You are on page 1of 105


‫‪١‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫اإلهداء‬

‫اهدي هذا العمل املتواضع الى اخي‬

‫الكبير املرحوم سعدي التميمي‬

‫واسال ال تعالى ان يتقبله منا‬

‫بواسع رحمته ويسعده به ويعظم له‬

‫أجرا‪.‬‬
‫ ‬
‫‪٢‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫مواضيع البحث‬

‫املقدمة‬

‫املبحث األول‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬الزواج ف املنظور اإلسالمي‬

‫● الزواج من السن املؤكدة‬

‫● احراز نصف الدين‬

‫● أثقال األرض بكلمة ال اله اال ال‬

‫● التعجيل ف الزواج‬

‫● الرزق مع الزواج‬

‫● احلث على تزويج املؤمني‬

‫املبحث الثاني‪:‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬إزالة العراقيل أمام الزواج‬

‫● النسب‬

‫● الفقر‬

‫● غالء املهر‬
‫ ‬
‫‪٣‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫● املظهر اخلارجي‬

‫● عناد ولي األمر‬

‫املبحث الثالث‪:‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬مقدمات ضرورية قبل الزواج‬

‫● الثقافة الزوجية الصحيحة‬

‫● اختيار الزوج والزوجة‬

‫● عدم االستعجال ف االختيار‬

‫● حرية االختيار للزوجي‬

‫املبحث الرابع‪:‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬مستحبات قبل الدخول‬

‫● اإلطعام‬

‫● الوضوء‬

‫● صالة ركعتي‬

‫● الصالة على النبي ) صلى ال عليه وآله (‬

‫● الدعاء‬
‫ ‬
‫‪٤‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫املبحث اخلامس‪:‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬حقوق الزوج والزوجة ف االسالم‬

‫● حق الزوجة ف اإلسالم‬

‫● سهم من اإلرث‬

‫● ثبوت املهر‬

‫● وجوب االنفاق‬

‫● املعاشرة باملعروف‬

‫● حق الزوج ف اإلسالم‬

‫● تعظيم الزوج‬

‫● رضا الزوج‬

‫● حرمة اخلروج من البيت إال بإذنه‬

‫● وجوب التمكي‬

‫● أن حتفظه ف ماله ونفسها‬

‫● حرمة اغضابه‬

‫● حرمة التزين لغير زوجها‬


‫ ‬
‫‪٥‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫املبحث السادس‪:‬‬

‫املطلب السادس‪ :‬املسائل األخالقية الزوجية‬

‫● املودة والرحمة‬

‫● التسامح‬

‫● الصبر‬

‫● حتجيم دائرة املشكلة‬

‫● كتم االسرار‬

‫● التوسعة ف اإلنفاق‬

‫● التعاون‬

‫● القناعة‬

‫● اهتمام واعتناء الزوجي‬

‫● ترك عامل االستفزاز‬

‫● التضحية‬

‫● التشاور بي الزوجي‬

‫● الشخصية القوية‬
‫ ‬
‫‪٦‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫● ثقافة القوة واإلكراه‬

‫● ظاهرة العزلة واالنطواء‬


‫ ‬
‫‪٧‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫املقدمة‬

‫احلمد ل كما هو أهله‪ ,‬والصالة والسالم على خير خلقه محمد ) صلى‬

‫ال عليه وآله ( وعلى اله الطيبي الطاهرين وصحبه املنتجبي‪.‬‬

‫أما بعد ‪ :‬فمن الواضح ان الزواج يُعد ركيزة اساسية ف اجملتمع البشري‬

‫ونواته ‪ ,‬ودميومة النسل البشري وتكاثره ‪ ,‬وله مكانة مهمة وعظيمة ف‬

‫نفوس الناس ‪ ,‬حيث تُصرف ف إزاءه األموال الكثيرة ‪ ,‬وُتقام له املراسيم‬

‫الكبيرة ‪ ,‬وتنشأ روابط وعالقات وطيدة وحميمة بي الزوجي ف احلياة‬

‫بسبب هذا الربط الوثيق اجلعلي التكويني من قبل ال سبحانه وتعالى‬

‫جَعَل َبْيَنُكم‬
‫سُكُنوا ِإَلْيَها َو َ‬
‫جا ِّلَت ْ‬
‫سُكْم َأْزَوا ً‬
‫خَلَق َلُكم ِّمْن َأنُف ِ‬
‫)َوِمْن آَياِتِه َأْن َ‬

‫ت ِّلَقْوٍم َيَتَفَّكُرون‪(.‬الروم)‪.(٢١‬‬
‫ك آلَيا ٍ‬
‫حَمًة ِإَّن ف َذِل َ‬
‫َّمَوَّدًة َوَر ْ‬

‫ولكن مع ذلك الربط والعلقة الزوجية الكائنة بينهما قد تنشأ موانع كثيرة‬

‫من صنيعة الزوجي او أحدهما فتحول دون ذلك فيقع االنفصال‪.‬‬

‫اذن‪ :‬فالزواج يعد مسؤولية كبيرة‪ ,‬ويحدوه مخاطر جمة‪ ,‬بي هزمية‬

‫وثبات‪ ,‬وخيانة ووفاء‪ ,‬وتضحيات وبطوالت‪ ,‬وحتديات وابتالءات‪.‬‬


‫ ‬
‫‪٨‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫فمن يجهل خطواته‪ ,‬او يهمل مخاطره‪ ,‬سيضل ف التيه‪ ,‬ألنه لم يتحّرز‬

‫مسبقا باملعرفة الصحيحة‪ ,‬والهمة االزمة‪.‬‬

‫فالذي يقصد سفرا البد له من دليل‪ ,‬وراحلة‪ ,‬ومتاع‪ ,‬وصبر ‪ ,‬وعزمية ‪,‬‬

‫كذلك احلال ملسالة الزواج ‪ ,‬البد للمؤمن من معرفة ‪ ,‬وثقافة ‪ ,‬وأخالق‬

‫‪ ,‬ودين ‪ ,‬حتى يصمد كاجلبل األشم أمام التحديات الكثيرة واملتنوعة ف‬

‫هذه الرحلة الشاقة حتى ترسو السفينة على الشاطئ بأمان‪.‬‬

‫وقد عمدنا الى طرح هذا البحث املتواضع ألهميته ف اجملتمع ‪ ,‬والتذكير‬

‫والتنبيه بان من يبتغي السالمة ف العش الزوجي عليه االلتزام بالضوابط‬

‫الدينية واالخالقية ‪ ,‬فان اجلهل واالستخفاف بلوازم الزواج وشروطه‬

‫وحدوده ‪ ,‬سيؤدي حتما الى االنهيار‪.‬‬

‫ولذا اصبحت الكثير من البيوتات تسودها الفوضى ‪ ,‬والعداوة ‪ ,‬والتنافر‬

‫واالنانية ‪ ,‬والقاء التهم ‪ ,‬وبالتالي اما ان يعيش الزوجان على هذا الركام‬

‫الهائل من املشاكل ‪ ,‬ومع هذه التحديات الكثيرة ‪ ,‬واالفرازات املريرة وعلى‬

‫مضض من االمر او ينتهي الى االنفصال ‪ ,‬وهذه نتيجة متوقعة لفقدان‬


‫ ‬
‫‪٩‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫سُهْم‬
‫اخلارطة الصحيحة او عدم االلتزام بها )وَمَا ظَلَمْنَُهْم وَلَِكن َكاُنوْا َأنُف َ‬

‫ظِلُموَن()‪ .(١‬النحل اية )‪.(١١٨‬‬


‫َي ْ‬

‫ومن كانت مقدماته خاطئة ال شك تكون النتائج فاشلة‪ ,‬فالنجاح ف أي‬

‫شيء ال يحدث عفويا وصدفة من دون مقدمات وأسس صحيحة يرتكز‬

‫عليها املرء وثم منها ينطلق نحو حتقيق األهداف املطلوبة و املرجوة ‪ ,‬ألن‬

‫الكون قائم كله على العلل واملعلوالت او كاملعادلة الرياضية التي تأبى‬

‫اخلطأ ‪.‬‬

‫ولذا حينما نبحث عن اسباب النجاح لدى كثير من األزواج سنجد هنالك‬

‫عوامل كثيرة ساعدت ف إيجاد السعادة ودميومة احلياة الزوجية بسعادة‬

‫وهناء ‪ ,‬وكذلك بالنسبة ف فشل احلياة الزوجية نالحظ ان هنالك‬

‫مقدمات خاطئة وأخالقيات فاسدة بلورت بشكل كبير ف زعزعة احلياة‬

‫الزوجية ‪ ,‬وسنحاول ان شاء ال ف هذه االطاللة املتواضعة ان نذكر‬

‫بعض املقدمات االساسية ‪ ,‬واملسائل االخالقية التي توصل الى احلياة‬

‫الزوجية السعيدة ف حال االلتزام بها من كال الزوجي ‪ ,‬فال يكفي االلتزام‬
‫ ‬
‫‪١٠‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫أحدهما دون اآلخر فقد يكون أحدهما يبني بناء صحيحا ولكن اآلخر‬

‫يقوم بالهدم ‪.‬‬

‫وقبل ذلك نعرض رؤية اإلسالم جتاه الزواج ‪ ,‬وكيف تعاطى مع حيثياته‬

‫بايجابية كبيرة ‪ ,‬من خالل وضع تشريعات وسن وآداب كثيرة ‪ ,‬ترسم له‬

‫املعالم القيمة ‪ ,‬واملناهج السليمة ‪ ,‬فما على الوالج ف رحابه إال يسير‬

‫عليها ‪ ,‬ويتمسك بها اذا ما اراد احلياة الزوجية الناجحة ‪ ,‬واالسرة‬

‫الصاحلة‪.‬‬

‫سامي التميمي‬
‫ ‬
‫‪١١‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫املبحث األول‪ :‬الزواج ف املنظور اإلسالمي‬

‫● الزواج من السن املؤكدة‬

‫● احراز نصف الدين‬

‫● أثقال األرض بكلمة ال اله اال ال‬

‫● التعجيل ف الزواج‬

‫● الرزق مع الزواج‬

‫● احلث على تزويج املؤمني‬


‫ ‬
‫‪١٢‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫الزواج ف املنظور اإلسالمي‬

‫بعدما عرفنا اهمية الزواج ف اجملتمع االنساني‪ ,‬وانه السبيل لدميومة‬

‫احلياة البشرية على هذه املعمورة نالحظ أيضا أن اخلطاب اإلسالمي‬

‫جاء منسجما مع هذه احلقيقة الناصعة ف احلث والترغيب على الزواج‬

‫‪ ,‬من خالل تشريعاته‪ ,‬وسننه التي تساهم ف دميومته ‪ ,‬واحلفاظ عليه‬

‫‪ ,‬وتسهيل ِقرانه ‪ ,‬ورفع العراقيل أمامه ‪ ,‬وتبي النتائج والثمار الطيبة منه‬

‫‪ ,‬وكراهية الطالق ‪.‬‬

‫فإن تعاليم اإلسالم تنبض باحلياة واالنسانية‪ ,‬والنصيحة الهادفة التي‬

‫تأخذ باإلنسان إلى بر األمان ‪ ,‬وتهديه الى سبل السالم ‪ ,‬الن هذه التعاليم‬

‫واالرشادات جاءت من رب العاملي الذي يربي عباده ملا هو أصلح ‪ ,‬ويدير‬

‫شؤونهم ملا هو أنفع ‪ ,‬فيأمر باجلميل ‪ ,‬ويبشر اهله بالثواب ‪ ,‬وينهى عن‬

‫القبيح ‪ ,‬ويحذر أهله بالعقاب ‪ ,‬رحمة بهم ولعلهم يتقون‪.‬‬

‫فسعادة املرء ف أطاعة ال ورسوله‪ ,‬وشقاوته مبعصية ال ورسوله‪,‬‬

‫والصالح مع الطاعة ‪ ,‬والفساد مع العصيان ‪ ,‬فكل صالح موجود ف‬

‫اجملتمع او ف االسرة او على املستوى الفرد فحينما تستقصي أصله جتده‬


‫ ‬
‫‪١٣‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫موافقا لتعاليم اإلسالم ‪ ,‬وكل فساد موجود فهو بال ريب ال يوافق تعاليمه‬
‫‪ْ %‬‬
‫ئ ِذى ٱْلُقْرَبى َوَيْنَهى َعِن‬
‫سِن َوِإيَتا ِ‬ ‫ل َيْأُمُر ِ!ﭑﻟَﻌﺪِل َوٱِإل ْ‬
‫ح َ‬ ‫قال تعالى ) ِإﱠن ٱ َ‬

‫ظُكْم َلَعﱠلُكْم َتَذﱠكُرون( النحل اية)‪. (٩٠‬‬ ‫شاِء َوٱُملنَكِر َوٱْلَبْغ ِ‬


‫ى َيِع ُ‬ ‫ٱْلَف ْ‬
‫ح َ‬

‫وف هذا الباب نذكر جملة من التعاليم واالرشادات االسالمية التي تبي‬

‫اهمية الزواج وفوائده على املستوى الفردي واالجتماعي‪ ,‬وما هي‬

‫األضرار واخملاطر الناجمة باإلعراض عنه‪.‬‬

‫صيَرٍة َأَنْاَوَمِن اﱠتَبَعِني(‬


‫ل َعَلى َب ِ‬
‫سِبيِلي َأْدُعو ِإَلى ا ِ‬
‫قال تعالى )ُقْل َهـِذِه َ‬

‫ل ۖ◌‬
‫طاَع ا َ‬
‫سوَل َفَقْد َأ َ‬ ‫يوسف اية )‪ (١٠٨‬وقال عز وجل ) ﱠمن ُي ِ‬
‫طِع الﱠر ُ‬

‫ظا النساء اية )‪.(٨٠‬‬


‫حِفي ً‬
‫ك َعَلْيِهْم َ‬
‫سْلَنا َ‬
‫َوَمن َتَوﱠلى َفَما َأْر َ‬

‫• الزواج من السُن املؤكدة‪:‬‬

‫السنة هي الطريقة والنهج الذي يُتبع ويسار عليه سواء كان فعال او قوال‬

‫أو سلوكا على املستوى الفردي واالجتماعي‪.‬‬

‫ولم يأُل جهدا رسول ال ) صلى ال عليه وآله ( من خالل أحاديثه‬

‫املباركة ف ترغيب املسلمي على الزواج ‪ ,‬وبيان املنافع الكثيرة منه‬


‫ ‬
‫‪١٤‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫واملفاسد الكثيرة عند اإلعراض عنه ‪ ,‬ومن جهة اخرى حثّ املسلمي على‬

‫ضرورة التسن بسنته الشريفة ) صلى ال عليه وآله ( ‪.‬‬

‫حتّبوَن‬
‫وقد امرنا ال تعالى باتباع نبيه وطاعته قال تعالى ) ُقْل ِإن ُكنُتْم ِ‬

‫حيٌم آل‬ ‫ل َوَيْغِفْر َلُكْم ُذُنوَبُكْم ۗ◌ َوا ُ‬


‫ل َغُفوٌر ﱠر ِ‬ ‫حِبْبُكُم ا ُ‬
‫ل َفاﱠتِبُعوِني ُي ْ‬
‫ا َ‬

‫خُذوُه َوَما َنَهاُكْم َعْنُه‬ ‫عمران اية )‪ (٣١‬وقال سبحانه ) َوَما آَتاُكُم الﱠر ُ‬
‫سوُل َف ُ‬

‫)‪١.(٧‬‬ ‫َفانَتُهوا ( اﻟﺤﺸﺮ اﯾﺔ‬

‫وروي عن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم أنه قال‪ :‬النكاح سنتي‬

‫فمن رغب عن سنتي فليس مني ( )‪(١‬وقال )صلى ال عليه وآله وسلم(‬

‫‪) :‬من أحب فطرتي فليست بسنتي ‪ ,‬أال وهي النكاح ()‪ (٢‬وقال )صلى‬

‫ال عليه وآله وسلم( ‪) :‬تزوجوا فإني مكاثر بكم األم غدا يوم‬

‫القيامة‪.(٣).‬‬

‫إذن فالزواج من املسائل العبادية التي ميكن أن يتقرب بها العبد إلى ال‬

‫تعالى وينال بنيته األجرة والثواب ألنه بزواجه قد اتبع سُنة نبيه ) صلى‬

‫ال عليه وآله ( ولم يرغب عنها ‪.‬‬

‫)‪(١‬ﻣﯾزان اﻟﺣﻛﻣﺔ ج ‪٢‬ص ‪١١٧٨‬‬


‫)‪(٢‬اﻟﻛﺎﻓﻲ ج ‪ ٥‬ص ‪٤٩٦‬‬
‫)‪ (٣‬ﺟواھر اﻟﻛﻼم اﻟﺟواھري اﻟﻧﺟﻔﻲ ج ‪ ٢٩‬ص ‪١٥‬‬
‫ ‬
‫‪١٥‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫ومن يستقصي احاديث اهل البيت ) عليهم السالم ( ف خصوص الزواج‬

‫سيقف على الكثير من الثمار والنتائج الطيبة على املستوى الفردي‬

‫واالجتماعي ‪ ,‬وكيف أن الزواج له دور مهم ف ضبط شهوة اإلنسان ‪,‬‬

‫ويؤدي الى استقرار النفس وتخليصها من االضطراب الفكري والنفسي‪.‬‬

‫ومن هنا نفهم احلكمة بتفاضل الكبير بصالة املتزوج على األعزب ف‬

‫ل )عليه السالم(‬
‫قول املعصوم )عليه السالم (فقد روي َعْن َأِبي َعْبِد ا ِ‬

‫صّليِهَما َغْيُر‬
‫ي َرْكَعًة ُي َ‬
‫سْبِع َ‬
‫ضُل ِمْن َ‬
‫صّليِهَما ُمَتَزّوٌج َأْف َ‬
‫ي ُي َ‬
‫َقاَل ‪َ " :‬رْكَعَت ِ‬
‫ج")‪٢.(١‬‬
‫ُمَتَزّو ٍ‬

‫• احراز نصف الدين ‪:‬‬

‫قلنا فيما سبق بان الزواج ليس مجرد نزوة عابرة امنا هو تكوين أسرة‬

‫طيبة ‪ ,‬وإيجاد عالقة حميمة بي الزوجي التي تقوم على أساس االحترام‬

‫ومراعاة احلقوق والوفاء واالخالص والصبر ‪ ,‬ولكن هذا ال يعني خلو‬

‫الزواج من فوائد ضرورية أخرى وعلى رأسها إخماد الشهوة اجلنسية‪.‬‬

‫)‪ (١‬ﺛواب اﻻﻋﻣﺎل اﻟﺷﯾﺦ اﻟﺻدوق ص ‪٤٤‬‬


‫ ‬
‫‪١٦‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫فإذا لم تعالج الشهوة بالنكاح فإن اإلنسان سيكون عرضة للسفاح‪,‬‬

‫واملعاصي الشهوية الكثيرة‪ ,‬ألن الشهوة نقطة ضعف لدى اإلنسان أمام‬

‫املغريات التي تضرب ف كل مكان ‪ ,‬فيعيش حالة من االضطراب ‪ ,‬وفقدان‬

‫التوازن ف سلوكه وتصرفاته وتعاطيه جتاه الدين واجملتمع‪.‬‬

‫ولذا يحرز املسلم بالزواج نصف دينه ألنه يغلق على نفسه االمارة بالسوء‬

‫الكثير من نوافذ الفت ‪ ,‬ويسد الثغرات أمام اطماع الشيطان ‪ ,‬ويتوجه‬

‫إلى ربه بالطاعة والورع عن محارمه‪.‬‬

‫فان الزواج سكن للنفس‪ ,‬واستقرار لها من اضطراب وجنون الشهوة‬

‫وحصن من الضغوطات واملغريات الكثيرة التي تواجه اإلنسان ف كل يوم‬

‫‪ ,‬وعامل ردع للنفس ف هواها بارتكاب املعاصي وخاصة الزنا ‪.‬‬

‫فقد روي عن رسول ال)صلى ال عليه وآله وسلم( انه قال ‪ ) :‬من تزوج‬

‫أحرز نصف دينه ‪ ,‬فليتق ال ف النصف اآلخر‪.(1)٣‬‬

‫فاملؤمن بزواجه كأمنا طوي نصف املسافة ف إحراز نصف دينه ‪ ,‬ألن‬

‫الدين ال يقتصر على املسائل النظرية والفكرية والعقائدية إمنا فيه‬

‫)‪(١‬اﻟﻛﺎﻓﻲ ج‪ ٥‬ص ‪٣٢٩‬‬


‫ ‬
‫‪١٧‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫اجلوانب العملية والسلوكية التي متس حياة وسلوك املؤمن الشخصية‬

‫واألخالقية بصورة مباشرة ‪ ,‬والزواج يعتبر ركيزة ودعامة ضرورية يعتمد‬

‫عليها املؤمن ف التغلب على تلك السلوكيات والضغوطات الباطنية‬

‫واخلارجية ‪.‬‬

‫إذن فالزواج أعظم عونا ف التغلب على شهوات النفس ‪ ,‬وغرور الشيطان‬

‫‪ ,‬ومن أعرض عنه كان أكثر عرضة النتهاك احملرمات ‪.‬‬

‫ولذا نالحظ أن األعزب يكون اكثر عرضة للسقوط والفشل ف االمتحان‬

‫أمام شهوات النفس ألنه لم يلجم شهوته وغريزته بالزواج‪.‬‬

‫• إثقال األرض بكلمة ال إله اال ال‪:‬‬

‫ومن ثمار الزواج ونتائجه الطيبة ان األرض تثقل باملوحدين وبكلمة ال اله‬

‫اال ال‪ ,‬فعن أبي جعفر ) عليه السالم ( قال ‪ :‬قال رسول ال ) صلى‬

‫ال عليه وآله وسلم ( ‪ :‬ما مينع املؤمن أن يتخذ أهال لعل ال أن يرزقه‬
‫‪٥٤‬‬ ‫نسمة تثقل االرض بال إله إال ال()‪..(١‬‬

‫)‪(١‬مكارم األخالق للشيخ الطبرسي ص ‪١٩٦‬‬


‫ ‬
‫‪١٨‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫ولكن مع ضرورة السعي ف تربية تلك النسمة على األخالق وااللتزام‬

‫الديني حتى ال تكون ممن تهلك احلرث والنسل وتنشر الفساد ف األرض‪.‬‬

‫فاإلسالم كما يهتم باجلانب الكمي بأثقال األرض بأهل التوحيد وكذلك‬

‫يهتم ويراعي اجلانب النوعي والنموذجي فيهم ‪ ,‬فان الكثرة مع اجلهل‬

‫والفساد والظلم سيكون حمال ثقيال على اجملتمع ‪ ,‬وزيادة ف الظلم‬

‫والفساد‪.‬‬

‫ان اجناب االوالد ف االسالم امر محبوب ومطلوب ولكن على اآلباء أن‬

‫يتحملوا املسؤولية الكبيرة التي تواجههم ف احلياة ف تربية أوالدهم‪,‬‬

‫وخاصة مع الظروف الصعبة التي تعصف ف األسرة واجملتمع‪.‬‬

‫فليس من الصحيح أن يتسن املؤمن بسنة نبيه ) صلى ال عليه وآله (‬

‫ف الزواج ولكنه ال يعير اهتماما ف تربية أوالده ‪ ,‬وال يبذل اجلهد ف‬

‫احلفاظ عليهم من اخملاطر الفكرية واألخالقية ‪ ,‬فاملسؤولية تكون عليه‬

‫آكد‪.‬‬
‫ ‬
‫‪١٩‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫فالزارع احلريص ال يكتفي ف نثر البذور ف األرض ثم يبقى متفرجا ال‬

‫يحرك ساكنا من دون رعايتها وحفظها من اآلفات واخملاطر الكثيرة التي‬

‫تهدد زرعه‪.‬‬

‫ولذا ُأمرنا بوقاية انفسنا واهلينا من العذاب االليم ‪ ,‬وال سبيل الى ذلك‬

‫اال بوقاية انفسنا واهلينا من اخملاطر التي حتدق بنا قال تعالى ) يَا أَيّهَا‬

‫جاَرُة َعَلْيَها‬
‫حل َ‬
‫س َوا ِ‬
‫سُكْم َوَأْهِليُكْم َناًرا َوُقوُدَها الﱠنا ُ‬
‫اﱠلِذيَن آَمُنوا ُقوا َأنُف َ‬
‫()‪٦.(١‬‬ ‫َمالِئَكٌة غِالظٌ شِدَادٌ ال يَعْصُونَ الَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ‬

‫• التعجيل ف الزواج‪:‬‬

‫روي عن اإلمام الرضا )عليه السالم( ‪:‬نزل جبرئيل على النبي )صلى ال‬

‫عليه وآله( فقال‪ :‬يا محمد إن ربك يقرؤك السالم‪ ,‬ويقول‪ :‬إن األبكار من‬

‫النساء مبنزلة الثمر على الشجر فإذا أينع الثمر فال دواء له إال اجتناؤه‬

‫وإال أفسدته الشمس‪ ,‬وغيرته الريح ‪ ,‬وإن األبكار إذا أدركن ما تدرك‬

‫النساء فال دواء لهن إال البعول‪ ,‬وإال لم يؤمن عليهن الفتنة‪ ,‬فصعد رسول‬

‫)‪(١‬اﻟﺗﺣرﯾم اﯾﺔ ‪٦‬‬


‫ ‬
‫‪٢٠‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫ال )صلى ال عليه وآله( املنبر فجمع الناس ثم أعلمهم ما أمر ال عز‬

‫!)‪. (١‬‬ ‫‪٧‬‬ ‫وجل به‪.‬‬

‫وهذا احلديث املبارك يحذر من وقوع الفساد ف اجملتمع ف حال اعراض‬

‫االبكار من النساء عن الزواج إذا أدركن ما تدرك النساء وذلك بسبب‬

‫وجود موجبات االنحراف ف النفس وف اجملتمع الذي ال يؤمن عليهن‬

‫الفتنة‪.‬‬

‫فكما أن الشمس تفسد الثمر اذا اينع والبد من جنيه قبل فوات اوانه‬

‫وحتى ال يناله الفساد كذلك احلال بالنسبة لإلبكار من النساء فإن‬

‫موجبات الفساد تضرب األسرة ف عقر داره فال يامن عليهن من الفتنة‬

‫بارتكاب الفاحشة فال دواء لهن إال البعول بالزواج والنكاح الشرعي صونا‬
‫السفاح‪٨.‬‬ ‫لهن من الوقوع ف‬

‫ت التعجيل ف الزواج كان ذلك للعفة اقرب‪ ,‬وللستر أجنع ‪ ,‬وللفساد‬


‫فكلما ّ‬

‫ابعد ‪ ,‬وهذه احلقيقة واضحة املعالم ف اجملتمع االنساني بصورة عامة ‪,‬‬

‫فان الزواج يبرد لهيب الشهوة ‪ ,‬ويحصن النساء ف الغالب من الوقوع ف‬

‫)‪ (١‬ﺑﺣﺎر اﻻﻧوار ج ‪١٠٠‬ص ‪٣٧١‬‬


‫ ‬
‫‪٢١‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫الفاحشة ‪ ,‬وأن الفاحشة إذا ما وقعت من النساء ف اجملتمعات إمنا بسبب‬


‫‪٩.‬‬ ‫عدم إشباع الغريزة منذ بدايتها حتى وقعن ف احملذورات‬

‫ولذا انبرى املشرع االسالمي ف ارشاد الناس ‪ ,‬ووضع احللول ‪ ,‬والتنويه‬

‫الى مكامن الضعف عندهم ‪ ,‬وما هي التبعات واخملاطر الناجتة عند‬

‫اإلهمال وعدم األخذ بتعاليمه وأحكامه ‪ ,‬كل ذلك من أجل درء الفساد‪.‬‬

‫• وان الرزق مع الزواج ‪:‬‬

‫حلِدي ُ‬
‫ث‬ ‫ل عليه السالم ‪ :‬ا َ‬ ‫حاَق ْبِن َعَّماٍر‪َ ,‬قاَل‪ُ :‬قْل ُ‬
‫ت َألِبي َعْبِد ا ِ‬ ‫س َ‬
‫َعْن ِإ ْ‬

‫ي صلى ال عليه وآله وسلم ‪,‬‬


‫ال َأَتى الَّنِب َّ‬
‫ج ً‬
‫حٌّق َأَّن َر ُ‬
‫س َ‬
‫اَّلِذي َيْرِويِه الَّنا ُ‬

‫جَة‬
‫حلا َ‬
‫شَكا ِإَلْيِه ا َ‬
‫جَة ‪َ ,‬فَأَمَرُه ِبالَّتْزِويِج ‪َ ,‬فَفَعَل ‪ُ ,‬ثَّم َأَتاُه ‪َ ,‬ف َ‬
‫حلا َ‬
‫شَكا ِإَلْيِه ا َ‬
‫َف َ‬

‫ل عليه السالم‬
‫ت? َفَقاَل َأُبو َعْبِد ا ِ‬
‫ث َمَّرا ٍ‬
‫حّتى َأَمَرُه َثال َ‬
‫‪َ ,‬فَأَمَرُه ِبالَّتْزِويِج َ‬

‫ساِء َواْلِعَياِل)‪.(1‬‬
‫حٌّق « ُثَّم َقاَل ‪ » :‬الِّرْزُق َمَع الِّن َ‬
‫‪َ » :‬نَعْم ‪ُ ,‬هَو َ‬

‫وهذا احلديث املبارك يردّ صراحة على من ميتنع عن الزواج خشية الفقر‬

‫واحلاجة ويبي ان الرزق مقرون مع النساء والعيال‪ ,‬فعلى املؤمن ان يحسن‬

‫)‪(١‬الكاف ج ‪ ٥‬ص ‪٣٣٠‬‬


‫ ‬
‫‪٢٢‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫س َأنُتُم اْلُفَقَراُء إِلَى الِ ۖ◌ َوا ُ‬


‫ل‬ ‫الظن بربه قال تعالى ۞ َيا َأُّيَها الَّنا ُ‬

‫حلِميُد‪ .‬فاطر اية )‪. (١٥‬‬


‫يا َ‬
‫ُهَو اْلَغِن ُّ‬

‫فال تعالى الذي خلق اإلنسان وقد تكفل ف رزقه ‪ ,‬ال يغفل وال يتغافل‬

‫عن حوائج خلقه ‪ ,‬مهما تفرقوا وازدادوا ف أرضه ‪ ,‬فالقادر على خلقهم‬

‫‪ ,‬فهو ليس بعاجز على رزقهم‪.‬‬

‫فكل دابة ف األرض يعلم ال مستقرها ومستودعها وعليه رزقها قال‬

‫سَتَقﱠرَها‬
‫ل ِرْزُقَها َوَيْعَلُم ُم ْ‬ ‫تعالى ) ۞ َوَما ِمن َداﱠبٍة ف اَألْر ِ‬
‫ض ِإال َعَلى ا ِ‬

‫ي ‪ .‬هود اية )‪(١٠٦‬‬ ‫سَتْوَدَعَها ۚ◌ ُكﱞل ف ِكَتا ٍ‬


‫ب ّمِب ٍ‬ ‫َوُم ْ‬

‫• احلث على تزويج فقراء املؤمني‪:‬‬

‫وقد حث املشرع االسالمي على اعانة الفقراء ف تزويجهم وأن الساعي‬

‫لذلك له من ال تعالى األجر والثواب العظيم فقد روي عن اإلمام‬

‫الصادق )عليه السالم(‪ :‬من زوج أعزبا كان ممن ينظر ال عز وجل إليه‬

‫يوم القيامة()‪ (١‬وروي عن رسول ال )صلى ال عليه وآله(‪ :‬من زوج أخاه‬

‫)‪(١‬ﻣﯾزان اﻟﺣﻛﻣﺔ ج‪٢‬ص ‪١١٨٠‬‬


‫ ‬
‫‪٢٣‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫املؤمن امرأة يأنس بها وتشد عضده ويستريح إليها زوجه ال من احلور‬

‫العي وآنسه مبن أحبه من الصديقي من أهل بيته وإخوانه وآنسهم به‬

‫)‪ .(١‬وورد عن اإلمام الكاظم )عليه السالم(‪ :‬ثالثة يستظلون بظل عرش ال‬

‫سرا)‪( ٢‬‬ ‫يوم ال ظل إال ظله‪ :‬رجل زوج أخاه املسلم أو أخدمه أو كتم له‬

‫فال تعالى ينظر بعنايته ورعايته اإللهية على الساعي ف تزويج إخوانهم‬

‫املؤمني‪ ,‬وإن السرور الذي ادخلوه عليهم ف دار الدنيا بتزويجهم إياهم‬

‫واآلثار املباركة التي تعقب هذا العمل من ُقّرة العي بالزوجة ‪ ,‬والولد ‪,‬‬

‫والسكن الروحي ‪ ,‬وغيرها من االثار التي تسبب ف عفتهم ‪ ,‬ووقايتهم من‬

‫الفاحشة والشهوات ‪ ,‬فكل ذلك هو بعي ال عز وجل قال سبحانه ) َأّني‬

‫ض(‪ ١١.‬آل‬
‫َبْع ٍ‬ ‫ضيُع َعَمَل َعاِمٍل ّمنُكم ّمن َذَكٍر َأْو ُأنَثى ۖ◌ َبْع ُ‬
‫ضُكم ّمن‬ ‫ال ُأ ِ‬

‫ﻋﻤﺮان اﯾﺔ ‪.195‬‬

‫)‪(١‬ﺑﺣﺎر اﻻﻧوار ج ‪ ٧٢‬ص ‪٣٦٤‬‬


‫)‪(٢‬ﻣﺳﺗدرك ﺳﻔﯾﻧﺔ اﻟﺑﺣﺎر ج‪٧‬ص ‪١٣‬‬
‫ ‬
‫‪٢٤‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫اذن‪ :‬فهذه الروايات الشريفة تبي بوضوح االثار الطيبة واملباركة من‬

‫الزواج كالتأسي بسنة رسول ال ) صلى ال عليه وآله ( واحراز نصف‬

‫الدين ‪ ,‬واثقال األرض بكلمة ال اله اال ال‪.‬‬

‫وف نفس الوقت ترّد على اولئك الذين يتذرعون بشتى الذرائع لترك‬

‫الزواج‪ ,‬ومنها العبادة والزهد ‪ ,‬فالزواج ال يناف العبادة بل الزواج هو‬

‫عبادة ‪ ,‬فعن اإلمام الرضا )عليه السالم(‪ :‬إن امرأة سألت أبا جعفر )عليه‬

‫السالم( فقالت‪ :‬أصلحك ال إني متبتلة فقال لها‪ :‬وما التبتل عندك?‬

‫قالت‪ :‬ال أريد التزويج أبدا‪ ,‬قال‪ :‬ولم? قالت‪ :‬ألتمس ف ذلك الفضل‪,‬‬

‫فقال‪ :‬انصرف فلو كان ف ذلك فضل لكانت فاطمة )عليها السالم( أحق‬

‫به منك‪ ,‬إنه ليس أحد يسبقها إلى الفضل ‪(١) .‬وعن رسول ال صلى‬

‫ال عليه وآله ‪ -‬لرجل اسمه عكاف ‪ :-‬ألك زوجة? قال‪ :‬ال يا رسول ال‪,‬‬

‫قال‪ :‬ألك جارية? قال‪ :‬ال يا رسول ال‪ ,‬قال‪ :‬أفأنت موسر? قال‪ :‬نعم‪,‬‬

‫)‪١٢.(٢‬‬ ‫قال‪ :‬تزوج وإال فأنت من املذنبي!(‬

‫)‪(١‬ميزان احلكمة ج ‪ ٢‬ص ‪١١٨٠‬‬

‫) ‪(٢‬نفس املصدر‬
‫ ‬
‫‪٢٥‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫اذن‪ :‬على املؤمن ان يستحضر هذه املعاني اجلليلة ف عقله وقلبه‪ ,‬وال‬

‫ينظر الى الزواج على أنه تكوني اسرة او الشعور املسؤولية فقط بل ينظر‬

‫اليه على أنه عبادة وطاعة الى ال تعالى‪.‬‬

‫لكن ‪ -‬لألسف ‪ -‬هذا التوجه والوعي الديني قليل احلضور ف إدراك‬

‫وفهم املِقدمي على الزواج‪ ,‬حيث الكثير منهم يجهلون هذه املعاني اجلليلة‬

‫‪ ,‬وال يبذلون بعض اجملهود ف ادراك هذه املعاني من خالل املطالعة او‬

‫السؤال أهل املعرفة للوقوف على هذه النكات واملالحظات املهمة ‪.‬‬
‫ ‬
‫‪٢٦‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫املبحث الثاني‪ :‬إزالة العراقيل أمام الزواج‬

‫● النسب‬

‫● الفقر‬

‫● غالء املهر‬

‫● املظهر اخلارجي‬

‫● عناد ولي األمر‬


‫ ‬
‫‪٢٧‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫• إزالة العراقيل واملوانع أمام الزواج‬

‫وقد عمد املشرع االسالمي من خالل خطاباته ف ضرورة ازالة املوانع‬

‫التي تعرقل الزواج وحتول دون حتققه ‪ ,‬وهذه املوانع التي تعرقل مسالة‬

‫الزواج هي وجدت ونشات من صنيعة الناس انفسهم اما تعصبا او طمعا‬

‫أو جهال ما انزل ال بها من سلطان ‪.‬‬

‫ونذكر أهم تلك املوانع‪:‬‬

‫• ا ل ن س ب‪:‬‬

‫والنسب كان وما يزال ميثل عائقا كبيرا أمام الكثير من الراغبي ف‬

‫الزواج ف اجملتمع اإلسالمي‪ ,‬فبعض الهاشميي ال يزوجون فتياتهم من‬

‫غير الهاشمي‪.‬‬

‫ك مـــا اِإلنســــاُن ِإال ِبديـــِنِه‬


‫َلَعمــُر َ‬

‫سب‬
‫ك الَتقوى ِاِّتكاًال َعلى الَن َ‬
‫َفال َتتُر ِ‬

‫س‬
‫سلمــاَن فاِر ٍ‬
‫َفَقد َرَفـــَع اِإلسالُم َ‬

‫ف َأبا َلَهب‬
‫شري َ‬
‫ك ال َ‬
‫شر ُ‬
‫ضَع ال ِ‬
‫َوَقد َو َ‬
‫ ‬
‫‪٢٨‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫مع ان اإلسالم وقف بشدة أمام هذه الثقافة اخلاطئة لكن ‪ -‬لألسف ‪-‬‬

‫العصبية والعادات والتقاليد العرفية ُتقدم على الدين واإلميان ‪ ,‬مع أن‬

‫املعيار ليس النسب وال احلسب إمنا التقوى قال تعالى ) َيا َأُّيَها الَّنا ُ‬
‫س‬

‫شُعوًبا َوَقَباِئَل ِلَتَعاَرُفوا ۚ◌ ِإَّن‬ ‫خَلْقَناُكم ِّمن َذَكٍر َوُأنَثىٰ◌ َو َ‬


‫جَعْلَناُكْم ُ‬ ‫ِإَّنا َ‬

‫خِبيٌر( احلجرات اية)‪١٣.(١٣‬وروي‬ ‫ل َأْتَقاُكْم ۚ◌ ِإَّن ا َ‬


‫ل َعِليٌم َ‬ ‫َأْكَرَمُكْم ِعنَد ا ِ‬

‫عن رسول ال )صلى ال عليه وآله(‪ :‬إن ربكم واحد‪ ,‬وإن أباكم واحد‪,‬‬

‫ودينكم واحد‪ ,‬ونبيكم واحد‪ ,‬وال فضل لعربي على عجمي‪ ,‬وال عجمي‬

‫على عربي‪ ,‬وال أحمر على أسود‪ ,‬وال أسود على أحمر‪ ,‬إال بالتقوى‪(٢) .‬‬

‫• الفقر‪:‬‬
‫يعد الفقر أيضا أحد أهم املوانع أمام زواج ميسوري احلال بل هو اكثر‬

‫انتشارا وتطبيقا ف اجملتمعات حيث أن الكثير من األغنياء وأصحاب‬

‫املناصب الدنيوية يستنكفون وميتنعون من تزويج بناتهم الى الفقراء‪ ,‬ويعّد‬

‫عارا ف سجلهم ‪ ,‬ومخالفا لتقاليدهم وعاداتهم ‪ ,‬وإن كان الفقير ميلك‬

‫)‪(١‬ميزان احلكمة ج ‪ ٤‬ص ‪٣٦٢٩‬‬


‫)‪(٢‬بحار األنوار ج ‪ ١٠٠‬ص‪٣٧٢‬‬
‫ ‬
‫‪٢٩‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫املؤهالت الكثيرة لكنه ُيرفض ما دام فقيرا !!‪ .‬روي عن اإلمام الرضا‬

‫)عليه السالم(‪ :‬ان خطب إليك رجل رضيت دينه وخلقه فزوجه‪ ,‬وال‬

‫مينعك فقره وفاقته‪ ,‬قال ال تعالى‪) * :‬وإن يتفرقا يغن ال كال من‬

‫‪١٤.‬‬ ‫سعته( * وقال‪ :‬إن يكونوا فقراء يغنهم ال من فضله‪(١) ..‬‬

‫وهذا العائق لم يكن وليد الساعة بل هو متجذر ف القدم مع اجملتمعات‬

‫البشرية بصورة عامة ‪ ,‬وملا جاء اإلسالم أخذ بتثقيف املسلمي على ثقافة‬

‫التواضع واالميان والتعاون ‪ ,‬فجعل املعيار ليس الغنى وال املعايير الدنيوية‬

‫االخرى ‪ ,‬بل جعل الدين واألخالق ‪ ,‬ولذا كان النبي ) صلى ال عليه‬

‫وآله( يخطب ألصحابه الفقراء من بيوتات االغنياء واصحاب احلسب‬

‫والنسب حتى يقضي على هذه الثقافة اخلاطئة املتفشية ف اجملتمع ‪,‬‬

‫ولذا ورد ف القرآن الكري بضرورة التأسي به صلوات ال عليه‪-‬حتى‬

‫ينتشر الوعي الديني ويقضى على العادات التي تصطدم مع الدين‬

‫واالنسانية ‪.‬‬

‫) ‪ (١‬ﺑﺣﺎر اﻻﻧوار ج ‪١٠٠‬ص ‪٣٧٢‬‬


‫ ‬
‫‪٣٠‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫وقد اتضح مما سبق ان الغنى وسعة احلال‪ ,‬مع الزواج والعيال ‪ ,‬وان‬

‫الزواج خير معي على الفقر ‪ ,‬فما على املرء أال يحسن الظن بربه ‪,‬‬

‫ويفوض اليه أمره ‪.‬‬

‫• غالء املهور‪:‬‬

‫ومن املسائل األكثر رواجا وانتشارا ف مجتمعاتنا ‪ ,‬والتي تتسبب بدورها‬

‫إلى االرباك والشلل ف اجملتمع اإلسالمي هو غالء املهور ‪ ,‬حيث يتسبب‬

‫بحدوث العزوبة بشكل مخيف لدى الشباب ‪ ,‬مع العلم ان الفتاة ف الغالب‬

‫هي ال تُطالب باملهر الفاحش إمنا هو ولي امرها ‪ ,‬ولذا تبقى الفتاة عانسة‬
‫‪١٥.‬‬ ‫لسنوات ف بيتها بسبب هذا عائق‬

‫ولذا وردت روايات كثيرة عن أهل البيت ) عليه السالم( حتذر من كثرة‬

‫املهر ‪ ,‬وتدعو الى املهر اليسير فروي عن اإلمام الصادق )عليه السالم( ‪:‬‬

‫أما شؤم املرأة فكثرة مهرها وعقوق زوجها (‪ (١).‬وروي عن رسول ال‬

‫)صلى ال عليه وآله( ‪:‬أفضل نساء أمتي أصبحهن وجها وأقلهن مهرا‪(٢).‬‬

‫)‪(١‬بحار األنوار ج ‪ ٦١‬ص ‪١٩٨‬‬


‫)‪(٢‬بحار األنوار ج ‪ ١٠٠‬ص ‪٢٣٦‬‬
‫ ‬
‫‪٣١‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫وعنه )صلى ال عليه وآله(‪ :‬خير الصداق أيسره ‪ (١)..‬وعنه )صلى ال‬

‫عليه وآله(‪ :‬إن من مين املرأة تيسير خطبتها‪ ,‬وتيسير صداقها‪ ,‬وتيسير‬

‫رحمها‪(٢).‬‬

‫ولذا كان املسلمون ف بداية انطالق الدولة اإلسالمية يجعلون املهر مقابل‬

‫امور اعتبارية ميسورة كتعليم الزوجة آية أو سورة قرآنية‪ ,‬او دراهم‬

‫معدودة‪ ,‬او بعض االثاث املنزلي اليسير‪ ,‬لتسود هذه الثقافة بي املسلمي‪,‬‬

‫وتسهيال للزواج‪ ,‬وقضاء على العزوبة‪ ,‬وتكثيرا لكلمة ال اله اال ال‪.‬‬

‫وان كثيرا من األولياء األمور يعدون اخذ املهر الكثير ازاء زواج بناتهم‬

‫حنكة وذكاء ‪ ,‬كأمنا عندهم بضاعة ثمينة يبغون بيعها بأغلى االسعار ‪,‬‬

‫فيزوجون من يدفع كثيرا ويتغاضون عن األمور األساسية ف الرجل‬


‫‪١٦.‬‬ ‫كااللتزام الديني واألخالقي‬

‫)‪ (١‬ميزان احلكمة ج ‪ ٢‬ص ‪١١٨٢‬‬

‫)‪ (٢‬ميزان احلكمة ج ‪ ٢‬ص ‪١١٨٢‬‬


‫ ‬
‫‪٣٢‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫اقول‪ :‬حينما ال تبصر العي إال الى الدنيا ‪ ,‬فال شك سوف تعمى البصيرة‬

‫عن النظر الى اآلخرة ‪ ,‬وحينما تكون العالقة والتعامل بي املسلمي مبنية‬

‫على أساس املصالح واملنافع الضيقة فسوف تسحق القيم واملبادئ ‪.‬‬

‫• املظهر ا َ‬
‫خلارجي‪:‬‬

‫ومن االمور التي تعيق مسالة الزواج هو االهتمام املفرط ف اختيار‬

‫الزوجة او الزوج وفق معايير معينة كاجلمال او الرشاقة والرياضة الخ ‪..‬‬

‫مع العلم أن الدين اإلسالمي ال مينع من ذلك الن االنسان بطبعه يعشق‬

‫اجلمال واالمور االخرى ولكن ليس على نحو اإلفراط والهوس كما نسمع‬

‫ان كثيرا من الشباب يبقى لسنوات عديدة ُمعرضًا عن الزواج ألنه يبحث‬

‫عن أوصاف ظاهرية معينة وغير مقتنع مبا تقع عليه عيناه‪.‬‬

‫• عناد ولي األمر‪:‬‬

‫ومن املوانع التي تقف عائقا امام الزواج املبارك هو عناد أولياء األمور‬

‫وخاصة امام البنت ألسباب عديدة ال متت للشرع والعقل بأية صلة إمنا‬

‫َغَلبُة القوي على ارادة الضعيف فتبقى البنت حبيسة الدار فتمّر عليها‬

‫السنون ‪ ,‬ويذبل شبابها بي جدران املنزل وبعد ذلك يأتيها صاحب الشيبة‬
‫ ‬
‫‪٣٣‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫الكبير او متعدد االزواج ‪ ,‬فتقبله على مضض من أمرها ‪ ,‬وهروبا من‬

‫واقعها املرير ‪.‬‬

‫ان عناد أولياء األمور له تبعات سلبية كبيرة على نفسية وأخالق البنت‬

‫فليس كل الفتيات تقبل بهذا الواقع املتشنج الذي ينذر بوقوع الكثير من‬

‫احملذورات‪.‬‬

‫ولذا وردت أحاديث كثيرة ف التعجيل بزواج البنت ‪ ,‬الجل إزالة هذا املانع‬

‫القبلي واالخالقي فروي عن النبي ) صلى ال عليه وآله ( انه قال )وإن‬

‫األبكار إذا أدركن ما تدرك النساء فال دواء لهن إال البعول‪ ,‬وإال لم يؤمن‬

‫عليهن الفتنة(‪(١).‬وروي عن أبي عبد ال عليه السالم قال‪ :‬من سعادة‬

‫املرء أن ال تطمث ابنته ف بيته()‪ .(٢‬اشارة الى االستعجال ف تزويجها‪,‬‬


‫‪١٧.‬‬ ‫وعدم وضع احلجج التي ال تصمد أمام الشرع والعقل‬

‫)‪(١‬ميزان احلكمة ج ‪ ٢‬ص ‪١١٨١‬‬

‫)‪(٢‬وسائل الشيعة ج ‪ ٢‬ص ‪٦١‬‬


‫ ‬
‫‪٣٤‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫فهذه بعض املوانع والعقبات على نحو املثال ‪ ,‬وليس غرضنا االستقصاء‬

‫‪ ,‬وهي شاملة لذكر واالنثى على حد سواء ‪.‬‬

‫واإلنسان املؤمن أما يتبع وينساق وراء العادات العرفية اخلاطئة اخملالفة‬

‫للعقل فضال عن الشرع ‪ ,‬وأما يتبع كتاب ال وسنة نبيه )صلى ال عليه‬

‫حْكمًا‬
‫ل ُ‬
‫سُن ِمَن ا ِ‬ ‫جلاِهِلَّيِة َيْبُغوَن ۚ◌ َوَمْن َأ ْ‬
‫ح َ‬ ‫حْكَم ا َ‬
‫وآله ( قال تعالى ) َأَف ُ‬

‫ِّلَقْوٍم ُيوِقُنوَن املائدة اية )‪ (٥٠‬وقال سبحانه ) ُقْل َهِذِه َ‬


‫سِبيِلي َأْدُعو ِإَلى‬

‫ل ۚ◌ َعَلى َب ِ‬
‫صيَرٍة َأَنا َوَمِن اَّتَبَعِني‪ .‬يوسف اية )‪(١٠٨‬‬ ‫ا ِ‬
‫ ‬
‫‪٣٥‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫املبحث الثالث‪ :‬مقدمات ضرورية قبل الزواج‬

‫● الثقافة الزوجية الصحيحة‬

‫● اختيار الزوج والزوجة‬

‫● عدم االستعجال ف االختيار‬

‫● حرية االختيار للزوجي‬


‫ ‬
‫‪٣٦‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫• مقدمات ضرورية قبل الزواج‬

‫إن الزواج كما ذكرنا مرارا يعد مسؤولية كبيرة ‪ ,‬وتضحية ووفاء ‪ ,‬وتربية‬

‫وأمل وطموح ‪ ,‬وليست نزوة عابرة ‪ ,‬او حياة هامشية سخيفة ‪ ,‬او حاجة‬

‫ملحة روتينية ال قيمة لها ‪ ,‬بل هو سكن واستقرار ومدرسة اخالقية‬

‫تربوية ألسرة واعدة ‪ ,‬وبذرة خير وإصالح ف اجملتمع ‪.‬‬

‫ولكن بلوغ احلياة الزوجية السعيدة واملقرونة بطاعة ال سبحانه ال تأتي‬

‫جْعَفر‬
‫صحح وتنير الطريق َقاَل اإلماُم َ‬
‫جزافا ومن دون مقدمات متهيدية ت ّ‬

‫ساِئِر‬
‫صيَرٍة َكال َّ‬
‫سالم ( ‪ :‬اْلَعاِمُل َعَلى َغْيِر َب ِ‬
‫صادق )عليه ال َّ‬
‫بن محمد ال َّ‬

‫سْيِر ِإال ُبْعدا‪" (1).‬‬


‫سْرَعُة ال َّ‬
‫طِريِق ال َتِزيُدُه ُ‬
‫َعَلى َغْيِر ال َّ‬

‫وليست السعادة تكمن ف رضا الزوجي عن بعضهما او خلو البيت‬

‫االسري من املشاكل إمنا السعادة احلقيقية تكمن ف طاعة ال تعالى ‪,‬‬


‫‪١٨.‬‬ ‫واجتناب معصيته‬

‫)‪ (١‬بحار األنوار ج ‪ ٧٥‬ص ‪٢٤٤‬‬


‫ ‬
‫‪٣٧‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫إذن‪ :‬من أراد ان يدخل العش الزوجي‪ ,‬وأن يصون ما امكن احلياة الزوجية‬

‫من الفساد واالنهيار‪ ,‬وأن تسودها السعادة ‪ ,‬عليه يعي بعض املقدمات‬

‫املفيدة ‪:‬‬

‫اوال‪ :‬الثقافة الزوجية الصحيحة‬

‫ان كل مسالة وقضية مهمة ف الدين االسالمي‪ ,‬واجملتمع اإلنساني ال‬

‫ميكن قبولها واالقتناع واالعتقاد بها إال بعد معرفتها وفهمها وإدراكها ‪,‬‬

‫فاإلنسان موجود عقلي وفكري ال ينصاع ف الغالب الى شيء اال بعد‬

‫الدراسة واملعرفة ‪ ,‬والغرض من االحاطة الفكرية واملعرفية ف األشياء‬

‫هو الوصول الى الهدف الصحيح واحلق وجتنب اخلطأ والباطل وقد أثنى‬

‫سَتِوي اَّلِذيَن َيْعَلمُوَن‬


‫القرآن الكري على أهل العلم بقوله تعالى ) ُقْل َهْل َي ْ‬

‫ب)‪ .(1‬الزمر اية )‪. (٩‬‬


‫منا َيَتَذَّكُر ُأوُلو اَألْلَبا ِ‬
‫َواَّلِذيَن ال َيْعَلُموَن ِإ َ‬

‫والعالقة الزوجية تعد من أهم القضايا الدينية واالجتماعية واإلنسانية‬

‫والدخول الى البيت الزوجي يحتاج الى وقفة معرفية وفكرية ولو اجمالية‬

‫لكي يعيش الزوجان ف سعادة وراحة بال ولكي يتجنبا اخملاطر واملشاكل‬
‫ ‬
‫‪٣٨‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫‪,‬وحتى يتحصن الزوجان بالثقافة األخالقية والدينية واالجتماعية لدفع‬

‫ما ميكن دفعه من البالء اخلارجي والصراع الداخلي ف األسرة‪.‬‬

‫فكل عاقل يقر بان الزوج املثقف والواعي واخللوق ال يساوق اجلاهل‬

‫والفاسق ‪ ,‬فاملثقف واخللوق واملتدين يستطيع أن يواجه املشاكل بقوة‬

‫اإلميان والعلم والوعي وبالتالي سوف يحافظ على البيت الزوجي من‬

‫الضياع والتصدع واالنفصال‪.‬‬

‫إذن‪ :‬فالثقافة الزوجية واالجتماعية ضرورية ومطلوبة من كال الزوجي ‪,‬‬


‫‪١٩.‬‬ ‫ومع هذه الثقافة البد أن تصاحبها األخالق والدين‬

‫ولذا جمع رسول ال ) صلى ال عليه وآله ( الدين مع األخالق ألن‬

‫البعض لديه التزام ديني كااللتزام بصالته وصومه ولكنه فاقد األخالق‬

‫كالصفح والعفو والرحمة واالحترام الى اخره من مكارم األخالق‪.‬‬

‫روي عن رسول ال )إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إال تفعلوه‬

‫تكن فتنة ف األرض وفساد كبير‪(١).‬‬

‫)‪(١‬الكاف ج ‪ ٥‬ص ‪٣٤٧‬‬


‫ ‬
‫‪٣٩‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫فإذن‪ :‬ال بأس مبن يريد اإلقدام على الزواج أن يطالع الكتب االجتماعية‬

‫واالخالقية حتى يتسلح بالعلم واملعرفة حتى تكون لديه خارطة اجتماعية‬

‫معرفية يسير عليها لكي يجنب نفسه واهله من السقوط والتشتت‬

‫فالزواج ليس نزهة وال نزوة عابرة إمنا هي حياة طويلة مليئة بالتحديات‬

‫اخملتلفة حتتاج الى استعداد فكري وثقاف وأخالقي وديني حتى تصل‬

‫سفينة احلياة الزوجية إلى بر األمان‪.‬‬

‫والزوجان يجب عليهما معرفة ما لهما من احلقوق حتى ال يجور أحدهما‬

‫على حق اآلخر امنا يأخذ كالهما حقه إن أرادا ذلك‪ ,‬ويجب معرفة ما‬

‫عليهما من احلقوق والواجبات حتى ال يبخس إحداهما حق اآلخر‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬املعيار ف اختيار الزوج والزوجة‬

‫ومن املقدمات الضرورية قبل اإلقدام على الزواج هو االختيار الصحيح‬

‫من كال الطرفي فهناك معايير صحيحة ميكن االعتماد عليها ‪ ,‬وهناك‬

‫أمور مطلوبة ولكنها ليست أساسية كاجلمال املفرط ‪ ,‬فاجلمال مطلوب‬

‫على كل حال فالنفس متيل الى ذلك ‪ ,‬وما دام ال يناف الشرع والعقل فال‬

‫مانع منه ‪ ,‬ولكن ينبغي ان ال يكون هو املعيار ف اختيار الزوجة واهمال‬


‫ ‬
‫‪٤٠‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫املعايير املهمة األخرى روي عن النبي )صلى ال عليه وآله(‪ :‬ال يختار‬
‫دينها‪٢٠.(١).‬‬ ‫حسن وجه املرأة على حسن‬

‫وهذا االختيار واقع ‪ -‬لألسف ‪ -‬ف ثقافة كثير من الناس فقد يغمض‬
‫البعض ويهمل عن اهم االمور الشرعية والعقلية كاألخالق والدين ويبحث‬
‫عن اجلمال وحده ‪ ,‬ولذا نالحظ رسول ال ) صلى ال عليه وآله ( ركّز‬
‫عليهما ف حديثه الشريف ) إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه‬
‫إال تفعلوه تكن فتنة ف األرض وفساد كبير( ‪.(٢).‬‬
‫وعنه )صلى ال عليه وآله(‪ :‬من تزوج امرأة ال يتزوجها إال جلمالها لم ير‬

‫فيها ما يحب‪ ,‬ومن تزوجها ملالها ال يتزوجها إال وكله ال إليه‪ ,‬فعليكم‬

‫بذات الدين‪ (٣).‬وعن اإلمام الباقر )عليه السالم(‪ :‬أتى رجل رسول ال‬

‫)صلى ال عليه وآله( يستأمره ف النكاح‪ ,‬فقال‪ :‬نعم إنكح ‪ ,‬وعليك بذوات‬

‫الدين تربت يداك‪ . (٤).‬وجاء رجل إلى اإلمام احلسن )عليه السالم(‬

‫يستشيره ف تزويج ابنته? فقال‪ :‬زوجها من رجل تقي‪ ,‬فإنه إن أحبها‬

‫أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها ‪(٥).‬‬

‫)‪(١‬ميزان احلكمة ج ‪ ٢‬ص ‪١١٨‬‬


‫)‪(٢‬الكاف ج ‪ ٥‬ص ‪٣٤٧‬‬
‫)‪ (٣‬ميزان احلكمة ج ‪ ٢‬ص ‪١١٨١‬‬
‫)‪ (٤‬نفس املصدر‬
‫)‪ (٥‬مكارم األخالق الطبرسي ص ‪٢٠٤‬‬
‫ ‬
‫‪٤١‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫وقال أبو األسود الدؤلي لبنيه‪ :‬قد أحسنت إليكم صغاًرا وكباًرا‪ ,‬وقبل أن‬

‫تولدوا‪ ,‬قالوا‪ :‬وكيف أحسنت إلينا قبل أن نولد? قال‪ :‬اخترت لكم من‬

‫بها‪٢١(١).‬‬ ‫سٌّبون‬
‫األمهات َمن ال ُت َ‬

‫وكذلك قد تخطأ الفتاة ف اختيار الزوج باحثة اما عن اجلمال او املال‬

‫او الشهادة العليا وغيرها من دون ان تضع للدين واألخالق أية أولوية ‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬عدم االستعجال ف االختيار‬

‫فمن املسائل األكثر وقوعا عند اإلقدام على الزواج هي العجلة ف‬

‫االختيار ‪ ,‬فالعجلة مطلوبة ف الزواج ألنها محبوبة ولها آثار مباركة ولكن‬

‫هذا ال يعني العجلة ف االختيار الزوجة او الزوج من دون ترو وفحص‪.‬‬

‫فاخلطأ املكتشف بعد االرتباط والذي حدث من دون تفكير‪ ,‬وسؤال ‪,‬‬

‫وتفحص ‪ ,‬إمنا حصل نتيجة االستعجال ‪ ,‬وعدم الشعور باملسؤولية‬

‫املطلوبة ف حينها ‪.‬‬

‫)‪ (١‬كتاب الدنيا والدين‬


‫ ‬
‫‪٤٢‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫إذن‪ :‬فاملسألة خطيرة ‪ ,‬ولها تبعات كبيرة على الزوجة واألطفال واألسرة‬

‫‪ ,‬وكان األولى ان ُيدرس املوضوع من جميع حيثياته ومتطلباته ‪ ,‬ومن جهة‬

‫القابليات واملؤهالت ف الزوج والزوجة ‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬حرية االختيار ف الزواج‬

‫ان حرية اختيار الزوجة او الزوج البد ان يستند إليهما دون غيرهما من‬

‫االقربي ‪ ,‬فقد تكره البنت على الزواج ‪ ,‬ويفرض على ارادتها الزوج وهي‬

‫غير راضية به ‪ ,‬فتخرج من بيت اهلها بالتهديد والوعيد الى بيت زوجها‬

‫وهي مكرهة على الزواج ‪.‬‬

‫من العلم أن عقد الِقران البد فيه من ايجاب وقبول من الطرفي فإذا لم‬

‫ترض به البنت يكون العقد باطال‪ ,‬ويحرم الدخول بها إال بالقبول والرضا‪.‬‬

‫وهذه الظاهرة كثيرة احلصول وخاصة ف املناطق العشائرية حيث تكره‬

‫البنت على الزواج من ابن عمها وهي غير راضية به‪.‬‬

‫نعم ال بأس تُسمع نصيحة الوالدين على كل حال‪ ,‬ولكن يبقى القرار‬

‫النهائي ملن يقدم على الزواج! ألنه هو من سيعيش ويرتبط مع اآلخر ف‬

‫حياة مليئة بالتحديات‪.‬‬


‫ ‬
‫‪٤٣‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫وف هذا العنوان نذكر احدى السلبيات املوجودة ف اجملتمعات ف‬

‫خصوص الزواج وهي أن يعتمد الشاب ف اختيار الزوجة على والديه‪,‬‬

‫ويثق بهما ثقة عمياء من دون ان يحرك ساكنا ‪ ,‬وبعد مدة من الزواج‬

‫يكتشف الزوج أن زوجته غير مناسبة له ‪ ,‬وقد يحدث العكس أيضا بأن‬

‫تعتمد البنت كل االعتماد على أهلها من دون ان تستفسر وتسأل عن دين‬

‫الشاب وأخالقه وثقافته‪.‬‬

‫وبعد مدة من الزواج يبدأ التذمر من هذه العالقة املعتمدة على اختيار‬

‫اآلخرين من دون حتر وفحص من قبل الزوجي وقد تنتهي هذه العالقة‬

‫الى الطالق بسبب هذا التصرف اخلاطئ‪.‬‬

‫لقد قلنا ف املوضوع السابق أن العجلة ف التزويج وإن كانت مطلوبة‬

‫ومحبوبة ف اإلسالم ‪ ,‬ولها آثار ايجابية كثيرة ولكن هذا ال يعني عدم‬

‫اعتمادها على أسس صحيحة يسير عليها ملن يقدم على الزواج ‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬الشعور باملسؤولية وحتملها‬

‫ومن املسائل الضرورية أن يشعر الزوجان باملسؤولية قبل عقد القِران‬

‫املبارك‪ ,‬ويجب عليهما حتملها بكل ثقة وعزمية‪ ,‬وأن يعضد أحدهما‬
‫ ‬
‫‪٤٤‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫اآلخر ‪ ,‬أمام التحديات التي يواجهونها بعد الزواج ‪ ,‬وان تسود بينهم روح‬

‫التعاون ‪ ,‬والرحمة ‪ ,‬والتسامح ‪ ,‬واإلغماض عن بعض األمور ‪ ,‬وترك‬

‫استفزاز اآلخر الخ‪.‬‬

‫وان يسعى الزوجان ف إفشاء أجواء الرحمة واملودة والتعاون بينهما ‪ ,‬وأن‬

‫يتحلى الزوجان بسمو األخالق ‪ ,‬فال يبخس أحدهما حق اآلخر قال تعالى‬

‫سُكَن ِإلَْيَها‬ ‫جَعَل ِمْنَها َزْو َ‬


‫جَها ِلَي ْ‬ ‫حَدٍة َو َ‬
‫س َوا ِ‬
‫خَلَقُكم ِّمن َّنْف ٍ‬
‫) ُهَو اَّلِذي َ‬

‫األعراف اية )‪ (١٨٩‬وقال سبحانه )َوِمْن آَياِتهِ َأْن َ‬


‫خَلَق َلُكم ِّمْن َأنُفسُِكْم‬

‫ت ِّلَقْوٍم‬ ‫حَمًة ۚ◌ ِإَّن ف َذِل َ‬


‫ك آلَيا ٍ‬ ‫جَعَل َبْيَنُكم َّمَوَّدًة َوَر ْ‬
‫سُكُنوا ِإَلْيَها َو َ‬
‫جا ِّلَت ْ‬
‫َأْزَوا ً‬

‫َيَتَفَّكُروَن(الروم اية)‪.(٢١‬‬
‫ ‬
‫‪٤٥‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫املبحث الرابع‪ :‬مستحبات ما قبل الدخول‬

‫● اإلطعام‬

‫● الوض وء‬

‫● صالة ركعتي‬

‫● الصالة على النبي ) صلى ال عليه وآله (‬

‫● الد ع اء‬
‫ ‬
‫‪٤٦‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫مستحبات ما قبل الدخول‬

‫• اإلطعام ‪:‬‬

‫فمن السن املستحبة هو اإلطعام عند التزويج ضُحىً ‪ ,‬وان ينال فقراء‬

‫املؤمني ‪ ,‬وإن ُيتجنب عن الرياء والسمعة والتفاخر بي الناس ‪ ,‬فقد ُروي‬

‫طَعاَم‬
‫ي اِإل ْ‬
‫سِل َ‬
‫ن اُملْر َ‬
‫س ِ‬
‫أن النبي )صلى ال عليه وآله ( َقاَل ‪ِ " :‬إَّن ِمْن ُ‬

‫ِعْنَد الَّتْزِويِج()‪. (١‬‬

‫جْعَفر ) عليه السالم ( أنه َقاَل ‪ :‬اْلَوِليَمُة َيْوٌم ‪َ ,‬وَيْوَماِن‬


‫َوروي َعْن َأِبي َ‬

‫ل()‪ ) (٢‬عليه السالم (‬


‫سْمَعٌة َوَعْن َأِبي َعْبِد ا ِ‬
‫َمْكُرَمٌة ‪َ ,‬وَثالَثُة َأَّياٍم ِرَياٌء َو ُ‬

‫حٌّق َوالَّثاِن َ‬
‫ي‬ ‫ل )صلى ال عليه وآله (‪ :‬اْلَوِليَمُة َأَّوَل َيْوٍم َ‬
‫سوُل ا ِ‬
‫َقاَل ‪َ :‬قاَل َر ُ‬
‫)‪٢٢.(٣‬‬ ‫سْمَعة‬
‫ف َوَما َزاَد ِرَياٌء َو ُ‬
‫َمْعُرو ٌ‬

‫)‪(١‬الكاف ج ‪ ٥‬ص ‪٣٦٧‬‬

‫)‪(٢‬الكاف ج ‪ ٥‬ص ‪٣٦٨‬‬

‫)‪(٣‬نفس املصدر‬
‫ ‬
‫‪٤٧‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫وأن يقع الزفاف ليال الن النساء سكن قال تعالى ) َوِمْن آَياِتِه َأْن َ‬
‫خَلَق َلُكم‬

‫)‪(٢١‬‬ ‫حَمة الروم اية‬


‫جَعَل َبْيَنُكم َّمَوَّدًة َوَر ْ‬
‫سُكُنوا ِإَلْيَها َو َ‬
‫جا ِّلَت ْ‬
‫سُكْم َأْزَوا ً‬
‫ِّمْن َأنُف ِ‬

‫سَكًنا( االنعام‬
‫جَعَل الَّلْيَل َ‬
‫صَباِح َو َ‬
‫جعل سكنا قال تعالى ) َفاِلُق اِإل ْ‬
‫والليل ُ‬

‫اية )‪ (٩٦‬فقد ُرِوي عن اإلمام جعفر بن محمد الصادق ) عليه ال َّ‬


‫سالم (‬

‫حى ‪. (١).‬‬
‫ض ً‬
‫طِعُموا ُ‬
‫سُكْم َلْيال َوَأ ْ‬
‫أنه قال ‪ُ " :‬زُّفوا َعَراِئ َ‬

‫ضا )عليه السالم (‬


‫سِن الِّر َ‬
‫حل َ‬
‫شاِء َعْن َأِبي ا َ‬
‫ي اْلَو َّ‬
‫سِن ْبِن َعِل ٍّ‬
‫حل َ‬
‫ي َعِن ا َ‬
‫ُرِو َ‬

‫سِمْعُتُه َيُقوُل ف الَّتْزِويِج ‪َ ,‬قاَل ‪ِ " :‬مَن السَُّّنِة الَّتْزِويُج ِبالَّلْيِل َألَّن ا َ‬
‫ل‬ ‫َقاَل ‪َ :‬‬
‫ن‪٢٣.(٢).‬‬
‫سَك ٌ‬
‫َ‬ ‫منا ُهَّن‬
‫ساُء ِإ َ‬
‫سَكنًا َوالِّن َ‬
‫جَعَل الَّلْيَل َ‬
‫َ‬

‫ال بأس أن ننبه املؤمني الى ضرورة ابعاد هذه السنة املباركة عن كل ما‬

‫يكتنفها من املعاصي والذنوب كاحلفالت املريبة والغناء والرقص الخ‪.‬‬

‫فال تتحول هذه الوسيلة العبادية‪ ,‬والسنة املباركة الى ما يسخط ال ‪,‬‬

‫ويوجب غضبه بسبب العصيان والتعدي وامليل الى الشهوات ‪.‬‬

‫)‪(١‬وسائل الشيعة ج ‪ ٢٠‬ص ‪٩١‬‬

‫)‪(٢‬الكاف ج ‪ ٥‬ص ‪٣٣٦‬‬


‫ ‬
‫‪٤٨‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫وعلى املؤمن ال يرضخ للضغوطات التي متارس ضده ف سبيل ارغامه‪,‬‬

‫واحراجه ف ممارسة الغناء والرقص ف ليلة زفافه سواء كانت‬

‫الضغوطات من أرحامه او أقرانه فال طاعة خمللوق ف معصية اخلالق ‪,‬‬

‫وأن ال تأخذه ف ال لومة الئم ‪ ,‬وما عند ال خير وابقى‪.‬‬

‫• ا ل و ض و ء‪:‬‬

‫ومن السن هو الوضوء لكال الزوجي قبل املقاربة فقد رُوِيَ عن اإلمام‬

‫سالم ( ف حديث أنه قال ‪ِ ... " :‬إَذا‬


‫محمد بن علي الباقر ) عليه ال َّ‬

‫صُل ِإَلْيَها‬
‫ت ال َت ِ‬
‫ك َأْن َتُكوَن ُمَتَوضَِّئًة ‪ُ ,‬ثَّم َأْن َ‬
‫صَل ِإَلْي َ‬
‫ت َفُمْرَها َقْبَل َأْن َت ِ‬
‫خَل ْ‬
‫َد َ‬

‫ضَأ‪.(١).‬‬
‫حَّتى َتَو َّ‬
‫َ‬

‫ان الوضوء نور وطهارة‪ ,‬وهو بال شك يفيض كماالً لسُنة الزواج ‪ ,‬وله أثر‬
‫‪٢٤.‬‬ ‫ايجابي على النطفة‬

‫فأهل البيت عليهم السالم ال يأمرون بشيء اعتباطا اال لوجود مصلحة‬

‫فيه‪ ,‬وال ينهون عن شيء إال لوجود مفسدة فيه‪.‬‬

‫• ‪ :‬صالة ركعتي‬

‫)‪ (١‬الكاف ج ‪ ٥‬ص ‪٥٠٠‬‬


‫ ‬
‫‪٤٩‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫ي عن اإلمام محمد‬
‫وكذلك يستحب أن يصلي الزوجان ركعتي فقد ُرِو َ‬

‫سالم ( َعْن َأِبي َب ِ‬


‫صيٍر َقاَل َقاَل ِلي َأُبو َعْبِد ا ِ‬
‫ل‬ ‫بن علي الباقر ) عليه ال َّ‬

‫ك‬
‫ت ال َأْدِري َقاَل ِإَذا َهﱠم ِبَذِل َ‬
‫صَنُع ُقْل ُ‬
‫ف َي ْ‬ ‫)عليه السالم( ِإَذا َتَزﱠوَج َأ َ‬
‫حُدُكْم َكْي َ‬

‫ل ُثﱠم َيُقوُل الﱠلُهﱠم ِإّني ُأِريُد َأْن َأَتَزﱠوَج َفَقّدْر ِلي‬


‫حَمُد ا َ‬
‫ي َو َي ْ‬
‫صّل َرْكَعَت ِ‬
‫َفْلُي َ‬

‫سَعُهﱠن‬
‫سَها َو ف َماِلي َوَأْو َ‬
‫ظُهﱠن ِلي ف َنْف ِ‬
‫حَف َ‬
‫ساِء َأَعﱠفُهﱠن َفْرجًا َو َأ ْ‬
‫ِمَن الّن َ‬

‫حَياِتي‬
‫صاحلًا ف َ‬
‫خَلفًا َ‬
‫جتَعُلُه َ‬
‫طّيبًا ْ‬ ‫ِرْزقًا َوَأْع َ‬
‫ظَمُهﱠن َبَرَكًة َوَقّدْر ِلي َوَلدًا َ‬

‫مماِتي)‪. ( ١‬‬
‫َوَبْعَد َ‬

‫لكي يشكر العبد ال تعالى على هذه النعمة ‪ ,‬وال ينسى فضله الواسع ‪,‬‬

‫مبا مّن عليه من النكاح احلالل قال االمام السجاد ) عليه السالم ( ‪:‬‬

‫سكنًا وُمسَتراحًا‬
‫ل جعَلَها َ‬
‫حّق َرعﱠيتك مبلك الّنكاِح ‪ ,‬فأْن َتعَلَم أﱠن ا َ‬
‫)َوأﱠما َ‬

‫حِبه‬
‫صا ِ‬
‫ل َعَلى َ‬
‫وأُنساً وَوِاقِية ‪ ,‬وكذلك كُلّ واحدٍ مِنكُما يَجِبُ أنْ يَحمَد ا َ‬
‫‪٢٥(٢).‬‬ ‫ك ِنعمًة ِمنُه َعَليه‬
‫‪ ,‬وَيعَلَم أﱠن َذِل َ‬

‫• الصالة النبي صلى ال عليه وآله‬

‫)‪(١‬الكاف ج ‪ ٣‬ص ‪٤٨٢‬‬


‫)‪(٢‬اﻟﺻﺣﯾﻔﺔ اﻟﺳﺟﺎدﯾﺔ‬
‫ ‬
‫‪٥٠‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫ي عن اإلمام‬
‫ان يصلي الزوجان على النبي ) صلى ال عليه وآله ( فقد ُرِو َ‬
‫سالم ( ف حديث أنه قال ‪ِ ... " :‬إَذا َدخََل ْ‬
‫ت‬ ‫محمد بن علي الباقر ) عليه ال َّ‬
‫حَّمٍد ‪. (١).‬‬
‫حَّمٍد َو آِل ُم َ‬
‫صِّل َعَلى ُم َ‬
‫‪َ ...‬و َ‬
‫فهذه الصالة املباركة على النبي ) صلى ال عليه وآله ( لكي تنزل الرحمة‬
‫الزوجي‪٢٦.‬‬ ‫والبركة على الذرية وعلى‬

‫• الدعاء‬

‫ل )عليه‬ ‫فإنه من السن املستحبة للزوجي َفَعْن َأِبي َب ِ‬


‫صيٍر َعْن َأِبي َعْبِد ا ِ‬

‫سَتْقِبِل اْلِقْبَلَة َوُقِل‬


‫صَيِتَها َوا ْ‬
‫خْذ ِبَنا ِ‬
‫ك َف ُ‬
‫ت ِبَأْهِل َ‬ ‫السالم( أنه َقاَل ِإَذا َد َ‬
‫خْل َ‬

‫ت ِلي ِمْنَها َوَلدًا‬


‫ضْي َ‬
‫حَلْلُتَها ‪َ ,‬فِإْن َق َ‬
‫سَت ْ‬
‫كا ْ‬
‫خْذُتَها َوِبَكِلَماِت َ‬
‫ك َأ َ‬
‫الَّلُهَّم ِبَأَماَنِت َ‬

‫شْركًا‬
‫طاِن ِفيِه ِ‬
‫شْي َ‬
‫جتَعْل ِلل َّ‬
‫حَّمٍد َو ال ْ‬
‫شيَعِة آِل ُم َ‬
‫جَعْلُه ُمَباَركًا َتِقّيًا ِمْن ِ‬
‫َفا ْ‬

‫صيبًا ")‪.(٢‬‬
‫َوال َن ِ‬

‫إمنا جعل الدعاء حتى يكون املؤمن دائما ف معية ال تعالى ‪ ,‬وحتى‬
‫يستمد منه التوفيق والعناية والبركة ‪ ,‬ومن ضمنها الدعاء عند الزواج ‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﻟﻛﺎﻓﻲ ج ‪ ٥‬ص ‪٥٠٠‬‬


‫)‪ (٢‬الكاف ‪. ٥٠١ / ٥ :‬‬
‫ ‬
‫‪٥١‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫فالزواج عبارة عن رحلة مليئة بالتحديات ‪ ,‬واإلنسان ضعيف ف حتمل‬


‫الشدائد والصعوبات ‪ ,‬وقد يكون عرضة للسقوط والفشل لو ال أن ترعاه‬
‫العناية اإللهية ‪.‬‬
‫فلذا يأتي عامل الدعاء والتوسل من العبد ف طلب العون والسداد من‬

‫ال عز وجل ‪.‬‬


‫ ‬
‫‪٥٢‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫املبحث اخلامس‪ :‬حقوق الزوج والزوجة ف االسالم‬

‫● حق الزوجة ف اإلسالم‬

‫● سهم من اإلرث‬

‫● ثبوت املهر‬

‫● وجوب االنفاق‬

‫● املعاشرة باملعروف‬

‫● حق الزوج ف اإلسالم‬

‫● تعظ يم الزوج‬

‫● ر ض ا ا لز و ج‬

‫● حرمة اخلروج من البيت إال بإذنه‬

‫● و ج و ب ا لت م ك ي‬

‫● أن حتفظه ف ماله ونفسها‬

‫● ح ر مة اغ ض ابه‬

‫● ح ر مة التزين لغير زوج ها‬


‫ ‬
‫‪٥٣‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫• حق الزوجة ف اإلسالم‬

‫ُبعث النبي ) صلى ال عليه وآله ( ف مجتمع ينظر الى املرأة نظرة‬

‫ازدرائية ودونية وتعسفية ال تعدو سوى غرضا هامشيا ‪ ,‬ونزوة عابرة ‪,‬‬

‫فال جتّل ‪ ,‬وال ُيسمع لها قول ‪ ,‬وال تشارك ف أمر ‪ ,‬اال ما ندر ‪ ,‬بل هي‬

‫حمل ثقيل ‪ ,‬وعار ف اجلبي ‪ ,‬فكان أبوها يئُدها حية ‪ ,‬تخلصا من عارها‬

‫وشنارها كما يعتقد ‪ ,‬فكان هذا السلوك املستهجن من أبرز مصاديق‬

‫اجلاهلية االولى ‪.‬‬

‫وكانت ال ُيعطى لها ميراثها ‪ ,‬وال تنال حقها ‪ ,‬بل كان االجحاف والتجاوز‬

‫على مالها ونفسها ظاهرا ال لبس فيه من ذويها ومن ينتسب اليها ‪.‬‬

‫فجاء اإلسالم منقذا لها من هذا اجلحيم املطبق ‪ ,‬فأخرجها من الظلم‬

‫والظالم الى العدالة والنور ففرض لها حقوقا ف كتابه اجمليد فمن تلك‬

‫احلقوق نذكر جملة منها ‪:‬‬

‫• سهم من اإلرث‪ :‬قال تعالى ) َوَلُهﱠن الّرُبُع ﱠ‬


‫مما َتَرْكُتْم ِإن ﱠلْم َيُكن ﱠلُكْم‬

‫مما َتَرْكُتم()‪.(١‬النساء اية)‪. (١٢‬‬


‫َوَلٌد َفِإن َكاَن َلُكْم َوَلٌد َفَلُهﱠن الّثُمُن ﱠ‬
‫ ‬
‫‪٥٤‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫حَلًة (‪.‬النساء‬
‫صُدَقاِتِهﱠن ِن ْ‬ ‫• ثبوت املهر ‪ :‬قال تعالى ) َوآُتوا الّن َ‬
‫ساَء َ‬

‫اية)‪.(٤‬‬

‫ساِء‬ ‫• وجوب اإلنفاق عليها ‪ :‬قال عز وجل ) الّر َ‬


‫جاُل َقﱠواُموَن َعَلى الّن َ‬

‫مبا َأنَفُقوا ِمْن َأْمَواِلِهْم(النساء‬


‫ض َو َ‬
‫ضُهْم َعَلى َبْع ٍ‬
‫ل َبْع َ‬
‫ضَل ا ُ‬
‫مبا َف ﱠ‬
‫َ‬

‫اية )‪.(٣٤‬‬

‫ف(النساء‬ ‫• املعاشرة باملعروف ‪ :‬قال تعالى ) َوَعا ِ‬


‫شُروُهَّن ِباَملْعُرو ِ‬

‫اية)‪.(١٩‬‬

‫بان ُتعامل باحلسنى واالحترام‪ ,‬وأن تعاشر بالكرامة واملعروف ‪ ,‬واحلياة‬

‫الكرمية فال ُتظلم ‪ ,‬وال ُتضطهد ‪ :‬وال ُيستغل ضعفها ‪ ,‬وال ُينظر لها‬

‫خْر َقْوٌم ِّمن َقْوٍم َعسَى‬


‫س َ‬
‫بسخرية ‪ ,‬قال تعالى ) َيا َأُّيَها اَّلِذيَن آَمُنوا ال َي ْ‬

‫خْيًرا ِّمْنُهَّن‪.‬‬
‫سى َأن َيُكَّن َ‬
‫ساٍء َع َ‬
‫ساٌء ِّمن ِّن َ‬
‫خْيًرا ِّمْنُهْم َوال ِن َ‬
‫َأن َيُكوُنوا َ‬

‫احلجرات )‪. ( ١١‬‬

‫وعن أمير املؤمني )عليه السالم( حملمد بن احلنفية‪ :‬يا بني إذا قويت‬

‫فاقِو على طاعة ال ‪ ,‬وإن ضعفت فاضعف عن معصية ال … فإن املرأة‬

‫ريحانة وليست بقهرمانة‪ ,‬فدارها على كل حال وأحسن الصحبة لها‬


‫ ‬
‫‪٥٥‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫فيصفو عيشك‪(١).‬وروي عن الصادق )عليه السالم( انه قال ‪ :‬اتقوا ال‬


‫)‪٢٧.(٢‬‬ ‫ف الضعيفي يعني اململوك واملرأة‪.‬‬

‫ولكن هل انتهت هذه اجلاهلية ف مجتمعاتنا االسالمية أم ما زال لها‬

‫اصول ف عقول بعض الناس ? فال شك أنها ما زالت سائدة‪ ,‬وما زالت‬

‫املرأة تضطهد اليوم بأشكال وأساليب متعددة بجاهلية جديدة حيث ُتهمل‬

‫من ِقبل زوجها وخاصة إذا ما حدث خالف بينهما فتترك الزوجة مع‬

‫أطفالها بال نفقة‪ ,‬وال سؤال ‪ ,‬وال طالق نكاال بها ‪ ,‬أو لكي تتنازل عن‬

‫حقوقها املشروعة ‪.‬‬

‫فهذه الظالمات وغيرها تخالف قطعا وجوب املعاشرة باملعروف‬

‫واحلسنى‪ ,‬ومعارضة للوصايا القرآن وأهل بيت النبوة‪ ,‬إمنا هي انفعاالت‬

‫نابعة من روح االنتقام والتشفي‪.‬‬

‫)‪ (١‬من ال يحضره الفقيه ج ‪ ٣‬ص ‪٥٥٦‬‬


‫)‪(٢‬بحار األنوار ج ‪ ٧٦‬ص ‪٢٦٨‬‬
‫ ‬
‫‪٥٦‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫ومن التصرفات التي يندى لها جبي االنسانية التي تقع بحق الزوجة بعد‬

‫االنفصال من البعض حيث يتم التشهير بها أمام القاصي والداني ف‬


‫ستره‪٢٨.‬‬ ‫التواصل االجتماعي‪ ,‬كأنها لم تكن يوما من أيام حتت‬

‫صيِني‬ ‫روي عن النبي األكرم ) صلى ال عليه وآله ( ‪َ( :‬ما َزاَل ِ‬
‫جبراِئيل ُيو ِ‬

‫شٍة ُمِبيَنة)‪.(1‬‬
‫ح َ‬
‫طالُقَها إَّال ِمن َفا ِ‬
‫ت أَّنه ال َيْنَبغي َ‬
‫ظَنْن ُ‬
‫حَّتى َ‬
‫ِباَملْرأِة ‪َ ,‬‬

‫جوَعَها ‪ ,‬وأْن‬
‫جَها ‪ :‬أْن َيسَّد ُ‬ ‫وف احلديث الشريف ‪َ ( :‬‬
‫حُّق اَملْرأِة َعَلى َزو ِ‬

‫جهًا ‪(٢).‬‬
‫َيسُتَر َعوَرَتها ‪َ ,‬وال ُيَقِّبُح َلَها َو ْ‬

‫حُّق‬
‫وف رسالة احلقوق لإلمام السجاد عليه السالم انه قال ‪َ :‬وأَّمــــــــــــــا َ‬

‫ســـــــا‬
‫حا َوُأْن ً‬
‫سَتَرا ً‬
‫سَكًنا َوُم ْ‬
‫جـَعـَلـَهـا َ‬ ‫ك الّنَكاِح َفَأْن َتْعَلَم َأَّن ا َ‬
‫ل َ‬ ‫مبْل ِ‬
‫ك ِ‬‫َرِعَّيِت َ‬

‫صاحِبِه‪,‬‬
‫ل َعَلى َ‬
‫حَمَد ا َ‬
‫ب َأْن َي ْ‬
‫ج ُ‬
‫حٍد ِمْنُكَما َي ِ‬
‫ك ُكُّل َوا ِ‬
‫َوَواِقيًة ‪َ ,‬وَكَذِل َ‬

‫حَبَة ِنْعَمِة‬
‫ص ْ‬
‫ســــــــــَن ُ‬
‫ح ِ‬
‫ب أَْن ُي ْ‬
‫ج َ‬
‫ك ِنْعَمٌة ِمْنُه َعَلْيِه‪َ .‬وَو َ‬
‫وَيْعَلـــــــــــــَم َأَّن َذِل َ‬

‫)‪(١‬جامع أحاديث الشيعة ج ‪ ٢٢‬ص ‪٣‬‬

‫)‪ (٢‬ميزان احلكمة ج ‪ ٢‬ص ‪١١٨٥‬‬


‫ ‬
‫‪٥٧‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫ك أْن‬
‫ظ‪ ,‬فإَّن َلها َعَلْي َ‬
‫ك َعَلْيَها َأْغَل َ‬
‫حُّق َ‬
‫ل َوُيْكِرَمَها وَيْرَفَق بَها َوإْن َكاَن َ‬
‫ا ِ‬

‫عْنه‪(١) (٢٩‬‬
‫َ‬ ‫ت َعَفْو َ‬
‫ت‬ ‫جِهَل ْ‬
‫سوها‪ِ ,‬فإذا َ‬
‫طِعمها وَتْك ُ‬
‫ك و ُت ْ‬
‫حَمها َألَّنها أسيُر َ‬
‫َتْر َ‬

‫وروي عن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ‪ » :‬حّق املرأة على زوجها‬

‫أن يسَّد جوعتها‪ ,‬وأن يستر عورتها‪ ,‬وال يقّبح لها وجهاً ‪ ,‬فإذا فعل ذلك‬

‫أدّى وال حقّها‪ (٢).‬وروي قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ‪» :‬‬

‫خيركم خيركم لنسائه ‪,‬لنسائه ‪ ,‬وأنا خيركم لنسائي ‪(٣).‬وقال صلى ال‬

‫عليه وآله وسلم ‪ » :‬من اتخذ زوجة فليكرمها «)‪(٤‬‬

‫وف جوابه ) صلى ال عليه وآله ( على سؤال خولة بنت األسود حول‬

‫مما يلبس‬
‫مما يأكل ‪ ,‬ويكسوك ّ‬
‫حق املرأة قال ‪ » :‬حقك عليه أن يطعمك ّ‬

‫‪ ,‬وال يلطم وال يصيح ف وجهك()‪ (٥‬وقال صلى ال عليه وآله وسلم ‪:‬‬

‫)‪(١‬رسالة احلقوق‬
‫)‪(٢‬بحار االنوار ج ‪ ١٠٠‬ص ‪٢٥٤‬‬
‫)‪(٣‬من ال يحضره الفقيه ج ‪٣‬ص ‪٤٤٣‬‬
‫)‪(٤‬الكاف ج ‪٥‬ص ‪٥٠٨‬‬
‫)‪ (٥‬مكارم االخالق ج ‪ ١‬ص ‪٢١٨‬‬
‫ ‬
‫‪٥٨‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫»خير الرجال من أُمتي الذين ال يتطاولون على أهليهم‪ ,‬ويحنّون عليهم‪,‬‬

‫‪٣٠.‬‬ ‫وال يظلمونهم‪ (١) .‬‬

‫وقال اإلمام جعفر الصادق عليه السالم ‪ » :‬رحم ال عبدًا أحسن فيما‬

‫بينه وبي زوجته ‪ (٢).‬وروي عن النبي )صلى ال عليه وآله( قال ‪ :‬اتقوا‬

‫ال ف الضعيفي‪ :‬اليتيم واملرأة فإن خياركم‪ ,‬خياركم ألهله‪.(٣)(.‬‬

‫وروي عن اإلمام الصادق )عليه السالم(‪ :‬من حسن بره بأهله زاد ال ف‬

‫عمره‪.(٤).‬‬

‫ولكن هذه املعاشرة باملعروف ينبغي ان ال تخرج عن طاعة ال تعالى‬

‫بحيث ُيجّر الزوج الى مسائل تعارض الدين واألخالق إرضاًء لزوجته ‪,‬‬

‫وحبا بها ‪ ,‬وتنزيال لرغبتها ‪ ,‬ودفعا حلزنها ‪ ,‬فهذا مما ال ينبغي أن يقع‬

‫بتاتا فال طاعة خمللوق ف معصية اخلالق ‪.‬‬

‫)‪ (١‬مكارم االخالق ج ‪ ١‬ص ‪٢١٦‬‬

‫)‪ (٢‬مكارم االخالق ج ‪ ١‬ص ‪٢١٧‬‬

‫)‪ (٣‬بحار األنوار ج ‪ ٧٦‬ص ‪٢٦٨‬‬

‫)‪ (٤‬الكاف ج ‪ ٨‬ص ‪٢١٩‬‬


‫ ‬
‫‪٥٩‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫إذن ينبغي للمؤمن أن يتحلى بأدب املعاشرة مع الزوجة ‪ ,‬وأن يتسامى عن‬

‫العادات العرفية السيئة التي جتحف حق املرأة أو تستخف بشخصيتها ‪,‬‬

‫فاملراة بالنهاية انسانة وكيان بشري لها احاسيس ومشاعر‪.‬‬

‫وان الزوجة كلما جتل من قبل زوجها وتعطى حقها تكون أكثر عطاء‬

‫وانسجاما مع زوجها خالفا للمراة التي تضطهد وال جتلّ تكون أكثر نفورا‬

‫وأقل عطاء وانسجاما‪.‬‬

‫فكما أن الزوج يرغب ان يستوف حقه دون نقيصة من زوجته ‪ ,‬كذلك هو‬

‫مطالب أن يفي بواجباته جتاه زوجته ‪ ,‬وال يبخس شيئا منها حتى يعيش‬

‫الزوجان ف سعادة ووئام ‪ ,‬وتتسع دائرة االنسجام ‪ ,‬وتضييق دائرة‬

‫اخلصام ‪.‬‬
‫ ‬
‫‪٦٠‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫• حق الزوج ف اإلسالم‬

‫اتضح مما سبق اهمية الزواج ف الشريعة‪ ,‬ولكي يصان الزواج من‬

‫الفوضى والبغي والبخس ُ‬


‫جعل هناك حقوقا لكال الزوجي وواجبات‬

‫عليهما ‪ ,‬فمن حق املرأة وجوب اإلنفاق عليها ‪ ,‬وأن تعاشر باملعروف ‪ ,‬وإن‬

‫جتّل ‪ ,‬وترحم ‪ ,‬وان يستر عورتها ‪ ,‬وقد ذكرنا شطرا منها ‪ , ,‬وف نفس‬

‫الوقت ان الشريعة املقدمة أكدت بصورة كبيرة على حق الزوج على زوجته‬

‫‪ ,‬وف هذا املقام نذكر بعض حقوق الزوج على زوجته ف االسالم ‪.‬‬

‫• تعظيم الزوج‪:‬‬

‫ان االحترام املتبادل بي االخرين امر مطلوب من اجلميع من دون استثناء‬

‫وان السخرية واللمز باآلخرين والتنابز باأللقاب وغير ذلك فانه امر‬

‫مستقبح من اجلميع ‪ ,‬ويدخل ف دائرة ظلم النفس واالخرين قال تعالى‬

‫خْيًرا ّمْنُهْم‬
‫سى َأن َيُكوُنوا َ‬
‫خْر َقْوٌم ّمن َقْوٍم َع َ‬
‫س َ‬
‫) َيا َأّيَها اﱠلِذيَن آَمُنوا ال َي ْ‬

‫خْيًرا ّمْنُهﱠن ۖ◌ َوال َتْلِمُزوا َأنُف َ‬


‫سُكْم َوال‬ ‫سى َأن َيُكﱠن َ‬
‫ساٍء َع َ‬
‫ساٌء ّمن ّن َ‬
‫َوال ِن َ‬

‫مياِن ۚ◌ َوَمن ﱠلْم َيُت ْ‬


‫ب‬ ‫سوُق َبْعَد اِإل َ‬
‫سُم اْلُف ُ‬ ‫ب ۖ◌ ِبْئ َ‬
‫س اال ْ‬ ‫َتَناَبُزوا ِباَألْلَقا ِ‬

‫ظاُملوَن ‪.‬احلجرات اية )‪(١١‬‬


‫ك ُهُم ال ﱠ‬
‫َفُأوَلِئ َ‬
‫ ‬
‫‪٦١‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫ومع ضرورة التعامل مع اآلخر باالحترام واإلجالل جاءت تعاليم اإلسالم‬

‫تطالب الزوجة بصورة خاصة بضرورة احترام زوجها لعظيم حقه عليها‬

‫‪ ,‬وال تستخف قدره ‪ ,‬وال تنسى فضله ‪ ,‬فروي عن رسول ال )صلى ال‬

‫عليه وآله(‪ :‬أعظم الناس حقا على املرأة زوجها‪ ,‬وأعظم الناس حقا على‬

‫الرجل أمه )‪ (١‬وعنه )صلى ال عليه وآله(‪ :‬لو أمرت أحدا أن يسجد‬

‫ألحد ألمرت املرأة أن تسجد لزوجها()‪.(٢‬‬

‫ومن الواضح ان احترام الزوج من قبل زوجته سيعكس بظالله على احلياة‬

‫الزوجية ‪ ,‬بخالف التجاوز والتطاول والبغي سيحول البيت االسري الى‬


‫‪٣١.‬‬ ‫صراع وفوضى وتهجم ويؤثر على األسرة‬

‫ثم ان االحترام املتبادل ال يعني فقدان شخصية اإلنسان او تكون عرضة‬

‫للتطاول كما يتصور البعض بل يزداد الشخص محبة وإجالال‪.‬‬

‫• رضا الزوج‪:‬‬

‫)‪(١‬ميزان احلكمة ج ‪ ٢‬ص ‪١١٨٤‬‬


‫)‪(٢‬وسائل الشيعة ج ‪١٤‬ص ‪١١٥‬‬
‫ ‬
‫‪٦٢‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫روي عن اإلمام الباقر )عليه السالم( ‪:‬ال شفيع للمرأة أجنح عند ربها من‬
‫وآله(‪٣٢.:‬‬ ‫رضا زوجها‪ - .(١).‬وروي عن رسول ال )صلى ال عليه‬

‫ويل المرأة أغضبت زوجها‪ ,‬وطوبى المرأة رضى عنها زوجها )‪.(٢‬‬

‫وملا ماتت فاطمة )عليها السالم( قام عليها أمير املؤمني )عليه السالم(‬

‫وقال‪ :‬اللهم إني راض عن ابنة نبيك‪ ,‬اللهم إنها قد أوحشت فآنسها‪(٣).‬‬

‫إن أهل البيت عليهم السالم ف مقام احلث الزوجة ف إرضاء زوجها‬

‫وكذلك ف مقام بيان املنزلة الشريفة عند ال تعالى ملن ترضي زوجها‪.‬‬

‫ان رضا الزوج عن زوجته ميكن ان يتحقق من خالل صور وحاالت متعددة‬

‫‪ ,‬فمن تلك الصور واالمثلة هي طاعة الزوجة لزوجها ‪ ,‬واحترامه ‪,‬‬

‫وحفظه ف ماله ونفسها ‪ ,‬وعدم اخلروج من البيت اال بإذنه ‪,‬ورضاه أيضا‬

‫بأن تصبر معه عند الشدة والبالء كالفقر واملرض‪ ,‬ألن احلياة حتدوها‬

‫)‪(١‬ميزان احلكمة ج ‪ ٢‬ص ‪١١٨٤‬‬


‫)‪(٢‬بحار األنوار ج‪١٠٠‬ص ‪٢٤٦‬‬
‫)‪(٣‬ﺑﺣﺎر اﻻﻧوار ج ‪٧٨‬ص ‪٣٤٥‬‬
‫ ‬
‫‪٦٣‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫الكثير من التحديات والصعوبات وأن الرجل يضرب ف األرض حتى يوفر‬

‫لقمة الطعام ‪ ,‬واحلاجات األخرى لزوجته وعياله ‪ ,‬ورمبا ما يوفره ال يك‬

‫ون مناسبا مع كثرتهم ومتطلباتهم الكثيرة فهنا يأتي دور الزوجة الصاحلة‬

‫بأن تصبر وترضى عن زوجها مبا كدح ف عمله ‪ ,‬ووفر من رزق ال‬

‫احلالل ‪ ,‬وتقنع باحلال ‪ ,‬وإذا رضيت عنه رضيَ عنها لرضاها وبالتالي‬

‫ستنال برضا زوجها رضا ال تعالى‬

‫• حرمة اخلروج من بيتها إال بإذن زوجها‬

‫جْعَفٍر ـ أي االمام الباقر ـ ) عليه‬


‫سِلٍم ‪َ ,‬عْن َأِبي َ‬
‫حﱠمِد ْبِن ُم ْ‬
‫ي َعْن ُم َ‬
‫فقد ُرِو َ‬

‫ي ) صلى ال عليه و آله ( ‪.‬‬


‫ت اْمَرَأٌة ِإَلى الﱠنِب ّ‬
‫جاَء ِ‬
‫السالم ( َقاَل ‪َ :‬‬

‫حّق الﱠزْوِج َعَلى اَملْرَأِة ?‬


‫ل َما َ‬
‫سوَل ا ِ‬
‫ت ‪َ :‬يا َر ُ‬
‫َفَقاَل ْ‬

‫صﱠدَق ِمْن َبْيِتِه ِإال ِبِإْذِنِه ‪َ ,‬و ال‬


‫صَيُه ‪َ ,‬وال َت َ‬
‫طيَعُه َوال َتْع ِ‬
‫َفَقاَل َلَها ‪َ " :‬أْن ُت ِ‬

‫ب َوال‬
‫ظْهِر َقَت ٍ‬
‫ت َعَلى َ‬
‫سَها َو ِإْن َكاَن ْ‬
‫متَنَعُه َنْف َ‬
‫طّوعًا ِإال ِبِإْذِنِه ‪َ ,‬و ال ْ‬
‫صوَم َت َ‬
‫َت ُ‬

‫ت ِمْن َبْيِتَها ِبَغْيِر ِإْذِنِه َلَعَنْتَها َمالِئَكُة‬


‫ج ْ‬
‫خَر َ‬
‫خُرَج ِمْن َبْيِتَها ِإال ِبِإْذِنِه ‪َ ,‬وِإْن َ‬
‫َت ْ‬
‫ ‬
‫‪٦٤‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫جَع‬
‫حﱠتى َتْر ِ‬
‫حَمِة َ‬
‫ب َوَمالِئَكُة الﱠر ْ‬
‫ض ِ‬
‫ض َو َمالِئَكُة اْلَغ َ‬
‫سَماِء َو َمالِئَكُة اَألْر ِ‬
‫ال ﱠ‬
‫‪٣٣.‬‬ ‫ِإَلى َبْيِتَها "‬

‫جِل ?‬
‫حّقًا َعَلى الﱠر ُ‬
‫س َ‬
‫ظُم الﱠنا ِ‬
‫ل َمْن َأْع َ‬
‫سوَل ا ِ‬
‫ت ‪َ :‬يا َر ُ‬
‫َفَقاَل ْ‬

‫َقاَل ‪َ " :‬واِلُدُه " ‪.‬‬

‫حّقًا َعَلى اَملْرَأِة ?‬


‫س َ‬
‫ظُم الﱠنا ِ‬
‫ل َمْن َأْع َ‬ ‫ت ‪َ :‬يا َر ُ‬
‫سوَل ا ِ‬ ‫َفَقاَل ْ‬

‫جَها "‪(1).‬‬
‫َقاَل ‪َ " :‬زْو ُ‬

‫وهذا احلق أُعطي للزوج ف الشريعة اإلسالمية وعلى الزوجة أن تكون‬

‫راضية ومطيعة ل ورسوله لهذا القضاء االلهي ‪ ,‬وعليها التسليم حتى‬

‫تخرج من هذا االمتحان االلهي ظافرة ومرضية عنده سبحانه قال عز‬

‫وجل ) وَمَا كَانَ ملُؤْمِنٍ وَال مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ‬

‫ضالال ّمِبيًنا‬
‫ضﱠل َ‬
‫سوَلُه َفَقْد َ‬
‫ل َوَر ُ‬ ‫اخلِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ◌ َوَمن َيْع ِ‬
‫صا َ‬

‫األحزاب اية )‪. (٣٦‬‬

‫ولكن هذا احلق يجب ال يعارض الواجبات الشرعية امللزمة ف ذمة‬

‫الزوجة وإال ُقدمت على حق الزوج كاحلج وصلة األرحام وغير ذلك ‪.‬‬

‫)‪(١‬الكاف ج ‪ ٥‬ص ‪٥٠٧‬‬


‫ ‬
‫‪٦٥‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫• وجوب التمكي لزوجها‪:‬‬

‫ساِئُكم‬
‫خيِر ِن َ‬
‫روي عن الرسول األكرم ) صلى ال عليه وآله ( ‪ :‬إَّن ِمن َ‬

‫الَولود الَوُدود ‪ ,‬وال َّ‬


‫سِتيرة ‪ ,‬الَعِفيَفة ‪ ,‬الَعِزيَزة ف أْهِلَها ‪ ,‬الَّذليَلُة َمع َبْعِلها‬

‫ت َما‬
‫خال ِبَها َبذَل ْ‬
‫طيُع أْمَره ‪ ,‬إَذا َ‬
‫سَمُع َلُه وُت ِ‬
‫صاُن َمع َغيِرِه ‪ ,‬التي َت ْ‬
‫‪ ,‬احل َ‬

‫أرَادَ مِنْهَا ‪(١) .‬‬

‫والذليلة مبعنى املطاوعة لزوجها التي تسمع وتطيع أمره مبا يرضي ال‬

‫‪ ,‬وأن متّكن له نفسها ‪ ,‬غير ممتنعة وال ُمسّوفة‪.‬‬

‫واحملصنة هي املرأة العفيفة النزيهة التي تتعفف وتتنزه عن احملارم ‪ ,‬فهي‬


‫‪٣٤.‬‬ ‫شديدة العفة والستر مع غير زوجها‬

‫خَل ْ‬
‫ت‬ ‫ساِئُكُم اَّلِتي ِإَذا َ‬
‫خْيُر ِن َ‬
‫ل عليه السالم‪َ ,‬قاَل ‪َ » :‬‬
‫روي َعْن َأِبي َعْبِد ا ِ‬

‫حلَياِء‪(٢).‬‬
‫ت َمَعُه‪ِ ,‬دْرَع ا َ‬
‫س ْ‬
‫ت َلِب َ‬
‫س ْ‬
‫حلَياِء‪َ ,‬وِإَذا َلِب َ‬
‫ت َلُه ِدْرَع ا َ‬
‫خَلَع ْ‬
‫جَها َ‬
‫َمَع َزْو ِ‬

‫احلياء مَلَكة شريفة وعظيمة ومن خُلُق األنبياء والصاحلي ولكن على‬

‫الزوجة أن تخلع احلياء إذا ما خلت مع زوجها ‪ ,‬وأن تبذل له نفسها من‬

‫)‪(١‬مكارم األخالق الطبرسي ص ‪٢٠٠‬‬

‫)‪ (٢‬الكاف ج ‪ ٥‬ص ‪٣٢٤‬‬


‫ ‬
‫‪٦٦‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫دون خجل وحياء وف نفس الوقت عليها أن تلبس لباس العفاف واحلجاب‬

‫‪ ,‬وتتدرع بدرع احلياء ‪ ,‬وتتحصن بالستر مع غيره‪.‬‬

‫ل صلى‬
‫سوُل ا ِ‬
‫سِمْعُتُه َيُقوُل ‪َ » :‬قاَل َر ُ‬
‫ل ‪َ ,‬قاَل ‪َ :‬‬
‫جاِبِر ْبِن َعْبِد ا ِ‬
‫روي َعْن َ‬

‫شَراِر ِنسَاِئُكْم? الَّذِليَلُة ف َأْهِلَها ‪,‬‬ ‫ال عليه وآله وسلم ‪َ :‬أال ُأ ْ‬
‫خِبُرُكْم ِب ِ‬

‫جُة ‪ِ ,‬إَذا‬
‫حلُقوُد ‪ ,‬اَّلِتي الَتَوَّرُع ِمْن َقِبيٍح ‪ ,‬اُملَتَبِّر َ‬
‫اْلَعِزيَزُة َمَع َبْعِلَها ‪ ,‬اْلَعِقيُم ا َ‬

‫طيُع‬
‫سَمُع َقْوَلُه ‪َ ,‬وال ُت ِ‬
‫ضَر ‪ ,‬ال َت ْ‬
‫ح َ‬
‫صاُن ‪َ ,‬مَعُه ِإَذا َ‬
‫حل َ‬
‫ب َعْنَها َبْعُلَها ‪ ,‬ا َ‬
‫َغا َ‬

‫صْعَبُة َعْن ُرُكوِبَها ‪ ,‬ال‬


‫متَّنُع ال َّ‬
‫ت ِمْنُه َكَما َ‬
‫متَّنَع ْ‬
‫خال ِبَها َبْعُلَها َ‬
‫َأْمَرُه ‪َ ,‬وِإَذا َ‬
‫()‪٣٥.(١‬‬ ‫َتْقَبُل ِمْنُه ُعْذرًا ‪َ ,‬وال َتْغِفُر َلُه َذْنبًا‬

‫فهذه األوصاف ينبغي ان ال تقع فيها الزوجة املؤمنة ‪ ,‬بل تترفع وتتنزه‬

‫عنها ألن هذه االوصاف ليست من أوصاف األخيار ‪ ,‬إمنا من أوصاف‬

‫االشرار ‪.‬‬

‫ي عليه‬
‫ضا عليه السالم ‪َ ,‬قاَل ‪َ » :‬قاَل َأِميُر اُملْؤِمِن َ‬
‫سِن الِّر َ‬
‫حل َ‬
‫َعْن َأِبي ا َ‬

‫س?‬
‫خلْم ُ‬
‫ي ‪َ ,‬وَما ا َ‬
‫س ‪ِ ,‬قيَل ‪َ :‬يا َأِميَر اُملْؤِمِن َ‬
‫خلْم ُ‬
‫ساِئُكُم ا َ‬
‫خْيُر ِن َ‬
‫السالم ‪َ :‬‬

‫حّتى‬
‫ض َ‬
‫حْل ِبُغْم ٍ‬
‫جَها َلْم َتْكَت ِ‬
‫ب َزوْ ُ‬
‫ض َ‬
‫َقاَل ‪ :‬اْلَهِّيَنُة الَّلِّيَنُة اُملَؤاِتَيُة ‪ ,‬اَّلِتي ِإَذا َغ ِ‬

‫)‪ (١‬وسائل الشيعة ج ‪ ٢٠‬ص ‪٣٣‬‬


‫ ‬
‫‪٦٧‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫ك َعاِمٌل ِمْن ُعَّماِل‬


‫ظْتُه ف َغْيَبِتِه ‪َ ,‬فِتْل َ‬
‫حِف َ‬
‫جَها َ‬
‫ب َعْنَها َزْو ُ‬
‫َيْرضى ‪َ ,‬وِإَذا َغا َ‬

‫ب ‪(١ ).‬‬
‫خي ُ‬
‫ل ال َي ِ‬
‫ل ‪َ ,‬وَعاِمُل ا ِ‬
‫ا ِ‬

‫نالحظ من خالل هذه األحاديث املباركة ان الزوج يكون لزوجته طريقا‬

‫ال من عمال ال ف األرض‬


‫وسبيال ملرضاة ال تعالى ‪ ,‬والزوجة تكون عام ً‬

‫الذي ال يخيب حينما تطيع زوجها ‪ ,‬وتسمع قوله ‪ ,‬ومتكن له نفسها الخ‪.‬‬

‫• ان حتفظه ف ماله ونفسها ‪:‬‬

‫ل )عليه السالم(‪َ ,‬عْن آَباِئِه عليهم السالم َقاَل ‪» :‬‬


‫روي َعْن َأِبي َعْبِد ا ِ‬

‫سِلٌم َفاِئَدًة َبْعَد‬ ‫ي صلى ال عليه وآله وسلم ‪َ :‬ما ا ْ‬


‫سَتَفاَد اْمُرٌؤ ُم ْ‬ ‫َقاَل الَّنِب ُّ‬

‫ظَر إِلَيْهَا ‪ ,‬وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَهَا‬


‫سُّرُه ِإَذا َن َ‬
‫سِلَمٍة َت ُ‬
‫جٍة ُم ْ‬
‫ضَل ِمْن َزْو َ‬
‫سالِم َأْف َ‬
‫اِإل ْ‬
‫ه()‪٣٦.(٢‬‬
‫َوَماِل ِ‬ ‫سَها‬
‫ب َعْنَها ف َنْف ِ‬
‫ظُه ِإَذا َغا َ‬
‫حتَف ُ‬
‫‪َ ,‬و ْ‬

‫ل صلى ال‬
‫سوُل ا ِ‬
‫وروي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السالم ‪َ ,‬قاَل ‪َ » :‬قاَل َر ُ‬

‫خْيَر‬
‫سِلِم َ‬
‫جَمَع ِلْلُم ْ‬
‫ت َأْن َأ ْ‬
‫جَّل ‪ِ :‬إَذا َأَرْد ُ‬
‫ل َعَّز َو َ‬
‫عليه وآله وسلم ‪َ:‬قاَل ا ُ‬

‫)‪(١‬الكاف ج ‪ ٥‬ص ‪٣٢٥‬‬

‫)‪(٢‬الكاف ج ‪ ٥‬ص ‪٣٢٧‬‬


‫ ‬
‫‪٦٨‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫سدًا َعَلى اْلَبالِء‬


‫ج َ‬
‫سانًا َذاِكرًا ‪َ ,‬و َ‬
‫شعًا ‪َ ,‬وِل َ‬
‫خا ِ‬
‫ت َلُه َقْلبًا َ‬
‫جَعْل ُ‬
‫خَرِة ‪َ ,‬‬
‫الُّدْنَيا َواآل ِ‬

‫ب َعْنَها ف‬
‫ظُه ِإَذا َغا َ‬
‫حتَف ُ‬
‫ظَر ِإَلْيَها ‪َ ,‬و ْ‬
‫سُّرُه ِإَذا َن َ‬
‫جًة ُمْؤِمَنًة َت ُ‬
‫صاِبرًا ‪َ ,‬وَزْو َ‬
‫َ‬

‫سَها َوَماِلِه‪.(١).‬‬
‫َنْف ِ‬

‫ضا عليهم السالم ‪َ ,‬قاَل ‪َ » :‬ما‬


‫سى الِّر َ‬
‫ي ْبِن ُمو َ‬
‫سِن َعِل ِّ‬
‫حل َ‬
‫روي َعْن َأِبي ا َ‬

‫ب َعْنَها‬
‫سَّرْتُه ‪َ ,‬وِإَذا َغا َ‬
‫حلٍة ‪ِ ,‬إَذا َرآَها َ‬
‫صا َ‬
‫جٍة َ‬
‫خْيرًا ِمْن َزْو َ‬
‫َأَفاَد َعْبٌد َفاِئَدًة َ‬

‫سَها َوَماِلِه‪.(٢) .‬‬


‫ظْتُه ف َنْف ِ‬
‫حِف َ‬
‫َ‬

‫إذن‪ :‬فحفظ مال الزوج ونفسها حق للزوج ف ذمة الزوجة ال يجوز‬

‫التقصير واإلهمال بشيء من ذلك ‪ ,‬فيحرم على الزوجة التعدي على مال‬

‫زوجها ‪ ,‬بل عليها أن حتفظه ف ماله فال تسبب ف إتالفه وضياعه ‪,‬‬

‫وكذلك عليها أن حتفظه وتصونه ف نفسها فال تخونه ‪ ,‬وال تتزين لغيره‬
‫واالحصان‪٣٧.‬‬ ‫‪ ,‬وتتحلى بالعفاف‬

‫)‪ (١‬الكاف ج ‪ ٥‬ص ‪٣٢٧‬‬

‫)‪ (٢‬نفس املصدر‬


‫ ‬
‫‪٦٩‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫• حرمة اغضابه‪:‬‬

‫روي عن رسول ال )صلى ال عليه وآله(‪ :‬ويل المرأة أغضبت زوجها‪,‬‬

‫وطوبى المرأة رضى عنها زوجها‪(١) .‬‬

‫باعتبار عظيم حق الزوج على زوجته ‪ ,‬وما يبذل ويكدح ف سبيل توفير‬

‫احلياة الكرمية لزوجته وأسرته ‪ ,‬وعظيم إحسانه عليهم فليس من األدب‬


‫‪٣٨‬‬ ‫أن يجازى باالساء او النكران مما يؤدي إلى إغضابه‪.‬‬

‫• حرمة التزين لغير زوجها ‪:‬‬

‫روي عن اإلمام الصادق عليه السالم قال رسول ال) صلى ال عليه وآله‬

‫( ونهى أن تتزين لغير زوجها ‪ ,‬فان فعلت كان حقا على ال عز وجل أن‬

‫يحرقها بالنار‪(٢).‬‬

‫وهذه الظاهرة كثيرة الرواج ولألسف ف اجملتمعات حيث جتد النساء‬

‫تتزين ف املناسبات واالحتفاالت وتخرج بزينتها امام املأل بكل صالفة‬

‫ووقاحة وكأنها لم تفعل شيئا ‪ ,‬وتخلع حجاب العفة والستر من أجل نزوات‬

‫)‪(١‬وسائل الشيعة ج ‪ ٢٠‬ص ‪٢١٣‬‬

‫)‪(٢‬وسائل الشيعة ج ‪ ٢٠‬ص ‪٢١٢‬‬


‫ ‬
‫‪٧٠‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫شيطانية ‪ ,‬وشكليات دنيوية ‪ ,‬وعادات عرفية سيئة ‪ ,‬سرعان ما تذهب‬

‫خُذوا ِديَنُهْم َلْهًوا َوَلِعًبا َوَغﱠرْتُهُم‬


‫لذاتها ‪ ,‬وتبقى تبعاتها قال تعالى ) اﱠلِذيَن اﱠت َ‬

‫احلَيَاةُ الدّنْيَا()‪.(١‬‬

‫وهذا التّزين مُحّرم حتى مع رضا الزوج فال طاعة خمللوق ف معصية‬

‫اخلالق ‪.‬‬
‫ ‬
‫‪٧١‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫املبحث السادس ‪ :‬املسائل األخالقية الزوجية‬


‫● املودة والرحمة‬
‫● التس ام ح‬
‫● الص بر‬
‫● حتجيم دائرة املشكلة‬
‫● كتم االسرار‬
‫● التوسعة ف اإلنفاق‬
‫● التعاون‬
‫● القناع ة‬
‫● ا ه ت م ا م و ا ع تناء ا لز و ج ي‬
‫● ترك عامل االستفزاز‬
‫● التض ح ية‬
‫● التش اور بي الز وج ي‬
‫● الش خ ص ية الق وية‬
‫● ثقافة القوة واإلكراه‬
‫● ظاهرة العزلة واالنطواء‬
‫ ‬
‫‪٧٢‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫• املسائل األخالقية الزوجية‬


‫من الواضح ان الزواج ليس قائما فقط على احلقوق والواجبات وما له‬

‫وما عليه ‪ ,‬فهنالك الكثير من االدوار واالعمال ال عالقة لها باحلقوق‬

‫والواجبات الشرعية امللزمة إمنا يؤتى بها على نحو احلب والرحمة‬

‫وحسن اخللق من كال الزوجي وقد ورد عن أهل البيت عليهم السالم‬

‫احلث والترغيب باإلتيان بها ويصيب فاعلها الثواب واألجر الكبير ومن‬

‫جهة اخرى ليعم التعاون واحملبة بي الزوجي فروي عن اإلمام الصادق‬

‫)عليه السالم(‪ :‬سألت أم سلمة رسول ال )صلى ال عليه وآله( عن‬

‫فضل النساء ف خدمة أزواجهن‪ ,‬فقال‪ :‬أميا امرأة رفعت من بيت زوجها‬

‫شيئا من موضع إلى موضع تريد به صالحا إال نظر ال إليها‪ ,‬ومن نظر‬
‫يعذبه‪٣٩(١).‬‬ ‫ال إليه لم‬

‫روي عن اإلمام الكاظم )عليه السالم(‪ :‬جهاد املرأة حسن التبعل وروي‬
‫عن اإلمام الباقر )عليه السالم( ‪ :‬أميا امرأة خدمت زوجها سبعة أيام ‪,‬‬
‫أغلق ال عنها سبعة أبواب النار وفتح لها ثمانية أبواب اجلنة تدخل من‬

‫)‪ (١‬بحار األنوار ج ‪ ١٠٠‬ص ‪٢٥١‬‬


‫)‪ (٢‬ميزان احلكمة ج ‪ ٢‬ص ‪١١٨٦‬‬
‫ ‬
‫‪٧٣‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫أيها شاءت‪ (١).‬وقال )عليه السالم(‪ :‬ما من امرأة تسقي زوجها شربة من‬
‫ماء إال كان خيرا لها من عبادة سنة صيام نهارها وقيام ليلها ()‪ (٢‬وعن‬
‫رسول ال )صلى ال عليه وآله(‪ :‬إذا سقى الرجل امرأته أجر ‪.(٣).‬‬
‫ولكن قد يفهم البعض تلك االمور ‪-‬االخالقية ‪ -‬على انها ملزمة ويحاسب‬

‫ويعاقب املقصر بها ومن أمثلتها ما تقوم به الزوجة من أعباء واعمال‬

‫املنزلية فهي غير ملزمة بها شرعا إمنا تأتي بها بدافع أخالقي وتعاوني‬

‫وتقدي اخلدمة لزوجها وعيالها ‪ ,‬ومع ذلك ال تسلم الزوجة من شتى‬

‫صرت‬
‫أنواع القسوة ومختلف مظاهر الشدة والعنف من زوجها إذا ما ق ّ‬

‫بشيء بهذه االمور اما بسبب التعب او املشاغل او اي ظرف اخر ‪,‬‬

‫بالنتيجة هي غير ملزمة بها ‪ ,‬وكان األولى أن تشكر وال ُتعّنف ‪ ,‬وجتازى‬

‫ساِن ِإال‬
‫ح َ‬
‫جَزاُء اِإل ْ‬
‫باإلحسان ‪ ,‬ال باإلساءة والنكران قال تعالى) َهْل َ‬

‫اإلِحْسَانُ‪ .٤٠‬الرحمن اية )‪(٦٠‬‬

‫نعم هذه هي الثقافة املرتكزة ف االذهان واملعمول بها ف كثير من البلدان‪.‬‬

‫)‪(١‬ميزان احلكمة ج ‪ ٢‬ص ‪١١٨٦‬‬


‫)‪(٢‬وسائل الشيعة ج ‪ ٢٠‬ص ‪١٧٢‬‬
‫)‪ (٣‬ميزان احلكمة ج ‪ ٢‬ص ‪١١٨٦‬‬
‫ ‬
‫‪٧٤‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫وان هذه الثقافة قد تفرز مشاكل وتشنجات جمة ف البيت األسري ‪ ,‬وقد‬

‫يصل األمر الى التوتر او االنفصال بينهما الن الزوج يحاسب ويعاقب‬

‫ويؤنب زوجته إذا قصرت ف هذا اجملال مع أن الشرع لم يلزمها بذلك‬

‫إمنا حثها الى اخلدمة على نحو التطوع واالستحباب ‪ ,‬ولذا قلنا فيما‬

‫سبق ان على كال الزوجي أن يتحلى بالثقافة الزوجية الصحيحة ‪ ,‬وال‬

‫ينجر خلف العادات اخلاطئة ‪.‬‬

‫وف هذا العنوان من موضوعنا نذكر عدة مسائل اخالقية مهمة تخص‬

‫املسائل الزوجية التي ينبغي االعتناء وااللتزام بها من قبل الزوجي اذا‬

‫ما ارادا احلياة الهادئة والكرمية بعيدة عن الفشل‪:‬‬

‫• املودة والرحمة‪:‬‬

‫ان ال تعالى قد جعل بي الزوجي مودة رحمة قال تعالى ) َوِمْن آَياِتِه‬

‫سُكُنوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مﱠوَدﱠةً وَرَحْمَةً‬


‫جا ّلَت ْ‬
‫سُكْم َأْزَوا ً‬
‫خَلَق َلُكم ّمْن َأنُف ِ‬
‫َأْن َ‬

‫ت ّلَقْوٍم َيَتَفﱠكُروَن‪ .‬الروم اية )‪(٢١‬‬ ‫ۚ◌ ِإﱠن ف َذِل َ‬


‫ك آلَيا ٍ‬
‫ ‬
‫‪٧٥‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫وهذا اجلعل االلهي يجب ان يُفعّل ف احلياة الزوجية ويجد تأثيره ف‬

‫حياتهما‪ ,‬بحيث تعم الرحمة واحملبة ف سلوك الزوجي ف التعامل‬

‫واملعاشرة اليومية ‪ ,‬فجانب الرحمة هو أساس التعامل فيما بينهما ‪.‬‬

‫خلُلق السيء ‪,‬‬


‫فاذا تغطى هذا اجلعل االلهي بسبب قسوة القلوب ‪ ,‬وا ُ‬

‫فسوف يحل مكان املودة والرحمة اجلفاء والغلظة والتنمر ‪ ,‬وتصبح احلياة‬

‫الزوجية كحلبة صراع ‪ ,‬فالقوي يسحق الضعيف ‪ ,‬وياكل احلق االخر‬

‫بالباطل حتى تؤول االمور الى الهاوية ورمبا تفضي الى الطالق‪.‬‬

‫كل ذلك بسبب استبدال اجلعل االلهي باجلعل النفسي والشيطاني‬

‫وطغيان هوى النفس‪.‬‬

‫فلذا ينبغي ان تسود ثقافة املودة والرحمة ف سلوك الزوجي مع بعضهما‬

‫وأن يتعاطى الزوجان ف كل قضاياهم احلياتية واالخالقية على اساس‬

‫الرحمة والشفقة لكي تعم الطمأنينة والهدوء بينهما حتى مع وجود الباليا‬

‫والشدائد اخلارجية‪.‬‬

‫• التسامح‪:‬‬
‫ ‬
‫‪٧٦‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫ث روح التسامح بي الزوجي من املسائل الضرورية والهامة ف ثقافة‬


‫أن ب ّ‬

‫الزوجي لدفع الصراع والتشنج واخلصومة بينهما ‪ ,‬أما لو تزمت الزوج‬

‫او الزوجة مبسالة اجلزاء والعقاب واخلصام ستكون احلياة الزوجية‬

‫معقدة ويكثر فيها التصادم واالنتقام واملالمة واجلدال قال تعالى )َوْلَيْعُفوا‬

‫حيٌم ( النور‬ ‫ل َلُكمْ ۗ◌ َوا ُ‬


‫ل َغُفوٌر ﱠر ِ‬ ‫حوا ۗ◌ َأال ِ‬
‫حتّبوَن َأن َيْغِفَر ا ُ‬ ‫صَف ُ‬
‫َوْلَي ْ‬

‫اية)‪. (٢٢‬‬

‫إن ثقافة العفو والتسامح لو عمت احلياة الزوجية وحتلى الزوجان بهما‬

‫ميكن حينها التغلب على كثير من الصعوبات واملشاكل‪.‬‬

‫أن الضغوطات اخلارجية وزحمة احلياة واملشاكل من هنا وهناك جتعل‬

‫الفرد معرضًا الرتكاب بعض األخطاء والزالت واذا ما اردنا نحاسب‬

‫بعضنا البعض عن كل شاردة وواردة فإن البيت األسري يصبح جحيمًا‬

‫ويعسر االستقرار والعيش فيه ولذا كان من االولى ان تعم ثقافة الرحمة‬

‫والعفو والتسامح‪.‬‬

‫ومن اللطيف أن ال تعالى يحذرنا ف كتابه العزيز من بعض الزوجات‬

‫وانهن أعداء ألزواجهن ولكنه ف ذيل اآلية يحثنا أن نأخذ جانب العفو‬
‫ ‬
‫‪٧٧‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫والصفح واملغفرة قال تعالى ) يَا أَيّهَا الﱠذِينَ آمَنُوا إِنﱠ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْالدِكُمْ‬

‫ل َغُفوٌر ﱠرحِيٌم‬
‫حوا َوَتْغِفُروا َفِإﱠن ا َ‬
‫صَف ُ‬
‫حَذُروُهْم َوِإن َتْعُفوا َوَت ْ‬
‫َعُدًّوا ﱠلُكْم َفا ْ‬

‫التغابن اية )‪ (١٤‬فال تعالى يريد منا ان نتأدب بأدبه العظيم فقال ‪َ :‬فِإﱠن‬

‫حيٌم ( ‪.‬‬
‫ل َغُفوٌر ﱠر ِ‬
‫ا َ‬

‫ولألسف أن بعض األزواج متخلق بثقافة العقاب واحلساب عن كل صغيرة‬

‫وكبيرة ‪ ,‬فما تكاد أن تصدر بعض الهفوات واألخطاء حتى حّول البيت‬

‫إلى جحيم‪ ,‬ونال سوطه أو صوته أو لسانه املسموم االخرين‪.‬‬

‫فالزوج يعتقد بأن سياسة العقاب والغلظة هي الناجحة ف تربية اآلخرين‬

‫‪ ,‬مع العلم هذا السلوك له مردودات سلبية كثيرة من أهمها انفضاض‬

‫الناس من حوله ‪ ,‬فخذ على سبيل املثال رسول ال )صلى ال عليه وآله(‬

‫فمع أنه خير خلق ال ولكنه لو استعمل سياسة الفظاظة والغلظة فان‬

‫ت َلُهْم َوَلْو‬
‫ل ِلْن َ‬
‫حَمٍة ِمَن ا ِ‬
‫الناس ينفضون من حوله قال تعالى ) َفِبَما َر ْ‬

‫ك ( آل عمران اية )‪.(١٥٩‬‬


‫حْوِل َ‬
‫ضوا ِمْن َ‬
‫ب الْنَف ّ‬
‫ظ اْلَقْل ِ‬
‫ظا َغِلي َ‬
‫ت َف ًّ‬
‫ُكْن َ‬

‫إمنا السياسة الناجحة ف الغالب هي سياسة اللي والعفو ‪ ,‬ألن األخطاء‬

‫ال تعالج باألخطاء ‪ ,‬مع التسليم بأن احملاسبة مسألة مهمة ومطلوبة حتى‬
‫ ‬
‫‪٧٨‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫ال يزداد اخملطئ ف غيه ولكن احملاسبة حتتاج الى فن وأسلوب وطريقة‬

‫ناجحة لكيال تّنفر اآلخر من الدين واجملتمع أو تفرز مشاكل هي أشد‬

‫ضراوة مما صدر من األخطاء‪.‬‬

‫• الصبر‬

‫ومن املسائل األخالقية التي يجب أن يتحلى بها الزوجان هو التدرع‬

‫بالصبر على احلياة الزوجية ‪ ,‬املليئة بالتحديات ‪ ,‬فإن فشل اكثر االزواج‬

‫هو بسبب فقدان الصبر وخاصة ف بداية العالقة الزوجية وعدم وجود‬

‫االنسجام املطلوب واالعتياد أحدهم على طبيعة اآلخر ‪ ,‬فتكثر املشاكل‬

‫والفجوات بينهما فهنا يأتي عامل الصبر ف حتمل أعباء احلياة الزوجية‪.‬‬

‫ومن مصاديق الصبر هو الصبر على الفقر واملرض والباليا التي حتدق‬

‫مخاطرها على العالقة االسرية ‪ ,‬وتهدد كيانها ‪ ,‬لو ال التحلي بالصبر ‪,‬‬

‫وحتمل الشدائد ‪ ,‬فما اكثر االسر التي حتطمت بسبب فقدان الصبر‬

‫وعدم حتمل الشدائد ‪.‬‬


‫ ‬
‫‪٧٩‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫ولذا ورد عن النبي ) صلى ال عليه وآله ( ) جهاد املرأة حسن التبعل (‬

‫لصبرها ف حتمل شتى الباليا والصعاب سواء كانت ف طاعة زوجها او‬

‫ما تبتلى بها االسرة بأجمعها من حتديات احلياة‪.‬‬

‫• تضيق دائرة املشكلة ‪:‬‬

‫ومن القضايا التي البد من أخذها بعي االعتبار من كال الزوجي هي‬

‫مسالة تضيق وحتجيم دائرة املشكلة ‪ ,‬فإن على الزوج ان ال يوسع فجوة‬

‫املشكلة ويزيد الطي بلة ‪ ,‬وان يخمد نيرانها باحلكمة واحللم فإن النار‬

‫العظيمة تبدأ من شرارة ‪ ,‬وكذلك على الزوجة أن ال تعظم األمور ‪ ,‬فإن‬

‫نار الغضب واالنتقام إذا اضطرمت ف النفس حترق اجلميع وال متيز بي‬
‫‪٤١.‬‬ ‫الصديق والعدو‬

‫فمن القضايا األكثر شيوعا عند وقوع املشكلة بي الزوجي أن الزوجة‬

‫تسارع ف حشر أهلها ف مشاكلها الزوجية حتى تضغط على زوجها ‪,‬‬

‫وظنًا منها أن ذلك التصرف يأتي بثماره ‪ ,‬ويحل املشكلة ‪ ,‬فإذا باملشكلة‬

‫تزداد توسعا وتعقيدا ‪.‬‬

‫)‪ (١‬الكاف ج ‪ ٥‬ص ‪٩‬‬


‫ ‬
‫‪٨٠‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫وف خضم هذا الصراع ترى ُك ً‬


‫ال منهما يجُّر النار الى قرصه ‪ ,‬ويكون مع‬

‫أهله ‪ ,‬وتأخذه العصبية ‪ ,‬فتزول احلكمة ‪ ,‬وترتفع الرحمة ‪ ,‬وتنزل النقمة‬

‫فليس من الصحيح ادخال األهل الزوجي ف مشاكلهم الصغيرة والكبيرة‬

‫إمنا عليهما حلها ف بداية األمر فيما بينهما وحتجيم دائرتها ‪.‬‬

‫فمن الواضح انه ال يكاد يخلو بيت او أسرة من املشاكل والتحديات‬

‫فطبيعة احلياة وزحمتها تولد حتديات ومواجهات جمة فإذا لم يتصد‬

‫الزوجان لهذه التحديات بحكمة وصبر فال شك سوف تؤثر على العالقات‬

‫الزوجية‪ ,‬و ّ‬
‫حتول البيت الى حالة من التشنج والفوضى وعدم االستقرار‪.‬‬

‫فبعض األزواج )الذكر واألنثى( يُعظّم صغائر املشاكل التي ميكن جتاوزها‬

‫بأدنى نظر وحكمة وترٍو فيحولها إلى كبائر ويلبسها لباس التعظيم‬

‫والتهويل فيتولد الصراع واملشاحنة والعراك واجلدال بي الزوجي حتى‬

‫يتولد من التهويل حالة من النفرة واالنقطاع والبغض وعدم االحترام الى‬

‫اخره من اآلثار السلبية ‪.‬‬

‫والعجيب أن البعض يحوّل البيت الى جهنم بسبب أمور تافهة وسخيفة‬

‫يزهد عنها الطفل الصغير فال يعيير لها اهتماما وقيمة ‪ ,‬وقد يصل االمر‬
‫ ‬
‫‪٨١‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫احيانا ان الزوج يعمد أمام هذه املشاكل الصغيرة واحلقيرة الى الضرب‬

‫املبرح ‪ ,‬ورمبا الى القتل وكثير من األحيان تنتهي وتؤول إلى الطالق‬

‫واالنفصال‪.‬‬

‫إن املشاكل الصغيرة كالنار ف بدايتها ‪ ,‬فإن الواعي واحلكيم عليه ان‬

‫يسارع ف اخمادها واطفائها ال أن يلقي عليها الزيت ليزيدها اشتعاال‬

‫وتأججا‪.‬‬

‫حتل إال بالعقالنية واحلكمة‬


‫ان املشاكل سواء كانت كبيرة أو صغيرة ال ُ‬

‫واحلوار وإيجاد احللول الناجعة ‪ ,‬أما مواجهة املشاكل والتحديات بالشدة‬

‫والعنف فال شك أنها سوف تولد مشاكل جديدة ‪ ,‬وتفرز مصاعب‬

‫وحتديات كثيرة ‪ ,‬والزوجان ف غنى عنها ‪ ,‬وهذا االمر يحتاج من اتصاف‬

‫كال الزوجي باحللم والتعقل واالناة والصبر وضبط النفس‪.‬‬

‫الضروري االهتمام مبسالة كتم االسرار الزوجية عن اآلخرين ألن كثيرا‬

‫من املشاكل التي تضرب العالقة الزوجية هي بسبب انتشار هذه الظاهرة‬

‫السلبية ف البيوتات‪.‬‬
‫ ‬
‫‪٨٢‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫فالبعض األزواج ال يتورع ف افشاء االسرار الزوجية عند أرحامه واقرانه‬

‫‪ ,‬وبعد ذلك تصبح هذه االسرار ف متناول اجلميع وتكون اداة لتحطيم‬

‫االسرة ‪.‬‬

‫ومع أن السر أمانة إلهية ال يجوز إظهاره لآلخرين سواء بقيت العالقة‬
‫الزوجية او انفصلت ‪ ,‬ولكن مع عظمته جتد الكثير من األزواج ال يبالون‬
‫بهذه االمانة وجتد اسرارهم صغيرها وكبيرها عند االخرين ‪.‬‬
‫اإلنفاق‪:‬‬

‫اإلنفاق على زوجة ف املأكل واملشرب وامللبس والسكن والعالج هو واجب‬


‫شرعي على الزوج ‪ ,‬وال يجوز للزوج التنصل عنه ‪.‬‬
‫ولكن مع توفر سعة احلال لدى الزوج يستحب ان يوسع على زوجته‬
‫وعياله كما وسع ال عليه من واسع رزقه ‪ ,‬وال يقتصر على النفقة الواجبة‬
‫سَعِتِه (‪ .‬الطالق اية)‪(٧‬‬
‫سَعٍة ّمن َ‬
‫قال تعالى ) ِلُينِفْق ُذو َ‬
‫سَع َعَلى‬
‫جِل َأْن ُيَو ّ‬
‫سِن ) عليه السالم (َقاَل ‪َ :‬يْنَبِغي ِللﱠر ُ‬
‫حل َ‬
‫روي َعْن َأِبي ا َ‬
‫سِكينًا‬
‫حّبِه ِم ْ‬
‫طعاَم َعلى ُ‬
‫طِعُموَن ال ﱠ‬
‫ِعَياِلِه ِلَئال َيَتَمﱠنْوا َمْوَتُه َو َتال َهِذِه اآلَيَة َو ُي ْ‬
‫جِل َيْنَبِغي ِإَذا ِزيَد ف الّنْعَمِة َأْن َيِزيَد‬
‫سيُر ِعَياُل الﱠر ُ‬
‫سيرًا َقاَل اَأل ِ‬
‫َو َيِتيمًا َو َأ ِ‬
‫)‪٤٢(١‬‬ ‫سَعِة َعَلْيِهْم‪.‬‬
‫سَراَءُه ف ال ﱠ‬
‫ُأ َ‬

‫)‪(١‬وسائل الشيعة ج ‪ ٢١‬ص ‪٥٤٠‬‬


‫ ‬
‫‪٨٣‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫جِل‬
‫سِن ) عليه السالم ( ِإﱠن ِعَياَل الﱠر ُ‬
‫حل َ‬
‫سَعَدَة َقاَل‪َ :‬قاَل ِلي َأُبو ا َ‬
‫َعْن َم ْ‬
‫ش َ‬
‫ك‬ ‫سَراِئِه َفِإْن َلْم َيْفَعْل َأْو َ‬
‫سْع َعَلى ُأ َ‬ ‫سَراُؤُه َفَمْن َأْنَعَم ا ُ‬
‫ل َعَلْيِه ِبِنْعَمٍة َفْلُيَو ّ‬ ‫ُأ َ‬
‫َأْن َتُزوَل الّنْعَمُة‪.(١).‬‬
‫ثم إن التوسعة على الزوجة والعيال له تأثير كبير ف إيجاد احلياة الكرمية‬

‫وتوفير الطمأنينة والرضا ف االسرة‪ ,‬بخالف البخل والشح والتقتير ف‬

‫اإلنفاق روي عن رسول ال )صلى ال عليه وآله(‪ :‬إن املؤمن يأخذ بأدب‬

‫ال إذا أوسع ال عليه اتسع وإذا أمسك عنه أمسك‪(٢) .‬‬

‫قلنا فيما سبق الزواج ليس رحلة قصيرة وال نزوة عابرة امنا هو مشروع‬

‫اجتماعي اخالقي إنساني وهذا املشروع فيه ضوابط ويتضمن على قيود‬

‫صر ف‬
‫وقواني اخالقية ودينية وانسانية واجتماعية ولكن البعض يق ّ‬

‫واجباته ويتجاوز على حقوق اآلخرين بسبب االنانية وحب الذات فيريد‬

‫ان ينهم ويستحوذ على كل ما تقع عليه عيناه ‪ ,‬فيستأثر باملال واألمور‬
‫‪٤٣.‬‬ ‫العينية األخرى فال يجعل أية فسحة ألخر‬

‫)‪(١‬وسائل الشيعة ج ‪ ٢١‬ص ‪٥٤٠‬‬

‫)‪(٢‬ميزان احلكمة ج ‪ ٢‬ص ‪١١٨٨‬‬


‫ ‬
‫‪٨٤‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫إن االستئثار باملال وعدم صرفه ف موارده الصحيحة يولد الكثير من‬

‫املشاكل الزوجية ولعل أن أكثر املشاكل سببها جانب املالي‪.‬‬

‫ان املال بحد ذاته هو نعمة ولكن شريطة ان يتعامل الفرد معه بصورة‬

‫حتول الى نقمة تعصف وتنذر بالتحديات الكثيرة‪.‬‬


‫ايجابية وصحيحة واال ّ‬

‫وقد تعاني الزوجة ف بيتها الكثير من النواقص واحلاجات البيتية‬

‫والشخصية وقد تتجاسر بعض الزوجات على مال ازواجهن من دون‬

‫علمهم بسبب التقصير املتعمد الصادر من أزواجهن‪.‬‬

‫فاليوم نرى ونسمع أن نسبة الطالق قد ارتفعت عند املسلمي بصورة‬

‫مخيفة وخاصة عند اجلالية املسلمة ف الدول الغرب وان عامل املال قد‬

‫يتصدر االسباب التي ادت الى الطالق ‪.‬‬

‫فاالستئثار باملال هي نزعة موجودة لدى اإلنسان ‪ ,‬وإذا لم تّهذب وتّوظف‬

‫بصورة ايجابية فسيرى اإلنسان الكثير من املشاكل والصراعات‬

‫واخلالفات‪.‬‬

‫والبعض من الرجال جتده كرميا منفقا على غير زوجته وأسرته وبخيال‬

‫على أهله او ينفق امواله على اشياء ثانوية او كمالية ليست من أساسيات‬
‫ ‬
‫‪٨٥‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫ومتطلبات احلياة ولكن تراه قابض اليد عن اشياء ضرورية واساسية ف‬

‫البيت وما يهم االبناء ‪.‬‬

‫فهذه االمور قد يراها البعض مسائل بسيطة وهامشية وال تؤثر على‬

‫العالقة الزوجية ولكن احلق انها من االسباب الرئيسية ف تدمير البيت‬

‫الزوجي ‪ ,‬والتجربة والواقع يثبت ذلك فالزوجة كما تريد األخالق واحملبة‬

‫واملداراة من زوجها كذلك هي بحاجة الى رعاية اقتصادية ومعيشية‬

‫تناسب حالها والظرف املعاش‪.‬‬

‫فاملال من ثماره أنه يجلب السعادة لإلنسان‪ ,‬وراحة البال ‪ ,‬ويقطع عن‬

‫صاحبه ذل احلاجة والسؤال ‪ ,‬واما اذا ُكنز ف البيوت أو البنوك وأدى‬

‫ذلك الى اجالب املزيد من املشاكل واخلالفات بي العوائل وقد يصل‬

‫االمر الى الطالق فما الفائدة من وجوده حينها ? فالسعيد ليس من كنز‬

‫املال ‪ ,‬إمنا السعيد من وظّفه لسعادته ف دنياه وآخرته ‪ ,‬فكم من غني‬

‫يعيش الضيق والهموم والغموم ونكد احلياة ‪ ,‬بسبب بخله وشغفه مباله ‪,‬‬

‫واملشاكل تنهال عليه من كل حدب وصوب واغلب اسبابها هو املال‪.‬‬


‫ ‬
‫‪٨٦‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫• التعاون ‪:‬‬

‫يعتبر التعاون من املسائل الضرورية واألساسية ف احلياة الزوجية ‪,‬‬

‫وبدونه تكون احلياة شاقة وتتعب كاهل اآلخر ‪.‬‬

‫فالزوجان يعضد أحدهما اآلخر ‪ ,‬مبا أمكنه من قوة ‪ ,‬واتيحت له من‬

‫فرصة ‪ ,‬وتوفرت له من وسيلة قال تعالى ) َوَتَعاَوُنوا َعَلى اْلِبّر َوالﱠتْقَوى (‬

‫املائدة اية )‪.(٢‬‬

‫فالتعاون أمر مطلوب ومحبوب من كال الزوجي حتى ولو لم يكن واجبا‬

‫ملزما عليهما ‪ ,‬فمن الصعب اقتصار احلياة الزوجية على الواجبات‬

‫واحلقوق فقط وخلوها من التعاون والتكاتف واإلحسان لالخر بحجة عدم‬

‫اإللزام ‪ ,‬فمثل هذا السلوك يجعل احلياة الزوجية نظير القانون العسكر‬

‫الذي يتعامل باالنضباط ‪ ,‬ويلتزم بالضوابط‪ ,‬والقواني العسكرية ‪ ,‬وما‬

‫عداها ال يعير لها اهتماما‪.‬‬

‫فإن إفشاء ثقافة التعاون واملساعدة ف البيت األسري يفيض حالة من‬

‫االنسجام واحملبة والود ‪ ,‬ويحافظ على النسيج العائلي من التشتت‬


‫ ‬
‫‪٨٧‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫واالنهيار ‪ ,‬بخالف التنصل والالمباالة واالنانية فهذا السلوك اخلاطئ‬

‫ينذر بتفكك العش الزوجي‪.‬‬

‫فالزوجة إذا كانت ميسورة احلال ‪ ,‬وترى زوجها مير بظروف خانقة ال‬

‫ميكنه أن يوفر الطعام املناسب واحلاجيات االخرى املهمة ‪ ,‬ف مثل هذه‬

‫احلالة تراها تنبري لتقدم يد العون واملساعدة لزوجها وكلها فخرا‬

‫وسعادة‪.‬‬

‫وال تقتصر مساعدتها ف اجلوانب املادية بل هنالك أمور كثيرة أهم بكثير‬

‫من املسائل املادية تقدمها لزوجها كالوقوف بجانبه ف ساعة العسرة ‪,‬‬

‫ومواساته ‪ ,‬والصبر معه الخ‪.‬‬

‫وكذلك بالنسبة للزوج ينبغي أن ميد العون لزوجته عند حاجتها إليه ف‬

‫بعض املسائل التي ال تعد شرعا ملزمة عليه إمنا يقف بجانبها من باب‬

‫اإلحسان والتعاون وتقوية احملبة وااللفة بينهما‪.‬‬

‫ث روح التعاون بي الزوجي من املسائل الهامة ف احلفاظ على‬


‫إذن‪ :‬ب ّ‬

‫البيت االسري من التفكك ومن جهة أخرى يقوي العالقة الزوجية‬

‫ب َلُهْم َرّبُهْم‬
‫جا َ‬
‫سَت َ‬
‫ويزيدها أكثر انسجاما وترابطا ومحبة قال تعالى ) َفا ْ‬
‫ ‬
‫‪٨٨‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫ض (آل‬ ‫ضيُع َعَمَل َعاِمٍل ّمنُكم ّمن َذَكٍر َأْو ُأنَثى ۖ◌ َبْع ُ‬
‫ضُكم ّمن َبْع ٍ‬ ‫َأّني ال ُأ ِ‬

‫عمران اية)‪.(١٩٥‬‬

‫• القناعة‬

‫ان طلب السعة والرفاه ف احلياة االسرية هي مسالة ممدوحة وايجابية‬

‫وال تعارض الدين وال األخالق ما دامت ف إطار احللية‪ ,‬وعدم التجاوز‬

‫على حقوق اآلخرين ‪ ,‬وف نفس الوقت أن التكّيف مع الظرف املعاش هو‬

‫أمر ضروري ومطلوب من كال الزوجي ولكن هذه احلقيقة قد ال تروق‬

‫للكثيرين من األزواج ‪ ,‬فمثال حينما تنظر الزوجة الى بيت غيرها وترى‬

‫من السعة والغنى ما ال تراه ف بيت زوجها فاما إن تشعر بالغبطة وحتمد‬

‫ال او بأخذها احلسد والغيرة ‪.‬‬

‫وهذا األمر ال يقتصر على النساء بل قد يقع فيه الرجال فما أكثر الرجال‬

‫الذين ينظرون الى غيرهم ‪ ,‬وغير مقتنعي بحالهم ‪.‬‬

‫فوجود القناعة عند األزواج مسألة ضرورية للحفاظ على النسيج الزوجي‬

‫من التبعثر واالنهيار ‪.‬‬


‫ ‬
‫‪٨٩‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫والقناعة مطلوبة أيضا ف املسائل األخرى فبعض الرجال ال يقتنعون‬

‫بزوجاتهم من جهة اجلمال او البدن او الثقافة وكذلك وجود هذه الصفة‬

‫عند بعض الزوجات‪.‬‬

‫ان اجلمال والثقافة وغير ذلك من الصفات ُتعد من املسائل املهمة ولكن‬

‫ليس على حساب االخالق والدين او حتطيم العائلة ‪ ,‬أو تُبّرر جواز التعدي‬

‫على احملرمات‪.‬‬

‫فالقناعة والرضا باحلال هي حصن حصي حلفظ الكيان األسري‬

‫والزوجي من الضياع ‪ ,‬فالذين يُرتّبون األثر على هذه االمور ف واقعهم‬

‫وحياتهم الزوجية سوف يُوقعون أنفسهم ف مطبات كثيرة ‪ ,‬ومشاكل‬

‫عويصة ‪ ,‬يصعب اخلروج منها ورمبا تؤول الى االنفصال وخاصة إذا علم‬

‫أحد الزوجي أن اآلخر غير مقتنع بجماله او ثقافته‪ ..‬الخ‪.‬‬

‫• ضرورة االهتمام واالعتناء‬

‫ومن العوامل الضرورية األخالقية هي مسألة االهتمام ‪ ,‬ونقصد بها ان‬

‫بعض االزواج )الرجل واملرأة( ال يعيرون جانب االهتمام بينهم فعلى سبيل‬
‫ ‬
‫‪٩٠‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫املثال نالحظ بعض الرجال بسبب كثرة مشاغله وعمله والتزاماته الكثيرة‬

‫يهمل الزوجة اهماال مفرطا ‪.‬‬

‫فالزوجة كحالة طبيعية حتتاج إلى الكثير من األمور غير مسألة املاكل‬

‫واملشرب وامللبس كاخلروج مع زوجها ف سفر او سياحة او االكل ف‬

‫املطاعم أو املواصلة معه لصلة األرحام وغير ذلك ما دامت ف إطار‬

‫احللية واملشروعية‪.‬‬

‫فالزوجة حتى وان كانت تستطيع اجناز كل حاجاتها بنفسها ولكنها ال‬

‫تشعر بالسعادة بقدر ما يكون زوجها معها ف ذلك‪.‬‬

‫وهذا الشعور والرغبة عند الزوجة ال يشعر به كل الرجال فالبعض يظن‬

‫أنه ما دام يوفر كل طلباتها وطلبات االسرة املادية فقد ادى ما عليه من‬

‫احلقوق والواجبات ‪.‬‬

‫ولكن املسائل ال تدرس وتقرأ فقط من جانب ديني إمنا هنالك مسائل‬

‫اجتماعية ونفسية وأخالقية‪.‬‬


‫ ‬
‫‪٩١‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫وكذلك الكالم يشمل الزوجة فبعض الزوجات تهتم اهتماما مفرطا ف‬

‫شؤون البيت او خارج البيت او مع أرحامها او صديقاتها او عملها على‬

‫حساب إهمال الزوج‪.‬‬

‫فهذا التقصير إذا صدر من أحدهما بحق االخر فانه يولد حالة من‬

‫العزوف واالبتعاد عن اآلخر وبالتالي يفكر املهمل )بالفتح( باالنفصال‬

‫والبحث عن بديل يسد هذا النقص احلاصل من املقصر‪.‬‬

‫وان كثيرا من املشاكل والتحديات التي تنهال على االسرة الزوجية ناجتة‬

‫من هذا التقصير فحينما يعيش الزوج أو الزوجة حالة من الكآبة‬

‫واالضطراب والهموم بسبب التقصير احلاصل من أحدهما بحق االخر‬

‫فال شك فانه غير مأمون من ارتكاب األخطاء والزالت وبالتالي سوف‬

‫تنعكس سلبا عليه بصورة خاصة وعلى البيت األسري بصورة عامة‪.‬‬

‫فالعمل سواء كان ف البيت أو خارجه هو من املسائل املهمة وال ُيستغنى‬

‫عنه ولكن يجب اعطاء كل ذي حق حقه فال افراط وال تفريط يجنب‬

‫اإلنسان من املشاكل‪.‬‬
‫ ‬
‫‪٩٢‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫ومن مصاديق االهتمام هو االهتمام بالنفس والتجمل‪ ,‬فإن اإلنسان‬

‫بفطرته يحب ويعشق الكمال والطهارة والنظافة ‪ ,‬وينفر من النواقص‬

‫والعيوب ولكن لكل قاعدة شواذ فلذا البعض بسبب إهماله وتقصيره ال‬

‫يهتم وال يعتني بنفسه وشكله الظاهري مع العلم ان االهمال والتقصير‬

‫ف هذا اجلانب له مؤاخذات كثيرة على اإلنسان التي ال تخفى على‬

‫اللبيب‪.‬‬

‫فان الزوج يرغب ان يرى زوجته دائما ف أحسن حالها من الزينة ‪,‬‬

‫واجلمال ‪ ,‬والنظافة ‪ ,‬والطيب ‪ ,‬وما شاكل ذلك من أمور الزينة ‪ ,‬وكذلك‬

‫األمر بالنسبة للزوجة فإنها حتب أن ترى زوجها من االهتمام بنفسه مبثل‬

‫يحب أن يراها عليها‪.‬‬

‫فإن االعتناء بالشكل اخلارجي لإلنسان أمر مهم جدا ألنه من عوامل‬

‫املهمة ف بقاء الروابط والعالقات الزوجية مستمرة بينهما ألن الزوج‬

‫حينما يرى زوجته ال تهتم بنفسها وزينتها وجمالها ورمبا يعمد الى الطالق‬

‫وهذه املسالة واضحة عند الكثير من الناس ولكن الزوجة قد تهمل هذا‬

‫اجلانب املهم متذرعة بكثرة املشاغل ‪ ,‬وكثرة العمل واالهتمام باألطفال‬


‫ ‬
‫‪٩٣‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫ولكن هذا ال مينع من تخصيص بعض األوقات لالهتمام بالنفس الن‬

‫االهتمام بالنظافة واجلمالية هو ايضا مطلوب وال يجوز إهماله‪.‬‬

‫ثم أن التجربة والواقع املعاش اثبت ولو بصورة إجمالية ان بعض األوالد‬

‫يتأثرون أيضا بالوضعية والكيفية التي يرونها عليها آباءهم وأمهاتهم سلبا‬

‫وايجابا‪.‬‬

‫• ترك عامل االستفزاز‬

‫ال شك أن املشاكل العائلية كثيرة ومتنوعة وال يكاد يخلو بيت من املشاكل‬

‫واخلالفات ولكن من املهم جدا االلتفات ومالحظة أصل نشوء تلك‬

‫املشاكل التي رمبا تتجاوز احلد بحيث يكون البيت عبارة عن صراع قائم‬

‫ف كل حي وعلى أدنى مشكلة تقع‪.‬‬

‫ومن أبرز األسباب لتفاقم املشاكل هو عامل االستفزاز احلاصل من كال‬

‫الزوجي أو من أحدهما بحيث ان البعض لديه عادة سيئة بحيث يحاول‬

‫بعثرة احاسيس املقابل واثارة كوامن الغضب لديه ‪ ,‬ورمبا تكون بكلمات‬

‫بسيطة وهادئة أو نظرة او حركة غير مألوفة ولكنها شرارة حترق‬

‫األخضر واليابس ف االسرة‪.‬‬


‫ ‬
‫‪٩٤‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫فهذا األسلوب خطير وخاصة عندما تكون هنالك مشكلة قائمة وكبيرة‬

‫فليس من الصحيح واملناسب إثارة أحاسيس اآلخر بكلمات جارحة‪.‬‬

‫فإذن‪ :‬فاالستفزاز يولد مضاعفات كثيرة ‪ ,‬وعامل تخريبي ف تأجيج‬

‫املشاعر وزيادة الفجوة بي الزوجي‪.‬‬

‫فالبعض ميزج بكالمه الكثير من السلبيات كالصوت العالي او التهديد او‬

‫ميزج بعض الكلمات النابية أو تعيير االخر او االستهانة به والتقليل من‬

‫شأنه وغير ذلك من األساليب التي تفرز مشاكل كثيرة ‪.‬‬

‫إذن‪ :‬فمن العوامل التي تزلزل وتهدد العش الزوجي هو أسلوب االستفزاز‬

‫ف األمور الصغيرة والكبيرة ‪.‬‬

‫فمن املؤسف ان بعض االزواج يدقق ويركز ف أدق األشياء ومن ثم يحول‬

‫)احلبة كُبة( كما يقال ف املثل!! وكان ميكنه أن يغض الطرف عن تلك‬

‫األمور وال يعيرها اهتماما ولكنه حينما اصبغ عليها طابع التهويل‬

‫والتعظيم واعطاها أكبر من حجمها اخذت بالتوسع والتضخم وأفرزت‬

‫مشاكل أخرى كان ف غنى عنها‪.‬‬


‫ ‬
‫‪٩٥‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫وان املشاكل التي حتدث أثناء احلياة الزوجية ال ميكن حلها عن طريق‬

‫االستفزاز واإليذاء والتشفي إمنا عليهما التحلي باحللم وضبط النفس‬

‫ويقيمان بدراسة موضوعية للوصول الى حلول ناجعة ‪ ,‬وصحيحة ‪ ,‬تقضي‬

‫على املشاكل من جهة ‪ ,‬ومتنع حدوث خالفات وصراعات ومشاكل جديدة‬

‫بينهما قال تعالى )َوَتَعاَوُنوا َعَلى اْلِبّر َوالﱠتْقَوى َوال َتَعاَوُنوا َعَلى اِإلْثِم‬

‫ب( )‪.(١‬‬
‫شِديُد اْلِعَقا ِ‬
‫ل َ‬
‫ل ِإﱠن ا َ‬
‫َواْلُعْدَواِن واﱠتُقوا ا َ‬

‫• التضحية‪:‬‬

‫احيانا جتد أن أحد الزوجي يعيش ف البيت الزوجي ولسنوات طويلة‬

‫من االضطهاد واملظلومية من التعدي على حقوقه املالية او اجلسدية‬

‫سباب واملهانة ولكن يتحمل مرارة تلك األمور ألجل احلفاظ‬


‫وناهيك عن ال ُ‬

‫على األوالد‪ ,‬وخوفا من ضياعهم‪ ,‬وعدم تفرقهم او خسارة مستقبلهم‪,‬‬

‫نعم هذا هو اإليثار والتضحية‪.‬‬

‫ونحن لسنا بصدد التعريض بأن املظلوم عليه ان يسكت عن ظلمه‪ ,‬وال‬

‫يبحث عن مخرج يحفظ كرامته وحقه ولكن حينما تغلق األبواب وتفتقد‬

‫احللول وال يبقى اال الطالق فيشعر املظلوم واملعتدى عليه أن الطالق‬
‫ ‬
‫‪٩٦‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫سوف يكون فوهة نارية حترق االخضر واليابس ف األسرة‪ ,‬فيتحمل األذى‬

‫سًرا‬
‫سِر ُي ْ‬
‫ويصبر لعل ال يأتي بالفرج واليسر قال تعالى )ِإﱠن َمَع اْلُع ْ‬

‫االنشراح اية )‪.(٦‬‬

‫• التشاور‪:‬‬

‫أن التشاور والتفاهم بي الزوجي من املسائل املفيدة والهامة ف تسيير‬

‫عجلة احلياة ف العش الزوجي بسبب وجود الروابط واملتعلقات الكثيرة‬

‫بينهما ال تختص بأحدهما دون اآلخر وبالتالي عملية التأثير والتأثر أمر‬

‫واقع ال مناص منه ‪ ,‬ولدفع املشاكل ‪ ,‬وجلب املنافع يكون التشاور بي‬

‫الزوجي أمر مهم ومطلوب ‪.‬‬

‫ثم أن املشاورة مع اآلخر كاشفة بأن املشاور يتحلى بالتواضع واحترام‬

‫اآلخر‪ ,‬وانه يعطي مساحة من احلرية لآلخر لكي يبت برأيه وكلمته ‪,‬‬

‫بخالف الزاهد واملستخف برأي اآلخر يكشف عن اآلنفة واالعجاب‪.‬‬

‫ومن السلبيات الناجتة عن االبتعاد عن املشاورة ف احلياة الزوجية هي‬

‫القرارات املصيرية والتصرفات اخلاطئة التي تكلف البيت األسري الكثير‬


‫ ‬
‫‪٩٧‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫من التحديات والشدائد وف نفس الوقت تهدد الكيان االسري من التفكك‬

‫بسبب هذا التهور الغير املسؤول‪.‬‬

‫أما ف حال وجود املشاورة والتفاهم والتحاور بي الزوجي ف قضاياهم‬

‫اخملتلفة ثم إذا ما وقعت األخطاء فالزوجان كالهما يتحمالن املسؤولية‬

‫وما يقال بأن املرأة ال تشاور ف القضايا واملسائل االسرية فهذا ليس على‬

‫النحو االطالق واملوجبة الكلية إمنا يستثنى النساء ذوات العقل الراجح ‪,‬‬

‫والفكر الناضج روي عن أمير املؤمني عليه السالم‪» :‬إياك ومشاورة‬


‫‪٤٤‬‬ ‫النساء إال من جربت بكمال عقل«‪.(١).‬‬

‫ومع العلم ان احلياة الزوجية ليست كلها مسائل ذات طابع مصيري ومهم‬

‫حتى يدار للزوجة الظهر ‪ ,‬وال يلتفت لرأيها‪.‬‬

‫• الشخصية القوية‬

‫إن من األخالق العظيمة والشريفة هو إظهار التواضع بي كال الزوجي‬

‫ورفض األنفة والتكبر ولكن التواضع ليس مبعنى إزالة شخصية املتواضع‬

‫امنا التعامل بخفض اجلناح‪ ,‬والترفع عن التكبر ‪.‬‬

‫)‪(١‬بحار األنوار ج ‪ ١٠٠‬ص ‪٢٥٣‬‬


‫ ‬
‫‪٩٨‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫والشخصية القوية مسألة جد مهمة وضرورية وجودها ف اخالق‬

‫وتصرفات اإلنسان ونقصد بالشخصية ان ال يذل اإلنسان نفسه بحيث‬

‫ال تبقى لها قيمة ومكانة عند اآلخرين‪.‬‬

‫فاإلنسان يتأثر بصاحب الشخصية القوية والرصينة التي تتمتع بالثبات‬

‫والرزانة وف نفس الوقت أن صاحب الشخصية القوية ال يتطفل عليه‬

‫اآلخرون ويحسبون له حسابا ووزنا كبيرا لشخصيته البارزة‪.‬‬

‫أما الشخصية الضعيفة والهزيلة قد ُتستغل من ضّعاف النفوس وتكون‬

‫عرضة للتعدي والتهميش واالستضعاف من قبل اآلخرين ‪ ,‬والعش‬

‫الزوجي ليس مبنأى من هذا االستغالل واالستضعاف فالزوج قد يستغل‬

‫زوجته ويظلمها ألنه يراها شخصية ضعيفة وقد يكون العكس‪.‬‬

‫ومن خالل هذا االستغالل والتعدي تتولد مبرور الزمن حالة من اإلرهاق‬

‫والنصب وفقدان الطاقة وظهور اجلزع مما يسبب الى الطالق‪.‬‬

‫فال تناقض بي التواضع والشخصية القوية ولكن على الفرد املؤمن أن‬

‫يحسن التصرف بينهما وهذا االمر يحتاج الى وعي ومعرفة وتوفيق من‬

‫ال تعالى‪.‬‬
‫ ‬
‫‪٩٩‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫فمن املؤسف أن يتحلى بعض األزواج بثقافة مغايرة لتعاليم اإلسالم حيث‬

‫يتعامل مع الزوجة معاملة استعالئية وتكبرية فال ميازح وال يشاور وال‬

‫يبتسم والعبوس مخيم على محياه بحجة أن هذه التصرفات تفقد‬

‫شخصية اإلنسان وبالتالي ال تسمع كلمته وال يجّل ف االسرة ! فهذه‬

‫ثقافة باطلة وغير صحيحة فإظهار األخالق الطيبة ومنها التواضع ال‬

‫يتناقض مع احلفاظ الشخصية املتزنة والوقورة‪.‬‬

‫• جتنب ثقافة القوة واإلكراه‬

‫ص القرآن الكري بإعطاء القيمومة للرجل بسبب وجود بعض‬


‫قد ن ّ‬

‫جاُل َقﱠواُموَن َعَلى‬


‫اخلصائص فيه إلدارة شؤون البيت قال تعالى ) الّر َ‬

‫مبا َأنَفُقوا ِمْن َأْمَواِلِهْم ( سورة‬


‫ض َو َ‬
‫ضُهْم َعَلى َبْع ٍ‬
‫ل َبْع َ‬
‫ضَل ا ُ‬
‫مبا َف ﱠ‬
‫ساِء َ‬
‫الّن َ‬

‫النساء اية )‪. (٣٤‬‬

‫ولكن هذا ال يعني بأن الرجل أفضل من املرأة‪ ,‬قال سبحانه ) َواُملْؤِمُنوَن‬

‫ض ( سورة التوبة آية )‪ (٧١‬وقال تعالى‬


‫ضُهْم َأْوِلَياُء َبْع ٍ‬
‫ت َبْع ُ‬
‫َواُملْؤِمَنا ُ‬

‫ضيُع َعَمَل َعاِمٍل ّمنُكم ّمن َذَكٍر َأْو ُأنَثى ۖ◌‬


‫ب َلُهْم َرّبُهْم َأّني ال ُأ ِ‬
‫جا َ‬
‫سَت َ‬
‫)َفا ْ‬

‫ض ( سورة آل عمران آية )‪ (١٩٥‬أو وجود خلل ف خلقة‬


‫ضُكم ّمن َبْع ٍ‬
‫َبْع ُ‬
‫ ‬
‫‪١٠٠‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫ي( سورة التي آية‬


‫سِن َتْقِو ٍ‬
‫ح َ‬
‫ساَن ف َأ ْ‬
‫خَلْقَنا اِإلن َ‬
‫املرأة قال عز وجل ) َلَقْد َ‬

‫)‪ (٤‬وهذا شامل للرجل واملرأة على حد سواء‪.‬‬

‫وقد ُتستغل هذه القيمومة بصورة خاطئة فيتجاهل الزوج زوجته ويفرض‬

‫عليها إرادته وسلطته حتى ولو على حساب قمص حقها او استضعافها‪.‬‬

‫فمن الثقافة الهدامة واحملطمة العش الزوجي واألسري هي إدارة البيت‬

‫واألسرة بالقوة والشدة‪ ,‬فأن بعضا من الرجال يريد أن يدير االسرة بالقوة‬

‫واالكراه والقهر من دون تفاهم ومشاورة ألنه رجل وعلى الزوجة أن تطيع‬

‫وتنفذ من دون مناقشة وأخذ مشاوراتها وعليها السمع والطاعة وهذه‬

‫الثقافة لم تكن وليدة اليوم بل لها جذور عميقة ف التاريخ البشري‪.‬‬

‫فالزواج عبارة عن تعاون‪ ,‬وشراكة‪ ,‬وتبادل لآلراء‪ ,‬وتشاور‪ ,‬واحترام‬

‫متبادل‪ ,‬ال أن يستضعف أحداهما اآلخر‪.‬‬

‫ثم إن إثبات واظهار الرجولة ف البيت ال يقتصر على الرجل فهناك بعض‬

‫الزوجات ممن يتعاملن مع ازواجهن بنزعة رجولية وحكم سلطوي متنفذ‬

‫ف األسرة‪.‬‬
‫ ‬
‫‪١٠١‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫إن الرجل احلقيقي هو من يثبت جدارته ولياقته وشخصيته من خالل‬

‫الشخصية العادلة ‪ ,‬والصادقة ‪ ,‬واخللوقة ‪ ,‬واملتفانية من أجل صيانة‬

‫البيت الزوجي من االنكسار والتشتت وهذا املعنى يشمل الزوجة أيضا‬

‫فليست الزوجة من تكون لها السلطة واالدارة واحلكم ف البيت إمنا‬

‫الزوجة املرضية عند ال هي من تفني عمرها ف خدمة أسرتها ‪,‬‬

‫واحلفاظ عليها من االنفصال ‪ ,‬وتربية أطفالها تربية صحيحة وناجحة‬

‫ال أن تسعى ف اثبات شخصيتها من خالل سيطرتها على شؤون األسرة‬

‫ولتكون كلمتها هي النافذة واملسموعة ف البيت فهذه االمور ليست اوسمة‬

‫للتفاخر امنا وسام الزوجة أن تكون الزوجة الصاحلة ‪ ,‬واألم احلنونة ‪,‬‬

‫واملعلمة ‪ ,‬واملربية ‪ ,‬والناصحة ‪ ,‬وامللتزمة ‪ ,‬واملطيعة ‪ ,‬واالمينة‪.‬‬

‫فان ثقافة القوة هي من أسباب تفكك العالقة الزوجية ألن هذه النزعة‬

‫السلطوية ال تروق لطبع االنسان فتفرز حالة من الضجر واجلزع عند‬

‫الطرف اآلخر فيندفع الى الرغبة الى االنفصال من اجل ان يعيش احلرية‬

‫واالجالل‪.‬‬
‫ ‬
‫‪١٠٢‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫• ترك العزلة واالنطوائية‪:‬‬

‫من املسائل األكثر شيوعا وخاصة ف هذه األعصار هي مسألة االعتزال‬

‫واالنطواء أحد الزوجي عن اآلخر‪ ,‬بحيث أن الزوج ينعزل وينطوي على‬

‫نفسه ف حياته اليومية ف املأكل واملنام وكذلك الزوجة ‪ ,‬وكل منهما يعيش‬

‫ف عامله اخلاص ورمبا يبقى هذا الشرخ لسنوات عديدة من دون معاجلة‬

‫لهذه املشكلة بسبب التزمت واالستعالء وفقدان الرحمة بينهما‪.‬‬

‫وهذا السلوك اخلاطئ هو انفصال روحي داخل البيت الزوجي بسبب‬

‫عدم وجود االنسجام القلبي‪ ,‬وفقدان التسامح والرحمة‪ ,‬واليأس من‬

‫العودة الى احلياة األسرية الطبيعية‪ ,‬فتكون العالقة هامشية‪ ,‬والبعض‬

‫يتظاهر بالوئام والتآلف أحيانا أمام األبناء لتسيير عجلة احلياة‪.‬‬

‫وان هذا السلوك له نتائج خطيرة على حياة وأخالق كال الزوجي والعائلة‬

‫بأسرها‪ ,‬فمن خالل هذا التصرف الغير املسؤول تقع الكثير من‬

‫احملذورات الشيطانية ‪ ,‬والتبعات األخالقية ‪ ,‬والتقصير بالواجبات ‪,‬‬

‫والتعدي على حق اآلخر ‪ ,‬والتجاهل واالستعالء ‪ ,‬واالستخفاف‪.‬‬


‫ ‬
‫‪١٠٣‬‬

‫اﻟزواج واﻟﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻼم‬

‫والبعض يوقع نفسه ف احملرمات الشرعية‪ ,‬واإلشكاالت االجتماعية‬

‫واالسرية ويحاول أن يبرر خطأه بإلقاء الالئمة والتقصير على الطرف‬

‫اآلخر‪.‬‬

‫وقد تتفاقم األمور‪ ,‬ويتعدى الفرد حدوده بحيث ان الزوجة ال متكن نفسها‬

‫لزوجها او ان تخرج من بيت زوجها من دون اذنه ‪ ,‬وأن الزوج قد يقصر‬

‫ضيق عليها ف معيشتها ‪.‬‬


‫ف اإلنفاق على زوجته ‪ ,‬وي ّ‬

‫وهذه النتائج اخلطيرة هي نتيجة االبتعاد عن الوظائف الدينية‬


‫واألخالقية املنوطة ف عهدة كال الزوجي‪ ,‬والسير خلف أهواء النفس‬
‫والعادات العرفية السيئة قال تعالى ) وَمَا أَصَابَكُم مّن مّصِيبَةٍ فَبِمَا‬
‫ت َأْيِديُكْم َوَيْعُفو َعن َكِثيٍر (الشورى اية )‪ (٣٠‬وقال سبحانه ) ﱠمْن َعِمَل‬
‫سَب ْ‬
‫َك َ‬
‫ظالٍم ّلْلَعِبيِد‪ .‬فصلت‬ ‫ساَء َفَعَلْيَها ۗ◌ َوَما َرّب َ‬
‫ك ِب َ‬ ‫سهِ ۖ◌ َوَمْن َأ َ‬
‫حلا َفِلَنْف ِ‬
‫صا ً‬
‫َ‬
‫اية )‪.(٤٦‬‬
‫ولقد قلنا فيما سبق أنه ال يخلو بيت من املشاكل الزوجية واخلالفات‬
‫االسرية ولكن ينبغي أن تعالج اخلالفات بسرعة‪ ,‬وتضع لها احللول‬
‫الناجعة‪ ,‬حتى ال تتفاقم وتتسع الفجوة بي الزوجي ‪ ,‬اما اذا بقيت العزلة‬
‫واالنطوائية بينهما سيقع من احملذورات ما يخاف عقباها‪.‬‬

‫واحلمد ل رب العاملي‬
١٠٤

You might also like