Professional Documents
Culture Documents
الملخص
تتناول هذه الدراسة فلسفة الحدث التاريخي من خالل جملة من النظريات التاريخية
والتي سنحصرها في نظريتين فقط وهما :نظرية (العمران والعصبية) عند ابن خلدون مع
إبراز تفوق ابن خلدون على كل من سبقه من علماء عصره من العرب وغيرهم في تفسير
التاريخ ،ونظرية (التحدي واإلستجابة) عند توينبي والتي علل فيها األحداث التاريخية ونشأة
الحضارات وسقوطها موضحا من خاللها نظرته للتفسير التاريخي ،كما تسعى الدراسة إلى
تزويد القارئ بمقارنة بين النظريتين (أوجه الشبه واإلختالف) للتعرف على جوانب التكامل
والتفوق والتميز لكال المفكرين من خالل تفسيرهما للحدث التاريخي وكذا لنظرتهما إلى مآل
الحضارات ،وكيف يكون المستقبل المنشود.
وتكمن أهمية الدراسة من حيث أنها تلقي الضوء على كيفية تفسير األحداث التاريخية
من حيث صعود وسقوط الحضارات بين ابن خلدون وتوينبي وأثر نظريتيهما وموقعهما في
تفسير األحداث التاريخية ،وقد استند البحث على مصادر عربية وأجنبية منها مؤلفات ابن
خلدون وتوينبي ،عطفا على غيرها من المراجع المتنوعة .وبعد البحث والتقصي توصل
البحث إلى عدة حقائق نسبية منها أن نظريتا ابن خلدون وتوينبي كونتا تكامل وتناغم في
الفكر األيديولوجي ،وكأن توينبي أقام البناء الفكري لنظريته على الكثير من أعمدة فكر ابن
خلدون من خالل نظرية (العمران والعصبية) لذا رأينا أن أوجه الشبه في اآلراء بينهما في
كثير من محاور تفسير التاريخ متشابهة مع بعضها بل حتى أنها في بعضها تكاد تكون
متكاملة.
الكلمات المفتاحية :فلسفة التاريخ ،نظرية العصبية والعمران ،نظرية التحدي
واالستجابة ،ابن خلدون ،أرنولد توينبي.
:المقدمة
إن فلسفة التاريخ التي إزدهرت من رحم العصور التي اشتدت بها
األزمات في المجتمعات وظهور فالسفة شخصوا أمراض هذه العصور وقدموا
الحلول للتحديات التي طرأت على المجتمعات حينها وأودت بالكثير من
لذا توافرت الدوافع لألخذ من،الحضارات إلى التراجع وربما إلى التالشي والفناء
444
الباحثة /عائشة رضا حسين البيرق ،د .خير الدين يوشف شترة
هؤالء الفالسفة من بينهم (ابن خلدون ،وتوينبي) اللذان أسسوا إلى فكر عالمي
عبر نظرياتهم واستشرفوا بهذا المستقبل مشخصين واقعهم ومقدمين الحلول ،من
حيث أنهم لم يعيشوا أيامهم منعزلين عن التاريخ وبمنأى عن أحداثه ومن طبيعة
الوضع الحالي للعالم ،برز لنا سؤاال حول "كيف فسر ابن خلدون وتوينبي
األحداث التاريخية من خالل فلسفة التاريخ ،وعليه فقد أخذت هذه الدراسة على
عاتقها عبء محاولة تسليط الضوء على تفسير األحداث التاريخية من خالل
فلسفة التاريخ عند ابن خلدون وتوينبي من خالل نظريتيهما (العمران والعصبية)
و(التحدي واالستجابة) ،وبناء على هذا قامت الدراسة بتقديم فكرهما الخلدوني
والفكر التوينبي من خالل نظريتيهما مجذرة أفكارهما عبر تسلسل فكري مبسط
موضحة باألشكال والرسومات ،كما قامت الدراسة ،بدراسة التشابه واإللتقاء
واالختالف في األفكار والرؤى بين النظريتين لتبرز للقارئ الترابط العالئقي بين
الفيلسوفان وذلك من أجل أن يستشف القارئ اإللهام منهما في بناء مجتمعات
المستقبل وأال يقف ساكنا أمام التحديات والعقبات وأن يضع أمامه خارطة
للخروج من األزمات المتالحقة لكي يقود ذاته ومجتمعه والعالم.
.2أهمية الدراسة :تكمن أهميته من حيث أنها تلقي الضوء على كيفية
تفسير األحداث التاريخية من حيث صعود وسقوط الحضارات بين ابن خلدون
وتوينبي وأثر نظريتيهما وموقعهما في تفسير األحداث التاريخية ،كما يسعى
البحث إلى تزويد القارئ بمقارنة بين النظريتين (أوجه الشبه واإلختالف) للتعرف
على جوانب التكامل والتفوق والتميز لكال المفكرين من خالل تفسيرهما للحدث
التاريخي وكذا لنظرتهما إلى مآل الحضارات ،وكيف يكون المستقبل المنشود.
.0أهداف الدراسة :يسعى البحث إلى تحقيق جملة من األهداف لعل
أهمها دراسة علم فلسفة التاريخ بالمعنى والمفهوم من جميع الجوانب ،والتعرف
على المحاور والمحتوى والمسار الفكري لنظريتي (العمران والعصبية)
و(التحدي واإلستجابة) ودورهما في التفسير التاريخى ،زيادة على ذلك العمل
على مقارنة اآلراء والتوجهات ما بين ابن خلدون وتوينبي وذلك من خالل
اإلجابة قدر اإلمكان بموقع وأثر نظرياتهما في تفسير التاريخي.
444
فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية
.3مشكلة الدراسة :إن يشهد تاريخ اإلنسانية ،يشهد بأن الفالسفة لم
يحيوا يوما بعيدا عن التاريخ وأحداثه ،وحاولوا أن يعكسوا في فلسفاتهم
ونظرياتهم أصداء الواقع الذي عاشوا فيه ،درسوا الوضع المعاش من جميع
اتجاهاته وغاصوا في مقارنات التاريخ السابق لهم ،وذلك من أجل أن يلهموا
العالم ،كيف يكون المستقبل المنشود ،فأسهم الرواد األوائل ابن خلدون (القرن
الرابع عشر الميالدي) ،وتوينبي(القرن العشرين الميالدي) في إرساء األفكار
واألسس التي فسرت الكثير من التغيرات والتبدالت في األحداث التاريخية،
وسبقوا بأفكارهم وتأمالتهم ونظرياتهم الكثير ممن عاشوا عصرهم ،وال زالت
نظرياتهم قادرة على تفسير أحدات التاريخ بالرغم من التطورات العالمية
المعاصرة تعددت التساؤالت المطروحة وتشابكت فيما بينها عند تناول موضوع
فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية ولعل من أهمها:
السؤال الول :كيف فسر ابن خلدون األحداث التاريخية من خالل
نظريتي العمران والعصبية؟
السؤال الثاني :كيف فسر توينبي األحداث التاريخية من خالل
نظرية التحدي واإلستجابة؟
السؤال الثالث :ما أوجه الشبه واالختالف بين ابن خلدون وتوينبي
في تفسيرهما لألحداث التاريخية؟
.4الدراسات السابقة :تعددت الدراسات السابقة التي تناولت هذا
الموضوع ولعل من أهمها:
أ -رسالة ماجستير لحليمة علي شريف (0222م) :موسوعة الحضارة
بين ابن خلدون وأرنولد توينبي -دراسة مقارنة -ومن أبرز ما تناولته
الدراسة :الحضارة وارتباطها الوثيق بالتاريخ ،ولحضارة في االصطالح
الخلدوني .الحضارة عند توينبي .نقاط التشابه بين العالمان في النقاط التالية:
(مفهوم الحضارة المدنية ،الحضارة وعالقتها بالتاريخ ،نشأة المجتمعات ،مفهوم
الدولة ،الفكرة الدينية) .ونقاط اإلختالف بين العالمان في النقاط التالية( :ثقافة
العالمان ،نظرية األجناس).
ب -رسالة ماجستير لمحمد اسماعيل مرعي (0222م) :البعد
444
الباحثة /عائشة رضا حسين البيرق ،د .خير الدين يوشف شترة
الحضاري لعلم التاريخ عند كل من ابن خلدون وأرنولد توينبي .سعت هذه
الدراسة إلى تسليط الضوء على "البعد الحضاري لعلم التاريخ عند كل من "ابن
خلدون" و"أرنولد توينبي" ،وتوصلت النتائج إلى أن وجهة نظر "ابن خلدون"
تختلف عن وجهة نظر توينبي ،حول العامل الديموغرافي ،كعنصر فاعل في
منظومة الحركة التاريخية .حيث يذهب ابن خلدون إلى أن أساس قوة الدولة
تتمثل في "العصبية"؛ أي :القوة البشرية القادرة على دعم تأسيس الدولة،
وحمايتها من العصبيات األخرى ،وحين تترهل تلك العصبية وتضعف ،تثب إلى
كرسي الملك عصبية أخرى ،أي أن أساس قوة الدولة يستند إلى القوة .وهذه
الفرضية ،هي أساس نظرية المنظور الواقعي .ويمكن ترجيح افتراض توينبي:
«إن الحضارة هي الوحدة األساس والحقيقية للدراسة التاريخية» .ويمكن ترجيح
وجهة ابن خلدون" ،التي مفادها أن الدين يؤدي دو ار مهما في بداية تأسيس
العصبية للدولة .لكن بعد ذلك ،تعود األمور إلى مجرى العادة ،على حساب
وجهة نظر "أرنولد توينبي" التي تعطي للدين الدور المحوري في منظومة
الحركة التاريخية.
.2فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية البن خلدون
أ .نظرية العمران:
لقد كانت شخصية ابن خلدون 1وال تزال جذابة من كل جوانبها ،ولكن
اثنين منها قد جذبا أنظار القدامى والمحدثين من الباحثين ،وهما الجانب جانبين ْ
ْ
الفكري والثقافي ،والجانب السياسي .وتتميز نظرياته بأنها على الغالب صالحة
لكل زمان ومكان ألنها مستقاة من القرآن الكريم ،واألحاديث النبوية الشريفة،
فهذا المؤرخ العالمة حفظ أول ما حفظ القرآن الكريم ،ثُم الحديث النبوي
الشريف ،ودرس التفسير والفقه ،واللغة العربية واألدب ،ثُم غاص في أعماق
معاني القرآن الكريم واألحاديث النبوية الشريفة ،واستقى منهما نظرياته في
العمران ،والدولة واالقتصاد ،والتاريخ ،والتربية ،وعلم االجتماع.
كانت عيشة صاحب نظرية العمران وتنقله بين المدن واألقطار ،وكذا
احتكاكه بالساسة وصناع القرار في دول شمال أفريقيا ،بجانب ما حضاه من
444
فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية
علم منذ نشأته ..هذه الحياة التي عاشها متنقال ،وتقلده للكثير من المناصب
الحكومية في حياته ..والتقلبات والضغوط والتحديات التي واجهته طيلة حياته
بجانب ما كان لهذا العالمة من اإللهام الرباني الذي مكنه من أن يكون أحد
علماء التاريخ والسياسة واالقتصاد على مستوى العالم ومرجعية لألجيال على
مر العصور.2
ّ
ونحن هنا مع ابن خلدون في تصوره لعلمه الجديد ..العلم الذي استنبط منه
نظريته ..وساق عليه البراهين ،نظرية العمران ..وفيها يتفوق ابن خلدون على
من سبقه من علماء عصره من العرب المسلمين في تفسير الحدث التاريخي
تفسي ار مغاي ار ،فابن خلدون لم يكن مؤرخا عاديا يكتفي برصد األحداث ،وانما
كان مفك ار متقد النظر عميق الفكر ،يحاول دوما أن يربط األسباب بالنتائج،
ويسعى م ار ار إلى أن يجد تفسي ار دقيقا للظاهرة التاريخية.
أوالا :التصورات الخلدونية للحدث التاريخي:
لقد عني ابن خلدون بدراسة الدولة من حيث نشأتها وطبيعتها في التاريخ
على أساس أن الدولة هي المحور الذي تدور حوله شؤون االجتماع والهيكل
الذي يقوم عليه نسيج الحياة االجتماعية ،فقد فسر لنا أن مادة العمران هي
االجتماع البشري وصورته هي الدولة ،لذلك فإن فحوى العمران البشري يتجسد
في وجود الدولة .وقد أوضح أن الدولة والملك مرتبطان ارتباطا وثيقا بالعمران،
وأن االرتباط بين (الملك /الدولة ،العمران) ارتباط ال ينفك ،فإن اختل أحدهما
اختل اآلخر ،ففي الوجود هما مرتبطان وفي العدم مرتبطان ،كما فسر ونظر
إلى أن العمران البشري ال يقوم إال بوجود الدولة أو الملك ،فهو هيكل النسيج
اإلجتماعي ،لذلك كان همه األول وهو يكتب التاريخ ويدون أبحاثه ودراساته
بصورة مغايرة عن الذين سبقوه من خالل تصحيح وقائع كتابة التاريخ،
واستكشاف ظواهر العمران البشري.
ثانيا :التساؤالت الخلدونية في فهم واستيعاب الحدث التاريخي:
ا
نجد أن ابن خلدون وتأسيسا على ما سبق دوما يسعى إلى محاصرة
الحادثة التاريخية من خالل طرح جملة من التساؤالت على شاكلة :كيف تقوم
454
الباحثة /عائشة رضا حسين البيرق ،د .خير الدين يوشف شترة
الدول (عوامل قيامها وازدهارها)؟ كيف تنهار الدول (أسباب هزيمتها وانهيارها
وسقوطها)؟ والقصد هنا هو سعيه للربط بين الماضي والحاضر بمعيار
(مقياس) علم العمران ،ولصدق ودقة ابن خلدون اعتبر علم العمران (هي
الصورة األقرب إلى الحقيقة) عن الماضي ،وعن حياة األجيال الماضية،
موضحا في دراسته للعمران لنوعين من العمران :العمران البدوي ،والعمران
الحضري.
ذلك أن االنتقال من البداوة إلى الحضارة بحسب الطرح الخلدوني يتم عن
طريق الدولة ،على اعتبار أن دورة حياة الدولة عبارة عن كائن حي يولد وينمو
ثم يهرم ليفنى ،فللدولة عمر مثلها مثل الكائن الحي تماما .3لذلك نجده يقول:
«إن الدولة كاألشخاص تنتقل في حياتها من سن التزيد إلى سن الوقوف ثم إلى
سن الرجوع».4
ثالث ا :ابن خلدون وفكرة أطوار حياة الدولة:
نجد ابن خلدون من خالل نظرية العمران ُيقسم حياة أطوار الدولة إلى خمس
أقسام:
الطور الول :وهو طور الظفر بالبغية ،ففي هذا الطور يتم تأسيس
الدولة ،بانتزاع الملك من أيدي الدولة السابقة وبالتغلب على المدافعين عنها.
ومن المعلوم أن ذلك ال يتيسر إال بقوة العصبية .وصاحب الدولة الجديدة «إنما
ينال الملك بمعاضدة قومه وعصابته وظهرائه على شأنه ،ولذلك يضطر إلى
محاسنتهم ،ويعتمد عليهم" ،وبهم يقارع الخوارج على دولته ،ومنهم يقلد عمال
مملكته ووزراء دولته وجباة أمواله .ألنهم أعوانه على الغلب وشركاؤه في األمر،
ومساهموه في سائر مهماته» ،فيكون الملك في هذا الطور «أسوة قومه في
اكتساب المجد وجباية المال والمدافعة عن الحوزة والحماية ،ال ينفرد دونهم
بشيء .ألن ذلك هو مقتضى العصبية التي وقع بها الغلب ،وهي لم تزل بعد
على حالتها األصلية» .5وهذا الطور يكون -مشترك نوعا ما بين الملك وبين
قومه وعشيرته.4
الطور الثاني« :طور االستبداد على قومه واالنفراد دونهم بالملك
451
فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية
452
الباحثة /عائشة رضا حسين البيرق ،د .خير الدين يوشف شترة
الدولة ،أصحاب الملك) من اإلستيالء على السلطة ،هذه القوة الكامنة أسماها
ابن خلدون (بالعصبة) ،وبالتالي نقلنا ابن خلدون في نظرية العمران التي تقوم
على الدولة ،وهذه الدولة تقوم وترتكز ويصبح لها وجود من خالل "العصبية".
فالعصبية التي عنى بها ابن خلدون التي تبدأ من األنا العصبي والتي
عرفها الدكتور محمد الجابري في كتابه "معالم نظرية خلدونية" من خالل
نشاطها ،بأن «األنا العصبي ماهي إال شخصية العصبية ككل أو شخصية أحد
أفرادها» ،13كما أنه أوضح بأن العصبية ماهي «إال رابطة اجتماعية نفسية
تربط أفراد جماعة معينة قائمة على القرابة المادية أو المعنوية ( الدين ،االلتحام
الروحي ،بنوة ،دعوة حق) ربطا مستم ار يشتد عندما يكون هناك خط ار
يهددهم» .14أو هي «قوة جماعية تمنح القدرة على المواجهة سواء كانت
المواجهة مطالبة أو دفاعا» .15و«عندما ال يكون هناك صراع على المصالح
الخاصة يكون القائمين على الحكم جماعة واحدة متجانسة يطغى فيها (األنا
الجمعي) ويسيطر فيها (األنا العصبي) على (األنا الشخصي) ،فالعصبية تخدم
المجموعة ،والعصبية ليست هي النسب ،بل هي ثمرته ،وثمرة النسب تنضج
وتؤتي أكلها حين تكون هناك حاجة إلى التضامن والتعاضد من أجل حفظ
البقاء أو من أجل السعي نحو مستقبل أفضل أو من أجل توطيد أركان الحكم
في الدولة الناشئة».14
أوالا :قوة أداة العصبية :تعتمد على:
عصبية الرابطة القبلية (الرحم ،النسب) والدين (الدعوة الدينية)،
االلتحام الروحي ،نبوة دعوة حق ،كما بين ابن خلدون «أن وجود جماعة أو
جهة تحمل الفكرة الدينية وتتبناها يحقق مصلحتين:
⸎ وجود العصبية :التي تتم بها المدافعة والجسم المادي (الجماعة) الذي
يدافع.
⸎ وجود الفكرة (الدين) :وهى التي تستجلب العصبية وتهذبها وتنقيها
من الشوائب التي يفرزها التعصب .حيث أن الدين ينقي العصبية من سلبياتها
ويستثمر إيجابياتها».14
453
فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية
قترن العصبية بالدين :عندما تقترن العصبية بالدين تتحول إلى إ ا
عصبية جامعة عامة مطالبة بالملك وتأسيس الدولة بعدما ينشأ التكتل بين
أفرادها ،وهنا تبرز لنا قوة العصبية عند ابن خلدون التي تبدأ من االلتحام الناتج
من ثمرة النسب مع االلتحام الروحي فتصبح العصبية في أوج قوتها.
ثاني ا :عوامل إضعاف العصبية وفسادها:
ترى ما الذي يلغي دور العصبية عند ابن خلدون؟ وفي ذلك يوضح ابن
خلدون عاملين مهمين يشالن فعالية العصبية ويلغيان دورهما وهما :الخضوع
واالنقياد ،والترف والنعيم.
ثالثا :عوامل تعزيز العصبية وشروط فاعليتها:
يوجد في المقابل عامالن
حاسمان في تعزيز العصبية
ودعم روابطها وهما:
454
الباحثة /عائشة رضا حسين البيرق ،د .خير الدين يوشف شترة
455
فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية
تنهار الدول (أسباب هزيمتها وانهيارها وسقوطها)؟ وما هي القوة الكامنة وراء
الوصول إلى (السلطة /الحكم)؟
محور لحركة
ا ويبدو أن ابن خلدون جعل من ثنائية (الدولة /العمران)
التاريخ والمعبر الجلي عن هذه الحركة ،وجعل من العصبية األساس الذي
يعتمده في تفسيره لقيام الدول وسقوطها ،أي جعلها محو ار ومحركا أساسيا في
تفسيره لحركة التاريخ ،معتب ار (العصبية) و(الدولة /العمران) قطبي الحركة
الدورية التي كان يرى أن التاريخ يسير على إيقاعها ،ومن منطلق حياته والبيئة
التي كان يعيش فيها ،توصل إلى إجابات ألسئلته وتعليله ألحداث التاريخ،
فمجتمع ابن خلدون هو (مجتمع الشمال اإلفريقي) مجتمعا قبليا ،قوة هذا
المجتمع من قوة القبيلة سواء كان هذا المجتمع في الحواضر أو المدن وعلى
هذا علل أحداث التاريخ وكيفية تكون (الدول /العمران) من خالل:
أوضح أن الحاكم أو األسرة التي تؤسس الدولة وتستلم السلطة يجب أن
تنتمي إلى قبيلة معينة أو مجموعة متحالفة من القبائل.14
العصبية التي ُوجدت وتكونت وتبلورت تمر بتحوالت كاآلتي:
-1في بداياتها تعمل على دفع الضرر عن الجماعة والقبيلة من أي خطر
خارجي.
-2ثم تتحول مع مرور الوقت إلى المطالبة بالحكم والسلطة والملك ،وبناء
الدولة وتأسيس العمران والحضارة.
-3ثم تكبر مع مرور الوقت وتزداد عددا وعدة ،فتتحد فيما بينها وتنتهج
لها رؤية وتوجه وتسعى لتكوين التحام قوي فتصبح عصبة واحدة كبرى
أي عصبة عامة ،عصبة جامعة.24
-4بعدها تواصل مسيرتها في بناء الملك والتوسع بالتغلب على العصبيات
األخرى ،فتتغلب عليها وتُلحقها بها فتصبح أكثر عصبة وبذلك يكون
الملك قد اجتمع لها.
عندما تحقق العصبية الغاية التي تسعى إليها وهي إقامة الدولة والملك
والعمران ،نجد أن ابن خلدون في تفسيره قد محور نظريته (العمران
والعصبية) بحديثه عن قيام الدولة والعمران ،فتفسيره لحركة التاريخ بناها
454
الباحثة /عائشة رضا حسين البيرق ،د .خير الدين يوشف شترة
454
فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية
الحضارة (1444م) ،من الشرق إلى الغرب (1454م) ،والعالم باتجاه الغرب
(1454م) ،وتاريخ الحضارة (1454م).25
لقد نحت أرنولد توينبي اسمه كفيلسوف للتاريخ من خالل نظريته "التحدي
واإلستجابة" التي جعل منها أساسا لفلسفته في الحدث التاريخي ،وشرح من
خاللها نمو الحضارات وتطورها واستقاللها ،24ومن ثم بيان جملة آرائه المتعلقة
ببدايات الحضارات وتطورها نتيجة لالستجابة للتحديات الصادرة إما عن البيئة
الطبيعية أو عن المحيط البشري أو عن كليهما في ظل ظروف معينة ،كما
سعى من خالل نظريته إلى ترسيخ مفهوم خاص مفاده أن األعمال المجيدة هي
وليدة األحوال الصعبة ال األوضاع السهلة.
وتعتبر نظرية التحدي واإلستجابة challenge& responseمفتاحا لنظرة
توينبي 24العامة للتاريخ الذي ركز فيها بأن الوحدة الصالحة للدراسة هي
الحضارة أو المجتمع وليس الدولة أو األمة ،فال يمكن مثال دراسة تاريخ إنجلت ار
منعزال عن سائر دول أوروبا ،وقد ركز في دراسته هذه على الوحدات التاريخية
لمجتمعات العالم والتي هي كما ذكرها:
الحضارة المسيحية الغربية (أوروبا وأمريكا).
الحضارة المسيحية الشرقية "األرثوذكسية" (روسيا ودول البلقان).
الحضارة اإلسالمية.
الحضارة الهندية (الهندوكية وبوذية الهينايانا).
حضارة الشرق األقصى (بوذية الماهايانا).
واعتبر توينبي هذه الحضارات الخمسة المتبقية من إحدى وعشرين حضارة
أفرزها وفقا لمؤشرات دينية أو جغرافية وهي (المصرية -السومرية -البابلية-
اآلشورية -الحيثية -السريانية -المينوية -الهيلينية -اإليرانية -العربية-
الهندوكية -البوذية الهندية -الصينية -الشرق األقصى (الكورية اليابانية)-
األنديانية -اليوناتيفية -المابانية -المكسيكية -األرثوذكسية البيزنطية-
االرثوذكسية الروسية) .24ومن هنا نرى أن نظرية التحدي واإلستجابة تدور
حول:
454
الباحثة /عائشة رضا حسين البيرق ،د .خير الدين يوشف شترة
454
فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية
444
الباحثة /عائشة رضا حسين البيرق ،د .خير الدين يوشف شترة
441
فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية
بالقهر ،ثم يتحول الشعب (المحكوم) إلى العناد نتيجة اإلذالل الممارس عليه
من األقلية الحاكمة فيتحين الفرص للثورة ،بعدها ينشق جزء من الشعب (الخارج
عن الحكومة) عن المجتمع ويقاوم االندماج متحينا الفرصة للغزو ،لذلك يفسر
توينبي أسباب انهيار الحضارة وسقوطها إلى ثالثة عوامل تكون على الوجه
اآلتي:
قصور وضعف الطاقة اإلبداعية في األقلية الحاكمة وتحولها إلى قوة
تعسفية.
تخلي األكثرية (عامة الشعب) عن محاكاة ومواالة واتباع األقلية
الحاكمة ،بعد أن فقدت األقلية الحاكمة مبررات اإلقتداء بها.
اإلنشقاق والصراع وفقدان التماسك اإلجتماعي وضياع وحدة كيان
المجتمع بسبب انشقاق الخارجيين أو سخط المحكومين .وهكذا فإن المجتمع هو
الذي جلب على نفسه عوامل اإلنهيار قبل أن يجلبها له الغزو الخارجي.34
ويبين الشكل التالي أسباب إنهيار الحضارات:
442
الباحثة /عائشة رضا حسين البيرق ،د .خير الدين يوشف شترة
443
فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية
444
الباحثة /عائشة رضا حسين البيرق ،د .خير الدين يوشف شترة
445
فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية
444
الباحثة /عائشة رضا حسين البيرق ،د .خير الدين يوشف شترة
444
فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية
444
الباحثة /عائشة رضا حسين البيرق ،د .خير الدين يوشف شترة
وان تخلت الدولة عنها ضعفت وسقطت مكانتها أمام الدول األخرى .زد على
عن َون ابن خلدون فصل بعنوان «إن الدعوة الدينية تزيد الدولة في هذا فقد ْ
أصلها قوة على قوة العصبية التي كانت لها من عددها» والسبب في ذلك أن
اللذين في أهل العصبية .44
العصبية الدينية تذهب بالتنافس والتحاسب ْ
وفي نفس السياق نجد أن توينبي يؤكد على دور الدين (الفكرة األخالقية)
في بناء الحضارة ،فقد أوضح وحدد ما للدين من دور في عملية بناء الحضارة
وبالضبط الدين المسيحي في الحضارة المسيحية الغربية ،واعتبر القيم الروحية
لإلنسان ال تقوى إال بالتمسك بالدين ،وعليه فقد فسر أن غياب العامل الديني
تسبب في اندثار واحد وعشرين حضارة ظهرت إلى الوجود ،ولم يستمر منها إال
التي كان الدين األساس الذي قامت عليه.44
المسار التاريخي :نجد أن ابن خلدون قد نظر إلى الحدث التاريخي
وهو يفسره ضمن إطار نظرية (العمران والعصبية) ،وأقر بأنه عبارة عن دوائر
تُمثل الحضارة يفضي بعضها إلى بعض ،حيث يرى ابن خلدون أن الحضارات
والدول والمجتمعات تتميز بنفس الصفات التي توجد عند الكائن الحي الذي يولد
وينمو ثم يهرم ويفنى ،كذلك لو تتبعنا التعليل لمراحل تطور الحضارة عند
توينبي سنراها أيضا تمر بدوائر يفضي بعضها إلى بعض فمن مرحلة الميالد
إلى مرحلة النشأة ثم النمو يليها التدهور وصوال لالنحالل ،وكال المفكران
يرجحان إلى أن النمط الدوري هو المسيطر على جميع الحضارات في
الماضي ،وهذه الحضارات ما هي إال حلقات متتابعة تقوم الواحدة على أنقاض
األخرى ،وعليه نرى أن ابن خلدون وتوينبي من أصحاب النمط الدوري أو
المسار الدائري في تأويل التاريخ حيث يؤوالن التاريخ لحلقات تمثلها عند ابن
خلدون الدولة والتي على عاتقها تقع نشأة الحضارة ،وعند توينبي المجتمعات
والتي تمثلها الحضارة ،من يوم ميالدها حتى تدهورها.
التشاؤم وتقدم التاريخ :في مسيرة التاريخ والنظر في األحداث نجد أن
الفيلسوفان نظ ار إلى التاريخ بنظرة فيها نوع من اإلختالف عن اآلخر برغم أن
ابن خلدون وتوينبي كالهما درسا التفسير الحضاري للبشرية والتقيا في كثير من
444
فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية
مجرياتها لكن تشاؤم ابن خلدون ونظرته لتقدم التاريخ كانت عميقة في البعد لما
آلت عليه األمة العربية اإلسالمية بصفة عامة وبالد المغرب العربي بصفة
خاصة من أحداث جسام طيلة القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميالدي)
وما صاحب هذا األمر من ضعف وانحالل في جسد األمة العربية اإلسالمية،
نتيجة المؤامرات والحروب واألمراض المدمرة ،فقد عبر عن هذه األوضاع بنظرة
تشاؤمية في عبارة موجزة بليغة هي« :كانت دالئله –يقصد العصر -تشير كلها
إلى أن شمس الحضارة العربية اإلسالمية آخذة في األفول» 44فما نظريته وآراؤه
في كتاب "المقدمة" وتاريخ "العبر" فهي نتاج العصر الذي عايشه وانعكس ذلك
على نظرته التشاؤمية في تحليله ألحداث قيام الحضارات وسقوطها ،لكن
فيلسوفنا الثاني توينبي فسر لنا نظرته التشاؤمية من خالل دراسته للتاريخ عبر
نظرية (التحدي واإلستجابة) ،معنونا هذه النظرة بأن الغرب في انحدار حيث أن
حضارتهم بلغت أقصى أمد لها ،لذلك لن يستطيعوا الصمود والتغلب على
التحديات المعاصرة ،معتب ار أن إنحدار الحضارة الغربية بدأ من عصر النهضة،
مفس ار بأن هذه الحضارة ال تستطيع مواجهة التحديات ،كما كانت في بدايات
حياتها ،وذلك من خالل نظرته غير المادية للحضارة الغربية ،وانما من منظار
القوة الكامنة البشرية من حيث الروح واإلقدام على مواجهة التحديات ،كما أنه
عمل على ربط القوة الكامنة بالروحانيات والكنيسة فهو يرى «أن أوروبا كانت
أقوى في العصور الوسطى منها اليوم ،ألنها كانت قوية بوحدتها تحت راية
الكنيسة الواحدة ،أما اليوم فقط تفرق أمر شعوبها شيعا ،واجتاحت قلوب أهلها
الشكوك ،ولم يعودوا يدرون في أي طريق يسيرون» ،54هذا ويعتبر توينبي من
جملة المنكرين لفكرة التقدم ،وذلك من منطلق اإلنحدار في المستوى المعنوي
لإلنسان المتحضر وهي ليست قوة فاعلة في تسيير التاريخ ،ألنها تبني من
جهة وتهدم من جهة أخرى ،وناقش هذه األيدولوجيات ضمن نظريته (التحدي
واإلستجابة) وهي نتاجات لدراسة الحضارات من حيث نشأتها وازدهارها
وسقوطها ،مما دفعه للبحث عن الحلول والطرق لمنع انهيار الحضارة الغربية
وفنائها ،مما دفع بالكاتب " رونالد بيرج" إلى تأليف كتاب عن هذا الموضوع
51
سماه (أرنولد توينبي مؤرخ لعصر متأزم)
444
الباحثة /عائشة رضا حسين البيرق ،د .خير الدين يوشف شترة
وقد تم توضيح أوجه االتفاق والتشابه فى اآلراء بين ابن خلدون وتوينبي
انظر ملحق رقم (.)1
ب .أوجه اإلختالف والتعارض في اآلراء بين ابن خلدون وتوينبي:
إستعرضنا فيما سبق أوجه التشابه واإللتقاء بين ابن خلدون وأرنولد
توينبي ،ولمزيد من الدراسة والتمحيص حول تعليل األحداث التاريخية من خالل
فلسفة التاريخ في نظرياتهما ،رأينا أيضا البحث في أوجه اإلختالف والتعارض،
وذلك من أجل مزيد من المقارنة والتعليل ،وبالرغم من إتفاقهما في كثير من
اآلراء إال أن هناك أيضا اختالفات وهذا أمر طبيعي نتيجة للبناء الفكري
والخلفية األيدولوجية لكل منهما ،وعليه فإن نقاط اإلختالف في اآلراء بين ابن
خلدون وتوينبي هي:
مفهوم التاريخ :فمفهوم التاريخ عند ابن خلدون هو دراسة المجتمعات
اإلنسانية وما يط أر عليها من تحول وتغير في العمران والدول والصراعات
والحروب ،52كما بين أهمية التقيد بشرع اهلل والرجوع إلى الدين إلنقاذ
الحضارات ،أما توينبي فيرى أن دراسة التاريخ هي استجابة لنداء اهلل ،ولذلك
نجد أن توينبي يربط بين الدين والتاريخ في دراسته لألخير من خالل نظرته
للتاريخ «هو إنجاز للخطة اإللهية وهو إبداع اهلل ،في حركته من اهلل منبعه والى
اهلل غايته ،ولذلك فقد نظر توينبي إلى تاريخ المدنيات ال في حدود مصائرها
فقط ،ولكن في حدود دورها في الدين» ،53وهنا يؤكد توينبي على أهمية التمسك
بالدين إلنقاذ الحضارات.
الزمان والبداية والنهاية :من خالل دراستنا للنظريات وارتباطها بمفاهيم
خاصة بها ،نرى أن ابن خلدون في نظريتي (العمران والعصبية) قد ربط الزمان
بالخلق األول وبمصير اإلنسان وبالثواب والعقاب ،وكذلك توينبي الذي ُيعد من
أصحاب النظريات الدينية بالنسبة إلى الدين المسيحي ،أن اإلنسان حتى يتمكن
من إحداث مساهمة في التاريخ ومسار التاريخ ،فعليه أن يتجه إلى الغاية
الحقيقية من وجوده ،وهي تعظيم اهلل والتواصل مع اهلل الذي يعتبره الهدف
النهائي للتاريخ.
441
فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية
442
الباحثة /عائشة رضا حسين البيرق ،د .خير الدين يوشف شترة
443
فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية
كان يعيش فيها ،توصل إلى إجابات ألسئلته وتعليله ألحداث التاريخ،
فمجتمع ابن خلدون هو (مجتمع الشمال اإلفريقي) مجتمعا قبليا ،قوة هذا
المجتمع من قوة القبيلة سواء كان هذا المجتمع في الحواضر أو المدن.
.5أرخ ابن خلدون لفلسفته في التاريخ في (المقدمة) فأصبحت وعاؤه الفكري
الذي انبثقت منه نظريته (العمران والعصبية) والتي تعتبر إحدى نظريات
فلسفة التاريخ التأملية والتي بلورها نتيجة تأثره باألحداث ،التي عايشها وبجل
المعارف والخبرات التي اكتسبها في حياته العامة كانت له الزاد في تكوين
بنائه الفكري وتصوراته لطبيعة التاريخ فاجتمعت لديه النظرة الفلسفية
لحوادث التاريخ بجانب انغماسه في الواقع التاريخي الذي عايشه والنظر إلى
مجرياته بنظرة ناقدة بجانب التفسير والتعليل.
.4حاول أرنولد توينبي التوفيق بين كل االتجاهات الفلسفية التاريخية القديمة
والحديثة والمعاصرة ،وأنشأ فلسفة للتاريخ تجمع بين النظرية الدورية
للحضارات والنظرة الخطية للعناية اإللهية ،كما حاول توينبي الجمع بين
مناهج العلم والفلسفة والالهوت مما أفقد فلسفته االتساق المنطقي والوضوح
المنهجي.
.4فسر توينبي التاريخ والحضارة بقانون التحدي واالستجابة ،وهو بذلك منح
اإلرادة مكانة خاصة في حركة التاريخ وتقدمه ،حيث انتقد توينبي النظريات
العرقية والبيئية في تفسير التاريخ والحضارة ،وشدد على دور الدفعة الحيوية
اإلنسانية في نشوء الحضارات ونموها في تعاقب دوري مستمر من التحدي
تحد جدد واستجابة جديدة ،وتحدث عن تعاقب إلى االستجابة ،إلى ٍ
الحضارات في ثالثة أجيال ،جيل األجداد واآلباء واألحفاد.
.4منح توينبي دو ار حيويا للديانات العالمية في نمو الحضارات وازدهارها،
وعد الدين سفينة النجاة األخيرة للحضارة الغربية ،ودعا إلى قيام دولة عالمية
وديانة عالمية تشتمل على جميع الحضارات واألديان ،كما جاءت فلسفة
التاريخ عند توينبي أصدق تعبير عن مثل الليبرالية الجديدة ،فهي تعبر عن
مميزاتها ،عن فشلها وعن التشاؤم التاريخي الكامن خلفها.
444
الباحثة /عائشة رضا حسين البيرق ،د .خير الدين يوشف شترة
445
فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية
اإلنساني العمل على بناء مسار حوار حضاري عالمي تكون فيه العدالة
اإلنسانية محو ار أساسيا .لى القائمين على األنظمة التعليمية غرس الفكر
التربوي المعتمد على المعرفة التاريخية المتأصلة لماضي األمة وحاضرها.
444
الباحثة /عائشة رضا حسين البيرق ،د .خير الدين يوشف شترة
444
فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية
444
الباحثة /عائشة رضا حسين البيرق ،د .خير الدين يوشف شترة
الهوامش:
-1عبد الرحمن بن خلدون ( 1444 -1332م) مؤرخ وفيلسوف اجتماعي ،ولد في
تونس من اسرة عربية ،وتعلم بها ثم تنقل في بالد المغرب واالندلس ومصر والحجاز
وغيرها ،وقد اشتغل قاضيا للسلطان برقوق ثم انقطع للتدريس والتاليف وتعد «المقدمة »
التي كتبها من أشهر الكتب المؤلفة بالعربية.
-2ساطع الحصري ،أبو خلدون1453( ،م) .دراسات عن مقدمة ابن خلدون .القاهرة ،دار
المعارف ،ص.42
-3الشيخ ،رأفت غنيمي .)1444 (،فلسفة التاريخ .القاهرة -مصر :دار الثقافة للنشر
والتوزيع ،ص .44
-4ساطع الحصري ،أبو خلدون .دراسات عن مقدمة ابن خلدون ،مرجع سابق ،ص-344
للتوسع يراجع -:إسماعيل سراج الدين ،)2444( ،ابن خلـــــــدون انجاز فكري متجدد،
اإلسكندرية ،مكتبة اإلسكندرية ،ص -44شعبان جمال ،وآخرون ،)2414( ،فكر ابن
خلدون الحداثة والحضارة والهيمنة ،بيروت ،مركز دراسات الوحدة العربية -علي سعد
اهلل ،)2443( ،نظرية الدولة في الفكر الخلدوني ،عمان :دار مجدالوي.
Jacques Berque, (1967). «La Connaissance au temps d’Ibn Khaldoun», Cahier
.du laboratoire de sociologie de la connaissance, N°. 1, éd. Anthropos, Paris
-5بن خلدون (عبد الرحمان)1445( ،م) ،المقدمة، ،ج ،1بيروت :دار الكتب العلمية،
ص.224
-4للتوسع يراجع :ساطع الحصري ،أبو خلدون .دراسات عن مقدمة ابن خلدون ،مرجع
سابق ،ص344
-4ابن خلدون (عبد الرحمان) ،المصدر السابق ،ص.221
-4ابن خلدون (عبد الرحمان) ،المصدر السابق ،ص.221للتوسع يراجع - :الجابري،
محمد عابد1444( ،م) .فكر ابن خلدون العصبية والدولة :معالم نظرية خلدونية في
التاريخ اإلسالمي .بيروت -لبنان :مركز دراسات الوحدة العربية ،ط ،4ص 214
-4ساطع الحصري ،أبو خلدون .دراسات عن مقدمة ابن خلدون .مرجع سابق ،ص344
-14بن خلدون (عبد الرحمان) ،المصدر السابق ،ص ،221ينظر -:ساطع الحصري،
أبو خلدون .دراسات عن مقدمة خلدون .مرجع سابق ،ص 344الجابري ،محمد عابد.
فكر ابن خلدون العصبية والدولة :معالم نظرية خلدونية في التاريخ اإلسالمي .مرجع
سابق ،ص .214
444
فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية
-11ابن خلدون (عبد الرحمان) ،المصدر السابق ،ص – 221ينظر - :الجابري ،محمد
عابد ،فكر ابن خلدون العصبية والدولة :معالم نظرية خلدونية في التاريخ اإلسالمي،
مرجع سابق ،ص . 214رياض عزيز هادي)1444( ،م ،مفهوم الدولة ونشوءها عند
ابن خلدون ،مجلة العلوم القانونية والسياسية (بغداد :مجلة العلوم السياسية ،العدد ،3
ص 44
-12ساطع الحصري ،أبو خلدون ،دراسات عن مقدمة ابن خلدون ـ مرجع سابق ،ص
344
-13الجابري ،محمد عابد .فكر ابن خلدون العصبية والدولة معالم نظرية خلدونية في
التاريخ اإلسالمي .مرجع سابق ،ص .144
-14نفسه.
-15نفسه ،ص .144
-14الحميدان ،عبد اللطيف بن محمد2414(،م) .سنن قيام الحضارات وسقوطها :قديم ا
وحديث ا مقارن اة بآراء ابن خلدون ،الرياض -السعودية ،العبيكان للنشر ،ط ،1ص
.143
-14سلطان ،جاسم .فلسفة التاريخ .مرجع سابق ،ص 34
-14مرجع نفسه ،ص-ص -34-34للتوسع -:مجلة البحوث اإلسالمية ،ابن خلدون
وريادته لعلم تفسير التأريخ :قوانين ابن خلدون الحضارية وتقويمها ،الرئاسة العامة
للبحوث العلمية واالفتاء ،من ربيع األول إلى جمادى الثانية لسنة 1444ه.
-14انظر :الجابري ،محمد عابد ،فكر ابن خلدون العصبية والدولة :معالم نظرية
خلدونية في التاريخ اإلسالمي ،مرجع سابق ،ص-ص 144 - 145
-24ابن خلدون ،عبد الرحمن ( 444 -444ه)2444( ،م) ،مقدمة ابن خلدون،ج.1
تح .عبداهلل محمد الدرويش ،ط ،1دمشق -سوريا :دار يعرب ،ص – 14للتوسع يراجع:
-علي أومليل( ،ب.ت) ،الخطاب التاريخي -دراسة لمنهجية ابن خلدون ،دار التنوير
للطباعة والنشر ،بيروت ،ط، 3 .ص -ص.144 - 144 .
-21الجابري ،محمد عابد .فکر ابن خلدون العصبية والدولة :معالم نظرية خلدونية في
التاريخ اإلسالمي .مرجع سابق ،ص -124للتوسع يراجع :محمد يسار عابدين - ،عماد
المصري2444( ،م) ،الفكر التنموي في مقدمة ابن خلدون دراسة تحليلية مقارنة،
مجلة جامعة دمشق ( دمشق :مجلة جامعة دمشق للعلوم الهندسية (المجلد الخامس
والعشرون -العدد األول) -سهيلة زين العابدين )2443( ،م ،نظرية الدولة عند ابن
444
الباحثة /عائشة رضا حسين البيرق ،د .خير الدين يوشف شترة
خلدون ،مجلة المنار (الرياض :جامعة أم القري ) .محمود فهمي الكردي )2444( ،م،
عبد الرحمن بن خلدون :قراءة معرفية ومنهجية ،القاهرة :جامعة عين شمس ،مركز
الدراسات المعرفية -.عبد الرحمن بدوي( ،ب.ت)« ،ابن خلدون وأرسطو» ،أعمال
مهرجان ابن خلدون ،نشر مركز البحوث االجتماعية والجنائية بالجمهورية العربية
المتحدة ،القاهرة ،ص-ص .162 - 161
-22ارنولد توينبي :مؤرخ انجليزي معاصر ولد في لندن في 14إبريل 1444م ،والده
ينحدر من أسرة متوسطة ،كان يعمل في شركة للشاي ،أما والدته فكانت مؤرخة ،حيث
تعلم توينبي علم التاريخ على يديها ،ودرس توينبي في جامعة أكسفورد اإلنجليزية الشهيرة
وتخرج فيها ،ودرس التاريخ في جامعة لندن العريقة ،ثم عمل موظفا في و ازرة الخارجية
البريطانية ،وتعلم اللغتين اليونانية والالتينية ،وأحاط بالحضارة الهيلينية ،التي اعتبرها
أساسية لفهم الحضارة الغربية المعاصرة .كما درس بأكسفورد وعلم بها ،ثم ُعين أستاذا
للغة والتاريخ االغريقيين بجامعة لندن ،وله مجموعة من األبحاث والكتب أبرزها( :كتاب
تاريخ الحضارة الهلينية -وكتاب تاريخ الحضارة الهلينية – وكتاب االنسان وهموم
الموت،وكتاب الحضارة اليونانية والشخصية :الوحي الذاتي للمجتمع اليوناني القديم ،وقد
صدر سنة 1424م .وكتاب الفكر التاريخي اليوناني من هوميروس إلى عصر هرقل:
وقد صدر سنة 1424م .وكتاب األقاليم غير العربية لإلمبراطورية العثمانية منذ الهدنة
في 34أكتوبر :1414وقد صدر سنة 1424م .وكتاب إدارة العالقات الخارجية
لإلمبراطورية البريطانية منذ تسوية السالم :وقد صدر سنة 1424م ) .كان أعظمها
كتاب مختصر دراسة للتاريخ الذي اوصله إلى قمة الشهرة .للتوسع في ترجمته - :منير
نصيف« ،أرنولد توينبي اإلنسان الفيلسوف» ،مجلة العربي ،العدد ، 244ربيع األول
1344هـ /مارس 1444م.
-23الزيود ،اسماعيل محمد ،إرهاصات النهضة في المجتمع العربي :دراسة سوسيولوجية
في ضوء نظرية (التحدي واإلستجابة) .مجلة دراسات العلوم اإلنسانية واإلجتماعية،
عمادة البحث العلمي /الجامعة األردنية ،عمان -األردن ،المجلد ،44العدد2413 ،1م،
ص3
-24أرنولد توينبي)2411( ،م ،مختصر دراسة للتاريخ ،ج ،3تر .فؤاد محمد شبل،أحمد
عزت عبد الكريم ،المركز القومي للترجمة ،مصر.
-25مثل - :أرنولد توينبي)2443( ،م ،تاريخ الحضارة الهيلينية ،تر .رمزي جرجس،
441
فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية
مصر ،مكتبة األسرة -.وأرنولد توينبي)1444(،م ،تاريخ البشرية ،ج ،1تر .نيقوال
زيادة ،بيروت ،األهلية للنشر والتوزيع
-24توينبي ،أرنولد2411( ،م) .مختصر دراسة للتاريخ ،ج ،1مصدر نفسه ،ص ك
-24مؤنس ،حسين1444( ،م) .التاريخ والمؤرخون :دراسة في علم التاريخ ماهيته
وموضوعاته عند أهل الغرب وأعالم كل مدرسة وبحث في فلسفة التاريخ ومدخل إلى
فقه التاريخ .القاهرة -مصر :دار المعارف ،ص .144
-24صبحي ،أحمد محمود .في فلسفة التاريخ .مرجع سابق ،ص -245للتوسع
يراجع -:حبيب بهاء موسى)2444( ،م ،قيام الحضارة وسقوطها في نظرية أرنولد
توينبي ( التحدي واالستجابة ) ،مجلة كلية التربية للبنات للعلوم اإلنسانية ،مج ،2ع،4
جامعة الكوفة -كلية التربية للبنات للعلوم اإلنسانية ،العراق -نيفين جمعة علم الدين،
()1441م ،فلسفة التاريخ عند أرنولد توينبي ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،القاهرة،
ص 24 .وما بعدها.
-24توينبي ،أرنولد1444 ( ،م) ،ج ،1مصدر سابق ،ص .114
-34مؤنس ،حسين .التاريخ .مرجع سابق ،ص 144
-31الشيخ ،رأفت غنيمي .مرجع سابق ،ص 144
-32للمزيد انظر -:حبيب بهاء موسى)2444( ،م ،قيام الحضارة وسقوطها في نظرية
أرنولد توينبي ،مرجع سابق.
-33نيفين جمعة ،مرجع سابق ،ص 133
-34صبحي ،أحمد محمود ،مرجع سابق ،ص 241
-35فؤاد محمد شبل( ،ب.ت) ،منهاج توينبي التاريخي ،و ازرة الثقافة ،المؤسسة المصرية
العامة للتأليف والنشر ،دار الكتاب العربي للطباعة والنشر ،القاهرة ،ص. .8
442
الباحثة /عائشة رضا حسين البيرق ،د .خير الدين يوشف شترة
-44يعيش وسيلة)2444 ( .م ،نهاية التاريخ :فرانسيس فوكوياما نموذجا .مجلة العلوم
اإلنسانية جامعة منتوري ،قسنطينة ،الجزائر ،المجلد ب ،العدد ،34ص .124
-41فروخ ،عمر1443 ( ،م) .تاريخ الفكر العربي عن أيام ابن خلدون .بيروت -لبنان:
دار العلم للماليين ،ط ،4ص 445
-42النجار ،جميل موسى ،مرجع سابق ،ص 44
-43الحميدان ،عبد اللطيف(2414م) ،مرجع سابق ،ص 14
-44الكبيسي ،عامر . ) 2444 ( ،استراتيجيات مكافحة الفساد :ما لها وما عليها،
الرياض -المملكة العربية السعودية :جامعة نايف للعلوم األمنية ،ط ،1ص44
-45الحميدان ،عبداللطيف ،مرجع سابق ،ص.244
-44السروجي ،محمد محمود ،التفسير الحضاري بين ابن خلدون وأرنولد توينبي ،مجلة
التاريخ العربي ،الرباط ـ العدد2445 ،34م ،ص 242
-44شريف ،حليمة علي2414( ،م) ،الحضارة بين ابن خلدون وأرنولد توينبي -دراسة
مقارنة -رسالة ماجستير ،كلية األدب العربي والفنون ،جامعة عبدالحميد بن باديس
"مستغانم" ،الجزائر ،ص 14
-44بوفضة ،هدی2444 ( ،م ) .دور الدين وبناء الحضارة في فلسفة أرنولد توينبي
المسيحية نموذج ا .رسالة ماجستير ،كلية العلوم اإلنسانية والعلوم اإلجتماعية -قسم
الفلسفة ،جامعة األخوة منتوري قسنطينة ،الجزائر ،ص 244
-44ابن خلدون ،عبد الرحمن 444 -444 ( ،ه ) ،مرجع سابق ،ص 444
-54مؤنس ،حسين ،الحضارة :دراسة في أصول وعوامل قيامها وتطورها .مجلة عالم
المعرفة ،المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب -الكويت ،العدد ،234سبتمبر/أيلول
1444م ،ص -ص .364 -365
-51نيفين جمعة ،مرجع سابق ،ص 15
-52مهورباشة ،عبدالحليم2414( ،م) .فلسفة التاريخ :مدخل إلى النماذج التفسيرية
للتاريخ اإلنساني .بيروت ،مركز نماء للبحوث والدراسات ،ط ،1ص .41
-53غانم ،هناء(1442م) .فلسفة الحضارة .دمشق ،مطبعة ابن خلدون .ص 114
-54الجابري ،محمد عابد ،مرجع سابق ،ص -ص.244- 244
443
فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية
444
الباحثة /عائشة رضا حسين البيرق ،د .خير الدين يوشف شترة
445
فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية
444
الباحثة /عائشة رضا حسين البيرق ،د .خير الدين يوشف شترة
444
فلسفة الحدث التاريخي من خالل النظريات التاريخية
444