You are on page 1of 66

‫دولة االمارات العربية المتحدة‬

‫جامعة الشارقة – فرع كلباء‬


‫كليـة القانون‬
‫ملتقـــــــى الحضــــارات‬

‫عقد البيــــــــــــــــــــع‬
‫في القانون اإلماراتي‬

‫بحث مقدم الستكمال متطلبات الحصول على درجة البكالوريوس في القانون‬

‫إعداد الطالبة‪ :‬شيخه حسن محمد حسن‬


‫الرقم الجامعي‪U18104843 :‬‬

‫إشراف الدكتور‪ :‬أيمن محمد زين عثمان‬


‫أستاذ القانون المدني المساعد بجامعة الشارقة‬

‫الفصل الدراسي الثاني ‪ 2020 / 2019‬م‬

‫‪1‬‬
2
‫فهرس المحتويات‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الموضــوع‬ ‫م‬


‫‪5–4‬‬ ‫المقدمة‬ ‫‪1‬‬
‫‪5‬‬ ‫مشكلة البحث‬ ‫‪2‬‬
‫‪6‬‬ ‫أهمية البحث‬ ‫‪3‬‬
‫‪7-6‬‬ ‫منهج وخطة البحث‬ ‫‪4‬‬
‫‪23 - 8‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬مفهوم عقد البيع وخصائصه وأركانه في القانون اإلماراتي‬ ‫‪5‬‬
‫‪11 -8‬‬ ‫▪ المبحث األول‪ :‬تعريف عقد البيع في القانون اإلماراتي‬ ‫‪6‬‬
‫‪15 – 11‬‬ ‫▪ المبحث الثاني‪ :‬خصائص عقد البيع في القانون اإلماراتي‬ ‫‪7‬‬
‫‪23 – 16‬‬ ‫▪ المبحث الثالث‪ :‬أركان عقد البيع في القانون اإلماراتي‬ ‫‪8‬‬
‫‪48 - 23‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬التزامات البائع‬ ‫‪9‬‬
‫‪29 - 24‬‬ ‫▪ المبحث األول‪ :‬التزام البائع بنقل الملكية‬ ‫‪10‬‬
‫‪35 - 29‬‬ ‫▪ المبحث الثاني‪ :‬تسليم المبيع‬ ‫‪11‬‬
‫‪42 - 35‬‬ ‫▪ المبحث الثالث‪ :‬ضمان التعرض واالستحقاق‬ ‫‪12‬‬
‫‪48 - 43‬‬ ‫▪ المبحث الرابع‪ :‬ضمان العيوب الخفية‬ ‫‪13‬‬
‫‪59 - 48‬‬ ‫‪ 14‬الفصل الثالث‪ :‬التزامات المشتري‬
‫‪53 - 49‬‬ ‫▪ المبحث األول‪ :‬التزام المشتري بدفع الثمن‬ ‫‪15‬‬
‫‪56 – 54‬‬ ‫▪ المبحث الثاني‪ :‬التزام المشتري بتسلم المبيع‬ ‫‪16‬‬
‫‪59 - 56‬‬ ‫▪ المبحث الثالث‪ :‬التزام المشتري بدفع النفقات‬ ‫‪17‬‬
‫‪60‬‬ ‫‪ 18‬الخاتمة‬
‫‪64 - 62‬‬ ‫‪ 19‬قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪3‬‬
‫المقدمة‬

‫للبيع أهمية كبيرة في حياة الناس ‪ ,‬و أوسعها انتشا اًر على االطالق ‪ ,‬حيث يعتبر العمود الفقري للمعامالت‬

‫االقتصادية‪.‬‬

‫و أهمية البيع هي التي دفعت التشريعات لالهتمام به في كافة الدول ‪ ,‬و قامت بتنظيمه بحيث يؤدي إلى تحقيق‬

‫األمان و بالتالي استقرار المعامالت ‪ ,‬وقامت بوضعه على رأس العقود المسماة الناقلة للملكية ‪.‬‬

‫و يقصد بالعقود المسماة أنها عقود كثيرة التداول في الحياة العملية و قد خصها القانون باسم معين و بنصوص‬

‫تنظم أحكامها بالذات ‪ ,‬مثل عقد البيع ‪ ,‬و اإليجار ‪ ,‬و القرض ‪ ,‬و الوكالة ‪ ,‬و الوديعة و التأمين و غيره ‪ ,‬و‬

‫السبب في ذلك أنه يسمح لألطراف تشخيصه بسهولة و للوصول للغاية التي يسعون إليها‪ .‬و قد نظمها المشرع‬

‫اإلماراتي كغيره من المشرعين تنظيماً مفصالً لما له من أهمية‪.‬‬

‫عندما يجد المشرع أن عقداً ما يحظى بأهمية كبيرة ‪ ,‬فإنه غالباً ما يتصدى لتنظيم أحكامه تنظيما خاصاً و‬

‫ذلك لتحقيق عدة أهداف ‪ ,‬منها ‪ :‬التيسير على األفراد الذين غالباً ما يجهلون األحكام القانونية الدقيقة للعقد‬

‫الذي يرغبون في ابرامه‪ .‬و كذلك تيسير مهمة القاضي في الفصل في النزاعات المعروضة عليه دون الرجوع‬

‫إلى القواعد العامة التي تطلب جهداً كبي اًر من القاضي عندما يريد تطبيقها على الحاالت الخاصة‪.‬‬

‫كما أن فقهاء الشريعة اإلسالمية لم يضعوا تقسيماً للعقد في ذاته بل تناولوا عقوداً ذكروها عقداً عقداً و لم يراعوا‬

‫في ترتيبها فكرة معينة أو صلة ظاهرة بين متقدم و متأخر‪ .‬و بالنسبة للعقود التي ذكروها هي فقط العقود التي‬

‫يقع بها التعامل في زمنهم ‪ ,‬و إذا استحدثت الحضارة عقوداً جديدة أخرى توافرت فيها الشروط المقررة فيها‬

‫كانت عقوداً مشروعة تطبيقاً للقاعدة المعروفة " شروطهم إال شرطاً واحداً أحل حراماً أو حرم حراماً "‪ .‬و ألن‬

‫‪4‬‬
‫المشرع قام بالعناية بعقد البيع و حظي باهتمامه؛ لذا سأبدأ بالفصل التمهيدي ثم نتعرف في الفصل األول عن‬

‫ماهية عقد البيع و أركانه‪ ,‬ثم التزامات البائع في الفصل الثاني‪ ,‬و أخي اًر اللتزامات المشتري في الفصل الثالث‪.‬‬

‫‪ -‬مشكلة البحث ‪:‬‬

‫تتمثل مشكلة البحث في أن عقد البيع ما زال يثير النزاعات على الرغم من التطور و التبدل الهائل الذي أصاب‬

‫الحياة االقتصادية ووسائل التبادل ‪ ,‬وال زالت وسائل الغش تزداد بين األطراف ‪ ,‬وال تزال المعامالت تحتاج إلى‬

‫السرعة في بت الخالفات ‪ ,‬حيث يجب أن تكون هناك آليات قانونية يمكن من خاللها أن تحل الخالفات بين‬

‫األطراف بشكل سريع و عادل ‪ ,‬و على الدولة أن تسعى للحصول على هذه اآلليات أو الوسائل لتطبيقها‬

‫لصيانة الحقوق‪.‬‬

‫و يمكن إجمال اإلشكاليات الرئيسية المتعلقة بموضوع البحث في التساؤالت التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬ما هي صيغة عقد البيع؟‪.‬‬

‫‪ -2‬هل يمكن أن تنتقل ملكية العقار و الحقوق العينية العقارية األخرى بين المتعاقدين بعدة طرق ؟‪.‬‬

‫‪ -3‬ما هو األثر المترتب على إخالل البائع بتسليم المبيع ‪ ,‬و ماذا إذا جاء اإلخالل من المشتري بعدم تسلم‬

‫الشيء المبيع؟‪.‬‬

‫‪ -4‬هل يجوز لكل من البائع و المشتري االتفاق على زيادة الثمن المتفق عليه في العقد؟‪.‬‬

‫‪ -5‬ما هو الوقت الذي يعتد فيه بوجود العيب الخفي أو عدمه؟‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ -‬أهمية البحث ‪:‬‬

‫تتمثل أهمية البحث في أن عقد البيع من الوسائل التي يتمكن فيها األشخاص من الحصول على حاجاتهم ‪ ,‬و‬

‫يعتبر من أهم األنظمة القانونية التي ال يمكن االستغناء عنه في أي مكان فيما يخص التعامل و النشاط‬

‫االقتصادي ‪ ,‬حيث تغيرت مسؤوليات القائمين على البيع مع تطور الدول ‪ ,‬حيث أصبحت تتطلب مهارات‬

‫متقنة بسبب أن السلع أصبحت أكثر تعقيداً من قبل‪.‬‬

‫‪ -‬منهج و خطة البحث‪:‬‬

‫اعتمدت في دراستي لهذا البحث على المنهج الوصفي المقارن ‪ ,‬وذلك بوصف و تفسير األثار المترتبة على‬
‫عقد البيع من ناحية البائع و المشتري ‪ ,‬باإلضافة إلى جمع القواعد و القوانين و مقارنتها فيما بينها الستخالص‬
‫أهم األحكام المتعلقة بموضوع البحث ‪ ,‬و التركيز على شرح نصوص قانون المعامالت المدنية اإلماراتي‪.‬‬

‫و قد تناولت موضوع البحث من خالل ثالثة فصول على النحو التالي‪:‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬مفهوم عقد البيع و أركانه في القانون اإلماراتي‬

‫‪ -‬المبحث األول‪ :‬تعريف عقد البيع في القانون اإلماراتي‬


‫‪ -‬المبحث الثاني‪ :‬خصائص عقد البيع في القانون اإلماراتي‬
‫‪ -‬المبحث الثالث‪ :‬أركان عقد البيع في القانون اإلماراتي‬

‫الفصل الثاني‪ :‬التزامات البائع‬

‫‪ -‬المبحث األول‪ :‬التزام البائع بنقل الملكية‬


‫‪ -‬المبحث الثاني‪ :‬تسليم المبيع‬

‫‪6‬‬
‫‪ -‬المبحث الثالث‪ :‬ضمان التعرض واالستحقاق‬
‫‪ -‬المبحث الرابع‪ :‬ضمان العيوب الخفية‬

‫الفصل الثالث‪ :‬التزامات المشتري‬

‫‪ -‬المبحث األول‪ :‬التزام المشتري بدفع الثمن‬


‫‪ -‬المبحث الثاني‪ :‬التزام المشتري بتسلم المبيع‬
‫‪ -‬المبحث الثالث‪ :‬التزام المشتري بدفع النفقات‬

‫الخاتمة‬

‫النتائج و التوصيات‬

‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪7‬‬
‫الفصل األول‬
‫مفهوم عقد البيع وخصائصه و أركانه في القانون‬

‫مفهوم عقد البيع باعتباره عقدا يرد محله على الملكية‪ ،‬فإن الغاية من إبرامه نقل ملكية المبيع من البائع إلى‬

‫المشتري‪ ،‬ولما كان عقد البيع من العقود الملزمة للجانبين فإنه يلقي على عاتق طرفيه بالتزامات متبادلة‪ .‬و‬

‫سأعرض مفهوم البيع من خالل دراسة تعريف عقد البيع في المبحث األول‪ ،‬وفي ضوء هذا التعريف أعرض‬

‫خصائص عقد البيع التي تميزه عن غيره من العقود في المبحث الثاني وأركانه في المبحث الثالث‪.‬‬

‫المبحث األول‬
‫تعريف عقد البيع‬

‫يراد بالبيع لغة ‪ :‬مقابلة شيء بشيء ‪ ،‬و هو من أسماء األضداد التي تطلق على الشيء و على ضده مثل‬

‫‪1‬‬
‫الشراء ‪ ،‬كما في قوله تعالى ‪َ ( :‬وَشَرْوه ِبَثَمن َب ْخس )‬

‫اس من يْشِري نْفسه ابِتغاء مرض ِات َّ ِ‬


‫و قوله تعالى ‪َ ( :‬وِمَن َّالن ِ َ َ‬
‫‪2‬‬
‫‪ ,‬أي يبيع نفسه ‪ .‬و يطلق على كل‬ ‫ّللا )‬ ‫َ َ ْ َ َْ َ‬

‫من المتعاقدين بائع و مشتر ‪.3‬‬

‫‪ 1‬سورة يوسف ‪ ,‬آية ‪20‬‬


‫‪ 2‬سورة البقرة ‪ ,‬آية ‪207‬‬
‫‪ 3‬د‪.‬وهبة الزحيلي ‪,‬الفقه اإلسالمي و أدلته ‪4/344 ,‬‬

‫‪8‬‬
‫ورد تعريف البيع في المادة ‪ 489‬من قانون المعامالت المدنية االتحادي بأنه‪ " :‬البيع مبادلة مال غير نقدي‬

‫بمال نقدي" ‪ ،‬في الوقت الذي عرفه القانون المدني الفرنسي في المادة ‪ ۱۰۸۲‬بأنه‪ " :‬اتفاق يلزم بموجبه أحد‬

‫العاقدين أن يسلم شيئا ويلتزم العاقد اآلخر بدفع ثمنه "‪ ،‬وقد أكد القانون المدني المصري على ذلك في المادة‬

‫) ‪ ( 418‬بنصه على أن‪ " :‬البيع عقد يلزم به البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقا ً‬
‫ماليا آخر في‬

‫متفاديا بذلك النقد الموجه إلى القانون المدني الفرنسي فجعل االلتزام بنقل الملكية هو‬
‫ً‬ ‫مقابل ثمن نقدي "‪،‬‬

‫االلتزام الرئيس الذي يميز عقد البيع ‪ .‬في حين عرفته المحكمة االتحادية العليا بأنه‪ :‬البيع في الشريعة اإلسالمية‬

‫والقانون عقد معاوضة على غير منافع ‪ ,‬ركنه عاقد ومعقود عليه وثمن ومثمن وما دل على الرضا وهو مبادلة‬

‫مال غير نقدي بمال نقدي والمبادلة هي التمليك وعناصره األساسية االتفاق على الشيء المبيع واالتفاق على‬

‫الثمن" ‪ .4‬و عقد البيع من أهم العقود المسماة و أخطرها و أشهرها ‪ ،‬و أكثر انتشاًرا في الحياة العملية ‪ ،‬و هو‬

‫أساس تبادل الحوائج و المصالح بين الناس منذ القديم ‪ ،‬فإن اإلنسان المدني بالطبع ال يستطيع العيش لوحده‬

‫‪ ،‬وال توفير حوائجه و منافعه وحده ‪ ،‬فيحتاج إلى تبادل ما لديه من مال بما لدى اآلخرين ‪ ،‬ليحفظ حياته ‪ ،‬و‬

‫يهيئ متطلبات معيشته ‪ ،‬و يدفع مقابل الشيء الذي يحصل عليه ‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى تعريف قانون المعامالت المدنية االتحادي يتبين أنه لم يوضح ما إذا كان عقد البيع ينقل الملكية‬

‫من البائع إلى المشتري ‪ ،‬أو على األقل يولد الت ً‬


‫زاما على عاتق البائع بنقل الملكية يلتزم بالقيام به ‪.5‬‬

‫‪ 4‬المحكمة االتحادية العليا ‪ ,‬األحكام المدنية و التجارية ‪ ,‬الطعن رقم ‪, 411‬لسنة ‪ 21‬قضائية ‪ ,‬تاريخ الجلية ‪, 2001-11-18‬مكتب فني ‪23‬‬
‫‪ ,‬قم الجزء ‪, 4‬رقم الصفحة ‪.1758‬‬
‫‪ 5‬د‪/‬عبدالخالق حسن أحمد ‪ ،‬عقد البيع ‪ ،‬الوجيز في شرح قانون المعامالت المدنية لدولة اإلمارات العربية المتحدة االتحادي رقم (‪، )٥‬‬

‫في ‪ ، ١٩٨٥-١٢-١٥‬الجزء الثالث ‪ ،‬طبعة ‪١٤٢٩‬هـ ‪ ٢٠٠٨ -‬م ‪ ،‬أكاديمية شرطة دبي ‪ ،‬ص ‪.١٣‬‬

‫‪9‬‬
‫في حين أن المشرع ‪ ،‬أكد في تعريفه للبيع على أن المقابل البد أن يكون من النقود وهذا وصف جوهري ‪،‬‬

‫ألنه هو الذي يميز بين البيع والمقايضة ‪'6‬‬

‫كما يؤخذ على هذا التعريف الوارد بالمادة ‪ ٤٨٩‬من قانون المعامالت المدنية االتحاد أنه غير جامع ؛ حيث‬

‫إنه أخرج بعض المعامالت المصرفية من نطاق التعريف ‪ ،‬وهي تفي عملة ورقية بعملة ورقية أخرى ‪ ،‬كبيع‬

‫الدراهم بالدوالرات أو بالجنيه المصري ‪.7‬‬

‫و ترى الباحثة توضيحا لتعريف البيع الذي نص عليه قانون المعامالت المدنية في المادة ( ‪ ) 489‬التي نصت‬

‫على ‪ " :‬البيع هو مبادلة مال غير نقدي بمال نقدي "‬

‫حيث الحظت في المالحظة األولى‪ :‬أن التعريف لم يتضمن ما يفيد نشوء االلتزام على البائع بنقل الملكية ‪ ,‬و‬

‫حسنا فعل المشرع االماراتي ألنه بذلك يكون قد تجنب حصول خالف شبيه بالخالف الذي حصل بشأن المادة‬

‫( ‪ ) 418‬من القانون المدني المصري ‪ 8,‬وذلك عندما يكون المبيع منقوال معينا بالذات فإن ملكيته تنتقل‬

‫مباشرة بمجرد انعقاد العقد دون أن ينشأ التزام بذمة البائع بنقل الملكية ‪ ,‬و قد استخدم المشرع عبارة مبادلة ‪,‬‬

‫أي تمليك ‪ ,‬و هي كما نعتقد ‪ ,‬تشمل حالتي نقل الملكية بشكل مباشر أو غير مباشر‪.‬‬

‫‪ ' 6‬د‪ /‬محمد كامل مرسي باشا ‪ ،‬شرح القانون المدني ‪ ،‬العقود المسماة ‪ ،‬عقد البيع و عقب المقايضة ‪ ،‬تنقيح للمستشار محمد علي سكيكر‬

‫و المستشار معتز كامل مرسي ‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية ‪ ،‬مصر ‪ ، ٢٠٠٥‬ص‪.١٤ ، ١٣‬‬

‫‪ 7‬د‪ /‬عبدالخالق حسن أحمد ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.١٣‬‬

‫‪ 8‬و تنص هذه المادة على أن ‪ " :‬البيع عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقا ماليا آخر في مقابل ثمن نقدي"‪ .‬أنظر ‪ :‬د‪.‬‬
‫توفيق حسن فرج ‪ ,‬عقد البيع و المقايضة ‪ ,‬مؤسسة الثقافة الجامعية ‪ , 1979 .‬ص ‪ . 32- 29‬و يرى األستاذ مصطفى الزرقا أن نقل الملكية‬
‫حكم أصلي للبيع بتم بمجرد العقد ‪ ,‬شرح القانون المدني السوري ‪ :‬العقود المسماة – عقد البيع و المقايضة ‪ ,‬مطابع فتى العرب ‪ ,‬دمشق ‪,‬‬
‫طبعة ‪ , 1965 , 6‬ص ‪.32-28‬‬

‫‪10‬‬
‫أما بخصوص المالحظة الثانية ‪ :‬أرى أن المشرع احسن باستخدام كلمة " مبادلة " و لم يستخدم كلمة " تمليك‬

‫" و التي تعني أن عقد البيع ال يرد إال على حق الملكية ‪ ,‬و هذا خالف الواقع ‪ ,‬و ذلك ألن البيع يرد على‬

‫جميع الحقوق المالية ‪ ,‬و هذا الذي يؤكده التعريف من خالل كلمة مال التي تشمل جميع الحقوق المالية ‪.‬‬

‫المالحظة الثالثة ‪ :‬لم يستخدم المشرع عبارة المشتري حيث تحاشى االنتقاد الذي وجه إلى المادة( ‪ ) 418‬من‬

‫القانون المدني المصري ‪ ,‬و ذلك ألن الملكية قد تنتقل إلى شخص آخر غير المشتري عندما يتضمن العقد‬

‫اشتراطا لمصلحة الغير ‪.9‬‬

‫و أخيرا المالحظة الرابعة ‪ :‬اشترط المشرع في العوض أن يكون نقدا ‪ ,‬و ذلك للتضييق في معنى البيع فهو ال‬

‫يشمل المقايضة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫خصائص عقد البيع‬

‫يتمتع عقد البيع بعدة خصائص تتمثل في أنه عقد رضائي ‪ ،‬وعقد ملزم للجانبين ‪ ،‬وأنه من عقود المعاوضة ‪،‬‬

‫فضال على أنه عقد ناقل للملكية ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬عقد رضائي‬


‫ا‬

‫‪ 9‬د ‪ .‬إسماعيل غانم ‪ ,‬الوجيز في عقد البيع ‪ ,‬المطبعة العالمية ‪ ,‬القاهرة ‪ , 1963 ,‬ص‪ , 16‬د‪ .‬أنور سلطان و د ‪ .‬جالل العدوي ‪ ,‬العقود المسماة ‪ :‬عقد‬
‫البيع ‪ ,‬مطابع رمسيس ‪ ,‬اإلسكندرية ‪ , 1966 ,‬ص ‪.15‬‬

‫‪11‬‬
‫يعد عقد البيع من العقود الرضائية التي تنعقد بمجرد اإليجاب والقبول ‪ ،‬وال يحتاج انعقاده إلى أي إجراء شكلي‬

‫‪ ،‬ويتم بمجرد اتفاق طرفيه ًأيا كانت طريقة التعبير عن هذا االتفاق كتابة كانت أو مشافهة ‪.‬‬

‫و قاعدة رضائية عقد البيع ليست متعلقة بالنظام العام ‪ ،‬حيث إنه يجوز للمتعاقدين أن يتفقا على عدم انعقاد‬

‫العقد بينهما إال بالكتابة ‪ ،‬كأن يحرر البيع في محرر رسمي ‪ ،‬و بهذه الحالة يصبح العقد من العقود الشكلية‬

‫أو الرسمية ‪ ،‬وال يكفي النعقاده اقتران اإليجاب و القبول ‪ ،‬و لكن يجب أن تكون نية المتعاقدين قد اتجهت‬

‫صراحة إلى ذلك ‪ ،‬وأنهما لم يقصدا من الكتابة أن تكون اإلثبات فقط ‪ ،‬و عند الشك يرجح أن تكون الكتابة‬

‫‪10‬‬
‫تطلب المشرع إفراغها في قالب شكلي معين‬
‫لإلثبات فقط ‪ ,‬و نستثنى من قاعدة الرضائية بعض العقود التي ّ‬

‫؛ وذلك كعقد بيع السفينة ‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 77‬من القانون التجاري البحري رقم ‪ ٢٦‬على أن جميع التصرفات‬

‫التي يكون موضوعها إنشاء أو نقل أو انقضاء حق الملكية على السفينة ‪ ،‬أو غيره من الحقوق العينية يجب‬

‫باطال ‪ ،‬ويبدو من هذا النص أن المشرع قد اشترط في عقد بيع السفينة‬


‫ً‬ ‫أن تتم بورقة رسمية ‪ ،‬وإال كان العقد‬

‫‪.‬‬ ‫‪11‬‬
‫باطال‬
‫ً‬ ‫أن يكون مكتوبا في ورقة رسمية ‪ ،‬وإال اعتبر هذا العقد‬

‫نفس الحكم ينطبق على عقد بيع المحل التجاري وفقا لنص المادة ‪ ٤٢‬من قانون المعامالت التجارية االتحادي‬

‫رقم ‪ ١٨‬التي تنص على أن‪ " :‬كل تصرف موضوعه نقل ملكية المحل التجاري ‪ ،‬أو إنشاء حق عيني عليه‬

‫باطال ‪" .‬وال يغير‬


‫ً‬ ‫‪ ،‬يجب أن يكون موثقا أو مصدقا من الكاتب العدل ‪ً ،‬‬
‫ومقيدا في السجل التجاري ‪ ،‬وإال كان‬

‫‪ 10‬د ‪ /‬محمد كامل مرسي باشا ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.١٧‬‬

‫‪11‬‬
‫المادة (‪ )٣‬من القانون التجاري البحري ينص على ذات المبدأ ‪ ،‬حيث يقضي بأن " يبيع السفينة كلها أو بعضها اختيار يلزم أم يكون‬

‫ً‬
‫باطال "‪.‬‬ ‫بسند رسمي ‪ ،‬سواء حصل قبل السفر أو في أثنائه و إال كان البيع‬

‫‪12‬‬
‫من هذه القاعدة ما درج عليه العمل من تدوين المتعاقدين عقد البيع في محرر ‪ ،‬فما ذلك إال إلثبات التعاقد ال‬

‫الزما إلبرام العقد ‪ ،‬فإذا كان العقد محل‬


‫شكليا ً‬
‫راء ً‬
‫النعقاده ‪ ،‬أي أن المحرر يعتبر وسيلة إثبات فقط ‪ ،‬وليس إج ً‬
‫‪12‬‬
‫ثابتا بالكتابة ‪.‬‬
‫قانونيا ‪ ،‬ولو لم يكن ً‬
‫وجودا ً‬
‫إقرار المتعاقدين فإنه يعتبر له ً‬

‫ثانيا ‪ :‬عقد ملزم للجانبين‬


‫ا‬

‫يعد عقد البيع من العقود الملزمة للجانبين ؛ ألنه بمجرد انعقاده ينشئ التزامات متبادلة على عاتق طرفيه ‪،‬‬

‫فكل من طرفية دائن ومدين في الوقت نفسه ؛ فالبائع عليه التزام بنقل الملكية ‪ ،‬والتزام بالتسليم ‪ ،‬والتزام‬

‫بالضمان ‪ ،‬والمشتري ملتزم بدفع الثمن ‪ ،‬وبتسلم المبيع ‪ ،‬ويوجد ارتباط بين التزامات البائع والتزامات المشتري‬

‫‪ ،‬فإذا شاب التزام أحد الطرفين بطالن‪ ,‬بطل أيضا التزام الطرف اآلخر ‪ ،‬وإذا انقضى التزام أحدهما االستحالة‬

‫الوفاء انفسخ العقد ‪ ،‬وانقضى التزام الطرف اآلخر ‪ ،‬وإذا امتنع أحدهما عن تنفيذ التزاماته جاز للطرف اآلخر‬

‫أن يمتنع هو أيضا عن تنفيذ االلتزام المقابل له ‪ ،‬أو أن يطلب فسخ العقد ليتحلل منه ‪ .13‬ويترتب على تعدد‬

‫االلتزامات من الطرفين أن يكون لكل منهما محله ‪ ،‬فالتزامات البائع تتعلق بالمبيع فيعتبر المبيع محال لعقد‬

‫البيع ‪ ،‬والتزامات المشتري تدور حول دفع الثمن ؛ لذلك يعتبر الثمن محال آخر لعقد البيع ( ‪.14‬‬

‫ثالثا ‪ :‬عقد معاوضة يتم بمقابل نقدي‬

‫‪ 12‬د‪/‬سليمان مرقص ‪ ،‬شرح القانون المدني ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬المجلد األول ‪ ,‬عقد البيع‪ ,‬الطبعة الرابعة ‪1980,‬م‪ ,‬عالم الكتب ‪ ،‬ص ‪.١٧‬‬

‫‪ 13‬د ‪ /‬عبدالحميد عثمان ‪ ،‬العقود المسماة ‪ ،‬عقد البيع ‪ ، ٢٠٠٨،‬بدون ناشر ‪ ،‬ص‪. ١٦‬‬
‫‪ 14‬د‪ /‬سليمان مرقص‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.١٧‬‬

‫‪13‬‬
‫يعد عقد البيع من عقود المعاوضات ؛ ألن كل من طرفي العقد يأخذ مقابال لما يعطي ‪ ،‬فالبائع يسلم المبيع‬

‫إلى المشتري مقابل الثمن الذي يحصل عليه ‪ ،‬والمشتري يدفع الثمن إلى البائع مقابل تسلمه المبيع ‪ .‬لذلك كان‬

‫البيع من التصرفات التي تدور بين النفع والضرر ‪ ،‬ويحتاج فيه إلى أهلية التصرف وقت إبرامه ‪ ،‬بمعني أن‬

‫يكون كل من البائع والمشتري كاملي األهلية ‪ ،‬أما إذا كان أحدهما ناقص األهلية فإن التصرف يكون موقوفا‬

‫وفقا لألوضاع التي حددها القانون ‪ ،‬أو إجازة ناقص األهلية للتصرف بعد‬
‫على إجازة الولي ‪ ،‬أو الوصي ‪ ،‬أو ً‬
‫‪15‬‬
‫بلوغه سن الرشد ‪.‬‬

‫وعقد البيع من التصرفات القانونية التي تتطلب وكالة خاصة في إبرامها ‪ ،‬حيث إن الوكالة العامة ال تخول‬

‫‪16‬‬
‫الوكيل إال القيام بأعمال اإلدارة ‪ ،‬كإبرام عقد إيجار ‪ ،‬أو أعمال الحفظ باسم ولحساب األصيل ‪.‬‬

‫وعقد البيع من عقود المعاوضات محددة القيمة ‪ ،‬وليس من العقود االحتمالية ؛ ألن نطاق ما يلتزم به كل‬

‫مقدما ‪ ،‬ويستطيع كل منهما أن يعرف االلتزام الذي يتعهد به مقابل المنفعة التي يحصل‬
‫ً‬ ‫معروفا‬
‫ً‬ ‫طرف يكون‬

‫عليها ‪ ،‬وذلك على خالف العقود االحتمالية التي يكون تقدير المقابل فيها موك ّ‬
‫وال إلى حادث غير محقق‬

‫‪17‬‬
‫الحدوث ‪ ،‬أو غير معروف وقت حدوثه ‪ ،‬ففيها ال يمكن تقدير المقابل وقت إبرام العقد ‪.‬‬

‫و عقد البيع من عقود المعاوضة التي يلزم أن يكون المقابل الذي يدفعه المشتري من النقود ‪ ،‬أما اذا كان ً‬
‫شيئا‬

‫آخر غير النقود كأن يكون سلعة أو خدمة ‪ ،‬فإن هذا يخرجه عن نطاق عقد البيع إلى عقد المقايضة أو عقد‬

‫العمل ‪ ،‬أما إذا كان االتفاق على نقل المبيع بال عوض من األساس كنا أمام هبة ال بيع ‪ .‬فالمقابل النقدي في‬

‫‪ 15‬د‪ /‬عبدالخالق حسن أحمد ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.١٧‬‬


‫‪ 16‬د‪ /‬سليمان المرقص ‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪. ١٦‬‬
‫‪ 17‬د‪ /‬محمد كامل مرسي باشا ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. ١٨‬‬

‫‪14‬‬
‫تافها ؛ حيث ال يكفي أن يذكر في العقد أو المشتري قد التزم‬
‫صوريا وال ً‬
‫ً‬ ‫جديا ال‬
‫حقيقيا و ً‬
‫ً‬ ‫البيع يجب أن يكون‬

‫‪18‬‬
‫بدفع مبلغ نقدي ‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬عقد ناقل للملكية‬


‫ا‬

‫يعد عقد البيع من العقود الناقلة للملكية ‪ ،‬حيث إن من أهم آثار عقد البيع بمجرد إبرامه هو نقل ملكية المبيع‬

‫من ذمة البائع إال ذمة المشتري ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك ‪ ،‬و هذا ما نصت عليه الفقرة‬

‫األولى من المادة ‪ ٥١١‬من قانون المعامالت المدنية االتحادي التي تقضي بأنه ‪ " :‬تنتقل ملكية المبيع من‬

‫البائع إلى المشتري بمجرد تمام البيع ما لم يقض القانون أو االتفاق بغير ذلك "‪.‬‬

‫و خروجا على هذه القاعدة قد يعلق القانون انتقال ملكية المبيع من البائع إلى المشتري على القيام بعمل معين‬

‫‪ ،‬و هذا ما نص عليه قانون المعامالت المدنية االتحادي فيما يتعلق بنقل ملكية العقار و المنقول المعين بالنوع‬

‫على النحو التالي ‪:‬‬

‫معينا بالنوع ‪ :‬ال تنتقل الملكية من ذمة البائع إلى ذمة المشتري بمجرد إبرام العقد ‪،‬‬
‫وال ً‬
‫‪ -1‬اذا كان المبيع منق ً‬

‫و إنما علق نقلها على اإلفراز ‪ ،‬و هذا ما نصت عليه المادة ‪ ١٢٧٦‬من قانون المعامالت المدنية بقولها ‪" :‬‬

‫ال تنتقل ملكية المنقول غير المعين بنوعه إال بإفرازه"‪.‬‬

‫را ‪ :‬ال تنتقل الملكية من ذمة البائع إلى ذمة المشتري بمجرد انعقاد العقد ‪ ،‬وإنما يلزم‬
‫‪ -٢‬اذا كان المبيع عقا ً‬

‫تسجيل عقد البيع في دائرة العقارات ‪ ،‬حيث إن العقد وحده ال يكفي لنقل ملكية العقار من البائع إلى المشتري‬

‫‪ 18‬د‪ /‬خميس خضر ‪ ،‬العقود المدنية الكبيرة ‪ ،‬البيع و التأمين و اإليجار ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ، ١٩٨٤ ،‬ص ‪.١٦‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ ،‬وهذا يتضح من المادة ‪ ۱۲۷۷‬من قانون المعامالت المدنية االتحادي ‪ ،‬حيث تنص على أنه " ‪:‬ال تنتقل‬

‫ملكية العقار وال الحقوق العينية العقارية األخرى بين المتعاقدين وفي حق الغير إال بالتسجيل وفقا األحكام‬

‫القوانين الخاصة به ‪ ،‬وهذا النص من النصوص اآلمرة التي ال يجوز لألطراف االتفاق على مخالفتها لتعلقه‬

‫بالنظام العام ‪.‬‬

‫المبحث الثالث‬

‫أركان عقد البيع‬

‫طبقا للقواعد العامة ‪ ,‬فإن العقد من التصرفات القانونية الذي يلزم النعقاده إرادة طرفين فأكثر ‪ ,‬أي اإليجاب و‬

‫القبول ‪ ,‬و أركان العقد الرضائي بشكل عام هي التراضي و المحل و السبب ‪,‬و هذا هو األصل ألن المبدأ‬

‫العام في العقود هو الرضائية إال أن القانون أو االتفاق قد يوجبان أن يكون الرضا في شكل معين كما في‬

‫العقود الشكلية ‪ ,‬حيث يكون الشكل المخصوص ركنا في تكوين العقد‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬التراضي‬
‫ا‬

‫‪ 19‬فإذا كان العقد مصدر االلتزام فإن الرضا مصدر وجود هذا العقد ‪،‬‬
‫الرضا هو قوام العقد ومصدر وجوده ‪،‬‬

‫حيث إنه بدون توافق إرادتي كل من طرفي العقد فال وجود لهذا العقد ‪ ،‬ومن ّثم فإنه ينبغي أن يكون التراضي‬

‫باطال ‪ ،‬أما‬
‫ً‬ ‫فضال عن ضرورة أن يكون هذا الوجود صحيحا ‪ ،‬فإذا تخلف وجود التراضي كان العقد‬
‫ً‬ ‫موجودا ‪،‬‬
‫ً‬

‫عيبا أخل بصحته فإن هذا العقد يكون موقوفا ‪.‬‬


‫إذا شاب وجود التراضي ً‬

‫‪ 19‬انظر المادة ‪ 376/1‬من قانون التجارة الكويتي ‪ ,‬و المذكرة االيضاحية للنص – ص‪364‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ -١‬وجود الرضا ‪:‬‬

‫يتوقف وجود التراضي على مطابقة القبول لإليجاب في العناصر األساسية لاللتزام ‪ 20.‬و تشمل العناصر‬

‫األساسية في عقد البيع ما يلي ‪:‬‬

‫شيئا بنية بيعه ‪ ،‬و‬


‫‪ -١‬طبيعة العقد ‪ :‬يجب أن تنصرف نية الطرفين إلى البيع ‪ ،‬فلو أعطى أحد األشخاص ً‬

‫أخذه الطرف اآلخر بنية الهبة فال ينعقد العقد ‪.‬‬

‫‪ -٢‬المبيع ‪ :‬كما يجب أن تنصرف نية الطرفين إلى ذات الشيء ‪ ،‬و عليه فال ينعقد البيع فيما لو قصد البائع‬

‫إحدى السلعتين اللتين يملكهما و قصد المشتري شراء األخرى ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ -٣‬الثمن ‪ :‬و يجب أخيرا أن يحصل االتفاق على مقدار الثمن أو على األسس التي يتم موجبها تحديد الثمن‬

‫‪ ،‬و عليه لو انصرفت نية البائع إلى البيع بثمن معين و انصرفت نية المشتري إلى ثمن أقل فال ينعقد البيع‪.‬‬

‫و ترى الباحثة أنه يكفي النعقاد البيع االتفاق على طبيعة العقد و المبيع و الثمن بوصف أن هذه المسائل‬

‫إذا اتفق المتعاقدين على جميع المسائل الجوهرية‬ ‫‪22‬‬


‫الجوهرية و أخذا من نص المادة ‪ 95‬من القانون المدني‬

‫‪23‬‬
‫في العقد و علقا أمورا ثانوية على أمل اتفاقهما مستقبال فإن ذلك ال يمنع من انعقاد العقد ‪.‬‬

‫‪ -٢‬صحة الرضا ‪:‬‬

‫‪ 20‬أنظر المادة ( ‪ ) ١٤١/١‬معامالت مدنية إماراتي ‪ .‬راجع في هذا المجال حكم المحكمة االتحادية العليا ‪ :‬الطعن رقم ‪ ٤١١‬سنة ‪ ٢١‬ق‬
‫جلسة ‪٢٠٠١/١١/١٨‬‬
‫‪ 21‬راجع حكم المحكمة االتحادية العليا ‪ :‬الطعن رقم ‪ ١٤٠‬سنة ‪ ٢٢‬ق جلسة ‪. ٢٠٠٢/٣/٢٦‬‬
‫‪ 22‬نقض ‪ – 1985-10-30‬أحكام النقض‪ /‬س ‪ – 36‬ص ‪ – 963‬رقم ‪. 199‬‬
‫تطبيقا لذلك – نقض ‪ – 1973-12-18‬أحكام النقض – س ‪ – 24‬ص ‪. 1287‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪17‬‬
‫صحة التراضي إن حماية التراضي في العقد ضمنها المشرع باشتراط األهلية في أطرافه وخلو إرادتهما من‬

‫العيوب ‪ .‬فالبيع باعتباره من العقود الدائرة بين النفع والضرر ينعقد صحيحا نافذا إذا أبرمه من بلغ سن الرشد‬

‫وهي ( ‪ ) 21‬سنة قمرية كاملة في القانون اإلماراتي ‪ .‬ويأخذ حكم البالغ سن الرشد الصغير المأذون في تسلم‬

‫‪24‬‬
‫أمواله إلدارتها أو لالتجار بها ‪.‬‬

‫مجنونا أو معتوها وقع البيع باطال ‪ .‬فإن أبرمه صغير مميز انعقد‬
‫ً‬ ‫فإن كان من أبرم البيع صغيرا غير مميز أو‬

‫موقوفا على إجازة الولي في الحدود التي يجوز له فيها التصرف ابتداء أو إجازة الصغير نفسه بعد بلوغه سن‬
‫ً‬

‫الرشد ‪ .‬ويأخذ البيع الصادر عن السفيه أو ذي الغفلة ‪ ،‬بعد قيد طلب الحجر أو حكم الحجر أو طلب استعادة‬

‫صحيحا نافذا ما لم‬


‫ً‬ ‫الوالية أو الحكم الصادر بإعادتها ‪ ،‬حكم بيع الصغير المميز ‪ .‬أما بيعهما قبل القيد فيعد‬

‫موقوفا على إجازة المكره أو‬


‫ً‬ ‫يكن نتيجة استغالل أو تواطؤ ‪ .‬أما إذا أبرم عقد البيع تحت اإلكراه ‪ ،‬فإنه يكون‬

‫ورثته بعد زوال اإلكراه ‪ .‬وإن كانت إرادة البائع أو المشتري معيبة بعيب الغلط أو التغرير مع الغبن الفاحش ‪،‬‬

‫كان العقد غير الزم ‪ ،‬يجوز لمن غرر به فسخ العقد أو إمضائه ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المحل‬

‫يجب في التراضي أن ينصب على محل قابل لحكم العقد ‪ ،‬و المحل في البيع مزدوج ‪ ،‬يتمثل في المبيع و‬

‫الثمن‪.‬‬

‫‪ -١‬المبيع ‪ :‬هو المال غير النقدي الذي يرد عليه عقد البيع و يؤدي إلى انتقال ملكيته من البائع إلى المشتري‪.‬‬

‫‪ 24‬أنظر المادة (‪ ) ١٤٠‬من قانون المعامالت المدنية لدولة اإلمارات‬

‫‪18‬‬
‫يلزم لصحة البيع أن يكون البيع موجودا وقت ابرام العقد ‪ ,‬أو قابال للوجود في المستقبل ‪ ,‬حيث يجوز بيع‬

‫المحصول قبل نضجه ‪ ,‬و بيع المنتجات قبل صناعتها ‪ ,‬و بيع الوحدات السكنية قبل تمام بنائها ‪.‬‬

‫و المقصود بالوجود أن يكون المبيع موجودا وقت انعقاد البيع و إلى ما بعد ذلك ‪ ,‬و إذا ما لحق المبيع هالك‬

‫بعد ابرام العقد فسخ العقد أو نقص الثمن ‪ ,‬و ذلك ما لم يقع الهالك بعد تسليم المبيع للمشتري ‪.‬‬

‫أما إذا وجد المبيع قبل إبرام العقد ‪ ,‬ثم هلك هالكا كليا أو جزئيا وقت إبرام العقد اقتضي األمر البحث فيما إذا‬

‫كان البيع قد انعقد من عدمه ‪.‬‬

‫أما إذا لم يقصد المتعاقدان أن يتبايعا على شيء موجود وقت البيع جاز وقع البيع على شيء يوجد في المستقبل‬

‫‪25‬‬
‫‪ ,‬إال أنه يتعين البحث فيما إذا كان احتمال وجوده في المستقبل لقيام البيع من عدمه‪.‬‬

‫أحكام المبيع ‪ :‬عرفنا مما سبق أنه يجب أن يكون المبيع معينا معلوما لدى العاقدين ‪ ,‬و تعيين المبيع هو‬

‫تحديده باألوصاف و األسس الجوهرية ‪ ,‬و تقديره بالكيل أو الوزن أو القياس أو العدد ‪ ,‬و يكون المبيع ً‬
‫بطال‬

‫إذا كان غير معين ‪ .‬أما معلومية المبيع تتم باالطالع عليه و التعرف عليه و معاينته في مدى صالحيته و‬

‫تحقيق الرغبة فيه والمعاينة هي قرينة على العلم الكافي بالمبيع و قد تكون المعاينة قبل البيع أو وقت إبرام‬

‫العقد‪.‬‬

‫فإذا كانت المعاينة قبل المبيع فال تنفي الجهالة بالمبيع إال إذا كان المبيع ذاته لم يتغير منذ المعاينة و كان‬

‫‪26‬‬
‫المشتري قد قصد نفس الشيء الذي رآه‪.‬‬

‫‪ 25‬د‪/‬سليمان مرقص ‪ ,‬المرجع السابق ‪ ,‬ص ‪. 129‬‬


‫‪ 26‬د‪ .‬سمير عبد السيد تناغو ‪ ,‬عقد البيع ‪ ,‬مكتبة الوفاء القانونية ‪ ,‬الطبعة األولى ‪ ,‬ص ‪ 68‬بند ‪.16‬‬

‫‪19‬‬
‫و قد نصت المادة ( ‪ ) 491‬إماراتي ( م ‪ ) 467‬أردني على أنه إذا ذكر في عقد البيع أن المشتري عالم‬

‫بالمبيع علما كافيا ‪ ,‬فال يحق له طلب إبطال العقد لعدم العلم ‪ ,‬إال إذا ثبت أن البائع قد غرر به‪ .‬و قد نص‬

‫القانون على ثالث وسائل للعلم بالمبيع و التي سأوضحها فيما يأتي ‪:‬‬

‫‪ -1‬البيع بالنموذج ‪ :‬و هذا يحدث عندما يكون المبيع غائبا عن مجلس العقد ‪ ,‬حيث يقوم البائع بإعطاء‬

‫المشتري عينة أو نموذجا ‪ ,‬و يتفق معه على أن يقدم له بضاعة مطابقة لهذه العينة وهنا يتم البيع ويعتبر‬

‫تعيين العينة تعيينا للشيء المبيع من حيث جنسه ونوعه ودرجته وجودته ‪ ،‬فرؤية المشتري للعينة تغني عن‬

‫رؤيته للشيء المبيع‪ ,‬أما إذا كانت البضاعة غير مطابقة للعينة فال يلزم المشتري بتنفيذ العقد ولو كانت من‬

‫نوع أكثر جود أو اقل جودة‪.‬‬

‫فهنا للمشتري الخيار بين ثالثة أمور ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يطالب بفسخ العقد و تحميل البائع التعويض‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يطالب بإلزام البائع بتقديم بضاعة مطابقة للعينة‪.‬‬

‫‪ -3‬وللقاضي أن يلزم البائع بذلك وإذا اقتضى األمر يلزمه بان يشتريها من السوق ‪ ،‬وللقاضي أيضا أن يأذن‬

‫للمشتري بشراء البضاعة من السوق على حساب البائع بمعنى أن يلزم البائع بدفع الفرق في الثمن ‪.‬‬

‫‪ -2‬البيع بالتجربة ‪ :‬و هو البيع الذي يتم االتفاق فيه على أن يكون المشتري له الحق في تجربة المبيع و‬

‫ذلك للتعرف على صالحية الغرض الذي يقصد شراءه ألجله أو حتى يتأكد أن المبيع هو الشيء الذي يطلبه‬

‫‪ ,‬وقد بينت المادة ‪ 1/355‬مدني جزائري أحكام البيع بشرط التجربة فنصت على انه " في البيع على شرط‬

‫‪20‬‬
‫التجربة يجوز للمشتري أن يقبل المبيع أو يرفضه وعلى البائع أن يمكنه من التجربة فإذا رفض المشتري المبيع‬

‫يجب عليه أن يعلن الرفض في المدة المتفق عليها فان لم يكن هناك اتفاق على المدة ففي مدة معقولة يعينها‬

‫البائع فإذا انقضت هذه المدة وسكت المشتري مع تمكنه من تجربة المبيع اعتبر سكوته قبوال "‪.‬‬

‫‪ -3‬البيع بالمذاق ‪ :‬هو البيع الذي يتم االتفاق فيه بين العاقدين على ذوق المبيع و ذلك إن كان من المبيعات‬

‫المذاقة من المأكوالت و المشروبات ‪ ,‬فهو نوع من التجربة ‪ ,‬الختبار المبيع و بيان مدى مالئمته لذوق المشتري‬

‫‪ .‬لذا نصت المادة ( ‪ ) 501‬إماراتي ( م ‪ ) 477‬أردني على أن تسري أحكام البيع بشرط التجربة على البيع‬

‫بشرط المذاق ‪ ,‬إال أن خيار المذاق ال يورث ‪ ,‬و يعتبر البيع باتا ‪ ,‬أي الزما بموت من له الخيار‪.‬‬

‫وهناك مقارنة بين موقف كل من المشرع المصري والمشرع األردني في تكييف البيع بالمذاق ‪ ,‬إذ اعتبره األول‬

‫‪27‬‬
‫نافذا لكنه غير الزم ‪.‬‬
‫صحيحا و ً‬
‫ً‬ ‫عقدا‬
‫وعدا بالبيع ‪ ,‬بينما اعتبره الثاني ً‬
‫ً‬

‫‪ -2‬الثمن ‪ :‬هو العوض الذي قدره المتعاقدان بالتراضي في مقابل المبيع يدفعه المشتري عوضا للحصول على‬

‫المبيع ‪ ,‬و سواء زاد على قيمة المبيع أو قل وفقا لنص المادة ‪ 503‬من قانون المعامالت المدنية االتحادي ‪,‬‬

‫و بالتالي يعد الثمن ركن جوهري ال ينعقد البيع بدونه‪ .28‬أو " هو ما تراضى عليه المتعاقدان أن في مقابلة‬

‫المبيع سواء زاد على القيمة أو قل ‪ ,‬و القيمة هي ما يقوم به الشيء من غير زيادة وال نقصان‪ .29‬في عقد‬

‫البيع يجب االتف اق على الثمن و تعينه تعيينا دقيقا كافيا في مقداره و يمكن االتفاق عليه صراحة أو ضمنيا‬

‫‪ 27‬أمجد محمد ‪ ,‬عقد البيع في القانون المدني األردني ‪2002 ,‬م ‪ ,‬مجلد ‪ , 17‬عدد ‪ , 8‬جامعة مؤتة ‪ ,‬ص‪.322‬‬
‫‪ 28‬د‪/‬توفيق حسن فرج ‪ ,‬عقد البيع و المقايضة ‪ , 1985 ,‬ص‪.131‬‬
‫‪ 29‬المحكمة االتحادية العليا ‪ ,‬األحكام المدنية و التجارية ‪ ,‬الطعن رقم ‪ , 356‬لسنة ‪ 23‬قضائية ‪ ,‬تاريخ الجلسة ‪ , 2004-10-19‬مكتب فني‬
‫‪ , 26‬رقم الجزء ‪ , 3‬رقم الصفحة ‪.2030‬‬

‫‪21‬‬
‫على األسس لتقدير الثمن حسب المادة ‪ 356‬من القانون المدني الجزائري " يجوز أن يقتصر تقدير الثمن على‬

‫بيان األساس التي يحدد بمقتضاها فيما بعد ‪"..‬‬

‫شروط الثمن‬

‫نص القانون على ثالثة شروط للثمن هي ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يكون الثمن معلوما عند العقد و ذلك لتتحدد التزامات المتعاقدين بدقة ‪ .‬و العلم بالثمن كما تنص المادة‬

‫( ‪ ) 491‬أماراتي " يكون ببيان أحواله و أوصافه المميزة ‪ ,‬أي مقداره و جنسه و وصفه إن لم يكن حاض ار ‪,‬‬

‫و باإلشارة إليه إن كان حاض ار ‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يكون الثمن نقودا ‪ :‬و هذا ما يميز المبيع عن المقايضة التي يتم فيها تبادل األموال و الحقوق المالية‬

‫ببعضها ‪.‬‬

‫‪ -3‬أن يكون الثمن جديا و حقيقيا ‪ :‬حيث يجب أن تتجه إرادة المتعاقدين إلى أداء الثمن المتفق عليه بنحو‬

‫جدي و صريح ‪ ,‬فإذا اتفق المتعاقدان على ثمن آخر و هو ما يسمى بالثمن الصوري ‪ ,‬تكون العبرة بالثمن‬

‫الحقيقي‪.‬‬

‫و فيما يأتي سأوضح بعض األسس التي بموجبها يتم تحديد الثمن و ذلك نظ ار ألهميتها و كثرة وقوعها في‬

‫‪30‬‬
‫‪:‬‬ ‫التعامل‬

‫‪ 30‬أنضر ‪ :‬محمد حسنين ‪ ،‬عقد البيع في القانون المدني‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪،2005‬بن عكنون الجزائر ‪ ،‬صفحة ‪65 - 64‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ -1‬سعر السوق ‪ :‬نصت المادة ( ‪ ) 504‬إماراتي على جواز البيع بسعر السوق في زمان و مكان البيع ‪,‬‬

‫فإذا لم يكن في هذا المكان سوق ‪ ,‬اعتبر المكان الذي يقضي العرف بأن تكون أسعاره سارية ‪.‬‬

‫‪ -2‬الثمن الذي اشترى به البائع ‪ :‬و قد نصت المادة ( ‪ ) 1/ 506‬من قانون المعامالت المدنية على أنه ‪:‬‬

‫" يجوز البيع بطريق المرابحة أو الوضعية أو التولية إذا كان رأس مال المبيع معلوما حين العقد و كان مقدار‬

‫الربح في المرابحة و مقدار الخسارة في الوضعية محددا ‪ .‬يتضح من هذا النص أنه يصح البيع دون تعيين‬

‫الثمن إذا كان قابال للتعيين على أساس الثمن الذي اشترى به البائع ‪ ,‬وذلك بشرط أن يكون الثمن مع مقدار‬

‫الزيادة أو النقصان معلومين حين العقد‪.31‬‬

‫‪ -3‬تعيين الثمن بواسطة شخص ثالث متفق عليه ‪ :‬يكيف البيع في هذه الحالة على أنه بيع معلق على‬

‫‪32‬‬
‫شرط واقف يتمثل في قيام الشخص الثالث بمهمته ‪ ,‬فإن قام بتحديد الثمن ترتبت آثار العقد من تاريخ انعقاده‬

‫‪ ,‬و إن امتنع عن ذلك أو تعذر عليه ألي سبب من األسباب اعتبر العقد كأن لم يكن بسبب جهالة الثمن ‪ ,‬و‬

‫ذلك ألنه لم يعد قابال للتعيين ‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫‪ 31‬المادة ( ‪ ) 3 / 506‬معامالت مدنية إماراتي‪.‬‬


‫‪ 32‬المشرع االماراتي لم يأخذ باألثر الرجعي للشرط ‪ ,‬فقد نصت المادة ( ‪ ) 427‬من قانون المعامالت المدنية على أن " المعلق بالشرط يثبت عند ثبوت‬
‫الشرط" ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫التزامات البائع‬

‫يرتب عقد البيع في ذمة البائع أربعة التزامات هي‪ :‬التزامه بنقل الملكية‪ ،‬و التزامه بالتسليم ‪ ,‬و التزامه بضمان‬

‫التعرض و االستحقاق ‪,‬و التزامه بضمان العيوب الخفية ‪ ,‬و سوف أخصص لكل التزام مبحثاً مستقالً‪.‬‬

‫المبحث األول‬

‫التزام البائع بنقل الملكية‬

‫لم يفرض القانون الروماني أي التزام على عاتق البائع بنقل ملكية المبيع للمشتري ‪ ,‬بل كان يقتصر على الزام‬

‫البائع الذي ِ‬
‫يمكن المشتري من حيازة المبيع الحيازة األصلية التي تثبت عادةً للمالك و من االنتفاع من المبيع‬

‫انتفاعا هادئاً و كان يجوز للمتعاقدين االتفاق على التزام البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري ‪ ,‬و في هذه‬

‫الحالة فقط كان يحق للمشتري مطالبة البائع بأن يقوم بما يلزم من اإلجراءات لنقل ملكية المبيع إليه تنفيذا لذلك‬

‫االلتزام ‪ ,‬وال يمنع عدم وجود هذا االتفاق من اعتبار العقد بيعا‪.33‬‬

‫و بحسب التصوير الفني النتقال الملكية في القانون المصري عن طريق البيع ‪ ,‬فإن البيع ال ينقل الملكية‬

‫مباشرة إلى المشتري ‪ ,‬و لكنه ينشئ التزاما على عاتق البائع بنقلها إلى المشتري و هذا االلتزام إما أن ينفذ‬

‫بمجرد العقد و بقوة القانون ‪ ,‬و أما أن يعلق تنفيذه على توافر شرط أو شروط أخرى تتحقق في المستقبل‪ ,34‬و‬

‫‪ 33‬د ‪ .‬سليمان مرقص ‪ ,‬شرح القانون المدني ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬المجلد األول ‪ ,‬عقد البيع ‪ ,‬الطبعة الرابعة ‪1980 ,‬م ‪ ,‬عالم الكتب ‪ ,‬ص ‪.254‬‬
‫‪ 34‬دابان ‪ ,‬الحق الشخصي ‪ , 1952 ,‬بدون ناشر ‪ ,‬ص ‪ , 85‬فقرة ‪ . 233‬راجع في اعتبار جميع الحقوق من قبيل حق الملكية بالمعنى الواسع‬
‫لهذا االصطالح‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫يجب أن يكون بين المتعاقدين الثقة في تنفيذ التزامهم و التي تكون مؤثرة في العقود التجارية و متى تسمح‬

‫الظروف بقبول أدلة خارجية فإنه من الصعب معرفة نتائج القاضي في المستقبل ‪.35‬‬

‫جاء في نص المادة ( ‪ )1 / 511‬من قانون المعامالت المدنية على أنه ‪ " :‬تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري‬

‫بمجرد تمام البيع ما لم يقض القانون على خالف ذلك "‪.36‬‬

‫و أرى من هذا النص أن عقد البيع البد أن ينشئ التزاما على عاتق البائع بنقل الملكية إلى المشتري ‪ ,‬و ذلك‬

‫سواء بنقل الملكية مباشرة و بقوة القانون بمجرد إبرام العقد أو تراخى بعض الشيء لحين قيام البائع باألعمال‬

‫التمهيدية الالزمة لنقل الملكية ‪.‬‬

‫وتختلف طريقة تنفيذ البائع اللتزامه بنقل الملكية ‪ ,‬فبالنسبة للعقار ال تنتقل الملكية إال بالتسجيل ‪ ,‬أما بالنسبة‬

‫للمنقول فإن الملكية تنتقل بمجرد ابرام العقد إذا كان المبيع معينا بالذات ‪ ,‬و تنتقل باإلفراز إذا كان المبيع معيناً‬

‫بالنوع ‪ ,‬و سأعرض ذلك على النحو التالي ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬نقل ملكية المنقول‬

‫من المعروف أن األشياء تختلف تبعا الختالف طبيعتها إلى عقار و منقول ‪ ,‬و أن المنقول يتعدد من حيث‬

‫تعيينه إلى معين بالذات و معين بنوعه ‪.‬‬

‫‪ 35‬د‪ .‬أيمن محمد زين ‪ ,‬القيمة القانونية ألدلة المفاوضات و دورها في تفسير العقد المكتوب ‪ ,‬مجلة جامعة الشارقة ‪ ,‬العدد ‪ 1441 , 2‬هـ ‪/‬‬
‫‪ 2019‬م ‪ ,‬ص‪.669‬‬
‫‪ 36‬د‪ .‬خميس خضر ‪,‬العقود المدنية الكبيرة ‪ ,‬البيع و التأمين و اإليجار ‪ ,‬الطبعة الثانية ‪ ,‬دار النهضة العربية ‪1984 ,‬م ‪ ,‬ص ‪.109‬‬
‫‪ -‬راجع حكم المحكمة االتحادية العليا ‪ :‬الطعن ‪ 771‬سنة ‪ 23‬ق جلسة ‪.2004-12-5‬‬

‫‪25‬‬
‫سأتناول دراسة هذا الموضوع من خالل الحديث عن نقل ملكية المنقول المعين بالذات و من ثم نقل ملكية‬

‫المنقول المعين بالنوع ‪.‬‬

‫‪ -1‬نقل ملكية المنقول المعين بالذات ‪ :‬تنتقل الملكية هنا بمجرد تمام انعقاد العقد دون الحاجة إلى أية‬

‫إجراءات أخرى‪ ,37‬و ذلك حتى لو كان التسليم و دفع الثمن مؤجلين‪ .‬و يترتب على ذلك أنه ال يكفي أن يكون‬

‫المبيع معينا بذاته النتقال ملكيته بمجرد العقد بل يجب أن يكون هذا المنقول المعين بالذات مملوكا للبائع‪.38‬‬

‫و لكي تنتقل الملكية فور انعقاد العقد يجب أن يكون المبيع موجودا ‪ ,‬و عليه إذا كان المبيع شيئا مستقبال حيث‬

‫إذا اشترى شخص سيارة لم تصنع بعد من إحدى الشركات فإن الملكية ال تنتقل إال إذا تم صنعها‪ . 39‬و يمكن‬

‫أن يتفق المتبايعان على تأخير نقل الملكية إلى حين التسليم ليس تأجيال إلى نقل الملكية إلى حين التسليم بل‬

‫تعليق الملكية على شرط التسليم و كذلك تأخير نقل الملكية لحين الوفاء بجميع أقساط الثمن هو تعليق لنقل‬

‫‪40‬‬
‫الملكية على شرط الوفاء باألقساط و ليس تأجيالً لها‪.‬‬

‫استثناء ضمانا لحق البائع ‪ ,‬و إذا قام المشتري بتسديد‬


‫ً‬ ‫و قد أجاز المشرع على خالف ذلك في هذه الحالة‬

‫الثمن انتقلت إليه الملكية مستندة إلى وقت البيع‪.41‬‬

‫‪ 37‬د‪ .‬سمير عبد السيد تناغو ‪ ,‬عقد البيع ‪ ,‬الطبعة األولى ‪ , 2009,‬مكتبة الوفاء القانونية ‪ ,‬ص ‪ - .149‬المادة ( ‪ ) 204‬مدني مصري ‪,‬‬
‫المادتان ( ‪ ) 531 , 247‬مدني عراقي ‪ .‬و لم يتطرق المشرع االماراتي لهذا الحكم بشكل صريح ‪ ,‬و لكن يمكن استنتاجه من المادة ( ‪/ 243‬‬
‫‪ ) 1‬التي‬
‫د‪ .‬السنهوري ‪ ,‬الوسيط في شرح القانون المدني ‪ ,‬الجزء الرابع ‪ ,‬المجلد األول ‪ ,‬البيع و المقايضة ‪ , 1960 ,‬ص ‪419‬‬ ‫‪38‬‬

‫د ‪ .‬توفيق فرج ‪ ,‬شرح أحكام عقد البيع ‪ ,‬الطبعة األولى ‪ , 2012 ,‬مكتبة الجامعة ‪ ,‬ص ‪. 187 – 186‬‬ ‫‪39‬‬

‫‪ 40‬د‪ .‬غني حسون طه ‪ ,‬عقد البيع ‪1970 ,‬م ‪ ,‬ص ‪.209‬‬


‫‪ 41‬المادة ( ‪ ) 2 / 513‬معامالت مدنية إماراتي ‪ .‬و تجدر اإلشارة إلى أنه طبقا للقواعد العامة فإن المشرع االماراتي لم يأخذ باألثر الرجعي‬
‫للشرط( راجع المادة ‪ ) 427‬معامالت مدنية إماراتي )‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫و يسري نفس الحكم لو كان المبيع حصة شائعة من شيء معين جزافاً كبيع نصف التمر الناتج هذا العام من‬

‫أرض محددة ‪ ,‬أما إذا ورد البيع على طن من هذا التمر فإنه ال يعد بيعاً جزافاً ‪ ,‬وال يأخذ حكم بيع المنقول‬

‫المعين بالذات ‪ ,‬بل يسري عليه حكم بيع المنقول المعين بالنوع‪.42‬‬

‫‪ -2‬نقل ملكية المنقول المعين بالنوع ‪ :‬من المعلوم أنه يكون عادة في المثليات التي تتشابه آحادها و صفاتها‬

‫و يقوم بعضها مقام بعض في الوفاء كالسكر و القمح و يكون تعيينها ببيان نوعها و مقدارها‪ .‬و إذا كان المبيع‬

‫يعين إال بنوعه فقط ‪ ,‬فإن الحق ال ينشأ وال ينتقل إال بإف ارزه‪.43‬‬
‫منقوال لم ّ‬

‫و المقصود باإلفراز هي عملية تنحية أو تجنيب الشيء المبيع عن غيره المتحد معه في النوع على وجه يتحقق‬

‫به أن تصبح األشياء المثلية معينة بذاتها بعد أن كانت معينة بنوعها ‪ ,‬فاإلفراز هو وسيلة لتعيين الشيء محل‬

‫البيع لكي تنتقل ملكيته من البائع إلى المشتري من وقت هذا اإلفراز و ليس من وقت إبرام العقد‪.44‬‬

‫و عليه فإن الملكية ال تنتقل بمجرد انعقاد العقد ‪ ,‬بل البد من قيام البائع بإفراز المبيع ‪ ,‬و من تاريخ اإلفراز‬

‫تنتقل الملكية إلى المشتري ‪ ,‬و أرى أن السبب يعود في ذلك إلى أن انتقال الملكية من شخص إلى آخر ال‬

‫يمكن تصور حصوله دون أن يتحدد الشيء و يتعين بذاته‪ , 45‬وال يتحقق ذلك إال باإلفراز ‪.‬‬

‫و المشتري يكتسب حقا شخصيا فقط قبل االفراز يخوله مطالبة البائع باإلفراز و التسليم‪ , 46‬أما إذا امتنع البائع‬

‫عن ذلك جاز للمشتري اللجوء إلى القضاء الستئذانه في فرز المبيع بنفسه أو بواسطة خبير تعينه المحكمة‪ .‬و‬

‫د‪ .‬سليمان مرقص ‪ ,‬شرح القانون المدني ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬المجلد األول ‪ ,‬عقدي البيع و اإليجار ‪1974 ,‬م ‪ ,‬ص ‪.261‬‬ ‫‪42‬‬

‫نصت المادة ‪ 463‬مدني على أن المبيع إذا لم يعين إال بنوعه ‪ ,‬ال تنتقل ملكيته إال باإلفراز‪.‬‬ ‫‪43‬‬

‫د‪ .‬عبدالحميد عثمان ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬عقد البيع ‪ , 2008 ,‬بدون ناشر ‪ ,‬ص ‪.104‬‬ ‫‪44‬‬

‫نصت المادة ( ‪ ) 1 / 248‬من القانون المدني العراقي على أنه ‪ " :‬إذا ورد االلتزام بنقل الملكية أو أي حق عيني آخر على شيء لم يعين‬ ‫‪45‬‬

‫إال بنوعه فال ينقل الحق إال بتعيين الشيء بالذات " ‪.‬‬
‫‪ 46‬د‪ .‬توفيق فرج ‪ ,‬شرح أحكام عقد البيع ‪ ,‬الطبعة األولى ‪ , 2012 ,‬مكتبة الجامعة ‪ ,‬ص ‪ . 193‬و يعد االفراز من األعمال الضرورية التي‬
‫يجب على البائع القيام بها من أجل نقل الملكية‪ .‬فقد نصت المادة ( ‪ ) 514‬من قانون المعامالت المدنية على أنه ‪ .. " :‬يلتزم البائع بأن يقوم‬
‫بما هو ضروري من جانبه لنقل الملكية إلى المشتري " ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫إذا لم يكن للبائع منقوالت من نفس النوع جاز للمشتري بعد الحصول على اإلذن من المحكمة أو بدونه ‪ ,‬في‬

‫حال االستعجال ‪ ,‬الحصول على شيء من نفس النوع على نفقة البائع و من ثم الرجوع عليه بالثمن و‬

‫المصروفات مع حقه في التعويض إن كان له مقتضى‪ .47‬و المعلوم أن االفراز يختلف بحسب طبيعة المبيع ‪,‬‬

‫فقد يكون عن طريق الوزن أو العد أو القياس أو بوضع عالمات معينة على المبيع ‪ ,‬أو بغير ذلك من الوسائل‬

‫التي من شأنها أن تفصل المبيع و تميزه عن األشياء األخرى المملوكة للبائع‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬نقل ملكية العقار‬

‫تعتبر العقارات ذات طبيعة خاصة تستمدها من كونها مستقرة بحيز ثابتة فيه وال يمكن نقلها و إال تلفت ‪ ,‬و‬

‫تعتبر أيضا ذات قيمة اقتصادية و ثروة قومية هامة ‪ ,‬و هذا الوضع دفع المشرع إلى تنظيم التصرفات الواردة‬

‫عليها تنظيماً يناسب هذه القيم ‪ ,‬و اشترط فيها لكي تنتقل الملكية أن يتم تسجيل عقد البيع الوارد على العقار‬

‫‪.48‬‬

‫نصت المادة ( ‪ ) 1277‬من قانون المعامالت المدنية على أنه ‪ " :‬ال تنتقل ملكية العقار وال الحقوق العينية‬

‫العقارية األخرى بين المتعاقدين و في حق الغير إال بالتسجيل وفقا ألحكام القوانين الخاصة به "‪.‬‬

‫‪ 47‬د‪ .‬عبدالحميد عثمان ‪ ,‬المرجع السابق ‪ ,‬ص ‪ - .105‬راجع ‪ :‬المادة ( ‪ ) 2 / 284‬مدني عراقي ‪ ,‬المادة ( ‪ ) 2 / 205‬مدني مصري ‪.‬‬
‫و لم يتطرق المشرع االماراتي لهذا الحكم ‪ ,‬و مع ذلك يمكن األخذ به باالستناد إلى المادتين ( ‪ ) 380 , 272‬المتعلقتين بالتنفيذ العيني الجبري‬
‫لاللتزام‪.‬‬
‫‪ 48‬د‪ .‬عبدالحميد عثمان ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬عقد البيع ‪ , 2008 ,‬بدون ناشر ‪ ,‬ص ‪.106‬‬

‫‪28‬‬
‫يتبين لي كباحثة أن هذا النص عام حيث يتطلب تسجيل كافة التصرفات التي من شأنها نقل الملكية بعوض‬

‫أو بغير عوض ‪ ,‬و لما كان عقد البيع من العقود التي تؤدي إلى نقل الملكية فإنه يجب تسجيله ‪ .49‬عندما قام‬

‫المشرع باستلزام التسجيل في عقد البيع ال يعني أن عقد البيع أصبح من العقود الشكلية و بالتالي يجب أن‬

‫ينعقد بالتسجيل ‪ ,‬و ذلك ألن عقد البيع من العقود الرضائية التي تتم بمجرد التراضي بين الطرفين ‪,‬و تترتب‬

‫عليه كافة اآلثار القانونية ‪.50‬‬

‫و يترتب على نقل ملكية العقار نظام الشهر الشخصي و العيني للعقار ‪:‬‬

‫يرتبط نظام الشهر الشخصي بالشخص صاحب الحق و ليس محل الحق ( العقار ) بحيث يتم اتخاذ إجراءات‬

‫الشهر باسم الشخص المتصرف في الحق في السجل المعد لذلك في مكتب التوثيق الذي يقع في دائرته العقار‬

‫محل الحق ‪.51‬‬

‫أما نظام الشهر العيني فإنه يرتبط بمحل الحق و ليس بصاحب الحق ‪ ,‬حيث تتم إجراءات الشهر بالعقار محل‬

‫التصرف في السجل المعد لذلك في مكتب التوثيق الذي يقع في دائرته العقار ‪.52‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫تسليم المبيع‬

‫‪ 49‬د‪ .‬جاسم علي الشامسي ‪ ,‬عقد البيع في ضوء قانون المعامالت المدنية لدولة االمارات العربية المتحدة ‪ ,‬مطبوعات جامعة االمارات العربية المتحدة ‪,‬‬
‫‪1419 / 1418‬هـ ‪ 1998 – 1997 -‬م‪ ,‬ص ‪.400‬‬
‫‪ 50‬د‪ .‬توفيق حسن فرج ‪ ,‬شرح أحكام عقد البيع ‪ ,‬الطبعة األولى ‪ , 2012 ,‬مكتبة الجامعة‪ ,‬ص ‪. 800‬‬
‫‪ 51‬د‪ .‬السنهوري ‪ ,‬الوسيط في شرح القانون المدني ‪ ,‬الجزء الرابع ‪ ,‬المجلد األول ‪ ,‬البيع و المقايضة ‪1960 ,‬م ‪ ,‬ص ‪. 374‬‬
‫‪ 52‬د‪ .‬عبدالحميد عثمان ‪ ,‬المرجع السابق ‪ ,‬ص ‪.130‬‬

‫‪29‬‬
‫يراد بالتسليم التخلية بين المبيع و المشتري على وجه يتمكن معه المشتري من قبضه دون حائل‪.53‬‬

‫للتسليم أهمية كبيرة في القوانين القديمة كالقانون الروماني و القانون الفرنسي القديم ألن به كانت تنتقل الملكية‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫‪ ,‬يلتزم به البائع بمجرد انعقاد البيع دونما حاجة النص عليه‬ ‫و االلتزام بالتسليم هو من مقتضيات عقد البيع‬

‫في العقد‪.55‬‬

‫قضت المادة ( ‪ ) 431‬من القانون المدني بأنه " يلتزم البائع بتسليم المبيع للمشتري بالحالة التي كان عليها‬

‫وقت البيع " و أرى من هذا النص أن البائع ال يلتزم فقط بتسليم المبيع بل و أيضا مقداره المتفق عليه دون‬

‫نقص أو زيادة و ملحقاته ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬الحالة التي يجب تسليم المبيع عليها‬

‫من المعلوم أنه تختلف الحالة التي يجب تسليم المبيع عليها وقت البيع و ذلك بحسب ما إذا كان المبيع معيناً‬

‫بالذات ‪ ,‬حيث يكون المشتري قد رأى البيع و علم به علما كافياً ‪ ,‬فعلمه به شرط من شروط صحة البيع ‪ ,‬و‬

‫من ثم يلتزم البائع بتسليم المبيع بحالته التي رآها المشتري أو بالحالة التي علمه بها‪.‬‬

‫أما إذا كان المبيع معيناً بالنوع ‪ ,‬فإن المشتري ال يمكن أن يكون قد رآه أو علم به و ذلك ألنه لم يكن محدداً‬

‫وقتها و في هذه الحالة يجب تسليم المبيع حسبما يتفق عليه األطراف في العقد ‪.‬‬

‫‪ 53‬راجع ‪ :‬المادة ( ‪ ) 1 / 538‬مدني عراقي ‪ .‬و قريب من ذلك ‪ :‬المادة ( ‪ ) 1 / 435‬مدني مصري‪.‬‬
‫‪ 54‬االلتزام بالتسليم و االلتزام بالضمان ‪ :‬نقال بتصرف ‪ :‬د‪ .‬علي نجيدة ‪ ,‬الوجيز في عقد البيع ‪ ,‬ط‪ , ) 2001 / 2000 ( 1‬ص ‪ 169‬و ما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫‪ 55‬د‪ .‬سعدون العامري ‪ ,‬الوجيز في العقود المسماة عقدي البيع و االيجار ‪ , 1974 ,‬ص ‪. 111‬‬

‫‪30‬‬
‫و يعد التزام البائع بتسليم المبيع بحالته وقت البيع التزاما بتحقيق نتيجة‪ 56‬ال تب أر ذمته إال بالوفاء به‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬مقدار المبيع‬

‫إذا كان الشيء المبيع معيناً بالنوع يجب أن يتم تعيين مقداره في العقد ‪ ,‬و يترتب على ذلك أنه إذا البائع‬

‫للمشتري الشيء المبيع ناقصا على المقدار المتفق عليه ‪ ,‬كان للمشتري الحق في مطالبته بالتنفيذ العيني ‪ ,‬و‬

‫إلزام البائع بتسليم المتفق عليه ‪ ,‬و التنفيذ العيني يكون دائما ممكنا في األشياء المعينة بالنوع ‪ ,‬ألنها تقوم مقام‬

‫بعضها عند الوفاء ‪ .57‬أما إذا كان الشيء المبيع معينا بالذات فإن تحديد مقداره ليس ضروري النعقاد البيع‬

‫ألنه معين بالذات ‪ ,‬و هذا كافي لتوافر ركن المحل فيه ‪ ,‬فيصح على سبيل المثال بيع قطعة أرض محددة‬

‫الموقع ‪ ,‬و معينة الحدود دون ذكر لمساحتها ‪ ,‬فإذا قام البائع بتسليمها للمشتري برأت ذمته ‪ ,‬وال يكون هناك‬

‫محل للسؤال عن مقدارها ‪.58‬‬

‫تنص المادة ( ‪ ) 523‬مدني إماراتي على أنه ‪ ":‬من قانون المعامالت المدنية االماراتي على أنه‪ " :‬إذا عين‬

‫في العقد مقدار المبيع و ظهر فيه نقص أو زيادة و لم يوجد اتفاق أو عرف بهذا الشأن وجب اتباع القواعد‬

‫التالية‪."...:‬‬

‫أرى كباحثة من هذا النص أنه إذا ّ‬


‫عين مقدار المبيع في العقد و عند التسليم ظهر فيه نقص أو زيادة وجب‬

‫الرجوع إلى االتفاق أو العرف لتسوية هذه المسألة‪ ,‬فقد يقضي االتفاق أو العرف بتحمل أحد الطرفين النقص‬

‫‪ 56‬عبدالرزاق السنهوري ‪ ,‬الوسيط في شرح القانون المدني ‪ ,‬الجزء الرابع ‪ ,‬المجلد األول ‪ ,‬البيع و المقايضة ‪ , 1970 ,‬ص ‪ .563‬و معنى‬
‫ذلك أن البائع يتحمل التزاما بالمحافظة على الشيء إلى حين تسليمه و هو التزام متفرع عن التزامه بالتسليم ‪.‬‬
‫د‪ .‬عبدالمنعم البدراوي ‪ ,‬عقد البيع و المقايضة ‪ 1958 ,‬م ‪ ,‬بدون ناشر ‪ ,‬ص ‪.251‬‬ ‫‪57‬‬

‫د‪ .‬عبدالحميد عثمان ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬عقد البيع ‪2008 ,‬م ‪ ,‬بدون ناشر ‪ ,‬ص ‪.142‬‬ ‫‪58‬‬

‫‪31‬‬
‫أو استحقاقه الزيادة ‪ ,‬أو بتقرير حق طلب الفسخ أو غير ذلك ‪ ,‬و أن في اعتبار العرف فائدة كبيرة ‪ ,‬ألنه‬

‫يضبط كل من يفلت من الضوابط األخرى ‪.59‬‬

‫و تجدر اإلشارة إلى وجود قواعد قانونية خاصة تبين حكم النقص أو الزيادة في المبيع ‪.‬‬

‫و من األمثلة على هذه القواعد ما نصت عليه المادة ( ‪ ) 12‬من القانون رقم ( ‪ ) 13‬لسنة ‪ 2008‬بشأن تنظيم‬

‫السجل العقاري المبدئي في إمارة دبي ‪ ,‬المعدل بالقانون رقم ( ‪ ) 9‬لسنة ‪ , 2009‬من أنه ‪ " :‬تعتبر مساحة‬

‫‪60‬‬
‫الوحدة العقارية المباعة صحيحة وال يعتد بالزيادة التي تتحقق في المساحة بعد التسليم وال يجوز للمطور‬

‫المطالبة بتلك الزيادة ‪ ,‬أما إذا حدث نقص في المساحة فيلتزم المطور بتعويض المشتري عن ذلك النقص إال‬

‫إذا كان النقص غير مؤثر وال يكون المطور ملزما بتعويض المشتري عن ذلك النقص "‪.‬‬

‫أما إذا لم يوجد اتفاق وال عرف وال ق واعد قانونية خاصة بخصوص هذه المسألة وجب اتباع القواعد القانونية‬

‫المنصوص عليها في المادة ( ‪ ) 523‬المشار إليها في األعلى و هي على النحو التالي ‪:‬‬

‫القاعدة األولى ‪ :‬إذا كان المبيع ال يضره التبعيض ‪ ,‬فالزيادة من حق البائع يستحق استردادها عين ا و‬

‫النقص من حسابه ‪ .‬فلو اشترى شخص عشرين كيساً من األرز بألف درهم و ظهر فيها زيادة كيسان وجب‬

‫عليه ردهما إلى البائع ‪ ,‬و لو ظهر فيها نقص كيسان كان له خصم ما يقابلهما من الثمن‪.‬‬

‫القاعدة الثانية ‪ :‬إذا كان المبيع يضره التبعيض و كان الثمن محددا على أساس الوحدة القياسية فالزيادة‬

‫من حق البائع يستحق ثمنها و النقص من حسابه‪ .‬فلو اشترى شخص مترين من القماش على أساس أن‬

‫‪ 59‬مصطفى الزرقا ‪ ,‬شرح القانون المدني السوري ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬عقد البيع و المقايضة ‪ ,‬مطابع فتى العرب ‪ ,‬ط‪ , 1965 , 6‬ص ‪.102‬‬
‫‪ 60‬المطور هو البائع ‪ ,‬فقد ورد في المادة ( ‪ ) 2‬من قانون تنظيم السجل العقاري المبدئي بأن المطور هو كل من رخص له في ممارسة أعمال‬
‫تطير العقارات و بيع وحداتها‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫سعر المتر الواحد ستون درهماً و ظهر فيها زيادة أو نقص بمقدار نصف متر ‪ ,‬في هذه الحالة تكون الزيادة‬

‫من حق البائع يستحق ثمنها و النقص من حسابه ‪.61‬‬

‫القاعدة الثالثة ‪ :‬إذا كان المبيع يضره التبعيض و حدد الثمن لمجموع المبيع فالزيادة للمشتري و النقص ال‬

‫يقابله شيء من الثمن‪ .‬فلو كان الثمن الوارد في المثال الثاني محدداً ليس على أساس الوحدة القياسية و إنما‬

‫لمجموع المبيع ‪ ,‬في هذه الحالة يتحمل المشتري النقص دون أن يستحق ما يقابله من الثمن ‪ ,‬كما أن البائع ال‬

‫يستحق ما يقابل الزيادة من الثمن و علة هذه الحكم أن مقدار المبيع ليس عنص اًر جوهرياً في تقدير الثمن‪.62‬‬

‫‪:‬‬ ‫‪63‬‬
‫القاعدة الرابعة ‪ :‬الحاالت التي يحق فيها للمشتري فسخ العقد‬

‫الحالة األولى ‪ :‬إذا ظهرت زيادة في المبيع تلزم المشتري بأكثر مما اشترى ‪ ,‬و يحصل ذلك عندما يكون المبيع‬

‫مما يضره التبعيض و كان الثمن محددا على أساس الوحدة القياسية ‪ ,‬و علة ذلك أن المشتري قد يكون غير‬

‫قادر على دفع الزيادة أو غير راغب في ذلك‪.64‬‬

‫الحالة الثانية ‪ :‬إذا ظهر نقص في المبيع من شأنه أن يفرق الصفقة على المشتري ‪ ,‬أي يجعله مضط ار لتكملة‬

‫النقص بصفقة جديدة ‪ ,‬و ذلك عندما يكون مقدار المبيع المتفق عليه محل اعتبار عند المشتري بحيث أن‬

‫‪ 61‬د‪ .‬جاسم الشامسي ‪ " ,‬إخالل البائع بالتزامه من حيث العجز في مساحة العين المبيعة " ‪ ,‬مجلة الشريعة و القانون ‪ ,‬جامعة االمارات العربية المتحدة‪,‬‬
‫ع‪ , 5‬مايو ‪ , 1991‬ص‪.569‬‬
‫‪ 62‬د‪ .‬عبدالحميد عثمان ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬عقد البيع ‪ 2008 ,‬م ‪ ,‬بدون ناشر ‪ ,‬ص‪ - .144‬و قد ورد بصدد تبرير هذا الحكم أن الزيادة و النقص‬
‫في مقدار المبيع تكون مثابة الصفة له ‪ ,‬و الصفة ال يقابلها شيء من الثمن و الدليل على ذلك أن الزيادة توجب صفة الجودة ف المبيع و‬
‫النقصان يوجب صفة الرداءة فتلحق الزيادة بالجودة و النقصان بالرداءة حكما ‪ ,‬و الصفة تملك تبعا للموصوف لكونها تابعة له و قائمة به ‪,‬‬
‫فإذا زاد المبيع صار كأنه اشتراه رديئا فإذا هو جيد ‪ ,‬و إذا نقص صار كأنه اشتراه على أنه جيد ‪ ,‬فوجده رديئا فال يطرح من الثمن ولكن‬
‫يكون له الخيار ‪ ,‬تمام كما لو اشترى سيارة فوجد بها نقصا فهذا ال يوجب إنقاص الثمن ولكن يعطي المشتري الخيار‪ ( .‬أنظر في تفصيل ذلك‬
‫‪ :‬بدائع الصنائع للكاساني ‪.) 160 / 5 ,‬‬
‫‪ 63‬الجدير بالذكر أن السبب في منح المشتري حق الفسخ دون البائع أن هذا األخير هو المسؤول عن الزيادة أو النقص في المبيع ألنه ملزم‬
‫بتسليم المشتري المقدار المتفق عليه‪.‬‬
‫‪ 64‬ابن الهمام ‪ ,‬فتح القدير ‪ ,‬ج‪ ,6‬ص ‪ , 92-91‬الكاساني ‪ ,‬البدائع ‪,‬ج‪, 5‬ص‪.161-160‬‬

‫‪33‬‬
‫النقص يحول دون تحقيق غرضه من الشراء ‪ ,‬كما لو كان المشتري ملتزما تجاه شخص آخر بهذا المبيع و‬

‫بالمقدار المتفق عليه‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬ملحقات المبيع‬

‫تنص المادة ( ‪ ) 517‬من قانون المعامالت المدنية على أنه ‪ " :‬يشمل التسليم ملحقات المبيع ‪ ,‬و ما اتصل‬

‫به اتصال قرار ‪ ,‬و ما أعد الستعماله بصفة دائمة ‪ ,‬و كل ما جرى العرف على أنه من توابع المبيع و لو لم‬

‫تذكر في العقد " ‪.‬‬

‫الملحقات شيء مستقل عن األصل وليست متولدة منه ‪ ,‬بل تابع لألصل و ملحق به ؛ و ذلك حتى يمكن‬

‫استعمال هذا األصل الغرض المقصود منه أو الستكمال هذا االستعمال‪ .65‬فملحقات الشيء المبيع ليست‬

‫الهدف من العقد ولكنها جاءت تابعاً به ‪ ,‬بحيث أن المشتري ما كان ليبرم عقد البيع لشراء هذه الملحقات‬

‫مستقلة‪.66‬‬

‫فيعد من الملحقات في بيع العقارات الحقوق العينية المخصصة لالنتفاع به و استعماله كاالرتفاق بالمجرى و‬

‫المرور و غيرها ‪ ,‬كما يعد من الملحقات األشياء المادية المخصصة لالنتفاع بالعقار و استعماله كالمفاتيح ‪,‬‬

‫و المرايا المثبتة على الحوائط ‪ ,‬و التماثيل ‪ .‬كما يعد من الملحقات في بيع المنزل الحديقة التي من حوله و‬

‫الحوائط المشتركة و حمام السباحة و سور المنزل‪.‬‬

‫‪ 65‬د ‪ .‬عبدالرزاق السنهوري ‪ ,‬الوسيط في شرح القانون المدني ‪ ,‬الجزء الرابع ‪ ,‬المجلد األول ‪ ,‬البيع و المقايضة ‪1960 ,‬م ‪ ,‬ص ‪. 505‬‬
‫‪ 66‬د‪ .‬رمضان أبو السعود ‪ ,‬العقود المسماة – عقد البيع ‪ , -‬دار النهضة العربية ‪ ,‬ص ‪.252‬‬

‫‪34‬‬
‫ورد في نص المادة ( ‪ ) 515‬من قانون المعامالت المدنية تطبيقاً لملحقات المبيع حيث نصت على أنه‪ " :‬إذا‬

‫كانت طبيعة المبيع طبقاً للقانون أو العرف الجاري تتطلب تسليم وثائق ملكية وجب على البائع تسليمها للمشتري‬

‫‪ ,‬فإن امتنع عن تسليمها أو ادعى ضياعها و ظهرت ‪ ,‬أجبره القاضي على تسليمها ‪ ,‬فإن لم تظهر في حالة‬

‫دعوى ضياعها خّير للمشتري بين رد البيع أو إمضائه" ‪.67‬‬

‫المبحث الثالث‬

‫ضمان التعرض و االستحقاق‬

‫أن نقل ملكية المبيع من البائع إلى المشتري ‪ ,‬و تنفيذ األول اللتزامه بتسليم المبيع بالحالة المتفق عليها ليس‬

‫كافيا لتحقيق غاية المشتري من الشراء ‪ ,‬ما لم يكمله ما يضمن التمتع بكافة السلطات التي يخولها الحق المبيع‬

‫تمتعا كامال ‪ ,‬و انتفاعه بالمبيع انتفاعا هادئا و مستم ار ‪ ,‬الذي يحقق للمشتري غايته هو الضمان الذي يلتزم‬

‫بمقتضاه البائع باالمتناع عن كل شي يؤدي إلى حرمان المشتري من كل أو بعض سلطاته على المبيع ‪ ,‬أو‬

‫حرمانه من االنتفاع به حرمانا هادئاً‪.68‬‬

‫و االلتزام بالضمان ليس قاص ار على عقد البيع بل هو واجب في سائر العقود الناقلة للحق‪.‬‬

‫‪ 67‬د ‪ .‬عبدالخالق حسن أحمد ‪ ,‬عقد البيع ‪ ,‬الوجيز في شرح قانون المعامالت المدنية لدولة االمارات العربية المتحدة رقم ( ‪ , ) 5‬في ‪ , 1985-12-15‬ج‪3‬‬
‫‪ ,‬طبعة ‪1429‬هـ ‪ 2008 -‬م ‪ ,‬أكاديمية شرطة دبي ‪ ,‬ص ‪.142‬‬
‫‪ 68‬د ‪ .‬خميس خضر ‪ ,‬العقود المدنية الكبيرة ‪ ,‬البيع و التـأمين و اإليجار ‪ ,‬الطبعة الثانية ‪ ,‬دار النهضة العربية ‪ 1984 ,‬م ‪ ,‬ص‪.188‬‬

‫‪35‬‬
‫أوال ‪ :‬ضمان التعرض‬

‫يقصد بضمان التعرض أن يسأل البائع أو خلفه العام عن وقوع أي فعل ‪ ,‬يترتب عليه حرمان المشتري من كل‬

‫أو بعض سلطاته على المبيع ‪ ,‬و لو كان هذا الفعل صاد ار من الغير ‪.‬‬

‫و يسري هذا الضمان على كافة أنواع البيوع ‪ ,‬سواء كان المبيع عقا اًر مسجالً أو غير مسجل ‪ ,‬أو كان منقوالً‬

‫‪ ,‬و أياً كانت الوسيلة التي تم إجراء البيع بها ‪ .69‬ويلتزم البائع بضمان تعرضه الشخصي و ضمان التعرض‬

‫الصادر من الغير‪.‬‬

‫‪ -1‬ضمان التعرض الشخصي ‪:‬‬

‫يلتزم البائع بموجب هذا الضمان باالمتناع عن أي عمل من شأنه أن يمنع المشتري من حيازة المبيع و االنتفاع‬

‫به انتفاعا هادئا ‪ ,‬كما يلتزم باالمتناع عن االدعاء بمليكة المبيع أو االدعاء بأي حق آخر عليه‪ .70‬و يكون‬

‫التعرض الصادر من البائع على نوعين ‪ ,‬سأوضحهم كاآلتي ‪:‬‬

‫‪ -1‬التعرض المادي ‪ :‬و يتحقق هذا التعرض للمشتري بكل فعل يصدر من البائع دون أن يستند فيه إلى حق‬

‫يدعيه ‪ ,‬و يكون من شأن هذا الفعل أن يمنع المشتري من حيازة المبيع و االنتفاع به انتفاعا هادئا وكامال ‪.‬‬

‫و يعد تعرضا ماديا فيما لو قام المؤلف بعد بيعه لحق االستغالل المالي لمصنفه بطبعه مره أخرى قبل نفاد‬

‫جميع نسخ الطبعة التي باعها‪.‬‬

‫‪ 69‬د‪ .‬عبدالحميد عثمان ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬عقد البيع ‪ , 2008 ,‬بدون ناشر ‪ ,‬ص‪.166‬‬
‫‪ 70‬د‪ .‬عدنان سرحان ‪ ,‬أحكام البيع في قانون المعامالت المدنية اإلماراتية ‪ ,‬الطبعة الثانية ‪ ,‬عمان ‪ ,‬اآلفاق المشرقة ناشرون ‪2010 ,‬م ‪ ,‬ص‪.163‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ -2‬التعرض القانوني ‪ :‬يتحقق هذا التعرض للمشتري عندما يدعي البائع بأن له حقا على المبيع يتعارض مع‬

‫حق الملكية الذي اكتسبه المشتري على المبيع ‪ ,71‬كما لو ادعى البائع بأن له حق ارتفاق على المبيع أو له‬

‫حق االنتفاع به كمستأجر مثال ‪ ,‬و هذا االدعاء يشكل تعرضا للمشتري ما لم يكن البائع قد استمد هذا الحق‬

‫من عقد البيع أو القانون‪.‬‬

‫و يحق للمشتري إزالة هذا التعرض‪ ،‬سواء كان تعرضاً مادياً أو قانونياً ‪ ,‬مع حقه في التعويض إن كان له‬

‫مقتضى‪.72‬‬

‫‪ -2‬ضمان تعرض الغير‪:‬‬

‫يقصد به أن يكون البائع مسؤوال في مواجهة المشتري عن التعرض الذي يصدر من الغير للمشتري في المبيع‬

‫‪ ,‬و يكون من شأنه أن ّ‬


‫يفوت عليه االنتفاع الكلي أو الجزئي بالمبيع ‪ ,‬بمعنى أن هذا التعرض يعكر حيازة‬

‫المشتري للمبيع ‪ ,‬أو ينقص من سلطاته كصاحب حق عليه ‪ ,‬و ال يقتصر ضمان البائع لتعرض الغير على‬

‫وجود حق له وقت البيع يحتج على المشتري ‪ ,‬بل يمتد ليشمل الحق الذي يثبت له بعد البيع متى كان هذا‬

‫الحق قد آل إليه من البائع نفسه ‪.73‬‬

‫‪ 71‬د‪ .‬السنهوري ‪ ,‬الوسيط في شرح القانون المدني ‪ ,‬الجزء الرابع ‪ ,‬المجلد األول ‪ ,‬البيع و المقايضة ‪1960 ,‬م ‪ ,‬ص‪.548‬‬
‫‪ 72‬و يرى البعض بأنه إذا كان التعرض الصادر من البائع قانونيا فإن الجزاء قد يكون في صورة رد الدعوى ‪ ,‬كما هو الحال عندما يقوم‬
‫البائع برفع دعوى على المشتري يطالب فيها باسترداد المبيع بسبب تملكه له ‪ ,‬فيحكم برد هذه الدعوى ألن البائع ملتزم بضمان عدم التعرض‬
‫‪ ,‬و قد يكون الجزاء في صورة عدم سريان التصرفات القانونية التي يقوم بها البائع في مواجهة المشتري‪ ( .‬د‪ .‬جعفر الفضلي ‪ ,‬الوجيز في‬
‫العقود المدنية ‪ ,‬عمان ‪ , 1997 ,‬ص ‪.) 109‬‬
‫‪ 73‬د‪ .‬عبدالحميد عثمان ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬عقد البيع ‪ , 2008 ,‬بدون ناشر ‪ ,‬ص‪.174‬‬

‫‪37‬‬
‫تنص المادة ( ‪ ) 534‬من قانون المعامالت المدنية على أنه ‪ -1 " :‬يضمن البائع سالمة المبيع من أي حق‬

‫للغير يعترض المشتري إذا كان سبب االستحقاق سابقا على عقد البيع‪ -2 .‬كما يضمن البائع سالمة المبيع‬

‫إذا استند االستحقاق إلى سبب حادث بعد البيع ناشئ عن فعله‪.‬‬

‫أرى أنه يتضح من هذا النص انه يشترط لقيام التزام البائع بضمان التعرض الصادر من الغير توافر عدة‬

‫شروط تتمثل في اآلتي ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يكون التعرض الصادر من الغير تعرضا قانونيا ‪:‬‬

‫التعرض الصادر من الغير نوعان ‪ ,‬مادي و قانوني ‪ ,‬و البائع ال يلتزم بضمان التعرض المادي ‪ ,‬و عليه فلو‬

‫أن البائع قام بتسليم المبيع إلى المشتري فال يكون مسؤوالً بعد ذلك عن أي تعرض مادي يصدر من الغير ‪،‬‬

‫كما لو قام شخص بسرقة المبيع من للمشتري أو غصبه منه أو قام بإتالفه وغير ذلك ‪ ،‬وبالتالي فال يكون أمام‬

‫المشتري إال أن يدفع هذا التعرض بنفسه كالقيام برفع دعوى منع التعرض أو رفع دعوى للمطالبة بالتعويض ‪.‬‬

‫في حين يلتزم البائع بضمان التعرض القانوني ‪ .‬ويراد بالتعرض القانوني التعرض الذي يصدر من الغير‬

‫ويستند فيه إلى حق يدعيه وإن لم يكن محقا في دعواه ‪ ،‬كما لو ادعي بأنه هو المالك الحقيقي للمبيع ‪ ،‬أو‬

‫ادعى بأن له حقاً عينياً أو شخصياً على المبيع ‪ ،‬كأن يدعي بأن له حق ارتفاق أو حق انتفاع أو حق رهن أو‬

‫حق إجارة ‪.74‬‬

‫‪ -2‬أن يكون الحق المدعى به سابقا على البيع أو الحقا له ولكنه ناشئ عن فعل البائع ‪ :‬يضمن البائع‬

‫أي تعرض صادر من الغير يستند فيه إلى سبب سابق على البيع ‪ ،‬كما لو باع الدار على أنها شاغرة‬

‫‪ 74‬د‪ .‬توفيق فرج ‪ ,‬شرح أحكام عقد البيع ‪ ,‬الطبعة األولى ‪2012 ,‬م ‪ ,‬مكتبة الجامعة‪ ,‬ص‪.292‬‬

‫‪38‬‬
‫واتضح فيما بعد أنه قد قام بتأجيرها للغير قبل البيع ‪ ،‬فلو تعرض المستأجر للمشتري فإن تعرضه يكون‬

‫مستنداً إلى سبب سابق على البيع ‪ ،‬أما إذا كان التعرض يستند إلى سبب الحق للبيع فاألصل أن البائع ال‬

‫يضمنه إال إذا كان السبب ناشئاً عن فعله ‪ ،‬كما لو باع منقوالً ألحد األشخاص دون أن يسلمه إليه ‪ ،‬ثم باعه‬

‫ألخر حسن النية وسلمه إليه ‪ ،‬بسبب المشتري الثاني الملكية بموجب قاعدة الحيازة في المنقول سند‬

‫الحائز‪ ,75‬ومن الواضح أن سبب التعرض في هذا المثال قد حصل بعد البيع ‪ .‬و لكنه ناشئ عن فعل‬

‫البائع‪" .76‬بينما لو كان التعرض يستند إلى سبب الحق وليس للبائع يد فيه ‪ ،‬كما لو أهمل المشتري في قطع‬

‫التقادم الذي اكتمل بعد البيع ‪ ,‬أو نزعت منه الملكية باالستمالك للمصلحة العامة ‪ ,‬فال يكون البائع ضامنا‬

‫لهذا التعرض‪.‬‬

‫ثالث ا ‪ :‬أن يكون التعرض قد وقع فعالا من الغير ‪:‬‬

‫ادعاء قانونياً في مواجهة المشتري ‪ ،‬كما‬


‫ً‬ ‫ويتحقق هذا الشرط ويعد التعرض قد وقع فعال عندما يدعي الغير‬

‫لو قام برفع دعوى على المشتري يدعي فيها ملكية المبيع أو أي حق آخر عليه ‪ ،‬أو كما لو تمسك بدفع‬

‫قانوني في مواجهة المشتري ‪ ،‬ويحصل ذلك عندما يكون المبيع في يد الغير فيرفع المشتري عليه ‪ -‬بعد البيع‬

‫‪ -‬دعوى يطالبه فيها بالمبيع فيتمسك الغير بالحق الذي يدعيه بموجب دفع يدفع به دعوى االسترداد التي‬

‫رفعها المشتري عليه ‪ .77‬كما ويعد التعرض قد وقع فعالً أيضاً إذا باشر الغير على المبيع أعماالً مادية‬

‫باالستناد إلى الحق الذي يدعيه‪ .78‬وعليه إن الحق في الضمان ال يثبت للمشتري لمجرد خشيته من وقوع‬

‫‪ 75‬نصت المادة ( ‪ ) 1 / 1325‬من قانون المعامالت المدنية على أنه ‪ " :‬ال تسمع دعوى الملك على من حاز منقوال أو حقا عينيا على منقول‬
‫أو سند لحامله و كانت حيازته تستند إلى سبب صحيح و حسن نية"‪.‬‬
‫‪ 76‬د‪ .‬السنهوري ‪ ,‬الوسيط في شرح القانون المدني ‪ ,‬الجزء الرابع ‪ ,‬المجلد األول ‪ ,‬البيع و المقايضة ‪1960 ,‬م ‪ , 649 / 4 ,‬د‪ .‬العامري ‪ ,‬الوجيز في‬
‫العقود المسماة ‪ ,‬عقدي البيع و االيجار ‪1974 ,‬م ‪ ,‬ص ‪.134‬‬
‫‪ 77‬د‪ .‬السنهوري ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص‪.563‬‬
‫د‪ .‬خضر ‪ ,‬العقود المدنية الكبيرة ‪ ,‬البيع و التأمين و اإليجار ‪ ,‬الطبعة الثانية ‪ ,‬دار النهضة العربية ‪1984 ,‬م ‪ ,‬ص ‪. 204‬‬ ‫‪78‬‬

‫‪39‬‬
‫التعرض أو احتمال وقوعه ‪ ،‬كما لو علم بأن المبيع الذي اشتراه مملوك لغير البائع ‪ ،‬ولكن يحق له في هذه‬

‫الحالة االمتناع عن دفع الثمن‪. 79‬‬

‫ثانيا ‪ :‬ضمان االستحقاق‬

‫يعد االلتزام بضمان االستحقاق التزاماً احتياطياً ‪ ,80‬و ذلك بعد ما تعذر على البائع تنفيذ التزامه بضمان التعرض‬

‫تنفيذا عينياً ثم التحول إلى تنفيذ االلتزام بطريق التعويض‪ .81‬و عليه فإن األساس القانوني اللتزام البائع‬

‫بالتعويض هو المسؤولية العقدية‪.82‬‬

‫و يراد بدعوى االستحقاق الدعوى التي يقيمها الغير لدى المحكمة المختصة من أجل المطالبة بالحق الذي‬

‫يدعيه على المبيع‪ .‬و يحق للمشتري بمجرد إقامة دعوى االستحقاق عليه أن يحبس الثمن إذا لم يكن قد دفعه‬

‫بعد ‪ ,‬و قد نصت المادة ( ‪ ) 1 / 564‬على أنه ‪ " :‬إذا رفعت على المشتري دعوى باستحقاق المبيع مستندة‬

‫إلى حق سابق على المبيع أو آيل إليه من البائع جاز للمشتري أن يحتبس الثمن حتى يقدم البائع كفيالً مليئاً‬

‫يضمن للمشتري رد الثمن عند ثبوت االستحقاق و للبائع أن يطلب إلى المحكمة تكليف المشتري إيداع الثمن‬

‫لديها بدالً من تقديم الكفيل"‪.‬‬

‫هناك حالتين لالستحقاق ‪ ,‬هما ‪:‬‬

‫‪ 79‬المادة ( ‪ ) 2 / 457‬مدني مصري ‪ ,‬المادة ( ‪ ) 1 / 576‬مدني عراقي ‪ .‬د‪ .‬فرج ‪ ,‬المرجع السابق ‪ ,‬ص ‪. 299‬‬
‫‪ 80 80‬ضمان استحقاق المبيع في القانون المدني األردني و قانون المعامالت المدنية اإلماراتي – دراسة مقارنة ‪ ,‬مجلة مؤتة للبحوث و‬
‫الدراسات ‪ ,‬مجلد ‪ , 15‬عدد ‪ , 4‬سنة ‪2000‬م ‪ ,‬ص‪. 84 – 63‬‬
‫‪ 81‬المادتين ‪ ) 386 , 380 ( :‬معامالت مدنية إماراتي‪.‬‬
‫‪ 82‬د‪ .‬سلطان ‪ ,‬العقود المسماة ‪ :‬عقد البيع ‪ ,‬مطابع رمسيس ‪ ,‬اإلسكندرية ‪ , 1966 ,‬ص‪.228‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ -1‬االستحقاق الكلي ‪ :‬و يقصد به ظهور حقيقة أن المبيع لم يكن مملوكاً للبائع بثبوت ملكيته كله للغير الذي‬

‫ينتزع من تحت يد المشتري فيؤدي ذلك إلى حرمان األخير من جميع الحقوق المقررة له على المبيع‪ .83‬و‬

‫تختلف آثار االستحقاق الكلي بحسب الفرضيين التاليين ‪:84‬‬

‫‪ -1‬أن يجيز الغير المستحق البيع ‪ :‬إذا قضي باستحقاق المبيع للغير ‪ ,‬فإنه بإمكانه أن يجيز البيع باعتباره‬

‫مالكاً للمبيع ‪ ,‬و من المعلوم أن بيع ملك الغير في القانوني اإلماراتي موقوف على إجازة المالك‪ .‬و عند تحقق‬

‫اإلجازة يرجع المستحق على البائع بالثمن و تخلص الملكية للمشتري ‪ ,‬فيعود بذلك لكل ذي حقه‪.‬‬

‫‪ -2‬أن ال يجيز الغير المستحق البيع ‪ :‬و عندئذ ينفسخ العقد و يعتبر كأن لم يكن ‪ ,‬فيأخذ المستحق المبيع ‪,‬‬

‫و يكون للمشتري أن يرجع على البائع و ذلك بأن يرجع بالثمن الذي دفعه له ‪ ,‬فالعقد قد انفسخ و يجب إعادة‬

‫المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها عند التعاقد ‪ ,85‬و عليه أيضا أن يرجع على البائع بقيمة التحسينات‬

‫‪86‬‬
‫النافعة ‪ ,‬كتزويد العقار بالماء و الكهرباء ‪ ,‬و التعويض عن الضرر الذي لحق بالمشتري بسبب االستحقاق‬

‫حيث يجوز للمشتري الرجوع على البائع بالتعويض عن األضرار التي أصابته نتيجة لنزع المبيع من تحت يده‬

‫‪ ,‬و أخي ار يرجع على البائع بما دفعه للمستحق مما أدفاه من ريع المبيع أو غلته ‪ ,‬و ذلك باعتباره أحد عناصر‬

‫الضرر الذي لحقه بسبب االستحقاق‪.87‬‬

‫‪ 83‬د‪ .‬غني حسون طه ‪ ,‬عقد البيع ‪ 1970 ,‬م‪ ,‬ص ‪.284‬‬


‫‪ 84‬د‪ .‬عبدالخالق حسن أحمد ‪ ,‬عقد البيع ‪ ,‬الوجيز في شرح قانون المعامالت المدنية لدولة االمارات العربية المتحدة االتحادي رقم (‪ ,)5‬في‬
‫‪ ,1985/12/15‬ج‪ , 3‬طبعة ‪1429‬هـ ‪2008 -‬م ‪ ,‬أكاديمية شرطة دبي ‪ ,‬ص‪.189‬‬
‫‪ 85‬د‪ .‬جاسم الشامسي ‪ ,‬عقد البيع في ضوء قانون المعامالت المدنية لدولة االمارات العربية المتحدة ‪ ,‬مطبوعات جامعة االمارات العربية المتحدة ‪,‬‬
‫‪1419 / 1418‬هـ ‪ 1998 – 1997 -‬م‪ ,‬ص‪.516‬‬
‫‪ 86‬المادة ( ‪ ) 4 / 536‬من قانون المعامالت المدنية ‪.‬‬
‫‪ 87‬علي هادي العبيدي ‪ ,‬الوجيز في شرح القانون المدني األردني ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬في البيع و اإليجار ‪ ,‬أربد – األردن ‪ , 1997 ,‬ص‪.114‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ -2‬االستحقاق الجزئي للمبيع ‪ :‬و يقصد به استحقاق بعض المبيع أو جزء منه على نحو ال يفوت على‬

‫المشتري االنتفاع الكامل بالمبيع ‪ ,‬إنما يفوت عليه االنتفاع الجزئي به ‪ ,‬سواء كان المبيع ماالً شائعاً استحق‬

‫منه حصة شائعة أو مفرزة ‪ ,‬أم كان المبيع مثقل بحقوق للغير كحقوق ارتفاق غير ظاهرة ‪ ,‬أو حق انتفاع ‪ ,‬أو‬

‫رهن أو حق امتياز ‪.88‬‬

‫تنص المادة ( ‪ ) 555‬من القانون المدني على أنه ‪ -1 " :‬إذا استحق بعض المبيع أو كان مثقال بتكاليف ال‬

‫علم للمشتري بها وقت العقد كان للمشتري أن يفسخ العقد ‪ -2 ,‬و إذا اختار المشتري الباقي من المبيع فله أن‬

‫يطالب بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب االستحقاق"‪.‬‬

‫يتضح من النص أعاله أن المشرع العراقي ال يميز في االستحقاق الجزئي بين استحقاق جسيم لو علم به‬

‫المشتري لما أبرم العقد واستحقاق غير جسيم كما فعل القانون المدني الفرنسي والمصري‪ .‬فاالستحقاق الجزئي‬

‫في القانون العراقي حكمه واحد في الحالتين وهو الخيار بين الفسخ و رد البيع أو استبقاء المبيع مع المطالبة‬

‫بالتعويض عن الضرر‪ .89‬فإذا اختار المشتري الفسخ وأجيب إلى طلبه وجب رد الحالة إلى ما كانت عليه قبل‬

‫إبرام العقد و يعتبر العقد كأنه لم يوجد أصال فيلتزم المشتري أن يرد ما بقي من المبيع إلى البائع و ما قبضه‬

‫من ثماره ‪ ,‬كما يلتزم البائع بأن يرد إلى المشتري الثمن الذي قبضه بل انه يلتزم فوق ذلك بالتعويض إذا توافرت‬

‫شروطه‪.90‬‬

‫أما إذا اختار بقاء العقد فإن له أن يطالب بالتعويض عن األضرار التي لحقت به من هذا االستحقاق الجزئي‪.‬‬

‫‪ 88‬د‪ .‬عبدالحميد عثمان ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬عقد البيع ‪ , 2008 ,‬بدون ناشر ‪ ,‬ص‪.193‬‬
‫‪ 89‬يرى د‪ .‬حسن علي الذنون بوجوب األخذ بمعيار الجسامة الذي أخذ به المشرع الفرنسي و المصري ألنه تطبيق للقواعد العامة ‪ ,‬العقود‬
‫المسماة ‪,‬عقد البيع ‪ , 1953 ,‬ص ‪.225‬‬
‫‪ 90‬د ‪ .‬حسن الذنون ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬عقد البيع ‪1954 ,‬م ‪ ,‬ص ‪.225‬‬

‫‪42‬‬
‫المبحث الرابع‬

‫شروط ضمان العيوب الخفية‬

‫ال يكفي أن يضمن البائع للمشتري عدم التعرض له في وضع يده على المبيع و حيازته حيازة هادئة ‪ ,‬بل‬

‫يجب أن يضمن له حيازة مجدية نافعة ‪ ,‬ألن المشتري نظر إلى الفائدة التي سوف يحصل عليها من المبيع ‪,‬‬

‫فإذا كان في المبيع عيب ينقص من مقدار فائدته ‪ ,‬كان وجود الثمن تحت يد البائع بال مبرر مشروع‪.91‬‬

‫و العيب الخفي هو خلل في صفة معتبرة في الشيء يترتب عليه نقص في قيمته أو منفعته ‪.92‬‬

‫و نظ اًر ألهمية هذا االلتزام في عقد البيع فقد نصت المادة ( ‪ ) 1 / 543‬من قانون المعامالت المدنية اإلماراتي‬

‫على أنه ‪ " :‬يعتبر البيع منعقداً على أساس خلو المبيع من العيوب إال ما جرى العرف على التسامح فيه"‪.93‬‬

‫و قد تطرق قانون المعامالت المدنية اإلماراتي ألحكام العيوب في موضعين ‪ ,‬أحدهما في القواعد العامة في‬

‫موضوع خيار العيب ( المواد ‪ , ) 242 – 237 :‬واآلخر في عقد البيع ( المواد ‪ , ) 555 – 543 :‬و هذا‬

‫يعني أن ضمان العيوب ال يقتصر على عقد البيع و إنما يشمل كل عقود المعاوضة‪ .94‬كما أنه يشمل جميع‬

‫البيوع سواء كان محلها عقا اًر أو منقوالً ‪ ,‬شيئاً مادياً أو غير مادي ‪ .‬و من األمثلة على ضمان البيع في البيوع‬

‫‪ 91‬د‪ .‬أنور سلطان ‪ ,‬شرح عقدي البيع و المقايضة ‪ ,‬دراسة مقارنة في القانونين المصري و اللبناني ‪ ,‬دار النهضة العربية للطباعة و النشر ‪ ,‬بيروت‬
‫لبنان‪1983,‬م ‪ ,‬ص‪.252‬‬
‫‪ 92‬د ‪ .‬محمد لبيب ‪ ,‬دروس في نظرية االلتزام ‪ ,‬القاهرة ‪1992 ,‬م ‪ ,‬ص‪.219‬‬
‫‪ 93‬و عليه يثبت للمشتري خيار العيب الذي بموجبه يستطيع فسخ العقد و لو لم يتضمنه نص في العقد‪ ( .‬الطعن ‪ 325‬سنة ‪ 24‬ق شرعي‬
‫جلسة ‪ 2003 / 12 / 6‬صفحة ‪ 2436‬من مجموعة األحكام الصادرة من المحكمة االتحادية العليا)‪.‬‬
‫‪ 94‬د‪ .‬توفيق حسن فرج ‪ ,‬شرح أحكام عقد البيع ‪ ,‬الطبعة األولى ‪ , 2012 ,‬مكتبة الجامعة ‪ ,‬ص ‪. 420‬‬

‫‪43‬‬
‫الواردة على أشياء غير مادية فيما لو ورد البيع على متجر و تبين أن سمعته سيئة أو تبين أن إجازته قد‬

‫سحبت‪.95‬‬

‫نصت المادة ( ‪ ) 238‬من قانون المعامالت المدنية على أنه ‪ " :‬يشترط في البيع لكي يثبت به الخيار أن‬

‫يكون قديما مؤث ار في قيمة المعقود عليه و أن يجهله المشتري و أن ال يكون البائع قد اشترط البراءة منه"‪.‬‬

‫يتضح من هذا النص أن شروط العيب ترد على صنفين ‪ ,‬سأردهما على النحو التالي ‪:‬‬

‫بماهية العيب‬
‫ّ‬ ‫أوال ‪ :‬الشروط المتعلقة‬

‫و تتمثل هذه الشروط في ثالثة ‪ ,‬و هي ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يكون العيب قديماً ‪ :‬ورد في الفقرتين الثانية و الثالثة من المادة ( ‪ ) 544‬من قانون المعامالت المدنية‬

‫بأنه ‪ -2 ":‬يعتبر العيب قديماً إذا كان موجوداً في المبيع قبل البيع أو حدث بعده و هو في يد البائع قبل‬

‫التسليم‪ -3 .96‬و يعتبر العيب الحادث عند المشتري بحكم القديم إذا كان مستنداً إلى سبب قديم موجود في‬

‫المبيع عند البائع"‪.97‬‬

‫‪ 95‬د‪ .‬السنهوري ‪ ,‬الوسيط ‪ , 720 / 4 ,‬هامش ‪.1‬‬


‫‪ 96‬تقابلها المادة ( ‪ ) 2 / 558‬مدني عراقي ‪ ,‬و قد نصت المادة ( ‪ ) 329‬من مجلة األحكام العدلية على أن ‪ " :‬العيب القديم ما يكون موجودا‬
‫في المبيع و هو عند البائع"‪ .‬كما نصت المادة ( ‪ ) 340‬منها على أن ‪ " :‬العيب الذي يحدث في المبيع و هو في يد البائع بعد العقد و قبل‬
‫القبض حكمه حكم العيب القديم الذي يوجب الرد ‪ .‬و لم تتطرق المجلة و القانون المدني العراقي للحالة الواردة في الفقرة ( ‪ ) 3‬من المادة (‬
‫‪.) 544‬‬
‫‪ 97‬د‪ .‬السنهوري ‪ ,‬الوسيط ‪ ,‬ص‪.631‬‬

‫‪44‬‬
‫‪ -2‬أن يكون العيب خفياً ‪ :‬يمكن القول أن العيب الخفي هو الذي يصيب باطن الشيء و ليس ظاهره وال‬

‫يتمكن الشخص العادي نم اكتشافه عند البيع إال إذا استعان بخبير مختص ‪ ,‬أو ال يتمكن من اكتشافه إذا‬

‫جربه‪ .‬و عليه ال يعتبر العيب خفياً الذي يعرف بمشاهدة ظاهر المبيع كما لو كان المبيع سيارة و كان في أحد‬

‫أجزائها الخارجية كسر ظاهر‪ .‬و إذا لو قام شخص بشراء شيء دون أن يلتفت إلى ما فيه من عيب لكونه لم‬

‫يبذل عناية الرجل العادي في فحصه فال يستطيع الرجوع على البائع بالضمان ألنه مقصر‪.98‬‬

‫المشرع اإلماراتي ال يلزم المشتري باالستعانة بخبير لفحص المبيع قبل شرائه ‪ ,‬و عليه فإذا لم يقم بذلك فال يعد‬

‫مقص ار في فحص المبيع ‪ ,‬و بالتالي فهو يستحق الضمان‪.99‬‬

‫‪ -3‬أن يكون العيب مؤث اًر ‪ :‬هناك معيارين في تحديد مفهوم العيب المؤثر ‪ ,‬معيار النقص في القيمة الذي‬

‫يمكن التعرف عليه من خالل تحديد قيمة المبيع في السوق ‪ ,‬ومعيار النقص في المنفعة الذي يمكن التعرف‬

‫عليه من خالل تحديد الغرض الذي قصده المشتري من المبيع و بغض النظر عن قيمة المبيع في السوق‪.100‬‬

‫أرى في المادة ( ‪ ) 543‬التي وضحتها أعاله بأنه من غير المتصور أن يجري العرف على أساس التسامح‬

‫في عيب ينقص بشكل واضح من المنفعة المقصودة من المبيع‪ .‬فالعيوب التي جرى العرف على التسامح فيها‬

‫هي العيوب البسيطة‪.101‬‬

‫‪ 98‬د‪ .‬عبدالحميد عثمان ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬عقد البيع ‪2008 ,‬م ‪ ,‬بدون ناشر ‪ ,‬ص‪.204‬‬
‫‪ 99‬في هذا المجال تقول محكمة التمييز األردنية أن العيب الفني هو من العيوب الخفية التي ال يمكن للمشتري اكتشافها إال بعد االستعمال‪ ( .‬تمييز حقوق‬
‫‪ 99 / 277‬صفحة ‪ 2323‬سنة ‪.) 2002‬‬
‫‪ 100‬د‪ .‬تناغو ‪ ,‬عقد االيجار ‪ ,‬الدار الجامعية ‪1984 ,‬م‪ ,‬ص ‪.312‬‬
‫‪ 101‬د‪ .‬السنهوري ‪ ,‬الوسيط ‪ ,‬ص‪ - .630‬و من أمثلة هذه العيوب ما نصت عليه المادة ( ‪ ) 353‬من مجلة األحكام العدلية نم أنه ‪ " :‬إذا وجد المشتري في‬
‫الحنطة أو الشعير أو أمثالها من الحبوب المشتراة ترابا فإن كان ذلك التراب يعد قليال في العرف صح البيع و إن كان كثيرا بحيث يعد عيبا عند الناس‬
‫يكون المشتري مخيرا"‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫بماهية العيب‬
‫ّ‬ ‫ثانيا‪ :‬الشروط التي ال تتعلق‬

‫و تتمثل هذه الشروط في ثالثة ‪ ,‬و هي ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يكون المشتري جاهالً بالعيب ‪ :‬إن التزام البائع بضمان العيوب الخفية مقرر لحماية مصلحة المشتري‪.‬‬

‫و عليه إذا قام المشتري بشراء المبيع و هو على علم بالعيب فهو ليس بحاجة إلى الحماية ألنه كان على بينة‬

‫من األمر ‪ ,‬و من المؤكد أنه أدخل هذا العيب في االعتبار عند تحديد الثمن‪ .‬ويتحقق علم المشتري بالعيب‬

‫‪102‬‬
‫‪ ,‬أو عن طريق شخص آخر ‪ ,‬أو يكتشفه‬ ‫إما عن طريق البائع الذي يخبره بوجود العيب عند إبرام العقد‬

‫‪ ,‬وال يوجد فرق في‬ ‫‪103‬‬


‫بنفسه عن طريق الفحص ‪ ,‬أو يكون عالما به مسبقا بسبب معرفته بالبائع أو المبيع‬

‫الحكم في هذه الحاالت ‪ ,‬إذ ال يكون البائع مسؤوال عن البيع‪ ,104‬و ذلك ألن العيب المعلوم يأخذ حكم العيب‬

‫الظاهر و بالتالي ال يعد من العيوب الخفية‪ .‬و يقع على عاتق البائع عبء إثبات أن المشتري كان يعلم بالعيب‬

‫الخفي و أنه كان يعلم أيضا بالعيب وقت التسليم ‪ ,‬و العلم واقعة مادية يجوز للبائع إثباتها بكافة طرق اإلثبات‬

‫و منها البينة و القرائن ‪.105‬‬

‫‪ 102‬نصت المادة ( ‪ ) 341‬من المجلة على أنه ‪ ":‬إذا ذكر البائع أن في البيع عيب كذا و كذا و قبل المشتري مع علمه بالعيب ال يكون له الخيار‬
‫بسبب ذلك العيب"‪.‬‬
‫‪ 103‬د‪ .‬جاسم الشامسي ‪ ,‬عقد البيع في ضوء قانون المعامالت المدنية لدولة االمارات العربية المتحدة ‪ ,‬مطبوعات جامعة االمارات العربية المتحدة ‪,‬‬
‫‪1419 / 1418‬هـ ‪ 1998 – 1997 -‬م ‪ ,‬ص‪.544‬‬
‫المادة ( ‪ ) 3 , 2 , 1 / 545‬معامالت مدنية إماراتي‪.‬‬ ‫‪104‬‬

‫د‪ .‬رمضان أبو السعود ‪ ,‬العقود المسماة – عقد البيع ‪ , -‬دار النهضة العربية ‪ ,‬ص‪.330‬‬ ‫‪105‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ -2‬أن ال يكون البائع قد اشترط البراءة من العيب‪ :106‬يلزم لصحة شرط اإلعفاء من ضمان كل عيب في‬

‫المبيع أو من عيب معين ‪ ,‬توفر شرطين ‪ :‬أحدهما ‪ ,‬أن ال يكون البائع قد تعمد إخفاء العيب ‪,‬و اآلخر ‪ ,‬أن‬

‫ال يكون المشتري في حالة تمنعه من االطالع على العيب‪ .107‬و لتوضيح ذلك ‪ ,‬فإن في الشرط األول ‪ ,‬بمجرد‬

‫علم البائع بالعيب ال يمنع من صحة شرط البراءة ألن القانون استلزم تعمد البائع في إخفاء العيب ‪ ,‬و هذا ال‬

‫يتحقق إال عند قيامه ببعض األعمال إلخفاء العيب وال يكفي مجرد العلم به‪ .‬أما الشرط الثاني ‪ ,‬يقصد بالحالة‬

‫التي تمنع المشتري من االطالع على العيب الموانع المادية التي تحول بين المشتري و بين قيامه بفحص‬

‫المبيع كما لو كان المشتري ضري اًر أو كان المبيع غير حاضر في مجلس العقد‪.‬‬

‫‪ -3‬أن ال يكون البيع قد جرى بطريق المزاد من قبل السلطات القضائية أو اإلدارية‪ :108‬و يقصد بالبيوع‬

‫وتدخل القضاء في البيع قد يكون إما أم اًر‬


‫ّ‬ ‫القضائية التي تكون تحت إشراف القضاء و تكون بالمزاد العلني‪.‬‬

‫الزما بمقتضى القانون كما هو الحال بالنسبة لبيع أموال المدين المحجوز عليه وفاء لحقوق دائنيه ‪ ,‬أو قد يكون‬

‫التدخل في البيع عارضاً كما هو الحال بالنسبة لبيع األموال الشائعة الذي تعذرت قسمتها عيناً أمام المحكمة‬

‫‪.109‬‬

‫‪ 106‬نصت المادة ( ‪ ) 453‬من القانون المدني المصري على أنه ‪ " :‬يجوز للمتعاقدين باتفاق خاص أن يزيدا في الضمان أو ينقصا منه أو أن‬
‫يسقطا هذا الضمان ‪ ,‬على أن كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه يعتبر باطال إذا كان البائع قد تعمد إخفاء العيب غشا منه‪.‬‬
‫‪ 107‬د‪ .‬عبدالخالق حسن أحمد ‪ ,‬عقد البيع ‪ ,‬الوجيز في شرح قانون المعامالت المدنية لدولة االمارات العربية المتحدة رقم ( ‪ , ) 5‬في ‪, 1985-12-15‬‬
‫ج‪ , 3‬طبعة ‪1429‬هـ ‪ 2008 -‬م ‪ ,‬أكاديمية شرطة دبي ‪ ,‬ص‪.208‬‬
‫المادة ( ‪ ) 545‬معامالت مدنية إماراتي‪.‬‬ ‫‪108‬‬

‫د‪ .‬محمد لبيب ‪ ,‬دروس في نظرية االلتزام ‪ ,‬القاهرة ‪1992 ,‬م ‪ ,‬ص ‪.231‬‬ ‫‪109‬‬

‫‪47‬‬
‫أما البيوع اإلدارية هي البيوع التي تجريها جهة اإلدارة و التي يحتم القانون عليها أن تجريها بالمزاد‪ ,‬و هي قد‬

‫تتم عالنية عن طريق تقديم العطاءات في مظاريف مغلقة ‪ ,‬و في كلتا الحالتين ال توجب هذه البيوع ضماناً‬

‫للعيوب ‪.110‬‬

‫و يعود السبب في هذا إلى أن البيع يتم اإلعالن عنه قبل مدة مناسبة فتكون هناك فرصة للمشتري في فحص‬

‫المبيع ‪ ,‬خصوصاً و أن المبيع سوف يكون معرضاً للفحص من قبل عدد كبير من الراغبين بالشراء‪ .111‬ويؤدي‬

‫‪112‬‬
‫‪ ,‬و من الصعب‬ ‫فسخ البيع إلى أن تعاد إجراءات طويلة و تصرف مصروفات جديدة يتحمل عبئها المدين‬

‫إعادة الوضع على ما كان عليه قبل البيع ‪ ,‬هذا باإلضافة إلى أن معرفة المشتري بأن ليس له الحق في المطالبة‬

‫بضمان العيوب الخفية التي يمكن أن يتبينها بعد التسليم ‪ ,‬يدفعه إلى التقدم بثمن منخفض مما يعطي البيع‬

‫طابع العقد االحتمالي ‪.113‬‬

‫الفصل الثالث‬

‫التزامات المشتري‬

‫يلتزم المشتري بثالثة التزامات رئيسية هي‪ :‬التزامه بدفع الثمن والتزامه بتسلم المبيع والتزامه بدفع النفقات‪.‬‬

‫سوف أقسم هذا الفصل إلى ثالثة مباحث لمعالجة هذه االلتزامات‪.‬‬

‫‪ 110‬د‪ .‬عبدالحميد عثمان ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬عقد البيع ‪2008 ,‬م ‪ ,‬بدون ناشر‪ ,‬ص‪.207‬‬
‫‪ 111‬د‪ .‬توفيق حسن فرج ‪ ,‬شرح أحكام عقد البيع ‪ ,‬الطبعة األولى ‪2012 ,‬م ‪ ,‬مكتبة الجامعة ‪ ,‬ص‪.207‬‬
‫‪ 112‬مجموعة األعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ‪ , 129/ 4 ,‬د‪ .‬السنهوري ‪ ,‬الوسيط ‪ ,‬جزء ‪ , 4‬ص ‪ , 732‬د‪ .‬أنور سلطان ‪,‬‬
‫المرجع السابق ‪ ,‬ص ‪. 276‬‬
‫‪ 113‬د‪ .‬توفيق حسن فرج ‪ ,‬شرح أحكام عقد البيع ‪ ,‬الطبعة األولى ‪2012 ,‬م ‪ ,‬مكتبة الجامعة ‪ ,‬ص‪.423‬‬

‫‪48‬‬
‫المبحث األول‬

‫التزام المشتري بدفع الثمن‬

‫يعد هذا االلتزام من أهم االلتزامات التي تقع على عاتق المشتري‪ ،‬وهو التزامه بدفع الثمن في‬

‫الزمان و المكان المتفق عليه في عقد البيع الذي هو عقد معاوضة يجب فيه كل طرف أن يعطي‬

‫مقابالً لما أخذ‪ ,‬و يتعرض للجزاء في حالة عدم قيامه بذلك‪ ,‬و هذا ألهمية االلتزام‪.‬‬

‫والثمن عنصر أساسي من عناصر البيع ال يقوم بدونه‪ ,‬حيث يسعى البائع للوصول إليه‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬زمان دفع الثمن‬

‫نصت المادة ( ‪ ) 556‬من قانون المعامالت المدنية على أنه‪ " :‬على المشتري دفع الثمن عند التعاقد أوال و‬

‫قبل تسليم المبيع‪ ,‬أو المطالبة به مالم يتفق على غير ذلك"‪114.‬يتضح من هذا النص أن المشرع قد حدد زمان‬

‫الوفاء بالثمن بوقت إبرام عقد البيع ‪ ,‬و بالتالي يجب على المشتري بدفع الثمن قبل تسلم المبيع حتى يمكنه‬

‫المطالبة بالتسليم ‪ ,‬وذلك بشرط أن يكون البيع موجوداً وقت إبرام عقد البيع ‪ ,‬و على هذا يكون من حق البائع‬

‫االمتناع عن تسليم المبيع إذا لم يقم المشتري بدفع الثمن‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫و حيث أن التزام المشتري بدفع الثمن يترتب في ذمته بمجرد انعقاد البيع ‪ ,‬لذا يجب الوفاء به في هذا التاريخ‬

‫‪ ,‬لكن هذا الحكم ليس من النظام العام ‪ ,‬حيث يجوز االتفاق على تأجيل دفع الثمن أو تقسيطه‪.116‬‬

‫‪ 114‬د‪ .‬هبة وهبة الزحلي ‪ ,‬الفقه اإلسالمي و أدلته ‪ : 414/4 ,‬يتفق هذا الموقف مع ما ذهبت إليه الحنفية و المالكية ‪ ,‬و قد ذهب الشافعية و‬
‫الحنابلة إلى وجوب تسلم المبيع أوال و ذلك ألن حق المشتري في عين المبيع و حق البائع في الذمة فيتقدم ما تعلق بالعين‪.‬‬
‫‪ 115‬الطعن رقم ‪ , 512‬سنة ‪19‬ق ‪ ,‬جلسة ‪.1999/9/28‬‬
‫‪ 116‬د‪ .‬علي هادي ‪ ,‬شرح أحكام عقد البيع ‪ ,‬الطبعة األولى ‪2012 ,‬م ‪ ,‬مكتبة الجامعة ‪ ,‬ص‪.194‬‬

‫‪49‬‬
‫ثانيا‪ :‬مكان دفع الثمن‬

‫نصت المادة ( ‪ ) 562‬من قانون المعامالت المدنية على أنه‪ -1 " :‬يلتزم المشتري بتسليم الثمن المعجل في‬

‫مكان وجود المبيع وقت العقد ‪ ,‬مالم يوجد اتفاق أو عرف يغاير ذلك‪ -2 .‬و إذا كان الثمن ديناً مؤجالً على‬

‫المشتري ‪ ,‬ولم يجري االتفاق على الوفاء به في مكان معين ‪ ,‬لزم أداؤه في موطن المشتري وقت حلول األجل"‪.‬‬

‫يتضح من هذا النص أن األصل في تحديد مكان دفع الثمن هو ما اتفق عليه المتعاقدان ‪ ,‬أو ما قضى به‬

‫العرف ‪ ,‬و إذا لم يوجد اتفاق أو عرف يحدد المكان الذي يؤدى فيه الثمن ‪ ,‬وجب مراعاة ما يلي ‪:‬‬

‫‪117‬‬
‫‪ :‬أي مستحق األداء عند إبرام العقد ‪ ,‬في هذه الحالة يجب الوفاء به في المكان‬ ‫‪ -1‬إذا كان الثمن معجالً‬
‫الذي يوجد فيه المبيع وقت العقد ‪ .118‬فإذا كان العقد قد تم في دبي و المبيع في الشارقة ‪ ,‬فإن مكان الوفاء‬
‫بالثمن يكون في الشارقة‪.‬‬

‫‪ -2‬إذا كان الثمن ديناً مؤجالً ‪ :‬هذا يعني أن هناك اتفاق أو عرف قضي بتأجيل الثمن إلى أجل معلوم‪ ,‬فإذا‬

‫لم يتفق المتبايعان على مكان معين للوفاء به ‪ ,‬في هذه الحالة يجب الوفاء به في موطن المشتري وقت حلول‬

‫األجل‪ .‬بمعنى أنه على البائع الدائن أن يسعى إلى المشتري المدين الستيفاء الثمن في موطنه‪ .‬و تجدر اإلشارة‬

‫هنا أن هذه القاعدة المتعلقة بوجوب الوفاء بالثمن في موطن المشتري إذا كان الثمن مؤجالً قاعدة مكملة ‪,‬‬

‫يجوز االتفاق على خالفها و تحديد مكان آخر للوفاء بالثمن ‪ ,‬كأن يحدد موطن البائع أو محل عمله أو مكان‬

‫آخر للوفاء بالثمن ‪ ,‬وفي هذه الحالة يكون هذا االتفاق ملزماً لهما ‪.119‬‬

‫‪ 117‬د‪ .‬سعدون العامري ‪ ,‬الوجيز في العقود المسماة ‪ ,‬عقدي البيع و االيجار ‪1974 ,‬م ‪ ,‬ص ‪ .163‬د‪ .‬غني طه ‪ ,‬عقد البيع ‪ , 1970 ,‬ص‪.337‬‬
‫‪ 118‬د‪ .‬عبدالخالق حسن ‪ ,‬عقد البيع ‪ ,‬الوجيز في شرح قانون المعامالت المدنية لدولة االمارات العربية المتحدة رقم ( ‪ , ) 5‬في ‪-12-15‬‬
‫‪ , 1985‬ج‪ , 3‬طبعة ‪1429‬هـ ‪ 2008 -‬م ‪ ,‬أكاديمية شرطة دبي ‪ ,‬ص‪.221‬‬
‫‪ 119‬د‪ .‬محمد يوسف الزعبي ‪,‬العقود المسماة ‪ ,‬شرح عقد البيع في القانون المدني ‪ ,‬الطبعة األولى ‪ ,‬مكتبة دار الثقافة للنشر و التوزيع ‪ ,‬عمان‬
‫‪2004 ,‬م ‪ ,‬ص‪.448‬‬

‫‪50‬‬
‫ثالثا ‪ :‬حق المشتري في حبس الثمن‬

‫يحق للبائع أن يتقاضى المشتري متى كان الثمن مستحق األداء في ميعاد استحقاقه ولو جب اًر عليه‪ .‬ولكن يجوز‬

‫للمشتري أن يمتنع في بعض الحاالت عن الوفاء بالثمن رغم استحقاقه ‪ ,‬و بحبسه في يده ‪ ,‬حددت المادة (‬

‫‪ ) 564‬كم القانون المدني هذه الحاالت بقولها ‪ -1 ":‬إذا رفعت على المشتري دعوى باستحقاق المبيع مستندة‬

‫إلى حق سابق على البيع أو آيل إليه من البائع جاز للمشتري أن يحتبس الثمن حتى يقدم البائع كفيالً مليئاً‬

‫يضمن للمشتري رد الثمن عند ثبوت االستحقاق و للبائع أن يطلب إلى المحكمة تكليف المشتري إيداع الثمن‬

‫لديها بدالً من تقديم الكفيل‪ -2 .‬ويسري حكم الفقرة السابقة إذا تبين المشتري في المبيع عيباً قديماً مضموناً‬

‫على البائع"‪.‬‬

‫يتضح من هذا النص فضالً عن كونه تطبيقاً للقواعد العامة ‪ ,120‬أن حاالت حبس الثمن من قبل المشتري‬

‫تنحصر فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ -1‬يجوز للمشتري الرجوع على البائع بضمان التعرض القانوني الصادر من الغير لو أنه كان قد دفع الثمن‪.‬‬

‫أما إذا لم يكن قد وفى الثمن كان األجدر له من الرجوع بالضمان أن يمتنع عن وفئه بعد استحقاقه ‪ .121‬ولكن‬

‫إذا كان التعرض وارداً على جزء من المبيع فقط‪ .‬فإن المشتري ال يستطيع أن يحبس كل الثمن و إنما ما يوازي‬

‫الجزء الذي فيه التعرض فقط ‪.122‬‬

‫‪ 120‬د‪ .‬غني طه ‪ ,‬عقد البيع ‪ , 1970 ,‬ص‪.342‬‬


‫‪ 121‬د‪ .‬سليمان مرقص ‪ ,‬شرح القانون المدني ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬المجلد األول ‪ ,‬عقد البيع ‪ ,‬الطبعة الرابعة ‪1980 ,‬م ‪ ,‬عالم الكتب ‪ ,‬ص‪.433‬‬
‫‪ 122‬د‪ .‬أنور سلطان ‪ ,‬شرح عقدي البيع و المقايضة ‪ ,‬دراسة مقارنة في القانونين المصري و اللبناني ‪ ,‬دار النهضة العربية للطباعة و النشر‬
‫‪ ,‬بيروت لبنان ‪1983 ,‬م ‪.286,‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ -2‬إذا وجد أسباب يخشى معها المشتري أن ينزع المبيع من تحت يده‪ .‬يجوز للمشتري أن يحبس الثمن عن‬

‫البائع إذا وجدت أسباب يخشى معها على المبيع أن يستحق و ينزع من تحت يده‪ .‬ولكن يجب أن تكون هناك‬

‫أسباب جدية لتطبيق هذا الحكم كما لو ظهر أن المبيع غير مملوك أو ظهر أنه مثقل برهن‪ .‬و يرجع تقدير‬

‫الجدية إلى قاضي الموضوع ‪.123‬‬

‫‪ -3‬إذا كشف المشتري في المبيع عيباً خفياً موجباً للضمان و طلب الفسخ أو نقصان الثمن و لم يكن قد دفع‬

‫الثمن جاز له أن يحبسه‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬جزاء إخالل المشتري بالتزامه في دفع الثمن‬

‫نصت المادة ( ‪ ) 1 / 380‬من قانون المعامالت المدنية على أنه ‪ ":‬يجبر المدين بعد إعذاره على تنفيذ ما‬
‫التزمه تنفيذاً عينياً متى كان ذلك ممكنا"‪.‬‬

‫كما نصت المادة ( ‪ ) 272‬على أنه ‪ -1" :‬في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بما وجب‬
‫عليه بالعقد جاز للمتعاقد اآلخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه‪ -2 .‬ويجوز للقاضي أن‬
‫يلزم المدين بالتنفيذ للحال أو ينظره إلى أجل مسمى وله أن يحكم بالفسخ و بالتعويض في كل حال إن كان له‬
‫مقتضى"‪.‬‬

‫يتضح من هذا النص أن المشرع رتب جملة من الجزاءات على عدم تنفيذ المشتري اختيا اًر التزامه بدفع الثمن‪,‬‬
‫و تتمثل هذه الجزاءات فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬التنفيذ العيني الجبري ‪ :‬و يقصد به إجبار المشتري عن طريق القضاء على الوفاء بعين ما التزم به وهو‬
‫ثمن المبيع ‪ ,‬ولما كان الثمن دائماً نقدياً ‪ ,‬فإن التنفيذ العيني يكون دائماً ممكناً وال يكون مرهقاً على وجه‬
‫قضاء إن امتنع عن الوفاء به في موعد استحقاقه أو تأخر عن‬
‫ً‬ ‫اإلطالق ‪ .124‬و يجبر المشتري على دفع الثمن‬
‫دفعه ‪ ,‬و يكون ذلك بالحجز على أمواله بما فيها المبيع إن وجد ‪ ,‬و بيعها و استيفاء حق البائع من ثمنها‪.‬‬

‫اوبري ورو ‪ ,‬دروس في القانون المدني ‪ ,‬باريس ‪ ,‬الطبعة السادسة ‪ ,‬الجزء‪ , 5‬ص‪.102‬‬ ‫‪123‬‬

‫د‪ .‬عبدالحميد عثمان ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬عقد البيع ‪ , 2008 ,‬بدون ناشر ‪ ,‬ص ‪.232‬‬ ‫‪124‬‬

‫‪52‬‬
‫وال يجوز للقاضي إعطاء المشتري مهلة ف دفع الثمن إال إذا كان معس اًر و اقتضت حالته منحه أجالً للوفاء‪,‬‬
‫مالم يكن في التأجيل ضرر جسيم على البائع عندئذ ال يمنح هذا األجل القضائي ‪.125‬‬

‫‪ -2‬فسخ البيع ‪ :‬يكون للبائع أن يطلب فسخ البيع‪ .‬و األصل أن يكون هذا الفسخ قضائياً ولكن ليس هناك ما‬

‫يمنع أن يتضمن العقد شرطاً فاسخاً صريحاً‪.‬‬

‫و لتطبيق هذا الفسخ يجب أن تتوافر الشروط التالية ‪:‬‬

‫‪ -1‬تحديد موعد معين ألداء الثمن‪ :‬أن يتفق المتعاقدان في البيع على أنه في حال عدم قيام المشتري بالوفاء‬

‫بالثمن عند حلول موعد معين ‪ ,‬فال بيع بينهما‪.‬‬

‫‪ -2‬تخلف المشتري عن أداء الثمن ‪ :‬يجب أيضا إلعمال الفسخ بإرادة البائع المنفردة أن يتقاعس المشتري عن‬

‫الوفاء بالثمن عند حلول الموعد المحدد ألدائه ‪ ,‬أما إذا قام المشتري بتنفيذ التزامه و الوفاء بالثمن فال يكون‬

‫هناك مجال إلعمال الفسخ ‪.126‬‬

‫‪ -3‬أال يكون تخلف المشتري عن دفع الثمن بفعل البائع ‪ :‬يلزم إلعمال حق البائع في الفسخ ‪ ,‬أن يكون تأخير‬

‫المشتري راجعاً إلى فعله ؛ ألنه إذا كان له يد في ذلك فال ينفسخ عقد البيع من تلقاء نفسه حتى لو اختاره البائع‬

‫؛ ألن تقصيره يسقط حقه في ذلك ‪.127‬‬

‫‪ 125‬المادتين ( ‪) 2/380 , 2/272‬معامالت مدنية إماراتي‪.‬‬


‫‪ 126‬د‪ .‬سليمان مرقص ‪ ,‬شرح القانون المدني ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬المجلد األول ‪ ,‬عقد البيع ‪ ,‬الطبعة الرابعة ‪1980 ,‬م ‪ ,‬عالم الكتب ‪ ,‬ص‪.462‬‬
‫‪ 127‬د‪ .‬عبدالمنعم البدراوي ‪ ,‬دروس القانون المدني للعقود المسماة ‪ ,‬البيع ‪1963 ,‬م ‪,‬ص ‪.400‬‬

‫‪53‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫التزام المشتري بتسلم المبيع‬

‫إذا قام البائع بالتزامه بتسليم المبيع للمشتري ‪ ,‬بحيث يتمكن هذا األخير من حيازته و االنتفاع به ‪ ,128‬فإن‬

‫البائع تب أر ذمته من هذا االلتزام ‪ ,‬و يجب على المشتري أن يتسلمه ‪ ,‬فإن لم يفعل بالرغم من تمكنه من االستالم‬

‫يكون البائع قد قام بتنفيذ التزامه بالتسليم ‪ ,‬ولم يقم المشتري بتنفيذ التزامه بالتسلم ‪.129‬‬

‫و هناك جملة من األمور التي سأبينها في هذا الموضوع و هي ‪:‬‬

‫‪ -1‬كيفية التسلم‬

‫تختلف كيفية تسلم المشتري للمبيع بحسب طبيعته‪ ,‬فيتم تسليم المنقول بالتسلم الفعلي أو بتسلم الوثائق الخاصة‬

‫بالمبيع ‪ ,‬كسندات الملكية أو سندات الحقوق العينية و الشخصية و المعنوية المتنازل عنها ‪ ,‬كبراءات االختراع‬

‫و العالمات التجارية ‪ .‬ويتم تسلم العقار ‪ ,‬أي يكون المشتري تسلم تسلماً حكمياً بحيازته الشيء أو تسلم مفاتيحه‬

‫‪ .‬و قد يحصل تسلم المبيع حكماً‪ ,‬بتركه في يد البائع و ذلك بسبب‬ ‫‪130‬‬
‫مع القدرة على التصرف فيه دون عائق‬

‫آخر كإيجار أو رهن أو وديعة ‪ ,‬أو باتفاق الطرفان على أمر معين إن وقع عد المشتري متسلماً للمبيع ‪.131‬‬

‫‪ -2‬شرط التسلم‬

‫‪ 128‬ماليري ‪ ,‬و أينيس ‪ ,‬العقود الخاصة ‪1996 ,‬م ‪ ,‬ص ‪ 195‬و ص‪.267‬‬
‫‪ 129‬د‪ .‬رمضان أبو السعود ‪ ,‬العقود المسماة – عقد البيع ‪ , -‬دار النهضة العربية ‪.272 ,‬‬
‫‪ 130‬د‪ .‬السنهوري ‪ ,‬الوسيط في شرح القانون المدني ‪ ,‬الجزء الرابع ‪ ,‬المجلد األول ‪ ,‬البيع و المقايضة ‪ , 1960 ,‬ص‪.764‬‬
‫‪ 131‬المادة ( ‪ ) 560‬من قانون المعامالت المدنية‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫يشترط لتسلم المبيع أن يقبضه المشتري بإذن من البائع صراحة أو ضمناً‪ .‬أما إذا قبضه بدون إذنه كان للبائع‬

‫استرداد المبيع إذا كان القبض قد حصل قبل أداء الثمن ‪ ,‬ألن في ذلك غصب للضمان‪ .‬و إذا قبض المشتري‬

‫المبيع دون إذن البائع و هلك ‪ ,‬اعتبر المشتري متسلماً للمبيع ‪.132‬‬

‫‪ -3‬زمان التسلم ومكانه‬

‫يرتبط التزام المشتري باستالم المبيع ‪ ,‬من حيث المكان و الزمان بالتزام البائع بالتسلم ‪ .133‬و مكان التسليم هو‬

‫المكان الذي يوجد به الشيء المبيع عند البيع ‪ ,‬إال استثناء وذلك عند اتفاق البائع والمشتري على مكان غير‬

‫المكان الذي يوجد به الشيء المبيع‪ .‬أما بالنسبة لزمان التسليم‪ ،‬فيتم التسليم مباشرة بعد اتفاق المتعاقدين على‬

‫كل المقتضيات والشروط الالزمة لتمام البيع‪.‬‬

‫على أن األمر يختلف متى كانت طبيعة الشيء المبيع تقتضي وقتا من الزمن لتسليمه كما لو كانت بضائع أو‬

‫سلع يتطلب صنعها مدة من الزمن حيث يجب أن يكون وقت التسليم هو وقت انتهاء الصنع ‪ ,‬إذا فعلى المشتري‬

‫‪134‬‬
‫‪ ,‬ذلك أن البائع ملزم في األصل بتسليمه في هذا المكان ‪,‬‬ ‫أن يتسلم المبيع في مكان وجوده عند التعاقد‬

‫على أنه إذا كان المشتري يجهل مكان وجود المبيع وقت التعاقد ‪ ,‬ثم علم به بعده ‪ ,‬فقد أعطاه المشرع الخيار‬

‫‪135‬‬
‫‪ ,‬و القصد من هذا الحكم لرفع الضرر الذي قد‬ ‫بين فسخ العقد أو إمضائه و تسلم المبيع في مكان وجوده‬

‫يصيب المشتري لو وجد المبيع في مكان بعيد و نتج عن ذلك صعوبة في نقله أو كلف ذلك مصاريف كثيرة‬

‫‪ 132‬المادة ( ‪ ) 2/559‬من قانون المعامالت المدنية‪.‬‬


‫‪ 133‬د‪ .‬توفيق حسن فرج ‪ ,‬شرح أحكام عقد البيع ‪ ,‬الطبعة األولى ‪2012 ,‬م ‪ ,‬مكتبة الجامعة ‪ ,‬ص‪.583‬‬
‫‪ 134‬د‪ .‬عبدالخالق حسن ‪ ,‬عقد البيع ‪ ,‬الوجيز في شرح قانون المعامالت المدنية لدولة االمارات العربية المتحدة رقم ( ‪ , ) 5‬في ‪-12-15‬‬
‫‪ , 1985‬ج‪ , 3‬طبعة ‪1429‬هـ ‪ 2008 -‬م ‪ ,‬أكاديمية شرطة دبي ‪ ,‬ص ‪.240‬‬
‫‪ 135‬المادة ( ‪ ) 561‬من قانون المعامالت المدنية ‪ ,‬و مقابل ذلك المادة ( ‪ ) 535‬مدني أردني‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫لو علم المشتري بكل ذلك لما رضى بالشراء‪ .‬و بما أن اختالل الرضا يوجب في قانون المعامالت المدنية‬

‫اإلماراتي الخيار ‪ ,‬لهذا جعل المشرع العقد غير الزم في حق المشتري ‪ ,‬فهو بالخيار بين فسخه أو إمضائه‪.‬‬

‫‪ -4‬جزاء إخالل المشتري بتنفيذ التزامه بتسلم المبيع‬

‫جاز للبائع إعذار المشتري ‪ ,‬و ذلك إذا لم يقم المشتري باستالم المبيع ‪ ,‬أو تأخر في هذا االستالم فإن ذلك‬

‫‪136‬‬
‫‪ ,‬ويجوز للبائع أن يطلب التنفيذ العيني أو الفسخ مع التعويض و يخضع طلبه هذا‬ ‫يعد إخالالً منه بالتزامه‬

‫لسلطة المحكمة التقديرية ‪ .137‬وإذا تم هذا اإلعذار تحمل المشتري تبعة هالك المبيع و تلفه وفقاً لنص المادة‬

‫( ‪ ) 2 / 529‬من قانون المعامالت المدنية‪.‬‬

‫و المبيع قد يكون عقا اًر أو منقوالً‪ .‬فإذا كان عقا اًر أو شيئاً معداً للبقاء ‪ ,‬فللبائع أن يعين حارساً‬
‫‪138‬‬
‫‪ ,‬و إذا كان‬

‫منقوالً فله أن يستصدر إذناً بإيداعه في مكان آخر حتى ال يظل شاغالً لمخازنه و معطالً لمصالحه و أعماله‪.‬‬

‫و فضالً عن ذلك كله فإنه يحق للبائع المطالبة بالتعويض عن أي ضرر لحق به نتيجة إخالل المشتري بالتزامه‬

‫‪ ,‬كالتعويض عن إشغال مخازن البائع بالبضاعة المبيعة التي رفض المشتري تسلمها أو تأخر في ذلك‪.‬‬

‫المبحث الثالث‬

‫التزام المشتري بدفع النفقات‬

‫‪ 136‬د‪ .‬السنهوري ‪ ,‬الوسيط في شرح القانون المدني ‪ ,‬الجزء الرابع ‪ ,‬المجلد األول ‪ ,‬البيع و المقايضة ‪ , 1960 ,‬ص‪.745‬‬
‫‪ 137‬د‪ .‬توفيق حسن فرج ‪ ,‬شرح أحكام عقد البيع ‪ ,‬الطبعة األولى ‪2012 ,‬م ‪ ,‬مكتبة الجامعة ‪,‬ص‪.586‬‬
‫‪ 138‬نصت المادة ( ‪ ) 349‬من قانون المعامالت المدنية على أنه ‪ " :‬إذا كان محل الوفاء شيئا معينا بالذات و كان الواجب أن يسلم في المكان‬
‫الذي يوجد فيه جاز للمدين بعد أن يعذر إلى الدائن بتسلمه أن يحصل على ترخيص من القضاء في إيداعه ‪ ,‬فإذا كان الشيء عقارا أو شيئا‬
‫معدا للبقاء حيث وجد ‪ ,‬جاز للمدين أن يطلب وضعه تحت الحراسة"‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫أوال ‪ :‬مصروفات البيع‬

‫تنص المادة ( ‪ ) 567‬من قانون المعامالت المدنية على أن ‪ " :‬نفقات تسليم الثمن و عقد البيع و تسجيله و‬

‫غير ذلك من نفقات تكون على المشتري و نفقات تسليم المبيع تكون على البائع ‪ ,‬كل ذلك مالم يوجد اتفاق أو‬

‫نص في القانون أو عرف يخالفه "‪.‬‬

‫حمل كل من البائع و المشتري نفقات الوفاء بالتزاماته بموجب عقد البيع طبقاً‬
‫يتضح من النص أن المشرع قد ّ‬

‫للقاعدة العامة الواردة في المادة ( ‪ ) 363‬و التي تنص على أن ‪ " :‬تكون نفقات الوفاء على المدين إال إذا‬

‫اتفق القانون أو نص القانون على غير ذلك "‪ .‬لذلك يلتزم البائع بدفع نفقات تسليم المبيع في مقابل التزام‬

‫المشتري بدفع نفقات تسليم الثمن ‪.139‬‬

‫و المقصود بنفقات التسليم النفقات الالزمة لتسلم المبيع ‪ ,‬كمصروفات نقله من مكان التسليم إلى مكان التسلم‬

‫أو إلى المكان الذي يريده المشتري بعد ذلك ‪ ,‬وكذلك الرسوم الجمركية و غيرها من الرسوم المقررة على المبيع‬

‫‪ ,‬هذا كله ما لم يقض القانون أو العرف على غيره‪.‬‬

‫فيما يتعلق بعدم وجود اتفاق حول من يتحمل نفقات البيع و كان هناك عرف فيجب اتباعه في تحديد الشخص‬

‫الذي يتحمل هذه النفقات‪ .‬فقد يقضي العرف أن يتحمل البائع و المشتري األجور مناصفة مثل مصاريف‬

‫السمسار ‪ ,‬ففي هذه الحالة يجب اتباع العرف ‪.140‬‬

‫و على ذلك يتحمل المشتري كل نفقات عقد البيع ‪ ,‬من أتعاب المحامي الذي يقوم بتحرير العقد ‪ ,‬و نفقات‬

‫التوثيق إذا كان العقد رسمياً و غير ذلك‪ .‬أما المصروفات التي تلزم لتنفيذ البائع اللتزاماته ‪ ,‬كمصاريف تطهير‬

‫‪ 139‬د‪ .‬السنهوري ‪ ,‬الوسيط في شرح القانون المدني ‪ ,‬الجزء الرابع ‪ ,‬المجلد األول ‪ ,‬البيع و المقايضة ‪ , 1960 ,‬ص‪.173‬‬
‫‪ 140‬د‪ .‬سعدون العامري ‪ ,‬الوجيز في العقود المسماة ‪ ,‬عقدي البيع و االيجار ‪1974 ,‬م ‪ ,‬ص ‪ .163‬د‪ .‬غني طه ‪ ,‬عقد البيع ‪ , 1970 ,‬ص‪.171‬‬

‫‪57‬‬
‫العقار من الرهون التأمينية المقيدة عليه ‪ ,‬و مصروفات إثبات ملكيته من جهة البائع ‪ ,‬فهذه المصاريف تقع‬

‫‪ ,‬و باعتبار أن البائع‬ ‫‪141‬‬


‫على البائع ال المشتري ألنها ليست من مصاريف البيع بل من مصاريف التخلية‬

‫يعد ضامناً للمشتري حيازة هادئة سليمة‪.‬‬

‫إذا أدى البائع النفقات الواجبة على المشتري كلها أو بعضها ‪ ,‬وجب على المشتري أن يردها إليها كلها أو‬

‫بعضها ‪ ,‬و إال جاز للبائع أن يطلب الحكم عليه بها ‪ ,‬بل أنه ال يوجد قانون ما يمنع البائع من حبس المبيع‬

‫حتى يرد له المشتري المصروفات ‪ , 142‬وال من طلب الفسخ إلخالل المشتري بالتزامه بدفع نفقات العقد ‪ ,‬ولكن‬

‫القاضي ال يجيبه إلى هذا الطلب وذلك إذا رأى في هذا اإلخالل ما يبرر الفسخ ‪ ,‬و تدخل هذه المصروفات‬

‫فيما يضمنه امتياز البائع طبقاً لنص المادتين ( ‪ ) 1147 , 1145‬اللتين تقرران امتياز للبائع لما يستحقه من‬

‫الثمن و ملحقاته ‪ .143‬كما يكون للبائع أن يدفع بعدم تنفيذ التزامه بتسليم المبيع إلى أن يستوفي كامل حقه من‬

‫ثمن و مصروفات‪.‬‬

‫على أن المشتري هو الذي ينفق بنفسه هذه النفقات ألنه صاحب المصلحة األولى في ثبوت العقد و إتمام‬

‫اإلجراءات الالزمة لنفاذ أثره ‪ ,‬فال يكون ثمة محل ألن يطالبه بها البائع‪.‬‬

‫مجمل المصروفات السابقة تخص العالقة بين المشتري و البائع ‪ ,‬و تكون على المشتري ‪ ,‬أما بالنسبة للغير‬

‫فيرجع إلى القواعد العامة ‪ ,‬فإذا اتفق البائع مع المحامي على تحرير العقد كان هو الملتزم بدفع األتعاب في‬

‫‪ 141‬د‪ .‬حسن علي ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬عقد البيع ‪1954 ,‬م ‪ ,‬ص‪. 310‬و د‪ .‬سعدون العامري ‪ ,‬الوجيز في العقود المسماة ‪ ,‬عقدي البيع و االيجار‬
‫‪1974 ,‬م ‪ ,‬ص ‪ .163‬د‪ .‬غني طه ‪ ,‬عقد البيع ‪ , 1970 ,‬ص‪.172‬‬
‫‪ 142‬د‪ .‬السنهوري ‪ ,‬الوسيط في شرح القانون المدني ‪ ,‬الجزء الرابع ‪ ,‬المجلد األول ‪ ,‬البيع و المقايضة ‪ , 1960 ,‬ص‪.420‬‬
‫‪ 143‬مجموعة األعمال التحضيرية ‪ ,‬ج‪ , 7‬ص‪ .326 , 321‬أن الحق الممتاز يشمل الثمن و الملحقات من فوائد و مصروفات‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫مواجهة المحامي ‪ ,‬إذا كان كل من المشتري و البائع قد اتفق مع المحامي كان كل منهما ملتزماً نحوه بكامل‬

‫األتعاب ‪ .144‬على أن يرجع البائع على المشتري بعد ذلك بما يدفعه ما لم يتفق على غير ذلك ‪.145‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تكاليف المبيع‬

‫تنص المادة رقم ( ‪ ) 2 / 458‬على أنه ‪ " :‬و للمشتري ثمر المبيع و نماؤه من وقت تمام البيع ‪ ,‬و عليه‬

‫تكاليف المبيع من هذا الوقت أيضا‪ .‬هذا مالم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك"‪.‬‬

‫يتضح من هذا النص أن من يحمل تكاليف المبيع هو إرادة المتعاقدين ‪ ,‬فإذا كان بينهم اتفاق ‪ ,‬وجب العمل‬

‫به ‪ ,‬و إذا لم يوجد يتم الرجوع للعرف ‪ ,‬فإذا لم يوجد أيضا فيكون على المشتري تحمل هذه التكاليف‪.‬‬

‫و تحمل المشتري لتكاليف المبيع يكون في مقابل حصوله على ثمار المبيع ‪ ,146‬و هذه التكاليف تشمل‬

‫الضرائب المفروضة على المبيع ‪ ,‬و مصاريف صيانته و استغالله ‪ ,‬فإذا كان البائع قد قام بإنفاق هذه‬

‫المصروفات التزم المشتري بردها إليه ‪ .‬و ألن التزام المشتري مرتبط بتكاليف المبيع بحقه في أخذ الثمار‪ ,‬فإن‬

‫االتفاق على تأخير استحقاق المشتري لهذه الثمار إلى وقت معين يتضمن في الوقت نفسه اتفاقاً على عدم‬

‫إلزامه بتكاليف البيع حتى هذا الوقت‪.‬‬

‫‪ 144‬د‪ .‬أنور سلطان ‪ ,‬الوجيز في العقود المسماة ‪ ,‬عقدي البيع و المقايضة ‪ ,1983 ,‬فقرة ‪ , 311‬ص‪.364‬‬
‫‪ 145‬د‪ .‬منصور مصطفى منصور ‪ ,‬البيع و المقايضة و اإليجار ‪1957 ,‬م ‪ ,‬فقرة‪ , 103‬ص‪.233‬‬
‫المذكرة االيضاحية ‪ ,‬المادة ‪ , 446‬ص‪281‬‬ ‫‪146‬‬

‫‪59‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬

‫و بعد االنتهاء من هذا البحث الذي تمحور على عقد البيع ‪ ,‬تبين لنا أهمية القواعد القانونية و تتمثل الفكرة‬

‫الرئيسية التي يقوم عليها البيع إلى توضيح الحقوق و االلتزامات التي تقع على عاتق أطراف العقد ‪ .‬و عملية‬

‫البيع من األمور الحساسة التي تنبني عليها الكثير من األمور األخرى من حيث التسهيل على األفراد للحصول‬

‫على حاجاتهم‪.‬‬

‫و يكتسي البيع في عصرنا الحالي دو ار كبي ار على مستوى األفراد أو مستوى الشركات و الدول‪ ,‬و نظ ار ألهمية‬

‫البيع ‪ ,‬فإن المشرع تدخل لتنظيم هذا المجال عن طريق إصدار تشريعات‪.‬‬

‫و ألن عقد البيع يخضع للقواعد العامة التي تنظم العقود الملزمة للجانبين ‪ ,‬فإنه يجب أن تتوافر لدى البائع و‬

‫المشتري األهلية إلبرام هذا العقد و تراضي الطرفين المتبايعين على كافة العناصر األساسية للعقد و خاصة‬

‫الشيء المبيع‪.‬‬

‫و من خالل استعراض ما جاء به البحث ‪ ,‬توصل الباحث إلى النتائج و التوصيات اآلتية‪:‬‬

‫‪60‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬النتائج‪:‬‬

‫‪ -1‬عقد البيع كسائر العقود يجب أن تتوافر فيه الشروط العامة التي يتطلبها القانون في العقد كالتراضي‬

‫و المحل و السبب‪.‬‬

‫‪ -2‬ثبت في القانون اإلماراتي أن عقد البيع من العقود الرضائية التي تنعقد بمجرد اإليجاب و القبول ‪ ,‬وال‬

‫يحتاج انعقاده إلى أي إجراء شكلي ‪ ,‬إال أن قاعدة الرضائية ليست معلقة بالنظام العام ‪ ,‬حيث أنه يجوز‬

‫للمتعاقدين أن يتفقا على عدم انعقاد العقد بينهما إال بالكتابة‪.‬‬

‫‪ -3‬أن ضمان العيب الخفي يعتبر نتيجة الزمة لاللتزام بالتسليم ‪ ,‬إذ يلتزم البائع بتسليم الشيء المتفق عليه‬

‫خالياً من العيوب الخفية ‪ ,‬و يفترض في التسليم مطابقة الشيء المسلم للمبيع المتفق عليه ‪ ,‬فإذا كان‬

‫المبيع معيب بعيب ظاهري ‪ ,‬يحق عندها للمشتري أن يرفض تسلمه ‪ ,‬فإذا تسلمه يسقط حقه في الرجوع‬

‫على البائع بالضمان‪.‬‬

‫‪ -4‬إن فسخ العقد بسبب تخلف المشتري عن الوفاء بالثمن يقتضي إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا‬

‫عليها قبل التعاقد ‪ ,‬فعلى المشتري إعادة المبيع للبائع ‪ ,‬و على البائع إعادة ما قبض من الثمن‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التوصيات‪:‬‬

‫‪ -1‬دعوة القضاء و المحاكم إلى اللجوء للوسائل الحديثة و ذلك لمواكبة التطور الحاصل‪ ,‬حيث تكون عقود‬

‫البيع تتم بواسطة خدمات االنترنت و مقترنة بالمحاكم لتسهيل الرجوع إليها ‪ ,‬و حماية كل من البائع و‬

‫المشتري من الخالفات‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ -2‬الدعوة إلى األخذ بما توصلت إليه اجتهادات محاكم التمييز العربية من استنتاجات و ق اررات هامة و‬

‫جعلها مبادئ مستقرة لتكون إضافة لما هو موجود و تسد ما يعتري القانون من نقص أو خلل أو غموض‬

‫‪ ,‬لعل في ذلك ما يثري النظام القانوني اإلماراتي المتعلق بالبيع بقواعد اجتهادية تحل ما يعلق أمام المحاكم‬

‫من مشاكل و نقاط خالفية‪.‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ )1‬ابن الهمام ‪ ,‬فتح القدير ‪ ,‬ج‪ ,6‬ص ‪ , 92-91‬الكاساني ‪ ,‬البدائع ‪,‬ج‪.5‬‬

‫‪ )2‬اوبري ورو ‪ ,‬دروس في القانون المدني ‪ ,‬باريس ‪ ,‬الطبعة السادسة ‪ ,‬الجزء‪.5‬‬

‫‪ )3‬د ‪ .‬إسماعيل غانم ‪ ,‬الوجيز في عقد البيع ‪ ,‬المطبعة العالمية ‪ ,‬القاهرة ‪ , 1963 ,‬ص‪ , 16‬د‪ .‬أنور‬

‫سلطان و د ‪ .‬جالل العدوي ‪ ,‬العقود المسماة ‪ :‬عقد البيع ‪ ,‬مطابع رمسيس ‪ ,‬اإلسكندرية ‪.1966 ,‬‬

‫‪ )4‬د ‪ .‬توفيق فرج ‪ ,‬شرح أحكام عقد البيع ‪ ,‬الطبعة األولى ‪ , 2012 ,‬مكتبة الجامعة‪.‬‬

‫‪ )5‬د ‪ .‬حسن الذنون ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬عقد البيع ‪1954 ,‬م‪.‬‬

‫‪ )6‬د ‪ .‬سليمان مرقص ‪ ,‬شرح القانون المدني ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬المجلد األول ‪ ,‬عقد البيع ‪ ,‬الطبعة الرابعة‬

‫‪1980 ,‬م ‪ ,‬عالم الكتب‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ )7‬د ‪ .‬عبدالخالق حسن أحمد ‪ ,‬عقد البيع ‪ ,‬الوجيز في شرح قانون المعامالت المدنية لدولة االمارات‬

‫العربية المتحدة رقم ( ‪ , ) 5‬في ‪ , 1985-12-15‬ج‪ , 3‬طبعة ‪1429‬هـ ‪ 2008 -‬م ‪ ,‬أكاديمية‬

‫شرطة دبي‪.‬‬

‫‪ )8‬د ‪ .‬محمد لبيب ‪ ,‬دروس في نظرية االلتزام ‪ ,‬القاهرة ‪1992 ,‬م‪.‬‬

‫‪ )9‬د‪ .‬منصور مصطفى منصور ‪ ,‬البيع و المقايضة و اإليجار ‪1957 ,‬م ‪ ,‬فقرة‪.103‬‬

‫د‪ .‬عبدالرزاق السنهوري ‪ ,‬الوسيط في شرح القانون المدني ‪ ,‬الجزء الرابع ‪ ,‬المجلد األول ‪ ,‬البيع‬ ‫‪)10‬‬

‫و المقايضة ‪.1960 ,‬‬

‫د‪ .‬أمجد محمد ‪ ,‬عقد البيع في القانون المدني األردني ‪2002 ,‬م ‪ ,‬مجلد ‪ , 17‬عدد ‪, 8‬‬ ‫‪)11‬‬

‫جامعة مؤتة‪.‬‬

‫د‪ .‬أنور سلطان ‪ ,‬شرح عقدي البيع و المقايضة ‪ ,‬دراسة مقارنة في القانونين المصري و‬ ‫‪)12‬‬

‫اللبناني ‪ ,‬دار النهضة العربية للطباعة و النشر ‪ ,‬بيروت لبنان‪1983,‬م‪.‬‬

‫د‪ .‬أيمن محمد زين ‪ ,‬القيمة القانونية ألدلة المفاوضات و دورها في تفسير العقد المكتوب ‪,‬‬ ‫‪)13‬‬

‫مجلة جامعة الشارقة ‪ ,‬العدد ‪ 1441 , 2‬هـ ‪ 2019 /‬م‪.‬‬

‫د‪ .‬جاسم علي الشامسي ‪ ,‬عقد البيع في ضوء قانون المعامالت المدنية لدولة االمارات العربية‬ ‫‪)14‬‬

‫المتحدة ‪ ,‬مطبوعات جامعة االمارات العربية المتحدة ‪1419 / 1418 ,‬هـ ‪ 1998 – 1997 -‬م‪.‬‬

‫د‪ .‬خميس خضر ‪,‬العقود المدنية الكبيرة ‪ ,‬البيع و التأمين و اإليجار ‪ ,‬الطبعة الثانية ‪ ,‬دار‬ ‫‪)15‬‬

‫النهضة العربية ‪1984 ,‬م‪.‬‬

‫د‪ .‬رمضان أبو السعود ‪ ,‬العقود المسماة – عقد البيع ‪ , -‬دار النهضة العربية‪.‬‬ ‫‪)16‬‬

‫‪63‬‬
‫د‪ .‬سعدون العامري ‪ ,‬الوجيز في العقود المسماة عقدي البيع و االيجار ‪.1974 ,‬‬ ‫‪)17‬‬

‫د‪ .‬سلطان ‪ ,‬العقود المسماة ‪ :‬عقد البيع ‪ ,‬مطابع رمسيس ‪ ,‬اإلسكندرية ‪.1966 ,‬‬ ‫‪)18‬‬

‫د‪ .‬سمير عبد السيد تناغو ‪ ,‬عقد البيع ‪ ,‬الطبعة األولى ‪ , 2009,‬مكتبة الوفاء القانونية‪.‬‬ ‫‪)19‬‬

‫د‪ .‬عبدالحميد عثمان ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬عقد البيع ‪ , 2008 ,‬بدون ناشر‪.‬‬ ‫‪)20‬‬

‫د‪ .‬عبدالمنعم البدراوي ‪ ,‬عقد البيع و المقايضة ‪ 1958 ,‬م ‪ ,‬بدون ناشر‪.‬‬ ‫‪)21‬‬

‫د‪ .‬عدنان سرحان ‪ ,‬أحكام البيع في قانون المعامالت المدنية اإلماراتية ‪ ,‬الطبعة الثانية ‪ ,‬عمان‬ ‫‪)22‬‬

‫‪ ,‬اآلفاق المشرقة ناشرون ‪2010 ,‬م‪.‬‬

‫د‪ .‬علي هادي العبيدي ‪ ,‬الوجيز في شرح القانون المدني األردني ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬في البيع‬ ‫‪)23‬‬

‫و اإليجار ‪ ,‬أربد – األردن ‪.1997 ,‬‬

‫د‪ .‬غني حسون طه ‪ ,‬عقد البيع ‪1970 ,‬م‪.‬‬ ‫‪)24‬‬

‫د‪ .‬محمد حسنين ‪ ،‬عقد البيع في القانون المدني‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،‬الطبعة الرابعة‬ ‫‪)25‬‬

‫‪،2005‬بن عكنون الجزائر‪.‬‬

‫د‪ .‬محمد كامل مرسي باشا ‪ ،‬شرح القانون المدني ‪ ،‬العقود المسماة ‪ ،‬عقد البيع و عقب‬ ‫‪)26‬‬

‫المقايضة ‪ ،‬تنقيح للمستشار محمد علي سكيكر و المستشار معتز كامل مرسي ‪ ،‬منشأة المعارف‬

‫باإلسكندرية ‪ ،‬مصر ‪.٢٠٠٥‬‬

‫د‪ .‬محمد يوسف الزعبي ‪,‬العقود المسماة ‪ ,‬شرح عقد البيع في القانون المدني ‪ ,‬الطبعة األولى‬ ‫‪)27‬‬

‫‪ ,‬مكتبة دار الثقافة للنشر و التوزيع ‪ ,‬عمان ‪2004 ,‬م‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫د‪ .‬مصطفى الزرقا ‪ ,‬شرح القانون المدني السوري ‪ ,‬العقود المسماة ‪ ,‬عقد البيع و المقايضة ‪,‬‬ ‫‪)28‬‬

‫مطابع فتى العرب ‪ ,‬ط‪.1965 , 6‬‬

‫د‪ .‬وهبة الزحيلي ‪,‬الفقه اإلسالمي و أدلته ‪.4/344 ,‬‬ ‫‪)29‬‬

‫د‪ .‬دايان ‪ ,‬الحق الشخصي ‪ , 1952 ,‬بدون ناشر ‪.‬‬ ‫‪)30‬‬

‫د‪ .‬ماليري ‪ ,‬و أينيس ‪ ,‬العقود الخاصة ‪.1996 ,‬‬ ‫‪)31‬‬

‫‪65‬‬
66

You might also like