You are on page 1of 12

‫‪ 1‬تحدث عن املدارس‬

‫التقليدية‬

‫السلوكية أبرهام ماسلو‬

‫الحديثة‬

‫العالقات اإلنسانية‬

‫‪ 2‬علم اإلدارة وعالقته بالقانون اإلداري‬

‫السؤال وضع تصميم عشرة دقائق‬

‫‪ 3‬سوسيولوجيا املنظمات ماكس فيبر ميشل كروزي عشرة دقائق‬

‫‪ 4‬إدارة التغيير‬

‫س ؤال باملنهجي ة م ع التحلي ل في عش رون دقيقة رتبط االهتمام السوس يولوجي بدراس ة التنظيم ات بالمجتمع ات الغربي ة‪،‬‬
‫خاصة بأوربا وأمريكا الشمالية‪ ،‬حيث عرف الفكر السوسيولوجي المرتبط بالحقل التنظيمي ازده ارا كب يرا انطالق ا من الب دايات‬
‫األولى له خالل مرحلة الثالثينيات من القرن العشرين‪ .‬هذا االزدهار ترجمته مجموعة من الدراسات‪ ،‬واألبح اث‪ ،‬ذات االرتب اط‬
‫س واء بعلم االجتم اع أو بعلم النفس االجتم اعي وأيض ا علم النفس‪ ،‬وفي ه ذا النط اق تبل ورت سوس يولوجيا الش غل والتنظيم ات‬
‫والمقاوالت كتخصصات علمية دقيقة حاولت التركيز على اإلنسان الفاعل والعامل كمركز محوري في التنظيم‪ /‬المقاولة بمختلف‬
‫أنواعها وأشكالها‪ .‬وتعتبر أعمال ماكس فيبر من أهم هذه اإلسهامات وأبرزها على اعتبار أنه أول من قارب الحقل التنظيمي وفق‬
‫تصور سوسيولوجي مخالف للتصورات التي كانت سائدة خاصة االقتصادية منها‪ ،‬وقد استطاع فيبر تجاوزها وتقديم فهم أعم ق؛‬
‫بل أغلب األعمال التي جاءت بعده تبقى كمحاوالت لنقد نمودجه وتطويره وهو ما ق ام ب ه ع الم االجتم اع ميش يل ك روزيي على‬
‫‪.‬سبيل الثال ال الحصر‪ ،‬وهو ما يسعى هذا المقال إبرازه من خالل إسهاماتهما في سوسيولوجيا التنظيمات‬

‫‪.‬الكلمات المفتاحية‪ :‬سوسيولوجيا التنظيمات‪ ،‬البيروقراطية‪ ،‬التحليل االستراتيجي‬

‫‪:‬مقدمة‬

‫شكلت سوسيولوجيا التنظيمات إحدى أهم فروع علم االجتماع التي ظهرت بشكل بارز بعد الحرب العالمية التانية‪ ،‬خصوصا ‪    ‬‬
‫فسوس يولوجيا التنظيم ات ول دت في الوالي ات المتح دة األمريكي ة في‪ G.Herreros ‬في الواليات المتحدة األمريكية‪ .‬وحسب‬
‫أواخ ر الق رن التاس ع عش ر في أعق اب سوس يولوجيا الص ناعة الموس ومة بتي ار “اإلص الح االجتم اعي” [‪ .]1‬وق د ع رف ه ذا‬
‫التخصص الجديد ازدهارا في امريكا عكس أوروبا التي عرفت تخلفا نسبيا‪ ،‬ويمكن إرجاع ازده ار سوس يولوجيا التنظيم ات في‬
‫‪:‬الواليات المتحدة األمريكية إلى سببين‬

‫‪‬‬ ‫السبب األول‪ :‬ويمكن القول أن ه سياس ي ت اريخي‪ ،‬بمع نى غي اب الت وتر االجتم اعي ال ذي عرفت ه أوروب ا في الوالي ات المتح دة‬
‫األمريكية ( األحزاب‪ ،‬النقابات‪ ،‬والحركات العمالية…)‪ ،‬وهذا ال يعني غيابه ا المطل ق‪ ،‬وإنم ا ك ان عم ل ه ذه التنظيم ات ف اترا‬
‫‪.‬نسبيا مقارنة بأوروبا‬
‫‪‬‬ ‫السبب التاني‪  :‬ظهور دراسات مرتبطة بعلم النفس االجتماعي الذي يركز على الفرد‪ ،‬وقد ركزت هذه الدراس ات على الحاجي ات‬
‫المرتبطة بالعمل (اإلنارة‪ ،‬ظروف العمل…) أي بالعوامل التي تساعد العامل في عمله‪ ،‬إضافة إلى وجود عقلية براغماتية نفعي ة‬
‫‪.‬في الواليات المتحدة األمريكية والثقافة األنجلوساكسونية بشكل عام‬
‫‪:‬ويمكن إرجاع التخلف الذي عرفته أوروبا في ميدان سوسيولوجيا التنظيمات إلى سببين رئيسيين ‪    ‬‬

‫‪‬‬ ‫السبب األول‪ :‬هو معرفي أكاديمي‪ ،‬أي أن معظم الدراسات السوسيولوجية في أورب ا ك انت أكاديمي ة ترك ز على البحث النظ ري‬
‫والمفاهيمي (دوركايم‪ ،‬فيبر‪ ،‬ماركس) أي محاولة إرساء سوسيولوجيا إبستمولوجية معرفية تهم دراسة المجتمع األوربي‪ ،‬وح تى‬
‫‪.‬الدراسات االمبريقية أنجزت لتقعيد المفاهيم السوسيولوجية‬
‫‪‬‬ ‫السبب الثاني‪ :‬ويمكن القول على أن ه س بب ت اريخي سياس ي‪ .‬فق د ع رفت أورب ا تجرب ة سياس ية تمثلت في األح زاب والنقاب ات‬
‫والمؤسسات‪ ،‬مما جعل االهتمام بالحركات االجتماعية وفي خضمها الحركات العمالي ة‪ .‬وفي دراس ة المق اوالت تم الترك يز على‬
‫براديغم الحركات االجتماعية حيث يطالب من خاللها العمال تحسين ظروف عملهم‪ ،‬ومن ثم أص بحنا أم ام سوس يولوجيا العم ال‬
‫‪.‬وليس سوسيولوجيا المقاوالت أو التنظيمات‬

‫‪ E.‬وقد شكلت الدراسات التي تم إنجازها من قبل فريق البحث بجامعة هارفارد تحت قيادة عالم النفس االجتماعي األسترالي ‪    ‬‬
‫نقطة االنطالق لنشأة علم اجتماع الش غل أو علم االجتم اع الص ناعي عن د‪ Oliver Shildon* ‬وأ عمال االنجليزي ‪Mayo‬‬
‫االنكلوساكسونيين‪ .‬هذه الدراسات كانت قد ركزت على األبعاد السيكولوجية وخصوصا المستويات المرتبط ة بالحاج ات الفردي ة‬
‫والنفسية للعامل من خالل تصور اجتماعي لمدى تأثير الحاجات النفسية وقيمتها في بناء وتشكل ممارسات وس لوكات العم ال في‬
‫فضاء عملهم‪ .‬وقد كان لفريق بحث إلتون مايو دور هام في تقديم تصور نق دي لظ اهرة البيروقراطي ة ال تي وض ع أساس ها في بر‬
‫وذلك بهدف لفت االنتباه لما قد تفرزه البيروقراطي ة الش كلية من أش كال تنظيم كامن ة وموازي ة‪ ،‬وذل ك انطالق ا من الترك يز على‬
‫‪.‬مستوى حاجات الفرد في فضاء العمل[‪]2‬‬

‫لقد كان لتراكم مجموع ة من األطروح ات ال تي أثثت المس توى النظ ري واالم بريقي لعلم اجتم اع الش غل أو الص ناعة‪( ،‬أعم ال‬
‫تايلور‪ ،‬أوليفر شيلدون‪ ،‬وإلتون مايو‪ ،‬ماكس فيبر‪ )…،‬القدر الكبير في التأسيس ل براديغم جدي د لمقارب ة مس ألة التنظيم ات حيث‬
‫شهد منتصف القرن العشرين ظهور تخصص قائم بذاته ه و علم اجتم اع التنظيم ات ال ذي تج اوز األبع اد التقليدي ة لعلم اجتم اع‬
‫‪.‬الشغل‬

‫وبخصوص سوس يولوجيا التنظيم ات‪ ،‬فق د ح اولت تن اول مجموع ة من اإلش كاالت األساس ية من خالل مجموع ة من العناص ر‬
‫المركزية لتقديم فهم سوسيولوجي لمختلف التنظيمات سواء االقتصادية أو التنظيمات الحكومية والمستشفيات والجامعات… ه ذه‬
‫اإلشكاالت تبقى جديدة مقارن ة بم ا ثم إثارت ه من خالل سوس يولوجيا الش غل‪ ،‬ومن أهم ه ذه المس تويات نج د االن دماج والتكي ف‬
‫ودراسة العالقات الرسمية وغير الرسمية لمختلف التنظيمات وكذلك دراس ة عالق ات الس لطة واس تراتيجيات الف اعلين المتش كلة‬
‫على خلفية هذه العالقات…وبشكل عام‪ ،‬فسوسيولوجيا التنظيمات يمكن اعتبارها كدراسة سلوكات األفرد والجماعات ال تي يمكن‬
‫مالحظتها على مستوى اشتغال التنظيمات‪ .‬إن سوسيولوجيا التنظيمات تهدف إلى تفسير الس لوكات والعالق ات المتوافق ة أو غ ير‬
‫المتوقعة مقارنة بالقواعد التوجيهية[‪  .]3‬ويعتبر كل من ماكس فيبر وميشيل كروزيي من أهم علماء االجتماع ال ذين أس هموا في‬
‫‪.‬إغناء هذا الحقل السوسيولوجي من خالل تصورهما تجاه التنظيمات‬

‫‪:‬إسهامات ماكس فيبر‬

‫من خالل أعمال ه األث ر الب الغ في إغن اء النقاش ات بخص وص‪  Max Weber‬لقد ك ان لم اكس في بر ‪      )1920-1864( ‬‬
‫‪”  Wirtschaft and Gesellschaft‬اإلهتمام السوسيولوجي بالنتظيمات‪ ،‬ويبقى عملة الموسوم ب‪“ :‬االقتصاد والمجتمع‬
‫‪ Weberian‬أهم األعم ال ال تي تركه ا في بر بخص وص النم وذج المث الي للتنظيم الب يروقراطي‪ .‬ويعت بر االتج اه الفيب يري‬
‫هو االتجاه الذي يشير إلى أعمال ماكس فيبر في مجال التنظيم االجتماعي واالقتص ادي‪ .‬فمعظم الدراس ات الحديث ة‪Theory ،‬‬
‫تبقى في عمقها أما تعديالت ألفكار وتصورات فيبر‪ .‬وقد تناول فيبر تحليل العناصر البيروقراطية في التنظيمات‪ ،‬تلك التي تعم ل‬
‫‪.‬من أجل تحقيق استمرار التنظيم وبقاءه[‪]4‬‬

‫لقد انطلقت أعمال ماكس فيبر من خالل تساؤل إشكالي مهم هو‪ :‬ما الذي يص نع ف رادة المجتم ع الح ديث؟ وق د أك د في بر أن ‪    ‬‬
‫العقالنية هي السمه األساسية لهذه المجتمعات‪ .‬ومن هذه النقطة جاءت تحليالت فيبر للتنظيمات كفضاء لممارسة السلطة ونشرها‬
‫لتحقيق المشروعية بين الجميع‪ .‬ويرى فيبر أن عملية العقالنية هذه ت ؤثر في الحي اة االقتص ادية والق انون واإلدارة و أنه ا تش كل‬
‫االساس في ظهور الرأسمالية والبيروقراطية والدولة القائمة على أحكام الق انون‪ .‬وج وهر عملي ة العقالني ة ه و ال نزوع المتزاي د‬
‫للفاعلين االجتماعيين نحو استخدام المعرفة في إطار عالقات غير شخصية بهدف تحقيق س يطرة أعظم على الع الم المحي ط بهم[‬
‫‪]5.‬‬

‫وقد اقترح فيبر في كتابه االقتصاد والمجتم ع ع دة أنم اط من العالق ات االجتماعي ة داخ ل التنظيم‪ ،‬وخاص ة أش كال الهيمن ة ‪    ‬‬
‫السياسية‪ .‬إن أشكال الهيمنة في عددها ثالثة‪ :‬الهيمنة العقالنية والهيمنة التقليدية والهيمنة الكاريزمية‪ .‬وه ذه النمذج ة تتأس س على‬
‫‪:‬خاصية التحفيز التي تقود للطاعة[‪ .]6‬وهذه األنماط هي‬

‫‪‬‬ ‫الهيمنة التقليدية ‪ :‬تتأسس مشروعية هذا النمط على الصفة المقدسة للتقاليد داخل تنظيم معين والهيمنة التقليدي ة مرتبط ة بالمكان ة‬
‫االجتماعية للقائمين على السلطة‪ .‬وحسب فيبر فهذا النمط من السلطة له ث أثير على المجتم ع‪ ،‬يتمث ل أساس ا في إض عاف مواق ف‬
‫وأنشطة األفراد سواء االقتص ادية الواعي ة أو العقالني ة‪ ،‬بمع نى أن القائ د أو الح اكم ال ذي يعتم د ه ذه االمتي ازات للتص رف في‬
‫‪.‬المجتمع يجعل األفراد غير قادرين على القيام بمبادرات اقتصادية ومالية وتجارية…مخافة االصطدام بسلطة القائد أو الحاكم‬

‫ب‪ -‬الهيمنة الكاريزمية‪ :‬يقصد بالكاريزما مجموعة من الصفات والخصائص غير االعتيادية التي يتميز بها شخص س واء ك انت‬
‫هذه الصفات حقيقية أو غير حقيقية‪ .‬ويرتبط هذا النمط أساسا بقوة شخصية معينة ذات هالة قوية‪ .‬وتقوم سلطة هذا النمط على قوة‬
‫القائد عبر قدرته على اإلقن اع وجم ع وتجمي ع الجمي ع من حول ه‪ ،‬وهي مواص فات تف وق مواص فات ب اقي األش خاص الع اديين‪.‬‬
‫والت اريخ الغ ربي والش رقي مليء بنم اذج كاريزمي ة واض حة‪ .‬إن مص طلح “القائ د الك ارزمي” ظه ر بش كل كب ير في العص ر‬
‫الحديث‪ ،‬وحس ب في بر فه ذا الن وع من الق ادة الك ارزميين يظه رون في المجتمع ات العقالني ة عن د مروره ا بأزم ات‪ ،‬بحيث أن‬
‫المؤسسات السياسية تصبح غير قادرة على القيام بأدوارها ووظائفها‪ ،‬ومن هنا تظهر زعامات إما سياسية أو ديني ة…ت دعوا إلى‬
‫التغيير وضرورة تطوير النظام السياسي بشكل عام‪ .‬ويضيف فيبر أن ه ذا الن وع من الس لطة غ ير عقالني وإنم ا انفع الي يعتم د‬
‫‪.‬على الثقة‬

‫ج‪ -‬الهيمنة العقالنية‪ / ‬القانونية‪ :‬يرتبط هذا النم وذج داخ ل أي تنظيم بس لطة الق انون الواض ح والص ريح وغ ير الشخص ي‪ .‬إن‬
‫السلطة العقالنية حسب في بر تس تمد ش رعيتها من الق انون والقواع د والنص وص القانوني ة…إن الس يطرة العقالني ة هن ا هي من‬
‫مميزات التنظيمات والمجتمعات الحديثة‪ .‬والممارس للسلطة في هذه الحالة يستند لهذه القواعد والقوانين غير الشخص ية‪ ،‬من هن ا‬
‫‪.‬تكون سلطته محدودة‬

‫ويعتقد فيبر أن من أهم األسباب التي ساعدت أوروبا في االنتقال من مرحلة النظ ام االقط اعي إلى مرحل ة الدول ة‪-‬االم ة في ‪    ‬‬
‫صورتها الديمقراطية بعد مرورها من الملكيات المطلقة ه و تجري د الس لطة من طابعه ا الشخص ي وإض فاء الط ابع المؤسس اتي‬
‫‪.‬العقالني‬

‫إن فيبر من خالل تقديمه للنماذج السابقة حاول أن يمنحن ا أنماط ا مثالي ة والمقص ود ب ذلك‪ ،‬مجموع ة من البن اءات النظري ة ‪    ‬‬
‫‪.‬الهادفة إلى القيام بمقارنات مع الواقع وكذلك تحليل الفوارق‬

‫وق د ق دم في بر تص وره بخص وص التنظيم ات الحديث ة من خالل م ا يع رف ب”التنظيم الب يروقراطي”‪ ،‬وحس ب في بر ‪    ‬‬
‫فالبيروقراطية*‪ ‬هي شكل من أشكال التنظيمات االجتماعية الحديثة‪ ،‬بحيث أصبحت هذه الظاهرة تع رف نم وا مفرط ا س واء في‬
‫‪.‬حجمها أو في مجاالت اختصاصاتها في المجتمعات الصناعية‪ ،‬سواء في القطاع العام أي إدارة الدولة أو القطاع الخاص‬

‫وتمث ل اإلدارة البيروقراطي ة النم ط الخ الص للهيمن ة الش رعية‪ ،‬وتن درج الس لطة المبني ة على الكف اءة وليس على األص ل ‪     ‬‬
‫االجتماعي‪ ،‬ضمن إطار من وضع ت دابير موض وعية غ ير شخص ية‪ ،‬وينقس م تنفي ذ المه ام إلى وظ ائف متخصص ة ذات ح دود‬
‫…محددة بشكل منهجي‪ .‬وتدار المهن بقرائن موضوعية من الكفاءة واألقدمية… وليس عن طريق قرائن فردية‬

‫ويحدد فيبر أن هذا النمط من التنظيم ليس خاصا باإلدارة العامة‪ ،‬بل يخص أيضا التنظيمات الرأسمالية الكبرى‪ .‬وتتصف ‪         ‬‬
‫‪  H.Fayol،‬و ‪ F.W.Taylor‬البيروقراطية بنمط إداري وبنمط من التنظيم مؤسس على عقلنة األهداف مثلما ب دأ تطبيقه ا مع‬
‫هذه العقالنية تمس أيضا أشكال الفكر‪ ،‬عبر انطالقة العلوم والتقنيات‪ .‬إن التحول العلم اني والتح ول التق ني للفك ر يض عان نهاي ة‬
‫لع الم األس اطير والمعتق دات الديني ة‪ .‬وه ذا ه و مع نى الص ياغة الجميل ة لتعب ير “ن زع الس حر عن الع الم”‪[ ‬‬
‫‪]7Disenchantment.‬‬

‫وقد وضع فيبر مجموعة من الخص ائص‪ ،‬وهي تعت بر في رأي ه كمع ايير لنج اح أو فش ل التنظيم‪ ،‬وه ذه القواع د تس تمد من ‪    ‬‬
‫‪.‬المجتمع الكلي‪ ،‬أي أن المجتمعات الرأسمالية وصلت درجة من العقالنية بحيث أصبح ال مجال للعواطف والقيم التقليدية‬

‫فالنموذج المثالي أو النمط الخالص للسيطرة الشرعية عند فيبر ه و التس يير اإلداري الب يروقراطي‪ .‬وتك ون ص الحيات من ‪    ‬‬
‫يملك السلطة في هذا التسيير عبارة عن “كفاءات” شرعية سواء كانت هذه الصالحيات نابعة من الملكية أو بموجب انتخاب ات أو‬
‫‪:‬عن طريق تعيين سابق‪ .‬وتتشكل االدارة المسيرة في صيغتها الخالصة من موظفين فرديين تتوفر فيهم‪ ‬المواصفات‪ ‬التالية‬

‫‪‬‬ ‫‪.‬أنهم أحرار‪ ،‬وال يخضعون سوى للواجبات الموضوعية‬


‫‪‬‬ ‫‪.‬يتوزعون حسب تراتبية للوظيفة الموضوعة بشكل محكم‬
‫‪‬‬ ‫‪.‬يتمتعون بكفايات مرتبطة بالوظيفة ومعترف بها‬
‫‪‬‬ ‫‪.‬إنهم موضوع تعاقد‪ ،‬ولهذا يخضعون مبدئيا النتقاء مفتوح‬
‫‪‬‬ ‫يتم هذا االنتقاء بناء على التأهيل المهني‪ ،‬وهو في الحاالت األكثر عقالنية‪ ،‬تأهيل مهني يتم التحقق منه من خالل االمتحان‪ ،‬وعن‬
‫‪.‬طريق الشهادة‬
‫‪‬‬ ‫‪(…).‬تمنح لهم أجور قارة حسب المركز في التسلسل االداري وحسب المسؤولية التي يتحملونها كما يتمتعون بالحق في التعاقد‬
‫‪‬‬ ‫‪.‬يتصرفون إزاء وظيفتهم كمهنتهم الوحيدة أو الرئيسية‬
‫‪‬‬ ‫‪.‬وأخيرا‪ ،‬لهم مسار مهني‪ ،‬ويتسلقون الدرجات تبعا لألقديمة[‪]8‬‬

‫ويرب ط في بر ظه ور النم وذج الب يروقراطي ال ذي يتم يز بالعقالني ة والموض وعية إلى مجموع ة من الظ روف االجتماعي ة ‪    ‬‬
‫‪:‬والثقافية والسياسية واالقتصادية‪ ،‬ومن بين هذه العوامل نجد‬

‫‪‬‬ ‫‪.‬التطور الذي عرفه االقتصاد النقدي‪ ،‬مما أتاح دفع االجور النقدية للمنتسبين للتنظيم‬
‫‪‬‬ ‫‪.‬ظهور نظام ضريبي وفر لألجهزة البيروقراطية الحكومية االستفادة من مداخيل قارة‬

‫وهنا يش ير في بر على أن مس توى التنظيم الب يروقراطي في المجتمع ات الحض رية أعلى وأك ثر تط ورا من نظيراته ا غ ير‪     ‬‬
‫الحض رية بس بب حض وره في األولى واختف اءه في الثاني ة‪ ،‬إض افة إلى م ا س بق‪ ،‬ف تراكم المش اكل ونم و حجم العم ل داخ ل‬
‫المجتمعات الحديثة كان له دور في تشجيع ظهور التنظيم البيروقراطي‪ .‬إن التنظيم البيروقراطي عند فيبر في حالة تمسكه ونهجه‬
‫للقواعد والممارسات واألفعال السابقة (اعتماد الكفاءات والتعاقد والتخصص وتقسيم العمل والترقية…) يك ون عب ارة عن الي ات‬
‫‪.‬عقالنية تسهم في عملية تحديت المجتمعات‬

‫لقد واجهت نظري ة م اكس في بر مجموع ة من االنتق ادات‪ ،‬ولكن رغم ذل ك فتص وره م ازال يتم اعتم اده في تس يير وت دبير ‪    ‬‬
‫…مجموعة من التنظيمات سواء الحكومية أو غير الحكومية‪ ،‬الصناعية أو غير الصناعية‬

‫وما يمكن قوله بخصوص االنتقادات الموجهة لفيبر‪ ،‬أن أغلبها ك ان مص دره أص حاب االتج اه ال وظيفي في علم االجتم اع‪     ،‬‬
‫وهذه االنتقادات ترتبط بالجانب الوظيفي للتنظيم‪ .‬ف إذا ك ان في بر اهتم بموض وع اس هام العناص ر التنظيمي ة المختلف ة في تحقي ق‬
‫‪ ‬الفعالي ة‪ ،‬فإن ه بالمقاب ل لم ينجح في إب راز وكش ف المعيق ات الوظيفي ة ال تي تنط وي عليه ا ه ذه العناص ر‪ .‬وحس ب م يرتون‬
‫‪.‬فالنموذج المثالي يفتقد تلك المالئمة (الموازنة) الالزمة بين الوظيفة والخلل الوظيفي ‪Merton‬‬

‫إلى ما أك ده م يرتون‪ ،‬حيث أج رى جول دنر دراس ة امبريقي ة على أح د المص انع ‪ Gouldner‬وبالموازاة مع ذلك‪ ،‬ذهب ‪    ‬‬
‫وتوصل أن تمة تناقضا خفيا في النموذج المثالي‪ ،‬ويتمثل ذلك ‪ ‬في مستويين‪ :‬التسلس ل الرئاس ي والمعرف ة التقني ة أي بين االدارة‬
‫القائمة على الخبرة الفنية واألخرى القائمة على النظام واالنضباط‪ ،‬حيث أكد انه في حالة توفر الخاصيتين‪ ،‬فإن ه من الص عب أن‬
‫يؤدي التنظيم أنشطته في تكامل وانسجام‪ ،‬بمعنى أن فرص ظهور الصراع ستكون كبيرة‬

‫وهناك انتقاد شائع يشترك فيه دارسو التنظيمات ذوي االتجاهات المختلفة مؤداه‪ ،‬أن نموذج فيبر قد ب الغ في تأكي د الج وانب ‪    ‬‬
‫الرسمية والمظاهر النظامية للتنظيم‪ ،‬متجاهال بذلك تل ك العالق ات االجتماعي ة غ ير الرس مية ال تي تنم و في التنظيم وال تي تلعب‬
‫من أوائ ل من اهتم وا بدراس ة ه ذه النقط ة في ‪ Selznick‬دورا هاما في تحديد طابعه وأدائه لوظائفه‪ .‬ولقد كان فيليب س لزنيك‬
‫نقذه لنموذج فيبر بخصوص ديناميات التنظيم‪ ،‬و ك ذلك اتزي وني ‪ Page‬مقالين نظريين‪  ‬هامين‪* ‬كما وجه كل من تشارلز بيدج‬
‫كلهم رك زوا نق دهم ألنم اط الس لطة…[‪ .]9‬ومن أهم ‪  Andreski ‬واندريس كي ‪ Martindale ‬ومارتن ديل‪Etzioni  ‬‬
‫االنتق ادات الموجه ة لنم وذج في بر‪ ،‬نج د انتق ادات ك روزيي وال تي ك انت نقط ة انطالق ه لبن اء نظريت ه الموس ومة بالتحلي ل‬
‫‪.‬االستراتيجي‬

‫إسهامات ميشيل كروزيي‬

‫خصوصا ما يعرف بنظرية التحلي ل االس تراتيجي إح دى أهم ‪ Michel-Crozier(1912)،‬شكلت أعمال عالم االجتماع ‪    ‬‬
‫المحاوالت في تطوير التحليل المتعلق بالظ اهرة البيروقراطي ة‪ .‬وق د ق دم ك روزيي قب ل ذل ك انتق ادات لمجموع ة من النظري ات‬
‫خاصة منها الكالسيكية (تايلور وفورد وفايول…) وكذلك لمدرسة العالقات االنسانية (مدرسة هارف ارد‪:‬أوليف ر ش يلدون وإلت ون‬
‫مايو…)‪ .‬وقد رفض كروزيي كل أشكال الحتمية المطلقة التي ميزت الفكر التنظيمي‪ .‬وقد كان لماكس في بر والوظيفي ة (م يرتون‬
‫وبارسونز) وعلوم التنظيم االمريكية تأثيرا بالغا على ميش يل ك روزيي ال ذي يح اول تج اوز عيوبه ا ونقائص ها النظري ة‪ ،‬فينتق د‬
‫بالمناسبة ماكس فيبر في اعتقاده في التفوق المطلق للنموذج التسلسلي القانوني والبيروقراطي‪ ،‬أم ا فيم ا يخص الفعالي ة‪ ،‬إذ ي بين‬
‫تحليل الوقائع أن ه كلم ا س اد ه ذا النم وذج كلم ا ك ان التنظيم أق ل فعالية[‪ .]10‬ويمكن تق ديم أهم مص ادر التحلي ل االس تراتيجي[‬
‫‪ ]11:‬في‪ ‬العناصر‪ ‬أسفله‬

‫‪.‬مدرسة العالقات اإلنسانية –‬

‫‪.‬ماكس فيبر –‪ ‬‬

‫‪.‬سوسيولوجيا التنظيم األمريكية (أ‪.‬و‪.‬غولنير‪ ،‬بول سيلزنيك…) –‬

‫‪.‬البنيوية الوظيفية (ر‪.‬ك‪.‬ميرتون‪ ،‬تالكوت بارسونز…) –‬

‫انطلق كروزيي في نظريته التحليل االس تراتيجي من محاول ة تط وير التحلي ل المتعل ق بالظ اهرة البيروقراطي ة‪ .‬وق د ق دم ‪      ‬‬
‫ك روزيي من قب ل ذل ك انتق ادات لمجموع ة من النظري ات‪ ،‬خاص ة منه ا الكالس يكية (المدرس ة الكالس يكية م ع ت ايلور وف ايول‬
‫وفيبر…)‪ ،‬وكذلك لمدرسة العالقات االنسانية (مدرسة هارفارد مع مايو…)‪ .‬وحسب كروزيي ف إن اإلنس ان في التنظيم ال يمكن‬
‫اعتب اره كي د عامل ة كم ا تص ورت ذل ك نظري ة التنظيم العلمي للعم ل لفردري ك ت ايلور وال كي د وقلب حس ب مدرس ة العالق ات‬
‫اإلنسانية‪ ،‬إن هذه االتجاهات وغيرها تتناسى‪/‬تغفل فكرة أن اإلنسان يملك عقال يفكر ب ه‪ ،‬ول ه حري ة وبمع نى أك ثر وض وحا‪،‬إن ه‬
‫عبارة عن فاعل مس تقل ق ادر على الحس اب والتحكم والتس يير‪ ،‬كم ا أن ه ق ادر على الت أقلم واالبتك ار في ظ ل الظ روف الس ائدة‬
‫وحركية باقي الشركاء[‪ .]12‬كما وجه كروزيي انتقاده ألنصار االتجاه السلوكي في فهم التنظيم‪ .‬وقد أك د ذل ك من خالل اعتب اره‬
‫أن التفسيرات التي قدمها السلوكيون تبقى محدودة على اعتبار أنهم ركزوا على العالقة الفردي ة للفاع ل في التنظيم‪ ،‬فهم اعت بروا‬
‫أن األفراد في التنظيم يتوفرون على نماذج مثالية للصحة النفس ية والعقلي ة‪ ،‬بمع نى أن تفس ير األلع اب التنظيمي ة يتم انطالق ا من‬
‫المستوى النفسي والعقلي فقط‪ ،‬وهنا يكون أصحاب هذا االتجاه إم ا أم ام إهم ال لك ل التعقي د ال ذي يم يز الس لوكات اإلنس انية في‬
‫التنظيم أو المقاولة‪ ،‬والذي قد تنفي حتى أكثر النظريات التي تدعي معرفة بالدافعية‪ ،‬هذا إلى ج انب الترك يز على الف رد وتناس ي‬
‫واتج اه )‪(OST‬وجود الجماعة[‪ .]13‬إن التحليل اإلستراتيجي يبقى بمثابة انقالب كلي في التصور مقارنة ب التنظيم العلمي للعمل‬
‫‪.‬العالقات االنسانية[‪]14‬‬

‫‪:‬لقد رفض كروزيي كل أشكال الحتمية المطلقة التي ميزت الفكر التنظيمي‪ .‬وقدم كروزيي أفكاره في عملين أساسيين هما ‪    ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪.‬الظاهرة البيروقراطية ‪1963‬‬
‫‪‬‬ ‫‪.‬الفاعل والنسق ‪1977‬‬

‫إن كروزيي من خالل مقاربته أو تصوره الجديد لعالق ة الف رد ب التنظيم ح اول التوفي ق بين االتج اهين الب ارزين في تفس ير ‪    ‬‬
‫‪:‬السلوك االجتماعي‬

‫‪‬‬ ‫االتجاه األول ‪ :‬والذي يفسر السلوكات االجتماعية انطالقا من الحتمية الفردية‪ ،‬بمعنى تأثير التاريخ الشخصي كالوسط االجتم اعي‬
‫‪ Habitus.‬الهابتوس ‪ Bourdieu‬العائلي والطبقي في سلوكات وأفعال الفرد؛ وهو ما يمكن اختصاره في مفهوم‬
‫‪‬‬ ‫االتجاه الثاني ‪ :‬وهو ما يعرف باتجاه النزعة السوسيولوجية ويمثله إ‪ .‬دوركايم؛ ه ذا التوج ه يح دد الف رد في ي د ال وعي الجمعي‪،‬‬
‫…وينفي على الفرد القدرة على االختيار وتبني القرارات واإلبداع‬

‫إن كروزيي هنا حاول التوفيق بين هذين التصورين مقدما في خضم ذلك انتقادات للتصور البيروقراطي‪ ،‬بمعنى أن العالق ة ‪    ‬‬
‫بين ط رفين في التنظيم من خالل الض وابط الرس مية ال تي يك وم ه دفها تنظيم س لوكات ‪ Jeu‬بين التنظيم والفرد هي ولي دة لعبة‬
‫األفراد مما يخلق عوائق أمام الفاعل‪ ،‬وهذا األخير بهدف تجاوزها يكون أمام ضرورة تبني استراتيجيات معينة تختلف من فاع ل‬
‫‪.‬إلى اخر انطالقا من الكفاءة المعرفية من جهة والظروف التنظيمية التي يعيشها الفاعل من جهة أخرى‬

‫لقد حاول كروزيي من خالل نظريته التحليل االستراتيجي تقديم تصور جديد يحاول دراسة عالقات الس لطة داخ ل التنظيم‪      .‬‬
‫‪:‬ويمكن تناول نظرية التحليل االستراتيجي من خالل مستويين‬

‫‪‬‬ ‫‪.‬أهم المسلمات األساسية لنظرية كروزيي‬


‫‪‬‬ ‫‪.‬الجهاز المفاهيمي للتحليل االستراتيجي‬

‫فنظرية التحليل االستراتيجي‪:La sociologie des entreprises    ‬في عمله الموسوم ب‪ Ph. Bernoux  ‬حسب ‪    ‬‬
‫‪ :‬تقوم على أربع‪  ‬مسلمات‪ ‬أساسية‬

‫‪‬‬ ‫…المسلمة األولى‪ :‬التنظيم هو بناء والفاعلون فيه هم من يؤسسون االجابات على االكراهات التي يواجهونها‬
‫‪‬‬ ‫المسلمة الثانية‪ :‬حسب كروزيي إن االفراد داخل التنظيم ال يقبلوا أن يعاملوا كأدوات ووسائل بهدف تحقيق أه داف التنظيم‪ ،‬وه ذا‬
‫مفاده أن لكل منهم غاياته وأهدافه الخاصة‪ .‬إن هذا الطرح ال يعني حتما أن االه داف الخاص ة متناقض ة ومتعارض ة م ع أه داف‬
‫التنظيم‪ .‬وحسب بيرنو فإن هذه المسلمة يمكن االس تنتاج منه ا أن أي تنظيم مهم ا وص لت مراقبت ه وإخض اعه ألفع ال وس لوكات‬
‫‪.‬المنتمين إليه‪ ،‬فإن هذه العقالنية تبقى محدودة وغير مطلقة‬
‫‪‬‬ ‫المسلمة الثالثة‪ :‬إن الفاعل داخل التنظيم يتمتع بن وع من الحري ة‪ ،‬وه ذه األخ يرة تمنح ل ه درج ة من االس تقاللية عن التنظيم مم ا‬
‫يمكنه من الحصول على قدرة االختيار في أن يسهم ويش ارك أو العكس من ذل ك‪ ،‬ح تى وإن ك ان مف روض علي ه المش اركة‪ .‬إن‬
‫االستقاللية هنا تعطيه إمكانية تحديد مستوى المشاركة؛ فالتنظيم يسعى إلى الحد من درجة هذه االستقاللية والفاعل يحاول انطالقا‬
‫‪.‬من ما يتوفر عليه من قدرات أن يعزز هذه االستقاللية أو على االقل أن يحافظ عليها‬
‫‪‬‬ ‫المسلمة الرابع ة‪ :‬يعت بر ك روزيي أن االس تراتيجية ال تي يختاره ا الف اعلين‪ ،‬س واء في عالقتهم ببعض هم البعض أو في عالقتهم‬
‫بالتنظيم تتميز بالعقالنية إال أن هذه العقالنية محدودة وذلك راجع بطبيعة الحال إلى وجود اس تراتيجيات أخ رى مض ادة‪ ،‬إض افة‬
‫إلى عوائق السياق المتعددة‪ .‬وهنا ال يمكن ألي فاعل مهما كانت له القدرة أن يجد ال وقت والوس ائل ال تي تمكن ه من التوص ل إلى‬
‫حل عقالني أو أمثل بهدف تحقيق أهدافه‪ .‬وهنا يكون هذا الفاعل أمام حل مرضي نسبيا أو أمام الحل األقل ضرار بالنسبة إليه في‬
‫‪.‬ظل الحواجز واإلمكانيات التي يحتكم إليها[‪]15‬‬

‫وإلى جانب هذه المسلمات‪ ،‬اعتمد كروزيي على جهاز مفاهيمي بمثاب ة اإلط ار النظ رى والمنهجي األساس ي لبس ط وت دعيم ‪    ‬‬
‫نظريته في فهم وتحليل الحقل التنظيمي سوسيولوجيا‪ ،‬ومن هنا فإن فهم نظريته هذه يتطلب ضرورة تحديد وعرض أهم المف اهيم‬
‫‪:‬األساسية‬
‫‪‬‬ ‫التنظيم أو المقاولة تتفاعل داخله مجموعة من العناص ر‪ ،‬الف اعلين االجتم اعيين‪ .‬والفاع ل ق د يك ون ف ردا أو‪ Acteur: ‬الفاعل‬
‫جماعة‪ .‬وهذا الفاعل يتبنى استراتيجية معينة بهدف توفير أك بر الحظ وظ المكن ة لل ربح والمن افع الذاتي ة‪ .‬االس تراتيجية ال تك ون‬
‫‪.‬بالضرورة واضحة وواعية ضمن الفرد ويتم شرحها من بعد ما يمر الفاعل للممارسة‬

‫إن هذه االستراتيجة ترتبط بعقالنية محدودة ومتعددة ب اختالف الوض عيات ال تي يتموض ع فيه ا الفاع ل االجتم اعي‪ ،‬ف داخل ‪    ‬‬
‫المقاولة يتحدد الفاعل االجتماعي من خالل تفاعله مع اآلخر‪ ،‬وق د يتكتل وا في فاع ل اجتم اعي واح د به دف تحقي ق ه دف معين‬
‫وحسب وضعية معينة‪ ،‬لكن بعد تحقيق هدف هذا الفاعل‪ ،‬يتفكك من جديد ليعطي فاعلين اجتماعيين كل مس تقل وك ل ل ه رهانات ه‬
‫الفردية‪ ،‬واالستراتيجية تتحق ق ع بر الوض عية واإلكراه ات ثم العقالنية[‪ .]16‬إن اس تراتيجية الفاع ل حس ب ك روزيي تبقى ك ل‬
‫‪.‬تصرف ذو معنى حتى لو لم يكن مرغوبا فيه‪ ،‬أو كان مصدره من الفاعل عن غير وعي‬

‫‪‬‬ ‫تعد السلطة من المفاهيم األساسية عند كروزيي‪ ،‬وهي ال تأتي من الموقع الهرمي الذي يحتل ه الفاع ل‪ ،‬ب ل‪Pouvoir : ‬السلطة‬
‫انطالقا من التصورات والتمثالت التي يصبها األفراد على هذا الفرد‪ ،‬وليس ما يخول ه الق انون من الح ق في إعط اء األوام ر في‬
‫اإلدارات‪ .‬إنها نسق يحدد العالقات بين العمال واإلدارة وهي القدرة على التأثير‪ ،‬إن السلطة هنا ليست صفة بل إنها عالق ة تب ادل‬
‫يتم التفاوض بخصوصها‪ .‬إن السلطة كمفهوم عند كروزيي تبقى عنصرا أساسيا في التحليل السوسيولوجي الك روزيي‪ ،‬وه ذا م ا‬
‫نجده بارزا عند الرجوع إلى أعماله‪ ،‬خاصة منها مؤلفه الموسوم بالظاهرة البيروقراطية وأيضا مؤلف ه الفاع ل والنس ق‪ .‬وحس ب‬
‫كروزيي فالسلطة تشمل أو تستلزم دائما إمكانية أن بعض األفراد أو المجموعات لهم قدرة التحكم في أفراد أو مجموعات أخرى؛‬
‫وهذا التحكم يقصد به الدخول معهم في عالقة‪ ،‬وهذه األخيرة تتطور في خض مها س لطة البعض على البعض األخ ر‪ .‬إن الس لطة‬
‫عند كرزيي ليست صفة‪ /‬ميزة يتسم بها الفاعلون‪ ،‬ولكنه ا عالق ة تب ادل تتأس س انطالق ا من التف اوض بين شخص ين على اإلقل[‬
‫‪]17.‬‬

‫‪:‬ويحدد كروزيي أربع مصادر للسلطة[‪ ]18‬وهي كالتالي ‪    ‬‬

‫‪‬‬ ‫‪.‬امتالك الفاعل للكفاءة ولقدرات تخصصية من الصعب تعويضها‬


‫‪‬‬ ‫‪.‬التحكم في مناطق الظل المرتبطة بعالقات التنظيم بسياقه الخارجي‬
‫‪‬‬ ‫‪.‬التحكم في قنوات التواصل وتدفق المعلومات بين مختلف وحدات وأعضاء التنظيم‬
‫‪‬‬ ‫‪.‬التحكم في القواعد التنظيمية‬
‫‪‬‬ ‫هي المصدر الذي يستمد منه الفاعل سلطته على اآلخرين‪ .‬فالجانب الرسمي داخ ل ‪ Zone d’incertitude:‬مناطق الظل‬
‫التنظيم ال يستطيع أن يقنن ويهيكل كل الجزئيات والتفاصيل بهدف الحد من درجة حرية الفاعل وتقويض استقالليته‪ ،‬وهذا يجع ل‬
‫التنظيم يترك فراغا أو منفذا يعمل العامل على استغالله في بناء اس تراتيجية معين ة‪ ،‬إم ا هجومي ة أو دفاعي ة‪ .‬إن ه ذا االس تغالل‬
‫لمناطق الظل من قبل فاعل معين يمنحه األسبقية عن باقي األطراف المتفاعلة معه في تلك العالقة التبعي ة ال تي تجمعهم ببعض هم‬
‫البعض داخل المجال التنظيمي‪ ،‬وتصبح بالنسبة إلي ه مص درا للس لطة‪ ،‬وتزي د أهمي ة منطق ة الظ ل وتنقص حس ب درج ة تبعي ة‬
‫األفراد االخرين إليه وحسب درجة سلطته عليهم وكذلك من عدم قدرة هؤالء على االس تغناء علي ه أو على الكف اءة والق درة ال تي‬
‫‪:‬يمتلكها‪ .‬وهذه الكفاءة والقدرة لها مصادر أساسية وهي‬
‫‪‬‬ ‫‪.‬الكفاءة والقدرة المهنية المتميزة في القضاء على مناطق الظل الداخلية للنسق‬
‫‪‬‬ ‫‪.‬القدرة والكفاءة العالية أو النوعية في عالقتها مع السياق الخارجي للتنظيم‬
‫‪‬‬ ‫امتالك المعلومات وتدبيرها لكن بشرط أن تكون هذه المعلومة تشكل رهانا حقيقيا بالنسبة لإلطراف األخرى؛‬
‫‪‬‬ ‫التمسك الحرفي بتطبيق وتنزيل القانون الذي يمكن الفاعل من امتالك ق درة دفاعي ة أو هجومي ة انطالق ا من الوض عية التنظيمي ة‬
‫‪.‬التي يتموقع فيها‬
‫‪‬‬ ‫‪ Système d’action concret‬النسق الفعلي لألفعال‬

‫كل تنظيم يتكون من مجموعة معينة من الفاعلين‪ ،‬وهؤالء الفاعلين يعملون على هيكلة وتنظيم عالقاتهم إم ا عن طري ق ‪         ‬‬
‫الترابط المتبادل‪ ،‬وإما عن طريق التفاع ل المتب ادل‪ ،‬وه ذا يح دث في الوض عية المس تقرة للتنظيم‪ .‬وهن ا يك ون النس ق الملم وس‬
‫لألفعال هو تلك الكيفية التي يهيكل بها الكيان البشري في التنظيم باعتبارهم فاعلين اجتم اعيين عالق اتهم الداخلي ة‪ ،‬بمع نى أخ ر‪:‬‬
‫الطريق ة ال تي ينظم به ا الف اعلون نس ق عالق اتهم التفاعلي ة به دف مجابه ة ومعالج ة مختل ف اإلش كاالت التدبيري ة والتس ييرية‬
‫واالنتاجية…‪ ،‬وهؤالء الفاعلين حين قيامهم بذلك‪ ،‬ال يكون وفق صورة حيادية وجردة ولكن وفق أهدافهم ال تي تك ون ض منيا أو‬
‫‪:‬علنيا متوافقة مع غايات التنظيم‪ .‬وهذا النسق الفعلي لألفعال يشمل بدوره نسقين فرعيين هها‬

‫‪‬‬ ‫مجموع القواعد والض وابط ‪ Le système de régulation des relations :‬النسق الفرعي لضبط العالقات‬
‫التي يتم إنتاجها من قبل االفراد داخل التنظيم‪ ،‬وه دفها ح ل ومعالج ة المش اكل اليومي ة للتنظيم من جه ة أولى‪ ،‬وتوجي ه ومع يرة‬
‫سلوكاتهم وأفعالهم في عالقاتهم ببعضهم البعض من جهة ثانية‪ ،‬وفي عالقتهم بعملهم أو موضوعاتهم اليومية من جهة ثالثة‪ .‬فمثال‬
‫إذا وقع عطل في آلة من اآلالت ماذا يفعل العامل المكلف من أجل مواجهة هذه اإلشكالية اإلنتاجية‪ ،‬هل يتصل بمسئوله المباش ر؟‬
‫أو بالعون المعني؟ أو بمسؤول العامل المعني؟… إلخ إذن هن اك نس ق من القواع د والق وانين مهم ا ك انت جزئي ة وغ ير مش كلة‬
‫بصورة رسمية‪ ،‬فهي تعمل على ضبط العالقة بين الفاعلين المتواجدين داخل المنظمة وهذا ما يطلق عليه بالنسق الفرعي لض بط‬
‫‪.‬العالقات‬

‫وهو النسق الذي يحكم التحالفات بين الفاعلين داخل التنظيم‪ ،‬بحيث في ‪ Système des alliances :‬ب‪-‬نسق التحالفات‬
‫هذا الشكل من العالقات فإن الفاعل المعين من أجل قضية معينة فإنه يعرف جيدا من هو الحليف أو الحلفاء الذين سيساندونه‪ ،‬فإن‬
‫التحالفات داخل المؤسسة ميزتها األساسية أنها ظرفية ومرتبطة بقضية محددة وعلى أساسها يتم تحديد كيف أن المجموعة تع الج‬
‫قضاياها المطروحة عليها‪ ،‬انطالقا من أهدافها الخاصة وأهداف المجموعة المنتمية إليها‪ .‬فالنسق الفرعي للتحالفات ضروري في‬
‫والحلول المقترحة لهذه االرتياب ات ليس ت ‪ Incertitudes‬المؤسسة‪ ،‬لكون أنها معرضة دائما لعدد كبير من حاالت االرتياب‬
‫بديهية أو مبرمجة مسبقا مما يجعل الفاعلين يتجابهون و يتنازعون بسببها لفرض الحلول التي يراها كل فاع ل (س واء ك ان ف ردا‬
‫أو مجموعة) بأنها هي المناسبة‪ ،‬وذلك كما قلنا مع األخذ بعين االعتبار استراتيجياتهم الخاص ة س واء للمحافظ ة على وض عياتهم‬
‫في التنظيم كما هي أو لتعظيمها‪ .‬أما الذي يفرق بين النسق الفرعي األول عن النسق الفرعي الثاني هو أن نس ق التحالف ات يتم يز‬
‫بالظرفية ويكون عادة مرتبط بحاالت خاصة وطارئة‪ ،‬أما نسق ضبط العالقات يتم يز بالديموم ة ويق وم بتنظيم وهيكل ة العالق ات‬
‫لمفهوم النسق ‪ Friedberg‬وفريدبارغ‪  M.  Crozier  ‬المستقرة والمنتظمة‪ .‬أما عن المحتوى الذي يعطيه كل من كروزيي‬
‫الفعلي لألفعال بأنه يرتك ز فق ط على القواع د والض وابط ال تي تحكم قواع د اللعب ة االس تراتيجية في التنظيم وتتم يز باالس تقرار‬
‫‪  Le  système de‬النسبي أي أن النسق الفعلي لألفعال ه و مط ابق أو يش تمل فق ط على النس ق الف رعي لض بط العالق ات‬
‫وآخرون “أن النسق الفعلي ‪  Dauberville Béatrice ‬أو كما ترى دبيرفيل بياتريس‪régulation des relations  ‬‬
‫على خلفي ة ‪ Interdépendance‬لألفعال عند كروزيي وفريدبارغ يع ني وج ود ح د أدنى من االنتظ ام والتراب ط المتب ادل‬
‫الفوضى الظاهرة في العالقات االستراتيجية بن الفاعلين ‪-‬سواء كانوا أفرادا أو مجموع ات‪ -‬المتواج دين في حق ل تنظيمي معين[‬
‫‪]19.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ Rationalité‬العقالنية[‪]20‬‬

‫الق درة على ترش يد الم وارد المادي ة والفكري ة لبل وغ أه داف معين ة‪ .‬وليس هن اك عقالني ة وحي دة؛ ألن هن اك وس ائل ‪         ‬‬
‫فاإلنسان تبنى ‪ Simon‬و‪ March  ‬واستراتيجيات متعددة لتوظيف الموارد بغية الوصول إلي الغايات وتحقيق النتائج‪ .‬وحسب‬
‫نمط تفكير أحادي الجانب للوصول إلى الحد األقصى للفائد والمكاسب وحل أمثل لجميع المشاكل بطريقة خطية يتبعها الف رد دون‬
‫إذ أن حرية وأه داف ‪ Friedberg،‬و ‪ Crozier‬أن يترك المجال للتفكير‪ .‬وهذا النموذج في التفكير و العقلنة خاطئ في نظر‬
‫وعقالنية وحاجيات ومشاعر الفاعلين تبنى اجتماعيا وليست معطيات مجردة‪ ،‬كما أن الفاعلين ال يمتلك ون س وى حري ة مح دودة‬
‫‪.‬وعقالنيتهم أيضا محدودة‬

‫إذن‪ ،‬فاإلشكال ال يتعلق بالتفكير أو بالتفسير‪ ،‬لكن يتعلق بإستراتيجية البحث التي تسمح بمعرفة الظروف المادية والبنيوية ‪        ‬‬
‫واإلنسانية للظرفية التي تحت وتعرف هذه الحرية وهذه العقالنية‪ ،‬ومنه معنى الس لوكات المالحظ ة في الواق ع‪ .‬أي فهم الظرفي ة‬
‫‪.‬التي تحدد تصرف وسلوك وإستراتيجية وعقالنية الفاعلين االجتماعيين والتي ال تالحظ كوقائع عينية في الواقع المعاش‬

‫‪‬‬ ‫‪ Organisation :‬التنظيم‬
‫التنظيم ال يمكن تعريفه كأنه جماعة من األفراد‪ ،‬إن ه الفض اء ال ذي تنس ج في ه عالق ات الس لطة‪ ،‬وعالق ات التفاع ل بين‪          ‬‬
‫‪.‬التأثير والتأثر‪ ،‬التسويق والتبادل التجاري والحساب (ترشيد الموارد)‬

‫إن التنظيمات‪ /‬المقاوالت ليست آليات الضغط واإلكراه كما تظهر لمنتقديها‪ ،‬فعالقات الصراع والتن افر ليس ت موج ودة‪          ‬‬
‫وفق مخطط قبلي‪ ،‬والمقاولة ليست محبولة على الصراع لكنها تشكل ذلك الفضاء الذي يتم فيه التعبير عن التناقضات والرهان ات‬
‫المختلفة‪ ،‬لكن في ذلك الوقت هناك تنسيق بين األفراد‪ .‬إن التنظيم ال يمكن تعريفه تعريفا ماديا كتحديد عيني‪ ،‬ب ل ه و ش يء يب نى‬
‫اجتماعيا وبه رهانات مختلفة‪ ،‬ومظاهر للتنسيق[‪…]21‬إن كروزيي وفريدبارغ يعتبران أن التنظيم ظ اهرة سوس يولوجية‪ ،‬وه و‬
‫بناء اجتماعي يوجد ويتغير فقط لكون أنه يستطيع االستناد إلى ألعاب تمكنه من االندماج مع اس تراتيجيات الف اعلين ب ه‪ ،‬كم ا أن ه‬
‫‪.‬يضمن للمشاركين استقالليتهم كفاعلين أحرار ومتعاونيين[‪]22‬‬

‫إن التنظيم حسب كروزيي ال يستطيع أن يشتغل كآلة ولن يس تطيع ذل ك أب دا‪ ،‬فمردوديت ه له ا عالق ة بكف اءة الك ل االنس اني ‪    ‬‬
‫المكون له فيما يتعلق بتنسيق األنشطة بطريقة عقالنية وهذا مرتبط بتطور التكنولوجيا ولكن مرتبط أساسا بالشكل الذي يكون فيه‬
‫‪.‬األفراد قادرين على ممارسة اللعب‪ ،‬أي بمعنى لعبة التعاون فيما بينهم[‪]23‬‬

‫إن الجهاز المفاهيمي للتحليل االستراتيجي يتميز بتعدده وتنوعه‪ ،‬وهو ما يستدعي المهتم به ان يض طلع على أعم ال مختلف ة ‪    ‬‬
‫عند كروزيي وفريدبارغ‪ ،‬هذه االضطالع الكامل والشامل هو الكفيل بإعطاء تصور أولي للعمق السوسيولوجي في هذه النظري ة‬
‫‪.‬والوقوف على التجديد الذي قدمته في محاولة فهم غرائب الواقع االجتماعي للحقل التنظيمي وفق تصور سوسيولوجي‬

‫بعض التصورات النقدية‬

‫إن إسهامات م‪ .‬كروزيي في حقل سوسيولوجيا التنظيمات تبقى ذات عمق سوسيولوجي هام‪ .‬لقد اسهم التحلي ل االس تراتيجي ‪    ‬‬
‫النسقي بال شك في تجديد سوسيولوجيا التنظيم انطالقا من مفهوم عالقات السلطة‪ ،‬غير أن ه بص فة عام ة‪ ،‬يتغاض ى عن مص ادر‬
‫التف اوت في عالق ات الس لطة ومع نى ذل ك أن ه ال يتط رق إلى المح ددات االجتماعي ة واالقتص ادية والسياس ية والس يكولوجية‬
‫والديمغرافية وغيرها‪ ،‬لهذا التفاوت في عالقات السلطة‪ .‬وبتعبير اخر يتجه تحليل التنظيم االجتماعي للنزاعات ولعالقات الس لطة‬
‫إلى االلتفاف ح ول نفس ه دون مرجعي ة للعوام ل الخارجي ة‪ .‬يق ول ك روزيي وفري دبارغ إن “الق وة وال ثراء والس معة والس لطة‪،‬‬
‫وباختصار كل موارد يكتسبها أوالئك أو هؤالء ال تتدخل إال حين تمنح حرية فعل أك بر”‪ .‬ولكن من أين ت أتي ه ذه الم وارد ال تي‬
‫يكتسبها هؤالء وهؤالء؟ هل تظهر في عالقة السلطة أم سابقة لها؟ يعترف الكاتبان بأنهم ا ي دركان “التف اوت الهيكلي ال ذي يم يز‬
‫إمكانيات الفعل المتعددة لمختلف “الالعبين” داخل التنظيم” ال كنهما ال يوليان له االعتبار في نموذجيهما؛ وذلك ما يالحظه بي ار‬
‫حين يقول أن‪“ :‬الورشة ما هي إال بل ورة نش اطات ض من نس ق يتجاوزه ا إلى ح د بعي د ج دا‪ ،‬وال ذي يرس م )‪ (P.Rolle‬رول‬
‫الشروط األساسية للتفاعالت التي نالحظها فيه‪ ،‬نسق ال يمكن للمنظم تجاهله ح تى وإن لم يس تطع تحويل ه”‪ .‬وعلى ه ذا األس اس‬
‫تقوم الفكرة القائلة بإمكانية وجود تسلسل هرمي لعالقات سلطة تحددها عوامل خارجية عنها‪ ،‬وذلك ما ال يأخ ده تحلي ل ك روزيي‬
‫بالحسبان[‪ .)..(]24‬ومن االنتقادات الموجهة لك روزيي أن ه رك ز على‪  ‬اللعب في التنظيم‪  ‬ومن اطق الظ ل كمص ادر للس لطة م ع‬
‫إغفال موارد خارجية مثل رأس المال والقوى البوليسية واالنتماء الطبقي والط ائفي أو ك ذلك الت أثير الشخص ي من ط ابع م ادي‬
‫‪ Sansaulieu.‬وسيكولوجي‪ ،‬وهذا ما دهب إليه‬

‫وعموما‪ ،‬يلقى التحليل اإلستراتيجي بذلك بعض الصعوبات في إحداث نقل ة من السوس يولوجيا الجزئي ة إلى تحلي ل المجتم ع ‪    ‬‬
‫بصفة عامة‪ ،‬ذلك أن المجموعات االتصالية التي أسسها‪ ،‬من الفرد إلى االجتم اعي غ ير موج ودة به ذه الص فة‪ .‬وبتعب ير اخ ر ال‬
‫يمكن اختزال االجتماعي في التنظيمي وحده الذي يخفي االرتياب مصدر الس لطة‪ ،‬إذ من المؤك د وج ود ق وى من طبيع ة أخ رى‬
‫تــعبر االجتماعي‪ ،‬وعلى هذا األساس نتساءل عن ما إذا لم تمثل الرغبة في وصف كل الحاالت االجتماعية بشبكة تحلي ل واح دة‬
‫خطرا؟‬

‫في الخت ام‪ ،‬ي رى سانس وليو أن التحلي ل االس تراتيجي يح ول الفاع ل إلى ن وع من اإلنس ان االس تراتيجي يش كل الحس اب ‪    ‬‬
‫والمساومة وبالتالي العقالنية أهم صفاته‪ .‬يمتاز الفاعلون بقابلية اإلستبدال‪ ،‬كم ا يظه ر الفاع ل الجم اعي من جه ة أخ رى بمثاب ة‬
‫مركب متجانس من األفراد المتماثلين‪ ،‬وحس ب الك اتب ذات ه تكمن “ص عوبة ه ذا التحلي ل النس قي في الحقيق ة في أخ د التمثالت‬
‫الفكرية وثقافات وقيم ومعايير واديولوجيات باالعتب ار(…) أن ال تفس ر دوم ا وكلي ة حتمي ة األف راد من خالل الثقاف ة الموروث ة‬
‫والعنف الرمزي الذي تمارسه الثقافات المهيمنة وتعقيد األلعاب العالئقية في تنظيم‪ ،‬فثمة مالحظ ة ق وة اس تقاللية األث ر التنظيمي‬
‫مستقلة عن عالم التمثالت )‪ (jeux de pouvoir‬الذي يؤكد عليه الكاتب باستمرار‪ .‬ولكن هل لهذا السبب تكون لعبة السلطة‬
‫والقيم والمآرب؟ أال يمثل الفكر أيضا قوة ووساطة ال غنى عنها بين الواقع المدرك والفعل؟ إن الحديث عن الثقاف ة بص فتها ق درة‬
‫لتعزيز فكرة الحرية في العالق ة‪ (culturalisme) ،‬متدخلة في األلعاب االستراتيجية هو بالتأكيد طريقة لنقد الحثمية الثقافوية‬
‫لكننا نندهش لكون الكاتب بقي كتوما حول المشكل الرئيس ي للتمثالت واألفك ار والثقاف ات باعتباره ا بع دا انس انيا عميق ا في ك ل‬
‫‪.‬العالقات‪ ،‬حتى االستراتيجية مهنا”[‪]25‬‬

‫إن تتبع إسهامات سوسيولوجيا التنظيات سواء عند فيبر أو عند كروزيي يبقى أمرا من الصعب اإلحاطة ب ه في مق ال معين‪     ،‬‬
‫وه ذا يفتح المج ال للمزي د من البحث النظ ري وض رورة التقعي د المف اهيمي من جه ة‪ ،‬وض رورة مس ائلة واقعن ا التنظيمي‬
‫والمقاوالتي من خالل مدى صدقية هذه البناءات النظرية ونجاعتها في تفكيك البنيات االجتماعية والثقافي ة والسياس ية لمؤسس اتنا‬
‫ب الرغم من أن أغلب ه ذه النظري ات ظه رت في ابس تيمي مرتب ط بالمجتمع ات الص ناعية‪ .‬إن سوس يولوجيا التنظيم ات عام ة‪،‬‬
‫وإسهامات فيبر وكروزيي من بعده‪  ،‬تبقى تخصصا ونقاشا مبررا‪ ،‬خاص ة في ظ ل الوض ع ال ذي يتم يز ب ه الحق ل التنظيمي في‬
‫‪.‬مجتمعاتنا‬

‫‪:‬قائمة المراجع‬

‫‪ :‬المراجع العربية‬

‫‪‬‬ ‫‪ .‬السيد الحسيني‪ :‬النظرية االجتماعية ودراسة التنظيم‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬الطبعة الرابعة‪1983 ،‬‬
‫‪‬‬ ‫بن عيسى محمد المهدي‪ :‬ثقافة المؤسسة ‪:‬دراسة ميدانية للمؤسسة االقتص ادية العمومي ة في الجزائ ر‪ ،‬أطروح ة دكت وراه في علم‬
‫‪.‬االجتماع‪ ،‬جامعة الجزائر‪2005-2004 ،‬‬
‫‪‬‬ ‫جان بي ار دوران و روب ير فاي ل‪ :‬علم االجتم اع المعاص ر‪ ،‬ترجم ة ميل ود ط واهري‪ ،‬ابن الن ديم للنش ر والتوزي ع ودار الرواف د‬
‫‪.‬الثقافية‪-‬ناشرون‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الطبعة األولى‪2012 ،‬‬
‫‪‬‬ ‫جون سكوت وجوردون مارشال‪ :‬موسوعة علم االجتماع‪ ،‬ترجمة أحمد زايد واخرون‪ ،‬المركز القومي للترجمة‪ ،‬الطبع ة الثاني ة‪،‬‬
‫‪2011.‬‬
‫‪‬‬ ‫فيليب كابان وجان فرانسوا دورتيه‪ :‬علم االجتماع‪ :‬من النظريات الكبرى إلى الشؤون اليومية‪ ،‬أعالم وتواريخ وتي ارات‪ ،‬ترجم ة‬
‫‪.‬إياس حسن‪ ،‬دار الفرقد‪ ،‬الطبعة األولى‪2010 ،‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ .‬لحبيب معمري‪ :‬التنظيم في النظرية السوسيولوجية‪ ،‬منشورات ما بعد الحداثة‪ ،‬الطبعة االولى‪2009 ،‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ .‬محمد على محمد وآخرون‪ :‬دراسات في علم االجتماع واالنتروبولوجيا‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مصر‪1975 ،‬‬

‫‪:‬المراجع األجنبية‬

‫‪‬‬ ‫‪Claude Louche : Psychologie sociale des organisations، éditions Armand Colin، 2‬‬
‫‪édition، Paris،‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Jean-pierre Durand ، Robert Weil : Sociologie contemporaine، Edition VIGOT-3‬‬
‫‪édition revue et augmenté، Paris، 2006‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Gilles Herreros : Au-delà de la sociologie des organisations، Sciences sociales et‬‬
‫‪intervention، éditons érès،‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Crozier، E.Friedberg : L’acteur et le système، éditions du seuil، 1977.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪crozier، E.Freidberg : L’acteur et le système، éditions du seuil، Paris، 1981.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Crozier : Le phénomène bureaucratique، éditions du seuil، 1963Michel De Coster،‬‬
‫‪François Pichalt : Traité de sociologie du travail، De Boeck Université، 2édition، Paris،‬‬
‫‪1988.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Michel Foudriat : Sociologie des organisations، édition PEASON Education، 2‬‬
‫‪éditions،‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Philippe Bernoux : La sociologie des entreprises، éditions du seuil،‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Raymond Aron : Les étapes de la pensée sociologique، Editions Gallimard،‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪[1]– Gilles Herreros : Au-delà de la sociologie des organisations، Sciences sociales et‬‬
‫‪intervention، Editons érès، 2008، p: 35.‬‬

‫من رواد مدرسة العالقات اإلنسانية ومن االوائل الذين قدموا نقدا لفكر المدرس ة ‪ Oliver Shildon‬يعتبر أوليفر شيلدون‪.*-‬‬
‫‪.‬الكالسيكية وإلعمال تايلور خاصة وذلك من خالل عمله الموسوم ب‪ :‬فلسفة اإلدارة ‪1923‬‬

‫‪[2]-Michel De Coster، François Pichalt : Traité de sociologie du travail، De Boeck‬‬


‫‪Université، 2édition، Paris، 1988، P : 14.‬‬

‫‪[3]-Michel Foudriat : Sociologie des organisations، édition PEASON Education، 2‬‬


‫‪éditions، 2007،p : 3.‬‬

‫محمد على محمد وأخرون‪ :‬دراسات في علم االجتماع واألنتروبولوجيا‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬الطبع ة األولى‪ ،‬مص ر‪ ،1975 ،‬ص‪– :‬‬
‫‪]4[.322‬‬

‫جون سكوت وجوردون مارشال‪ :‬موسوعة علم االجتماع‪ ،‬ترجمة أحمد زايد وآخرون‪ ،‬المركز القومي للترجمة‪ ،‬الطبع ة –‪[5] ‬‬
‫‪.‬الثانية‪ ،2011 ،‬ص‪407 :‬‬

‫‪[6]– Raymond Aron : Les étapes de la pensée sociologique، Editions Gallimard،‬‬


‫‪1967، p : 556.‬‬

‫‪Bureau‬البروقراطية‪ :‬استعمل هذا المفهوم من قبل مجموعة من الباحثين والمفكرين والبيروقراطية كلمة مكون ة من ش قين‪* -‬‬
‫وتعني الحكم‪ -‬السلطة‪ ،‬أي سلطة المكاتب‪ .‬وقد اختلفت المعاني المقدمة لمفه وم البيروقراطي ة حيث أن‪ Cratie‬وتعني المكتب و‬
‫كارل ماركس استعمل هذا المفهوم بمعنى سلبي‪ ،‬إذ يربطها بالهيمنة الطبقية التي تمثل في الدور الذي تلعبه الدول ة كجه از طبقي‬
‫بمفه وم البيروقراطي ة في تحليل ه لنظ ام‪ Alexis De Tocqueville  ‬يخدم مصالح طبقة معينة…إضافة إلى ماركس اهتم‬
‫الديمقراطية في الواليات المتحدة االمريكية من خالل المعيقات الوظيفية والمخاطر ال ني تواج ه وته دد االدارة ال تي تتم يز بق در‬
‫…كبير من الديمقراطية‬

‫فيليب كابان وجان فرانسوا دورتيه‪ :‬علم االجتماع‪ :‬من النظريات الكبرى إلى الشؤون اليومية‪ ،‬أعالم وتواريخ وتي ارات‪[7] – ،‬‬
‫‪.‬ترجمة إياس حسن‪ ،‬دار الفرقد‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2010 ،‬ص‪49 :‬‬

‫العالقة بين القانون االداري وعلم االدارة‬


‫ادا كان القانون االداري يرتبط ارتباطا وثيقا باإلدارة نظرا للتقارب بينهما‬
‫فان موضوعات االدارة و دراستها تستقل عن الدراسات القانونية بصفة‬
‫عامة اذ يسائر القانون االداري بالجانب القانوني التي تهم االدارة بينما‬
‫يتولى علم االدارة دراسة الجوانب الفنية و التنظيمية لإلدارة و الوصول‬
‫الى افضل الوسائل و انجحها لتحقيق الكفاءة و حسن االداء و العمل‬
‫االداري و البحث عن المردودية االنتاجية في التنفيذ‬
‫اذا كان القانون االداري يعالج القواعد القانونية و التنظيمية لإلدارة و يحدد‬
‫نشاطها اختصاصاتها و صالحيتها‪  ‬و ضبط العالقة بينها و بين االفراد و‬
‫تنظيم الرقابة القضائية على العمل القضائي على العمل االداري فان علم‬
‫االدارة او العلوم االدارية تتناول االسس و المبادئ و االحكام التي تقوم‬
‫عليها تنظيم الهياة االدارية و انشطتها من الناحية التقنية و العلمية و‬
‫العملية فهو يهم بالتنظيم و التخطيط و التنسيق و التوجيه و صنع القرار‬
‫االداري و من هنا يتضح ان االدارة العامة تمثل محور الدراسة لكل من‬
‫علم االدارة و القانون االداري الى انه كل منهما اي القانون االداري و‬
‫علم االدارة ينظر الى هذا الجهاز من زاوية مختلفة فعلم االدارة ينظر‬
‫لإلدارة من الجانب الوظيفي و المادي و القانوني‬
‫من هذا المنطلق فعلم االدارة يدرس الظاهرة االدارية كونها ظاهرة علمية‬
‫و يدرسها من مختلف الجوانب المتصلة بحركية االدارة و قراراتها و‬
‫عالقاتها بمختلف القوى الفاعلة في العمل االداري‬

You might also like