You are on page 1of 2

‫مفهوم الحرية‬

‫المحورالثاني‪ :‬حرية اإلرادة‬

‫ذ‪ .‬محمد الركراكي‬

‫تميز الفكر الفلسفي السابق على الفك ر المعاص ر باالهتم ام أك ثر بإش كال عالق ة الحري ة ب اإلرادة‪،‬‬
‫وبتحديد مجال حرية اإلرادة‪ .‬ونعني باإلرادة فلسفيا ذلك التصميم ال واعي للش خص على اختي ار و فع ل‬
‫شيء م ا أو ع دم فعل ه‪ .‬فم ا عالق ة الحري ة ب اإلرادة إذن؟ وم تى تك ون إرادتن ا ح رة؟ ه ل حين نخت ار‬
‫ونتصرف بمقتضى العقل والتفكير أم حين نسلك وفق الشهوة والغريزة؟‬

‫موقف الفيلسوف المسلم ابن باجة‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫يقسم ابن باجة األفعال اإلنسانية إلى صنفين‪ :‬صنف يشارك فيه اإلنسان الحي وان‪ ،‬وت دخل‬
‫ضمنه كل األفعال التي تحدث لإلنسان من جهة النفس البهيمية‪ ،‬وهي أفعال ال يختارها اإلنسان‬
‫بإرادته ووعيه‪ ،‬بل ترجع إلى الجانب الغريزي فيه‪ ،‬ك أن يه رب اإلنس ان من ش يء أفزع ه‪ ،‬أو‬
‫يكسر‪ -‬بطريقة انفعالية‪ -‬عودا خدشه ألنه خدشه فقط‪ .‬وهذه ليست أفعال حرة‪ .‬والصنف الث اني‬
‫يكون من اختيار اإلنسان عن طريق التفكير والروية وال وعي المس بق بأس باب ونت ائج الفع ل‪،‬‬
‫مث ال ذل ك أن يق وم أح د بتكس ير ع ود أو إبع اد ش وك عن الطري ق لكي ال ي ؤذي غ يره‪ .‬وه ذا‬
‫الصنف من األفعال هو الذي يخص اإلنسان‪ .‬ومنه نستنتج أن ما يمز الفعل اإلنساني عن الفع ل‬
‫الحيواني هو كونه يصدر عن الروية والعقل واالختيار‪ ،‬وه و م ا يجعل من ه فعال إرادي ا وح را‪.‬‬
‫وذلك معناه أن إرادة الشخص ال تكون حرة إال عندما تخضع لتوجيه العقل وليس للغريزة‪.‬‬

‫موقف ديكارت‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫اإلنسان حسب ديكارت كائن حر في اختياراته‪ ،‬وهذه الحرية تقوم على اإلرادة التي هي ملكة‬
‫الفع ل أو ع دم الفع ل انطالق ا من معرف ة مس بقة بالفع ل وبنتائج ه‪ .‬واإلرادة حس ب ديك ارت ال‬
‫تخض ع ألي إك راه خ ارجي أثن اء فعله ا أو ع دم فعله ا‪ ،‬ل ذلك فهي المح دد األساس ي للحري ة‬
‫اإلنسانية‪ .‬وعلى الرغم من كون إرادة اإلنس ان ليس ت مطلق ة كم ا ه و ح ال إرادة هللا‪ ،‬إال أنه ا‬
‫تتمتع بقوة تجعلها محددة لحرية اإلنسان تحديدا مطلقا‪ .‬ويعتبر ديك ارت مج ال المعرف ة والفك ر‬
‫هو الذي تكون فيه اإلرادة اإلنسانية حرة بشكل كبير‪.‬‬

‫تركيب‪:‬‬

‫انطالقا من الم وقفين الس ابقين يتض ح أن حري ة الش خص تق وم باألس اس على إرادت ه‬
‫الحرة‪ ،‬واإلرادة ال تكون حرة إال حينما يقودها العقل (القوة الناطقة) نحو م ا ه و خ ير و ح ق وجمي ل‪.‬‬
‫أم ا إذا ك انت تابع ة لأله واء والغرائ ز فإنه ا تظ ل مج رد إرادة عمي اء وال تؤس س لفع ل إنس اني ح ر‬
‫وعقالني‪ .‬لكن أال يجع ل ه ذا التراب ط بين الحري ة واإلرادة من الحري ة مج رد ش عور و مس ألة داخلي ة‬
‫ونظرية؟ أليس األجدر هو الحديث عن الحري ة كممارس ة في الحي اة الواقعي ة االجتماعي ة والسياس ية‪،‬‬
‫وهنا يجب فحصها في عالقتها بالقوانين ؟‬

You might also like