ُِم ْثلُأح ٍدُذهب ِ‬
‫اُيفُسبِ ِ‬ ‫ا‬ ‫ْ‬

‫خطِئك‪ُ،‬وأنُماُأ ْخطأكُملُْيك ْنُ‬


‫ت ْؤ ِمنُبِا ْلقد ِر‪ُ،‬وت ْعلمُأنُماُأصابكُملُْيك ْنُلِي ْ‬

‫ُ‬ ‫لِي ِصيبك‪ُ،‬ول ْوُمتُعىلُغُ ْ ِ‬


‫ريُهذاُلدخ ْلتُالنارُ»‪.‬‬

‫ثمُ ُأتىُهذاُالرُجلُالبنُمسعودُوحذيفةُبنُاليامن‪-‬ريضُاهللُعنهام‪ُ،-‬‬

‫فقاال ُله ُمثل ُذلك‪ُ ،‬ثم ُأتى ُزيد ُبن ُثابت‪-‬ريض ُاهلل ُعنه‪ُ ،-‬فحدثه ُعنُ‬

‫ُ‬ ‫النبيُصىلُاهللُعليهُوسلمُمثلُذلك‪.‬‬

‫وقد ُرواه ُأمحد ُ(‪ُ 21589‬و ُ‪ُ 21611‬و ُ‪ُ ،)21653‬وأبو ُداودُ‬

‫ُ‬ ‫(‪ُ،)4699‬وابنُماجهُ(‪ُ،)77‬وغريهم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وصحُحه‪ُ:‬ابنُحبان‪ُ،‬وابنُق ُِّيمُاجلوزية‪ُ،‬واأللباين‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وأماُاإلمجاع‪:‬‬

‫ُ‬ ‫فقدُجاءُيفُ"مسائلُابنُهانئ"ُ(‪-)156ُ/2‬رمحهُاهلل‪-‬أنهُقال‪:‬‬

‫‪16‬‬
‫حرضتُرجال ُعندُأيبُعبدُاهلل‪-‬يعنيُبِه‪ُ:‬اإلمامُأمحدُبنُحنبل‪-‬وهوُ‬
‫اُ‬

‫يسأله‪ُ،‬فجعلُالرجلُيقول‪ُ:‬ياُأباُعبدُاهلل‪ُ ،‬رأسُ ُاألمرُوإمجاعُاملسلمنيُ‬


‫ُُّ‬

‫عىلُأن ُاإليامنُبالقدرُخريهُورشه‪ُ،‬حلوهُوم ِّره‪ُ،‬والتسليمُألمره‪ُ،‬والرضاُ‬

‫ُ‬ ‫بقضائه؟ُفقالُأبوُعبدُاهلل‪ُ:‬نعم‪.‬ـها‬

‫ُ"السنة" ُ(‪ُ/2‬‬
‫وقال ُاإلمام ُأبو ُبكر ُبن ُأيب ُعاصم‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُكتابه ُّ‬
‫ُ‬ ‫‪ُ654‬ــُرقم‪:)1559:‬‬

‫ِ‬
‫وغريُذلك‪ُ،‬وماُاتفقُأهلُ‬ ‫ٍُ‬
‫جامعُملعان ُكثريةُيفُاألحكام‪ُ ،‬‬‫والسنةُاسمُ ُ‬
‫ُّ‬
‫ُ‬ ‫سبوهُإىلُالسنة‪ُ:‬‬
‫ُّ‬ ‫ْ‬
‫العلمُعىلُأنُن‬

‫ُ‬ ‫بإثباتُالقدر‪ُ،‬واإليامنُبالقدرُخريهُورشهُحلوهُوم ُِّره‪.‬ـها‬


‫ِّ‬ ‫القولُُ‬

‫ُ‬ ‫وقالُاحلافظُعبدُالغنيُاملقديس‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُ"عقيدته"ُ(ص‪:)60:‬‬

‫ِ‬
‫لفُمنُأهلُاإلسالمُعىلُاإليامنُبالقدرُخريهُورشه‪ُ،‬‬ ‫وأمجعُأئمُةُ ُالسُ‬

‫حلوهُوم ِّره‪ُ،‬قليلهُوكثريه‪ُ،‬بقضاءُاهللُوقدره‪ُ،‬والُيكونُيشءُإالُُبإرادته‪ُ،‬‬

‫ريُخريُورش ُإالُ ُبمشيئته‪ُ،‬خُلُقُمن ُشاءُللسُعادة‪ُ،‬واستعملهُهباُ‬


‫ٌّ‬ ‫والَُي‬
‫ِ‬
‫‪ُ،‬فهوُِس ُاستأثرُبِه‪ُ،‬‬ ‫فضال‪ُ،‬وخُلُقُمن ُأرادُللشقاء‪ُ،‬واستعملهُهبا ُ ا‬
‫عدال‬ ‫ا‬
‫ٌّ‬
‫ُ‬ ‫وعلمُحجبهُعنُخُ ُْل ُِقه‪{ُ:‬الُيسألُعامُيفعلُوهمُيسألون}‪.‬ـها‬
‫ُِ‬

‫‪17‬‬
‫وقالُاإلمامُابنُتيمية‪-‬رمحهُاهلل‪-‬كامُيفُ"جمموعُالفتاوى"ُ(‪ُ466ُ/8‬وُ‬

‫ُ‬ ‫‪:)459‬‬

‫وأماُالسُلفُواألئمُةُكامُأَّنمُمتفقونُعىلُاإليامنُبالقدر‪ُ،‬وأنهُماُشاءُ‬

‫ُ‬ ‫كان‪ُ،‬وماُملُيشأُملُيكن‪ُ،‬وأنهُخالقُكلُيشءُ ِمنُأفعالُالعباد‪ُ،‬وغريها‪.‬ـها‬

‫ويف ُ"اإلقناع ُيف ُمسائل ُاإلمجاع" ُ(‪ ُ 54ُ /1‬ـ ُرقم‪ُ )161:‬البن ُالقطانُ‬

‫ُ‬ ‫الفايس‪-‬رمحهُاهلل‪:-‬‬

‫ُ‬ ‫وأمجعواُعىلُأنُاإلقرارُبالقدرُمعُاإليامنُبِهُواجب‪.‬ـها‬

‫ُالرب ُاامالكي‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُكتابيه ُ"االستذكار"ُ‬


‫وقال ُاحلافظ ُابن ُعبد ِّ‬
‫ُ‬ ‫(‪ُ)95ُ/26‬وُ"التمهيد"ُ(‪:)14ُ/6‬‬

‫ُالسنة ُفمجتمعون ُعىل ُاإليامن ُبالقدر ُعىل ُما ُجاء ُيف ُهذهُ‬
‫وأما ُأهل ُّ‬
‫ُ‬ ‫اآلثار‪ُ،‬ومثلِ ِه ُِمنُذلك‪ُ،‬وعىلُاعتقادُمعانيها‪ُ،‬وتُ ُْركُاملجادلةُفيها‪.‬ـها‬
‫ُ‬

‫ِ‬
‫وما ُيؤكِّد ُأن ُأقدار ُاهلل ُالتي ُكتبها ُعىل ُالعباد ُماضية ُفيهم‪ُ ،‬نافذةُ‬
‫ِ‬
‫أوُحتويلهاُأوُتبديلهاُأحدُمنُاخللق‪ُ،‬‬ ‫عليهم‪ُ،‬الُي ِ‬
‫قدرُعىلُر ِّدهاُأوُختفيفهاُ‬

‫الُيفُاألرض‪ُ،‬والُيفُالسامء‪ُ،‬ماُثبتُعنُالنبيُصىلُاهللُعليهُوسلمُأنهُ‬

‫قال‪«ُ :‬ما ُأصاب ُأحدا ا ُق ُّط ُه ٌّم ُوال ُحزن‪ُ ،‬فقال‪ُ :‬اللهم ُإِ ِّين ُع ْبدك‪ُ ،‬ا ْبنُ‬

‫‪18‬‬
‫ُيف ُحكْمك‪ُ ،‬عدْ ل ُِيف ُقضاَك‪ُ،‬‬
‫اض ِ ُ‬
‫اصيتِي ُبِي ِدك‪ُ ،‬م ٍ‬
‫عب ِدك‪ُ ،‬ابن ُأمتِكُ‪ُ ،‬ن ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬

‫اُم ْنُخ ْل ِقك‪ُ،‬أ ْوُ‬


‫أسألكُبِك ِّلُاس ٍمُهوُلكُسميتُبِ ِهُن ْفسك‪ُ،‬أوُعلمتهُأحدا ِ‬
‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ب ِ‬
‫ُعنْدك‪ُ،‬أ ْنَُتْعلُا ْلق ْرآنُر ُبِيعُ‬ ‫أنْز ْلته ُِيفُكِتابِك‪ُ،‬أ ِوُاست ْأثرتُبِ ِه ُِيف ِ‬
‫ُع ْل ِمُا ْلغ ْي ِ‬ ‫ْ ْ‬

‫ق ْلبِي‪ُ ،‬ونور ُصدْ ِري‪ُ ،‬و ِجالء ُح ْز ِين‪ُ ،‬وذهاب ِّ‬


‫ُمهي‪ُ ،‬إِال ُأ ْذهب ُاّل ُمههُ‬

‫ُ‬ ‫وح ْزنه‪ُ،‬وأُبْدلهُمكانهُفر احا»‪.‬‬

‫وقدُأخرجهُأمحدُ(‪ُ29318‬وُ‪ُ،)3712‬وابنُأيبُشيبةُ(‪ُ،)4318‬وابنُ‬

‫حبان ُ(‪ُ ،)972‬واحلاكم ُ(‪ُ ،)ُ 1877‬وغريهم‪ِ ُ ،‬من ُحديث ُعبد ُاهلل ُبنُ‬

‫ُ‬ ‫مسعود‪-‬ريضُاهللُعنه‪.-‬‬

‫وصحُحه‪ُ :‬ابن ُحبان‪ُ ،‬واحلاكم‪ُ ،‬وابن ُتيمية‪ُ ،‬وابن ُق ُِّيم ُاجلوزية‪ُ،‬‬

‫واأللباين‪ُ،‬وغريهم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫اضُ ِ ُ‬
‫يفُحُكمكُ»‪.‬‬ ‫ومعنىُقولهُصىلُاهللُعليهُوسلم‪«ُ:‬مُ ٍُ‬

‫ُ‬ ‫ٍُ‬
‫ُحكمكُبإهالك‪ُ،‬أوُإعطاء‪ُ،‬أوُمنع‪ُ،‬أوُغريُذلك‪.‬‬ ‫أي‪ُ:‬نافذُيف‬

‫وثبتُعنُابنُعباس‪-‬ريضُاهللُعنهام‪-‬أن ُرسولُاهللُصىلُاهللُعليهُ‬

‫يش ٍء ُملُْ‬
‫ُاجتمع ْت ُعىل ُأ ْن ُينْفعوك ُبِ ْ‬ ‫وسلم ُقال ُله‪«ُ :‬وا ْعل ْم ُأن ْ‬
‫ُاألمة ُل ْو ْ‬

‫‪19‬‬
‫يش ٍء ُملُْ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُب‬ ‫وك‬ ‫رض‬
‫ُّ‬ ‫ُي‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫ُأ‬ ‫ىل‬‫ُع‬ ‫وا‬‫ع‬ ‫م‬‫ت‬‫ُاج‬
‫ْ‬ ‫و‬
‫ْ‬ ‫ل‬‫‪ُ،‬و‬‫ك‬ ‫ُل‬ ‫ُاّل‬ ‫ه‬‫ب‬‫ت‬ ‫ُك‬ ‫دْ‬‫ُق‬ ‫ينْفعوك ُإِال ُبِيش ٍ‬
‫ء‬ ‫ْ‬
‫ُ‬ ‫ُالصحفُ»‪.‬‬ ‫ُاأل ْقالم‪ُ،‬وجف ْت ُّ‬ ‫يش ٍءُقدْ ُكتبهُاّلُعل ْيك‪ُ،‬رفِع ْت ْ‬ ‫ِ‬
‫رضوكُإالُُبِ ْ‬
‫ي ُّ‬

‫رواهُأمحدُ(‪ُ،)2803‬والرتمذيُ(‪ُ،)2516‬واللفظُله‪ُ،‬وابنُاجلعدُيفُ‬

‫ُ‬ ‫ُِ‬
‫)‪ُ،‬والفريايبُيفُ"القدر"ُ(‪ُ155‬و‪ُ،)156‬وغريهم‪.‬‬‫"مسنده"ُ(‪3445‬‬

‫ُ‬ ‫وصححه‪ُ:‬الرتمذي‪ُ،‬وأمحدُشاكر‪ُ،‬واأللباين‪.‬‬

‫وقالُاإلمامُابنُتيمية‪-‬رمحهُاهلل‪ُ:-‬هذاُاحلديثُمعروفُ ُمشهور‪ُ،‬هوُ‬

‫ُ‬ ‫نُأصحُماُرويُعنه‪.‬ـها‬
‫ِّ‬ ‫ِم‬

‫ُ‬ ‫وقالُاحلافظُابنُرجب‪-‬رمحهُاهلل‪ُ:-‬طريقُالرتمذيُحسنةُجيدة‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫ٍُ‬
‫‪ُ:‬بإسنادُحسن‪.‬ـها‬‫وقالُالعالمةُالصنعاين‪-‬رمحهُاهلل‪-‬‬

‫ُ‬ ‫وذكرهُضياءُالدينُاملقديس‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُ"املختارة"ُ(‪ُ14‬وُ‪.)15‬‬

‫ُ‬ ‫وللقدرُمراتبُأربع‪َُ،‬يبُاإليامنُهباُمجي اعا‪.‬‬

‫ُ‬ ‫املرتبةُاألوىل‪ُ:‬مرتبةُالعلم‪.‬‬

‫واملرادُهبا‪ُ:‬‬

‫‪20‬‬
‫ُأنُ‬ ‫ُعلِم ُما ُاخلُ ُْلق ُعاملون‪ُِ ،‬من ٍُ‬
‫ُخري ُأو ُرشُ ُق ُْبل ْ‬ ‫اإليامن ُبأن ُاهلل ُتعاىل ُ‬

‫ُأن ُيعملوها‪ُ ،‬بعلمه ُالقديم ُالذي ُهو ُموصوف ُبه ا‬


‫ُأزالُ‬ ‫ُيلقهم‪ُ ،‬وق ُْبل ْ‬

‫ُ‬ ‫أزال‪.‬‬ ‫ُِ‬


‫دُلهُعلمُبيشءُملُيكنُعا ااماُبِهُُ ا‬‫وأبدا ا‪ُ،‬والُيتجدُ‬

‫ُ‬ ‫والسنة‪ُ،‬واإلمجاع‪.‬‬
‫وهذهُاملرتبةُثابتةُُبالقرآن‪ُّ ُ،‬‬

‫أماُالقرآن‪ُ،‬فقدُقالُاهللُسبحانهُيفُسورةُالطالق‪{ُ:‬لِت ْعلمواُأنُاّلُعىلُ‬

‫ُ‬ ‫ك ِّلُيش ٍءُق ِديرُوأنُاّلُقدْ ُأحاطُبِك ِّلُيش ٍء ِ‬


‫ُع ْل اام}‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫ُ‬ ‫وقالُيفُسورةُالبقرة‪{ُ:‬واهللُبكلُيشءُعليم}‪.‬‬

‫اُالسنة‪ُ،‬فأخرجُمسلمُيفُ"صحيحه"ُ(‪ُ)2647‬عنُعيل‪-‬ريضُاهللُ‬
‫وأم ُّ‬
‫عنه‪-‬أنهُقال‪«ُ:‬كان ُرسول ُاّلِ ُصىلُاهللُعليهُوسلمُذات ُي ْو ٍم ُجال ِ اساُو ِِفُ‬

‫اُمنْك ْم ُِم ْنُن ْف ٍ‬


‫سُإِالُوقدْ ُعلِمُمن ِْزلاُ‬ ‫ي ِد ِهُعودُينْكتُبِ ِه‪ُ،‬فرفعُر ْأسهُفقالُ«م ِ‬

‫ُاّلِ‪ُ ،‬فلِم ُن ْعمل؟ُأفال ُنت ِكل؟ُقال‪«ُ:‬ال‪ُ،‬‬ ‫ُاجلن ِة ُوالن ُِ‬


‫ار»ُقالوا‪ُ:‬ياُرسول ُ‬ ‫ِمن ْ‬
‫ِ‬
‫ا ْعملوا ُفك ٌّل ُميّس ُاما ُخلِق ُلهُ» ُثم ُقرأ ‪{ُ :‬فأما ُم ْن ُأ ْعطى ُوُاتقى ُوصدقُ‬

‫ُ‬ ‫احل ْسنى}ُإِىلُق ْول ِ ِهُ{فسني ِّّسهُل ِ ْلع ّْسى}ُ»‪.‬‬


‫بِ ُْ‬

‫وأخرج ُالبخاري ُ(‪ُ ،)1384‬ومسلم ُ(‪ُ )2659‬واللفظ ُله‪ُ ،‬عن ُأيبُ‬

‫هريرة‪-‬ريض ُاهللُعنه‪-‬أنهُقال‪ُ «ُ:‬سئِل ُرسول ُاّلِ ُصىلُاهللُعليهُوسلمُ‬

‫‪21‬‬
‫رشكِني ُم ْن ُيموت ُِمنْه ْم ُص ِغ ارياُ‪ُ ،‬فقال‪«ُ :‬اّل ُأ ْعلم ُبِام ُكانواُ‬ ‫ع ْن ُأ ْطف ِ‬
‫ال ُا ْمل ْ ِ‬

‫ُ‬ ‫ع ِ‬
‫املِنيُ»ُ»‪.‬‬

‫ِ‬
‫اُنحوهُمنُحديثُ‬‫أيض‬
‫وأخرجُالبخاريُ(‪ُ،)6597‬ومسلمُ(‪ ُ،)2660‬ا‬

‫ُ‬ ‫ابنُعباس‪-‬ريضُاهللُعنهام‪.-‬‬

‫ُ‬ ‫وأماُاإلمجاع‪ُ،‬فقدُنقله‪:‬‬

‫املزينُيفُ"رشحُالسنة"ُ(‪ُ،ُ 80-79‬رقم‪ُ،)2:‬وأبوُاحلسنُاألشعريُيفُ‬

‫"اإلبانة"ُ(‪ُ ،)109‬وابنُعبدُالرب ُيفُ"االستذكار"ُ(‪ُ،)98ُ/26‬وابنُبطةُ‬

‫يف ُ"الرشح ُواإلبانة" ُ(ص‪ُ ،)194:‬وابن ُالقطان ُالفايس ُيف ُ"اإلقناع ُيفُ‬

‫مسائل ُاإلمجاع" ُ(‪ُ ،ُ 56ُ /1‬رقم‪ُ 171:‬و ُ‪ُ ،ُ 57ُ /1‬رقم‪ُ ،)189:‬وابنُ‬

‫تيميةُيفُ"درءُتعارضُالعقلُوالنقل"ُ(‪ُ،)396ُ/9‬وابنُقيمُاجلوزيةُيفُ‬

‫ُ‬ ‫"شفاءُالعليل"ُ(‪ُ91ُ/1‬أوُ‪.)29‬‬

‫ُ‬ ‫وقالُاإلمامُابنُق ُِّيمُاجلوزية‪-‬رمحهُاهلل‪-‬عنُهذهُاملرتبة‪:‬‬

‫ُِّ‬
‫نُأولمُإىلُخامتهم‪ُ،‬واتفقُعليهاُالصحابة‪ُ،‬‬ ‫ِ‬
‫وقدُاتفقُعليهاُالرسلُم‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫نُتبعهمُمنُاألمة‪ُ،‬وخالفهمُجموسُاألمة‪.‬ـها‬‫وم‬

‫‪22‬‬
‫رُمنُأ ْمرُالقدر‪ُ،‬وكانُوقوعهاُيفُأوا ِ ُ‬
‫خرُ‬ ‫نك ِ‬‫وهذهُاملرتبةُهيُأولُماُأُ ِ‬

‫عهدُالصحابة‪-‬ريضُاهللُعنهم‪.-‬‬

‫حيثُأخرجُمسلمُ ُيفُ"صحيحه"ُ(‪ُ)8‬عنَُييىُبنُي ْعمر‪ُ،‬قال‪«ُ :‬كانُ‬

‫أول ُم ْن ُقال ُِيف ُا ْلقد ِر ُبِا ْلب ْرص ِة ُم ْعبد ْ‬


‫ُاجلهن ِ ُّي‪ُ،‬فانْطل ْقت ُأناُومح ْيد ُ ْبن ُع ْب ِدُ‬
‫نيُ‪ُ-‬أ ْوُم ْعت ِمر ْي ِنُ‪ُ-‬فق ْلنا‪ُ:‬ل ْوُل ِقيناُأحدا اُم ْنُأ ْصح ِ‬
‫ابُ‬ ‫ري ُّيُحاج ْ ِ‬ ‫الر ْمح ِن ْ ِ‬
‫ُاحل ْم ِ‬

‫ول ُاهللُِصىل ُاهلل ُعل ْي ِه ُوسلم‪ُ،‬فسأ ْلناه ُعام ُيقول ُهؤال ِء ُِيف ُا ْلقد ِر‪ُ،‬فو ِّفقُ‬
‫رس ِ‬

‫جد‪ُ ،‬فاكْتن ْفته ُأنا ُوصُ ِ‬


‫احبِيُ‬ ‫اب ُد ِ‬
‫اخ اال ُا ْملس ِ‬
‫ْ‬ ‫لنا ُع ْبد ُاهللِ ُ ْبن ُعمر ُ ْب ِن ْ‬
‫ُاخلط ِ‬

‫احبِيُسي ِكلُا ْلكالمُإِيل‪ُ،‬‬


‫أحدناُعنُي ِمين ِ ِه‪ُ،‬و ْاآلخرُعن ُِشاملِ ِه‪ُ،‬فظننْتُأنُص ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬

‫ن‪ُ ،‬إِنه ُقدْ ُظهر ُِقبلناُناس ُي ْقرءون ُا ْلق ْرآن‪ُ،‬ويتقفرونُ‬


‫فق ْلت‪ُ:‬أباُع ْب ِد ُالر ْمح ُِ‬

‫ا ْل ِع ْلم‪ُ،‬وذكر ُِم ْن ُش ُْأ َِّنِ ْم‪ُ،‬وأَّن ْم ُي ْزعمون ُأ ْن ُال ُقدر‪ُ،‬وأن ْ‬


‫ُاأل ْمر ُأنف‪ُ،‬قال‪ُ:‬‬

‫يَُيلِفُ‬‫ذ‬‫ف ِإذاُل ِقيتُأ وَلِكُفأ ْخ ِربهمُأينُب ِريء ُِمنْهم‪ُ،‬وأَّنمُبرآء ُِمنِّي‪ُ،‬وال ِ‬


‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ ِّ‬

‫بِ ِه ُع ْبد ُاهللُِ ْبن ُعمر‪ُ:‬ل ْو ُأن ُِألح ِد ِه ْم ُِم ْثلُ ُأح ٍد ُذه ابا‪ُ،‬فأنْفقه ُماُقبِل ُاهلل ُِمنْهُ‬

‫ُ‬ ‫حتىُي ْؤ ِمنُبِا ْلقد ِرُ»ُإىلُآخرُاحلديث‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ومعنىُقوله‪ُ«ُ:‬ي ْزعمونُأ ْنُالُقدر‪ُ،‬وأن ْ‬


‫ُاأل ْمرُأنفُ»‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫سبقُهباُقدر‪ُ،‬والُع ِ‬
‫لمُمنُاهللُتعاىل‪ُ،‬‬ ‫ُِ‬ ‫أي‪ُ :‬يزعمونُأن ُأفعالُالعبادُملُي‬

‫ُ‬ ‫وإنامُيعلمهاُبعدُوقوعها‪.‬‬

‫ُِ‬
‫كثريُمنُالسُلفُالصالحُأنُإنكارهاُكفر؛ُ‬‫وهذهُاملرتبةُقدُنُ ُِقلُعنُمج ٍُعُ‬

‫ُ‬ ‫ألَّناُمعلومةُُ ِمنُالدُِّينُبالرضورة‪ُ،‬ويوصفُمنكروهاُبغُالةُالقدرية‪.‬‬

‫حيثُقالُاإلمامُابنُقيمُاجلوزية‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُكتابهُ"شفاءُالعليل"ُ‬

‫ُ‬ ‫(ص‪:)186:‬‬

‫والفرقةُالثانية‪ُ:‬غُالةُالقدريةُالذينُاتفقُالسُلفُعىلُكفرهم‪ُ،‬وحكمواُ‬

‫بقتلهم‪ُ،‬الذينُيقولونُالُيعلمُأعاملُالعبادُحتىُيعملوها‪ُ،‬وملُيعلمهاُقبلُ‬

‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ُعنُأنُيكونُشاءهاُوكوَّنا‪.‬ـها‬ ‫ا‬
‫رها‪ُ،‬فضال‬ ‫ذلك‪ُ،‬والُكتبها‪ُ،‬والُقد‬

‫وهذهُاملرتبة‪ُ،‬قدُقل ُمنكروها‪ُ .‬حيثُقالُاإلمامُابنُتيمية‪-‬رمحهُاهلل‪-‬‬

‫ُ‬ ‫يفُ"العقيدةُالواسطية"ُ(ص‪ُ)23:‬عنُهذهُاملرتبة‪:‬‬

‫ُ‬ ‫فهذاُالتقديرُقدُكانُينكرهُغُالةُالقدرية‪ُ،‬ومنكرُوهُاليومُقليل‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫املرتبةُالثانية‪ُ:‬مرتبةُالكتابة‪.‬‬

‫ُ‬ ‫واملرادُهبا‪:‬‬

‫‪24‬‬
‫ِ‬
‫ُاهللُتعاىلُكتبُيفُاللوحُاملحفوظُمجيعُماُهوُكائن‪ُ،‬ومنُ‬ ‫اإليامنُبأن‬

‫ُ‬ ‫ٍُ‬
‫نُخريُأوُرشُ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ذلكُأفعالُالعبادُم‬

‫ُ‬ ‫والسنة‪ُ،‬واإلمجاع‪.‬‬
‫وقدُدلُُعىلُإثباتُهذهُاملرتبةُالقرآن‪ُّ ُ،‬‬

‫أماُالقرآن‪ُ ،‬فقدُقالُاهلل‪-‬جل ُوعال‪-‬يفُسورةُاحلج‪{ُ:‬أل ْم ُت ْعل ْم ُأن ُاّلُ‬

‫ُ‬ ‫ابُإِنُُذلِكُعىلُاّلُِي ِسريُ}‪.‬‬ ‫اُيفُالسام ِءُو ْاأل ْر ِ‬


‫ضُإِنُذلِك ُِيفُكِت ٍ‬ ‫يعلمُم ِ‬
‫ْ‬

‫وقالُسبحانهُيفُسورةُاحلديد‪{ُ :‬ماُأصاب ُِم ْن ُم ِصيب ٍة ُِيف ْ‬


‫ُاأل ْر ِ‬
‫ض ُوالُ‬

‫ُ‬ ‫اب ُِم ْنُق ْب ِلُأ ْنُن ْربأ هاُإِنُُذلِكُعىلُاّلُِي ِسريُ}‪.‬‬


‫ِيفُأنْف ِسك ْمُإِال ُِيفُكِت ٍ‬

‫ُ‬ ‫وقالُتعاىلُيفُسورةُيس‪{ُ:‬وكلُيش ٍءُأ ْحص ْيناه ُِيفُإِما ٍمُمبِ ٍ‬


‫ني}‪.‬‬ ‫ْ‬

‫اُالسنة‪ُ ،‬فأخرجُالبخاريُ(‪ُ )7418‬عن ُعمران ُبنُحصني‪-‬ريضُ‬


‫وأم ُّ‬
‫اهللُعنه‪-‬أنُناس ِ‬
‫اُمنُأهلُاليمنُقالواُللنبيُصىلُاهللُعليهُوسلم‪ِ «ُ:‬جئْناكُ‬ ‫ا‬
‫لِنتفقه ُِيف ُالدِّ ِ‬
‫ين‪ُ،‬ولِن ْسألك ُع ْن ُأو ِل ُهذاُاأل ْم ِر ُماُكان‪ُ،‬قال‪ُ:‬كان ُاّل ُوملُْ‬

‫ات ُواأل ْرض‪ُ،‬‬ ‫اء‪ُ ،‬ثم ُخلق ُالسمو ِ‬ ‫يكن ُيشء ُقبله‪ُ ،‬وُكان ُعرشه ُعىل ُاام ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ ْ ْ‬

‫ُ‬ ‫ُيش ٍءُ»‪.‬‬


‫ْ‬ ‫ل‬‫ُك‬‫ْر‬‫ُالذك ِ‬
‫ِّ‬ ‫وكتب ِ‬
‫ُيف‬

‫وأخرجُمسلمُ(‪ُ)2653‬عنُعبدُاهللُبنُعمروُبنُالعاص‪-‬ريضُاهللُ‬

‫عنهام‪-‬قال‪:‬سمعت ُرسول ُاهلل ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُيقول‪«ُ :‬كتب ُاهللُ‬

‫‪25‬‬
‫ات ُو ْاأل ْرض ُبِخ ْم ِسني ُأ ْلف ُسن ٍة‪ُ،‬قُال‪ُ:‬‬
‫ُاخلالئِ ِق ُقبلُ ُأ ْن ُُيْلق ُالسامو ِ‬
‫ْ‬
‫مق ِ‬
‫ادير ْ‬

‫ُ‬ ‫ُاام ُِ‬


‫اء»‪.‬‬ ‫وع ْرشهُعىل ْ‬

‫وثبتُعنهُصىلُاهللُعليهُوسلمُأنُهُقال‪«ُ:‬إِن ُأول ُماُخلق ُاّل ُا ْلقلم‪ُ،‬‬

‫ُيش ٍء ُحتىُ‬ ‫ب ُمق ِ‬


‫ادير ُك ِّل ُْ‬ ‫ب ُقال‪ُ:‬ر ِّب ُوماذاُأكْتب؟ُقال‪ُ:‬اكْت ْ ُ‬
‫فقال ُله‪ُ:‬اكْت ْ‬

‫تقومُالساعةُ»‪.‬‬

‫وقدُرواهُأمحدُ(‪ُ،)317ُ/5‬وأبوُداودُ(‪ُ ،)4700‬واللفظُله‪ُ،‬وابنُأيبُ‬

‫ُ"السنة" ُ(‪ُ ،)105-ُ 102‬وأبو ُداود ُالطياليس ُيف ُ"مسنده"ُ‬


‫عاصم ُيف ُّ‬
‫(‪ُ،)577‬والرتمذيُ(‪ُ،)2155‬واآلجُ ُِّريُُيفُ"الرشيعة"ُ(‪ُ 385-384‬وُ‬

‫رقُعنُعُبادةُبنُالصُامت‪-‬‬ ‫ِ‬
‫وغريهمُمنُط ٍ ُ‬ ‫‪ُ411-410‬وُ‪ُ،)479-478‬‬

‫ُ‬ ‫ريضُاهللُعنه‪.-‬‬

‫ُ‬ ‫ُِ‬
‫ولهُشواهدُعدة‪ُ،‬منها‪:‬‬

‫عندُابنُأيبُعاصمُيفُ"السنة"ُ‬
‫ُّ‬ ‫أو اال‪ُ:‬حديثُابنُعمر‪-‬ريضُاهللُعنهام‪-‬‬

‫ُ‬ ‫(‪ُ،)106‬واآلجُ ُِّريُيفُ"الرشيعة"ُ(‪.)378-377‬‬

‫ُ‬ ‫وحسنه‪ُ:‬األلباين‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫وثان ايا‪ُ :‬حديث ُابن ُعباس‪-‬ريض ُاهلل ُعنهام‪-‬عند ُابن ُأيب ُعاصم ُيفُ‬

‫"السنة" ُ(‪ُ ،)108‬والبيهقي ُيف ُ"السنن ُالكربى" ُ(‪)3ُ /9‬ـ ُويف ُ"األسامءُ‬
‫ُّ‬
‫ُ‬ ‫والصفات"ُ(‪ُ،ُ238-237ُ/2‬رقم‪.)803:‬‬

‫ُ‬ ‫وصححه‪ُ:‬األلباين‪.‬‬

‫وثبت ُعن ُابن ُعباس‪-‬ريض ُاهلل ُعنهام‪-‬موقو افا ُعند ُاآلجُ ُِّري ُيفُ‬

‫"الرشيعة" ُ(‪ُ 484-483‬و‪ُ ،)389-386‬والبيهقي ُيف ُ"األسامءُ‬

‫ُ‬ ‫والصفات"ُ(‪ُ،ُ240-239ُ/2‬رقم‪.)804:‬‬

‫وصوب ُالوقف ُبعضهم‪ُ ،‬وال ُيُرض ُذلك‪ُ ،‬ألن ُهذا ُال ُيقال ُِمن ُُِقبُلُ‬

‫ُ‬ ‫الرأي‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وأماُاإلمجاع‪ُ،‬فقدُنقله‪:‬‬

‫أبوُاحلسنُاألشعريُيفُ"رسالةُإىلُأهلُالثغر"ُ(‪ُ247‬وُ‪ُ،)266-265‬‬

‫وابنُعبدُالرب ُيفُ"االستذكار"ُ(‪ُ،)210-209ُ/18‬وابنُالقطانُالفايسُ‬

‫يف ُ"اإلقناع ُيف ُمسائل ُاإلمجاع" ُ(‪ُ ،ُ 56ُ /1‬رقم‪ُ 171:‬و ُ‪ُ،ُ 57ُ /1‬‬

‫رقم‪ُ 187:‬و ُ‪ُ ،)189‬وابن ُقيم ُاجلوزية ُيف ُ"شفاء ُالعليل" ُ(‪ُ)120ُ /1‬‬

‫ُ‬ ‫حيثُقال‪:‬‬

‫‪27‬‬
‫وأمجعُالصحابةُوالتابعونُومجيعُأهلُالسنةُواحلديثُأن ُكلُكائنُإىلُ‬
‫ُّ‬
‫ُ‬ ‫يومُالقيامةُفهوُمكتوبُُيفُأ ِّمُالكتاب‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫املرتبةُالثالثة‪ُ:‬مرتبةُاخللق‪.‬‬

‫ُ‬ ‫واملرادُهبا‪ُ:‬‬

‫ِ‬
‫نُذلكُأفعالُالعبادُمنُ‬ ‫ِ‬
‫إالُوهوُخملوقُهلل‪ُ،‬وم‬ ‫ٍُ‬
‫نُيشء ُ‬ ‫ِ‬
‫هُماُم‬‫اإليامنُبأن‬

‫ُ‬ ‫ٍُ‬
‫خريُأوُرشُ‪.‬‬

‫ُ‬ ‫والسنة‪ُ،‬واإلمجاع‪.‬‬
‫وهذهُاملرتبةُقدُدلُعىلُإثباَتاُالقرآن‪ُّ ُ،‬‬

‫أماُالقرآن‪ُ ،‬فقدُقالُاهللُسبحانهُيفُسورةُاألنعام‪{ُ :‬ذلِكم ُاّل ُر ُّبك ْم ُالُ‬

‫ُ‬ ‫يش ٍءُوكِيلُ}‪.‬‬


‫ْ‬ ‫ُ‬‫ُ‬
‫ل‬ ‫ِّ‬ ‫ُك‬‫ىل‬‫ُع‬‫و‬‫ه‬‫ُو‬ ‫وه‬‫د‬‫ب‬‫ع‬‫ْ‬ ‫ا‬‫ُف‬‫ء‬‫إَِلُإِالُهوُخالِقُك ِّلُيش ٍ‬
‫ْ‬

‫ُ‬ ‫وقالُتعاىلُيفُسورةُالصافات‪{ُ:‬واّلُُخلقك ْمُوماُت ْعملونُ}‪.‬‬

‫ُاخل ْلق ُو ْاأل ْمر ُتبارُك ُاّلُ‬


‫وقال‪-‬جل ُوعزُ‪-‬يف ُسورة ُاألعراف‪{ُ :‬أال ُله ْ‬

‫ُ‬ ‫ر ُّبُا ْلعاملِنيُ}‪.‬‬

‫اُالسنة‪ُ ،‬فقدُأخرجُالبخاريُيفُكتابهُ"خلقُأفعالُالعباد"ُ(‪ُ،)117‬‬
‫وأم ُّ‬
‫ٍُ‬
‫وغريهُبسند ُصحيحُعنُحذيفة‪-‬ريضُاهللُعنه‪-‬أن ُالنبيُصىلُاهللُعليهُ‬

‫ُ‬ ‫وسلمُقال‪«ُ:‬إِنُاّلُي ْصنعُكلُصانِعٍُوصنْعتهُ»‪.‬‬


‫‪28‬‬
‫ُ‬ ‫أي‪ُُ:‬يلقُكلُعاملُوعمله‪.‬‬

‫وأخرجه ُاحلاكم ُ(‪ُ )85‬وغريه ُبلفظ‪«ُ :‬إِن ُاّل ُخالِق ُك ِّل ُصانِعٍُ‬

‫ُ‬ ‫وصنْعتِ ُِه»‪.‬‬

‫وصححه‪ُ :‬احلاكم‪ُ ،‬وابن ُعساكر‪ُ ،‬والذهبي‪ُ ،‬وابن ُحجر ُالعسقالين‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫واأللباين‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وأماُاإلمجاع‪ُ،‬فقدُنقله‪:‬‬

‫ابنُقتيبةُيفُ"تأويلُخمتلِفُاحلديث"ُ(ص‪ُ،)64:‬وابنُحزمُيفُ"مراتبُ‬

‫اإلمجاع" ُ(‪ُ ،)167‬وابن ُالقطان ُالفايس ُيف ُ"اإلقناع ُيف ُمسائل ُاإلمجاع"ُ‬

‫(‪ُ ،ُ 56ُ /1‬رقم‪ُ ،)172:‬وابن ُتيمية ُيف ُ"جمموع ُالفتاوى" ُ(‪ُ 406ُ /8‬وُ‬

‫‪ُ 459‬و ُ‪ُ ،)466‬وابن ُقيم ُاجلوزية ُيف ُ"شفاء ُالعليل" ُ(‪ُ،)145ُ /1‬‬

‫ُ‬ ‫وغريهم‪.‬‬

‫وقد ُأنكرت ُاملعتزلة ُخُ ُْلق ُاهلل ُألفعال ُعباده ُاالختيارية‪ُ ،‬وزعموا ُأنُ‬

‫ُ‬ ‫ُِ‬
‫العبدُُيلقُفعلُنفسه‪ُ،‬فيترصفُدُونُمشيئةُاهلل‪ُ،‬ودُونُقدرته‪.‬‬

‫ُ‬ ‫املرتبةُالرابعة‪ُ:‬مرتبةُاملشيئة‪.‬‬

‫واملرادُهبا‪:‬‬

‫‪29‬‬
‫ٍُ‬
‫نُخريُأوُ‬ ‫ِ‬
‫ُماُشاءُاهللُكان‪ُ،‬وماُملُيشأُملُيكن‪ُ،‬والُيقعُيشءُم‬ ‫اإليامنُبأن‬

‫رشُ ُوالُحركةُوالُسكونُإالُ ُبمشيئته ُُوحده‪ُ،‬الُُيُرجُعنُمشيئتهُيشءُ‬

‫والُأحد‪ُ،‬والُيكونُيفُملكهُماُالُيُريد‪.‬‬

‫ُ‬ ‫والسنة‪ُ،‬واإلمجاع‪.‬‬
‫وقدُدلُعىلُإثباَتاُالقرآن‪ُّ ُ،‬‬

‫أماُالقرآن‪ُ ،‬فقدُقالُاهللُتعاىلُيفُسورةُالبقرة‪{ُ:‬ول ْو ُشاء ُاّل ُماُا ْقتتلُ‬

‫ُاختلفواُف ِمنْه ْمُم ْنُآمنُ‬


‫ال ِذين ُِم ْنُب ْع ِد ِه ْم ُِم ْنُب ْع ِدُماُجاء َْتمُا ْلبيِّناتُول ِك ِن ْ‬

‫ُ‬ ‫و ِمنْه ْمُم ْنُكفرُول ْوُشاءُاّلُماُا ْقتتلواُول ِكنُُاّلُي ْفعلُماُي ِريدُ}‪.‬‬

‫وقال ُسبحانه ُيف ُسورة ُيونس‪{ُ :‬ول ْو ُشاء ُر ُّبك ُآلمن ُم ْن ُِيف ْ‬
‫ُاأل ْر ِ‬
‫ضُ‬

‫ُ‬ ‫ُمجِي اعا}‪.‬‬


‫ك ُّله ْم ُ‬

‫وقال‪-‬عز ُوجلُ‪-‬يفُسورةُالكهف‪{ُ:‬والُتقولن ُلِيش ٍء ُإِين ُف ِ‬


‫اعل ُذلِكُ‬ ‫ْ ِّ‬

‫ُ‬ ‫غُد ااُإِالُأ ْنُيشاءُاّلُ}‪.‬‬

‫وقال‪-‬تبارك ُاسمه‪-‬يف ُسورة ُالتكوير‪{ُ :‬وما ُتشاءون ُإِال ُأ ْن ُيشُاء ُاّلُ‬

‫ُ‬ ‫ر ُّبُا ْلعاملِنيُ}‪ُ.‬‬

‫اُالسنة‪ُ ،‬فقد ُأخرج ُالبخاريُ(‪ُ،)7477‬ومسلمُ(‪ُ،)2679‬واللفظُ‬


‫وأم ُّ‬
‫له‪ُ ،‬عن ُأيب ُهريرة‪-‬ريض ُاهلل ُعنه‪-‬أن ُرسول ُاهلل ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلمُ‬

‫‪30‬‬
‫ُارمح ُْن ِي ُإِ ْن ُِش ْئت‪ُ،‬‬ ‫قال‪«ُ:‬ال ُيقولن ُأحدكم‪ُ:‬اللهم ُا ْغ ِفر ِ ُ ِ‬
‫ُيل ُإِ ْن ُش ْئت‪ُ،‬اللهم ْ‬ ‫ْ‬
‫ُ‬ ‫ُيفُالدُّ ع ِ‬
‫اء‪ُ،‬ف ِإنُاّلُص ُانِعُماُشاء‪ُ،‬الُمك ِْرهُلهُ»‪.‬‬ ‫لِي ْع ِز ْم ِ ُ‬

‫ُ‬ ‫وأماُاإلمجاع‪ُ،‬فقدُنقله‪:‬‬

‫ابنُقتيبةُيفُ"تأويلُخمتلفُاحلديث"ُ(ص‪ُ،)64:‬وحربُالكرماينُيفُ‬

‫رسالتهُيفُ"ُالسنة"ُ(ص‪39ُ:‬ـ‪ُ،)44‬واإلسامعييلُيفُ"اعتقادُأئمةُاحلديث"ُ‬
‫ُّ‬
‫(ص‪ُ،)57:‬وأبوُعثامنُالصابوينُيفُ"اعتقادُالسلفُأصحابُاحلديث"ُ‬

‫(ص‪ُ ،)95:‬وأبو ُاحلسن ُاألشعري ُيف ُ"اإلبانة ُعن ُأصول ُالديانة"ُ‬

‫(ص‪ُ ،)49-47:‬وابن ُبطة ُيف ُ"اإلبانة ُالصغرى" ُ(ص‪ُ ،)194:‬وعبدُ‬

‫الغني ُاملقديس ُيف ُ"عقيدته" ُ(ص‪ُ ،)60:‬وابن ُتيمية ُيف ُ"بيان ُتلبيسُ‬

‫ُ‬ ‫اجلهمية"ُ(‪ُ،)104ُ/1‬ويفُ"الرسالةُاألُكمُ ُلِيُة"ُ(ص‪.)50:‬‬

‫وقال ُاإلمام ُابن ُقيُِّم ُاجلوزية‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُكتابه ُ"شفاء ُالعليل"ُ‬

‫ُ‬ ‫(ص‪:)43:‬‬

‫ِ‬
‫مُإىلُآخرهم‪ُ،‬ومجيعُ‬ ‫ِّ‬
‫نُأول‬ ‫ِ‬
‫ُعليهاُإمجاعُالرسلُم‬ ‫وهذهُاملرتبةُقدُدل‬

‫الكتب ُاملنزلة ُِمن ُعند ُاهلل‪ُ ،‬والفطرة ُالتي ُفطر ُاهلل ُعليها ُخلقه‪ُ ،‬وأدلةُ‬
‫وجبُوم ٍ‬
‫قتضُإالُمشيئةُاهللُوحده‪ُ،‬‬ ‫ُِ‬
‫العقولُوالعيُان‪ُ،‬وليسُيفُالوجودُم ُِ‬

‫‪31‬‬
‫فامُشاءُكان‪ُ،‬وماُملُيشأُملُيكن‪ُ،‬هذاُعمومُالتوحيدُالذيُالُيقومُإالُبِه‪ُ،‬‬
‫ِ‬
‫مُإىلُآخرهمُجممعونُعىلُأنهُماُشاءُاهللُكان‪ُ،‬وماُملُ‬ ‫ِّ‬
‫نُأول‬ ‫ِ‬
‫واملسلمونُم‬

‫ْ‬
‫نهمُيفُهذاُاملوضع‪ُ،‬وإن ُكانُ‬ ‫ِ‬
‫نُليسُم‬‫يشأُملُيكن‪ُ،‬وخالفهمُيفُذلكُم‬

‫ر‪ُ،‬فجوزواُأن ُيكونُيفُالوجودُماُالُيشاءُاهلل‪ْ ُ ،‬‬


‫وأنُ‬ ‫ْ‬ ‫منهمُيفُموضعُآخ‬

‫يشاء ُما ُال ُيكون‪ُ ،‬وخالف ُالرسل ُكلهم ُوأتباعهم ُمن ُنفى ُمشيئة ُاهللُ‬

‫بالكلية‪ُ،‬وملُيثبتُلهُسبحانهُمشيئةُواختياراُأُوجُدُهباُاخلُ ُْلق‪ُ،‬كامُيقولهُ‬
‫ا‬
‫نُالفالسفةُوأتباعهم‪ُ،‬والقرآنُوالسنةُملوآنُ‬ ‫ِ‬
‫نُأعداءُالرسلُم‬ ‫ِ‬
‫طوائفُم‬
‫ُّ‬
‫ُ‬ ‫بتكذيبُالطائفتني‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫ُ‬ ‫بدُاهللُبنُالزبريُاحلميدي‪-‬رمحهُاهلل‪:-‬‬
‫ُّ‬ ‫ثمُقالُاإلمامُأبوُبكرُع‬

‫ُاإليامن ُق ْول ُوعمل‪ُ،‬ي ِزيد ُوينْقص‪ُ،‬وال ُينْفع ُق ْول ُإِال ُبِعم ٍل‪ُ،‬والُ‬
‫ُ[ُوأن ِ‬

‫ُ‬ ‫عملُوق ْولُإِالُبِنِي ٍة‪ُ،‬والُق ْولُوعملُونِيةُإِالُبِسن ٍُة]‪ُ.‬‬

‫ُ‬ ‫الرشح‪-:‬‬

‫وقد ُاشتمل ُهذا ُاجلزء ُِمن ُكالم ُاملصنف‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬عىل ُعدة ُأمورُ‬

‫ُ‬ ‫تتعلقُباإليامن‪:‬‬

‫‪32‬‬
‫األمرُاألول‪ُ:‬عنُتعريفُاإليامن‪.‬‬

‫لفُالصالحُأهلُالسنةُواحلديث‪ُ:‬‬
‫ُّ‬ ‫اإليامنُعندُالس‬

‫ُ‬ ‫قولُوعمل‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وهبذاُعرفهُاملصنف‪-‬رمحهُاهلل‪.-‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وهذاُالتعريفُيتكونُمنُكلمتنيُمها‪ُ:‬القول‪ُ،‬والعمل‪.‬‬

‫ُ‬ ‫والقولُيتضمنُشيئني‪:‬‬

‫ُ‬ ‫األول‪ُ:‬قولُالقلب‪.‬‬

‫ُ‬ ‫واملرادُبه‪ُ:‬تصديقهُوإقرارهُومعرفته‪.‬‬

‫ُ‬ ‫والثاين‪ُ:‬قولُاللسان‪.‬‬

‫ُ‬ ‫واملرادُبه‪ُ:‬النُّطقُبالشهادتني‪ُ،‬واإلقرارُبلوازمهام‪.‬‬

‫وقد ُقال ُاإلمام ُابن ُتيمية‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬كام ُيف ُ"جمموع ُالفتاوى" ُ(‪ُ/7‬‬

‫ُ‬ ‫‪ُ395‬وُ‪:)330‬‬

‫ُفأماُالشهادتانُإذاُملُيتكلمُهبامُمعُالقدرة‪ُ،‬فهوُكافرُباتفاقُاملسلمني‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫ااُوظاهراُعندُسلفُاألمةُوأئمتهاُومجاهريُعلامئها‪.‬ـها‬
‫ا‬ ‫وهوُكافرُباطن‬

‫‪33‬‬
‫ُ‬ ‫والعملُيتضمنُثالثةُأشياء‪ُ:‬‬

‫ُ‬ ‫األول‪ُ:‬عملُالقلب‪.‬‬

‫واملراد ُبه‪ُ :‬العبادات ُالقلبية؛ ُكاملحبة‪ُ ،‬واخلوف‪ُ ،‬والرجاء‪ُ ،‬والتوكل‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫وغريها‪.‬‬

‫ُ‬ ‫والثاين‪ُ:‬عملُاللسان‪.‬‬

‫واملراد ُبه‪ُ :‬العبادات ُالقولية؛ ُ ِّ‬


‫كالذكر ُبأنواعه‪ُ ،‬وتالوة ُالقرآن‪ُ ،‬وتبليغُ‬

‫ُ‬ ‫العلم‪ُ،‬واألمرُباملعروف‪ُ،‬والنهيُعنُاملنكر‪.‬‬

‫ُ‬ ‫والثالث‪ُ:‬عملُاجلوارح‪.‬‬

‫ُ‬ ‫واجلوارح؛ُكالرأس‪ُ،‬واليدين‪ُ،‬والقدمني‪.‬‬

‫واملراد ُبه‪ُ :‬العبادات ُالتي ُتتعلق ُباجلوارح؛ ُكالقيام‪ُ ،‬والركوع‪ُ،‬‬

‫والسجود‪ُ،‬واجللوسُيفُالصالة‪ُ،‬والسعيُوالطوافُيفُاحلجُأوُالعمرة‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫والقتالُجها اداُيفُسبيلُاهلل‪ُ.‬‬

‫ُأتم ُتعاريف ُاإليامن ُوأشملها؛ ُألنه ُيستوعب ُكلُ‬


‫وهذا ُالتعريف ُهو ُُّ‬

‫ُ‬ ‫جوانبُاإليامن‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫حيثُتضمنُمخسةُأمور؛ُقولُالقلبُواللسان‪ُ،‬وعملُالقلبُواللسانُ‬

‫ُ‬ ‫واجلوارح‪.‬‬

‫وهبذهُاخلمسةُفّسُهُاإلمامُابنُتيمية‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُ"العقيدةُالواسطية"ُ‬

‫ُ‬ ‫(ص‪.)113:‬‬

‫ُ‬ ‫وهذاُالتعريفُاملخترصُهوُاملنقولُعنُأكثرُالسلفُالصالح‪.‬‬

‫ُ‬ ‫عرفُاإليامنُبقوله‪:‬‬
‫وبعضُأهلُالسنةُقدُي ِّ‬
‫ُّ‬

‫"اإليامن‪ُ:‬اعتقادُُبالقلبُأوُاجلنان‪ُ،‬وإقرارُُباللسان‪ُ،‬وعملُُباجلوارحُأوُ‬

‫ُ‬ ‫األركان"‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫فهمُمنُالقولُإالُُالقولُالظاهر‪.‬‬ ‫ْ‬
‫خشيةُأنُالُي‬

‫ُ‬ ‫وبعضُأهلُالسنةُقدُيقول‪ُ:‬‬
‫ُّ‬

‫ُ‬ ‫اإليامن‪ُ:‬قولُوعملُونِية‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ألنُهُالُيقبلُقولُوعملُإالُبنية؛ُوالقولُوالعملُبالُن ِّيةُيكونُنفا اقا‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وبعضُأهلُالسنةُقدُيقول‪:‬‬
‫ُّ‬

‫ُ‬ ‫ِّباعُللسنة‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫اإليامن‪ُ:‬قولُُوعملُون ِّيةُوات‬

‫‪35‬‬
‫ُ‬ ‫أوُيقول‪:‬‬

‫ُ‬ ‫ةُوإصابةُللسنة‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫قولُُوعملُون ِّي‬

‫ُالسنة؛ ُ ُِ‬
‫إذُ‬ ‫ألن ُالقول ُوالعمل ُليسا ُبمحبوبني ُإىل ُاهلل ُتعاىل ُإال ُباتِّباع ُّ‬
‫ُ‬ ‫القولُوالعملُبالُسنةُيكونُبدعة‪.‬‬

‫ُّ ُ‬
‫وكل ُهذه ُالعبارات ُاملنقولة ُعن ُالسلف ُالصالح ُيف ُتعريف ُاإليامنُ‬

‫ُ‬ ‫صحيحة‪.‬‬

‫ذكر ُذلك ُاإلمام ُابن ُتيمية‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬كام ُيف ُ"جمموع ُالفتاوى" ُ(‪ُ/7‬‬

‫ُ‬ ‫‪ُ،)170‬فقال‪:‬‬

‫ُالسنة ُيف ُتفسري ُاإليامن‪ُ ،‬فتارةُ‬ ‫ُِ‬


‫ومن ُهذا ُالباب ُأقوال ُالسلف ُوأئمة ُّ‬
‫يقولون‪ُ :‬هو ُقول ُوعمل‪ُ ،‬وتارة ُيقولون‪ُ :‬هو ُقول ُوعمل ُونية‪ُ ،‬وتارةُ‬

‫ُالسنة‪ُ ،‬وتارة ُيقولون‪ُ :‬قول ُباللسانُ‬


‫يقولون‪ُ :‬قول ُوعمل ُونية ُواتِّباع ُّ‬
‫واعتقاد ُبالقلب ُوعمل ُباجلوارح‪ُ ُّ ،‬‬
‫ُوكل ُهذا ُصحيح‪ُ ،‬فإذا ُقالوا‪ُ :‬قولُ‬

‫ُ‬ ‫وعمل‪ُ،‬فإنهُيدخلُيفُالقولُقولُالقلبُواللسانُمجي اعا‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫وقالُأيضاُ(‪:)171ُ/7‬‬
‫ا‬

‫ُ‬ ‫واملقصودُهنا‪ُ:‬‬

‫‪36‬‬
‫أن ُمن ُقال ُِمن ُالسلف‪"ُ :‬اإليامن ُقول ُوعمل" ُأراد‪ُ :‬قول ُالقلبُ‬

‫ُ‬ ‫واللسانُوعملُالقلبُواجلوارح‪.‬‬

‫ِ‬
‫فهمُمنهُإالُالقول ُالظاهرُ‬‫ومنُزادُ"االعتقاد"‪ُ،‬رأىُأن ُلفظُالقولُالُي‬

‫ُ‬ ‫أوُخافُذلك‪ُ،‬فزادُاالعتقادُبالقلب‪.‬‬

‫ومن ُقال‪"ُ :‬قول ُوعمل ُونية" ُقال‪ُ :‬القول ُيتناول ُاالعتقاد ُوقولُ‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫فهمُمنهُالنية‪ُ،‬فزادُذلك‪.‬‬‫اللسان‪ُ،‬وأماُالعملُفقدُالُي‬

‫ُالسنة‪ُ ،‬فألن ُذلك ُكله ُال ُيكون ُحمبو ابا ُهلل ُإال ُباتِّباعُ‬
‫ومن ُزاد ُاتباع ُّ‬
‫ُ‬ ‫السنة‪.‬‬
‫ُّ‬

‫وأوَلك ُمل ُيريدوا ُكل ُقول ُوعمل‪ُ ،‬إنام ُأرادوا ُما ُكان ُمرشو اعا ُِمنُ‬

‫األقوالُواألعامل‪ُ،‬ولك ْن ُكانُمقصودهمُالرد ُعىلُاملرجئةُالذينُجعلوهُ‬

‫ا‬
‫قوال ُفقط‪ُ ،‬فقالوا‪ُ :‬بل ُهو ُقول ُوعمل‪ُ ،‬والذين ُجعلوه ُأربعة ُأقسام‪ُ،‬‬

‫فّسُواُمرادهم‪ُ،‬كامُسئلُسهلُبنُعبدُاهللُالتسرتيُعنُاإليامنُماُهو؟ُ‬

‫ا‬
‫ُاإليامنُإذاُكانُقوالُبالُعملُفهوُكفر‪ُ،‬‬ ‫فقال‪ُ:‬قولُوعملُونيةُوسنة‪ُ،‬ألن‬

‫ا‬
‫ُوعمال ُونيةُبالُ‬ ‫ا‬
‫ةُفهوُنفاق‪ُ،‬وإذاُكانُقوال‬ ‫ا‬
‫ُوعمال ُبالُني‬ ‫ا‬
‫وإذاُكانُقوال‬

‫ُ‬ ‫سنةُفهوُبدعة‪.‬ـها‬

‫‪37‬‬
‫ُحقُ‬
‫ُالسنة ُلإليامن ٌّ‬ ‫ِ‬
‫وتعريف ُاملصنف‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬وغريه ُمن ُأئمُة ُأهل ُّ‬
‫ُ‬ ‫النص‪ُ،‬واإلمجاع‪.‬‬
‫وصوابُوهدى‪ُ،‬وقدُدلُعىلُصحتهُ ُ‬

‫قررُأن ُاإليامنُ‬
‫فجاءتُنصوصُكثريةُيفُالقرآنُالعزيزُوالسنةُالنبويةُت ِّ‬
‫ُّ‬
‫ُ‬ ‫يشملُالقولُوالعمل‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ومنُذلك‪:‬‬

‫قولُاهللُسبحانهُيفُأولُسورةُاألنفال‪{ُ:‬إِنامُا ْمل ْؤ ِمنونُال ِذينُإِذاُذكِرُاّلُ‬

‫و ِجل ْت ُقلوهب ْم ُوإِذا ُتلِي ْت ُعل ْي ِه ْم ُآياته ُزاد َْت ْم ُإِيامناا ُوعىل ُر ِّهبِ ْم ُيتوكلونُ‬

‫ال ِذين ُي ِقيمون ُالصالة ُو ِماُرز ْقناه ْم ُين ِْفقون ُأ وَلِك ُهم ُا ْمل ْؤ ِمنون ُح مقاُل ْمُ‬

‫ُ‬ ‫ُعنْدُر ِّ ُهبِ ْمُوم ْغ ِفرةُُو ِر ْزقُك ِريمُ}‪.‬‬


‫درجات ِ‬

‫ُ‬ ‫فدلتُهذهُاآلية‪:‬‬

‫عىلُدخولُأعاملُالقلوب؛ُكاخلوفُوالتوكلُيفُاإليامن‪ُ،‬ودخولُأعاملُ‬

‫ُ‬ ‫اجلوارح؛ُكالصالةُوالنفقةُيفُاإليامن‪ُ.‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ومنُأشهرُالنُّصوصُوأمجعها‪:‬‬

‫ماُأخرجهُمسلمُ ُيفُ"صحيحه"ُ(‪ُ)35‬عنُأيبُهريرة‪-‬ريضُاهللُعنه‪-‬‬
‫أنُرسولُاهللُصىلُاهللُعليهُوسلمُقال‪ُ«ُ:‬ا ْ ِ‬
‫إليامنُبِ ْضعُوس ْبعونُ‪-‬أ ْوُبِ ْضعُ‬

‫‪38‬‬
‫و ِستُّونُ‪-‬ش ْعب اة‪ُ ،‬فأ ْفضلها ُق ْول ُال ُإَِل ُإِال ُاهلل‪ُ ،‬وأ ْدناها ُإِماطة ْ‬
‫ُاألذى ُع ِنُ‬

‫ُ‬ ‫احلياءُش ْعبة ُِمن ْ ِ‬


‫ُاإليام ُِن»‪ُ.‬‬ ‫الط ِر ِيق‪ُ،‬و ُْ‬

‫ُالسنُة ُواحلديث ُعندُ‬ ‫ِ ِ‬


‫وهذا ُاحلديث ُيكثر ُاستعامله ُمن ُقبل ُأئمة ُأهل ُّ‬
‫تقرير ُهذه ُاملسألة؛ ُألنه ُقد ُورد ُفيه ُإدخال ُعمل ُالقلب ُوقول ُاللسانُ‬

‫ُ‬ ‫ٍُ‬
‫هاُيفُسياقُواحد‪.‬‬‫وعملُاجلوارحُيفُاإليامن‪ُ،‬وجاءتُكل‬

‫ِ‬
‫نُأعاملُاللسان‪ُ،‬وإماطةُاألذىُعنُالطريقُمنُأعاملُ‬ ‫ِ‬
‫فالُإَلُإالُاهللُم‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اجلوارح‪ُ،‬واحلياءُمنُأعاملُالقلوب‪ُُ.‬‬

‫والنبيُصىلُاهللُعليهُوسلمُأيضاُقدُفّس ُاإليامنُيفُحديثُوفدُعبدُ‬
‫ا‬

‫ُاإليامن ُبِاّلُِ‬
‫القيس ُبأمور ُقولية ُوعملية ُفقال ُألصحابه‪«ُ :‬أتدْ رون ُما ِ‬

‫و ْحده؟ ُقالوا‪ُ:‬اّل ُورسوله ُأ ْعلم‪ُ،‬قال‪ُ:‬شهادة ُأ ْن ُال ُإَِل ُإِال ُاّل ُوأن ُحممدا اُ‬

‫رسول ُاّلِ‪ُ،‬وإِقام ُالصال ِة‪ُ،‬وإِيتاء ُالزك ِاة‪ُ،‬و ِصيام ُرمضان‪ُ،‬وأ ُْن ُتُ ْعطوا ُِمنُ‬

‫ُ‬ ‫امل ْغن ِمُاخلمسُ»ُرواهُالبخاريُ(‪.)53‬‬

‫وفّسه ُيف ُحديث ُجربيل ُاملشهور ُعند ُالبخاري ُ(‪ُ 50‬و ُ‪ُ،)4777‬‬

‫ومسلم ُ(‪ُِ ،)9‬من ُحديث ُأيب ُهريرة‪-‬ريض ُاهلل ُعنه‪ُ ،-‬ويف ُحديث ُابنُ‬

‫ٍُ‬
‫)‪ُ،‬بأمور ُاعتقادية‪ُ،‬فقالُكامُيفُلفظُ‬‫عمر‪-‬ريضُاهللُعنهام‪-‬عندُمسلمُ(‪8‬‬

‫‪39‬‬
‫اإليامنُ‪ُ :‬أ ْن ُت ْؤ ِمن ُبِاّلِ‪ُ ،‬ومالئِكتِ ِه‪ُ ،‬وكتُبِ ِه‪ُ ،‬وبِلِقائِ ِه‪ُ،‬‬
‫حديث ُأيب ُهريرة‪ِ «ُ :‬‬

‫ُ‬ ‫وُرسلِ ِهُوت ْؤ ِمنُبِا ْلب ْع ِ ُ‬


‫ث»‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وأماُاإلمجاع‪ُ،‬فقدُنقله‪:‬‬

‫ُالسنة" ُ(ص‪ُ 81:‬و ُ‪ُ ،)88‬وابن ُعبد ُالرب ُيفُ‬


‫املزين ُيف ُرسالته ُ"رشح ُّ‬
‫"التمهيد"ُ(‪ُ 238ُ/9‬وُ‪ُ،)243‬وحربُبنُإسامعيلُالكرماينُيفُرسالتهُ‬

‫ُ"السنة" ُ(ص‪ُ ،)39-35:‬وأبو ُعمر ُالطلمنكي ُكام ُيف ُ"جمموعُ‬


‫ُّ‬ ‫يف‬

‫الفتاوى"ُ(‪ُ،)332ُ/7‬وابنُأيبُزيدُالقريواينُيفُ"اجلامع"ُ(ص‪ُ،)110‬‬

‫واإلسامعييل ُيف ُ"اعتقاد ُأئمة ُاحلديث" ُ(‪ُ ،)63‬وأبو ُعثامن ُالصابوين ُيفُ‬

‫"اعتقاد ُالسلف ُأصحاب ُاحلديث" ُ(‪ُ ،)62‬وابن ُأيب ُزمنِني ُيف ُ"أصولُ‬

‫السنة" ُ(‪ُ ،)207‬وابن ُبطة ُيف ُ"اإلبانة ُالصغرى" ُ(ص‪ُ 118-117:‬أوُ‬


‫ُّ‬
‫‪ُ،)105-103‬وابنُتيميةُكامُيفُ"جمموعُالفتاوى"ُ(‪ُ151ُ/3‬وُ‪ُ479ُ/6‬‬

‫ُ‬ ‫وُ‪ُ209ُ/7‬و‪.)708-707ُ/7‬‬

‫وقالُاحلافظُابنُرجبُاحلنبيل‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُكتابهُ"فتحُالباريُرشحُ‬

‫ُ‬ ‫صحيحُالبخاري"ُ(‪:)5ُ/1‬‬

‫ُ‬ ‫وأكثرُالعلامءُقالوا‪ُ:‬هوُقولُُوعمل‪ُ.‬‬

‫‪40‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وهذاُكلهُإمجاعُمنُالسلفُوعلامءُأهلُاحلديث‪ُ.‬‬

‫وقد ُحكى ُالشافعي ُإمجاع ُالصحابة ُوالتابعني ُعليه‪ُ ،‬وحكى ُأبو ُثورُ‬

‫ُ‬ ‫اإلمجاعُعليهُأيضا‪.‬‬
‫ا‬

‫وقال ُاألوزاعي‪"ُ :‬كان ُمن ُمىض ُمن ُسلف ُال ُيفرقون ُبني ُاإليامنُ‬

‫ُ‬ ‫والعمل"‪.‬‬

‫ُ‬ ‫لفُالعلامءُعنُأهلُالسنةُواجلامعة‪.‬ـها‬
‫ُّ‬ ‫واحدُ ِمنُس‬
‫وحكاهُغريُُ ٍُ‬

‫ُ‬ ‫قلت‪:‬‬

‫ُ‬ ‫وقدُخالفُأهلُالسنةُيفُاإليامنُفرقتان‪:‬‬
‫ُّ‬

‫ُ‬ ‫ُِ‬
‫الفرقةُاألوىل‪ُ:‬املرجئة‪.‬‬

‫ُ‬ ‫واملرجئةُعىلُأصناف‪:‬‬

‫ُ‬ ‫الصنفُاألول‪ُ:‬مرجئةُاجلهميةُالغُالة‪.‬‬
‫ِّ‬

‫ُ‬ ‫وهؤالءُقالوا‪ُ:‬اإليامنُهوُاملعرفة‪.‬‬

‫ُ‬ ‫يعني‪ُ:‬معرفةُاهللُتعاىلُبالقلب؛ُفمنُعرفُاهللُبقلبهُفهوُمؤمن‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫ِ‬
‫فالُأحدُمنُاخللقُكافرُحتىُإبليسُواليهودُ‬ ‫وعىلُهذاُاملذهبُالباطلُ‬

‫ُ‬ ‫والنصارىُوكفارُقريشُوفرعون‪.‬‬

‫وقد ُقال ُاهلل‪-‬جل ُوعزُ‪-‬يف ُسورة ُاإلِساء ُيف ُفضح ُفرعون ُوقومه‪ُ:‬‬

‫اسأ ْلُبنِيُإِ ِْسائِيلُإِ ْذُجاءه ْمُفقالُلهُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫{ولقدْ ُآت ْيناُموسىُت ْسعُآياتُب ِّيناتُف ْ‬
‫وراُقال ُلقدْ ُعلِ ْمت ُماُأنْزل ُهؤال ِء ُإِالُ‬ ‫فِ ْرع ْون ُإِ ِّ ُ‬
‫ين ُألظنُّك ُياُموسىُم ْسح ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ربُالسامو ِ‬
‫ُ‬ ‫ضُبصائرُوإِ ِّينُألظُنُّكُياُف ْرع ْونُم ْثب ا‬
‫ورا}‪.‬‬ ‫اتُو ْاأل ْر ِ‬ ‫ُّ‬
‫وقالُتعاىلُيفُسورةُالنمل‪{ُ:‬فلام ُجاءَتم ُآياتناُمب ِرص اة ُقالوا ُهذ ِ‬
‫اُس ْحرُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬
‫ُ‬ ‫است ْيقنتْهاُأنْفسه ْمُظ ْل اامُوعل موا}‪.‬‬ ‫مبِنيُوجحد ِ‬
‫واُهباُو ْ‬

‫ُ‬ ‫الصنفُالثاين‪ُ:‬مرجئةُالكرُامية‪.‬‬
‫ِّ‬

‫ُ‬ ‫وهؤالءُقالوا‪ُ:‬اإليامنُقولُباللسانُفقط‪.‬‬

‫ُ‬ ‫فمنُصدقُبلسانهُكاملنافقُفهوُعندهمُمؤمنُيفُالدنيا‪.‬‬

‫وهذا ُاملذهب ُالباطل ُقد ُنقضه ُاهلل ُوأبطله‪ُ ،‬فقال ُسبحانه ُيف ُأوائلُ‬

‫اس ُم ْن ُيقول ُآمنا ُبِاّلِ ُوبِا ْلي ْو ِمُ‬


‫سورة ُالبقرة ُيف ُشأن ُاملنافقني‪{ُ :‬و ِمن ُالن ِ‬

‫ادعون ُاّل ُوال ِذين ُآمنوا ُوما ُُيْدعون ُإِالُ‬


‫ْاآل ِخ ِر ُوما ُهم ُبِم ْؤ ِمنِني ُ ُُي ِ‬
‫ْ‬

‫‪42‬‬
‫أنْفسه ْمُوماُي ْشعرون ُِيفُقل ِ ُ‬
‫وهبِ ْمُمرضُفزادهمُاّلُمر اضاُول ْمُعذابُأُلِيمُ‬

‫ُ‬ ‫بِامُكانواُيك ِْذبونُ}‪.‬‬

‫ُ‬ ‫الصنفُالثالث‪ُ:‬مجهورُاألشاعرةُوعامةُااماتريدية‪.‬‬
‫ِّ‬

‫ُ‬ ‫وهؤالءُيقولون‪ُ:‬اإليامنُهوُالتصديق‪.‬‬

‫ُ‬ ‫يعني‪ُ:‬تصديقُالقلب‪.‬‬

‫وعىلُهذاُاملذهبُالباطلُيتساوُىُإيامنُأتقُىُاخللقُبإيامنُأفجرُاخللق‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫ألنُاجلميعُمصدق‪.‬‬

‫ويكونُإيامنُأفضلُاألمةُبعدُرسولُاهللُصىلُاهللُعليهُوسلمُباالتفاقُ‬

‫رُالناسُخروجاُ‬ ‫ِ‬
‫اُإليامنُآخ‬‫وهوُأبوُبكرُالصديق‪-‬ريضُاهللُعنه‪-‬مساو اي‬
‫ا‬

‫ُ‬ ‫ا‬
‫نُالنارُودخوالُإىلُاجلنة‪.‬‬‫ِم‬

‫ُ‬ ‫الصنفُالرابع‪ُ:‬مرجئةُالفقهاء‪.‬‬
‫ِّ‬

‫ُ‬ ‫كحامدُبنُأيبُسليامن‪ُ،‬وتلميذهُأيبُحنيفة‪ُ،‬ومنُتابعهام‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وهؤالءُيقولون‪ُ:‬اإليامنُاعتقادُبالقلب‪ُ،‬ونطقُباللسان‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫ِ‬
‫ُمجيعُفرقُاملرجئةُقدُأخرجتُأعاملُاجلوارحُعنُ‬ ‫ونالحظُماُتقدمُأن‬

‫ُ‬ ‫اإليامن‪.‬‬

‫ُ‬ ‫الفرقةُالثانية‪ُ:‬اخلوارجُواملعتزلة‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وهؤالءُيقولون‪ُ:‬إنُأعاملُالعبدُداخلةُيفُمسمىُاإليامن‪.‬‬

‫إالُأن ُاخلوارجُيفُالدنياُتك ِّفرهُبارتكابُكبريةُواحدة‪ُ،‬واملعتزلةَُتعلهُ‬

‫ُ‬ ‫هباُيفُمنزلةُبنيُالكفرُواإليامن‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اُيفُاآلخرةُفيتفقونُمعُاخلوارجُيفُاحلكمُعليهُبالنار‪.‬‬‫وأم‬

‫ُ‬ ‫األمرُالثاين‪ُ:‬عنُزيادةُاإليامنُونقصانه‪.‬‬

‫ُإِ ُِذ ُاإليامن ُيزيدُ ُبفعل ُالطاعات؛ ُطاعات ُالقلب ُواللسان ُواجلوارح‪ُ،‬‬

‫وبواجب ُالعبادات ُومستح ُِّبها‪ُ ،‬وينقص ُبارتكاب ُالسيئات‪ُ ،‬وتركُ‬

‫ُ‬ ‫الفرائض‪.‬‬

‫ولوال ُزيادته ُونقصانه ُمل ُيكن ُللسُابق ُكالصحابة ُفضل ُعىل ُاملسبوقُ‬

‫كمن ُبعدهم‪ُ ،‬بل ُوال ُحتى ُللنبي ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُعىل ُاألمة‪ُ ،‬والُ‬

‫للصاحلنيُعىلُالفساق‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫والسنة‪ُ ،‬وآثار ُالصحابة‪ُ،‬‬
‫ُوقد ُدل ُعىل ُزيادته ُونقصانه‪ُ :‬القرآن‪ُّ ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫واإلمجاع‪.‬‬

‫أماُالقرآن‪ُ ،‬فقدُقالُاهللُسبحانهُيفُأولُسورةُالفتح‪{ُ:‬هو ُال ِذيُأنْزلُ‬

‫ُ‬ ‫الس ِكينة ُِيفُقل ِ‬


‫وبُا ْمل ْؤ ِمنِنيُلِي ْزدادُواُإِيامنااُمعُإِيام َِّنِ ُْم}‪.‬‬

‫وقال ُتعاىل ُيف ُأول ُسورة ُاألنفال‪{ُ :‬وإِذا ُتلِي ْت ُعليْ ِه ُْم ُآياته ُزاد َْت ْمُ‬

‫ُ‬ ‫إِيامناا}‪.‬‬

‫وهاتانُاآليتانُرصَيتانُيفُزيادةُاإليامنُبالطاعات‪ُ،‬ودالتانُأيضاُعىلُ‬
‫ا‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ُكلامُزادُفقدُكانُقبلُالزيادةُأنقصُمنُبعدها‪.‬‬ ‫نقصانه‪ُ،‬ألن‬

‫ُالسنة‪ُ ،‬فقد ُأخرج ُالبخاري ُ(‪ُ ،)6810‬ومسلم ُ(‪ُ ،)57‬عن ُأيبُ‬


‫وأما ُّ‬
‫هريرة‪-‬ريضُاهللُعنه‪-‬أن ُرسولُاهللُصىلُاهللُعليهُوسلمُقال‪«ُ:‬ال ُي ْز ِينُ‬

‫ّسقُوهوُم ْؤ ِمن‪ُ،‬والُي ْرشبُ‬ ‫ّسق ِ‬


‫ُحنيُي ْ ِ‬ ‫ُحنيُي ْز ِينُوهوُم ْؤ ِمن‪ُ،‬والُي ْ ِ‬
‫الز ِاين ِ‬

‫ُ‬ ‫ُحنيُي ْرشهباُوهوُم ْؤ ِمن‪ُ،‬وُالت ْوبةُم ْعروضةُب ْعدُ»‪.‬‬


‫اخلمر ِ‬
‫ْ ْ‬

‫ُ‬ ‫وهذاُاحلديثُرصيحُُيفُنقصانُاإليامنُباملعايص‪.‬‬

‫وأماُآثارُالصحابة‪-‬ريضُاهللُعنهم‪ُ،-‬فقدُثبتُعنُعمريُبنُحبيبُبنُ‬

‫اُزيادتهُ‬ ‫اإليامن ُي ِزيد ُوينْقص ِ‬


‫‪ُ،‬قيل ُله‪ُ:‬وم ِ‬ ‫مخاشة‪-‬ريضُاهللُعنه‪-‬أنهُقال‪ِ ْ «ُ:‬‬

‫‪45‬‬
‫وما ُن ْقصانه؟‪ُ ،‬قال‪ُ :‬إِذا ُذك ْرناه‪ُ ،‬وخ ِشيناه‪ُ ،‬فذلِك ُِزيادته‪ُ ،‬وإِذا ُغف ْلنا‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫ون ِسينا‪ُ،‬وضُي ْعنا‪ُ،‬فذلِكُن ْقصانهُ»‪.‬‬

‫رواه ُابن ُأيب ُشيبة ُيف ُ"مصنفه" ُ(‪ُ ،)30327‬وعبد ُاهلل ُبن ُأمحد ُيفُ‬

‫ُ‬ ‫"السنة"ُ(ُ‪ُ624‬وُ‪.)625‬‬
‫ُّ‬

‫وقال ُاإلمام ُابن ُتيمية‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُكتابه ُ"اإليامن" ُ(ص‪-176:‬‬

‫ُ‬ ‫‪:)177‬‬

‫وقد ُثبت ُلفظ ُالزيادة ُوالنقصان ُِمنه ُعن ُالصحابة‪ُ ،‬ومل ُيعرف ُفيهُ‬
‫ِ‬
‫نُالصحابة‪ُ،‬فروىُالناسُمنُوجوهُكثريةُمشهورة‪ُ،‬عنُمحادُبنُ‬ ‫ِ‬
‫خمالفُم‬

‫ري ُبن ُحبِيب ُاخل ْط ِميُ‪-‬وهو ُِمنُ‬


‫سلمة ُعن ُأيب ُجعفر ُعن ُجده ُعم ْ ُ‬

‫أصحابُرسولُاهللُصىلُاهللُعليهُوسلم‪-‬قال‪«ُ:‬اإليامنُيزيدُوينقص‪ُ،‬‬

‫قيلُله‪ُ:‬وماُزيادتهُوماُنقصانه؟ُقال‪ُ:‬إذاُذكرناُاهللُومحدناهُوسبُحناهُفتلكُ‬

‫ُ‬ ‫زيادته‪ُ،‬وإذاُغفلناُونسيناُفتلكُنقصانه»‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫وأماُاإلمجاع‪ُ،‬فقدُنقله‪:‬‬

‫ُالسنة" ُ(ص‪ُ ،)81:‬وحرب ُبن ُإسامعيل ُالكرماين ُيفُ‬


‫املزين ُيف ُ"رشح ُّ‬
‫ُ"السنة" ُ(ص‪ُ ،)39-35:‬وابن ُأيب ُزيد ُالقريواين ُيفُ‬
‫ُّ‬ ‫رسالته ُيف‬

‫‪46‬‬
‫"اجلامع"(ص‪ُ ،)110:‬وابن ُأيب ُزمنِني ُيف ُ"أصول ُالسنة" ُ(ص‪ُ،)211:‬‬

‫وأبوُاحلسنُاألشعريُيفُ"رسالةُإىلُأهلُالثغر"ُ(ص‪ُ،)272:‬وابنُبطةُ‬

‫يفُ"اإلبانةُالكربى"ُ(‪ُ،)832ُ/2‬واإلسامعييلُيفُ"اعتقادُأئمةُاحلديث"ُ‬

‫(ص‪ُ ،)64-63:‬وأبو ُعثامن ُالصابوين ُيف ُ"اعتقاد ُالسلف ُأصحابُ‬

‫ُالسنة" ُ(‪ُ ،)39-38ُ /1‬وابنُ‬


‫احلديث" ُ(ص‪ُ ،)62:‬والبغوي ُيف ُ"رشح ُّ‬
‫عبد ُالرب ُيف ُ"التمهيد" ُ(‪ُ 238ُ /9‬و ُ‪ُ ،)252‬وابن ُتيمية ُكام ُيف ُ"جمموعُ‬

‫ُ‬ ‫الفتاوى"ُ(‪.)272ُ/7‬‬

‫األمرُالثالث‪ُ:‬عنُأمهيةُالعملُيفُاإليامن‪.‬‬

‫ُ‬ ‫حيثُقالُاملصنف‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُكالمهُالسابق‪:‬‬

‫[ُوالُينْفعُق ْولُإِالُبِعم ٍل‪ُ،‬والُعملُوق ْولُإِالُبِنِي ٍة‪ُ،‬والُق ْولُوعملُونِيةُ‬

‫ُ‬ ‫إِالُبِسن ٍُة]‪ُ.‬‬

‫ُ‬ ‫ُوقدُتقدمُيفُاإليامنُشيئان‪:‬‬

‫ِ‬
‫صُواإلمجاعُمنُاإليامن‪.‬‬ ‫أحدمها‪ُ:‬أنُعملُاجلوارحُبالن‬

‫والثاين‪ُ :‬أن ُمجيع ُفرق ُاملرجئة ُاتفقت ُعىل ُإخراج ُعمل ُاجلوارح ُعنُ‬

‫اإليامن‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫ُ‬ ‫وقدُجاءُيفُكالمُاملصنف‪-‬رمحهُاهلل‪-‬هذاُأمران‪:‬‬

‫ُ‬ ‫األمرُاألول‪ُ:‬أنهُالُينفعُقولُإالُبعمل‪.‬‬

‫ُالسنة" ُ(ص‪ُ )81:‬عنُ‬


‫وقد ُقال ُاإلمام ُاملزين‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُ"رشح ُّ‬
‫القولُوالعمل‪:‬‬

‫فرقُبينهام‪ُ،‬الُإيامنُإالُبعملُوالُعملُ‬
‫ومهاُس ِّيانُونظامانُوقرينانُالُنُ ُِّ‬

‫ُ‬ ‫إالُبإيامن‪.‬ـها‬

‫وقال ُاإلمام ُابن ُأيب ُزمنِني‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُرسالته ُ"أصول ُالسنة"ُ‬

‫ُ‬ ‫(ص‪:)207:‬‬

‫ُ‬ ‫فالقولُوالعملُقرينانُالُيقومُأحدمهاُإالُبصاحبه‪.‬ـها‬

‫ونُقل ُغري ُواحد ُاإلمجاع ُعىل ُأنه ُال ُبد ُِمن ُالعمل ُيف ُاإليامن‪ُ ،‬وأنه ُالُ‬

‫ُ‬ ‫َيزئُقولُإالُبعمل‪.‬‬

‫ُ‬ ‫فقالُاإلمامُابنُتيمية‪-‬رمحهُاهلل‪-‬كامُيفُ"جمموعُالفتاوى"ُ(‪:)209ُ/7‬‬

‫ِ‬
‫نُالصحابةُوالتابعنيُمنُبعدهم‪ُ،‬ومنُ‬ ‫ِ‬
‫وكانُاإلمجاعُم‬ ‫وقالُالشافعي‪ُ :‬‬

‫ُ‬ ‫أدركناهمُيقولون‪ُ:‬‬

‫‪48‬‬
‫ُ‬ ‫اإليامنُقولُوعملُونية‪ُ،‬الَُيزئُواحدُمنُالثالثُإالُباآلخر‪.‬ـها‬

‫وقال ُاإلمام ُأبو ُبكر ُاآلجُ ُِّري‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُكتاب ُ"األربعني"ُ‬

‫ُ‬ ‫(ص‪:)136:‬‬

‫ال َُتزئ ُاملعرفة ُبالقلب‪-‬وهو ُالتصديق‪-‬إال ْ‬


‫ُأن ُيكون ُمعه ُإيامنُ‬

‫باللسان‪ُ ،‬وحتى ُيكون ُمعه ُنطق‪ُ ،‬وال َُتزئ ُمعرفة ُبالقلب ُوالنُّطقُ‬

‫باللسانُحتىُيكونُمعهُعملُباجلوارح‪ُ،‬فإذاُكملتُاخلصالُالثالثُكانُ‬

‫ُ‬ ‫ُعىلُذلكُالكتابُوالسنةُوقولُعلامءُاملسلمني‪.‬ـها‬
‫ُّ‬ ‫مؤمنااُحقا‪ُ،‬دل‬

‫ُ‬ ‫ثمُذكرُشي ائ ِ‬
‫اُمنُاألدلة‪ُ،‬وقال‪:‬‬

‫فاألعاملُباجلوارحُتصديقُُعنُاإليامنُبالقلبُواللسان‪ُ،‬فمنُملُيُصدُِّقُ‬

‫اإليامنُبعملهُوبجوارحه‪ُ،‬مثل‪ُ:‬الطهارةُوالصالةُوالزكاةُوالصيامُواحلجُ‬

‫واجلهاد ُوأشباه ُلذه‪ُ ،‬وريض ُلنفسه ُاملعرفة ُوالقول ُدون ُالعمل ُمل ُيكنُ‬

‫مؤمناا‪ُ ،‬ومل ُتنفعه ُاملعرفة ُوالقول‪ُ ،‬وكان ُتركه ُللعمل ُتكذي ابا ُ ِمنه ُإليامنه‪ُ،‬‬

‫وكانُالعملُبامُذكرناُتصدي اقاُمنهُإليامنه‪ُ،‬فاعلمُذلك‪ُ،‬هذاُمذهبُالعلامءُ‬

‫املسلمنيُقديام ُوحدي اثا‪ُ،‬فمنُقالُغريُهذاُفهوُمرجئُخبيثُاحذرهُعىلُ‬


‫ا‬
‫ُ‬ ‫دينك‪.‬ـها‬

‫‪49‬‬
‫وقالُاحلافظُابنُرجبُاحلنبيل‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُكتابهُ"فتحُالباري"ُ(‪ُ/1‬‬

‫ُ‬ ‫‪:)21‬‬

‫ُ‬ ‫ونقلُحربُعنُإسحاق‪ُ،‬قال‪ُ:‬‬

‫غُلُت ُاملرجئة ُحتى ُصار ُِمن ُقولم‪ُ :‬إن ُقو اما ُيقولون‪ُ :‬من ُتركُ‬
‫ِ‬
‫الصلواتُاملكتوباتُوصومُرمضانُوالزكاةُواحلجُوعامةُالفرائضُمنُ‬

‫غري ُجحود ُلا ُال ُنك ِّفره‪ُ ،‬يرجى ُأمره ُإىل ُاهلل ُبعد‪ُ ،‬إذ ُهو ُمُقر‪ُ ،‬فهؤالءُ‬

‫ُ‬ ‫الذينُالُشكُفيهم‪-ُ،‬يعنيُيفُأَّنمُمرجئة‪.-‬ـها‬

‫وقال ُاإلمام ُابن ُتيمية‪-‬رمحه ُاهلل ُ‪-‬كام ُيف ُ"جمموع ُالفتاوى" ُ(‪ُ/7‬‬

‫ُ‬ ‫‪:)209‬‬

‫ُ‬ ‫وقالُحنْبل‪ُ:‬حدثناُاحلميدي‪ُ،‬قال‪ُ:‬‬

‫وأ ْخ ِربتُأن ا‬
‫ُناساُيقولون‪ُ:‬منُأقر ُبالصالةُوالزكاةُوالصومُواحلجُوملُ‬

‫صيلُمستدبِرُالقبلةُحتىُيموت‪ُ،‬فهوُ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫فعلُمنُذلكُشي ائاُحتىُيموت‪ُ،‬وي‬‫ي‬

‫قراُ‬
‫ُتركه ُذلك ُفيه ُإيامنه ُإذا ُكان ُم م‬ ‫مؤمن ُما ُمل ُيكن ُجاحدا ا ُإذا ُعلِم ْ‬
‫ُأن ْ‬
‫بالفرائضُواستقبالُالقبلة‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫ِ‬
‫ُكتاب ُاّل ُوسنِّة ُرسوله ُوعلامءُ‬ ‫ُالرصاح‪ُ ،‬وخالف‬
‫فقلت‪ُ :‬هذا ُالكفر ُّ‬

‫املسلمني‪ُ،‬قالُاّل ُتعاىل‪{ُ:‬وماُأ ِمرواُإِال ُلِي ْعبدواُاّلُ ُخمْلِ ِصني ُله ُالدِّ ينُ}ُ‬

‫ُ‬ ‫اآلية‪ُ.‬‬

‫ُ‬ ‫وقالُحنْبل‪ُ:‬سمعتُأباُعبدُاهللُأمحدُبنُحنبلُيقول‪ُ:‬‬

‫منُقالُهذاُفقدُكفرُباهلل‪ُ،‬ورد ُعىلُأمرهُوعىلُالرسولُماُجاءُبه ُعنُ‬

‫ُ‬ ‫اهلل‪.‬ـها‬

‫وقال ُاإلمام ُابن ُتيمية‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬كام ُيف ُ"جمموع ُالفتاوى" ُ(‪ُ/14‬‬

‫ُ‬ ‫‪:)121‬‬

‫وقدُقالُالنبيُصىلُاهللُعليهُوسلم‪«ُ:‬إن ُِيف ْ‬
‫ُاجلس ِدُم ْضغ اة‪ُ،‬إذاُصلح ْ‬
‫تُ‬

‫ُ‬ ‫ُاجلسدُك ُّله‪ُ،‬أالُو ِهيُا ْلق ْلبُ»‪.‬‬ ‫اجلسدُك ُّله‪ُ،‬وإِذاُفسد ْ‬


‫تُفسد ْ‬ ‫صلحُ ْ‬

‫فبني ُأن ُصالح ُالقلب ُمستلزمُ ُلصالح ُاجلسد‪ُ ،‬فإذا ُكان ُاجلسد ُغريُ‬

‫صالحُدلُعىلُأنُالقلبُغريُصالح‪ُ،‬والقلبُاملؤمنُصالح‪ُ،‬فعلِمُأنُمنُ‬

‫ُ‬ ‫يتكلمُباإليامنُوالُيعملُبهُالُيكونُقلبهُمؤمناا‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫وقالُأيضاُ(‪:)621ُ/7‬‬
‫ا‬

‫‪51‬‬
‫وقد ُتبني ُأن ُالدين ُال ُبد ُفيه ُِمن ُقول ُوعمل‪ُ ،‬وأنُه ُيُمتنع ُ ُْ‬
‫أن ُيكونُ‬

‫اُظاهراُوالُ‬
‫اُ‬ ‫الرُجلُمؤم ُنااُباهللُورسولهُبقلبهُأوُبقلبهُولسانهُوملُيؤ ُِّدُواج اُب‬

‫صالةُوالُزكاةُوالُصيا اُماُوالُغريُذلكُ ِمن ُالواجبات‪ُ ،‬الُألجلُأنُ ُاهللُ‬

‫ُِ‬
‫أوُيعدلُيف ُقسمهُ‬ ‫أوجبها‪ُ ،‬مثل‪ُْ ُ :‬‬
‫أن ُيؤدي ُاألمانة‪ُ ،‬أو ُيصدُقُاحلديث‪ُ ،‬‬

‫ُإيامن ُباهلل ُورسوله‪ُ ،‬مل ُُيُرج ُبذلك ُ ِمن ُالكفر‪ُ ،‬فإنُُ‬


‫ٍُ‬ ‫وحكمه‪ِ ُ ،‬من ُغري‬

‫املرشكني ُوأهل ُالكتاب ُيرون ُوجوب ُهذه ُاألمور‪ُ ،‬فال ُيكون ُالرجلُ‬

‫مؤم ُنااُباهللُورسولهُمعُعدمُيشءُ ِمنُالواجباتُالتيُُيُتصُبإَياهباُحممدُ‬

‫ُ‬ ‫صىلُاهللُعليهُوسلم‪ُ.‬‬

‫ومُن ُقال ُبحصول ُاإليامن ُالواجب ُبدون ُفعل ُيشء ُ ِمن ُالواجبات‪ُ،‬‬

‫سواءُجعلُفعلُتلكُالواجباتُالز اُماُله‪ُ ،‬أوُجز اُءا ُ ُِمنه‪ُ ،‬فهذاُنزاعُلفظيُ‬


‫ُِ‬

‫ُ‬ ‫كانُخمط اُئاُخطأُب ُِّي ُناا‪.‬‬

‫وهذه ُبدعة ُاإلرجاء ُالتي ُأعظم ُالسُلف ُواألئمة ُالكالم ُيف ُأهلها‪ُ،‬‬

‫ُِ‬
‫ُفيهاُمنُاملقاالتُالغليظةُماُهوُمعروف‪ُ ،‬والصالةُهيُأعظمهاُ‬ ‫وقالوا‬

‫ُ‬ ‫وأعمهاُوأوُلاُوأجلها‪.‬ـها‬
‫ُُّ‬

‫‪52‬‬
‫األمرُالثاين‪ُ :‬أنهُالُينفعُقولُوعملُإالُبنية‪ُ،‬والُقولُوعملُونيةُإالُ‬

‫ُ‬ ‫بسنة‪.‬‬

‫وقد ُقال ُاإلمام ُابن ُتيمية‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬كام ُيف ُ"جمموع ُالفتاوى" ُ(‪ُ/7‬‬

‫ُ‬ ‫‪ُ)170‬يفُتوضيحُذلك‪:‬‬

‫ا‬
‫ُوعمال ُبالُ‬ ‫ا‬
‫فر‪ُ،‬وإذاُكانُقوال‬ ‫ا‬
‫ُاإليامنُإذاُكانُقوال ُبالُعملُفهوُك‬ ‫ألن‬

‫ُ‬ ‫ا‬
‫ُوعمالُونيةُبالُسنةُفهوُبدعة‪.‬ـها‬ ‫ا‬
‫ةُفهوُنفاق‪ُ،‬وإذاُكانُقوال‬‫ني‬

‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫بدُاهللُبنُالزبريُاحلميدي‪-‬رمحهُاهلل‪:-‬‬
‫ُّ‬ ‫ثمُقالُاإلمامُأبوُبكرُع‬

‫اب ُحمم ٍد ُصىل ُاّل ُعل ْي ِه ُوسلمُ ُك ِّل ِه ْم‪ُ،‬ف ِإن ُاّلُ‪-‬عزُ‬
‫[والرت ُّحم ُعىل ُأ ْصح ِ‬

‫إل ْخوانِناُ‬
‫وجلُ‪ُ -‬قال‪{ُ :‬وال ِذين ُجاءوا ُِم ْن ُب ْع ِد ِه ْم ُيقولون ُربنا ُا ْغ ِف ْر ُلنا ُو ِ‬

‫الُ ِذينُسبقوناُبِ ِ‬
‫اإليام ُِن}‪.‬‬

‫ار ُل ْم‪ُ ،‬فم ْن ُسبه ْم ُأ ْو ُتنقصه ْم ُأ ْو ُأحدا ا ُِمنْه ْم‪ُ،‬‬


‫اال ْستِ ْغف ِ‬
‫فلم ُن ْؤمر ُإِال ُبِ ِ‬

‫ي ِءُح ٌّق‪.‬‬
‫ُالسن ِة‪ُ،‬ول ْيسُله ُِيفُا ْلف ُْ‬
‫فل ْيسُعىل ُّ‬

‫ُ‬ ‫اح ٍدُعنُمال ِ ِ‬


‫كُ ْب ِنُأن ٍ‬
‫سُأنهُقال‪:‬‬ ‫أ ْخربناُبِذلِكُغريُو ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬

‫‪53‬‬
‫اج ِرين ُال ُِذين ُأ ْخ ِرجوا ُِم ْنُ‬ ‫قسم ُاّل ُتعاىل ُا ْلفُيء ُفقال‪{ُ :‬ل ِ ْلفقر ِ‬
‫اء ُا ْمله ِ‬

‫ُ‬ ‫ِدي ِ‬
‫ار ِه ُْم}‪.‬‬

‫ُ‬ ‫إل ْخوانِنا}‪ُ.‬‬


‫واُم ْنُب ْع ِد ِه ْمُيقولونُربنُاُا ْغ ِف ْرُلناُو ِ‬
‫ثمُقال‪{ُ:‬وال ِذينُجاء ِ‬

‫ُ‬ ‫فم ْنُملُْيق ْلُهذاُل ْم‪ُ،‬فل ْيس ُِم ْنُج ِعلُلهُا ْلفُ ُْ‬
‫يءُ]‪ُ.‬‬

‫الرشح‪-:‬‬

‫كرُأوُأنثىُمؤمنااُ‬ ‫ِ‬
‫نُلقيُالنبيُصىلُاهللُعليهُوسلمُمنُذ ٍُ‬‫الصُحايبُهو‪ُ:‬م‬

‫ُ‬ ‫بِه‪ُ،‬وماتُعىلُاإلسالم‪.‬‬

‫وإىلُهذاُذهبُمجاهريُأهلُالعلم‪.‬‬

‫وقدُنسبهُإليهم‪:‬‬

‫النووي ُيف ُ"رشح ُصحيح ُمسلم" ُ(‪ُ ،)392ُ /5‬والعالئي ُيف ُ" ُمنيفُ‬

‫الرتبةُملنُثبتُلهُرشيفُالصحبة"ُ(‪ُ30‬وُ‪ُ32‬وُ‪ُ36‬وُ‪ُ،)46‬وابنُحجرُ‬

‫ُ‬ ‫العسقالينُيفُ"فتحُالباري"ُ(‪ُ،)3ُ/7‬وغريهم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ويدخلُيفُهذاُاحلدِّ ‪ُ:‬‬

‫‪54‬‬
‫منُطالتُجمالستهُللنبيُصىلُاهللُعليهُوسلمُأوُقرصت‪ُ،‬وروىُعنهُ‬

‫ٍُ‬
‫نُرَيتهُلسببُ‬ ‫ِ‬
‫رب‪ُ،‬أوُملُيتمكنُم‬ ‫ِ‬
‫رو‪ُ،‬ورآهُيفُحالُالصغرُأوُالك‬‫أوُملُي‬

‫ُ‬ ‫كالعمُى‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وُيرجُعنُهذاُاحلدِّ ‪ُ:‬‬

‫ِ‬
‫ااُبغريهُمنُاألنبياء ُوماتُقبلُبعثته‪ُ،‬ومنُآمنُبِهُثم ُارتدُ‬ ‫منُلقيهُمؤمن‬

‫ُ‬ ‫بعدُموتهُوماتُعىلُالردة‪ُ،‬ومنُعارصهُمؤمنااُبِهُوملُيلقهُكالنجايش‪.‬‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫ُبعدُجيل‪ُ،‬وقرنااُبعدُ‬ ‫ا‬
‫ةُواحلديثُالذيُتناقلوهُجيال‬‫ومذهبُأهلُالسن‬
‫ُّ‬
‫نوهُيفُكتبُالسنةُواالعتقادُعىلُاختالفُ‬
‫ُّ‬ ‫قرن‪ُ،‬ونرشوهُيفُاآلفاق‪ُ،‬ودو‬
‫عصورهم‪ُ ،‬وتعدد ُبلداَّنم‪ُ ،‬وتفاوت ُلغاَتم‪ُ ،‬جهة ُأصحاب ُالنبي ُصىلُ‬
‫ُ‬ ‫اهللُعليهُوسلمُيتلخصُيفُهذهُاألمورُاألربعة‪:‬‬

‫ُ‬ ‫األمرُاألول‪ُ:‬‬
‫حمبة ُالصحابة ُمجيعا‪ُ ،‬ومواالَتم‪ِ ،‬‬
‫ُوذكرهم ُباجلميل‪ُ ،‬ونرش ُحماسنهمُ‬ ‫ا‬
‫وفضائلهمُبنيُالناس‪ُ،‬وسالمةُالقلوبُواأللسنةُمعهم‪ُ،‬واالستغفارُلم‪ُ،‬‬
‫والرتيضُعنهم‪.‬‬
‫ِّ‬

‫حيثُقالُاإلمامُأبوُعبدُاهللُاألندليسُاامالكيُالشهريُبانُأيبُزمُ ُنِني‪-‬‬
‫ُ‬ ‫يفُكتابهُ"أصولُالسنة"ُ(ص‪:)378:‬‬
‫ُّ‬ ‫رمحهُاهلل‪-‬‬

‫‪55‬‬
‫نُقولُأهلُالسنة‪ْ ُ :‬‬
‫أن ُيعتقدُاملرءُاملحبة ُألصحابُالنبيُصىلُاهللُ‬ ‫ِ‬
‫وم‬
‫ُّ‬
‫ْ‬
‫عليهُوسلم‪ُ،‬وأنُينرشُحماسنهمُوفضائلهم‪ُ،‬ويمسكُعنُاخلوضُفيامُدارُ‬
‫ُ‬ ‫بينهم‪ُ.‬‬

‫وقدُأثنىُاهلل‪-‬عزُوجلُ‪-‬يفُغريُموض ٍُعُ ِمنُكتابهُثناءُأوجبُالترشيفُ‬


‫إليهم‪ُ،‬بمحبتهم‪ُ،‬والدعاءُلم‪ُ،‬فقال‪{ُ:‬حممدُرسولُاّلُِوال ِذينُمعهُأ ِشداءُ‬
‫ُ‬ ‫عىلُاُ ْلكف ِ‬
‫ارُرمحاءُب ْينه ُْم}‪.‬‬

‫ات ُِمنْه ُْم ُم ْغ ِفر اة ُوأ ْج اراُ‬


‫إىلُقوله‪{ُ:‬وعد ُاّل ُال ِذين ُآمنوا ُوع ِملوا ُالص ِاحل ِ‬

‫ُ‬ ‫عظِ اُ‬


‫يام}‪.‬‬

‫ار ِه ْم ُوأ ْمو ِال ِ ْم ُي ْبتغونُ‬


‫اج ِرين ُال ِذين ُأ ْخ ِرجوا ُِم ْن ُِدي ِ‬ ‫وقال‪{ُ:‬ل ِ ْلفقر ِ‬
‫اء ُا ْمله ِ‬

‫ُ‬ ‫ض اال ُِمنُاّلُِو ِر ْضوا ناا}ُإىلُقوله‪{ُ:‬فُأ وَلِكُهمُا ْمل ْفلِحونُ}‪.‬‬ ‫ف ُْ‬

‫وقالُالنبيُصىلُاهللُعليهُوسلم‪«ُ:‬خ ْريُأمتِيُق ْر ِين‪ُ،‬ثمُال ِذينُيلوَّن ُْم‪ُ،‬ثمُ‬


‫ُ‬ ‫ال ِذينُيلوَّن ُْم»‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫وحديث‪«ُ:‬خ ْريُأمتِيُق ْر ِ ُ‬


‫ين»‪.‬‬

‫قدُأخرجهُالبخاريُ(‪ِ ُ،)3650‬منُحديثُعمرانُبنُحصنيُ‪-‬ريضُ‬
‫ُ‬ ‫اهللُعنه‪.-‬‬

‫وأخرجهُأيضاُالبخاريُ(‪ُ 6428‬وُ‪ُ،)6695‬ومسلمُ(‪ُ)2523‬بلفظ‪ُ:‬‬
‫ا‬
‫ُ‬ ‫«خ ْريك ْمُق ْر ِ ُ‬
‫ين»‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫وأخرج ُالبخاري ُ(‪ُ 6429‬و ُ‪ُ 2652‬و ُ‪ُ ،)2651‬ومسلم ُ(‪ُ)2533‬‬
‫ِ‬
‫نحوهُمنُحديثُابنُمسعود‪-‬ريضُاهللُعنه‪ُ،-‬ولكنهُبلفظ‪«ُ:‬خ ْريُالنُ ِ‬
‫اسُ‬
‫ُ‬ ‫ق ْر ِ ُ‬
‫ين»‪.‬‬

‫وأخرجه ُمسلم ُ(‪ُِ ،)2534‬من ُحديث ُأيب ُهريرة‪-‬ريض ُاهلل ُعنه‪-‬‬


‫ُ‬ ‫بلفظ‪«ُ:‬خ ْريُأمتِىُا ْلقُ ْرنُال ِذينُب ِع ْثتُفِ ِيه ُْم»‪.‬‬

‫وهذاُاحلديث ُظاهرُورصيحُيف ُأن ُأفضل ُاألمة ُبالُمنازع ُبعد ُالنبيُ‬


‫ُ‬ ‫صىلُاهللُعليهُوسلمُأصحابه‪-‬ريضُاهللُعنهم‪.-‬‬

‫وقالُأبوُاحلسنُاألشعري‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُكتابهُ"رسالةُإىلُأهلُالثغر"‪:‬‬

‫وأمجعوا ُعىلُأنُكل ُمنُص ِحبُالنبيُصىلُاهللُعليهُوسلمُولوُساعة‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫أوُرآهُولوُمرةُ‪ُ،‬معُإيامنهُبِه‪ُ،‬وبامُدعاُإليه‪ُ،‬أفضلُمنُالتابعنيُبِذلك‪.‬ـهاُ‬

‫وقال ُاإلمامُابنُتيمية‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يفُكتابه ُ"العقيدة ُالواسطية" ُ(ص‪ُ:‬‬


‫ُ‬ ‫‪:)33‬‬

‫نُأصولُأهلُالسنةُواجلامعة‪ُ :‬سالمةُقلوهبم‪ُ،‬وألسنتهمُألصحابُ‬ ‫ِ‬


‫وم‬
‫ُّ‬
‫ُ‬ ‫رسولُاهللُصىلُاهللُعليهُوسلم‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫وقالُيفُكتابهُُ"منهاجُالسنةُالنبوية"ُ(‪:)22ُ/1‬‬
‫ُّ‬

‫‪57‬‬
‫ُخليارُاملؤمنني‪ُ،‬‬ ‫ِ‬
‫ُيكونُيفُقلبُالعبدُغ ٌّل ِ ِ‬ ‫ْ‬
‫ثُالقلوب‪ُ:‬أن‬ ‫ِ‬
‫ومنُأعظمُخب‬
‫وساداتُأولياءُاهللُبعدُالنبيني‪ُ،‬ولذاُملَُيعلُاهللُتعاىلُيفُالفيءُنصي اباُ‬
‫ِملن ُبعدهم ُإالُ ُالذين ُيقولون‪{ُ :‬ربنا ُا ْغ ِف ْر ُلنا ُو ِ ِ‬
‫إل ْخوانِنا ُال ِذين ُسبقوناُ‬
‫ُ‬ ‫اُغ مالُلِل ِذينُآمنواُرُبناُإِنكُرءوفُر ِحيمُ}‪.‬ـها‬ ‫اإليام ِنُوالَُتْع ْل ُِيفُقلوبِن ِ‬
‫بِ ْ ِ‬

‫ُ‬ ‫وقالُيفُكتابهُ"الصارمُاملسلولُعىلُشاتمُالرسول"ُ(ص‪:)578ُ:‬‬

‫ُالسنة ُواجلامعة ُفإَّنم ُجممعون‪ُ :‬عىل ُأن ُالواجب ُالثناءُ‬


‫وسائر ُأهل ُّ‬
‫عليهم‪ُ ،‬واالستغفار ُلم‪ُ ،‬والرتحم ُعليهم‪ُ ،‬والرتيض ُعنهم‪ُ ،‬واعتقادُ‬
‫ُ‬ ‫حمبتهم‪ُ،‬ومواالَتم‪ُ،‬وعقوبةُمنُأساءُفيهمُالقول‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫األمرُالثاين‪:‬‬

‫اءُمنُكلُمنُيذكرُالصحابةُ‪-‬‬‫الذمُوالقدح ُوالتحذيرُوالبغض ُوالربُ ِ‬


‫ريض ُاهلل ُعنهم‪-‬أو ُيُذكر ُأحدا ا ُِمنهم ُبسوء‪ُ ،‬وأنه ُم ِ‬
‫بتدع ُضال ُمنحرفُ‬
‫ُ‬ ‫خارجُعنُسبيلُاحلقُوالدى‪.‬‬

‫مُأهلُالسنةُأمحدُبنُحنبل‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُرسالتهُ"أصولُ‬
‫ُّ‬ ‫حيثُقالُإما‬
‫ُ‬ ‫السنة"ُ(ص‪ُ:)54ُ:‬‬
‫ُّ‬

‫من ُانتقص ُواحدا ا ُِمن ُأصحاب ُرسول ُاهلل ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُأوُ‬
‫ِ‬
‫يهُكانُمبتد اعا‪ُ،‬حتىُيرتحمُعليهمُ‬ ‫ُِ‬
‫كرُمساو‬ ‫ُِ‬
‫ثُكانُمنه‪ُ،‬أوُذ‬ ‫ِ‬
‫أبغضهُحلد‬
‫ُ‬ ‫ا‪ُ،‬ويكونُقلبهُلمُسليام‪.‬ـها‬
‫ا‬ ‫مجي اع‬

‫‪58‬‬
‫ُالسنة" ُ(‪ُ،ُ 454ُ /5‬‬
‫ُأيضا ُكام ُيف ُ"رشح ُأصول ُاعتقاد ُأهل ُّ‬
‫وقال ا‬
‫رقم‪ُ )1919:‬لاللكائي‪ُ ،‬و ُ"احلجة ُيف ُبيان ُاملحجة" ُ(‪ُ ،ُ 397ُ /2‬رقم‪ُ:‬‬
‫‪ُ)367‬لألصبهاين‪:‬‬

‫ُ‬ ‫إذاُرأيتُأحدا اُيذكرُأصحابُرسولُاهللُبسوءُفاَتمهُعىلُاإلسالم‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫اُكامُيفُ"السنة"ُ(‪ُ،)758‬للخالل‪ُ:‬‬
‫ُّ‬ ‫وقالُأيض‬
‫ا‬

‫من ُتنقص ُأحدا ا ُِمن ُأصحاب ُرسول ُاهلل ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُفالُ‬
‫ُبلِية‪ُ ،‬وله ُخبيئة ُسوء‪ُُ ،‬إِ ُْذ ُقصد ُإىل ُخري ُالناس ُوهمُ‬
‫ينطوي ُإال ُعىل ُ‬
‫ُ‬ ‫أصحابُرسولُاهللُصىلُاهللُعليهُوسلم‪.‬ـها‬

‫وقال ُاإلمام ُأبو ُزرعة ُالرازي‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬كام ُيف ُ"الكفاية ُيف ُعلمُ‬
‫الرواية"ُ(ص‪ُ)49:‬للخطيبُالبغدادي‪:‬‬
‫إذاُرأيتُالرجلُينتقصُأحدا ِ‬
‫اُمنُأصحابُرسولُاهللُصىلُاهللُعليهُ‬
‫وسلمُفاعلمُأنهُزنديق‪ُ،‬وذلكُأن ُالرسولُصىلُاهللُعليهُوسلمُعندناُ‬
‫حق‪ُ ،‬وإنام ُأدى ُإلينا ُهذا ُالقرآن ُوال ُّسنن ُأصحاب ُرسول ُاهلل ُصىل ُاهللُ‬
‫ُوالسنة‪ُ،‬‬ ‫عليه ُوسلم‪ُ ،‬وإنام ُيريدون ْ‬
‫ُأن َُيرحوا ُشهودنا ُليبطلوا ُالكتاب ُّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫واجلرحُهبمُأوىل‪ُ،‬وهمُزنادقة‪.‬ـها‬
‫وقال ُاإلمام ُحرب ُبن ُإسامعيل ِ‬
‫ُالكرماين‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُرسالته ُيفُ‬
‫ُ‬ ‫"السنة"ُ(ص‪:)71:‬‬
‫ُّ‬

‫‪59‬‬
‫ُِ‬
‫هم‪ُ،‬والُيطعنُعىلُأحدُمنهمُ‬ ‫الَُيوزُألحدُأن ُيذكرُشي ائ ِ‬
‫اُمنُمساوئ‬ ‫ْ‬
‫بعيب‪ُ ،‬والُبنقص‪ُ،‬والُوقيعة‪ُ ،‬فمُنُفعلُذلكُفقدُوجبُعىلُالسلطانُ‬
‫فإن ُتابُقُ ُبِلُ‬
‫ليسُلهُأن ُيعفوُعنه‪ُ ،‬بلُيعاقبهُويُستتيبه‪ُْ ُ ،‬‬
‫ُْ‬ ‫تأديبه‪ُ ،‬وعقوبته‪ُ ،‬‬
‫وإن ُثبت ُأعاد ُعليه ُبالعقوبة‪ُ ،‬ثم ُخلُده ُاحلبس ُحتى ُيموت ُأوُ‬ ‫ُِمنه‪ُْ ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫‪ُ،‬فهذاُالسنةُيفُأصحابُحممدُصىلُاهللُعليهُوسلم‪.‬ـها‬
‫ُّ‬ ‫يراجع‬

‫ُ‬ ‫قلت‪:‬‬

‫وقد ُبني ُاهلل ُتعاىل ُحال ُأهل ُالتُّقى ُوالصالح ُِمن ُجاء ُبعد ُعرصُ‬
‫الصحابةُمعُالصحابة‪ُ،‬وأرشدُإليه‪ُ،‬وأنهُالرتحمُعليهم‪ُ،‬واالستغفارُلم‪ُ،‬‬
‫وسالمة ُالقلب ُِمن ِ‬
‫ُالغ ِّ ُ‬
‫ل ُواحلقد ُوالضُغينة ُنحوهم‪ُ ،‬فقال ُسبحانه ُيفُ‬
‫ُأن ُأثنى ُعىل ُالصحابة ُِمن ُاملهاجرين ُواألنصار ُوذكرُ‬ ‫سورة ُاحلرش ُبعد ْ‬
‫بعض ُمجيل ُصفاَتم‪{ُ :‬وال ِذين ُجاءوا ُِم ْن ُب ْع ِد ِه ْم ُيقولون ُربنا ُا ْغ ِف ْر ُلناُ‬
‫اإليام ِن ُوال َُتْع ْل ُِيف ُقلوبِن ِ‬
‫اُغ مال ُلِل ِذين ُآمنوا ُرُبناُ‬ ‫إل ْخوانِناُال ِذين ُسبقوناُبِ ْ ِ‬
‫وِِ‬

‫ُ‬ ‫إِنكُرءوفُر ِحيمُ}‪.‬‬

‫وأخرج ُابن ُأيب ُشيبة ُيف ُ"مصنفه" ُ(‪ُ )32418‬بإسناد ُصحيح ُعنُ‬

‫عائشة‪-‬ريض ُاهلل ُعنها‪-‬أَّنا ُقالت ُيف ُشأن ُاخلوارج ُوالروافض‪«ُ :‬أ ِمرواُ‬

‫ُ‬ ‫ابُحمم ٍدُصىلُاهللُعليْ ِهُوسلُمُفس ُّبوه ُْم»‪.‬‬ ‫بِ ِاال ْستِ ْغف ِ‬
‫ار ُِأل ْصح ِ‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫احلاكم‪ُ،‬وأبوُالقاسمُاحلنائي‪ُ،‬والذهبي‪ُ،‬واأللباين‪.‬‬ ‫وصححه‪ُ:‬‬

‫‪60‬‬
‫وقالُاحلافظُابنُحجرُالعسقالينُالشافعي‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُكتابهُ"فتحُ‬

‫ُ‬ ‫الباريُرشحُصحيحُالبخاري"ُ(‪:)34ُ/13‬‬

‫ةُعىلُوجوبُمنعُالطعنُعىلُأحدُ ِمنُالصحابةُبسببُ‬
‫ٍُ‬ ‫واتفقُأهلُالسن‬
‫ُّ‬
‫ما ُوقع ُلم ُِمن ُذلك‪ُ ،‬ولو ُعرف ُاملحق ُِمنهم‪ُ ،‬ألَّنم ُمل ُيقاتلوا ُيف ُتلكُ‬

‫احلروبُإالُعنُاجتهاد‪ُ،‬وقدُعفاُاهللُتعاىلُعنُاملخطئُيفُاالجتهاد‪ُ،‬بلُ‬

‫ُ‬ ‫ؤجرُأجراُواحدا ا‪ُ،‬وأنُاملصيبُيؤجرُأجرين‪.‬ـها‬


‫ا‬ ‫ثبتُأنهُي‬

‫ُ‬ ‫وقالُاإلمامُابنُتيمية‪-‬رمحهُاهلل‪-‬كامُيفُ"جمموعُالفتاوى"ُ(‪:)58ُ/35‬‬

‫منُلعنُأحدا ِ‬
‫اُمنُأصحابُالنبيُصىلُاهللُعليهُوسلم‪ُ:‬كمعاويةُبنُأيبُ‬
‫ِ‬
‫نُهوُأفضلُمنُهؤالء‪ُ:‬كأيبُ‬‫سفيان‪ُ،‬وعمروُبنُالعاص‪ُ،‬ونحومها‪ُ،‬وم‬

‫موسى ُاألشعري‪ُ ،‬وأيب ُهريرة‪ُ ،‬ونحومها‪ُ ،‬أو ُمن ُهو ُأفضل ُِمن ُهؤالءُ‬

‫ُوالزبري‪ُ ،‬وعثامن‪ُ ،‬وعيل ُبن ُأيب ُطالب‪ُ ،‬أو ُأيب ُبكر ُالصديق‪ُ،‬‬
‫كطلحة‪ُّ ،‬‬
‫ِ‬
‫ُاملؤمنني‪ُ،‬وغريُهؤالءُمنُأصحابُالنبيُصىلُاهللُ‬ ‫وعمر‪ُ،‬أوُعائشةُأ ِّم‬

‫ق ُللعقوبة ُالبليغة ُباتفاق ُأئمة ُالدين‪ُ ،‬وتنازعُ‬ ‫ِ‬


‫ُمستح ٌّ ُ‬ ‫عليه ُوسلم ُفإنه‬

‫ُ‬ ‫العلامء‪ُ:‬هلُيعاقبُبالقتل؟ُأوُماُدونُالقتل‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫األمرُالثالث‪:‬‬

‫‪61‬‬
‫ٍُ‬
‫ُخالف ُبعدُ‬ ‫السكوت ُعام ُشجر ُبني ُالصحابة‪-‬ريض ُاهلل ُعنهم‪ِ -‬من‬
‫ُّ‬
‫مقتل ُاخلليفة ُالراشد ُعثامن‪-‬ريض ُاهلل ُعنه‪ُ ،-‬حتى ُال ُتنجر ُاأللسن ُأوُ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫غضُأوُانتقاصُأحدُمنهم‪ُ،‬فتهلك‪.‬‬ ‫القلوبُإىلُذ ِّمُأوُب‬
‫روىُمنُاألقاويلُوالقصصُيفُذلكُكذب ُعليهم ِ‬
‫‪ُ،‬ومنهُ‬ ‫ِ‬ ‫ألن ُأكثرُماُي‬
‫ِ‬
‫صحيحُمنهُ‬ ‫ِ‬
‫ماُزيدُفيهُأوُنقصُحتىُتغريُوحترفُعنُمعناهُالصحيح‪ُ،‬وال‬
‫قليل‪ُ،‬وهمُفيهُإماُجمتهدونُمصيبونُأوُجمتهدونُخمطئون‪ُ،‬ولمُ‪-‬ريضُ‬
‫اهلل ُعنهم‪ِ -‬من ُالسوابق ُوالفضائل ُما ُيوجب ُمغفرة ُما ُيصدر ُِمنهم ْ‬
‫ُإنُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُلمُمنُ‬ ‫غفرُلمُمنُالسيئاتُماُالُيغفرُملنُبعدهم‪ُ،‬ألن‬‫صدر‪ُ،‬حتىُإنهُي‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫احلسناتُالتيُمتحوُالسيئاتُماُليسُملنُبعدهم‪.‬‬

‫وقدُصحُعنُالنبيُصىلُاهللُعليهُوسلمُأنهُقالُيفُع ْذرُأهلُاالجتهادُ‬
‫ُ‬ ‫وأجر ِهمُمعُاخلطأ‪ُ،‬وعىلُرأسُاملجتهدينُالصحابة‪:‬‬
‫ِ‬

‫وأج ُِرهم ُمع ُاخلطأ‪ُ ،‬وعىل ُرأسهمُ‬


‫وقد ُجاء ُيف ُعذر ُأهل ُاالجتهاد‪ُْ ُ ،‬‬

‫املجتهدين ُالصحابة ُــُريضُاهللُعنهم ُ ـ‪ُ،‬ما ُأخرجه ُالبخاريُ(‪ُ،)7352‬‬

‫ومسلمُ(‪ُ)1716‬عنُعمروُبنُالعاص ُــُريضُاهللُعنه ُــُأنهُسمعُرسولُ‬


‫ِ‬
‫اهللُصىلُاهللُعليهُوسلمُيقول‪«ُ:‬إِذاُحكم ُاحلاكم ُف ْ‬
‫اجتهد ُثم ُأصاب ُفلهُ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫أ ْجران‪ُ،‬وإِذاُحكمُف ْ‬
‫اجتهُدُثمُأ ْخطأُفلهُأ ْجرُ»‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫ُِ‬
‫عظيمُأجرُالصحابة‪-‬ريضُاهللُعنهم‪-‬عىلُالعملُمعُرسولُ‬‫وجاءُيفُ‬

‫اهللُصىلُاهلل ُعليهُوسلمُيفُالزمنُاليسري‪ُ،‬ماُثبتُعنُعبدُاهللُبنُعمرُ‬

‫بنُاخلطاب‪-‬ريضُاهللُعنهام‪-‬أنهُقال‪«ُ:‬ال ُتس ُّبوا ُأ ْصحاب ُحمم ٍد‪ُ،‬فلمقامُ‬

‫ُ‬ ‫أح ِد ِه ْمُساع اةُخ ْري ُِم ْنُعم ِلُأحُ ِدك ْمُع ُْمرهُ»‪.‬‬

‫أخرجه ُأمحد ُيف ُكتاب ُ"فضائل ُالصحابة" ُ(‪ُ 15‬و ُ‪ُ 20‬و ُ‪ُ 1729‬وُ‬

‫‪ُ،)1736‬وابنُأيبُشيبةُ(‪ُ،)32415‬وابنُماجهُ(‪ُ،)162‬وابنُأيبُعاصمُ‬

‫ُ‬ ‫يفُ"السنة"ُ(‪ُ،)1006‬وغريهم‪ُ.‬‬
‫ُّ‬

‫ُ‬ ‫وقالُالبوصريي‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُ"الزوائد"‪ُ:‬إسنادهُصحيح‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫وقالُالعالمةُاأللباين‪-‬رمحهُاهلل‪ُ:-‬حسن‪.‬ـها‬

‫وقالُاملحدِّ ثُحممدُعيلُآدم‪-‬سلُمهُاهلل‪ُ:-‬حديثُابنُعمر‪-‬ريضُاهللُ‬
‫ُ‬ ‫عنهام‪-‬هذاُصحيح‪.‬ـها‬

‫ُِ‬
‫وجاءُيفُعظُمُفضلُنفقتهم‪-‬ريضُاهللُعنهم‪-‬اليسريةُمعُرسولُاهللُ‬

‫صىلُاهللُعليهُوسلم‪ُ،‬ماُأخرجهُمسلمُيفُ"صحيحه"ُ(‪ُ،)2540‬عنُأيبُ‬

‫هريرة‪-‬ريضُاهللُعنه‪-‬أنُرسولُاهللُصىلُاهللُعليهُوسلمُقال‪«ُ:‬الُتس ُّبواُ‬

‫أ ْصح ِايب‪ُ،‬ال ُتس ُّبوا ُأ ْصح ِايب‪ُ،‬فوال ِذيُن ْف ِيس ُبِي ِد ِه ُل ْو ُأن ُأحدك ْم ُأنْفق ُِم ْثلُ‬

‫ُ‬ ‫أح ٍدُذه ابا‪ُ،‬ماُأ ْدركُمُدُأح ِد ِه ْم‪ُ،‬والُن ِصيفهُ»‪.‬‬


‫‪63‬‬
‫ُ‬ ‫وأخرجُنحوهُأيضا‪ُ:‬‬
‫ا‬
‫البخاريُ(‪ُ،)3673‬ومسلمُ(‪ِ 2541‬‬
‫)‪ُ،‬منُحديثُأيبُسعيدُاخلدري‪-‬‬

‫ُ‬ ‫ريضُاهللُعنه‪.-‬‬

‫ُ‬ ‫واملدُّ ُهو‪ُ:‬ملءُالكفني‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ملءُكفُواحدة‪.‬‬
‫ٍّ‬ ‫ونصفه‪ُ:‬‬

‫وقد ُ ُنُقل ُاإلمجاع ُعىل ُالسكوت ُعامُ ُشُجُر ُبني ُالصحابة‪-‬ريض ُاهللُ‬

‫ُ‬ ‫ٍُ‬
‫نُخالف‪:‬‬‫عنهم‪ِ -‬م‬

‫نيُيفُ"أصولُالسنة"ُ‬‫املُزينُيفُ"رشحُالسنة"ُ(ص‪ُ،)87:‬وابنُأيبُزمن ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫(ص‪ُ ،)378:‬وابن ُأيب ُزيد ُالقريواين ُيف ُ"اجلامع" ُ(ص‪ُ،)116-115:‬‬

‫وأبوُعمروُالداينُيفُ"الرسالةُالوافية"ُ(ص‪ُ،)166:‬وأبوُعثامنُالصابوينُ‬

‫يف ُ"اعتقاد ُالسلف ُأصحاب ُاحلديث" ُ(ص‪ُ ،)107:‬وابن ُتيمية ُيفُ‬

‫"العقيدة ُالواسطية" ُ(ص‪ُ ،)36:‬وحافظ ُحكمي ُيف ُ" ُمعارج ُالقبول"ُ‬

‫ُ‬ ‫(‪.)1208ُ/3‬‬

‫وقالُأبوُاحلسنُاألشعري‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يف ُكتابهُ"رسالةُإىلُأهلُالثغر"ُ‬
‫ُ‬ ‫(ص‪:)304-303:‬‬

‫‪64‬‬
‫ُعىلُالكف ُعن ُِذكر ُالصُحابة ُإالُ ُبخري ُما ُيذكرونُبِه‪ُ ،‬وعىلُ‬
‫ِّ‬ ‫وأمجعوا‬
‫ْ‬
‫لتمسُألفعالمُأفضلُاملخارج‪ُ،‬وأنُنظنُ‬ ‫ْ‬
‫مُأحقُأنُينرشُحماسنهم‪ُ،‬وي‬‫أَّن‬
‫هبم ُأحسن ُالظن‪ُ ،‬وأحسن ُاملذاهب‪ُ ،‬متثلني ُيف ُذلك ُلقول ُرسول ُاهللُ‬
‫ُ‬ ‫صىلُاهللُعليهُوسلم‪ُ «ُ:‬إِذاُذكِرُأ ْصح ِايبُفأ ْم ِسكواُ»‪.‬‬

‫ِّ‬
‫ُبخريُالذكر‪.‬ـها‬ ‫وقالُأهلُالعلم‪ُ:‬معنىُذلك‪ُ:‬الُتذكروهُمُإالُ‬

‫ُ‬ ‫قلت‪:‬‬

‫وحديث‪«ُ:‬إِذاُذكِر ُأ ْصح ِايب ُفأ ْم ِسكوا‪ُ ،‬وإِذاُذكِر ُا ْلقدر ُفأ ْم ِسكوا‪ُ ،‬وإِذاُ‬
‫ُ‬ ‫ذكِرُالنُّجُومُفأ ْم ِسكواُ»‪ُ.‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫رقُعدةُعنُالنبيُصىلُاهللُعليهُوسلمُضعيفة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قدُجاءُمنُط‬

‫ُ‬ ‫وقدُضعفهاُالبيهقي‪ُ،‬واأللباين‪ُ،‬وغريمها‪.‬‬

‫ولكن ُقال ُالعالمة ُاأللباين‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُ"سلسلة ُاألحاديثُ‬


‫ُ‬ ‫الصحيحة"ُ(‪ُ:)34‬‬

‫ال‪ُ،‬‬ ‫ِ‬
‫ويُمنُحديثُابنُمسعود‪ُ،‬وثوبان‪ُ،‬وابنُعمر‪ُ،‬وطاووسُمرس ا‬‫ر‬
‫ُ‬ ‫ُبعضا‪.‬ـها‬
‫وكلهاُضعيفةُاألسانيد‪ُ،‬ولكنُبعضهاُيشد ا‬

‫وقدُنقلُاإلمامُبنُبطة‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُكتابهُ"اإلبانةُالصغرى"ُ(ص‪ُ:‬‬
‫ُ‬ ‫‪:)249‬‬

‫‪65‬‬
‫ُعىلُترك ُالنظر ُيفُالكتب ُالتي ُتتكلمُفيامُشُجُرُبنيُ‬
‫ُْ‬ ‫ُالسنة‬
‫اتفاقُأهل ُّ‬
‫ُ‬ ‫ٍُ‬
‫نُخالف‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الصحابةُم‬

‫ُ‬ ‫فقال‪-‬رمحهُاهلل‪:-‬‬

‫وال ُتنظر ُيف ُكتاب ُصفني‪ُ ،‬واجلمل‪ُ ،‬ووقعة ُالدار‪ُ ،‬وسائر ُاملنازعاتُ‬
‫التيُجرُتُبينهم‪ُ،‬والُتكتبهُلنفسك‪ُ،‬والُلغريك‪ُ،‬والُتُروهُعنُأحد‪ُ،‬والُ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫تقرأهُعىلُغريك‪ُ،‬والُتسمعهُمنُيرويه‪ُ.‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ذهُاألمة‪ُ،‬منُالنهيُعامُوصفناه‪.‬‬ ‫فعىلُذلكُاتفقُساداتُعلامءُه‬

‫منهم‪ُ :‬محاد ُبن ُزيد‪ُ ،‬ويونس ُبن ُعبيد‪ُ ،‬وسفيان ُالثوري‪ُ ،‬وسفيان ُبنُ‬
‫عُيينة‪ُ ،‬وعبد ُاهلل ُبن ُادريس‪ُ ،‬ومالك ُبن ُأنس‪ُ ،‬وابن ُأبى ُذئب‪ُ ،‬وابنُ‬
‫املبارك‪ُ،‬وشعيبُبنُحرب‪ُ،‬وأبوُاسحاقُالفزاري‪ُ،‬ويوسفُبنُأسباط‪ُ،‬‬
‫ُ‬ ‫وأمحدُبنُحنبل‪ُ،‬وبِرشُبنُاحلارث‪ُ،‬وعبدُالوهابُالورُاق‪.‬‬
‫ُ‬

‫كلُهؤالءُقدُرأواُالنهيُعنها‪ُ،‬والنظرُفيها‪ُ،‬واالستامعُإليها‪ُ،‬وحذرواُ‬
‫ُ‬ ‫ِمنُطلبها‪ُ،‬واالهتاممُبجمعها‪ُ.‬‬

‫وقدُرويُعنهمُيفُذلكُأشياءُكثرية‪ُ،‬بألف ٍُ‬
‫اظ ُخمتلفةُمتفقةُاملعاينُعىلُ‬
‫ُ‬ ‫كراهيةُذلك‪ُ،‬واإلنكارُعىلُمنُرواها‪ُ،‬واستمعُإليها‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫نجرُعىلُهذا‪ُ:‬‬
‫ُوي ُّ‬

‫‪66‬‬
‫املجالس ُواملحارضات ُواألرشطة ُوالسدهييات ُوالفضائيات ُومواقعُ‬
‫اإلنرتنيت ُالتي ُختوض ُفيام ُشُجُر ُبني ُالصحابة‪-‬ريض ُاهلل ُعنهم‪ِ -‬منُ‬
‫ُ‬ ‫ٍُ‬
‫خالف‪ُ،‬حتىُولوُكانُذلكُباسمُالتاريخُومعرفتهُوتبيينه‪.‬‬

‫فالُينظرُإليها‪ُ،‬والُيستمعُلا‪ُ،‬والَُيلسُللمتكلمنيُفيها‪ُ،‬والُتقرأ ُيفُ‬
‫املواقع‪ُ،‬والُترسلُمقاطعهاُاملسموعةُواملكتوبةُعربُبرامجُالتواصلُإىلُ‬
‫ُ‬ ‫الناس‪.‬‬

‫ألن ُهذا ُقد ُيفيض ُإىل ُبغض ُأحد ُِمن ُالصحابة‪ُ ،‬أو ُالوقيعة ُفيه‪ُ ،‬أوُ‬
‫ُ‬ ‫حتريشُاجلهالُعليه‪.‬‬

‫فيهلك ُالناظر ُأو ُاملستمع ُأو ُاملرسلة ُإليه‪ُ ،‬ألنه َُيرم ُاملساس ُبجانبُ‬
‫ِ‬
‫ة‪ُ،‬واإلمجاع‪ُ،‬بلُهوُمنُعظائمُالذنوب‪ُ،‬وغليظُ‬ ‫ةُبالقرآن‪ُ،‬والسن‬ ‫الصحاب‬
‫ُّ‬
‫ُ‬ ‫اآلثام‪.‬‬

‫ا‬
‫ُوإرساال‪ُ ،‬ماُ‬ ‫وضح ُبعض ُمفاسد ُولوج ُهذا ُالباب ُقراءة ُواستام اعا‬ ‫وي ِّ‬
‫اسنُأ ْصح ِ‬
‫ابُ‬ ‫ثبتُعنُالعوامُبنُحوشب‪-‬رمحهُاهلل‪-‬أنهُقال‪«ُ:‬ا ْذكرواُحمُ ِ‬

‫ول ُاّلِ ُصىل ُاّل ُعل ْي ِه ُوسلم ُتؤ ِّلفوا ُعل ْي ِهم ُا ْلقلوب‪ُ ،‬وال ُتذكرواُ‬
‫رس ِ‬

‫ُ‬ ‫مس ِ‬
‫اوهيِ ْمُفُتح ِّرشواُالناسُعليْ ِه ُْم»‪.‬‬

‫ُ"السنة" ُ(‪ُ ،)829‬واآلجُ ُِّري ُيف ُ"الرشيعة"ُ‬


‫أخرجه ُاخلالل ُيف ُكتاب ُّ‬
‫(‪ُ ،)1910‬وأبو ُنُعيم ُيف ُ"اإلمامة ُوالرد ُعىل ُالرافضة" ُ(‪ُ ،)199‬واللفظُ‬

‫‪67‬‬
‫له‪ُ،‬وابنُعبدُالرب ُيفُ"جامعُبيانُالعلمُوفضله"ُ(‪ُ،)2197‬واخلطيبُيفُ‬
‫ُ‬ ‫"اجلامعُألخالقُالراوي"ُ(‪.)1371‬‬

‫وقالُاحلافظُابنُحجرُالعسقالينُالشافعي‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُكتابهُ"فتحُ‬
‫ُ‬ ‫الباري"ُ(‪ُ:)365ُ/4‬‬

‫ُ‬ ‫وقالُابنُالسمعاينُيفُ"االصطالم"‪:‬‬

‫التعرضُإىلُجانبُالصحابةُعالمةُعىلُخذالنُفاعله‪ُ،‬بلُهوُبدعةُ‬
‫ُ م‬
‫ُ‬ ‫وضاللة‪.‬ـها‬
‫ِ‬
‫ومن ُمفاسد ُالكالم ُأو ُاالستامع ُأو ُالقراءة ُأو ُالبحث ُعام ُشُجُر ُبنيُ‬

‫ُ‬ ‫ٍُ‬
‫نُخالف‪:‬‬‫الصحابة‪-‬ريضُاهللُعنهم‪ِ -‬م‬

‫ُُّ‬
‫الوقوعُيفُالذنوبُاملهلكة؛ُكبغضُالصحابة ُريضُاهللُعنهم‪ُ،‬‬ ‫اُ‬
‫أوال‪ُ -‬‬

‫ُ‬ ‫أوُكراهيةُأحدُ ِمنهم‪ُ،‬أوُحصولُيشءُيفُالقلبُجهته‪.‬‬

‫ثان ايا‪ُ-‬حتريشُقلوبُالعوامُواجلهالُعىلُالصحابة‪-‬ريضُاهللُعنهم‪.-‬‬

‫ُذلكُإىلُالطعنُفيهم‪ُ،‬أوُيفُأحد ُِمنهم‪ُ،‬أوُس ِّبه‪ُ،‬أوُإىلُالكالمُ‬


‫ٍ‬ ‫وقدَُي ُّر‬

‫ُ‬ ‫عنهُبالقبيح‪ُ.‬‬

‫‪68‬‬
‫ثال اثا‪ُ -‬احلكم ُعىل ُأحد ُالصحابة‪-‬ريض ُاهلل ُعنهم‪-‬فيام ُقال ُأو ُفعلُ‬

‫ُ‬ ‫باطل ٍ‬
‫ُجائرُظامل‪.‬‬ ‫بحك ٍمُ ٍ‬

‫ِ‬
‫قص‪ُ،‬ومنهُماُغ ِّريُ‬ ‫ِ‬
‫نهُماُزيدُفيهُون‬ ‫ِ‬
‫نقلُعنهمُالُيثبت‪ُ،‬وم‬ ‫ألن ُأكثرُماُي‬

‫عنُوجهه‪ُ،‬وماُكانُكذلكُفاحلكمُعىلُضوئهُظلم ُوجور‪ُ،‬وخروج ُعنُ‬


‫ِ‬
‫نقلُعنهمُليسُمنُالراسخنيُيفُالعلم‪ُ،‬‬ ‫احلق‪ُ،‬وعامةُمنُُيوضُيفُماُي‬
‫ِّ‬

‫املشهودُلمُبالتحقيقُوالعدل‪ُ،‬ومنُكانُهذاُحالهُفحكمهُمظنةُاخلطأُ‬

‫ُ‬ ‫والزلل‪ُ.‬‬

‫راب اعا‪ُ -‬إعانة ُأهل ُالضالل ُِمن ُاخلوارج ُوالروافض ُوتشجيعهم ُعىلُ‬

‫ُ‬ ‫الطعنُوالقدحُيفُالصحابة‪-‬ريضُاهللُعنهم‪.-‬‬

‫سبُنفسهُإىلُأهلُالسنة‪ُ ،‬وهوُ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫وفالنُمنُن‬ ‫ٍُ‬
‫ونُبفالن ُ‬‫حيثُسيتحجج‬

‫ُفالن ُوفالن ُِمن ُالصحابة ُكذا ُوكذا‪ُ،‬‬


‫ٍُ‬ ‫عىل ُغري ُطريقهم‪ُ ،‬بأنه ُقد ُقال ُيف‬

‫ُ‬ ‫وقررُبعضُماُذُكرنا‪ُ.‬‬

‫ُ‬ ‫األمرُالرابع‪:‬‬

‫التمسك ُبام ُكانُعليه ُالصحابة‪-‬ريض ُاهللُعنهم‪ِ -‬من ُالعلمُوالعمل‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ومتابعتهمُفيه‪ُ،‬ماُثبتتُبِهُاآلثارُعنهم‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫ُوالسنة ُعىل ُضوء ُما ُفهموه‪ُ ،‬وَترُى ُعىل ُماُ‬
‫ُّ‬ ‫فتفهم ُنصوص ُالقرآن‬

‫علُوالرتكُيفُ‬ ‫ِ‬
‫القولُوالف‬ ‫أجروه‪ُ،‬والُُيرجُهباُعنُأقوالم‪ُ،‬ويتابعونُيفُ‬
‫ْ‬
‫مجيع ُأبواب ُالرشيعة‪ُ ،‬يف ُالعقيدة‪ُ،‬ويف ُالعبادات‪ُ ،‬ويفُاملعامالت‪ُ ،‬ألَّنمُ‬

‫ْ‬
‫ُالتفسريُوالتأويل‪ُ،‬فإن ُتكلمواُ‬ ‫شهدواُالتنزيل‪ُ،‬ووعوهُوحفظوه‪ُ،‬وعرفوا‬

‫ُ‬ ‫أوُعملواُأوُك ُُّفواُوهجرواُفعنُعلم‪ُ،‬وعىلُهدىُوبصرية‪.‬‬

‫ُ‬ ‫والسنة‪.‬‬
‫وقدُدلُعىلُتقريرُهذاُاألصلُنصوصُالقرآنُ ُّ‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ومنُهذهُالنصوص‪:‬‬

‫ُاألولون ُِمن ُا ْمله ِ‬


‫اج ِرينُ‬ ‫قول ُاهلل ُتعاىل ُيف ُسورة ُالتوبة‪{ُ :‬والسابِقون ْ‬
‫ار ُوال ِذين ُاتبعوهم ُبِ ِإحس ٍ‬
‫ان ُر ِيض ُاّل ُعنْه ْم ُورضوا ُعنْه ُوأعد ُل ْمُ‬ ‫و ْاألنْص ِ‬
‫ْ ْ‬

‫ُ‬ ‫اتَُتْ ِريُحتْتهاُ ْاأل َّْنارُخال ِ ِدينُفِيهاُأبُدا اُذلِكُا ْلف ْوزُا ْلعظِيمُ}‪.‬‬
‫جن ٍ‬

‫فجعل ُسبحانه ُالصحابة ُمتبوعني ُيف ُالدُِّين‪ُ ،‬وأثنى ُعىل ُمن ُبعدهمُ‬

‫ُِ‬
‫باتباعهم‪ُ،‬ووعدهمُمعُمنُاتبعهمُإىلُيومُالقيامةُبرضاهُعنهم‪ُ،‬واخللودُ‬

‫ُ‬ ‫يفُاجلنة‪.‬‬
‫ُ‬

‫ُ‬ ‫وهذاُيدلُعىلُوجوبُسلوكُطريقهم‪ُ،‬ولزومُفهمهم‪ُ،‬وماُكانواُعليه‪.‬‬

‫نُهذهُالنصوصُأيضا‪:‬‬
‫ا‬ ‫ِ‬
‫وم‬

‫‪70‬‬
‫قول ُالنبيُصىلُاهلل ُعليه ُوسلم ُالثابتُالصحيحُاملشهورُعنه‪«ُ :‬ف ِإنهُ‬
‫ُاخللف ِ‬
‫اءُ‬ ‫ىُاختِال افاُكث ِ اريا‪ُ،‬فعل ْيك ْمُبِسنتِي‪ُ،‬وسن ِة ْ‬
‫م ْنُي ِع ْش ُِمنْك ْمُب ْع ِديُفسري ْ‬
‫اج ِذ‪ُ،‬وإِياكم ُوحمْدث ِ‬
‫اتُ‬ ‫اش ِدين‪ُ،‬متسكوا ُ ِهباُوع ُّضوا ُعل ْيهاُبِالنو ِ‬
‫ا ْمله ِديني ُالر ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ ِّ‬

‫ور‪ُ،‬ف ِإنُكلُحمْدث ٍةُبِدُْعةُوكلُبِدْ ع ٍةُضاللةُ»‪.‬‬


‫ْاألم ِ‬

‫رواه ُأمحد ُ(‪ُ 16519‬و ُ‪ُ ،)16522‬وأبو ُداود ُ(‪ُ ،)3991‬والرتمذيُ‬

‫ُ‬ ‫(‪ُ،)2600‬وابنُماجهُ(‪.)42‬‬

‫حيثُأمرُصىلُاهللُعليهُوسلمُباتباعُ ُسنةُاخللفاءُالراشدين‪ُ،‬وجمانبةُ‬

‫ُ‬ ‫دُيفُذلك‪ُ،‬ووصفهمُبالرشدُوالداية‪ُُ.‬‬ ‫ماُأُ ِ‬


‫حدثُعىلُخالفها‪ُ،‬وشد‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫نُانحرفُمنُاجلامعات‪ُ،‬‬ ‫وماُضل ُمنُضل ُِم ِ‬
‫نُالفرق‪ُ،‬والُانحرفُم‬
‫ِ‬
‫نُزاغُمنُالناس‪ُ،‬إالُحنيُاستقلُبفهمهُللنصوصُالرشعية‪ُ،‬‬‫والُزاغُم‬

‫وخرج ُعن ُفهومهم‪-‬ريض ُاهلل ُعنهم‪ُ ،-‬وما ُكانوا ُعليه ُِمن ُالقولُ‬

‫علُوالرتك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والعمل‪ُ،‬والف‬
‫ْ‬

‫وقد ُكانت ُأول ُمجلة ُبدأ ُهبا ُاإلمام ُأمحد ُبن ُحنبل‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُأولُ‬
‫ُ‬ ‫رسالتهُاملوسومةُبـ"أصولُالسنة"ُ(ص‪:)2:‬‬

‫‪71‬‬
‫عندُأهلُالسنةُواحلديث‪-‬التمسكُبامُكانُ‬
‫ُّ‬ ‫أصولُالسنةُعندنا‪-‬يعني‪ُ :‬‬
‫ُّ‬
‫ُوتركُ‬
‫عليه ُأصحاب ُرسول ُاهلل ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم‪ُ ،‬واالقتداء ُهبم‪ْ ،‬‬
‫ُ‬ ‫البِدع‪ُ،‬وكلُبدعةُفهيُضاللة‪.‬ـها‬

‫وهنا ُمسألتان ُِ‬


‫ُمن ُاملسائل ُاملهمة ُحول ُالصحابة‪-‬ريض ُاهلل ُعنهم‪ُ،-‬‬
‫ُ‬ ‫والتيَُيس ِ‬
‫نُذكرها‪:‬‬

‫ُ‬ ‫املسألةُاألوىلُ‪ُ/‬عنُُح ِّجيةُقولُالصحايب‪-‬ريضُاهللُعنه‪ُ.-‬‬

‫ُ‬ ‫واملرادُبقولُالصحايب‪ُ:‬‬

‫ُ‬ ‫ُيفُأمر ُِمنُأمورُالدِّ ين‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أوُفعل‬ ‫ٍ‬
‫نُقولُ‬ ‫ِ‬
‫نُالصحابةُم‬‫ماُثبتُعنُأحد ُِم‬
‫ٍ‬

‫ُ‬ ‫وقولُالصحايب‪-‬ريضُاهللُعنه‪-‬لهُثالثةُأحوال‪:‬‬

‫ُ‬ ‫احلالُاألول‪ْ ُ:‬‬


‫أنُيشتهرُقولهُويوافقهُالصحابة‪-‬ريضُاهللُعنهم‪ُ.-‬‬

‫ُ‬ ‫وهذُيكونُإمجا اعا‪ُ.‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ُُيالفهُغريهُمنُالصحابة‪-‬ريضُاهللُعنهم‪.-‬‬ ‫احلالُالثاين‪ْ ُ:‬‬
‫أن‬

‫ُ‬ ‫وهذاُليسُبِحجةُعندُمجاهريُأهلُالعلم‪.‬‬

‫وقدُنسبهُإليهم‪ُ:‬‬

‫‪72‬‬
‫العالئي‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُكتابهُ"إمجالُاإلصابةُيفُأقوالُالصحابة"ُ(ص‪ُ:‬‬

‫ُ‬ ‫‪ُ.)81‬‬

‫ُ‬ ‫ويرجحُبنيُأقوالمُعىلُحسبُالدليل‪ُ،‬وأوجهُالرتجيحُاملعروفة‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وقالُاإلمامُابنُتيمية‪-‬رمحهُاهلل‪-‬كامُيفُ"جمموعُالفتاوى"ُ(‪:)14ُ/20‬‬

‫ُْ‬
‫وإن ُتنازعوا ُرد ُماُتنازعوا ُفيهُإىلُاهللُوالرسول‪ُ،‬وملُيكنُقولُبعضهمُ‬

‫ُ‬ ‫حجةُمعُخمالفةُبعضهمُلهُباتفاقُالعلامء‪.‬ـها‬

‫ِ‬
‫الفُمنُالصحابة‪ُ،‬والُيعلمُهلُاشتهرُ‬ ‫احلالُالثالث‪ْ ُ :‬‬
‫أن ُالُيعلمُلهُخم‬

‫قولهُأ ْمُملُيشتهر‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ةُعندُمجاهريُاألمةُمنُفقهاءُوحمدِّ ثنيُالَُيوزُخمالفتها‪.‬‬‫وهذاُحج‬

‫وقدُقال ُاإلمام ُابنُقيم ُاجلوزية‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يفُكتابه ُ"إعالم ُاملوقعنيُ‬

‫ُ‬ ‫عنُربُالعاملني"ُ(‪ُ:)92ُ/4‬‬
‫ِّ‬

‫وإنُملُُيالِفُالصحايبُصحاب مياُآخر‪:‬‬
‫ْ‬

‫ْ‬
‫شتهر‪ُ،‬فإن ُاشتهرُفالذيُعليهُ‬ ‫فإم ْ‬
‫اُأن ُيشتهرُقولهُيفُالصحابةُأوُالُي‬
‫ِ‬
‫مجاهريُالطوائفُمنُالفقهاءُأنهُإمجاعُوحجة‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫ُ‬ ‫نهم‪ُ:‬هوُحجةُوليسُبإمجاع‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وقالتُطائفةُم‬
‫ُّ‬

‫وقالت ُِرشذمة ُِمن ُاملتكلمني ُوبعض ُالفقهاء ُاملتأخرين‪ُ :‬ال ُيكونُ‬

‫إمجا اعاُوالُحجة‪.‬‬

‫ْ‬
‫وإن ُمل ُيشتهر ُقوله ُأو ُمل ُيعلم ُهل ُاشتهر ُأ ْم ُال‪ُ ،‬فاختلف ُالناس‪ُ :‬هلُ‬

‫ُ‬ ‫يكونُحجةُأ ْمُال؟‬

‫ُ‬ ‫فالذيُعليهُمجهورُاألمةُأنهُحجة‪.‬‬

‫حُبِهُحممدُبنُاحلسن‪ُ،‬وذُ ُكِرُعنُأيبُحنيفةُ‬
‫هذاُقولُمجهورُاحلنفية‪ُ،‬رصُ ُ‬

‫ُوترصفه ُيف ُ"موطئه" ُدليل ُعليه‪ُ،‬‬


‫ُُّ‬ ‫نصا‪ُ ،‬وهو ُمذهب ُمالك‪ُ ،‬وأصحابه‪،‬‬
‫مُ‬

‫وهوُقولُإسحاقُبنُراهويه‪ُ ،‬وأيبُعبيد‪ُ،‬وهوُمنصوصُاإلمامُأمحدُيفُ‬

‫غري ُموضع ُعنه‪ُ ،‬واختيار ُمجهور ُأصحابه‪ُ ،‬وهو ُمنصوص ُالشافعي ُيفُ‬

‫ُ‬ ‫"القديم"ُوُ"اجلديد"‪.‬ـها‬

‫وقالُاإلمامُابنُتيمية‪-‬رمحهُاهلل‪-‬كامُيفُ"جمموعُالفتاوى"ُ(‪:)14/20‬‬

‫ْ‬
‫وأماُأقوالُالصحابة‪ُ،‬فإن ُانترشتُوملُتنكرُيفُزماَّنمُفهيُحجةُعندُ‬

‫ُ‬ ‫مجاهريُالعلامء‪ُ.‬‬

‫‪74‬‬
‫وإن ُقال ُبعضهم ا‬
‫ُقوال‪ُ ،‬ومل ُيقل ُبعضهمُبخالفه‪ُ،‬ومل ُينترش‪ُ،‬فهذا ُفيهُ‬ ‫ْ‬

‫ُ‬ ‫نزاع‪.‬‬

‫ومجهورُالعلامءَُيتجونُبِهُكأيبُحنيفة‪ُ،‬ومالك‪ُ،‬وأمحدُيفُاملشهورُعنه‪ُ،‬‬

‫والشافعيُيفُأحدُقوليه‪ُ،‬ويفُكتبهُاجلديدةُاالحتجاجُبمثلُذلكُيفُغريُ‬

‫ُ‬ ‫موضع‪.‬ـها‬

‫وقالُاإلمامُابنُقيمُاجلوزية‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُكتابهُ"إعالمُاملوقعنيُعنُ‬

‫ُ‬ ‫ربُالعاملني"ُ(‪ُ:)116ُ/4‬‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫اُسبيلهُمنُفتاوىُ‬ ‫رصَُيتجونُبامُهذ‬ ‫ِ‬
‫زلُأهلُالعلمُيفُكلُعرصُوم‬‫ملُي‬
‫ُّ‬

‫ُمنكر ُِمنهم‪ُ ،‬وتصانيف ُالعلامء ُشاهدةُ‬


‫نكره ِ‬
‫الصحابة ُوأقوالم‪ُ ،‬وال ُي ِ‬

‫ُ‬ ‫بذلك‪ُ،‬ومناظراَتمُناطقةُبه‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫ثمُنقل‪-‬رمحهُاهللُتعاىل‪-‬اإلمجاعُعىلُذلكُعنُبعضُعلامءُاامالكية‪ُ.‬‬

‫بل ُقال ُالعالئي‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُكتابه ُ"إمجال ُاإلصابة ُيف ُأقوالُ‬

‫ُ‬ ‫الصحابة"ُ(ص‪ُ:)67-66:‬‬

‫الوجهُالسادس‪ُ-‬وهوُاملعتمدُ‪ُ:-‬أنُالتابعنيُأمجعواُعىلُاتباعُالصحابةُ‬

‫نُأحد ُِمنهم‪ُ،‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫نُغريُنكريُم‬ ‫ِ‬
‫دُعنهم‪ُ،‬واألخذُبقولم‪ُ،‬والفتياُبه‪ُ،‬م‬‫فيامُور‬

‫‪75‬‬
‫نُأهلُاالجتهادُأيضا‪ُ...،‬ومنُأمعنُالنظرُيفُكتبُاآلثارُوجدُ‬
‫ا‬ ‫وكانوا ُِم‬

‫التابعنيُالُُيتلفونُيفُالرجوعُإىلُأقوالُالصحايبُفيامُليسُفيهُكتابُوالُ‬
‫ِ‬
‫اُيفُكلُعرصُالُُيلوُعنهُمستدل ُهباُ‬‫ُهذاُمشهورُأيض‬
‫ا‬ ‫سنةُوالُإمجاع‪ُ،‬ثم‬

‫ُ‬ ‫أوُذاكرُألقوالمُيفُكتبه‪.‬ـها‬

‫ويؤكدُح ِّجيةُذلكُقولُاهلل‪-‬جل ُوعال‪-‬يفُسورةُبراءة‪{ُ:‬والسابِقونُ‬


‫ارُوال ِذينُُاتبعوهمُبِ ِإحس ٍ‬
‫انُر ِيضُاّلُعنْه ْمُ‬ ‫ْاألولون ُِمنُا ْمله ِ‬
‫اج ِرينُو ْاألنْص ِ‬
‫ْ ْ‬

‫ُاأل َّْنار ُخال ِ ِدين ُفِيها ُأبُدا ا ُذلِكُ‬ ‫ورضوا ُعنْه ُوأعد ُلم ُجن ٍ‬
‫ات َُتْ ِري ُحتْتها ْ‬ ‫ْ‬
‫ُ‬ ‫ا ْلف ْوزُا ْلعظِيمُ}‪.‬‬

‫حيثُأثنىُاهللُتعاىلُفيهاُعىلُمنُاتبعُالصحابة‪ُ،‬ووعدهُبالرضوانُعىلُ‬

‫ُ‬ ‫اتباعه‪ُ،‬فدلُعىلُأنُفِعلهُحممودُوصواب‪ُ.‬‬

‫ِ‬
‫ُالبدعُمنُاألشاعرةُواملعتزلةُوأكثرُأهلُالكالمُ‬ ‫وخالفُيفُذلكُأهل‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫فقالواُعنُماُهذاُسبيلهُمنُأقوالُالصحابة‪ُ:‬‬

‫ليس ُبِحجة ُمطل اقا‪ُ ،‬وبعضهم ُقبِله ُيف ُأحوال‪ُ ،‬وهم‪-‬بحمد ُاهلل‪-‬‬

‫ُ‬ ‫حمجُوجُونُبامُتقدم‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫املسألة ُالثانية ُ‪ُ /‬عن ُحكم ُإحداث ٍ‬
‫ُقول ُجديد ُيف ُاملسألة ُخارج ُعنُ‬

‫ُ‬ ‫أقوالُالصحابة‪-‬ريضُاهللُعنهم‪ُ.-‬‬

‫ُ‬ ‫وصورةُذلك‪ُ:‬‬

‫ْ‬
‫أن ُيكون ُللصحابة‪-‬ريض ُاهلل ُعنهم‪-‬يف ُمسألة ُرشعية ُقوالن‪ُ ،‬والُ‬

‫ُ‬ ‫يوجدُعنهمُغريُهذينُالقولني‪.‬‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ا‬
‫ثُيفُنفسُاملسألةُقوالُثال اثا؟‪ُ.‬‬ ‫نُجاءُبعدهمُأنَُي ِد‬
‫ْ‬ ‫فهلَُيوزُمل‬

‫قال ُأبو ُاحلسن ُاألشعري‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُكتابه ُ"رسالة ُإىل ُأهل ُالثغر"ُ‬

‫ُ‬ ‫(ص‪:)307-306:‬‬

‫ُأن ُُيرج ُعن ُأقاويل ُالسلف ُفيام ُأمجعوا ُعليه‪ُ ،‬وعامُ‬ ‫ٍ‬
‫ُألحد ْ‬ ‫ال َُيوز‬

‫ُ‬ ‫اختلفواُفيه‪ُ،‬أوُيفُتأويله؛ُألنُاحلقُالَُيوزُ ْ‬
‫أنُُيرجُعنُأقاويلهم‪.‬ـها‬

‫وجاء ُيف ُ"رشح ُالكوكب ُاملنري" ُ(‪ُ )264ُ /2‬وهو ُِمن ُكتب ُاألصولُ‬

‫ُ‬ ‫عندُاحلنابلة‪:‬‬

‫ٍ‬
‫وإذاُكانُجمتهدوُعرص ُاختلفوا ُيفُمسألةُعىلُقولنيُحرم ُإحداثُقولُ‬

‫ثالثُمطل اقاُعندُاإلمامُأمحد‪ُ،‬وأصحابه‪ُ،‬وعامةُالفقهاء‪.‬ـها‬

‫‪77‬‬
‫بل ُقد ُقال ُاإلمام ُأمحد ُبن ُحنبل‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬عن ُإحداث ُقول ُجديدُ‬

‫ُ‬ ‫خارجُعنُأقاويلُالصحابةُيفُاملسألة‪ُ:‬‬

‫ُ‬ ‫هذاُقولُخبيث‪ُ،‬قول ِ‬
‫ُأهلُالبدع‪.‬ـها‬

‫حيثُقالُالقايضُأبوُيعىلُالفراءُاحلنبيل‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُكتابهُ"العدةُيفُ‬

‫ُ‬ ‫أصولُالفقه"ُ(‪:)1059ُ/4‬‬

‫ُ‬ ‫وقدُنصُأمحد‪-‬رمحهُاهلل‪-‬عىلُهذاُيفُروايةُعبدُاهللُوأيبُاحلارث‪ُ:‬‬

‫ْ‬
‫ُأمجعوا‪ُ،‬لهُأنُ‬ ‫ْ‬
‫نُأقاويلهم‪ُ،‬أرأيتُإن‬ ‫"يفُالصحابةُإذاُاختلفواُملُُيْر ِ‬
‫جُم‬

‫ْ‬
‫ُخبيث‪ُ،‬قولُأهلُالبدع‪ُ،‬الُينبغيُأن ُُيرجُ‬ ‫ُي ِ‬
‫رجُمنُأقاويلهم؟ُهذاُقول‬

‫ُ‬ ‫ِمنُأقاويلُالصحابةُإذاُاختلفوا‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫بدُاهللُبنُالزبريُاحلميدي‪-‬رمحهُاهلل‪:-‬‬
‫ُّ‬ ‫ثمُقالُاإلمامُأبوُبكرُع‬

‫[وا ْلق ْرآنُكالمُاّلِ‪.‬‬

‫س ِم ْعت ُس ْفيان ُيقول‪"ُ:‬ا ْلق ْرآن ُكالم ُاّلِ‪ُ،‬وم ْن ُقال ُخمْلوق ُفهو ُم ْبت ِدع‪ُ،‬ملُْ‬

‫ُ‬ ‫ن ْسم ْعُأحدا اُيقولُهذا"‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وس ِم ْعتُس ْفيانُيقول ِ‬


‫‪"ُ:‬اإليامنُق ْولُوعملُوي ِزيدُوينْقص"‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫اهيم ُ ْبن ُعي ْينة‪ُ :‬يا ُأبا ُحمم ٍد ُال ُتق ْل ُينْقص‪ُ ،‬فغ ِضب‪ُ،‬‬
‫فقال ُله ُأخوه ُإِبر ِ‬
‫ْ‬
‫ُ‬ ‫وقال‪"ُ:‬اسك ْتُياُصبِى‪ُ،‬ب ْلُحتىُالُيبق ِ‬
‫ىُمنْهُش ْىء"]‪ُ.‬‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬

‫الرشح‪-:‬‬

‫ِ‬
‫هذاُاملقطعُمنُكالمُاملصنِّف‪-‬رمحهُاهلل‪-‬عدةُأمور‪:‬‬ ‫ويفُ‬

‫ُ‬ ‫األمرُاألول‪ُ:‬‬

‫أن ُالقرآن ُكالم ُاهلل‪-‬جل ُوعال‪-‬تكلم ُبِه ُحقيقة‪ُ ،‬ونزل ُإلينا ُِمن ُعندهُ‬

‫سبحانه‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ُالسنةُواحلديث‪:‬‬ ‫ِ‬


‫القرآنُعندُأهل ُّ‬

‫كالمُاهلل‪-‬عزُوجلُ‪-‬ووحيهُوتنزيله‪ُ،‬كيفُقرئ‪ُ،‬وكيفُكتب‪ُ،‬وحيثُ‬

‫يل‪ُ،‬ويفُأي ُموضعُكان‪ُ،‬تكلمُاهللُتعاىل ُبهُحقيقة‪ُ،‬وسمعهُمنهُجربيل‪-‬‬


‫ِّ‬ ‫ت‬

‫عليهُالسالم‪-‬وبلغهُإىلُحممدُصىلُاهللُعليهُوسلم‪ُ،‬فبلغهُحممدُصىلُاهللُ‬

‫ُ‬ ‫عليهُوسلمُإىلُأمته‪.‬‬

‫وقد ُدل ُعىل ُهذا‪ُ :‬كتاب ُاهلل ُتعاىل‪ُ ،‬وسنة ُنب ِّيه ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلمُ‬

‫ُ‬ ‫الصحيحة‪ُ،‬وأقوالُالصحابة‪-‬ريضُاهللُعنهم‪ُ،-‬وإمجاعُالسلفُالصالح‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫ُسورةُبراءةُآمرا ُنبيهُصىلُاهللُعليهُ‬
‫ا‬ ‫ُأماُالقرآن‪ُ ،‬فقدُقالُاهللُتعاىلُيف‬

‫ُاستجارك ُفأ ِج ْره ُحتىُي ْسمع ُكالم ُاّلُِثمُ‬ ‫وسلم‪{ُ :‬وإِ ْن ُأحد ُِمن ُا ْمل ْ ِ ِ‬
‫رشكني ْ‬
‫ُ‬ ‫أبْلِ ْغهُم ْأمنهُذلِكُبِأَُّن ْمُق ْومُالُي ْعلمونُ}‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وهذهُاآلية‪:‬‬

‫ِ‬
‫القرآنُمنُالنبيُصىلُاهللُعليهُوسلمُ‬ ‫رصَيةُيفُأنُاملرشكُالذيُيسمعُ‬

‫ُ‬ ‫إنامُيسمعُكالمُاهللُتعاىل‪.‬‬

‫اُالسنة‪ُ ،‬فقدُأخرجُاإلمامُأمحدُ(‪ُ،)15192‬وأبوُداودُ(‪ُ،)4109‬‬
‫وأم ُّ‬
‫والرتمذيُ(‪ُ،)2849‬وابنُماجهُ(‪ُ)201‬عنُجابرُبنُعبدُاهلل‪-‬ريضُاهللُ‬

‫عنه‪-‬أنه ُقال‪«ُ :‬كان ُرسول ُاّلِ ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُي ْع ُِرض ُن ْفسه ُعىلُ‬

‫َُي ِملنِيُإِىلُق ْو ِم ِهُف ِإنُقر ْي اشاُقدْ ُمنع ِ ُ‬


‫وينُأ ْنُ‬ ‫ل‬‫ج‬‫ُر‬ ‫ال‬‫‪ُ:‬أ‬‫ال‬‫ق‬‫ُف‬ ‫اس ُِيفُا ْملو ِق ِ‬
‫ف‬ ‫الن ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬

‫ُ‬ ‫أب ِّلغُكالمُر ِّ ُ‬


‫يب»‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وهوُحديثُصحيح‪.‬‬

‫وقد ُصححه‪ُ :‬الرتمذي‪ُ ،‬واحلاكم‪ُ ،‬والذهبي‪ُ ،‬واأللباين‪ُ ،‬والوادعي‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫وحممدُعيلُآدمُاإلثيويب‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫وأماُأقوالُالصحابة‪ُ،‬فقدُأخرجُالبخاريُ(‪ُ)4141‬عنُعائشة‪-‬ريضُ‬

‫ُحينئِ ٍذ ُب ِريئة‪ُ،‬‬
‫اهللُعنها‪-‬أَّناُقالتُيفُشأنُحادثةُاإلفك‪«ُ:‬واّل ُيعلم ُأين ِ‬
‫ْ ِّ‬

‫وأن ُاّل ُم ِّربئِي ُبِرباُء ِِت‪ُ ،‬ول ِك ْن ُواّلِ ُما ُكنْت ُأظ ُّن ُأن ُاّل ُمن ِْزل ُِيف ُش ْأ ِينُ‬

‫و ْح اياُيتْىل‪ُ،‬لش ْأ ِين ُِيفُن ْف ِيسُكانُأ ْحقر ُِم ْنُأ ْنُيتكلمُاّل ُِيفُبِأ ْم ٍر‪ُ،‬ول ِك ْنُكنْتُ‬

‫أ ْرجوُأ ْنُيرىُرسولُاّلُِصىلُاّلُعليْ ِهُوُسلم ُِيفُالن ْو ِمُر َْياُي ِّربئنِيُاّل ُِهبا‪ُ،‬‬

‫فواّلِ ُماُرام ُرسول ُاّلِ ُصىل ُاّل ُعليْ ِه ُوسلم ُجمْلِسه ُوال ُخرج ُأحد ُِم ْنُ‬

‫ُ‬ ‫تُحتىُأن ِْزلُعل ْي ُِه»‪.‬‬


‫أه ِلُا ُْلبي ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫وأخرج ُعبد ُاهلل ُبن ُاإلمام ُأمحد ُيف ُ"السنة" ُ(‪ُ 1210‬و ُ‪ِ ،)116‬‬
‫ُومنُ‬ ‫ُّ‬
‫طريقه ُالبيهقي ُيف ُ"األسامء ُوالصفات" ُ(‪ُ ،)510‬وغريمها‪ُ ،‬عن ُنِي ِ‬
‫ار ُ ْب ِنُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مكْر ٍم‪«ُ:‬أنُأباُبك ٍُْر‪-‬ريضُاّلُعنْهُ‪-‬خاطرُق ْوم ااُم ْنُأ ْه ِلُمكةُعىلُأن ُّ‬
‫ُالرومُ‬

‫ُالرومُ} ُفأتىُقر ْي اشاُفقرأ هاُ‬ ‫ت ُالروم ُفنزل ْت‪{ُ:‬املُغلِب ِ‬


‫ت‬ ‫ارس‪ُ،‬فغلب ِ‬
‫ت ْغلِب ُف ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫احبِك؟ ُقال‪ُ :‬ل ْيس ُبِكال ِمي‪ُ ،‬والُ‬
‫علي ِهم ُفقالوا‪ُ :‬كالمك ُهذا ُأم ُكالم ُص ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ ْ‬
‫ُ‬ ‫احبِي‪ُ،‬ول ِكنهُُكالمُاّلُِعزُوجلُ»‪.‬‬
‫كال ِمُص ِ‬

‫ُ‬ ‫وقالُالبيهقيُعقبه‪ُ:‬وهذاُإسنادُصحيح‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫وصححه‪ُ:‬ابنُخزيمة‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫ُ‬ ‫وأماُاإلمجاع‪ُ،‬عىلُأنُالقرآنُكالمُاهللُتعاىل‪ُ،‬فقدُنقله‪ُ:‬‬

‫ُالسنة" ُ(ص‪ُ ،)81:‬وحرب ُالكرماين ُيف ُرسالته ُيفُ‬


‫املزين ُيف ُ"رشح ُّ‬
‫"السنة" ُ(ص‪ُ ،)64:‬وابن ُأيب ُزيد ُالقريواين ُيف ُ"اجلامع" ُ(ص‪ُ،)107:‬‬
‫ُّ‬
‫واآلجريُيفُ"الرشيعة"ُ(‪ُ،)489ُ/1‬وأبوُبكرُاإلسامعييلُيفُ"اعتقادُأئمةُ‬

‫احلديث" ُ(ص‪ُ ،)57:‬وابن ُبطة ُيف ُ"اإلبانة ُالكربى" ُ(‪ُ ،)214ُ /5‬وابنُ‬

‫ُالسنة" ُ(ص‪ُ ،)92:‬وأبو ُنعيم ُاألصبهاين ُكام ُيفُُ‬ ‫ِ‬


‫أيب ُزمنني ُيف ُ"أصول ُّ‬
‫"العلو ُللعيل ُالغفار ُ(ص‪ُ ،)243ُ :‬وأبو ُعثامن ُالصابوين ُيف ُ"اعتقادُ‬
‫ِ‬
‫جزيُيفُ"الردُعىلُمنُأنكرُ‬ ‫)‪ُ،‬والس‬‫السلفُأصحابُاحلديث"ُ(ص‪30:‬‬
‫ِّ‬
‫)‪ُ،‬والبغويُيفُ"رشحُالسنة"ُ(‪ُ،)186ُ/1‬‬
‫ُّ‬ ‫احلرفُوالصوت"ُ(ص‪106:‬‬

‫وعبدُالغنيُاملقديسُيفُ"عقيدته"ُ(ص‪،)49:‬وموفقُالدينُابنُقدامةُيفُ‬

‫"املناظرة ُيف ُالقرآن" ُ(ص‪ُ ،)56:‬وابن ُتيمية ُيف ُ"رشح ُالعقيدةُ‬

‫ُ‬ ‫األصفهانية"ُ(ص‪ُ،)32:‬وُ"جمموعُالفتاوى"ُ(‪ُ،)401ُ/3‬وغريهم‪ُ.‬‬

‫ُ‬ ‫األمرُالثاين‪ُ:‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫والذيُمنهُالقرآن‪-‬ليسُبمخلوق‪.‬‬‫أنُكالمُاهللُتعاىل‪-‬‬

‫ُ‬ ‫والسنة‪ُ،‬وإمجاعُالسلفُالصالح‪.‬‬
‫وقدُدلُعىلُذلكُالقرآن‪ُّ ُ،‬‬

‫‪82‬‬
‫أماُالقرآن‪ُ ،‬فقدُقالُاهللُتعاىلُيفُسورةُاألعرافُيفُشأنُنفسه‪{ُ :‬أُال ُلهُ‬

‫ُ‬ ‫اخل ْلقُو ْاأل ْمرُ}‪.‬‬


‫ْ‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ووجهُاالستداللُمنُهذهُاآلية‪ُ:‬‬

‫أن ُاهلل‪-‬جل ُوعزُ‪-‬قدُفرقُفيهاُبنيُاأل ْمرُواخللق‪ُ،‬فجعلُاخللقُشي ائا‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وهوُفعله‪ُ،‬واألمرُشي ائاُآخر‪ُ،‬وهوُقوله‪.‬‬

‫ُوضوحا ُقول ُاهلل ُسبحانه ُيف ُشأن ُمريم ُبنت ُعمران‪ُ:‬‬


‫اُ‬ ‫ويزيد ُذلك‬
‫{قال ْت ُرب ُأنىُيكون ُِيل ُولد ُومل ُيمسسنِي ُبرش ُقال ُكذل ِ ِ‬
‫ك ُاّل ُُيْلق ُماُ‬ ‫ْ ْ ْ‬ ‫ِّ‬

‫ُ‬ ‫يشاءُإِذاُقىضُأ ْمرا اُف ِإنُامُيقولُلهُك ْنُفيكونُ}‪.‬‬

‫ُ‬ ‫فدلتُهذهُاآلية‪:‬‬

‫عىلُأن ُخُ ُْلقُعيسى‪-‬عليهُالسالم‪-‬إنامُكانُبأمرهُتعاىل‪ُ،‬وأ ْمرهُهوُقولهُ‬

‫سبحانه‪{ُ:‬كن}‪.‬‬

‫ُاخل ْلق ُو ْاأل ْمرُ} ُرد ُاألئمة ُكسفيان ُبن ُعيينة‪ُ،‬‬


‫وهبذه ُاآلية‪ُ ،‬آية‪{ُ :‬أُال ُله ْ‬

‫وأمحد ُبن ُحنبل‪ُ ،‬ونعيم ُبن ُمحاد‪ُ ،‬وحممد ُبن َُييى ُّ‬
‫ُالذهيل‪ُ ،‬وأبو ُحاتمُ‬

‫ُ‬ ‫الرازي‪ُ،‬وغريهم‪ُ،‬قولُاجلهميةُواملعتزلةُأنُالقرآنُخملوق‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫هُإذاُكانُالقرآنُأمرا‪ُ،‬وهوُقسيمُللخلق‪ُ،‬صارُغريُخملوق‪ُ،‬ألنهُلوُ‬
‫ا‬ ‫ألن‬

‫ُ‬ ‫كانُخملو اقاُماُصحُُالتقسيم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫قالهُالعالمةُالعثيمني‪-‬رمحهُاهلل‪.-‬‬

‫وقالُاهللُسبحانهُأيضاُيفُأولُسورةُالرمحن‪{:‬الر ْمحنُُعلمُُا ْلق ْرآنُخلقُ‬


‫ا‬

‫ُ‬ ‫ِْ‬
‫اإلنْسانُ}‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ووجهُاالستداللُمنُهذهُاآلية‪ُ:‬‬

‫ِ‬
‫لمهُوخلقه‪ُ،‬فجعلُالقرآنُمنُعلمه‪ُ،‬وجعلُ‬ ‫ِ‬
‫قُبنيُع‬ ‫أن ُاهللُتعاىلُفر‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫هُوالذيُمنهُالقرآنُغريُخملوق‪.‬‬‫اإلنسانُخلقه‪ُ،‬فدلُعىلُأنُعلم‬

‫آنُم ِ‬
‫نُعلمُاهللُسبحانهُقوله‪-‬عزُ ُشأنه‪-‬يفُسورةُالرعدُ‬ ‫ويؤكِّدُأن ُالقر ِ‬

‫عن ُالقرآن‪{ُ :‬وكذلِك ُأنْز ْلناه ُحك اُْام ُعربِيما ُولئِ ِن ُاتب ْعت ُأ ْهواءه ْم ُب ْعدماُ‬

‫ُ‬ ‫جاءك ُِمنُا ْل ِع ْل ِمُماُلك ُِمنُاّلِ ُِم ْنُو ِ ٍّيلُوالُو ٍ ُ‬


‫اق}‪.‬‬

‫ُأيضا ُرد ُاإلمام ُأمحد ُبن ُحنبل ُوغريه ُ ِمن ُاألئمة ُقولُ‬
‫وهبذه ُاآلية ا‬

‫ُ‬ ‫اجلهميةُواملعتزلةُأنُالقرآنُخملوق‪.‬‬

‫وأما ُالسنة ُالنبوية‪ُ ،‬فاألحاديث ُفيها ُكثرية ُمستفيضة‪ِ ،‬‬


‫ُومن ُأشهرهاُ‬ ‫ُّ‬
‫األحاديث ُاملتعددة ُيف ُاالستعاذة ُوالتعويذ ُبكلامت ُاهلل ُتعاىل‪ُ ،‬كحديثُ‬

‫‪84‬‬
‫ُالسلمية‪-‬ريض ُاهلل ُعنها‪-‬عند ُاإلمام ُمسلم ُيفُ‬
‫خولة ُبنت ُحكيم ُّ‬
‫"صحيحه"ُ(‪ُ)2708‬أَّناُسمعتُرسولُاهللُصىلُاهللُعليهُوسلمُيقول‪ُ:‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫«م ْنُنزلُمن ِْز االُثمُقال‪ُ:‬أعوذُبِكلامتُاهللُالتاماتُم ْن ِّ‬
‫ُرشُماُخلق‪ُ،‬ملُْيرضهُ‬

‫ُ‬ ‫حتل ُِم ْنُمن ِْزل ِ ِهُذلِكُ»‪.‬‬


‫يشء‪ُ،‬حتىُيُر ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ووجهُاالستداللُمنُهذاُاحلديثُوأشباهه‪ُ:‬‬

‫أن ُاهللُتعاىلُقدُحرمُاالستعاذةُباملخلوقات‪ُ،‬بلُجعلهاُرشكاا‪ُ،‬وعابُ‬

‫أهلهاُوذمهمُوتوعدهمُبالعذاب‪ُ،‬ولوُكانتُكلامتهُخملوقةُلكانُرسولهُ‬

‫ُ‬ ‫صىلُاهللُعليهُوسلمُيدعوُأمتهُإىلُماُهوُرشكُظاهر‪ُ،‬وهذاُباطل‪.‬‬

‫فدل ُعىل ُأن ُالقرآن ُليس ُبمخلوق‪ُ ،‬ألن ِ‬


‫هُمن ُكالم ُاهلل ُتعاىل‪ُ ،‬وكالمهُ‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫صفةُمنُصفاتهُاجلليلة‪.‬‬

‫ِ‬
‫وقدُاحتجُغريُواحدُمنُأئمةُالسلفُالصالحُهبذاُاحلديثُوأمثالهُعىلُ‬

‫ُ‬ ‫إبطالُقولُاجلهميةُواملعتزلةُأنُالقرآنُخملوق‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ِمنهم‪ُ:‬البخاري‪ُ،‬وشيخهُنعيمُبنُمحاد‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وأماُإمجاعُالسلفُالصالحُعىلُأنُالقرآنُغريُخملوق‪ُ،‬فقدُنقله‪:‬‬

‫‪85‬‬
‫ُالسنة" ُ(ص‪ُ ،)81:‬وحرب ُالكرماين ُيف ُرسالته ُيفُ‬
‫املزين ُيف ُ"رشح ُّ‬
‫"السنة" ُ(ص‪ُ ،)64:‬وابن ُأيب ُزيد ُالقريواين ُيف ُ"اجلامع" ُ(ص‪ُ،)107:‬‬
‫ُّ‬
‫واآلجريُيفُ"الرشيعة"ُ(‪ُ،)489ُ/1‬وأبوُبكرُاإلسامعييلُيفُ"اعتقادُأئمةُ‬

‫احلديث" ُ(ص‪ُ ،)57:‬وابن ُبطة ُيف ُ"اإلبانة ُالكربى" ُ(‪ُ ،)214ُ /5‬وابنُ‬

‫ُالسنة" ُ(ص‪ُ ،)92:‬وأبو ُنعيم ُاألصبهاين ُكام ُيفُُ‬ ‫ِ‬


‫أيب ُزمنني ُيف ُ"أصول ُّ‬
‫"العلو ُللعيل ُالغفار ُ(ص‪ُ ،)243ُ :‬وأبو ُعثامن ُالصابوين ُيف ُ"اعتقادُ‬
‫ِ‬
‫جزيُيفُ"الردُعىلُمنُأنكرُ‬ ‫والس‬
‫السلفُأصحابُاحلديث" ُ(ص‪ِّ ُ ،)30:‬‬
‫والبغويُيفُ"رشحُالسنة"ُ(‪ُ،)186ُ/1‬‬
‫ُّ‬ ‫احلرفُوالصوت"ُ(ص‪ُ،)106:‬‬

‫وعبدُالغنيُاملقديسُيف ُ"عقيدته"ُ(ص‪،)49:‬وموفقُالدينُابنُقدامةُيفُ‬

‫"املناظرة ُيف ُالقرآن" ُ(ص‪ُ ،)56:‬وابن ُتيمية ُيف ُ"رشح ُالعقيدةُ‬

‫ُ‬ ‫األصفهانية"ُ(ص‪ُ،)32:‬وُ"جمموعُالفتاوى"ُ(‪ُ،)401ُ/3‬وغريهم‪ُ.‬‬

‫ُ‬ ‫وقدُخالفُأهلُالسنةُيفُالقرآنُعدةُفِرق‪:‬‬
‫ُّ‬

‫ُ‬ ‫ُِ‬
‫الفرقةُاألوىل‪ُ:‬اجلهمية‪.‬‬

‫ا‬
‫ُأصال‪ُ ،‬ويقولون ُعنُ‬ ‫ومذهبهم‪ُ :‬أن ُاهلل ُتعاىل ُال ُيُوصف ُبالكالم‬

‫ُ‬ ‫القرآن‪ُ:‬إنُاهللُتعاىلُخلقه‪ُ،‬وسامهُكال اما‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫ُ‬ ‫الفرقةُالثانية‪ُ:‬املعتزلة‪.‬‬

‫وهؤالءُيقولون‪ُ :‬إن ُاهللُتعاىلُخلقُالقرآنُيفُالواءُأوُيفُنفسُجربيلُ‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫أوُيفُغريمهاُمنُاملخلوقات‪ُ،‬وسامهُكال اما‪.‬‬

‫ُ‬ ‫فيقولونُمثالُعنُقولُاهللُتعاىل‪{ُ:‬وكُلمُاّلُموسىُتكْلِياماُ}‪ُ:‬‬
‫ا‬

‫ُ‬ ‫إنُاهللُخلقُكال اماُيفُالشجرة‪ُ،‬وهوُماُقصهُاهللُعليناُيفُالقرآن‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وقولمُهذاُمنقوضُمنُجهتني‪:‬‬

‫ُ‬ ‫األوىل‪ِ ُ:‬منُجهةُالنص‪.‬‬

‫ألن ُاآليةُقدُنصتُعىلُأنُ ُاهللُتعاىلُكلمُنبيهُموسى‪-‬عليهُالسالم‪ُ،-‬‬

‫ُ‬ ‫{تكليام}ُوهذاُيؤكِّدُحقيقةُالكالم‪.‬‬
‫اُ‬ ‫وأُ ُكِ ُِ‬
‫دُالفعلُ{كلم}ُباملصدرُ‬

‫ُ‬ ‫والثانية‪ِ ُ:‬منُجهةُالعقل‪.‬‬

‫ألن ُكلُعاقلُإذاُسمعُإضافةُالكالمُإىلُمتكلمُملُيذهبُذهنهُإالُإىلُ‬

‫ُ‬ ‫أنهُكالمه‪ُ،‬وقال‪ُ:‬هذاُكالمُفالن‪ُ،‬وأخذُينقلهُعنه‪ُ،‬وينسبهُإليه‪.‬‬

‫ُ‬ ‫الفرقةُالثالثة‪ُ:‬األشاعرة‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫ومذهبهم‪ُ :‬أن ُالقرآن ُليس ُبكالم ُاهلل‪ُ ،‬وإنُام ُهو ُعبارة ُعن ُكالم ُاهللُ‬

‫ُ‬ ‫تعاىل‪ُ،‬وداللةُعليه‪.‬‬

‫امُهوُتعبريُعنُكالمُاهلل‪ُ،‬وليسُبكالمُاهللُحقيقة‪ُ،‬بلُجمازا‪ُ،‬‬
‫ا‬ ‫يعني‪ُ :‬إن‬

‫عربةُعنُتلكُ‬
‫ألن ُاحلروفُتسمىُكال اما‪ُ،‬فاملعنىُكالمُاهلل‪ُ،‬واحلروفُم ِّ‬

‫ُ‬ ‫املعاين‪.‬‬

‫ُ‬ ‫الفرقةُالرابعة‪ُ:‬الكُّالبية‪.‬‬

‫ومذهبهم‪ُ :‬أن ُهذه ُاحلروف ُحكاية ُعن ُكالم ُاهلل‪ُ ،‬وليست ُِمن ُكالمُ‬

‫ُ‬ ‫اهلل‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ُِ‬
‫وخالصةُمذهبُهاتنيُالفرقتني‪ُ:‬‬

‫أنُكالمُاهللُمعنىُقائمُيفُنفسُالربُسبحانه‪ُ،‬ألقىُهذاُاملعنىُيفُر ْوعُ‬

‫ا‬
‫ُإنجيال‪ُ،‬‬ ‫جربيل‪-‬عليه ُالسالم‪ُ ،-‬وعرب ُعنه ُجربيل ُبالّسيانية ُفس ِّمي‬

‫ُ‬ ‫وبالعربانيةُفس ِّميُتوراة‪ُ،‬وبالعربيةُفس ِّميُقرآ ناا‪.‬‬

‫ِ‬
‫عرفُعنُأحدُقبلهم‪ُ،‬الُمنُ‬‫فجعلوا ُمسمىُالكالمُمعنى‪ُ،‬وهذاُالُي‬
‫ِ‬
‫أهلُاللغة‪ُ،‬والُمنُغريهم‪ُ،‬بلُالكالمُوالقولُواحلديثُإذاُذكرُفإنامُيرادُ‬

‫ُ‬ ‫بِه‪ُ:‬املعنىُمعُاللفظ‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫وقدُقال ُاإلمام ُابنُتيمية ُــُرمحه ُاهلل ُ ـ ُ ُكامُيفُ"جمموع ُالفتاوى" ُ(‪ُ/7‬‬

‫ُ‬ ‫‪ُ)134‬م ا‬
‫بطالُهذياَّنمُهذا‪:‬‬

‫ِ‬
‫نُاخللق‪ُ،‬منُاألنبياءُأوُ‬ ‫ِ‬
‫كرُاهللُيفُكتابهُعنُأحدُم‬‫ويفُاجلملة‪ُ:‬حيثُذ‬

‫أتباعهم ُأو ُمكذبيهم ُأَّنم ُقالوا‪ُ ،‬ويقولون‪ُ ،‬وذلك ُقولم‪ُ ،‬وأمثال ُذلك‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫فإنامُيعنيُبِهُاملعنىُمعُاللفظ‪ُ.‬‬

‫فهذا ُاللفظ‪ُ ،‬وما ُترصف ُِمنه ُِمن ُفعل ُماض ُومضارع ُوأمر ُومصدرُ‬

‫واسم ُفاعل ُِمن ُلفظ ُالقول ُوالكالم ُونحومها‪ُ ،‬إنام ُيعرف ُيف ُالقرآنُ‬

‫والسنة ُوسائر ُكالم ُالعرب ُإذا ُكان ُلف اُظا ُومعنى‪ُ ،‬وكذلك ُأنواعهُ‬
‫ُّ‬
‫ُ‬ ‫كالتصديقُوالتكذيبُواألمرُوالنهيُوغريُذلك‪ُ.‬‬

‫ُ‬ ‫نُأنَُيُىص‪.‬‬‫ُِ‬
‫هُأكثرُم ُْ‬‫اُجحده‪ُ،‬فإنُ‬
‫وهذاُماُالُيُمكنُأحداُ ُْ‬

‫وملُيكنُيفُمسمُىُ"ُالكالمُ"ُنزاعُبنيُالصحابةُوالتابعنيُلمُبإحسانُ‬

‫ُِ‬
‫والُمنُأهلُالبدعة‪ُ،‬بلُأوُلُمُنُعُرفُيفُ‬ ‫نُأهلُالسنة‪ُ،‬‬
‫ُّ ُ‬ ‫وتابعيهم‪ُِ ُ ،‬‬
‫الُم‬

‫اإلسالمُأنُهُجعلُمسمُىُالكالمُاملعنىُفقط‪ُ،‬هوُعبدُاهللُبنُسعيدُبنُ‬

‫كُالُبُوهوُمتأخر‪ُ،‬يفُزمنُحمنةُأمحدُبنُحنبل‪ُ،‬وقدُأنكرُذلكُعليهُعلامءُ‬

‫السنةُوعلامءُالبدعة‪ُ ،‬فيُمتُ ُنِ ُْ‬


‫عُأن ُيكونُالكالمُالذيُهوُأظهرُصفاتُبنيُ‬ ‫ُّ ُ‬

‫‪89‬‬
‫ُِ‬
‫عرفهُأحدُمنُالصحابةُوالتابعنيُوتابعيهم‪ُ،‬حتىُجاءُمُنُقالُفيهُ‬‫آدمُ‪ُ،‬ملُيُ‬

‫ُ‬ ‫ُِ‬
‫ُملُيسبقهُإليهُأحدُمنُاملسلمنيُوالُغريهم‪.‬ـها‬ ‫اُ‬
‫قوال‬

‫ُ‬ ‫األمرُالثالث‪ُ:‬‬

‫ُ‬ ‫ُِ‬
‫بقىُمنهُيشء‪.‬‬‫ُاإليامنُقولُوعمل‪ُ،‬يزيدُوينقصُحتىُالُيِ‬
‫ُ‬ ‫أن‬

‫وقدُتقدمُالكالم ُعىلُاإليامن‪ُ،‬وأنهُقولُوعمل‪ُ،‬يزيدُوينقص‪ُ،‬وملُيُبقُ‬

‫ُ‬ ‫إالُالتعليقُعىلُقولُاملصنِّف‪-‬رمحهُاهلل‪:-‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ُاإليامنُينقصُحتىُالُيبقىُمنهُيشء]‪ُ.‬‬‫[ُأن‬

‫وقدُنقلهُاملصنِّفُأبوُبكراحلميدي‪-‬رمحهُاهلل‪-‬عنُاإلمام ُالثقةُالثبتُ‬

‫ُ‬ ‫سفيانُبنُعيينةُمُفتيُاحلجاز‪-‬رمحهُاهلل‪.-‬‬

‫ُ‬ ‫وقدُأسندهُأيضاُعنُاحلُميديُعنُسفيانُبنُعيينة‪:‬‬
‫ا‬

‫ابنُبطةُيفُ"اإلبانةُالكربى"ُ(‪ُ،)1155‬والاللكائيُيفُ"ُرشحُأصولُ‬

‫ُ‬ ‫اعتقادُأهلُالسنةُواجلامعة"ُ(‪.)1754‬‬
‫ُّ‬
‫وأخرجهُأيضاُابنُاألعرايبُيفُ"معجمه"ُ(‪ِ 436‬‬
‫)‪ُ،‬منُطريقُآخرُعنُ‬ ‫ا‬

‫ُ‬ ‫سفيانُبنُعيينة‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫وجاء ُنحوه ُعن ُمجع ُِمن ُاألئمة ُ‪ُ ،‬كاألوزاعي ُإمام ُأهل ُالشام‪-‬رمحهُ‬

‫ُ‬ ‫اهلل‪.-‬‬

‫وقد ُأخرجه ُأبو ُالعباس ُاألصم ُيف ُ"جزئه" ُ(‪ُ ،)292‬والاللكائي ُيفُ‬

‫أهلُالسنةُواجلامعة"ُ(‪ُِ 1740‬‬
‫)‪ُ،‬منُطريقُالعباسُ‬ ‫ُّ‬ ‫"رشحُأصولُاعتقادُ‬

‫وين‪ُ ،‬قال‪ُ :‬نا ُأبو ُقدامة ُاجلب ْي ِيل‪ُ ،‬قال‪ُ :‬سمعت ُعقبة ُبنُ‬
‫بن ُالوليد ُالب ْري ِ‬

‫ُاإليام ِن‪ُ،‬أي ِزيد؟ُقال‪ُ:‬نع ْم ُحتىُيكونُ‬ ‫علقمة‪ُ،‬قال‪«ُ:‬سأ ْلتُ ُ ْاألوز ِ‬


‫اعي ُع ِن ْ ِ‬ ‫ْ‬

‫ُيشء‪ُ،‬وسئِلُا ْلعباس‪ُ:‬‬ ‫ِ‬ ‫ك ِْ ِ‬


‫اجلبال‪ُ،‬ق ْلت‪ُ:‬فينْقص؟ُقال‪ُ:‬نع ْم‪ُ،‬حتىُالُي ْبقىُمنْه ْ‬
‫لُ ْاألوز ِ‬
‫ُ‬ ‫اع ِّي؟ُقال‪ُ:‬نع ُْم»‪.‬‬ ‫أتقولُبِق ْو ُِ ْ‬

‫ُ‬ ‫وجاءُأيضاُعنُاإلمامُإسحاقُبنُراهويه‪-‬رمحهُاهلل‪.-‬‬
‫اُ‬

‫فقالُإسحاقُبنُمنصورُالكوسج‪-‬رمحهُاهللُ‪-‬يفُ"مسائلهُعنُاإلمامنيُ‬

‫ُ‬ ‫أمحدُبنُحنبلُوإسحاقُبنُراهويه"ُ(‪:)3538‬‬

‫قالُإسحاق‪ُ:‬اإليامنُقولُوعمل‪ُ،‬يزيدُوينقص‪ُ،‬ينقصُحتىُالُيبقىُ‬

‫ُ‬ ‫ُِمنهُيشء‪.‬‬

‫ُ‬ ‫قالُإسحاقُبنُمنصور‪ُ:‬وأناُأقولُهبا‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫اُعنهُاخلاللُيفُ"السنة"ُ(‪ُ1011‬وُ‪ُ.)1048‬‬
‫ُّ‬ ‫وأسندهُأي اض‬

‫‪91‬‬
‫ُ‬ ‫يفُكتابهُ"رشحُالسنة"ُ(ص‪:)52:‬‬
‫ُّ‬ ‫وقالُاإلمامُالربهباري‪-‬رمحهُاهلل‪-‬‬

‫واإليامن ُبأن ُاإليامن ُقول ُوعمل‪ُ ،‬وعمل ُوقول‪ُ ،‬ونية ُوإصابة‪ُ ،‬يزيدُ‬

‫ُ‬ ‫ُِ‬
‫وينقص‪ُ،‬يزيدُماُشاءُاهلل‪ُ،‬وينقصُحتىُالُيبقىُمنهُيشء‪.‬ـها‬

‫فاإليامنُينقصُبسببُاملعايصُوتركُالواجباتُحتىَُيصلُفيهُنقصُ‬
‫ِ‬
‫)ُواللفظُله‪ُ،‬منُ‬‫كبريُجدا ا‪ُ،‬وقدُأخرجُالبخاريُ(‪ُ)7510‬ومسلمُ(‪193‬‬

‫حديثُأنس‪-‬ريضُاهللُعنه‪ُ،-‬حديثُالشفاعةُالطويلُأنُالنبيُصىلُاهللُ‬

‫ام ِد‪ُ ،‬ثم ُأ ِخ ُّر ُلهُ‬


‫عليه ُوسلم ُقال‪«ُ :‬ثم ُأعود ُإِىل ُريب ُفأ ْمحده ُبِتِ ْلك ُا ْملح ِ‬
‫ِّ‬
‫ُارف ْع ُر ْأسك‪ُ ،‬وق ْل ُي ْسم ْع ُلك‪ُ ،‬وس ْل ُت ْعط ْه‪ُ،‬‬ ‫ِ‬
‫ساجدا ا‪ُ ،‬فيقال ُِيل‪ُ :‬يا ُحممد‪ْ ،‬‬
‫اشف ْع ُتشف ْع‪ُ ،‬فأقول‪ُ:‬ياُر ِّب‪ُ،‬أمتِيُأمتِي‪ُ،‬فيقال ُِيل‪ُ:‬انْطلِ ْق ُفم ْن ُكان ُِيفُ‬
‫و ْ‬
‫ال ُحب ٍة ُِم ْن ُخ ْرد ٍل ُِم ْن ُإِيام ٍن ُفأ ْخ ِر ْجه ُِمن ُالنُ ِ‬
‫ارُ‬ ‫ىُم ْن ُِم ْثق ِ‬
‫ق ْلبِ ِه ُأدنىُأدنىُأدن ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫ُ‬ ‫فأنْطلِقُفأ ْفعلُ»‪.‬‬

‫وأخرج ُالبخاري ُ(‪ُ )44‬عن ُأنس‪-‬ريض ُاهلل ُعنه‪-‬أنُ ُالنبي ُصىل ُاهللُ‬

‫ار ُم ْن ُقال ُال ُإَِل ُإِال ُاّل‪ُ ،‬و ِيف ُق ْلبِ ِه ُو ْزنُ‬
‫عليه ُوسلم ُقال‪ُ«ُ :‬يْرج ُِمن ُالنُ ِ‬

‫ار ُم ْن ُقال ُال ُإَِل ُإِال ُاّل‪ُ،‬و ِيف ُق ْلبِ ِه ُو ْزن ُبر ٍةُ‬
‫ري‪ُ،‬وُيْرج ُِمن ُالن ِ‬
‫ش ِعري ٍة ُِم ْن ُخ ْ ٍ‬

‫‪92‬‬
‫ار ُم ْن ُقال ُال ُإَِل ُإِال ُاّلُ‪ُ،‬و ِيف ُق ْلبِ ِه ُو ْزن ُذر ٍة ُِم ْنُ‬
‫ري‪ُ ،‬وُيْرج ُِمن ُالن ِ‬
‫ِم ْن ُخ ْ ٍ‬

‫ُ‬ ‫خ ْ ٍُ‬
‫ري»ُ»‪.‬‬

‫ثمُقالُالبخاريُعقبه‪ُ:‬قالُأبان‪ُ،‬حدثناُقتادة‪ُ،‬حدثناُأنس‪ُ،‬عن ُالنبيُ‬

‫ُ‬ ‫صىلُاهللُعليهُوسلم‪ِ «ُ«ُ:‬م ْنُإِيام ٍُن»ُمكانُ« ِم ْنُخ ْ ٍُ‬


‫ري»ُ»‪.‬‬

‫ُأيضا ُبسبب ُمعصية ُالكفر ُوالرشك ُاألكربينُفيذهبُ‬


‫وينقصُاإليامن ا‬

‫ُ‬ ‫بالكلية‪.‬‬

‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫بدُاهللُبنُالزبريُاحلميدي‪-‬رمحهُاهلل‪:-‬‬
‫ُّ‬ ‫ثمُقالُاإلمامُأبوُبكرُع‬

‫ُ‬ ‫الر َْي ِةُب ْعدُا ْمل ْو ِ ُ‬


‫ت]‪ُ.‬‬ ‫ُ[و ِ‬
‫اإل ْقرار ُُبِ ُّ‬

‫الرشح‪-:‬‬

‫ِ‬
‫بأبصارهمُيفُالدارُاآلخرة‪.‬‬‫أي‪ُ:‬برَيةُأهلُاإليامنُلرهبم‪-‬عزُوجلُ‪-‬‬

‫وقد ُقال ُاإلمام ُابن ُتيمية‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬كام ُيف ُ"جمموع ُالفتاوى" ُ(‪ُ/6‬‬

‫ُ‬ ‫‪:)501‬‬

‫وال ُخالف ُبني ُالقائلني ُبالرَية ُيف ُأن ُرَيته ُِمن ُأعظم ُكرامات ُأهلُ‬

‫ُ‬ ‫اجلنة‪.‬ـها‬
‫ُ‬

‫‪93‬‬
‫وهذهُالرَيةَُتحدهاُوتر ُّدهاُطوائفُالضُاللُعىلُعادَتا‪ُ،‬فقدُردَتاُ‬

‫اُثابتةُبالقرآنُالعزيزُوالسنةُاملتواترةُ‬
‫ُّ‬ ‫اجلهميةُواملعتزلةُوالرافضةُمعُأَّن‬

‫وإمجاعُالسلفُالصالح‪.‬‬

‫ِ‬
‫‪ُ:‬فقدُقالُاهللُتعاىلُعنُوجوهُأهلُاإليامنُيفُالدارُاآلخرةُيفُ‬ ‫أماُالقرآن‬

‫ُ‬ ‫سورةُالقيامة‪{ُ:‬وجوهُي ْومئِ ٍذُنا ِرضةُإِىلُر ِّهباُناظِرةُ}‪.‬‬

‫فقوله ُتعاىل‪{ُ:‬ن ِ‬
‫ارضةُ}‪ُ،‬أي‪ُ :‬حسنةُهب ِّية‪ُ،‬لاُرونقُونور‪ُ،‬بسببُماُهيُ‬

‫عيمُوالّسور‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫فيهُمنُالن‬

‫ِ‬
‫{إِىل ُر ِّهبا ُناظرةُ}‪ُ ،‬أي‪ُ :‬تنظر ُإىل ِّ‬
‫ُرهبا ُبعيوَّنا ُالتي ُيف ُوجوهها ُالنرضةُ‬

‫ُ‬ ‫اجلميلة‪.‬‬

‫ِ‬
‫وقالُاهللُتعاىلُعنُالكفارُيفُاآلخرة ُيفُسورةُاملطففني‪{ُ:‬كالُإَِّن ْم ُع ْنُ‬

‫ُ‬ ‫ر ِّ ُهبِ ْمُي ْومئِ ٍذُمل ْحجوبونُ}‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وقدُأ ِخذُمنُهذهُاآليةُفائدتان‪:‬‬

‫ُ‬ ‫بُالكافرينُعنُرَيةُرهبمُيومُالقيامة‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫إحدامها‪ُ:‬إثباتُح ْج‬

‫ُ‬ ‫اإلشارةُإىلُرَيةُاملؤمننيُلرهبمُيومُالقيامة‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫والثانية‪ُ:‬‬

‫ُ‬ ‫ووجهُذلك‪:‬‬
‫‪94‬‬
‫أنهُسبحانهُاماُحجبُالفجارُعنُرَيتهُعقوبة‪ُ،‬دل ُعىلُأن ُاألبرار‪-‬‬

‫ُ‬ ‫وهمُأهلُاإليامن‪-‬يرونه‪ُ،‬وإالُملُيكنُبينهمُ ْفرق‪ُ.‬‬

‫ُ‬ ‫وقالُتعاىلُيفُسورةُيونس‪{ُ:‬لِل ِذينُأُ ْحسن ْ‬


‫واُاحل ْسنىُو ِزيادةُ}‪.‬‬

‫وقدُجاءُتفسريُهذهُالزيادةُيفُالسنةُالصُحيحة‪ُ:‬بأَّناُالنظرُباألبصارُ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬

‫ُ‬ ‫إىلُرهبمُيفُاجلنة‪.‬‬
‫ِّ‬

‫فأخرج ُاإلمام ُمسلم ُيف ُ"صحيحه" ُ(‪ُ )181‬عن ُصهيب‪-‬ريض ُاهللُ‬

‫ُاجلن ِة ْ‬
‫ُاجلنة‪ُ،‬‬ ‫عنه‪-‬عنُالنبيُصىلُاهللُعليهُوسلمُأنهُقال‪«ُ:‬إِذاُدخل ُأ ْهل ْ‬

‫يقول ُاهلل ُتبارك ُوتعاىل‪ُ :‬ت ِريدون ُش ْيئاا ُأ ِزيدك ْم؟ ُفيقولون‪ُ :‬أل ْم ُتب ِّي ْضُ‬
‫ار؟ُقال‪ُ:‬فيك ِْشف ْ ِ‬
‫ُاحلجاب‪ُ،‬فامُ‬ ‫اُاجلنة‪ُ،‬وتنجن ِ‬
‫اُمن ُالن ِ‬ ‫ِّ‬ ‫وجوهنا؟ُأل ْم ُتدْ ِخ ْلن ْ‬

‫أ ْعطوا ُشيْئاا ُأحب ُإِليْ ِه ْم ُِمن ُالنظ ِر ُإِىل ُر ِّهبِ ْم ُعز ُوجل‪ُ ،‬ثم ُتال ُه ِذ ِه ْ‬
‫ُاآلية‪ُ:‬‬

‫ُ‬ ‫{لِل ِذينُأُ ْحسن ْ‬


‫واُاحل ْسنىُو ِزيادةُ}ُ»‪.‬‬

‫وقالُتعاىلُيفُسورةُاألحزابُعنُحتيةُاملؤمننيُيومُيلقونهُسبحانه ُيفُ‬

‫ُ‬ ‫اآلخرة‪ِ {ُ:‬‬


‫حتيتهُ ْمُي ْومُي ْلق ْونهُسالمُ}‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وقدُنقلُاألئمة‪ُ:‬‬

‫‪95‬‬
‫اآلجُ ِّري‪ُ،‬وابنُتيمية‪ُ،‬وابنُقيمُاجلوزية‪-‬رمحهمُاهلل‪ُ،-‬وغريهم‪ُ،‬إمجاعُ‬

‫ُ‬ ‫أهلُاللغةُعىلُأنُاللقاءُهاهناُالُيكونُإالُمعاينة‪.‬‬

‫اُالسنةُالنبوية‪ُ،‬فاألحاديثُالتيُتثبتُهذهُالرَيةُكثريةُمستفيضةُ‬
‫وأم ُّ‬
‫ُ‬ ‫مشتهرة‪ُ،‬بلُبلغتُحدُالتواتر‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وقدُنصُعىلُتواترها‪:‬‬

‫اآلج ِّري‪ُ،‬وأبوُعمروُالداين‪ُ،‬وابنُتيمية‪ُ،‬وابنُقيمُاجلوزية‪ُ،‬وابنُكثري‪ُ،‬‬
‫وابن ُأيب ِ‬
‫ُالعز ُاحلنفي‪ُ ،‬وحممد ُحياة ُالسندي‪ُ ،‬وحممد ُاألمني ُالشنقيطي‪-‬‬

‫ُ‬ ‫رمحهمُاهلل‪.-‬‬

‫ِ‬
‫ظُابنُحجرُالعسقالين ُالشافعي‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُكتابهُ"فتحُ‬ ‫وقالُاحلاف‬

‫ُ‬ ‫الباري"ُ(‪:)434ُ/13‬‬

‫ِ‬
‫رقُاألحاديثُالواردةُيفُرَيةُاهللُتعاىلُيفُاآلخرةُ‬‫مجعُالدارقطنيُط‬

‫فزادت ُعىل ُالعرشين‪ُ ،‬وتتبعها ُابن ُالقيم ُيف ُ"حادي ُاألرواح" ُفبلغتُ‬
‫ِ‬
‫الثالثني‪ُ،‬وأكثرهاُجياد‪ُ،‬وأسندُالدارقطنيُعنَُييىُبنُمعنيُقال‪ُ:‬عنديُ‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اُيفُالرَيةُصحاح‪.‬ـها‬‫سبعةُعرشُحدي اث‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ومنُهذهُاألحاديث‪:‬‬

‫‪96‬‬
‫ما ُأخرجه ُالبخاري ُ(‪ُ ،)4581ُ ،7437ُ ،7439ُ ،6573‬ومسلمُ‬
‫(‪ِ 2968ُ،183-182‬‬
‫)‪ُ،‬منُحديثُأيبُهريرةُوأيبُسعيدُاخلدري‪-‬ريضُ‬

‫اهللُعنهام‪-‬واللفظُأليبُسعيد‪ُ ،‬قال‪«ُ :‬قالُأناس‪ُ:‬ياُرسول ُاّلِ‪ُ،‬ه ْل ُنرىُ‬

‫ُالقيام ِة؟ ُفقال‪«ُ :‬ه ْل ُتض ُّارون ُِيف ُالش ْم ِ‬


‫س ُل ْيس ُدوَّنا ُسحابُ»ُ‬ ‫ربنا ُيوم ِ‬
‫ْ‬

‫قالوا‪ُ:‬ال ُياُرسول ُاّلِ‪ُ،‬قال‪«ُ:‬ه ْل ُتض ُّارون ُِيف ُالقم ِر ُليْلة ُالبدْ ِر ُليْس ُدونهُ‬

‫ُ‬ ‫سحابُ»ُقالُوا‪ُ:‬الُياُرسولُاّلِ‪ُ،‬قال‪«ُ:‬ف ِإنكمُترونهُيوم ِ‬


‫ُالقيام ِةُكذلِكُ»ُ»‪.‬‬ ‫ْ ْ ْ‬

‫ومعنىُقولهُصىلُاهللُعليهُوسلم‪«ُ :‬تض ُّارونُ»‪ُ ،‬أي‪ُ :‬الُترضونُأحدا ا‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫ٍُ‬
‫بمنازعةُومضايقة‪.‬‬ ‫أوُيرضكمُأحد‪ُ،‬‬

‫وأخرجُالبخاريُ(‪ُ)7435‬واللفظُله‪ُ،‬ومسلمُ(‪ُ،)633‬عنُجريرُبنُ‬

‫عبد ُاهلل‪-‬ريض ُاهلل ُعنه‪-‬أن ُالنبي ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُقال‪«ُ :‬إِنك ُْمُ‬

‫ُ‬ ‫سرتونُربكم ِ‬
‫ُعياناا»‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫ُ‬ ‫وأمُاُاإلمجاع‪ُ،‬فقدُنقله‪:‬‬

‫املزين ُيف ُ"رشح ُالسنة" ُ(ص‪ُ ،)84:‬وحرب ِ‬


‫ُالكرماين ُيف ُرسالته ُيفُ‬

‫"السنة"ُ(ص‪ُ،)64-63:‬وابنُخزيمةُيفُ"التوحيد"ُ(‪ُ،)548ُ/2‬وابنُ‬
‫ُّ‬
‫"أصولُالسنة"ُ(ص‪ُ،)148-147:‬وأبوُاحلسنُاألشعريُ‬‫نيُيفُ‬‫أيبُزمنِ‬
‫ُّ‬

‫‪97‬‬
‫يفُ"رسالةُإىلُأهلُالثغر"ُ(ص‪ُ،)237:‬وأبوُبكرُاإلسامعييلُيفُ"اعتقادُ‬

‫أئمة ُاحلديث" ُ(ص‪ُ ،)63-62:‬وابن ُأيب ُزيد ُالقريواين ُ ُيف ُ"اجلامع"ُ‬

‫(ص‪ُ ،)109:‬والصابوين ُيف ُ"اعتقاد ُالسلف ُأصحاب ُاحلديث"ُ‬

‫(ص‪ُ،)80:‬وعبدُالغنيُاملقديسُيفُ"عقيدته"ُ(ص‪ُ،)41‬وابنُتيميةُكامُ‬

‫يفُ"جمموعُالفتاوى"ُ(‪ُ،)512ُ/6‬وابنُقيمُاجلوزيةُيفُ"حاديُاألرواحُ‬

‫ُ‬ ‫إىلُبالدُاألفراح"ُ(‪ُ،)285ُ/2‬وغريهم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ونصُكالمُاإلمامُابنُق ُِّيمُاجلوزية‪-‬رمحهُاهلل‪:-‬‬


‫ُّ‬

‫اتفق ُعليها ُاألنبياء ُواملرسلون ُومجيع ُالصحابة ُوالتابعون ُوأئمةُ‬

‫اإلسالم ُعىل ُتتابع ُالقرون‪ُ ،‬وأنكرها ُأهل ُالبدع ُاامارقون‪ُ ،‬واجلهميةُ‬

‫املتهوكون‪ُ ،‬والفرعونية ُاملع ِّطلون‪ُ،‬والباطنية ُالذين ُهم ُِمن ُمجيع ُاألديانُ‬


‫ِ‬
‫منسلخون‪ُ،‬والرافضةُالذينُهمُبحبائلُالشيطانُمتمسكون‪ُ،‬ومنُحبلُ‬

‫ةُأصحابُرسولُاهللُعاكفون‪ُ،‬وللسنةُوأهلهاُ‬
‫ُّ‬ ‫اهلل ُمنقطعون‪ُ،‬وعىلُمسب‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫حماربون‪ُ،‬ولكلُعدوُهللُورسولهُودينهُمساملون‪.‬ـها‬

‫ونُقلُاإلمام ُاآلجُ ُِّري‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يفُكتابهُ"الرشيعة" ُ(‪ُ)976ُ/2‬عنُ‬

‫ُ‬ ‫أهلُالعلمُأَّنمُقالوا‪ُ:‬‬

‫‪98‬‬
‫ُ‬ ‫«منُردُهذهُاألخبارُفقدُكفر»‪ُ.‬‬

‫ُ‬ ‫ُوقالُاإلمامُأمحدُبنُحنبل‪-‬رمحهُاهلل‪ُ:-‬‬

‫منُزعمُأنُاهللُالُيرىُيفُاآلخرةُفقدُكفرُوكذبُبالقرآن‪ُ،‬ورد ُعىلُ‬

‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ستتابُفإنُتابُوإالُقتل‪.‬ـها‬‫اهللُتعاىلُأمره‪ُ،‬ي‬

‫ُوقال ُاإلمام ُابن ُتيمية‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬كام ُيف ُ"جمموع ُالفتاوى" ُ(‪ُ/6‬‬

‫ُ‬ ‫‪ُ:)486‬‬

‫ِ‬
‫ارُاآلخرةُفهوُ‬ ‫والذيُعليهُمجهورُالسلفُأن ُمنُجحدُرَيةُاهللُيفُالد‬
‫ِ‬
‫ُكانُمنُملُيبلغهُالعلمُيفُذلكُع ِّرفُذلكُكامُيعرفُمنُملُتبلغهُ‬ ‫ْ‬
‫كافر‪ُ،‬فإن‬

‫ُ‬ ‫رشائعُاإلسالم‪ُ،‬فإنُأرصُعىلُاجلحودُبعدُبلوغُالعلمُلهُفهوُكافر‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫ُقالُاإلمامُأبوُبكرُعبدُاهللُبنُالزبريُاحلميدي‪-‬رمحهُاهلل‪:-‬‬
‫ُّ‬ ‫ثم‬
‫ِ‬ ‫احل ِديث ُِم ْثل‪{ُ:‬وقال ِ‬
‫[وماُنطقُبِ ِهُا ُْلق ْرآنُو ْ‬
‫تُا ْليهودُيدُاّلُم ْغلولةُغل ْ‬
‫تُ‬

‫ُ‬ ‫أيْ ِدهيِ ُْم}‪ُ.‬‬

‫ُ‬ ‫و ِم ْثل‪{ُ:‬والسمُواتُم ْط ِوياتُبِي ِمين ِ ُِه}‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫يث‪ُ،‬الُن ِزيد ُِف ِيه‪ُ،‬والُنف ِّّسه‪ُ،‬ن ِقفُعىلُمُاُ‬
‫احل ِد ِ‬ ‫وماُأ ْشبهُهذ ِ‬
‫اُمنُا ْلقر ِ‬
‫آنُو ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫وقفُعل ْيهُا ْلق ْرآنُو ُّ‬
‫السنة‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ُاستوى}‪.‬‬
‫ش ْ‬ ‫ونقول‪{ُ:‬الرُ ْمحنُعىلُا ْلع ْر ِ‬

‫ُ‬ ‫وم ْنُزعمُغ ْريُهذاُفهوُمع ِّطلُج ْه ِم ٌُّ‬


‫ى]‪ُ.‬‬

‫الرشح‪-:‬‬

‫ِ‬
‫هذاُاملقطعُمنُكالمُاملصنِّف‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يتعلقُبصفاتُاهللُتعاىل‪.‬‬ ‫و‬

‫ُ‬ ‫السنةُواحلديثُالكربى‪ُ:‬‬ ‫ِ‬


‫ومنُأصولُالسلفُالصالحُأهلُ ُّ‬

‫اإليامن ُبصفات ُاهلل‪-‬جل ُوعال‪-‬التي ُجاءت ُيف ُالقرآن ُالعزيز‪ُ،‬‬

‫ُالسنة ُالنبوية‪ُِ ،‬من ُغري ُ ُحتريف ُوال ُتعطيل ُملعانيها ُوألفاظها‪ُ،‬‬


‫وصحيح ُّ‬
‫ُ‬ ‫والُتكييفُومتثيلُلا‪.‬‬

‫لُرهبمُوعظمته‪ُ،‬عىلُحدُقولهُتعاىلُ‬
‫بلُيؤمنونُهباُعىلُوجهُيليقُبجال ِّ‬
‫ُيشء ُوهو ُالس ِميعُ‬
‫ْ‬
‫يف ُوصف ُنفسه ُيف ُسورة ُالشورى‪{ُ :‬ليس ُك ِم ْثلِ ِ‬
‫ه‬ ‫ْ‬

‫ُ‬ ‫ا ْلب ِصري}‪.‬‬

‫ُ‬ ‫فأثبتُسبحانهُلنفسهُيفُهذهُاآلية‪ُ:‬‬

‫‪100‬‬
‫ِ‬
‫دُفيهام‪ُ،‬والُيفُغريمهاُمنُ‬ ‫صفةُالسمعُوصفةُالبرص‪ُ،‬ونف ْ‬
‫ىُأنُيامثلهُأح‬

‫ُ‬ ‫الصفات‪.‬‬

‫فإذاُسمعُأهلُالسنةُواحلديثُقولُرهبمُيفُكتابه‪{ُ:‬وقال ِ‬
‫ت ُا ْليهود ُيدُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬
‫ُ‬ ‫اّلُِم ْغلولةُغل ْتُأيْ ِدهيِ ُْم}‪.‬‬

‫ُ‬ ‫قالوا‪ُ:‬‬

‫يفُهذهُاآليةُإثباتُأنُهللُتعاىلُيدا اُتليقُبجاللهُوعظمته‪ُ،‬الُتشبهُأيديُ‬

‫ُ‬ ‫املخلوقني‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وإذاُسمعواُقولُرهبمُسبحانه‪{ُ:‬والسمُواتُم ْط ِوياتُبِي ِمين ِ ُِه}‪.‬‬


‫ِّ ُ‬

‫ُ‬ ‫قالوا‪:‬‬

‫ُ‬ ‫يفُهذهُاآليةُإثباتُاليمنيُهللُتعاىل‪ُ،‬وأَّناُيمنيُتليقُبجاللهُوعظمته‪.‬‬

‫وإذاُسمعوا ُقولُرسولُاهلل ُصىلُاهللُعليهُوسلمُالصُحيح‪ّ«ُ:‬ل ُأشدُّ ُ‬

‫ُ‬ ‫فر احاُبِت ْوب ِةُأح ِدك ْم ُِم ْنُأح ِدكُ ْمُبِضالتِ ِهُإِذاُوجدها»‪.‬‬

‫ُ‬ ‫قالوا‪ُ:‬‬

‫‪101‬‬
‫يف ُهذا ُاحلديث ُإثبات ُصفة ُالفرح ُهلل ُتعاىل ُعىل ُما ُيليق ُبجاللهُ‬

‫ُ‬ ‫وعظمته‪.‬‬

‫وهذا ُاحلديث ُقد ُأخرجه ُمسلم ُيف ُ"صحيحه" ُ(‪ُ 2747-2744‬وُ‬


‫‪ِ 2675‬‬
‫)‪ُ،‬منُحديثُأيبُهريرةُوابنُمسعودُوالنعامنُبنُبشريُوالرباءُبنُ‬

‫ُ‬ ‫عازبُوأنسُبنُمالك‪-‬ريضُاهللُعنهم‪.-‬‬

‫ُ‬ ‫ُاستوى}‪.‬‬
‫ش ْ‬ ‫وإذاُسمعواُقولُرهبمُسبحانه‪{ُ:‬الرُ ْمحنُعىلُا ْلع ْر ِ‬
‫ِّ ُ‬

‫أوُسمعوا ُقولُنبيهمُصىلُاهللُعليهُوسلمُالصحيح‪«ُ:‬أال ُت ْأمن ِ‬


‫وين ُوأناُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أمنيُم ْنُيفُالسامء‪ُ،‬ي ْأتينيُخربُالسامءُصب ا‬
‫احاُوُمسا اُء»‪.‬‬

‫الذيُأخرجهُالبخاريُ(‪ُ،)ُ 4351‬ومسلمُ(‪ِ 1064‬‬


‫)‪ُ،‬منُحديثُأيبُ‬

‫ُ‬ ‫سعيدُاخلدري‪-‬ريضُاهللُعنه‪.-‬‬

‫ُ‬ ‫قالوا‪ُ:‬‬

‫ٍُ‬
‫ُاهللُسبحانهُيفُالسامءُمستو ُعىلُ‬ ‫يفُهذهُاآليةُوهذاُاحلديثُإثباتُأن‬

‫ُ‬ ‫عرشه‪ُ،‬استوا اءُيليقُبجاللهُوعظمته‪.‬‬

‫ِ‬
‫نُقالُمنُالناس‪ُ:‬‬‫وأماُم‬

‫‪102‬‬
‫إن ُاهللُيفُكلُمكان‪ُ،‬أوُيفُقلوبُعبادهُاملؤمنني‪ُ،‬أوُالُأدري‪ُ،‬فقدُردُ‬

‫ُوالسنة ُالنبوية‪ُ ،‬وخالف ُسبيل ُالنبي ُصىل ُاهلل ُعليهُ‬


‫ُّ‬ ‫ما ُجاء ُيف ُالقرآن‬

‫ُ‬ ‫وسلمُوأصحابهُوالتابعني‪ُُ.‬‬

‫ُالسنة ُواحلديث ُمع ُباقي ُآياتُ‬


‫وهكذا ُيسري ُالسلف ُالصالح ُأهل ُّ‬
‫ُ‬ ‫وأحاديثُصفاتُالربُسبحانه‪ُ.‬‬

‫جمتمعُعليهُبنيُأهلُالسنةُواحلديث‪ُ،‬وقدُنقلُإمجاعهمُعليهُ‬
‫ُّ‬ ‫وهوُأصلُُ‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫مجعُمنُاألئمة‪ُ،‬منهم‪ُ:‬‬

‫الرتمذيُيفُ"سننه"ُ(‪ُ،50ُ/3‬رقم‪ُ 662:‬وُ‪ُ،691ُ/4‬رقم‪ُ،)ُ 2557ُ:‬‬

‫وابنُخزيمةُيفُ"التوحيد"ُ(‪ُ ،)26ُ/1‬وأبوُعثامنُالصابوينُُيفُ"اعتقادُ‬

‫ُالسنة"ُ‬
‫السلف ُأصحاب ُاحلديث" ُ(ص‪ُ ،)29-26:‬والبغوي ُيف ُ"رشح ُّ‬
‫(‪ُ،)171-168ُ/1‬وعبدُالغنيُاملقديسُيفُ"عقيدته"ُ(ص‪ُ،)19-17:‬‬

‫وابن ُتيمية ُ ُيف ُعدد ُِمن ُكتبه‪ُ ،‬والذهبي ُيف ُكتابيه ُ"العرش" ُو ُ"العلو"‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫وغريمها‪.‬‬

‫وقال ُاإلمام ُابن ُتيمية‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُ"رشح ُالعقيدة ُاألصفهانية"ُ‬

‫ُ‬ ‫(ص‪:)42-41:‬‬

‫‪103‬‬
‫ُأن ُيوصف ُاهلل ُبام ُوصف ُبِهُ‬
‫فالذي ُاتفق ُعليه ُسلف ُاألمة ُوأئمتها ْ‬
‫ِ‬
‫هُرسولهُصىلُاهللُعليهُوسلم‪ُ،‬منُغريُحتريف‪ُ،‬والُ‬‫نفسه‪ُ،‬وبامُوصفهُبِ‬
‫ِ‬
‫تعطيل‪ُ،‬ومنُغريُتكييف‪ُ،،‬والُمتثيل‪ُ،‬فإنهُقدُعلم ُبالرشعُمعُالعقلُأنُ‬

‫اهللُتعاىلُليسُكمثلهُيشءُالُيفُذاته‪ُ،‬والُيفُصفاته‪ُ،‬والُيفُأفعاله‪ُ،‬كامُ‬

‫ُيشءُ}‪ُ ،‬وقال ُتعاىل‪{ُ :‬ه ْل ُت ْعلم ُله ُس ِميما}‪ُ،‬‬ ‫ِ ِِ‬


‫قال ُاهلل ُتعاىل‪{ُ :‬ليْس ُكم ْثله ْ‬
‫وقالُتعاىل‪{ُ:‬فالَُتْعلوا ُِّلُِأُنْداد اا ُوأنْت ْم ُت ْعلمونُ}‪ُ،‬وقالُتعاىل‪{ُ:‬وُملُْيك ْنُ‬

‫ُ‬ ‫لهُكفوا اُأحدُ}‪....‬ـها‬

‫وأخرجُالبيهقيُيفُكتابهُ"األسامءُوالصفات"ُ(‪ُ،ُ 304ُ/2‬رقم‪ُ)865:‬‬

‫عن ُإمام ُأهل ُالشام ُاألوزاعي‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬أنه ُقال‪«ُ :‬كنا ُوالتابِعونُ‬

‫ُالسنُةُبِهُ‬
‫ت ُّ‬ ‫متوافِرونُنقول‪ُ:‬إنُاّلُتعاىل ُِذكْره ُف ْوقُع ْر ِش ِه‪ُ،‬ون ْؤ ِمن ُبِامُورد ْ‬

‫ُ‬ ‫ُصفاتِ ِهُجلُوعال»‪.‬‬


‫ِمن ِ‬
‫ْ‬

‫ُ‬ ‫وصححُإسناده‪ُ:‬ابنُتيمية‪ُ،‬وابنُقيمُاجلوزية‪ُ،‬والذهبي‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وجوُده‪ُ:‬ابنُحجُرُالعسقالين‪.‬‬

‫وأخرج ُالاللكائي ُيف ُ"رشح ُأصول ُاعتقاد ُأهل ُالسنة" ُ(‪ُ )740‬عنُ‬

‫ُ‬ ‫حممدُبنُاحلسنُالشيباينُصاحبُأيبُحنيفة‪-‬رمحهامُاهلل‪-‬أنهُقال‪:‬‬

‫‪104‬‬
‫اتفق ُالفقهاء ُكلهم ُِمن ُاملرشق ُإىل ُاملغرب ُعىل ُاإليامن ُبالقرآنُ‬

‫واألحاديثُالتيُجاءُهباُالثقاتُعنُرسولُاهللُصىلُاهللُعليهُوسلم ُيفُ‬

‫ُ‬ ‫صفةُالرب‪-‬عزُوجلُ‪-‬منُغريُتغيري‪ُ،‬والُوصف‪ُ،‬والُتشبيه‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫وقالُاإلمامُابنُتيمية‪-‬رمحهُاهلل‪-‬عنُهذاُالقول‪:‬‬

‫ُ‬ ‫ثبت‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫وهناُمسألتان‪:‬‬

‫ُ‬ ‫املسألةُاألوىلُ‪ُ/‬عنُبعضُالقواعدُاملتعلقةُببابُالصفات‪.‬‬

‫ُِ‬
‫ومنُهذهُالقواعد‪:‬‬

‫ُ‬ ‫أدلةُإثباتُالصفاتُهيُنصوصُالقرآنُوالسنةُالصحيحة‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫ا‬
‫أوال‪ُ:‬‬

‫ُ‬ ‫وهذاُمعنىُقولُأهلُالعلم‪"ُ:‬نصوصُالصفاتُتوقيفية"‪.‬‬

‫وهذهُالقاعدةُجمُمعُعليها‪.‬‬

‫ُالسجزي‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُكتابه ُ"الرُد ُعىل ُمُن ُأنكرُ‬


‫ُفقد ُقال ُاإلمام ِّ‬
‫ُ‬ ‫احلرفُوالصوت"ُ(ص‪ُ:)121:‬‬

‫ُ‬ ‫وقدُاتفقتُاألئمةُعىلُأنُالصفاتُالُتؤخذُإالُتوقي افا‪.‬ـها‬

‫‪105‬‬
‫ُ‬ ‫وبنحوهُقالُاحلافظُالذهبي‪-‬رمحهُاهلل‪ُ،-‬وقدُنسيتُمصدرهُاآلن‪.‬‬

‫وقال ُاإلمام ُابن ُتيمية‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬كام ُيف ُ"جمموع ُالفتاوى" ُ(‪ُ/16‬‬

‫ُ‬ ‫‪ُ:)472‬‬

‫ولذاُكانُاألئمةُاألربعةُوغريهمُيرجعونُيفُالتوحيدُوالصفاتُإىلُ‬

‫ُ‬ ‫القرآنُوالرسول‪ُ،‬الُإىلُرأيُأحد‪ُ،‬والُمعقوله‪ُ،‬والُقياسه‪.‬ـها‬

‫وقالُاإلمامُأمحدُبنُحنبل‪-‬رمحهُاهلل‪-‬كامُيفُ"الفتوىُاحلمويةُالكربى"ُ‬

‫ُ‬ ‫(ص‪:)265ُ:‬‬

‫فُبِهُنفسه‪ُ،‬أوُبامُوصفه ُ ُبِهُرسولهُصىلُاهللُ‬
‫الُيُوصفُاهللُإالُبامُوص ُ‬

‫ُ‬ ‫عليهُوسلم‪ُ،‬الُيتجاوزُالقرآن‪ُ،‬واحلديث‪.‬ـها‬

‫وقال ُاإلمام ُأبو ُبكر ُاآلج ِّري‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُكتابه ُ"الرشيعة" ُ(ص‪ُ:‬‬

‫ُ‬ ‫‪:)254-253‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫شادُمنُالقولُوالعمل‪:-‬‬‫اعلمواُ‪-‬وفقناُاهللُوإياكمُللر‬

‫ُأهلُاحلق ُيصفونُاهلل‪-‬عز ُوجل ُ‪-‬بامُوصفُبِهُن ْفسه‪-‬عز ُوجلُ‪ُ،-‬‬


‫ِّ‬ ‫أن‬

‫وبامُوصفهُبِهُرسولهُصىلُاهللُعليهُوسلم‪ُ،‬وبامُوصفهُبِهُالصحابة‪-‬ريضُ‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫‪ُ،‬وهذاُمذهبُالعلامءُمنُاتبعُوملُيبتدع‪.‬ـها‬‫اهللُعنهم‪-‬‬

‫‪106‬‬
‫ُ‬ ‫ثان ايا‪ُ:‬اإليامنُبالصفاتُيكونُعىلُوجهُاحلقيقةُالُاملجاز‪.‬‬

‫وهذا ُهو ُمعنى ُقول ُالسُلف ُالصالح‪ُِ "ُ :‬‬


‫أم ُُّروها ُكام ُجاءت" ُأو ُ"عىلُ‬

‫ُ‬ ‫ظاهرها"‪.‬‬

‫ومعنى ُقول ُأهل ُالعلم‪ِ "ُ :‬من ُغري ُحتريف ُوال ُتعطيل ُوال ُمتثيل ُوالُ‬

‫ُ‬ ‫تكييف"‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وهذهُالقاعدةُجممعُُعليها‪.‬‬

‫حيثُقالُاحلافظُابنُعبدُالرب ُاامالكي‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُكتابهُ"التمهيد"ُ‬

‫(‪ُ:)145ُ/7‬‬

‫ُالسنة ُجممعون ُعىل ُاإلقرار ُبالصفات ُالواردة ُكلها ُيف ُالقرآنُ‬


‫أهل ُّ‬
‫والسنة‪ُ ،‬واإليامن ُهبا‪ُ ،‬ومحلها ُعىل ُاحلقيقة ُال ُعىل ُاملجاز‪ُ ،‬إال ُأَّنم ُالُ‬
‫ُّ‬
‫ُ‬ ‫يكيفونُشي ائ ِ‬
‫اُمنُذلك‪ُ،‬والَُيدُّ ونُفيهُصفةُحمصورة‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫وأماُأهلُالبدعُواجلهميةُواملعتزلةُكلهاُواخلوارجُفكلهمُينكرهاُوالُ‬
‫َيملُشي ائ ِ‬
‫اُمنهاُعىلُاحلقيقة‪ُ،‬ويزعمونُأنُمنُأقرُهباُمش ِّبه‪ُ،‬وهمُعندُمنُ‬

‫أثبتهاُنافونُللمعبود‪ُ،‬واحلقُفيامُقالهُالقائلونُبامُنطقُبِهُكتابُاهللُوسنةُ‬

‫ُ‬ ‫رسوله‪ُ،‬وهمُأئمةُاجلامعة‪.‬ـها‬

‫‪107‬‬
‫كتابهُ"معاملُالسنن"ُ(‪ُ/4‬‬
‫ُّ‬ ‫وقالُالفقيهُأبوُسليامنُاخلطايب‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُ‬

‫ُ‬ ‫‪ُ)331‬بعدُحديثُالنزول‪:‬‬

‫ْ‬
‫لفُوأئمةُالفقهاءُأن َُيرواُمثلُهذهُاألحاديثُعىلُ‬ ‫مذهبُعلامءُالس‬

‫ظاهرها‪ُْ ُ ،‬‬
‫وأن ُالُيريغوا ُلاُاملعاين‪ُ ،‬والُيتأولوها‪ُ ،‬لعلمهمُبقصورُعلمهمُ‬

‫ُ‬ ‫عنُدركها‪ُ.‬‬

‫حدثناُالزعفراين‪ُ،‬حدثناُابنُأيبُخيثمة‪ُ،‬حدثناُعبدُالوهابُبنُنجدةُ‬

‫ُ‬ ‫احلوطي‪ُ،‬حدثناُبقية‪ُ:‬عنُاألوزاعي‪ُ،‬قال‪ُ:‬‬

‫ُ‬ ‫كانُمكحولُوالزهريُيقوالن‪«ُ:‬أمرواُاألحاديثُكامُجاءت»‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫وقالُيفُكتابهُ"ُأعالمُاحلديث"ُ(‪ُ،ُ637ُ/1‬رقم‪ُ)1145:‬عقبه‪:‬‬

‫ِ‬
‫هذاُاحلديثُوماُأشبههُمنُاألحاديثُيفُالصفاتُكانُمذهبُالسلفُ‬

‫ُ‬ ‫فيهاُاإليامنُهبا‪ُ،‬وإجراءهاُعىلُظاهرها‪ُ،‬ونفيُالكيفيةُعنها‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫وقالُاإلمامُابنُتيمية‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُ"ُالرسالةُاملدنية"ُ(ص‪:)4ُ:‬‬

‫وقدُأطلقُغريُواحدُ ِمنُحكىُإمجاعُالسلف‪ِ -‬منهمُاخلطايب‪-‬مذهبُ‬

‫ُ‬ ‫السلف‪ُ:‬أَّناَُتُْرُىُعىلُظاهرها‪ُ،‬معُنفيُالكيفيةُوالتشبيهُعنها‪.‬ـها‬

‫‪108‬‬
‫ِ‬
‫يفُكتابهُ"اخلطط"ُ‬‫وقالُالعالمةُاملقريزيُالشافعيُاملرصيُ‪-‬رمحهُاهلل‪-‬‬

‫ُ‬ ‫(‪ُ:)356ُ/2‬‬

‫ُ‬ ‫ورأواُبأمجعهمُإجراءُالصفاتُكامُوردت‪.‬ـها‬

‫ثال اثا‪ُ :‬ظواهرُنصوصُالصفاتُمعلومةُلناُباعتبارُاملعنى‪ُ،‬وجمهولةُلناُ‬

‫ُ‬ ‫باعتبارُالكيفيةُالتيُهيُعليها‪.‬‬

‫ويدلُعىلُقطعُالطمعُعنُإدراكُحقيقةُالكيفيةُقولُاهللُتعاىلُيفُسورةُ‬

‫ُ‬ ‫طه‪{ُ:‬والَُيِيطونُبِ ِه ِ‬
‫ُع ْل اُام}‪.‬‬

‫ُيشء ُوهو ُالس ِميعُ‬


‫ْ‬
‫وقوله ُسبحانه ُيف ُسورة ُالشورى‪{ُ :‬ليس ُك ِم ْثلِ ِ‬
‫ه‬ ‫ْ‬

‫ُ‬ ‫ا ْلب ِ ُ‬
‫صريُ}‪.‬‬

‫وقالُاإلمامُابنُتيمية‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُ"الرسالةُاحلموية ُالكربى"ُ(ص‪ُ:‬‬

‫ُ‬ ‫‪ُ:)309-307‬‬

‫لُبإسناد ُكلهمُأئمةُثقاتُعنُسفيانُبن ُعُيينةُقال‪«ُ:‬سئِلُ‬


‫ٍُ‬ ‫وروىُاخلال‬

‫استوى} ُكيْفُ‬ ‫ربِيعة ُ ْبن ُأ ِيب ُع ْب ِد ُالر ْمح ِن ُع ْن ُق ْول ِ ِه‪{ُ :‬الرُ ْمحن ُعىل ُا ْلع ْر ِ‬
‫شُ ْ‬
‫ول‪ُ ،‬و ِم ْن ُاّلُِ‬ ‫ُاالستِواء ُغ ْري ُجمْه ٍ‬
‫ول‪ُ ،‬وا ْلكيْف ُغ ْري ُم ْعق ٍ‬ ‫ِ‬
‫استوى؟ ُقال‪ْ :‬‬
‫ْ‬
‫ُ‬ ‫ولُا ْلبالغُا ُْملبِني‪ُ،‬وعل ْيناُالت ْص ِديقُ»‪.‬‬
‫الرسالة‪ُ،‬وعىلُالرس ِ‬
‫ِّ‬

‫‪109‬‬
‫ُ‬ ‫بيعةُمنُغريُوجه‪.‬‬
‫ُْ‬ ‫وهذاُالكالمُمرويُعنُمالكُبنُأنسُتلميذُرُ‬

‫ِمنها‪ُ :‬ما ُرواه ُأبو ُالشيخ ُاألصبهاين‪ُ ،‬وأبو ُبكر ُالبيهقي‪ُ ،‬عنَُييى ُبنُ‬

‫سُفجاءُرجلُفقالُياُأباُع ْب ِدُاّلِ‪{ُ:‬الرُ ْمحنُ‬ ‫اُعنْدُمال ِ ِ‬


‫كُ ْب ِنُأن ٍ‬ ‫َييىُقال‪«ُ:‬كن ِ‬

‫ُاستوى؟ ُفأ ْطرق ُمالِك ُبِرأ ْ ِس ِه ُحتى ُعالُهُ‬


‫ُاستوى} ُك ْيف ْ‬
‫ش ْ‬ ‫عىل ُا ْلع ْر ِ‬

‫اإليامنُبِ ِهُ‬ ‫‪ُ:‬االستِواءُغ ْريُجمْه ٍ‬


‫ول‪ُ،‬وا ْلك ْيفُغ ْريُم ْعق ٍ‬
‫ول‪ُ،‬و ْ ِ‬ ‫ْ‬
‫الرحضاء‪ُ،‬ثمُقال ِ‬
‫ُّ‬
‫ُ‬ ‫السؤالُعنْهُبِدْ عة‪ُ،‬وماُأراكُإالُم ْبت ِد اعا‪ُ،‬ثمُأمرُبِ ِهُأ ْنُُيْرجُ»‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واجب‪ُ،‬و ُّ‬

‫ُفقول ُربيعة ُومالك‪"ُ :‬االستواء ُغري ُجمهول‪ُ ،‬والكيف ُغري ُمعقول"ُ‬


‫موافق ُلقول ُالباقني‪ِ :‬‬
‫ُ"أم ُّروها ُكام ُجاءت ُبال ُكيف"‪ُ ،‬فإنُام ُنفوا ُعلمُ‬

‫الكيفية‪ُ،‬وملُينفوا ُحقيقةُالصفة‪ُ ،‬ولوُكانُالقومُقدُآمنوا ُباللفظُاملجرُدُ‬

‫ِمن ُغري ُفهم ُملعناه ُعىل ُما ُيليق ُباهلل ُلـام ُقالوا‪"ُ :‬االستواء ُغري ُجمهول‪ُ،‬‬

‫والكيف ُغري ُمعقول"‪ُ ،‬ولـامُ ُقالوا‪ِ "ُ :‬أم ُّروها ُكام ُجاءت ُبال ُكيف"‪ُ ،‬فإنُُ‬

‫ُ‬ ‫ا‬
‫جمهوال‪ُ،‬بمنزلةُحروفُاملعجم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫االستواءُحينئذُالُيكونُمعلو اما‪ُ،‬بلُ‬

‫وأيضا‪ُ:‬فإنُهُالَُيتاجُإىلُنفيُعلمُالكيفية‪ُ،‬إذاُملُيُفهمُمنُاللفظُمعنى‪ُ،‬‬
‫ا‬

‫ُ‬ ‫وإنُامَُيتاجُإىلُنفيُعلمُالكيفيةُإذاُأثبتتُالصفات‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫أيضاُيفُكتابهُ"الصفدية"ُ(‪:)289ُ/1‬‬
‫وقال‪-‬رمحهُاهلل‪ -‬ا‬

‫‪110‬‬
‫وكذلك ُسائر ُاألئمة ُقولم ُِمثل ُقول ُمالك ُينفون ُعلم ُاخللقُ‬

‫ُ‬ ‫بالكيف‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫قلت‪:‬‬

‫وأثر ُاإلمام ُمالك‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬قد ُخرجه ُالبيهقي ُيف ُ"األسامءُ‬

‫)ُأيضا‪ُ،‬وجوُدُإسنادهُاحلافظُابنُحجر ُالعسقالينُيفُ‬
‫والصفات"ُ(‪ 867‬ا‬

‫ُ‬ ‫كتابهُ"فتحُالباري"ُ(‪.)407ُ/13‬‬

‫)ُأيضاُأثرُربيعةُبنُأيبُ‬
‫وخرجُالبيهقيُيفُ"األسامءُوالصفات"ُ(‪ 868‬ا ُ‬

‫ُ‬ ‫عبدالرمحنُ‪-‬رمحهُاهلل‪ِ -‬منُطريقُآخر‪.‬‬

‫ُالسنة ُيف ُباب ُصفات ُاهلل ُجلُ‬


‫املسألة ُالثانية ُ‪ُ /‬عن ُاملخالفني ُألهل ُّ‬
‫ُ‬ ‫وعال‪.‬‬

‫ِ‬
‫ةُيفُبابُالصفاتُفرقُعدة‪:‬‬‫املخالفونُألهلُالسن‬
‫ُّ‬

‫ُ‬ ‫الفرقةُاألوىل‪ُ:‬اجلهمية‪.‬‬

‫وهؤالء ُينفون ُمجيع ُاألسامء ُوالصفات‪ُ ،‬ألَّنا ُبزعمهم ُتستلزم ُتشبيهُ‬

‫ُ‬ ‫اهللُبخلقه‪ُ،‬وتعدُُّدُاإلَل‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫ُبالسلوب ُوالعدم ُاملحض‪ُ ،‬فيقولون‪"ُ :‬ال ُحي‪ُ،‬‬
‫وغالَتم ُيصفون ُاهلل ُّ ُ‬

‫ُ‬ ‫والُقدير‪ُ،‬والُعليم"‪.‬‬

‫وبعضهمَُيمعونُيفُالنفيُبنيُالنقيضنيُفيقولون‪"ُ:‬الُحيُوالُميت‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫والُعاملُوالُجاهل"‪ُ.‬‬

‫الفرقةُالثانية‪ُ:‬املعتزلة‪.‬‬

‫وهؤالءُمشهورُمذهبهمُإثباتُاألسامء‪ُ،‬لكنهمَُيعلوَّناُأعالماُحمضةُ‬
‫ا‬
‫ِ‬
‫اُمرتادفة‪ُ،‬ومنهمُمنُيقول‪ُ:‬إَّناُ‬ ‫ِ‬
‫‪ُ،‬ثمُمنهمُمنُيقول‪ُ:‬إَّن‬ ‫ٍُ‬
‫لُعىلُمعان‬‫الُتد‬

‫ُ‬ ‫متباينة‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وينفونُمجيعُالصفات‪.‬‬

‫ٍُ‬
‫ُبمعانُ‬ ‫فيلتقون ُمع ُاجلهمية ُيف ُنفي ُمجيع ُصفات ُاهلل ُتعاىل‪ُ ،‬وتأويلها‬

‫ُ‬ ‫باطلة‪ُ،‬خترجهاُعنُمرادُاهللُورسوله‪.‬‬

‫لكنُمنهمُمنُيقول‪"ُ:‬سميعُبالُسمع‪ُ،‬وبصريُبالُبرص" ِ‬
‫‪ُ،‬ومنهمُمنُ‬ ‫ِ‬

‫ُ‬ ‫يقول‪"ُ:‬سميعُوليسُلهُصفةُالسمع"‪.‬‬

‫ِ‬
‫نُنصوصُوإمجاعُمنُجهاتُ‬ ‫ويرد ُعىلُهاتنيُالطائفتنيُمعُماُتقد ِ‬
‫مُم‬ ‫ُّ‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫كثرية‪ُ،‬منها‪:‬‬

‫‪112‬‬
‫ِ‬
‫ُتوجدُذاتُمنُغريُصفات‪ُ،‬وماُالُوصفُلهُإنامُ‬ ‫ْ‬
‫ستحيلُأن‬ ‫ا‬
‫أوال‪ُ :‬أنهُي‬

‫ُ‬ ‫هوُالعدم‪.‬‬

‫ُثانياا‪ُ :‬أن ُتعدُُّدُصفاتُاليشءُالُيدُلُعىلُتعدُُّده‪ُ،‬الُرش اعا‪ُ،‬والُلغة‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫ا‬
‫ا‪ُ،‬والُعقال‪.‬‬‫والُعر اف‬

‫ولو ُكانُاألمر ُكامُيزعمون ُللزم ْ‬


‫ُأن ُيكون ُالرُجل ُالواحدُأو ُاحليوانُ‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اُلامُمنُصفات‪.‬‬‫الواحدُأعدا ادا‪ُ،‬لكثرةُم‬

‫ُثال اثا‪ْ ُ :‬‬


‫أن ُاالشرتاكُيفُاألسامءُأوُالصفاتُالُيستلزمُمتاثلُاملسمياتُ‬

‫ُ‬ ‫والصفات‪.‬‬

‫ُِ‬
‫ُواحلسُ‬ ‫وهذا ُأمر ُمعلوم ُمشهور ُيف ُالنصوص ُالرشعية‪ُ ،‬والعقل‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫يشهدانُله‪ُ،‬وأمثلتهُمنُالواقعُكثريةُجدا ا‪.‬‬

‫ُ‬ ‫الفرقةُالثالثة‪ُ:‬األشاعرةُوااماتريدية‪.‬‬

‫وهؤالء ُيثبتون ُبعض ُالصفات ُكالعلم ُوالسمع ُوالبرص ُواإلرادةُ‬

‫والقدرةُواحلياةُوالكالم ُبحُجُة ُأن ُالعقل ُقد ُدل ُعليها‪ُ،‬وينفون ُأكثرهاُ‬

‫ُ‬ ‫السيامُالصفاتُاخلربية‪ُ،‬ويردوَّناُإماُبالتفويضُأوُالتأويل‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ويردُعىلُهاتنيُالطائفتنيُمعُماُتقد ِ‬
‫مُمنُنصوصُوإمجاعُبأمرين‪:‬‬ ‫ُّ‬

‫‪113‬‬
‫ُ‬ ‫أحدمها‪ُ:‬أنُالكالمُيفُالصفاتُكالكالمُيفُالذُات‪.‬‬

‫فكام ُأنكم ُتثبتون ُوجود ُذات ُال ُتشبه ُذوات ُاملخلوقني‪ُ ،‬فيلزمكمُ‬

‫ُ‬ ‫إثباتُصفاتُالُتشبهُصفاتُاملخلوقني‪ُ،‬وإالُتناقضتم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫واآلخر‪ُ:‬أنُالقولُيفُبعضُالصفاتُكالقولُيفُالبعضُاآلخر‪.‬‬

‫ُفرارا ُِمن ُالتشبيه‪ُ ،‬لزمه ُإثبات ُبقيتهاُ‬


‫فمن ُأثبت ُبعضها ُونفى ُبعضها ا‬
‫ُ‬ ‫إالُتناقض‪ُ،‬وكانُعىلُمذهبهُمشبها‪.‬‬
‫ا‬ ‫و‬

‫وقد ُقال ُاحلافظ ُالذهبي‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُكتابه ُ"سري ُأعالم ُالنبالء"ُ‬

‫(‪:)299ُ/13‬‬

‫ِ ِِ‬
‫فإذاُكانُاملوصوفُتعاىل‪{ُ:‬ليْسُكم ْثله ْ‬
‫ُيشءُ}ُيفُذاتهُاملقدسة‪ُ،‬فكذلكُُ‬

‫ثلُلا‪ُ،‬إذُالُفرقُبنيُالقولُيفُالذاتُوالقولُيفُالصفات‪ُ،‬‬ ‫ِ‬
‫صفاتهُالُم‬
‫ْ‬
‫ُ‬ ‫وهذاُهوُمذهبُالسلف‪.‬ـها‬

‫الفرقةُالرابعة‪ُ:‬املفوضة‪.‬‬

‫وهؤالء ُمذهبهم‪ُ :‬اإليامن ُبألفاظ ُاألسامء ُوالصفات ُالواردة ُدونُ‬

‫معانيها‪ُ ،‬وأن ُهذه ُاملعاين ُجمهولة ُال ُيعلمها ُأحد‪ُ ،‬ويفوضون ُعلمها ُإىلُ‬

‫ُ‬ ‫اهلل‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫ُ‬ ‫ويلزمُعىلُهذاُاملذهبُالباطلُلوازمُشنيعة‪.‬‬

‫ُ‬ ‫منها‪:‬‬

‫ا‬
‫أوال‪ُ:‬أنُاهللُورسولهُقدُخاطباُالناسُبامُالُيعقلُوالُيعرفُوالُيدرىُ‬

‫معناه‪.‬‬

‫ِ‬
‫مواضعُكثريةُمنُ‬ ‫ثان ايا‪ُ :‬أنُالقرآُنُليسُبمُ ُبِنيُوالُ ِّ ُ‬
‫بني ُكامُوصفهُاهلل ُيف ُ‬

‫ُ‬ ‫كتابهُالعزيز‪.‬‬

‫ثال اثا‪َُ :‬تهيل ُالرشيعة‪ُ ،‬إذ ُالعبادات ُواملعامالت ُعندهم ُب ُِّي ُنة ُاملعنىُ‬

‫ُ‬ ‫واضحة‪ُ،‬والعقائدُغريُب ُِّي ُنةُوملتبسة‪ُ،‬معُأَّناُأعظمُوأجلُ‪.‬‬

‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫ُبنُالزبريُاحلميدي‪-‬رمحهُاهلل‪:-‬‬
‫ُّ‬ ‫ثمُقالُاإلمامُأبوُبكرُعبدُاهلل‬

‫ُ‬ ‫ُاخلو ِ‬
‫ارج‪ُ:‬‬ ‫ت ْ‬ ‫[وأ ْنُالُنقولُكامُقال ِ‬

‫"م ْنُأصابُكبِريةاُفقدْ ُكفر"‪ُ.‬‬

‫سُالتِيُقالُرسولُ‬ ‫وب‪ُ،‬إِنامُا ْلك ْفر ُِيفُت ْر ِك ْ‬


‫ُاخل ْم ِ‬ ‫والُتك ِْفريُبِيش ٍء ُِمن ُّ‬
‫ُالذن ِ‬

‫ْس‪ُ:‬شهاد ِة ُأ ْن ُال ُإَِل ُإِالُ‬ ‫اّلِ ُصىل ُاّل ُعليْ ِه ُوسلم‪ُ «ُ:‬بنِى ِ‬
‫ُاإل ْسالم ُعىل ُمخ ٍ‬

‫‪115‬‬
‫اّل ُوأن ُحممدا اُرسول ُاّلِ‪ُ،‬وإِقا ِم ُالصال ِة‪ُ،‬وإِيت ِ‬
‫اء ُالزك ِاة‪ُ،‬وص ُْو ِم ُرمضان‪ُ،‬‬

‫وح ِّجُا ْلب ْي ِ ُ‬


‫ت»‪.‬‬

‫فأماُثالث ُِمنْهاُفالُيناظِ ْرُت ِ‬


‫اركها‪ُ:‬م ْنُملُْيتشهدْ ‪ُ،‬وملُْيص ِّل‪ُ،‬وملُْيص ْم‪ُ،‬ألنهُ‬
‫الُيؤخرُيشء ُِمنُهذاُعنُو ْقتِ ِه‪ُ،‬والَُي ِزئُمنُقضاهُبعدُت ْف ِريطِ ِه ُِف ِيهُع ِ‬
‫امدا اُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫ُ‬ ‫ع ْنُو ْقتِ ِه‪.‬‬

‫ُ‬ ‫س‪.‬‬ ‫تُعنْه‪ُ،‬وكانُآثِ اام ُِيف ْ‬


‫ُاحل ْب ِ‬ ‫فأماُالزكاةُفمتىُماُأداهاُأ ْجزأ ْ‬

‫اُاحل ُّج ُفم ْن ُوجب ُعل ْي ِه‪ُ،‬ووجد ُالسبِيل ُإِل ْي ِه‪ُ،‬وجب ُعل ْي ِه‪ُ ،‬وال َُيِبُ‬
‫وأم ْ‬
‫علي ِه ُِيف ُع ِ‬
‫ام ِه ُذلِك ُحتىُال ُيكون ُله ُِمنْه ُبدٌّ ‪ُ،‬متىُأداه ُكان ُمؤ ِّد ايا‪ُ،‬وملُْيك ْنُ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫ري ِه ُإِذا ُأداه‪ُ ،‬كام ُكان ُآثِ اام ُِيف ُالزك ِاة‪ُ ،‬ألن ُالزكاة ُح ٌّق ُمل ْسلِ ِمنيُ‬
‫آثِ اام ُِيف ُت ْأ ِخ ِ‬

‫ُ‬ ‫مساكِنيُحبسُهُعليْ ِه ْم‪ُ،‬فكانُآثِ اامُحتىُوصلُإِل ْي ِه ْم‪.‬‬

‫اُاحل ُّج ُفكان ُفِيام ُب ْينه ُوب ْني ُر ِّب ِه ُإِذاُأداه ُفقدْ ُأدى‪ُ،‬وإِ ْن ُهو ُمات ُوهوُ‬
‫وأم ْ‬

‫اجد ُم ْستطِيع ُوملْ َُيج ُسأل ُالر ْجعة ُإِىل ُالدُّ نْيا ُأ ْن َُيج‪ُ ،‬وَُيِب ُأل ْهلِ ِه ُأ ْنُ‬
‫و ِ‬

‫َي ُّجوا ُعنْه‪ُ،‬ون ْرجوُأ ْن ُيكون ُذلِك ُمؤ ِّد اياُعنْه‪ُ،‬كام ُلُ ْو ُكان ُعليْ ِه ُد ْين ُفق ِ ُ‬
‫يضُ‬

‫ُ‬ ‫عنْهُب ْعدُم ْوتِ ُِه]‪ُ.‬‬

‫الرشح‪-:‬‬

‫‪116‬‬
‫ِ‬
‫هذاُاملقطعُمنُكالمُاملصنِّف‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُ‬ ‫وسوفُيكونُالكالمُعنُ‬

‫ِس ِّتُوقفات‪:‬‬

‫ُالسنة ُواحلديثُ‬
‫الوقفة ُاألوىل ُ‪ُ /‬عن ُمذهب ُالسلف ُالصالح ُأهل ُّ‬
‫ومذهبُاخلوارجُيفُمرتكبُالكبرية‪.‬‬

‫السلفُالصاحُأهلُالسنةُواحلديثُالُيك ِّفرونُأهلُاإلسالمُُبمطلقُ‬

‫ُ‬ ‫املعايصُوالكبائر‪ُ،‬وإنامُيقولونُعنُمرتكبُالكبرية‪ُ:‬‬

‫هو ُمؤمن ُناقص ُاإليامن‪ُ ،‬أو ُمؤمن ُعاص‪ُ ،‬أو ُمؤمن ُبإيامنه ُفاسقُ‬

‫بكبريته‪ُ ،‬وهو ُيوم ُالقيامة ُحتت ُمشيئة ُاهلل ُتعاىل‪ْ ،‬‬


‫ُإن ُشاء ُعفُا ُعنه ُبمنِّهُ‬

‫ُوإن ُشاء ُأدخله ُالنار ُبقدْ ر ُذنوبه‪ُ ،‬لِيطهره ُهبا‪ُ ،‬ثم ُُيرجه ُمنهاُ‬
‫وكرمه‪ْ ،‬‬

‫ُ‬ ‫بتوحيدهُفيدخلُاجلنة‪.‬‬

‫والتكفريُعندهمُإنامُيكونُبارتكابُاألشياءُالتيُدل ُالكتابُوالسنةُ‬

‫داللة ُواضحة ُعىل ُأَّنُا ُِمن ُنواقض ُاإلسالم ُومبطالته‪ُ ،‬ومتت ُيف ُحقُ‬

‫ُ‬ ‫املرتكبُرشوطُالتكفري‪ُ،‬وانتفتُعنهُاملوانع‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫وأماُاخلوارج‪ُ،‬فإَّنمُيك ِّفرونُاملسلمُبارتكابهُلكبائرُالذنوب‪ُ،‬حتىُولوُ‬

‫كانت ُكبرية ُواحدة‪ُ ،‬وَيكمون ُعليه ُبأنه ُِمن ُاخلالدين ُيف ُجهنم ُبسببُ‬

‫ُ‬ ‫ِفعلهُللكبرية‪.‬‬

‫ُ‬ ‫بلُوبعضهمُيك ِّفرُحتىُببعضُالصغائر‪.‬‬

‫وقد ُدل ُعىل ُصحة ُمذهب ُأهل ُالسنة ُواحلديث‪ُ ،‬وبطالن ُمذهبُ‬

‫ُ‬ ‫اخلوارج‪ُ:‬القرآنُالعزيز‪ُ،‬والسنةُالنبويةُالصحيحةُاملستفيضة‪ُ،‬واإلمجاع‪.‬‬

‫ان ُِمنُ‬
‫أماُالقرآن‪ُ ،‬فقد ُقالُاهلل ُتعاىل ُيف ُسورةُاحلجرات‪{ُ:‬وإِ ْن ُطائِفت ِ‬

‫ُاأل ْخرى ُفقاتِلواُ‬


‫ا ْمل ْؤ ِمنِني ُا ْقتتلوا ُفأُ ْصلِحوا ُب ْينهام ُف ِإ ْن ُبغ ْت ُإِ ْحدامها ُعىل ْ‬
‫ِ‬
‫التِي ُت ْب ِغي ُحتى ُت ِفيء ُإِىل ُأ ْم ِر ُاّل ُف ِإ ْن ُفاء ْ‬
‫ت ُفأ ْصلِحوا ُبيْنهام ُبِا ْلعدْ ِلُ‬

‫ب ُا ْمل ْق ِسطِني ُإِنام ُا ْمل ْؤ ِمنون ُإِ ْخوة ُفُأ ْصلِحوا ُب ْنيُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأ ْقسطوا ُإِن ُاّل َُي ُّ‬

‫ُ‬ ‫أخو ْيك ُْم}‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ووجهُاالستداللُمنُاآليتني‪ُ:‬‬

‫أن ُاهلل ُسبحانه ُسامهم ُمؤمنني‪ُ ،‬وجعلهم ُإخوة‪ُ ،‬مع ُحصول ُاالقتتالُ‬

‫ُ‬ ‫والب ْغي‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫وقالُسبحانهُيفُسورةُالنساء‪{ُ:‬إِن ُاّل ُال ُي ْغ ِفر ُأ ْن ُي ْرشك ُبِ ِه ُوي ْغ ِفر ُماُ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫دونُذلِكُمل ْنُيشاءُ}‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ووجهُاالستداللُمنُاآلية‪ُ:‬‬

‫ِ‬
‫ُاهللُتعاىلُجعلُمغفرةُسائرُالذنوبُمنُكبائرُوصغائرُحتتُاملشيئةُ‬ ‫أن‬

‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫ْبُالرشكُفالُيغفره‪.‬‬
‫إالُذن‬

‫ُ‬ ‫فدلُعىلُأنُاملؤمنُالُيكفرُهبا‪.‬‬

‫وأماُالسنةُالنبوية‪ِ ُ ،‬‬
‫فمنهاُماُأخرجهُالبخاريُ(‪ُ،)6443‬ومسلمُ(‪ُ)94‬‬

‫عن ُأيب ُذ ٍُّر‪-‬ريض ُاهلل ُعنه‪-‬أن ُرسول ُاهلل ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُقال‪ُ:‬‬

‫رش ُأمتكُ‬ ‫ُج ْ ِربيلُ‪-‬عل ْي ِه ُالسالمُ‪ُ،-‬عرض ُِيل ُِيف ُجانِ ِ‬


‫ب ُاحلر ِة‪ُ،‬قال‪ُ:‬ب ِّْ‬ ‫«ذلِك ِ‬

‫رشك ُبِاّلِ ُش ْيئااُدخل ُاجلنة‪ُ،‬ق ْلت‪ُ:‬ي ِ‬


‫اُج ْ ِربيل ُوإِ ْن ُِسق‪ُ،‬‬ ‫أنه ُم ْن ُمات ُال ُي ْ ِ‬

‫وإِ ْن ُزنى؟ُقال‪ُ:‬نع ْم‪ُ،‬قال‪ُ:‬ق ْلت‪ُ:‬وإِ ْن ُِسق‪ُ،‬وإِ ْن ُزنى؟‪ُ،‬قال‪«ُ:‬نع ْم‪ُ،‬وإِ ْنُ‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫رشبُاخل ْمرُ»‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ووجهُاالستداللُمنُهذاُاحلديث‪:‬‬

‫إن ُفيه ُإثبات ُدخول ُِمن ُزنا ُوِسق ُورشب ُاخلمر ُاجلنة ُإذا ُمات ُالُ‬

‫ُ‬ ‫يرشكُباهللُشي ائا‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫ُّ‬
‫نُكبائرُالذنوبُباإلمجاع‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والزناُوالّسقةُورشبُاخلمرُم‬

‫وأخرج ُأمحدُ(‪ُ،)13222‬وأبو ُداودُ(‪ُ،)4741‬والرتمذيُ(‪ُ،)2435‬‬

‫وابن ُخزيمة ُيف ُ"التوحيد" ُ(‪ُ ،)655-651ُ /2‬وابن ُحبان ُ(‪ُ،)6468‬‬

‫واحلاكم ُ(‪ُ ،)223-228‬وغريهم‪ُِ ،‬من ُطرق ُعن ُأنس ُبن ُمالك‪-‬ريضُ‬

‫اهللُعنه‪-‬أنُرسولُاهللُصىلُاهللُعليهُوسلمُقال‪«ُ:‬شفاعتِيُألُ ْه ِلُا ْلكبائِ ِرُ‬

‫ُ‬ ‫ِم ْنُأمتِي»‪.‬‬

‫وصححه‪ُ :‬ابن ُخزيمة‪ُ ،‬وابن ُحبان‪ُ ،‬واحلاكم‪ُ ،‬والبيهقي‪ُ ،‬وابن ُتيمية‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫والذهبي‪ُ،‬وابنُكثري‪ُ،‬واأللباين‪ُ،‬والوادعي‪ُ،‬وغريهم‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ووجهُاالستداللُمنُهذاُاحلديث‪:‬‬

‫ِ‬
‫هُأثبتُشفاعةُمنُشفاعاتُالنبيُصىلُاهللُعليهُوسلمُيومُالقيامة‪ُ،‬‬ ‫إن‬
‫نُفعلُمنُأمتهُشي ائ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫اُمنُكبائرُالذنوب‪.‬‬ ‫وهيُشفاعتهُمل‬

‫والشفاعة ُلم ُتد ُّل ُعىل ُأَّنم ُمسلمون ُوليسوا ُبكفار ُكام ُزعمتُ‬

‫ُ‬ ‫اخلوارج‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وأماُاإلمجاعُفقدُنقله‪ُ:‬‬

‫‪120‬‬
‫املزينُيفُ"رشحُالسنة"ُ(ص‪ُ ،)85:‬وابنُعبدُالربُ ُيفُ"التمهيد"ُ(‪ُ/17‬‬

‫رماينُيفُرسالتهُيفُ"السنة"ُ(ص‪ُ،)48:‬‬ ‫ِ‬
‫وحربُالك‬ ‫‪ُ 19‬و‪ُ 22‬و‪ُ،)49ُ/4‬‬
‫ُّ‬
‫والصابوين ُيف ُ"اعتقاد ُالسلف ُأصحاب ُاحلديث" ُ(ص‪ُ،)86:‬‬

‫واإلسامعييلُيفُ"اعتقادُأئمةُاحلديث"ُ(ص‪ُ،)64:‬وابنُأيبُزيدُالقريواينُ‬

‫يف ُ"اجلامع" ُ(ص‪ُ ،)111:‬وأبو ُاحلسن ُاألشعري ُيف ُ"رسالة ُإىل ُأهلُ‬

‫الثغر"ُ(ص‪ُ،)274‬والبغويُيفُ"رشحُالسنة"ُ(‪ُ،)117ُ/1‬والنوويُيفُ‬

‫"رشح ُصحيح ُمسلم" ُ(‪ُ ،)41ُ /2‬وابن ُتيمية ُكام ُيف ُ"جمموع ُالفتاوى"ُ‬

‫ُ‬ ‫(‪.)479ُ/6‬‬

‫وقال ُالعالمة ُابن ُأيب ِ‬


‫ُالعز ُاحلنفي‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُ"رشح ُالعقيدةُ‬

‫ُ‬ ‫الطحاوية"ُ(ص‪:)316ُ:‬‬

‫ُمرتكبُالكبريةُالُيكفرُكفراُينقلُعنُ‬
‫ا‬ ‫أهلُالسنةُمتفقونُكلهمُعىلُأن‬

‫ةُبالكلية‪ُ،‬كامُقالتُاخلوارج‪ُ،‬إذُلوُكفرُكفراُينقلُعنُامللةُلكانُمرتدم اُ‬
‫ا‬ ‫املل‬

‫قبلُعفوُويل ُالقصاص‪ُ،‬والَُتُريُاحلدودُيفُ‬
‫ِّ‬ ‫يقتلُعىلُكلُحال‪ُ،‬والُي‬

‫الزنا ُوالّسقة ُورشب ُاخلمر‪ُ ،‬وهذا ُالقول ُمعلوم ُبطالنه ُوفسادهُ‬


‫ِّ‬

‫بالرضورة ُِمن ُدين ُاإلسالم‪ُ ،‬ومتفقون ُعىل ُأنه ُال ُُيرج ُِ‬
‫ُمن ُاإليامنُ‬

‫‪121‬‬
‫واإلسالمُوالُيُدخلُيفُالكفرُوالُيستحقُاخللودُمعُالكافرين‪ُ،‬كامُقالتُ‬

‫ُأيضا‪ُ ،‬إذ ُقد ُجعل ُاهلل ُمرتكب ُالكبرية ُِ‬


‫ُمنُ‬ ‫املعتزلة‪ُ ،‬فإنُ ُقولم ُباطل ا ُ‬

‫املؤمننيُقالُتعاىل‪{ُ:‬ياُأ ُّهياُال ِذين ُآمنوا ُكتِب ُعل ُْيكم ُا ْل ِقصاص ُِيف ُا ْلقتْىلُ}ُ‬

‫ُيشء ُفاتِّباع ُبِا ْمل ْعر ِ ُ‬


‫وف}‪ُ ،‬فلم ُُيُ ُِرجُ‬ ‫ُأن ُقال‪{ُ :‬فم ْن ُع ِفي ُله ُِم ْن ُأ ِخ ِيه ُْ‬
‫إىل ُْ‬

‫اُلويل ُالقصاص‪ُ ،‬واملراد‪ُ :‬أخوُةُالدينُ‬


‫ُِّ‬ ‫اُ‬
‫وجعلهُأخ‬ ‫ُِ‬
‫القاتلُمنُالذينُآمنواُ‪ُ ،‬‬

‫ان ُِمن ُا ْمل ْؤ ِمنِني ُا ْقتُتلوا ُفأ ْصلِحوا ُبيْنهامُ}ُُ‬


‫بالُريب‪ُ ،‬وقالُتعاىل‪{ُ:‬وإِ ْن ُطائِفت ِ‬

‫ُ‬ ‫ىلُأنُقال‪{ُ:‬إِنامُا ْمل ْؤ ِمنونُإِ ْخوةُفأ ْصلِحواُب ْنيُأخوُ ْيك ُْم}‪.‬‬


‫إ ُْ‬

‫ُوالسنة ُواإلمجاع ُتدُل ُعىل ُأنُ ُالزُاين ُوالسُارقُ‬


‫ُّ ُ‬ ‫ونصوص ُالكتاب‬

‫ُ‬ ‫والقاذفُالُيُقتل‪ُ،‬بلُيُقامُعليهُاحلُدُ‪ُ،‬فدُلُُعىلُأنُهُليسُبمرتد‪.‬ـها‬

‫وقال ُاإلمام ُابن ُتيمية‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُكتابه ُ"االستقامة" ُ(‪-185ُ /2‬‬

‫ُ‬ ‫‪:)186‬‬

‫وأهلُالسنةُواجلامعةُمتفقونُعىلُأنهُالُيكفرُاملسلمُبمجردُالذنب‪ُ،‬‬
‫ُّ‬
‫كام ُيقوله ُاخلوارج‪ُ ،‬وال ُأنه ُُيرج ُِمن ُاإليامن ُبالكلية ُكام ُيقوله ُاملعتزلة‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫لكنُيُنقصُاإليامن‪ُ،‬ويُمنعُكاملهُالواجب‪.‬ـها‬

‫‪122‬‬
‫الوقفةُالثانية ُ‪ُ /‬عنُحكمُتاركُأركانُاإلسالمُاخلمسةُالتيُصح ُعنُ‬
‫النبي ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُأنه ُقال ُيف ُشأَّنا‪«ُ :‬بنِي ِ‬
‫ُاإل ْسالم ُعىل ُمخ ٍ‬
‫ْس‪ُ:‬‬
‫شهاد ِة ُأ ْن ُال ُإَِل ُإِال ُاّل ُوأن ُحممدا ا ُرسول ُاّلِ‪ُ ،‬وإِقا ِم ُالصال ِة‪ُ ،‬وإِيت ِ‬
‫اءُ‬

‫ُ‬ ‫الزك ُِ‬


‫اة‪ُ،‬واحل ِّج‪ُ،‬وص ْو ِمُرمضانُ»‪.‬‬

‫ا‬
‫أوال‪ُ :‬تارك ُالنُّطق ُبالشهادتني ُمع ُقدرته ُعىل ُالتلفظ ُهبام ُال ُيصحُ‬

‫ُ‬ ‫إسالمه‪ُ،‬بلُالُيزالُعىلُكفره‪ُ،‬بإمجاعُأهلُالعلم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وقدُنقلُاإلمجاع‪ُ:‬‬

‫القايض ُعياض ُاامالكي ُيف ُ"إكامل ُاملعلم ُبفوائد ُمسلم" ُ(‪-253ُ /1‬‬

‫ُوالنووي ُالشافعي ُيف ُ"التلخيص ُرشح ُاجلامع ُالصحيحُ‬


‫‪ُ ،)254‬‬

‫للبخاري"ُ(‪ُ)455ُ/2‬ويف ُ"رشح ُصحيحُمسلم"(‪ُ 149ُ/1‬وُ‪ُ،)179‬‬

‫وابن ُتيمية ُيف ُ"جامع ُاملسائل" ُ(‪59ُ /7‬و‪ُ 61-61‬طبعة‪ُ :‬دار ُعاملُ‬

‫الفوائد) ُويف ُ"جمموع ُالفتاوى" ُ(‪ُ ،)302ُ /7‬ويف ُ"درء ُتعارض ُالعقلُ‬

‫والنقل"ُ(‪ُ 7ُ/8‬وُ‪ُ،)13ُ/8‬وابنُقيمُاجلوزيةُيفُ"الطرقُاحلكمية"ُ(‪ُ/2‬‬

‫‪ُ،)540‬وبدرُالدينُالعيني ُاحلنفي ُيفُ"رشحُسننُأيبُداود"ُ(‪ُ)278ُ/6‬‬

‫ُ‬ ‫ويفُ"عمدةُالقاريُرشحُصحيحُالبخاري"ُ(‪ُ،)110ُ/ُ1‬وغريهم‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫ُ‬ ‫وقالُاإلمامُابنُتيمية‪-‬رمحهُاهلل‪-‬كامُيفُ"جمموعُالفتاوى"ُ(‪:)609ُ/7‬‬

‫فأماُالشهادتانُإذاُملُيتكلُمُهبامُمعُالقُدرةُفهوُكافرُباتفاقُاملسلمني‪ُ،‬‬

‫ُوظاهرا ُعند ُسُلف ُاألمة ُوأئمتها ُومجاهري ُعلامئها‪ُ،‬‬


‫ا‬ ‫وهو ُكافر ُباطناا‬

‫وذهبت ُطائفة ُِ‬


‫ُمن ُاملرجئة‪ُ ،‬وهم ُجهمية ُاملرجئة‪ُ :‬كجهم ُوالصاحليُ‬

‫كانُكافرا ُيفُالظاهرُدونُالباطن‪ُ،‬‬
‫ا‬ ‫وأتباعهامُإىلُأنهُإذاُكانُمصدِّ اقاُبقلبه‪ُ ،‬‬

‫وقدُتقدمُالتنبيهُعىلُأصلُهذاُالقول‪ُ،‬وهوُقولُم ْبتدعُيفُاإلسالمُملُيقلهُ‬
‫ِ‬
‫أحدُمنُاألئمة‪.‬ـها‬

‫اُوإنكاراُلفرضيتهاُ‬
‫ا‬ ‫ثان ايا‪ُ :‬تاركُالصالةُوالصومُوالزكاةُواحلجُجحو اُد‬

‫كافر ُبإمجاع ُأهل ُالعلم‪ُ ،‬وقد ُنُقل ُإمجاعهم ُعىل ُذلك ُأعداد ُغفرية ُِمنُ‬

‫نُخمتلِفُاملذاهبُواألزمان‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الفقهاءُم‬

‫ألن ُجحدها ُوإنكارها ُيعترب ُتكذي ابا ُور مدا ُلآليات ُواألحاديث ُالدالةُ‬

‫ُ‬ ‫عىلُفرضيتهاُووجوهبا‪.‬‬

‫وقال ُاإلمام ُابن ُتيمية‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬كام ُيف ُ"جمموع ُالفتاوى" ُ(‪ُ/35‬‬

‫ُ‬ ‫‪:)105‬‬

‫‪124‬‬
‫منُملُيعتقدُوجوبُالصلواتُاخلمسُوالزكاةُاملفروضةُوصيامُشهرُ‬

‫ْ‬
‫ستتاب‪ُ،‬فإن ُتابُوإالُقتل‪ُ،‬‬‫رمضانُوحجُالبيتُالعتيقُفهوُكافرُمرتد‪ُ،‬ي‬

‫ُ‬ ‫باتفاقُأئمةُاملسلمني‪ُ،‬والُيغنيُعنهُالتكلمُبالشهادتني‪.‬ـها‬

‫ا‬ ‫ثال اثا‪ُ :‬تاركُالصالةَُتاون‬


‫ااُوتكاسال ُمعُإيامنهُبأن ُاهللُفرضهاُوأوجبهاُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لعلمُمنُأهلُالسنةُواحلديث‪ُ،‬اماُ‬ ‫عىلُالصحيحُمنُأقوالُأهلُا‬‫عليهُكافرُُ‬

‫صح ُعن ُالنبي ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُأنه ُقال‪«ُ :‬الع ْهد ُال ِذي ُب ْيننا ُوب ْينهمُ‬

‫ُ‬ ‫الصالة‪ُ،‬فم ْنُتركهاُفقدْ ُكفرُ»‪.‬‬

‫أخرجه ُأمحد ُ(‪ُ ،)22937‬والرتمذي ُ(‪ُ ،)2621‬والنسائي ُ(‪ُ،)463‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫)‪ُ،‬وغريهم‪ُ،‬منُحديثُبريدة‪-‬ريضُاهللُعنه‪.-‬‬‫وابنُماجهُ(‪1079‬‬

‫وصححه‪ُ :‬الرتمذي‪ُ ،‬وابن ُحبان‪ُ ،‬واحلاكم‪ُ ،‬وهبة ُاهلل ُالطربي‪ُ ،‬وابنُ‬

‫تيمية‪ُ ،‬والذهبي‪ُ ،‬وابن ُامللقن‪ُ ،‬والسيوطي‪ُ ،‬وابن ُباز‪ُ ،‬واأللباين‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫والوادعي‪ُ،‬وحممدُعيلُآدمُاإلثيويب‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وقالُالعالمةُالشوكاين‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُ"نيلُاألوطار"ُ(‪ُ:)363ُ/1‬‬

‫ُ‬ ‫صححهُالنسائي‪ُ،‬والعراقي‪.‬ـها‬

‫‪125‬‬
‫وأخرجُمسلمُيفُ"صحيحه"ُ(‪ُ)82‬عن ُجابر‪-‬ريضُاهللُعنه‪-‬أنهُقال‪ُ:‬‬

‫ُالرش ُِ‬
‫كُ‬ ‫ِ‬
‫سمعت ُالنبي ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُيقول‪«ُ :‬إن ُب ْني ُالرج ِل ُوب ْني ِّ ْ‬
‫ُ‬ ‫وا ْلك ْف ِرُت ْركُالصال ُِة»‪.‬‬

‫وصحُعنُعمرُبنُاخلطاب‪-‬ريضُاهللُعنه‪-‬أنهُقال‪«ُ:‬أماُإِنهُالُحظ ُِيفُ‬

‫ُ‬ ‫سال ِم ُِألح ٍدُتركُالصالة»‪.‬‬ ‫ِْ‬


‫اإل ْ ُ‬

‫أخرجهُمالكُيفُ"املوطأ"ُ(‪ُ،)93‬وعبدُالرزاقُيفُ"مصنفه"ُ(‪ُ 581‬وُ‬

‫‪ُ،)5010‬واملروزيُيفُ"تعظيمُقدر ُالصالة"ُ(‪ُ)927-923‬واللفظُله‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫وابنُاألعرايبُيفُ"معجمه"ُ(‪ُ،)1942ُ-1941‬وغريهم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وقالُاحلافظُابنُعبدُالربُ‪-‬رمحهُاهلل‪ُ:-‬ثبت‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫واحلظُهو‪ُ:‬النصيب‪.‬‬

‫فيكونُاملعنى‪ُ:‬أنهُالُنصيبُلهُيفُاإلسالمُالُقليلُوالُكثري‪ُ،‬ألنهُنكرةُ‬

‫ُ‬ ‫يفُسياقُالنفيُفيكونُعا مما‪.‬‬

‫ُ‬ ‫والذيُالُنصيبُلهُيفُاإلسالمُهوُالكافر‪.‬‬

‫وقالُعبدُاهللُبنُشقيقُالعقييل‪-‬رمحهُاهلل‪«ُ:-‬كانُأ ْصحابُحمم ٍدُصىلُ‬

‫ُ‬ ‫اُمنُاأل ْعام ِلُتُ ْركهُك ْفرُغ ْريُالصال ُِة»‪.‬‬


‫اّلُعلي ِهُوسلمُالُيرونُشيئا ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫‪126‬‬
‫أخرجه ُالرتمذي ُ(‪ُ ،)2622‬وحممد ُبن ُنرص ُاملروزي ُيف ُ"تعظيم ُقدرُ‬

‫ُ‬ ‫الصالة"ُ(‪ُ،)948‬وُاحلاكمُيفُ"املستدرك"ُ(‪ُ،)12-11‬وغريهم‪.‬‬

‫وصححه‪ُ :‬احلاكم‪ُ،‬والنووي‪ُ،‬وابنُتيمية‪ُ،‬وابنُالعراقي‪ُ،‬وابنُعالن‪ُ،‬‬

‫واأللباين‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وحسنه‪ُ:‬ابنُحجرُاليتمي‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وقالُاحلافظُالذهبي‪-‬رمحهُاهلل‪ُ:-‬إسنادهُصالح‪.‬ـها‬

‫ُوثبتُعنُابنُمسعود‪-‬ريضُاهللُعنه‪-‬أنهُقال‪«ُ:‬م ْن ُملْ ُيص ِّل ُفال ُِدينُ‬

‫ُ‬ ‫لهُ»‪.‬‬

‫أخرجهُابنُأيبُشيبةُيفُ"مصنفه"ُ(‪ُ 7637‬وُ‪ُ،)30397‬واملروزيُيفُ‬

‫"تعظيم ُقدر ُالصالة" ُ(‪ُ ،)937-936‬والطرباين ُيف ُ"املعجم ُالكبري"ُ‬

‫(‪ُ،)ُ8942ُ-8848‬وابنُبطةُيفُ"اإلبانةُالكربى"ُ(‪ُ،)888‬وغريهم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وقالُاحلافظُابنُعبدُالربُ‪-‬رمحهُاهلل‪ُ:-‬ثبت‪.‬ـها‬

‫وقالُالعالمةُاأللباين‪-‬رمحهُاهلل‪ُ:-‬إسنادهُحسن‪.‬ـها‬

‫وقال ُاحلافظ ُابن ُرجب ُاحلنبيل‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُكتابيه ُ"جامع ُالعلومُ‬

‫ُ‬ ‫واحلكم"ُ(‪ُ)147ُ/1‬وُ"فتحُالباري"ُ(‪ُ21ُ/1‬وُ‪:)23‬‬
‫‪127‬‬
‫ُ‬ ‫وقالُأيوبُالسختياين‪ُ:‬تركُالصالةُكفر‪ُ،‬الُُيتلفُفيه‪.‬‬
‫ْ‬

‫وذهب ُإىل ُهذا ُالقول ُمجاعة ُِمن ُالسُلف ُواخللف‪ُ ،‬وهو ُقول ُابنُ‬

‫ُ‬ ‫املبارك‪ُ،‬وأمحد‪-‬يفُاملشهورُعنه‪ُ،-‬وإسحاق‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وحُكُىُإسحاقُعليهُإمجاعُأهلُالعلم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وقالُحممدُبنُنرصُاملروزي‪ُ:‬هوُقولُمجهورُأهلُاحلديث‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫وقالُاإلمامُابنُتيمية‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُ"رشحُعمدةُالفقه"ُ(‪:)95ُ/2‬‬

‫وألنُ ُهذاُإمجاعُالصحابة‪ُ،‬قالُعمر‪-‬ريضُاهللُعنه‪-‬ام ِ‬
‫اُقيلُله‪ُ،‬وقدُ‬
‫ِ‬
‫خرجُإىلُالصالة‪«ُ:‬نعم‪ُ،‬والُحظُيفُاإلسالمُملنُتركُالصالة»‪ُ،‬وهذاُقالهُ‬

‫ُ‬ ‫بمحرض ُِمنُالصحابة‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫وقالُأيضاُ(‪:)58ُ/2‬‬
‫ا‬
‫ِ‬
‫ُملن ُترك ُالصالة» ُأرصح ُيشء ُيفُ‬
‫قول ُعمر‪«ُ :‬ال ُحظ ُيف ُاإلسالم ُ‬

‫ُ‬ ‫خروجهُعنُاملِلة‪ُ،‬وكذلكُقولُابنُمسعود‪ُ،‬وغريه‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫هُأيضاُإمجا اع ِ‬
‫اُمنُالصحابة‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ومنُعد ا‬

‫ُ‬ ‫ابنُقيمُاجلوزية‪ُ،‬وابنُباز‪ُ،‬وابنُعثيمني‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫وقال ُاإلمام ُابن ُق ِّيم ُاجلوزية‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُأول ُكتاب ُ"الصالة"ُ‬

‫ُ‬ ‫(ص‪ُ:)5:‬‬

‫ال ُُيتلف ُاملسلمون ُأن ُترك ُالصالة ُاملفروضة ُعمدا ا ُِمن ُأعظمُ‬

‫الذنوب‪ُ ،‬وأكرب ُالكبائر‪ُ ،‬وأن ُإثمه ُعند ُاهلل ُأعظم ُِمن ُإثم ُقتل ُالنفس‪ُ،‬‬

‫تعرضُ‬ ‫ِ‬
‫وأخذ ُاألموال‪ُ ،‬ومن ُإثم ُالزنا‪ُ ،‬والّسقة‪ُ ،‬ورشب ُاخلمر‪ُ ،‬وأنه ُم ِّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫خطهُوخزيهُيفُالدنياُواآلخرة‪.‬ـها‬‫لعقوبةُاهللُوس‬

‫واختلفُالفقهاء‪-‬رمحهمُاهلل‪-‬فيامَُيبُعىلُاحلاكمُجهتهُإذاُثبتُعندهُ‬

‫أنهُتاركُللصالة‪.‬‬

‫ُوالشافعي ُوأمحدُوأكثر ُالفقهاء‪ُ :‬يدعىُإىلُالصالة‪ُ،‬ويطلبُ‬


‫ُّ‬ ‫فقالُمالك‬

‫ُ‬ ‫نُتركها‪ُ،‬فإنُأبىُواستمرُعىلُتركهاُقتِل‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ُيتوبُم‬ ‫ِم ْ‬
‫نهُأن‬

‫ِّ‬
‫بسُحتىُيموتُأوُيتوبُويصيل‪.‬‬ ‫وقالُأبوُحنيفةُوآخرون‪َُ:‬ي‬

‫ا‬
‫ااُوتكاسال‪ُ.‬خمتلفُُفيهُبنيُأهلُ‬
‫راب اعا‪ُ:‬تاركُالزكاةُوالصومُواحلجَُتاون‬

‫ُ‬ ‫العلم‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫فمنهم‪ُ:‬منُذهبُإىلُتكفريه‪ُِ ُ،‬‬
‫ومنهمُمنُقال‪ُ:‬ليسُبكافر‪ُ،‬إالُأنهُفاسقُ‬ ‫ِ‬

‫مرتكب ُلذنب ُِمن ُأكرب ُالذنوب‪ُ ،‬ومعصية ُ ِمن ُأشد ُاملعايص‪ُ ،‬وهو ُعىلُ‬

‫ُ‬ ‫خطرُعظيمُجدمُاُإذاُلقيُاهللُعىلُمثلُهذاُاحلال‪ُ.‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫أكثرُالعلامءُمنُأهلُالفقهُواحلديث‪.‬‬ ‫وهوُقولُ‬

‫وقالُاحلافظُابنُرجبُاحلنبيل‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُكتابهُ"فتحُالباري"ُ(‪ُ/1‬‬

‫ُ‬ ‫‪:)23‬‬

‫ِ‬
‫ُتركُالصالةُكفر‪ُ،‬دونُغريهاُمنُاألركان‪ُ،‬‬ ‫وأكثرُأهلُاحلديثُعىلُأن‬

‫ُ‬ ‫كذلكُحكاهُحممدُبنُنرصُاملروزيُوغريهُعنهم‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫وأماُتركُغريُهذهُاملباينُاألربعةُفليسُبكفرُباإلمجاع‪.‬‬

‫حيثُقالُاحلافظُابنُرجبُاحلنبيل‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُكتابهُ"فتحُالباري"ُ‬

‫ُ‬ ‫(‪:)24ُ/1‬‬

‫ِ‬
‫بقيةُخصالُاإلسالمُواإليامن‪ُ،‬فالُُيرجُالعبدُبرتكهاُمنُاإلسالمُ‬ ‫فأمُا ُ‬

‫عند ُأهل ُالسنة ُواجلامعة‪ُ ،‬وإنام ُخالف ُيف ُذلك ُاخلوارج‪ُ ،‬ونحوهم ُِمنُ‬

‫ُ‬ ‫أهلُالبدع‪.‬ـها‬

‫‪130‬‬
‫الوقفةُالثالثة‪ُ :‬عنُقضاءُتاركُفريضةُالصالةُعمدا اُحتىُُيرجُوقتها‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫وهلُيقضيها‪.‬‬

‫ا‬
‫ااُوتكاسال ُحتىُُيرجُ‬
‫الُريبُأن ُتأخري ُالصالةُاملفروضةُعمدا اُوَتاون‬

‫وقتها‪ُ،‬حتىُولوُكانتُصالةُواحدة‪ُ،‬ملِنُاملحرماتُالغليظة‪ُ،‬واملنكراتُ‬

‫الكبرية‪ُ ،‬حيث ُتوعد ُاهلل ُسبحانه ُمن ُفوت ُالصالة ُعن ُوقتها ُبوعيدُ‬

‫ُ‬ ‫شديد‪ُ،‬فقالُسبحانه‪{ُ:‬فو ْيلُل ِ ْلمص ِّلنيُال ِذينُُه ْمُع ْنُص ِ‬


‫الَتِ ْمُساهونُ}‪.‬‬

‫وقد ُفّس ُأصحاب ُالنبي ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُالسهو ُعن ُالصالة ُيفُ‬

‫ُ‬ ‫هذهُاآليةُبأنه‪ُ:‬تأخريهاُعنُوقتها‪.‬‬

‫فثبتُعنُمصعبُبنُسعدُبنُأيبُوقاص‪-‬ريضُاهللُعنه‪-‬أنهُقال‪«ُ:‬ياُ‬

‫أبتاه‪ُ:‬أرأيْتُق ْولُاهلل‪{ُ:‬ال ِذينُُه ْمُع ْنُصال َِتِ ْمُساهونُ}ُأيُّناُالُي ْسهو؟ُأيُّناُ‬


‫ال َُيدِّ ث ُن ْفسه؟ُقال‪«ُ:‬ليس ُذاك‪ُ،‬إِنام ُهو ُإِضاعة ُا ْلو ْق ِ‬
‫ت‪ُ،‬ي ْلهوُحتىُي ِضيعُ‬ ‫ْ‬

‫ُ‬ ‫ا ْلو ْقتُ»ُ»‪.‬‬

‫أخرجه ُأبو ُيعىل ُيف ُ"مسنده" ُ(‪ُ 704‬و ُ‪ُ ،)705‬واملروزي ُيف ُ"تعظيمُ‬

‫قدرُالصالة"ُ(‪ُ42‬وُ‪ُ،)34‬وغريمها‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫ونص ُعىلُثبوته‪ُ :‬املنذري‪ُ،‬وابنُق ِّيمُاجلوزية‪ُ،‬والبوصريي‪ُ،‬واليثمي‪ُ،‬‬

‫واأللباين‪.‬‬
‫ِ‬
‫ُوهوُواد ُِمنُأوديةُجهنمُملنُأضاعُ‬
‫ٍ‬ ‫اُبالعذابُيفُغي‬
‫ٍّ‬ ‫وقالُتعاىلُمتوعِّدا‬
‫الصالة‪{ُ :‬فخلف ُِمن ُبع ِد ِهم ُخ ْلف ُأضاعوا ُالصالة ُواتبعوا ُالشهو ِ‬
‫اتُ‬ ‫ْ ْ ْ‬
‫ُ‬ ‫فس ْوفُي ْلق ْونُغ مياُإِالُم ْنُتابُوآمنُُوع ِملُص ِاحلاا}‪.‬‬

‫ون ِقل ُعن ُمج ٍُع ُ ِمن ُالسُلف ُالصالح ُِمن ُالصحابة ُفمن ُبعدهم‪ُ :‬أنُ‬

‫ُ‬ ‫إضاعتهمُالصالةُإنامُكانتُبتأخريهمُإياهاُعنُمواقيتها‪.‬‬

‫وثبتُعنُابنُمسعود‪-‬ريضُاهللُعنه‪ِ «ُ:-‬يفُق ْولِ ِهُتعاىل‪{ُ:‬فس ْوفُي ْلقونُ‬

‫ُ‬ ‫اد ُِيفُجهنم‪ُ،‬خبِيثُالط ْع ِم‪ُ،‬ب ِعيدُا ْلق ْع ُِر»ُ»‪.‬‬


‫غيا}‪ُ،‬قال‪«ُ:‬و ٍ‬
‫م‬

‫أخرجه ُاملروزي ُيف ُ"تعظيم ُقدر ُالصالة" ُ(‪ُ ،)35‬وابن ُجرير ُيفُ‬

‫"تفسريه" ُ(‪ُ ،)218ُ /18‬والطرباين ُيف ُ"املعجم ُالكبري" ُ(‪ُ 9012‬وُ‬

‫ُ‬ ‫‪ُ،)9111‬وأبوُنعيمُيفُ"احللية"ُ(‪ُ،)206ُ/4‬واحلاكمُ(‪.)3418‬‬

‫ُ‬ ‫وصححه‪ُ:‬احلاكم‪ُ،‬والذهبي‪.‬‬

‫وقد ُجعل ُاهلل ُلكل ُصالة ُوقتاا‪ُ ،‬وأوجب ْ‬


‫ُأن ُتؤدى ُفيه‪ُ ،‬وال َُيوزُ‬

‫ُ‬ ‫تأخريهاُعنه‪ُ،‬فقالُتعاىل‪{ُ:‬إِنُالصالةُكان ْتُعىلُاملُ ْؤ ِمنِنيُكِتا اباُم ْوقوتاا}‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫وبني ُنبيهُصىلُاهللُعليهُوسلمُأن ُِفعلهاُيفُوقتهاُأحبُاألعاملُإىلُاهللُ‬

‫سبحانه‪ُ ،‬فصح ُعن ُابن ُمسعود‪-‬ريض ُاهلل ُعنه‪-‬أنه ُقال‪«ُ :‬سأ ْلت ُالنبِيُ‬

‫ب ُإِىل ُاّلِ؟ ُقالُ‪«ُ :‬الصالة ُعىلُ‬ ‫ِ‬


‫صىل ُاهلل ُعل ْيه ُوسلم‪ُ :‬أ ُّي ُالعم ِل ُأح ُّ‬

‫ُ‬ ‫و ْقتِها»»‪.‬‬

‫ُ‬ ‫أخرجهُالبخاريُ(‪ُ،)527‬ومسلمُ(‪.)85‬‬

‫وإذاُتركُاملسلمُشيئا ِ‬
‫اُمنُصالتهُاملفروضةُمتعمدا اُعنَُتاونُوكسلُ‬

‫حتىُخرجُالوقتُفيجبُعليهُالقضاءُعندُعامةُالفقهاء‪ِ ُ،‬منهم‪ُ :‬األئمةُ‬

‫ُ‬ ‫األربعةُأيبُحنيفة‪ُ،‬ومالك‪ُ،‬والشافعي‪ُ،‬وأمحد‪.‬‬

‫ُ‬ ‫بلُإنُبعضُأهلُالعلمُقدُحُكُوهُإمجا اعا‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ومنُحكاه‪:‬‬

‫حممدُبنُنرصُاملروزيُيفُ"تعظيمُقدرُالصالة"ُ(‪ُ)966ُ/2‬وابنُعبدُ‬

‫الرب ُاامالكيُيفُ"االستذكار"ُ(‪ُ،)302ُ/1‬وأبوُبكرُاجلصاصُاحلنفيُيفُ‬

‫"رشحُخمترصُالطحاوي"ُ(‪ُ،)736ُ/1‬والنوويُالشافعيُيفُ"املجموع"ُ‬

‫ُ‬ ‫(‪ُ،)76ُ/3‬وموفقُالدينُابنُقدامةُاحلنبيلُيفُ"املغني"ُ(‪.)297ُ/2‬‬

‫‪133‬‬
‫وقد ُدل ُعىل ُوجوب ُقضاء ُالصالة ُعىل ُمُن ُتركها ُعمدا ا ُمع ُإيامنهُ‬

‫ُ‬ ‫بفرضيتهاُأدلةُعديدة‪ِ ُ،‬منها‪:‬‬

‫أو ا ُ‬
‫ال‪ُ -‬ما ُأخرجه ُالبخاري ُ(‪ُ ،)597‬ومسلم ُ(‪ُ ،)684‬عن ُأنس ُبنُ‬

‫مالك‪-‬ريضُاهللُعنه‪-‬أنُرسولُاهللُصىلُاهللُعليهُوسلمُقال‪«ُ:‬م ْنُن ِسىُ‬

‫صالةاُأ ْوُنامُعنْهاُفكفارَتاُأُ ْنُيص ِّليهاُإِذاُذكرها»‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ووجهُاالستداللُمنُهذاُاحلديث‪ُ:‬‬

‫فرطُأوىلُ‬
‫فرطُفالعامدُامل ُِّ‬
‫أنهُإذاُوجبُالقضاءُعىلُاملعذورُالذيُملُي ُِّ‬

‫بالوجوبُوأحرى‪.‬‬

‫ُِ‬
‫ومجع ُبني ُالنوم ُوالنِّسيان ُمع ُأن ُاحلاصل ُهو ُالنوم‪ُ ،‬الشرتاكهام ُيفُ‬

‫سقوطُاإلثم‪ُ،‬حيثُوقعُالفواتُفيهامُبغريُإرادة‪.‬‬

‫ثانياا‪ُ -‬ماُأخرجهُالبخاريُ(‪ُ،)556‬ومسلمُ(‪ُ،)608‬عنُأيبُهريرة‪-‬‬

‫ريض ُاهلل ُعنه‪-‬أن ُالنبي ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُقال‪«ُ :‬إِذا ُأ ْدرك ُأحدك ْمُ‬

‫رص ُق ْبل ُأ ْن ُت ْغرب ُالش ْمس ُف ْليتِم ُصالته‪ُ،‬وإِذاُأ ْدركُ‬


‫س ْجد اة ُِم ْن ُصال ِة ُا ْلع ْ ِ‬

‫ُ‬ ‫ُالص ْبحِ ُق ْبلُُأ ْنُت ْطلعُالش ْمسُف ْليتِمُصالتهُ»ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س ْجدةاُم ْنُصالة ُّ‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ووجهُاالستداللُمنُهذاُاحلديث‪:‬‬

‫‪134‬‬
‫أن ُالنبي ُصىلُاهلل ُعليه ُوسلمُاعترب ُصالته‪ُ ،‬مع ُوقوع ُأكثرها ُخارجُ‬
‫الوقت‪ُ،‬وملُُيصُمتعمدا ِ‬
‫اُمنُناس‪.‬‬

‫ثال اثا‪ُ -‬ماُأخرجهُمسلمُيفُ"صحيحه"ُ(‪ُ )684‬عن ُأيبُذر‪-‬ريضُاهللُ‬

‫عنه‪-‬أنه ُقال‪«ُ :‬قال ُِيل ُرسول ُاّلِ‪«ُ :‬ك ْيف ُأنْت ُإِذا ُكان ْت ُعل ْيك ُأمراءُ‬

‫يؤ ِّخرون ُالصالة ُع ْن ُو ْقتِها ُأ ْو ُي ِميتون ُالصالة ُع ْن ُو ْقتِها»‪ُ ،‬ق ْلت‪ُ :‬فامُ‬

‫ت ْأمر ِين؟ ُقال‪«ُ :‬ص ِّل ُالصالة ُلِو ْقتِها‪ُ ،‬ف ِإ ْن ُأ ْدركْتها ُمعه ْم ُفصُ ِّل ُف ِإَّنا ُلكُ‬

‫ُ‬ ‫نافِلةُ»ُ»‪.‬‬

‫)ُأيضاُعنُابنُمسعود‪-‬ريضُاهللُ‬
‫وأخرجُمسلمُيفُ"صحيحه"ُ(‪ 534‬ا‬

‫عنه‪-‬أنه ُقال‪«ُ :‬إِنه ُستكون ُعل ْيك ْم ُأمراء ُيؤ ِّخرون ُالصالة ُع ْن ُِميق ِاَتاُ‬

‫وُيْنقوَّنا ُإِىل ُرش ِق ُا ْمل ْوتى‪ُ ،‬ف ِإذا ُرأيْتموه ْم ُقدُْ ُفعلوا ُذلِك ُفص ُّلوا ُالصالةُ‬
‫ِِ‬
‫ُ‬ ‫مليق ِاَتا‪ُ،‬و ْ‬
‫اجعلواُصالتك ْمُمعه ْمُس ْبح اُة»‪.‬‬

‫وقدُبينتُروايةُابنُحبانُ(‪ُ)1481‬أن ِ‬
‫هُمنُقولُرسولُاهللُصىلُاهللُ‬

‫عليهُوسلم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ووجهُاالستداللُمنُهذينُاحلديثني‪:‬‬

‫‪135‬‬
‫أن ُالنبي ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُاعترب ُصالَتم ُمع ُاألمراء ُبعد ُخروجُ‬

‫وقتها‪ُ ،‬حيث ُجعلها ُلم ُنافلة‪ُ ،‬ولو ُكانت ُالصالة ُبعد ُخروج ُوقتها ُالُ‬

‫ُ‬ ‫تصحُاماُجعلهاُنافلةُوسبحة‪.‬‬

‫راب اعا‪ُ-‬ماُأخرجهُمسلمُ(‪ُ)681‬عنُأيبُقتادة‪-‬ريضُاهللُعنه‪-‬أنُالنبيُ‬

‫صىلُاهللُعليهُوسلم‪«ُ:‬أماُإِنهُل ْيس ُِيفُالن ْو ِمُت ْف ِريط‪ُ،‬إِنامُالت ْف ِريطُعىلُم ْنُملُْ‬

‫يص ِّل ُالصالة ُحتىَُيِيء ُو ْقت ُالصال ِة ُاأل ْخرى‪ُ،‬فم ْن ُفعل ُذلِك ُف ْليص ِّلهاُ‬

‫ُ‬ ‫اُعنْدُو ْق ُتِها»‪.‬‬


‫ِحنيُينْتبِهُلا‪ُ،‬ف ِإذاُكانُا ْلغدُف ْليص ِّله ِ‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ووجهُاالستداللُمنُهذاُاحلديث‪:‬‬

‫فرطُغريُمعذور‪ُ،‬ومعُهذاُأثبتُلهُالنبيُصىلُاهللُعليهُوسلمُ‬
‫أن ُامل ِّ‬
‫ُ‬ ‫صالة‪ُ،‬معُأَّناُوقعتُخارجُالوقت‪.‬‬

‫خامسا‪ُ -‬ماُأخرجهُأبوُيعىلُيفُ"مسنده"ُ(‪ُ 704‬وُ‪ُ،)705‬عنُمصعبُ‬


‫ا‬
‫بن ُسعد ُبن ُأيب ُوقاص‪-‬ريض ُاهلل ُعنه‪-‬أنه ُقال‪«ُ :‬ق ْلت ُِأل ِيب‪ُ :‬يا ُأبتاه‪ُ:‬‬

‫أرأيْت ُق ْول ُاهلل‪{ُ:‬ال ِذينُ ُه ْم ُع ْن ُصال َِتِ ْم ُساهونُ} ُأيُّناُال ُي ْسهو؟ُأيُّناُالُ‬


‫َيدِّ ث ُن ْفسه؟ ُقال‪«ُ :‬ليس ُذاك‪ُ ،‬إِنام ُهو ُإِضاعة ُا ْلو ْق ِ‬
‫ت‪ُ ،‬ي ْلهو ُحتى ُي ِضيعُ‬ ‫ْ‬

‫ُ‬ ‫ا ْلو ْقتُ»ُ»‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫ويف ُلفظ‪«ُ :‬يا ُأبه‪{ُ :‬الذين ُهم ُعن ُصالَتم ُساهون} ُأسهو ُأحدنا ُيفُ‬

‫صالتهُحديثُنفسه؟ُقالُسعد‪ُ:‬أوُليسُكلناُيفعلُذلك؟ُولكنُالس ْهيُ‬

‫ُ‬ ‫عنُصالته‪ُ:‬الذيُيصليهاُلغريُوقته‪ُ،‬فذلكُالساهيُعنها»‪.‬‬

‫وأخرجهُاملروزيُيفُ"تعظيمُقدرُالصالة"ُ(‪ُ42‬وُ‪.)34‬‬

‫وقال ُاملنذري ُوالبوصريي ُواليثمي ُواأللباين ُعن ُسند ُأيب ُيعىل‪ُ:‬‬

‫ُ‬ ‫حسن‪.‬ـها‬

‫وقال ُاإلمام ُابن ُقيم ُاجلوزية‪-‬رمحه ُاهلل‪ُ :-‬ثبت ُعن ُسعد ُبن ُأيبُ‬

‫ُ‬ ‫وقاص‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ووجهُاالستداللُمنُاآلية‪:‬‬

‫أنُاهللُسامُهمُمصلنيُمعُإخراجهمُلاُعنُوقتهاُعمدا ا‪ُ،‬وهذاُيدلُعىلُ‬

‫ُ‬ ‫أنُخمُرجهاُعنُالوقتُعمداُاُالُيكفر‪ُ،‬وأَّناُتُقىض‪ُ.‬‬

‫وأما ُاملصنف‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬فقد ُخالف ُما ُعليه ُعامة ُأهل ُالعلم ُِمنُ‬

‫وجوبُالقضاءُفقالُيفُرسالتهُهذه‪:‬‬

‫‪137‬‬
‫[فأماُثالث ُِمنْهاُفالُتناظِ ْرُت ِ‬
‫اركه‪ُ،‬م ْنُملُْيتشهدْ ‪ُ،‬وملُْيص ِّل‪ُ،‬وملُْيص ْم‪ُ،‬ألنهُ‬
‫يطِ ِه ُِف ِيهُع ِ‬
‫َُي ِزئُم ْنُقضاهُب ْعدُت ْف ِر ُ‬ ‫ِِ‬ ‫الُيؤخرُيشء ُِ‬
‫امدا اُ‬ ‫ُم ْنُهذاُع ْنُو ْقته‪ُ،‬وال ْ‬
‫ُ‬ ‫ع ْنُو ْقتِ ُِه]‪ُ.‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وتابعهُعىلُذلكُبعضُالفقهاءُمنُاملتأخرين‪.‬‬

‫واحلقُوالصوابُهوُقولُعامةُأهلُالعلم‪ُ،‬والذيُحُكيُعليهُاإلمجاعُ‬
‫ِ‬
‫ا‪ُ،‬اماُتقد ِ‬
‫ملُأذكرهاُاختصارا‪ُ،‬وبسبُ‬
‫ا‬ ‫ة‪ُ،‬وبقيتُأدلةُأخرىُ‬‫نُأدل‬‫مُم‬ ‫أيض‬
‫ا‬

‫ُ‬ ‫ضيقُالوقت‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫عنُقضاءُتاركُيشءُمنُصومُرمضانُعمدا ا‪.‬‬‫الوقفةُالرابعة‪ُ:‬‬

‫ُ‬ ‫ظاهرُكالمُاملصنِّف‪-‬رمحهُاهلل‪-‬املتقدِّ م‪:‬‬

‫أن ُتارك ُيشء ُِمن ُالصوم ُعمدا ا ُال ُيقيض‪ُ ،‬ألنه ُال ُينفعه ُالقضاء‪ُ ،‬والُ‬

‫َيزئُعنه‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وهذاُالقولُضعيفُجدا ا‪.‬‬

‫ويدلُعىلُوجوبُقضاءُالصومُماُأخرجهُالبخاريُ(‪ُ،)1953‬ومسلمُ‬

‫(‪ُ،)1148‬عنُابنُعباس‪-‬ريضُاهللُعنهام‪«ُ:-‬أن ُا ْمرأ اة ُأت ْت ُرسول ُاّلُِ‬

‫صىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُفقال ْت‪ُ :‬إِن ُأ ِّمي ُمات ْت ُوعل ْيها ُص ْوم ُش ْه ٍر‪ُ ،‬فقال‪ُ:‬‬

‫‪138‬‬
‫ضينه؟»ُقال ْت‪ُ:‬نع ْم‪ُ،‬قال‪«ُ:‬فد ْين ُاّلُِ‬
‫ت ُل ْو ُكان ُعل ْيهاُد ْين ُأكن ِْت ُت ْق ِ ُ‬
‫«أرأي ِ‬
‫ْ‬

‫ُ‬ ‫أح ُّقُبِا ْلقض ُِ‬


‫اء»ُ»‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ووجهُاالستداللُمنُهذاُاحلديث‪:‬‬

‫أن ُالنبي ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُشبه ُحق ُاهلل ُتعاىل ُبحقوق ُاآلدميني‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫وحقوقُاآلدمينيُتقىض‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ون ِقلُاإلمجاعُعىلُوجوبُالقضاء‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ومنُنقله‪:‬‬

‫ابنُعبدُالربُيفُ"االستذكار"ُ(‪ُ،)101ُ/1‬وابنُبطالُيفُ"رشحُصحيحُ‬

‫البخاري"ُ(‪ُ،)121ُ/2‬وموفقُالدينُابنُقدامةُيفُ"املغني"ُ(‪ُ،)365ُ/4‬‬

‫ُ‬ ‫واحلطابُيفُ"مواهبُاجلليل"ُ(‪.)448ُ/2‬‬

‫وقالُاحلافظُابنُرجبُاحلنبيل‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُكتابهُ"فتحُالباري"ُ(‪ُ/3‬‬

‫ُ‬ ‫‪:)366‬‬

‫ٍُ‬
‫ُوجه ُفيهُ‬ ‫وال ُيعلم ُيف ُلزوم ُالقضاء ُخالف‪ُ ،‬إال ُعن ُابن ُعمر ُِ‬
‫ُمن‬

‫ُ‬ ‫ضعف‪ُ،‬واخلالفُمشهورُيفُوجوبُاإلطعامُمعُالقضاء‪.‬ـها‬

‫‪139‬‬
‫وأما ُحديث ُأيب ُهريرة‪-‬ريض ُاهلل ُعنه‪-‬مرفو اعا‪«ُ :‬م ْن ُأ ْفطر ُي ْو اما ُِم ْنُ‬

‫َُي ِزُعنْه ِ ُ‬ ‫رمضان ِ‬


‫ُ‬ ‫ُصيامُالد ْه ِر‪ُ،‬ول ْوُصامهُ»‪.‬‬ ‫ضُوالُع ْذ ٍر‪ُ،‬ملْ ْ‬ ‫‪ُ،‬م ْنُغ ْ ِ‬
‫ريُمر ٍ‬

‫ُ‬ ‫فالُيصح‪.‬‬

‫وقد ُضعفه‪ُ :‬أمحد ُبن ُحنبل‪ُ ،‬وابن ُعبد ُالربُ‪ُ ،‬والبيهقي‪ُ ،‬وابن ُحجرُ‬

‫ُ‬ ‫العسقالين‪ُ،‬واأللباين‪ُ،‬وغريهم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫بلُقالُاحلافظُابنُحجرُالعسقالينُ‪-‬رمحهُاهلل‪ُ:-‬‬

‫ُ‬ ‫ُِ‬
‫فيهُثالثُعلل‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫‪ُ،‬والُيصحُأيضا‪.‬‬
‫ا‬ ‫ِ‬
‫وجاءُنحوهُمنُقولُابنُمسعود‪-‬ريضُاهللُعنه‪-‬‬

‫ِ‬
‫طُفيهُمنُأيُامُوتكاسل ُوَتاون‪ُ،‬وهوُ‬‫وليسُعليهُقضاءُإالُبعددُماُفر‬

‫ُ‬ ‫قولُأكثرُأهلُالعلم‪ُ،‬أوُعامتهم‪.‬‬

‫ُالنووي‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُكتابهُ‬


‫حيث ُقال ُالفقيه ُالشافعي ُأبو ُزكريا ُ‬

‫ُ‬ ‫"املجموعُرشحُاملهذب"ُ(‪:)360ُ/6‬‬

‫ذكرنا ُأن ُمذهبنا‪ُ :‬أن ُعليه ُقضاء ُيوم ُبدله‪ُ ،‬وإذا ُقىض ُيو اما ُكفاه ُعنُ‬

‫ُ‬ ‫الصوم‪ُ،‬وبرئتُذم ِ‬
‫تهُمنه‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫وهبذاُقالُأبوُحنيفة‪ُ،‬ومالك‪ُ ،‬وأمحد‪ُ،‬ومجهورُالعلامء‪ُ،‬قالُالعبدرى‪ُ:‬‬

‫ُ‬ ‫ْ‬
‫نُسنذكرهُإنُشاءُاهللُتعاىل‪.‬ـها‬‫"هوُقولُالفقهاءُكافة"ُإالُم‬

‫وقال ُاإلمام ُحممد ُبن ُنرص ُاملروزي‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُكتابه ُ"تعظيم ُقدرُ‬

‫ُ‬ ‫الصالة"ُ(‪:)1016ُ/2‬‬

‫قدُاتفقُأهلُالفتوىُوعلامءُأهلُاألمصارُعىلُأن ُمنُأفطرُيفُرمضانُ‬

‫ُ‬ ‫متعمدا اُأنهُالُيُكفرُبذلك‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫الوقفةُاخلامسة‪ُ:‬عنُمؤخرُإخراجُالزكاةُعنُوقتها‪.‬‬

‫ُ‬ ‫حيثُقالُاملصنف‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُهذهُالرسالة‪:‬‬

‫ُ‬ ‫س]‪ُ.‬‬ ‫تُعنْه‪ُ،‬وكانُآثِ اام ُِيف ْ‬


‫ُاحل ْب ُِ‬ ‫[فأماُالزكاةُفمتىُماُأداهاُأ ْجزأ ْ‬

‫ُ‬ ‫وقالُأيضا‪:‬‬
‫ا‬
‫ِ‬
‫[كام ُكان ُآثِ اام ُِيف ُالزك ِاة ُألن ُالزكاة ُح ٌّق ُمل ْسلِ ِمني ُمساكِني ُحبسه ُعليْ ِه ْم‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫فكانُآثِ اامُحتىُوصلُإِل ْي ِه ُْم]‪ُ.‬‬

‫ُوالسنة ُواإلمجاع‪ُ ،‬ومن ُجحد ُوجوهبا ُكفرُ‬


‫ُّ‬ ‫والزكاة ُواجبة ُبالقرآن‬

‫ُ‬ ‫نهُقهراُولوُبقتالُباإلمجاع‪.‬‬ ‫ِ‬


‫باإلمجاع‪ُ،‬واملمتنعُعنُإخراجهاُتؤخذُم‬
‫ا‬

‫‪141‬‬
‫ُ‬ ‫وكالمُاملصنف‪-‬رمحهُاهلل‪-‬هذاُيدل‪:‬‬

‫عىلُأنهُيرىُوجوبُإخراجُالزكاةُعىلُالفورُإذاُبلغتُنصا ابا‪ُ ،‬وحالُ‬

‫ُ‬ ‫عليهاُاحلول‪ُ،‬فإنُحبسهاُوهوُقادرُعىلُاإلخراجُوواجدُملصارفهاُأثِم‪.‬‬
‫ْ‬

‫ُ‬ ‫وإىلُهذاُذهبُمجاهريُأهلُالعلم‪.‬‬

‫ُالنووي‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُكتابهُ‬


‫حيث ُقال ُالفقيه ُالشافعي ُأبو ُزكريا ُ‬

‫ُ‬ ‫"املجموعُرشحُاملهذب"ُ(‪:)335ُ/5‬‬

‫ِ‬
‫اُإذاُوجبتُالزكاةُومتكنُمنُإخراجها‪ُ،‬وجبُاإلخراجُعىلُ‬‫مذهبناُأَّن‬

‫ُفإن ُأخرها ُأثِم‪ُ ،‬‬


‫ُوبِه ُقال ُمالك‪ُ ،‬وأمحد‪ُ ،‬ومجهور ُالعلامء‪ُ ،‬نقلهُ‬ ‫الفور‪ْ ،‬‬

‫ُ‬ ‫العبدريُعنُأكثرهم‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫ِومنُحجتهم‪:‬‬

‫ُ‬ ‫قولُاهللُتعاىلُيفُمواضعُمنُكتابه‪{ُ:‬وأ ِقيمواُُالصالةُوآتواُالزكاةُ}‪.‬‬


‫ِ‬

‫ُ‬ ‫وهذاُأمرُمطلق‪ُ،‬وهوُيقتيضُالفوريةُعندُأكثرُأهلُالعلم‪.‬‬

‫وألن ُالزكاةُحقُللغريُكالفقراءُواملساكنيُوغريهم‪ُ،‬وليستُللمزكِّي‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫فوجبُبذلاُلمُعندُدخولُوقتُاالستحقاق‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫ُ‬ ‫اد ُِه}‪.‬‬
‫وقدُقالُاهللُتعاىلُيفُسورةُاألنعام‪{ُ:‬وُآتواُحقهُُيومُحص ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫املفّسينُمنُالسلفُالصالح‪-‬رمحهمُاهلل‪ُ:-‬إَّناُيفُالزكاةُ‬ ‫وقالُبعض ُ‬

‫ُ‬ ‫املفروضة‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وذهبُأبوُحنيفة‪-‬رمحهُاهلل‪-‬إىلُأنُالزكاةُالَُتبُعىلُالفور‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫يفُشأنُمؤخرُالزكاة‪:‬‬‫وأماُقولُاملصنف‪-‬رمحهُاهلل‪-‬‬

‫ُ‬ ‫س]‪ُ.‬‬ ‫تُعنْه‪ُ،‬وكانُآثِ اام ُِيف ْ‬


‫ُاحل ْب ُِ‬ ‫[فمتىُماُأداهاُأ ْجزأ ْ‬

‫فألَّناُقدُوصلتُإىلُأهلها‪ُ،‬وانتفعوا ُهبا‪ُ،‬فأجزأت‪ُ،‬وبقيُإثم ُمعصيةُ‬

‫ُ‬ ‫التأخريُعنُعمدُوقُدرة‪.‬‬

‫الوقفةُالسادسة‪ُ:‬عنُمنُماتُوملَُيُجُوهوُم ِ ُ‬
‫وِس‪.‬‬

‫حيثُقالُاملصنف‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُهذهُالرسالة‪:‬‬

‫اُاحل ُّج ُفم ْن ُوجب ُعل ْي ِه ُووجد ُالسبِيل ُإِل ْي ِه‪ُ،‬وجب ُعل ْي ِه‪ُ،‬وال َُيِبُ‬
‫[وأم ْ‬
‫علي ِه ُِيف ُع ِ‬
‫ام ِه ُذلِك ُحتىُال ُيكون ُله ُِمنْه ُبدٌّ ‪ُ،‬متىُأداه ُكان ُمؤ ِّد ايا‪ُ،‬وملُْيك ْنُ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫آثِ اام ُِيف ُت ْأ ِخ ِ‬
‫ريه ُإِذا ُأداه‪ُ ،‬كام ُكان ُآثِ اام ُيف ُالزك ِاة‪ُ ،‬ألن ُالزكاة ُحُ ٌّق ُمل ْسلِ ِمنيُ‬

‫ُ‬ ‫مساكِنيُحبسهُعليْ ِه ْم‪ُ،‬فكانُآثِ اامُحتىُوصلُإِل ْي ِه ْم‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫اُاحل ُّج ُفكان ُفِيام ُب ْينه ُوب ْني ُر ِّب ِه ُإِذاُأداه ُفقدْ ُأدى‪ُ،‬وإِ ْن ُهو ُمات ُوهوُ‬
‫وأم ْ‬

‫اجد ُم ْستطِيع ُوملْ َُيج ُسأل ُالر ْجعُة ُإِىل ُالدُّ نْيا ُأ ْن َُيج‪ُ ،‬وَيِب ُأل ْهلِ ِه ُأ ْنُ‬
‫و ِ‬

‫َي ُّجوا ُعنْه‪ُ،‬ون ْرجوُأ ْن ُيكون ُذلِك ُمؤ ِّد اياُعنْه‪ُ،‬كام ُل ْو ُكان ُعل ْي ِه ُد ْين ُفق ِيضُ‬

‫عنْهُب ْعدُم ْوتِ ُِه]‪ُ.‬‬

‫بالقرآنُوالسنةُواإلمجاع‪ُ،‬ومنُجحدُ‬
‫ُّ‬ ‫واحلجُيفُحقُاملستطيعُواجبُ ُ‬

‫ُ‬ ‫وجوبهُكفرُباإلمجاع‪.‬‬

‫وال َُيب ُيف ُالعمر ُإال ُمرة ُواحدة‪ُ ،‬وما ُزاد ُفهو ُتطوع‪ُ ،‬ومرغب ُفيهُ‬
‫ِ‬
‫كثريا‪ُ،‬اماُأخرجُمسلمُيفُ"صحيحه"ُ(‪ُ،)1337‬عنُأيبُهريرة‪-‬ريضُاهللُ‬
‫ا‬
‫عنه‪-‬أنهُقال‪«ُ :‬خطبناُرسول ُاّلِ ُصىلُاهللُعليهُوسلمُفقال‪«ُ:‬أ ُّهياُالناسُ‬

‫ُاحلج ُفح ُّجواُ»‪ُ،‬فقال ُرجل‪ُ:‬أكل ُعا ٍم ُياُرسول ُاّلِ؟ُ‬


‫قدْ ُفرض ُاّل ُعل ْيكم ْ‬

‫فسكت‪ُ،‬حتىُقالاُثال اثا‪ُ،‬فقال ُرسول ُاّل ُِصىلُاهللُعليهُوسلم‪«ُ:‬ل ْو ُق ْلتُ‬

‫اُاستط ْعت ُْم»ُ»‪.‬‬


‫نع ْمُلوجب ْتُوام ْ‬

‫ويفُحديثُابنُعباس‪-‬ريضُاهللُعنه‪-‬مرفو اعا‪«ُ:‬ا ْحل ُّجُمرةُ‪ُ،‬فامُزادُفهوُ‬

‫ُ‬ ‫تط ُّوعُ»‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫وقد ُأخرجه ُأمحد ُ(‪ُ 255ُ /1‬و ُ‪ُ 290‬و ُ‪ُ 352‬و ُ‪ُ ،)370‬وأبو ُداودُ‬

‫ُ‬ ‫(‪ُ،)1721‬والنسائيُ(‪ُ،)2621‬وابنُماجهُ(‪ُ.)2886‬‬

‫وصححه‪ُ:‬احلاكم‪ُ،‬وابنُامللقن‪ُ،‬وأمحدُشاكر‪ُ،‬واأللباين‪ُ،‬والوادعي‪.‬‬

‫ُ‬ ‫النووي‪-‬رمحهُاهلل‪ُ:-‬إسنادهُحسن‪.‬ـها‬
‫وقالُ ُ‬

‫وقالُاحلافظُابنُاملنذرُالنيسابوري‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُكتابهُ"اإلمجاع"ُ(‪ُ51‬‬

‫ُ‬ ‫رقم‪ُ:)136:‬‬

‫ْ‬
‫ةُاإلسالمُإالُأنُينذرُ‬‫وأمجعوا ُأن ُعىلُاملرءُيفُعمرهُحجةُواحدة‪ُ،‬حج‬

‫ُ‬ ‫نذراُفيجبُعليهُالوفاء‪.‬ـها‬
‫ا‬

‫واختلف ُالعلامء‪-‬رمحهم ُاهلل‪-‬يف ُوقت ُجوب ُِفعل ُاملكلف ُله ُعىلُ‬

‫ُ‬ ‫قولني‪:‬‬

‫القـولُاألول‪ُ:‬أنُوجوبهُعىلُالفور‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وإىلُهذاُذهبُمجاهريُأهلُالعلم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ُ ِومنُأقوىُح ُِ‬


‫ججهم‪:‬‬

‫‪145‬‬
‫ال‪ُ -‬ما ُثبتُعن ُعمر ُبنُاخلطاب‪-‬ريض ُاهللُعنه‪-‬أنه ُقال‪«ُ :‬لِيم ْ‬
‫تُ‬ ‫أو ا ُ‬

‫ات ُ‪ُ،-‬رجل ُمات ُوملَُْيج‪ُ،‬وجد ُلِذ ُل ِك ُسع اة‪ُ،‬‬


‫ودياُأو ُنرصانِيا‪-‬ثالث ُمر ٍ‬
‫هيُ م ْ ْ م‬
‫ِ‬

‫ُ‬ ‫وخ ِّلي ْتُسبِيلهُ»‪.‬‬

‫أخرجهُالعدينُيفُ"اإليامن"ُ(‪ُ،)38‬والفاكهيُيفُ"أخبارُمكة"ُ(‪ُ،)807‬‬

‫ُ‬ ‫والبيهقيُ(‪ُ،)8444‬وغريهم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وصححه‪ُ:‬ابنُكثري‪ُ،‬وابنُحجرُالعسقالين‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وقالُاملنذريُواأللباينُ‪-‬رمحهامُاهلل‪ُ:-‬إسنادهُحسن‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ووجهُاالستداللُمنُهذاُاألثر‪:‬‬

‫ُ‬ ‫أنُمثلُهذاُالوعيدُالُيُقالُيفُماُكانُسبيلهُالرتاخي‪.‬‬

‫ثان ايا‪ُ -‬حديثُاحلجاجُبنُعمروُاألنصاري‪-‬ريضُاهللُعنه‪-‬أن ُرسولُ‬

‫ُاحل ُّج ُِم ْنُ‬


‫اهللُصىلُاهللُعليهُوسلمُقال‪«ُ:‬م ْنُك ِّسُأ ْوُع ِرجُفقدْ ُحلُوعل ْي ِه ْ‬

‫ُ‬ ‫قابِ ٍُ‬


‫ل»‪.‬‬

‫أخرجه ُأبو ُداود ُ(‪ُ ،)1862‬والرتمذي ُ(‪ُ ،)940‬والنسائي ُ(‪ُ،)2861‬‬

‫ُ‬ ‫وابنُماجهُ(‪.)3078‬‬

‫‪146‬‬
‫ُوالنووي‪ُ ،‬والذهبي‪ُ ،‬واأللباين‪ُ،‬‬
‫ُ‬ ‫وصححه‪ُ :‬الرتمذي‪ُ ،‬واحلاكم‪،‬‬

‫ُ‬ ‫والوادعي‪ُ،‬وحممدُعيلُآدمُاألثيويب‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ووجهُاالستداللُمنُهذاُاحلديث‪:‬‬

‫ِ‬
‫ُالقضاءُمنُالعامُالقابل ُعىلُمنُ‬ ‫أن ُاحلجُلوُكانُعىلُالرتاخيُملُيتعني‬

‫ُ‬ ‫حرصُعنه‪.‬‬

‫ُ‬ ‫واعرتضُعىلُهذاُاالستدالل‪:‬‬

‫ُأيضا ُحالة ُجممع ُعليها ُبني ُأهلُ‬


‫بأن ُاحلديث ُخاص ُباملحرصُ‪ُ ،‬وهي ا‬

‫ُ‬ ‫العلم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ثال اثا‪ُ-‬أنُاهللُورسولهُأمراُباحلج‪ُ،‬واألصلُيفُاألمرُأنهُعىلُالفورية‪.‬‬

‫وقد ُذهب ُإىل ُأن ُاألمر ُللفورية ُأكثر ُأهل ُالعلم ُِمن ُأهل ُاألصولُ‬

‫ُ‬ ‫وغريهم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫القولُالثاين‪ُ:‬أنُوجوبُاحلجُعىلُالرتاُخي‪.‬‬

‫وهو ُمنقول ُعن ُعطاء ُبن ُأيب ُرباح ُ ِمن ُالتابعني‪ُ ،‬وقول ُاألوزاعي‪ُ،‬‬
‫ِ‬
‫وسفيانُالثوري‪ُ،‬والشافعي‪ُ،‬وحممدُبنُاحلسنُوأبوُيوسفُمنُأصحابُ‬

‫ُ‬ ‫أيبُحنيفةُأوُأحدمها‪ُ،‬وروايةُعنُأمحد‪.‬‬
‫‪147‬‬
‫ُ‬ ‫واحتجُُلذاُالقولُبأمور‪:‬‬

‫نةُس ِ‬
‫تُمنُ‬ ‫األول‪ُ :‬أن ُآيةُمرشوعيةُاحلجُنزلتُيفُاحلُديبية‪ُ،‬وكانتُس ِ ُ‬

‫ُ‬ ‫الجرة‪.‬‬

‫والنووي‪ُ ،‬وابن ُتيمية‪ُ ،‬اإلمجاع ُعىلُ‬


‫وقد ُنقل ُابن ُالعريب‪ُ ،‬والرازي‪ُ ُ ،‬‬

‫ُ‬ ‫نزولاُس ِ‬
‫نةُست‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وقالوا‪ُ:‬‬

‫مل َُيج ُالنبي ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُوأكثر ُالناس ُيف ُزمنه ُإال ُيف ُالسنةُ‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫العارشةُمنُالجرة‪.‬‬

‫فدلُ ُعىلُأن ُاحلجُعىلُالرتاُخي‪ُ،‬ولوُكانُواج اباُعىلُالفورُلبادرُصىلُ‬

‫ُ‬ ‫اهللُعليهُوسلمُإليه‪ُ،‬هوُوأكثرُالناسُيفُزمنه‪.‬‬

‫مراُ ُمطل اقا ُدون ُتقييد ُبزمن ُفقال ُسبحانه‪ُ:‬‬


‫الثاين‪ُ :‬أن ُاهلل ُأمر ُباحلج ُأ اُ‬

‫ُ‬ ‫استطاعُإِل ْي ِهُسبِ ا ُ‬


‫يال}‪.‬‬ ‫ُ‬‫ن‬‫ِ‬ ‫ُم‬‫ت‬‫ُحجُالبي ِ‬
‫اس ِ‬
‫ِ‬ ‫ُالن‬‫ىل‬‫ُع‬‫ّلِ‬
‫{و ُ‬
‫ْ‬ ‫ُّ ْ‬
‫ِ‬
‫نةُُثامنُمنُالجرة‪ُ،‬وحجُبالناسُفيهاُعُتُابُ‬ ‫الثالث‪ُ :‬أن ُمكةُفتحتُس‬

‫بنُأُ ِ ُ‬
‫سيد‪ُ،‬ويفُسنةُتسعُحجُبالناسُأبوُبكرُالصديق‪-‬ريضُاهللُعنه‪ُ،-‬‬

‫ُ‬ ‫وقدُحجاُبأمرُالنبيُصىلُاهللُعليهُوسلم‪ُ،‬ثمُحجُُهوُيفُالسنةُالعارشة‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫ُ‬ ‫فدلُُعىلُجوازُتأخريُاحلج‪.‬‬

‫ُ‬ ‫واملصنف‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يميلُإىلُهذاُالقول‪ُ،‬ألنهُقال‪:‬‬

‫[وال َُيِب ُعلي ِه ُِيف ُع ِ‬


‫ام ِه ُذلِك ُحتى ُال ُيكون ُله ُِمنْه ُبدٌّ ‪ُ ،‬متى ُأداه ُكانُ‬ ‫ْ‬

‫ريهُإِذاُأداه‪ُ،‬كامُكانُآثِ اامُ ِيفُالزك ِاة‪ُ،‬ألنُالزكاةُح ٌّقُ‬


‫مؤ ِّد ايا‪ُ،‬وملُيك ْنُآثِ اام ُِيفُت ْأ ِخ ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫مل ْسلِ ِمنيُمساكِنيُحبسهُعليْ ِه ْم‪ُ،‬فكانُآثِ اامُحتىُوصلُإِليْ ِه ْم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫اُاحل ُّجُفكانُفِيامُب ْينهُوب ْنيُر ِّب ُِهُإِذاُأداهُفقدْ ُأدى]‪ُ.‬‬


‫وأم ْ‬

‫وأماُقولُاملصنف‪-‬رُمحهُاهلل‪:-‬‬

‫اجد ُم ْستطِيع ُوملْ َُيج ُسأل ُالر ْجعة ُإِىل ُالدُّ نْياُأ ْنُ‬
‫[وإِ ُْن ُهو ُمات ُوهو ُو ِ‬

‫َيج‪ُ،‬وَيِبُأل ْهلِ ِهُأ ْنَُي ُّجواُعنْه‪ُ،‬ون ْرجوُأ ْنُيكونُذلِكُمؤ ِّد ايا‪ُ،‬كامُل ْوُكانُ‬

‫ُ‬ ‫عل ْي ِهُد ْينُفق ِيضُعنْهُب ْعدُم ْوتِ ُِه]‪ُ.‬‬

‫ُ‬ ‫هذاُالكالمُيتعلقُبالِّنابةُيفُاحلجُعنُامليت‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫و‬

‫وقدُدلُعىلُجوازُالِّنابة‪ُ،‬وصحةُاحلجُعنُامليت‪ُ،‬ماُأخرجهُالبخاريُ‬

‫يفُ"صحيحه"ُ(‪ُ1852‬وُ‪ُ)7315‬عنُابنُعباس‪-‬ريضُاهللُعنهام‪«ُ:-‬أنُ‬

‫ا ْمرأ اة ُِم ْن ُجه ْينة ُجاء ْ‬


‫ت ُإِىل ُالنبِ ِّي ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُفقال ْت‪ُ :‬إِن ُأ ِّميُ‬

‫‪149‬‬
‫ت ُأ ْن ُحتج ُفل ْم ُحتج ُحتىُمات ْت‪ُ،‬أفأح ُّج ُعنْها؟ُقال‪ُ:‬نع ْم ُح ِّجيُعنْها‪ُ،‬‬
‫نذر ْ‬

‫ُ‬ ‫اضي اة‪ُ،‬ا ْقضواُاهللُُفاّلُأح ُّقُبِا ْلوف ُِ‬


‫اء»‪.‬‬ ‫كُدينُأكن ِْتُق ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أرأيْتُل ْوُكانُعىلُأ ِّم ْ‬

‫وأخرجُمسلمُيفُ"صحيحه"ُ(‪ُ،)1149‬عنُبريدة‪-‬ريضُاهللُعنه‪-‬أنهُ‬

‫ول ُاّلِ ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُإِ ْذ ُأتتْه ُا ْمرأ ةُ‬ ‫قال‪«ُ :‬بينا ُأنا ُجالِس ِ‬
‫ُعنْد ُرس ِ‬ ‫ْ‬

‫اري ٍة ُوإَِّناُمات ْت‪ُ،‬فقال‪«ُ:‬وجب ُأ ْجر ِك‪ُ،‬‬


‫فقال ْت‪ُ:‬إِ ِّين ُتصد ْقت ُعىل ُأ ِّميُبِجُ ِ‬

‫ك ُا ْملِرياثُ»‪ُ ،‬قال ْت‪ُ :‬يا ُرسول ُاّلِ ُإِنه ُكان ُعل ْيها ُص ْوم ُش ْه ٍرُ‬
‫وردها ُعلي ِ‬
‫ْ‬
‫أفأصوم ُعنْها؟ُقال‪«ُ:‬ص ِ‬
‫ومىُعنْها»‪ُ،‬قال ْت‪ُ:‬إَِّناُملْ ُحتج ُق ُّط ُأفأح ُّج ُعنْهُا؟ُ‬

‫ُ‬ ‫قال‪«ُ:‬ح ِّجىُعنْها»ُ»‪.‬‬

‫والصورةُالتيُذكرهاُاملصنف‪-‬رمحهُاهلل‪-‬هيُعنُمكلف‪-‬سواءُكانُ‬

‫ذكرا ُأو ُأنثى‪-‬وجب ُعليه ُاحلج‪ُ ،‬وحصلت ُله ُاالستطاعة‪-‬فعنده ُاامال‪ُ،‬‬


‫ا‬
‫ُ‬ ‫ويقدرُعىلُالذهاب‪ُ،‬والطريقُآمنة‪ُ،-‬ولكنهُتراخىُفامتُوملَُيج‪.‬‬

‫ِ‬
‫جُعنهُمنُماله‪.‬‬ ‫ْ‬
‫ُفيجبُأنَُي‬ ‫ا‬
‫ُتركُماال‬ ‫ْ‬
‫وهذاُإن‬

‫وهو ُقولُاحلسن‪ُ ،‬وطاوس‪ِ ُ ،‬من ُالتابعني‪ُ،‬ومذهب ُالشافعي‪ُ،‬وأمحد‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫وإسحاقُبنُراهويه‪ُ،‬والظاهرية‪.‬‬

‫ُ‬ ‫واختاره‪:‬‬

‫‪150‬‬
‫ُ‬ ‫ابنُتيمية‪ُ،‬وحممدُاألمنيُالشنقيطي‪ُ،‬وابنُباز‪.‬‬

‫وقال ُالعالمة ُالشنقيطي‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُكتابه ُ"أضواء ُالبيان" ُ(‪ُ/4‬‬

‫ُ‬ ‫)ُيفُبيانُوجهُترجيحُهذاُالقول‪:‬‬
‫ُْ‬ ‫‪227-226‬‬

‫فورا‪ُ،‬وعليهُفلوُفرط‪ُ،‬وهوُقادرُعىلُاحلج‪ُ،‬حتىُ‬
‫األظهرُوجوبُاحلجُ ا‬
‫ُماال‪ُ ،‬ألنُ‬ ‫ُمفر اطا ُمع ُالقدرة‪ُ ،‬أنه َُيج ُعنه ُِمن ُرأس ُماله‪ْ ،‬‬
‫ُإن ُترك ا‬ ‫مات ِّ‬
‫فريضة ُاحلج ُترتبت ُيف ُذمته‪ُ ،‬فكانت ُد ْيناا ُعليه‪ُ ،‬وقضاء ُدين ُاهلل ُرصُحُ‬

‫النبي ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُيف ُاألحاديث ُاملذكورة ُبأحقيته ُحيث ُقال‪ُ:‬‬

‫ُ‬ ‫«فد ْينُاهللُأحقُأنُيقىض»‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫وقالُأبوُحنيفةُومالك‪ُ:‬يسقطُباملوت‪.‬‬

‫ْ‬
‫ستحبُلوريثهُأوُقريبهُأن َُيجُعنه‪ُ،‬والَُيب‪ُ،‬ألنُ‬ ‫ا‬
‫ُملُيرتكُماال ُفيُ‬ ‫و ْ‬
‫إن‬

‫النبيُصىلُاهللُعليهُوسلمُشبههُبالدُين‪ُ،‬وقضاءُالدُينُعنُامليتُالَُيبُ‬

‫ُ‬ ‫عىلُورثتهُإذاُملُُي ِّلفُتركةُيُقىضُُالدُينُهباُعنه‪.‬‬

‫وأما ُأمر ُالنبي ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُباحلج ُعن ُامليت ُيف ُحديث ُابنُ‬

‫عباسُوبريدةُوغريمها‪-‬ريضُاهللُعنهم‪-‬فإنهُوقعُبعدُسؤال‪ُ،‬وماُخرجُ‬

‫ُ‬ ‫إجابةُعىلُسؤالُفالُيدلُعىلُالوجوب‪ُ،‬ألنهُليسُبأمرُمطلق‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫وقالُاإلمامُموفقُالدينُابنُقدامةُاحلنبيل‪-‬رمحهُاهلل‪-‬يفُكتابهُ"املغني"ُ‬

‫ُ‬ ‫(‪:)656ُ/13‬‬

‫ُ‬ ‫وقالُأهلُالظاهر‪َُ:‬يبُالقضاءُعىلُوليهُبظاهرُاألخبارُالواردةُفيه‪.‬‬

‫ْ‬
‫ُذلكُليسُبواجبُعىلُالويلُأالُأن ُيكونُ‬ ‫ومجهورُأهلُالعلمُعىلُأن‬

‫ُ‬ ‫حقاُيفُاامال‪ُ،‬ويكونُللميتُتُ ُِركُة‪.‬‬

‫ُالندبُ‬
‫وأ ْمر ُالنبي ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم ُيف ُهذا ُحممولُ ُعىل ُ‬

‫ُ‬ ‫واالستحباب‪ُ،‬بدليلُقرائنُيفُاخلرب‪ِ ُ،‬منها‪ُ:‬‬

‫أنُالنبيُصىلُاهللُعليهُوسلمُشبههُبالدُين‪ُ،‬وقضاءُالدُينُعىلُامليتُالُ‬

‫ُ‬ ‫َيبُعىلُالوارثُماُملُُي ِّلفُتُ ُِركُةُيقىضُهبا‪.‬‬

‫ِ‬
‫ومنها‪ُ :‬أن ُالسائلُسألُالنبيُصىلُاهلل ُعليهُوسلمُهلُيفعلُذلكُأ ْمُ‬

‫ُ‬ ‫ال؟‬

‫وجوابهُُيتلفُباختالفُمُقتىضُسؤاله‪ْ ُ،‬‬
‫فإن ُكانُمقتضاهُالسؤالُعنُ‬

‫اإلباحة ُفاألمرُيف ُجوابه ُيقتيض ُاإلباحة‪ْ ،‬‬


‫ُوإن ُكان ُالسؤال ُعن ُاإلجزاءُ‬

‫فأمره ُيقتيض ُاإلجزاء‪ُ ،‬وإن ْ‬


‫ُكان ُسؤالم ُعن ُالوجوب ُفأمره ُيقتيضُ‬

‫‪152‬‬
‫الوجوب‪ُ،‬وسؤالُالسائلُيفُمسألتناُكانُعنُاإلجزاء‪ُ،‬فأ ُْمرُالنبيُصىلُ‬

‫ُ‬ ‫اهللُعليهُوسلمُبالفعلُيقتضيهُالُغري‪.‬ـهاُ‬

‫ْ‬
‫نَُيجُعنُغريهُأن ُيكونُقدُحجُعنُ‬‫ويُشرتطُمجاهريُأهلُالعلمُفيم‬

‫ُ‬ ‫نفسه‪.‬‬

‫ونسبه ُالعالمة ُالشنقيطي‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُكتابه ُ"أضواء ُالبيان" ُ(‪ُ/4‬‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫‪ُ،‬وغريهُمنُالعلامءُإىلُمجاهريُأهلُالعلم‪.‬‬ ‫‪)327‬‬

‫حلديث‪«ُ :‬أن ُالنبِي ُصىل ُاهلل ُعل ْي ِه ُوسلمُ ُس ِمع ُرج ا ا‬


‫ال ُيقول‪ُ :‬لب ْيك ُع ْنُ‬

‫ش ْربمة‪ُ ،‬قال‪ُ :‬م ْن ُش ْربمة؟ ُقال‪ُ :‬أخ ُِيل ُأ ْو ُق ِريب ُِيل‪ُ ،‬قال‪ُ :‬حج ْجت ُع ْنُ‬

‫ُ‬ ‫ن ْف ِسك؟ُقال‪ُ:‬ال‪ُ،‬قال‪ُ:‬حجُع ْنُن ْف ِسك‪ُ،‬ثمُحجُع ْنُش ْربمةُ»‪.‬‬

‫وقد ُأخرجه ُأبو ُداود ُ(‪ُ ،)1811‬وابن ُماجه ُ(‪ُ ،)2903‬وابن ُحبانُ‬

‫ُ‬ ‫(‪ُ،)3977‬وغريهمُ‬

‫ُ‬ ‫وهذاُاحلديثُصحيحُاإلسناد‪ُ،‬إالُأنهُاختُ ُلِفُفيهُعىلُقولني‪:‬‬

‫القولُاألول‪ُ:‬أنُالصوابُوقفهُعىلُابنُعباس‪.‬‬

‫وإىل ُهذا ُذهب ُاإلمام ُأمحد‪ُ ،‬وابن ُاملنذر‪ُ ،‬والطحاوي‪ُ ،‬وابن ُعبدُ‬

‫ُ‬ ‫الادي‪ُ،‬ومجاعة‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫ُ‬ ‫وقالُاإلمامُاألثرم‪-‬رمحهُاهلل‪ُ:-‬‬

‫ُِ‬
‫‪ُ،‬وقال‪ُ:‬رواهُعدُة ُموقو افاُ‬‫قالُأبوُعبدُاهللُيفُهذاُاحلديث‪ُ:‬رفعهُخطأ‬

‫ُ‬ ‫عىلُابنُعباس‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫القولُالثاين‪ُ:‬أنُهُيثبتُمرفو اعا‪.‬‬

‫ُوالنووي‪ُ،‬‬ ‫وقد ُصحح ُاملرفوع‪ُ :‬ابن ُخزيمة‪ُ ،‬وابن ُِ‬


‫ُحبُان‪ُ ،‬والبيهقي‪ُ ،‬‬

‫وابن ُالقطان ُالفايس‪ُ ،‬وابن ُامللقن‪ُ ،‬وابن ُحجر ُالعسقالين‪ُ ،‬والشوكاين‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫واأللباين‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وهوُظاهرُكالمُاحلافظُابنُعبدُالربُاامالكي‪-‬رمحهُاهلل‪.-‬‬

‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ؤثرُإنُشاءُاهلل‪.‬‬‫وهوُخالفُالُي‬

‫فقد ُقال ُاإلمام ُابن ُتيمية‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُ"رشح ُعمدة ُالفقه" ُ(‪ُ/2‬‬

‫ُ‬ ‫‪ُ:)292‬‬

‫تقدُمُأن ُأمحدُحكمُبأنهُمسند‪ُ،‬وأن ِ‬
‫هُمنُقولُرسولُاهللُصىلُاهللُعليهُ‬

‫ُ‬ ‫وسلم‪ُ،‬فيكونُقدُاطلعُعىلُثقةُمنُرفعه‪ُ،‬وقررُرفعهُمجاعة‪.‬‬

‫ُ‬ ‫هُإنُكانُموقو افا‪ُ،‬فليسُالبنُعباسُخمالف‪.‬‬


‫عىلُأن ْ‬

‫‪154‬‬
‫ْ‬
‫ُالنبيُصىلُاهللُعليهُوسلمُأمرهُأن َُيجُعنُنفسهُثمُ‬ ‫فوجهُاحلجة‪ُ :‬أن‬

‫ُ‬ ‫َيجُعنُشُربمة‪.‬ـها‬

‫ُ‬ ‫وقولُاملصنف‪-‬رُمحهُاهلل‪:-‬‬

‫اجد ُم ْستطِيع ُوملْ َُيج ُسأل ُالر ْجعة ُإِىل ُالدُّ نْياُأ ْنُ‬
‫[وإِ ْن ُهو ُمات ُوهو ُو ِ‬

‫َيجُ]‪ُ.‬‬

‫قد ُجاء ُما ُيدل ُعليه‪ُ ،‬فقد ُروي ُعنُابنُعباس‪-‬ريض ُاهللُعنهام‪-‬أنهُ‬


‫قال‪ُ :‬قال ُرسول ُاهلل ُصىل ُاهلل ُعليه ُوسلم‪«ُ :‬من ُكان ِ‬
‫ُعنْده ُما َُي ُّج ُفل ْمُ‬ ‫ْ‬

‫ُ‬ ‫ُعنْدُُا ْمل ْو ِ ُ‬


‫ت»‪.‬‬ ‫َيج‪ُ،‬أوُماُيزك ِِّهُفلمُيزك ِِّهُسألُالرجعة ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫أخرجه ُعبد ُبن ُمحيد ُيف ُ"مسنده" ُ(‪ُ ،)695‬والرتمذي ُ(‪ُ،)3316‬‬

‫والطرباين ُيف ُ"املعجم ُالكبري" ُ(‪ُ ،)12469ُ -12468‬وابن ُعدي ُيفُ‬

‫"الكاملُيفُالضعفاء"ُ(‪ُ،)213ُ/7‬وأبوُبكرُاجلصاصُيفُ"رشحُخمترصُ‬
‫الطحاوي"ُ(‪ِ 358ُ/2‬‬
‫)‪ُ،‬منُطريقُُأيبُجن ٍ‬
‫اب ُالكلبي‪ُ،‬عنُالضحاكُعنُ‬

‫ُ‬ ‫ابنُعباس‪.‬‬

‫‪ُ،‬وملُيرصحُبالتحديثُيفُ‬
‫ِّ‬ ‫أيضا‬
‫وأبوُجنابُالكلبيُضعيف‪ُ ،‬ومدلس ُ ا‬

‫ُ‬ ‫هذاُاحلديث‪ُ،‬واختلفُعليهُيفُوقفهُورفعه‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫هُملُيسمعُمنُابنُعباس‪.‬‬‫وروايةُالضحاكُعنُابنُعباسُمنقطعة‪ُ،‬ألن‬

‫وضعفه ُالعالمة ُاأللباين‪-‬رمحه ُاهلل‪-‬يف ُكتابه ُ"سلسلة ُاألحاديثُ‬

‫ُ‬ ‫الضعيفة"ُ(‪.)4641‬‬

‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫وهبذا ُأكون ُقد ُأتيت ُعىل ِ‬
‫ُآخر ُهذه ُالرسالة ُالنافعة‪ُ ،‬وأمتمت ُالتعليقُ‬

‫َُيعلهُلوجههُخالصا‪ُ،‬وينفعُ‬
‫ا‬ ‫عليها‪ُ،‬والرشحُلاُبامُتيّس‪ُ،‬واهللُاملسئولُأ ْن‬

‫بهُيفُالدنياُواآلخرة‪ُ،‬إِنهُسميعُالدعاء‪ُ،‬وأهلُالرجاء‪ُ،‬وواسعُالفضل‪ُ،‬‬

‫ُ‬ ‫عظيمُاجلود‪ُ،‬كثريُالعطاء‪.‬‬

‫ُ‬ ‫قالُذلكُوكتبه‪:‬‬

‫ُ‬ ‫عبدُالقادرُبنُحممدُبنُعبدُالرمحنُاجلنيد‪.‬‬

‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫ُ‬

‫ُ‬

‫ُ‬

‫‪156‬‬

You might also like