You are on page 1of 80

‫كلية الهندس ـ ـ ـة‬

‫محاضرات في‬

‫عـلم االجـتمـاع الصناعـي‬

‫إعداد‬

‫د‪ .‬صـابر عبد الباقي‬


2
‫الفصل األول‬

‫تعريف علم االجتماع الصناعي ونشأته وتطوره‬

‫‪3‬‬
4
‫الفصل األول‬

‫تعريف علم االجتماع الصناعي ونشأته وتطوره‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫مع بداية العصر الحديث ظهرت تطورات اجتماعية واقتصادية وسياسية كبيرة كان‬
‫لها تأثيرها على نمط الحياة االجتماعية وأساليب الحياة للفرد والمجتمع‪ ،‬وقد جاء هذا‬
‫التطور نتيجة طبيعية من أجل ‪:‬‬
‫‪ -‬سيطرة اإلنسان على الطبيعة‬
‫‪ -‬تسخير العوامل البيئية لمصلحته‬
‫‪ -‬تحقيق حياة اجتماعية واقتصادية أفضل‬
‫وقد ارتبط هذا التطور بمفهوم الصناعة أو التصنيع كما جاءت تسمية المجتمع‬
‫الحديث نفسه باسم "المجتمع الصناعي ‪."Industrial Society‬‬

‫فقد أدت الصناعة إلى ما يلي ‪:‬‬


‫‪ -‬تغير نمط االنتاج‬
‫‪ -‬تغير نمط الحياة‬
‫‪ -‬ظهور طبقات جديدة‬
‫‪ -‬صاحب ظهور المجتمع الصناعي تطور في مجال العلوم الطبيعية واإلنسانية‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف العلم ومسمياته‪:‬‬


‫تعددت تعريفات علم االجتماع الصناعي حسب اهتمامات العلماء وكذلك حسب‬
‫تخصصاتهم الدقيقة‪.‬‬
‫ارتبط تحديد مفاهيم وتعريفات علم االجتماع الصناعي بطبيعة االنساق االجتماعية‬
‫الموجودة في المجتمع الحديث وخاصة النسق االقتصادي والذي يرتبط بعالقة وثيقة‬
‫باألنساق األخرى‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف اميتاي اتزيوني‪:‬‬


‫" العلم الذي يجب فهمه باعتباره أحد فروع علم اجتماع التنظيم" وهذا يعني إظهار‬
‫مدى اهتمام الباحثين بدراسة التنظيمات الصناعية‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ -2‬تعريف بندكس‪:‬‬
‫"العلم الذي يهتم بدراسة مؤسسات العمل وما يوجد بها من جماعات وأدوار‬
‫وعالقات متعددة" وهذا يعني أنه قد أكد على‪:‬‬
‫‪ -‬المؤسسات أو التنظيمات الصناعية‬
‫‪ -‬األفراد والجماعات‬
‫‪ -‬طبيعة العالقات واألدوار‬
‫‪ -‬عالقات المؤسسات الصناعية بالمجتمع المحلي‬

‫‪ -3‬تعريف ليبتن‪:‬‬
‫" العلم الذي يهتم بدراسة النسق االجتماعي للمصنع وتحليل المؤثرات الخارجية على‬
‫هذا المصنع"‬
‫وهذا يعني أنه اتفق مع تعريف اتزيوني السابق من حيث التركيز على دراسة‬
‫المصنع‪.‬‬

‫‪ -4‬تعريف يوجين شنايدر‪:‬‬


‫" هو ميدان العالقات االجتماعية الذي يدخل فيه األفراد عن طريق اشتراكهم في‬
‫عملية االنتاج الصناعي"‬
‫وهذا يعني تأكيده على أهمية العلم وأنه ميدان للعالقات االجتماعية نتيجة تفاعل‬
‫األفراد وتعاونهم في العمل‪ ،‬وهو يتفق مع تأكيدات بندكس األربعة السابقة‪.‬‬

‫‪ -5‬تعريف ميللر وفورم‪:‬‬


‫"العلم الذي يهتم بدراسة التكيف االجتماعي لحياة العمل والعوامل االجتماعية في‬
‫العمل ومؤسساته"ويؤكد الباحثان على"‪:‬‬
‫‪ -‬أهمية التوافق االجتماعي‬
‫‪ -‬وكذلك على طبيعة وأنواع مؤسسات العمل‬

‫‪ -6‬تعريف هيلين بييم‪:‬‬


‫"العلم الذي يدرس العالقات االجتماعية ومدى تأثيرها وتأثرها بالنشاط االقتصادي"‬
‫وهذا يعني أنها اكدت على توسيع مفهوم النشاط الصناعي ليشمل النشاط االقتصادي‬
‫ككل‪ ،‬وهي تتفق مع ما توصل إليه ميللر وفورم في تأكيدهما على مؤسسات العمل‪.‬‬

‫‪ -7‬تعريف جيسبرت‪:‬‬
‫"هو نوع من التطبيق والتحليل السوسيولوجي على واقع مشكالت الصناعة"وهذا‬
‫يعني تأكيده على"‪:‬‬
‫‪ -‬أهمية النظريات االجتماعية في دراسة مشكالت الصناعة ‪ -‬أهمية البيئة الخارجية‬
‫‪ -‬العوامل االجتماعية والثقافية ‪ -‬العالقات اإلنسانية والصناعية ‪ -‬التنظيم الرسمي‬
‫وغير الرسمي‬

‫‪6‬‬
‫‪ -8‬تعريف موتز‪:‬‬
‫" هو تطبيق المنهج السوسيولوجي على الصناعة" وهذا يعني تأكيده على‪:‬‬
‫‪ -‬الجانب التطبيقي لعلم االجتماع الصناعي‬
‫‪ -‬وكذلك االهتمام بالجانب النظري للعلم‬
‫وخالصة القول يمكن أن نشير إلى أن معظم التعريفات السابقة تؤكد على ما يلي‪:‬‬
‫ضرورة جعل علم االجتماع الصناعي علم تطبيقي وخاصة أن المصنع كان من أهم‬
‫المؤسسات االجتماعية التي انتشرت في المجتمع الصناعي‬
‫ان المجتمع الحديث يمكن تسميته بالمجتمع الصناعي ‪.‬‬

‫‪ -‬توضح التعريفات السابقة التي أشرنا اليها لعلم االجتماع الصناعي كيف تنوعت‬
‫هذه التعريفات واختلفت حسب اهتمامات العلماء والباحثين المتخصصين في هذا‬
‫العلم‪ ،‬وتكشف هذه التعريفات وجود اتفاق حول مجموعة من القضايا األساسية التي‬
‫تشكل جوهر علم االجتماع الصناعي مثل‪:‬‬
‫‪ -1‬أهمية استخدم النظريات والمناهج السوسيولوجية في دراسة الصناعة أو‬
‫التنظيمات الصناعية‬
‫‪ -2‬ضرورة جعل الصناعة مجال تطبيقا لعلم االجتماع الصناعي والباحثين‬
‫المتخصصين فيه‬
‫‪ -3‬دراسة العالقات واألدوار التي توجد داخل المؤسسات والتنظيمات الصناعية‬
‫‪ -4‬ضرورة دراسة عالقة الصناعة عامة بالمجتمع المحلي والقومي التي تظهر فيه‬

‫‪ -‬ويتضح ذلك من خالل ظهور مجموعة من التسميات التي ارتبطت بهذا العلم مثل‪:‬‬
‫* سوسيولوجية الصناعة‬
‫* علم االجتماع الصناعي‬
‫* علم اجتماع المصنع‬
‫* سوسيولوجيا المصنع‬
‫* سوسيولوجيا التصنيع‬

‫ثانيا‪ :‬أسباب ظهور علم االجتماع الصناعي ‪:‬‬

‫‪ -1‬ظهور الصناعة‪:‬‬
‫‪ -‬نشأت الصناعة نتيجة حدوث الثورة الصناعية التي ظهرت في بريطانيا خالل‬
‫القرنين ‪18‬و‪ 19‬والتي انتشرت بعد ذلك إلى العديد من الدول االوروبية والواليات‬
‫المتحدة االمريكية وقد غيرت طبيعة الصناعة كثير من مالمح الحياة االجتماعية‬
‫واالقتصادية والسياسية نتيجة لظهور المصنع كمؤسسة جديدة تختلف وظيفتها في‬
‫الحياة االقتصادية عما كانت عليه في العصور القديمة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ -2‬وجود طبقات اجتماعية جديدة‪:‬‬
‫‪ -‬بعد ظهور الصناعة أو المصنع في العصر الحديث تم تغير الحياة االجتماعية‬
‫والسيما تغير البناء الطبقي ولكن جاء المصنع ليغير طبيعة البناء الطبقي حيث كان‬
‫يوجد قبل الصناعة طبقتين هما‪:‬‬
‫‪ -‬طبقة األسياد‬
‫‪ -‬طبقة العبيد‬

‫ثم ظهرت بعد الثورة الصناعية طبقتان رئيسيتان جديدتان هما‪:‬‬


‫‪ -‬طبقة المالك أو أصحاب رؤوس األموال‬
‫‪ -‬طبقة العمال‬

‫‪ -3‬تغير نمو اإلنتاج االقتصادي‪:‬‬


‫‪ -‬كان لتغير البناء الطبقي وظهور المصنع آثارا متعددة على العالقات االجتماعية‬
‫والعالقة المتبادلة بين أصحاب رؤوس االموال والعمال‪ ،‬كما جاء هذا التغير كنتيجة‬
‫طبيعية لتغير نمط االنتاج أو النشاط الصناعي واالقتصادي فقد تغير كل أساليب‬
‫العمل واإلنتاج‬

‫‪ -4‬ظهور المؤسسات والتنظيمات الحديثة‪:‬‬


‫لم ترتبط ظهور الصناعة بإنشاء المصانع كمؤسسات صناعية وإنتاجية فقط‪ ،‬بقدر ما‬
‫تم تغيير المؤسسات االقتصادية واإلنتاجية واالجتماعية األخرى‪ ،‬حيث لم تعد‬
‫المؤسسات التقليدية والتي كانت موجودة في المجتمع التقليدي الزراعي مناسبة‬
‫لمواكبة التغيرات السريعة‬

‫‪ -5‬تغير نمط العالقات المجتمعية واألسرية‪:‬‬


‫‪ -‬جاءت عملية التصنيع محدثة ورائها التغيرات التي ظهرت سواء داخل المصانع أو‬
‫خارجها‪ ،‬مثل ما حدث تغير في البناء الطبقي والمهني وظهور طبقة رأس المال‬
‫وطبقه العمال‪ ،‬كما تغير العالقات واألدوار االجتماعية بينهم‪ ،‬كما نالحظ أيضا أن‬
‫نمط العالقات االسرية قد تغير وال سيما بعد تغير البناء االجتماعي التقليدي الذي كان‬
‫يقوم على اساس عالقة القرابة ووجود االسرة الممتدة أو العائلة الكبيرة‬

‫‪ -6‬نشأة المدن الصناعية‪:‬‬


‫‪ -‬لم تحدث الصناعة تغيرات على طبيعة االنتاج والعالقات االجتماعية والبناء‬
‫الطبقي وظهور مؤسسات اجتماعية جديدة فقط ولكن جاءت الصناعة محددة أماكن‬
‫جغرافية وايكولوجية بيئية جديدة لها تقام عليها المصانع والشركات التجارية كما أدت‬
‫نشأة المدن إلى ظهور الهجرة الريفية الحضرية‬

‫‪8‬‬
‫‪ -7‬تطور علم االجتماع‬
‫‪-‬عندما ظهر علم االجتماع مع البدايات االولى لظهور المجتمع الصناعي الحديث لم‬
‫يكن تبلور مالمحه االكاديمية والعلمية بصورة كاملة خاصة وانه مؤسسي هذا العلم‬
‫من رواد علم االجتماع الفرنسيين من أمثال أوجست كونت كانوا يصارعون كثيرأ‬
‫العديد من المتخصصين في العلوم االخرى‬

‫ثالثا‪ :‬المراحل التطورية لعلم االجتماع الصناعي‪:‬‬


‫‪ -‬يهتم علماء االجتماع الصناعي والباحثين المتخصصين في هذا العلم بدراسة‬
‫التراث السوسيولوجي له ومعرفة كيف تطور ونشأ إلى أن وصل إلى المرحلة العلمية‬
‫التي عليها اآلن‬
‫‪ -‬قبل أن نتحدث عن أهم المراحل التطورية لعلم االجتماع الصناعي‪ ،‬يجب أن‬
‫نوضح حقيقتين هامتين هما‪:‬‬
‫أوال‪ :‬إن عملية تصنيف هذه المراحل من الناحية التاريخية‪ ،‬ما هي إال محاولة‬
‫اجتهادية من قبل الباحث‬
‫ثانيا‪ :‬إن نشأة علم االجتماع الصناعي تعتبر حديثة نسبيا عن علم االجتماع ذاته‪،‬‬
‫ولكن جاءت معظم تحليالت علماء االجتماع أو حتى المفكرين االجتماعيين‪ ،‬تهتم‬
‫بدراسة الصناعة ومدى تأثيرها‬

‫‪ -1‬المرحلة األولى ‪:1800 -1750‬‬


‫تكشف هذه المرحلة عن وجود عدد من األفكار االجتماعية والسياسية والفلسفية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬التي طرحها مجموعة من العلماء والفالسفة والمفكرين‪ ،‬فظهر تياران‪:‬‬

‫التيار األول‪:‬‬
‫يشير إلى أهمية الصناعة ويبرر وجودها وأهميتها في تغيير نمط الحياة االقتصادية‪،‬‬
‫وأساليب االنتاج والعمل‪.‬‬
‫ويمثل أفكار هذا التيار أتباع مدرسة تشارلز دارون االجتماعية التي تبنت مبدأ‬
‫التنافس والصراع كأساس الستمرار الحياة االجتماعية واالقتصادية والبقاء عموما‬
‫للعناصر األصلح واألقوى‪.‬‬
‫وقد أثرت هذه األفكار الدارونية االجتماعية في العديد من أصحاب النزعات‬
‫السوسيولوجية الرأسمالية‪ ،‬وال سيما أفكار علماء االجتماع البريطانيين والفرنسيين‬
‫من أمثال (هربرت سبنسر– وتشارلز دونية– وغيرهم آخرون) الذين دعوا ألهمية‬
‫انتشار الصناعة‪ ،‬جاءت أفكار أصحاب هذا التيار لتؤكد على أهمية الصناعة ودورها‬
‫في التغير والتطور كما ظهر خالل هذه المرحلة أفكار( آدم سميث‪ /‬وكتابة‪ :‬ثروة‬
‫األمم) الذي ظهر عام ‪ 1776‬في بريطانيا‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫التيار الثاني‪:‬‬
‫وجاءت آراؤه منتقده اإلصالحات والتغيرات االقتصادية التي أحدثتها الصناعة‬
‫وإلسيما أن الصناعة عملت على تغير البناء الطبقي والعالقات االجتماعية التقليدية‪.‬‬
‫ويرى أصحاب هذا التيار أن الصناعة قد أثرت من الناحية السلبية أكثر إيجابياتها‬
‫على الحياة االجتماعية واالقتصادية ككل ومثل هذا التيار أصحاب المدرسة‬
‫االشتراكية الفرنسية من أمثال( سيسموندي‪ ،‬وسان سيمون) اللذان دعيا إلى ضرورة‬
‫القضاء على مساوئ النظام الرأسمالي واالهتمام بالطبقات البشرية الفقيرة وقد أهتم‬
‫كل من سيسموندي وسان سيمون بدراسة أوضاع الطبقات العمالية داخل المصانع أو‬
‫في المجتمع الخارجي‪.‬‬

‫‪ -2‬المرحلة الثانية ‪:1850 –1800‬‬


‫إن أفكار التيار االشتراكي قد تزايدت خالل هذه المرحلة بعد أن نشر سيمون المفكر‬
‫االجتماعي االشتراكي الفرنسي كاتبه" عن النظام الصناعي" وحاول فيه أن يحلل‬
‫وضع الطبقات العمالية ويدعو إلى رفع مستواهم االقتصادي ومحاولة اشتراكهم في‬
‫االرباح أو رؤوس أألموال‬
‫أن تحليالت سيمون كمفكر اشتراكي لم تقصد كلية إلغاء الصناعة بقدر ما كانت‬
‫كتاباته تحرص على إيجاد نظم بديلة للحياة االجتماعية واالقتصادية التي تعيشها‬
‫الطبقات العمالية‪ ،‬كانت مستغلة بصورة قوية من جانب أصحاب العمل وأصحاب‬
‫رؤوس األموال‪ ،‬ظهرت أفكار الماركسية أو النظرية الشيوعية بصوره عامه التي‬
‫اهتمت بدراسة أوضاع الطبقات العمالية وما تبلور عموما في كتاب‪ :‬رأس المال‪:‬‬
‫لكل من كارل ماركس وانجلز واهتمامها بالطبقات العمالية‬

‫‪ -3‬المرحلة الثالثة ‪:1900 –1850‬‬


‫في هذه الفترة بدأت تظهر اهتمامات علماء االجتماع بدراسة مشكالت الصناعة‬
‫والتصنيع وعمليات التحول والتغيير االجتماعي الشامل‪ .‬وقد أهتم الرعيل االول من‬
‫علماء االجتماع (أوجست كونت‪ ،‬وماكس فيبر‪ ،‬وهربرت سبنسر‪ ،‬وإميل دور كايم‬
‫وغيرهما) سعوا لالهتمام بدراسة الصناعة وآثارها المتعددة‪.‬‬
‫كما ظهرت بعض الدراسات االجتماعية المتخصصة التي مهدت بالفعل لظهور علم‬
‫االجتماع الصناعي وخاصة أنها أجرت مجموعة من الدراسات االجتماعية الميدانية‬
‫أو التطبيقية‪ ،‬واهتمت بدراسة المنهج العلمي‪.‬‬
‫من أهم هذه الدراسات دراسة" فريدريك لوبلي" التي نشرت عام ‪ 1855‬في فرنسا‪،‬‬
‫بعنوان العمل األوروبي ونشر أيضا كتاب (االصالح االجتماعي) في فرنسا‪ ،‬ركز‬
‫فيه لطرح مجموعة من المقترحات إلصالح أحوال الطبقات العمالية‬

‫‪10‬‬
‫أما الدراسة الثانية‪:‬‬
‫فهي دراسة (تشارلز بوث) التي ظهرت في السنوات األخيرة من القرن ‪ 19‬في‬
‫بريطانيا‪ ،‬وحاول فيها دراسة العالقة بين الصناعة والنظم واألنساق االجتماعية‬
‫االخرى‪ ،‬وحاول أن يركز على دراسة العالقة القائمة بين الصناعه والمجتمع‬
‫المحلي‪ .‬كما استخدم المناهج السوسيولوجية عند تطبيقيه للجوانب الميدانية لدراسته‪.‬‬

‫‪ -4‬المرحلة الرابعة ‪:1950 –1900‬‬


‫تعتبر هذه المرحله أولى المراحل العلمية التي ظهر فيها علم االجتماع الصناعي كعلم‬
‫أكاديمي متخصص‪.‬‬
‫ومن أولى الدراسات التي اهتمت بعلم اجتماع الصناعي وهي مجموعة دراسات‬
‫ميدانيه أجراها العالم األلماني ماكس فيبر وذلك خالل العقد االول من القرن العشرين‬
‫عندما أجرى دراسة ميدانيه على عمال صناعات النسيج والكتان في ألمانيا وحاول‬
‫فيها أن يهتم بأسباب سوء اإلدارة وتباطؤ العمل‪ ،‬وقله اإلنتاج وطبيعة الظروف‬
‫الفيزيقية للعمل وعالقته االنسانية بين العمال ورؤسائهم‬

‫‪ -5‬المرحلة الخامسة ‪:2000 –1950‬‬


‫تزايد االهتمام بعلم االجتماع الصناعي خاصة بعد أن ظهرت نتائج الدراسات‬
‫الميدانية التي أجرت منذ بداية الثالثينات‪ ،‬كما عززت عملية االهتمام بعلم االجتماع‬
‫الصناعي ليس فقط في الدول المتقدمة‪ ،‬وأيضا الدول النامية التي تتجه نحو التصنيع‪،‬‬
‫والصناعة‪ ،‬مثل اليابان‪ ،‬وكوريا الجنوبية‪ ،‬والصين‪ ،‬واالتحاد السوفيتي‪ ،‬كما اهتمت‬
‫دول اميركا الجنوبية مثل البرازيل واألرجنتين أو دول اميركا الالتينية وهذا ما‬
‫ينطبق على العالم الثالث ايضا مثل الهند وباكستان ومصر والكثير من الدول العربية‬
‫قد تغير طبيعة نمط المصانع والمؤسسات الصناعية التقليدية التي كانت توجد في‬
‫النصف االول من القرن الحالي وخالل القرن الماضي ‪ 19‬حيث ظهرت الشركات‬
‫متعددة الجنسيات لتعتبر السمة الغالبة للشركات الصناعية الحديثه والتي عملت على‬
‫تطوير االنتاج واالستثمار الصناعي في العالم ككل وغيرت من طبيعة االنتاج‬
‫واإلدارة والتكنولوجيا والتوزيع والعمل والعمالة واإلعالن‪.‬‬

‫علم االجتماع الصناعي في الوطن العربي ‪:‬‬


‫من أهم القضايا التي اهتمت بها الدراسات الميدانية (األمبريقية) التي أجريت في‬
‫الوطن العربي والتي تندرج على علم االجتماع الصناعي‬
‫‪ -‬دراسة العالقة بين التصنيع والعمران ونمو المدن الصناعية‪.‬‬
‫‪ -‬تحليل مشكالت العمال داخل التنظيمات الصناعية وخارجها‪.‬‬
‫‪ -‬االهتمام بدراسة المصنع كتنظيم اجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬تحليل الظروف الفيزيقية ومشكالت العمل والعمال‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة العالقة بين مشكالت العمل وزيادة االنتاجية‪.‬‬
‫‪ -‬االثار السلبية للصناعة على نسق العالقات االجتماعية واألسرية‬

‫‪11‬‬
‫‪ -‬معرفه أثر الصناعة على قيام المناطق الشعبية‬
‫‪ -‬دراسة الهجرة الريفيه الحضرية نتيجة لنمو التصنيع‪.‬‬
‫‪ -‬االثار االقتصادية واالجتماعية للتصنيع في المناطق الريفية‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫مجاالت علم االجتماع الصناعي وأهدافه وعالقته بالعلوم االجتماعية األخرى‬

‫‪13‬‬
14
‫الفصل الثاني‬

‫مجاالت علم االجتماع الصناعي وأهدافه وعالقته بالعلوم االجتماعية األخرى‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫تتعدد مجاالت كل علم أو فرع من فروع المعرفة المختلفة حسب اهتمامات هذا العلم‬
‫وأهدافه التي يسعى إليها كما تتبلور طبيعة هذه المجاالت وتتطور معالمها بصورة‬
‫مستمرة مع تطور هذا العلم وتنوع أهدافه التي توجه اهتمامات الباحثين ودراساتهم‬
‫الميدانية أوالنظرية‪.‬‬
‫كما نجد في نفس الوقت أن طبيعة مجاالت وميادين علم االجتماع الصناعي قد‬
‫تعددت وتنوعت بمرور الوقت وخاصة خالل القرن العشرين‪ ،‬ويرجع السبب في ذلك‬
‫إلي‪:‬‬
‫‪ -‬تنوع المؤسسات والتنظيمات الصناعية‬
‫‪ -‬اختالفها من حيث الحجم ونمط التكنولوجيا المستخدمة‬
‫‪ -‬كذلك أساليب االنتاج والعالقات الرسمية وغير الرسمية داخل تلك المؤسسات‬
‫‪ -‬وأخيرا فقد أثرت الصناعة على طبيعة العالقات االجتماعية األسرية وأنماط‬
‫التوزيع واالستهالك‬
‫ويهدف هذا الفصل إلى دراسة عدد من مجاالت وميادين علم االجتماع الصناعي‬
‫وأهدافه وكذلك عالقته بالعلوم االجتماعية األخرى‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مجاالت علم االجتماع الصناعي‪:‬‬


‫مع بداية الستينات من القرن العشرين بدأت تتطور دراسات علم االجتماع الصناعي‬
‫بعد أن تزايدت اهتمامات المتخصصين في هذا العلم وتنوعت المشاكل والقضايا التي‬
‫يناقشها الباحثين على المستوى النظري أو التطبيقي‪.‬‬
‫من أهم محاوالت تصنيف مجاالت علم االجتماع الصناعي‪:‬‬
‫أ ‪ -‬المجاالت الكالسيكية أوالتقليدية‬
‫ب ‪ -‬المجاالت الحديثة‬

‫أ‪ -‬المجاالت التقليدية أو الكالسيكية‪:‬‬


‫وهي محاولة قام بها "بيرنز" حيث صنف مجاالت علم االجتماع الصناعي على‬
‫النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -1‬دراسة البيروقراطية الصناعية‪:‬‬


‫‪ -‬حيث تم دراسة سلوك أصحاب المهن الفنية العليا أو العمال الصناعيين‬

‫‪15‬‬
‫‪ -2‬تحليل مواقع العمل‪:‬‬
‫‪ -‬يتم النظر لها على أنها أنساق اجتماعية يحقق من خاللها األفراد أهدافهم‬
‫ومتطلباتهم المهنية‬

‫‪ -3‬دراسة جماعات العمل‪:‬‬


‫‪ -‬خاصة تحليل الجماعات غير الرسمية داخل المؤسسات الصناعية وذلك بهدف‬
‫التعرف على نوعية العالقات السائدة وطبيعة األهداف والمعتقدات ومدى االختالف‬
‫بينها وبين األهداف الرسمية‬

‫‪ -4‬تحليل العالقات الصناعية‪:‬‬


‫‪ -‬وذلك من خالل دراسة النشأة التطورية والتاريخية لتنظيمات العمل ودور النقابات‬
‫العمالية في المجتمع‪.‬‬

‫‪ -5‬دراسة تأثير الصناعة على الفرد والمجتمع‪:‬‬


‫‪ -‬بالنسبة للفرد وخاصة مناقشة أنماط التفاعل والسلوك الفردي اليومي داخل‬
‫مؤسسات العمل أو خارجها في المجتمع المحلي‪.‬‬

‫ب ‪ -‬المجاالت الحديثة‪:‬‬
‫بعد تنوع وتعدد مفاهيم علم االجتماع الصناعي ووجود من يطلق عليه أسم علم‬
‫المجتمعات الصناعية وبعد الصناعية يمكن أن نشير إلى أن أهم مجاالت علم‬
‫االجتماع الصناعي الحديثة على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -1‬دراسة طبيعة النظريات والمناهج السسيولوجية الحديثة‪:‬‬


‫‪ -‬وظهر ذلك بعد تنوع المداخل والتصورات النظرية والمناهج الجديدة التي أنطلق‬
‫منها العلماء في دراساتهم الميدانية‬

‫‪ -2‬تحليل أوجه االختالف بين نوعية المجتمعات الصناعية وما بعد الصناعية‪:‬‬
‫‪ -‬لم يعد اهتمام العلماء يدور حول التحول نحو التصنيع وحدوث التغير االجتماعي‬
‫بل أصبح اهتمامهم يدور حول المجتمعات التي تعرف باسم المجتمعات ما بعد‬
‫الصناعية‪.‬‬

‫‪ -3‬دراسة الشركات الصناعية العمالقة‪:‬‬


‫‪ -‬وتتمثل في ظاهرة الشركات المتعددة الجنسيات التي تسيطر على معظم القطاع‬
‫الصناعي في العالم وتنتشر سواء في الدول النامية أو المتقدمة‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ -4‬تحليل أنماط اإلدارة الصناعية المعقدة‪:‬‬
‫‪ -‬حيث تم التركيز على دراسة كيفية تغيير أساليب اإلدارة الحديثة حسب تنوع‬
‫الشركات الصناعية الكبرى (آرامكو – شل – موبل – جنرال موتورز)‬

‫‪ -5‬دراسة مكونات االنتاج الصناعي الحديث‪:‬‬


‫‪ -‬لم تعد أنماط االنتاج الكالسيكي التي كانت موجودة في بداية القرن العشرين هى‬
‫نفسها حيث اختلفت وتنوعت أساليب االنتاج وتم استخدام وسائل الدعاية المبتكرة‬
‫وتبني سياسات احتكارية جديدة‪.‬‬

‫‪ –6‬دراسة تغير نمط التكنولوجيا الحديثة‪:‬‬


‫‪ -‬تعتبر التكنولوجيا معقدة وتتغير بصورة سريعة ومتالحقة وخاصة في الفترة‬
‫األخيرة‬

‫‪ -7‬تحليل عالقة التصنيع بالتنمية في العالم الثالث‪:‬‬


‫‪ -‬بدأ العلماء في دراسة تأثير الصناعة على عمليات التنمية في الدول النامية بصفة‬
‫خاصة‬

‫‪ -8‬دراسة عالقة الصناعة بالنظام االقتصادي العالمي‪:‬‬


‫‪ -‬أصبحت القوى الكبرى تفرض نظاما اقتصاديا وهو ما يعرف بـ "العولمة"‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهداف علم االجتماع الصناعي‪:‬‬
‫هناك أهداف محددة يسعى كل علم لتحقيقها باعتبار أنها غاية العلم والنتائج التي‬
‫يصبو إليها ومن بين تلك األهداف ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬الوصول إلى مجموعة من القوانين والتصورات النظرية العامة ‪:‬‬


‫‪ -‬ويمكن التأكد من تلك القوانين والنظريات باستخدام مناهج علمية متخصصة‬
‫لدراسة المشكالت الواقعية التي ترتبط بقضايا الصناعة أو التصنيع‪.‬‬

‫‪ -2‬دراسة األنساق والنظم االجتماعية‪:‬‬


‫‪ -‬وذلك من حيث بناءها ووظائفها والعمليات التي تحقق الترابط بين هذه األنساق من‬
‫أجل تحقيق أكبر قدر من التكامل‪.‬‬

‫‪ -3‬دراسة العالقة بين النسق االقتصادي واألنساق الفرعية األخرى‪:‬‬


‫‪ -‬ويركز على نوعية األدوار وأساليب األداء الفردي والتنظيمي وطبيعة البناء‬
‫الداخلي لمؤسسات العمل ومن بين األنساق التي يتفاعل معها النظام االقتصادي‬
‫النسق األسرى‪،‬النسق السياسي‪ ،‬النسق التربوي‪ ،‬النسق الديني وغيرها من االنساق‬
‫االجتماعية األخرى‪.‬‬

‫‪ -4‬دراسة طبيعة التطور التاريخي للمؤسسات والتنظيمات الصناعية‪:‬‬


‫‪ -‬ويتم ذلك من أجل التعرف على النشأة التطورية لكل من المؤسسات الصناعية‬
‫والنسق االقتصادي للمجتمع الحديث‬

‫‪ -5‬تطبيق نظريات ومناهج علم االجتماع عند الدراسة‪:‬‬


‫‪ -‬وهذا يعني أنه عند دراسة النسق االقتصادي والمؤسسات والتنظيمات الصناعية‬
‫يجب تطبيق مناهج ونظريات علم االجتماع في مثل هذه الحاالت‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫ثالثا‪ :‬عالقة علم االجتماع الصناعي بالعلوم االجتماعية األخرى‪:‬‬
‫توضح أهداف علم االجتماع الصناعي باعتباره احد فروع علم االجتماع مدى اتفاق‬
‫هذه األهداف مع اهتمامات علم االجتماع ذاته والسيما أن هذا العلم يهتم بدراسة‬
‫المشكالت والقضايا الموجودة بالمجتمعات الصناعية الحديثة وفي نفس الوقت اهتم‬
‫علماء علم االجتماع الصناعي بتطبيق النظريات والمناهج السوسيولوجية في دراسة‬
‫طبيعة النسق االقتصادي والصناعي وعالقته باألنساق األخرى‪.‬‬

‫‪ -1‬االقتصاد ‪:‬‬
‫يعتبر علم االقتصاد من أهم العلوم االجتماعية ارتباطا بعلم االجتماع وفروعه‬
‫وخاصة علم االجتماع الصناعي وعلم االجتماع االقتصادي وهذا ما دفع علماء‬
‫االقتصاد يتركون مجال علم االقتصاد ويهتمون بقضايا ومشكالت علم االجتماع‬
‫وخاصة فيما يتعلق بالصناعة والتصنيع‪.‬‬
‫وقد وضع "ماكس فيبر" مؤلفا تحت عنوان "االقتصاد العام" تناول فيه العالقة بين‬
‫الصناعة والمجتمع كما اهتم "فيبلن" بدراسة العالقة المتبادلة بين الصناعة والمجتمع‬
‫وخاصة تحليل البناء الطبقي ووجود الطبقات المترفة التي ظهرت على حساب طبقة‬
‫العمال‪.‬‬
‫وعموما يمكن القول أن اهتمامات علماء االجتماع الصناعي وعلم االقتصاد تتركز‬
‫حول دراسة العمليات االنتاجية داخل المؤسسات والتنظيمات الصناعية وكذلك نظم‬
‫العمل واألجور والدخل وحجم البطالة‪.‬‬

‫‪ -2‬علم االجتماع االقتصادي‬


‫علم االجتماع االقتصادي ‪ ،Economic sociology‬هي دراسة العلة والتأثير‬
‫االجتماعي للظواهر االقتصادية المختلفة‪ .‬ينقسم هذا التخصص إلى فترة كالسيكية‬
‫وفترة معاصرة‪.‬‬
‫علم االجتماع االقتصادي الكالسيكي‬

‫مرت المجتمعات اإلنسانية أثناء تطورها في عدة مراحل‪ ،‬وانتقلت خاللها من‬
‫المجتمعات الرعوية البسيطة إلى المجتمعات الصناعية المعقدة‪.‬‬

‫ويمكننا أن نميز من خالل تاريخ البشرية ستة أنواع من المجتمعات‪ .‬وتختلف هذه‬
‫المجتمعات عن بعضها البعض في ظروفها الجغرافية ونشاطها االقتصادي وثقافاتها‬
‫ونظمها االجتماعية والسياسية‪ .‬ويمكننا القول أن النظام االقتصادي هو العامل‬
‫األساسي المميز بين هذه المجتمعات‪.‬‬

‫‪ -1‬مجتمعات الصيد وااللتقاط‪:‬‬


‫تعيش مجتمعات الصيد وااللتقاط على صيد الحيوانات وجمع الفواكه واللوز‬
‫والخضروات‪ .‬وتعيش هذه المجتمعات في وحدات رقابية مترابطة‪ .‬كما أن لديها‬

‫‪19‬‬
‫تقسيم بسيط للعمل قائم على أساس الجنس والسن; فهناك أعمال خاصة بكبار السن‬
‫من النساء مثل جمع الغذاء وتحضير الطعام‪ .‬وهناك أعمال خاصة بالفتيات‬
‫الصغيرات مثل مساعدة األمهات في األعمال المنزلية والعناية بإخوتهم الصغار‪ .‬كما‬
‫أن هناك أعمال خاصة بكبار السن من الرجال مثل صيد الحيوانات‪ ،‬وهناك أعمال‬
‫خاصة بالفتيان الصغار مثل مساعدة األسرة في بعض األعمال المنزلية البسيطة‪.‬‬
‫ورغم صعوبة الحياة وقلة الموارد المعيشية إال أن هذه المجتمعات يبدو أنها تعيش‬
‫حياة هادئة سعيدة‪ .‬فهم يقضون ثالث ساعات يوميا تقريبا في الصيد وااللتقاط‪ ،‬في‬
‫حين يقضون معظم الوقت في الزيارات والتسلية والترفيه‪ ،‬إذ أن لديهم فراغا وراحة‬
‫بال أكثر من األفراد في المجتمعات األخرى‪ .‬وتتكون الوحدة السكنية الواحدة في‬
‫مجتمعات الصيد وااللتقاط من خمسين إلى مائة فرد‪ .‬وتعيش هذه المجتمعات على‬
‫التنقل المستمر من مكان إلى آخر بحثا عن الغذاء في المناطق المختلفة‪ .‬وهم يسعون‬
‫إلى جمع ما يكفيهم لفترة زمنية محدودة ال تتجاوز بضعة أيام ثم يعودون إلى العمل‬
‫من جديد‪ .‬فاقتصاد هذه المجتمعات اقتصاد معيشي ليس لديه الوفرة في الغذاء‪ ،‬وليس‬
‫لديهم منازل ثابته لالستقرار‪ .‬وتشير الدراسات االنثروبولوجية إلى أن مجتمعات‬
‫الصيد وااللتقاط أقدم وأكثر األنماط االقتصادية شيوعا في الماضي‪ .‬وما يزال هناك‬
‫حتى اآلن مجتمعات تعيش على هذا النمط من الحياة مثل قبائل الجيقالونج ‪Jigalong‬‬
‫في أستراليا وقبائل المبوتي ‪ Mbuti‬في أفريقيا‪ ،‬وإن كانت أعدادهم آخذه في التناقص‬
‫واالنحسار‪.‬‬

‫‪ -2‬مجتمعات زراعة البساتين‪:‬‬


‫ظهرت مجتمعات زراعة البساتين منذ اثنتا عشر ألف سنة تقريبا‪ .‬تتميز هذه المرحلة‬
‫بزراعة الحدائق الكبيرة الشاسعة‪ .‬وكان هدف اإلنسان توفير احتياجاته اليومية من‬
‫الغذاء‪ .‬وقد عرف اإلنسان زراعة البساتين عندما عرف الفأس; و عرف كيف يقلب‬
‫األرض ويعدها للزراعة‪ .‬ومازال هذا النشاط االقتصادي سائدا في المناطق‬
‫االستوائية في أفريقيا ووسط أمريكا‪ ،‬وجنوب شرق آسيا‪ ،‬وأن بدأ في التناقص في‬
‫السنوات األخيرة‪ .‬وعلى الرغم من أن طبيعة النشاط االقتصادي الذي تعمل به هذه‬
‫الجماعات يقوم على الزراعة‪ ،‬ويحتم عليهم االستقرار في بيوت ثابتة إال أن نقص‬
‫الموارد يدفعهم إلى الترحال من وقت إلى آخر‪ .‬كما تقوم هذه المجتمعات بحرق‬
‫بعض أراضيهم واستخدام البقايا كسماد للمناطق المجاورة لها‪ .‬وعندما تنضب التربة‬
‫من الموارد ينتقلون إلى منطقة أخرى‪ .‬وتعتبر هذه المرحلة أقل تقدما من الناحية‬
‫الزراعية من مرحلة الزراعة‪ ،‬إذ كان الناس يزرعون نوع واحد فقط‪ ،‬ووسائلهم‬
‫التكنولوجية بسيطة جدًّا‪ .‬وتعيش جماعات البساتين في منازل مستقرة‪ ،‬في وحدات‬
‫قرابية مترابطة; حيث تعيش كل عدة أسر في وحدة سكنية واحدة تشبه العشيرة‪ .‬وهذه‬
‫سا‪ .‬وعلى الرغم من نقص الموارد والجفاف الذي‬ ‫العشيرة تكون وحدة مستقلة سيا ًّ‬
‫تعاني منه هذه المجتمعات من وقت آلخر إال أن هذه المجتمعات تتميز بوفرة الموارد‬
‫لديها عن مجتمعات الصيد وااللتقاط‪ .‬إذ تتميز بوجود فائض في اإلنتاج‪ ،‬وهذا‬
‫الفائض هو الذي أدى إلى تكوين الثروة وعدم مساواة بين أفرادها‪ .‬ووجود الثروة‬

‫‪20‬‬
‫والتمييز الطبقي تطلب وجود شكل من أشكال الحكومات مهمتها حفظ األمن‬
‫والمحافظة على سالمة األفراد‪.‬‬

‫‪ -3‬مجتمعات الرعي‪:‬‬
‫أدت الظروف البيئية القاسية وندرة المياه وقلة العشب والمرعى إلى ظهور نمط‬
‫للحياة قائم على التنقل والترحال وراء الماء والكأل‪ ،‬وهو النمط البدوي‪ .‬وكان الرعي‬
‫هو المهنة الرئيسية للسكان‪ .‬إذ يعمل البدو على رعي اإلبل والماشية وقد ظهر نتيجة‬
‫لهذا النشاط االقتصادي نمط من الملكية يعرف بالملكية الجماعية لألرض والحيوان ;‬
‫إذ يتمتع أفراد القبيلة الواحدة بحق االستفادة من األرض‪ ،‬ولكن ليس لهم حق بيعها أو‬
‫التصرف فيها‪ .‬كما يسود هذه المجتمعات نسق قرابي قائم على التضامن العشائري‪.‬‬
‫فقد كانت العشيرة هي الوحدة الرئيسية في المجتمعات البدوية في حلها وترحالها‪.‬‬
‫وأعداد البدو في العالم آخذه في التناقص‪ ،‬وإن كان ال يزال هناك بعض المجتمعات‬
‫التي تعيش على الرعي في الجزيرة العربية وفي شرق أفريقيا وسيبيريا‪.‬‬

‫‪ -4‬المجتمعات الزراعية‪:‬‬
‫عرف االنسان الزراعة منذ ستة آالف سنة تقريبا عندما عرف المحراث و أخذ‬
‫يستخدمه في إعداد التربة‪ .‬كما استأنس الفالح الحيوانات واستخدمها في الزراعة‪،‬‬
‫وفي رفع المياه‪ ،‬وفي جمع المحاصيل مما وفر عليه الكثير م الجهد والوقت‪.‬‬
‫وساعدت نظم الري الحديثة واألسمدة على مضاعفة اإلنتاج الزراعي وزيادة مساحة‬
‫األراضي الصالحة للزراعة‪ .‬وهذا بدوره ساعد على زيادة فائض اإلنتاج‪ .‬وقد شجع‬
‫وجود الفائض أعداد كبيرة من الناس على االستقرار حيث تكثر الزراعة وترك حياة‬
‫الرعي القاسية‪ .‬ومن هنا ظهر العديد من المدن حول ضفاف األنهار واجتذبت إليها‬
‫الكثير من البدو وأصحاب البساتين‪ .‬وزيادة دخل الفالح من الزراعة جعل لديه وقت‬
‫فراغ أكبر أخذ يستغله في تطوير األدوات التكنولوجية المستخدمة في الزراعة‪ .‬كما‬
‫أن زيادة اإلنتاج شجعت األفراد على االتجاه للعمل في أعمال أخرى غير الزراعة‬
‫فاتجه البعض للعمل في الحكومة لخدمة اآلخرين‪ ،‬واتجه البعض إلى األعمال‬
‫الحرفية كالنجارة والحدادة والتجارة وهكذا أخذت كل مجموعة تتجه ألعمال أخرى‬
‫غير الزراعة مما خلق نوع من التكامل بين أفراد المجتمع الواحد‪ .‬ومع مرور السنين‬
‫اتسعت مساحة المجتمعات الزراعية‪ ،‬وازدادت أعدادها حتى وصل بعضها لبضعة‬
‫ماليين من السكان‪ .‬ومن هنا أخذت العالقات االجتماعية في التعقيد كما كانت عليه‬
‫من قبل‪ ،‬وأخذ التدرج الطبقي في الظهور في هذه المجتمعات‪ .‬وتركزت السلطة‬
‫والقوة في يد الطبقة االقطاعية الغنية من النبالء‪ ،‬الذين يمتلكون مساحات شاسعة من‬
‫األرض‪ .‬كما أخذت الجماعات الدينية نظهر كمراكز قوى في هذه المجتمعات‪،‬‬
‫وتركزت السلطة الدينية في يد مجموعة بسيطة من السكان‪ ،‬وكانت هناك مصالح‬
‫مشتركة وعالقات متبادلة بين الطبقة االقطاعية من النبالء وطبقة رجال الدين‪ .‬وقد‬
‫شجعت الوفرة االقتصادية التي صاحبت المجتمعات الزراعية السكان للعمل في‬

‫‪21‬‬
‫التجارة‪ ،‬ولم يعد الناس في المجتمعات الزراعية يعملون في المقايضة وتبادل السع‪،‬‬
‫بل اخترعوا العمالت واستخدموها في التجارة والبيع والشراء‪ .‬وتعتبر أوروبا في‬
‫العصور الوسطى أفضل مثال للمجتمعات الزراعية في الماضي‪ ،‬وتعتبر الكثير م‬
‫الدول النامية كمصر وسوريا والعراق والسودان وفيتنام والهند والفلبين من الدول‬
‫الزراعية في الوقت الحاضر‪.‬‬

‫‪ -5‬المجتمعات الصناعية‪:‬‬
‫عاش االنسان في المرحلة الزراعية آلالف السنين‪ ،‬وكانت الزراعة هي المصدر‬
‫األساسي للدخل‪ .‬ثم ظهرت الثروة الصناعية في بريطانيا عام ‪1780‬م واستطاع‬
‫االنسان في فترة وجيزة من الوقت القفز بخطوات سريعة نحو التقدم التكنولوجي‪.‬‬
‫وتتميز هذه المرحلة باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة في جميع جوانب حياة‬
‫االنسان‪ ،‬في المنزل والعمل‪ ،‬وأثناء الراحة‪ ،‬وفي االتصال باآلخرين‪ ،‬وجزء كبير‬
‫من الدخل القومي يوجه في هذه المجتمعات للبحث العلمي واالختراع‪ ،‬وتميل هذه‬
‫المجتمعات للتغير والتجديد‪ ،‬وتجدر اإلشارة هنا إلى أن الوسائل التكنولوجية الحديثة‬
‫شجعت على تدعيم لتواصل بين الشعوب وسهلت نقل البضائع من مجتمع إلى آخر‪.‬‬
‫وهذه التغيرات التكنولوجية أثرت على مختلف جوانب المجتمع االجتماعية والثقافية‬
‫والسياسية والدينية واالقتصادية‪ .‬بل ولم يكن التقدم التكنولوجي يسير على وتيرة‬
‫واحدة أثناء هذه المرحلة‪ ،‬بل أنه تطور إلى عدة مراحل‪.‬‬

‫ويمكننا أن نميز ثالث مراحل رئيسية مرت بها المرحلة الصناعية أهمها‪:‬‬

‫أ‪ -‬المرحلة األولى‪ :‬ثورة البخار ‪:1860-1780‬‬


‫وبدأت المرحلة األولى باكتشاف االنسان للطاقة البخارية‪ ،‬واستخدامه لها كقوة‬
‫محركة‪ ،‬واستطاع االنسان في هذه المرحلة اكتشاف الفحم‪ ،‬واستخراج المعادن‬
‫المختلفة واستخدامها في صنع اآلالت ووسائل المواصالت المختلفة كالسيارات‬
‫والطائرات‪.‬‬

‫ب‪ -‬المرحلة الثانية‪ :‬اكتشاف البترول ‪:1910-1860‬‬


‫وفي هذه المرحلة من الثورة الصناعية استطاع االنسان اكتشاف البترول واستخدامه‬
‫كطاقة‪ .‬ولم يقتصر التقدم التكنولوجي في هذه المرحلة على بريطانيا فقط‪ ،‬بل ساهمت‬
‫فيه العديد من الدول كأمريكا وألمانيا‪ .‬وأهم ما يميز هذه المرحلة هو ظهور العديد من‬
‫االكتشافات واالختراعات في شتى المجاالت‪ .‬وتم في هذه المرحلة اكتشاف الطاقة‬
‫الكهربائية مع البترول كمصدرين أساسيين للطاقة‪ ،‬حيث استخدما في التصنيع‪،‬‬
‫والمواصالت‪ ،‬واالتصاالت كالهاتف والتلغراف‪ ،‬كما استخدما في تحريك السيارات‬
‫والطائرات‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ج‪ -‬المرحلة الثالثة‪-1910 :‬وحتى وقتنا الحالي‪:‬‬
‫المرحلة األخيرة من الثروة الصناعية بدأت منذ عام ‪ 1910‬تقريبا وحتى يومنا هذا‬
‫وأهم االختراعات التي تمت في هذه المرحلة الطاقة الذرية والصواريخ‪ ،‬والتلفزيون‪،‬‬
‫والهندسة الطبية‪ ،‬وأهم ما على االطالق الكمبيوتر إذ يعتبر عذرنا الحالي عصر‬
‫الكمبيوتر‪ .‬ويعتبر الكمبيوتر قفزة تكنولوجية هائلة في حياة االنسان‪ ،‬فقد مكنت الفرد‬
‫من اختزان كميات كبيرة من المعلومات في مساحة مكانية صغيرة‪ ،‬كما انها ساعدت‬
‫الفرد على سرعة استخدام هذه المعلومات‪ ،‬وتحريكها من مكان إلى آخر بسهولة‬
‫ويسر‪ ،‬مما ساعد في سرعة العمل واإلنجاز‪ .‬ونتيجة الختراع األقمار الصناعية‪،‬‬
‫استطاع االنسان إرسال المعلومات من مكان آلخر بسرعة شديدة‪ ،‬مما سهل عملية‬
‫االتصال وتبادل المعلومات‪ .‬وبتزويد الكمبيوتر بالكثير من المعلومات‪ ،‬استطاع‬
‫االنسان استخدامه في قيام بالكثير من األعمال التي كان يقوم بها الفرد‪ .‬وقد استطاع‬
‫االنسان استخدام الكمبيوتر في مختلف العلوم في الطب‪ ،‬والهندسة‪ ،‬والتعليم‪ ،‬والرسم‪،‬‬
‫والموسيقى‪ ،‬في مختلف ألوان المعرفة‪ .‬وكما استطاع الكمبيوتر أن يحل محل االنسان‬
‫في الكثير من األعمال مما أدى إلى زيادة نسبة البطالة في معظم دول العالم‪.‬‬

‫وهناك أربع خصائص رئيسية تتميز بها المرحلة األخيرة هي‪:‬‬

‫‪ -1‬التخصص وتقسيم العمل‪:‬‬

‫تتميز المجتمعات التقليدية بالعمل الجماعي‪ ،‬حيث أن جميع أفراد األسرة والعشيرة‬
‫يعملون معا في الصيد وااللتقاط‪ ،‬أو في الرعي‪ ،‬أو في الزراعة‪ ،‬ولم يكن هناك‬
‫تخصص في العمل بل كان الجميع يقومون بجميع األعمال وكان تقسيم العمل الوحيد‬
‫بينهم يقوم على أساس الجنس والسن‪ .‬ولكن مع اتجاه المجتمعات الحديثة نحو‬
‫التصنيع وتوسع األعمال ظهر التخصص الدقيق في العمل فلم يعد العالم في المصنع‬
‫يقوم بكل األعمال‪ ،‬بل أصبح العالم يتدرب على اتقان عمل واحد فقط‪ .‬وأصبحت‬
‫الجودة والنوعية هي هدف اإلنتاج في المجتمعات الصناعية الحديثة‪ ،‬ومن هنا نجد أن‬
‫أهم ما يميز العمل في المجتمعات الحديثة هو التخصص وتقسيم العمل‪.‬‬

‫‪ -2‬سرعة نقل البضائع والمعلومات‪:‬‬


‫عاش االنسان آلالف السني وهو ينقل أمتعته باستخدام الدواب‪ ،‬أو السفن الشراعية‬
‫وكان يتنقل بهدوء ورتابة من بلد آلخر‪ ،‬وكانت الرحلة الواحد من بلد آلخر تستغرق‬
‫عشرات األيام واألشهر‪.‬‬
‫لذلك كان تنقل الفرد محدودا في مجال المكان المحيط به‪ .‬وفجأة اكتشفت االنسان‬
‫طاقة البخار التي ساعدته على قطع األميال والمسافات في وقت أقل مما مضى‪ ،‬ثم‬
‫اكتشفت االنسان البترول‪ ،‬مما سهل عملية نقل األفراد والسلع والبضائع من مكان‬
‫آلخر وأصبحت الرحلة التي تستغرق عشرات األيام تقطع في يوم واحد إن لم يكن‬
‫أقل‪ .‬ومع ثروة االتصاالت والكمبيوتر تالشت المسافات بين الدول‪ ،‬وأصبح االنسان‬

‫‪23‬‬
‫وهو في مكانه يتصل بجميع أنحاء العالم‪ .‬وهذا ما أدى إلى ظهور العولمة‬
‫االقتصادية‪ ،‬التي تسعى إلى نقل البضائع في شتى أنحاء العالم بسرعة فائقة‪ .‬ومع‬
‫التقدم التكنولوجي الهائل الذي شهدته الدول الصناعية الكبرى كأمريكا ودول أوروبا‪،‬‬
‫واليابان والصين‪ ،‬أصبحت الصناعات والمنتجات الغربية تحتل مكان الصدارة في‬
‫العالم‪ ،‬وهذا ما شجع منتجاتها على اكتساح الدول األخرى‪ .‬ولم يعد هناك مجال‬
‫للمنافسة بين هذه الدول والدول النامية التي تسير بخطوات وئيدة نحو التقدم‪.‬‬

‫‪ -3‬حرية تنقل رأس المال بين الدول‪:‬‬


‫من خصائص المرحلة الثالثة حرية انتقال رأس المال‪ .‬فلم يعد أصحاب رؤوس‬
‫األموال يحتفظون بأموالهم في مكان واحد أو مجال محدد‪ ،‬بل أصبحت لديهم الحرية‬
‫في نقله من مكان إلى آخر‪ .‬وهذا االنتقال قد يكون (مكاني) عبر المحيطات مما أدى‬
‫إلى ظهور الشركات الدولية الكبرى‪ ،‬كأن تنقل شركة مكان عملها من أوروبا إلى‬
‫دول نامية كالفلبين أو الهند أو أندونيسيا أو المكسيك لرخص األيدي العاملة فيها‪،‬‬
‫وللتهرب من دفع الضرائب‪ .‬أو قد يكون االنتقال انتقال (مجالي)‪ ،‬كأن ينتقل رأس‬
‫المال داخل البلد الواحد من مجال إلى آخر كاالنتقال من المجال الزراعي إلى المجال‬
‫الصناعي‪ ،‬أو من مجال الصناعة إلى مجال الخدمات‪.‬‬

‫‪ -4‬تغير نوعية العمل من قطاع الصناعات إلى قطاع الخدمات‪:‬‬


‫مع بداية الثورة الصناعية في أوروبا‪ ،‬كانت المصانع هي الحقل األول الذي يتجه إلي‬
‫معظم العمال والموظفين‪ .‬كانت أكبر نسبة من األيدي العاملة تعمل في المصانع‪.‬‬
‫ولكن مع التقدم التكنلوجي الهائل‪ ،‬لم يعد العمل الصناعي هو العمل األول الذي يتجه‬
‫إليه الناس‪ ،‬بل أصبح العمل في مجال الخدمات يستحوذ على أكبر عدد ممكن من‬
‫الناس‪ ،‬إ يقدر عدد الناس الذين يعملون في قطاع الخدمات في أمريكا بحوالي ‪%78‬‬
‫من مجموع القوى العاملة فيها كالعمل في مجاالت التعليم والصحة والبنوك وشركات‬
‫التأمين والمواصالت واالتصاالت‪ .‬كما يالحظ انخفاض عدد العاملين في بعض‬
‫المجاالت التقليدية كالحديد والصلب‪ ،‬والوسائل الدفاعية‪ ،‬في حين ارتفع عدد العاملين‬
‫في مجاالت الكمبيوتر‪ ،‬والهندسة الطبية‪ ،‬واألجهزة الطبية‪ ،‬واالتصاالت‪ ،‬ومعظم هذه‬
‫المجاالت تتطلب مهارة فنية عالية‪.‬‬

‫‪ -6‬مجتمعات ما بعد الصناعية‪:‬‬


‫تعتمد المجتمعات الصناعية على الصناعة كمصدر أساسي للدخل‪ ،‬أما المجتمعات ما‬
‫بعد الصناعية فهي تعتمد على المعرفة كمصدر أساسي للدخل‪ .‬ظهرت هذه المرحلة‬
‫في منتصف الثمانينات من القرن العشرين‪ .‬حيث ظهر نوع من المجتمعات يعمل‬
‫جزء كبير من أفرادها في مجاالت تخصص المعرفة‪ .‬فهم يعتمدون على معرفتهم‬
‫كمصدر أساسي للدخل مثل المعلمين‪ ،‬والمحاميين وأساتذة الجامعة‪ ،‬والخبراء‪،‬‬
‫والمحاسبين‪ ،‬واألطباء والمستشارين وغيرهم من األفراد الذي يعتمدون على‬

‫‪24‬‬
‫معارفهم كمصدر أساسي للدخل‪ .‬فهؤالء األفراد يتقاضون أجورهم مقابل بيع‬
‫معارفهم المحتاجين إليها‪ .‬فمعارفهم ال قوتهم الفيزيقية هي التي توفر لهم الدخل‪ .‬ولم‬
‫يعرف علماء االجتماع إلى اآلن ماهي العوامل التي أدت إلى انتقال المجتمعات من‬
‫المرحلة الصناعية إلى مرحلة ما بعد الصناعية‪ ،‬وإن كانوا يعتقدون أن التعليم لعب‬
‫دور هاما في ظهور هذا النوع من المجتمعات‪ .‬فالمعلم يبيع علمه للتالميذ‪ ،‬والمحامي‬
‫يبيع نصيحته القانونية لزبائنه‪ ،‬والطبيب يبيع نصيحته الطبية لمرضاه‪ ،‬وهكذا نجد أن‬
‫الثروة في الوقت الحالي لم تعد في امتالك وسائل اإلنتاج‪ ،‬ولكن في امتالك المعرفة‪.‬‬
‫ويرى الكثير من االجتماعيين أن الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬واليابان ودول غرب‬
‫أوروبا‪ ،‬وأستراليا‪ ،‬ونيوزيالندا‪ ،‬من أوائل الدول التي انتقلت من المرحلة الصناعية‬
‫إلى مرحلة ما بعد الصناعية‪ .‬إذ نالحظ أن أكثر من نصف سكان أمريكا في الوقت‬
‫الحالي يعملون في مجال الخدمات المعلوماتية‪ .‬ويرفض بعض األفراد فكرة وجود‬
‫مرحلة ما بعد الصناعية‪ ،‬فهم يعتقدون أن هذه المرحلة ماهي إال امتداد للمرحلة‬
‫الصناعية‪ ،‬وأن هؤالء األفراد الذين يبيعون معارفهم ال يقدمون شيء للمجتمع‪.‬‬
‫فالعمل الحقيقي هو العمل الذي ينتج عنه أدوات مادية محسوسة يستفيد منها األفراد‪.‬‬
‫ولكن بدافع بعض االجتماعيين عن هذا المصطلح بقولهم‪" :‬إننا إذا ما قصرنا كلمة‬
‫اإلنتاج على اإلنتاج المادي‪ ،‬فإن هذا الكالم صحيح‪ .‬أما إذا وسعنا مفهوم اإلنتاج‬
‫ليشمل انتاج المعارف التي تحسن المهارات وتحسن األداء‪ ،‬إن هذا الكالم يكون غير‬
‫صحيح"‪ .‬فالمعرفة في التي تساعدنا على فهم أنفسنا وفهم العالم من حولنا‪ ،‬وهي التي‬
‫تساعدنا على استغالل األشياء من حولنا أفضل استغالل ممكن‪ .‬فالطبيب الي يستخدم‬
‫علمه في خدمة المرضى ومساعدتهم على مواصلة حياتهم بشكل طبيعي من جديد‪،‬‬
‫أال يؤدي خدمة للمجتمع ؟‪ .‬والمعلم الذي يعلم التالميذ القراءة والكتابة‪ ،‬والذي‬
‫يساعدهم على تطوير مهاراتهم‪ ،‬إال يؤدي خدمة للمجتمع!‪ .‬وهكذا يمكننا القول أن‬
‫المعرفة تعتبر من أثمن أنواع الثروات في العصر الحالي‪.‬‬

‫‪ -2‬السياسة ‪:‬‬
‫توجد اهتمامات مشتركة بين علم االجتماع الصناعي وعلماء السياسة خاصة وأن كل‬
‫منهم يركز على دراسة األنساق االجتماعية وبصفة خاصة العالقة المتبادلة بين‬
‫النظام السياسي والنظام االقتصادي واألسري والديني والقانوني وغيرها من النظم‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫توجد عالقة بين نوعية السياسة التي تنتهجها الحكومات وبين أنماط اإلنتاج والتوزيع‬
‫واالستهالك وتحديد حجم العمالة وطبيعة االستثمار وغيرها‪.‬‬

‫‪ -3‬علم النفس‪:‬‬
‫يعتبر علم النفس من اكثر العلوم االجتماعية ارتباطا بعلم االجتماع عامة حيث أن‬
‫جزء كبير من اهتماماتهما تتعلق بدراسة قضايا الفرد والتفاعل والسلوك اإلنساني‬
‫والجماعات وكذلك عالقة الفرد بالجماعة والمجتمع‬

‫‪25‬‬
‫من أهم فروع علم النفس التي نشأت لمعالجة القضايا االجتماعية"علم النفس‬
‫االجتماعي" و"علم النفس الصناعي" وهو من أكثر الفروع ارتباطا بعلم االجتماع‬
‫الصناعي ويحاول علماء علم النفس الصناعي دراسة موضوعات ترتبط بالصناعة‬
‫مثل"ظروف العمل الفيزيقية" كالضوضاء واإلضاءة والتهوية ودرجة الحرارة‬
‫والرطوبة وارتباطها باإلنتاج والعمل والروح المعنوية والتعب واإلرهاق والملل كما‬
‫يهتم بدراسة السلوك الفردي وعالقات العمال والتنظيمات الرسمية وغير الرسمية‬
‫والتعاون والصراع والمنافسة داخل المؤسسات والتنظيمات الصناعية‪.‬‬
‫وفي أواخر القرن التاسع عشر ارتبط علماء علم النفس الصناعي وعلم االجتماع‬
‫الصناعي بدراسة قضايا مشتركة ترتبط بمشكالت العمل واإلنتاج والصناعة مثل‬
‫دراسة "فريدرك تايلور" الذي ركز على دراسة العالقة بين "الحركة والزمن"‬
‫باستخدام االساليب النفسية واالجتماعية واالعتماد على المالحظة والتجربة‪.‬‬
‫كذلك أثر علم النفس في مجال علم االجتماع الصناعي عندما ركز على أهمية‬
‫عمليات التدريب والتحديث المهني ودراسة االتجاهات والجوانب النفسية وأثرها على‬
‫عمليات وجودة اإلنتاج‪.‬‬

‫‪ -4‬علم اإلدارة ‪:‬‬


‫ارتبط علم اإلدارة بعلم االجتماع منذ أواخر القرن العشرين عندما اهتمت مجموعة‬
‫من علماء االجتماع بدراسة المؤسسات والتنظيمات االجتماعية اإلنتاجية وقد تبلور‬
‫هذا االهتمام عندما ظهر"علم اجتماع التنظيم" الذي ركز على دراسة وتحليل جميع‬
‫أنماط التنظيمات االجتماعية سواء كانت اقتصادية أم إدارية أم صناعية‪.‬‬
‫أيضا ظهر اهتمام علم االجتماع بعلم اإلدارة عندما نشأ"علم االجتماع الصناعي"‬
‫الذي ركز على التنظيمات والمؤسسات الصناعية باستخدام مناهج ونظريات علم‬
‫االجتماع في معالجة المشكالت والعمليات والوظائف واألدوار وأشكال التفاعل داخل‬
‫التنظيمات الصناعية‪.‬‬
‫ومن أبرز العلماء الذين ساهموا في تطوير علم االجتماع الصناعي من خالل‬
‫اهتماماتهم المشتركة باإلدارة "ماكس فيبر" الذي وضع نظريته المعروفة‬
‫عن"التنظيم البيروقراطي"‪.‬‬
‫وقد أثرت نظرية ماكس فيبر بعد ذلك على أصحاب نظرية "اإلدارة العلمية" مثل‬
‫تايلور وهنري فايول‬
‫كذلك أثرت نظرية ماكس فيبر على أصحاب نظرية "العالقات اإلنسانية" مثل التون‬
‫مايو‬

‫‪ -5‬االنثربولوجيا ‪:‬‬
‫تعتبر االنثربولوجيا من العلوم التي ترتبط بعلم االجتماع وأن كانت نشأة‬
‫االنثربولوجيا لم تكن نشأة أكاديمية علمية بقدر ما ظهرت في فترة ظهور وتكوين‬
‫المستعمرات بواسطة الدول األوروبية‬

‫‪26‬‬
‫وقد تطورت االنثربولوجيا مع تطور المجتمعات البشرية وأصبحت تهتم بدراسة‬
‫المجتمعات المتخلفة والنامية والمناطق العشوائية بجوار المصانع أو المدن الحضرية‬
‫والتي يظهر فيها الكثير من المشكالت االجتماعية مثل الجريمة والبطالة وانخفاض‬
‫مستوى المعيشة‬
‫وقد استخدم علم االجتماع الصناعي المناهج والطرق االنثربولوجية وكذلك دراسة‬
‫نظم العالقات االجتماعية وقياس أنماط التفاعل بين األفراد‬
‫كذلك اهتم علماء االجتماع الصناعي بدراسة اسباب وجود المناطق العشوائية‬
‫وأشكال العالقات االجتماعية في تلك المناطق باستخدام طرق ومناهج البحث‬
‫االنثربولوجية المتعددة‬

‫‪ -6‬الخدمة االجتماعية ‪:‬‬


‫تهتم الخدمة االجتماعية بدراسة سبل الرعاية االجتماعية لكافة الفئات االجتماعية في‬
‫المؤسسات والتنظيمات الصناعية التي يعملون فيها وطرق تمضيتهم ألوقات الفراغ‬
‫كذلك من المجاالت المشتركة بين العلمين دراسة العالقات االجتماعية وأنماط التفاعل‬
‫داخل التنظيمات الرسمية وغير الرسمية ورفع الروح المعنوية وتطوير أساليب‬
‫الرعاية االجتماعية للعمال داخل المؤسسات الصناعية وخارجها‪.‬‬

‫‪ -7‬علم اجتماع التنظيم ‪:‬‬


‫‪ -‬من أبرز سمات العصر الحديث هي " غلبة الطابع التنظيمي عليه "‬
‫نموا تنظيميا واسع النطاق ‪.‬‬‫‪ -‬شهد القرن " العشرون " ّ‬
‫‪ -‬هناك عوامل عديدة قد أسهمت في حدوث النمو التنظيمي من أبرزها " التباين‬
‫الشديد "‬
‫‪ -‬اكتسبت دراسة التنظيمات طابعا علميا‬
‫‪ -‬كتب " ماكس فيبر" عن " البيروقراطية " ‪،‬‬
‫‪ -‬وما تتميز به من كفاءة وقدرة على األداء‬

‫‪-8‬علم االجتماع المهني ‪:‬‬


‫‪ -‬يرى " نوسو و فورم " أن علم االجتماع المهني يهتم بدراسة خمسة موضوعات‬
‫أساسية هي‪:‬‬
‫‪ -1‬الطبيعة االجتماعية للعمل‪.‬‬
‫‪ -2‬تحليل التركيب المهني‪.‬‬
‫‪ -3‬دراسة المهن المختلفة‪.‬‬
‫‪ -4‬تحليل طريقة ارتباط البناء المهني‪.‬‬
‫‪ -5‬دراسة إحدى المهن إللقاء الضوء على مشكلة من مشكالت المجتمع‪.‬‬

‫‪27‬‬
28
‫الفصل الثالث‬

‫اإلدارة العلمية وبدايات علم االجتماع الصناعي‬

‫‪29‬‬
30
‫الفصل الثالث‬

‫اإلدارة العلمية وبدايات علم االجتماع الصناعي‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫السؤال الذي يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن بدايات علم االجتماع الصناعي هو‬
‫متى نشأ هذا العلم ؟ ويتبع هذا السؤال مكان نشأة هذا العلم‪.‬‬
‫قد يكون هناك بعض اآلراء التي ترى أن (س) من العلماء هو من يرجع إليه الفضل‬
‫في نشأة العلم والبعض اآلخر يرى أن (ص) هو صاحب هذا الفضل‪.‬‬
‫وعليه يمكن أن نصيغ موضوع هذا الفصل ونقسمه إلى عدة موضوعات فرعية‪،‬‬
‫بعضها األول يتعلق بزمان ومكان نشأة العلم والثاني بالعلماء الذين أسهموا في نشأته‬
‫وخاصة تايلور وجهوده في نشأة علم االجتماع الصناعي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬عصر نشأة العلم ومكانه‪:‬‬


‫إذا تحدثنا عن نشأة العلم ومكانه‪ ،‬أو متى وأين نشأ علم االجتماع الصناعي؟ يمكن أن‬
‫نوجز القول بأنه إذا كان علم االجتماع الصناعي يدرس الصناعة ومشكالتها‪ ،‬وكانت‬
‫الصناعة أو اإلنتاج الصناعي وليدة الثورة الصناعية واكتشاف المصادر الجديدة‬
‫للطاقة واختراع اآلالت والمعدات الثقيلة والحديثة وغيرها‪.‬‬
‫كما يمكن أن نشير إلى أن وكنتيجة لما أحدثته هذه الثورة من تغير في نظام اإلنتاج‬
‫في المجتمع من إنتاج زراعي‪ ،‬إلى إنتاج صناعي‪ ،‬يقوم على عناصر لإلنتاج مغايرة‬
‫ومختلفة تماما عن عناصر عن اإلنتاج الزراعي حيث كان نظام اإلنتاج يعتمد في‬
‫الزراعة على الموارد المادية من ارض ومياه وبذور ومعدات‪ ،‬وموارد بشرية أو‬
‫عمالة زراعية تقوم على أمر الزراعة وتنظيم عملية االستفادة منها من أجل تحقيق‬
‫اإلنتاج الزراعي‪.‬‬
‫أصبح نظام اإلنتاج يعتمد في الصناعة على الموارد المادية من أآلت ورأس مال‪،‬‬
‫وموارد بشرية مثل العمال واإلداريين‪ ،‬تقوم على أمر الصناعة وتنظيم عملية‬
‫االستفادة منها من أجل تحقيق اإلنتاج الصناعي وذلك من خالل ظهور نظام‬
‫(المصنع) كوسيلة حديثة في تنظيم االستفادة من عناصر اإلنتاج الصناعي المادية‬
‫والبشرية‪.‬‬
‫وقد يعترض بعض الباحثين على أساس أن علم االجتماع الصناعي يهتم بدراسة‬
‫الصناعة ومشكالتها ولذلك فهو‪:‬‬
‫يختص فقط بدراسة العنصر البشري في الصناعة‬
‫كما أن الثورة الصناعية كانت تولي اهتمامها (باآلالت والمعدات والطاقة ورأس‬
‫المال)‪.‬‬
‫كما أنه بناء على ذلك كله يمكن القول أن علم االجتماع الذي يهتم بدراسة الصناعة‬
‫ومشكالتها ظهر في عصر الثورة الصناعية التي أوجدت النظام الصناعي ونظام‬
‫المصنع‬

‫‪31‬‬
‫ولذلك بفضل أصحاب هذا االعتراض القول بأنه إذا كان علم االجتماع الصناعي قد‬
‫ظهر مع الثورة الصناعية وأن هذه الثورة حدثت أوال في أوربا ثم انتقلت إلى‬
‫الواليات المتحدة األمريكية فإن القول بأن علم االجتماع الصناعي قد ظهر مع الثورة‬
‫الصناعية في أمريكا يكون أكثر دقة وتحديدا في أجابتنا على السؤال متى وأين نشأ‬
‫هذا العلم؟‬

‫ثانيا‪ :‬تايلور وجهوده في نشأة علم االجتماع الصناعي‪:‬‬


‫عندما نبحث في تراث علم االجتماع الصناعي عن إجابة على السؤال من الذي يرجع‬
‫إليه الفضل األول في نشأة هذا العلم ووضع دعائمه؟ نجد أن الباحثين في هذا العلم‬
‫ينقسمون فيما بينهم إلى فريقين‪:‬‬
‫الفريق األول‪ :‬يعتقد أن (فردريك تايلور) وزمالؤه هم الذين يرجع إليهم الفضل في‬
‫نشأة ووضع دعائمه ‪ ،‬ويقيمون اعتقادهم هذا على عدة اعتبارات‪.‬‬
‫الفريق الثاني‪ :‬يعتقد أن (التون مايو) وزمالؤه هم الذين يرجع إليهم الفضل في نشأة‬
‫العلم ووضع دعائمه ‪ ،‬ويستندون في أعتقادهم هذا إلى مجموعة اعتبارات أخرى‪.‬‬
‫لذلك فضلنا للنظر في هذا الخالف تحديد بعض النقاط الموضوعية التي تساعدنا في‬
‫القاء الضوء على حقيقة (تايلور) وجهوده ونتائجه وعالقتها بموضوع ومجاالت‬
‫اهتمام علم االجتماع الصناعي وكذلك األمر بالنسبة (لمايو) وجهوده ونتائجه‬
‫وعالقتها بموضوع ومجاالت علمنا وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫ويهمنا ونحن نحاول التعرف على المبررات التي يستند إليها الرأي األول الذي كان‬
‫يعتقد أن تايلور هو الذي وضع دعائم علم االجتماع الصناعي‪ ،‬أن نجد إجابة على‬
‫عدد من التساؤالت منها ! من هو تايلور؟ وما األسباب أو العوامل أو الظروف التي‬
‫أدت به إلى االهتمام بالعنصر البشري‬
‫في الصناعة أو بالصناعة ومشكالتها ؟ وما الجهود التي قام بها ؟ وما النتائج المترتبة‬
‫عليها ؟ وإلى أي حد أسهمت هذه الجهود والنتائج في حل مشاكل الصناعة ؟ وما‬
‫عالقة هذه الجهود والنتائج بموضوع علم االجتماع الصناعي وبمجاالت اهتمام هذا‬
‫العلم كما تم تحديدها منذ البداية ؟‬

‫أ‪ -‬تايلور وزمالؤه‪:‬‬

‫المالحظة األولى‪ :‬التي نالحظها عندما نبحث في تراث علم االجتماع الصناعي‬
‫ونتحرى حقيقة تايلور أن بعض هذا التراث يكتب عن دراسة الزمن والحركة‪.‬‬

‫المالحظة الثانية ‪ :‬يفضل أن يوضح حقيقة تايلور من خالل الكتابة عن الحركة‬


‫التايلورية نسبة إلى تايلور‪.‬‬

‫المالحظة الثالثة‪ :‬يفضل أن يوضح هذه الحقيقة عن طريق الكتابة عن اإلدارة‬


‫العلمية‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫وكأن الكتابات التي ظهرت في التراث تحت اسم دراسة الزمن والحركة‪ ،‬والحركة‬
‫التايلورية واإلدارة العلمية‪ ،‬مترادفة وتشير إلى حقيقة واحد وال تختلف إال في‬
‫التسمية فقط‪ ،‬وتشترك هذه الكتابات فيما بينها في اعتبار جهود تايلور بمثابة ثورة‬
‫غيرت االتجاه في الميدان الصناعي من االهتمام باآللة إلى اهتمام بالعامل اإلنساني‬
‫والعنصر البشرى في هذا الميدان‪.‬‬
‫وفردريك تايلور هو مهندس أمريكي‪ ،‬كان يعمل في أحد الشركات الصناعية هناك‬
‫لفتت نظرة المشكالت التي واجهات اإلدارة‪ ،‬وبدا يفكر في الوصول إلى حل أو‬
‫مخرج وإلى طرق معقولة للتغلب على هذه المشكالت‬

‫ب ‪ -‬العوامل التي أدت إلى تكوين جماعة تايلور‪:‬‬


‫كان اهتمام تايلور وزمالؤه من بعد ببذل هذا الجهد لم ينشأ من فراغ وإنما كانت‬
‫هناك حاجة شديدة لهذا الجهد‪ ،‬ولم تكن هذه األسباب والظروف والعوامل بعيدة عن‬
‫المحيط الذي عاش فيه تايلور وعن المجتمع األمريكي ونظام اإلنتاج الصناعي الذي‬
‫يعتمد علية وينشغل به تايلور‪ ،‬بحيث يمكن القول أن الظروف التي أدت بتايلور إلى‬
‫القيام بهذا الجهد وهى‪:‬‬
‫نفس التي مر بها اإلنتاج الصناعي وعناصره المادية والبشرية‪.‬‬
‫كذلك عانى رأس المال من الخسائر كما ترك للعمال حرية تحديد أساليب االنتاج‬
‫كذلك كان العمال عديمي الخبرة والتدريب بالعمل الصناعي نظرا النحدارهم من‬
‫الريف‬
‫وعندما بدأ (تايلور) يفكر في حل لمشكالت اإلدارة الصناعية واإلنتاج الصناعي أثير‬
‫في ذهنه ما كان سائدا في ذلك الوقت من اتجاهات في التفكير تدور معظمها حول‬
‫اإلنسان أو العنصر البشري في العملية اإلنتاجية الصناعية‪.‬‬

‫ج ‪ -‬جهود جماعة تايلور‪:‬‬


‫من هنا أنحصر جهد تايلور في إجراء عدة تجارب على العمال بشركة بتلهم لنقل‬
‫مواد البناء من سبائك الحديد‪،‬‬
‫بدأت بمالحظة األعمال التي يقومون بها‪،‬‬
‫وبرصد الخطوات التي ينقسم إليها كل عمل منها وبتسجيل الزمن الالزم لكل واحد‬
‫من هذه الخطوات أو العمليات األولية الكثيرة‬
‫ثم أخذ بعد ذلك يصنف هذه الخطوات إلى فئتين من الخطوات أو الحركات‪:‬‬
‫‪ -‬فئة الحركات والخطوات الالزمة‬
‫‪ -‬وفئة الخطوات والحركات غير الالزمة أو غير الضرورية ألداء العمل وانجازه‪.‬‬
‫في ضوء ما الحظه تايلور بدا يصنف الزمن إلى وقت الزم لكل عمل وآخر غير‬
‫ضروري وغير الزم للعمل وتوصل إلى طريقة ذات خطوات محددة ووقت ثابت‬
‫أطلق عليها اسم‪" :‬الطريقة المثلى والوحيدة ألداء العمل"‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫وعندما تم تدريب العمال على هذه الطريقة ترتب عليها ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬نقص عدد العمال المطلوبين لهذا العمل‬
‫‪– 2‬زيادة كفأة العمال المدربين على هذا العمل‬
‫‪ -3‬توفير الكثير من األموال للشركات‬
‫وعندما بدأ العمال يشعرون بالتعب أهتم اتباع تايلور بالتغلب على هذه المشكلة عن‬
‫طريق البحث عن الحركات التي يمكن أن تقلل من التعب حتى تتاح لإلنسان فرصة‬
‫أداء قدر كبير من العمل بنفس الجهد وبدون تعب في وحدة زمنية محددة‪.‬‬
‫وقد فكر تايلور وزمالؤه في‪:‬‬
‫‪ -‬ربط االنتاج باألجر‬
‫‪ -‬تحسين الظروف الفيزيقية للعمل‬

‫د‪ -‬نتائج جهود تايلور وإسهامه في حل مشكالت الصناعة ‪:‬‬


‫في ضوء التحليل السابق يمكن القول مع مارش وسيمون أن تايلور وأتباعه درسوا‬
‫العمال باعتبارهم‪:‬‬
‫‪ -‬أشياء ملحقة باآلالت في أداء األعمال اإلنتاجية المنظمة‪.‬‬
‫‪ -‬واهتموا بوصف خصائص الكائن اإلنساني بطريقة تماثل الطريقة التي يصف بها‬
‫المرء آلة بسيطة نسبيا تؤدي عمال بسيطا‪.‬‬
‫وبناء على هذا انحصرت جهود اإلدارة العلمية في مجال ضيق فأهتمت بعدد محدود‬
‫من المتغيرات الفسيولوجية‪ ،‬أو بعبارة أخرى النموذج النظري في دراسة التنظيم‬
‫وبخاصة إنتاجية العمال على أساس فسيولوجي ‪.‬‬
‫ولكن إذا كانت اإلدارة العلمية بهذا المعنى ونقصد انحصار مجالها في الدراسة‬
‫الفسيولوجية لسلوك العمال‪ ،‬تقترب من معنى النموذج النظري بإعتباره وسيلة‬
‫للتنظيم وللتفسير والتنبؤ والتحكم في قطاع محدد من الحقيقة ومن ثم يمثل أحد‬
‫تفسيرات النظرية التي أطلق عليها شرمان كروب جمعية المصالح ‪.‬‬
‫إننا نجد أن هذا النموذج لم يضعه أصحابه في صورة القضايا النظرية‪ ،‬وإنما عبروا‬
‫عنه بأساليب األداء الكفء‪ .‬وأخذوا بوجهة نظر المهندس ال العالم في وصفهم هذه‬
‫األساليب للتنظيم الكفء وأداء العمل والتي يمكن أن نلخصها فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬استخدام دراسة الزمن والحركة للوصول إلى الطريقة المثلى الوحيدة في أداء‬
‫العمل تلك الطريقة التي تسمح بمعدل أكبر من اإلنتاج يوميا ‪.‬‬
‫‪ -2‬تزويد العامل بالحافز ألداء العمل بهذه الطريقة وفي الوقت والمكان المناسبين‪،‬‬
‫يمنحه أرباحا محددة في مقابل تجاوزه لمعيار اإلنتاج المحدد‪.‬‬
‫‪ -3‬استخدام الخبراء والمتخصصين مثل مالحظى العمال التنفيذيين في توفير‬
‫الظروف المتباينة المحيطة بالعامل‪.‬‬

‫مالحظات وتقييم لحركة اإلدارة العلمية‪:‬‬


‫‪ -1‬يغلب على هذه األساليب الطابع األمبيرقي‪ ،‬وتفتقر إلى أساس نظري جوهري‬
‫حول السلوك اإلنساني ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ -2‬وعلى الرغم من أن نموذج اإلدارة العلمية قد ظهر في أمريكا‪ ،‬إال إننا نجده انتشر‬
‫في أوروبا وكان هنري شاتليرأول من ادخله في فرنسا ويرى أن االتجاه التايلوري‬
‫بمثابة تطبيق ناجح وجديد للمنهج العلمي في ميدان الصناعة‪ ،‬وأدى إلى نتائج مفيدة‬
‫وقد قرب شاتلير بين إسهامات تايلور وغيره من رواد الفكر أمثال ديكارت ونيوتن‬
‫ويذهب إلى أن تايلور طبق منهج ديكارت في التقسيم ويأخذ بفكرة الحتمية‪.‬‬
‫وكما يفعل كلود برنارد بالنسبة للطلب التجريبي نجد تايلور يستخدم المقاييس‬
‫التجريبية بطريقة منظمة‪.‬‬
‫لكن في السنوات التي بدأت بعام ‪1910‬م برزت مظاهر المعارضة لالتجاه التايلوري‬
‫من جانب العلماء والعمال‪.‬‬
‫فقد نوقشت مشكلة االتجاه التايلوري في مؤتمر العالقات الصناعية الذي أنعقد في‬
‫عام ‪1915‬م وتكون من عدد كبير من الخبراء أشهرهم هوكس األستاذ بجامعة‬
‫شيكاغو آنذاك‪.‬‬
‫وفي انجلترا حيث طبقت مناهج تايلور للمرة األول في عام ‪ 1905‬على يد‬
‫(هويكبنسون)‪.‬‬
‫كما بدأ العمال في اإلعتراض على تطبيق هذا المنهج فقد رفضه عمال شركة "رينو"‬
‫في ضوء ما سبق يمكن القول أن "علم العمل اآللي" الذي وضعه تايلور لم يحظى‬
‫بالقبول من جانب العلماء والعمال‪.‬‬
‫كما ان اإلدارة العلمية تعد ثورة في الميدان الصناعي وكانت أول حركة علمية‬
‫منظمة تحاول دراسة المشاكل المرتبطة بكفاية العمل في الصناعة إال أن تطبيق‬
‫المبادئ التي جاء بها تايلور اقتصر على المستويات اإلنتاجية ألنه اهتم أساسا بكفاية‬
‫العمال والرؤساء القائمين فعال بعمليات اإلنتاج وأصر على استنزاف جهد العامل‬
‫وفكره وإمكانياته من أجل زيادة اإلنتاج‬
‫ولما كانت جهود تايلور قد شبت وترعرعت في رعاية إدارة المؤسسات الرأسمالية‬
‫التي كانت تعاني من مشاكل الخسارة والتلف في مشروعاتها الصناعية فمن هنا‪:‬‬
‫‪ -‬كانت جهوده ترمى إلى تحقيق أهداف اإلدارة فقط‪ ،‬وهي طرف واحد في عملية‬
‫اإلنتاج‬
‫‪ -‬ولم تحاول تحقيق وإشباع حاجات أساسية للعمال فألغت شخصياتهم ورغباتهم وكل‬
‫بادرة للمبادأة عندهم مما جعل عملية اإلنتاج المنظمة على أساس من مبادئ هذه‬
‫الجهود تفقد أهميتها‪،‬وأضطر العمال إلى رفضها ومناهضتها‪.‬‬

‫هـ ‪ -‬إسهام تايلور في نشأة علم االجتماع الصناعي‪:‬‬


‫‪ -1‬تمثل مجهود ونتائج تايلور نقطة البداية في تاريخ االهتمام بالصناعة ومشكالتها‬
‫عموما وبالعنصر في موقف العمل الصناعي على وجه الخصوص فقد غيرت‬
‫االهتمام من العناصر المادية أو االالت في المجال الصناعي إلى العناصر البشرية أو‬
‫العمال ومشكالتهم‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ -2‬ومن هنا جاز للبعض أن يعتبر جهود تايلور وزمالؤه أول محاولة علمية منظمة‬
‫في نطاق علم االجتماع الصناعي طالما أنها تمس موضوعه وهو الصناعة‪ ،‬وتتعلق‬
‫بمحور اهتمامه وهو العنصر البشري في الصناعة‪.‬‬
‫‪ -3‬أن دراسة تايلور للعمال ومشكالتهم تمت باعتبار أن العمال أشياء ملحقة باآلالت‬
‫في أداء االعمال اإلنتاجية‬
‫‪ -4‬يمكن بناء على ذلك القول بأن (تايلور) لم يسهم في وضع دعائم هذا العلم‪،‬‬
‫وبالتالي ليس له فضل في نشأة هذا العلم كما يذهب أنصار الرأي األول‬

‫‪36‬‬
‫الفصل الرابع‬

‫نظرية العالقـات اإلنسانية ودراسة الجماعة‬

‫‪37‬‬
38
‫الفصل الرابع‬

‫نظرية العالقات اإلنسانية ودراسة الجماعة‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫توضح دراسة النشأة لعلم االجتماع وفروعه المختلفة‪ ،‬نوعية المراحل التي مرت بها‬
‫هذه الفروع وعالقتها بالعلم الرئيسي ودراستها لطبيعة المجتمع الصناعي الحديث‬
‫وخاصة أن نشأة علم االجتماع األولى التي ظهرت خالل أواخر القرن الثامن عشر‬
‫وأوائل القرن التاسع عشر قد تالزمت بالفعل مع نشأة المجتمع الصناعي‪.‬‬
‫وقد أنشغل الرواد بتحليل الدور أو التأثير لذي تلعبه الصناعة في حدوث تغييرات‬
‫ضرورية في نمط الحياة والعالقات والنظم والمؤسسات االجتماعية‪.‬‬
‫مع بداية الثالثينات‪ ،‬أخذت عملية تطور علم االجتماع الصناعي تأخذ أبعادا علمية‬
‫وأكاديمية أكثر تخصصا‪ ،‬وال سيما بعد أن بدأت الجامعات ومراكز البحث العلمي‬
‫تتبنى دراسة مشكالت الصناعة والتنظيمات والمؤسسات اإلنتاجية ككل‪.‬‬

‫أوال‪ :‬نظرية العالقات اإلنسانية ‪:‬‬

‫‪ -1‬عوامل ظهور نظرية العالقات اإلنسانية ‪:‬‬


‫جاءت ظروف العصر التي نشأت في نظرية العالقات اإلنسانية بمثابة الواقع األول‬
‫لظهورها وتطورها في دراسة التنظيمات الصناعية واإلنتاجية‪ ،‬منذ العقود األولى‬
‫للقرن العشرين‪.‬‬
‫فقد ظهرت هذه النظرية كغيرها من النظريات المفسرة لطبيعة تأثير الصناعة أو‬
‫غيرها من الظواهر والمشكالت على نوعية البناءات والنظم واألنساق االجتماعية‪،‬‬
‫كما جاءت لتعكس لنا مدى حرص العلماء والمتخصصين في العلوم االجتماعية‪،‬‬
‫والسيما علماء علم االجتماع الصناعي‪ ،‬الذين تنسب اهتماماتهم وانتماءاتهم إلى‬
‫مؤسسات أكاديمية وعلمية مثل الجامعات ومراكز البحث العلمي المختلفة‪.‬‬
‫ظهرت نظرية العالقات اإلنسانية في ربوع جامعة "هارفارد" األمريكية الشهيرة‬
‫على يد مجموعة من العلماء البارزين وعلى رأسهم " التون ماييو‬
‫‪ -1‬جاءت هذه النظرية نتيجة لظروف تدهور الصناعة في المؤسسات اإلنتاجية‬
‫واعتبارها أحد العوامل الرئيسية التي شغلت اهتمامات كل من أصحاب هذه‬
‫المؤسسات أو رؤوس األموال والمؤسسات السياسية‪.‬‬
‫‪ - 2‬أدت هذه العوامل مجتمعة إلى ضرورة إعادة التفكير في أساليب اإلنتاج واإلدارة‬
‫داخل هذه الشركات وذلك عن طريق استخدام األساليب العلمية الحديثة والمتطورة‪.‬‬
‫‪ -3‬بالرغم من أهمية النتائج العلمية والعملية التي توصلت إليها نظرية اإلدارة العلمية‬
‫والتكوين اإلداري عند كل من فردريك تايلور وهنري فايول‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ -4‬يمكن القول أن نظرية العالقات اإلنسانية جاءت كرد فعل لوجود نظرية اإلدارة‬
‫العلمية ونظرية التكوين اإلداري ونتائجهما التي ظهرت خالل العقدين األول والثاني‬
‫من القرن العشرين‪ ،‬محدثة وأرائهما الكثير من اآلراء واألفكار المؤيدة والمنتقدة‬
‫والمعارضة لها‪.‬‬
‫‪ -5‬جاءت نظرية العالقات اإلنسانية لتهتم بعدد من القضايا التي تم إهمالها بواسطة‬
‫نظرية اإلدارة العلمية وخاصة أن النظرية األخيرة ركزت على دراسة نظام العمل‪،‬‬
‫على أنه مجرد مجموعة منسقة من الخطوات واإلجراءات واآلالت‪.‬‬
‫‪ -6‬ظهرت أفكار نظرية العالقات اإلنسانية وانتقادها إلى نتائج نظرية اإلدارة‬
‫العلمية‪ ،‬خاصة بعد أن ظهرت تحليالت ودراسات لعلماء النفس الصناعي‬
‫والفسيولوجي‬

‫‪ -2‬المدارس الفرعية لنظرية العالقات اإلنسانية‪:‬‬


‫كشفت مجموعة العوامل السابقة التي أدت إلى ظهور نظرية العالقات اإلنسانية‪ ،‬عن‬
‫مدى تأثير الظروف المتغيرة التي حدثت في المجتمع الصناعي بعد وجود نظام‬
‫المصنع وانتشار الصناعة وتأثيرها على نمط الحياة االجتماعية واالقتصادية‬
‫والسياسية في نفس الوقت‪.‬‬
‫كما جاءت رغبة أصحاب العمل ورؤوس األموال وتطلعاتهم المستمرة نحو زيادة‬
‫أرباحهم وإنتاج مصانعهم وشركاتهم وطموحهم‪ ،‬الذي يفسر ظاهرة لنمو الرأسمالي‬
‫في نفس الوقت‪ ،‬لم تدخر الجامعات ومراكز البحث العلمي جهودها من أجل دراسة‬
‫المشكالت الصناعية‪ ،‬التي ظهرت داخل المؤسسات والشركات الصناعية أو عالقة‬
‫هذه المشكالت بنوعية البناءات والنظم واألنساق والعالقات واألدوار االجتماعية‪.‬‬
‫وهذا ما يظهر بالفعل في جهود عدد من الجامعات األمريكية على وجهة الخصوص‪،‬‬
‫مثل جامعات هارفارد‪ ،‬وشيكاغو‪ ،‬وميتشجان وغيرهم من المراكز العلمية‪.‬‬

‫أ‪ -‬التون ماييو وتجارب هاوثورن‪:‬‬


‫تنسب النشأة األولى لنظرية العالقات اإلنسانية‪ ،‬إلى أعمال عالم االجتماع الصناعي‬
‫التون ماييو وزمالؤه بجامعة هارفارد وتجاربهم الشهيرة التي تعرف بتجارب مصنع‬
‫هاورثورن التي ظهرت بالتحديد خالل عام ‪1927‬م‪.‬‬
‫تم إجراء تجارب ميدانية بواسطة ماييو وفريق بحثه األكاديمي والمتخصص‪ ،‬والتي‬
‫استمرت طيلة خمس سنوات متصلة وإن كانت قد تمت بصورة مرحلية من حيث‬
‫إجراء التجارب الميدانية وقد بلغ عدد هذه المراحل أربع مراحل‪.‬‬

‫المرحلة األولى‪:‬‬
‫ركزت هذه المرحلة على قياس إنتاجية خمس عامالت الالتي يقومن بإنتاج أجهزة‬
‫التليفونات وتم عزلهن في غرفة خاصة تماثل تماما نفس الظروف الفيزيقية التي‬
‫كانت سائدة في الشركة‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫قد خطط ماييو وفريق البحث إلدخال بعض التعديالت في طروف العمل‪ ،‬وذلك في‬
‫إطار عناصر التجربة التي قام بها‪ ،‬ومحاوال أن يختبر فروضها األساسية‪ ،‬وهي مدى‬
‫العالقة بين اإلنتاج وتغيير الظروف الفيزيقية للعمل في مرحلة العمل اليومي العادي‪.‬‬
‫تم إدخال بعض التغييرات على فترات الراحة‪ ،‬ووجبات الغذاء‪ ،‬ومدة ساعات العمل‬
‫اليومي وغير ذلك من تغيرات متعددة وضعها مايو في غرفة االختبار ولكنه الحظ‬
‫أن اإلنتاج قد زاد‪.‬‬
‫استطاع التون ماييو بعد ذلك‪ ،‬أن يفسر هذه الزيادة نتيجة لوجود العامالت في مكان‬
‫التجربة ويعملن كفريق لديه اتجاهات محددة (إيجابية) نحو قيمة العمل الذي يقمن به‪،‬‬
‫عالوة على توطيد نسق العالقات االجتماعية‪ ،‬بين الجماعة العاملة‪.‬‬

‫المرحلة الثانية ‪:‬‬


‫جاءت النتائج السابقة للمرحلة األولى‪ ،‬لتعزز من أفكار الباحثين نحو اتجاهات‬
‫العاملين في العمل وعالقاتهم برؤسائهم ونظم اإلشراف والعمل زيادة اإلنتاجية‪،‬‬
‫بالرغم من تغيير ظروف العمل ذاتها‪.‬‬
‫قد تم تصميم استمارة للبحث وجمع البيانات الخاصة بها عن طريق إجراء المقابالت‬
‫الشخصية مع فريق البحث‪ ،‬وتم تطبيقها على كل العاملين بالمصنع‪.‬‬
‫وتوصلت الدراسة خالل هذه المرحلة إلى عدد من النتائج أيضا‪ ،‬من أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬إن االتجاهات نحو االشراف في الخط األول(المباشر مع العامالت) تؤثر على‬
‫الروح المعنوية وإنتاجياتهم أكثر من خطوط األشراف األخرى‪.‬‬
‫‪ -2‬كما أن تكوين االتجاهات لدى العامالت وعالقتهن ببعضهن عملت على زيادة‬
‫الروابط لعالقات االجتماعية والغير رسمية من شأنها أن تزيد اإلنتاج بصورة‬
‫مستمرة‪.‬‬
‫‪ -3‬حدث نوع من التعاون بين أفراد مجموعة العمل في حالة وقوع جزاءات سلبية‪.‬‬

‫المرحلة الثالثة ‪:‬‬


‫اهتم فريق البحث بعد ذلك‪ ،‬بوضع تساؤل هام بهدف اإلجابة عليه خالل المرحلة‬
‫الثالثة من التجارب‪ ،‬وكان هذا السؤال يتلخص حول‪ ،‬ما هي أهم أنواع االتجاهات‬
‫والمشاعر التي تؤثر عن غيرها في العملية اإلنتاجية لدى العمال‪.‬‬
‫وتم اختيار مجموعة جديدة من العمال في مصنع التليفونات‪ ،‬إلجراء التجربة عليهم‪،‬‬
‫وذلك بعد عزلهم عن خطوط إنتاجهم العادية واستخدام عدد من األساليب المنهجية‬
‫والبحثية المتنوعة مثل المقابالت الشخصية‪ ،‬واستمارات البحث‪ ،‬والمالحظة المباشرة‬
‫للسلوك الفردي خالل عملية االنتاج والعمل‪.‬‬
‫قد توصل فريق البحث‪ ،‬إلى أن العاملين يقيمون نوعا من التستر إلخفاء مشاعرهم‬
‫واتجاهيتهم لتظل داخل الجماعة (نتيجة لعالقات العمل الغير رسمية) والتي من‬
‫الصعب إظهارها لفريق البحث مباشرة‪ ،‬وكأن يتم التعبير عن سلوكهم وأفعالهم بلغة‬
‫الجماعة‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫تم اختيار أحد األفراد ممثال عن الجماعة لحل مشكالتهم المرتبطة بالمسائل الفنية أو‬
‫التحدث مع مشرفيهم أو اإلدارة ومن ثم‪ ،‬فقد ظهر التنظيم غير الرسمي للجماعة‪،‬‬
‫ليفسر مدى قوة هذه التنظيمات وعالقتها بالعمل واإلنتاجية والتعبير في نفس الوقت‬
‫عن المشاعر واالتجاهات التي تخص مجال العمل‪.‬‬

‫المرحلة الرابعة ‪:‬‬


‫ركزت تجارب هذه المرحلة على دراسة أثر التنظيم غير الرسمي في المؤسسات‬
‫الصناعية وعالقته بزيادة اإلنتاجية لجماعات العمل‪ .‬حيث اهتم فريق البحث باختيار‬
‫النتائج التي قد توصلوا إليها في المرحلة الثالثة‪.‬‬
‫وقد استخدم فريق البحث الكثير من األساليب لجمع البيانات والمعلومات الالزمة‪،‬‬
‫باإلضافة إلى إجراء المقابالت الشخصية والحرة‪ ،‬أو تطبيق استمارة البحث‪ ،‬أو‬
‫استخدام المالحظة المكثفة‪.‬‬
‫تم االتفاق وديا أو غير رسميا بين العامالت لوضع معايير معينة تتعلق بالعملية‬
‫اإلنتاجية‪ ،‬وأن عملية زيادة االنتاج أو نقصانها يعد أمرا ال تقبله الجماعة‪ ،‬ويعتبر‬
‫خروجا عن التقاليد واألعراف غير الرسمية‪ ،‬كما كانت الجماعة تمارس نوعا من‬
‫الضغوط على األفراد الخارجين‪ ،‬عن قواعدها سواء الضرب أو اللوم أو العزل‬
‫االجتماعي أو السخرية‪.‬‬

‫اسهامات ماييو بعد تجارب هاوثورن‪:‬‬


‫استمرت تجارب هاوثورن لمدة خمس سنوات من ‪ ،1932 – 1927‬ولكن حدث‬
‫تطور في طبيعة الحياة االقتصادية والنشاط الصناعي نتيجة للكساد العالي الذي ظهر‬
‫في اوروبا والواليات المتحدة‪ ،‬وهذا ما أدى إلى إنهاء برنامج األبحاث التي قد حددها‬
‫من قبل ماييو وزمالؤه بجامعة هارفارد‪.‬‬
‫ولكن من خالل الحرب العالمية الثانية‪ ،‬تم إجراء تجربتين آخرتين لتضيف إلى‬
‫إسهامات ماييو وفريق بحثه الكثير من النتائج األخرى‪ ،‬التي تعزز عموما جهود‬
‫نظرية العالقات اإلنسانية وإضافاتها العلمية في مجال تطور علم االجتماع الصناعي‬
‫وهاتان التجربتان هما‪:‬‬

‫التجربة األولى ‪:‬‬


‫أجريت في مصانع األعمال المعدنية عام ‪ ،1943‬أجريت هذه التجربة على ثالثة‬
‫أقسام إنتاجية لوحظ بها تغيب العمال بصورة ملحوظة عن بقية األقسام األخرى‪ ،‬كما‬
‫لوحظ أيضا أن نسبة الغياب في أحد هذه األقسام الثالث تقل عن ما هو موجود في‬
‫القسمين األخريين‪.‬‬
‫التجربة الثانية ‪:‬‬
‫أجريت هذه التجربة في احد مصانع الطائرات بجنوب كاليفورنيا عام ‪ ،1944‬للكشف‬
‫عن أسباب مشكالت التغيب ونوبات العمل في المصنع‪ ،‬ما عدا وجود ثالث أقسام لم‬
‫تظهر فيها هذه المشكلة‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫توصل فريق البحث بقيادة ماييو للتوصل لعدد من النتائج منها‪:‬‬
‫‪ -1‬أن جماعات العمل في األقسام الثالث تعتبر صغيرة جدا‪ ،‬مما يؤثر على تقوية‬
‫انساق االتصال والعالقات االجتماعية وانصهارهم عموما في وحدة الجماعة (الغير‬
‫رسمية)‪.‬‬
‫‪ -2‬كان يوجد من بين جماعات العمل عدد من القيادات غير الرسمية التي كانت‬
‫منتظمة في العمل‪ ،‬وكان ذلك يعتبر مثاال لقدوة واالهتداء به من قبل بقية األعضاء أو‬
‫أفراد الجماعة‪.‬‬
‫‪ -3‬وجد ارتفاع في نسبة الغياب في األقسام األخرى بالمصنع‪ ،‬نظرام لعدم وجود‬
‫جماعات غير رسمية‪ ،‬كما لم يكن األعضاء بينهم نوع من العالقات االجتماعية‪ ،‬أو‬
‫شعور بالوالء أو االنتماء سواء األقسام اإلنتاجية أو المصنع ككل‪.‬‬
‫والخالصة أن ماييو اهتم بتفسير سبب زيادة اإلنتاجية في المصانع بأنها نتيجة ارتفاع‬
‫الروح المعنوية للعمال وكذلك شعورهم بالوالء واالنتماء إلى جماعة واحدة‪.‬‬

‫ب‪ -‬لويد وارنر ومدرسة شيكاغو‪:‬‬


‫كشفت اآلراء السابقة لكل من التون ماييو‪ ،‬وفريق بحث جامعة هارفارد‪ ،‬عن مدى‬
‫التغيرات التي طرأت على دراسة المؤسسات والتنظيمات الصناعية‪ ،‬واالهتمام‬
‫عموما بالعالقات اإلنسانية داخل هذه المؤسسات وتأثيرها بصورة مباشرة على‬
‫العملية اإلنتاجية والعالقة بين العمال واإلدارة وأصحاب العمل وإن كانت جاءت‬
‫تصورات ونتائج دراسات ماييو التي استمرت إلى عام ‪1946‬م والتي بدأت في عام‬
‫‪1927‬م مركزة على دراسة العالقات الرسمية داخل الوحدات اإلنتاجية أو المؤسسة‬
‫الصناعية فقط‪.‬‬
‫وقد تطورت دراسات م\رسة العالقات اإلنسانية وخاصة خالل عام ‪1954‬م عندما‬
‫تشكل فريق بحث علمي بقيادة لويد وارنر بجامعة شيكاجو وقد قام بدراسة العالقة‬
‫بين المصنع والبيئة الخارجية المحيطة‪.‬‬
‫استعان لويد ورانر وفريق بحثه بمجموعة من المفهومات السوسيولوجية ومناهج‬
‫البحث المستخدمة من قبل علماء االجتماع عند دراسة المجتمع المحلي مثل ‪ :‬الدور‪،‬‬
‫ككل‪ ،‬واالهتمام عموما بدراسة العالقة المتبادلة بين المصنع والبيئة الخارجية عالوة‬
‫أيضا دراسة العمليات والبيئة الداخلية للمصنع ذاته ومدى تأثرها بالعوامل الخارجية‪.‬‬
‫عموما ينظر إلسهامات لويد وارنر وزمالؤه على أنها ساهمت في دراسة الصناعة‬
‫وعالقتها بالبيئة المحلية ودراسة دور العوامل الخارجية وتأثيرها على الصناعة‪.‬‬
‫ومن أبرز العوامل الخارجية التي سعى لويد وارنر لتحليلها بصورة ميدانية هو عامل‬
‫التكنولوجيا الذي تم تطبيقه على مصانع األحذية وتغيره عن النمط التقليدي لهذه‬
‫المصانع وخاصة بعد إدخال اآلالت والمعدات الحديثة في هذه الصناعة فقد تم تغيير‬
‫جميع أو معظم العمال المهره (التقليدين) إلى عمال شبه مهره خاصة بعد تدريب عدد‬
‫كبير من العمال على اآلالت والتكنولوجيا الحديثة‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫ج‪ -‬تجارب العالقات اإلنسانية في أوروبا‪:‬‬
‫بعد ان انتشرت نتائج تجارب هاوثورن في أواخر الثالثينات وذلك نتيجة لجهود‬
‫التون ماييو ومدرسة العالقات اإلنسانية‪ ،‬ما لبثت أن اهتمت أيضا المؤسسات‬
‫الصناعية األوروبية بما حدث من ثورة علمية في مجال اإلدارة العلمية والتكوين‬
‫اإلداري مثل تايلور وفايول خاصة وأن المؤسسات والتنظيمات الصناعية كانت‬
‫تعاني من تأثير الكساد االقتصادي العالمي‪ ،‬الذي أثر على طبيعة اإلنتاج ونمو حركة‬
‫رأس المال واالستثمار وغيرها من مقومات الصناعة‪.‬‬
‫وجاءت عملية انتشار أفكار العالقات اإلنسانية إلى أوروبا ممثلة في عدد من‬
‫الدراسات التي أجريت في مجموعة من الدول األوروبية ومن أهم هذه الدراسات ‪:‬‬

‫‪ -1‬دراسة شركة باتا ‪Bata:‬‬


‫سعت إدارة هذه الشركة لدراسة أثر العوامل االجتماعية والنفسية على تحسين‬
‫اإلنتاج‪.‬‬
‫تم تغيير نمط اآلالت والتكنولوجيا واستحداث أنماط تكنولوجية حديثة إلنتاج األحذية‪.‬‬
‫وقد ركزت الشركة على تقديم أنماط متعددة من الرعاية االجتماعية‪.‬‬
‫أيضا تم أنشاء مدرسة للتدريب‪.‬‬
‫وإعطاء حرية اكبر لرئيس الشركة‪.‬‬
‫وتقسيم الشركة إلى مجموعة من األقسام و تغير السلوك اإلداري للمديرين‪.‬‬

‫‪ -2‬دراسة بارديية في فرنسا ‪:‬‬


‫أجريت هذه الدراسة بواسطة باردييه الذي كان يعمل رئيسا إلحدى الشركات‬
‫الفرنسية العاملة في مجال تصنيع اآلالت األوتوماتيكية‪.‬‬
‫حيث حرص رئيس الشركة على ‪:‬‬
‫‪ -‬تغيير نمط اإلدارة الكالسيكية‬
‫‪ -‬وسعى لخلق نوع من التضامن االجتماعي بين العمال واإلدارة‪.‬‬

‫‪ -3‬دراسة يوجين شولر في فرنسا ‪:‬‬


‫اشتهرت هذه الدراسة تحت اسم دراسة "طريقة األجور التناسبية"‪.‬‬
‫واعتمدت الدراسة على استخدام الحافز المادي في تغيير الجو السيكولوجي للشركة‬
‫التي أجرى فيها شولر تجربته‪.‬‬
‫وقد اعتقد شولر أن األجور تمثل لإلنسان ما يمثله النبات للحيوان ولذا حرص على‬
‫أن يركز على أهمية تقديم األجور أو الحوافز المادية كعامل أساسي لزيادة اإلنتاجية‪.‬‬
‫كذلك الحظ أن كثير من العمال كان لديهم عدم اقتناع بهذا ألسلوب ولذا حرص على‬
‫تغيير آراء هؤالء العمال والسعي إلى اقتناعهم بمبدأ الحافز المادي واعتباره في حد‬
‫ذاته مبدأ عادل تتناسب فيه األجور مع حجم العمل واإلنتاج‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫‪ -4‬دراسة معهد تافستوك بإنجلترا‪:‬‬
‫أنشئ هذا المعهد لدراسة العالقات اإلنسانية في الشركات البريطانية وذلك تحت‬
‫إشراف اليوت جاكس والذي أجرى مجموعة من الدراسات الميدانية في عدد من‬
‫المصانع بمدينة لندن‪ ،‬الختيار نسق العالقات اإلنسانية وأساليب االتصال بين اإلدارة‬
‫والعمال‪.‬‬
‫كما استعان فريق البحث بالعديد من المداخل السوسيولوجية والسيكولوجية وال سيما‬
‫مدخل دراسة الجماعة الصغيرة‪.‬‬
‫كما كون فريق البحث مجالس للعمال للمشاركة في عمليات اإلدارة‪.‬‬
‫وحل مشكالت العمل واإلنتاج وإضفاء جو من العالقات اإلنسانية‪ ،‬والتخلص من‬
‫مشكالت العمل بصورة مستمرة وذلك من أجل زيادة اإلنتاج‪ ،‬والتعرف على‬
‫الصعوبات التي تواجه اإلدارة والعمال وكيفية حلها وتحقيق األهداف العامة للشركة‬
‫ككل‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬دراسة الجماعة وتطور علم االجتماع الصناعي‪:‬‬


‫ومع تطور علم النفس الصناعي وعلم األنثروبولوجيا التطبيقية تم االستعانة بمداخل‬
‫هذه العلوم في دراسة الجماعة من قبل علماء االجتماع الصناعي وظهور ما يعرف‬
‫باالتجاه التفاعلي‪.‬‬
‫كما تكمن أهمية دراسة هوايت في أنها ركزت على ‪:‬‬
‫تفسير العالقة بين الجماعة الصغيرة (مجتمع الناصية) والمجتمع المحلي الذي‬
‫ظهرت فيه وهو (حي كورنفيل)‬
‫وكذلك نوعية الطبقات أو تاريخ التطور الطبقي في هذا الحي ( كورنفيل المجتمع‬
‫المحلي)‪.‬‬

‫(‪ )1‬وليام هوايت واالتجاه التفاعلي‪:‬‬


‫جاءت اهتمامات وليام هوايت كأحد رواد نظرية العالقات اإلنسانية التي شاركت في‬
‫بحوث أو سلسلة تجارب التون مابيو والتي أجريت على كثير من الشركات‬
‫والمؤسسات الصناعية ‪.‬ولكن مع تطور دراسات العالقات اإلنسانية والتي استمرت‬
‫بعد تجارب هاوثون وال سيما في األربعينات أخذت دراسات علماء نظرية العالقات‬
‫اإلنسانية كبعد أوعامل أساسي يمكن تحليله ومعرفة إيجابياته وسلبياته على‬
‫المؤسسات اإلنتاجية أو الخدمات األخرى والتي اندرجت تحت دراسات صناعة‬
‫المطاعم ‪ Restaurant industry‬من ناحية أو تطبيقها على الجماعات االجتماعية‬
‫الصغيرة ومعرفة العالقات االجتماعية واألدوار والمراكز وأنماط القيادة والتفاعل‬
‫فيها عموما وذلك من ناحية أخرى‪.‬‬
‫ان تحليالت ودراسات علماء نظرية العالقات اإلنسانية عندما سعت لمناقشة وتحليل‬
‫هذه العالقات بعيد عن مجال التنظيمات الصناعية كانت تهدف أوال للتعرف على‬
‫مدى أهمية هذه العالقات داخل الجماعات الصغيرة من ناحية وتأثيرها على السلوك‬

‫‪45‬‬
‫الفردي والجماعي في نفس الوقت وقد جاء هذا االهتمام من جانب وليم فوت هوايت‬
‫عندما درس جماعة الناصية وذلك في حي كورنفيل بمدينة نيويورك‪.‬‬
‫ومع تطور علم النفس الصناعي وعلم األنثروبولوجيا التطبيقية تم االستعانة بمداخل‬
‫هذه العلوم في دراسة الجماعة من قبل علماء االجتماع الصناعي وظهور ما يعرف‬
‫باالتجاه التفاعلي‪.‬‬
‫كما تكمن أهمية دراسة هوايت ألنها ركزت على تفسير العالقة بين الجماعة‬
‫الصغيرة (مجتمع الناصية) والمجتمع المحلي الذي ظهرت فيه وهو حي كورنفيل‬
‫ونوعية الطبقات أو تاريخ التطور الطبقي في هذا الحي (المجتمع المحلي)‪.‬‬
‫كما استخلص هوايت مجموعة من النتائج التي ترتبط بدراسته للجماعة والفرد‬
‫ونوعية البناء االجتماعي الذي يوجد في المجتمع المحلي ويفسر نوعية المشكالت‬
‫التي تواجه األفراد والجماعات التي تعيش فيه ‪.‬‬
‫كما توصل إلى أن انماط التفاعل الذي وجد بين أفراد مجتمع الناصية لم تظهر خالل‬
‫فترة قصيرة ولكن يرجع إلى وجود عالقات من فترة طويلة بين أفراد الجماعة وهذا‬
‫ما يفسر السبب الرئيسي لمدى ارتباط الفرد بهذه الجماعة حتى ترك الحي أو المجتمع‬
‫المحلي لفترة طويلة‪.‬‬
‫وفي نفس الوقت وجد بين أفراد الجماعة عالقات متماسكة بفضل نوعية الروابط‬
‫والمعايير والقيم واألعراف التي تشكل نوع من االلتزام بين الفرد والجماعة ككل ‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك جاءت أهمية إسهامات وليم هوايت في علم االجتماع الصناعي‬
‫أيضا من خالل دراسته للعالقات اإلنسانية بين العاملين في المطاعم الكبرى وتوصل‬
‫إلى عدد من النتائج من أهمها‪:‬‬
‫تأثير العالقات اإلنسانية على تحديد نسق المكانة للعاملين‪.‬‬
‫وطبيعة العوامل التي تشكل التنظيمات غير الرسمية مثل النوع والسن والخبرة‬
‫والساللة‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫الفصل الخامس‬

‫نظرية البيروقراطية ودراسة التنظيمات الصناعية‬

‫‪47‬‬
48
‫الفصل الخامس‬

‫نظرية البيروقراطية ودراسة التنظيمات الصناعية‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫سنحاول تقديم طبيعة إسهامات ماكس فيبر في دراسة التنظيمات البيروقراطية‬
‫بصورة عامة وتحليالته ودراساته الميدانية التي استخلصها من دراساته للتنظيمات‬
‫الصناعية والتي سبقت عموما نظريات التون ماييو والعالقات اإلنسانية واالتجاه‬
‫التفاعلي في دراسة الجماعة‪.‬‬
‫كما أنها سبقت تصورات نظرية اإلدارة العلمية‪.‬كذلك نقوم بتوضيح بعض اإلسهامات‬
‫النظرية التي عززت النشأة التطورية الحديثة لعلم االجتماع الصناعي‪.‬‬

‫‪ -1‬ماكس فيبر والبيروقراطية الصناعية‪:‬‬

‫أ ‪ -‬النموذج المثالي للتنظيمات البيروقراطية‬


‫يعتبر ماكس فيبر من الرعيل األول لعلم االجتماع وترتبط تحليالته بفترة عصر‬
‫الرواد‪.‬‬
‫تكمن إسهامات فيبر بأنه وضع جذور الكثير من فروع علم االجتماع المتخصصة‬
‫كما ان تحليالته المقارنة اعتمد عليها في دراسة العديد من قضايا المجتمع اقديم ‪ ،‬كما‬
‫أن له اسهامات حول المنهج السوسيولجي وطرق البحث‪.‬‬
‫يرتبط التنظيم بالقواعد الوظيفية وبمستوى معين من الكفاءة اإلدارية‪.‬‬
‫كما أنه يرى أن أعضاء التنظيم يخضعون لمبدأ التسلسل الوظيفي الذي يأخذ شكال‬
‫هرميا‪.‬‬
‫من أهم العناصر التي تظهر وضع الموظف اإلداري وعالقاته الداخلية الوظيفية‪:‬‬
‫‪ -‬الحرية الشخصية للفرد ‪ -‬كما أن عالقة التنظيم للفرد واضحة ومحددة‬
‫هناك نوعان من مظاهر البناءات الكلية للتنظيمات البيروقراطية هما ‪:‬‬
‫يشارك أغلبية أعضاء التنظيم في وظيفة عامة واحدة‪.‬‬
‫يقوم هذا النوع من البيروقراطية على مبدأ التعاون بين بين األعضاء‪.‬‬
‫ب ‪ -‬التنظيمات غير الرسمية في المؤسسات الصناعة‪:‬‬
‫يمكن القول ان فيبر كانت له اهتمامات تتعلق بالجوانب الغير رسمية في التنظيم‪.‬‬
‫يرى بندكس أن الكثير من أعمال فيبر التي كتبت بااللمانية لم تترجم بعد للغة‬
‫االنجليزية‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫ومن أهم دراسات فيبر الميدانية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬دراسة مشاكل العمال الصناعيين في المانيا‪:‬‬


‫اهتم فيبر بدراسة المشاكل االجتماعية في المانيا معتمدا على دراساته االجتماعية‬
‫التاريخية المقارنة‪.‬‬
‫استغرق عمل فيبر الميداني قرابة العامين وقد قضى منهما نصف عام في المالحظة‬
‫المباشرة للعمال في "مصانع النسيج والكتان"‪.‬‬

‫وضع ماكس فيبر اإلطار المنهجي للبحث في ثالثة أقسام منهجية هى ‪:‬‬
‫‪ -‬المالمح العامة للبحث‬
‫‪ -‬المشاكل العلمية للبحث‬
‫‪ -‬مناهج البحث أو المسح العام‬

‫اهتم فيبر بالتمييز بين‪:‬‬


‫‪ -‬المسوح السوسيوسياسية‬
‫‪ -‬المسوح اسوسيولوجية‪.‬‬
‫اوضح فيبر فكرته عن الحياد األخالقي وفصل العمل عن السياسة االجتماعية‪.‬‬

‫يرى فيبر ضرورة االهتمام من قبل إدارة المصنع بكل من ‪:‬‬


‫‪ -‬إدراك حقيقة تكاليف األجور‬
‫تقنين المواقف اإلنتاجية كما وكيفا‪.‬‬
‫تقنين اإلنتاج‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬دراسة ظاهرة تقييد االنتاج ‪:‬‬


‫ظهرت إحدى المقاالت لفيبر ذات بعد تاريخي سوسيولوجي تحت عنوان‬
‫"سيكوفيزيقية العمل الصناعي"‪.‬‬
‫كانت دراسات فيبر الميدانية تهتم بظاهرة "التباطؤ في العمل " أو ما يعرف بظاهرة‬
‫تقييد االنتاج القومي‪.‬‬

‫وجد فيبر أن شكاوى العمال الصناعيين ترجع لسببين أساسيين هما‪:‬‬


‫أ‪ -‬سياسة ترشيد أو عقالنية األجور‪.‬‬
‫ب‪ -‬تأثير هذه السياسات في زيادة االضرابات العمالية‪.‬‬

‫‪ -2‬روثليسبرجر ودراسة المصنع كتنظيم اجتماعي‪:‬‬


‫يعتبر روثليسبرجر من الرعي األول من زمالء التون ماييو بجامعة هارفارد الذين‬
‫ركزوا على دراسة العالقات اإلنسانية داخل التنظيمات الصناعية‪.‬‬
‫وضع روثليسبرجر كتابا بعنوان "اإلدارة والعمل" في عام ‪1939‬م‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫تصور روثلييسبرجر أن للمصنع أو المؤسسة الصناعية وظيفتين أساسيتين هما‪:‬‬
‫‪ -1‬وظيفة إدارية‬
‫‪ - 2‬وظيفة اجتماعية‬

‫كذلك سعى روثليسبرجر إلى التمييز بين نمطين من أنماط التنظيم داخل المؤسسة‬
‫وهما‪:‬‬
‫‪ -1‬التنظيم الرسمي‬
‫‪ -2‬التنظيم غير الرسمي‬

‫‪ -3‬ميللر وفورم والمدخل البنائي الوظيفي‪:‬‬


‫قام ميللر وفورم بانتقاد االتجاهات والمداخل التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية‬
‫والتي تركزت على الدراسات الوصفية والسطحية‪.‬‬
‫يرى ميللر وفورم أهمية تركيز البحث العلمي في علم االجتماع الصناعي لالنتقال‬
‫من المجرد إلى الواقع‪.‬‬

‫قام ميللر وفورم على أهمية تبني دراسة ‪:‬‬


‫‪ -‬الوحدات السوسيولوجية الكبرى‬
‫‪ -‬الوحدات السوسيولوجية الصغرى‬

‫كذلك يرى ميللر وفورم أن ذلك يتم من خالل استخدام مدخلين أساسيين هما‪:‬‬
‫المدخل البنائي الوظيفي‬
‫مدخل النسق االجتماعي‬

‫‪ -4‬مارش وسيمون ونظرية اتخاذ القرارات‪:‬‬


‫تعتبر نظرية اتخاذ القرارات من أهم االبعاد التحليلية في دراسة التنظيمات الرسمية‬
‫العقالنية‪.‬‬
‫فتح مارش وسيون المجال للدراسات التنظيمية من خالل كتابهم " التنظيم " حيث‬
‫أشارا إلى أن التنظيمات ال تقوم على عامل واحد أو صفة واحدة ولكن على مبدأ‬
‫تنظيم العمل‪.‬‬

‫يرى "مارش وسيون" أن المنطلق األساسي لنظرية اتخاذ القرارات هو‪:‬‬


‫ضرورة إختيار األفعال السليمة ذات العقالنية‬
‫أهمية الوصول للفعل النهائي‬
‫يندرج تحت نظريات اتخاذ القرار نوعين شهيرين هما‪:‬‬
‫‪ -1‬نظرية القرار العقالني‬

‫‪51‬‬
‫‪ -2‬النظريات المرتبطة بالترشيد‪.‬‬

‫(‪ )2‬رئيسيس ليكرت ومدرسة ميتشجان‪:‬‬


‫تطورت دراسات الجماعة أو االتجاه التفاعلي وعملت على تحديث المداخل‬
‫والنظريات التي تهتم بدراسة مشكالت علم االجتماع الصناعي وقضاياه المختلفة التي‬
‫بدأت تأخذ الطابع العلمي واألكاديمي بعد أن ظهرت إسهامات علماء جامعة هارفارد‬
‫بقيادة التون مابيو منذ أواخر العشرينات من هذا القرن ‪.‬‬
‫وجاءت جامعة ميتشجان لتساهم أيضا في تطور علم االجتماع الصناعي وذلك عن‬
‫طريق إجراء البحوث الميدانية المتخصصة والتي تركز على دراسة الجماعة داخل‬
‫المؤسسات الصناعية واإلنتاجية وحاول التركيز على دراسة القيادة واإلشراف‬
‫ودورهما في تنظيمات العمل وتطور اإلنتاج وتحسين أحوال العالقة بين العمال‬
‫واإلدارة‪.‬‬
‫وقد توصلت هذه الدراسة إلى وجود نمطين من اإلشراف والقيادة داخل المؤسسات‬
‫التي أجريت عليها الدراسة الميدانية بقيادة ليكرت وفريق بحثه وهما ‪:‬‬
‫‪ -1‬نمط اإلشراف األول‪ :‬والذي يدور حول العمال ‪.‬‬
‫‪ -2‬نمط اإلشراف الثاني‪ :‬وهو يدور حول اإلنتاج‬

‫(‪ )3‬مورينو وسوسيوميترية عالقات الجماعة‪:‬‬


‫ارتبطت دراسة دراسة الجماعة في التنظيمات والمؤسسات الصناعية أو االجتماعية‬
‫عموما‪ ،‬سواء أكانت مؤسسات إنتاجية‪ ،‬أم مؤسسات تقدم الخدمات والرعاية‬
‫االجتماعية‪ ،‬أم تقوم بعمليات التهذيب واإلصالح‪ ،‬والتأهيل النفسي والمهني‪ ،‬بما‬
‫حققته إسهامات علماء االجتماع الصناعي‪ ،‬وعلماء النفس االجتماعي‪ ،‬وأيضا‬
‫المتخصصين في مجال علم النفس الصناعي‪ ،‬وهذا ما ظهر واضحا خالل السنوات‬
‫األخيرة من القرن العشرين‪ ،‬إال أننا نالحظ‪ ،‬أن تطور االهتمام بدراسة الجماعة جاء‬
‫عن طريق تحديث الدراسات التي كان يقوم بها أصحاب االتجاه التفاعلي‪.‬‬
‫مع تطور استخدام األساليب المنهجية وطرق وأدوات البحث األجتماعي مثل‬
‫المالحظة بأنواعها‪ ،‬والمقابلة‪ ،‬وتحليل المضمون‪ ،‬واستمارة البحث وغيرها من‬
‫األدوات األخرى‪.‬‬
‫سعى مورينو لتطوير المقاييس السوسيومترية‪ ،‬عندما وضع ما يعرف بمصفوفة‬
‫العالقات االجتماعية والتي يفرغ فيها النتائج التي يتم التوصل إليها الباحث من‬
‫المبحوثين التي يطلق عليها بإصطالح السوسيو جرام أو يكشف عموما عن أنماط‬
‫العالقات االجتماعية ومن أهمها‪:‬‬
‫العالقات المركزية والتي تظهر عندما تختار الجماعة فردا واحدا بصورة محددة‪.‬‬
‫العالقات المتبادلة‪ ،‬التي تبدو فيها تبادل االختيار بين فردين‪.‬‬
‫العالقات المتتابعة التي تتابع العالقة بين مجموعة من األفراد كل منهم اآلخر‪.‬‬
‫العالقات الدائرية‪ ،‬التي تبدأ بفرد معين ثم تنتهي إليه بعد اآلخرين‪.‬‬
‫العالقات المنفردة‪ ،‬وتكشف عن فشل أحد األفراد في جذب اآلخرين حوله‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫ثالثا‪ :‬تقييم إسهامات نظرية العالقات اإلنسانية ودراسة الجماعة ‪:‬‬
‫بعكس تحليل التراث التاريخي والتطوري لنشأة علم االجتماع الصناعي خالل‬
‫النصف األخير من القرن العشرين‪ ،‬أن كثيرا من آراء علمائه ودراساتهم النظرية‬
‫والميدانية قد خضعت للمزيد من التحليل والدراسة والنقد والتقييم الشامل‪ ،‬وذلك في‬
‫إطار تزايد االهتمام من قبل المتخصصين بهذا العلم‪ ،‬لتطور نظرياته الحديثة‬
‫وأساليب ومناهج طرق بحثه‪ ،‬والقضايا والموضوعات التي طرحت منذ البدايات‬
‫األول من هذا القرن‪ ،‬واهتم بها علماء االجتماع الصناعي بصورة عامة‪.‬‬
‫وبالرغم من هذه اإلسهامات اإليجابية لكل من أصحاب نظرية العالقات اإلنسانية أو‬
‫اإلتجاه التفاعلي في دراسة الجماعة داخل التنظيمات أو المؤسسات الصناعية‪ ،‬إال أن‬
‫تحليل التراث السوسيولوجي لعلم االجتماع الصناعي يعكس في الوقت ذاته مجموعة‬
‫من االنتقادات إلى أصحاب هذه المدارس أو النظريات‪ ،‬والتي يجب علينا أن نوجزها‬
‫بصورة محددة في إطار تحليلنا للتراث العلمي لهذه النظريات‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االنتقادات التي وجهت إلى نظرية العالقات اإلنسانية‪:‬‬


‫‪ -1‬جاءت دراسات هاوثورن الشهيرة التي أجراها ماييو في فترة تاريخية‪ ،‬لم تكن قد‬
‫تبلورت فيها معالم المشكالت الصناعية بعد‪.‬‬

‫‪ -2‬لم تعط اهتمامات أصحاب نظرية العالقات اإلنسانية بدء من جهود ماييو حتى‬
‫نهايتها أي نوع من األهمية لوجود الصراع بين األفراد أو األشخاص والجماعات‬
‫داخل مؤسسات العمل واإلنتاج أو لظهور أنماط من االتصال السلبي‪ ،‬واإلشراف‬
‫اإلداري غير السليم‪ ،‬أو ظهور قيادات مهنية غير متخصصة‪.‬‬

‫‪ -3‬ركزت جهود أصحاب نظرية العالقات اإلنسانية على أهمية األشباع االجتماعي‬
‫داخل المؤسسات الصناعية‪ ،‬وذلك عن طريق خلق نوع من االنتماء نحو العمل‬
‫والجماعة وظهور التنظيمات الغير رسمية‪.‬‬
‫اهتم ماييو وزمالؤه عموما بدراسة أنساق التكامل والتوازن بصورة مستمرة‪.‬‬
‫‪ -4‬قد أهملت دراسات العالقات اإلنسانية‪ ،‬ما يعرف عموما بالعالقات الصناعية‪.‬‬

‫‪ -5‬جاءت تصورات أصحاب العالقات اإلنسانية إلى دراسة مشكالت العمل داخل‬
‫المؤسسات أو المصانع فقط‪.‬‬

‫‪ -6‬عندما ركزت الدراسات الميدانية للعالقات اإلنسانية على دراسة المشكالت‬


‫الواقعية في التنظيمات الصناعية قد أغفلت قواعد أساسية نظرية ومنهجية هامة وذلك‬
‫لغياب األمور النظرية‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫ثانيا‪ :‬االنتقادات التي وجهت إلى االتجاه التفاعلي ودراسة الجماعة‪:‬‬
‫‪ -1‬جاءت كثير من المفاهيم التي استخدمها علماء االتجاه التفاعلي ودراسة الجماعة‬
‫في التنظيمات أو المؤسسات الصناعية واإلنتاجية بصورة غامضة وغير محددة‪.‬‬
‫‪ -2‬تعرض استخدام القياس السوسيومتري للعديد من االنتقادات والستخدامه بصورة‬
‫خاصة لدراسة شبكة العالقات االجتماعية‪.‬‬

‫‪ -3‬اعتمدت تحليالت أصحاب االتجاه التفاعلي ودراسة الجماعة على تفسير‬


‫المشكالت المرتبطة بالعالقات والتفاعل والسلوك الفردي والجماعة واعتمادها على‬
‫عامل واحد فقط مما يصعب وجود ذلك من الناحية الواقعي‪.‬‬

‫‪ -4‬كما جاءت انتقادات أخرى إلى أصحاب نظرية أو االتجاه التفاعلي وال سيما عند‬
‫دراساتهم الميدانية والتجريبية على الجماعات الصغيرة وخضوع هذه الجماعات‬
‫وسلوكها للتجارب المعملية التي يصعب عموما وضعها تحت الشروط والظروف‬
‫االختبارية‪.‬‬

‫‪ -5‬على مستوى البعد النظري جاءت كثير من أعمال ودراسات الجماعة لتواجه‬
‫مشكالت متعددة‪.‬‬

‫‪ -6‬عندما ركز أصحاب دراسة الجماعة على دراسة مشكالت معينة داخل تنظيمات‬
‫العمل والمؤسسات الصناعية اهتموا بالطابع االنتقائي لدراسة مشكالت محددة مثل‬
‫التعاون والتضامن والتوازن أو التغيب أو اإلنتاجية دون دراسة الصراع أو التنافر أو‬
‫الرضا في العمل أو اإلشباع الوظيفي والمهني والعالقات الصناعية والنقابية‪ ،‬أو‬
‫عالقة تنظيمات العمل بالمجتمع الخارجي ككل‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫الفصل السادس‬

‫مشكالت العمل الصناعي‬

‫‪55‬‬
56
‫الفصل السادس‬

‫مشكالت العمل الصناعي‬

‫أوال‪ -‬مشكلة األجور ‪:‬‬


‫‪ -‬عرفت األجور كوسيلة لتقدير العمل البشري‪.‬‬
‫‪ -‬أصبحت الحرية القانونية لإلنسان المعاصر األساس الذي قام علية نظام األجور في‬
‫عالقات العمل الحديثة‪.‬‬
‫‪ -‬ما سبب الصراعات بين العمال وصاحب العمل حول تحديد االجر الذي يراه كل‬
‫منهما مناسبا‪,‬‬
‫‪ -‬كما ظهرت كثير من المشكالت التي تتعلق بالعمل واالنتاج كنتيجة طبيعية لشعور‬
‫العامل بضآلة األجر الذي يتحصل عليه‪.‬‬
‫‪ -‬عنيت البحوث السوسيولوجية بدراسة هذه المشكلة للتعرف على العالقة بين‬
‫األجور واألوضاع والمكانات االجتماعية للعاملين في المؤسسات الصناعية‪,‬‬
‫‪ -‬الوقوف على آراء العمال بالنسبة إلى األجر كحافز من حوافز العمل‪,‬‬
‫‪ -‬تحديد الصلة بين األجور المجزية وارتفاع الكفاية اإلنتاجية ‪.‬‬

‫تعريف األجر ‪:‬‬


‫‪ -‬الثمن الذي يحصل عليه العامل نظير المجهود الجسماني أو العقلي الذي يبذله في‬
‫عملية اإلنتاج ‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن أن يدفع األجر في صورة نقد فيكون أجرا نقديا‪,‬‬
‫‪ -‬أو يدفع بصورة سلع فيكون أجرا عينيا‪,‬‬
‫‪ -‬أو يشمل جزءا نقديا وآخر عينيا‪.‬‬

‫أ‪ -‬األجر النقدي‪:‬‬


‫هو ما يحصل علية العامل من نقود ويدخل في ذلك (العمولة – المنح – العالوات ‪-‬‬
‫الوهبة)‪.‬‬

‫العمولة‪:‬‬
‫تعطى للطوافين والمندوبين والممثلين التجاريين وتعتبر جزء ال يتجزأ من األجر‪.‬‬

‫المنح‪:‬‬
‫تعطى للعامل إضافة إلى األجر‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫ّ‬
‫يتجزأ من األجر اذا توفرت فيها ثالثة شروط‪:‬‬ ‫تعتبر المنحة جزءا ال‬
‫‪ -1‬العمومية‪:‬‬
‫‪ -‬بمعنى تصرف لجميع عمال المنشأة أو طائفه منهم‪.‬‬
‫‪ -2‬االستمرار‪:‬‬
‫‪ -‬أي صرف المنحة بصفه دورية مستمرة مما يجعل لها صفه العرف الجاري‪.‬‬
‫‪ -3‬ثبات قيمة المنحة‪:‬‬
‫‪ -‬أي الثبات النسبي الذي يدل على أن صاحب العمل لم تعد له أي سلطة في تقديرها‪.‬‬

‫العالوة‪:‬‬
‫هي كل ما يصرف للعامل زيادة على األجر األصلي بسبب طول مدّة خدمته أو زيادة‬
‫أعبائه العائلية أو ارتفاع نفقات المعيشة‪.‬‬

‫الوهبة‪:‬‬
‫كل ما يحصل علية العامل من العمالء بمناسبة أداء الخدمة ‪.‬‬
‫وتعتبر جزءا ال يتجزأ من األجر إذ توفر شرطان‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون صاحب العمل قد علم بدفعها‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تكون لها قواعد تسمح بدفعها‪.‬‬

‫البدل‪:‬‬
‫هو ما يعطى للعامل بسبب ما يحيط به من ظروف خاصة أو أخطار فهو يعتبر جزء‬
‫ال يتجزأ من االجر‪.‬‬

‫ب‪ -‬األجر العيني‪:‬‬


‫هو ما يقدّمه صاحب العمل إلى ع ّماله من خدمات دون مقابل كوجبات الغذاء أو‬
‫المسكن ‪...‬الخ‬

‫تختلف قيمة األجر باختالف الزمان والمكان ‪ :‬بمعنى ‪. .‬‬


‫أن الفرد قد يشتري بكمية معينة من النقود كميات مختلفة من السلع والخدمات‪.‬‬ ‫‪ّ -‬‬
‫‪ -‬وما يميّز األجر النقدي عن األجر الحقيقي هو ّ‬
‫أن األجر الحقيقي يعبّر ع ّما يمكن‬
‫شراؤه بالنقود‪.‬‬
‫‪ -‬ذلك من المحتمل أن تزداد األجور النقدية دون أن تزداد األجور الحقيقية‬
‫‪ -‬يحدث ذلك إذا ارتفعت أسعار السلع والخدمات بنفس نسبة ارتفاع في األجور‬
‫النقدية‪.‬‬
‫‪ -‬ومن ث ّم ّ‬
‫فإن ك ّمية النقود ليست المعيار الحقيقي لألجور التي يتقاضاها الع ّمال‪,‬‬
‫‪ -‬إنّما هو ما يمكن شراؤه بالنقود‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫العالقة بين نظام دفع االجور ومعدالت االنتاج ‪:‬‬
‫‪ -‬األجور تدفع مقابل القيام بعمل معين‪.‬‬
‫‪ -‬يختلف نظام دفع األجور من دولة إلى أخرى كما تختلف في الدولة الواحدة من إقليم‬
‫إلى آخر‪ ,‬ومن صناعة إلى أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬تقدّر األجور عادة على أساس الزمن الذي استغرقه العمل‪ ,‬أو أساس ك ّمية االنتاج‪.‬‬

‫ث َ ّم ظهرت طريقتان أساسيتان لدفع األجور هما‪:‬‬


‫‪ -‬طريقة األجر الزمني‬
‫‪ -‬طريقة األجر حسب اإلنتاج‪.‬‬

‫أساس الطريقة األولى هو ‪:‬‬


‫‪ -‬أن يت ّم دفع األجر على أساس معدّل محدّد للساعة أو األسبوع أو الشهر‪.‬‬
‫‪ -‬ويعطى ك ّل عمل في فئة معينة نفس األجر بصرف النظر عن االختالف في ك ّمية‬
‫اإلنتاج بينه وبين غيره من األفراد مثل صناعة االلماس وتشكيله‪.‬‬

‫‪ -‬أمّا الطريقة الثانية ‪:‬‬


‫‪ -‬تقوم على إعطاء الع ّمال أجورا مختلفة تتّفق مع ك ّمية ما ينجزونه من أعمال مثل‬
‫نظام أجر القطعة‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫ثانيا‪ -‬مشكلة التغيب عن العمل ‪:‬‬

‫أ‪ -‬مفهوم التغييب عن العمل‪:‬‬


‫يعرف مكتب إحصاءات العمل في الواليات المتحدة التغيّب بأنّه " عدم حضور‬ ‫ّ‬
‫المقررة‪ ,‬وذلك بسبب المرض أو اإلصابة التي تعوق‬‫ّ‬ ‫العامل إلى عمله في أيّام العمل‬
‫ي سبب من األسباب " ‪.‬‬ ‫المصرح به أل ّ‬
‫ّ‬ ‫العامل عن العمل‪ ,‬باإلضافة إلى التغيّب غير‬

‫ب‪ -‬خطورة مشكلة التغيّب عن العمل‪:‬‬


‫‪ -‬تعتبر مشكلة التغيّب من أه ّم المشكالت األساسية في البالد الصناعية المتقدمة‪,‬‬
‫‪ -‬فالتغيّب يؤدي إلى زيادة التكلفة من جهة‪ ,‬وضعف الكفاية اإلنتاجية من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬ال يؤثّر التغيّب على العملية اإلنتاجية فحسب‪,‬‬
‫‪ -‬يؤدّي إلى ضعف الروح المعنوية بين الع ّمال‪,‬‬
‫‪ -‬كما أنه يدل على ضعف مساهمة العامل في نشاط جماعة العمل‪,‬‬
‫‪ -‬ويعتبر دليال على ضعف تماسك هذه الجماعة‪.‬‬

‫ج‪ -‬أسباب التغيّب عن العمل ‪:‬‬


‫ومتنوعة‪,‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬يرجع التغيّب إلى أسباب كثيرة‬

‫ويمكن تصنيف أسباب التغيب إلى خمسة أقسام رئيسية‪:‬‬

‫‪ -1‬العوامل التي ترجع للعامل نفسه‪:‬‬


‫‪ -‬وهي عوامل ترجع لس ّن العامل‪ ،‬ومدى تعليمة وتدريبه‪ ،‬والعوامل النفسية‪،‬‬
‫واالستعداد للتغيّب‪ ،‬وعدم تقدير المسؤولية‪ ،‬ومرض العامل‪ ،‬وإصابات العمل‪،‬‬
‫وهجرة العامل من الريف إلى المدينة‪.‬‬

‫‪ -2‬العوامل التي تعود إلى ظروف العمل‪:‬‬


‫‪ -‬ومن أمثلة هذه العوامل‪:‬‬
‫نوع العمل‪ ,‬حجم الوحدة االنتاجية وسوء توصيف وتقييم الوظائف والمهن وسوء‬
‫االجراءات النظامية وحداثة عهد العامل بالخدمة والعوامل التي ترجع إلى سوء‬
‫ظروف العمل في الوحدات االنتاجية بوجه عام‪.‬‬

‫‪ -3‬العوامل الزمنية والموسمية واإلقليمية‪:‬‬


‫‪ -‬تبيّنت زيادة معدّالت التغيّب في اليوم األول واألخير من ك ّل أسبوع وخاصة اليوم‬
‫التالي ليوم صرف األجر‪,‬‬
‫‪ -‬كما نجد التغيّب بسبب المرض يرتفع في فصل الشتاء عنه في فصل الصيف‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫‪ -4‬العوامل التي ترجع لجماعات العمل‪:‬‬
‫‪ -‬كشفت العديد من الدراسات االجتماعية عن ّ‬
‫أن هناك ارتباطا بين الشعور بوحدة‬
‫الجماعة وتماسكها وبين هبوط معدّالت تغيّب العمال في المجال الصناعي‪.‬‬

‫‪ -5‬العوامل االجتماعية الخارجية‪ :‬ومن أمثلة هذه العوامل‪:‬‬


‫‪ -‬مدى قصور أو تعدّد سبل المواصالت‪,‬‬
‫‪ -‬مدى انتظامها ووفرتها‪,‬‬
‫‪ -‬والزمن الذي يستغرقه العامل في الوصول من منزله إلى مقر عمله‪.‬‬
‫‪ -‬وقد يتغيّب العامل عن عمله بسبب اإلرهاق الذي يعانيه من المواصالت‪.‬‬

‫يرى بعض المهتمّين بدراسة مشكلة التغيّب‪ ,‬أنّه‪:‬‬


‫‪ -‬ال يجب أن يطبّق الجزاء على جميع العمال المتغيّبين دون مراعاة الظروف‬
‫صة لك ّل واحد منهم والتي تدفعهم للتغيّب عن العمل‪.‬‬
‫الخا ّ‬

‫‪ -‬لجأت االدارة الصناعية إلى عدّة طرق أخرى في مواجهه مشكلة التغيّب‪ ,‬ومن أه ّم‬
‫هذه الطرق‪:‬‬
‫‪ -1‬العمل على تكوين جماعات عمل متماسكة داخل التنظيمات الصناعية‪.‬‬
‫‪ -2‬تدريب المشرفين والمالحظين على اتّباع أسلوب العالقات اإلنسانية في الصناعة‪.‬‬
‫‪ -3‬تنظيم مسابقات بين األقسام المختلفة في الشركة‪ ,‬ومنح جوائز ألقل هذه األقسام‬
‫من حيث معدّل التغيب‪.‬‬
‫‪ -4‬إجراء مقابالت مع العمال المتغيّبين عند عودتهم للتعرف على أسباب تغيبهم عن‬
‫يتكرر تغيّبهم عن العمل‪.‬‬
‫العمل‪ ,‬وتكون هذه الطريقة مفيدة جدّا للع ّمال الذين ّ‬
‫‪ -5‬وضع نظام محكم لالختبار والتعيين والتدريب‪ ,‬واألخذ بأسلوب توصيف الوظائف‬
‫والمهن وتقويمها‪ ,‬وتحقيق مبدأ وضع الرجل المناسب في المكان المناسب‪.‬‬
‫‪ -6‬إنشاء وحدة تنظيمية للتغيب داخل المؤسسات الصناعية ‪ ,‬تختص بجميع األعمال‬
‫المتصلة بمشكلة التغيب من حيث جمع البيانات وتصنيفها وإعداد السجالت ‪ ,‬وحساب‬
‫معدالت التغيب باستمرار ‪ ,‬مما يساعد على تتبع المشكلة وسهولة دراستها‪.‬‬
‫‪ -7‬إجراء التجارب عن ساعات العمل اليومية واألسبوعية‪ ,‬وفترات الراحة ومعرفة‬
‫عدد الساعات المناسبة لعمل وراحة العمال‪.‬‬
‫‪ -8‬تحسين ظروف العمل االجتماعية والمادية ‪ ,‬وتغيير الظروف التي تؤدي إلى عدم‬
‫رضاء العامل عن عمله‪.‬‬
‫‪ -9‬تعيين بعض األخصائيين االجتماعيين والنفسيين داخل المؤسسات الصناعية‪,‬‬
‫بهدف حل مشكالت العمال االجتماعية والنفسية‪.‬‬
‫‪ -10‬وضع برامج لألمن الصناعي داخل المؤسسات الصناعية المختلفة‬

‫‪61‬‬
‫ثالثا‪ -‬مشكالت العمل الصناعي‪:‬‬

‫‪ -1‬مشكلة دوران العمل‪:‬‬

‫أ‪ -‬مفهوم دوران العمل ‪:‬‬


‫يطلق اسم دوران العمل على الحركة الناتجة عن ترك بعض العاملين للخدمة داخل‬
‫التنظيم الصناعي وإحالل آخرين جدد محلهم‪.‬‬

‫ب‪ -‬خطورة مشكلة دوران العمل ‪:‬‬


‫‪ -‬يذكر " أتزيوني " أنّه غالبا ما توجد مشكلة دوران العمل داخل جميع التنظيمات‬
‫كبيرة الحجم‪,‬‬
‫‪ -‬نظرا ّ‬
‫ألن هذه التنظيمات عادة ما تكون لها القدرة على االستمرار والبقاء لمدّة‬
‫أطول من عمر أعضاء هذه التنظيمات‪,‬‬
‫‪ -‬م ّما يؤدّي إلى وجود بعض الوظائف الشاغرة‪,‬‬
‫‪ -‬التي يتعيّن على التنظيمات أن تشغلها بأعضاء جدد‪.‬‬
‫مضرا إذا كانت نتيجته تنشيط التنظيم الصناعي وتقوية‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬ال يعتبر دوران العمل‬
‫العناصر اإلنسانية فيه‪,‬‬
‫‪ -‬وإبدال أفكار قديمة خاملة بأفكار جديدة محفّزة‪.‬‬
‫إن دوران العمل الذي يحدث في حدود معقولة وبطرق منتظمة ويكون نتيجة لكبر‬ ‫‪ّ -‬‬
‫ّ‬
‫السن أو اعتالل الصحة‪,‬‬
‫‪ -‬يصبح عملية طبيعية‪.‬‬
‫‪ -‬أ ّما دوران العمل الذي ال تنطبق علية الشروط السابقة والذي يحدث بال نظام ودون‬
‫حاجة حقيقة له نتيجة لعدم رضى العمال عن عملهم داخل المصنع‪،‬‬
‫‪ -‬فهذا النوع ضار بالتنظيم الصناعي‪،‬‬
‫‪ -‬ويقضي على عوامل االستقرار فيه ويؤدّي إلى الفوضى وانهيار الروح المعنوية‬
‫بين العاملين داخل التنظيم الصناعي‪.‬‬

‫وتؤدّي مشكلة دوران العمل إلى الكثير من النتائج السيئة داخل المصنع من‬
‫الناحيتين‪ :‬االجتماعية والمادية‪.‬‬

‫فمن الناحية االجتماعية ‪:‬‬


‫‪ -‬تؤدّي هذه المشكلة إلى ضعف تماسك جماعة العمل‪،‬‬
‫أن تماسك جماعة العمل تتطلّب قدرا معيّنا من ثبات واستقرار العمال أعضاء‬ ‫‪ -‬إذ ّ‬
‫هذه الجماعات حتّى يمكن نم ّو وتدعيم العالقات االجتماعية بين هؤالء األعضاء‪,‬‬
‫فإن ارتفاع معدّل دوران العمل يؤدّي إلى ضعف تماسك جماعات العمل‪.‬‬ ‫‪ -‬ومن ث ّم ّ‬

‫‪62‬‬
‫ومن الناحية المادية ‪:‬‬
‫‪ -‬تؤدّي مشكلة دوران العمل إلى أن يتحمل التنظيم الصناعي بعض التكاليف‬
‫االضافية مثل تكاليف االختبار والتعيين واالعداد والتدريب للعمال الجدد‪,‬‬
‫‪ -‬الخسائر التي تنتج عن ضعف مستوى اإلنتاج وفي الفترة بين خروج العمال الذين‬
‫يتركون الخدمة وبين تدريب العمال الجدد والخسائر التي تنتج عن عدم تشغيل‬
‫اآلالت تشغيال كامال إلى أن يتم تدريب العمال الجدد باإلضافة إلى نفقات التالف من‬
‫المواد أثناء فترة التدريب‪.‬‬

‫ج‪ -‬دراسات مايو لمشكلة دوران العمل‬


‫دراسة دوران العمل في مصنع النسيج‪:‬‬
‫‪ -‬قام مايو بإجراء الدراسة عن ظروف العمل في قسم النسيج بالقرب من فيالدلفيا‬
‫‪ -‬بهدف اكتشاف أفضل الطرق للحد من مشكلة دوران العمل التي كانت تبدو بشكل‬
‫واضح في هذا القسم ‪.‬‬

‫الظروف الخاصة للعمل المؤثّرة على اتجاهات العمال داخل قسم الغزل‪:‬‬
‫‪ -1‬تقدير العمال لعملهم منخفض‪.‬‬
‫‪ -2‬كان العمل روتينيا تكراريا‪.‬‬
‫‪ -3‬كان العمل انعزاليا بالضرورة‪.‬‬

‫د‪ -‬أسباب دوران العمل‬


‫مشكلة دوران العمل ترجع إلى عدة عوامل تنظيمية وغير تنظيمية‪:‬‬
‫‪ -1‬عدم انتماء الع ّمال إلى جماعات عمل متماسكة داخل التنظيم الصناعي‪.‬‬
‫‪ -2‬الدرجة التي يحول بها العمل دون حصول العامل على اإلشباع أو الرضا الذي‬
‫يحصل علية نتيجة انتمائه إلى االسرة أو أية جماعة أخرى في المجتمع المحلي‬
‫المحيط بالتنظيم الصناعي‪.‬‬
‫‪ -3‬نمط اإلشراف السائد داخل األقسام المختلفة والذي يخضع له العامل إذ يقل معدل‬
‫دوران العمل كلما كان رئيس العمال يتبع أسلوبا ديمقراطيا ويشرك العمال معه في‬
‫اتخاذ القرارات المتعلقة بشؤون العمل‪.‬‬
‫‪ -4‬يزداد دوران العمل نتيجة سوء تكيف العامل مع عملة ومدى شعوره بالظلم وعدم‬
‫المساواة في التعامل داخل التنظيم الصناعي‪.‬‬
‫أن هناك عدة عوامل‬ ‫‪ -5‬كشفت الدراسات التي اجريت على مشكلة دوران العمل ّ‬
‫ترتبط بمشكلة دوران العمل أه ّمها‪:‬‬
‫‪ -‬اتجاهات العمال نحو اإلجراءات اإلدارية‬
‫‪ -‬حجم األجور الواقعية التي يحصل عليها العمال‪.‬‬
‫‪ -6‬مدى رضا العامل عن عمله وتكيفه مع هذا العمل‪.‬‬
‫‪ -7‬مدى ما يتطلبه العمل من وقت اضافي‪.‬‬
‫‪ -8‬ظروف العمل االجتماعية والمادية‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ -9‬مدى إدارك اإلدارة للطريقة المناسبة التي يجب أن يتعامل بها العامل‪.‬‬

‫ب‪ -‬مشكلة ساعات العمل ‪:‬‬


‫‪ -‬أثارت هذه المشكلة اهتمام المصلحين االجتماعيين‪,‬‬
‫‪ -‬فطالبوا بتخفيض ساعات العمل العتبارات إنسانية تتعلّق بص ّحة الع ّمال وسالمتهم‪.‬‬
‫‪ -‬غير أنّه مع بداية اإلدارة العلميّة‪,‬‬
‫‪ -‬وتقدّم علوم النفس واالجتماع واالقتصاد‪،‬‬
‫‪ -‬عني الباحثون والدارسون في تلك العلوم بدراسة ساعات العمل على أسس علمية‬
‫لتحديد العالقة بين ساعات العمل والتعب والملل و إصابات العمل والتعرف على‬
‫الحد األمثل لساعات العمل القصوى‪.‬‬
‫من أولى المشكالت التي يصادفها الباحث هي مشكلة التعريف بساعات العمل ذاتها‪,‬‬
‫وتتّجه اتفاقيات العمل الدولية إلى استخدام اصطالح ساعات العمل على الوقت الذي‬
‫تصرف صاحب العمل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يكون فيه العامل تحت‬
‫المشكلة الثانية التي تظهر في هذا المجال هي اختالف األساليب المتبعة في تنظيم‬
‫ساعات العمل القصوى‪ ,‬وهي الساعات التي تحقّق أقصى إنتاج دون تعب أو إرهاق‬
‫في حدود وسائل اإلنتاج المتاحة‪.‬‬

‫لتحقيق هذه الغاية (أقصى إنتاج دون تعب) تلجأ الدول عادة إلى إحدى الوسائل‬
‫الثالث التالية‪:‬‬

‫الوسيلة األولى‪:‬‬
‫‪ -‬االعتماد على المفاوضة الجماعية بين أصحاب العمل والعمال‬
‫‪ -‬بغرض الوصول إلى اتفاق مشترك بينهما‪.‬‬

‫وتقوم فكرة المفاوضة الجماعية على أساسين‪:‬‬


‫‪ -‬اختالف حاجة المصنع لإلنتاج باختالف حاجة األسواق للمنتجات‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة أخذ رأي الع ّمال أنفسهم في عدد الساعات التي يرغبون في اشتغالها‪.‬‬

‫الوسيلة الثانية‪:‬‬
‫‪ -‬الرجوع إلى هيئات التحكيم ذات االختصاص القضائي‬
‫‪ -‬للفصل بين المنازعات التي تنشأ بين أصحاب األعمال والعمال فيما يتعلق بساعات‬
‫العمل‪.‬‬

‫الوسيلة الثالثة‪:‬‬
‫‪ -‬قيام الدولة بإصدار التشريعات التي تحدّد ساعات العمل القصوى حماية للعمال من‬
‫استغالل أصحاب األعمال ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫عند تحديد ساعات العمل البدّ من مراعاة الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬تالفي التعب الذي يحدّ من كفاءة العامل‬
‫أن حجم اإلنتاج ال يتوقّف على طول ساعات العمل االسمية بل هو‬ ‫أظهرت البحوث ّ‬
‫مرهون " كثافة العمل " أي بمقدار ما يبذله العامل من جهد خالل وحدة معيّنة من‬
‫الزمن‪.‬‬

‫‪ -2‬توفير فترات الراحة وتنظيميها‪:‬‬


‫إن أنسب وقت إلدخال فترات الراحة الرسمية يكون حين يصل اإلنتاج إلى حدّه‬ ‫ّ‬
‫األقصى‪ ،‬أي قبل أن يأخذ بالهبوط‬

‫‪ -3‬توفير فرص العمل‪:‬‬


‫من العوامل التي تؤخذ باالعتبار عند تحديد ساعات العمل الرغبة في توفير فرص‬
‫العمل للعمال‪ ،‬فكلّما انخفضت ساعات العمل أمكن تشغيل العمال العاطلين وتخفيف‬
‫حدّة البطالة‪.‬‬

‫‪65‬‬
66
‫الفصل السابع‬

‫الصناعة والمجتمع‬

‫‪67‬‬
68
‫الفصل السابع‬

‫الصناعة والمجتمع‬
‫أوال‪ -‬ماهية المجتمع الصناعي وطبيعتة‬
‫ماذا نقصد بالمجتمع الصناعي؟‬
‫‪ -‬هو ذلك المجتمع الذي تمثل فيه الصناعة الكبيرة بشكلها الحديث المعقد نمط االنتاج‬
‫األساسي‪.‬‬
‫‪ -‬المجتمع الصناعي الذي يأخذ بسياسة التصنيع‪ ,‬له بناء ووظائف معقدة ليس من‬
‫السهل إدراكها‪.‬‬

‫إالّ أنّه يمكن إدراك خصائص هذا المجتمع الصناعي من خالل ‪:‬‬
‫تمر بمرحلة ما قبل التصنيع‪.‬‬
‫المقارنة بينه وبين غيره من المجتمعات التي ّ‬

‫تنقسم المجتمعات اإلنسانية إلى نمطين‪:‬‬


‫‪ -‬مجتمعات ما قبل الصناعة‪.‬‬
‫‪ -‬المجتمعات الصناعية‪.‬‬

‫يوضّح (روبرتسون) أه ّم االختالفات األساسية بين خصائص مجتمع ما قبل‬


‫الصناعة‪ ,‬والمجتمع الصناعي على النحو التالي‪:‬‬

‫أ ‪ -‬من حيث حجم المجتمع‪:‬‬


‫‪ -‬أن حجم مجتمع ما قبل الصناعة يعدّ صغيرا من الناحية النموذجية ‪ /‬مثل القرى‬
‫‪ -‬أ ّما حجم المجتمع الصناعي فهو كبير من الناحية النموذجية مثل ‪ /‬المدن‪.‬‬

‫ب‪ -‬من حيث العالقات االجتماعية‪:‬‬


‫‪ -‬مجتمع ما قبل الصناعة تسوده العالقات األولية الشخصية غالبا‬
‫‪ -‬بينما نجد أن المجتمع الصناعي تسوده العالقات الثانوية غير الشخصية‪.‬‬

‫ج‪ -‬من حيث تقسيم العمل‪:‬‬


‫‪ -‬يعدّ تقسيم العمل في مجتمع ما قبل الصناعة تقسيما بسيطا نسبيا يقوم على أساس‬
‫ّ‬
‫السن والنوع‪,‬‬
‫‪ -‬بينما نجد تقسيم العمل في المجتمع الصناعي كبيرا ومعقدا إذ ّ‬
‫أن المهن تحتاج‬
‫صص‪.‬‬ ‫لدرجة عالية من التخ ّ‬

‫‪69‬‬
‫د‪ -‬من حيث المكانات االجتماعية‪:‬‬
‫‪ -‬المكانات في مجتمع ما قبل الصناعة تعدّ موروثة غالبا‪,‬‬
‫‪ -‬بينما نجد المكانات االجتماعية في المجتمع الصناعي بعضها موروث وكثير منها‬
‫مكتسب‪.‬‬

‫هـ‪ -‬من حيث البناء االجتماعي‪:‬‬


‫يتكون من مجموعة‬
‫‪ -‬يتميّز مجتمع ما قبل الصناعة ببناء اجتماعي بسيط نسبيا‪ ،‬فهو ّ‬
‫قليلة من المكانات االجتماعية وقليل من النظم المحددة الواضحة‪,‬‬
‫‪ -‬بينما نجد بناء المجتمع الصناعي معقدا‪ ,‬يتكون من كثير من المكانات االجتماعية‬
‫وكثير من النظم المحدّدة الواضحة‪.‬‬

‫و‪ -‬من حيث القيم‪:‬‬


‫‪ -‬قيم مجتمع ما قبل الصناعة تقليدية‪ ,‬تتر ّكز حول المقدّسات الدينية واألعراف‬
‫والتقاليد‪،‬‬
‫أن القيم في المجتمع الصناعي حديثة تتر ّكز حول مصادر فكرية‬ ‫‪ -‬بينما نجد ّ‬
‫واجتماعية مختلفة ع ّما كان سائدا‪.‬‬

‫ز‪ -‬من حيث الثقافة‪:‬‬


‫أن ثقافة مجتمع ما قبل الصناعة متجانسة فمعظم األفراد يشتركون في‬ ‫‪ -‬نالحظ ّ‬
‫معايير وقيم متشابهة‪,‬‬
‫أن ثقافة المجتمع الصناعي متباينة إذ يوجد كثير من الثقافات الفرعية‬‫‪ -‬بينما نجد ّ‬
‫التي تؤدّي إلى اختالف المعايير والقيم في المجتمع‪.‬‬

‫ح‪ -‬من حيث التكنولوجيا‪:‬‬


‫‪ -‬نجد التكنولوجيا في مجتمع ما قبل الصناعة تتميّز بأنّها بدائية تعتمد بشكل أساسي‬
‫على البشر والقوى الحيوانية‪،‬‬
‫‪ -‬بينما نجد التكنولوجيا في المجتمع الصناعي متقدّمة تعتمد أساسا على اآلالت‪.‬‬

‫ط ‪ -‬من حيث التغيّر االجتماعي‪:‬‬


‫‪ -‬يتميّز مجتمع ما قبل الصناعة ّ‬
‫بأن التغيّر االجتماعي فيه بطيء نسبيا بالمقارنة‬
‫بالتغيّر السريع الذي يميّز المجتمع الصناعي‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫ثانيا‪ -‬الصناعة والمجتمع ‪:‬‬
‫ال يقتصر تأثير الصناعة على الذين يعملون بها‪ ,‬بل تنتقل تأثيراتها إلى س ّكان‬
‫المجتمع المحلّي‪ ,‬بل ك ّل سكان المجتمع القومي‪.‬‬

‫نمو السكان يتأثّر بثالثة عوامل هي‪ :‬نسبة المواليد‪ ,‬نسبة الوفيات‪ ,‬ومعدّالت‬
‫أن ّ‬ ‫نجد ّ‬
‫الهجرة‪.‬‬
‫‪ -‬ويؤدّي ارتفاع نسبة المواليد عن نسبة الوفيات إلى حدوث زيادة طبيعية في عدد‬
‫السكان‪.‬‬
‫نمو حجم س ّكان المجتمع‪ ,‬وحدوث زيادة غير‬ ‫‪ -‬كما تؤدّي الهجرة الوافدة أيضا إلى ّ‬
‫طبيعية في السكان‪.‬‬

‫‪ -‬تعتبر ظاهرة الهجرة إحدى الظواهر االجتماعية المصاحبة للتصنيع والمرتبطة به‬
‫ارتباطا وثيقا‪،‬‬
‫‪ -‬إذ يترتّب على أخذ الدولة بأسلوب التنمية الصناعية وسيرها في حركة التصنيع‬
‫صة الريفيين‪ -‬إلى المناطق الحضرية‬ ‫المطرد في هجرة العمال ‪-‬خا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ذلك النمو‬
‫الصناعية‪,‬‬
‫‪ -‬االستفادة من فرص العمل الكثيرة المتاحة فيها‪ ,‬واالنتفاع من الخدمات االجتماعية‬
‫المتنوعة المتوافرة فيها‪.‬‬
‫ّ‬
‫نمو حجم المجتمع وزيادة كثافة الس ّكان‪,‬‬ ‫‪ -‬وال يقتصر تأثير الهجرة على ّ‬
‫‪ -‬بل إنّها تؤثّر أيضا في التركيب النوعي والعمري للمجتمع‪.‬‬
‫أن هذه التغيّرات التي تحدث في المجتمع نتيجة الهجرة‪ ,‬قد يصاحبها مشكالت‬ ‫‪ -‬نجد ّ‬
‫اجتماعية متعدّدة‪ ,‬وعلى سبيل المثال‪:‬‬
‫أن الهجرات الداخلية الوافدة إلى المدينة من قلب الريف كانت من أه ّم العوامل‬ ‫( نجد ّ‬
‫التي أدّت إلى وجود ظاهرة « ترييف المدينة »‪) .‬‬
‫‪ -‬وقد كانت ظاهرة « ترييف المدينة » من السمات االجتماعية التي تميّز مناطق‬
‫الصناعة منذ المراحل األولى للثورة الصناعية‪,‬‬
‫‪ -‬واتّسع نطاقها بشكل ملحوظ بعد الحرب العالمية الثانية‪.‬‬
‫‪ -‬تفضي الهجرة باتجاه المدن إلى حدوث ما يمكن تسميته بالصراع الثقافي‪،‬‬
‫‪ -‬فما المقصود بعملية التالقح والتزاوج الثقافي التي تعمل عملها في ك ّل حاالت‬
‫الثنائيات أو التجمعات الثقافية؟‪.‬‬
‫‪ -‬قوانين الصراع الثقافي تشير دائما إلى ‪:‬‬
‫‪ -‬انتصار الثقافة األعمق أصوال‬
‫‪ -‬واألكثر تقدّما‬
‫‪ -‬واألوسع انتشارا من حيث النطاق الديموغرافي‪,‬‬
‫‪ -‬كما يتوقّف هذا االنتصار على عنصر التعليم‬
‫‪ -‬وانخفاض نسبة األ ّمية‬

‫‪71‬‬
‫‪ -‬ومدى تطويع الثقافة الفرعية للثقافة األ ّم‪,‬‬
‫‪ -‬فإن انتصار ثقافة المدينة أمر محقق‪.‬‬

‫يختلف الصراع الثقافي في ‪:‬‬


‫‪ -‬طبيعته‬
‫‪ -‬شدّته‬
‫‪ -‬درجته ‪ ،‬تبعا الختالف الخصوصيات الثقافية‪.‬‬

‫ويمكن عن طريق توجيه عملية الهجرة وضبطها واإلشراف على تنظيمها من قبل‬
‫الحكومات المختلفة تالفي كثير من سوء التنظيم والمشاكل االقتصادية المترتّبة على‬
‫الهجرة‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫ثالثا‪ -‬الصناعة واألسرة ‪:‬‬
‫هناك عالقات وتأثيرات متبادلة بين نظام األسرة وعملية التصنيع ‪:‬‬
‫إن نمط األسرة النووية أو الزواجية هو النمط المالئم للتصنيع وما‬ ‫‪ -‬يمكن القول ّ‬
‫يصاحبه من حراك جغرافي واجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬كما ّ‬
‫أن األسرة الممتدّة هي النمط المالئم للمجتمعات التقليديّة غير الصناعية‪.‬‬

‫‪ -‬فاألسرة الممتدّة ‪:‬‬


‫تجعل أعضاء األسرة مرتبطين باألرض‪ ،‬وال تسمح لهم بالحركة الجغرافية واالنتقال‬
‫المكاني‪.‬‬

‫‪ -‬أمّا األسرة النووية ‪:‬‬


‫تحرر أعضاءها من قيود المكان وتش ّجعهم على الحركة واالنتقال‪.‬‬
‫فهي ّ‬

‫‪ -‬لم يؤثّر التصنيع في شكل األسرة وبنائها فقط‪،‬‬


‫‪ -‬بل إنّه قد يؤثّر على وظائفها‪.‬‬
‫‪ -‬فقد كانت األسرة التقليدية تقوم بكثير من الوظائف والمها ّم بحيث شملت معظم‬
‫شؤون الحياة االجتماعية‬
‫‪ -‬غير أنّه مع تحضّر المجتمع وحدوث التحضّر والتصنيع قلّت وظائف األسرة‬
‫وضاقت اختصاصاتها بشكل واضح‪.‬‬
‫أن التصنيع قد أحدث بعض التغيرات في وظائف األسرة‪.‬‬ ‫‪ -‬ونجد ّ‬
‫‪ -‬فقد أدّى التصنيع إلى أن قلّت وظائف األسرة وظهرت هيئات جديدة حلّت مح ّل‬
‫األسرة‬
‫‪ -‬وأصبحت تتولّى األشراف على كثير من الشؤون االقتصادية والتشريعية والقضائية‬
‫والحربية والتربوية التي كانت تؤدّيها من قبل‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫رابعا‪ -‬الصناعة والتربية ‪:‬‬
‫من اآلثار االجتماعية للتصنيع بالنسبة للنظام التربوي ‪:‬‬
‫‪ -‬تغيّر النظام التقليدي للتعليم وأهدافه التقليدية التي سادت زمنا طويال‪,‬‬
‫‪ -‬بحيث أصبحت المدرسة تعلّم الحرفة للطالب‪ ,‬أي تقوم بالتعليم الفنّي أو على األق ّل‬
‫أن الحرف مهارات عملية تكتسب من‬ ‫تو ّجه له بعد أن كانت النظرة التقليدية ترى ّ‬
‫الخبرة المباشرة‪,‬‬
‫‪ -‬أ ّما الخبرة العمليّة فيمكن الحصول عليها في المصانع وليس المدارس‪.‬‬

‫ويصاحب التصنيع عادة االهتمام بالتربية ‪:‬‬


‫‪ -‬فلم تعد هناك حاجة إلى عمل كثير من األطفال في الزراعة كما هي الحال في‬
‫المجتمعات التقليدية‪،‬‬
‫أن استخدام اآلالت الزراعية من شأنه أن يوفّر كثيرا من األيدي العاملة‪.‬‬ ‫‪ -‬إذ ّ‬
‫‪ -‬ويترتّب على ذلك اتجاه األطفال نحو إعداد أنفسهم تربويا ألنواع من المهن‬
‫الصناعية التي أصبح المجتمع في حاجة إليها‪.‬‬
‫‪ -‬ويبدو أثر الصناعة في التعليم بشكل واضح في اختيار موضوعات الدراسة داخل‬
‫المدارس وطرق تدريس هذه الموضوعات‪.‬‬
‫أن هناك نماذج متعدّدة من المدارس ذات الطابع المهني المباشر أو غير‬ ‫‪ -‬بل إنّنا نجد ّ‬
‫المباشر‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫خامسا‪ -‬أثر الصناعة في نظم المجتمع ‪:‬‬
‫ّ‬
‫التوطن الصناعي مثل‬ ‫‪ -‬هناك بعض المظاهر المرضية التي تصاحب بدء عملية‬
‫األمراض والرذيلة والجريمة والفساد السياسي ومشكلة األحياء المزدحمة الفقيرة‪.‬‬
‫‪ -‬ولع ّل أه ّم السمات الباثولوجية (المرضية) التي تصاحب التوطن الصناعي‪:‬‬
‫‪ -‬البطالة‬
‫‪ -‬جنوح األحداث‬
‫‪ -‬الطالق‬
‫‪ -‬الجريمة‪.‬‬

‫‪ -1‬مشكلة البطالة ‪:‬‬


‫‪ -‬خطرها ال يقتصر على العاطل وحدة‪,‬‬
‫‪ -‬وقد يمتدّ إلى بناء المجتمع نفسه من حيث أنّها تعوق اإلفادة من ّ‬
‫القوة المنتجة وما‬
‫يترتب على ذلك من انخفاض الدخل القومي‪.‬‬
‫‪ -‬وقد تبيّن من كثير من الدراسات االجتماعية وجود عالقة موجبة بين البطالة‬
‫والجريمة‪.‬‬

‫‪ -2‬أمّا ظاهرة جنوح االحداث ‪:‬‬


‫‪ -‬فهناك ما يشير إلى أنّها ظاهرة حضرية تبدو أكثر وضوحا في المناطق الصناعية‪.‬‬
‫‪ -‬وقد يكون لنزول الزوجة إلى ميدان العمل واختالف أوقات العمل بالنسبة إلى‬
‫الزوج والزوجة أو طول فراغ االحداث وما إلى ذلك أثره في ارتفاع نسبة الجانحين‬
‫ّ‬
‫تتوطن فيها الصناعة عنها في المناطق‬ ‫وازدياد نسب الطالق في المناطق التي‬
‫الزراعية‪.‬‬
‫‪ -‬وتعدّ ظاهرة الجريمة من أخطر السمات «الباثولوجية» التي تصاحب عملية‬
‫التصنيع‪ ,‬إذ تشير الكثير من الدراسات االجتماعية إلى ارتفاع نسبة الجريمة بين‬
‫ع ّمال الصناعة عنها بين المشتغلين بالزراعة‬

‫‪ -‬يرجع ذلك إلى ّ‬


‫أن االنتقال إلى مناطق الصناعة ‪:‬‬
‫هو انتقال إلى تنظيم اجتماعي مختلف وثقافة مختلفة ‪ ،‬م ّما يؤدّي إلى ظهور ألوان من‬
‫الصراع الثقافي قد يؤدّي بدوره إلى حدوث مشكلة الجريمة‪.‬‬

‫‪75‬‬
76
‫ملحق رقم (‪)1‬‬
‫‪-----‬‬
‫أماني عبد الرحمن الشحات‪ ،‬التنظيم الصناعي ومشكالته دراسة تطبيقية على مدينة ‪6‬‬
‫أكتوبر‪ ،‬رسالة مقدمة للحصول على درجة الماجستير في علم االجتماع‪ ،‬جامعة األزهر‪ -‬فرع‬
‫البنات‪ ،‬كلية الدراسات اإلنسانية‪ ،‬قسم االجتماع‪1422 ،‬هـ ‪2002 /‬م‬

‫مقدمة الدراسة‪:‬‬
‫شهد االقتصاد المصري في اآلونة األخيرة تطورات عديدة على المستوى الكلي‬
‫أو المستوى القطاعي أو على مستوى المشروع نتيجة لبرنامج اإلصالح االقتصادي الشامل‬
‫الذي استهدف إحداث نقلة نوعية في االقتصاد المصري تعينه على مواجهة التحديات في ظل‬
‫نظام عالمي مفتوح يقوم على حرية التجارة‪ ،‬وال يعترف إال بالتكتالت والكيانات االقتصادية‬
‫الكبيرة‪.‬‬
‫وفي ظل تنامي التوجه نحو العولمة االقتصادية والثقافية والفكرية وما صاحب ذلك‬
‫من سيطرة للشركات العمالقة على توجهات التجارة واالستثمار‪ ،‬وهى جميعا تحديات تحمل في‬
‫طياتها مخاطر التهميش االقتصادي خاصة في ضوء ما تشهده السوق الدولية من التحول نحو‬
‫إزالة الحدود ورفع القيود على حركة السلع ورؤوس األموال ‪.‬‬
‫ومع تحول االقتصاد المصري إلى العمل باقتصاديات السوق صار لزاما أن يعاد‬
‫النظر في إعادة هيكل القطاع الصناعي نظرا للدور البارز الذي يلعبه هذا القطاع في التنمية‬
‫االقتصادية‪ .‬فالصناعة هي المحور األساسي الذي تعتمد عليه أي استراتيجية تنمية اقتصادية‪،‬‬
‫ونظرا لخطورة قيام االقتصاد الوطني على رأس مال أجنبي يريد حرية في دخوله للبلد‪ ،‬وكذا‬
‫حرية في الخروج وتلك األخيرة يترتب عليها انهيار في االقتصاد الوطني‪.‬‬
‫ومن هنا بدت الضرورة الملحة لالهتمام بدراسة التنظيمات الصناعية في المدن‬
‫الصناعية المستحدثة حتى تمثل كيانات كبيرة تستطيع أن تنفق على األبحاث في مجاالت‬
‫التكنولوجيا الحديثة وتحديث المنتج على اعتبار أن مصانع تلك المدن تمثل حجر األساس في‬
‫بناء االقتصاد المصري ‪.‬‬
‫وكل ذلك يدفعنا إلى توجيه مسار البحث العلمي لدراسة طبيعة شبكة العالقات اإلنسانية‬
‫داخل التنظيم الصناعي كضرورة تفرض نفسها بقوة إليجاد نوع من التوازن بين طرفي اإلنتاج‬
‫(أصحاب األعمال ‪ ،‬العمال ) ‪.‬‬
‫وعلى ذلك تم تحديد مشكالت التنظيم الصناعي في مدينة ‪ 6‬أكتوبر موضوعا للدراسة ‪،‬‬
‫وتناولت الدراسة ثالث من مشكالت التنظيم الصناعي وهي ‪ :‬الصراع الصناعي ‪ ،‬التغيب عن‬
‫العمل‪ ،‬دوران العمل‪.‬‬

‫مشكلة الدراسة وتساؤالتها ‪:‬‬


‫يمكن صياغة مشكلة الدراسة من خالل اإلجابة على التساؤالت التالية‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ هل يوجد صراع صناعي في التنظيمات الصناعية ؟ وما هي أنماطه ؟ وما هي األسباب‬
‫المؤدية لوجود صراع بين العمال واإلدارة ؟ وما هي مظاهره ؟ وأي أنماط الصراع أكثر تأثيرا‬
‫على العملية اإلنتاجية ؟‬
‫‪ 2‬ـ هل يوجد تغيب في التنظيمات الصناعية ؟وما أسبابه ؟ وهل يؤثر التغيب على العملية‬
‫اإلنتاجية ؟‬

‫‪77‬‬
‫‪ 3‬ـ هل يوجد دوران عمل في التنظيمات الصناعية ؟ وما أسبابه ؟ وهل يؤثر دوران العمل على‬
‫سير العملية اإلنتاجية ؟‬
‫‪3‬ـ هل توجد عالقة بين مستوى األجور ومشكالت الصراع الصناعي والتغيب وأهم أسباب ترك‬
‫العمل الحالي ( دوران العمل )؟‬
‫‪4‬ـ هل توجد عالقة بين الرضا عن العمل وبين التغيب وأهم أسباب ترك العمل الحالي (دوران‬
‫العمل )؟‬
‫‪5‬ـ هل توجد عالقة بين نظام اإلشراف ومشكالت التغيب وأهم أسباب ترك العمل الحالي (دوران‬
‫العمل )؟‬

‫أهداف الدراسة ‪:‬‬


‫تهدف الدراسة إلى تحديد علمي ألبرز المشكالت التي يعاني منها التنظيم الصناعي في‬
‫المدن الجديدة والتي يمكن االسترشاد بها عند دراسة التنظيمات الصناعية المماثلة وذلك من‬
‫خالل‪:‬‬
‫‪1‬ـ التعرف على طبيعة المشكالت الموجودة في التنظيم الصناعي من خالل مشكالت الصراع‬
‫الصناعي ‪ ,‬والتغيب ‪ ,‬ودوران العمل‪.‬‬
‫‪2‬ـ التعرف على عالقة هذه المشكالت باألجور والرضا عن العمل واإلشراف‪.‬‬
‫‪3‬ـ التعرف على تأثير هذه المشكالت على أهداف التنظيم المتعلقة باإلنتاجية‪.‬‬
‫وذلك بهدف وضعها أمام المسئولين لرسم استراتيجيات للتعامل مع هذه المشكالت استنادا‬
‫لفهم علمي ألسبابها وجذورها وأثرها على التنظيمات بناء ووظيفة‪ .‬مما يمهد الطريق للقضاء‬
‫على هذه المشكالت أو التخفيف من حدتها ‪.‬‬

‫منهج الدراسة وأدواتها‪:‬‬


‫استخدمت الدراسة منهج المسح بالعينة واعتمدت على استمارة االستبيان والمقابالت‬
‫الجماعية كأداة لجمع البيانات ‪.‬‬

‫عينة الدراسة‪:‬‬
‫وقد تم تحديد حجم العينة مع مراعاة درجة التجانس بين مختلف وحدات البحث حيث‬
‫تحدد حجم العينة بـ ‪ 300‬إداري وعامل حسب نسبة وجودهم في المصنع ‪.‬‬

‫مجاالت الدراسة ‪:‬‬


‫وتنقسم مجاالت الدراسة إلى ‪:‬‬

‫أـ المجال الجغرافي‪:‬‬


‫ويقصد بالمجال الجغرافي النطاق المكاني الذي تتم داخله الدراسة الميدانية وقد تم تحديد‬
‫المجال الجغرافي لهذه الدراسة ( بمدينة ‪ 6‬أكتوبر )‪.‬‬

‫ب ـ المجال البشرى‪:‬‬
‫ويقصد بالمجال البشرى األفراد الذين تم اختيارهم كعينة للبحث ‪ ,‬لما كان موضوع الدراسة‬
‫يهتم بمعرفة مشكالت التنظيم الصناعي وشمل مجتمع البحث مجموعة المصانع في مدينة‬
‫‪6‬أكتوبر فكان من الضروري أن يكون عينة الدراسة هي مجموعة اإلداريين والعمال العاملين‬
‫في مصانع المدينة‪.‬‬

‫جـ ـ المجال الزمني‪:‬‬

‫‪78‬‬
‫وقد استغرقت عملية جمع البيانات قرابة الثالثة أشهر حيث بدأت في ‪ 2001/3/20‬وانتهت‬
‫في ‪2001/6/20‬م ‪.‬‬

‫نتائج الدراسة ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ أسفرت نتائج الدراسة الميدانية عن وجود صراع صناعي في التنظيمات الصناعية بكافة‬
‫أنماطه فيما عدا نمطين من الصراع هما ‪:‬‬
‫‪ -‬الصراع بين النقابة واإلدارة ‪.‬‬
‫‪ -‬الصراع داخل مجلس اإلدارة بين ممثل العمال وباقي أعضاء مجلس اإلدارة‪.‬‬
‫‪2‬ـ أسفرت نتائج الدراسة الميدانية عن وجود أخذ إذن ساعتين في بداية اليوم وفى نهاية اليوم‬
‫في كافة التنظيمات المدروسة‪.‬‬

‫‪3‬ـ كشفت نتائج الدراسة الميدانية عن عدم وجود دوران عمل إداري وهذا يعني وجود عالقة‬
‫عكسية بين حالة الركود االقتصادي وازدياد معدالت البطالة في الدولة وبين دوران العمل‬
‫اإلداري‪.‬‬

‫‪4‬ـ كشفت نتائج الدراسة الميدانية عن وجود اغتراب صناعي في التنظيمات المدروسة ويرجع‬
‫ذلك لتطبيق نظام الورديات وقلة عدد العمال على اآللة الذي أدى بدوره إلى شعور العامل بالملل‬
‫والسأم من العملية اإلنتاجية‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ كشفت نتائج الدراسة الميدانية عن تأثيرات مشكالت التنظيم الصناعي على العملية اإلنتاجية‬
‫بقلة اإلنتاج عن الحد المعتاد‪.‬‬

‫توصيات الدراسة‪:‬‬
‫‪1‬ـ توصي الدراسة بضرورة إعادة النظر في هيكلة القطاع الصناعي في الدولة نظرا لخطورة‬
‫الخصخصة وتأثيرها السلبي على االقتصاد الوطني‪.‬‬

‫‪2‬ـ توصي الدراسة بالعمل على زيادة فاعلية دور النقابات العمالية حيث نتج عن الدراسة‬
‫الميدانية عدم فاعلية هذه النقابات عند تعرض أحد العمال للفصل التعسفي أو تسريح أعداد‬
‫كبيرة من العمال‪.‬‬

‫‪3‬ـ توصي الدراسة برفع مستوى أداء العاملين في المصانع عن طريق وضع خطة عمل مسبقة‬
‫يفهم منها العامل ماهية وكيفية ما يسند إليه من أعمال حتى ال يكون مجرد أداة في العملية‬
‫اإلنتاجية‪.‬‬

‫‪4‬ـ توصي الدراسة بالعمل على زيادة أجور العمال بالحد الذي يتناسب مع مستوى المعيشة‬
‫خاصة بالنسبة للعمال في المدن الجديدة‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫المحتويــات‬
‫الصفحة‬ ‫العنوان‬ ‫رقم الفصل‬
‫‪3‬‬ ‫تعريف علم االجتماع الصناعي ونشأته وتطوره‬ ‫الفصل األول‬
‫مجاالت علم االجتماع الصناعي وأهدافه‬
‫‪13‬‬ ‫الفصل الثاني‬
‫وعالقته بالعلوم االجتماعية األخرى‬
‫اإلدارة العلمية وبدايات علم االجتماع‬
‫‪29‬‬ ‫الفصل الثالث‬
‫الصناعي‬
‫‪37‬‬ ‫نظرية العالقات اإلنسانية ودراسة الجماعة‬ ‫الفصل الرابع‬
‫نظرية البيروقراطية ودراسة التنظيمات‬
‫‪47‬‬ ‫الفصل الخامس‬
‫الصناعية‬
‫‪55‬‬ ‫مشكالت العمل الصناعي‬ ‫الفصل السادس‬
‫‪67‬‬ ‫الصناعة والمجتمع‬ ‫الفصل السابع‬
‫التنظيم الصناعي ومشكالته دراسة تطبيقية‬
‫‪77‬‬ ‫ملحق رقم (‪)1‬‬
‫على مدينة ‪ 6‬أكتوبر‬
‫‪80‬‬ ‫‪ ----------‬فهرس المحتويات‬

‫‪80‬‬

You might also like