You are on page 1of 2

‫مفهوم الحرية‬

‫المحورالثاني‪ :‬حرية اإلرادة‬

‫ذ‪ .‬محمد الركراكي‬

‫تميز الفكر الفلسفي السابق على الفك ر المعاص ر باالهتم ام أك ثر بإش كال عالق ة الحري ة ب اإلرادة‪،‬‬
‫وبتحديد مجال حرية اإلرادة‪ .‬ونعني باإلرادة فلسفيا ذلك التصميم ال واعي للش خص على اختي ار و فع ل‬
‫شيء م ا أو ع دم فعل ه‪ .‬فم ا عالق ة الحري ة ب اإلرادة إذن؟ وم تى تك ون إرادتن ا ح رة؟ ه ل حين نخت ار‬
‫ونتصرف بمقتضى العقل والتفكير أم حين نسلك وفق الشهوة والغريزة؟‬

‫موقف ديكارت‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫اإلنسان حسب ديكارت كائن حر في اختياراته‪ ،‬وهذه الحرية تقوم على اإلرادة التي هي ملكة‬
‫الفع ل أو ع دم الفع ل انطالق ا من معرف ة مس بقة بالفع ل وبنتائج ه‪ .‬واإلرادة حس ب ديك ارت ال‬
‫تخض ع ألي إك راه خ ارجي أثن اء فعله ا أو ع دم فعله ا‪ ،‬ل ذلك فهي المح دد األساس ي للحري ة‬
‫اإلنسانية‪ .‬وعلى الرغم من كون إرادة اإلنس ان ليس ت مطلق ة كم ا ه و ح ال إرادة هللا‪ ،‬إال أنه ا‬
‫تتمتع بقوة تجعلها محددة لحرية اإلنسان تحديدا مطلقا‪ .‬ويعتبر ديك ارت مج ال المعرف ة والفك ر‬
‫هو الذي تكون فيه اإلرادة اإلنسانية حرة بشكل كبير‪.‬‬

‫‪ 2‬موقف كانط‪:‬‬

‫لكي يك ون اإلنس ان ح را الب د أن يك ون ل ه الخي ار في ان يفع ل او ال يفع ل‪ ،‬ووح ده الك ائن ال ذي‬
‫استطاع التخلص من طغيان غرائزه نستطيع ان نقول انه‪  ‬حقق الشروط ال دنيا‪  ‬لالنتق ال الى الحري ة‪،‬و‬
‫كانط في هذا الص دد بالض بط يعت بر ان تل ك هي المهم ة االساس ية للتربي ة ‪ :‬فه دفها االول ه و تطوي ع‬
‫الغرائز و تنظيمها لجعلها تلتزم الصمت حتى ال يصبح االنسان عبدا لما تأمره به طبيعته‬

‫هذا ايضا بشكل اكثر عمومية دور العيش المش ترك م ع الن اس داخ ل المجتم ع ‪،‬فمهمت ه تحري ر الف رد‬
‫االنساني من الطبيعة و الفعل الغريزي من خالل اس تبدال الق وانين الطبيعي ة ب القوانين االجتماعي ة ‪ ،‬و‬
‫ذلك هو معنى الثقافة بمعناها العام ‪ ،‬اي األسلوب الذي ينهجه االنسان السكات الطبيعة داخله ‪،‬وهذا م ا‬
‫يجعله ينتقل الى مرتبة الحرية‬

‫ماهي الشروط لكي اكون حرا ؟‪"  ‬اكون حرا عندما افعل ما اريد "نعم لكن الى أي حد هذه االرادة ح رة‬
‫ايضا ؟ في الغ الب ارادتي‪  ‬مح دَ دة بمن اك ون ‪ :‬فال مع نى مثال ان اري د بل وغ الك بر اذا كنت ص غيرا‪.  ‬‬
‫االرادة اذن ال تكون حرة اال اذا تحررت من كل الحتميات التي تحاص رها‪ ،‬ولكي تص ل الى ذل ك الب د ان‬
‫تريد كل ما هو مقبول كونيا ‪.‬‬
‫‪ ‬ما معنى االرادة الكونية؟‪  ‬يرى كانط ان االرادة ال تكون كوني ة اال اذا اردت م ا يري ده ك ل الن اس ‪ ،‬ان‬
‫تكون محترمة لكونها ارادة حرة ‪،‬ومن ثم ‪ :‬لكي اكون حرا البد ان احترم الحرية داخلي كما احترمها في‬
‫غيري ‪.‬و البد ان تطيع السلطة العليا لالخالق‪،‬و التي تامر ب ان اعت بر الغ ير غاي ة في ذات ه و ليس اب دا‬
‫وسيلة لتحقيق رغباتي و شهواتي و مصالحي ‪.‬‬
‫وبالت الي فالحري ة ال يتم ادراكه ا اال بمقاوم ة الرغب ات و االه واء ال تي ت نزل باالنس ان الى مرتب ة‬
‫العبودية ‪،‬و اليكون ذلك حسب كانظ اال بطاعة ما‪ُ  ‬يلزمنا‪  ‬أخالقيا ‪.‬‬

‫‪3‬موقف ج‪.‬ب‪.‬سارتر‬
‫ان االنسان محكوم عليه بالحرية" كما يقول سارتر فهو حر في اختيار ماهيته اي ان الوجود البشري‬
‫و الحرية متحدان بل هما شيء واحد‪ ،‬و فيما يخص عالقة الحرية بالواجب حسب سارتر ف اإلرادة‬
‫حسب قوله"ليست تجليا وحيدا لحرية"ذلك انها تساعد بشكل كبير على التبصر في الغايات و التروي‬
‫فيها لكن ال تخلق هذه الغايات ‪.‬‬
‫ان الحرية الوجودية كما عبر عنها سارتر" ليست موضوعية ‪،‬وهي غير قابلة للبرهنة عليها‬
‫و اليمكن دحضها سواء بسواء ‪.‬انها ليست هي المعرفة ‪،‬وال هي االرادة الحرة ‪،‬و ال هي‬
‫القانون ‪،‬ومع ذلك فال حرية بغير معرفة و بغير ارادة حرة و بغير قانون "‪.‬‬
‫تركيب‪:‬‬

‫انطالق ا من المواق ف الس ابقة يتض ح أن حري ة الش خص تق وم باألس اس على إرادت ه‬
‫الحرة‪ ،‬واإلرادة ال تكون حرة إال حينما يقودها العقل نحو ما هو خير و حق وجميل‪ .‬أما إذا كانت تابع ة‬
‫لألهواء والغرائز فإنها تظل مجرد إرادة عمي اء وال تؤس س لفع ل إنس اني ح ر وعقالني‪ .‬لكن أال يجع ل‬
‫هذا الترابط بين الحرية واإلرادة من الحرية مجرد شعور و مس ألة داخلي ة ونظري ة؟ أليس األج در ه و‬
‫الح ديث عن الحري ة كممارس ة في الحي اة الواقعي ة االجتماعي ة والسياس ية‪ ،‬وهن ا يجب فحص ها في‬
‫عالقتها بالقوانين ؟‬

You might also like