مقياس ميادين علم االجتماع السنة الثانية ليسانس علم االجتماع د /أنس عرعار أستاذ محاضر من مطبوعة ميادين علم االجتماع للدكتورة ياسمينة كتفي جامعة المسيلة بتصرف سيتم ادراج المراجع بعد االنتهاء من اعداد المحاضرات في شكلها النهائي. -1مفهوم علم اجتماع التنظيم والعمل :يعتقد البعض أن التنظيم الصناعي هو مجرد ترتيب لبعض األعمال على شكل خريطة بيانية تبين مدى تكامل األعمال ،أو هي وضع نوع من النظام في مخزون من الموارد المختلفة لكي تجعل منها أداة أو آلة في خدمة إرادة تسعى إلى تحقيق مشروع معين ،أو مجموعة أشياء توضح وفق نظام معين تشكل مستودع فيما بينها تنظيما ،إل أن هذا يعد جانب فقط من التنظيم، ومن هذا جاءت العديد من المحاولت التي عملت على تحديد مدلول التنظيم الصناعي من خالل وضع بعض األسس التي تعتبر أساسية في التنظيم ،وهذا ما نستشفه من خالل تطرقنا لهذه التعاريف. يعرف تالكونتبارسونز T.Parsonsالتنظيم بأنه "وحدات اجتماعية تقام وفقا لنموذج بنائي معين لكي تحقق أهدافا معينة ،وينطبق ذلك على المؤسسات الصناعية والشركات والتنظيمات العسكرية ...وتخرج عن نطاق هذا التعريف القبائل والطبقات والجماعات العنصرية وجماعات الصداقة واألسرة" (محمد علي محمد، ،1978ص.)05 ويعرفه ماكس فيبر M.weberبأنه "تنسيق غرضي مستمر لنشاط فرع مميز"، وقد ميز فيبر في كتاباته بين الجماعات المتضامنة وجميع أشكال التنظيم حيث يعرفها بأنها "عالقة اجتماعية تكون مغلقة أو محدودة النضمام إليها طبقا لقواعد مميزة" (محمد على محمد ،1986 ،ص .)31 أما علم اجتماع التنظيم فقد عرفه سميث Smithبأنه "دراسة العالقات الجتماعية داخل المصنع والمنظمات إلى جانب دراسة التأثير المتبادل بينها وبين المجتمع المحلي" .وجاء في قاموس علم الجتماع أنه "تحليل للنظم الصناعية والتنظيمات، وللعالقات فيما بينها وكذلك للعالقات بين الظواهر الصناعية والنظم في المجتمع األكبر". أما تعريف شالسسبولدينج Spauldingفيعتبره "دراسة للتنظيم الجتماعي للمصنع والمتجر أو ألي مهنة أخرى ،وللتفاعالت بين من يشغلون األدوار داخله ،وللعالقات التي تربط بين أدوارهم في العمل وبين غيرها من جوانب حياتهم" .وفي تعريف آخر قدمه جيسبرت Gisbertهو "العلم الذي يدرس العوامل الجتماعية والتفاعلية ويهتم بالعالقات اإلنسانية والصناعية ،وبالتنظيم الرسمي أو الغير الرسمي ،وفريق العمل ،والتصال إلخ (حسين عبد الحميد أحمد رشوان ،2005 ،ص.)63-62 أما بالنسبة كولبينسكا Kulpnshaوتوبرا Toperaفيعرفانه على أنه" :هو ذلك العلم الذي يهتم بدراسة الطبقة العاملة وظروف حياتها وعالقاتها بالتغيرات التي تعتري بناؤها ودورها في النسق القتصادي والسياسي والجتماعي وعالقتها بالطبقات الجتماعية األخرى ،ومشاركتها في اإلدارة هذا فضال عن األثر الجتماعية للتصنيع" (طلعت إبراهيم لطفي ،2007 ،ص .)20 -2نشأة وتطور علم اجتماع التنظيم والعمل :ظهر علم الجتماع التنظيم والعمل كعلم مستقل في بداية القرن العشرين وذلك بعد انتشار معالم الثورة الصناعية وظهور التصنيع ،التي بدأت في انجلترا وانتقلت إلى دول أوروبا الغربية كألمانيا وفرنسا ثم كافة أرجاء العالم كأمريكا الوسطى والشمالية وأوروبا الغربية والشرقية واألقطار األسيوية واإلفريقية .فالثورة الصناعية في هذه األصقاع من العالم غيرت مهن وأنماط المعيشة وأساليب الحياة للمجتمعات التي دخلت فيها فحسب بل غيرت أيضا تركيب سكانها وتوزيعهم الجغرافي والمهني والجتماعي. حيث تزايدت أهمية األنشطة الصناعية مقابل األنشطة الزراعية ،ففي عام 1851 كانت نسبة السكان الذين يشتغلون بأعمال الزراعة والصيد في بريطانيا %22ثم انخفضت هذه النسبة إلى %8عام %5 ،1911عام 1951وهي اآلن .%4ونتيجة لما أحدثته هذه الثورة من تطورات وتقدم وازدهار ،اعتمدت الصناعة على الموارد المادية من طاقة وآلت وتطبيق األساليب التكنولوجية في الصناعة ورأس المال، وارتفاع نسبة اإلنفاق على البحوث العلمية والمواد البشرية ومنح فرص أوسع للعمالة أمام القوى العاملة الماهرة على وجه الخصوص .وأمام اإلداريين الذين يقومون بأمر الصناعة وتنظيم عملية الستفادة منها من أجل تحقيق اإلنتاج الصناعي ،وذلك كله من خالل ظهور المصنع كوسيلة حديثة في تنظيم الستفادة من عناصر اإلنتاج الصناعي المادية والبشرية. من خالل هذه التحولت نتجت مشکالت إنسانية وأمراض اجتماعية أخلت بالنظام الجتماعي وعرقلت عملية تكييف اإلنسان لمجتمعه الحديث ،كان لبد من ظهور علم جديد يدرس األسباب اإلنسانية والحضارية لعمليات التصنيع ويدرس في ذات الوقت النتائج التي تتمخض عنها ظاهرة الصناعة والتصنيع ،ومدى تأثيرها على بني ومؤسسات المجتمع وهذا العلم الجديد الذي يتخصص في هذا النمط من الدراسة هو علم الجتماع التنظيم والعمل. فعلى هذا النحو أخذت دراسات علم الجتماع التنظيم والعمل تسير بخطى ثابتة وسريعة عام 1940وخاصة بعد أن اتجه الباحثون إلى الدراسة السوسيولوجيا داخل المصنع ،ففي عام 1946ألف (ولبرت مور) كتابا بعنوان المجتمع الصناعي والنظم الجتماعية ،وفي نفس السنة ظهر كتاب (وليم هوايت) بعنوان الصناعة والمجتمع. وفي الوقت الحاضر نجد أن علم الجتماع التنظيم والعمل قد أصبح يدرس في الجامعات في كثير من أقطار العالم ،ومن األمثلة على ذلك نذكر الوليات المتحدة األمريكية ،إنجلترا ،فرنسا ،ألمانيا ،هولندا ،مصر والجزائر (طلعت إبراهيم لطفي، ،2007ص .)18-17 -3نظريات علم اجتماع التنظيم والعمل: - 3-1النظرية البيروقراطية :تعتبر النظرية البيروقراطية من النظريات األولى التي تمحور اهتمامها حول البناء الرسمي وعالقته بتحقيق الكفاية التنظيمية ،بمعنى أن البيروقراطية أعارت اهتماما لوظيفة التغيرات التنظيمية في تحقيق الكفاية التنظيمية ،ويعتبر ماكس فيبر ( )1920-1964األلماني الجنسية رائدا للنظرية البيروقراطية في اإلدارة ،وكان معاصر الرواد اإلدارات العلمية ومبادئها ،حيث اعتبر تلك النظريات للمشاريع الصغيرة وغير صالحة للمشاريع الكبيرة وقد اعتبر نظريته النظرية المثلى التي تضمن لإلدارة أحكام السيطرة والرقابة وتحقيقي فعالية وكفاءة عالية. ويكاد يجمع علماء التنظيم واإلدارة على أن ماكس فيبر هو أول من حاول تقديم نظرية منظمة وشاملة في التنظيمات البيروقراطية ،إذ يعد تصوره للبيروقراطية والتنظيم الرسمي بمثابة حجر الزاوية في أي دراسة لهذا الموضوع ل يمكن تجاوزها ،لكن من جهة ثانية ل يمكن الدعاء بأنه الوحيد الذي تحدث أو اهتم بموضوع البيروقراطية كأداة للتنظيم المؤسسي أو الجتماعي ،فقد سبقه إلى ذلك العديد من المفكرين والمنظرين كما أشار إليه محمد عاطف غيث في كتابه قاموس علم الجتماعي ،أمثال عالم القتصاد فانسون دو جورناي Vincent De ،)1952-1912( Journayeكما شاع استخدامه عند بعض الدارسين األوروبيين وبخاصة األلمان منهم في القرن 19حينما زاد تدخل الدولة وسيطرة الموظفين على أجهزة الدولة ،أما في انجلترا شاع استخدامه منذ عام 1820عندما كان للدولة أن تضع بعض برامج الرعاية الجتماعية للفقراء ورفع مستوى الصحة العامة ،ولقد كتب جون ستيوارت ميل " 1860إن مهام الحكومة أصبحت تتوزع بين طرائق مهنية متخصصة وذلك جوهر البيروقراطية ومعناها" ،أما روبرمشلز Robert Michelsفقد وسع مفهوم البيروقراطية ليشمل الدولة واألحزاب السياسية (محمد عاطف غيث ،2002 ،ص ص .) 42،43 ويصور فيبر التنظيم على النموذج الرشيد ،ويتضمن هذا النموذج مجموعة من األفكار والتصورات والمبادئ ،من بين هذه أن التنظيم مجرد وسيلة لتحقيق أهداف الجماعة التي تصنعها عن عمد لتحقيق أغراض بطريقة فعالة ،ومعنى هذا أن السلوك التنظيمي يتم بطريقة شعورية ورشيدة ،كما يتم تحديد أنماط السلوك عن طريق التحقيق لتحسين مستوى الكفاية ،وتتخذ القرارات في ضوء دراسة الموقف دراسة رشيدة باستخدام المعارف العلمية مع وجود جهاز قانوني ،ولذلك يقتصر الهتمام بأبنية محددة قانونا" (عبد الهادي الجوهري ،1998 ،ص .)44 فالتنظيم البيروقراطي عند فيبر يتميز عن بقية أشكال التنظيم األخرى بالتفوق من الناحية التقنية ،وقد يعود هذا إلى وضوح األدوار التي على الموظفين خاصة وأفراد المجتمع على العموم القيام واللتزام بها دون تدخل عوامل خارج التنظيم. - 3-2نظرية اإلدارة العلمية :يعتبر تايلور من رجال اإلدارة واإلنتاج وأول من أسس اإلدارة العلمية حيث يلقب بأب اإلدارة العلمية ،فارتقائه في المناصب مكنه من اكتساب خبرة واسعة أعطته فهما متعمقا للعمل ،وجعلته يتيقن من وجوب تغيير النظام اإلداري جذريا للحصول على إنتاجية مرتفعة. فالمتتبع لحياة تايلور العملية يجد أنه قد بدأ من أبسط الوظائف ،حيث عمل منذ مطلع حياته كتلميذ صناعي في ورشة صغيرة ،ثم أصبح عامال بشركة ميدفل للحديد والصلب ،وتدرج من عامل بسيط إلى رئيس جماعة إلى مالحظ عمال ثم دخل سلك المهندسين بعد ترقيته من مساعد المهندسين إلى أن أصبح كبير المهندسين بالشركة (قباري محمد إسماعيل ،د ت ،ص .)92 وأثناء عمله لحظ انخفاض اإلنتاجية وضياع الوقت والجهد والموارد دون تحقيق فائدة إنتاجية مثلی ،وسرعنا ما أخذ بإجراء التجارب الميدانية من أجل زيادة الكفاية اإلنتاجية وضبط الوقت والجهد ،حيث ركزت هذه التجارب على الجوانب العادية المتعلقة بالعمل واإلنتاج مما كان على حساب العنصر البشري الذي كان ينظر إليه على أنه آلة بيولوجية هدفها الكسب المادي فقط ،مع وجود األنانية والكسل في القيام بالواجبات ،والتركيز على الهيئات اإلدارية العليا أكثر من العمال المنفذين (محمد رسالن الجيوشي ،جميلة جاد هللا ،2000 ،ص .) 34 فتركيز تايلور على الهيئات اإلدارية العليا ،ألنهم في رأيه لم يكن لهم صلة بالمصنع والعمال ،حيث كان يوكل للمشرف مسؤولية اإلنتاج ،ويرى بأن " اإلداريين متعسفين ،جهلة ،أنانيين ول عقالنيين. ()2019()www.sol.Brunel.ac إل أنه لم ينفي وجود رجال خلقوا إلدارة الصناعة لكنهم قلة ،أما نظرته السلبية للعمال ووصفهم باألنانية والكسل وعدم استغاللهم كل طاقاتهم ،راجع لعتقادهم بأن العمل بشكل جيد سيؤدي في النهاية تقليص أجورهم ،حيث يعملون بالساعة وفي حالة عملهم في وقت قصير يكون أجرهم أقل. يري فايول أن اإلدارة وخصوصا العليا متطلب أساسي لتنفيذ كل المهام اإلنسانية وبمختلف وجوهها سواء في العمل أو المدرسة أو البيت فهي بمثابة العقل في جسم الكائن الحي وللقيام بالجهود اإلنسانية المنظمة وتنفيذ العناصر التي عرفها بعناصر اإلدارة. ولقد أكد فايول على أن األنشطة الخمس األولى معروفة يدركها الجميع لكنه ميز من بينها األنشطة اإلدارية ،حيث أبرز وظائف محددة وأسس ومبادئ يقوم عليها التنظيم اإلداري ،ووظائف اإلدارة كما حددها هي :التخطيط -التنظيم -القيادة -التنسيق – الرقابة (أحمد صقر عاشور ،1989 ،ص :)41 التخطيط :يري فايول أن التخطيط يتطلب قيام المدير بدراسة مختلف التغيرات المستقبلية المتوقعة ,ثم يضع الخطة الالزمة للعمل بها ,ويتأكد من أن الخطة تتضمن الوحدة والستمرارية ,والمرونة والدقة ,يقول فايول :حقيقة أن التخطيط ليس كل اإلدارة ,إل أنه جانبا أساسيا فيها فهو يعتبر من أصعب األمور التي تواجه المنظمات, وتعتمد خطة العمل للمستقبل عند فايول على ثالث نقاط( :موارد المنظمة ,طبيعة العمل وأهميته ,اتجاهات المستقبل). -التنظيم :يري فايول أن التنظيم يتكون من عملية بناء كيان مزدوج (تشري ,مادي) يراعی فيه المدير صالحية األفراد والمعدات لتحقيق أهداف المنظمة وفقا للخطة الموضوعية في حدود موارد واحتياجاتها ,على أن يكون اختيار األفراد أساسه قواعد وأسس علمية بحيث يوضع كل فرد في أكثر األعمال صالحية له ,وأن تكون لكل قسم رئيس كفء ونشيط يعمل في اتجاه واحد وهو تحقيق اللتزامات المتضمنة في الخطة ,وأن يحدد الختصاصات بوضوح ,وأن تنسق جميع الجهود وأن يتم تالفي الشكليات التي قد تعطل العمل ,وأن تشجع المرؤوسين على تحمل المسئولية. -القيادة :ويقصد بها فايول اإلبقاء على األفراد العاملين بالمنظمة في نشاط دائم لتنفيذ وظيفة التنظيم وذلك باإلشراف الفعال ,ولكي يكون اإلشراف فعال يجب على المدير : -أن يكون لديه معرفة كاملة باألفراد. -أن يلم إلماما تاما بالتفاقيات التي تربط العمل بالعاملين. -أن يكون قدوة حسنة. -أن يقوم بالمراجعة الدورية للتنظيم ،مستخدما في ذلك الخرائط التنظيمية التي تساعد على بلوغ هذه الغاية. -أن يتخلص من العاملين غير األكفاء . -جمع كبار المعاونون عن المؤتمرات لتركيز الجهود وتوحيد توجيههم. -أن ل يبذل جهدا أو وفتا كبيرا في تفاصيل األمور التي يمكن للمرؤوسين الهتمام بها على حساب المشاكل الكبيرة التي تنتظر دون حلول لها. -أن يستخدم المثيرات والحوافز لتحقيق الوحدة وتركيز الجهود بين أفراد القوى العاملة وحثها على النشاط والولء ،وتشجيع روح البتكار والمبادرة فيها. -التنسيق :ينظر إليه فايول على أنه تحقيق النسجام بين أوجه النشاط في المنظمة بقصد تيسير عملها وتحقيق نجاحها ،ويتناول التنسيق فيما يتناول الجوانب المادية والجتماعية والوظيفية للتأكد من مالءمتها فيما تقوم به من مهام وقدرتها على أداء ذلك بصورة اقتصادية .ويرى فايول أن التنسيق الجيد في أي مشروع من المشروعات يجب أن تتوافر فيه الحقائق التالية: -أن تعمل جميع إدارات المشروع في النسجام تام مع بعضها البعض. -أن تكون كل إدارة من إدارات المشروع واألقسام التابعة لها على دراية تامة بالدور المنوط بها وضرورة وجود المساعدة المتبادلة بين هذه اإلدارات. -يجب أن يتناسق باستمرار جدول العمل لإلدارات المختلفة واألقسام الفرعية لها مع مختلف الظروف واألحوال. -الرقابة :هي عملية التأكيد من أن كل شيء قد تم إنجازه ،وفقا للخطة الموضوعية واألوامر الصادرة ,على أن يصاحب ذلك مكافأة المجدين وفرض العقوبات عند ارتكاب الخطأ ,ويری فايول أن الرقابة ترمي إلى كشف عن نقاط الضعف كي تتمكن المنظمة من تعديلها والعمل على عدم تكرارها في المستقبل ,وأنها يجب أن تشمل كل ما بالمنظمة من مواد وأعمال وأفراد. - 3-3نظرية العالقات اإلنسانية :من المتعارف عليه أن ظهور حركة العالقات اإلنسانية مرتبط بجهود إلتونمايو ،خاصة سلسلة التجارب التي أجراها في مصنع الهاوثورن التابع الشركة ويستر إلكتريك بمشاركة مجموعة من الباحثين منهم روثلسبرجر Roethlisbergerووليم ديكسون W.Diksonمن جامعة هارفارد ،Harvardهذه الدراسات التي دامت بين سنتي 1927و 1932توجهت بشكل خاص إلنتاجية العامل وعالقتها بمتغيرات عديدة أراد مايو وزمالئه أن يثبتوا دورها المؤثر على كفاية العامل ،ويرجع الفضل لتلك البحوث والتجارب في اكتشاف جماعات العمل غير الرسمية ودورها الفعال داخل التنظيم الرسمي للمصنع ،من حيث تأثيرها على مستويات اإلنتاج من جهة وسلوك العمال وأدائهم من جهة أخرى. وقد كان الغرض األساسي لهذه الدراسات تحديد تأثير المتغيرات المادية (الظروف الفيزيقية) في العمل اإلضاءة ،التهوية ،الضوضاء ،التلوث ،التدفئة ....،على إنتاجية العامل ،ومن ثم العمل على تعديلها بما يتناسب مع معايير السلوك للعاملين من خالل التجارب الميدانية. ونتيجة لتجاربه المبنية على التحكم في المتغيرات نفى مايو أن يكون للظروف الفيزيقية تأثيرا كبيرا على الكفاية اإلنتاجية للعامل ،ولذلك تنبه إلى أن هناك أسباب أخرى كامنة وراء ارتفاع معدلت اإلنتاج ،أرجعها بعد التمعن والمالحظة لتأثير الجماعة المتماسكة أو المشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالعمل والعالقة بين اإلدارة والعمال وغيرها من المتغيرات التي تدور في فلك واحد أل وهو الجانب اإلنساني الجتماعي الذي أغفلته النظريات الكالسيكية ،وبذلك توصلت تلك الدراسات إلى أنه يمكن أن " نفسر سلوك العمال وإنتاجياتهم المختلفة للقواعد واألوامر اإلدارية ل في ضوء منطق اإلنسان القتصادي ،بل على أساس (منطق العواطف) طالما أنه توجد معايير جماعية يمكن أن تتعارض مع منطق اإلدارة "(محمد على محمد ،1986 ،ص )159 لقد صنفت دراسة مايوعلى أنها أول دراسة إمبريقية ميدانية تجري بغرض محاولة فهم السلوك اإلنساني داخل التنظيمات الصناعية ،وقد خلصت إلى نتيجة هامة مفادها" :ضرورة البحث الدائم عن تغيير اتجاهات العمال وسلوكهم ،ثم أوضحت بعد ذلك أن العامل ليس كائن سيكولوجي منعزل ،ولكنه عضو في جماعة تشكل سلوكه وتضبط تصرفاته من خالل القيم السائدة فيها والمعايير التي تحكمها" (صالح بن نوار ،2005 ،ص.)151 ومن أهم اإلضافات التي أعطتها النظرية في ضوء تجارب الهاوثورن التي حولت أنظار العلماء مايلي (عبد الهادي الجوهري ،1998 ،ص :)107-101 -كمية العمل الذي يستطيع العامل إنجازه ل يتحدد بقدرته الجسمية ،وإنما بقدرته الجتماعية. -تلعب المكافئات غير القتصادية دورا هاما في تحديد حافزية العامل وسعادته. -أهمية القيادة في وضع معايير الجماعة وتنفيذها ،كما أوضحت الختالف بين القيادة الرسمية والقيادة غير الرسمية. -أهمية التصال بين اإلدارة والعمال ،وأهمية المشاركة في اتخاذ القرارات ،وكذلك أبرزت أهمية ودور القيادة الديمقراطية التي تعتبر وسيلة فعالة في التصال. -يرجع الفضل في تحديد مفهوم التنظيم الجتماعي للصناعة إلى إلتون مايو ،حيث يؤكد أنه عند دراسة المصنع نشاهد نوعين من التنظيم ،تنظيم تكنولوجي وآخر إنساني ،والتنظيم الجتماعي للمصنع يتكون من أنماط العالقات الناشئة بين األفراد الذين يعملون معا ويتفاعلون مع بعضهم البعض ،ويتقبل معظم هؤلء األفراد هذه األنماط من العالقات ويعتبرونها أشياء ضرورية. -توصلت إلى أن التنظيم الجتماعي للمصنع ينقسم إلى نوعين من التنظيم هما : التنظيم الرسمي ويتمثل في اللوائح والقواعد والقوانين والتعليمات التي ترسم ما يجب أن تكون عليه عالقات العمل ،والنوع الثاني هو التنظيم غير الرسمي وهو تلك العالقات التي تنشأ بين الموظفين أو العمال في أسفل التنظيم ،وهذا نتيجة التفاعل اليومي ،ويؤدي التنظيم غير الرسمي وظائف محددة قد تكون طيبة وقد تكون غير ذلك. -كشفت هذه الدراسات عن عالقة العتماد المتبادل بين التنظيم التكنولوجي والتنظيم اإلنساني ،وهذا يعني أن التنظيم اإلنساني يشكل ويعيد تشكيل التنظيم التكنولوجي حتى يمكن تحقيق األهداف القتصادية بشيء أكثر فعالية أو زيادة رضا أعضائه4 . -مجاالت علم اجتماع التنظيم والعمل: هناك اختالف حول تحديد مجالت اهتمام علم اجتماع التنظيم والعمل حيث نجد أن (ميلر ،وفورم) أجمعا أن هناك مشاكل سوسيولوجية كبرى تسود اليوم علم الجتماع تنظيم وعمل هي التي تكون ميدان اهتمامه في نظرهما تتمثل في (إحسان محمد الحسن ،2005 ،ص :)29 -أثر التصنيع في المجتمع وخاصة في مكوناته من مجتمعات محلية وتنظيمات عمل أخرى ،على أن الهتمام بهته المشكلة يؤدي إلى دراسة المراحل المتباينة التي تمر بها عملية التصنيع في المجتمعات ذات النظم وأبنية القيم المختلفة. -عملية التوافق بين التنظيم الرسمي مع تحديده الرشيد للمسؤوليات واألهداف ،وبين التنظيم غير الرسمي للعاملين وحاجاتهم الفردية والجماعية. -عملية التوفيق بين الحاجات الشخصية للعاملين ومصالحهم ،وبين متطلبات مواقف العمل الرسمية في التنظيم ومنها التوافق الذي تتطلبه عملية الحراك المهني للعاملين بين مستويات المكانة المختلفة في تنظيم العمل. -العمليات التنظيمية التي تدعم الروح المعنوية واإلنتاجية فكرة وفكرة فريق العمل مثال :تطبيق فلسفات وأساليب القيادة التي تهدف إلى التنسيق بين أوجه النشاط على نحو رشيد ،وتدفع في نفس الوقت العاملين وتلزمهم على المشاركة في أهداف التنظيم.