You are on page 1of 20

‫التربية الخيرة والسلوك اإليجابي‪ :‬المفهوم‪ ،‬والخصائص‪ ،‬ثم‬

‫الدعامات‬

‫تحت إشراف‬ ‫من إعداد‪:‬‬


‫ذ‪ .‬نورة مستغفر‬ ‫نجالء العتاق‬

‫هشام كنيش‬

‫فدوى امزال‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫من المعلوم أن التربية ممارسة متجددة سواء من حيث العدد البيداغوجية أو المناهج التربوية والمضامين‬
‫التعليمية وطرق التدريس والتدبير كذلك‪ ،‬وذلك راجع إلى كون الغاية القصوى من التربية والتكوين‪ ،‬الكامنة‬
‫في تحسين وتطوير جودة التعلمات والرفع من المردودية التعليمية‪ ،‬ليست ثابتة وقارة‪ ،‬وإنما متجددة‬
‫باستمرار‪ .‬وذلك في ظل تغير المجتمع (المجتمع الواسع) وتغير الواقع المدرسي (المجتمع المصغر) وما‬
‫يطرأ عليهما من تغيرات وتحوالت‪ ،‬بالشكل الذي يستوجب نوعا من المواكبة الدائمة والمستمرة‪ .‬ومن بين‬
‫أشكال المواكبة البارزة في هذا االتجاه‪ ،‬هناك الدعوة اليوم إلى تبني مفهوم "التربية الخيرة" و"االنضباط‬
‫اإليجابي" داخل األوساط التعليمية‪.‬‬

‫فكيف ظهر مفهوم "التربية الخيرة" وما هي دواعي تبنيها في األوساط المدرسية؟ وما المقصود بمفهوم‬
‫"التربية الخيرة"‪ ،‬وما هي أهم خصائصها وسماتها؟ وهل تحث منظومة التربية والتكوين بالمغرب من خالل‬
‫الوثائق الرسمية التي تصدرها على تبني مبادئ "التربية الخيرة"؟ ثم كيف يتمثل الفاعل التربوي "التربية‬
‫الخيرة"‪ ،‬وما حجم استعداده لتبنيها داخل الوسط المدرسي؟‬

‫سنحاول تقديم بعض عناصر الجواب عن األسئلة أعاله في إطار أربع عتبات‬
‫أساسية‪ ،‬هي‪:‬‬
‫‪ ‬عتبة السياق‪ :‬في الحاجة إلى تبني التربية الخيرة والسلوك اإليجابي بالمؤسسات التعليمية‪.‬‬
‫وهنا سيتم الوقوف عند سياق ظهور هذه المفاهيم وأهم الدواعي واألسباب المفضية إلى تبنيها؛‬
‫‪ ‬عتبة المفاهيم‪ :‬وهنا سيتم تعريف كل من مفهومي التربية الخيرة والسلوك اإليجابي‪ ،‬ورصد‬
‫الخصائص المميزة لهما‪ ،‬كما سيتم ذكر بعض المفاهيم المجاورة لهما؛‬
‫‪ ‬عتبة االطالع على بعض التقارير والوثائق الرسمية للتعرف على مدى حضور مبادئ التربية‬
‫الخيرة والسلوك اإليجابي في منظومة التربية والتكوين بالمغرب؛‬
‫‪ ‬عتبة الميدان‪ :‬حيث سيتم االنفتاح على آراء الفاعل التربوي لمعرفة تصورهم للتربية الخيرة في‬
‫مستوى أول‪ ،‬ثم التعرف على مدى استعدادهم إلى تبنيها في ممارساتهم ومهامهم التربوية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫• المحور األول‪ :‬التربية الخيرة والسلوك اإليجابي‪ :‬في سؤال األهمية‬
‫والحاجة‬
‫درج الحديث‪ ،‬مؤخرا‪ ،‬عن مفاهيم من قبيل "التربية الخيرة" )‪ (la bienveillance‬أو "التربية اإليجابية"‬
‫)‪ (éducation positive‬أو "االنضباط اإليجابي" )‪ ... (la discipline positive‬إلخ‪ .‬وهي كلها مفاهيم‬
‫كون ‪le formateur‬‬
‫تحيل على طريقة خاصة للتفكير وممارسة التكوين تجاه الغير (في الغالب يكون ال ُم ِّ‬
‫‪1‬‬
‫كون ‪ le formé‬طفال)‪.‬‬
‫راشدا‪ ،‬وال ُم َّ‬

‫وإن كان هناك العديد من الكتاب والفاعلين الذين يدعون إلى تبني مفهوم "التربية الخيرة" في الوسط‬
‫المدرسي‪ ،‬بما يعنيه ذلك من وجود اختالفات ما بينهم في تصورهم للمفهوم‪ ،‬نجدهم يتشاطرون أفكارا‬
‫مشتركة (أفكار بمثابة مسلمات ‪ )postulats‬مثل‪:‬‬

‫يتعلم الطفل بشكل جيد وأفضل عندما يكون في وسط آمن ومحمي وخير؛‬ ‫✓‬
‫"التربية الخيرة" نهج بدون عنف (سواء العنف المادي أو العنف النفسي)؛‬ ‫✓‬
‫رفض منطق السلطة والخضوع واإلساءة؛‬ ‫✓‬
‫االنتصار لقيم االحترام والعناية ضد الالمباالة والتجاهل؛‬ ‫✓‬
‫‪2‬‬
‫تتمين القدرات والكفايات عوض تحجيمها والتقليل منها؛‬ ‫✓‬

‫وكما يتبين من األفكار أعاله‪ ،‬أننا إزاء منطق وأسلوب جديد في التربية ينتصر لتثمين القيم اإليجابية ضد‬
‫القيم السلبية (السعادة وتقدير الذات ضد الكراهية والخوف؛ السلم والتعاون ضد التنافس والعنف؛ الثقة‬
‫والتفاؤل ضد الشك واالرتياب‪ ،)...‬واالهتمام بالجوانب النفسية والعاطفية تجاه الغير (المتعلم‪.‬ة)‪ .‬باختصار‪،‬‬
‫أن تربي بشكل إيجابي معناه أن تثمن الممارسات الفضلى داخل الوسط المدرسي‪ ،‬وذلك بالنظر إلى اآلثار‬
‫اإليجابية لهذا األسلوب في التربية في سبيل تعزيز القدرات وتحرير الطاقات‪.‬‬

‫السياق التاريخي‪:‬‬
‫إن التربية الخيرة والسلوك االيجابي هي مفاهيم تعتبر جزءا مهما من التربية النشيطة والتفاعلية بحيث تعتبر‬
‫التربية الخيرة مبدأ ً رئيسيا في التعليم‪ ،‬كما يعتبر السلوك االيجابي مجاال من مجاالت التعليم الذي يهدف إلى‬
‫تطوير شخصية المتعلمين‪ .‬وتهتم كل من التربية الخيرة والسلوك االيجابي بالجوانب االجتماعية واإلنسانية‬
‫‪1‬‬
‫‪Olivier Maulini, Que penser…de l’éducation positive ? ,Université de Genève Faculté de‬‬
‫‪psychologie et des sciences de l’éducation, 2017, p. 1.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid.‬‬
‫‪3‬‬
‫وتهدف الى جعل من المتعلم قادر على التكيف مع كل المتغيرات االجتماعية وتربيته عل مجموعة من‬
‫الصفات كالقدرة على التفاعل التواصل والتعبير والتعاون أي تعزز فيه كل المهارات الحياتية‪ .‬ويعود أصل‬
‫التربية الخيرة إلى مارشال روزنبرغ سنة ‪ 1700‬وهو طبيب أمريكي في علم النفس وكتب العديد من الكتب‬
‫التي تركز على التواصل والرعاية والتعليم االيجابي الخالي من العنف واعتبر ان التربية الخيرة هي نمط‬
‫تعليمي قائم على التعاطف واالستماع والدعم والثقة وتسمح للمتعلمين بأن يصبحوا كائنات مسؤولة ومستقلة‪.‬‬
‫وتطور المفهوم التربية الخيرة خالل القرن التاسع عشر الميالدي حيث بدأت ظهور مالمحها في المؤسسات‬
‫التعليمية عن طريق االهتمام بتربية القيم واالخالق والسلوك المدني للمتعلمين وقامت جين نيلسن بإضفاء‬
‫الطابع الديمقراطي في التعليم والتخلي عن التعليم العنيف الديكتاتوري‪ .‬وفي القرن العشرين تطور مفهوم‬
‫التربية الخيرة بفضل اعمال مجموعة من األطباء النفسيين منهم ألفريد أدلر والدكتورة ماريا مونتيسوري‬
‫الذين دافعوا عن اهمية االحترام والتقدير في تعليم األطفال‪ .‬وهنا نرى التطبيق الفعلي للتربية الخيرة في‬
‫المؤسسات التعليمية كما تم تطوير منهجيات الدراسية الجديدة ومتنوعة‪ ،‬لتحسين األداء الدراسي واالجتماعي‬
‫والشخصي للمتعلمين‪ .‬ويعتبر السلوك االيجابي في المؤسسات التعليمية هو جزء من التربية الخيرة الذي‬
‫يهدف إلى تحسين التعايش الجيد في المجتمع المدرسي‪ ،‬وتحسين التعلم الذاتي‪ ،‬وزيادة الثقة الذاتية لدى‬
‫المتعلمين‪ ،‬كما ينمي القدرة على التحدث مع اآلخرين والتعايش معهم‪.‬‬

‫وتعد التربية الخيرة والسلوك االيجابي كما ذكرنا من أهم العناصر المطلوبة لضمان التعليم الناجح في‬
‫المجتمع المدرسي ويجب على المؤسسات التعليمية ان تكون قادرة على تطبيقها بالشكل الصحيح لضمان‬
‫‪3‬‬
‫تعليم ناجح وذو جودة‪.‬‬

‫• المحور الثاني‪ :‬التربية الخيرة والسلوك اإليجابي‪ :‬التعريف‬


‫والخصائص‪:‬‬

‫إن من وظيفة المدرسة باإلضافة إلى إكساب المتعلم المهارات العلمية والمعرفية المختلفة‪ ،‬أي إكساب المتعلم‬
‫جانب كبير من القيم واألخالق واالتجاهات اإليجابية في الحياة‪ ،‬فالمدرسة وما تقوم عليه من منهاج‪،‬‬
‫ومدرسين‪ ،‬ونظم تعليمية‪ ،‬ووسائل منبع خصب للقيم واالتجاهات السلوكية عند األفراد‪ ،‬وهناك نماذج وأمثلة‬
‫على القيم واالتجاهات السلوكية في المدرسة‪ ،‬كما أن هناك سبل لنشرها‪ ،‬ومعوقات تعترض نشرها في ذات‬
‫الوقت ‪ ،‬ومن بين األمثلة على القيم واالتجاهات اإليجابية هناك العديد من القيم السلوكية واالتجاهات يمكن‬

‫‪ 3‬أنظر الروابط التالية‪:‬‬


‫‪https://www.ribambel.com/article/l-education-positive-qu-est-ce-que-c-est/5325‬‬
‫‪https://parentalitecreative.com/c-est-quoi-l-education-bienveillante‬‬
‫‪4‬‬
‫إكسابها للمتعلم في المدرسة‪ ،‬منها‪ :‬اإليثار‪ ،‬والتعاون ‪ ،‬والتضحية‪ ،‬والكرم والسخاء‪ ،‬والجدية والمثابرة‪،‬‬
‫والحياء‪ ،‬واحترام الغير والنظافة‪ ،‬واالنتماء للوطن واحترام المعلمين‪ ،‬وحب المدرسة‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬

‫وقد شاع مؤخرا مصطلح "التربية اإليجابية" في المناهج التربوية‪ ،‬ويقصد بهذا المفهوم الجديد مجمل‬
‫األساليب التي تنمي مهارات الطفل اللغوية‪ ،‬الحركية والعاطفية وسلوكه بطريقة بناءة و الفرق بينها وبين‬
‫التربية التقليدية‪ ،‬هو أن األخيرة تبنى على أساليب القمع واإلجبار التي يرى فيها األطباء والخبراء أنها تلغي‬
‫شخصية الطفل‪ ،‬في حين التربية اإليجابية تزرع في الطفل قيمة االنضباط الذاتي الذي يمكنه من التصرف‬
‫بشكل سوي دون الحاجة إلى مراقبته‪ ،‬إذ إن سلوكه صادر من قناعة شخصية‬

‫التربية اإليجابية هي أيضا ً معرفة اآلباء بمراحل نمو أبنائهم وطرق التعامل مع كل مرحلة‪ ،‬وتفسير‪ ،‬توجيه‬
‫وتقويم سلوكهم بطرق سليمة دون تعريضهم للضرر النفسي الذي قد يصدر عن بعض اآلباء دون دراية منهم‬

‫فلسفة التربية اإليجابية‪:‬‬

‫تفترض فلسفة التربية اإليجابية أن الطفل يولد على الفطرة‪ ،‬وباالحترام والرعاية والمحبة والتوجيه يمكن أن‬
‫يصبح خلوقا ومسؤوال وناجحا عند الكبر‪ .‬والتربية اإليجابية هي مزيج من العطف والحب والتفاهم والحماية‪.‬‬
‫يفنّد خبراء علم االجتماع والتربية أسس وقواعد التربية اإليجابية كالتالي‪:‬‬

‫‪ −‬تعميق االحترام المتبادل‬


‫احترام األهل لرغبات الطفل ينعكس على تنشئته وفق قواعد أساسية‪ ،‬وهي احترام نفسه‪ ،‬ووالديه والمحيطين‬
‫به واحترام رغباتهم وخصوصياتهم‪ ،‬هذه القواعد ال تنحصر بعدم اللجوء إلى التعنيف أو التلفظ بالعبارات‬
‫المهينة المرفوضة تماما ً في التربية‪ ،‬بل تتعداها إلى الحوار‪ ،‬المناقشة‪ ،‬التوعية لتنعكس إيجابا ً على سلوكه‪.‬‬
‫‪ −‬قدوة حسنة‬

‫التربية اإليجابية للطفل تحتاج من اآلباء أن يكونوا قدوة حسنة ألبنائهم‪ ،‬فالطفل يقلد ذويه في السلوك الحسن‬
‫والسيئ على حد سواء‪ ،‬فال يجوز أن يحث األهل أطفالهم على الصدق وهم يكذبون أو على احترام اآلخرين‬
‫وهم ال يبدون احتراما ً للغير أو ألطفالهم‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫ما هي التربية اإليجابية؟‬

‫التربية اإليجابية هي مدرسة فكرية تقوم على معاملة األطفال باحترام وتؤكد على العالقة بين األطفال وآبائهم‬
‫وتشجع التواصل معهم‪ ،‬وتهدف هذه المدرسة إلى تعليم األطفال بدال من معاقبتهم‪ ،‬والتربية اإليجابية تعتمد‬
‫على التربية على الحديث مع الطفل والنزول لمستوى الطفل الفكري وإعطائه مجموعة من الخيارات ليشعر‬
‫بأن له رأي وصوت ويمكنه اتخاذ القرارات الخاصة به‪ ،‬في التربية اإليجابية ال يمكنك استخدام أي عقاب‬
‫جسدي مع الطفل‪ ،‬وعليك أن تركز على االتصال معه باستخدام بعض األساليب واالستراتيجيات‬
‫ترتكز التربية اإليجابية على مجموعة معينة من القواعد واالستراتيجيات التي يمكن إتباعها‪ ،‬ومن أبرزها‪:‬‬

‫العواقب المنطقية ‪ :‬يجب أن يعرف الطفل عواقب أفعاله سواء أكانت إيجابية أو سلبية‪ ،‬فإذا تصرف طفلك‬
‫بسلوك جيد يجب أن يعرف أن له نتائج جيدة‪ ،‬وعندما يتصرف بسلوك غير محبب يجب أن يعرف عواقبه‬
‫مسبقًا؛ ولهذا ضع عواقب لكل تصرفات الطفل ليعرف تماما ما ينتظره من كل سلوك‪ ،‬ولكن احرص على أن‬
‫تكون العواقب منطقية ومناسبة لعمره لمساعدته على الفهم والتعلم‪.‬‬

‫التفاهم والتعاطف‪ :‬يجب أن يفهم الطفل أنك تفهم ما يريد ويجب أن تتعاطف معه أيضا‪ ،‬من أهم أساليب‬
‫التربية اإليجابية أن تتحدث مع الطفل وأنت على مستواه الجسدي‪ ،‬وحافظ على تواصل بصري بينك وبينه‬
‫وأظ ِّهر له التعاطف واالحترام‪ .‬اشرح له ما تريد وساعده على التعلم من أخطائه‬

‫عندما تريد أن تؤدب الطفل عليك أن تشرح له السبب ليعرف الخطأ الذي فعله‪ ،‬فال تعاقبه على شيء هو ال‬
‫يعرفه‪ ،‬اشرح له تماما ما فعل وما عواقبه‪ ،‬ويفضل أن تشرح له وأنت جالس معه وتتحدث إليه‪ ،‬وحافظ على‬
‫تواصل جسدي معه من خالل لمسه على يده أو كتفه ألنك إذا أخبرت الطفل أال يفعل شيئا ما فقط فهو لن يفهم‬
‫لماذا وسيكرر الخطأ‪ ،‬ولهذا اشرح له ليتعلم من خطأه‪.‬‬

‫احرص على التواصل المستمر‪ :‬ال تفترض أن الطفل ال يمكنه فهمك‪ ،‬ولهذا تحدث له واستخدم اللغة التي‬
‫تناسب عمره‪ ،‬احترم طفلك وتواصل معه وكأنه شخص كبير وواع‬

‫أعطي تحذيرات‪ :‬التحذيرات تعطي للطفل فرصة لالستعداد الذهني‪ ،‬فال تفاجئ الطفل بشيء وإنما مهد له‬
‫األمر؛ كأن تقول له أمامك نصف ساعة لمشاهدة التلفاز وذكره قبل انتهاء الوقت بأنه تبقى له عشر دقائق فقط‬
‫ليستعد إلغالق التلفاز‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫أخبر الطفل ما يجب فعله بدال مما ال يجب فعله‪ :‬قد تحتاج لبعض الوقت لالعتياد على هذا األسلوب‪ ،‬ولكن‬
‫صياغة الكالم بهذه الطريقة أفضل للطفل‪ ،‬كأن تقول له تعامل مع أخيك بلطف بدال أن تقول له ال تضرب‬
‫أخاك؛ ألن الدماغ يعالج الكلمات المفتاحية أوال ويسهل فهم كلمات ضرب وأخيك أكثر من كلمة ال‪ ،‬ولهذا‬
‫احرص على إعطائه التعليمات بطريقة إيجابية‪.‬‬

‫فوائد استخدام أساليب التربية اإليجابية‬

‫التربية اإليجابية ال تعني عدم االنضباط‪ ،‬وإنما تتطلب منك االعتراف باألخطاء وتصحيحها وتشجيع الطفل‬
‫على تكرار السلوك اإليجابي وهذه األساليب تعود بنتائج رائعة على طفلك‪ ،‬فمن فوائد التربية اإليجابية ما‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ -‬فهم أفضل للمشاعر‪ :‬يخلق هذا األمر نوعا من التعاطف مع الطفل ويتعلم فهم مشاعر اآلخرين والتنبؤ بها‪.‬‬
‫يقلل من الصراعات بينه وبين األطفال واألسلوب القاسي في التربية يجعل األطفال يشعرون بالضعف‪ ،‬ومع‬
‫أنهم يعرفون سلوكهم السيئ إال أنهم يستمرون بفعله بدال من تصحيحه‪ ،‬وهذا الشيء سيتراكم في النهاية ويقف‬
‫بطريق سعادتهم وسيخلق لديهم شعورا بالصراع في السيطرة على سلوكياتهم‪ ،‬فإذا عاملت األطفال بقسوة‬
‫سيعاملون اآلخرين بقسوة‪.‬‬
‫‪ -‬التطور العاطفي‪ :‬األطفال الذين ينشؤون في بيئة يشعرون فيها بالرضى عن أنفسهم يطورون الشعور باحترام‬
‫الذات وتقديرها وسيكونون قادرين على الشعور بإنجازاتهم والفخر بها وتقدير أنفسهم‪ ،‬أما العقوبات القاسية‬
‫ستش ِّعر الطفل بالخجل والخوف وبالتالي سيتخذ قرارات سيئة أو يتجنب اتخاذ القرارات أصال‪ ،‬وبالطبع سيفقد‬
‫ثقته بنفسه‪.‬‬
‫‪ -‬عالقات أقوى ‪ :‬يعزز أسلوب التربية اإليجابية عالقات الطفل ويخلق دائرة احترام متبادلة‪ ،‬وفي المستقبل لن‬
‫تضطر لفرض تعليمات أو قواعد لالنضباط وإنما ستكتفي بالتوجيه‪.‬‬
‫‪ -‬تطور الشخصية‪ :‬يسعى األطفال الذين نشأوا على التربية اإليجابية على التصرف جيدا وتحقيق أهدافهم‪ ،‬ليس‬
‫ألنهم يخشون من العقوبات وإنما ألنهم قادرين على مراقبة أنفسهم ونتائج أفعالهم ويسعون دائما لألداء الجيد‪.‬‬

‫سبل نشر القيم في المدرسة يمكن نشر القيم في المدرسة من خالل‪:‬‬

‫‪ -‬المنهاج‪ :‬وما يتضمنه من معارف قيمية‪ ،‬حيث يتم تعريفها للمتعلمين وتوضيح عناصرها‪.‬‬
‫‪ -‬القدوة الحسنة والمحاكاة‪ :‬بتوفر النموذج اإليجابي أمام المتعلمين فال بد من التزام المدرس بهذا النموذج‪ ،‬فال‬
‫يعقل مثال أن يتحدث المدرس في حصة العلوم أو الصحة عن أضرار التدخين‪ ،‬وفي االستراحة يراه الطالب‬

‫‪7‬‬
‫مدخناً‪ ،‬أو يتحدث عن قيمة النظافة والترتيب‪ ،‬ويرى الطالب مكتبه غير منظم‪ ،‬أو يتحدث عن الصالة‪ ،‬وهو ال‬
‫يحافظ على أدائها في وقتها‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫‪ -‬الغرس الوجداني للقيم‪ :‬بالتخطيط ألهداف وجدانية في الحصة الصفية يتم التركيز عليها‪ .‬السلوك‪ ،‬بمتابعة‬
‫سلوك المتعلم وتعزيزه باستمرار‪ ،‬ببيان اآلثار االيجابية لاللتزام بالقيم‪ ،‬والعواقب السلبية التي تنتج عن عدم‬
‫التحلي بها‪.‬‬

‫• المحور الثالث‪ :‬دعامات "التربية الخيرة" و"السلوك اإليجابي" في‬


‫منظومة التربية والتكوين بالمغرب‪ :‬قراءة أولية‬
‫بعد التعرف إلى سياق ظهور مفهوم "التربية الخيرة" أو "االنضباط اإليجابي" ودواعي تبنيها في األوساط‬
‫التعليمية‪ ،‬ثم التطرق إلى تعريف "التربية الخيرة" ورصد أبرز خصائصها وسماتها‪ ،‬يبدو من المفيد‪ ،‬إن لم‬
‫نقل من الضروري‪ ،‬االنفتاح على منظومة التربية والتكوين بالمغرب لمعرفة مدى استحضارها لمبادئ‬
‫"التربية الخيرة"‪.‬‬

‫وقبل المرور إلى أبرز االستنتاجات المستخلصة من عملية البحث والقراءة‪ ،‬سنقف‪ ،‬في البداية‪ ،‬على بعض‬
‫األمثلة الدالة على استحضار قيم ومبادئ "التربية الخيرة" كما هو مبين في الجدول التالي‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫رقم‬
‫االقتباس‬ ‫اسم الوثيقة‬
‫المثال‬
‫نقرأ في المادة رقم ‪ 17‬ما يلي (في باب المرتكزات)‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫"للمربين والمدرسين على المتعلمين وآبائهم‬
‫وأوليائهم‪ ،‬وعلى المجتمع برمته‪ ،‬حق التكريم‬
‫والتشريف لمهنتهم النبيلة‪ ،‬وحق العناية الجادة‬
‫بظروف عملهم وبأحوالهم االجتماعية‪ ،‬وفقا لما ينص‬
‫عليه الميثاق‪.‬ولهم على الدولة وكل هيئة مشرفة على‬
‫التربية والتكوين حق االستفادة من تكوين أساسي‬
‫متين ومن فرص التكوين المستمر‪ ،‬حتى يستطيعوا‬
‫الرفع المتواصل من مستوى أدائهم التربوي‪ ،‬والقيام‬
‫بواجبهم على الوجه األكمل‪.‬‬
‫وعلى المربين الواجبات والمسؤوليات المرتبطة‬
‫بمهمتهم‪ ،‬وفي مقدمتها‪:‬‬
‫الميثاق الوطني للتربية‬
‫جعل مصلحة المتعلمين فوق كل اعتبار؛ (التشديد‬ ‫•‬ ‫‪1‬‬
‫والتكوين (‪)1999‬‬
‫من عندنا)‬
‫إعطاء المتعلمين المثال والقدوة في المظهر‬ ‫•‬
‫والسلوك واالجتــــهاد والفضول الفــكري والــــروح‬
‫النقدية البناءة؛ (التشديد من عندنا)‬
‫التكوين المستمر والمستديم؛‬ ‫•‬
‫التزام الموضوعية واإلنصاف في التقويمات‬ ‫•‬
‫واالمتحانات‪ ،‬ومعاملة الجميع على قدم المساواة؛‬
‫(التشديد من عندنا)‬
‫إمداد آباء التالميذ بالمعلومات الكافية لقيامهم‬ ‫•‬
‫بواجباتهم المذكورة في المادة ‪ 16‬أعاله على الوجه‬
‫األكمل‪ ،‬وإعطاؤهم كل البيانات المتعلقة بتمدرس‬
‫أبنائهم"‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫نقرأ في المادة رقم ‪ 19‬ما يلي‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫"للتالميذ والطلبة على أسرهم ومدرسيهم والجماعات‬
‫المحلية التي ينتمون إليها والمجتمع والدولة حقوق‬
‫تطابق ما يشكل واجبات على عاتق هذه األطراف‪،‬‬
‫كما نصت على ذلك المواد السابقة من الميثاق‪،‬‬
‫مضافا إليها‪:‬‬
‫عدم التعرض لسوء المعاملة؛ (التشديد من عندنا)‬ ‫•‬
‫المشاركة في الحياة المدرسية؛‬ ‫•‬
‫الحصول على الدعم الكافي لبلورة توجهاتهم‬
‫الدراسية والمهنية‪"..‬‬
‫هناك أيضا الدعامة الرابعة [من المادة ‪ 60‬إلى المادة‬
‫‪ ،]76‬والمتعلقة ب"إعادة الهيكلة وتنظيم أطوار‬
‫التربية والتكوين"‪ ،‬حيث نالحظ استحضار الجانب‬
‫القيمي في التعلمات بالموازاة مع التعلمات‬
‫والمعارف‪.‬‬
‫هناك إشارات طفيفة غير مباشرة‪ ،‬السيما في الجانب‬ ‫‪-‬‬
‫المتعلق باألهداف االستراتيجية للبرنامج االستعجالي‬
‫البرنامج االستعجالي‬
‫في عالقة بالمستويات التعليمية (المستوى االبتدائي‪،‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪2009-2011‬‬
‫اإلعدادي‪ ،‬الثانوي)‪ .‬ويالحظ التركيز على الكفايات‬
‫المعرفية بالدرجة األولى‪.‬‬
‫اإلشارة في مستهل التقرير إلى محدودية المردودية‬ ‫‪-‬‬
‫التعليمية من حيث ضعف التمكن من القيم إلى جانب‬
‫الكفايات والمعارف (ص‪)5 .‬؛‬
‫اعتبار أن التنشئة االجتماعية والتربية على القيم في‬ ‫‪-‬‬
‫بعديها الوطني والكوني من أهم رهانات الرؤية‬
‫االستراتيجية (ما يعني أن التربية على القيم في‬
‫الرؤية االستراتيجية‬
‫صميم تصور الرؤية االستراتيجية)؛‬ ‫‪3‬‬
‫لإلصالح ‪2030-2015‬‬
‫نقرأ في محور الغايات المتوخاة‪" :‬تهم بناء‬ ‫‪-‬‬
‫مواطن‪...‬متحل بقيم المواطنة وفضائل السلوك‬
‫المدني‪ ،‬متشبع بالمساواة والتسامح واحترام الحق‬
‫الوطنية‬ ‫بالتزاماته‬ ‫وعارف‬ ‫االختالف‪،‬‬ ‫في‬
‫وبمسؤولياته تجاه نفسه وأسرته ومجتمعه‪ ،‬مسهم‬
‫في الحياة الديمقراطية والتنموية لوطنه‪ ،‬ومنفتح‬

‫‪10‬‬
‫على الغير وعلى العصر بقيمه الكونية" (ص‪)9 .‬‬
‫(التشديد من عندنا)‬
‫اإلشارة إلى ضرورة وأهمية تبني التربية على القيم‬ ‫‪-‬‬
‫والسلوك المدني (وهي مسائل سيتم تفصيل القول‬
‫فيها‪ ،‬مثال‪ ،‬في الرافعة ‪ 18‬الموسومة ب"ترسيخ‬
‫مجتمع المواطنة والديمقراطية والمساواة"‪،‬‬
‫ونقرأ في هذا الجانب‪" :‬على الرغم من االهتمام الذي‬
‫أولته المدرسة المغربية للتربية على القيم وحقوق‬
‫اإلنسان والمواطنة‪ ،‬السيما منذ اعتماد البرنامج‬
‫الوطني للتربية على المواطنة وحقوق اإلنسان وثقافة‬
‫المساواة بين الرجال والنساء وقيم التسامح‪ ،‬استمرت‬
‫السلوكات الال مدنية في االنتشار‪ ،‬كالغش والعنف‬
‫واإلضرار بالبيئة وبالملك العام داخل المؤسسات‬
‫التعليمية والتكوينية وفي محيطها‪.‬‬
‫من هذا المنطلق‪ ،‬يتعين جعل التربية على القيم‬
‫والمواطنة الفاعلة وفضائل السلوك المدني‪،‬‬
‫والنهوض بالمساواة ومحاربة كل أشكال التمييز‪،‬‬
‫خيارا استراتيجيا ال محيد عنه‪ ،‬يتم تصريفه على‬
‫المستويات األربعة التالية‪ :‬مستوى المنهج التربوي؛‬
‫مستوى البنيات التربوية واآلليات المؤسساتية؛‬
‫مستوى الفاعلين التربويين؛ مستوى عالقة‬
‫المؤسسة التربوية بالمحيط"‪( .‬ص‪( )55 .‬التشديد‬
‫من عندنا)‬
‫ملحوظة‪ :‬اعتماد لواضح مبادئ ومقومات "التربية‬
‫الخيرة" دون اإلشارة إلى المفهوم بشكل صريح‪ ،‬ولم‬
‫يتوقف األمر إلى اإلشارة أو التنويه‪ ،‬بل تم التفكير‬
‫في آليات تفعيلها كما هو مبين في المقتطف أعاله‪.‬‬
‫وهذه مسألة جديدة‪.‬‬
‫تأتي وظيفة التنشئة االجتماعية والتربية على قيم‬ ‫‪-‬‬
‫المواطنة واالنفتاح والتواصل والسلوك المدني في‬
‫مقدمة الوظائف التي يتعين على منظومة التربية‬ ‫القانون اإلطار رقم ‪51.17‬‬ ‫‪4‬‬
‫والتكوين االضطالع بها؛ (ص‪)7 .‬‬
‫تعريف السلوك المدني‪" :‬التشبث بالثوابت الدستورية‬ ‫‪-‬‬

‫‪11‬‬
‫للبالد‪ ،‬في احترام تام لرموزها وقيمها الحضارية‬
‫روافدها‪،‬‬ ‫بشتى‬ ‫بالهوية‬ ‫والتمسك‬ ‫المنفتحة‪،‬‬
‫واالعتزاز باالنتماء لألمة‪ ،‬وإدراك الواجبات‬
‫والحقوق‪ ،‬والتحلي بفضيلة االجتهاد المثمر وروح‬
‫الوطنية‪،‬‬ ‫بااللتزامات‬ ‫والوعي‬ ‫المبادرة‪،‬‬
‫وبالمسؤوليات تجاه الذات واألسرة والمجتمع‪،‬‬
‫والتشبع بقيم التسامح والتضامن والتعايش"‪( .‬ص‪.‬‬
‫‪)4‬‬
‫نقرأ في المادة رقم ‪":22‬وضع برامج للتحسيس‬ ‫‪-‬‬
‫والتحفيز والمواكبة النفسية واالجتماعية للمتعلمين‬
‫قصد الحيلولة دون انقطاعهم عن الدراسة وضمان‬
‫متابعة مسارهم الدراسي" (ص‪)14 .‬‬
‫التركيز على األثر‪ ،‬حيث تم مالحظة‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫بأن فرص التفتح وتحقيق الذات محدودة في ظل أن‬
‫‪ 25‬في المائة من التلميذات والتالميذ يشاركون في‬
‫األنشطة الموازية؛‬
‫اإلشارة إلى ظاهرة الهدر المدرسي المرتفعة‪ ،‬بحيث‬ ‫‪-‬‬
‫يصل العدد إلى ما يناهز ‪ 300000‬حالة سنويا (وكما‬
‫هو معلوم باتت ظاهرة الهدر المدرسي تمثل تحديا‬
‫كبيرا أمام منظومة التربية والتكوين)؛‬
‫اعتبار "تعزيز التفتح والمواطنة" هدفا استراتيجيا‬ ‫‪-‬‬
‫لتحقيق مدرسة عمومية وذات جودة‪ ،‬إلى جانب‬
‫"ضمان جودة التعلمات" و"تحقيق إلزامية التعليم"‪،‬‬ ‫خارطة طريق ‪2026-2022‬‬ ‫‪5‬‬
‫وذلك من خالل "اعتبار المدرسة فضاء للتفتح‬
‫يكتسب فيه األطفال القيم الوطنية والكونية وحب‬
‫االستطالع والثقة في النفس"‪( .‬ص‪( )13 .‬التشديد‬
‫من عندنا)‬
‫االلتزام رقم ‪ 5‬الخاص ب"دعم اجتماعي معزز من‬ ‫‪-‬‬
‫أجل تحقيق تكافؤ الفرص بين كل التالميذ‬
‫والتلميذات"‬
‫االلتزام رقم ‪ 12‬في خارطة الطريق‪ ،‬ويهم األنشطة‬ ‫‪-‬‬
‫الموازية والرياضية التي من المفترض أن تمكن‬
‫التالميذ والتلميذات من التفتح وتحقيق ذواتهم‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في‬ ‫‪-‬‬
‫الندوة الوطنية التي نظمها المجلس األعلى للتعليم في‬
‫موضوع "المدرسة والسلوك المدني"‪ ،‬وهي رسالة‬
‫مليئة باإلشارات حول جعل السلوك المدني ضرورة‬
‫ال غنى عنها‪ ،‬ال سيما في منظومة التربية والتكوين‪،‬‬
‫بالنظر إلى اآلثار الكبرى المنتظرة من تبينها (بناء‬
‫"المواطن الصالح")؛‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن هذا النشاط هو األول بالنسبة‬ ‫‪-‬‬
‫للمجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي‬
‫والذي سيفتتح به أشغاله العمومية‪ .‬وهذا ينم عن‬
‫وعي بأهمية إثارة النقاش في موضوع "المدرسة‬
‫والسلوك المدني"‪.‬‬
‫تقرير‬
‫يتضمن التقرير تفاصيل عديدة حول تعريف المفهوم‬ ‫‪-‬‬
‫وإبراز االعتبارات والسياقات الداعية إلى ضرورة‬
‫الندوة‬ ‫تقارير‬
‫اعتماده في المدارس (تجديد دور المدرسة من خالل‬ ‫الوطنية‪:‬‬ ‫المجلس‬
‫اعتبار أن من جملة أهدافها تنمية الجوانب العالئقية‬ ‫"المدرسة‬ ‫األعلى‬ ‫‪6‬‬
‫والتواصلية والعاطفية‪)...‬؛‬ ‫والسلوك‬ ‫للتربية‬
‫من جملة االقتراحات التي تم اقتراحها (ص‪،)22 .‬‬ ‫‪-‬‬
‫المدني"‬ ‫والتكوين‬
‫هناك‪:‬‬
‫(‪)2007‬‬
‫‪ ‬تشجيع ثقافة القدوة لدى هيئات التدريس والتكوين‬
‫والتأطير لتنمية السلوكات اإليجابية؛‬
‫‪ ‬تنمية اإلحساس بالتاريخ والمصير المشترك‪ ،‬وذلك‬
‫عبر إعادة االعتبار ألبعاد تدريس العلوم اإلنسانية‬
‫واالجتماعية؛‬
‫‪ ‬التفكير في وضع ميثاق مدني للمغرب الممكن؛‬
‫‪ ‬زرع ثقافة األمل وتقوية مدارك الناشئة من أجل‬
‫الحياة المشتركة وربح رهانات المستقبل؛‬
‫ملحوظة‪ :‬إن محورية مفهوم "السلوك المدني" لدى‬ ‫‪-‬‬
‫المجلس األعلى للتربية والتكوين هي التي ستفضي‬
‫إلى اعتباره هدفا استراتيجيا فيما بعد في إطار الرؤية‬
‫االستراتيجية‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫باختصار‪ ،‬هو تقرير يجدد الدعوة إلى تبني "التربية‬ ‫‪-‬‬
‫على القيم" ترصيدا وتطويرا لمجموعة من‬
‫المكتسبات المتحققة من جهة أولى‪ ،‬ومواجهة‬
‫مجموعة من التحديات‪ ،‬التي يبقى من أبرزها "الهوة‬
‫المتنامية بين الخطاب حول التربية على القيم‬
‫والحقوق والواجبات وبين الممارسة الفعلية لها‪ ،‬إذ‬
‫يتبين أن الخطاب النظري المعبر عنه في التوجيهات‬
‫الرسمية والوثائق المرجعية المعتمدة‪ ..‬يشغل موقعا‬ ‫تقرير‬
‫كبيرا‪ ،‬مقابل ممارسات بيداغوجية وتعليمية محدودة‬
‫"التربية‬
‫األثر على السلوكات المتوخاة من التربية على القيم‪.‬‬
‫على القيم‬
‫يشهد على ذلك استفحال السلوكات المخلة بالقيم‬
‫داخل المدرسة وفي محيطها‪ ،‬من قبيل ظواهر العنف‬ ‫بالمنظومة‬
‫بمختلف أنواعه (المادي والنفسي واللفظي)‪ ،‬والغش‪،‬‬ ‫الوطنية‬
‫واالعتداء‪ ،‬والتهديد‪ ،‬والتعصب‪ ،‬والتمييز بين‬ ‫للتربية‬
‫الجنسين‪ ،‬واالنحراف‪ ،‬والتحرش‪ ،‬وعدم احترام‬ ‫والتكوين‬
‫األدوار‪ ،‬والمساس بنبل الفضاء المدرسي والجامعي‪،‬‬
‫والبحث‬
‫للمؤسسة‬ ‫الداخلية‬ ‫االلتزام باألنظمة‬ ‫وتراجع‬
‫العلمي"‬
‫التعليمية‪ ،‬واإلضرار بالبيئة والملك العام‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬فإن تزايد حاالت االستعمال المنافي‬ ‫(‪)2017‬‬
‫للقيم واألخالقيات داخل الشبكات اإللكترونية ومواقع‬
‫التواصل االجتماعي‪ ،‬يعرض األطفال والشباب‬
‫لمخاطر االستغالل والتغرير واالبتزاز والشحن‬
‫باألفكار المتعصبة‪ ،‬وغيرها"‪( .‬ص‪)10 .‬‬
‫ملحوظة‪ :‬إن كل هذه الظواهر‪ ،‬في الحقيقة‪ ،‬تشكل‬ ‫‪-‬‬
‫اعتبارات ودواعي لضرورة تبني "التربية الخيرة"‬
‫في المؤسسات التعليمية‪.‬‬
‫بالتعريف‪ ،‬إن الحياة المدرسية تشير إلى تلك الحياة‬ ‫‪-‬‬
‫التي يعيشها المتعلمون في جميع األوقات وجميع‬
‫األماكن المدرسية‪ ،‬وبالتالي فإن أبعاد "التربية‬
‫الخيرة" تجد مكانها األنسب لكي تتفعل وتترسخ‬ ‫دليل الحياة المدرسية‬ ‫‪7‬‬
‫(مثال‪ :‬بعد التواصل غير العنيف)‪.‬‬
‫بهذا المعنى‪ ،‬يمكن اعتبار الحياة المدرسية آلية‬ ‫‪-‬‬
‫منهجية لترسيخ "التربية الخيرة" داخل المؤسسات‬

‫‪14‬‬
‫التعليمية باعتبار أنها تستهدف التنشئة الشاملة‬
‫لشخصية المتعلم‪.‬‬
‫كما هو معلوم‪ ،‬إن من مقومات الحياة المدرسية‬ ‫‪-‬‬
‫"تكريس المظاهر السلوكية اإليجابية‪ ،‬والتحلي‬
‫بحسن السلوك أثناء التعامل مع كل الفاعلين في‬
‫الحياة المدرسية" (ص‪.)10 .‬‬
‫ويبقى من أهم مجاالت الحياة المدرسية هو‪ :‬المواطنة‬ ‫‪-‬‬
‫ذو الصلة بشكل مباشر ب"التربية الخيرة"‪.‬‬
‫تكمن مقاربات الحياة المدرسية في‪ :‬األنشطة‬ ‫‪-‬‬
‫التربوية‪ ،‬والمهارات الحياتية‪ ،‬التثقيف بالنظير‪،‬‬
‫محاربة الظواهر المشينة‪ ،‬والخرجات الدراسية‪،‬‬
‫الملتقيات والندوات‪،‬‬
‫إن الكتاب المدرسي حامل للقيم‪ ،‬بحيث أن كل وحدة‬ ‫‪-‬‬
‫دراسية تستهدف تحقيق كفاية قيمية أو وجدانية لدى‬ ‫الكتب المدرسية‬ ‫‪8‬‬
‫المتعلم‪ .‬واألمثلة الدالة على ذلك متعددة‪.‬‬
‫هي مجموع األنشطة التي يجري القيام بها أو‬ ‫‪-‬‬
‫المذكرات والحمالت‬
‫المذكرات الداعية إلى تبني "التربية الخيرة" في‬ ‫‪9‬‬
‫التحسيسية واأليام الدراسية‬
‫‪4‬‬
‫المؤسسات التعليمية‪.‬‬
‫يمكن اعتبار أن إحداث وظيفة خاصة بأطر الدعم‬ ‫‪-‬‬
‫االجتماعي مؤشر إيجابي سيساعد‪ ،‬بال شك‪ ،‬في‬
‫تحقيق وترسيخ بعض الجوانب واألبعاد المتصلة ب‬
‫"التربية الخيرة"‪ ،‬ال سيما عندما نتأمل بعض المهام‬
‫المنوطة به مثل‪:‬‬
‫االستماع وتقديم المشورة والدعم للتالميذ وأوليائهم‬ ‫•‬
‫القرار الخاص بتحديد مهام‬
‫لتعزيز الدعم االجتماعي؛‬ ‫‪10‬‬
‫أطر الدعم االجتماعي‬
‫مصاحبة التالميذ ومالمسة كل أبعاد شخصيتهم‬ ‫•‬
‫(البعد المعرفي‪ ،‬والبعد السلوكي‪ ،‬والبعد االجتماعي‪،‬‬
‫والبعد الوجداني)؛‬
‫محاربة الظواهر والسلوكات السلبية بالمؤسسات‬ ‫•‬
‫التعليمية؛‬
‫المساهمة في ترسيخ قيم المواطنة والسلوك المدني‬ ‫•‬

‫‪ 4‬أنظر بعض النماذج في الملحق‪.‬‬


‫‪15‬‬
‫بالوسط المدرسي‪..‬‬

‫ومن خالل عمليات البحث واالطالع على مدى حضور "التربية الخيرة" في بعض المرجعيات التشريعية‬
‫والتربوية بمنظومة التربية والتكوين في المغرب‪ ،‬نصل إلى خالصة أساسية‪ ،‬هي‪:‬‬

‫عدم االعتماد الصريح لمفهوم "التربية الخيرة" في منظومة التربية والتكوين‪ ،‬في مقابل التبني الصريح‬
‫والواضح لجل أبعادها وجوانبها‪ ،‬السيما مع الرؤية االستراتيجية ‪ 2030-2015‬التي اعتبرت تنمية السلوك‬
‫المدني والتربية على القيم هدفا استراتيجيا ال غني عنه في عمليات التعلم‪ .‬وهو الهدف االستراتيجي الذي‬
‫سيتم التعبير عنه في شكل آليات عمل مباشرة مثل اعتماد الحياة المدرسية والدعوة إلى تنمية السلوك‬
‫المدني وإحداث وظائف تعنى باالشتغال على مثل هذه القضايا (كما هو الحال بالنسبة إلطار الدعم‬
‫االجتماعي)‪.‬‬

‫• المحور الرابع‪ :‬تبني "التربية الخيرة" من قبل الفاعل التربوي‪:‬‬


‫نتائج وخالصات بحث استطالعي أولي‬
‫كان من األساسي لنا‪ ،‬في هذا البحث‪ ،‬أن نجري بحثا استطالعيا أوليا نتعرف فيه على أمرين أساسيين هما‪:‬‬
‫أوال‪ ،‬التعرف على مدى احتكاك الفاعل التربوي بمفهوم "التربية الخيرة"؛ ثانيا‪ ،‬التعرف على مدى استعداد‬
‫الفاعل التربوي لتبني مفهوم "التربية الخيرة" في ممارسته التربوية‪.‬‬

‫وبعد االطالع على أجوبة المشاركين وتحليلها وتصنيفها‪ ،‬تبين ما يلي‪:‬‬

‫"التربية الخيرة"‬
‫غرابة المفهوم؛‬ ‫‪-‬‬
‫جدة المفهوم؛‬ ‫‪-‬‬ ‫في المفهوم‬
‫التفاوت بين الخطاب والممارسة؛‬ ‫‪-‬‬
‫أهمية قصوى وضرورة حيوية؛‬ ‫‪-‬‬
‫التربية الخيرة ذات دور مزدوج‪ :‬سبب ونتيجة في نفس الوقت؛‬ ‫‪-‬‬
‫الحاجة إلى احتواء بعض الظواهر السلبية (الغش‪ ،‬الكذب‪ ،‬العنف‪ ،‬التحرش‪ ،‬التنمر‪،‬‬ ‫‪-‬‬ ‫في األهمية‬
‫واالعتبارات‬
‫المخدرات‪ ،‬االعتداء على الممتلكات‪ ،‬تغيرات على مستوى الهندام والسلوك‪،‬‬
‫السرقة‪)...‬؛‬

‫‪16‬‬
‫مواجهة التحديات المطروحة على المؤسسات التعليمية‪ ،‬السيما التحدي القيمي (وهذا‬ ‫‪-‬‬
‫من بين أكبر األدوار المنتظرة اليوم من المؤسسة التعليمية إلى جانب نقل المعارف)؛‬
‫إعادة االعتبار للمدرسة العمومية بالمغرب؛‬ ‫‪-‬‬
‫التأكيد على الحضور الضمني للتربية الخيرة كممارسة‪ .‬وهذا األمر ليس وليد اليوم‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫في الحضور‬
‫بل كان منذ نشأة المؤسسة التعليمية سواء في العالم أو في المغرب؛‬ ‫الصريح أو‬
‫إن "التربية الخيرة" متضمنة إما عبر البرامج والمناهج التعليمية‪ ،‬وإما عن طريق‬ ‫‪-‬‬ ‫الضمني‬
‫األنشطة (تخليد األيام الوطنية أو العالمية أو إحياء األعياد الدينية‪)...‬‬
‫تأرجح اإلجابات بين‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫عدم ضرورة مراكمة تكوينات ألنه يتم تكوين األطر في هذه المجاالت (سواء أطر‬ ‫‪-‬‬
‫اإلدارة أو هيئة التدريس) قبل ممارسة مهامهم؛‬
‫المطلوب هو وعي الفاعل التربوي بأهمية التربية الخيرة وفسح مجال أكبر لألساتذة‬ ‫‪-‬‬
‫لتنمية التربية الخيرة؛‬ ‫في متطلبات‬
‫"إعادة طرح سؤال ما المدرسة التي نريد؟ بأي منهج وبأي أفق؟ بأي نموذج؟‬ ‫‪-‬‬ ‫تفعيل مبادئ‬
‫وأي قيم بأي ادوار وغايات؟ انها قد تبدو اسئلة متنوعة لكنها تنخرط في طرح‬ ‫"التربية‬
‫إشكالية هوية المدرسة المغربية اليوم حتى ال نحمل األخيرة ما ال تحتمل‪ .‬فإعادة‬ ‫الخيرة"‬
‫االعتبار للممارسات التربوية الفاضلة اليوم يمر اساسا من اعادة االعتبار للمدرسة‬
‫العمومية وللمدرس الذي بات موضوع نكتة وتهكم وتنمر وانخراط كل الفاعلين‬
‫وتحمل مسؤولياتهم الكاملة بدء بالمشرع والفاعل الحكومي مرورا بالمدني‬
‫وانتهاء باألسرة والمدرس الحرص على التكوين والتحسيس والتمليك‪."...‬‬
‫تنويع األنشطة المدرسية من خالل خلق مبادرات وفعاليات متعددة ومتنوعة‬ ‫‪-‬‬ ‫في طرق تفعيل‬
‫(معرض الكتاب على مستوى المؤسسة‪ ،‬تنشيط اللقاء اليومي من خالل قيمة أو‬ ‫"التربية‬
‫قيمتين‪)...‬؛‬
‫الخيرة"‬
‫إكراه الحيز الزمني؛‬ ‫‪-‬‬
‫الحاجة إلى التأهيل والتكوين المستمر؛‬ ‫‪-‬‬
‫اإلكراهات اللوجستيكية والمادية والمالية (عدم التوفر على قاعة المسرح وقاعة‬ ‫‪-‬‬
‫في التحديات‬
‫األنشطة)؛‬
‫واإلكراهات‬
‫انخراط الفاعل والشركاء؛‬ ‫‪-‬‬
‫اإلكراه المتصل بصراع القيم في ظل اعتبار المؤسسة التعليمية باتت مسرحا‬ ‫‪-‬‬
‫لصراع القيم بين المجتمع الواسع والمجتمع المصغر (المدرسة)؛‬
‫التعبير عن االستعداد لترسيخ قيم "التربية الخيرة"؛‬ ‫‪-‬‬
‫في االستعداد‬
‫إمكانية االستعانة بأطر مساعدة تساعد في تحقيق أهداف التربية الخيرة؛‬ ‫‪-‬‬

‫‪17‬‬
‫على سبيل الختم‪:‬‬

‫بناء على كل ما سبق‪ ،‬تم التوصل إلى االستنتاجات التالية‪:‬‬

‫▪ "التربية الخيرة" عبارة عن أسلوب جديد في التربية ينبني على تغليب الجوانب العاطفية وتنمية السلوكات‬
‫المدنية لدى المتعلمين والمتعلمات‪ ،‬في مقابل أسلوب تقليدي يغلب عليه منطق السلطة والخضوع والخوف؛‬
‫▪ "التربية الخيرة" مقاربة عرضانية ‪ transversale‬تخترق الممارسة التربوية والتكوينية‪ ،‬وهي من‬
‫صميمها؛‬

‫‪18‬‬
‫الئحة المراجع والمصادر‪:‬‬

‫باللغة العربية‪:‬‬

‫• التربية اإليجابية‪ ..‬طريقتها وأساليبها | مجلة الجميلة‪( .‬د‪.‬ت)‪ .‬استرجع في ‪ 24‬يناير‪ ,2023 ،‬من‬
‫‪https://www.aljamila.com/node/292696/‬‬
‫• التربية اإليجابية‪ :‬مفهومها وأساليبها ‪ -‬حياتكَ ‪( .‬د‪.‬ت)‪ .‬استرجع في ‪ 24‬يناير‪ ,2023 ،‬من‬
‫‪https://hyatok.com/‬التربية_اإليجابية‪_:‬مفهومها_وأساليبها‬
‫• طرق نشر القيم المدرسية‪( .‬د‪.‬ت)‪ .‬موضوع‪ .‬استرجع في ‪ 24‬يناير‪ ,2023 ،‬من‬
‫‪https://mawdoo3.com/‬طرق_نشر_القيم_المدرسية‬
‫• ملف كامل عن التربية اإليجابية‪ . .‬ال يفوتكم‪( .‬د‪.‬ت)‪ .‬أخوات طريق اإلسالم‪ .‬استرجع في ‪ 24‬يناير‪,2023 ،‬‬
‫من‬
‫‪https://akhawat.islamway.net/forum/topic/318549-%D9%85%D9%84%D9%81-‬‬

‫‪ -‬الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪.1999 ،‬‬


‫‪ -‬البرنامج االستعجالي ‪.2011-2009‬‬
‫‪ -‬الرؤية االستراتيجية ‪.2030-2016‬‬
‫‪ -‬القانون اإلطار رقم ‪ 51.17‬المتعلق بالتربية والتكوين والبحث العلمي‪.‬‬
‫‪ -‬خارطة الطريق ‪.2026-2022‬‬
‫‪ -‬تقارير المجلس األعلى للتربية والتكوين‪" :‬المدرسة والسلوك المدني" (‪)2007‬؛ "التربية على القيم بالمنظومة‬
‫الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي" (‪.)2017‬‬
‫‪ -‬دليل الحياة المدرسية‪ ،‬النسخة المحينة‪.2019 ،‬‬
‫‪ -‬القرار الوزاري الخاص بتحديد اختصاصات ومهام أطر الدعم اإلداري والتربوي واالجتماعي‪.2020 ،‬‬

‫باللغات األجنبية‪:‬‬

‫‪-https://www.ribambel.com/article/l-education-positive-qu-est-ce-que-c-est/5325‬‬

‫‪− https://parentalitecreative.com/c-est-quoi-l-education-bienveillante‬‬

‫‪19‬‬
− Olivier Maulini, Que penser…de l’éducation positive ? ,Université de Genève Faculté de psychologie
et des sciences de l’éducation, 2017.

20

You might also like