Professional Documents
Culture Documents
محور حرية الإرادة
محور حرية الإرادة
تميز الفكر الفلسفي السابق على الفك ر المعاص ر باالهتم ام أك ثر بإش كال عالق ة الحري ة ب اإلرادة،
وبتحديد مجال حرية اإلرادة .ونعني باإلرادة فلسفيا ذلك التصميم ال واعي للش خص على اختي ار و فع ل
شيء م ا أو ع دم فعل ه .فم ا عالق ة الحري ة ب اإلرادة إذن؟ وم تى تك ون إرادتن ا ح رة؟ ه ل حين نخت ار
ونتصرف بمقتضى العقل والتفكير أم حين نسلك وفق الشهوة والغريزة؟
يقسم ابن باجة األفعال اإلنسانية إلى صنفين :صنف يشارك فيه اإلنسان الحي وان ،وت دخل
ضمنه كل األفعال التي تحدث لإلنسان من جهة النفس البهيمية ،وهي أفعال ال يختارها اإلنسان
بإرادته ووعيه ،بل ترجع إلى الجانب الغريزي فيه ،ك أن يه رب اإلنس ان من ش يء أفزع ه ،أو
يكسر -بطريقة انفعالية -عودا خدشه ألنه خدشه فقط .وهذه ليست أفعال حرة .والصنف الث اني
يكون من اختيار اإلنسان عن طريق التفكير والروية وال وعي المس بق بأس باب ونت ائج الفع ل،
مث ال ذل ك أن يق وم أح د بتكس ير ع ود أو إبع اد ش وك عن الطري ق لكي ال ي ؤذي غ يره .وه ذا
الصنف من األفعال هو الذي يخص اإلنسان .ومنه نستنتج أن ما يمز الفعل اإلنساني عن الفع ل
الحيواني هو كونه يصدر عن الروية والعقل واالختيار ،وه و م ا يجعل من ه فعال إرادي ا وح را.
وذلك معناه أن إرادة الشخص ال تكون حرة إال عندما تخضع لتوجيه العقل وليس للغريزة.
اإلنسان حسب ديكارت كائن حر في اختياراته ،وهذه الحرية تقوم على اإلرادة التي هي ملكة
الفع ل أو ع دم الفع ل انطالق ا من معرف ة مس بقة بالفع ل وبنتائج ه .واإلرادة حس ب ديك ارت ال
تخض ع ألي إك راه خ ارجي أثن اء فعله ا أو ع دم فعله ا ،ل ذلك فهي المح دد األساس ي للحري ة
اإلنسانية .وعلى الرغم من كون إرادة اإلنس ان ليس ت مطلق ة كم ا ه و ح ال إرادة هللا ،إال أنه ا
تتمتع بقوة تجعلها محددة لحرية اإلنسان تحديدا مطلقا .ويعتبر ديك ارت مج ال المعرف ة والفك ر
هو الذي تكون فيه اإلرادة اإلنسانية حرة بشكل كبير.
تركيب:
انطالقا من الم وقفين الس ابقين يتض ح أن حري ة الش خص تق وم باألس اس على إرادت ه
الحرة ،واإلرادة ال تكون حرة إال حينما يقودها العقل (القوة الناطقة) نحو م ا ه و خ ير و ح ق وجمي ل.
أم ا إذا ك انت تابع ة لأله واء والغرائ ز فإنه ا تظ ل مج رد إرادة عمي اء وال تؤس س لفع ل إنس اني ح ر
وعقالني .لكن أال يجع ل ه ذا التراب ط بين الحري ة واإلرادة من الحري ة مج رد ش عور و مس ألة داخلي ة
ونظرية؟ أليس األجدر هو الحديث عن الحري ة كممارس ة في الحي اة الواقعي ة االجتماعي ة والسياس ية،
وهنا يجب فحصها في عالقتها بالقوانين ؟