You are on page 1of 247

‫كتبي‬

‫ن‬
‫للقائمي عىل العمل*‬ ‫*جميع الحقوق محفوظة‬
‫قـــ��ررت وزارة الـــتــعـــلـــيـ��م تــــدريــ�س‬
‫ه��ذا الكــ��تاب وطـــ��بعه عـ��لى نـفــقـتـ��ها‬

‫قام بالت�أليف واملراجعة‬


‫فريق من املتخ�ص�صني‬

‫طبعة ‪202١ - 144٣‬‬


‫الثانوية مقررات‬

‫المشترك‬

‫الطالب‬

‫التعليم‬ ‫حمفوظة لوزارة‬


‫المشترك‪-‬حديث ‪1‬‬ ‫الطبع والن�شر‬
‫مقررات‪-‬المسار‬ ‫التعليم حقوق‬
‫العام‪-‬الثانوية‬
‫‪www.moe.gov.sa‬‬
‫الحديث‪/”1‬كتاب الطالب”‬

‫‪B-GE-CBE-TRC-hdth1-HDTH1‬‬

‫‪http://esstest-net.t4edu.com/Files/BooksQR/httpsien.edu.saqrB-GE-CBE-‬‬
‫‪TRC-hdth1-HDTH1.png‬‬

‫وي َنع منعاً باتاً‬


‫حقوق طباعة ون�شر وا�ستخدام هذا الكتاب وما يرتبط به من حمتوى تعليمي �أو �إثرائي �أو داعم حمفوظة جميعاً لوزارة التعليم باململكة العربية ال�سعودية‪ُ ،‬‬
‫بيعه �أو ن�سخه �أو التربع به �أو ا�ستخدامه �أو �إعادة طباعته �أو �إنتاجه �أو م�سحه �ضوئياً �أو �أي جزء منه ب�أي �شكل و�أية و�سيلة كانت‪ ،‬ويقت�صر ا�ستخدامه على املدار�س التابعة للوزارة‬
‫واملرخ�صة با�ستخدامه فقط‪.‬‬
‫المحـتــويـات‬

‫الصفحة‬ ‫المــــوضــــوع‬

‫‪7‬‬ ‫الــمـقــدمـــة‬
‫‪9‬‬ ‫ً‬
‫أول‪ :‬مصطلح احلديث‬
‫‪10‬‬ ‫الســ َّن ُة ال َّن َبــوِ َّيــ ُة (تعري ُفها ‪َ -‬م ْنزِل ُتها ‪ُ -‬ح ِّج َّيتها)‪.‬‬
‫ُّ‬
‫‪16‬‬ ‫للسنة النبوية‪.‬‬
‫حفظ اهلل تعالى ُّ‬
‫‪21‬‬ ‫تعريف بالكتب السبعة ومؤلفيها‪.‬‬
‫‪27‬‬ ‫ثانيا‪ :‬األحاديـــث‬
‫ً‬
‫‪28‬‬ ‫احلديث األول‪« :‬مثل ما بعثني اهلل به من الهدى والعلم‪.»...‬‬
‫‪33‬‬ ‫احلديث الثاني‪ « :‬من سن في اإلسالم سنة حسنة‪.»...‬‬
‫‪٣٩‬‬ ‫احلديث الثالث‪« :‬إن احلالل ِّبي وإن احلرام ِّبي‪.»...‬‬
‫‪٤٤‬‬ ‫احلديث الرابع‪ « :‬سبعة يظلهم اهلل في ظله‪.»...‬‬
‫‪٤٩‬‬ ‫احلديث اخلامس‪« :‬من عادى لي ول ًّيا‪.»...‬‬
‫‪٥٤‬‬ ‫أحدا منكم عمله»‪« ..‬سدِّ دوا وقاربوا‪.»..‬‬
‫احلديث السادس‪ « :‬لن ُي َن ِّجي ً‬
‫‪٥٩‬‬ ‫احلديث السابع‪« :‬مثل املؤمن كمثل خامة الزرع‪ ..‬ومثل الكافر كمثل ا َأل ْر َز ِة صماء معتدلة‪.»..‬‬
‫‪٦٣‬‬ ‫احلديث الثامن‪ :‬عن ُحمران أنه رأى عثمان بن عفان دعا ب َوضوء فأفرغ على يديه من إنائه‪ ،‬فغسلهما ثالث مرات‪.‬‬
‫‪69‬‬ ‫احلديث التاسع‪ :‬حديث مالك بن احلويرث  «وصلوا كما رأيتموني أصلي»‪.‬‬
‫‪73‬‬ ‫احلديث العاشر‪« :‬إن أثقل صالة على املنافقني صالة العشاء وصالة الفجر‪ ،‬ولو يعلمون ما فيهما ألتوهما ولو ح ْب ًوا»‪.‬‬
‫‪77‬‬ ‫احلديث احلادي عشر‪« :‬الفطرة خمس »‪.‬‬
‫‪٨١‬‬ ‫احلديث الثاني عشر‪« :‬أنا زعيم ببيت في ربض اجلنة ملن ترك املراء وإن كان مح ًّقا‪.»...‬‬
‫‪٨٦‬‬ ‫رجل قال للنبي ‪ :‬أوصني‪ .‬قال‪« :‬ال تغضب»‪.‬‬
‫احلديث الثالث عشر‪ :‬أن ً‬
‫‪٩١‬‬ ‫احلديث الرابع عشر‪ :‬كان رسول اهلل ‪ ‬يعلمنا االستخارة في األمور كلها‪.‬‬
‫‪٩٦‬‬ ‫احلديث اخلامس عشر‪ « :‬اجتنبوا السبع املوبقات»‪.‬‬
‫الصفحة‬ ‫المــــوضــــوع‬

‫‪101‬‬ ‫احلديث السادس عشر‪ « :‬كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا‪.»..‬‬
‫‪106‬‬ ‫احلديث السابع عشر‪ « :‬من غشنا فليس منا»‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫ان ا ْن َق َط َع عن ُه َع َم ُل ُه إال ِم ْن َثال َثةٍ ‪.»..‬‬
‫ات ا ِإلن َْس ُ‬
‫احلديث الثامن عشر‪« :‬إذا َم َ‬
‫‪115‬‬ ‫احلديث التاسع عشر‪« :‬ال تزول قدما عبد يوم القيامة‪.»..‬‬
‫‪120‬‬ ‫احلديث العشرون‪ « :‬إن الظلم ظلمات يوم القيامة»‪.‬‬
‫‪125‬‬ ‫احلديث احلادي والعشرون‪« :‬أتدرون ما املفلس؟»‪.‬‬
‫‪129‬‬ ‫ثال ًثا‪ :‬الثقافة اإلسالمية‬
‫‪130‬‬ ‫حق اهلل تعالى وحق الرسول ‪.‬‬
‫‪135‬‬ ‫الدعوة إلى اهلل تعالى‪ ،‬وصور من هدي النبي ‪ ‬في ذلك‪.‬‬
‫‪140‬‬ ‫االستقامة‪.‬‬
‫‪145‬‬ ‫الع َّفة‪.‬‬
‫ِ‬

‫‪150‬‬ ‫األخالق وأهميتها‪.‬‬


‫‪١٥٦‬‬ ‫الصدق‪.‬‬
‫‪١٦٢‬‬ ‫املزاح وآدابه‪.‬‬
‫‪١٦٧‬‬ ‫الوقت وأهميته‪.‬‬
‫‪١٧١‬‬ ‫األخوة واختيار األصحاب‪.‬‬
‫‪١٧٥‬‬ ‫حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪١٨٠‬‬ ‫القراءة وأهميتها‪.‬‬
‫‪١٨٣‬‬ ‫السفر وآدابه‪.‬‬
‫‪١٨٧‬‬ ‫الدعاء‪.‬‬
‫‪١٩٢‬‬ ‫الذكر‪.‬‬
‫‪١٩٧‬‬ ‫حقوق الراعي والرعية‪.‬‬
‫‪٢٠١‬‬ ‫حقوق الوالدين واألقارب‪.‬‬
‫الصفحة‬ ‫المــــوضــــوع‬

‫‪٢٠٥‬‬ ‫الشباب‪.‬‬
‫‪٢٠٩‬‬ ‫االبتعاث‪ :‬أحكامه وآدابه‪.‬‬
‫‪٢١٢‬‬ ‫التدخني‪.‬‬
‫‪٢١٦‬‬ ‫آفات اللسان‪.‬‬
‫‪٢٢٢‬‬ ‫القلوب وأمراضها‪.‬‬
‫‪٢٢٧‬‬ ‫الذنوب واملعاصي وآثارهما‪.‬‬
‫‪٢٣١‬‬ ‫احملاسبة والتوبة‪.‬‬
‫‪٢٣٧‬‬ ‫الشيطان ومداخله‪.‬‬
‫‪٢٤١‬‬ ‫احلضارة اإلسالمية‪.‬‬
‫المقدمة‬
‫احلمد هلل رب العاملني والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعني‪،‬‬
‫أمــــا بعد‪:‬‬
‫فبني يديك ـ أخي الطالب ـ كتاب احلديث (‪ )1‬للطالب للنظام الثانوي بخطته اجلديدة‪،‬‬
‫وهو يتضمن ثالثة محاور‪:‬‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬مصطلح احلديث‪ ،‬وتدرس فيه شي ًئا مما يتعلق بالسنة النبوية وحجيتها‪ ،‬والتعريف‬
‫بأهم مصادرها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬احلديث النبوي‪ ،‬وتدرس فيه أحاديث مختارة عن النبي ﷺ مع ذكر أهم الفوائد‬
‫ً‬
‫واإلرشادات املتعلقة بها‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬الثقافة اإلسالمية‪ ،‬وتدرس فيه موضوعات مختارة متعلقة باآلداب الشرعية أو‬
‫األخالق اإلسالمية‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬كتبت بأسلوب يناسب مستواك العمري والثقافي‪.‬‬
‫وبقدر علمك وعملك مبا تضمنته األحاديث النبوية التي تدرسها‪ ،‬ودعوتك إليها‬
‫وتعليمها لآلخرين؛ تكون بإذن اهلل تعالى ممن أراد اهلل بهم اخلير وسعادة الدارين؛ حيث‬
‫وبشر من ب َّلغ‬
‫هلل ِب ِه َخ ْي ًرا ُي َف ِّقه ُه ِفي الدِّ ين»(‪َّ ،)1‬‬
‫أخبرنا رسولنا الكرمي ﷺ أن‪َ « :‬م ْن ُيرِد ا ُ‬
‫هلل ا ْم َر ًءا َس ِم َع َم َقا َل ِتي َف َو َع َاها‪،‬‬
‫شريعته‪ ،‬ودعا له ﷺ بأن يرزقه اهلل البهجة بقوله ﷺ‪َ « :‬ن َّض َر ا ُ‬
‫ُث َّم أ َّد َاها ِإ َلى َم ْن َل ْم َي ْس َم ْع َها‪َ ،‬ف ُر َّب َحا ِم ِل ِف ْقهٍ َال ِف ْق َه َل ُه‪َ ،‬و ُر َّب َحا ِم ِل ِف ْقهٍ ِإ َلى َم ْن ُه َو َأ ْف َق ُه‬
‫ِم ْن ُه»(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري ‪ ،)71(39/1‬ومسلم‪.‬‬


‫(‪ )2‬احلديث مروي عن جمع من الصحابة ‪ ‬منهم‪ :‬جبير بن مطعم‪ ،‬وابن مسعود‪ ،‬وزيد بن ثابت‪ ،‬وأنس ‪ ،‬بألفاظ متقاربة‪ ،‬ينظر‪ :‬مسند اإلمــام أحمد‬
‫‪ ،183/5 ،225/3 ،436/80،1/4‬وسنن أبي داود ‪ ،)3660( 322/3‬والترمذي ‪ ،)2658( - )2656(33/5‬وابن ماجه ‪- )230( 86 - 84/1‬‬
‫(‪ ،)236‬وغيرهم‪ ،‬وقد ذكره الكتاني في (نظم املتناثر في احلديث املتواتر ص‪.)33‬‬
‫وقد ُق ِّس َم املقرر إلى دروس متوالية‪ ،‬ووضعنا لكل درس أهدافًا تربوية ُيتوخى منك‪ -‬أخي‬
‫الطالب‪ -‬أن حترص عليها وتتمثلها في حياتك‪ ،‬وقد ضمن كل درس في هذا املقرر نشاطات‬
‫طالبا ً‬
‫نشطا داخل الصف؛‬ ‫وفهما واستيعا ًبا للدرس‪ ،‬وتساعدك لتكون ً‬
‫علما ً‬
‫متنوعة تزيدك ً‬
‫تشارك في الدرس بفاعلية وروح متوثبة‪ ،‬وتنمي لديك املهارات املتنوعة؛ وتعينك على‬
‫البحث عن املعلومة بنفسك؛ مع مساعدتك في البحث عنها من خالل بعض املوجهات أو‬
‫إرشاد معلمك املبارك؛ كما تعينك على التعاون مع زمالئك في إثراء املادة ونفع اآلخرين‪،‬‬
‫وقبل ذلك وبعده تعينك ‪-‬إن شاء اهلل تعالى‪ -‬في التعرف على كثير من األحكام الشرعية‬
‫واألصول العلمية التي تستفيدها في حياتك‪ ،‬وتكون عو ًنا لك بإذن اهلل تعالى على حتصني‬
‫نفسك من التيارات الفكرية املختلفة‪ ،‬كما إنها تقربك إلى ربك وخالقك؛ مما يقودك بإذن‬
‫اهلل لسعادة الدنيا ونعيم اآلخرة‪.‬‬
‫والذي نؤمله أن يكون الكتاب داف ًعا لك لالرتقاء في مدارج العلم والهداية‪ ،‬وانطالقة‬
‫خلير عظيم ترى أثره في حياتك ووطنك‪ .‬نفع اهلل بك‪ ،‬وجعلك ُقرة عني لوالديك‪ ،‬وحفظك‬
‫من كل مكروه‪.‬‬
‫أوالً‪:‬‬
‫مصطلح الحديث‬
‫ال�ســ َّنةُ ال َّن َبــ ِو َّيــةُ (تعري ُفها ‪َ -‬م ْنزِ لتُها ‪ُ -‬ح ِّج َّيتها)‬
‫ُّ‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تع ِّرف ال�سنة يف اللغة واال�صطالح‪.‬‬
‫تبني منزلة ال�سنة‪.‬‬
‫تبني حجية ال�سنة النبوية‪.‬‬
‫ت�ستدل من القر�آن وال�سنة على حجية ال�سنة النبوية‪.‬‬
‫تبني حكم �إنكار حجية ال�سنة‪.‬‬
‫تربهن على ف�ساد القول بعدم حجية ال�سنة‪.‬‬
‫تعدد دوافع �إنكار ال�سنة‪.‬‬
‫ُتعدد �أق�سام منكري ال�سنة‪.‬‬

‫يت ا ْل ُق ْر َآن َو ِم ْث َل ُه َم َع ُه»‪.‬‬


‫(((‬
‫هلل ‪َ :‬‬
‫«أال إني ُأو ِت ُ‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫َع ِن ا ْل ِم ْقدَ ا ِم بن َم ْع ِدي َكر َِب ‪َ ‬‬

‫‪ ‬ما مثيل القرآن الذي ُأو ِت َي ُه ُّ‬


‫النبي ‪‬؟‬
‫‪ ‬وهل منزلته في التشريع كمنزلة القرآن؟‬
‫‪ ‬وما الفرق بينه وبني القرآن؟‬
‫وحي من اهلل تعالى؛ إال‬
‫وهي ٌ‬
‫النبي ‪ ،‬وهي مبنزلة القرآن في التشريع‪َ ،‬‬ ‫السنة النبوية هي َم ُ‬
‫ثيل القرآن الذي ُأو ِت َي ُه ُّ‬
‫النبي ‪ ‬وال ُي َت َع َّبدُ بتالوتها‪.‬‬ ‫أن َ‬
‫لفظها من ِّ‬

‫ال�سنة‬
‫تعريف ُّ‬

‫السنة في ال ُّلغة‪ :‬الطريق ُة والسير ُة حميد ًة كانت أو ذميمةً‪.‬‬


‫ُّ‬
‫َقرير أو صفةٍ خلقيةٍ أو خُ ُلقيةٍ ‪.‬‬
‫فعل أو ت ٍ‬ ‫النبي ‪ ‬من ٍ‬
‫قول أو ٍ‬ ‫السنة في اصطالح احملدِّ ثني‪ :‬ما ُأ َ‬
‫ضيف إلى ِّ‬

‫(‪ )1‬أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫ال�سنة النبوية‬
‫منزلة ُّ‬
‫للسنة النبوية مكانة عظيمة في اإلسالم‪ ،‬ميكن تلخيصها في النقاط اآلتية‪:‬‬
‫ُّ‬
‫السنة هي املصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكرمي‪.‬‬
‫‪ُّ 1‬‬
‫وحي َم ْت ُل ٌّو وهو‪ :‬القرآن‬ ‫ِ‬
‫وحيان‪ٌ :‬‬ ‫الوحي‬
‫َ‬ ‫وحي غي ُر َم ْت ُل ٍّو؛ فإن‬
‫وحي من اهلل تعالى لرسوله ‪ ،‬ولكنها ٌ‬
‫السنة النبوية ٌ‬
‫‪ُّ 2‬‬
‫الكرمي‪َ ،‬و َو ْح ٌي غي ُر َم ْت ُل ٍّو وهو‪ :‬السنة النبوية‪.‬‬
‫السنة النبوية تأتي من القرآن الكرمي على ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪ُّ 3‬‬
‫وتوضيحا ِل َما ُأجمل ِمن أحكامه؛ كتفصيل أحكام الصالة والزكاة واحلج‪.‬‬
‫ً‬ ‫بيا ًنا للقرآن الكرمي‪،‬‬ ‫�أ‬

‫وتقريرا ألحكام القرآن الكرمي؛ كإيجاب صلة األرحام وحترمي الزنا والسرقة‪.‬‬
‫ً‬ ‫تأكيدا‬
‫ً‬ ‫ب‬

‫وع َّمتها أوخالتها‪.‬‬ ‫ُ‬


‫القرآن الكرمي؛ كتحرمي اجلمع بني املرأة َ‬ ‫سكت عنها‬
‫َ‬ ‫بأحكام‬
‫ٍ‬ ‫تأتي‬ ‫ج‬

‫ال�س َّن ِة ال َّن َب ِو َّي ِة‬


‫ُح ِّج َّي ُة ُّ‬
‫الس َّن ُة ال َّن َبوِ َّي ُة ُح َّج ٌة في األحكام الشرعية االعتقادية والعملية‪ ،‬فهي واجبة االتِّباع كالقرآن الكرمي‪ ،‬وقد َّ‬
‫دل على‬ ‫ُّ‬
‫ذلك الكتاب والسنة في نصوص كثيرة؛ منها‪:‬‬
‫(((‬
‫ﱪ‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪ :‬ﱫ‬ ‫�أ‬
‫(((‬
‫ﱪ‬ ‫قوله تعالى‪ :‬ﱫ‬ ‫ب‬

‫وش ُك ال َّر ُج ُل ُم َّت ِك ًئا على َأر َ‬


‫ِيك ِت ِه‪،‬‬ ‫هلل ‪ُ « :‬ي ِ‬ ‫رسول ا ِ‬
‫ُ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫ج حديث ا ْل ِم ْقدَ ا ِم بن َم ْع ِدي َكر َِب الكندي ‪َ ‬‬
‫الل ْاس َت ْح َل ْل َنا ُه‪َ ،‬و َما‬
‫وجل‪َ ،‬ف َما َو َجدْ َنا فيه ِمن َح ٍ‬ ‫اب ا ِ‬
‫هلل ع َّز َّ‬ ‫يث ِم ْن َح ِدي ِثي فيقول‪َ :‬ب ْي َن َنا َو َب ْي َن ُك ْم ِك َت ُ‬
‫ُي َحدَّ ُث ب َِح ِد ٍ‬
‫(((‬
‫رسول ا ِ‬
‫هلل ‪ِ ‬مث ُْل ما َح َّر َم اهلل»‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َو َجدْ َنا فيه ِمن َح َر ٍام َح َّر ْم َنا ُه‪َ ،‬أ َال َوإ َِّن ما َح َّر َم‬
‫السنة النبوية‪.‬‬
‫إجماع األمة كافة على حجية ُّ‬ ‫د‬

‫(‪ )٣‬أخرجه أبو داود‪ ،‬وصححه ابن حبان‪.‬‬ ‫ ‬


‫(‪ )٢‬احلشر‪.٧ :‬‬ ‫ ‬
‫(‪ )١‬التغابن‪.12 :‬‬

‫‪11‬‬
‫ال�سنة ودوافعه‬
‫�إنكار حجية ُّ‬
‫‪َ ١‬ل َّما ظهر اإلسالم وانتشر ضياؤه‪ ،‬رأى أعداؤه أن املواجهة املكشوفة لإلسالم ال تفيدهم شي ًئا؛ بدأوا يخططون‬
‫للكيد به وأهله‪ ،‬فظهرت بسببهم كثير من البدع واالنحرافات التي تبناها بعض املسلمني واغتروا بها‪ ،‬فمن هذه‬
‫كاف في بيان أحكام الشريعة‪.‬‬
‫السنة النبوية والزعم بأن القرآن وحده ٍ‬
‫الضالالت واالنحرافات‪ :‬إنكار حجية ُّ‬
‫وإمنا غرضهم من ذلك‪ :‬هدم الدين وإفساده من الداخل؛ ألنه إذا هجرت ُّ‬
‫السنة النبوية التي هي بيان للقرآن‬
‫الكرمي‪ ،‬ترك الناس املصدر الثاني من مصادر التشريع اإلسالمي‪ ،‬وأمكن حتريف معاني القرآن الكرمي‪.‬‬
‫‪ 2‬وقد تصدى الصحابة ‪ ‬والتابعون لهم بإحسان؛ لهذه البدعة‪ ،‬وبينوا بطالنها‪ ،‬ومما روي عنهم في ذلك‪:‬‬
‫جالس‪ ،‬فذكروا عند‬ ‫قال حبيب بن أبي فضالة املالكي‪« :‬ملا بني هذا املسجد إذا عمران بن حصني‬ ‫�أ‬

‫ال في‬
‫عمران الشفاعة‪ ،‬فقال رجل من القوم‪ :‬يا أبا ال ُنجيد‪ ،‬إنكم لتحدثوننا بأحاديث لم جند لها أص ً‬
‫القرآن! قال‪ :‬فغضب عمران‪ ،‬وقال للرجل‪ :‬قرأت القرآن؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬فهل وجدت صالة العشاء‬
‫أربعاً‪ ،‬ووجدت املغرب ثالثًا‪ .‬والغداة ركعتني‪ ،‬والظهر أرب ًعا‪ ،‬والعصر أرب ًعا؟ قال‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬فعمن أخذمت‬
‫درهما‪ ،‬و في كل‬
‫ً‬ ‫درهما‬
‫ً‬ ‫هذا الشأن؟ ألستم عنا أخذمتوه‪ ،‬وأخذنا عن نبي اهلل؟ ووجدمت في كل أربعني‬
‫بعيرا كذا‪ ،‬أوجدمت في القرآن هذا؟ قال‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬فعمن أخذمت هذا؟‬
‫كذا وكذا شاة‪ ،‬وفي كل كذا وكذا ً‬
‫أخذناه عن النبي ﷺ وأخذمتوه عنا‪.‬‬
‫ﱪ ((( ‪ ،‬أوجدمت فطوفوا سب ًعا‪ ،‬واركعوا ركعتني‬ ‫وقال‪ :‬وجدمت في القرآن‪ :‬ﱫ‬
‫من خلف املقام؟ أوجدمت هذا في القرآن؟ فعمن أخذمتوه؟ ألستم أخذمتوه عنا وأخذناه عن رسول اهلل ﷺ؟‬
‫قالوا‪ :‬بلى‪ .‬قال‪:‬سمعتم اهلل تعالى قال في كتابه‪:‬ﱫ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﱪ (((‪،‬‬
‫فقال عمران‪ :‬فقد أخذنا عن نبي اهلل أشياء ليس لكم بها علم (((‪ .‬وفي رواية من طريق احلسن‪ :‬أن الرجل‬
‫قال لعمران‪ :‬أحييتني أحياك اهلل يا أبا جنيد‪ ،‬ثم قال احلسن‪ :‬فما مات الرجل حتى صار من فقهاء املسلمني (((‪.‬‬
‫الشخير‪ :‬ال حتدِّ ثنا إال بالقرآن! فقال له ُم َط ِّر ٌف‪ :‬واهلل ما نريد بالقرآن بد ًال‪،‬‬
‫قال رجل ِلُ َط ِّرف بن عبد اهلل بن ّ‬ ‫ب‬

‫َ‬
‫الرسول ‪.)‬‬ ‫ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا (((‪( .‬يعني‬
‫(‪ )1‬احلج‪.٢٩:‬‬
‫(‪ )2‬احلشر‪.٧:‬‬
‫(‪ )3‬رواه البيهقي‪ ،‬والطبراني في املعجم الكبير‪.‬‬
‫(‪ )4‬هذه الزيادة في رواية احلاكم من طريق احلسن‪.‬‬
‫(‪ )5‬رواه ابن عبد البر‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫بعض الفرق املخالفة؛ كاخلوارج واملعتزلة وغيرهم‪ ،‬فر َّد عليهم أهل العلم وبينوا‬ ‫َ‬
‫املنحرف ُ‬ ‫‪ ٣‬ثم َت َب َّنى هذا االجتا َه‬
‫باطلهم‪.‬‬
‫‪ ٤‬وفي العصر احلديث جاء االستعمار ومعه أتبا ُعه املستشر ُقون املدَّ عون ِ‬
‫للعلم والتحقيق‪ ،‬فأرادوا إعادة هذه‬
‫املطاعن على السنة النبوية‪ ،‬والتشكيك فيها باسم التحقيق العلمي‪ ،‬وظهرت بني املسلمني ِفرق ٌة تتبنى هذا‬
‫وس َّم ْت نفسها بـ(القرآنيني)‪ ،‬كما قال به بعض الكتاب – وعامتهم من غير املتخصصني في‬
‫الفكر القدمي‪َ ،‬‬
‫بقرون؛ مما أ َّدى لضياعها‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫الدراسات الشرعية ‪ ،-‬وشبهتهم في ر ِّد السنة‪ :‬أنها لم تكتب إال بعد موت النبي ‪‬‬
‫وردوا عليهم افتراءاتهم‪.‬‬
‫وقد ناقشهم العلماء في ذلك ُّ‬
‫زاعما مخالفتها للعقل‪ ،‬فيتحكمون‬ ‫‪ ٥‬كما َظ َه َر ِمن أهل األهواء قدمي ًا وحديث ًا َمن ُّ‬
‫يرد بعض األحاديث النبوية ً‬
‫في النصوص الشرعية بأهوائهم‪ ،‬وإمنا اخللل في عقولهم وليس في أحاديث النبي ‪ ‬التي يجب التسليم لها‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫السن َة ٌ‬
‫وحي من اهلل لنبيه ‪.‬‬ ‫بالرجوع إلى سورة النجم‪ :‬استخرج اآلية التي تدل على أن ُّ‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬

‫مجمع خاد ِم احلرمني الشريفني امللك سلمان بن عبدالعزيز‬


‫ِ‬ ‫ملكي بتاريخ ‪١٤٣٩ / ٣ / ٢٧‬هـ بإنشا ِء‬
‫ٌ‬ ‫صد َر أم ٌر‬
‫آل سعود للحديث النبوي الشريف‪.‬‬
‫أكتب تقريراً عن املجمع يشمل‪ :‬موقعه‪ ،‬مبررات إنشائه‪ ،‬وأهدافه‪.‬‬

‫بالسنة‪ ،‬وفي هذا حجة‬


‫السنة أنهم يكتفون مبا ورد في القرآن‪ ،‬ولكن القرآن أوجب العمل ُّ‬
‫زعم بعض منكري ُّ‬
‫عليهم‪ ،‬وهذه مجموعة من اآليات التي توجب اتباع السنة والعمل بها‪ِّ ،‬بي وجه الداللة منها‪:‬‬

‫وجه الداللة‬ ‫اآلية‬

‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ‬

‫‪14‬‬
‫�س‪ :1‬ع ِّرف ُّ‬
‫السنة في اللغة واالصطالح‪.‬‬

‫�س‪ِّ :٢‬بي مكانة ُّ‬


‫السنة النبوية‪.‬‬
‫�س‪ :٣‬ما الدافع الرئيس الذي جعل طائفة من الناس تنكر حجية ُّسنة النبي ‪ ‬وتطعن فيها؟‬

‫�س‪ُّ :٤‬‬
‫للسنة النبوية مع القرآن الكرمي ثالث حاالت؛ اذكرها ً‬
‫ممثل لكل منها مبثال‪.‬‬

‫�س‪ :٥‬مثِّل ملوقف السلف من منكري االحتجاج ُّ‬


‫بالسنة النبوية‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫نة ال َّن َب ِو َّي ِة‬
‫ل�س ِ‬
‫هلل تعالى ِل ُّ‬
‫حفظ ا ِ‬
‫ُ‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك �أخي الطالب بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تربهن على حفظ اهلل لل�سنة النبوية‪.‬‬
‫تبني احلكمة من الأمر بكتابة ال�سنة‪.‬‬
‫تبني مراحل تدوين ال�سنة‪.‬‬
‫تقارن بني مراحل تدوين ال�سنة‪.‬‬
‫تقدر جهود العلماء يف حفظ ال�سنة‪.‬‬

‫حفظ اهلل لل�سنة النبوية‬


‫محمدا ‪ ‬ببيان كتابه للناس‪ ،‬فقال‪ :‬ﱫ‬
‫ً‬ ‫َل َّما كان رسول اهلل ‪ ‬هو املبلغ عن اهلل تعالى فقد أمر اهلل تعالى نبيه‬
‫ﱪ (((‪.‬‬
‫فكانت السنة النبوية بيان ًا للقرآن الكرمي‪ ،‬وقد تكفل سبحانه بحفظ هذا القرآن الذي أنزله على نبيه محمد ‪ ،‬وهذا‬
‫ﱪ (((‪.‬‬ ‫يتضمن حفظ السنة املبينة له‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ‬

‫حثُّ النبي ‪ ‬على حفظ ال�سنة النبوية وتبليغها للنا�س‬


‫رءا َس ِم َع‬
‫هلل ا ْم ً‬ ‫ملا للسنة النبوية من املنزلة العظيمة فقد أمر النبي ‪ ‬بحفظها وتبليغها للناس‪ ،‬فقال ‪َ « :‬ن َّض َر ا ُ‬
‫َم َقا َل ِتي َف َو َع َاها‪ُ ،‬ث َّم َأ َّد َاها ِإ َلى َم ْن َل ْم َي ْس َم ْع َها؛ َف ُر َّب َحا ِم ِل ِف ْقهٍ َال ِف ْق َه َل ُه‪َ ،‬و ُر َّب َحا ِم ِل ِف ْقهٍ ِإ َلى َم ْن ُه َو َأ ْف َق ُه ِم ْنه»(((‪.‬‬
‫القيس‪ِ « :‬ا ْح َف ُظو ُه َّن و َأخْ بِروا بِهِ َّن َمن َو َرا َء ُك ْم» (((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫لوفد ِ‬
‫عبد‬ ‫وقال ‪ِ ‬‬

‫(‪ )1‬النحل‪.٤٤ :‬‬


‫(‪ )2‬احلجر‪.٩ :‬‬
‫(‪ )3‬احلديث مروي عن جمع من الصحابة ‪ ‬منهم‪ :‬جبير بن مطعم‪ ،‬وابن مسعود‪ ،‬وزيد بن ثابت‪ ،‬وأنس ‪ ‬بألفاظ متقاربة‪ ،‬ينظر‪ :‬مسند اإلمام‬
‫أحمد‪ ،‬وسنن أبي داود‪ ،‬والترمذي‪ ،‬وقد ذكره الكتاني في األحاديث املتواترة (نظم املتناثر في احلديث املتواتر ص‪.)33‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫(‪)١‬‬
‫النبوية وتدوينها‬
‫مراحل كتابة ال�سنة (((‬
‫مراحل كتابة السنة وتدوينها‬

‫َم َّرت كتاب ُة احلديث النبوي وتدوينه ِبعدَّ ِة مراحل‪ ،‬ميكن إجمالها فيما يأتي‪:‬‬
‫املرحلة األولى‪ :‬الكتابة في عهد النبي ‪ ‬وأصحابه ‪ ،‬وذلك في القرن األول الهجري‪ ،‬نهى النبي ‪ ‬عن‬
‫أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪« :‬ال‬ ‫كتابة أحاديثه في أول اإلسالم خشية اختالطها بالقرآن‪ ،‬فعن أبي سعيد اخلدري‬
‫القرآن َف ْل َي ْم ُح ُه»((( وكان الصحابة ‪ ‬يحفظون األحاديث حفظ ًا متقناً‪.‬‬
‫ِ‬ ‫تكتبوا عني‪ ،‬ومن َك َت َب عني غي َر‬
‫ثم َأ ِذ َن ‪ ‬لبعض الصحابة ‪ ،‬قال أبو هريرة ‪« :‬ما من أصحاب النبي ‪ ‬أحد أكثر حديث ًا عنه مني؛ إال‬
‫ما كان من عبد اهلل بن عمرو؛ فإنه يكتب وال أكتب» (((‪.‬‬
‫‪:‬كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول اهلل ‪ ‬أريد حفظه‪ ،‬فنهتني‬ ‫وقال عبد اهلل بن عمرو بن العاص‬
‫قريش‪ ،‬وقالوا‪ :‬أتكتب كل شيء تسمعه من رسول اهلل ‪ ،‬ورسول اهلل بشر يتكلم في الغضب والرضا‪ ،‬فأمسكت‬
‫عن الكتابة‪ ،‬فذكرت ذلك لرسول اهلل ‪ ‬فقال‪« :‬اكتب‪ ،‬فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إال حق» (((‪ ،‬وكتب ‪‬‬
‫صحيفة كان يسميها‪( :‬الصادقة) (((‪.‬‬
‫وأمر النبي ‪ ‬بالكتابة لبعض أصحابه ‪ ،‬فعن أبي هريرة ‪ ‬أن النبي ‪ ‬خطب في عام فتح مكة خطبة‪،‬‬
‫فقام رجل من أهل اليمن يقال له‪ :‬أبو شاه‪ ،‬فقال‪ :‬اكتب لي يا رسول اهلل‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪« :‬اكتبوا ألبي‬
‫شاه»(((‪ ،‬وكتب النبي ‪ ‬كتاب ًا في الصدقات (((‪ ،‬وكتب إلى ملوك األرض يدعوهم إلى اإلسالم‪.‬‬
‫وكتب جمع من الصحابة ‪ ‬وكانت عندهم صحف‪ ،‬منهم‪ :‬علي بن أبي طالب‪ ،‬وجابر بن سمرة‪،‬‬
‫واحلسن‬
‫ُ‬ ‫وغيرهم ‪ ،‬ومن التابعني‪ :‬سعيد بن جبير‪ ،‬ووهب بن ُم َن ِّبه وله صحيفة تسمى (الصحيفة الصحيحة)‪،‬‬
‫بن أبي رباح‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬
‫البصري‪ ،‬وعطا ُء ُ‬
‫ينظر‪ :‬تدوين السنة نشأته وتطوره ؛للدكتور محمد بن مطر الزهراني‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫رواه مسلم‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫رواه البخاري‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫رواه أحمد‪ ،‬والدارمي‪ ،‬واحلاكم‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫(ص‪.)178‬‬ ‫جامع بيان العلم البن عبد البر ‪ ،72/1‬ومعرفة النسخ والصحف احلديثية للشيخ بكر أبو زيد‬ ‫(‪)5‬‬
‫رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫رواه أبو داود‪.‬‬ ‫(‪)7‬‬

‫‪17‬‬
‫املرحلة الثانية‪ :‬تدوين احلديث في أواخر عهد التابعني‪ ،‬في القرن الثاني الهجري‪ ،‬ومتيزت هذه الكتابة‬
‫بالتدوين العا ِّم للسنة النبوية؛ ولكنه لم يكن له ترتيب محدَّ د‪ ،‬وكان أول من اهتم بذلك أمير املؤمنني عمر‬
‫السنة‪ ،‬وكتب إلى اآلفاق‪:‬‬
‫الزهري وأبا بكر بن حزم بجمع ُّ‬
‫َّ‬ ‫؛ فأمر اإلما َم محمد بن شهاب‬ ‫ابن عبدالعزيز‬
‫«انظروا حديث رسول اهلل ‪ ‬فاجمعوه واحفظوه؛ فإني أخاف دروس العلم وذهاب العلماء» (((؛ فكان أول من‬
‫‪ ،‬قال احلافظ ابن حجر (((‪ :‬فيستفاد منه ابتداء تدوين‬ ‫د َّون احلديث بأمره – تدوي ًنا عا ًما – اإلمام الزهري‬
‫احلديث النبوي‪.‬‬

‫املرحلة الثالثة‪ :‬تأليف السنة على هيئة كتب مصنفة مرتبة‪ ،‬على املوضوعات كاإلميان والعلم والطهارة‬
‫‪ ،‬ومتيزت هذه املرحلة بالترتيب‪ ،‬ومزج‬ ‫والصالة وغيرها‪ ،‬وفي هذه املرحلة ُص ِّنف‪ :‬موطأ اإلمام مالك بن أنس‬
‫أقوال النبي ‪ ‬بأقوال الصحابة والتابعني وفتاويهم‪.‬‬

‫املرحلة الرابعة‪ :‬مرحلة إفراد حديث النبي ‪ ‬بالتصنيف‪ ،‬وجمعه وترتيبه دون مزجه بغيره من أقوال‬
‫الصحابة والتابعني – إال بالقدر اليسير الذي قد يحتاج إليه – وهذه املرحلة بدأت مع بداية القرن الثالث الهجري‪،‬‬
‫وفيها ظهر التأليف على طريقة املسانيد فيذكرون أحاديث أبي بكر‪ ،‬ثم عمر‪ ،‬وهكذا إلى ما رواه بقية الصحابة‬
‫‪ ،‬ومن أشهر ما ُألِّ َف فيها‪ :‬مسند اإلمام أحمد‪ ،‬ومسند ا ُحلميدي‪ ،‬وغيرهما‪ ،‬ثم بلغ تدوين احلديث غايته في‬
‫منتصف القرن الثالث الهجري؛ حيث ألف اإلمام البخاري صحيح البخاري‪ ،‬واإلمام مسلم صحيح مسلم‪ُ ،‬‬
‫وكتبت‬
‫السنن‪ :‬سنن أبي داود‪ ،‬والترمذي‪ ،‬والنسائي‪ ،‬وابن ماجه‪ ،‬وسنن الدارمي‪ ،‬وغيرها من كتب احلديث املشهورة‪.‬‬

‫حث اإلسالم على العلم‪ ،‬ومن ذلك‪:‬جهود العلماء في تدوين السنة‪ ،‬من خالل قراءتك للدرس د ِّون أسماء أربعة‬
‫من الكتب التي ُذكرت مرتب ًة حسب األسبق في التأليف‪.‬‬

‫‪........................... 2‬‬ ‫‪........................... 1‬‬


‫‪........................... 4‬‬ ‫‪........................... 3‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه أبونعيم في أخبار أصبهان (‪ )1183‬وعلقه البخاري‪.‬‬
‫(‪ )2‬فتح الباري (‪ ،)194/1‬ومعنى دروس العلم ذهابه (إرشاد الساري للقسطالني ‪.)196/1‬‬

‫‪18‬‬
‫كانت وسائل حفظ السنة في السابق هي‪ :‬احلفظ في الصدور أو بتدوين السنة وكتابتها‪ ،‬واليوم وجدت وسائل‬
‫حديثة ميكن االستفادة منها في ذلك‪ ،‬باحلوار مع زمالئك اذكر ثالثًا منها مبي ًنا محاسن كل طريقة وعيوبها‪.‬‬
‫مساوئها‬ ‫محاسنها‬ ‫الوسيلة‬ ‫م‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪3‬‬

‫أكمل خارطة املفاهيم اآلتية‪:‬‬

‫مراحل تدوين‬
‫ال�سنة‬

‫املرحلة الرابعة‪:‬‬ ‫املرحلة الثالثة‪:‬‬ ‫املرحلة الثانية‪:‬‬ ‫املرحلة الأولى‪:‬‬


‫‪........................‬‬ ‫‪........................‬‬ ‫‪........................‬‬ ‫‪........................‬‬

‫زمنها‪:‬‬ ‫زمنها‪:‬‬ ‫زمنها‪:‬‬ ‫زمنها‪:‬‬


‫‪........................‬‬ ‫‪........................‬‬ ‫‪........................‬‬ ‫‪........................‬‬

‫�أبرز �سماتها‪:‬‬ ‫�أبرز �سماتها‪:‬‬ ‫�أبرز �سماتها‪:‬‬ ‫�أبرز �سماتها‪:‬‬


‫‪.........................‬‬ ‫‪.........................‬‬ ‫‪.........................‬‬ ‫‪.........................‬‬
‫‪.........................‬‬ ‫‪.........................‬‬ ‫‪.........................‬‬ ‫‪.........................‬‬
‫‪.........................‬‬ ‫‪.........................‬‬ ‫‪.........................‬‬ ‫‪.........................‬‬
‫‪........................‬‬ ‫‪........................‬‬ ‫‪........................‬‬ ‫‪........................‬‬

‫‪19‬‬
‫�س‪ :1‬ما احلكمة من األمر بكتابة السنة؟‬
‫�س‪ :٢‬اذكر ثالثة من أصحاب النبي ‪ ‬كتبوا أحاديث النبي ‪ ‬في حياته‪.‬‬
‫�س‪ :٣‬قارن بني املرحلتني الثالثة والرابعة من مراحل كتابة السنة‪ ،‬بذكر وجهني من أوجه االتفاق‪ ،‬ووجه من أوجه‬
‫االختالف بينهما‪.‬‬
‫دور بارز في تدوين السنة‪ ،‬وضح ذلك‪.‬‬ ‫�س‪ :٤‬كان للخليفة عمر بن عبدالعزيز‬
‫�س‪ :٥‬اذكر واحداً من العلماء الذين كان لهم دور بارز في تدوين السنة في كل مرحلة من املراحل‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫تعريف بالكتب ال�سبعة‪ ،‬وم�ؤلِّفيها‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك �أخي الطالب بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تبني املراد بالكتب ال�سبعة‪.‬‬
‫تع ِّرف مب�ؤلفي الكتب ال�سبعة‪.‬‬
‫تبني �أثر الكتب ال�سبعة يف حفظ ال�سنة‪.‬‬
‫تقارن بني الكتب ال�سبعة من حيث‪ :‬منهج امل�ؤلف ‪ -‬عدد الأحاديث ‪ -‬ترتيب الكتاب‪.‬‬
‫متيز �أبرز �شروح الكتب ال�سبعة وخمت�صراتها‪.‬‬
‫خالل املرحلة الرابعة من مراحل تدوين السنة ظهرت مؤلفات كثيرة في السنة النبوية تنوعت فيها أساليب‬
‫املؤلفني ومناهجهم‪ ،‬ومن بني تلك املؤلفات برزت كتب سبعة حظيت باهتمام العلماء بها‪ ،‬وقبول األمة لها‪ ،‬فكثرت‬
‫شروحها ومختصراتها‪ ،‬وعكف طالب العلم على حفظها‪ ،‬واستنباط األحكام منها‪ ،‬فما تلك الكتب السبعة؟ ومن‬
‫مؤلفوها؟ ومب متيز ُّ‬
‫كل واحد منها؟‬

‫‪21‬‬
‫‪�-1‬صحيح البخاري‬
‫اسم هذا الكتاب‪« :‬اجلامع املسند الصحيح املختصر من أمور رسول اهلل ‪‬‬
‫وسننه وأيامه»‪.‬‬
‫ُم َص ِّن ُف ُه‪ :‬أبو عبد اهلل‪ ،‬محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ا ُجلعفي‪ ،‬البخاري‪ ،‬ولد‬
‫سنة ‪194‬هـ‪ ،‬وتوفي سنة ‪256‬هـ ‪.‬‬
‫منزلته‪ :‬هو أصح الكتب بعد كتاب اهلل تعالى‪ ،‬قال احلافظ الذهبي‪« :‬هو ُّ‬
‫أجل‬
‫كتب اإلسالم وأفضلها بعد كتاب اهلل» (((‪.‬‬
‫أيضا‪ :‬أنه أول كتاب ُص ِّن َف في احلديث الصحيح املج َّرد عن‬‫مما متيز به الكتاب ً‬
‫الضعيف واملوضوع‪ ،‬ومتيز بدقة تبويبه‪ ،‬حتى قيل‪ِ :‬ف ْق ُه البخاري في تراجمه (((‪.‬‬
‫عدد أحاديثه بغير املكرر‪ )2602( :‬ألفان وست مئة واثنان‪.‬‬
‫واختصارا‪ ،‬ومن أفضل شروحه‪( :‬فتح الباري) البن حجر‬
‫ً‬ ‫وشرحا‬
‫ً‬ ‫عناية العلماء به‪ :‬اعتنى العلماء به رواي ًة‬
‫العسقالني‪ ،‬ومن أجود مختصراته‪( :‬مختصر صحيح البخاري) للزبيدي (‪893‬هـ)‪.‬‬

‫‪�-٢‬صحيح م�سلم‬
‫ُم َص ِّن ُف ُه‪ :‬أبو احلسني‪ ،‬مسلم بن احلجاج ال ُقشيري النيسابوري‪ ،‬ولد سنة ‪204‬هـ‬
‫وتوفي سنة ‪261‬هـ ‪.‬‬
‫منزلته‪ :‬يأتي بعد صحيح البخاري من ُ‬
‫حيث الصحة‪.‬‬
‫ومما متيز به‪ :‬أنه يذكر طرق احلديث‪ ،‬وألفاظه مرتب ًة على األبواب في مكان‬
‫واحد‪ ،‬لكنه ال يذكر التراجم‪ ،‬قد وضع تراجمه جماعة من شراحه‪ ،‬ومن‬
‫أحسنها تراجم اإلمام النووي رحمه اهلل تعالى‪.‬‬
‫وعدد أحاديثه بغير املكرر‪ )3033( :‬ثالثة آالف وثالثة وثالثون حدي ًثا (((‪.‬‬
‫شروحه‪ُ :‬شرح عدة شروح‪ ،‬أشهرها‪ :‬شرح النووي‪ ،‬املسمى باملنهاج في شرح صحيح مسلم بن احلجاج ‪.‬‬

‫(‪ )1‬سير أعالم النبالء ‪.391/12‬‬


‫(‪ )2‬املراد‪ :‬عناوين الكتب واألبواب‪.‬‬
‫(‪ )3‬كما في الطبعة التي حققها محمد فؤاد عبد الباقي‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪�-٣‬سنن �أبي داود‬
‫ُم َص ِّن ُف ُه‪ :‬هو أبو داود سليمان بن األشعث السجستاني‪ ،‬ولد سنة ‪202‬هـ وتوفي‬
‫سنة ‪275‬هـ ‪.‬‬
‫انتقاه ُم َص ِّن ُف ُه‪ :‬من خمس مئة ألف حديث‪.‬‬
‫ومما امتاز به الكتاب‪ :‬ما ذكره ُم َص ِّن ُف ُه في وصفه إذ يقول‪َ « :‬ذ َك ُ‬
‫رت فيه الصحيح‬
‫وما يشبهه وما يقاربه‪ ،‬وما كان في كتابي من حديث فيه َو َه ٌن شديد فقد بين ُته‪،‬‬
‫وليس فيه عن رجل متروك احلديث شيء‪ ،‬وما لم أذكر فيه شيئ ًا فهو صالح»‪.‬‬
‫وقد اعتنى بزيادات املتون‪ ،‬وألفاظ احلديث التي يعتني بها الفقهاء‪.‬‬
‫عدد أحاديثه‪ )5274( :‬خمسة آالف ومئتان وأربعة وسبعون حدي ًثا‪.‬‬
‫وله شروح كثيرة أقدمها‪ :‬معالم السنن‪ ،‬لإلمام اخلطابي (ت‪388‬هـ)‪.‬‬

‫‪-٤‬جامع الترمذي‬
‫ُم َص ِّن ُف ُه‪ :‬هو أبو عيسى‪ ،‬محمد بن عيسى بن َسورة الترمذي ولد سنة ‪209‬هـ‬
‫وتوفي سنة ‪279‬هـ ‪.‬‬
‫ومما امتاز به الكتاب‪ :‬أن مصنفه ذكر فيه الصحيح وغيره‪ ،‬مبي ًنا درجة كل‬
‫حديث‪ ،‬وأضاف إلى ذلك ذكر أقوال العلماء من الصحابة ومن بعدهم في‬
‫املسائل التي يتضمنها الباب‪ ،‬ذاكراً ما أجمعوا عليه‪ ،‬وما اختلفوا فيه‪.‬‬
‫وقد قال عن كتابه هذا‪« :‬صنفت هذا الكتاب‪ ،‬فعرضته على علماء احلجاز‪،‬‬
‫والعراق‪ ،‬وخراسان‪ ،‬فرضوا به‪ ،‬ومن كان في بيته فكأمنا النبي ‪ ‬في بيته يتكلم»‪.‬‬
‫وعدد أحاديثه‪ )3956( :‬ثالثة آالف وتسع مئة وستة وخمسون حدي ًثا ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪�-٥‬سنن الن�سائي‬
‫اسمه‪« :‬املُجتبى»‪.‬‬
‫ُم َص ِّن ُف ُه‪ :‬هو أبو عبد الرحمن‪ ،‬أحمد بن شعيب النسائي‪ ،‬نسب ًة إلى ( َنسا) بلدة‬
‫مشهورة بخراسان ولد سنة ‪215‬هـ وتوفي سنة ‪303‬هـ ‪.‬‬
‫ومما امتاز به الكتاب‪ :‬أن غالب أحاديثه صحيحة‪ ،‬وبعض العلماء يقدم كتابه‬
‫هذا على سنن أبي داود والترمذي؛ لشدة حتري مؤلفه في الرجال‪ ،‬وفي الكتاب‬
‫تراجم دقيقة‪ ،‬تُنبئ عن فقه مؤلفه‪.‬‬
‫وعدد أحاديثه باملكرر‪ )5761( :‬خمسة آالف وسبع مئة وواحد وستون‬
‫حدي ًثا ‪.‬‬

‫‪�-٦‬سنن ابن ماجه‬


‫ُم َص ِّن ُف ُه‪ :‬أبو عبد اهلل‪ ،‬محمد بن يزيد ابن ماجه‪ ،‬ال َق ْزويني‪ ،‬ولد سنة ‪209‬هـ‪،‬‬
‫وتوفي سنة ‪273‬هـ ‪.‬‬
‫قال ابن كثير عن سننه‪« :‬وهي دالة على علمه‪ ،‬وعمله‪ ،‬وتبحره‪ ،‬واطالعه‪،‬‬
‫واتباعه السنة»‪.‬‬
‫وهو أقل مرتبة من باقي السنن املذكورة‪ ،‬وغالب ما ينفرد به عنها يكون ضعي ًفا‪.‬‬
‫وعدد أحاديثه‪ )4341( :‬أربعة آالف وثالث مئة وواحد وأربعون حدي ًثا‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪-٧‬م�سند الإمام �أحمد‬
‫ُم َص ِّن ُف ُه‪ :‬هو إمام أهل السنة‪ ،‬أبو عبد اهلل‪ ،‬أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني‪،‬‬
‫توفي سنة ‪241‬هـ‪.‬‬
‫قال عنه علي بن املديني‪ :‬إن اهلل أيد هذا الدين بـ (أبي بكر الصديق) يوم الردة‪،‬‬
‫وبـ (أحمد بن حنبل) يوم احملنة ‪.‬‬
‫مس َن ُده‪ :‬يعد من أجمع وأكبر كتب احلديث‪.‬‬
‫قال عنه ُم َص ِّن ُف ُه‪« :‬جمعت هذا الكتاب من سبع مئة ألف حديث وخمسني أل ًفا‪،‬‬
‫فما اختلف فيه املسلمون من حديث رسول اهلل ‪ ‬فارجعوا إليه‪ ،‬فإن وجدمتوه‬
‫وإال فليس بحجة»‪.‬‬
‫وعدد أحاديثه باملكرر‪ )27647( :‬سبعة وعشرون ألفا وست مئة وسبعة وأربعون حدي ًثا‪.‬‬

‫د ِّون الكتب السبعة في القائمة األولى‪ ،‬وأكمل املطلوب في اجلدول اآلتي‪:‬‬


‫وفاة مؤلفه‬ ‫عدد أحاديثه‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫م‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫‪4‬‬
‫‪5‬‬
‫‪6‬‬
‫‪7‬‬

‫‪25‬‬
‫ارجع إلى أحد الكتب السبعة‪ ،‬ثم انقل ثالث فوائد منه‪:‬‬

‫اسم الكتاب‪.……………………… :‬‬


‫‪.................................................................... ١‬‬
‫‪.................................................................... ٢‬‬
‫‪.................................................................... ٣‬‬

‫�س‪ :1‬ما الكتب السبعة؟ و َم ْن مؤلفوها؟‬


‫�س‪ :٢‬مب متيز صحيحا البخاري ومسلم عن بقية الكتب السبعة؟‬
‫�س‪ :٣‬اختر اإلجابة الصحيحة فيما يأتي‪:‬‬
‫مؤلف كتاب «اجلامع املسند الصحيح املختصر من أمور رسول اهلل ‪ ‬وسننه وأيامه» هو‪:‬‬ ‫�أ‬

‫‪ ٤‬الترمذي‪.‬‬ ‫‪ ٣‬النسائي‪ .‬‬ ‫ ‬


‫‪ ٢‬مسلم‪.‬‬ ‫‪ ١‬البخاري‪ .‬‬
‫من أشهر شارحي صحيح مسلم‪:‬‬ ‫ب‬

‫‪ ٤‬علي بن املديني‪.‬‬ ‫‪ ٣‬اخلطابي‪ .‬‬ ‫‪ ٢‬النووي‪.‬‬ ‫‪ ١‬ابن حجر‪.‬‬


‫(‪ )27647‬ميثل هذا الرقم عدد أحاديث‪:‬‬ ‫ج‬

‫‪ ٤‬مسند أحمد‪.‬‬ ‫‪ ٣‬جامع الترمذي‪.‬‬ ‫‪ ٢‬سنن النسائي‪.‬‬ ‫‪ ١‬صحيح البخاري‪.‬‬


‫�س‪ :٤‬قارن بني سنن أبي داود وجامع الترمذي مبي ًنا‪:‬‬
‫‪ ‬وجهني من أوجه االتفاق‪.‬‬
‫‪ ‬ميزة انفرد بها كل كتاب‪.‬‬
‫‪ ‬عدد أحاديثهما‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫ثانيًا‪:‬‬
‫األحاديث‬
‫الحديث الأول‪)..................( :‬‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬

‫تبي فوائد �ضرب الأمثال‪.‬‬ ‫ِّ‬


‫تو�ضح معانى مفردات احلديث‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ت�ستنتج ال�صورة التعبريية يف املثل الوارد يف احلديث‪.‬‬
‫تقارن بني فئات النا�س يف موقفها من العلم‪.‬‬
‫ت�ستدل لف�ضل العلم ال�شرعي‪.‬‬
‫تعدِّ د �أربع ًا من فوائد العلم ال�شرعي و�آثاره‪.‬‬
‫ت�ستنتج �ست ًا من فوائد احلديث‪.‬‬

‫حريصا أشد الحرص على تعليم أمته وتربيتهم‪ ،‬وهو‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫الرسول المع ِّلم والداعي ُة المر ِّبي‪ ،‬وقد كان‬ ‫النبي ‪ ‬هو‬
‫ُّ‬
‫َ‬
‫يسلك في ذلك وسائل كثيرة‪ ،‬وقد استخدم النبي ‪ ‬عدة أساليب للتربية والتعليم‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ب التقسيم والتفصيل‪ .‬كما في هذا الحديث‪:‬‬ ‫�أ ضرب األمثال‪.‬‬

‫ط ِّي َب ٌة‬
‫هلل ِب ِه من‬ ‫النبي ‪ ‬قال‪َ « :‬م َث ُل ما َب َع َث ِني ا ُ‬ ‫األشعري ‪َّ ‬أن َّ‬ ‫ِّ‬ ‫وسى‬ ‫عن أبي ُم َ‬ ‫املطر‬
‫اب َأ ْر ًضا؛ َف َكانَ ِم ْن َها َن ِق َّي ٌة َق ِب َل ْت‬
‫ير َأ َص َ‬‫ا ْل ُه َدى َوا ْل ِع ْل ِم َك َم َث ِل ا ْل َغ ْي ِث ا ْل َك ِث ِ‬
‫طب‬
‫النبات ال َّر ُ‬
‫الصلبة التي متسك‬
‫املاء وال تُنبت‬
‫ُّ‬
‫ير‪َ ،‬و َكا َن ْت ِم ْن َها َأ َجا ِد ُب َأ ْم َس َك ْت ْالَا َء‬ ‫أل َوا ْل ُع ْش َب ا ْل َك ِث َ‬ ‫ْالَا َء َف َأ ْن َب َت ْت ا ْل َك َ‬ ‫واليابس‬
‫ُ‬
‫ال ُعشب‬
‫الناس َف َش ِر ُبوا َو َسق َْوا َو َز َر ُعوا‪َ ،‬و َأ َصا َب ْت ِم ْن َها َطا ِئ َف ًة ُأ ْخ َرى‬ ‫َ‬ ‫َف َنف ََع ا ُ‬
‫هلل ب َِها‬ ‫طب‪،‬‬‫النبات ال َّر ُ‬
‫وهذا من ذكر‬
‫ين ا ِ‬
‫هلل‬ ‫أل؛ َف َذ ِل َك َم َث ُل من َفق َُه في ِد ِ‬ ‫ِت َك ً‬ ‫يعانٌ َال ُ ْت ِس ُك َما ًء وال ُت ْنب ُ‬ ‫إمنا ِه َي ِق َ‬
‫اخلاص بعد العام‬

‫َو َنف ََع ُه ما َب َع َث ِني اهلل ِب ِه َف َع ِل َم َو َع َّل َم‪َ ،‬و َم َث ُل َمن َل ْم َي ْر َف ْع ب َِذ ِل َك َر ْأ ًسا‪ ،‬ولم‬ ‫األرض املستوية‬
‫امللسا ُء التي ال‬
‫ِ (‪)1‬‬ ‫ُتسك ً‬
‫ماء وال‬
‫هلل الذي ُأ ْر ِس ْل ُت ِبه»‪.‬‬ ‫َيقْ َبلْ ُه َدى ا ِ‬ ‫تُنبت‬

‫بالتعاون مع زمالئك‪ :‬اقترح عنوا ًنا للحديث واكتبه في أعلى الصفحة‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫ترجمة راوي الحديث‬

‫اسمه ونسبه‬
‫اليماني‪ .‬وا َأل ْش َعر ُِّي نسب ًة إلى َجدِّ ِه‪ :‬ا َأل ْش َع ُر من َي ْع ُرب‬
‫ُّ‬ ‫األشعري‬
‫ُّ‬ ‫بن َق ْي ِس‬‫َع ْبدُ اهلل ُ‬
‫ت‪ ،‬ل ّقب بذلك ألنه ُولد وعليه َْ‬
‫شعر‪.‬‬ ‫ان‪ ،‬واسم ا َأل ْش َع ُر‪َ :‬ن ْب ٌ‬ ‫ابن َق ْح َط َ‬
‫ِ‬
‫مناقبه‬
‫جدا‪ ،‬وكان النبي ‪ ‬يستمع إليه‪ ،‬وقال له‬ ‫‪ ١‬كان حسن الصوت بالقرآن ًّ‬
‫يو ًما‪« :‬لو َر َأ ْي َت ِني وأنا َأ ْس َت ِم ُع ِل ِق َرا َء ِت َك ا ْل َبار َِح َة‪ ،‬لقد ُأو ِت َ‬
‫يت ِم ْز َم ًارا من َم َزا ِمي ِر‬
‫آلِ َدا ُو َد»‪.‬‬
‫هلل بن َق ْي ٍس َذ ْن َب ُه‪َ ،‬و َأ ْد ِخ ْل ُه َيو َم‬ ‫ال‪« :‬ال َّل َّ‬
‫هم ْاغ ِف ْر ِل َع ْب ِدا ِ‬ ‫النبي ‪ ‬ف َق َ‬
‫‪ 2‬دعا له ُّ‬
‫ال َكر ً‬
‫ِيما»‪.‬‬ ‫ا ْل ِق َيا َم ِة ُمدْ َخ ً‬
‫أحدُ كبا ِر فقها ِء الصحابة و ُق َّرا ِئهم‪.‬‬ ‫‪َ 3‬‬
‫معالم من حياته‬
‫ثم َق ِد َم مع إخوته وبعض من قبيلته في‬ ‫قديما‪ ،‬فأسلم بها‪ ،‬ثم رجع إلى بالده‪ّ ،‬‬ ‫مكة ً‬ ‫أصله من أهل اليمن‪َ ،‬ق ِد َم َّ‬ ‫‪1‬‬
‫يح إلى الحبشة‪ ،‬فوافقوا‬ ‫ال مهاجرين إلى النبي ‪ ‬في السنة السابعة‪ ،‬فألقتهم ال ّر ُ‬ ‫سفينة في ن َْحوِ خمسين رج ً‬
‫السفينتان م ًعا‪ :‬سفين ُة جعف َر وسفين ُة‬ ‫ِ‬ ‫خروج َج ْعف َر ِبن أبي طالب وأصحابِه ‪ ،‬فأتوا معهم إلى المدينة‪ ،‬وقدمت‬
‫النبي ‪ ‬حين َف َت َح خيبر‪.‬‬ ‫األشعريين على ّ‬
‫أميرا وداعية ومع ِّلما إلى بعض مناطق اليمن ك َزبِيد وعدن وتوابعهما‪ ،‬وأ َّم َر ُه عمر بن الخطاب‬ ‫أرسله النبي ‪ً ‬‬ ‫‪2‬‬
‫راكب َخ ْي ٌر ألهلها من أبي موسى‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫‪َ ‬ع َلى ا ْل َب ْصر ِة َف َف َّق َه ُه ْم و َأ ْق َرأ ُهم القرآن‪ ،‬قال الحسن البصري‪ :‬ما أتى ا ْل َب ْصر َة‬
‫ثم أ َّم َر ُه عثمان بن عفان ‪َ ‬ع َلى الكوفة‪.‬‬
‫مجاهدا افتتح ا َأل ْه َوا َز وتُس َتر و َأ ْص َبهان‪.‬‬ ‫ً‬ ‫قائدا‬
‫كان ً‬ ‫‪٣‬‬
‫وسى‪َ ،‬ذ ِّك ْرنَا َر َّب َنا‪َ ،‬ف َي ْق َر ُأ ِع ْندَ ُه‬ ‫س ِفي ا ْل َم ْج ِل ِس‪َ :‬يا َأ َبا ُم َ‬
‫وسى َو ُه َو َجا ِل ٌ‬‫ول َألبِي ُم َ‬ ‫اب ‪َ ‬ي ُق ُ‬ ‫ان ُع َم ُر ْب ُن ا ْل َخ َّط ِ‬
‫َك َ‬ ‫‪4‬‬
‫س ِفي ا ْل َم ْج ِل ِس َو َي َت َ‬
‫الح ُن‪.‬‬ ‫وسى َو ُه َو َجا ِل ٌ‬ ‫َأ ُبو ُم َ‬
‫وفاته‬
‫مات سنة (‪٤٤‬هـ)‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫�إر�شـادات الحـديـث‬
‫‪ ١‬في الحديث بيان لفضل العلم الشرعي وأهمية تع ُّلمه؛ فهو أشرف العلوم وأرفعها‪ ،‬وذلك ألنه‪:‬‬
‫�أ الموصل إلى معرفة اهلل تعالى وشريعته‪.‬‬
‫ب السبيل إلى الوصول إلى الغاية التي ألجلها خلق اهلل الخلق وهي‪ :‬عبادته بما يحبه ويرضاه‪.‬‬
‫مسلم أن يكون له نصيب من العلم ليرتقي به في درجات الكمال‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫َف َحر ٌِّي ِّ‬
‫بكل‬
‫واضحا‬
‫ً‬ ‫المضروب َث َم َر َت ُه حتى يكون‬
‫ُ‬ ‫والتعليم‪ :‬أن يضرب األمثال‪ ،‬وال ُيؤ ِتي ا ْل َمث َُل‬
‫َ‬ ‫السنة لمن أراد التربي َة‬
‫‪ ٢‬من ُّ‬
‫متناسبا مع أفهامهم ومداركهم‪ ،‬ومن واقع البيئة التي يعرفونها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫للمتعلمين‪،‬‬
‫‪ ٣‬لضرب األمثال فوائد كثيرة منها‪:‬‬
‫تيسير ال َفهم عليهم‪.‬‬ ‫ب‬ ‫�أ تقريب المعلومة للمتعلمين‪.‬‬
‫‪...................‬‬ ‫د‬ ‫ج ‪...................‬‬
‫ال منهما سبب‬ ‫النبي ‪ ‬الوحي الذي أنزله اهلل عليه بما فيه من العلم والهداية بالغيث الكثير‪ ،‬وذلك ألن ك ًّ‬ ‫‪ ٤‬ش َّبه ُّ‬
‫فالع ْل ُم‬
‫الميت؛ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الغيث ُيحيي البلدَ‬ ‫والع ْل ُم َس َب ُب حيا ِة القلوب‪َ ،‬‬
‫وك َما أن‬ ‫فالغيث َس َب ُب حيا ِة األبدان‪ِ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫للحياة؛‬
‫الشرعي يحيي القلب الميت‪.‬‬
‫ُّ‬
‫واألجادب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الناس في َت َل ِّقيهِ ْم ِل ْل ِع ْل ِم ثالث ُة أقسام‪َ ،‬و َش َّب َه ُهم بأنواع األرض الثالثة‪ :‬النقي ُة‪،‬‬
‫النبي ‪ ‬أن َ‬
‫‪ ٥‬ب َّي َن ُّ‬
‫والقيعان كما في الجدول اآلتي‪:‬‬ ‫ِ‬
‫وجه الشبه (استنتج وجه الشبه واكتبه في هذه اخلانة)‬ ‫املش َّبه به‬ ‫املش َّبه‬
‫األرض النقية‬ ‫املنتفعون بالعلم املبلغون له‬
‫األرض األجادب‬ ‫املبلغون للعلم دون أن ينتفعوا به‬
‫األرض القيعان‬ ‫املعرضون عن العلم‬

‫‪ ٦‬دل الحديث على أهمية تبليغ العلم الشرعي ونشره بين الناس؛ فالمسلم ال يكتفي بتع ُّل ِم العلم فقط؛ بل عليه‬
‫أن يبلغه حسب ما تعلمه؛ فإن العلم ال يكون ناف ًعا إال إذا ُعمل به ونُشر بين الناس‪.‬‬
‫الشرعي له آثا ٌر سيئ ٌة منها‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫‪َ ٧‬ف ْقدُ ِ‬
‫العلم‬
‫ج ت ََصدُّ ُر الجاهلين‪.‬‬ ‫ ‬
‫ب ال ُبعد عن شريعة اهلل‪.‬‬ ‫ ‬ ‫�أ انتشا ُر الجهل والبدع‪.‬‬
‫والشراب ُيحتاج‬
‫َ‬ ‫والشراب؛ َّ‬
‫ألن الطعا َم‬ ‫ِ‬ ‫الع ْلم أكث َر من حاجتهِ ْم إلى َّ‬
‫الطعا ِم‬ ‫اس ُمحتاجون إلى ِ‬ ‫قال اإلما ُم أحمد‪ :‬ال َّن ُ‬
‫كل ساعةٍ ‪.‬‬
‫(((‬ ‫حتاج إلي ِه في ِّ‬
‫لم ُي ُ‬ ‫تين‪ِ ،‬‬
‫والع ُ‬ ‫إليه في اليوم م َّر ًة أو م َّر ِ‬
‫(‪ )1‬مفتاح دار السعادة ‪ ،61/1‬وطبقات احلنابلة ‪ ،146/1‬واملقصد األرشد ‪ ،355/1‬واآلداب الشرعية ‪.44/2‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ ٨‬في الحديث ذ ٌّم لإلعراض عن تع ُّلم العلم الشرعي واإلعراض عنه بالكلية‪.‬‬
‫تصح به عباداته ومعامالته‪.‬‬
‫‪ ٩‬الواجب على كل مسلم أن يتعلم من العلم‪ :‬ما تسلم به عقيدته‪ ،‬وما ُّ‬
‫‪َ ١٠‬و َص َف ُّ‬
‫النبي ‪ ‬ما جاء به بأنه ُهدى‪ ،‬فالهدى كله في الوحي المنزل من اهلل تعالى في كتابه أو سنة رسوله ‪‬‬
‫فمن أعرض عنه والتمس الهدى في غيره أضله اهلل‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﱪ ((( ‪.‬‬
‫‪ ١١‬االنصراف عن العلم له أسباب متعددة أشار الحديث إلى أهمها وهو‪ :‬الكبر والتعالي‪ ،‬واإلعراض عن العلم‬
‫وجهل بأهميته‪ ،‬وذلك في قوله ‪َ « :‬من َل ْم َي ْر َف ْع ب َِذ ِل َك َر ْأ ًسا‪ ،‬ولم َي ْق َب ْل ُهدَ ى ا ِ‬
‫هلل الذي‬ ‫ً‬ ‫وزهدا فيه‬
‫ً‬ ‫رغبة عنه‬
‫ُأ ْر ِس ْل ُت ِب ِه»‪.‬‬
‫النبي ‪ ‬فهو من عند اهلل تعالى‪،‬‬ ‫كل ما جاء به ُّ‬ ‫هلل ِب ِه من ا ْل ُهدَ ى َوا ْل ِع ْل ِم» داللة على أن َّ‬
‫‪ ١٢‬في قوله ‪« :‬ما َب َع َث ِني ا ُ‬
‫ﱪ ((( ‪.‬‬ ‫وهذا موافق لقوله تعالى‪ :‬ﱫ‬

‫والسنة‪ ،‬بالرجوع إلى القرآن الكريم وكتب السنة أو برامج الحديث النبوي في‬
‫كثر ضرب المثل في الكتاب ُّ‬
‫السنة‪:‬‬
‫الحاسب اآللي‪ :‬اكتب اثنين من أمثال القرآن واثنين من أمثال ُّ‬

‫السنة‬
‫من أمثال ُّ‬ ‫من أمثال القرآن‬

‫(‪ )1‬البقرة‪.١٢٠ :‬‬


‫(‪ )2‬النجم‪.٤-٣ :‬‬

‫‪31‬‬
‫بالتعاون مع زمالئك‪ :‬اكتب فوائدَ العلم الشرعي وآثا َره الحسن َة على الناس‪:‬‬

‫‪................................................................... ١‬‬

‫‪................................................................... ٢‬‬

‫‪................................................................... ٣‬‬

‫�س‪ :١‬ب ِّين معنى مفردات الحديث اآلتية‪ ( :‬نقية – الكأل – العشب – أجادب – قيعان )‪.‬‬
‫�س‪ِّ :٢‬‬
‫وضح الصورة التعبيرية في المثل الوارد في الحديث‪.‬‬
‫�س‪ :٣‬قارن بين فئات الناس في موقفها من العلم‪.‬‬
‫�س‪ :٤‬استدل لفضل العلم الشرعي بدليل من القرآن وآخر من ُّ‬
‫السنة‪.‬‬
‫�س‪ :٥‬اكتب أمام ِّ‬
‫كل فائدة مما يأتي الشاهدَ عليها من الحديث‪:‬‬

‫موضع الداللة من احلديث‬ ‫الفائدة‬ ‫م‬


‫‪ 1‬ذ ُّم اإلعراض عن تع ُّلم العلم الشرعي‬
‫‪ 2‬من صوارف العلم‪ :‬الكبر والتعالي‬
‫النبي ‪ ‬فهو من عند اهلل تعالى‬ ‫ُّ‬
‫كل ما جاء به ُّ‬ ‫‪3‬‬
‫‪ 4‬أهمية تبليغ العلم الشرعي ونشره بني الناس‬

‫‪32‬‬
‫الحديث الـثـانـي‪)..................( :‬‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تذكر �سبب ورود احلديث‪.‬‬
‫تبي معاين مفردات احلديث‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫مت ِّثل على ُّ‬
‫ال�سنة احل�سنة‪.‬‬
‫مت ِّثل على ُّ‬
‫ال�سنة ال�سيئة‪.‬‬
‫ال�سنة احل�سنة والبدعة‪.‬‬ ‫تف ِّرق بني ُّ‬
‫ت�ستنتج �أرب ًعا من فوائد احلديث‪.‬‬

‫جاء ناس من األعراب إلى رسول اهلل ‪ ‬عليهم الصوف فرأى سوء حالهم‪،‬‬
‫فحث الناس على الصدقة فأبطأوا عنه حتى ُرئي ذلك في وجهه‪ ،‬ثم إن‬
‫رجل من األنصار جاء ب ُِص َّرة من َورِق‪ ،‬ثم جاء آخر‪ ،‬ثم تتابعوا حتى ُعرف‬
‫ً‬
‫السرور في وجهه‪.‬‬
‫فقال النبي ‪ ‬بعد ذلك حدي ًثا أصبح بشارة لكل س َّباق إلى الخير‪،‬‬
‫وهذا الحديث هو‪:‬‬
‫الطريقة املتبعة في‬
‫اخلير أو الشر‬ ‫هلل ‪َ « :‬م ْن َس َّن ِفي ْ‬
‫اإلس َ‬
‫ال ِم ُس َّن ًة‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫هلل ‪َ ‬‬ ‫بن َع ْب ِد ا ِ‬
‫ير ِ‬ ‫عن َج ِر ِ‬
‫َح َس َن ًة َف َل ُه َأ ْج ُر َها‪َ ،‬و َأ ْج ُر َم ْن َع ِم َل ب َِها ‪َ -‬ب ْع َد ُه ‪ِ -‬م ْن غَ ْي ِر َأ ْن َي ْنق َ‬
‫موافقة للشريعة‬
‫ُص ِم ْن‬
‫مخالفة للشريعة‬
‫إثمها‬ ‫ال ِم ُس َّن ًة َس ِّي َئ ًة َكانَ َع َل ْي ِه وِ ْز ُر َها‪َ ،‬و ِو ْز ُر‬ ‫ُأ ُجو ِر ِه ْم شَ ْي ٌء‪َ ،‬و َم ْن َس َّن ِفي ْ‬
‫اإلس َ‬
‫(‪)1‬‬
‫ُـص ِم ْن َأ ْو َزا ِر ِه ْـم شَ ْي ٌء»‪.‬‬ ‫َم ْن َع ِم َل ب َِها ‪ِ -‬م ْن َب ْع ِد ِه ‪ِ -‬م ْن غَ ْي ِر َأ ْن َي ْنق َ‬

‫المبادرة بالعمل الصالح عنوان مناسب للدرس‪ ،‬تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان ترونه أكثر مناسبة‪.‬‬
‫)‪ (1‬أخرجه مسلم‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫ترجمة راوي الحديث‬

‫اسمه ونسبه‬
‫هلل ا ْل َب َج ِل ُّي ال َي َما ِن ُّي‪ ،‬ونسبته إلى قبيلته التي ُس ِّميت باسم أحد‬
‫عبدا ِ‬
‫بن ِ‬
‫َجرِي ُر ُ‬
‫بن أنمار‪.‬‬ ‫أجداده‪ ،‬وهو‪َ :‬ب ِجي َل ُة ُ‬

‫مناقبه‬
‫ول ا ِ‬
‫هلل ‪ُ ‬م ْن ُذ َأ ْس َل ْم ُت‪،‬‬ ‫ِير‪َ « :‬ما َح َج َب ِني َر ُس ُ‬ ‫‪ ١‬كان النبي ‪ ‬يكرمه‪ ،‬قال َجر ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫وال َرآ ِني إال َض ِح َك»‪.‬‬
‫هلل ‪َ ‬ي ْخ ُط ُب‪ ،‬فرماني الناس‬ ‫ِير ‪َ :‬دخَ ْل ُت المدينة فإذا رسول ا ِ‬ ‫‪ ٢‬قال َجر ُ‬
‫هلل ‪ .‬قال‪ :‬نعم‪،‬‬ ‫رسول ا ِ‬
‫ُ‬ ‫هلل‪َ ،‬ذ َك َر ِني‬
‫ِبا ْل َحدَ ِق‪ ،‬فقلت لجليسي‪ :‬يا َع ْبدَ ا ِ‬
‫َذ َك َر َك آ ِنف ًا ِب َأ ْح َسنِ ِذ ْك ٍر‪َ ،‬ف َب ْي َنا هو َي ْخ ُط ُب ِإ ْذ َع َر َض له في خُ ْط َب ِت ِه وقال‪:‬‬
‫اب ‪ -‬أو من هذا ا ْلف َِّج ‪ِ -‬من خَ ْي ِر ذي َي َم ٍن‪َ ،‬أ َال‬ ‫« َي ْدخُ ُل َع َل ْي ُك ْم من هذا ا ْل َب ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫ال ِني‪.‬‬
‫وج َّل على ما أ ْب َ‬ ‫ِير‪َ :‬ف َح ِم ْد ُت ا َ‬
‫هلل ع َّز َ‬ ‫إِنَّ َع َلى َو ْج ِه ِه َم ْس َح َة َم َل ٍك»‪ ،‬قال َجر ٌ‬

‫معالم من حياته‬
‫‪ ١‬قيل‪ :‬أسلم في السنة العاشرة في رمضان‪ ،‬وقال ابن حجر‪« :‬الصحيح أنه في سنة الوفود سنة تسع»‪ .‬وشهد مع‬
‫النبي ‪َ ‬ح َّج َة ا ْل َو َد ِاع‪ ،‬وأمره ‪ ‬أن َيستنصت الناس‪.‬‬
‫‪ ٢‬كان سيد قبيلته‪ ،‬قال له ُعمر ‪ :‬يرحمك اهلل نعم السيد كنت في الجاهلية ونعم السيد أنت في اإلسالم‪.‬‬
‫‪ ٣‬قدَّ مه ُعم ُر ‪ ‬في حروب العراق على جميع َب ِجيلة‪ ،‬وكان له أثر عظيم في فتح القادسية‪.‬‬
‫‪ ٤‬كان من أجمل الناس‪ ،‬قال عمر بن الخطاب ‪ :‬هو يوسف هذه األمة‪.‬‬

‫وفاته‬
‫توفي سنة إحدى وخمسين (‪51‬هـ)‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه أحمد والنسائي في الكبرى‪َ ْ ،‬‬
‫والدَ قِ ‪ :‬جمع َحدَ َقةٍ ‪ ،‬وهي‪ :‬سواد العني (القاموس مادة‪:‬حدق)‪ ،‬واملعنى‪ :‬نظروا إلي ب َأبصارهم‪ ،‬ومعنى‪َ « :‬م ْس َح َة‬
‫بالج َمال‪.‬‬
‫أبدا يصفون املالئكة َ‬ ‫َم َل ٍك» أي‪ :‬أ َث ٌر من َ‬
‫الج َمال؛ ألنهم ً‬

‫‪34‬‬
‫�إر�شـادات الحـديـث‬
‫‪ 1‬في الحديث حث على سلوك الطريقة الحسنة التي يقتدي بها الناس‪ ،‬وأن من فعل ذلك فله أجر فعله‪ ،‬وأجر‬
‫من اقتدى به إلى يوم القيامة من غير أن ينقص ذلك من أجر من عمل بهذا العمل شي ًئا‪ ،‬وهذا فضل عظيم ال‬
‫ويعظم أج ُره‪.‬‬
‫َ‬ ‫ينقطع إلى يوم القيامة؛ فينبغي على المسلم أن يسلك هذا الطريق ِل َي ُع َّم نف ُعه‪،‬‬
‫ال ِم ُس َّن ًة َح َس َنةً» يتضمن ثالثة أنواع من األعمال‪:‬‬ ‫اإلس َ‬
‫‪ 2‬قول النبي ‪َ « :‬م ْن َس َّن ِفي ْ‬
‫الحث عليها‪ ،‬فيكون أول من يفعلها في مكانه أو‬ ‫َّ‬ ‫�أ المبادرة إلى العمل بالسنة الثابتة إذا سمع اإلنسان‬
‫زمانه َف َي ْق َت ِدي به الناس في ذلك‪.‬‬
‫ب إحياء السنة إذا أميتت وتُرك العمل بها؛ فمن أحياها وأظهرها بالعمل بها والدعوة إليها كان له أجر‬
‫إحيائها‪ ،‬وأجر من عمل بها بعده إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫جمع الصحابة ‪ ‬للقرآن الكريم في‬ ‫لعمل مشروع لم َي ْسب ِْق إليه أحد؛ مثل‪ِ :‬‬ ‫ج ابتكار وسيلة نافعة ٍ‬
‫واحد‪ ،‬وابتدا ِء تأليف الكتب في أنواع العلوم الشرعية‪ ،‬وابتكا ِر طريقةٍ لتخريج الحديث‬ ‫صحف ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُم‬
‫اسوب َّيةٍ للبحث عن األحاديث‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬ ‫النبوي‪ ،‬أو برمجةٍ َح ُ‬
‫مثال آخر ) ‪............................................................‬‬ ‫( أضف ً‬
‫‪ ٣‬في الحديث تحذير من سلوك الطريقة السيئة التي َيقتدي بها الناس‪ ،‬وأن من فعل ذلك فعليه إثم فعله‪ ،‬وإثم‬
‫من اقتدى به إلى يوم القيامة من غير أن ينقص ذلك من إثم من عمل بهذا العمل شي ًئا؛ فالواجب على المسلم‬
‫الحذر من سلوك هذه الطريقة التي َي ُع ُّم بها الش ُّر‪ ،‬و َي ْع ُظ ُم بها الوِ ْز ُر‪.‬‬
‫ال ِم ُس َّن ًة َس ِّي َئةً» يتضمن نوعين من األعمال‪:‬‬ ‫اإلس َ‬
‫‪ 4‬قول النبي ‪« :‬و َم ْن َس َّن ِفي ْ‬
‫�أ ابتداع شيءٍ في الدِّ ين؛ سواء أكانت البدعة عقدية؛ كبدعة الخوارج والمعتزلة في تكفير أهل الكبائر‬
‫ور ِّد األحاديث النبوية‪ ،‬أم كانت بدعة عملية؛ كبدعة الطواف بالقبور وبناء األضرحة عليها‪ ،‬وإقامة‬
‫المناسبات الدينية التي ترتكب فيها المخالفات الشرعية‪.‬‬
‫ب الدعوة إلى شيء من المعاصي؛ سواء أكان ذلك بالقول؛ كالدعوة إلى نشر الجرائم األخالقية بدعوى‬
‫التباهي وترويج للفضائح في مواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬أم كانت بالفعل كمن يكون في موضع‬
‫القدوة فيمارس المعاصي فيقتدي به الناس في ذلك‪.‬‬
‫‪ 5‬ال يدخل في معنى الحديث أن يتع َّبدَ اإلنسان بشيءٍ لم يشرعه اهلل تعالى وال رسوله ‪‬؛ ثم يزعم أن ذلك سنة‬
‫حسنة؛ بل يعد ذلك من االبتداع في الدين والنبي ‪ ‬قال‪َ « :‬و ُك ُّل بِدْ َعةٍ َضال َل ٌة»(((؛ إذ المراد بالسنة الحسنة‪:‬‬
‫الوسائل ا ْل ُم ِعي َن ِة على فعل ما هو مشروع‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫المبادرة بالعمل‪ ،‬وإحياء السنن‪ ،‬وابتكار‬
‫َ‬
‫رسول‬ ‫‪ 6‬دل الحديث على فضل الدعوة إلى اهلل تعالى وتعليم العلم النافع بأي وسيلة مباحة‪ ،‬فعن أبي هريرة ‪ ‬أن‬
‫(((‬
‫ص ذلك من ُأ ُجور ِِه ْم َش ْي ًئا»‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اهلل ‪ ‬قال‪َ « :‬م ْن َد َعا إلى ُه ًدى كان َل ُه من ا َأل ْج ِر ِمث ُْل ُأ ُجو ِر من َت ِب َع ُه‪َ ،‬ال َي ْن ُق ُ‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫الحديث على تحريم الدعوة إلى الباطل والبدع والفجور؛ والدعوة إلى إبعاد المسلمين عن هدي النبي‬ ‫ُ‬ ‫‪َّ 7‬‬
‫دل‬
‫‪ ‬ودين اإلسالم؛ بأي وسيلة كانت‪ ،‬ومن فعل ذلك عن طريق الكلمة المسموعة أو المرئية عبر اإلذاعات أو‬
‫القنوات الفضائية أو شبكة اإلنترنت أو غيرها من الوسائل؛ ومن دعا إلفساد المسلمين بأي سبيل فعليه وز ُر َمن‬
‫َض َّل بسببه إلى يوم القيامة‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﱪ ((( ‪.‬‬
‫الحديث على عدم مشروعية إهداء ثواب األعمال الصالحة للنبي ‪ ،‬وذلك ألن جميع حسنات المسلمين‬ ‫ُ‬ ‫‪َّ 8‬‬
‫دل‬
‫جميع ُأ َّم ِت ِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫في صحيفته ‪ ‬فإن َل ُه ِم َ‬
‫ثل أجو ِر‬

‫حيث هي ُس َّن ٌة حسن ٌة أو ُس َّن ٌة سيئ ٌة مع التعليل‪:‬‬ ‫َ‬


‫األعمال اآلتية من ُ‬ ‫َص ِّن ْف‬
‫التعليل‬ ‫نوعه‬ ‫العمل‬ ‫م‬
‫االســتــفــادة مــن مــقــررات الــعــلــوم الشرعية‬
‫‪1‬‬
‫املستخدمة‬
‫تشبه من ُيقتدى به بغير املسلمني بحجة‬
‫‪2‬‬
‫ترغيبهم في اإلسالم‬
‫معاقبة من يتأخر عن الصالة بزيادة صالة‬
‫‪3‬‬
‫عليه‬
‫‪ 4‬فعل احلسنة وإخفاؤها عن الناس‬
‫اجلــهــر بالتكبير ليلة العيد فــي األس ــواق‬
‫‪5‬‬
‫ومجامع الناس‬

‫بالتعاون مع زمالئك‪ :‬اكتب بعض الوسائل لنشر الخير‪:‬‬

‫‪.............................. ٢ .............................. ١‬‬


‫‪.............................. ٤ .............................. ٣‬‬

‫(‪ )1‬النحل‪.٢٥ :‬‬

‫‪36‬‬
‫هلل ‪ ‬قال‪َ « :‬م ْن َد َعا إلى ُه ًدى كان َل ُه‬ ‫َ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫أوجد العالقة بين حديث الدرس وحديث أبي هريرة ‪ ‬أن‬
‫من ا َأل ْج ِر ِمث ُْل ُأ ُجو ِر من َت ِب َع ُه‪َ ،‬ال َي ْن ُق ُ‬
‫(((‬
‫ص ذلك من ُأ ُجور ِِه ْم َش ْي ًئا»‪.‬‬
‫‪........ .......................................................................‬‬
‫‪................ ...............................................................‬‬
‫‪.......................................................‬‬

‫�س‪َ :١‬ب ِّي ْن معنى مفردات الحديث اآلتية‪ ( :‬سنة حسنة – سنة سيئة – وزرها)‪.‬‬
‫�س‪:٢‬اضرب أمثلة على األعمال التي تندرج تحت اسم‪:‬‬
‫السنة الحسنة‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫�أ‬

‫السنة السيئة‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫ب‬

‫�س‪:٣‬مثِّل لما يأتي‪:‬‬


‫إحياء سنة قد أميتت‪.‬‬ ‫�أ‬

‫ابتكار وسيلة ُم ِعينة على عمل مشروع‪.‬‬ ‫ب‬

‫�س‪ :٤‬ناقش من زعم أن التع ُّبدَ بشيءٍ لم يشرعه اهلل تعالى وال رسوله ‪ ‬يدخل ضمن السنة‬
‫الحسنة‪.‬‬
‫�س‪ :٥‬استنبط فائدتين من الحديث‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه مسلم‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫مالحظات‬

‫‪38‬‬
‫الحديث الـثـالـث‪)..................( :‬‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫ت�ستنتج مو�ضوع احلديث‪.‬‬
‫تو�ضح معانى مفردات احلديث‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ت�ستنتج ال�صورة التعبريية يف املثل الوارد يف احلديث‪.‬‬
‫تقارن بني فئات النا�س يف موقفها من ال�شبهات‪.‬‬
‫مت ِّثل للأمور امل�شتبهات‪.‬‬
‫ت�ستدل للموقف ال�شرعي من ال�شبهات‪.‬‬
‫تعدِّ د فوائد البعد عن ال�شبهات‪.‬‬
‫تبي �أثر �صالح القلب يف البعد عن ال�شبهات‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ت�ستنتج ثالث ًا من فوائد احلديث‪.‬‬
‫ترتجم لراوي احلديث‪.‬‬

‫كانت مزرعة لغني ال يسمح ألحد بالرعي فيها؛ حيث جعلها خاصة‬
‫بدوابه‪ ،‬وكان حراسها على جنباتها‪ ،‬يعاقبون من يعتدي عليها‪.‬‬
‫كثيرا من المرعى ويوشك أن‬‫كان أحد الرعاة الفقراء يقترب ً‬
‫يدخله مع علمه بالمنع له وأنه بذلك يعرض نفسه للعقاب‪،‬‬
‫وكلما اقترب من المرعى دعته نفسه إلدخال أغنامه فيه؛ لما‬
‫يرى من وفرة العشب والكأل‪......‬‬

‫اكتب نهاية لهذه القصة‪.‬‬


‫‪.....................................................................................‬‬
‫ماذا تقترح على الراعي ليبعد نفسه عن الدخول لمرعى الغني‪ ،‬ويبتعد عن العقاب؟‬
‫‪.....................................................................................‬‬

‫‪39‬‬
‫إن من يعرض نفسه لدواعي المعصية ويتبع هواه‪ ،‬يوشك أن يقع فيها فيتعرض لعقاب اهلل‪ ،‬يبين ذلك الحديث اآلتي‪:‬‬

‫يشكل حكمها‬ ‫هلل ‪ ‬يقول‪:‬‬ ‫ول ا ِ‬ ‫ان بن َب ِشير ‪ ‬قال‪ :‬سمعت َر ُس َ‬ ‫عن ال ُّن ْع َم ِ‬
‫ويخفى‬ ‫ي َوإ َِّن ْ َ‬ ‫ال َ‬ ‫«إ َِّن ْ َ‬
‫ات ال َي ْع َل ُم ُه َّن‬ ‫ي‪َ ،‬و َب ْي َن ُه َما ُم ْش َتب َِه ٌ‬ ‫ال َرا َم َب ِّ ٌ‬ ‫الل َب ِّ ٌ‬
‫املرعى الذي‬ ‫اس َت ْب َر َأ ِل ِدي ِن ِه َو ِع ْر ِض ِه‪َ ،‬و َم ْن‬
‫ات ْ‬‫الش ُب َه ِ‬
‫ير من الناس‪َ ،‬ف َم ْن ا َّتقَى ُّ‬ ‫َك ِث ٌ‬
‫واضح‬
‫يحجزه امللك عن‬ ‫املعاصي‬
‫الناس‬ ‫ال َمى‬ ‫الر ِاعي َي ْر َعى َح ْو َل ْ ِ‬ ‫ات َو َق َع في ْ َ‬
‫ال َرا ِم؛ َك َّ‬ ‫الش ُب َه ِ‬‫َو َق َع في ُّ‬ ‫التي منع من‬
‫وش ُك َأ ْن َي ْر َت َع فيه‪ ،‬أال َوإ َِّن ِل ُك ِّل َم ِل ٍك ِح ًمى‪ ،‬أال َوإ َِّن ِح َمى ا ِ‬
‫هلل‬ ‫ُي ِ‬ ‫ارتكابها‬
‫يقع فيه‬ ‫ال َس ُد ُك ُّل ُه‪،‬‬ ‫ال َس ِد ُم ْض َغ ًة إذا َص َل َح ْت َص َل َح ْ َ‬ ‫َم َحا ِر ُم ُه‪ ،‬أال َوإ َِّن في ْ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫ال َس ُد ُك ُّل ُه‪ ،‬أال َو ِه َي ا ْل َق ْل ُب»‪.‬‬ ‫وإذا َف َس َد ْت َف َس َد ْ َ‬
‫محارم اهلل ‪ -‬البعد عن الشبهات ‪ -‬صالح القلب‬
‫الجمل السابقة تناسب أن تكون عناوين للدرس‪ ،‬اختر أكثرها مناسبة وسجله في أعلى الصفحة‪.‬‬
‫ترجمة راوي احلديث‬
‫اسمه ونسبه‬
‫النعمان بن َب ِشير ِبن ٍ‬
‫سعد األنصاري اخلزرجي‪.‬‬
‫مناقبه‬
‫‪ ١‬هو وأبوه صحابيان‪.‬‬
‫‪ ٢‬أول مولود ولد في األنصار بعد قدوم النبي ‪ ،‬ولد في السنة الثانية من‬
‫الهجرة قبل غزوة بدر‪.‬‬
‫‪ ٣‬قال سماك بن حرب‪ :‬كان من أخطب من سمعت من أهل الدنيا يتكلم‪.‬‬
‫معالم من حياته‬
‫‪ ١‬معدود في صغار الصحابة ‪ ،‬كان عمره يوم وفاة النبي ‪ ‬ثمان سنني وسبعة‬
‫أشهر‪.‬‬
‫‪ ٢‬ولي إمرة الكوفة في عهد معاوية ‪ ،‬وبقي عليها تسعة أشهر‪ ،‬ثم عزله‬
‫معاوي ُة عنها‪.‬‬
‫‪َّ ٣‬‬
‫وله معاوي ُة ‪ ‬القضا َء في ِد َم ْشقَ ‪.‬‬
‫أميرا عليها حتى مات معاوي ُة ‪ ‬وولدُ ه يزيد‪.‬‬
‫وله معاوي ُة ‪ ‬على ِح ْم ٍص‪ ،‬وبقي ً‬ ‫‪َّ ٤‬‬

‫وفاته‪ :‬سنة (‪.)65‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫�إر�شـادات الحـديـث‬
‫‪ ١‬هذا الحديث العظيم تحدث عن قض َّيتين أساس َّيتين‪ ،‬هما‪« :‬تصحيح العمل‪ ،‬وسالمة القلب»‪ ،‬وهاتان القض َّيتان‬
‫من األهمية بمكان؛ فصالح الظاهر والباطن له أكبر األثر في استقامة حياة الناس وفق دين اهلل القويم‪.‬‬
‫حيث الحكم ثالثة أقسام‪:‬‬ ‫الحديث على أن األشياء من ُ‬‫ُ‬ ‫دل‬‫‪َّ ٢‬‬
‫كل ما َأ ِذ َن الشرع في فعله‪ ،‬مثل أكل الطيبات من الزروع والثمار وغير‬ ‫�أ حالل ب ِّين ظاهر ال شبهة فيه‪ ،‬وهو‪ُّ :‬‬
‫أيضا ما أمر الشرع بفعله أو استحبه‪.‬‬ ‫ذلك‪ ،‬ويشمل ً‬
‫ب حرام ب ِّين ظاهر ال شبهة فيه كشرب الخمر والزنا وأكل الربا وأكل مال اليتيم ونحوها مما نص الشرع على‬
‫حل له أن يتساهل فيه‪.‬‬‫تحريمه‪ ،‬فيجب على المسلم أن يتج َّنبه‪ ،‬وال َي ُّ‬
‫ج مشتبه بين الحالل والحرام‪ ،‬والشبهة هي كل أمر تردد حكمه بين الحالل والحرام‪ ،‬بحيث يشتبه أمره على‬
‫المكلف أحالل هو أم حرام كالمعامالت والمطاعم التي يتردد في حكمها‪.‬‬
‫واضحا عند آخر‪ ،‬وقد‬ ‫ً‬ ‫‪ ٣‬ا ِال ْش ِت َبا ُه في معرفة األحكام الشرعية أم ٌر ِن ْسب ٌِّي؛ فقد يكون الحكم ُم ْش َتب ًِها عند شخص‬
‫واضحا في وقت آخر؛ وذلك ألن ا ِال ْش ِت َبا َه غي ُر واقع في أحكام الشريعة ِ‬
‫نفسها؛ إنما هو‬ ‫ً‬ ‫يكون ُم ْش َتب ًِها في وقت‬
‫الحكم وأشكل عليه َفهمه‪ ،‬وهو غير ُمش َت ِبهٍ عند َمن ع ِلمه وتب َّين له‪ ،‬ولذلك قال ‪ ‬في‬ ‫َ‬ ‫حق من لم يعلم‬ ‫واقع في ِّ‬
‫فدل على أن بعض الناس يعلمهن‪ ،‬وهؤالء هم الراسخون في العلم‪.‬‬ ‫ِهات‪« :‬ال َي ْع َل ُم ُه َّن َك ِثي ٌر من الناس»‪َّ ،‬‬ ‫المش َتب ِ‬
‫كل ما ُيدَ ن ُِّس ُه‪ ،‬وال يكون ذلك إال باتباع الشرع بفعل الواجبات وترك‬ ‫وعرض ِه عن ِّ‬‫‪ ٤‬المسلم مأمور بحفظ ِدي ِن ِه ِ‬
‫المنهيات‪ ،‬والحذر من الوقوع في المش َتب ِ‬
‫ِهات‪.‬‬
‫النبي ‪ ‬فائدتين عظيمتين تحصل لمن اتقى الشبهات‪:‬‬ ‫‪ ٥‬قد ب َّين ُّ‬
‫االس ِت ْب َرا ُء للدِّ ين‪ ،‬ومعناه‪ :‬صيانة المسلم ِل ِدي ِن ِه من وقوعه في النقص أو الخلل لتساهله في هذه المشكالت‪.‬‬ ‫�أ ْ‬
‫االس ِت ْب َرا ُء ِل ْل ِع ْر ِض‪ ،‬ومعناه‪ :‬صيانة المسلم نفسه من كالم الناس فيه لتساهله في هذه المشكالت‪.‬‬ ‫ب ْ‬
‫المترتب على الوقوع في ا ْل ُم ْش َتبِهات‪ ،‬وهو الوقوع في الحرام‪ ،‬وذلك يحتمل معنيين‪:‬‬ ‫َ‬ ‫النبي ‪ ‬األ َث َر‬
‫‪ ٦‬ب َّين ُّ‬
‫�أ أن الذي يتع َّود فعل المتشابهات ويتساهل فيها سوف يتجرأ على الوقوع في ا ْل ُم َح َّر ِ‬
‫مات الب ِّينة‪.‬‬
‫ب أن المشتبه قد يكون مح ّرما في نفسه وهو ال يعلم‪ ،‬فيقع في الحرام وهو ال يعلم‪.‬‬
‫‪ ٧‬دل الحديث على ّأن موقف الناس تجاه الشبهات على ثالثة أقسام‪:‬‬
‫�أ من يتقي هذه المشتبهات‪ ،‬وهذا قد استبرأ لدينه وعرضه‪.‬‬
‫ب من يقع في المشتبهات‪ ،‬وهذا قد ع َّرض نفسه للوقوع في الحرام‪.‬‬
‫عالما بحكمها واتبع ما دلَّه علمه عليه‪ ،‬وهذا القسم أفضل األقسام الثالثة ألنه علم حكم اهلل‬ ‫ج من كان ً‬
‫في هذه المشتبهات وعمل بعلمه‪ ،‬وهذا القسم لم يذكره النبي ‪ ‬لوضوحه‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ ٨‬للقلب أهمية عظيمة؛ فهو المحرك لسائر األعضاء والحاكم عليها؛ فبأمره تأتمر وبنهيه تنتهي‪ ،‬وبصالحه‬
‫يصلح جميع البدن‪ ،‬وبفساده يفسد جميع البدن‪ ،‬فواجب على المسلم أن يهتم بصالح قلبه‪ ،‬ويحذر من‬
‫وذ ْك ُر النبي ‪ ‬للقلب في ختام الحديث إشارة إلى أن اتقاء الشبهات سببه صالح القلب‪ ،‬والوقوع فيها‬ ‫فساده‪ِ ،‬‬
‫سببه ضعف القلب أو فساده‪.‬‬
‫فاسدا في‬
‫المسلم ً‬
‫ِ‬ ‫صالحا مواف ًقا للشريعة فذلك َد ٌّال على صالح قلبه‪ ،‬وإذا كان َع َم ُل‬
‫ً‬ ‫المسلم‬
‫ِ‬ ‫‪ ٩‬إذا كان َع َم ُل‬
‫فساد في قلبه‪ ،‬وبقدر ُقربه و ُبعده من أحكام الشرع‬ ‫الظاهر‪ ،‬مخال ًفا ألوامر الشريعة ونواهيها فذلك َد ٌّال على ٍ‬
‫يكون صالح قلبِه وفسا ُده‪.‬‬
‫سليما‬
‫ً‬ ‫‪ ١٠‬صالح القلب هو سر السعادة وسبب التنعم الحقيقي بالحياة الدنيا‪ ،‬فينعم المرء بالحياة إذا كان قلبه‬
‫وإن كان البدن قد يتألم بالمرض‪ ،‬فنعيم البدن تابع لنعيم الروح‪ ،‬وعلى العكس ترى الرجل ُم َت َب ِّر ًما بالحياة ض ِّيق‬
‫الصدر‪ ،‬مع ما هو فيه من صحة البدن وكثرة األموال‪ ،‬وما ذلك إال لضيق الروح وفساد القلب‪.‬‬

‫بالرجوع للمصحف اقرأ مطلع سورة آل عمران‪ ،‬ثم استخرج آية ترى أن معانيها مما اشتمل عليه‬
‫الحديث‪ ،‬اكتب اآلية واذكر الدالالت المشتركة بينها وبين الحديث‪.‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬

‫قارن بين حال الراعي الفقير يرعى حول الحمى وحال من يستهين بالمشتبهات ويواقعها‪:‬‬

‫أوجه االختالف‬ ‫أوجه الشبه‬ ‫وجه املقارنة‬ ‫م‬


‫االقتراب من احملرم‬ ‫‪1‬‬
‫التعرض للعقاب‬ ‫‪2‬‬
‫وسيلة السالمة‬ ‫‪3‬‬

‫‪42‬‬
‫ِّ‬
‫وضح صلة الحديث بهذه المعاني والقيم‪:‬‬
‫وجه الصلة‬ ‫ليس له صلة‬ ‫له صلة‬ ‫املعنى‬ ‫م‬
‫‪ 1‬التقوى‬
‫‪ 2‬الورع‬
‫‪ 3‬الزهد‬
‫‪ 4‬احلياء‬

‫�س‪ :١‬تنقسم األحكام بالنظر إلى دخول االشتباه فيها وعدمه إلى ثالثة أقسام؛ فما هي؟‬
‫�س‪ :٢‬قارن بين مواقف الناس من المشتبهات من حيث السالمة والفضل‪.‬‬
‫�س‪ :٣‬ما الموقف الشرعي من األمور المشتبهة؟ مع االستدالل لما تذكر‪.‬‬
‫�س‪ :٤‬ما فوائد البعد عن المشتبهات؟‬

‫‪43‬‬
‫الحديث الـرابـع‪)..................( :‬‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تعدِّ د ال�سبعة الذين يظلهم اهلل يف ظله‪.‬‬
‫ت�ستنتج من احلديث بع�ض �أهوال القيامة‪.‬‬
‫تبي ف�ضيلة الأعمال ال�سبعة التي وردت يف احلديث‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ت�ستنتج الأعمال التي يخت�ص بها الرجل من الأعمال الواردة يف احلديث‪.‬‬
‫ت�ستدل لعدم اخت�صا�ص ال�سبعة باال�ستظالل يف ظل الرحمن يوم القيامة‪.‬‬
‫ترتجم لأبي هريرة ‪.‬‬

‫في يوم القيامة‪ ،‬تدنو الشمس من الخالئق‪ ،‬ويشتد الكرب‪ ،‬وال يجد أحدٌ ما َيستظل به من ح ِّر الشمس؛ َّ‬
‫يتفضل‬
‫َّ‬
‫المتفضل عليهم هم من ذكرهم‬ ‫اهلل تعالى على بعض عباده بأن ُيظ َّلهم في ِّ‬
‫ظل عرشه يوم ال ظل إال ظ ُّله‪ ،‬وهؤالء‬
‫النبي ‪ ‬في هذا الحديث‪:‬‬
‫ُّ‬

‫هلل َت َعا َلى في ِظ ِّل ِه يوم ال ِظ َّل إال ِظ ُّل ُه‪ِ :‬إ َما ٌم‬
‫«س ْب َع ٌة ُي ِظ ُّل ُهم ا ُ‬‫النبي ‪ ‬قال‪َ :‬‬ ‫عن أبي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬أن َّ‬
‫هلل ْاج َت َم َعا‬ ‫الن َ َتا َّبا في ا ِ‬
‫اج ِد‪َ ،‬و َر ُج ِ‬ ‫اب َن َش َأ في ِع َبا َد ِة ا ِ‬
‫هلل‪َ ،‬و َر ُج ٌل َق ْل ُب ُه ُم َع َّل ٌق في ْالَ َس ِ‬ ‫َع ْد ٌل‪َ ،‬وشَ ٌّ‬
‫هلل‪َ ،‬و َر ُج ٌل‬ ‫اف ا َ‬‫َات َم ْن ِص ٍب َو َج َم ٍال فقال‪ :‬إني َأ َخ ُ‬ ‫عليه َو َتف ََّر َقا عليه‪َ ،‬و َر ُج ٌل َد َع ْت ُه ا ْم َر َأ ٌة ذ ُ‬
‫هلل َخا ِل ًيا َفف َ‬
‫َاض ْت‬ ‫َت َصدَّ َق ب َِص َد َق ٍة َف َأ ْخف َ‬
‫َاها حتى ال َت ْع َل َم ِش َما ُل ُه ما ُت ْن ِف ُق َيِي ُن ُه‪َ ،‬و َر ُج ٌل ذ ََك َر ا َ‬
‫َع ْي َنا ُه»‪.)1(.‬‬

‫تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان مناسب للدرس واكتبه في أعلى الصفحة‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ترجمة راوي احلديث‬

‫اسمه ونسبه‬
‫‪ ١‬عبد الرحمن بن صخر الدَّ ْو ِسي‪ :‬نسبة إلى جدّ لهم هو‪َ :‬د ْوس بن ُعدْ َث ُ‬
‫ان‬
‫األز ِْد ُّي‪.‬‬
‫يت َأ َبا ُه َر ْي َر َة؟ فقال‪ُ :‬ك ْن ُت َأ ْر َعــى َغ َن َم َأ ْه ِلي‬ ‫‪ ٢‬سئل أبو ُه َر ْي َر َة‪ِ :‬ل َم ُك ِّن َ‬
‫فكانت لي ُه َر ْي َر ٌة َص ِغي َر ٌة‪َ ،‬ف ُك ْن ُت َأ َض ُع َها بِال َّل ْي ِل في َش َج َرةٍ ‪ ،‬فإذا كان‬
‫ال َّن َها ُر َذ َه ْب ُت بها َم ِعي َف َل ِع ْب ُت بها‪َ ،‬ف َك َّن ْو ِني َأ َبا ُه َر ْي َرة‪.‬‬
‫َ (‪)2‬‬

‫مناقبه‬
‫َ‬
‫قيس املد ِن ُّي‪ :‬جا َء‬ ‫النبي ‪ ‬على دعائه‪ .‬قال ٌ‬ ‫دعا اهلل أن يرزقه ِع ْل ًما ال ُي ْن َسى‪ ،‬فأ َّمن ُّ‬
‫ثابت ‪َ ‬ف َسأل ُه عن شيءٍ ‪َ ،‬‬
‫فقال ل ُه َز ْيدٌ ‪َ :‬‬
‫عليك أ َبا ُه َر ْي َر َة؛ ف ِإنِّي‬ ‫َر ُج ٌل إلى َز ْي ِد ِبن ٍ‬
‫يوم نَدعو اهلل ونذك ُر ر َّب َنا‪َ ،‬خ َر َج َع َل ْي َنا‬ ‫ذات ٍ‬ ‫وفالن في املسجد َ‬ ‫ٌ‬ ‫َب ْي َن َما أنا وأبو ُه َر ْي َر َة‬
‫رسول اهلل ‪ ‬ح َّتى جلس ِإ َل ْي َنا‪َ ،‬ف َس َك ْت َنا‪ ،‬فقال‪ُ « :‬عو ُدوا ِل َّل ِذي ُك ْن ُت ْم َفي ِه»‪ ،‬قال‬ ‫ُ‬
‫هم إني َأسألُ َك‬
‫رسول ا ِهلل ‪ ‬يؤ ِّم ُن َعلى ُد َعا ِئ َنا‪ُ ،‬ث َّم َد َعا أبو ُه َر ْي َر َة فقال‪ :‬ال َّل َّ‬‫ُ‬ ‫بل أبي ُه َر ْي َر َة‪َ ،‬و َج َع َل‬ ‫وصاحبِي َق َ‬‫ِ‬ ‫َز ْيدٌ ‪َ :‬فدَ َع ْو ُت أنا‬
‫هلل‬
‫نسأل ا َ‬ ‫َ‬
‫رسول ا ِهلل‪َ ،‬ون َْح ُن ُ‬ ‫وأسألك ِع ْل ًما ال ُي ْن َسى‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪َ « :‬آ ِمنيَ»‪َ ،‬ف ُق ْل َنا‪ :‬يا‬ ‫َ‬ ‫صاحبايَ َه ِ‬
‫ذان‪،‬‬ ‫ِمث َْل ما َس َأ َل َك ِ‬
‫(‪)3‬‬
‫«س َب َق ُك ْم ب َِها ا ْل ُغ َال ُم الدَّ ْو ِس ُّي»‪.‬‬ ‫ِع ْل ًما ال ُي ْن َسى‪َ ،‬‬
‫فقال‪َ :‬‬
‫معالم من حياته‬
‫‪ ١‬أسلم في اليمن على يدي الصحابي اجلليل‪ :‬الطفيل بن عمرو الدوسي ‪.‬‬
‫‪ ٢‬هاجر إلى النبي ‪ ‬في السنة السابعة للهجرة‪ ،‬وقدم بعد فتح خيبر‪ ،‬وقد جاوز عمره ثالثني سنة‪.‬‬
‫فقيرا مسكي ًنا فعاش في املدينة أعز ًبا مع الذين كانوا يسكنون ُص َّفة مسجد رسولِ اهلل ‪.‬‬ ‫‪ ٣‬كان ً‬
‫‪ ٤‬أراد مروان بن احلكم ا ُألموي أثناء إمارته على املدينة أن يختبر حفظ أبي هريرة ‪ ،‬فدعاه يو ًما وأقعد كا ِت َب ُه‬
‫ال ْولِ‬‫الكاتب يكتب‪ ،‬ثم انصرف أبو هريرة ‪ ،‬حتى إذا كان عند رأس ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫وج َع َل‬
‫َخ ْل َف السرير‪ ،‬وجعل يسأله‪َ ،‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أخر‪.‬‬ ‫دعا به مرة أخرى‪ ،‬فأقعد كاتبه وراء احلجاب‪َ ،‬ف َج َع َل يسأله عن ذلك‪ ،‬فما زَا َد وال َن َق َ‬
‫ص‪ ،‬وال قدَّ م وال َّ‬
‫وفاته‬
‫توفي سنة (‪ )57‬في قصره (بيت مبني من حجارة) بالعقيق قرب املدينة النبوية‪ ،‬وحمل إلى املدينة وصلي عليه بها‪.‬‬
‫وكان عمره قرابة (‪ )78‬سنة‪.‬‬

‫)‪ (1‬اإلصابة في متييز الصحابة ‪ ،425/7‬تأريخ مدينة دمشق ‪.295/67‬‬


‫يث َح َس ٌن َغر ٌ‬
‫ِيب‪.‬‬ ‫)‪ (2‬رواه الترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬هذا َح ِد ٌ‬
‫)‪ (3‬رواه النسائي واحلاكم وقال‪ :‬صحيح اإلسناد‪ ،‬والطبراني في األوسط‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه احلاكم‪ ،‬وقال‪ :‬هذا حديث صحيح اإلسناد ولم يخرجاه‪ ،‬واإلصابة في متييز الصحابة‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫�إر�شـادات الحـديـث‬
‫الوارد ِذك ُرهم‪ ،‬وأن أعمالهم سبب لحصول االستظالل بظل الرحمن حين تدنو‬ ‫ِ‬ ‫الحديث على فضل السبعة‬‫ُ‬ ‫‪َّ ١‬‬
‫دل‬
‫الشمس من الخالئق قدر ِم ٍيل‪.‬‬
‫وينظم أمورهم‪ ،‬وال تستقيم أحوالهم حتى يحكم بينهم‬ ‫‪ ٢‬ال تصلح حياة الناس بغير سلطان يحكم بينهم‪ِّ ،‬‬
‫بالعدل الذي أنزله اهلل تعالى في كتابه‪ ،‬وب َّينه رسول اهلل ‪ ‬في سنته‪ ،‬فإن فعل ذلك؛ استحق أن يظله اهلل تعالى‬
‫في ظله يوم ال ظل إال ظله‪.‬‬
‫الفضل الموعو َد به في هذا الحديث‪ ،‬وتتحقق النشأة في طاعة اهلل بأمرين‪:‬‬ ‫َ‬ ‫‪ ٣‬من نشأ في طاعة اهلل تعالى استحق‬
‫والحفاظ على الصلوات المفروضات في أوقاتها‪ ،‬و ِب ِّر الوالدين وصل ِة األرحام وغيرِها‪.‬‬‫ِ‬ ‫�أ فعل الواجبات من التوحيد‬
‫والكذب والخيان ِة وغي ِر ذلك‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعقوق الوالدين‬ ‫والتكاسل عن الصلوات المفروضات‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشرك‬ ‫ب ترك المحرمات من‬
‫‪ ٤‬المساجد بيوت اهلل تعالى‪ ،‬وهي أطهر البقاع وأفضلها‪ ،‬وأحبها إلى اهلل تعالى‪ ،‬يوم ال ظل إال ظله‪ ،‬ومن صور‬
‫التع ُّلقِ بالمساجد‪:‬‬
‫�أ الحرص على التردد عليها ألداء الصلوات المفروضات وغيرها‪.‬‬
‫ب تع ُّلم العلم فيها‪ ،‬وحضور الخطب والمواعظ‪.‬‬
‫ج كلما خرج منها أحب الرجوع إليها لتعلق قلبه بها‪( .‬أضف صورة أخرى)‬
‫د ‪...................................‬‬
‫‪ ٥‬ا ْل ُح ُّب في اهلل ُيراد به‪ :‬محب ُة المسلم لما فيه من خصال الخير والطاعة هلل تعالى‪ ،‬وهي األخ َّو ُة والصداق ُة النافع ُة‬
‫واحد منهما صاحبه ح ًّبا صادقًا هلل تعالى‬ ‫كل ٍ‬ ‫فأحب ُّ‬
‫َّ‬ ‫يوم القيامة؛ فإذا اجتمع اثنان فأكثر على المحبة في اهلل‪،‬‬
‫لغرض من الدنيا كالمال‪ ،‬أو النسب‪ ،‬واستم َّرا على ذلك حتى تفرقا وهما عليه؛ فقد استحقا من اهلل‬ ‫وليس ٍ‬
‫تعالى أن يظلهما في ظله يوم ال ظل إال ظله‪ ،‬وما سوى ذلك من الصداقات قد يكون حسرة وندام ًة على صاحبه‬
‫(((‬
‫ﱪ ‪.‬‬ ‫يوم القيامة؛ قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫واجب عظيم‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫ٌ‬ ‫‪ِ ٦‬إ ُ‬
‫عفاف ال َف ْرج من فعل الفاحشة َو َوسائ ِلها‬
‫(((‬ ‫(((‬
‫منصب‬
‫ٍ‬ ‫فرج ُه عن الحرام ‪ ،‬فإذا اب ُت ِل َي المؤمن بامرأةٍ ِ‬
‫ذات‬ ‫النبي ‪ ‬الجن َة لمن حفظ َ‬ ‫ﱪ ‪ ،‬وقد َض ِم َن ُّ‬
‫وجمال تدعوه إلى الفاحشة‪ ،‬فامتنع خوفًا من اهلل تعالى‪ ،‬كان ح ًّقا على اهلل أن يظ َّله في ظ ِّله يوم ال ظل إال ظ ُّله‪.‬‬

‫(‪ )1‬الزخرف‪.٦٧ :‬‬


‫(‪ )2‬النور‪.٣٣ :‬‬
‫(‪ )3‬صحيح البخاري‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫الصد َق ُة بالمال من األعمال التي يحبها اهلل تعالى؛ وذلك لما فيه من المنافع العظيمة للمتصدِّ ق‪ ،‬والمتصدَّ ق‬
‫‪َّ ٧‬‬
‫عليه‪ ،‬ولما ت ُِشي ُع ُه الصدق ُة من المحبة والتكافل بين أبناء المجتمع‪ ،‬وإذا كانت الصدقة في الخفاء فهي أحب إلى‬
‫اهلل تعالى كما قال تعالى‪ :‬ﱫﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﱪ ‪،‬‬
‫(((‬

‫وذلك لما تشعر به من اإلخالص والصدق مع اهلل تعالى؛ كما إنها أرفق بالفقير وأستر له‪ ،‬وإذا أخفى المر ُء صدق َته‬
‫أحدا؛ كان حر ًّيا أن يكون في ظل اهلل يوم القيامة‪.‬‬ ‫فلم يخبر بها ً‬
‫‪ ٨‬ال ُبكاء من خشية اهلل تعالى دليل على حياة القلب‪ ،‬قال عبد اهلل بن عمرو‪َ « :‬ألن أدمع دمع ًة من خشية اهلل عز وجل‬
‫(((‬
‫أحب إلى من أن أتصدق بألف دينار» ‪ ،‬وقال ابن عباس ‪ ‬سمعت النبي ‪ ،‬يقول‪« :‬عينان ال تمسهما النار‪:‬‬
‫عين بكت من خشية اهلل‪ ،‬وعين باتت تحرس في سبيل اهلل» ‪ ،‬وقال كعب األحبار‪َ « :‬ألن أبكي من خشية اهلل‬
‫(((‬

‫(((‬
‫إلي ِمن أن أتصدق ب َِج َب ٍل ِمن ذهب» ‪ ،‬والبكاء في حال الخلوة دليل على‬ ‫وج َن َت َّي؛ أحب َّ‬ ‫حتى تسيل دموعي على ْ‬
‫اإلخالص والصدق الذي يستحق به العبد عظيم األجر وجليل الثواب‪ ،‬ومنه ما وعد به النبي ‪ ‬في هذا الحديث‪،‬‬
‫فينبغي للمسلم أن يحرص على خشوع قلبه‪ ،‬ويتطلب البكاء من خشية ربه‪ ،‬ويحرص على أسبابه‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫�أ قراءة القرآن‪.‬‬
‫ب أكل الحالل‪.‬‬
‫ج مجالسة الصالحين‪.‬‬
‫د استماع المواعظ النافعة‪( .‬أضف سببين آخرين)‬
‫هـ ‪.................................‬‬
‫و ‪.................................‬‬
‫‪ِ ٩‬ذ ْك ُر السبعة في هذا الحديث ال يدل على الحصر؛ ألنه قد ثبت في أحاديث أخرى غي ُر هؤالء ممن يظلهم‬
‫َ‬
‫عسرا بما‬ ‫اهلل في ظله‪ ،‬وهذا ِمن مزيد فضله وتَك ُّرمه على عباده المؤمنين‪َ ،‬ف ِم َّمن ورد ذكره غي ُرهم‪َ :‬من أنظر ُم ً‬
‫هلل ‪َ « :‬م ْن َأن َْظ َر ُم ْع ِس ًرا‬ ‫الس َل ِمي األنصاري ‪ ‬قال‪ :‬قال َر ُس ُ‬
‫ول ا ِ‬ ‫عليه من الدَّ ين أو أسقط عنه‪ ،‬فعن أبي ا ْل َي َس ِر َّ‬
‫أو َو َض َع عنه؛ َأ َظ َّل ُه اهلل في ِظ ِّل ِه»‪.‬‬
‫(((‬

‫(‪ )1‬البقرة‪.٢٧١ :‬‬


‫(‪ )2‬صفة الصفوة ‪ ،658/1‬التدوين في أخبار قزوين ‪ ،381/2‬الفردوس مبأثور اخلطاب ‪.174/5‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه الترمذي‪.‬‬
‫(‪ )4‬حلية األولياء ‪.366/5‬‬
‫(‪ )5‬رواه مسلم‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫بالنظر إلى السبعة الذين يظلهم اهلل في ظله تالحظ أن صفة اإلخالص كانت دافع ًا ألعمالهم‪ ،‬بالتعاون مع‬
‫زمالئك‪ :‬ب ِّين عالقة اإلخالص بكل عمل من أعمالهم‪:‬‬

‫وجه وجود اإلخالص‬ ‫العمل‬ ‫م‬


‫ِإ َما ٌم َعدْ ٌل‬ ‫‪1‬‬

‫اب ن ََش َأ في ِع َبا َد ِة ا ِ‬


‫هلل‬ ‫شَ ٌّ‬ ‫‪2‬‬

‫اج ِد‬
‫َر ُج ٌل َق ْل ُب ُه ُم َع َّل ٌق في ا ْل َم َس ِ‬ ‫‪3‬‬

‫الن َ َتا َّبا في ا ِ‬


‫هلل ْاج َت َم َعا عليه َو َتف ََّر َقا عليه‬ ‫َر ُج ِ‬ ‫‪4‬‬

‫هلل‬
‫اف ا َ‬ ‫َر ُج ٌل َد َع ْت ُه ا ْم َر َأ ٌة َذ ُ‬
‫ات َم ْن ِص ٍب َو َج َم ٍال فقال‪ :‬إني َأ َخ ُ‬ ‫‪5‬‬

‫َاها حتى ال ت َْع َل َم ِش َمالُ ُه ما ُت ْن ِف ُق َ ِيي ُن ُه‬


‫َر ُج ٌل ت ََص َّد َق ِب َصدَ َق ٍة َف َأخْ ف َ‬ ‫‪6‬‬

‫هلل خَ ا ِل ًيا َفف َ‬


‫َاض ْت َع ْي َنا ُه‬ ‫َر ُج ٌل َذ َك َر ا َ‬ ‫‪7‬‬

‫برنامجا يوم ًّيا‬


‫ً‬ ‫أنت شاب في مقتبل العمر‪ ،‬تحرص بإذن اهلل أن تكون ممن نشأ في طاعة اهلل‪ ،‬ضع لنفسك‬
‫تراعي فيه القيام بالمأمورات الشرعية‪ ،‬وتتقي من خالله أسباب الوقوع في المخالفات الشرعية‪.‬‬

‫�س‪ :١‬عدِّ د السبعة الذين يظلهم اهلل في ظله يوم القيامة‪.‬‬


‫�س‪ :٢‬هل االستظالل بظل الرحمن خاص بالسبعة فقط؟ استدل لما تذكر‪.‬‬
‫�س‪ :٣‬بم تتحقق النشأة في طاعة اهلل؟‬
‫�س‪ :٤‬اذكر ثالث ًا من صور التعلق بالمساجد‪.‬‬
‫�س‪ :٥‬اذكر ثالثة من األسباب المعينة على الخشوع والبكاء من خشية اهلل‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫الحديث الـخـامـ�س‪)..................( :‬‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تبي املراد بالويل‪.‬‬‫ِّ‬
‫ت�ستنتج طريق حتقيق والية اهلل‪.‬‬
‫تبي املقيا�س احلقيقي للوالية‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ترد على من زعم والية اهلل وهو خمالف لها‪.‬‬
‫حتر�ص على الفرائ�ض وت�ستكرث من نوافل العبادات‪.‬‬
‫ت�ستنتج �آثار والية اهلل للعبد‪.‬‬
‫ت�ستنتج ثالث ًا من فوائد احلديث‪.‬‬
‫ترتجم لأبي هريرة ‪.‬‬

‫يقول اهلل تعالى‪ :‬ﱫﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﱪ ‪ ،‬وهذا مما يدل على أن مقام َوالية‬
‫(((‬

‫فمن هم أصحاب هذه الوالية؟ وبم تتحقق؟ وكيف يحقق اهلل لهم األمن ويذهب عنهم الحزن؟‬
‫اهلل عظيم‪َ ،‬‬
‫النبي ‪ ‬في الحديث اآلتي‪:‬‬
‫هذا ما بينه ُّ‬

‫هلل قال‪َ :‬م ْن َعا َدى ِلي َو ِل ًّيا َفق َْد‬ ‫عن َأبي هرير َة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« ‬إ َِّن ا َ‬ ‫أعلنت عليه‬
‫احلرب‬
‫ِال ْر ِب‪ ،‬و َما َتق ََّر َب ِإ َل َّي َع ْب ِدي ب َِش ْيءٍ َأ َح َّب ِإ َل َّي ِمَّا ا ْف َت َر ْض ُت عليه‪ ،‬و َما َي َز ُ‬
‫ال‬ ‫آ َذ ْن ُت ُه ب ْ َ‬
‫كنت َس ْم َع ُه ا َّلذي َي ْس َم ُع ِب ِه‪،‬‬
‫َع ْب ِدي َي َتق ََّر ُب ِإ َل َّي بِال َّن َوا ِف ِل حتى ُأ ِح َّب ُه‪ ،‬فإذا َأ ْح َب ْب ُت ُه ُ‬
‫َو َب َص َر ُه ا َّلذي ُي ْب ِص ُر ِب ِه‪َ ،‬و َي َد ُه ا َّلتي َي ْب ِط ُش بها‪َ ،‬ور ِْج َل ُه ا َّلتي َ ْي ِشي بها‪َ ،‬وإ ِْن َس َأ َل ِني‬
‫اع ُل ُه َت َردُّ ِدي عن‬‫يذ َّن ُه‪ ،‬و َما َت َرد َّْد ُت َعن شَ ْيءٍ أنا َف ِ‬ ‫اس َت َعا َذ ِني ُأل ِع َ‬ ‫ُأل ْع ِط َي َّن ُه‪َ ،‬و َل ِئ ْن ْ‬
‫(‪)٢‬‬
‫َنفْ ِس ْال ُ ْؤ ِم ِن؛ َي ْك َر ُه ْالَ ْو َت وأنا َأ ْك َر ُه َم َسا َء َت ُه»‪.‬‬
‫تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان مناسب للدرس واكتبه في أعلى الصفحة‪.‬‬

‫(‪ )1‬يونس‪.٦٢ :‬‬


‫)‪ (٢‬رواه البخاري‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ترجمة راوي احلديث‬
‫مناقبه‬
‫شهد النبي ‪ ‬ألبي هريرة بالحرص على العلم‪ ،‬ففي صحيح البخاري‬
‫هلل‪ ،‬من َأ ْس َعدُ الناس‬ ‫ول ا ِ‬ ‫رحمه اهلل‪ :‬قال أبو ُه َر ْي َر َة ‪ :‬قلت‪ :‬يا َر ُس َ‬
‫ب َِش َف َاع ِت َك يوم ا ْل ِق َيا َم ِة؟ فقال‪« :‬لقد َظ َن ْن ُت يا َأ َبا ُه َر ْي َر َة َأ ْن َل َي ْس َأ َل ِني عن‬
‫هذا الحديث َأ َحدٌ َأ َّو ُل ِم ْن َك؛ ِل َما رأيت من ِح ْر ِص َك على الحديث‪،‬‬
‫َأ ْس َعدُ الناس ب َِش َف َاع ِتي يوم ا ْل ِق َيا َم ِة من قال‪َ :‬ل ِإ َل َه إال اهلل َخا ِل ًصا من ِق َب ِل‬
‫)‪(2‬‬
‫«خا ِل ًصا من َق ْل ِب ِه»‪.‬‬
‫َن ْف ِس ِه» وفي رواية‪َ :‬‬
‫معالم من حياته‬
‫يطعن في أبي هريرة ورواياته كثي ٌر من أهل األهــواء والبدع وأعــدا ِء‬
‫قديما وحدي ًثا والمستشرقين والمستغربين؛ فلماذا؟ تعاون‬ ‫ً‬ ‫اإلسالم‬
‫مع زمالئك الستنتاج السبب‪.‬‬
‫‪......................................................................................‬‬
‫‪......................................................................................‬‬
‫‪......................................................................................‬‬

‫�إر�شـادات الحـديـث‬
‫قي؛ كما قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ‬ ‫‪َ ١‬و ِل ُّي ا ِ‬
‫هلل تعالى ال َوالية الحقيقية هو المؤمن ال َّت ُّ‬
‫ﱪ )‪ ، (3‬قال شيخ اإلسالم ابن تيم َّية‪ُّ :‬‬
‫كل من كان مؤم ًنا تق ًّيا كان‬
‫)‪(٤‬‬
‫قس َمهم اهلل تعالى‪.‬‬
‫وأصحاب اليمين المقتصدون؛ كما َّ‬
‫ُ‬ ‫هلل ول ًّيا‪ ،‬وهم على درجتين‪ :‬السابقون المق َّربون‪،‬‬
‫الصحيح إلى َوالية اهلل تعالى‪ ،‬وهو يتلخص في أمرين‪:‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الحديث الطريقَ‬ ‫‪ ٢‬ب َّين‬
‫ال وتركً ا؛ مثل‪:‬‬
‫�أ التقرب إلى اهلل تعالى بالفرائض‪ ،‬ويدخل في هذا الواجبات بأنواعها االعتقادية والعملية فع ً‬
‫إخالص التوحيد في جميع األعمال ونبذ الشرك بأنواعه‪ ،‬وأداء الصلوات المفروضات في أوقاتها‪ ،‬والزكاة‬
‫والصيام والحج وبر الوالدين‪ ،‬وترك الزنا وشرب الخمر والكذب والغش والخيانة وغير ذلك‪.‬‬
‫ب التقرب إلى اهلل تعالى بالنوافل‪ ،‬ويدخل في هذا فعل المستحبات وترك المكروهات؛ مثل‪ :‬التطوع بالصالة‬
‫قائما وغير ذلك‪.‬‬
‫والصدقة والصيام والحج والعمرة‪ ،‬وترك األكل والشرب ً‬
‫(‪ )1‬سبقت ترجمته ص‪45 :‬‬
‫(‪ )2‬رواه البخاري‪.‬‬
‫ ‬
‫(‪ )٣‬يونس‪.٦٣-٦٢ :‬‬
‫(‪ )٤‬مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪.224/2‬‬
‫‪50‬‬
‫كل من ا َّدعى والية اهلل تعالى فهو صادق في دعواه‪ ،‬فقد ادعى ال َوالية أقوام بعيدون عن اهلل تعالى‪ ،‬فقال‬ ‫‪ ٣‬ليس ُّ‬
‫سعد‪ :‬إ َذا رأيتم ال َّر ُج َل يمشي على الما ِء؛ فال تَغْ َت ُّروا به حتى ت َْعرِضوا أم َره على الكتاب ُّ‬
‫والسنة‪ ،‬وقال‬ ‫بن ٍ‬ ‫الليث ُ‬‫ُ‬
‫الشافعي‪ :‬إذا رأيتم ال َّر ُج َل يمشي على الما ِء‪ ،‬و َيطي ُر في الهواء؛ فال تَغْ َت ُّروا به حتى ت َْعرِضوا أم َره على الكتاب‬ ‫ُّ‬
‫(((‬
‫ال عمن يقع في الشرك باهلل والسحر‬ ‫والسنة ‪ ،‬ودل الحديث على أن التارك للفرائض المرتكب للمحرمات فض ً‬ ‫ُّ‬
‫وليا للرحمن‪.‬‬ ‫وليا للشيطان وليس ً‬ ‫والكهانة وادعاء علم الغيب فال يكون إال ً‬
‫الحديث على مشروعية اإلكثار من النوافل‪ ،‬والمداومة على فعلها بجميع أنواعها؛ ومنها‪ :‬نوافل الصالة‬ ‫ُ‬ ‫دل‬ ‫‪َّ ٤‬‬
‫والذكر‪ ،‬ونوافل اإلحسان للوالدين كالزيادة في ِب ِّرهما وصلتهما‪ ،‬ونوافل‬ ‫والصدقة والصيام والحج والعمرة ِّ‬
‫األخالق كاالبتسامة وحسن االستقبال‪.‬‬
‫وأحب إلى اهلل تعالى‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫أهم‬ ‫َ‬
‫الفرائض ُّ‬ ‫‪ ٥‬التق ُّرب إلى اهلل تعالى بالفرائض مقدَّ ٌم على التقرب بالنوافل؛ وذلك ألن‬
‫ولذلك ألزم عباده بها فهي في المرتبة العليا؛ فليس من صفات أولياء اهلل تعالى‪ :‬ترك الفرائض ألجل النوافل‪ ،‬أو‬
‫تقديمها عليها عند التعارض؛ كالذي يقوم الليل ويترك صالة الفجر‪ ،‬أو يحرص على الخشوع في النوافل دون‬
‫الفرائض‪ ،‬أو يصوم النفل الذي ال يفوت وقته ويترك القضاء الواجب‪.‬‬
‫‪ ٦‬إذا أحب اهلل العبد المحبة الكاملة فإنه يوفقه في جميع أعماله؛ في سمعه وبصره ويده ورجله؛ فال يسمع إال‬
‫ما أباح اهلل له‪ ،‬وال ينظر إال إلى ما أباح اهلل له‪ ،‬وال يبطش إال فيما أباح اهلل له‪ ،‬وال يمشي إال إلى ما أباح اهلل له‪،‬‬
‫ومع هذا فإنه يجيب دعوته‪ ،‬فإن سأله أعطاه‪ ،‬وإن استعان به أعانه‪ ،‬وإن استعاذ به أعاذه‪.‬‬
‫بأي نوع من المعاداة‪ ،‬وأن ذلك كبير ٌة من كبائر‬ ‫‪ ٧‬في الحديث تهديدٌ شديدٌ ِل َمن يعادي أوليا َء اهلل تعالى ِّ‬
‫عظيما‪.‬‬
‫ً‬ ‫أمرا‬
‫الذنوب‪ ،‬فإن اهلل تعالى ال يعلن الحرب على معادي األولياء إال الرتكابه ً‬
‫حرب اهلل تعالى على أعدائه ال تتخذ صورة مع َّين ًة وال شك ًال محدَّ ًدا وال زم ًنا ال يتقدم وال يتأخر‪ ،‬فإن هلل تعالى‬ ‫‪ ٨‬إن َ‬
‫ويؤخ ُرها متى شاء؛‬ ‫ِّ‬ ‫جنو َد السماوات واألرض يس ِّلطها على من يشاء ويصرفها عمن يشاء‪ ،‬ويقدِّ ُمها متى شاء‬
‫الطغيان والفسا ِد حتى‬
‫ِ‬ ‫والغم‪ ،‬أو زياد َة‬
‫الهم َّ‬‫األمراض الف َّتاك َة‪ ،‬أو َّ‬
‫َ‬ ‫لحكمةٍ يريدها‪ ،‬فقد يس ِّلط على من عاداه َ‬
‫القتل‪ ،‬أو‬
‫الولد أو الفتن َة بهم‪ ،‬وقد يبتليه بموت القلب الذي هو من أعظم المصايب‪.‬‬ ‫َ‬
‫فقدان المالِ أو ِ‬ ‫إذا َأ َخ َذ ُه لم ُي ْف ِل ْت ُه‪ ،‬أو‬
‫(((‬
‫‪ ،‬وأن محبته‬ ‫‪ ٩‬في الحديث إثبات صفة المحبة هلل تعالى على الوجه الالئق به؛ كما قال تعالى‪:‬‬
‫لألشياء متفاوتة؛ فهو يحب بعض األعمال أكثر من بعض؛ فالفرائض يحبها أكث َر من النوافل‪ ،‬كما إنه تتفاضل محبته‬
‫لألشخاص؛ فهو يحب َمن حافظ على الفرائض واستم َّر على النوافل أكثر من غيره‪.‬‬

‫(‪ )1‬تفسير ابن كثير ‪ ،79/1‬واعتقاد أهل السنة ‪ ،145/1‬وحلية األولياء ‪ ،116/9‬وسير أعالم النبالء ‪.23/10‬‬
‫(‪ )2‬آل عمران‪.٣١ :‬‬

‫‪51‬‬
‫فات أولياء اهلل تعالى أنهم ال يسألون إال اهلل تعالى؛ فال يطلبون حوائجهم من غيره‪ ،‬وال يستعيذون إال‬ ‫‪ِ ١٠‬م ْن ِص ِ‬
‫به؛ فال يلتجئون عند خوفهم من شيء إال إليه؛ وهذا من تحقيقهم الكامل للتوحيد الذي أوجبه اهلل تعالى على‬
‫عباده؛ فال يمكن أن تُنال والي ُة اهلل تعالى مع اإلخالل بالتوحيد وا ْل َم ْي ِل إلى الشرك بأي صورة من الصور‪ ،‬وما‬
‫قد ُيظن في بعض المشركين من ال َوالية بما يحصل لهم من الكرامات الظاهرة فإنما هو من عمل الشياطين‬
‫وتلبيسهم على بني آدم‪.‬‬
‫الموت َط ْب ٌع في بني آدم ال ُيعاب عليه‪ ،‬ففي هذا الحديث أن «ا ْل ُمؤْ ِمن َي ْك َر ُه ا ْل َم ْو َت»‪ ،‬وقالت عائشة‬ ‫ِ‬ ‫‪ ١١‬كراهي ُة‬
‫«ك ُّل َنا َن ْك َر ُه ا ْل َم ْو َت» ‪ ،‬وقد جاء الشرع بتأكيد هذا الطبع حيث نهى عن تم ِّني الموت‪ ،‬فعن َأ َن ٍس ‪‬‬
‫(((‬
‫للنبي ‪ُ :‬‬
‫(((‬
‫هلل ‪َ :‬‬
‫«ال َي َت َم َّن َي َّن َأ َحدُ ُكم ا ْل َم ْو َت ِل ُض ٍّر َن َز َل ِب ِه» ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫َ‬

‫والية اهلل منزلة عظيمة يسعى لنيلها ُّ‬


‫كل مسلم؛ من خالل اآليات اآلتية ب ِّين شروط الوالية الحقيقية‪:‬‬
‫شرط والية اهلل‬ ‫اآليات‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫برنامجا يوم ًّيا تراعي فيه الفرائض والنوافل اليومية والعامة لتنال والية‬
‫ً‬ ‫أنت تسعى لتكون من أولياء اهلل‪ ،‬ضع‬
‫اهلل‪:‬‬
‫وقته‬ ‫العمل‬ ‫م‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪5‬‬

‫�س‪َ :١‬من الولي؟ وما الطريق إلى والية اهلل تعالى؟‬


‫�س‪ ( :٢‬التقرب إلى اهلل بالفرائض مقدم على التقرب إليه بالنوافل)‪ ،‬استدل من الحديث على‬
‫صحة ذلك‪.‬‬
‫�س‪ :٣‬ما آثار محبة اهلل للعبد؟‬
‫�س‪ :٤‬ما جزاء من عادى أولياء اهلل؟ مثِّل لذلك‪.‬‬
‫�س‪ :٥‬استنتج ثالث ًا من فوائد الحديث‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫الحديث الـ�سـاد�س‪)..................( :‬‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تبي معنى‪� :‬سددوا ‪ -‬قاربوا ‪ -‬اغدوا ‪ -‬روحوا ‪ -‬الدجلة ‪ -‬الق�صد‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ت�ستنتج �أثر العمل يف النجاة من النار‪.‬‬
‫ت�ستنتج الأ�سباب املو�صلة �إلى رحمة اهلل‪.‬‬
‫تبي العبادات التي ت�شرع يف �أوقات‪ :‬الغدو ‪ -‬الرواح ‪ -‬الدجلة‪.‬‬
‫ِّ‬
‫ﱪ (‪ ،)١‬وحديث‪« :‬لن ينجي �أحدًا منكم عمله » (‪.)٢‬‬ ‫جتمع بني قوله تعالى‪ :‬ﱫ‬

‫إن أعظم أمنية لكل مسلم هي‪ :‬دخول الجنة والنجاة من النار‪ ،‬ولكن ما أثر األعمال الصالحة في تحقيق هذه‬
‫األمنية؟ وهل بمجرد أن يكثر المسلم من الصالحات يستحق بذلك الفوز بالجنة والنجاة من النار؟‬
‫اقرأ الحديث اآلتي لتتبين ذلك‪:‬‬

‫هلل ‪َ « :‬ل ْن ُي َن ِّج َي َأ َح ًدا‬


‫عن أبي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول ا ِ‬ ‫الزموا السداد وهو‬
‫إذا لم تستطيعوا عمل األكمل‬ ‫هلل؟ قال‪«:‬وال‬ ‫ول ا ِ‬ ‫ِم ْن ُك ْم َع َم ُل ُه»‪ ،‬قالوا‪ :‬وال أنت يا َر ُس َ‬ ‫الصواب والتوسط‬
‫في العمل من غير‬
‫فاعملوا ما يقرب منه‬
‫أنا؛ إال َأ ْن َي َت َغ َّم َد ِني اهلل ب َِر ْح َم ٍة‪َ ،‬سدِّ ُدوا َو َقا ِر ُبوا‪َ ،‬واغْ ُدوا‬ ‫إفراط وال تفريط‬
‫الغَدوة‪ :‬السير أول النهار‬ ‫الدُّ جلة‪ :‬سير الليل‬

‫الزموا الطريق الوسط املعتدل‬


‫َص َد َت ْب ُل ُغوا» ‪.‬‬
‫(‪)٣‬‬
‫وحوا‪َ ،‬وشَ ْي ٌء من الدُّ ْ َل ِة‪َ ،‬وا ْلق ْ‬
‫َص َد ا ْلق ْ‬ ‫َو ُر ُ‬
‫الروحة‪ :‬السير بعد الزوال‬
‫تبلغوا اجلنة‬

‫من العناوين المناسبة للدرس‪ :‬رحمة اهلل‪ ،‬تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان آخر مناسب للدرس واكتبه في‬
‫أعلى الصفحة‪.‬‬

‫)‪ (١‬النحل‪.٣٢ :‬‬


‫)‪ (٢‬رواه مسلم‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫ترجمة راوي احلديث‬
‫معالم من حياته‬
‫لقد أكثر ُ‬
‫أهل البدع والمستشرقون من الطعن في رواية أبي هريرة ‪‬‬
‫لألحاديث‪ .‬من خالل معرفتك السابقة بترجمته‪ :‬كيف يمكنك الرد‬
‫عليهم؟‬

‫‪...........................................................‬‬

‫‪...........................................................‬‬

‫‪...........................................................‬‬

‫�إر�شـادات الحـديـث‬
‫‪ ١‬عمل اإلنسان مج َّر ًدا ال ُينجيه ِمن النار وال ُيدخله الجنة‪ ،‬وإنما يحصل له ذلك برحمة اهلل تعالى‪ ،‬وذلك ألن‬
‫اإلنسان مهما عمل ِمن الصالحات َف َل ْن يقوم بموافا ِة شيءٍ من نعم اهلل تعالى عليه‪ ،‬وكيف يمكنه ذلك ُّ‬
‫وكل‬
‫وتفضله عليه؛ ومهما شكر فهو إنما يشكر بفضل اهلل عليه؛ فلهذا‬‫ُّ‬ ‫عمل صالح يعمله فإنما هو بتوفيق اهلل له‬
‫محتاجا إلى رحمة ربه ليدخل بها جنته‪.‬‬
‫ً‬ ‫بحق اهلل عليه؛ وكان‬‫كان عاج ًزا عن تما ِم القيا ِم ِّ‬
‫صالح عمله؛ بل يجب عليه أن يتواضع لربه جل وعال‪،‬‬ ‫الع َب ِاد أن َي ُم َّن على اهلل تعالى بعمل ٍ‬ ‫‪ ٢‬ليس ألحد ِمن ِ‬
‫وينسب الفضل ك َّله إليه‪ ،‬وقد َع َت َب ا ُ‬
‫هلل تعالى على قوم من األعراب امتنا َنهم على رسوله ‪ ‬بإسالمهم‪ ،‬وب ّين‬
‫لهم أن المنة هلل تعالى عليهم في ذلك‪ ،‬قال تعالى‪:‬ﱫ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ‬
‫ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﱪ (‪.)١‬‬
‫ُ‬
‫ودخول الجنة‪ ،‬وهي النجاة الحقيقية والفوز الحقيقي‪ ،‬وقد أخبر اهلل‬ ‫‪ ٣‬المراد بالنجاة في الحديث‪ :‬النجا ُة ِمن النار‬
‫نجي المتقين دون غيرهم‪ ،‬فقال تعالى‪ :‬ﱫﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﱪ (‪. )٢‬‬ ‫تعالى أنه إنما ُي ِّ‬
‫الموصلة إلى رحمة اهلل تعالى ومغفرته‪ ،‬وهذه األسباب قد بينها اهلل تعالى في‬
‫ّ‬ ‫‪ ٤‬على المسلم أن يفعل األسباب‬
‫كتابه وبينها رسوله ‪ ‬في سنته‪ ،‬وهي في الجملة راجعة إلى اتباع شرع اهلل تعالى‪.‬‬

‫)‪ (١‬احلجرات‪.١٧ :‬‬


‫)‪ (٢‬مرمي‪.٧٢ :‬‬

‫‪55‬‬
‫تعاون مع زمالئك في استنتاج بعضها من اآليات اآلتية‪:‬‬
‫السبب املوصل إلى رحمة اهلل‬ ‫اآلية‬ ‫م‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫ُ‬
‫الحديث على أن أفضل األعمال عند اهلل تعالى ما كان على وجه السداد واالقتصاد والتيسير؛ دون ما يكون‬ ‫‪َّ ٥‬‬
‫دل‬
‫على وجه التكلف والتعسير‪ ،‬وقد تواترت األدلة الشرعية على تأكيد هذا األصل العظيم‪ :‬وهو مراعاة التوسط‬
‫واالعتدال دون اإلفراط والتفريط‪.‬‬
‫ُ‬
‫والتوسط في العمل‬ ‫السدَ ا ُد هو الوصول إلى حقيقة االستقامة‪ ،‬واإلصابة في جميع األقوال واألعمال والمقاصد‪،‬‬ ‫‪َّ ٦‬‬
‫من غير إفراط وال تفريط‪ ،‬والمؤمن مطا َل ٌب بالوصول إلى هذه المرتبة العالية واالجتهاد في بلوغها والتمسك بها‪.‬‬
‫السدَ ِاد‪ ،‬والمعنى أن المؤمن ُم َطا َل ٌب بالوصول إلى أحسن األمور‪ ،‬فإذا ضعف عن السداد‪،‬‬ ‫‪ ٧‬ا ْل ُم َقا َر َب ُة َمر َت َب ٌة دون َّ‬
‫قريبا منه‪.‬‬
‫فال يفوت ّنه أن يكون ً‬
‫النبي ‪ ‬في هذا الحديث ثالث َة أوقات حا ًّثا على العمل الصالح فيهن‪:‬‬ ‫‪َ ٨‬ذ َك َر ُّ‬
‫وذكر اهلل تعالى‬ ‫�أ « َو ْاغدُ وا» ِمن ال َغدوة‪ ،‬والمرا ُد‪َ :‬س ْي ُر أولِ النهارِ‪ ،‬ومما ُيشرع في هذا الوقت‪ :‬صال ُة الفجر‪ِ ،‬‬
‫بأذكا ِر الصباح‪.‬‬
‫وذكر اهلل تعالى‬ ‫وحوا» ِمن ال َّروح ِة‪ ،‬والمرا ُد‪َ :‬س ْي ُر آخ ِر النهار‪ ،‬ومما ُيشرع في هذا الوقت‪ :‬صال ُة العصر‪ِ ،‬‬ ‫ب « َو ُر ُ‬
‫بأذكا ِر المساء‪.‬‬
‫يشرع في هذا الوقت‪ :‬قيا ُم الليل والدعا ُء فيه‪ ،‬واالستغفا ُر‬ ‫ج « َو َش ْي ٌء ِمن الدُّ ْل َج ِة» والمرا ُد بالدُّ لجة‪َ :‬س ْي ُر ِ‬
‫الليل‪ ،‬ومما ُ‬
‫باألسحار‪ ،‬وقال‪َ « :‬و َش ْي ٌء» لكي ال يشق المؤمن على نفسه في ذلك؛ فيكفيه لو تزود ِمن قيام الليل باليسيرِ‪.‬‬
‫وهذه األوقات الثالثة قد ذكرها اهلل تعالى في آيات عديدة حا ًّثا على العمل الصالح فيهن‪ ،‬فقال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ (‪ ، )١‬وهذا من مطابقة السنة للقرآن‪.‬‬
‫ُ‬
‫واالعتدال‪ ،‬وك َّرره للتأكيد‪ ،‬وإشارة إلى أنه ينبغي المداومة على‬ ‫التوس ُط‬
‫النبي ‪ ‬بالقصد في العبادة وهو ُّ‬ ‫‪َ ٩‬أ َم َر ُّ‬
‫ذلك في جميع األوقات واألحوال‪ ،‬وذلك ألن َمن َشدَّ د على نفسه بالعبادة يوشك أن ينقطع عنها ويتركها‬
‫ٌ‬
‫وواصل إلى‬ ‫لثقلها على النفس‪ ،‬وقد ب َّين النبي ‪ ‬أن َمن التزم القصدَ فهو ٌ‬
‫بالغ بإذن اهلل تعالى لنهاية الطريق‪،‬‬
‫السعادة األبدية‪.‬‬

‫)‪ (١‬اإلنسان‪.٢٦-٢٥ :‬‬

‫‪56‬‬
‫وفعل المح َّرمات فليس من‬ ‫ُ‬ ‫وترك البدعة‪ ،‬وأ َّما التقصير في الواجبات‬ ‫السنة ِ‬ ‫ُ‬
‫واالعتدال يكون باتِّباع ُّ‬ ‫‪ ١٠‬القصدُ‬
‫ِّباع للهوى‪.‬‬ ‫االعتدال في شيءٍ ‪ ،‬بل هو ات ٌ‬
‫مثل قو ِل ِه تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫ُدخل صاح َبها الجن َة‪ُ ،‬‬
‫اآليات الدال ِة على أن األعمال ت ُ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ١١‬هذا الحديث ال يتعارض مع‬
‫التوفيق‬
‫ُ‬ ‫دخول الجنة بسبب األعمال‪ ،‬ثم‬ ‫َ‬ ‫ﱪ ‪ ،‬وذلك أن معنى هذه اآليات‪ :‬أن‬
‫(((‬

‫بمج َّر ِد‬


‫فيصح أنه لم يدخل َ‬ ‫ُّ‬ ‫لألعمال‪ ،‬والهداي ُة لإلخالص فيها و َقبولها إنما يكون برحمة اهلل تعالى وفضله‪،‬‬
‫العمل وهو مراد الحديث‪ ،‬ويصح أنه دخل باألعمال يعني بسببها وهي من رحمة اهلل تعالى‪ ،‬وألن رحمة اهلل‬
‫ﱪ باء السببية والباء‬ ‫تعالى إنما يستحقها المسلم بعمله الصالح ‪ ،‬فالباء المذكورة في اآلية ﱫ‬
‫(((‬

‫أحدُ ُك ْم َ‬
‫الج َن َة ِب َع َم ِل ِه» باء العوض والمقابلة‪.‬‬ ‫المنفية في الحديث « َل ْن َيدْ خُ َل َ‬

‫ون َع ْن ِع َبا َد ِة ال َّنب ِِّي ‪َ ‬ف َل َّما ُأخْ ِب ُروا َك َأن َُّه ْم َت َقا ُّلو َها َف َقالُوا‪َ :‬و َأ ْي َن َن ْح ُن‬‫وت َأ ْز َو ِاج ال َّنب ِِّي ‪َ ‬ي ْس َألُ َ‬ ‫َجا َء َث َال َث ُة َر ْه ٍط ِإ َلى ُب ُي ِ‬
‫ال َآخ ُر‪َ :‬أ َنا َأ ُصو ُم‬‫ال َأ َحدُ ُه ْم‪َ :‬أ َّما َأ َنا َفإنِّي ُأ َص ِّلي ال َّل ْي َل َأ َب ًدا‪َ ،‬و َق َ‬ ‫ِم َن ال َّنب ِِّي ‪َ ‬قدْ ُغ ِف َر َل ُه َما َت َقدَّ َم ِم ْن َذ ْن ِب ِه َو َما َت َأ َّخ َر؟ َق َ‬
‫(((‬
‫الدَّ ْه َر َو َال ُأ ْف ِط ُر‪َ ،‬و َق َ‬
‫ال َآخ ُر‪َ :‬أ َنا َأ ْع َتز ُِل ال ِّن َسا َء َف َال َأ َت َز َّو ُج َأ َب ًدا‪.‬‬
‫أصاب هؤالء الصحابة ‪ ‬في شيء‪ ،‬وأخطؤوا في شيء‪.‬‬
‫ما الذي أصابوا فيه؟ ‪........................................................‬‬
‫ما الذي أخطؤوا فيه؟‪.......................................................‬‬
‫صح َح النبي ‪ ‬لهؤالء الصحابة ‪ ‬ما أخطؤوا فيه بقوله‪.......................... « :‬‬
‫َّ‬
‫‪.».................................................................‬‬

‫تعاون مع زمالئك في استنتاج الوسائل المعينة على سلوك منهج القصد واالعتدال‪.‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬

‫(‪ )1‬النحل‪.٣٢ :‬‬


‫(‪ )2‬شرح النووي على صحيح مسلم ‪.161/17‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫�س‪ :١‬ما أثر العمل في الفوز بالجنة والنجاة من النار؟‬
‫�س‪ :٢‬ما العبادات المشروعة في أوقات‪ :‬الغدو ‪ -‬الرواح ‪ -‬الدلجة؟‬
‫�س‪ :٣‬ما آثار محبة اهلل للعبد؟‬
‫�س‪ :٤‬ما أثر الغلو في العبادة على استمرار العمل وسالمته؟‬
‫ﱪ ‪ ،‬وحديث‪« :‬لن ينجي‬ ‫�س‪ :٥‬كيف تجمع بين قوله تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫(((‬

‫أحدا منكم عمله»؟‬


‫ً‬

‫(‪ )1‬النحل‪.٣٢ :‬‬

‫‪58‬‬
‫الحديث الـ�سـابـع‪)..................( :‬‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تبي معنى‪ :‬خامة الزرع ‪ -‬الأرزة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ت�ستنتج مفهوم االبتالء‪.‬‬
‫تعدِّ د �صور االبتالء‪.‬‬
‫ت�ستنتج ال�صورة الت�شبيهية الواردة يف احلديث‪.‬‬
‫تبي موقف كل من‪ :‬امل�ؤمن والكافر من االبتالء‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ت�ستنتج فوائد االبتالء للم�ؤمن‪.‬‬

‫نت واالبتالءات فال تزيده إال ثبا ًتا في الدين وقو ًة‪ ،‬وأما املنافق فتهلكه الفنت واالبتالءات وتُظهر‬
‫ِض للمؤمن الف ُ‬
‫ت َْعر ُ‬
‫النبي ‪ ‬في احلديث اآلتي‪:‬‬ ‫كفره وعدم إميانه‪ .‬وهذا ما بينه ُّ‬

‫النبات الصغير‬ ‫هلل ‪ ‬قال‪َ « :‬م َث ُل ْالُ ْؤ ِم ِن َك َم َث ِل َخا َم ِة‬ ‫عن أبي ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬أ َّن َر ُس َ‬
‫ول ا ِ‬
‫الرطب‬
‫يح ُت َك ِّف ُئ َها‪ ،‬فإذا َس َك َن ْت ْاع َت َد َل ْت‪،‬‬ ‫الز ْر ِع‪َ ،‬ي ِفي ُء َو َر ُق ُه من َح ْي ُث َأ َت ْت َها ِّ‬
‫الر ُ‬ ‫َّ‬
‫َو َك َذ ِل َك ْال ُ ْؤ ِم ُن ُي َك َّف ُأ بِا ْل َبال ِء‪َ ،‬و َم َث ُل ا ْل َكا ِف ِر َك َم َث ِل ا َأل ْر َز ِة َص َّما َء ُم ْع َت ِد َلةً‪،‬‬
‫شجرة كبيرة‬ ‫(‪)1‬‬
‫حتى َيقْ ِص َم َها اهلل إذا شَ ا َء»‪.‬‬

‫أي العناوين اآلتية أنسب للحديث؟‬


‫الفتنة واالبتالء ‪ -‬أثر قوة اإلميان ‪ -‬أحوال الناس عند الفنت‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫ترجمة راوي احلديث‬
‫مناقبه‬
‫َلخِّ ْص مما سبق مناقب أبي هريرة ‪:‬‬
‫‪..........................................................‬‬
‫‪..........................................................‬‬
‫‪..........................................................‬‬

‫معالم من حياته‬
‫َلخِّ ْص مما سبق‪ :‬أهم ثالث نقاط من معالم حياة أبي هريرة ‪:‬‬
‫‪...................................................... ١‬‬
‫‪...................................................... ٢‬‬
‫‪....................................................... ٣‬‬

‫�إر�شـادات الحـديـث‬
‫‪ ١‬احلياة كلها مبا فيها ابتال ٌء واختبا ٌر من اهلل تعالى للناس؛ حيث ابتالهم بالتكاليف الشرعية فأمرهم ونهاهم لينظر‬
‫طاعتهم له ِمن َعدمها‪ ،‬فيثيب َمن أطاعه ويعاقب َمن عصاه‪ ،‬كما قال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ (((‪.‬‬
‫‪ ٢‬قد يكون االبتالء باألقدار الكونية املؤملة؛ حيث يبتلي اهلل عباده املؤمنني باملصايب واألمراض ليختبر صدق‬
‫إميانهم وثباتهم عليه‪ ،‬فمن صبر ورضي ك َّفر اهلل عنه خطاياه وأعظم أجره‪ ،‬ومن جزع وسخط فله من اهلل تعالى‬
‫السخط‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ (((‪.‬‬
‫بالس َّرا ِء لينظر شك َرهم وأدا َءهم حلق اهلل تعالى في‬
‫‪ ٣‬قد يكون االبتالء بال ِّنعم؛ حيث يبتلي اهلل عباده املؤمنني َّ‬
‫هذه ال ِّنعم‪ ،‬وهل َينسبونها إليه أو يجحدون نعمته فينسبونها لغيره؛ كما قال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ ((( ‪.‬‬
‫َ‬
‫الصادق في كثرة ما يصيبه من البالء‪ ،‬ومو ِق ِف ِه منه بالنبات الصغير ال َّرطب الذي تصيبه‬ ‫املؤمن‬
‫َ‬ ‫النبي ‪‬‬
‫‪ ٤‬ش َّب َه ُّ‬
‫ويسارا‪ ،‬وتقلبه على عدة جهات فهي تؤثر فيه وحتركه لكنها ال حتطمه وال تكسره بل مييل‬ ‫ً‬ ‫الرياح ف ُت ِميله ميي ًنا‬
‫(‪ )1‬امللك‪.٢ :‬‬
‫(‪ )2‬العنكبوت‪.٣-٢ :‬‬
‫(‪ )3‬األنبياء‪.٣٥ :‬‬

‫‪60‬‬
‫قائما في موضعه كأن لم يكن به شيء‪ ،‬وهكذا املؤمن تصيبه احملن واالبتالءات الكثيرة‬ ‫هنا وهنا وسرعان ما يعود ً‬
‫في نفسه وولده وأهله وماله فتؤثر فيه ولكنها ال تبعده عن دينه‪ ،‬وسرعان ما تزول عنه ويعود كما كان‪.‬‬
‫النبي ‪ ‬الكافر في ِق َّل ِة ما يصيبه من البالء بالشجرة الكبيرة التي ال تؤثر فيها الرياح‪ ،‬ولكنها يأتي عليها‬ ‫‪ ٥‬ش َّب َه ُّ‬
‫يوم فتنكسر وتتحطم‪ ،‬وهكذا البعيد عن اهلل تعالى قد َي ِق ُّل عليه البال ُء‪ ،‬ولكن اهلل يؤخره حتى إذا أخذه لم‬
‫يفلته‪ ،‬أو يؤخر عقوبته ليوم القيامة لتكون كاملة شديدة‪.‬‬
‫مؤمن يبتلى‪ ،‬ولكنهم ُيبتلون على قدر إميانهم‪ ،‬فمن كان في دينه صالبة زِيدَ في‬ ‫كل ٍ‬ ‫احلديث على أن َّ‬ ‫ُ‬ ‫‪َ ٦‬د َّل‬
‫ال ًء؟ قال‪« :‬ا َأل ْن ِب َيا ُء‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫هلل‪ ،‬أي الناس َأ َشدُّ َب َ‬ ‫ول ا ِ‬ ‫بالئه‪ ،‬جاء في حديث َس ْع ِد بن أبي وقاص ‪ ‬قال‪ :‬قلت‪ :‬يا َر ُس َ‬
‫ال َب ٌة زِيدَ في َب َ‬
‫ال ِئ ِه‪،‬‬ ‫ون‪ُ ،‬ث َّم ا َأل ْمث َُل َفا َأل ْمث َُل ِم َن الناس‪ُ ،‬ي ْب َت َلى ال َّر ُج ُل على َح َس ِب ِدي ِن ِه؛ َف ِإ ْن كان في ِدي ِن ِه َص َ‬ ‫ال َ‬ ‫الص ِ ُ‬ ‫َّ‬
‫(((‬
‫ال ُء بِا ْل َع ْب ِد حتى يَ ِْش َى على َظ ْه ِر ا َأل ْر ِض ليس عليه َخ ِطي َئ ٌة»‪.‬‬ ‫وإن كان في ِدي ِن ِه ِر َّق ٌة خُ ِّف َف عنه‪ ،‬وما َي َز ُال ا ْل َب َ‬
‫هلل العبدَ ِمن البالء في الدنيا فإن ما أعطاه ِمن ال ِّنعم وما َص َر َف عنه ِمن أنواع البالء األخرى أكثر‬ ‫‪ ٧‬مهما أصاب ا ُ‬
‫وأعظم‪ ،‬فحتى ال يسخط العبد حني البالء فلينظر إلى ما أبقى اهلل من ال ِّنعم وما َص َر َف عنه ِمن ال ِّن َقم‪ ،‬فهنا‬
‫سيشكر اهلل تعالى‪ ،‬ويستشعر فض َل ُه عليه‪.‬‬
‫‪ ٨‬ال يغت ُّر املؤمن مبا قد يؤتاه أهل الكفر والعصاة ِمن النعيم في الدنيا؛ فإن اهلل تعالى يجازيهم بأعمالهم احلسنة‬
‫ِس َوال ُّرو َم‬ ‫هلل َف ْل ُي َو ِّس ْع على ُأ َّم ِت َك؛ فإن َفار َ‬ ‫في الدنيا‪ ،‬وفي حديث عمر بن اخلطاب ‪ ‬أنه قال للنبي ‪ :‬اُ ْد ُع ا َ‬
‫اس َت َوى َجا ِل ًسا] فقال‪َ « :‬أ َو في َش ٍّك أنت َيا ا ْب َن‬ ‫ون اهللَ‪ ،‬وكان ُم َّت ِك ًئا [ َف ْ‬ ‫ُو ِّس َع عليهم‪َ ،‬و ُأ ْع ُطوا الدُّ ْن َيا َو ُه ْم ال َي ْع ُبدُ َ‬
‫(((‬
‫هلل‪ْ ،‬اس َتغْ ِف ْر لي‪.‬‬
‫ول ا ِ‬‫فقلت‪ :‬يا َر ُس َ‬ ‫ال َيا ِة الدُّ ْن َيا»‪ُ ،‬‬ ‫اب؟! ُأو َل ِئ َك َق ْو ٌم ُع ِّج َل ْت َل ُه ْم َط ِّي َبات ُُه ْم في ْ َ‬ ‫ال َّط ِ‬ ‫َْ‬
‫‪ِ ٩‬من عالمة اخلير‪ :‬حصول البالء للمؤمن فال ينبغي له أن يجزعَ منه؛ ألن وجود البالء عالم ٌة على اخلير؛ إذ‬
‫الشر‪ :‬عد ُم البالء؛ إذ قد أخبر اهلل ورسولُ ُه ‪ ‬ب ِِق َّل ِة البالء‬ ‫قد أخبر اهلل ورسوله ‪ ‬أن املؤمن ُيبتلى‪ ،‬و ِمن عالمة ِّ‬
‫هلل ‪« :‬إذا َأ َرا َد اهلل ِب َع ْب ِد ِه ْ َ‬
‫ال ْي َر َع َّج َل له ا ْل ُع ُقو َب َة في الدُّ ْن َيا‪،‬‬ ‫رسول ا ِ‬ ‫ُ‬ ‫للكافرين‪ ،‬وفي حديث َأ َن ٍس ‪ ‬قال‪َ :‬‬
‫قال‬
‫الش َّر َأ ْم َس َك عنه ب َِذ ْن ِب ِه حتى ُي َوا ِف َي ِب ِه يوم ا ْل ِق َيا َم ِة»‪.‬‬ ‫وإذا َأ َرا َد ا ُ‬
‫(((‬
‫هلل ِب َع ْب ِد ِه َّ‬
‫هلل لعباد ِه املؤمنني فوائدُ منها‪:‬‬ ‫‪ِ ١٠‬ال ْب ِت َ‬
‫ال ِء ا ِ‬
‫صدق اإلميان من عدمه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫�أ ا ِالخْ تبا ُر ليتبني‬
‫ب التطهي ُر من الذنوب واخلطايا‪.‬‬
‫ج ليلج َأ املؤمنون إلى ر ِّبهم و ُيظهروا افتقارهم إليه‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه أحمد‪ ،‬وصححه األلباني في السلسلة الصحيحة‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه الترمذي‪ ،‬وصححه األلباني في سلسلة األحاديث الصحيحة‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫هلل َو َال ت َْع ِج ْز‪َ ،‬وإ ِْن َأ َصا َب َك َش ْي ٌء‬
‫ِص َع َل َى َما َي ْن َف ُع َك‪َ ،‬و ْاس َت ِع ْن بِا ِ‬
‫«احر ْ‬ ‫النبي ‪َ ‬قال‪ْ :‬‬ ‫َع ْن َأبِي ُه َر ْي َرة َ‪ ‬أن َّ‬
‫الش ْي َط ِان»‪.‬‬
‫إن َلو ت َْف َت ُح َع َم َل َّ‬ ‫هلل َو َما َشا َء َف َع َل‪َ ،‬ف َّ‬
‫ان َك َذا َو َك َذا‪َ ،‬و َل ِك ْن ُق ْل‪َ :‬قدَ ُر ا ِ‬
‫ال َت ُق ْل‪َ :‬لو َأنَّي َف َع ْل ُت َك َ‬
‫(((‬
‫َف َ‬
‫ِّبي وجه داللة احلديث على ما يأتي‪:‬‬
‫وجه الداللة من احلديث‬ ‫العبارة‬
‫اللجوء إلى اهلل عز وجل‬
‫فعل األسباب‬
‫تذكير النفس بقدر اهلل عز وجل‬
‫النهي عن التحسر على ما فات‬
‫النهي عن التواني والقعود‬

‫ي املؤمن عند االبتالء‪.‬‬


‫وبي وجه الشبه بينها و َب ْ َ‬ ‫�س‪ِّ :١‬‬
‫وضح معنى‪ :‬خامة الزرع‪ِّ ،‬‬
‫وبي وجه الشبه بينها وبني الكافر واملنافق عند االبتالء‪.‬‬ ‫�س‪ِّ :٢‬‬
‫وضح معنى‪ :‬األرزة‪ِّ ،‬‬
‫�س‪َ :٣‬ت َت َعدَّ ُد صو ُر االبتالء‪ِّ ،‬‬
‫وضح ذلك مع االستدالل‪.‬‬
‫�س‪ :٤‬ما فوائد االبتالء الذي يقع على املؤمن؟‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫الحديث الـثامـن‪( :‬و�ضوء النبي ‪)‬‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تعدِّ د فرو�ض الو�ضوء‪.‬‬
‫تبي حكم غ�سل الوجه يف الو�ضوء‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تبي حكم غ�سل اليدين �إلى املرفقني يف الو�ضوء‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تبي حكم م�سح الر�أ�س يف الو�ضوء‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تبي حكم غ�سل الرجلني يف الو�ضوء‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تف ِّرق بني امل�سح والغ�سل‪.‬‬
‫ت�ستنتج من احلديث حكم الت�سمية عند الو�ضوء‪.‬‬
‫تبي ما يرتتب على ترك املواالة بني فرو�ض الو�ضوء‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ت�ستنتج �سنن الو�ضوء الواردة يف احلديث‪.‬‬
‫ترتجم لعثمان بن عفان ‪.‬‬

‫النبي ‪ ‬يحرصون على التأسي به ‪ ‬في جميع أعمالهم خاصة في العبادات املتكررة ومن ذلك‬
‫كان أصحاب ِّ‬
‫الوضوء الذي هو شرط للصالة‪ ،‬كما في احلديث اآلتي‪:‬‬
‫بفتح‬
‫الواو‪:‬املاء‬
‫بن َع َّفانَ ‪َ ‬أ َّن ُه َر َأى ُع ْث َمانَ ‪َ ‬د َعا ب َِو ُضوءٍ ‪َ ،‬ف َأ ْف َر َغ على‬
‫عن ُح ْم َرانَ َمولى ُع ْث َمانَ ِ‬
‫الذي يتوضأ‬
‫به‬
‫ض‬‫ات‪ُ ،‬ث َّم َأ ْد َخ َل َيِي َن ُه في ا ْل َو ُضو ِء‪ُ ،‬ث َّم َ َت ْض َم َ‬ ‫َي َد ْي ِه من ِإ َنا ِئ ِه َف َغ َس َل ُه َما َث َ‬
‫الث َم َّر ٍ‬
‫َي َثالثًا‪ُ ،‬ث َّم َم َس َح‬ ‫اس َت ْن َث َر‪ُ ،‬ث َّم غَ َس َل َو ْج َه ُه َثالثًا‪َ ،‬و َي َد ْي ِه إلى ْالِ ْر َفق ْ ِ‬
‫اس َت ْن َش َق َو ْ‬
‫َو ْ‬
‫نحو ُو ُضو ِئي هذا‪،‬‬ ‫رأيت ال َّنب َِّي ‪َ ‬ي َت َو َّض ُأ َ‬ ‫ب َِر ْأ ِس ِه‪ُ ،‬ث َّم غَ َس َل ُك َّل ر ِْج ٍل َثالثًا‪ُ ،‬ث َّم قال‪ُ :‬‬
‫ي ال ُي َحدِّ ُث ِفيهِ َما َنفْ َس ُه‪ ،‬غَ ف ََر ا ُ‬
‫هلل‬ ‫نحو ُو ُضو ِئي هذا‪ُ ،‬ث َّم ص َّلى َر ْك َع َت ْ ِ‬‫وقال‪َ « :‬م ْن َت َو َّض َأ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫ل ُه ما َتقَدَّ َم من َذ ْن ِب ِه»‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫ترجمة راوي احلديث‬

‫اسمه ونسبه‬
‫عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية القرشي‪.‬‬

‫مناقبه‬
‫‪ ١‬أحد العشرة املبشرين باجلنة‪.‬‬
‫‪ ٢‬أحد اخللفاء الراشدين‪.‬‬
‫‪ ٣‬كان النبي ‪ُ ‬ي ِجـ ُّله ويســتحي منه أكــــثر مما يســــتحي من غيره‪ ،‬فلمـا قـيل‬
‫ْ َ ِ َ ُ (‪)1‬‬
‫له في ذلك قـــال‪« :‬أال َأ ْسـ َت ِحي مـن َر ُج ٍ‬
‫ـــل ت َْســـ َت ِحي مـنه ال َملئكة»‪.‬‬

‫معالم من حياته‬
‫أسلم في أول اإلسالم‪ ،‬وكان يقول‪ :‬إني لرابع أربعة في اإلسالم‪.‬‬ ‫‪١‬‬
‫ز َّوجه النبي ‪ ‬بابنته رق َّية ‪ ،‬وهاجرا مع ًا إلى احلبشة الهجرتني‪ ،‬ثم هاجرا إلى املدينة‪.‬‬ ‫‪٢‬‬
‫ز َّوجه النبي ‪ ‬ابنته أ َّم كلثوم ‪.‬‬ ‫وملا توفيت رقية‬ ‫‪٣‬‬
‫لم يشهد ‪ ‬غزوة بدر لتمريضه لزوجه رقية‪ ،‬وضرب له رسول اهلل ‪ ‬بسهم‪.‬‬ ‫‪٤‬‬
‫لُ ِّقب بذي النورين لزواجه بابنتي النبي ‪ ،‬قال العلماء‪ :‬ال ُيعرف أحدٌ تزوج بنتي ٍّ‬
‫نبي غي ُر عثمان‪.‬‬ ‫‪٥‬‬
‫املتوجه إلى تبوك من ماله‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫جهز ‪ ‬نصف جيش العسرة‬ ‫َّ‬ ‫‪٦‬‬
‫بويع باخلالفة سنة أربع وعشرين للهجرة‪.‬‬ ‫‪٧‬‬

‫وفاته‬
‫ْاس ُت ْشهِ دَ ‪ ‬سنة (‪٣٥‬هـ)‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫�إر�شـادات الحـديـث‬
‫حريصا على تعليم أمته أم َر دينهم؛ وفي هذا احلديث يع ِّلم أصحابه ‪ ‬كيفية الوضوء عمل ًّيا؛‬
‫ً‬ ‫‪ ١‬كان النبي ‪‬‬
‫ويحثهم على االقتداء به‪ ،‬وقد حرص الصحابة ‪ ‬على تطبيق الوضوء بهذه الصفة‪ ،‬وبينوه للناس كما ع َّلمهم‬
‫حريصا على االقتداء بالنبي ‪ ‬في وضوئه‪ ،‬وعلى نشر ُّ‬
‫السنة بني الناس‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فحري باملسلم أن يكون‬ ‫ٌّ‬ ‫النبي ‪،‬‬
‫كامل ِمن منابت شعر الرأس املعتاد إلى ما انحدر من‬ ‫‪ِ ٢‬من فروض الوضوء التي ال يصح الوضوء بدونها‪ُ :‬‬
‫غسل الوجه ً‬
‫ال َّلحي ِ‬
‫ني طو ًال‪ ،‬و ِمن ا ُألذن إلى األذن َع ْر ًضا‪ ،‬ومنه املضمضة واالستنشاق‪ ،‬فال يجوز ترك غسل بعض الوجه‪ ،‬مثل‪ :‬ترك‬
‫غسل ما بني اللحية إلى األذن‪ ،‬أو ترك االستنشاق واالكتفاء مبجرد وضع املاء على األنف‪ ،‬ألن هذا كله داخل في حدِّ الوجه‬
‫املأمور بغسله في قوله تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫(((‬
‫‪.‬‬ ‫ﱪ‬
‫غسل اليدين ِمن أطراف األصابع إلى نهاية املرفقني‪ ،‬ويجب‬ ‫ُ‬ ‫‪ِ ٣‬من فروض الوضوء التي ال يصح الوضوء بدونها‪:‬‬
‫(((‬
‫احلذر من ترك غسل املرفق؛ فقد كان النبي ‪ ‬يستوعب َغسل املرفق حتى َيشرع في َغسل ا ْل َع ُض ِد‪.‬‬
‫‪ِ ٤‬من فروض الوضوء التي ال يصح الوضوء بدونها‪ :‬مسح الرأس‪ ،‬وقد اتفق العلماء على َفرض َّيته‪ ،‬واختلفوا في‬
‫وجوب مسح الرأس ك ِّله‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أصحها‪:‬‬
‫مسحه من الرأس على عدة أقوال‪ُّ ،‬‬
‫القدر الواجب ُ‬
‫‪ِ ٥‬من فروض الوضوء التي ال يصح الوضوء بدونها‪ :‬غسل الرجلني ِمن أطراف األصابع إلى نهاية الكعبني‪ ،‬وقد‬
‫(((‬
‫اق ‪ ،‬ويجب احلذر من ترك غسل ال َع ِق َب ْ ِ‬
‫ي أو‬ ‫الس ِ‬ ‫كان النبي ‪ ‬يستوعب غسل الكعبني حتى َيشرع في غسل َّ‬
‫(((‬
‫َي أو َثالثًا‪ .‬متفق عليه ‪ ،‬وال َع ِق ُب‪:‬‬ ‫أخمص القدمني أو ما بني األصابع‪ ،‬قال ‪َ « :‬و ْي ٌل ِل َ‬
‫أل ْع َق ِ‬
‫اب من ال َّنارِ» َم َّرت ْ ِ‬
‫مؤخر ال َقد ِم‪.‬‬
‫َّ‬
‫(((‬
‫‪ ٦‬الرأس يُ سح مر ًة واحد ًة‪ ،‬ولم يصح عن النبي ‪ ‬مسح رأسه ثالثًا‪.‬‬
‫ﱪ‪ ،‬فال يكفي فيها املسح إال في الرأس‬ ‫‪ ٧‬يجب َغ ْس ُل أعضاء الوضوء كما أمر اهلل تعالى به في قوله‪ :‬ﱫ‬
‫املسح فهو‪ :‬إمرار ال َي ِد مب َّلل ًة باملاء على ال ُعضوِ املمسوح‪،‬‬ ‫وحدَ ُه‪ ،‬وال َغسل هو‪ :‬إسالة املاء على ال ُع ِ‬
‫ضو املغسول‪ ،‬وأما ُ‬ ‫ْ‬
‫شرط ال َغسل َد ْل ُك األعضاء باليدين أثناء غسلها‪ ،‬بل يكفي إمرار املاء عليها‪.‬‬
‫وليس ِمن ِ‬

‫(‪ )1‬املائدة‪.٦ :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬حديث أبي هريرة ‪ ‬في صحيح مسلم‪.‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬حديث أبي هريرة ‪ ‬في صحيح مسلم‪ ،‬املوضع السابق‪.‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري‪.‬‬
‫(‪ )5‬زاد املعاد ‪.193/1‬‬
‫‪65‬‬
‫وص َف ْت ُوضوء‬
‫‪ ٨‬التسمي ُة على الوضوء غير واجبة؛ ألنها لم تُذكر في هذا احلديث وغيرِه من األحاديث التي َ‬
‫ُ‬
‫والقول بعدم وجوبها‪ ،‬وأنها مستحبة هو قول أكثر العلماء رحمهم‬ ‫النبي ‪ ،‬ولو كانت واجبة لفعلها النبي ‪،‬‬
‫(((‬
‫أهل العلم على أن التسمي َة ُمستحب ٌة في الوضوء‪.‬‬
‫اهلل تعالى‪ ،‬قال ال َب َغوِ ُّي رحمه اهلل تعالى‪ :‬أكث ُر ِ‬
‫يزيل من أعضاء الوضوء ما مينع وصول املاء إلى َ‬
‫البشرة كاألصباغ ونحوها‪ ،‬وذلك ألن‬ ‫‪ ٩‬يجب على املتوضئ أن َ‬
‫تم إ َّال إذا َّ‬
‫طهر أعضا َءه كما أمره اهلل تعالى‪ ،‬ولم يترك منها شي ًئا‪.‬‬ ‫الوضو َء ال َي ُّ‬
‫‪َ ١٠‬م ْن َت َر َك شي ًئا ِم ْن أعضا ِء الوضو ِء َل ْم َي ِص َّح ُوضو ُؤه‪ْ ،‬‬
‫فإن َج َّفت أعضاؤه َو َج َب عليه إعاد ُة ال ُوضوء من أ َّوله‪،‬‬
‫َ‬
‫املتروك ثم ما‬ ‫مراعا ًة للمواال ِة بني أعضاء ال ُوضوء‪ ،‬وإذا لم تكن قد ج َّفت أعضاؤه وجب عليه أن يغسل العض َو‬
‫بعده‪ ،‬مراعا ًة للترتيب بني أعضاء الوضوء‪ ،‬ومما يدل على ذلك حديث صاحب ال ُّلمعة وهو ما رواه َجا ِب ٌر ‪‬‬
‫اب ‪َ :‬أ َّن َر ُج ًل َت َو َّض َأ َف َت َر َك َم ْو ِض َع ُظ ُف ٍر على َقدَ ِم ِه‪َ ،‬ف َأ ْب َص َر ُه النبي ‪ ‬فقال‪« :‬ا ْر ِج ْع‬‫ال َّط ِ‬ ‫قال‪ :‬أخبرني ُع َم ُر بن ْ َ‬
‫َف َأ ْح ِس ْن ُو ُضو َء َك»‪َ ،‬ف َر َج َع ُث َّم صلى‪.‬‬
‫(((‬

‫‪ ١١‬اش َت َمل احلديث على جملة من سنن الوضوء‪ ،‬وهي‪:‬‬


‫ْليث في َغ ْسل األعضاء‪.‬‬
‫ال َّتث ُ‬ ‫ب‬ ‫ني في بداية الوضوء‪ .‬‬ ‫�أ َغ ْس ُل ا ْل َك َّف ِ‬
‫االس ِت ْنثَا ُر‪ ،‬وهو‪ :‬إخراج املاء من أن ِْف ِه‪.‬‬
‫ْ‬ ‫د‬ ‫ ‬
‫جل ال ُي ْم َنى‪.‬‬ ‫االبتدا ُء ب َغسل ِ‬
‫اليد ال ُي ْم َنى وال ِّر ِ‬ ‫ج‬

‫وجوه ُرها‪ ،‬وليس لإلنسان من‬


‫َ‬ ‫احلديث على أهمية اخلشوع في الصالة وفضله‪ ،‬واخلشوع هو لُ ُّب الصالة‬ ‫ُ‬ ‫‪َّ ١٢‬‬
‫دل‬
‫فحري باملص ِّلي مجاهد ُة ِ‬
‫نفسه ليحوز على‬ ‫ٌّ‬ ‫صالته إ َّال ما َع َق َل منها‪ ،‬وبقدر حضور قلبه فيها يكون ثوا ُبه عليها‪،‬‬
‫(((‬
‫‪.‬‬ ‫ﱪ‬ ‫الفالح املوعود به في قوله تعالى‪ :‬ﱫ‬

‫(‪ )1‬شرح السنة ‪.411-410/1‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )٣‬املؤمنون ‪.٢-١‬‬

‫‪66‬‬
‫حكما فقه ًّيا‪:‬‬
‫ً‬ ‫استنتج من كل عبارة من اآلتي‬
‫احلكم الفقهي‬ ‫العبارة‬ ‫م‬

‫َف َأ ْف َر َغ على َيدَ ْي ِه من ِإنَا ِئ ِه‬ ‫‪1‬‬

‫َفغ ََس َل ُه َما َث َ‬


‫الث َم َّر ٍات‬ ‫‪2‬‬

‫ُث َّم َأ ْد َخ َل يَ ِي َن ُه في ا ْل َو ُضو ِء‬ ‫‪3‬‬

‫ُث َّم َ َت ْض َم َ‬
‫ض َو ْاس َت ْن َشقَ َو ْاس َت ْن َث َر‬ ‫‪4‬‬

‫رأيت ال َّنب َِّي ‪َ ‬ي َت َو َّض ُأ نح َو ُو ُضو ِئي هذا‬


‫ُ‬ ‫‪5‬‬

‫ال ُي َحدِّ ُث ِفيهِ َما ن َْف َس ُه‬ ‫‪6‬‬

‫يطبق أحد الطالب الوضوء وفق السنة أمام بقية الفصل حتت إشراف املعلم‪ ،‬ويطلب املعلم من كل طالب‬
‫وتصحيحا لألخطاء املنتشرة في الوضوء‪.‬‬
‫ً‬ ‫نشرا للسنة‬
‫تطبيق ذلك أمام أهل بيته‪ً ،‬‬

‫‪67‬‬
‫�س‪ :١‬عدِّ د فروض الوضوء‪.‬‬
‫�س‪ِّ :٢‬بي احلكم فيما يأتي‪:‬‬
‫ترك غسل ما بني اللحية إلى األذن عند الوضوء‪.‬‬ ‫�أ‬

‫االكتفاء بغسل اليدين دون املرفقني‪.‬‬ ‫ب‬

‫ترك التسمية عند الوضوء‪.‬‬ ‫ج‬

‫تأخير غسل العضو حتى يجف الذي قبله‪.‬‬ ‫د‬

‫�س‪ :٣‬ما سنن الوضوء التي دل عليها احلديث؟‬


‫�س‪ :٤‬استنتج من احلديث فضل اخلشوع في الصالة‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫الحديث الـتا�سـع‪( :‬االقتداء بالنبي ‪)‬‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تدرك �أهمية الت�أ�سي بالنبي ‪ ‬يف �صالته وجميع �أفعاله‪.‬‬
‫ت�ستنتج حكم الأذان لكل جماعة‪.‬‬
‫تبي بع�ض �أحكام الأذان‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫حتدِّ د الأولى بالإمامة يف ال�صالة‪.‬‬
‫ت�ستدل من احلديث على وجوب �صالة اجلماعة‪.‬‬
‫ت�ستنتج ثالث ًا من فوائد احلديث‪.‬‬
‫ترتجم ملالك بن احلويرث ‪.‬‬

‫إقامة الصالة ركن من أركان اإلسالم‪ ،‬وال تكون الصالة صحيحة إال إذا كانت موافقة لسنة النبي ‪ ،‬ولهذا كان‬
‫حريصا على تعليم أصحابه صفة الصالة بقوله وعمله؛ كما في هذا احلديث‪.‬‬
‫ً‬ ‫النبي ‪‬‬

‫«و َص ُّلوا كما َر َأ ْي ُت ُمو ِني ُأ َص ِّلي‪ ،‬فإذا َح َض َرت‬ ‫النبي ‪َ ‬‬
‫قال لهم‪َ :‬‬ ‫عن َما ِل ِك بن ْ ُ‬
‫ال َو ْي ِر ِث ‪َّ ‬أن َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫الصال ُة َف ْل ُي َؤ ِّذ ْن َل ُك ْم َأ َح ُد ُك ْم‪َ ،‬و ْل َي ُؤ َّم ُك ْم َأ ْك َب ُر ُك ْم»‪.‬‬
‫َّ‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫ترجمة راوي احلديث‬

‫اسمه ونسبه‬
‫َما ِل ُك بن ا ُحل َو ْيرث بن ْ‬
‫أش َيم الليثي‪.‬‬
‫مناقبه‬
‫حريصا على نشر السنة بتعليم الناس صف َة الصالة عمل ًّيا كما تع َّلمها‬ ‫ً‬ ‫كان ‪‬‬
‫ال َو ْير ِِث َف َص َّلى ِب َنا في َم ْس ِج ِدنَا‬‫بن ْ ُ‬
‫النبي ‪ ،‬فعن أبي ِقال َب َة قال‪َ :‬جا َءنَا َما ِل ُك ُ‬
‫من ِّ‬
‫الصال َة‪َ ،‬و َل ِك ْن ُأرِيدُ َأ ْن ُأ ِر َي ُك ْم َك ْي َف‬
‫هذا‪ ،‬فقال‪ :‬إني ُأل َص ِّلي ب ُِك ْم وما ُأرِيدُ َّ‬
‫(((‬
‫النبي ‪ُ ‬ي َص ِّلي‪.‬‬
‫رأيت َّ‬
‫معالم من حياته‬
‫‪َ ١‬و َفدَ إلى النبي ‪ ‬مع جماعة من قومه من بني ليث‪ ،‬وكانوا شبا ًبا ُم َت َقارِب َ‬
‫ني‬
‫في العمر‪َ ،‬ف َأ َقاموا ِع ْندَ ُه ِع ْشر َ‬
‫ِين َي ْو ًما‪.‬‬
‫‪ ٢‬ملا رأى النبي ‪ ‬شو َقهم إلى أهلهم أمرهم بالرجوع إليهم‪ ،‬وتعليمهم‪ ،‬فقال‬
‫(((‬
‫يموا ِفيهِ ْم‪َ ،‬و َع ِّل ُمو ُه ْم َو ُم ُرو ُه ْم»‪.‬‬ ‫لهم‪« :‬ا ْر ِج ُعوا إلى َأ ْه ِل ُ‬
‫يك ْم َف َأ ِق ُ‬
‫‪ ٣‬سكن البصرة وبقي بها حتى توفي‪.‬‬
‫وفاته‬
‫مات في البصرة سنة أربع وسبعني (‪ 74‬هـ)‪.‬‬

‫�إر�شـادات الحـديـث‬
‫لكل مسلم في عبادته وما ُي َق ِّر ُبه إلى ربه جل وعال‪ ،‬وفي هذا احلديث يبني النبي ‪ ‬ألمته‬ ‫النبي ‪ ‬قدو ٌة ِّ‬
‫ُّ‬ ‫‪١‬‬
‫مشروعية االقتداء به في الصالة‪ ،‬ألنه هو املبني لها بقوله وفعله ‪.‬‬
‫‪ ٢‬في احلديث دليل على أهمية التعليم بالفعل‪ ،‬وأهمية القدوة احلسنة‪.‬‬
‫النبي ‪ ‬بأركانها وواجباتها وسننها‪.‬‬
‫‪ ٣‬ينبغي على املسلم احلرص على تطبيق صفة الصالة كامل ًة كما جاء عن ِّ‬
‫لكل جماعة في السفر وغيره‪ ،‬وال يكتفون باإلقامة ويتركون األذان‪ ،‬بل‬ ‫احلديث على مشروعية األذان ِّ‬ ‫ُ‬ ‫‪َّ ٤‬‬
‫دل‬
‫(((‬
‫املشروع لهم أن يؤذنوا‪ ،‬ثم يقيموا‪.‬‬
‫وقت الصالة‪ ،‬ولكن من كان‬ ‫‪ ٥‬األذان متعلق بالصلوات املفروضة دون غيرها‪ ،‬واألصل أن يكون عند دخول ِ‬
‫مسافرا وأراد تأخير الصالة فإنه يؤخر األذان حتى ينزل للصالة‪ ،‬وهذا هو الذي دل عليه فعل النبي ‪ ‬في‬ ‫ً‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫الصال ُة َفل ُيؤَ ِّذ ْن لك ْم أ َحدُ ك ْم»‪.‬‬
‫أسفاره‪ ،‬مع قوله هنا‪« :‬فإذا َح َض َر ْت َّ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري ‪.)790(283/1‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم ‪.)674(465/1‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫العلم والفضل وحفظ القرآن والسبق إلى اإلسالم فإنه يتقدم عليهم في اإلمامة أكبرهم س ًّنا‪،‬‬ ‫‪ ٦‬إذا تساوى القوم في ِ‬
‫النبي ‪ ‬باإلمامة أك َب َرهم س ًّنا‪.‬‬ ‫خص ُّ‬‫َولَّا كان مالك بن احلويرث ‪ ‬ومن معه ‪ ‬متساوين في هذه اخلصال َّ‬
‫أمر يطلب فيه الترتيب‪ ،‬مثل‪ :‬التقدمي في الكال ِم‬ ‫كل ٍ‬ ‫‪ ٧‬دل احلديث على أن من اآلداب الشرعية‪ :‬تقد َمي األكبر س ًّنا في ِّ‬
‫فضل‬ ‫واخلروج‪ ،‬واالبتداء مبناولة الشراب ونحوه‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬وهذا إذا لم يكن لألصغر َمزِيدُ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أو اإلعطا ِء وعندَ الدخولِ‬
‫قدرا فإنه ُي َقدَّ م على األكبر س ًّنا‪ ،‬و َل َّما أراد عبدُ الرحمن بن َس ْه ٍل ‪ ‬أن َي َت َك َّل ُم وهو َأ ْحدَ ُث ا ْل َق ْو ِم‪ ،‬قال‬ ‫بأن يكون أكب َر ً‬
‫«ك ِّب ْر َك ِّب ْر»‪َ ،‬ف َس َك َت‪.‬متفق عليه‪.‬‬ ‫النبي ‪َ :‬‬
‫(((‬
‫له ُّ‬
‫‪ ٨‬دل احلديث على مشروعية حث املسافر على احلرص على الصالة وما يتعلق بها؛ وذلك ملا قد يطرأ عليه في‬
‫السفر من التقصير فيها‪ ،‬أو إخراجها عن وقتها بسبب املشقة‪ ،‬أو االنشغال بأمور السفر‪.‬‬
‫دل‬‫وأقل اجلماعة في السفر وغيره اثنان‪ ،‬وقد َّ‬ ‫احلديث على أن صالة اجلماعة واجبة على جماعة املسافرين‪ُّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫‪َّ ٩‬‬
‫دل‬
‫النبي ‪ُ ‬يريدَ ِان‬ ‫الن َّ‬ ‫ال َو ْير ِِث ‪ ‬قال‪َ :‬أتَى َ ُ‬
‫رج ِ‬ ‫بن ْ ُ‬ ‫على ذلك ما جاء في إحدى روايات هذا احلديث أن َما ِل َك َ‬
‫يما‪ُ ،‬ث َّم ْل َي ُؤ َّم ُك َما َأ ْك َب ُر ُك َما»‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫النبي ‪« :‬إ َذا َأ ْن ُت َما َخ َر ْج ُت َما َف َأ ِّذ َنا‪ُ ،‬ث َّم َأ ِق َ‬ ‫الس َف َر‪َ ،‬‬
‫(((‬
‫فقال ُّ‬ ‫َّ‬

‫األمر باحملافظة على صالة اجلماعة في السفر دليل على فضلها وأهميتها‪ ،‬تناقش مع زمالئك في جمع أكبر‬
‫قدر من فوائد احملافظة على اجلماعة وآثارها‪:‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬

‫بالرجوع إلى أحد الكتب في صفة صالة النبي ‪ِّ َ ‬ل ْص صفة صالة النبي ‪ ‬في حدود صفحتني‪ ،‬وتعاون‬
‫مع زمالئك في نشرها بني طالب املدرسة‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫�س‪ :١‬كان النبي ‪ ‬املثال التطبيقي لهذا الدين‪ ،‬وكـان أصحابــه يقتدون به في جميع أفعالــه‪،‬‬
‫مثِّل لذلك‪.‬‬
‫�س‪ :٢‬ما حكم األذان لكل جماعة‪ِّ ،‬‬
‫وضح داللة احلديث على ذلك‪.‬‬
‫�س‪ :٣‬ورد فــي الشـــرع األمر باحترام الكبيـــر‪ ،‬مثِّل للمواضع التي يظهر فيها التقديـــر‬
‫واالحتـــرام للكبير‪.‬‬
‫�س‪ّ :٤‬‬
‫وضح داللة احلديث على وجوب صالة اجلماعة‪.‬‬
‫�س‪ :٥‬اذكر ثالث ًا من فوائد احلديث‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫الحديث الـعـا�شـر‪)..................( :‬‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫ا�صطالحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫تع ِّرف النفاق‬
‫ت�شرح قوله ‪« :‬لو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو َح ْب ًوا»‪.‬‬
‫تبي ال�سبب يف تثاقل املنافقني عن �صالة الفجر‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ت�ستدل من احلديث على وجوب �صالة اجلماعة‪.‬‬
‫تبي بع�ض �أحكام �صالة اجلماعة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تبي حكم التكا�سل والتثاقل عن �أداء ال�صالة وخا�صة �صالة الفجر‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫حتذر من الت�شبه باملنافقني يف الت�أخر عن ال�صالة‪.‬‬‫ِّ‬
‫ت�ستنتج ثالث ًا من فوائد احلديث‪.‬‬

‫ُ‬
‫استثقال‬ ‫للصالة في اإلسالم مكانة عظمى وأهمية كبرى‪ ،‬فال َح َّظ في اإلسالم ملن تركها‪ ،‬ومن صفات املنافقني‪:‬‬
‫النبي ‪ ‬في احلديث اآلتي‪:‬‬ ‫ُ‬
‫والتكاسل عنها؛ كما بينه ُّ‬ ‫الصالة‬

‫ول اهلل ‪« :‬إ َِّن َأ ْثق ََل َصالةٍ على ْالُ َنا ِف ِق َ‬
‫ني َصال ُة ا ْل ِع َشا ِء َو َصال ُة‬ ‫قال َر ُس ُ‬ ‫قال‪َ :‬‬‫عن أبي هريرة ‪َ ‬‬
‫ا ْلف َْج ِر‪َ ،‬و َل ْو َي ْع َل ُمونَ ما ِفيهِ َما َأل َت ْو ُه َما َو َل ْو َح ْب ًوا‪َ ،‬و َلق َْد َه َم ْم ُت َأ ْن آ ُم َر ب َّ‬
‫ِالصال ِة َف ُتقَا َم‪ُ ،‬ث َّم‬
‫اس‪ُ ،‬ث َّم َأ ْن َط ِل َق َم ِعي ب ِِر َج ٍال َم َع ُه ْم ُح َز ٌم من َح َط ٍب إلى َق ْو ٍم ال َي ْش َه ُدونَ‬ ‫ال َف ُي َص ِّل َي بِال َّن ِ‬
‫آ ُم َر َر ُج ً‬
‫الصالةَ‪َ ،‬ف ُأ َح ِّر َق عليهم ُب ُيو َت ُه ْم بِال َّنارِ»(‪.)1‬‬ ‫َّ‬

‫من العناوين املناسبة للدرس‪( :‬من صفات املنافقني)‪ ،‬تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان آخر مناسب للدرس‬
‫واكتبه في أعلى الصفحة‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫ترجمة راوي احلديث‬

‫معالم من حياته‬
‫ارجع إلى أحد املصادر لترجمة أبي هريرة ‪ ‬واكتب معلومة جديدة‬
‫عنه لم مت َّر بك في هذا الكتاب‪.‬‬
‫‪...................................................‬‬
‫‪...................................................‬‬
‫‪...................................................‬‬
‫‪...................................................‬‬

‫�إر�شـادات الحـديـث‬
‫‪ ١‬الصالة هي الركن الثاني من أركان اإلسالم‪ ،‬واملؤمن الصادق يحبها ويحرص عليها‪ ،‬ويؤ ِّديها ُم ْخ ِل ًصا هلل تعالى؛‬
‫بخالف املنافق الذي إمنا يعبد اهلل تعالى ليراه الناس‪ ،‬ولذلك تثقل عليه جميع العبادات ألنه ال يرجو ثوا َبها‪،‬‬
‫بحيث ال يراه الناس‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫و َت ْث ُق ُل أكث َر إذا كانت‬
‫‪ ٢‬املؤمن الصادق يحب الصالة مع اجلماعة في بيوت اهلل تعالى وال يستثقلها‪ ،‬وذلك ألمور منها‪:‬‬
‫يصلي مع اجلماعة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫�أ أن اهلل تعالى يحب ِمن عبده أن‬
‫أفضل ِمن َصالة الفرد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ب أن َصالة اجلماعة‬
‫ج أن صالة اجلماعة واجبة‪.‬‬
‫النبي ‪‬‬‫فرض َع ْ ٍي على ال ِّرجال‪ ،‬ألنها لو كانت سن ًة لم ُيهدِّ د ُّ‬ ‫أوضح األدلة على أن َصال َة اجلماع ِة ُ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ٣‬احلديث ِمن‬
‫فرض ِكفايةٍ لكانت قائم ًة بالرسولِ ‪ ‬و َمن َمعه ِمن الصحابة ‪.‬‬ ‫تارك َها بالتحريقِ ‪ ،‬ولو كانت َ‬ ‫َ‬
‫املرض الذي يشق معه احلضور إلى الصالة‪،‬‬ ‫مثل‪ِ :‬‬ ‫‪ ٤‬ال يجوز للرجل التخ ُّل ُف عن صالة اجلماعة إال لعذر شرعي‪ُ ،‬‬
‫الشديد الذي يشق معه اخلروج إلى املسجد‪ ،‬و َمن تعذرت عليه اجلماعة في املسجد وكان بإمكانه أن‬ ‫ِ‬ ‫واملط ِر‬
‫يصلي جماع ًة في موضعه الذي هو فيه وجب عليه أن يص ِّل َيها جماعة‪.‬‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حديث أبي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬قال‪ :‬أتَى ال َّنب َِّي ‪َ ‬ر ُجل أ ْع َمى‪ ،‬فقال‪َ :‬يا‬ ‫ُ‬ ‫‪ ٥‬من األدلة على وجوب الصالة مع اجلماعة‪:‬‬
‫ص َل ُه‪،‬‬ ‫ص له َف ُي َص ِّل َي في َب ْي ِت ِه‪َ ،‬ف َر َّخ َ‬ ‫هلل‪ ،‬إ َّن ُه َل ْي َس لي َقا ِئدٌ َي ُقو ُد ِني ِإ َلى ْالَ ْس ِج ِد؛ َف َس َأ َل َر ُس َ‬
‫ول ا ِ‬
‫هلل ‪َ ‬أ ْن ُي َر ِّخ َ‬ ‫ول ا ِ‬ ‫َر ُس َ‬
‫ِالصال ِة؟»‪ ،‬فقال‪َ :‬ن َع ْم‪ ،‬قال‪َ « :‬ف َأ ِج ْب»‪.‬‬ ‫َف َل َّما َولَّى َد َعا ُه‪ ،‬فقال‪َ :‬‬
‫«ه ْل ت َْس َم ُع ال ِّندَ ا َء ب َّ‬
‫(((‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫‪ ٦‬اتفق العلما ُء على أن صالة اجلماعة أفضل من صالة الفرد‪ ،‬وقد جاءت األحاديث بذلك عن النبي ‪ ،‬ففي حديث‬
‫(((‬
‫ِين َد َر َجةً»‪.‬‬ ‫ال َما َع ِة َأ ْف َض ُل من َصال ِة ا ْل َف ِّذ ب َِس ْب ٍع َو ِع ْشر َ‬ ‫«صال ُة ْ َ‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫هلل ‪َ ‬‬ ‫ول ا ِ‬ ‫َأ َّن َر ُس َ‬ ‫ابن ُع َم َر‬ ‫ِ‬
‫الشيطان عليهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بلد أو قريةٍ أو باديةٍ أو غيرها مما يجتمع فيه الناس؛ يدل على ت ََس ُّلط‬ ‫‪َ ٧‬ت ْر ُك صالة اجلماعة في ٍ‬
‫الصال ُة إال‬ ‫هلل ‪ ‬يقول‪َ « :‬ما ِم ْن َثال َثةٍ في َق ْر َيةٍ وال َبدْ ٍو ال ُت َقا ُم ِفيهِ ْم َّ‬ ‫ول ا ِ‬ ‫سمعت َر ُس َ‬ ‫ُ‬ ‫قال‪:‬‬‫فعن أبي الدَّ ْر َدا ِء ‪َ ‬‬
‫الش ْي َط ُ‬ ‫َقدْ ْاس َت ْح َو َذ َع َل ْيهِ ُم َّ‬
‫(((‬
‫وح َوا ُه ْم إليه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الشيطان َ‬ ‫ان» ‪ ،‬واملعنى‪ :‬استولى عليهم‬
‫نصوص‬‫ُ‬ ‫وجوب صال ِة اجلماع ِة‪ ،‬نقل إجماعهم وأقوالهم ابن القيم ‪ ،‬ثم قال‪ :‬فهذه‬ ‫ِ‬ ‫‪ ٨‬ا َّت َفقَ الصحاب ُة ‪ ‬على‬
‫وانتشارا‪ ،‬و َل ْم َي ِجئ عن صحاب ٍِّي ٍ‬
‫(((‬
‫خالف ذلك‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫واحد‬ ‫ً‬ ‫الصحاب ِة كما تَراها ِص َّح ًة ُ‬
‫وش ْه َر ًة‬
‫هلل بن‬ ‫قال عبدُ ا ِ‬ ‫أحرص الناس على صالة اجلماعة؛ فلم يكونوا يتخلفون عنها إال ِمن ُع ْذ ٍر‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫‪ ٩‬كان الصحاب ُة ‪‬‬
‫هلل َش َرعَ‬ ‫ات َح ْي ُث ُي َنا َدى بِهِ َّن‪ ،‬فإن ا َ‬ ‫الص َل َو ِ‬
‫هلل َغ ًدا ُم ْس ِل ًما َف ْل ُي َحا ِف ْظ على َهؤُال ِء َّ‬ ‫مسعود ‪َ « :‬م ْن َس َّر ُه َأ ْن َي ْل َقى ا َ‬
‫ن ا ْل ُهدَ ى‪َ ،‬و َل ْو َأن َُّك ْم َص َّل ْي ُت ْم في ُب ُيو ِت ُك ْم كما ُي َص ِّلي هذا ْالُ َت َخ ِّل ُف في َب ْي ِت ِه‬ ‫ن ا ْل ُهدَ ى‪َ ،‬و ِإن َُّه َّن ِمن ُس َ ِ‬ ‫ِل َن ِب ِّي ُك ْم ‪ُ ‬س َ َ‬
‫اق[أو‬ ‫َل َت َر ْك ُت ْم ُس َّن َة َن ِب ِّي ُك ْم‪َ ،‬و َل ْو َت َر ْك ُت ْم ُس َّن َة َن ِب ِّي ُك ْم َل َض َل ْل ُت ْم‪َ ...‬و َل َقدْ َر َأ ْي ُت َنا وما َي َت َخ َّل ُف عنها إال ُم َنا ِف ٌق َم ْع ُلو ُم ال ِّن َف ِ‬
‫ِيض]‪َ ،‬و َل َقدْ كان ال َّر ُج ُل يؤتى ِب ِه ُي َها َدى بني ال َّر ُج َل ْ ِ‬
‫(((‬
‫الص ِّف»‪.‬‬ ‫ي حتى ُي َقا َم في َّ‬ ‫َمر ٌ‬
‫احلديث على أهمية صالة الفجر مع اجلماعة في املسجد‪ ،‬وأن التهاون بها َخصل ٌة ذميم ٌة ِمن خصالِ املنافقني‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫‪َّ ١٠‬‬
‫دل‬
‫«ك َّنا إ َذا َف َقدْ َنا ال َّر ُج َل في َص َال ِة‬ ‫الظن مبن تخ َّلف عنها؛ قال عبدُ اهلل بن ُع َم َر ‪ُ :‬‬ ‫وقد كان الصحابة ‪ ‬يسيئون َّ‬
‫(((‬
‫الظ َّن»‪.‬‬ ‫ا ْل ِع َشا ِء َو َص َال ِة ا ْل َف ْج ِر َأ َس ْأ َنا ِب ِه َّ‬
‫التَي العشا ِء والفجرِ‪ ،‬ومما ثبت في ذلك حديث عثمان ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪:‬‬ ‫خاصةٍ ِل َص َ‬ ‫احلديث على فضيلةٍ َّ‬ ‫ُ‬ ‫دل‬‫‪َّ ١١‬‬
‫يل ك َّل ُه»(((‪.‬‬ ‫فكأنا ص َّلى ال َّل َ‬ ‫بح في جماعةٍ ‪ّ ،‬‬ ‫الص َ‬ ‫يل‪ ،‬و َم ْن ص َّلى ُّ‬ ‫ماعةٍ َف َك َّّأنا قا َم ِن ْص َف ال َّل ِ‬ ‫العشا َء في َج َ‬ ‫« َم ْن ص َّلى ِ‬
‫‪ِ ١٢‬من صفات املنافقني‪ :‬أنهم ل ِث َقل الصالة عليهم ال يقومون إليها إال ُك َسالى‪ ،‬و َي ْن ُقرونها َن ْق ًرا‪ ،‬وال يذكرون اهلل‬
‫يقول‪ِ « :‬ت ْل َك َصال ُة ْالُ َنا ِفقِ ‪،‬‬ ‫رسول اهلل ‪ُ ‬‬ ‫َ‬ ‫سمعت‬
‫ُ‬ ‫مالك ‪:‬‬ ‫بن ٍ‬ ‫أنس ُ‬‫فيها إال قليال‪ ،‬ويؤخرونها عن وقتها‪ ،‬قال ُ‬
‫الش ْي َط ِان َقا َم َف َن َق َر َها َأ ْر َب ًعا‪ ،‬ال َي ْذ ُك ُر ا َ‬ ‫الش ْم َس؛ حتى ِإ َذا َكا َن ْت َب ْ َ‬
‫(((‬
‫هلل فيها إال َق ِليال» ‪.‬‬ ‫ي َق ْر َن ْي َّ‬ ‫َي ْج ِل ُس َي ْر ُق ُب َّ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه أحمد‪ ،‬وأبو داود‪ ،‬والنسائي‪.‬‬
‫(‪ )3‬الصالة وحكم تاركها البن قيم اجلوزية ص ‪.153‬‬
‫(‪ )4‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )5‬رواه ابن أبي شيبة‪ ،‬وابن خزمية‪ ،‬وابن حبان‪ ،‬واحلاكم في املستدرك على الصحيحني وقال‪ :‬صحيح على شرط الشيخني‪ ،‬والطبراني في املعجم‬
‫الكبير‪.‬‬
‫(‪ )6‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )7‬رواه مسلم‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫(((‬
‫ﱪ ‪.‬‬ ‫قال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫ضع لك خطة عمل تساعدك على احملافظة على الصالة لكي تبتعد عن صفات املنافقني وتضبط بها أفعالك‬
‫شرعا‪.‬‬
‫وسلوكك وفق ما طلب منك ً‬

‫قارن بني حديث‪« :‬إن أثقل صالةٍ على املنافقني صالة العشاء وصالة الفجر ‪ ،»....‬وحديث‪َ « :‬ب ِّشر‬
‫الظ َل ِم إلى ْالَ َس ِ‬ ‫ْالَ َّشا ِئ َ‬
‫ني في ُّ‬
‫(((‬
‫اج ِد بِال ُّنو ِر ال َّتا ِّم يوم ا ْل ِق َيا َم ِة»‪.‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬

‫�س‪ :١‬دل احلديث على وجوب صالة اجلماعة‪ ،‬ما وجه الداللة على ذلك؟‬
‫�س‪ :٢‬ملاذا كانت العشاء والفجر أثقل الصالة على املنافق؟‬
‫�س‪« :٣‬ولو يعلمون ما فيهما» يعني‪ :‬من األجر‪ ،‬وردت أحاديث أخرى تبني األجر العظيم الذي‬
‫يحصل ملن صلى العشاء والفجر في جماعة؛ فما هو؟‬
‫�س‪ :٤‬للمنافق في الصالة سلوك يختلف عن املؤمن في صالته‪ ،‬قارن بني سلوك املؤمن في الصالة‬
‫وسلوك املنافق‪.‬‬

‫(‪ )1‬التوبة‪.٥٤ :‬‬


‫(‪ )2‬رواه أبو داود‪ ،‬والترمذي‪ ،‬صححه األلباني (‪.)570‬‬

‫‪76‬‬
‫الحديث الـحـادي عـ�شـر‪)..................( :‬‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تبي معنى‪ :‬الفطرة ‪ -‬اال�ستحداد‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تعدِّ د خ�صال الفطرة‪.‬‬
‫ت�ص ِّنف خ�صال الفطرة ح�سب ما يخت�ص به الرجال وما هو م�شرتك‪.‬‬
‫تبي �أهم الأحكام املتعلقة بخ�صال الفطرة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تعدِّ د �آداب القيام بخ�صال الفطرة‪.‬‬
‫ت�ستنتج الفوائد ال�صحية للمحافظة على خ�صال الفطرة‪.‬‬
‫ترتجم لأبي هريرة ‪.‬‬

‫دين اإلسالم دين شامل جلميع شؤون احلياة‪ ،‬فكما اعتنى بجوانب التعبد فقد اعتنى باألخالق‪ ،‬وكما اشتمل‬
‫على األحكام التشريعية السياسية واالجتماعية واالقتصادية؛ فقد اعتنى بجوانب الصحة والنظافة كما في حديث‬
‫خصال الفطرة اآلتي‪:‬‬

‫ال َتانُ ‪،‬‬ ‫سمعت ال َّنب َِّي ‪ُ ‬‬


‫يقول‪« :‬ا ْل ِف ْط َر ُة َخ ْم ٌ‬
‫س‪ِ ْ :‬‬ ‫ُ‬ ‫عن أبي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬قال‪:‬‬
‫السنة‬
‫ُّ‬
‫يم ا َأل ْظفَارِ‪َ ،‬و َن ْت ُف اآل َبــاط»‪.‬‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫الشار ِِب‪َ ،‬و َتقْ ِل ُ‬
‫ص َّ‬ ‫َوا ِال ْس ِت ْح َدا ُد‪َ ،‬و َق ُّ‬
‫أخذ شعر العانة‬
‫املوسى‬
‫باحلديدة وهي َ‬

‫تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان مناسب للدرس واكتبه في أعلى الصفحة‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫ترجمة راوي احلديث‬

‫معالم من حياته‬
‫‪ ،‬اذكر ِق َّص ًة ِّ‬
‫تؤكد هذا املعنى‪:‬‬ ‫كان أبو هريرة ‪ ‬با ًّرا بأ ِّمه‬
‫‪...................................................‬‬
‫‪...................................................‬‬
‫‪...................................................‬‬
‫‪...................................................‬‬

‫�إر�شـادات الحـديـث‬
‫نقتدي بهم‬ ‫َ‬ ‫السنة‪ ،‬واملعنى أن هذه اخلصال ِمن سنن األنبياء واملرسلني ‪ ،‬وطري َق ِتهم التي ُأمرنا أن‬ ‫الفطر ُة هي ُّ‬ ‫‪ِ ١‬‬
‫الفطرة للداللة على أنها موافقة ِل ِلفطرة الصحيحة‪.‬‬ ‫وس ِّم َي ْت هذه اخلصال بِخصال ِ‬ ‫فيها‪ُ ،‬‬
‫رأس َذ َكرِه حتى ينكشف جمي ُع ُه‪ ،‬وذلك‬ ‫اللدة التي ُت َغ ِّطى َ‬ ‫قطع ْ ِ‬ ‫الذكورِ‪ ،‬وحقيقته‪ُ :‬‬ ‫حق ُّ‬ ‫واجب في ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫ان‬ ‫‪ِْ ٢‬‬
‫ال َت ُ‬
‫تنظيف‬‫ِ‬ ‫ُ‬
‫تسهيل‬ ‫ِالتان‪ ،‬ومن فوائد إزالتها‪:‬‬ ‫مغطى ِب ِج ْلدَ ٍة رقيقةٍ ‪ ،‬ف ُتزال ب ْ ِ‬
‫رأس َذ َك ِر ِه ً‬
‫الطفل حني يولدُ يكون ُ‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫ات‬ ‫تكو ِن ْالَ ْي ْك ُرو َب ِ‬
‫اللدة‪ ،‬وقد يتسبب وجودها في ُّ‬ ‫جتتمع النجاس ُة حتت ْ ِ‬‫َ‬ ‫الذ َكر ِمن النجاسة بعد ال َّت َب ُّولِ حتى ال‬ ‫َّ‬
‫ونحوها مما ُيضر باإلنسان‪.‬‬
‫والش َعر الذي َح َوا َلي َف ْر ِج‬ ‫الش َعر الذي فوق َذ َك ِر ال َّر ُج ِل وحواليه‪َّ ،‬‬ ‫‪ ٣‬ا ِال ْس ِت ْحدَ ا ُد ُس َّن ٌة ِلل ِّر َجال والنساء‪ ،‬وهو َح ْل ُق َّ‬
‫املوسى‪ ،‬وإمنا ُشرع ا ِال ْس ِت ْحدَ ا ُد‬ ‫وس ِّمي هذا العمل ْاس ِت ْحدَ ا ًدا الستعمال احلديد ِة وهي َ‬ ‫املرأة‪ ،‬ويسمى‪َ :‬ش َع ُر ا ْل َعا َن ِة‪ُ ،‬‬
‫الش َعر بالقص والنتف‪.‬‬ ‫ألجل نظافة ذلك املوضع‪ ،‬واألفضل فيه احللق‪ ،‬ويجوز أخذ َّ‬
‫الشار ِِب ُس َّن ٌة ِلل ِّر َجال‪ ،‬واألفضل في َق ِّص ِه املبالغ ُة فيه حتى يشب َه احللقَ ‪ ،‬وهذا معنى اإلحفاء الوارد في قول النبي‬ ‫‪َ ٤‬ق ُّص َّ‬
‫‪َ « :‬أ ْح ُفوا َّ‬
‫(((‬
‫الش َف ِة فهذا َح َس ٌن جاءت‬ ‫قص أطرافه التي تنزل على َش َف ِت ِه ال ُعليا حتى يبد َو إطار َّ‬ ‫الش َوار َِب» ‪ ،‬وإن َّ‬
‫الس َّن ُة‪.‬‬ ‫به ُّ‬
‫ني ُس َّن ٌة ِلل ِّر َجال والنساء‪ ،‬والسنة تقليمها جمي ًعا‪ ،‬وال ينبغي تقليم بعضها ُ‬
‫وترك‬ ‫اليدين والقدم ِ‬ ‫ِ‬ ‫يم َأ ْظ َفا ِر‬ ‫‪ ٥‬ت َْق ِل ُ‬
‫تركيب أظفا َر اصطناعيةٍ طويلةٍ فهو ٌ‬
‫عمل‬ ‫ِ‬ ‫فاحشا‪ ،‬أو‬‫بعض الرجال أو النساء ِمن إطالتها ُطوال ً‬ ‫بعضها‪ ،‬وما يفعله ُ‬
‫ومجانب للسنة النبوية‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫للفطرة‪،‬‬ ‫مخالف ِ‬ ‫ٌ‬
‫الس َّنة باحللق‪ ،‬وما يفعله بعض‬ ‫اط ُس َّن ٌة ِلل ِّر َجال والنساء‪ ،‬واألفضل فيه النتف ملن َقوِ ي عليه‪ ،‬وحتصل ُّ‬ ‫‪َ ٦‬ن ْت ُف اآل َب ِ‬
‫مزيدا ِمن القذارة والرائحة الكريهة لهذا‬ ‫مخالف للفطرة‪ ،‬وهو يجلب ً‬ ‫ٌ‬ ‫الناس من ترك حلق اآلباط مد ًة طويل ًة ٌ‬
‫عمل‬
‫املوضع‪ ،‬كما إنه قد يتسبب في احلساسية وبعض األمراض‪.‬‬
‫(‪ )1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم في كتاب الطهارة‪َ ،‬باب ِخ َصالِ ا ْل ِف ْط َر ِة ‪.)259( 222/1‬‬

‫‪78‬‬
‫ن ا ْل ِف ْط َر ِة‪ ،‬وقد‬ ‫للحديث‪«:‬خ ْم ٌس من ا ْل ِف ْط َر ِة» ‪ ،‬وهذا يفيد أن املذكو َر هو بعض ُس َ ِ‬
‫(((‬
‫َ‬ ‫‪ ٧‬ثبت في رواية أخرى‬
‫«ع ْش ٌر ِمن‬ ‫رسول اهلل ‪َ :‬‬ ‫ُ‬ ‫جاءت األحاديث ب ُِس َ ٍن أخرى ِل ِلف ْطر ِة منها‪ :‬ما جاء في حديث َعا ِئ َش َة قالت‪َ :‬‬
‫قال‬
‫اق ْالَا ِء‪َ ،‬و َق ُّص ا َأل ْظ َفارِ‪َ ،‬و َغ ْس ُل ا ْل َب َر ِاج ِم‪َ ،‬و َن ْت ُف ا ِإلب ِِط‪،‬‬ ‫الس َو ُاك‪َ ،‬و ْاس ِت ْن َش ُ‬ ‫((( ِّل ْح َي ِة‪َ ،‬و ِّ‬
‫الشار ِِب‪َ ،‬وإ ِْع َفا ُء ال‬ ‫ا ْل ِف ْط َر ِة‪َ :‬ق ُّص َّ‬
‫اص ْالَا ِء»‪.‬‬ ‫َو َح ْل ُق ا ْل َعا َن ِة‪َ ،‬وا ْن ِت َق ُ‬
‫بتقصير أو َح ْل ٍق‪ ،‬فعن عبداهلل بن ُع َم َر‬ ‫ٍ‬ ‫تركها على حالها دون الت َع ُّر ِض لها‬ ‫ن ا ْل ِف ْط َر ِة‪ :‬إِعفا ُء ال ِّلحي ِة‪ ،‬ومعناه‪ُ :‬‬ ‫‪ِ ٨‬من ُس َ ِ‬
‫ِب»(((‪ ،‬وفي رواية‪َ « :‬أ ْع ُفوا ال ِّل َحى» ‪:،‬‬ ‫«خا ِل ُفوا ْالُ ْشر ِِكنيَ‪َ :‬و ِّف ُروا ال ِّل َحى‪َ ،‬و َأ ْح ُفوا َّ‬
‫(((‬
‫الش َوار َ‬ ‫النبي ‪ ‬قال‪َ :‬‬ ‫أن َّ‬
‫‪ :‬ومعناها ك ِّلها‪ُ :‬‬ ‫مرفوعا‪َ « :‬أ ْرخُ وا ال ِّل َحى»‪ .‬قال النووي‬ ‫« َو َأ ْو ُفوا ال ِّل َحى» ‪ ،‬عن أبي هريرة ‪‬‬
‫(((‬ ‫(((‬
‫تركها‬ ‫ً‬
‫على حالها‪ ،‬وقال‪ :‬وأما إعفا ُء ال ِّلحي ِة فمعناه‪ :‬توفيرها‪ ،‬وأما « َأ ْو ُفوا» فهو مبعنى «أعفوا» أي‪ :‬اُتركوها وافي ًة كامل ًة‬
‫(((‬
‫ال َت َق ُّصوها‪.‬‬
‫تطول‬‫ُ‬ ‫يأخذ منها‪ ،‬وال َي ْت ُر ُك َها‬ ‫ُ‬ ‫فيأخذها أو‬‫ُ‬ ‫طالت‬ ‫يتعاهدَ أظفا َره وشا ِر َبه وعا َن َت ُه و ِإب َِط ُه ك َّلما ْ‬ ‫َ‬ ‫الس َّن ُة للمسلم أن‬ ‫‪ُّ ٩‬‬
‫مالك ‪ ‬قال‪ُ « :‬و ِّق َت َل َنا في َق ِّ‬
‫(((‬
‫ص‬ ‫أنس ِبن ٍ‬ ‫فاحشا‪ ،‬وال يجو ُز ل ُه َت ْر ُكها أكث َر ِم ْن أربعني يو ًما ؛ حلديث ِ‬ ‫ً‬ ‫ُطو ًال‬
‫ال ْظ َفارِ‪َ ،‬و َن ْت ِف اإلب ِِط‪َ ،‬و َح ْلقِ ا ْل َعا َن ِة‪َ ،‬أ ْن ال َن ْت ُر َك َأ ْك َث َر من َأ ْر َب ِع َ‬
‫ني َل ْي َلةً»‪.‬‬ ‫يم ْ َ‬
‫(((‬
‫الشار ِِب‪َ ،‬وت َْق ِل ِ‬ ‫َّ‬
‫‪ُ ١٠‬يستحب ال َّتيا ُم ُن في أخذ شعر الشارب والعانة بأن يبدأ باجلانب األمين ثم األيسر‪ ،‬ويبدأ في نتف إب َِطي ِه باألمين‬
‫ثم األيسر‪ ،‬وهكذا في تقليم أظافره‪.‬‬
‫ُ‬
‫واإلحسان‬ ‫واالحتياط للطهارتني‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وتنظيف ال َبدن‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ِ ِ ١١‬لصالِ ا ْل ِف ْط َر ِة عمو ًما فوائدُ كثير ٌة منها‪ :‬حتس ُ‬
‫ني ا ْل َه ْي َئ ِة‪،‬‬
‫وامتثال أم ِر دينه‪ ،‬واحملافظ ُة على ما أشار إليه قوله‬ ‫ُ‬ ‫بكف ما يتأ َّذى به من رائحة كريهة‪،‬‬ ‫إلى املخا ِلط واملقارِن ِّ‬
‫ﱪ ‪َ ،‬ف َك َأنَّه قال‪ :‬قد َّ‬ ‫تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫(‪((1‬‬
‫نت ُصو َركم فال تش ِّوهوها‪ ،‬وحافظوا على ما يستمر‬ ‫حس ُ‬
‫به ُحسنها‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫(‪ )2‬رواه مسلم‪ ،‬قال َو ِك ٌ‬
‫يع‪ :‬ا ْنتق ُ‬
‫اص الاء َي ْعني‪ْ :‬‬
‫االست ْن َجا َء‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )5‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )6‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )7‬شرح النووي على صحيح مسلم ‪.149/3‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬فتاوى اللجنة الدائمة ‪ ،60/30‬ومجموع فتاوى الشيخ ابن باز ‪ ،50 ،49/10‬وبذل املجهود في حل أبي داود ‪ ،13/13‬وحاشية ابن‬
‫عابدين ‪ ،407/6‬وذهب بعض العلماء إلى أنه يكره كراهية شديدة وال يحرم‪ ،‬ينظر‪ :‬روضة الطالبني للنووي ‪.503/2‬‬
‫(‪ )9‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )10‬غافر‪.٦٤ :‬‬

‫‪79‬‬
‫تعاون مع زمالئك في جمع الفوائد الطبية التي أثبتها األطباء للختان‪.‬‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬

‫انتشرت بني الشباب والفتيات بعض العادات واملظاهر املخالفة للفطرة‪ ،‬تعاون مع زمالئك في حصرها‪ ،‬ثم‬
‫تقييما حلجم انتشارها‪ ،‬والسبب في انتشارها‪.‬‬
‫ً‬ ‫ضع‬
‫حجم انتشارها‬
‫سبب االنتشار‬ ‫املظاهر املخالفة‬
‫كبير متوسط ضعيف‬

‫�س‪ِّ :١‬بي معنى‪ :‬الفطرة‪ ،‬االستحداد‪.‬‬


‫�س‪ :٢‬هل خصال الفطرة محصورة في اخلمس الواردة في احلديث؟ استدل ملا تذكر‪.‬‬
‫�س‪ :٣‬ص ِّنف خصال الفطرة بذكر ما يختص به الرجل وما تشترك فيه املرأة مع الرجل‪.‬‬
‫�س‪ِّ :٤‬بي احلكم فيما يأتي‪:‬‬
‫اخلتان للرجال‪.‬‬ ‫�أ‬

‫تقليم األظافر‪.‬‬ ‫ب‬

‫تأخير تعاهد خصال الفطرة أكثر من أربعني يو ًما‪.‬‬ ‫ج‬

‫�س‪ :٥‬ما فوائد القيام بخصال الفطرة واحملافظة عليها؟‬

‫‪80‬‬
‫الحديث الـثـانـي عـ�شـر‪)..................( :‬‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫ت�ستدل من احلديث على تفاوت منازل اجلنة‪.‬‬
‫تف ِّرق بني اجلدال املحمود واجلدال املذموم‪.‬‬
‫تبي �آداب اجلدال املحمود‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ت�ستنتج خطورة الكذب وعلو منزلة ال�صدق‪.‬‬
‫تبي ف�ضل ح�سن اخللق‪.‬‬‫ِّ‬
‫ترتجم لأبي �أمامة ‪.‬‬
‫تبي معنى‪ :‬زعيم ‪ -‬رب�ض ‪ -‬املراء‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫رتِّب هذه األعمال حسب األفضل‪:‬‬


‫ترك الكذب ‪ -‬ترك اجلدال ‪ -‬حسن اخللق‬
‫لتتأكد من صحة إجابتك اقرأ احلديث اآلتي‪:‬‬

‫ضامن‬
‫ض‬ ‫يم ب َِب ْي ٍت في َر َب ِ‬ ‫هلل ‪َ « :‬أ َنا َز ِع ٌ‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫عن أبي ُأ َما َم َة ‪ ‬قال‪َ :‬‬
‫قال‬
‫أسف ُلها‬
‫ال َّن ِة ِلَ ْن َت َر َك ْالِ َرا َء َوإ ِْن كان ُم ِح ًّقا‪َ ،‬وب َِب ْي ٍت في َو َس ِط ْ َ‬
‫ال َّن ِة ِلَ ْن َت َر َك‬ ‫َْ‬
‫اجلدال‬
‫(‪)1‬‬ ‫ا ْل َك ِذ َب َوإ ِْن كان َماز ًِحا‪َ ،‬وب َِب ْي ٍت في َأ ْع َلى ْ َ‬
‫ال َّن ِة ِلَ ْن َح ُس َن ُخ ُل ُق ُه»‪.‬‬

‫(تفاوت منازل اجلنة) عنوان مناسب للحديث‪ ،‬تعاون مع زمالئك في استنتاج عنوان آخر واكتبه في أعلى‬
‫الصفحة‪.‬‬

‫)‪ )1‬رواه أبوداود‪ ،‬والطبراني‪ ،‬وال ُّرو َياني في مسنده‪ ،‬والبيهقي‪ ،‬قال النووي (رياض الصاحلني ص‪ :)174‬حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح‪،‬‬
‫وقال ابن مفلح (الفروع ‪ ،329/3‬واآلداب الشرعية ‪َ :)192/2‬ح ِد ٌ‬
‫يث َح َس ٌن‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫ترجمة راوي احلديث‬

‫اسمه ونسبه‬
‫الن ِم ْن َقبِي َل ِة َب ِاه َل َة‪.‬‬
‫أبو ُأ َما َم َة ال َب ِاه ِل ُّي اسمه‪ُ :‬صدَ ّي بن َع ْج َ‬
‫مناقبه‬
‫الد َم‪ ،‬فقَالُوا‪َ :‬ت َع َ‬
‫ال‬ ‫النبي ‪ ‬إلى َق ْو ِمه َب ِاه َل َة‪َ ،‬ف َأتَاهم َو ُه ْم يأكلونَ َّ‬ ‫َب َع َث ُه ُّ‬
‫النبي ‪ِ ‬ل ُت ْؤ ِم ُنوا‬
‫رسول ِّ‬ ‫ُ‬ ‫اك ْم عن هذا َّ‬
‫الط َعا ِم‪ ،‬وأنَا‬ ‫َف ُك ْل‪ ،‬فقال‪ِ :‬ج ْئ ُت َألن َْه ُ‬
‫ِب ِه‪َ .‬ف َك َّذ ُبوه‪َ .‬فان َْط َلق وهو َجا ِئ ٌع َظ ْمآنُ ‪ ،‬فنا َم‪َ ،‬ف ُأ ِتي في َم َنا ِمه ِب َل َ ٍب َف َشرِب‬
‫اج َة لي في َط َعا ِم ُك ْم‬ ‫ح َّتى َع ُظ َم َب ْطنه‪ .‬فأتاه القوم ُلي ْط ِع ُمو ُه؛ َ‬
‫فقال‪ :‬ال َح َ‬
‫ال التي هو‬ ‫ال ِ‬ ‫َوشَ َرا ِب ُك ْم؛ فإن ا َ‬
‫هلل َق ْد َأ ْط َع َم ِني َو َسقَا ِني‪ ،‬فان ُْظروا‪َ ،‬ف َن َظروا إلى ْ َ‬
‫َ ِ ِ (‪)1‬‬
‫عليها‪ ،‬فأسلموا َع ْن آخرِه ْم‬
‫معالم من حياته‬
‫هلل ‪َ ‬حجة الوداع وعمره ثالثون سنة‪.‬‬ ‫‪ ١‬شهد مع رسول ا ِ‬
‫علي ‪.‬‬ ‫‪ ٢‬شهد معركة ِص ِّفني مع ٍّ‬
‫‪ ٣‬سكن مصر‪ ،‬ثم انتقل منها فسكن ِح ْمص من بالد الشام‪.‬‬
‫النبي ‪ ‬وهو يجهز َغ ْز َو ًة‬ ‫وال َّن ِة‪ ،‬فقدْ جا َء إلى ِّ‬ ‫عمل اخل ْيرِ‪ ،‬وما يق ِّرب إلى ا ِهلل تعالى ْ َ‬ ‫حريصا على ِ‬ ‫ً‬ ‫‪َ ٤‬‬
‫كان‬
‫هم َس ِّل ْم ُه ْم َو َغ ِّن ْم ُه ْم»‪ ،‬قال‪َ :‬ف َس ِل ْم َنا َو َغ ِن ْم َنا‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫ِالش َها َد ِة‪ .‬فقال‪« :‬ال َّل َّ‬ ‫هلل لي ب َّ‬ ‫وقال ل ُه‪ :‬يا َر ُس َ‬
‫ول ا ِهلل ا ْد ُع ا َ‬ ‫َ‬
‫هلل لي‬ ‫َي قبل مرتي هذه َف َس َأ ْل ُت َك أن تدع َو ا َ‬ ‫ُث َّم َأن َْش َأ َغ ْز ًوا َثا ِل ًثا‪َ ،‬ف َأ َت ْي ُت ُه فقلت‪ :‬يا َر ُس َ‬
‫ول ا ِهلل‪ ،‬إِني َأ َت ْي ُت َك َم َّرت ْ ِ‬
‫ِالش َها َد ِة‪.‬‬‫هلل لي ب َّ‬ ‫وجل أن ُي َس ِّل َم َنا َو ُي َغ ِّن َم َنا‪َ ،‬ف َس ِل ْم َنا َو َغ ِن ْم َنا يا َر ُس َ‬
‫ول ا ِهلل‪َ ،‬ف ْاد ُع ا َ‬ ‫هلل ع َّز َّ‬ ‫ِالش َها َد ِة‪َ ،‬فدَ َع ْو َت ا َ‬ ‫ب َّ‬
‫ول ا ِهلل‪ُ ،‬م ْر ِني ِب َع َم ٍل‪ .‬قال‪:‬‬ ‫هم َس ِّل ْم ُه ْم َو َغ ِّن ْم ُه ْم»‪ ،‬قال‪َ :‬ف َس ِل ْم َنا َو َغ ِن ْم َنا‪ُ .‬ث َّم َأ َت ْي ُت ُه فقلت‪ :‬يا َر ُس َ‬ ‫فقال‪« :‬ال َّل َّ‬
‫ان إذا‬ ‫ؤي أبو ُأ َما َم َة َو َال ا ْم َر َأ ُت ُه َو َال َخا ِد ُم ُه إ َّال ُص َّيا ًما‪ .‬قال‪َ :‬ف َك َ‬ ‫ِالص ْو ِم فإنه المثل له»‪ .‬قال‪ :‬فما ُر َ‬ ‫«ع َل ْي َك ب َّ‬ ‫َ‬
‫ٌ (‪)2‬‬
‫يل‪ْ :‬اع َت َرا ُه ْم َض ْي ٌف‪َ ،‬ن َز َل بِهِ ْم نَازِل‪.‬‬ ‫ان بِال َّن َهارِ‪ِ ،‬ق َ‬
‫ؤي في َدار ِِه ْم ُد َخ ٌ‬ ‫ُر َ‬
‫‪ ٥‬كان من املكثرين من رواية احلديث عن النبي ‪.‬‬
‫اك ْم‪َّ ،‬‬
‫وإن‬ ‫هلل إ َّي ُ‬ ‫هذ ِه ْالَ َجا ِل َس ِم ْن َب ِ‬
‫الغ ا ِ‬ ‫ويقول ِ ُل َل َسا ِئ ِه إ َذا َحدَّ َث ُه ْم‪َّ :‬إن ِ‬ ‫ُ‬ ‫العلم‪،‬‬ ‫حريصا على نشر ِ‬ ‫ً‬ ‫‪َ ٦‬‬
‫كان‬
‫جنلس‬‫تسمعون‪ )3(.‬وقال سليم بن عامر‪:‬كنا ُ‬ ‫َ‬ ‫أحسن ما‬
‫َ‬ ‫رسول اهلل ‪ ‬قد ب َّلغ ما ُأرسل ِب ِه إلي َنا‪َ ،‬ف َب ِّلغوا ع َّنا‬ ‫َ‬
‫ون(‪.)4‬‬ ‫هلل ‪ ،‬ثم ُ‬
‫يقول‪ِ :‬ا ْع ِق ُلوا‪َ ،‬و َب ِّلغُوا َع َّنا َما ت َْس َم ُع َ‬ ‫كثيرا َع ْن َرسولِ ا ِ‬ ‫إلى أبي أ َما َم َة َف ُي َحدِّ ُث َنا َحدي ًثا ً‬
‫وفاته‬
‫مات في ِح ْمص سنة ست وثمانني (‪86‬هـ)‪.‬‬

‫)‪ (1‬مختصر من رواية الطبراني في املعجم الكبير ‪ ،286/8‬وأبي يعلى (املطالب العالية ‪ ،) )4041( 408/16‬وابن أبي عاصم في اآلحاد واملثاني‬
‫‪ ،)1234( 441/2‬قال الهيثمي ( مجمع الزوائد ‪ :)387/9‬رواه الطبراني بإسنادين وإسناد األولى حسن فيها أبو غالب وقد وثق‪.‬‬
‫)‪ (2‬رواه أحمد‪ ،‬وعبد الرزاق‪ ،‬وصححه ابن حبان‪.‬‬
‫)‪ (3‬الطبقات الكبرى ‪ .411/7‬‬
‫)‪ (4‬سير أعالم النبالء ‪.362/3‬‬

‫‪82‬‬
‫�إر�شـادات الحـديـث‬
‫ملقابل على ما تعمله‪ ،‬ولذلك كان من وسائل الترغيب في العمل الصالح‬ ‫‪ ١‬من طبيعة النفس البشرية أنها تتشوق ٍ‬
‫ذكر الثواب املترتِّب عليه‪.‬‬
‫احلديث على أن اجلنة درجات متفاوتة‪ ،‬وأن هذه الدرجات ينالها العباد بحسب أعمالهم‪ ،‬وقد َّبي النبي ‪‬‬ ‫ُ‬ ‫‪َّ ٢‬‬
‫دل‬
‫أن أعلى درجة في اجلنة هي ا ْل ِف ْر َد ْو ُس؛ فعن أبي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول ا ِهلل ‪« :‬إ َِّن في ْ َ‬
‫ال َّن ِة ِما َئ َة َد َر َجةٍ َأ َعدَّ َها اهلل‬
‫اس َألُو ُه ا ْل ِف ْر َد ْو َس؛ فإنه َأ ْو َس ُط‬ ‫هلل َف ْ‬‫الس َما ِء َوا َأل ْر ِض‪ ،‬فإذا َس َأ ْل ُت ُم ا َ‬ ‫ي كما بني َّ‬ ‫ِيل ا ِهلل ما بني الدَّ َر َج َت ْ ِ‬
‫ين في َسب ِ‬ ‫ِل ْل ُم َج ِاه ِد َ‬
‫(((‬
‫الرح َم ِن‪َ ،‬و ِم ْن ُه َت َف َّج ُر َأن َْها ُر ْ َ‬
‫ال َّن ِة»‪.‬‬ ‫ال َّن ِة‪َ ،‬و َأ ْع َلى ْ َ‬
‫ال َّن ِة‪ ،‬و َف ْو َق ُه َع ْر ُش ْ‬ ‫َْ‬
‫‪ ٣‬اجلدال نوعان‪:‬‬
‫الغرض منه إظها َر احلق وبيا َن ُه ونصر َت ُه‪ ،‬كما قال اهلل‬ ‫ُ‬ ‫�أ اجلدال احملمود‪ ،‬وهو اجلدال باحلق‪ ،‬وهو الذي يكون‬
‫(((‬
‫ﱪ ‪.‬‬ ‫تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫ب اجلدال املذموم‪ ،‬وهو اجلدال بالباطل‪ ،‬وأسوأ صوره اجلدال لنصرة الباطل ودحض احلق والتلبيس على‬
‫الناس؛ كما هو حال املشركني في مواجهة األنبياء عليهم السالم‪ ،‬وهكذا من شابههم في كل حني‪ ،‬قال‬
‫(((‬
‫ﱪ ‪،‬‬ ‫تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫ومنه‪ :‬اجلدال بغير علم‪ ،‬واجلدال ملجرد الظهور والغلبة أو إحراج املقابل وتعجيزه والتشهير به‪ ،‬أو ملجرد‬
‫اإليذاء واإلزعاج‪ ،‬أو إفحام اخلصم من غير غرض شرعي صحيح‪.‬‬
‫‪ ٤‬يستحب ترك اجلدال إذا كان مما ال يترتب عليه كبير فائدة‪ ،‬أو كان اجلدال مما منه فائدة لكن قد يترتب عليه‬
‫مفسدة كتفرق الكلمة‪ ،‬وفساد ذات البني‪.‬‬
‫‪ ٥‬اإلكثار ِمن املراء واجلدال ليس من صفات عباد اهلل الصاحلني‪ ،‬ألن كثر َة اجلدال توغر الصدور‪ ،‬وتُس ِّب ُب األحقاد‪،‬‬
‫النبي ‪‬‬ ‫أن َّ‬ ‫وتورث العداوة بني املسلمني؛ ولذلك أخبر النبي ‪ ‬أن اهلل يبغض َمن هذا خُ ُل ُقه؛ فعن َعا ِئ َش َة‬
‫‪:‬‬ ‫ال ُصو َم ِة‪ ،‬وقال ابن حجر‬ ‫‪ :‬هو الدَّ ا ِئ ُم في ْ ُ‬ ‫ال ِص ُم» ‪ ،‬قال البخاري‬
‫(((‬
‫هلل ا َأل َلدُّ ْ َ‬
‫قال‪َ « :‬أ ْب َغ ُض ال ِّر َجالِ إلى ا ِ‬
‫(((‬
‫حتمل الشدَّ ة و َيحتمل الكثرة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ال ِصم ِمن ِص َي ِغ املبالغة؛ َف َي‬ ‫َيحتمل أن يكون املرا ُد‪ :‬الشديد اخلصومة فإن ْ َ‬
‫النبي ‪ ‬أن الكذب ال يجوز في‬ ‫ووقت الدعابة؛ َّبي ُّ‬ ‫َ‬ ‫حال املزاح‬ ‫الناس قد يتساهلون في الكذب َ‬ ‫‪َ ٦‬ل َّما كان ُ‬
‫الصدق في هذه احلالة منز ًال في وسط اجلنة‪ ،‬وقد ورد التهديد اخلاص ملن َك َذ َب‬ ‫َ‬ ‫وض ِم َن ملن التزم‬‫هذه األحوال‪َ ،‬‬
‫إلضحاك اآلخرين‪ ،‬وما ذلك إال خلطورته وسهولة اجنراف النفس فيه مع تشجيع األصحاب‪ ،‬ومحبة الظهور‬
‫َ‬
‫ضحك‬ ‫سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪َ « :‬و ْي ٌل ِل َّلذي ُي َحدِّ ُث باحلديث ِل ُي‬ ‫ُ‬ ‫وال َّت َصدُّ ر؛ فعن معاوية بن َح ْيدَ َة ‪ ‬قال‪:‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري‪.‬‬


‫(‪ )2‬النحل‪.١٢٥ :‬‬
‫(‪ )3‬غافر‪.٥ :‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )5‬فتح الباري ‪.180/13‬‬
‫‪83‬‬
‫كذب‪َ ،‬و ْي ٌل له‪َ ،‬و ْي ٌل له» ‪ ،‬وقد كان ِمن خُ لق النبي القدو ِة ‪ ‬أنه ميزح باحلق؛ فعن أبي هريرة ‪ ‬قال‪:‬‬
‫(((‬
‫به القو َم َف َي ِ‬
‫(((‬
‫ول إال ح ًّقا» ‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬إنك تُداعبنا؟! قال‪ِ « :‬إنِّي ال أ ُق ُ‬
‫سن خُ ُل ِق ِه‪:‬‬ ‫ال ُلقِ مع الناس كا َّفة‪ ،‬ومع املؤمنني خاصة‪ ،‬وأولى الناس ب ُِح ِ‬ ‫يحرص على ُحسن ْ ُ‬‫َ‬ ‫‪ ٧‬ينبغي للمسلم أن‬
‫والدا ُه وإخوانُه‪ ،‬وأقار ُبه‪ ،‬وجيرانُه‪.‬‬
‫ال ْل ِم والصفح والتواضع ولني اجلانب والكرم والكلمة الطيبة‬ ‫‪ُ ٨‬حسن اخللق يشمل مكار َم األخالق ك َّلها؛ ِمن ْ ِ‬
‫وف‪َ ،‬و َك ُّف‬ ‫ال ُلقِ ‪« :‬هو َب ْس ُط ا ْل َو ْج ِه‪َ ،‬و َب ْذ ُل ْالَ ْع ُر ِ‬‫هلل بن ْالُ َبا َر ِك رحمه اهلل تعالى في َو ْص ِف ُح ْس ِن ْ ُ‬‫وغيرها‪ ،‬قال عبدا ِ‬
‫(((‬
‫ال َذى»‬ ‫َْ‬
‫وتعامل الناس معه‬ ‫ُ‬ ‫والطمأنين ِة‪،‬‬ ‫الس ِكي َن ِة ُّ‬ ‫ُ‬
‫حصول َّ‬ ‫ال ُلقِ فوائدُ ومصا ِل ُح كثير ٌة على األفراد واملجتمع منها‪:‬‬ ‫‪ُ ِ ٩‬لسن ْ ُ‬
‫وشيوع ا ُأللفة واحمل َّبة بني الناس‪ ،‬وال ُقدو ُة احلسنة‪ ،‬والدعو ُة إلى اهلل تعالى‪ ،‬وغي ُر ذلك‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫بالِث ِْل‪،‬‬
‫زكى اهلل‬ ‫هلل ‪َ ‬أ ْح َس َن الناس خُ ُل ًقا»(((‪ ،‬وقد َّ‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫أحسن الناس خُ ُل ًقا‪ ،‬قال َأ َن ِس بن َما ِل ٍك ‪َ :‬‬
‫«كان‬ ‫َ‬ ‫النبي ‪‬‬‫‪ ١٠‬كان ُّ‬
‫(((‬
‫ﱪ ‪ ،‬وقال اهلل تعالى آ ِم ًرا له مبجامع األخالق‪ :‬ﱫ‬ ‫تعالى أخالق رسو ِل ِه ‪ ‬فقال‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ ‪ ،‬قيل‪ :‬معناها‪ :‬أن ت َِص َل َم ْن َق َط َع َك‪ ،‬وت َْع ِط َي َم ْن َح َر َم َك‪ ،‬وت َْع ُف َو َع َّم ْن‬
‫(((‬

‫أجمع ِلَ َكا ِر ِم األخالق منها‪.‬‬


‫(((‬
‫ُ‬ ‫َظ َل َم َك‪ ،‬وقال جعف ُر الصادق رحمه اهلل تعالى‪ :‬ليس في القرآن آي ٌة‬

‫(‪ )1‬رواه أحمد‪ ،‬وأبو داود بنحوه‪ ،‬والترمذي‪ ،‬والبخاري في األدب املفرد‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود‪ ،‬والترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حديث حسن‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه الترمذي ‪ ،)2005( 363/4‬ونقل النووي وغيره عن احلسن البصري نحوه (شرح النووي على صحيح مسلم ‪ ،78/15‬اآلداب الشرعية ‪.)197/2‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )5‬القلم‪.٤ :‬‬
‫(‪ )6‬األعراف‪.١٩٩ :‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬فتح الباري ‪ ،306/8‬وفيض القدير ‪ ،489 / 3‬ومدارج السالكني ‪.304/2‬‬

‫‪84‬‬
‫للجدال املذموم مفاسد كثيرة‪ ،‬اجمعها ثم صنفها إلى ما يأتي‪:‬‬
‫ما يؤثر في أخالقيات املجتمع‬ ‫ما يؤثر في العالقات‬ ‫ما يؤثر في نفسية املجادل‬

‫قيلت أمثال كثيرة في ذم الكذب ومدح الصدق‪ ،‬اذكر اثنني منها‪:‬‬


‫‪.......................................................................‬‬

‫ُحسن ْ ُ‬
‫اللقِ من األعمال الفاضلة‪ ،‬وكان ‪ِ ‬من أحسن الناس خُ ل ًقا‪ ،‬اذكر موق ًفا من حياته ‪‬‬
‫يظهر فيه ذلك‪.‬‬
‫‪........................................................................‬‬
‫‪........................................................................‬‬

‫(زعيم‪ ،‬ربض‪ ،‬املراء) استخدم الكلمات السابقة في جمل من إنشائك‪.‬‬ ‫�س‪:١‬‬


‫(اجلنة منزلة واحدة) استفد من احلديث في الرد على من زعم ذلك‪.‬‬ ‫�س‪:٢‬‬
‫ف ِّرق بني اجلدال املذموم واجلدال احملمود‪.‬‬ ‫�س‪:٣‬‬
‫ما اآلداب التي يستحب ملن دخل في حوار أن يتأدب بها؟‬ ‫�س‪:٤‬‬
‫دل احلديث على فضل حسن اخللق‪ِّ ،‬بي كيف ميكن حتصيل األخالق احلسنة‪.‬‬ ‫�س‪:٥‬‬
‫اقرأ ترجمة أبي أمامة ‪ ،‬ثم اذكر موق ًفا أعجبك من مواقفه‪.‬‬ ‫�س‪:٦‬‬

‫‪85‬‬
‫الحديث الـثـالـث عـ�شـر‪)..................( :‬‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫الغ�ضب‪.‬وبواعثه‪.‬‬
‫أ�سباب الغ�ضب‬ ‫تبي �معنى‪:‬‬ ‫ِّ‬
‫املحمود والغ�ضب املذموم‪.‬‬ ‫تعدِّقد �بنيأنواعالغ�ضب‬
‫الغ�ضب‪.‬‬ ‫تف ِّر‬
‫قولهآثار‪« :‬ال َت‬
‫الغ�ضب‪.‬غ َْ�ض ْب»‪.‬‬ ‫ت�شرح‬
‫ت�ستنتج �‬
‫واملجتمع‪.‬‬
‫احلديث‪.‬‬‫الفرد‬
‫على يف‬ ‫الت�شبيهيةآثاره‬
‫الواردة‬ ‫ال�صورةالغ�ضب و�‬
‫ت�ستنتج خطورة‬
‫دفعاكت�سابه‪.‬‬
‫الغ�ضب‪.‬‬ ‫وكيفية‬
‫احللمؤمن يف‬ ‫تبي ف�ضل‬
‫موقف امل�‬ ‫تبني‬ ‫ِّ‬
‫فوائد احلديث‪.‬‬‫مفهوممناحللم‪.‬‬ ‫ت�ستنتج ثالث ًا‬

‫كثيراً ما تشاهد إنسان ًا ثار غضبه‪.‬‬


‫ما التغيرات التي حتدث له حني الغضب؟‬
‫ما مدى قدرته على السيطرة على نفسه وهو غضبان؟‬
‫راض عن تصرفاته أثناء غضبه؟‬ ‫هل هو ٍ‬
‫ما النتائج املترتبة على تصرفات املغضب؟‬
‫النبي ‪ ‬من الغضب خلطورته وملا يترتب عليه‪ ،‬فكانت وصي ًة يوصي بها َمن استوصاه كما في هذا‬ ‫لقد َّ‬
‫حذر ُّ‬
‫احلديث‪:‬‬

‫قال ِلل َّنب ِِّي ‪َ :‬أ ْو ِص ِني‪ ،‬قال‪« :‬ال َت ْغ َض ْب»‪َ ،‬ف َر َّد َد‬
‫ال َ‬ ‫عن أبي ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬أ َّن َر ُج ً‬
‫(‪)1‬‬
‫كرر عليه‬ ‫ِم َر ًارا‪ ،‬قال‪َ « :‬ال َت ْغ َض ْب»‪.‬‬
‫طـــــلـــــب‬
‫الوصية‬
‫تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان مناسب للدرس واكتبه في أعلى الصفحة‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ترجمة راوي احلديث‬

‫معالم من حياته‬
‫اكتب موق ًفا ألبي هريرة ‪ُّ ‬‬
‫يدل على حرصه على العلم‪.‬‬
‫‪.....................................................‬‬
‫‪....................................................‬‬
‫‪.....................................................‬‬
‫‪.....................................................‬‬

‫�إر�شـادات الحـديـث‬
‫‪ ١‬الغضب َغرِي َز ٌة ِمن الغرائز‪ ،‬وله وظيفة كبيرة في الدفاع عن حرمات اهلل وحقوق النفس واملسلمني‪ ،‬وقد جاء‬
‫اإلسالم بتوجيه هذه الغريزة وتهذيبها‪ ،‬ووضعها في مكانها املناسب‪.‬‬
‫‪ ٢‬دلَّت األدلة الشرعية على أن الغضب غير احملمود يكون من الشيطان الرجيم؛ فهو يثيره و ُيغ َِّذيه ويأمر به؛ فإن‬
‫الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم؛ ولذلك فينبغي للمسلم أن ال يستسلم للشيطان الرجيم ويجري في‬
‫الن ِع ْندَ النبي ‪َ ‬ون َْح ُن ِع ْندَ ُه ُج ُل ٌ‬
‫وس‪َ ،‬و َأ َح ُد ُه َما َي ُس ُّب‬ ‫هواه؛ ففي حديث ُس َل ْي َمانَ بنِ ُص َر ٍد ‪َ ‬ق َ‬
‫ال‪ْ :‬اس َت َّب َر ُج ِ‬
‫اح َب ُه ُمغْ َض ًبا قد ْاح َم َّر َو ْج ُه ُه‪ ،‬فقال ال َّن ِب ُّي ‪ِ « :‬إنِّي َأل ْع َل ُم َك ِل َم ًة لو َقا َل َها َل َذ َه َب عنه ما َي ِج ُد؛ َل ْو َ‬
‫قال‪َ :‬أ ُعو ُذ‬ ‫َص ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫يم»‪.‬‬ ‫الش ْي َط ِان َّ‬
‫الر ِج ِ‬ ‫هلل من َّ‬‫ِبا ِ‬
‫‪ ٣‬ينبغي للمسلم أن يجتهد في دفع الغضب عن نفسه حني ورود أسبابه و َي ْحلم على من أغضبه‪ ،‬فإن لم َي ْحلم‬
‫ال ْل َم‪ ،‬ومن لم يستطع ذلك فإنه يجتهد في دفع الغضب بعد حصوله بأن ال يفعل ما ال يحمد عليه‪،‬‬ ‫فليتكلف ْ ِ‬
‫ومن الوسائل التي تدفع الغضب‪:‬‬
‫ان ِبن ُص َر ٍد ‪ ‬املتقدم‪.‬‬ ‫�أ االستعاذة باهلل من الشيطان الرجيم؛ حلديث ُس َل ْي َم َ‬
‫ب الوضوء‪.‬‬
‫جالسا فليضطجع‪.‬‬ ‫قائما فليجلس‪ ،‬وإن كان ً‬ ‫ج تغيير الهيئة التي هو عليها فإن كان ً‬
‫د البعد عن محل الغضب وسببه‪ ،‬وذلك باخلروج من املوضع الذي فيه ما أوجب غضبه‪ ،‬حتى يهدأ ويزول‬
‫غضبه؛ ألن بقاءه عند سبب الغضب وموضعه يزيد من هيجان الغضب‪.‬‬
‫هـ السكوت وترك الكالم في املوضوع الذي غضب بسببه‪.‬‬
‫و ِذ ْك ُر اهلل تعالى باالستغفار وغيره؛ ألن الغضب من الشيطان وهو َي ْخ َن ُس عند ِذ ْك ِر اهلل تعالى‪ ،‬وألن ِّ‬
‫الذك َر‬
‫ُطمأنين ٌة للقلب وراح ٌة للنفس‪.‬‬
‫(‪ )1‬سبقت ترجمته ص‪45 :‬‬
‫(‪ )2‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫‪87‬‬
‫النبي ‪َ :‬‬
‫«ال تَغْ َض ْب» َي ْش َم ُل أم َرين‪:‬‬ ‫‪ ٤‬قول ِّ‬
‫كال ْلم والتواضع واحتمال األذى والصفح والعفو وكظم الغيظ‬ ‫اإلنسان باألخالق احلسنة ْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫األول‪ :‬أن َي َت َخ َّلقَ‬
‫(((‬
‫قال‪« :‬إ َِّنَا ْ ِ‬
‫ال ْل ُم بِال َّت َح ُّل ِم»‪.‬‬ ‫والطالق ِة والبِشر‪ ،‬ففي األثر عن أبي الدَّ ْر َدا ِء ‪َ ‬‬ ‫َّ‬
‫غضب فإنه ال يعمل مبقتضاه‪ ،‬بل يجاهد نفسه على ترك االنتقام‬ ‫ٌ‬ ‫اإلنسان إذا َح َص َل منه‬
‫َ‬ ‫والثاني‪ :‬أن‬
‫(((‬
‫ﱪ ‪ ،‬وقــال‪:‬‬ ‫أو التهديد والــوعــيــد أو املقاتلة ونــحــوهــا‪ ،‬قــال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫(((‬
‫ﱪ ‪.‬‬ ‫ﱫ‬
‫الغضب نوعان‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫‪٥‬‬
‫غضب محمو ٌد‪ :‬وهو الغضب هلل تعالى غيرة على انتهاك حرمات الشريعة‪ ،‬مثل‪ :‬الغضب عند الهجوم‬ ‫ٌ‬ ‫�أ‬
‫على العقيدة أو أحكام الشريعة‪ ،‬أو اجلرأة على اهلل تعالى أو كتابه أو رسوله ‪ ،‬والغضب غيرة على‬
‫محارم اإلنسان ومحارم املسلمني‪ ،‬أو عند ارتكاب احملرمات‪.‬‬
‫وهذا الغضب يجب أن يكون مضبوطً ا باألحكام الشرعية‪.‬‬
‫غضب مذمو ٌم‪ :‬وهو الغضب للنفس ألي سبب من األسباب‪ ،‬مثل‪ :‬غضب أحد الزوجني من اآلخر إذا‬ ‫ٌ‬ ‫ب‬

‫قصر في بعض حقه‪ ،‬وغضب األب على ولده إذا أفسدَ شي ًئا في املنزل‪ ،‬وغضب األخ على أخيه بسبب‬ ‫َّ‬
‫قصر في ِخدمته‪.‬‬ ‫أمر من الدنيا‪ ،‬وغضب الشخص على خادمه إذا َّ‬ ‫ٍ‬
‫العرض‪ ،‬وراحة اجلسد‪ ،‬واجتالب احلمد‪،‬‬ ‫ال ْل ُم من أشرف األخالق‪ ،‬وأحقها بذوي األلباب؛ ملا فيه من سالمة ِ‬ ‫‪ِْ ٦‬‬
‫احلليم‪ ،‬وإمنا إذا َثا َر به الغضب عند‬‫ُ‬ ‫يغضب‬
‫َ‬ ‫الغضب‪ ،‬وليس من شرطه أال‬ ‫ِ‬ ‫ضبط النفس عند َه َي َج َ‬
‫ان‬ ‫ال ْل ِم‪ُ :‬‬ ‫وحدُّ ْ ِ‬ ‫َ‬
‫وقل ُم ْبغضوه‪ ،‬وع َل ْت منزلته عند الناس‪.‬‬ ‫وجود أسبابه ك َّفه‪ ،‬وأطفأ ثائرته ب ِِح ْل ِم ِه‪ ،‬ومن اتصف به كثر ُم ِح ُّبوه‪َّ ،‬‬
‫التخ ُّلق به والسيطرة على نفسه حني‬ ‫والتحك َم فيه خُ ُل ٌق ُم ْك َت َس ٌب؛ ف ُي ْمكن لإلنسان َ‬ ‫ُّ‬ ‫احلديث على أن ترك الغضب‬ ‫ُ‬ ‫‪َّ ٧‬‬
‫دل‬
‫الش ِديدُ الَّذي يَ ْ ِل ُك َن ْف َس ُه ِع ْندَ ا ْل َغ َض ِب»‪ .‬متفق عليه ‪.‬‬
‫(((‬
‫ِالص َر َع ِة؛ إمنا َّ‬ ‫قول النبي ‪َ « :‬ل ْي َس َّ‬
‫الش ِديدُ ب ُّ‬ ‫الغضب‪ ،‬ويؤيده ُ‬
‫الرجل عن الغضب ملا له من اآلثار السيئة على الفرد واألسرة واملجتمع‪ ،‬فمن آثاره على الفرد‪:‬‬ ‫َ‬ ‫النبي ‪‬‬ ‫‪ ٨‬إمنا نهى ُّ‬
‫�أ انعزال الشخص الغضوب عن املجتمع وجتنب الناس التعامل معه‪.‬‬
‫ب اتخاذ القرارات اخلاطئة وفعل ما يندم عليه‪.‬‬
‫ج إصابته ببعض األمراض التي قد يسببها الغضب مثل‪ :‬اجللطات الدماغية‪ ،‬وقرحة املعدة‪ ،‬والقولون العصبي‪.‬‬
‫د الغضوب يتأثر بالتوافه ويضخم الصغائر حتى تأخذ من وقته وصحته وتفكيره الشيء الذي ال تستحقه‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه أبو خيثمة‪ ،‬وابن حبان‪ ،‬والبيهقي‪.‬‬


‫(‪ )2‬الشورى‪.٣٧ :‬‬
‫(‪ )3‬آل عمران‪.١٣٤ :‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫و ِمن آثاره على األسرة واملجتمع‪:‬‬ ‫ ‬
‫�أ توليد العداوة والبغضاء والكراهية بني األفراد واألسر‪.‬‬
‫ب إيجاد القطيعة بني أفراد األسرة الواحدة‪ ،‬وبني اجليران واألصدقاء‪.‬‬
‫ج حصول املشاجرات وسفك الدماء‪.‬‬
‫د تفكك األسرة حني يقع الشجار بني الزوجني وينتج عنه الطالق‪.‬‬
‫‪ ٩‬قال بعض الصحاب ِة ‪ ‬مع ِّل ًقا َعلى َو ِص َّي ِة ال َّنب ِِّي ‪ ‬بترك الغضب‪َ :‬ف َّك ْر ُت حني َ‬
‫قال ال َّنب ُِّي ‪ ‬ما قال؛ فإ َذا ا ْل َغ َض ُب‬
‫بعض العلماء رحمهم اهلل تعالى‪َ :‬ج َم َع ال َّنب ُِّي ‪ ‬في قوله‪َ :‬‬
‫«ال تَغْ َض ْب» َخ ْي َر الدنيا‬ ‫الش َّر ُك َّل ُه‪ .‬قال ُ‬
‫(((‬
‫َي ْج َم ُع َّ‬
‫(((‬
‫واآلخرة‪.‬‬
‫احلديث على ُجملة من اآلداب التي ينبغي أن يتحلى بها الناصح‪ ،‬فمنها‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ ١٠‬دلَّ‬
‫�أ إرشا ُد املنصوح إلى ما يهمه ويناسبه‪ ،‬بكالمٍ واضح ومختصر‪.‬‬
‫ب عد ُم السآمة من تكرار طلب النصيحة‪ ،‬وال من تكرار النصيحة‪.‬‬
‫احلرص على توجيه الناس ِلَا في ِه َن ْف ُع ُهم في ِدينهم و ُدنياهم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ج‬

‫تعاون مع زمالئك في جمع ثالث وسائل للتحكم في الغضب وضبط النفس‪ ،‬ثم اكتبها في لوحةٍ وع ِّلقها‬
‫في فناء املدرسة‪.‬‬

‫يكثر الندم على مواقف حصلت بسبب الغضب‪ ،‬اكتب‪-‬في دفترك‪ -‬قصة واقعية مختصرة ظهر فيه هذا‬
‫املعنى جل ًّيا‪.‬‬

‫(‪ )2‬فتح الباري ‪.520/10‬‬ ‫ ‬


‫(‪ )1‬رواه أحمد‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫�س‪ :١‬ما َد ْو ُر الشيطان في إثارة الغضب؟‬
‫�س‪ :٢‬متى يكون الغضب محمو ًدا؟‬
‫�س‪ :٣‬ما املراد بقوله ‪« :‬ال تغضب»؟‬
‫�س‪ :٤‬ما آثار الغضب على الفرد واملجتمع؟‬
‫�س‪ :٥‬ما ال َعالقة بني الغضب والشجاعة؟‬

‫‪90‬‬
‫الحديث الـرابـع عـ�شـر‪)..................( :‬‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫ت�ستنبط وجه ت�شبيه اال�ستخارة بال�سورة من القر�آن‪.‬‬
‫ت�ستنتج احلكمة من م�شروعية �صالة اال�ستخارة‪.‬‬
‫تف ِّرق بني احلاالت التي ت�شرع فيها �صالة اال�ستخارة واحلاالت التي ال ت�شرع فيها‪.‬‬
‫تعدِّ د الأمور التي ت�ستحب لها اال�ستخارة‪.‬‬
‫تذكر مو�ضع دعاء اال�ستخارة‪.‬‬
‫ت�ستنتج ثالث ًا من فوائد احلديث‪.‬‬
‫ترتجم جلابر ‪.‬‬

‫ماذا تفعل إذا ترددت بني أمرين أيهما تفعله؟‬


‫ما األمور التي ميكن أن تفعلها وجتعلك ال تندم على أمر فعلته؟‬
‫ع َّلمنا النبي ‪ ‬االستخارة عند الهم بفعل أمر مباح أو التردد بني أمرين ال تعلم في أيهما املصلحة واخلير‪ ،‬كما‬
‫في احلديث اآلتي‪:‬‬

‫ور ِة من ا ْلق ُْر ِآن‪ِ « :‬إذَا‬ ‫الس َ‬ ‫االس ِت َخ َار َة في ا ُأل ُمو ِر ُك ِّل َها َك ُّ‬
‫عن َجاب ٍِر ‪ ‬قال‪ :‬كانَ ال َّنب ُِّي ‪ُ ‬ي َع ِّل ُم َنا ْ‬
‫ير َك ِب ِع ْل ِم َك‪،‬‬ ‫هم ِإنِّي َأ ْس َت ِخ ُ‬ ‫يقول‪ :‬ال َّل َّ‬
‫ُ‬ ‫يض ِة‪ُ ،‬ث َّم‬
‫ي من غَ ْي ِر ا ْلف َِر َ‬ ‫َه َّم َأ َح ُد ُك ْم بِا َأل ْم ِر َف ْل َي ْر َك ْع َر ْك َع َت ْ ِ‬
‫يم‪َ ،‬فإن ََّك َتقْ ِد ُر وال َأ ْق ِد ُر‪َ ،‬و َت ْع َل ُم و َال َأ ْع َل ُم‪َ ،‬و َأ ْن َت‬‫َو َأ ْس َتقْ ِد ُر َك ِبق ُْد َر ِت َك‪َ ،‬و َأ ْس َأ ُل َك ِم ْن َف ْض ِل َك ا ْل َع ِظ ِ‬
‫اشي َو َعا ِق َب ِة َأ ْم ِر ْ‬
‫ي‪-‬أو‬ ‫هم ْإن ُك ْن َت َت ْع َل ُم َأ َّن هذا ا َأل ْم َر َخ ْي ٌر ِلي في ِدي ِني َو َم َع ِ‬ ‫وب‪ ،‬ال َّل َّ‬ ‫ال ُم ا ْل ُغ ُي ِ‬‫َع َّ‬
‫آج ِل ِه‪َ -‬فا ْق ُد ْر ُه لي َو َي ِّس ْر ُه لي‪ُ ،‬ث َّم َبار ِْك لي ِفي ِه‪َ ،‬وإ ِْن ُك ْن َت َت ْع َل ُم َأ َّن هذا‬ ‫اج ِل َأ ْم ِري َو ِ‬ ‫ال‪ :‬في َع ِ‬ ‫َق َ‬
‫آج ِل ِه‪َ -‬ف ْ‬
‫اص ِر ْف ُه َع ِّني‬ ‫اج ِل َأ ْم ِري َو ِ‬ ‫قال‪ :‬في َع ِ‬ ‫اشي َو َعا ِق َب ِة َأ ْم ِري‪ -‬أو َ‬ ‫ا َأل ْم َر شَ ٌّر ِلي ِفي ِدي ِني َو َم َع ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫اج َت ُه)»‪.‬‬ ‫(و ُي َس ِّمي َح َ‬ ‫ال ْي َر َح ْي ُث كانَ ‪ُ ،‬ث َّم َر ِّض ِني ِب ِه‪َ ،‬‬ ‫اص ِر ْف ِني َعن ُه‪َ ،‬وا ْق ُد ْر ِلي ْ َ‬ ‫َو ْ‬
‫تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان مناسب للدرس واكتبه في أعلى الصفحة‪.‬‬

‫)‪ (1‬أخرجه البخاري (‪.)١١٦٢‬‬

‫‪91‬‬
‫ترجمة راوي احلديث‬

‫اسمه ونسبه‬
‫جابر بن عبداهلل بن َع ْمرِو بن َح َر ٍام األنصاري‪ ،‬هو وأبوه صحابيان‪.‬‬

‫مناقبه‬
‫هلل ‪ِ ‬ت ْس َع َع ْش َر َة َغ ْز َو ًة‪.‬‬ ‫‪ ١‬شهد مع رسول ا ِ‬
‫‪َ ٢‬شهِ دَ بيع َة العقبة الثانية مع والده‪ ،‬وكان أص َغ َرهم‪.‬‬
‫‪َ ٣‬شهِ دَ بيع َة الرضوان‪.‬‬
‫يشتري‬
‫َ‬ ‫خمسا وعشرين مرة‪ ،‬وذلك أنه أراد أن‬ ‫النبي ‪ً ‬‬ ‫‪ ٤‬استغفر له ُّ‬
‫هلل َيغْ ِف ُر لك»‪ ،‬قال‬ ‫من ُه َب ِعي َر ُه‪ ،‬فقال له‪َ « :‬أ َتبِي ُع ِني ِه ب َِك َذا َو َك َذا‪َ ،‬وا ُ‬
‫هلل‪ ،‬فكرر عليه النبي ‪َ « :‬أ َتبِي ُع ِني ِه ب َِك َذا‬ ‫جابر‪ :‬هو لك يا َنب َِّي ا ِ‬
‫هلل(‪ ،)1‬ولل ِّت ِّ‬
‫رمذي‪:‬‬ ‫هلل َيغْ ِف ُر لك»‪ ،‬قال جابر‪ :‬هو لك يا َنب َِّي ا ِ‬ ‫َو َك َذا‪َ ،‬وا ُ‬
‫(‪)2‬‬
‫هلل ‪َ ‬ل ْي َل َة ا ْل َب ِعي ِر َخ ْم ًسا َو ِع ْشر َ‬
‫ِين َم َّر ًة‪.‬‬ ‫رسول ا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْاس َتغْ َف َر لي‬

‫معالم من حياته‬
‫‪ ١‬تخ َّلف عن غزوة بدر و ُأحد ألن والده ‪ ‬كان يخ ِّلفه على رعاية أخواته ال ِّتسع‪ ،‬فلما استشهد‬
‫والده في غزوة أحد َح َض َر بقية الغزوات مع النبي ‪ ،‬فكان أولها غزوة حمراء األسد‪.‬‬
‫ات‪َ ،‬ف َك َ‬
‫ان َجا ِب ٌر َي ُعولُ ُه َّن َو ُي ْن ِف ُق َع َل ْيهِ َّن‪،‬‬ ‫كان َجا ِب ٌر قد ُق ِت َل َأ ُبو ُه يو َم ُأ ُح ٍد‪َ ،‬و َت َر َك َب َن ٍ‬
‫الترمذي‪َ :‬‬
‫ُّ‬ ‫‪ ٢‬قال‬
‫(‪)3‬‬
‫يث عن َجاب ٍِر نح ُو هذا‪.‬‬ ‫وكان النبي ‪َ ‬ي َب ُّر َجاب ًِرا َو َي ْر َح ُم ُه لذلك؛ َه َك َذا ُرو َِي في َح ِد ٍ‬
‫َ‬
‫‪ ٣‬كان من فقهاء الصحابة ‪ ،‬ومن املكثرين للرواية عن النبي ‪.‬‬
‫أعوا ًما وتفرد بالفتوى والتحديث‪.‬‬ ‫‪ ٤‬كان مفتي املدينة في زمانه‪ ،‬عاش بعد ابن عمر‬

‫وفاته‬
‫مات باملدينة سنة ‪78‬هـ بعد ما ُك َّف بصره‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم‪.‬‬


‫يح َغر ٌ‬
‫ِيب‪ ،‬والنسائي في السنن الكبرى‪ ،‬وصححه ابن حبان ‪.)7142( 91/16‬‬ ‫يث َح َس ٌن َص ِح ٌ‬
‫)‪ (2‬رواه الترمذي‪ ،‬وقال‪َ :‬ح ِد ٌ‬
‫)‪ (3‬سنن الترمذي‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫�إر�شـادات الحـديـث‬
‫كل ما ينفعهم في أمر دينهم ودنياهم‪ ،‬وفي هذا احلديث ما‬ ‫حريصا على تعليمهم َّ‬ ‫ً‬ ‫رحيما بأ َّمته‬
‫ً‬ ‫النبي ‪‬‬
‫‪ ١‬كان ُّ‬
‫َ‬
‫القرآن الكر َمي‪.‬‬ ‫الذك َر كما يعلمهم‬ ‫يدل على أنه كان يكرر عليهم التعليم ويح ِّفظهم ِّ‬
‫تركه‪ ،‬وهي ُس َّن ٌة‬ ‫أمر يريد فع َله أو َ‬ ‫االس ِت َخا َر ُة هي‪ :‬أن يطلب املسلم من اهلل تعالى أن يختار له ما فيه اخلير في ٍ‬ ‫ْ‬ ‫‪٢‬‬
‫أمرا من املباحات وال يكون عاز ًما عليه‪ ،‬سواء أكان عنده تردد في الفعل أم لم يكن‬ ‫عندما يريد املسلم أن يفعل ً‬
‫عنده تردد فإنه يستخير اهلل تعالى فيه‪ ،‬مثل‪ :‬التخصص الذي يريد دراسته‪ ،‬أو اجلامعة التي يريد الدراسة فيها‪،‬‬
‫أو الوظيفة‪ ،‬أو الزواج‪ ،‬أو شراء منزل واستئجاره‪ ،‬أو السفر‪.‬‬
‫‪ ٣‬ال تشرع االستخارة في عدَّ ة أحوال‪:‬‬
‫�أ فعل الطاعات احملضة كاحلج والعمرة‪ ،‬ولكن تشرع االستخارة في وقت الذهاب أو الرفقة التي يصحبها‬
‫ونحو ذلك‪ ،‬أو في حال تعارض املستحبات فيستخير في األخذ بأحدها‪.‬‬
‫ب فعل احملرمات واملكروهات؛ ألنها مما ال يحبه اهلل تعالى وال يرضاه‪.‬‬
‫‪ ٤‬السنة عند إرادة االستخارة صال ُة ركعتني نافلةً‪ ،‬ثم يدعو بعد السالم بهذا الدعاء املذكور في احلديث‪َ ،‬و ُي َس ِّمي‬
‫اشي َو َعا ِق َب ِة َأ ْمرِي َفا ْقدُ ْر ُها لي‬ ‫خيرا ِلي في ِدي ِني َو َم َع ِ‬
‫مثل‪ :‬إن كانت فالنة ً‬ ‫اج َت ُه فيقول في االستخارة في الزواج ً‬ ‫َح َ‬
‫خيرا لي‪ ..‬إلخ‪.‬‬ ‫َو َي ِّس ْرها لي‪ُ ،‬ث َّم َبار ِْك لي ِفيها‪ ..‬إلخ‪ ،‬ويقول في الوظيفة‪ :‬إن كانت الوظيفة الفالنية ً‬
‫‪ ٥‬صالة االستخارة ركعتان نافلة مثل بقية النوافل‪َ ،‬يقرأ فيهما بفاحتة الكتاب وما ت َي َّس َر‪ ،‬وال يصليهما في وقت‬
‫وقت النهي؛ فيجوز ألنها تكون حينئذ من ذوات‬ ‫وت و َيحتاج لالستخارة َ‬ ‫النهي إال إذا كان ما يستخير فيه مما َي ُف ُ‬
‫وقت النهي‪.‬‬ ‫األسباب التي تُصلى َ‬
‫كتاب أو ورقةٍ ‪.‬‬ ‫أجمع للقلب‪ ،‬وإن لم يحفظه قر َأه من ٍ‬ ‫ُ‬ ‫‪ ٦‬دعاء االستخارة يقرؤه اإلنسان من ِحفظه إن َت َي َّس َر ألنه‬
‫يسره اهلل له‪ .‬وإن َو َجدَ في قلبِه انصرافًا عن األمر ورغب ًة‬ ‫خيرا ّ‬
‫‪ ٧‬إذا استخار اهلل تعالى فإنه ميضي ملا أراده‪ ،‬فإن كان ً‬
‫اص ِر ْف ِني‬ ‫الي َر ِة فيه؛ لقوله في احلديث‪َ « :‬ف ْ‬
‫اص ِر ْف ُه َع ِّني َو ْ‬ ‫دليل على عدم ْ ِ‬ ‫انقباضا وصدو ًدا‪ ،‬أو َت َع ُّس ًرا؛ فهذا ٌ‬
‫ً‬ ‫عنه أو‬
‫(((‬
‫َعن ُه»‪.‬‬
‫وتوك ِله عليه وحده‬ ‫ودليل َع َلى تَع ُّلقِ العبد بر ِّب ِه ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫وإخالص في دعائه وحدَ ُه ال شريك له‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫االس ِت َخا َر ُة جلو ٌء إلى اهلل تعالى‬
‫‪ْ ٨‬‬
‫وتعظيمه سبحانه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ال شريك له‪ ،‬واعتما ِد ِه عليه في جميع شؤو ِن ِه؛ كما أن فيها إظها َر االفتقا ِر إليه ور َّد العلم ل ُه‪،‬‬

‫(‪ )1‬فتاوى ابن عثيمني ‪.322-321/14‬‬

‫‪93‬‬
‫احفظ دعاء االستخارة‪ ،‬ثم َس ِّم ْع ُه على معلمك أو زميلك‪.‬‬

‫ح ّلل عبارات دعاء االستخارة حسب التقسيم اآلتي‪:‬‬


‫العبارات الدالة عليه‬ ‫عناصر التحليل‬
‫أسماء اهلل احلسنى الواردة في الدعاء‬
‫ألفاظ سؤال اهلل تعالى‬
‫ألفاظ تدل على التعلق باهلل‬
‫ألفاط تدل على إظهار احلاجة واالفتقار لعون اهلل‬

‫ً‬
‫أعمال تشرع لها االستخارة تنوي القيام بها‪ ،‬وقس أثر االستخارة على إقبالك على العمل ورضاك‬ ‫اكتب‬
‫بنتائجه‪.‬‬
‫الرضا بالنتائج‬ ‫االستخارة له‬ ‫العمل‬

‫‪94‬‬
‫�س‪ :١‬عالم يدل تشبيه تعليم االستخارة بتعليم السورة من القرآن؟‬
‫�س‪ :٢‬ما احلكمة من مشروعية االستخارة؟‬
‫�س‪ِّ :٣‬بي احلاالت التي يشرع لها االستخارة من اآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬أراد احلج في إحدى احلمالت فتردد في اختيار احلملة املناسبة‪.‬‬
‫‪ ‬تردد في السفر للدراسة بني بلد مسلم وبلد غير مسلم وقد استويا في جودة الدراسة‪.‬‬
‫‪ ‬تقدم المرأة خاطبان كالهما ممن يرضى دينه وأمانته‪.‬‬
‫‪ ‬أراد صيام األيام البيض في شهر شديد حره‪.‬‬
‫�س‪ :٤‬متى يقدم اإلنسان على الفعل أو يحجم عنه بعد االستخارة؟‬

‫‪95‬‬
‫الحديث الـخـام�س عـ�شـر‪)..................( :‬‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫ُتعدِّ د ال�سبع املوبقات‪.‬‬
‫ُت َ ْب ِهنُ على �أن ال�سبع املوبقات من كبائر الذنوب‪.‬‬
‫ت�ص ِّنف ال�سبع املوبقات �إلى ما يوجب الكفر وما ال يوجبه‪.‬‬
‫تبي خطر كل من‪ :‬ال�شرك‪ ،‬ال�سحر‪ ،‬قتل النف�س‪ ،‬و�أكل الربا ومال اليتيم‪ ،‬التويل‬ ‫ِّ‬
‫يوم الزحف‪ ،‬قذف املح�صنات‪.‬‬
‫ت�ستنتج من احلديث �أ�سلوب ًا من �أ�ساليب �شد انتباه ال�سامع وت�شويقه‪.‬‬

‫تتفاوت الذنوب في شدة خطرها‪ ،‬وقد خص النبي ‪ ‬بعض الذنوب مبزيد ٍ‬


‫حتذير‪ ،‬ومن ذلك السبع املوبقات التي‬
‫بينها النبي ‪ ‬في احلديث اآلتي‪:‬‬

‫هلل‪ ،‬وما‬ ‫ول ا ِ‬ ‫َات»‪ ،‬قالوا‪ :‬يا َر ُس َ‬ ‫الس ْب َع ْالُو ِبق ِ‬ ‫«اج َت ِن ُبوا َّ‬
‫قال‪ْ :‬‬ ‫النبي ‪َ ‬‬ ‫عن أبي ُه َر ْي َر َة ‪َّ ‬أن َّ‬
‫الر َبا‪َ ،‬و َأ ْك ُل‬
‫ِال ِّق‪َ ،‬و َأ ْك ُل ِّ‬
‫الس ْح ُر‪َ ،‬و َق ْت ُل ال َّنفْ ِس التي َح َّر َم اهلل إال ب ْ َ‬ ‫«الش ْر ُك بِا ِ‬
‫هلل‪َ ،‬و ِّ‬ ‫ُه َّن؟ قال‪ِّ :‬‬
‫(‪)1‬‬ ‫ات ْال ُ ْؤ ِم َن ِ‬
‫ات ا ْل َغا ِف َل ِت»‪.‬‬ ‫ال َص َن ِ‬ ‫يم‪َ ،‬وال َّت َو ِّلي يوم َّ‬
‫الز ْح ِف‪َ ،‬و َق ْذ ُف ْ ُ ْ‬ ‫َمالِ ا ْل َي ِت ِ‬

‫(التحذير من الكبائر)‪ ،‬عنوان مناسب للدرس‪ ،‬اختر عنوان ًا آخر ترى أنه أنسب واكتبه في أعلى الصفحة‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ترجمة راوي احلديث‬

‫معالم من حياته‬
‫اكتب بطاقة مختصرة للتعريف بأبي هريرة ‪ ‬حتوي‪ :‬اسمه ‪ -‬سبب‬
‫تكنيته ‪ -‬إسالمه‪.‬‬
‫‪...................................................‬‬
‫‪...................................................‬‬
‫‪...................................................‬‬
‫‪...................................................‬‬

‫�إر�شـادات الحـديـث‬
‫‪ ١‬االجتناب هو ا ِال ْب ِت َعا ُد عن الشيء‪ ،‬وعن األسباب املوصلة إليه‪ ،‬وهذا األسلوب من النهي قد تك َّرر في القرآن‬
‫الكرمي والسنة النبوية عندما يراد التحذير من املعصية ومن جميع الطرق املؤ ِّد َية إليها؛ كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫(‪)٤‬‬ ‫(‪)٣‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫ﱪ ‪.‬‬ ‫ﱪ ‪ ،‬وقوله‪ :‬ﱫ‬ ‫ﱪ ‪ ،‬ونحوه قوله تعـالى‪ :‬ﱫ‬ ‫ﱫ‬
‫‪ ٢‬الذنوب املوبِقة هي التي تهلك صاحبها بوقوعه فيها حيث يعظم إثمها وخطرها حتى تودي بصاحبها إلى‬
‫الهالك في الدنيا واآلخرة‪ ،‬مما يدل على اهتمام الشرع وحرصه على اجتناب املسلم لها والبعد عن أسبابها‪.‬‬
‫والذنوب تنقسم إلى‪ :‬كبائر وصغائر‪ ،‬كما‬ ‫ُ‬ ‫بالُ ْه ِل َكات يدل على أنها من كبائر الذنوب‪،‬‬ ‫الذنوب ْ‬
‫ِ‬ ‫وص ُف ِ‬
‫بعض‬ ‫‪ْ ٣‬‬
‫ِقات‪ ،‬وفيها كبائر أخرى ال تصل إلى درجة املوبِقات‪،‬‬ ‫إن الذنوب الكبيرة ليست على درجة واحدة؛ ففيها موب ٌ‬
‫والواجب على املسلم احلذ ُر من جميع الذنوب‪ ،‬ويكون حذ ُره من الكبائر أشدَّ ‪ ،‬ومن الكبائر املو ِب َقة أشدَّ وأشدَّ ‪.‬‬
‫الش ْر ُك هو‪ :‬صرف شيءٍ من العبادة لغير اهلل تعالى‪ ،‬وهو أعظم الذنوب وأشدُّ ها‪ ،‬وهو الذنب الوحيد الذي‬ ‫‪ِّ ٤‬‬
‫الذن ِْب َأ ْع َظ ُم ِع ْندَ ا ِهلل؟ قال‪َ « :‬أ ْن َ ْت َع َل ِ ِل ِن ًّدا وهو َخ َل َق َك» ‪،‬‬ ‫ال يغفره اهلل تعالى‪َ ،‬ولَّا ُسئل ُّ‬
‫النبي ‪َ :‬أ ُّي َّ‬
‫(‪)٥‬‬

‫الشرك َكبِيرِه وصغيرِه‪ ،‬واحلذ ُر من الوقوع فيه والتحذي ُر منه‪ ،‬والبعدُ عن‬ ‫ِ‬ ‫اجتناب‬
‫ُ‬ ‫كل مسلم‬ ‫فالواجب على ِّ‬
‫جميع األسباب ْالُ ْف ِض َي ِة إليه‪.‬‬

‫ (‪ )2‬النحل‪.٣٦ :‬‬‫(‪ )1‬سبقت ترجمته ص‪45 :‬‬


‫(‪ )٤‬اإلسراء‪.٣٢ :‬‬ ‫ ‬ ‫(‪ )٣‬األنعام‪.١٥١ :‬‬
‫(‪ )٥‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫حذر أمته من الشرك‬ ‫النهي عن الشرك واألم َر بالتوحيد‪ ،‬وما جاء َنب ٌِّي إال وقد َّ‬ ‫َ‬ ‫األولى‬ ‫‪ ٥‬لقد كانت مهم ُة األنبياء‬
‫ودعاهم إلى التوحيد؛ فهو أ ّول األولويات‪ ،‬وبه ُيبدأ قبل باقي األحكام الشرعية‪.‬‬
‫‪ ٦‬السحر من أكبر الكبائر‪ ،‬ويحصل بخضوع الساحر للشياطني التي ال تعينه على ِس ْح ِر ِه حتى يكف َر باهلل تعالى‪ِ ،‬ولَا فيه‬
‫والواجب على املسلم‬ ‫ُ‬ ‫وأكل املال بالباطل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫واإلفساد في األرض‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫من ال َّتع ُّلقِ بغير اهلل تعالى‪ ،‬وإيذا ِء اخللق واإلضرار بهم‪،‬‬
‫التعاون معهم بأي طريق‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الس َح َر ِة والدخولِ إليهم أو‬ ‫السحر بأنواعه‪ ،‬والتحذي ُر من َّ‬ ‫ال َذ ُر من ِّ‬ ‫َْ‬
‫‪َ ٧‬ق ْت ُل ال َّن ْف ِس البريئة من أشنع اجلرائم وأكبر الكبائر‪ ،‬ولذلك جاءت النصوص الشرعية بتعظيمه والتحذير منه‪ ،‬قال‬
‫اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :‬لن َي َز َال ْالُؤْ ِم ُن ِفي ُف ْس َحةٍ ِم ْن ِدي ِن ِه َما َل ْم ُي ِص ْب َد ًما‬ ‫ﮢ ﮣ ﱪ ‪ ،‬وعن ابن عمر‬
‫(((‬

‫اه ًدا َل ْم َي َر ْح‬‫املعاهدُ ؛ فعن عبد اهلل بن عمرو أن النبي ‪ ‬قال‪َ « :‬م ْن َق َت َل ُم َع َ‬
‫(((‬
‫َح َرا ًما» ‪ ،‬ويدخل في النفوس املعصومة‪َ :‬‬
‫(((‬
‫ني َعا ًما»‪.‬‬ ‫ُوجدُ ِم ْن َم ِسي َرة َأ ْر َب ِع َ‬‫ِيح َها ت َ‬ ‫وإن ر َ‬ ‫ال َّن ِة‪َّ ،‬‬ ‫َرا ِئ َح َة ْ َ‬
‫ي ال َّنب ُِّي ‪‬‬ ‫النفس املعصوم ِة إال بعدَ زوالِ ِع ْص َم ِتها‪ ،‬وال يكون ذلك إال بارتكاب شيء يبيح قتلها‪ ،‬وقد َب َّ َ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ٨‬ال َي ِح ُّل ُ‬
‫قتل‬
‫الث‪ :‬ال َّن ْف ُس بِال َّن ْف ِس‪،‬‬ ‫هلل إ َّال ب ْ‬
‫ِإحدَ ى َث ٍ‬ ‫ُ‬
‫رسول ا ِ‬ ‫هلل َو َأنِّي‬ ‫شافيا بقوله‪َ :‬‬
‫«ال َي ِح ُّل َد ُم ا ْمر ٍِئ ُم ْس ِل ٍم َي ْش َهدُ َأ ْن ال ِإ َل َه إ َّال ا ُ‬ ‫ذلك بيا ًنا ً‬
‫والسلطة على املسلمني‬ ‫وط ِب َْن َج َع َل ا ُ‬
‫هلل َل ُه الوِ الية ُّ‬ ‫اع ِة»‪ ،(((.‬وهذا ال َق ْت ُل َم ُن ٌ‬ ‫ين ال َّتار ُِك ِل ْل َج َم َ‬ ‫ُ‬
‫واملارق ِم ْن ا ِل ِد ِ‬ ‫َوال َّث ِّي ُب ال َّزا ِني‪،‬‬
‫وهو في اململكة خادم احلرمني الشريفني ملك اململكة العربية السعودية ‪-‬يحفظه اهلل‪ ،-‬وليس منوطً ا بآحاد الناس‪ ،‬واجلرأة‬
‫ونوع من اإلفساد في األرض يستحق فاعله العقوب َة البليغ َة‪.‬‬ ‫ات على ولي األمر ونش ٌر للفوضى بني الناس‪ٌ ،‬‬ ‫احلق ا ْف ِت َي ٌ‬
‫على هذا ِّ‬
‫النبي ‪‬‬ ‫‪َ ٩‬أ ْك ُل ال ِّر َبا من أكبر الكبائر‪ ،‬ومع هذا فقد كثر أك ُله في زماننا‪ ،‬حتى َصدَ َق على كثير من الناس ما أخبر عنه ُّ‬
‫الل‪َ ،‬أ ْم ِم ْن َح َر ٍام»‪ ، .‬وما انتشاره إال بسبب ما يبثُّه‬
‫(((‬
‫ال؛ َأ ِم ْن َح ٍ‬ ‫ان ال ُي َبا ِلي ْالَ ْر ُء ِبَا َأ َخ َذ ْالَ َ‬‫ي على الناس َز َم ٌ‬ ‫بقوله‪َ « :‬ل َي ْأ ِت َ َّ‬
‫عايات ير ِّوجونَه بها؛ حتى ص َّوروا أن ال ِّربا ضرور ٌة لل ُّن ُم ِّو االقتصادي؛ وكيف يكون كذلك وهو مصادم‬ ‫املرابون من ِد ٍ‬
‫لشريعة رب العاملني الذي أعلن عليه احلرب في كتابه احلكيم؟!‬
‫احلرب على َأ َك َل ِة ال ِّربا‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪ِ ١٠‬ل ِع َظ ِم جرمية ال ِّربا عند اهلل تعالى فقد أعلن اهلل َّ‬
‫جل في عاله‬
‫يتيما فهو أشد عند اهلل تعالى؛ وذلك ألن ا ْل َي ِت َ‬
‫يم‬ ‫‪َ ١١‬أ ْك ُل أموال الناس بالباطل جرمية كبيرة‪ ،‬وإذا كان الذي يؤكل مالُه ً‬
‫يم أم ِمن غيره‪،‬‬ ‫ضعيف‪ ،‬وال َّتعدِّ ي على الضعفاء بأي نوع من أنواع ال َّتعدِّ ي أكبر ُجرما؛ سواء أكان هذا ال َّتعدِّ ي ِمن و ِل ِّي ا ْل َي ِت ِ‬
‫قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒﱪ ‪،‬‬
‫(((‬

‫يم واحملافظ ُة على ما ِله؛ كما قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﱪ ‪.‬‬


‫(((‬
‫والواجب رعاي ُة ا ْل َي ِت ِ‬

‫(‪ )٤‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬ ‫ ‬


‫(‪ )٣‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫ ‬
‫(‪ )2‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫ ‬
‫(‪ )1‬النساء‪.٩٣ :‬‬
‫(‪ )٧‬اإلسراء‪.٣٤ :‬‬ ‫ ‬
‫(‪ )٦‬النساء‪.١٠ :‬‬ ‫ ‬
‫(‪ )٥‬رواه البخاري‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫معان تدور حول مفهوم‪« :‬بذل اجلهد»‪ ،‬أي ًا كان مجاله اإليجابي‪،‬‬‫‪ ١٢‬اجلهاد في اإلسالم اسم عام يشمل عدة ٍ‬
‫فيدخل في ذلك طلب العلم‪ ،‬والــرزق‪ ،‬وحمل النفس على اخلير‪ ،‬وترك الشر‪ ،‬واإلنفاق من املــال‪ ،‬كما‬
‫يشمل أيض ًا معنى القتال الــذي شرعه اهلل تعالى حلفظ احلقوق واحلــريــات املشروعة‪ ،‬قــال اهلل تعالى‪:‬‬
‫‪ÏÎÍÌËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁ‬‬
‫(((‬

‫كما أن اجلهاد مرتبط بولي أمر املسلمني وهو في اململكة العربية السعودية ‪:‬خادم احلرمني الشريفني امللك‬
‫سلمان بن عبدالعزيز حفظه اهلل‪.‬‬
‫‪ ١٣‬إذا انتدب إمام املسلمني فئ ًة للقتال ودعاهم للجهاد في سبيل اهلل‪َ ،‬ح ُرم عليهم الفرار من املعركة؛ ألن ذلك‬
‫من كبائر الذنوب‪ ،‬وهو التولي يوم الزحف الذي ورد النهي عنه في هذا احلديث‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﯙ‬
‫ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ‬
‫ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬
‫(((‬
‫‪ ،‬ويستثنى من ذلك‬
‫من كان فراره بقصد خداع العدو‪ ،‬أو االنتقال من مجموعةٍ إلى مجموعةٍ قتالية أخرى‪ ،‬أو كان عدد العدو‬
‫أكثر من ضعفي عدد املجاهدين‪.‬‬
‫ـات عنه حتى‬ ‫‪ ١٤‬من اجلــرائــم الكبيرة‪َ :‬ق ـ ْـذ ُف النساء ْالُــؤْ ِم ـ َنـ ِ‬
‫ـات العفيفات‪ ،‬البعيدات عن الـ ِّزنــا‪ ،‬ا ْلـ َغــا ِفـ ِ‬
‫هلل تعالى فاعله بأشد الــعــذاب في الدنيا واآلخ ــرة‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫إنهن ال يفكرن فيه أصـ ًـا؛ ولذلك تــهــدَّ َد ا ُ‬
‫(((‬
‫‪.‬‬
‫النبي ‪ ‬في تشويق السامعني وجذب انتباههم ملا سيقوله؛ حيث أ َم َرهم‬ ‫‪ ١٥‬في احلديث أسلوب من أساليب ِّ‬
‫يدل على ِعظم إثمه عند اهلل تعالى‪ ،‬ثم َس َك َت‬ ‫شديد ُّ‬
‫ٍ‬ ‫باجتناب عدَ ٍد محدودٍ من املعاصي‪َ ،‬و َو َص َف ُه بوصف‬
‫انتباههم حتى سألوه عنها‪ ،‬ثم ب َّينها لهم‪ ،‬ولو س َردها مباشرة لكان ميكن أن يكون‬ ‫َ‬ ‫النبي ‪ ‬بعد أن أثار‬
‫بعضهم غي َر ُم َت َن ِّبهٍ لها أو لبعضها؛ َف َع َلى العالم والداعية واملر ِّبي أن يستفيدَ من‬‫أقل‪ ،‬أو يكون ُ‬ ‫االنتباه إليها َّ‬
‫النبي ‪ ‬في توجيهه للمتع ِّلمني‪.‬‬ ‫أساليب ِّ‬

‫(‪ )1‬البقرة‪.١٩٠ :‬‬


‫(‪ )٢‬األنفال‪.١٦-١٥ :‬‬
‫(‪ )٣‬النور‪.٢٣ :‬‬

‫‪99‬‬
‫تعاون مع زمالئك في تصميم بطاقات إلكترونية ِّ‬
‫حتذر من السبع املوبقات‪ ،‬ثم انشرها‪.‬‬

‫اربط بني التحذير من السبع املوبقات واحملافظة على الضرورات اخلمس التي أتت جميع الشرائع باحلفاظ‬
‫عليها‪:‬‬
‫ما يرتبط بها من السبع املوبقات التي حذر احلديث منها‬ ‫الضرورات اخلمس‬
‫حفظ الدين‬
‫حفظ النفس‬
‫حفظ العقل‬
‫حفظ املال‬
‫حفظ العرض‬

‫�س‪ :١‬هل السبع املوبقات من كبائر الذنوب؟ برهن ملا تذكر‪.‬‬


‫�س‪ :٢‬من السبع املوبقات ما يخرج من اإلسالم‪ ،‬ومنها ما ال يخرج من اإلسالم‪ّ ،‬بي ذلك‪.‬‬
‫�س‪ :٣‬ملاذا بدأ بالشرك عند ذكر السبع املوبقات؟‬
‫�س‪ :٤‬توعد اهلل آكل الربا باحلرب؛ فمــا ُصورهـــا؟ طبق هذه الصـور على ما يعصف بالعالم من‬
‫أزمات اقتصادية‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫الحديث الـ�سـاد�س عـ�شـر‪)..................( :‬‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫ت�ستدل باحلديث على مرتبة الكتابة من مراتب القدر‪.‬‬
‫تدرك �أهمية اال�ستقامة والعفة وحفظ اجلوارح من الزنا‪.‬‬
‫تبي خطر �إطالق النظر و�أثر ذلك يف انحراف القلب‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ت�ضرب مثا ًال على زنا‪ :‬العني والأذن واليد والرجل‪.‬‬
‫تبي احلكمة من ت�سمية هذه املعا�صي بالزنا‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫زنا الفرج هو أشد صور الزنا‪ ،‬إال أن صور الزنا أكثر من ذلك‪ ،‬فمنه ما يكون بالعني ومنه ما يكون باللسان ومنه ما‬
‫يكون باألذن‪ ،‬ومنه ما يكون باليد‪ ،‬ومنه ما يكون بالرجل‪ ،‬كما بينه احلديث اآلتي‪:‬‬

‫ُقدِّ ر‬
‫يب ُه من‬ ‫ابن آ َد َم َن ِص ُ‬ ‫«ك ِت َب َع َلى ِ‬ ‫عن أبي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪ُ :‬‬
‫ان ِز َنا ُه َما ال َّن َظ ُر‪َ ،‬وا ُأل ُذ َن ِ‬
‫ان ِز َنا ُه َما‬ ‫الز َنا ُم ْدر ٌِك ذ َ‬
‫َلك ال َم َحا َلةَ‪َ ،‬فا ْل َع ْي َن ِ‬ ‫ِّ‬
‫الر ْج ُل ِز َن َ‬
‫اها‬ ‫ش‪َ ،‬و ِّ‬ ‫اع‪َ ،‬وال ِّل َسانُ ِز َنا ُه ا ْل َكال ُم‪َ ،‬وا ْل َي ُد ِز َن َ‬
‫اها ا ْل َب ْط ُ‬ ‫االس ِت َم ُ‬
‫ْ‬
‫يعني بفعل‬ ‫(‪)1‬‬

‫الفاحشة‬
‫ال َطا‪َ ،‬وا ْل َق ْل ُب َي ْه َوى َو َي َت َم َّنى‪َ ،‬و ُي َصدِّ ُق ذلك ا ْلف َْر ُج َو ُي َك ِّذ ُب ُه»‪.‬‬ ‫ُْ‬

‫َ ِّل ْ‬
‫ص عبارة التمهيد السابق في جملة من ثالث كلمات واجعلها عنوان ًا للدرس‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ترجمة راوي احلديث‬

‫معالم من حياته‬
‫واحدا من أسباب كثرة رواية أبي هريرة ‪ ‬للحديث‪:‬‬
‫اذكر ً‬
‫‪..........................................................................‬‬
‫‪..........................................................................‬‬
‫‪...........................................................................‬‬

‫�إر�شـادات الحـديـث‬
‫اإلميان بأن اهلل تعالى أمر القلم فكتب مقادير اخلالئق في اللوح احملفوظ‪ ،‬فكتب ما الناس‬ ‫ُ‬ ‫‪ِ ١‬من أركان اإلميان‪:‬‬
‫عاملون من احلسنات والسيئات‪ ،‬ومن ُكتب عليه شي ٌء فال ُبدَّ أنه فاعله‪.‬‬
‫اصةٍ ما يؤ ِّدي إلى الوقوع في الزنا؛ فإن العني‬ ‫‪ ٢‬يجب على املؤمن أن َي ْح َف َظ عينه من النظر إلى احمل َّرمات ك ِّلها‪ ،‬وب َِخ َّ‬
‫طريق من أعظم الطرق املؤ ِّدية إلى الفاحشة‪ ،‬ولذلك بدأ بها في احلديث‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫قصدا فهو آثم‪ ،‬ويجب عليه مدافعة نفسه والتوبة واالستغفار‪ ،‬وإن وقع‬ ‫‪ ٣‬إذا ن ََظ َر املس ِل ُم إلى ما ال يحل له ً‬
‫هلل ‪ ‬قال‪:‬‬ ‫عبد ا ِ‬
‫يسترسل معه‪ ،‬فعن َجرِي ِر بن ِ‬ ‫ُ‬ ‫نظره عن غير قصد فيجب عليه أن يصرف َب َص َره عن احلرام وال‬
‫ِف بصرِي»‪)2(.‬‬
‫هلل ‪ ‬عن ن ََظ ِر ا ْلف َُجا َء ِة « َف َأ َم َر ِني َأنْ َأ ْصر َ َ َ‬
‫ول ا ِ‬
‫َس َأ ْل ُت َر ُس َ‬
‫‪ ٤‬السمع نعمة عظيمة‪ ،‬والواجب شكر اهلل تعالى عليها باجتناب االستماع إلى احلــرام‪ ،‬كالغيبة والنميمة‬
‫والتجسس على الناس‪.‬‬
‫النبي ‪ ‬في هذا احلديث إلى خطورة زنا ال ِّل َس ِان‪ ،‬ولذلك صور متعدِّ َد ٌة يجب على املسلم جتنبها‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫‪ ٥‬ن َّب َه ُّ‬
‫النطق بالكالم الفاحش‪ ،‬والقذف بالزنا والفجور‪ ،‬والتعرض للنساء بكالم فيه شهوة أو عبر وسائل التواصل‪.‬‬
‫النبي ‪ ‬إلى بعضه فمنه‪ :‬إيذاء الناس باليدين كا ْل َب ْطش بهم وضربهم بدون وجه حق‪،‬‬ ‫‪ ٦‬زنا اليدين له مع ًنى واس ٌع ن َّب َه ُّ‬
‫وكل منكر ُيرتكب باليدين‪ ،‬وبخاصة ما يوصل إلى الزنا احلقيقي‪.‬‬ ‫ّ‬
‫‪ ٧‬املشي على القدمني نعمة عظيمة‪ ،‬وهي حتمل العبد إلى طاعة اهلل تعالى كاملشي إلى املساجد وفي صلة األرحام‪،‬‬
‫الرمات‪،‬‬‫والواجب على املسلم أن ال يستعملها في معصية اهلل تعالى‪ ،‬فال ميشي بها لإلفساد في األرض وانتهاك ْ ُ‬
‫ال َطا»‪.‬‬
‫النبي ‪ ‬بقوله‪َ « :‬وال ِّر ْج ُل ِز َن َاها ْ ُ‬ ‫فإن فعل ذلك فقد دخل با ًبا من أبواب ال ِّزنا التي ن َّبه عليها ُّ‬

‫(‪ )1‬سبقت ترجمته ص‪45 :‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫‪ ٨‬ا ْل َق ْل ُب عليه مدار األعمال‪ ،‬وهو قد َي ْه َوى َو َي َت َم َّنى الشهوات‪ ،‬والنفس مجبولة على حب الشهوات كما قال‬
‫«ح َّف ْت ال َّنا ُر ب َّ‬
‫ِالش َه َو ِ‬
‫ات» (((‪ ،‬واملؤمن يجاهد نفسه حتى‬ ‫تعالى‪ :‬ﱫ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﱪ (((‪ ،‬وقال ُّ‬
‫النبي ‪ُ :‬‬
‫تستقيم‪ ،‬ويعلم أن هذه الدنيا دار امتحان‪ ،‬وقد قال تعالى‪ :‬ﱫﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﱪ(((‪.‬‬
‫‪ ٩‬قد يقع املسلم في وسيلة من الوسائل املوصلة إلى احلرام‪ ،‬ويسترسل معها‪ ،‬وهو هنا إما أن يتوقف‪ ،‬وإما أن‬
‫يتمادى فيغلبه الهوى والشيطان حتى يقع في الفاحشة‪ ،‬وهذا معنى قولِ النبي ‪َ « :‬و ُي َصدِّ ُق ذلك ا ْل َف ْر ُج‬
‫َو ُي َك ِّذ ُب ُه»‪.‬‬
‫النبي ‪ ‬هذه املعاصي ِز ًنا لعدة أمور‪:‬‬
‫‪َ ١٠‬س َّمى ُّ‬
‫�أ التنفير منها وتقبيحها؛ ألنــه قــد استقر فــي النفس املؤمنة قبح الــزنــا وشــؤمــه وعظم ضــرره على‬
‫األفراد واملجتمعات‪.‬‬
‫ب بيان خطرها حتى ال يتساهل الناس فيها‪.‬‬
‫موصل إليه ووسيلة للوقوع فيه استحق أن يسمى باسمه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ج أنها قد تؤ ِّدي إلى الزنا احلقيقي‪ ،‬فما كان‬

‫تأثيرا (أضف داعيني في الفراغ مع تقوميهما)‬


‫ص ِّنف دواعي الزنا اآلتية بحسب ما ترى أنه أشدها ً‬
‫مستوى التأثير‬
‫من دواعي الزنا‬ ‫م‬
‫متوسط منخفض‬ ‫مرتفع‬
‫‪ ١‬خلوة الرجل باملرأة األجنبية عنه‬
‫‪ ٢‬احملادثات عبر وسائل التواصل‬
‫‪ ٣‬األفالم واملسلسالت التي تظهر في القنوات الفضائية‬
‫‪ ٤‬الصور واملقاطع املخلة باآلداب‬
‫‪....................................... ٥‬‬
‫‪....................................... ٦‬‬

‫(‪ )1‬آل عمران‪.14 :‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪ ،‬وهذا لفظه‪.‬‬
‫(‪ )3‬العنكبوت‪.٦٩ :‬‬

‫‪103‬‬
‫استنتج من اآليات اآلتية وسائل الوقاية من الزنا‪:‬‬
‫وسيلة الوقاية‬ ‫اآلية‬ ‫م‬
‫ﱫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ‬
‫‪ 1‬ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﱪ‬

‫ﱪ‬ ‫‪ 2‬ﱫ‬

‫ﱫ‬

‫‪3‬‬

‫ﱪ‬

‫ﱪ‬ ‫‪ 4‬ﱫ‬

‫‪ 5‬ﱫ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﱪ‬

‫‪104‬‬
‫�س‪ :١‬ما أثر ِ‬
‫الع َّفة واالستقامة على أخالقيات املجتمع؟‬
‫�س‪ :٢‬كيف يواجه الشباب الشهوات؟‬
‫�س‪ِّ :٣‬بي صورة زِنا ٍّ‬
‫كل من‪:‬‬
‫ال ِّر ْجل‪.‬‬ ‫د‬ ‫ ‬
‫اليد‪.‬‬ ‫ج‬ ‫األذن‪ .‬‬ ‫ب‬ ‫العني‪ .‬‬ ‫�أ‬

‫�س‪ :٤‬ما احلكمة من تسمية معاصي النظر والسماع والبطش ونحوها بالزنا؟‬
‫�س‪ :٥‬اقترح طرائق وأساليب للتعامل مع حاالت االبتزاز اآلتية‪:‬‬

‫طرائق التعامل‬ ‫نوع االبتزاز‬ ‫م‬


‫‪ 1‬االبتزاز العاطفي‬
‫‪ 2‬االبتزاز االلكتروني‬
‫‪ 3‬االبتزاز املادي‬

‫‪105‬‬
‫الحديث الـ�سـابـع عـ�شـر‪)..................( :‬‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تبي معنى الغ�ش وحكمه‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تعدِّ د �صور الغ�ش ومتثل لها‪.‬‬
‫ت�ستنتج حكم �إظهار عيب ال�سلعة‪.‬‬
‫تبي الو�سائل امل�شروعة حلفظ حق امل�شرتي عند وجود الغ�ش‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تعدِّ د املفا�سد املرتتبة على الغ�ش‪.‬‬

‫كثيرا من احلكومات إلى إنشاء‬


‫إذا فقد الناس األمانة كثر فيهم الغش‪ ،‬ولقد كثر الغش في هذه األزمنة مما اضطر ً‬
‫إدارات خاصة ملكافحته‪ ،‬ولقد ن َّفر النبي ‪ ‬من الغش بعبارات مختصرة جتعل املؤمن يبتعد عنه وال يقربه ً‬
‫أبدا‪،‬‬
‫كما بينه احلديث اآلتي‪:‬‬

‫كومة‬
‫هلل ‪َ ‬م َّر على ُص ْب َر ِة طَ َع ٍام‪َ ،‬ف َأ ْد َخ َل َي َد ُه‬ ‫عن أبي ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬أ َّن َر ُس َ‬
‫ول ا ِ‬
‫رطوبة‬
‫قال‪:‬‬ ‫الط َعا ِم؟»‪َ ،‬‬ ‫اح َب َّ‬ ‫فيها‪َ ،‬ف َنا َل ْت َأ َصا ِب ُع ُه َب َلالً‪ ،‬فقال‪َ « :‬ما َه َذا َيا َص ِ‬
‫املطر‬
‫هلل‪ ،‬قال‪َ « :‬أ َفال َج َع ْل َت ُه َف ْو َق َّ‬
‫الط َعا ِم َك ْي َي َرا ُه‬ ‫ول ا ِ‬‫الس َما ُء َيا َر ُس َ‬ ‫َأ َصا َب ْت ُه َّ‬
‫الناس؟! من غَ َّش َف َل ْي َس ِم ِّني»‪ .‬رواه مسلم‪ ،‬وله في حديث آخر‪َ « :‬م ْن‬
‫(‪)1‬‬
‫غَ َّش َنا َف َل ْي َس ِم َّنا»‪.‬‬

‫تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان مناسب للدرس واكتبه في أعلى الصفحة‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ترجمة راوي احلديث‬

‫معالم من حياته‬
‫ما سبب حفظ أبي هريرة ‪ ‬حلديث رسول اهلل ﷺ وعدم نسيانه؟‬
‫‪..........................................................................‬‬
‫‪..........................................................................‬‬
‫‪...........................................................................‬‬

‫�إر�شـادات الحـديـث‬
‫كبيرا من املبادئ اإلسالمية‪ ،‬وقاعد ًة عظيمة من القواعد الشرعية في‬ ‫مبدءا ً‬‫‪ُ ١‬ي َق ِّر ُر ال َّنب ُِّي ‪ ‬في هذا احلديث ً‬
‫األخالق والسلوك؛ يجب أن يتح َّلى بها جميع املسلمني في جميع معامالتهم؛ وبخاصة التجار في جتارتهم‪،‬‬
‫وقد َع َّب َر عنها ال َّنب ُِّي ‪ ‬بكلمات يسيرة موجزة تعتبر من جوامع َك ِل ِمه ‪‬؛ حيث شملت هذه اجلملة القصيرة‬
‫دخل حتت ا ْل َعدِّ واإلحصاء من املعامالت بني الناس في البيع واإلجارة والتربية والسلوك والتعليم والنكاح‬ ‫ما ال َي ُ‬
‫ال َي ِل التي ُيتوصل بها إلى احلرام أو أكل أموال الناس بالباطل‪.‬‬ ‫جميع أنواع ْ ِ‬
‫ِ‬ ‫تضم َنت حتر َمي‬
‫وغير ذلك؛ كما َّ‬
‫ان َن ْق ٍص‬
‫وك ْت َم ُ‬ ‫وال ْس ِن َوا ْل َك َمالِ ِفي َّ‬
‫الشي ِء ْالَ ْع ُقو ِد َع َل ْي ِه‪ ،‬أو إِخفا ُء ِ‬ ‫الغ ُّش‪ :‬ضدُّ ال ُّن ْصح‪ ،‬ومعناه‪ :‬إ ِْظ َها ُر ْ َ‬
‫ال ْو َد ِة ْ ُ‬ ‫‪ِ ٢‬‬
‫ود َع َل ْي ِه‪ .‬ويكون بثالث وسائل هي‪:‬‬ ‫الشي ِء ْالَ ْع ُق ِ‬
‫ِفي َّ‬
‫�أ ا ْلق َْو ُل‪ ،‬مثل‪ :‬أن يقول‪ :‬هذه السلعة ال يوجد أحسن أو أجود منها‪ ،‬أو‪ :‬هي ُم َج َّربة وممتازة‪ ،‬أو‪ :‬إنها‬
‫سليمة والواقع خالف هذا‪.‬‬
‫ب ا ْل ِف ْع ُل‪ ،‬مثل‪ :‬أن تكون ماكينة السيارة ت َُه ِّر ُب زي ًتا فينظف مكانه حتى ال يراه املشتري‪ ،‬أو َي ْف ِص ُل عدَّ اد‬
‫السرعة ليوهم قلة استعمالها‪.‬‬
‫الشقة التي‬ ‫يبي عي َبه‪ ،‬أو يكون في ُّ‬ ‫عيب فيبيعه دون أن ِّ‬ ‫وت‪ ،‬مثل‪ :‬أن يكون في املنزل أو الهاتف ٌ‬ ‫الس ُك ُ‬ ‫ج ُّ‬
‫يؤجرها عيب وال يبينه للمستأجر‪.‬‬
‫احلديث َع َلى حترمي ِك ْت َم ِان العيب في السلعة املبيعة‪ ،‬أو املستأجرة‪ ،‬وال يكتفي البائع بأن يقول للمشتري‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫‪َ ٣‬د َّل‬
‫عيبا مؤ ِّث ًرا؛ بل يجب عليه البيان الشافي ليكون املشتري على ب ِّينة‪،‬‬ ‫انظر إلى السلعة وافحصها وهو يعلم أن بها ً‬
‫الغ ِّش‪.‬‬‫داخل في ِ‬ ‫املعيب وال يخف َيه؛ فدل على أن السكوت عن البيان ٌ‬ ‫َ‬ ‫صاحب الطعام أن ُيظهر‬ ‫َ‬ ‫ولهذا َأ َم َر ُّ‬
‫النبي ‪‬‬
‫‪ ٤‬يجب على املسلم أن يوافق في بيعه وشرائه أحكام الشرع املطهر؛ وإن تسبب ذلك في نقص قيمة سلعته أو‬
‫تسويق بضاعته بالغش واخلداع الباطل واإلضرار باآلخرين‪ ،‬و ْل َي ْعلم أن‬ ‫ُ‬ ‫حتى عدم بيعها في السوق؛ وال يحل له‬
‫)‪ (1‬سبقت ترجمته ص‪45 :‬‬

‫‪107‬‬
‫ِال َيا ِر ما لم َي َت َف َّر َقا ‪ -‬أو قال‪:‬‬ ‫النبي ‪« :‬ا ْل َب ِّي َع ِان ب ْ ِ‬ ‫والقَ في احلرام وإن َك ُث َر؛ ومن هنا قال ُّ‬ ‫قل‪ْ َ ْ ،‬‬ ‫البرك َة في احلالل ولو َّ‬
‫إن َصدَ َقا َو َب َّي َنا ُبور َِك َل ُه َما في َب ْي ِعهِ َما‪َ ،‬وإ ِْن َك َت َما َو َك َذ َبا ُم ِح َق ْت َب َر َك ُة َب ْي ِعهِ َما»‪.‬‬
‫(((‬
‫حتى َي َت َف َّر َقا‪َ -‬ف ْ‬
‫‪ ٥‬من صور الغش احملرم في األطعمة‪:‬‬
‫�أ بيع األطعمة الفاسدة واملع َّلبات التي انتهت صالحيتها‪.‬‬
‫ب خلط الطعام القدمي باجلديد في املطاعم وغيرها‪ ،‬أو بيع القدمي الفاسد على أنه جديد‪.‬‬
‫ِ‬
‫واجليد في أعاله‪،‬‬ ‫الفاسد في أسفل الصندوق‬ ‫ِ‬ ‫طي البضاعة اجل ِّيدة‪ ،‬أو َج ْع ُل‬ ‫ج إخفا ُء البضاعة الفاسدة في ِّ‬
‫أو َج ْع ُل الصغار التي ُيرغب عنها في أسفل الصندوق والكبا ِر التي ُيرغب فيها في أعاله‪.‬‬
‫‪ ٦‬من أنواع الغش احملرم‪ :‬الغش فيما يتعلق بأحكام األسرة‪ ،‬وله صور منها‪:‬‬
‫�أ تز ُّين املخطوبة عند الرؤية الشرعية تز ُّي ًنا يظهرها بغير املظهر احلقيقي لها ليغت َّر بها اخلاطب‪.‬‬
‫مثل‪.‬‬ ‫ّثرا في القبول ككبر السن أو املرض ً‬ ‫أحد الطرفني عي ّبا مؤ ً‬ ‫ب إخفاء ِ‬
‫اخلاطب نفسه مبظهر الغنى أو الوجاهة االجتماعية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ج إظهار‬
‫كل راع ورعيته التي استرعاه اهلل إياها‪:‬‬ ‫الغش بني ِّ‬ ‫‪ِ ٧‬من أنواع الغش احمل َّرم‪ُّ :‬‬
‫�أ ِمن ِغش الراعي‪ :‬ترك الرعية من غير توجيه ملا ينفعهم في أمر دينهم ودنياهم‪ ،‬وترك حمايتهم‪ ،‬وتضييع‬
‫حقوقهم الواجبة‪.‬‬
‫ب ِمن ِغش الرعية‪ :‬معصيته في املعروف‪ ،‬والكذب عليه‪ ،‬وصده عن املعروف وتزيني املنكر له‪.‬‬
‫الغش حرام في االختبارات في أي مادة وبأي وسيلة كانت‪ ،‬ومنه االختبار نيابة‬ ‫احلديث بعمومه َع َلى أن َّ‬ ‫ُ‬ ‫‪َ ٨‬د َّل‬
‫عن شخص آخر‪ ،‬أو كتابة البحث له‪ ،‬أو تزوير الشهادة‪.‬‬
‫‪ ٩‬من الغش للمجتمع‪ :‬نشر الفساد فيه بشتى أنواعه‪ ،‬وزعزعة أمنه و َوحدته‪ ،‬ونشر ما يشكك في دينه وثوابته‬
‫ويغير أخالقه‪.‬‬
‫الغاش و َن َفى عنه أن يكون من‬ ‫ِّ‬ ‫النبي ‪َ ‬ت َب َّرأ من‬ ‫الغش من كبائر الذنوب‪ ،‬وذلك ألن َّ‬ ‫احلديث َع َلى أن َّ‬ ‫ُ‬ ‫‪َ ١٠‬د َّل‬
‫الصلة املذكورة في احلديث‪،‬‬ ‫املسلمني‪ ،‬وهذه الصيغة تدل على النهي الشديد والزجر األكيد عن العمل بهذه ْ َ‬
‫ولكنه ال َي ْك ُف ُر بذلك عند أهل السنة واجلماعة‪.‬‬
‫البائع أن يظهر الشيء الذي حصل له البلل والفساد ويجعله في الظاهر ليراه الناس؛ دل ذلك‬ ‫النبي ‪َ ‬‬ ‫‪َ ١١‬ل َّما أمر ُّ‬
‫على أنه ال بأس ببيع الشيء الرديء إذا علم املشتري بعيبه‪.‬‬
‫تندفع جميع هذه املفاسد؛ فمنها‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ ١٢‬يترتب على الغش مفاسدُ كثيرة‪ ،‬وبتجنبه‬
‫�أ ظهور العداوة والبغضاء واملشاجرات بني املسلمني‪.‬‬
‫ب انتشار املكر واخلديعة ومساوئ األخالق‪.‬‬
‫ج أكل املال بالباطل‪.‬‬
‫د اإلضرار باآلخرين في أنفسهم وأموالهم‪.‬‬
‫هـ قلة الثقة بني الناس‪.‬‬
‫و معاقبة اهلل تعالى لألفراد واملجتمع بعقوبات متنوعة منها‪ :‬قلة البركة‪ ،‬وحلول الكوارث االقتصادية‪،‬‬
‫وشيوع األمراض‪ ،‬وعدم استجابة الدعاء‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬


‫‪108‬‬
‫ينتشر في بعض األسواق الغش‪ ،‬ويقع بعض املتسوقني في حبائله‪ ،‬اكتب أشهر مظاهره‪ ،‬والوسائل التي تقي‬
‫املشتري من أن يكون ضحية له‪:‬‬

‫وسائل جتنب الوقوع فيه‬ ‫الغش في األسواق‬

‫قامت وزارة التجارة بعمل رقم موحد للبالغات (‪ )١٩٠٠‬وبإصدار تطبيق (بالغ جتاري)‪ ،‬تعرف مع زمالئك‬
‫على أبرز مميزاته وطرائق استخداماته‪:‬‬
‫‪.................................................................................‬‬
‫‪.................................................................................‬‬
‫‪.................................................................................‬‬
‫‪.................................................................................‬‬

‫‪109‬‬
‫قارن من خالل املعايير املذكورة بني شخص يكتسب املال عن طريق احلالل‪ ،‬وآخر يكتسبه عن طريق الغش واحلرام‪:‬‬
‫من يكتسب عن طريق احلرام‬ ‫من يكتسب عن طريق احلالل‬ ‫املعايير‬
‫أثره على مال صاحبه‬
‫نظرة الناس له‬
‫الثقة واألمانة‬
‫األثر على اآلخرين‬
‫جزاؤه يوم القيامة‬
‫استجابة الدعاء‬

‫�س‪ :١‬الغش من كبائر الذنوب‪ِّ ،‬بي داللة احلديث على ذلك‪.‬‬


‫�س‪ :٢‬على ماذا يدل ُ‬
‫قول الرسول ‪« :‬أفال جعلته فوق الطعام كي يراه الناس»؟‬
‫صورا من الغش في كل مما يأتي‪ :‬عند النكاح‪ ،‬الغش في العمل‪ ،‬غش الوالدين‪،‬‬ ‫�س‪ :3‬اذكر ً‬
‫غش املجتمع‪.‬‬
‫�س‪ :٤‬ما واجبك جتاه من رأيته يغش؟‬
‫�س‪ :٥‬ما املفاسد املترتبة على الغش؟‬

‫‪110‬‬
‫الحديث الـثـامـن عـ�شـر‪)..................( :‬‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫حتر�ص على الأعمال التي ي�ستمر ثوابها‪.‬‬
‫تعدِّ د �صور ال�صدقة اجلارية‪.‬‬
‫تبي ف�ضيلة ن�شر العلم و�صور ذلك‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تبي ف�ضل الرتبية ال�صاحلة للأوالد‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تعدِّ د و�سائل اغتنام احلياة الدنيا مبا ينفع بعد املمات‪.‬‬

‫يتمنى املسلم استمرار عمله الصالح بعد مماته‪ ،‬ويحب أن تزداد حسناته وهو في قبره‪ ،‬ولكن كيف السبيل إلى‬
‫ذلك؟ ستعرف اإلجابة بعد قراءة احلديث اآلتي‪:‬‬

‫ات ا ِإل ْن َسانُ ا ْنق ََط َع عن ُه َع َم ُل ُه إال ِم ْن َثال َث ٍة‪ :‬إال ِم ْن‬
‫عن أبي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬أن ال َّنب َِّي ‪ ‬قال‪« :‬إذا َم َ‬
‫َص َد َق ٍة َجا ِر َي ٍة‪ْ ،‬أو ِع ْل ٍم ُي ْن َتف َُع ِب ِه‪ْ ،‬أو َو َل ٍد َصا ِل ٍح َي ْد ُعو َل ُه» (‪.)1‬‬

‫(الصدقة اجلارية – توريث العلم – حسن تربية األوالد – استمرار احلسنات بعد املمات)‬
‫أي العناوين السابقة ترى أنه أنسب للدرس؟ سجل العنوان املختار في أعلى الصفحة‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ترجمة راوي احلديث‬

‫معالم من حياته‬
‫يتنافس الصحابة ‪ ‬في طلب العلم وجمع حديث رسول اهلل ‪ ،‬اذكر موق ًفا ألبي هريرة ‪ ‬يدل‬
‫على ذلك‪.‬‬
‫‪..........................................................................‬‬
‫‪..........................................................................‬‬
‫‪...........................................................................‬‬

‫�إر�شـادات الحـديـث‬
‫‪ِ ١‬م ْن رحمة اهلل تعالى بعباده املؤمنني أن أبقى لهم بعد موتهم من األعمال ما ال ينقطع ثوابه عنهم‪ ،‬فهو ُي ِد ُّر‬
‫ويرفع درجا ِتهم‪.‬‬‫ُ‬ ‫عليهم من احلسنات ما ُي َك ِّف ُر سيئا ِتهم‪،‬‬
‫حث على الصدق ِة اجلارية‪ ،‬ويدخل في ذلك‪ :‬األوقاف بأنواعها‪ ،‬ما دام ينتفع بها الناس‪ ،‬ومهما كانت‬ ‫‪ ٢‬في احلديث ٌّ‬
‫قدر للطبخ‪ ،‬أو ب ّرادة ماء‪ ،‬كما يدخل في ذلك حفر اآلبار ووضع برادات املياه‬ ‫قيمتها‪ ،‬كوقف كتاب علم‪ ،‬أو بئر‪ ،‬أو ٍ‬
‫في املساجد واألسواق والطرقات‪ ،‬وهكذا كل ما ميكن أن ينتفع به الناس من اخلير‪.‬‬
‫احلديث على فضل نشر العلم النافع‪ ،‬وهو كل علم مباح ينتفع به الناس‪ ،‬سواء أكان عن طريق التعليم املباشر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫‪َّ ٣‬‬
‫دل‬
‫مثل‪ :‬طباعة الكتب النافعة وتوزيعها‬ ‫أم عن طريق تأليف الكتب النافعة ونشرها‪ ،‬ويدخل في ذلك نشر العلم باملال ُ‬
‫على املنتفعني بها وإجراء األوقاف عليها؛ فحري باملؤمن أال يحرم نفسه من املشاركة في هذا الفضل العظيم الذي‬
‫ال ينقطع‪.‬‬
‫‪ ٤‬في احلديث أهم َّي ُة الدعاء للوالدين‪ ،‬وأنه ينبغي على الولد أن يحرص على الدعاء لوالديه‪ ،‬وهذا الدعاء منه‬
‫صغيرا‪ ،‬ومنه ما هو بال َّت َس ُّب ِب‬ ‫ً‬ ‫ما هو مباشر من الولد كقوله‪ :‬رب اغفر لي ولوالدي‪ ،‬رب ارحمهما كما ربياني‬
‫اهلل ‪« :‬إن‬ ‫دع ْوا لوالدَ ْيهم‪ ،‬وجاء في حديث أبي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول ِ‬ ‫بحيث إذا أحسن األوالد إلى الناس َ‬
‫ِاس ِتغْ َفا ِر َو َل ِد َك َل َك» ‪.‬‬ ‫الصا ِل ِح في ْ َ‬
‫ال َّن ِة‪ ،‬فيقول‪ :‬يا َر ِّب َأنَّى لي هذه؟ فيقول‪ :‬ب ْ‬ ‫هلل عز وجل َل َي ْر َف ُع الدَّ َر َج َة ِل ْل َع ْب ِد َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫ا َ‬
‫‪ ٥‬في الحديث الحث على حسن تربية األوالد‪ ،‬فهم الذين ينفعون والديهم في اآلخرة‪ ،‬و ِم ْن َن ْف ِعهِ ْم أنهم يدعون‬
‫لهم‪ ،‬ويشمل ذلك األوالد الصالحين من بنين وبنات‪ ،‬كما يدخل فيهم أوالد البنين؛ ألن الولد في اللغة يدخل‬
‫كل هؤالء‪.‬‬ ‫فيه ُّ‬
‫(‪ )1‬سبقت ترجمته ص‪45 :‬‬
‫(‪ )2‬رواه أحمد‪ ،‬وابن أبي شيبة‪ ،‬وعنه ابن ماجه‪ ،‬قال العراقي (املغني عن حمل األسفار ‪ :))1037(270/1‬إسناده حسن‪ ،‬وقال ابن كثير ( في‬
‫تفسيره ‪ ،)243/4‬والبوصيري في مصباح الزجاجة ‪ :)2721( 98/4‬إسناده صحيح‪ ،‬وحسنه األلباني في السلسلة الصحيحة (‪.)1598‬‬

‫‪112‬‬
‫‪ ٦‬جاء عن النبي ‪ ‬ما يوضح هذا الحديث ويبين ما أجمل فيه‪ ،‬ويفصل أوجه البر التي اشتمل عليها؛ وذلك‬
‫فيما رواه أبو هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :‬إِنَّ ِم َّما َي ْل َح ُق ا ْل ُم ْؤ ِم َن من َع َم ِل ِه َو َح َس َنا ِت ِه َب ْعدَ َم ْو ِت ِه‪ِ :‬ع ْل ًما‬
‫الس ِبيلِ َب َنا ُه‪ ،‬أو ن َْه ًرا َأ ْج َرا ُه‪ ،‬أو َصدَ َق ًة‬‫َع َّل َم ُه َون ََش َر ُه‪َ ،‬و َو َل ًدا َصا ِل ًحا ت ََر َك ُه‪َ ،‬و ُم ْص َح ًفا َو َّر َث ُه‪ ،‬أو َم ْس ِج ًدا َب َنا ُه‪ ،‬أو َب ْي ًتا البن َّ‬
‫َأخْ َر َج َها من َما ِل ِه في ِص َّح ِت ِه َو َح َيا ِت ِه َي ْل َح ُق ُه من َب ْع ِد َم ْو ِت ِه»‪.‬‬
‫(((‬

‫حث لإلنسان على اغتنام فرصة الحياة بعمل الصالحات؛ ألنه بالموت ينقطع عمله‪ ،‬وأما هذه‬ ‫‪ ٧‬في الحديث ٌّ‬
‫األعمال التي يستمر نفعها بعد الموت فالحقيقة أنها من عمل اإلنسان في حياته ولكنه يستمر نفعها بعد‬
‫موته‪ ،‬ولذلك قال ‪« :‬ا ْنق ََط َع عنه َع َم ُل ُه إال من َثال َث ٍة»‪ ،‬فهي من عمله نفسه استمر بعد موته رحمة من اهلل تعالى‬
‫بعباده‪ ،‬وح ًّثا لهم على اغتنام مثل هذه الفرصة الستكثار أعمالهم‪.‬‬

‫واحد‪،‬‬ ‫رج ُع ِ‬
‫اثنان ويبقَى م َع ُه ٌ‬ ‫قارن بين هذا الحديث وحديث أنس ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪َ « :‬ي ْت َب ُع ا ْل َم ِّي َت ثالث ٌة‪َ ،‬ف َي ِ‬
‫(((‬
‫وع َم ُل ُه‪ ،‬فيرجع أه ُل ُه ومالُ ُه‪ ،‬ويبقَى َع َم ُل ُه»‪.‬‬
‫يتب ُع ُه أه ُل ُه و َمالُ ُه َ‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬

‫مختصرا بذلك‪.‬‬
‫ً‬ ‫تقريرا‬
‫ً‬ ‫تعاون مع زمالئك في التفكير في مشروع صدقة جارية تشتركون فيها‪ ،‬واكتبوا‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬

‫(‪ )1‬رواه ابن ماجه في املقدمة‪ ،‬وصححه ابن خزمية‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫بإمكان كل مسلم املشاركة في نشر العلم بطرائق مبتكرة ومتيسرة‪ ،‬اكتب بعض وسائل نشر العلم التي‬
‫ميكنك املشاركة فيها‪.‬‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬

‫�س‪ :١‬عدِّ د ثالث ًا من صور الصدقة اجلارية‪.‬‬


‫�س‪ :٢‬كيف تستدل باحلديث على فضل ما يأتي‪:‬‬
‫�أ بر الوالدين‪.‬‬
‫ب تربية األبناء‪.‬‬
‫ج نشر العلم‪.‬‬
‫�س‪ :٣‬ما حكم متني املوت؟ ِّبي داللة احلديث على ما تذكر‪.‬‬
‫�س‪ :٤‬استنتج فائدتني من احلديث‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫الحديث الـتا�سـع عـ�شـر‪)..................( :‬‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫ت�ستدل باحلديث على �إثبات احل�ساب يوم القيامة‪.‬‬
‫تعدِّ د �أهم الأ�سئلة التي ُي�س�أل عنها العبد يوم القيامة‪.‬‬
‫تبي �أهمية حما�سبة النف�س يف الدنيا‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫حتر�ص على وقتك وت�ستثمره يف ما ينفعك يف الآخرة‪.‬‬
‫حتر�ص على جمع املال من احلالل و�إنفاقه فيه‪.‬‬
‫ت�ستدل باحلديث على �أن الإن�سان م�ؤمتن على نف�سه وبدنه‪.‬‬

‫حينما يضع والدك في يدك أمانةً‪ ،‬ويخبرك أنه سيسألك عنها‪ ،‬فإنك حترص على حفظ األمانة وعدم التفريط فيها‪.‬‬
‫فكيف إذا ائتمنك اهلل تعالى على أمانات‪ ،‬وأخبرك أنه سائلك عنها‪ ،‬اقرأ احلديث اآلتي لتتعرف على بعض ما‬
‫ائتمنك اهلل عليه‪:‬‬

‫ال يتزحزح‬ ‫رسول اهلل ‪« :‬ال َت ُز ُ‬


‫ول َق َد َما‬ ‫ُ‬ ‫األسلمي ‪ ‬قال‪ :‬قال‬
‫ِّ‬ ‫عن أبي َب ْر َز َة‬
‫خارجا من‬
‫ً‬
‫أرض احملشر‬ ‫يما َأ ْف َنا ُه‪َ ،‬و َع ْن‬
‫(ع ْن ْأر َب ٍع)‪َ :‬ع ْن ُع ُم ِر ِه ِف َ‬ ‫َع ْب ٍد يوم ا ْل ِق َيا َم ِة حتى ُي ْس َأ َل َ‬
‫حتى يسأل‬
‫يم َأ ْن َف َق ُه‪َ ،‬و َع ْن ِج ْس ِم ِه‬
‫يم َف َع َل‪َ ،‬و َع ْن َما ِل ِه من َأ ْي َن ْاك َت َس َب ُه َو ِف َ‬‫ِع ْل ِم ِه ِف َ‬
‫(‪)1‬‬ ‫بلي الشيء إذا‬
‫يم َأ ْبال ُه»‪.‬‬
‫ِف َ‬ ‫قديما‬
‫صار ً‬

‫تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان مناسب للدرس واكتبه في أعلى الصفحة‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه الترمذي‪ ،‬وأبو يعلى‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫ترجمة راوي احلديث‬

‫اسمه ونسبه‬
‫األس َل ُّ‬
‫مي‪.‬‬ ‫ن َْضل ُة ُ‬
‫بن ُع َب ْيد ْ‬
‫مناقبه‬
‫ي‪.‬‬ ‫وفتح َم َّك َة‪ُ ،‬‬
‫وح َن ْ ُ‬ ‫غزا مع النبي ‪ ‬سبع غزوات‪ ،‬منها‪َ :‬خ ْي َب ُر‪ُ ،‬‬
‫معالم من حياته‬
‫‪ ١‬أسلم قبل فتح مكة‪.‬‬
‫‪ ٢‬قاتل اخلوارج يوم النهروان مع علي ‪ ،‬وشهد معه ص ّفني‪.‬‬
‫ـان‪ ،‬وسكنها حتى توفي في بلدة َمـ ْرو‬ ‫‪ ٣‬خــرج غاز ًيا إلــى خُ ـ َر َاسـ َ‬
‫ا ْلخُ َر َّ‬
‫اسانية‪.‬‬
‫َ‬
‫األرامل واليتامى واملساكنيَ؛ مرتني كل‬ ‫‪ ٤‬كان َجوا ًدا كر ًميا؛ حيث كانت له َج ْف َن ٌة من َثر ٍ‬
‫ِيد يطعم بها‬
‫يوم؛ مر ًة في الصباح‪ ،‬وأخرى في املساء‪.‬‬
‫حريصا على قيام الليل؛ فكان يوقظ أهله‪ ،‬ويقرأ بالستني إلى املئة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪ ٥‬كان‬
‫‪َ 6‬روى ِعدَّ ة أحاديث عن النبي ‪.‬‬
‫وفاته‬
‫توفي سنة أربع وستني (‪٦٤‬هـ)‪.‬‬

‫�إر�شـادات الحـديـث‬
‫هلل تعالى على عباده أعما َلهم احلسن َة والسيئ َة في‬ ‫‪ ١‬في احلديث إثبات احلساب يوم القيامة‪ ،‬وهو أن َي َ‬
‫عرض ا ُ‬
‫ِّ‬
‫ويذك ُرهم بها‪ ،‬فمن‬ ‫أرض ا ْل َم ْحشر‪ ،‬ويؤتيهم ُك ُت َب أعمالهم فيها حسناتُهم وسيئاتُهم‪ ،‬و ُيسائلهم عنها‬
‫(‪)1‬‬
‫كان من أهل النجاة اك ُتفي بالعرض عليه‪ ،‬ثم يعفو اهلل عنه ويدخله اجلنة‪ ،‬وهذا هو احلساب اليسير ‪ ،‬ومن‬
‫يناقش احلساب‪ ،‬ويد َّق ُق عليه فيه و ُيسأل عن كل صغيرة وكبيرة‪ ،‬وال ُيقبل منه عذر وال‬
‫ُ‬ ‫كان ً‬
‫هالكا؛ فإنه‬
‫حجة؛ فيهلك مع الهالكني‪ ،‬وهذا هو احلساب العسير‪.‬‬
‫شافيا أن أهم ما‬ ‫النبي ‪ ‬في هذا احلديث على أهم األسئلة التي يواجهها العبد يوم القيامة‪َّ ،‬‬
‫وبي بيا ًنا ً‬ ‫‪َ ٢‬ن َّب َه ُّ‬
‫يحاسب عليه أربعة أمور تشمل احليا َة ك َّلها‪ ،‬ومعرفة املؤمن بهذه األسئلة التي سوف يسأل عنها يوم القيامة‬
‫يدعوه إلى إعداد اإلجابة املناسبة لكل سؤال‪.‬‬

‫(‪ )1‬يستثنى من ذلك األنبياء عليهم السالم‪ ،‬ومن يدخلون اجلنة بغير حساب‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫‪ ٣‬حساب يوم القيامة يدعونا حملاسبة أنفسنا في هذه الدنيا؛ فمن حاسب نفسه اليوم خف عليه احلساب يوم‬
‫القيامة‪ ،‬وسهل عليه إجابة أسئلة يوم القيامة‪ ،‬قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫(((‬
‫في معنى اآلية‪ :‬أي‪ :‬حاسبوا أنفسكم قبل أن حتاسبوا‪ ،‬وانظروا ماذا ا َّدخرمت‬ ‫ﱪ ‪ ،‬قال ابن كثير‬
‫(((‬
‫ألنفسكم من األعمال الصاحلة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم ‪.‬‬
‫«ح ِ‬
‫اس ُبوا‬ ‫‪ ٤‬كثر في كالم السلف الدعوة إلى احملاسبة‪ ،‬والتنبيه إلى أهميتها‪ ،‬قال أمير املؤمنني عم ُر بن اخلطاب ‪َ :‬‬
‫أنفسكم‪،‬‬ ‫غدا أن ِ‬
‫حتاس ُبوا َ‬ ‫ِ‬
‫احلساب ً‬ ‫أهون ُ‬
‫عليكم في‬ ‫قبل أن تُوزَنوا؛ فإنَّه َ‬‫أنفسكم َ‬ ‫َأ ْن ُف َس ُك ْم قبل َأ ْن ُ َت َ‬
‫اس ُبوا‪ ،‬و ِزنُوا َ‬
‫ﱪ » ‪ ،‬وقال احلسن البصري رحمه اهلل تعالى‪:‬‬
‫((( (((‬
‫ال ْك َبرِ‪ :‬ﱫ‬‫َو َت َز َّي ُنوا ِل ْل َع ْر ِض ْ َ‬
‫أنفسهم‬‫حاسبوا َ‬
‫قوم َ‬ ‫احلساب يوم القيامة على ٍ‬
‫ُ‬ ‫نفسه هلل ع َّز وجل‪ ،‬وإمنا َخ َّف‬
‫«إن املؤمن ق َّوام على نفسه‪ ،‬يحاسب َ‬
‫قوم َأ َخذوا هذا األم َر من غير محاسبةٍ » ‪.‬‬
‫(((‬
‫احلساب يو َم القيام ِة على ٍ‬
‫ُ‬ ‫في الدنيا‪ ،‬وإمنا َش َّق‬
‫‪ ٥‬كان السلف من أحرص الناس على محاسبة أنفسهم مع ما هم عليه من التقوى والعمل الصالح َف َم ْن كان َّ‬
‫أقل‬
‫اب ‪ ‬على أبِي َب ْك ٍر ِّ‬
‫الصدِّ يقِ ‪‬‬ ‫ال َّط ِ‬ ‫تقوى وعمالً‪ ،‬وأكث َر َذن ًْبا؛ فهو أولى منهم مبحاسبة نفسه‪ ،‬دخل ُع َم ُر ُبن ْ َ‬ ‫منهم ً‬
‫فقال له‪َ :‬م ْه َغ َف َر اهلل لك! فقال أبو َب ْك ٍر‪َّ :‬إن هذا أوردني ْالَ َوا ِر َد ‪ ،‬وعن َأ َن ِس بن َما ِل ٍك ‪‬‬ ‫وهو َي ْجب ُِذ ِل َسا َن ُه‪َ ،‬‬
‫(((‬

‫دخ َل َحا ِئ ًطا َف َس ِم ْع ُت ُه وهو يقول ‪-‬وبيني َو َب ْي َن ُه ِجدَ ا ٌر‪ -‬وهو في‬ ‫اب َو َخ َر ْج ُت معه حتى َ‬ ‫قال‪ :‬سمعت ُع َم َر بن ْ َ‬
‫ال َّط ِ‬
‫ي اهلل أو َل ُي َع ِّذ َب َّن َك ‪.‬‬
‫(((‬
‫اخلطاب) َل َت َّت ِق َ َّ‬ ‫ني ّ‬‫اب َأ ِمي ُر ْالُؤْ ِم ِننيَ! َب ٍخ َب ٍخ‪َ ،‬واهلل ( ُب ّ‬ ‫الا ِئ ِط‪ُ :‬ع َم ُر بن ْ َ‬
‫ال َّط ِ‬ ‫َج ْو ِف ْ َ‬

‫يم قضى ُع ُم َر ُه‪ :‬هل قضاه في طاعة اهلل تعالى أو‬ ‫يما َأ ْف َنا ُه‪َ :‬ف ُي ُ‬
‫سأل ِف َ‬ ‫‪ ٦‬مما ُيسأل عنه العبد يوم القيامة‪ُ :‬ع ُم ِر ِه ِف َ‬
‫وأخص ما ُيسأل‬ ‫ُّ‬ ‫معصيته؟ هل استقام فيه على أمر اهلل تعالى ونهيه أو خالف ذلك؟ هل حفظ نفسه أو ضيعها‪،‬‬
‫يم َأ ْبال ُه» ‪،‬‬
‫(((‬
‫مرفوعا وزاد فيه‪َ « :‬و َع ْن َش َبا ِب ِه ِف َ‬
‫ً‬ ‫ابن مسعود ‪‬‬ ‫عنه الشخص فترة الشباب؛ فقد روى هذا احلديث ُ‬
‫وما ذلك إال ألهمية هذه الفترة‪ ،‬وكثرة املغريات فيها‪ ،‬فالواجب على الشاب باخلصوص أن يحفظ نفسه مما‬
‫ُيسخط اهلل تعالى عليه‪.‬‬

‫(‪ )1‬احلشر‪.١٨ :‬‬


‫(‪ )2‬تفسير ابن كثير ‪.343/4‬‬
‫(‪ )3‬احلاقة‪.١٨ :‬‬
‫(‪ )4‬رواه أحمد في الزهد‪ ،‬وابن أبي الدنيا في محاسبة النفس‪ ،‬وأبو نعيم في حلية األولياء‪ ،‬وابن أبي شيبة ‪ ،)34459( 96/7‬وابن املبارك في الزهد‪.‬‬
‫(‪ )5‬رواه ابن املبارك في الزهد ص‪ ،103‬وابن أبي الدنيا في محاسبة النفس ص ‪ ،18‬وأبو نعيم في حلية األولياء ‪.157/2‬‬
‫(‪ )6‬رواه مالك في املوطأ‪ ،‬وابن أبي شيبة في مصنفه‪.‬‬
‫(‪ )7‬رواه مالك في املوطأ‪ ،‬ومن طريقه أحمد في الزهد ص‪.115‬‬
‫وض َّع َفه‪ ،‬وأبو يعلى في مسنده‪.‬‬
‫(‪ )8‬رواه الترمذي َ‬

‫‪117‬‬
‫العمل به‪ ،‬لذا رفع اهلل تعالى درجة العلماء على غيرهم‪ ،‬فقال‪ :‬ﱫ‪ÉÛÚ‬‬
‫ُ‬ ‫لم هي‬ ‫‪ ٧‬الغاي ُة من َت َع ُّل ِم ِ‬
‫الع ِ‬
‫‪âáàßÞÊ‬ﱪ ‪ ،‬وهم أهل اخلشية‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﱪ ‪،‬‬
‫(((‬ ‫(((‬

‫ُ‬
‫رسول اهلل‬ ‫أما تع ُّلمه لغير هذا الغرض فإنه يصير و َبا ًال على صاحبه يوم القيامة‪ ،‬فعن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال‬
‫عرضا من الدُّ نيا؛ لم يجدْ َع ْر َف اجلن ِة يو َم‬
‫ليصيب به ً‬
‫َ‬ ‫لما مما ُيبتغى به وج ُه اهلل؛ ال يتع َّل ُمه إال‬
‫‪َ « :‬م ْن تع َّلم ِع ً‬
‫(((‬
‫القيامة»‪ .‬يعنى‪ :‬ريحها‪.‬‬
‫‪ ٨‬مما ُيسأل عنه العبد يوم القيامة مالُ ُه‪ ،‬وعليه سؤاالن‪:‬‬
‫�أ السؤال األول‪ :‬من َأ ْي َن ْاك َت َس َب ُه؟ هل اكتسبه من حالل أو من حرام؟ فواجب على املسلم أن يكون‬
‫ريال يدخل جيبه‪ ،‬أو يتو َّف ُر في حسابه؛ وأن يتجنب ماله‪ ،‬ويتجنب املكاسب‬ ‫كل ٍ‬ ‫حريصا على ِح ِّل ِّ‬
‫ً‬
‫احمل ّرمة‪ ،‬واألموال املشتبهة‪.‬‬
‫يم َأ ْن َف َق ُه؟ هل أنفقه فيما يرضي اهلل أو يسخطه؟ في احلالل أو احلرام‪.‬‬‫ب السؤال الثاني‪ِ :‬ف َ‬
‫سال عن بدنه من حال قوته وفت َّوته وشبابه إلى حالِ ضعفه‬ ‫يم َأ ْبال ُه؟ َف ُي ُ‬ ‫‪ ٩‬مما ُي ُ‬
‫سأل عنه العبدُ يوم القيامة‪ِ :‬ج ْس ُم ُه ِف َ‬
‫وبطش يديه‪ ،‬ونظ ِر عينيه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫أي شيء عمل فيه من اخلير والشر؟ َف ُي ُ‬
‫سأل عن َم ْشي قدميه‪،‬‬ ‫وكهولته وشيخوخته؛ ّ‬ ‫ُ‬
‫وسمع ُأذنيه‪ ،‬وعمو ِم ما عمله ببدنه؛ هل أطاع به أو عصى؟ وهل أخلص في عمله هلل أو َرا َءى؟ فليكن العبدُ‬ ‫ِ‬
‫مستعدا للجواب؛ لينج َو يو َم احلساب‪.‬‬‫ًّ‬
‫‪ ١٠‬ما ُذكر في هذا احلديث بعض ما يسأل عنه العبد يوم القيامة‪ ،‬وهي األسئلة العا َّمة‪ ،‬وقد ثبت في األدلة أن‬
‫بعضها مما َيدخل حتت هذه األربعة؛ فمنها‪ :‬السؤال عن الصالة والزكاة وغيرها‬ ‫العبد ُيسأل عن أشيا َء كثيرةٍ ؛ ُ‬
‫من العبادات‪ ،‬ومنها‪ :‬السؤال عن حقوق الناس‪ ،‬ومنها‪ :‬السؤال عن ال َّنعيم من األكل والشرب وامللبس واملسكن‬
‫هلل فيه؟ ومنها‪ :‬السمع والبصر‪ ،‬ويسأل املشركون عن الشركاء واألنداد‪ ،‬ومب أجابوا املرسلني؟‬ ‫حق ا ِ‬
‫وهل أ َّدى َّ‬

‫(‪ )1‬املجادلة‪.١١ :‬‬


‫(‪ )2‬فاطر‪.٢٨ :‬‬
‫(‪ )3‬رواه أحمد‪ ،‬وأبو داود‪ ،‬وابن ماجه‪ ،‬وصححه ابن حبان‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫اغتنام األوقات باملفيد تستلزم تنظيم الوقت وحسن إدارته‪ ،‬ضع لنفسك جدو ًال إلدارة وقتك تراعي فيه‬
‫الواجبات الشرعية واغتنام الوقت بفعل املستحبات وصلة األرحام مع وضع أوقات لالستذكار واالسترواح‬
‫املباح‪.‬‬

‫للعمل بالعلم فوائد عديدة وثمرات ظاهرة‪ ،‬تعاون مع زمالئك في ذكر بعض الثمار التي يجنيها من بادر‬
‫بالعمل مبا تعلمه‪.‬‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬

‫يعد اجلسم أمانة عند اإلنسان إال أن بعض الناس قد يعرض جسده للتلف ببعض تصرفاته وما يتعاطاه‪ ،‬اذكر‬
‫ثالثًا من صور إتالف األجساد التي قد تقع من بعض الشباب‪:‬‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬

‫�س‪ :١‬كيف تستدل باحلديث على‪:‬‬


‫ب أن بدن اإلنسان أمانة عنده‪.‬‬ ‫�أ ثبوت احلساب يوم القيامة‪.‬‬
‫�س‪ :٢‬مثِّل لوسائل جمع املال من غير ِح ِّل ِه‪ ،‬ونفق ِته في غير ح ِّله‪.‬‬
‫تخصيص مرحلة الشباب بالسؤال بعد ذكر ال ُع ُمرِ؛ فما احلكمة من‬ ‫ُ‬ ‫�س‪ :٣‬ورد في رواية للحديث‬
‫هذا التخصيص؟‬
‫أحاديث ُأخر أسئلة أخرى غير ما ورد في حديث الدرس‪ ،‬مثِّل لذلك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫�س‪ :٤‬ورد في‬

‫‪119‬‬
‫الحديث الـعـ�شـرون‪)..................( :‬‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تبي املراد بالظلم‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تبي حكم الظلم وخطورته‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تعدِّ د �أنواع الظلم ومتثل لها‪.‬‬
‫تبي عاقبة الظلم‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫حتدِّ د �شروط التوبة من املظامل‪.‬‬
‫تبي حكم ن�صرة املظلوم‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ترتجم لعبداهلل بن عمر ‪.‬‬

‫فالظلم مرتعه يفضي إلى الندم‬ ‫ال تظلمن إذا ما كنت مقتدر ًا‬
‫يدعــو عليك وعني اهلل لم تنم‬ ‫تنــام عينــاك واملظلــوم منتبــه‬
‫إن من أشد األمور على النفس الشعور بالظلم‪ ،‬وجترع الضيم‪ ،‬فيبقى املظلوم يعاني‪ ،‬والظالم ينسى لكنه ال يُنسى‪،‬‬
‫فإن له موعداً البد أن يُجازى فيه على ظلمه وينتصر اهلل للمظلوم‪ ،‬لذا أخبر النبي ‪ ‬عن سوء عاقبة الظلم في‬
‫احلديث اآلتي‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫ات يو َم ا ْل ِق َيا َم ِة»‪.‬‬ ‫قال‪« :‬إ َِّن ُّ‬
‫الظ ْل َم ُظ ُل َم ٌ‬ ‫َّأن ال َّنب َِّي ‪َ ‬‬ ‫بن ُع َم َر‬ ‫عبد ا ِ‬
‫هلل ِ‬ ‫عن ِ‬

‫تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان مناسب للدرس واكتبه في أعلى الصفحة‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫ترجمة راوي احلديث‬
‫اسمه ونسبه‬
‫عبد اهلل بن عم َر بن اخلطاب ال َعدَ وِي‪.‬‬
‫مناقبه‬
‫َص ْت َها َحفْ َص ُة على‬ ‫النبي ‪َ ،‬فق َّ‬
‫وج ِّ‬ ‫َص َها َع َلى ُأخْ ِت ِه َحفْ َص َة َز ِ‬ ‫‪ ١‬رأى رؤيا َفق َّ‬
‫هلل لو كان ُي َص ِّلي ِم َن ال َّل ْيلِ »‪،‬‬
‫عبدا ِ‬
‫الر ُج ُل ُ‬ ‫النبي ‪ِ « :‬ن ْع َم َّ‬ ‫فقال ُّ‬ ‫هلل ‪َ ‬‬ ‫رسول ا ِ‬
‫ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫ال‪.‬‬ ‫َف َكانَ َب ْع ُد َال َي َنا ُم من ال َّل ْيلِ إ َّال َق ِلي ً‬
‫كل شيء‪ ،‬قال جابر‪ :‬ما ِم َّنا أحد‬ ‫محافظا عليها في ِّ‬ ‫ً‬ ‫مستمسكا بالسنة‬ ‫ً‬ ‫‪ ٢‬كان‬
‫أحدا ألزم‬
‫أدرك الدنيا إال وقد مالت به إال ابن عمر‪ .‬وقالت عائشة‪ :‬ما رأيت ً‬
‫لقي‬
‫ابن ُع َم َر فما َ‬ ‫خرجت مع ِ‬ ‫ُ‬ ‫لألمر األول من ابن عمر‪ .‬وقال أبو َعمرو الندبي‪:‬‬
‫كبيرا إال س َّلم عليه‪.‬‬ ‫صغيرا وال ً‬ ‫ً‬
‫معالم من حياته‬
‫‪ ١‬أسلم وهو صغير مبكة‪ ،‬ثم هاجر مع أبيه قبل أن يحتلم‪.‬‬
‫النبي ‪ ‬في غزوة أحد وكان عمره أربع عشرة سنة‪ ،‬و ُعرض عليه في غزوة اخلندق فأجازه‪ ،‬فكانت‬ ‫‪ ٢‬استصغره ُّ‬
‫النبي ‪.‬‬ ‫أول غزوة غزاها مع ِّ‬ ‫اخلندق َ‬ ‫ِ‬ ‫غزو ُة‬
‫النبي ‪ ‬بيعة ال ِّرضوان حتت الشجرة‪.‬‬ ‫‪ ٣‬شهِ د مع ِّ‬
‫وفارس غاز ًيا‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫والعراق والبصر َة‬ ‫‪ ٤‬شهد فتح مصر‪ ،‬و َق ِد َم الشا َم‬
‫‪ ٥‬كان من ع َّباد الصحابة ‪ ‬وعلما ِئهم وفقها ِئهم‪ ،‬بقي ستني سنة يفتي الناس‪.‬‬
‫‪ ٦‬كان من حفاظ احلديث املكثرين للرواية عن النبي ‪.‬‬
‫ابن ُع َم َر في منز ِل ِه؟ قال‪ :‬ال تُطيقو َن ُه؛ الوضو َء ِّ‬
‫لكل صالةٍ ‪،‬‬ ‫صنع ُ‬ ‫ـان َي ُ‬ ‫ابن ُع َم َر‪َ :‬ما َكـ َ‬ ‫‪ ٧‬قيل لنافع َمولى ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫فيما َب ْي َن ُه َما‪.‬‬ ‫حف َ‬ ‫والُ ْص ُ‬ ‫ْ‬
‫ابن عم َر‬
‫سمعت َ‬
‫ُ‬ ‫‪ ٨‬كان كثير احملبة والشوق إلى النبي ‪ ‬حتى إنه ما ذكره إال بكى‪ ،‬قال محمد ال ُع َمري‪ :‬ما‬
‫ِ (‪)3‬‬
‫هلل ‪ ‬إال اب َتدَ َر ْت َعينا ُه تبكيان‪.‬‬ ‫رسول ا ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ذاك ًرا‬
‫‪ ٩‬كان جوا ًدا كر ًميا سخ ًّيا ال يكاد ميسك شي ًئا‪ ،‬فكان إذا أعجبه شيء من ماله تصدق به؛ يتأول قول اهلل تعالى‪:‬‬
‫ﱪ (‪ ، )٤‬ولقد ُأتي في مجلس بعشرة آالف فف َّرقها وأصبح يطلب‬ ‫ﱫ‬
‫لراحلته عل ًفا بدرهم إلى أجل‪ ،‬قال نافع‪ :‬كان ابن عمر ليفرق في املجلس ثالثني أل ًفا‪ ،‬ثم يأتي عليه شهر ما‬
‫ابن عمر حتى أعتق ألف إنسان أو زاد‪.‬‬ ‫يأكل مزعة حلم‪ ،‬وقال نافع‪ :‬ما مات ُ‬
‫وفاته‬
‫مات مبكة سنة ثالث وسبعني (‪73‬هـ)‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى‪ ،‬قال احلافظ (اإلصابة في متييز الصحابة)‪ :‬سنده صحيح‪.‬‬
‫)‪ (3‬الطبقات الكبرى ‪ ،168/4‬وسير أعالم النبالء ‪.214/3‬‬
‫)‪ (٤‬آل عمران‪.٩٢ :‬‬

‫‪121‬‬
‫�إر�شـادات الحـديـث‬
‫هلل تعالى بالفِ عل أو ال َّترْك‪ ،‬وهو ينقسم إلى ثالثة أنواع‪:‬‬ ‫‪ ١‬الظُّ لم مبعناه العام يشمل كلَّ جتاوُزٍ ِلُدودِ ا ِ‬
‫األول‪ :‬الظُّ لم العظيم‪ :‬وهو الشرك باهلل تعالى‪ ،‬وهو أعظم أنواع الظلم‪ ،‬وقد جاء إطالق الظلم على الشرك‬
‫في آيات كثيرة‪ ،‬منها قوله تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ (‪. )١‬‬
‫الثاني‪ :‬ظُ لم اإلنسان لنفسه‪ :‬ويكون بإسرافه عليها بفعل الذنوب واملعاصي‪ ،‬وتركِ أوام ِر ا ِ‬
‫هلل تعالى‪ ،‬فهو بهذا‬
‫هلل تعالى فقد ظَ لَمَ هَ ا وأسا َء إليها‪ ،‬و ِبقَدْ ِر بُعده عن اهلل يكون‬
‫يظلمها ألنها مخلوقة لطاعة اهلل‪ ،‬فإذا جان ََب ر َِضى ا ِ‬
‫ظُ لمُ ه لها‪ ،‬ومن األدلة على ذلك قوله تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫(‪. )٢‬‬
‫ﱪ‬
‫وهذا النوع يشمل صورًا كثيرةً‪ ،‬منها‪:‬‬
‫�أ ظُ لْمُ اإلنسانِ نَفْ َس ُه فيما بينه وبني اهلل تعالى‪ ،‬ومنه‪ :‬تركُ الواجبات الشرعية من الصالة والزكاة والصيام‪،‬‬
‫والكذب‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َات من الزنا وتناولِ الْـمُ ْس ِكرات واملخدِّ رات‪،‬‬
‫وفعلُ الْـمُ حَ َّرم ِ‬
‫ب ظُ لْمُ ُه نَفْ َس ُه بالتشديدِ عليها في عمل اآلخرة وحتميلها ما ال تُطيق‪.‬‬
‫ج ظُ لْمُ ُه نَفْ َس ُه في أمر الدنيا باملشقة عليها مبا يَثقل عليها أو ال تطيقه‪.‬‬
‫د ظُ لْمُ ُه نَفْ َس ُه بإلقائها في التهلُكة بأي نوع من أنواع التهلُكة‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬االنتحار بأي نوع أو شكل‪ ،‬ومنه‪:‬‬
‫التهور في قيادة السيارة‪ ،‬تغذيتها مبا يضرها كاملسكرات والدخان‪ ،‬وكل طعام أو شراب مضر بصحتها‪.‬‬
‫حيوان‪ :‬والغالب أن الظُّ لْمَ إذا أطلق في النصوص فيُراد به هذا‬ ‫ٍ‬ ‫إنسان أو‬
‫ٍ‬ ‫الثالث‪ :‬ظُ لم اإلنسان لغيره من‬
‫أيـضـا ظُ لمُ اإلنسان لنفسه‪.‬‬ ‫النوع‪ ،‬وهو املراد بهذا احلديث باملقام األول‪ ،‬ويَـدخُ ــلُ فيـه ً‬
‫ويشمل ذلك صورًا كثير ًة من الظُّ لمِ منها‪:‬‬
‫�أ ظُ لْمُ الوالدين؛ بترك ِبرِّهما والنصحِ لهما‪.‬‬
‫ب ظُ لْمُ الولد؛ بترك تربيته أو النفق ِة عليه‪ ،‬أو بأذيته بأي نوع من األذى كضربه من غير سبب‪.‬‬
‫ج ظُ لْمُ الزوجة؛ بخيانتها‪ ،‬أوهضم حقوقها‪ ،‬أو أخذ مالها أو سبها‪ ،‬أو ترك النفقة عليها‪ ،‬أو باإلساءة إليها‬
‫عند اآلخرين‪ ،‬أو ترك نصحها للخير‪.‬‬
‫الزوج؛ بترك حقوقه التي جتب له‪ ،‬أو بهجره بغير وجه شرعي‪ ،‬أو باإلساءة إليه عند اآلخرين بالكالم‬ ‫ِ‬ ‫د ظُ لْمُ‬
‫فيه بدون وجه حق‪ ،‬أو اخلروج من بيته بغير إذنه‪ ،‬أو إدخال بيته من ال يرضاه‪ ،‬أو خيانته في عِ ر ِْضه‪.‬‬
‫هـ ظُ لْمُ اخلاد ِم والسائق والعامل واألجير‪ ،‬ونحوهم؛ بتحميله ما ال يطيق من العمل‪ ،‬أو أكل بعض حقه‪ ،‬أو‬
‫تأخير راتبه أو النقص منه‪.‬‬
‫املوظف من ِقبَلِ مُدِ ي ِرهِ؛ بتحميله ما ال يطيق من العمل‪ ،‬أو حِ ْرمَا ِن ِه من َت ْر ِقيَةٍ ي َْست َِحقُّ ها‪ ،‬أو فصلِه من‬
‫ِ‬ ‫و ظُ لْمُ‬
‫غير سبب يدعو لذلك‪.‬‬
‫أعراضهم؛ أو منعهم من‬ ‫ِ‬ ‫ز اإلساء ُة لآلخرين وإيذاؤهم بغير حق كاالعتداء عليهم في أ َنف ِْسهم‪ ،‬أو أمْوالِهم‪ ،‬أو‬
‫أخذ حق من حقوقهم‪.‬‬
‫)‪ (2‬النساء‪.١١٠ :‬‬ ‫ ‬
‫)‪ (1‬لقمان‪.١٣ :‬‬

‫‪122‬‬
‫والقريب والبعيدِ ‪،‬‬‫ِ‬ ‫‪ ٢‬دل احلديث على حترمي الظلمِ كلِّه قلي ِل ِه وكثي ِرهِ‪ ،‬صغي ِر ِه وكبي ِرهِ‪ ،‬عَ لى املسلِمِ وغير املسلم‪،‬‬
‫أحد‪.‬‬ ‫ومن أيِّ أحد كان أليِّ ٍ‬
‫شخص من يؤذيه‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ٣‬كما يحرم الظلم بطريق مباشر؛ فكذلك يحرم الظُّ لْمُ بطريق غير مباشر؛ مثل‪ :‬أن ي َُسل َِّط على‬
‫أو يعني على ظلمه بأي إعانة كانت‪.‬‬
‫لمات يوم القيامة حا ّثًا بذلك على َ َت ُّنبِه وتوقِّيه في حياة املسلم كلِّها‪.‬‬ ‫‪ُ ٤‬ي َن ِّب ُه النبي ‪ ‬إلى أن الظُّ لْمَ ظُ ٌ‬
‫هلل تعالى عقوب َة الظالم في الدنيا‪ ،‬وقد يؤخرها لعله يتوب ويترك الظلم‪ ،‬فإن لم يتب فإن اهلل تعالى‬ ‫‪ ٥‬قد يعجِّ ل ا ُ‬
‫قد يعاقبه في الدنيا أو يجمع عليه عقوبة مظالِ ِ ِه يوم القيامة‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫(((‬
‫ﱪ ‪ ،‬وعن أبي مُوسَ ى األشعريِّ ‪ ‬قالَ ‪ :‬قالَ رسولُ اهلل‬
‫هلل َليُمْ لِي لِلظَّ الِمِ حتى إذا أَخَ ذَ ُه لم يُفْ ِل ْتهُ»‪ ،‬قال‪ :‬ثُمَّ َق َرأَ‪« :‬ﱫ‬ ‫‪« :‬إِنَّ ا َ‬
‫(((‬ ‫(((‬
‫ﱪ »‪.‬‬
‫‪ ٦‬ي َِج ُب احلذ ُر من ظُ لم الضعفا ِء كالصغار والنساء واخلدم والعمَّ ال؛ فإن هؤالء إذا لم يكن لهم مَن ينصرُهم من‬
‫الناس فإن اهلل تعالى يتولى نصرَهم؛ وقد جاء في حديث أبي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قالَ ‪« :‬قالَ اهلل َتعَالَى‪ :‬ثَال َث ٌة‬
‫أنَا خَ ْصمُ هُ مْ يوم الْقِ يَا َمةِ‪ :‬رَجُ لٌ أَعْ طَ ى بِي ثُمَّ غَ دَ رَ‪َ ،‬ورَجُ لٌ بَاعَ حُ ّرًا َفأَكَ لَ ثَمَ َنهُ‪َ ،‬ورَجُ لٌ اسْ َتأْجَ َر أَجِ يرًا فَاسْ تَوْ فَى‬
‫منه ولم يُعْ طِ ِه أَجْ َرهُ»‪.‬‬
‫‪ ٧‬ي َِج ُب على الظالم بأي نوع من الظلم أن يتوب إلى اهلل تعالى من ظلمه‪ ،‬ومن َتتِمَّ ة التوبة ما يأتي‪:‬‬
‫مال فيجب عليه أن يتحلل من أصحابه‪ ،‬أو يعيده إليهم إن تيسر‪ ،‬وإال تصدق به عنهم‪.‬‬ ‫�أ إن كان الظلم في ٍ‬
‫ب إن كان الظلم في أمرٍ معنوي كالضرب والسب والشتم وجب عليه أن يتحلل من صاحبه إن تيسر ذلك‪.‬‬
‫ج إن كان التحلُّل قد يترتب عليه مفسدة‪ ،‬مثل‪ :‬الغِ يبة أو التعدي على األَعْ رَاض؛ فإنه يدعو له ويستغفر‬
‫له حتى يرى أنه قد وفاه حقه‪.‬‬
‫‪ ٨‬ي َِج ُب على كلِّ مسلم عَ لِمَ ِبَظْ لَمَ ةٍ ألخيه املسلم أو أبْصرها وهو قاد ٌر على أن يدفعها أو يخفف منها بقوله‬
‫أو فعله أن يفعل ما يستطيعه من ذلك‪ ،‬وهذا في احلقيقة نُصرة منه للظالم واملظلوم‪ ،‬عن َأن ٍَس ‪ ‬قالَ ‪ :‬قالَ‬
‫ْت إذَا كَ انَ‬
‫هلل ‪« :‬اُن ُْص ْر أَخَ اكَ ظَ الِ ًا أو مَظْ لُومًا»‪ ،‬فقال رَجُ لٌ ‪ :‬يا رَسُ ولَ اهللِ‪َ ،‬أن ُْص ُر ُه إذا كان مَظْ لُومًا؛ َأ َف َر َأي َ‬ ‫رسولُ ا ِ‬
‫(((‬
‫«تْجُ ُز ُه أو تَ ْ َن ُع ُه من الظُّ لْمِ فإن ذلك ن َْص ُرهُ»‪.‬‬‫ْف َأن ُْص ُرهُ؟ قال‪َ :‬‬ ‫ظَ الِ ًا كَ ي َ‬

‫(‪ )1‬إبراهيم‪.٤٢ :‬‬


‫(‪ )2‬هود‪.١٠٢ :‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫من صور الظلم التي تكثر في املجتمعات ظلم الضعفاء من اخلدم واألطفال والنساء‪ ،‬تعاون مع زمالئك في‬
‫حل يحدُّ من وقوعها‪:‬‬‫ذكر ثالث صور لظلم هؤالء مقترحً ا لكل صورة ًّ‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬

‫لف‬ ‫النبي ‪ ‬قبل البَعْ ثة حِ لف ًا ومعاهَ دة على نُصرة املظلوم في بيت عبداهلل بن جُ دْ عان ُعر َ‬
‫ِف بـ‪( :‬حِ ِ‬ ‫حضر ُّ‬
‫الفُضول)‪ ،‬ارجع إلى كتب السيرة النبوية واذكر مختصرًا عن‪ :‬سبب هذا ْالِلف‪ ،‬وبنوده‪ ،‬وماذا قال عنه‬
‫النبي ‪‬؟‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬

‫�س‪ :١‬ما املراد بالظلم؟ وما أنواعه؟‬


‫�س‪ :٢‬أي أنواع الظلم أشد؟ وملاذا؟‬
‫�س‪ :٣‬مثِّل مبثالني لكل مما يأتي‪:‬‬
‫ب ظلم اآلخرين‪.‬‬ ‫�أ ظلم النفس‪ .‬‬
‫�س‪ :٤‬كيف تكون توبة الظالم من مظامله؟‬
‫�س‪ :٥‬ما عاقبة الظلم؟‬
‫�س‪ :٦‬قالَ رسولُ ا ِ‬
‫هلل ‪« :‬اُن ُْص ْر أَخَ اكَ ظَ الِ ًا أو مَظْ لُومًا»‪،‬كيف تكون نصرة املظلوم؟ وكيف تكون‬
‫نصرة الظالم؟‬

‫‪124‬‬
‫الحديث الحادي والع�شرون‪)..................( :‬‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫ت�ستنتج الأ�سلوب التعليمي يف احلديث‪.‬‬
‫تبي حكم �إيقاع الأذى بالنا�س ومتثل له‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫حتدِّ د املراد باملفل�س يف احلديث‪.‬‬
‫تبي حكم رد املظامل لأهلها‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تبي كيف تكون املقا�صة يوم القيامة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ت�ستنتج ال�سبيل لتجنب الإفال�س يوم القيامة‪.‬‬

‫مال ليتَّجر بها فخسر في جتارته‪ ،‬فجاء الدائنون يطالبون بأموالهم‪ ،‬فإن القاضي يأمر بسحب‬ ‫لو استدان رجل ً‬
‫أرصدته ليسدد الدائنني‪ ،‬ورمبا اضطر لبيع بعض ممتلكاته‪ ،‬فيصل بذلك إلى اإلفالس‪ ،‬لكن اإلفالس في اآلخرة أشدُّ ‪.‬‬
‫يبني ذلك احلديث اآلتي‪:‬‬

‫س ِفي َنا من ال‬ ‫هلل ‪ ‬قال‪َ « :‬أ َت ْد ُرونَ ما املُفْ ِل ُس؟» قالوا‪ :‬املُفْ ِل ُ‬ ‫ول ا ِ‬ ‫عن أبي ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬أ َّن َر ُس َ‬
‫اع‪ ،‬فقال‪« :‬إ َِّن امل ُْف ِل َس من ُأ َّم ِتي َي ْأ ِتي يو َم ال ِق َيا َم ِة ب َِصالةٍ َو ِص َي ٍام َو َز َكاةٍ ‪َ ،‬و َي ْأ ِتي‬ ‫ِد ْر َه َم له وال َم َت َ‬
‫َك َد َم َه َذا‪َ ،‬و َض َر َب َه َذا؛ َف ُي ْع َطى َه َذا من‬ ‫ال َه َذا‪َ ،‬و َسف َ‬ ‫قد شَ َت َم َه َذا‪َ ،‬و َق َذ َف َه َذا‪َ ،‬و َأ َك َل َم َ‬
‫إن َف ِن َي ْت َح َس َنا ُت ُه قبل َأ ْن ُيقْ َضى ما عليه ُأ ِخ َذ من َخ َطا َيا ُه ْم‬ ‫َح َس َنا ِت ِه‪َ ،‬و َه َذا من َح َس َنا ِت ِه‪َ ،‬ف ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫َف ُط ِر َح ْت عليه‪ُ ،‬ث َّم ُط ِر َح في ال َّنارِ»‪.‬‬

‫(عاقبة الظلم) عنوان مناسب للدرس‪ ،‬تعاون مع زمالئك في اختيار عنوان أنسب واكتبه في أعلى الصفحة‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ترجمة راوي احلديث‬

‫معالم من حياته‬
‫ما أكثر شيء متيز به أبو هريرة ‪‬؟‬
‫‪..........................................................................‬‬
‫‪..........................................................................‬‬
‫‪...........................................................................‬‬
‫‪.‬‬

‫�إر�شـادات الحـديـث‬
‫‪ ١‬النبي ‪ ‬هو الْ ُ َربِّي العظيمُ واملعلِّم الرحيم‪ ،‬وأساليبه في التربية والتعليم متنوعة بقدر ما يحصل به التبليغ‬
‫والتأثير في الناس‪ ،‬وفي هذا احلديث يتخذ أكثر من أسلوب للتعليم هي‪:‬‬
‫�أ التعليم عن طريق إلقاء سؤال للحاضرين‪ ،‬وفي ذلك إثار ٌة لتفكيرهم وشدٌّ النتباههم‪.‬‬
‫ب احملاورة مع املتعلمني‪.‬‬
‫ج ذكر األمثلة ملا يريد بيانه وتوضيحه‪.‬‬
‫د التفصيل والتبيني‪.‬‬
‫هـ الترهيب من فعل احلرام‪.‬‬
‫و أسلوب السؤال عن بعض املعاني املعروفة للحاضرين‪ ،‬فحينما يخبرون مبا يعرفون يأتي مبعنى آخر لهذه‬
‫األلفاظ التي سألهم عنها‪ ،‬وهذا فيه نوع من إثارة الهمم وتثبيت املعلومة‪.‬‬
‫ويظهر في احلديث تفاعل الصحابة ‪ ‬مع هذا األسلوب وجتاوبهم معه‪ ،‬ومشاركتهم للنبي ‪ ‬بإجابة سؤاله‪،‬‬
‫ِس فِينَا‪ ،‬ف َبيَّنوا أنهم يعرفون املفلس في اللغة العربية وحسب‬ ‫ويالحظ تأدُّ بَهم في اجلواب حيث قالوا‪ :‬الْ ُفْ ل ُ‬
‫مفلس آخر غي ُر هذا فإنهم ال يعرفونه‪ ،‬ويتلقون بيان معناه من النبي ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫العرف السائد عندهم‪ ،‬وأما‬
‫‪ ٢‬دل احلديث على حترمي أذَى الناس بأي لون من ألوان األذَى‪ ،‬وهذا املعنى مأخوذ من معنى اإلسالم نفسه؛ فقد‬
‫(‪)2‬‬
‫ثبت عن النبي ‪ ‬أنه قال‪« :‬الْ ُْسلِمُ مَنْ سَ لِمَ الْ ُْسلِمُ ونَ مِنْ ل َِسا ِن ِه َويَدِ هِ»‪.‬‬
‫سب الناس وشتمُ هم مِن األخالق الذميمة التي يجب على املسلم أن يترفع عنها‪ ،‬قال زيد بن أسلم‪ :‬جعل‬ ‫‪ُّ ٣‬‬
‫وابن عمر ساكت‪ ،‬فلمَّ ا بلغَ باب داره التفت إليه فقال‪ :‬إني وأخي عاصمً ا ال‬ ‫يسب عبداهلل بن عمر‬
‫رجل ُّ‬
‫(‪)3‬‬
‫يقتصوا منه بأن يردُّ وا عليه مثل‬
‫بشتْم اآلخرين‪ ،‬ولم ُّ‬ ‫األدب الرفيعَ ‪ ،‬و أطلقَ لِسانَه َ‬ ‫َ‬ ‫نسب الناس‪ .‬ومَن َترَكَ هذا‬
‫ما شتَمَ هم به‪ ،‬ولم يت ُْب مِن ذلك ويتحللْ مِ َّن شتمه؛ َأتَى يو َم القيامة يحمل وِزره‪.‬‬
‫(‪ )1‬سبقت ترجمته ص‪45 :‬‬
‫(‪ )2‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )3‬اإلصابة في تمييز الصحابة ‪.185/4‬‬

‫‪126‬‬
‫مثل‪ :‬يا فاجر أو يا خبيث أو‬ ‫تعريضا‪ ،‬كأن يقول ً‬ ‫ً‬ ‫‪ ٤‬يحرم قذف املسلمني باملعاصي سواء بالكذب أو الظنْ صراح ًة أو‬
‫يا كافر أو يا منافق‪ ،‬أو يا زاني‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬قال تعالى‪fedcba`M :‬‬
‫‪. Lkjihg‬‬
‫(((‬

‫‪ ٥‬لقد أمر اإلسالم بحفظ أموال الناس‪ ،‬وحرَّم أكلَها بأي وجه من الوجوه‪ ،‬مثل‪ :‬الغصب‪ ،‬والسرقة‪ ،‬وجحد‬
‫العاريَّة‪ ،‬وتضييع األمانة‪ ،‬وأكل امليراث‪ ،‬وسواء أكان هذا املال كثيرًا أم قليالً‪ ،‬وإذا كان املرء ضعيفًا اشتدَّ حترمي‬
‫أكلِ مالِه؛ كاليتيم واملرأة والصغير‪.‬‬
‫َك الدماء املعصومة فقد ارتكب كبير ًة من كبائر الذنوب‪،‬‬ ‫‪ ٦‬لقد حرَّم اإلسالم سفك الدماء إال بحقها‪ ،‬فمَ ن سَ ف َ‬
‫وعرَّض نفسه لسخط اهلل وعقوبته‪.‬‬
‫بالضر ِْب بغير وجه حقٍّ جناية يعاقِب عليها في الدنيا بالقِ صاص أو التَّعزير‪ ،‬وإن‬ ‫‪ ٧‬ت ََسل ُُّط القويِّ على الضعيف َّ‬
‫َت‬ ‫لم يأخذ الضعيف حقَّه في الدُّ نيا فإن القِ صاص العدل يكون يو َم القيامة باألخذ من حسنات ظامله‪ ،‬وقد َثب َ‬
‫هلل بن ُأ َنيْس ‪ ‬عن النبي ‪ ‬في ذكر القِ صاص يوم القيامة وفيه‪« :‬أن اهلل تعالى يقول‪َ :‬ال ينبغي‬ ‫حديث عبدِ ا ِ‬
‫ُ‬
‫ألَحَ ٍد من أَهْ لِ النَّا َر أَنْ يَدْ خُ لَ النَّا َر َو َل ُه عِ نْدَ أَحَ ٍد من أَهْ لِ ا َجل َّن ِة حَ قٌّ حَ تَّى َأق َُّص ُه منه‪َ ،‬و َال ينبغي ألَحَ ٍد من أَهْ لِ ا َجل َّن َة‬
‫هلل‬
‫ْف وأنَّا إمنا نأتي ا َ‬ ‫أَنْ يَدْ خُ لَ ا َجل َّن َة َوألَحَ ٍد من أَهْ لِ النَّا ِر عِ نْدَ ُه حَ قٌّ حَ تَّى َأق َُّص ُه منه حَ تَّى اللَّطْ مَ ةُ»‪ ،‬قال‪ُ :‬ق ْلنَا‪ :‬كَ ي َ‬
‫(((‬
‫َات»‪.‬‬ ‫َالس ِّيئ ِ‬
‫َات و َّ‬‫ع َّز وجلَّ عُ رَا ًة غُ ْر ًال بُهْ مً ا؟ قال‪« :‬بِاحل ََسن ِ‬
‫‪ ٨‬السبيل الشرعي إلى جتنب اإلفالس يوم القيامة‪ :‬تركُ الظلم وردُّ احلقوق ألهلها‪ ،‬فإن وقع اإلنسان في الظلم‬
‫فالسبيل إلى التخلص منه يكون بالتوبة إلى اهلل تعالى‪ ،‬والتخلص من حقوق الناس بردها لهم‪ ،‬أو التحلل منهم‬
‫َت عن النبيِّ ‪ ‬أنه قالَ ‪« :‬مَنْ كَ ان َْت َل ُه مَظْ لَمَ ٌة‬ ‫عند عدم القدرة على ردها أو لكونها من احلقوق املعنوية‪ ،‬وقد َثب َ‬
‫ألَحَ ٍد مِنْ عِ ر ِْض ِه أو شَ ْيءٍ ؛ َف ْل َي َت حَ َّل ْل ُه منه ا ْليَوْ مَ؛ َقبْلَ أَنْ ال يَكُ ونَ دِ ينَا ٌر وال دِ رْهَ مٌ ‪ ،‬إنْ كانَ َل ُه عَ مَ لٌ َصالِحٌ أُخِ ذَ ِم ْن ُه‬
‫(((‬
‫َات َصاحِ ِب ِه فَحُ مِ لَ عَ َل ْيهِ»‪.‬‬‫َات أُخِ ذَ مِنْ سَ ِّيئ ِ‬‫ِبقَدْ ِر مَظْ لَمَ ِتهِ‪َ ،‬وإِنْ لم تَكُ نْ له حَ َسن ٌ‬
‫‪ ٩‬مَن مات وعليه ديون للناس أو حقوق فإن على ورثته قضاءها من َترِكَ ِتهِ‪ ،‬وإن كانت عليه حقوق معنوية من ظلم‬
‫صاحب احلق في إسقاط حقه عن امليت‪ ،‬وطلب التحليل منه والعفوِ‬ ‫ِ‬ ‫ونحوه فال بأس أن يسعى أولياء امليت لدَ ى‬
‫واملسامحةِ؛ حتى يتخلص امليت من احلقوق التي عليه للناس فيخف عليه احلساب يوم القيامة‪ ،‬ويستحب‬
‫(((‬
‫ﱪ ‪.‬‬ ‫لصاحب احلق حتليله؛ لقوله تعالى‪ :‬ﱫ‬

‫(‪ )1‬األحزاب‪.٥٨ :‬‬


‫(‪ )2‬رواه أحمد‪ ،‬والبخاري في األدب المفرد‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري‪.‬‬
‫(‪ )4‬الشورى‪.٤٠ :‬‬

‫‪127‬‬
‫موقف املسلم من أذى الناس‪:‬‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬

‫بالتعاون مع زمالئك‪ :‬اذكر أهم األسباب التي تؤدي إلى الوقوع في الظلم واالعتداء على اآلخرين‪:‬‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬
‫‪................................................................................‬‬

‫�س‪ :١‬مَن املفلس يوم القيامة؟‬


‫�س‪ :٢‬كيف ميكن الوقاية من اإلفالس في اآلخرة؟‬
‫�س‪ :٣‬ما حكم اإلسراع في رد املظالم؟ وكيف ميكن التحلل منها؟‬
‫�س‪ :٤‬من استدان من الناس وهو يريد األداء لكنه لم يستطع؛ فهل يشمله القصاص؟‬
‫استدل ملا تذكر‪.‬‬
‫�س‪ :٥‬ذَكَ َر احلديث مناذج إليقاع األذى بالناس؛ اذكر مناذج أخرى لم َترِدْ في احلديث‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫ثالثًا‪:‬‬
‫الثقافة‬
‫اإلسالمية‬
‫حق اهلل تعالى وحق الر�سول ‪‬‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تعدِّ د حقوق اهلل تعالى‪.‬‬
‫ت�ؤ ّدي حقوق اهلل كما �أمر �سبحانه‪.‬‬
‫ِّ‬
‫تعظم اهلل وجت ِّله وتثني عليه مبا هو �أهله‪.‬‬
‫تعدِّ د حقوق النبي ﷺ‪.‬‬
‫ت�ص ِّلي على النبي ﷺعند ذكره‪.‬‬
‫تنزل النبي ﷺ منزلته التي �أنزله اهلل �إياها‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫مَن الذين تعتقد أن لهم ح ًّقا عليك؟‬


‫مَن أعظم هؤالء ح ًّقا؟‬
‫إن حق اهلل تعالى وحق رسوله ‪ ‬هما أعظم احلقوق على املسلم‪ ،‬فما حق اهلل تعالى؟ وما حق الرسول ‪‬؟‬

‫حق اهلل تعالى‬

‫شكره‬ ‫رجاؤه‬ ‫الخوف منه‬ ‫محبته‬ ‫عبادته‬ ‫اإليمان به‬

‫وحق الرسول ‪‬‬

‫محبة أصحابه‬ ‫نشر سنته‬ ‫الصالة والسالم‬ ‫طاعته واتباعه‬ ‫محبته‬ ‫اإليمان برسالته‬
‫عليه‬

‫‪130‬‬
‫�أو ًال‪ :‬حق اهلل تعالى‬
‫حق اهلل تعالى أعظم احلقوق وأهمُّ ها‪ ،‬وهو أوالها باملراعاة‪ ،‬ألنه خالق الناس‪ ،‬وكل نعمة فهي منه‪ ،‬ولقد عرّفنا‬
‫حقه علينا رحم ًة بنا‪ ،‬من غير احتياج منه لنا‪ ،‬ويلزمنا القيام به‪ ،‬وحقوق اهلل تعالى على خلقه متنوعة ميكن‬
‫إجمالها فيما يأتي‪:‬‬
‫‪ ١‬توحيده وذلك بأن نؤمن‪ :‬بأنه اخلالق الرازق‪ ،‬احمليي املميت‪ ،‬املستحق للعبادة‪ ،‬وحده ال شريك له‪ ،‬ومن اإلميان‬
‫باهلل‪ :‬اإلميان بأسمائه وصفاته على الوجه الذي يليق بجالله من غير حتريف وال تعطيل‪ ،‬وال تكييف وال متثيل‪.‬‬
‫‪ ٢‬عبادته وحده ال شريك له‪ :‬والعبادة في اللغة‪ :‬التذلل واخلضوع‪.‬‬
‫وفي الشرع‪ :‬اسمٌ جامع لكل ما يحبه اهلل ويرضاه‪ ،‬من األقوال واألعمال الباطنة والظاهرة (((‪.‬‬
‫(((‬
‫وعبادة اهلل هي الغاية من خلق اجلن واإلنس‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﱪ ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫(((‬
‫«حق اهلل على العباد أن يعبدوه وال يشركوا به شيئًا»‪.‬‬
‫‪ ٣‬محبته فوقَ محب ِة كلِّ شيء‪ :‬وذلك مِن أوجب الواجبات‪ ،‬وال يكمُ ل إميان العبد إال بها‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫(((‬
‫«ثالث من كنَّ فيه‬
‫ٌ‬ ‫ﱪ ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫(((‬
‫أحب إليه مما سواهما»‪.‬‬
‫وجد بهنَّ حالوة اإلميان‪ :‬أن يكون اهلل ورسولُه َّ‬
‫واحملبة احلقيقية‪ :‬هي التي تدفع صاحبها للعمل مبا يرضي ربه‪ ،‬فإن عالمة صدق هذه احملبة‪ :‬االتباع‪ ،‬كما في‬
‫قوله تعالى‪ :‬ﱫ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﱪ ‪ ،‬وثمرتها‪ :‬محبة اهلل تعالى للعبد‪ ،‬ومغفرة ذنوبه‪ ،‬كما في تتمة‬
‫(((‬

‫ﱪ‪.‬‬ ‫اآلية‪ :‬ﱫ‬


‫قال احلافظ ابن حجر رحمه اهلل تعالى‪ :‬ومحبة العبد هلل حتصل بفعل طاعته وترك مخالفته(((‪.‬‬
‫‪ ٤‬مخافته جل وعال‪ ،‬ورجاؤُه‪ :‬واخلوف‪ :‬شعو ٌر في القلب يجعل صاحبه حذِ رًا مما يخافه‪ ،‬فمن خاف اهلل اتقاه‪،‬‬
‫فاملؤمن يخاف اهلل ويخشاه‪ ،‬ويخاف عذابه‪ ،‬فهو يحذر مما يسبب غضب اهلل عليه‪ ،‬ومن خاف في الدنيا أمِنَ‬
‫في اآلخرة‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﱪ ‪ ،‬وقال‪ :‬ﱫ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬
‫(((‬

‫ﯳﯴﯵﯶﯷﯸ ﱪ‬
‫(((‬
‫‪.‬‬
‫والرَّ جا ُء هو‪ :‬التطلع إلى رحمته تعالى وفضله‪ ،‬مع القيام بالصاحلات واجتناب السيئات‪.‬‬
‫وينبغي أن يوازن املؤمن بني اخلوف والرجاء؛ فيكون خائفًا من اهلل تعالى‪ ،‬راجيًا له دائمً ا‪ ،‬فإنه إن غلب عليه‬
‫اخلوف فقد يقع في اليأس والقنوط‪ ،‬وإن غلب عليه الرجاء فقد يترك العمل ويعيش في األماني والرجاء الكاذب‪،‬‬
‫(‪((1‬‬
‫ﱪ ‪.‬‬ ‫قال تعالى في وصف بعض عباده‪ :‬ﱫ‬
‫(‪ )٣‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬ ‫ ‬ ‫(‪ )٢‬الذاريات‪.٥٦ :‬‬ ‫(‪ )1‬العبودية البن تيمية ص‪ .38‬‬
‫(‪ )٦‬آل عمران‪.٣١ :‬‬ ‫ ‬
‫(‪ )٥‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬ ‫ ‬ ‫(‪ )٤‬البقرة‪.١٦٥ :‬‬
‫(‪ )٩‬النازعات‪.٤١-٤٠ :‬‬ ‫ ‬ ‫(‪ )٨‬الرحمن‪.٤٦ :‬‬ ‫ ‬
‫(‪ )٧‬فتح الباري ‪ 61/1‬شرح الحديث رقم (‪.)16‬‬
‫(‪ )١٠‬اإلسراء‪.٥٧ :‬‬

‫‪131‬‬
‫‪ ٥‬شُ كره جلَّ في عُ اله‪ :‬من أعظم حقوق اهلل تعالى شكره على جميع نعمه الظاهرة والباطنة‪ ،‬وقد أمر اهلل تعالى‬
‫(((‬
‫ﱪ ‪.‬‬ ‫بشكره‪ ،‬ونهى عن جحود نعمته‪ ،‬فقال تعالى‪ :‬ﱫ‬

‫وحقيقة الشكر‪ :‬ظُ هور أثر نعمة اهلل على لسان عبده بالثناء عليه واالعتراف بنعمه‪ ،‬وعلى قلبه مبحبته وشُ هو ِد ِنعَمِ هِ‪،‬‬
‫واجب بالقلب‪ ،‬واللسان‪ ،‬واجلوارح‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫وعلى جوارحه باالنقيا ِد له وطاعتِه‪ ،‬فالشكر ليس مُجَ َّر َد النطق باللسان‪ ،‬بل هو‬
‫ومن جحود نعمة اهلل‪ :‬استعمالها فيما يكرهه من الكفر والفسوق واملعاصي‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫ثانياً‪ُّ :‬‬
‫حق الر�سولِ‬
‫(((‬
‫الرسولُ ‪ ‬أفضل خلق اهلل‪ ،‬وسيدُ ولد آدم‪ ،‬وصاحب املنزلة الرفيعة واملقام احملمود ‪ ،‬وفضله علينا عظيم؛‬
‫حريصا على هداية الناس‬ ‫ً‬ ‫فقد هدانا اهلل به لإلسالم‪ ،‬وأنقذنا به من الضالل‪ ،‬وقام بالدعوة خير قيام‪ ،‬فكان‬
‫ﱪ ‪ ،‬ولذا فإن له علينا حقوقًا جتب‬ ‫ال لألذى في ذلك‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫(((‬
‫متحم ً‬
‫مراعاتها‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ ١‬اإلميان بأنه رسول اهلل تعالى‪ ،‬أرسله إلى الناس كافة بشيرًا ونذيرًا وهاديًا إلى اهلل وسراجً ا منيرًا‪ ،‬وأنه خامت األنبياء‬
‫(((‬
‫‪.‬‬ ‫عليهم الصالة والسالم‪ .‬قال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫واألمهات‪ ،‬واألوالدِ وجميعِ الناس‪ ،‬محبة صادقة ُتثْمر طاعته واتباع‬
‫ِ‬ ‫‪ ٢‬محبته ‪ ‬فوق محبة النفس واآلبــاءِ‪،‬‬
‫(((‬
‫سُ َّن ِتهِ‪ ،‬قــال ‪«:‬ال يؤمن أحدكم حتى أكــون أحــب إليه من والــده‪ ،‬وولــده‪ ،‬والناس أجمعني» ‪ ،‬وعن‬
‫عبداهلل بن هشام ‪ ‬قــال‪ :‬كنا مع النبي ‪ ‬وهو آخــذٌ بيد عمر بن اخلطاب ‪ ،‬فقال له عمر‪ :‬يا رسول‬
‫أحب‬
‫اهلل‪ ،‬ألنت أحب إليَّ من كل شيء إال من نفسي‪ .‬فقال النبي ‪« :‬ال والذي نفسي بيده‪ ،‬حتى أكون َّ‬
‫(((‬
‫أحب إليَّ مِن نفسي‪ ،‬فقال النبي ‪« :‬اآلن يا عمر» ‪.‬‬‫ألنت ُّ‬‫إليك من نفسك»‪ ،‬فقال عمر‪ :‬فإنه اآلن واهلل َ‬
‫‪ ٣‬طاعته واتِّباعه‪ :‬فطاعته‪ :‬امتثال أمره‪ ،‬واجتناب نهيه‪ ،‬فأمره ونهيه حجة على كل من بلغه ذلك‪ ،‬ال يجوز‬
‫للمسلم التأخر وال التواني عن االستجابة له‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫(((‬
‫‪.‬‬ ‫ﱪ‬
‫ومن اتِّباعه‪ :‬االقتداء به في عبادته وسلوكه‪ ،‬وفي كل عمله ‪ ،‬مما هو داخل في حكم الواجب واملستحب‪،‬‬
‫فالرسول ‪ ‬قدوة لنا‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫(((‬
‫‪.‬‬ ‫ﱪ‬

‫(‪ )٣‬الشعراء‪.٣ :‬‬ ‫ ‬


‫(‪ )٢‬المقام المحمود هو الشفاعة الكبرى للنبي ‪.‬‬ ‫ ‬‫(‪ )1‬البقرة‪.١٥٢ :‬‬
‫(‪ )٦‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫ ‬ ‫(‪ )٥‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫ ‬
‫(‪ )٤‬األحزاب‪.٤٠ :‬‬
‫ ‬ ‫(‪ )٨‬األحزاب‪.٢١ :‬‬ ‫ ‬‫(‪ )٧‬األنفال‪.٢٤ :‬‬

‫‪132‬‬
‫وقد اهتم األئمة بجمع أحوال النبي ‪ ‬وأوصافه وأخالقه‪ ،‬ومن أحسن ما أُلف في هذا كتاب‪( :‬زاد املعاد في‬
‫هدي خير العباد) للعالمة ابن القيم رحمه اهلل تعالى‪.‬‬
‫‪ 4‬التحاكم إلى دينه وشرعه والرضا بحكمه‪ :‬كما قال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ ((( ‪.‬‬
‫‪ 5‬الصالة والسالم عليه ‪ :‬وهي واجبة في الصالة‪ ،‬وعند ذِ كــره‪ ،‬ومشروعة في مواضع كثيرة‪ ،‬منها‪ :‬في‬
‫الصباح‪ ،‬واملساء‪ ،‬وفي كل مجلس‪ ،‬وبعد األذان‪ ،‬وعند الدعاء‪ ،‬ويستحب اإلكثار منها يوم اجلمعة‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫ﱪ(((‪ .‬وفي فضلها قال ‪:‬‬ ‫ﱫ‬
‫«مَنَ َصلَّى عليّ واحد ًة صلَّى اهلل عليه عشرًا» (((‪ ،‬وفي ذم تاركها قال ‪:‬‬
‫ُكرت عنده فلم ي َُصلِّ عَ لَيَّ »(((‪.‬‬ ‫«البخيلُ مَن ذ ُ‬
‫‪ 6‬نشر سُ َّن ِت ِه ‪ ‬والذب عنها‪ ،‬والدعوة إليها وهذا مِن حقوقه العظيمة ‪‬؛‬
‫إذ إن هديَه وسنتَه هي املصدر الثاني للتشريع اإلسالمي‪ ،‬وبها كَ مُ لَ الدين‪،‬‬
‫وأُتِ َّت النعمة‪ ،‬وبنشرها ينتشر الدِّ ين في األرض‪ ،‬ويعم اخلير ويندحر الشر‪،‬‬
‫هلل امْرءًا سَ مِ عَ َمقَا َلتِي َفوَعَ اهَ ا‪ ،‬ثُمَّ َأدَّاهَ ا ِإلَى مَنْ لَمْ ي َْسمَ عْ هَ ا؛‬
‫قال ‪« :‬ن ََّض َر ا ُ‬
‫(((‬
‫َفر َُّب حَ امِلِ فِقْ هٍ َال فِقْ َه َلهُ‪َ ،‬ور َُّب حَ امِلِ فِقْ هٍ ِإلَى مَنْ ُه َو َأ ْف َق ُه ِمنْه» ‪.‬‬
‫‪ 7‬مح َّب ُة أهل بيته ‪ :‬أهل البيت‪ :‬هم آل النبي ‪ ‬الذين حرمت عليهم‬
‫الصدقة‪ ،‬وهم‪ :‬آل علي‪ ،‬وآل جعفر‪ ،‬وآل عقيل‪ ،‬وآل العباس‪ ،‬وبنو احلارث‬
‫ابن عبداملطلب‪ ،‬وأزواج النبي ‪ ‬وأبناؤه وبناته‪.‬‬
‫يجب على املسلمني محبتهم وتوقيرهم‪ ،‬وقد زكاهم اهلل تعالى بقوله‪:‬‬
‫ﱫ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﱪ (((‪ ،‬كما أوصى بهم رسول اهلل ‪ ‬في‬
‫قوله‪« :‬أذكركم اهلل في أهل بيتي» فقام صحابة رسول اهلل بحق آل بيته خير قيام فبادلوهم احملبة والتقدير واالحترام‬
‫وعلى هذا درج أهل السنة واجلماعة‪.‬‬
‫وضاللٌ (((‪ ،‬فَهُ مْ حَ مَ َل ُة الدِّ ين‪ ،‬وأصحاب سيِّد‬ ‫‪ 8‬مح َّب ُة أصحابه ‪ ‬وتوقيرُ هم‪ :‬فمحبتهم واجبةٌ‪ ،‬وسبُّهم مُحَ َّر ٌم َ‬
‫نقص‪،‬‬‫بعيب أو ٍ‬
‫أحد منهم ٍ‬ ‫املرسلني‪ ،‬وخير الناس بعد النبيني‪ ،‬فال يجوز ألحد أن يذكرهم بذم‪ ،‬أو يطعن على ٍ‬
‫أحد ذَهَ بًا ما َبلَغَ مُدَّ أحَ دِ هِ م و َال ن َِصي َف ُه»(((‪.‬‬
‫قال ‪« :‬ال تَسبُّوا أصحابي‪َ ،‬فلَوْ أنَّ أحدَ كم أنفقَ مثل ٍ‬
‫(‪ )1‬النساء‪.٦٥ :‬‬
‫(‪ )2‬األحزاب‪.٥٦ :‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )4‬رواه الترمذي‪ ،‬والنسائي‪.‬‬
‫(‪ )5‬مسند أحمد‪ ،‬وسنن أبي داود‪.‬‬
‫(‪ )6‬األحزاب‪.٣٣ :‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬الصارم المسلول البن تيمية ص‪ 567‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )8‬رواه البخاري‪.‬‬
‫‪133‬‬
‫ من حقوق اهلل تعالى تعظيمه‪ ،‬وعظمة املخلوق تدل على عظمة اخلالق‪ ،‬ابحث عن صورة تدل على عظمة‬
‫اخلالق‪ ،‬وألصقها في املكان احملدد‪:‬‬

‫الناس في القيام بحقوق النبي ‪ ‬طرفان ووسط فمن الناس من قام بحقوقه كما أمر اهلل‪ ،‬ومِن الناس من جفاه‬
‫وقصر في حقه‪ ،‬ومنهم مَن غال فيه وأنزله فوق منزلته التي وضعه اهلل فيها‪ ،‬أورد صورًا من الغلو فيه ‪،‬‬ ‫َّ‬
‫وصورًا من اجلفاء له‪:‬‬
‫صور اجلفاء فيه‬ ‫صور الغلو فيه‬

‫�س‪ :١‬عدِّ د حقوق اهلل على عباده‪ ،‬وما أعظم هذه احلقوق؟‬
‫�س‪ :٢‬ما ثمرات محبة اهلل؟‬
‫�س‪ :٣‬متى يكون الرجاء محمودًا؟ ومتى يكون مت ِّنيًا مذمومًا؟‬
‫�س‪ :٤‬عدِّ د حقوق النبي ‪.‬‬
‫�س‪ :٥‬ما وسائل تنمية محبته ‪‬؟‬
‫�س‪ :٦‬اختر اإلجابة الصحيحة فيما يأتي‪:‬‬
‫‪ ١‬جتب الصالة على النبي ‪:‬‬
‫في الصالة‪.‬‬ ‫د‬ ‫بعد األذان‪ .‬‬ ‫ج‬ ‫�أ في الصباح واملساء‪ .‬ب يوم اجلمعة وليلتها‪ .‬‬
‫‪ ٢‬يبحث كتاب زاد املعاد في‪:‬‬
‫التفسير‪.‬‬ ‫د‬ ‫هدي النبي ‪.‬‬ ‫ج‬ ‫�أ مسائل اليوم اآلخر‪ .‬ب أحكام املعامالت‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫الدعو ُة �إلى‪ ‬اهلل تعالى‪ ،‬و�صو ٌر ِمن َه ْد ِي النبي ‪ ‬في ذلك‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تدرك �أهمية الدعوة �إلى الإ�سالم‪.‬‬
‫تبي حكم الدعوة �إلى الإ�سالم‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ت�ستنتج ف�ضيلتني من ف�ضائل الدعوة‪.‬‬
‫تدرك غايات الدعوة �إلى الإ�سالم‪.‬‬
‫تعدِّ د �أخالق الدعاة �إلى اهلل‪.‬‬
‫ظهر االنحراف في البشر بعد أن كانوا على التوحيد واإلميان باهلل فأرسل اهلل الرسل‪ ،‬ابتداء من نوح ‪ ‬إلى خامتهم‬
‫محمد ‪ ‬فما مهمة الرسل؟ وما فضيلة من تابعهم في هذه املهمة؟‬
‫إن مهمة الرسل هي الدعوة إلى اهلل وتبليغ شريعته وإصالح ما فسد من عقائد الناس‪ ،‬ومن تابع الرسل في مهمتهم‬
‫هم الدعاة إلى اهلل‪.‬‬

‫�أهمية الدعوة �إلى‪ ‬اهلل‬


‫ملا كان نبينا ‪ ‬هو خامت النبيني وكانت رسالته للناس كافة‪ ،‬حُ مّ لت أمته أمانة الدعوة إلى اهلل تعالى‪:‬ﱫ‬
‫ﮥﱪ ((( ‪.‬‬
‫وقد نالت هذه األمة احملمدية بهذا التكليف تشريف ًا على سائر األمم‪ ،‬حيث وصفها‪ ‬اهلل تعالى ف‍ي كتابه بقوله‪:‬‬
‫ﱫﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﱪ (((‪ ،‬فجعل سبحانه اخليرية‬
‫‪،‬‬ ‫لها على سائر األمم بسبب ما تقوم به من األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬وهذه وظيفة األنبياء واملرسلني‬
‫واململكة من البالد املسلمة التي تهتم باألمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬وأنشأت لذلك جهازاً يختص به ويعتني‬
‫بشؤونه‪.‬‬

‫ف�ضائل الدعوة �إلى‪ ‬اهلل‬


‫الدعوة إلى‪ ‬اهلل تعالى من أجلِّ األعمال وأفضلها‪ ،‬والداعي إلى‪ ‬اهلل هو أحسن الناس عند‪ ‬اهلل قوالً‪ ،‬وأعظمهم أجرًا‪،‬‬
‫ﱪ (((‪.‬‬ ‫قال‪ ‬اهلل تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫وعن أبي هريرة ‪ ‬أن رسول‪ ‬اهلل ‪ ‬قال‪«:‬مَن دعا إلى هدى كان له من األجر مثل أجور مَن تبعه الينقص ذلك مِن‬
‫أجورهم شيئًا‪ ،‬ومَن دعا إلى ضاللة كان عليه مِن اإلثم مثل آثام مَن تبعه‪ ،‬الينقص ذلك من آثامهم شيئًا»(((‪.‬‬
‫(‪ )1‬آل عمران‪.١٠٤ :‬‬
‫(‪ )2‬آل عمران‪.١١٠ :‬‬
‫(‪ )3‬فصلت‪.٣٣ :‬‬
‫‪135‬‬ ‫(‪ )4‬رواه مسلم‪.‬‬
‫غاي ُة الدعوة �إلى‪ ‬اهلل‬
‫تتلخص غاي ُة الدعو ِة إلى اهلل تعالى في هدفني أساسني هما‪:‬‬
‫‪ ١‬إبالغ الرسالة وأداء األمانة‬
‫ق ـ ــال اهلل ت ــع ــال ــى‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ (((‪.‬‬
‫فاملقصود األول للداعي إلى اهلل هو أداء األمانة التي حتمَّ لها‪ ، ‬وإبالغ رسالة اإلسالم‪.‬‬
‫ولذا فإن الداعية إلى‪ ‬اهلل تعالى ال يصده عن دعوته شيء البته‪ ،‬فسواء استجاب له الناس‪ ، ‬وقبلوا دعوته‪ ،‬أم أعرضوا عنه‪،‬‬
‫ولم يستجيبوا له‪ ،‬ألن مقصده وغايته امتثال أمر ربِّه‪ ،‬والسعي إلى رضوانه بتبليغ دينه‪.‬‬
‫‪ ٢‬السعي إلى هداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور‬
‫قالتعالى‪ :‬ﱫﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﱪ (((‪.‬‬
‫وعن سهل بن سعد الساعدي ‪ ‬أن رســول‪ ‬اهلل ‪ ‬قال يوم خيبر لعلي بن أبي طالب ‪ ‬وقد أعطاه الراية‪« :‬ا ْنفُذْ‬
‫على رِسْ لِك حتى تن‍زل بساحتهم‪ ،‬ثم ادعهم إلى اإلسالم‪ ،‬وأخبرهم مبا يجب عليهم من حق‪ ‬اهلل تعالى فيه‪ ،‬فو‪ ‬اهلل‪ ‬ألن‬
‫ال واحدً ا خير لك من حُ مْ ر ال َّنعَم»‪.(((.‬‬
‫يهدي‪ ‬اهلل بك رج ً‬
‫ولذا فإن الداعية يُقبل على الناس بدعوته وف‍ي قلبه الرحمة بهم‪ ،‬والشفقة عليهم‪ ،‬واحلرص على هدايتهم‪ ،‬فيصبر على‬
‫ﱪ (((‪.‬‬ ‫أذاهم‪ ،‬ويتحمل املشقة ف‍ي سبيل إيصال الهداية إليهم‪ ،‬قال‪ ‬اهلل تعالى‪ :‬ﱫ‬

‫غاية الدعوة إلى اهلل‬

‫السعي إلى هداية الناس‬


‫إبالغ الرسالة وأداء األمانة‬
‫وإخراجهم من الظلمات إلى النور‬

‫(‪ )1‬المائدة‪.٦٧ :‬‬


‫(‪ )2‬إبراهيم‪.١ :‬‬
‫(‪ )3‬البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )4‬األنبياء‪.١٠٧ :‬‬

‫‪136‬‬
‫�أخالق الداعية �إلى اهلل‬
‫للداعي إلى اهلل تعالى آداب ينبغي له االلتزام بها لينجح في دعوته‪ ،‬من أهمها‪:‬‬
‫�أ لني الكالم وعذوبة املنطق‬
‫إن الكلمة اللينة العذبة تسري ف‍ي أعماق النفوس‪ ،‬حتى تأسرها أسرًا رفيقًا‪ ،‬فتأخذ بزمامها‪ ، ‬وجتذب‍ها إليها‪ ، ‬وهي‬
‫راضية مطمئنة‪ ،‬وقد قال‪ ‬اهلل تعالى مخاطبًا موسى وأخاه وموجهً ا لهما في دعوة فرعون‪ :‬ﱫ‬
‫(((‬ ‫(((‬
‫ﱪ ‪.‬‬ ‫ﱪ ‪ .‬وقال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫ني الكالم‪ ،‬ومِن ذلك‪:‬‬ ‫ولقد ضرب الرسول ‪ ‬أروع األمثلة ف‍ي حسن اخلطاب و ِل ِ‬
‫‪ ١‬أنه ‪ ‬كان ف‍ي املوسم مبنى يعرض نفسه على القبائل‪ ،‬فأتى قومًا يقال لهم‪( :‬بنو عبداهلل)‪ ،‬فدعاهم إلى‪ ‬اهلل‪،‬‬
‫(((‬
‫َض عليهم نفسه‪ ،‬حتى إنه ليقول لهم‪« :‬يا بني عبداهلل‪ ،‬إن‪ ‬اهلل ع ّز وجلّ قد أحسن اسم أبيكم» ‪ ، ‬يتلطف‬ ‫وعَ ر َ‬
‫لهم بذلك‪. ‬‬
‫والطب ثمنًا لترك الدعوة‪ ،‬وعدم مخاطبة قريش ب‍ها‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ ٢‬ولَمّ ا جاءه عتبة بن ربيعة يعرض عليه املال واجلاه والنساء‬
‫قال ‪« :‬أقد‪ ‬فرغت يا أبا الوليد؟»‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪« :‬فاسمع مني»‪ ،‬فتال عليه اآليات من سورة فصلت‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫(((‬
‫«قد سمعت يا أبا‪ ‬الوليد ما سمعت‪ ،‬فأنت وذاك» ‪ . ‬فيدعوه بكنيته ال بِاسْ مِ ِه َتلَطُّ فًا ف‍ي اخلطاب‪.‬‬
‫التبسم وطالق ُة الوجه‬ ‫ُّ‬ ‫ب‬

‫التبسم وطالق ُة الوجه‪ ،‬وقد كان رسول‪ ‬اهلل ‪ ‬يظهر‬ ‫من أحسن السبل لتأليف القلوب واستجالبها لقبول الدعوة‪ُّ :‬‬
‫هلل ‪ُ ‬منْذُ‬
‫هلل ‪« :‬مَا حَ جَ َبنِي رَسولُ ا ِ‬ ‫البشاشة‪ ،‬ويكثر التبسم ألصحابه‪ ، ‬ومن يَفِ دُ عليه‪ ،‬قال جَ رِي ُر بنُ عبدا ِ‬
‫(((‬ ‫(((‬
‫أَسْ لَمْ ُت‪ ،‬و َال رَآنِي إال َض ِح َك» ‪ ،‬وفي رواية للبخاري‪« :‬و َال رَآنِي إال َتبَسَّ مَ في وَجْ هِ ي» ‪ ،‬وعن أبي ذر ‪ ‬قال‪:‬‬
‫(((‬
‫ُوف شيئًا َولَوْ أَنْ َت ْلقَى أَخَ اكَ ِبوَجْ هٍ طَ ل ٍْق»‪.‬‬
‫قال لي النبي ‪« :‬ال َتْقِ رَنَّ مِنَ الْ َعْ ر ِ‬
‫ج العفو واإلحسان‬
‫مما يتألف به الداعية قلوب الناس‪ :‬العفو عنهم‪ ،‬واإلحسان إليهم‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫(((‬
‫ﱪ ‪ ،‬ومِن عفوه ‪ ‬وإحسانه‪ :‬ما قاله ‪ ‬لقومه يوم فتح مكة‪« :‬يا معشر قريش‪ ،‬ما ترون أني‬
‫فاعل فيكم؟»‪ ،‬قالوا‪ : ‬خيرًا‪ ،‬أخٌ كرمي‪ ،‬وابن أخ كرمي‪ .‬قال‪« :‬اذهبوا فأنتم الطلقاء»‪ ،‬ثم جلس رسول‪ ‬اهلل ‪ ‬ف‍ي‬
‫املسجد‪ ،‬فقام إليه علي بن أبي طالب ومفتاح الكعبة ف‍ي يده‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول‪ ‬اهلل‪ ،‬اجمع لنا احلجابة مع السقاية‬
‫صلى‪ ‬اهلل عليك‪ ،‬فقال رسول‪ ‬اهلل ‪« :‬أين عثمانُ بنُ طلحة؟»‪ ،‬فدُ عي له‪ ،‬فقال‪« :‬هاكَ مِفتاحَ ك يا‪ ‬عثمان‪ ،‬اليو ُم‬
‫يو ُم ِب ٍّر َو َوفَاءٍ »(((‪.‬‬
‫(‪ )1‬طه‪.٤٤ :‬‬
‫(‪ )2‬النحل‪.١٢٥ :‬‬
‫(‪ )3‬ابن هشام ـ السيرة النبوية ـ ‪.424/1‬‬
‫(‪ )4‬المصدر السابق ‪.294/1‬‬
‫(‪ )5‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )6‬رواه البخاري‪.‬‬
‫(‪ ) 7‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )8‬المائدة‪.١٣ :‬‬
‫(‪ )9‬ابن هشام ـ السيرة النبوية ـ ‪.412/1‬‬
‫‪137‬‬
‫لني الكالم‬
‫وعذوبة‬ ‫الدعوة ببيان محا�سن الدين الإ�سالمي‬
‫املنطق‬

‫«إنَّ من أكبر الدعوة إلى دين‬ ‫يقول العالمة ابن سعدي‬


‫اإلسالم شرح ما احتوى عليه من احملاسن التي يقبلها ويتقبلها‬
‫من أخالق‬ ‫عقل وفطرة سليمة‪ ،‬فلو تصدّ ى للدعوة إلى هذا‬ ‫كلُّ صاحب ٍ‬
‫الدين رجالٌ يشرحون حقائقه‪ ،‬ويبينون للخلق مصاحله‪ ،‬لكان‬
‫الدعاة‬ ‫التبسم‬ ‫ذلك كافي ًا كفاية تام ًة في جذب اخللق إليه‪.(((»..‬‬
‫العفو‬
‫واإلحسان‬ ‫وطالقة‬
‫الوجه‬

‫استنتج من النصوص اآلتية فضائل الدعوة مع توضيح وجه االستدالل‪:‬‬


‫وجه االستدالل‬ ‫الفضيلة‬ ‫النص‬
‫قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﱪ‪.‬‬

‫قال اهلل تعالى‪:‬‬

‫قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ‬


‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﱪ ‪.‬‬

‫واحدا‪ ،‬خير لك من حمر‬ ‫ال ً‬ ‫قال ‪« :‬ألن يهدي اهلل بك رج ً‬


‫النعم»(‪.)2‬‬
‫قال ‪َ « :‬م ْن َد َعا إلى ُه ًدى كان َل ُه من ا َأل ْج ِر ِمث ُْل ُأ ُجو ِر من‬
‫َت ِب َع ُه‪َ ،‬ال َي ْن ُق ُص ذلك من ُأ ُجور ِِه ْم َش ْي ًئا»(‪.)3‬‬

‫اإلسالمي للشيخ عبد الرحمن ابن سعدي ص‪ ،.8:‬ط‪ ،1419 ،1‬تحت إشراف رئاسة إدارة البحوث العلمية‬
‫ّ‬ ‫(‪ )1‬الدُّ رة المختصرة في محاسن الدين‬
‫واإلفتاء‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫تنوعت وسائل الدعوة‪ِّ ،‬بي كيف ميكن توظيف الوسائل اآلتية في الدعوة إلى اهلل‪:‬‬
‫كيفية التوظيف‬ ‫الوسيلة‬ ‫م‬
‫الكتاب املدرسي‬ ‫‪1‬‬
‫اللوحات اإلعالنية‬ ‫‪2‬‬
‫شبكة اإلنترنت‬ ‫‪3‬‬
‫وسائل التواصل احلديثة‬ ‫‪4‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪................... 5‬‬
‫‪..................‬‬ ‫‪6‬‬

‫�س‪ :١‬مِن خالل ما درست في الدرس ِّبي حكم الدعوة إلى اهلل‪ ،‬مستد ًال ملا تذكر‪.‬‬
‫�س‪ :٢‬ما غايات الدعوة إلى اهلل؟‬
‫�س‪ :٣‬مِن أخالق الداعية‪ :‬العفو والتسامح‪ ،‬أورد من مواقف النبي ‪ ‬ما يدل على ذلك‪.‬‬
‫�س‪ :٤‬مِن األساليب املناسبة للدعوة إلى اهلل‪ :‬بيان محاسن اإلسالم‪ ،‬أورد ثالث ًا من محاسن اإلسالم‬
‫التي ترى أنها مؤثرة في ترغيب الناس في الدخول فيه‪.‬‬

‫)‪ )1‬يضيف الطالب وسيلتني‪ ،‬ثم يبني كيفية توظيفهما‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫اال�ســ ِتــقَــــا َمــــةُ‬
‫ْ‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تع ّرف اال�ستقامة‪.‬‬
‫ت�ستنتج ف�ضل اال�ستقامة‪.‬‬
‫تبي ما تتحقق به اال�ستقامة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تعدِّ د ثمرات اال�ستقامة‪.‬‬

‫ﱪ ((( ‪.‬‬ ‫في سُ ور ِة الفاحت ِة يقول اهلل تعالى‪ :‬ﱫ‬


‫نحن نقرأ هذه اآلية الكرمية مرارًا في صلواتنا؛ فكم مرة نقرؤها كل يوم؟‬
‫هذه اآلية الكرمية اشتملت على سؤال االستقامة؛ فهل فكرت يومًا‪ :‬عالم يدل ذلك؟‬
‫ما االستقامة؟ وكيف يحققها املؤمن؟ وما ثمراتها؟‬

‫ت ـعــري ــف اال�س ـتـقـامــة‬


‫فالشيء املستقيم هو املعتدل الذي ال اعوجاج فيه‪ ،‬ويأتي هذا في ْالِسِّ يَّات‪،‬‬ ‫االستقامة‪ :‬ضد االعوجاج واالنحراف‪َّ ،‬‬
‫تقول‪ :‬هذا طريق مستقيم وهذا طريق مُعْ وَجٌّ (((‪ ،‬كما يأتي في الْ َعْ نويَّات؛ كاالستقامة على الدِّ ين‪.‬‬
‫واالستقامة في الشرع هي‪ :‬سلوك الصراط املستقيم‪ ،‬من غير ميل عنه مينة وال يسرة‪ ،‬ويشمل ذلك فعلَ الطاعات‬
‫والثبات على ذلك حتى املمات‪.‬‬‫َ‬ ‫كلِّها الظاهر ِة والباطنةِ‪ ،‬وتركَ الْ َنهيَّات كلِّها‪ ،‬الظاهر ِة والباطنةِ‪،‬‬
‫ﱪ ((( ‪ ،‬وقال النبي ‪ ‬للذي قال له‪ :‬قُلْ لِي فِي‬ ‫واالستقامة واجبة قال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫هلل فاسْ تَقِ مْ » (((‪.‬‬ ‫اإلسْ ال ِم قَوْ ال ال أَسْ أَلُ عَ ْن ُه أَحَ دً ا بَعْ دَ كَ ؟ قَالَ ‪« :‬قُلْ آ َمن ُ‬
‫ْت بِا ِ‬
‫واالستقامة وسط بني الغلو والتقصير‪ ،‬وكالهما منهي عنه شرعا‪.‬‬

‫�أ�ص ــل اال�س ـتـقـامــة‬


‫وأصل االستقامة‪ :‬استقامة القلب على التوحيد‪ ،‬فمتى استقام على معرفة اهلل وخشيته وإجالله ومحبته ورجائه استقامت‬
‫اجلوارح كلُّها على طاعته‪ ،‬فإن القلب َمل ُِك األعضاء‪ ،‬وهي جنوده فإذا استقام امللك استقامت اجلنود والرعايا‪.‬‬

‫(‪ )1‬الفاتحة‪.٦ :‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬التعريفات للجرجاني ص‪.37‬‬
‫(‪ )3‬هود‪.١١٢ :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫فـ�ضـل اال�س ـتـقـامــة‬
‫االستقامة هي سبيل احلياة السعيدة في الدنيا؛ فبها طمأنينة القلب‪ ،‬وطيب النفس‪ ،‬وراحة الضمير‪ ،‬وهي طريق‬
‫العزة والكرامة بني الناس‪ ،‬فاملستقيم محل ثقة الناس‪ ،‬وموضع تقديرهم وإجاللهم‪ ،‬واالستقامة هي الرجولة احلقة‪،‬‬
‫وبها يحصل االنتصار العظيم في معركة احلياة على األهواء والشهوات‪ ،‬وهي سبيل الظفر باملطالب العالية‪.‬‬
‫ومن فضائلها أن اهلل تعالى أثنى على أهل االستقامة ووعدهم بالثواب اجلزيل في اآلخرة فقال تعالى‪ :‬ﱫﰄ ﰅ‬
‫ﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛﱪ ((( ‪ ،‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﱪ((( ‪.‬‬

‫ما تتحقق به اال�س ـتـقـامــة‬


‫تتحقق االستقامة مبعرفة اخلير واالجتهاد في فعله‪ ،‬ومعرفة الشر واالجتهاد في تركه‪ ،‬سواء في حقوق اهلل عز وجل‬
‫أو حقوق عباده‪ ،‬وأعظم اخلير وأفضل الطاعات توحيد اهلل تعالى وإخالص العبادة له‪ ،‬ومتابعة الرسول ‪ ‬وذلك‬
‫مقتضى الشهادتني‪.‬‬
‫ومن شروط االستقامة‪ :‬أداء الفرائض والواجبات؛ من صالة وزكاة وصوم وحج‪ ،‬وبر الوالدين وصلة الرحم‪،‬‬
‫والصدق واألمانة والوفاء بالوعد وغيرها من األخالق الواجبة‪ ،‬ومن شروطها‪ :‬اجتناب احملرمات‪ ،‬فال استقامة مع‬
‫مقارفة املنكرات‪.‬‬
‫ومما يعزز االستقامة ويثبتها‪ :‬اإلحسان إلى الناس‪ ،‬وبذل املعروف‪ ،‬واالجتهاد في نوافل الطاعات من صالة وصدقة‪،‬‬
‫فعن أبي هريرة ‪ ‬أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪« :‬إن اهلل قال‪ :‬مَن عادى لي ول ّيًا فقد آذنته باحلرب‪ ،‬وما تقرب إليَّ عبدي‬
‫أحب إليَّ مما افترضت عليه‪ ،‬وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه‪ ،‬فإذا أحببته كنت سمعه الذى‬ ‫بشيء َّ‬
‫يسمع به‪ ،‬وبصره الذى يبصر به‪ ،‬ويده التي يبطش بها ورجله التي ميشي بها‪ ،‬وإن سألني ألعطينه‪ ،‬ولئن استعاذني‬
‫ألعيذنه»(((‪.‬‬

‫(‪ )1‬األحقاف‪.١٤-١٣ :‬‬


‫(‪ )2‬فصلت‪.٣٠ :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫مما يحقق‬
‫االستقامة‬
‫توحيد اهلل تعالى‬
‫اجتناب احملرمات‬
‫وإخالص العبادة له‬

‫االجتهاد في نوافل‬
‫متابعة الرسول ‪‬‬
‫الطاعات‬

‫أداء الفرائض‬
‫والواجبات‬
‫ثـمـرات اال�س ـتـقـامــة‬
‫‪ ١‬طمأنينة القلب‪ ،‬وانشراح الصدر بدوام الصلة باهلل عز وجل‪ ،‬واملداومة على طاعته‪.‬‬
‫‪ ٢‬عمارة األوقات بالطاعات واألعمال الفاضلة والنافعة‪ ،‬والبعد عن األقوال واألفعال املذمومة واملنكرة‪.‬‬
‫‪ ٣‬رفعة املستقيم وعلو منزلته‪ ،‬ومحبة القلوب له وثناء الناس عليه‪.‬‬
‫‪ ٤‬حسن العاقبة للمستقيم كما قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ ((( ‪.‬‬
‫‪ ٥‬صالح املجتمع‪ ،‬والترابط والتالحم بني أفراده‪ ،‬وشيوع األخالق الفاضلة فيه‪ ،‬وانتظام مصاحله‪ ،‬وسالمته من املنكرات‬
‫ﱪ ((( ‪.‬‬ ‫والرذائل‪ ،‬ووفرة اخليرات في املجتمع كما قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫وقال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫رف‬
‫ﱪ ((( ‪.‬‬
‫عة المستقيم‬
‫وعلو منزلته‬ ‫عمارة األوقات‬
‫بالطاعات‬
‫حسن العاقبة‬
‫طمأن‬
‫ينة القلب‬
‫من ثمرات‬
‫صـالح‬
‫الـ‬ ‫االستقامة‬
‫مـجـتـمـع‬

‫(‪ )1‬فصلت‪.٣٠ :‬‬


‫(‪ )2‬الجن‪.١٦ :‬‬
‫(‪ )3‬األعراف‪.٩٦ :‬‬

‫‪142‬‬
‫بالتعاون مع زمالئك استنتج من النصوص واألقوال اآلتية الوسائل املعينة على االستقامة‪:‬‬
‫الوسيلة‬ ‫النص‬ ‫م‬

‫قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﱪ‬ ‫‪1‬‬

‫قال رسول اهلل ‏‏ ‪« :‬‏ال يستقيم إميان عبد حتى يستقيم قلبه‪ ،‬وال‬
‫‪2‬‬
‫(‪)1‬‬
‫يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه»‪.‬‬
‫قال‏‪:‬‏ «استقيموا ولن حتصوا‪ ،‬واعلموا أن من أفضل أعمالكم الصالة‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫(‪)2‬‬
‫مؤمن»‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وال يحافظ على الوضوء إال‬
‫وهو يوصيه‪« :‬‏لكل عمل‬ ‫قال النبي ‪ ‬لعبداهلل بن عمرو بن العاص‬
‫‏ش َّرةٍ َف ْت َر ٌة‪،‬‏ فمن كانت‏فترته ‏‏إلى ُس ّنتي فقد أفلح‪ ،‬ومن كانت‬
‫‪ِ 4‬‏‏ش َّر ٌة‪،‬‏ولكل ِ‬
‫(‪)3‬‬
‫إلى غير ذلك فقد هلك»‪.‬‬
‫بعيدا‪،‬‬ ‫قال حذيفة ‪« :‬يا معشر القراء‪ْ ،‬اس َت ِق ُ‬
‫يموا‪ ،‬فقد سبقتم سب ًقا ً‬
‫‪5‬‬
‫(‪)4‬‬
‫وشمال لقد ضللتم ضال ًال ً‬
‫بعيدا»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فإن أخذمت ميي ًنا‬
‫قال ابن القيم ‪« :‬وال تتم للعبد سالمته مطل ًقا حتى يسلم من خمسة‬
‫أشياء‪ :‬من شرك يناقض التوحيد‪ ،‬وبدعة تخالف السنة‪ ،‬وشهوة تخالف‬ ‫‪6‬‬
‫(‪)5‬‬
‫األمر‪ ،‬وغفلة تناقض الذكر‪ ،‬وهوى يناقض التجريد»‪.‬‬

‫ِّبي أثر الصحبة الصاحلة على االستقامة موردًا منوذجً ا من آثار رفقة السوء‪.‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬

‫ ‬
‫ (‪ )2‬رواه ابن ماجه‪.‬‬ ‫(‪ )1‬رواه أحمد‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫ ‬ ‫(‪ )3‬رواه أحمد‪.‬‬
‫(‪ )5‬اجلواب الكافي ص ‪.84‬‬

‫‪143‬‬
‫�س‪ :١‬من خالل تعريف االستقامة‪ ،‬حدِّ د العالقة بني االستقامة والثبات على الدين‪.‬‬
‫ﱪ اآلية على عدة ثمرات لالستقامة‪،‬‬ ‫�س‪ :٢‬دل قوله تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫اذكرها‪.‬‬
‫�س‪ ( :٣‬قليل دائم خير من كثير منقطع )‪ ،‬ما أثر هذا التوجيه على االستقامة؟‬
‫�س‪ :٤‬ما أثر كل مما يأتي على االستقامة‪:‬‬
‫الدعاء‪.‬‬ ‫ج‬ ‫ ‬ ‫ب الذكر‪.‬‬ ‫ ‬ ‫�أ العلم‪.‬‬ ‫ ‬
‫هـ حب الشهوات‪.‬‬ ‫د حب الدنيا‪.‬‬ ‫ ‬

‫‪144‬‬
‫ا ْلـــ ِعـــ َّفةُ‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تع ّرف العفة‪.‬‬
‫ت�ستنتج منزلة العفة يف ال�شريعة‪.‬‬
‫تبي جماالت العفة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تعدِّ د �آثار العفة‪.‬‬
‫تعطي �أمثلة ومناذج للعفة‪.‬‬

‫قد ينتشر الفساد في بعض املجتمعات املعاصرة؛ فينتشر فيها‪ :‬الزنا والبغاء والرذيلة‪ ،‬والفساد اإلداري واملالي‪.‬‬
‫وقد سبق دين اإلسالم لإلشارة إلى خطورة الفساد بأنواعه‪ ،‬وأمر مبحاربته‪ ،‬ورسخ في املقابل دعائم العفة والفضيلة‪.‬‬
‫فما العِ َّفةُ؟ وما منزلتها في اإلسالم؟ وما مجاالتها وصورها؟ وما آثارها على الفرد واملجتمع؟‬

‫ت ـعــري ــف ال ِعـ َّفـة‬


‫العفة هي‪ :‬كف النفس عن احملارم وعما ال يجمل باإلنسان فعله‪.‬‬

‫منزلتها في ال�شريعة‬
‫العِ َّف ُة من األخالق احلميدة التي حث الشرع عليها ورغب فيها ملا لها من اآلثار احلميدة‪ ،‬وملا يترتب على فقدها من‬
‫اخللل العظيم في أقوال املسلم وأفعاله وأحواله‪ .‬ومن الشواهد على أهميتها أن اهلل تعالى أمر بها رسوله ‪ ‬فقال‪ :‬‬
‫ﱫﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﱪ ((( ‪ ،‬فكان رسولُ اهلل ‪ ‬كما أ َّدبَه ربُّه َّ‬
‫أعف اخللق عما‬
‫في أيدي الناس‪ ،‬بل عن الدنيا وما فيها‪.‬‬
‫وأثنى اهلل تبارك تعالى على الفقراء املتعففني عن املسألة‪ ،‬وأوصى بالبحث عنهم وتعهدهم بالعطاء فقال تعالى‪:‬‬
‫ﱫﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﱪ ‪.‬‬
‫(((‬

‫وأرشد إلى العفة مَن لَم يقدر على النكاح وال يستطع حتصيل مُؤْ َن ِت ِه فقال تعالى‪ :‬ﱫ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬
‫ﭪﭫﭬﭭﭮ ﱪ ‪.‬‬
‫(((‬

‫(‪ )1‬طه‪.١٣١ :‬‬


‫(‪ )2‬البقرة‪.٢٧٣ :‬‬
‫(‪ )3‬النور‪.٣٣ :‬‬
‫‪145‬‬
‫مجاالت ال ِع َّف ِة وتطبيقاتها‬
‫‪ ١‬عِ َّف ُة الفَرْ ج‪ :‬من أهم ما يتعفف عنه املسلم شهوة الفرج؛ ملا يترتب على االنقياد لهذه الشهوة من إفساد‬
‫للدين والدنيا‪ ،‬وقد جاء في القرآن الكرمي إشارة إلى هذه العفة في قوله تعالى‪ :‬ﱫ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﱪ ‪ ،‬واالستعفاف يكون بضبط النفس وحفظ اجلوارح‪ ،‬وعدم اخلوض فيما يثير هذه الشهوات‬
‫(((‬

‫ال َّرمِ‪ ،‬وأن يكثر من االشتغال بالعبادة وال سيَّما الصوم‪ ،‬واحلرص على إشغال النفس مبا ينفع‬
‫من السماع ْ ُالَ َّر ِم أو النظر ْ ُ َ‬
‫من أمور الدين والدنيا‪.‬‬
‫‪ ٢‬عِ َّف ُة اللسان‪ :‬وتكون بالبعد عن القدح في األعراض بالسب والشتم والقذف وجتنب الغيبة والنميمة والفحش‬
‫هلل بن مسعود ‪‬‬ ‫في القول‪ ،‬ومن عفة اللسان ترك األلفاظ النابية‪ ،‬واالبتعاد عن أحاديث املجون والفجور فعَنْ عَ بْدِ ا ِ‬
‫(((‬
‫ْس الْ ُؤْ مِنُ بِالطَّ عَّانِ وَال ال َّلعَّانِ و ََل ا ْلفَاحِ ِش و ََل ا ْلبَذِ ي ِء »‪.‬‬
‫هلل ‪َ « :‬لي َ‬ ‫قَالَ ‪ :‬قَالَ رَسُ ولُ ا ِ‬
‫(((‬
‫َّاس فِي النَّا ِر َعلَى وُجُ وهِ هِ مْ َأ ْو َعلَى َمنَاخِ رِهِ مْ إ َِّل حَ َصائِدُ َألْسِ َنتِهِ مْ »‪.‬‬
‫وحذَّ ر ‪ ‬من آفات اللسان وزالته فقال‪َ « :‬وهَلْ يَكُ ُّب الن َ‬
‫‪ ٣‬ال ِع َّف ُة عن املسألة‪ :‬حث اإلسالم على العمل ورغَّب فيه‪ ،‬ونهى عن السؤال وحذَّ ر منه فعَنْ َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬أَنَّ‬
‫هلل ‪ ‬قَالَ ‪« :‬وَالَّذِ ي نَفْ ِسي ِبيَدِ ِه ألَنْ َيأْخُ ذَ أَحَ دُ كُ مْ حَ ْب َل ُه َفي َْحتَطِ َب عَ لَى ظَ هْ ِر ِه خَ ْي ٌر َل ُه مِنْ أَنْ َي ْأتِيَ رَجُ ًل‬ ‫رَسُ ولَ ا ِ‬
‫(((‬
‫َفي َْس َأ َل ُه أَعْ طَ ا ُه َأ ْو َم َن َعهُ»‪.‬‬
‫ومما يبعث على العفة عما في أيدي الناس علم املرء بأن السؤال ذُلٌّ في الدنيا‪ ،‬وعذاب وفضيحة في اآلخرة فعَنْ‬
‫(((‬
‫َّاس َأ ْموَالَهُ مْ تَكَ ُّثرًا فَإنَّ َا ي َْسأَلُ جَ مْ رًا َف ْلي َْستَقِ لَّ َأ ْو ِلي َْست َْك ِثرْ»‪.‬‬
‫هلل ‪« :‬مَنْ سَ أَلَ الن َ‬ ‫َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬قَالَ ‪ :‬قَالَ رَسُ ولُ ا ِ‬
‫ولل ِع َّف ُة بعد ذلك تطبيقات أخرى منها‪:‬‬
‫�أ ال ِع َّف ُة عن التطلع إلى ما لدى اآلخرين مِن مُتع احلياة الدنيا‪.‬‬
‫ب عِ َّف ُة املرأة املسلمة عن التبرج‪ ،‬وعن اخلضوع بالقول‪.‬‬
‫ج ال ِع َّف ُة عن كل قول وعمل محرم أو ال يليق وال يجمل باملسلم‪.‬‬

‫من مجاالت العفة‬


‫وتطبيقاتها‬

‫العفة عن كل قول‬ ‫عفة املرأة عن التبرج‬ ‫العفة عن التطلع إلى ما‬


‫العفة عن املسألة‬ ‫عفة اللسان‬ ‫عفة الفرج‬
‫وعمل محرم‬ ‫واخلضوع بالقول‬ ‫لدى اآلخرين‬

‫(‪ )1‬النور‪.٣٣ :‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه أحمد رقم (‪.)3839‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه الترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري‪.‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه مسلم‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫ـرات الـ ِعـ َّفـ ُة‬
‫ث ـم ُ‬
‫السالمة من اآلثام املوجبة للعقوبات العاجلة واآلجلة‪.‬‬ ‫‪١‬‬
‫عياض بنِ حِ مَ ارٍ ‪ ‬قال‪ :‬قال ‪« :‬أهل اجلنة ثالثة» وذكر منهم‪« :‬وعفيف‬ ‫العِ َّف ُة من أسباب دخول اجلنة‪ ،‬فعن ِ‬ ‫‪٢‬‬
‫(((‬
‫متعفف ذو عيال»‪.‬‬
‫إكرام النفس وترفّعها عمّ ا في أيدي الناس‪.‬‬ ‫‪٣‬‬
‫العِ َّف ُة باعثة على العمل والكسب حتى يؤمِّن اإلنسان حاجاته ويسلم من احلاجة لغيره‪.‬‬ ‫‪٤‬‬
‫هلل ‪ ‬قال‪« :‬مَنْ ي َْستَعْ فِ ْف يُعِ َّف ُه اهللُ‪،‬‬ ‫العِ َّف ُة سبب لعون اهلل تعالى للمرء فعَنْ َأبِي سَ عِ ٍيد ْالُدْ رِيِّ ‪ ‬أن رَسُ ولَ ا ِ‬ ‫‪٥‬‬
‫(((‬
‫الص ْبرِ»‪.‬‬
‫َومَنْ ي َْستَغْ نِ يُغْ ِن ِه اهللُ‪َ ،‬ومَنْ َيت ََص َّب ْر ي َُص ِّب ْر ُه اهللُ‪َ ،‬ومَا أُعْ طِ يَ أَحَ دٌ عَ طَ ا ًء خَ ْيرًا َو َأوْسَ عَ مِنْ َّ‬

‫ِع َّف ُة نبي اهلل يو�سف ‪‬‬


‫قصة يوسف  مع قوة الدواعي‪ ،‬فإنه كان شا ّبًا عزبًا غريبًا مملوكً ا‪ ،‬والداعية للمعصية‬
‫كانت العفّة من أظهر سمات ّ‬
‫والصغار‪ ،‬ومع هذه الدواعي‬
‫سيدته وهي ذات منصب وجمال‪ ،‬وقد دعته إلى نفسها وتوعدته إن لم يفعل بالسجن َّ‬
‫كلها صبر اختيارًا وإيثارًا ملا عند اهلل‪ ،‬قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬
‫ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﱪ ‪.‬‬
‫(((‬

‫من ثمرات‬
‫العفة‬

‫سبب لعون اهلل‬ ‫السالمة من اآلثام‬

‫تبعث على العمل‬ ‫سبب لدخول الجنة‬


‫والكسب‬

‫البعد عن إذالل‬
‫النفس‬

‫(‪ )1‬أخرجه مسلم‪.‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )3‬يوسف‪.٢٤-٢٣ :‬‬
‫‪147‬‬
‫تعاون مع زمالئك في استنتاج التشريعات التي تنشر العفة وحتارب الرذيلة في سورة النور اآليات من ‪.34 – 19‬‬
‫‪........................................................................‬‬
‫‪........................................................................‬‬

‫استنتج من النصوص اآلتية فضيلة من فضائل العفة أو ثمرة من ثمراتها‪:‬‬


‫الفضيلة أو الثمرة‬ ‫النص‬ ‫م‬
‫قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ‬
‫‪1‬‬
‫ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﱪ‪.‬‬

‫قال رسول اهلل ‏‏ ‪« :‬أربع إذا كن فيك فال عليك ما فاتك من الدنيا‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫حفظ أمانة‪ ،‬وصدق حديث‪ ،‬وحسن خليقة‪ ،‬وعفة في ُطعمة» (‪.)1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ 3‬كان من دعاء النبي ‪« :‬اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى»‬
‫قال رسول اهلل‏‏ ‪« :‬ثالثة حق على اهلل عونهم‪ :‬املجاهد في سبيل‬
‫‪4‬‬
‫اهلل‪ ،‬واملكاتب الذي يريد األداء‪ ،‬والناكح الذي يريد العفاف» (‪.)3‬‬

‫يتعرض الشباب اليوم لفتنة الشهوات‪ ،‬ولكثرة املغريات فإن عفة الفرج أصبحت من األمور التي حتتاج‬
‫ملجاهدة وصبر‪ ،‬تعاون مع زمالئك في حتديد األسباب والدواعي لهذه الفتنة موضح ًا سبل الوقاية منها‪ ،‬ثم‬
‫دونها في املكان املناسب‪:‬‬
‫األسباب‪:‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫سبل الوقاية‪:‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬

‫)‪ (3‬رواه الترمذي‪.‬‬ ‫ (‪ )2‬رواه مسلم‪ .‬‬‫)‪ (1‬رواه اإلمام أحمد‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫اقترح مجاالت للعفّة‪ ،‬ومثّل لها بثالثة أمثلة‪:‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬

‫�س‪ :١‬ما العفة؟ وما منزلتها في اإلسالم؟‬


‫�س‪ :٢‬وضح كيف يكون اإلنسان عفيفًا في‪:‬‬
‫فرجه وشهواته‪.‬‬ ‫ج‬ ‫ ‬
‫ب مكاسبه و أمواله‪.‬‬ ‫ ‬‫�أ أقواله وألفاظه‪.‬‬
‫�س‪ :٣‬من مجاالت العفة‪ :‬عفة املرأة املسلمة‪ِّ ،‬بي مظاهر عفة املرأة‪ ،‬وما آثارها على املجتمع؟‬
‫�س‪ :٤‬ما ثمرات العفة التي حتققت ليوسف  حني تعفف عن الزنا؟‬

‫‪149‬‬
‫أخــالق و� َأهـ ِّمـ َّيـتُــ َهــا‬
‫ُ‬ ‫ال‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تع ّرف اخللق‪.‬‬
‫ت�ستنتج منزلة الأخالق يف الدين‪.‬‬
‫تبي جماالت الأخالق‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ُت َعدِّ د �آثار الأخالق‪.‬‬

‫ت ـعــري ــف الأخـالق‬


‫والُلق في اللغة‪ :‬الدِّ ين والطبع والسج َّيةُ‪ ،‬ويطلق على صفات اإلنسان الباطنة التي ميكن‬
‫األخالق جمع خُ لق‪ْ ،‬‬
‫وصفها باحلسن والقبح‪ ،‬كالصدق واألمانة واحلياء ونحوها‪.‬‬
‫واألخالق في االصطالح‪ :‬صفات راسخة في النفس‪ ،‬ذات آثار في السلوك محمودة أو مذمومة‪ .‬والغالب أنه يطلق‬
‫مثل‪ :‬فالن ذو أخالق‪ ،‬أو ليس عنده أخالق‪.‬‬ ‫على األخالق احملمودة‪ ،‬فيقال ً‬

‫�أهـمـيـة الأخـالق‬
‫األخالق إحدى الركائز الرئيسة في احلياة اإلنسانية‪ ،‬فهي التي تضبط الفرد وتوجه سلوكه إلى ما يعود عليه باخلير‪،‬‬
‫وحتفزه إلى الصعود في مراتب الكمال‪ ،‬والسعي اجلاد إلى معالي األمور ومحاسن األفعال‪ .‬وهي ضرورة اجتماعية‬
‫تضمن للناس التعايش في أمن واستقرار‪ ،‬آخذين ما لهم ومؤدين ما عليهم‪ ،‬ومتعاونني على حتقيق مصاحلهم‪.‬‬
‫وبفقد األخالق الفاضلة وشيوع أضدادها من الكذب والغش واخليانة… تضطرب أحوال الناس وتتقطع أواصر‬
‫بعضا وتنعدم الثقة بينهم‪.‬‬
‫األلفة واحملبة بينهم‪ ،‬فال يأمن بعضهم ً‬

‫منزلة الأخـالق في الإ�سالم‬


‫اللُقِ باإلميان قو ًة وضعفً ا‬
‫‪ ١‬ارتباط ْ ُ‬
‫هلل ‪« :‬اإلميَانُ ب ِْضعٌ وَسَ ْبعُونَ شُ عْ َبةً‪ ،‬و ْ َ‬
‫َاليَا ُء شُ عْ َب ٌة‬ ‫األخالق احلسنة من اإلميان فعَنْ َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬قَالَ ‪ :‬قَالَ رَسُ ولُ ا ِ‬
‫من اإلميَانِ » )‪.(1‬‬
‫(‪ )1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪ ،‬وهذا لفظه‪ ،‬ولفظ البخاري‪« :‬ب ِْض ٌع َو ِس ُّت َ‬
‫ون»‪ ،‬والبضع بكسر الباء ويجوز فتحها‪ :‬من الثالث إلى التسع‪ ،‬وقيل‪ :‬ما بين الواحد إلى العشرة‪،‬‬
‫والشعبة‪ :‬الطائفة من كل شيء والقطعة منه‪ ،‬وإنما جعله بعضه ألن المستحي ينقطع بحيائه عن المعاصي وإن لم تكن له تقية‪ ،‬فصار كاإليمان الذي يقطع‬
‫بينها وبينه‬
‫النهاية ‪.477/2 ،133/1‬‬

‫‪150‬‬
‫فاحلياء من اإلميان وكذا الصدق‪ ،‬والصبر‪ ،‬والشكر‪ ،‬والكرم‪ ،‬والتواضع وسائر األخالق احلميدة التي أمر اهلل بها أو‬
‫أمر بها رسوله ‪ ‬من اإلميان‪.‬‬
‫‪ ٢‬بعث النبي ‪ ‬لتتميم مكارم األخالق‬
‫هلل ‪ِ « :‬إنَّمَ ا‬ ‫من أهم غايات الرسالة التي بعث بها محمد ‪ ‬إمتام مكارم األخالق‪ ،‬فعَنْ َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬قَالَ ‪ :‬قَالَ رَسُ ولُ ا ِ‬
‫ْت ِلُتَ ِّمَ َصالِحَ ْالَخْ َلقِ » ((( وذلك أن من لوازم حسن اخللق القيام بحقوق اهلل تعالى وحقوق عباده‪ ،‬فاحلياء مث ً‬
‫ال‬ ‫بُعِ ث ُ‬
‫كما يكون من الناس يكون من اهلل تعالى فيبعث على القيام بأوامره واجتناب نواهيه‪ ،‬وكذا الصدق‪ ،‬واألمانة…‬
‫فمن استكمل مكارم األخالق فقد استكمل اإلميان ولذا قال العلماء‪ :‬اخللق هو مجموع صفات املؤمنني(((‪.‬‬
‫‪ ٣‬تفاضل املؤمنني بحسب التزامهم باخللق احلسن‬
‫األخالق من اإلميان فكلما زاد متسك املرء باألخالق احلسنة التي أمر اهلل بها أو أمر بها رسوله ‪ ‬زاد إميانه وعلت‬
‫هلل ‪ ‬لَمْ يَكُ نْ فَاحِ ًشا وَال ُم َت َف حِّ ًشا»‪َ ،‬وقَالَ ‪« :‬إِنَّ مِنْ أَحَ بِّكُ مْ‬ ‫قال‪« :‬إِنَّ رَسُ ولَ ا ِ‬ ‫هلل بْنُ عَ مْ رٍ و‬‫منزلته‪ ،‬فعن عَ بْدا ِ‬
‫ِإلَيَّ أَحْ َسنَكُ مْ أَخْ َلقًا» ‪.‬‬
‫(((‬

‫وكلما أخل بخلق من األخالق الفاضلة ووقع في ضده نقص إميانه بحسب ذلك فقد جعل النبي ‪ ‬الكذب‬
‫وإخالف الوعد واخليانة من عالمات النفاق وصفات املنافقني وبها ينقص إميان املرء ويضعف‪ ،‬فعَنْ َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪‬‬
‫َف‪َ ،‬و ِإذَا اؤْتُ ِنَ خَ انَ »(((‪.‬‬ ‫عَ نْ ال َّنبِيِّ ‪ ‬قَالَ ‪« :‬آ َي ُة الْ ُنَافِقِ ث ٌ‬
‫َالث؛ ِإذَا حَ دَّ َث كَ ذَ َب‪َ ،‬و ِإذَا وَعَ دَ أَخْ ل َ‬
‫‪ ٤‬اخللق احلسن من أهم أسباب دخول اجلنة بعد التقوى‬
‫من جمع بني التقوى وحسن اخللق فقد أدى حق اهلل ع َّز وجلَّ وأدَّى حقوق عباده فاستحق دخول اجلنة‪ ،‬عَ نْ َأبِي‬
‫اللُقِ »‪ ،‬وَسُ ئِلَ عَ نْ‬‫ال َّن َة َفقَالَ ‪« :‬تَقْ وَى اهللِ‪ ،‬وَحُ ْسنُ ْ ُ‬ ‫هلل ‪ ‬عَ نْ أَكْ َث ِر مَا يُدْ خِ لُ الن َ‬
‫َّاس ْ َ‬ ‫ُه َر ْي َر َة ‪ ‬قَالَ ‪ :‬سُ ئِلَ رَسُ ولُ ا ِ‬
‫َّاس النَّا َر َفقَالَ ‪« :‬ا ْلفَمُ ‪ ،‬وَا ْل َفرْجُ » ‪.‬‬
‫(((‬
‫أَكْ َث ِر مَا يُدْ خِ لُ الن َ‬
‫‪ ٥‬اخللق احلسن من أثقل األعمال في ميزان املؤمن يوم القيامة‬
‫اللُقِ ‪َ ،‬وإِنَّ‬ ‫ُوضعُ فِي الْ ِيزَانِ َأ ْثقَلُ مِنْ حُ ْسنِ ْ ُ‬ ‫فعَنْ َأبِي الــدَّ ْردَا ِء ‪ ‬قَالَ ‪ :‬سَ مِ عْ ُت ال َّنبِيَّ ‪َ ‬يقُولُ ‪« :‬مَا مِنْ شَ يْ ءٍ ي َ‬
‫(((‬
‫َالص َلةِ»‪.‬‬ ‫الصوْ ِم و َّ‬
‫اللُقِ َل َي ْبلُغُ ِب ِه َدرَجَ َة َصاحِ ِب َّ‬ ‫َصاحِ َب حُ ْسنِ ْ ُ‬

‫(‪ )1‬أحمد‪ ،‬والحاكم‪ ،‬والبخاري في األدب المفرد‪ ،‬انظر صحيح الجامع رقم (‪.)2345‬‬
‫(‪ )2‬ابن قدامة المقدسي مختصر منهاج القاصدين ص ‪ 158‬تعليق شعيب وعبد القادر األرناؤوط‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه الترمذي‪.‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه أبو داود‪ ،‬والترمذي‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫منزلة األخالق‬
‫في اإلسالم‬

‫اخللق احلسن من أثقل‬ ‫اخللق احلسن من‬ ‫تفاضل املؤمنني‬ ‫النبي ﷺ بعث‬
‫ارتباط األخالق‬
‫األعمال في ميزان‬ ‫أهم أسباب دخول‬ ‫بحسب التزامهم‬ ‫ليتمم مكارم‬
‫باإلميان‬
‫املؤمن يوم القيامة‬ ‫اجلنة‬ ‫باخللق احلسن‬ ‫األخالق‬

‫مجاالت الأخـالق‬

‫ملا كانت األخـالق ركيزة رئيسة لالرتقاء باإلنسان‪ ،‬وتكميل شخصيته‪ ،‬وتوجيـه طاقاته وقواه املختلفة‪ ،‬فقد جاءت‬
‫وصالتِه‪ ،‬فاملسلم في صلته باهلل عز وجل مأمور بأنواع‬ ‫األخـالق في اإلسالم شاملة جلميع جوانب حيــاة اإلنسـان ِ‬
‫من الفضائل اخللقية‪ ،‬منها‪ :‬محبة اهلل تعالى‪ ،‬وطاعته في أوامره ونواهيه‪ ،‬وتصديقه فيما أخبر به‪ ،‬واحلياء منه‪،‬‬
‫واإلخالص في عبادته‪.‬‬
‫وفي ِص َل ِت ِه بنفسه مأمور بالصبر على مشاق احلياة وكربها‪ ،‬واألناة في األمور‪ ،‬واإلتقان في العمل‪ ،‬والقناعة مبا قسم‬
‫اهلل تعالى له‪ ،‬والرضا بقضاء اهلل وقدره‪.‬‬
‫وفي ِص َل ِت ِه بالناس من حوله يلزمه أن يتعامل بالصدق‪ ،‬واألمانة‪ ،‬والعدل‪ ،‬كما يشرع له البر واإلحسان وبذل‬
‫املعروف‪ ،‬إلى غير ذلك من األخالق احلميدة‪.‬‬
‫هلل ‪ ‬قَالَ ‪َ « :‬ب ْينَا رَجُ لٌ يَ ِْشي فَاشْ تَدَّ‬
‫كما يشرع الرفق باحليوان ورحمته واإلحسان إليه‪ ،‬فعن َأبِي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬أَنَّ رَسُ ولَ ا ِ‬
‫ِب ِمنْهَ ا‪ ،‬ثُمَّ خَ رَجَ ‪ ،‬فَإذَا ُه َو بِكَ ل ٍْب َيلْهَ ُث َيأْكُ لُ ال َّثرَى مِنْ ا ْلعَطَ ِش‪َ ،‬فقَالَ ‪َ :‬لقَدْ َبلَغَ هَ ذَ ا‬
‫عَ َل ْي ِه ا ْلعَطَ ُش‪َ ،‬ف َنزَلَ ِب ْئرًا ف ََشر َ‬
‫هلل َلهُ‪َ ،‬ف َغ َف َر َلهُ»‪ ،‬قَالُوا‪ :‬يَا رَسُ ولَ‬
‫ْب‪ ،‬ف ََشكَ َر ا ُ‬ ‫أل خُ َّفهُ‪ ،‬ثُمَّ َأم َْسكَ ُه بِفِ يهِ‪ ،‬ثُمَّ َرقِيَ ف ََسقَى الْكَ ل َ‬
‫ِمثْلُ الَّذِ ي َبلَغَ بِي‪ ،‬فَمَ َ‬
‫(((‬
‫اهللِ‪َ ،‬وإِنَّ َلنَا فِي ا ْلبَهَ ائِمِ أَجْ رًا؟ قَالَ ‪« :‬فِي كُ لِّ كَ ب ٍِد رَطْ بَةٍ أَجْ رٌ»‪.‬‬
‫�آثـار الأخـالق‬

‫أول‪ :‬آثار األخالق على الفرد‪:‬‬


‫ً‬
‫األخالق اإلسالمية متنح النفس الرضا والطمأنينة‪ ،‬ملا في االستقامة على األخالق من االستجابة ألمر اهلل تعالى‪،‬‬
‫والعمل بشرعه‪ ،‬والتطلع جلزائه األوفى في اآلخرة‪.‬‬
‫واألخالق تعمل على إصالح الفرد‪ ،‬وتوجيهه نحو اخلير واإلحسان‪ ،‬وبذل املعروف‪ ،‬وصدق املواساة‪ ،‬مما يكسبه‬
‫(‪ )1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫محبة الناس‪ ،‬وثقتهم‪ ،‬وحسن الصلة بهم‪.‬‬
‫وباألخالق الفاضلة تقوى شخصية املسلم‪ ،‬ويزداد قوة وشجاعة‪ ،‬وعزة وكرامة‪ ،‬فيتجاوز الصعاب‪ ،‬وينتصر على‬
‫الشهوات‪ ،‬ويتغلب على ما يعرض له في حياته من كرب ومشاق‪.‬‬
‫ومن آثارها أنها تبعد اإلنسان عن مظاهر النقص‪ ،‬ومسالك الرذيلة‪ ،‬التي حتصل بسبب األخالق السيئة؛ كاجلنب‬
‫والبخل والكذب والطمع‪ ،‬وغيرها من األخالق الذميمة التي يجب أن يتجنبها املسلم‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬آثار األخالق على املجتمع‪:‬‬
‫أنها حتفظ للمجتمع متاسكه‪ ،‬وتساعده على مواجهة التغيرات التي حتدث فيه‪ ،‬واملؤثرات التي تطرأ عليه فيبقى‬
‫محافظً ا على هويته في ظل متسكه بأخالقه ومبادئه الثابتة‪.‬‬
‫واألخالق الفاضلة جتعل احلياة أكثر سعادة وطمأنينة؛ حيث تقوى أواصر احملبة بني أفراد املجتمع‪ ،‬وتتوثق العالقة‬
‫بينهم‪ ،‬ملا يترتب عليها من أداء احلقوق‪ ،‬وصيانة األعراض واألموال‪ ،‬ورعاية مصالح احملتاجني والبائسني‪.‬‬
‫وباألخالق الكرمية من محبة وطاعة ونصيحة جتتمع الكلمة على والة األمر‪ ،‬ويتحد صفهم‪ ،‬ويأمنون من كيد‬
‫أعدائهم‪ ،‬ويتفرّغون ألداء رسالتهم في احلياة‪.‬‬
‫وفي شيوع األخالق الكرمية بني الناس يتطهر املجتمع من الرذائل املوجبة للتباغض واملورثة للعداوة بني أفراد املجتمع‪،‬‬
‫كما قال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ ((( ‪.‬‬
‫آثار األخالق‬

‫على املجتمع‬ ‫على الفرد‬

‫حتفظ متاسك‬
‫الرضا والطمأنينة‬
‫املجتمع‬
‫تورث املجتمع‬
‫إصالح النفس‬
‫السعادة والطمأنينة واحملبة‬

‫تقوى الدولة لتحقيق‬ ‫الشجاعة وقوة‬


‫رسالتها‬ ‫الشخصية‬

‫يتطهر املجتمع من‬ ‫تبعده عن مظاهر‬


‫الرذيلة وأسباب العداوة‬ ‫النقص ومسالك الرذيلة‬

‫(‪ )1‬فصلت‪.٣٥-٣٤ :‬‬

‫‪153‬‬
‫تعاون مع زمالئك في تسجيل أكبر قدر من األخالق احلسنة‪ ،‬وما يقابلها من األخالق السيئة‪:‬‬
‫اخللق السيئ‬ ‫اخللق احلسن‬ ‫م‬ ‫اخللق السيئ‬ ‫اخللق احلسن‬ ‫م‬
‫‪8‬‬ ‫الكذب‬ ‫الصدق‬ ‫‪1‬‬
‫‪9‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪11‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪12‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪13‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪14‬‬ ‫‪7‬‬

‫يظن بعض الــنــاس أن األخ ــاق جبلية وال ميكن اكتسابها‪ ،‬وقــد قــال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ (((‪ ،‬مما يدل على أن لإلنسان أثرًا في إصالح نفسه وتزكيتها‪ ،‬أو إفسادها‪.‬‬
‫بالتعاون مع زمالئك‪ِّ :‬بي وسائل تربية النفس على األخالق احلسنة‪.‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬

‫(‪ )1‬الشمس‪.١٠-٩ :‬‬

‫‪154‬‬
‫�س‪ :١‬ما املراد باألخالق؟ وما منزلتها في اإلسالم؟‬
‫�س‪ِّ :٢‬بي صلة األخالق باإلميان‪.‬‬
‫�س‪ :٣‬لألخالق مجاالت عدة ِّبي كيف يكون ْ ُ‬
‫اللق مع‪:‬‬
‫احليوانات‪.‬‬ ‫ج‬ ‫ ‬
‫النفس‪.‬‬ ‫ب‬ ‫ ‬
‫ �أ اهلل‪.‬‬
‫�س‪ :٤‬ما آثار األخالق على املجتمع؟‬

‫‪155‬‬
‫الــــ�صــــدق‬
‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تعرف الكذب‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫تعرف ال�صدق‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ت�ستنتج حكم الكذب من �أدلته‪.‬‬ ‫تعدِّ د �أنواع ال�صدق‪.‬‬
‫تعدِّ د ثالث ًا من �صور الكذب وتبني �أعظمها‪.‬‬ ‫ت�ستنتج منزلة ال�صدق يف ال�شريعة‪.‬‬
‫تعدِّ د �آثار الكذب‪.‬‬ ‫تعدِّ د �آثار ال�صدق يف احلياة‪.‬‬
‫تقارن بني ال�صادق والكاذب‪.‬‬

‫ُ‬
‫الصدق‬ ‫أوالً‪:‬‬

‫تـعـريـف الـ�صـدق‬
‫أيضا‪ :‬هو القول املطابق للواقع واحلقيقة‪.‬‬ ‫الصدق ُ‬
‫قول احلق‪ ،‬ويقال ً‬

‫�أنــواع الـ�صـدق‬
‫أمورا كثيرة من األقوال واألفعال واملقاصد‪ ،‬فمنها‪:‬‬ ‫الصدق يشمل ً‬
‫‪ ١‬الصدق في القول‪ ،‬وحقيقته أن ال يحدِّ ث املر ُء بغير احلق‪ ،‬وإذا أخبر فال يخبر بغير الواقع‪.‬‬
‫ ومن الصدق في األقوال‪ :‬الصدق في نقل األخبار‪ ،‬فال ينقل إال األخبار الصادقة‪ ،‬ولذا فإن على املسلم أن يتثبت‬
‫إثما أن‬
‫يس َم ُع من األخبار والشائعات‪ ،‬وقد قال ‪« :‬كفى باملرء ً‬ ‫مما يقال‪ ،‬وأن يحذر من التحدث بكل ما ْ‬
‫يحدِّ َث بكل ما سمع» (((‪.‬‬
‫‪ ٢‬الصدق في اإلرادة والنية‪ ،‬وذلك يرجع إلى اإلخالص فال يريد املسلم من أقواله وأعماله إال وجه اهلل وثوابه‪.‬‬
‫‪ ٣‬الصدق في املعامالت التي جتري بني الناس‪ ،‬من بيع وشراء ومداينات ومشاركات وغير ذلك‪ ،‬فال يغش وال‬
‫يخدع وال يز ِّور‪.‬‬
‫‪ ٤‬الصدق في الوعد‪ ،‬فإذا وعد أحداً أجنز ما وعده به‪ ،‬ألن إخالف الوعد من صفات النفاق‪.‬‬
‫‪ ٥‬الــصــدق فــي احل ــال‪ ،‬فــا يظهر مــا ال يبطنه‪ ،‬وال يتكلف مــا لــيــس ل ــه‪ ،‬فــعــن عــائــشــة قــالــت‪ :‬قــال‬
‫رسول اهلل ‪« :‬املتشبع مبا لم ُي ْع َط كالب ِِس ثو َبي ز ٍ‬
‫ُور» (((‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه أبو داود‪ ،‬وابن حبان‪.‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫الصدق‬
‫في القول‬

‫الصدق‬ ‫الصدق‬
‫في احلال‬ ‫في اإلرادة‬
‫أنواع‬
‫الصدق‬
‫الصدق‬ ‫الصدق‬
‫في الوعد‬ ‫في املعامالت‬

‫حكم الـ�صـدق ومنزلته‬


‫الصدق واجب في األقوال واألفعال واملقاصد‪ ،‬وهو رأس الفضائل‪ ،‬وأساس مكارم األخالق‪ ،‬وقد أمر اهلل تعالى به‪،‬‬
‫ﱪ )‪. (1‬‬ ‫ومبصاحبة أهله فقال تعالى‪ :‬ﱫ‬

‫ف�ضائل الـ�صـدق‬
‫الص ْد َق‬ ‫َال‪« :‬إِنَّ ِّ‬ ‫هلل بن مسعود ‪َ ‬ع ْن ال َّن ِب ِّي ‪ ‬ق َ‬ ‫‪ ١‬يهدي صاحبه لكل خير‪ ،‬ويوصله إلى منازل األبرار‪ ،‬ف َع ْن َع ْب ِدا ِ‬
‫الر ُج َل َل َي ْص ُدقُ َح َّتى َي ُكونَ ِص ِّدي ًقا‪َ ،‬وإِنَّ ا ْل َك ِذ َب َي ْه ِدي ِإ َلى ا ْلف ُُجو ِر َوإِنَّ‬
‫ال َّن ِة َوإِنَّ َّ‬
‫َي ْه ِدي ِإ َلى ا ْل ِب ِّر َوإِنَّ ا ْل ِب َّر َي ْه ِدي ِإ َلى ْ َ‬
‫الر ُج َل َل َي ْك ِذ ُب َح َّتى ُي ْك َت َب ِع ْن َد ا ِ‬
‫هلل َك َّذ ًابا» )‪.(2‬‬ ‫ور َي ْه ِدي ِإ َلى ال َّنا ِر َوإِنَّ َّ‬ ‫ا ْلف ُُج َ‬
‫سببا لدخوله اجلنة قال تعالى‪ :‬ﱫﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ‬ ‫‪ ٢‬ينفع صاحبه يوم القيامة‪ ،‬ويكون ً‬
‫ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﱪ )‪.(3‬‬
‫‪ ٣‬معيا ٌر حلسن العاقبة في اآلخرة‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﱪ)‪. (4‬‬

‫(‪ )٤‬األحزاب‪.٨-٧ :‬‬ ‫ ‬


‫(‪ )٣‬املائدة‪.١١٩ :‬‬ ‫ ‬
‫(‪ )٢‬أخرجه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬ ‫ ‬
‫(‪ )1‬التوبة‪.١١٩ :‬‬

‫‪157‬‬
‫�آثار ال�صدق في الحياة‬
‫‪ ١‬يورث الطمأنينة والسكينة في القلب‪ ،‬وينفي عنه التردد وال ِّريبة التي ال توجد إال في حاالت الشك وضعف‬
‫الصدق أو عدمه‪ ،‬فهو طمأنينة لنفس الصادق وراحة لضميره‪.‬‬
‫‪ ٢‬دليل استقامة اإلنسان وسالمته‪ ،‬ومتى ُعرف املرء بالصدق وثق الناس بقوله‪ ،‬وانتفعوا بنصحه وأمنوا جانبه‪،‬‬
‫وقدموه في التعامل معه على غيره الطمئنان النفوس إليه‪.‬‬
‫‪ ٣‬إذا ساد الصدق في املجتمع وثق الناس بنقل العلوم واملعارف واألخبار‪ ،‬وبالعهود واملواثيق واملعامالت‪،‬‬
‫فاستقامت احلياة واستفاضت الثقة‪ ،‬واطمأن الناس بعضهم إلى بعض‪ ،‬ومتى شاع الكذب لم يثق أحد بأحد‬
‫في البيع والشراء والعقود واملعامالت‪ ،‬وحصل بني الناس التشاحن والتشاجر‪.‬‬
‫هلل ‪« :‬ال َْب ِّي َع ِان ب ْ ِ‬
‫ِال َيا ِر َما َل ْم َي َتف ََّرقَا‪ ،‬ف ْ‬
‫َإن‬ ‫ول ا ِ‬
‫َال َر ُس ُ‬ ‫َال‪ :‬ق َ‬ ‫يم ْب ِن ِح َزام ‪ ‬ق َ‬ ‫‪ ٤‬سبب للبركة وزيادة اخلير‪ ،‬فعن َح ِك ِ‬
‫َت َب َر َك ُة َب ْي ِعهِ َما» )‪.(1‬‬
‫َص َدقَا َو َب َّي َنا ُبور َِك َل ُه َما ِفي َب ْي ِعهِ َما‪َ ،‬وإ ِْن َك َت َما َو َك َذ َبا ُم ِحق ْ‬
‫من آثار‬
‫الصدق‬
‫سبب ليبلغ العبد منزلة‬ ‫يورث الطمأنينة‬
‫الصديقني في اآلخرة‬ ‫والسكينة‬

‫سبب للبركة‬ ‫دليل على‬


‫وزيادة الرزق‬ ‫استقامة اإلنسان‬

‫سبب النتشار‬
‫الثقة بني الناس‬

‫ثانيا‪ :‬الكذب‬
‫ً‬

‫تـعـريـف الـكـذب‬
‫سهوا‪ ،‬لكن ال يأثم اإلنسان في السهو واجلهل‪.‬‬
‫عمدا كان أو ً‬
‫الكذب هو اإلخبار عن الشيء بخالف ما هو عليه‪ً ،‬‬

‫حـكـم الـكـذب‬
‫الكذب ُم َح َّر ٌم‪ ،‬واعتياده من كبائر الذنوب‪ ،‬قد تظاهرت األدلة على حترميه‪ ،‬وهو مفتاح اإلثم والفجور‪ ،‬ومن صفات‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫املنافقني وخصالهم‪ ،‬قال ‪« :‬إ َِّن ا ْل َك ِذ َب َي ْه ِدي ِإ َلى ا ْل ُف ُجو ِر َوإ َِّن ا ْل ُف ُجو َر َي ْه ِدي ِإ َلى ال َّنارِ‪َ ،‬وإ َِّن ال َّر ُج َل َل َي ْك ِذ ُب َح َّتى‬
‫هلل َك َّذا ًبا» )‪ ،(1‬وقال ‪« :‬آية املنافق ثالث‪ :‬إذا حدَّ ث كذب‪ ،‬وإذا وعد أخلف‪ ،‬وإذا اؤمتن خان»)‪.(2‬‬ ‫ُي ْك َت َب ِع ْندَ ا ِ‬

‫�أعظ ُم الكذب‬
‫أعظم الكذب وأشده خطراً الكذب على اهلل تعالى ورسوله ‪ ‬في حترمي حالل أو حتليل حرام‪ ،‬أو ٍ‬
‫قول على اهلل تعالى بغير‬
‫علم‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ‬
‫ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﱪ ‪ ،‬وقال ‪َ « :‬من كذب َّ‬ ‫ﯝﯞﯟ‬
‫(((‬
‫متعم ًدا فليتبوأ‬
‫علي ِّ‬ ‫(((‬
‫مقعده من النار»‪.‬‬

‫�ص َور الكذب‬

‫‪ ١‬الكذب في البيع والشراء؛ بإخفاء عيوب السلع‪ ،‬وتزوير العالمات التجارية‪.‬‬


‫‪ ٢‬الكذب في املطالبات واخلصومات‪ ،‬فيدّ عي ما ليس له‪ ،‬ويجحد ما يجب عليه أداؤه‪.‬‬
‫‪ ٣‬إظهار الفقر واحلاجة لسؤال الناس واستجدائهم مع استغنائه عن ذلك‪.‬‬
‫‪ ٤‬نقل األخبار مع العلم بكذبها وزيفها‪.‬‬
‫‪ ٥‬الكذب إلضحاك الناس‪.‬‬

‫موا�ضع يباح فيها الكذب‬


‫أباح اإلسالم الكذب في ثالثة مواضع فقط؛ ملا يترتب على ذلك من املصالح الشرعية‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ ١‬اإلصالح بني الناس مبا ال ظلم فيه‪ ،‬وذلك ملا فيه من التأليف بني املسلمني‪ ،‬وإزالة أسباب العداوة والبغضاء بينهم‪.‬‬
‫‪ ٢‬في احلرب مع األعداء‪ ،‬وذلك ألنه من حيل احلروب‪ ،‬وفيه مدافعة األعداء‪.‬‬
‫‪ ٣‬كذب الرجل على امرأته واملرأة على زوجها فيما ال ظلم فيه وال ضرر‪ ،‬ملا يحصل به من حسن العشرة وحتصيل‬
‫أسباب املودة بني الزوجني‪.‬‬
‫(‪ )١‬أخرجه البخاري‪.‬‬
‫(‪ )٢‬أخرجه البخاري‪.‬‬
‫(‪ )٣‬النحل‪.١١٧-١١٦ :‬‬
‫(‪ )٤‬حديث متواتر‪ ،‬أخرجه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫ودليل ذلك‪ :‬حديث أم كلثوم بنت عقبة قالت‪ :‬سمعت رسول اهلل ‪ ‬وهو يقول‪« :‬ليس الكذاب الذي يصلح‬
‫خيرا» قال ابن شهاب‪ :‬ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إال في‬
‫خيرا وينمي ً‬ ‫بني الناس ويقول ً‬
‫ثالث‪ :‬احلرب‪ ،‬واإلصالح بني الناس‪ ،‬وحديث الرجل امرأته وحديث املرأة زوجها ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬

‫�آثار الكذب ال�سيئة‬


‫�أ الكاذب يعيش في قلق واضطراب‪ ،‬ألنه مخالف للحق ومجانب للصواب‪.‬‬
‫ب املعتاد للكذب متخلق بأخالق املنافقني‪.‬‬
‫ج الكذب قلب للحقائق‪ ،‬وذلك ألن الكذابني يصورون للناس احلق باط ًال والباطل ح ًّقا‪ ،‬ويز ّينون القبيح ويش ّوهون احلق‪.‬‬
‫د انعدام الثقة بني الناس؛ فال يوثق بالوعود واألقوال‪ ،‬فتتقطع أواصر احملبة بني أفراد املجتمع‪ ،‬وتسود روح البغضاء‪،‬‬
‫ملا يحصل بسبب الكذب من اإلساءة والغش والظلم‪.‬‬
‫هـ سبب الستحقاق العقاب في اآلخرة‪ ،‬قال ‪« :‬إ َِّن ا ْل َك ِذ َب َي ْه ِدي ِإ َلى ا ْل ُف ُجورِ‪َ ،‬وإ َِّن ا ْل ُف ُجو َر َي ْه ِدي ِإ َلى ال َّنارِ‪َ ،‬وإ َِّن‬
‫)‪(2‬‬ ‫ال َّر ُج َل َل َي ْك ِذ ُب َح َّتى ُي ْك َت َب ِع ْندَ ا ِ‬
‫هلل َك َّذا ًبا»‪.‬‬

‫من آثار الكذب‬

‫سبب‬ ‫القلق‬
‫الستحقاق العقاب‬ ‫واالضطراب‬

‫انعدام الثقة‬ ‫من أخالق‬


‫بني الناس‬ ‫املنافقني‬

‫التزييف‬
‫وقلب احلقائق‬
‫(الصدق منجاة) من احلكم املشهورة‪ ،‬والتي تناقلتها األمم على مر العصور واختالف اللغات‪ ،‬بالرجوع إلى تفسير‬
‫ابن كثير اقرأ اآليتني من سورة التوبة (‪ )١١٩-١١٨‬واستخرج ما يدل على هذه احلكمة‪:‬‬
‫‪.....................................................................................‬‬
‫‪.....................................................................................‬‬
‫‪.....................................................................................‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه مسلم‪.‬‬


‫(‪ )2‬تقدم تخريجه ص ‪.١٥٩‬‬

‫‪160‬‬
‫وازن بني الصدق والكذب وفق املعايير اآلتية‪:‬‬

‫الكذب‬ ‫الصدق‬ ‫املعيار‬

‫موقف الناس من صاحبه‬

‫أثره على بقية األخالق‬

‫أثره على معامالت الناس‬

‫اجلزاء األخروي‬

‫�س‪ :١‬من الصدق في األقوال الصدق في نقل األخبار‪ِّ ،‬بي كيف حتقق ذلك‪.‬‬
‫�س‪ِّ :٢‬بي آثار الصدق على الفرد‪.‬‬
‫�س‪ :٣‬ع ِّلل ملا يأتي‪:‬‬
‫�أ أعظم الكذب القول على اهلل بغير علم‪.‬‬
‫الكذب يفضي إلى انعدام الثقة بني الناس‪.‬‬ ‫ب‬

‫الكذب يؤدي إلى قلب احلقائق‪.‬‬ ‫ج‬

‫يجوز الكذب في حال احلرب‪.‬‬ ‫د‬

‫‪161‬‬
‫ْـــمـــزاح و�آدابــــه‬
‫ال ُ‬
‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تع ِّرف املزاح يف اللغة واال�صطالح‪.‬‬
‫تدرك �أهمية معرفة �آداب املزاح‪.‬‬
‫مت ِّثل على املزاح املحمود‪.‬‬
‫مت ِّثل على املزاح املذموم‪.‬‬
‫تبي �ضوابط املزاح‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫أحكاما على مواقف ومقوالت يف �ضوء �ضوابط املزاح‪.‬‬
‫ت�صدر � ً‬
‫مت ِّثل ملزاح النبي ﷺ ‪.‬‬
‫ويجم النفس‬
‫ّ‬ ‫يحتاج اإلنسان في حياته للمزاح مع اآلخرين لكي ُيضفي على حياتهم شي ًئا من اللطف واألنس‪،‬‬
‫جار مع األصحاب واألقران‪ ،‬ومع األهل واألوالد‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬ال يكاد يخلو من ذلك‬
‫لتعود إلى عملها بنشاط وهذا ٍ‬
‫أحد‪ ،‬لكنهم فيه بني مقل ومستكثر‪.‬‬
‫تـعـريـف الـمـزاح‬
‫املزاح لغة‪ :‬الدُّ عابة‪ ،‬ونقيض اجلد‪.‬‬

‫�أهمية معرفة �آدابه ال�شرعية‬


‫عبدا هلل تعالى – ال بد أن يضبط مزاحه بضوابط شرعية‪ ،‬فيعرف أنواعه وضوابطه ليلتزم بها‪،‬‬
‫املسلم – بوصفه ً‬
‫ويحصل املصلحة ويتج ّنب املفسدة‪.‬‬
‫ّ‬
‫�أقـ�سـام الـمـزاح‬
‫ينقسم املزاح إلى أقسام ثالثة‪:‬‬
‫‪ ١‬مزاح محمو ٌد‪ :‬وهو ما له غرض صحيح‪ ،‬مقرون بنية صاحلة‪ ،‬منضبط بالقواعد الشرعية‪ .‬ومن أمثلة ذلك‪:‬‬
‫ممازحة صديقه بنية املؤانسة وإدخال السرور على قلبه‪.‬‬ ‫ب‬ ‫ممازحة الرجل والديه بأدب‪ ،‬أو أهله وأوالده‪.‬‬ ‫�أ‬

‫أنها كانت مع النبي ‪ ‬في‬ ‫فهذا يثاب عليه املرء‪ .‬ومن أدلة مشروعية هذا املزاح ما ورد في حديث عائشة‬
‫سفر‪ ،‬قالت‪ :‬فسابق ُته فسبق ُته على رِجلي‪ ،‬فلما حملت اللحم سابقته فسبقني‪ ،‬فقال‪« :‬هذه بتلك السبقة»(((‪.‬‬
‫(‪ )1‬رواه أبو داود‪ ،‬وابن ماجه‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫‪ ٢‬مزاح مذموم‪ :‬وهو ما له غرض فاسد‪ ،‬ونية سيئة‪ ،‬أو كان غير ملتزم بالضوابط الشرعية‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪:‬‬
‫أن يشتمل على السخرية‪ ،‬أو اإلضرار باآلخرين‪.‬‬ ‫ب‬ ‫ ‬
‫أن يشتمل على الكذب‪.‬‬ ‫�أ‬ ‫ ‬
‫‪ ٣‬مزاح مباح‪ :‬وهو ما ليس له غرض صحيح‪ ،‬وال نية صاحلة‪ ،‬ولكنه ال يخرج عن حدود الشرع‪ ،‬ولم يكثر منه‬
‫صاحبه حتى يكون سمت ًا له‪.‬‬
‫فهو ليس مبحمود وال مذموم‪ ،‬فال ثواب فيه‪ ،‬لعدم الغرض الصحيح والنية الصاحلة التي هي متعلق الثواب‪ ،‬وال‬
‫عقاب عليه لعدم املخالفة الشرعية‪.‬‬

‫�ضوابط و�آداب الـمـزاح‬


‫أوالً‪ :‬األمور التي ُيحرص عليها في املزاح‪:‬‬
‫فعل خير يحبه اهلل تعالى‪ ،‬وكأن ينوي إدخال السرور على نفسه‬
‫‪ ١‬النية الصاحلة‪ ،‬بأن يستحضر املرء عند مزاحه نية ِ‬
‫وأخيه أو زوجه أو والده‪ ،‬أو ينوي بذلك تقريب شخص إلى فعل خير بتلك الدعابة‪ ،‬أو أي نية أخرى صاحلة‪ ،‬ويدل‬
‫على هذا األصل العظيم قول النبي ‪« :‬إمنا األعمال بالنيات»(((‪.‬‬
‫التزام الصدق‪ ،‬فعن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قالوا يا رسول اهلل‪ ،‬إنك تداعبنا! قال‪« :‬إني ال أقول إال ح ًّقا»(((‪.‬‬ ‫‪٢‬‬

‫صغيرا‬
‫ً‬ ‫‪ ٣‬االحترام والتقدير لآلخرين‪ ،‬وإنزال الناس منازلهم‪ ،‬فليس كل الناس يتقبل املزاح‪ ،‬وقد قيل‪ :‬ال متازح‬
‫مرفوعا‪« :‬ليس منا من لم يرحم صغيرنا‪ ،‬ويوقر كبيرنا» ‪.‬‬
‫(((‬
‫ً‬ ‫كبيرا فيحقد عليك‪ ،‬وعن أنس ‪‬‬ ‫فيجترئ عليك‪ ،‬وال ً‬
‫ثانيا‪ :‬ما ُي ْج َت َن ُب في املزاح‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ ١‬الكذب‪ ،‬فالكذب محرم في اجلد والهزل‪ ،‬وقد ورد التهديد اخلاص ملن كذب إلضحاك اآلخرين‪ ،‬فعن معاوية بن‬
‫َح ْيدَ َة ‪ ‬قال‪ :‬سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪« :‬ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم‪ ،‬ويل له‪ ،‬ويل له» (((‪.‬‬
‫ولم يقتصر الشرع على النهي عن هذا اخللق الذميم في هذا املوضع بالذات‪ ،‬بل إن رسول اهلل ‪ ‬قال حا ًّثا على ترك‬
‫مازحا» (((‪.‬‬
‫ببيت في وسط اجلنة ملن ترك الكذب وإن كان ً‬ ‫الكذب في املزاح‪« :‬أنا زعيم ٍ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه أحمد‪ ،‬والترمذي‪ ،‬والبخاري في األدب املفرد‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه أحمد‪ ،‬وأبو داود‪.‬‬
‫(‪ )4‬رواه أحمد‪ ،‬وأبو داود‪.‬‬
‫(‪ )5‬رواه أبو داود‪ ،‬وبلفظ مختلف رواه الترمذي‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫‪ ٢‬اإلكثار منه‪ ،‬واإلفراط فيه‪ ،‬حتى ُيعرف به الشخص‪ ،‬أو يكون الغالب على املجالس‪ ،‬ملا فيه من تضييع األوقات‬
‫دون فائدة‪.‬‬
‫‪ ٣‬األذى واإلضــرار باآلخرين‪ ،‬واإلســاءة إليهم‪ ،‬أو أخذ حقوقهم وترويعهم‪ ،‬أو الضرب الذي يتجاوز به احلد‪،‬‬
‫أو الهزل مبا فيه ضرر كسالح وحجارة وغيرهما‪ ،‬فإن مثل هذا يورث األحقاد والضغائن‪ ،‬وقد يؤدي إلى النزاع‬
‫واخلصام‪ ،‬وينقلب به الهزل إلى جد‪ ،‬والود إلى حقد‪ ،‬واحملبة إلى كراهية‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬
‫ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﱪ (((‪ ،‬ومعنى ينزغ‪ :‬يفسد ويغري بينهم‪.‬‬

‫وعن عبداهلل بن السائب‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬أنه سمع النبي ‪ ‬يقول‪« :‬ال يأخذن أحدكم متاع أخيه ً‬
‫العبا وال‬
‫جا ًّدا‪ ،‬من أخذ عصا أخيه فليردها»(((‪.‬‬
‫‪ ٤‬املــزاح باألمور الشرعية‪ ،‬ألنه سخرية واستهزاء مبا حقه التعظيم‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ‬

‫ﱪ(((‪.‬‬

‫ما يجتنب‬
‫في املزاح‬

‫املزاح باألمور‬
‫الشرعية‬ ‫الكذب‬

‫األذى واإلضرار‬ ‫اإلكثار من‬


‫باآلخرين‬ ‫املزاح‬

‫(‪ )1‬اإلسراء‪.٥٣ :‬‬


‫(‪ )2‬رواه أحمد‪ ،‬وأبو داود‪ ،‬والترمذي‪.‬‬
‫(‪ )3‬التوبة‪.٦٦-٦٥ :‬‬

‫‪164‬‬
‫�صور من مزاح النبي ‪‬‬

‫‪ ١‬عن أنس ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال له‪« :‬يا ذا األذنني»‪ ،‬قال أبو أسامة ‪ – ‬أحد رواة اخلبر – يعني‪ :‬ميازحه(((‪.‬‬
‫ال استحمل رسول اهلل ‪ ‬فقال‪« :‬إني حاملك على ولد الناقة»‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬ما أصنع‬ ‫‪ ٢‬عن أنس ‪ ‬أن رج ً‬
‫(((‬
‫وق» ‪.‬‬ ‫بولد الناقة؟! فقال ‪« :‬وهل َت ِلدُ اإلب َِل َّإل ال ُّن ُ‬
‫ال َّن َة َال َتدْ خُ ُل َها‬
‫الن‪َّ ،‬إن ْ َ‬
‫ال َّن َة‪ .‬فقال‪َ « :‬يا أ َّم ُف ٍ‬‫هلل َأ ْن ُيدْ ِخ َل ِني ْ َ‬
‫ول اهلل‪ ،‬اُ ْد ُع ا َ‬ ‫فقالت‪َ :‬يا َر ُس َ‬
‫ْ‬ ‫‪َ ٣‬أت َْت َع ُجو ٌز إلى ِّ‬
‫النبي ‪‬‬
‫قول‪ :‬ﱫ‬ ‫وها َأن ََّها َال َتدْ خُ ُل َها َو ِه َي َع ُجوزٌ‪ ،‬إ َِّن ا َ‬
‫هلل َت َعا َلى َي ُ‬ ‫قال‪َ :‬ف َولَّ ْت َت ْب ِكي‪َ ،‬‬
‫فقال‪َ « :‬أخْ ِب ُر َ‬ ‫َع ُجوزٌ»‪َ ،‬‬
‫(‪)٤‬‬ ‫(‪)٣‬‬
‫ﱪ »‪.‬‬

‫املزاح مع الوالدين ليس كاملزاح مع األصدقاء‪ ،‬وممازحة الصغار ليست كممازحة الكبار‪ ،‬بالتعاون مع زمالئك‬
‫اكتب اآلداب التي ينبغي أن تراعى عند ممازحة كل من‪:‬‬
‫آداب املزاح‬ ‫املمزوح معه‬ ‫م‬
‫الوالدان‬ ‫‪1‬‬
‫الوجهاء‬ ‫‪2‬‬
‫األصدقاء‬ ‫‪3‬‬
‫األطفال‬ ‫‪4‬‬

‫(‪ )1‬رواه أبو داود‪ ،‬والترمذي‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه أبو داود‪ ،‬والترمذي‪.‬‬
‫(‪ )٣‬الواقعة‪.37-٣٥ :‬‬
‫(‪ )٤‬رواه الترمذي‪ ،‬والبيهقي‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫قارن بني أثر املزاح احملمود‪ ،‬وأثر املزاح املذموم‬
‫املزاح املذموم‬ ‫املزاح احملمود‬ ‫وجه املقارنة‬ ‫م‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫‪4‬‬
‫‪5‬‬

‫�س‪ :١‬ما املراد باملزاح؟ وما أقسامه؟‬


‫�س‪ :٢‬متى يكون املزاح‪:‬‬
‫مباحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ج‬ ‫ ‬
‫ب محمو ًدا‪.‬‬ ‫ ‬ ‫�أ مذمو ًما‪.‬‬ ‫ ‬
‫�س‪ :٣‬مثِّل ملزاح النبي ‪.‬‬
‫�س‪ :٤‬ما األمور التي تراعى عند املزاح؟‬
‫�س‪ :٥‬ما األمور التي ت ُْج َت َن ُب عند املزاح؟‬

‫‪166‬‬
‫الــوقــت و�أهــمــيـــتــه‬
‫ُ‬
‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تدرك �أهمية الوقت‪.‬‬
‫تبي م�س�ؤولية الإن�سان عن وقته‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تعدِّ د الأمور التي تعني على حفظ الوقت‪.‬‬
‫تبي فوائد تنظيم الوقت‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك‪ ،‬ناقش مع زمالئك صحة هذه احلكمة‪.‬‬

‫�أهمية الوقت‬
‫الوقت هو احلياة‪ ،‬وهو صندوق العمل‪ ،‬والفرصة لعمارة األرض‪.‬‬
‫والوقت أنفس من املال وأغلى‪ ،‬ألن ما ميضي منه ال يعود وال ميكن استدراكه‪.‬‬
‫ولعظم منزلة الوقت فقد أقسم اهلل عز وجل به في آيات كثيرة من كتابه الكرمي منها قوله تعالى‪ :‬ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ‬
‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﱪ (((‪.‬‬
‫ويقول عز وجل في بيان هذه النعم العظيمة التي هي من أصول النعم‪ :‬ﱫ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬
‫ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﱪ (((‪.‬‬

‫م�س�ؤولية الإن�سان عن الوقت‬


‫وكل يوم ميضي يق ّربه إلى أجله‪ ،‬فحري بالعاقل أن يعمر هذا الوقت مبا يرضي ربه‪ ،‬ويح ِّقق‬ ‫الوقت هو ُعمر اإلنسان‪ُّ ،‬‬
‫له السعادة في الدُّ نيا واآلخرة‪.‬‬
‫ول َقدَ َما َع ْب ٍد يوم ا ْل ِق َيا َم ِة حتى ُي ْس َأ َل َ‬
‫(ع ْن أ ْر َب ٍع)‪َ :‬ع ْن‬ ‫رسول اهلل ‪« :‬ال َت ُز ُ‬ ‫ُ‬ ‫األسلمي ‪ ‬قال‪ :‬قال‬ ‫ِّ‬ ‫فعن أبي َب ْر َز َة‬
‫يم َأ ْبال ُه»‪.‬‬ ‫يم َف َع َل‪َ ،‬و َع ْن َما ِل ِه من َأ ْي َن ْاك َت َس َب ُه َو ِف َ‬
‫يم َأ ْن َف َق ُه‪َ ،‬و َع ْن ِج ْس ِم ِه ِف َ‬ ‫يما َأ ْف َنا ُه‪َ ،‬و َع ْن ِع ْل ِم ِه ِف َ‬ ‫ُع ُم ِر ِه ِف َ‬
‫(((‬

‫ينشق َف ْج ُر ُه إال وينادي‪ :‬يا ابن آدم‪ ،‬أنا يوم جديد‪ ،‬وعلى عم ِلك شهيد‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫يوم‬
‫‪« :‬ما من ٍ‬ ‫وقال احلسن البصري‬
‫فاغتنمني‪ ،‬وتز َّود م ِّني‪ ،‬فأنا ال أعود إلى يوم القيامة»‪ ،‬والعاقل َمن َيحرِص على املُسارعة إلى اس ِتغْ الل وق ِته فيما‬
‫ون ِفيهِ َما َك ِثي ٌر من‬
‫ان َمغْ ُب ٌ‬‫أن النبي ‪ ‬قال‪ِ « :‬ن ْع َم َت ِ‬ ‫ينفع و ُيفيد؛ حتى ال يخسره أو ُيغْ نب فيه‪ ،‬فعن ابن عباس ‪َّ :‬‬
‫(((‬
‫الص َّح ُة‪َ ،‬وا ْل َف َر ُاغ»‪.‬‬ ‫الناس‪ِّ :‬‬
‫(‪ )1‬العصر‪.٣-١ :‬‬
‫(‪ )2‬النحل‪.١٢ :‬‬
‫(‪ )3‬رواه الترمذي‪ ،‬والدارمي‪.‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري‪.‬‬
‫‪167‬‬
‫حفظ الوقت‬
‫كان ال َّرسول ‪ ‬أحرص الناس على اغتنام الوقت‪ ،‬وقد أمره اهلل تعالى بقوله‪،((( L¹¸¶µ´³²M :‬‬
‫يعني‪ :‬إذا فرغت من أشغالك فاجتهد في العبادة والدعاء‪.‬‬
‫كما كان السلف الصالح من أحرص ال َّناس على اغ ِتنام أوقا ِتهم وشغلها مبا يعود عليهم بالنفع في أمر دينهم وفي‬
‫غربت شمسه‪ ،‬نقص‬‫مت على شيء ندمي على يوم ْ‬ ‫مصالح دنياهم ومعاشهم‪ ،‬فمما نُقل عن بعضهم قوله‪« :‬ما َن ِد ُ‬
‫حرصا منكم على ديناركم‬
‫ً‬ ‫«أدركت أقوا ًما كانوا على أوقاتهم أشدَّ‬
‫ُ‬ ‫يزد فيه عملي»‪ ،‬ويقول آخر‪:‬‬ ‫فيه أجلي‪ ،‬ولم ْ‬
‫ال مبصلحةٍ دينيةٍ أو دنيويةٍ ‪.‬‬ ‫ودرهمكم»‪ ،‬وكانوا يذمون ال َب َطا َل َة ممن ال يكون مشتغ ً‬
‫ومما يعني على حفظ الوقت أمور منها‪:‬‬
‫‪ ١‬إشغال النفس مبا فيه نفع ديني أو دنيوي‪ ،‬وترك ما فيه ضرر أو ما ال فائدة فيه‪.‬‬
‫‪ ٢‬ترتيب األعمال حسب أهميتها‪ ،‬مع حتديد ما يحتاج أن ينجز منها بنهاية يوم الغد‪ ،‬وما يحتاج أن ينجز بنهاية‬
‫األسبوع أو بنهاية الشهر‪.‬‬
‫‪ ٣‬احلرص على االستفادة من أوقات الفراغ بأعمال مفيدة‪ ،‬أو بتكميل ما قصرت فيه من أعمال األمس أو اليوم‪.‬‬
‫‪ ٤‬االستفادة من أوقات الصلوات اخلمس في تقسيم الوقت على األعمال والواجبات املختلفة‪ ،‬فقد رتبها اهلل عز‬
‫وجل بحكمة بالغة تعني على ضبط الوقت وحسن االنتفاع به‪.‬‬
‫‪ ٥‬مصاحبة اجلا ّدين‪ ،‬والبعد عن مجالسة ّ‬
‫البطالني‪.‬‬

‫فوائد تنظيم الوقت‬


‫‪ ١‬االرتقاء باحلياة‪ ،‬والوصول إلى األهداف املختلفة التي يتطلع إليها اإلنسان في حياته العلمية والعملية‪.‬‬
‫‪ ٢‬حسن االستفادة من الوقت‪ ،‬إذ إن السمة املشتركة بني كل الناجحني هي تنظيمهم ألوقاتهم وحسن استفادتهم‬
‫منها‪.‬‬
‫‪ ٣‬السالمة من أسباب القلق واالضطراب بسبب تأخير األعمال وازدحامها ثم العجز عن القيام بها‪ ،‬ومن فوات‬
‫الفرص بسبب تضييع األوقات فيما ال نفع فيه‪.‬‬
‫‪ ٤‬االستمتاع بالوقت‪ ،‬والشعور بلذة اإلجناز‪ ،‬فتنظيم الو ْقت ال يعني ِ‬
‫الج َّد بال راحة‪ ،‬ولكن أن يجعل للجد واملثابرة‬
‫وق ًتا‪ ،‬وللراحة واالستجمام وق ًتا‪ ،‬دون أن يطغى أحدهما على اآلخر‪ ،‬فيجلب بذلك لنفسه املزيد من السعادة‪.‬‬

‫(‪ )1‬الشرح‪.٨-٧ :‬‬

‫‪168‬‬
‫حسن االستفادة‬
‫الس‬
‫من الوقت‬ ‫القل المة من أسباب‬
‫ق واالضطراب‬
‫اال‬
‫رتقاء باحلياة‬
‫االستمتاع‬
‫ف‬
‫وائد تنظيم‬ ‫بالوقت‬
‫الوقت‬

‫أحد الشباب يشتكي من عدم استفادته من وقته‪ ،‬فمعظم أوقاته تذهب في اللعب واللهو‪ ،‬ضع جدو ًال تساعده فيه‬
‫مراعيا الواجبات واألمور املهمة في حياته‪ ،‬كالواجبات الشرعية واالجتماعية‪.‬‬
‫ً‬ ‫على االستفادة من وقته‪،‬‬
‫السبت‬ ‫اجلمعة‬ ‫اخلميس‬ ‫األربعاء‬ ‫الثالثاء‬ ‫االثنني‬ ‫األحد‬ ‫الوقت‬
‫الصباح‬

‫الظهر‬
‫العصر‬

‫املغرب‬
‫العشاء‬

‫‪169‬‬
‫كثيرا من الشباب مشكلة الفراغ وكيفية االستفادة منه‪ ،‬بالتعاون مع زمالئك ضع‬
‫من املشكالت التي تواجه ً‬
‫أفكارا إبداعية الستثمار وقت الفراغ‪:‬‬
‫ً‬
‫‪...................................................................................‬‬
‫‪...................................................................................‬‬
‫‪...................................................................................‬‬

‫�س‪ :١‬مما يدل على أهمية الوقت أن اهلل تعالى أقسم به في كتابه‪ ،‬أورد مثا ًال لذلك‪.‬‬
‫�س‪ :٢‬اإلنسان مسؤول عن وقته‪ ،‬استدل من ُّ‬
‫السنة على ذلك‪.‬‬
‫�س‪ :٣‬ما فوائد تنظيم الوقت؟ وما األمور املعينة على ذلك؟‬
‫�س‪ :٤‬من خالل دراستك للموضوع‪ ،‬استنتج خصائص الوقت‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫أ�صـحـاب‬
‫ِ‬ ‫الأُ ُخــ َّو ُة واخـتـيـا ُر ال‬
‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تدرك حقيقة الأخوة‪.‬‬
‫ت�ستنتج منزلة الأخوة يف الإ�سالم‪.‬‬
‫تعدِّ د حقوق الأخوة‪.‬‬
‫تعدِّ د ثمرات الأخوة‪.‬‬
‫ت�ستنتج �آداب الأخوة‪.‬‬
‫عندما هاجر النبي ‪ ‬إلى املدينة‪ ،‬ما األعمال التي بدأ بها؟‬
‫‪.....................................................................................‬‬
‫النبي ‪ ‬املؤاخا َة َبني املهاجرين واألنصار‪ ،‬وهذا يبني أهمية هذه الرابطة بني‬
‫إن من أهم األعمال التي بدأ بها ُّ‬
‫املسلمني‪ ،‬فما حقيقة األخوة؟ وما منزلتها؟ وما حقوق ا ُألخُ َّوة؟ وما ثمراتها؟‬

‫حقيقة الأُخُ َّو ِة‬


‫ا ُألخُ َّو ُة رابط ٌة إميانية تورث الشعور العميق باحملبة والتآلف مع كل من تربطك به أواصر العقيدة اإلسالمية‪ .‬وهي‬
‫تبعث في نفس املسلم أصدق العواطف جتاه إخوانه املسلمني فيتعامل معهم وفق مكارم األخالق من التعاون‬
‫واإليثار‪ ،‬والرحمة‪ ،‬والعفو‪ ،‬ويبتعد عن كل ما يضر بهم في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم‪.‬‬
‫التحاب في اهلل والتوا ِّد فيه‪ ،‬قال اهلل‬ ‫ِّ‬ ‫وا ُألخُ َّو ُة اإلمياني ُة أقوى من كل رابطة‪ ،‬وأوثق من أي َعالقة أخرى‪ ،‬ألنها تقوم على‬
‫(((‬
‫تعالى‪ :‬ﱫ ﯜ ﯝ ﯞ ﱪ ((( ‪ ،‬وقال ‪َ :‬‬
‫«ال ُيؤْ ِم ُن أحدُ كم َح َّتى ُي ِح َّب َأل ِخي ِه ما ُي ِح ُّب ِل َن ْف ِس ِه»‪.‬‬

‫منزلة الأُخُ َّو ِة في الإ�سالم‬


‫ا ُألخُ ـ َّو ُة في اإلســام رابطة دينية‪ ،‬وأســاس للصلة بني املسلمني‪ ،‬وقد جاءت النصوص من الكتاب والسنة في‬
‫التأكيد على هذه األخوة وبيان منة اهلل عز وجل على املسلمني في شرعها وتهيئة النفوس لها‪ ،‬فقال اهلل تعالى‪:‬‬
‫ﱪ (((‪.‬‬ ‫ﱪ ((( ‪ ،‬وقال تعالى‪ :‬ﱫ‬ ‫ﱫ‬

‫(‪ )1‬احلجرات‪.١٠ :‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )3‬احلجرات‪.١٠ :‬‬
‫(‪ )4‬آل عمران‪.١٠٣ :‬‬
‫‪171‬‬
‫وألهمية هذه الرابطة بني املؤمنني فقد رتب اهلل جل وعال عليها عظيم األجر وجزيل الثواب وقرب أهلها وأحبهم‪،‬‬
‫الن َ َتا َّبا في ا ِ‬
‫هلل ْاج َت َم َعا عليه َو َت َف َّر َقا عليه»‬ ‫هلل َت َعا َلى في ِظ ِّل ِه يوم ال ِظ َّل إال ِظ ُّل ُه‪َ « :‬و َر ُج ِ‬
‫فمن السبعة الذين ُي ِظ ُّل ُهم ا ُ‬
‫(((‬
‫متفق عليه‪.‬‬
‫وفي احلديث القدسي‪« :‬املتحابون في جاللي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء» ‪.‬‬
‫(((‬

‫حقوق الأُخُ َّو ِة‬


‫حقوق األخوة منها حقوق عامة يلتزم بها املسلم مع أخيه املسلم‪ ،‬ومنها حقوق خاصة تضاف إلى احلقوق العامة‬
‫تكون بني املتآخيني‪ ،‬ومن هذه احلقوق واآلداب‪:‬‬
‫«ح ُّق ْالُ ْس ِل ِم َع َلى ْالُ ْس ِل ِم ِس ٌّت‪ِ :‬إ َذا َل ِقي َت ُه َف َس ِّل ْم َع َل ْي ِه َو ِإ َذا َد َع َ‬
‫اك َف َأ ِج ْب ُه‬ ‫‪ ١‬احلقوق الستة التي بينها النبي ‪ ‬في قوله‪َ :‬‬
‫ات َفا ْت َب ْع ُه»(((‪.‬‬ ‫ِض َف ُعدْ ُه َو ِإ َذا َم َ‬ ‫َو ِإ َذا ْاس َت ْن َص َح َك َفان َْص ْح َل ُه َو ِإ َذا َع َط َس َف َح ِمدَ ا َ‬
‫هلل َف َش ِّم ْت ُه َو ِإ َذا َمر َ‬
‫صغيرا‪،‬‬‫ً‬ ‫كبيرا‪ ،‬ويرحمه إن كان‬ ‫‪ ٢‬مخالقته بخلق حسن؛ فيبذل له املعروف‪ ،‬ويكف عنه األذى‪ ،‬ويوقره إن كان ً‬
‫وينصفه من نفسه‪ ،‬ويعامله مبا يحب أن يعامله به‪ ،‬ويساعده إذا احتاج إلى مساعدة‪ ،‬ويشفع له في قضاء حاجته‪،‬‬
‫«ال ُيؤْ ِم ُن أحدُ كم َح َّتى ُي ِح َّب َأل ِخي ِه ما ُي ِح ُّب ِل َنفْ ِس ِه» ‪،‬‬
‫(((‬
‫وقد أرشد النبي ‪ ‬إلى أصول هذه احلقوق فقال ‪َ :‬‬
‫اط ِفهِ ْم َمث َُل ا ْل َج َس ِد؛‬ ‫ين في َت َوا ِّد ِه ْم َو َت َر ُاح ِمهِ ْم َو َت َع ُ‬ ‫هلل ‪َ « :‬مث َُل ا ْل ُمؤْ ِم ِن َ‬ ‫وعن ال ُّن ْع َم ِان بن َب ِش ٍير قال‪ :‬قال رسول ا ِ‬
‫(((‬
‫ال َّمى» ‪.‬‬ ‫ِالس َه ِر َو ْ ُ‬
‫ال َس ِد ب َّ‬‫إذا ْاش َت َكى منه ُع ْض ٌو تَدَ َاعى له َسا ِئ ُر ْ َ‬
‫‪ ٣‬جتنب إساءة الظن والتجسس والغيبة‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ‬
‫ﭞﭟﭠﭡﭢ ﱪ ‪.‬‬
‫(((‬

‫‪ ٤‬التناصح واألمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ‬


‫يح ُة»‪ُ ،‬ق ْل َنا‪ِ :‬لَ ْن؟ قال‪:‬‬ ‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﱪ ‪ ،‬وعن َ ِت ٍيم الدَّ ار ِِّي ‪َ ‬أ َّن النبي ‪ ‬قال‪« :‬الدِّ ُ‬
‫(((‬
‫ين ال َّن ِص َ‬
‫«ل‪َ ،‬و ِل ِك َتا ِب ِه‪َ ،‬و ِل َر ُسو ِل ِه‪ ،‬وألئمة ْالُ ْس ِل ِمنيَ‪َ ،‬و َعا َّم ِتهِ ْم»‪.‬‬
‫(((‬
‫ِِ‬
‫‪ ٥‬إعانته ومواساته‪ ،‬والسعي في حاجته‪ ،‬والقيام بخدمته‪ ،‬وإذا س َّره شي ٌء بادرت إلى تهنئته‪ ،‬وإظهار الفرح والسرور‬
‫بذلك‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه اإلمام أحمد‪ ،‬وصححه األلباني‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )4‬تقدم تخريجه ص ‪.١٧١‬‬
‫(‪ )5‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )6‬احلجرات‪.١٢ :‬‬
‫(‪ )7‬التوبة‪.٧١ :‬‬
‫(‪ )8‬رواه مسلم‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫جتنب اإلساءة‬
‫إليه‬

‫أن يخالقه‬ ‫املناصحة واألمر‬


‫باملعروف والنهي‬
‫بخلق حسن‬
‫من حقوق‬ ‫عن املنكر‬
‫األخوة‬
‫أن يؤدي إليه‬ ‫تقدمي العون‬
‫واملواساة واملشاركة‬
‫حقوق املسلم‬ ‫في األفراح واألحزان‬

‫ثمرات الأُخُ َّو ِة‬


‫ل ُ‬
‫ألخُ َّو ِة في اإلسالم فوائد عظيمة منها‪:‬‬
‫‪ ١‬تعني على تزكية النفس‪ ،‬وتنمية الفضائل ملا يقع بني اإلخوة من صور التعاون والتناصح وحسن املعاملة‪.‬‬
‫‪ ٢‬حصول األنس وانشراح الصدر‪ ،‬وتخفيف اآلالم والهموم‪ ،‬والتعاون على قضاء احلاجات‪ ،‬والتشاور في املصالح‪.‬‬
‫‪ ٣‬جتعل املسلمني كاجلسد الواحد‪ ،‬وجتتمع كلمتهم‪ ،‬ويتحد صفهم‪ ،‬وتقوى شوكتهم‪ ،‬وتقوم مصاحلهم الدينية‬
‫والدنيوية‪.‬‬

‫�آداب اختيار ال�صاحب‬


‫الصاحب الصالح من يشعر بشعورك فيفرح لفرحك ويحزن حلزنك و ُي َس ُّر بسرورك‪ ،‬ويحب لك ما يحب لنفسه‬
‫ويكره لك ما يكره لنفسه‪ ،‬وينصح لك في مشهدك ومغيبك‪ ،‬يأمرك باخلير وينهاك عن الشر‪ ،‬وال يكون كذلك‬
‫إال إذا كان‪:‬‬
‫عاقل‪ ،‬ألنه ال خير في أخوة األحمق وصحبته‪ ،‬إذ قد يضر من حيث يريد أن ينفع‪.‬‬ ‫‪ً ‬‬
‫‪ ‬حسن اخللق‪ ،‬فس ّيئ اخللق قد تغلبه شهوة أو يتحكم فيه غضب فيسيء إلى صاحبه‪.‬‬
‫‪ ‬مستقيماً؛ ألن العاصي لربه ال يتو ّرع عن أذية صاحبه‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫في اجلدول اآلتي بعض املواقف في العالقات التي جتمع املتآخيني‪ ،‬تعاون مع زمالئك في تقوميها وإيجاد احللول‬
‫املناسبة للمواقف اخلاطئة‪:‬‬
‫العالج‬ ‫التقومي‬ ‫املوقف‬ ‫م‬
‫تنازل املتآخي عن حظوظ نفسه من أجل أخيه‬ ‫‪1‬‬
‫استغالل األخوة لتحقيق مصالح شخصية‬ ‫‪2‬‬
‫قيام األخ بخدمة أخيه‬ ‫‪3‬‬
‫تعلق األخ بأخيه وحصول اإلعجاب بينهما‬ ‫‪4‬‬
‫ترك إنكار املنكر خشية أن يؤدي إلى إفساد عالقة األخوة‬ ‫‪5‬‬

‫ضرب املهاجرون واألنصار أروع األمثلة في التآخي‪ ،‬بالرجوع إلى كتب السيرة سجل مناذج لتلك األخوة‪:‬‬
‫‪..............................................................................‬‬
‫‪..............................................................................‬‬
‫‪..............................................................................‬‬

‫�س‪ِّ :١‬بي منزلة األخوة في اإلسالم‪.‬‬


‫�س‪ :٢‬ما حقوق األخوة؟‬
‫�س‪ :٣‬من خالل دراستك ملوضوع األخوة استنتج ثمراتها في الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫�س‪ :٤‬علل ملا يأتي‪:‬‬
‫�أ من آداب اختيار الصاحب أن يكون عاقالً‪.‬‬
‫ب من آداب اختيار الصاحب أن يكون حسن اخللق‪.‬‬
‫ج من آداب اختيار الصاحب أن يكون مستقيماً‪.‬‬
‫�س‪ :٥‬ما أثر الصاحب على صاحبه؟‬

‫‪174‬‬
‫حـــقـــوق الإنــ�ســـان‬
‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تبي مفهوم حقوق الإن�سان‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تعدِّ د �أنواع حقوق الإن�سان‪.‬‬
‫ت�ستنتج �سبق الإ�سالم يف تقرير حقوق الإن�سان‪.‬‬
‫تبي �أهمية رعاية حقوق الإن�سان‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تقارن بني النظام الإ�سالمي واحل�ضارة الغربية يف جمال رعاية حقوق الإن�سان‪.‬‬

‫مفهوم حقوق الإن�سان‬


‫حقوق اإلنسان هي مجموع الواجبات املشروعة له والتي تضمن كرامته‪ ،‬وحتقيق إنسانيته‪ ،‬وتوفر له احلياة السوية‪.‬‬
‫وهي أصيلة في كل إنسان‪ ،‬تولد معه ويجب احملافظة عليها وإعمالها‪.‬‬
‫وفي اإلسالم‪ ،‬تُعتبر الشريعة اإلسالمية هي مصدر احلقوق كلها‪ ،‬وال يوجد حق مقرر لإلنسان يخرج عن نصوصها‬
‫أو قواعدها الكلية‪ ،‬فالشريعة اإلسالمية هي أساس احلق ومصدره وسنده‪ ،‬وضمان وجوده واحلفاظ عليه في املجتمع‪.‬‬
‫وقد جاء اإلسالم بكل احلقوق الضرورية ليعيش اإلنسان كر ًميا وليؤسس مجتمع احلقوق املبني على العدالة وا ُألخُ َّوة‪،‬‬
‫والتكافل االجتماعي في أكمل صوره‪.‬‬
‫�أن ــواع حقوق الإن�سان‬
‫حقوق اإلنسان كثيرة ومتعددة‪ ،‬وفيما يأتي بيان بأهم هذه احلقوق‪:‬‬
‫‪ ١‬حق احلياة‬
‫وهو من أعظم احلقوق التي أكد عليها اإلسالم‪ ،‬فقد حرم اإلسالم القتل واالنتحار واإلجهاض‪ ،‬وشرع ِ‬
‫القصاص ملن‬
‫اعتدى على النفوس البريئة؛ كما حرمت الشريعة َّ‬
‫كل التصرفات التي تَنال من حق احلياة أو تُنقص منه‪ ،‬كتعذيب‬
‫اإلنسان‪ ،‬والعدوان عليه في حياته‪ ،‬أو بعد موته ماد ًّيا أو معنو ًّيا؛ كالتمثيل بجثته أو كسر عظامه‪.‬‬
‫قــال تعالــى‪ :‬ﱫﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ‬
‫ﯤ ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﱪ ‪ .‬وقــال تعالــى‪ :‬ﱫ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬
‫(((‬

‫ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ‬
‫ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﱪ ‪.‬‬
‫(((‬

‫(‪ )1‬األنعام‪.١٥١ :‬‬


‫‪175‬‬ ‫(‪ )2‬البقرة‪.١٧٨ :‬‬
‫كما حرمت الشريعة انتهاك كرامة اإلنسان واحلط من قدره حتى بالكلمة اجلارحة أو السخرية‪ ،‬قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ‬

‫(((‬
‫ﱪ ‪.‬‬
‫‪ ٢‬حق احلرية‬
‫احلرية‪ ،‬هي قدرة اإلنسان على التصرف‪ ،‬إال ملانع من أذى أو ضرر له أو لغيره‪.‬‬
‫وفي اإلسالم يجب على اإلنسان أن يتحرر من عبودية غير اهلل‪ ،‬وسمى اهلل َم ْن ُعبِد من دون اهلل طاغو ًتا‪ ،‬وأمر الناس‬
‫أن يكفروا بــه‪ ،‬قــال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫(((‬
‫ﱪ ‪.‬‬
‫وحرية الرأي املنضبطة بضوابط الشرع‪ ،‬تبني املجتمع اإلسالمي‪ ،‬وتصحح أخطاءه‪ ،‬وتبصره بطريق الهداية والفالح في‬
‫أموره العامة واخلاصة‪ ،‬ولذا يشرع القيام بواجب األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬ممن عرفوا بالعلم واحلكمة واحللم ‪.‬‬
‫مخاطبا نبيه‪ -‬عليه الصالة والســام‪:-‬‬
‫ً‬ ‫واملســلمون مطالبون بالتناصح والتشــاور في أمورهم العامة‪ ،‬يقول اهلل تعالى‬
‫ﱫ‬
‫(((‬
‫ﱪ ‪ ،‬واملشاركة بالرأي تتحقق بالشورى‪.‬‬
‫وحرية الرأي والفكر واسعة‪ ،‬واالجتهاد من املؤهلني مطلوب في أمور الدين والدنيا‪ ،‬وال ينكر منه إال ما يخرج عن‬
‫أصول اإلسالم عقيدة أو تشري ًعا‪ ،‬أو يهدر قيمة خلقية من أخالق اإلسالم‪ ،‬أو يقصد فتنة الناس وإضاللهم‪.‬‬
‫وفي اإلسالم ال حرية ألحد في نشر الفساد أو الرذيلة أو الفتنة في املجتمع؛ ألن احلرية ال تس ّوغ لصاحبها الشر‬
‫واإلفساد‪ ،‬وال تبيح له أن يؤذي غيره‪ ،‬أو يعرض املجتمع للخطر أو االعتداء على اآلخرين في دماءهم وأعراضهم‬
‫وأموالهم ‪.‬‬
‫ويكفل اإلسالم حرية الرأي والفكر ويقيدها باملسؤولية‪ ،‬وتتوقف حرية الرأي والفكر عند حدود معلومة ال تضر‬
‫باملجتمع‪ ،‬واحلرية ليست مطلقة في جميع املجتمعات بل ال بد لها من ضوابط تقف دونها‪ ،‬وضابطها في اإلسالم‪:‬‬
‫أن ال تخرج بصاحبها عن أصول اإلسالم وأحكامه‪ ،‬فإن احلرية املطلقة في احلقيقة هي‪( :‬الفوضى املطلقة) واحلرية‬
‫ليست في الرأي فقط بل حتى في عموم األفعال واألقوال وفي املطاعم واملشارب واملالبس واملناكح‪ ،‬فال يجوز إطالق‬
‫(((‬
‫‪.‬‬ ‫النفس للهوى بل يجب التقيد مبا شرعه اهلل ومبا ال يخالف العرف لقوله تعالى‪:‬‬
‫‪ ٣‬حق التم ُّلك‬
‫كسبا وإنــفــا ًقــا شريطة مــراعــاة أحكام‬
‫ً‬ ‫لقد أقــر اإلس ــام حرية األشــخــاص فــي متلك األم ــوال والتصرف فيها‬
‫(((‬
‫ﱪ ‪ ،‬وقــال تعالى‪:‬‬ ‫الــشــرع‪ ،‬فأحل اهلل تعالى البيع والــشــراء والتجارة ونحوها‪ ،‬قــال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫(((‬
‫‪.‬‬ ‫ﱫ‬

‫(‪ )٣‬آل عمران‪.١٥٩ :‬‬ ‫ ‬‫(‪ )٢‬النساء‪.٦٠ :‬‬ ‫ ‬‫(‪ )1‬احلجرات‪.١١ :‬‬
‫(‪ )٦‬البقرة‪.٢٨٢ :‬‬ ‫ ‬
‫(‪ )٥‬البقرة‪.٢٧٥ :‬‬ ‫ ‬
‫(‪ )٤‬األعراف‪.١٩٩ :‬‬

‫‪176‬‬
‫وقد عدَّ الفقهاء حفظ املال ضمن الضرورات اخلمس التي ال تستقيم حياة األفراد واملجتمعات إال بها‪ ،‬وحرم اإلسالم‬
‫(((‬
‫االعتداء على املال‪ ،‬ففي احلديث عن النبي ‪« :‬كل املسلم على املسلم حرام‪ :‬دمه وماله وعرضه»‪.‬‬
‫مباحا وال يترتب عليه مفسدة في‬
‫وعلى كل فرد أن ميارس من العمل ما يناسبه‪ ،‬ليسد حاجة نفسه ما دام العمل ً‬
‫الدين‪ ،‬أو إضرار بالناس‪.‬‬
‫‪ ٤‬حق التكافل االجتماعي‬
‫يقصد بالتكافل االجتماعي‪ :‬أن يكون أفراد املجتمع مشاركني في رعاية املصالح العامة واخلاصة ودفع املفاسد‬
‫واألضرار املادية واملعنوية‪ ،‬بحيث يشعر كل فرد أن عليه واجبات لآلخرين وخاصة الذين ليس باستطاعتهم أن‬
‫يحققوا حاجاتهم اخلاصة‪ ،‬وذلك بإيصال املنافع إليهم ودفع األضرار عنهم‪.‬‬
‫ال ف َّعا ًال للتكافل االجتماعي مثل ما عرفته في ظل اإلسالم‪ ،‬فلم يكن وليد حاجة‬ ‫ولم تعرف البشرية نظام ًا متكام ً‬
‫من حاجات التطور االجتماعي بل هو قاعدة أصيلة في بناء اإلسالم وأركانه‪.‬‬
‫ولقد تعددت أبواب التكافل االجتماعي في اإلسالم‪ ،‬وتراوحت بني اإللزام واالختيار‪ ،‬ومن ذلك ما يأتي‪:‬‬
‫مقدارا معلو ًما‪ ،‬في وقت معلوم بنسبة معلومة‪ .‬في أنواع املال‬ ‫ً‬ ‫�أ أداء الزكاة‪ :‬وهي حق واجب في املال إذا بلغ‬
‫النامي؛ من الذهب والفضة والنقود‪ ،‬والثمار‪ ،‬واألنعام‪ ،‬وعروض التجارة‪.‬‬
‫ب الصدقات‪ :‬وهي عطاء اختياري من األغنياء للفقراء دون م ّنة أو طلب مكافأة‪ ،‬إ ّال املكافأة من اهلل العليم‬
‫الواسع الكرمي‪.‬‬
‫ج نفقة األقارب‪ :‬وهي واجبة على الشخص لزوجته وأقاربه كأوالده وآبائه‪.‬‬
‫د دفع الدِّ يات‪ :‬حيث يشترك عصبة القاتل خط ًأ في دفع الدية إلى ورثة املقتول‪ ،‬والدية هنا متثل ضما ًنا من‬
‫املجتمع لورثة املقتول‪ ،‬فال يضيع دم املسلم هدْ ًرا‪.‬‬
‫هـ الدعم املعنوي‪ :‬فلم يقتصر التكافل االجتماعي في اإلسالم على اجلوانب املادية فحسب‪ ،‬بل ميتد إلى ما يعد‬
‫عمن يحتاج إلى التعليم‪ ،‬وال‬ ‫تعاو ًنا شام ًال على البر‪ ،‬فمن التوجيهات اإلسالمية‪ ،‬أ َّال يكتم اإلنسان العلم النافـع ّ‬
‫يبخل اإلنسان بنصحه َع َّمن يحتاج إلى النصح واإلرشاد فالدين النصيحة‪ .‬ومن ذلك أيض ًا التوجيهات اإلسالمية‬
‫حول نصرة املظلوم ومنع الظالم من ظلمه وإفشاء السالم وتشميت العاطس واتباع اجلنائز وإجابة الدعوة إلى الوالئم‬
‫واألفراح‪ ...‬وهذه كلها من الدعم املعنوي الذي يساعد على بناء املجتمع وحتقيق حقوق اإلنسان فيه‪.‬‬
‫‪ ٥‬حقوق ذوي اإلعاقة‬
‫كفل اإلسالم حقوق ذوي اإلعاقة وفرض العناية بهم ورعايتهم على األسرة واملجتمع‪ ،‬وقد أقرت اململكة العربية‬
‫السعودية استراتيجية وطنية للعناية باألشخاص ذوي اإلعاقة‪ ،‬وأنشأت ألجلهم هيئة رعاية األشخاص ذوي اإلعاقة؛‬
‫حلماية حقوقهم ومتكينهم وتعزيز جهود العناية بهم في املجتمع‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم برقم ‪.6706‬‬

‫‪177‬‬
‫إثراء‬
‫اطلعت على موقع (وطني يحمي حقوقي )‬‫َ‬ ‫هل‬
‫وهو منصة تعليمية تفاعلية في مجال نشر ثقافة حقوق اإلنسان داخل مدارس التعليم العام في‬
‫اململكة العربية السعودية‬

‫تقريرا تبني من خالله‪ :‬األعمال التي‬


‫ً‬ ‫بالرجوع ملوقع هيئة حقوق اإلنسان باململكة ‪ http://hrc.gov.sa‬اكتب‬
‫تقوم بها‪ ،‬جهودها ومنجزاتها‪ ،‬كيفية التواصل معها‪ ،‬إصداراتها‪.‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬

‫دعت اجلمعية العامة لألمم املتحدة جميع الدول الحترام حقوق اإلنسان ووضعت أنظمة حلماية حقوق اإلنسان فأقرت‬
‫اململكة منها ما وافق الشريعة اإلسالمية وتركت ما فيه مخالفة للشريعة‪ ،‬فيما يأتي عرض لبعض قوانني حقوق اإلنسان‬
‫التي اشتملت على ما يوافق الشريعة وما يخالفها بني ذلك‪:‬‬
‫ما يخالف‬ ‫ما يوافق‬
‫النظام‬ ‫م‬
‫الشريعة‬ ‫الشريعة‬
‫احلق في الزواج من بني مختلفي األديان‬ ‫‪1‬‬
‫‪ 2‬عدم التمييز بسبب العنصر أو اللون أو اجلنس أو اللغة أو الدين‬
‫ضرورة رعاية الطفولة‬ ‫‪3‬‬
‫لكل فرد احلق في التملك‪ ،‬مبفرده أو باالشتراك مع غيره‬ ‫‪4‬‬
‫عدم التمييز ضد املرأة في مجال احلقوق االجتماعية‬
‫‪ 5‬واالقتصادية‪ ،‬كاحلق في التعليم والعمل والرعاية الصحية‬

‫‪178‬‬
‫�س‪ :١‬قارن بني مفهوم حقوق اإلنسان في اإلسالم واملفهوم الغربي حلقوق اإلنسان‪.‬‬
‫�س‪ :٢‬ما احلقوق التي حتفظ بهذه األحكام‪:‬‬
‫حترمي الزنا‪.‬‬ ‫�أ‬

‫حترمي قتل النفس‪.‬‬ ‫ب‬

‫حترمي القذف‪.‬‬ ‫ج‬

‫إباحة البيع والشراء‪.‬‬ ‫د‬

‫وجوب النفقة على الزوجة واألوالد واآلباء واألمهات‪.‬‬ ‫هـ‬

‫�س‪ :٣‬ما ضوابط حرية الرأي في اإلسالم؟‬


‫�س‪ :٤‬ما حقوق ذوي اإلعاقة في املجتمع املسلم ؟‬

‫‪179‬‬
‫الــقـــراءة و�أهــمــيـتـهــا‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تبي �أهمية القراءة‪.‬‬
‫ِّ‬
‫ت�ستنتج معايري القراءة النافعة‪.‬‬
‫ت�ستنتج الأمور التي تعني على اعتياد القراءة‪.‬‬
‫تبي �آداب القراءة‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫�أهمية القراءة‬
‫ُعمق‬
‫عوالم ثقافية جديدة تنمي معارفه‪ ،‬وتُثري مداركه‪ ،‬ت ِّ‬ ‫َ‬ ‫يطل من خاللها اإلنسان على‬ ‫القراءة نافذ ٌة رحبة‪ُّ ،‬‬
‫يطلع فيما يقرأ على خالصة جتارِب املؤلفني‪ ،‬وزبدة‬ ‫أعمارا‪ .‬حيث ّ‬
‫ً‬ ‫وعيه‪ ،‬وترتقي بخبراته‪ ،‬وتُضيف إلى عمره‬
‫خبراتهم في احلياة التي عاشوا أحدا َثها وتق َّلبوا في متغيراتها سنني طويلة‪.‬‬
‫طريق ملعرفة اهلل عز وجل وما شرع لعباده من العبادات واملعامالت واألخالق واآلداب‪ ،‬وبالقراءة يتعرف‬ ‫والقراءة ٌ‬
‫املسلم على سيرة الرسول ‪ ،‬وعلى تاريخ أمته وحضارتها العظيمة‪ ،‬وعلى سير أعالمها وقادتها‪.‬‬
‫وقد جاءت الشريعة اإلسالمية ببيان فضل القراءة والعلم والتعلم‪ ،‬بل ساق اهلل تعالى القراءة والكتابة والقلم َم َ‬
‫ساق‬
‫املِ َّنة على عباده؛ لينبههم إلى فضل هذه األمور؛ فقال تعالى‪ :‬ﱫ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﱪ ‪ ،‬فأقسم بالقلم‪ ،‬وأقسم مبا‬
‫(((‬

‫(((‬
‫العلم‪ .‬وقال تعالى في أول ما نزل من الوحي‪ :‬ﱫ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﱪ ‪.‬‬ ‫ُيكتب بالقلم‪ ،‬وهو‪ِ :‬‬
‫لـمـاذا �أقـر�أ؟‬
‫ِّ‬
‫مبصاف العلماء الذين أثنى‬ ‫القراءة من أفضل السبل لتحصيل العلوم واملعارف املختلفة‪ ،‬وطريق ألن يلتحق املرء‬
‫اهلل عز وجل عليهم بقوله‪ :‬ﱫ ‪ çæåäâáàßÞ ÝÜÛÚ‬ﱪ ‪ ،‬وقوله‪ :‬ﱫ ﯳ‬
‫(((‬

‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﱪ ‪.‬‬
‫(((‬

‫كما يقرأ اإلنسان ألن القراءة الهادفة تغ ِّير حياته نحو األفضل؛ فهي ترفع مستوى ال َف ْهم والتفكير لديه‪ ،‬وتعينه‬
‫على إدراك حقائق األشياء‪ ،‬وهي طريق إلى معرفة أحوال األمم املاضية واالستفادة منها‪.‬‬
‫وفي القراءة استثمار لألوقات فيما ينفع‪ ،‬وصون لها عما يضر من فضول النظر والكالم واالستماع واملخالطة‪،‬‬
‫وهي بعد ذلك طريق إلى النجاح والتفوق واإلبداع‪ ،‬وإلى أن يكون اإلنسان مؤ ِّث ًرا في محيطه واملجتمع من حوله‪.‬‬
‫(‪ )1‬القلم‪.١ :‬‬
‫(‪ )2‬العلق‪.١ :‬‬
‫(‪ )3‬املجادلة‪.١١ :‬‬
‫(‪ )4‬الزمر‪.٩ :‬‬

‫‪180‬‬
‫مــاذا �أقـر�أ؟‬ ‫‪ ‬‬
‫وغذاء للعقل والروح‪،‬‬
‫ً‬ ‫من املهم أن يحسن اإلنسان اختيار الكتاب الذي يقرؤه حتى تكون القراءة متع ًة للنفس‬
‫وأن يبتعد عن قراءة القصص والروايات واملقاالت الرديئة التي تثير الغرائز‪ ،‬أو تدعو إلى الرذائل‪ ،‬أو تثير الشكوك‬
‫حول الدين واملبادئ واألخالق‪.‬‬

‫تربية النف�س على القراءة‬


‫إن تربية النفس على القراءة ومالزمتها والصبر عليها من أجنح السبل لغرس محبتها واالستمرار عليها‪ ،‬وقد‬
‫يضجر املرء في البداية أو تصيبه السآمة وامللل‪ ،‬ولكن بالعزمية اجلادة سوف يكتسب بإذن اهلل ‪-‬تعالى‪ -‬هذه امللكة‬
‫حتى تصبح مالزمة له ال يقوى على فراقها‪.‬‬
‫ومما يعني على ذلك ويحفز إليه استحضار ثمراتها على اإلنسان في فكره‪ ،‬ومنطقه‪ ،‬ونظرته لألمور‪ ،‬ومن ذلك النظر‬
‫في سير العظماء من العلماء واألدباء واملفكرين الذين لم يصلوا إلى املقامات العالية في العلم والفكر إال مبالزمة القراءة‪.‬‬

‫�إر�شادات للقراءة النافعة‬


‫‪ ١‬ليس كل كتاب يصلح للقراءة وال كل كاتب ومؤلف ينبغي أن يقرأ له‪ ،‬ألن من الكتب ما ال نفع فيه بل رمبا كان‬
‫مضرة على قارئه‪ ،‬ولذا ينبغي للشباب املسلم إذا أراد أن يقرأ أن يستشير من يثق به من العلماء واملتخصصني‬
‫عن الكتب املفيدة‪ ،‬وعن املؤلفني الذين ينصح باقتناء مؤلفاتهم وقراءتها‪.‬‬
‫‪ ٢‬األخذ باألسباب التي تعني على التركيز في القراءة ومنها‪ :‬اختيار األوقات املناسبة‪ ،‬واألماكن املالئمة اخلالية‬
‫من الصوارف‪ ،‬وأن يكون خالي الذهن‪ ،‬ولديه االستعداد العقلي والنفسي الذي يعينه على استجماع قدراته‬
‫الفكرية لالستفادة مما يقرأ‪.‬‬
‫‪ ٣‬التنويع في القراءة بني الكتب العلمية املتخصصة‪ ،‬والكتب الثقافية‪ ،‬والقصص الهادفة واملسلية‪ ،‬وكتب اآلداب‬
‫واألخالق‪ ،‬حتى تتسع مداركه‪ ،‬ويبعد عن نفسه السآمة وامللل‪.‬‬
‫‪ ٤‬التدرج في قراءة الكتب املتخصصة في كل علم في حسبه ويراجع في ذلك كتاب (حلية طالب العلم) للشيخ‬
‫د‪ .‬بكر أبوزيد‪.‬‬
‫التنويع في‬ ‫األخذ باألسباب‬
‫القراءة بني‬ ‫التي تعني على‬
‫الكتب‬ ‫التركيز‬

‫من إرشادات‬
‫القراءة النافعة‬
‫إصالح النية‬ ‫االستشارة‬
‫والقصد‬ ‫في القراءة‬

‫‪181‬‬
‫تعاون مع زمالئك في ذكر األسلوب األمثل في التدرب على مهارات القراءة اآلتية‪:‬‬
‫أسلوب التدرب عليها‬ ‫املهارة‬ ‫م‬
‫القراءة السريعة‬ ‫‪1‬‬

‫القراءة املعبرة واملمثلة للمعنى‬ ‫‪2‬‬

‫القراءة السليمة‪ ،‬من حيث مراعاة الشكل‬


‫‪3‬‬
‫الصحيح للكلمات‬
‫الفهم وتنظيم األفكار أثناء القراءة‬ ‫‪4‬‬

‫كتيبا ثم اقرأه وخلص أبرز محتوياته والفوائد التي حصلت عليها‪.‬‬


‫اختر ً‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬

‫�س‪َّ :١‬‬
‫حث اإلسالم على القراءة‪ ،‬استدل لذلك‪.‬‬
‫�س‪ :٢‬ما أثر القراءة على حديث اإلنسان ومنطقه؟‬
‫�س‪ :٣‬ما ضوابط القراءة النافعة؟‬

‫‪182‬‬
‫الــ�ســفــر و�آدابـــه‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تعدِّ د �أنواع ال�سفر‪.‬‬
‫تبي �أحكام ال�سفر‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تعدِّ د �آداب ال�سفر‪.‬‬
‫ت�ستنتج منهج الي�سر ورفع احلرج يف �أحكام ال�سفر‪.‬‬
‫تلخ�ص هدي النبي ﷺ يف ال�سفر‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫(((‬
‫�أنـ ــواع الـ�س ـفــر‬
‫سفر محمو ٌد‪ :‬وهو ما كان في طاعة اهلل تعالى‪ ،‬كالسفر ألداء احلج أو العمرة‪ ،‬أو لطلب العلم النافع‪ ،‬أو صلة‬ ‫أوالً‪ٌ :‬‬
‫األرحام‪ ،‬أو زيارة أخ له في اهلل‪.‬‬
‫سفر مذمو ٌم‪ :‬وهو ما كان ملعصية‪ ،‬كالسفر لزيارة القبور‪ ،‬أو املتاجرة بأمر محرم‪ ،‬كاملخدِّ رات واملسكرات‪،‬‬‫ثانيا‪ٌ :‬‬
‫ً‬
‫أو لغرض الفساد‪.‬‬
‫مباح‪ :‬كالسفر ألجل مصلحة دنيوية مباحة‪ ،‬كالتجارة املباحة‪ ،‬أو النزهة احلالل‪ ،‬وقد يرتقي هذا النوع‬ ‫سفر ٌ‬ ‫ثال ًثا‪ٌ :‬‬
‫ليكون من قبيل السفر احملمود املثاب عليه إذا صحبه نية صاحلة‪ ،‬كالسفر لتحصيل املال؛ ليعف نفسه عن املسألة‪،‬‬
‫ويطعم ولده احلالل‪ ،‬والسفر بأسرته إلدخال السرور عليهم‪ ،‬وإكسابهم عد ًدا من اخلبرات‪ ،‬واملعلومات اجلديدة‪.‬‬

‫�أحـكام الـ�س ـفــر‬


‫يشرع للمسافر أن يتعلم األحكام الفقهية اخلاصة بالسفر‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪ ‬ما يتعلق بالطهارة‪ :‬يجوز للمسافر استدامة لبس اجلوربني ثالثة أيام بلياليهن‪ ،‬وأن يتيمم عند َف ْقد املاء أو العجز‬
‫عن استعماله‪.‬‬
‫ما يتعلق بالصالة‪ :‬يشرع للمسافر قصر ال ُّرباعية إلى ركعتني‪ ،‬كما يشرع له جمع الظهر مع العصر واملغرب مع‬ ‫‪‬‬
‫العشاء‪ ،‬وأداء سنة الفجر وصالة الوتر‪ ،‬وحتية املسجد‪ ،‬والضحى‪ ،‬والنوافل املطلقة‪ ،‬ويجوز له صالة النافلة على‬
‫مركوبه ولو لغير القبلة‪.‬‬

‫(‪ )1‬لالستزادة‪ ،‬انظر‪ :‬رسالة‪( :‬الغرر السوافر عما يحتاج إليه املسافر)‪ ،‬لبدر الدين الزركشي ص‪.50-46‬‬

‫‪183‬‬
‫ُكتب له وإن لم يعملها‪ ،‬حلديث أبي موسى األشعري ‪ ‬أن‬
‫األعمال التي اعتاد فعلها وفاتت بسبب السفر ت ُ‬ ‫‪‬‬
‫صحيحا»(((‪.‬‬
‫ً‬ ‫النبي ‪ ‬قال‪« :‬إذا مرض العبد أو سافر‪ ،‬كتب له مثل ما كان يعمل ً‬
‫مقيما‬

‫الآداب والأحكام قبل ال�سفر‬


‫‪ ١‬االستشارة واالستخارة‪ :‬يستحب ملن أراد السفر أن يستشير فيه أهل اخلبرة واألمانة‪ ،‬فإذا استشار وظهر في‬
‫سفره مصلحة استخار اهلل تعالى في ذلك‪ ،‬فيصلي ركعتني‪ ،‬ويدعو بدعاء االستخارة‪ ،‬ثم ميضي‪.‬‬
‫‪ ٢‬جتديد التوبة‪ ،‬والتخلص من حقوق الناس التي عليه‪ ،‬وكتابة وصيته‪ ،‬فإنه ال يدري ما يعرض له في سفره‪.‬‬
‫‪ ٣‬اختيار الرفقة الصاحلة‪ ،‬التي تعينه على طاعة ربه‪ ،‬وليجتنب رفقة السوء‪ ،‬ويكره أن يسافر وحده؛ للنهي عن‬
‫ذلك‪ ،‬قال ‪« :‬الراكب شيطان‪ ،‬والراكبان شيطانان‪ ،‬والثالثة ركب» (((‪ ،‬وقال‪« :‬لو يعلم الناس ما في ال َو ْحدة‬
‫ما أعلم‪ ،‬ما سار راكب بليل وحده» (((‪.‬‬
‫‪ ٤‬أن تسافر املرأة مع محرم لها أو زوج‪ ،‬قال ‪« :‬ال يخلون رجل بامرأة إال ومعها ذو محرم‪ ،‬وال تسافر املرأة إال‬
‫اجة‪ ،‬وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا؟ قال‪:‬‬ ‫مع ذي محرم» فقال له رجل‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬إن امرأتي خرجت َح َّ‬
‫«انطلق‪ ،‬فحج مع امرأتك» (((‪.‬‬
‫‪ ٥‬أن يتحرى بسفره يوم اخلميس إذا لم يشق عليه؛ ألنه الغالب من فعل النبي ‪ ،‬كما قال كعب بن مالك‬
‫يخرج– إذا خرج في سفر– إال يوم اخلميس (((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪ :‬لق ّلما كان رسول اهلل ‪‬‬
‫‪ ٦‬أن يودِّعَ أهله وأصحابه‪ ،‬فقد كان رسول اهلل ‪ ‬يفعل ذلك‪ ،‬ويفعله أصحابه ‪ ،‬ومما ورد في ذلك أن يقول‬
‫املقيم للمسافر‪ :‬أستودع اهلل دينك وأمانتك وخواتيم عملك(((‪ ،‬ويقول املسافر للمقيم‪ :‬أستودعك اهلل الذي‬
‫ال تضيع ودائعه(((‪.‬‬

‫رواه البخاري‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫رواه أبو داود‪ ،‬والترمذي‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫رواه البخاري‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫رواه البخاري‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫رواه أبو دواد‪ ،‬والنسائي‪ ،‬وأحمد‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫رواه أحمد‪ ،‬والنسائي‪.‬‬ ‫(‪)7‬‬

‫‪184‬‬
‫الآداب �أثناء ال�سفر وبعده‬
‫‪ ١‬أن يستفتح سفره بذكر اهلل تعالى‪ ،‬فيقول الدعاء الوارد عند الركوب‪ ،‬والدعاء الوارد عند السفر خاصة‪.‬‬
‫«ك َّب َر َثالثًا»‪ُ ،‬ث َّم قال‪﴿« :‬‬ ‫كان إذا ْاس َت َوى على َب ِعي ِر ِه َخار ًِجا إلى َس َف ٍر َ‬ ‫هلل ‪َ ‬‬ ‫َأ َّن َر ُس َ‬
‫ول ا ِ‬ ‫عن ابن ُع َم َر‬
‫﴾(((‪ ،‬ال ّل ًُه ًّم ِإنَّا َن ْس َألُ َك في َس َف ِر َنا هذا ا ْل ِب َّر َوال َّت ْق َوى‪،‬‬
‫الس َفرِ‪َ ،‬وا ْل َخ ِلي َف ُة‬‫اح ُب في َّ‬ ‫الص ِ‬ ‫َو ِم ْن ا ْل َع َم ِل ما َت ْر َضى‪ ،‬ال ّل ًُه ًّم َه ِّو ْن َع َل ْي َنا َس َف َر َنا هذا‪َ ،‬و ْاطوِ َع َّنا ُب ْعدَ ُه‪ ،‬ال ّل ًُه ًّم َ‬
‫أنت َّ‬
‫الس َفرِ‪َ ،‬و َكآ َب ِة ْالَ ْن َظرِ‪َ ،‬و ُسو ِء ا ْل ُم ْن َق َل ِب في ْالَالِ َوا َأل ْه ِل»‪.‬‬
‫في ا َأل ْه ِل‪ ،‬ال ّل ًُه ًّم إني َأ ُعو ُذ ب َِك ِمن َو ْعثَا ِء َّ‬
‫(((‬

‫‪ ٢‬احلرص على الدعاء؛ ألن املسافر مستجاب الدعوة‪ ،‬قال ‪« :‬ثالث دعوات مستجابات ال شك فيهن‪ :‬دعوة‬
‫املظلوم‪ ،‬ودعوة الوالد‪ ،‬ودعوة املسافر» (((‪.‬‬
‫‪ ٣‬يسن للمسافر إذا َص ِعدَ مكان ًا مرتفع ًا أن يكبر اهلل تعالى‪ ،‬وإذا انحدر إلى وادٍ أن يسبح اهلل تعالى‪ ،‬قال جابر ‪:‬‬
‫صعدنا ك َّبرنا‪ ،‬وإذا نزلنا س َّبحنا (((‪.‬‬
‫كنا إذا ِ‬
‫‪ ٤‬إذا نزل منز ًال‪ ،‬قال الدعاء املذكور في حديث خولة بنت حكيم أنها سمعت النبي ‪ ‬يقول‪« :‬من نزل‬
‫منز ًال‪ ،‬ثم قال‪ :‬أعوذ بكلمات اهلل التامات من شر ما خلق‪ ،‬لم يضره شيء حتى يرحتل من منزله ذلك»(((‪.‬‬
‫‪ ٥‬التعجيل بالرجوع إلى أهله متى انقضت حاجته‪ ،‬قال ‪« :‬السفر قطعة من العذاب مينع أحدكم طعامه وشرابه‬
‫ونومه‪ ،‬فإذا قضى نهمته فليعجل إلى أهله» (((‪ ،‬ونهمته‪ :‬حاجته‪.‬‬
‫ون‪ِ ،‬ل َر ِّب َنا َحا ِمدُ َ‬
‫ون»(((‪.‬‬ ‫ون‪َ ،‬عا ِبدُ َ‬
‫ون‪ ،‬تَا ِئ ُب َ‬
‫‪ ٦‬إذا رجع ذكر الدعاء الذي قاله عند ابتداء سفره‪ ،‬وزاد عليه‪« :‬آ ِي ُب َ‬
‫‪ ٧‬أن يصلي ركعتني في املسجد إذا رجع إلى بلده‪ ،‬ففي حديث كعب بن مالك ‪ ‬أن رسول اهلل ‪ ‬كان إذا قدم‬
‫من سفر بدأ باملسجد فركع فيه ركعتني (((‪.‬‬

‫(‪ )١‬الزخرف‪.١٤-١٣ :‬‬


‫(‪ )٢‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )٣‬رواه أبو داود‪ ،‬وابن ماجه‪ ،‬والترمذي‪ ،‬والبخاري في األدب املفرد‪.‬‬
‫(‪ )٤‬رواه البخاري‪.‬‬
‫(‪ )٥‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )٦‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )٧‬جزء من حديث ابن عمر املتقدم في دعاء السفر‪ ،‬وانظر‪ :‬صحيح البخاري رقم (‪.)1797‬‬
‫(‪ )٨‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫بالرجوع ألحكام السفر املذكورة في الدرس‪ ،‬استنتج منها ما يدل على يسر الدين ورفعه للحرج‪:‬‬
‫الداللة‬ ‫احلكم‬ ‫م‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫‪4‬‬

‫ارجع إلى كتاب زاد املعاد في هدي خير العباد‪ ،‬وخلص هدي النبي ‪ ‬في السفر في حدود خمسة أسطر‪:‬‬
‫‪......................................................................................‬‬
‫‪......................................................................................‬‬
‫‪......................................................................................‬‬
‫‪......................................................................................‬‬
‫‪......................................................................................‬‬

‫�س‪ :١‬متى يكون السفر محمو ًدا؟ ومتى يكون مذمو ًما؟‬
‫�س‪ :٢‬ما صلوات التطوع التي يشرع للمسافر تركها؟‬
‫�س‪ :٣‬ف ِّرق بني املسافر واملقيم فيما يأتي‪:‬‬
‫عدد ركعات الصالة‪.‬‬ ‫�أ‬

‫أوقات الصالة‪.‬‬ ‫ب‬

‫مدة املسح على اخلفني‪.‬‬ ‫ج‬

‫�س‪ :٤‬اذكر ثالث ًا من اآلداب التي تشرع للمسافر قبل سفره‪ ،‬وثالث ًا من اآلداب التي تشرع أثناء السفر‪ ،‬وثالث ًا من‬
‫اآلداب التي تشرع في نهاية السفر‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫الـــد َعـــاء‬
‫ُّ‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تع ِّرف الدعاء يف اللغة وال�شرع‪.‬‬
‫تدرك �أهمية الدعاء‪.‬‬
‫ت�ستنتج فوائد الدعاء من الن�صو�ص ال�شرعية‪.‬‬
‫تبي �شروط �إجابة الدعاء‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تعدِّ د �آداب الدعاء‪.‬‬
‫مت ِّثل لأدعية واردة عن النبيﷺ‪.‬‬

‫معنى الدعاء‬
‫الدعاء لغة‪ :‬النداء والطلب‪ ،‬تقول‪ :‬دعوت فال ًنا‪ ،‬مبعنى‪ :‬طلبته وناديته(((‪.‬‬
‫وفي الشرع‪ :‬الطلب من اهلل ومناداته جللب النفع واخلير‪ ،‬ودفع األذى والشر‪.‬‬
‫وقد أمر اهلل تعالى بالدعاء وحث عليه فقال‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ(((‪ ،‬وقال عز وجل‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ((( ‪.‬‬
‫�أهمية الدعاء‬
‫إن من نعمة اهلل تعالى على عباده أن هيأ لهم األسباب املوصلة إليه‪ ،‬إذ إنه ال غنى للعباد عن خالقهم سبحانه وتعالى‪،‬‬
‫ومن أهم ما يقرب إلى اهلل تعالى دعاؤه ورجاؤه واالستغاثة به‪.‬‬

‫ف�ضل الدعاء وفوائده‬


‫للدعاء فضل عظيم‪ ،‬وفوائد جليلة‪ ،‬تعاون مع زمالئك في استنتاجها من اآليات الكرمية اآلتية‪:‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املفردات في غريب القرآن ص‪ ،169‬ومختار الصحاح ص‪.206‬‬


‫(‪ )2‬غافر‪.60 :‬‬
‫(‪ )٣‬البقرة‪.١٨٦ :‬‬

‫‪187‬‬
‫فائدة الدعاء التي دلت عليها‬ ‫اآلية‬ ‫م‬

‫ﱫﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ‬
‫‪1‬‬
‫ﮜﮝﮞﮟﱪ‬

‫ﱫﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ‬
‫‪2‬‬
‫ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﱪ‬
‫ﱫﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ‬
‫ﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﱪ‬
‫‪3‬‬

‫�شروط �إجابة الدعاء‬


‫يطمع املؤمن أن يستجيب اهلل تعالى دعاءه‪ ،‬وإلجابة الدعاء شروط‪ ،‬هي‪:‬‬
‫‪ ١‬اإلخالص‪ :‬وهو أهم شروط قبول األعمال‪ ،‬واإلخالص‪ :‬جتريد العبودية هلل تعالى من جميع املتعلقات‪ ،‬فال‬
‫يقصد بعبادته ودعائه إال اهلل سبحانه وتعالى‪ ،‬ومن خالف ذلك فقد أشرك‪.‬‬
‫هلل ‪:‬‬ ‫ول ا ِ‬ ‫قال َر ُس ُ‬‫قال‪َ :‬‬ ‫مال الداعي حال ًال؛ ألن املال احلرام مانع من إجابة الدعاء؛ عن أبي ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬‬ ‫‪ ٢‬أن يكون ُ‬
‫ين‪ ،‬فقال‪ :‬ﱫ ﮡ ﮢ‬ ‫ين بِ َا َأ َم َر ِب ِه ا ْل ُم ْر َس ِل َ‬ ‫هلل َط ِّي ٌب ال َي ْق َب ُل إ َّال َط ِّي ًبا‪َ ،‬وإ َِّن ا َ‬
‫هلل َأ َم َر ا ْل ُمؤْ ِم ِن َ‬ ‫« َأ ُّي َها ُ‬
‫الناس‪ ،‬إ َِّن ا َ‬
‫ـال‪ :‬ﱫﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬ ‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﱪ ‪ ،‬وقـ َ‬
‫(((‬

‫الس َف َر َأ ْش َع َث َأ ْغ َب َر‪َ ،‬ي ُمدُّ َيدَ ْي ِه إلى‬


‫يل َّ‬ ‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﱪ(((‪ُ ،‬ث َّم َذ َك َر ال َّر ُج َل ُي ِط ُ‬
‫اب ِل َذ ِل َك»‪.‬‬ ‫الس َما ِء‪ :‬يا َر ِّب يا َر ِّب‪َ ،‬و َم ْط َع ُم ُه َح َرا ٌم‪َ ،‬و َم ْش َر ُب ُه َح َرا ٌم‪َ ،‬و َم ْل َب ُس ُه َح َرا ٌم‪َ ،‬و ُغ ِذ َي بِا ْل َح َرا ِم؛ َف َأنَّى ُي ْس َت َج ُ‬
‫(((‬
‫َّ‬
‫‪ ٣‬ترك االعتداء في الدعاء‪ :‬ومعناه أن ال يتجاوز في الدعاء إلى غير املشروع‪ ،‬كأن يدعو بإثم أو قطيعة رحم‪،‬‬
‫أو يدعو على أحد بأكثر مما يستحقه عليه‪ ،‬أو يدعو بأمر يستحيل وقوعه‪ ،‬قال تعالى‪:‬ﱫ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﱪ‬
‫(((‬
‫‪.‬‬
‫آداب الدعاء‪:‬‬
‫‪ ١‬التضرع واخلشوع وحضور القلب‪.‬‬
‫‪ ٢‬اإليقان باإلجابة وعدم استبطائها‪.‬‬
‫‪ ٣‬اجلزم بالدعاء واإلحلاح فيه‪ ،‬فعن أنس ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :‬إذا دعا أحدكم فليعزم املسألة وال يقول‪:‬‬
‫اللهم إن شئت فأعطني‪ ،‬فإنه ال مستكره له»(((‪.‬‬
‫(‪ )2‬البقرة‪.١٧٢ :‬‬ ‫(‪ )١‬املؤمنون‪ .٥١ :‬‬
‫(‪ )٤‬األعراف‪.٥٥ :‬‬ ‫ ‬ ‫(‪ )٣‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )٥‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪188‬‬
‫‪ ٤‬املداومة على الدعاء وعدم تركه واالنقطاع عنه‪.‬‬
‫‪ ٥‬اختيار الزمان واملكان الفاضلني‪ ،‬مثل‪ :‬يوم عرفة‪ ،‬وشهر رمضان‪ ،‬ويوم اجلمعة‪ ،‬وليلة القدر‪ ،‬وآخر الليل‪ ،‬وحال‬
‫السجود‪ ،‬وبني األذان واإلقامة‪ ،‬وحال السفر‪ ،‬والصيام‪ ،‬واالضطرار‪.‬‬
‫‪ ٦‬استقبال القبلة حال الدعاء‪.‬‬
‫‪ ٧‬رفع اليدين حال الدعاء‪.‬‬
‫‪ ٨‬افتتاح الدعاء وختمه بحمد اهلل تعالى والثناء عليه‪ ،‬والصالة والسالم على رسول اهلل ‪.‬‬
‫سؤال اهلل تعالى بأسمائه احلسنى وصفاته ال ُعال املناسبة للدعاء املراد‪.‬‬ ‫‪٩‬‬

‫مـوانـع الإجـابـة‬
‫من موانع اإلجابة‪ :‬الشرك باهلل‪ ،‬وعدم اإلخــاص‪ ،‬والتعامل باحلرام كالغش والربا‪ ،‬وأكل أموال الناس بالباطل‪،‬‬
‫والرشوة‪ ،‬وكذا االعتداء في الدعاء‪ ،‬أو الدعاء باألدعية احملرمة‪ ،‬أو األدعية البدعية كالتوسل إلى اهلل تعالى باألموات‪.‬‬

‫�أمـثـلـة للـدعــاء‬
‫يحسن مبن أراد أن يدعو اهلل أن يدعوه بجوامع الدعاء‪ ،‬وأنفع الدعاء وأجمعه وأشمله ما ورد في القرآن الكرمي وما‬
‫ورد عن النبي ‪ ‬ومن ذلك‪:‬‬
‫(((‬
‫ﱪ ‪.‬‬ ‫‪‬ﱫ‬
‫(((‬
‫ﱪ ‪.‬‬ ‫‪‬ﱫ‬
‫أضف دعاءين من أدعية القرآن الكرمي‪:‬‬
‫‪....................................................................................‬‬
‫‪....................................................................................‬‬
‫ومن أدعية السنة النبوية‪:‬‬
‫ووعدك ما استطعت‪ ،‬أعو ُذ بك من شر ما‬ ‫ِ‬ ‫عبدك‪ ،‬وأنا على عهدك‬ ‫«اللهم أنت ربي ال إله إال أنت‪ ،‬خلقتني وأنا ُ‬ ‫ّ‬ ‫‪‬‬
‫(((‬
‫الذنوب إال أنت» ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫صنعت‪ ،‬أبو ُء لك بنعمتك علي‪ ،‬وأبوء لك بذنبي‪ ،‬فاغفر لي فإنه ال يغفر‬
‫وه ْز ِلي‪،‬‬
‫وإسرا ِفي في َأ ْمرِي‪ ،‬وما أنت َأ ْع َل ُم ِب ِه ِم ِّني‪ .‬اللهم اغفر لي ِج ّدي َ‬ ‫وج ْه ِلي‪َ ،‬‬
‫«اللهم اغْ ِف ْر لي خَ ِطي َئ ِتي َ‬
‫ّ‬ ‫‪‬‬

‫وع ْم ِدي‪ُّ ،‬‬


‫وكل ذلك عندي‪ .‬اللهم اغفر لي ما َق َّد ْم ُت وما َأخّ ْر ُت‪ ،‬وما َأ ْس َر ْر ُت وما َأ ْع َل ْن ُت وما أنت ُ‬
‫أعلم‬ ‫وخَ َط ِئي َ‬
‫ب ِه ِمني‪َ ،‬‬
‫(((‬
‫وأنت على كل شيء قدير» ‪.‬‬ ‫املؤخر‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫املقد ُم وأنت‬
‫أنت ّ‬
‫(‪ )٢‬آل عمران‪.٨ :‬‬ ‫ ‬
‫(‪ )1‬البقرة‪.٢٠١ :‬‬
‫(‪ )٤‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫ ‬
‫(‪ )٣‬رواه البخاري‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫ينفع‪،‬‬ ‫أنت َخي ُر من ز ََّك َاها‪َ ،‬‬
‫أنت َو ِل ُّي َها وموالها‪ ،‬اللهم إني أعوذ بك من علم ال ُ‬ ‫آت َن ْف ِسي ت َْق َو َاها َوز َِّك َها َ‬
‫«اللهم ِ‬
‫َّ‬ ‫‪‬‬
‫اب لها» ‪.‬‬
‫(((‬
‫ومن قلب ال َي ْخ َش ُع‪ ،‬ومن َن ْف ٍس ال ت َْش َب ُع‪ ،‬ومن دعو ِة ال ُي ْس َت َج ُ‬
‫اف‪َ ،‬وا ْل ِغ َنى»(((‪.‬‬ ‫«اللهم إنِّي َأ ْس َألُ َك ُ‬
‫الهدى‪ ،‬وال ُّت َقى‪ ،‬وال َع َف َ‬ ‫ّ‬ ‫‪‬‬

‫وأص ِل ْح لي ِآخ َر ِتي التي فيها‬


‫اشي‪ْ ،‬‬ ‫«اللهم َأ ْص ِل ِْح ِلي ِدي ِني الذي هو ِع ْص َم ُة َأ ْمرِي‪ ،‬و َأ ْص ِل ْح لي ُد ْن َي َ‬
‫اي التي فيها َم َع ِ‬ ‫‪ُ ‬‬
‫املوت راح ًة لي ِم ْن ُك ّل شر» ‪.‬‬
‫(((‬
‫واج َع ِل َ‬ ‫واج َع ِل احليا َة ِز َيا َد ًة لي في كل خيرِ‪ْ ،‬‬ ‫َم َع ِادي‪ْ ،‬‬

‫للدعاء آداب عديدة منها ما ذكر في الدرس وهناك آداب أخرى لم تذكر‪ ،‬اجمع أكبر قدر منها‪ ،‬ثم صنفها حسب‬
‫ما ورد في اجلدول اآلتي‪:‬‬
‫آداب قلبية‬ ‫آداب قولية‬ ‫آداب فعلية‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم‪.‬‬

‫‪190‬‬
‫ورد عن النبي ‪ ‬أدعية مطلقة غير مقيدة بوقت وحال‪ ،‬وورد عنه ‪ ‬أدعية مخصوصة بأزمنة وأحوال محددة‪ ،‬بالتعاون‬
‫مع مجموعتك ابحث عن األدعية التي تقال في األحوال اآلتية‪:‬‬
‫الدعاء‬ ‫احلال‬ ‫م‬
‫عند اجلدب واحتباس املطر‬ ‫‪1‬‬
‫في حال السجود‬ ‫‪2‬‬
‫عند الهم واحلزن‬ ‫‪3‬‬
‫عند السفر‬ ‫‪4‬‬
‫عند االستخارة‬ ‫‪5‬‬

‫�س‪ :١‬ما املراد بالدعاء في اللغة والشرع؟‬


‫�س‪ :٢‬اذكر ثالث ًا من ثمرات الدعاء‪.‬‬
‫�س‪ :٣‬مثل ملا يأتي‪:‬‬
‫االعتداء في الدعاء‪.‬‬ ‫�أ‬

‫أزمنة فاضلة يستحب فيها الدعاء‪.‬‬ ‫ب‬

‫أحوال ترجى فيها استجابة الدعاء‪.‬‬ ‫ج‬

‫�س‪ :٤‬ما موانع إجابة الدعاء؟‬

‫‪191‬‬
‫ْـــــر‬
‫الــــذِّ ك ُ‬
‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تع ِّرف الذكر يف اللغة وال�شرع‪.‬‬
‫ت�ستنتج ف�ضل الذكر وفوائده من الن�صو�ص ال�شرعية‪.‬‬
‫تعدِّ د �أنواع الذكر و�أوقاته‪.‬‬
‫مت ِّثل لأذكار واردة عن النبي ‪.‬‬

‫مـعـنى الـ ِّذ ْك ـ ِر‬


‫ِّ‬
‫الذكر لغة‪ :‬الشيء يجري على اللسان(((‪.‬‬
‫وفي الشرع‪ :‬ما يجري على اللسان والقلب من تسبيح اهلل تعالى وحمده والثناء عليه وقراءة كتابه ودعائه‬
‫والتفكر في آالئه ومخلوقاته‪ ،‬وما يجري على اجلوارح من امتثال أوامره‪.‬‬
‫اعلم أن فضيلة الذكر غير منحصرة في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ونحوها‪ ،‬بل‬ ‫قال النووي‬
‫كل عامل هلل تعالى بطاعة فهو ذاكر هلل تعالى‪ ،‬كذا قال سعيد بن جبير وغيره من العلماء(((‪.‬‬

‫ف�ضل الـ ِّذ ْك ـ ِر وفوائده‬

‫في كتابه‪( :‬الوابل الصيب من الكلم الطيب)‪ ،‬أكثر من سبعني فائدة منها‪:‬‬ ‫ذكر اإلمام ابن القيم‬
‫‪ ١‬سعادة القلب وطمأنينته في الدنيا واآلخرة‪ ،‬يقول سبحانه وتعالى‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ(((‪.‬‬
‫‪ ٢‬هو أفضل الطاعات وأجل القربات؛ ألن املقصود بالطاعات ذكر اهلل تعالى‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬
‫ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮﯯﯰ ﯱﯲ ﱪ(((‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬لسان العرب ‪ 1507/3‬مادة (ذكر)‪ ،‬والصحاح ‪ 644/2‬مادة (ذكر)‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫األذكار للنووي ص‪ ،9‬وللزيادة ينظر‪ :‬الوابل الصيب‪ ،‬البن القيم ص‪.110 – 108‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫الرعد‪.٢٨ :‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫العنكبوت‪.٤٥ :‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪192‬‬
‫وعن أبي الــدرداء ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪« :‬أال أنبئكم بخير أعمالكم‪ ،‬وأزكاها عند مليككم‪ ،‬وأرفعها في‬
‫درجاتكم‪ ،‬وخير لكم من إعطاء الذهب وال َو ِرق‪ ،‬وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا‬
‫أعناقكم» قالوا‪ :‬بلى يا رسول اهلل‪ ،‬قال‪ِ :‬‬
‫«ذ ْك ُر اهلل»(((‪.‬‬
‫هلل ‪ ‬قال فيما حكاه‬ ‫نفسه من الشيطان‪ ،‬ف َعنِ احلارث األشعري ‪ ‬أن نبي ا ِ‬ ‫‪ ٣‬هو حصن حصني يحفظ به العبد َ‬
‫هلل عز وجل َك ِث ًيرا‪ ،‬وإن َمث ََل ذلك َك َمثَلِ َر ُج ٍل‬ ‫عن يحيى بن زكريا ‪ ‬أنه قال لبني إسرائيل‪َ « :‬وآ ُم ُر ُك ْم ِب ِذ ْك ِر ا ِ‬
‫َط َل َب ُه ا ْل َع ُد ُّو ِس َر ًاعا في َأ َث ِر ِه‪ ،‬فأتى ِح ْص ًنا َح ِص ًينا َف َت َح َّص َن فيه‪ ،‬وإن ا ْل َع ْبدَ َأ ْح َص ُن ما َي ُكونُ ِم َن َّ‬
‫الش ْي َط ِان إذا كان‬
‫(((‬
‫هلل عز وجل»‪.‬‬ ‫في ِذ ْك ِر ا ِ‬

‫ِيق َم َّك َة‪َ ،‬ف َم َّر على‬


‫هلل ‪َ ‬ي ِس ُير في َطر ِ‬ ‫رسول ا ِ‬
‫ُ‬ ‫الس ْب ُق والفو ُز يوم القيامة؛ فعن أبي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬قال‪ :‬كانَ‬ ‫‪ ٤‬يحصل به َّ‬
‫هلل؟ َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ول ا ِ‬ ‫(ج ْمدَ انُ ) فقال‪ِ :‬‬
‫«س ُيروا هذا ُج ْمدَ انُ ‪َ ،‬س َب َق ْالُف َِّر ُدونَ »‪ ،‬قالوا‪ :‬وما ْالُف َِّر ُدونَ يا َر ُس َ‬ ‫َال له ُ‬ ‫َج َب ٍل ُيق ُ‬
‫(((‬
‫الذ ِاك َر ُ‬ ‫«الذ ِاكرونَ َ‬
‫اهلل َك ِث ًيرا َو َّ‬
‫ات»‪.‬‬ ‫َّ ُ‬

‫(‪ )1‬رواه الترمذي‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه أحمد‪ ،‬والترمذي‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم‪.‬‬

‫‪193‬‬
‫�أنـوا ُع الـ ِّذ ْك ـ ِر‬
‫أوالً‪ِّ :‬‬
‫الذكْ ُر باللسان‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫التسبيح‪ ،‬والتهليل‪ ،‬والتحميد‪ ،‬والتكبير‪ ،‬وغيرهما من األذكار الواردة في الكتاب والسنة‪.‬‬ ‫�أ‬

‫ب قراءة كتاب اهلل تعالى‪ ،‬وهو أفضل الذكر؛ ألنه كالم اهلل تعالى‪ ،‬فقد روى الترمذي‪ ،‬عن ابن مسعود ‪ ‬أن رسول‬
‫اهلل ‪ ‬قال‪« :‬من قرأ حر ًفا من كتاب اهلل فله به حسنة‪ ،‬واحلسنة بعشر أمثالها‪ ،‬ال أقول (الم) حرف‪ ،‬ولكن ألف‬
‫حرف‪ ،‬والم حرف‪ ،‬وميم حرف» (((‪.‬‬
‫الدعاء‪ ،‬وهو من أفضل األذكار؛ قال ‪( :‬الدعاء هو العبادة)(‪.)2‬‬ ‫ج‬

‫كثيرا) (‪.)3‬‬
‫استغفارا ً‬
‫ً‬ ‫االستغفار‪ ،‬وفي احلديث‪( :‬طوبى ملن َو َجدَ في صحيفته‬ ‫د‬

‫ثانيا‪ِّ :‬‬
‫الذكْ ُر بالقلب‪:‬‬ ‫ً‬
‫ومنه التفكر فــي مخلوقات اهلل تعالى‪ ،‬قــال تعالى‪ :‬ﱫ‬

‫ﱪ(‪.)٤‬‬
‫ثال ًثا‪ِّ :‬‬
‫الذكْ ُر بعمل اجلوارح‪:‬‬
‫وذلك بعمل الطاعات املختلفة‪ ،‬مثل‪ :‬الصالة‪ ،‬والصيام‪ ،‬والصدقة‪ ،‬وبر الوالدين‪ ،‬وصلة األرحــام‪ ،‬وتعلم العلم‬
‫(‪.)٥‬‬ ‫وتعليمه‪ ،‬وذلك ألن املقصود باألعمال الصاحلة الذكر‪ ،‬قال تعالى في شأن الصالة‪ :‬ﱫ‬
‫ِ‬
‫�أوقات الـ ِّذ ْك ـ ِر‬
‫‪ ١‬ذكر ُم ْط َل ٌق ليس له وقت محدد أو مكان محدد‪ ،‬ما عدا ما ميتنع فيه الذكر كأماكن قضاء احلاجة‪ ،‬كاحلمامات‬
‫ونحوها‪.‬‬
‫مقيد بوقت أو حال أو مكان‪ ،‬مثل أذكار الصباح واملساء‪ ،‬فوقتها من بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس‪ ،‬ومن‬
‫‪ ٢‬ذكر َّ‬
‫بعد العصر إلى غروب الشمس‪ ،‬ومثل أذكار النوم واالستيقاظ منه‪ ،‬وعند دخول املنزل‪ ،‬واملسجد‪ ،‬واخلروج منهما‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه الترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حسن صحيح غريب‪.‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود‪ ،‬والترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫(‪ )٥‬طه‪.١٤ :‬‬ ‫ ‬
‫(‪ )٤‬آل عمران‪.١٩١-١٩٠ :‬‬ ‫(‪ )3‬أخرجه ابن ماجه‪ .‬‬

‫‪194‬‬
‫�أمثلة للأذكار‬
‫الذكْ ر املطلق‪ :‬عن سمرة بن جندب ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :‬أحب الكالم إلى اهلل أربع‪ :‬سبحان اهلل‪،‬‬ ‫من ِّ‬ ‫‪‬‬
‫واحلمد هلل‪ ،‬وال إله إال اهلل‪ ،‬واهلل أكبر‪ ،‬ال يضرك بأيهن بدأت»(((‪.‬‬
‫من أذكار الصباح واملساء‪ :‬عن أبي هريرة ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪« :‬من قال حني يصبح وحني ميسي‪ :‬سبحان‬ ‫‪‬‬
‫اهلل وبحمده مائة مرة‪ ،‬لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إال أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه» (((‪.‬‬
‫الذكْ رِ عند َ‬
‫الك ْرب‪ :‬عن ابن عباس أن نبي اهلل ‪ ‬كان يقول عند الكرب‪« :‬ال إله إال اهلل العظيم احلليم‪ ،‬ال‬ ‫ِّ‬ ‫‪‬‬
‫إله إال اهلل رب العرش العظيم‪ ،‬ال إله إال اهلل رب السماوات ورب األرض ورب العرش الكرمي» (((‪.‬‬
‫فعلى املسلم أن يحرص على حفظ األذكار‪ ،‬وأن يالزمها في أوقاته وأحواله‪ ،‬وقد اهتم العلماء بجمعها وتيسيرها‬
‫قد ًميا وحدي ًثا‪ ،‬فمن ذلك‪ :‬عمل اليوم والليلة للنسائي‪ ،‬و عمل اليوم والليلة البن السني‪ ،‬وكتاب األذكار لإلمام‬
‫النووي‪ ،‬والكلم الطيب لإلمام ابن تيمية‪ ،‬رحمهم اهلل تعالى‪.‬‬
‫ومن علماء اململكة الشيخ الدكتور‪ /‬سعيد بن علي بن وهف القحطاني ‪-‬يرحمه اهلل‪ -‬صاحب كتاب حصن‬
‫املسلم الذي نشرته وزارة الشؤون اإلسالمية والدعوة واإلرشاد‪.‬‬

‫الذكر يكون باللسان والقلب وعمل اجلوارح‪ ،‬اجمع أكبر قدر من أمثلة الذكر‪ ،‬ثم صنفها في اجلدول اآلتي‪:‬‬
‫ذكر بالقلب‬ ‫ذكر باللسان‬ ‫ذكر بعمل اجلوارح‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم‪ ،‬وعلقه البخاري‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم‪.‬‬
‫‪195‬‬
‫ورد عن النبي ‪ ‬أذكار مخصوصة بأزمنة وأحوال‪ ،‬بالتعاون مع مجموعتك ابحث عن األذكار التي تقال في‬
‫األحوال اآلتية‪:‬‬
‫الدعاء‬ ‫احلال‬ ‫م‬
‫عند النوم‬ ‫‪1‬‬
‫عند االستيقاظ‬ ‫‪2‬‬
‫عند سماع املؤذن‬ ‫‪3‬‬
‫عند الفراغ من الوضوء‬ ‫‪4‬‬
‫عند دخول املنزل‬ ‫‪5‬‬
‫عند اخلروج منه‬ ‫‪6‬‬

‫واملقيد‪ ،‬بالرجوع للرسائل‬


‫اجتمع في التكبير أيام عشر ذي احلجة وأيام التشريق نوعان من الذكر هما املطلق َّ‬
‫والكتيبات حول فضل عشر ذي احلجة ِّبي‪:‬‬
‫�أ صيغة التكبير الواردة‪:‬‬
‫‪...............................................................................‬‬
‫ب متى يشرع التكبير املطلق؟‬
‫‪...............................................................................‬‬
‫املقيد؟‬
‫ج متى يشرع التكبير َّ‬
‫‪...............................................................................‬‬

‫�س‪ِّ :١‬‬
‫عرف الذكر في اللغة والشرع‪.‬‬
‫�س‪ :٢‬اذكر ً‬
‫أربعا من فوائد الذكر‪.‬‬
‫�س‪ِّ :٣‬بي كيف يكون الذكر بالقلب‪ ،‬مع التمثيل‪.‬‬
‫�س‪ :٤‬مثِّل للذكر‪:‬‬
‫املطلق‪.‬‬ ‫�أ‬

‫املقيد‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ب‬

‫‪196‬‬
‫حــقــوق الــراعـي والـرعـيـة‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تبي املراد بالراعي‪.‬‬‫ِّ‬
‫تدرك �أهمية وجود الوالية‪.‬‬
‫تعدِّ د حقوق الراعي‪.‬‬
‫تع ِّلل لوجوب طاعة الوالة‪.‬‬
‫تبي حكم اخلروج على الوايل‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تعدِّ د حقوق الرعية‪.‬‬
‫تبي �آثار �أداء حقوق الراعي والرعية‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫من سنة اهلل في حياة البشر أن جعلهم يعيشون جماعات جتمعهم مصالح مشتركة فيحتاجون في تنظيم أمورهم‬
‫ومصاحلهم إلى قيادة تسوسهم مبا تنتظم به تلك املصالح‪.‬‬
‫وجاء اإلسالم وأمر بإقامة الوالية وتعيني إمام يحكم الناس‪ ،‬فقد كان النبي ‪ ‬يشغل هذا املنصب في حياته‪،‬‬
‫وعقبه في ذلك اخللفاء من بعده‪ ،‬فإذا لم يكن للمجتمع قائد يتولى أمره وإمام يسمع له ويطاع مال املجتمع إلى‬
‫الفرقة والتناحر‪ ،‬كما كانت املجتمعات قبل اإلسالم‪.‬‬

‫الـمـراد بالـراعـي‬

‫كل من تولّى وِالية سواء أكانت والي ًة كبرى أم صغرى‪ ،‬كاخلليفة والسلطان وامللك والرئيس واألمير‬ ‫الراعي هو ُّ‬
‫والوزير واملدير وغيرهم‪ ،‬وعند اإلطالق يقصد به من تولى الوالية الكبرى على البلد‪ ،‬وهو في اململكة العربية‬
‫هلل بن ُع َم َر ‪ ‬قال‪:‬‬ ‫السعودية خادم احلرمني الشريفني ‪ -‬حفظه اهلل ‪ -‬ملك اململكة العربية السعودية‪ ،‬فعن َع ْبد ا ِ‬
‫ول َعن َر ِع َّي ِت ِه‪َ ،‬و َّ‬
‫الر ُج ُل َر ٍاع‬ ‫ول َعن َر ِع َّي ِت ِه‪ ،‬ا ِإل َما ُم َر ٍاع و َم ْس ُؤ ٌ‬‫«ك ُّل ُك ْم َر ٍاع َو ُك ُّل ُك ْم َم ْس ُؤ ٌ‬
‫هلل ‪ ‬يقول‪ُ :‬‬ ‫ول ا ِ‬ ‫سمعت َر ُس َ‬
‫ال َس ِّي ِد ِه‬
‫الا ِد ُم َر ٍاع في َم ِ‬ ‫ول َعن َر ِع َّي ِت ِه‪َ ،‬و ْالَ ْر َأ ُة َر ِاع َي ٌة في َب ْي ِت َز ْو ِج َها و َم ْس ُؤول ٌة عن َر ِع َّي ِت َها‪َ ،‬و ْ َ‬ ‫في َأ ْه ِل ِه وهو َم ْس ُؤ ٌ‬
‫(((‬
‫ول َعن َر ِع َّي ِت ِه»‪.‬‬ ‫ول َعن َر ِع َّي ِت ِه‪َ ،‬و ُك ُّل ُك ْم َر ٍاع و َم ْس ُؤ ٌ‬‫ال أبي ِه و َم ْس ُؤ ٌ‬ ‫الر ُج ُل َر ٍاع في َم ِ‬ ‫ول َعن َر ِع َّي ِت ِه‪َ ،‬و َّ‬ ‫و َم ْس ُؤ ٌ‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫م�شروعية تولية الإمام ونحوه‬
‫أمر رسول اهلل ‪ ‬اجلمع القليل إذا سافروا أن يؤمروا أحدهم فقال‪« :‬إذا كان ثالثة في سفر فليؤمروا أحدهم» (((؛‬
‫فإذا كان هذا شأن الثالثة؛ فإقامة دين األمة ورعاية مصاحلها من باب أولى‪.‬‬

‫حـقـوق الـراعـي‬
‫لكي يستقيم أمر الرعية‪ ،‬وتستقر أحوالها فال بد أن تقوم بحقوق الراعي وهي‪:‬‬
‫ﱪ(((‪ ،‬وعن أبي هريرة ‪‬‬ ‫‪ ١‬السمع والطاعة‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :‬من أطاعني فقد أطاع اهلل‪ ،‬ومن عصاني فقد عصى اهلل‪ ،‬ومن يطع األمير فقد أطاعني‪،‬‬
‫ومن يعص األمير فقد عصاني »(((‪.‬‬
‫‪ ٢‬االجتماع على الوالي وعدم الفرقة واالختالف عليه‪.‬‬
‫‪ :‬لو أن لي دعوة مستجابة جلعلتها لإلمام ألن‬ ‫‪ ٣‬النصرة له‪ ،‬واجلهاد معه‪ ،‬والدعاء له‪ ،‬قال الفضيل بن عياض‬
‫صالح األمة في صالحه‪.‬‬
‫ـال‪«:‬ل‪َ ،‬و ِل ِك َتا ِب ِه‪،‬‬
‫ِِ‬ ‫يحةُ»‪ُ ،‬ق ْل َنا‪ِ :‬ل َم ْن؟ قـ‬
‫ين ال َّن ِص َ‬ ‫‪ ٤‬النصيحة له‪ ،‬فعن َ ِت ٍيم الـ َّـدا ِر ِّي ‪َ ‬أنَّ النبي ‪ ‬قال‪ِّ :‬‬
‫«الد ُ‬
‫‪ :‬وأما النصيحة ألئمة املسلمني فمعاونتهم على‬ ‫اخلطابي‬ ‫َو ِل َر ُسو ِل ِه‪ ،‬وألئمة ْالُ ْس ِل ِم َ‬
‫ني‪َ ،‬و َعا َّم ِت ِه ْم»‪ ،(((.‬قال َّ‬
‫احلق وطاعتهم فيه وأمرهم به‪ ،‬واملراد بأئمة املسلمني اخللفاء وغيرهم ممن يقوم بأمور املسلمني‪.‬‬
‫يدا من طاعة لقي اهلل يوم القيامة ال حجة له‪ ،‬ومن مات وليس في عنقه‬‫‪ ٥‬عدم اخلروج عليه‪ ،‬قال ‪َ « :‬م ْن خَ َل َع ً‬
‫بيعة مات ميتة جاهلية» (((‪ ،‬فال يجوز للمسلم اخلروج عن الطاعة وال مفارقة اجلماعة ولو رأى ما يكرهه بل‬
‫يصبر ويحتسب‪ ،‬قال ‪« :‬من رأى من أميره شي ًئا فكرهه فليصبر؛ فإنه ليس أحد يفارق اجلماعة ً‬
‫شبرا فيموت‬
‫إال مات ميتة جاهلية»((( وال يجوز مخالفته أو منازعته بسلطانه أو محاولة حتريض أو إثارة الناس عليه‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه أبو داود‪.‬‬


‫(‪ )2‬النساء‪.٥٩ :‬‬
‫(‪ )3‬متفق عليه‪.‬‬
‫(‪ )4‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )5‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )6‬رواه مسلم‪.‬‬

‫‪198‬‬
‫حـقـوق الـرعـيـة‬
‫‪ ١‬احلكم بينهم بشرع اهلل‪ ،‬حيث قال اهلل سبحانه‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ(((‪.‬‬
‫‪ ٢‬النصح للرعية في كل أمورهم‪ ،‬قال ‪« :‬ما من عبد استرعاه اهلل رعية فلم يحطها بنصيحة إال لم يجد رائحة‬
‫اجلنة»(((‪ ،‬وقال‪« :‬ما من ٍ‬
‫وال يلي رعية من املسلمني فيموت وهو غاش لهم إال حرم اهلل عليه اجلنة» (((‪.‬‬
‫عليهم َفاشْ ق ُْق َع َل ْي ِه‪َ ،‬و َم ْن َو ِل َي ِمن َأ ْم ِر‬
‫ْ‬ ‫هم َمن َو ِل َي من َأ ْم ِر ُأ َّم ِتي شي ًئا َف َش َّق‬ ‫‪ ٣‬الرفق والرأفة‪ ،‬قال رسول ا ِ‬
‫هلل ‪« :‬ال َّل َّ‬
‫ِ ِ (((‬
‫ُأ َّم ِتي شي ًئا َف َر َف َق ِب ِه ْم َف ْارف ُْق به»‪.‬‬
‫ﱪ(((‪.‬‬ ‫‪ ٤‬إقامة العدل فيهم‪ ،‬قال سبحانه‪ :‬ﱫ‬
‫‪ ٥‬مراعاة مصالح الناس‪ ،‬وتدبير شؤونها‪ ،‬ودفع ما يلحق الضرر بها‪ ،‬وال يخص نفسه بشيء دونها‪.‬‬
‫‪ ٦‬تفقد أحوال رعيته ونشر روح التكافل والتعاون وا ُألخ َّوة بينهم‪.‬‬

‫�آثار القيام بحقوق الراعي والرعية‬


‫‪ ١‬ن َْي ُل األجر العظيم والثواب اجلزيل؛ إذ إن اجلميع مأجورون لطاعتهم هلل وتنفيذهم ألمره‪.‬‬
‫‪ ٢‬حتقق قوة الدولة وعزتها‪ ،‬واجتماعها واحتاد كلمتها‪ ،‬وقوة شوكتها ومهابتها أمام عدوها‪.‬‬
‫‪ ٣‬نشر األمن والرخاء وحتقق االستقرار في سائر البالد‪.‬‬

‫من نعم اهلل على بالدنا وجود األلفة والتالحم بني الراعي والرعية‪ ،‬بالتعاون مع زمالئك اذكر بعض مظاهر ذلك‪:‬‬
‫‪.....................................................................................‬‬
‫‪.....................................................................................‬‬
‫‪.....................................................................................‬‬
‫‪.....................................................................................‬‬

‫املائدة‪.٤٩ :‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫رواه البخاري‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫رواه البخاري‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫رواه مسلم‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫النحل‪.٩٠ :‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫‪199‬‬
‫شرع اإلسالم العديد من الوسائل التي تضبط بها احلقوق وتؤدى الواجبات‪ ،‬تناقش مع زمالئك في ذكر شيء‬
‫من تلك التشريعات‪:‬‬
‫‪...................................................................................‬‬
‫‪...................................................................................‬‬
‫‪...................................................................................‬‬
‫‪...................................................................................‬‬
‫‪...................................................................................‬‬

‫�س‪ :١‬ما النتائج املترتبة على بقاء الناس بال حاكم يسوسهم؟‬

‫�س‪ :٢‬ما احلقوق الواجبة للراعي؟ وما أهمها من وجهة نظرك؟‬


‫�س‪ :٣‬ما احلقوق الواجبة للرعية؟ وما أهمها من وجهة نظرك؟‬

‫�س‪ :٤‬ما آثار قيام كل من الراعي والرعية بواجباته؟‬

‫‪200‬‬
‫حـقـوق الـوالـديـن والأقــارب‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تبي حقوق الوالدين‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ت�ستنتج منزلة بر الوالدين‪.‬‬
‫تعدِّ د �آثار بر الوالدين‪.‬‬
‫تبي عقوبة عقوقهما‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ِّ‬
‫تو�ضح املراد ب�صلة الرحم‪.‬‬
‫تبي منزلة �صلة الرحم‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تعدِّ د الآثار املرتتبة على �صلة الرحم‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬حقوق الوالدين‬

‫ما أعظم حق بعد حق اهلل تعالى ورسوله ‪‬؟ َمن أعظم الناس فض ًال عليك بعد رسول اهلل ‪‬؟ َمن أكثر الناس ُح ًّبا لك؟‬
‫ال‪.‬‬ ‫كبيرا عليك‪ ،‬في رعايتك والقيام بشؤونك‪ ،‬والسهر على حاجاتك حتى أصبحت رج ً‬ ‫فضل ً‬ ‫إن لوالديك ً‬
‫فما حقهما عليك؟ وكيف ترد ما أسدياه إليك؟‬

‫ِب ـ ـ ُّر الـوالــديـن‬


‫وهو طاعتهما فيما يأمران به مما ليس فيه معصية هلل تعالى‪ ،‬وتوقيرهما‪ ،‬واإلحسان إليهما بالقول والفعل واملال بقدر‬
‫االستطاعة‪.‬‬
‫فمن صور بر الوالدين‪ :‬الكالم ال َّل ِّي‪ ،‬والتودد إليهما‪ ،‬والدعاء لهما‪ ،‬والقيام بحوائجهما دون تضجر أو ِم َّنة‪ ،‬واالستغفار‬
‫لهما‪ ،‬وصلة رحمهما‪ ،‬وتتأكد هذه احلقوق ونحوها في حال كبرهما وضعفهما‪ ،‬وفي حال مرضهما لعظم حاجتهما لذلك‪،‬‬
‫وفــي هــذا يــقــول اهلل تعالى‪ :‬ﱫ‬

‫ﱪ(((‪.‬‬

‫مـنـزلـة ِب ـ ـ ُّر الـوالــديـن‬


‫بر الوالدين من أفضل األعمال وأجل الطاعات‪ ،‬وقد قرن اهلل عز وجل حقهما بحقه في قوله تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ (((‪.‬‬
‫(‪ )1‬اإلسراء‪.٢٤-٢٣ :‬‬
‫(‪ )2‬النساء‪.٣٦ :‬‬
‫‪201‬‬
‫ال‪َ :‬س َأ ْل ُت ال َّن ِب َّي ‪َ :‬أ ُّي‬ ‫وجعل النبي ‪ِ ‬ب َّرهما من أحب األعمال إلى اهلل بعد الصالة‪ ،‬فعن عبداهلل بن مسعود ‪َ ‬ق َ‬
‫«ال َها ُد ِفي‬
‫ال‪ِ ْ :‬‬ ‫ال‪ُ :‬ث َّم َأ ٌّي؟ َق َ‬ ‫ال‪ُ « :‬ث َّم ِب ُّر ا ْل َوا ِلدَ ْينِ »‪َ ،‬ق َ‬
‫ال‪ُ :‬ث َّم َأ ٌّي؟ َق َ‬ ‫«الصال ُة َع َلى َو ْق ِت َها»‪َ ،‬ق َ‬ ‫ال‪َّ :‬‬ ‫هلل؟ َق َ‬ ‫ا ْل َع َملِ َأ َح ُّب ِإ َلى ا ِ‬
‫هلل»)‪.(1‬‬ ‫َس ِبيلِ ا ِ‬
‫ال‪َ « :‬أ ْك َب ُر ا ْل َك َبا ِئرِ‪ :‬اإلشْ َر ُاك ِبا ِ‬
‫هلل‪،‬‬ ‫ُوق ا ْل َوا ِلدَ ْينِ من أكبر الكبائر‪ ،‬ف َع ْن َأن َِس ْبنِ َما ِل ٍك ‪ ‬أن ال َّن ِب َّي ‪َ ‬ق َ‬ ‫وأخبر ‪ ‬أن ُعق َ‬
‫ُوق ا ْل َوا ِلدَ ْينِ ‪َ ،‬و َق ْو ُل ال ُّزو ِر َأ ْو َق َ‬
‫ال‪َ :‬وشَ َها َد ُة ال ُّزو ِر»)‪.(2‬‬ ‫َو َق ْت ُل ال َّنفْ ِس‪َ ،‬و ُعق ُ‬

‫الآثار المترتبة على برهما في الدنيا والآخرة‬


‫الر ِّب ِفي ِر َضا ا ْل َوا ِل ِد‪،‬‬ ‫‪ ١‬حتصيل رضا اهلل عز وجل ففي حديث َع ْب ِد ا ِ‬
‫هلل ْبنِ َع ْم ٍرو بن العاص ‪ ‬أن ال َّن ِب َّي ‪َ ‬ق َ‬
‫ال‪ِ « :‬ر َضا َّ‬
‫الر ِّب ِفي َسخَ ِط ا ْل َوا ِل ِد»)‪.(3‬‬
‫َو َسخَ ُط َّ‬
‫‪ ٢‬إجابة الدعاء وتفريج الكربات؛ كما حصل ألصحاب الغار الثالثة الذين توسلوا بأعمالهم الصاحلة؛ ففرج اهلل‬
‫عمل أحدهم ِب َّره بوالديه‪.‬‬ ‫عنهم‪ ،‬وكان ُ‬

‫�إثم عـقـوق الـوالــديـن‬


‫كبيرا‪ ،‬ومما جاء في ذلك‪:‬‬ ‫إثما ً‬ ‫ملا كان ِب ُّر الوالدين باملنزلة التي سبق احلديث عنها كان عقوقهما ً‬
‫هلل‪َ ،‬و ُعق ُ‬
‫ُوق‬ ‫ـال‪ُ :‬س ِئ َل ال َّن ِب ُّي ‪َ ‬عــنِ ا ْل َك َبا ِئ ِر َفق َ‬
‫َال‪« :‬ا ِإلشْ ـ َـر ُاك ِبــا ِ‬ ‫‪ ١‬أنه كبيرة من كبائر الذنوب‪ ،‬ف َع ْن َأ َنـ ٍـس ‪َ ‬قـ َ‬
‫ا ْل َوا ِلدَ ْينِ ‪.(4)»...‬‬
‫ول ا ِهلل ‪َ « :‬ما ِمن َذن ٍْب َأجدَ ر َأنْ يعج َل ُ‬
‫اهلل َت َعا َلى‬ ‫‪ ٢‬أن فاعله مستحق لتعجيل العقوبة في الدنيا؛ ف َع ْن َأ ِبي َب ْك َر َة ‪َ ‬ق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬
‫ْ ُ ُ َ ِّ‬ ‫ْ‬
‫اآلخ َر ِة ِم ْث ُل ا ْل َبغْ ِي َو َق ِطي َع ِة َّالر ِح ِم»)‪ .(5‬وأقرب الرحم لإلنسان والداه‪.‬‬ ‫الدن َْيا َم َع َما َي َّد ِخ ُر َل ُه ِفي ِ‬
‫ِل َص ِاح ِب ِه ا ْل ُعقُو َب َة ِفي ُّ‬
‫ثانيا‪ :‬صلة الرحم‬
‫ً‬
‫المراد بالرحم التي تجب �صلتها‬
‫األرحــام الذين جتب صلتهم هم‪ :‬األقــارب الذين يرتبطون مع اإلنسان بنسب؛ كاألب واألم واإلخــوان واألخــوات‪،‬‬
‫والعمات‪ ،‬واألخوال واخلاالت‪ ،‬ثم األقرب فاألقرب‪.‬‬
‫َّ‬ ‫واألعمام‬
‫معنى ال�صلة الم�أمور بها �شر ًعا‬
‫حتصل الصلة بالزيارة وطالقة الوجه واإلكرام واالحترام‪ ،‬والدعاء‪ ،‬وتفقد أحوالهم‪ ،‬واإلحسان إليهم باملال بالنفقة والهدية‪،‬‬
‫والعون على احلاجات ودفع الضرر‪ ،‬وحتصل بكل ما تعارف الناس على أنه صلة‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه الترمذي‪ ،‬وابن حبان‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه أبو داود‪ ،‬والترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حديث صحيح‪.‬‬
‫‪202‬‬
‫منزلة ال َّر ِحم‬
‫للر ِحم منزلة عظيمة في اإلسالم‪ ،‬فقد أمر اهلل بصلتها ونهى عن قطيعتها ملا في ذلك من فساد ذات البني وتقطيع‬
‫َّ‬
‫العالقات االجتماعية‪ ،‬ومتزيق شمل املجتمع‪ ،‬قال اهلل عز وجل‪:‬‬
‫)‪.(1‬‬
‫الر ِح ُم‪َ :‬ه َذا َمقَا ُم ا ْل َعا ِئ ِذ ِب َك‬ ‫ال‪« :‬إِنَّ َ‬
‫ال ْل َق َح َّتى ِإ َذا َف َر َغ ِم ْن خَ ْل ِق ِه َقا َل ْت َّ‬
‫اهلل خَ َل َق ْ َ‬ ‫وع ْن َأ ِبي ُه َر ْي َر َة ‪ ‬أن ال َّن ِب ّي ‪َ ‬ق َ‬ ‫َ‬
‫ال‪َ :‬ف ُه َو َل ِك‪َ .‬ق َ‬
‫ال‬ ‫ي َأنْ َأ ِص َل َم ْن َو َص َل ِك‪َ ،‬و َأق َْط َع َم ْن َق َط َع ِك‪َ .‬قا َل ْت‪َ :‬ب َلى َيا َر ِّب‪َ ،‬ق َ‬ ‫ِم ْن ا ْلق َِطي َع ِة‪َ .‬ق َ‬
‫ال‪َ :‬ن َع ْم َأ َما ت َْر َض ْ َ‬
‫ﱪ)‪. (3)»(2‬‬ ‫هلل ‪َ ‬فاق َْر ُءوا ِإنْ ِش ْئ ُت ْم‪ :‬ﱫ‬ ‫ول ا ِ‬‫َر ُس ُ‬

‫�صلة الأقارب و�إن قطعوك �أو �آذوك‬


‫ول ا ِ‬
‫هلل‪ ،‬إِنَّ‬ ‫ال‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫صلة الرحم واجبة وإن قطعك أقاربك وللواصل األجر والثواب‪ ،‬ف َع ْن َأ ِبي ُه َر ْي َر َة ‪َ ‬أنَّ َر ُج ًل َق َ‬
‫َال‪َ « :‬ل ِئ ْن ُك ْن َت َك َما‬
‫ِلي َق َرا َب ًة َأ ِص ُل ُه ْم َو َيقْ َط ُعو ِني‪َ ،‬و ُأ ْح ِس ُن ِإ َل ْي ِه ْم َو ُي ِسي ُئونَ ِإ َل َّي‪َ ،‬و َأ ْح ُل ُم َع ْن ُه ْم َو َي ْج َه ُلونَ َع َل َّي‪َ ،‬فق َ‬
‫ير َع َل ْي ِه ْم َما ُد ْم َت َع َلى َذ ِل َك»)‪.(4‬‬ ‫هلل َظ ِه ٌ‬ ‫ُق ْل َت َف َك َأ َّنَا ُت ِسفُّ ُه ْم ْالَ َّل َو َل َي َز ُال َم َع َك ِم ْن ا ِ‬
‫اص ُل ِب ْالُ َكا ِفئِ ‪َ ،‬و َل ِك ْن ا ْل َو ِ‬
‫اص ُل الَّ ِذي ِإ َذا ق ُِط َع ْت َر ِح ُم ُه َو َص َل َها»)‪.(5‬‬ ‫أن ال َّن ِب ّي ‪َ ‬ق َ‬
‫ال‪َ « :‬ل ْي َس ا ْل َو ِ‬ ‫وع ْن َع ْب ِدا ِ‬
‫هلل ْبنِ َع ْم ٍرو بن العاص‬ ‫َ‬

‫الآثار المترتبة على �صلة ال َّر ِحم‬


‫اآلثار املترتبة‬
‫على صلة الرحم‬
‫سبب من أسباب دخول اجلنة‪ ،‬والبعد عن النار‪ ،‬ف َع ْن َأبِي َأ ُّي َ‬
‫وب‬ ‫ٌ‬ ‫‪١‬‬
‫هلل‪َ ،‬أخْ ِب ْر ِني ِب َع َم ٍل ُيدْ ِخ ُل ِني‬ ‫ال‪َ :‬يا َر ُس َ‬
‫ول ا ِ‬ ‫ال َق َ‬‫ا َألن َْصار ِِّي ‪َ ‬أ َّن َر ُج ً‬
‫شيوع احملبة واأللفة‬ ‫سبب من أسباب‬
‫بني األقارب‬ ‫دخول اجلنة‬ ‫الصال َة‪،‬‬‫يم َّ‬ ‫هلل ال ت ُْشر ُِك ِب ِه َش ْي ًئا‪َ ،‬وت ُِق ُ‬
‫ال ال َّنب ُِّي ‪« :‬ت َْع ُبدُ ا َ‬‫اجلنة؟ َف َق َ‬
‫َوتُؤْ ِتي ال َّز َكا َة‪َ ،‬وت َِص ُل ال َّر ِح َم» )‪.(٦‬‬
‫‪ ٢‬صلة اهلل عز وجل للواصل‪ ،‬ومن وصله اهلل و َّف َقه للحياة‬
‫بسط الرزق والزيادة‬ ‫صلة اهلل للواصل‬ ‫الط ِّيبة الكرمية والعيشة السعيدة‪.‬‬
‫في العمر‬
‫‪َ ٣‬ب ْس ُط ال ِّرزْق والزيادة في العمر‪ ،‬ف َع ْن َأ َن ِس ْب ِن َما ِل ٍك ‪َ ‬ق َال‪:‬‬
‫َس ِم ْع ُت َر ُس َ‬
‫ول ا ِهلل ‪َ ‬ي ُق ُ‬
‫ول‪َ « :‬م ْن َس َّر ُه َأ ْن ُي ْب َس َط َل ُه ِفي ِر ْز ِق ِه َأ ْو ُي ْن َس َأ‬
‫َل ُه ِفي َأ َث ِر ِه َف ْل َي ِص ْل َر ِح َم ُه»)‪ .(٧‬قال العلماء‪ :‬املراد من زيادة العمر‬
‫أمران‪ :‬أولهما‪ :‬الزيادة احلقيقية‪ ،‬وثانيهما‪ :‬البركة فيه بأن يو َّفقَ إلى اخلير وطاعة اهلل تعالى‪ ،‬وقضائه مبا ينفع‪.‬‬
‫(‪ )1‬النساء‪.٣٦ :‬‬
‫(‪ )2‬محمد‪.٢٢ :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه البخاري‪.‬‬
‫(‪ )٦‬أخرجه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )٧‬أخرجه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫‪203‬‬
‫‪ ٤‬شيوع احملبة واأللفة بني األقارب‪ ،‬وتعاونهم على مصاحلهم‪ ،‬وتخفيف معاناة احملتاج منهم‪ ،‬وسالمتهم من‬
‫أسباب الفُرقة واالختالف والتنازع‪.‬‬

‫كيف ت ََب ُّر والديك في األحوال اآلتية؟‬


‫�أ حال وجود ضيوف عند والدك‪:‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫ب حال وجود ضيوف عند والدتك‪:‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫ج حال مرض والدك – مع الدعاء له بدوام العافية ‪:-‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫د حال مرض والدتك– مع الدعاء لها بدوام العافية ‪:-‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫هـ حال ِك َب ِر والديك‪:‬‬
‫‪.......................................................................‬‬

‫اتفقت مع مجموعة من أقاربك على إقامة لقاء يجمع األقارب‪ ،‬قم بعمل ما يأتي‪:‬‬
‫كتابة صيغة الدعوة حلضور اللقاء تبني فيها أهمية حضور املدعو وما يترتب على حضوره من األنس والتواصل‪،‬‬
‫اللقاء يشمل أنشطة متنوعة رياضية وثقافية للكبار والصغار‪.‬‬

‫�س‪ :١‬قرن اهلل تعالى اإلحسان إلى الوالدين وبرهما بتوحيده وعبادته‪ ،‬فما احلكمة من ذلك؟‬
‫�س‪ :٢‬ما العالمات التي تدلك على رضا والديك عنك؟‬
‫�س‪ :٣‬ما اآلثار املترتبة على بر الوالدين؟‬
‫�س‪ :٤‬ما وسائل صلة الرحم؟‬
‫�س‪ :٥‬ما آثار قطيعة الرحم؟‬

‫‪204‬‬
‫الــ�شــبـــاب‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تبني �أهمية مرحلة ال�شباب‪.‬‬
‫ت�ست�شعر م�س�ؤولية ال�شاب امل�سلم‪.‬‬
‫حتدد مالمح �شخ�صية ال�شاب امل�سلم‪.‬‬
‫ت�شرح واقع ال�شاب املعا�صر‪.‬‬

‫عد مرحلة الشباب من أهم املراحل التي مير بها اإلنسان‪ ،‬حيث تبدأ شخصيته بالتكامل وال ُّن ْضج اجلسمي والعقلي‪.‬‬ ‫ُت ُّ‬
‫وضعف الشيخوخة‪ ،‬كما قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﭷ ﭸ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضعف الطفولة‬ ‫وهي مرحلة احليوي ِة املتدفقة والقو ِة بني ضعفني‪،‬‬
‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬
‫ﮒﱪ ‪.‬‬
‫(((‬

‫فالشباب املستقيم ميثل جانب القوة في الوطن‪ ،‬وحجر الزاوية في بناء نهضتها‪.‬‬

‫ال�شباب وال�شعور بالم�س�ؤولية‬


‫اإلنسان مسؤول عن هذه املرحلة املهمة من عمره‪ ،‬وأن اهلل سائله يوم القيامة‪« :‬عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه‬
‫(((‬
‫فيم أباله؟» ‪.‬‬
‫فال يليق به أن يلهو في وقت اجلد أو يتقاعس عن العظائم‪ ،‬وليس له أن يتواكل أو يسوف وإمنا هي العزمية واإلقدام‬
‫والعمل‪ ،‬ويأخذ من الترويح املباح‪ ،‬والرياضة النافعة‪ ،‬بالقدر املناسب ليعود بعد ذلك إلى ما يليق به من اجلد‬
‫واملثابرة‪.‬‬
‫وليحذر الشباب مــن إضــاعــة الــوقــت والغفلة عــن الــواجــبــات أو التقاعس عــن الفضائل‪ ،‬حتى ال يندم يوم‬
‫املفرطني الغافلني‪ ،‬الذين أخبر اهلل عنهم بقوله‪ :‬ﱫ‬
‫القيامة على ما فرط أو يتحسر على ما فاته حتسر ِّ‬
‫(((‬
‫ﱪ ‪.‬‬

‫(‪ )1‬الروم‪.٥٤ :‬‬


‫(‪ )2‬جزء من حديث أخرجه الترمذي‪.‬‬
‫(‪ )3‬الزمر‪.٥٦ :‬‬

‫‪205‬‬
‫مالمح �شخ�صية ال�شاب الم�سلم‬
‫شخصية الشاب املسلم شخصية متوازنة وإيجابية ومتكاملة‪ ،‬تقوم على األصول الصحيحة‪ ،‬وتشمل اجلوانب كلها‬
‫في انسجام وفاعلية‪ ،‬وأبرز مالمح شخصية الشاب املسلم ما يأتي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬مع خال ِق ِه سبحانه وتعالى‪ :‬يؤمن به جل وعال حق اإلميان‪ ،‬ويكثر من ذكره ودعائه‪ ،‬ويتوكل عليه‪ ،‬ويطيعه‬
‫متبعا هدي‬ ‫مخلصا له وحده ال شريك له‪ً ،‬‬ ‫ً‬ ‫فيما أمر‪ ،‬وينتهي عما نهى‪ ،‬ويرضى بقضائه وقدره‪ ،‬ويجتهد في عبادته‬
‫النبي ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مع َن ْف ِس ِه‪ :‬يستقيم على الدين ويعتني بجسده وأخالقه‪ ،‬ويجتهد ليكون قدوة لغيره في عبادته‪ ،‬وأخالقه‬ ‫ً‬
‫ً‬
‫متقنا لتخصصه‪ ،‬معتدال في تفكيره‪ ،‬نظي ًفا‬ ‫وسلوكه‪ ،‬وهيئته وتصرفه وسائر شؤونه‪ ،‬جا ًّدا في حتصيل ما ينفعه‪ً ،‬‬
‫قال‪« :‬إِنَّ اهللَ‬
‫النبي ‪َ ‬‬
‫في هيئته‪ ،‬يالزم الرفقة الصاحلة‪ ،‬ويحسن(((عمل اخلير ويتقنه‪ ،‬كما في حديث عائش َة ‪ ‬أن َّ‬
‫ال َأنْ ُي ْت ِق َن ُه» ‪.‬‬
‫ُي ِح ُّب ِإ َذا َع ِم َل َأ َح ُد ُك ْم َع َم ً‬
‫محسنا إليهما‪ ،‬يعرف قدرهما وما يجب نحوهما‪ ،‬ويحوطهما بأجمل مظاهر‬ ‫ً‬ ‫بارا بهما‪،‬‬ ‫ثال ًثا‪ :‬مع والديه‪ :‬فيكون ً‬
‫ال أمر ربه في قوله تعالى‪ :‬ﱫ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ‬ ‫االحترام والتقدير‪ ،‬ويبذل في رضاهما الغالي والنفيس‪ ،‬ممتث ً‬
‫ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ ﱪ ‪.‬‬
‫(((‬

‫ٍ‬
‫وسريرة‬ ‫حبا صاد ًقا بري ًئا من أي غرض‪ ،‬يلقاهم بوجه ط ْلق‪،‬‬ ‫رابعا‪ :‬مع إخو ِت ِه وأقا ِر ِب ِه وأصدقا ِئ ِه‪ :‬يحبهم في اهلل ًّ‬ ‫ً‬
‫نقية‪ ،‬وينصحهم باملعروف‪ ،‬ويفي مبا يعدهم به‪ ،‬وينهاهم عما يضرهم‪ ،‬ويرفق بهم‪ ،‬وال يغتابهم‪ ،‬ويعفو عمن‬
‫أحدكم َح َّتى ُي ِح َّب‬
‫أساء إليه منهم‪ ،‬ويلتمس العذر املقبول لهم‪ ،‬ويدعو لهم‪ ،‬وحاله معهم كما قال ‪َ « :‬ال ُي ْؤ ِم ُن ُ‬
‫(((‬
‫َأل ِخي ِه ما ُي ِح ُّب ِل َنفْ ِس ِه»‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬مع وطنه‪ :‬مينحه ما يستطيع من اخلير والنفع‪ ،‬واملشاركة اإليجابية في املجتمع‪ ،‬ويكف شره وأذاه‪ ،‬فال‬ ‫ً‬
‫زورا‪ ،‬وال يحسد‪ ،‬وال يتكبر‪ ،‬ويحسن إلى إخوانه املسلمني‪ ،‬ويرفق بهم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫شهد‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫وال‬ ‫يخدع‪،‬‬ ‫وال‬ ‫يغدر‪،‬‬ ‫وال‬ ‫يغش‪،‬‬
‫كما قال النبي ‪« :‬املسلم أخو املسلم ال يظلمه وال يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان اهلل في حاجته ومن فرج‬
‫مسلما ستره اهلل يوم القيامة»(((‪.‬‬
‫ً‬ ‫عن مسلم كربة فرج اهلل عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر‬
‫ويسمع ويطيع لوالة أمره ويكون معهم يداً واحدة ضد أعداء وطنه املسلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه أبو يعلى‪ ،‬والبيهقي‪ ،‬والطبراني‪ ،‬وحسنه األلباني في صحيح اجلامع وسلسلة األحاديث الصحيحة‪.‬‬
‫(‪ )2‬اإلسراء‪.٢٤-٢٣ :‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري‪ ،‬ومسلم‬

‫‪206‬‬
‫ال�شباب والواقع المعا�صر‬
‫يتعرض الشباب املسلم اليوم لهجمة شرسة بأشكال وأساليب متنوعة‪ ،‬تر ِّوج األفكار املنحرفة‪ ،‬والتحزبات‪ ،‬واألفالم‬
‫واملخدرات‪ ،‬وغير ذلك من ألوان الفساد والضالل ومنها‪ :‬اجلماعات املبتدعة والتنظيمات اإلرهابية ‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫املاجنة‪،‬‬
‫ومن مقاصد هذه احلمالت الشرسة إضعاف اإلسالم وحتطيم مناعته‪ ،‬وقتل شهامته‪ ،‬وتبديد ثرواته‪ ،‬وإفساد عقول‬
‫شبابه‪ ،‬وتشكيكهم في دينهم‪ ،‬واحليلولة بينهم وبني ْالُ ُثل ال ُعليا‪ ،‬وقطع صلتهم بتاريخ اإلسالم وحضارته وتربيتهم‬
‫على امليوعة واتباع األهواء والشهوات‪ ،‬وعدم االكتراث بالفضائل ومعالي األمور‪.‬‬
‫واعيا ملخططات أعدائه‪.‬‬ ‫متمس ًكا بدينه ً‬
‫معتزا بهويته ومواطنته‪ً ،‬‬ ‫ّ‬ ‫فعلى الشباب أن يكون‬

‫نموذج فريد لل�شاب الم�سلم‬


‫مثل للشاب الصالح العفيف الذي يراعي اهلل ويراقبه في السر والعلن‪ ،‬ويتمسك‬
‫ضرب اهلل تعالى في سورة يوسف ً‬
‫معاني كثيرة‪ ،‬منها‪ :‬االستقامة‪ ،‬والعفّة‪ ،‬وبر‬ ‫قصة يوسف‬‫بدينه ويدعو إليه‪ ،‬وينفع مجتمعه‪ ،‬وقد ظهر في ّ‬
‫الوالدين‪ ،‬وصلة الرحم‪ ،‬والعدل‪ ،‬واألمانة‪.‬‬

‫‪207‬‬
‫وبي كيف ميكن مواجهتها‪:‬‬
‫تتعدد التحديات التي تواجه الشباب اليوم‪ ،‬بالتعاون مع زمالئك اذكر أربعة منها‪ِّ ،‬‬
‫كيفية مواجهتها‬ ‫التحديات‬ ‫م‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫‪4‬‬

‫للصحبة الصاحلة أثرها في قيام الشباب بواجباتهم وأداء رسالتهم‪ ،‬اكتب رسالة لصديقك تبني له أثر الصحبة‬
‫الصاحلة في ذلك وحتثه على مالزمة الصاحلني‪:‬‬
‫‪.....................................................................................‬‬
‫‪.....................................................................................‬‬
‫‪.....................................................................................‬‬
‫‪.....................................................................................‬‬

‫�س‪ :١‬من خالل حديث السبعة الذين يظلهم اهلل في ظله‪ِّ ،‬بي أهم مالمح شخصية الشاب املسلم‪.‬‬
‫�س‪ِّ :٢‬‬
‫وضح مالمح شخصية الشاب املسلم في تعامله مع‪ :‬والديه‪ ،‬ومجتمعه‪.‬‬
‫�س‪ِّ :٣‬بي أثر كل من‪ :‬العبادة والعلم؛ في بناء شخصية الشاب املسلم‪.‬‬
‫�س‪ :٤‬من خالل قصة يوسف عليه السالم ِّ‬
‫وضح أخالقيات الشاب املسلم‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫اال ْبـ ِتـ َعـاثُ ‪� :‬أحـكـا ُمــه و�آدا ُبــه‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫حتدِّ د بداية االبتعاث‪.‬‬
‫تبي �أ�سباب احلاجة لالبتعاث‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تبي �أحكام و�آداب االبتعاث‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫الرحلة في طلب العلم مما درج عليه علماء السلف منذ الصدر األول‪ ،‬امتثا ًال ألمر اهلل عز وجل‪ :‬ﱫ‬

‫(((‬
‫ﱪ ‪.‬‬
‫(((‬
‫قال حماد بن زيد‪( :‬فهذا في كل من رحل في طلب العلم والفقه‪ ،‬ورجع به إلى من وراءه يعلمهم إياه) ‪.‬‬
‫وقد بدأت الرحلة في طلب العلم منذ أيام الصحابة رضوان اهلل عليهم‪ ،‬فرحل أبو أيوب‪ ،‬وجابر بن عبد اهلل‬
‫إلى مصر(((‪ ،‬وكذلك التابعون وتابعوهم حتى عصرنا احلاضر‪.‬‬
‫ويوم أن كان العالم اإلسالمي حاضرة الدنيا‪ ،‬كانت الرحلة بني حواضره على اختالف ثقافاتها لطلب العلم‬
‫كثيرا‬
‫الشرعي والعلوم املدنية‪ ،‬ولذا كانت الرحالت في عا ّمتها مثمرة‪ ،‬ولم يكن لها من اآلثار السلبية ما صاحب ً‬
‫من البعثات في العصر احلاضر حني صارت الرحلة لغير بالد املسلمني‪.‬‬

‫بــدايــة اال ْبـ ِتـ َع ِ‬


‫ـاث‬
‫تقدم الغرب في‬ ‫بدأ االبتعاث إلى الغرب منذ االحتكاك بأوروبا في مطلع القرن الثالث عشر الهجري‪ ،‬حني ُّ‬
‫العلوم البحتة والتطبيقية؛ كالرياضيات‪ ،‬والكيمياء‪ ،‬والفيزياء‪ ،‬والهندسة‪ ،‬والطب‪ ،‬وما إلى ذلك‪ ،‬مع تأخّ ر العالم‬
‫اإلسالمي في هذه العلوم‪ ،‬وملّا كانت هذه العلوم ال تختص بأناس دون غيرهم‪ ،‬وكانت تصل املجتمعات بأسباب‬
‫املدنية احتاج املسلمون إلى أن يسافروا ليتع ّلموها من غيرهم وقد َّ‬
‫عد اإلسالم حتصيل هذا النوع من العلوم وإجادته‬
‫فرض كفاية على املسلمني‪ ،‬إن لم يقوموا به أثموا (((‪ ،‬ملا يترتب عليها من الوفاء مبصالح املسلمني‪ ،‬واالرتقاء‬
‫بأسباب حياتهم ومعيشتهم‪.‬‬

‫(‪ )1‬التوبة‪.١٢٢ :‬‬


‫(‪« )2‬شرف أصحاب احلديث» للبغدادي ص ‪.59‬‬
‫(‪ )3‬انظر في ذلك «الرحلة» للبغدادي و «تدريب الراوي » للسيوطي‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظر «روضة الطالبني» ‪.226-217/1‬‬

‫‪209‬‬
‫�أحكام اال ْب ِت َع ِ‬
‫اث و�آدابه‬
‫أجاز العلماء االبتعاث لدراسة العلوم النافعة التي في تعلمها مصلحة للمسلمني إذا دعت احلاجة إليها‪ ،‬ولم يكن‬
‫لها نظير في بالد املسلمني‪ -‬على أن يتحلى الطالب املبتعث بجملة من األخالق واآلداب(((‪ ،‬ومنها ما يأتي‪:‬‬
‫‪ ١‬أن يأمن املبتعث على دينه‪ ،‬بأن يكون عنده من العلم واإلميان وقوة العزمية ما يطمئنه على الثبات على دينه‬
‫واحلذر من االنحراف والزيغ‪.‬‬
‫‪ ٢‬أن يكون سفيراً متميزاً لوطنه من خالل جديته في تعلمه‪ ،‬والتعريف مبنجزات وطنه‪ ،‬والذب عنه باحلكمة‬
‫واحلوار والبيان‪.‬‬
‫العقلي الذي ُ َي ِّي ُز به بني النافع والضار‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫‪ ٣‬أن يكون الطالب على مستوى كبير من ال ُّن ْض ِج‬
‫‪ ٤‬أن يحاط املب َت َع ُث هناك باجلو اإلسالمي النظيف الذي يذكره إن غفل‪ ،‬ويعينه إن ذكر‪.‬‬
‫‪ ٥‬أن يأخذ من العلوم واملعارف املختلفة وهو معتز بدينه وثقافته اإلسالمية‪ ،‬ومتمسك بوالئه لوطنه‪.‬‬
‫‪ ٦‬أن يركز الطالب على دراسته وال ينشغل مبا ال ينفعه‪.‬‬

‫من أحكام االبتعاث وآدابه‬

‫االعتزاز بالدين‬ ‫أن يأمن املبتعث على‬ ‫أن يكون املبتعث‬


‫أن يركز الطالب‬ ‫أن يحيط نفسه باجلو‬
‫والتمسك به واالفتخار‬ ‫دينه بالتزود بالعلم‬ ‫ناضجا مييز بني النافع‬
‫ً‬ ‫سفير ًا متميز ًا لوطنه‬
‫على دراسته‬ ‫اإلسالمي‬
‫بهويته ووطنه‬ ‫واإلميان‬ ‫والضا ّر‬
‫َّ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬ابن عثيمني‪ ،‬املجموع الثمني ‪.50- 49 / 1‬‬

‫‪210‬‬
‫اكتب رسالة لزميلك املبتعث ُتوصيه باحملافظة على ِق َي ِمه وهويته‪:‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬

‫(ينبغي ملن أراد االبتعاث أن يحصن نفسه بالزواج ليحفظ نفسه من الفتنة)‬
‫مبينا أبرز السلبيات واإليجابيات لزواج الشاب قبل ابتعاثه‪ ،‬مع اقتراح‬
‫تناقش مع زمالئك في صحة هذه العبارة ً‬
‫احللول لتلك السلبيات‪.‬‬
‫اإليجابيات‪:‬‬
‫‪..................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................‬‬
‫السلبيات‪:‬‬
‫‪..................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................‬‬
‫احللول‪:‬‬
‫‪..................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................‬‬

‫�س‪ِّ :١‬بي الفوائد التي يجنيها الفرد واألمة من االبتعاث‪.‬‬


‫محر ًما‪ِّ ،‬بي متى يكون ذلك‪.‬‬ ‫�س‪ :٢‬قد يكون االبتعاث‪ً :‬‬
‫واجبا‪ ،‬وقد يكون َّ‬
‫�س‪ :٣‬ما اآلداب التي ينبغي للمبتعث مراعاتها قبل بعثته وفي أثنائها؟‬

‫‪211‬‬
‫الـــتــدخـــيـــــن‬
‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تبي خطر التدخني‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تعدِّ د �أربعة من �أ�ضرار التدخني‪.‬‬
‫تبي حكم التدخني‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تعدِّ د �أ�سباب الوقوع يف التدخني‪.‬‬
‫ت�ستنتج طرق التخل�ص من التدخني‪.‬‬
‫كل طيب‬ ‫إن شريعة اإلسالم مبنية على جلب املصالح ودرء املفاسد‪ ،‬ومن أجل هذا فقد أباح اهلل سبحانه لعباده َّ‬
‫املجتمع منه‪ ،‬ومينع أتباعه‬
‫َ‬ ‫فدين اإلسالم يحمي‬
‫شره ُ‬‫ضر ُره‪ ،‬وغ َلب ُّ‬‫أمر حتق ََّق َ‬ ‫وضار‪ُ ،‬‬
‫فك ُّل ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫كل خبيث‬ ‫وحرم َّ‬
‫ونافع‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫من تناوله حماي ًة لهم من أضراره‪.‬‬
‫التعدي عليها‪ ،‬فقال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫وحرم عليه ِّ‬‫وجب اهلل تعالى على املسلم احملافظ َة على نفسه‪َّ ،‬‬ ‫وقد َأ َ‬
‫وحرم عليه االع ِتدا َء على‬
‫(((‬ ‫(((‬
‫‪َّ ،‬‬ ‫ﱪ ‪ ،‬وقال تعالى‪:‬‬
‫بأعظم وعيد‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ملكا له‪ ،‬بل هو ُمؤ َمتن عليها‪ ،‬وتوعد من يعتدي َعليها‬ ‫ليست ً‬ ‫عضو ِمن أعضائه‪ ،‬فهي َ‬ ‫أي ٍ‬ ‫ِّ‬

‫خـطـر الـتـدخـيـن‬
‫اتفق العلماء واألطباء على خطر التدخني‪ ،‬وأنه آفة جتب مواجهتها ومكافحتها‪ ،‬وال يستسيغ عاقل مدخن وغير‬
‫خبيث ال طيب فيه‪ ،‬مضر ال نفع فيه‪ ،‬خسارة ال كسب فيه‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫مدخن أن الدخان‬

‫�أ�ضـرار الـتـدخـيـن‬
‫يتفق األطباء على‪ :‬ضرر التدخني وأنه سبب لكثير من األمراض‪ ،‬ومنها‪ :‬ضيق النفس‪ ،‬والربو‪ ،‬والسعال‪ ،‬وتلوث‬
‫األسنان وال ِّل َث ِة‪ ،‬وكافة اجلهاز التنفسي‪ ،‬وضعف كفاءة الشعب الهوائية‪ ،‬وسرطان الرئة‪ ،‬وسوء الهضم‪ُّ ،‬‬
‫وتليف‬
‫الكبد‪ ،‬وتصلب الشرايني‪ ،‬كما يتسبب في قتل املاليني بالسكتة القلبية والدماغية‪ ،‬كما أنه يسبب الصداع واألرق‪،‬‬
‫ويضعف املناعة‪،‬كما أنه يضعف اللياقة البدنية‪ ،‬وهو عموم ًا يؤثر تأثيراً متفاوت ًا على جميع أعضاء اجلسم وأنسجته‪.‬‬
‫وتؤكد منظمة الصحة العاملية والهيئات الطبية‪ :‬أن التدخني خطر على الصحة‪ ،‬وهو ثاني أكبر أسباب الوفاة‬
‫في العالم‪ ،‬وإن عدد الذين يالقون حتفهم أو يعيشون حياة قاسية مليئة باألسقام واألمراض املزمنة بسبب التدخني‬
‫والس ِّل ْ ُ‬
‫والذام ومرض نقص املناعة (اإليدز)‬ ‫بكافة صوره يفوقون عدد الذين ميوتون بسبب املخدرات والطاعون ِّ‬
‫(‪ )1‬النساء‪.٢٩ :‬‬
‫(‪ )2‬البقرة‪.١٩٥ :‬‬

‫‪212‬‬
‫ال من خطر هذه األمراض‪ ،‬والسيما املخدرات ونقص املناعة‪ ،‬ولكن لبيان‬ ‫مجتمعة كلها‪ ،‬وهذه املقارنة ليس تقلي ً‬
‫خطر هذا الداء املنتشر‪ ،‬وخلطورته أجمع األطباء على ضرره‪ ،‬و ُأنشئت اجلمعيات ملكافحته‪ ،‬ومساعدة شاربيه على‬
‫تركه‪ ،‬وخُ صصت املناسبات واأليام العاملية ملقاومته والتذكير بخطره‪.‬‬

‫حـكـم الـتـدخـيـن‬
‫محرم كما قرر ذلك العلماء‪ ،‬واستدلوا على ذلك باألدلة الكثيرة من الكتاب والسنة‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬ ‫التدخني َّ‬
‫(((‬
‫ﱪ ‪ ،‬وشرب الدخان إسهام في قتل النفس ولهذا يسمى‪( :‬القاتل البطيء)‪.‬‬ ‫‪ ١‬قال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫(((‬
‫ﱪ ‪ ،‬والدخان من اخلبائث‪.‬‬ ‫‪ ٢‬قال تعالى في وصف رسوله ‪ :‬ﱫ‬
‫(((‬
‫النبي ‪َ ‬‬
‫قال‪« :‬ال َض َر َر‪ ،‬وال ِض َرا ٌر»‪.‬‬ ‫سعيد ْ ُ‬
‫ال ْد ِر ِّي ‪ ‬أنَّ َّ‬ ‫‪ ٣‬عن أبي ٍ‬

‫�أ�سـبـاب الوقـوع في الـتـدخـيـن‬


‫من أبرز األسباب الباعثة على التدخني والسيما لدى الشباب ما يأتي‪:‬‬
‫‪ ‬التسلية والتجربة ملا هو جديد‪.‬‬
‫‪ ‬تقليد الزمالء أو اآلباء‪.‬‬
‫‪ ‬حب االستعراض أمام زمالئهم وأصحابهم‪ ،‬العتقادهم أن ذلك يظهرهم مبظهر الرجال‪.‬‬

‫الو�سائل المعينة على ترك التدخين‬


‫إن الدخان ال يدل على رجولة كما يتوهم البعض‪ ،‬بل هو ضرر على النفس‪ ،‬وأذى للمجتمع‪ ،‬وإتالف للمال‪،‬‬
‫وفوق ذلك مكروه لرب العاملني‪ ،‬وكمال العقل والرجولة تركه واالبتعاد عنه‪ ،‬ومما يعني على ذلك أمور منها ما يأتي‪:‬‬
‫وابتعادا عن أسباب‬
‫ً‬ ‫‪ ١‬استحضار ُحرمته وكراهة املولى سبحانه وتعالى له‪ ،‬فيقلع املرء عنه خو ًفا من اهلل تعالى‪،‬‬
‫سخطه‪ ،‬ورجاء ثوابه بترك ما نهى عز وجل عنه‪.‬‬
‫‪ ٢‬االستعانة باهلل تعالى‪ ،‬وسؤاله اإلعانة على تركه‪.‬‬
‫التعرف على أضراره املختلفة‪ ،‬وتذكر املنافع املتحصلة بتركه؛ الدينية‪ ،‬والبدنية‪ ،‬واملالية‪ ،‬االجتماعية‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫‪٣‬‬
‫(((‬
‫‪.‬‬ ‫‪ ٤‬العزمية القوية واإلرادة اجلازمة‪ ،‬ومجاهدة النفس على تركه‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫‪ ٥‬ترك مصاحبة املدخنني‪ ،‬وجتنب مجالسهم‪ ،‬والبعد عن كل ما ِّ‬
‫يذكر به‪ ،‬أو يدعو إليه‪.‬‬
‫‪ ٦‬زيارة جمعيات مكافحة التدخني واالستفادة مما لديهم من وسائل وأدوية تعني على تركه بإذن اهلل تعالى‪.‬‬

‫(‪ )1‬النساء ‪.٢٩‬‬


‫(‪ )2‬األعراف‪.١٥٧ :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه اإلمام مالك‪.‬‬
‫(‪ )4‬العنكبوت‪.٦٩ :‬‬

‫‪213‬‬
‫رقما من ( ‪ ) 5 -1‬لكل سبب حسب املعيار املوجود في اجلدول اآلتي‪،‬‬
‫أسباب الوقوع في التدخني كثيرة‪ ،‬ضع ً‬
‫بحيث ميثل الرقم ‪ 1‬الدرجة األقل‪ ،‬ورقم ‪ 5‬الدرجة األعلى‪.‬‬
‫السبب‬
‫سهولة عالجه‬ ‫سرعة تأثيره‬ ‫كثرة انتشاره‬ ‫قوة السبب‬ ‫م‬
‫املعيار‬
‫التسلية والتجربة‬ ‫‪1‬‬
‫اجلهل والهوى‬ ‫‪2‬‬
‫تأثير الصحبة‬ ‫‪3‬‬
‫التقليد وضعف‬
‫‪4‬‬
‫الشخصية‬
‫الدعاية املغرضة‬ ‫‪5‬‬
‫القدوة السيئة‬ ‫‪6‬‬
‫ضعف اإلميان‬ ‫‪7‬‬

‫تقريرا في عشرة أسطر عن آثار‬


‫ً‬ ‫بالرجوع إلى موقع منظمة الصحة العاملية والبحث حول التبغ والتدخني اكتب‬
‫التدخني الصحية على املدخّ ن وعلى من حوله‪:‬‬
‫نسبة الوفيات من املرض نتيجة‬ ‫احتمال اإلصابة‬
‫املرض‬ ‫م‬
‫التدخني‬ ‫للمدخن‬ ‫لغير املدخن‬
‫‪% 43 – 25‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫تصلب الشرايني‬ ‫‪1‬‬
‫‪% 80 – 75‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫اجللطة القلبية‬ ‫‪2‬‬
‫‪% 85- 80‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪1‬‬ ‫سرطان الرئة‬ ‫‪3‬‬
‫‪% 90- 80‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ضيق الشعب الهوائية‬ ‫‪4‬‬
‫‪% 98 – 90‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪1‬‬ ‫الغرغرينة‬ ‫‪5‬‬
‫‪%30‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫أمراض السرطان املختلفة‬ ‫‪6‬‬
‫بالتعاون مع زمالئك استفد من بيانات اجلدول السابق في كتابة لوحة حتذر من التدخني‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫�س‪ِّ :١‬بي خطر التدخني‪.‬‬
‫�س‪ :٢‬اذكر أربعة من أضرار التدخني‪.‬‬
‫�س‪ :٣‬زعم أحد املدخنني بأنه حالل ألن اهلل هو الذي خلقه وأنبت شجر التبغ‪ ،‬فكيف ترد عليه؟‬
‫�س‪ :٤‬ما الوسائل املعينة على ترك التدخني؟‬

‫إثراء‬
‫من مؤسسات اخلدمة االجتماعية الرائدة‪ ،‬اجلمعية اخليرية ملكافحة التدخني (نقاء) والتي‬
‫تأسست‪ ١ :‬محرم ‪ ١٥ - ١٤٠٦‬سبتمبر ‪١٩٨٥‬‬
‫ويتركز نشاطها في عالج املدخنني من اإلدمان‪ ،‬واحلد من نسبة التدخني في املجتمع‪ ،‬سعيا إلى‬
‫حياة سعيدة‪ ،‬ملؤها النقاء والصحة وسالمة املجتمع‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫�آفـــات الـلِّــ�ســـان‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تقدِّ ر نعمة الل�سان‪.‬‬
‫حتفظ ل�سانك من الوقوع يف الإثم‪.‬‬
‫تبي �آثار ا�ستعمال الل�سان يف ال�شر‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تعدِّ د �آفات الل�سان ومتثل لها‪.‬‬
‫ت�ستدل على خطورة �آفات الل�سان‪.‬‬
‫من نعم اهلل تعالى على اإلنسان ما رزقه من اجلوارح‪ ،‬يستخدمها فيما شاء من قضاء حوائجه‪ ،‬ويسخرها في طاعة‬
‫ربه‪ ،‬بدون أن مين عليه أحد‪ .‬ومن هذه اجلوارح اللسان‪ ،‬الذي يتكلم به‪ ،‬وينادي به‪ ،‬ويعبر عن آرائه وأفكاره بواسطته‪،‬‬
‫وبه يقرأ كالم ربه‪ ،‬ويذكر مواله‪ ،‬وبه ينصح ويوجه ويرشد‪ ،‬ويأمر باملعروف وينهى عن املنكر‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬

‫ِحـف ُ‬
‫ْـظ الـ ِّلـ�س ِ‬
‫ـان‬
‫جاءت النصوص الكثيرة من القرآن والسنة ببيان أهمية اللسان وحفظه‪ ،‬والتحذير من إطالقه في الشر بأنواعه‬
‫مبينا أهمية الكالم الذي ينطق به اإلنسان‪ :‬ﱫﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﱪ ‪،‬‬
‫(((‬
‫وصنوفه‪ ،‬يقول اهلل تعالى ً‬
‫وفي حديث معاذ بن جبل ‪ ‬ملا أخبره النبي ‪ ‬مبا يدخل اجلنة ويباعد من النار‪ ،‬وأخبره بأبواب اخلير‪ِ ،‬‬
‫ورأس األمر‬
‫وذرو ِة سنا ِم ِه‪ ،‬ثم قال له‪« :‬أال أخبرك مبالك ذلك كله؟»‪ ،‬قال معاذ‪ :‬قلت‪ :‬بلى يا نبي اهلل‪ ،‬فأخذ بلسانه‬ ‫ِ‬
‫وعموده ِ‬
‫«ك َّف عليك هذا» فقلت‪ :‬يا نبي اهلل‪ ،‬وإنا ملؤاخذون مبا نتكلم به‪ ،‬فقال ‪« :‬ثكلتك َ‬
‫أمك يا معاذ‪ ،‬وهل‬ ‫فقال‪ُ :‬‬
‫الناس في النار على وجوههم – أو على مناخرهم – إال حصائد ألسنتهم» (((‪.‬‬ ‫يكب َ‬ ‫ُّ‬

‫ا�سـتـعـمال الـ ِّلـ�س ِ‬


‫ـان في الخـيـر‬
‫موضحا بعض سبل اخلير التي ينبغي أن ينشغل بها اللسان‪ :‬ﱫﭑﭒﭓ ﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ‬
‫ً‬ ‫يقول سبحانه‬
‫(((‬
‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﱪ ‪.‬فينبغي للمسلم‬
‫أن يحافظ على لسانه‪ ،‬وأال يتكلم إال مبا هو حق من ذكر اهلل تعالى‪ ،‬وقراءة كتابه‪ ،‬وإصالح بني الناس‪ ،‬وإرشاد لهم‬
‫وتوجيه‪ ،‬وقصص مفيدة‪ ،‬وكالم مباح‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫(‪ )1‬ق‪.١٨ :‬‬
‫(‪ )2‬رواه أحمد‪ ،‬والنسائي‪ ،‬والترمذي‪.‬‬
‫(‪ )3‬النساء‪.١١٤ :‬‬

‫‪216‬‬
‫ولعظم أثر اللسان يوجه اإلسالم توجيهه الراشد في استغالله مبا هو مفيد‪ ،‬فإن لم يكن كذلك فال أقل من حفظه‬
‫خيرا أو ليصمت» (((‪.‬‬
‫بالسكوت‪ ،‬وعدم النطق مبا ال يفيد‪ ،‬قال ‪« :‬من كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر فليقل ً‬
‫�آثـار ا�ستعمال الل�سان في ال�شر‬
‫لعظم الكلمة يبني الرسول ‪ ‬آثارها العميقة‪ ،‬فيقول‪« :‬إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبني فيها يزل بها في النار‬
‫أبعد ما بني املشرق واملغرب» (((‪ ،‬فبعض الكلمات قليلة األلفاظ‪ ،‬لكن نتائجها خطيرة‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫الردة عن دين اإلسالم؛ مثل‪:‬‬
‫‪ ‬أنها قد تخلد صاحبها في النار إذا مات ولم يتب منها؛ كالكلمات التي تتضمن ِّ‬
‫الشرك باهلل‪ ،‬أو االستهزاء بدين اهلل‪ ،‬أو كتابه‪ ،‬أو رسوله ‪.‬‬
‫‪ ‬أنه قد يعاقب عليها صاحبها في اآلخرة‪ ،‬مثل الغيبة‪ ،‬والنميمة‪ ،‬والكذب‪ ،‬وقول الزور‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫ال‪ ،‬أو االعتداء على اآلخرين بالسب والشتم‪.‬‬
‫‪ ‬أنه قد يعاقب عليها في الدنيا‪ ،‬كالقذف مث ً‬

‫�آفـات الـ ِّلـ�س ِ‬


‫ـان‬
‫آفات اللسان التي تورد صاحبها املوارد كثيرة‪ ،‬نذكر منها ما يأتي(((‪:‬‬
‫‪ ١‬الشرك باهلل‪ ،‬أو ما يؤدي إليه‬
‫ٍ‬
‫بألفاظ من الشرك‬ ‫وهذا من أعظم آفات اللسان‪ ،‬فقد يتكلم املرء بكلمة واحدة تخلده في النار‪ ،‬كأن يتلفظ‬
‫األكبر‪ ،‬كدعاء غير اهلل‪ ،‬واالستغاثة به‪ ،‬واالستهزاء بدين اهلل تعالى‪ ،‬أو بالقرآن‪ ،‬أو بالرسول ‪ ‬ولو على سبيل‬
‫مبينا خطورة ذلك‪:‬‬
‫املزاح والضحك‪ ،‬يقول اهلل تعالى ً‬

‫(((‬
‫‪.‬‬ ‫ﱪ‬

‫ومن أنواع الشرك‪ :‬الشرك األصغر‪ ،‬الذي هو من الكبائر‪ ،‬وال يخرج صاحبه من دين اإلسالم‪ ،‬مثل‪ :‬احللف بغير‬
‫اهلل‪ ،‬وقول‪ :‬ما شاء اهلل وشاء فالن‪ ،‬وقول‪ :‬لوال اهلل وفالن‪.‬‬
‫(‪ )1‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )2‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )3‬الكذب من أعظم آفات اللسان وقد تقدم الكالم عنه في موضوع (الصدق والكذب) بشكل مفصل ‪.١٦١-١٥٦‬‬
‫(‪ )4‬التوبة‪.٦٦-٦٥-٦٤ :‬‬

‫‪217‬‬
‫‪ ٢‬الغـيـبـة والنميمة‬

‫الغيبة هي‪ :‬ذكرك أخاك مبا يكره‪.‬‬

‫والنميمة هي‪ :‬نقل كالم الناس بعضهم إلى بعض على جهة اإلفساد بينهم‪.‬‬

‫وكالهما ورد التحذير منه ملا ينتج عنهما من آثار سيئة‪ ،‬ونتائج خطيرة من األحقاد والضغائن وفساد القلوب والبغضاء‬
‫والشحناء‪ ،‬يقول اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﭳ ﭴ ﱪ ‪ ،‬ويقول سبحانه‪ :‬ﱫ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﱪ ‪.‬‬
‫(((‬ ‫(((‬

‫صفي َة كذا وكذا‪ ،‬تعني قصيرة‪ ،‬فقال‪« :‬لقد ُق ْل ِت كلم ًة لو‬


‫قلت للنبي ‪َ :‬ح ْس ُب َك من َّ‬
‫قالت‪ُ :‬‬ ‫وعن عائشة‬
‫ُمز َِجت مباء البحر َلَ َ‬
‫زج ْت ُه» (((‪.‬‬
‫ات‪ :‬النمام‪.‬‬
‫ات» (((‪ ،‬وال َق َّت ُ‬
‫وعن حذيفة ‪ ‬قال‪ :‬سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪« :‬ال يدخل اجلن َة َق َّت ٌ‬

‫‪ ٣‬قــول الـــزور‬

‫الزور في األصل‪ :‬حتسني الشيء ووصفه بخالف صفته حتى يخيل إلى من يسمعه أو يراه أنه خالف ما هو به‪،‬‬
‫وعليه فكل ما هو باطل من الكالم يعد زوراً‪ ،‬قد ورد التحذير منه والترهيب من اقترافه في القرآن والسنة‪ ،‬قال‬
‫(((‬
‫ﱪ ‪ ،‬وقــال تعالى محذراً من الوقوع فيه‪ :‬ﱫ‬ ‫تعالى في صفات املؤمنني‪ :‬ﱫ‬
‫(((‬
‫‪.‬‬ ‫ﱪ‬

‫وعن أبي َب ْك َر َة ‪ ‬قال‪ :‬قال النبي ‪« :‬أال أنبئكم بأكبر الكبائر؟» ثالث ًا‪ ،‬قالوا‪ :‬بلى يا رسول اهلل‪ ،‬قال‪« :‬اإلشراك باهلل‪،‬‬
‫وعقوق الوالدين»‪ ،‬وجلس وكان ُم َّت ِك ًئا‪ ،‬فقال‪« :‬أال وقول الزور»‪ ،‬فما زال يكررها حتى قلنا‪ :‬ليته سكت(((‪.‬‬

‫(‪ )1‬احلجرات‪.١٢ :‬‬


‫(‪ )2‬الهمزة‪.١ :‬‬
‫(‪ )3‬رواه أبو داود‪ ،‬والترمذي‪.‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )5‬الفرقان‪.٧٢ :‬‬
‫(‪ )6‬احلج‪.٣٠ :‬‬
‫(‪ )7‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬

‫‪218‬‬
‫‪ ٤‬الـقــذف‬
‫وهو رمي شخص آلخر بالزنا أو اللواط‪ ،‬كأن يقول‪ :‬يا زاني‪ ،‬أو يا ابن الزاني‪ ،‬أو يا لوطي‪ ،‬وهذا محرم وهوكبيرة من‬
‫كبائر الذنوب وعقوبة القاذف ثمانني جلدة قال تعالى‪ :‬ﱫﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬
‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟﱪ ‪ ،‬وقد توعد اهلل تعالى فاعله باللعن في الدنيا‬
‫(((‬

‫واآلخرة‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬


‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﱪ‬
‫(((‬

‫وعن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال النبي ‪« :‬اجتنبوا السبع املوبقات»‪ ،‬و َذ َكـ َـر منها‪« :‬قذف احملصنات املؤمنات‬
‫الغافالت»(((‪.‬‬
‫والس ُّب َّ‬
‫والش ْت ُم‬ ‫‪ ٥‬ال ُف ْح ُش َّ‬
‫وهذه من آفات اللسان اخلطيرة التي يجب على املسلم جتنبها‪ ،‬وقد دلت النصوص الكثيرة على التحذير منها؛ فمن ذلك‪:‬‬
‫‪ ‬عن أبي موسى األشعري ‪ ‬قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬أي اإلسالم أفضل؟ قال‪« :‬من َس ِل َم املسلمون ِمن لسا ِن ِه‬
‫و َي ِد ِه»(((‪.‬‬
‫ٍ‬
‫امرىء قال ألخيه‪ :‬يا كافر‪ ،‬فقد با َء بها ُ‬
‫أحدهما‪ ،‬إن كان‬ ‫أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪« :‬أميا‬ ‫‪ ‬وعن عبداهلل بن عمر‬
‫كما َ‬
‫قال‪ ،‬وإال رجعت إليه» (((‪.‬‬ ‫َ‬
‫‪ ‬وعن ثابت بن الضحاك ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :‬لعن املؤمن كقتله» (((‪.‬‬
‫الفاحش‪ ،‬وال البذي ِء» (((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪ ‬وعن ابن مسعود ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :‬ليس املؤمن بالط َّع ِان‪ ،‬وال الل َّع ِان‪ ،‬وال‬

‫(‪ )١‬النور‪.٤:‬‬
‫(‪ )٢‬النور‪.٢٤-٢٣ :‬‬
‫‪ ،)2766(393/5‬ومسلم في كتاب اإلميان‪ ،‬باب بيان‬ ‫(‪ )٣‬رواه البخاري في كتاب الوصايا‪ ،‬باب قوله تعالى‪:‬‬
‫أكبر الكبائر ‪.)89(92/1‬‬
‫(‪ )٤‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )٥‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )٦‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )٧‬رواه الترمذي‪.‬‬

‫‪219‬‬
‫تكثر الغيبة والنميمة والسب والشتم على ألسنة كثير من الطالب‪ ،‬فما احللول التي تقترحها لعالج‬
‫هذه املشكلة؟‬
‫‪...........................................................................‬‬
‫‪...........................................................................‬‬
‫‪...........................................................................‬‬

‫قارن بني آفات اللسان في اجلوانب اآلتية‪:‬‬


‫السب والشتم‬ ‫النميمة‬ ‫الغيبة‬ ‫الكذب‬ ‫وجه املقارنة‬ ‫م‬
‫محبة الناس‬
‫‪1‬‬
‫لصاحبها‬

‫‪ 2‬أثرها في كسبه‬

‫أثرها على بقية‬


‫‪3‬‬
‫األخالق‬
‫أثرها على‬
‫‪4‬‬
‫املجتمع‬
‫الوعيد‬
‫األخروي‬ ‫‪5‬‬
‫لصاحبها‬

‫‪220‬‬
‫�س‪ :١‬اللسان من نعم اهلل على اإلنسان‪ِّ ،‬‬
‫وضح ذلك‪.‬‬
‫�س‪ :٢‬مب يكون حفظ اللسان من اإلثم؟ دلل ملا تذكر‪.‬‬

‫�س‪ :٣‬هل ميكن أن يكون اللسان ً‬


‫سببا للهالك في اآلخرة؟ وضح إجابتك بالدليل واملثال‪.‬‬
‫�س‪ :٤‬مثِّل الستعماالت اللسان في اخلير‪.‬‬
‫�س‪ :٥‬ما آثار استعمال اللسان في الشر؟‬
‫�س‪ :٦‬استدل لتحرمي كل مما يأتي‪:‬‬
‫الغيبة‪.‬‬ ‫�أ‬ ‫ ‬
‫الكذب‪.‬‬ ‫ب‬ ‫ ‬
‫السب واللعن‪.‬‬ ‫ج‬ ‫ ‬

‫‪221‬‬
‫الــقــلــوب و�أمــرا�ضـــهــا‬

‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تبي �أهمية �صالح القلب‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تعدِّ د �أنواع القلوب‪.‬‬
‫تف ِّرق بني القلب ال�سليم والقلب املري�ض والقلب امليت‪.‬‬
‫تعدِّ د �أنواع �أمرا�ض القلوب‪.‬‬
‫تبي �أ�سباب �سالمة القلب وعالماته‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫�أهمية القلب‬
‫القلب أشرف شيء في اإلنسان‪ ،‬وبحياته حياة البدن‪ ،‬ومبوته موت البدن‪ ،‬وألجل هذه املكانة العظيمة للقلب جاءت‬
‫(((‬
‫ﱪ ‪ ،‬وقـال‪:‬‬ ‫النصوص الشرعية الكثيرة بذكره‪ ،‬والتنويه مبكانته‪ ،‬فقــال تعــالــى‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ‬ ‫ﱫ‬
‫(((‬
‫‪.‬‬
‫أن النبي ‪ ‬قال‪ « :‬أال وإن في اجلسد مضغة‪ ،‬إذا َص َلحت َص َل َح اجلسد كله‪،‬‬ ‫وفي حديث النعمان بن بشير‬
‫(((‬
‫وإذا فسدت فسد اجلسد كله‪ ،‬أال وهي القلب» ‪.‬‬
‫القلب ال يثبت على حال‬
‫القلب ال يثبت على حال‪ ،‬ولذلك كان النبي ‪ ‬يكثر أن يقول‪« :‬يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك»‪،‬‬
‫فقيل له‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬آم َّنا بك ومبا جئت به‪ ،‬فهل تخاف علينا؟ قال‪« :‬نعم‪ ،‬إن القلوب بني أصبعني من أصابع‬
‫(((‬
‫اهلل يقلبها كيف يشاء» ‪.‬‬
‫الدعاء ب�صالح القلب‬
‫الدعاء بأن يثبت اهلل قلبه‪ ،‬قال تعالى – ً‬
‫مخبرا عن دعاء عباده الراسخني‬
‫(((‬
‫وملا عليه القلب من التقلب شُ رع للمسلم‬
‫مصرف القلوب‪ ،‬صرف قلوبنا‬ ‫ﱪ ‪ ،‬وكان من دعاء النبي‬
‫((( ‪« :‬اللهم ِّ‬ ‫في العلم –‪ :‬ﱫ‬
‫(((‬
‫سليما» ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ا‬ ‫قلب‬
‫ً‬ ‫«وأسألك‬ ‫‪:‬‬ ‫ا‬ ‫أيض‬
‫ً‬ ‫دعائه‬ ‫من‬ ‫وكان‬ ‫‪،‬‬ ‫على طاعتك»‬
‫(‪ )1‬ق‪.٣٧ :‬‬
‫(‪ )2‬احلج‪.٤٦ :‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )4‬رواه الترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حديث حسن‪ ،‬وبنحوه رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )5‬آل عمران‪.٨ :‬‬
‫(‪ )6‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )7‬رواه أحمد‪ ،‬والترمذي‪ ،‬والنسائي‪ ،‬وابن حبان‪.‬‬

‫‪222‬‬
‫(((‬
‫�أنـواع الـقـلـوب‬
‫‪-1‬القلب الصحيح السليم‬
‫ونهيه‪ ،‬ومن ِّ‬
‫كل شُ بهة تعارض خَ َب َره‪ ،‬فهو يقابل خَ َب َر اهلل‬ ‫أمر اهلل َ‬ ‫وهو الذي َس ِل َم من ِّ‬
‫كل شهوة تخالف َ‬
‫تعالى ورسو ِله ‪ ‬بالتسليم‪ ،‬وال يعارضه بالرأي والهوى كما يفعل أهل البدع والزيغ‪ .‬وال جناة يوم القيامة إال‬
‫لصاحب القلب السليم‪ ،‬قال تعالى – في حكاية دعاء إبراهيم  –‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ‬
‫(((‬
‫‪.‬‬
‫‪-2‬القلب امليت‬
‫عرف ر َّبه‪ ،‬وال يعبده‪ ،‬بل يتبع هواه وشهوا ِته‪ً ،‬‬
‫غافل عن مراد ر ِّبه منه؛ فهو ضد السليم‪ ،‬والواجب‬ ‫وهو الذي ال َي ُ‬
‫على املسلم احلذر من أن يتصف قلبه بهذه الصفات‪ ،‬كما يجب عليه احلذر من مخالطة أصحاب القلوب امليتة؛‬
‫فإنها تؤثر عليه بالسوء‪ ،‬وتؤدي به إلى موت القلب‪.‬‬
‫‪-3‬القلب املريض‬
‫وهو قلب له حياة‪ ،‬وبه ِع َّلة‪ ،‬ففيه محب ٌة هلل عز وجل‪ ،‬وإميانٌ به‪ ،‬وفي املقابل فيه َّ‬
‫محبة لشهواته الباطلة‪ ،‬وإيثا ٌر‬
‫وحرص على حتصيلها‪ ،‬فرمبا غلب عليه املرض‪ ،‬ورمبا غلبت عليه الصحة‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫لها‪،‬‬

‫تع ُّر�ض القلوب للفتن‬


‫عودا‪ ،‬فأي قلب أشربها ُنكت فيه‬ ‫عن حذيفة ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪ُ « :‬تعرض الفنت على القلوب كاحلصير ً‬
‫عودا ً‬
‫نكتة سوداء‪ ،‬وأي قلب أنكرها ُنكت فيه نكتة بيضاء‪ ،‬حتى تصير على قلبني‪ :‬على أبيض مثل الصفا‪ ،‬فال تضره‬
‫منكرا إال ما‬
‫ً‬ ‫فتنة ما دامت السماوات واألرض‪ ،‬واآلخر أسود ُم ْر َبا ًّدا كالكوز ُم َجخِّ ًيا‪ ،‬ال يعرف معرو ًفا‪ ،‬وال ينكر‬
‫أشرب من هواه» (((‪.‬‬
‫�أمـرا�ض القلب نـوعـان‬
‫‪-1‬أمراض ُش ُبهات‪ ،‬ويراد بها‪ :‬جميع االعتقادات الباطلة‪ ،‬مثل‪ :‬الشرك والنفاق ومذاهب أهل البدع واألهواء‪ ،‬قال‬
‫(((‬
‫‪ ،‬وهذا النوع من املرض أشد النوعني‪.‬‬ ‫تعالى‪:‬‬
‫وطريق البعد عن ُّ‬
‫الش ُبهات‪ :‬التزام ما جاء في الكتاب والسنة‪ ،‬والوقوف عنده‪ ،‬والبعد عن التعرض للشبهات التي‬
‫الدين أو بعض شرائعه‪ ،‬فقد يعلق بالقلب شيء منها‪ ،‬وال يستطيع دفعه أو عالجه‪ ،‬فيخسر‬ ‫يثيرها األعداء حول ّ‬
‫دينه بسبب ذلك‪.‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬إغاثة اللهفان‪ ،‬اجلزء األول‪.‬‬
‫(‪ )2‬الشعراء‪.٨٩-٨٨ :‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )4‬البقرة‪.١٠ :‬‬
‫‪223‬‬
‫احملرم من الغيبة‬
‫احملرم‪ ،‬والكالم ّ‬ ‫عمل بخالف احلق‪ُ ،‬‬
‫مثل‪ :‬شهوة الزنا‪ ،‬والنظر ّ‬ ‫كل ٍ‬ ‫‪-2‬أمراض َشهوات‪ ،‬ويراد بها‪ُّ :‬‬
‫ُ‬
‫والنميمة‪ ،‬واالنتقام بالباطل‪ ،‬واملفاخرة باألحساب والطعن في األنساب‪.‬‬
‫وطريق البعد عن َّ‬
‫الشهوات الباطلة‪ :‬التزام ما أمر اهلل به والصبر على ذلك‪ ،‬ومجاهدة النفس عليه‪ ،‬واجتناب ما‬
‫نهى اهلل عنه ورسولُه ‪.‬‬

‫�أ�سباب حياة القلب‬


‫‪ ١‬توحيد اهلل تعالى واإلميان به‪ ،‬وجتديد ذلك؛ والعمل بالفرائض التي فرضها اهلل سبحانه وتعالى‪ .‬فهذه األمور رأس‬
‫حياة القلوب وسعادتها‪.‬‬
‫‪ ٢‬التضرع إلى اهلل تعالى‪ ،‬واللجوء إليه‪ ،‬وكثرة ذكره ودعائه‪ ،‬ومراقبته‪ ،‬والتفكر في آالئه‪ ،‬ومخلوقاته‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫(((‬
‫‪.‬‬
‫‪ ٣‬تد ُّبر القرآن الكرمي‪ ،‬والنظر في معانيه‪ ،‬والعمل مبا جاء فيه‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫(((‬
‫‪.‬‬ ‫ﱪ‬
‫‪ ٤‬تــرك الــذنــوب ومــجــاهــدة النفس على ذل ــك‪ ،‬فــإن الــذنــوب متيت الــقــلــوب‪ ،‬وبتركها حتيا الــقــلــوب‪ ،‬قــال تعالى‪:‬‬
‫(((‬
‫‪ ،‬قال ابن املبارك رحمه اهلل تعالى‪:‬‬
‫الــــــــــــــذ َّل إدم ـ ــا ُن ـ ــه ـ ــا‬
‫ُّ‬ ‫وقــــــــد يــــــــــورث‬ ‫الــــــــذنــــــــوب متـ ــيـ ــت الـ ــقـ ــلـ ــوب‬
‫َ‬ ‫رأيـــــــــــت‬
‫ُ‬
‫فـــــخـــــيـــــ ٌر لـ ــنـ ــفـ ــسـ ــك عـ ــصـ ــيـ ــا ُنـ ــهـ ــا‬ ‫الـــــــذنـــــــوب حـــــيـــــا ُة ال ــق ــل ــوب‬
‫ِ‬ ‫وتَــــــــــــــ ْر ُك‬
‫‪ ٥‬االهتمام بتصحيح األقوال واألعمال الظاهرة والباطنة‪.‬‬
‫‪ ٦‬االهتمام الكبير بشأن اآلخرة‪ ،‬واإلقبال عليها‪ ،‬وتذكرها‪ ،‬واالستعداد لها‪.‬‬
‫‪ ٧‬زيارة املرضى‪.‬‬

‫(‪ )1‬الرعد‪.٢٨ :‬‬


‫(‪ )2‬محمد‪.٢٤ :‬‬
‫(‪ )3‬املطففني‪.١٤ :‬‬

‫‪224‬‬
‫ارتباط �صالح القلب ب�صالح العمل‬
‫يظن بعض الناس أن هناك انفصا ًال بني صالح القلب وصالح العمل الظاهر‪ ،‬وقد يستدل بقول النبي ‪« :‬التقوى‬
‫ها هنا» ويشير إلى صدره‪ ،‬ثالث مرات ‪ ،‬وهذا فهم خاطئ ألن الظاهر والباطن متالزمان‪ ،‬فمن كان ّ‬
‫(((‬
‫تقي القلب‬
‫كانت جوارحه مستقيمة‪.‬‬
‫والواجب علينا أن نعلم‪ :‬أن اإلميان قول وعمل ونية‪ ،‬وأن صالح الباطن يؤثر في صالح الظاهر‪ ،‬وكلما ازداد صالح‬
‫الباطن كان ذلك زيادة في صالح الظاهر‪.‬‬
‫‪ ،‬وأيض ًا قوله ‪« :‬إن اهلل ال ينظر إلى صوركم‬ ‫ومما يدل على هذا الترابط‪ :‬ما تقدم من حديث النعمان بن بشير‬
‫وأموالكم‪ ،‬ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»(((‪.‬‬

‫�أثـر �صـالح الـقـلـب وثمرتـه‬


‫قال احلافظ ابن رجب رحمه اهلل تعالى‪« :‬فالقوم إذا صلحت قلوبهم فلم يبق فيها إرادة لغير اهلل عز وجل صلحت‬
‫جوارحهم فلم تتحرك إال هلل عز وجل‪ ،‬ومبا فيه رضاه»(((‪.‬‬

‫تأثيرا على القلب‬


‫تعاون مع زمالئك في جمع أكبر قدر من أسباب سالمة القلب‪ ،‬وأسباب مرضه‪ ،‬ثم بني أكثرها ً‬
‫أثرا الدرجة األكبر‪:‬‬
‫بحيث ُيعطى األكثر ً‬
‫تأثيرا‬
‫أكثرها ً‬ ‫تأثيرا‬
‫أكثرها ً‬
‫أسباب مرض القلب‬ ‫أسباب سالمة القلب‬ ‫م‬
‫(‪)5–1‬‬ ‫(‪)5–1‬‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫‪4‬‬

‫(‪ )1‬جزء من حديث رواه مسلم‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )3‬جامع العلوم واحلكم بتصرف يسير‪.‬‬

‫‪225‬‬
‫قارن بني القلب السليم‪ ،‬والقلب املريض‪:‬‬
‫القلب املريض‬ ‫القلب السليم‬ ‫وجه املقارنة‬ ‫م‬
‫‪ 1‬تقبل الهدى‬
‫‪ 2‬إدراك احلق‬
‫‪ 3‬صحة النية والعمل‬
‫‪ 4‬احلرص على الطاعة‬
‫‪ 5‬السالمة في اآلخرة‬

‫مستشهدا لذلك بدليل‪.‬‬


‫ً‬ ‫�س‪ِّ :١‬بي أهمية صالح القلب‬

‫�س‪ :٢‬ما أنواع القلوب؟ واستشهد من القرآن ُّ‬


‫والسنة مبا يدل على ذلك‪.‬‬
‫مريضا؟ ومتى يكون مي ًتا؟‬ ‫�س‪ :٣‬متى يكون القلب ً‬
‫سليما؟ ومتى يكون ً‬
‫�س‪ِّ :٤‬بي وجه االرتباط بني صالح القلب وصالح العمل‪.‬‬

‫�س‪ :٥‬أمراض القلوب نوعان‪ ،‬ما هما؟ وأيهما أشد ً‬


‫خطرا؟ وملاذا؟‬
‫�س‪ :٦‬ما اآلثار املترتبة على صالح القلب؟‬

‫‪226‬‬
‫الــذنــوب والـمـعــا�صــي و�آثـارهــمــا‬
‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تبي املراد بالذنوب واملعا�صي‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تدرك خطر الوقوع يف مع�صية اهلل‪.‬‬
‫تعدِّ د �أنواع الذنوب‪.‬‬
‫مت ِّثل للكبائر ولل�صغائر‪.‬‬
‫تف ِّرق بني الكبائر وال�صغائر‪.‬‬
‫تبي متى تتحول ال�صغائر �إلى كبائر‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تعدِّ د �آثار الذنوب واملعا�صي‪.‬‬

‫الـمـراد بالذنوب والمعا�صي‬


‫املراد بالذنوب واملعاصي‪ :‬ترك الواجبات الشرعية‪ ،‬أو ارتكاب ا ْل ُمح َّرمات‪ .‬وتسمى املعصية‪ :‬اخلطيئة‪ ،‬واإلثم‪ ،‬والسيئة‪.‬‬

‫خـطـر الذنوب والمعا�صي والتحذير منها‬


‫إن خطر الذنوب يكمن في كونها مبعدة عن اهلل تعالى‪ ،‬وعن رحمته‪ ،‬مقربة إلى سخطه والنار‪ ،‬وكلما استمر العبد‬
‫في كسب اخلطايا ابتعد عن مواله أكثر‪ ،‬ولذلك جاءت النصوص الكثيرة حتذر من الذنوب‪ ،‬وتبني عقوباتها َّ‬
‫وأن ما‬
‫أصاب األمم املاضية من انتقام فهو بسبب ذنوبها‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﱪ ‪ ،‬وقال‬
‫(((‬

‫(((‬
‫تعالى‪ :‬ﱫﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﱪ ‪.‬‬
‫(((‬
‫وقال ‪« :‬اجتنبوا السبع املوبقات‪ »..‬احلديث ‪ ،‬فأمر باجتناب الذنوب‪ ،‬وذلك أبلغ مما لو نهى عن اقترافها؛‬
‫ألن االجتناب يقتضي ترك الذنب وما يوصل إليه‪ ،‬ثم أخبر ‪ ‬أنها مهلكة ملن واقعها‪.‬‬

‫�أنـ ــواع الـذنــوب‬


‫تنقسم الذنوب إلى قسمني‪ :‬كبائر وصغائر‪ ،‬واألدلة على هذا التقسيم كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫قوله تعالى‪ :‬ﱫﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ ﱪ ‪ ،‬وقال تعالى‪:‬‬
‫(((‬
‫�أ‬
‫(((‬
‫‪.‬‬ ‫ﱪ‬ ‫ﱫ‬
‫(‪ )1‬املائدة‪.٤٩ :‬‬
‫(‪ )2‬األعراف‪.١٠٠ :‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )4‬النساء‪.٣١ :‬‬
‫‪227‬‬ ‫(‪ )5‬النجم‪.٣٢ :‬‬
‫(((‬
‫قوله ‪« :‬الصلوات اخلمس‪ ،‬واجلمعة إلى اجلمعة‪ ،‬كفارة ملا بينهن ما لم تغش الكبائر» ‪.‬‬ ‫ب‬

‫أوالً‪ :‬الكبائر‪:‬‬
‫جاء في األدلة عدّ جملة من الكبائر‪ ،‬مثل‪ :‬الشرك باهلل‪ ،‬وعقوق الوالدين‪ ،‬وقتل النفس التي حرم اهلل‪ ،‬والسحر‪،‬‬
‫وشهادة الزور‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬واجتهد العلماء في وضع ضابط تُعرف به الكبيرة ِمن غيرها‪ ،‬فقالوا في تعريف الكبيرة‪:‬‬
‫كل معصية دل الدليل على تغليظ حترميها‪ ،‬إما بلعن أو غضب‪ ،‬أو عذاب‪ ،‬أو نار‪ ،‬أو حد في الدنيا‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫ثانيا‪ :‬الصغائر‪:‬‬
‫ً‬
‫الصغيرة هي‪ :‬ما لم ينطبق عليها حد الكبيرة‪ ،‬ومن أمثلتها‪ :‬اخلروج من املسجد بعد األذان لغير حاجة‪ ،‬وترك إجابة‬
‫دعوة الزواج بدون عذر‪ ،‬وترك رد السالم‪ ،‬وعدم تشميت العاطس الذي حمد اهلل‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬

‫التحذير من اال�ستهانة بال�صغائر‬


‫مما يدل على خطورة االستهانة بالصغائر ما يأتي‪:‬‬
‫‪ ١‬أن من الواجب على املسلم ترك ما نهى اهلل عنه ورسوله‪ ،‬ال فرق في ذلك بني الصغائر والكبائر‪ ،‬قال ‪« :‬ما‬
‫(((‬
‫نهيتكم عنه فاجتنبوه» ‪.‬‬
‫‪ 2‬أن ترك الذنب تعظيم حلق اهلل تعالى على العبد‪ ،‬وتعظيم ملا نهى اهلل عنه ورسوله ‪ ،‬ولذلك قال بالل بن سعد‬
‫(((‬
‫التابعي رحمه اهلل تعالى‪ :‬ال تنظر إلى صغر اخلطيئة‪ ،‬ولكن انظر إلى من عصيت ‪.‬‬
‫‪ 3‬أنه قد ورد التحذير من التهاون بالصغائر بنص خاص‪ ،‬وذلك في قوله ‪« :‬إياكم ومح َّقرات الذنوب‪ ،‬فإمنا مثل‬
‫مح َّقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد‪ ،‬فجاء ذا بعود‪ ،‬وجاء ذا بعود‪ ،‬حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم‪،‬‬
‫وإن مح َّقرات الذنوب متى ُيؤْ َخ ْذ بها صاحبه تهلكه» ‪.‬‬
‫(((‬

‫‪ 4‬أن الصغيرة قد جتر إلى غيرها من صغائر أو كبائر‪ ،‬وهذا إمنا يكون من استدراج الشيطان للعبد‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫(((‬
‫‪.‬‬ ‫‪...‬‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )3‬صفة الصفوة (في ترجمة بالل بن سعد)‪.‬‬
‫(‪ )4‬رواه أحمد‪.‬‬
‫(‪ )5‬النور‪.٢١ :‬‬

‫‪228‬‬
‫�آثــار الـذنــوب والـمـعـا�صـي‬
‫للذنوب واملعاصي آثار سيئة على الفرد واملجتمع‪:‬‬
‫(((‬
‫�أ على الفرد‪ :‬تظهر آثارها على الفرد بظلمة القلب‪ ،‬وعدم انشراحه‪ ،‬وابتالؤه باملصايب واملشاكل‪ ،‬وقلة‬
‫ً‬
‫إمهال لهم ليتوبوا‪ ،‬وقد يكون‬ ‫يوسع اهلل تعالى على بعض الظاملني وميدّ هم بالنعم والسرور‬
‫التوفيق‪ .‬وقد ّ‬
‫استدراجا حتى إذا أخذهم لـم يفلـتهم‪ ،‬كمـا قـال تعـالى‪ :‬ﱫ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﱪ ‪ ،‬وقــال‪ :‬ﱫ ﮕ‬
‫(((‬
‫ً‬
‫(((‬
‫ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﱪ ‪،‬‬
‫وقال ‪« :‬إن اهلل ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته» ‪ ،‬ثم قرأ‪ :‬ﱫ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬
‫(((‬

‫ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﱪ‬
‫(((‬
‫‪.‬‬
‫على املجتمع‪ :‬وتظهر آثارها على املجتمع بكثرة األمراض واألوبئة‪ ،‬واختالل األمن وظهور اخلوف وفقد‬ ‫ب‬
‫الطمأنينة‪ ،‬وقلة نزول األمطار أو كثرتها كثرة مؤذية‪ ،‬واحلروب املدمرة وغير ذلك‪ .‬وال َيغْ َت َّر َّن املسلم بظهور‬
‫عجل لهم طيباتهم في‬ ‫بعض النعمة عند الكافرين‪ ،‬فإن ذلك إما استدراج من اهلل لهم‪ ،‬أو ألن اهلل تعالى َّ‬
‫(((‬
‫حياتهم الدنيا‪ ،‬كما ثبت ذلك عن النبي ‪. ‬‬
‫واجب المجتمع والأفراد في الوقاية من الذنوب والتخل�ص منها‬
‫واجب املجتمع‪:‬‬
‫على املجتمع التوبة من الذنوب واملعاصي بأنواعها‪ ،‬والتكاتف على إزالتها‪ ،‬والتناصح فيما بينهم‪ ،‬واألمر باملعروف‬
‫والنهي عن املنكر‪ ،‬ألن التساهل بها يؤدي إلى سخط اهلل وعقوبته‪ ،‬ومن دالئل ذلك ما يأتي‪:‬‬
‫قوله تعالى‪ :‬ﱫﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ‬ ‫�أ‬

‫ﮁﮃﮄﮅﮆﮇﱪ‬
‫ﮂ‬ ‫ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ‬
‫(((‬
‫‪.‬‬
‫قال النبي ‪« :‬مثل القائم على حدود اهلل والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة‪ ،‬فأصاب بعضهم‬ ‫ب‬
‫أعالها وبعضهم أسفلها‪ ،‬فكان الذين في أسفلها إذا استقوا املاء مروا على من فوقهم‪ ،‬فقالوا‪ :‬لو أنا خرقنا‬
‫في نصيبنا خرقًا ولم نؤذ من فوقنا‪ ،‬فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جمي ًعا‪ ،‬وإن أخذوا على أيديهم جنوا‬
‫وجنوا جمي ًعا»(((‪.‬‬
‫(‪ )1‬ليعلم أن املصايب التي تصيب العبد قد تكون عقوبة‪ ،‬وقد تكون ابتالء واختباراً ليصبر اإلنسان وترتفع درجته عند اهلل‪ ،‬وذلك كالذي يحصل‬
‫لألنبياء والصاحلني‪ ،‬وإمنا يعرف الفارق بينهما مبدى التزام املصاب بالشرع من عدمه (ينظر للفائدة‪ :‬مدارج السالكني – منزلة احملاسبة)‪.‬‬
‫(‪ )2‬القلم‪.٤٥ :‬‬
‫(‪ )3‬آل عمران‪.١٧٨ :‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )5‬هود‪.١٠٢ :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )7‬املائدة‪.٧٩-٧٨ :‬‬
‫(‪ )8‬رواه البخاري‪.‬‬
‫‪229‬‬
‫واجب الفرد‪:‬‬
‫على املسلم املبادرة بالتوبة النصوح‪ ،‬وكثرة االستغفار‪ ،‬ودعاء اهلل تعالى أن يغفر ذنوبه‪ ،‬واستشعار مراقبة اهلل تعالى‪،‬‬
‫واالستكثار من فعل احلسنات املكفرة للسيئات‪ ،‬كما أن عليه البعد عن األسباب املوقعة في الذنوب والتي منها‪:‬‬
‫اجلهل بحق اهلل تعالى‪ ،‬والتهاون باملعصية‪ ،‬ومصاحبة العصاة‪ ،‬والفراغ‪ ،‬وضعف اإلميان‪.‬‬

‫يزعم كثير من الشباب أنه ال يستطيع التوبة من الذنوب ألنه كلما عزم على التوبة‪ ،‬رجع إلى مواقعة الذنب‪.‬‬
‫حلل هذه املشكلة بذكر األسباب احملتملة لها‪ ،‬ثم ضع احللول املناسبة‪:‬‬
‫احللول‬ ‫األسباب‬

‫قارن بني الصغائر‪ ،‬والكبائر‪:‬‬


‫الصغائر‬ ‫الكبائر‬ ‫وجه املقارنة‬ ‫م‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪3‬‬

‫�س‪ :١‬ما املراد بالذنوب واملعاصي؟ وما خطرها على اإلنسان؟‬


‫�س‪ :٢‬ما أنواع الذنوب واملعاصي؟ وما تعريف كل نوع؟‬
‫�س‪ :٣‬متى تتحول الصغيرة إلى كبيرة؟‬
‫�س‪ :٤‬ما آثار الذنوب واملعاصي؟‬
‫�س‪ :٥‬ما واجب املجتمع جتاه املعاصي والذنوب؟‬

‫‪230‬‬
‫الــمــحا�سـبـة والـتوبـــة‬
‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تع ِّرف املحا�سبة والتوبة‪.‬‬
‫تدرك �أهمية املحا�سبة والتوبة‪.‬‬
‫تبي حكم املحا�سبة والتوبة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تعدِّ د موانع املحا�سبة والتوبة‪.‬‬
‫تبي �آثار املحا�سبة والتوبة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تف ِّرق بني املحا�سبة والتوبة‪.‬‬

‫معنى المحا�سبة والتوبة‬


‫احملاسبة هي‪ :‬وقوف العبد مع نفسه لينظر في عمله من حيث موافقته ألمر اهلل وأمر رسوله ‪ ‬وقيامه مبا أوجب‬
‫اهلل وتز ُّو ُد ُه للدار اآلخرة‪.‬‬
‫والتوبة هي‪ :‬الرجوع إلى اهلل تعالى بالتزام فعل ما يحب‪ ،‬وترك ما يكره‪.‬‬

‫عالقة المحا�سبة بالتوبة‬


‫احملاسبة لها صلة وثيقة بالتوبة؛ وذلك ألنه إذا حاسب العبدُ نفسه تبني له تقصيره في حق اهلل فقاده ذلك إلى‬
‫التوبة‪ ،‬وعلى هذا تكون احملاسبة سابقة للتوبة‪.‬‬

‫ح ـك ـمــهمـا‬
‫احملاسبة عند التقصير في الواجبات وفعل احملرمات واجبة حتى يتسنى للعبد التوبة مما ف َّرط فيه‪ ،‬وتستحب‬
‫محاسبة النفس على ترك السنن والنوافل وفعل املكروهات‪.‬‬
‫(‪)١‬‬
‫وقد دل على مشروعية احملاسبة قول اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﱪ ‪،‬‬
‫قال اإلمام ابن كثير معل ًقا على هذه اآلية‪ :‬أي حاسبوا أنفسكم قبل أن حتاسبوا‪ ،‬وانظروا ماذا ادخرمت ألنفسكم من‬
‫األعمال الصاحلة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم‪.‬‬
‫(‪ )1‬احلشر‪.١٨ :‬‬

‫‪231‬‬
‫وقال عمر بن اخلطاب ‪ : ‬حاسبوا أنفسكم قبل أن حتاسبوا‪ ،‬وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا؛ فإنه أهون عليكم في‬
‫غدا أن حتاسبوا أنفسكم اليوم‪ ،‬وتزينوا للعرض األكبرﱫ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﱪ (((‪.‬‬ ‫احلساب ً‬
‫والتوبة واجبة‪ ،‬وقد دل على ذلك‪:‬‬
‫ﱪ (((‪ ،‬وق ــول ــه تــعــالــى‪:‬‬ ‫�أ قـ ــول اهلل ت ــع ــال ــى‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ (((‪.‬‬ ‫ﱫ‬
‫هلل؛ َفإنِّي َأت ُ‬
‫ُوب في ا ْل َي ْو ِم إليه ِم َئ َة َم َّرةٍ »(((‪.‬‬ ‫قول النبي ‪« :‬يا َأ ُّي َها الناس تُو ُبوا إلى ا ِ‬ ‫ب‬

‫أجمع العلماء على وجوب التوبة‪ ،‬كما نقله غير واحد من أهل العلم‪.‬‬ ‫ج‬

‫�أهمية المحا�سبة‬
‫للمحاسبة أهمية كبرى تتبني في النقاط اآلتية‪:‬‬
‫‪ ١‬أنها طريق الستقامة القلوب وتزكية النفوس؛ فإن زكاتها وطهارتها موقوفة على محاسبتها‪ ،‬فال تزكو وال تطهر‬
‫وال تصلح إال مبحاسبتها‪.‬‬
‫‪ 2‬أنها دليل على حياة القلب وخوفه من اهلل؛ فغير اخلائف من اهلل ليس عنده من الدواعي ما يجعله يقف مع نفسه‬
‫فيحاسبها و يعاتبها على تقصيرها‪.‬‬
‫‪ 3‬أنها طريق للتوبة؛ وذلك ألنه إذا حاسب نفسه أدرك تقصيره في حق اهلل‪ ،‬فقاده هذا إلى التوبة‪.‬‬

‫فـ�ضـل الـتـوبـة‬
‫للتوبة فضائل كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ﱪ((( ‪.‬‬ ‫�أ محبة اهلل للتائبني‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫مغفرة اهلل لسيئات التائبني‪ ،‬وإدخالهم جنته‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ‬ ‫ب‬

‫ﱪ((( ‪.‬‬
‫فرحا بتوبة عبده حني يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته‬ ‫«ل ُ َ‬
‫أشدُّ ً‬ ‫فرح اهلل تعالى بتوبة عبده‪ ،‬قال ‪َ :‬‬ ‫ج‬
‫بأرض فالة‪ ،‬فانفلتت منه‪ ،‬وعليها طعامه وشرابه‪ ،‬فأيس منها‪ ،‬فأتى شجرة فاضطجع في ظلها – قد أيس من‬
‫راحلته – فبينما هو كذلك‪ ،‬إذا هو بها قائمة عنده‪ ،‬فأخذ بخطامها‪ ،‬ثم قال – من شدة الفرح –‪ :‬اللهم أنت‬
‫عبدي وأنا ربك‪ ،‬أخطأ من شدة الفرح»(((‪.‬‬
‫(‪ )1‬احلاقة‪.١٨ :‬‬
‫(‪ )2‬النور‪.٣١ :‬‬
‫(‪ )3‬التحرمي‪.٨ :‬‬
‫(‪ )4‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )5‬البقرة‪.٢٢٢ :‬‬
‫(‪ )6‬التحرمي‪.٨ :‬‬
‫(‪ )7‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫‪232‬‬
‫�شروط �صحة التوبة‬
‫التوبة النصوح هي املشتملة على الشروط اآلتية‪:‬‬
‫‪ ١‬اإلقالع عن الذنب‪ ،‬فإن كان الذنب بفعل محرم تركه‪ ،‬وإن كان بترك واجب فعله‪.‬‬
‫‪ 2‬الندم على ما فات من مقارفة اخلطايا‪ ،‬فمن كان إذا تذكر ذنبه فرح به‪ ،‬ومتنى أن تعود تلك األيام فليس بتائب‬
‫في احلقيقة‪.‬‬
‫غدا‪ ،‬فليس بتائب على احلقيقة‪.‬‬
‫‪ 3‬العزم الصادق على عدم العودة إلى الذنب‪ ،‬فمن ترك الذنب وفي نيته أن يعاوده ً‬
‫‪ 4‬أن يكون تركها ألجل اهلل تعالى‪ ،‬ال خلوف أو مصلحة أو غير ذلك‪.‬‬
‫‪ 5‬إن كان الذنب ح ًّقا لآلخرين لزمه إعادته إليه‪ ،‬إال إن سامحه‪ ،‬فإن لم يجده ح ًّيا أعطاه ورثته‪ ،‬فإن لم يجدهم –‬
‫بعد البحث – تصدق به عن صاحبه‪.‬‬

‫ما على العبد بعد التوبة‬


‫على التائب أن يستكثر من الطاعات وذكر اهلل تعالى‪ ،‬وأن يدعو اهلل بالثبات على التوبة ويقبلها منه‪ ،‬وعليه مجانبة‬
‫ما يدعوه إلى معاودة الذنب من صديق‪ ،‬أو مكان‪ ،‬ويشهد لهذا املعنى ما ذكره النبي ‪ ‬في قصة (قاتل املئة)‬
‫فاع ُب ِد اهلل معهم‪ ،‬وال ترجع إلى‬
‫أناسا يعبدون اهلل ْ‬
‫الذي تاب‪ ،‬فقال له العالم‪« :‬انطلق إلى أرض كذا وكذا‪ ،‬فإن بها ً‬
‫أرضك فإنها أرض سوء»(((‪.‬‬

‫زم ــن الـتـوبــة‬


‫دائما؛ ألنه ال يخلو أحد من تقصير في حق اهلل تعالى‪ ،‬كما قال ‪« :‬كل ابن آدم َّ‬
‫خطا ٌء‪،‬‬ ‫املرء محتاج إلى التوبة ً‬
‫وخير َّ‬
‫اخلطائني الت َّوابون» ‪.‬‬
‫(((‬

‫وكان النبي ‪ ‬يستغفر اهلل ويتوب إليه في اليوم مئة مرة‪ ،‬كما تقدم‪ .‬وفي حديث أبي هريرة ‪ ‬عن النبي ‪ ‬أنه‬
‫قال‪« :‬واهلل إني ألستغفر اهلل وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعني مرة»(((‪.‬‬
‫قصر في واجب‪ ،‬قال ‪« :‬إن اهلل تعالى يبسط يده بالليل‬
‫ذنبا أو َّ‬ ‫فزمنها جميع حياة ابن آدم‪ ،‬ك َّلما َ‬
‫قارف العبد ً‬
‫ليتوب ُمسيء النهار‪ ،‬ويبسط يده بالنهار؛ ليتوب مسيء الليل‪ ،‬حتى تطلع الشمس ِمن مغربها»(((‪.‬‬
‫(‪ )1‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )2‬رواه الترمذي‪ ،‬وابن ماجه‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري‪.‬‬
‫(‪ )4‬رواه مسلم‪.‬‬

‫‪233‬‬
‫الزمن الذي ال تقبل فيه التوبة‬
‫باب التوبة مفتوح في كل وقت؛ إال في وقتني هما‪:‬‬
‫‪ 1‬وقت االحتضار‪ ،‬ألنه إذا بلغت الروح احللقوم لم تقبل التوبة‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ‬

‫ﱪ(((‪ ،‬وقال ‪« :‬إن اهلل يقبل توبة العبد ما لم ُي َغ ْر ِغ ْر»(((‪.‬‬


‫إذا طلعت الشمس ِمن مغربها‪ ،‬قال ‪َ « :‬من تاب قبل أن تطلع الشمس ِمن مغربها تاب اهلل عليه»(((‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫الأمــور ال�صارفة عن التوبة‬


‫‪ 1‬االعتماد على رحمة اهلل تعالى وعفوه مع الغفلة عن عقابه‪ ،‬كقول كثير من املذنبني‪ :‬اهلل غفور رحيم‪ ،‬ولم يتدبروا‬
‫(((‪.‬‬ ‫قول اهلل تعالى‪:‬‬
‫‪ 2‬التسويف‪ ،‬وطول األمل‪ ،‬وتأجيل التوبة إلى حني الكبر‪.‬‬
‫‪ 3‬االنهماك في متع احلياة الدنيا‪ ،‬والغفلة عن اآلخرة‪ ،‬ونسيان املوت‪ ،‬وقد قال ‪« :‬أكثروا ذكر هاذم اللذات»(((‪،‬‬
‫يعني املوت‪ ،‬وقال‪ ...« :‬زوروا القبور فإنها تذكر املوت»(((‪.‬‬
‫‪ 4‬استصغار الذنب واحتقاره‪ ،‬وقول املذنب‪( :‬أنا ما فعلت شي ًئا)‪ ،‬ويرى فعله صغيراً ال يؤاخذ به‪ ،‬قال ابن مسعود‬
‫‪« :‬إن املؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد حتت جبل يخاف أن يقع عليه‪ ،‬وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب م َّر على‬
‫أنفه‪ ،‬فقال به هكذا» وأشار الراوي بيده فوق أنفه (((‪ .‬وقال أنس ‪« :‬إنكم لتعملون أعما ًال هي أدق في‬
‫أعينكم من الشعر‪ ،‬إن كنا لنعدها على عهد النبي ‪ ‬من املوبقات» (((‪.‬‬
‫معجبا بعمله ‪ :-‬أنا أفعل كذا‪ ،‬وأنا أقوم بكذا‪ ،‬غير متد ِّبر لقول‬ ‫ً‬ ‫‪ 5‬االغترا ُر بفعل احلسنات‪ ،‬ونسيان الذنوب‪ ،‬فيقول –‬
‫(((‬
‫اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﱪ‬
‫الذنب بقولهم وفعلهم‪ ،‬و ُي َث ِّب َ‬
‫طون عن التوبة‪.‬‬ ‫نون َ‬ ‫‪ 6‬مصاحبة ا ْل ُم ِص ِّر َين على املعاصي‪ ،‬الذين ُي َه ِّو َ‬
‫ذنب من رحمة أرحم الراحمني‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ‬ ‫قنوط ا ْل ُم ِ‬
‫ُ‬ ‫‪7‬‬
‫ﱪ (‪.((1‬‬
‫(‪ )1‬النساء‪.١٨ :‬‬
‫(‪ )2‬رواه الترمذي‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )4‬احلجر‪.٥٠- ٤٩ :‬‬
‫(‪ )5‬رواه الترمذي‪.‬‬
‫(‪ )6‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )7‬رواه البخاري‪.‬‬
‫(‪ )8‬رواه البخاري‪.‬‬
‫(‪ )9‬احلجرات‪.17 :‬‬
‫(‪ )10‬الزمر‪.٥٣ :‬‬

‫‪234‬‬
‫�آلآثار المترتبة على المحا�سبة والتوبة‬
‫إذا حاسب اإلنسان نفسه استفاد عدة فوائد منها‪:‬‬
‫‪ -1‬حتقيق سعادة الدارين ونيل رضا اهلل تعالى ومحبته؛ ألنه إذا حاسب نفسه علم تقصيرها‪ ،‬وأنه مهما عمل‬
‫لم يقم مبا طلب منه القيام به‪ ،‬وأنه لو قام مبا ُطلب منه احتاج إلى شكر اهلل الذي َّ‬
‫من عليه بأن وفقه للقيام مبا‬
‫ُأمر به‪ ،‬وإذا أدرك تقصيره في جنب اهلل قاده ذلك إلى أن يبذل املزيد من اجلهد‪ ،‬وأن يتدارك النقص‪ ،‬ويستعد‬
‫أكمل االستعداد ليوم املعاد؛ و َمن هذه حاله ينال رضا اهلل ومحبته سبحانه‪.‬‬
‫االطالع على عيوب النفس‪ :‬ألنه باحملاسبة البد أن يجد في نفسه عيباً‪ ،‬فإذا اطلع على عيبها مقتها في ذات‬
‫ُ‬ ‫‪-2‬‬
‫اهلل تعالى‪ ،‬وأما من لم يحاسب نفسه لم يطلع على عيوبها‪ ،‬ومن لم يطلع على عيب نفسه لم ميكنه إزالته‪.‬‬
‫‪ -3‬إخالص النية هلل‪ :‬ألن احملاسبة وقفة خفية بني العبد وبني نفسه ال يعلمها إال اهلل‪ ،‬وكل إنسان أدرى بنفسه وبحقيقة‬
‫أعماله؛ فيتعرف هل عمل هذا العمل رياء أو سمعة أو عمله هلل‪ ،‬وهذا يقود بإذن اهلل إلى اإلخالص هلل‪.‬‬
‫‪ -4‬استشعار الهدف الذي خُ لق من أجله‪ :‬إذا حاسبت نفسك علمت أنك خلقت ألمر عظيم وهو عبادة اهلل‬
‫(((‪.‬‬ ‫وحده‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫ّ‬
‫وتذكر فرجع إلى الطريق‬ ‫‪-5‬االستقامة‪ :‬فيجتهد في الطاعة ويبتعد عن املعاصي‪ ،‬وك ّلما وقع في تقصير أو زلّة انتبه‬
‫املستقيم‪ ،‬وهكذا يكون حاله حتى يلقى ربه عز وجل‪.‬‬
‫‪-6‬الزهد في الدنيا‪ :‬ألنه سيعرف حقيقة الدنيا وحقيقة نفسه وما تريد‪ ،‬وسيدرك أن الدنيا دار ممر وفناء‪ ،‬يزرع‬
‫بها العبد ما يحب أن يراه غداً‪ ،‬مما يجعله ينظر إلى الدنيا على أنها مزرعة لآلخرة؛ فال ينافس أهلها عليها‪.‬‬
‫‪-7‬مراقبة اهلل؛ ألنه كلما َه َّم مبعصية حاسب نفسه‪ ،‬وكلما َّ‬
‫هم بتقصير في واجب حاسب نفسه‪ ،‬وهذه هي مراقبة‬
‫اهلل حتى يصل إلى مرتبة اإلحسان‪.‬‬
‫‪-8‬االنكسار هلل تعالى واحلياء منه‪ :‬وهاتان عبادتان قلب ّيتان ينتج عنهما كثرة األوبة إلى اهلل تعالى وإخالص العمل‬
‫له‪ ،‬واالجتهاد في الطاعة‪ ،‬وعدم العجب بالعمل واالغترار به‪.‬‬

‫(‪ )1‬الذاريات‪.٥٦ :‬‬

‫‪235‬‬
‫ِّبي كيف تكون التوبة من الذنوب اآلتية‪:‬‬
‫التوبة منه‬ ‫الذنب‬ ‫م‬
‫الغيبة‬ ‫‪1‬‬

‫النميمة‬ ‫‪2‬‬

‫أكل أموال الناس بالباطل‬ ‫‪3‬‬

‫التدليس في البيع‬ ‫‪4‬‬

‫هناك عدد من املوانع التي تصرف عن احملاسبة‪ ،‬تعاون مع زمالئك في ذكرها‪:‬‬


‫‪.......................................................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬

‫�س‪ :١‬ما تعريف التوبة واحملاسبة؟ وما الفرق بينهما؟‬


‫�س‪ :٢‬عدِّ د فضائل التوبة‪.‬‬
‫�س‪ :٣‬ما األوقات التي ال تقبل فيها التوبة؟‬
‫�س‪ :٤‬ما اآلثار املترتبة على احملاسبة والتوبة؟‬

‫‪236‬‬
‫الـ�شـيـطـان ومـداخـلُـه‬
‫ُ‬
‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تع ِّرف ال�شيطان‪.‬‬
‫تع ِّرف ال�شيطان‪.‬‬
‫ال�شيطان‪.‬‬
‫احلكمةمنمنخلقخلقال�شيطان‪.‬‬
‫ت�ستنتجاحلكمة‬
‫ت�ستنتج‬
‫إن�سان‪.‬‬ ‫علىل ال‬
‫إن�سان‪.‬‬ ‫ال�شيطانعلى ا‬ ‫تعدِّ ُتدعدِّ دمداخل‬
‫مداخلال�شيطان‬
‫الوقاي ِةمنمنال�شيطان‪.‬‬
‫ال�شيطان‪.‬‬ ‫تبي�سبل�سبلالوقاية‬
‫تبي ِّ‬ ‫ِّ‬

‫حقيقة ال�شيطان‬
‫الشيطان مخلوق هلل تعالى‪ ،‬وهو من اجلن‪ ،‬ولم يكن من املالئكة َط ْرفة عني‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﱪ (((‪.‬‬
‫واجلن مخلوقون من النار‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﱪ (((‪.‬‬
‫وهومك َّلف ومحاسب‪ ،‬وال ُيرى بصورته احلقيقية‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﱪ (((‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ملعون مطرو ٌد من رحمة اهلل تعالى‪ ،‬وعد ٌو لبني آد َم؛ كما أخبر اهلل تبارك وتعالى‬ ‫ورجيم‬
‫ٌ‬ ‫وهو فاسق عن أمر ربه جل وعال‪،‬‬
‫ﱪ ‪.‬‬
‫(((‬
‫بقوله‪ :‬ﱫ‬

‫الحكمة من خلق ال�شيطان‬


‫‪ ١‬االبتالء واالمتحان‪ ،‬فإن من سنة اهلل تعالى اجلارية في الرسل وأتباعهم أن جعل لهم أعداء يتربصون بهم الدوائر‬
‫وينسجون لهم املكايد ليصدوهم عن سبيل اهلل تعالى‪ ،‬قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ(((‪ .‬وقد فرض اهلل تعالى على الرسل وأتباعهم مراغمة أعدائه‬
‫أحب إلى اهلل ِمن مراغمة وليه لعدوه وإغاظته له »)‪.(6‬‬
‫ومجاهدتهم قال اإلمام ابن القيم ‪« :‬وال شي َء ُّ‬
‫‪ ٢‬حصول ا ْل ِع ْبر ِة جلميع الع َباد مبا حصل لعدو اهلل إبليس من اإلهانة والذل وسوء العاقبة بسبب عصيانه أمر اهلل‬
‫تعالى واستكباره على ربه‪ ،‬ويعظم خوفهم من اهلل تعالى‪.‬‬
‫‪ ٣‬ظهور آثار أسماء اهلل املتضمنة حللمه وعفوه ومغفرته وستره على عباده ملا ارتكبوه من ذنوب ومعاصي نتيجة‬
‫إضالل الشيطان لهم وتغريره بهم‪.‬‬
‫(‪ )1‬األعراف‪.٢٧ :‬‬
‫(‪ )2‬األعراف‪.٢٧ :‬‬
‫(‪ )3‬األعراف‪.٢٧ :‬‬
‫(‪ )4‬فاطر‪.٦ :‬‬
‫(‪ )5‬األنعام‪.١١٢ :‬‬
‫‪237‬‬ ‫(‪ )6‬مدارج السالكني‪.249/1 :‬‬
‫يقول ابن القيم ‪« :‬فلو لم ُيقدِّ ر الذنوب واملعاصي َف ِل َمن يغفر؟ وعلى من يتوب؟ َّ‬
‫وعمن يعفو و ُيس ِقط حقه؟ و ُيظهر‬
‫فضله وجوده وحلمه وكرمه‪ ،‬وهو واسع املغفرة‪ ،‬فكيف يعطل هذه الصفة؟ أم كيف يتحقق بدون ما يغفر ومن يغفر له؟ ومن‬
‫يتوب وما يتاب عليه؟ فلو لم يكن في تقدير الذنوب واملعاصي واملخالفات إال هذا وحده لكفى به حكمة وغاية محمودة»‪.‬‬

‫العبرة والعظة مبا‬


‫حصل للشيطان‬
‫من اإلهانة ُّ‬
‫والذ ِّل‬

‫احلكمة من‬
‫خلق الشيطان‬
‫ظهور آثار أسماء‬
‫اهلل املتضمنة حللمه‬ ‫االبتالء‬
‫وعفوه وستره على‬ ‫واالختبار‬
‫عباده‬

‫مداخل ال�شيطان في �إ�ضالل الإن�سان‬


‫للشيطان مداخل كثيرة على اإلنسان‪ ،‬ومن أعظم مداخله‪:‬‬
‫(((‪ ،‬فهو‬ ‫‪ ١‬تزيني الباطل‪ ،‬كما قال اهلل تعالى عنه‪:‬‬
‫يظهر الباطل في صورة احلق‪ ،‬واحلق في صورة الباطل‪ ،‬حتى يندفع الناس للمنكرات‪ ،‬ومن ذلك تسمية األمور احمل َّرمة بأسماء‬
‫محببة إلى النفوس‪ ،‬فاخلمور تسمى شراب ًا أو مشروب ًا روحياً‪ ،‬والربا فوائد‪ ،‬وسفور املرأة وزينتها خارج بيتها تقدُّ م ًا ومدنيةً‪،‬‬
‫وغيرها كثير‪.‬‬
‫‪ ٢‬التثبيط عن الطاعات بالتسويف والكسل‪ ،‬حتى تفوت على اإلنسان املصالح‪ ،‬ويحرم من الثواب‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫ِب ُك َّل ُعقْ َد ٍة َم َكا َن َها َع َل ْي َك َل ْي ٌل َطوِ ٌ‬
‫يل‬ ‫الث ُعق ٍَد‪َ ،‬ي ْضر ُ‬ ‫ان على قَا ِف َي ِة َر ْأ ِس َأ َح ِد ُك ْم إذا هو َنا َم َث َ‬ ‫« َي ْع ِق ُد َّ‬
‫الش ْي َط ُ‬
‫هلل ا ْن َح َّل ْت ُعقْ َد ٌة‪َ ،‬فإنْ َت َو َّض َأ ا ْن َح َّل ْت ُعقْ َد ٌة‪َ ،‬فإنْ ص َّلى ا ْن َح َّل ْت ُعق َُد ُه ُك ُّل َها‪َ ،‬ف َأ ْص َب َح‬
‫ف َْارق ُْد‪َ ،‬فإنْ ْاس َت ْيق ََظ فذكر ا َ‬
‫َن ِش ً‬
‫(((‬
‫يث ال َّنفْ ِس َك ْسالنَ »‪.‬‬ ‫يطا َط ِّي َب ال َّنفْ ِس‪َ ،‬و ِإ َّال َأ ْص َب َح خَ ِب َ‬
‫‪ ٣‬اخلروج عن الوسط ومجاوزة حد االعتدال‪ ،‬يقول بعض السلف‪ :‬ما أمر اهلل تعالى بأمر إال وللشيطان فيه نزعتان‪ :‬إما إلى‬
‫فتورا عن الطاعة وتكاس ًال عنها‬ ‫تفريط وتقصير‪ ،‬وإما إلى مجاوزة وغلو‪ ،‬وال يبالي بأيهما ظفر‪ ،‬فهو إن وجد في اإلنسان ً‬
‫ثبطه حتى ينقطع عنها‪ ،‬وإن وجد فيه رغبة في الطاعة أغراه بالزيادة فيها حتى يقع في صنوف من البدع والضالالت‪.‬‬

‫(‪ )1‬احلجر‪.٣٩ :‬‬


‫(‪ )2‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‬

‫‪238‬‬
‫�سـبـل الـوقـايـة من ال�شيـطـان‬
‫الواجب على املسلم احلذر من الشيطان‪ ،‬واعتقاد عداوته‪ ،‬ومعرفة خطواته ومداخله‪ ،‬وأن يستفرغ وسعه في‬
‫محاربته ومجاهدته‪ ،‬كما أن على املسلم أن يجتهد في األخذ بأسباب النجاة من كيده ومكره‪ ،‬فالشيطان عدو‬
‫لإلنسان حريص على إضالله‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬
‫ﭼ ﭽ ﱪ (((‪ ،‬ومما يعني على السالمة من أذاه ما يأتي‪:‬‬
‫‪ ١‬االعتصام بكتاب اهلل وسنة رسوله ‪ِ ‬ع ْل ًما وعمال‪ ،‬والبعد عن طرق الضالل فإن على كل ٍ‬
‫طريق شيطا ًنا‬
‫يــدعــو إلــيــهــا‪ ،‬ق ــال ســبــحــانــه‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ (((‪ ،‬والسلم هو اإلســام‪ ،‬فمن ترك شي ًئا من اإلســام فقد اتبع بعض خطوات‬
‫الشيطان‪.‬‬
‫‪ ٢‬االستعاذة باهلل من الشيطان الرجيم‪ ،‬قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ (((‪ ،‬واالستعاذة هي طلب االمتناع باهلل‪ ،‬واالعتصام به‪ ،‬وااللتجاء إليه‪ ،‬من شر الشيطان وأذاه‪،‬‬
‫«ومعنى قولك‪ :‬أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم أي أستجير بجناب اهلل من الشيطان‬ ‫قال ابن كثير‬
‫الرجيم‪ ،‬ال يضرني في ديني ودنياي‪ ،‬أو يصدني عن فعل ما أمرت به‪ ،‬أو يحثني على فعل ما نهيت عنه‪ ،‬فإن‬
‫الشيطان ال يكفه عن اإلنسان إال اهلل»)‪.(4‬‬
‫‪ ٣‬اإلكثار من قراءة القرآن الكرمي‪ ،‬ومداومة ذكر اهلل بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل واالستغفار والدعاء‪،‬‬
‫وأذكار الصباح واملساء والنوم وغيرها من األذكار واألوراد‪ ،‬فعن أبي هريرة ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪« :‬من قال ال إله‬
‫إال اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬له امللك وله احلمد‪ ،‬وهو على كل شيء قدير في يوم مئة مرة‪ ،‬كانت له عدل عشر‬
‫رقاب‪ ،‬وكتبت له مئة حسنة‪ ،‬ومحيت عنه مئة سيئة‪ ،‬وكانت له حر ًزا من الشيطان يومه ذلك حتى ميسي»)‪.(5‬‬
‫ومن قرأ آية الكرسي إذا أوى إلى فراشه لن يزال عليه من اهلل حافظ‪ ،‬وال يقربه شيطان حتى يصبح)‪.(6‬‬

‫(‪ )1‬فاطر‪.٦ :‬‬


‫(‪ )2‬البقرة‪.٢٠٨ :‬‬
‫(‪ )3‬فصلت‪.٣٦ :‬‬
‫(‪ )4‬تفسير القرآن العظيم ‪.114/1‬‬
‫(‪ )5‬متفق عليه‪.‬‬
‫(‪ )6‬انظر صحيح البخاري‪ ،‬رقم ‪.2187‬‬

‫‪239‬‬
‫كل معصية هلل للشيطان فيها خطوات وطرق لتزيينها وتسهيلها في عني العبد‪ ،‬فما خطواته في املعاصي اآلتية‪:‬‬
‫الشرك باهلل‪...............................................................:‬‬
‫الزنا‪................................................................... :‬‬
‫القتل‪..................................................................:‬‬
‫أكل الربا‪............................................................... :‬‬

‫رقما من ( ‪ ) 5 -1‬لكل سبب حسب املعيار املوجود في اجلدول‬


‫أسباب الوقوع في حبائل الشيطان كثيرة‪ ،‬ضع ً‬
‫اآلتي‪ ،‬بحيث ميثل الرقم ‪ 1‬الدرجة األقل‪ ،‬ورقم ‪ 5‬الدرجة األعلى‪.‬‬
‫كثرة انتشاره‬ ‫قوة السبب‬ ‫السبب‬ ‫م‬
‫املعيار‬
‫اجلهل والهوى‬ ‫‪1‬‬
‫تأثير الصحبة‬ ‫‪2‬‬
‫اليأس من رحمة اهلل‬ ‫‪3‬‬
‫االغترار مبغفرة اهلل‬ ‫‪4‬‬
‫القدوة السيئة‬ ‫‪5‬‬
‫ضعف اإلميان‬ ‫‪6‬‬

‫اجمع اآليات التي تعرضت لذكر الشيطان أو الشياطني‪ ،‬ثم اذكر أهم صفات الشيطان‪:‬‬
‫الصفات‬ ‫اآليات‬ ‫م‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫‪4‬‬
‫‪5‬‬

‫�س‪ :١‬ما احلكمة من خلق الشيطان؟‬


‫�س‪ِّ :٢‬بي مداخل الشيطان على اإلنسان‪.‬‬
‫�س‪ :٣‬ما وسائل الوقاية ِمن كيد الشيطان؟‬

‫‪240‬‬
‫ــ�ضـا َر ُة ال ْإ�ســ َال ِمــ َّيــةُ‬
‫ْـح َ‬
‫ال َ‬
‫�أهداف الدر�س‬
‫يتوقع منك بعد الدر�س �أن‪:‬‬
‫تع ِّرف احل�ضارة‪.‬‬
‫تبي جماالت احل�ضارة الإ�سالمية‪.‬‬‫ِّ‬
‫ت�ستنتج خ�صائ�ص احل�ضارة الإ�سالمية‪.‬‬

‫تعريف ا ْل َح َ�ضا َرة‬


‫َْ‬
‫ال َض َار ُة في اللغة تعني‪ :‬اإلقامة في احلواضر‪ ،‬وهي املدن والقرى واألريــاف‪ُ ،‬س ِّم َيت بذلك ألن أهلها حضروا‬
‫األمصار‪ ،‬وسكنوها واستقروا بها‪.‬‬
‫وفي االصطالح‪ :‬تعددت تعريفات احلضارة وأحسن ما قيل في تعريفها أنها‪ :‬ما وصلت إليه أمة من األمم في‬
‫نواحي نشاطها الفكري والعقلي‪ ،‬وما حققته من منجزات مادية في ميادين احلياة املختلفة‪.‬‬
‫وأما احلضارة اإلسالمية‪ :‬فهي ما قدمه املجتمع اإلسالمي للمجتمع البشري من قيم ومبادئ‪ ،‬في اجلوانب الروحية‬
‫واألخالقية‪ ،‬وما حتقق فيه من منجزات واكتشافات واختراعات في اجلوانب التطبيقية والتنظيمية‪.‬‬

‫مجاالت الح�ضارة الإ�سالمية‬


‫ميكننا أن نرجع مجاالت احلضارة اإلسالمية من جهة مظاهر التقدم والرقي في املجتمع املسلم إلى ثالثة مجاالت‬
‫رئيسة هي‪:‬‬
‫املجال األول‪ :‬اجلانب اإلمياني‪ ،‬والذي يأخذ بيد اإلنسان إلى حتقيق السعادة احلقيقية في حياته الدنيوية واألخروية‪،‬‬
‫والواجبات الدِّ ينية‪ ،‬واألخالق واآلداب‪ ،‬وجميع التشريعات‬
‫ُ‬ ‫ويدخل في هذا املجال‪ :‬املع َت َق ُ‬
‫دات اإلميانية الصادقة‪،‬‬
‫املستمدَّ ة من الكتاب والسنة‪ ،‬والتي تصل اإلنسان باهلل تعالى‪ ،‬وترتقي بحياة الناس‪ ،‬وجتلب لهم السعادة والطمأنينة‪،‬‬ ‫َ‬
‫واحلياة الكرمية‪.‬‬
‫وهذا املجال هو ما تتفوق به حضارة اإلسالم على سائر أمم األرض‪ ،‬مبا أكرمها اهلل تعالى به من الوحي املعصوم –‬
‫الكتاب والسنة‪ -‬الذي تكفل تعالى بحفظه‪ ،‬وجعل السعادة في الدنيا‪ ،‬والفوز في اآلخرة منوطً ا باإلميان به والعمل‬
‫مبقتضاه‪.‬‬
‫املجال الثاني‪ :‬اجلانب املا ِّدي‪ ،‬والذي يخدم اجلسد ومي ِّتعه بأسباب الرفاهية والنعيم ووسائل العيش‪ ،‬ويدخل‬
‫أنواع التقدُّ م العمراني‪ ،‬والزراعي‪ ،‬والصناعي‪ ،‬والصحي‪ ،‬والفني‪ ،‬واالستفادة من كنوز األرض‬ ‫في هذا املجال‪ُ :‬‬
‫والطاقات املنبثة فيها‪.‬‬
‫وذلك من خالل استخدام العقل في البحث العلمي‪ ،‬واالختبار والتجربة‪ ،‬واملمارسة التطبيقية العملية‪ ،‬مع االستفادة‬
‫من منجزات العصر وتقنياته احلديثة‪.‬‬
‫‪241‬‬
‫املجال الثالث‪ :‬اجلانب الذي يخدم املجتمع اإلنساني‪ ،‬ويشمل ما أسهمت فيه احلضارة اإلسالمية‪ ،‬وما قدمته للبشرية‬
‫من مبادئ وقيم وتشريعات‪ ،‬وأنظمة مالية وإدارية‪ ،‬وعلوم وآداب‪ ،‬ومنجزات عمرانية‪ ،‬واختراعات ومكتشفات متنوعة‪.‬‬

‫خ�صائ�ص الح�ضارة الإ�سالمية‬


‫من أهم خصائص احلضارة اإلسالمية التي تتفرد بها عن غيرها من احلضارات األخرى ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬العقيدة الصحيحة‬
‫فاحلضارة اإلسالمية تقوم على عقيدة التوحيد‪ ،‬والعبودية الكاملة هلل وحده‪ ،‬والبراءة من عبادة غير اهلل‪ ،‬كما‬
‫قال سبحانه‪:‬‬
‫ﱪ (((‪.‬‬
‫نفسي‪ ،‬إذ إنه يجعل ُع ْمدَ ة االلتقاء‪ِ ،‬‬
‫وآص َرة االجتماع‪،‬‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌ‬
‫وكمال‬ ‫عقلي‪،‬‬
‫ٌّ‬ ‫انتهاض َع َق ِد ٌّي‪ ،‬وارتقا ٌء‬
‫ٌ‬ ‫وفي حتقيق ذلك‪:‬‬
‫الصحيح وال َّت ْق َوى‪ ،‬ال العنصر أو اللون أو القوم أو األرض‪ ،‬كما قال سبحانه‪:‬‬
‫َ‬ ‫وسبب التكرمي‪ ،‬ومنشأ التمييز‪ ،‬املعتقدَ‬
‫ﱪ (((‪.‬‬
‫‪ -2‬العلم النافع‬
‫العلم وأه ُله العناي َة الفائق َة‪ ،‬والرعاي َة التام َة‪ ،‬وذلك شامل جلميع ميادين العلم‬
‫ففي ظل احلضارة اإلسالمية لقي ُ‬
‫النافع؛ ألنه ال يستوي َم ْن يعلم و َم ْن ال يعلم‪ ،‬كما قال سبحانه‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ (((‪ ،‬ورفع سبحانه الذين أوتوا العلم مقام ًا عل ًّيا؛ فقال تعالى‪ :‬ﱫ‬
‫ﱪ (((‪ ،‬ولم َت ُق ْم في هذه احلضارة خصوم ٌة بني الدِّ ين والعلم مطل ًقا؛ ألن‬
‫العلم الصحيح الناجت عن التجربة رديف العلم املست َقى من الوحي في تثبيت الهداية واإلرشاد إلى الصراط املستقيم‪،‬‬
‫املسخر للمنا ِفع دون املضا ِّر‪ ،‬وال مغاال َة ً‬
‫أيضا في‬ ‫َّ‬ ‫وجلب املنفعة للناس‪ ،‬فال ازدرا َء للمادة‪ ،‬وال كراه َة لإلنتاج املادي‬
‫الهم‪ ،‬و َم ْب َلغ العلم‪ ،‬ومنتهى األمل‪.‬‬
‫قيمة هذا اإلنتاج؛ حتى ال يكون أكبر ِّ‬
‫‪ -3‬العدل واإلنصاف‬
‫كل من عاش في كنف احلضارة اإلسالمية‪ ،‬وتفيأ ظاللها‪ ،‬بصرف النظر عن أصولهم وأوطانهم‬ ‫وقد نعم بذلك ُّ‬
‫وعقائدهم‪ ،‬بل اجلميع يعيشون في أمن تام على أنفسهم‪ ،‬وأموالهم‪ ،‬وأعراضهم‪ ،‬ومن شواهد ذلك‪ :‬ما جاء عن‬
‫علي بن أبي طالب ‪ ‬أنه وجد ِدرعه عند رجل نصراني‪ ،‬فأقبل به إلى ُشريح القاضي يخاصمه‪ ،‬فقال‬ ‫أمير املؤمنني ٌّ‬
‫ُشريح‪ :‬يا أمير املؤمنني هل من ب ِّينة؟‬
‫علي ‪ :‬ما لي ب ِّينة‪ ،‬فقضى به للنصراني‪ .‬فمشى النصراني خطوات‪ ،‬ثم رجع‪ ،‬فقال‪ :‬أما أنا فأشهد أن هذه‬ ‫قال ٌّ‬
‫محمدا عبده‬
‫ً‬ ‫أحكام األنبياء‪ ،‬أمير املؤمنني قدَّ مني إلى قاضيه‪ ،‬وقاضيه يقضي عليه‪ ،‬أشهد أن ال إله إال اهلل‪ ،‬وأشهد أن‬
‫(‪ )1‬آل عمران‪.64 :‬‬
‫(‪ )2‬احلجرات‪.١٣ :‬‬
‫(‪ )3‬الزمر‪.٩ :‬‬
‫(‪ )4‬املجادلة‪.١١ :‬‬

‫‪242‬‬
‫وح َم َل ُه على َف َر ٍس(((‪.‬‬
‫علي ‪ :‬أما إذا أسلمت فهو لك‪َ ،‬‬
‫ورسوله‪ ،‬الدرع واهلل درعك‪ ،‬سقط منك فأخذته‪ ،‬فقال ٌّ‬
‫‪ -4‬التفاعل واإليجابية‬
‫كثيرا من العلوم والفنون؛ في الفكر‪ ،‬والرياضيات‪،‬‬
‫فهي حضارة تتفاعل مع احلضارات األخرى‪ ،‬فعنها نقلت أوروبا ً‬
‫وأيضا فإن احلضارة اإلسالمية قد تفاعلت وأفادت من احلضارات التي سبقتها؛ في‬ ‫والفيزياء‪ ،‬والطب‪ ،‬والفلك‪ً ،‬‬
‫التنظيمات اإلدارية‪ ،‬والصناعات وغيرها‪.‬‬
‫ولقد كان َّ‬
‫أجل ما قدمته احلضارة اإلسالمية لإلنسانية‪ :‬املبادئ اإلميانية‪ ،‬والقيم اخللقية‪ ،‬والتشريعات الربانية‪ ،‬مع‬
‫ما كان لها من إسهام متميز في العلوم واملعارف املختلفة‪.‬‬

‫تتفاعل احلضارات وتتأثر فيما بينها‪ ،‬وكان للحضارة اإلسالمية في عصور ازدهارها أثرها البالغ على الغرب؛ مما شق‬
‫لهم الطريق لبناء احلضارة الغربية‪ .‬تناقش مع زمالئك في رصد أبرز آثار احلضارة اإلسالمية على احلضارة الغربية‪.‬‬
‫‪.....................................................................................‬‬
‫‪.....................................................................................‬‬
‫‪.....................................................................................‬‬
‫‪.....................................................................................‬‬

‫تقليد املغلوب للغالب وتأثره به من النظريات التي ذكرها ابن َخلدون في جانب التفاعل احلضاري‪ ،‬وفي ظل غلبة‬
‫العالم الغربي وتقدمه جند تقليد أبناء املسلمني لكثير من املوضات والسلوكات الغربية‪ ،‬تعاون مع زمالئك في حصر‬
‫وبي موقفك جتاهها‪.‬‬
‫سلبيا‪ِّ ،‬‬
‫تقليدا ً‬
‫ً‬ ‫أبرز خمسة أمور قلد فيها أبنا ُء املسلمني الغرب‬
‫‪.....................................................................................‬‬
‫‪.....................................................................................‬‬
‫‪.....................................................................................‬‬
‫‪.....................................................................................‬‬
‫‪.....................................................................................‬‬

‫(‪ )1‬تاريخ دمشق البن عساكر ‪.487/42‬‬

‫‪243‬‬
‫�س‪ِّ :١‬بي املراد باحلضارة‪.‬‬
‫�س‪ :٢‬ما مجاالت احلضارة اإلسالمية؟‬
‫خصائص احلضارة اإلسالمية‪.‬‬
‫َ‬ ‫�س‪ :٣‬عدِّ د‬
‫�س‪ :٤‬ما ُّ‬
‫أجل ما قدَّ مته احلضارة اإلسالمية لإلنسانية؟‬

‫‪244‬‬

You might also like