You are on page 1of 717

‫ُ َُ‬

‫ورة طه‬ ‫س‬

‫وهي مكية وعدد آياتها مائة وخمس ثالثون‬

‫ى‬ ‫َ َ ََۡ َ َۡ َ ُۡ ۡ َ َ َ ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬طه ‪ ١‬ما أنزلا عليك ٱلقرءان ل ِتشق ‪}٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬طه‪ .‬ما أنزلنا عليك أيها الرسول القرآن لتتعب نفسك بما ال طاقة لك به‪.‬‬
‫َ ۡ‬ ‫َ َ ََۡ َ َۡ َ ُۡ ۡ َ َ‬
‫ان ل ِتَ ۡش َ ى‬
‫ق ‪ :}٢‬هي كقوله‪ { :‬فٱق َر ُءوا َما‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬وقال مجاهد في قوله‪ { :‬ما أنزلا عليك ٱلقرء‬
‫يعلقون الحبال بصدورهم في ّ‬ ‫ّ‬
‫ان }[املزمل‪ ،]20 :‬وكانوا‬ ‫ََ َ َ َ ُۡ ۡ َ‬
‫الصالة‪.‬‬ ‫تيّس مِن ٱلقرء ِ‬

‫َ َ ۡ َ َ َۡ‬
‫ي َ ى‬
‫ش ‪}٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إَِّل تذكِرة ل ِمن‬
‫ََ ُ‬
‫ان َمن ياف َوعِي ِد ‪٤٥‬‬ ‫ََ ۡ َُۡۡ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وما أنزلناه إال تذكرة لتذكر به من يخش ى هللا ويخاف وعيده‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فذكِر ب ِٱلقرء ِ‬
‫}[ق‪.]45 :‬‬

‫ۡ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬تَزنيل ِّ َِم ۡن َخل َق ٱلۡر َض َوٱ َ‬
‫لس َم ى َو ى ِت ٱل ُعَل ‪}٤‬‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هذا القرآن تنزيل من هللا رب العاملين الذي خلق األرض والسماوات العلى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫ّ‬
‫ي ‪[}٤٣‬الحاقة‪.]43 :‬‬ ‫تَزنيل مِن َرب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ََ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ َلر ۡح َم ى ُن لَع ٱل َع ۡر ِش ٱ ۡس َت َو ىى ‪} ٥‬‬
‫ً‬
‫استواء يليق بعظمته من غير تكييف وال تشبيه وال تعطيل‪ ،‬فاهلل‬ ‫واملعنى‪ :‬الرحمن استوى على العرش‬
‫َ َ‬
‫ال يشبهه ش يء من خلقه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ليس ك ِمثل ِه يشء}[الشورى‪.]11 :‬‬

‫َ َ ََۡ ُ َ َ َ َۡ َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫قوله تعالى‪ُ َ { :‬لۥ َما ِف ٱ َ‬


‫لس َم ى َو ى ِت َو َما ِِف ٱلۡر ِض وما بينهما وما تت ٱلَّثى ‪} ٦‬‬
‫ى‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هلل وحده جميع ما في السموات وما في األرض وما بينهما وما تحت األرض‪ ،‬ملكا وخلقا وعبدا‪،‬‬
‫َ‬
‫ماوات َوالر ِض إ ِ ََّل آِت َ‬
‫الرْح ِن َعبدا}[مريم‪،]93 :‬‬ ‫ِ‬
‫ُ ُّ‬
‫ُك َمن ِف َ‬
‫الس‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬إِن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ت َه ۡر بٱل َق ۡول فإنَ ُهۥ َي ۡعل ُم ٱ ِ َ‬
‫لّس َوأ ۡخ ََف ‪}٧‬‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫فإنه تعالى يعلم السر وما هو أخفى من ّ‬‫ّ‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫السر مما توسوس به‬ ‫وإن تجهر بدعاء هللا وذكره‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ َ ُ َ َ ُ َ‬ ‫ان َونَعلَ ُم َما َ‬
‫توسو ُ‬ ‫َ َ‬ ‫نفسك‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولَ َقد َخلَ َ‬
‫بل الورِي ِد}[ق‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ح‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫َل‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ب‬‫قر‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫َن‬‫و‬ ‫ه‬ ‫فس‬‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫نس‬‫اإل‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫قن‬
‫‪.]16‬‬
‫َ َ َ َُ‬
‫ات َوالر ِض إِن ُه َكن غفورا‬ ‫الّس ِف َ‬
‫الس َم َ‬
‫او ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬قُل أَ َ ُ‬
‫نزل َاَّلِي َيعلَ ُم ِ َ‬
‫ِ‬
‫َرحِيما}[الفرقان‪.]6 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ن ‪}٨‬‬ ‫َّلل َّل إِل ى َه إَِّل ُه َو ُل ٱل ۡس َما ُء ٱ ُ‬
‫ل ۡس َ ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ َ ُ‬

‫واملعنى‪ :‬هللا هو املتفرد بالوجود الحقيقي الجامع لصفات األلوهية‪ ،‬فال معبود بحق في الوجود إال‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ب َوٱلش َه ى َدة ِ ه َو‬ ‫َّلل ٱ ََّلِي ََّل إ َل ى َه إ ََّل ُه َو َع ىل ُِم ٱ ۡل َغ ۡ‬
‫ي‬ ‫هو‪ ،‬فاهلل تعالى ذو األسماء الحسنى‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬ه َو ٱ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ل َب ُ ۡ َ َ ُ‬
‫ار ٱل ُمتك ِبر‬ ‫يز ٱ ۡ َ‬
‫لس َل ى ُم ٱل ۡ ُم ۡؤم ُِن ٱل ۡ ُم َه ۡي ِم ُن ٱ ۡل َعز ُ‬ ‫َّلل ٱ ََّلِي ََّل إ َلى َه إ ََّل ُه َو ٱل ۡ َمل ُِك ٱ ۡل ُق ُّد ُ‬
‫وس ٱ َ‬
‫ِ ِ‬
‫ِيم ‪ُ ٢٢‬ه َو ٱ َ ُ‬
‫ٱ َلر ۡح َم ى ُن ٱ َلرح ُ‬
‫ِ‬
‫َۡ‬ ‫ن ي ُ َسب ُح َ ُلۥ َما ِف ٱ َ َ‬ ‫ل ۡس َ‬ ‫ُ َ َ ُ ۡ َ ُ َۡ ُ ُۡ َ ُ َُ ۡ َ ۡ َ ُ ۡ‬ ‫ُ ۡ َىَ َ َ َ ُۡ ُ َ‬
‫ت َوٱلۡر ِض‬‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ُ‬ ‫ار ٱلمصوِر ل ٱلسماء ٱ‬ ‫شوُكون ‪ ٢٣‬هو ٱَّلل ٱلخىل ِق ٱل ِ‬ ‫سبحن ٱَّللِ عما ي ِ‬
‫ِيم ‪[}٢٤‬الحشر‪.]24- 22 :‬‬ ‫لك ُ‬‫يز ٱ ۡ َ‬
‫َو ُه َو ٱ ۡل َعز ُ‬
‫ِ‬

‫َ َ َى َ َ ُ‬ ‫ۡ َ‬
‫ِيث ُِّ َ ى‬
‫وس ‪} ٩‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وهل أتىك حد‬
‫واملعنى‪ :‬وهل أتاك خبر موس ى عليه السالم؟‬
‫َۡ ََى َ َ ُ‬
‫ِيث ُِّ َ ى‬
‫وس ‪[}٩‬النازعات‪.]15 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬هل أتىك حد‬

‫ُ ۡ َ َ َ َۡ َ ُ ََ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ ُ َ َ‬ ‫ۡ ُُ‬ ‫ۡ ََ َ ََ َ َۡ‬


‫جد لَع ٱلارِ هدى ‪١٠‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِذ رءا نارا فقال ِلهلِهِ ٱمكثوا إ ِ ِن ءانست نارا لع َِل ءاتِيكم مِنها بِقب ٍس أو أ ِ‬
‫}‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬حين رأى في الليل نارا موقدة‪ ،‬فقال ألهله‪ :‬انتظروا وامكثوا مكانكم‪ ،‬إني أبصرت نارا من بعيد‪،‬‬
‫َ‬ ‫َََ َ َ ى ُ َ َََۡ ََ َ َۡ‬
‫ار بِأهلِهِۦ َءان َس مِن‬‫لعلي أجيئكم منها بشعلة تستدفئون بها‪ ،‬كما قال تعالى‪۞{ :‬فلما قض ِّوس ٱلجل وس‬
‫ُ َ‬ ‫ُ ۡ َ ََ َۡ َ ۡ َ َ َ َ َ ُ َ‬ ‫ت نَارا َل َعَل َ‬ ‫ۡ ُ‬
‫ك ُثوا إن َءان َ ۡس ُ‬ ‫ُّ َ َ َ َ ۡ‬
‫ار ل َعلك ۡم ت ۡص َطلون‬
‫ِ‬ ‫ل‬‫ٱ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ة‬ ‫و‬‫ذ‬‫ج‬ ‫و‬‫أ‬ ‫ب‬
‫ٍ‬ ‫ِب‬
‫ِ‬ ‫ا‬‫ه‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫م‬ ‫ِيك‬ ‫ت‬ ‫ا‬‫ء‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫م‬ ‫ٱ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫ور نارا قال ِل‬
‫ِب ٱلط ِ‬
‫َ‬
‫جان ِ‬
‫‪[}٢٩‬القصص‪ ،]29 :‬أو أجد على النار هاديا يدلنا على الطريق‪.‬‬

‫َ‬ ‫ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فل َما أتَى ى َها نُود َِي َي ى ُم َ ى‬
‫وس ‪} ١١‬‬
‫واملعنى‪ :‬فلما أتى موس ى عليه السالم تلك النار‪ ،‬نودي من الجانب األيمن بالنسبة له املشتمل على‬
‫ۡ ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫البقعة املباركة من ناحية الشجرة‪ :‬يا موس ى‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فَلَ َما أتَى ى َها نُود َِي مِن َ ى‬
‫ش ِطي ٱل َوادِ ٱل ۡي َم ِن ِِف ٱلُق َعةِ‬
‫وس إن َأنَا ٱ َ ُ‬
‫َّلل َر ُّب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬ ‫َُۡ َ َ َ َ َ َ ُ َ‬
‫ي ‪[}٣٠‬القصص‪.]30 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ٱلمبى َروُكةِ مِن ٱلشج َرة ِ أن ي ىم ى ِ ِ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ ِن أنَا َر ُّب َك فٱ ۡخل ۡع َن ۡعل ۡي َك إِنَ َك ب ِٱل َوادِ ٱل ُم َق َد ِس ُطوى ‪} ١٢‬‬
‫َّلل َر ُّب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬إني أنا هللا ربك ورب العاملين‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ي ى ُم َ ى‬
‫ي ‪[}٣٠‬القصص‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫وس إ ِ ِن أنا ٱ‬
‫ۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َ َ‬
‫املطهر من أرض سيناء‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِذ نادى ى ُه َر ُّب ُهۥ ب ِٱل َوا ِد ٱل ُمق َد ِس ُطوى‬ ‫‪ّ ،]30‬إنك يا موس ى اآلن بواد طوى ّ‬
‫‪[}١٦‬النازعات‪.]16 :‬‬

‫َََ ۡ َۡ ُ َ‬
‫ك فَٱ ۡس َت ِم ۡع ل َِما يُ َ ى‬
‫وح ‪} ١٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأنا ٱختت‬
‫َ َ ََ‬
‫واملعنى‪ :‬وأنا هللا اخترتك واصطفيتك برسالتي وبكالمي‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قَ َال َي ى ُم َ ى‬
‫وس إ ِ ِن ٱ ۡص َطف ۡي ُتك لَع‬
‫َ ى َى َ َ َ‬
‫كل ى ِم }[األعراف‪ ،]144 :‬فاستمع سماع قبول ملا يوحى إليك‪.‬‬ ‫ٱلَ ِ‬
‫اس ب ِ ِرسل ِت وب ِ‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬


‫َّلل َّل إل ى َه إَّل أنَا فٱ ۡع ُب ۡدن َوأقِم ٱ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إنَن أنَا ٱ َ ُ‬
‫لصل ىوةَ َِّلِوُك ِري ‪}١٤‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬

‫َ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ ۡ َ ُ ۡ َ ى ُّ‬
‫ع ‪} ١٥‬‬ ‫ى ُُك َن ۡفس ب ِ َما ت َ ۡس َ ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱلساعة ءاتِية أكاد أخفِيها ِِلجز‬
‫ك َن‬
‫َ َ‬
‫ِيها َول ى ِ‬ ‫اع َة ٓأَلت َِية ََّل َر ۡي َ‬
‫بف‬ ‫واملعنى‪ :‬وإ ّن يوم القيامة آلت ال ريب فيه‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إ َن ٱ َ‬
‫لس َ‬
‫ِ‬
‫َ ُۡ ُ َ‬ ‫كََ‬ ‫َ ۡ‬
‫ون ‪[}٥٩‬غافر‪ ،]59 :‬أكاد أخفيها من نفس ي‪ ،‬فكيف يعلمها أحد من املخلوقين‪ ،‬فقد ثقل‬ ‫َّث ٱلَ ِ‬
‫اس َّل يؤمِن‬ ‫أ‬
‫َ َ ََ َ‬
‫ان ُِّ ۡر َسى ى َها قُ ۡل إ َن َما ع ِۡل ُم َها عِندَ‬ ‫ُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫علمها على أهل السماوات واألرض‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ي َ ۡسَٔٔلونك َع ِن ٱلساعةِ أي‬
‫ُۡ‬ ‫ُ َ َ َََ َ َ ي َ‬ ‫َ َىَى َ ۡ َ ِ َ َۡ ُ‬
‫ِيك ۡم إ ََّل َب ۡغ َتة ي َ ۡ‬ ‫ِيها ل َِو ۡقت َها إ ََّل ُه َو َث ُق َل ۡ‬
‫َرب ََّل ُُيَل َ‬
‫َف ع ۡن َها قل‬ ‫ِ‬ ‫ح‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ون‬ ‫ل‬ ‫ٔ‬
‫َ‬ ‫ٔ‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫أ‬‫ت‬ ‫َّل‬ ‫ض‬ ‫ۡر‬ ‫ل‬‫ٱ‬‫و‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫و‬‫م‬ ‫لس‬ ‫ٱ‬ ‫ِف‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كن أكَّث ٱ َل ِ‬
‫ْ‬
‫اس َّل يعلمون ‪[}١٨٧‬األعراف‪]187 :‬؛ لكي تجزى كل نفس بما عملت في‬ ‫إِنما عِلمها عِند ٱَّللِ ول ى ِ‬
‫ي ِِف َج َنىت َونَعِيم ‪[}١٦‬الطور‪.]16 :‬‬ ‫الدنيا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إ َن ٱل ۡ ُم َتقِ َ‬
‫ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬فل يَ ُص َدنَ َك َع ۡن َها َمن َّل يُ ۡؤم ُِن ب ِ َها َوٱ َت َب َع َه َوى ى ُه ف َ ۡت َد ىى ‪} ١٦‬‬
‫يصرفنك يا موس ى عن اإليمان بالقيامة من ال يؤمن بها وال يستعد لها‪ ،‬واتبع هوى نفسه‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬فال‬
‫فتهلك يا موس ى‪.‬‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ومعنى قوله تعالى‪{ :‬ف َت َدى} أي تهلك‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ { :‬و َما ُيغ ِن َعن ُه َما ُل إِذا تَ َر َدى}[الليل‪.]11 :‬‬
‫َ‬

‫َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ َ َ ُ ُّ َ َ َ‬
‫لَع َغ َن ِم َو َ‬ ‫ََ ۡ َ‬
‫ك ب َيمين َِك َي ى ُم َ‬
‫ِيها َمَٔٔارِ ُب‬
‫لف َ‬
‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ا‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ش‬ ‫ه‬ ‫أ‬‫و‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ا‬‫ؤ‬‫وُك‬‫و‬ ‫ت‬‫أ‬ ‫اي‬‫ص‬‫ع‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫‪١٧‬‬ ‫ى‬
‫وس‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وما ت ِل ِ‬
‫ُ‬
‫أ ۡخ َر ىى ‪}١٨‬‬
‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قَ َال أ ۡلقِ َها َي ى ُم َ ى‬
‫وس ‪} ١٩‬‬
‫َۡ‬
‫واملعنى‪ :‬قال هللا تعالى‪ :‬ألق عصاك يا موس ى‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وألق َع َص َ‬
‫اكر }[النمل‪ ،]10 :‬وقال تعالى‪{ :‬‬ ‫ِ‬
‫َوأ ۡن ألق َع َص َ‬‫َ َۡ‬
‫اكر }[القصص‪.]31 :‬‬ ‫ِ‬

‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فأل َقى ى َها فإِذا ِ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََۡ‬
‫ع ‪} ٢٠‬‬ ‫ه َح َية ت ۡس َ ى‬
‫كأنها ّ‬
‫جان‪ ،‬كما‬ ‫واملعنى‪ :‬فألقى موس ى عصاه على األرض‪ ،‬فإذا هي صارت حية تتحرك حركة سريعة ّ‬
‫ََۡ ُ َ ۡ‬ ‫َ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُّ َ َ َ َ َ َ َ ُ ۡ‬
‫قال تعالى‪ { :‬وأل ِق عصاكر فلما ر َءاها تهت كأنها جان و ىل مدبِرا ولم يعقِ ر‬
‫ب }[النمل‪.]10 :‬‬

‫ُۡ َ‬ ‫َ ََۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬


‫ِري َت َها ٱل ى‬
‫ول ‪}٢١‬‬ ‫يد َها س َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال ُخذ َها َوَّل َتف َس ُنعِ ُ‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬قال هللا تعالى‪ :‬يا موس ى خذها وال تخف‪ ،‬فال يخاف ّ‬
‫لدي املرسلون‪ ،‬وإنك من اآلمنين‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬ ‫ََ ۡ َۡ َ َ َ ََ‬ ‫ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ََ ُ َ‬ ‫َى ُ َ ى َ ََ ۡ‬
‫اكر فل َما َر َءاها‬‫وس َّل َتف إ ِ ِن َّل ياف ََل َي ٱل ُم ۡر َسلون ‪[}١٠‬النمل‪ ،]10 :‬وقال تعالى‪ { :‬وأن أل ِق عص‬ ‫تعالى‪ { :‬يم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ ُ َ ۡ َى ُ َ ى َۡ ۡ َ َ ََ ۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ى‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ َ ُّ َ َ َ‬
‫ب يموس أقبِل وَّل َتف إِنك مِن ٱٓأۡل ِمن ِي ‪[}٣١‬القصص‪ ،]31 :‬سوف‬ ‫تهت كأنها جان ول مدبِرا ولم يع ِق ر‬
‫نعيدها عصا كما كانت في حالتها األولى التي تعرفها‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬


‫ري ُسو ٍء َءايَة أ ۡخ َر ىى ‪}٢٢‬‬ ‫َ ۡ ُ ۡ ََ َ ى َ َ َ ُ ۡ َۡ َ َ ۡ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱضمم يدك إِل جناحِك َترج بيضاء مِن غ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬واضمم يا موس ى كف يدك إلى جنبك األيسر‪ ،‬تخرج بيضاء كالثلج من غير برص أو عاهة‬
‫معجزة ثانية غير العصا‪ ،‬في تسع آيات إلى فرعون وقومه‪.‬‬
‫َ‬
‫ري ُسوء ِِف ت ِۡسعِ َء َاي ٍى‬
‫ت إ ِ ىل‬ ‫ضا َء م ِۡن َغ ۡ‬‫َ ۡ َ َُۡ ۡ َۡ َ‬
‫ي‬ ‫ب‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫َت‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ج‬ ‫ِف‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وأَ ۡدخ ِۡل يَ َد َ‬
‫ك‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َۡ ۡ‬ ‫ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ي ‪[}١٢‬النمل‪ ،]12 :‬وقوله تعالى‪ { :‬ٱ ۡسلك يَ َد َك ِِف َج ۡيبِك َت ُرج َب ۡيضا َء م ِۡن‬ ‫س ِق َ‬
‫ف ِۡرع ۡون َوق ۡو ِمهرِۦ إِن ُه ۡم َكنوا ق ۡوما ف ى ِ‬
‫سقِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫َ َ َ ۡ َۡ َ َ ََ‬ ‫ك م َِن ٱ َلر ۡه َ َ َ ُ ۡ َ َ‬‫َ ۡ ُ َ ۡ ُ ۡ َۡ َ َ َ َ َ‬
‫ي‬ ‫َليهِرۦ إِن ُه ۡم َكنوا ق ۡوما ف ى ِ‬
‫ان مِن ربِك إ ِ ىل ف ِرعون وِّ ِ‬
‫ب فذ ىن ِك برهىن ِ‬
‫ِ‬ ‫غريِ سوء وٱضمم إَِلك جناح‬
‫‪[}٣٢‬القصص‪.]32 :‬‬

‫ۡ ُ‬ ‫ُ َ َ‬
‫ك م ِۡن َء َاي ىت ِ َنا ٱلك ۡ َ‬
‫بى ‪} ٢٣‬‬ ‫ُِني‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ل ِ‬

‫َ‬ ‫ۡ‬
‫غ}‬‫ب إ ِ ىل ف ِۡر َع ۡو َن إِنَ ُهۥ َط َ ى‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱذ َه ۡ‬
‫واملعنى‪ :‬اذهب يا موس ى إلى فرعون؛ ّإنه ّ‬
‫تمرد على رّبه وتجاوز قدره‪.‬‬
‫ۡ َ ۡ َ‬
‫ب إ ِ ىل ف ِۡر َع ۡو َن إِنَ ُهۥ َط َ ى‬
‫غ ‪[}١٧‬النازعات‪.]17 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬ٱذه‬

‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫ش ۡح ِل َص ۡدرِي ‪} ٢٥‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال َرب ٱ َ‬
‫ِ‬
‫ْ‬
‫وس ْع لي صدري‪ ،‬وأز ْل الضيق عن صدري لحمل هذا األمر‬ ‫واملعنى‪ :‬قال موس ى عليه السالم‪ :‬ر ّب ّ‬
‫َ َ ُ َ ُ َ‬
‫كذِبُ‬ ‫َ َ َ‬
‫ون‬
‫ِ‬ ‫ب إ ِ ِن أخاف أن ي‬
‫العظيم‪ ،‬فقد ضاق صدري به‪ ،‬كما قال تعالى مخبرا عن قول موس ى‪ { :‬قال ر ِ‬
‫‪[}١٢‬الشعراء‪.]12 :‬‬

‫َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ ۡ ُۡ ُ ۡ َ‬ ‫ََ ۡ َۡ‬


‫ان ‪َ ٢٧‬يفق ُهوا ق ۡو ِل ‪َ ٢٨‬وٱ ۡج َعل ِل َو ِزيرا م ِۡن أه َِل ‪ ٢٩‬هى ُرون‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وي ِّس ِل أِّ ِري ‪ ٢٦‬وٱحلل عقدة مِن ل ِس ِ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫أ ِِخ ‪ ٣٠‬ٱش ُد ۡد بِهِۦ أ ۡزرِي ‪}٣١‬‬

‫َ‬ ‫َۡ ۡ‬
‫شوُك ُه ِِف أ ِّۡ ِري ‪} ٣٢‬‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وأ ِ‬
‫َ ُ ُ َۡ‬ ‫َ‬
‫وأشرك هارون معي في الرسالة وتبليغ الدعوة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وأ ِِخ هى ُرون ه َو أف َص ُح م ِِن‬
‫ْ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫ُ َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ل َِسانا فأ ۡرسِل ُه َم َ ۡ ُ َ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪[}٣٤‬القصص‪.]34 :‬‬
‫ع رِدءا يصدِق ِن إ ِ ِن أخاف أن يكذِب ِ‬‫ِ‬

‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ۡ َ َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫نت ب ِ َنا بَ ِصريا ‪}٣٥‬‬
‫كك َ‬ ‫حك كثِريا ‪َ ٣٣‬ونذك َر َك كثِريا ‪ ٣٤‬إِن‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ك نسب ِ‬

‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫َ َ َۡ ُ َ ُ َۡ َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬قال قد أوتِيت سؤلك يموس ‪} ٣٦‬‬
‫َ َ‬ ‫واملعنى‪ :‬قال هللا تعالى ملوس ى عليه السالم‪ :‬قد أعطيتك كل ما َ‬
‫ى‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قال‬ ‫سألته يا موس‬
‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ ُ‬
‫َو َم ِن ٱت َب َعك َما ٱلغ ىل ُِبون‬ ‫ك َما بَٔٔ َاي ىت َنا ر أَ ُ‬
‫نت َما‬
‫َ َ ُ ُّ َ ُ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ ُ َ ُ ۡ َ ى َ َ َ ُ َ َ ۡ ُ‬
‫صلون إَِل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سنشد عضدك بِأخِيك ونعل لكما سلطنا فل ي ِ‬
‫َ ۡ َ َ َ َ ُ َىُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ون نَبِيا ‪[}٥٣‬مريم‪.]53 :‬‬ ‫‪[}٣٥‬القصص‪ ،]35 :‬وقال تعالى‪َ { :‬و َوه ۡب َنا ُلۥ مِن رْحتِنا أخاه هر‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َق ۡد َم َن َنا َعل ۡي َك َِّ َرة أ ۡخ َر ىى ‪} ٣٧‬‬

‫ى‬ ‫ۡ َۡ َ ۡ َ َى ُ َ َ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِذ أوحينا إِل أمِك ما يوح ‪} ٣٨‬‬
‫َ َ‬ ‫ََۡ َ َۡ َ ُ ُ َ َ ۡ َ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ضعِيهِ فإِذا‬ ‫ل أ ِم ِّ ى‬
‫وس أن أۡر ِ‬ ‫مننا عليك حين ألهمنا أمك إلرضائك‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وأوحينا إ ِ ى‬
‫ۡ‬ ‫ك َو َجاعِلُ ُ‬ ‫ۡ َ َ َ َ َ َ َ َ ۡ َ َ َ ُّ ُ َ‬ ‫َ َۡ ََۡ‬ ‫ۡ‬
‫وه م َِن ٱل ُم ۡر َسل َِي ‪[}٧‬القصص‪.]7 :‬‬ ‫وه إ ِ َۡل ِ‬‫اِف وَّل تز ِن إِنا راد‬
‫ت عليهِ فألقِيهِ ِِف ٱَل ِم وَّل َت ِ‬
‫خِف ِ‬
‫لساحِل يَأۡ ُخ ۡذ ُه َع ُدو ل َو َع ُدو َ ُل رۥ َو َأ ۡل َق ۡيتُ‬
‫وت َفٱ ۡق ِذفِيهِ ِف ٱ َۡلَ ِم فَ ۡل ُي ۡل ِقهِ ٱ َۡلَ ُّم بٱ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أ ِن ٱق ِذفِيهِ ِِف ٱِلاب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َم َبة مِن َو ِِلُ ۡص َن َع َ َ ى‬
‫لَع َع ۡي ِن ‪} ٣٩‬‬ ‫َ َۡ َ ََ‬
‫عليك‬
‫ِ‬
‫ابنك بعد والدته في التابوت‪ ،‬ثم اطرحيه في النيل‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬فإذا خفت على مصير ابنك‪ ،‬فضعي َ‬
‫ّ‬
‫فسوف يلقيه النيل على الساحل‪ ،‬فيأخذه فرعون عدو هللا وعدو البنك فيما بعد‪ ،‬فال تخافي وال تحزني‪ ،‬فإنا‬
‫َ‬ ‫ۡ ََ ََ‬ ‫َ َۡ ََۡ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫ََۡ َ َۡ َ ُ ُ َ َ ۡ َ‬
‫اِف َوَّل‬
‫ت عليهِ فألقِيهِ ِِف ٱ ََل ِم وَّل َت ِ‬
‫ضعِيهِ فإِذا خِف ِ‬ ‫ل أ ِم ِّ ى‬
‫وس أن أۡر ِ‬ ‫إليك‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وأوحينا إ ِ ى‬ ‫ّ‬
‫سنرد ابنك ِ‬
‫ۡ‬ ‫ك َو َجاعِلُ ُ‬ ‫َ َ ُّ ُ َ‬ ‫َۡ‬
‫مني في قلوب‬ ‫محبة ّ‬ ‫وألقيت عليك يا موس ى ّ‬ ‫ُ‬ ‫وه م َِن ٱل ُم ۡر َسل َِي ‪[}٧‬القصص‪،]7 :‬‬ ‫وه إ ِ َۡل ِ‬
‫ِ‬ ‫ت َزن إِنا راد‬
‫ََ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت ٱ ِّۡ َرأ ُت ف ِۡر َع ۡون ق َر ُت َعي ِل ولك َّل‬
‫فأحبك فرعون وزوجته التي قالت‪َ { :‬وقال ِ‬
‫الخلق‪ ،‬ال يراك أحد إال أحبك‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫َۡ ُُ ُ َ َ ى َ َ َ ََ َۡ ََ َ ُ ََ َ ُ ۡ َ َۡ ُ ُ َ‬
‫تقتلوه عس أن ينفعنا أو نت ِخذهۥ وَلا وهم َّل يشعرون ‪[}٩‬القصص‪ ،]9 :‬ولتتربى في بيت فرعو في ظل رعايتي‬
‫ن‬
‫وحفظي‪.‬‬

‫َ َۡ َ‬ ‫ِك َ ۡ َ َ َ ُ‬ ‫ُ ۡ ُ َ َ َ ُ ُ َ ۡ َ ُ ُّ ُ ۡ َ َ ى َ َ ۡ ُ ُ ُ َ َ َ ۡ َ ى َ َ ى ُ َ‬ ‫ۡ َ‬
‫ك تق َر ع ۡين َها َوَّل ت َز ر‬
‫ن‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِذ ت ۡم ِش أختك فتقول هل أدلكم لَع من يكفلهۥ فرجعنك إِل أم‬
‫وس ‪} ٤٠‬‬ ‫لَع قَ َدر َي ى ُم َ ى‬ ‫ِي ِف أَ ۡهل َم ۡد َي َن ُث َم ج ۡئ َ‬
‫ت َ َى‬ ‫ت ِسن َ‬ ‫َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ى َ َ ۡ َ َ َ َ َى َ‬
‫ك ُف ُتونا ر فَلَب ۡث َ‬ ‫وقتلت نفسا فنجينك مِن ٱلغ ِم وفتن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومننا عليك حين تمش ي اختك عل الشاط بأمر من ّأمك تتابع التابوت عن جنب‪ ،‬كما قال‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ ُُ َ ُ ۡ َ َۡ ُُ َ‬ ‫ََ ُ َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ۡ ُۡ‬
‫ون ‪ 11١١‬القصص‪ ،]:‬ثم تقول ملن أخذك بعد‬ ‫ُصت بِهِۦ عن جنب وهم َّل يشعر‬ ‫صيهِ فب‬ ‫تعالى‪َ { :‬وقالت ِلختِهِۦ ق ِ‬
‫ْأن حرمنا عليك املراضع‪ :‬هل أدلكم من يرضعه لكم ويكفله‪ ،‬وال يمنعه ما ينفعه في تربيته وغذائه؟ كما قال‬
‫َ ۡ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ُّ ُ ۡ َ َ ى َ ۡ َ ۡ َ ۡ ُ ُ َ ُ َ ُ ۡ َ ُ ۡ َ ُ َ ى ُ َ‬ ‫َۡ ََ ۡ‬
‫حون‬ ‫ص‬‫اض َع مِن قبل فقالت هل أدلكم لَع أه ِل بيت يكفلونهۥ لكم وهم لۥ ن ِ‬ ‫تعالى‪َ ۞{ :‬و َح َرمنا عل ۡيهِ ٱل َم َر ِ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ثم َ‬ ‫‪[}١٢‬القصص‪ ،]12 :‬فرددناك يا موس ى إلى ّأمك كي تطيب نفسها‪ ،‬وال تحزن على فقدك‪ّ ،‬‬
‫الرجل‬ ‫قتلت خطأ‬
‫فنجيناك من ّ‬
‫غم قتله‬ ‫ض َعلَ ۡيهِ }[القصص‪ّ ،]15 :‬‬ ‫وكزته‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فَ َو َوُك َزهُۥ ُِّ َ ى‬
‫وس َف َق َ ى‬ ‫َ‬
‫القبطي الذي‬
‫خوفا من العقوبة‪ ،‬بمجيء جل ينصحك بالخروج من مصر‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َجا َء َر ُجل م ِۡن أَ ۡق َصا ٱل ۡ َمد َ‬
‫ِين ِة‬ ‫ر‬
‫ح َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُُۡ َ َ ۡ ۡ‬ ‫ۡ‬
‫َ ۡ َ ى َ َ َى ُ َ ى َ ۡ َ َ َ َ‬
‫ي ‪[}٢٠‬القصص‪ ،]20 :‬واختبرناك‬ ‫ص ِ‬‫وس إِن ٱل َمل يأت ِم ُرون بِك َِلَقتلوك فٱخ ُرج إ ِ ِن لك م َِن ٱلَ ى ِ‬ ‫يسع قال يم‬
‫فمكثت سنين في أهل مدين‪ ،‬ثم َ‬
‫جئت في املوعد الذي ّ‬
‫قدرناه يا‬ ‫َ‬ ‫اختبارا بعد اختبار قبل اصطفائك للرسالة‪،‬‬
‫موس ى‪.‬‬

‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ۡص َط َن ۡع ُت َك ِلَف ِس ‪} ٤١‬‬
‫واملعنى‪ :‬واصطعنك واخترتك برسالتي وبكالمي إلقامة حججي‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قَ َال َي ى ُم َ ى‬
‫وس إ ِ ِن‬
‫َ َى‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ َ َ ُ ۡ‬ ‫َى َ‬ ‫ۡ َ َُۡ َ ََ‬
‫لشكِر َ‬
‫ين ‪[}١٤٤‬األعراف‪.]144 :‬‬ ‫ِ‬ ‫سل ى ِت َوبِكل ى ِم فخذ َما َءات ۡي ُتك َووُكن مِن ٱ‬ ‫ك لَع ٱ َل ِ‬
‫اس ب ِ ِر‬ ‫ٱصطفيت‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َى َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ ۡ َ َ ََ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱذهب أنت وأخوك ِبَٔٔاي ِت وَّل تنِيا ِِف ذِكرِي ‪} ٤٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬اذهب يا موس ى أنت وأخوك هارون بحججي ومعجزاتي إلى فرعون وقومه الذين كذبوا بآياتنا‪،‬‬
‫ين َك َذبُوا بَٔٔ َاي ىت ِ َنا فَ َد َِّ ۡر َنى ُه ۡم تَ ۡدِِّريا ‪[}٣٦‬الفرقان‪ ،]36 :‬وال ُ‬ ‫َ‬ ‫َُۡ ۡ َ َ َۡ‬
‫تضعفا‬ ‫ِ‬ ‫كما قال تعالى‪ { :‬فقل َنا ٱذه َبا إِل ٱلق ۡو ِم ٱ ِ‬
‫َّل َ‬

‫وال تفترا عن مداومة ذكري‪.‬‬

‫َ‬ ‫ۡ‬
‫غ ‪} ٤٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱذ َه َبا إ ِ ىل ف ِۡر َع ۡو َن إِنَ ُهۥ َط َ ى‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬اذهبا إلى فرعون‪ ،‬إنه تجاوز الحد في الكفر والعصيان حين ادعى األلوهية‪ ،‬بقوله ‪ -‬كما حكى‬
‫َ َ َ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ ُّ ُ‬
‫ك ُم ٱ ۡل ۡ َ ى‬
‫ى ف ِۡر َع ۡون ِِف ق ۡو ِمهِۦ قال ي ىق ۡو ِم أليۡ َس ِل‬
‫اد ى‬‫لَع ‪[}٢٤‬النازعات‪ ،]24 :‬وقوله‪ { :‬ون‬ ‫القرآن عنه ‪ { : -‬فقال أنا رب‬
‫َ‬
‫َۡ َ َ ُۡ ُ َ‬ ‫ُ ۡ ُ ۡ َ َ َى ۡ ََۡىُ َۡ‬
‫ِّلك ُِِّص وه ِذه ِ ٱلنهر ترِي مِن ت ِت أفل تب ُِصون ‪[}٥١‬الزخرف‪.]51 :‬‬

‫َ َ َ َۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ف ُقوَّل ُلۥ ق ۡوَّل َلِنا ل َعل ُهۥ َي َتذك ُر أ ۡو ي َ ى‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ش ‪} ٤٤‬‬
‫واملعنى‪ :‬فقوال لفرعون قوال لطيفا ال خشونة فيه‪ ،‬لعله يفكر فيما تبلغانه‪ ،‬أو يخاف رّبه‪.‬‬
‫اللين الذي أمر هللا تعالى موس ى وهارون عليهما السالم به في هذه اآلية قد جاء ما يفسره في‬ ‫والقول ّ‬
‫َ َ ۡ َ َ َى َ َ َ َ ۡ َ‬ ‫ى‬ ‫َُۡ َ َ َ َ َ َََ‬
‫سورة النازعات‪ ،‬وهو قوله تعالى‪ { :‬فقل هل لك إ ِ ىل أن تزّك ‪ ١٨‬وأهدِيك إِل ربِك فتخش ‪[}١٩‬النازعات‪:‬‬
‫ى‬
‫‪.]18-19‬‬

‫َ َ‬ ‫َ‬‫َََ ََ َ‬‫ۡ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫َناف أن َيف ُر َط َعل ۡي َنا أ ۡو أن َي ۡط َ ى‬
‫غ ‪} ٤٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قاَّل ربنا إِننا‬
‫واملعنى‪ :‬قال موس ى وهارون عليهما السالم‪ :‬ربنا ّإننا نخاف ْأن يبادرنا بالعقوبة‪ ،‬أو ْأن ّ‬
‫يتمرد على الحق‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومما يخافه موس ى عليه السالم من فرعون وقومه أنه قتل منهم نفسا فيخاف أن يقتلوه عند ما‬
‫ََ َ ُ َ َۡ ُُ‬ ‫َ َ ُ ۡ َ ََ َ‬
‫ون‬
‫لَع ذۢنب فأخاف أن يقتل ِ‬ ‫يذهب إليهم‪ ،‬على سبيل القصاص منه‪ ،‬كما حكاه هللا عنه في قوله‪ { :‬ولهم‬
‫‪[}١٤‬الشعراء‪.]14 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ََ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬قال َّل َتافا إِنَ ِن َم َعك َما أ ۡس َم ُع َوأ َر ىى ‪} ٤٦‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قال هللا تعالى لهما‪ :‬ال تخافا‪ ،‬إنني معكما بالنصر والتاييد‪ ،‬فاذهبا إلى فرعون بمعجزاتنا‪ ،‬إني‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ‬
‫لَك فَٱ ۡذ َه َ‬
‫بَٔٔاي ىت ِ َنا إِنا َم َعكم ُِّّ ۡس َت ِم ُعون‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫معكما أسمع كالمكما وأرى كل ما يقع‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قال‬
‫‪[}١٥‬الشعراء‪.]15 :‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َى َ َ َ ُ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ ۡ َ ى َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ ُ َُ َ َ َ ُ َ َ َ ََۡ ۡ‬
‫بَٔٔاية مِن ربِك‬
‫جئنك ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فأتِياه فقوَّل إِنا رسوَّل ربِك فأرسِل معنا ب ِن إِسءِيل وَّل تعذِبهم قد ِ‬
‫ۡ‬ ‫لس َل ى ُم َ َ ى‬
‫لَع َم ِن ٱ َت َب َع ٱل ُه َد ىى ‪} ٤٧‬‬ ‫َوٱ َ‬

‫وخل عنهم‪ ،‬كما‬ ‫واملعنى‪ :‬فأتيا فرعون فقوال له‪ّ :‬إنا رسول رّبك وهو رب العاملين‪ ،‬فأطلق بني إسرائيل‪ّ ،‬‬
‫ۡ َى َ‬ ‫َۡ َ ۡ‬ ‫َۡ َ ۡ َ ۡ َ َُ َ َ َ ُ ُ‬
‫ول َرب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬
‫سءِيل ‪[}١٧‬الشعراء‪ ،]16-17 :‬وال‬ ‫ي ‪ ١٦‬أن أ ۡرسِل َم َع َنا بَ ِن ِإ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال تعالى‪ { :‬فأتِيا ف ِرعون فقوَّل إِنا رس‬
‫َ‬ ‫ۡ ََۡ َ ُ‬
‫ال ف ِۡر َع ۡون‬ ‫ۡ َ‬
‫تعذبهم باستعبادهم‪ ،‬وذبح أبنائهم‪ ،‬واستحياء نسائهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَوذ نينىكم مِن ء ِ‬
‫ّْ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك ۡم ُسو َء ٱل َعذ ُ ُ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ َ َ ُ ۡ َ‬‫َ‬
‫َُ ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬
‫ك ۡم َع ِظيم ‪[}٤٩‬البقرة‪:‬‬ ‫اب يذ ِّبون أبناءكم ويستحيون ن ِساءك رم و ِف ذ ىل ِكم بلء مِن رب ِ‬
‫ِ‬ ‫يسوِّون‬
‫‪ ،]49‬قد أتيناك بمعجزات واضحات من رّبك‪ ،‬والسالمة واألمن من عذاب هللا تعالى ملن اتبع هداه‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬


‫وح إ َۡل َنا أ َن ٱل َعذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ ُ‬
‫لَع َمن كذ َب َوتَ َو ىل ‪} ٤٨‬‬ ‫اب ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنا قد أ ِ َ ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنا قد أوحى هللا إلينا ّأن عذابه خالص ملن كذب بآيات هللا وأعرض عن شريعته وطاعته‪ ،‬كما‬
‫ۡ ۡ‬ ‫َََ َ َ َ‬
‫ه ٱل َمأ َو ىى ‪[}٣٩‬النازعات‪ ،]37-39 :‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫ح َ‬
‫يم ِ َ‬ ‫ل ِ‬‫ل َي ىوةَ ٱ َُّل ۡن َيا ‪ ٣٨‬فَإ َن ٱ ۡ َ‬
‫غ ‪َ ٣٧‬و َءاثَ َر ٱ ۡ َ‬‫ى‬ ‫قال تعالى‪ { :‬فأما من ط‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ُۡ ُ‬
‫ك ۡم نَارا تَل َظ ىي ‪َّ ١٤‬ل يَ ۡصلى ى َها إَِّل ٱلش َق ‪ ١٥‬ٱَّلِي كذ َب َوتَ َو ىل ‪[}١٦‬الليل‪.]14-16 :‬‬ ‫{ فأنذرت‬

‫ك َما َي ى ُم َ ى‬
‫َ َ ُّ ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫وس ‪} ٤٩‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال فمن رب‬
‫واملعنى‪ :‬قال فرعون‪ :‬فمن رّبكما يا موس ى؟‬
‫قال فِر َعو ُن َوما َر ُّب العالَم َ‬
‫ي }‪.‬‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬‬

‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫يش ٍء َخل َق ُهۥ ث َم َه َد ىى ‪}٥٠‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال َر ُّب َنا ٱَّلِي أ ۡع َط ىي ُك ۡ‬

‫واملعنى‪ :‬قال موس ى عليه السالم‪ :‬رّبنا الذي أعطى كل ش يء شكله الالئق به على أحسن صورته‪ ،‬ثم‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫وقدره له‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬واَّلِي ق َد َر ف َه َدى}[األعلى‪.]3 :‬‬ ‫أ شده إلى االنتفاع بما خلقه هللا ّ‬
‫ر‬

‫ُۡ َ‬
‫ُُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ۡ‬ ‫َ َ َ‬
‫ون ٱل ى‬
‫ول ‪} ٥١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال فما بال ٱلقر ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قال فرعون ملوس ى عليه السالم‪ :‬فما حال األمم السابقة؟‬
‫ام ُنوا ب ِ َما نُز َل َ َ ى‬
‫لَع‬ ‫ت َو َء َ‬ ‫ام ُنوا َو َعملُوا ٱ َ ى َ‬
‫لصل ِحى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومعنى البال في هذه اآلية الحال املهم‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬
‫ِ‬
‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ ََ ۡ َ َ َ َ‬ ‫َ ۡ ََ َ َُۡ ۡ َ‬ ‫ُ َ َ َ ُ َ ۡ َ ُّ‬
‫سَٔٔات ِ ِهم وأصلح بالهم ‪[}٢‬محمد‪ ،]2 :‬أي حالهم‪.‬‬
‫َممد وهو ٱلق مِن رب ِ ِهم كفر عنهم ِ‬

‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬


‫ِند َرب ِف ك َِتىب َّل يَضل َرب َوَّل يَ َ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال عِل ُم َها ع َ‬ ‫َ َ‬
‫نس ‪} ٥٢‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ََ ۡ‬ ‫ِيها ُس ُبل َوأَ َ‬
‫نز َل م َِن ٱ َ‬
‫لس َماءِ َماء فأخ َر ۡج َنا بِهِۦ أ ۡز َو ىجا‬
‫َ ََ َ ُ ُ َۡ َ َۡ َ َ َ َ َ ُ‬
‫ك ۡم ف َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِي جعل لكم ٱلۡرض ِّهدا وسلك ل‬
‫ت ‪}٥٣‬‬ ‫مِن َن َبات َش َ ى‬
‫وميسرة لالنتفاع بها‪ ،‬وجعل لكم فيها طرقا تسلكونها‪ ،‬كما‬ ‫واملعنى‪ :‬رّبي الذي جعل لكم األرض ممهدة ّ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ُُ َََُ َ َُ َ‬
‫ون}[األنبياء‪ ،]31 :‬وقال تعالى‪َ { :‬و َ ُ‬
‫اَّلل َج َعل لك ُم الرض‬ ‫قال تعالى‪َ { :‬و َج َعلنا فِيها ف ِجاجا سبل لعلهم يهتد‬
‫ُ ُ‬
‫بِساطا‪ ،‬ل ِتَسلكوا مِنها ُس ُبل ف ِجاجا}[نوح‪ ،]19-20 :‬وأنزل هللا من السحاب مطرا‪ ،‬فأخرجنا به أنواعا مختلفة‬
‫من النبات‪.‬‬

‫ُّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َى َ َ‬ ‫ُُ َ ۡ َ ۡ َۡ َى َ ُ ۡ َ‬


‫ى‬ ‫ى‬
‫قوله تعالى‪ُ { :‬كوا وٱرعوا أنعمك رم إِن ِِف ذل ِك ٓأَليت ِلو ِل ٱله ‪} ٥٤‬‬

‫ُ‬ ‫ُۡ‬ ‫َۡ‬


‫ك ۡم تَ َارة أ ۡخ َر ىى ‪} ٥٥‬‬
‫ُ ُ‬ ‫ۡ َ َ َى ُ ۡ َ َ ُ ُ ُ‬
‫يدك ۡم َوم ِۡن َها َن ِرج‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬مِنها خلقنكم وفِيها نعِ‬
‫واملعنى‪ :‬من األرض خلقناكم أيها الناس‪ ،‬وفيها نعيدكم بعد موتكم‪ ،‬ومنها نخرجكم أحياء تارة أخرى‪.‬‬
‫ُ َ ُ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ون}[األعراف‪.]25 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فِيها ت َيون َوفِيها ت ُموتون َومِنها َترج‬

‫َ‬ ‫َُ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َق ۡد أ َر ۡي َنى ُه َء َاي ىت ِ َنا ُك َها فكذ َب َوأ َ ىب ‪} ٥٦‬‬
‫ينا ُِّ َ‬ ‫واملعنى‪ :‬ولقد أ َ ْينا فرعون تسع آياتنا كلها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولَ َقد َءاتَ َ‬
‫ت‬‫ِسع َءايَ ِ‬ ‫وس ت َ‬ ‫ر‬
‫َ َ‬
‫ح ُدوا ب ِ َها َوٱ ۡست ۡيق َن ۡت َها‬
‫ّ‬
‫فكذب بها وأبى اإليمان والطاعة ظلما وعلوا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َج َ‬ ‫بَي ِ َنات}[اإلسراء‪،]101 :‬‬
‫ُُ َ ُ َ َ َ َ َ ُ ۡ ۡ‬ ‫ُ ۡ‬ ‫َ ُ‬
‫سد َ‬
‫ِين ‪[}١٤‬النمل‪.]14 :‬‬ ‫أنف ُس ُه ۡم ظلما َوعلو را فٱنظ ۡر ك ۡيف َكن ع ىقِ َبة ٱل ُمف ِ‬

‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال أ ۡ َ َ ۡ َ‬
‫ض َنا بِسِ ۡحر َك َي ى ُم َ ى‬
‫وس ‪} ٥٧‬‬ ‫جئتنا ِلِ ُخ ِر َجنا م ِۡن أۡر ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬قال فرعون ملوس ى‪ :‬هل جئتنا لتخرجنا من أرضنا مصر‪ ،‬بما أظهرته من سحرك هذا يا‬
‫موس ى؟‬
‫ُ ُ َ‬
‫حر َعل ِيم ‪ ٣٤‬ي ِريد أن‬ ‫َل َح ۡو َ ُلۥ إ ِ َن َهى َذا لَ َ ى‬
‫س ِ‬
‫َ َ ََۡ‬
‫وهذا املعنى متكرر في آيات كثيرة‪ ،‬منها قوله تعالى‪ { :‬قال ل ِلم ِ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫َ َ َ َۡ ُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُۡ‬
‫ج ۡئت َنا ِلِ َل ِف َت َنا ع َما‬
‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫ق‬ ‫{‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫وقوله‬ ‫]‪،‬‬ ‫‪34-35‬‬ ‫اء‪:‬‬‫ر‬ ‫}[الشع‬ ‫‪٣٥‬‬ ‫ون‬ ‫ر‬‫ِّ‬ ‫أ‬‫ت‬ ‫ا‬‫اذ‬ ‫م‬ ‫ف‬ ‫ۦ‬‫ِ‬ ‫ه‬‫ر‬‫ح‬‫ك م بس ۡ‬
‫ِِ ِ‬ ‫ي ِر َجكم مِن أ ِ‬
‫ض‬ ‫ۡر‬
‫َ َ َۡ ُ َ ُ َ ُ ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ ۡ َ َ َۡ َ َ ََ َ َ ُ َ َ ُ ۡ‬
‫ون لك َما ٱلك ِۡبِيَا ُء ِِف ٱلۡر ِض وما َنن لكما بِمؤ ِمن ِي ‪[}٧٨‬يونس‪.]78 :‬‬
‫َ‬ ‫وجدنا عليهِ ءاباءنا وتك‬

‫َ َ‬ ‫َ ُۡ ُ ُ َۡ ُ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ ۡ َ َ‬


‫نت َمَكنا ُسوى ‪ ٥٨‬قال‬ ‫س ۡحر مِثلِهِۦ فٱ ۡج َعل بَ ۡي َن َنا َوبَ ۡي َنك َِّ ۡوعِدا َّل َنل ِفهۥ َنن وَّل أ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فل َنأت ِيَنك ب ِ ِ‬
‫َ ََ ُۡ َ َ َ ُ ُ‬ ‫َۡ ُ ُ‬
‫ك ۡم يَ ۡو ُم ٱلزِين ِة وأن يش ٱلاس ضح ‪} ٥٩‬‬ ‫ِّوعِد‬

‫ُ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ف َت َو ىل ف ِۡر َع ۡو ُن ف َج َم َع ك ۡي َدهُۥ ث َم أ ىِت ‪}٦٠‬‬
‫واملعنى‪ :‬فانصرف فرعون عما أتاه به موس ى من اآليات‪ ،‬فجمع سحرته من مدائن مملكته ّ‬
‫وأعد الكيد‬
‫ك ِل َ ى‬
‫س ِح ٍر َعل ِيم ‪[}٧٩‬يونس‪ ،]79 :‬ثم أقبل في‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ ۡ َۡ ُ ُۡ‬
‫ون ب ِ‬
‫إلظهار غلبة السحرة‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وقال فِرعون ٱئت ِ‬
‫املوعد ّ‬
‫املعين‪.‬‬

‫اب َمن ٱ ۡف َ َ‬
‫ت ى‬ ‫كم ب َع َذاب َو َق ۡد َخ َ‬ ‫َُ ۡ َ ُ‬ ‫َ َ َ ُ ُّ َ ى َ ۡ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ َ َ َ‬
‫ى ‪٦١‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حت‬ ‫توا لَع ٱَّللِ كذِبا فيس ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال لهم ِّوس ويلكم َّل تف‬
‫كم بسِ ۡحرهِماَ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُۡ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ۡ َ ى َى َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َََ َ ُ َۡ ُ ََُۡ ۡ ََ‬
‫ض‬
‫ان أن يرِجاكم مِن أۡر ِ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫فتنىزعوا أِّ َرهم بينهم وأسوا ٱلجوى ‪ ٦٢‬قالوا إِن هذ ِن لس ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫حر ِن يرِيد ِ‬
‫َ‬ ‫َ ََۡ ۡ‬ ‫ََۡ ُ ََۡ ُ ُ ۡ‬ ‫ََۡ ََ َ َ ُ ۡ‬
‫ك ۡم ث َم ٱئ ُتوا َصفا ر َوق ۡد أفل َح ٱَلَ ۡو َم َم ِن ٱ ۡس َت ۡع ىَل ‪} ٦٤‬‬ ‫ۡجعوا كيد‬ ‫َل ‪ ٦٣‬فأ ِ‬ ‫ك ُم ٱل ُم ۡث َ ى‬‫ويذهبا بِط ِريقت ِ‬

‫َۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬


‫ق ‪} ٦٥‬‬ ‫ون أ َول َم ۡن أل َ ى‬
‫َ ُ َ‬ ‫ق َ‬
‫ِإَوما أن نك‬ ‫وس إ ِ َما أن تُل ِ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا َي ى ُم َ ى‬
‫واملعنى‪ :‬قال السحرة ملوس ى عليه السالم‪ :‬يا موس ى ّإما ْأن تلقي عصاك أوال‪ ،‬وإما ْأن نكون أول من‬
‫َ ُ َى ُ َ ى َ َ ُۡ َ َ َ َ ُ َ َۡ‬
‫َن ُن ٱل ۡ ُم ۡلقِ َ‬
‫ي ‪[} ١١٥‬األعراف‪.]115 :‬‬ ‫ألقى؟ كما قال تعالى‪ { :‬قالوا يموس إِما أن تل ِق ِإَوما أن نكون‬

‫َ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ َ َ ُ ُ ۡ َ ُّ ُ ۡ ُ َ‬
‫ي َي ُل إ َ َۡلهِ مِن س ۡ‬
‫ِح ِره ِۡم أ َن َها ت َ ۡس َ ى‬
‫ع ‪} ٦٦‬‬ ‫ِ‬ ‫ِصيهم‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال بل ألقوا فإِذا حِبالهم وع ِ‬
‫ح َرةُ‬ ‫واملعنى‪ :‬قال موس ى عليه السالم للسحرة‪ :‬بل ألقوا ما أنتم ملقون‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فَلَ َما َجا َء ٱ َ‬
‫لس َ‬
‫َ‬ ‫َََۡ‬ ‫ُۡ َ‬ ‫وس َأ ۡل ُقوا َما أَ ُ‬
‫قَ َال ل َ ُهم ُِّّ َ ى‬
‫نتم ُِّّلقون ‪[}٨٠‬يونس‪ ،]80 :‬فلما ألقوا حبالهم وعصيهم قائلين‪ { :‬فألق ۡوا ح َِبال ُه ۡم‬
‫َ ۡ َ ۡ َ َ ََ ۡ ُ ۡ َى ُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ون ‪[}٤٤‬الشعراء‪ ،]44 :‬سحروا أعين الناس وأرهبوهم إرهابا شديدا‪،‬‬ ‫ِص َي ُه ۡم َوقالوا ب ِ ِعزة ِ ف ِرعون إِنا لحن ٱلغل ِب‬
‫َوع ِ‬
‫وه ۡم َو َجا ُءو ب حرۡ‬ ‫َ َ َُۡ َََ ََۡ ۡ َ َ ُ َ ۡ َُ َ ِ َ ۡ َۡ َُ ُ‬
‫ِسِ ٍ‬ ‫وجاءوا بسحر عظيم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قال ألقوا فلما ألقوا سحروا أعي ٱلاس وٱستهب‬
‫وعصيهم حيات تسعى‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫َع ِظيم ‪[} ١١٦‬األعراف‪ّ ،]116 :‬‬
‫فتخيل موس ى عليه السالم من قوة سحرهم ّأن حبالهم‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫نت ٱ ۡل ۡ َ ى‬
‫لَع ‪} ٦٨‬‬ ‫َُۡ َ ََۡ َ َ‬
‫كأ َ‬ ‫َ‬
‫ِيفة ُِّّ َ ى‬
‫وس ‪ ٦٧‬قلنا َّل َتف إِن‬
‫َۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فأ ۡو َج َس ِِف نفسِ هِۦ خ‬

‫ََ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫َۡ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وأل ِق َما ِِف يَ ِمين َِك تَل َقف َما َص َن ُعوا إ ِ َن َما َص َن ُعوا ك ۡي ُد َ ى‬
‫لساح ُِر َح ۡي ُث أ ىِت ‪} ٦٩‬‬
‫حر َوَّل ُيفل ُِح ٱ َ‬
‫س ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وأوحينا إلى موس ى عليه السالم ْأن ألق عصاك التي في يمينك‪ ،‬تبتلع ما صنعوا من إيهام الناس‬
‫َ َ ۡ َ ۡ َ َى ُ َ ى َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪[}١١٧‬األعراف‪ ،]117 :‬وقال‬ ‫أنه حق‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وأوحينا إِل ِّوس أن أل ِق عصاك فإِذا ِه تلقف ما يأفِك‬
‫تعالى‪َ { :‬و َألق ما ِِف يَ ِمين َِك تَل َقف ما َص َن ُعوا}[طه‪ّ ،]69 :‬إن الذي صنعوه أمامك ليس إال َ‬
‫مكر ساحر‪ ،‬وال يفوز‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُ َ ى ََُ ُ َ ۡ َ َ‬
‫ح ِق ل َما‬ ‫الساحر بسحره حيث أتى‪ ،‬كما قال تعالى على لسان موس ى عليه السالم‪ { :‬قال ِّوس أتقولون ل ِل‬
‫َ َ ُ ۡ َ ۡ َ ى َ َ َ ُ ۡ ُ َى ُ َ‬
‫ون ‪[}٧٧‬يونس‪.]77 :‬‬‫حر‬
‫جاءكم أسِحر هذا وَّل يفل ِح ٱلس ِ‬

‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َُۡ َ َ َ َ ُ ُ َ َ ُ َ َ َ َ َىُ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬فأل ِق ٱلسحرة سجدا قالوا ءامنا بِر ِب هرون وِّوس ‪} ٧٠‬‬
‫برب العاملين‪ ،‬وهو ر ّب هارون وموس ى‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وخر السحرة سجدا‪ ،‬قالوا‪ :‬آمنا ّ‬
‫َ ُ َ ى َ َ‬ ‫ام َنا ب َرب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬
‫ِين ‪ ١٢٠‬قَالُوا َء َ‬ ‫َُۡ َ َ َ َُ َ‬
‫وس َوه ى ُرون‬‫ب ِّ‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫‪١٢١‬‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫د‬‫ج‬ ‫ى‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬وأل ِق ٱلسحرة ِ‬
‫س‬
‫َ‬ ‫ۡ َىَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫َُۡ َ َ َ َُ َ‬
‫‪[} ١٢٢‬األعراف‪ ،]120-122 :‬وقوله تعالى‪ { :‬فأل ِق ٱلسحرة س ِجدِين ‪ ٤٦‬قالوا ءامنا بِر ِب ٱلعل ِمي ‪[}٤٧‬الشعراء‪:‬‬
‫‪.]46-47‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َََُ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ َ َ َ ُ ۡ َُ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ ُ ۡ َ ُ َ َ ُ ُ َ‬


‫لس ۡح َر فلق ِط َع َن أيۡدِيَك ۡم‬
‫ريك ُم ٱَّلِي عل َمك ُم ٱ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال ءامنتم لۥ قبل أن ءاذن لكم إِنهۥ لكب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َى َ َ ُ َ َ َ ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ق ‪} ٧١‬‬‫وع ٱ َل ۡخ ِل َوِلَ ۡعلَ ُم َن أ ُّي َنا أ َش ُّد َع َذابا َوأ ۡب َ ى‬ ‫ُ‬
‫ك ۡم ِِف ُجذ ِ‬ ‫َوأ ۡر ُجلكم مِن خِلف ولصل ِبن‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫صدقتم بموس ى قبل ْأن آذن لكم بذلك‪ ،‬إنه ملعلمكم الذي علمكم‬ ‫واملعنى‪ :‬قال فرعون للسحرة‪ :‬هل ّ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫علي وعلى أهل مصر لتظهروه‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قال ف ِۡر َع ۡون‬
‫السحر‪ ،‬وأخذتم السحر عنه‪ ،‬واتفقتم وإياه ّ‬
‫ََۡ َ َ َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ ُ ۡ َ َى َ ََ ۡ َ َ‬
‫ك ۡر ُت ُموهُ ِف ٱل ۡ َمد َ‬
‫ِينةِ ِلِ ُخ ِر ُجوا م ِۡن َها أهل َها ف َس ۡوف ت ۡعل ُمون ‪١٢٣‬‬ ‫ِ‬
‫ام ُ‬
‫نتم بِهِۦ قبل أن ءاذن لكم إِن هذا لمكر م‬ ‫َء َ‬
‫ّ‬
‫فألقط ّ‬
‫عن أيديكم وأرجلكم بقطع اليد اليمنى مع الرجل اليسرى أو العكس‪ ،‬ثم‬ ‫}[األعراف‪ ،]123 :‬قسما‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ‬
‫ألصلبنكم أجمعين في جذوع النخل‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬لق ِط َع َن أيۡدِيَك ۡم َوأ ۡر ُجلكم م ِۡن خِل ىف ث َم ل َصل َِب َنك ۡم‬
‫ورب موس ى أشد عذابا وأدوم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ولتعلمن أيها السحرة ّأينا أنا ّ‬ ‫ي ‪[} ١٢٤‬األعراف‪،]124 :‬‬ ‫أَ ۡ َ‬
‫ۡجعِ َ‬

‫اض إ ِ َن َما َت ۡق ِض َهى ِذه ِ ٱ ۡ َ‬


‫ل َي ىوةَ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قَالُوا لَن نُّ ۡؤث َِر َك َ َ ى‬
‫لَع َما َجا َءنا م َِن ٱلَيِنى ِ‬
‫ت َوٱَّلِي ف َط َرنا فٱق ِض ما أنت ق ٍ‬
‫ٱ َُّل ۡن َيا ‪} ٧٢‬‬
‫نفضلك على ما جاءنا به موس ى عليه السالم من البينات‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬قال السحرة لفرعون‪ْ :‬‬
‫لن‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫الواضحات الدالة على صدقه‪ْ ،‬‬
‫فاصنع ما أنت صانع‪ ،‬إنما سلطانك في هذه‬ ‫ولن نختارك على هللا الذي فطرنا‪،‬‬
‫الحياة الدنيا‪ ،‬فال ضرر علينا من عقابك‪ ،‬إنا راجعون إلى هللا وسيجازينا على صبرنا على عقابك‪ ،‬كما قال‬
‫َ ُ َ َ ۡ َ َ َى َ َ ُ َ ُ َ‬
‫ون ‪[}٥٠‬الشعراء‪.]50 :‬‬ ‫تعالى‪ { :‬قالوا َّل ضري إِنا إِل ربِنا منقل ِب‬

‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ََ َ َ ى َىَ َ َ َ ۡ‬
‫َّلل َخ ۡري َوأ ۡب َ ى‬
‫ق ‪} ٧٣‬‬ ‫لس ۡحر َوٱ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ٱ‬ ‫ك َر ۡه َت َنا َعلَ ۡيهِ م َ‬
‫ِن‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنا ءامنا بِربِنا َِلغ ِفر لا خطينا وما أ‬
‫ِ‬
‫َ َۡ َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬إنا آمنا ّ‬
‫بربنا وطمعنا أن يغفر لنا رّبنا ذنوبنا ويعفو عنا خطايانا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِنا نطمع أن‬
‫َ ُ َ َ ۡ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫أكرهتنا عليه في‬ ‫َي ۡغ ِف َر لَا َر ُّب َنا َخ َطى َيى َنا أن ك َنا أ َول ٱل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪[}٥١‬الشعراء‪ ،]51 :‬ويغفر لنا عمل السحر الذي‬
‫معارضة موس ى‪ ،‬وهللا خير لنا منك يا فرعون جز ًاء‪ ،‬وأبقى منك عذابا‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ع ‪[}٢٠‬طه‪:‬‬ ‫اَّلل َخري َوأبق} للرد على قول فرعون للسحرة‪ { :‬فَأ ۡل َقى ى َها فَإ ِ َذا ِ َ‬
‫ه َح َية ت َ ۡس َ ى‬ ‫والتذييل بقوله‪َ { :‬و َ ُ‬

‫‪.]71‬‬

‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََُ ۡ‬


‫مرما فإ َن ُلۥ َج َه َن َم َّل َي ُم ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬‫َ‬
‫يَى‬
‫ي ‪} ٧٤‬‬ ‫وت ف َ‬
‫ِيها َوَّل‬ ‫ت ربهۥ ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ُهۥ َمن يَأ ِ‬
‫فإن له نار جهنم ال يقض ى عليه فيموت‬ ‫واملعنى‪ّ :‬إن من يلقى به يوم القيامة وهو مجرم كافر به‪ّ ،‬‬
‫ر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ويستريح‪ ،‬وال يحيا فيتمتع بحياته‪ ،‬كما قال تعالى‪َّ{ :‬ل ُيقض َعلي ِهم ف َي ُموتوا َوَّل يفف عن ُهم مِن َعذاب ِ َها كذل ِك‬
‫َ ۡ َ َ َ ۡ َُۡ ى َُ َ َُ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡۡ َ‬ ‫ُك َك ُفور}[فاطر‪ ،]36 :‬وقال تعالى‪َ { :‬ويَ َت َ‬
‫َُ‬ ‫َ‬
‫ِيها َوَّل‬ ‫ج َن ُب َها ٱلشق ‪ ١١‬ٱَّلِي يصَل ٱلار ٱلكبى ‪ ١٢‬ثم َّل يموت ف‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ز‬
‫ِ‬ ‫ن‬
‫َ َ ۡ َ َ ُّ َ َ َ َ ُ َ ى ُ َ‬ ‫َ َ َ ۡ َى َى ُ َۡ‬ ‫يَى‬‫َۡ‬
‫ي ‪[}١٣‬األعلى‪ ،]11-13 :‬وقال تعالى‪ { :‬ونادوا يمل ِك َِلق ِض علينا ربك قال إِنكم مكِثون ‪[}٧٧‬الزخرف‪.]77 :‬‬

‫ُ ۡ َ ۡ َ َ َ ى َ ى َ ُ َى َ َ ُ ُ َ َ َ ى ُ ۡ ُ َ‬ ‫َ َۡ‬
‫ى‬
‫ت فأولئِك لهم ٱَلرجت ٱلعَل ‪} ٧٥‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ومن يأتِهِۦ ِّؤمِنا قد ع ِمل ٱلصل ِح ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ِيها ر َوذ ىل َِك َج َزا ُء َمن تَ َز ى‬
‫ّك ‪} ٧٦‬‬ ‫تت ِ َها ٱلنۡ َهى ُر َخ ى ِِل َ‬
‫ِين ف َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ت َع ۡدن ت ِري مِن‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ج َنى ُ‬

‫واملعنى‪ :‬لهم جنات عدن تجري من تحت قصورها وأشجارها األنهار ماكثين فيها أبدا‪ ،‬وذلك العطاء‬
‫ّ‬
‫الجزيل جزاء َم ْن تزكى وتطهر ِم ْن دنس الكفر واملعاص ي‪.‬‬
‫ت‬‫روى اإلمام الطبري بسنده عن ابن زيد‪ ،‬قال‪ :‬والتزكي في القرآن كله‪ :‬اإلسالم‪ ،‬وقرأ قول هللا‪َ { :‬ج َنى ُ‬
‫َ‬ ‫ِيها ر َو َذ ىل َِك َج َزا ُء َمن تَ َز َ ى‬
‫ّك ‪[}٧٦‬طه‪ ،]76 :‬قال‪ :‬من أسلم‪ ،‬وقرأ { َو َما يُدرِيك‬ ‫تت ِ َها ٱ ۡلَنۡ َه ى ُر َخ ى ِِل َ‬
‫ِين ف َ‬ ‫َۡ‬ ‫َۡ‬
‫َع ۡدن ت ِري مِن‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ل َعل ُه يَ َزّك}[عبس‪ ،]3 :‬قال‪ُ :‬يسلم‪ ،‬وقرأ { َو َما َعلي َك أَّل يَ َزّك}[عبس‪ ،]7 :‬أال ُيسلم‪.‬‬

‫ش‬
‫َۡ ۡ ََ َ َ َىُ َ َ َ َ َۡ‬
‫َت َ ى‬
‫َ‬
‫ض ۡب ل ُه ۡم َط ِريقا ِِف ٱلح ِر يبسا َّل تخف درك وَّل‬
‫َ ۡ‬
‫ٱ‬ ‫ف‬ ‫ِي‬ ‫د‬ ‫ا‬ ‫وس أَ ۡن أَ ۡس بعِ َ‬
‫ب‬ ‫ى‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ولَ َق ۡد أَ ۡو َح ۡي َنا إ َ ىل ُِّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪} ٧٧‬‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد أوحينا إلى موس ى عليه السالم ْأن أسر ببني إسرائيل ليال‪ ،‬فاتخذ طريقا يابسا في وسط‬
‫ُ‬ ‫البحر‪ ،‬ال تخاف ْأن يدركك َ‬
‫وقومك فرعون وقومه‪ ،‬وال تخش ى الغرق في البحر‪.‬‬
‫َ َ َ َ َ َ ُ ُّ‬ ‫َ َ َ ۡ‬ ‫َ َ ۡ َ ۡ َ َى ُ َ ى َ ۡ‬
‫اك ٱلَ ۡح َر فٱنفل َق فَكن ُك‬‫ضب بِعص‬‫وقد جاء بيان هذه اآلية في قوله تعالى‪ { :‬فأوحينا إِل ِّوس أ ِن ٱ ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ف ِۡرق كٱ َلط ۡودِ ٱل َع ِظي ِم ‪[}٦٣‬الشعراء‪.]63 :‬‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فأ ۡت َب َع ُه ۡم ف ِۡر َع ۡو ُن ِِبُ ُنودِه ِۦ ف َغشِ َي ُهم م َِن ٱَلَ ِم َما غشِ َي ُه ۡم ‪} ٧٨‬‬
‫واملعنى‪ :‬وبعد ْأن جاوز موس ى عليه السالم وبنو إسرائيل البحر‪ ،‬فأتبعهم فرعون وجنوده لطلب‬
‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََۡ‬ ‫ۡ َى َ ۡ‬ ‫َ َۡ َ‬
‫سءِيل ٱلَ ۡح َر فأت َب َع ُه ۡم ف ِۡر َع ۡون َو ُج ُنودهُۥ َبغيا‬ ‫الظلم والعدوان‪ ،‬فساروا وراءهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ج ى َوزنا بِب ِن إ ِ‬
‫ِيل َو َأنَا م َِن ٱل ۡ ُم ۡسلِم َ‬ ‫َ ُ ۡ َى َ‬ ‫نت َأنَ ُهۥ ََّل إ َل ى َه إ ََّل ٱ ََّلِي َء َ‬
‫ام َن ۡ‬ ‫ت إ َذا أَ ۡد َر َوُك ُه ٱ ۡل َغ َر ُق قَ َال َء َ‬
‫ام ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ۡ‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ت بِهِۦ بنوا إِسء‬ ‫ِ ِ‬ ‫وعدوا ح ى ِ‬
‫َ َ ۡ َ ُ ُ ُّ ۡ‬
‫شق َِي ‪[}٦٠‬الشعراء‪ ،]60 :‬فغمرهم من‬ ‫‪[}٩٠‬يونس‪ ،]90 :‬وذلك عند طلوع الشمس‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فأتبعوهم ِّ ِ‬
‫ُ ۡ ۡ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫وس َو َمن َم َع ُهۥ أ ۡ َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪ ٦٥‬ث َم أغ َرق َنا‬ ‫ۡج ِع َ‬ ‫البحر ما ال يعلم كنهه إال هللا‪ ،‬فغرقوا جميعا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وأنَ ۡي َنا ُِّ َ ى‬

‫ٱٓأۡل َخرِي َن ‪[}٦٦‬الشعراء‪.]65-66 :‬‬

‫َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وأ َضل ف ِۡر َع ۡو ُن ق ۡو َم ُهۥ َو َما َه َد ىى ‪} ٧٩‬‬
‫وأضل فرعون قومه عن طريق الحق‪ ،‬وما هداهم إلى سبيل الرشاد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫ََ َ ُ َُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫َىَ ۡ ِ َ ُ ُ ُ ُ‬
‫نُصنا‬ ‫ك ٱَلَ ۡو َم َظىهر َ‬
‫ين ِِف ٱلۡر ِض فمن ي‬ ‫هذه اآلية تكذب قول فرعون لقومه في قوله‪ { :‬يقوم لكم ٱلمل‬
‫ّ‬
‫ِِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬
‫ِيك ۡم إَِّل َسبِيل ٱ َلر َشادِ ‪[}٢٩‬غافر‪ ،]29 :‬فليس‬
‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫ى َو َما أهد‬
‫ُ‬
‫يك ۡم إَِّل َما أ َر ى‬ ‫ۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مِن بأ ِس ٱَّللِ إِن جاءنا ر قال ف ِرعون ما أرِ‬
‫َ‬ ‫َ ََُ َ َ َ َ ََ َ ُ َ َ‬
‫ِيد}[هود‪.]97 :‬‬
‫في أمر فرعون رشد وال هدى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فاتبعوا أِّر ف ِرعون وما أِّر ف ِرعو ِ ٍ‬
‫ش‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫ن‬

‫َ ُ ۡ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ َ ُ ُ ۡ َ َى َ ۡ َى ُ‬ ‫ۡ َى َ َ ۡ َ َ ۡ َ ى ُ‬ ‫َ‬
‫ور ٱل ۡي َم َن َون َزلَا َعل ۡيك ُم ٱل َم َن‬
‫ِ‬
‫ك ۡم َجان َِب ٱ ُّ‬
‫لط‬ ‫ن‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫و‬‫د‬‫ع‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ي ى َب ِن إِسءِيل قد أنين‬
‫َ َ ۡ‬
‫لسل َو ىى ‪}٨٠‬‬ ‫وٱ‬
‫عدوكم بإغراقهم وأنتم تنظرون إليهم‪ ،‬والبحر ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من ّ‬
‫يلفهم‬
‫ُ ُ َۡ ۡ َ ََ َۡ َى ُ ۡ ََ ۡ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ََ ُ ۡ َ ُ ُ َ‬ ‫ۡ َ ۡ‬
‫ون ‪[}٥٠‬البقرة‪:‬‬ ‫بأمواجه‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَوذ ف َرق َنا بِكم ٱلحر فأنينكم وأغرقنا ءال فِرعون وأنتم تنظر‬
‫ونزلنا عليكم الرزق بدون تعب منك‬ ‫‪ ،]50‬وجعلنا لكم موعدا بجانب جبل الطور األيمن إلنزال التوراة عليكم‪ّ ،‬‬
‫َ َ ََۡ َ َۡ ُ ُ ۡ َ َ َ ََ ََۡ َ َۡ ُ‬
‫ك ُم ٱل ۡ َم َن َوٱ َ‬
‫لس ۡل َو ى‬
‫ى‬ ‫في تحصيله وطائر صغير طيب اللحم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وظللنا عليكم ٱلغمام وأنزلا علي‬
‫َ ُ َ ُ َ ُ ۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َۡ ُ‬ ‫ُُ‬
‫ون ‪[}٥٧‬البقرة‪.]57 :‬‬ ‫ت َما َر َزقنىك ۡ رم َو َما ظل ُمونا َول ى ِ‬
‫كن َكنوا أنفسهم يظل ِم‬ ‫ُكوا مِن َطي ِ َبى ِ‬

‫ََ‬ ‫َۡ ۡ َ َ َ‬ ‫ََ َ َ ُ َ َ‬ ‫َۡ ُ َ َۡ َ‬ ‫ُُ‬


‫حل َعل ۡيك ۡم غض ِب َو َمن يل ِل َعل ۡيهِ غض ِب فق ۡد‬
‫ت َما َر َزقنىك ۡم َوَّل تطغ ۡوا فِيهِ في ِ‬
‫قوله تعالى‪ُ { :‬كوا مِن َطي ِ َبى ِ‬
‫َه َو ىى ‪} ٨١‬‬
‫املن والسلوى واملستلذات من األطعمة الحالل األخرى‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬كلوا من طيبات ما رزقناكم من ّ‬
‫ۡ ُ‬ ‫ََ ََۡ َ َۡ ُ َۡ َ َ َ َۡ ى ُُ‬
‫ت َما َر َزق َنىك ۡ رم‬ ‫ى‬
‫ِ ِ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫ط‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫وا‬ ‫واشكروا على هذه النعم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وأنزلا علي ِهم ٱلمن وٱلسلوى ُك‬
‫}[األعراف‪ ،]160 :‬وال تتجاوزوا فيه ْ‬
‫بأن يظلم بعضكم بعضا فينزل بكم غضبي‪ ،‬ومن ينزل به غضبي فقد هلك‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون ل َغ َفار ل َِمن تَ َ‬
‫اب َو َء َام َن َو َع ِمل َص ىل ِحا ث َم ٱ ۡه َت َد ىى ‪} ٨٢‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وإني ّ‬
‫لغفار ملن تاب من ذنبه في زمن قريب‪ ،‬وآمن‪ ،‬ووعمل األعمال الصالحة‪ ،‬وداوم على‬
‫إصالح نفسه‪ ،‬ثم اهتدى إلى الحق‪.‬‬
‫َ‬
‫َ َ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫كم ُسوءا ِِبَ َهالَة ُث َم تَ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اب مِن َبع ِده ِ َوأصل َح فأن ُه غفور‬ ‫ٍ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬أن ُه َمن َع ِمل مِن‬
‫َرحِيم }[األنعام‪.]54 :‬‬

‫َ‬
‫ََ ۡ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وس ‪} ٨٣‬‬ ‫ِك َي ى ُم َ ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وما أعجلك عن قوِّ‬
‫واملعنى‪ :‬وما حملك على العجلة إلى جانب الطور األيمن حتى تركت النقباء السبعين من قومك يا‬
‫موس ى؟‬
‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬وذلك ّأن هللا وعد موس ى باللقاء في جبل الطور بعد هالك فرعون‪ ،‬ليعطيه‬
‫فلما أهلك هللا فرعون سأل موس ى رّبه الكتاب‪ ،‬فأمره ْأن‬ ‫األلواح التي فيها الوصايا الدستورية لبني إسرائيل‪ّ .‬‬
‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ ُۡ‬ ‫يصوم ثالثين يوما‪ ،‬ثم زيدت إلى أربعين يوما‪َ { :‬وقَ َال ُِّ َ ى‬
‫وس ِلخِيهِ هى ُرون ٱخلف ِن ِِف ق ۡو ِم َوأ ۡصل ِۡح َوَّل تتب ِ ۡع َسبِيل‬
‫ۡ ۡ‬
‫ِين ‪[} ١٤٢‬األعراف‪ ،]142 :‬وكانت املواعدة ْأن يوافي موس ى وجماعة من وجوه قومه‪ ،‬فاختار موس ى منهم‬ ‫سد َ‬‫ٱل ُمف ِ‬
‫ي َر ُجل ل ِ ِم َيقىت ِ َنا }[األعراف‪ ]155 :‬وهم النقباء السبعون الذين‬ ‫وس قَ ۡو َم ُهۥ َس ۡبعِ َ‬ ‫سبعين رجال‪َ { :‬وٱ ۡخ َت َ‬
‫ار ُِّ َ ى‬
‫اختارهم‪ ،‬فسار موس ى بهم‪ ،‬ثم عجل من بينهم شوقا إلى ربه‪ ،‬أي ملا قرب من الطور سبقهم شوقا إلى سماع‬
‫كالم هللا‪ ،‬فقال هللا له‪ :‬ما أعجلك؟ أي ما الذي حملك على العجلة حتى تركت قومك وخرجت من بينهم؟‪.‬‬
‫وهذا اإلنكار إنكار للعجلة في ذاتها ملا فيها من عدم العناية بصحبه ّ‬
‫ألن من شرط املرافقة املوافقة‪،‬‬
‫وهو تعليم لألدب الحسن الرفيع في املصاحبة‪.‬‬

‫َ َ ۡ ُ َۡ َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُ ۡ َ ََى َ‬ ‫ُ‬
‫ب ل َ ِۡت َ ى‬ ‫ك َ‬
‫ض ‪} ٨٤‬‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫َل‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ت‬‫ل‬ ‫ج‬
‫ِ‬ ‫ع‬‫و‬ ‫ي‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال هم أوَّلءِ لَع أث ِ‬
‫ر‬

‫َۡ َ ََ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال فإِنَا ق ۡد ف َت َنا ق ۡو َِّ َك مِن بعدِك وأضلهم ٱلساِّ ِِري ‪} ٨٥‬‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قال هللا تعالى ملوس ى عليه السالم‪ :‬فإنا قد اختبرنا قومك من بعد فراقك لهم‪ ،‬باتخاذهم‬
‫ّ‬
‫عبادة العجل من ذهب‪ ،‬وأضلهم السامري‪.‬‬
‫َ ُ ُ‬ ‫ََ َ ُ ُ‬
‫واملراد بالفتنة في هذه اآلية االختبار واالمتحان‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬أنما أِّوالكم َوأوَّلدكم‬
‫ف ِت َنة}[التغابن‪.]15 :‬‬

‫ََ َ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ََ َ َ ُ َ ى َ َ‬


‫وس إ ِ ىل ق ۡو ِمهِۦ غض َبى َن أسِفا ر قال ي ىق ۡو ِم أل ۡم يَعِ ۡدك ۡم َر ُّبك ۡم َوعدا َح َسنا ر أف َطال َعل ۡيك ُم‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فرجع ِّ‬
‫َ‬
‫َ ُ َ َۡ‬ ‫َ َ ُّ َ َ َ َ ُ َ َ‬ ‫ۡ‬
‫ك ۡم فأ ۡخلف ُتم َِّ ۡو ِعدِي ‪}٨٦‬‬ ‫ٱل َع ۡه ُد أ ۡم أ َردت ۡم أن يِل َعل ۡيك ۡم غضب مِن ر ِب‬
‫يعدكم‬ ‫واملعنى‪ :‬ورجع موس ى عليه السالم من ميقات به إلى قومه غضبان حزينا‪ ،‬قال‪ :‬يا قوم ألم ْ‬
‫ر‬
‫َ‬
‫رّبكم وعدا حسنا بإنزال التوراة‪ ،‬أعجلتم مجيئي إليكم وهو مقدر أجله من هللا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ول َما َر َج َع‬
‫ّ‬
‫ُ ۡ ََۡ ۡ َۡ َ َ َ َ ۡ‬ ‫َ َ ۡ َ‬ ‫وس إ َ ىل قَ ۡو ِمهِۦ َغ ۡض َبى َن أَسِفا قَ َال ب ۡئ َس َما َخلَ ۡف ُت ُمون مِن َب ۡ‬
‫اح َوأخذ ب ِ َرأ ِس‬ ‫جل ُت ۡم أ ِّۡ َر َربِكم َوألق ٱلل َو‬
‫ِ‬ ‫ع‬‫أ‬ ‫ِي‬
‫د‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ‬
‫ِّ ى ِ‬
‫ۡ‬ ‫ََ ُ َۡ ُ ُ َ َ َ ُۡ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َۡ ۡ‬ ‫َ ُ ُّ ُ َ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ت َعل ِن َم َع ٱل َق ۡومِ‬ ‫ون وكدوا يقتلون ِن فل تش ِمت ِب ٱلعداء وَّل‬ ‫أخِيهِ ُيرهۥ إَِلهِ قال ٱبن أم إِن ٱلقوم ٱستضعف ِ‬
‫َى‬
‫لظلِم َ‬
‫ي ‪[} ١٥٠‬األعراف‪ ،]150 :‬أفطال عليكم الزمان في انتظار وعد هللا‪ ،‬أم أردتم ْأن ينزل عليكم غضب من‬ ‫ٱ ِ‬
‫ربكم؟ فأخلفتم وعدي‪.‬‬

‫ك َذ ىل َِك َأ ۡل َق ٱ َ‬
‫لساِِّرِ ُّي‬
‫َ ۡ َ ۡ َ َ َ ۡ َىَ َ َ‬ ‫ُ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ َۡ‬ ‫َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا َما أخلف َنا َِّ ۡوع َِد َك ب ِ َملك َِنا َولىك َِنا ْحِل َنا أ ۡو َزارا مِن زِينةِ ٱلقو ِم فقذفنها ف‬
‫‪} ٨٧‬‬
‫حلي القبط‬‫حملنا أثقاال من ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬قالوا‪ :‬ما أخلفنا موعدك يا موس ى باختيا نا وقد تنا‪ّ ،‬‬
‫ولكنا ّ‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫املصريين حين خرجنا معك‪ ،‬فألقيناها في حفرة بأمر من السامري‪ ،‬فمثل ذلك ألقى السامري عليه ما معه من‬
‫ِجل‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫تربة أثر الرسول جبريل وصاغ من الحلي عجال‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وٱ ََتَ َذ قَ ۡو ُم ُِّ َ ى‬
‫وس مِن َب ۡعده ِۦ م ِۡن ُحل ِيه ۡم ع ۡ‬
‫َ‬ ‫ۡ َ ا ََ ُ ُ ََ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َُ ُ َ ََۡ ََ ۡ ََُ َ ُ َ ُ ُ ۡ َ َ‬
‫ى‬
‫جسدا لۥ خوار ر ألم يروا أنهۥ َّل يكل ِمهم وَّل يهدِي ِهم سبِيل ٱَتذوه وكنوا ظل ِ ِمي ‪[} ١٤٨‬األعراف‪.]148 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬


‫س ‪} ٨٨‬‬‫وس فنَ ِ َ‬ ‫َى ىُ ُ‬
‫ك ۡم ِإَول ى ُه ُِّ َ ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِجل َج َسدا ُلۥ خ َوار فقالوا هذا إِله‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فأ ۡخ َر َج ل ُه ۡم ع ۡ‬

‫حليهم عجال جسدا يخور خوار البقر‪ ،‬فقال املفتونون‬ ‫واملعنى‪ :‬فأخرج السامري لبني إسرائيل من ّ‬
‫بأن هذا إلهكم‪.‬‬ ‫منهم لغيرهم‪ :‬هذا إلهكم وإله موس ى‪ ،‬فنس ي إخباركم ّ‬
‫ََ‬ ‫َ ُ‬ ‫وس مِن َب ۡعده ِۦ م ِۡن ُحل ِيه ۡم ع ۡ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ََتَ َذ قَ ۡو ُم ُِّ َ ى‬
‫ِجل َج َسدا ُلۥ خ َوار ر أل ۡم يَ َر ۡوا‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ََُ َ ُ َ‬
‫كل ُِم ُه ۡم َو ََّل َي ۡهدِيه ۡم َسبيل ا ٱ ََتَ ُذوهُ َو َكنُوا َظىلِم َ‬
‫ي ‪[} ١٤٨‬األعراف‪.]148 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أنهۥ َّل ي‬

‫ََ َ ََ ۡ َ ََ َۡ ُ َۡ ۡ َۡ َ َ َ ۡ ُ َُ ۡ َ َ َ َۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أفل يرون أَّل ير ِجع إَِل ِهم قوَّل وَّل يمل ِك لهم ضا وَّل نفعا ‪} ٨٩‬‬
‫يرد عليهم جوابا‪ ،‬وال يملك‬ ‫واملعنى‪ :‬أفال يتفكر هؤالء املفتونون ّأن هذا العجل ال يكلمهم ابتداء‪ ،‬وال ّ‬
‫ِجل‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ضرا وال نفعاـ وال يرشدهم إلى طريق الحق‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وٱ ََتَ َذ قَ ۡو ُم ُِّ َ ى‬
‫وس مِن َب ۡعده ِۦ م ِۡن ُحل ِيه ۡم ع ۡ‬ ‫لهم ّ‬
‫َ‬ ‫ۡ َ ا ََ ُ ُ ََ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َُ ُ َ ََۡ ََ ۡ ََُ َ ُ َ ُ ُ ۡ َ َ‬
‫ى‬
‫جسدا لۥ خوار ر ألم يروا أنهۥ َّل يكل ِمهم وَّل يهدِي ِهم سبِيل ٱَتذوه وكنوا ظل ِ ِمي ‪[} ١٤٨‬األعراف‪.]148 :‬‬

‫ََ ُ َ‬ ‫َ ََ ُ ُ َ ۡ َ ُ َ َ ُ‬ ‫َُۡ َ َۡ ََ ُ ُ‬ ‫َ ََ ۡ َ َ َُ ۡ َ ُ ُ‬
‫ِيعوا أ ِّۡ ِري ‪٩٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولقد قال لهم هىرون مِن قبل ي ىقو ِم إِنما فتِنتم بِهِۦ ِإَون ربكم ٱلرحم ىن فٱتبِع ِ‬
‫ون وأط‬
‫ُّ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ َ َى َۡ َ َۡ َ ُ َ ى َ َ َىَىُ ُ‬ ‫َ ُ َ ََۡ َ َ َ‬
‫ون َما َم َن َع َك إِذ َرأ ۡي َت ُه ۡم َضلوا ‪} ٩٢‬‬‫جع إَِلنا ِّوس ‪ ٩١‬قال يهر‬
‫ك ِفي حت ير ِ‬ ‫ب َح عل ۡيهِ ع ى ِ‬ ‫قالوا لن ن‬

‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬أَّل تَ َتب ِ َع ِن أف َع َص ۡي َت أ ِّۡ ِري ‪} ٩٣‬‬
‫من ْأن تتبعني في الغضب عليهم حين رأيتهم‬ ‫واملعنى‪ :‬قال موس ى عليه السالم‪ :‬ما الذي منعك يا هارون ْ‬
‫َ َ ى َ ۡ َ ُ َ ى َ َى َ َ َ َ ۡ‬
‫ي َۡللة َوأت َم ۡم َنى َها‬
‫َ‬
‫عاكفين على عبادة العجل‪ ،‬أفعصيت أمري فيما قدمت إليك من قولي‪ { :‬ووعدنا ِّوس ثلث ِ‬
‫َ َ‬
‫ت َربهِۦ أ ۡربَعِ َ‬‫َ‬ ‫َ ۡ ََ َ‬
‫ِيقى ُ‬ ‫َ‬
‫ي َۡللة ر }[األعراف‪.]142 :‬‬ ‫ِ‬ ‫بِعش فتم م‬

‫ۡ َى َ َ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ‬ ‫ُ َ َُ َ‬
‫ول فَ َر ۡق َ‬
‫ت بَ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ َ َۡ ُ ۡ‬ ‫َ َ‬
‫ب ق ۡو ِل‬ ‫ي بَ ِن إِسءِيل ولم ترق‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال يَ ۡب َنؤ َم َّل تأخذ بِل ِۡح َي ِت َوَّل ب ِ َرأ ِس إ ِ ِن خشِ يت أن تق‬
‫‪} ٩٤‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قال هارون عليه السالم‪ :‬يا ابن ّأمي‪ ،‬ال تأخذ بلحيتي وال برأس ي‪ّ ،‬إن القوم استذلوني‪،‬‬
‫ووجدوني فردا واحدا ضعيفا‪ ،‬وقاربوا ْأن يقتلوني‪ ،‬فال تشمت بي األعداء‪ ،‬وال تجعلني في غضبك مع القوم‬
‫ون مِن َب ۡعدِي‬ ‫وس إ َ ىل قَ ۡو ِمهِۦ َغ ۡض َبى َن أَسِفا َق َال ب ۡئ َس َما َخلَ ۡف ُت ُ‬
‫َ ََ َ َ َ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫املخالفين أمرك‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ولما رجع ِّ ى ِ‬
‫َ ُ ۡ ُ َ‬ ‫َ ُ ُّ ُ َ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ُ‬ ‫َ َ ُۡ ۡ َۡ َ ُ ۡ ََۡ َ ۡ َۡ َ ََ َ َ ۡ َ‬
‫ون َوكدوا َيق ُتلون ِن‬
‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ع‬ ‫ض‬‫ت‬ ‫س‬ ‫ٱ‬ ‫م‬‫و‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫م‬‫أ‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ٱ‬ ‫ال‬‫ق‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫َل‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ۥ‬‫ه‬‫ر‬‫ُي‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ِي‬
‫خ‬ ‫جلتم أِّ َر ربِكم وألق ٱلل َواح وأخذ ب ِ َرأ ِس أ‬
‫أع ِ‬
‫ّ‬ ‫لظلِم َ‬ ‫َى‬ ‫َ َۡ َ ۡ َ َۡ‬ ‫َ‬
‫ت َ ۡ ۡ َ‬ ‫ََ ُۡ ۡ‬
‫ب ٱلعدا َء َوَّل تعل ِن م َع ٱلق ۡو ِم ٱ ِ‬
‫خشيت ْإن ُ‬‫ُ‬ ‫ي ‪[} ١٥٠‬األعراف‪ ،]150 :‬وإني‬
‫تركتهم وخرجت‬ ‫فل تش ِم ِ‬
‫فر َ‬
‫قت بين بني إسرائيل‪ ،‬وحينئذ تقول لي‪ :‬لم تحفظ وصيتي‪.‬‬ ‫عنهم ْأن ّ‬
‫يتفرقوا‪ ،‬وتقول لي‪ّ :‬‬

‫ك َي ى َ ى‬
‫َ َ ۡ ُ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫س ِم ِر ُّي ‪} ٩٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال فما خطب‬
‫واملعنى‪ :‬قال موس ى عليه السالم‪ :‬فما شأنك الخطير يا سامري؟‬
‫ُ َ ُ‬ ‫ََ َ ُ ُ‬
‫كم أيها المرسلون}[الذاريات‪.]31 :‬‬ ‫ومعنى الخطب الشأن الخطير‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬قال فما خطب‬

‫َۡ‬
‫ت ِل نف ِس ‪٩٦‬‬ ‫ضة م ِۡن َأثَر ٱ َلر ُسول َف َن َب ۡذ ُت َها َو َوُك َذ ىل َِك َس َولَ ۡ‬ ‫َََ ۡ ُ َۡ َ‬
‫ُصوا بِهِۦ فقبضت قب‬‫ت ب َما ل َ ۡم َي ۡب ُ ُ‬‫َ َ َ ُ ۡ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال بُص ِ‬
‫ك ٱ ََّلِي َظ ۡل َ‬
‫ت َعلَيهِۡ‬ ‫َ ُ ۡ َ َ ُ َ ُ ۡ َ ى َى َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ ى َ َ ُ َ َ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ‬
‫ب فإِن لك ِِف ٱليوة ِ أن تقول َّل ِِّساس ِإَون لك ِّوعِدا لن َتلفهۥ وٱنظر إِل إِل ِه‬ ‫قال فٱذه‬
‫ۡ َ َۡ‬ ‫َُ َ ََُ َُ َ َ‬
‫َ‬
‫نسِف َن ُهۥ ِِف ٱَل ِم نسفا ‪} ٩٧‬‬ ‫ََعكِفا لح ِرقنهۥ ثم ل‬
‫ۡ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬
‫َّلل ٱَّلِي َّل إِل ى َه إَِّل ُه َور َوس َِع ُك ۡ‬ ‫َ‬
‫َ َ ىُ ُ‬
‫ك ُم ٱ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يش ٍء عِلما ‪} ٩٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنما إِله‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنما إلهكم أيها الناس هو هللا الذي ال إله إال هو وال ر ّب سواه‪ ،‬وسع علمه كل ش يء‪ ،‬كما قال‬
‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫تعالى‪{ :‬أَ َح َ‬
‫ك ِل يش ٍء عِلما}[الطالق‪ ،]12 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وأح ََص ُك يش ٍء َع َددا}[الجن‪.]28 :‬‬ ‫اط ِب‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬كذ ىل َِك َن ُق ُّص َعل ۡي َك م ِۡن أۢن َباءِ َما ق ۡد َس َب َق ر َوق ۡد َء َات ۡي َنى َك مِن َُلنَا ذِكرا ‪} ٩٩‬‬
‫نقص عليك من أخبار‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬كما قصصنا عليك أيها الرسول أخبار موس ى عليه السالم وفرعون‪،‬‬
‫َ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫األمم السابقة‪ ،‬وقد آتيناك من عندنا القرآن ذكرى ملن يتذكر‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِنا َن ُن ن َزلَا اَّلِكر ِإَونا ل‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون}[الحجر‪.]9 :‬‬ ‫لاف ِظ‬

‫ۡ‬
‫َ ۡ َۡ َ َُۡ َُ ۡ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي ِمل يَ ۡو َم ٱلقِ َيى َمةِ وِ ۡزرا ‪}١٠٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬من أعرض عنه فإِنهۥ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬من أعرض عن هذا القرآن‪ ،‬ولم يؤمن به‪ ،‬فإنه يحمل يوم القيامة إثما عظيما‪ ،‬وموعده النار‪،‬‬
‫َ َ‬ ‫ََ َ ُ‬
‫اب فالَ ُار َِّوع ُِدهُ}[هود‪.]17 :‬‬ ‫َ‬
‫كما قال تعالى‪{ :‬ومن يكفر بِهِ مِن الحز ِ‬
‫ُ‬
‫وهذا الوعيد عام في جميع من بلغه القرآن الكريم من الناس‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬لنذ َِروُكم بِهِ َو َمن‬
‫َ‬
‫بَل َغ}[األنعام‪.]19 :‬‬

‫َ َ َ ُ ۡ َۡ َ َى َ ِۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬خ ى ِِل َ‬
‫ْحل ‪} ١٠١‬‬ ‫ِين فِيهِ وساء لهم يوم ٱل ِقيمةِ‬

‫ش ٱل ُم ۡجرم َ‬‫َن ُ ُ‬
‫َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ََۡ ُ َ‬
‫نف ُخ ِف ٱ ُّ‬ ‫َ‬
‫ِي يَ ۡو َمئِذ ُز ۡرقا ‪}١٠٢‬‬ ‫ِ‬ ‫لصورِ و‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يوم ي‬
‫ينفخ إسرافيل في الصور النفخة الثانية‪ ،‬ونحشر املجرمين يومئذ‬ ‫واملعنى‪ :‬اذكر أيها العاقل يوم ُ‬
‫للحساب حالة كونهم زرق العيون من شدة الهول‪ ،‬أو حالة كونهم عميا‪.‬‬
‫قال الشيخ محمد قريش شهاب‪ :‬هناك من يرى ّأن هذه الزرقة في العيون‪ ،‬بمعنى ّأنهم عمي‪ ،‬وهذا‬
‫ََ‬ ‫املعنى يتوافق مع قوله تعالى‪َ { :‬و ََن ُ ُ‬
‫ش ُهم يَو َم القِ َي َامةِ لَع ُو ُجوهِ ِهم ُعميا}[اإلسراء‪.]97 :‬‬

‫َ‬ ‫َ ۡ‬
‫ون بَ ۡي َن ُه ۡم إِن لِث ُت ۡم إَِّل َع ۡشا ‪}١٠٣‬‬
‫ََ َىَ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يتخفت‬
‫واملعنى‪ :‬يتهامس هؤالء املجرمون فيما بينهم في هذا اليوم العصيب‪ ،‬قائلين ما لبثتم في قبوركم إال‬
‫عشر ليال أو عشرة أيام‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وال تعارض بين هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬قَال ُوا َلث َنا يَوما أو َبع َض يَوم فَاسأل ال َعاد َ‬
‫ِين}[املؤمنون‪،]113 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫فإن بعضهم يقول‪ :‬لبثنا يوما أو بعض يوم‪ ،‬وبعضهم يقول‪ :‬لبثنا عشرا‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬


‫ون إِذ َي ُقول أ ۡم َثل ُه ۡم َط ِر َيقة إِن لِث ُت ۡم إَِّل يَ ۡوما ‪} ١٠٤‬‬
‫ُۡ ۡ ُ َ َُ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬نن أعلم بِما يقول‬
‫واملعنى‪ :‬نحن أعلم بما يقولون في تناجيهم وتسا ّرهم في مدة لبثهم‪ ،‬حين يقول أوفاهم عقال وأعدلهم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِي ‪ .‬قالوا لِث َنا يَوما أو َبعض يَو ٍم‬ ‫قوال‪ :‬ما لبثتم إال يوما واحدا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬كم لِث ُتم ِِف الر ِض َع َدد ِسن‬
‫َ ََ ُ ُ ُ َ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ‬
‫فاسأ ِل العادِين ‪ .‬قال إِن لِثتم إَِّل قل ِيل لو أنكم كنتم تعلمون}[املؤمنو ‪.]112-114 :‬‬
‫ن‬
‫وكان غرض هؤالء الكفار في هذا القول درء قيام الحجة عليهم‪ ،‬لقصر مدة لبثهم في الدنيا‪ ،‬ولهذا قال‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ ُ‬
‫َ َ َ َ َ َ ُ ُ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ُ َ ََ ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫هللا تعالى‪{ :‬أولم نع ِمركم ما يتذكر فِيهِ من تذكر وجاءكم الذِير فذوقوا فما ل ِلظال ِ ِمي مِن ن ِص ٍ‬
‫ري}[فاطر‪،]37 :‬‬
‫ِين أُوتُوا العِلمَ‬
‫ون َو َق َال َاَّل َ‬
‫ََ َ َُ ُ َ َُ ُ ُ ُ ُ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َ ُ َ‬
‫سم المجرِِّون ما لِثوا غري ساع ٍة كذل ِك َكنوا يؤفك‬ ‫وقال تعالى‪{ :‬ويوم تقوم الساعة يق ِ‬
‫َ‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ ََ َ ُ‬
‫ون}[الروم‪.]55-56 :‬‬ ‫ث َولك َِنكم كن ُتم َّل تعلم‬ ‫ُ‬
‫ث ف َهذا يَوم الَع ِ‬
‫اب اَّللِ إِل يَو ِم الَع ِ‬
‫َ‬
‫واإليمان لقد لِثتم ِِف كِت ِ‬

‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬


‫ل َبا ِل ف ُقل يَنس ُِف َها َر ِب ن ۡسفا ‪} ١٠٥‬‬ ‫َ َ َ‬ ‫ََۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ويسَٔٔلونك ع ِن ٱ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ويسألك املشركون أيها الرسول عن حال الجبال يوم القيامة‪ ،‬فقل لهم‪ :‬يزيلها رّبي عن أماكنها‪،‬‬
‫ََ ُ ۡ ُ‬ ‫ََۡ َ ُ ُ َ َ ُ َ ۡ‬
‫ل َبال َس ۡريا ‪[}١٠‬الطور‪ ،]9-10 :‬وقال‬
‫ويبددها هباء منثورا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬يوم تمور ٱلسماء ِّورا ‪ ٩‬وتسِ ري ٱ ِ‬
‫ّ‬

‫بسا ‪ .‬فَكنَت هباء َمن ُثورا}[الواقعة‪.]5-6 :‬‬


‫ت البال ًّ‬ ‫ُ‬
‫تعالى‪{ :‬وب َس ِ‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف َيذ ُر َها قاعا َصف َصفا ‪} ١٠٦‬‬
‫َ َ ُ َ‬
‫واملعنى‪ :‬فيترك هللا األرض حينئذ منبسطة مستوية بال نبات وال بناء‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ{ :‬إَونا لاعِلون ما‬
‫َ‬
‫َعليها َص ِعيدا ُج ُرزا}[الكهف‪.]8 :‬‬

‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ِيها ع َِوجا َوَّل أ ۡمتا ‪} ١٠٧‬‬
‫ىف َ‬‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل تَ َر ى‬
‫واملعنى‪ :‬ال ترى في األرض أيها الناظر انخفاضا وال ارتفاعا‪ ،‬وتصبح األرض ظاهرة بادية ليس عليها ما‬
‫ار َزة}[الكهف‪.]47 :‬‬‫ري ال َب َال َوتَ َرى الَر َض بَ‬
‫ََ َ َُ ُ‬
‫ِ‬ ‫يسترها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ويوم نس ِ ِ‬

‫ۡ‬ ‫ََ َۡ َ ُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َُ َ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َۡ َ ََ ُ َ َ َ َ‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫ت ٱلصوات ل ِلرِنَٰمۡح فل تسمع إَِّل همسا ‪}١٠٨‬‬ ‫اِع َّل ع َِوج لۥ وخشع ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يومئِذ يتبِعون ٱَل ِ‬
‫واملعنى‪ :‬يوم القيامة يتبع الناس داعي هللا إلى املحشر‪ ،‬مسارعين إليه‪ ،‬كما قال تعالى‪ُِّ { :‬هطعِ َ‬
‫ي إل‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫اَلاع}[القمر‪ ،]8 :‬ال محيد لهم دعوته‪ ،‬وسكنت األصوات خضوعا للرحمن‪ ،‬فال تسمع أيها اإلنسان إال صوتا‬
‫خفيا‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬


‫لش َفى َعة إَِّل َم ۡن أذ َِن ُل ٱ َلر ۡح َم ى ُن َو َر ِ َ‬
‫ض ُلۥ ق ۡوَّل ‪} ١٠٩‬‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يَ ۡو َمئِذ َّل تنفع ٱ‬
‫واملعنى‪ :‬يوم القيامة ال تنفع الشفاعة أحدا من الخلق إال من أذن له الرحمن ْأن يشفع‪ ،‬ورض ي قوله‬
‫اع ُت ُهم َشيئا إَّل مِن بَع ِد أَن يَأ َذ َن َ ُ‬
‫اَّلل ل َِمن‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ‬
‫ات َّل تغ ِن شف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫في الشفاعة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ووُكم مِن َِّل ٍك ِِف السماو ِ‬
‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ي َ َش ُ‬
‫اء َويَرض}[النجم‪ ،]26 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وَّل يَشف ُعون إَِّل ل َِم ِن ارتض}[األنبياء‪ ،]28 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وَّل تنف ُع‬
‫َ َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ُ ًّ َ‬ ‫الر ُ‬ ‫اع ُة عِن َد ُه إَّل ل َِمن أَذ َِن َ ُل}[سبأ‪ ،]23 :‬وقال تعالى‪{ :‬يَو َم َي ُق ُ‬ ‫َ‬
‫الش َف َ‬
‫وح َوال َملئِكة َصفا َّل َي َتَك ُمون إَِّل َمن أذِن ُل‬ ‫وم ُّ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ َ‬
‫ْح ُن َوقال َص َوابا}[النبأ‪.]38 :‬‬ ‫الر‬

‫ۡ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ي ۡعل ُم َما بَ ۡ َ‬ ‫َ‬
‫ون بِهِۦ عِلما ‪} ١١٠‬‬ ‫ي أيۡدِي ِه ۡم َو َما خلف ُه ۡم َوَّل يِيط‬
‫واملعنى‪ :‬يعلم الرحمن ما بين أيدي الخالئق من األمور الحاضرة واملستقبلة‪ ،‬وما خلفهم من األمور‬
‫ي َأيۡد َ‬
‫ِينا َو َما َخ ۡل َف َنا َو َما بَ ۡ َ‬
‫ي‬
‫َ َ ََََُ َ َۡ َ َ‬
‫ك َ ُلۥ َما بَ ۡ َ‬
‫املاضية‪ ،‬كما قال تعالى حكاية عن قول املالئكة‪ { :‬وما نتزنل إَِّل بِأِّ ِر رب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ذ ىل َِكر َو َما َك َن َر ُّب َك ن ِسيا ‪[}٦٤‬مريم‪ ،]64 :‬وال يعلمون شيئا من علمه تعالى إال بالقدر الذي أراد ْأن يطلعهم عليه‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ‬
‫شء م ِۡن ِعل ِمهِۦ إَِّل ب ِ َما َشا َء ر ‪[}٢٥٥‬البقرة‪،]255 :‬‬
‫ون ب ِ َ ۡ‬
‫ُ َ‬
‫أو يعلمهم إياه على ألسنة رسله‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وَّل يِيط‬
‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ول}[الجن‪.]26-27 :‬‬ ‫ُ ُ‬
‫ب فل يظ ِهر لَع غيبِهِ أحدا إَِّل م ِن ارتض مِن رس ٍ‬
‫وقال تعالى‪َ{ :‬عل ِم الغي ِ‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫ْحل ُظلما ‪} ١١١‬‬
‫اب َم ۡن َ َ‬ ‫ح ٱل َق ُّي ِ‬
‫وم َوق ۡد َخ َ‬ ‫ُ ُ ُ َ‬ ‫ََ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وعن ِ‬
‫ت ٱلوجوه ل ِل ِ‬
‫وذلت واستسلمت جميع الخالئق هلل الحي الذي ال يموت‪ ،‬القيوم الذي ال ينام‪ ،‬وقد خسر‬ ‫ْ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫يوم القيامة َم ْن حمل شركا عند لقاء هللا تعالى‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الش َك ل ُظلم َع ِظيم}[لقمان‪.]13 :‬‬
‫ومعنى الظلم في هذه اآلية الشرك‪ ،‬ودل عليه قوله تعالى‪{ :‬إِن ِ‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ ََ ُ‬ ‫ۡ‬


‫ت َو ُه َو ُِّ ۡؤمِن فل ياف ُظلما َوَّل َه ۡضما ‪}١١٢‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َمن َي ۡع َمل م َِن ٱ َ ى َ‬
‫لصل ِحى ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ومن يعمل من األعمال الصالحة من ذكر أو أنثى‪ ،‬وهو مؤمن باهلل وبما أنزله من الحق‪ ،‬فال‬
‫َ‬
‫يخاف ظلما بزيادة سيئاته‪ ،‬وال هضما بنقص حسناته‪ ،‬فال ُيظلم شيئا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َمن َيع َمل م َِن‬
‫َُ َ َ َ ُ ُ َ َََ َ ُ َُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ َ َُ‬ ‫َ‬
‫الص ِ َ‬
‫ات مِن ذك ٍر أو أنَث وهو ِّؤمِن فأولئِك يدخلون النة وَّل يظلمون نقِريا}[النساء‪.]124 :‬‬
‫ال ِ‬

‫ۡ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫َ ُ ۡ ََُ َ ۡ ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ووُكذ ىل َِك أ َ‬
‫نزل َنى ُه ق ۡر َءانا َع َربيا َو َ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ َ‬
‫يدِث ل ُه ۡم ذِكرا ‪} ١١٣‬‬ ‫َصف َنا فِيهِ م َِن ٱل َوعِي ِد لعلهم يتقون أو‬ ‫ِ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ ُۡ َ ى َۡ َ َ ۡ ُ ُ َ ُ‬ ‫َّلل ٱل ۡ َمل ُِك ٱ ۡ َ ُّ َ َ َ ۡ َ ۡ ۡ ُ ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َت َع ى ََل ٱ َ ُ‬
‫ب زِد ِن عِلما ‪١١٤‬‬
‫ان مِن قب ِل أن يقض إَِلك وحيهۥ وقل ر ِ‬
‫لق وَّل تعجل ب ِٱلقرء ِ‬
‫}‬
‫فتنزه هللا وتعاظم وتقدس عن مماثلة الخلق‪ ،‬امللك النافذ أمره‪ ،‬الحق الثابت في ذاته‪ ،‬وال‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫تعجل أيها الرسول بقراءة القرآن قبل ْأن يفرغ جبريل عليه السالم من قراءته عليك‪ ،‬فإذا فرغ من قراءته‬
‫َ َ َ َ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ ََ‬ ‫َ ُ‬
‫جل بِهِ ‪ .‬إِن َعلي َنا ۡج َع ُه َوقرآن ُه ‪ .‬فإِذا ق َرأناهُ فاتبِع‬ ‫عليك‪ ،‬فاقرأ بعده‪ ،‬كما قال تعالى‪َّ{ :‬ل تَ ِرك بِهِ ل ِسانك ِِلع‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫قرآنَ ُه ث َم إ ِ َن َعلي َنا َب َيانَ ُه}[القيامة‪ ،]16-19 :‬وقل أيها الرسول بعد قراءته‪ :‬ر ّب ز ْدني علما إلى ما علمتني‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫اد َم مِن ق ۡبل ف َن ِ َ َ ۡ‬ ‫َ‬
‫َ َ ۡ َ َۡ ى َ َ‬ ‫َ‬
‫ن ۡد ُلۥ َع ۡزما ‪} ١١٥‬‬
‫س و لم ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولقد ع ِهدنا إِل ء‬
‫وصينا آدم من قبل ْأن يأكل من الشجرة‪ ،‬بأال يقربها وأال يأكل من ثمرها‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫واملعنى‪ :‬ولقد ّ‬
‫َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ‬ ‫ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ۡ َ َى َ َ ُ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ َ ۡ َ َ ُ َ‬
‫ج َرةَ ف َتكونا م َِن‬ ‫ل َنة َوُك م ِۡن َها َرغدا َح ۡيث شِئ ُت َما َوَّل تق َربَا هى ِذه ِ ٱلش‬ ‫وقلنا يـادم ٱسكن أنت وزوجك ٱ‬ ‫{‬
‫ُ‬ ‫لظلِم َ‬ ‫َى‬
‫ي ‪[}٣٥‬البقرة‪ ،]35 :‬فترك ما عهد هللا به إليه‪ ،‬ولم نجد له عزما على حفظ ما أمر به‪.‬‬ ‫ٱ ِ‬
‫ّ‬
‫بأن آدم معذور ألنه نس ي العهد‪ ،‬وقوله تعالى الدال على ّأن آدم‬ ‫وال تعا ض بين هذه اآلية التي توهم ّ‬
‫ر‬
‫ََ َ َ َ ى َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ََ َ ۡ َُ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ َ َۡ َ‬ ‫َ‬
‫َص َءاد ُم‬ ‫ان َعل ۡي ِه َما مِن َو َر ِق ٱلنةِ وع‬ ‫صف ِ‬ ‫عص ى رّبه‪ ،‬وهو قوله‪ { :‬فأكل مِنها فبدت لهما سوَٰءتهما وطفِقا ي ِ‬
‫ألن معنى "نس ي" في هذه اآلية ترك‪ ،‬فآدم ترك ما عهد هللا به إليه‪ ،‬فعص ى رّبه‪.‬‬ ‫َر َب ُهۥ َف َغ َو ىى ‪[}١٢١‬طه‪]121 :‬؛ ّ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َى َ‬ ‫ۡ ُۡ‬


‫ِيس أ َ ىب ‪} ١١٦‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ج ُدوا ٓأِل َد َم ف َس َ‬
‫ج ُدوا إَّل إبۡل َ‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذ قل َنا ل ِل َملئكةِ ٱ ۡس ُ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ : :‬واذكر أيها الرسول إذ قلنا للمالئكة املطهرين اسجدوا آلدم سجود تحية ال سجود عبادة‪،‬‬
‫فسجد املالئكة كلهم أجمعون إال أبليس الذي كان من الجن وأبى ْأن يكون مع الساجدين وفسق عن أمر ربه‪،‬‬
‫َ ُ ُ ُّ‬ ‫ِيس ََك َن م َِن الن َف َف َس َق َعن أَِّر َربهِ}[الكهف‪ ،]50 :‬وقال تعالى‪{ :‬فَ َس َ‬
‫ج َد ال َملئِكة ُك ُهم‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬إَّل إبل َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ ُ َ‬
‫ون َم َع َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الساجد َ‬
‫ِين}[الحجر‪.]30-31 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِيس أب أن يك‬ ‫ۡج ُعون ‪ .‬إَِّل إِبل‬‫أ‬
‫ب َو َك َن مِنَ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ َ ۡ َ َ َى َ ۡ َ ۡ‬
‫كََ‬ ‫ۡ ُ ۡ َ ۡ َ َى َ‬
‫كةِ ٱ ۡس ُ‬
‫ج ُدوا ٓأِلدم فسجدوا إَِّل إِبل ِيس أب وٱست‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذ قلنا ل ِلملئ ِ‬
‫ۡ َ‬
‫ك ىفِر َ‬
‫ين ‪[}٣٤‬البقرة‪.]34 :‬‬‫ِ‬ ‫ٱل‬

‫َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ُۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬


‫ل َنةِ فتَش َ ى‬
‫ق ‪} ١١٧‬‬ ‫ِ‬
‫ُ َ َى َ َ ُ َ َ ى َ ُ َ َ َ ۡ َ‬
‫ك فل ير َج َنك َما م َِن ٱ َ‬‫ج‬‫قوله تعالى‪ { :‬فقلنا يـادم إِن هذا عدو لك ول ِزو ِ‬
‫عدو لك ولزوجك‪ ،‬فاحذرا منه‪ ،‬وال تطيعاه‪ ،‬وال تتخذاه وليا من دون‬ ‫واملعنى‪ :‬فقلنا يا آدم ّإن إبليس ّ‬
‫ي‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ َ َ َ َ ََََ ُ َُ َ ُ ََُ َ‬
‫ون وهم لكم عدو}[الكهف‪ ،]50 :‬وال‬ ‫َ‬
‫خذونه وذرِيته أو َِلاء مِن د ِ‬
‫هللا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ففسق عن أِّ ِر ربِهِ أفتت ِ‬
‫َ‬
‫أخرجت منها‪.‬‬ ‫ّ‬
‫يكونن سببا إلخراجكما من الجنة‪ ،‬فتشقى يا آدم إذا‬

‫َََ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ‬ ‫ِيها َو ََّل َت ۡع َر ى‬ ‫َ َ َ ََ َُ َ‬


‫ِيها َوَّل تَ ۡض َ ى‬
‫ح ‪}١١٩‬‬ ‫ى ‪ ١١٨‬وأنك َّل تظمؤا ف‬ ‫وع ف َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن لك أَّل ت‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫ََ‬


‫لَع َش َ‬ ‫ۡ َ ُّ‬
‫َى َ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِل َو ُِّلك َّل َي ۡب ىَل ‪} ١٢٠‬‬
‫ل ِ‬ ‫ج َرة ِ ٱ ُ‬ ‫ك ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ف َو ۡس َو َس إ ِ َۡلهِ ٱلش ۡي َطى ُن قال يـادم هل أدل‬
‫واملعنى‪ :‬فوسوس الشيطان إلى آدم‪ ،‬قال‪ :‬يا آدم أال أرشدك إلى شجرة الخلد وإلى ملك دائم ال ينقطع؟‬
‫ّ‬
‫وقال إبليس‪ :‬إنما نهاكما ربكما عن أكل ثمار هذه الشجرة لئال تكونا ملكين أو لئال تكونا من الخالدين‪ ،‬كما قال‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ۡ َ َ َُ َ َ ۡ َ ى ُ ُۡ َ َ‬
‫ِي ل ُه َما َما ُوۥرِ َي ع ۡن ُه َما مِن َس ۡوَٰءت ِ ِه َما َوقال َما ن َهى ىك َما َر ُّبك َما ع ۡن هى ِذه ِ‬‫تعالى‪ ١٩{ :‬فوسوس لهما ٱلشيطن َِلبد‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ َ َ ِ َ َ َ ُ َ َ َ َ ۡ َۡ َ ُ َ َ ۡ َ‬
‫ي أو تكونا مِن ٱلخ ِِلِين ‪[} ٢٠‬األعراف‪.]20 :‬‬
‫ٱلشجرة إَِّل أن تكونا ِّلك ِ‬
‫وهذا اإلرشاد من إبليس كان كذبا وغرورا بالوعد والقسم‪ ،‬ليستدرجهما إلى معصية هللا تعالى‪ ،‬كما‬
‫ان َعلَ ۡيه َما مِن َو َر ِق ٱ ۡ َ‬
‫ل َن ِة‬
‫ََ َ َ َ َ َ ََ َ َ ۡ َُ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ َ َۡ َ‬ ‫َََ ُ َ ُُ‬
‫قال تعالى‪ { :‬فدلى ىهما بِغرور فلما ذاقا ٱلشجرة بدت لهما سوَٰءتهما وطفِقا ي ِصف ِ‬
‫ِ‬
‫َ ُ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ ُ‬‫َ َ‬ ‫َُ‬ ‫ۡ ُ‬
‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ‬
‫لش ۡي َطى َن لك َما َع ُدو ُّمبِي ‪[} ٢٢‬األعراف‪ ،]22 :‬وقال‬ ‫لش َ‬
‫ج َرة ِ َوأقل لكما إِن ٱ‬ ‫َونادى ى ُه َما َر ُّب ُه َما أل ۡم أن َهك َما َعن ت ِلكما ٱ‬
‫ح َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫تعالى‪َ { :‬و َق َ‬
‫ي ‪[} ٢١‬األعراف‪.]21 :‬‬ ‫اس َم ُه َما إ ِ ِن لك َما ل ِم َن ٱلَ ى ِ‬
‫ص ِ‬

‫َۡ َ َ َ َ ى َ َ‬
‫اد ُم َر َب ُهۥ َف َغ َو ى‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ ۡ َ ََ َ ۡ َُ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ َ َۡ َ‬
‫ى‬ ‫ان َعل ۡي ِه َما مِن َو َر ِق ٱلنةِ وعَص ء‬
‫ص ِ‬
‫ف‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فأكل مِنها فبدت لهما سوَٰءتهما وطفِقا ي ِ‬
‫‪}١٢١‬‬
‫واملعنى‪ :‬فأكل آدم وحواء من ثمار تلك الشجرة‪ ،‬انكشفت لهما عوراتهما‪ ،‬فجعال يلزقان من ورق‬
‫ى َ َ َ ىُ َ ُ ُ َ َ َ َ َ َ‬
‫ج َر َة‬
‫لش َ‬ ‫الجنة ورقة فوق أخرى على عوراتهما لسترها‪ ،‬كما قال تعالى في آية أخر ‪ { :‬فدلىهما بِغرور فلما ذاقا ٱ‬
‫َُ‬ ‫ۡ َ َ َ َ َ ى ُ َ َ ُّ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ َُ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ َ َۡ َ‬
‫لش َ‬
‫ج َرة ِ َوأقل‬ ‫ان َعل ۡي ِه َما مِن َو َر ِق ٱلن ِة ونادىهما ربهما ألم أنهكما عن ت ِلكما ٱ‬
‫صف ِ‬‫بدت لهما سوَٰءتهما وط ِفقا ي ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ ُ َ َ َ‬
‫لش ۡي َطى َن لك َما َع ُدو ُّمبِي ‪[} ٢٢‬األعراف‪ ،]22 :‬وخالف آدم أمر رّبه‪ ،‬فغوى باألكل من الشجرة التي نهاه‬ ‫لكما إِن ٱ‬
‫عن االقتراب منها‪.‬‬

‫ُ َ ۡ َ َ ُ َ ُّ ُ َ َ َ َ‬
‫اب َعل ۡيهِ َو َه َد ىى ‪} ١٢٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ثم ٱجتبىه ربهۥ فت‬
‫اَّلل اص َط ََف َآد َم}[آل عمران‪ ،]33 :‬فتاب هللا عليه بعد‬ ‫آدم رّبه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إ َن َ َ‬ ‫واملعنى‪ :‬ثم اصطفى َ‬
‫ِ‬
‫اب َعلَ ۡيهِ إنَ ُهۥ ُه َو ٱ َِل َو ُ‬
‫اب ٱ َلرح ُ‬
‫ِيم‬
‫ََََ ى َ َ‬
‫اد ُم مِن َربهِۦ َُك َِم ىت َف َت َ‬‫أن تلقى من رّبه كلمات التوبة‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فتلق ء‬
‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫َۡ َ ۡ ۡ ََ َ َۡ ََۡ ََ ُ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َََ َ ََۡ َ ُ‬
‫ّسين ‪٢٣‬‬
‫‪[}٣٧‬البقرة‪ ،]37 :‬فقال هو وزوجته‪ { :‬قاَّل ربنا ظلمنا أنفسنا ِإَون لم تغفِر لا وترْحنا لكونن مِن ٱلخ ِ ِ‬
‫}[األعراف‪ّ ،]23 :‬‬
‫ثم هداه هللا إلى الثبات على التوبة واملداومة على طاعة هللا تبارك وتعالى‪.‬‬

‫َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ َ َۡ ََ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َ َ ۡ ُ ُ‬ ‫َ َ ۡ‬


‫ضل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال ٱهب ِ َطا مِن َها ۡجِيعا َبعضك ۡم ِلَع ٍض عدو فإِما يأت ِينكم م ِِن هدى فم ِن ٱتبع هداي فل ي ِ‬
‫َ‬
‫ق ‪} ١٢٣‬‬‫َوَّل ي َ ۡش َ ى‬
‫واملعنى‪ :‬قال هللا تعالى آلدم وحواء‪ :‬اهبطا إلى األ ض‪ ،‬فبعضكم يا معشر البشر أعداء بعض‪ّ ،‬‬
‫وإن‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫كم َع ُد يو َفاَت ُِذ ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫وه َع ُد ًّوا إِن َما يَد ُعو‬
‫ّ‬
‫فعادوه وخالفوه وكذبوه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِن الشي َطان ل‬
‫الشيطان لكم عدو ُ‬
‫مني‪ ،‬فمن‬ ‫يقربكم ّ‬ ‫يأتينكم مني رسول أو كتاب يهديكم ملا ّ‬ ‫فإما ّ‬ ‫حاب َ‬
‫السعِري}[فاطر‪ّ ،]6 :‬‬ ‫كونُوا مِن أَص َ‬
‫َُ َ ُ‬
‫حِزبه َِل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الدنيا‪ ،‬وال يشقى في اآلخرة‪ ،‬وال خوف عليهم وال‬ ‫ضل في ّ‬ ‫اهتدى به بتصديق جميع أخبار الرسل والكتب‪ ،‬فال َي ّ‬
‫اي َف َل َخ ۡوف َعلَ ۡيهمۡ‬ ‫َ َ َۡ ََ ُ‬
‫كم مِن ُهدى َف َمن تَب َع ُه َد َ‬ ‫َۡ َ‬ ‫هم يحزنون‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬ق ۡل َنا ٱ ۡهب ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ِي‬ ‫ت‬ ‫أ‬‫ي‬ ‫ا‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫إ‬‫ف‬ ‫ا‬‫ِيع‬ ‫ۡج‬ ‫ا‬‫ه‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫وا‬ ‫ط‬ ‫ِ‬
‫ََ ُ ۡ ََُۡ َ‬
‫ون ‪[}٣٨‬البقرة‪.]38 :‬‬ ‫وَّل هم يزن‬

‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ ُ ُ ُ َۡ َ ۡ َى َ َ ۡ‬ ‫َ َ َُ َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ ۡ َ ۡ َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ومن أعرض عن ذِكرِي فإِن لۥ معِيشة ضنَك وَنشهۥ يوم ٱلقِيمةِ أعم ‪} ١٢٤‬‬
‫وإن ظهر‬ ‫فإن له في الحياة الدنيا عيشا ضيقا وشاقا بالهموم والقلق – ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬ومن تولى عن ذكر ْي ّ‬
‫َ َ ُ ُ ُ‬
‫شهم يَو َم‬
‫ّ‬
‫أنه من أهل الفضل واليسار ‪ ،-‬ونحشرهم يوم القيامة أعمى عن الرؤية والحجة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وَن‬
‫َ ُ ًّ َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫اهم َج َه َن ُم}[اإلسراء‪.]97 :‬‬‫امةِ لَع ُو ُجوهِ ِهم عميا َوبُكما وصما مأو‬
‫ال ِق َي َ‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫شتَ ِن أ ۡع َ ى‬
‫م َوق ۡد ك ُ‬
‫نت بَ ِصريا ‪} ١٢٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال َرب ل َِم َح َ ۡ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫املعرض عن ذكر هللا يوم الحشر‪ :‬ر ّب لم حشرتني أعمى‪ ،‬وقد كنت مبصرا في دار الدنيا‪.‬‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫واملعنى‪ :‬قال ِ‬
‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َى‬ ‫ۡ ۡ ۡ َ ۡ ۡ َ ُ ََ َ‬
‫ك ِن ٱلظل ُِمون ٱَلَ ۡو َم ِِف ضل ىل‬
‫ُص يَ ۡوم يَأتوننا ل ى ِ‬
‫وال تعارض بين هذه اآلية وقوله تعالى‪ { :‬أس ِمع ب ِ ِهم وأب ِ‬
‫ألن عماهم في املحشر وذلك قبل دخول النار‪ ،‬فإذا دخلوا النار زال عنه عماهم ليروا‬ ‫ُّمبي ‪[}٣٨‬مريم‪ّ ،]38 :‬‬
‫ِ‬
‫عذاب هللا الشديد‪.‬‬
‫ۡ‬ ‫َ َ َ َى َ َ َ ۡ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ‬
‫يت َها َووُك َذ ىل َِك ٱَلَ ۡو َم تُ َ ى‬
‫نس ‪} ١٢٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال كذل ِك أتتك ءاي ىتنا فن ِ‬
‫س‬
‫واملعنى‪ :‬قال هللا تعالى‪ :‬األمر كذلك‪ ،‬ألنك أتتك آياتنا الدالة على وحدانيتنا‪ ،‬فتركتها وأعرضت عنها‪،‬‬
‫ِين ٱ ََتَ ُذوا د َ‬
‫ِين ُه ۡم‬ ‫وكما تركت آياتنا في الدنيا وأعرضت عنها‪ُ ،‬تترك اليوم في النار جزاء وفاقا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱ ََّل َ‬
‫َى َ َۡ َ َ‬
‫ح ُدون ‪٥١‬‬
‫َ َ َۡ ۡ َ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ َ ُ ُّ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ َ َ ُ‬ ‫َۡ َ َ‬
‫لهوا ولعِبا وغرتهم ٱلي ىوة ٱَلنيا ر فٱَلوم ننسى ىهم كما نسوا ل ِقاء يو ِِّ ِهم هىذا وما َكنوا ِ‬
‫بَٔٔايتِنا ُي‬
‫}[األعراف‪.]51 :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ق ‪} ١٢٧‬‬ ‫اب ٱٓأۡلخ َِرة ِ أ َش ُّد َوأ ۡب َ ى‬ ‫ت َربهِۦ َول َعذ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ ۡ َ َ ۡ ُۡ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ووُكذ ىل ِك ن ِزي من أسف ولم يؤمِن ب ِأي ى ِ ِ ر‬
‫واملعنى‪ :‬وكذلك نجازي ونعاقب من أسرف في نفسه‪ ،‬ولم يؤمن بآيات رّبه البينات‪ ،‬ولعذاب اآلخرة‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّل ۡن َيا َولَ َع َذ ُ‬‫أشد أملا وأدوم من عذاب الدنيا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ل َ ُه ۡم َع َذاب ِِف ٱ ۡ َ‬
‫اب ٱٓأۡلخ َِرة ِ أش ُّق َو َما ل ُهم م َِن‬
‫ٱ ََّللِ مِن َواق ‪[}٣٤‬الرعد‪.]34 :‬‬

‫ُ‬ ‫َََ ۡ َ ۡ َُ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َۡ َُ‬


‫كن ِ ِه ۡ رم إ ِ َن ِِف َذ ىل َِك ٓأَل َي ىت ِلو ِل ٱلُّ َ ى‬
‫ه‬
‫َۡ ُ َ‬
‫ون ِِف َم َ ى‬
‫س ِ‬ ‫ون يمش‬ ‫َ ُُۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أفلم يه ِد لهم كم أهلكنا قبلهم مِن ٱلقر ِ‬
‫‪} ١٢٨‬‬
‫ل ُ‬
‫من أهلكنا من األمم املاضية املكذبة‬ ‫كثرة ْ‬ ‫يتبي ْن ملشركي مكة املكذبين بك أيها الرسو‬ ‫واملعنى‪ :‬أفلم ّ‬
‫وعظات ألهل العقول السليمة الواعية‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫بالرسل‪ ،‬وهم يمشون في ديارهم‪ ،‬ويرون آثار هالكهم‪ّ ،‬إن في ذلك لعبرا‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ َ َ ُُ‬ ‫َََ َ‬
‫ريوا ِِف الر ِض ف َتكون ل ُهم قلوب َيعقِلون ب ِ َها أو آذان يَس َم ُعون ب ِ َها‬
‫س ُ‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬أفلم ي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ُُ ُ َ‬ ‫فَإ َن َها ََّل َتع َم الب َص ُ‬
‫ار َولَ ِ َ َ‬
‫ور}[الحج‪ ،]46 :‬وقوله تعالى‪{ :‬أ َولم َيه ِد ل ُهم كم‬‫كن تعم القلوب ال ِت ِِف الصد ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ات أفل يسمعون}[السجدة‪.]26 :‬‬ ‫ون يمشون ِِف ِّساكِن ِ ِهم إِن ِِف ذل ِك آلي ٍ‬
‫أهلكنا مِن قبل ِ ِهم مِن القر ِ‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ول ۡوَّل ُك َِمة َس َب َق ۡت مِن َرب ِ َك لَك َن ل َِزاما َوأ َجل ُِّّ َسم ‪} ١٢٩‬‬
‫واملعنى‪ :‬ولوال كلمة سبقت من رّبك وأجل مسمى بتأجيل العذاب إلى الدار اآلخرة‪ ،‬لكان هالكهم الزما‪،‬‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫ك إِل أ َجل ُِّ َس ًّم لَ ُق ِ َ‬
‫ض‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ ََ‬
‫ولحل بهم العذاب بإهالكهم في الدنيا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ولوَّل ُك ِمة سبقت مِن رب ِ‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫بَي َن ُهم}[الشورى‪.]14 :‬‬

‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ ۡ ۡ َ َى َ َ ُ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ ُ ِ َ‬
‫وع ٱلش ۡم ِس َوق ۡبل غ ُروب ِ َها َوم ِۡن َءاناي ٱ َۡل ِل ف َسب ِ ۡح‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فٱص ِب لَع ما يقولون وسبِح ِّبم ِد ربِك قبل طل‬
‫ََۡ َ َ ََ َََ َ‬
‫ك تَ ۡر َ ى‬
‫ض ‪}١٣٠‬‬ ‫وأطراف ٱلهارِ لعل‬
‫واملعنى‪ :‬فاصبر أيها الرسول على ما يقول هؤالء املكذبون‪ ،‬واذكر رّبك في الصباح واملساء بالتسبيح‬
‫َ َ َ َ ُ ُ ِ َ‬
‫الشم ِس َو َقب َل ال ُغ ُ‬
‫وب}[ق‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫والتحميد وصالة الصبح والعصر‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َسبِح ِّبَم ِد ربِك قبل طلوع‬
‫فصل صالة الظهر؛ كي تثاب‬ ‫ّ‬ ‫فصل صالة املغرب والعشاء والتهجد‪ ،‬وفي أطراف النهار‬ ‫ّ‬
‫‪ ،]39‬ومن ساعات الليل ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫على هذه األعمال بما ترض ى به نفسك من الثواب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ول َسوف يعطيك ُّ‬
‫ربك فتض}[الضحى‪.]5 :‬‬ ‫ِ‬

‫َ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ك إ ِ َ ىل َما َم َت ۡع َنا بهِۦ أ ۡز َو ىجا م ِۡن ُه ۡم َز ۡه َرةَ ٱ ۡ َ‬
‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّلن َيا ِلَفت ِ َن ُه ۡم فِيهِ َورِ ۡزق َربِك خ ۡري‬
‫ََ َ ُ َ َ َ َۡۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وَّل تمدن عيني‬
‫ِ‬
‫ى‬ ‫َََۡ‬
‫وأبق ‪} ١٣١‬‬
‫متعنا به األغنياء من زينة الحياة الدنيا‬ ‫واملعنى‪ :‬ال تطمح أيها الرسول ْ‬
‫ومن تبع الرسول إلى ما ّ‬
‫لنفتنهم فيه‪ ،‬فمن أعطيناه النصيب األكبر فال ينبغي له ْأن ينظر إلى النصيب األحقر‪ ،‬فرزق هللا وثوابه في‬
‫َ َ َ َ َ‬
‫اآلخرة خير وأبقى مما رزقهم في الدنيا‪ ،‬فال تغبطهم بما هم فيه‪ ،‬كما قال تعالى‪َّ{ :‬ل ت ُم َدن عينيك إِل ما َم َتعنا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بِهِ أزواجا مِن ُهم َوَّل ت َزن َعلي ِهم}[الحجر‪.]88 :‬‬

‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬


‫َن ُن نَ ۡر ُزق َك َوٱل َع ى ِق َبة ل َِلتق َو ىى ‪} ١٣٢‬‬
‫ۡ َ ۡ ۡ‬
‫ب َعل ۡي َها َّل نسألك رِزقا‬‫لصل ىوة ِ َوٱ ۡص َط ۡ‬
‫ِ‬
‫َ ُۡ ۡ َ‬
‫ك بٱ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وأِّر أهل ِ‬
‫وأمر أيها الرسول أهل بيتك بالصالة‪ ،‬واصبر على أدائها‪ ،‬واستنقذهم من عذاب هللا‪ ،‬كما قال‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ ُّ َ َ َ َ ُ َ ُ‬
‫ِيكم نَارا}[التحريم‪ ،]6 :‬ال نطلب منك رزقا‪ ،‬نحن نرزقك ونرزق‬ ‫ُ‬
‫آم ُنوا قوا أنف َسكم َوأهل‬ ‫تعالى‪{ :‬يا أيها اَّلِين‬
‫يد أَن ُي ۡط ِع ُمون ‪ ٥٧‬إ َن ٱ َ َ‬
‫َّلل ُه َو ٱ َلر َز ُاق ُذو ٱ ۡل ُق َوة ِ ٱل ۡ َمت ِ ُ‬
‫ي‬ ‫يد م ِۡن ُهم مِن ر ۡزق َو َما أُر ُ‬
‫أهلك‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ما أُر ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪[}٥٨‬الذاريات‪ ،]56-58 :‬والعاقبة الصالحة في الدنيا واآلخرة ألهل التقوى‪ ،‬كما قال تعالى على لسان موس ى عليه‬
‫بوا إ َن ٱ ۡلَۡر َض ِ ََّللِ يُور ُث َها َمن ي َ َشا ُء م ِۡن ع َِبادِه ِۦ َوٱ ۡل َع ىقِ َب ُة ل ِۡل ُم َتقِ َ‬
‫ي‬ ‫السالم‪ { :‬قَ َال ُِّ َ ى‬
‫وس ل َِق ۡو ِمهِ ٱ ۡس َتع ُ‬
‫ينوا بٱ ََّللِ َوٱ ۡص ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪[} ١٢٨‬األعراف‪.]128 :‬‬

‫ُۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ َ َُ‬ ‫َ َۡ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ َۡ‬


‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وقالوا ل ۡوَّل يأت ِينا ِبَٔٔاية مِن ربِهِرۦ أو لم تأت ِ ِهم بيِنة بيِنة ما ِِف ٱلصح ِف ٱلول ‪} ١٣٣‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وقال الكفار املشركون‪ :‬هال يأتينا هذا النبي بآية من رّبه دالة على صدقه في أنه رسول هللا؟‬
‫املصدق املبين ملا في الكتب السابقة؟‬ ‫ّ‬ ‫فأجابهم هللا تعالى‪ :‬أولم يأتهم القرآن‬
‫َ َ ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وقَالوا ل ۡوَّل أنزل َعل ۡيهِ َء َاي ىت مِن َربهِۦ قُ ۡل إ َن َما ٱٓأۡل َي ى ُ‬
‫ِند ٱَّللِ ِإَونما أنا‬
‫تع‬ ‫ِ‬ ‫ِر‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َى َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ى َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َۡ َ ۡ ۡ ََ َ ََۡ َ َۡ َ ۡ َ َ ۡ َ َ ُۡ َ َ‬
‫ى ل ِق ۡوم يُؤم ُِنون‬ ‫نَذِير ُّمبِي ‪ ٥٠‬أو لم يكفِ ِهم أنا أنزلا عليك ٱلكِتىب ٱلكِتىب يت ى‬
‫َل َعل ۡي ِه ۡ رم إِن ِِف ذل ِك لرْحة وذِكر‬
‫‪[}٥١‬العنكبوت‪.]50-51 :‬‬

‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ ُ َ ََ َۡ َ َۡ َ ۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َۡ َ ۡ‬


‫ت إ ِ َۡل َنا َر ُسوَّل ف َنتب ِ َع َءاي ىتِك مِن ق ۡب ِل أن‬‫قوله تعالى‪َ { :‬ول ۡو أنا أهلك َنى ُهم ب ِ َعذاب مِن ق ۡبلِهِۦ لقالوا ربنا لوَّل أرسل‬
‫َ َۡ‬
‫نَذِل َوَن َز ىى ‪}١٣٤‬‬
‫سلت إلينا‬‫واملعنى‪ :‬ولو ّأنا أهلكنا هؤالء املكذبين بعذاب من قبل إ سال الرسل إليهم‪ ،‬لقالوا‪ :‬بنا هال أ َ‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫نذل ونخزى بعذابك‪.‬‬‫رسوال من عندك‪ ،‬حتى نتبع آياتك التي يأتي بها الرسول من قبل ْأن ّ‬
‫وهؤالء املكذبون قوم معاندون‪ ،‬وال يؤمنون باهلل وبرسله ولو جاءتهم كل آية من ربهم‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ ُ‬ ‫َ َََ َ َ ُ َ‬ ‫َ ُ ُ َ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اءهم نذِير َما َزادهم إَِّل‬‫اءهم نذِير َلَكون َن أه َدى ِمن إِح َدى الِّ ِم فلما ج‬‫{ َوأق َس ُموا بِاَّللِ َجه َد أي َمان ِ ِهم لئِن ج‬
‫ُن ُفورا}[فاطر‪.]42 :‬‬
‫َ َ ۡ َ َ ُ َ ُ ُّ َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ ۡ َ َ ُ ُ َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ َ‬
‫ت إَِلۡ َنا‬‫صيبُۢة بِما قدمت أيدِي ِهم فيقولوا ربنا لوَّل أرسل‬‫صيبهم ِّ ِ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬ولوَّل أن ت ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ َ َ َ َ َى َ َ َ ُ َ‬
‫ون م َِن ٱل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪[}٤٧‬القصص‪.]47 :‬‬ ‫َر ُسوَّل فنتبِع ءايتِك ونك‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََََ ُ َ َ َۡ َُ َ َ ۡ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قُ ۡل ُُك ُِّّ َ َ‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫لصر ِط ٱلسوِ ِي وم ِن ٱهتدى ‪} ١٣٥‬‬ ‫ى‬
‫تبِص فتبصوا فستعلمون من أصحب ٱ ِ‬
‫منا ومنكم منتظر دوائر الزمان‪ ،‬فانتظروا أنتم‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهؤالء املكذبين‪ :‬كل واحد ّ‬
‫وم ْن املهتدي للحق من الضاللة‪ ،‬أنحن أم أنتم؟ كما قال تعالى‪ { :‬إِن‬
‫فستعلمون َم ْن أهل الصراط املستقيم‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ ُّ‬ ‫َ َ َ ُ ُّ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫َكد َل ِضلنا عن ءال ِهتِنا لوَّل أن صبنا عليها ر وسوف يعلمون حِي يرون ٱلعذاب من أضل سبِيل ‪[}٤٢‬الفرقان‪:‬‬
‫ك َذ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫اب ِ ُ‬
‫الش}[القمر‪.]26 :‬‬ ‫‪ ،]42‬وقال تعالى‪َ { :‬س َيعل ُمون غدا َم ِن ال‬
‫َ‬ ‫ُ َُ َ‬
‫سورة األنبياء‬

‫وهي مكية وعدد آياتها مائة و اثنتا عشرة‬

‫ُ َ‬ ‫َۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫قوله تعالى‪ }:‬ٱ ۡق َ َ‬


‫اب ُه ۡم َوه ۡم ِِف غفلة ُّم ۡعرِضون ‪{١‬‬ ‫ت َب ل َِلن ِ‬
‫اس ح َِس ُ‬

‫واملعنى‪ :‬دنا وقرب وقت حساب الناس على أعمالهم في الدنيا‪ ،‬وهم في حياتهم في الدنيا ساهون عنها‪،‬‬
‫معرضون عن االستعداد لها‪.‬‬
‫وأن الناس في غفلة عنها‪،‬‬ ‫ود ّنوها‪ّ ،‬‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬هذا تنبيه من هللا عز وجل على اقتراب الساعة ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ َ َ َ َ ُ‬
‫ت‬‫ِ‬ ‫ب‬‫ت‬ ‫اق‬‫{‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫]‪،‬‬ ‫‪1‬‬ ‫}[النحل‪:‬‬ ‫وه‬ ‫جل‬
‫أي ال يعملون لها‪ ،‬وال يستعدون من أجلها‪ ...‬قال تعالى‪{ :‬أِت أِّر اَّللِ فل تستع ِ‬
‫َ‬ ‫الس َ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫القمر}[القمر‪.]1 :‬‬ ‫اعة َوانش َق‬ ‫َ‬

‫ۡ‬
‫ۡ ََُ ُ َُ ۡ َ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُّ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪} ٢‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ما يَأتِي ِهم مِن ذِكر مِن َرب ِ ِهم َم َد ٍث إَِّل ٱستمعوه وهم يلعب‬
‫واملعنى‪ :‬ما يأتي هؤالء املشركين من قرآن ينزل عليهم مجددا لهم التذكير‪ ،‬إال استمعوه وهم العبون‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫ك أَفَأَ َ‬
‫نت ت ُ ۡسم ُع ٱ ُّ‬
‫لص َم َول ۡو َكنوا َّل‬
‫َ ُۡ َ َۡ َ ُ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫مستهزئون‪ ،‬فال يعقلون ما سمعوا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ومِنهم من يست ِمعون إ ِ َۡل ر‬
‫َۡ ُ َ‬
‫ون ‪[}٤٢‬يونس‪.]42 :‬‬ ‫يعقِل‬

‫لس ۡح َر َوأَ ُ‬ ‫ُۡ ُ ََ ُۡ َ‬ ‫َۡ َ َ َ ََ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫قوله تعالى‪ََّ { :‬له َِية قُلُوبُ ُه ۡم َوأَ َ ُّ‬
‫نت ۡم‬ ‫ِين ظل ُموا هل هىذا إَِّل بش مِثلك ۡم أف َتأتون ٱ ِ‬ ‫سوا ٱلَ ۡج َوى ٱَّل‬
‫يع ٱلۡ َعل ُ‬
‫ِيم ‪} ٤‬‬ ‫لس َماءِ َوٱ ۡلَۡر ِض َو ُه َو ٱ َ‬
‫لس ِم ُ‬ ‫ون ‪ ٣‬قَ َال َرب َي ۡعلَ ُم ٱ ۡل َق ۡو َل ِف ٱ َ‬
‫ُۡ ُ َ‬
‫ُص‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تب ِ‬

‫َ َۡ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ ۡ‬ ‫ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ َ ُ َ‬


‫َ َ‬
‫ون ‪}٥‬‬ ‫ث أ ۡحل ىم بَل ٱف َ َ‬
‫تى ى ُه بَل ه َو شاعِر فل َيأت َِنا ب ِأيَة ك َما أ ۡرسِل ٱلول‬
‫ۡ َى ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬بَل قالوا أضغ‬
‫ِ‬
‫مترددين‪ّ :‬إن القرآن أخالط أحالم ال حقيقة لها‪ ،‬وقال‬ ‫متحيرين ّ‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬بل قال بعض املشركين‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫بعضهم‪ :‬إنه افتراه محمد‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬إن محمدا شاعر والذي جاء به هو شعر‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱنظ ۡر‬
‫ّ‬
‫ون َسبيل ‪[}٤٨‬اإلسراء‪ْ ،]48 :‬‬ ‫َ ۡ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ُّ َ َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫وإن أراد ْأن نؤمن به فليأتنا بمعجزة‬ ‫ِ‬ ‫كيف ضبوا لك ٱلمثال فضلوا فل يست ِطيع‬
‫حسية كاملعجزات التي أرسل بها األنبياء السابقون‪.‬‬
‫ََ‬
‫ۡ َ ۡ َىَ ُ ۡ ُۡ ُ َ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪} ٦‬‬ ‫ت ق ۡبل ُهم مِن قري ٍة أهلكنها أفهم يؤمِن‬
‫ام َن ۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ما َء َ‬

‫واملعنى‪ :‬ما آمنت قبل مشركي قريش من قرية طلب أهلها املعجزات الحسية من رسولهم وتحققت‪ ،‬بل‬
‫ّ‬
‫كذبوا بها‪ ،‬فأهلكناهم بذلك‪ ،‬أفهؤالء املشركون من قومك أيها الرسول يؤمنون باآليات لو رأوها؟ كال‪ ،‬إنهم ال‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ ۡ َ َۡ ۡ َ َ ُ َ َ َ ُۡ ُ َ‬
‫ون ‪َ ٩٦‬ول ۡو َجا َء ۡت ُه ۡم ُُك َءايَ ٍة َح َ ى‬
‫ت يَ َر ُوا‬ ‫يؤمنون‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلِين حقت علي ِهم ُك ِمت ربِك َّل يؤمِن‬
‫َۡ َ َ َۡ‬
‫َ‬
‫ٱلعذاب ٱل َِلم ‪[}٩٧‬يونس‪.]96-97 :‬‬

‫َ‬
‫ُۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ََ ۡ َ َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}٧‬‬ ‫وح إِ َۡل ِه ۡم ف ۡسَٔٔلوا أهل ٱَّلِك ِر إِن كنتم َّل تعلم‬ ‫ك إَِّل رِ َجاَّل ن ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وما أرسلنا قبل‬
‫واملعنى‪ :‬وما أرسلنا قبلك أيها الرسول من املرسلين إال رجاال ال من املالئكة‪ ،‬نوحي إليهم من أهل القرى‪،‬‬
‫وح إ ََلهم مِن أَهل ال ُق َرى}[يوسف‪ْ ،]109 :‬‬ ‫ِ‬
‫َ ُ‬
‫ن‬ ‫اَّل‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫َّل‬ ‫إ‬
‫َ َ‬
‫ِك‬ ‫ل‬‫ب‬ ‫ق‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ا‬‫ن‬‫كما قال تعالى‪َ { :‬و َما أَر َسل َ‬
‫وإن كنتم يا معشر‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫قريش ال تصدقون بذلك‪ ،‬فاسألوا العلماء الراسخين ممن قبلكم يخبروكم أن املرسلين كانوا رجاال‪ ،‬إن كنتم‬
‫ال تعلمون أنهم رجال‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وح إَِل ِهم فاسألوا أهل اَّلِك ِر إِن كن ُتم َّل‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َما أر َسل َنا مِن قبل َِك إَِّل رِ َجاَّل ن ِ‬
‫َ‬
‫َ ُ َ‬
‫ون}[النحل‪.]43 :‬‬ ‫تعلم‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫ام َو َما َكنُوا َخ ى ِِل َ‬
‫ِين ‪} ٨‬‬ ‫لط َع َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ون ٱ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما َج َعل َنى ُه ۡم َج َسدا َّل يأكل‬
‫واملعنى‪ :‬وما جعلنا هؤالء املرسلين أجسادا ال يأكلون الطعام كاملالئكة‪ ،‬بل هم أجساد يأكلون الطعام‪،‬‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َۡ َ َۡ َۡ َ َ َ ُۡ ۡ َ َ َ َ ُ ۡ ََۡ ُ ُ َ َ َ َ َ َۡ ُ َ‬
‫ون ِِف ٱ ۡل ۡس َ‬
‫اق َو َج َعل َنا‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫كما قال تعالى‪ { :‬وما أرسلنا قبلك مِن ٱلمرسل ِي إَِّل إِنهم َلأكلون ٱلطعام ويمش‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ون َوك َن َر ُّب َك بَ ِصريا ‪[}٢٠‬الفرقان‪ ،]20 :‬وما كانوا خالدين‪ ،‬كما كان حال جميع‬
‫َۡ َ ۡ ُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫َب ۡعضك ۡم ِلَ ۡعض ف ِتنة أتص ِب‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِل أفإن م َ‬ ‫َ‬
‫البشر‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما َج َعل َنا ل ِبَ َش مِن قبل َِك ُ‬
‫ون}[األنبياء‪.]34 :‬‬‫ِت ف ُهم الاَل‬ ‫ال َ‬
‫ٍ‬

‫ۡ‬
‫َۡ َ ُ ۡ َ َ َ ُ َ ۡ َ ُ ۡ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ َ ُ ُ َۡ َ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫ّسف َِي ‪}٩‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ثم صدقنىهم ٱلوعد فأنينىهم ومن نشاء وأهلكنا ٱلم ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ثم أنجزنا وعدنا لرسلنا وأتباعهم‪ ،‬فأنجيناهم ومن نشاء من أتباعهم املؤمنين بهم‪ ،‬كما قال‬
‫ۡ‬ ‫ُ ُ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ ًّ َ َ ۡ َ ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫نج ٱل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪[}١٠٣‬يونس‪ ،]103 :‬وأهلكنا املسرفين على‬ ‫تعالى‪ { :‬ث َم ن َن ِج رسلنا وٱَّل‬
‫ِين َءامن روا كذ ىل ِك حقا علينا ن ِ‬
‫أنفسهم بكفرهم‪.‬‬

‫ۡ ُ ُ ۡ َََ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ۡ َ َۡ َ ُ‬


‫ون ‪} ١٠‬‬ ‫نزلَا إِ َۡلك ۡم كِتىبا فِيهِ ذِكرك رم أفل تعقِل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬لقد أ‬
‫وعزكم في الدنيا واآلخرة ْإن تذكرتم‬
‫واملعنى‪ :‬لقد أنزلنا إليكم أيها املؤمنون هذا القرآن‪ ،‬فيه شرفكم ّ‬
‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ ۡ َ َ َ َ‬
‫به‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَون ُهۥ َّلِوُكر لك َول ِق ۡوِِّك َو َس ۡوف ت ۡسَٔٔل‬
‫تتدبرون ما ّ‬
‫فضلناكم‬ ‫ون ‪[}٤٤‬الزخرف‪ ،]44 :‬أفال ّ‬
‫به على غيركم؟‬

‫َ‬
‫َۡ َ ۡ َ َ َ َ َ َۡ َ َ ۡ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ۡ َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ين ‪}١١‬‬ ‫اخر َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ووُكم قصمنا مِن قرية َكنت ظال ِمة وأنشأنا بعدها قوما ء ِ‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬وكثيرا ما أهلكنا أهل القرى كانوا ظاملين بكفرهم‪ ،‬وأحدثنا بعدهم قوما آخرين سواهم‪ ،‬كما‬
‫َََى َ َ‬
‫ك ب ُذنُوب ع َِبادِه ِۦ َخب َ‬ ‫َۡ ُ‬ ‫ََ ۡ ََۡ ۡ‬
‫ك َنا م َِن ٱ ۡل ُق ُ‬
‫ريا بَ ِصريا ‪[}١٧‬اإلسراء‪،]17 :‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬
‫ِ ِ ِ‬‫ر‬ ‫ب‬ ‫َف‬‫وُك‬‫و‬ ‫وح‬ ‫ن‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ون‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫قال تعالى‪ { :‬ووُكم أهل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬
‫يد}[الحج‪:‬‬ ‫َ‬
‫ُص ِّشِ ٍ‬
‫َ‬ ‫ه َظال َِمة ف ِ َ‬
‫ه َخاويَة لَع ُع ُروش َِها َوب ُ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫اها َو ِ َ‬‫وقال تعالى‪{ :‬فكأيِن مِن قريَ ٍة أهلكن‬
‫ْئ معطل ٍة وق ٍ‬‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫‪.]45‬‬

‫ُ‬
‫ِكمۡ‬ ‫ى‬ ‫ََ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ۡ ُ ُ َ ۡ ُ َى َ ُ ۡ ۡ‬ ‫َ َ َ َ َ ُّ َ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ َ ۡ ُ ُ َ‬
‫كن‬
‫جعوا إِل ما أت ِرفتم فِيهِ ومس ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فلما أحسوا بأسنا إِذا هم مِنها يركضون ‪َّ ١٢‬ل تركضوا وٱر ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ ُ ُ‬
‫ون ‪} ١٣‬‬ ‫ل َعلك ۡم ت ۡسَٔٔل‬

‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا َي ى َو ۡيل َنا إنَا ك َنا َظىلِم َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ي ‪} ١٤‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قال هؤالء الظاملون املشركون ملا تيقنوا وقوع العذاب‪ :‬يا هالكنا‪ ،‬لقد كنا في غفلة من هذا‪،‬‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ َ ُّ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ‬
‫ِين كف ُروا يَا َويلنَا قد‬‫وقد ظلمنا أنفسنا بكفرنا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬واقتب الوعد الق فإِذا ِه شاخِصة أبصار اَّل‬
‫ُ‬
‫ك َنا ِف غفلة مِن َهذا بَل ك َنا َظالِم َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫ي}[األنبياء‪.]97 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬

‫صيدا َخ ى ِمد َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫ك َد ۡع َوى ى ُه ۡم َح َ ى َ َ َ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِين ‪}١٥‬‬ ‫ت جعلنى ُه ۡم ح ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ف َما َزالت ت ِل‬
‫واملعنى‪ :‬فما زالت كلماتهم ‪ -‬وهي االعتراف بذنوبهم والدعاء على أنفسهم بالهالك ‪َ -‬‬
‫دعوتهم ّ‬
‫يرددونها‬
‫حتى جعلناهم كالزرع املحصود في الهمود والهالك‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ف َما ََك َن َد ۡع َوى ى ُه ۡم إذ َجا َء ُهم بَأ ُس َنا إَّل أن قالوا إنَا ك َنا َظىلِم َ‬
‫َ‬
‫ي ‪[} ٥‬األعراف‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪.]5‬‬

‫ي ‪} ١٦‬‬‫لس َما َء َوٱ ۡلَۡر َض َو َما بَ ۡي َن ُه َما َل ىعِب َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما َخلَ ۡق َنا ٱ َ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫اء َوالرض‬ ‫واملعنى‪ :‬وما خلقنا السماء واألرض وما بينهما عبثا وال لعبا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما َخلَق َنا َ‬
‫الس َم َ‬
‫َ َ‬ ‫َ ََُ‬ ‫َ َ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُّ‬ ‫ََ َ َُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ار}[ص‪.]27 :‬‬
‫وما بينهما باطِل ذل ِك ظن اَّلِين كفروا فويل ل َِّلِين كفروا مِن ال ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ل ۡو أ َر ۡدنَا أن َن َت ِخذ ل ۡهوا ّلَتذ َنى ُه مِن َُلنَا إِن ك َنا ف ىعِل َِي ‪} ١٧‬‬
‫واملعنى‪ :‬لو أردنا ْأن نتخذ لهوا مما يلهو به العباد من الزوج والولد التخذناه من عندنا ال من عندكم‪،‬‬
‫كنا فاعلين ذلك الستحالة ْأن يكون لنا ولد أو صاحبة‪.‬‬ ‫وما ّ‬
‫خ َذ َو ََلا َّلص َط ََف ِّ َِما َيلُ ُق َما ي َ َش ُ‬
‫اء ُسب َحانَ ُه}[الزمر‪،]4 :‬‬ ‫اَّلل أَن َي َ‬
‫ت‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ َ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬لو أراد‬
‫ِ‬
‫ُ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ ۡ َ ى َ ُ َ َ َ ى َى َ‬
‫َل ع َما َيقولون ُعلوا كبِريا‬ ‫فسبحان هللا أن يكون له ولد‪ ،‬وسبحانه عما يفترون‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬سبحنهۥ وتع‬
‫ْ‬

‫‪[}٤٣‬اإلسراء‪.]43 :‬‬

‫َ َ ُ ُ َُۡۡ َ َ ُ َ‬ ‫َ ۡ َ ُُ َ َ ُ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬بَ ۡل َن ۡقذ ُِف بٱ ۡ َ َ َ ۡ َ‬


‫ون ‪} ١٨‬‬ ‫ل ِق لَع ٱلبى ِط ِل ف َيدمغهۥ فإِذا ه َو زاهِق ر ولكم ٱلويل ِِّما ت ِ‬
‫صف‬ ‫ِ‬
‫ال َق‬
‫ح َق َ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬بل نبين الحق ونظهره على الباطل‪ ،‬فيزيله‪ ،‬فإذا هو زائل مبدد‪ ،‬كما قال تعالى‪َِ { :‬لُ ِ‬
‫ّ‬
‫َُ َ َ َ ََ َ َ ُ ُ َ‬
‫ون}[األنفال‪ ،]8 :‬ولكم الهالك والعذاب أيها املشركون مما تصفون به رّبكم بغير‬ ‫ويب ِطل الاطِل ولو ك ِره المج ِرِّ‬
‫صفته الالئقة به‪.‬‬

‫َ َۡ َ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ ُ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َُ‬ ‫ََ ۡ‬‫َ‬ ‫لس َم ى َو ى ِ َ‬ ‫َۡ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و ُلۥ َمن ِف ٱ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ١٩‬‬ ‫بون ع ۡن ع َِبادتِهِۦ وَّل يستح ِّس‬‫ت وٱلۡر ِض ومن عِندهۥ َّل يستك ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وهلل وحده من في السماوات واألرض‪ ،‬ومن عنده من املالئكة ال يترفعون عن عبادته وال‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫يح أن يَكون عبدا َِّللِ َوَّل ال َملئِكة ال ُمق َربُون َو َمن‬ ‫س‬
‫يستنكفون عنها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬لن يستنكِف الم ِ‬
‫َ‬ ‫ادتِهِ َويَس َتكب فَ َس َيح ُ ُ‬
‫ش ُهم إَِلهِ َۡجِيعا}[النساء‪ ،]172 :‬وال هم يتعبون وال يملون‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫يَستنكِف عن عِب‬

‫َُ ُ َ ۡ َ ََ َ َ ُُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫ون ‪} ٢٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يسبِحون ٱَلل وٱلهار َّل يفت‬
‫واملعنى‪ :‬يسبحون هللا وينزهونه ليال ونهارا‪ ،‬ال ينقطعون عن الطاعة وال يسأمون عنها‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ َ ُ َ ََ َ َََ ُ ََ َُ َ َ ُ َُ َ‬
‫{َّل يعصون اَّلل ما أِّرهم ويفعلون ما يؤِّرون}[التحريم‪.]6 :‬‬

‫ُ ۡ ُ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ ََ ُ‬
‫ون ‪} ٢١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أ ِم ٱَتذوا َءال َِهة م َِن ٱلۡر ِض هم ي ِ‬
‫نش‬

‫َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫َُ َ َ ََ ُ ۡ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪} ٢٢‬‬ ‫ب ٱلع ۡر ِش عما ي ِ‬
‫صف‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬لو َكن فِي ِهما ءال ِهة إَِّل ٱَّلل لفسدتا ر فسبحىن ٱَّللِ ر ِ‬
‫واختل نظامها‪ّ ،‬‬
‫فتنزه هللا رب العرش عما‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬لو كان في السماوات وفي األرض آلهة غير هللا لخربتا‬
‫يصفه هؤالء الكفار املشركون‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُّ َ‬
‫ب ُك إ ِ ٍل ب ِ َما خل َق َول َعل‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َل َو َما َكن َم َع ُه مِن إ ِ ٍل إِذا َّله‬
‫َ‬ ‫َ ََ َ َُ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ما اَتذ اَّلل مِن َو ٍ‬
‫ُ َ َ َ َ َ َ ُ َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬
‫ون}[املؤمنون‪.]91 :‬‬ ‫َبعض ُهم لَع َبع ٍض سبحان اَّللِ عما ي ِ‬
‫صف‬

‫َ َ َ َ َ ُ ۡ ُۡ َ‬ ‫َُ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬


‫ون ‪}٢٣‬‬ ‫قوله تعالى‪َّ :‬ل ي ُ ۡسأل عما يفعل وهم يسأل‬
‫واملعنى‪ :‬ال ُيسأل هللا تعالى عن أفعاله وأحكامه في خلقه‪ ،‬وجميع خلقه ُيسألون عن أعمالهم‪ ،‬كما قال‬
‫ََ َ َ ََ َََُ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ ُ َ‬
‫ون}[الحجر‪.]92-93 :‬‬ ‫تعالى‪{ :‬فوربِك لنسألهم أۡجعِي عما َكنوا يعمل‬

‫َ َ ُۡ َ ُ ُۡ َ َ ُ ۡ َ َ ۡ ُ َ َ َ َ ۡ ُ َ َۡ َۡ َ ۡ َُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ ُ‬
‫َّثه ۡم َّل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أ ِم ٱَتذوا مِن دونِهِۦ ءال ِهة قل هاتوا برهىنكم هىذا ذِكر من م ِع وذِكر من قب َِل بل أك‬
‫َ ۡ َ ُ َ ۡ َ َ َ ُ ُّ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪}٢٤‬‬ ‫يعلمون ٱلق فهم مع ِرض‬
‫واملعنى‪ :‬أيصح ْأن يتخذ هؤالء املشركون من دون هللا آلهة أخرى؟ قل لهم أيها الرسول‪ :‬هاتوا دليلكم‬
‫على ما تقولون‪ ،‬هذا التوحيد ونفي الشركاء عن هللا عظة للذين آمنوا معي‪ ،‬وعظة للذين آمنوا من قبلي‪ ،‬فقد‬
‫اتفق القرآن والكتب السماوية السابقة على دعوة التوحيد‪ْ ،‬‬
‫ولكن أكثر املشركين ال يعلمون الحق‪ ،‬وهم‬
‫معرضون عنه‪.‬‬
‫والقرآن الكريم هو ذكر وعظة وشرف للمؤمنين‪ ،‬وهو كذلك كثير الخيرات والبركات ملن عمل‬
‫ُ َ َ‬
‫بارك أن َزلاهُ}[األنبياء‪.]50 :‬‬ ‫بتوجيهاته‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وهذا ذِكر م‬

‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َ ُُۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما أ ۡر َسل َنا مِن ق ۡبل َِك مِن َر ُسول إَّل نُ ِ ۡ َ ُ‬
‫وح إَِلهِ أنهۥ َّل إِل ىه إَِّل أنا فٱعبد ِ‬
‫ون ‪} ٢٥‬‬ ‫ٍ ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وما أرسلنا من قبلك أيها الرسول من رسول إال نوحي إليه أنه ال معبود بحق إال أنا هللا‪،‬‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َُ ُ َ َ َ‬
‫لَع َمن ي َ َش ُ‬
‫اء مِن عِبَادِه ِ أن‬ ‫ك َة ب ُّ‬
‫الر ِ‬
‫وح مِن أِّ ِره ِ‬ ‫زنل الملئ ِ ِ‬ ‫فأخلصوا العبادة لي‪ ،‬واتقوا عقوبتي‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ي ِ‬
‫َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬‫ُ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون}[النحل‪.]2 :‬‬
‫أنذِروا أنه َّل إِل إَِّل أنا فاتق ِ‬
‫ون ٱ َلرِنَٰمۡح َءال َِهة‬
‫ُ‬ ‫ُّ ُ َ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َۡ َ‬ ‫ۡ َ ۡ َۡ َ َۡ‬ ‫َۡ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬وسَٔٔل من أرسلنا مِن قبل ِك مِن رسل ِنا أجعلنا مِن د ِ‬
‫َُُۡ َ‬
‫ون ‪[}٤٥‬الزخرف‪.]45 :‬‬‫يعبد‬

‫َ َ ُ َ َ َ َ ۡ َ ى ُ َ َ ُ ۡ َ ى َ ُ َ ۡ َ ُّ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٢٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وقالوا ٱَتذ ٱلرحمن وَلا سبحنه رۥ بل عِباد مكرِّ‬
‫ََ َُ َ‬ ‫ّ‬
‫جعلون‬ ‫واملعنى‪ :‬وقال املشركون‪ :‬اتخذ الرحمن ولدا‪ ،‬بجعلهم أن املالئكة بنات هللا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وي‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ُ ۡ َ َى َ َ َ َ ُ‬ ‫ُ َ َ ُ َ َُ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِين ه ۡم ع َِبى ُد ٱ َلرِنَٰمۡح إِنىثا ر‬
‫شت ُهون}[النحل‪ ،]57 :‬وقال تعالى‪ { :‬وجعلوا ٱلملئِكة ٱَّل‬ ‫ت سبحنهۥ ولهم ما ي‬ ‫َِّللِ الَن ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ََ ُ َ َۡ ُ ۡ َ ُ َۡ ُ َ ُ‬
‫ون ‪[}١٩‬الزخرف‪ ،]19 :‬سبحان هللا وتنزه عن ذلك‪ ،‬بل املالئكة عباد‬ ‫ب ش َه ى َدت ُه ۡم َوي ُ ۡسَٔٔل‬ ‫أش ِهدوا خلقه رم ستكت‬
‫هللا املكرمون بالفضائل والخصائص‪.‬‬

‫ََُۡ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٢٧‬‬ ‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل ي َ ۡسبِقون ُهۥ ب ِٱلق ۡو ِل َوهم بِأ ِّۡ ِره ِۦ يعمل‬
‫ََ ُ َ‬
‫واملعنى‪ :‬ال يتكلمون إال بما أمرهم هللا به‪ ،‬وهم بأمره يعملون فال يعصون أمره‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يافون‬
‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ون َ َ‬‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫اَّلل ما أ َِّ َرهم َويَف َعلون ما‬ ‫َر َب ُهم مِن فوق ِ ِهم َويَف َعلون َما يُؤ َِّ ُرون}[النحل‪ ،]50 :‬وقال تعالى‪َّ{ :‬ل يعص‬
‫يُؤ َِّ ُرون ََ}[التحريم‪.]6 :‬‬

‫ُ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ َ ى ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ي ۡعل ُم َما بَ ۡ َ‬‫َ‬
‫ون ‪} ٢٨‬‬ ‫ض َوهم م ِۡن خشيَتِهِۦ ِّشفِق‬ ‫ي أيۡدِي ِه ۡم َو َما خلف ُه ۡم َوَّل يَشف ُعون إَِّل ل ِم ِن ٱرت‬
‫واملعنى‪ :‬يعلم هللا تعالى ما بين أيدي املالئكة من األمور الحاضرة واملستقبلة‪ ،‬وما خلفهم من األمور‬
‫َّلل ََّل إ ِ َلى َه إ ِ ََّل ُه َو ٱ ۡل َ ُّ‬
‫ح‬ ‫املاضية‪ ،‬وال يتقدمون بالشفاعة إال ملن ارتض ى هللا شفاعتهم له‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱ َ ُ‬
‫ت َو َما ِف ٱ ۡلَۡر ِض َمن َذا ٱ ََّلِي ي َ ۡش َف ُع ع َ‬
‫ِندهُۥ إ ََّل بإ ۡذنِهِۦ َي ۡعلَ ُم َما بَ ۡ َ‬ ‫وم ََّل تَأۡ ُخ ُذهُۥ س َِنة َو ََّل نَ ۡوم َ ُلۥ َما ِف ٱ َ َ‬ ‫َۡ ُ‬
‫ي‬ ‫ِ ِِ ر‬ ‫ِ‬ ‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ٱلق ُّي ر‬
‫ُ‬ ‫َۡ َ َ‬ ‫شء م ِۡن ع ِۡلمهِۦ إ ََّل ب َما َشا َء َوس َِع ُك ۡرس ُِّي ُه ٱ َ َ‬ ‫َۡ ۡ ََ َ َۡ ُ ۡ ََ ُ ُ َ َ‬
‫ت َوٱلۡرض َوَّل َئُٔودهُۥ‬ ‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ۡ‬ ‫أيدِي ِهم وما خلفهم وَّل يِيطون ب ِ‬
‫َ‬
‫اع ُة عِن َدهُ إَِّل ل َِمن أذ َِن َ ُل} َ‬
‫[س َب ٍأ‪،]23:‬‬ ‫الش َف َ‬ ‫َ َ َ ُ َ‬
‫يم ‪[}٢٥٥‬البقرة‪ ،]255 :‬وقال تعالى‪{ :‬وَّل تنفع‬ ‫َل ٱ ۡل َع ِظ ُ‬ ‫ۡ‬
‫ح ِۡف ُظ ُه َما ر َو ُه َو ٱل َع ِ ُّ‬
‫وهم من خوفه ورهبته خائفون حذرون من مخالفته‪.‬‬

‫َ‬
‫لظلِم َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ى‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ي ‪} ٢٩‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ومن َيقل مِن ُه ۡم إ ِ ِن إِل ىه مِن دونِهِۦ فذ ىل ِك ن ِزيهِ ج َهن َ رم كذ ىل ِك ن ِزي ٱ ِ‬
‫ومن ّيدع من املالئكة افتراضا‪ّ ،‬إني إله من دون هللا‪ ،‬فنجزيه جهنم‪ ،‬مثل ذلك الجزاء‪ ،‬نجزي‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫جميع املشرك الظاملين ألنفسهم‪.‬‬
‫ََ َََ ََ ُ‬ ‫وقوعه‪ ،‬كقوله‪ { :‬قُ ۡل إِن ََك َن ل َ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ِلرِنَٰمۡح وَل فأنا أول‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬وهذا شرط‪ ،‬والشرط ال يلزم‬
‫َ‬
‫شوُك َت ََلَح َب َط َن َع َملُ َك ّ‬
‫ِين ‪[}٨١‬الزخرف‪ ،]81 :‬وقوله‪{ :‬لَئن أ َ‬ ‫ٱ ۡل َع ىبد َ‬
‫}[الزمر‪.]65 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ََ َۡ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َىَى َ ۡ َ َ َ َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َى ُ َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ِ َُ َ ۡ َ‬
‫حر‬
‫ت وٱلۡرض َكنتا رتقا ففتقنهما وجعلنا مِن ٱلماء ُك يش ٍء ٍ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أو لم ير ٱَّلِين كفروا أن أن ٱلسمو ِ‬
‫َََ ُۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٣٠‬‬ ‫أفل يؤمِن‬
‫ّ‬
‫ففصلناه‬ ‫واملعنى‪ :‬أولم يعلم هؤالء الذين كفروا ّأن السماوات واألرض كانتا ملتصقتين متصلتين‪،‬‬
‫ُ َ َ َ‬
‫لق ُك َدابَ ٍة من ما ٍء}[النور‪:‬‬ ‫بقدرتنا‪ ،‬وجعلنا من املاء كل ش يء ّ‬
‫حي من النبات والحيوان‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬واَّلل خ‬
‫‪ ،]45‬أفال يؤمنون باهلل خالق كل ش يء؟‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ََ َ َ َ‬
‫ك َف ُروا أ َن َ‬ ‫َ‬
‫ات َوالرض َكن َتا َرتقا‬ ‫الس َم َ‬
‫او ِ‬ ‫روى اإلمام الطبري بسنده عن عكرمة‪{ :‬أولم ير اَّلِين‬
‫ََ َ ُ‬ ‫َ‬
‫اه َما} قال‪ :‬كانتا رتقا ال يخرج منهما ش يء‪ ،‬ففتق السماء باملطر وفتق األرض بالنبات‪ ،‬قال‪ :‬وهو قوله‪:‬‬ ‫ففتقن‬
‫الرجعِ َوالر ِض َذات َ‬ ‫َ‬ ‫{ َو َ‬
‫الصد ِع}[الطارق‪.]11-12 :‬‬ ‫ِ‬ ‫الس َماءِ ذ ِ‬
‫ات َ‬

‫َ ُ ۡ ََُۡ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬
‫يد به ۡم َو َج َعل َنا ف َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪} ٣١‬‬ ‫ِيها ف َِجاجا ُس ُبل لعلهم يهتد‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َج َعل َنا ِِف ٱلۡر ِض َر َو ى ِ َ‬
‫س أن ت ِم ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وجعلنا في األرض جباال ثوابت وأوتادا لها لكي تقر وتثبت وال تضطرب أثناء دورانها بهم‪ ،‬كما‬
‫َ ۡ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫قال تعالى‪َ { :‬ألَم َن َعل الَر َض مِهادا‪َ .‬‬
‫ل َبال أ ۡر َسى ى َها ‪[}٣٢‬النازعات‪:‬‬‫ِ‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫{‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫وقال‬ ‫]‪،‬‬ ‫‪6-7‬‬ ‫}[النبأ‪:‬‬ ‫تادا‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫بال‬ ‫ال‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ِ‬
‫‪ ،]32‬وجعلنا فيها طرقا واسعة ومنافذ متعددة ليهتدوا بها في الوصول إلى األماكن التي يريدونها‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َۡ‬ ‫س أَن تَم َ‬ ‫َ‬
‫ق ِِف ٱ ۡلۡر ِض َر َو ى ِ َ‬ ‫َۡ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وأل َ ى‬
‫يد بِك ۡم َوأن َه ىرا َو ُس ُبل ل َعلك ۡم ت ۡه َت ُدون‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُ‬
‫كم}[لقمان‪:‬‬ ‫ماوات ب ِ َغري َع َم ٍد تَ َرونَها َوألق ِِف الر ِض َر ِ َ‬
‫واس أن ت ِميد ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪[}١٥‬النحل‪ ،]15 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬خل َق َ‬
‫الس‬
‫ِ‬
‫‪.]10‬‬

‫َ ُ ۡ َ ۡ َ َى َ ُ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٣٢‬‬ ‫ۡ َُۡ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َج َع ۡل َنا ٱ َ‬
‫لس َما َء َسقفا َمفوظا وهم عن ءايتِها مع ِرض‬
‫ُ َ َ َ ََ َ ََ‬
‫واملعنى‪ :‬وجعلنا السماء سقفا محفوظا من السقوط‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ويُمسِ ك السماء أن تقع لَع‬
‫اس ل َ َر ُؤف َرحِيم}[الحج‪ ،]65 :‬ومن التشقق‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أَفَلَم َين ُظ ُروا إ َل َ‬
‫السماءِ‬ ‫الَر ِض إ ََّل بإذنِهِ إ َن َ َ‬
‫اَّلل بِالَ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َََ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َ َ‬
‫وج}[ق‪ ،]6 :‬ومن اختراق الشيطان‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َحفِظناها مِن‬ ‫فوق ُهم كيف بنيناها َوزيناها َوما لها مِن ف ُر ٍ‬
‫ََ‬ ‫ُ َ‬
‫يم}[الحجر‪ ،]17 :‬وهؤالء الكفار عن آيات هللا في السماوات غافلون‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ووُكأيِن مِن‬ ‫ج ٍ‬
‫َ‬
‫طان ر ِ‬‫ُك شي ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ ُّ َ َ َ َ َ ُ َ َ ُ ُ َ‬ ‫آيَة ِف َ‬
‫ات َوالر ِض يمرون عليها وهم عنها مع ِرضون}[يوسف‪.]105 :‬‬ ‫او ِ‬ ‫الس َم َ‬
‫ٍ ِ‬

‫ََ َۡ َ ُ َ‬ ‫َۡ ُ‬ ‫َ َ َ ََۡ َ ََ َ َ‬ ‫ُ َ‬


‫ون ‪} ٣٣‬‬ ‫ار َوٱلش ۡم َس َوٱلق َم َر ُك ِِف فلك يسبح‬‫قوله تعالى‪َ { :‬وه َو ٱَّلِي خلق ٱَلل وٱله‬

‫واملعنى‪ :‬وهو هللا الذي خلق الليل والنهار رحمة للناس ليسكنوا فيه وليبتغوا من فضل هللا‪ ،‬كما قال‬
‫َ َ ُ َۡ ُ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ َ ُ ُ ََۡ َ ََ َ َ ُ‬ ‫تعالى‪َ } :‬ومِن َر ۡ َ‬
‫ار ل ِت ۡسك ُنوا فِيهِ َو ِِلَ ۡب َتغوا مِن فضلِهِۦ َول َعلك ۡم تشك ُرون‬‫ْحتِهِۦ جعل لكم ٱَلل وٱله‬
‫‪}[٧٣‬القصص‪ ،]73 :‬وخلق الشمس والقمر آيتين للنهار والليل‪ ،‬وكل في فلك يدورون بنظام بديع‪ ،‬كما قال تعالى‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫ََ‬ ‫ُي‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون[}يس‪].40 :‬‬ ‫في سورة يس{ ‪َّ:‬ل الشم ُس يَن َب ِغ ل َها أن تدرِ َك الق َم َر َوَّل الليل َساب ِ ُق الَ َهارِ َوُك ِِف فل ٍك يسبح‬

‫َ ُ ُ َى ُ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ۡ ََ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما َج َعل َنا ل ِبَ َش مِن ق ۡبل َِك ٱ ُ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪} ٣٤‬‬‫ِل أفإِين مِت فهم ٱلخ ِِل‬
‫واملعنى‪ :‬وما جعلنا لبشر من قبلك أيها الرسول الخلود في الدنيا‪ ،‬هل إذا َّ‬
‫مت فهؤالء املشركون‬
‫َ‬ ‫ُ ُّ َ َ َ َ َ‬
‫ان َويَبق‬
‫خالدون بعدك؟ ال يكون ذلك‪ ،‬بل كل من في هذه الدنيا يسير إلى فناء‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ{ :‬ك من عليها ف ٍ‬
‫لل َواإلك َر ِام}[الرْحن‪.]26-27 :‬‬ ‫ك ُذو َ‬
‫ال ِ‬
‫َ ُ َ َ‬
‫وجه رب ِ‬

‫َۡ ُۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ ُّ‬


‫قوله تعالى‪ُ { :‬ك َنفس ذائ َقة ٱل َم ۡوت َو َن ۡبلووُكم بٱ َ َ َ ۡ‬
‫ون ‪} ٣٥‬‬ ‫ري ف ِۡت َنة ِإَوَلنا ترجع‬
‫لش وٱل ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحي الذي ال يموت‪ ،‬ونختبركم بالباليا والنعم‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬كل نفس ذائقة املوت وفانية‪ ،‬فاهلل تعالى هو ّ‬
‫اهم ب َ َ‬ ‫َََ َ ُ‬
‫السيِئَ ِ‬
‫ات َو َ‬
‫ات}[األعراف‪ ،]168 :‬وإلينا وحدنا‬ ‫ال َسن ِ‬ ‫ِ‬ ‫والشدة والرخاء‪ ،‬والغنى والفقر‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وبلون‬
‫مرجعكم ومصيركم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ ُّ‬
‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬العموم في قوله تعالى‪ُ{ :‬ك َنف ٍس ذائ ِ َقة ال َمو ِت} من قبيل العموم‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫املخصوص‪ ،‬فإنه تعالى نفس لقوله تعالى حكاية عن عيس ى عليه السالم‪{ :‬تعل ُم ما ِِف نف ِس َوَّل أعل ُم ما ِِف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِك}[املائدة‪ ،]116 :‬مع ّأن املوت ال يجوز عليه‪ ،‬وكذا الجمادات لها نفوس‪ ،‬وهي ال تموت‪ ،‬والعام‬ ‫نفس‬
‫املخصوص حجة‪ ،‬فيبقى معموال به فيما عدا هذه األشياء‪.‬‬
‫َُ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َُ‬ ‫ُ ُّ َ‬
‫ون}[العنكبوت‪.]57 :‬‬ ‫ت ثم إَِلنا ترجع‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ُ{ :‬ك نف ٍس ذائِقة ال َمو ِ‬

‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫ََ ُ َ َ َ ُ ََ َ َ‬ ‫َ ََ َ َ َ ََ‬


‫خذونك إَِّل ه ُزوا أهىذا ٱَّلِي يَذك ُر َءال َِه َتك ۡم َوهم بِذِوُك ِر ٱ َلرِنَٰمۡح ه ۡم‬
‫ِين كف ُروا إِن يت ِ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا رءاك ٱَّل‬
‫َى ُ َ‬
‫ون ‪} ٣٦‬‬ ‫كفِر‬
‫واملعنى‪ :‬وإذا رآك الكفار أيها الرسول‪ ،‬ما يتخذونك إال مهزوءا به‪ ،‬فيسخرون منك‪ ،‬وقالوا لبعضهم‬
‫يسب آلهتكم؟ وهم جحدوا بالرحمن وبنعمه عليهم‪ ،‬ومع هذا استهزؤا بك أيها‬ ‫مستهزئين بك‪ :‬أهذا الرجل الذي ّ‬
‫َ َ َ ُ ُّ َ‬ ‫ثٱ َُ‬‫ََ َ‬ ‫ََ ُ َ َ َ ُ ََ َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ضل َنا ع ۡن‬
‫َّلل َر ُسوَّل ‪ ٤١‬إِن َكد َل ِ‬ ‫الرسول‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَوذا َرأ ۡوك إِن يت ِ‬
‫خذونك إَِّل ه ُزوا أهىذا ٱَّلِي بع‬
‫َ ُّ‬ ‫ۡ َ‬
‫ِي يَ َر ۡو َن ٱل َعذ َ‬ ‫َ‬
‫َ ََۡ َ َۡ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫اب َم ۡن أ َضل َسبِيل ‪[}٤٢‬الفرقان‪.]41-42 :‬‬ ‫ون ح َ‬ ‫َءال َِهت ِ َنا ل ۡوَّل أن صبنا عليها ر وسوف يعلم‬

‫ۡ َۡ‬‫ُ‬ ‫ََ َ‬
‫ُ ۡ َ َ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ُ { :‬خل َِق ٱإل َ ى ُ ۡ َ َ َ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪} ٣٧‬‬ ‫نسن مِن عجل سأو ِريكم ءاي ى ِت فل تستع ِ‬
‫جل ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬خلق هللا اإلنسان عجوال‪ ،‬وفطره على العجلة في أموره‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ويَ ۡدع ٱإل ى ُ‬
‫لش‬
‫نسن ب ِٱ ِ‬ ‫ِ‬
‫نس ُن َع ُجوَّل ‪[}١١‬اإلسراء‪ ،]11 :‬سأري هؤالء املشركين املستعجلين عذابي ما‬
‫ۡ‬
‫ري َو َك َن ٱ ِإل َ ى‬‫َۡ ۡ‬ ‫ُ َ َُ‬
‫دَعءهۥ ب ِٱل ِ‬
‫يستعجلونه‪ ،‬فال تسألوني تعجيل عذابي‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ ۡ‬
‫ََُ َ‬ ‫ُ‬
‫ت َهىذا ٱل َو ۡع ُد إِن ك ُنت ۡم َص ى ِدق َِي ‪} ٣٨‬‬
‫ون َم َ ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ويقول‬
‫واملعنى‪ :‬ويقول الكفار مستعجلين وقوع عذاب النار ومكذبين به‪ :‬متى هذا العذاب الذي تعدوننا به ْإن‬
‫ُ َ‬
‫آم ُنوا ُِّشفِقون مِن َها‬ ‫ون ب َها َو َاَّل َ‬
‫ِين َ‬ ‫َ َ ُ َ َ َ َ ُ ُ َ‬
‫جل بِها اَّلِين َّل يؤمِن‬
‫ِ‬ ‫كنتم صادقين في وعدكم؟ كما قال تعالى‪{ :‬يستع ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ ُ َ َ َ َ َ ُّ َ َ َ َ ُ َ ُ َ‬
‫يد}[الشورى‪.]18 :‬‬ ‫لل بعِ ٍ‬
‫ويعلمون أنها الق أَّل إِن اَّلِين يمارون ِِف الساعةِ ل َِف ض ٍ‬

‫ۡ َ ُ ۡ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٣٩‬‬ ‫ار َوَّل َعن ظ ُهورِهِم وَّل هم ينُص‬
‫ون َعن ُو ُجوهِه ُم ٱلَ َ‬
‫ِ‬ ‫ين كف ُروا حِي َّل يكف‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ل ۡو َي ۡعل ُم ٱ ِ‬
‫َّل‬
‫واملعنى‪ :‬لو تيقن الذين كفروا ّأن عذاب النار واقع بهم حين يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت‬
‫َ‬ ‫أرجلهم‪ ،‬ويحيط بهم من األمام ومن الخلف‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ل َ ُهم مِن فَوقِهم ُظ َلل م َِن َ‬
‫الارِ َومِن تت ِ ِهم‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ظلل}[الزمر‪ ،]16 :‬وقال تعالى‪{ :‬ل ُهم مِن ج َهن َم ِّ َِهاد َومِن فوقِهم غ َو ٍ‬
‫اش}[األعراف‪ ،]41 :‬وقال تعالى‪{ :‬سابيلهم‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ََ َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫وه ُه ُم الَ ُار}[إبراهيم‪ ، ]50 :‬وال يجدون لهم ناصرا ينقذهم من العذاب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬ ‫ان وتغش وج‬ ‫مِن ق ِطر ٍ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬
‫تيقنوا ذلك ملا‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل َ ُه ۡم َع َذاب ِف ٱ َ‬
‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّل ۡن َيا َول َعذ ُ‬
‫اب ٱٓأۡلخ َِرة ِ أ َش ُّق َو َما ل ُهم م َِن ٱ ََّلل مِن َواق ‪[}٣٤‬الرعد‪ ،]34 :‬لو ّ‬
‫ِ‬
‫استعجلوا بالعذاب‪.‬‬

‫ََۡ َََُُۡ ۡ ََ َۡ َ ُ َ َ َ َ ََ ُ ۡ ُ َ ُ َ‬ ‫ۡ َۡ‬


‫ون ‪} ٤٠‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬بَل تأتِي ِهم بغتة فتبهتهم فل يست ِطيعون ردها وَّل هم ينظر‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِيكم إَِّل َبغ َتة}[األعراف‪ ،]187 :‬فتحيرهم‬ ‫واملعنى‪ :‬بل تأتيهم الساعة فجأة‪ ،‬كما قال تعالى‪َّ{ :‬ل تأت‬
‫وتخيفهم‪ ،‬فال يستطيعون دفع العذاب عن أنفسهم‪ ،‬وال هم يمهلون للتوبة أو لالعتذار‪.‬‬

‫َۡ َۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٤١‬‬ ‫َ ُ‬
‫خ ُروا م ِۡن ُهم َما َكنوا بِهِۦ يسته ِزء‬ ‫اق بٱ ََّل َ‬
‫ِين َس ِ‬
‫َۡ َ َ َ َ‬ ‫َََ ۡ ُۡ َ ُ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ولق ِد ٱسته ِز بِرسل مِن قبل ِك فح ِ‬
‫ول‬ ‫َُ‬ ‫َ َ‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد استهزأ األمم السابقة برسل من قبلك أيها الرسول‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وما يأتِي ِهم مِن رس ٍ‬
‫َ‬
‫إَِّل َكنُوا بِهِ يَس َته ِز ُؤ َن}[الحجر‪ ،]11 :‬فأحاط بهم العذاب الذي كانوا يستهزؤون به‪.‬‬
‫ُ‬
‫خ ُروا مِن ُهم ما َكنوا بِهِ‬ ‫حاق ب َاَّل َ‬
‫ِين َس ِ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ولق ِد اس ُته ِز ب ِ ُر ُس ٍل مِن قبل ِك ف‬
‫ِ‬
‫يَس َته ِز ُؤ َن}[النعام‪.]10 :‬‬

‫ُّ ۡ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫كم بٱ َ َۡلل َوٱلَ َهار م َِن ٱ َ‬


‫ُۡ َ َ ۡ َُ ُ‬
‫ون ‪} ٤٢‬‬ ‫ِنَٰمۡح بَل ه ۡم َعن ذِك ِر َرب ِ ِهم مع ِرض‬
‫ر‬ ‫لر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل من يكلؤ‬

‫ُ َ َ َۡ َ ُ َ َ ۡ َ َ ُ ۡ ََ ُ َ ُ ۡ َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ َُ ۡ َ َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬أم لهم ءال ِهة تمنعهم مِن دون ِنا ر َّل يست ِطيعون نُص أنفسِ ِهم وَّل هم مِنا يصحبون ‪} ٤٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬ألهؤالء املستهزئين برسلنا آلهة تمنعهم من عذابنا؟ ّإن آلهتهم ال يستطيعون ْأن ينصروا‬
‫َ َ َ ُ َ َ َُ َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ُصوُكم َوَّل أنف َس ُهم‬ ‫ِين تد ُعون مِن دونِهِ َّل يست ِطيعون ن‬‫أنفسهم فكيف ينصرون عابديهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬واَّل‬
‫َ ُ ُ َ‬
‫ون}[األعراف‪ ،]197 :‬وال هم منا يجارون أو يمنعون‪.‬‬‫ينُص‬
‫َ‬ ‫َ ََ َۡ ۡ َ َ َ ُ‬ ‫َََ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬بَ ۡل َم َت ۡع َنا َ ىه ُؤَّلءِ َو َءابَا َء ُه ۡم َح َ ى‬
‫ت َطال عل ۡي ِه ُم ٱل ُع ُم ُر أفل يَ َر ۡون أنا نأ ِِت ٱلۡرض ننق ُص َها م ِۡن أ ۡط َراف َِها ر‬
‫ََ ُ ُ ۡ َى ُ َ‬
‫ون ‪} ٤٤‬‬ ‫أفهم ٱلغل ِب‬
‫متعناهم وأمهلناهم وطال عليهم العمر فاعتقدوا ّأنهم ْ‬
‫لن‬ ‫غر هؤالء الكفار وآباءهم ْأن ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬لقد ّ‬
‫َ َ‬ ‫ََ َ َ ََ َ َ ََ ُ َََ ُ‬ ‫ّ‬
‫مَل ل ُهم خري‬
‫ّ‬
‫يعذبوا‪ ،‬وقد غفلوا أن هذا اإلمهال ليس خيرا لهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وَّل يسَب اَّلِين كفروا أنما ن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫مَل ل ُهم ل ََِي َد ُادوا إِثما َول ُهم َعذاب ُِّّ ِهي}[آل عمران ‪ ،]178 :‬أفال يرى هؤالء أنا نأتي أرض الكفار‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ن‬ ‫إ‬
‫ِ ِ‬‫م‬ ‫ه‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫نف‬ ‫ِل‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫وننقصها من أطرافها بتسليط املسلمين عليها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ول َقد أهل َ‬
‫الق َرى}[األحقاف‪:‬‬ ‫كنا َما َحولكم مِن‬
‫‪ ،]27‬هل نحن الغالبون أم هم؟‬

‫َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫كم بٱل َو ۡح َوَّل ي َ ۡس َم ُع ٱ ُّ‬‫ۡ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُۡ‬
‫ون ‪} ٤٥‬‬ ‫لص ُّم ٱ َُّل ََع َء إِذا ما ينذر‬ ‫ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل إِن َما أنذِر‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ّ :‬إنما أنذركم بالقرآن‪ ،‬وال يسمع الكافر ما يلقى إليه سماع ّ‬
‫تدبر إذا أ ِنذر‪ ،‬ألنه‬
‫َ َ َ ُ ۡ ُ ۡ َ ۡ َى َ ُ‬ ‫ْ ُ‬
‫ت َوَّل ت ۡس ِم ُع‬ ‫الصم الذي ال يسمع شيئا فال تستطيع أن تسمعه شيئا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِنك َّل تس ِمع ٱلمو‬ ‫ّ‬ ‫مثل‬
‫لص َم ٱ َُّل ََع َء إ َذا َول َ ۡوا ُم ۡدبر َ‬
‫ين ‪[}٨٠‬النمل‪.]80 :‬‬ ‫ٱ ُّ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬

‫ُ‬ ‫َ‬
‫ك َلَ ُقول َن َي ى َو ۡيل َنا إنَا ك َنا َظىلِم َ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُۡ ۡ َ َ ۡ َ‬ ‫َ‬‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ٤٦‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب رب ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ولئِن ِّستهم نفحة مِن عذ ِ‬
‫مس هؤالء الكفار نصيب من عذاب رّبك أيها الرسول‪ ،‬لعرفوا عاقبة كفرهم واعترفوا‬ ‫واملعنى‪ :‬ولئن ّ‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ‬
‫بذنوبهم‪ ،‬وقالوا‪ :‬يا هالكنا‪ ،‬إنا كنا ظاملين ألنفسنا‪ ،‬مستوجبين للعذاب‪ ،‬كما قال تعال‪{ :‬فما َكن دعواهم إِذ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫جاء ُهم بَأ ُسنا إَّل أن قالوا إنَا ك َنا ظالِم َ‬
‫ي}[األعراف‪.]5 :‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ َ ََ‬ ‫َ َ َۡ َ‬ ‫ض ُع ٱل ۡ َم َو ىز َ‬
‫ين ٱ ۡلقِ ۡس َط َِلَ ۡو ِم ٱ ۡلقِ َيى َمةِ فَ َل ُت ۡظلَ ُم َن ۡفس َ ۡ‬ ‫ََ َ‬
‫يشٔٔا ِإَون َكن مِثقال َح َبة م ِۡن خ ۡرد ٍل أت ۡي َنا‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ون‬
‫سب َ‬ ‫ب َها َو َوُك َ ى َ َ‬
‫ي ‪} ٤٧‬‬ ‫َف بِنا ح ى ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ونضع املوازين العدل لحساب األعمال يوم القيامة‪ ،‬فوزن األعمال يومئذ يكون بالحق‬
‫َ ُّ َ َ َ ُ َ َ َ ُ ُ َ ُ َ َ ُ ُ ُ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ون}[األعراف‪،]8 :‬‬ ‫والعدل والقسط‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وال َوزن يَو َمئ ِ ٍذ الق فمن ثقلت ِّوازِينه فأولئِك هم المفل ِح‬
‫اَّلل ََّل َيظل ُِم مِث َق َال َذ َرة}[النساء‪ْ ،]40 :‬‬
‫فال تظلم نفس شيئا‪ ،‬فال يظلم هللا مثقال ذرة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إ َن َ َ‬
‫وإن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫كان العمل قدر زنة حبة الخردل من خير أو شر‪ ،‬جازينا صاحبه به‪ ،‬وكفى بنا محصين ألعمال العباد‪.‬‬

‫ض َياء َوذ ِۡكرا ل ِۡل ُم َت ِق َ‬ ‫َ ََ ۡ َ ََۡ ُ َ ى َ َ ُۡ َ َ‬


‫ي ‪}٤٨‬‬ ‫وس َوهى ُرون ٱلف ۡرقان َو ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولقد ءاتينا ِّ‬
‫تفرق بين الحق والباطل‪،‬‬‫واملعنى‪ :‬ولقد آتينا موس ى وهارون عليهما السالم الفرقان وهو التوراة التي ّ‬
‫ۡ َ ََۡ ُ َ ۡ َى َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪[}٥٣‬البقرة‪ ،]53 :‬وآتيناهما منارا وهو‬ ‫كما قال تعالى‪ِ { :‬إَوذ ءاتينا ِّوس ٱلكِتب وٱلفرقان لعلكم تهتد‬
‫ِيها ُهدى َونُور}[املائدة‪،]44 :‬‬ ‫التوراة التي تنير في ظلمات الحيرة والجهالة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إنَا أَنزلَا َ‬
‫اِلو َراةَ ف َ‬
‫ِ‬
‫وذكرا وهو التوراة التي يتذكر بها املتقون الذين يخافون ربهم‪.‬‬

‫َ َ َۡ َ ۡ َ ََُ ۡ َۡ َ ُ َ َ َ ُ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٤٩‬‬ ‫ب وهم مِن ٱلساع ِة ِّشفِق‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِين يشون ربهم ب ِٱلغي ِ‬
‫الر َ‬
‫ْح َن‬‫ش َ‬ ‫واملعنى‪ :‬الذين يخافون عذاب ربهم في حال الخفاء والسر والخلوات‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬من َخ ِ َ‬
‫ُُۡ‬ ‫َ‬
‫تٱ َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬
‫اء ب َقلب ُمن ِيب}[ق‪ ،]33 :‬وقال تعالى‪َ { :‬و َما َخلق ُ‬
‫بال َغي َ َ َ‬
‫لن وٱ ِإلنس إَِّل َِلَعبد ِ‬
‫ون ‪[} ٥٦‬امللك‪ ،]12 :‬وهم‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ب وج ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من أهوال القيامة خائفون وجلون‪.‬‬

‫َ َ ى َ ۡ ُّ َ َ َ َ ۡ َ ى ُ َ َ َ ُ ۡ َ ُ ُ ُ َ‬
‫ون ‪} ٥٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وهذا ذِكر مبارك أنزلن ره أفأنتم لۥ منكِر‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ذكر وعظة وشرف‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِنا َن ُن ن َزلَا‬ ‫واملعنى‪ :‬وهذا القرآن الكريم الذي أنزلناه ٌ‬
‫اَّلِك َر}[الحجر‪ ،]9 :‬ومبارك فيه بكثرة خيره‪ ،‬أفتنكرونه أيها الكفار ومعجزته في غاية الوضوح‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َق ۡد َءاتَ ۡي َنا إبۡ َر ىه َ‬
‫ِيم ُرش َدهُۥ مِن ق ۡبل َووُك َنا بهِۦ َع ىلِم َ‬
‫ي ‪}٥١‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد آتينا إبراهيم عليه السالم هداه لوجوه الخير والصالح في الدين والدنيا من قبل موس ى‬
‫َ َ ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ِيم لَع‬ ‫وهارون عليهما السالم‪ ،‬وألهمه الحجة على قومه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وت ِلك ُح َج ُت َنا آتي َناها إِبراه‬
‫ّ‬
‫وكنا عاملين أنه ملا آتيناه‪.‬‬ ‫قَو ِمهِ}[األنعام‪ّ ،]83 :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫والرشد في هذه اآلية هو االهتداء ألنواع الخير والصالح‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬فإِن آنس ُتم مِن ُهم ُرشدا‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫فادف ُعوا إَِل ِهم أِّوالهم}[النساء‪ ،]6 :‬أي فإن شاهدتم وأحسستم منهم صالحا في عقولهم‪ ،‬وحفظا ألموالهم‬
‫ْ‬ ‫ُ‬

‫فادفعوا إليهم أموالهم‪.‬‬

‫ُ ۡ َ َى ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َ‬
‫ون ‪} ٥٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِذ قال ِلبِيهِ َوق ۡو ِمهِۦ َما هى ِذه ِ ٱ َِل َماثِيل ٱل ِت أنتم لها عكِف‬
‫واملعنى‪ :‬حين قال إبراهيم عليه السالم ألبيه وقومه‪ :‬ما هذه األصنام التي أنتم مقيمون على عبادتها؟‬
‫َ َُُۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َ َ َ ََ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬إِذ قال ِلبِيهِ وقو ِمهِۦ ما تعبدون ‪[}٧٠‬الشعراء‪.]70 :‬‬

‫قوله تعالى‪ { :‬قَالُوا َو َج ۡدنَا َءابَا َءنَا ل َ َها َع ىبد َ‬


‫ِين ‪}٥٣‬‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قال قوم إبراهيم ل ه‪ :‬وجدنا آباءنا عابدين لها‪ ،‬فنعبدها ونظل لها عاكفين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫َ َ ُّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ي ‪[}٧١‬الشعراء‪.]71 :‬‬ ‫قالوا ن ۡع ُب ُد أ ۡص َناما ف َنظل ل َها ع ى ِ‬
‫كفِ َ‬

‫َ‬ ‫َ ۡ ُۡ ُۡ ََ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬


‫ك ۡم ِِف َضل ىل ُّمبِي ‪} ٥٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال لقد كنتم أنتم وءاباؤ‬
‫واملعنى‪ :‬قال إبراهيم عليه السالم‪ :‬لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضالل مبين‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َََ ُ َ‬
‫لل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ِ{ :‬إَوذ قَ َال إب َراه ُ‬
‫خذ أصناما آل ِهة إ ِ ِن أراك وقوِّك ِِف ض ٍ‬
‫ِيم لبِيهِ آزر أتت ِ‬ ‫ِ‬
‫ي}[األنعام‪.]74 :‬‬ ‫ُ‬
‫مب ِ ٍ‬

‫َ‬ ‫َ ُ َ ۡ َ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َى‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا أ ِجئتنا ب ِٱل ِق أم أنت مِن ٱللعِبِي ‪}٥٥‬‬
‫والجد‪ ،‬أم أنت من الالعبين املستهزئين بنا؟‬‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬قال قوم إبراهيم له‪ :‬أجئتنا يا إبراهيم بالحق‬
‫أشارت هذه اآلية إلى ّأن الدين الحق ال يجتمع مع الباطل واللعب‪ ،‬فال ش يء بعد الحق إال الضالل‬
‫َ َ ى ُ ُ َ ُ َ ُّ ُ ُ ۡ َ ُّ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ى ُ َ َ َ ى ُ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪[}٣٢‬يونس‪.]32 :‬‬ ‫والباطل‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فذل ِكم ٱَّلل ربكم ٱلق فماذا بعد ٱل ِق إَِّل ٱلضلل فأن تُصف‬

‫َ‬ ‫َ َى‬ ‫َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َى َى ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُّ ُ ۡ َ ُّ َ َ َ َ ۡ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬قال بل ربكم رب ٱلسم ىو ى ِت وٱلۡر ِض ٱَّلِي فطرهن وأنا لَع ذل ِكم مِن ٱلش ِهدِين ‪}٥٦‬‬
‫وجهت وجهي له وأدعوكم إليه هو رب السماوات‬ ‫واملعنى‪ :‬قال إبراهيم عليه السالم‪ :‬بل رّبكم الذي ّ‬
‫ات‬ ‫ه ل ََِّلِي َف َط َر َ‬
‫الس َم َ‬ ‫خلقهن على غير مثال سابق‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن َو َجه ُ‬
‫ت َوج ِ َ‬ ‫ّ‬
‫او ِ‬ ‫ِِ‬ ‫واألرض الذي‬
‫َوالر َض}[األنعام‪ ،]79 :‬وأنا من الشاهدين على ذلك‪.‬‬

‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ َى َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬


‫كم َب ۡع َد أن تُ َولوا ُم ۡدبر َ‬
‫ين ‪} ٥٧‬‬ ‫كيدن أصنم‬
‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وتٱَّللِ ل ِ‬
‫ِِ‬
‫ألجتهدن في كسر أصنامكم بعد ْأن تتولوا عنها مدبرين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬أقسم إبراهيم عليه السالم‪ :‬تاهلل‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وهذا القسم سمعه أحد من قومه‪ ،‬فحفظه‪ ،‬ثم أخبر عنه‪ ،‬وقد حكى هللا ذلك في قوله‪{ :‬قالوا َسمع َنا‬
‫ُ‬
‫فت يذك ُرهم يقال ل إبراهيم}[األنبياء‪.]60 :‬‬
‫ّ‬ ‫وكان إبراهيم عليه السالم لم ْ‬
‫يخرج معهم إلى عيدهم السنوي معتذرا لهم بأنه سقيم‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ َ‬ ‫{ َف َن َظ َر َن ۡظ َرة ِف ٱلُّ ُ‬
‫وم ‪ ٨٨‬ف َقال إ ِ ِن َسقِيم ‪[}٨٩‬الصافات‪.]89-90 :‬‬
‫ج ِ‬ ‫ِ‬

‫ُ ۡ َ ُ ۡ ۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َ َ ُ ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٥٨‬‬ ‫جع‬‫قوله تعالى‪ { :‬فجعلهم جذ ىذا إَِّل كبِريا لهم لعلهم إَِلهِ ير ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فولوا مدبرين عن األصنام‪ ،‬فدخل عليها إبراهيم عليه السالم‪ ،‬وخاطبها‪ ،‬وقال‪ :‬أال تأكلون؟ ما‬
‫ََ َ َ َ َ ۡ ََ َ ََ‬
‫ل ءال ِهت ِ ِهم فقال أَّل‬‫لكم ال تنطقون؟ فمال عليها ضاربا إياها بيده اليمنى بشدة قوته‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فراغ إ ِ ى‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ َۡ ۡ َ ۡ َ ۡ‬ ‫َ َ ُ ۡ َ َ ُ َ‬ ‫َۡ ُ ُ َ‬
‫ي ‪[}٩٣‬الصافات‪ ،]91-93 :‬فحطمها إبراهيم عليه‬ ‫تأكلون ‪ ٩١‬ما لكم َّل تن ِطقون ‪ ٩٢‬فراغ علي ِهم ضبا ب ِٱَل ِم ِ‬
‫ّ‬
‫يحط ْمه‪ ،‬لعلهم إليه يرجعون فيسألونه‪ّ ،‬‬
‫فيتبين ضاللهم‪.‬‬ ‫السالم بفأسه قطعا صغيرة‪ ،‬وترك الصنم األكبر لم‬

‫ي ‪٥٩‬قَالُوا َس ِم ۡع َنا فَت يَ ۡذ ُك ُر ُه ۡم ُي َق ُال َ ُلۥ إبۡ َر ىه ُ‬ ‫َى‬


‫لظلِم َ‬ ‫َ َُ َ‬
‫بَٔٔال َِهتِنا إِنهۥ ل ِم َن ٱ ِ‬
‫َ ُ َ َََ َ َ‬
‫ِيم ‪٦٠‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا من فعل هىذا ِ‬
‫َ َ ۡ َ َ‬ ‫ت َهى َذا بَٔٔال َِهت ِ َنا يَىإبۡ َر ىه ُ‬ ‫نت َف َع ۡل َ‬‫ون ‪ ٦١‬قَالُوا َءأَ َ‬
‫َََُ ۡ َۡ َ ُ َ‬ ‫لَع أَ ۡع ُي ٱلَ‬‫ََ‬ ‫َ ُ َُۡ‬
‫ِيم ‪ ٦٢‬قال بَل ف َعل ُهۥ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫د‬‫ه‬ ‫ش‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ل‬ ‫ِ‬
‫اس‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ۦ‬‫ِ‬ ‫ه‬‫قالوا فأت ِ‬
‫ب‬ ‫وا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ك ُسوا َ َ ى‬
‫لَع‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ ُ ُ َى‬
‫ل أنفسِ ِه ۡم فقالوا إِنك ۡم أنت ُم ٱلظل ُِمون ‪ ٦٤‬ث َم ن ِ‬
‫َ َ َ ُ َى ُ‬ ‫َ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ ُ ۡ‬ ‫َ ُُ ۡ َ َ َ ۡ‬
‫كبِريهم هىذا فسَٔٔلوهم إِن َكنوا ين ِطقون ‪ ٦٣‬فرجعوا إ ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ََُ‬ ‫ُر ُءو ِسه ۡم لَ َق ۡد َعل ِۡم َ‬
‫ت َما ىهؤَّلءِ يَن ِطقون ‪{ ٦٥‬‬ ‫ِ‬

‫َ َ ُ ُّ ُ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُ ُ ۡ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َُُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ‬
‫ك ۡم ‪}٦٦‬‬ ‫يئ وَّل يُض‬
‫ون ٱَّللِ ما َّل ينفعكم ش ٍ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال أفتعبدون مِن د ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قال إبراهيم عليه السالم لقومه‪ :‬كيف تعبدون من دون هللا تعالى أصناما ال تنفعكم شيئا‪،‬‬
‫وال ّ‬
‫تضركم‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ۡ َ‬ ‫َ َ َۡ‬
‫ونظير هذه اآلية قول تعالى على لسان إبراهيم عليه السالم‪ { :‬قال هل ي َ ۡس َم ُعونك ۡم إِذ ت ۡد ُعون ‪ ٧٢‬أ ۡو‬
‫َ َ ُ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ ُّ َ‬
‫ون ‪[}٧٣‬الشعراء‪.]72-73 :‬‬‫ينفعونكم أو يُض‬

‫َ َََ َۡ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ُ ۡ َ َ َُُۡ َ‬


‫ون ‪} ٦٧‬‬ ‫َّللِ أفل تعقِل‬
‫ِ ر‬ ‫ٱ‬ ‫ون‬‫د‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ون‬‫قوله تعالى‪ { :‬أف لكم ول ِما تعبد‬

‫َ‬
‫َ ُ َ ُ ُ َ ََ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ك ۡم إِن ك ُنت ۡم ف ىعِل َِي ‪} ٦٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا ح ِرقوه وٱنُصوا ءال ِهت‬
‫واملعنى‪ :‬قال بعض قوم إبراهيم لبعض‪ :‬اقتلوا إبراهيم أو أحرقوه بالنار‪ ،‬فابنوا له بنيانا‪ ،‬ثم املئوه‬
‫ُ‬ ‫ُ َُ ُ َ ََ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫بالنار املشتعلة‪ ،‬ثم ألقوا به فيها فتحرقه‪ ،‬كما قال تعالى حكاية عن قولهم‪{ :‬قالوا ابنوا ل بنيانا فألقوه ِِف‬
‫}[الصافات‪ ،]97 :‬وانصروا آلهتكم بالغضب لها ْإن كنتم ناصرين لها‪.‬‬ ‫ال ِحيم ّ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ف َما َك َن َج َو َ‬
‫اب قو ِمهِ إَِّل أن قالوا اق ُتلوهُ أو َح ِرقوهُ}[العنكبوت‪.]24 :‬‬

‫لَع إبۡ َر ىه َ‬ ‫ار ك َ ۡ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬قل َنا َي ى َن ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُۡ‬
‫ِيم ‪} ٦٩‬‬ ‫ون بردا وسل ىما ى ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬قلنا للنار‪ :‬يا نار كوني بردا وسالما على إبراهيم عليه السالم‪ ،‬فأنجيناه من النار‪ ،‬فلم ينله فيها‬
‫َ ُ ُ َ‬
‫ون}[العنكبوت‪.]24 :‬‬ ‫ات ل ِقو ٍم يؤمِن‬ ‫أذى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فَ َأنَاهُ َ ُ‬
‫اَّلل م َِن الَار إ َن ِف َذل َِك آليَ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ َ َ َ ۡ َىُ ُ ۡ َ ۡ‬ ‫َََ ُ‬
‫ّسين ‪} ٧٠‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وأرادوا بِهِۦ كيدا فجعلنهم ٱلخ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وأراد قوم إبراهيم به مكرا وتدبيرا لقتله‪ ،‬فجعلناهم املغلوبين األسفلين‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ َ َ َ ُ‬
‫اه ُم الس َفل َِي ّ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬
‫}[الصافات‪.]98 :‬‬ ‫{فأ َرادوا بِهِ كيدا فجعلن‬

‫ِيها ل ِل َع ىلم َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و َ‬
‫ن ۡي َنى ُه َولوطا إل ٱلۡر ِض ٱلت َب ى َروُك َنا ف َ‬
‫ي ‪} ٧١‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ونجينا إبراهيم عليه السالم ولوطا الذي آمن له من العراق‪ ،‬إلى أرض الشام التي باركنا فيها‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َُ ُ‬ ‫ْ‬
‫جر‬‫بكثرة الخيرات للعاملين‪ ،‬وهي األرض التي أمره هللا بأن يهاجر إليها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فآمن ل لوط وقال إ ِ ِن مها ِ‬
‫الك ُ‬
‫ِيم}[العنكبوت‪.]26 :‬‬ ‫إل َرب إنَ ُه ُه َو ال َعز ُ‬
‫يز َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬

‫ح َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫َ َ ََۡ ُ ۡ َىَ ََُۡ َ َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ٧٢‬‬ ‫وب ناف ِلة َوُك َج َعلنا صىل ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ووهبنا لۥ إِسحق ويعق‬
‫فلما ابتعد إبراهيم عليه السالم عن أبيه وقومه وآلهتهم التي يعبدونها من دون هللا‪ ،‬وهبناه‬ ‫واملعنى‪ّ : :‬‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫حاق َومِن َو َرا ِء‬ ‫من زوجته سارة ابنه إسحاق‪ ،‬ووهبناه في حياته‪ ،‬حفيده يعقوب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فبَشناها بِإِس‬
‫َََ ۡ َََ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫اق َيع ُق َ‬
‫تل ُه ۡم‬ ‫وب}[هود‪ ،]71 :‬وجعلنا كال من إسحاق ويعقوب نبيا من الصالحين‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فلما ٱع‬ ‫إ ِسح‬
‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫حى َق َويَ ۡع ُق َ‬ ‫َ‬
‫وب َوُك َج َعل َنا نَبِيا ‪[}٤٩‬مريم‪.]49 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ََ َُُۡ َ‬
‫ون مِن ُدون ٱ ََّللِ َو َه ۡب َنا ُلۥ إ ۡس َ‬‫وما يعبد‬

‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫لصلَ ىوة ِ َ‬


‫ِإَويتا َء ٱ َلزك ىوة ِ َوكنوا لَا‬ ‫ون بأَ ِّۡرنَا َوأَ ۡو َح ۡي َنا إ َ َۡله ۡم ف ِۡع َل ٱ ۡ َ‬
‫ل ۡي َر ىت ِإَوقَ َ‬
‫ام ٱ َ‬ ‫َ َ َ ۡ َىُ ۡ َ َ َ ۡ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وجعلنهم أئِمة يهد‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َع ىبد َ‬
‫ِين ‪} ٧٣‬‬ ‫ِ‬

‫َ ُ َ‬ ‫َ َ ۡ َ ى ُ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ى ُ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َى َ َ‬ ‫ُ‬
‫ث إِن ُه ۡم َكنوا ق ۡو َم َس ۡوء‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ولوطا ءاتينه حكما وعِلما ونينه مِن ٱلقريةِ ٱل ِت َكنت تعمل ٱلبئ ِ ر‬
‫سقِ َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ٧٤‬‬ ‫فى ِ‬
‫النبوة والحكمة والعلم‪ ،‬ونجيناه من أهل القرية الذين يعملون‬ ‫واملعنى‪ :‬وآتينا لوطا عليه السالم ّ‬
‫الخبائث‪ّ ،‬إنهم كانوا جماعة سوء وقبح‪ ،‬خارجين عن طاعة هللا تعالى‪.‬‬
‫واألعم ال الخبيثة التي كان قوم لوط يفعملونها هي اإلشراك باهلل تعالى وفاحشة اللواط التي لم‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫يسبقهم إليها أحد‪ ،‬وقطع السبيل‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولوطا إِذ قال ل ِقو ِمهِ إِنكم ِلَأتون الفاحِشة ما َس َبقكم بِها‬
‫َ َ َ َ‬ ‫ُ ُ ُ ََ َ‬ ‫َ ََ َ ُ َ َ َ ََ ُ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ََ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الرجال وتقطعون السبِيل وتأتون ِِف نادِيكم المنكر فما َكن جواب قو ِم ِه‬
‫مِن أح ٍد مِن العال ِمي أإِنكم ِلأتون ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫كنت من الصادِقِي}[العنكبوت‪.]29 :‬‬ ‫ذاب اَّللِ إِن‬
‫إَِّل أن قالوا ائتِنا بِع ِ‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ۡ َ ۡ َىُ َ ۡ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وأدخلنه ِِف رْحتِنا إِنهۥ مِن ٱلصلِ ِحي ‪}٧٥‬‬

‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ َ‬
‫ۡ َ ََۡ ُ َ ََۡ ُ َ ۡ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫ب ٱل َع ِظ ِ‬
‫يم ‪}٧٦‬‬ ‫ۡ‬
‫ى مِن قبل فٱستجبنا لۥ فنجينىه وأهلهۥ مِن ٱلكر ِ‬ ‫اد ى‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ونوحا إِذ ن‬
‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول نوحا عليه السالم حين دعا ربه من قبلك‪ ،‬كما حكاه هللا في قوله تعالى‪:‬‬
‫َ َ‬
‫ين ديَارا‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ََ ََ‬
‫ب َّل تذر لَع الر ِض م َِن الَكف ِِر‬ ‫ر‬ ‫وح‬
‫ََ َ ُ‬
‫ن‬ ‫ال‬‫ق‬‫و‬ ‫ُص‬ ‫{فَ َد ََع َر َب ُه َأن َمغلُوب فَان َ‬
‫ت‬
‫ِ‬ ‫{‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫وقوله‬ ‫]‪،‬‬ ‫‪10‬‬ ‫}[القمر‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫إنَ َك إن تَ َذرهم يُ ِضلوا ع َِباد َك َوَّل يَ ِ ُِلوا إَّل فاجرا كفارا}[نوح‪ ،]26-27 :‬فاستجبنا له دعاءه‪ّ ،‬‬
‫ُ‬
‫فنجيناه وأهله‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الذين آمنوا به‪ ،‬كما قال تعال‪َ { :‬وأهل َك إَِّل َمن َس َب َق َعليهِ القول َو َمن َآم َن َو َما َآم َن َم َع ُه إَِّل قل ِيل}[هود‪،]40 :‬‬
‫فنجيناه وأهله املؤمنين به من ّ‬
‫الغم الشديد‪.‬‬
‫ۡ‬ ‫َ ََۡ َىُ ََ ۡ َ ُ َ ۡ َ‬ ‫ََ ۡ َ ُۡ ُ َ‬ ‫َََ ۡ َ َ َ ُ‬
‫ب ٱل َع ِظي ِم‬ ‫كۡ‬
‫جيبون ‪ ٧٥‬ونينه وأهلهۥ مِن ٱل ِ‬
‫ر‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬ولقد نادى ىنا نوح فلن ِعم ٱلم ِ‬
‫‪[}٧٦‬الصافات‪.]75-76 :‬‬

‫َ‬ ‫ََ ۡ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫ِين كذبُوا بَٔٔ َاي ىت َنا إ َن ُه ۡم َكنُوا ق ۡو َم َس ۡوء فأغ َرق َنى ُه ۡم أ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ۡجعِ َ‬
‫ي ‪}٧٧‬‬ ‫ُص َنى ُه م َِن ٱل َق ۡو ِم ٱَّل َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ونَ َ ۡ‬
‫ِ رِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ونصرناه َوم ْن معه ِم ْن كيد القوم الذين كذبوا بآياتنا الدالة على صدقه‪ ،‬فأنجيناه في الفلك‪،‬‬
‫ُۡۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫إنهم كانوا أهل قبح وسوء‪ ،‬فأغرقناهم بالطوفان أجمعين‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فأن ۡينى ُه َو َمن م َع ُهۥ ِِف ٱلفل ِ‬
‫ك‬
‫ّ‬
‫ۡ‬ ‫ُ َ ۡ ۡ‬ ‫َۡ ۡ ُ‬
‫ون ‪ ١١٩‬ث َم أغ َرق َنا َب ۡع ُد ٱ َلاق َِي ‪[}١٢٠‬الشعراء‪.]119-120 :‬‬
‫ّ‬
‫ٱ لمش ح ِ‬

‫شه د َ‬ ‫ََُ َۡۡ ََُ ُ ۡ ۡ َ‬ ‫ۡ‬


‫ل ۡر ۡ َ َ َ ۡ‬ ‫َ َ ُ َ َ ُ َۡ َ َ ۡ َۡ ُ َ‬
‫ِين ‪}٧٨‬‬ ‫ث إِذ نفشت فِيهِ غنم ٱلقو ِم ووُكنا ِلك ِم ِهم ى ِ‬‫ان ِِف ٱ َ ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وداوۥد وسليم ىن إِذ يكم ِ‬

‫ري َو ُوُك َنا َف ى ِعل َ‬


‫َ َۡ‬ ‫ُك َءاتَ ۡي َنا ُح ۡكما َوع ِۡلما َو َس َخ ۡرنَا َم َع َد ُاوۥ َد ٱ ۡ َ َ ُ َ ۡ‬
‫َ َ َ ۡ َ َ ُ َ ۡ َ َ َ ُ ًّ‬
‫ِي‬ ‫لبال يسبِح َن َوٱلط ر‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫نو‬‫قوله تعالى‪ { :‬ففهمنىها سليم ى ر‬
‫‪}٧٩‬‬
‫ففهمنا سليمان عليه السالم مراعاة مصالح الطرفين مع العدل‪ ،‬وكال من داود وسليمان‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫عليهما السالم قد أعطيناه من عندنا نبوة وإصابة في القول والعمل وعلما وفهما سليما لألمور‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ۡ‬ ‫َ َ َ َ َ َى َ‬
‫لَع كثِري م ِۡن ع َِبادِه ِ ٱل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪[}١٥‬النمل‪،]15 :‬‬
‫َ َ‬ ‫{ َولَ َق ۡد َءاتَ ۡي َنا َد ُاوۥ َد َو ُسلَ ۡي َم ى َن ع ِۡلما َوقَ َاَّل ٱ ۡ َ‬
‫ل ۡم ُد َِّللِ ٱَّلِي فضلنا‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫وسخرنا وذللنا مع داود الجبال يسبحن معه في وقت العش ي واإلشراق‪ ،‬وسخرنا الطير تسبح معه مجموعة‪،‬‬
‫َ َ َۡ َۡ ُ َ ُ َُ َ‬ ‫َ َ َ َۡ ۡ‬
‫َ‬
‫اق ‪ ١٨‬وٱلطري َمشورة ُك لۥ أواب ‪[}١٩‬ص‪:‬‬ ‫ل َب َال َم َع ُهۥ ي ُ َسب ۡح َن بٱ ۡل َع ِ َ ۡ ۡ َ‬
‫ش وٱ ِإلش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كما قال تعالى‪ { :‬إِنا سخرنا ٱ‬
‫وكنا فاعلين ذلك‪.‬‬ ‫‪ّ ،]18-19‬‬
‫وتسبيح الجبال والطير هلل تعالى هو على سبيل الحقيقة‪ ،‬بكيفية ال يعلمها إال هللا تعالى بدليل قوله‪{ :‬‬
‫َ َۡ َ ُ َ‬
‫ون ت َ ۡسب َ‬
‫يح ُه ۡم إنَهۥُ‬ ‫ى‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ َُ َ َىَى ُ َ ۡ ُ َ ۡ َ ُ‬
‫ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫كن َّل تفقه‬
‫ن ِإَون مِن يش ٍء إَِّل يسبِح ِّبم ِده ِۦ ول ِ‬
‫تسبِح ل ٱلسموت ٱلسبع وٱلۡرض ومن فِي ِه ر‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َك َن َحل ِيما غ ُفورا ‪[}٤٤‬اإلسراء‪.]44 :‬‬

‫ُ ۡ َى ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٨٠‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َعل ۡم َنى ُه َص ۡن َعة لُوس لك ۡم ِلِ ُ ۡح ِص َنكم مِن بَأسِك ۡم ف َهل أنتم شكِر‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وعلمنا داود عليه السالم صناعة الدروع لباسا لكم‪ ،‬لتحميكم عند حربكم من وقع السالح‬
‫فيكم‪ ،‬فهل أنتم شاكرون هذه النعم عليكم؟‬
‫الد َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِيد‪.‬‬ ‫دل عليه قوله تعالى‪َ { :‬وألَا ُل َ‬
‫وكانت الدروع التي يعملها داود عليه السالم ِحل ًقا متشابكة‪ ،‬وقد ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أن اع َمل َساب َغات َوقدِر ِف َ‬
‫الّسدِ}[سبأ‪.]10-11 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬

‫يش ٍء َع ىلِم َ‬ ‫َ‬


‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َ َ َ َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َۡ‬ ‫َ َ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كل ۡ‬ ‫َ ُ َۡ َ‬
‫ي ‪} ٨١‬‬ ‫ِ‬ ‫صفة ت ِري بِأِّ ِره ِۦ إِل ٱلۡر ِض ٱل ِت ب ىروُكنا فِيها ر ووُكنا ب ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ول ِسليم ىن ٱ ِ‬
‫لريح َع ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وسخرنا لسليمان عليه السالم الريح شديدة الهبوب تحمله وتجري بأمره إلى أجزاء أرض‬
‫اب ‪[}٣٦‬ص‪:‬‬‫ث أَ َص َ‬‫ُ َ َۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ‬
‫يح ت ِري بِأ ِّۡ ِره ِۦ رخاء حي‬ ‫لر‬ ‫َ َ َ ۡ َ َُ‬
‫الشام التي باركنا فيها حيث أراد‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فسخرنا ل ٱ ِ‬
‫وكنا بكل ش يء عاملين بتدبيره‪.‬‬‫‪ّ ،]36‬‬

‫ح ىفِ ِظ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫َ َُ ُ َ ُ ََۡ َ َ َ َ ُ َ‬
‫ون ذ ىل َِك َووُك َنا ل ُه ۡم َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ي ‪} ٨٢‬‬ ‫ي من يغوصون لۥ ويعملون عمل د‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ومِن ٱلشيى ِط ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫شياطين يغوصون في البحر يستخرجون له‬ ‫واملعنى‪ :‬وسخرنا لسليمان عليه السالم من الشياطين‬
‫اللؤلؤ واملرجان والجواهر ونحوها‪ ،‬ويعملون عمال دون ذلك كبناء القصور واملحاريب والتماثيل والقدور‬
‫َۡ‬
‫ين ُم َق َرن َِي ِِف ٱل ۡص َفا ِد ‪[}٣٨‬ص‪:‬‬
‫اخر َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ َ َ َُ ََ َ َ َ‬
‫الراسيات ونحو ذلك‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وٱلشيى ِطي ُك بناء وغواص ‪ ٣٧‬وء ِ‬
‫ل َواب َوقُ ُدور َراس َِيات}[سبأ‪ّ ،]13 :‬‬ ‫ِيل َوج َفان ََك َ‬ ‫ََ َ َََ َ‬ ‫ون َ ُل َما ي َ َش ُ‬
‫اء مِن َماريب وتماث‬
‫َ َُ َ‬
‫‪ ،]37-38‬وقال تعالى‪{ :‬يعمل‬
‫وكنا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألعمالهم حافظين بقوتنا‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُّ ُّ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُّ َ ۡ َ َ َ َ ُ َ‬


‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وأيوب إِذ ناد ىى ربهۥ أ ِن ِّس ِن ٱلُض وأنت أرحم ٱلرْحِي ‪}٨٣‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫مسني الضر‬ ‫مسه الضر‪ّ :‬أني ّ‬
‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول نبينا أيوب عليه السالم‪ ،‬حين دعا رّبه‪ ،‬وقد ّ‬
‫ومسني الشيطان بالهموم الشديدة‪ ،‬وباآلالم التي حلت بجسدي فجعلتني في نهاية التعب واملرض‪ ،‬كما قال‬ ‫ّ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ ُّ َ ۡ َ َ ى َ َ ُ َ َ َ َ َ‬
‫لش ۡي َطى ُن ب ُن ۡ‬
‫اب ‪[}٤١‬ص‪ ،]41 :‬وأنت يا ر ّب أرحم‬
‫ٍ‬ ‫ذ‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫ص‬ ‫ِ‬ ‫تعالى‪ { :‬وٱذكر عبدنا أيوب إِذ نادى ربهۥ أ ِن ِّس ِن ٱ‬
‫الراحمين‪.‬‬
‫ض َو َء َات ۡي َنى ُه أَ ۡهلَ ُهۥ َوم ِۡثلَ ُهم َم َع ُه ۡم َر ۡ َ‬
‫ْحة م ِۡن عِندِنَا َوذ ِۡك َرىى‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ ۡ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فَٱ ۡس َت َ‬
‫ج ۡب َنا ُلۥ فكشف َنا َمابِهِۦمِن‬
‫ل ِۡل َع ىبد َ‬
‫ِين ‪} ٨٤‬‬ ‫ِ‬
‫بأن قلنا له‪ :‬اضرب برجلك األرض‪،‬‬ ‫ضره وعافيناه‪ ،‬وذلك ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬فاستجبنا له دعاءه‪ ،‬فكشفنا عنه َّ‬
‫شاب‬ ‫فاغتسل باملاء النابع من تحت رجلك واشرب منه‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱ ۡر ُك ۡض بر ۡجل َِك َهى َذا ُم ۡغتَ َس ُل بَارد َو َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫‪[}٤٢‬ص‪ ،]42 :‬وآتيناه مثل أهله عددا‪ ،‬ورددنا عليه ما فقده من أهل وولد ومال مضاعفا‪ ،‬وهبنا كل ذلك له‬
‫َۡ‬ ‫َ َ ََۡ‬
‫رحمة منا‪ ،‬وتذكرة لغيره من العابدين وذوي العقول السليمة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َوه ۡب َنا ُلۥ أهل ُهۥ َومِثل ُهم َم َع ُه ۡم‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫ۡ َۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫َر ۡ َ‬
‫ْحة م َِنا َوذِك َر ى‬
‫ى ِلو ِل ٱللبى ِ‬
‫ب ‪[}٤٣‬ص‪.]43 :‬‬

‫لصب َ‬ ‫َ َى‬ ‫ُ‬ ‫َ ۡ ۡ‬


‫ۡ َ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬
‫ين ‪} ٨٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوسم ىعِيل ِإَودرِيس وذا ٱلكِف ِل ُك مِن ٱ ِ ِ‬
‫إسماعيل وإدريس وذا الكفل عليهم السالم‪ ،‬كل هؤالء من الصابرين‪.‬‬ ‫َ‬ ‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسو ُل‬
‫َۡ‬ ‫َ ۡ ۡ ُ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ۡ ُ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وٱذك ۡر إ ِ ۡس َم ى ِعيل َوٱليَ َس َع َوذا ٱلكِف ِل َوُك م َِن ٱل ۡخ َيارِ ‪[}٤٨‬ص‪.]48 :‬‬

‫ح َ‬
‫ي ‪} ٨٦‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وأَ ۡد َخ ۡل َنى ُه ۡم ِف َر ۡ َ‬
‫ْحت ِ َنا إ َن ُهم م َِن ٱ َ ى‬
‫لصلِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ُّ ُ َ ى َ َ َ ى َ َ َ َ ُ ۡ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َۡ َ َ َۡ ََ َ‬ ‫َ َ َ ُ َ‬ ‫َ َ ُّ‬
‫حى َنك‬ ‫ت أن َّل إ ِله إَِّل أنت سب‬ ‫اد ى‬
‫ى ِِف ٱلظلم ِ‬ ‫ب مغ ى ِ‬
‫ضبا فظن أن لن نقدِر عليهِ فن‬ ‫ون إِذ ذه‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وذا ٱل ِ‬
‫َى‬
‫لظلِم َ‬ ‫إن ُك ُ‬
‫ي ‪} ٨٧‬‬ ‫نت م َِن ٱ ِ‬ ‫ِِ‬
‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول قصة ذي النون وهو يونس عليه السالم حين ذهب عن قومه غاضبا‬
‫لن نضيق عليه في بطن الحوت‪ ،‬فابتليناه بشدة الضيق والحبس‪ ،‬فالتقمه الحوت وهو‬ ‫وظن ْأن ْ‬
‫عليهم‪ّ ،‬‬
‫َ ََ َ ُ ُ ُ ُ‬
‫وت َوه َو‬
‫ّ‬
‫مكتسب من األفعال ما يالم عليه‪ ،‬بمغادرة قومه بدون إذن منا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فاِلقمه ال‬
‫ُِّل ِيم}[الصافات‪ ،] 142 :‬فنادى في ظلمات الليل والبحر وبطن الحوت‪ ،‬وهو مملوء غضبا وغيظا وكربا‪ ،‬كما‬
‫ادى َو ُه َو َمك ُظوم}[القلم‪ ،]48 :‬ونادى تائبا إلى هللا ومعترفا بظلمه‪ ،‬وقال‪ :‬ال إله إال أنت سبحانك‬‫َ َ‬
‫قال تعالى‪{ :‬إِذ ن‬
‫ّ‬
‫إني كنت من الظاملين‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ن ۡي َنى ُه م َِن ٱل َغ ِ رم َووُكذ ىل َِك نُن ِج ٱل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪}٨٨‬‬
‫ج ۡب َنا ُلۥ َو َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فٱ ۡس َت َ‬
‫ً‬
‫نعمة ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬فاستجبنا ليونس عليه السالم دعاءه‪ّ ،‬‬
‫منا ملداومته على‬ ‫ونجيناه من الكرب والشدة‪،‬‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫َ َ َ ََ َ‬
‫الذكر والتسبيح‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ل ۡوَّل أن تد ى َروُك ُهۥ ن ِۡع َمة مِن َربِهِۦ لُبِذ ب ِٱل َع َراءِ َوه َو َمذ ُِّوم ‪ ٤٩‬فٱ ۡج َت َبى ُه َر ُّب ُهۥ‬
‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ َ ََ َ َ‬ ‫ج َعلَ ُهۥ م َِن ٱ َ ى‬
‫فَ َ‬
‫ي ‪ ١٤٣‬للبِث ِِف َب ۡطنِهِۦ إ ِ ىل‬
‫ح َ‬
‫ي ‪[}٥٠‬القلم‪ ،]49-50 :‬وقال تعالى‪ { :‬فل ۡوَّل أن ُهۥ َكن م َِن ٱل ُم َسب ِ ِ‬
‫ح َ‬
‫لصل ِ ِ‬
‫َِۡ ُۡ َُ َ‬
‫ون ‪[}١٤٤‬الصافات‪ ،]143-144 :‬وكذلك ننجي املؤمنين الصادقين إذا تابوا واستغاثوا بنا‪.‬‬ ‫يوم يبعث‬

‫َ ََ َ ۡ َ َ ى ََُ َ َ َ َ ۡ َۡ ََ َ َ ُۡ ۡ‬
‫ري ٱل َو ىرِث َِي ‪} ٨٩‬‬ ‫ب َّل تذر ِن فردا وأنت خ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وزوُك ِريا إِذ نادى ربهۥ ر ِ‬
‫ۡ َ َ‬
‫ى َربَ ُهۥ‬
‫اد ى‬ ‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول قصة زكريا عليه السالم حين دعا رّبه خفية‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِذ ن‬
‫ن َِداء َخفِيا ‪[} ٣‬مريم‪ ،]3 :‬وقال‪ :‬ر ّب ال تذ ْرني وحيدا‪ ،‬فامنحني من واسع فضلك ولدا يلي أمر دينك بعدي‪ ،‬وأنت‬
‫ل مِن َو َراءِي َو َكنَت ٱ ِّۡ َرأَِت ََعق ِرا َف َه ۡ‬
‫ب ِل‬ ‫ت ٱل ۡ َم َو ى ِ َ‬
‫خير الباقين وخير من خلفني بخير‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَون خ ِۡف ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َُ َ‬
‫نك َو َِلا ‪[} ٥‬مريم‪.]5 :‬‬ ‫مِن َل‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ‬ ‫َ ۡ َ َ ۡ َ َُ َ َ َ ۡ َ َُ َۡ َ ى ََ ۡ َ ۡ َ َُ َ ۡ َ ُ َ ُ ۡ َ ُ ُ َى ُ َ‬


‫ت َويَ ۡد ُعون َنا َرغبا‬
‫س ِرعون ِِف ٱل ۡير ى ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فٱستجبنا لۥ ووهبنا لۥ يي وأصلحنا لۥ زوجه رۥ إِنهم َكنوا ي‬
‫َو َر َهبا َو َكنُوا َلَا َخ ىشِ عِ َ‬
‫ي ‪{ ٩٠‬‬
‫واملعنى‪ :‬فاستجبنا لزكريا عليه السالم دعاءه‪ ،‬ووهبنا له يحيى‪ ،‬وبشرناه به قبل مولده‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫َُ ََُ َ ُ َ‬ ‫ََ َ ُ َ‬
‫اب أن اَّلل يب ِشك بِيحي ِّصدِقا بِكل ِم ٍة مِن اَّللِ}[آل عمران‪،]39 :‬‬
‫{فنادته الملئِكة وهو قائِم يص َِل ِِف ال ِمحر ِ‬
‫ت‬‫أن كانت عاقرا‪ ،‬كما قال تعالى على لسان زكريا‪ِ { :‬إَون خ ِۡف ُ‬ ‫وأصلحنا لزكريا زوجته للحمل والوالدة‪ ،‬بعد ْ‬
‫ِ‬
‫َُ َ‬
‫نك َو َِلا ‪[} ٥‬مريم‪ّ ،]5 :‬إن زكريا وأهله كانوا يبادرون إلى‬ ‫ل مِن َو َراءِي َو َكنَت ٱ ِّۡ َرأَِت ََعقِرا َف َه ۡ‬
‫ب ِل مِن َل‬ ‫ٱل ۡ َم َو ى ِ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الخيرات‪ ،‬ويدعوننا رغبا في رحمتنا ورهبا من عذابنا‪ ،‬وكانوا متوضعين خاضعين لنا‪.‬‬

‫ۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ت ف ۡر َج َها ف َن َف ۡخ َنا ف َ‬
‫ِيها مِن ُّروح َِنا َو َج َعل َنى َها َوٱ ۡب َن َها َءايَة ل ِل َع ىلم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱلت أ ۡح َص َن ۡ‬
‫ي ‪} ٩١‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول قصة مريم ابنة عمران التي منعت نفسها من الرجال‪ ،‬وحفظت فرجها من‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ان ال ِت أح َص َنت فر َج َها}[التحريم‪ ،]12 :‬وقال تعالى على لسانها‪{ :‬‬ ‫ت عِم َر‬ ‫الحرام‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َِّريَ َم اب َن َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬
‫ون ِل غل ىم َول ۡم َي ۡم َس ۡس ِن ب َ َش َول ۡم أ ُك بَغِيا ‪[} ٢٠‬مريم‪ ،]20 :‬فأرسلنا إليها جبريل عليه السالم‪،‬‬
‫ۡ ى َ ُ ُ‬
‫قالت أن يك‬
‫ً‬
‫فنفخ في رحمها املسيح عيس ى عليه السالم‪ ،‬وجعلنا أمر حملها بغير زوج ووالدة ابنها من غير أب آية دالة على‬
‫َۡ َ‬ ‫َ َ َ ُّ ُ َ َ َ‬
‫لَع َهي َو ِلَ ۡج َعلَ ُهۥ َءايَة ل َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫اس َو َرْحة مِنا ر‬
‫ِلن ِ‬ ‫ك هو َ ِ‬ ‫قدرة هللا تعالى للعاملين‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قال كذ ىل ِِك قال رب ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َوك َن أ ِّۡرا َمق ِضيا ‪[} ٢١‬مريم‪.]21 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ُ ُ ۡ َ َ َ َ َ َ ُّ ُ ۡ ۡ ُ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن هى ِذه ِۦ أمتكم أمة و ىحِدة وأنا ربكم فٱعبد ِ‬
‫ون ‪} ٩٢‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن ملة التوحيد ملة واحدة وشريعة واحدة‪ ،‬يتفق عليها جميع األنبياء واملرسلين‪ ،‬وأنا هللا‬
‫ََ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫الذي ال إله إال أنا رّبكم أيها الناس فاعبدوني واتقوني وحدي‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ{ :‬إَون ه ِذه ِ أ َم ُتكم أ َمة َواح َِدة َوأنا‬
‫َ ُّ ُ َ َ ُ‬
‫ون}[املؤمنون‪.]52 :‬‬
‫ربكم فاتق ِ‬

‫ۡ َ َى ُ َ‬ ‫ُي َ‬
‫َ ََ َ ُ ۡ َ ُ ََُۡ ۡ‬‫َ‬
‫ون ‪} ٩٣‬‬ ‫جع‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وتقطعوا أِّرهم بينهم ُك إَِلنا ر ِ‬
‫وفرقوا أمر دينهم شيعا وأحزابا‪ ،‬وصار كل حزب منهم‪،‬‬ ‫لكن الناس اختلفوا على رسلهم‪ّ ،‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ون}[املؤمنون‪،]53 :‬‬ ‫مسرورا بما هو عليه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ف َتق َط ُعوا أِّ َرهم بَي َن ُهم ُزبُرا ُك حِز ٍب بِما ََلي ِهم ف ِرح‬
‫وكلهم راجعون إلينا وحدنا‪.‬‬

‫َ ُ َى ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ‬ ‫ُ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٩٤‬‬ ‫ت َوه َو ُِّؤمِن فل كف َران ل َِس ۡعيِهِۦ ِإَونا لۥ كتِب‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ف َمن َي ۡع َمل م َِن ٱ َ ى َ‬
‫لصل ِحى ِ‬
‫فمن يعمل من األعمال الصالحة‪ ،‬وهو مؤمن باهلل وبما أنزله من الحق‪ ،‬فال تضييع لعمله‪ ،‬وال‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ ُ َ‬
‫يع أج َر َمن أح َس َن َع َمل}[الكهف‪:‬‬ ‫ض‬‫بطالن لثواب عمله بل كان عمله مقبوال مضاعفا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِنا َّل ن ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ ،]30‬وقال تعالى‪َ { :‬و َمن أ َر َاد اآلخ َِرةَ َو َس َع ل َها َسع َي َها َو ُه َو ُِّؤمِن فأولئ ِ َك َك َن َسع ُي ُهم َِّشكورا}[اإلسراء‪ ،]19 :‬وإنا‬
‫ّ‬
‫له مثبتون حافظون جميع أعماله في كتابه‪.‬‬

‫َ َ َى َ َى َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ى َ َ َ ُ ۡ َ َ ۡ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وحرم لَع قري ٍة أهلكنها أنهم َّل ير ِجعون ‪}٩٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬وممتنع على أهل قرية أهلكناها بسبب كفرهم وظلمهم ر ُ‬
‫جوعهم إلى الدنيا قبل يوم القيامة‪.‬‬
‫َ‬
‫اَّلل َ‬ ‫َ‬
‫حرمهما لَع‬ ‫وكلمة حرام في هذه اآلية مستعارة ملنع الوجود‪ ،‬وهو كقوله تعالى‪{ :‬إن‬
‫َ‬
‫الَكفرين}[األعراف‪ ،]50 :‬أي منعهما‪.‬‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬


‫َ ۡ َ ُ ُ ََ ُ ُ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ‬
‫ون ‪} ٩٦‬‬ ‫ُك َح َدب يَنسِل‬ ‫ت إِذا فتِحت يأجوج ومأجوج وهم مِن ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ح َ ى‬
‫سد يأجوج ومأجوج الذي بناه ذو القرنين وجاء وعد هللا بانهدامه‪ ،‬كما حكاه هللا‬ ‫واملعنى‪ :‬حتى إذا ُفتح ّ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫في قوله‪ { :‬قَ َال َهى َذا َر ۡ َ‬
‫ْحة مِن َر ِب فإِذا َجا َء َو ۡع ُد َر ِب َج َعل ُهۥ َدَك َء َوك َن َو ۡع ُد َر ِب َحقا ‪[}٩٨‬الكهف‪ ،]98 :‬وهم‬
‫ينتشرون مسرعين من مرتفعات األرض‪.‬‬

‫َ َ ۡ ُ‬ ‫َۡ َ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫َ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ ُّ َ َ َ َ ى َ َ ۡ َ ى ُ َ َ َ َ‬
‫ِين كف ُروا ي ى َو ۡيل َنا ق ۡد ك َنا ِِف غفلة م ِۡن هىذا بَل ك َنا‬‫خصة أبصر ٱَّل‬‫قوله تعالى‪ { :‬وٱقتب ٱلوعد ٱلق فإِذا ِه ش ِ‬
‫َظىلِم َ‬
‫ي ‪} ٩٧‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬وقرب يوم القيامة وبدت أهواله حتى قال الكافرون فيما حكاه هللا تعالى‪{ :‬هذا يَوم‬
‫َ‬
‫تطرف‪ ،‬يقولون‪ :‬يا‬ ‫ع ِّس}[القمر‪ ،]8 :‬فإذا أبصار الكفار من شدة الفزع مفتوحة مرتفعة األجفان ال تكاد ِ‬
‫كنا غافلين عن هذا اليوم وعن االستعداد له‪ ،‬وكنا ظاملين ألنفسنا‪ ،‬وما هللا بغافل عما كانوا‬ ‫هالكنا‪ ،‬قد ّ‬
‫َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ ََ ََ َ‬
‫اَّلل َغف ِل ع َما َيع َمل الظال ُِمون إِن َما يُؤخ ُِرهم َِلَو ٍم تشخ ُص فِيهِ‬ ‫يعملون‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وَّل تسَب‬
‫َ‬
‫الب َص ُار}[إبراهيم‪.]42 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ ُ َ َ َ َ ُ ۡ َ َى ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ۡ ََ َُُۡ َ‬
‫ون ‪} ٩٨‬‬ ‫ون ٱَّللِ حصب جهنم أنتم لها ورِد‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنكم وما تعبدون مِن د ِ‬
‫والجن وقود ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جهنم وحطبها‪ ،‬كما‬ ‫واملعنى‪ :‬إنكم أيها الكفار وما تعبدونه من دون هللا تعالى من األصنام‬
‫َ َ َ َُ ُ َ َ ُ َ ۡ َ َُ ُ َ ۡ ۡ َ‬
‫ك ى ِفر َ‬ ‫َ َۡ َۡ َُ ََ َۡ َُ َ َُ‬
‫ين ‪[}٢٤‬البقرة‪:‬‬‫ِ‬ ‫ِل‬ ‫ل‬ ‫ت‬‫ِد‬
‫ع‬ ‫أ‬ ‫ة‬‫ار‬ ‫ج‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫اس‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ود‬ ‫ق‬‫و‬ ‫ت‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ار‬‫ل‬‫ٱ‬ ‫وا‬ ‫ق‬‫قال تعالى‪ { :‬فإِن لم تفعلوا ولن تفعلوا فٱت‬
‫‪ ،]24‬أنتم داخلون في جنهم‪.‬‬

‫َ َى ُ َ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫َ َ َ َ َُ‬
‫ون ‪}٩٩‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬ل ۡو َكن ىهؤَّلءِ َءال َِهة َما َو َردوها َوُك فِيها خ ِِل‬

‫َُ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ َ َۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪}١٠٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬لهم فِيها زف ِري وهم فِيها َّل يسمع‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬لهؤالء املعذبين في جهنم أنين وتنفس شديد‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فأ َما اَّل‬
‫َّ‬
‫ِين شقوا ف َِف الَارِ ل ُهم‬
‫ِيها َزف ِري َو َش ِهيق}[هود‪ ،]106 :‬وهم في جنهم ال يسمعون من هول عذابهم‪.‬‬‫ف َ‬

‫َ َۡ َ ُ َ َ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ ََ ۡ َ ُ ُ ُ ۡ َى ُ َ‬
‫ون ‪} ١٠٢‬‬‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل يسمعون حسِ يسها وهم ِِف ما ٱشتهت أنفسهم خ ِِل‬
‫منا السعادة في علمنا بكونهم من أهل الجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪۞{ :‬ل ََِّل َ‬
‫ِين‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن الذين سبقت لهم ّ‬
‫ۡ ُ ۡ َ ى َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ ُ ُ َ ُ ۡ َ َ َ َ َ ُ َى َ َ ۡ َ ى ُ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ ى ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪[}٢٦‬يونس‪،]26 :‬‬‫أ ۡح َس ُنوا ٱلسن وزِيادة وَّل يرهق وجوههم قت وَّل ذِلة ر أولئِك أصحب ٱلنةِ هم فِيها خ ِِل‬
‫أولئك مبعدون عن نار جهنم‪.‬‬

‫ُ ُۡ ُ َ ُ َ‬ ‫َ َ ۡ ُ ُ ُ ُ ۡ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ َ َ َ ى ُ ُ ۡ َ َى َ ُ َ َ َ ۡ ُ ُ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل يزنهم ٱلفزع ٱلكب وتتلقىهم ٱلملئِكة هىذا يومكم ٱَّلِي كنتم توعدون ‪}١٠٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬ال يسمع أهل الجنة صوت لهيب جهنم وحريقها األجساد‪ ،‬وهم خالدون فيما تشتهيه أنفسهم‬
‫َۡ‬ ‫ََ ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫اف َعلَ ۡيهم بص َ‬
‫َُ ُ‬
‫ِيها َما تش َت ِهيهِ‬
‫ك َواب َوف َ‬ ‫حاف مِن ذهب وأ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫من نعيم الجنة ولذائذها‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬يط‬
‫ۡ َ ُ ُ َ َ َ ُّ ۡ َ ۡ ُ ُ َ َ ُ ۡ َ َ ى ُ َ‬
‫ون ‪[}٧١‬الزخرف‪.]71 :‬‬‫ٱلنفس وتَّل ٱلعي وأنتم فِيها خ ِِل‬

‫ُ ُۡ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ۡ َى َ ُ َ َ‬ ‫َ َُۡ ُُ ُ َۡ َ ُ ۡ َ ۡ َُ َ ََ‬
‫ون ‪}١٠٣‬‬ ‫ب َوت َتلقى ى ُه ُم ٱل َملئِكة هىذا يَ ۡو ُمك ُم ٱَّلِي كنتم توعد‬ ‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل يزنهم ٱلفزع ٱلك‬
‫ُّ‬ ‫َََۡ ُ َ ُ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ال يخيف أهل الجنة الهول العظيم يوم ينفخ في الصور‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ويوم ينفخ ِِف ٱلصورِ‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ َ َ َ َُ َُي ََُۡ َ‬ ‫َۡ‬ ‫لس َم ى َو ى ِ َ َ‬ ‫ََ َ‬
‫ع َمن ِف ٱ َ‬
‫ت ومن ِِف ٱلۡر ِض إَِّل من شاء ٱ ر‬
‫َّلل وُك أتوه دخِرِين ‪[}٨٧‬النمل‪ ،]87 :‬وتستقبلهم املالئكة‬ ‫ِ‬ ‫ففزِ‬
‫ّ‬
‫وتبشرهم قائلين‪ :‬هذا يومكم الذي وعدتم به في الدنيا‪.‬‬

‫ك ُت َ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ ُّ ُ‬
‫يدهُۥ َو ۡعدا َعلَ ۡي َنا ر إنَا ُك َنا َف ى ِعل َ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫لس َما َء َك َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يَ ۡو َم َن ۡطوي ٱ َ‬
‫ِي ‪١٠٤‬‬ ‫ِ‬ ‫ب ك َما بدأنا أ َول خلق نعِ ر‬
‫ِ‬ ‫ِل‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ج‬
‫ِ‬ ‫لس‬
‫ِ‬ ‫ٱ‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫ط‬ ‫ِ‬
‫}‬
‫واملعنى‪ :‬يوم نطوي السماء كما ُتطوى الصحيفة على ما كتب فيها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما قَ َد ُروا َ َ‬
‫اَّلل َح َق‬
‫ُ َ َُ َ ََ َ َ َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُُ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون}[الزمر‪،]67 :‬‬ ‫شوُك‬
‫قدرِه ِ والرض ۡجِيعا قبضته يوم القِيام ِة والسماوات مطوِيات بِي ِمينِهِ سبحانه وتعال عما ي ِ‬
‫ُ َ َ‬ ‫َ َ َ َۡ‬ ‫نعيد أول خلق إعادة مثل بدئنا إياه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ُعر ُضوا َ َ ى َ َ َ َ َ ۡ‬
‫ج ۡئ ُت ُمونا ك َما خلق َنىك ۡم أ َول‬ ‫لَع ربِك صفا لقد ِ‬ ‫ِ‬
‫َِّ َرةٔر }[الكهف‪ ،]48 :‬وعدنا بذلك وعدا حقا علينا‪ ،‬إنا كنا قادرين على فعل ذلك‪.‬‬
‫ّ‬

‫َ َ َ َ َ َى ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ١٠٥‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ولق ۡد ك َت ۡب َنا ِِف ٱ َلزبُورِ مِن َب ۡع ِد ٱَّلِك ِر أن ٱلۡرض ي ِرثها عِبادِي ٱلصل ِح‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد كتبنا في الزبور من بعد ما كتب في اللوح املحفوظ ّأن األرض يرثها عباد هللا الصالحون‬
‫ُ‬ ‫املمتثلون بما أمرهم هللا واجتنبوا ما نهاهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إ ِ َن الر َض ِ ََّللِ يُور ُث َها َمن ي َ َش ُ‬
‫اء مِن ع َِبادِه ِ َوال َعاق َِبة‬ ‫ِ‬
‫ل ِل ُم َتقِ َ‬
‫ي}[األعراف‪.]128 :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وأو َر َث َنا الر َض نَتَ َب َوأ م َِن َ‬
‫ال َنةِ‬
‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬واأل ض‪ّ :‬إما أ ض ّ‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫وإما أرض الدنيا‪ ،‬وأهلها الصالحون لعمارتها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َع َد‬ ‫شاء فَن ِع َم أَج ُر العا ِِّل َِي}[الزمر‪ّ ،]74 :‬‬ ‫ث نَ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫حي‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ات ليَس َتخل ِف َن ُهم ِِف الر ِض}[النور‪ ،]55 :‬وقال سبحانه‪{ :‬قال ُِّوس‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ال ِ‬
‫كم َو َعملُوا َ‬
‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫آم ُنوا مِن‬‫ِين َ‬‫اَّلل َاَّل َ‬
‫َُ‬
‫شاء مِن عِبادِه ِ َوالعاق َِب ُة ل ِل ُم َت ِق َ‬ ‫َ‬
‫ي}[األعراف‪ّ ،]128 :‬‬ ‫بوا إ ِ َن الر َض ِ ََّللِ يُورثُها َمن ي َ ُ‬ ‫َ‬
‫اَّللِ َواص ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫وإما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل ِقو ِمهِ است ِعينوا ب ِ‬
‫ون َِّشار َق الَر ِض َو َمغاربَهاَ‬ ‫ََ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َ َُ َ‬
‫األرض املقدسة يرثها الصالحون‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وأورثنا القوم اَّلِين َكنوا يستضعف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باروُكنا فِيها}[األعراف‪.]137 :‬‬ ‫َالت َ‬
‫ِ‬

‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن ِف َهى َذا َلَ َل ىغا ل َِق ۡوم َع ىبد َ‬
‫ِين ‪} ١٠٦‬‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ ِ‬

‫ۡ َ‬
‫ك إَّل َر ۡ َ‬
‫ْحة ل ِل َع ىلم َ‬ ‫ََ ۡ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ١٠٧‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وما أرسلنى ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وما أرسلناك أيها الرسول إال رحمة لجميع الناس‪ ،‬تبشر املؤمن منهم بحسن الثواب‪ ،‬وتنذر‬
‫َ َ َ َ َ َ َ‬
‫اس بَشِ ريا َونَذِيرا}[سبأ‪.]28 :‬‬
‫ناك إَِّل َكفة ل َِلن ِ‬ ‫الكافر منهم بسوء العقاب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وما أرسل‬
‫َ َ ۡ َ ُ ُّ ۡ ُ َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫ُ ۡ َ َ ُ َ ى َ َ َ َ َ َى ُ ُ ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل إِنما يوح إِل أنما إِلهكم إِله وحِد فهل أنتم ِّسل ِمون ‪{١٠٨‬‬
‫إلي ّأن إلهكم الذي يستحق العبادة هو إله واحد ال شريك له‪ ،‬كما‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ّ :‬إنما يوحى ّ‬
‫َۡ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ ََ ََ ََ ُۡ ُ ۡ ُ َ ى َ ََ َ ُ َ‬
‫وح إ ِ َل أن َما إِل ى ُهك ۡم إِل ىه َو ىحِد ف َمن َكن يَ ۡر ُجوا ل ِقا َء َربِهِۦ فل َي ۡع َمل ع َمل‬ ‫قال تعالى‪ { :‬قل إِنما أنا بش مِثلكم ي‬
‫َ‬ ‫ََ ُۡ ۡ َ َ‬ ‫َ‬
‫ادة ِ َربِهِۦ أ َح َدا ‪[}١١٠‬الكهف‪ ،]110 :‬فأسلموا له وانقادوا له‪.‬‬ ‫ص ىل ِحا وَّل ي ِ‬
‫شك ب ِ ِعب‬

‫َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ۡ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ََ ۡ ُ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ١٠٩‬‬‫لَع َس َواء ِإَون أدرِي أق ِريب أم بَعِيد ما توعد‬
‫ك ۡم ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فإِن تولوا فقل ءاذنت‬
‫أعلمتكم ببرائتي منكم وبراءتكم ّ‬
‫مني‬ ‫ُ‬ ‫فإن أعرض هؤالء الكفار عن دعوتك أيها الرسول‪ ،‬فقل‪:‬‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫َ ۡ ُ ََ‬ ‫َ‬ ‫ك ۡم أَ ُ‬
‫َ َ ََ ُ ۡ َ َُ ُ‬ ‫َ َُ َ َُ‬
‫نتم بَ ِرئُٔون ِّ َِما أع َمل َوأنا بَرِيء‬ ‫وك فقل ِل عم َِل ولكم عمل‬ ‫لعلمي بذلك‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَون كذب‬
‫ُ‬ ‫َ ََُۡ َ‬
‫ولست أعلم متى يحل بكم ما توعدون به من العذاب‪ ،‬أقريب أم بعيد؟‬ ‫ون ‪[}٤١‬يونس‪،]41 :‬‬ ‫ِِّما تعمل‬

‫َُ َۡ ُ ََۡ َ َۡ ََۡ ُ َ َ ُُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ١١٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنهۥ يعلم ٱلهر مِن ٱلقو ِل ويعلم ما تكتم‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن هللا تعالى يعلم ما تجهرون به من أقوالكم‪ ،‬وما تكتمون في ضمائركم‪.‬‬
‫َ ُ َ َُ َ َُ َ ُ ُ َ ََ َ ُُ َ‬ ‫َ ََ‬
‫ون}[املائدة‪:‬‬ ‫الر ُسو ِل إَِّل اللغ واَّلل يعلم ما تبدون وما تكتم‬
‫لَع َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ما‬
‫‪.]99‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬


‫ۡ ۡ‬
‫ك ۡم َو َم َتىع إ ِ ىل حِي ‪}١١١‬‬
‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون أدرِي ل َعل ُهۥ ف ِۡت َنة ل‬

‫ََ‬ ‫ۡ‬
‫َ َ َ ُّ َ َ ۡ َ ى ُ ُ ۡ َ َ ُ ى َ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬
‫ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ون ‪} ١١٢‬‬ ‫صف‬‫ب ٱحكم ب ِٱل ِق وربنا ٱلرحمن ٱلمستعان لَع ما ت ِ‬‫قوله تعالى‪ { :‬ق ىل ر ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قال الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ :‬ر ّب افصل بيننا وبين قومنا الكافرين بالقضاء الحق‪ ،‬ورّبنا‬
‫ُ َ َُ َََ َ َ َ َ ُ َ‬
‫ون}[األنعام‪.]100 :‬‬ ‫صف‬ ‫الرحمن‪ ،‬نستعين به على ما تصفون أيها الكفار‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬سبحانه وتعال عما ي ِ‬
‫ي قَوم َِنا ب َ‬
‫ال ِق‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬قال قتادة‪ :‬كان األنبياء عليهم السالم‪ ،‬يقولون‪َ { :‬ر َب َنا اف َتح بَي َن َنا َوبَ َ‬
‫ِ‬
‫ات َ‬ ‫َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِي}[األعراف‪ ،]89 :‬وأمر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن يقول ذلك‪.‬‬ ‫ري الف ِ‬ ‫وأنت خ‬
‫َ‬ ‫ُ َُْ‬
‫سورة الحج‬
‫وهي مدنية وعدد آياتها ثمان وسبعون‬

‫َ‬ ‫ۡ ََ‬
‫ك ۡم إ َن َزل َزلة ٱ َ‬‫َى ُّ َ َ ُ َ ُ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫يشء َع ِظيم ‪} ١‬‬ ‫لس َ‬
‫اع ِة ۡ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱلاس ٱتقوا رب ر ِ‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها الناس احذروا عذاب رّبكم‪ّ ،‬إن حركة األرض الشديدة عند قيام الساعة ش يء عظيم‬
‫َ َ‬ ‫َ ََ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت الر ُض أث َقال َها}[الزلزلة‪ ،]1-2 :‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ج‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ر‬ ‫خ‬
‫ُ‬
‫ت الرض زِلزالها‪ .‬وأ‬ ‫الهول‪ ،‬بدليل قوله تعالى‪{ :‬إِذا ُزل ِزل ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ت ال َواق َِعة}[الحاقة‪.]14-15 :‬‬
‫ال َبال ف ُدكتا دكة ‪َ .‬واح َِدة ف َيو َمئ ِ ٍذ َوق َع ِ‬ ‫{ َوْحِل ِ‬
‫ت الرض و ِ‬

‫َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ ََۡ‬ ‫َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ ُ ُّ ُ ۡ َ َ َ َ َ َ ۡ َ َ َ ُ ُ ُّ َ‬


‫ى َو َما‬
‫ك ى َر ى‬ ‫ات ْح ٍل ْحل َها َوت َرى ٱلاس س‬
‫ضع ٍة عما أۡرضعت وتضع ُك ِ‬
‫ذ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يوم ترونها تذهل ُك ِّر ِ‬
‫ك َن َع َذ َ‬ ‫ُ ُ َ ىَ ى َ‬
‫اب ٱ ََّللِ َشدِيد ‪} ٢‬‬ ‫ى َول ى ِ‬ ‫هم بِسكر‬

‫َُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬


‫ري عِلم َويَ َتب ِ ُع ُك َش ۡي َطىن َِّ ِريد ‪} ٣‬‬‫َ َۡ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وم َِن ٱ َل ِ َ ُ َ‬
‫اس من يجىدِل ِِف ٱَّللِ بِغ ِ‬
‫من يخاصم ويشكك في قدرة هللا تعالى على البعث بغير علم صحيح ويتبع في‬ ‫واملعنى‪ :‬ومن الكفار ْ‬
‫متمرد على هللا ورسوله‪.‬‬ ‫مخاصمته كل شيطان ّ‬
‫بأن ينسبون إليه ما ال يليق بجالله وكماله‪ ،‬كالذين ّيدعون له األوالد‬ ‫وقد يجادل الكفار في هللا تعالى ْ‬
‫َ‬ ‫ََ َُ َ َ‬ ‫ّ‬
‫ت‬‫جعلون َِّللِ الَن ِ‬ ‫والشركاء‪ ،‬ويقولون‪ :‬إن القرآن أساطير األولين‪ ،‬وذلك مثل قوله تعالى حكاية عنهم‪{ :‬وي‬
‫َ‬ ‫ُ َ ُ ُ َ َ َُ ُ َ َ َ َ‬ ‫ُ َ َ ُ َ َُ َ َ َ َ‬
‫ِين كف ُروا إِن هذا إَِّل‬‫شت ُهون}[النحل‪ ،]57 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬ح َت إِذا جاؤك ُيادِلونك يقول اَّل‬ ‫سبحنهۥ ولهم ما ي‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِري ال َول َِي}[األنعام‪.]25 :‬‬
‫أساط‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ب َعل ۡيهِ أنَ ُهۥ َمن تَ َوَّلهُ فأنَ ُهۥ يُ ُ َ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬كت ِ َ‬
‫ري ‪} ٤‬‬ ‫ضلهۥ ويهدِيهِ إ ِ ىل عذ ِ‬
‫اب ٱلسعِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬قض ى هللا تعالى على من اتبع الشيطان وجعله ناصرا له‪ْ ،‬أن يضله الشيطان ويهديه إلى عذاب‬
‫جهنم املوقدة‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫وقد أكد هللا معنى هذه اآلية في قوله تعالى‪{ :‬قالوا بَل نَ َتب ُع ما َو َجدنا َعليهِ َ‬
‫آباءنا أ َولو َكن الشيطان‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫ري}[الحج‪ .]21 :‬وقوله تعالى‪{ :‬إِن الشي َطان لكم َع ُد يو فاَتِذوهُ َع ُد ًّوا إِن َما يَد ُعو حِزبَ ُه‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ذاب السعِ ِ‬
‫يدعوهم إِل ع ِ‬
‫ري}[فاطر‪.]6 :‬‬ ‫ع‬ ‫حاب َ‬
‫الس‬ ‫كونُوا مِن أَص َ‬
‫َ ُ‬
‫َِل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ََ ُ‬ ‫ُّ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َۡۡ َ َ َ َۡ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ث فإِنا خلق َنىكم مِن ت َراب ث َم مِن ن ۡطفة ث َم م ِۡن َعلقة ث َم‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱلَاس إِن كنت ۡم ِِف َريب مِن ٱلع ِ‬
‫ُُ‬ ‫ُ ُۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫ُّ ۡ َ ُّ َ َ َ َ َ ۡ ُ َ َ َ ُ َ َ َ ُ‬
‫ۡ ُ‬ ‫ُ‬
‫ل أ َجل ُِّّ َسم ث َم َن ِر ُجك ۡم طِفل ث َم ِلِ َ ۡبلغوا‬ ‫ام َما ن َ َشا ُء إ ِ ى‬
‫ك ۡ رم َونُقِ ُّر ِِف ٱل ۡر َح ِ‬ ‫ري ُّملقة ِلب ِي ل‬ ‫مِن ِّضغة ُّملقة وغ ِ‬
‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ َ ُّ َ‬ ‫َُ َ ُ‬
‫َ‬
‫يشٔٔار َوت َرى ٱلۡرض‬ ‫ل أ ۡر َذ ِل ٱ ۡل ُع ُمر ل َِك ۡي َل َي ۡعلَ َم مِن َب ۡع ِد ع ِۡلم َ ۡ‬ ‫ى‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫د‬ ‫ر‬‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ِنك‬ ‫م‬ ‫ف َ‬
‫و‬ ‫ى‬ ‫ُ َ َََُ‬
‫و‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ِنك‬
‫م‬ ‫ك ۡم َ‬
‫و‬ ‫أشد‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ َ ََۡ َ َۡ َ َۡ َ ۡ ََ ۡ َ ََ ۡ َ ََ ۡ‬ ‫َ‬
‫ُك َز ۡوج بَ ِهيج ‪} ٥‬‬ ‫هامِدة فإِذا أنزلا عليها ٱلماء ٱهتت وربت وأۢنبتت مِن ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها الناس ْإن كنتم في شك من إمكان البعث يوم القيامة‪ ،‬فإنا خلقنا أباكم آدم من تراب‪،‬‬
‫تتحول بقدرة هللا إلى دم أحمر غليظ‪،‬‬ ‫ثم تناسلت ذريته من النطفة املتولدة من الغداء الناش ئ من التراب‪ ،‬ثم ّ‬
‫ً‬
‫ثم إلى قطعة لحم صغير‪ ،‬فتصير تارة تامة الخلق والحواس تنتهي إلى خروج الجنين حيا‪ ،‬وتارة غير تامة‬
‫ُ‬ ‫تتم والدتها؛ ّ‬‫تسقطها املرأة أو تبقى ناقصة ّ‬
‫لنبين لكم كمال قدرتنا على الخلق‪ ،‬ونبقي في األرحام ما نشاء إلى‬
‫وقت والدته املحدد‪ ،‬ثم نخرجكم من بطون أمهاتكم أطفاال ضعافا‪ ،‬ثم لتبلغوا وقت شبابكم وقوتكم واكتمال‬
‫سن الهرم وضعف الفكر؛ فال يعلم شيئا مما‬ ‫يكبر حتى يبلغ ّ‬
‫من َ‬ ‫من يموت قبل ذلك‪ ،‬ومنكم ْ‬ ‫عقولكم‪ ،‬ومنكم ْ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫َُ َ‬
‫اَّلل اَّلِي خلقكم مِن ضع ٍف ث َم َج َعل مِن َبع ِد ضع ٍف ق َوة ث َم َج َعل مِن‬ ‫كان يعلمه قبل ذلك‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫نعمرهُ َ‬
‫ننكِسه ِف‬ ‫ومن َ‬ ‫ِير}[الروم‪ ،]54 :‬وقال تعالى‪َ { :‬‬‫ِيم ال َقد ُ‬ ‫َبع ِد قُ َو ٍة َضعفا َو َشي َبة َيلُ ُق َما ي َ َش ُ‬
‫اء َو ُه َو ال َعل ُ‬
‫ْ‬
‫تحركت بالنبات‪،‬‬ ‫اللق}[يس‪ ،]68 :‬وترى األ ض أيها الناظر هامدة يابسة ال نبات فيها‪ ،‬فإذا أنزلنا عليها مطرا‪،‬‬ ‫َ‬
‫ر‬
‫وارتفعت وانتفخت باملاء والنبات‪ ،‬ثم أنبتت من كل نوع من أنواع النبات ذي املنظر الحسن‪.‬‬
‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ولَ َق ۡد َخلَ ۡق َنا ٱ ِإل َ ى‬
‫نس َن مِن ُسل ىلة مِن طِي ‪ ١٢‬ث َم َج َعل َنى ُه ن ۡطفة ِِف ق َرار َمكِي‬
‫َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َۡ ُ َ َ َ ۡ َ ُ َ ۡ‬ ‫َ َ ََ َ َ َۡ ۡ ََ َ ۡ َ َ َ َۡ ۡ ۡ ََ َ‬ ‫ُ َ َۡ‬
‫‪ ١٣‬ث َم خلق َنا ٱلُّ ۡطفة َعلقة فخلق َنا ٱل َعلقة ُِّضغة فخلق َنا ٱل ُمضغة عِظىما فكسونا ٱلعِظىم لما ثم أنشأنىه خلقا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ َ َََ َ َ َُ َ ۡ َ ُ ۡ َ‬
‫خىلِقِ َ‬
‫ي ‪[}١٤‬املؤمنون‪ ،]12-14 :‬وقوله تعالى‪ { :‬ه َو ٱَّلِي خلقكم مِن ت َراب ث َم مِن‬ ‫ءاخر ر فتبارك ٱَّلل أحسن ٱل‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ُ ُۡ‬
‫َ ُ‬
‫ف مِن ق ۡبل‬ ‫ِنكم َمن ُي َت َو َ ى‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ َ ُ‬
‫ن ۡطفة ث َم م ِۡن َعلقة ث َم ي ِر ُجك ۡم طِفل ث َم ِِلَ ۡبلغوا أش َدك ۡم ث َم ِلِ َكونوا ش ُيوخا ر َوم‬
‫ََََ ُ ۡ َۡ ُ َ‬ ‫ُُ َ‬
‫ون ‪[}٦٧‬غافر‪.]67 :‬‬ ‫َوِلِ َ ۡبلغوا أ َجل ُِّّ َسم ولعلكم تعقِل‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ل ُّق َوأنَ ُهۥ يُ ۡح ٱل َم ۡو ى َ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ذ ىل َِك بأ َن ٱ َ َ‬ ‫َ‬
‫لَع ُك ۡ‬ ‫َّلل ُه َو ٱ َ‬
‫يشء قدِير ‪} ٦‬‬ ‫ت وأنهۥ ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫دل على ّأن هللا تعالى هو الحق املوجود الثابت‪ ،‬وأنه يحيي املوتى‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫واملعنى‪ :‬ذلك املذكور ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َُ ََ ُ َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬
‫اها ل َ ُ‬
‫ُك يش ٍء قدِير}[فصلت‪ ،]39 :‬وأنه على كل ش يء قدير‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫لَع‬ ‫ه‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫{إِن اَّلِي أحي‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َّلل َي ۡب َع ُث َمن ِِف ٱل ُق ُبورِ ‪} ٧‬‬
‫ِيها َوأ َن ٱ َ َ‬
‫بف َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وأ َن ٱ َ‬
‫لس َ‬
‫اعة َءات َِية َّل َر ۡي َ‬

‫وأن هللا تعالى يبعث املوتى من قبورهم بعد ْأن صاروا‬ ‫وأن ساعة البعث آتية ال يب في مجيئها‪ّ ،‬‬
‫ر‬
‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ُ ُ َ َ َ َ َ َ ََ َ‬ ‫س َخل َق ُه َق َال َمن ُيي الع َظ َ‬
‫ض َب َلَا َم َثل َون َ ِ َ‬
‫ر َمما‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َ َ‬
‫ه َرمِيم‪ .‬قل ييِيها اَّلِي أنشأها أول‬
‫ام َو ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ََ َ َُ ُ َ‬
‫ِّر ٍة وهو بِك ِل خل ٍق عل ِيم}[يس‪.]78-79 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫ري عِلم َوَّل ُهدى َوَّل ك َِتىب ُّمن ِري ‪}٨‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وم َِن ٱ َل ِ َ ُ َ‬
‫اس من يجىدِل ِِف ٱَّللِ بِغ ِ‬
‫من يخاصم بالباطل في ذات هللا وصفاته وتشريعاته بغير علم صحيح‪ ،‬وال نقل‬ ‫واملعنى‪ :‬ومن الكفار ْ‬
‫صريح‪ ،‬وال وحى ينير عقله وقلبه‪.‬‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ِتاب ُمن ٍِري}[لقمان‪:‬‬ ‫َ‬
‫ري عِل ٍم وَّل هدى وَّل ك ٍ‬
‫اس من ُيادِل ِِف اَّللِ بِغ ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وم َِن الَ ِ‬
‫‪.]20‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫ُّ ۡ َ ۡ َ ُ ُ ُ َ ۡ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ان ع ِۡط ِفهِۦ َِلُ ِ َ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ث ِ َ‬ ‫َ‬
‫يق ‪} ٩‬‬‫يل ٱَّللِ لۥ ِِف ٱَلنيا خِزي ونذِيقهۥ يوم ٱلقِيىمةِ عذاب ٱل ِر ِ‬
‫ض ل ع ن سب ِ ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬يجادل وهو مستكبر يلوي عنقه؛ ليصد غيره عن سبيل هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ{ :‬إَوذا تتَل‬
‫وذل‪ ،‬ونجعله يوم القيامة‬ ‫َعلَيهِ آيَ ُات َنا َو َل ُِّس َتك ِبا َكأَن لَم يَس َمع َها}[لقمان‪ ،]7 :‬له في الحياة الدنيا هوان ّ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫يق}[الحج‪.]22 :‬‬
‫يدرك طعم العذاب املحرق‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وذوقوا عذاب الرِ ِ‬

‫ۡ‬ ‫َى‬
‫اك َوأ َن ٱ َ َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّلل ل ۡي َس ب ِ َظلم ل ِل َعبِي ِد ‪} ١٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ذ ىل َِك ب َما ق َد َم ۡ‬
‫ت يَ َد َ‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ذلك العذاب الحريق الذي حاق بكم أيها الكافر بسبب أعمالك السيئة في الدنيا‪ ،‬وأن هللا‬
‫َ َ‬ ‫َ ََ َ‬
‫اَّلل َّل َيظل ُِم مِث َقال ذ َر ٍة}[النساء‪.]40 :‬‬ ‫تعالى ال يظلم عباده مثقال ذرة‪ ،‬كما قال‪{ :‬إِن‬

‫ب َ َى‬ ‫ۡ َ َ َُۡ َۡ َ‬
‫نقلَ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ َ‬
‫َّلل َ َ ى‬
‫اس َمن َي ۡع ُب ُد ٱ َ َ‬
‫لَع‬ ‫لَع َح ۡرف فإِن أ َصابَ ُهۥ خ ۡري ٱ ۡط َمأن بِهِۦ ِإَون أصابته ف ِتنة ٱ‬ ‫قوله تعالى‪َ ١٠{ :‬وم َِن ٱلَ ِ‬
‫ان ٱل ۡ ُمب ُ‬ ‫َ َ َى َ ُ َ ُۡ ۡ َ ُ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ي ‪}١١‬‬ ‫ِ‬ ‫ّس ٱ َُّلن َيا َوٱٓأۡلخِرة ر ذل ِك هو ٱلّس‬ ‫َوج ِههِۦ خ ِ‬
‫فإن أصابه خير كصحة‬ ‫واملعنى‪ :‬ومن الناس من يعبد هللا تعالى على ضعف وتردد وطرف من الدين‪ْ ،‬‬
‫وإن أصابه بالء وشدة كنقص في األنفس واألموال واألوالد‬ ‫واستمر على عبادته‪ْ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اطمأن به‬ ‫وسعة من العيش‬
‫قدر له في دنياه‪ ،‬وخسر اآلخرة بدخول النار‪،‬‬ ‫جع إلى الكفر‪ ،‬فهو بذلك خسر الدنيا؛ حيث ّإن كفره ال يغير ما ّ‬
‫ر‬
‫ذلك هو الخسران املبين الذي ال خسران مثله‪.‬‬
‫صورت املذبذبين في عقيدتهم‬ ‫ْ‬ ‫قال الشيخ محمد طنطاوي‪ :‬واملتأمل في هذه اآلية الكريمة يراها قد ّ‬
‫وإن خسروا فيها‬‫أكمل تصوير‪ ،‬فهم يقيسون العقيدة بميزان الصفقات التجا ية‪ْ ،‬إن بحوا من ورائها فرحوا‪ْ ،‬‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أصابهم الغم والحزن‪ ،‬وشبيه بهذه اآلية قوله تعالى في شأن املنافقين‪َ { :‬ومِن ُهم َمن يَل ِم ُزك ِِف الص َد ِ‬
‫قات فإِن‬
‫ُ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أعطوا مِنها رضوا ِإَون لم يعطوا مِنها إِذا هم يسخطون}[التوبة‪.]58 :‬‬

‫َُ ۡ‬
‫َ َ ُُ ى َ َُ َ‬
‫لضل ىل ٱلَعِ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يَ ۡد ُعوا مِن ُدون ٱ ََّللِ َما َّل يَ ُ ُّ‬
‫يد ‪} ١٢‬‬ ‫ُضهُۥ َو َما َّل ينفعه رۥ ذل ِك هو ٱ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫تضره إن تركه‪ ،‬وال ينفعه إذا‬ ‫واملعنى‪ :‬يعبد ذلك الكافر من غير هللا تعالى آلهة من األصنام‪ ،‬وهي ال ّ‬
‫َ َ ُۡ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُّ ُ ۡ َ َ َ َ ُ ُ ۡ َ َ ُ ُ َ َ ى ُ َ ُ َ َى ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََُُۡ َ‬
‫ُضهم وَّل ينفعهم ويقولون هؤَّلءِ شفعؤنا عِند ٱ ر‬
‫َّللِ قل‬ ‫ون ٱَّللِ ما َّل ي‬ ‫عبده‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ويعبدون مِن د ِ‬
‫ُ ۡ َ ى َ ُ َ َ َ ى َى َ َ ُ ۡ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫ََ‬ ‫َّلل ب َما ََّل َي ۡعلَ ُم ِف ٱ َ‬
‫لس َم ى َ‬ ‫َ‬
‫ون ٱ َ َ‬ ‫َأ ُت َ‬
‫ون ‪[}١٨‬يونس‪ ،]18 :‬ذلك‬ ‫شوُك‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ع‬ ‫َل‬‫ع‬ ‫ت‬‫و‬ ‫ۥ‬‫ه‬‫ن‬ ‫ح‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ۡر‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫َّل‬ ‫و‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫ى‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٔ‬
‫ُ‬ ‫ٔ‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ن‬
‫املذكور من الرجوع إلى الكفر وعبادة األصنام هو الضالل البعيد عن الحق‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ َ َۡۡ َ ََ ۡ َ ۡ‬


‫ى‬ ‫َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ ُ َ َ َ ُّ ُ َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يدعوا لمن ضهۥ أقرب مِن نفعِهرِۦ لِئس ٱلمول ولِئس ٱلعشِ ري ‪} ١٣‬‬
‫من ضرره املحقق أقرب من نفعه في اآلخرة‪ ،‬لبئس هذا املولى الناصر‪ ،‬ولبئس هذا‬ ‫واملعنى‪ :‬يعبد ْ‬
‫العشير الصاحب‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ضره‬‫ضهُ أق َر ُب مِن َنفعِهِ} أي هذا الذي انقلب على وجهه يدعو من ُّ‬ ‫قال اإلمام القرطبي‪{ :‬يَد ُعوا ل َمن َ ُّ‬
‫َ ُّ َ‬
‫ضهُ أق َر ُب مِن نَفعِهِ}‬ ‫أدنى من نفعه‪ ،‬أي في اآلخرة؛ ألنه بعبادته دخل النار‪ ،‬ولم َير منه نفعا أصال‪ّ ،‬‬
‫ولكنه قال‪{ :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي}[سبأ‪.]24 :‬‬
‫لل مب ِ ٍ‬
‫ترفيعا للكالم‪ ،‬كقوله تعالى‪ِ{ :‬إَونا أو إِياكم لعَل هدى أو ِِف ض ٍ‬

‫تت ِ َها ٱ ۡلَنۡ َه ى ُر ر إ َن ٱ َ َ‬


‫َّلل َي ۡف َع ُل َما يُر ُ‬
‫يد‬
‫َۡ‬
‫ِن‬
‫م‬ ‫ي‬ ‫ر‬
‫َ َى َ ۡ‬
‫ت‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ِح‬ ‫ام ُنوا َو َع ِملُوا ٱ َ ى‬
‫لصل َ‬ ‫َّلل يُ ۡدخ ُِل ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن ٱ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪} ١٤‬‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن هللا تعالى يدخل الذين آمنوا وعملوا األعمال الصالحة جنات تجري من تحت أشجارها‬
‫وغرفها األنهار‪ّ ،‬إن هللا تعالى يفعل ما يريد فال ر ّاد لقضائه وإرادته‪.‬‬
‫ات َس ُندخِلُ ُهم َج َنات َتري مِن َتت ِ َها الَن ُ‬
‫هار‬ ‫آم ُنوا َو َعم ُلوا َ‬
‫الص ِ‬
‫ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َاَّل َ‬
‫ِين َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ًّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ ََ َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ‬
‫َ‬
‫ِين فِيها أبدا لهم فِيها أزواج مطهرة وندخِلهم ظِل ظل ِيل}[النساء‪ ،]57 :‬ومنها قوله تعالى‪{ :‬واَّلِين آمنوا‬ ‫خاَل َ‬‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ًّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ات َس ُندخِل ُهم َج َنات تري مِن تت ِ َها الن ُ‬ ‫ُ‬
‫َو َعملوا َ‬
‫ِين فِيها أبَدا َوع َد اَّللِ َحقا َو َمن أص َدق م َِن اَّللِ‬
‫خاَل َ‬
‫هار ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الص ِ‬
‫ال ِ‬ ‫ِ‬
‫قِيل}[النساء‪.]122 :‬‬

‫َ َ َ ُ َ َۡۡ َ ۡ ََۡ ُ ۡ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََۡۡ ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُّ َ َ‬
‫ب إِل ٱلسماءِ ثم َلقطع فلينظر هل‬
‫قوله تعالى‪ { :‬من َكن يظن أن لن ينُصه ٱَّلل ِِف ٱَلنيا وٱٓأۡلخِرة ِ فليمدد بِسب ٍ‬
‫ُۡ ََ َُُۡ َ َ ُ‬
‫يظ ‪} ١٥‬‬ ‫يذهَِب كيدهۥ ما يغِ‬
‫ُ‬
‫فليمد ْد‬ ‫واملعنى‪ :‬من كان يعتقد ّأن هللا تعالى ْ‬
‫لن ينصر رسوله والذين آمنوا معه في الدنيا واآلخرة‪،‬‬
‫فإن هللا تعالى‬ ‫يذهبن ذلك ما يجد في نفسه من الغيظ؟ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ليختنق به‪ ،‬ثم ّ‬
‫ليتأم ْل هل‬ ‫بحبل إلى سقف بيته‪ ،‬ثم‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫نُص ُر ُسلَ َنا َوٱ ََّل َ‬
‫ناصر رسوله والذين آمنوا معه ال محالة‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِنَا َلَ ُ ُ‬
‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّلن َيا َويَ ۡو َم‬
‫ام ُنوا ِِف ٱ َ‬
‫ِين َء َ‬
‫َُ ُ َۡۡ‬
‫وم ٱلش َه ى ُد ‪[}٥١‬غافر‪.]51 :‬‬ ‫يق‬

‫َ‬
‫نزل َنى ُه َء َاي ىت َبي َنىت َوأ َن ٱ َ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ َ‬
‫َّلل َي ۡهدِي َمن يُر ُ‬
‫يد ‪} ١٦‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ووُكذ ىل َِك أ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ومثل ذلك اإلنزال لآليات والحجج أنزلنا القرآن آيات واضحات في لفظها ومعناها‪ّ ،‬‬
‫وأن هللا‬
‫ض ُّل َمن ي َ َش ُ‬
‫اء َويَهدِي َمن‬ ‫ُ‬
‫تعالى يهدي من يريد‪ ،‬فإنه يضل من يشاء ويهدي من يشاء‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ي ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ي َ َش ُ‬
‫ون}[األنبياء‪.]23 :‬‬ ‫اء}[فاطر‪ ،]8 :‬وله الحجة القاطعة في ذلك‪ ،‬كما قال تعالى‪َّ{ :‬ل يُسأل ع َما َيف َعل َوهم ي ُسأل‬

‫َ ََ ۡ ُ‬ ‫َ َ َ َ ىَ ى َ َۡ ُ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ ُ َ َى‬
‫َّلل َيف ِصل‬ ‫شوُكوا إِن ٱ‬ ‫بٔ ِٔين وٱلصرى وٱلمجوس وٱَّلِين أ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلِين ءامنوا وٱَّلِين هادوا وٱلص ِ‬
‫ََُۡ ۡ َۡ َ ۡ َ َ َ ََ ََ‬
‫لَع ُُك َ ۡ‬
‫يشء َش ِهيد ‪} ١٧‬‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫بينهم يوم ٱلقِيىمةِ إِن ٱَّلل‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن الذين آمنوا باهلل ورسوله‪ ،‬واليهود‪ ،‬والصابئين‪ ،‬والنصارى‪ ،‬واملجوس‪ ،‬واملشركين الذين‬
‫غيره‪ّ ،‬إن هللا تعالى يجمع بينهم يوم القيامة ويفصل بينهم بالحق وقضائه العدل‪ ،‬كما قال‬ ‫يعبدون مع هللا َ‬
‫الق َو ُه َو ال َف َت ُ‬
‫اح ال َعل ُ‬
‫ِيم}[سبأ‪ّ ،]26 :‬إن هللا تعالى على كل ش يء شهيد‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ ُ َ َ َ َ ُّ َ ُ َ َ َ ُ َ َ َ‬
‫تعالى‪{ :‬قل ُيمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا ب ِ ِ‬

‫َ َ ۡ ُ َ ۡ َ َ ُ َ ُّ ُ ُ َ ۡ َ ُ َ َ‬
‫لش َ‬ ‫َۡ‬ ‫لس َم ى َو ى ِ َ َ‬
‫َّلل ُۤدُجۡسَي ۤۥُهَل َمن ِف ٱ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬أل َ ۡم تَ َر أَ َن ٱ َ َ‬
‫ج ُر‬ ‫لبال وٱ‬ ‫ت ومن ِِف ٱلۡر ِض وٱلشمس وٱلقمر وٱلجوم وٱ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ََ ۡ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َُ َ َ‬ ‫اس َو َوُكثِري َح َق َعلَ ۡيهِ ٱ ۡل َع َذ ُ‬ ‫َ‬
‫َّلل َيف َعل َما ي َ َشا ُء۩ ‪} ١٨‬‬ ‫َّلل ف َما ُلۥ مِن ُّمك ِر ٍم إِن ٱ‬ ‫اب َو َمن يُ ِه ِن ٱ‬ ‫َوٱ ََل َوا ُّب َووُكثِري م َِن ٱ َل ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ألم تعلم أيها العاقل ّأن هللا تعالى يسجد لعظمته َم ْن في السماوات واألرض من دابة واملالئكة‪،‬‬
‫َُ‬
‫ات َو َما ِِف الر ِض مِن َدابَ ٍة َوال َملئِكة}[النحل‪ ،]49 :‬فيسجدون له‬ ‫الس َم َ‬
‫او ِ‬ ‫ِ‬
‫كما قال تعالى‪َ { :‬و ِ ََّللِ يَس ُ‬
‫ج ُد َما ِف َ‬
‫ُۡ ُ َ َ‬ ‫َ ۡ ََۡ َ َ ُُ‬ ‫َ َ َ َ َۡ‬ ‫َ‬
‫ت وٱلۡر ِض طوَع ووُكرها وظِل ىلهم ب ِٱلغدوِ وٱٓأۡلص ِ‬
‫ال۩‬ ‫طوعا واختيارا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َِّللِِۤ ُۤدُجۡسَي َمن ِِف ٱلسم ىو ى ِ‬
‫حق له الثواب وهم‬ ‫‪[}١٥‬الرعد‪ ،]15 :‬والشمس‪ ،‬والقمر‪ ،‬والنجوم‪ ،‬والجبال‪ ،‬والحيوانات كلها‪ ،‬وكثير من الناس ّ‬
‫وأي إنسان يهنه هللا تعالى فيشقيه لسوء استعداده‬ ‫حق عليه العذاب ممن امتنع واستكبر‪ّ ،‬‬ ‫املؤمنون‪ ،‬وكثير ّ‬
‫لإليمان‪ ،‬فليس له أحد يكرمه‪ّ ،‬إن هللا تعالى يفعل فيهم ما يشاء وفق حكمته‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِلل َ‬ ‫ََََُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َََ ََ َ َ َ ََ َ‬
‫ي َوالش َمائ ِ ِل‬ ‫م‬
‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫اَل‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ُ‬ ‫ظ‬ ‫أ‬‫ي‬ ‫ف‬‫ت‬ ‫ي‬ ‫ء‬
‫ٍ‬ ‫يش‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫اَّلل‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬أولم يروا إِل ما خلق‬
‫ُ َ َ َ ُ َ ُ َ‬
‫ون}[النحل‪.]48 :‬‬‫سجدا َِّللِ وهم داخِر‬

‫َ‬ ‫ت ل َ ُه ۡم ث َِياب مِن نَار يُ َص ُّ‬ ‫َ ۡ َ َ َ َ‬


‫ك َف ُروا ُقط َع ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬هى َذ َ ۡ َ‬
‫ب مِن ف ۡو ِق ُر ُءو ِس ِه ُم‬ ‫ِ‬ ‫ان ٱخ َت َص ُموا ِِف رب ِ ِهم فٱَّلِين‬
‫ان خصم ِ‬ ‫ِ‬
‫ل ِم ُ‬
‫ٱ َ‬ ‫ۡ‬
‫يم ‪} ١٩‬‬
‫ّ‬
‫كل منهم ّيدعي أنه‬ ‫واملعنى‪ :‬هذان فريقان فريق املؤمنين وفريق الكافرين‪ ،‬اختصموا وتنازعوا في ربهم‪ّ ،‬‬
‫ُ‬
‫وفصلت لهم مقطعات من نار كالثياب‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬سابِيل ُهم مِن‬
‫حق‪ ،‬فالذين كفروا تحيط بهم النار‪ّ ،‬‬ ‫ُم ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ويصب على رؤوسهم املاء الحميم‪ ،‬ولهم أغطية من نار تغشاهم من فوقهم‪ ،‬كما قال‬ ‫ق ِطران}[إبراهيم‪،]50 :‬‬ ‫ٍ‬
‫َ‬
‫الظالِم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ي}[األعراف‪.]41 :‬‬ ‫ِ‬ ‫تعالى‪{ :‬ل ُهم مِن ج َهن َم ِّ َِهاد َومِن فوق ِ ِهم غ َو ٍ‬
‫اش َووُكذل ِك ن ِزي‬

‫ۡ َ ُ ُ‬ ‫ۡ ُ‬
‫ود ‪} ٢٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يُ ۡص َه ُر بِهِۦ َما ِِف ُب ُطون ِ ِهم وٱلل‬
‫واملعنى‪ :‬يذاب بهذا املاء البالغ درجة الغليان ما في بطونهم وتذاب به جلودهم‪ ،‬فيشويها‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬ ‫تعالى‪َ { :‬لَك إ َن َها لَ َظي َ‬
‫ِلش َوى}[املعارج‪.]15-16 :‬‬ ‫نزاعة ل‬ ‫ِ‬

‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ول ُهم َم َقى ِم ُع م ِۡن َحدِيد ‪} ٢١‬‬
‫املعذبين بهذا الحميم مطارق من حديد يضربهم بها امللك ليشربوه قهرا ْ‬ ‫ّ‬
‫وقسرا مع‬ ‫واملعنى‪ :‬ولهؤالء‬
‫ُ ُ ُ‬ ‫كراهته‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ي َت َ ُ‬
‫يغ ُه}[إبراهيم‪.]17 :‬‬ ‫ج َرع ُه َوَّل يَكاد ي ِ‬
‫س‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬


‫يق ‪} ٢٢‬‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ َۡ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ُ { :‬كما أرادوا أن يرجوا مِنها مِن غ ٍم أعِيدوا فِيها وذوقوا عذاب ٱل ِر ِ‬
‫واملعنى‪ :‬كلما حاولوا الخروج من النار من شدة الغم والحزن‪ ،‬أعيدوا فيها كما كانوا‪ ،‬وقيل لهم‪ :‬ذوقوا‬
‫َ َ‬ ‫رادوا أَن َي ُر ُجوا مِنها أُع ُ‬
‫ِيدوا فِيها َوقِيل ل ُهم‬
‫َُ َ ُ‬ ‫عذاب النار ّ‬
‫املحرق الذي كنتم تكذبون به‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ{ :‬كما أ‬
‫ُ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ذوقوا َع َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ون}[السجدة‪.]20 :‬‬ ‫الارِ اَّلِي كن ُتم بِهِ تكذِب‬
‫ذاب َ‬

‫َ‬ ‫تت َها ٱ ۡلَنۡ َه ى ُر ُ َ‬


‫ي َل ۡو َن ف َ‬
‫ِيها م ِۡن أ َساوِ َر‬
‫َۡ‬ ‫َى َ ۡ‬
‫ت َجنت ت ِري مِن ِ‬
‫ام ُنوا َو َعملُوا ٱ َ ى َ‬
‫لصل ِحى ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّلل يُ ۡدخ ُِل ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن ٱ َ َ‬
‫ِ‬
‫ِيها َح ِرير ‪} ٢٣‬‬ ‫مِن َذ َهب َول ُ ۡؤلُؤا َو ِ َل ُ‬
‫اس ُه ۡم ف َ‬

‫واملعنى‪ّ :‬إن هللا تعالى يدخل الذين آمنوا وعملوا األعمال الصالحة جنات تجري من تحت أشجارها‬
‫ّ‬
‫وغرفها األنهار‪ُ ،‬ي َحلون فيها بأساور من ذهب وباللؤلؤ‪ ،‬ولباسهم فيها رقيق الحرير وغليظ الديباج‪.‬‬
‫َ‬ ‫تتِه ُم ٱ ۡلَنۡ َهى ُر ُيَ َل ۡو َن ف َ‬
‫َۡ‬ ‫ُ َى َ َ ُ ۡ َ َى ُ َ ۡ َ ۡ‬
‫ِيها م ِۡن أ َساوِ َر مِن‬ ‫ِ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ي‬ ‫ر‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬أولئِك لهم جنت عدن ِ‬
‫ت‬
‫ُ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َ َ َََۡ ُ َ‬
‫ون ث َِيابا ُخ ُۡضا مِن ُس ُ‬
‫ات َعد ٍن يَدخلونها يَلون‬
‫بق}[الكهف‪ ،]31 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬ج َن ُ‬ ‫ِإَوس َت ۡ َ‬
‫ندس ۡ‬ ‫ذهب ويلبس‬
‫فِيها مِن أَساو َر مِن َذ َهب َولؤلؤا َولِ ُ‬
‫اس ُهم فِيها َح ِرير}[فاطر‪.]33 :‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ب م َِن ٱلق ۡو ِل َوهدوا إ ِ ىل ِ‬
‫صر ى ِط ٱ َ‬
‫ل ِمي ِد ‪}٢٤‬‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وهدوا إِل ٱلطي ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وأرشد أهل الجنة إلى القول الطيب من كلمة التوحيد‪ ،‬والتحميد‪ ،‬والتسبيح‪ ،‬والسالم‪ ،‬فال‬
‫َ‬ ‫َ َ َُ َ َ َ‬
‫ِيها لغوا َوَّل تأثِيما ‪ .‬إَِّل قِيل‬ ‫يسمعون لغوا‪ ،‬وال يسمعون كالما سيئا أو قبيحا‪ ،‬كما قال تعالى‪َّ{ :‬ل يسمعون ف‬
‫ُ‬
‫َسلما َسلما}[الواقعة‪ ،]25-26 :‬وأرشدوا إلى طريق هللا املحمود نفسه وعاقبته‪.‬‬

‫َۡ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ج ِد ٱ ۡ َ‬


‫ل َر ِام ٱَّلِي َج َعل َنى ُه ل َِلن ِ‬
‫اس َس َواء ٱلع ىكِف فِيهِ‬ ‫َ َ َۡ ۡ‬
‫يل ٱَّللِ وٱلمس ِ‬
‫َ َ َ َ َ ُ َ َ ُ ُّ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلِين كفروا ويصدون عن سب ِ ِ‬
‫ُ ۡ ُّ ۡ ُ ۡ َ َ َ‬
‫َۡ‬ ‫َ َۡ َ َ ُ ۡ‬
‫وٱلادِ ومن ي ِرد فِيهِ بِإِلاد بِظلم نذِقه مِن عذ ٍ‬
‫اب أ َِلم ‪}٢٥‬‬
‫يصدون غيرهم عن سبيل هللا تعالى وعن دخول املسجد‬ ‫واملعنى‪ّ :‬إن الذين كفروا‪ ،‬ومن صفتهم ّأنهم ّ‬
‫ومن يرد في املسجد الحرام‬ ‫الحرام الذي جعلناه لجميع املؤمنين سواء املقيم منهم فيه والقادم منهم إليه‪ْ ،‬‬
‫ْ‬
‫العدول عن الحق ظلما‪ ،‬نذقه يوم القيامة من العذاب املؤلم املوجع‪.‬‬
‫ال َر ِام} في هذه اآلية مثل‬
‫ج ِد َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ َ َ ُ ُّ َ َ َ‬
‫يل اَّللِ والمس ِ‬
‫وتركيب قوله تعالى‪{ :‬إِن اَّلِين كفروا ويصدون عن سب ِ ِ‬
‫ام ُنوا َو َت ۡط َمئ ُّن ُقلُوبُ ُهم بذ ِۡوُكر ٱ ََّللِ َأ ََّل بذ ِۡوُكر ٱ ََّللِ َت ۡط َمئ ُّن ٱ ۡل ُقلُ ُ‬
‫وب ‪[}٢٨‬الرعد‪ ،]28 :‬أي‪:‬‬ ‫تركيب قوله تعالى‪ { :‬ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫تطمئن قلوبهم بذكر هللا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ومن صفتهم ّأنهم‬
‫ُ‬
‫باَله ِن}[املؤمنون‪ ،]20 :‬أي تنبت الدهن‪.‬‬ ‫ت ُّ‬ ‫بإلا ٍد} زائدة‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬تَن ُب ُ‬ ‫والباء في قوله تعالى‪َ { :‬‬

‫ۡ ََۡ َ َۡ َ َ َ َ ۡ ۡ َ‬
‫َ‬ ‫ي َوٱ ۡل َقائم َ‬
‫ي َوٱ ُّلركعِ‬ ‫ِِ‬
‫ِلطائ ِف َ‬
‫تل َ‬‫َ‬ ‫ت أن ََّل ت ُ ۡش ۡك ب َ ۡ‬
‫يشٔٔا َو َطه ۡر َب ۡ‬
‫ي‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذ بوأنا ِ ِإلبر ىهِيم مَكن ٱلَي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫لس ُجودِ ‪} ٢٦‬‬
‫ٱ ُّ‬
‫ً‬
‫مباءة ّ‬
‫وهيأنا له‪ ،‬وقد كان غير معروف‬ ‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول حين جعلنا إلبراهيم مكان البيت‬
‫وطهر بيتي من‬ ‫فأريناه إياه بريح كنست ما فوق أساسه‪ ،‬وقلنا له‪ :‬ال تشرك بي شيئا من خلقي في عبادتي‪ّ ،‬‬
‫الكفر والبدع والنجاسات للطائفين حول الكعبة‪ ،‬وللقائمين‪ ،‬وللمصلين عنده‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِإَوذ َج َع ۡل َنا ٱ ۡلَ ۡي َ‬
‫ۡ‬
‫اس َوأ ۡمنا َوٱَتِذوا مِن َم َق ِ‬
‫ام إِبۡ َر ىه ِٔ َم ُِّ َصَل‬ ‫ت َم َثابَة ل َ‬
‫ِلن ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ِإَوس َم ىعِيل أن َطه َرا َب ۡي َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ل إبۡ َر ىه ِٔ َم ۡ‬ ‫َ َ َۡ‬ ‫َ‬
‫لس ُجودِ ‪[}١٢٥‬البقرة‪.]125 :‬‬
‫ي َوٱ ُّلركعِ ٱ ُّ‬
‫كفِ َ‬ ‫ِلطائفِ َ‬
‫ي َوٱلع ى ِ‬ ‫تل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وع ِهدنا إ ِ ى ِ‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ ُ‬‫لج يَأتُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ُك ف ٍج َع ِميق ‪} ٢٧‬‬ ‫َ َ‬
‫ُك ضاِِّر يأت ِي مِن ِ‬ ‫وك ر َجاَّل َو ى‬
‫لَع ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وأذِن ِِف ٱلَ ِ‬
‫اس ب ِٱ َ ِ‬
‫وأعلم يا إبراهيم الناس ونادهم بوجوب الحج عليهم‪ ،‬يأتوك راجلين ماشين‪ ،‬وراكبين على بعير‬ ‫ْ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫ضامر خفيف‪ ،‬يأت كل ذلك البعير من كل طريق بعيد‪.‬‬
‫ومعنى قوله تعالى‪{ :‬م ْن ُك ّل َف ّج} أي من كل طريق‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ { :‬و َج َعل َنا ف َ‬
‫ِيها ف ِ َ‬
‫جاجا‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُس ُبل}[األنبياء‪.]31 :‬‬
‫فيحن كل منهم إلى رؤية الكعبة‬ ‫ّ‬ ‫وقد أبلغ هللا سبحانه وتعالى نداء إبراهيم عليه السالم للمسلمين‪،‬‬
‫َ‬
‫والطواف حولها‪ ،‬فيقصدونها من أقطار العالم‪ ،‬وذلك تحقيقا لدعاء إبراهيم إذ قال‪{ :‬فَاج َعل أفئ َدة م َِن َ‬
‫ال ِ‬
‫اس‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫َتهوِي إَِل ِهم}[إبراهيم‪.]37 :‬‬

‫َ َ ۡ ََۡ َ ُُ‬ ‫َ‬ ‫ت َ َى‬ ‫ََ َ ُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫يمةِ ٱلنع ى ِم فَكوا م ِۡن َها‬ ‫لَع َما َر َزق ُهم مِن ب ِه‬ ‫وم ٍى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ل ِيَش َه ُدوا َم َنىفِ َع ل ُه ۡم َويَذك ُروا ٱ ۡس َم ٱَّللِ ِِف أيام معل‬
‫ري ‪} ٢٨‬‬ ‫َوأَ ۡط ِع ُموا ٱ ۡلَائ َس ٱ ۡل َف ِق َ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ليحضروا في الحج منافع لهم من مغفرة ذنوبهم‪ ،‬وربح تجارتهم‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬وليذكروا اسم هللا‬
‫بالتحميد والتكبير والتسبيح في أيام النحر األربعة على ما رزقهم من بهيمة األنعام من اإلبل والبقر والغنم‪،‬‬
‫فكلوا من ذبائحكم‪ ،‬وأطعموا منها الفقير الذي ّ‬
‫اشتد فقره‪.‬‬
‫َ َ ََ ُ َُ َ َ َُ َ‬
‫بتغوا فضل‬ ‫ومن منافع الحج ربح التجارة‪ ،‬وقد ّبين هللا تعالى ذلك في قوله‪{ :‬ليس عليكم جناح أن ت‬
‫ََ َ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬‫َ‬ ‫َ َ ََ‬
‫ال َر ِام}[البقرة ‪.]198 :‬‬
‫شعر َ‬ ‫ُ‬
‫مِن ربِكم فإِذا أفضتم مِن عرفت فاذكروا اَّلل عِند الم ِ‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ ُ‬


‫ضوا َت َف َث ُه ۡم َوَلُوفوا نُذ َ‬
‫ور ُه ۡم َوَلَ َط َوفوا بٱلَ ۡي ِ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ُ ۡ ۡ‬
‫يق ‪} ٢٩‬‬
‫ت ٱ ل عت ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ثم َلق‬

‫َ ُ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ ۡ َ ى ُ َ َ ُ ۡ َى َ ُ‬ ‫ت ٱ ََّللِ َف ُه َو َخ ۡري َ ُلۥ ع َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫َل َعل ۡيك ۡم‬ ‫ِند َربِهِۦ وأحِلت لكم ٱلنعم إَِّل ما يت‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ذ ىل ِك َو َمن ُي َع ِظ ۡم ُح ُرم ى ِ‬
‫ور ‪} ٣٠‬‬ ‫فَٱ ۡج َتن ِ ُبوا ٱلر ۡج َس م َِن ٱ ۡلَ ۡو َثىن َوٱ ۡج َتن ِ ُبوا قَ ۡو َل ٱ ُّ‬
‫لز‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ذلك الذي ذكرناه لكم عن البيت الحرام وعن مناسك الحج هو املأمور به فامتثلوا به‪ْ ،‬‬
‫ومن‬
‫حل لكم أيها املؤمنون أكل األنعام إال ما يتلى عليكم‬ ‫يعظم حرمات هللا تعالى فهو خير له في الدنيا واآلخرة‪ُ ،‬وأ ّ‬
‫ّ‬
‫ك ُم ٱل ۡ َم ۡي َت َة َوٱ ََل َم َو َ ۡ‬
‫ل َم‬
‫َ َ َ َ َ َ َۡ ُ‬
‫من تحريم املحرمات التي هي أربعة أنواع ذكرت إجماال في قوله تعالى‪ { :‬إِنما حرم علي‬
‫َ‬ ‫ۡ ُ َ ََۡ َ ََ َ ََ ۡ َ َ َۡ َ ََ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ َ‬ ‫ََ ُ َ‬ ‫ۡ‬
‫ري ٱَّللِ فم ِن ٱضطر غري باغ وَّل َعد فل إِثم عليهِ إِن ٱَّلل غفور رحِيم ‪[}١٧٣‬البقرة‪،]173 :‬‬ ‫ٱلِزنِيرِ وما أهِل بِهِۦ ل ِغ ِ‬
‫ََ ُ َ َۡ َ‬ ‫ُ َ ۡ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ ُ َ َۡ ُ ۡ‬
‫ري ٱَّلل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِغ‬ ‫ل‬ ‫ِل‬ ‫ه‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ير‬
‫أو هي عشرة أنواع ذكرت تفصيال في قوله تعالى‪{ :‬ح ِرمت عليكم ٱلميتة وٱَلم ولم ٱ ِ ِ‬
‫زن‬‫ِ‬ ‫ل‬
‫َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُۡۡ َ َ ُ َ َۡ ُۡ َُ َ ُۡ ََ َُ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َ َ َ َُۡ ۡ َ َ ُ َ ََ‬
‫ب َوأن ت ۡس َتقسِ ُموا‬ ‫ِ‬ ‫ص‬‫لَع ٱلُّ ُ‬ ‫بِهِۦ وٱلمنخن ِقة وٱلموقوذة وٱلمتدِية وٱل ِطيحة وما أكل ٱلسبع إَِّل ما ذكيتم وما ذبِح‬
‫ۡ َ ۡ َى َى ُ‬
‫ِك ۡم ف ِۡسق }[املائدة‪ ،]3 :‬فابتعدوا عن القذارة من األصنام‪ ،‬وابتعدوا عن الكذب والباطل وشهادة‬ ‫ب ِٱلزل ِم ذل‬
‫الزور‪.‬‬

‫ََ ُۡ ۡ َ َ ََََ َ َ َ َ َ ََ ۡ َ ُ ُ َ ُۡ َ َ‬ ‫ََُ َ َ ََۡ ُ ۡ‬


‫ري أ ۡو ت ۡهوِي بِهِ‬ ‫شك ب ِٱَّللِ فكأنما خر مِن ٱلسماءِ فتخطفه ٱلط‬ ‫َ‬
‫شوُك ِي بِهرِۦ ومن ي ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬حنفاء َِّللِ غري ِّ ِ‬
‫َ‬
‫يح ِِف َمَكن َس ِحيق ‪} ٣١‬‬ ‫ٱلر ُ‬
‫ِ‬
‫ومن يشرك‬ ‫ليكن حالكم مخلصين العبادة هلل تعالى وحده مقبلين عليه بها‪ ،‬غير مشركين به‪ْ ،‬‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫ّ‬
‫باهلل شيئا‪ ،‬فكأنما سقط من السماء إلى األرض‪ ،‬فاختطفته جوارح الطير بسرعة فمزقت أوصاله‪ ،‬أو تأخذه‬
‫الريح فتقذفه في مكان بعيد بحيث ال يعثر له على أثر‪.‬‬
‫في هذه اآلية مثل للمشرك الذي أهلك نفسه بإشراكه إهالكا ليس بعده نهاية‪ ،‬وقد ضرب هللا تعالى‬
‫ُ ْ ََ ْ ُ ْ ُ ن ه َ َ َْ َ َُ َ َ ُ َ ُ َ َ َ َ‬
‫ض ُّرنا َون َر ُّد َعلى أ ْعقابنا َب ْع َد‬ ‫مثال آخر للمشرك‪ ،‬وذلك في قوله تعالى‪{ :‬قل أندعو من دو َّللا ما َل ينفعنا وَل ي‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫اب َي ْد ُعون ُه إلى ال ُهدى ائتنا ق ْل إن ُهدى‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ص َح ٌ‬‫ان َل ُه َأ ْ‬
‫ََْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ْ ْ‬
‫اس َت ْه َوت ُه الش َياطين في األ ْرض حير‬
‫ْ َ َ َ هُ َ ه‬
‫َّللا كالذي‬ ‫إذ هدانا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫هَّللا ُه َو ال ُه َدى َ[وأم ْرنا لن ْسل َم ل َرب ال َعاَلين}[األنعام‪.]71 :‬‬

‫ُ‬ ‫ۡ ُ‬
‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ ُ َ ۡ َ َى َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ذ ىل ِك ومن يع ِظم شعئِر ٱَّللِ فإِنها مِن تقوى ٱلقل ِ‬
‫وب ‪} ٣٢‬‬

‫ۡ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬


‫ُ‬ ‫َ‬
‫يق ‪} ٣٣‬‬
‫ت ٱ ل عت ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِيها َم َنىفِ ُع إ ِ ى‬
‫ل أ َجل ُِّّ َسم ث َم َمِل َها إل ٱلَ ۡي ِ َ‬ ‫ك ۡم ف َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ل‬
‫واملعنى‪ :‬لكم أيها الحجاج في البدن منافع‪ ،‬من لبنها‪ ،‬وصوفها وأوبارها وأشعارها‪ ،‬وركوبها إلى وقت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫نحرها‪ ،‬ثم مكان حل نحرها عند البيت العتيق أي الكعبة‪ ،‬وهو الحرم كله‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬هديا بَال ِغ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الكع َبةِ}[املائدة‪ ،]95 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وال َهد َي َمعكوفا أن َيبل َغ َمِل ُه}[الفتح‪.]25 :‬‬

‫ََ‬ ‫َ َ ۡ َۡ َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ول ُِك أُ َمة َج َع ۡل َنا َم َ‬


‫نسَك َِلَ ۡذ ُك ُروا ٱ ۡس َم ٱ ََّللِ َ َ ى‬
‫يمةِ ٱلنع ى ِم فإِل ى ُهك ۡم إِل ىه َو ىحِد فل ُهۥ‬ ‫لَع َما َر َزق ُهم مِن ب ِه‬ ‫ِ‬
‫ۡ‬
‫ش ٱل ُم ۡخبِتِي ‪}٣٤‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬
‫أسل ُِموا َوب ِِ‬
‫يتقربون به إلى هللا تعالى‪ ،‬وذلك لكي يذكروا اسم‬ ‫سلفت جعلنا لهم ِذبحا ّ‬ ‫ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬ولكل جماعة مؤمنة‬
‫هللا تعالى عند الذبح ويشكروه على ما رزقهم إياها بفضله وإحسانه‪ ،‬فإلهكم أيها الناس واحد‪ ،‬فجميع األنبياء‬
‫َ ََ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫يدعون إلى عبادة هللا الواحد القهار‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما أَر َسل َنا مِن َقبل َِك مِن َر ُ‬
‫وح إَِلهِ أن ُه َّل إ ِ َل إَِّل‬
‫ول إَِّل ن ِ‬
‫ٍ‬ ‫س‬
‫ّ‬
‫ون}[األنبياء‪ ،]25 :‬فانقادوا ألمره واستسلموا لحكمه‪ ،‬وبشر أيها الرسول املتواضعين الخاشعين هلل‪.‬‬ ‫د‬‫َأنَا فَاع ُب ُ‬
‫ِ‬

‫ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫لصل ىوة ِ َوِّ َِما َر َزق َنى ُه ۡم يُنفِقون‬ ‫يم ٱ‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫لَع َما أَ َص َ‬
‫اب ُه ۡم َوٱل ۡ ُ‬ ‫ين َ َ ى‬
‫لصب َ‬‫َّلل َو َ ۡ ُ ُ ُ ُ ۡ َ َ ى‬ ‫َ َ‬
‫ِين إ َذا ُذك َِر ٱ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جلت قلوبهم وٱ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّل ِ‬
‫‪} ٣٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬ومن صفات املخبتين هم الذين إذا ذكر هللا تعالى وجلت قلوبهم فخافوا عذابه‪ ،‬وصبروا على‬
‫ما أصابهم من بأس ّ‬
‫وشدة‪ ،‬وأقاموا الصالة في أوقاتها مستوفين أركانها وواجباتها وسننها وآدابها وخشوعها‪،‬‬
‫َ‬ ‫ٌَ َ‬ ‫َ ْ ُُ‬ ‫َ ه َ ُ َ‬
‫ين ُيؤتون َما َءاتوا هوقل ُوب ُهم َوجلة أ هن ُهم إلى‬ ‫وينفقون مما رزقهم هللا ما زاد عن حاجتهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬والذ‬
‫َ‬
‫َربهم َراج ُعون}[املؤمنون‪.]60 :‬‬
‫ُ‬ ‫َ ُ ْ َ‬ ‫ه َ ُْ ْ ُ َ ه َ َ ُ َ ه ُ َ ْ ُ ُ‬
‫َّللا َوجلت قل ُوب ُه ْم َوإذا تل َيت َعل ْيه ْم َآيات ُه‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إنما اَلؤمنون الذين إذا ذكر‬
‫َ َُْ ْ َ ً َ ََ َ ْ ََ َهُ َ ه َ ُ ُ َ هَ َ َ ه َََْ ُ ْ ُ َ‬
‫اه ْم ُينفقون}[األنفال‪.]2-3 :‬‬ ‫زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون ‪ .‬الذين يقيمون الصالة ومما رزقن‬

‫ِيها َخ ۡري فَٱ ۡذ ُك ُروا ٱ ۡس َم ٱ ََّللِ َعلَ ۡي َها َص َوا َف فَإ َذا َو َج َب ۡ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬
‫ت‬ ‫ِ‬
‫ك ۡم ف َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱلُ ۡدن َج َعل َنى َها لكم مِن ش َىعئِرِ ٱَّللِ ل‬
‫ُ ُ ُ َ َ ُ ُ ۡ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َى َ َ َ ۡ َى َ َ ُ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ ُ ُ َ‬
‫ون ‪} ٣٦‬‬ ‫جنوبها فَكوا مِنها وأطعِموا ٱلقان ِع وٱلمعتر كذل ِك سخرنها لكم لعلكم تشكر‬
‫واملعنى‪ :‬وجعلنا لكم اإلبل من شعائر هللا وأعالم دينه‪ ،‬لكم فيها خير في منافعها‪ ،‬فاذكروا اسم هللا‬
‫بأن تقولوا‪ :‬بسم هللا وهللا أكبر‪ ،‬فإذا سقطت على األرض‬ ‫عند ذبحها وكونها قائمات صافات األيدي واأل جل‪ْ ،‬‬
‫ر‬
‫جنوبها‪ ،‬فيباح لكم ْأن تأكلوا منها‪ ،‬وأطعموا منها الفقير الذي ال يسأل تعففا‪ ،‬واملسكين الذي يسأل لحاجته‪،‬‬
‫وقوتها لكي تشكروا هللا على تذليلها لكم‪.‬‬ ‫من أجل ذلك‪ ،‬ذللنا تلك اإلبل لكم مع عظمتها ّ‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬أ َولم يَ َروا أنا خلق َنا ل ُهم ِِّما ع ِملت أيد‬
‫ِينا أن َعاما ف ُهم ل َها َمال ِكون‪.‬‬
‫َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُُ َ َ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ون}[يس‪.]71-73 :‬‬ ‫ِيها َم َناف ُِع َو َِّشارِ ُب أفل يشكر‬
‫ون‪َ .‬ول ُهم ف َ‬ ‫َوذلل َناها ل ُهم ف ِمنها روُكوبهم ومِنها يأكل‬

‫بوا ٱ َ َ‬
‫ك ُ‬‫ُ ۡ َ َى َ َ َ َ َ َ ُ ۡ ُ َ‬ ‫ى‬ ‫كن َي َن ُ ُ‬
‫ال ٱ َِل ۡق َ‬ ‫ى‬ ‫َ َ َ َ َ َ ُُ ُ َ َ َ َ ُ َ َ َ‬
‫َّلل‬ ‫ِ‬ ‫ِلِ‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ه‬‫ر‬‫خ‬ ‫س‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬‫ك‬ ‫م‬
‫ر‬ ‫ِنك‬
‫م‬ ‫ى‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬لن ينال ٱَّلل لوِّها وَّل دِماؤها و‬
‫ۡ‬
‫ش ٱل ُم ۡح ِسن َِي ‪} ٣٧‬‬ ‫َ َى َ َ َ ى ُ ۡ َ َ‬
‫لَع ما هدىكم وب ِ ِ‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُّ‬ ‫َُ‬ ‫َ ُ‬


‫َ َ َُ َ ََ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ ُ َى ُ َ‬
‫ور ‪} ٣٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلل يدف ِع ع ِن ٱَّلِين ءامنوا إِن ٱَّلل َّل يِب ُك خوان كف ٍ‬
‫شر األشرار‪ ،‬وكيد الكفار‪ ،‬كما قال‬ ‫واملعنى‪ّ :‬إن هللا تعالى يدفع عن عباده املؤمنين املتوكلين عليه من ّ‬
‫َ‬ ‫ََ ََ َ ََ َ َُ َ ُُ َ ََ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫ََ‬
‫اَّلل بَال ِغ أِّ ِره ِ قد‬ ‫اف عب َدهُ}[الزمر‪ ،]36 :‬وقال تعالى‪{ :‬ومن يت َوُك لَع اَّللِ فه َو حسبه إِن‬ ‫تعالى‪{ :‬ألي َس اَّلل بِك ٍ‬
‫خوان للعهد وامليثاق واألمانة‪ ،‬جحود لنعمه‬ ‫اَّلل ل ُِك َيشء قَدرا}[الطالق‪ّ ،]3 :‬إن هللا تعالى ال يحب كل ّ‬ ‫َج َع َل َ ُ‬‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الكثيرة‪.‬‬

‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫ُصه ِۡم ل َقدِير ‪} ٣٩‬‬‫َّلل ى َ ۡ‬
‫لَع ن ِ‬
‫َ‬
‫ِإَون ٱ َ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ِين يُقى َتلون بِأن ُه ۡم ظل ُِم روا‬
‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أذِن ل َِّل‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬أذن هللا تعالى املؤمنين الذين يقاتلون في القتال‪ ،‬بسبب ما وقع عليهم من الظلم والعدوان‪،‬‬
‫وإن هللا تعالى قادر على نصر هؤالء املؤمنين وإذالل أعدائهم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ب‬‫أن يشرع القتال وهو أمر شاق على النفوس‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬كت ِ َ‬ ‫وهللا سبحانه وتعالى إذ أ اد ْ‬
‫ر‬
‫ََُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ ى َ ُ ُّ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َۡ ُ ُ ۡ َ ُ َ ُ َ ُ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ ى َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫عليكم ٱلقِتال وهو كره لكم وعس أن تكرهوا يشٔٔا وهو خري لكم وعس أن تِبوا شئٔا وهو ش‬
‫َ ُ ۡ َ َُ َ ۡ َ ُ ََ ُ ۡ َ َۡ َُ َ‬
‫ون ‪[}٢١٦‬البقرة‪ ،]216 :‬كان تشريعه على سبيل التدرج‪ ،‬فأذن فيه أوال كما في‬ ‫لك رم وٱَّلل يعلم وأنتم َّل تعلم‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬
‫هذه اآلية من غير أن يفرضه عليهم‪ ،‬ثم فرض هللا تعالى عليهم قتال من قاتلهم في قوله تعالى‪ { :‬وق ىتِلوا ِِف سب ِ ِ‬
‫يل‬
‫ِب ٱل ۡ ُم ۡع َتد َ‬
‫َّلل ََّل ُي ُّ‬
‫ك ۡم َو ََّل َت ۡع َت ُد روا إ َن ٱ َ َ‬ ‫َ َ َ َُى ُ َ ُ‬
‫ِين ‪[}١٩٠‬البقرة‪.]190 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ٱَّللِ ٱَّلِين يقتِلون‬

‫َ‬
‫اس َب ۡعض ُهم ب ِ َب ۡعض‬ ‫ين أُ ۡخر ُجوا مِن د َِي ىرهِم ب َغ ۡري َحق إ ََّل أَن َي ُقولُوا َر ُّب َنا ٱ َ ُ‬
‫َّلل َول َ ۡو ََّل َد ۡف ُع ٱ ََّللِ ٱ َل َ‬ ‫َّل َ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ‬
‫ِ ِ ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫َ َ ُ َ َ َُ َ َ ُ ُُ َ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سج ُد يُ ۡذك ُر ف َ‬ ‫َُ َ ۡ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫َ‬
‫َّلل لقوِ يي َع ِزيز‬ ‫ِيها ٱ ۡس ُم ٱَّللِ كثِريا وَلنُصن ٱَّلل من ينُصه رۥ إِن ٱ‬ ‫لهدِمت صو ىمِع وبِيع وصلو ىت وم ى ِ‬
‫‪} ٤٠‬‬
‫واملعنى‪ :‬الذين أخرجوا من ديارهم بمكة إلى املدينة بغير حق‪ ،‬ال لش يء فعلوه إال ّأنهم آمنوا باهلل‬
‫ُ َْ‬ ‫وقالوا‪ :‬ربنا هللا‪ ،‬وهم الرسول صلى هللا عليه وسلم وأصحابه‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬ي ْخر ُجو َن ه‬
‫الر ُسو َل َو إ هياك ْم أن‬
‫أهل الباطل بأهل الحق‪ ،‬والطالحين بالصالحين‪،‬‬ ‫اَّلل َرب ُك ْم}[املمتحنة‪ ،]1 :‬ولوال ّأن هللا تعالى يدفع َ‬ ‫ُت ْؤم ُنوا ب ه‬
‫مت أماكن العبادة من صوامع الرهبان‪ ،‬وكنائس النصارى‪ ،‬ومعابد اليهود‪ ،‬ومساجد املسلمين التي‬ ‫لهد ْ‬
‫ّ‬
‫كمۡ‬ ‫ُ ۡ َۡ ُ َ َۡ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َۡ َ ۡ‬
‫يذكرون اسم هللا فيها كثيرا‪ ،‬ولفسدت األرض‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬كما أرسلنا فِيكم رسوَّل مِنكم يتلوا علي‬
‫ُ ۡ َ ُ َ ُ ُ ُ ۡ َى َ َ ۡ ۡ َ َ َ ُ َ ُ ُ َ َۡ َ ُ ُ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪[}١٥١‬البقرة‪ ،]251 :‬ولينصر ّن‬ ‫َءاي ىت ِ َنا َويُ َزوُك ِيكم ويعل ِمكم ٱلكِتب وٱل ِكمة ويعل ِمكم ما لم تكونوا تعلم‬
‫ََ َ ُ ۡ ُ ۡ َ َُ ۡ َۡ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫امك ۡم‬ ‫نُصوا ٱَّلل ينُصكم ويثبِت أقد‬ ‫ام ُنوا إِن تَ ُ ُ‬ ‫من ينصر دينه‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫هللا تعالى ْ‬
‫ه هَ َ‬ ‫َ َ َ هُ ْ ََ‬
‫َّللا قو ٌّي‬ ‫َّللا ألغل َب هن أنا َو ُر ُسلي إن‬ ‫}[محمد‪ّ ،]7 :‬إن هللا قوي ال ُيغلب‪ ،‬عزيز ال يقهر‪ ،‬كما قال تعالى‪{:‬كتب‬ ‫َّ‬ ‫‪٧‬‬
‫َعز ٌيز}[املجادلة‪.]21 :‬‬

‫َ َ َ‬ ‫ك َنى ُه ۡم ِف ٱ ۡلَۡر ِض أَقَ ُ‬


‫َ‬ ‫َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫لصل ىوة َو َءات ُوا ٱ َلزك ىوة َوأ َِّ ُروا ب ِٱل َم ۡع ُر ِ‬
‫وف َون َه ۡوا ع ِن ٱل ُمنك ِر َو َِّللِ‬ ‫اِّوا ٱ‬
‫َ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ ََّل َ‬
‫ِين إِن م‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َُ ُۡ‬
‫ع ىقِبة ٱلِّورِ ‪} ٤١‬‬
‫مك ّناهم في األرض ّ‬ ‫ْ ّ‬
‫وبوأناهم السلطة على الناس‪ ،‬أقاموا‬ ‫الذين وعدناهم بالنصر هم الذين إن‬
‫الصالة‪ ،‬وأخرجوا زكاة أموالهم إلى مستحقيها‪ ،‬وأمروا باملعروف شرعا وعقال‪ ،‬ونهوا عن املنكر‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ َ ْ َ َْ َ‬
‫ف هالذ َ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫ين َآم ُنوا م ْن ُك ْم َو َعم ُلوا ه‬
‫َّللا هالذ َ‬
‫{ َو َع َد ه ُ‬
‫ين م ْن‬ ‫الصال َحات ل َي ْستخلف هن ُه ْم في األ ْرض كما استخل‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫والعاقبة‬ ‫ق ْبله ْم}[النور‪ ،]55 :‬وهلل وحده مصير األمور كلها والعاقبة للمتقين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫ْ ه‬
‫لل ُمتقين}[األعراف‪.]128 :‬‬

‫ُ َ ُ َ ََ ۡ َ َ َ ۡ ََُۡ ۡ َُۡ ُ َ َ َ َ ُ ُ ََُۡ َۡ َ َ ُ‬


‫ِيم َوق ۡو ُم لوط ‪} ٤٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون يكذِبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وَعد وثمود ‪ ٤٢‬وقوم إِبر ىه‬
‫فإن هؤالء املشركين ْإن يكذبوك فيما جئتهم به من عند ربك‪ ،‬فقد‬ ‫واملعنى‪ :‬ال تحز ْن أيها الرسول‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫كذبت قبلهم ُ‬
‫قوم نوح‪ ،‬وقوم هود‪ ،‬وقوم صالح‪ ،‬وقوم إبراهيم‪ ،‬وقوم لوط‪ ،‬وما يقال لك من هؤالء املشركين‪،‬‬
‫َُ ْ‬ ‫َ‬ ‫قال َل َك إ هَل ما َق ْد ق َ‬
‫يل ل ُّلر ُسل م ْن ق ْبل َك إ هن َرهب َك لذو َمغف َر ٍة‬ ‫قد قيل للرسل من قبلك‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ما ُي ُ‬
‫َ‬ ‫َُ‬
‫قاب أل ٍيم}[فصلت‪.]43 :‬‬
‫وذو ع ٍ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َُ ُ َ ََ ُ ْ‬
‫وك فق ْد كذ َبت ُر ُس ٌل م ْن ق ْبل َك}[فاطر‪.]4 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬وإن يكذب‬

‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ ۡ‬ ‫ۡ َ‬
‫وس فأ ِّۡل ۡي ُ‬ ‫ََ َ‬
‫ِب ُِّ َ ى‬
‫ب َم ۡد َي َن َووُكذ َ‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وأ ۡص َ‬
‫ري ‪} ٤٤‬‬
‫ك ِ‬‫ين ث َم أخذت ُه ۡم فك ۡيف َكن ن ِ‬
‫ت ل ِلك ىفِر َ‬
‫ِ‬
‫حى ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وكذب أصحاب مدين شعيبا عليه السالم‪ ،‬وكذب فرعون موس ى عليه السالم‪ ،‬فلم أعاجلهم‬
‫أخذتهم بالعذاب وأهلكتهم‪ ،‬فكيف كان إنكاري عليهم كفرهم‪.‬‬ ‫أمهلته لهم‪ ،‬ثم ُ‬ ‫بالعذاب‪ ،‬بل ُ‬
‫روى اإلمام البخاري عن أبي موس ى ض ي هللا عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال سول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ّ :‬‬
‫"إن هللا‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫َ ُ َّ َ َ َ َ َ َ ْ ُ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ ٌ ه َ ْ َُ‬ ‫أخ َذ ُه ْ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫ّ‬
‫لم ُي ْف ِل ْته"‪ ،‬قال‪ :‬ثم قرأ‪{ :‬وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظاَلة إن أخذ‬ ‫ُلي ْم ِلي ِللظ ِالم حتى ِإذا‬
‫َ ٌ َ‬
‫يم شد ٌيد}[هود‪.]102 :‬‬ ‫أل‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬


‫ُّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َ َ‬
‫لَع ع ُروشِها وبِْئ معطلة وقُص ِّشِ ٍ‬
‫يد ‪} ٤٥‬‬ ‫ه َظال َِمة ف ِ َ‬
‫ه َخاويَة ى ُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فكأيِن مِن ق ۡريَ ٍة أ ۡهلك َنى َها َو ِ َ‬
‫ِ‬
‫مهدمة خالية من أهلها‪ ،‬وآبارهم‬ ‫واملعنى‪ :‬فكثيرا من أهل القرى أهلكناهم بكفرهم وظلمهم‪ ،‬فديا هم ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫معطلة ال يستقى منها‪ ،‬وقصورهم املرفوعة خالية بموت أهلها‪.‬‬
‫َ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َْ َ َ ْ َ َ ً َ َْ َ َْ َ ْ َ َ َ ْ ً َ‬
‫آخر َ‬
‫ين}[األنبياء‪:‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬وكم قصمنا من قري ٍة كانت ظاَلة و أنشأنا بعدها قوما‬
‫‪.]11‬‬

‫َۡ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ َ َ ُُ‬ ‫َۡ‬ ‫َََ َ‬


‫ريوا ِِف ٱلۡر ِض ف َتكون ل ُه ۡم قلوب َي ۡعقِلون ب ِ َها أ ۡو َءاذان ي َ ۡس َم ُعون ب ِ َها فإِن َها َّل ت ۡع َم ٱلبۡص ى ُر‬
‫س ُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أفل ۡم ي ِ‬
‫وب ٱ َلت ِف ٱ ُّ‬
‫لص ُدورِ ‪} ٤٦‬‬ ‫كن َت ۡع َم ٱ ۡل ُقلُ ُ‬ ‫َ‬
‫َول ى ِ‬
‫ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬أفلم يسافر هؤالء املكذبون في األرض فيتأملوا بما حدث من مصارع الذين قبلهم‪ ،‬كما قال‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ َ َ ْ ُ ُ َ ْ َ َ‬
‫كان عاق َب ُة هالذ َ‬ ‫َ ََ‬
‫ين م ْن ق ْبله ْم}[يوسف‪ ،]109 :‬فيتفكروا بعقولهم‬ ‫تعالى‪{ :‬أفل ْم َيس ُيروا في األرض فينظروا كيف‬
‫ألنهم قوم عمي‬‫ولكنهم ال يعتبرون وال يتعظون‪ ،‬ال ّ‬
‫فيعتبروا‪ ،‬ويسمعوا أخبارهم بآذانهم الواعية فيتعظوا‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫األبصار‪ ،‬وإنما عميهم عمي البصيرة التي في صدورهم فال يدركون الحق‪.‬‬

‫َ َ َ َ ُ ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫ََۡ‬ ‫َ‬


‫ِإَون يَ ۡوما ع َ‬ ‫َُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬ ‫َ‬
‫َ َ‬ ‫ۡ َ‬
‫ََۡ َۡ‬ ‫ُ‬
‫ون ‪} ٤٧‬‬ ‫ِند َربِك كأل ِف سنة ِِّما تعد‬ ‫َّلل َوع َدهُ رۥ‬ ‫اب َولن يلِف ٱ‬ ‫َ‬
‫جلونك ب ِٱلعذ ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ويستع ِ‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬ويستعجلك أيها الرسول هؤالء املكذبون بالعذاب‪ ،‬كما قال هللا تعالى حكاية عن قولهم‪َ { :‬وإذ‬
‫َ ُ هُ ه ْ َ َ َ َ ُ َ ْ َ ه ْ ْ َ ََْ ْ َََْ َ ًَ َ ه َ َ ْ َ َ َ َ‬
‫اب أل ٍيم}[األنفال‪:‬‬
‫قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذ ٍ‬
‫ولن يخلف هللا وعده بالعذاب فال ّبد‬ ‫‪ ،]32‬وقال‪َ { :‬و َق ُالوا َرهب َنا َعج ْل َل َنا ق هط َنا َق ْب َل َي ْوم ْالح َساب}[ص‪ْ ،]16 :‬‬
‫َ‬ ‫تعدونه‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬ي َدب ُر ْ‬
‫األم َر م َن ه‬ ‫وإن يوما عند هللا تعالى كألف سنة مما ّ‬ ‫ّأنه آت ال محالة‪ّ ،‬‬
‫الس َماء إلى‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫األ ْرض ث هم َي ْع ُر ُج إل ْيه في َي ْو ٍم كان مق َدا ُر ُ ألف َسن ٍة م هما ت ُع ُّدون}[السجدة‪.]5 :‬‬

‫ُ‬ ‫َ ۡ َ َ ۡ َۡ ُ ََ َ َ َ َ ُ َ َ َ ۡ ُ َ ََ ۡ‬ ‫َََ‬
‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ووُكأيِن مِن قري ٍة أِّليت لها و ِه ظال ِمة ثم أخذتها ِإَول ٱلم ِصري ‪} ٤٨‬‬
‫أعاجلهم بالعذاب‪ ،‬وهم ظاملون ألنفسهم‪ّ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬فكثيرا من أهل القرى ُ‬
‫ثم أهلكتهم‬ ‫أمهلتهم ولم‬
‫َۡ َ ََۡ َۡ ُ َ َ َ َ ُ ُ َ َ َ ۡ ُُ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ‬ ‫َََ ۡ ُۡ َ ُ ُ‬
‫اب‬
‫بظلمهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ولق ِد ٱسته ِز بِرسل مِن قبل ِك فأِّليت ل َِّلِين كفروا ثم أخذتهم فكيف َكن ع ِ‬
‫ِق‬
‫ْ‬
‫وحدي مصيرهم بعد هالكهم‪.‬‬ ‫‪[}٣٢‬الرعد‪ّ ،]32 :‬‬
‫وإلي‬

‫َى ُّ َ َ ُ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُۡ َ‬
‫ك ۡم نَذِير ُّمبِي ‪}٤٩‬‬
‫ُ‬
‫اس إِن َما أنا ل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل يأيها ٱل‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬يا أيها الناس إنما أنا منذر بما يكلفني به إنذارا واضحا لكم‪.‬‬
‫َ ه‬ ‫ْ‬ ‫ُْ ُ‬ ‫ََ ه‬ ‫ُ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وق ْل إني أنا النذ ُير اَلبين}[الحجر‪ ،]89 :‬وقوله تعالى‪{ :‬إن ُيوحى إل هي إَل‬
‫َه ََ َ‬
‫أنما أنا نذ ٌير ُمب ٌين}[ص‪.]70 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬


‫ت ل ُهم َم ۡغفِ َرة َورِ ۡزق ك ِريم ‪} ٥٠‬‬ ‫ام ُنوا َو َعملوا ٱ َ ى َ‬
‫لصل ِحى ِ‬ ‫ِ‬
‫ِين َء َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فٱَّل َ‬

‫واملعنى‪ :‬فالذين آمنوا باهلل ورسوله‪ ،‬وعملوا األعمال الصالحة‪ ،‬لهم مغفرة ملا سلف من سيئاتهم‪،‬‬
‫ورزق كريم عند هللا تعالى‪ ،‬وهو الجنة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ه‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َع َد ه ُ‬
‫الصال َحات ل ُه ْم َمغف َرة َوأ ْج ٌر‬
‫ه‬ ‫ين َآمنوا َو َعملوا‬ ‫َّللا الذ‬
‫ْ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ين َآم ُنوا َو َعم ُلوا ه‬ ‫َعظيم}[املائدة‪ ،]9 :‬وقوله تعالى‪{ :‬ل َي ْجز َي هالذ َ‬
‫الصالحات أولئ َك ل ُه ْم َمغف َرة َور ْز ٌق‬
‫َ‬
‫كر ٌيم}[سبأ‪.]4 :‬‬

‫َ‬
‫ك أ ۡص َ‬
‫حى ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ َى‬
‫َ َ َ ُ َ‬ ‫َ َ َ َۡ‬ ‫َ‬
‫بٱ َ‬ ‫َ‬
‫يم ‪} ٥١‬‬
‫ح ِ‬‫ل ِ‬ ‫ج ِزين أولئ ِ‬‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين سعوا ِِف ءاي ىتِنا مع ى ِ‬
‫واملعنى‪ :‬والذين اجتهدوا في إبطال آياتنا‪ ،‬مسابقين لنا‪ ،‬لتوهمهم أننا ال نقدر عليهم‪ ،‬أولئك هم‬
‫أصحاب الجحيم‪ ،‬ولهم عذاب من أسوأ أنواع العذاب‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و هالذ َ‬
‫ين َس َع ْوا في آياتنا ُمعاجز َ‬
‫ين‬
‫يم}[سبأ‪.]5 :‬‬ ‫ذاب م ْن ر ْجز َأل ٌ‬
‫ُأولئ َك َل ُه ْم َع ٌ‬
‫ٍ‬
‫ۡ‬ ‫لش ۡي َطى ُن ِف أُ ۡمن َِيتِهِۦ َف َي َ‬
‫نس ُخ ٱ َ ُ‬
‫َّلل َما يُل ِق‬
‫َ‬ ‫ََ َ َ َ َ َ َى ََۡ‬
‫ن ألق ٱ‬ ‫ب إَِّل إِذا تم‬ ‫ن‬ ‫َّل‬ ‫و‬ ‫ول‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما أَ ۡر َس ۡل َنا مِن َق ۡبل َِك مِن َر ُ‬
‫س‬
‫ِ‬ ‫ٍِ‬
‫ُُ‬ ‫لش ۡي َطى ُن ف ِۡت َنة ل ََِّل َ‬
‫ِين ِِف قلوب ِ ِهم َِّ َرض‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َّلل َء َاي ىتِهِۦ َوٱ َ ُ‬
‫َّلل َعل ِيم َحكِيم ‪َِ ٥٢‬لَ ۡج َعل َما يُل ِق ٱ‬ ‫ك ُم ٱ َ ُ‬ ‫ُ ُۡ‬ ‫َ‬
‫ٱلش ۡي َطى ُن ث َم ي ِ‬
‫َ ۡ َ َ ُ ُ ُ ُ ۡ َ َى َ َ‬
‫ي ل َِف ش َِقاق بَعِيد ‪} ٥٣‬‬ ‫وٱلقاسِيةِ قلوبهم ِإَون ٱلظل ِ ِم‬

‫َ‬ ‫َ ََۡ َ َ ُ‬
‫َّلل ل َ َهادِ ٱ ََّل َ‬
‫ِين‬
‫َ ُ ۡ َ َُ ُ ُ ُ ُ ۡ َ‬
‫ِإَون ٱ َ َ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫ِين أوتُوا ٱ ۡل ِع ۡل َم أنَ ُه ٱ ۡ َ‬
‫ل ُّق مِن َربِك ف ُيؤم ُِنوا بِهِۦ فتخبِت لۥ قلوبهم‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬و َِلَعلم ٱَّل‬
‫َ‬
‫َء َام ُنوا إ ِ ىل ِص َر ىط ُِّّ ۡس َتقِيم ‪} ٥٤‬‬
‫يفرقون بعلمهم بين الحق والباطل ّأن القرآن الكريم هو الحق‬ ‫واملعنى‪ :‬ولكي يعلم أهل العلم الذين ّ‬
‫الثابت الصحيح الذي ال يأتيه الباطل‪ ،‬كما قال تعالى‪ََ { :‬ل َي ْأتيه ْال َباط ُل م ْن َب ْين َي َد ْيه َوَل م ْن َخ ْلفه َت ٌ‬
‫نزيل م ْن‬
‫وإن هللا تعالى لهادي الذين آمنوا به وبرسوله‬ ‫فيصدقوا به‪ ،‬وتخضع له قلوبهم‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫يد ّ‬
‫}[فصلت‪،]42 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حك ٍيم حم ٍ‬
‫إلى طريق مستقيم ال عوج له‪.‬‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ َ ۡ ُ َ َى َۡ َ ُ ُ َ َ ُ َ ۡ َ َۡ َۡ َ ُ ۡ َ َ‬ ‫ََ ََ ُ َ َ َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬وَّل يزال ٱَّلِين كف ُروا ِِف ِِّرية مِنه حت تأتِيهم ٱلساعة بغتة أو يأتِيهم عذاب يو ٍم عقِ ٍ‬
‫يم ‪} ٥٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬وال يزال الكفار واملكذبون في شك وريب من هذا القرآن حتى تأتيهم مقدمات الساعة فجأة‬
‫َْ ً‬ ‫َ َْ ُ‬
‫فإنها ال تأتي إال بغتة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ{ :‬ل تأتيك ْم إَل َبغتة}[األعراف‪ ،]187 :‬أو يأتيهم عذاب يوم عقيم وهو يوم‬
‫القيامة‪.‬‬

‫َى‬ ‫ُ‬
‫ام ُنوا َو َعملوا ٱ َ ى َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ۡ ُ‬
‫ك ُم بَ ۡي َن ُه ۡ رم فٱَّل َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ ۡ‬
‫ت ِِف َجن ِ‬ ‫ِين َء َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱل ُملك يَ ۡو َمئِذ َِّللِ ي‬
‫ت ٱلَعِ ِ‬
‫يم ‪} ٥٦‬‬ ‫لصل ِحى ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬امللك والتصرف املطلق يوم القيامة هلل مالك يوم الدين‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬مالك َي ْوم‬
‫ين َعسِ ريا ‪[}٢٦‬الفرقان‪:‬‬
‫ََ َ َۡ ََ ۡ َ‬
‫ك ىفِر َ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫لَع‬ ‫ا‬‫م‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ن‬‫ك‬‫و‬ ‫ِنَٰمۡح‬ ‫ل ُّق ل َ‬
‫ِلر‬ ‫ك يَ ۡو َمئ ٍذ ٱ ۡ َ‬‫ُۡۡ ُ‬
‫الدين}[الفاتحة‪ ،]4 :‬وقال تعالى‪ { :‬ٱلمل‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬
‫‪ ،] 26‬يقض ي بين املؤمنين والكافرين بالحق‪ ،‬فالذين آمنوا باهلل ورسوله وعملوا األعمال الصالحة في جنات‬
‫النعيم املقيم الدائم‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َى‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬


‫ك َف ُروا َووُكذبُوا ب ِأ َي ىت ِ َنا فأولئِ َك ل ُه ۡم َعذاب ُِّّ ِهي ‪} ٥٧‬‬
‫َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين‬
‫واملعنى‪ :‬والذين كفروا باهلل ورسوله وكذبوا بآياتنا الدالة على قدرتنا‪ ،‬فأولئك لهم عذاب يخزيهم‬
‫ْ‬ ‫َُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ه‬ ‫ََ ه ه َ َ َ‬
‫ين كف ُروا َوكذ ُبوا بآياتنا َولقاء اْلخ َرة فأولئ َك في ال َعذاب‬ ‫ويذلهم‪ ،‬وهم مقيمون فيه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وأما الذ‬
‫ُ ْ َ َ‬
‫ض ُرون}[الروم‪.]16 :‬‬ ‫مح‬

‫َّلل ل َ ُه َو َخ ۡ ُ‬
‫ري ٱ َىلرزق َ‬
‫ِي‬
‫َ‬
‫ِإَون ٱ َ َ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫َّلل ر ۡزقا َح َ‬
‫س‬ ‫اج ُروا ِف َسبيل ٱ ََّللِ ُث َم قُتلُوا أَ ۡو َماتُوا ل َ َ ۡ‬
‫ري ُز َق َن ُه ُم ٱ َ ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ََّل َ‬
‫ِين َه َ‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫‪} ٥٨‬‬
‫واملعنى‪ :‬والذين خرجوا من ديارهم مهاجرين طلبا لرضا هللا تعالى‪ ،‬ثم قتلوا في الجهاد‪ ،‬أو ماتوا في‬
‫ألن أجورهم قد وقعت على هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫ُف ُرشهم من غير قتال‪ ،‬لير ّقنهم هللا تعالى الجنة ونعيمها ّ‬
‫ز‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫{ َو َم ْن َي ْخ ُر ْج م ْن َب ْيته ُم َهاج ًرا إلى هَّللا َو َر ُسوله ث هم ُي ْدرك ُه اَل ْو ُت ف َق ْد َوق َع أ ْج ُر ُ َعلى هَّللا}[النساء‪ّ ،]100 :‬‬
‫وإن هللا‬
‫تعالى لهو خير الرازقين املعطين لعباده‪.‬‬

‫َ‬
‫ِإَون ٱ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّلل ل َعل ِيم َحل ِيم ‪} ٥٩‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬لُ ۡدخِل َن ُهم ُّم ۡدخل يَ ۡرض ۡون ُه رۥ‬
‫ََ‬ ‫واملعنى‪ُ :‬لي ّ‬
‫دخلنهم هللا تعالى مدخال يحبونه‪ ،‬مريحين ومطمئنين فيه‪ ،‬وهو الجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فأ هما‬
‫ان َو َج هن ُة َنعيم}[الواقعة‪ّ ،]88-89 :‬‬
‫وإن هللا تعالى لعليم بنياتهم في هجرتهم‪،‬‬ ‫ان م َن ْاَلُ َق هرب َين‪َ .‬ف َر ْو ٌح َو َرْي َح ٌ‬
‫ْ َ َ‬
‫إن ك‬
‫ٍ‬
‫حليم يغفر لهم الذنوب بهجرتهم إليه‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫ب ب ِ ِم ۡثل َما ُعوق َِب بِهِۦ ث َم بُ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّلل ل َع ُف يو غ ُفور ‪}٦٠‬‬
‫َّلل إ َن ٱ َ َ‬
‫غ َعل ۡيهِ َلَ ُ َ َ ُ َ ُ‬
‫نُصنه ٱ ر ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ذ ىل َِك َو َم ۡن ََعق َ‬

‫واملعنى‪ :‬ذلك األمر الذي أخبرناك‪ ،‬من جازى الظالم بمثل ما ظلمه‪ ،‬ثم عاد ذلك الظالم مرة أخرى‬
‫ّ‬
‫املظلوم على الظالم في العاجل أو اآلجل‪ّ ،‬إن هللا تعالى لعفو‬ ‫َ‬ ‫وهللا لينصرن هللا تعالى‬ ‫فبغى على املظلوم وآذاه‪ِ ،‬‬
‫عن املؤمنين‪ ،‬غفور لهم ذنوبهم‪.‬‬
‫َ َ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ ه َ َْ‬ ‫ّ‬
‫وقد حث هللا تعالى على العفو عن الجاني في آيات كثيرة‪ ،‬منها قوله تعالى‪{ :‬وَلن صبر وغفر إن ذلك َلن‬
‫األ ُمور}[الشورى‪ ]43 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬ف َم ْن َعفا َو َأ ْ َ َ َ ُ َ َ ه‬
‫صل َح فأ ْج ُر على َّللا}[الشورى‪ ،]40 :‬وقوله تعالى‪ِ { :‬إَون‬
‫َْ ُْ‬
‫عزم‬
‫ُ َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ َ َ ۡ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َۡ ُ‬
‫َطلق ُت ُموه َن مِن ق ۡب ِل أن ت َم ُّسوه َن َوق ۡد ف َرض ُت ۡم ل ُه َن ف ِريضة فن ِۡصف َما ف َرض ُت ۡم إَِّل أن َي ۡعفون أ ۡو َي ۡعف َوا ٱَّلِي ب ِ َي ِده ِۦ‬
‫ُ ۡ َ ُ َ ِ ََ َ ۡ ُ ََۡ ُ َۡ َ ى ََ َ َ ُ َۡ ۡ َ ََۡ ُ ۡ َ ََ َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون بَ ِصري ‪[}٢٣٧‬البقرة‪.]237 :‬‬ ‫ى وَّل تنسوا ٱلفضل بينك رم إِن ٱَّلل بِما تعمل‬ ‫عقدة ٱل َِكح وأن تعفوا أقرب ل ِلتقو ر‬
‫َ ُۡ ََ ُ َ‬ ‫ۡ‬
‫ام ب ِٱلش ۡه ِر‬ ‫سمي جزاء العقوبة عقوبة الستواء الفعلين في الصورة‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪ { :‬ٱلشهر ٱلر‬ ‫وقد ّ‬
‫ََ ۡ َ ََ‬ ‫َُ‬ ‫ۡ َ ََۡ ى َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََۡ ى َ ُ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ َ ُۡ ُ َ ُ َ‬
‫َّلل َوٱعل ُموا أن‬ ‫ى َعل ۡيك ۡ رم َوٱتقوا ٱ‬ ‫ى َعل ۡيك ۡم فٱع َت ُدوا َعل ۡيهِ ب ِ ِمث ِل ما ٱعتد‬ ‫اص ف َم ِن ٱعتد‬ ‫ٱلر ِام وٱلرم ىت ق ِص ر‬
‫َ ٌ ُْ‬ ‫َ‬
‫ي ‪[}١٩٤‬البقرة‪ ،]194 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬و َجز ُاء َسيئ ٍة َسيئة مثلها}[الشورى‪.]40 :‬‬ ‫َّلل َم َع ٱل ۡ ُم َت ِق َ‬
‫ٱ ََ‬

‫َ‬
‫ار ِف ٱ َۡلل َوأ َن ٱ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ذ ىل َِك بأ َن ٱ َ َ‬ ‫َ‬
‫يع بَ ِصري ‪} ٦١‬‬
‫َّلل َس ِم ُ‬
‫ِ‬
‫َّلل يُول ُِج ٱ َۡلل ِف ٱلَ َه َ ُ ُ َ َ َ‬
‫ار ويول ِج ٱله ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ذلك الذين شرعه هللا تعالى من نصرة املبغي عليه على الباغي بسبب أن قدرته ال يعجزها‬
‫َ‬
‫النهار في الليل‬ ‫الليل في النهار فيقصر الليل ويطول النهار‪ُ ،‬وي ْدخل‬ ‫َ‬ ‫ش يء‪ ،‬ومن قدرته تعالى ّأن هللا ُي ْدخل‬
‫وأن هللا تعالى سميع لكل صوت‪ ،‬بصير بكل فعل‪.‬‬ ‫فيقصر النهار ويطول الليل‪ّ ،‬‬
‫ه‬
‫الل ْيل َو ُه َو َعل ٌ‬ ‫النهار َو ُيول ُج ه‬
‫الن َ‬ ‫ُ ُ ه‬
‫الل ْي َل في ه‬
‫يم بذات‬ ‫هار في‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬يولج‬
‫الص ُدور}[الحديد‪.]6 :‬‬
‫ُّ‬

‫ۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬


‫ون مِن ُدونِهِۦ ُه َو ٱل َبى ِطل َوأ َن ٱ َ َ‬
‫ى َ َ َ َ ُ َ َ ُّ َ َ َ َ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ري ‪} ٦٢‬‬‫ِ‬ ‫َّلل ُه َو ٱل َع ِ ُّ‬
‫َل ٱلكب ُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ذل ِك بِأن ٱَّلل هو ٱلق وأن ما يدع‬
‫بأن هللا تعالى هو اإلله الحق والرب املستحق للعبادة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬ ‫واملعنى‪ :‬ذلك الوصف املذكور ّ‬
‫ون ‪[}٣٢‬يونس‪ّ ،]32 :‬‬ ‫َ َ ى ُ ُ َ ُ َ ُّ ُ ُ ۡ َ ُّ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ى ُ َ َ َ ى ُ ۡ َ ُ َ‬
‫وأن ما يعبده املشركون من‬ ‫فذل ِكم ٱَّلل ربكم ٱلق فماذا بعد ٱل ِق إَِّل ٱلضلل فأن تُصف‬
‫وأن هللا هو العلي املتعالي على كل ش يء‪ ،‬الكبير في ذاته وصفاته‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬ ‫دون هللا تعالى هو الباطل‪ّ ،‬‬
‫ت َو َما ِف ٱ ۡلَۡر ِض َمن َذا ٱ ََّلِي ي َ ۡش َف ُع ع َ‬ ‫وم ََّل تَأۡ ُخ ُذهُۥ س َِنة َو ََّل نَ ۡوم َ ُلۥ َما ِف ٱ َ َ‬ ‫َّلل ََّل إ َل ى َه إ ََّل ُه َو ٱ ۡل َ ُّ ۡ َ ُ‬
‫ٱ َُ‬
‫ِندهُۥ‬ ‫ِ‬ ‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ح ٱلق ُّي ر‬ ‫ِ ِ‬
‫شء م ِۡن ع ِۡلمهِۦ إ ََّل ب َما َشا َء َوس َِع ُك ۡرس ُِّي ُه ٱ َ َ‬ ‫َ ۡ َ ُ َ َۡ َ َۡ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ ُ ُ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ۡ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ون‬ ‫ِيط‬ ‫ي‬ ‫َّل‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِي‬
‫د‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ا‬‫م‬ ‫م‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ي‬ ‫ۦ‬ ‫إِ ِ ِ ر‬
‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ذ‬ ‫إ‬‫ب‬ ‫َّل‬
‫كب ُ‬
‫ري‬
‫َى ُ ۡ َ ۡ َ َ َى َ ۡ َ‬
‫ل‬‫ٱ‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫د‬‫ه‬‫لش‬ ‫ٱ‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫غ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِم‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫‪٢٥٥‬‬ ‫َل ٱ ۡل َع ِظ ُ‬
‫يم‬ ‫ُّ‬ ‫ودهُۥ ح ِۡف ُظ ُه َما ر َو ُه َو ٱ ۡل َ‬
‫ع‬
‫ُ‬
‫ٔ‬
‫ُ‬ ‫ٔ‬ ‫ي‬‫َوٱ ۡلَۡر َض َو ََّل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫{‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫وقال‬ ‫]‪،‬‬ ‫‪255‬‬ ‫}[البقرة‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ۡ‬
‫ٱل ُم َت َعا ِل ‪[}٩‬الرعد‪.]9 :‬‬
‫َّللا ُه َو ْال َح ُّق َو َأ هن َما َي ْد ُعو َن م ْن ُدونه ْال َباط ُل َو َأ هن ه َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ذل َك ب َأ هن ه َ‬
‫َّللا ُه َو‬
‫َْ‬ ‫ْ‬
‫ال َعل ُّي الكب ُير}[لقمان‪.]30 :‬‬

‫َ‬
‫ُضة ر إ َن ٱ َ َ‬ ‫ُۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أل ۡم تَ َر أ َن ٱ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫َّلل ل ِطيف َخبِري ‪} ٦٣‬‬ ‫لس َما ِء َماء ف ُت ۡصب ُح ٱلۡر ُض ُّم َ َ‬
‫نزل م َِن ٱ َ‬
‫َّلل أ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ألم تعلم أيها الرسول ّأن هللا تعالى أنزل من السحاب مطرا‪ ،‬فتصبح األرض مخضرة بأنواع من‬
‫ْ َْ َ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ً َ َْ ْ َ ْ‬ ‫َََ َْ‬
‫ض هام َدة فإذا أن َزلنا َعل ْي َها اَل َاء ْاهت هزت َو َرَبت َو أن َبتت‬ ‫األ ْر َ‬ ‫النبات ذي املنظر الحسن‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وترى‬
‫ُ َ‬
‫م ْن كل ز ْو ٍج َبه ٍيج}[الحج‪ّ ،]5 :‬إن هللا تعالى لطيف بعباده خبير بمصالحهم‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫قوله تعالى‪ُ َ { :‬لۥ َما ِف ٱ َ َ‬


‫لم ُ‬
‫يد ‪} ٦٤‬‬ ‫َّلل ل َ ُه َو ٱ ۡل َغ ِ ُّ‬
‫نٱ َ ِ‬
‫َ‬
‫ِإَون ٱ َ َ‬ ‫ت َو َما ِِف ٱلۡر ِض‬
‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬وهلل وحده ما في السماوات وما في األرض ملكا وخلقا وعبدا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِن ُك َمن ِِف‬
‫لس َم ى َو ىت َوٱ ۡلَۡر ِض إ ََّل َءاِت ٱ َلرِنَٰمۡح َع ۡبدا ‪[} ٩٣‬مريم‪ّ ،]93 :‬‬ ‫ٱ َ‬
‫وإن هللا تعالى لهو الغني عما سواه الحميد في كل حال‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ ََ ََ‬ ‫َُۡ ُ‬ ‫ۡ ۡ َۡ‬ ‫ُۡ ۡ َ َۡ‬ ‫َۡ‬ ‫ََۡ ََ َ َ ََ َ َ ُ‬


‫كٱ َ‬
‫لس َما َء أن تق َع لَع‬ ‫َّلل َسخ َر لكم َما ِِف ٱلۡر ِض َوٱلفلك ت ِري ِِف ٱلَح ِر بِأِّ ِره ِۦ ويم ِ‬
‫س‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ألم تر أن ٱ‬
‫َ‬
‫اس ل َر ُءوف َرحِيم ‪} ٦٥‬‬ ‫ٱ ۡلَۡر ِض إ ََّل بإ ۡذنِهِۦ إ َن ٱ َ َ‬
‫َّلل ب ِٱلَ ِ‬ ‫ِ ِِ ر ِ‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ألم تعلم ّأن هللا تعالى ذلل لكم ما في األرض من حيوان وجماد وزروع‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َسخ َر‬
‫ّ‬ ‫َ ً ْ‬ ‫َل ُك ْم َما في ه‬
‫يعا من ُه}[الجاثية‪ ،]13 :‬وذلل لكم السفن لتجري في البحر طافية على‬ ‫الس َم َاوات َو َما في األ ْرض جم‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ه َُ ُْْ َ‬
‫املاء بإذنه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َسخ َر لك ُم الفل َك لت ْجر َي في ال َب ْحر بأ ْمر }[إبراهيم‪ ،]32 :‬ويحفظ السماء حتى ال‬
‫ّ‬
‫تقع على األرض إال بإذنه وأمره‪ّ ،‬إن هللا تعالى رؤوف رحيم بالناس فيما ذلل لهم من هذه األشياء مع ظلمهم‬
‫َ َُ‬ ‫َ‬ ‫ت مِن َق ۡبلِه ُم ٱل ۡ َم ُث َل ى ُ‬
‫ت ِإَون َر َبك َّلو‬ ‫لسيئَةِ َق ۡب َل ٱ ۡ َ‬
‫ل َس َنةِ َوقَ ۡد َخلَ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََۡ َۡ ُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫جلونك ب ِٱ ِ‬‫ألنفسهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ويستع ِ‬
‫ۡ‬
‫ۡ َ ََ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ى ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ‬
‫َم ۡغف َرة ل َ‬
‫اب ‪[}٦‬الرعد‪.]6 :‬‬
‫لَع ظل ِم ِهم ِإَون ربك لشدِيد ٱلعِق ِ‬ ‫ِلن ِ‬
‫اس‬ ‫ِ‬

‫َ ُ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ ُ َ ُ ُ ُ ۡ ُ َ ُۡ ُ ۡ َ ۡ َى َ َ َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وهو ٱَّلِي أحياكم ثم ي ِميتكم ثم ييِيكم إِن ٱ ِإلنسن لكفور ‪} ٦٦‬‬
‫واملعنى‪ :‬وهو هللا الذي أحياكم أيها الناس ثم يميتكم عند انقضاء آجالكم‪ ،‬ثم يحييكم بالبعث يوم‬
‫َُ‬ ‫َ‬
‫القيامة‪ّ ،‬إن اإلنسان لجحود لنعم ربه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن اإلنسان لربه لكنود}[العاديات‪.]6 :‬‬
‫َ ۡ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ ُ ُ ۡ َ ۡ َى َ َ ۡ َى ُ ۡ ُ َ ُ ُ ُ ُ ُۡ ُ‬
‫يتك ۡم ث َم ييِيك ۡم‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬كيف تكفرون ب ِٱَّللِ ووُكنتم أموتا فأحيكم ثم ي ِم‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُُ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ َ َۡ ُۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪[}٢٨‬البقرة‪ ،]28 :‬وقوله تعالى‪ُ { :‬قل ه ُ‬
‫َّللا ُي ْحييك ْم ث هم ُيميتك ْم ث هم َي ْج َم ُعك ْم إلى َي ْوم الق َي َامة َل‬ ‫ثم إَِلهِ ترجع‬
‫َرْي َب فيه}[الجاثية‪.]26 :‬‬

‫ۡ َ ۡ َ ۡ ُ َى َ َ َ َ َ َ َى ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َُ َ ََۡ َ َ ُ َ ُ ََ‬
‫َل هدى ُِّّ ۡس َت ِقيم‬ ‫نسَك ه ۡم ناسِكوهُ فل يُ َنى ِزع َنك ِِف ٱلِّ ِر وٱدع إِل ربِك إِنك لع‬ ‫ِك أمة جعلنا م‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ل ِ‬
‫‪} ٦٧‬‬
‫ُ َ َْ‬
‫واملعنى‪ :‬لكل ّأمة من األمم املاضية جعلنا شرعة خاصة هم عاملون بها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬لك ٍل جعلنا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُْ‬
‫منك ْم ش ْر َعة َوم ْنهاجا}[املائدة‪ ،]48 :‬فال تتأثر أيها الرسول بمنازعة هؤالء املشركين لك‪ ،‬وال يصرفك ذلك عما‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫أمرك هللا تعالى به في املناسك‪ ،‬وادع إلى توحيد ربك وإخالص العبادة له‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وَّل يَ ُص ُّدنك ع ۡن‬
‫َ َ ۡ َ ۡ ُ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ ُ َى َ َ َ َ َ ُ َ َ َ ۡ ُ ۡ‬ ‫َ‬
‫شوُك َِي ‪[}٨٧‬القصص‪ ،]87 :‬إنك على طريق‬
‫ّ‬
‫نزلت إَِلك وٱدع إِل ربِك وَّل تكونن مِن ٱلم ِ‬ ‫َءاي ى ِ‬
‫ت ٱَّللِ بعد إِذ أ ِ‬
‫واضح مستقيم ال اعوجاج فيه‪.‬‬

‫َُ ۡ ُ َ َۡ َ َ‬‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫َىَ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ون ‪} ٦٨‬‬ ‫وك فق ِل ٱَّلل أعلم بِما تعمل‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون جدل‬
‫وإن جادلك الكفار أيها الرسول‪ ،‬وخاصموك بالباطل‪ ،‬فأعرض عنهم وقل لهم‪ :‬هللا أعلم بما‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫ُ َ َ َْ ُ َ ُ ُ َ‬
‫يضون‬ ‫تعملون‪ ،‬ويجزيكم عليه‪ ،‬كفى بشهادة هللا تعالى بيني وبينكم شهادة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬هو أعلم بما تف‬
‫َُ‬ ‫فيه َك َفى به َشه ً‬
‫يدا َب ْيني َو َب ْينك ْم}[األحقاف‪.]8 :‬‬
‫َ ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫ك ۡم أَ ُ‬
‫َ َ ََ ُ ۡ َ َُ ُ‬ ‫َ َُ َ َُ‬
‫نتم بَ ِرئُٔون ِّ َِما أع َمل‬ ‫وك فقل ِل عم َِل ولكم عمل‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى ‪ِ { :‬إَون كذب‬
‫َ ََُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َََ‬
‫وأنا برِيء ِِّما تعملون ‪[}٤١‬يونس‪.]41 :‬‬
‫َۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ِيما ك ُنت ۡم فِيهِ َت َتل ُِفو َن ‪}٦٩‬‬ ‫َُ ۡ ُ ُ ََۡ ُ‬
‫ك ۡم يَ ۡو َم ٱلقِ َيى َمةِ ف َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلل يكم بين‬
‫واملعنى‪ :‬هللا تعالى يحكم بينكم أيها املؤمنون والكافرون يوم القيامة فيما اختلفتم فيه من أمر الدين‪.‬‬
‫َّللا َ ُّب َنا َو َرُّب ُك ْم َل َنا َأ ْع َم ُال َنا َو َل ُك ْم َأ ْع َم ُال ُك ْم ََل ُح هج َة َب ْي َن َنا َو َب ْي َن ُك ُم ه ُ‬
‫هُ‬
‫َّللا‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬ر‬
‫َ َ َ َْ‬
‫َي ْج َم ُع َب ْيننا َوإل ْيه اَلص ُير}[الشورى‪.]15 :‬‬

‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬


‫لس َماءِ َوٱلۡر ِض إ ِ َن ذ ىل َِك ِِف ك َِتى ٍب إ ِ َن ذ ىل َِك لَع ٱ ََّللِ يَسِ ري ‪} ٧٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أل ۡم َت ۡعل ۡم أ َن ٱ َ َ‬
‫َّلل َي ۡعل ُم َما ِف ٱ َ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ألم تعلم أيها الرسول أو أيها العاقل ّأن هللا تعالى يعلم ما في السماء واألرض‪ّ ،‬إن ذلك مكتوب‬
‫ي ‪[}٧٥‬النمل‪ّ ،]75 :‬إن كتابة‬ ‫ب‬ ‫لس َماءِ َوٱ ۡلَۡر ِض إ ََّل ِف ك َِتىب ُّ‬
‫م‬ ‫في لوح محفوظ‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما م ِۡن ََغئ َبة ِف ٱ َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫علم هذه الكائنات في لوح محفوظ أمر سهل على هللا تعالى‪.‬‬

‫ى‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ ۡ َُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ي مِن نَ ِصري ‪} ٧١‬‬ ‫ََ َ‬
‫ِلظلِم َ‬
‫ِ‬ ‫زنل بِهِۦ ُسل َطىنا َو َما ل ۡي َس ل ُهم بِهِۦ عِلم وما ل‬ ‫ون ٱَّللِ ما لم ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ََُُۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ويعبدون مِن د ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫واملعنى‪ :‬ويعبد هؤالء املشركون من دون هللا تعالى آلهة‪ ،‬لم ينزل هللا تعالى في كتابه حجة بأنها صالحة‬
‫ْ‬ ‫َ ه‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫للعبادة‪ ،‬فال برهان لهم بها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َم ْن َي ْد ُع َم َع هَّللا إل ًها آخ َر َل ُب ْر َهان ل ُه به فإن َما ح َس ُاب ُه عن َد‬
‫َربه}[املؤمنون‪ ،]117 :‬وال علم لهم بها‪ ،‬وليس للمشركين الظاملين ألنفسهم من ناصر ينصرهم‪.‬‬

‫ون بٱ ََّل َ‬
‫ِين‬
‫ُ ُ َ َ َ َ ُ ُۡ َ َ َ َ ُ َ َۡ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُۡ َ َ‬
‫َل َعل ۡي ِه ۡم َءاي ى ُت َنا َبي ِ َنىت ت ۡع ِرف ِِف وجوه ِ ٱَّلِين كفروا ٱلمنكر يكادون يسط‬‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا تت ى‬
‫ِ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َى ُ ُ َ ُ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُۡ َََُ‬ ‫ُ َ َ‬
‫ص ُ‬
‫ري ‪} ٧٢‬‬ ‫ِين كف ُروا َوبِئ َس ٱل َم ِ‬‫َي ۡتلون َعل ۡي ِه ۡم َءاي ىت ِ َنا قل أفأنبِئُكم بِش مِن ذل ِك رم ٱلار وعدها ٱَّلل ٱَّل‬
‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬وإذا تتلى على هؤالء املشركين آيات القرآن الكريم البينات‪ ،‬تعرف في وجوههم أمارة الغيظ‬
‫والغضب‪ ،‬يكادون يبطشون باملؤمنين الذين يتلون عليهم آياتنا‪ ،‬قل لهم أيها الرسول‪ :‬أفال أخبركم بشر من‬
‫أعدها هللا تعالى للذين كفروا به وبرسوله‪ ،‬وبئس ّ‬
‫النار مقيال ومستقرا ومقاما‪،‬‬ ‫غيظكم وغضبكم؟ هو النار‪ّ ،‬‬
‫كما قال تعالى‪ { :‬إ ِ َن َها َسا َء ۡت ُِّ ۡس َت َقرا َو ُم َقاما ‪[}٦٦‬الفرقان‪.]66 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َۡ ُُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُّ َ َ ُ ُ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ ُ َ َ َ َ ۡ ُ َ‬


‫ون ٱَّللِ لن يلقوا ذبَابا َولوِ ٱ ۡج َت َم ُعوا ُلۥ‬
‫ِ‬ ‫د‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫ون‬ ‫ضب مثل فٱست ِمعوا ل رۥ إِن ٱَّلِين تدع‬ ‫قوله تعالى‪} :‬يأيها ٱلاس ِ‬
‫وب ‪} ٧٣‬‬ ‫اب َش ۡيئ ا ِ ََّل ي َ ۡستَنقِ ُذوهُ م ِۡن ُه َض ُع َف ٱ َ‬
‫لطال ُِب َوٱل ۡ َم ۡطلُ ُ‬ ‫ِإَون ي َ ۡسلُ ۡب ُه ُم ٱ َُّّلبَ ُ‬
‫ر‬ ‫ٍ‬
‫وتدبروه‪ّ ،‬إن ما تعبدون من دون هللا تعالى من‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها الناس جعل هللا تعالى مثال فاستمعوا له ّ‬
‫ِ‬
‫ْ‬
‫يسلبهم الذباب شيئا ال‬ ‫ْ‬
‫لن يخلقوا ذبابة واحدة ولو تعاونوا واجتمعوا لخلقها‪ ،‬وإن‬ ‫األصنام واألنداد ْ‬
‫يستطيعون ْأن يستخلصوه منه‪ ،‬عجز الطالب وهو اإلله املعبود وعجز املطلوب وهو الذباب‪ ،‬فكيف‬
‫تتخذون هذه األصنام واألنداد آلهة وهم بهذا الهوان‪.‬‬
‫َ ه َ َ ْ ُ َن ْ ُ َ َ ْ َ ُ َن َ ْ ُ َ َ ْ ُ‬
‫ص َرك ْم َوَل أنف َس ُه ْم‬ ‫وهذه اآلية تؤكد معنى قوله تعالى‪{ :‬والذين تدعو من دونه َل يستطيعو ن‬
‫َْ ُ َ‬
‫ص ُرون}[األعراف‪.]197 :‬‬ ‫ين‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َّلل ل َقوِ يي َع ِزيز ‪} ٧٤‬‬
‫َّلل َح َق ق ۡدره ِۦ إ َن ٱ َ َ‬
‫ِر ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ما ق َد ُروا ٱ َ َ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ما عظم هؤالء املشركون هللا تعالى حق تعظيمه بعبادتهم إلها غير هللا تعالى‪ّ ،‬إن هللا تعالى‬
‫ه‬ ‫َ َ‬ ‫لقوي قدير على خلق كل ش يء‪ ،‬عزيز فال يغالب وال يمانع‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إ هن َب ْط َ‬
‫ش َرب َك لشد ٌيد‪ .‬إن ُه ُه َو‬
‫ه ه َ ُ َ ه ُ ُ ْ ُ َْ ُ‬ ‫ُي ْبد ُئ َو ُيع ُ‬
‫الر هزاق ذو الق هوة اَلتين}[الذاريات‪.]58 :‬‬ ‫يد}[البروج‪ ،]12-13 :‬وقال تعالى‪{ :‬إن َّللا هو‬

‫اس إ َن ٱ َ َ‬ ‫ۡ َى َ‬
‫َُ َ ۡ َ‬
‫يع بَ ِصري ‪}٧٥‬‬
‫َّلل َس ِم ُ‬ ‫ُُ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلل يصط َِف مِن ٱلملئِك ِة رسل ومِن ٱل ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هللا تعالى يختار من املالئكة رسال لتبليغ الوحي إلى األنبياء‪ ،‬ويختار من الناس رسال لتبليغ‬
‫هُ َ َ‬
‫َّللا أ ْعل ُم‬ ‫الوحي إلى الناس‪ّ ،‬إن هللا تعالى سميع ألقوال عباده بصير بمن يستحق منهم الرسالة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫ََ‬ ‫ُ‬
‫َح ْيث َي ْج َع ُل ر َسالت ُه}[األنعام‪.]124 :‬‬

‫ُۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ي أيۡدِيه ۡم َو َما َخل َف ُه ۡم ِإَول ٱ ََّللِ تُ ۡر َج ُع ٱل ُِّ ُ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ي ۡعل ُم َما بَ ۡ َ‬
‫ور ‪} ٧٦‬‬ ‫ر‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬يعلم هللا تعالى ما بين أيدي الرسل والذين أرسلوا إليهم من األمور الحاضرة واملستقبلة‪ ،‬وما‬
‫ْ َ َ ْ َ َ‬
‫خلفهم من األمور املاضية‪ ،‬فال يخفى عليه ش يء من أمورهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬عال ُم الغ ْيب فال ُيظه ُر َعلى غ ْيبه‬
‫َ َ ْ َ َ َ ُ‬ ‫[فإ هن ُه َي ْس ُل ُك م ْن َب ْين َي َد ْيه َوم ْن َخ ْلفه َر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ص ًدا‪ .‬ل َي ْعل َم أن ق ْد أ ْبلغوا ر َساَلت‬ ‫أ َح ًدا‪ .‬إَل َمن ا ْرَت َض ى م ْن َر ُسو ٍل‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫}[الجن‪ ،]26-28 :‬وإلى هللا وحده ترجع األمور كلها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫َربه ْم َوأ َحاط ب َما ل َد ْيه ْم َوأ ْح َص ى ك هل ش ْي ٍء َع َد ًدا‬

‫ََۡ َ ُ ۡ ُ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون۩ ‪} ٧٧‬‬ ‫ام ُنوا ٱ ۡرك ُعوا َوْۤاوُدُجۡسٱ َوٱع ُب ُدوا َر َبك ۡم َوٱف َعلوا ٱلري لعلكم تفل ِح‬
‫ِين َء َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱَّل َ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها املؤمنون باهلل ورسوله‪ ،‬صلوا صالتكم املفروضة‪ ،‬واركعوا فيها‪ ،‬واسجدوا‪ ،‬واعبدوا‬
‫ربكم بسائر العبادات املفروضة عليكم كالزكاة والصيام والحج‪ ،‬وافعلوا الخير الذي يرض ي رّبكم‪ ،‬لكي تفوزوا‬
‫بالثواب والجنة والرضوان‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َْ‬
‫وقد تحقق رجاء املؤمنين بالفالح والفوز‪ ،‬وذلك في قوله تعالى‪{ :‬قد أفلح اَلؤمنون}[املؤمنون‪.]1 :‬‬

‫ََ َ ُ‬
‫يكمۡ‬ ‫ۡ ََ‬ ‫َ َ َ َ ِ ُ َ ۡ ََ ى ُ ۡ َ َ َ ََ َ َۡ ُ‬
‫كۡ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ِين مِن حرج مِلة أب ِ‬ ‫ِ‬ ‫َل‬‫ٱ‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫جهادهر ِۦ هو ٱجتبىكم وما جعل علي‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وج ى ِهدوا ِِف ٱَّللِ حق ِ‬
‫ََ‬ ‫َ َۡ ُ ۡ َ َ ُ ُ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ك ُم ٱل ۡ ُم ۡسلِم َ‬‫ۡ َى َ ُ َ َ َ ى ُ‬
‫اس‬‫كونوا ش َه َدا َء لَع ٱلَ ِ‬ ‫ي مِن ق ۡبل َو ِف هىذا َِلَكون ٱ َلر ُسول ش ِهيدا عليكم وت‬ ‫ِ‬ ‫ِيم هو سمى‬ ‫إِبره ر‬
‫ص ُ‬
‫ري ‪}٧٨‬‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ص ُموا ب ِٱَّللِ ه َو ِّ ۡولى ىك ۡم فن ِع َم ٱل َم ۡو ىل َون ِع َم ٱلَ ِ‬
‫َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫فَأَق ُ‬
‫ِيموا ٱلصل ىوة َو َءاتوا ٱل َزك ىوة َوٱعت ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وجاهدوا أيها املؤمنون في هللا تعالى جهادا ّ‬
‫حقا بأنفسكم وألسنتكم وأموالكم مخلصين له‪ ،‬هللا‬
‫تعالى اصطفاكم من سائر األمم لحمل هذا الدين‪ ،‬وما جعل الدين حرجا شاقا عليكم بل أراد بكم التيسير‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ ُۡ َ ى َ ُۡ ۡ َ َ‬ ‫َُۡۡ ُ‬
‫ان ُهدى ل َ‬
‫ِلن ِ َ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُۡ ََ َ َ َ‬
‫ان ف َمن ش ِه َد‬
‫اس وبيِنىت مِن ٱلهدى وٱلفرق ِ‬ ‫نزل فِيهِ ٱلقرء‬
‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ِي‬
‫َّل‬‫كما قال تعالى‪ { :‬شهر رِّضان ٱ‬
‫ُ‬ ‫ّس َو ََّل يُر ُ‬ ‫َ ۡ َ َى َ َ َ َ ۡ َ َ ُ َ َ ُ ُ َ ُ ُ‬
‫ك ُم ٱ ۡليُ ۡ َ‬ ‫لش ۡه َر فَ ۡل َي ُص ۡم ُه َو َمن ََك َن َ‬
‫ُ ُ َ‬
‫يد بِك ُم‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫يد‬‫ر‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ر‬‫خ‬ ‫أ‬ ‫م‬
‫ٍ‬ ‫ا‬‫ي‬‫أ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ة‬ ‫د‬‫ع‬
‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ر‬‫ف‬‫س‬ ‫لَع‬ ‫و‬‫أ‬ ‫ا‬ ‫يض‬‫ر‬
‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫مِنكم ٱ‬
‫َ‬
‫ََ َ ى َ َ َ ى ُ ۡ ََََ ُ ۡ َۡ ُ ُ َ‬ ‫ُۡ ۡ َ َ ُ ۡ ُ ۡ َ َ َ ُ َ‬
‫ك ُ‬
‫ون ‪[}١٨٥‬البقرة‪ ،]185 :‬هذه امللة السمحة‬ ‫بوا ٱَّلل لَع ما هدىكم ولعلكم تشكر‬ ‫ٱلعّس و ِِلك ِملوا ٱلعِدة و ِِل ِ‬
‫هي ملة إبراهيم عليه الس الم‪ ،‬وقد سماكم هللا تعالى املسلمين من قبل في الكتب السماوية السابقة‪ ،‬وفي‬
‫ّ‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬ليكون الرسول محمد صلى هللا عليه وسلم شهيدا عليكم بأنكم صدقتموه وآمنتم به‪،‬‬
‫ۡ ُ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ّ َ‬
‫ولتكونوا شهداء على الناس بأن ُرسلهم قد بلغوهم الرسالة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ووُكذ ىل ِك َج َعل َنىك ۡم أ َمة َو َسطا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ََۡ ۡ ََۡ َ ُ َ َ‬ ‫ُ َ ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ ُ ُ‬
‫نت َعل ۡي َها إَِّل لِ َ ۡعل َم َمن‬ ‫اس َويَكون ٱ َلر ُسول َعل ۡيك ۡم ش ِهيدا وما جعلنا ٱلقِبلة ٱل ِت ك‬ ‫ِِلَكونوا ش َه َدا َء لَع ٱلَ ِ‬
‫َُ ََ َ َ َُ ُ َ َ ُ َ‬
‫يم ى َنك ۡ رم إِن‬ ‫لَع ٱ ََّل َ َ َ‬
‫َ َ ۡ َ َ َ َ ََ‬ ‫نقل ُِب َ َ ى‬
‫لَع َعقِ َب ۡيهِ ِإَون َكنت لكب ِرية إَِّل‬
‫ََ ُ َ ُ َ َ َ َ‬
‫ضيع إ ِ‬ ‫ِين هدى ٱَّلل وما َكن ٱَّلل َِل ِ‬ ‫يتبِع ٱلرسول ِِّمن ي‬
‫َ‬ ‫ٱ ََ‬
‫اس ل َر ُءوف َرحِيم ‪[}١٤٣‬البقرة‪ ،]143 :‬فأقيموا الصالة على وجهها الصحيح‪ ،‬وأخرجوا زكاة أموالكم‬ ‫َّلل ب ِٱلَ ِ‬
‫تطهيرا ألنفسكم وأموالكم‪ ،‬واستمسكوا بدين هللا تعالى‪ ،‬وهللا موالكم وناصركم‪ ،‬فهو نعم املولى والناصر لكم‬
‫َْ َ‬ ‫ُ‬ ‫اع َل ُموا َأ هن ه َ‬
‫على أعدائكم‪ ،‬فال يضيع هللا من تواله‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ف ْ‬
‫َّللا َم ْوَلك ْم ن ْع َم اَل ْولى َون ْع َم‬
‫ه‬
‫النص ُير}[األنفال‪.]40 :‬‬
‫َ‬ ‫ُ َُ‬
‫ورة اَلُؤم ُنون‬ ‫س‬

‫وهي مكية و آياتها مائة وثمان عشرة‬

‫َ ۡ ََۡ َ ُۡ ۡ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قد أفلح ٱلمؤمِنون ‪} ١‬‬
‫املصدقون باهلل وبرسوله وبما جاء به‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬قد فاز‬
‫ذكر اإلمام ابن كثير في تفسيره‪ ،‬رواية أبي بكر بن أبي الدنيا عن أنس رض ي هللا عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول‬
‫ً‬ ‫ولبن ًة ِم ْن َي ُاق َوت ٍة َح َ‬
‫مر َاء‪ ،‬ولبنة ِم ْن‬ ‫جن َة َع ْدن ب َيده‪ ،‬لب َن ًة م ْن ُد َّرة َ‬
‫بيض َاء‪َ ،‬‬ ‫"خ َلق هللا ّ‬‫َ‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ْ َ ْ َ ْ ََ‬ ‫ّ ْ َ ُ َُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ َ َ َ ْ‬
‫انط ِقي‪ .‬قالت‪{ :‬قد أفلح‬ ‫زب ْرجدة خض َر َاء‪ ،‬مالطها ا ِملسك‪ ،‬وحصباؤها اللؤلؤ‪ ،‬وح ِشيشها الزعفران‪ ،‬ثم قال لها‪ِ :‬‬
‫َ‬ ‫َ َّ َ َ َ َ ُ َ ُ‬ ‫ُْ ْ ُ َ‬
‫ثم َتال َر ُسو ُل هللا صلى هللا عليه وسلم‪َ { :‬و َم ْن ُيوق‬ ‫يل"‪ّ ،‬‬‫يك َب ِخ ٌ‬‫اَلؤمنون} فقال هللا‪ :‬و ِعزِتي‪ ،‬وجال ِلي ال يج ِاورِني ِف ِ‬
‫َ‬ ‫ُْْ‬ ‫َُ َ‬ ‫ُ َْ‬
‫ش هح نفسه فأولئ َك ُه ُم اَلفل ُحون}[الحشر‪.]9 :‬‬

‫ۡ َى ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}٢‬‬ ‫ِين ه ۡم ِِف َصلت ِ ِهم خشِ ع‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّل‬
‫فإن الصالة لشاقة إال على‬‫واملعنى‪ :‬من صفات املؤمنين ّأنهم خاشعون خائفون خاضعون في صالتهم‪ّ ،‬‬
‫َ ۡ َ َ َىِ ََ َ َ َ َ ََ ۡ َ‬
‫خىشِ عِ َ‬ ‫َ ۡ َ ُ‬
‫ي ‪[}٤٥‬البقرة‪.]45 :‬‬ ‫ب وٱلصلوة ِإَونها لكبِرية إَِّل لَع ٱل‬
‫الخاشعين‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وٱستعِينوا ب ِٱلص ِ‬

‫ۡ ُۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٣‬‬ ‫ِين ه ۡم َع ِن ٱللغوِ مع ِرض‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّل‬
‫واملعنى‪ :‬والذين هم تاركون كل ما كان حراما‪ ،‬أو مكروها‪ ،‬أو ما ال خير فيه من األقوال واألفعال‪ ،‬كما‬
‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ ُّ َ َ‬
‫ور ِإَوذا َِّ ُّروا ب ِٱللغوِ َِّ ُّروا ك َِراما ‪[}٧٢‬الفرقان‪ ،]72 :‬وقال تعالى‪ِ { :‬إَوذا َس ِم ُعوا‬‫قال تعالى‪ { :‬وٱَّلِين َّل يشهدون ٱلز‬
‫ۡ‬ ‫َ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ ۡ ُ َ َ ُ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َى َ َ ۡ ُ َ‬
‫ك ۡم َّل نَ ۡب َت ِغ ٱل َجى ِهل َِي ‪[}٥٥‬القصص‪.]55 :‬‬ ‫ٱللغو أعرضوا عنه وقالوا لا أعم ىلنا ولكم أعم ىلكم سلم علي‬

‫َ َ ُ ۡ َ ى ى َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين هم ل ِلزكوة ِ فعِل‬
‫مطهرون أنفسهم من الشرك والدنس‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬والذين هم مخرجون زكاة أموالهم أو ّ‬
‫ّ‬
‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬األكثرون على ّأن املراد بالزكاة هاهنا زكاة األموال‪ ،‬مع ّأن هذه اآلية مكية‪ ،‬وإنما‬
‫ّ‬
‫فرضت الزكاة باملدينة في سنة اثنتين من الهجرة‪ ،‬والظاهر ّأن التي فرضت باملدينة إنما هي ذات النصب‬
‫واملقادير الخاصة‪ ،‬وإال فالظاهر ّأن أصل الزكاة كان واجبا بمكة‪ ،‬قال تعالى في سورة األنعام‪ ،‬وهي مكية‪:‬‬
‫ه‬ ‫ُ‬
‫{ َو آتوا َحق ُه َي ْو َم َحصاد }[األنعام‪ ،]141 :‬وقد يحتمل ْأن يكون املراد بالزكاة هاهنا زكاة النفس من الشرك‬
‫والدنس‪ ،‬كقوله تعالى‪َ { :‬ق ۡد أَ ۡفلَ َح َمن َز َوُكى ى َها ‪َ ٩‬وقَ ۡد َخ َ‬
‫اب َمن َد َسى ى َها ‪[}١٠‬الشمس‪ ،]9-10 :‬وكقوله‪َ { :‬و َو ْي ٌل‬
‫ْ ُ ْ َ ه َ ُ ُْ َ ه َ‬
‫الزكاة}[فصلت‪ ،]7 -6 :‬على أحد القولين في تفسيرهما‪ ،‬وقد يحتمل ْأن يكون ِكال‬ ‫للمشركين الذين َل يؤتون‬
‫األمرين مرادا‪ ،‬وهو زكاة النفوس وزكاة األموال‪ ،‬فإنه من جملة زكاة النفوس‪ ،‬واملؤمن الكامل‪ :‬هو الذي يفعل‬
‫هذا‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫ۡ َى ُ َ‬ ‫َ َ ُ ۡ ُُ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}٥‬‬ ‫ج ِهم حفِظ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين هم ل ِفرو ِ‬
‫واملعنى‪ :‬والذين هم حافظون لفروجهم من الزنى واللواط والشذوذ الجنس ي‪.‬‬
‫ُ ْ ْ َ‬
‫وقد ذكر هللا تعالى بعض الطرق لحفظ الفرج‪ ،‬وهو غض البصر‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ق ْل لل ُمؤمنين‬
‫وج ُه ْم}[النور‪.]30 :‬‬ ‫ضوا م ْن َأ ْب َ‬
‫صاره ْم َو َي ْح َف ُظوا ُف ُر َ‬ ‫َي ُغ ُّ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و هالذ َ‬
‫ين ُه ْم لف ُروجه ْم حافظون}[املعارج‪.]29 :‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ت أيۡ َم ى ُن ُه ۡم فإ َن ُه ۡم غ ۡ ُ‬
‫ري َِّلوم َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫لَع أ ۡز َو ىجه ۡم أ ۡو َما َِّلك ۡ‬ ‫َ‬
‫ِي ‪} ٦‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إَِّل ى‬
‫واملعنى‪ :‬إال على زوج اتهم التي أحلها هللا تعالى لهم بعقد صحيح‪ ،‬أو ما ملكت أيمانهم من اإليماء‪ ،‬فال‬
‫بهن‪.‬‬‫جماعهن واالستمتاع ّ‬ ‫ّ‬ ‫لوم عليهم وال حرج في‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ْ ْ ََ َ ْ ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫مان ُه ْم فإ هن ُه ْم غ ْي ُر َملومين}[املعارج‪.]30 :‬‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إَل َعلى أزواجهم أو ما ملكت أي‬

‫َ ُ ُ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ َى‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٧‬‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ف َم ِن ٱ ۡب َت َ ى‬
‫غ َو َرا َء ذ ىل ِك فأولئِك هم ٱلعاد‬
‫واملعنى‪ :‬فمن طلب غير ذلك من الزوجات واإلماء‪ ،‬فأولئك هم املجاوزون الحالل إلى الحرام‪.‬‬
‫ُ َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫العادون}[املعارج‪.]31 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ف َمن ْابتغى َور َاء ذل َك فأولئ َك ُه ُم‬

‫َ َ ُ ۡ َ ى َ ى ۡ َ َ ۡ ۡ َى ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين هم ِلمنت ِ ِهم وعه ِدهِم رع‬
‫واملعنى‪ :‬والذين هم مؤدون آماناتهم التي اؤتمنوا عليها إلى أهلها‪ ،‬وهم موفون بعهودهم‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ۡ َ ۡ َ َ ُ ُّ‬ ‫األم َانات إ َلى َأ ْ‬
‫َّللا َي ْأ ُم ُر ُك ْم َأ ْن ُت َؤ ُّدوا َ‬
‫ب أن ت َولوا ُو ُجوهك ۡم ق َِبل‬ ‫َ‬ ‫{إ هن ه َ‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫س‬‫ي‬ ‫ل‬ ‫۞‬ ‫{‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫وقال‬ ‫]‪،‬‬ ‫‪58‬‬ ‫لنساء‪:‬‬‫}[ا‬ ‫ا‬‫ه‬ ‫ل‬ ‫ه‬
‫لَع ُحبِهِۦ‬ ‫اِت ٱل ۡ َم َال َ َ ى‬
‫َ ََ َ‬
‫بٔن وء‬ ‫ك ِة َوٱ ۡلك َِتى َ َ‬ ‫َ ۡ َ َى َ‬ ‫ٱل ۡ َم ۡشق َوٱل ۡ َم ۡغرب َو َل ى ِ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ‬
‫كن ٱل ِب من ءامن ب ِٱَّللِ وٱَلو ِم ٱٓأۡلخ ِِر وٱلملئ ِ‬
‫ب وٱل ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫لصل ىوةَ َو َءاِت ٱ َلزك ىوةَ َوٱل ُموفون ب ِ َع ۡه ِده ِۡم‬ ‫ام ٱ َ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ِي َوف ٱلرقاب َوأق َ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫لسائل َ‬ ‫لسب َ َ‬
‫يل وٱ ِ‬
‫م َوٱل َم َ ى َ َ ۡ َ َ‬
‫سكِي وٱبن ٱ ِ ِ‬ ‫َذوِي ٱلق ۡر َ ى‬
‫ب َوٱَلَ َتى َ ى‬ ‫ُ‬
‫ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ َى َ َ َ َ َ ُ َ ُ َى َ ُ ُ ۡ ُ َ ُ َ‬ ‫لصب َ‬‫َ َ َ ُ َ َى‬
‫ين ِِف ٱلأساءِ وٱلُضاءِ وحِي ٱلأ ِس أولئِك ٱَّلِين صدقوا وأولئِك هم ٱلمتقون ‪[}١٧٧‬البقرة‪:‬‬‫إِذا ع ىهدوا وٱ ِ ِ‬
‫‪.]177‬‬
‫َ ه َ ُ ْ َ َ ْ َ َْ ْ َ ُ َ‬
‫اعون}[املعارج‪.]32 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬والذين هم ألماناتهم وعهدهم ر‬

‫ُ‬
‫َ َ ُ ۡ ى َ َى ۡ َ ُ َ‬‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٩‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين هم لَع صلوت ِ ِهم ياف ِظ‬
‫واملعنى‪ :‬والذين هم مواظبون ومداومون على أداء صلواتهم الخمس‪.‬‬
‫ُ َ‬ ‫ين ُه ْم َع َلى َ‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و هالذ َ‬
‫صالته ْم ُي َحافظون}[املعارج‪.]34 :‬‬

‫َ ُ ُ َى َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ َى‬


‫ون ‪} ١٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أولئِك هم ٱلورِث‬
‫واملعنى‪ :‬أولئك املؤمنون املوصوفون بالصفات املذكورة هم الوا ثون ّ‬
‫الجنة‪ ،‬املكرمون فيها‪ ،‬كما قال‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ َ َه‬
‫ات ُمك َر ُمون}[املعارج‪.]35 :‬‬
‫تعالى‪{ :‬أولئك في جن ٍ‬

‫َ َ َ ۡ َۡ َ ُ ۡ َ َى ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ١١‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِين ي ِرثون ٱلفِردوس هم فِيها خ ِِل‬
‫واملعنى‪ :‬هم الذين يرثون جنات الفردوس‪ ،‬هم ماكثون فيها خالدون‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َۡ ُ َ ُ ُ‬ ‫ّ‬
‫ل َنة ٱل ِت نورِث م ِۡن ع َِبادِنا َمن َكن‬ ‫وقد أكد هللا تبارك وتعالى معنى هذه اآلية في قوله تعالى‪ { :‬ت ِلك ٱ‬
‫َ ُ ۡ َ َى َ َ َ ۡ َ َ ۡ ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪[}٧٣‬الزخرف‪.]73 :‬‬ ‫تقِيا ‪[} ٦٣‬مريم‪ ،]63 :‬وقوله تعالى‪ { :‬لكم فِيها فكِهة كثِرية مِنها تأكل‬

‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬


‫نس َن مِن ُسل ىلة مِن طِي ‪} ١٢‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َق ۡد َخلق َنا ٱ ِإل َ ى‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد خلقنا أبا اإلنسان آدم من جزء مستخرج من الطين‪.‬‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ُ { :‬ه َو هالذي َخ َل َق ُك ْم م ْن طين}[األنعام‪ ،]2 :‬وقوله تعالى‪{ :‬إنا خل َ‬
‫قن ُهم من‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫َََ ََ َ‬ ‫ه‬
‫نس َن من صلصال من ح َمإ همسنون}[الحجر ‪،]26 :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قنا اإل َ‬ ‫طين َلزب}[الصافات‪ ]11 :‬وقوله تعالى‪{ :‬ولقد خل‬
‫َ َ َ َ ه‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬
‫لصال كالفخار}[الرحمن ‪.]14 :‬‬ ‫نسان من ص‬ ‫وقوله تعالى‪{ :‬خل َق اإل‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ث َم َج َعل َنى ُه ُن ۡط َفة ِِف ق َرار َمكِي ‪} ١٣‬‬
‫ّ‬
‫فتستقر في أرحام النساء‪ ،‬كما قال‬ ‫ثم جعلنا نسله نطفة من مني الرجال تخرج من أصالبهم‪،‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َ َ ُْ َ َ َ َ‬
‫وم‪ .‬فق َد ْرنا فن ْع َم القاد ُرون}[املرسالت‪:‬‬ ‫َ َ ََْ ُ َ َ َ‬ ‫ََ ْ َ ُْ ْ ُ ْ ْ َ َ‬
‫تعالى‪{ :‬ألم نخلقكم من م ٍاء مه ٍين‪ .‬فجعلنا في قر ٍار مك ٍين‪ .‬إلى قد ٍر معل ٍ‬
‫‪.]22-23‬‬
‫ُ َ َ َ ۡ َ ُّ ۡ َ َ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ ى َ َ َ ۡ َ ۡ َ ى َ َ ۡ ُ‬
‫لما ث َم‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ثم خلقنا ٱلطفة علقة فخلقنا ٱلعلقة ِّضغة فخلقنا ٱلمضغة عِظما فكسونا ٱلعِظم‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ َ ۡ َى ُ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ ۡ َ ُ ۡ َ‬
‫أنشأنه خلقا ءاخر ر فتبارك ٱَّلل أحسن ٱلخلِقِي ‪} ١٤‬‬
‫ً‬ ‫واملعنى‪ :‬ثم ّ‬
‫حولنا النطفة عن صفاتها إلى صفة العلقة وهي الدم الجامد‪ ،‬فخلقنا العلقة مضغة وهي‬
‫فصيرنا املضغة عظاما‪ ،‬فكسونا العظام لحما‪ ،‬ثم أنشأناه خلقا آخر بنفخ الروح‬ ‫قطعة لحم قدر ما يمضغ‪ّ ،‬‬
‫ُُ َ َ‬ ‫ُ ًَْ ْ َ ْ َْ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫َ ُُْ ُ‬
‫الث}[الزمر‪ ،]6 :‬فتبارك هللا‬ ‫ات ث ٍ‬‫فيه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يخلقك ْم في بطون أ هم َهاتك ْم خلقا من بعد خل ٍق في ظلم ٍ‬
‫َْ‬ ‫ُ َ ه ُ َ ُ‬
‫صو ُرك ْم في األ ْر َحام‬ ‫واملصورين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬هو الذي ي‬ ‫ّ‬ ‫وتعالى الذي أحسن كل ش يء وهو أحسن املقدرين‬
‫َ َ َ‬
‫ك ْيف َيش ُاء}[آل عمران‪.]6 :‬‬
‫اب ث هم م ْن‬
‫َ َْ ْ َ ه َََْ ُ ْ ْ َُ ُ‬ ‫َ َ ُّ َ ه ُ ْ ُ ْ ُ ْ َ ْ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬يا أيها الناس إن كنتم في ري ٍب من البع َث فإنا خلقناكم َمن تر ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َْ ُ ه ْ ََ َ ُ ه ْ ُ ْ َ َه َ َ َه َ ُ َ َ ُ ُ‬
‫ضغ ٍة ُمخلق ٍة َوغ ْير ُمخلق ٍة لن َبين لك ْم َونق ُّر في األ ْر َحام َما نش ُاء إلى أ َج ٍل ُم َس ًّمى ث هم‬ ‫نطف ٍة ثم من علق ٍة ثم من م‬
‫ًْ‬ ‫ُ ْ ُ‬
‫نخر ُجك ْم طفال}[الحج‪.]5 :‬‬

‫َ َ ُ َۡ َ ى َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫ون ‪} ١٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ثم إِنكم بعد ذل ِك لميِت‬
‫واملعنى‪ :‬ثم ّإنكم أيها الناس بعد هذه الخلقة والنشأة ملصيرون إلى املوت‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ه ُ‬
‫َّللا‬
‫َََ ُ ُ َ ه ُ‬
‫خلقك ْم ث هم َيت َوفاك ْم}[النحل‪.]70 :‬‬

‫َ َ ُ ۡ َۡ َ َى َ ُۡ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫ون ‪} ١٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ثم إِنكم يوم ٱلقِيمةِ تبعث‬
‫ُ ه ه ُ ُ ْ ُ ه ْ ََ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ثم إنكم يوم القيامة ملبعوثون أحياء للنشأة اآلخرة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ثم َّللا ينش ئ النشأة‬
‫َ‬
‫اْلخ َرة}[العنكبوت‪.]20 :‬‬

‫َ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫ُ‬
‫ك ۡم َس ۡب َع َط َرائ َق َو َما ك َنا َعن ٱ َ‬ ‫َ َ ۡ َ َ ۡ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫لل ِق غ ى ِفل َِي ‪}١٧‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولقد خلقنا فوق‬
‫َ‬ ‫ْ ََْ َْ َ‬
‫ف َخل َق ه ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّللا‬ ‫واملعنى‪ :‬ولقد خلقنا فوقكم أيها الناس سبع سماوات طباقا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ألم تروا كي‬
‫كنا غافلين عن أمر جميع املخلوقات‪ ،‬فكلها في علمنا في كتاب مبين‪ ،‬كما‬ ‫َس ْب َع َس َم َاوات ط َب ًاقا}[نوح‪ ،]15 :‬وما ّ‬
‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ ْ‬ ‫ُ َُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫اب‬ ‫س إَل في كت ٍ‬‫قال تعالى‪{ :‬وما تسقط من ورق ٍة إَل يعلمها وَل حب ٍة في ظلمات األرض وَل رط ٍب وَل ياب ٍ‬
‫ُمب ٍين}[األنعام‪.]59 :‬‬

‫َى ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬‫َ ى َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬


‫ون ‪} ١٨‬‬ ‫لَع ذهاب بِهِۦ لقدِر‬ ‫لس َماءِ َما َء بِق َدر فأ ۡسك َنى ُه ِِف ٱلۡر ِض ِإَونا‬
‫نزلَا م َِن ٱ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وأ َ‬

‫معين على قدر حاجتكم ومصلحتكم‪ ،‬وجعلناه مستقرا في‬ ‫واملعنى‪ :‬وأنزلنا من السحاب مطرا بمقدار ّ‬
‫لس َما ِء َما َء ب َق َدر فَأَ َ ۡ‬
‫نشنَا بهِۦ بَ ۡ َ‬
‫ِلة َم ۡيتا ر‬ ‫األرض‪ ،‬وأحيينا بهذا املاء بلدة مجدبة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وٱ ََّلِي نَ َز َل م َِن ٱ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ َى َ ُ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪[}١١‬الزخرف‪ ،]11 :‬وإنا لقادرون على إزالة املاء من األرض‪ ،‬لو شئنا ذلك‪.‬‬ ‫كذل ِك َترج‬

‫ُ‬
‫َ َ َۡ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ََ‬
‫ون ‪} ١٩‬‬ ‫ِيها ف َو ىك ُِه كثِرية ومِنها تأكل‬
‫ك ۡم ف َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فأنشأنا لكم بِهِۦ َج َنىت مِن َنِيل َوأع َنىب ل‬
‫َْ‬
‫واملعنى‪ :‬فأنشأنا بهذا املاء املستقر في األرض لكم بساتين من نخيل وأعناب‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َج َعلنا‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َه‬
‫اب َوف هج ْرنا ف َيها م َن ال ُع ُيون}[يس‪ ،]34 :‬لكم في هذه البساتين فواكه كثيرة األنواع‪،‬‬ ‫يل وأع ٍ‬
‫ن‬ ‫ات من نخ ٍ‬ ‫ف َيها جن ٍ‬
‫وتأكلون من ثمارها‪.‬‬

‫َۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َش َج َرة َت ُر ُج مِن ُطورِ َس ۡي َنا َء تَۢن ُب ُت ب ِٱ َُّل ۡه ِن َو ِص ۡبغ ل ِٓأۡلُكِ َِي ‪} ٢٠‬‬
‫فيدهن ويؤتدم به‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وأنشأنا لكم شجرة الزيتون التي تخرج من جبل طور سيناء‪ ،‬وتأتي بالزيت‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫والشجرة التي تخرج من طور سيناء هي شجرة الزيتون‪ ،‬دل عليه قوله تعالى ‪ُ { :‬يوق ُد من ش َج َرة ُّم َب َركة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫دل عليه قوله تعالى‪َ { :‬يك ُاد َز ُيتها ُيض ُيء}[النور‪:‬‬ ‫يتون ٍة}[النور‪ ،]35 :‬والدهن الذي تنبت به هو زيتها املعروف‪ّ ،‬‬ ‫ز‬
‫‪.]35‬‬

‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫َ َ َۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُُ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬
‫ك ۡم ِف ٱلنۡ َع ى ِم لعِ ۡ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٢١‬‬ ‫ِيها َم َنىفِ ُع كثِرية ومِنها تأكل‬
‫ك ۡم ف َ‬ ‫بة ن ۡسقِيكم ِّ َِما ِِف بطون ِها ول‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون ل‬
‫فإنا نسقيكم مما يخرج من بطون هذا ّ‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫النعم لبنا خارجا من‬ ‫ِ‬ ‫وإن لكم أيها الناس في األنعام‪،‬‬
‫ْ‬ ‫َُ‬
‫بين فرث وبين دم خالصا من الشوائب‪ ،‬سائغا لذيذا طعمه للشاربين‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وإ هن لك ْم في األن َعام‬
‫ً ه َ‬
‫صا َسائغا للشاربين}[النحل‪ ،]66 :‬ولكم فيها منافع‬ ‫يك ْم م هما في ُب ُطونه م ْن َب ْين َف ْرث َو َدم َل َب ًنا َخال ً‬ ‫َ ًَْ ُ ْ ُ‬
‫لعبرة نسق‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ْ َ ْ َ َ َََْ َ ََ ْ َ َ ََ ً َ َ َ ً َ‬
‫كثيرة كأصوافها‪ ،‬وأوبارها‪ ،‬وأشعارها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ومن أصو افها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى‬
‫ح ٍين}[النحل‪ ،]80 :‬وتأكلون من لحومها‪.‬‬

‫َۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬‫ََ ۡ ۡ‬ ‫َ‬


‫ون ‪}٢٢‬‬ ‫ك تمل‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وعل ۡي َها َولَع ٱلفل ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وعلى تلك األنعام في البر وعلى السفن في البحر تركبون وتحملون عليها األحمال الثقال إلى‬
‫ََ ُ‬ ‫َۡ ُ ُ َ‬ ‫َ َ ُ ۡ َۡ َ َ َ‬ ‫َُ َ‬
‫ك ۡم ف َ‬
‫ِيها‬ ‫َّلل ٱَّلِي َج َعل لك ُم ٱلنع ى َم ل ِۡتك ُبوا م ِۡن َها َوم ِۡن َها تأكلون ‪ ٧٩‬ول‬ ‫البقاع البعيدة‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱ‬
‫ُ ُ ُ ۡ َ َ َۡ َ َ ََ ُۡ ۡ ُۡ َ ُ َ‬ ‫َم َنى ِف ُع َو ِِلَ ۡبلُ ُغوا َعلَ ۡي َها َح َ‬
‫ون ‪[}٨٠‬غافر‪.]79-80 :‬‬ ‫ك تمل‬ ‫اجة ِِف صدورِوُكم وعليها ولَع ٱلفل ِ‬

‫ََُ َ‬ ‫َََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫كم م ِۡن إل ىه غ ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َق ۡد أ ۡر َسل َنا نُوحا إ ىل ق ۡو ِمهِۦ ف َقال َي ى َق ۡو ِم ٱ ۡع ُب ُدوا ٱ َ َ‬
‫ون ‪} ٢٣‬‬ ‫ريهُ رۥ أفل تتق‬ ‫ِ ٍ‬ ‫َّلل َما ل‬ ‫ِ‬
‫وهللا لقد أرسلنا نوحا عليه السالم إلى قومه‪ ،‬فقال لهم بتلطف وأدب‪ :‬يا قوم اعبدوا هللا‬ ‫واملعنى‪ِ :‬‬
‫وحده‪ ،‬ليس لكم إله مستحق للعبادة غيره تعالى‪ ،‬فأخلصوا العبادة له وحده‪ ،‬أفال تتقون هللا وتخشون‬
‫عذابه؟‬
‫َ‬
‫َّللا ما ل ُك ْم م ْن إله َغ ْي ُر ُ‬ ‫قال يا َق ْوم ْ‬
‫اع ُب ُدوا ه َ‬ ‫َ‬
‫وحا إلى َق ْومه ف َ‬ ‫ْ‬
‫َ ْ ْ َ ُ ً‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬لقد أرسلنا ن‬
‫َ ُ‬
‫خاف َع َل ْي ُك ْم َع َ‬
‫ذاب َي ْو ٍم َعظ ٍيم}[األعراف‪.]59 :‬‬ ‫إن ي أ‬

‫َ َ َ َ ُ َ َ‬ ‫َ َ َ َ ََ ُۡ ُ ۡ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ََُۡ َ َ َ َ‬


‫يد أن َي َتفضل َعل ۡيك ۡم َول ۡو شا َء‬‫ِين كف ُروا مِن ق ۡو ِمهِۦ ما هىذا إَِّل بش مِثلكم ي ِر‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فقال ٱلملؤا ٱَّل‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ َ َى َ‬
‫َّلل ل َنزل َِّلئِكة َما َس ِم ۡع َنا ب ِ َهىذا ِِف َءابَائ ِ َنا ٱل َول َِي ‪} ٢٤‬‬ ‫ٱ‬
‫يتميز عنكم‬ ‫واملعنى‪ :‬فقال أشراف قومه وسادتهم الكافرين لعامتهم‪ :‬ما هذا الرجل إال بشر مثلكم‪ ،‬ال ّ‬
‫بش يء‪ ،‬وليس له عليكم من فضل‪ ،‬ويريد ْأن يترفع عليكم ويتعاظم بدعوى الرسالة‪ ،‬ولو شاء هللا ْأن يرسل‬
‫إلينا رسوال ألر َسله من املالئكة‪ ،‬ما سمعنا بإرسال البشر فيمن سبقنا من األسالف واألجداد‪.‬‬
‫َ َ َ ْ ََ ُ ه َ َ َ‬
‫ين كف ُروا م ْن‬ ‫ونظير هذه اآلية قولهم لنوح عليه السالم‪ ،‬كما حكاه هللا تعالى في قوله‪{ :‬فقال اَلَل الذ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ ه َ َ ً َْ َ َ َ َ َ َ ه َ َ َ ه ه َ ُ ْ َ َ ُ َ َ َ هْ َ َ َ َ َ ُ ْ َ َ ْ َ ْ َ‬
‫قومه ما نراك إَل بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إَل الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فض ٍل‬
‫َ ُ ُّ ُ َ َ‬
‫َب ْل نظنك ْم كاذبين}[هود‪.]27 :‬‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬إ ۡن ُه َو إَّل َر ُجل بهِۦ ج َنة ف َ َ‬
‫ت َب ُصوا بِهِۦ َح َ ى‬
‫ت حِي ‪} ٢٥‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ه َ ْ َ َُْ ْ َ ْ ُ ُ‬
‫نوح الذي يدعى النبوة‪ ،‬إال رجل به جنون‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬كذبت قبلهم قوم ن ٍ‬
‫وح‬
‫ُ ٌ‬
‫واملعنى‪ :‬قالوا‪ :‬ما‬
‫َ َ ُ‬ ‫ََ ه‬
‫فكذ ُبوا َع ْب َدنا َوقالوا َم ْجنون َوا ْز ُدج َر}[القمر‪ ،]9 :‬فانتظروا عليه إلى وقت إفاقته من جنونه أو إلى وقت موته‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬


‫ون ‪} ٢٦‬‬‫ب ٱنُص ِن بِما كذب ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال ر ِ‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬قال نوح عليه السالم‪ :‬ر ّب انصرني على قومي؛ وأهلكهم بسبب تكذيبهم إياي‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ َ َ َه ُ َ َ ُْ ٌ َ ْ َ‬
‫وب فانتص ْر}[القمر‪.]10 :‬‬ ‫{فدعا ربه أني مغل‬

‫ُ‬ ‫ۡ َ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ ُ َ َ َ ۡ َ َ َ َ َ َ ۡ ُ َ َ َ َ َ ُّ ُ َ ۡ ُ ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬
‫كف َ‬
‫ِيها مِن ُك‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فأ ۡو َح ۡي َنا إِ َۡلهِ أ ِن ٱصنعِ ٱلفلك بِأعينِنا ووحيِنا فإِذا جاء أِّرنا وفار ٱِلنور فٱسل‬
‫َ َ َ َ ُ َ ُ ُّ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ َۡ ُ‬ ‫َۡ َ ۡ َۡۡ َ ۡ َ َ َ‬
‫ون ‪} ٢٧‬‬ ‫ي َوأهلك إَِّل َمن َس َب َق َعل ۡيهِ ٱلق ۡول م ِۡن ُه ۡم َوَّل تخى ِط ۡب ِن ِِف ٱَّلِين ظلموا إِنهم مغرق‬
‫ي ٱ ثن ِ‬
‫زوج ِ‬
‫منا وبرعايتنا وبأمرنا‪ ،‬فإذا حان‬ ‫اصنع يا نوح السفينة بمرأى ّ‬ ‫ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬فأوحينا إلى نوح عليه السالم‪ :‬أن‬
‫أمرنا بإغراقهم‪ ،‬ونبع املاء من التنور‪ ،‬ونزلت األمطار الغزيرة املتتابعة‪ ،‬واجتمع املاء النابع من التنور مع املاء‬
‫ماء ُم ْن َهم ٍر‬ ‫واب ه‬
‫السماء ب ٍ‬ ‫النازل من السماء‪ ،‬على أمر قد قدره هللا تعالى وقضاه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ف َف َت ْحنا َأ ْب َ‬
‫أدخ ْل في السفينة كل‬ ‫لنوح‪:‬‬ ‫قلنا‬ ‫]‪،‬‬ ‫‪10-12‬‬ ‫}[القمر‪:‬‬ ‫ر‬‫ونا َف ْال َت َقى ْاَل ُاء َعلى َأ ْمر َق ْد ُقد َ‬
‫َ َ ه َْ ْ َْ َ ُ ُ ً‬
‫(‪ )11‬وفجرنا األرض عي‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬
‫نوع من أنواع الحيوانات ذكرا و أنثى‪ ،‬واحمل فيها أهل بيتك إال من سبق عليه القول إنه من أصحاب النار‬
‫بأن ترجوني في رحمتهم أو في دفع‬ ‫كامرأتك وابنك‪ ،‬وال تخاطبني وال تراجعني في هؤالء الظاملين من قومك ْ‬
‫ْ ُ َ‬ ‫ه َ ََ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ين ظل ُموا إ هن ُه ْم ُمغ َرقون}[هود‪:‬‬ ‫العذاب عنهم‪ّ ،‬‬
‫فإنهم مغرقون بالطوفان‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وَل تخاط ْبني في الذ‬
‫‪.]37‬‬

‫َ‬
‫لظلِم َ‬ ‫ى‬‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ۡ ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فإذا ٱ ۡس َت َو ۡي َ‬
‫ي ‪} ٢٨‬‬ ‫ل ۡمد َِّللِ ٱَّلِي نى ىنا م َِن ٱلق ۡو ِم ٱ ِ‬ ‫ك فق ِل ٱ‬ ‫نت َو َمن م َعك لَع ٱلفل ِ‬ ‫تأ َ‬
‫ِ‬
‫استقر بك ومن معك املكان في السفينة آمنين من الغرق‪ ،‬فقل‪ :‬الحمد هلل الذي نجانا‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬فإذا‬
‫من القوم الظاملين‪.‬‬
‫ّ‬
‫وهذا األمر كان بعد ْأن أمر نوحا قومه ْأن يدعو عند ركوب السفينة بدعاء علمه هللا تعالى‪ ،‬وهو ما‬
‫اها}[هود‪.]41 :‬‬ ‫حكاه هللا تعالى في قوله‪َ { :‬و َق َ‬
‫ال ْار َك ُبوا ف َيها ب ْسم هَّللا َم ْج َر َاها َو ُم ْر َس َ‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ُ َ ُّ َ َ َ َ َ ۡ ُ ُ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ‬
‫زنل َِي ‪} ٢٩‬‬ ‫نزل ِن ِّزنَّل مبارك وأنت خري ٱلم ِ‬ ‫بأ ِ‬
‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وقل ر ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وقل يا نوح عند النزول من السفينة‪ :‬ر ّب أنزلني منزال مباركا في مكان مبارك آمن وأنت خير‬
‫املنزلين‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫قال اإلمام فخر الرازي‪ :‬قال قتادة‪ :‬علمكم هللا أن تقولوا عند ركوب السفينة‪{ :‬ب ْسم َّللا َمجراها‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َۡ ُ‬ ‫َ ۡ َ ُ َ َى ُ‬
‫لَع ظ ُهورِه ِۦ ث َم تذك ُروا ن ِۡع َمة َربِك ۡم إِذا ٱ ۡس َت َو ۡي ُت ۡم َعل ۡيهِ‬ ‫َو ُم ْرساها}[هود‪ ،]41 :‬وعند ركوب الدابة‪ { :‬ل ِتستوۥا‬
‫ۡ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َو َت ُقولوا ُس ۡب َحى َن ٱَّلِي َس َخ َر لَا َهىذا َو َما ك َنا ُلۥ ُمق ِرن َِي ‪[}١٣‬الزخرف‪ ،]13 :‬أي مطيقين‪ ،‬وعند النزول‪َ { :‬وق ْل َرب‬
‫ُ‬
‫َ ْ ْ ُ ْ َ ً ُ َ ً َ ْ َ َ ْ ُْ َ‬
‫باركا َو أنت خ ْي ُراَلنزلين}[املؤمنون‪.]29 :‬‬ ‫أنزلني منزَل م‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ َن ِِف ذ ىل َِك ٓأَل َي ىت ِإَون ك َنا ل ُم ۡب َتل َِي ‪} ٣٠‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن في ذلك املذكور لدالالت واضحات على صدق الرسل فيما جاؤوا به‪ ،‬وإنا ملختبرون عبادنا‬
‫ًَ َ ْ ْ ه‬ ‫ْ ْ‬
‫من مذك ٍر}[القمر‪.]15 :‬‬ ‫ولقد َتركناها آية فهل‬ ‫بهذه اآليات ليتذكروا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬

‫َۡ ۡ ۡ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ َ‬


‫اخر َ‬
‫ين ‪} ٣١‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬ثم أنشأنا مِن بع ِدهِم قرنا ء ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ثم أنشأنا من بعد قوم نوح قوما آخرين وهم عاد‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫واملراد بقرن آخرين بعد قوم نوح هم قوم هود‪ ،‬بدليل قوله تعالى في شأنهم‪َ { :‬واذك ُروا إذ َج َعلك ْم‬
‫َُ َ ْ َ ْ َ ْ ُ‬
‫وح}[األعراف‪ ،]69 :‬وهو األرجح عند املفسرين‪.‬‬ ‫خلفاء من بعد قوم ٍ‬
‫ن‬

‫ۡ َى َ ۡ ُ ُ َ َ َ َ َ ُ َ‬ ‫ََ َ ُ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ََ ۡ‬
‫ون ‪}٣٢‬‬ ‫َّلل َما لكم مِن إِل ٍه غريه رۥ أفل تتق‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فأ ۡر َسل َنا فِي ِه ۡم َر ُسوَّل م ِۡن ُه ۡم أ ِن ٱع ُب ُدوا ٱ‬
‫واملعنى‪ :‬فأرسلنا فيهم أخاهم هودا عليه السالم وهو واحد منهم‪ ،‬فقال لهم‪ :‬اعبدوا هللا وحده‪ ،‬ليس‬
‫لكم إله مستحق للعبادة غيره تعالى‪ ،‬فأخلصوا العبادة له وحده‪ ،‬أفال تتقون هللا وتخشون عذابه؟‬
‫َ َ َ َ َ ُ ْ ُ ً َ َ َ َ ْ ُْ ُ هَ َ َ ُ ْ ْ َ َُُْ َ ََ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬وإلى ع ٍاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا َّللا ما لكم من إل ٍه غير أفال‬
‫َهُ َ‬
‫تتقون}[األعراف‪]65 :‬‬

‫ۡ َ َ ى ُّ ۡ َ َ َ ى َ َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ َََۡۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ َ َ ََُ ََ َ‬ ‫ََ َ َۡ َُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وقال ٱلمل مِن قومهِ ٱَّلِين كفروا ووُكذبوا بِل ِقاء ٱٓأۡلخِرة وأترفنهم ِِف ٱليوة ٱَلنيا ما هذا إَِّل بش‬
‫َ َى ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ ُ ۡ َ ُ‬ ‫ََ ۡ ََ ُۡ ََ‬ ‫ۡ ُ ُ ۡ َۡ ُ ُ َ َۡ ُ ُ َ ۡ ُ َ َۡ َ ُ َ َۡ َ ُ َ‬
‫مِثلكم يأكل ِِّما تأكلون مِنه ويشب ِِّما تشبون ‪ ٣٣‬ولئِن أطعتم بشا مِثلكم إِنكم إِذا لخ ِّسون ‪٣٤‬‬
‫ََۡ َ ََۡ َ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ ُّ ۡ‬ ‫َ َ ُ ُ ۡ َ َ ُ ۡ َ ُّ ۡ َ ُ ُ ُ‬
‫ون ‪}٣٦‬‬ ‫نت ۡم ت َرابا َوعِظىما أنكم ُّم َر ُجون ‪۞ ٣٥‬هيهات هيهات ل ِما توعد‬ ‫أيعِدكم أنكم إِذا مِتم ووُك‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُ َ ُّ ۡ َ َ ُ ُ َ ۡ َ َ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ ۡن ِ َ‬
‫َن ُن ب ِ َم ۡب ُعوث َِي ‪} ٣٧‬‬ ‫ه إَِّل حياتنا ٱَلنيا نموت وَنيا وما‬
‫واملعنى‪ :‬وقال املأل منهم لعامتهم‪ :‬ما هذه الحياة إال حياتنا الدنيا‪ ،‬نموت ونحيا فيها‪ ،‬وما نحن بمبعوثين‬
‫بعد موتنا‪.‬‬
‫وهذا االعتقاد هو شبهة جميع الكفار في جميع العصور‪ ،‬وقد قال كفار قريش مثله‪ ،‬كما حكاه هللا‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ْ َ ه َ َ ُ َ ُّ ْ‬
‫الدن َيا َو َما ن ْح ُن ب َم ْب ُعوثين}[األنعام‪ ،]29 :‬وقوله‪َ { :‬وقالوا َما ه َي إَل‬ ‫تعالى في قوله‪{ :‬وقالوا إن هي إَل حياتنا‬
‫ُّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وت َو َن ْح َيا َو َما ُي ْهل ُك َنا إَل ه‬
‫َ َ ُ َ ُّ ْ َ َ ُ ُ‬
‫الد ْه ُر َو َما ل ُه ْم بذل َك م ْن عل ٍم إن ُه ْم إَل َيظنون}[الجاثية‪.]24 :‬‬ ‫حياتنا الدنيا نم‬

‫َ َ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫ُ ۡ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ َۡ ُ َُ ُ ۡ َ‬ ‫ۡ َُ َ َ ُ ََۡ ى ََ َ َ‬
‫ون ‪ ٣٩‬قال‬ ‫ى لَع ٱَّللِ كذِبا وما َنن لۥ بِمؤ ِمن ِي ‪ ٣٨‬قال ر ِ‬
‫ب ٱنُص ِن بِما كذب ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن هو إَِّل رجل ٱفت‬
‫َع َما قَل ِيل ََلُ ۡصب ُ‬
‫ح َن َنى ِدم َ‬
‫ِي ‪} ٤٠‬‬ ‫ِ‬

‫َ‬
‫لظلِم َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فأ َخذ ۡت ُه ُم ٱ َ‬
‫لص ۡي َ‬ ‫ََ َ‬
‫ي ‪} ٤١‬‬ ‫ل ِق فجعلنى ُه ۡم غثاء ر ف ُبعدا ل ِلق ۡو ِم ٱ ِ‬‫حة بٱ َ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فأخذت هؤالء األقوام صيحة جبريل الواحدة من السماء‪ ،‬فجعلناهم وصيرناهم هلكى‬
‫هامدين كغثاء السيل البالي‪ ،‬الذي اختلط بزبده‪ ،‬فهالكا لهؤالء القوم الظاملين بظلمهم وكفرهم‪ ،‬كما قال‬
‫لظلِم َ‬‫َى‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ي ‪[}٧٦‬الزخرف‪.]76 :‬‬ ‫كن َكنوا ه ُم ٱ ِ‬ ‫تعالى‪َ { :‬و َما ظل ۡمنى ُه ۡم َول ى ِ‬

‫ُ َ َ ۡ‬
‫اخر َ‬
‫ين ‪} ٤٢‬‬ ‫َ َ‬
‫ء‬ ‫ا‬ ‫ون‬‫ر‬‫نشأنَا مِن َب ۡع ِده ِۡم قُ ُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ث َم أ‬
‫ِ‬

‫ُ َ‬
‫ون ‪} ٤٣‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ما ت َ ۡسب ُق م ِۡن أُ َمة أَ َجلَ َها َو َما ي َ ۡس َ‬
‫تٔٔۡخِر‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫املقدر لهالكها‪ ،‬وال تتأخر عنه‪ ،‬فلكل أمة وقت‬‫واملعنى‪ :‬ما تتقدم أي أمة من هذه األمم املكذبة وقتها ّ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ُ ُ ه َ َ ٌ َ َ َ َ َ َُُ ْ َ َ ْ َْ ُ َ َ َ ً‬
‫اعة َوَل َي ْستقد ُمون}[األعراف‪.]34 :‬‬ ‫محدد‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ولكل أم ٍة أجل فإذا جاء أجلهم َل يستأخرون س‬

‫َ َ َ ۡ َىُ ۡ َ َ َ َ‬ ‫ُ َ َۡ َ َۡ ُ ُ ََ ََۡ َُ َ َ َ َُ َ ُ َُ َ َ ُ ُ َََۡ ۡ َ َ ۡ َ‬


‫ِيث ف ُب ۡعدا‬
‫ر‬ ‫د‬ ‫ا‬‫ح‬‫أ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ج‬‫و‬ ‫ا‬‫ض‬‫ع‬‫ض ُهم َب ۡ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ثم أرسلنا رسلنا تتا ُك ما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بع‬
‫َ ۡ َ ُۡ ُ َ‬
‫ون ‪}٤٤‬‬ ‫ل ِقوم َّل يؤمِن‬
‫ُ ُ‬ ‫َْ‬ ‫ََ‬
‫واملعنى‪ :‬ثم أرسلنا رسلنا يتبع بعضهم بعضا في كل أمة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولق ْد َب َعثنا في كل أ هم ٍة‬
‫ْ‬ ‫ً َ ْ‬
‫َر ُسوَل}[النحل‪ ،]36 :‬كلما دعا رسول أمته كذبوه واستهزؤا به‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬يا َح ْس َرة َعلى الع َباد َما َيأتيه ْم‬
‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫م ْن َر ُسو ٍل إَل كانوا به َي ْس َت ْهزئون}[يس‪ ،]30 :‬فأتبعنا بعضهم بعضا بالهالك والدمار‪ ،‬وجعلناهم أخبارا للناس‬
‫َ َ ََْ ُ ْ َ َ َ َ َ ه ْ َ ُ ُ‬
‫اه ْم ك هل ُم َم هز ٍق}[سبأ‪ ،]19 :‬فبعدا وهالكا لقوم ال‬ ‫وأحاديث لهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فجعلناهم أحاديث ومزقن‬
‫يصدقون الرسل‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ث َم أ ۡر َسل َنا ُِّ َ ى َ َ ُ َ ُ َ َ َ َ ُ َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ َ‬
‫وس وأخاه هىرون ب ِأي ىتِنا وسلطىن مب ِ ٍ‬
‫ي ‪} ٤٥‬‬
‫ثم أرسلنا موس ى وأخاه هارون عليهما السالم بآياتنا البينات‪ ،‬ودالئل ظاهرة دالة على وحدانية‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫هللا تعالى وقدرته‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬
‫ْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫طان ُمب ٍين}[هود‪ ،]96 :‬وقوله تعالى‪{ :‬‬
‫َ ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ولقد أرسلنا موس ى بآياتنا وسل ٍ‬
‫َ َ َ ُ ۡ َ ُّ‬ ‫َولَ َق ۡد أ ۡر َس ۡل َنا ُِّ َ ى‬
‫ي ‪[}٢٣‬غافر‪.]23 :‬‬ ‫بَٔٔاي ىتِنا وسلطىن مب ِ ٍ‬
‫وس ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫بوا َوكنُوا ق ۡوما ََعل َِي ‪} ٤٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ ىل ف ِۡر َع ۡو َن َو ََِّليهِۦ فٱ ۡس َتك َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬إلى فرعون وأشراف قومه‪ ،‬فاستكبروا عن اإليمان‪ ،‬وكانوا قوما متطاولين عالين متكبرين‪ ،‬كما‬
‫قال تعالى‪ { :‬إ َن ف ِۡر َع ۡو َن َع َل ِف ٱ ۡلَۡر ِض َو َج َع َل أَ ۡه َل َها ش َِيعا ي َ ۡس َت ۡضعِ ُف َطائ َفة م ِۡن ُه ۡم يُ َذب ُح َأ ۡب َنا َء ُه ۡم َوي َ ۡس َت ۡحۦ ن َِساءَ ُهمۡ‬
‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ۡ ۡ‬ ‫َ َ َ‬
‫سد َ‬
‫ِين ‪[}٤‬القصص‪.]4 :‬‬ ‫إِن ُهۥ َكن م َِن ٱل ُمف ِ‬

‫ََ ُ َُۡ ُ َ َ َ ۡ ۡ َ ََۡ ُ ُ َ ََ َى ُ َ‬


‫ون ‪}٤٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فقالوا أنؤمِن ل ِبشي ِن مِثل ِنا وقوِّهما لا عبِد‬

‫وه َما فَكنُوا م َِن ٱل ُم ۡهلك َ‬ ‫َ‬


‫ُ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِي ‪}٤٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فكذب‬
‫واملعنى‪ :‬فكذب فرعون وقومه موس ى وهارون عليهما السالم‪ ،‬فكانوا من املهلكين بالغرق في اليم‪ ،‬كما‬
‫َ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ْ َ َ ه‬ ‫قال تعالى‪َ { :‬ف ْان َت َق ْم َنا م ْن ُه ْم َف َأ ْغ َر ْق َن ُ‬
‫اه ْم في ال َيم بأ هن ُه ْم كذ ُبوا ب َآياتنا َوكانوا َع ْن َها غافلين}[األعراف‪.]136 :‬‬
‫َى َ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َق ۡد َءاتَ ۡي َنا ُِّ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}٤٩‬‬‫وس ٱلكِتب لعلهم يهتد‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد آتينا موس ى عليه السالم التوراة؛ ليهتدي بها قومه إلى الفوز بالسعادة في الدارين‪ ،‬كما‬
‫َ ََۡ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ َ ََۡ َۡ ُُۡ َ ُۡ َ‬ ‫وس ٱ ۡلك َِتى َ‬‫قال تعالى‪َ { :‬ولَ َق ۡد َءاتَ ۡي َنا ُِّ َ‬
‫ْحة ل َعل ُه ۡم‬ ‫ول بَ َصائ ِ َر ل َِلن ِ‬
‫اس َوهدى ور‬ ‫ون ٱل ى‬ ‫ب مِن بع ِد ما أهلكنا ٱلقر‬
‫ََ َ َُ َ‬
‫ون ‪[}٤٣‬القصص‪.]43 :‬‬ ‫يتذكر‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ۡ‬


‫ات ق َرار َو َمعِي ‪} ٥٠‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َج َعلنا ٱب َن َِّ ۡريَ َم َوأم ُهۥ َءايَة َو َء َاوينى ُه َما إ ِ ىل َرب َوة ذ ِ‬
‫ً‬ ‫وأمه آية دالة على قد تنا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َج َع ْل َن َ‬
‫اها َو ْاب َن َها َآية‬ ‫واملعنى‪ :‬وجعلنا عيس ى ابن مريم ّ‬
‫ر‬
‫َ َ‬ ‫ْ َ َ‬
‫لل َعاَلين}[األنبياء‪ ،]91 :‬وجعلنا لهم مأوى في مكان مرتفع‪ ،‬فيه نهر جار من تحتهما‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ف َنادى ى َها مِن‬
‫ۡ‬
‫ت َت ِ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬
‫سيا ‪[} ٢٤‬مريم‪.]24 :‬‬
‫ك ِ‬ ‫تت ِ َها أَّل ت َز ِن قد َج َعل َرب ِ‬
‫ك‬

‫ُ‬
‫َ َۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُُ‬ ‫َ‬
‫ون َعل ِيم ‪} ٥١‬‬ ‫ت َوٱع َملوا ص ىل ِحا إ ِ ِن بِما تعمل‬‫لطي ِ َبى ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱ ُّلر ُسل ُكوا م َِن ٱ َ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها الرسل كلوا من طيبات الحالل‪ ،‬واعملوا األعمال الصالحة‪ ،‬إني بكل ما تعملون عليم‪.‬‬
‫ّ‬
‫روى اإلمام مسلم بسنده عن أبي هريرة رض ي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬يا‬
‫ُُ‬
‫الر ُس ُل كلوا‬‫وإن هللا أمر املؤمنين بما َأم َر به املرسلين فقال‪{ :‬يا َأ ُّي َها ُّ‬ ‫طيبا‪ّ ،‬‬
‫طيب ال يقبل إال ً‬ ‫أيها الناس‪ّ ،‬إن هللا ٌ‬
‫ۡ ُ‬ ‫َى َ ُّ َ َ َ َ َ ُ ُ ُ‬ ‫ً‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ ه‬
‫ت َما َر َزق َنىك ۡم‬ ‫امنوا ُكوا مِن َطي ِ َبى ِ‬ ‫من الطيبات َواع َملوا صالحا}[املؤمنون‪ ،]51 :‬وقال‪ { :‬يأيها ٱَّلِين ء‬
‫ون ‪[}١٧٢‬البقرة‪ ،]172 :‬ثم ذكر الرجل يطيل السفر َأ ْش َع َث َأ ْغ َب َر‪َ ،‬وم َ‬ ‫ُ ُۡ َ ُ َُُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ‬
‫طع ُمه‬ ‫َوٱشك ُروا َِّللِ إِن كنتم إِياه تعبد‬
‫َّ‬
‫مد يديه إلى السماء‪ :‬يا ر ّب يا ر ّب فأنى ُيستجاب‬ ‫وغ ّذي بالحرام َي ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫حر ٌام‪َ ،‬وم َ ُ‬
‫شربه حر ٌام وملبسه من حرام‪ِ ،‬‬
‫لذلك"‪.‬‬

‫َ ُ ُ ۡ َ َ َ َ َ َ ُّ ُ ۡ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون هى ِذه ِۦ أمتكم أمة و ىحِدة وأنا ربكم فٱتق ِ‬
‫ون ‪} ٥٢‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن ملة التوحيدالتي تدعون قومكم إليها أيها األنبياء هي ملة واحدة وشريعة واحدة‪ ،‬يتفق‬
‫عليها جميع األنبياء واملرسلين‪ ،‬وأنا هللا الذي ال إله إال أنا رّبكم املتفرد بالربوبية فاتقوني وحدي واعبدوني‪ ،‬كما‬
‫قال تعالى‪{ :‬إ هن َهذ ُأ هم ُت ُك ْم ُأ هم ًة َواح َد ًة َو َأ َنا َرُّب ُك ْم َف ْ‬
‫اع ُب ُدون}[األنبياء‪.]92 :‬‬

‫َ َۡ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٥٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ف َتق َط ُعوا أ ِّۡ َرهم بَ ۡي َن ُه ۡم ُزبُرا ُك ح ِۡزب بِما َلي ِهم ف ِرح‬
‫وفرقوا أمر دينهم شيعا وأحزابا‪ ،‬وصار كل حزب منهم‪ ،‬مسرورا‬ ‫واملعنى‪ :‬فاختلف الناس على رسلهم‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ََ ه َ‬
‫بما هو عليه‪ ،‬وهم إلينا راجعون‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وتقط ُعوا أ ْم َر ُه ْم َب ْي َن ُه ْم ك ٌّل إل ْينا َراج ُعون}[األنبياء‪.]93 :‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فذ ۡر ُه ۡم ِِف غ ۡم َرت ِ ِه ۡم َح َ ى‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ِي ‪} ٥٤‬‬
‫تح ٍ‬
‫واملعنى‪ :‬فذرهم أيها الرسول في ضاللتهم وغيهم إلى حين موتهم أو رؤيتهم مقدمات العذاب‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬ ‫َ ْ ُ ْ َْ ُُ َََ َ ه ُ َُْ ُ َ َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫األم ُل ف َس ْوف‬ ‫ين أ ْمهل ُه ْم ُر َو ْي ًدا}[الطارق‪ ،]17 :‬وقال تعالى‪{ :‬ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم‬ ‫تعالى‪{ :‬ف َمهل الكافر‬
‫َ َ‬
‫َي ْعل ُمون}[الحجر‪.]3 :‬‬

‫َ‬ ‫ََ‬
‫ون أ َن َما نُ ِم ُّد ُهم بِهِۦ مِن َمال َوبَن َِي ‪} ٥٥‬‬
‫ۡ َ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أيسب‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬أيحسب هؤالء الكفار أنما نمدهم به من أموال وبنين في الدنيا هو خير لهم؟ كال‪ ،‬كما قال‬
‫َ َ ْ َ َ ه ه َ َ َ ُ َه َ ُ ْ َ ُ ْ ٌَْ ْ‬
‫ألن ُفسه ْم إ هن َما ُن ْملي َل ُه ْم ل َي ْز َد ُادوا إ ْث ًما َو َل ُه ْم َع َذ ٌ‬
‫اب‬ ‫تعالى‪{ :‬وَل يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير‬
‫ُمه ٌين}[آل عمران‪.]178 :‬‬

‫َ ُُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫ون ‪} ٥٦‬‬ ‫ت بَل َّل يشعر‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ن َسارِع ل ُه ۡم ِِف ٱل ۡي َر ى ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنما نعجل لهم في الخيرات استدراجا وفتنة لهم‪ ،‬ولكنهم ال يشعرون بذلك‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َْ ُ‬ ‫ُّ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫{ َفال ُت ْعج ْب َك َأ ْم َو ُال ُه ْم َوَل َأ ْو ُ‬
‫َلد ُه ْم إ هن َما ُير ُيد ه ُ‬
‫الدن َيا َوت ْز َه َق أنف ُس ُه ْم َو ُه ْم‬ ‫َّللا ل ُي َعذ َب ُه ْم ب َها في ال َح َياة‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كاف ُرون}[التوبة‪ ،]55 :‬وقال تعالى‪َ { :‬سن ْست ْدر ُج ُه ْم م ْن َح ْيث َل َي ْعل ُمون * َوأ ْملي ل ُه ْم إ هن ك ْيدي َمت ٌين}[القلم‪:‬‬
‫‪.]44-45‬‬

‫ُّ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٥٧‬‬ ‫ِين هم م ِۡن خش َيةِ َرب ِ ِهم ِّش ِفق‬‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّل‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن الذين هم من خشيتهم عذاب ّربهم مشفقون وجلون‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و هالذ َ‬
‫ين ُه ْم م ْن‬
‫ْ ُ َ‬
‫َعذاب َربه ْم ُمشفقون}[املعارج‪.]27 :‬‬

‫َ َ ُ َى َ ۡ ُ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٥٨‬‬ ‫ت رب ِ ِهم يؤمِن‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين هم ب ِأي ِ‬
‫َ َ َ ْ‬
‫ص هدقت‬ ‫واملعنى‪ :‬والذين هم بآيات بهم القرآنية والكونية ّ‬
‫يصدقون‪ ،‬كما قال تعالى إخبارا عن مريم‪{ :‬و‬ ‫ر‬
‫َْ َ‬ ‫ُُ َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫بكل َمات َرب َها َوكتبه َوكانت م َن القانتين}[التحريم‪.]12 :‬‬

‫َ‬ ‫َ َ ُ َ ۡ ُۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٥٩‬‬ ‫شوُك‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين هم بِرب ِ ِهم َّل ي ِ‬
‫َ َ َ َ‬
‫ِين َّل‬
‫واملعنى‪ :‬والذين هم بربهم ال يشركون‪ ،‬وال يعبدون من دونه إلها آخر‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وٱَّل‬
‫ۡ ۡ َ َ ۡ ََ‬ ‫َۡ َ َ ُ َ‬ ‫َََ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ ُ َ ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ون َو َمن َيف َعل ذ ىل ِك يَل َق أثاما‬
‫ل ِق َوَّل ي ۡزن ر‬ ‫َّلل إَِّل ب ِٱ‬ ‫يَ ۡد ُعون َم َع ٱَّللِ إِل ىها َءاخ َر َوَّل َيق ُتلون ٱلَف َس ٱل ِت حرم ٱ‬
‫‪[}٦٨‬الفرقان‪.]68 :‬‬

‫َ ُ ۡ ى َ ۡ َى ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َ َ ُۡ ُ َ َ َ َ َ ُُ ۡ َ‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٦٠‬‬ ‫جع‬
‫جلة أنهم إِل رب ِ ِهم ر ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين يؤتون ما ءاتوا وقلوبهم و ِ‬
‫واملعنى‪ :‬والذين يجتهدون في عبادتهم وأعمالهم الصالحة‪ ،‬وقلوبهم خائفة أال تقبل أعمالهم‪ ،‬وأال‬
‫َ َ َ ُ ُ َ‬
‫ِين َيقولون َر َب َنا‬
‫تنجيهم من عذاب ربهم إذا رجعوا إليه يوم القيامة‪ ،‬فيقولون كما حكاه هللا تعالى في قوله‪ { :‬وٱَّل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫اب َج َه َن َم إ ِ َن َعذ َاب َها َك َن غ َراما ‪[}٦٥‬الفرقان‪.]65 :‬‬
‫ٱ َۡصف َع َنا َعذ َ‬
‫ِ‬

‫َ ۡ َى َ ُ ۡ َ َ ى ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُى ُ َ‬‫ۡ‬ ‫ُ َى‬


‫ون ‪} ٦١‬‬ ‫ت وهم لها سبِق‬ ‫س ِرعون ِِف ٱلير ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أولئِك ي‬
‫واملعنى‪ :‬أولئك املوصوفون بتلك الصفات املذكورة هم الذين يبادرون في الخيرات والطاعة‪ ،‬وهم‬
‫سابقون الناس إليها‪ ،‬ال أولئك الكفار الذين أمددناهم من مال وبنين‪.‬‬
‫واملسارعة إلى الطاعات والخيرات كانت سببا من أسباب استجابة الدعاء‪ ،‬فقد استجاب هللا تعالى‬
‫َ َ‬ ‫َ ْ َ َ َ‬
‫است َج ْبنا ل ُه َو َو َه ْبنا ل ُه َي ْح َيى‬‫دعاء زكريا عليه السالم ألنهم كانوا يسارعون في الخيرات‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ف‬
‫َ‬ ‫َ ُ ََ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ َْ َ َ َ‬
‫صل ْحنا ل ُه ز ْو َج ُه إ هن ُه ْم كانوا ُي َسار ُعون في الخ ْي َرات َو َي ْد ُعوننا َرغ ًبا َو َر َه ًبا َوكانوا لنا خاشعين}[األنبياء‪.]90 :‬‬‫وأ‬

‫َ ُ ۡ َ َ َ َ َ ۡ َ َى َ ُ َۡ َ ُ ۡ َ ُ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ ُ َ ُ َۡ‬
‫ون ‪} ٦٢‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وَّل نكل ِف نفسا إَِّل وسعها ر وَلينا كِتب ين ِطق ب ِٱل ِق وهم َّل يظلم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َۡ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫َّلل نفسا إ َِّل ُو ۡس َع َها ر ل َها َما‬ ‫واملعنى‪ :‬وال نكلف عبدا إال بما يسعه العمل به‪ ،‬كما قال تعالى‪َّ { :‬ل يُكل ِف ٱ‬
‫ََ‬ ‫َ َ ََۡ‬ ‫َ َۡ ۡ َ‬ ‫َ َ َ َ ۡ َۡ‬ ‫َ َُ َۡ‬ ‫كتَ َس َب ۡ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َك َس َب ۡ‬
‫ْحل َت ُهۥ لَع‬ ‫ينا أ ۡو أخ َطأنا ر َر َب َنا َوَّل ت ِمل َعل ۡي َنا إ ِ َۡصا كما‬ ‫ت َر َب َنا َّل تؤاخِذنا إِن ن ِ‬
‫س‬ ‫ت َو َعل ۡي َها َما ٱ‬
‫َ ۡ ُ َ َ َ ۡ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ىَ َ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ٱ ََّل َ‬
‫نُصنا لَع ٱلق ۡو ِم‬ ‫ِين مِن ق ۡبل َِنا ر َر َب َنا َوَّل تَ ِمل َنا َما َّل َطاقة لَا بِهِۦ وٱعف عنا وٱغ ِفر لا وٱرْحنا ر أنت ِّولىنا فٱ‬
‫َ َ َ‬ ‫ك ىفِر َ‬ ‫ۡ َ‬
‫ين ‪[}٢٨٦‬البقرة‪ ،]286 :‬ولدينا كتاب أعمال لكل إنسان يحصيها هللا عليه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬هذا كت ُبنا‬ ‫ِ‬ ‫ٱل‬
‫َ‬ ‫َ ه ُه َ َ ُ َ ُ ُ َ َُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫عملون}[الجاثية‪ ،]29 :‬وهم ال ُيبخسون من جزاء حسناتهم‬ ‫َينط ُق َعليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم ت‬
‫شيئا‪ ،‬وال يزادون في عقاب سيئاتهم‪.‬‬

‫َى َ ُ ۡ َ َ َ ى ُ َ‬
‫ون ‪} ٦٣‬‬ ‫ون ذل ِك هم لها ع ِمل‬‫د‬
‫ُ‬
‫ِن‬
‫م‬ ‫ل‬‫ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬بَ ۡل قُلُوبُ ُه ۡم ِف َغ ۡم َرة م ِۡن َهى َذا َول َ ُه ۡم أَ ۡع َ‬
‫م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ُ ۡ ۡ ُ َ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ ۡ‬
‫ون ‪} ٦٤‬‬‫اب إِذا هم ُيأر‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ح َ ى‬
‫ت إِذا أخذنا ِّتفِي ِهم ب ِٱلعذ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬حتى إذا أخذنا املترفين وأهل البطر منهم بالعذاب‪ُ ،‬‬
‫يصرخون ويستغيثون‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ص ٍة َو َع َذ ًابا َأل ً‬
‫يما}[املزمل‪:‬‬ ‫الن ْع َمة َو َمه ْل ُه ْم َقليال‪ .‬إ هن َل َد ْي َنا َأ ْن َكاَل َو َجح ً‬
‫يما‪َ .‬و َط َع ًاما َذا ُغ ه‬ ‫ه‬ ‫ُْ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫{ َوذ ْرني َواَلكذبين أولي‬
‫َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ ْ ْ َ ْن َ َ َ ْ َ َ َ َ َ‬
‫اص}[ص‪.]3 :‬‬ ‫‪ ،]11-13‬وقال تعالى‪{ :‬كم أهلكنا من قبلهم من قر ٍ فنادوا وَلت حين م ٍ‬
‫ن‬

‫ُ َ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ‬


‫ون ‪} ٦٥‬‬ ‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل تأ ُروا ٱَلَ ۡو َم إِنكم م َِنا َّل تنُص‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬يقال لهم‪ :‬ال تستغيثوا اليوم‪ ،‬إنكم ال تستطيعون نصر أنفسكم‪ ،‬وال يجدون لكم ناصرا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ينصركم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬خالد َ‬
‫ين ف َيها أ َب ًدا َل َيج ُدون َول ًّيا َوَل نص ًيرا}[األحزاب‪.]65 :‬‬

‫ُ ۡ ى ۡ َى ُ ۡ َ ُ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٦٦‬‬ ‫َل َعل ۡيك ۡم فكنتم لَع أعقبِكم تنكِص‬
‫ُ‬ ‫ت َء َاي ى ِت ُت ۡت ى‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ق ۡد َكنَ ۡ‬

‫واملعنى‪ :‬قد كانت آياتي القرآنية تتلى عليكم‪ ،‬فكنتم أعرضتم عن سماعها‪ ،‬وامتنعتم عن قبولها‪ ،‬كما‬
‫ۡ َ‬ ‫ُ ۡ ُ َ ُۡ ۡ‬
‫ك ُم ِ ََّللِ ٱ ۡل َ‬ ‫ُۡ َ ۡ‬ ‫ك َف ۡر ُت ۡ‬
‫َ‬ ‫ِع ٱ َ ُ‬
‫َّلل َو ۡح َد ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َى ُ َ َ ُ َ ُ‬
‫ري‬
‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫َل‬
‫ِِ‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬‫ف‬ ‫ر‬
‫وا‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ؤ‬ ‫ت‬ ‫ۦ‬‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ك‬ ‫ش‬ ‫ي‬ ‫ِإَون‬ ‫م‬ ‫ۥ‬‫ه‬ ‫د‬ ‫قال تعالى‪ { :‬ذل ِكم بِأنهۥ إِذا‬
‫‪[}١٢‬غافر‪.]12 :‬‬

‫َۡ ُ ُ َ‬ ‫ين بِهِۦ َ ى‬


‫كب َ‬ ‫ُ ۡ َ ۡ‬
‫ون ‪} ٦٧‬‬‫س ِمرا تهجر‬ ‫قوله تعالى‪ِّ { :‬ست ِِ‬

‫َ‬ ‫َ ُ ُ َۡ‬ ‫َۡ َ َۡ َ ُ َ َۡ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َََ‬


‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أفلم يدبروا ٱلقول أم جاءهم ما لم يأ ِت ءاباءهم ٱلول ِي ‪} ٦٨‬‬
‫واملعنى‪ :‬أفلم يتدبر الناس القرآن الكريم وينظرون فيما اشتمل عليه من هدايات وإرشادات وأخبار‬
‫ّ‬
‫صادقة‪ ،‬أم منعهم من اإليمان به أنه جاءهم كتاب ال يأت أسالفهم األولين؟‬
‫َ ُۡ َ‬ ‫َََ‬ ‫ََ ََ َ ُْ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬أفال َيتد هب ُرون الق ْرآن}[النساء‪ ،]82 :‬وقوله تعالى‪ { :‬أفل َي َت َدبَ ُرون ٱلق ۡر َءان‬
‫َۡ ُ‬ ‫َ ۡ َ َى ُ ُ‬
‫وب أق َفال َها ‪[}٢٤‬محمد‪.]24 :‬‬
‫أم لَع قل ٍ‬

‫َُ ُ ۡ ُ ۡ ُ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬


‫ون ‪} ٦٩‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬أ ۡم ل ۡم َي ۡع ِرفوا رسولهم فهم لۥ منكِر‬
‫واملعنى‪ :‬أم منعهم من اإليمان ّأنهم لم يعرفوا رسولهم محمدا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فهم منكرون له؟‬
‫تبين في القرآن الكريم ّأن أهل قريش قد عرفوا الرسول محمدا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وعرفوا‬ ‫وقد ّ‬
‫ََ ُ‬ ‫صدقه وأمانته وإنصافه من سنين طويلة‪ ،‬كما قال تعالى على لسان الرسول‪ { :‬قُل ل َ ۡو َشا َء ٱ َ ُ‬
‫َّلل َما تل ۡوت ُهۥ‬
‫َََ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ َۡ ُ ۡ ََ َۡ َ ى ُ‬
‫كم بهِۦ َف َق ۡد َل ۡث ُ‬
‫ون ‪[}١٦‬يونس‪.]16 :‬‬ ‫ت فِيك ۡم ع ُمرا مِن ق ۡبلِهرِۦ أفل تعقِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عليكم وَّل أدرى‬

‫َى ُ َ‬ ‫َّث ُه ۡم ل ِۡل َ‬


‫كَُ‬ ‫َۡ َ َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ َُ ُ َ‬
‫ون ‪} ٧٠‬‬ ‫ح ِق ك ِره‬ ‫ج َنُۢةٔر بَل َجا َءهم ب ِٱل ِق وأ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أم يقول ِ ِ‬
‫ۦ‬‫ِ‬ ‫ه‬‫ب‬ ‫ون‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬أم يقولون إنه صلى هللا عليه وسلم مجنون؟ لقد كذبوا وضلوا في قولهم‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ْ‬ ‫{ َأ ْف َترى َع َلى هَّللا َكذ ًبا َأ ْم به ج هن ٌة َبل هالذ َ‬
‫ين َل ُي ْؤم ُنو َن ب ْاْلخ َرة في ْال َعذاب َو ه‬
‫الضالل ال َبعيد}[سبأ‪ ،]8 :‬بل‬
‫جاءهم بالقرآن والدين الحق‪ ،‬وأكثرهم كارهون لهذا الحق حسدا وبغيا‪.‬‬
‫ََ َ ُ‬ ‫ّ‬
‫صاح ُبكم‬ ‫وقد ر ّد هللا تبارك وتعالى قولهم بأنه صلى هللا عليه وسلم مجنون‪ ،‬وذلك في قوله تعالى‪{ :‬وما‬
‫ُ‬
‫ب َمجنون}[التكوير‪.]22 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ ََ‬ ‫ت َوٱ ۡلَۡر ُض َو َ‬ ‫ل ُّق أَ ۡه َوا َء ُه ۡم لَ َف َس َ‬ ‫ََ َََ ۡ‬
‫ن بَل أت ۡي َنى ُهم بِذِوُك ِره ِۡم ف ُه ۡم َعن ذِك ِرهِم‬ ‫لس َم ى َو ى ُ‬
‫تٱ َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ِ ر‬ ‫ِي‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫م‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولوِ ٱتبع ٱ‬
‫ُّ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٧١‬‬ ‫مع ِرض‬
‫واملعنى‪ :‬ولو اتبع هللا تعالى أهواء املشركين‪ ،‬لفسدت السماوات واألرض ومن فيهن لفساد أهوائهم‪،‬‬
‫َُۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ َ ُ َۡ َ ُ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ُ ََ‬
‫لَع َر ُجل م َِن ٱ ۡل َق ۡريَ َت ۡ َ‬
‫ى‬
‫سِمون‬ ‫يم ‪ ٣١‬أهم يق‬
‫ي ع ِظ ٍ‬
‫ِ‬ ‫كما حكى هللا تعالى عنهم في قولهم‪ { :‬وقالوا لوَّل ن ِزل هىذا ٱلقرءان‬
‫ُ‬
‫خذ َب ۡعض ُهم َب ۡعضا‬
‫َ َ َى ََ َ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫ََۡ ۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫يش َت ُه ۡم ِِف ٱ ۡ َ‬
‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّلن َيا ر َو َرفعنا َبعض ُه ۡم ف ۡوق َبعض درجت َِلت ِ‬
‫َ ۡ َ َ َ َ َۡ ُ َ َ ۡ َ ََۡ ُ َ َ‬
‫رْحت ربِكر َنن قسمنا بينهم معِ‬
‫ُ َ ُْ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َۡ ُ َ َ َ ۡ َ َۡ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪[}٣٢‬الزخرف‪ ،]31-32 :‬وقال تعالى‪{ :‬ق ْل ل ْو أنت ْم ت ْملكون خ َز ائ َن َر ْح َمة‬ ‫ُسخ ِريا ورْحت ربِك خري ِِّما ُيمع‬
‫ْ ُْ‬
‫يب م َن اَللك‬ ‫ورا}[اإلسراء‪ ،]100 :‬وقال تعالى‪َ { :‬أ ْم َل ُه ْم َنص ٌ‬
‫ان َق ُت ً‬
‫َ ً ْ َ ُْْ َ ْ ََ َْ ََ َ ْ َ ُ‬
‫ربي إذا ألمسكتم خشية اإلنفاق وكان اإلنس‬
‫َ ً َ ُ ْ ُ َن ه َ َ‬
‫اس نق ًيرا}[النساء‪ ،]53 :‬بل آتيناهم بالقرآن الذي فيه شرفهم وفخرهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬ ‫فإذا َل يؤتو الن‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ َ َ َ َ‬
‫ِإَون ُهۥ َّلِوُكر لك َول ِق ۡوِِّك َو َس ۡوف ت ۡسَٔٔل‬
‫ولكنهم عن هذا الذكر معرضون‪.‬‬ ‫ون ‪[}٤٤‬الزخرف‪ّ ،]44 :‬‬
‫عل ُمو َن َأ هن ه َ‬
‫َّللا ُه َو َ‬ ‫ََ َ‬
‫الح ُّق‬ ‫والحق في هذه اآلية هو هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬وقد ّ‬
‫دل عليه قوله تعالى‪{ :‬وي‬
‫ُ ُ‬
‫اَلبين}[النور‪.]25:‬‬

‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُُ ۡ َ ۡ َ َ َ ُ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬أم تسَٔٔلهم خرجا فخراج ربِك خري وهو خري ٱلرزِق ِي ‪} ٧٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬أم تسألهم أيها الرسول أجرا على تبليغ دعوتك فبخلوا؟ بل أنت ال تحتسب ذلك‪ ،‬فجزيل‬
‫َ‬ ‫َ َ َُ ْ َ‬ ‫َُْ ُ‬ ‫ُ‬
‫ثواب هللا تعالى خير لك‪ ،‬وهللا خير الرازقين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ق ْل َما َسألتك ْم م ْن أ ْج ٍر ف ُه َو لك ْم إن أ ْجر َي إَل َعلى‬
‫ُ َ‬ ‫َُْ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫هَّللا}[سبأ‪ ،]47 :‬وقال تعالى‪{ :‬ق ْل َما أ ْسألك ْم َعل ْيه م ْن أ ْج ٍر َو َما أنا م َن اَلتكلفين}[ص‪ ،]86 :‬وقال تعالى‪{ :‬ق ْل َل‬
‫َْ َ ْ ُ‬ ‫َ َُ ُ َ َ‬
‫أ ْسألك ْم َعل ْيه أ ْج ًرا إَل اَل َو هدة في الق ْرَبى}[الشورى‪.]23 :‬‬

‫َ َ َۡ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وه ۡم إ ِ ىل ِص َر ىط ُِّّ ۡس َتقِيم ‪} ٧٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَونك ِلدع‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وإنك أيها الرسول لتدعوهم إلى صراط مستقيم وهو صراط هللا العزيز الحميد‪ ،‬كما قال‬
‫َْ َ َ‬ ‫اط ُم ْس َتقيم (‪ )52‬صراط هَّللا هالذي َل ُه ما في ه‬ ‫ه َ ََ‬
‫السماوات َوما في األ ْرض أَل إلى هَّللا‬ ‫ٍ‬ ‫تعالى‪َ { :‬و إنك لت ْهدي إلى صر ٍ‬
‫َ ُ ُْ‬
‫األ ُم ُ‬
‫ور}[الشورى‪.]53 :‬‬ ‫تصير‬
‫َى َى ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٧٤‬‬ ‫ِين َّل يؤمِنون ب ِٱٓأۡلخ َِرة ِ ع ِن ٱ ِ‬
‫لصر ِط لنكِب‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون ٱَّل‬
‫يصدقون بالبعث لجائرون ومنحرفون عن الصراط املستقيم‪ ،‬وهو الطريق‬ ‫وإن الذين ال ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫َ ه َ ََ ُ ُ َ‬
‫وهم إلى ص َراط ُّمستقيم}[املؤمنون‪.]73 :‬‬ ‫الحق املوصل إلى الجنة‪ ،‬كما في قوله تعالى‪{ :‬و إنك لتدع‬

‫ُ ۡ َى ۡ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ ۡ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٧٥‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ول ۡو َر ِْح َنى ُه ۡم َووُكشف َنا َما ب ِ ِهم مِن ض لل ُّجوا ِِف طغين ِ ِهم يعمه‬
‫ضر‪ ،‬ملا آمنوا‪ ،‬ولتمادوا في‬ ‫واملعنى‪ :‬ولو رحمنا هؤالء الذين ال يؤمنون باآلخرة وكشفنا عنهم ما بهم من ّ‬
‫ََ ه‬ ‫َ َ‬ ‫ضاللهم‪ ،‬يتحيرون يترددون‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َل ْو َعل َم ه ُ‬
‫َّللا فيه ْم َخ ْي ًرا ْ‬
‫ألس َم َع ُه ْم َول ْو أ ْس َم َع ُه ْم لت َول ْوا َو ُه ْم‬
‫ُ ْ ُ َ‬
‫ضون}[األنفال‪.]23 :‬‬ ‫معر‬

‫ََ ۡ َ َ ُ َ ۡ ََ ََ َ َ ُ َ‬ ‫َ َ َ ۡ َ َ ۡ َى ُ ۡ َ َ‬
‫اب فما ٱستَكنوا ل ِرب ِ ِهم وما يتُضعون ‪} ٧٦‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ولقد أخذنهم ب ِٱلعذ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد أخذناهم بالعذاب‪ ،‬فما خضعوا لربهم‪ ،‬وما دعوه خاشعين عند مجيء ذلك العذاب‬
‫ه َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ْ ُُ‬ ‫لقسوة قلوبهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ف َل ْوَل إ ْذ َج َاء ُه ْم َب ْأ ُس َنا َت َ‬
‫ض هر ُعوا َولك ْن ق َست قل ُوب ُه ْم َوزهي َن ل ُه ُم الش ْيطان َما‬
‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫كانوا َي ْع َملون}[األنعام‪.]43 :‬‬

‫ُۡ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َى َ ََ ۡ َ َ َۡ َ َ َ َ‬
‫ون ‪} ٧٧‬‬ ‫ِيد إِذا ه ۡم فِيهِ مبل ِس‬
‫ت إِذا فتحنا علي ِهم بابا ذا عذاب شد ٍ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ح‬

‫ُ َ‬ ‫َۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َۡ‬


‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٧٨‬‬ ‫لس ۡم َع َوٱلبۡص ى َر َوٱلفإ ِد َة ر قل ِيل َما تشكر‬
‫ك ُم ٱ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وه َو ٱَّلِي أنشأ ل‬
‫واملعنى‪ :‬وهللا تعالى هو الذي أنشأ لكم مفاتيح اإلدراك من السمع والبصر والفؤاد؛ لتشكروا نعم هللا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ هُ َ‬
‫َّللا أ ْخ َر َجك ْم م ْن ُبطون‬ ‫وتدبر آياته‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬و‬ ‫تعالى عليكم‪ ،‬باستعمال هذه املفاتيح لعبادة هللا ّ‬
‫ون}[النحل‪ ،]78 :‬ومع ذلك ّ‬ ‫ُ ه َ ُ ْ َ َ ْ َ ُ َن َ ْ ً َ َ َ َ َ ُ ُ ه ْ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َ َ َ ه ُ ْ َ ْ ُ ُ َ‬
‫فإن‬ ‫أمهاتكم َل تعلمو شيئا وجعل لكم السمع واألبصار واألفئدة لعلكم تشكر‬
‫الشاكرين منكم قليل‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الس ْمع واألبص َار واألفئدة قليال َما‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ق ْل هو الذي أنشأك ْم وجع َل لك ُم ه‬
‫َ ْ ُ َ‬
‫تشك ُرون}[امللك‪.]23 :‬‬

‫ۡ ۡ َ ُ َ‬ ‫ُ‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٧٩‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وه َو ٱَّلِي ذ َرأك ۡم ِِف ٱلۡر ِض ِإَوَلهِ تش‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وهو هللا تعالى الذي خلقكم أيها الناس وبثكم في األرض‪ ،‬وإليه وحده تحشرون يوم القيامة‪.‬‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫ه َ َُ‬ ‫ُ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ق ْل ُه َو الذي ذ َرأك ْم في األ ْرض َوإل ْيه ت ْحش ُرون}[امللك‪.]24 :‬‬
‫َ‬‫ُ‬ ‫َََ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و ُه َو ٱَّلِي يُ ۡحۦ َويُ ِم ُ‬
‫ون ‪} ٨٠‬‬ ‫يت َو ُل ٱختِل ىف ٱ َۡل ِل َوٱلَ َهارِ أفل ت ۡعقِل‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وهو هللا تعالى الذي يحيي ويميت‪ ،‬وله وحده اختالف الليل والنهار وتعاقبهما بنظام دقيق‪ ،‬كما‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ه ْ ُ ََْ ََ َ ْ ُْ َ َْ َ َ َ هْ ُ َ ُ ه ُ‬
‫الن َهار َوك ٌّل في فل ٍك َي ْس َب ُحون}[يس‪ ،]40 :‬أفال‬ ‫قال تعالى‪َ{ :‬ل الشمس ينبغي لها أن تدرك القمروَل الليل سابق‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫س َمدا إ ىل يَ ۡو ِم ٱل ِق َيى َمةِ َم ۡن إل ىه غ ۡ ُ‬
‫ري‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ك ُم ٱ َۡلل َ ۡ‬‫َ ََ َُ َ َۡ ُ‬
‫ي‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫تعقلون كمال قدرته‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قُ ۡل أَ َر َء ۡي ُت ۡ‬
‫م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س َمدا إ َ ىل يَ ۡو ِم ٱ ۡلقِ َيى َمةِ َم ۡن إ َل ىه َغ ۡريُ‬
‫ار َ ۡ‬
‫ك ُم ٱلَ َه َ‬‫َ ََ َُ َ َۡ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ َ‬ ‫َ َََ َۡ َ ُ َ‬ ‫َ َۡ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضيا ٍء أفل تسمعون ‪ ٧١‬قل أرءيتم إِن جعل ٱَّلل علي‬ ‫ٱَّللِ يأتِيكم ب ِ ِ‬
‫َ ُۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ ُ َ َۡ ُ َ‬
‫ُ‬
‫ون ‪[}٧٢‬القصص‪.]71-72 :‬‬ ‫ٱَّللِ يَأتِيكم بِل ۡيل تسكنون فِيهِ أفل تب ِ‬
‫ُص‬

‫َۡ َ ُ َۡ َ َ َ ۡ ََ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬بل قالوا مِثل ما قال ٱلولون ‪}٨١‬‬

‫َ َُۡ َ‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ َ‬


‫ون ‪} ٨٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا أءِذا م ِۡت َنا َووُك َنا ت َرابا َوعِظىما أءِنا لمبعوث‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬قال املنكرون للبعث‪ :‬أإذا ّ‬
‫كنا أمواتا وكنا ترابا وعظاما بالية في قبورنا‪ ،‬أإنا ملبعوثون يوم‬
‫القيامة خلقا جديدا‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وقد ذكر هللا تعالى في القرآن الكريم أقوال املنكرين للبعث في آيات كثيرة‪ ،‬منها قوله تعالى‪َ { :‬وقال ٱَّل َ‬
‫ِين‬
‫ض َر َب َل َنا َم َثال َو َنس َي َخ ْل َق ُه َق َ‬ ‫ون ‪[}٦٧‬النمل‪ ،]67 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬و َ‬ ‫َ َ ُ َ َ ُ َ ُ َى َ َ َ ُ َ َ َ َ ُ ۡ َ ُ َ‬
‫ال‬ ‫كفروا أءِذا كنا تربا وءاباؤنا أئِنا لمخرج‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫يم ُق ْل ُي ْحي َيها الذي أنشأ َها أ هو َل َم هر ٍة َو ُه َو بكل خلق َعل ٌ‬
‫ه‬ ‫ام َوه َي َرم ٌ‬ ‫َم ْن ُي ْحيي ْالع َظ َ‬
‫يم}[يس‪ ،]78-79 :‬وقوله‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ُ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ى‬ ‫َ َ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َُ ُ َ َ َ ََۡ ُ ُ َ‬
‫اسة ‪[}١٢‬النازعات‪:‬‬ ‫ِ‬
‫تعالى‪ { :‬يقولون أءِنا لمردودون ِِف ٱلاف ِرة ‪ ١٠‬أءِذا كنا عِظما َنِرة ‪ ١١‬قالوا ت ِلك إِذا كرة خ ِ‬
‫‪.]10-12‬‬

‫َۡ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ري ٱل َول َِي ‪} ٨٣‬‬ ‫س ِط ُ‬ ‫َن ُن َو َءابَا ُؤنَا َهىذا مِن ق ۡبل إ ِ ۡن َهىذا إَِّل أ َ ى‬
‫َ ۡ ُ ۡ َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬لقد وعِدنا‬
‫واملعنى‪ :‬لقد وعدنا نحن وآباؤنا بهذا البعث على لسان األنبياء السابقين من قبلنا‪ ،‬ولم يوجد ذلك مع‬
‫طول العهد‪ ،‬وما هذا الوعد بالبعث إال أكاذيب األولين وأباطيلهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ۡ ُ ۡ َ َى َ َۡ‬
‫ري ٱل َول َ‬
‫ِي‬ ‫َن ُن َو َءابَا ُؤنَا مِن َق ۡب ُل إ ِ ۡن َهى َذا إَِّل أ َ ى‬
‫س ِط ُ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬لقد وعِدنا هذا‬
‫‪[}٦٨‬النمل‪.]68:‬‬

‫َ َُ ُ َ َ ُۡ َََ َ َ َ ُ َ‬ ‫ُ ُۡ ََُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َۡ ُ ََ‬


‫ون ‪} ٨٥‬‬‫َّللِ قل أفل تذكر‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل ل ِم ِن ٱلۡرض ومن فِيها إِن كنتم تعلمون ‪ ٨٤‬سيقولون ِ ر‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل َمن َر ُّب ٱ َ َ‬
‫لس ۡبعِ َو َر ُّب ٱل َع ۡر ِش ٱل َع ِظي ِم ‪} ٨٦‬‬ ‫تٱ َ‬ ‫لسم ى َو ى ِ‬
‫من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم الذي هو سقف‬ ‫واملعنى‪ :‬قل لهم أيها الرسول‪ْ :‬‬
‫ت َو َما ِِف‬ ‫وم ََّل تَأۡ ُخ ُذهُۥ س َِنة َو ََّل نَ ۡوم َ ُلۥ َما ِف ٱ َ َ‬
‫َّلل ََّل إ َل ى َه إ ََّل ُه َو ٱ ۡل َ ُّ ۡ َ ُ‬
‫املخلوقات‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱ َ ُ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ح ٱلق ُّي ر‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ َۡ َ َۡ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ ُ ُ َ‬
‫ون ب ِ َ ۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َۡ‬
‫شء م ِۡن عِل ِمهِۦ إَِّل ب ِ َما‬ ‫ٱلۡر ِض َمن ذا ٱَّلِي يَشف ُع عِندهۥ إَِّل بِإِذنِهِرۦ يعلم ما بي أيدِي ِهم وما خلفهم وَّل يِيط‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُُ ۡ ُ ُ َ َ َُ َۡ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ۡ ُّ ُ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ‬
‫شاء ر وسِع كرسِيه ٱلسم ىو ى ِت وٱلۡرض وَّل ئُٔودهۥ حِفظهما ر وهو ٱلع َِل ٱلع ِظيم ‪[}٢٥٥‬البقرة‪.]255 :‬‬
‫ُّ‬

‫َ َُ ُ َ َ ُۡ َََ ََُ َ‬
‫ون ‪} ٨٧‬‬ ‫َّللِ قل أفل تتق‬
‫قوله تعالى‪ { :‬سيقولون ِ ر‬

‫َ‬
‫ُۡ َۡ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫يشء َو ُه َو ُي ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُۡ‬
‫ار َعل ۡيهِ إِن كنتم تعلم‬ ‫ري َوَّل َ‬
‫ُي ُ‬ ‫وت ُك ۡ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل َمن ب َيده ِۦ َِّلك ُ‬
‫ون ‪} ٨٨‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قل لهم أيها الرسول‪ :‬من بيده خزائن كل ش يء والتصرف املطلق فيه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ما م ْن‬
‫ٌ َ‬
‫َد هاب ٍة إَل ُه َو آخذ بناص َيت َها}[هود‪ ،]56 :‬وهو السيد الكامل‪ ،‬وهو يجير من استجار به‪ ،‬وال أحد يقدر على إجارة‬
‫ۡ َ ََ َ‬ ‫َۡ َ ۡ َ َُ ُ ََ َ َ َ َ ُ‬
‫ُض فل َكشِف ُلۥ إَِّل ه َو ِإَون يُ ِرد َك ِِب ۡري فل َراد‬ ‫من أراد هللا تعالى إهالكه‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَون يمسسك ٱَّلل ب ِ‬
‫ِيم ‪[}١٠٧‬يونس‪ْ ،]107 :‬إن كنتم تعلمون ذلك؟‬ ‫ور ٱ َلرح ُ‬‫يب بهِۦ َمن ي َ َشا ُء م ِۡن ع َِبادِه ِۦ َو ُه َو ٱ ۡل َغ ُف ُ‬
‫ص ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ۡ‬
‫ل ِفضلِهرِۦ ي ِ‬
‫ر‬ ‫ِ‬

‫َ َ ُ ُ َ َ ُ ۡ َ َ َى ُ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٨٩‬‬‫َّللِ قل فأن تسحر‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬سيقولون ِ ر‬

‫َُ ۡ ى ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬
‫ون ‪} ٩٠‬‬ ‫ل ِق ِإَونهم لكذِب‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬بَل أ َت ۡي َنى ُهم بٱ َ‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬بل آتيناهم بالحق فيما جاء بهم الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وإنهم لكاذبون في عبادتهم غير‬
‫َ ه‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫هللا تعالى‪ ،‬وال حجة لهم على ذلك‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َم ْن َي ْد ُع َم َع هَّللا إل ًها آخ َر َل ُب ْر َهان ل ُه به فإن َما ح َس ُاب ُه‬
‫َ‬ ‫ه َ ْ َْ‬ ‫ْ‬
‫عن َد َربه إن ُه َل ُيفل ُح الكاف ُرون}[املؤمنون‪.]117 :‬‬

‫ض ُه ۡم َ َ ى‬
‫لَع َب ۡعض‬
‫َ َ َ َ ُ ُّ َ ى َ َ َ َ َ َ َ َ َ ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ما ٱ ََتَ َذ ٱ َ ُ‬
‫َّلل مِن َوَل َو َما َكن َم َع ُهۥ م ِۡن إِل ى ٍه إِذا َّلهب ُك إِله بِما خلق ولعل بع‬
‫ُ ۡ َىَ َ َ َ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٩١‬‬ ‫صف‬ ‫سبحن ٱَّللِ عما ي ِ‬
‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬ما جعل هللا تعالى لنفسه ولدا‪ ،‬ولم يكن معه من معبود آخر يشاركه في األلوهية‪ ،‬لو ق ّدر‬
‫تعدد اآللهة النفرد كل إله بمخلوقاته‪ ،‬ولكان بينهم مغالبة كشأن ملوك الدنيا‪ ،‬ولفسدت السماوات واألرض‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ٌ ه هُ ََ َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫َّللا لف َس َدتا ف ُس ْب َحان هَّللا َرب ال َع ْرش َع هما‬ ‫واختل نظامها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ل ْو كان فيهما آلهة إَل‬
‫تنزه هللا رب العرش عما يصفه هؤالء الكفار املشركون‪.‬‬ ‫َيص ُفو َن}[األنبياء‪ّ ،]22 :‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫َ ۡ َ َ َى َ َ َى ى َ َ ُ ۡ‬ ‫َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪} ٩٢‬‬ ‫شوُك‬
‫َل عما ي ِ‬ ‫ب وٱلشهدة ِ فتع‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ع ىل ِ ِم ٱلغي ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هللا عالم كل ش يء مما غاب عن العباد ومما يشاهدونه‪ ،‬ال يخفى عليه ش يء منه‪ ،‬كما قال‬
‫َّللا ََل َي ْخ َفى َع َل ْيه َش ْي ٌء في األ ْرض َوَل في ه‬
‫الس َماء}[آل عمران‪ ،]5 :‬فتنزه هللا تعالى عن الشريك الذي‬ ‫تعالى‪{ :‬إ هن ه َ‬
‫يقولونه‪.‬‬

‫َ ُ َ َ ُ َ ُ َ‬
‫ون ‪}٩٣‬‬ ‫ب إِما ت ِري ِن ما يوعد‬ ‫ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل ر ِ‬

‫َ‬
‫لظلِم َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ى‬ ‫ۡ‬ ‫ََ َ ۡ‬
‫ي ‪} ٩٤‬‬ ‫ب فل تعل ِن ِِف ٱلق ۡو ِم ٱ ِ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ر ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ر ّب ْإن كان ال بد من ْأن تريني العذاب‪ ،‬فال تجعلني في القوم الظاملين‪ ،‬ونجني من عذابك‬
‫ْ َ ً َ ُ َ ه ه َ ََ‬ ‫هُ‬ ‫الشامل؛ ّ‬
‫ين ظل ُموا‬ ‫ألن العذاب قد يصيب من لم يكن من أهله‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و اتقوا فتنة َل تصيبن الذ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ ُ ْ َ ه ً َ َْ ُ َ ه هَ َ‬
‫َّللا شد ُيد العقاب}[األنفال‪.]25 :‬‬ ‫منكم خاصة واعلموا أن‬

‫َ َ َ ى َ ُّ َ َ َ َ ُ ُ ۡ َ َ ى ُ َ‬
‫ون ‪} ٩٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَونا لَع أن ن ِريك ما نعِدهم لقدِر‬

‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫َ ۡ َ ُ َ َ ۡ ُ ۡ ُ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٩٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱدفع ب ِٱل ِت ِه أحسن ٱلسيِئة ر َنن أعلم بِما ي ِ‬
‫صف‬
‫واملعنى‪ :‬ادفع أيها الرسول إساءة أعدائك إليك باإلحسان منك إليهم‪ ،‬نحن أعلم بما يصفوننا من‬
‫الشرك والتكذيب وسنجازيهم عليه‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ْ { :‬ادف ْع بالتي ه َي أ ْح َس ُن فإذا الذي َب ْي َن َك َو َب ْي َن ُه َع َد َاو ٌة كأ هن ُه َول ٌّي َحم ٌ‬
‫يم ‪.‬‬
‫اها إَل ذو َح ٍظ َعظ ٍيم}[فصلت‪.]34-35 :‬‬
‫ُ‬ ‫ص َب ُروا َو َما ُي َل هق َ‬ ‫َو َما ُي َل هق َ‬
‫اها إَل هالذ َ‬
‫ين َ‬

‫ك م ِۡن َه َم َز ى ِ َ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ي ‪} ٩٧‬‬‫ت ٱلشيى ِط ِ‬ ‫ب أعوذ ب ِ‬‫قوله تعالى‪ { :‬وقل ر ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وقل أيها الرسول‪ :‬ر ّب أعوذ بك من إغواء الشياطين ووسوستهم‪.‬‬
‫ٌ َ ْ َ ْ ه ه‬ ‫ه َ‬ ‫َه‬
‫اَّلل إن ُه َسم ٌيع‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وإ هما َينزغن َك م َن الش ْيطان نزغ فاستعذ ب‬
‫اَّلل إ هن ُه ُه َو ه‬
‫السم ُيع‬ ‫نزغ َف ْ‬
‫اس َتع ْذ ب ه‬ ‫ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫َه‬
‫يم}[األعراف‪ ،]200 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وإ هما َينزغن َك م َن الش ْيطان‬ ‫َعل ٌ‬
‫يم}[فصلت‪.]36 :‬‬ ‫ْال َعل ُ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٩٨‬‬ ‫ۡ ُ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ب أن يُض ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وأعوذ بِك ر ِ‬
‫ت قال َرب ٱ ۡر ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬
‫ت إذا َجا َء أ َح َد ُه ُم ٱل َم ۡو ُ‬ ‫َ َ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٩٩‬‬
‫جع ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ح ى ِ‬
‫واملعنى‪ :‬حتى إذا دنا أحد الكافرين من املوت‪ ،‬وشاهد ما ينتظره من العذاب‪ ،‬قال‪ :‬ر ّب ر ّدني إلى الدنيا‪.‬‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫َ ه ََ ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ول ْو ت َرى إذ ُوقفوا َعلى النار فقالوا َيا ل ْيتنا ن َر ُّد َوَل نكذ َب ب َآيات َربنا‬
‫َ‬ ‫ه َ َه ََ ُ ْ َ َ َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ ْ َ‬ ‫َُ َ‬
‫اب َيقولون َه ْل إلى َم َر ٍد م ْن‬ ‫َونكون م َن اَلؤمنين}[األنعام‪ ،]27 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وت َرى الظاَلين َلا رأوا العذ‬
‫يل}[الشورى‪.]44 :‬‬ ‫َ‬
‫سب ٍ‬

‫ى َِۡ ُۡ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ل َعَل أ ۡع َمل َص ىل ِحا ف َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}١٠٠‬‬ ‫ت لَك ر إِن َها ُك َِمة ه َو قائِل َها َومِن َو َرائ ِ ِهم بَ ۡر َزخ إِل يوم يبعث‬ ‫ِيما ت َروُك ر‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬لعلي لو رددتني إلى الدنيا أعمل األعمال الصالحة وأستدرك ما ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ضيعت من الطاعة‪ ،‬كما قال‬
‫ه‬
‫صال ًحا إنا‬ ‫اْل ْجر ُمو َن َناك ُسو ُر ُءوسه ْم ع ْن َد َربه ْم َرهب َنا َأ ْب َ‬
‫ص ْرَنا َو َسم ْع َنا َفا ْرج ْع َنا َن ْع َم ْل َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ َ‬
‫تعالى‪َ { :‬ول ْو ت َرى إذ‬
‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ َ َْ َْ ُ ُ َ ُ ُ ه َ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ين ن ُسو ُ م ْن ق ْب ُل ق ْد َج َاءت ُر ُس ُل َربنا بال َحق‬ ‫ُموقنون}[السجدة‪ ،]12 :‬وقال تعالى‪{ :‬يوم يأتي تأويله يقول الذ‬
‫ُه َ‬ ‫َ ه‬ ‫ََ َ ُ ََ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ََ‬
‫ف َه ْل لنا م ْن شف َع َاء ف َيشف ُعوا لنا أ ْو ن َر ُّد فن ْع َم َل غ ْي َر الذي كنا ن ْع َم ُل}[األعراف‪ ،]53 :‬أجاب هللا تعالى‪ :‬كال‪،‬‬
‫إنما هي كلمة ال بد ْأن يقولها كل محتضر ظالم‪ ،‬وال فائدة من الرجعة‪ ،‬فلو ر ّدوا لعادوا ملا نهوا عنه‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫تعالى‪َ { :‬و َلو ُ ُّد ْوا َل َع ُاد ْوا َلَا ُن ُه ْوا َع ُ‬
‫نه َوإ هن ُهم لكاذ ُبون}[األنعام‪ ،]28 :‬وأمامهم برزغ بين الدنيا واآلخرة إلى يوم‬ ‫ر‬
‫بعثهم‪.‬‬

‫ُ‬
‫َ َ ََُۡ ۡ َۡ َ َ ََ َ َ َ‬‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪} ١٠١‬‬ ‫ور فل أنساب بينهم يومئِذ وَّل يتساءل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فإِذا نفِخ ِِف ٱلص ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فإذا نفخ في الصور نفخة النشور يوم القيامة‪ ،‬فال تفاخر باألنساب بين الناس يومئذ‪ ،‬وال‬
‫ص ُر َون ُه ْم}[املعارج‪ ،]10-11 :‬وال‬ ‫يم َحم ً‬
‫يما‪ُ .‬ي َب ه‬ ‫يسأل القريب قريبه وهو يبصره‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وَل َي ْس َأ ُل َحم ٌ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫يسأل أحد أحدا‪ ،‬فكل إنسان مشغول بنفسه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ي ْو َم َيف ُّر اَل ْر ُء م ْن أخيه‪َ .‬وأمه َو أبيه‪.‬‬
‫َْ ْ‬ ‫ُ‬
‫صاح َبته َو َبنيه‪ .‬لكل ْامر ٍئ م ْن ُه ْم َي ْو َمئ ٍذ شأ ٌن ُيغنيه}[عبس‪.]34-37 :‬‬
‫َو َ‬
‫َ‬ ‫تقرر األنساب يوم القيامة في قوله تعالى‪َ { :‬‬
‫يوم يف ُّر اَلرء من‬ ‫وال تعارض بين هذه اآلية وبين اآليات التي ّ‬
‫ألن املراد بنفي األنساب نفي آثارها وليس نفي حقيقة‬ ‫أخيه‪ .‬وأمه أبيه‪ .‬وصاحبته َوبنيه}[عبس‪]34-36 :‬؛ ّ‬
‫و‬
‫األنساب‪.‬‬

‫َ ُ ُ ُ ُ َ‬ ‫ۡ ۡ‬
‫ت َم َو ىز ُ‬ ‫َ ُ َى‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف َمن ث ُقل ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ١٠٢‬‬ ‫ين ُهۥ فأولئِك هم ٱلمفل ِح‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فمن ثقلت موازين أعماله باإليمان واألعمال الصالحة‪ ،‬فأولئك هم الفائزون‪ ،‬وفي عيشة‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ََُ ْ‬ ‫ََ‬
‫راضية‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فأ هما َم ْن ثقلت َم َوازين ُه ف ُه َو في عيش ٍة َراض َي ٍة}[القارعة‪.]6-7 :‬‬
‫ُ َُ َ‬ ‫ََُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ ُ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وال َوزن َي ْو َمئ ٍذ ال َح ُّق ف َم ْن ثقلت َم َوازين ُه فأولئ َك ُه ُم‬
‫َ‬ ‫ُْْ‬
‫اَلفل ُحون}[األعراف‪.]8 :‬‬

‫َ َََ َى ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َى‬


‫ََ ۡ ََ ۡ ََ ُُ‬
‫ِين َخ ِ ُ‬
‫ّسوا أنف َس ُه ۡم ِِف جهنم خ ِِل‬
‫َ‬
‫ك ٱَّل َ‬
‫ون ‪}١٠٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ومن خفت مو ىزِينهۥ فأولئِ‬
‫خفت موازين أعماله لضعف إيمانه وقلة حسناته‪ ،‬فأولئك الذين خسروا أنفسهم‬ ‫ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬ومن‬
‫َ‬
‫فهم في جهنم خالدون‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وأ هما َم ْن‬ ‫بإضاعة حظها من رضوان هللا‪ ،‬بسبب جحودهم آليات هللا‪ْ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ ه ْ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َخ هف ْت َم َوا ُين ُه َف ُأ ُّم ُه َهاو َي ٌة ‪َ .‬و َما َأ ْد َ َ‬
‫اك َما ه َي ْه ‪ .‬ن ٌار َحام َية}[القارعة‪ ،]8-11 :‬وقال تعالى‪َ { :‬و َم ْن خفت َم َوازين ُه‬ ‫ر‬ ‫ز‬
‫َُ َ َ ه َ َ ُ َْ ُ َ ُ ْ َ َ ُ َ َ َ ْ ُ َ‬
‫فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون}[األعراف‪.]9 :‬‬

‫َ َ ُ ُ ُ َ ُ ُ َ ُ َ ُ ۡ َ َى ُ َ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪} ١٠٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬تلفح وجوههم ٱلار وهم فِيها كلِح‬
‫ه‬ ‫واملعنى‪ :‬تحرق النار وجوههم وتغشاها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َت ْغ َش ى ُو ُج َ‬
‫وه ُه ُم الن ُار}[إبراهيم‪ ،]50 :‬وقال‬
‫ُ ه َ َ َ ْ ُُ ْ َ ُ ْ ُْ َ َ‬ ‫َ َ ُ ُّ َ‬ ‫َ ْ َ َْ ُ ه َ َ َ‬
‫ص ُرون}[األنبياء‪،]3 :‬‬ ‫ين كف ُروا حين َل َيكفون َع ْن ُو ُجوههم الناروَل عن ظهورهم وَل هم ين‬ ‫تعالى‪{ :‬لو يعلم الذ‬
‫وهم في جهنم عابسون متقلصوا الشفاه عن األسنان‪.‬‬

‫ُ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬


‫ون ‪} ١٠٥‬‬ ‫َل َعل ۡيك ۡم فكنتم بِها تكذِب‬
‫ُ‬ ‫ك ۡن َء َاي ى ِت ُت ۡت ى‬
‫ۡ َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ألم ت‬
‫تكن آياتي من القرآن الكريم تتلى عليكم أيها الناس إلزالة شبهكم فكنتم بها تكذبون؟ كما‬ ‫واملعنى‪ :‬ألم ْ‬
‫ُْ‬ ‫َ َ ََ ه‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫ََ َ َ ََ ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُه ُْ‬
‫قال تعالى‪{ :‬كل َما ألق َي ف َيها ف ْو ٌج َسأل ُه ْم خ َزن ُت َها أل ْم َيأتك ْم نذ ٌير‪ .‬قالوا َبلى ق ْد َج َاءنا نذ ٌير فكذ ْب َنا َوقل َنا َما نز َل‬
‫َ َْ ُ‬
‫اعت َرفوا‬ ‫السعير‪ .‬ف‬ ‫ص َحاب ه‬ ‫ضالل َكبير‪َ .‬و َق ُالوا َل ْو ُك هنا َن ْس َم ُع َأ ْو َن ْعق ُل َما ُك هنا في َأ ْ‬ ‫َّللا م ْن َش ْيء إ ْن َأ ْن ُت ْم إَل في َ‬
‫هُ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫السعير}[امللك‪.]8-11 :‬‬ ‫ألص َحاب ه‬ ‫ب َذ ْنبه ْم َف ُس ْح ًقا ْ‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ُ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا َر َب َنا غل َب ۡت َعل ۡي َنا شِق َو ُت َنا َووُك َنا ق ۡوما َضآل َِي ‪} ١٠٦‬‬
‫وكنا أخطأنا طريق الحق والهدى‪،‬‬ ‫غلبت علينا لذاتنا وأهواؤنا‪ّ ،‬‬‫ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬قال الكفار يوم القيامة‪ :‬ربنا‬
‫َ ٌ َْ َ ُ ه َ َ َ ُ َ َََْ َ ْ ُ ه‬ ‫َ ْ َ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َ ُّ َ َ َ َ‬
‫كما قال تعالى حكاية عن حالهم‪{ :‬و اقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا‬
‫ُه َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََْ‬
‫في غفل ٍة م ْن َهذا َب ْل كنا ظاَلين}[األنبياء‪.]97 :‬‬

‫َََ َ ۡ ۡ َ َۡ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َى ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ربنا أخرِجنا مِنها فإِن عدنا فإِنا ظل ِمون ‪} ١٠٧‬‬
‫َ ُ َََ ََََ ََۡۡ َ‬
‫ي َوأ ۡح َي ۡي َت َنا‬‫فأخرجنا من النار‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قالوا ربنا أمتنا ٱثنت ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬ ‫واملعنى‪ :‬قالوا ربنا اعترفنا بذنوبنا‬
‫َ‬ ‫َ ۡ َ ُ‬ ‫ََۡۡ َ ۡ ََۡ ُ ُ‬
‫شك بِهِۦ‬
‫ُۡ َ ۡ‬ ‫ََ ُ‬
‫َّلل َو ۡح َدهُۥ كف ۡرت ۡم ِإَون ي‬ ‫ِكم بِأنَ ُهۥ إ ِ َذا ُد ِ َ‬
‫ِع ٱ َ ُ‬ ‫َى ُ‬
‫تف َنا بِذنوب ِ َنا ف َهل إ ِ ىل خ ُروج مِن َسبِيل ‪ ١١‬ذل‬ ‫ي فٱع‬
‫ٱثنت ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ ۡ ُ َ ُۡ ۡ‬
‫ك ُم ِ ََّللِ ٱ ۡل َعَل ٱ ۡل َكبري ‪[}١٢‬غافر‪ْ ،]11-12 :‬‬
‫فإنا ظاملون ألنفسنا مستحقون‬ ‫فإن عدنا إلى الضالل‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫تؤمِن روا فٱل‬
‫للعذاب‪.‬‬

‫َ َ ُ َ ُ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪} ١٠٨‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال ٱخسُٔٔوا فِيها وَّل تكل ِم ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قال هللا تعالى مجيبا لهم‪ :‬امكثوا في النار صاغرين ُمهانين‪ ،‬وال تخاطبوني‪ ،‬فال يخرجون‬
‫ه َ‬ ‫ََه ه َ َ ُ َ‬
‫ين شقوا ففي النار ل ُه ْم ف َيها َزف ٌير‬ ‫األصوات بعد ذلك إال الزفير والشهيق‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فأما الذ‬
‫َو َشه ٌ‬
‫يق}[هود‪.]106 :‬‬

‫ِي ‪} ١٠٩‬‬ ‫ْح َنا َوأَ َ‬


‫نت َخ ۡ ُ‬
‫ري ٱ َىلر ِْح َ‬ ‫َُ ُ َ َََ َ ََ َ ۡ ۡ ََ َ ۡ َۡ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ُهۥ َكن ف ِريق م ِۡن ع َِبادِي يقولون ربنا ءامنا فٱغ ِفر لا وٱر‬

‫َ ُ ُۡ ۡ َ ۡ َ َ‬‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬


‫ُ ُ ُ ۡ ۡ ًّ َ َ ى َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ۡ‬
‫ون ‪} ١١٠‬‬ ‫نس ۡوك ۡم ذِك ِري ووُكنتم مِنهم تضحك‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فٱَتذتموهم سِخ ِريا حت أ‬
‫واملعنى‪ :‬فاشتغلتم باالستهزاء بهؤالء العباد حتى حملكم بغضكم على نسيان ذكري‪ ،‬وكنتم تضحكون‬
‫َ ه َ َُ َ ْ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ه ه َ َ‬ ‫ً‬
‫ض َحكون ‪.‬‬ ‫ين أ ْج َر ُموا كانوا من الذين آمنوا ي‬ ‫من صنيعهم وعبادتهم سخرية واستهز ًاء‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن الذ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫}[املطففين‪.]29-30 :‬‬ ‫َوإذا َم ُّروا به ْم َيتغ َام ُزون‬

‫ۡ‬
‫َ َُُۡ ُ ََۡ َ َ َُ َُ ۡ ُ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪}١١١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ ِن جزيتهم ٱَلوم بِما صبوا أنهم هم ٱلفائِز‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إني جزيت هؤالء العباد املؤمنين يوم القيامة بسبب صبرهم بالفوز بالجنة والنجاة من النار‪،‬‬
‫ُْه‬ ‫ُ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ ُْه َ ْ ُ َ‬ ‫َ َْْ َ ه َ ُ‬
‫ض َحكون (‪َ )34‬على األ َرائك َينظ ُرون (‪َ )35‬ه ْل ثو َب الكف ُار‬ ‫ين َآمنوا من الكفار ي‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬فاليوم الذ‬
‫َ ُ ْ ُ َ‬
‫َما كانوا َيف َعلون}[املطففين‪.]34-36 :‬‬

‫َۡ‬ ‫َىَ َ َ ۡ‬
‫ك ۡم لِث ُت ۡم ِِف ٱلۡر ِض َع َد َد ِسن َِي ‪} ١١٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ ۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا لث َنا يَ ۡوما أ ۡو َب ۡع َض يَ ۡوم ف ۡسَٔٔل ٱل َعاد َ‬
‫ِين ‪} ١١٣‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قالوا‪ :‬لبثنا في األرض يوما أو بعض يوم‪ ،‬وظننا ما بقينا فيها إال زمنا يسيرا‪ ،‬كما قال تعالى‬
‫َ ُ ُّ َ ْ َ ْ ُ ه َ ً‬ ‫َ‬ ‫ُ ََ َ‬
‫حكاية عنهم‪َ { :‬ي ْو َم َي ْد ُعوك ْم فت ْستج ُيبون ب َح ْمد َوتظنون إن لبثت ْم إَل قليال}[اإلسراء‪ ،]52 :‬وقال تعالى‪{ :‬‬
‫َك َأ َن ُه ۡم يَ ۡو َم يَ َر ۡو َن َها ل َ ۡم يَ ۡل َب ُثوا إ ََّل َع َية أَ ۡو ُض َحى ى َها ‪ّ ٤٦‬‬
‫}[النازعات‪ ،]46 :‬فاسأل الحاسبين الذين يعدون الشهور‬ ‫ِ شِ‬
‫واأليام‪.‬‬
‫َۡ ََ ُ ۡ ُ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ ۡ َ َ‬ ‫ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ق ىل إِن لِث ُت ۡم إَِّل قل ِيل لو أنكم كنتم تعلمون ‪} ١١٤‬‬

‫ُۡ َ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬


‫ون ‪}١١٥‬‬ ‫حسِ ۡب ُت ۡم أن َما خلق َنىك ۡم ع َبثا َوأنك ۡم إ ِ َۡل َنا َّل ترجع‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أف َ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬أفظننتم أنما خلقناكم لعبا وباطال بال حكمة‪ ،‬وأنكم ال ترجعون إلينا في اآلخرة للحساب؟ كما‬
‫ْ ُ َْ ْ‬ ‫َ‬
‫قال تعالى‪{ :‬أ َي ْح َس ُب اإلن َسان أن ُيت َر َك ُس ًدى}[القيامة‪.]36 :‬‬

‫ۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫َّلل ٱل َمل ُِك ٱ َ ُّ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف َت َع ىَل ٱ َ ُ‬
‫يم ‪} ١١٦‬‬‫لق َّل إِل ى َه إَِّل ه َو َر ُّب ٱل َع ۡر ِش ٱلك ِر ِ‬
‫فتنزه هللا وتعاظم وتقدس عن مماثلة الخلق‪ ،‬امللك النافذ أمره‪ ،‬الحق الثابت في ذاته‪ ،‬ال‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َُ َ َ َ ُ‬
‫َّلل َّل إِل ى َه إَِّل ه َو َر ُّب ٱل َع ۡر ِش ٱل َع ِظ ِ‬
‫يم۩‬ ‫معبود بحق في الوجود إال هو ر ّب العرش الكريم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱ‬
‫‪[}٢٦‬النمل‪.]26 :‬‬

‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫اخ َر ََّل بُ ۡر َهى َن َ ُلۥ بهِۦ فَإ َن َما ح َِسابُ ُهۥ ع َ‬
‫َ َ َ ۡ ُ َ َ َ َى َ َ‬
‫ِند َربِهِرۦ إِن ُهۥ َّل ُيفل ُِح ٱلك ىفِ ُرون ‪١١٧‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ومن يدع مع ٱَّللِ إِلها ء‬
‫}‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومن يعبد مع هللا تعالى إلها آخر ال برهان له‪ ،‬فإنما جزاؤه عند ربه في اآلخرة‪ ،‬إنه ال يفوز‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫الكافرون بش يء من نعيم الجنة‪.‬‬
‫ّ‬
‫وال يفهم من هذه اآلية أنه إذا كان للعبد إله آخر له برهان به فال مانع من عبادته؛ الستحالة وجود‬
‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َُ ْ‬
‫جعلوا َم َع هَّللا إل ًها َءاخ َر إني لكم‬ ‫برهان على عبادة إله آخر مع هللا تعالى‪ ،‬وقد ّبين هللا ذلك في قوله تعالى‪{ :‬وَل ت‬
‫ُ َ‬
‫نه نذير ُّمبين}[الذاريات‪.]51 :‬‬ ‫م‬

‫نت َخ ۡ ُ‬
‫ري ٱ َىلر ِْح َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وقل َرب ٱغ ِف ۡر َوٱ ۡر َح ۡم َوأ َ‬ ‫ُ‬
‫ِي ‪} ١١٨‬‬ ‫ِ‬
‫حمني بقبول توبتي‪ ،‬وأنت خير من رحم ذا ذنب‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وقل أيها الرسول‪ :‬ر ّب اغفر لذنوبي وار ْ‬
‫شاد من هللا لجميع املؤمنين ْأن يكثروا من هذا الدعاء‪ ،‬وهو الدعاء الذي يقوله عباد هللا‬ ‫وهذا إر ٌ‬
‫ُ ُ َ َ ه َ ْ‬ ‫ان َفر ٌ‬
‫هُ َ َ‬
‫يق م ْن ع َبادي َيقولون َرهبنا َآمنا فاغف ْر‬ ‫املؤمنون الذين اتخذهم الكفار سخرية‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إنه ك‬
‫َْ ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫الراحم َين ‪َ .‬ف هات َخ ْذ ُت ُم ُ‬ ‫َل َنا َوا ْر َح ْم َنا َو َأ ْن َت َخ ْي ُر ه‬
‫وه ْم سخرًّيا َح هتى أن َس ْوك ْم ذكري}[املؤمنون‪.]109-110 :‬‬

‫ُ ْ َ ُ ُّ‬
‫النور‬ ‫سورة‬
‫وهي مدنية وعدد آياتها أربع وستون‬

‫َ ُ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ُ َ َ َىَ َ َ ۡ َىَ َ َ َ َ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬
‫ون ‪} ١‬‬‫ِيها َءاي ىت َبي ِ َنىت لعلكم تذكر‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬سورة أنزلنها وفرضنها وأنزلا ف‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬هذه سورة عظيمة من القرآن أنزلناها على عبدنا محمد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وفرضنا ما فيها‬
‫األحكام‪ ،‬وأنزلنا فيها آيات واضحات لتتذكروا أيها املؤمنون‪ ،‬وتخرجوا بهديها من ظلمات الكفر إلى نور اإليمان‪،‬‬
‫َ ُّ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُ َ ه ُ ُل َ َ َ ْ َ َ َ‬
‫ات ل ُيخر َجك ْم م َن الظل َمات إلى النور}[الحديد‪.]9 :‬‬
‫ات بين ٍ‬‫كما قال تعالى‪{ :‬هو الذي ينز على عبد آي ٍ‬

‫كم به َما َرأۡفَة ِف دِين ٱ ََّللِ إن ُك ُ‬


‫نت ۡم‬
‫ََ َ َۡ َ َ َۡ ُ ۡ ُ‬
‫ذ‬ ‫خ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫َّل‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫ِل‬ ‫ج‬ ‫ة‬ ‫ئ‬ ‫ِا‬ ‫م‬ ‫ا‬‫م‬
‫َ َُ َ َ َ ۡ ُ َُ‬
‫ُك َو ىحِد م ِۡن ُه َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱلزانِية وٱلز ِان فٱج ِِلوا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ون ب ِٱ ََّللِ َوٱَلَ ۡو ِم ٱٓأۡلخ ِِر َوليَش َه ۡد َعذ َاب ُه َما َطائ ِ َفة م َِن ٱل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪} ٢‬‬
‫ُۡ ُ َ‬
‫تؤمِن‬
‫ّ‬
‫تحملنكم الشفقة على‬ ‫واملعنى‪ :‬الزانية والزاني غير املحصنين عقوبة كل منهما مائة جلدة بالسوط‪ ،‬وال‬
‫ترك هذه العقوبة أو تخفيفها‪ْ ،‬إن كنتم تؤمنون باهلل واليوم اآلخر الذي يجري فيه الحساب‪ ،‬وليحضر‬
‫عقوبتهما عدد من املؤمنين؛ تأنيبا وتوبيخا لهما وعظة واعتبارا لغيرهما‪.‬‬
‫خصص‬ ‫يدل ظاهر هذه اآلية على ّأن كل زانية وكل زان يجب ْأن يجلد كل واحد منهما مائة جلدة‪ ،‬وقد ّ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫هللا تعالى من هذه اآلية األمة‪ ،‬فإنها تجلد نصف املائة أي‪ :‬خمسين جلدة‪ ،‬وذلك في قوله تعالى في اإلماء‪{ :‬فإن‬
‫َ ََ‬ ‫ُ َ ََ ُ َ َ‬ ‫ََ َ َ َ َ َ‬
‫العذاب}[النساء‪.]25 :‬‬ ‫حصنات من‬ ‫أتين بفحشة ف َعليه هن نصف ما على اْل‬

‫َ ُ َ َ َ ََ‬
‫لَع ٱل ۡ ُم ۡؤ ِمن َ‬ ‫َ َ َ ُ َ َ َ َۡ ُ ۡ َ َ َ َُ َ َ ُ َ َ َ َۡ ُ ۡ‬
‫ِي‬ ‫شكر وح ِرم ذ ىل ِك‬
‫ان أو ِّ ِ‬
‫شوُكة وٱلزانِية َّل ينكِحها إَِّل ز ٍ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱلز ِان َّل ينكِح إَِّل زانِية أو ِّ ِ‬
‫‪}٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬الزاني ال يرغب إال في نكاح زانية أو مشركة غالبا‪ ،‬والزانية ال يرض ى بنكاحها إال ز ٍان أو مشرك‬
‫وحرم على املؤمنين الزواج بالبغايا أو تزويج العفائف بالرجال الفجار‪.‬‬ ‫غالبا‪ّ ،‬‬
‫حرم هللا على املؤمنين نكاح البغايا‪ّ ،‬‬
‫وتقدم في ذلك‬ ‫حيان‪ّ :‬‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬وقال قتادة‪ ،‬ومقاتل بن ّ‬
‫ه َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ ََ‬ ‫َ ُ َ َ َ َ ُْ ْ َ‬
‫ات َوَل ُمتخذات‬‫ات غي َر ُم َسافح ٍ‬‫فقال‪{ :‬وحر َم ذلك على اَلؤمنين}‪ ،‬وهذه اآلية كقوله تعالى‪ُ { :‬محصن ٍ‬
‫ومن هاهنا ذهب‬‫َأ ْخ َدان}[النساء‪ ،]25 :‬وقوله‪ُ { :‬م ْحصن َين َغ ْي َر ُم َسافح َين َوَل ُم هتخذي َأ ْخ َدان}[املائدة‪ْ ،]5 :‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫يصح العقد من ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلمام أحمد بن حنبل رحمه هللا إلى أنه ال ّ‬
‫البغي ما دامت كذلك‬ ‫الرجل العفيف على املرأة‬
‫الحرة العفيفة ّ‬
‫بالرجل الفاجر‬ ‫يصح تزويج املرأة ّ‬‫صح العقد عليها‪ ،‬وإال فال‪ ،‬وكذلك ال ّ‬ ‫فإن ْ‬
‫تابت ّ‬ ‫حتى ُتستتاب‪ْ ،‬‬
‫َ ُْ ْ َ‬ ‫َ‬
‫املسافح‪ ،‬حتى يتوب توبة صحيحة؛ لقوله تعالى‪َ { :‬و ُحر َم ذل َك َعلى اَلؤمنين}‪.‬‬
‫َ َ َ َۡ ُ َ ُۡ ۡ َ َى ُ َ َۡ َۡ ُ َۡ َ َ ُ َ َ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ َى َ َ َۡ َ َۡ ُ َ َ‬
‫ِلة َوَّل تق َبلوا ل ُه ۡم ش َه ى َدة‬ ‫ت ثم لم يأتوا بِأربعةِ شهداء فٱج ِِلوهم ثمن ِي ج‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين يرِّون ٱلمحصن ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ُ َى َ ُ ُ ۡ َ ى ُ َ‬
‫َ‬
‫ِين يَ ۡر ُِّون‬ ‫َّلل َغ ُفور َرحِيم ‪َ ٥‬وٱ ََّل َ‬ ‫حوا َفإ َن ٱ َ َ‬ ‫ِين تَابُوا مِن َب ۡع ِد َذ ىل َِك َوأ ۡصلَ ُ‬ ‫ون ‪ ٤‬إ ََّل ٱ ََّل َ‬ ‫أبدار وأولئِك هم ٱلفسِق‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ۡ َ َ ُ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نف ُس ُه ۡم فَ َش َه ى َدةُ أ َح ِده ِۡم أ ۡربَ ُع َش َه ى َد ىت بٱ ََّللِ إنَ ُهۥ ل َ ِم َن ٱ َ ى‬ ‫َ ۡ َى َ ُ ۡ َ َۡ َ ُ َُ ۡ ُ َ َ ُ َ ُ‬
‫َ‬
‫لص ِدق ِي ‪ ٦‬وٱلخى ِمسة أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أزوجهم ولم يكن لهم شهداء إَِّل أ‬
‫َ َُ َ َ ۡ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ي ‪َ ٧‬ويَ ۡد َر ُؤا َع ۡن َها ٱ ۡل َع َذ َ‬ ‫َ َ َ ۡ َ‬ ‫ََۡ َ َ َ‬
‫ي ‪٨‬‬ ‫ك ى ِذب َ‬
‫ِ‬ ‫اب أن تش َه َد أ ۡربَ َع ش َه ىد ىت ب ِٱَّللِ إِنهۥ ل ِمن ٱل‬ ‫ك ى ِذب َ‬
‫ِ‬ ‫ت ٱَّللِ َعل ۡيهِ إِن َكن مِن ٱل‬ ‫ل عن‬
‫َ‬
‫َ َ ۡ َ ۡ ُ َ َ ۡ ُ ۡ َ ََُُۡ َ َ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب ٱ ََّللِ َعل ۡي َها إن ََك َن م َِن ٱ َ ى‬ ‫َ‬
‫َ ۡ َى َ َ َ َ َ‬
‫َّلل ت َواب َحكِيم‬ ‫لص ِدق ِي ‪ ٩‬ولوَّل فضل ٱَّللِ عليكم ورْحتهۥ وأن ٱ‬ ‫ِ‬
‫ض َ‬ ‫وٱلخ ِمسة أن غ‬
‫كتَ َس َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫كم بَ ۡل ُه َو َخ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ۡ َ ِ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫‪ ١٠‬إ َن ٱ ََّل َ‬
‫ب‬ ‫ِك ٱ ِّۡ ِري م ِۡن ُهم َما ٱ‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫م‬
‫ر‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ري‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ش‬ ‫وه‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ت‬ ‫َّل‬ ‫م‬
‫ر‬
‫نك ۡ‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫ب‬ ‫ص‬ ‫ع‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫ف‬ ‫إل‬
‫ِ ِ‬ ‫ٱ‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫ِين َجا ُ‬
‫ء‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫م َِن ٱ ِإلث ِم َوٱَّلِي تَ َو ىل ك ۡ َِبهُۥ م ِۡن ُه ۡم ُلۥ َعذاب َع ِظيم ‪} ١١‬‬

‫َ ۡ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬


‫ون َوٱل ُم ۡؤم َِنى ُت بِأ ُنفسِ ِه ۡم َخ ۡريا َوقالوا َهىذا إِفك ُّمبِي ‪} ١٢‬‬
‫َ ُُۡ ُ َ َ ُۡ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ل ۡوَّل إِذ س ِمعتموه ظن ٱلمؤمِن‬
‫ظن بعضكم لبعض خيرا وهو السالمة مما رموا‬ ‫واملعنى‪ :‬هال حين سمعتم أيها املؤمنون ذلك اإلفك ّ‬
‫به‪ ،‬وقلتم‪ :‬هذا كذب ظاهر على أم املؤمنين رض ي هللا عنها‪.‬‬
‫وقد أمر هللا تبارك وتعالى املؤمنين ْأن يبتعدوا ابتعادا تاما عن الظنون السيئة بأهل الخير من‬
‫ألن هذه الظنون السيئة التي ال تستند إلى دليل صحيح‬ ‫املؤمنين‪ ،‬فضال عن أم املؤمنين ض ي هللا تعالى عنها؛ ّ‬
‫ر‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫إنما هي مجرد تهم تؤدى إلى الشكوك من كرامة املؤمنين وتسبب املفاسد فيما بينهم‪ ،‬قال تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱَّل َ‬
‫ِين‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لظ ِن إِثم }[الحجرات‪.]12 :‬‬ ‫ام ُنوا ٱ ۡج َتن ِ ُبوا كثِريا م َِن ٱلظ ِن إِن َب ۡعض ٱ‬
‫َء َ‬

‫َ َ َ ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ۡ َ‬ ‫َ ُ َى َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ ۡ َ ُۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ل ۡوَّل َجا ُءو َعل ۡيهِ بِأ ۡربَ َع ِة ش َه َدا َء ر فإِذ ل ۡم يَأتوا ب ِٱلش َه َداءِ فأولئِك ع‬
‫ِند ٱَّللِ ه ُم ٱلك ىذِبُون ‪َ ١٣‬ول ۡوَّل فضل‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ِ ََ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َۡ ُ‬
‫ك ۡم َو َر ۡ َ‬
‫ك ۡم ِِف َما أف ۡض ُت ۡم فِيهِ َعذاب َع ِظيم ‪} ١٤‬‬ ‫ْح ُت ُهۥ ِِف ٱ َُّلن َيا َوٱٓأۡلخِرة لمس‬ ‫ٱَّللِ علي‬

‫ۡ َ َۡ َ ُ َُ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ َََ ۡ َُ َۡ َ ُ َُ ُ َ َۡ‬


‫سنتِك ۡم َوتقولون بِأف َواهِكم َما ل ۡي َس لكم بِهِۦ ِعلم وتسبونهۥ هيِنا وهو ع‬
‫ِند ٱَّلل ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِذ تلقونهۥ بِأل ِ‬
‫َع ِظيم ‪} ١٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬حين تتلقفون ذلك اإلفك وتتناقلونه بألسنتكم وهو باطل ليس لكم به علم‪ ،‬وتحسبون ذلك‬
‫شيئا ّ‬
‫هينا يسيرا‪ ،‬وهو عند هللا تعالى أمر خطير عظيم‪.‬‬
‫ّ‬
‫وعلق ّ‬
‫مس‬ ‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬وهذا أيضا من الزواجر‪ ،‬فقد وصفهم هللا بارتكاب ثالثة آثام‪،‬‬
‫العذاب العظيم بها‪ ،‬وهي‪ :‬األول‪ :‬تلقي اإلفك بألسنتهم‪ ،‬أي االهتمام بالسؤال عنه وبإشاعته‪ ،‬ال ّ‬
‫مجرد السماع‬
‫عفوا‪ ،‬وإنما يأخذه بعضهم من بعض‪ ،‬ويذيعه‪ .‬الثاني‪ :‬التكلم بما ال علم لهم به وال دليل عليه‪ ،‬وهذا منهي عنه‬
‫ُ ُ َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ ُ َْ َ َ‬
‫س ل َك به عل ٌم}[اإلسراء‪ ،]36 :‬وهو شبيه بقوله تعالى‪َ { :‬يقولون بأفواهه ْم ما‬ ‫في قوله تعالى‪{ :‬وَل تقف ما لي‬
‫َْ َ ُُ‬
‫س في قلوبه ْم}[آل عمران‪ .]167 :‬الثالث‪ :‬استصغار ذلك‪ ،‬وهو عند هللا تعالى عظيم اإلثم‪ ،‬موجب لشديد‬ ‫لي‬
‫العقاب‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫ُۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬


‫ون لَا أن َن َتَك َم ب ِ َه ىذا ُس ۡب َحى َن َك َهىذا ُب ۡه َتىن َع ِظيم ‪} ١٦‬‬
‫َ ُُۡ ُ ُ َ َ ُ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ول ۡوَّل إِذ س ِمعتموه قلتم ما يك‬
‫واملعنى‪ :‬وهال حين سمعتم أيها املؤمنون ذلك اإلفك‪ ،‬قلتم‪ :‬ما ينبغي لنا وال يصح لنا ْأن نتكلم بهذا‬
‫الكذب‪ ،‬تنزيها لك يا ربنا من ْأن يقال ذلك على زوجة رسولك صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬هذا كذب عظيم وإيذاء‬
‫ُّ ْ‬ ‫ول ُه َل َع َن ُه ُم ه ُ‬
‫ه ه َ ُْ ُ َ هَ ََ ُ َ‬
‫الدن َيا َواْلخ َرة‬ ‫َّللا في‬ ‫للرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وقد قال هللا تعالى‪{ :‬إن الذين يؤذون َّللا ورس‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َوأ َع هد ل ُه ْم َعذ ًابا ُمهينا}[األحزاب‪.]57 :‬‬

‫َّلل َعل ِيم‬‫ت َوٱ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََُ ُ َُ َ ُ‬ ‫ودوا لِم ۡثلِهِۦ َأبَدا إن ُك ُ‬
‫نتم ُِّّ ۡؤ ِمن َ‬ ‫َ ُ ُ ُ َُ َ َُ ُ‬
‫َّلل لك ُم ٱٓأۡلي ى ِ‬ ‫ِي ‪ ١٧‬ويب ِي ٱ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يعِظكم ٱَّلل أن تع‬
‫َ‬
‫َ َ َُ ََُۡ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ ُ ُّ َ َ َ َ ۡ َ ى َ ُ‬
‫نت ۡم َّل‬ ‫ام ُنوا ل ُه ۡم َعذاب أ َِلم ِِف ٱ َُّلن َيا َوٱٓأۡلخِرة ِ وٱَّلل يعلم وأ‬‫حشة ِِف ٱَّلِين ء‬ ‫َحكِيم ‪ ١٨‬إِن ٱَّلِين يِبون أن تشِ يع ٱلف ِ‬
‫َّلل َر ُءوف َرحِيم ‪} ٢٠‬‬‫ْح ُت ُهۥ َوأَ َن ٱ َ َ‬ ‫َ ۡ َ ُ َ َ َۡ َ َ ۡ ُ َ َ َۡ ُ‬
‫ك ۡم َو َر ۡ َ‬ ‫تعلمون ‪ ١٩‬ولوَّل فضل ٱَّللِ علي‬

‫َۡ َ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َى َ ُّ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ‬


‫ت ٱلش ۡي َطى ِن فإِن ُهۥ يَأ ُِّ ُر ب ِٱلف ۡحشا ِء‬ ‫ت ٱلش ۡي َطى ِن َو َمن يَتب ِ ۡع خ ُط َو ى ِ‬
‫امنوا َّل تتب ِ ُعوا خ ُط َو ى ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱَّلِين ء‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُۡ َ َ َۡ َ َ ۡ ُ َ َ َۡ ُ‬
‫َّلل يُ َزّك َمن ي َ َشا ُء َوٱ َ ُ‬
‫َّلل َس ِميع‬ ‫ِ‬
‫ك َن ٱ َ َ‬ ‫َ‬
‫ّك مِنكم م ِۡن أ َح ٍد أبَدا َول ى ِ‬
‫ُ‬ ‫ْح ُت ُهۥ َما َز َ ى‬
‫ك ۡم َو َر ۡ َ‬ ‫وٱلمنك ِر ولوَّل فضل ٱَّللِ علي‬
‫َعل ِيم ‪} ٢١‬‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها املؤمنون ال تتبعوا آثار الشيطان ومسالكه‪ ،‬ومن يسلك مسالك الشيطان فإنه يأمر‬
‫طهر أحدا منكم من ذنبه‪،‬‬ ‫بالفحشاء واملنكر‪ ،‬ولوال فضل هللا تعالى عليكم أيها املؤمنون ورحمته بكم‪ ،‬ما ّ‬
‫اس ب ُظ ْلمه ْم َما َت َر َك َع َل ْي َها م ْن َد هابة}النحل‪ّ ،]61 :‬‬
‫ولكن‬
‫ََ ْ ُ َ ُ هُ ه‬
‫الن َ‬ ‫ولعاجله بالعذاب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ولو يؤاخذ َّللا‬
‫ٍ‬
‫يطهر من يشاء من عباده‪ ،‬هللا تعالى سميع ألقوالكم عليم بنياتكم‪.‬‬ ‫هللا تعالى برحمته ّ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ۡ‬


‫ى‬ ‫ۡ ُ ۡ َى َ ۡ َ َ‬ ‫ُ ۡ َ َ َ َ ُۡ ُ ُ‬ ‫َ َ َۡ َ ُ ُ ۡ َ ۡ‬
‫ِ‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫يل‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ِف‬
‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ين‬ ‫ر‬ ‫ج‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫ي‬ ‫ك‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ت‬‫ؤ‬‫ي‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫لس‬‫ٱ‬‫و‬ ‫م‬ ‫ِنك‬
‫م‬ ‫ل‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وَّل يأت ِل أولوا ٱلف ِ‬
‫ض‬
‫َ‬ ‫َ ۡ َ ۡ ُ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ ُ ُّ َ َ َ ۡ َ َ ُ َ ُ ۡ َ َ ُ َ ُ‬
‫وَلعفوا وَلصفحوا أَّل تِبون أن يغفِر ٱَّلل لك رم وٱَّلل غفور رحِيم ‪} ٢٢‬‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬وال يحلف أصحاب الفضل في الدين والسعة في املال على أال يعطوا أقرباءهم الفقراء‬
‫واملحتاجين واملهاجرين في سبيل هللا تعالى بسبب ذنب فعلوه‪ ،‬فليتجاوزوا عن إساءتهم‪ ،‬وليعفوا عن أخطائهم‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ َ َ ََ َْ ََ‬
‫صل َح فأ ْج ُر ُ َعلى هَّللا}[الشورى‪،]40 :‬‬ ‫فال يعاقبونهم‪ّ ،‬‬
‫فإن أجر العافين على هللا تعالى‪ ،‬كما قال‪{ :‬فمن عفا وأ‬
‫تحبون يا أصحاب الفضل ْأن يتجاوز هللا عنكم؟ فتجاوزوا عنهم‪.‬‬
‫أال ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ت لعِ ُنوا ِِف ٱ َُّل ۡن َيا َوٱٓأۡلخ َِرة ِ َول ُه ۡم َعذاب َع ِظيم ‪} ٢٣‬‬ ‫ۡ َ‬
‫ت ٱل ُمؤمِنى ِ‬
‫َ‬
‫ت ٱلغ ىفِل ى ِ‬
‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن ٱَّل َ‬
‫ِين يَ ۡر ُِّون ٱل ُمح َصنى ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬إن الذين يقذفون املحصنات الغافالت املؤمنات بالزنى‪ ،‬طردوا من رحمة هللا تعالى في الدنيا‬ ‫ّ‬
‫ُّ ْ‬ ‫ول ُه َل َع َن ُه ُم ه ُ‬
‫ه ه َ ُْ ُ َ هَ ََ ُ َ‬
‫الدن َيا‬ ‫َّللا في‬ ‫واآلخرة‪ ،‬ولهم عذاب عظيم في نار جهنم؛ كما قال تعالى‪{ :‬إن الذين يؤذون َّللا ورس‬
‫ً‬ ‫َْ َ ْ َ َ ُ َ َ ْ َ ُ‬ ‫َ َ َ َ َ ه َ ُ ْ َ َ ً ُ ً َ ه َ ْ ُ َ ُْ ْ َ ُْ ْ‬
‫احت َملوا ُب ْهتانا‬ ‫ين ُيؤذون اَلؤمنين َواَلؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد‬ ‫واْلخرة وأعد لهم عذابا مهينا‪ .‬والذ‬
‫ً‬ ‫ْ ً‬
‫َو إثما ُمبينا}[األحزاب‪.]57-58 :‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬
‫َُُ ۡ َ ۡ ۡ َ ۡ ُ ُ َ ُ َ ۡ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬
‫ون ‪} ٢٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يَ ۡو َم تش َه ُد َعل ۡي ِه ۡم ألسِ نتهم وأيدِي ِهم وأرجلهم بِما َكنوا يعمل‬
‫واملعنى‪ :‬وهم يعذبون يوم القيامة‪ ،‬يوم تشهد عليهم ألسنتهم بما نطقت‪ ،‬وتتكلم أيديهم وأرجلهم بما‬
‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َُ َ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬
‫كانوا يعملون‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ال َي ْو َم نخت ُم َعلى أف َواهه ْم َوتكل ُمنا أ ْيديه ْم َوتش َه ُد أ ْر ُجل ُه ْم ب َما كانوا‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫َيكس ُبون}[يس‪.]65 :‬‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ون أ َن ٱ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ََۡ َُ ُ َُ َُ ُ ََ ََۡ ُ َ‬ ‫ۡ‬
‫ي ‪} ٢٥‬‬ ‫َّلل ُه َو ٱ َ‬
‫ل ُّق ٱل ُمب ُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يومئِذ يوف ِي ِهم ٱَّلل دِينهم ٱلق ويعلم‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬في ذلك اليوم‪ ،‬يوفيهم هللا تعالى جزاءهم على أعمالهم بالعدل‪ ،‬ويعلمون يومئذ ّأن هللا تعالى‬
‫هو الحق املبين‪.‬‬
‫ألن التوفية تدل على الجزاء‪ ،‬وقد‬‫بالدين في هذه اآلية الجزاء‪ ،‬ويدل على ذلك قوله‪ُ { :‬يوفيهم}؛ ّ‬ ‫واملراد ّ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أكد هللا تعالى هذا املعنى في قوله تعالى‪{ :‬ث هم ت َوفى ك ُّل نفس هما ك َسبت}[آل عمران‪.]161 :‬‬

‫َ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ َ ى َ َ َ ى ُ َ َ َ َ ُ َ َ َ ى ُ َى َ ُ َ َ َ‬ ‫َۡ َى ُ ۡ َ‬
‫ب ُءون‬ ‫ت أولئِك ِّ‬
‫ت وٱلطيِبت ل ِلطيِبِي وٱلطيِبون ل ِلطيِب ِ‬
‫ت ل ِلخبِيثِي وٱلبِيثون ل ِلخبِيٰ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱلبِيٰ‬
‫َ‬ ‫َ َُ ُ َ َ‬
‫ون ل ُهم َم ۡغفِ َرة َورِ ۡزق ك ِريم ‪} ٢٦‬‬ ‫ِِّما يقول‬
‫واملعنى‪ :‬الخبيثات من النساء‪ ،‬مختصات بالخبيثين من الرجال‪ ،‬والخبيثون من الرجال مختصون‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫ه َ َْ ُ ه َ َ ً َْ ُ ْ َ ً َ ه ُ َ ْ‬
‫الز ان َية َل َينك ُح َها إَل َز ٍان أ ْو‬ ‫بالخبيثات من النساء‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬الز اني َل ينكح إَل زانية أو مشركة و‬
‫ْ‬
‫ُمشر ٌك}[النور‪ ،]3 :‬والطيبات منهن للطيبين منهم‪ ،‬والطيبون منهم للطيبات منهن‪ ،‬أولئك الطيبون والطيبات‬
‫ّ‬
‫املبرئين مغفرة لذنوبهم ورزق كريم‬ ‫مبرؤون مما يرميهم به أهل اإلفك الخبيثون والخبيثات من السوء‪ ،‬وألولئك ّ‬ ‫ّ‬
‫ًْ َ‬ ‫َْ َ‬
‫وأعت ْدنا لها رزقا ك ْري ًما}[األحزاب‪.]31 :‬‬ ‫عند هللا تعالى في الجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬

‫ُ ۡ َ َ ى َ ۡ َ ۡ ُ َ ُ َ ُ َ َ ى َ ۡ َ َى ُ‬
‫ِك ۡم َخريۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َى َ ُّ َ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ ُ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱَّلِين ءامنوا َّل تدخلوا بيوتا غري بيوت ِكم حت تستأن ِسوا وتسل ِموا لَع أهلِها ر ذل‬
‫َ ُ ۡ َََ ُ ۡ ََ َُ َ‬
‫ون ‪}٢٧‬‬ ‫لكم لعلكم تذكر‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها املؤمنون ال تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأذنوا أهلها وتسلموا عليهم‪ ،‬فيأذنوا لكم‬
‫َ َ َُ‬ ‫ََ َ ُ‬
‫دخ ُل َ‬
‫وها َح هتى ُيؤذن لكم}[النور‪ ،]28 :‬ذلكم االستئذان خير لكم؛ لعلكم‬ ‫بالدخول‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فال ت‬
‫تتعظون فتعملوا به‪.‬‬
‫َ َ ََ َ ْ َ ُ ْ ُ‬
‫ال منك ُم‬‫ومعنى االستئناس االستعالم واالستئذان‪ ،‬ودل على هذا املعنى قوله تعالى‪{ :‬وإذا بلغ األطف‬
‫َ‬ ‫اس َت ْأ َذ َن هالذ َ‬
‫ين م ْن ق ْبله ْم}[النور‪.]59 :‬‬ ‫ْال ُح ُل َم َف ْل َي ْس َت ْأذ ُنوا َك َما ْ‬

‫َ‬ ‫َ َ َ ََ َۡ ُ ُ َ َ َى ُۡ َ َ َ ُ‬ ‫َ َۡ َ‬
‫ج ُعوا ُه َو أ ۡز َ ى‬
‫ّك‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُ‬
‫ك ُم ٱ ۡرج ُعوا فَٱ ۡ‬ ‫ل‬ ‫ِيل‬ ‫ق‬ ‫ِإَون‬ ‫كۡ‬
‫م‬ ‫ت ُدوا فِيها أحدا فل تدخلوها حت يؤذن ل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فإِن لم ِ‬
‫َ ََ َ ُ ۡ َ َُ َ‬
‫َّلل َي ۡعل ُم‬
‫ُ َ‬
‫ري َِّ ۡسكونة فِيها متىع لك رم وٱ‬ ‫ك ۡم ُج َناح أَن تَ ۡد ُخلُوا ُب ُيوتا َغ ۡ َ‬
‫َۡ َ َ َۡ ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ك ۡم َوٱ َ ُ‬
‫َّلل ب ِ َما ت ۡع َملون َعل ِيم ‪ ٢٨‬ليس علي‬ ‫ل ر‬
‫َ ُۡ ُ َ َ َ َ ۡ ُ ُ َ‬
‫ون ‪} ٢٩‬‬ ‫ما تبدون وما تكتم‬

‫ُ َ ُ ۡ ى َ ۡ ى ُ ۡ َ ََ َ ُ َ َ ۡ َُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ۡ َ ُ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬


‫ون ‪} ٣٠‬‬ ‫ِي َيغضوا م ِۡن أبۡص ى ِره ِۡم َويَ ۡحفظوا فروجه رم ذل ِك أزّك له رم إِن ٱَّلل خبِري بِما يصنع‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل ل ِلمؤ ِمن‬
‫عما ّ‬ ‫ويغضو منها ّ‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول للمؤمنين ي ّ‬
‫حرم هللا عليهم‪ ،‬ويحفظوا‬ ‫كفوا أبصارهم‬
‫ََ ْ‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫فروجهم بمنعها من الزنى‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و هالذ َ‬
‫ين ُه ْم لف ُروجه ْم َحافظون إَل َعلى أز َواجه ْم ْأو َما َملكت‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أ ْي َم ُان ُه ْم فإ هن ُه ْم غ ْي ُر َملومين}[املعارج‪ ،]29-30:‬ذلك أطهر لهم‪ ،‬إ ّن هللا تعالى خبير بما يصنعون ال يخفى عليه‬
‫ش يء من تصرفاتهم‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ۡ ُ ۡ َى َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َۡ َ ى َ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ُ َ ُ َ َ َ ُ ۡ َ َ‬
‫ِين زِين َت ُه َن إَِّل َما ظ َه َر م ِۡن َها‬ ‫ت يغضضن مِن أبص ِرهِن ويحفظن فروجهن وَّل يبد‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وقل ل ِلمؤمِن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ َ ۡ ۡ َ ُ ُ َ َ َى ُ ُ َ َ َ ُ ۡ َ َ‬
‫ِين زِين َت ُه َن إَِّل ِلُ ُعوِل ِ ِه َن أ ۡو َءابَائ ِ ِه َن أ ۡو َءابَاءِ ُب ُعوِل ِ ِه َن أ ۡو أ ۡب َنائ ِ ِه َن أ ۡو أ ۡب َناءِ‬ ‫ُضبن ِِبم ِرهِن لَع جيوب ِ ِهن وَّل يبد‬ ‫وَل ِ‬
‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َى َ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َۡ َ ۡ َ ََ َ ۡ َۡ ُُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُُ َ َ ۡ َۡ َ ۡ َۡ ُُ َ َ ۡ َۡ َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ري أو ِل ٱ ِإل ۡربَ ِة‬ ‫بعوِل ِ ِهن أو أبنائ ِ ِهن أو أبناءِ بعوِل ِ ِهن أو إِخو ىن ِ ِهن أو ب ِن إِخو ىن ِ ِهن أو ما ِّلكت أيم ىنهن أوِ ٱِلبِعِي غ ِ‬
‫َ َ ُ‬
‫ن َوتوبُوا‬ ‫ت ٱلن ِ َساءِ َو ََّل يَ ۡ ۡ َ َ ۡ ُ َ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ‬ ‫ۡ َ َ َۡ َ ۡ َ ُ ََ‬
‫لَع َع ۡو َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ُضبن بِأرجل ِ ِهن َِلُعلم ما يفِي مِن زِينت ِ ِه ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ر‬ ‫ى‬ ‫وا‬‫ر‬‫ه‬ ‫ظ‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ِين‬
‫َّل‬ ‫ٱ‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ف‬‫لط‬
‫ِ‬ ‫ٱ‬ ‫لرجا ِل أ ِ‬
‫و‬ ‫مِن ٱ ِ‬
‫َ ُّ َ ۡ ُ ۡ ُ َ َ َ َ ُ ۡ ُ ۡ ُ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ون ‪} ٣١‬‬ ‫إِل ٱَّللِ ۡجِيعا أيه ٱلمؤمِنون لعلكم تفل ِح‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫عما ّ‬‫هن ّ‬ ‫يغضضن من أبصار ّ‬ ‫ْ‬
‫فروجهن‬ ‫عليهن‪ ،‬ويحفظن‬ ‫حرم هللا‬ ‫واملعنى‪ :‬وقل أيها الرسول للمؤمنات‬
‫يظهرن ز ّ‬ ‫َ‬ ‫بمنعها من الزنى ونحوه كالسحاق‪ ،‬وال ْ‬
‫ينتهن للرجال‪ ،‬إال ما ظهر منها في العادة كالوجه والكفين وما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ْ‬
‫صدورهن مغطيات الشعور‬ ‫رؤوسهن على فتحات‬ ‫وليسدل َن أغطية‬ ‫ّ‬
‫قصدهن إظهارها‪،‬‬ ‫ظهر منها عفوا دون‬
‫ّ‬
‫أزواجهن‪ ،‬أو‬ ‫ّ‬
‫وأجدادهن‪ ،‬أو آلباء‬ ‫ّ‬
‫آلبائهن‬ ‫ّ‬
‫ألزواجهن‪ ،‬أو‬ ‫ظهرن ز ّ‬
‫ينتهن الخفية إال‬ ‫واألعناق والصدور‪ ،‬وال ُي ْ‬
‫ّ‬
‫لنسائهن املسلمات دون‬ ‫ّ‬
‫أخواتهن‪ ،‬أو‬ ‫ّ‬
‫إخوانهن‪ ،‬أو ألبناء‬ ‫أزواجهن‪ ،‬أو إلخوان ّ‬
‫هن‪ ،‬أو ألبناء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألبنائهن‪ ،‬أو ألبناء‬
‫ْ‬
‫الكافرات‪ ،‬أو ملا ملكن من العبيد‪ ،‬وللتابعين غير أولي الحاجة إلى النساء وهم األجراء‪ ،‬ولألطفال الصغار الذين‬
‫ليس لهم علم بأمور عورات النساء ولم يطلعوا على القضايا الجنسية‪ّ ،‬أما األطفال املراهقون الذين ّ‬
‫يفرقون‬
‫ينتهن الخفية لهم‪ ،‬بدليل وجوب استئذانهم عند دخول البيت‪،‬‬ ‫لهن إظهار ز ّ‬
‫بين الشوهاء والحسناء فال يجوز ّ‬
‫َ َ ُّ َ ه َ َ ُ َ ْ َ ْ ْ ُ ُ ه َ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ ُ ْ َ ه َ َ ُ ُ ْ ُ ْ ُ َ َ‬
‫ين ل ْم َي ْبلغوا ال ُحل َم منك ْم ثالث‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذ‬
‫ّ‬
‫ينتهن كالخلخال؛ ألنه ّ‬ ‫سمعن صوت ما خفي من ز ّ‬ ‫جلهن ُلي ْ‬
‫مشيتهن بأر ّ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫مظنة‬ ‫يضربن في‬ ‫َم هر ٍ‬
‫ات}[النور‪ ،]58 :‬وال‬
‫الفتنة‪ ،‬وتوبوا إلى هللا وحده أيها املؤمنون جميعا‪ ،‬واتركوا ما كان عليه الجاهلية من األخالق املذمومة لعلكم‬
‫تفوزون بخيري الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫كونُوا ُف َق َرا َء ُي ۡغنِه ُم ٱ َ ُ‬


‫َ ُ‬ ‫ُ ۡ َ ُ‬
‫كۡ‬ ‫ح َ‬
‫ي م ِۡن ع َ‬ ‫ُ‬
‫ِنك ۡم َوٱ َ ى‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫ُ ۡ ََ‬ ‫ََ‬
‫َّلل مِن‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫م‬
‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫ا‬‫ِإَوم‬ ‫م‬ ‫ِك‬ ‫د‬ ‫ا‬‫ِب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫لص‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫وا‬ ‫ح‬ ‫ك‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأ‬
‫فَ ۡضلِهِۦ َوٱ َ ُ‬
‫َّلل َو ىسِع َعل ِيم ‪} ٣٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬وز ّوجوا أيها املؤمنون َم ْن كان أهال للزواج‪ ،‬وصالحا له وراغبا فيه من الرجال األحرار والنساء‬
‫الحرائر والصالحين من عبيدكم وجواريكم‪ْ ،‬إن يكونوا فقراء اليوم‪ ،‬فاهلل تعالى قادر على ْأن يغنيهم من فضله‬
‫ْ‬ ‫َّللا م ْن َف ْ‬ ‫َ ْ ْ ُ ْ َ َْ ً َ َ ْ َ ُ ْ ُ‬
‫يك ُم ه ُ‬
‫ضله إن‬ ‫في الحال أو في املستقبل متى شاء ذلك‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وإن خفتم عيلة فسوف يغن‬
‫َ‬
‫ش َاء}[التوبة‪ ،]29 :‬وهللا تعالى واسع كثير الخير عليم بمصالح عباده‪.‬‬

‫َ َ َ ََۡ ُ َ‬
‫ون ٱ ۡلك َِتى َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ت ُي ۡغن َِي ُه ُم ٱ َ ُ‬ ‫ِكاحا َح َ ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ََۡ ۡ َۡ‬
‫ب ِّ َِما‬ ‫َّلل مِن فضلِهِۦ وٱَّلِين يبتغ‬ ‫ُي ُدون ن‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وليستع ِف ِف ٱَّلِين َّل ِ‬
‫َ َى ُ ۡ ََ ُ ۡ ُ َََ ُ ۡ ََ‬
‫ى‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َۡ ََ ُ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ۡ َۡ َىُ ُ ۡ َ َ ُ ُ ۡ ۡ‬
‫ال ٱَّللِ ٱَّلِي ءاتىك رم وَّل تكرِهوا فتيتِكم لَع‬ ‫ِّلكت أيمنكم فَكت ِبوهم إِن عل ِمتم فِي ِهم خريا وءاتوهم مِن م ِ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫هه َن َفإ َن ٱ َ َ‬
‫َّلل ِمن َب ۡع ِد إِك َر ىهِ ِه َن غ ُفور َرحِيم ‪} ٣٣‬‬ ‫كر ُّ‬ ‫َ ۡ َ ُ َ َ َ ۡ َ َ ى ُّ ۡ َ َ َ ُ ۡ‬
‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬‫و‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫َل‬‫ٱ‬ ‫ِ‬ ‫ة‬‫و‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫وا‬ ‫غ‬ ‫ت‬ ‫ب‬ ‫ِل‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ٱ ۡل َغاءِ إ ۡن أَ َر ۡد َن َتَ ُّ‬
‫ص‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ َ‬ ‫ْ‬
‫العفة عن الزنى؛ ألنه كان فاحشة‪ ،‬كما قال‬ ‫وليطلب الذين ال يستطيعون الزواج لفقرهم‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫تعالى‪َ { :‬وََل َت َ‬
‫قرُبوا الزنى إنهۥ كان فحشة َو َس َاء َسبيال}[اإلسراء‪ ،]32 :‬حتى يغنيهم هللا تعالى من فضله ّ‬
‫وييسر‬
‫لهم الزواج‪ ،‬واملماليك الذين يطلبون من سادتهم املكاتبة على بعض املال يؤدونه إليهم‪ ،‬فكاتبوهم أيها األسياد‬
‫ّ‬
‫ْإن علمتم فيهم خيرا من أمانة وقدرة على الكسب صالح في الدين‪ ،‬وأعطوهم شيئا من أموالكم‪ ،‬أو حطوا عنهم‬
‫مما كوتبوا عليه‪ ،‬وال تكرهوا أيها األسياد جوا يكم على الزنى طلبا للمال‪ ،‬سواء أ ْدن ّ‬
‫التعفف عنه أو ال‪ْ ،‬‬
‫ومن‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫ّ‬
‫أكرههن‪.‬‬ ‫بهن‪ ،‬واإلثم على من‬‫لهن رحيم ّ‬
‫اههن غفور ّ‬ ‫هن على الزنى ّ‬
‫فإن هللا تعالى من بعد إكر ّ‬ ‫ْ‬
‫يكره ّ‬

‫ۡ‬
‫ِك ۡم َو َِّ ۡوع َِظة ل ِل ُم َت ِق َ‬
‫ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َق ۡد أ َ‬‫َ‬
‫ي ‪} ٣٤‬‬ ‫ِين خل ۡوا مِن قبل‬ ‫نزلَا إِ َۡلك ۡم َءاي ىت ُّم َبي ِ َنىت َو َمثل م َِن ٱَّل‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد أنزلنا إليكم أيها املؤمنون آيات واضحات مفصالت‪ ،‬وأنزلنا أيضا خبرا عن األمم املاضية‬
‫ين ‪[}٥٦‬الزخرف‪ ،]56 :‬وموعظة‬ ‫ج َع ۡل َنى ُه ۡم َسلَفا َو َم َثل ل ِٓأۡلخِر َ‬
‫املتقدمة وما جرى لهم وعليهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فَ َ‬
‫ِ‬
‫زاجرة للمتقين عن ارتكاب املآثم واملحارم‪.‬‬
‫اج ُة َك َأ َنهاَ‬
‫اجة ٱ ُّلز َج َ‬
‫اح ِف ُز َج َ‬ ‫ِيها ِّ ِۡص َباح ٱل ۡم ۡص َب ُ‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ ۡ َ‬ ‫ََُ ُ‬ ‫َُ ُ ُ َ َ َ َ َۡ‬
‫ت وٱلۡر ِض مثل نورِه ِۦ ك ِمشكوة ف‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلل نور ٱلسم ىو ى ِ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اد َز ۡي ُت َها يُ ِض ُء َول َ ۡو ل َ ۡم َت ۡم َس ۡس ُه نَار ر نُّور َ َ ى‬
‫لَع‬
‫َ َ َ ُّ َ ى َ َ َ ۡ ُ َ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ك ۡوكب درِي يُوق ُد مِن شجرة مبروُكة زيتونة َّل شقِية وَّل غربِية يك‬
‫َ َ ُ‬
‫كل َ ۡ‬ ‫َ َ َ ُ َ َ ۡ ُ َ ُ ۡ َۡ َىَ َ ِ َ َ ُ ُ‬ ‫َُ ُ‬ ‫ُ َۡ‬
‫يش ٍء َعل ِيم ‪}٣٥‬‬ ‫ُضب ٱَّلل ٱلمٰل ل ِلناس وٱَّلل ب ِ ِ‬‫نور يهدِي ٱَّلل لِ ورِه ِۦ من يشاء ر وي ِ‬
‫ككوة وهي‬ ‫واملعنى‪ :‬هللا تبارك وتعالى نور السماوات واألرض‪ ،‬مثل نوره الذي يهدي إليه في قلب املؤمن ّ‬
‫الكو ُة نوره فال ّ‬
‫يتفرق‪،‬‬ ‫فتحة صغيرة في الجدار دون ْأن تكون فيه نافذة‪ ،‬في هذه الفتحة مصباح‪ ،‬فتجمع هذه ّ‬
‫كالدر‪ ،‬يوقد املصباح من زيت شجرة الزيتون املباركة‪ُ ،‬زرعت في‬ ‫ّ‬ ‫كأنها كوكب مض يء‬‫وذلك املصباح في زجاجة ّ‬
‫تتعرض للشمس حالتي الشروق والغروب‪ ،‬ال شرقية فقط فال تصيبها الشمس آخر النهار‪ ،‬وال‬ ‫مكان وسط ّ‬
‫ّ‬
‫كأنه يض يء بنفسه ولو لم تمسسه النار‪ ،‬هو نور‬ ‫غربية فقط فال تصيبها الشمس ّأول النهار‪ّ ،‬إن زيتها لصفائه‬
‫متراكم‪ ،‬قد اجتمعت فيه املشكاة واملصباح والزجاجة والزيت الصفي‪ ،‬وهللا تعالى يرشد من يشاء إلى هداه‪،‬‬
‫َ َ ْ َ ْ َ ْ َ هُ َ‬
‫َّللا ل ُه‬ ‫ومن لم يشأ هللا تعالى ْأن يرشده هداه‪ ،‬فما له من هدى يهديه إلى الحق‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ومن لم يجعل‬
‫ويبين هللا تعالى األمثال للناس؛ وهللا تعالى عليم بجميع األشياء املحسوسة‬ ‫ورا َفما َل ُه م ْن ُنور}[النور‪ّ ،]40 :‬‬‫ُ ً‬
‫ن‬
‫ٍ‬
‫واملعقولة‪.‬‬
‫وقد وصف هللا تبارك وتعالى نفسه بالنور كما في هذه اآلية‪ ،‬ووصف كتابه بالنور‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ َ َ ُ ُ‬
‫{ َو أ َنزلنا إليكم نورا ُّمبينا}[النساء‪ ،]174 :‬ووصف رسوله محمدا صلى هللا عليه وسلم بالنور‪ ،‬كما في قوله‬
‫ً ً‬ ‫ْ‬ ‫ً َ‬
‫تعالى‪َ { :‬وداعيا إلى هَّللا بإذنه َوسراجا ُمنيرا}[األحزاب‪.]46 :‬‬

‫ُُ َ َ‬ ‫ۡ‬‫َ‬ ‫َ‬


‫َ ۡ ُُ َُ ُ ُ‬ ‫ُۡ َ َُ‬ ‫ۡ َ‬
‫َ َُ‬ ‫َ‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وت أذِن ٱَّلل أن ترفع ويذك َر فِيها ٱسمهۥ يسبِح لۥ فِيها ب ِٱلغدوِ وٱٓأۡلص ِ‬
‫ال ‪} ٣٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ِِ { :‬ف بي ٍ‬

‫ون يَ ۡوما َت َت َق َل ُ‬
‫َ َ ى ََ ُ َ‬ ‫لصلَ ىوة ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬
‫ب فِيهِ‬ ‫ِإَويتاءِ ٱلزكوة ِ ياف‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬رِ َجال َّل تُل ِهي ِه ۡم ت َِجى َرة َوَّل َب ۡيع َعن ذِك ِر ٱ ََّللِ ِإَوق ِ‬
‫ام ٱ َ‬
‫ُ‬ ‫ى‬ ‫ُۡ ُ ُ َ ۡ َۡ َ‬
‫ٱلقلوب وٱلبصر ‪}٣٧‬‬
‫جال ال تشغلهم تجارة وال بيع عن ذكر هللا تعالى‪ ،‬وعن إقامة‬ ‫يسبح هلل تعالى في تلك البيوت ر ٌ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ َ ُّ َ ه َ ُ َ‬
‫ين َآمنوا َل‬ ‫الصالة لوقتها‪ ،‬وإيتاء الزكاة املفروضة عليهم‪ ،‬وهم املمتثلون بأمر هللا تعالى في قوله‪{ :‬يا أيها الذ‬
‫ْ‬ ‫ُْ ُ ْ َ ْ َ ُ ُ ْ َ َْ ُ ُ‬
‫َلدك ْم َع ْن ذكر هَّللا}[املنافقون‪ ،]9 :‬وهم يخافون عقاب يوم القيامة الذي تتقلب فيه‬ ‫تلهكم أموالكم وَل أو‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ص فيه األ ْب َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫القلوب واألبصار من شدة الهول‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن َما ُيؤخ ُره ْم ل َي ْوم تشخ ُ‬
‫ص ُار}[إبراهيم‪.]42 :‬‬ ‫ٍ‬

‫َ َُ َۡ ُ ُ َ ََ ُ َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫َ ۡ َُ ُ َُ ۡ َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ري ح َِساب ‪} ٣٨‬‬
‫قوله تعالى‪َِ { :‬لج ِزيهم ٱَّلل أحسن ما ع ِملوا وي ِزيدهم مِن فضلِهِۦ وٱَّلل يرزق من يشاء بِغ ِ‬
‫ه هَ َ‬
‫َّللا َل‬ ‫واملعنى‪ :‬ليثيبهم هللا تعالى ثواب أحسن أعمالهم‪ ،‬ويضاعفه لهم من فضله‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َُُْ َ ًْ َ ً ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ُ َْ َ َه َ ْ َ ُ َ َ ًَ ُ َ ْ‬
‫يما}[النساء‪ ،]40 :‬وقال تعالى‪َ { :‬من ج َاء‬ ‫ضاعف َها َو ُيؤت من لدنه أجرا عظ‬ ‫يظلم مثقال ذر ٍة وإن تك حسنة ي‬
‫ون أَ ۡم َو ىل َ ُه ۡم ِف َسبيل ٱ ََّللِ َك َم َثل َحبةَ‬
‫ََُ َ َ ُ ُ َ‬
‫ق‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ِين‬ ‫َّل‬ ‫ٱ‬ ‫ل‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫ب ْال َح َس َنة َف َل ُه َع ْش ُر َأ ْم َثال َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫{‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫وقال‬ ‫‪،‬‬ ‫]‬ ‫‪160‬‬ ‫}[األنعام‪:‬‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫َّلل َو ىسِع َعل ِيم ‪[}٢٦١‬البقرة‪ ،]261 :‬وهللا‬ ‫ت َس ۡب َع َس َناب َل ِف ُُك ُسۢن ُبلَة مِائَ ُة َح َبة َوٱ َ ُ‬
‫َّلل يُ َض ىعِ ُف ل َِمن ي َ َشا ُء َوٱ َ ُ‬ ‫أَۢن َب َت ۡ‬
‫ر‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫تعالى يرزق من يشاء من عباده بغير حساب‪.‬‬

‫ُ َ َ َى َ َ َُ َۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫َ‬
‫ُي ۡد ُه ش ۡئٔا‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ۥ‬ ‫ه‬‫ء‬ ‫ا‬‫ج‬ ‫ا‬‫ذ‬ ‫إ‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫ء‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ان‬‫َ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫م‬
‫َ َۡ َ ُُ َ‬
‫لظ ۡ‬ ‫ٱ‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ة‬‫يع‬ ‫ق‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫اب‬ ‫ك َف ُروا أ ۡع َم ىلُ ُه ۡم َك َ َ‬
‫ّس‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َّلل َ ُ‬ ‫ِندهُۥ فَ َو َفى ى ُه ح َِسابَ ُهۥ َوٱ َ ُ‬ ‫َو َو َج َد ٱ َ َ‬
‫َّلل ع َ‬
‫اب ‪}٣٩‬‬
‫سيع ٱل ِس ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬والذين كفروا أعمالهم التي يحسبونها ّأنها صالحة نافعة لهم كسراب يحسبه العطشان ماء‪،‬‬
‫يجده ماء‪ ،‬فالكافر يحسب ّأن أعماله الحسنة مثل إكرام الضيف؛ ومساعدة الفقراء تنفعه‪،‬‬ ‫فإذا أتاه لم ْ‬
‫ُ ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫لم ْ‬
‫يجد ثوابها‪ ،‬بل جعلها هللا تعالى هباء منثورا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وقدمنا إلى َما َعملوا من‬ ‫فإذا كان يوم القيامة ْ‬
‫ورا}[الفرقان ‪ ،]23 :‬ووجد عقاب هللا وعذابه الذي توعد به الكافرين‪ّ ،‬‬
‫ولكن هللا تعالى‬ ‫َع َمل َف َج َع َلن ُه َه َباء هم ُنث ً‬
‫ال يبخسهم حقهم في الدنيا‪ ،‬فيكافئهم على فعلهم الخير بالصحة الجيدة واألوالد واملناصب الرفيعة واملال في‬
‫الدنيا‪ ،‬وهللا تعالى سريع املجازاة والحساب‪.‬‬

‫ُ َ َ‬
‫ت َب ۡعض َها ف ۡوق َب ۡع ٍض‬ ‫ّبر ُّلج َي ۡغ َشى ى ُه َِّ ۡوج مِن فَ ۡوقِهِۦ َِّ ۡوج مِن فَ ۡوقِهِۦ َس َ‬
‫حاب ُظلُ َم ى ُ‬ ‫َۡ‬
‫ِف‬ ‫ت‬‫ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أَ ۡو َك ُظلُ َ‬
‫م‬
‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ َ َ َ َ ُ َۡ َ َ ۡ ََ ىَ َ َ ۡ ۡ َ َ ُ ُ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ور ‪} ٤٠‬‬ ‫إِذا أخرج يدهۥ لم يكد يرىها ومن لم ُيع ِل ٱَّلل لۥ نورا فما لۥ مِن ن ٍ‬
‫موج آخر‪ ،‬ومن‬ ‫واملعنى‪ :‬أو مثل أعمالهم كظلمات متراكمة في بحر عميق يعلوه موج‪ ،‬من فوق املوج ٌ‬
‫ذلك املوج سحاب كثيف يدل على عمق البحر‪ ،‬ظلمات مظلمة شديدة متراكمة‪ ،‬إذا أخرج الناظر يده لم يكد‬
‫ومن لم يجعل هللا تعالى له نورا يهتدي به إلى الحق‪ ،‬فما له من هاد‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫يراه من شدة الظلمات‪ْ ،‬‬
‫َّللا َفال هاد َي َل ُه}[األعراف‪ ،]186 :‬وقال تعالى‪َ { :‬ولَ َق ِد ٱ ۡس ُت ۡهز َ ب ُر ُسل مِن َق ۡبل َِك فَأَ ِّۡلَ ۡي ُ‬
‫ت ل ََِّلِينَ‬ ‫ضلل ه ُ‬
‫{ َم ْن ُي ْ‬
‫ِ ِ‬
‫َ َ‬ ‫ََُ َ َ ُُ ۡ َۡ‬‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ ۡ‬
‫اب ‪[}٣٢‬الرعد‪.]33 :‬‬
‫كفروا ثم أخذتهم فكيف َكن عِق ِ‬

‫ص َ ىفت ُُك َق ۡد َعل َِم َص َلتَ ُهۥ َوت َ ۡسب َ‬


‫يح ُهۥ‬ ‫ى‬ ‫ري َ‬ ‫ت َوٱ ۡلَۡر ِض َوٱ َ‬
‫لط ۡ ُ‬ ‫ى‬ ‫َ‬
‫و‬ ‫ى‬ ‫لس َ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ٱ‬ ‫ِف‬ ‫ن‬‫م‬‫َ‬ ‫ۥ‬‫ل‬‫ُ‬ ‫ََۡ ََ َ َ ََ َُ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ألم تر أن ٱَّلل يسبِح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َُ َ ُ َ َۡ َُ َ‬
‫ون ‪} ٤١‬‬ ‫وٱَّلل عل ِيم بِما يفعل‬
‫يسبح له من في السماوات واألرض‪ ،‬وتسبح له الطير‬ ‫واملعنى‪ :‬ألم تعلم أيها الرسول ّأن هللا تعالى ّ‬
‫صافات أجنحتها في السماء؟ وكل ش يء من املخلوقات يعلم كيف يصلي هلل تعالى ويسبح له‪ ،‬وهللا تعالى مطلع‬
‫على ما يفعله جميع مخلوقاته من صالة أو تسبيح‪ ،‬ولكن الناس ال يفقهون صالتهم وتسبيحهم‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ َُ ه َ َ ُ‬
‫ض َو َم ْن فيه هن َوإ ْن م ْن ش ْي ٍء إَل ُي َسب ُح ب َح ْمد َولك ْن َل َت ْف َق ُهون‬
‫الس ْب ُع َواأل ْر ُ‬
‫ات ه‬ ‫تعالى‪{ :‬تسبح له السماو‬
‫يما َغ ُف ً‬
‫ورا}[اإلسراء‪.]44 :‬‬
‫َ ْ َُْ هُ َ َ‬
‫ان َحل ً‬‫تسبيحهم إنه ك‬

‫َ‬‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫كٱ َ َ‬ ‫َ َ ُ ُ‬ ‫ۡ‬


‫ص ُ‬
‫ري ‪} ٤٢‬‬ ‫ت َوٱلۡر ِض ِإَول ٱَّللِ ٱل َم ِ‬‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬و َِّللِ ِّل‬
‫يتصرف فيه ما يشاء‪ ،‬وجميع من السماوات واألرض‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬وهلل تعالى وحده ملك السماوات واألرض‪،‬‬
‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ ُّ‬
‫لس َم ى َو ى ِت َوٱلۡر ِض إَِّل َء ِاِت ٱ َلرِنَٰمۡح َع ۡبدا ‪[} ٩٣‬مريم‪ ،]93 :‬وإلى هللا وحده‬
‫ُك َمن ِف ٱ َ‬
‫ِ‬ ‫عبيد له‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِن‬
‫املرجع واملآب‪.‬‬

‫ََُ ُ‬
‫زنل‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ۦ‬‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ل‬‫ى‬ ‫َ َ ُ َ َُ ُ ََُۡ ُ َ َۡ َ ُُ ُ َ َََ َۡ ۡ َ َُۡ ُ ۡ َ‬
‫ِل‬
‫خ‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ج‬ ‫ر‬‫ي‬ ‫ق‬ ‫د‬‫و‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ى‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫ا‬‫م‬ ‫َك‬‫ر‬ ‫ۥ‬ ‫ه‬‫ل‬‫ع‬ ‫ُي‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫ۥ‬‫ه‬‫ن‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ِف‬ ‫ل‬‫ؤ‬‫ي‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫ا‬‫اب‬ ‫ح‬ ‫س‬ ‫ِج‬ ‫ِ‬ ‫ز‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬أل َ ۡم تَ َر أَ َن ٱ َ َ‬
‫َّلل يُ ۡ‬
‫ِ‬
‫اد َس َنا بَ ۡرقِهِۦ يَ ۡذ َهبُ‬
‫َ ََ ُ ََ ۡ ُُ َ َ ََ ُ َ َ ُ‬
‫ُصفهۥ عن من يشاء يك‬ ‫ِيها مِن بَ َرد َف ُي ِ ُ‬ ‫لس َماءِ مِن ج َبال ف َ‬ ‫م َِن ٱ َ‬
‫صيب بِهِۦ من يشاء وي ِ‬ ‫ِ‬
‫َۡ‬
‫ب ِٱلبۡ َص ى ِر ‪} ٤٣‬‬
‫ثم يجمعه‬ ‫واملعنى‪ :‬ألم تنظر أيها الرسول أو أيها العاقل ّأن هللا تعالى يسوق السحاب بإرسال الرياح‪ّ ،‬‬
‫هُ ه‬
‫َّللا الذي ُي ْرس ُل‬ ‫تفرقه‪ ،‬ثم يجعله متراكما‪ ،‬فترى أيها الناظر املطر يخرج من خالله‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬ ‫بعد ّ‬
‫ً ََ ْ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫اح َف ُتث ُير َس َح ًابا َف َي ْب ُس ُط ُه في ه‬
‫الس َماء ك ْيف َيش ُاء َو َي ْج َعل ُه ك َسفا فت َرى ال َو ْدق َيخ ُر ُج م ْن خالله}[الروم‪:‬‬ ‫الرَي َ‬
‫وينزل هللا تعالى من السحب املتكاثفة التي تشبه الجبال في عظمته بردا‪ ،‬فيصيب به من يشاء من عباده‪،‬‬ ‫‪ّ ،]48‬‬
‫شدته يخطف أبصار الناظرين إليه‪.‬‬ ‫عم ْن يشاء منهم‪ ،‬ويكاد ضوء برق من ّ‬ ‫ويصرفه ّ‬

‫َ‬ ‫ُ‬
‫ۡ‬ ‫ار إ َن ِف َذ ىل َِك لَعِ ۡ َ‬‫َُ ُ َُ َ َ َ ََ َ‬
‫بة ِلو ِل ٱلبۡ َص ى ِر ‪} ٤٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يقل ِب ٱَّلل ٱ َۡلل وٱله ر ِ ِ‬
‫يقلب هللا تعالى الليل والنهار ويجعلهما متعاقبين‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ُه َو ٱ ََّلِي َج َع َل ٱ َ َۡل َل َوٱلَ َه َ‬
‫ار‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫خِل َفة ل َِم ۡن أ َر َاد أن يَ َذك َر أ ۡو أ َر َاد ُشكورا ‪[}٦٢‬الفرقان‪ّ ،]62 :‬إن في ذلك لداللة يعتبر بها أولوا األبصار والعقول‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه َ ه‬ ‫َ ْ‬ ‫السليمة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إ هن في َخ ْلق ه َ َ‬
‫ات ألولي األل َباب}[آل‬ ‫الس َموات واأل ْرض واختالف الل ْيل والن َهار ْلي ٍ‬
‫عمران‪.]190 :‬‬

‫لَع َب ۡطنِهِۦ َوم ِۡن ُهم َمن َي ۡم ِش َ َ ى‬


‫لَع َب ۡطنِهِۦ َوم ِۡن ُهم َمن‬ ‫ُك َدابَة مِن َماء فَ ِم ۡن ُهم َمن َي ۡم ِش َ َ ى‬
‫َ َُ َ َ َ َُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلل خلق‬
‫َ َ ى َ َ َ َ َى ُ َ ۡ َ‬ ‫ََ‬
‫لَع ر ۡجلَ ۡ َ ۡ ُ َ َ ۡ‬ ‫َۡ‬
‫يشء قدِير ‪} ٤٥‬‬ ‫ُك‬
‫ي ومِنهم من يم ِش لَع إِن ٱَّلل لَع ِ‬ ‫يم ِش ى ِ ِ‬
‫َْ‬ ‫َْ‬
‫واملعنى‪ :‬وهللا تعالى خلق كل الحيوانات التي ِتد ّب على األرض من ماء‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َج َعلنا م َن اَلاء‬
‫ََ ْ ُ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ك هل ش ْي ٍء َح ٍي أفال ُيؤمنون}[األنبياء‪ ،]30 :‬فمن هذه الحيوانات من يمش ي زحفا على بطنه كالحيات ونحوها‪،‬‬
‫ومنها من يمش ي على رجلين كاإلنسان والطير‪ ،‬ومنها من يمش ي على أربع كالبهائم ونحوها‪ ،‬يخلق هللا تعالى ما‬
‫يشاء ْأن يخلقه‪ّ ،‬إن هللا تعالى على كل ش يء قدير‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬
‫َّلل َي ۡهدِي َمن ي َ َشا ُء إ ِ ىل ِص َر ىط ُِّّ ۡس َتقِيم ‪} ٤٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ل َق ۡد أ َ‬
‫نزلَا َء َاي ىت ُّم َبي َنىت َوٱ َ ُ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬لقد أنزلنا آيات واضحات مفصالت‪ ،‬وهللا تعالى يهدي من يشاء إلى الطريق القويم الذي ال‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ويضل من يشاء عن الطريق الحق‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬يض ُّل َم ْن َيش ُاء َو َي ْهدي َم ْن َيش ُاء}[فاطر‪.]8 :‬‬ ‫ّ‬ ‫اعوجاج فيه‪،‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َكذل َك أ ْن َزل َنا ُ َآيات َبي َنات َوأ هن ه َ‬
‫َّللا َي ْهدي َم ْن ُير ُيد}[الحج‪.]16 :‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ۡ‬ ‫ُ َى‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََُ َ َ ََ َ َ َ ُ‬ ‫ُ‬


‫ول َوأ َط ۡع َنا ث َم َي َت َو ىل ف ِريق م ِۡن ُهم مِن َب ۡع ِد ذ ىل َِكر َو َما أولئ ِ َك ب ِٱل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪} ٤٧‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ويقولون ءامنا ب ِٱَّللِ وب ِٱلرس ِ‬
‫آمنا باهلل تعالى وبالرسول‪ ،‬وأطعنا أمره فيما حكم به‪ ،‬ثم يعرض فريق منهم‬ ‫واملعنى‪ :‬ويقول املنافقون‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫َ َُ ُ‬
‫ام َنا ب ِٱَّللِ‬
‫ول َء َ‬ ‫اس من يق‬ ‫من بعد ذلك فال يقبل حكم الرسول‪ ،‬وما أولئك باملؤمنين‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وم َِن ٱلَ ِ‬
‫ۡ‬
‫َوب ِٱَلَ ۡو ِم ٱٓأۡلخ ِِر َو َما ُهم ب ِ ُم ۡؤ ِمن َِي ‪[}٨‬البقرة‪.]8 :‬‬

‫ۡ ُ ُّ ۡ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٤٨‬‬ ‫ولِۦ َِلَ ۡحك َم بَ ۡي َن ُه ۡم إِذا ف ِريق مِنهم مع ِرض‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا ُد ُعوا إِل ٱ ََّللِ َو َر ُس ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وإذا دعي هؤالء املنافقون إلى تحكيم كتاب هللا وإلى رسوله صلى هللا عليه وسلم؛ ليحكم‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫يل ل ُه ْم‬ ‫ويصدون عنك صدودا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وإذا ق‬ ‫بينهم‪ ،‬إذا فريق منهم يعرضون ال يقبلون حكم رسوله‬
‫ودا}[النساء‪.]61 :‬‬ ‫الر ُسول َر َأ ْي َت ْاَلُ َنافق َين َي ُ‬
‫ص ُّدو َن َع ْن َك ُ‬
‫ص ُد ً‬ ‫َت َع َال ْوا إ َلى َما َأنز َل ه ُ‬
‫َّللا َوإ َلى ه‬

‫َِ ۡ َ ُ َۡ ََ ُ َ َ َ َ‬
‫ِيف ٱ َ ُ‬
‫َّلل‬
‫َ ُُ‬ ‫ل ُّق يَ ۡأتُوا إ َ َۡلهِ ُم ۡذ ِعن َ‬
‫ِي ‪ ٤٩‬أ ِِف قلوب ِ ِهم َِّ َرض أم ٱرتابوا أم يافون أن ي‬ ‫كن ل َ ُه ُم ٱ ۡ َ‬
‫َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون ي‬
‫ِ‬
‫َ َ ۡ ۡ َ َ ُ ُ ُ َ ۡ ُ َى َ ُ ُ َ ى ُ َ‬
‫علي ِهم ورسول رۥ بل أولئِك هم ٱلظل ِمون ‪}٥٠‬‬

‫ُ َى َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ََۡ ُۡ ۡ َ َ‬


‫ِي إِذا ُد ُعوا إِل ٱ ََّللِ َو َر ُس ِ‬
‫ولِۦ َِلَ ۡحك َم بَ ۡي َن ُه ۡم أن َيقولوا َس ِم ۡع َنا َوأ َط ۡع َنا ر َوأولئِك‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنما َكن قول ٱلمؤ ِمن‬
‫ُ ُ ُۡۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٥١‬‬ ‫هم ٱلمفل ِح‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنما كان قول املؤمنين إذا دعوا إلى تحكيم كتاب هللا تعالى وإلى رسوله؛ ليحكم بينهم ْأن يقبلوا‬
‫ُحكمه‪ ،‬ويقولوا‪ :‬سمعنا حكمك‪ ،‬وأطعنا أمرك‪ ،‬وال يجدوا في أنفسهم حرجا مما قض ى به الرسول صلى هللا‬
‫َْ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ ْ ُ َن َ ه ُ َ ُ َ َ َ‬
‫يما ش َج َر َب ْي َن ُه ْم ث هم َل َيج ُدوا في أنفسه ْم‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فال وربك َل يؤمنو حتى يحكموك ف‬
‫يما}[النساء‪ ،]65 :‬وأولئك هم املفلحون الناجون من النار‪.‬‬ ‫ض ْي َت َو ُي َسل ُموا َت ْسل َ‬
‫َح َر ًجا م هما َق َ‬
‫َ َ َ َ ُ َ ُ َ َ ۡ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َى َ ُ ُ ۡ َ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َمن يُ ِطعِ ٱَّلل ورسولۥ ويخش ٱَّلل ويتقهِ فأولئِك هم ٱلفائِزون ‪} ٥٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬ومن يطع هللا تعالى باتباع أحكامه ويطع الرسول باتباع ما حكم به‪ ،‬ويخش عقاب هللا‪ ،‬ويتق‬
‫هَ َ ُ َ ُ ُْ ْ ُ َه‬ ‫َ ْ ُ‬
‫هللا في عواقب األمور‪ ،‬فأولئك هم الفائزون بالجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬و َمن يطع َّللا و َرسوله يدخله جن ٍ‬
‫ات‬
‫ين فيها َوذل َك ْال َف ْو ُز ْال َعظ ُ‬ ‫ْ َ ْ َ َْ‬
‫األ ْن ُ‬
‫هار خالد َ‬ ‫َ‬
‫يم}[النساء‪.]13 :‬‬ ‫ت ْجري من تحتها‬

‫َ َ ۡ َ َۡ َى ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ ُ ۡ ََ ۡ ُ ُ َ ُ َ ُۡ ُ َ َ َ ۡ ُ َ‬
‫وفة ر إ َن ٱ َ َ‬
‫َّلل َخب ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وأَ ۡق َس ُ‬
‫ري ب ِ َما‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ة‬‫اع‬‫ط‬ ‫وا‬ ‫م‬ ‫سِ‬ ‫ق‬‫ت‬ ‫َّل‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫ج‬‫ر‬‫خ‬ ‫َل‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ر‬‫ِّ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ئ‬‫ل‬
‫ِ ِ‬ ‫م‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ي‬‫أ‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫ِ‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫م‬
‫َۡ َُ َ‬
‫ون ‪} ٥٣‬‬ ‫تعمل‬
‫لئن أمرتهم أيها الرسول ْأن يخرجوا للجهاد‬ ‫واملعنى‪ :‬وأقسم هؤالء املنافقون أيمانا مؤكدة باهلل تعالى ْ‬
‫ليخرجن‪ ،‬قل لهم أيها الرسول‪ :‬ال تحلفوا كذبا‪ ،‬فطاعتكم معروفة وهي باللسان فحسب‪ ،‬فقد كذبتم في‬ ‫ّ‬
‫َْ‬ ‫َ ْ ُ َ َ ُ ْ َ ْ َ ْ َ ُْ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ ُْ ْ َ ه ه َ َ‬
‫َّللا َل َي ْر َض ى َعن الق ْوم‬ ‫حلفكم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن‬
‫َ ُ‬ ‫ْال َفاسق َين}[التوبة‪ ،]96 :‬وقال تعالى‪ { :‬هات َخ ُذوا َأ ْي َم َان ُه ْم ُج هن ًة َف َ‬
‫ص ُّدوا َع ْن َسبيل هَّللا إ هن ُه ْم َس َاء َما كانوا‬
‫ُ َ‬
‫َي ْع َملون}[املنافقون‪ّ ،]2 :‬إن هللا تعالى خبير بما تعملون‪ ،‬وسيجازيكم عليه‪.‬‬

‫ُ ُ ُ َ‬
‫وه ت ۡه َت ُد روا‬
‫ُ ۡ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ‬ ‫َّلل َوأَط ُ‬
‫ِيعوا ٱ َلر ُسول فإِن ت َول ۡوا فإِن َما َعل ۡيهِ َما ْحِل َو َعل ۡيكم َما ْحِل ُت ۡم ِإَون ت ِطيع‬ ‫ِيعوا ٱ َ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قُ ۡل أَط ُ‬
‫لَع ٱ َلر ُسول إ ََّل ٱ ۡلَ َل ى ُغ ٱل ۡ ُمب ُ‬
‫ي ‪}٥٤‬‬
‫ََ ََ‬
‫وما‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬أطيعوا هللا تعالى وأطيعوا رسوله صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فطاعة هللا وطاعة‬
‫َّللا}[النساء‪ْ ،]80 :‬‬ ‫الر ُسو َل َف َق ْد َأ َ‬
‫طاع ه َ‬ ‫رسوله متالزمتان‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬م ْن ُيطع ه‬
‫فإن تعرضوا عن طاعة هللا‬
‫فإنما على الرسول فعل ما أمر به من تبليغ الدعوة‪ ،‬وعليكم فعل ما ُك ّفلتم به من قبوله‪ْ ،‬‬
‫وإن‬
‫ّ‬
‫ورسوله‪،‬‬
‫تطيعوا الرسول تهتدوا إلى الحق‪ ،‬وما على الرسول إال تبليغ الرسالة وعلينا حسابكم‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَون َما‬
‫ۡ‬
‫ك ٱلَل ى ُغ َو َعل ۡي َنا ٱل ِ َس ُ‬‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬
‫َ ُ ُ ۡ ۡ َََ ََ َ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫اب ‪[}٤٠‬الرعد‪.]40 :‬‬ ‫ن ِريَ َنك َب ۡعض ٱَّلِي نعِدهم أو نتوفينك فإِنما علي‬
‫َ‬ ‫ه ُ َل َ ْ َ ُ َ ْ َ َ ه ْ ُ ْ َ ْ َ َ ه‬ ‫َّللا َو َأط ُ‬
‫يعوا ه َ‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َأط ُ‬
‫اعل ُموا أن َما َعلى‬‫يعوا الرسو واحذروا فإن توليتم ف‬
‫َ ْ ُ ُْ ُ‬
‫َر ُسولنا ال َبالغ اَلبين}[املائدة‪.]92 :‬‬

‫َۡ‬
‫ِين مِن‬‫خلَ َف ٱ ََّل َ‬‫َ َ ۡ َ ۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َى َ ى َ‬
‫ت ليَ ۡس َتخل ِف َن ُه ۡم ِِف ٱلۡر ِض كما ٱست‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫امنوا مِنك ۡم َوع ِملوا ٱلصل ِح ِ‬ ‫َّلل ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َع َد ٱ َ ُ‬
‫ون ب َ ۡ‬ ‫َۡ َ ۡ ۡ َۡ َ ُۡ ُ َ َ ُۡ ُ َ‬ ‫ِين ُه ُم ٱ ََّلِي ٱ ۡرتَ َ ى َ ُ ۡ َ َ ُ َ َ َ ُ‬
‫َِن ل َ ُه ۡم د َ‬
‫َق ۡبلِه ۡم َو ََلُ َمك َ َ‬
‫يشٔٔار َو َمن‬ ‫شوُك ِ‬ ‫ض لهم وَلبدِلهم مِن بع ِد خوف ِ ِهم أمنا ر يعبدون ِن َّل ي ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ َ ۡ َ َ ى َ َ ُ َى َ ُ ُ ۡ َ ى ُ َ‬
‫كفر بعد ذل ِك فأولئِك هم ٱلفسِقون ‪} ٥٥‬‬
‫ّ‬
‫ليجعلنهم خلفاء متصرفين‬ ‫واملعنى‪ :‬وعد هللا تبارك وتعالى الذين آمنوا منكم وعملوا األعمال الصالحة‬
‫وليجعلن دينهم الذي ارتضاه لهم‬ ‫ّ‬ ‫في األرض مسيطرين عليها‪ ،‬كما فعل مع أسالفهم من املؤمنين باهلل ورسله‪،‬‬
‫َّ‬
‫وهو اإلسالم دينا ممكنا بتثبيت قواعده‪ ،‬وذلك بسبب محافظتهم على الصالة‪ ،‬وإيتائهم الزكاة‪ ،‬وأمرهم‬
‫ه‬ ‫َّللا َل َقو ٌّي َعز ٌيز ‪ .‬هالذ َ‬
‫ين إن همك هن ُهم‬ ‫نص ُر ُ ۥ إ هن ه َ‬ ‫باملعروف‪ ،‬ونهيهم عن املنكر‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬و ََ َل َي ُ‬
‫نص َر هن ه ُ‬
‫َّللا َمن َي ُ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬
‫عروف َو َن َهوا َعن اَلنكر َو هَّلل َعق َبة األ ُمور}[الحج ‪،]40-41 :‬‬ ‫وة َو َأ َم ُر ْوا باَلَ ُ‬
‫َ ََ ُ ْ هَ َ َ َ َ ُْ هَ َ‬
‫في األرض أقاموا الصلوة وءاتوا الزك‬
‫ومن كفر‬ ‫لن حالهم من الخوف إلى األمن‪ ،‬وهم يعبدون هللا وحده ال شريك له‪ ،‬وال يشركون به شيئا‪ْ ،‬‬ ‫ّ‬
‫وليبد ّ‬
‫رت ُ‬ ‫َََ ْ‬
‫بأنعم هللا}[النحل‪ ]112 :‬وجحد هذه النعم‬ ‫بنعمة االستخالف والتمكين واألمن‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فكف‬
‫بتضييع حقوق هللا وحقوق العباد فأولئك هم الخارجون عن الطاعة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫والدين الذي ارتضاه هللا تعالى للمؤمنين هو اإلسالم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن الد َ‬
‫ين عند َّللا اإلسال ُم}[آل‬
‫ين}[آل‬
‫َ َ َ‬
‫الخاسر َ‬ ‫نه َو ُه َو في اْلخرة من‬ ‫قب َل م ُ‬ ‫سالم دينا َف َلن ُي َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫عمران‪ ،]19 :‬وقال تعالى‪َ { :‬و َمن َيبتغ غ َير اإل‬
‫عمران‪.]85 :‬‬

‫َ َ َ‬
‫َ ُ ۡ ُۡ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لصل ىوةَ َو َءاتُوا ٱ َلزك ىو َة َوأط ُ‬ ‫َ‬
‫ِيموا ٱ َ‬
‫ون ‪} ٥٦‬‬ ‫ِيعوا ٱ َلر ُسول لعلكم ترْح‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وأق ُ‬

‫واملعنى‪ :‬وأقيموا الصالة أيها املؤمنون في أوقاتها مستوفين األركان والشروط‪ ،‬وأعطوا الزكاة املفروضة‬
‫َ هُ‬
‫الر ُسو َل ل َعلك ْم‬ ‫يعوا ه َ‬
‫َّللا َو ه‬ ‫عليكم‪ ،‬وأطيعوا الرسول صلى هللا عليه وسلم لعلكم ترحمون‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َأط ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ت ْر َح ُمون}[آل عمران‪.]132 :‬‬
‫ْ َ‬ ‫ض ُه ْم َأ ْول َي ُاء َب ْ‬
‫ات َب ْع ُ‬‫َ ْ ُ ْ ُ َن َ ْ ُ ْ َ ُ‬ ‫ّ‬
‫ض َيأ ُم ُرون‬ ‫ٍ‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ؤ‬ ‫اَل‬‫و‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ؤ‬ ‫اَل‬‫و‬ ‫{‬ ‫قوله‪:‬‬ ‫في‬ ‫اآلية‬ ‫هذه‬ ‫معنى‬ ‫تعالى‬ ‫هللا‬ ‫د‬ ‫أك‬ ‫وقد‬
‫ول ُه ُأ َولئ َك َس َي ْر َح ُم ُه ُم ه ُ‬
‫َّللا إنه‬ ‫َْ ْ ُ َ َ َْ ْ َ َ ُْْ َ َ ُ ُ َ ه َ َ ُ ْ ُ َ ه َ َ َ ُ ُ َ ه َ َ َ ُ َ‬
‫باَلعروف وينهون عن اَلنكر ويقيمون الصالة ويؤتون الزكاة ويطيعون َّللا ورس‬
‫هَ‬
‫َّللا َعز ٌيز َحك ٌ‬
‫يم}[التوبة‪.]71 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ ََُ ُۡ‬ ‫ۡ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫ص ُ‬
‫ري ‪} ٥٧‬‬ ‫ين ِف ٱلۡر ِض َو َمأ َوى ى ُه ُم ٱلَ ُ‬
‫ار َولِئ َس ٱل َم ِ‬ ‫َ‬
‫ج ِز ِ‬
‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل تسَب ٱَّلِين كفروا مع ِ‬
‫تحسبن أيها الرسول ّأن الذين كفروا باهلل وبرسوله معجزين ربهم ْأن يعاقبهم بالدمار في‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬ال‬
‫ُ َ َْ‬
‫األرض‪ ،‬بل ليس لهم من دون هللا تعالى من أنصار يدفعون عنهم عقابه تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أولئك لم‬
‫ه ْ َْ َ ُ َ ُ‬
‫ف َل ُه ُم ْال َع ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َُ ُ‬
‫ذاب}[هود‪ ،]20 :‬ومأواهم‬ ‫ين في األ ْرض َوما كان ل ُه ْم م ْن ُدون َّللا من أولياء يضاع‬ ‫ونوا ُم ْعجز َ‬ ‫يك‬
‫نار جهنم وبئس املصير مصيرهم‪.‬‬

‫ُۡ ُ‬ ‫ُ ُ َ َ َ َ َ ۡ َۡ َىُ ُ ۡ َ َ َ َ‬ ‫َ‬


‫ُ ََ َ‬
‫لل َم مِنك ۡم ثل ىث‬
‫ُُ‬
‫ِين ل ۡم َي ۡبلغوا ٱ‬
‫تٔٔۡذِنكم ٱَّلِين ِّلكت أيمنكم وٱَّل‬ ‫ام ُنوا ل ِيَ ۡس َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ ۡ َ ََ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َۡ َ َ َۡ ۡ َ َ َ َ ُ َ َ َ ُ‬
‫رية ِ َومِن َب ۡع ِد َصل ىوة ِ ٱلعِشاءِ ثل ىث َع ۡو َر ىت لك ۡ رم ل ۡي َس‬
‫لظه َ‬
‫ِّرت مِن قب ِل صل ىوة ِ ٱلفجرِ وحِي تضعون ثِيابكم مِن ٱ ِ‬
‫َ َى‬
‫ت َوٱ َ ُ‬
‫َّلل‬
‫َ‬ ‫َ َى َ ُ َ ُ َ ُ َ ُ‬
‫َّلل لك ُم ٱٓأۡلي ى ِ‬ ‫لَع َب ۡعض كذل ِك يب ِي ٱ‬‫ك ۡم َ َ ى‬‫َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ ۡ ُ َ ُ َ ۡ َ ُ َ َ ىَ ُ َ َ َ ۡ ُ َ ۡ ُ ُ‬
‫ن طوفون عليكم بعض‬ ‫عليكم وَّل علي ِهم جناح بعده ر‬
‫َعل ِيم َحكِيم ‪} ٥٨‬‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها املؤمنون ُمروا عبيدكم وإماءكم وصبيانكم املراهقين باالستئذان عند الدخول عليكم‬
‫مرات في أوقات عوراتكم‪ :‬من قبل صالة الفجر‪ ،‬وحين تخلعون ثيابكم للقيلولة وقت الظهيرة‪ ،‬ومن بعد‬ ‫ثالث ّ‬
‫صالة العشاء حيث تستعدون للنوم‪ ،‬وهذه األوقات الثالث عورات لكم يغلب فيها انكشاف ما يجب ستره‪ ،‬وال‬
‫إثم في ترك االستئذان في غير هذه األوقات الثالث‪ ،‬هؤالء العبيد واإلماء والصبيان يطوفون عليكم للخدمة‬
‫وقضاء الحاجة‪ ،‬فأنتم وهؤالء يطوف بعضكم على بعض لقضاء املصالح في بعض األوقات‪ ،‬كما ّبين هللا تعالى‬
‫يبين لكم اآليات واألحكام‪ ،‬وهللا تعالى عليم بمصالح عباده‪ ،‬حكيم في تشريع األصلح‬ ‫لكم أحكام االستئذان‪ّ ،‬‬
‫لهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫واملراد بالذين لم يبلغوا الحلم هم الصبيان املراهقون‪ ،‬وهم املقصودون بقوله تعالى‪{ :‬أو الطفل‬
‫َ‬ ‫ه َ َ ْ‬
‫ين ل ْم َيظ َه ُروا َعلى َع ْو َرات الن َساء}[النور‪.]31 :‬‬ ‫الذ‬

‫ِين مِن َق ۡبلِه ۡم َك َذ ىل َِك ُي َب ُ‬


‫ي ٱ ََّللُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ ُۡ ُ َ َ ۡ‬ ‫َ َ َ َ ۡ َۡ َىُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ر‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا بلغ ٱلطفل مِنكم ٱللم فليستٔٔۡذِنوا كما ٱستٔٔۡذن ٱَّل‬
‫َ ُ‬
‫ك ۡم َء َاي ىتِهِۦ َوٱ َ ُ‬
‫َّلل َعل ِيم َحكِيم ‪} ٥٩‬‬ ‫ل‬
‫سن البلوغ الذي يصلح معه التكليف والزواج‪ ،‬فعليهم ْأن‬ ‫واملعنى‪ :‬وإذا بلغ األطفال منكم أيها املؤمنون ّ‬
‫السن‪ ،‬وينطبق عليهم‬ ‫ّ‬ ‫يستأذنوا إذا أرادوا الدخول عليكم في كل األوقات‪ ،‬كما استأذن الذين هم أكبر منهم في‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ً َ‬ ‫َ ُُ‬ ‫َ ُّ َ ه َ ُ‬
‫ين َآمنوا َل ت ْدخلوا ُب ُيوتا غ ْي َر ُب ُيوتك ْم َح هتى ت ْستأن ُسوا َوت َسل ُموا َعلى‬ ‫أمر هللا تعالى العام في قوله‪{ :‬يا أيها الذ‬
‫يبين لكم آياته وأحكامه الواضحات‪ ،‬وهللا تعالى‬ ‫َأ ْهلها}[النور‪ ،]27 :‬كما ّبين هللا تعالى لكم أحكام االستئذان‪ّ ،‬‬
‫عليم بمصالح عباده‪ ،‬حكيم في تدبير ما هو أصلح لهم‪.‬‬

‫اب ُه َن َغ ۡ َ‬
‫ري ُم َت َب َ‬ ‫ََۡ َ َ َۡ َ ُ َ َ َ َ‬
‫ض ۡع َن ث َِي َ‬ ‫َ َ‬ ‫َى َ‬ ‫َۡ‬
‫ج ىت‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱلق َو ىع ُِد م َِن ٱلن ِ َساءِ ٱل ِت َّل يَ ۡر ُجون ن ِكاحا فليس علي ِهن جناح أن ي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ َۡ َ ۡ ۡ َ َ ۡ َُ َ َ َ‬
‫بِزِينة وأن يستعفِفن خري لهن وٱَّلل س ِميع عل ِيم ‪} ٦٠‬‬

‫ُ َ‬ ‫َ َ َ َ ََى َ ُ‬ ‫َ َ ََ ََ ۡ‬ ‫َۡ َ ََ َۡۡ َى َ َ ََ ََ َۡۡ‬


‫لَع أنفسِ ك ۡم أن‬ ‫يض حرج وَّل‬ ‫ِ ِ‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫لَع‬ ‫َّل‬ ‫و‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫ح‬ ‫ج‬ ‫ِ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ليس لَع ٱلعم حرج وَّل لَع ٱل‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َى ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َى ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َى ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ ۡ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ ُ ُ‬
‫وت‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ِك‬ ‫ت‬ ‫و‬‫خ‬ ‫أ‬ ‫وت‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ِك‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫خ‬ ‫إ‬
‫ِ ِ‬‫وت‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫وت‬‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫ا‬ ‫اب‬ ‫ء‬ ‫وت‬‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ِك‬ ‫ت‬‫و‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫وا‬ ‫تأكل‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ى َى ُ ۡ ۡ َ َ َ ۡ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫اتهۥ أو صدِيقِك رم ليس‬ ‫وت خلتِكم أو ما ِّلكتم مف ِ‬ ‫وت أخول ِكم أو بي ِ‬ ‫ى‬ ‫وت عمتِكم أو بي ِ‬ ‫ى‬ ‫أعم ِمكم أو بي ِ‬ ‫ى‬
‫َ َُ ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ۡ ۡ َ َ َ َ َ ُ ُُ َ َ ُ َ ى ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ‬
‫سك ۡم ت َِية م ِۡن عِن ِد ٱَّللِ مبىروُكة‬ ‫لَع أنف ِ‬ ‫َعل ۡيك ۡم ُج َناح أن تأكلوا ۡجِيعا أو أشتاتا ر فإِذا دخلتم بيوتا فسل ِموا‬
‫َ َ َ َى َ ُ َ ُ َ ُ َ ُ ُ َ ى َ َ َ ُ ۡ َ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٦١‬‬ ‫ت لعلكم تع ِقل‬ ‫طيِبة ر كذل ِك يب ِي ٱَّلل لكم ٱٓأۡلي ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ليس على األعمى واألعرج واملريض إثم في ترك األمور الواجبة لهم كالجهاد‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ َْ‬ ‫َْ َ َ َْ‬ ‫ً َ ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ََ ه َ َ ه ُ‬
‫س َعلى األ ْعمى َح َر ٌج َوَل َعلى األ ْع َرج َح َر ٌج َوَل‬ ‫{ َوإن تت َول ْوا كما ت َول ْيت ْم م ْن ق ْب ُل ُي َعذ ْبك ْم َعذابا أليما (‪ )16‬لي‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ْ َ َْ‬ ‫هَ ََ ُ َ ُ ُْ ْ ُ َه َ‬ ‫َ َ َْ‬
‫هار َو َم ْن َيت َو هل ُي َعذ ْب ُه َعذابا‬
‫األ ْن ُ‬ ‫ات ت ْجري من تحتها‬ ‫َ َ ْ ُ‬
‫على اَلريض ح َر ٌج و َمن يطع َّللا ورسوله يدخله جن ٍ‬
‫َ ً‬
‫أليما}[الفتح‪ ،]16-17 :‬وليس عليهم إثم في األكل في بيوتهم‪ ،‬وليس عليكم أيها املؤمنون إثم في األكل بال إذن‬
‫من‬ ‫من بيوت أمهاتكم وجداتكم‪ ،‬أو ْ‬ ‫صريح من بيوت زوجاتكم وأوالدكم‪ ،‬أو م ْن بيوت آبائكم وأجدادكم‪ ،‬أو ْ‬
‫ِ‬
‫بيوت إخوانكم‪ ،‬أو ِم ْن بيوت أخواتكم‪ ،‬أو من بيوت أعمامكم‪ ،‬أو من بيوت عماتكم‪ ،‬أو من بيوت أخوالكم‪،‬‬
‫أو من بيوت خاالتكم‪ ،‬أو من بيوت ما ملكتم مفاتحه بالوكالة عن أصحاب البيوت‪ ،‬أو من بيوت أصدقائكم‬
‫ّ‬
‫إذا عرفتم أنه راض أو مسرور بما تفعلون‪ ،‬وإال فال يجوز‪ ،‬وليس عليكم أيها املؤمنون إثم في ْأن تأكلوا‬
‫ّ‬ ‫مجتمعين أو ّ‬
‫متفرقين‪ ،‬فإذا دخلتم بيوتا فليسلم بعضكم على بعض بتحية ثابتة بأمر هللا تعالى يرجى منها‬
‫بأن تقولوا عند دخول البيوت املسكونة‪ :‬السالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‪،‬‬ ‫يادة الخير وطيب قلب املستمع‪ْ ،‬‬
‫ز‬
‫ّ‬
‫أو تقولوا عند دخول البيوت غير املسكونة‪ :‬السالم علينا وعلى عباد هللا الصالحين‪ ،‬كما بين هللا تعالى لكم‬
‫يبين لكم آياته وأحكامه الواضحات لكي تعقلوها وتعملوا بها‪.‬‬ ‫آداب األكل وآداب دخول البيوت‪ّ ،‬‬
‫َُ‬ ‫َُُْ َ َ ُ‬ ‫َ َ ُّ َ ه َ ُ‬ ‫ّ‬
‫ين َآمنوا َل تأكلوا أ ْم َوالك ْم َب ْينك ْم‬ ‫روى اإلمام الطبري بسنده عن ابن عباس‪ :‬ملا أنزل هللا‪{ :‬ياأيها الذ‬
‫ْ‬
‫بال َباطل}[النساء‪ ،]29 :‬فقال املسلمون‪ّ :‬إن هللا قد نهانا ْأن نأكل أموالنا بيننا بالباطل‪ ،‬والطعام من أفضل‬
‫س َع َلى ْ‬
‫األع َمى‬ ‫عن ذلك‪ ،‬فأنزل هللا بعد ذلك‪َ { :‬ل ْي َ‬ ‫فكف الناس ْ‬ ‫ّ‬
‫منا ْأن يأكل عند أحد‪،‬‬ ‫يحل ألحد ّ‬ ‫األموال‪ ،‬فال ّ‬
‫َُْ َ‬ ‫َ‬
‫َح َر ٌج} ‪ ...‬إلى قوله‪{ :‬أ ْو َما َملكت ْم َمفات َح ُه}[النور‪.]61 :‬‬

‫َ َ ُ َ َُ ََ َ‬
‫َ‬
‫لَع أ ِّۡر َجامِع ل ۡم يَ ۡذ َه ُبوا َح َتى‬
‫ولِۦ ِإَوذا َكنوا معهۥ ى‬ ‫ام ُنوا ب ِٱ ََّللِ َو َر ُس ِ‬
‫ِين َء َ‬ ‫ون ٱ ََّل َ‬
‫ََ ُۡۡ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِنما ٱلمؤمِن‬
‫َ ۡ ۡ َ َۡ‬ ‫تٔٔۡ َذنُ َ‬‫ولِۦ فَإ َذا ٱ ۡس َ‬ ‫َ ُۡ ُ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ُ ُ َ َ َ َۡ َ‬
‫وك لِ َ ۡع ِض شأن ِ ِهم فأذن‬ ‫يستٔٔۡذِنوهر إِن ٱَّلِين يستٔٔۡذِنونك أولئِك ٱَّلِين يؤمِنون ب ِٱَّللِ ورس ِ ر ِ‬
‫َۡ َ‬
‫ۡ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ ۡ ۡ َُ ُ ََ َ ََ َ‬
‫َّلل غ ُفور َرحِيم ‪} ٦٢‬‬ ‫ل َِمن شِئت مِنهم وٱستغفِر لهم ٱَّللر إِن ٱ‬

‫ُ‬ ‫َۡ َ ۡ َ ُ َُ َ َ ََ َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َۡ‬


‫ت َعلُوا ُد ََع َء ٱ َلر ُس َ ۡ َ ُ َ ُ َ ۡ‬
‫ضكم َب ۡعضا ر قد يعلم ٱَّلل ٱَّل‬
‫ِين يت َسللون مِنك ۡم ل َِواذار‬ ‫ول بينك ۡم كدَعءِ َبع ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل‬
‫ََۡ ۡ َ َ َ َُ ُ َ َ ۡ َۡ َ ُ َُ ۡ َۡ َۡ ُ َُ ۡ َ َ َ‬
‫فليحذرِ ٱَّلِين يال ِفون عن أِّ ِره ِۦ أن ت ِصيبهم ف ِتنة أو ي ِصيبهم عذاب أ َِلم ‪} ٦٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬ال تجعلوا أيها املؤمنون ندائكم سول هللا صلى هللا عليه وسلم كنداء بعضكم بعضا‪ْ ،‬‬
‫بأن‬ ‫ر‬
‫تدعوا باسمه ْ‬
‫كأن تقولوا‪ :‬يا محمد أو يا ابن عبد هللا‪ ،‬قد علم هللا تعالى املنافقين الذين ينسلون من املسجد في‬
‫الخطبة أو في مجلس الرسول صلى هللا عليه وسلم خفية بغير إذنه‪ ،‬فليحذر الذين يخالفون أمر رسول هللا‬
‫ََ ه َ ُ ْ ََ َ‬
‫اغ ه ُ‬ ‫ْ‬
‫َّللا‬ ‫صلى هللا عليه وسلم أن يزيدهم هللا تعالى ضالال بسبب مخالفتهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فلما زاغوا أز‬
‫ُُ‬
‫قل َوب ُهم}[الصف ‪ ،]50 :‬أو يصيبهم عذاب مؤلم في اآلخرة‪.‬‬
‫ترشد هذه اآلية إلى مراعاة األدب مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وقد ذكر هللا تعالى آدابا آخرى‬
‫ُ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َى َ ُّ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ‬
‫ام ُنوا َّل تقولوا َر ىع َِنا َوقولوا ٱنظ ۡرنا‬‫مع رسوله صلى هللا عليه وسلم في آيات كثيرة‪ ،‬منها قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱَّلِين ء‬
‫َى َ ُّ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ َ ُ َ ۡ َى َ َ‬
‫ام ُنوا َّل ت ۡرف ُعوا أ ۡص َو ىتك ۡم‬ ‫ين َعذاب أ َِلم ‪[}١٠٤‬البقرة‪ ،]104 :‬ومنها قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱَّلِين ء‬ ‫وٱسمعوا ول ِلكفِ ِر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪ ٢‬إ َن ٱ ََّل َ‬
‫ِين‬
‫ََۡ َ ۡ َىُ ُ ۡ َ ُ ۡ َ َۡ ُ ُ َ‬
‫ضك ۡم ِلَ ۡع ٍض أن تبط أعملكم وأنتم َّل تشعر‬
‫ُ‬ ‫َ َ ۡ ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ‬
‫ب َوَّل ت َه ُروا ُلۥ ب ِٱلق ۡو ِل كجه ِر َبع ِ‬ ‫ت ٱلَ‬ ‫ِ‬ ‫فَ ۡو َق َص ۡ‬
‫و‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ى ل َ ُهم َم ۡغفِ َرة َوأَ ۡجر َع ِظيم ‪ ٣‬إ َن ٱ ََّلِينَ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ُّ َ َ ۡ َ ى َ‬
‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫يغضون أصوتهم عِند رسو ِل ٱَّللِ أولئِك ٱَّلِين ٱمتحن ٱَّلل قلوبهم ل ِلتقو ر‬
‫ُۡ ُ َى َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َ ۡ ُ َ َ َۡ َ َ ُ ۡ َ َ ُ َ َ ى َ ۡ ُ َ ۡ ۡ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ُ َ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ‬
‫َّلل غفور‬ ‫ت أكَّثهم َّل يعقِلون ‪ ٤‬ولو أنهم صبوا حت َترج إَِل ِهم لَكن خريا له رم وٱ‬ ‫ُينادونك مِن َو َراءِ ٱلجر ِ‬
‫َرحِيم ‪[}٥‬الحجرات‪.]2-5 :‬‬

‫ُ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫لس َم ى َو ىت َوٱ ۡلَۡر ِض قَ ۡد َي ۡعلَ ُم َما أَ ُ‬


‫نت ۡم َعل ۡيهِ َويَ ۡو َم يُ ۡر َج ُعون إ ِ َۡلهِ ف ُينبِئُ ُهم ب ِ َما َع ِملوا‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬أ ََّل إ َن ِ ََّللِ َما ِف ٱ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِيم ‪}٦٤‬‬ ‫يش ٍء َعل ُ‬‫كل َ ۡ‬‫َ َُ ُ‬
‫وٱَّلل ب ِ ِ‬
‫ُ ُّ‬
‫واملعنى‪ :‬أال إن هلل وحده ما في السماوات وما في األرض ملكا وخلقا وعبدا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِن ُك َمن‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫َۡ‬
‫لس َم ى َو ى ِت َوٱلۡر ِض إَِّل َء ِاِت ٱ َلرِنَٰمۡح َع ۡبدا ‪[} ٩٣‬مريم‪ ،]93 :‬قد علم هللا تعالى ما أنتم عليه‪ ،‬ال يعزب عنه مثقال‬ ‫ِف ٱ َ‬
‫ِ‬
‫ُ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ ۡ ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ذرة في األرض وال في السماء‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما تكون ِِف شأن َو َما ت ۡتلوا م ِۡن ُه مِن قرءان وَّل تعملون مِن عم ٍل‬
‫َ َ َ‬ ‫ك مِن م ِۡث َقال َذ َرة ِف ٱ ۡلَۡر ِض َو ََّل ِف ٱ َ‬ ‫ََ َُۡ ُ َ َ َ‬ ‫ۡ ُ ُ َ‬ ‫َ َُ َ َۡ ُ ۡ ُ ُ‬
‫لس َماءِ َوَّل أ ۡصغ َر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إَِّل كنا عليكم شهودا إِذ ت ِفيضون فِيهِ وما يعزب عن رب ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ َ ۡ ََ َ‬
‫ي ‪[}٦١‬يونس‪ ،]61 :‬ويوم يرجع العباد إلى هللا وحده يخبرهم هللا بجميع ما‬ ‫مِن ذ ىل ِك وَّل أكب إَِّل ِِف كِتب مب ِ ٍ‬
‫ى‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ان يَو َمئ ِ ٍذ ب ِ َما ق َد َم َوأ َخ َر}[القيامة‪ ،]13 :‬وهللا بكل ش يء عليم‪.‬‬ ‫عملوا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يُن َبأ اإلنس‬
‫ُ َُْ ُ َْ‬
‫سورة الفرقان‬
‫وهي مكية وعدد آياتها سبع وسبعون آية‬

‫ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬


‫ُۡ َ ى َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬
‫ي نَذِيرا ‪} ١‬‬ ‫َ َ‬
‫ون ل ِل َع ىلم َ‬
‫ِ‬ ‫لَع ع ۡب ِده ِۦ َِلك‬
‫َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ت َب َ‬
‫ار َك ٱَّلِي ن َزل ٱلفرقان‬
‫واملعنى‪ :‬جل شأن هللا تعالى وعظمت ودامت خيراته وبركاته الذي ّنزل القرآن الكريم على عبده محمد‬
‫صلى هللا عليه وسلم؛ ليكون رسوال منذرا لإلنس وللجن بعذاب هللا ْإن هم استمروا على كفرهم وشركهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫َۡ ۡ ُ َ َ َ َ َ َ َى َ ۡ ۡ َ َ َ َ ۡ َ‬
‫ب َول ۡم ُي َعل ُلۥ ع َِو َجا ‪ ١‬قيِما َِلُنذ َِر‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬ٱلمد َِّللِ ٱَّلِي أنزل لَع عب ِده ِ ٱلكِتى‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َُ ۡ َ‬
‫ى‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َُُۡ ََُ َ ُۡ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫َۡ َ‬
‫ت أن لهم أجرا حسنا ‪[}٢‬الكهف‪.]1-2 :‬‬ ‫بأسا شدِيدا مِن َلنه ويب ِش ٱلمؤ ِمن ِي ٱَّلِين يعملون ٱلصل ِح ِ‬

‫ُۡ ۡ َ َ َ َ َُ‬ ‫َ َۡ ََ ۡ ََ َ َۡ َ ُ َُ َ‬ ‫َُ ُ ۡ ُ َ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َ‬


‫ُك َ ۡ‬
‫يشء‬ ‫ك وخلق‬ ‫شيك ِِف ٱلمل ِ‬ ‫ۥ‬ ‫ل‬ ‫ن‬‫ك‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ا‬‫َل‬‫و‬ ‫ذ‬‫خ‬‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ۡر‬ ‫ت وٱل‬‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِي لۥ ِّلك ٱلسم ىو ى ِ‬
‫ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ف َق َد َرهُۥ َتقدِيرا ‪} ٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬هللا الذي له ملك السماوات واألرض ولم يتخذ ولدا ولم يحتج إليه‪ ،‬وليس له شريك في امللك‬
‫ِل َول َ ۡم يُ َ ۡ‬
‫وَل ‪٣‬‬ ‫لص َم ُد ‪ ٢‬ل َ ۡم يَ ِ ۡ‬ ‫َّلل أَ َحد ‪ ١‬ٱ َ ُ‬
‫َّلل ٱ َ‬ ‫والسلطان‪ ،‬بل هو الخالق األحد الصمد‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قُ ۡل ُه َو ٱ َ ُ‬
‫كن َ ُلۥ ُك ُفوا أَ َح ُد ‪[}٤‬اإلخالص‪ ،]1-4 :‬وخلق هللا كل ش يء مما سواه‪ ،‬وراعى فيه التقدير ّ‬
‫املعين بما‬ ‫ََۡ َ ُ‬
‫و لم ي‬
‫يناسبه من الخلق دون نقص أو خلل‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫ُ ُۡ َُ َ َ‬ ‫َ َ َ َۡ ُُ َ‬


‫ون َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ُ‬
‫يشٔٔا َوه ۡم يلقون َوَّل َي ۡمل ِكون ِلنفسِ ِه ۡم ضا َوَّل نفعا َوَّل‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱَتذوا مِن دونِهِۦ ءال ِهة َّل يلق‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ ُ َ‬
‫ون َِّ ۡوتا َوَّل َح َي ىوة َوَّل ن ُشورا ‪} ٣‬‬ ‫يمل ِك‬
‫واملعنى‪ :‬واتخذ املشركون من دون هللا تعالى آلهة ال يستطيعون خلق ش يء‪ ،‬بل هم ُيخلقون‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ‬ ‫َ ُ ُ َُ َ‬ ‫َُ ُ َ َ َ َ ُُ َ‬
‫ون اَّللِ َّل‬
‫شوُكون ما َّل يلق شيئا وهم يلقون}[األعراف‪ ،]191 :‬وقال تعالى‪{ :‬واَّلِين يدعون مِن د ِ‬
‫تعالى‪{ :‬أي ِ‬
‫ُ‬ ‫ون}[النحل‪ ،]20 :‬وال يملكون ألنفسهم دفع ّ‬ ‫َ‬
‫َ ُ ُ ُ َ‬ ‫َ ُُ َ َ‬
‫ضر أو جلب نفع‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬قل‬ ‫يلقون شيئا وهم يلق‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضا َوَّل َنفعا}[املائدة‪ ،]76 :‬وال يستطيعون اإلماتة واإلحياء وبعث‬
‫كم َ ًّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ون اَّللِ َما َّل َيمل ِك ل‬
‫ُ‬ ‫َ ُُ َ‬
‫أتعبدون مِن د ِ‬
‫الخلق من القبر‪.‬‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ون ف َق ۡد َجا ُءو ُظلما َو ُزورا ‪}٤‬‬
‫ََ ىُ َ َ َُ َ ۡ ۡ َ َ ُ َ‬
‫ِين كف ُروا إِن هىذا إَِّل إِفك ٱفتىه وأَعنهۥ عليهِ قوم ءاخر‬
‫َ ََ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وقال ٱَّل‬
‫واملعنى‪ :‬وقال الكفار‪ :‬ما هذا القرآن إال كذب اختلقه محمد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وأعانه على جمعه‬
‫أناس آخرون‪ ،‬فقد ارتكبوا ظلما وزورا في قولهم وزعمهم‪.‬‬
‫وقد ر ّد هللا تعالى زعمهم وقولهم ّإن القرآن الكريم من افتراء الرسول صلى هللا عليه وسلم في آيات‬
‫ورة م ِۡثلِهِۦ َوٱ ۡد ُعوا َمن ٱ ۡس َت َط ۡع ُتم مِن ُدون ٱ ََّللِ إن ُك ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ َُ ُ َ‬
‫نت ۡم‬ ‫تى ى ُه قُ ۡل فَأتُوا ب ُس َ‬
‫ون ٱ ۡف َ َ‬ ‫كثيرة‪ ،‬منها قوله تعالى‪ { :‬أم يقول‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تاهُ قُل فَأتُوا ب َعش ُس َور مِثلِهِ ُمف َ َ‬ ‫َ َُ ُ َ‬
‫ون اف َ َ‬ ‫َص ى ِدق َ‬
‫ات َواد ُعوا َم ِن‬
‫ٍ‬ ‫ي‬‫تَ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِي ‪[}٣٨‬يونس‪ ،]38 :‬ومنها قوله تعالى‪{ :‬أم يقول‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اَّللِ إِن كن ُتم َصادِق َِي}[هود‪.]13 :‬‬ ‫ون‬ ‫ََ ُ‬
‫استطعتم مِن د ِ‬

‫َ‬
‫َ ُۡ ى َ ۡ ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َى ُ َ َ ۡ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ك َرة َوأ ِصيل ‪} ٥‬‬ ‫ِي ٱك َتت َب َها ف ِه تمَل عليهِ ب‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وقالوا أس ِطري ٱلول‬
‫األولين التي استنسخها منهم‪ ،‬وهي تتلى‬ ‫واملعنى‪ :‬وقال الكفار‪ :‬ما هذا القرآن الذي تاله علينا إال أكاذيب ّ‬
‫عليه صباحا ومساء‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫اء لقل َنا مِثل هذا إ ِن هذا إَِّل‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ِ{ :‬إَوذا تتَل َعلي ِهم آيَات َنا قالوا قد َس ِمع َنا لو نش‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ َ‬
‫أساطِري الول ِي}[األنفال‪.]31 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ َ َ َ‬


‫لس َم ى َو ى ِت َوٱلۡر ِض إِنَ ُهۥ َك َن غ ُفورا َرحِيما ‪} ٦‬‬
‫لّس ِف ٱ َ‬
‫َ‬ ‫َۡ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل أنزل ٱَّلِي يعلم ٱ ِ ِ‬
‫هللا الذي يعلم السر في السماوات واألرض وما يخفى‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬أنزل هذا القر َآن الكريم ُ‬
‫َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َۡ‬
‫لّس َوأ ۡخ ََف ‪[}٧‬طه‪ّ ،]7 :‬إن هللا تعالى كان غفورا لعباده‬ ‫فيهما‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَون ت َه ۡر ب ِٱلق ۡو ِل فإِن ُهۥ َيعل ُم ٱ ِ‬
‫التائبين رحيما بهم فال يعاجلهم بالعذاب‪.‬‬
‫ّ‬
‫وقد دعا هللا سبحانه الكفار إلى التوبة وأخبرهم بأن رحمته واسعة‪ ،‬فمن انتهى عن كفره وجحوده‬
‫ْ‬ ‫ُ ْ ه َ ََ‬
‫ين كف ُروا إن‬ ‫وتاب إلى هللا توبة نصوحا‪ ،‬تاب هللا عليه وغفر له ما قد سلف من ذنوبه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬قل للذ‬
‫َ َ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫ْ‬
‫َين َت ُهوا ُيغف ْرل ُه ْم َما ق ْد َسلف}[األنفال‪.]38 :‬‬

‫َ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫ۡ َ ۡ َ َۡ َ ُ َ َ‬ ‫َۡ ُ‬
‫ك ُل ٱ َ‬
‫لط َع َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وقَالُوا َمال َهى َذا ٱ َلر ُ‬
‫نزل إ ِ َۡلهِ َِّلك ف َيكون َم َع ُهۥ نذِيرا‬
‫ِ‬ ‫أ‬ ‫َّل‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫اق‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫س‬‫ل‬‫ٱ‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ش‬‫ِ‬ ‫ام َويَ ۡ‬
‫م‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫س‬ ‫ِ‬
‫‪}٧‬‬
‫واملعنى‪ :‬وقالوا‪ :‬ما لهذا الذي يدعي الرسالة ميزة‪ ،‬فهو يأكل الطعام مثلنا ويمش ي في األسواق للكسب‪،‬‬
‫هال أنزل هللا تعالى عليه ملكا فيكون معه نذيرا ومؤيدا له‪.‬‬
‫َ َ ُ ْ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ه ُ َ َ ُ هُ‬
‫وقد ر ّد هللا عليهم هذه الشبهة بقوله تعالى‪{ :‬وقالوا لوَل أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقض ي األمرثم‬
‫طمئن َين َل َن هز َلنا َع َليهم م َن ه‬ ‫ََ َ َ ُ‬
‫مشو َن ُم َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ه َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫الس َماء‬ ‫َل ُينظ ُرون}[األنعام‪ ،]8 :‬وقوله تعالى‪{ :‬قل لو كان في األرض مالئكة ي‬
‫َ‬
‫َملكا هر ُسوَل}[اإلسراء‪.]95 :‬‬

‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ َ َ‬ ‫َ ۡ ُ ۡ َ ى َ ۡ َ َ ۡ َ ُ ُ َ ُ َ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ َ َ َ َى ُ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬أو يلق إَِلهِ كزن أو تكون لۥ جنة يأكل مِنها ر وقال ٱلظل ِمون إِن تتبِعون إَِّل رجل ِّسحورا ‪}٨‬‬
‫واملعنى‪ :‬أو هال يلقى إليه كنز من السماء‪ ،‬أو تكون له حديقة عظيمة من نخيل أو عنب يأكل منها‪ ،‬كما‬
‫َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫يل َوع َن ٍب ف ُت َفج َر األ ْن َه َار خالل َها َت ْفج ًيرا}[اإلسراء‪ ،]91 :‬وقال الظاملون‬ ‫َ ْ َ ُ َن َ َ َ ه ٌ ْ َ‬
‫ٍ‬ ‫خ‬‫ن‬ ‫قال تعالى‪{ :‬أو تكو لك جنة من‬
‫فاختل عقله‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫املكذبون‪ :‬ما تتبعون أيها املؤمنون إال رجال مسحورا‬

‫ََ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َۡ َ ُ َ‬
‫ون َسبِيل ‪} ٩‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫نظ ۡر ك ۡي َف َ َ‬
‫ضبُوا لك ٱل ۡمٰىل فضلوا فل يست ِطيع‬
‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬انظر وتأمل أيها الرسول كيف مثل لك الكفار األمثال‪ ،‬فوصفوك تارة بأنك مسحور‪ ،‬وتارة‬
‫َْ‬
‫الم َبل افت َرا ُ َب ْل ُه َو‬ ‫َ ْ َ ُ َ ْ َ ُ َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بأنك مختلق القرآن‪ ،‬وتارة بأنك شاعر‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬بل قالوا أضغاث أح ٍ‬
‫َ‬
‫شاع ٌر}[األنبياء‪ ،]5 :‬وهم في وصفهم هذا‪ ،‬قد ضلوا عن الحق ضالال بعيدا‪ ،‬وصاروا ال يعرفون السبيل الذي‬
‫يسلكونه‪.‬‬
‫ْ ُ ْ َ ْ َ َ َ ُ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ ُّ َ َ َ ْ َ ُ َ َ ً‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬انظر كيف ضربوا لك األمثال فضلوا فال يستطيعون سبيال}[اإلسراء‪:‬‬
‫‪.]48‬‬

‫َۡ َ ۡ ََۡىُ َ َ ۡ َ َ َ‬
‫ك قُ ُص َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫ورا ‪١٠‬‬ ‫ار َك ٱَّلِي إِن شا َء َج َعل لك خ ۡريا مِن ذ ىل ِك َج َنىت ت ِري مِن تتِها ٱلنهر ويجعل ل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬تب‬
‫لس َ‬ ‫َ‬
‫اعةِ َوأ ۡع َت ۡدنَا ل َِمن َك َذ َب بٱ َ‬ ‫بَ ۡل َك َذبُوا بٱ َ‬
‫لس َ‬
‫اعةِ َس ِعريا ‪}١١‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِذا َرأ ۡت ُهم مِن َمَكن بَعِيد َس ِم ُعوا ل َها َت َغ ُّيظا َو َزف ِريا ‪}١٢‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إذا رأت النار هؤالء الظاملين املكذبين من مكان بعيد يوم القيامة‪ ،‬سمعوا صوت غليانها كأنه‬
‫َ‬ ‫َ ُْ ُ‬
‫صوت من اشتد غضبه‪ ،‬وسمعوا لها صوتا مترددا كأنها تناديهم به‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إذا ألقوا ف َيها َسم ُعوا ل َها‬
‫ْ َ‬ ‫َ ً َ ََُ ََُ َ ُ‬
‫ورتك ُاد ت َم هيز م َن الغ ْيظ}[امللك‪.]7-8 :‬‬ ‫شهيقا وهي تف‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُۡ‬


‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا أل ُقوا م ِۡن َها َمَكنا َضيِقا ُّم َق َرن َِي َد َع ۡوا ُه َنال َِك ث ُبورا ‪} ١٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬وإذا ألقي هؤالء الظاملون في مكان ضيق من نار جهنم‪ ،‬وقد جمعت أيديهم إلى أعناقهم في‬
‫السالسل‪ ،‬دعوا هناك على أنفسهم بالهالك والخسارة والدمار‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫وتجمع كلمة "الثبور" معنى الهالك والخسارة والدمار‪ ،‬ومنه قول موس ى لفرعون‪َ { :‬و إني ألظن َك َيا‬
‫ف ْر َع ْو ُن َم ْث ُب ً‬
‫ورا}[اإلسراء‪ ]102 :‬أي‪ :‬هالكا خاسرا‪.‬‬

‫َ ۡ َُ َ‬ ‫ُ ۡ َ َى َ َ ۡ َ ۡ َ َ ُ ُۡ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬


‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل ت ۡد ُعوا ٱَلَ ۡو َم ث ُبورا َو ىحِدا َوٱد ُعوا ث ُبورا كثِريا ‪ ١٤‬قل أذل ِك خري أم جنة ٱل ِ‬
‫ِل ٱل ِت ُوعِد ٱل ُمتق ر‬
‫ون‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َكنَ ۡت ل ُه ۡم َج َزاء َو َِّ ِصريا ‪}١٥‬‬

‫ََ‬
‫ِين َك َن ى‬ ‫َ‬ ‫ُ ۡ َ َ ََ ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫لَع َرب ِ َك َو ۡعدا َِّ ۡسُٔٔوَّل ‪} ١٦‬‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬لهم فِيها ما يشاءون خ ى ِِل ر‬
‫واملعنى‪ :‬لهؤالء املتقين في الجنة ما يشاءون من املالذ في األكل والشرب وامللبس واملسكن وغير ذلك‬
‫بأن يطلب منه تعالى‪.‬‬ ‫خالدين فيها بال انقطاع‪ ،‬كان دخولهم الجنة على ّبك أيها الرسول وعدا مسؤوال جديرا ْ‬
‫ر‬
‫ۡ ۡ‬ ‫َ‬
‫وهذه الجنة التي وعدها هللا تعالى عباده املتقين قد سألتها املالئكة لهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ر َب َنا َوأدخِل ُه ۡم‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ى ۡ َ َى ۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َج َنى َ ۡ‬
‫ِيم ‪[}٨‬غافر‪ ،]8 :‬وقد‬ ‫لك ُ‬ ‫نت ٱل َعز ُ‬
‫يز ٱ َ‬ ‫كأ َ‬ ‫ج ِهم وذرِيت ِ ِه رم إِن‬
‫ِ‬ ‫ت عد ٍن ٱل ِت وعدتهم ومن صلح مِن ءابائ ِ ِهم وأزو ِ‬‫ِ‬
‫ُ ْ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سألها املؤمنون في دعائهم‪ ،‬كما قال تعالى حكاية عن دعائهم‪َ { :‬رهبنا َو آتنا َما َو َع ْدتنا َعلى ُر ُسل َك َوَل تخزنا َي ْو َم‬
‫يع َاد}[آل عمران‪.]194 :‬‬ ‫ف ْاَل َ‬
‫ْ َ َ ه َ َ ُ ْ ُ‬
‫القيامة إنك َل تخل‬

‫َ َ‬ ‫َ ُ َ َ ُ َ ُّ‬ ‫َ ََُ ُ ََ ُ َ ۡ َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َََۡ َۡ ُ ُ ُ ۡ َ َ َ ُۡ ُ َ‬


‫لسبِيل‬ ‫نت ۡم أضلل ُت ۡم ع َِبادِي ىهؤَّلءِ أ ۡم ه ۡم ضلوا ٱ‬ ‫ون ٱَّللِ فيقول ءأ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ويوم يشهم وما يعبدون مِن د ِ‬
‫‪}١٧‬‬
‫واملعنى‪ :‬ويوم القيامة يحشر هللا تعالى املشركين ومعبوديهم الذين كانوا يعبدونهم من دون هللا‪ ،‬فيقول‬
‫ّ‬
‫هللا لهؤالء املعبودين‪ :‬أأنتم أضللتم عبادي هؤالء عن الهدى وأمرتهم بعبادتكم أم هم ضلوا عنه بأنفسهم‬
‫ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ََْ َ ُْ َ ه‬ ‫ال ه ُ‬ ‫وعبدوكم من غير أمركم؟ كما قال تعالى‪َ { :‬وإ ْذ َق َ‬
‫يس ى ْاب َن َم ْرَي َم أأنت قلت للناس اتخذوني َوأم َي‬ ‫َّللا َيا ع َ‬
‫َ َ َ‬ ‫ْ ُ ْ ُ ُُْ َ َ‬ ‫ال ُس ْب َح َان َك َما َي ُكو ُن لي َأ ْن َأ ُقو َل َما َل ْي َ‬
‫س لي ب َح ٍق إن كنت قلت ُه فق ْد َعل ْمت ُه ت ْعل ُم َما في‬ ‫إ َل َه ْين م ْن ُدون هَّللا َق َ‬
‫َ َ َْ ُ َ َ ْ َ ه َ َْ َ َ ُ ْ ُ‬ ‫َْ‬
‫الم الغ ُيوب}[املائدة‪.]116 :‬‬ ‫نفس ي وَل أعلم ما في نفسك إنك أنت ع‬

‫ََ َُۡ ۡ َ َ َ َ ُ ۡ َ َى َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ ُ ۡ َىَ َ َ َ َ َ َ ََ َ ََ َ‬


‫ت ن ُسوا‬ ‫كن متعتهم وءاباءهم ح‬ ‫خذ مِن دون ِك م ِۡن أ ۡو َِلَا َء َول ى ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا سبحنك ما َكن يۢنب ِغ لا أن نت ِ‬
‫َ‬ ‫ۡ َ‬
‫ٱَّلِك َر َوكنُوا ق ۡو َما بُورا ‪}١٨‬‬
‫يصح لنا ْأن نتخذ من دونك أنصارا نواليهم‪ ،‬بل‬
‫عما فعلوا‪ ،‬ما ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬قال املعبودون‪ :‬تنزيها لك اللهم ّ‬
‫عت هؤالء املشركين باملال والصحة والعافية في الدنيا‬‫مت َ‬‫هم عبدونا من تلقاء أنفسهم من غير أمرنا‪ ،‬ولكن ّ‬
‫حتى نسوا ذكرك‪ ،‬فكفروا بك‪ ،‬وكانوا قوما هالكين في نهاية األمر‪.‬‬
‫ُ َ َ ُ ُ ۡ َ َ ى َ َ َى ُ َ َ ُ ۡ َ ُ َ ۡ ُ ُ َ‬ ‫َََۡ َۡ ُ ُ ُ َ‬
‫شه ۡم ۡجِيعا ثم يقول ل ِلملئِك ِة أهؤَّلءِ إِياكم َكنوا يعبدون ‪٤٠‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬ويوم ي‬
‫ُّ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬
‫َ ۡ ُُ‬‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ َ ُ َ ۡ ُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ُ ۡ َ َ َ َ َ َ ُّ َ‬
‫ون ‪[}٤١‬سبأ‪.]40-41 :‬‬ ‫َّثهم ب ِ ِهم ِّؤمِن‬ ‫لن أك‬‫قالوا سبحىنك أنت و َِلنا مِن دون ِ ِهم بل َكنوا يعبدون ٱ ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َ َُ َ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِنك ۡم نُذِق ُه َعذابا كبِريا ‪} ١٩‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫َصفا َوَّل ن ُۡص را َو َمن َيظل ِم م‬
‫ون َ ۡ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فق ۡد كذبُووُكم بِما تقولون فما تست ِطيع‬
‫َ َ ُ َ ه ُ َ ُ‬ ‫ّ‬
‫اس كانوا‬ ‫واملعنى‪ :‬فقد كذبكم أيها املشركون معبودوكم بما تقولون‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وإذا حشر الن‬
‫ين}[األحقاف‪ ،]6 :‬فأنتم وهؤالء املعبودون ال تستطيعون دفع العذاب عن‬ ‫َل ُه ْم َأ ْع َد ًاء َو َك ُانوا بع َب َادته ْم َكافر َ‬
‫َ َ ْ َ ُ َن َ ْ ُ َ َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ه َ َ‬
‫ص َرك ْم َوَل أنف َس ُه ْم‬ ‫ين ت ْد ُعون م ْن ُدونه َل يستطيعو ن‬ ‫أنفسكم‪ ،‬وال نصرا لها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬والذ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ُ َ‬
‫يشرك منكم ويمت على ذلك ندقه يوم القيامة عذابا كبيرا‪.‬‬ ‫ص ُرون}[األعراف‪ ،]197 :‬ومن‬ ‫ين‬
‫ُ‬
‫رك لظ ٌ‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ومعنى قوله تعالى‪َ { :‬و َم ْن َيظل ْم م ْنك ْم} أي‪ :‬يشرك باهلل‪ ،‬وبيان ذلك في قوله تعالى‪{ :‬إ هن الش َ‬
‫لم‬
‫َعظيم}[لقمان‪.]13 :‬‬

‫َۡۡ َ َ َ ََۡ َۡ َ ُ‬
‫كمۡ‬ ‫َ َ َۡ َ َۡ َۡ َ َ َ ُۡ ۡ َ َ َ َ ُ ۡ ََۡ ُ ُ َ َ َ َ َ َۡ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وما أرسلنا قبلك مِن ٱلمرسل ِي إَِّل إِنهم َلأكلون ٱلطعام ويمشون ِِف ٱلسوا ِق وجعلنا بعض‬
‫َۡ ََ ۡ ُ َ َ‬
‫ون َوك َن َر ُّب َك بَ ِصريا ‪} ٢٠‬‬‫ِلَ ۡعض ف ِتنة أتص ِب‬
‫واملعنى‪ :‬وما أرسلنا من قبلك أيها الرسول من املرسلين إال ّإنهم بشر يأكلون الطعام ويمشون في‬
‫ام َو َما َك ُانوا َخالد َ‬ ‫َ َ َ ََْ ُ ْ َ َ ً َ َْ ُُ َ ه‬
‫الط َع َ‬
‫ين}[األنبياء‪،]8 :‬‬ ‫األسواق للكسب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وما جعلناهم جسدا َل يأكلون‬
‫وجعلنا بعضكم أيها الناس لبعض اختبارا بالغنى والفقر‪ ،‬والصحة واملرض‪ ،‬والشرف والذل لنعلم ّأيكم‬
‫يصبر‪ ،‬فاصبروا وقوموا بما أوجبه هللا تعالى عليكم‪ ،‬وكان رّبك أيها الرسول بصيرا بمن يصبر أو يجزع‪.‬‬
‫َ‬
‫اص بن َوائل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يد بن املغيرة والع ِ‬ ‫والول ِ‬
‫قال اإلمام القرطبي‪ :‬وقال مقاتل‪ :‬نزلت في أبي جهل ابن ِهشام ِ‬
‫وعمارا وبالال‬ ‫بن مسعود‪ّ ،‬‬ ‫وعبد هللا َ‬ ‫ذر َ‬ ‫وع ْت َبة بن ربيعة والنصر ابن الحرث حين رأوا أبا ّ‬
‫مع ْيط ُ‬
‫وعقبة بن أبي َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ َ‬ ‫بن ُف َهيرة وساملا مولى أبي ُحذيفة َوم ْه َجعا مولى عمر بن الخطاب َ‬
‫وج ْبرا مولى َ‬ ‫هيبا وعام َر َ‬ ‫ُ‬
‫ضرمي‪ ،‬وذ ِو ِيه ْم‪،‬‬ ‫الح‬ ‫ِ‬
‫وص ً‬
‫َ ۡ‬ ‫ُ ْ ُ ُ ُن َ ُ‬
‫املؤمنين‪َ { :‬و َما أ ۡر َسل َنا‬
‫َ‬ ‫يخاط ُب هؤالء‬
‫ِ‬ ‫مثل هؤالء؟ فأنزل هللا تعالى ِ‬ ‫فقالوا على سبيل االستهزاء‪ :‬أنس ِلم فنكو‬
‫َۡ ََ ۡ ُ َ َ َ‬ ‫َۡۡ َ َ َ ََۡ َۡ َ ُ‬
‫ك ۡم لِ َ ۡ‬ ‫َۡ َ َ َ ُۡ ۡ َ َ َ َ ُ ۡ ََۡ ُ ُ َ َ َ َ َ َۡ ُ َ‬
‫بون َوكن‬ ‫ِ‬ ‫ص‬ ‫ت‬‫أ‬ ‫ة‬‫ن‬ ‫ِت‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ا‬‫ن‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ج‬‫و‬ ‫اق‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫س‬‫ل‬‫ٱ‬ ‫ِف‬
‫قبلك مِن ٱلمرسل ِي إَِّل إِنهم َلأكلون ٱلطعام ويمش ِ‬
‫ون‬
‫ون" َخ ٌّ‬
‫اص‬ ‫صب ُر َ‬‫يف ب َـ"أ َت ْ‬
‫َّ ْ ُ‬
‫الشد َيدة والفقر‪ ،‬فالتوق‬ ‫َر ُّب َك بَصريا ‪[}٢٠‬الفرقان‪ ]20 :‬على َما َت َر ْو َن م ْن هذه الحال َّ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ َْ ً‬ ‫َّ ْ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ ّ‬
‫عليهم فتنة‬
‫للمؤمنين املحققين ِمن أمة محمد صلى هللا َ عليه وسلم‪ ،‬كأنه جعل ِإمهال الكف ِار والتو ِسعة ِ‬
‫ص َب َر املُسلمو َن أ ْن َز َل هللا فيه ْم‪{ :‬إن َج َزي ُت ُه ُم اَلَو َم بما َص َ ُ‬
‫بوا}[املؤمنون‪.]111 :‬‬ ‫لهم‪ ،‬وملّا َ‬ ‫ْ‬
‫للمؤمن َين‪ ،‬أي اختبا ًرا ْ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬

‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ ۡ ُ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َى َ ُ َ ۡ َ َ ى َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ‬
‫س ِه ۡم َوع َت ۡو‬ ‫كَُ‬
‫بوا ِِف أنف ِ‬ ‫نزل علينا ٱلملئِكة أو نرى ربنا لق ِد ٱست‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وقال ٱَّلِين َّل يرجون ل ِقاءنا لوَّل أ ِ‬
‫َ‬
‫ُع ُتوا كبِريا ‪} ٢١‬‬
‫واملعنى‪ :‬وقال الكافرون الذين ال يرجون لقاءنا وينكرون البعث‪ :‬هال أنزل هللا علينا املالئكة فيخبرونا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بأن محمدا صادق في دعوى الرسالة‪ ،‬أو نرى رّبنا جهرة فيخبرنا بأنه أرسل محمدا إلينا‪ ،‬كما قال تعالى حكاية‬
‫َ َ‬ ‫ى َ َ َ َ‬
‫اَّللِ َوال َ‬
‫تاهلل‪ ،‬لقد استكبروا في أنفسهم عن‬ ‫ِ‬ ‫]‪،‬‬ ‫‪92‬‬ ‫اء‪:‬‬
‫ر‬ ‫}[اإلس‬ ‫يل‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫لئ‬ ‫م‬ ‫عن قولهم في آية أخر ‪{ :‬أو تأ ِِت ب ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ َ ُ َ‬
‫ري ُسل َطى ٍن أتى ى ُه ۡم إِن ِِف ُص ُدورِه ِۡم إَِّل ك ِۡب َما هم‬ ‫ِِف َءاي ى ِ‬
‫ت ٱَّللِ بِغ ِ‬ ‫جىدِلون‬ ‫الحق‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلِين ي‬
‫َ ۡ َ ۡ َ َُ َُ َ ُ ۡ‬
‫‪[}٥٦‬غافر‪ ،]56 :‬وتجاوزوا الحد في طغيانهم وعنادهم‪.‬‬ ‫ص ُ‬
‫ري‬ ‫يع ٱلَ ِ‬ ‫ب ِ َبىلِغِيهِ فٱستعِذ ب ِٱَّللِ إِنهۥ هو ٱلس ِم‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ ۡ َ ََُ َ‬


‫ون ح ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َى َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يَ ۡو َم يَ َر ۡو َن ٱل َملئكة َّل ب ُ ۡ َ‬
‫َم ُجورا ‪} ٢٢‬‬ ‫ِجرا‬ ‫ى يَ ۡو َمئِذ ل ِلمج ِرمِي ويقول‬
‫ش ى‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬يوم يرى هؤالء الكفار املالئكة عند قبض أرواحهم‪ ،‬وعند سؤالهم في القبر‪ ،‬وعند حسابهم‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫يوم القيامة‪ ،‬ال بصورة يتوقعونها‪ ،‬ولكن بصورة ال تبشرهم بخير‪ ،‬بل تسوؤهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ول ْو ترى إذ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َْ َ ُ ْ َ‬ ‫َ ه ه َ ََ‬
‫َيت َوفى الذين كف ُروا اَلالئكة َيضرُبون ُو ُجوه ُه ْم َوأدبا َره ْم}[األنفال‪ ،]50 :‬وقال تعالى‪ { :‬فك ۡيف إِذا ت َوف ۡت ُه ُم‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫ۡ َ َى َ ُ َ ۡ ُ َ ُ ُ َ‬
‫وه ُه ۡم َوأ ۡد َب ى َر ُه ۡم ‪[}٢٧‬محمد‪ ،]27 :‬قائلين لهم‪ :‬ال بشرى اليوم للمجرمين‪ ،‬وحرام محرم‬ ‫ُضبون وج‬ ‫ٱلملئِكة ي ِ‬
‫عليكم البشرى بالجنة‪.‬‬
‫ه ه َ َ ُ‬ ‫وهذا بخالف املؤمنين‪ّ ،‬‬
‫فإنهم عند قبض أرواحهم مبشرون بالجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن الذين قالوا‬
‫ْ ه ه ُُْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َْ َ ُ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ُّ َ ه ُ ُ ه ْ َ َ‬
‫استق ُاموا تتنز ُل َعل ْيه ُم اَلالئكة أَل تخافوا َوَل ت ْح َزنوا َو أ ْبش ُروا بال َجنة التي كنت ْم‬ ‫ربنا َّللا ثم‬
‫ُ َ َ‬
‫وع ُدون}[فصلت‪.]30 :‬‬ ‫ت‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وقد ِۡم َنا إ ِ ىل َما َع ِملوا م ِۡن َع َمل ف َج َعل َنى ُه َه َباء َم ُنثورا ‪} ٢٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬وقصدنا إلى ما عمله هؤالء الكفار من املحاسن‪ ،‬فجعلناه غبارا متناثرا ال خير فيه وال نفع‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُّ ْ ْ‬ ‫َ ْ َ ُ‬ ‫وحرموا أجره في الدنيا واآلخرة‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬أولئ َك هالذ َ‬
‫الدنيا َواْلخ َرة َوما ل ُه ْم م ْن‬ ‫ين َحبطت أ ْعمال ُه ْم في‬
‫ين}[النساء‪.]22 :‬‬ ‫ناصر َ‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ل َنةِ يَ ۡو َمئ ِ ٍذ َخ ۡري ُِّّ ۡس َت َقرا َوأ ۡح َس ُن َمقِيل ‪}٢٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أ ۡص َ‬
‫حى ُ‬
‫بٱ َ‬

‫مستقرا من أهل النار‪ ،‬وأحسن راحة ومأوى ومنزال‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬حال أصحاب الجنة يوم القيامة خير‬
‫قال الشيخ محمد سيد طنطاوي‪ :‬وقد استنبط بعض العلماء من هذه اآلية ّأن حساب أهل الجنة‬
‫َ‬
‫ألن قوله تعالى‪َ { :‬وأح َس ُن َم ِقيل} يدل على ّأنهم‬ ‫وأنه ينتهى في وقت قصير‪ ،‬ال يتجاوز نصف النهار‪ ،‬قالوا‪ّ :‬‬ ‫ٌ ّ‬
‫يسير‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫في وقت القيلولة‪ ،‬يكونون في راحة ونعيم‪ ،‬ويشير إلى ذلك قوله تعالى‪َ { :‬فأ هما َم ْن أوت َي ك َ‬
‫تاب ُه ب َيمينه ف َس ْوف‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً َْ‬ ‫ً‬
‫حاس ُب حسابا َيسيرا َو َينقل ُب إلى أ ْهله َم ْس ُرورا}[االنشقاق‪.]7-9 :‬‬
‫ُي َ‬

‫َ‬ ‫َ ۡ َى َ ُ‬
‫َ‬ ‫َََۡ َ َ ُ َ َ ُ ََ َُ‬‫ۡ‬ ‫َ‬
‫زنيل ‪} ٢٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ويوم تشقق ٱلسماء ب ِٱلغم ى ِم ون ِزل ٱلملئِكة ت ِ‬
‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول يوم تتشقق السماء‪ ،‬ويظهر من فتحاتها السحاب األبيض الرقيق‪ ،‬وتتناثر‬
‫نت َ َ‬ ‫َ ۡ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫الكواكب‪ ،‬والسماء يومئذ واهية‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إ َذا ٱ َ‬
‫َّث ۡت ‪[}٢‬االنفطار‪-1 :‬‬ ‫ِب ٱ َ‬
‫ك َواك ُ‬ ‫لس َما ُء ٱنف َط َرت ‪ِ ١‬إَوذا ٱل‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ ُ ۡ َ َ َ‬
‫ى‬
‫َ َ َ‬ ‫ت َ‬
‫الس ُ‬ ‫‪ ،]2‬وقال تعالى‪َ { :‬وفُت ِ َ‬
‫ماء فَكنت أبوابا}[النبأ‪ ،]19 :‬وقال تعالى‪ { :‬وقالوا إِن هذا إَِّل سِحر مبِي ‪ ١٥‬أءِذا‬ ‫ح ِ‬
‫ون ‪[} ١٦‬الحاقة‪ّ ،]16 -15 :‬‬ ‫َۡ ََُ َُ َ َ ى َ َ ََۡ ُ ُ َ‬
‫وينزل هللا تعالى املالئكة بصحائف أعمال العباد‬ ‫مِتنا ووُكنا ترابا وعِظما أءِنا لمبعوث‬
‫تنزيال‪.‬‬
‫َ‬
‫ض ٱ ۡل ِّۡر رُ‬ ‫َ ۡ َ َ َ ۡ َ َى َ‬
‫ك ُة َو ُق ِ َ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ۡ َ ُ ُ َ َ َ َۡ َ ُ ُ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬هل ينظرون إَِّل أن يأتِيهم ٱَّلل ِِف ظلل مِن ٱلغمام وٱلملئِ‬
‫ِإَول ٱ ََّللِ تُ ۡر َج ُع ٱ ۡلُ ُِّ ُ‬
‫ور ‪[}٢١٠‬البقرة‪.]210 :‬‬
‫َ‬

‫ََ ۡ َ‬
‫ِلرِنَٰمۡح َوك َن يَ ۡوما لَع ٱلك ى ِفر َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ُ ُ‬ ‫ۡ ۡ‬
‫ين َعسِ ريا ‪}٢٦‬‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ل ُّق ل َ‬
‫ك يَ ۡو َمئ ٍذ ٱ َ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱلمل‬
‫واملعنى‪ :‬امللك الحق املطلق يوم القيامة للرحمن وحده‪ ،‬وكان هذا اليوم يوما على الكافرين صعبا‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ري}[املدثر‪.]9-10 :‬‬
‫سري ‪ .‬لَع الَكف ِِرين غري يسِ ٍ‬ ‫عسيرا غير يسير عليهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فذل ِك يَو َمئ ِ ٍذ يَوم ع ِ‬
‫فإن حسابهم في يوم قصير ال يتجاوز نصف النهار‪ ،‬كما قال‬ ‫وهذا بخالف حالة املؤمنين يوم القيامة‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫تعالى‪ { :‬أَ ۡص َ‬
‫بٱ َۡ‬
‫ل َنةِ يَ ۡو َمئ ِ ٍذ َخ ۡري ُِّّ ۡس َت َقرا َوأ ۡح َس ُن َمقِيل ‪[}٢٤‬الفرقان‪.]24 :‬‬ ‫حى ُ‬

‫ََ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬


‫لَع يَ َديۡهِ َي ُقول َي ىل ۡي َت ِن ٱَتذ ُت َم َع ٱ َلر ُسو ِل َسبِيل ‪}٢٧‬‬ ‫َ‬
‫لظال ُِم ى‬ ‫ُّ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ويَ ۡو َم َي َعض ٱ‬
‫يعض الظالم لنفسه على يديه حسرة وأسفا قائال‪ :‬يا ليتني صاحب ُت‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول يوم‬
‫واتبعت سبيله إلى الجنة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َّللا َوأط ْع َنا ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫النار َي ُقولون َيا ل ْيت َنا أط ْع َنا ه َ‬
‫ه‬ ‫ه‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ي ْو َم ُت َقل ُب ُو ُج ُ‬
‫الر ُسوَل‬ ‫وه ُه ْم في‬
‫ونا ه‬ ‫َ َ ُ َ ه َ ه َ َ ْ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ ُّ َ‬
‫السبيال}[األحزاب‪.]66-67 :‬‬ ‫وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضل‬

‫ۡ‬ ‫ۡ َ ۡ َ ۡ َ َ ََ َ َ‬
‫لش ۡي َطى ُن ل َِِل َ ى‬ ‫ََ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ۡ َُ‬ ‫َ َََۡ َ‬
‫نس ِن‬ ‫ت َۡل َت ِن ل ۡم أَتِذ فلنا خل ِيل ‪ ٢٨‬لق ۡد أضل ِن َع ِن ٱَّلِك ِر بعد إِذ جاء ِن وكن ٱ‬‫قوله تعالى‪ { :‬ي ىويل ى‬
‫ُ‬
‫َخذوَّل ‪} ٢٩‬‬

‫َُۡ َ‬ ‫َ ۡ‬
‫َ‬ ‫ََ ُ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫ان َِّ ۡه ُجورا ‪} ٣٠‬‬‫ب إِن ق ۡو ِم ٱَتذوا هىذا ٱلقرء‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وقال ٱلرسول ي ىر ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وقال الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ :‬يا ر ّب ّإن قومي تركوا هذا القرآن الكريم وجعلوه مهجورا‪،‬‬
‫َ‬ ‫ََ َ َ َ ََُ َ َ َُ َ َ ُ‬
‫آن َوالغوا‬
‫فال يصغون إليه وال يسمعونه وال يعملون به‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وقال اَّلِين كفروا َّل تسمعوا ل ِهذا القر ِ‬
‫َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ون}[فصلت‪.]26 :‬‬ ‫فِيهِ لعلكم تغل ِب‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬


‫َف ب ِ َرب ِ َك َهادِيا َونَ ِصريا ‪} ٣١‬‬
‫ِي َووُك َ ى‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ووُكذ ىل َِك َج َعل َنا ل ِك نَب َع ُدوا م َِن ٱل ُم ۡجرم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ٍِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فكما جعلنا لك أيها الرسول أعداء من املجرمين‪ ،‬جعلنا لكل نبي قبلك عدوا من مجرمي قومه‬
‫ُ‬ ‫ال ِن يُ ِ‬
‫وح َبعض ُهم‬ ‫َ‬ ‫يدعوهم إلى الكفر والعناد‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َوُك َذل َِك َج َعل َنا ل ُِك نَ َ ُ ًّ َ َ َ‬
‫ب عدوا شياطِي اإلن ِس و ِ‬ ‫ِ ٍِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫إِل َبع ٍض ُزخ ُرف ال َقو ِل غ ُرورا}[األنعام‪.]112 :‬‬
‫ْ‬

‫َۡ َ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ ُ َۡ َ ُ َ َ َۡ ۡ ُ ۡ َ ُ ُ ۡ‬
‫ۡج َلة َو ىح َِدة ر َك َذ ىل َِك ِلُثَب َ‬
‫ت بِهِۦ فؤاد َك َو َرتل َنى ُه ت ۡرتِيل ‪٣٢‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وقال ٱَّلِين كفروا لوَّل ن ِزل عليهِ ٱلقرءان‬
‫}‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬وقال الكفار‪ :‬هال نزل هللا تعالى على رسوله القرآن جملة واحدة كالتوراة واإلنجيل والزبور‪،‬‬
‫لنقوي به قلبك أيها الرسول‪ ،‬ولتقرأه على قومك في مكث‬ ‫مفرقا منجما في ثالث وعشرين سنة‪ّ ،‬‬ ‫كذلك ّنزلناه ّ‬
‫ّ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َ ُ َ ََُ ََ‬ ‫ُ‬
‫وتدبر‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وقرآنا فرقناه ِِلقرأه لَع ال ِ‬
‫َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اس لَع مك ٍث ونزلاه تزنيل}[اإلسراء‪ ،]106 :‬ورتلناه وبيناه‬ ‫ّ‬
‫ونزلناه حسب الحوادث على ما تقتضيه حكمتنا‪.‬‬ ‫في مهلة‪ّ ،‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ل ِق َوأ ۡح َس َن َتفسِ ريا ‪}٣٣‬‬ ‫َۡ َ‬
‫ك بٱ َ‬
‫جئن ى ِ‬
‫َ َ ُ َ َ ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وَّل يأتونك بِمث ٍل إَِّل ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وال يأتيك أيها الرسول هؤالء املشركون بحجة إال جئناك بالجواب الحق الذي يزيل حجتهم‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ ُ‬
‫الاط ِِل ف َيد َم ُغ ُه فإِذا ُه َو َزاهِق}[األنبياء‪:‬‬
‫لَع َ‬ ‫الباطلة‪ ،‬ويكون أحسن بيانا له‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬بَل نقذِف بِال ِق‬
‫‪.]18‬‬

‫َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َى‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫لَع ُو ُجوهِ ِه ۡم إ ِ ىل َج َه َن َم أولئ ِ َك َش َمَكنا َوأ َضل َسبِيل ‪} ٣٤‬‬
‫ون ى‬‫َ ۡ َ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِين يش‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ َُ َ‬
‫ار‬
‫واملعنى‪ :‬هم الذين يحشرون ويسحبون على وجوهم إلى جهنم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يوم يسحبون ِِف ال ِ‬
‫ّ‬ ‫لَع ُو ُجوهِ ِهم ُذوقُوا َِّ َس َس َق َر}[القمر‪ ،]48 :‬وأولئك هم ٌّ‬ ‫ََ‬
‫وأضل طريقا عن الحق‪.‬‬ ‫شر مكانا من أهل الجنة‪،‬‬

‫َى َ َ َ َ َ َ َ ُ َ ُ َىُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َق ۡد َءاتَ ۡي َنا ُِّ َ‬ ‫َ‬
‫ون َوزِيرا ‪} ٣٥‬‬‫وس ٱلكِتب وجعلنا معهۥ أخاه هر‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد آتينا موس ى عليه السالم الكتاب وهو التوراة‪ ،‬وجعلنا معه أخاه هارون عليه السالم‬
‫َ َ َ‬ ‫ۡ َۡ‬
‫وزيرا معينا له‪ ،‬استجابة لدعائه في قوله‪َ { :‬وٱ ۡج َعل ِل َوزِيرا مِن أه َِل ‪ ٢٩‬هرون أ ِِخ ‪[}٣٠‬طه‪.]29-30 :‬‬
‫ُ‬ ‫ى‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ‬


‫ِين كذبُوا ِبَٔٔ َاي ىت ِ َنا ف َد َِّ ۡر َنى ُه ۡم تَ ۡدِِّريا ‪} ٣٦‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف ُقل َنا ٱذ َه َبا إل ٱل َق ۡو ِم ٱَّل َ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فقلنا اذهب أنت يا موس ى وأخوك بحججي ومعجزاتي إلى فرعون وقومه الذين كذبوا بآياتنا‪،‬‬
‫غ ‪[}٤٣‬طه‪:‬‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫بَٔٔ َاي ى ِت َوَّل تَن ِ َيا ِِف ذِك ِري ‪ ٤٢‬ٱ ۡذ َه َبا إ ِ ىل ف ِۡر َع ۡو َن إِنَ ُهۥ َط َ ى‬ ‫نت َوأَ ُخ َ‬
‫وك‬ ‫ب أَ َ‬ ‫كما قال تعالى‪ { :‬ٱ ۡذ َه ۡ‬
‫ِ‬
‫‪ ،]42-43‬فأهلكناهم إهالكا عظيما‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ى‬


‫َ َ َ َۡۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ ۡ ۡ‬ ‫َ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي َعذابا أ َِلما ‪} ٣٧‬‬ ‫ِلظلِم َ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وق ۡو َم نوح ل َما كذبُوا ٱ ُّلر ُسل أغ َرق َنى ُه ۡم َو َج َعل َنى ُه ۡم ل َِلن ِ‬
‫اس ءاية وأعتدنا ل‬
‫كذبوه أغرقناهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وأَغ َرق َنا َاَّل َ‬
‫ِين َك َذبواُ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول قوم نوح حين‬
‫ي}[األعراف‪ ،] 64 :‬وجعلناهم عبرة وعظة للناس أجمعين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فَ َأنَي َناهُ‬ ‫بآيَات َِنا إ َن ُهم ََكنُوا قَوما َعم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫اها آيَة ل ِل َعالم َ‬
‫ي}[العنكبوت‪ّ ،]15 :‬‬ ‫َ‬
‫وهيأنا عذابا مؤملا يوم القيامة للظاملين‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وأصحاب السفِينةِ وجعلن‬

‫َ َ َ َ ُ َ َ َ ۡ َ ى َ َ َ ُ ُ َ َ ۡ َ َى َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وَعدا وثمودا وأصحب ٱلر ِس وقرونا بي ذل ِك كثِريا ‪} ٣٨‬‬
‫ُ َ ُ َ ََ‬
‫وك فقد‬ ‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول عادا وثمود الذين كذبوا رسلهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ{ :‬إَون يكذِب‬
‫ََُ ُ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ود}[الحج‪ ،]42 :‬واذكر أيضا أصحاب ّ‬
‫الرس الذين كذبوا شعيبا عليه السالم‪،‬‬ ‫كذبَت قبل ُهم قو ُم ن ٍ‬
‫وح َوَعد وثم‬
‫ُ َ ِ ََُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ود}[ق‪ ،]12 :‬واذكر لهم أمما كثيرة بين نوح وعاد‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬كذبَت قبل ُهم قو ُم ن ٍ‬
‫وح َوأصحاب الرس وثم‬
‫وثمود وأصحاب الرس ال يعلمهم إال هللا تعالى‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ‬ ‫ُ‬


‫ض ۡب َنا ُل ٱل ۡم َٰىل َوُك تَ َ ۡبنَا تَ ۡتبِريا ‪} ٣٩‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وُك َ َ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وكل واحد من هؤالء األمم ّبي ّنا لهم الحجج واألدلة الواضحة‪ ،‬فلم يؤمنوا‪ ،‬فأهلكنا كال منهم‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫ون مِن َبع ِد ن ٍ‬
‫وح}[اإلسراء‪.]17 :‬‬ ‫ر‬‫بالعذاب إهالكا شديدا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َوُكم أهلَك َنا م َِن ال ُق ُ‬
‫ِ‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ن ُشورا ‪} ٤٠‬‬
‫َۡ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َق ۡد أتَ ۡوا لَع ٱل َق ۡريَةِ ٱلت أ ۡمط َر ۡت َم َط َر ٱ َ‬
‫لس ۡوءِ أفل ۡم يَكونوا يَ َر ۡون َها ر بَل َكنوا َّل يرج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مر مشركو قريش على قرية قوم لوط التي أمطر هللا تعالى عليها مطرا مصحوبا بحجارة‬ ‫واملعنى‪ :‬ولقد ّ‬
‫ارة مِن سِجيل}[هود‪ ،]82 :‬وقال تعالى‪{ :‬ل ُُِنس َِل َعلَيهم ح َ‬
‫ِج َ‬ ‫ِج َ‬ ‫َ‬
‫من سجيل‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وأم َطرنَا َعلَي َها ح َ‬
‫ارة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫يكن هؤالء املشركون يرونها ويعتبرون بها‪ ،‬بل كانوا ال يخافون معادا يوم‬ ‫مِن طِي}[الذاريات‪ ،]33 :‬أفلم ْ‬
‫القيامة‪.‬‬
‫ثٱ َ ُ‬‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫َّلل َر ُسوَّل ‪} ٤١‬‬ ‫خذونك إَِّل ه ُزوا أهىذا ٱَّلِي بع‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا َرأ ۡوك إِن َيت ِ‬
‫واملعنى‪ : :‬وإذا رآك أيها الرسول هؤالء املشركون‪ ،‬ما يتخذونك إال مهزوءا به‪ ،‬فيسخرون منك‪ ،‬وقالوا‬
‫لبعضهم مستهزئين بك‪ :‬أهذا الرجل الذي بعثه هللا رسوال إلينا؟‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ‬
‫خذونك إَِّل ه ُزوا أهذا اَّلِي يَذك ُر آل َِه َتكم‬ ‫ِين كف ُروا إِن َيت ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ِ{ :‬إَوذا رآك اَّل‬
‫َ َ ُ َ ُ َ ْ‬ ‫ُ‬
‫ون}[األنبياء‪.]36 :‬‬ ‫َوهم بِذِوُك ِر الرْح ِن هم َكف ِر‬

‫َ َ ُّ‬ ‫ِي يَ َر ۡو َن ٱ ۡل َع َذ َ‬ ‫َ َ َ ُ ُّ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫اب َم ۡن أضل‬ ‫ون ح َ‬ ‫ضلنا عن ءال ِهتِنا لوَّل أن صبنا عليها ر وسوف يعلم‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن َكد َل ِ‬
‫َسبِيل ‪} ٤٢‬‬
‫يصرفنا عن عبادة آلهتنا بقوة حجته‪ ،‬لوال ْأن صبرنا على‬ ‫واملعنى‪ :‬قالوا‪ّ :‬إن هذا الرجل قارب ْأن ّ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫وانطل َق المل‬ ‫عبادتهم‪ ،‬وقد قال املأل منهم إلخوانهم‪ :‬اصبروا على عبادة آلهتنا‪ ،‬كما حكاه هللا تعالى في قوله‪{ :‬‬
‫ُ‬
‫واصبوا لَع آلهتكم}[ص‪ ،]6 :‬وسوف يعلم هؤالء املشركون حين يرون العذاب‪ ،‬من أضل‬ ‫ِ‬ ‫أن اِّشوا‬
‫منهم ِ‬
‫َ َ‬
‫َ َ ُ َ‬
‫ون غدا َمن الكذ ُ‬
‫اب ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الش}[القمر‪.]26 :‬‬ ‫ِ‬ ‫دينا أهؤالء أم الرسول صلى هللا عليه وسلم؟ كما قال تعالى‪{ :‬سيعلم‬

‫َ َ ُ ُ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َََ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ‬


‫ون َعل ۡيهِ َووُك ِيل ‪} ٤٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أ َر َءيۡ َ‬
‫ت َم ِن ٱَتذ إِل ى َه ُهۥ ه َوى ى ُه أفأنت تك‬
‫واملعنى‪ :‬انظر أيها الرسول إلى من جعل هواه إلهه‪ ،‬وأطاع هواه‪ ،‬أفأنت تكون عليه حفيظا حتى تدعوه‬
‫إلى الهدى؟ فلن تستطيع أيها الرسول ْأن تحفظ على شؤونه لترشده إلى الهدى‪ ،‬فما استحسنه ورآه حسنا في‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ُ َ َ ُ ُ ُ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ ُ ُّ‬
‫ضل َمن يَشاءُ َويَهدِي َمن‬
‫َ‬
‫هوى نفسه‪ ،‬جعله دينه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أفمن زيِن ل سوء عملِهِ فرآه حسنا فإِن اَّلل ي ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ‬
‫ات}[فاطر‪.]8 :‬‬
‫يشاء فل تذهب نفسك علي ِهم حّس ٍ‬

‫َ‬ ‫َ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ى َ ۡ ُ ۡ َ َ ُّ‬
‫ون إِن هم إَِّل كٱلنع ِم بل هم أضل سبِيل ‪} ٤٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أم تسب أن أكَّثهم يسمعون أو يعقِل ر‬
‫تدبر أو يعقلون‬ ‫تظن أيها الرسول أو أيها العاقل ّأن أكثرهم يسمعون آيات هللا تعالى سماع ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬أم ّ‬
‫ما فيها؟ ما هم إال كالبهائم التي ال تنتفع بأسماعها التي جعلها هللا سببا للهداية‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َم َث ُل ٱ ََّل َ‬
‫ِين‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ۡ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ون ‪[}١٧١‬البقرة‪ ،]171 :‬بل هم‬ ‫َّلي َي ۡن ِع ُق ب ِ َما َّل ي َ ۡس َم ُع إَِّل د ََعء َون َِداء ر ُص ُّم بُكم ع ۡم ف ُه ۡم َّل َي ۡع ِقل‬
‫كف ُروا ك َمث ِل ٱ ِ‬
‫ُ َ َ ْ‬
‫أضل طريقا من البهائم‪ ،‬وهم الغافلون عن آيات هللا وشر الدواب عند هللا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أولئ َك كاألن َعام َب ْل‬ ‫ّ‬
‫ُّ ُّ ْ ُ ْ ُ ه َ َ‬
‫ين َل‬
‫ْ‬
‫الد َواب عن َد هَّللا الصم البكم الذ‬ ‫ض ُّل ُأ َولئ َك ُه ُم ْال َغاف ُلو َن}[األعراف‪ ،]179 :‬وقال تعالى‪{ :‬إ هن َش هر ه‬ ‫ُه ْم َأ َ‬
‫ُ َ‬
‫َي ْعقلون}[األنفال‪.]22 :‬‬
‫َ‬ ‫ۡ‬
‫َ َ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لظل َول ۡو َشا َء َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫لش ۡم َس َعل ۡيهِ َد َِلل ‪}٤٥‬‬ ‫ل َعل ُهۥ َساكِنا ثم جعلنا ٱ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أل ۡم ت َر إ ِ ىل َربِك ك ۡيف َمد ٱ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ألم تنظر أيها الرسول أو أيها العاقل كيف بسط هللا تعالى الظل من طلوع الشمس إلى غروبها؟‬
‫ُۡ َ‬
‫ولو شاء هللا أن يجعل الظل ثابتا دائما على حال واحد لجعله ثابتا دائما ال يزول‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قل أ َر َء ۡي ُت ۡم‬
‫ْ‬
‫ُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َََ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ َ ۡ ُ ُ َ ۡ َ َ ۡ َ َى َ ۡ ِ ۡ َ ى َ َ ۡ َى َ ۡ ُ َ َ ۡ ُ‬
‫ض َيا ٍء أفل ت ۡس َم ُعون ‪ ٧١‬قل أ َر َء ۡي ُت ۡم‬
‫ري ٱَّللِ يأتِيكم ب ِ ِ‬ ‫إِن جعل ٱَّلل عليكم ٱَلل سمدا إِل يوم ٱلقِيمةِ من إِله غ‬
‫ََ ُۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َۡ ُُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ َ ۡ َ َى َ ۡ ِ ۡ َ ى َ َ ۡ َى َ ۡ ُ َ‬
‫ُصون‬ ‫ري ٱَّللِ يَأتِيكم بِل ۡيل تسكنون فِيهِ أفل تب ِ‬ ‫إِن جعل ٱَّلل عليكم ٱلهار سمدا إِل يوم ٱل ِقيمةِ من إِله غ‬
‫ََََ ُ ۡ َۡ ُ ُ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ َ ُ ُ ََۡ َ ََ َ َ ُ‬ ‫‪َ ٧٢‬ومِن َر ۡ َ‬
‫ون ‪[}٧٣‬القصص‪:‬‬ ‫ار ل ِت ۡسك ُنوا فِيهِ َو ِِلَ ۡب َتغوا مِن فضلِهِۦ ولعلكم تشكر‬ ‫ْحتِهِۦ جعل لكم ٱَلل وٱله‬
‫ّ‬
‫يستدل بها على أحوال الظل‪.‬‬ ‫‪ ،]71-73‬ثم جعلنا الشمس عالمة‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ث َم ق َب ۡض َنى ُه إ ِ َۡل َنا ق ۡبضا ي َ ِسريا ‪} ٤٦‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬


‫ك ُم ٱ َۡلل ِ َلاسا َوٱلَ ۡو َم ُس َباتا َو َج َعل ٱلَ َه َار ن ُشورا ‪} ٤٧‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وه َو ٱَّلِي َج َعل ل‬
‫َ‬
‫ش‬‫واملعنى‪ :‬وهو هللا تعالى الذي جعل لكم اللي ل ساترا يغش ي الوجود‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وٱ َۡل ِل إ ِ َذا َي ۡغ َ ى‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪[}١‬الليل‪ ،]1 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وٱ َۡل ِل إِذا َي ۡغ َشى ى َها ‪[}٤‬الشمس‪ ،]4 :‬وجعل النوم راحة ألبدانكم‪ ،‬وجعل لكم النهار؛‬
‫ُ‬ ‫َ ََ َ ُ ُ ََۡ َ ََ َ َ ُ‬ ‫لتنتشروا ملعايشكم ومكاسبكم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ومِن َر ۡ َ‬
‫ار ل ِت ۡسك ُنوا فِيهِ َوِلِ َ ۡب َتغوا‬‫ْحتِهِۦ جعل لكم ٱَلل وٱله‬
‫ََََ ُ ۡ َۡ ُ ُ َ‬ ‫َ ۡ‬
‫ون ‪[}٧٣‬القصص‪.]73 :‬‬ ‫مِن فضلِهِۦ ولعلكم تشكر‬

‫َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و ُه َو ٱَّلِي أ ۡر َسل ٱ َ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َ‬ ‫َ‬
‫لس َماءِ َماء َط ُهورا ‪} ٤٨‬‬
‫نزلَا م َِن ٱ َ‬
‫ْحتِهِۦ َوأ َ‬
‫لري ىح بشا بي يدي ر ر‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وهو هللا الذي أرسل الرياح مبشرات قبل نزول املطر‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وم ْن َآياته َأ ْن ُي ْرسلَ‬
‫َ َ َ‬
‫ات}[الروم‪ ،]46 :‬وأنزلنا من السماء مطرا‪ ،‬وجعلناه طاهرا ّ‬
‫مطهرا‪.‬‬‫ِ‬ ‫الرياح ُمبش َر ٍ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬


‫ِلة َم ۡيتا َون ۡسقِ َي ُهۥ ِِّ َما َخلق َنا أنۡ َع ىما َوأنَ ِ َ‬
‫اس كثِريا ‪} ٤٩‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬لُ ۡحـِ َي بهِۦ بَ َ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬لنخرج بذلك املطر النبات في األرض التي ال نبات فيها‪ ،‬فتصبح بعد نزول املطر مزدهرة بأنواع‬
‫ُك َزو ٍج بَ ِه ٍيج}[الحج‪ ،]5 :‬ونسقيه من‬
‫ُ‬
‫ِن‬‫م‬ ‫ت‬ ‫تت َو َربَت َو َأنبَ َ‬
‫ت‬
‫َ‬
‫النبات‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فَإ َذا أنزلَا َعلَي َها ال َم َ‬
‫اء اه َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫خلقنا كثيرا من األنعام والناس‪ ،‬رحمة منا لجميع الخلق‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وه َو اَّلِي يُزنل الغيث مِن َبع ِد َما‬
‫ّ‬
‫الم ُ‬ ‫ََُ ََ ُ ُ ََُ ُ‬
‫يد}[الشورى‪.]28 :‬‬ ‫ش َرْحته َوه َو ال َو ِ ُّل َ ِ‬ ‫قنطوا وين‬
‫َ ُُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ ۡ َ َ ۡ َىُ ََۡ ُ ۡ َ َ َ ُ ََ َ ى َ ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ولقد َصفنه بينهم َِلذكروا فأب أكَّث ٱل ِ‬
‫اس إَِّل كفورا ‪} ٥٠‬‬
‫ونو ْعنا في هذا القرآن اآليات والحجج بين‬ ‫واملعنى‪ :‬ولقد أنزلنا املطر على أ ض دون آخرى‪ ،‬أو ولقد ّ‬
‫بينا ّ‬ ‫ر‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫َصف َنا ِِف هذا‬
‫ليذكروا‪ ،‬فأبى أكثر الناس إال جحودا للحق وإنكارا له ونفورا عنه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولقد َ َ‬ ‫الناس؛‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫يد ُهم إَِّل ُن ُفورا}[األنبياء‪.]41 :‬‬
‫ال ُقرآن ِ ََلذك ُروا َو َما يَز ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ‬ ‫ُ‬
‫َ ۡ َ َََۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ُك ق ۡر َية نَذِيرا ‪} ٥١‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ولو شِئنا لعثنا ِِف ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ولو شئنا ْأن نبعث في كل قرية رسوال منذرا ألهلها‪ ،‬لبعثنا في كل قرية رسوال‪ ،‬ولكنا جعلناك‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫أيها الرسول نذيرا لجميع أهل األرض‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ِِلُنذ َِر أ َم ال ُق َرى َو َمن َحول َها}[األنعام‪ ،]92 :‬وقال تعالى‪:‬‬
‫اس إني َر ُسو ُل هَّللا إ َل ْي ُك ْم َجم ً‬ ‫ُ ْ َ َ ُّ َ ه‬
‫الن ُ‬
‫يعا}[األعراف‪.]158 :‬‬ ‫{قل يا أيها‬

‫َ‬ ‫ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فل تُ ِطعِ ٱلك ىفِر َ‬ ‫ََ‬
‫ين َو َج ى ِه ۡد ُهم بِهِۦ ِج َهادا كبِريا ‪} ٥٢‬‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬فال تطع أيها الرسول هؤالء الكافرين في ترك رسالتك‪ ،‬وجاهدهم بهذا القرآن جهادا ماديا أو‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ك َف َ‬ ‫َ‬
‫ي َواغلظ َعلي ِهم}[التحريم‪.]9 :‬‬
‫ار َوال ُم َنافِقِ َ‬ ‫ب َجاهِ ِد ال‬
‫عقليا ال يخالطه فتور‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يَا أ ُّي َها الَ ُّ‬
‫ِ‬

‫َ َ ََ ََُۡ َ َۡ َ َ ۡ َۡ‬ ‫َ َ ۡ ُ‬ ‫َ َ ۡ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ َ‬


‫َم ُ‬
‫جورا‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وه َو ٱَّلِي َِّ َر َج ٱلَ ۡح َر ۡي ِن هىذا َعذب ف َرات َوهىذا ِِّلح أ َجاج وجعل بينهما برزخا وحِجرا‬
‫‪} ٥٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬وهو هللا الذي أرسل البحرين متجاورين ال يمتزجان‪ ،‬هذا عذب سائغ السراب‪ ،‬وهذا مالح‬
‫شديد امللوحة‪ ،‬وجعل بين العذب واملالح حاجزا مانعا من وصول أحدهما إلى اآلخر‪ ،‬كما قال تعالى‪َ َِّ { :‬ر َج‬
‫َ‬ ‫َ َۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََُۡ َ َۡ َ َ َۡ َ‬ ‫ۡ ۡ َۡ ََۡ َ‬
‫ان ‪[}٢٠‬الرحمن‪ ،]19-20 :‬وقال تعالى‪ { :‬أ َمن َج َعل ٱلۡرض ق َرارا َو َج َعل‬ ‫ان ‪ ١٩‬بينهما برزخ َّل يبغِي ِ‬ ‫ٱلَحري ِن يلتقِي ِ‬
‫َ َى َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫خ َِل ىلَ َها َأنۡ َه ىرا َو َج َع َل ل َ َها َر َو ى ِ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ ۡ َ ۡ َ‬
‫ون ‪[}٦١‬النمل‪.]61 :‬‬ ‫َّللِ بل أكَّثهم َّل يعلم‬ ‫س وجعل بي ٱلَحري ِن حا ِ‬
‫جزا أءِله مع ٱ ر‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و ُه َو ٱَّلِي َخل َق م َِن ٱل َماءِ ب َ َشا ف َج َعل ُهۥ ن َسبا َو ِص ۡهرا َوك َن َر ُّب َك قدِيرا ‪}٥٤‬‬
‫واملعنى‪ :‬وهو هللا الذي خلق ِم ْن مني الرجل واملرأة بشرا‪ ،‬فجعله ذكورا ينسب إليهم‪ ،‬فيقال‪ :‬فالن بن‬
‫ُ َ َ ََ َ َ َ‬
‫ك ُن ۡط َفة مِن َم ِن ُي ۡم َ ى‬‫ََۡ َ ُ‬
‫ن ‪ ٣٧‬ث َم َكن َعلقة فخل َق‬ ‫بهن‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ألم ي‬ ‫فالن‪ ،‬وإناثا ذوات صهر‪ ،‬يصاهر ّ‬
‫ى‬ ‫َ َ ََ ُۡ َۡ َۡ َ ََ َ ُۡ َ‬ ‫فَ َس َو ى‬
‫ي ٱَّلكر وٱلنَث ‪[}٣٩‬القيامة‪.]37-39 :‬‬
‫ى ‪ ٣٨‬فجعل مِنه ٱلزوج ِ‬

‫ََ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬


‫لَع َربِهِۦ َظ ِهريا ‪}٥٥‬‬
‫ُض ُه ۡم َوك َن ٱلَكف ُِر ى‬
‫نف ُع ُه ۡم َوَّل يَ ُ ُّ‬ ‫َ‬
‫ون ٱَّللِ َما َّل ي‬
‫ُ‬ ‫ََُُۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ويعبدون مِن د ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ويعبد هؤالء الكفار من دون هللا تعالى ما ال ينفعهم وال يضرهم شيئا في الدنيا وال في اآلخرة‪،‬‬
‫َ َ ُۡ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُّ ُ ۡ َ َ َ َ ُ ُ ۡ َ َ ُ ُ َ َ ى ُ َ ُ َ َى ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََُُۡ َ‬
‫ُضهم وَّل ينفعهم ويقولون هؤَّلءِ شفعؤنا عِند ٱ ر‬
‫َّللِ قل‬ ‫ون ٱَّللِ ما َّل ي‬
‫كما قال تعالى‪ { :‬ويعبدون مِن د ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ُ ۡ َىَ ُ َ َ َى ى َ َ ُۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬
‫َّلل ب َما َّل َي ۡعل ُم ِف ٱ َ َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪[}١٨‬يونس‪ ،]18 :‬وكان‬ ‫شوُك‬
‫َل عما ي ِ‬ ‫ت َوَّل ِِف ٱلۡر ِض سبحنهۥ وتع‬ ‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫بُٔٔون ٱ ِ‬
‫أت ن ِ‬
‫قات ُلو َن في َسبيل ه‬
‫َّللا‬
‫ه َ َ َُ ْ ُ َ‬
‫الكافر معينا للشيطان بالشرك والعداوة واملعصية‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬الذين ءامنوا ي‬
‫ه ُ‬ ‫َ ه َ َ َ ْ َ ُ َ‬
‫ين كف ُروا ُيقاتلون في َسبيل الطاغوت}[النساء‪.]76 :‬‬ ‫والذ‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما أ ۡر َسل َنى َك إَِّل ُمبَ ِشا َونَذِيرا ‪}٥٦‬‬
‫واملعنى‪ :‬وما أرسلناك أيها الرسول إال مبشرا بالجنة ملن آمن ونذيرا بالنار ملن كفر‪.‬‬
‫َ‬ ‫ََ َ َ َ َ‬
‫اك إ ََّل ُمبَشا َونَذِيرا}[اإلسراء‪ ،]105 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬وما أر َسل َ‬
‫ناك‬ ‫ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬وما أرسلن ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ك َن أك َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫إَّل َكفة ل َِلن ِ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ون}[سبأ‪.]28 :‬‬ ‫اس َّل يعلم‬ ‫َّث َ‬
‫ال ِ‬ ‫اس بشِ ريا َونذِيرا َول ِ‬ ‫ِ‬

‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬


‫ك ۡم َعل ۡيهِ م ِۡن أ ۡج ٍر إَِّل َمن َشا َء أن َي َت ِخذ إ ِ ىل َربِهِۦ َسبِيل ‪} ٥٧‬‬
‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل َما أسَٔٔل‬
‫لكن من أراد ْأن ّ‬
‫يتقرب‬ ‫أي أجر‪ْ ،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهؤالء املشركين‪ :‬ال أسألكم على هذا البالغ ّ‬
‫فليفعل‪ ،‬فهو خير ألنفسكم‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫إلى رّبه باإلنفاق في سبيل هللا‪،‬‬
‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫اَّللِ}[سبأ‪،]47 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬قل َما َسأِلُكم مِن أج ٍر ف ُه َو لكم إِن أج ِر َي إَِّل لَع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ َُ‬
‫كم َعليهِ أجرا إَِّل ال َم َو َدةَ ِِف ال ُقر َب}[الشورى‪.]23 :‬‬
‫ُ‬
‫وقوله تعالى‪{ :‬قل َّل أسأل‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ ََ ۡ‬


‫وب ع َِبا ِده ِۦ َخبِريا ‪} ٥٨‬‬ ‫وت َو َسب ِ ۡح ِّبَ ۡم ِدهر ِۦ َووُك َ ى‬
‫َف بِهِۦ بِذن ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وتَ َوُك لَع ٱل َح ٱَّلِي َّل َي ُم ُ‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وتوكل أيها الرسول في أمورك كلها على هللا الحي الذي ال يموت أبدا‪ ،‬أما غيره فإنه ميت وزائل‪،‬‬
‫الل ِل َواإلك َر ِام}[الرحمن‪ّ ،]26-27 :‬‬
‫وسبحه بحمده ْ‬ ‫ك ُذو َ‬ ‫ََ َ َ ُ َ َ‬ ‫ُ ُّ َ َ َ َ َ‬
‫بأن‬ ‫ان‪ .‬ويبق وجه ر ِب‬ ‫كما قال تعالى‪ُ{ :‬ك من عليها ف ٍ‬
‫تقول‪ :‬سبحانك اللهم وبحمدك‪ ،‬وكفى باهلل وحده خبيرا بذنوب عباده‪ ،‬وهو يجازيهم بها‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬قُل ُه َو َ‬
‫ْح ُن َآم َنا بِهِ َو َعليهِ تَ َوَّك َنا}[امللك‪.]29 :‬‬ ‫الر َ‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َُ ۡ ََ ى ََ ۡ‬ ‫َۡ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ ََّلِي َخلَ َق ٱ َ َ‬


‫ى لَع ٱل َع ۡر ِش ٱ َلر ۡح َم ى ُن ف ۡسَٔٔل بِهِۦ‬ ‫ت َوٱلۡرض َو َما بَ ۡي َن ُه َما ِِف سِتةِ أيام ثم ٱستو‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫َخبِريا ‪} ٥٩‬‬
‫واملعنى‪ :‬هو هللا الذي خلق السماوات واألرض وما بينهما من العدم في ستة أيام‪ ،‬ثم استوى على‬
‫ً‬
‫استواء يليق بعظمته من غير تكييف وال تشبيه وال تعطيل‪ ،‬فاهلل ال يشبهه ش يء من خلقه‪ ،‬كما قال‬ ‫العرش‬
‫تعالى‪َ { :‬‬ ‫َ‬
‫ليس ك ِمثل ِه يشء}[الشورى‪ ،]11 :‬وهو الرحمن‪ ،‬فاسأل أيها الرسول من هو خبير به‪ ،‬وهو هللا‬
‫سبحانه‪ ،‬فهو الذي يعلم صفاته وعظمته‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫ََ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬


‫لرِنَٰمۡح قالوا َو َما ٱ َلر ۡح َم ى ُن أن ۡس ُج ُد ل َِما تَأ ُِّ ُرنَا َو َز َاد ُه ۡم ُن ُفورا۩ ‪} ٦٠‬‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا قِيل ل ُه ُم ْۤاوُدُجۡسٱ ل ِ َ‬
‫ََ َ‬ ‫ُ‬
‫اَّلل أ ِو اد ُعوا‬ ‫واملعنى‪ :‬وإذا قيل للكافرين‪ :‬اسجدوا للرحمن وهو هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ق ِل اد ُعوا‬
‫َ َ‬
‫الس َن}[اإلسراء‪ ،]110 :‬قالوا‪ :‬وما الرحمن؟ أنسجد له طاعة ألمرك؟ فزادهم‬ ‫ْح َن أيًّا َما تَد ُعوا فَ َل ُه الس َم ُ‬
‫اء ُ‬ ‫َ‬
‫الر‬
‫دعاؤهم للسجود للرحمن نفورا‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ت َب َ‬
‫ار َك ٱَّلِي َج َعل ِف ٱ َ‬
‫ِيها س َِر ىجا َوق َمرا ُّمن ِريا ‪} ٦١‬‬
‫لس َماءِ بُ ُروجا َو َج َعل ف َ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬عظمت بركات هللا تعالى الذي جعل في السماء كواكب عظاما‪ ،‬وجعل فيها سراجا وهي الشمس‬
‫َ‬ ‫وجعلناَ ِ َ‬
‫اجا}[نوح‪ ،]16 :‬وقال تعالى‪َ { :‬‬ ‫س س َر ً‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ‬
‫وهاجا}[النبأ‪،]13 :‬‬ ‫ساجا‬ ‫املضيئة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وجع َل الش ْم َ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ض َياء َوٱلق َم َر نورا َوق َد َرهُۥ َم َنازِل ِلِ َ ۡعل ُموا َع َدد‬
‫وجعل فيها قمرا منيرا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ه َو ٱَّلِي َج َعل ٱلش ۡم َس ِ‬
‫َۡ ََُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ ُ َ ُ‬ ‫َ َ ۡ َ َ َ َ ََ َُ َ َ َ‬
‫ون ‪[}٥‬يونس‪.]5 :‬‬ ‫ت ل ِقوم يعلم‬ ‫َّلل ذ ىل ِك إَِّل ب ِٱل ِق يف ِ‬
‫صل ٱٓأۡلي ى ِ‬ ‫اب ما خلق ٱ‬
‫لسن ِي وٱل ِس ر‬
‫ٱ ِ‬

‫ُ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و ُه َو ٱَّلِي َج َعل ٱ َۡلل َوٱلَ َه َار خِل َفة ل َِم ۡن أ َر َاد أن يَذك َر أ ۡو أ َر َاد ُشكورا ‪} ٦٢‬‬
‫َ َ‬ ‫واملعنى‪ :‬وهو هللا الذي جعل الليل والنهار متعاقبين‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬ي َقل ُِب َ ُ‬
‫اَّلل الليل َوالَ َه َار}[النور‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ ،]44‬يخلف أحدهما اآلخر ملن أراد ْأن يتذكر ويعتبر‪ ،‬أو أراد ْأن يشكر رّبه على نعمه التي ال تحص ى‪ ،‬كما قال‬
‫َ َ ُ َۡ ُ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ َ ُ ُ ََۡ َ ََ َ َ ُ‬ ‫تعالى‪َ { :‬ومِن َر ۡ َ‬
‫ار ل ِت ۡسك ُنوا فِيهِ َو ِِلَ ۡب َتغوا مِن فضلِهِۦ َول َعلك ۡم تشك ُرون‬‫ْحتِهِۦ جعل لكم ٱَلل وٱله‬
‫‪[}٧٣‬القصص‪.]73 :‬‬

‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫َ َ َُ ُ َى َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬‫ََ َۡ‬ ‫َ َ ُ‬‫َ‬
‫ون قالوا َسل ىما ‪}٦٣‬‬ ‫ِين َي ۡمشون لَع ٱلۡر ِض ه ۡونا ِإَوذا خاطبهم ٱلج ِهل‬ ‫اد ٱ َلرِنَٰمۡح ٱَّل َ‬‫قوله تعالى‪ { :‬وعِب‬
‫واملعنى‪ :‬وعباد هللا الرحمن هم الذين يمشون على األرض متواضعين بسكينة ووقار‪ ،‬وإذا خاطبهم‬
‫الجاهلون باألذى واالستهزاء‪ ،‬أجابوهم بقول يسلمون فيه من اإلثم‪ ،‬بل يعفون ويصفحون‪ ،‬ويعرضون عنه‪،‬‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ ۡ ُ ُ‬ ‫َ ُ َ َ ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ ۡ ُ‬ ‫َ‬
‫كما قال تعالى‪ِ { :‬إَوذا َس ِم ُعوا ٱللغ َو أع َرضوا ع ۡن ُه َوقالوا لَا أع َم ىل َنا َولك ۡم أع َم ىلك ۡم َسل ىم َعل ۡيك ۡم َّل ن ۡب َت ِغ‬
‫ۡ‬
‫ٱل َجى ِهل َِي ‪[}٥٥‬القصص‪.]55 :‬‬
‫َ‬
‫وقد نهى هللا تعالى املؤمنين عن املش ي بالتكبر والفخر والخيالء‪ ،‬وذلك في قوله تعالى‪َ { :‬وَّل تم ِش ِِف‬
‫َ‬ ‫َ ََ َ َُ‬ ‫ََ َ َ َ َ َ‬
‫ال َبال ُطوَّل}[اإلسراء‪.]37 :‬‬
‫الر ِض ِّرحا إِنك لن َت ِرق الرض ولن تبلغ ِ‬
‫َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون ل َِرب ِ ِه ۡم ُس َجدا َوق َِيىما ‪} ٦٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين يبِيت‬
‫ه‬ ‫َ ُ َ‬
‫لربهم بالسجود والقيام‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬كانوا قليال م َن الل ْيل‬ ‫واملعنى‪ :‬وهم الذين يبيتون ليال متذللين ّ‬
‫ون}[الذا يات‪ ،]17-18 :‬وقال تعالى‪َ { :‬ت َت َج َافى ُج ُن ُوب ُه ْم َعن ْاَلَ َ‬ ‫َ َ ْ َ ُ َن َ ْ َ ُ ْ َ ْ َ ْ ُ َ‬
‫ضاجع‬ ‫ر‬ ‫ما يهجعو وباألسحار هم يستغفر‬
‫َ ْ ُ َ َه ُ ْ َ ْ ً َ َ َ ً َ ه َ َ ْ َ ُ ْ ُ ْ ُ َ‬
‫يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون}[السجدة‪.]16 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫اب َج َه َن َم إ ِ َن َعذ َاب َها َك َن غ َراما ‪} ٦٥‬‬ ‫َ َ َُ َ‬
‫ون َر َب َنا ٱ َۡصف َع َنا َعذ َ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين يقول‬
‫َ ه َ ُ ُ َ َ َ َ ْ‬
‫واملعنى‪ :‬وهم الذين مع اجتهادهم في العبادة يخافون ربهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬والذين يؤتون ما ءاتوا‬
‫هو ُق ُل ُوب ُهم َوج َل ٌة َأ هن ُهم إ َلى َ بهم َ اج ُعو َن}[املؤمنون‪ ،]60 :‬ويقولون في وجل‪ :‬بنا أبع ْد ّ‬
‫عنا عذاب جهنم‪ّ ،‬إن عذابها‬ ‫ر ِ‬ ‫ر ر‬
‫كان مالزما ألصحابها‪.‬‬

‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ َن َها َسا َء ۡت ُِّ ۡس َت َقرا َو ُم َقاما ‪} ٦٦‬‬


‫ََ‬ ‫ۡ‬
‫واملعنى‪ :‬إن جهنم ساءت مستقرا‪ ،‬وساءت مقاما ومنزال لالرتفاق‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َسا َءت ُِّ ۡرتفقا‬
‫ّ ّ‬

‫‪[}٢٩‬الكهف‪.]29 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫توا َوك َن بَ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫نف ُقوا ل ۡم ي ُ ّۡسفوا َول ۡم َيق ُ ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ي ذ ىل َِك ق َواما ‪} ٦٧‬‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱَّل َ‬
‫ِين إِذا أ‬
‫واملعنى‪ :‬وهم الذين إذا أنفقوا من أموالهم ألنفسهم أو عيالهم أو للمحتاجين لم يتجاوزوا الحد في‬
‫َ َ‬
‫العطاء‪ ،‬ولم يقصروا في حقهم‪ ،‬بل ينفقون عدال وسطا بين التبذير والتقصير‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وَل ت ْج َع ْل‬
‫وما َم ْح ُس ً‬
‫ورا}[اإلسراء‪.]29 :‬‬ ‫ول ًة إ َلى ُع ُنق َك َوََل َت ْب ُس ْط َها ُك هل ْال َب ْسط َف َت ْق ُع َد َم ُل ً‬
‫َ َ َ َ ُْ َ‬
‫يدك مغل‬

‫َۡ َ َ ُ َ‬ ‫َ ََ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ ُ َ ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬


‫ون َو َمن‬
‫ل ِق َوَّل ي ۡزن ر‬ ‫َّلل إَِّل ب ِٱ‬ ‫ِين َّل يَ ۡد ُعون َم َع ٱَّللِ إِل ىها َءاخ َر َوَّل َيق ُتلون ٱلَف َس ٱل ِت حرم ٱ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّل‬
‫ۡ ََ‬ ‫ۡ ۡ َ‬
‫َيف َعل ذ ىل َِك يَل َق أثاما ‪} ٦٨‬‬
‫حرم هللا قتلها إال بحق‬ ‫واملعنى‪ :‬وهم الذين ال يعبدون إلها غير هللا تعالى‪ ،‬وال يقتلون النفس التي ّ‬
‫اإلسالم وبحكم الحاكم ال برأي شخص ي كالقصاص والزنى بعد اإلحصان ومفارقة اإلسالم وجماعته‪ ،‬كما قال‬
‫َ هُ َ ُ َ‬ ‫ْ َ َ ُ ْ َ ه ُ‬ ‫س هالتي َح هر َم ه ُ‬
‫الن ْف َ‬
‫ه‬ ‫َ ْ ُُ‬
‫صاك ْم به ل َعلك ْم ت ْعقلون}[األنعام‪ ،]151 :‬وال يزنون‬ ‫َّللا إَل بالحق ذلكم و‬ ‫تعالى‪َ { :‬وَل تقتلوا‬
‫بل يحفظون فروجهم إال على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم‪ ،‬كما قال تعالى في صفات املؤمنين‪َ { :‬و هالذ َ‬
‫ين ُه ْم‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫لف ُروجه ْم َحافظون ‪ 0‬إَل َعلى أز َواجه ْم ْأو َما َملكت أ ْي َم ُان ُه ْم فإ هن ُه ْم غ ْي ُر َملومين}[املؤمنون‪ ،]5-6 :‬ومن يفعل‬
‫واحدة من هذه الكبائر يلق في اآلخرة عقابا‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ َ‬ ‫ۡ‬


‫اب يَ ۡو َم ٱلقِ َيى َمةِ َو َي ۡخ ِۡل فِيهِۦ ُِّ َهانا ‪}٦٩‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يُ َض ى َعف ُل ٱل َعذ ُ‬

‫ۡ َ َ َى ََ َ َ ُ َ ُ‬ ‫َّلل َ‬ ‫َ ُ َى َ‬
‫ك ُي َبد ُِل ٱ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ََ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫َّلل غفورا‬ ‫سَٔٔات ِ ِهم حسنت وكن ٱ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إَِّل من تاب وءامن وع ِمل عمل ص ىل ِحا فأولئ ِ‬
‫َرحِيما ‪}٧٠‬‬
‫واملعنى‪ :‬لكن من تاب إلى هللا توبة نصوحا‪ ،‬وآمن باهلل وباليوم اآلخر‪ ،‬وعمل عمال صالحا‪ ،‬فأولئك‬
‫فإن الحسنات تمحو السيئات‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬‫يمحو هللا تعالى عنهم بتوبتهم سيئاتهم‪ ،‬ويجعل مكانها حسنات‪ّ ،‬‬
‫الح َس َنات ُي ْذه ْب َن ه‬
‫السيئات}[هود‪ ،]114 :‬وكان هللا تعالى غفورا للتائبين من ذنوبهم النادمين على معاصيهم‬ ‫{إن َ‬
‫رحيما بهم‪.‬‬

‫َ‬
‫اب َو َع ِمل َص ىل ِحا فإنَ ُهۥ َي ُت ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َمن تَ َ‬
‫وب إِل ٱ ََّللِ َم َتابا ‪} ٧١‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ومن تاب عن ذنوبه‪ ،‬وعمل عمال صالحا‪ ،‬فإنه بذلك يتوب إلى هللا تعالى توبة صحيحة‪ ،‬فيقبل‬
‫هللا توبته‪.‬‬
‫ََ َُ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ ُ َُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ ُ‬
‫اَّلل غفورا‬ ‫ُي ِد‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ومن يعمل سوءا أو يظل ِم نفسه ثم يستغفِ ِر اَّلل ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫َرحِيما}[النساء‪ ،]11 :‬وقوله تعالى‪{ :‬ألم َيعل ُموا أ َن َ َ‬
‫اِلوبَة َعن ع َِبادِه ِ}[التوبة‪.]104 :‬‬
‫اَّلل ُه َو َيق َبل َ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ور ِإَوذا َِّ ُّروا ب ِٱلل ۡغوِ َِّ ُّروا ك َِراما ‪} ٧٢‬‬ ‫َ َ َ َ ُ َ‬
‫ون ٱ ُّلز َ‬‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين َّل يشهد‬
‫مروا بـأهل اللغو‬ ‫واملعنى‪ :‬وهم الذين ال يشهدون شهادة الزور وال يحضرون مجالس الكذب‪ ،‬وإذا ّ‬
‫َ‬
‫واملشتغلين به مروا معرضين عنهم مكرمين أنفسهم عن الخوض معهم في لغوهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَوذا َس ِم ُعوا‬
‫ْ‬
‫ۡ‬ ‫َ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ ۡ ُ َ َ ُ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َى َ َ ۡ ُ َ‬
‫ك ۡم َّل نَ ۡب َت ِغ ٱل َجى ِهل َِي ‪[}٥٥‬القصص‪.]55 :‬‬ ‫ٱللغو أعرضوا عنه وقالوا لا أعم ىلنا ولكم أعم ىلكم سلم علي‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ت َرب ِ ِه ۡم ل ۡم ي ُِّروا َعل ۡي َها ُصما َو ُع ۡم َيانا ‪} ٧٣‬‬ ‫َ‬
‫بَٔٔاي ى ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين إِذا ذكِروا ِ‬
‫ذكروا بآيات القرآن الكريم ودالئل قدرة هللا تعالى‪ ،‬لم يتغافلوا عنها ّ‬ ‫ّ‬
‫كأنهم صم‬ ‫واملعنى‪ :‬وهم الذين إذا‬
‫ين إ َذا ُذك َر هَّللاُ‬
‫وعمي لم يتأثروا بها‪ ،‬بل أقبلوا على االنتفاع بها‪ ،‬وهم املؤمنون الذين قال هللا تعالى فيهم‪ { :‬هالذ َ‬
‫َ هُ َ‬ ‫ً َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ْ َ‬ ‫َ ْ ُُ‬
‫َوجلت قل ُوب ُه ْم َوإذا تل َيت َعل ْيه ْم َآيات ُه َز َاد ْت ُه ْم إ َيمانا َو َعلى َربه ْم َيت َوكلون}[األنفال‪.]2 :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ َ َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ُ َى َ ُ َ َ َ ۡ ُ َ ۡ َ ۡ َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين يقولون ربنا هب لا مِن أزو ى ِجنا وذرِيتِنا قرة أعي وٱجعلنا ل ِلمتقِي إِماما ‪} ٧٤‬‬
‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬وهم الذين يقولون في دعائهم‪ :‬رّبنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا ما ت َس ّر به نفوسنا وتقر به‬
‫أعيننا‪ ،‬واجعلنا إماما يقتدى به للمتقين‪.‬‬
‫ُ‬
‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬قال بعضهم‪ :‬في اآلية ما يدل على ّأن الرياسة في الدين يجب ْأن تطلب‬
‫ص ۡدق ِف ٱٓأۡلخِر َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ين ‪[}٨٤‬الشعراء‪.]84 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويرغب فيها‪ ،‬قال إبراهيم الخليل عليه السالم‪َ { :‬وٱج َعل ِل ل َِسان ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫بوا َو ُيل َق ۡو َن ف َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬
‫ُي َز ۡو َن ٱل ُغ ۡرفة ب َما َص َ ُ‬
‫َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َى‬
‫ِيها ت َِية َو َسل ىما ‪} ٧٥‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أولئِك‬
‫واملعنى‪ :‬أولئك املوصوفون بتلك الصفات الحميدة ُيجزون أعلى منازل الجنة في الغرفات‪ ،‬كما قال‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تعالى‪َ { :‬وهم ِِف الغ ُر ِ‬
‫ّ‬
‫وسيلقون في الجنة تحية وسالما‬ ‫ون}[سبأ‪ ،]37 :‬بسبب صبرهم على القيام بها‪،‬‬ ‫فات آمِن‬
‫ُ ُ َ‬ ‫ۡ َى َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َى ُ َ ۡ َ ۡ ُ ُ َ‬
‫ج ِه ۡم َوذرِ َيىت ِ ِه ۡم َوٱل َملئِكة يَ ۡدخلون‬
‫ون َها َو َمن َصل َح م ِۡن َءابَائ ِ ِه ۡم َوأ ۡز َو ِى‬ ‫واحتراما‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬جنت عدن يدخل‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َى َ َ ۡ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َۡ‬
‫كم ب ِ َما َص َ ۡب ُت ۡ رم فن ِۡع َم ُعق َب ٱ ََلارِ ‪[}٢٤‬الرعد‪.]23-24 :‬‬ ‫ُك بَاب ‪ ٢٣‬سلم علي‬
‫علي ِهم مِن ِ‬

‫ِيها ر َح ُس َن ۡت ُِّ ۡس َت َقرا َو ُم َقاما ‪} ٧٦‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬خ ى ِِل َ‬


‫ِين ف َ‬
‫واملعنى‪ :‬وهم خالدون في الجنة أبدا إال ما شاء ربك‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وأَ َما َاَّل َ‬
‫ِين ُسعِ ُدوا فََف َ‬
‫ال َنةِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ماوات َوالر ُض إَِّل ما َ‬
‫شاء َر ُّب َك َعطاء غ َري مذو ٍذ}[هود‪ ،]108 :‬حسنت الجنة منظرا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ت َ‬
‫الس‬ ‫ِين فِيها ما َ‬
‫دام ِ‬ ‫خاَل َ‬
‫ِ‬
‫وطابت مقاما‪.‬‬

‫َ‬
‫ُۡۡ َ ۡ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ُ ُ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُۡ‬
‫ون ل َِز َاما ‪}٧٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل َما َي ۡع َبؤا بِك ۡم َر ِب ل ۡوَّل د ََعؤك ۡم فق ۡد كذبتم فسوف يك‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬ال يبالي رّبي بكم‪ ،‬وال يكترث إذا لم تعبدوه‪ ،‬لوال دعاؤكم إياه دعاء العبادة‬
‫ودعاء املسألة‪ ،‬فقد كذبتم أيها الكافرون رسلي‪ ،‬فسوف يكون تكذيبكم مفضيا لعذاب مالزم لكم في الدنيا‬
‫ِيها َزف ِري َو َشهيق ‪َ ١٠٦‬خ ى ِِل َ‬
‫ِين ف َ‬
‫ِيها‬ ‫واآلخرة‪ ،‬لزوم الغريم لغريمه‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فَأَ َما ٱ ََّل َ‬
‫ِين َش ُقوا فََف ٱ َلار ل َ ُه ۡم ف َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ى َ ى ُ َ ۡ َ ُ َ َ َ َ َ ُّ َ َ َ َ َ‬
‫ك َف َعال ل َِما يُر ُ‬ ‫َما َد َ‬
‫يد ‪[}١٠٧‬هود‪.]106-107 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ت ٱلسموت وٱلۡرض إَِّل ما شاء ربكر إِن رب‬ ‫ام ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ْ َ ُ ُّ‬
‫سورة الشعراء‬
‫وهي مكية وعدد آياتها مئاتان وسبع وعشرون‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ‬‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫ي ‪}٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬طسم ‪ ١‬ت ِلك ءاي ىت ٱلكِتى ِ‬
‫ب ٱ ل مب ِ ِ‬
‫يبين كل ش يء بيانا بليغا على سبيل‬ ‫واملعنى‪ :‬طسم‪ .‬تلك آيات الكتاب البين أمره‪ ،‬الواضح معناه‪ ،‬الذي ّ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ََ‬
‫ِك يش ٍء}[النحل‪:‬‬
‫اإلجمال تارة‪ ،‬وعلى سبيل التفصيل تارة أخرى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ونزلا عليك الكِتاب ت ِبيانا ل ِ‬
‫‪.]89‬‬

‫َۡ َ َ ََ َ ُ ُ ُ ۡ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ل َعل َك َب ى ِخع نفسك أَّل يكونوا ِّؤ ِمن ِي ‪} ٣‬‬
‫َ‬
‫وحسرة على آثار إعراضهم عنك‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ألنهم لم‬ ‫واملعنى‪ :‬فلعلك أيها الرسول قاتل نفسك ومهلكها غما وحزنا‬
‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ ۡ َ َ ََى َ‬ ‫ََ َ َ َ‬
‫لَع َءاثى ِره ِۡم إِن ل ۡم يُؤم ُِنوا ب ِ َه ىذا‬ ‫خع نفسك‬‫يكونوا مؤمنين بهذا القرآن الكريم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فل َعلك ب ى ِ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ث أ َسفا ‪[}٦‬الكهف‪.]6 :‬‬ ‫ٱ َ‬
‫لدِي ِ‬
‫وهذه اآلية إيناس لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وتسلية له‪ ،‬وإزالة غمه وحزنه من أجل هؤالء‬
‫ّسات إ َن َ َ‬ ‫َ ُ َ ََ‬ ‫ََ َ َ‬
‫اَّلل َعل ِيم ب ِ َما‬ ‫َ َ‬
‫الذين كفروا به وأعرضوا عن الحق‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فل تذهب نفسك علي ِهم ح َ ٍ ِ‬
‫َ َُ َ‬
‫ون}[فاطر‪.]8 :‬‬ ‫يصنع‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ت أ ۡع َنى ُق ُه ۡم ل َها َخ ىضعِ َ‬ ‫َ َ‬
‫لس َماءِ َءايَة ف َظل ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إن ن َشأ نُ َزنل َعل ۡيهم م َِن ٱ َ‬
‫ي ‪}٤‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تضطرهم إلى اإليمان بك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬إن نشأ ننزل على هؤالء الكافرين املعرضين من السماء معجزة‬ ‫ْ‬
‫ّ‬
‫فتصير أعناقهم خاضعة متذللة لها‪ ،‬ولكننا لم نشأ ذلك‪ ،‬وإنما نريد ْأن يؤمن أحد عن اختيار ال عن إكراه أو‬
‫ُ ُ‬ ‫كرهُ ٱ َل َ‬
‫اس َح َ ى‬ ‫َََ َ ُ ۡ‬ ‫ُ ُّ ُ ۡ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ت يَكونوا‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫نت‬ ‫أ‬‫ف‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫ا‬‫ِيع‬ ‫ۡج‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ُك‬ ‫ض‬ ‫ِ‬ ‫ۡر‬‫اضطرار‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ول ۡو شا َء َر ُّبك ٓأَل َم َن َمن ِِف ٱل‬
‫َ َ َ َ َ ُّ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ ُ َ ُ‬
‫ُِّ ۡؤ ِمن َِي ‪[}٩٩‬يونس‪ ،]99 :‬وقال تعالى‪{ :‬ولو شاء ربك لعل الاس أمة واحِدة وَّل يزالون ُّمتلِفِي}[هود‪.]118 :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫ض َ‬ ‫ُ َۡ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫ي ‪}٥‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما يَأتِي ِهم مِن ذِكر م َِن ٱ َلرِنَٰمۡح َم َد ٍث إَِّل َكنوا عن ُه ُمع ِر ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ما يأتي هؤالء الكفار من قرآن ينزل عليهم من الرحمن مجددا لهم التذكير‪ ،‬إال كانوا معرضين‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫عنه‪ ،‬فال يعقلون ما سمعوا لغفلة قلوبهم‪ ،‬كما قال تعالى في آية أخرى‪َ { :‬ما َيأتيه ْم م ْن ذك ٍر م ْن َربه ْم ُم ْح َد ٍث إَل‬
‫ً ُُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ َ‬
‫است َم ُعو ُ َو ُه ْم َيل َع ُبون ‪َ .‬له َية قل ُوب ُه ْم}[األنبياء‪.]2-3 :‬‬

‫َۡ َۡ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٦‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬فق ۡد كذبُوا ف َس َيأتِي ِه ۡم أۢن َىبؤا َما َكنوا بِهِۦ يسته ِزء‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فقد كذب هؤالء الكفار بالقرآن الكريم واستهزؤوا به‪ ،‬فسيأتيهم أخبار الحق الذي كانوا‬
‫يستهزؤون به‪ ،‬وسيعلمون صدق الخبر وحقيقته بعد وقت محدد في علم هللا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وِلعلَ ُم َن ُ‬
‫نبأه‬
‫بعد حي}[ص‪.]88 :‬‬ ‫َ‬
‫َ ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َه‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ ه‬
‫أن َب ُاء َما كانوا به‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فق ْد كذ ُبوا بال َحق َلا َج َاء ُه ْم ف َس ْوف َيأتيه ْم‬
‫ُ َ‬
‫َي ْس َت ْهزئون}[األنعام‪.]5 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫َۡ‬ ‫ُ‬
‫َ ۡ ََۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ ََ ۡ‬ ‫َ َۡ‬ ‫َ َ‬
‫يم ‪} ٧‬‬‫يم ك ِر ٍ‬
‫ُك زوج ك ِر ٍ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أو لم يروا إِل ٱلۡر ِض كم أۢنبتنا فِيها مِن ِ‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬أولم ينظر هؤالء املكذبون إلى األرض التي يعيشون عليها‪ ،‬وقد أنبتنا فيها كثيرا من كل نوع‬
‫ُك َزو ٍج‬
‫ُ‬
‫ِن‬
‫م‬ ‫ا‬ ‫الس َماءِ َماء فَ َأنبَت َنا ف َ‬
‫ِيه‬ ‫حسن نافع لهم من الزروع والثمار‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وأَنزلَا م َِن َ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫يم}[لقمان‪.]10 :‬‬
‫ك ِر ٍ‬

‫ك ل َ ُه َو ٱ ۡل َعز ُ‬
‫يز ٱ َلرح ُ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫كَُ‬
‫َّث ُهم ُِّّ ۡؤ ِمن َ‬ ‫َى َ َ َ َ َ َ َ ۡ‬ ‫َ‬
‫ِيم ‪}٩‬‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ِإَون‬ ‫‪٨‬‬ ‫ِي‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ِِف ذل ِك ٓأَلية وما َكن أ‬

‫َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ى‬ ‫ۡ‬


‫َ َ ى َ ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫لظلِم َ‬
‫ي ‪} ١٠‬‬ ‫ت ٱلق ۡوم ٱ ِ‬ ‫ك ُِّ َ ى‬
‫وس أ ِن ٱئ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذ نادى رب‬
‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول لقومك‪ ،‬حين نادى رّبك موس ى عليه السالم بالواد املقدس طوى‪ ،‬كما قال‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َ َ‬
‫ادى ى ُه َر ُّب ُهۥ ب ِٱل َوادِ ٱل ُم َق َد ِس ُطوى ‪[}١٦‬النازعات‪ْ ،]16 :‬أن ائت القوم الظاملين‪.‬‬ ‫تعالى‪ { :‬إِذ ن‬

‫ُ‬ ‫َ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََۡ ۡ َ ۡ َ ََ ََُ َ َ َ‬


‫ون ‪} ١٢‬‬
‫ب إِ ِن أخاف أن يكذِب ِ‬
‫ن أَّل يتقون ‪ ١١‬قال ر ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قوم ف ِرعو ر‬

‫ى َىُ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ََ‬
‫َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ويَ ُ َ ۡ‬
‫ون ‪}١٣‬‬ ‫ان فأ ۡرسِل إِل هر‬ ‫ضيق صدرِي وَّل ينطل ِق ل ِس ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬ويضيق صدري لتكذيبهم إياي‪ ،‬فاشرحه‪ ،‬وال ينطلق لساني لعقدة فيه‪ ،‬فاحللها‪ ،‬حتى يفقهوا‬
‫قولي‪ ،‬كما قال موس ى في دعائه‪َ { :‬وٱ ۡحلُ ۡل ُع ۡق َدة مِن ل َِس ِان ‪َ ٢٧‬ي ۡف َق ُهوا قَ ۡول ‪[}٢٨‬طه‪ ،]27-28 :‬فأر ِس ْل جبر َ‬
‫يل‬ ‫ِ‬
‫بالوحي إلى هارون؛ ليساعدني ويؤازرني في الدعوة إلى فرعون‪ ،‬كما قال تعالى حكاية عن قول موس ى عليه‬
‫ُ‬ ‫َ َ ُ َ ُ َ‬ ‫ََۡ ُۡ َ َ ۡ ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َىُ ُ ُ َ َۡ‬ ‫ََ‬
‫السالم‪ { :‬وأ ِِخ هرون هو أفصح م ِِن ل ِسانا فأرسِله م ِع رِدءا يصدِق ِن إ ِ ِن أخاف أن يكذِب ِ‬
‫ون ‪[}٣٤‬القصص‪:‬‬
‫‪.]34‬‬

‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ََ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ١٤‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ول ُه ۡم َ‬
‫لَع ذۢنب فأخاف أن يقتل ِ‬
‫علي ذنب في قتل رجل قبطي منهم‪ ،‬فأخاف ْأن يقتلوني بسببه‪ ،‬كما قال تعالى حكاية عن‬‫واملعنى‪ :‬ولهم ّ‬
‫َُُۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ََۡ ُ ُۡ ۡ َۡ َ َ ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫ون ‪[}٣٣‬القصص‪.]33 :‬‬ ‫ب إ ِ ِن قتلت مِنهم نفسا فأخاف أن يقتل ِ‬
‫قول موس ى‪ { :‬قال ر ِ‬

‫َ ى َ َ َ َ ُ ُّ ۡ َ ُ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ ََ َ ۡ‬
‫ون ‪} ١٥‬‬ ‫بَٔٔايتِنا إِنا معكم ِّست ِمع‬‫قوله تعالى‪ { :‬قال لَك فٱذهبا ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قال هللا تعالى ملوس ى وهارون عليهما السالم‪ :‬فاذهبا إلى فرعون بمعجزاتنا‪ ،‬إنا معكم‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ َ ََ َ‬
‫مستمعون إلى كالمكم‪ ،‬فال تخافا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قال َّل َتافا إِنَ ِن َم َعك َما أ ۡس َم ُع َوأ َر ىى ‪[}٤٦‬طه‪.]46 :‬‬

‫ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬فأت َِيا ف ِۡر َع ۡو َن ف ُقوَّل إنَا َر ُسول َرب ٱل َع ىلم َ‬ ‫َۡ‬
‫ي ‪} ١٦‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فأتيا يا موس ى وهارون فرعون‪ ،‬فقوال‪ :‬إنا رسول ر ّب العاملين‪.‬‬
‫ب‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ُ َ‬
‫وقد امتثل موس ى بهذا األمر‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وقال ِّوس يا فِرعون إ ِ ِن رسول مِن ر ِ‬
‫َ‬
‫ال َعالم َ‬
‫ي}[األعراف‪.]104 :‬‬ ‫ِ‬

‫ۡ َى َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ َۡ ۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬أن أرسِل معنا ب ِن إِسءِيل ‪} ١٧‬‬
‫َۡ َ ُ َُ َ َ‬ ‫واملعنى‪ :‬وقوال له‪ :‬أطلق ّ‬
‫حرية بني إسرائيل؛ ليذهبوا معنا‪ ،‬وال تعذبهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فأتِياه فقوَّل إِنا‬
‫ى‬ ‫لس َل ى ُم َ َ ى‬
‫لَع َمن ٱ َت َب َع ٱل ۡ ُه َد ى‬ ‫َ َ‬
‫ك َوٱ َ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ة‬
‫ۡ َى َ َ َ ُ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ ۡ َ ى َ‬
‫ك بَٔٔايَ‬ ‫ن‬ ‫ئ‬ ‫ج‬ ‫د‬‫ق‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ِب‬
‫ذ‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫َّل‬ ‫و‬ ‫ِيل‬ ‫ء‬‫س‬ ‫إ‬ ‫ن‬ ‫ك فَأَ ۡرس ِۡل َم َع َنا بَ‬
‫َُ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رسوَّل رب ِ‬
‫‪[}٤٧‬طه‪.]47 :‬‬

‫ت َوأَ َ‬
‫نت م َِن‬ ‫ك ٱ َلت َف َع ۡل َ‬
‫ََ َۡ َ َ ۡ ََ َ‬
‫ت‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ف‬‫و‬ ‫‪١٨‬‬ ‫ِينا م ِۡن ُع ُمر َك ِسن َ‬
‫ِي‬ ‫تف َ‬ ‫ِينا َو َِلدا َو َل ۡث َ‬
‫كف َ‬ ‫َ َ ََۡ َُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال ألم نرب ِ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َى َ َ َ َ ۡ‬
‫لضآل َِي ‪} ٢٠‬‬ ‫ين ‪ ١٩‬قال ف َعل ُت َها إِذا وأنا مِن ٱ‬‫ٱلكفِ ِر‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ك ۡم ف َو َه َب ِل َر ِب ُحكما َو َج َعل ِن م َِن ٱل ُم ۡر َسل َِي ‪} ٢١‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فف َر ۡر ُت مِنك ۡم ل َما خِفت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فول ُ‬
‫يت هاربا منكم إلى مدين‪ ،‬ملا خفتكم حين أخبرني رجل أنكم تأتمرون بي لتقتلوني‪ ،‬كما قال‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ك َِلَق ُتل َ‬
‫وك فٱخ ُرج إ ِ ِن لك م َِن‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫ع قال َي ى ُم َ ى‬ ‫ِين ِة ي َ ۡس َ ى‬
‫تعالى‪َ { :‬و َجا َء َر ُجل م ِۡن أق َصا ٱل َمد َ‬
‫وس إِن ٱلمل يأت ِمرون ب ِ‬
‫ح َ‬
‫ي ‪[}٢٠‬القصص‪ ،]20 :‬فوهب لي رّبي ّ‬
‫النبوة وجعلني من املرسلين‪.‬‬ ‫ٱلَ ى ِ‬
‫ص ِ‬

‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫َ َ ۡ َ َ ُ ُّ َ َ ۡ َ َ َ‬ ‫ۡ‬
‫دت بَن إ ِ ۡ َى‬
‫سءِيل ‪}٢٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وت ِلك ن ِعمة تمنها لَع أن عب‬
‫ِ‬
‫ۡ َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال ف ِۡر َع ۡو ُن َو َما َر ُّب ٱل َع ىلم َ‬
‫ي ‪} ٢٣‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قال فرعون ملوس ى عليه السالم‪ :‬وما ر ّب العاملين الذي تزعم أنه رب غيري؟ كما حكاه هللا تعالى‬
‫ى َ َ َ َ َ ُّ ُ‬
‫ك َما َي ى ُم َ ى‬
‫وس ‪[}٤٩‬طه‪.]49 :‬‬ ‫في آية أخر ‪ { :‬قال فمن رب‬
‫َ َ َ ۡ َ ۡ ُ َى َ ُّ َ ۡ َ َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وكان الداعي لهذا السؤال أن فرعون اعتقد أنه ال ر ّب سواه‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وقال ف ِرعون يأيها ٱلمل‬
‫وس ِإَون َلَ ُظ ُّنهۥُ‬
‫ى‬ ‫ل إ َل ىهِ ُِّ َ‬ ‫َ ۡ َ َ ََ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََۡ ۡ َ َ َ ُ ََ‬ ‫ۡ َ َۡ‬ ‫َ َ ۡ ُ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ى‬
‫ي فٱجعل ِل َصحا لع َِل أطل ِع إ ِ ِ‬‫لط ِ‬ ‫ما عل ِمت لكم مِن إِل ى ٍه غ ِ‬
‫ريي فأوق ِد ِل ي ىه ىم ىن لَع ٱ ِ‬
‫َ ۡ َ‬
‫ك ى ِذب َ‬
‫ي ‪[}٣٨‬القصص‪.]38 :‬‬ ‫ِ‬ ‫مِن ٱل‬

‫ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ‬
‫لس َم ى َو ى ِت َوٱلۡر ِض َو َما بَ ۡي َن ُه َما إِن ك ُنتم ُِّّوقِن َِي ‪} ٢٤‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال َر ُّب ٱ َ‬

‫ومدبر السماوات واألرض وما بينهما‪ْ ،‬إن كنتم‬ ‫واملعنى‪ :‬قال موس ى عليه السالم لفرعون‪ :‬هو رب ّ‬
‫موقنين به‪ ،‬فآمنوا به‪ ،‬فهو الذي أعطى كل ش يء شكله الالئق به على أحسن صورته‪ ،‬كما قال تعالى على لسان‬
‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُك َ ۡ‬ ‫َ َ َ ُّ َ َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫يش ٍء َخل َق ُهۥ ث َم َه َد ىى ‪[}٥٠‬طه‪.]50 :‬‬ ‫موس ى عليه السالم‪ { :‬قال ربنا ٱَّلِي أعط ىي‬
‫ي}[الفاتحة‪ ،]2 :‬فالعاملون هم جميع مخلوقات هللا تعالى‬ ‫العالَم َ‬
‫وهذه اآلية تفسير لقوله تعالى‪َ { :‬رب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫في السماوات واألرض وما بينهما‪.‬‬

‫َ ُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ك ُم ٱ ۡلَ َول َ‬
‫ِي ‪ ٢٦‬قال إِن َر ُسولك ُم ٱَّلِي‬
‫َ َ َ ُّ ُ ۡ َ َ ُّ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال ل َِم ۡن َح ۡو ُلۥ أَّل ت ۡس َت ِم ُعون ‪ ٢٥‬قال ربكم ورب ءابا ِئ‬
‫ُۡ َ َۡ ُ َ‬
‫ك ۡم ل َم ۡج ُنون ‪}٢٧‬‬ ‫أرسِل إَِل‬

‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬


‫َ َۡ‬ ‫ۡ‬
‫َ ُّ َ ۡ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪} ٢٨‬‬ ‫نت ۡم ت ۡعقِل‬ ‫ب َو َما بَ ۡي َن ُه َما إِن ك‬‫ش ِق وٱلمغ ِر ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال رب ٱلم ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قال موس ى عليه السالم‪ :‬رّبنا الذي أدعوكم إليه هو ر ّب املشرق واملغرب وما بينهما‪ْ ،‬إن كنتم‬
‫تعقلون ظواهر الكون مع انتظام مداراته‪.‬‬
‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬وهذا الطريق في االستدالل على وجود هللا هو الذي سلكه إبراهيم الخليل‬
‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫استدل ّأوال باإلحياء واإلماتة‪ ،‬وهو بعينه الذي أجاب به موس ى هنا بقوله‪ { :‬قال‬ ‫ّ‬ ‫عليه السالم مع نمروذ‪ ،‬فإنه‬
‫ِيت }[البقرة‪،]258 :‬‬ ‫ِي ‪[}٢٦‬الشعراء‪ ،]26 :‬فأجابه نمروذ بقوله‪َ { :‬أنَا أُ ۡحۦ َوأُم ُ‬ ‫ك ُم ٱ ۡلَ َول َ‬
‫َ ُّ ُ ۡ َ َ ُّ َ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ربكم ورب ءابائ ِ‬
‫َۡ‬ ‫َََ َ َُ َ‬ ‫َُ َ َ‬ ‫َ َ َۡ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ ۡ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ ََ َ‬
‫َّلل َّل َي ۡهدِي ٱلق ۡو َم‬ ‫ت ٱَّلِي كفر وٱ‬ ‫ب فب ِه‬
‫ت بِها مِن ٱلمغ ِر ِ‬
‫ش ِق فأ ِ‬
‫فقال إبراهيم‪ { :‬فإِن ٱَّلل يأ ِِت ب ِٱلشم ِس مِن ٱلم ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ ُّ ۡ َ ۡ‬ ‫َى َ‬
‫ش ِق َوٱل َم ۡغرِ ِب }[الشعراء‪.]28 :‬‬
‫ٱلظل ِ ِمي ‪[}٢٥٨‬البقرة‪ ،]258 :‬وهو الذي ذكره موس ى هنا بقوله‪ { :‬رب ٱلم ِ‬

‫َ َ ََ َۡ ُۡ َ‬
‫ك بِ َ ۡ‬ ‫َ َ ۡ َ َى َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ‬
‫ك م َِن ٱل ۡ َم ۡس ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫شء ُّمبِي ‪} ٣٠‬‬ ‫ج ئت‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫و‬‫أ‬ ‫ال‬‫ق‬ ‫‪٢٩‬‬ ‫جون َ‬
‫ِي‬ ‫ريي لجعلن‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال لئ ِ ِن ٱَتذت إِلها غ ِ‬

‫ُ‬ ‫َ َ َۡ‬
‫لص ِدق َِي ‪} ٣١‬‬‫نت م َِن ٱ َ ى‬
‫ت بهِۦ إن ك َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال فأ ِ ِ ِ‬
‫فأت به ْإن كنت من الصادقين في دعواك‬ ‫ْ َ‬
‫واملعنى‪ :‬قال فرعون‪ :‬إن كنت يا موس ى جئت بش يء مبين‪ِ ،‬‬
‫ت بها إن ُكن َ‬
‫ت م َِن َ‬
‫الصادِق َِي}[األعراف‪:‬‬
‫َ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫جئت بِآي ٍة فأ ِ ِ ِ‬
‫أنك رسول رب العاملين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬قال إِن كنت ِ‬
‫‪.]106‬‬

‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ََۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فأل َ ى‬
‫ق َع َصاهُ فإِذا ِ َ‬
‫ه ث ۡع َبان ُّمبِي ‪} ٣٢‬‬
‫فتحولت ثعبانا عظيما حقيقيا يسعى في خفة وسرعة كأنه‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬فألقى موس ى عليه السالم عصاه‪،‬‬
‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُّ َ َ َ َ ُ ۡ‬
‫َ‬
‫ب َي ى ُم َ ى‬
‫وس َّل َتف إ ِ ِن َّل‬ ‫َ ۡ َُ ۡ‬
‫جان‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وأل ِق عصاكر فلما ر َءاها تهت كأنها جان و ىل مدبِرا ولم يعقِ ر‬
‫ََ ُ ََ َ ُۡ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪[}١٠‬النمل‪.]10 :‬‬ ‫ياف َلي ٱلمرسل‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فأل َق َع َص ُاه فإِذا ِ َ‬
‫ه ثع َبان ُمبِي}[األعراف‪.]107 :‬‬

‫ه َب ۡي َضا ُء ل َِلنى ِظر َ‬ ‫َََ َ‬


‫ع يَ َدهُۥ فإِذا ِ َ‬ ‫َ َ‬
‫ين ‪} ٣٣‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ونز‬
‫واملعنى‪ :‬وأخرج موس ى عليه السالم يده من جيب درعه‪ ،‬فإذا هي بيضاء من غير برص لفرعون ومألئه‬
‫َ ۡ َ َُۡ ۡ َۡ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ ۡ ُ ۡ َۡ َ َ َ َ َ َ َ ۡ‬ ‫ۡ ُ ۡ ََ َ‬
‫ب‬‫ري سوء وٱضمم إَِلك جناحك مِن ٱلره ِ‬
‫الناظرين‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱسلك يدك ِِف جيبِك َترج بيضاء مِن غ ِ‬
‫س ِق َ‬ ‫َ َ ُ َ َ‬ ‫َ َ َ ۡ َۡ َ َ ََ‬ ‫َ َ َ ُۡ َ َ‬
‫ي ‪[}٣٢‬القصص‪.]32 :‬‬ ‫َليهِرۦ إِن ُه ۡم َكنوا ق ۡوما ف ى ِ‬
‫ان مِن ربِك إ ِ ىل ف ِرعون وِّ ِ‬
‫فذ ىن ِك برهىن ِ‬
‫اء ل َِلناظِر َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬‫َ َ‬
‫ين}[األعراف‪.]108 :‬‬ ‫ِ‬
‫ض ُ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ون َزع يَ َد ُه فإِذا ِه بي‬

‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ َ‬
‫س ِحر َعلِيم ‪} ٣٤‬‬‫َل َح ۡو ُلۥ إ ِ َن َهىذا ل َ ى‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬قال ل ِلم ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قال فرعون لألشراف والسادة من قومه‪ّ :‬إن موس ى لساحر عليم‪ ،‬فوافقوا لقول فرعون فيه‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ َ‬
‫وقالوا إنه لساحر عليم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬قال ال َمل مِن قو ِم ف ِر َعو َن إِ َن َهذا ل َساحِر َعل ِيم}[األعراف‪.]109 :‬‬
‫ّ‬

‫َ َ ُُ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٣٥‬‬ ‫س ۡح ِره ِۦ فماذا تأِّر‬ ‫يد أن ي ِر َجكم م ِۡن أۡر ِ‬
‫ض كم ب ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يُر ُ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬يريد موس ى أن يخرجكم من أرضكم بسحره العظيم‪ ،‬فبماذا تشيرون ّ‬
‫علي أيها األشرف‬ ‫ْ‬
‫والسادة في أمر موس ى؟‬
‫ُ ََ َ َ ُُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ َ ُ‬
‫ون}[األعراف‪.]110 :‬‬ ‫يد أن ي ِر َجكم مِن أر ِ‬
‫ضكم فماذا تأِّر‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ي ِر‬

‫ث ِف ٱل َم َدائن َ‬ ‫ۡ‬
‫ۡ ۡ َ َ ُ َ َۡ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ح ى ِش َ‬
‫ين ‪}٣٦‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫جه وأخاه وٱبع ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا أر ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قال األشراف والسادة‪ :‬أخ ْر موس ى وأخاه وال تتعجل بالقضاء في شأنهما‪ ،‬وابعث في مدائن‬
‫ُملكك رجاال من الشرطة‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ين}[األعراف‪.]111 :‬‬ ‫جه َوأخ ُاه َوأرسِل ِِف ال َم َدائ ِ ِن َح ِِ‬
‫اش َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬قالوا أ ِ‬
‫ر‬

‫َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫ۡ‬
‫ار َعل ِيم ‪} ٣٧‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬يأتوك بِك ِل سح ٍ‬
‫واملعنى‪ :‬ليجمع هؤالء الشرط إليك السحرة املهرة‪.‬‬
‫َُْ َ ُ‬
‫وك ِبك ِ ّل َسا ِح ٍر َع ِل ٍيم}[األعراف‪.]112 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬يأت‬

‫ُ‬ ‫َ‬
‫لس َح َرةُ ل ِ ِم َيقى ِت يَ ۡوم َم ۡعلوم ‪} ٣٨‬‬
‫جم َع ٱ َ‬
‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فجمع السحرة لوقت يوم معلوم‪ ،‬وهو وقت الضحى‪ ،‬فيجتمع الناس ّ‬
‫ويتزينون له‪ ،‬كما قال‬
‫َ ََ ُۡ َ َ َ ُ ُ‬ ‫َ َ َۡ ُ ُ‬
‫ك ۡم يَ ۡو ُم ٱ ِلزين ِة وأن يش ٱلاس ضح ‪[}٥٩‬طه‪.]59 :‬‬ ‫تعالى‪ { :‬قال ِّوعِد‬

‫ح َرةَ إن ََكنُوا ُه ُم ٱ ۡل َغ ىلِب َ‬ ‫َ ۡ َ ُ ُّ ۡ َ ُ َ‬


‫ون ‪ ٣٩‬لَ َع َل َنا نَ َتب ُع ٱ َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪}٤٠‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لس َ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وقِيل ل َِلن ِ‬
‫اس هل أنتم مت ِمع‬

‫َن ُن ٱل َغ ىلِب َ‬ ‫ۡ‬


‫َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ‬
‫ي ‪}٤١‬‬ ‫ِ‬ ‫ح َرةُ قالوا لِفِ ۡر َع ۡون أئ ِ َن لَا ل ۡجرا إِن كنا‬
‫لس َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فل َما َجا َء ٱ َ‬
‫أئن لنا ألجرا وجائزة ْإن ّ‬
‫كنا نحن الغالبين على موس ى؟‪،‬‬ ‫فلما جاء السحرة فرعو َن قالوا له‪ّ :‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ َ ُ َ َ َ ُ َ َ ََ‬
‫لجرا إن ُك َنا ََن ُن ال َغالِ َ‬
‫ي}[األعراف‪.]113 :‬‬ ‫اء السح َرة ف ِرعون قالوا إِن لَا‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َج َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ك ۡم إذا لم َن ٱل ُم َق َرب َ‬ ‫ۡ‬


‫ََۡ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ي ‪}٤٢‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال نعم ِإَون‬
‫واملعنى‪ :‬قال فرعون للسحرة‪ :‬نعم‪ ،‬لكم األجر والجائزة‪ ،‬وإنكم ستكونون عندي من الرجال املقربين‬
‫ي}[األعراف‪.]114 :‬‬‫كم لَم َن ال ُم َق َرب َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫إلى نفس ي‪ .‬كما قال تعالى‪{ :‬قال ن َعم ِإَون‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ َ َ ُ ُّ َ ى َ ۡ ُ َ َ ُ ُّ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪}٤٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال لهم ِّوس ألقوا ما أنتم ِّلق‬
‫واملعنى‪ :‬قال موس ى عليه السالم للسحرة‪ :‬ألقوا ما أنتم تريدون ْأن تلقوه‪.‬‬
‫وإما ْأن نكون ّأول من ألقى‪ ،‬كما‬
‫وذلك بعد ْأن قال السحرة ملوس ى‪ :‬يا موس ى ّإما ْأن تلقي عصاك أوال‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ون أ َول َمن ألق}[طه‪]65 :‬‬ ‫قال تعالى‪{ :‬قالوا يا ُِّوس إ ِ َما أن تُل ِ َ‬
‫ق ِإَوما أن نك‬

‫ۡ‬
‫َ ۡ َ ۡ َ َ َ ۡ ُ َى ُ َ‬‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََۡ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}٤٤‬‬ ‫ِص َي ُه ۡم َوقالوا ب ِ ِعزة ِ ف ِرعون إِنا لحن ٱلغل ِب‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فألق ۡوا ح َِبال ُه ۡم َوع ِ‬
‫فتخيل موس ى عليه السالم من قوة سحرهم ّأن حبالهم‬ ‫ّ‬ ‫وعصيهم‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫واملعنى‪ :‬فألقى السحرة حبالهم‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ق ‪[}٦٥‬طه‪،]66 :‬‬‫ون أ َول َم ۡن أل َ ى‬ ‫ق َ‬
‫ِإَوما أن نك‬ ‫وعصيهم حيات تسعى‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قَالُوا َي ى ُم َ ى‬
‫وس إ ِ َما أن تُل ِ َ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫وقالوا ّ‬
‫بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون‪ ،‬وسحروا أعين الناس وأرهبوهم إرهابا شديدا‪ ،‬وجاءوا بسحر عظيم‪،‬‬
‫َ‬ ‫وهم َو َج ُ‬‫َََ َ َ َ َ ُ َ َُ َ ِ َ َ َُ ُ‬
‫يم}[األعراف‪.]116 :‬‬ ‫سح ٍر ع ِظ ٍ‬ ‫اءوا ب ِ ِ‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬فلما ألقوا سحروا أعي الاس واستهب‬

‫َََۡى ُ َ ى َ َ ُ َ َ َ ََۡ ُ َ َۡ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فألق ِّوس عصاه فإِذا ِه تلقف ما يأف ِكون ‪} ٤٥‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬فألقى موس ى عليه السالم عصاه‪ ،‬وذلك بعد إيحاء هللا له بإلقائها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وأو َحي َنا إِل‬
‫ُ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َُ َ َ ُ َ‬
‫ون}[األعراف‪ ،]117 :‬فإذا عصاه تبلع ما يوهمون الناس أنه حق‪.‬‬ ‫ِّوس أن أل ِق عصاك فإِذا ِه تلقف ما يأفِك‬

‫سجد َ‬ ‫َُۡ َ َ َ َُ َ‬
‫ِين ‪} ٤٦‬‬ ‫ق ٱلسحرة ى ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فأل ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وخر السحرة سجدا‪.‬‬
‫ُ‬
‫ح َرةُ َساجد َ‬
‫ِين}[األعراف‪.]120 :‬‬ ‫الس َ‬
‫ق َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وأل ِ َ‬
‫ِ‬

‫ۡ َ‬
‫ام َنا ب َرب ٱل َع ىلم َ‬ ‫َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا َء َ‬
‫ي ‪} ٤٧‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قال السحرة‪ :‬آمنا برب السماوات واألرض رب العاملين‪.‬‬
‫ي}[األعراف‪.]121 :‬‬‫آم َنا ب َرب ال َعالَم َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬قَالُوا َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬

‫َ ُ َ ى َ َىُ َ‬
‫ون ‪} ٤٨‬‬ ‫ب ِّوس وهر‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ر ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وهو رب موس ى وهارون‪.‬‬
‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ ََ ُ َ‬
‫ح َرةُ ُس َجدا‬
‫لس َ‬
‫قٱ َ‬
‫ون}[األعراف‪ ،]122 :‬وقوله تعالى‪ { :‬فأل ِ َ‬ ‫ب ِّوس وهار‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ر ِ‬
‫َ ُ َ َ َ َ َىُ َ‬
‫ون َو ُِّ َ ى‬
‫وس ‪[}٧٠‬طه‪.]70 :‬‬ ‫ب هر‬
‫قالوا ءامنا بِر ِ‬
‫ۡ َ ََ َ َۡ ََُۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َََ ُ‬ ‫َ َ َ َ ُ ۡ َُ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ ُ ۡ َ ُ َ َ ُ ُ ُ َ‬
‫ون‬
‫لسحر فلسوف تعلم ر‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال ءامنتم لۥ قبل أن ءاذن لكم إِنهۥ لكبِريكم ٱَّلِي علمكم ٱ ِ‬
‫ك ۡم أَ ۡ َ‬
‫ۡجعِ َ‬
‫ي ‪} ٤٩‬‬ ‫ۡ َى َ َ ُ َ َ َ ُ‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََُ‬
‫لق ِط َع َن أيۡدِيَك ۡم َوأ ۡر ُجلكم مِن خِلف ولصل ِبن‬
‫لرب موس ى وهارون قبل ْأن‬ ‫واملعنى‪ :‬قال فرعون منكرا على السحرة إيمانهم ومغطيا لهزيمتهم‪ ،‬آمنتم ّ‬
‫ملعلمكم الذي علمكم علوم السحر‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫وإن غلبته عليكم هذا اليوم لحيلة‬ ‫آذن لكم بذلك؟ ّإن موس ى‬
‫َ َ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫قال ف ِر َعو ُن َ‬
‫آمن ُتم بِهِ قبل أن آذن لكم‬ ‫احتللتموها أنتم وموس ى‪ ،‬لتخرجوا أهل مدينتكم منها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫كر ُت ُم ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وه ِِف ال َمد َِين ِة ِلِ ُخ ِر ُجوا مِنها أهلها}[األعراف‪ ،]123 :‬فسوف تعلمون عاقبة ما فعلتم‪: ،‬‬ ‫إِن هذا ل َمكر م‬
‫ََُ‬ ‫ّ‬
‫عن أيديكم وأرجلكم بقطع اليد اليمنى مع الرجل اليسرى أو العكس‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬لق ِط َع َن‬ ‫ألقط ّ‬ ‫قسما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُ َ َ َ ََ ُ‬ ‫َ َ ُ َ ُ َ ُ‬
‫َ‬
‫أيدِيكم وأرجلكم مِن خِلف ثم لصل ِبنكم أۡجعي}[األعراف‪ ،]124 :‬ثم ألصلبنكم أجمعين في جذوع‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ۡ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ َ ُۡ ُ ََۡ ۡ َ َ‬
‫لس ۡح َر فلق ِط َع َن‬
‫ريك ُم ٱَّلِي عل َمك ُم ٱ ِ‬ ‫النخل‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قال ءامنتم لۥ قبل أن ءاذن لكم إِنهۥ لكب ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َى َ َ ُ َ َ َ ُ‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ق ‪[}٧١‬طه‪.]71 :‬‬ ‫وع ٱلَ ۡخ ِل َوِلَ ۡعلَ ُم َن أ ُّي َنا أ َش ُّد َع َذابا َوأ ۡب َ ى‬ ‫ُ‬
‫ك ۡم ِِف ُجذ ِ‬ ‫أيۡدِيَك ۡم َوأ ۡر ُجلكم مِن خِلف ولصل ِبن‬

‫َ َۡ َ ى َ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٥٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا َّل ضري إِنا إِل ربِنا منقل ِب‬
‫واملعنى‪ :‬قال السحرة لفرعون‪ :‬ال ضرر علينا من عقابك‪ ،‬إنا راجعون إلى هللا وسيجازينا على صبرنا على‬
‫عقابك‪.‬‬
‫َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ون}[األعراف‪.]125 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬قالوا إِنا إِل ربِنا منقل ِب‬

‫َ‬ ‫َ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ َ َ َ َ ُّ َ َ َ ى َ ى َ َ ُ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِنا نطمع أن يغفِر لا ربنا خطينا أن كنا أول ٱلمؤ ِمن ِي ‪} ٥١‬‬
‫أن يغفر لنا رّبنا خطايانا إليماننا به وكوننا ّأول املؤمنين‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إنَا َء َ‬
‫ام َنا‬
‫واملعنى‪ّ :‬إنا نرجو ْ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ََ َ َ ى َىَ َ َ َ ۡ‬
‫ك َر ۡه َت َنا َعلَ ۡيهِ م َ‬
‫ق ‪[}٧٣‬طه‪.]73 :‬‬ ‫َّلل َخ ۡري َوأ ۡب َ ى‬
‫لس ۡحر َوٱ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٱ‬ ‫ِن‬ ‫بِربِنا َِلغفِر لا خطينا وما أ‬

‫َ ُ ُّ َ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وأ ۡو َح ۡي َنا إ ىل ُِّ َ ى ۡ ۡ‬
‫ون ‪} ٥٢‬‬ ‫س بِعِ َبادِي إِنكم متبع‬ ‫وس أن أ ِ‬ ‫ِ‬
‫فإن فرعون وجنوده‬ ‫واملعنى‪ :‬وأوحينا إلى موس ى عليه السالم ْأن أسر بمن آمن من بني إسرائيل ليال‪ّ ،‬‬
‫متبعوكم‪.‬‬‫ّ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ض ۡب ل ُه ۡم َط ِريقا ِِف ٱلَ ۡح ِر يَبَسا‬
‫َ ۡ‬
‫ٱ‬ ‫ف‬ ‫ِي‬ ‫د‬ ‫ا‬‫ب‬‫وس أَ ۡن أَ ۡس بعِ َ‬
‫ى‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ولَ َق ۡد أَ ۡو َح ۡي َنا إ َ ىل ُِّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َىُ َ َ َ َ َۡ‬
‫َت َ ى‬
‫ش ‪[}٧٧‬طه‪.]77 :‬‬ ‫َّل تخف درك وَّل‬

‫َ‬ ‫َ َ ََ ُ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ين ‪ ٥٣‬إ َن َ ىه ُؤ ََّل ِء ل َ ِ ۡ‬


‫شذ َِمة قل ِيلون ‪ِ ٥٤‬إَون ُه ۡم لَا لغائِظون ‪ِ ٥٥‬إَونا‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فَأَ ۡر َس َل ف ِۡر َع ۡو ُن ِف ٱل ۡ َم َدائن َ‬
‫ح ى ِش َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َى ُ َ‬
‫ون ‪} ٥٦‬‬ ‫ََ‬
‫ل ِميع حذِر‬

‫ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فأ ۡخ َر ۡج َنى ُهم مِن َج َنىت َو ُع ُيون ‪} ٥٧‬‬
‫واملعنى‪ :‬فأخرجنا فرعون وجنوده من أرض مصر ذات البساتين وعيون املاء‪ ،‬فتركوها‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ ُُ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ون}[الدخان‪.]25 :‬‬ ‫ات وعي ٍ‬ ‫{كم ت َروُكوا مِن جن ٍ‬

‫َ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ووُك ُنوز َو َم َقام ك ِريم ‪}٥٨‬‬
‫واملعنى‪ :‬وهي أرض ذات خزائن املال واملنازل الحسان‪ ،‬وذات تنعم وترفه كانوا فيها يتلذذون‪ ،‬كما قال‬
‫كه َ‬ ‫َ َ‬ ‫َََۡ َ ُ‬ ‫َََ َ‬ ‫َ ُُ‬
‫ي ‪[}٢٧‬الدخان‪.]26-27 :‬‬ ‫تعالى‪ { :‬وزروع ومقام ك ِريم ‪ ٢٦‬ونعمة َكنوا فِيها ف ى ِ ِ‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫سءِيل ‪} ٥٩‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬كذ ىل َِك َوأ ۡو َرث َنى َها بَن إ ِ ۡ َى‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬كما أخرجنا فرعون وجنوده من ثرواتهم‪ ،‬ورثنا بني إسرائيل تلك الثروات‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ََ‬ ‫َ َُ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ون َِّ َشار َق الر ِض َو َم َغاربَ َها َالت بَ َ‬ ‫ََ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َ َُ َ‬
‫الس َن لَع‬
‫ك ُ‬ ‫ِيها َوت َمت ُك ِمة ر ِب‬ ‫اروُك َنا ف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫{وأورثنا القوم اَّلِين َكنوا يستضعف‬
‫َ َ َ َ َُ َ ََ َ َ َ َ َ َُ َ ُ ََ ُ ُ ََ َ ُ َ ُ َ‬
‫ون}[األعراف‪ ،]137:‬وقال تعالى‪{ :‬‬ ‫بَ ِن إِسائِيل بِما صبوا ودِّرنا ما َكن يصنع فِرعون وقومه وما َكنوا يع ِرش‬
‫َ ُ َ ۡ َ ۡ َ َ َى َى َ َ ُ ُ َ ُ َ ۡ ُ َ َ ُ َۡ َ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ون ‪[}٦‬القصص‪.]6 :‬‬‫ك َن ل ُه ۡم ِِف ٱلۡر ِض ون ِري ف ِرعون وهمن وجنودهما مِنهم ما َكنوا يذر‬
‫َون َم ِ‬

‫َ َ ََ‬
‫لَك إ ِ َن َم ِ َ‬ ‫َ َ َ َ َى َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ى ُ ُ َ ى َ َ ُ َ‬ ‫ََُۡ ُ‬
‫وهم ُِّّ ۡشق َ‬
‫ع َر ِب‬ ‫وس إِنا ل ُم ۡد َروُكون ‪ ٦١‬قال‬ ‫ان قال أصحب ِّ‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ا‬‫ء‬‫ر‬‫ت‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ل‬‫ف‬ ‫‪٦٠‬‬ ‫ِي‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬أتبع‬
‫ِين ‪} ٦٢‬‬ ‫َ َۡ‬
‫سيهد ِ‬

‫َ َّ ْ‬ ‫ََْ َ َْ َ ُ َ َ ْ ْ َ َ َ َْ ْ َ َ ََْ َ َ َ َ ُ‬
‫ان ك ُّل ِف ْر ٍق كالط ْو ِد ال َع ِظ ِيم }‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬فأوحينا ِإلى موس ى أ ِن اض ِرب ِبعصاك البحر فانفلق فك‬
‫اضرب بعصاك البحر‪ ،‬فضربه بها‪ ،‬فانفلق البحر إلى اثني‬ ‫ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬فأوحينا إلى موس ى عليه السالم ْأن‬
‫انفصلت من البحر كالجبل الشامخ العظيم‪ ،‬وكانت الطرق جافة بالهواء‬ ‫ْ‬ ‫عشر طريقا‪ ،‬فكانت كل قطعة‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وس أ ۡن أ ۡس بعِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫والشمس‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولَ َق ۡد أ ۡو َح ۡي َنا إ ىل ُِّ َ‬
‫ض ۡب ل ُه ۡم َط ِريقا ِِف ٱلَ ۡح ِر يَبَسا َّل تخىف‬ ‫ِ‬ ‫ٱ‬ ‫ف‬ ‫ِي‬ ‫د‬ ‫ا‬‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ َ َۡ‬
‫َت َ ى‬
‫ش ‪[}٧٧‬طه‪.]77 :‬‬ ‫درك وَّل‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َََۡۡ َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬وأزلفنا ثم ٱٓأۡلخ ِرين ‪} ٦٤‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ََۡ ُ َ ى َ َ َ َ ُ َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وأنينا ِّوس ومن معهۥ أۡجعِي ‪} ٦٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬وأنجينا موس ى عليه السالم ومن آمن معه من بني إسرائيل أجمعين‪ ،‬وجاوزنا بهم البحر‪ ،‬حتى‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬
‫سائِيل الَح َر}[األعراف‪.]138 :‬‬‫عبروا إلى البر‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وجاوزنا بِب ِن إ ِ‬

‫قوله تعالى‪ { :‬ث َم أغ َرق َنا ٱٓأۡل َخر َ‬ ‫ُ َ ۡ ۡ‬


‫ين ‪} ٦٦‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬ثم أغرقنا فرعون وجنوده في البحر بسبب تكذيبهم وغفلتهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فان َتقم َنا مِن ُهم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫اهم ِِف اَلَ ِم بِأ َن ُهم كذبُوا بِآيَات َِنا َوكنُوا َعن َها َغفِل َِي}[األعراف‪.]136 :‬‬
‫َ َ ُ‬
‫فأغرقن‬

‫َ ُۡ َ َۡ ۡ َََ‬ ‫َى َ َ َ َ َ َ َ ۡ‬
‫ِيم ‪ ٦٨‬وٱتل علي ِهم نبأ‬ ‫ك ل َ ُه َو ٱ ۡل َعز ُ‬
‫يز ٱ َلرح ُ‬ ‫َ ََ َ‬
‫ب‬‫ر‬ ‫ِإَون‬ ‫‪٦٧‬‬ ‫ِي‬ ‫كَُ‬
‫َّث ُهم ُِّّ ۡؤ ِمن َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ِِف ذل ِك ٓأَلية وما َكن أ‬
‫ِ‬
‫إبۡ َر ىه َ‬
‫ِيم ‪}٦٩‬‬ ‫ِ‬

‫َ َُُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َ‬


‫ون ‪} ٧٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِذ قال ِلبِيهِ َوق ۡو ِمهِۦ ما تعبد‬
‫واملعنى‪ :‬حين قال إبراهيم عليه السالم ألبيه وقومه‪ :‬أي ش يء هذا الذي تعبدونه من دون هللا تعالى؟‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إِذ قال ِلبِيهِ َوقو ِمهِ ماذا تع ُب ُدون}[الصافات‪ ،]85 :‬وقوله تعالى‪{ :‬إِذ قال‬
‫ُ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫لبيهِ َوقو ِمهِ َما َه ِذه ِ َ‬ ‫َ‬
‫ون}[األنبياء‪.]52 :‬‬ ‫اِل َماثِيل ال ِت أنتم لها َعكِف‬ ‫ِ‬

‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ ُ َ ۡ ُ ُ َ ۡ َ َ َ َ ُّ َ َ َ‬
‫ك ِفي ‪} ٧١‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا نعبد أصناما فنظل لها ع ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ونظل على عبادتها في الليل والنهار؛ ألنا وجدنا آباءنا‬ ‫واملعنى‪ :‬قال قوم إبراهيم له‪ :‬نعبد أصناما‪،‬‬
‫اءنَا ل َ َها ََعبد َ‬
‫ِين}[األنبياء‪.]53 :‬‬ ‫عابدين لها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬قَالُوا َو َجدنَا آبَ َ‬
‫ِ‬

‫َ َۡ َ ُ َ ُ ۡ َۡ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪} ٧٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال هل يسمعونكم إِذ تدع‬
‫واملعنى‪ :‬قال إبراهيم عليه السالم لقومه‪ :‬هل تسمع تلك األصنام دعاءكم حين تدعونها؟‬
‫ّ‬
‫وقد أخبر هللا تبارك وتعالى أن تلك األصنام ال تسمع من دعاها في آيات كثيرة‪ ،‬منها قوله تعالى‪ِ{ :‬إَون‬
‫ُ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ُ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون}[األعراف‪.]193 :‬‬ ‫تد ُعوهم إِل ال ُه َدى َّل يَتب ِ ُعووُكم َس َواء َعليكم أد َعوت ُموهم أم أنتم صامِت‬
‫َ‬
‫ۡ َ َ ُ َ ُ ۡ ۡ َ ُ ُّ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٧٣‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬أو ينفعونكم أو يُض‬
‫تضركم شيئا إذا تركتم عبادتها؟‬ ‫واملعنى‪ :‬أو هل تلك األصنام تنفعكم شيئا إذا عبدتموها أو ّ‬
‫َ‬ ‫ۡ َ َ َ‬
‫ت ل َِم َت ۡع ُب ُد َما ََّل ي َ ۡس َم ُع َو ََّل ُي ۡب ِ ُ‬
‫ُص‬ ‫ونظير هذه اآلية قول إبراهيم عليه السالم ألبيه‪ { :‬إِذ قال ِلبِيهِ يَىأبَ ِ‬
‫َ ُۡ َ َ‬
‫نك ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يشٔٔا ‪[} ٤٢‬مريم‪.]42 :‬‬ ‫وَّل يغ ِن ع‬

‫ۡ ُ‬ ‫َ َ‬
‫َ َ َ ۡ َ َ َ ََ ى َ َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ‬
‫ون ‪}٧٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا بل وجدنا ءاباءنا كذل ِك يفعل‬
‫واملعنى‪ :‬أجاب قوم إبراهيم له‪ :‬بل وجدنا آباءنا عابدين لها‪ ،‬فنعبدها‪.‬‬
‫اءنَا ل َ َها ََعبد َ‬
‫ِين}[األنبياء‪.]53 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬قَالُوا َو َجدنَا آبَ َ‬
‫ِ‬

‫َ َ ََ َ َۡ ُ َ ُ ُ ۡ َ ۡ ُ ُ َ َ ُ ۡ َ َ َ ُ ُ ُ ۡ َۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٧٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال أفرءيتم ما كنتم تعبدون ‪ ٧٥‬أنتم وءاباؤكم ٱلقدِّ‬

‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فإ َن ُه ۡم َع ُدو ل إَّل َر َب ٱل َع ىلم َ‬
‫ي ‪} ٧٧‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فإن ما تعبدونه من دون هللا تعالى عدو لي‪ ،‬لكن رب العاملين هو وحده الذي يستحق عبادتي‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َ َۡ ُ َ‬
‫ِيم ِلبِيهِ َوق ۡو ِمهِۦ إِن ِن بَ َراء ِّ َِما ت ۡع ُب ُدون ‪ ٢٦‬إَِّل‬
‫ّ‬
‫وعبادتكم‪ ،‬فإني بريء مما تعبدون‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَوذ قال إِبر ىه‬
‫َُ َ َۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِين ‪[}٢٧‬الزخرف‪.]26-27 :‬‬
‫ٱَّلِي فطر ِن فإِنهۥ سيهد ِ‬

‫َُ َۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ِين ‪} ٧٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِي خلق ِن فهو يهد ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هو الذي خلقني في أحسن تقويم‪ ،‬فهو الذي يهديني ملا فيه صالحي في الدنيا واآلخرة‪ ،‬كما قال‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫تعالى‪ { :‬ٱَّلِي َخل َق ف َس َو ىى ‪َ ٢‬وٱَّلِي ق َد َر ف َه َد ىى ‪[}٣‬األعلى‪.]2-3 :‬‬

‫َُ ُۡ ُ ََۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ي ‪} ٧٩‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِي هو يطعِم ِن ويسقِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وهو الذي يطعمني الطعام ويسقيني‪.‬‬
‫ُ‬
‫يد م ِۡن ُهم مِن رِ ۡزق‬
‫وهللا سبحانه وتعالى هو الرزاق لعباده‪ ،‬وهو يطعم وال يطعم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ما أر ُ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َُ َ َ ُ ُ َُۡ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ُ ُ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ون ‪ ٥٧‬إِن ٱَّلل هو ٱلرزاق ذو ٱلقوة ٱلمتِي ‪[}٥٨‬الذاريات‪ ،]57-58 :‬وقال تعالى‪{ :‬وهو يطعِم وَّل‬
‫وما أرِيد أن يطعِم ِ‬
‫ُيط َع ُم}[األنعام‪.]14 :‬‬

‫َ ۡ ُ َُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ي ‪} ٨٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا ِّ ِرضت فهو يش ِف ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وإذا أصابني مرض فهو الذي يشفيني‪.‬‬
‫وإن كان عن قدر هللا وقضائه وخلقه‪ْ ،‬‬
‫ولكن أضافه إلى‬ ‫املرض إلى نفسه‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬أسند‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َۡۡ َ َ ۡ ۡ َۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ّ‬
‫لص َر ى َط ٱل ُم ۡس َتقِ َ‬
‫يم ‪َ َ ِ ٦‬‬ ‫ْ‬ ‫نقسه ً‬
‫صر ىط ٱَّلِين أنعمت علي ِهم غ ِ‬
‫ري‬ ‫أدبا‪ ،‬كما قال تعالى آمرا للمصلي أن يقول‪ { :‬ٱهدِنا ٱ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ ۡ ُ‬
‫لضآل َِي ‪[}٧‬الفاتحة‪،]6-7 :‬‬ ‫وب َعل ۡي ِه ۡم َوَّل ٱ‬
‫والغضب ُحذف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فأسند اإلنعام إلى هللا‪ ،‬سبحانه وتعالى‪،‬‬ ‫ٱ ل م غض ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫ش أُر َ‬
‫الجن‪َ { :‬و َأنَا ََّل نَدري أَ َ ي‬
‫يد ب َمن ِِف الر ِض أم أ َراد بهم‬ ‫الل إلى العبيد‪ ،‬كما قالت ّ‬ ‫أدبا‪ ،‬وأسند ّ‬
‫الض َ‬ ‫فاعله ً‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َر ُّب ُهم َر َشدا}[الجن‪.]10 :‬‬

‫َ ۡ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ي ‪} ٨١‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِي ي ِميت ِن ثم يي ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وهو الذي يميتني في الدنيا ثم يحييني يوم القيامة‪ ،‬وال أحد يقدر على ذلك‪.‬‬
‫َ‬
‫ب ٱَّلِي يُ ۡحۦ َويُ ِم ُ‬
‫ونظير هذه اآلية قول إبراهيم عليه السالم ملن آتاه هللا امللك‪ ،‬في قوله تعالى‪َ { :‬ر َ‬
‫يت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫}[البقرة‪.]258 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ِين ‪} ٨٢‬‬ ‫ََۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ‬ ‫ۡ َ ُ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِي أطمع أن يغفِر ِل خ ِطئَٔ ِِت يوم ٱَل ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وهو الذي أرجو ْأن يغفر لي ذنوبي ويتجاوز عني خطيئتي يوم القيامة‪ ،‬فإنه ال يغفرها إال هللا‬
‫تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َمن َيغفر اَّلنوب إَّل اَّلل}[آل عمران‪.]135 :‬‬

‫ح َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ر َ ۡ‬


‫ب ل ُحكما َوأل ِقن بٱ َ ى‬ ‫َ ۡ ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ي ‪} ٨٣‬‬ ‫لصلِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫به ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬قال إبراهيم عليه السالم‪ :‬ر ّب امنحني علما وفهما‪ ،‬وألحقني بالصالحين في الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫وقد استجاب هللا تبارك وتعالى دعاء إبراهيم‪ ،‬وجعله من الصالحين‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َمن يَ ۡر َغ ُ‬
‫ب َعن‬
‫ح َ‬
‫ي ‪[}١٣٠‬البقرة‪ ،]130 :‬وقال‬ ‫م َِلةِ إبۡ َر ىه ِٔ َم إ ََّل َمن َسفِ َه َن ۡف َس ُه رۥ َولَ َق ِد ٱ ۡص َط َف ۡي َنى ُه ِف ٱ َُّل ۡن َيا ِإَونَ ُهۥ ِف ٱٓأۡلخ َِرة ِ ل َ ِم َن ٱ َ ى‬
‫لصل ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫اَلن َيا َح َس َنة ِإَونَ ُه ِف اآلخ َِرة ِ لم َن َ‬
‫تعالى‪َ { :‬وآتَي َناهُ ِف ُّ‬
‫ال َِي}[النحل‪.]122 :‬‬
‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ص ۡدق ِف ٱٓأۡلخِر َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫ين ‪}٨٤‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱج َعل ِل ل َِسان ِ‬
‫ُ َ‬
‫واملعنى‪ :‬واجعل لي ذكرا جميال في الذين يأتون بعدي‪ ،‬أذكر به في الدنيا‪ ،‬ويقتدى بي في الخير‪.‬‬
‫ََ َ َ َ َ َ‬ ‫وقد استجاب هللا تعالى هذا الدعاء في قوله تعالى‪َ { :‬وتَ َروُك َنا َعلَيهِ ِف اآلخِر َ‬
‫ِيم كذل ِك‬ ‫ين‪َ .‬سلم لَع إِبراه‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ن ِزي ال ُمح ِسن َِي}[الصافات‪.]108-110 :‬‬

‫َ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ۡج َعل ِن مِن َو َرثةِ َج َنةِ ٱلَعِي ِم ‪} ٨٥‬‬

‫َ ۡ ۡ َ َُ َ َ َ َ‬
‫لضآل َِي ‪} ٨٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱغ ِفر ِل ِب إِنهۥ َكن مِن ٱ‬
‫ّ‬ ‫َ ّ‬
‫ذنوبه‪ ،‬إنه كان من الضالين عن طريق الهدى‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬واغفر ألبي‬
‫وهذا الدعاء من إبراهيم عليه السالم ألبيه باملغفرة كان عن موعدة وعدها إياه‪ ،‬وكان قبل ْأن يعلم‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِيم ِلبِيهِ إَِّل َعن َِّوع َِدة‬ ‫تبرأ منه‪ ،‬كما قال هللا تعالى‪َ { :‬و َما َكن است ِ‬
‫غف ُ‬
‫ار إ ِ َ‬
‫بره‬ ‫ّأنه عدو هلل تعالى‪ ،‬فلما ّ‬
‫تبين له ذلك ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ي ُلۥ أنَ ُهۥ َع ُدو ِ ََّللِ تَ َ َ‬
‫بأ م ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫َو َع َد َها إيَاهُ فل َما َت َب َ َ‬
‫ِنه}[التوبة ‪.]114 :‬‬ ‫ِ‬

‫ََۡ ُۡ َُ َ‬ ‫َ ُۡ‬
‫ون ‪} ٨٧‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وَّل َت ِز ِن يوم يبعث‬
‫الذل يوم يبعث الخالئق يوم القيامة‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وال تفضحني وال تلحق بي ّ‬
‫َ َ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫ً‬
‫قال اإلمام عمر ابن عادل الحنبلي‪ :‬فإن قيل‪ :‬ملا قال أوال‪َ { :‬وٱج َعل ِن مِن َو َرث ِة َجن ِة ٱلَ ِع ِ‬
‫يم ‪[}٨٥‬الشعراء‪:‬‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُۡ‬ ‫ً‬
‫‪ ،]85‬كان كافيا عن قوله‪َ { :‬وَّل َتزِ ِن يَ ۡو َم ُي ۡب َعثون ‪[}٨٧‬الشعراء‪ ،]87 :‬وأيضا فقد قال هللا تعالى‪{ :‬إِن الزي‬
‫ََ‬
‫اَلوم والسواء لَع الَكفرين}[النحل‪ ]27 :‬فما كان نصيب الكفار فقط كيف يخافه املعصوم؟ فالجواب‪ّ :‬أن‬
‫حسنات األبرار سيئات املقربين‪ ،‬فكذا درجات األبرار خزي املقربين‪ ،‬وخزي كل واحد بما يليق به‪.‬‬

‫ََۡ َ َ ُ َ َ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٨٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يوم َّل ينفع مال وَّل بن‬
‫واملعنى‪ :‬يوم ال ينفع مال وال بنون أحدا من العباد‪.‬‬
‫ولن تنفعهم أموالهم وال أوالدهم يوم القيامة من عذاب هللا تعالى وعقابه شيئا‪،‬‬ ‫لن تنجيهم ْ‬ ‫فالكفار ْ‬
‫َ َ َ َ َ ُ َ ُ َ َ ُ َ َ ُُ َ َ ُ ُ َ َ‬
‫اَّللِ َشيئا}[آل عمران‪.]10 :‬‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬إِن اَّلِين كفروا لن تغ ِن عنهم أِّوالهم وَّل أوَّلدهم مِن‬

‫ۡ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬


‫َّلل ب ِ َقلب َسل ِيم ‪} ٨٩‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إَّل َم ۡن أِت ٱ َ َ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬إال من جاء هللا بقلب سليم صحيح من الكفر والنفاق‪.‬‬
‫ِيم إِذ َج َ‬ ‫َ‬
‫ِإَون مِن ش َ‬
‫ِيعتِهِ إلب َراه َ‬
‫آء‬ ‫ِ‬ ‫وقد أكرم هللا تعالى إبراهيم عليه السالم بهذا الوصف‪ ،‬حيث قال‪{ :‬‬
‫ِيم}[الصافات‪.]83-84 :‬‬ ‫َر َب ُه ب َقل َ‬
‫ب سل ٍ‬‫ِ ٍ‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬قال سعيد بن املسيب‪ :‬القلب السليم‪ :‬هو القلب الصحيح‪ ،‬وهو قلب املؤمن؛‬
‫اد ُه ُم ٱ َ ُ‬‫ََ َ‬ ‫ُُ‬
‫َّلل َِّ َرضا }[البقرة‪.]10 :‬‬ ‫ألن قلب الكافر واملنافق مريض‪ ،‬قال هللا‪ِِ { :‬ف قلوب ِ ِهم َِّ َرض فز‬
‫ّ‬

‫ل َنة ل ِل ُم َت ِق َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ۡ ُ ۡ‬ ‫ُ‬
‫ي ‪} ٩٠‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وأزل ِف ِ‬
‫تٱ َ‬
‫ُ َ ْ هُ ْ ه َ‬ ‫ْ‬ ‫وقربت ّ‬
‫وأدنيت لهم غير بعيد عنهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وأ ْزلفت ال َجنة لل ُمتقين‬ ‫الجنة للمتقين‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫بعيد}[ق‪.]31 :‬‬‫غير ٍ‬
‫يم ل ِل َغاو َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ين ‪} ٩١‬‬ ‫ِ‬
‫ح ُ‬‫ل ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وبُ ِر َز ِ‬
‫تٱ َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫وسيئت وجوههم‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وأظهرت الجحيم للكافرين الضالين عن الحق‪ ،‬فرأوها زلفة‪،‬‬
‫َ َ ه ََ ْ ُ ُْ َ ً َ ْ ُ ُ ُ ه َ َ َ‬
‫ين كف ُروا}[امللك‪.]27 :‬‬ ‫{فلما رأو زلفة سيئت وجو الذ‬

‫ُۡ َُُۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫ون ‪}٩٢‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وقِيل ل ُه ۡم أ ۡي َن َما كنتم تعبد‬
‫واملعنى‪ :‬وقيل لهؤالء الكفار توبيخا‪ :‬أين الشركاء الذين كنتم تعبدونهم؟‬
‫َ َ ُ َ ُّ َ َ َ َۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ َُ ۡ َۡ َ َ ُ ُ ۡ ُۡ ُ َ‬
‫ون ٱَّللِ قالوا ضلوا عنا بل لم‬
‫شوُكون ‪ ٧٣‬مِن د ِ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬ثم قِيل لهم أين ما كنتم ت ِ‬
‫َ َ ى َ ُ ُّ َ ُ ۡ َ‬
‫ك ىفِر َ‬ ‫كن نَ ۡد ُعوا مِن َق ۡب ُل َ ۡ‬
‫َ ُ‬
‫ين ‪[}٧٤‬غافر‪.]73-74 :‬‬‫ِ‬ ‫ضل ٱَّلل ٱل‬
‫يشٔٔار كذل ِك ي ِ‬ ‫ن‬

‫َ َ َ ُ ُ َ ُ ۡ ۡ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪}٩٣‬‬‫ُص‬
‫ون ٱَّللِ هل ينُصونكم أو ينت ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬مِن د ِ‬
‫واملعنى‪ :‬من دون هللا وحده‪ ،‬هل هؤالء الشركاء يستطيعون نصركم أو ينتصرون بدفع العذاب عن‬
‫أنفسهم؟‬
‫َ ه َ َْ ُ َ ْ ُ َ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ّ‬
‫وقد أكد هللا تعالى ّأنهم ال يستطيعون ذلك‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬والذين تدعون من دونه َل يستطيعون‬
‫َ ْ َُ ْ ََ َْ ُ َ ُ ْ َْ ُ َ‬
‫ص ُرون}[األعراف‪.]197 :‬‬ ‫نصركم وَل أنفسهم ين‬

‫َ ُُ ُ ۡ َ ََُۡ َ‬ ‫َ ُ ۡ َ َۡ ُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ون ‪} ٩٥‬‬ ‫اوۥن ‪ ٩٤‬وجنود إِبل ِيس أۡجع‬‫قوله تعالى‪ { :‬فك ۡبك ُِبوا فِيها هم وٱلغ‬

‫َُ ۡ َ َ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ ُ‬
‫ون ‪} ٩٦‬‬ ‫صم‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا وهم فِيها يت ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قال الكفار معترفين بخطئهم‪ ،‬وهم يتنازعون ويتخاصمون مع آلهتهم التي كانوا يعبدونها من‬
‫َ‬ ‫َ ً‬ ‫َ َ ه ه َ ُْ‬
‫قال إن َما اتخذت ْم م ْن ُدون هَّللا أ ْوثانا َم َو هدة‬‫دون هللا‪ ،‬كما قال تعالى حكاية عن قول إبراهيم عليه السالم‪{ :‬و‬
‫ُّ ْ ُ ه َ ْ َ ْ َ َ ْ ُ ُ َ ْ ُ ُ ْ َ ْ َ َ ْ َ ُ َ ْ ُ ُ ْ َ ْ ً َ َ ْ ُ ُ ه ُ َ َ ُْ‬ ‫َب ْين ُك ْم في ْال َ‬
‫ض ويلعن بعضكم بعضا ومأو اكم النار وما لكم‬ ‫ٍ‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ك‬‫ض‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ر‬‫ف‬ ‫ك‬‫ي‬ ‫ة‬ ‫يام‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫م‬‫و‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫يا‬ ‫ن‬ ‫الد‬ ‫ياة‬ ‫ح‬
‫ين}[العنكبوت‪.]25 :‬‬ ‫م ْن ناصر َ‬

‫يكم ب َرب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬


‫ُ‬ ‫ۡ َُ‬ ‫ُ َ َ َ َ ُّ‬ ‫َ َ‬
‫ي ‪}٩٨‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬تٱَّللِ إِن كنا ل َِف ضل ىل مب ِ ٍ‬
‫ي ‪ ٩٧‬إِذ نسوِ‬

‫ُ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫ون ‪} ٩٩‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما أضل َنا إَِّل ٱلمج ِرِّ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وما أضلنا عن طريق الحق والهدى إال هؤالء املجرمون الذين يدعون إلى عبادة غير هللا تعالى‪.‬‬
‫وقد أخبر هللا تعالى ّأن الكفار بعد ْأن وصف كبراءهم باإلجرام‪ ،‬دعوا هللا تعالى ْأن يؤتيهم ضعفين من‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ُ َ َ َ َ َ ُّ َ‬ ‫ه َ َ‬ ‫ُ‬
‫السبيال (‪َ )67‬رهبنا آته ْم ض ْعف ْين م َن‬
‫ونا ه‬ ‫العذاب‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وقالوا َرهبنا إنا أط ْعنا سادتنا وكبراءنا فأضل‬
‫َ ً َ ً‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ال َعذاب َوال َع ْن ُه ْم ل ْعنا كبيرا}[األحزاب‪.]67-68 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف َما لَا مِن َ ى‬
‫شفِعِ َ‬
‫ي ‪} ١٠٠‬‬
‫واملعنى‪ :‬فال أحد يشفع لنا‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى حكاية عن قولهم‪{ :‬ف َه ْل لنا م ْن شف َع َاء فيشف ُعوا لنا أ ْو ن َر ُّد فن ْع َم َل غ ْي َر‬
‫ه ُه َ‬
‫الذي كنا ن ْع َم ُل}[األعراف‪.]53 :‬‬

‫َ‬
‫ِيق َْحِيم ‪}١٠١‬‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وَّل صد ٍ‬
‫واملعنى‪ :‬وال صديق حميم يهمه أمرنا‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫وذلك ألن املحبة والصداقة بين الكافرين غير باقية يوم القيامة‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱلخِل ُء يَ ۡو َمئِذ‬
‫ّ‬
‫ض ُه ۡم ِلَ ۡعض َع ُد يو إ ََّل ٱل ۡ ُم َت ِق َ‬
‫ي ‪[}٦٧‬الزخرف‪.]67 :‬‬ ‫َۡ ُ‬
‫بع‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬

‫ۡ‬
‫ۡ َ َ َ َ َ‬
‫ون م َِن ٱل ُم ۡؤ ِمن َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫ِي ‪}١٠٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فلو أن لا كرة فنك‬
‫واملعنى‪ :‬فليت لنا رجعة إلى الدنيا‪ ،‬فنصير من جملة املؤمنين املفلحين الناجين‪.‬‬
‫َ َ ُ ُّ ْ َ َ ُ ْ‬ ‫وال فائدة لهم من الرجعة؛ ّ‬
‫ألنهم ْلو ر ّدوا إلى الدنيا لعادوا ملا نهوا عنه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ولو ردوا لعادوا‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َلَا ُن ُه ْوا َع ُ‬
‫نه َوإ هن ُهم لكاذ ُبون}[األنعام‪.]28 :‬‬
‫وهذه اآلية واآليات التي قبلها تحكي عن مخاصمة أهل النار فيها‪ ،‬وقد أخبر هللا تعالى بأنها حق‪ ،‬كما‬
‫ه‬ ‫ه َ َ َ َ ٌّ َ َ ُ َ‬
‫اص ُم أ ْهل النار}[ص‪.]64 :‬‬ ‫قال تعالى‪{ :‬إن ذلك لحق تخ‬

‫ك ل َ ُه َو ٱ ۡل َعز ُ‬
‫يز ٱ َلرح ُ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫كَُ‬
‫َّث ُهم ُِّّ ۡؤ ِمن َ‬ ‫َى َ َ َ َ َ َ َ ۡ‬ ‫َ‬
‫ِيم ‪} ١٠٤‬‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫ِإَون‬ ‫‪١٠٣‬‬ ‫ِي‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ِِف ذل ِك ٓأَلية وما َكن أ‬

‫ۡ‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ت ق ۡو ُم ن ٍ‬
‫وح ٱل ُم ۡر َسل َِي ‪} ١٠٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬كذبَ ۡ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬كذب قوم نوح رسولهم نوحا عليه السالم‪ ،‬فكانوا بهذا التكذيب مكذبين لجميع املرسلين‪.‬‬
‫ُ ٌ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ ه َ ْ َ َُْ ْ َ ْ ُ ُ َ َ ه‬
‫وح فكذ ُبوا َع ْب َدنا َوقالوا َم ْجنون َوا ْز ُدج َر}[القمر‪:‬‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬كذبت قبلهم قوم ن ٍ‬
‫‪.]9‬‬
‫ۡ َ َ َُ ۡ َ ُ ُ ۡ ُ ََ ََُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِذ قال لهم أخوهم نوح أَّل تتقون ‪} ١٠٦‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ك ۡم َر ُسول أمِي ‪} ١٠٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ ِن ل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إني لكم رسول أمين فيما أبلغكم من رب العاملين‪.‬‬
‫ْ َ َ‬ ‫ََ َ ٌ َ‬ ‫ال َيا َق ْوم َل ْي َ‬
‫ونظير هذه قوله تعالى‪َ { :‬ق َ‬
‫ضاللة َولكني َر ُسو ٌل م ْن َرب ال َعاَلين}[األعراف‪.]61 :‬‬ ‫س بي‬

‫ََ َ ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ١٠٨‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فٱتقوا ٱَّلل وأ ِطيع ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فاتقوا هللا تعالى وخافوا عذابه وأطيعوني فيما آمركم به من عبادته‪ ،‬كما قال تعالى على لسان‬
‫اعب ُدوا هللا و اتقو َو َأط ْ‬
‫يعون}[نوح‪.]3 :‬‬ ‫نوح عليه السالم‪{ :‬أن ُ‬

‫ۡ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫لَع َرب ٱل َع ىلم َ‬ ‫ُ ۡ َ ۡ ۡ ۡ ۡ ۡ َ‬ ‫ََ ۡ‬
‫ي ‪} ١٠٩‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وما أسَٔٔلكم عليهِ مِن أج ٍر إِن أج ِري إَِّل ى ِ‬
‫واملعنى‪ : :‬وما أسألكم يا قومي شيئا من األجر في مقابل تبليغ ما أمرني ربي بتبليغه إليكم‪ ،‬وما ْ‬
‫أجري‬
‫الذي سألته إال على هللا ر ّب العاملين‪.‬‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َيا َق ْوم ََل َأ ْس َأ ُل ُك ْم َع َل ْيه َم ًاَل إ ْن َأ ْجر َي إ هَل َع َلى هَّللا َو َما َأ َنا ب َطارد هالذ َ‬
‫ين‬
‫ُ‬
‫َآمنوا}[هود‪.]29 :‬‬

‫ََ َ ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ١١٠‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فٱتقوا ٱَّلل وأطِيع ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فاتقوا هللا تعالى وخافوا عذابه وأطيعوني فيما آمركم به من عبادته‪.‬‬
‫َ‬
‫اعب ُدوا هللا و اتقو َوأط ْ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى على لسان نوح عليه السالم‪{ :‬أن ُ‬
‫يعون}[نوح‪.]3 :‬‬

‫ۡ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُۡ‬ ‫ۡ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬


‫ون ‪} ١١١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا أنؤم ُِن لك َوٱت َب َعك ٱلرذل‬
‫ونصدقك‪ ،‬واتبعك األرذلون من غير ْأن يتثبتوا من حقيقة أمرك‪،‬‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬قال قوم نوح له‪ :‬أنؤمن لك‬
‫َ ه ْ َ َ َ ُ ْ َ َْ‬ ‫َ َ َ هَ َ َ ه ه َ ُ ْ َ ُ‬
‫فال داعي لإليمان بك‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وما نراك اتبعك إَل الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا‬
‫َ‬ ‫َ ُ ُّ ُ‬ ‫م ْن َف ْ‬
‫ض ٍل َب ْل نظنك ْم كاذبين}[هود‪.]27 :‬‬

‫ۡ َ ُ ُ ۡ َ َ َى َ َ ۡ َ ۡ ُ ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪} ١١٣‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬قال َو َما عِل ِم ب ِ َما َكنوا َي ۡع َملون ‪ ١١٢‬إِن حِسابهم إَِّل لَع ر ِب لو تشعر‬

‫ۡ‬
‫اردِ ٱل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪}١١٤‬‬‫ط‬‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما َأنَا ب َ‬
‫ِ ِ‬
‫فإنهم مالقو ربهم‬ ‫واملعنى‪ :‬وليس من شأني ْأن أطرد املؤمنين‪ ،‬سواء أكانوا من الفقراء أم من األغنياء؛ ّ‬
‫َ ُ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ه َ ُ‬ ‫ََ َ‬
‫ين َآمنوا إ هن ُه ْم ُمالقو َربه ْم َولكني أ َراك ْم ق ْو ًما ت ْج َهلون}[هود‪:‬‬ ‫يوم القيامة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما أنا بطارد الذ‬
‫‪.]29‬‬
‫َ‬
‫قد نهى هللا تعالى رسوله صلى هللا عليه وسلم إبعاد الفقراء الذين يخلصون هلل العبادة عن مجلسه‪،‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫كما قال تعالى‪َ { :‬وَل َت ْط ُرد هالذ َ‬
‫ين َي ْد ُعون َ هرب ُه ْم بالغداة َوال َعش ي ُير ُيدون َو ْج َه ُه}[األنعام‪ ،]52 :‬بل أمره هللا تعالى‬
‫ألنهم أفضل عند هللا من كثير من األغنياء الذين ال يؤمنون‪ ،‬كما‬ ‫تقريبهم من مجلسه الشريف والصبر معهم؛ ّ‬
‫ون َو ۡج َه ُهۥ َو ََّل َت ۡع ُد َع ۡي َن َ‬
‫اك َع ۡن ُه ۡم تُر ُ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ ۡ ۡ َۡ َ َ َ َ َ َ َۡ ُ َ‬
‫ون َر َب ُهم بٱ ۡل َغ َد ىوة ِ َوٱ ۡل َ‬
‫يد‬ ‫ِ‬ ‫يد‬ ‫ر‬‫ي‬
‫ِ ِ‬ ‫ش‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫قال تعالى‪ { :‬وٱص ِب نفسك مع ٱَّلِين يدع‬
‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّل ۡن َيا }[الكهف‪.]28 :‬‬ ‫ز َ‬
‫ينة ٱ َ‬
‫ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ ۡن أنَا إَِّل نَذِير ُّمبِي ‪} ١١٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬ما أنا إال نذير مبين لكم‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ولقد أ ْر َسلنا نوحا إلى ق ْومه إني لك ْم نذ ٌير ُمب ٌين}[هود‪.]25 :‬‬

‫ۡ‬
‫ۡ َ َ َىُ ُ َ َ‬
‫ون َن م َِن ٱل َم ۡر ُجوم َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ِي ‪}١١٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا لئِن لم تنتهِ ينوح ِلك‬
‫ّ‬
‫لتكونن من املقتولين رميا بالحجارة‪.‬‬ ‫عن دعوتك إيانا إلى دينك‪،‬‬ ‫لئن لم تنته ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬قال قوم نوح له‪ْ :‬‬
‫ِ‬

‫َ َ‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال َر َ ۡ‬
‫ون ‪} ١١٧‬‬
‫ب إِن قو ِم كذب ِ‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫وأصروا على‬ ‫واملعنى‪ :‬قال نوح عليه السالم داعيا ربه‪ :‬ر ّب إن قومي كذبوني في دعوتي واستكبروا عنها‬
‫َ‬ ‫كفرهم‪ .‬كما قال تعالى على لسان نوح عليه السالم‪َ { :‬و إني ُك هل َما َد َع ْو ُت ُه ْم ل َت ْغف َر َل ُه ْم َج َع ُلوا َأ َ‬
‫صاب َع ُه ْم في آذانه ْم‬
‫َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ُ ْ َ َ َ ُّ َ ْ َ ْ َ ُ ْ ْ‬
‫استك َب ًارا}[نوح‪.]7 :‬‬ ‫واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬


‫ع م َِن ٱل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪}١١٨‬‬
‫نن َو َمن َم ِ َ‬ ‫َ ۡ َۡ َََُۡ ۡ ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فٱفتح بي ِن وبينهم فتحا و ِ ِ‬
‫كذب رسولك‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ونجني ومن معي من املؤمنين من‬ ‫واملعنى‪ :‬فاحكم بيني وبينهم حكما عدال تهلك به من‬
‫العذاب‪.‬‬
‫َ‬
‫َ ْ ٌ َْ‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وب فانتص ْر}[القمر‪.]10 :‬‬ ‫تبين قوله تعالى في سورة القمر‪{ :‬ف َد َعا َرهب ُه أني مغل‬ ‫وهذه اآلية ّ‬

‫ۡ ۡ‬ ‫ۡ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فأنَ ۡي َنى ُه َو َمن َم َع ُهۥ ِف ٱل ُفل ِ َ ُ‬ ‫ََ‬
‫ون ‪} ١١٩‬‬
‫ك ٱ لم ش ح ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فأنجينا نوحا عليه السالم ومن آمن معه من الكرب العظيم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َن هج ْي َنا ُ َو َأ ْه َلهُ‬
‫ْ‬ ‫َْ‬
‫م َن الك ْرب ال َعظيم}[الصافات‪ ،]76 :‬في السفينة اململوءة بأصناف املخلوقات التي حملها معه‪،‬‬

‫ۡ‬ ‫ُ َ ۡ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ث َم أغ َرق َنا َب ۡع ُد ٱلَاق َِي ‪}١٢٠‬‬
‫واملعنى‪ :‬ثم أغرقنا بعد إنجاء نوح ومن آمن معه الباقين الذين كفروا وكذبوا به‪.‬‬
‫ين}[الصافات‪.]82 :‬‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ُ { :‬ث هم َأ ْغ َر ْق َنا اْلخر َ‬

‫ك ل َ ُه َو ٱ ۡل َعز ُ‬
‫يز ٱ َلرح ُ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫كَُ‬
‫َّث ُهم ُِّّ ۡؤ ِمن َ‬ ‫َى َ َ َ َ َ َ َ ۡ‬ ‫َ‬
‫ِيم ‪}١٢٢‬‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫ِإَون‬ ‫‪١٢١‬‬ ‫ِي‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ِِف ذل ِك ٓأَلية وما َكن أ‬

‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬كذبَ ۡت ََعد ٱل ُم ۡر َسل َِي ‪} ١٢٣‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬كذبت قبيلة عاد رسولهم هودا‪ ،‬فكانوا بهذا التكذيب مكذبين لجميع املرسلين‪.‬‬
‫ُُ‬ ‫َ هَ ْ ٌ ََ َ َ‬
‫عاد فك ْيف كان َعذابي َونذر}[القمر‪.]18 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬كذبت‬

‫ََُ َ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َ َ‬


‫ون ‪} ١٢٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِذ قال ل ُه ۡم أخوه ۡم هود أَّل تتق‬
‫واملعنى‪ :‬حين قال لهم أخوهم هود عليه السالم أال تتقون هللا وتخشون عذابه؟‬
‫َ َ َ َ َ ُ ْ ُ ً َ َ َ َ ْ ُْ ُ هَ َ َ ُ ْ ْ َ َُُْ َ ََ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬وإلى ع ٍاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا َّللا ما لكم من إل ٍه غير أفال‬
‫َهُ َ‬
‫تتقون}[األعراف‪.]65 :‬‬

‫َ‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫ك ۡم َر ُسول أمِي ‪}١٢٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ ِن ل‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إني لكم رسول أمين من رب العاملين‪.‬‬
‫ْ َ َ‬ ‫َ َ َ ٌ َ‬ ‫ال َيا َق ْوم َل ْي َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ق َ‬
‫اهة َولكني َر ُسو ٌل م ْن َرب ال َعاَلين}[األعراف‪:‬‬‫س ب ي سف‬
‫‪.]67‬‬

‫ََ َ ُ‬ ‫َ‬‫َُ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ١٢٦‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فٱتقوا ٱَّلل وأطِيع ِ‬

‫ۡ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫لَع َرب ٱل َع ىلم َ‬ ‫ُ ۡ َ ۡ ۡ ۡ ۡ ۡ َ‬ ‫ََ ۡ‬
‫ي ‪} ١٢٧‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وما أسَٔٔلكم عليهِ مِن أج ٍر إِن أج ِري إَِّل ى ِ‬
‫أجري‬ ‫واملعنى‪ :‬وما أسألكم يا قومي شيئا من األجر في مقابل تبليغ ما أمرني ربي بتبليغه إليكم‪ ،‬وما ْ‬
‫الذي سألته إال على هللا ر ّب العاملين‪.‬‬
‫ه‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ َ َُ ُ َ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى على لسان هود عليه السالم‪َ { :‬يا ق ْوم َل أ ْسألك ْم َعل ْيه أ ْج ًرا إن أ ْجر َي إَل‬
‫َ ه َ َ َ ََ َ ُ َ‬
‫َعلى الذي فط َرني أفال ت ْعقلون}[هود‪.]51 :‬‬

‫َ ََ ُ َ َ َ َ َ َ َ ُ ۡ َۡ ُُ َ‬ ‫َۡ ُ َ‬ ‫ََُۡ َ ُ‬
‫ون ‪}١٢٩‬‬‫خذون ِّصان ِع لعلكم َتِل‬ ‫يع َءايَة تع َبثون ‪ ١٢٨‬وتت ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أتبنون بِك ِل رِ ٍ‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا َب َطش ُتم َب َطش ُت ۡم َج َبار َ‬‫َ‬
‫ين ‪} ١٣٠‬‬‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وإذا بطشتم بأحد من الناس قتال أو ضربا‪ ،‬بطشتم قاهرين ظاملين‪.‬‬
‫وقد ّبين هللا تبارك وتعالى ّأن عادا مع قوتهم وبطشتهم استكبروا في األرض وجحدوا بآيات هللا ونعمه‪،‬‬
‫َ ْ ْ َ َ َ ُ َ ْ َ َ ُّ ه ُ ه ً َ َ َ ْ َ َ ْ َ ه ه َ ه‬ ‫ََه َ ٌ َ ْ َ ْ‬
‫َّللا الذي‬ ‫استك َب ُروا في األ ْرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬فأما عاد ف‬
‫َ َ َ ُ ْ ُ َ َ َ ُّ ْ ُ ْ ُ ه ً َ َ ُ َ َ َ ْ َ ُ َ‬
‫خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون}[فصلت‪.]15 :‬‬

‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫ََ َ ُ ََۡ‬ ‫ََ َ ُ َ ََُۡ َ‬ ‫َ َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ََ‬ ‫َ َُ‬
‫ون ‪ ١٣١‬وٱتقوا ٱَّلِي أمدكم بِما تعلمون ‪ ١٣٢‬أمدكم بِأنعم وبن ِي ‪ ١٣٣‬وجنت‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فٱتقوا ٱَّلل وأطِيع ِ‬
‫َ َ ُ َ َۡ ُ‬
‫ك ۡم َع َذ َ‬ ‫َ ُُ‬
‫اب يَ ۡو ٍم َع ِظيم ‪} ١٣٥‬‬ ‫ون ‪ ١٣٤‬إ ِ ِن أخاف علي‬
‫وعي ٍ‬

‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ َۡ َ َ ۡ َ ۡ ۡ َ ُ‬
‫كن م َِن ٱل َو ى ِع ِظ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ي ‪} ١٣٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا سواء علينا أوعظت أم لم ت‬
‫تذكرنا وتخوفنا‪ْ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫أذكرتنا ّ‬ ‫ّ‬
‫فلن‬ ‫وخوفتنا عذاب يوم عظيم أم لم‬ ‫واملعنى‪ :‬قالت عاد‪ :‬سواء علينا يا هود‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََْ‬ ‫ولن نترك آلهتنا‪ ،‬كما قال تعالى على لسانهم‪َ { :‬ق ُالوا َيا ُه ُ‬
‫ود َما جئتنا ب َبين ٍة َو َما ن ْح ُن بتاركي آل َهتنا‬ ‫نؤمن لك‪ْ ،‬‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫َع ْن ق ْول َك َو َما ن ْح ُن ل َك ب ُمؤمنين}[هود‪.]53 :‬‬

‫َ َ َۡ‬
‫َن ُن ب ُم َع َذب َ‬ ‫ۡ َ َ َ ُ ُُ َۡ‬
‫ل َول َ‬
‫ي ‪}١٣٨‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫م‬‫و‬ ‫‪١٣٧‬‬ ‫ِي‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن هىذا إَِّل خلق ٱ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫َ‬ ‫ََ َ ۡ‬ ‫َ َ َ‬


‫َّث ُهم ُِّّ ۡؤ ِمن َِي ‪} ١٣٩‬‬
‫ك ُ‬ ‫ى َ َ ََ َ ۡ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فكذبُوهُ فأهلك َنى ُه ۡ رم إِن ِِف ذل ِك ٓأَلية وما َكن أ‬
‫فأصروا على تكذيب هود عليه السالم‪ ،‬فأهلكناهم بريح شديدة البرودة والقوة‪ ،‬ذات صوت‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫َ هَ‬ ‫ه َْ َ َْ ََْ ْ ً َ ْ َ ً َ ْ َ ْ ُ ْ َ‬
‫س مستم ٍر}[القمر‪ ،]19 :‬وقال تعالى‪{ :‬وأما‬ ‫هائل‪ ُ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نح ٍ‬
‫ص ٍر عات َية}[الحاقة‪ّ ،]6 :‬إن في ذلك اإلهالك لعبرة واضحة للذين جاؤوا من بعدهم‪ ،‬وما‬ ‫ص ْر َ‬ ‫عاد َفأ ْهل ُكوا بريح َ‬
‫ٌ‬
‫ٍ‬
‫أكثر الناس مؤمنين بك أيها الرسول صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫ك ل َ ُه َو ٱ ۡل َعز ُ‬
‫يز ٱ َلرح ُ‬
‫ِيم ‪} ١٤٠‬‬ ‫َ ََ َ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون رب‬
‫ِ‬
‫َ ۡ ُ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ود ٱل ُم ۡر َسل َِي ‪}١٤١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬كذبت ثم‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬كذبت ثمود رسولهم صالحا‪ ،‬فكانوا بهذا التكذيب مكذبين لجميع املرسلين‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫َََ ْ َ ه َ َ ْ ُ ْ‬
‫حاب الح ْجر اَل ْر َسلين}[الحجر‪ ،]80 :‬وقوله تعالى‪:‬‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ولقد كذب أص‬
‫َ ه َ ْ َ ُ ُ ُّ ُ‬
‫ود بالنذر}[القمر‪.]23 :‬‬ ‫{كذبت ثم‬

‫ََُ َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َ َ‬


‫ون ‪}١٤٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِذ قال ل ُه ۡم أخوه ۡم ص ىل ِح أَّل تتق‬
‫واملعنى‪ :‬إذ قال لثمود أخوهم صالح وهو واحد منهم‪ :‬أال تتقون هللا تعالى وتخشون عذابه؟‬
‫هَ َ َ ُ ْ ْ َ‬ ‫ال َيا َق ْوم ْ‬
‫اع ُب ُدوا َّللا ما لكم من إل ٍه‬ ‫صال ًحا َق َ‬ ‫ود َأ َخ ُ‬
‫اه ْم َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وإ َلى َث ُم َ‬
‫َ‬
‫غ ْي ُر ُ }[األعراف‪.]73 :‬‬

‫ُ ُ ۡ َ َۡ ۡ َ ۡ ۡ َ ۡ َ َ ََ‬
‫لَعى‬ ‫ََ َۡ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ََ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ ُ ۡ َُ َ‬
‫ون ‪ ١٤٤‬وما أسَٔٔلكم عليهِ مِن أج ٍر إِن أجرِي إَِّل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ ِن لكم رسول أمِي ‪ ١٤٣‬فٱتقوا ٱَّلل وأطِيع ِ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََُُۡ َ‬ ‫َرب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬
‫ون ِِف َما َهى ُه َنا َءا ِمن َِي ‪ِِ ١٤٦‬ف َج َنىت َو ُع ُيون ‪َ ١٤٧‬و ُز ُروع َوَنل َطل ُع َها َه ِضيم ‪}١٤٨‬‬ ‫ي ‪ ١٤٥‬أتتوُك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ‬
‫َ َۡ ُ َ‬
‫ون م َِن ٱل َبال ُب ُيوتا ف ىره َ‬ ‫ۡ‬
‫ِي ‪} ١٤٩‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫حت‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وتن ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وتنحتون من الجبال بيوتا بالبراعة في نحتها حال كونكم آمنين في بنائها ونحتها واالستقراء فيها‪،‬‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ ُ َ‬
‫كما قال تعالى‪َ { :‬وكانوا َينحتون م َن الجبال ُب ُيوتا آمنين}[الحجر‪.]82 :‬‬

‫ََ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ١٥٠‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فٱتقوا ٱَّلل وأطِيع ِ‬

‫َ ُ ُ َۡ ُ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ّسف َِي ‪} ١٥١‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وَّل ت ِطيعوا أِّر ٱلم ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وال تطيعوا أمر املسرفين املتبادرين في معصية هللا تعالى‪.‬‬
‫َ َ‬
‫وكان هؤالء املسرفون تسعة أشخاص‪ ،‬دأبهم اإلفساد في األرض وعدم اإلصالح‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وكن‬
‫ََ ُ ۡ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َۡ َ ۡ َُ َۡ ُۡ ُ َ‬
‫ون ‪[} ٤٨‬النمل‪.]48 :‬‬ ‫سِدون ِِف ٱلۡر ِض وَّل يصل ِح‬ ‫ِِف ٱلمدِينةِ ت ِسعة رهط يف‬

‫َ ُ ۡ ُ َ‬ ‫َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ١٥٢‬‬ ‫سِدون ِِف ٱلۡر ِض وَّل يصلِح‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِين يف‬
‫واملعنى‪ :‬هم الذين يفسدون في األرض وال يصلحون فيها بحال من األحوال‪.‬‬
‫وكان من مظاهر إفسادهم ّأنهم يبيتون السوء لنبيهم صالح وللمؤمنين معه‪ ،‬فكانت نتيجة مكرهم‬
‫َ َ ۡ َ َۡ َ َۡ‬ ‫َ ََُ ََ ُ ََ ۡ َُ ُ َ ََُ َ‬ ‫الخسار والهالك‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قَالُوا َت َق َ‬
‫اس ُموا ب ِٱَّللِ لبيِتنهۥ وأهلهۥ ثم لقولن ل ِو َِلِهِۦ ما ش ِهدنا ِّهل ِك أهلِهِۦ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ََ َُ َ ۡ ََ ََۡ َ ۡ َ ُ ۡ َ َۡ ُُ َ‬ ‫َ َ َ ُ َ‬
‫ون ‪[}٥٠‬النمل‪.]49-50 :‬‬ ‫ِإَونا لص ىدِقون ‪ ٤٩‬ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم َّل يشعر‬

‫قوله تعالى‪ { :‬قَالُوا إ َن َما أَ َ‬


‫نت م َِن ٱل ۡ ُم َس َحر َ‬
‫ين ‪} ١٥٣‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ُ‬
‫ََ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نت م َِن ٱ َ ى‬
‫لص ِدق َِي ‪} ١٥٤‬‬ ‫ت بأيَة إن ك َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ما أنت إَِّل بش مِثلنا فأ ِ ِ ٍ ِ‬
‫َُْ‬
‫واملعنى‪ :‬ما أنت يا صالح إال بشر مثلنا‪ ،‬فكيف أوحي إليك دوننا‪ ،‬كما قال تعالى على لسانهم‪{ :‬أؤلق َي‬
‫اب َأش ٌر ‪َ .‬س َي ْع َل ُمو َن َغ ًدا َمن ْال َك هذ ُ‬
‫اب األش ُر}[القمر‪ ،]25-26 :‬فأتنا بآية‬ ‫الذ ْك ُر َع َل ْيه م ْن َب ْين َنا َب ْل ُه َو َك هذ ٌ‬
‫واضحة تدل على صدقك‪ْ ،‬إن كنت من الصادقين في دعواك‪.‬‬

‫ُ‬
‫َ ۡ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ش ُب يَ ۡوم َم ۡعلوم ‪} ١٥٥‬‬
‫ك ۡم ِ ۡ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال هى ِذه ِۦ ناقة لها ِشب ول‬
‫َ َُ‬
‫واملعنى‪ :‬قال صالح عليه السالم لثمود‪ :‬هذه ناقة هللا آية لكم على صدقي‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬هذ ناقة‬
‫َ‬ ‫ه َ ُ ْ َ ً َ َ ُ َ َُْ‬
‫وها تأك ْل في أ ْرض هَّللا}[األعراف‪ ،]73 :‬ولها نصيب من املاء في يوم شربها‪ ،‬ولكم نصيب آخر‬ ‫َّللا لكم آية فذر‬
‫َ َ ْ ُ ْ َ ه ْ َ َ ْ َ ٌ َ ْ َ ُ ْ ُُّ‬
‫منه في يوم شربكم‪ ،‬كل نصيب من املاء يحضره من هو له‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ونبئهم أن اَلاء قسمة بينهم كل‬
‫ش ْرب ُم ْح َت َ‬
‫ض ٌر}[القمر‪.]28 :‬‬ ‫ٍ‬

‫َ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫اب يَ ۡو ٍم َع ِظيم ‪} ١٥٦‬‬ ‫ك ۡم َعذ ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وَّل ت َم ُّسوها ب ِ ُسوء فيأخذ‬
‫واملعنى‪ :‬وال تمسو هذه الناقة بعقر أو ضرب‪ ،‬فيصيبكم بسبب ذلك عذاب يوم تعظم ّ‬
‫شدته‪.‬‬
‫وء‬ ‫س‬‫ُ‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫وها َت ْأ ُك ْل في َأ ْ ض هَّللا َوَل َت َم ُّس َ‬
‫وه‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬هذ َن َاق ُة هَّللا َل ُك ْم َآي ًة َف َذ ُر َ‬
‫ٍ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫َُْ‬ ‫ً ََ‬ ‫َُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫اب َأل ٌ‬ ‫َف َي ْأ ُخ َذ ُك ْم َع َذ ٌ‬
‫يم}[األعراف‪ ،]73 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬ويا ق ْوم هذ ناقة هَّللا لك ْم َآية فذ ُروها تأك ْل في أ ْرض هَّللا‬
‫يب}[هود‪.]64 :‬‬ ‫وء َف َي ْأ ُخ َذ ُك ْم َع ٌ‬
‫ذاب َقر ٌ‬ ‫وَل ت َم ُّسوها ب ُس ٍ‬
‫َ َ‬

‫حوا َنى ِدم َ‬ ‫ََُ َ‬


‫وها فأ ۡص َب ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ِي ‪}١٥٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فعقر‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬فنحر قدار بن سالف ومعه تسعة رهط من ثمود تلك الناقة بأمرهم وظلموا بها‪ ،‬كما قال‬
‫ً َ ََ‬ ‫َ ََْ َُ َ ه َ َ‬
‫ود الناقة ُم ْبص َرة فظل ُموا ب َها}[اإلسراء‪ ،]59 :‬فأصبحوا نادمين متحسرين بعد معاينة‬ ‫تعالى‪{ :‬و آتينا ثم‬
‫العذاب‪.‬‬

‫كَُ‬ ‫َى َ َ َ َ َ َ َ ۡ‬ ‫ََ َ َ ُ ُ َۡ َ ُ َ‬


‫َّث ُهم ُِّّ ۡؤ ِمن َِي ‪}١٥٨‬‬ ‫اب إِن ِِف ذل ِك ٓأَلية وما َكن أ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فأخذهم ٱلعذ ر‬
‫الص ْيحة من السماء والزلزلة الشديدة من أسفل منهم‬ ‫واملعنى‪ :‬فأخذ هؤالء املستكبرين العذاب وهو ّ‬
‫الر ْج َف ُة َف َأ ْ‬
‫ص َب ُحوا‬ ‫فأهلكتهم‪ ،‬فأصبحوا في بالدهم أو مساكنهم هامدين ال يتحركون‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ف َأ َخ َذ ْت ُه ُم ه‬
‫ص َب ُحوا في دياره ْم‬ ‫الص ْي َح ُة َف َأ ْ‬ ‫ه‬ ‫َ َ َ َ ه َ ََ‬
‫ين ظل ُموا‬
‫َ‬
‫في َداره ْم َجاثمين}[األعراف‪ ،]78 :‬وقال تعالى‪{ :‬وأخذ الذ‬
‫جاثمين}[هود‪ّ ،]67 :‬إن في ذلك اإلهالك لعبرة واضحة للذين جاؤوا من بعدهم‪ ،‬وما أكثر الناس مؤمنين بك‬
‫أيها الرسول صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫ك ل َ ُه َو ٱ ۡل َعز ُ‬
‫يز ٱ َلرح ُ‬
‫ِيم ‪} ١٥٩‬‬ ‫َ ََ َ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون رب‬
‫ِ‬

‫َ ۡ ُ‬‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫وط ٱل ُم ۡر َسل َِي ‪} ١٦٠‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬كذبت ق ۡوم ل ٍ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬كذبت قوم لوط رسولهم لوطا‪ ،‬فكانوا بهذا التكذيب مكذبين لجميع املرسلين‪.‬‬
‫ُّ ُ‬ ‫َ هَ ْ َُْ ُ‬
‫وط بالنذر}[القمر‪.]33 :‬‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬كذبت قوم ل ٍ‬

‫ون ‪َ ١٦٣‬و َما‬ ‫ََ ََ ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ۡ َُ‬ ‫ََ ََُ َ‬ ‫ۡ َ َ َُ ۡ َ ُ ُ ۡ ُ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬إِذ قال لهم أخوهم لوط أَّل تتقون ‪ ١٦١‬إ ِ ِن لكم رسول أمِي ‪ ١٦٢‬فٱتقوا ٱَّلل وأطِيع ِ‬
‫ُ ُ ۡ َ َۡ ۡ َ ۡ ۡ َ ۡ َ َ ََ‬
‫لَع َرب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬
‫ى‬ ‫َۡ‬
‫ي ‪}١٦٤‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّل‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫ج‬‫أ‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ر‬
‫ٍ‬ ‫ج‬ ‫أ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ي‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ٔ‬
‫َ‬ ‫ٔ‬ ‫س‬ ‫أ‬

‫َ‬ ‫َ َ ۡ ُ َ ُّ ۡ َ َ َ ۡ َ ى َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أتأتون ٱَّلكران مِن ٱلعل ِمي ‪} ١٦٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬قال لوط عليه السالم لقومه‪ :‬أتأتون الذكور من بني آدم من أدبارهم‪ ،‬وهي فعلة بلغت نهاية‬
‫َ ُ‬ ‫ََُْ َ ْ َ َ َ‬ ‫َُ ً ْ َ َ َ‬
‫ال لق ْومه أتأتون الفاحشة َما َس َبقك ْم ب َها م ْن‬ ‫الفحش‪ ،‬وما فعلها أحد قبلكم؟ كما قال تعالى‪{ :‬ولوطا إذ ق‬
‫َ‬ ‫ۡ‬
‫َ ُ َ َى َ َ َ ُ ۡ ُۡ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ َ‬
‫ون ‪[}٥٤‬النمل‪:‬‬ ‫ُص‬ ‫أح ٍد من العاَلين}[األعراف‪ ،]80 :‬وقال تعالى‪َ { :‬ولوطا إِذ قال ل ِق ۡو ِمهِۦ أتأتون ٱلف ِ‬
‫حشة وأنتم تب ِ‬
‫‪.]54‬‬

‫َ‬ ‫ۡ َ‬
‫ۡ ۡ َى ُ َ ُ ۡ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬‫ُ ۡ َ ُّ ُ‬ ‫َ‬
‫ََ ُ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}١٦٦‬‬ ‫جكم بل أنتم قوم َعد‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وتذرون ما خلق لكم ربكم مِن أزو ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وتتركون ما خلق رّبكم لقضاء شهوتكم في أزواجكم‪ ،‬بل أنتم قوم متجاوزون الحدود الشرعية‬
‫َ َ‬ ‫َ َ ُ ۡ ََُۡ َ‬
‫لر َجال ش ۡه َوة مِن‬
‫ِ‬ ‫ٱ‬ ‫ون‬ ‫والفطرية‪ ،‬بل أنتم قوم تجهلون‪ ،‬كما قال تعالى على لسان لوط عليه السالم‪ { :‬أئِنكم ِلأت‬
‫َ َ ُۡ ۡ َۡ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬
‫ون ‪[}٥٥‬النمل‪.]55 :‬‬ ‫ون ٱلنِساءِ بل أنتم قوم تهل‬
‫د ِ‬
‫َُْ َ‬ ‫َ َ َ ً‬ ‫ه ُ ََُْ َ‬
‫ال ش ْه َوة م ْن ُدون الن َساء َب ْل أنت ْم ق ْو ٌم‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إنك ْم لتأتون الرج‬
‫ُ َ‬
‫ُم ْسرفون}[األعراف‪.]81 :‬‬
‫ون َن م َِن ٱل ُم ۡخ َرج َ‬ ‫ۡ‬
‫ۡ َ َ َى ُ َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ي ‪} ١٦٧‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا لئِن لم تنتهِ يلوط ِلك‬
‫لم تنته يا لوط عن إنكارك علينا فيما فعلنا من إتيان‬ ‫واملعنى‪ :‬قالوا مجيبين لوطا عليه السالم‪ :‬لئن ْ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لتكونن من املطرودين من بالدنا‪ ،‬وقالوا لبعضهم‪ :‬أخرجوا لوط وأهله من قريتكم‪ ،‬إنه وأهله أناس‬ ‫الذكور‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫اب ق ْومه إَل أ ْن قالوا أخر ُج ُ‬
‫وه ْم م ْن ق ْرَيتك ْم إ هن ُه ْم أن ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ان َج َو َ‬ ‫َ‬
‫اس‬ ‫يتطهرون‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما ك‬ ‫ّ‬
‫َ َ َ‬
‫َيتط هه ُرون}[األعراف‪.]82 :‬‬

‫َ ََُۡ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َۡ َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ َ‬


‫ون ‪} ١٦٩‬‬ ‫ن ِن َوأه َِل ِِّما يعمل‬
‫ب ِ‬‫قوله تعالى‪ { :‬قال إ ِ ِن ل ِعمل ِكم مِن ٱلقال ِي ‪ ١٦٨‬ر ِ‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف َن َج ۡي َنى ُه َوأ ۡهل ُهۥ أ ۡ َ‬
‫ۡج ِع َ‬
‫ي ‪}١٧٠‬‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫فنجينا لوطا عليه السالم وأهله أجمعين من العذاب‪ ،‬ألنه لم يكن آمن به إال أهل بيته‪ ،‬كما‬
‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ ْ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ ْ َ‬
‫قال تعالى‪{ :‬فأخ َر ْجنا َم ْن كان ف َيها م َن اَلؤمنين ‪ .‬ف َما َو َج ْدنا ف َيها غ ْي َر َب ْي ٍت م َن اَل ْسلمين}[الذريات‪.]35-36 :‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ً َ ُْ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وإ هن لوطا َل َن اَل ْر َسلين ‪ .‬إذ ن هج ْينا ُ َوأ ْهل ُه أ ْج َمعين}[الصافات‪:‬‬
‫‪.]133-134‬‬

‫قوله تعالى‪ { :‬إ ََّل َع ُ‬


‫جوزا ِف ٱ ۡل َغ ىب َ‬
‫ين ‪} ١٧١‬‬‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فإنها بقيت في العذاب مع القوم الهالكين الباقين في العذاب‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬إال امرأته العجوز‪ّ ،‬‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ف َأ ْن َج ْي َنا ُ َو َأ ْه َل ُه إ هَل ْام َر َأ َت ُه َك َان ْت م َن ْال َغابر َ‬
‫ين}[األعراف‪ ،]83 :‬وقوله‬
‫ين}[الصافات‪.]135 :‬‬ ‫وزا في ْالغابر َ‬
‫ه َ ُ ً‬
‫تعالى‪{ :‬إَل عج‬

‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ث َم َد َِّ ۡرنَا ٱٓأۡل َخر َ‬
‫ين ‪}١٧٢‬‬ ‫ِ‬
‫دمرنا َم ْن عداهم من الكفرة‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬ثم ّ‬
‫وكان تدميرهم بجعل عالي قريتهم سافلها‪ ،‬وخسف األرض بهم‪ ،‬وإمطارهم من طين متصلب متين‪،‬‬
‫يل}[الحجر‪:‬‬ ‫ج‬‫س‬ ‫متتابع في النزول عليهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ف َج َع ْل َنا َعال َي َها َساف َل َها َو َأ ْم َط ْرَنا َع َل ْيه ْم ح َجا َر ًة م ْ‬
‫ن‬
‫ٍ‬ ‫ُْ ْ َ َ َ َ‬
‫َه‬ ‫َ َ ه‬
‫‪ ،]74‬وقال تعالى‪َ { :‬واَلؤتفكة أ ْهوى (‪ )53‬فغشاها ما غش ى}[النجم‪.]53-54 :‬‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وأ ۡم َط ۡرنَا َعل ۡيهم َم َطرا ف َسا َء َم َط ُر ٱل ُمنذر َ‬
‫ين ‪}١٧٣‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ْ َ ْ َ َ ْ ََ‬
‫واملعنى‪ :‬وأمطرنا على قوم لوط مطرا من حجارة من سجيل منضود‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وأمطرنا عليها‬
‫ح َجا َ ًة م ْن سج ْ ُ‬
‫ود}[هود‪ ،]82 :‬فساء مطر الذين أنذروا به من دمار‪.‬‬ ‫يل َمنض ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ُ ُْ‬ ‫َ َ ْ ُ َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وأ ْمط ْرنا َعل ْيه ْم َمط ًرا فانظ ْرك ْيف كان َعاق َبة اْل ْجرمين}[األعراف‪.]84 :‬‬

‫ك ل َ ُه َو ٱ ۡل َعز ُ‬
‫يز ٱ َلرح ُ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫كَُ‬
‫َّث ُهم ُِّّ ۡؤ ِمن َ‬ ‫َى َ َ َ َ َ َ َ ۡ‬ ‫َ‬
‫ِيم ‪}١٧٥‬‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ِإَون‬ ‫‪١٧٤‬‬ ‫ِي‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ِِف ذل ِك ٓأَلية وما َكن أ‬

‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬
‫كةِ ٱل ُم ۡر َسل َ‬ ‫ۡ‬ ‫حى ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬كذ َب أ ۡص َ‬
‫ِي ‪}١٧٦‬‬ ‫ب لَٔٔي‬
‫شعيب عليه السالم‪ ،‬فكانوا بهذا التكذيب‬ ‫َ‬ ‫واملعنى‪ :‬كذب أصحاب األرض ذات الشجر الناعم امللتف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ْ َ ْ ُ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫حاب األ ْيكة لظاَلين}[الحجر‪:‬‬ ‫مكذبين لجميع املرسلين‪ ،‬وهم ظاملون ألنفسهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وإن كان أص‬
‫‪.]78‬‬
‫وذهب جمهور العلماء إلى أن أصحاب األيكة وأهل مدين قبيلة واحدة‪ ،‬ولهم رسول واحد وهو شعيب‬ ‫ّ‬
‫ألن هللا تعالى أمرهم بإخالص العبادة هلل تعالى‪ ،‬ونهيهم عن تطفيف الكبل وامليزان‪ ،‬وعن قطع‬ ‫عليه السالم؛ ّ‬
‫َّللا ما َل ُك ْم م ْن إله َغ ْي ُر ُ‬ ‫قال يا َق ْوم ْ‬
‫اع ُب ُدوا ه َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َْ َ َ ُ ْ ُ َْ ً‬
‫ٍ‬ ‫با‬ ‫الطريق‪ ،‬كما قال تعالى في أهل مدين‪{ :‬وإلى مدين أخاهم شعي‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫َّللا َما لك ْم م ْن‬ ‫ال َيا َق ْوم ْ‬
‫اع ُب ُدوا ه َ‬ ‫اه ْم ُش َع ْي ًبا َق َ‬‫يزان}[هود‪ ،]84 :‬وقال‪َ { :‬وإ َلى َم ْد َي َن َأ َخ ُ‬ ‫َ َُْ ُ ْ ْ َ َ ْ َ‬
‫وَل تنقصوا اَلكيال واَل‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫إ َل ٍه َغ ْي ُر ُ َق ْد َج َاء ْت ُك ْم َبينة م ْن َربك ْم فأ ْوفوا الك ْي َل َواَليزان َوَل ت ْبخ ُسوا الن َ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫اس أش َيا َء ُه ْم َوَل تفس ُدوا في األ ْرض‬
‫َ ُ ۡ َ َ َ‬ ‫َ ُ َْ َ ُ ْ ُُْ ْ َ‬
‫صالح َها ذلك ْم خي ٌر لك ْم إن كنت ْم ُمؤمنين}[األعراف‪ ،]85 :‬وقال في أصحاب األيكة‪۞ { :‬أ ۡوفوا ٱلك ۡيل َوَّل‬ ‫َب ْع َد إ ْ‬
‫َۡ‬ ‫َ َ َۡ َ َ ُ ۡ ََ ََۡ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ۡ‬
‫اس ٱل ُم ۡس َتقِي ِم ‪َ ١٨٢‬وَّل ت ۡبخ ُسوا ٱلاس أشياءهم وَّل تعثوا ِِف ٱلۡرض‬
‫ِ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫كونُوا م َِن ٱل ۡ ُم ۡخ ِّس َ‬
‫ين ‪َ ١٨١‬وزِنوا ب ِٱلقِ ۡس َط ِ‬ ‫َ ُ‬
‫ت‬
‫ِ‬
‫ۡ‬
‫ِين ‪[}١٨٣‬الشعراء‪.]181-183 :‬‬ ‫سد َ‬ ‫ُمف ِ‬

‫ون ‪َ ١٧٩‬و َما‬ ‫َّلل َوأَط ُ‬


‫ِيع‬ ‫ك ۡم َر ُسول أَمِي ‪ ١٧٨‬فَٱ َت ُقوا ٱ َ َ‬
‫َ ُ‬
‫ل‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫‪١٧٧‬‬
‫ۡ َ َ َُ ۡ ُ َۡ ََ ََُ َ‬
‫ون‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِذ قال لهم شعيب أَّل تتق‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ ۡ َ َ ۡ ۡ َ ۡ ۡ َ ۡ َ َ َ َى َ ۡ َ ى َ‬ ‫َۡ‬
‫أسَٔٔلكم عليهِ مِن أج ٍر إِن أجرِي إَِّل لَع ر ِب ٱلعل ِمي ‪}١٨٠‬‬

‫كونُوا م َِن ٱل ُم ۡخ ِّس َ‬


‫ۡ َ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ين ‪}١٨١‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أ ۡوفوا ٱلكيل وَّل ت‬
‫فأتموا الكيل إذا بعتم للناس‪ ،‬وال تكونوا من املخسرين الذين يأكلون حقوق الناس عن طريق‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ه َ َ ْ‬ ‫ْ َ َ َ َ‬ ‫ََ ُ ْ َ‬
‫اس أش َي َاء ُه ْم}[األعراف‪.]85 :‬‬ ‫التطفيف في الكيل‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فأ ْوفوا الك ْي َل َواَليزان َوَل ت ْبخ ُسوا الن‬

‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬


‫اس ٱل ُم ۡس َتقِي ِم ‪} ١٨٢‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وزِنوا ب ِٱلقِ ۡس َط ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وزنوا بامليزان العدل املستقيم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َيا َق ْوم َأ ْوفوا اَلك َي َ‬
‫ال َواَليزان بالق ْسط}[هود‪.]85 :‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ُۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ َۡ َ َ ُ ۡ ََ ََۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وَّل َت ۡب َخ ُسوا ٱلاس أشياءهم وَّل تعثوا ِِف ٱلۡر ِض مف ِسدِين ‪} ١٨٣‬‬
‫َ‬ ‫ۡ‬

‫واملعنى‪ :‬وال تنقصوا الناس حقوقهم‪ ،‬وال تنتشروا في األرض مفسدين فيها باملعاص ي والظلم‪.‬‬
‫َ ُ‬ ‫ْ َْ َ ْ َ ْ َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫ه َ َ ْ‬ ‫َ َ َ‬
‫صالح َها ذلك ْم‬ ‫اس أش َي َاء ُه ْم َوَل تفس ُدوا في األرض بعد إ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وَل ت ْبخ ُسوا الن‬
‫َ َ‬ ‫َ َ ْ َْ ُ ْ ْ َ ْ َ ْ‬ ‫َ َ ُ ْ ُُْ ْ َ‬
‫يال َواَليزان بالق ْسط َوَل ت ْبخ ُسوا‬ ‫خ ْي ٌر لك ْم إن كنت ْم ُمؤمنين}[األعراف‪ ،]85 :‬وقوله تعالى‪{ :‬ويا قوم أوفوا اَلك‬
‫ين}[هود‪.]85 :‬‬ ‫األ ْرض ُم ْفسد َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ‬ ‫اس َأ ْش َ‬
‫ياء ُه ْم َوَل ت ْعث ْوا في‬
‫ه‬
‫الن َ‬

‫ََ َ َ َ َ ُۡ‬ ‫ِي ‪ ١٨٤‬قَالُوا إ َن َما أَ َ‬


‫نت م َِن ٱل ۡ ُم َس َحر َ‬ ‫لب َل َة ٱ ۡلَ َول َ‬ ‫َ ََ ُ ۡ َ ۡ‬ ‫َ َُ َ‬
‫نت إَِّل بَش مِثل َنا‬ ‫ين ‪ ١٨٥‬وما أ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ق‬‫ل‬‫خ‬ ‫ي‬ ‫َّل‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱتقوا ٱ‬
‫ك ى ِذب َ‬‫َ ُ ُّ َ َ َ ۡ َ‬
‫ي ‪}١٨٦‬‬ ‫ِ‬ ‫ِإَون نظنك ل ِمن ٱل‬

‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََۡ ۡ َ َ‬
‫ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فأسقِط علينا كِسفا مِن ٱلسماء إِن كنت مِن ٱلص ِدق ِي ‪} ١٨٧‬‬
‫واملعنى‪ :‬فأسقط علينا يا شعيب قطعا من العذاب من السماء‪ْ ،‬إن كنت من الصادقين في دعوى‬
‫رسالتك‪.‬‬
‫وهذا الذي قاله أصحاب األيكة لشعيب عليه السالم شبيه بما قالته قريش لرسول هللا صلى هللا‬
‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫ه‬ ‫ْ َ ُ‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فيما أخبر هللا تعالى عنهم في قوله‪َ { :‬وإذ قالوا الل ُه هم إن كان َهذا ُه َو ال َح هق م ْن عند َك فأ ْمط ْر‬
‫َََْ َ ًَ َ ه َ َ ْ َ َ َ َ‬
‫اب أل ٍيم}[األنفال‪.]32 :‬‬
‫علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذ ٍ‬

‫َ َ َ َ ۡ َُ َ َۡ َُ َ‬
‫ون ‪} ١٨٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال ر ِب أعلم بِما تعمل‬

‫َ َ َ َۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ُ ُ َ ُ ۡ َ ُ َ ۡ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فكذبوه فأخذهم عذاب يو ِم ٱلظل ِة إِنهۥ َكن عذاب يو ٍم ع ِظ ٍ‬
‫يم ‪}١٨٩‬‬
‫الحر الشديد‪ ،‬ال ينفعهم‬ ‫فأصر أصحاب األيكة على تكذيب شعيب عليه السالم‪ ،‬فأصابهم ّ‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫ّ‬
‫الظل وال املاء‪ ،‬فخرجوا إلى البرية‪ ،‬واستظلوا بسحابة‪ ،‬فاجتمعوا تحتها‪ ،‬فالتهبت عليهم نارا فأحرقتهم‪ ،‬ورجفت‬
‫َ َه َ َ ْ ُ َ ه ْ ُ َ ْ ً َ ه َ ُ‬
‫ين َآمنوا َم َع ُه ب َر ْح َم ٍة‬ ‫بهم األرض‪ ،‬وجاءتهم صيحة عظيمة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وَلا جاء أمرنا نجينا شعيبا والذ‬
‫ََ َ َُْ ُ ه ْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫الص ْي َح ُة َف َأ ْ‬ ‫م هنا َو َأ َخ َذت هالذ َ‬
‫ين َظ َل ُموا ه‬
‫ص َب ُحوا في دياره ْم جاثمين}[هود‪ ،]94 :‬وقال تعالى‪{ :‬فأخذتهم الرجفة‬
‫َ‬
‫ص َب ُحوا في َداره ْم َجاثمين}[األعراف‪ّ ،]91 :‬إن ذلك العذاب كان عذابا شديدا في يوم شديد الهول‪.‬‬ ‫َف َأ ْ‬

‫ك ل َ ُه َو ٱ ۡل َعز ُ‬
‫يز ٱ َلرح ُ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫كَُ‬
‫َّث ُهم ُِّّ ۡؤ ِمن َ‬ ‫َى َ َ َ َ َ َ َ ۡ‬ ‫َ‬
‫ِيم ‪}١٩١‬‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫ِإَون‬ ‫‪١٩٠‬‬ ‫ِي‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ِِف ذل ِك ٓأَلية وما َكن أ‬

‫يل َرب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬


‫ي ‪} ١٩٢‬‬
‫َُ ََ ُ‬
‫زن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَونهۥ ِل ِ‬
‫َ ُ ْ َ َ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫نزيل الكتاب َل َرْي َب فيه‬ ‫وإن القرآن الكريم ملنزل من رب العاملين ال ريب فيه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ت‬
‫ْ َ َ‬
‫م ْن َرب ال َعاَلين}[السجدة‪.]2 :‬‬

‫َۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬نَ َزل بهِ ٱ ُّلر ُ‬
‫وح ٱلم ُ‬ ‫َ‬
‫ِي ‪}١٩٣‬‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬نزل بهذا القرآن الكريم جبريل األمين‪.‬‬
‫َى‬ ‫ََ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫لظلِم َ‬
‫ي‬ ‫والروح في هذه اآلية هو جبريل عليه السالم‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪ { :‬ث َم ن َن ِج ٱَّل‬
‫ِين ٱتقوا َونذ ُر ٱ ِ‬
‫ف َ‬
‫ِيها ِجثِيا ‪[} ٧٢‬مريم‪.]17 :‬‬

‫ۡ‬
‫ون م َِن ٱل ُمنذِر َ‬ ‫ُ‬‫َ َ َ‬ ‫ََ َۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ى‬
‫ين ‪} ١٩٤‬‬ ‫ِ‬ ‫لَع قلب ِك ِِلك‬
‫ۡ َ‬
‫بيل‬ ‫ُۡ َ َ َ َ ُ‬
‫ج ِ‬
‫واملعنى‪ :‬نزل به على قلبك أيها الرسول بإذن هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قل من َكن عدوا ل ِـ ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ َ ُ َ َ َ ُ َ َى َ ۡ َ‬
‫ك بإ ۡذن ٱ ََّللِ ُِّ َصدِقا ل َِما بَ ۡ َ‬
‫ي يَ َديۡهِ َو ُهدى َوب ُ ۡ َ‬
‫ش ىى ل ِل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪[}٩٧‬البقرة‪]97 :‬؛ لتكون من‬ ‫لَع قلب ِ ِ ِ ِ‬ ‫فإِنهۥ نزلۥ‬
‫والجن أجمعين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫املنذرين به اإلنس‬

‫ان َع َر ِب ُّمبِي ‪} ١٩٥‬‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬بِل ِس ٍ‬
‫َ َْ‬
‫لتبينه لقومك‪ ،‬وليفهموه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما أ ْر َسلنا م ْن َر ُسو ٍل إَل‬
‫واملعنى‪ :‬بلسان عربي واضح؛ ّ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫بل َسان ق ْومه ل ُي َبين ل ُه ْم}[إبراهيم‪.]4 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ ُُ َۡ‬


‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَونهۥ ل َِف زب ِر ٱلول ِي ‪} ١٩٦‬‬
‫وإن هذا القرآن ملوجود في كتب األنبياء السابقين‪.‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫يدل على أنه ّ‬
‫ومما ّ‬
‫منوه في كتب املتقدمين‪ ،‬بشارتها بالنبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وبأنه سينزل عليه‬
‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قرآن يشهد بصدقها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ول َما َجا َءه ۡم كِتىب م ِۡن عِن ِد ٱَّللِ ُِّ َصدِق ل َِما َم َع ُه ۡم َوكنوا مِن ق ۡبل‬
‫َََُۡ َ ََ ۡ َ‬
‫ك ىفِر َ‬ ‫ك َف ُ‬
‫َ‬ ‫َۡ َۡ ُ َ ََ َ َ َ َ ُ َََ َ َ ُ َ ََُ‬
‫ين ‪[}٨٩‬البقرة‪.]89 :‬‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫لَع‬ ‫ِ‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ة‬‫ن‬ ‫ع‬ ‫ل‬‫ف‬ ‫ۦ‬‫ِ‬
‫ِر‬‫ه‬‫ب‬ ‫وا‬ ‫ر‬ ‫وا‬ ‫يستفتِحون لَع ٱَّلِين كفروا فلما جاءهم ما عرف‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫كن ل ُه ۡم َءايَة أن أن َي ۡعل َم ُهۥ ُعل َىم ُؤا بَن إ ِ ۡ َى‬
‫سءِيل ‪} ١٩٧‬‬ ‫َ ۡ َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أو لم ي‬
‫ِ‬
‫أولم يكفهم شاهد على صدقه صلى هللا عليه وسلم وصدق ما جاء به ْأن يعلمه علماء بني‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫إسرائيل صحة ذلك؟‬
‫فاملنصفون من علماء بني إسرائيل يجدون الرسول صلى هللا عليه وسلم مكتوبا في كتبهم‪ ،‬كما قال‬
‫ْ‬ ‫ه‬ ‫َ ُ َُ َ ُْ ً ْ‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫تعالى‪ { :‬هالذ َ‬
‫ين َي هتب ُعو َن ه‬
‫وبا عن َد ُه ْم في الت ْو َراة َواإلنجيل}[األعراف‪:‬‬ ‫الر ُسو َل النب هي األم هي الذي يجدونه مكت‬
‫‪.]157‬‬

‫جم َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َۡ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ول ۡو نَ َزل َنى ُه ى ۡ‬
‫ي ‪}١٩٨‬‬ ‫لَع َبع ِض ٱلع ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ولو ّنزلنا القرآن الكريم على بعض األعجمين الذين ال يتكلمون العربية لكفروا به أيضا بحجة‬
‫عدم فهمهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َل ْو َج َع ْل َنا ُ ُق ْر ًآنا َأ ْع َجم ًّيا َل َق ُالوا َل ْوَل ُفص َل ْت َآي ُات ُه ّ‬
‫}[فصلت‪.]44 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف َق َرأهُۥ َعل ۡي ِهم َما َكنُوا بِهِۦ ُِّ ۡؤ ِمن َِي ‪} ١٩٩‬‬

‫ۡ‬ ‫ُُ‬ ‫َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬كذ ىل َِك َسلك َنى ُه ِف قلوب ٱل ُم ۡجرم َ‬ ‫َ َ‬
‫ِي ‪} ٢٠٠‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬كما أدخلنا الكفر والتكذيب في قلوب األعجمين لعدم فهمهم العربية‪ ،‬كذلك أدخلناه في‬
‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫ُُ‬ ‫َ ُُ‬ ‫َ‬
‫قلوب املجرمين من قومك أيها الرسول‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬كذل َك ن ْسلك ُه في قلوب اْل ْجرمين}[الحجر‪.]12 :‬‬

‫َۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ُۡ ُ َ‬ ‫َ‬


‫اب ٱل َِل َم ‪} ٢٠١‬‬ ‫ون بِهِۦ َح َ ى‬
‫ت يَ َر ُوا ٱل َعذ َ‬ ‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل يؤمِن‬
‫حق عليهم‬ ‫ألنهم قد ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬ال يؤمنون به ولو جاءتهم كل موعظة وكل آية حتى يعاينوا العذاب املؤلم؛ ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ َ‬ ‫ه ه َ ه ْ َ َ ُ‬
‫ين َحقت َعل ْيه ْم كل َمت َرب َك َل ُيؤمنون (‪َ )96‬ول ْو َج َاء ْت ُه ْم ك ُّل َآي ٍة َح هتى َي َر ُوا‬ ‫العذاب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن الذ‬
‫ْ ََ َ َْ‬
‫األل َ‬
‫يم}[يونس‪.]96-97 :‬‬ ‫العذاب‬

‫َ َُ ََۡ َُ ۡ َ ُُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬


‫ون ‪} ٢٠٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فيأتِيهم بغتة وهم َّل يشعر‬
‫واملعنى‪ :‬فيأتيهم العذاب فجأة‪ ،‬فتخيفهم‪ ،‬فال يستطيعون دفع العذاب عن أنفسهم‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َْ ْ َ ْ َ ً َ ََْ ُُ ْ ََ َ ْ َ ُ َ‬
‫يعون َر هد َها َوَل ُه ْم ُينظ ُرون}[األنبياء‪ ،]40 :‬وهم ال يعلمون قبل ذلك‬ ‫{بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فال يستط‬
‫بمجيئه‪.‬‬

‫َ ُۡ ُ َ ُ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٢٠٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ف َيقولوا هل َنن منظر‬
‫واملعنى‪ :‬فيقول هؤالء الكفار متمنين تأخير العذاب‪ :‬هل نحن ممهلون مؤخرون؛ لنتوب ونجيب دعوة‬
‫َ َ َ‬ ‫ه َ َ ْ َ َْ ُ ْ َ َ ُ َ َ ُ ُ ه َ ََ‬ ‫َْ‬
‫ين ظل ُموا َرهبنا أخ ْرنا‬ ‫الرسل؟ كما قال تعالى حكاية عن حالهم‪َ { :‬و أنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذ‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ َ َ َ ُ ُ َ ْ ُ‬ ‫َ َه‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫الر ُس َل أ َول ْم تكونوا أق َس ْمت ْم م ْن ق ْب ُل َما لك ْم م ْن ز َو ٍال}[إبراهيم‪.]44 :‬‬ ‫يب نج ْب َد ْع َوت َك َونتبع‬
‫إلى أج ٍل ٍ‬
‫ر‬‫ق‬
‫ََ َ َ َ َۡ َۡ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أفبِعذابِنا يستع ِجلون ‪} ٢٠٤‬‬
‫واملعنى‪ :‬أغرهم إمالؤنا لهم‪ ،‬فيستعجلون نزول عذابنا؟‬
‫ْ َ ُ‬
‫وقد حكى هللا تبارك وتعالى في القرآن الكريم أقوالهم في استعجال العذاب‪ ،‬منها قولهم‪َ { :‬وإذ قالوا‬
‫هُ ه ْ َ َ َ َ ُ َ ْ َ ه ْ ْ َ ََْ ْ َََْ َ ًَ َ ه َ َ ْ َ َ َ َ‬
‫اب أل ٍيم}[األنفال‪،]32 :‬‬
‫اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذ ٍ‬
‫ْ‬ ‫ََ هَ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ومنها قولهم‪َ { :‬وقالوا َرهبنا َعج ْل لنا قطنا ق ْب َل َي ْوم الح َساب}[ص‪.]16 :‬‬

‫ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أف َر َءيۡ َت إِن َم َت ۡع َنى ُه ۡم ِسن َِي ‪} ٢٠٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬أفتعلم أيها الرسول‪ْ ،‬إن أطلنا في عيشهم ليتمعتوا من نعم الدنيا سنين طويلة؟ فاعتقدوا‬
‫ْ‬ ‫َ ْ َه َْ َ ُ َ َ َ ُ ْ َ ه َ َ َ‬ ‫ّأنهم ْ‬
‫ال َعل ْيه ُم ال ُع ُم ُر}[األنبياء‪.]44 :‬‬ ‫لن يعذبوا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬بل متعنا هؤَلء و آباءهم حتى ط‬

‫َُ َ َ ُ َ َ ُ ُ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٢٠٦‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬ثم جاءهم ما َكنوا يوعد‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬ثم نزل بهم العذاب الذي كانوا يوعدون به‪ ،‬فرأوها يقينا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قل َمن َكن ِِف‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ى َ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ ُ َ ۡ َ ى ُ َ ًّ َ َ ى َ َ َ ۡ َ ُ َ ُ َ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫اعة ف َس َي ۡعل ُمون َم ۡن ه َو ش َمَكنا‬ ‫ٱلضللةِ فليمدد ل ٱلرحمن مدار حت إِذا رأوا ما يوعدون إِما ٱلعذاب ِإَوما ٱلس‬
‫َ‬
‫َوأ ۡض َع ُف ُجندا ‪[} ٧٥‬مريم‪.]75 :‬‬

‫َ َ ۡ َى َ ۡ ُ َ َ ُ ُ ََ ُ َ‬
‫ون ‪} ٢٠٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ما أغن عنهم ما َكنوا يمتع‬
‫ُ‬
‫الۥ إ ِ َذا تَ َر َد ى‬
‫تمتعهم بطول العمر ونعم الدنيا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما ُي ۡغن َع ۡن ُه َم ُ‬ ‫واملعنى‪ :‬ما أغنى عنهم ّ‬
‫ى‬ ‫ِ‬
‫‪[}١١‬الليل‪.]11 :‬‬

‫َۡ َ َ ََ ُ ُ َ‬ ‫ََۡ ۡ‬
‫ون ‪} ٢٠٨‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما أهلك َنا مِن قري ٍة إَِّل لها منذِر‬
‫واملعنى‪ :‬وما أهلكنا أهل قرية من القرى إال بعد إرسال رسل إليهم ينذرونهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬م ِن‬
‫َ َ َ َ َ َ َ َ ُّ َ َ ۡ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ ى َ َ ُ َ ُ َ َ َ َ ى َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََۡ ى َ َ‬
‫ت ن ۡب َعث‬ ‫َۡ‬
‫ى فإِن َما َيهتدِي ِلَفسِ هِۦ ومن ضل فإِنما ي ِ‬
‫ضل عليها ر وَّل ت ِزر وازِرة وِزر أخرى وما كنا مع ِذبِي ح‬ ‫ٱهتد‬
‫َر ُسوَّل ‪[}١٥‬اإلسراء‪.]15 :‬‬

‫ي ‪} ٢٠٩‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ذ ِۡك َر ى‬


‫ى َو َما ُك َنا َظىلِم َ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫واملعنى‪ :‬تذكرة لهم وما كنا ظاملين لهم‪ ،‬بل هم الظاملون ألنفسهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما َكن َر ُّبك‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫َ‬ ‫َُۡ ى َ َُۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُِّ ۡهل َِك ٱ ۡل ُق َر ى‬
‫ى إَِّل َوأهل َها ظىل ُِمون‬ ‫ت َي ۡب َعث ِِف أِّ َِها َر ُسوَّل َي ۡتلوا َعل ۡي ِه ۡم َءاي ىت ِ َنا ر َو َما ك َنا ُِّ ۡهل ِِك ٱلقر‬
‫ى َح َ ى‬
‫‪[}٥٩‬القصص‪.]59 :‬‬

‫َ َ َ َ َُ ۡ َ َ َۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫لش َيىط ُ‬ ‫زنلَ ۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما تَ َ َ‬
‫ون ‪} ٢١١‬‬ ‫ي ‪ ٢١٠‬وما يۢنب ِغ لهم وما يست ِطيع‬ ‫ِ‬ ‫ت بِهِ ٱ‬

‫ُ‬
‫َ ۡ َُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}٢١٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ُه ۡم َع ِن ٱلسمعِ لمعزول‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن هؤالء الشياطين عن استماع القرآن الكريم من السماء ملحجوبون‪ ،‬كما قال تعالى مخبرا‬
‫َ‬ ‫َه ُ ه َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ل ّ َ َه ََ ْ َ ه َ َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ‬
‫اها ُملئت َح َر ًسا شد ًيدا َوش ُه ًبا ‪َ .‬و أنا كنا نق ُع ُد م ْن َها َمقاع َد‬ ‫عن قو الجن‪{ :‬و أنا َلسنا السماء فوجدن‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لس ْمع ف َم ْن َي ْستمع اْلن َيج ْد ل ُه ش َه ًابا َرصدا ‪َ .‬و أنا َل ندري أش ٌّر أريد ب َمن في األ ْرض أ ْم أ َراد به ْم َرُّب ُه ْم‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ل ه‬
‫َ‬
‫َرش ًدا}[الجن‪.]8-10 :‬‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ‬
‫َۡ ُ َ َ َ ى َ َ َ َ َ‬
‫ون م َِن ٱل ُم َعذب َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ي ‪} ٢١٣‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فل تدع مع ٱَّللِ إِلها ءاخر فتك‬
‫ألمته –مع هللا تعالى إلها آخر‪ ،‬فتكون ممن نزل بهم‬ ‫تعبد أيها الرسول ‪ -‬والخطاب ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬فال ْ‬
‫العذاب‪.‬‬
‫واملراد بخطاب هللا تعالى الرسو َل صلى هللا عليه وسلم بأال يعبد مع هللا إلها آخر هو التشريع ألمته‪،‬‬
‫جعل َم َع هَّللا إ َل ًها َءا َخ َر َف ُت َلقى في َج َه هن َم َم ُلوما هم ُ‬
‫دح ً‬
‫ورا}[اإلسراء ‪.]39 :‬‬ ‫كما قال تعالى‪َ { :‬وََل َت َ‬

‫ۡ َۡ‬
‫َ ۡ َ ََ َ‬
‫ك ٱلق َرب َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ٢١٤‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأنذِر عشِ ريت‬
‫واملعنى‪ :‬وأنذر أيها الرسول األقرب فاألقرب من عشيرتك‪.‬‬
‫واألمر بإنذار عشيرة الرسول صلى هللا عليه وسلم األقربين‪ ،‬ال ينافي األمر باإلنذار العام لجميع‬
‫َ ُ َ ۡ َىَ َ َ‬ ‫َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َى َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫ي نذِيرا‬ ‫لَع ع ۡب ِده ِۦ َِلكون ل ِلعل ِم‬ ‫ار َك ٱَّلِي نزل ٱلفرقان‬‫البشر‪ ،‬وقد ّبين هللا تعالى اإلنذار العام في قوله‪ { :‬تب‬
‫‪[}١‬الفرقان‪.]1 :‬‬

‫ۡ‬
‫اح َك ل َِم ِن ٱ َت َب َع َك م َِن ٱل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪}٢١٥‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ۡخ ِف ۡض َج َن َ‬

‫وتواضع أيها الرسول ملن اتبعك من املؤمنين‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫واملعنى‪:‬‬


‫ْ ً ُْ ْ َ َ ْ َ ْ َ َْ ْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اخف ْ‬
‫ض‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ{ :‬ل ت ُم هد هن َع ْين ْي َك إلى ما َمت ْعنا به أزواجا منهم وَل تحزن عليهم و‬
‫َ َ ْ ْ َ‬
‫ناح َك لل ُمؤمنين}[الحجر‪.]88 :‬‬ ‫ج‬

‫َ ََُۡ َ‬ ‫َُۡ‬ ‫َ ۡ‬
‫ون ‪} ٢١٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فإِن َع َص ۡو َك فقل إ ِ ِن بَ ِريء ِِّما تعمل‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫فإن عصوك أيها الرسول ولم يتبعوك‪ ،‬فقل لهم‪ :‬إني بريء من أعمالكم التي ستجزون عليها‬
‫يوم القيامة‪.‬‬
‫ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ ُ ۡ َ َ ُ‬
‫ك ۡم أ ُ‬ ‫َُ َ َُ‬ ‫َ‬
‫نتم بَ ِرئُٔون ِّ َِما أع َمل‬ ‫وك فقل ِل عم َِل ولكم عمل‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ِ { :‬إَون كذب‬
‫َ ََُۡ َ‬ ‫ََ‬
‫ون ‪[}٤١‬يونس‪.]41 :‬‬ ‫َوأنا بَ ِريء ِِّما تعمل‬

‫َ‬ ‫َۡ ََ ۡ‬
‫َََ‬
‫يز ٱ َلرحِي ِم ‪} ٢١٧‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وتوُك لَع ٱلع ِز ِ‬
‫َ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫وفوض جميع أمورك إلى هللا العزيز الذي ال يغالب الرحيم بأوليائه‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ َ هْ ُ‬ ‫َ ْ َ َه ْ َ ُ ْ َ ْ َ هُ َ َ ه‬
‫َّللا َل إل َه إَل ُه َو َعل ْيه ت َوكلت َو ُه َو َر ُّب ال َع ْرش‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فإن تولوا فقل حسبي‬
‫ْ‬
‫ال َعظيم}[التوبة‪.]129 :‬‬

‫ِي َت ُق ُ‬ ‫ََ ى َ‬
‫كح َ‬ ‫َ‬
‫وم ‪} ٢١٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِي يرى‬
‫ُ ه‬
‫متعبدا رّبك‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬قم الل ْي َل إَل‬ ‫واملعنى‪ :‬وهو الذي يراك حين تقوم للصالة في الليل ّ‬
‫ُُ َ ه‬ ‫ه َه َ َ َْ ُ َه َ َ ُ ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫وم أ ْدنى م ْن ثلثي الل ْيل}[املزمل‪.]20 :‬‬‫قليال}[املزمل‪ ،]2 :‬وقال تعالى‪{ :‬إن ربك يعلم أنك تق‬

‫لسجد َ‬‫َى‬ ‫َََ َ َ‬ ‫ُّ‬


‫ِين ‪} ٢١٩‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وتقلبك ِِف ٱ ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ويرى رّبك أيها الرسول تقلبك مع الساجدين من قائم إلى راكع‪ ،‬وساجد إلى جالس‪.‬‬
‫معتن بالرسول صلى هللا عليه وسلم ومؤيده‪ ،‬وناصره‪ ،‬في‬ ‫ّ‬
‫وهذه اآلية والتي قبلها تدل على أن هللا تبارك وتعالى ٍ‬
‫ألنه صلى هللا عليه وسلم بمرأى من هللا تعالى وبرعايته دائما‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وم َِن ٱ َ َۡلل فَ َسب ۡ‬
‫ح ُه‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جميع أحواله‪،‬‬
‫ج ِ‬ ‫ۡ‬
‫ِإَود َب ى َر ٱلُّ ُ‬
‫وم ‪[}٤٨‬الطور‪.]48 :‬‬

‫يع ٱ ۡل َعل ُ‬
‫ِيم ‪} ٢٢٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إنَ ُهۥ ُه َو ٱ َ‬
‫لس ِم ُ‬
‫ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫واملعنى‪ :‬إن هللا تعالى هو السميع ألقوال عباده العليم بتقلبهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما تكون ِف شأن َو َما‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫ال‬
‫َۡ‬ ‫ََ َُۡ ُ َ َ َ‬ ‫ۡ ُ ُ َ‬ ‫ُۡ َ ََ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ َ َ َُ َ َۡ ُ ۡ ُ ُ‬ ‫َُۡ ُۡ‬
‫تتلوا مِنه مِن قرءان وَّل تعملون مِن عم ٍل إَِّل كنا عليكم شهودا إِذ تفِيضون فِيهِ وما يعزب عن ربِك مِن مِثق ِ‬
‫ب إ ََّل ِف ك َِتىب ُّ‬ ‫َى َ َ َ َ ۡ‬
‫كََ‬ ‫َ‬ ‫َذ َرة ِف ٱ ۡلَۡر ِض َو ََّل ِف ٱ َ‬
‫لس َماءِ َو ََّل أ ۡص َغ َ‬
‫ي ‪[}٦١‬يونس‪.]61 :‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫َّل‬ ‫و‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫كَُ‬
‫َّث ُهمۡ‬ ‫ُُۡ َ َ ۡ َ ََ ۡ‬ ‫َََُ ََ ُ ََ َ‬
‫ى‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ ُ َ ُ ُ ۡ َ َى َ َ َ َ ُ َ‬
‫اك أثِيم ‪ ٢٢٢‬يلقون ٱلسمع وأ‬
‫ُك أف ٍ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬هل أنبِئكم لَع من تزنل ٱلشي ِطي ‪ ٢٢١‬تزنل لَع ِ‬
‫َى ُ َ‬
‫ون ‪}٢٢٣‬‬ ‫كذِب‬
‫ۡ‬ ‫َ ُّ‬
‫لش َع َرا ُء يَ َتب ِ ُع ُه ُم ٱل َغ ُاوۥ َن ‪} ٢٢٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱ‬
‫واملعنى‪ :‬والشعراء يتبعهم الضالون املنحرفون الزائغون‪.‬‬
‫ذم الشعراء في هذه اآلية استثنى منهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات‪ ،‬وذلك في قوله‬ ‫وهللا تعالى ملا ّ‬
‫ََ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َُ َ ُ‬
‫اَّلل كثِريا}[الفرقان‪.]227 :‬‬ ‫ت َوذك ُروا‬‫امنوا َوع ِملوا الصل َِح ِ‬ ‫تعالى في نهاية السورة‪{ :‬إَِّل اَّلِين ء‬
‫َ ُّ َ َ ُ َ َ ُ ُ ُ ۡ َ ُ َ‬ ‫البراد قال‪" :‬ملّا َن َ َزل ْت هذه َ‬ ‫روى ابن أبي شيبة بسنده عن أبي الحسن ّ‬
‫اوۥن‬ ‫اآلية‪ { :‬وٱلشعراء يتبِعهم ٱلغ‬ ‫ِ‬
‫ص َّلى ُ‬
‫هللا‬ ‫ان ْب ُن َثاب ٍت إلى َر ُسول هللا َ‬ ‫اح َة‪َ ،‬و َك ْع ُب ْب ُن َمالك‪َ ،‬و َح َّس ُ‬‫‪[}٢٢٤‬الشعراء‪ ،]224 :‬قال‪َ :‬ج َاء َع ْب ُد هللا ْب ُن َر َو َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ َ َ ْ ُ َ َّ ُ‬ ‫فق ُالوا‪َ :‬يا َ ُسو َل هللا ُأ ْن َزل ْ‬ ‫ّ‬
‫وسلم َي ْب ُكو َن‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫لم أنا ش َع َر ُاء؟‪ .‬فقال‪" :‬اق َر ُءوا َما َب ْعدها‪ { :‬إَِّل‬ ‫هذ ِه اآلية وهو يع‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫َعل ْي ِه‬
‫َۡ َ ُ ُ ََََُۡ َ َ َ َ َ‬
‫ََ‬
‫ِين ظل ُموا أ َي ُمنقلب‬
‫ُصوا مِن بع ِد ما ظل ِموا وسيعلم ٱَّل‬ ‫َّلل َكثريا َوٱ َ‬
‫نت َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ت َوذك ُروا ٱ َ ِ‬
‫ام ُنوا َو َعملُوا ٱ َ ى َ‬
‫لصل ِحى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬
‫َْ‬ ‫ون ‪[}٢٢٧‬الشعراء‪َ ]227 :‬أ ْن ُت ْم‪َ { ،‬وٱ َ‬
‫نت َ ُ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫ُصوا }[الشعراء‪ ]227 :‬أن ُت ْم"‪.‬‬ ‫ينقل ِب‬

‫ََۡ ََ ََُ ۡ ُ َ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٢٢٥‬‬ ‫ُك واد ي ِهيم‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ألم تر أنهم ِِف ِ‬

‫َ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٢٢٦‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وأن ُه ۡم َيقولون َما َّل يفعل‬
‫وأن هؤالء الشعراء املذمومون يقولون ما ال يفعلون‪.‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫يرغبون في الجهاد ويرغبون عنه‪ ،‬وقد ّ‬ ‫ّ‬ ‫وهكذا حال بعض الشعراء‪ّ ،‬‬
‫ينفرون عن البخل‬ ‫فإنهم قد‬
‫ويمنعون عن اإلنفاق والصدقة ونحو ذلك‪ ،‬وقد ترتب على هذه الحال بغض هللا الشديد لهم؛ ّ‬
‫ألن أفعالهم‬
‫َْ ُ َ‬ ‫َْ َُ ُ‬ ‫َ ْ ً ْ‬
‫تخالف أقوالهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ك ُب َر َمقتا عن َد هَّللا أن تقولوا ما َل تف َعلون}[الصف‪.]3 :‬‬

‫ُصوا مِن َب ۡع ِد َما ُظل ُِموا َو َس َي ۡعلَ ُم ٱ ََّل َ‬


‫ِين‬ ‫َّلل َكثريا َوٱ َ‬
‫نت َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ت َوذك ُروا ٱ َ ِ‬
‫ام ُنوا َو َعملُوا ٱ َ ى َ‬
‫لصل ِحى ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ ََّل ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬
‫ِ‬
‫َ َُ َ َ ُ َ َ َ َ ُ َ‬
‫ون ‪}٢٢٧‬‬ ‫ظلموا أي منقلب ينقل ِب‬
‫واملعنى‪ :‬إال الذين آمنوا باهلل ورسوله وعملوا األعمال الصالحة‪ ،‬وذكروا هللا كثيرا في أشعارهم‪،‬‬
‫وانتصروا لإلسالم من بعد ما ظلموا‪ ،‬فيهجون من يهجو اإلسالم‪ ،‬ويدافعون عن الرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫أي مرجع يرجعون إليه‪ّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫بأشعارهم‪ ،‬وسيعلم الذين ظلموا أنفسهم بالشرك وغيرهم بلسانهم وشعرهم ّ‬
‫مرجعهم إلى العقاب‪.‬‬
‫وقد جاز شعر الهجاء إذا كان انتصارا ملن هجا املسلمين‪ ،‬بل كان مستحسنا‪ ،‬دل على ذلك قوله تعالى‪:‬‬
‫يعا َعل ً‬ ‫َ ْ َ ْل َ ْ ُ َ َ َ َ‬
‫ان ه ُ‬
‫َّللا َسم ً‬ ‫َّللا ْال َج ْه َرب ُّ‬
‫{ ََل ُيح ُّب ه ُ‬
‫يما}[النساء‪.]148 :‬‬ ‫السوء من القو إَل من ظلم وك‬
‫ْ‬ ‫ُ َُ ه‬
‫سورة النمل‬

‫وهي مكية وعدد آياتها ثالث وتسعون‬

‫ُّ‬ ‫ۡ‬
‫ت ٱل ُق ۡر َء َ َ‬
‫ك َء َاي ى ُ‬‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ي ‪}١‬‬‫ان ووُك ِتاب مب ِ ٍ‬
‫ِ‬ ‫طس ت ِل‬
‫ر‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬‬
‫يبين كل ش يء بيانا‬‫واملعنى‪ :‬طس‪ .‬تلك آيات القرآن الكريم‪ ،‬وهي آيات كتاب ّبين أمره‪ ،‬واضح معناه‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫بليغا على سبيل اإلجمال تارة‪ ،‬وعلى سبيل التفصيل تارة أخرى‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َن هزْلنا َع َل ْي َك ْالك َ‬
‫تاب ت ْبيانا‬
‫ُ َ‬
‫لكل ش ْي ٍء}[النحل‪.]89 :‬‬

‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ُ { :‬هدى َوب ُ ۡ َ‬
‫ش ىى ل ِل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪}٢‬‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬ليكون هداية للمؤمنين إلى طريق مستقيم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َي ْهديه ْم إل ْيه صراطا‬
‫َ ً‬
‫ُم ْستقيما}[النساء‪ ،]175 :‬وبشارة لهم بالجنة‪.‬‬
‫وأنهم زادتهم آيات القرآن‬ ‫وقد أخبر هللا تبارك وتعالى ّأن املؤمنين باهلل ورسوله هم املنتفعون بالقرآن‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫ََه ه َ ُ َ‬
‫ين َآمنوا فز َاد ْت ُه ْم إيمانا َو ُه ْم‬ ‫الكريم إيمانا‪ ،‬وهم يستبشرون بنزولها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فأما الذ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َي ْست ْبش ُرون}[التوبة‪.]124 :‬‬

‫َ ُ ۡ ُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٣‬‬ ‫لصل ىو َة َو ُيؤتون ٱ َلزك ىوةَ َوهم ب ِٱٓأۡلخِرة ِ هم يوق ِن‬
‫ون ٱ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِين يقِيم‬
‫واملعنى‪ :‬وهم الذين يقيمون الصالة في مواقيتها بخشوع‪ ،‬ويخرجون زكاتهم ملستحقيها عن رضا نفس‬
‫وهم يوقنون باآلخرة وما فيها من ثواب وعقاب‪.‬‬
‫ُ َ َ ُ ُ ُْ ْ ُ َ‬ ‫ه َ ُ ُ َ هَ َ َ ه َََْ ُ ْ ُْ ُ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬الذين يقيمون الصالة ومما رزقناهم ينفقون [‪ ]3‬أولئك هم اَلؤمنون‬
‫ْ ٌ ٌْ َ‬ ‫َ ًّ َ ُ ْ َ َ َ ٌ ْ‬
‫ات عن َد َربه ْم َو َمغف َرة َورزق كر ٌيم}[األنفال‪ ،]3-4 :‬وقوله تعالى في وصف املتقين املؤمنين باهلل‬ ‫حقا لهم درج‬
‫َ ُ ۡ ُ ُ َ‬
‫ون ‪[}٤‬البقرة‪.]4 :‬‬ ‫وبالكتب املنزلة‪َ { :‬وب ِٱٓأۡلخِرة ِ هم يوق ِن‬

‫َ َ ََ َُ ۡ َ ۡ َىَ ُ ۡ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ َ َ َ ُۡ ُ َ‬
‫ون ب ِٱٓأۡلخِرة ِ زينا لهم أعملهم فهم يعمهون ‪}٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلِين َّل يؤمِن‬
‫حس ّنا لهم أعمالهم السيئة فرأوها حسنة‪ ،‬وهم يترددون في‬ ‫واملعنى‪ّ :‬إن الذين ال يصدقون باآلخرة‪ّ ،‬‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ُ‬ ‫ضاللهم بسبب كفرهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ُن َقل ُب َأ ْفئ َد َت ُه ْم َو َأ ْب َ‬
‫صا َر ُه ْم ك َما ل ْم ُيؤمنوا به أ هو َل َم هر ٍة َونذ ُر ُه ْم في‬
‫َ‬ ‫ُْ‬
‫طغ َيانه ْم َي ْع َم ُهون}[األنعام‪.]110 :‬‬

‫َ ُ ُ ۡ َ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ۡ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َى‬


‫ون ‪} ٥‬‬ ‫اب َوه ۡم ِِف ٱٓأۡلخِرة ِ هم ٱلخّس‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أولئِك ٱَّلِين لهم سوء ٱلعذ ِ‬
‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬أولئك الذين جزاؤهم أشد العذاب في الدنيا قتال وأسرا وذال‪ ،‬وهم في اآلخرة أشد الناس‬
‫َۡۡ َ َ َۡ‬ ‫ُۡ َۡ َُ ُ ُ‬
‫ين أع َم ىل‬‫ّس‬
‫خسرانا بسبب كفرهم‪ ،‬وبطالن أعمالهم‪ ،‬ودخولهم النار‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قل هل ننبِئكم ب ِٱلخ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ََ ُۡ‬
‫ت َرب ِ ِه ۡم‬
‫َ‬
‫بَٔٔاي ى ِ‬ ‫َى َ َ َ َ َ ُ‬ ‫ي ُ َ ُ ۡ‬ ‫ۡ ُ َۡ‬ ‫ِين َض َل َس ۡع ُي ُه ۡم ِِف ٱ ۡ َ‬
‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّلن َيا َوه ۡم ي َس ُبون أن ُه ۡم ِ‬ ‫‪ ١٠٣‬ٱ ََّل َ‬
‫سنون صنعا ‪ ١٠٤‬أولئِك ٱَّلِين كفروا ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ۡ َىُ ُ ۡ َ َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫يم ل ُه ۡم يَ ۡو َم ٱلقِ َيى َمةِ َو ۡزنا ‪[}١٠٥‬الكهف‪.]103-105 :‬‬ ‫َول ِقائِهِۦ فحبِطت أعملهم فل نقِ‬

‫ُ ۡ َ‬ ‫َ َ ُ َ َُۡ َ‬‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬


‫ِيم َعل ٍِيم ‪}٦‬‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَونك ِللق ٱلقرءان مِن َلن حك ٍ‬
‫وإنك أيها الرسول لتأخذ القرآن وتتلقاه من عند هللا الحكيم في صنعه العليم بحميع أمور‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪:‬‬
‫عباده‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫فال يأتيه الباطل والتكذيب‪ ،‬كما قال تعالى‪َ{ :‬ل َيأتيه الباط ُل م ْن َب ْين َي َد ْيه َوَل م ْن َخلفه َتنز ٌ‬
‫يل م ْن َحك ٍيم‬
‫يد}[فصلت‪.]42 :‬‬ ‫َ‬
‫حم ٍ‬

‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ ََ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ َۡ ُ َ‬ ‫ۡ َ َ ُ َ ى َۡ‬


‫ب أ ۡو َءاتِيكم بِشِ َهاب قبَس ل َعلك ۡم‬
‫ٍ‬ ‫ِب‬
‫ِ‬ ‫ا‬‫ه‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫م‬ ‫ِيك‬ ‫ت‬ ‫أ‬‫س‬ ‫ا‬ ‫ار‬ ‫ن‬ ‫ت‬‫س‬ ‫ان‬‫ء‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ۦ‬‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ل‬‫ه‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِذ قال ِّوس ِل‬
‫َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪}٧‬‬ ‫تصطل‬
‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول قصة موس ى عليه السالم وأهله‪ ،‬حين رأى موس ى عليه السالم نارا فقال‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أبصرت نارا من بعيد‪ ،‬سأجيئكم منها بخبر يدل على الطريق أو أجيئكم بشعلة كي تستدفئوا بها من‬ ‫لهم‪ :‬إني‬
‫البرد‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ ُ َ‬ ‫ُُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ۡ‬
‫ت نارا ل َع َِل َءاتِيكم م ِۡن َها بِقبَ ٍس‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬إِذ َر َءا نارا فقال ِلهلِهِ ٱ ۡمكثوا إ ِ ِن ءانس‬
‫ِب‬ ‫ن‬ ‫ا‬‫ج‬‫ار بأَ ۡهلِهِۦ َءان َ َس مِن َ‬
‫ٱ ۡلَ َج َل َو َس َ‬ ‫وس‬‫ض ُِّ َ‬ ‫َ‬
‫ج ُد َلَع ٱلَارِ ُهدى ‪[}١٠‬طه‪ ،]10 :‬وقوله تعالى‪۞{ :‬فَلَ َما قَ َ ى‬
‫َۡ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أو أ ِ‬
‫َ َ َََ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أ ۡو َجذ َوة مِن ٱلارِ لعلكم تصطلون‬
‫ۡ‬
‫ب‬‫َۡ ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ َۡ ُ َ ََ َ‬ ‫ۡ ُُ‬ ‫َ َ َ ۡ‬ ‫ُّ‬
‫ٱلطورِ نارا قال ِلهلِهِ ٱمكثوا إ ِ ِن ءانست نارا لع َِل ءاتِيكم مِنها ِِب ٍ‬
‫‪[}٢٩‬القصص‪.]29 :‬‬

‫قوله تعالى‪ { :‬فَلَ َما َجا َء َها نُود َِي أَن بُور َك َمن ِف ٱلَار َو َم ۡن َح ۡول َ َها َو ُس ۡب َ‬
‫حى َن ٱ ََّللِ َرب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬
‫ي ‪}٨‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فلما جاء موس ى عليه السالم تلك النار‪ ،‬نودي من الجانب األيمن بالنسبة له املشتمل على‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ۡ َ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫البقعة املباركة من ناحية الشجرة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬فلَ َما أتَى ى َها نُود َِي مِن َ ى‬
‫ش ِطي ٱل َوادِ ٱل ۡي َم ِن ِِف ٱلُق َعةِ ٱل ُم َبى َروُك ِة‬
‫ُ‬ ‫ََ َ‬
‫َّلل َر ُّب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬ ‫ج َرة ِ أَن َي ى ُم َ‬ ‫َ َ‬
‫لش َ‬
‫ي ‪[}٣٠‬القصص‪ ،]30 :‬يا موس ى‪ّ ،‬أن هذا مكان باركه هللا‪ ،‬وبارك‬ ‫ِ‬ ‫ٱ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ن‬
‫ِِ‬ ‫إ‬ ‫ى‬
‫وس‬ ‫مِن ٱ‬
‫من في النار ومن حولها من املالئكة‪ ،‬وتنزيها هلل رب العاملين‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َُ ََ َُ َۡ ُ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ي ىم ى‬
‫وس إِنهۥ أنا ٱَّلل ٱلع ِزيز ٱلكِيم ‪} ٩‬‬
‫َ َ َ ُّ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ۡ‬ ‫ّ‬
‫ك ب ِٱل َوادِ‬ ‫واملعنى‪ :‬يا موس ى‪ :‬إنه أنا هللا رّبك ورب العاملين‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إ ِ ِن أنا ربك فٱخلع نعليك إِن‬
‫ۡ َ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ٱل ُم َق َد ِس ُطوى ‪[}١٢‬طه‪ ،]12 :‬وقال تعالى‪ { :‬فَ َل َما أتَى ى َها نُود َِي مِن َ ى‬
‫ش ِطي ٱل َوادِ ٱل ۡي َم ِن ِِف ٱلُق َعةِ ٱل ُم َبى َروُكةِ م َِن‬
‫ي ‪[}٣٠‬القصص‪ ،]30 :‬وأنا الغالب في انتقامي الحكيم في تدبيري‪.‬‬ ‫وس إن َأنَا ٱ َ ُ‬
‫َّلل َر ُّب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬ ‫ى‬ ‫ج َرة ِ أَن َي ى ُم َ‬ ‫َ‬
‫لش َ‬ ‫ٱ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬

‫َ ََ ُ َ‬ ‫َ َۡ ُ َ ۡ َى ُ َ ى َ ََ ۡ‬
‫وس َّل َتف إِ ِن َّل ياف ََل َي‬ ‫َ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُّ َ َ َ َ َ َ َ ُ ۡ‬
‫ب يم‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأل ِق عصاكر فلما ر َءاها تهت كأنها جان و ىل مدبِرا ولم يعقِ ر‬
‫ُۡۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ١٠‬‬ ‫ٱلمرسل‬
‫َ‬
‫وس ‪[} ١٩‬طه‪ ،]19 :‬فألقى‬ ‫واملعنى‪ :‬قال هللا تعالى‪ :‬وألق عصاك يا موس ى‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قَ َال أ ۡلقِ َها َي ى ُم َ ى‬
‫َ‬
‫تتحرك حركة‬ ‫فلما رآها ّ‬ ‫ع ‪[}٢٠‬طه‪ّ ،]20 :‬‬ ‫ه َح َية ت َ ۡس َ ى‬ ‫عصاه فإذا هي صارت حية‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فَأ ۡل َقى ى َها فَإ ِ َذا ِ َ‬
‫لدي من أرسلته لرسالتي‪،‬‬ ‫تخف‪ّ ،‬إني ال يخاف ّ‬ ‫ْ‬ ‫كأنها جان‪ّ ،‬ولى هاربا ولم ْ‬
‫يرجع‪ ،‬فقال هللا‪ :‬يا موس ى‪ .‬ال‬ ‫سريعة ّ‬
‫ُۡ َ‬ ‫فإنك من اآلمنين‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قَ َال ُخ ۡذ َها َو ََّل ََتَ ۡف َس ُنعِ ُ‬
‫ِري َت َها ٱل ى‬
‫ول‬ ‫يد َها س َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ ْ‬
‫فأقبل وخذها وال تخف‪،‬‬
‫َ َۡ ُ َ ۡ َ ُ َ ى َۡ ۡ َ‬
‫وس أقبِل َوَّل‬ ‫ب ي ىم‬ ‫ق‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫ت َك َأ َن َها َجان َو َ ىل ُم ۡ‬
‫د‬
‫ََ ۡ َۡ َ َ َ َََ َ َ َ‬
‫اها َت ۡه َ ُّ‬‫‪[}٢١‬طه‪ ،]21 :‬وقال تعالى‪ { :‬وأن أل ِق عصاكر فلما رء‬
‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ََۡ‬
‫َتف إِنَ َك م َِن ٱٓأۡل ِمن َِي ‪[}٣١‬القصص‪.]31 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬إَِّل َمن َظل َم ث َم بَ َدل ُح ۡس َنا َب ۡع َد ُسوء فإ ِ ِن غ ُفور َرحِيم ‪} ١١‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬لكن من ظلم نفسه أو غيره‪ ،‬ثم تاب وأناب إلى هللا تعالى‪ ،‬ثم ّبدل عمال حسنا بعد سوء‪ ،‬فإني‬
‫غفور له رحيم به‪.‬‬
‫ثم أقلع عنه‪ ،‬ورجع‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬وفيه بشار ٌة عظيمة للبشر‪ ،‬وذلك ّأن من كان على عمل ش يء ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فإن هللا يتوب عليه‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَون لَ َغ َفار ل َِمن تَ َ‬
‫اب َو َء َام َن َو َع ِمل َص ىل ِحا ث َم ٱ ۡه َت َد ىى ‪[}٨٢‬طه‪،]82 :‬‬ ‫وأناب‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫ورا َرح ً‬‫َّللا َغ ُف ً‬
‫َّللا َيجد ه َ‬ ‫وءا َأ ْو َي ْظل ْم َن ْف َس ُه ُث هم َي ْس َت ْغفر ه َ‬
‫وقال تعالى‪َ { :‬و َم ْن َي ْع َم ْل ُس ً‬
‫يما}[النساء‪ ،]110 :‬واآليات‬
‫في هذا كثيرة ّ‬
‫جدا‪.‬‬
‫ۡ‬ ‫َُۡ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َ َ ى َى ۡ َ ۡ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ َ َۡ ُ ۡ َۡ َ َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََۡ ۡ‬
‫ت إِل ف ِرعون وقو ِمهِرۦ إِنهم َكنوا قوما‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأدخِل يدك ِِف جيبِك َترج بيضاء ِمن غ ِ‬
‫ري سوء ِِف ت ِسعِ ءاي ٍ‬
‫سقِ َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ١٢‬‬ ‫فى ِ‬
‫وأدخل يا موس ى كف يدك إلى جنبك األيسر‪ ،‬تخرج بيضاء كالثلج من غير برص أو عاهة في‬ ‫ْ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تسع آيات بينات آتيناك‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ول َق ۡد َءاتَ ۡي َنا ُِّ َ ى‬
‫وس ت ِۡس َع َء َاي ىت َبي ِ َنىت ف ۡسَٔٔل بَن إِ ۡ َى‬
‫سءِيل إِذ َجاءَه ۡم‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُ ُّ َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ف َقال ُلۥ ف ِۡر َع ۡو ُن إ ِ ِن لظنك يموس ِّسحورا ‪[}١٠١‬اإلسراء‪ ]101 :‬لتأييدك في دعوتك إلى فرعو وقومه‪ ،‬إنهم‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ى‬
‫كانوا قوما عصاة خارجين عن أمر هللا تعالى‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َى َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ‬
‫ري ُسو ٍء َءايَة أ ۡخ َر ىى ‪[}٢٢‬طه‪:‬‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬وٱضمم يدك إِل جناحِك َترج بيضاء مِن غ ِ‬
‫َ ۡ َ َۡ ُ ۡ َۡ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ ۡ ُ ۡ َۡ َ َ َ َ َ َ َ ۡ َ َ َ‬ ‫ۡ ُ ۡ ََ َ‬
‫ب فذ ىن ِك‬
‫‪ ،]22‬وقوله تعالى‪ { :‬ٱسلك يدك ِِف جيبِك َترج بيضاء مِن غريِ سوء وٱضمم إَِلك جناحك مِن ٱلره ِ‬
‫سق َ‬ ‫َ َ ُ َ َ‬ ‫َ َ َ ۡ َۡ َ َ ََ‬ ‫ُۡ َ َ‬
‫ي ‪[}٣٢‬القصص‪.]32 :‬‬ ‫َليهرِۦ إِن ُه ۡم َكنوا ق ۡوما ف ى ِ ِ‬
‫ان مِن ربِك إ ِ ىل ف ِرعون وِّ ِ‬
‫برهىن ِ‬

‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فل َما َجا َء ۡت ُه ۡم َء َاي ى ُت َنا ُم ۡب ِ َ‬
‫ُصة قالوا َهىذا س ِۡحر ُّمبِي ‪} ١٣‬‬
‫فلما جاءتهم معجزاتنا ظاهرة واضحة‪ ،‬قالوا هذا سحر مبين‪.‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬فَلَ َما َجا َء ُه ُم ٱ ۡ َ‬
‫ل ُّق م ِۡن عِندِنَا قالوا إ ِ َن َهىذا لسِ ۡحر ُّمبِي ‪[}٧٦‬يونس‪.]76 :‬‬

‫ُ ُ َ ُ َ َ َ َ َ ُ ۡ ۡ‬ ‫ُ ۡ‬ ‫َ َ ۡ َ ُ‬
‫سد َ‬
‫ِين ‪{١٤‬‬ ‫ح ُدوا ب ِ َها َوٱ ۡست ۡيق َنت َها أنف ُس ُه ۡم ظلما َوعلو را فٱنظ ۡر ك ۡيف َكن ع ىقِ َبة ٱل ُمف ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َج َ‬

‫واملعنى‪ :‬وأنكر فرعون وقومه تلك املعجزات بألسنتهم ْأن تكون من عند هللا تعالى‪ ،‬وقد استيقنوها في‬
‫قلوبهم ظلما من أنفسهم وعلوا عن اتباع الحق‪ ،‬فقد علموا ّأن هللا تعالى هو الذي أنزلها‪ ،‬كما قال تعالى على‬
‫ََُ َ‬ ‫ت َوٱ ۡلَۡر ِض بَ َ‬ ‫ت َما أَ َ‬
‫نز َل َ ىه ُؤ ََّل ِء إ ََّل َر ُّب ٱ َ‬ ‫لسان موس ى عليه السالم‪َ { :‬ق َال لَ َق ۡد َعل ِۡم َ‬
‫ِإَون لظ ُّنك‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫ا‬‫ص‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫لس َم ى َ‬
‫و‬ ‫ِ‬
‫َي ى ِف ۡر َع ۡو ُن َم ۡث ُبورا ‪[}١٠٢‬اإلسراء‪ ،]102 :‬فانظر أيها الرسول كيف كان مصير املفسدين في األرض بالظلم‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َق ۡد َءاتَ ۡي َنا َد ُاوۥ َد َو ُسل ۡي َم ى َن عِلما َوقاَّل ٱ َ‬
‫لَع كثِري م ِۡن ع َِبادِه ِ ٱل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪} ١٥‬‬
‫ل ۡم ُد ِ ََّللِ ٱَّلِي ف َضل َنا ى‬
‫ُ ًّ َ َ‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد آتينا داوود وسليمان عليهما السالم علما وفهما سليما لألمور‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وكال آت ْينا‬
‫فضلنا بهذا العلم على كثير من عباده املؤمنين‪.‬‬ ‫ُح ْك ًما َوع ْل ًما}[األنبياء‪ ،]79 :‬وقاال‪ :‬الحمد هلل الذي ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وفي هذه اآلية الكريمة دليل على شرف العلم وارتفاع أهله‪ ،‬وقد أكد هللا تعالى أنه رفع أهل العلم‬
‫َ ُ َ‬
‫َّللا ب َما ت ْع َملون‬ ‫ين ُأ ُوتوا ْالع ْل َم َد َ َجات َو ه ُ‬ ‫ين َآم ُنوا م ْن ُك ْم َو هالذ َ‬ ‫َّللا هالذ َ‬‫د جات‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ي ْر َفع ه ُ‬
‫ر ٍ‬ ‫ر‬
‫َ‬
‫خب ٌير}[املجادلة‪.]11 :‬‬
‫ُ َ ۡ َ َى َ َُ َ ۡ َ ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ َ ۡ َ ُ َ ُ َ َ َ َ َى َ ُّ َ َ ُ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ُ‬
‫ُك يش ٍء إِن هذا لهو ٱلفضل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وورِث سليم ىن داوۥد وقال يأيها ٱلاس عل ِمنا من ِطق ٱلط ِ‬
‫ري وأوت ِينا مِن ِ‬
‫ٱل ۡ ُمب ُ‬
‫ي ‪} ١٦‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وورث سليمان عليه السالم داوود امللك‪ ،‬وقال سليمان‪ :‬يا أيها الناس‪ ،‬علمنا هللا تعالى كالم‬
‫الطير‪ ،‬وأعطانا خيرا كثيرا في الدين والدنيا من ملك وثروة‪ّ ،‬إن هذا الذي أعطانا هللا تعالى إياه لهو الفضل‬
‫اإللهي الظاهر ّ‬
‫البين‪.‬‬
‫ُ َ‬
‫قال جار هللا الزمخشري‪ :‬وأراد بقوله {م ْن كل ش ْي ٍء} كثرة ما أوتي‪ ،‬كما تقول‪ :‬فالن يقصده كل أحد‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫قصاده ورجوعه إلى غزارة في العلم واستكثار منه‪ ،‬ومثله قوله‪ { :‬إِ ِن َو َجدت ٱ ِّۡ َرأة‬
‫ويعلم كل ش يء‪ ،‬تريد‪ :‬كثرة ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َت ۡمل ِك ُه ۡم َوأوت َِي ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يشء َول َها َع ۡرش َع ِظيم ‪[}٢٣‬النمل‪.]23 :‬‬
‫ت مِن ُك ۡ‬
‫ِ‬

‫َ َ ۡ ُ ۡ ُ َُ َ‬ ‫َ‬
‫َ ُ َ ُ َۡ َ ُُ ُُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ١٧‬‬ ‫ري فهم يوزع‬ ‫ل ِن َوٱ ِإل ِ‬
‫نس وٱلط ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وح ِش ل ِسليم ىن جنودهۥ مِن ٱ ِ‬
‫الجن واإلنس والطير‪ ،‬فهم على كثرتهم مجموعون‬ ‫وجمع لسليمان عليه السالم جنوده من ّ‬ ‫واملعنى‪ُ :‬‬
‫بنظام وترتيب‪ ،‬بحيث ال يتجاوز أحدهم وظيفته املسئول عنها‪.‬‬
‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬وهذا دليل على ّأن سليمان عليه السالم جمع بين النبوة والسلطات كلها‪،‬‬
‫ْ ً ْ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬
‫قال َرب اغف ْر لي َو َه ْب لي ُملكا َل َين َبغي‬
‫واستجابة لدعائه‪َ { :‬‬ ‫وامللك الذي لم يتوافر ألحد بعده‪ ،‬فضال من هللا‬
‫َ ُ ه َه‬ ‫َ َ ْ ي َْ ُ ً َْ ُ َ َ َ ه‬ ‫ه َ َْ َ ْ َ ه ُ َ ه َ‬ ‫َ‬
‫اب‪ .‬ف َسخ ْرنا ل ُه الريح تجر بأمر رخاء حيث أصاب والشياطين كل بن ٍاء‬ ‫أل َح ٍد م ْن َب ْعدي إنك أنت الوه‬
‫َ ُ ُ ُّ َ َ ۡ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ُ َ ۡ َ ۡ‬ ‫َ ُ َۡ َ َ‬ ‫َ َه‬
‫ي ٱلقِ ۡط ِر َوم َِن‬ ‫لريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا لۥ ع‬ ‫اص}[ص‪ .]35-37 :‬وقال تعالى‪ { :‬ول ِسليم ىن ٱ ِ‬ ‫وغو ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ََ َ ۡ ُۡ ۡ َ ۡ َۡ َ ُ ُۡ ۡ َ َ‬ ‫ٱ ۡ َ َ ۡ َ ُ َۡ َ َ َ ۡ ۡ َ‬
‫ري ‪َ ١٢‬ي ۡع َملون ُلۥ َما يَشا ُء مِن‬
‫ِ ِ‬ ‫ع‬ ‫َ‬
‫لس‬ ‫ٱ‬ ‫اب‬
‫ل ِن من يعمل بي يديهِ بِإِذ ِن ربِهِۦ ومن ي ِزغ مِنهم عن أِّ ِرنا نذِقه مِن ع ِ‬
‫ذ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫لشك ُ‬ ‫ۡ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫ل َو َ ُ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ج َفان كٱ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َََ‬
‫ور ‪[}١٣‬سبأ‪:‬‬ ‫ت ٱع َملوا َءال د ُاوۥد شكر را َوقل ِيل مِن عِبادِي ٱ‬‫اب وقدور راسِيى ٍ‬‫ِ‬
‫َ‬
‫محىرِيب وتم ىثِيل و ِ‬
‫‪.]13 -12‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َۡ‬
‫سك َِنك ۡم َّل ي ِط َم َنك ۡم ُسل ۡي َم ى ُن‬ ‫ت َن ۡملَة يَىأ ُّي َها ٱلَ ۡم ُل ٱ ۡد ُخلُوا َم َ ى‬ ‫لَع َوا ِد ٱلَ ۡمل قَ َال ۡ‬ ‫ت إ ِ َذا أتَ ۡوا َ َ ى‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ح َ ى‬
‫ِ‬
‫لَع َو َ َ ى‬
‫لَع‬ ‫ت َ ََ‬ ‫ك ٱ َلت َأ ۡن َع ۡم َ‬ ‫َۡ َ ََ َ َ َۡ ۡ َ ۡ َ ۡ ُ َ ۡ ََ َ‬
‫ت‬ ‫م‬ ‫ِع‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫ش‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ز‬‫و‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫ق‬‫و‬ ‫ا‬ ‫ِه‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫َِك‬ ‫ح‬ ‫ا‬‫ض‬
‫َََ َ َ َ‬
‫م‬ ‫س‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫‪١٨‬‬
‫َ ُُ ُُ َ ُ ۡ َ َۡ ُُ َ‬
‫ون‬ ‫وجنودهۥ وهم َّل يشعر‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ََََ َ َ َۡ ََ َ َ َ َ‬ ‫ََۡ َ‬ ‫َ‬
‫َۡ َ ىُ َ ۡ ۡ‬ ‫َى َ َ ََ ۡ َ ۡ َ َ َ‬
‫ل َّل أ َرى ٱل ُه ۡده َد‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ال‬‫ق‬ ‫ف‬ ‫ري‬ ‫لط‬ ‫ٱ‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫‪١٩‬‬ ‫ي‬ ‫ح‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫لص‬‫ك ِف ع َِباد َِك ٱ َ ى‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ْح‬‫ر‬ ‫ِ ِ‬‫ب‬ ‫ن‬ ‫ِل‬
‫خ‬ ‫د‬ ‫أ‬‫و‬ ‫ه‬ ‫ى‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ِح‬ ‫ل‬ ‫ى‬ ‫ص‬ ‫و َِلي وأن أعمل‬
‫ََ َ‬ ‫ث َغ ۡ َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أَ ۡم ََك َن م َِن ٱ ۡل َغائب َ‬
‫ري بَعِيد فقال‬ ‫ي ‪ ٢٠‬ل َعذ َِب َن ُهۥ َعذابا شدِيدا أ ۡو لاذّبَ َن ُهۥ أ ۡو ََلأت َِي ِن ب ِ ُسل َطىن ُّمبِي ‪ ٢١‬فمك‬ ‫ِِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫دت ٱ ِّۡ َرأة َت ۡملِك ُه ۡم َوأوت َِي ۡ‬ ‫َ َ ُّ‬ ‫ك مِن َس َبإ بنَ َبإ ي َِ‬ ‫َ ُۡ َ‬ ‫أَ َح ُ‬
‫طت ب َما ل َ ۡم ُت ۡ‬
‫يشء َول َها َع ۡرش‬ ‫ت مِن ُك ۡ‬
‫ِ‬ ‫ج‬‫و‬ ‫ن‬‫ِِ‬ ‫إ‬ ‫‪٢٢‬‬ ‫ي‬‫ٍ‬ ‫ق‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ئ‬ ‫ج‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ۦ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِط‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ََ َ ُ ُ َ َۡ ُ ۡ َ ُ ۡ َ َ ُ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُّ َ َ ۡ َ َ َ ۡ ُ ُ َ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يل ف ُه ۡم‬ ‫ون ٱَّللِ وزين لهم ٱلشيطىن أعم ىلهم فصدهم ع ِن ٱلسب ِ ِ‬ ‫ع ِظيم ‪ ٢٣‬وجدتها وقوِّها يسجدون ل ِلشم ِس مِن د ِ‬
‫َ ََُۡ َ‬
‫ون ‪} ٢٤‬‬ ‫َّل يهتد‬
‫ََۡ ُ َ ُ َ ََ ُۡ ُ َ‬ ‫ُۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ب َء ِف ٱ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أَّلِۤ ْۤاوُدُجۡسَي ِ ََّللِ ٱَّلِي ير ُج ٱ َ‬
‫ل ۡ‬
‫ون ‪} ٢٥‬‬ ‫ت َوٱلۡر ِض ويعلم ما َتفون وما تعل ِن‬ ‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬زّين لهم الشيطان ذلك؛ لئال يسجدوا هلل الذي يخرج املخبوء املغيب املستور في السماوات‬
‫واألرض كاملطر والنبات وغير ذلك‪ ،‬ويعلم ما تسرون وما تعلنون‪.‬‬
‫ه ْ ُ َ هَ ُ َ ه‬ ‫ّ‬
‫س‬‫الش ْم ُ‬‫وقد أكد هللا تعالى معنى هذه اآلية في آيات كثيرة‪ ،‬منها قوله تعالى‪َ { :‬وم ْن َآياته الليل والنهار و‬
‫}[فصلت‪ ،]37 :‬وقوله‬ ‫اس ُج ُدوا هَّلل هالذي َخ َل َق ُه هن إ ْن ُك ْن ُت ْم إ هيا ُ َت ْع ُب ُدو َن ّ‬ ‫لش ْمس َوَل ل ْل َق َمر َو ْ‬
‫ه‬ ‫َْ َ َ‬
‫َوالق َم ُر َل ت ْس ُج ُدوا ل‬
‫َ‬ ‫ُ َ ۡ ََ َ ۡ َ‬
‫س ٱل َق ۡول َو َمن َج َه َر بِهِۦ َو َم ۡن ُه َو ُِّ ۡس َت ۡخف ب ِٱ َۡل ِل َو َسارِ ُب ب ِٱلَ َهارِ ‪[}١٠‬الرعد‪.]10 :‬‬ ‫تعالى‪َ { :‬س َواء مِنكم من أ‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َّلل َّل إِل ى َه إَِّل ُه َو َر ُّب ٱل َع ۡر ِش ٱل َع ِظي ِم۩ ‪}٢٦‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ َ ُ‬

‫واملعنى‪ :‬هللا هو املتفرد بالوجود الحقيقي الجامع لصفات األلوهية‪ ،‬فال معبود بحق في الوجود إال هو‬
‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ ه ُ َْ ْ َ َ‬
‫َّللا اَلل ُك ال َح ُّق َل إل َه إَل ُه َو َر ُّب ال َع ْرش الكريم}[املؤمنون‪.]116 :‬‬ ‫ر ّب العرش العظيم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فتعالى‬

‫ُ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ َ َ َ ۡ َ َۡ ُ َ َ ۡ َ‬


‫كتى ِب هىذا فألقِ ۡه إ ِ َۡل ِه ۡم ث َم ت َول ع ۡن ُه ۡم‬ ‫ي ‪ ٢٧‬ٱذهب ب ِ ِ‬ ‫ك ى ِذب َ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال سننظر أصدقت أم كنت مِن ٱل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ ۡ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ق إ ِ َل كِتىب ك ِريم ‪ ٢٩‬إِن ُهۥ مِن ُسل ۡي َم ى َن ِإَون ُهۥ ِمۡسِب ٱَّللِ ٱ َلرِنَٰمۡح‬ ‫ت يَىأ ُّي َها ٱل َم َل ُؤا إ ِ ِن أل ِ َ‬ ‫َ‬
‫ج ُعون ‪ ٢٨‬قال‬ ‫َ ُ ۡ َ َ َۡ‬
‫فٱنظر ماذا ير ِ‬
‫لَع َو ۡأتُون ُِّ ۡسلِم َ‬ ‫َ‬
‫ِيم ‪ ٣٠‬أ ََّل َت ۡعلُوا َ َ َ‬
‫ي ‪} ٣١‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٱ َلرح ِ‬

‫َۡ‬
‫نت قاط َِعة أ ِّۡرا َح َ ى َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ت يَىأ ُّي َها ٱل َمل ُؤا أف ُتون ِف أ ِّۡري َما ك ُ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪} ٣٢‬‬
‫ت تشهد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫علي في أمر ْي‪ ،‬ما كنت قاضية في شأن حاسم إال بمشورتكم‬ ‫واملعنى‪ :‬قالت بلقيس‪ :‬يا أيها املأل أشيروا ّ‬
‫فيه‪.‬‬
‫واملشاورة أمر مطلوب في جميع شؤون الحياة االجتماعية‪ ،‬وهي هادية ألرشد األمور‪ ،‬وقد أمر هللا تعالى‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اور ُه ْم في األ ْمر}[آل عمران‪ ،]159 :‬ومدح الفضالء‬ ‫وش ْ‬ ‫الرسول صلى هللا عليه وسلم باملشاروة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫ُ ُ‬
‫وأمر ُه ْم شورى ْبي َن ُهم}[الشورى‪.]38 :‬‬ ‫وخيار الناس بقوله‪{ :‬‬

‫َ َ ۡ َ ُۡ ُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َۡ‬ ‫َ ۡ َۡ ُ َۡ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َۡ‬ ‫َ ُ َۡ ُ ُ ُ ُ‬


‫َ‬
‫ك فٱنظ ِري ماذا تأِّ ِرين ‪ ٣٣‬قالت إِن ٱلملوك إِذا‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا َنن أولوا قوة وأولوا بأس شدِيد وٱلِّر إَِل ِ‬
‫َ َ ُ َ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ َ َى َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٣٤‬‬ ‫دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعِزة أهل ِها أذِلة ر ووُكذل ِك يفعل‬
‫َ َ َ َُ َ َۡ ُ ُ ۡ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٣٥‬‬ ‫جع ٱلمرسل‬‫ِإَون ِّرسِلة إَِل ِهم بِهدِية فناظِرة بِم ير ِ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬‬
‫قررت ْأن أرسل إلى سليمان وجنوده هدية عظيمة ثمينة‪ ،‬وإني ملنتظرة ماذا سيقول‬ ‫ُ‬ ‫واملعنى‪ :‬وإني‬
‫سليمان لرسلي وماذا سيفعل معهم‪.‬‬
‫َ‬
‫ج ۡع إ ِ َۡل ِه ۡم‬ ‫ۡ‬ ‫ّ‬
‫وال تعارض بين هذه اآلية التي تشير إلى أنها أرسلت جماعة من املرسلين‪ ،‬وقوله تعالى‪ { :‬ٱر ِ‬
‫يدل ّأن املرسل رسول‬ ‫ون ‪[}٣٧‬النمل‪ ]37 :‬الذي ّ‬ ‫َََۡ ََ ُ ُُ َ ََ َُ َ َ َُ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ َ َ ُ ۡ َ ى ُ َ‬
‫فلنأت ِينهم ِِبنود َّل ق ِبل لهم بِها ولخ ِرجنهم مِنها أذِلة وهم صغِر‬
‫وإن سليمان عليه السالم ر ّد على رئيس هؤالء املرسلين‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬ ‫فإن املرسلين جماعة‪ّ ،‬‬ ‫واحد؛ ّ‬

‫َ‬ ‫ُ َۡ‬
‫نتم ب ِ َهدِيَتِك ۡم تف َر ُحون‬‫كم بَ ۡل أَ ُ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ َ ۡ َ ى َ َ َ َ ُ ُّ َ َ َ َ َ َ ى َ َ ُ َ ۡ َ َ َ ى ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فلما جاء سليمن قال أت ِمدون ِن بِمال فما ءاتى ِنۦ ٱَّلل خري ِِّما ءاتى‬
‫كمۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َى ُّ َ ۡ َ َ ُ ُّ ُ‬ ‫ۡ ۡ َۡ ۡ َََۡ ََ ُ ُُ َ ََ َُ َ َ َُ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ َ َ ُ ۡ َ ى ُ َ‬
‫جع إَِل ِهم فلنأت ِينهم ِِبنود َّل ق ِبل لهم بِها ولخرِجنهم مِنها أذِلة وهم صغِرون ‪ ٣٧‬قال يأيها ٱلملؤا أي‬ ‫‪ ٣٦‬ٱر ِ‬
‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ََۡ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ ََۡ‬ ‫َۡ‬
‫ِإَون‬ ‫َ‬
‫ل ِن أنا ءاتِيك بِهِۦ قبل أن تقوم مِن مقاِِّك ِ‬ ‫ون ِّسل ِ ِمي ‪ ٣٨‬قال عِف ِريت مِن ٱ ِ‬ ‫ِين بِعرشِها قبل أن يأت ِ‬
‫يأت ِ‬
‫َ َۡ ََ ي َ‬
‫عليهِ لقوِي أمِي ‪} ٣٩‬‬

‫ك َف َل َما َر َء ُاه ُِّ ۡس َتقِراًّ‬‫ََۡ َ َۡ َ َ َۡ َ َ ۡ ُ َ‬ ‫َ ۡ َى َ َ َ َ‬ ‫َُ ۡ‬ ‫َ َ َ‬


‫ب أنا ءاتِيك بِهِۦ قبل أن يرتد إَِلك طرف ر‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال ٱَّلِي عِندهۥ عِلم مِن ٱلكِت ِ‬
‫َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ َ َ َ ۡ ُ ۡ‬ ‫َۡ ُ َ َ ۡ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ َ َ َ َ‬
‫ِندهُۥ قال هىذا مِن فض ِل َر ِب َِلَ ۡبل َو ِن َءأشك ُر أ ۡم أكف ُر َو َمن شك َر فإِن َما يَشك ُر ِلَفسِ هِۦ َو َمن كف َر فإِن َر ِب غ ِن‬‫ع‬
‫َ‬
‫ك ِريم ‪} ٤٠‬‬
‫كت‬ ‫تحر ْ‬
‫ترتد أجفانك إذا ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬قال الذي عنده علم من الكتاب‪ :‬أنا آتيك بعرش بلقيس قبل ْأن ّ‬
‫مستقرا بين يديه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فلما عاين سليمان عليه السالم وجود عرشها الذي أوتي به من بالد اليمن‬ ‫للنظر في ش يء‪ّ ،‬‬
‫بأن أنسب العمل لنفس ي‪،‬‬ ‫مني‪ ،‬أم أكفر ْ‬ ‫قوة ّ‬‫بأن أراه فضال من رّبي بال ّ‬ ‫قال‪ :‬هذا من فضل ّبي ليختبرني أأشكر ْ‬
‫ر‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ومن شكر هلل على نعمه ّ‬
‫صال ًحا فلنفسه َو َم ْن أ َس َاء‬‫فإن نفع ذلك يرجع إليه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬م ْن َعم َل َ‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َف َع َل ْي َها ّ‬
‫صال ًحا فَلنفسه ْم َي ْم َه ُدون}[الروم‪ ،]44 :‬ومن كفر تلك النعم‬ ‫}[فصلت‪ ،]46 :‬وقال تعالى‪َ { :‬و َم ْن َعم َل َ‬
‫فإن رّبي غني عن شكره‪ ،‬كريم يعم بخيره في الدنيا الشاكر والكافر‪ ،‬كما قال تعالى على لسان موس ى‬ ‫وجحدها ّ‬
‫يد}[إبراهيم‪.]8 :‬‬‫َّللا َل َغن ٌّي َحم ٌ‬ ‫عليه السالم‪{ :‬إ ْن َت ْك ُف ُروا َأ ْن ُت ْم َو َم ْن في األ ْرض َجم ً‬
‫يعا َفإ هن ه َ‬

‫ۡ َ ََ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ ُ ُ َ َ َ َ‬ ‫َ َ ُ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬


‫ِين َّل َي ۡه َت ُدون ‪ ٤١‬فل َما َجا َءت قِيل أهىكذا‬ ‫ك ُروا ل َها َع ۡرش َها ننظ ۡر أت ۡه َتدِي أم تكون مِن ٱَّل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال ن ِ‬
‫ت‬ ‫ي ‪َ ٤٢‬و َص َد َها َما ََكنَت َت ۡع ُب ُد مِن ُدون ٱ ََّللِ إ َن َها ََكنَ ۡ‬ ‫ت َك َأنَ ُهۥ ُه َو َوأُوت َ‬
‫ِينا ٱ ۡلعِ ۡل َم مِن َق ۡبل َِها َو ُوُك َنا ُِّ ۡسلِم َ‬ ‫َع ۡر ُشك قَالَ ۡ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬
‫اق ۡي َها ر َق َال إنَ ُهۥ َ ۡ‬ ‫ُ‬
‫َ ۡ َ َََ َ ُۡ َ َۡ ُ َ ََ َ َ ۡ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َصح ُِّّ َم َرد مِن‬ ‫ِ‬ ‫ين ‪ ٤٣‬قِيل ل َها ٱدخ َِل ٱلُصح فلما رأته حسِ بته لة ووُكشفت عن س‬ ‫ك ىفِر َ‬
‫ِ‬ ‫مِن ق ۡوم‬
‫ي ‪} ٤٤‬‬‫ت َم َع ُسلَ ۡي َم ى َن ِ ََّللِ َرب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬ ‫ت َن ۡف ِس َوأَ ۡسلَ ۡم ُ‬ ‫ت َرب إن َظلَ ۡم ُ‬ ‫ير َقالَ ۡ‬‫قَ َوار َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫ُ ۡ‬ ‫َ َ‬
‫ََ‬ ‫ُُۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ ُ ۡ َ‬‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َ َ ۡ ۡ َ َ‬‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٤٥‬‬ ‫صم‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولقد أرسلنا إ ِ ىل ثمود أخاهم ص ىل ِحا أ ِن ٱعبدوا ٱَّلل فإِذا هم ف ِريق ِ‬
‫ان يت ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد أرسلنا إلى قبيلة ثمود أخاهم صالحا وهو واحد منهم‪ ،‬فقال لهم‪ :‬اعبدوا هللا تعالى وحده‪،‬‬
‫فإذا هم انقسموا فريقين‪ ،‬فريق مؤمن برسالته‪ ،‬وفريق كافر مكذب بها‪ ،‬وأصبحا يتجادالن ويتنازعان في الدين‬
‫ُ ْ‬ ‫ه َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ ُ ه َ َ َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ين استضعفوا‬ ‫كب ُروا من قومه للذ‬ ‫ويدعي كل واحد منهما أنه على الحق‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬قال اَلَل الذين است‬
‫ه َ ُ ْ ه َ ُ َ ُ ُ َن َ َ ه َ َ َ ْ ه‬ ‫عل ُمو َن َأ هن َ‬
‫صلحا ُّم َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ََ َ‬
‫كب ُروا إنا‬ ‫رسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنو ‪ .‬قال الذين است‬ ‫َلن ءامن منهم أت‬
‫َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬
‫بالذي َء َامنتم به كفرون}[األعراف‪.]75-76 :‬‬

‫َ َ‬
‫َ َ َ ۡ ۡ َۡ ُ َ ََ َ ُ ۡ ُۡ َُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َ َۡ َ ۡ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪} ٤٦‬‬ ‫لسيِئَةِ ق ۡبل ٱلسنةِ لوَّل تستغفِرون ٱَّلل لعلكم ترْح‬ ‫ون بٱ َ‬
‫جل ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال ي ىقو ِم ل ِم تستع ِ‬
‫َ َ ْ ُْ َ‬ ‫ْ َ‬
‫صال ُح ائتنا ب َما تع ُدنا إن كنت‬‫واملعنى‪ :‬قال صالح عليه السالم مجيبا لقومه الذين قالوا‪َ { :‬و َق ُالوا َيا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬
‫م َن اَل ْر َسلين}[األعراف‪ :]77 :‬يا قوم لم تستعجلون العذاب بكفركم وعملكم السيئة قبل ْأن تطلبوا من هللا‬
‫رحمته باإليمان به‪ ،‬هال تطلبون املغفرة من هللا تعالى وتتوبوا إليه رجاء ْأن ترحموا‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬
‫َى ُ ُ ۡ َ َ َ ُ ۡ ۡ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ََۡ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ون ‪} ٤٧‬‬ ‫رينا بِك َوب ِ َمن َم َعكر قال طئِركم عِند ٱَّللِ بل أنتم قوم تفتن‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا ٱط‬
‫واملعنى‪ :‬قال قومه‪ :‬تشاءمنا منك وممن آمن معك‪ ،‬قال صالح عليه السالم‪ :‬شؤمكم وتفاؤلكم وما‬
‫ْ‬ ‫ٌَ ُ ُ‬ ‫ْ ُ‬
‫مقدره عليكم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وإن تص ْب ُه ْم َح َسنة َيقولوا َهذ م ْن عند هَّللا‬
‫أصابكم هللا من شر أو خير فهو ّ‬
‫ِ‬
‫ْ ْ َ ُ ْ ُ ٌّ ْ ْ ه ّ‬ ‫ٌَ ُ ُ‬ ‫ْ ُ‬
‫َوإن تص ْب ُه ْم َسيئة َيقولوا َهذ من عندك قل كل من عند َّللا}[النساء‪ ،]78 :‬بل أنتم قوم تخبرون بالشر‬
‫والخير‪.‬‬
‫التطير بأنبياء هللا وبالذين آمنوا معهم هو عادة األقوام املكذبون برسلهم‪ ،‬فقد قال هللا تعالى‬ ‫ّ‬ ‫وهذا‬
‫َ َ َ َ ُْ ُ ْ َ َ َ ُ َ ُ َ َ َ َ ْ ُ ُْ ْ َ َ ٌ َ هه ُ ُ َ َ َ ْ َ َ ُ َ‬
‫إخبارا عن قوم فرعون‪{ :‬فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذ وإن تصبهم سيئة يطيروا بموس ى ومن معه أَل‬
‫َ ُ ه‬ ‫ْ‬ ‫ه َ‬
‫إن َما طائ ُر ُه ْم عن َد هَّللا}[األعراف‪ ،]131 :‬وقال مخبرا عن أهل قرية أنطاكية إذ جاءها املرسلون‪{ :‬قالوا إنا‬
‫ُ‬ ‫َ َه َْ ُ ْ َ ْ َ ْ َ َُْ ََ ْ ُ َ ه ُ ْ َ َ َ َ ه ه ُ ْ ه َ َ ٌ َ ٌ َ ُ َ ُ‬
‫يم‪ .‬قالوا طائ ُرك ْم َم َعك ْم}[يس‪.]18-19 :‬‬ ‫تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أل‬

‫َ ُ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وك َن ِف ٱل َمد َ‬
‫ون ‪} ٤٨‬‬ ‫ِين ِة ت ِۡس َعة َرهط ُيفس ُِدون ِِف ٱلۡر ِض وَّل يصل ِح‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وكان في مدينة ثمود تسعة رجال أوغلوا في الفساد في األرض الذي ال يخالطه ش يء من‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ُ ُ َۡ َ ۡ‬
‫ّسف ِي ‪١٥١‬‬
‫الصالح‪ ،‬وهم املسرفون الذين عقروا الناقة‪ ،‬كما أشار هللا تعالى إليه بقوله‪ { :‬وَّل ت ِطيعوا أِّر ٱلم ِ‬
‫وها فَأَ ۡص َب ُ‬
‫حوا َنى ِدم َ‬
‫ِي ‪[} ١٥٧‬الشعراء‪.]157 :‬‬ ‫َََُ َ‬
‫}[الشعراء‪ ،]151 :‬وقوله‪ { :‬فعقر‬
‫َ َ َى ُ َ‬ ‫َ َ َۡ َۡ َ َۡ‬ ‫َ ََُ ََ ُ ََ ۡ َُ ُ َ ََُ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قَالُوا َت َق َ‬
‫اس ُموا ب ِٱَّللِ لبيِتنهۥ وأهلهۥ ثم لقولن ل ِو َِلِهِۦ ما ش ِهدنا ِّهل ِك أهلِهِۦ ِإَونا لصدِقون ‪} ٤٩‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫لنباغتن صالحا وأهله الذين‬ ‫بأن يحلف كل واحد ّ‬
‫منا‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬قال بعضهم لبعض‪ :‬تقاسموا باهلل ْ‬
‫لولي الدم من قرابته‪ ،‬ما حضرنا قتلهم وما عرفنا ْ‬
‫من‬ ‫لنقولن ّ‬ ‫َّ‬ ‫آمنوا معه في الليل‪ ،‬فنقتلهم‪ ،‬ثم تقاسموا‪،‬‬
‫ّ‬
‫قتلهم‪ ،‬وإنا لصادقون في قولنا‪.‬‬
‫توعدهم صالح بعذاب قريب‪ ،‬كما حكاه‬ ‫وكان هذا التآمر على قتل صالح بعد نحرهم الناقة‪ ،‬وبعد ْأن ّ‬
‫وب}[هود‪.]65 :‬‬‫ذ‬
‫َ َ ْ ٌ َُْ َ ْ ُ‬
‫ك‬ ‫م‬ ‫ر‬‫ي‬ ‫غ‬ ‫د‬‫ع‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫ذل‬ ‫ام‬ ‫الث َة َأ ه‬
‫ي‬
‫ُ ْ َ َ‬
‫ث‬ ‫م‬ ‫ك‬‫دار‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫وا‬ ‫ع‬ ‫هللا في قوله تعالى‪َ { :‬ف َع َق ُروها َف َ‬
‫قال َت َم هت ُ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫َُ ۡ َ ُُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٥٠‬‬‫قوله تعالى‪َ { :‬و َمك ُروا َمكرا َو َمك ۡرنا َمكرا وهم َّل يشعر‬
‫واملعنى‪ :‬ومكر هؤالء املسرفون مكرا في قتل صالح عليه السالم وأهله‪ ،‬ولكن جازيناهم بمكرهم‪ ،‬وهم‬
‫َ َ ُ َْ ْ ُ ه ه َ‬
‫السي ُئ إَل بأ ْهله}[فاطر‪.]43 :‬‬ ‫ال يعلمون ّأن مكرهم ال يحيق إال بهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وَل يحيق اَلكر‬

‫ۡجعِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫نظ ۡر ك ۡي َف َك َن َع ىق َبة َمكره ِۡم أنَا َد َِّ ۡر َنى ُه ۡم َوق ۡو َِّ ُه ۡم أ ۡ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ٥١‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فٱ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فانظر أيها الرسول كيف كانت عاقبة مكرهم وتآمرهم على قتل صالح‪ ،‬أنا أهلكناهم وقومهم‬
‫ََ َ َ ه َ ََ‬
‫ين ظل ُموا‬ ‫أجمعين بالصيحة من السماء والزلزلة الشديدة من أسفل منهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وأخذ الذ‬
‫َ‬ ‫الر ْج َف ُة َف َأ ْ‬
‫ص َب ُحوا في داره ْم‬ ‫ص َب ُحوا في دياره ْم جاثم َين}[هود‪ ،]67 :‬وقال تعالى‪َ { :‬ف َأ َخ َذ ْت ُه ُم ه‬ ‫الص ْي َح ُة َف َأ ْ‬
‫ه‬
‫َ‬
‫َجاثمين}[األعراف‪.]78 :‬‬

‫ى َ َ َۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُُ ُُ ۡ َ‬ ‫َ ۡ‬


‫ون ‪} ٥٢‬‬ ‫اويََۢة ب ِ َما ظل ُم روا إِن ِِف ذل ِك ٓأَلية ل ِقوم يعلم‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فتِلك بيوتهم خ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فتلك مساكنهم خالية ليس فيها منهم أحد‪ ،‬أهلكهم هللا بسبب ظلمهم‪ّ ،‬‬
‫كأنهم لم يقيموا فيها‬
‫ود َك َف ُروا َرهب ُه ْم َأ ََل ُب ْع ًدا ل َث ُم َ‬
‫ود}[هود‪ّ ،]68 :‬إن في ذلك‬ ‫طويال‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ك َأ ْن َل ْم َي ْغ َن ْوا ف َيها َأ ََل إ هن َث ُم َ‬
‫سنة هللا في األمم السابقة‪.‬‬ ‫العقاب لعظة وعبرة لقوم يعلمون ّ‬

‫َ َ َُ َ ُ ََُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٥٣‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وأنَ ۡي َنا ٱَّلِين ءامنوا وكنوا يتق‬
‫واملعنى‪ :‬وأنجينا من العذاب صالحا عليه السالم والذين آمنوا معه‪ ،‬وكانوا يتقون هللا تعالى ويخافون‬
‫عذابه‪.‬‬
‫صال ًحا َو هالذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فل هما َج َاء أ ْم ُرَنا َن هج ْي َنا َ‬
‫ين َآم ُنوا َم َع ُه ب َر ْح َم ٍة م هنا َوم ْن خ ْزي‬
‫ْ‬ ‫َْ‬
‫َي ْومئ ٍذ إ هن َرهب َك ُه َو القو ُّي ال َعز ُيز}[هود‪.]66 :‬‬
‫َ َۡ ُ َ ۡ َى َ َ ََ ُ ۡ ُۡ ُ َ‬ ‫ۡ َ َ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ولوطا إِذ قال ل َِق ۡو ِمهِۦ أتأتون ٱلف ِحشة وأنتم تب ُِصون ‪} ٥٤‬‬
‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول لوطا عليه السالم حين قال لقومه‪ :‬أتفعلون الفعلة التي بلغت نهاية‬
‫ََُْ َ ْ َ َ َ‬ ‫َُ ً ْ َ َ َ‬
‫ال لق ْومه أتأتون الفاحشة َما‬‫الفحش‪ ،‬التي ما فعلها أحد قبلكم من املخلوقين؟ كما قال تعالى‪{ :‬ولوطا إذ ق‬
‫ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫َس َبقك ْم ب َها م ْن أ َح ٍد م َن ال َعاَلين}[األعراف‪ ،]80 :‬وأنتم تعلمون أنها فاحشة‪.‬‬

‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬


‫َ َ ُۡ ۡ َۡ َ‬
‫ون ‪} ٥٥‬‬ ‫ون ٱلنِساءِ بل أنتم قوم تهل‬
‫ُ‬ ‫ون ٱ َ َ ۡ َ‬ ‫َ ُ ۡ َ ُ َ‬
‫لرجال شهوة مِن د ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أئِنكم ِلأت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أقبالهن‪ ،‬بل أنتم قوم‬ ‫واملعنى‪ :‬أإنكم لتأتون الرجال من أدبارهم شهوة‪ ،‬وتتركون الزواج بالنساء في‬
‫َ َ ۡ ُ َ ُّ ۡ َ‬
‫تجهلون عواقب فعلكم القبيح عليكم وتتجاوزون الحدود في كل ش يء‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬أتأتون ٱَّلك َران م َِن‬
‫ّ‬ ‫ۡ َ ۡ َى ُ َۡ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ ُ ۡ َ ُّ ُ‬ ‫َۡ َ َ‬
‫ون ‪[} ١٦٦‬الشعراء‪ ،]165-166 :‬وقال‬ ‫جكم بل أنتم قوم َعد‬ ‫ٱلع ىل ِمي ‪ ١٦٥‬وتذرون ما خلق لكم ربكم مِن أزو ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َُْ َ‬ ‫ه ُ ْ َ َ ْ ُ َن َ َ َ ً‬
‫ال ش ْه َوة م ْن ُدون الن َساء َب ْل أنت ْم ق ْو ٌم ُم ْسرفون}[األعراف‪.]81 :‬‬ ‫تعالى‪{ :‬إنكم لتأتو الرج‬

‫َََ َُ َ‬ ‫ُ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ َ ُ َ ۡ‬ ‫ََ َ َ َ َ َ َ‬


‫ون ‪} ٥٦‬‬ ‫اب ق ۡو ِمهِۦ إَِّل أن قالوا أخ ِر ُجوا َءال لوط مِن ق ۡريَتِك ۡم إِن ُه ۡم أناس يتطهر‬‫قوله تعالى‪ { :‬فما َكن جو‬
‫ون َن م َِن ٱل ۡ ُم ۡخ َرج َ‬
‫ي ‪١٦٧‬‬
‫َ ُ َ َ ۡ َ َ َىُ ُ ََ ُ َ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فما كان جواب قوم لوط إال أنهم قالوا له‪ { :‬قالوا لئِن لم تنتهِ يلوط ِلك‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫}[الشعراء‪ ،]167 :‬وقالوا لبعضهم‪ :‬أخرجوا لوطا وأهله من قريتكم‪ ،‬إنه وأهله أناس يتنزهون عن إتيان أدبار‬
‫الرجال‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وه ْم م ْن ق ْرَيتك ْم إ هن ُه ْم أن ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫اب ق ْومه إَل أن قالوا أخر ُج ُ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َما كان َج َو َ‬
‫اس‬
‫َ َ َ‬
‫َيتط هه ُرون}[األعراف‪.]82 :‬‬

‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ َ َ ۡ َى ُ َ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ َ َ ُ َ َ ۡ َى َ َ ۡ َ‬
‫بين ‪} ٥٧‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فأنينه وأهلهۥ إَِّل ٱِّرأتهۥ قدرنها مِن ٱلغ ِ ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فأنجينا لوطا عليه السالم وأهله من العذاب‪ ،‬ألنه لم يكن آمن به إال أهل بيته‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ ْ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ ْ َ‬
‫تعالى‪{ :‬فأخ َر ْجنا َم ْن كان ف َيها م َن اَلؤمنين ‪ .‬ف َما َو َج ْدنا ف َيها غ ْي َر َب ْي ٍت م َن اَل ْسلمين}[الذريات‪ ،]35-36 :‬إال‬
‫ّ‬
‫فإنا ّ‬
‫قدرناها من الهالكين الباقين في العذاب‪.‬‬ ‫امرأته العجوز‪،‬‬
‫َ‬ ‫ََْ َ َْ ُ ََ َْ ُ ه ْ َ ََ ُ َ َ ْ َ ْ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فأنجينا وأهله إَل امر أته كانت من الغابرين}[األعراف‪.]83 :‬‬

‫َ‬ ‫ََۡ َ ۡ َ َ َۡ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وأمطرنا علي ِهم مطرا فساء مطر ٱلمنذرِين ‪} ٥٨‬‬
‫َ َ َ َ‬
‫واملعنى‪ :‬وأمطرنا على قوم لوط مطرا من حجارة من سجيل منضود‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وأ ْمط ْرنا َعل ْي َها‬
‫ح َجا َ ًة م ْن سج ْ ُ‬
‫ود}[هود‪ ،]82 :‬فساء مطر الذين أنذروا به من دمار‪.‬‬ ‫يل َمنض ٍ‬‫ٍ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وأ ْمط ْرنا َعل ْيه ْم َمط ًرا فانظ ْر ك ْيف كان َعاق َبة اْل ْجرمين}[األعراف‪،]84 :‬‬
‫َ‬ ‫ََۡ َ ۡ َ َ َۡ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُۡ َ‬
‫وقوله تعالى‪ { :‬وأمطرنا علي ِهم مطرا فساء مطر ٱلمنذرِين ‪[} ١٧٣‬الشعراء‪.]173 :‬‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫َ ۡ َ َى َ َُ َ ۡ َ ُۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫ون ‪} ٥٩‬‬ ‫شوُك‬ ‫ل ۡم ُد ِ ََّللِ َو َسل ىم ى‬
‫لَع ع َِبادِه ِ ٱَّلِين ٱصط‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل ٱ َ‬
‫َف ءاَّلل خري أما ي ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬الحمد والشكر هلل‪ ،‬وسالم منه تعالى على عباده املرسلين الذين اصطفاهم‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َ َ َ َ َ ْ ه َ ه َ ُ َن َ َ ٌ َ ْ ُ‬
‫الم َعلى اَل ْر َسلين ‪َ .‬وال َح ْم ُد هَّلل َرب‬ ‫هللا لرسالته‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬سبحان ربك رب العزة عما يصفو ‪ .‬وس‬
‫ْ َ‬
‫ال َعاَل َين}[الصافات‪ ،]180-182 :‬وقل ملشركي قومك‪ :‬هل هللا املتصف بالعظمة والقدرة خير أم الذي يشركون‬
‫من دونه‪ ،‬ممن ليس له عظمة وقدرة؟‬

‫َ َ‬ ‫لس َما ِء َماء فَأَۢن َب ۡت َنا بهِۦ َح َدائ َق َذ َ‬ ‫َ َ ۡ َ َ َ َ َىَى َ ۡ َ َ ََ َ َ َ ُ‬


‫جة َما َكن‬
‫ات َب ۡه َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كم ِم َن ٱ َ‬ ‫ت وٱلۡرض وأنزل ل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أمن خلق ٱلسمو ِ‬
‫َ ُ ۡ َ ُ ُ َ َ َ َ َ َى َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ ۡ ُ َ‬
‫َّللِ بل هم قوم يعدِلون ‪}٦٠‬‬
‫لكم أن تۢنبِتوا شجرها أءِله مع ٱ ر‬
‫واملعنى‪ :‬وقل لهم واسألهم‪َ :‬م ْن خلق السماوات واألرض على غير مثال سابق‪ ،‬وأنزل لكم من السحاب‬
‫ْ‬
‫مطرا‪ ،‬فأنبتنا به حدائق ذات منظر حسن من الزرع والزيتون والنخيل واألعناب ومن كل الثمرات والفواكه‪،‬‬
‫ُ ه‬ ‫ه ْ َ َ هْ ُ َ َ ه َ َ ْ َ‬
‫األ ْع َن َ‬ ‫ْ ُ َُ‬
‫اب َوم ْن كل الث َم َرات}[النحل‪ ،]11 :‬ما كان لكم‬ ‫كما قال تعالى‪ُ { :‬ينبت لك ْم به الزرع والزيتون والنخيل و‬
‫ْأن تنبتوا شجرها لو ال ّأن هللا تعالى أنزل عليكم املطر من السحاب‪ ،‬أإله غير هللا تعالى فعل هذه األفعال حتى‬
‫َ‬ ‫ُْ َ‬ ‫ََ‬
‫املتفرد بالخلق وتدبير العالم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أف َم ْن َيخل ُق ك َم ْن َل‬‫ّ‬ ‫تعبدوه؟ وهللا تعالى هو املستقل‬
‫}[النحل‪ ،]17 :‬بل هؤالء املشركون قوم ينحرفون عن اإليمان والهدى‪.‬‬ ‫َي ْخ ُل ُق ّ‬

‫َ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أَ َمن َج َع َل ٱ ۡلَۡر َض قَ َرارا َو َج َع َل خ َِل ىلَ َها َأنۡ َه ىرا َو َج َع َل ل َ َها َر َو ى ِ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ ۡ َ ۡ َ‬
‫جزا أءِل ىه َم َع‬‫س وجعل بي ٱلَحري ِن حا ِ‬
‫َ َۡ َ ۡ َُ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٦١‬‬ ‫ٱَّللرِ بل أكَّثهم َّل يعلم‬
‫َُ َ‬ ‫واملعنى‪ :‬أعبادة ما تشركون به ٌ‬
‫خير أم عبادة هللا الذي جعل األرض مستقرا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱَّلل ٱَّلِي‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ ى َى ُ‬
‫ِك ُم ٱ َ ُ‬
‫َّلل َر ُّبك ۡم‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ََ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ك ُم ٱ ۡلَۡر َض قَ َرارا َوٱ َ‬ ‫َ ََ َ ُ‬
‫ت ذل‬‫لس َما َء بِناء َو َص َو َروُك ۡم فأح َس َن ُص َو َروُك ۡم َو َر َزقكم مِن ٱلطيِب ِ‬ ‫جعل ل‬
‫ي ‪[}٦٤‬غافر‪ ،]64 :‬وجعل وسطها أنهارا وجعل لها جباال ثوابت لكي تقر وتثبت وال‬ ‫َّلل َر ُّب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬ ‫َف َت َب َ‬
‫ار َك ٱ َ ُ‬
‫ِ‬
‫ً َ هُ‬ ‫ََ َ َ ْ َ َ ُ َ‬ ‫َْ‬ ‫َْ َ‬
‫يد بك ْم َوأ ْن َها ًرا َو ُس ُبال ل َعلك ْم‬ ‫تضطرب أثناء دورانها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وألقى في األ ْرض رواس ي أن تم‬
‫َ َ‬
‫َت ْهت ُدون}[النحل‪ ،]15 :‬وجعل بين املياه العذبة واملياه املالحة حاجزا يمنعها من االختالط‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ َى َ ۡ ُ َ َ َ َ َ ََۡ ُ َ َۡ َ َ ۡ َ ۡ‬ ‫َ َ ۡ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ َ‬
‫َم ُجورا ‪[}٥٣‬الفرقان‪:‬‬ ‫{۞ َوه َو ٱَّلِي َِّ َر َج ٱلَ ۡح َر ۡي ِن هىذا َعذب ف َرات وهذا ِِّلح أجاج وجعل بينهما برزخا وحِجرا‬
‫‪ ،]53‬أإله غير هللا تعالى فعل هذه األفعال حتى تعبدوه؟‪ ،‬بل أكثر املشركين ال يعلمون الحق فيتبعونه‪.‬‬
‫ك ۡم ُخلَ َفا َء ٱ ۡلَۡر ِض أَء َِل ىه َم َع ٱ ََّللِ قَل ِيل ماَ‬
‫ُّ َ َ َ ۡ َ ُ ُ‬ ‫ََ ُ ُ ُۡ ۡ َ َ َ َ َ ُ ََ ۡ ُ‬
‫ُييب ٱلمضطر إِذا دَعه ويكشِ ف ٱلسوء ويجعل‬
‫ر‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أمن ِ‬
‫ََ َُ َ‬
‫ون ‪} ٦٢‬‬ ‫تذكر‬
‫املضطر إذا دعاه ويكشف السوء النازل‬ ‫ّ‬ ‫خير أم عبادة هللا الذي يجيب‬ ‫واملعنى‪ :‬أعبادة ما تشركون به ٌ‬
‫َ ُ ََ َ‬ ‫ه‬
‫به‪ ،‬ويجعلكم خلفاء األرض‪ ،‬تخلفون من سبقكم في عمارتها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ُه َو الذي َج َعلك ْم خالئف‬
‫ض ُك ْم َف ْو َق َب ْع َ َ‬ ‫َْ‬
‫األ ْ ض َو َر َف َع َب ْع َ‬
‫ات}[األنعام‪ ،]165 :‬أإله غير هللا تعالى فعل هذه األفعال حتى تعبدوه؟‪،‬‬ ‫ض د َرج ٍ‬‫ٍ‬ ‫ر‬
‫قليال ما تذكرون وتعتبرون‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وقد أكد هللا تعالى أنه هو املدعو عند الشدائد واملرجو عند النوازل في آيات كثيرة‪ ،‬منها قوله تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ك ُم ٱ ُّ ُّ‬‫َ َ َ ُ‬ ‫ُّ َ َ َ َ َ‬ ‫ُ َ‬
‫لُض ِِف ٱلَ ۡح ِر ضل َمن ت ۡد ُعون‬
‫ُ‬
‫{ث هم إذا َم هسك ُم الض ُّر فإل ْيه ت ْجأ ُرون}[النحل‪]53 :‬ـ وقوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا ِّس‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫نس ُن ك ُفورا ‪[}٦٧‬اإلسراء‪.]67 :‬‬
‫ب أ ۡع َر ۡض ُت ۡ رم َوك َن ٱ ِإل َ ى‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ ُ ۡ‬
‫إَِّل إِياه فلما نى ىكم إِل ٱل ِ‬

‫َ َى َ َ َ َ َ َ‬ ‫ِيك ۡم ِف ُظلُ َم ىت ٱل ۡ َب َوٱ ۡ َل ۡحر َو َمن يُ ۡرس ُِل ٱلر َي ى َح ب ُ ۡ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َ‬


‫ُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أَ َمن َي ۡ‬
‫َّللِ تع ىَل‬
‫شا بي يدي رْحتِهِۦ أءِله مع ٱ ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ه‬
‫َُ َ َ ُۡ ُ َ‬
‫ون ‪}٦٣‬‬ ‫شوُك‬
‫ٱَّلل عما ي ِ‬
‫البر والبحر بالدالئل األرضية‬ ‫خير أم عبادة هللا الذي يهديكم في ظلمات ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬أعبادة ما تشركون به ٌ‬
‫َُ‬ ‫ه‬ ‫َ َ‬ ‫ه‬
‫ات َوبالن ْجم ُه ْم َي ْهت ُدون}[النحل‪ ،]16 :‬وقال تعالى‪َ { :‬و ُه َو الذي َج َع َل لك ُم‬ ‫والسماوية‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َع َ‬
‫الم ٍ‬
‫ْ ْ‬ ‫ُُ‬ ‫ُّ ُ َ َ‬
‫وم ل َت ْهت ُدوا ب َها في ظل َمات ال َبر َوال َب ْحر}[األنعام‪ ،]97 :‬وهو يرسل الرياح مبشرات قبل نزول املطر‪ ،‬أإله‬ ‫النج‬
‫غير هللا تعالى فعل هذه األفعال حتى تعبدوه؟‪ ،‬تعالى هللا وتعاظم ّ‬
‫وتنزه عن الشركاء‪.‬‬

‫َ ُ‬ ‫َ َى َ َ َ ُ ۡ َ ُ‬ ‫َ َ َ َۡ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ُ َۡ ۡ َ ُ َ ُ ُ ُ َ َ َ ُ ُ ُ‬
‫َّللِ قل هاتوا بُ ۡرهى َنك ۡم إِن‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أمن يبدؤا ٱللق ثم يعِيدهۥ ومن ي ۡرزقكم م َِن ٱلسما ِء وٱلۡر ِض أءِله مع ٱ ر‬
‫ُ‬
‫ك ُنت ۡم َص ى ِدق َِي ‪} ٦٤‬‬
‫خير أم عبادة هللا الذي يبدأ الخلق بقدرته‪ ،‬ثم يعيده‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫واملعنى‪ :‬أعبادة ما تشركون به ٌ‬
‫يد}[البروج‪ ،]12-13 :‬وقال تعالى‪َ { :‬و ُه َو هالذي َي ْب َد ُأ ْال َخ ْل َق ُث هم ُيع ُ‬
‫يد ُ‬ ‫ش َ ب َك َل َشد ٌيد إ هن ُه ُه َو ُي ْبد ُئ َو ُيع ُ‬ ‫ه ْ‬
‫{إن َبط َ ر‬
‫َ ُ َ‬
‫َو ُه َو أ ْه َون َعل ْيه}[الروم‪ ،]27 :‬وهو يرزقكم من بركات السماء واألرض‪ ،‬أإله غير هللا تعالى فعل هذه األفعال‬
‫حتى تعبدوه؟‪ ،‬قل لهم أيها الرسول‪ :‬هاتوا حجتكم ْإن كنتم صادقين في دعواكم ّأن هللا له شريك في ملكه‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ّ‬
‫وعبادته‪ ،‬وقد علم هللا أنه ال حجة لهم في ذلك‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َم ْن َي ْد ُع َم َع هَّللا إل ًها آخ َر َل ُب ْر َهان ل ُه به‬
‫َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫َ ه‬
‫فإن َما ح َس ُاب ُه عن َد َربه إن ُه َل ُيفل ُح الكاف ُرون}[املؤمنون‪.]117 :‬‬

‫َ‬
‫َُ ََ َ ُُ َ َ َ َُُۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫لس َم ى َو ى ِ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل َّل َي ۡعل ُم َمن ِف ٱ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ون ‪} ٦٥‬‬ ‫ت وٱلۡر ِض ٱلغيب إَِّل ٱ ر‬
‫َّلل وما يشعرون أيان يبعث‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫الغيب إال هللا تعالى‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهؤالء املشركين‪ :‬ال يعلم أحد في السماوات وفي األرض‬
‫ُ َ ْ‬
‫}[األنعام‪ ،]59 :‬وقال تعالى‪{ :‬إ هن ه َ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َّللا‬ ‫فهو املنفرد بعلمه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وعن َد ُ َمفات ُح الغ ْيب َل َي ْعل ُم َها إَل هو‬
‫ْ َ ََ َْ َْ ٌ َ َ َْ ُ ًَ ََ َْ َْ ٌ َ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫ع ْن َد ُ ع ْل ُم ه‬
‫س بأي‬ ‫اعة َو ُينز ُل الغ ْيث َو َي ْعل ُم َما في األرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نف‬ ‫الس َ‬
‫َْ َُ ُ ه هَ َ ٌ َ‬
‫يم خب ٌير}[لقمان‪ ،]34 :‬وال يعلم الخالئق كلهم متى يبعثون من قبورهم‪ ،‬فال تجيء‬ ‫ض تموت إن َّللا عل‬ ‫أر ٍ‬
‫ه َ َ َ ْ َ َْ ُ ْ َ َْ ً‬ ‫ََُ ْ‬
‫الساعة إال فجأة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ثقلت في السموات واألرض َل تأتيكم إَل بغتة}[األعراف‪.]187 :‬‬

‫َۡ َ ُ َۡ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫ون ‪} ٦٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬بَ ِل ٱ ىد َر َك عِل ُم ُه ۡم ِِف ٱٓأۡلخ َِرة ِ بَل ه ۡم ِِف شك مِنها بل هم مِنها عم‬
‫واملعنى‪ :‬بل تكامل علمهم في اآلخرة‪ ،‬فيعلمون في اآلخرة علما كامال ما كانوا يجهلونه وينكرونه من‬
‫َ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َى‬ ‫َ ۡ ۡ ۡ ََۡ ۡ َ ُۡ ََ َ‬
‫ك ِن ٱلظل ُِمون ٱَلَ ۡو َم ِِف ضل ىل ُّمبِي ‪٣٨‬‬‫ُص يَ ۡوم يَأتوننا ل ى ِ‬
‫البعث والجنة والنار‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬أس ِمع ب ِ ِهم وأب ِ‬
‫}[مريم‪ ،]38 :‬وقد كانوا في الدنيا في شك منها‪ ،‬بل عميت عنها أبصارهم وبصائرهم‪.‬‬

‫َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ ُ َ ُ َى َ َ َ ُ َ َ َ َ ُ ۡ َ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وقال ٱَّلِين كفروا أءِذا كنا تربا وءاباؤنا أئِنا لمخرجون ‪} ٦٧‬‬
‫كنا نحن وآباؤنا أمواتا وكنا ترابا وعظاما بالية في قبورنا‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وقال الكافرون املنكرون للبعث‪ :‬أإذا ّ‬
‫َ َ ه ََ ُ َ‬ ‫َ ُ َ َ َْ ُه ُ‬ ‫ّ‬
‫أإنا ملخرجون من قبورنا أحياء؟ كما قال تعالى‪{ :‬قالوا أإذا متنا َوكنا ت َر ًابا َوعظ ًاما أإنا َل ْب ُعوثون}[املؤمنون‪:‬‬
‫‪.]82‬‬

‫َۡ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ري ٱل َول َِي ‪} ٦٨‬‬ ‫َن ُن َو َءابَا ُؤنَا مِن ق ۡبل إ ِ ۡن َهىذا إَِّل أ َ ى‬
‫س ِط ُ‬ ‫َ ۡ ُ ۡ َ َى ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬لقد وعِدنا هذا‬
‫واملعنى‪ :‬لقد وعدنا بهذ ا البعث نحن وآباؤنا على لسان األنبياء السابقين من قبلنا‪ ،‬ولم يوجد ذلك مع‬
‫طول العهد‪ ،‬وما هذا الوعد بالبعث إال أكاذيب األولين وأباطيلهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ َ ه‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬لق ْد ُوع ْدنا ن ْح ُن َو َآباؤنا َهذا م ْن ق ْب ُل إن َهذا إَل أ َساط ُير‬
‫َْ َ‬
‫األ هولين}[املؤمنون‪.]68 :‬‬

‫ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫نظ ُروا ك ۡي َف َك َن َع ىقِ َبة ٱل ُم ۡجرم َ‬‫ُ‬ ‫َۡ‬ ‫ُۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل س ُ‬
‫ِي ‪} ٦٩‬‬ ‫ِ‬ ‫ِريوا ِِف ٱلۡر ِض فٱ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهم‪ :‬امشوا في األرض‪ ،‬فانظروا كيف كان مصير األمم السابقين املجرمين‪،‬‬
‫َۡ‬ ‫دمر هللا عليهم‪ ،‬كما قال تعالى‪۞ { :‬أَفَلَ ۡم يَسِ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫نظ ُروا َك ۡي َف ََك َن َع ىقِ َب ُة ٱ ََّل َ‬
‫ِين مِن ق ۡبل ِ ِه ۡم د َِّ َر‬
‫ََ ُ‬
‫ريوا ِِف ٱلۡر ِض في‬ ‫كيف ّ‬
‫َُ َ َۡ ۡ َ ۡ َى َ َ ُ‬
‫ين أ ۡم َٰىل َها ‪[}١٠‬محمد‪.]10 :‬‬‫ٱَّلل علي ِهم ول ِلكفِ ِر‬

‫َ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫ون ‪} ٧٠‬‬‫قوله تعالى‪َ { :‬وَّل ت َزن َعل ۡي ِه ۡم َوَّل تكن ِِف ض ۡيق ِِّما يمكر‬
‫واملعنى‪ :‬وال تحزن أيها الرسول على إعراضهم وكفرهم‪ ،‬وال ْ‬
‫تكن في غم وحرج من مكرهم وكيدهم‪ ،‬كما‬
‫ْ‬ ‫قال تعالى‪َ { :‬فال َي ُك ْن في َ‬
‫ص ْدر َك َح َر ٌج من ُه}[األعراف‪.]2 :‬‬

‫ََُ َ‬‫ُ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ‬


‫ت َهىذا ٱل َو ۡع ُد إِن ك ُنت ۡم َص ى ِدق َِي ‪} ٧١‬‬
‫ون َم َ ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ويقول‬
‫واملعنى‪ :‬ويقول هؤالء الكافرون املكذبون مستعجلين بالعذاب‪ :‬متى قيام الساعة ْإن َ‬
‫كنت أيها الرسول‬
‫َ ْ َ ْ ُ َ ه َ َ ُ ْ ُ َن َ َ ه َ ُ‬
‫ين َآمنوا‬ ‫ومن تبعك من الصادقين فيما وعدتمونا به؟ كما قال تعالى‪{ :‬يستعجل بها الذين َل يؤمنو بها والذ‬
‫َ َ َ ْ‬ ‫ْ ُ َ‬
‫ُمشفقون م ْن َها َو َي ْعل ُمون أ هن َها ال َح ُّق}[الشورى‪.]18 :‬‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ُ َۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬
‫ون ‪} ٧٢‬‬ ‫جل‬ ‫ۡ َۡ‬
‫س أن يكون ردِف لكم بعض ٱَّلِي تستع ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل َع َ ى‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬عس ى ْأن يكون قد لحقكم واقترب منكم بعض الذي تستعجلونه من‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫ُ ُ ُ ۡ َ َ َُ ُ َ َ ُ َُ ُ َ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫َ َ ۡ‬
‫يدنا ق ِل ٱَّلِي ف َط َروُك ۡم أ َول َِّ َرة‬ ‫ب ِِف صدورِوُك رم فسيقولون من يعِ‬‫كُُ‬ ‫العذاب‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬أ ۡو خلقا ِِّما ي‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬
‫َ ُۡ ُ َ ۡ َ ُ ُ َ ُ ۡ َ َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ق ِريبا ‪[}٥١‬اإلسراء‪.]51 :‬‬ ‫ت ُه َو قل َع َ ى‬
‫س أن يك‬ ‫ون َم َ ى‬ ‫فسينغِضون إَِلك رءوسهم ويقول‬

‫ۡ ُ‬
‫َ ى َ ۡ َُ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َُ َ‬
‫ون ‪} ٧٣‬‬‫كن أكَّثهم َّل يشكر‬ ‫ك َّلو فض ٍل لَع ٱلَ ِ‬
‫اس ول ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون رب‬
‫وإن رّبك أيها الرسول لذو فضل عظيم على الناس جميعا‪ ،‬حيث خلقهم ورزقهم‪ ،‬وشرع لهم‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ‬
‫ما يصلحهم وينفعهم‪ ،‬ولكن أكثرهم ال يشكرونه على هذه النعم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وقل ِيل مِن ع َِباد َِي‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫الشك ُ‬
‫ور}[سبأ‪.]13 :‬‬

‫َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ ُ ُّ ُ ُ ُ ُ ۡ َ َ ُ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٧٤‬‬ ‫كن صدورهم وما يعل ِن‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون ربك َلعلم ما ت ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وإن رّبك أيها الرسول ليعلم سرائرهم وضمائرهم ويعلم ظواهرهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬س َواء‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ۡ ََ َ ۡ َ‬
‫س ٱل َق ۡول َو َمن َج َه َر بِهِۦ َو َم ۡن ُه َو ُِّ ۡس َت ۡخف ب ِٱ َۡل ِل َو َسارِ ُب ب ِٱلَ َهارِ ‪[}١٠‬الرعد‪ ،]10 :‬وقال تعالى‪{ :‬أَل‬‫مِنكم من أ‬
‫َ َ ْ َ ْ ُ َ َ َ ُ ْ َ ْ َ ُ َ ُ ُّ َ َ َ ُ ْ ُ َ‬
‫حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون}[هود‪.]5 :‬‬

‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ََ ۡ‬ ‫َ‬


‫ي ‪} ٧٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وما مِن َغئِبة ِِف ٱلسماءِ وٱلۡر ِض إَِّل ِِف كِتىب مب ِ ٍ‬
‫واملعنى‪ :‬وما من ش يء غائب في السماوات واألرض إال هو معلوم ومكتوب في اللوح املحفوظ‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الس َماء َواأل ْ ض إ هن َذل َ‬ ‫تعالى‪َ { :‬أ َل ْم َت ْع َل ْم َأ هن ه َ‬
‫َّللا َي ْع َل ُم َما في ه‬
‫اب إ هن ذل َك َعلى هَّللا َيسي ٌر}[الحج‪.]70 :‬‬
‫ٍ‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫ر‬

‫ََۡ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ َى َ َ ۡ َ َ َ‬ ‫ان َي ُق ُّص َ َ ى‬


‫َ َى َ ۡ ُ ۡ َ َ‬
‫ون ‪}٧٦‬‬ ‫َّث ٱَّلِي ه ۡم فِيهِ يتل ِف‬ ‫لَع بَ ِن إِسءِيل أك‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن هذا ٱلقرء‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن هذا القرآن ّ‬
‫يقص على بني إسرائيل كثيرا من األمور التي اختلفوا فيها‪.‬‬
‫ومن األمور التي اختلف بنو إسرائيل فيها اختالفهم في أمر عيس ى عليه السالم‪ ،‬حيث كفرت اليهود به‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫وغلت في شأنه‪ ،‬وقد ّبين هللا تعالى ذلك في قوله‪{ :‬ف َامنت‬ ‫وافترت عليه وعلى والدته‪ ،‬وآمنت النصارى به‬
‫ه َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ه َ‬
‫يل َوكف َرت طائفة}[الصف‪.]14 :‬‬ ‫طائفة من َبني إسرء‬

‫َ ََۡ ۡ‬ ‫َ َ‬
‫ْحة ل ِل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪} ٧٧‬‬‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون ُهۥ ل ُهدى ور‬
‫َى َ ُّ َ َ ُ َ ۡ َ َ ۡ ُ َ ۡ َ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وإن هذا القرآن لهدى ورحمة للمؤمنين‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬يأيها ٱلاس قد جاءتكم ِّوعِظة مِن‬
‫َ ََۡ ۡ‬ ‫َ ُ ۡ َ َ َ‬
‫ْحة ل ِل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪[}٥٧‬يونس‪.]57 :‬‬ ‫ُ‬
‫ور َوهدى ور‬ ‫ُّ ُ‬
‫ربِكم وشِفاء ل ِما ِِف ٱلصد ِ‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫ك َيق ِض بَ ۡي َن ُهم ِّبُك ِمهِۦ َو ُه َو ٱل َعز ُ‬
‫يز ٱل َعل ُ‬ ‫ۡ‬
‫َ ََ َ‬
‫ِيم ‪} ٧٨‬‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن رب‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن رّبك أيها الرسول يقض ي بين بني إسرائيل يوم القيامة فيما اختلفوا فيه بحكمه فيهم‪ ،‬كما‬
‫َ‬ ‫ُ ۡ ۡ َ‬ ‫َ‬
‫ت َف َما ٱ ۡخ َتل ُفوا َح َ ى‬ ‫ص ۡدق َو َر َز ۡق َنى ُهم م َِن ٱ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َى َ‬ ‫َۡ‬ ‫ََ‬
‫ت َجا َءه ُم ٱلعِل ُ رم إِن َر َبك‬ ‫لطي ِ َبى ِ‬ ‫سءِيل ُم َب َوأ ِ‬ ‫قال تعالى‪َ { :‬ولق ۡد بَ َوأنا بَ ِن ِإ‬
‫ََۡ ُ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫َيق ِض بَ ۡي َن ُه ۡم يَ ۡو َم ٱل ِق َيى َمةِ ف‬
‫يرد حكمه‪ ،‬العليم الذي‬ ‫ون ‪[}٩٣‬يونس‪ ،]93 :‬وهو العزيز الذي ال ّ‬ ‫ِيما َكنوا فِيهِ يتل ِف‬
‫ال يلتبس عليه الحق بالباطل‪.‬‬

‫َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ‬ ‫َ َۡ ََ‬


‫ي ‪} ٧٩‬‬ ‫ُ‬ ‫ك لَع ٱ َ‬
‫ل ِق ٱلمبِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ف َت َوُك لَع ٱَّللِ إِن‬
‫َ ه َ‬ ‫ّ‬
‫فيكفك هللا في جميع أمورك‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َم ْن َيت َوك ْل َعلى‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فتوكل عليه وفوض أمرك إليه‪ِ ،‬‬
‫وإن خالفك هؤالء املخالفون‪.‬‬ ‫هَّللا َف ُه َو َح ْس ُب ُه}[الطالق‪ّ ،]3 :‬إنك أيها الرسول على الحق الواضح‪ْ ،‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫لص َم ٱ َُّل ََع َء إذا َول ۡوا ُم ۡدبر َ‬
‫ت َوَّل ت ۡسم ُع ٱ ُّ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ك َّل ت ۡس ِم ُع ٱل َم ۡو ى‬ ‫َ َ‬‫َ ُ‬
‫ين ‪} ٨٠‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنك أيها الرسول ال تسمع أصحاب القلوب امليتة إسماع هدى وانتفاع‪ ،‬فال يسمعون ما‬
‫َ‬ ‫الص ُّم ُّ‬
‫تدبر وتفهم إذا كانوا معرضين عنه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وَل َي ْس َم ُع ُّ‬
‫الد َع َاء إذا َما‬ ‫تدعوهم إليه سماع ّ‬
‫َْ َ‬
‫ُينذ ُرون}[األنبياء‪.]45 :‬‬
‫الد َع َاء إ َذا َو هل ْوا ُم ْدبر َ‬
‫الص هم ُّ‬ ‫َ ه َ َ ُ ْ ُ َْ‬
‫اَل ْو َتى َوََل ُت ْسم ُع ُّ‬
‫ين}[الروم‪:‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فإنك َل تسمع‬
‫‪.]52‬‬

‫َ ى َ ُ ُّ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫َ ُۡ ُ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُۡ َ َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫ون ‪} ٨١‬‬ ‫م عن ضل ىلت ِ ِهم إِن تس ِمع إَِّل من يؤمِن ِ‬
‫بَٔٔايتِنا فهم ِّسل ِم‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وما أنت ب ِه ىدِي ٱلع ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وما أنت أيها الرسول بقادر على ْأن تصرف العمي عن طريق الضالل الذي انغمسوا فيه‪ ،‬فما‬
‫تستطيع ْأن تسمع إسماعا نافعا‪ ،‬إال ملن يؤمن بآياتنا الدالة على قدرتنا‪ ،‬فهم مسلمون مطيعون ألمرنا‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ه‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ َ َْ َ َ ْ ُ ْ َ ْ ََ َ‬
‫ضاللته ْم إن ت ْسم ُع إَل َم ْن ُيؤم ُن ب َآياتنا ف ُه ْم‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬وما أنت بهاد العمي عن‬
‫َ‬
‫ُم ْسل ُمون}[الروم‪.]53 :‬‬

‫ُ َ ُ ُ ۡ َ َ َ َ َ ُ ََى َ َ ُ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ َ َۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٨٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا َوق َع ٱلق ۡول َعل ۡي ِه ۡم أخ َر ۡج َنا ل ُه ۡم دابَة م َِن ٱلۡر ِض تكل ِمهم أن ٱلاس َكنوا ب ِأيتِنا َّل يوق ِن‬

‫َ ُ َ ُ َى َ ُ ۡ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٨٣‬‬ ‫ُك أ َمة ف ۡوجا ِِّمن يكذِب ب ِأيتِنا فهم يوزع‬ ‫َََۡ ۡ ُ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ويوم َنش مِن ِ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫أمة جماعة ممن يكذب بآياتنا الدالة على قدرتنا‪ ،‬كما قال‬ ‫واملعنى‪ :‬ويوم نجمع يوم القيامة من كل ٍ‬
‫َ َ ُّ ُ ُ ُ و َ ْ‬
‫اج ُه ْم}[الصافات‪ ،]22 :‬وقال تعالى‪{ :‬وإذا النفوس ز جت}[التكوير‪،]7 :‬‬ ‫ين َظ َل ُموا َو َأ ْز َو َ‬ ‫اح ُش ُروا هالذ َ‬
‫تعالى‪ْ { :‬‬
‫فيحبس أولهم على آخرهم؛ ليجتمعوا كلهم في املحشر‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ُۡ َۡ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ‬


‫كذ ۡب ُتم بأ َي ىت َول ۡم ت ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٨٤‬‬ ‫ِيطوا ب ِ َها عِلما أ َماذا كنتم تعمل‬ ‫ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ح َ ى‬
‫ت إِذا َجا ُءو قال أ‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫حتى إذا جاءوا واجتمعوا ووقفوا بين يدي هللا تعالى للحساب‪ ،‬قال هللا تعالى لهم‪ :‬أكذبتم‬
‫ّ‬
‫بآياتي التي أنزلتها على رسلي‪ ،‬ولم تحيطوا علما بحقيقة اآليات حتى تكذبوا بها‪ ،‬فبماذا كنتم تعملون فيها من‬
‫تصديق أو تكذيب؟‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ص هدق‬ ‫وقد أخبر هللا تبارك وتعالى ّأنهم كانوا مكذبين باآليات ومعرضين عنها‪ ،‬كما قال تعالى عنهم‪{ :‬فال‬
‫َ َه َ َ ه َ ه‬
‫صلى‪َ .‬ولك ْن كذ َب َوت َولى}[القيامة‪.]31-32 :‬‬ ‫وَل‬

‫َ َ ُ ُ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٨٥‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َوق َع ٱلق ۡول َعل ۡي ِهم بِما ظلموا فهم َّل ين ِطق‬
‫واملعنى‪ :‬وحقت عليهم كلمة العذاب بسبب ظلمهم ألنفسهم وتكذيبهم بآيات هللا تعالى‪ ،‬فهم ال ينطقون‬
‫ٌ ْ‬
‫يوم َل َينطقون}[املرسالت‪.]35 :‬‬ ‫بححة وال باعتذار‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬هذا‬
‫مشركين}[األنعام‪]23 :‬؛ ّ‬ ‫ْ‬
‫ألن القيامة‬ ‫وال تعارض بين هذه اآلية وقوله تعالى‪{ :‬قالوا وهللا َربنا َما كنا‬
‫مواطن ومواقف‪ ،‬وفي بعضها ينطقون‪ ،‬وفي بعضها ال ينطقون‪.‬‬

‫َ ۡ ُۡ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬أل ۡم يَ َر ۡوا أنَا َج َعل َنا ٱ َۡلل ل ِيَ ۡسك ُنوا فِيهِ َوٱلَ َه َ ۡ‬ ‫ََ‬
‫ون ‪} ٨٦‬‬ ‫ار ُمب ِ‬
‫ُصار إِن ِِف ذ ىل ِك ٓأَلي ىت ل ِقوم يؤمِن‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ألم ير هؤالء الظاملون املكذبون أنا جعلنا الليل ليستريحوا فيه وليسكنوا فيه رحمة بهم‪ ،‬كما‬
‫َ َ ُ َۡ ُ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ َ ُ ُ ََۡ َ ََ َ َ ُ‬ ‫قال تعالى‪َ { :‬ومِن َر ۡ َ‬
‫ار ل ِت ۡسك ُنوا فِيهِ َو ِِلَ ۡب َتغوا مِن فضلِهِۦ َول َعلك ۡم تشك ُرون‬ ‫ْحتِهِۦ جعل لكم ٱَلل وٱله‬
‫َ َ َ َۡ ََۡ َ ََ َ َ ََۡ‬
‫ي‬
‫‪[}٧٣‬القصص‪ ،]73 :‬وجعل النهار مبصرا ليبتغوا فضال من ربهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وجعلنا ٱَلل وٱلهار ءايت ِ‬
‫ك ۡم َوِلِ َ ۡعلَ ُموا َع َد َد ٱ ِ َ َ ۡ َ َ‬
‫اب َو ُ َُك َ ۡ‬
‫يشء‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ َ ۡ َ َ ََ َۡ َ َ َ َۡ َ ََ ََ ُۡ َ ََۡ ُ َ ۡ‬
‫لسن ِي وٱل ِس ر‬ ‫ُصة ِِلبتغوا فضل مِن رب ِ‬
‫فمحونا ءاية ٱَل ِل وجعلنا ءاية ٱلهارِ مب ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ ۡ‬
‫ف َصل َنى ُه َتف ِصيل ‪[}١٢‬اإلسراء‪ّ ،]12 :‬إن في ذلك املذكور آليات واضحات لقوم يؤمنون‪.‬‬

‫ُي َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َََۡ ُ َ‬


‫َّلل َوُك أتَ ۡو ُه َد ىخِر َ‬
‫َُ‬ ‫لس َم ى َو ى ِ َ َ‬
‫ع َمن ِف ٱ َ‬ ‫نف ُخ ِف ٱ ُّ‬
‫ين ‪} ٨٧‬‬ ‫ِ‬ ‫ت ومن ِِف ٱلۡر ِض إ َِّل من شا َء ٱ ر‬ ‫ِ‬ ‫لصورِ فف ِز‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ويوم ي‬
‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول يوم ينفخ امللك في الصور‪ ،‬فخاف من في السماوات ومن في األرض خوفا‬
‫شديدا من هول النفخة إال من شاء هللا ممن حفظه من الفزع‪ ،‬وكل املخلوقين حاضرون واقفون راجعون إلى‬
‫َُ َ‬ ‫ََۡ َۡ ُ ُ ۡ ََ ۡ َ ُ َ‬
‫يبون ِّبَ ۡم ِده ِۦ َوتظ ُّنون إِن‬ ‫ج‬
‫ربهم صاغرين‪ ،‬ال يتخلف أحد منهم عن أمره‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬يوم يدعووُكم فتست ِ‬
‫َ‬ ‫َ َُْ َ ْ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ۡ َ َ‬
‫لِث ُت ۡم إَِّل قل ِيل ‪[}٥٢‬اإلسراء‪ ،]52 :‬وقال تعالى‪{ :‬ث هم إذا َد َعاك ْم َد ْع َوة م َن األ ْرض إذا أنت ْم تخ ُر ُجون}[الروم‪.]25 :‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫الصور‪ّ :‬أنه في ّ‬
‫فتوضع في ث ْقب في‬ ‫َ‬ ‫هللا األرواح‪،‬‬ ‫الثالثة يأمر ُ‬ ‫النفخة‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬وفي حديث ّ‬
‫الصور طارت األرواح‪،‬‬ ‫تنبت األجساد في قبورها وأماكنها‪ ،‬فإذا نفخ في ّ‬ ‫ثم ْين ُفخ إسرافيل فيه بعدما ُ‬ ‫الصور‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫كل ُروح إلى‬ ‫وع َّ ِزتي َو َجاللي لترج َع ّن ُّ‬ ‫عز ّ‬ ‫الكافرين ُظلمة‪ ،‬فيقول هللا‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وجل‪ِ :‬‬ ‫تتوهج أرواح املؤمنين نورا‪ ،‬وأرواح‬
‫فينفضو َن التراب ْ‬ ‫ثم َيقومون ُ‬ ‫اللديغ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫أجسادها‪ ،‬فتد ُّب ف َيها كما َيدب ّ‬ ‫فتجيء األرواح إلى َ‬ ‫جسد َها‪َ ،‬‬
‫من‬ ‫ِ‬ ‫الس ُّم في‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ً ََهُ ْ َ ُ ُ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ ُْ ُ َ‬ ‫ْ‬
‫قبورهم‪ ،‬قال هللا تعالى‪{ :‬يوم يخرجون من األجداث سراعا كأنهم إلى نص ٍب يوفضون}[املعارج‪.]43 :‬‬

‫يش ٍء إنَ ُهۥ َخب ُ‬‫ََۡ َ َُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ َ َ َۡ‬


‫ت َس ُب َها َجام َِدة َو ِ َ َ ُ ُّ َ َ َ َ‬ ‫َ ََ‬
‫ري بماَ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ۡ‬ ‫اب ُص ۡن َع ٱَّللِ ٱَّلِي أتقن ُك‬
‫ه تمر ِّر ٱلسح ِ‬ ‫لبال‬‫قوله تعالى‪ { :‬وترى ٱ ِ‬
‫َۡ َُ َ‬
‫ون ‪} ٨٨‬‬ ‫تفعل‬
‫واملعنى‪ :‬وترى الجبال أيها الناظر تظنها ثابتة باقية على ما كانت عليه‪ ،‬وهي تسير سيرا حثيثا كسير‬
‫ََ ُ ۡ ُ‬ ‫ََۡ َ ُ ُ َ َ ُ َ ۡ‬
‫ل َبال َس ۡريا ‪[}١٠‬الطور‪،]9-10 :‬‬ ‫ّ‬
‫الغمام الذي تسيره الرياح‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬يوم تمور ٱلسماء ِّورا ‪ ٩‬وتسِ ري ٱ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ال َبال َوتَ َرى الر َض بَارِ َزة}[الكهف‪ ،]47 :‬ذلك الصنع هو صنع هللا الذي أحكم كل‬ ‫ََ َ َ ُ‬
‫وقال تعالى‪{ :‬ويوم نس ِري ِ‬
‫ش يء وأتقن خلق كل ش يء‪ّ ،‬إن هللا تعالى خبير بما تفعلون من خير أو شر‪ ،‬ويجازيكم عليه‪.‬‬

‫َ ََۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬


‫ون ‪} ٨٩‬‬ ‫ل َس َنةِ فل ُهۥ خ ۡري م ِۡن َها َوهم مِن فزع يومئ ِ ٍذ ءامِن‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬من َجا َء بٱ َ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬من جاء ربه يوم القيامة بالحسنة الواحدة‪ ،‬فله خير منها من الحسنات‪ ،‬وهم آمنون من هول‬ ‫ّ‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫يحزُن ُهم الف َز ُع األكبر}[األنبياء‪.]103 :‬‬ ‫يوم الفزع األكبر‪ ،‬كما قال تعالى‪َ{ :‬ل ُ‬
‫ْ َ َ‬ ‫ْ َ ََ‬
‫وهذه اآلية مجملة‪ ،‬يفصلها قوله تعالى‪َ { :‬م ْن َج َاء بال َح َسنة فل ُه َعش ُر أ ْمثال َها}[األنعام‪ ،]160 :‬وقوله‬
‫ت َس ۡب َع َس َناب َل ِف ُُك ُسۢن ُب َلة مِائ َ ُة َح َبة َوٱ َ ُ‬
‫َّلل‬ ‫ون أَ ۡم َو ىل َ ُه ۡم ِف َسبيل ٱ ََّللِ َك َم َثل َح َبة أَۢن َب َت ۡ‬ ‫ََُ َ َ ُ ُ َ‬
‫تعالى‪ { :‬مثل ٱَّلِين ينفِق‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬
‫ضا َح َسنا‬ ‫َّللا َق ْر ً‬
‫ض هَ‬ ‫َّلل َو ىسِع َعل ِيم ‪[}٢٦١‬البقرة‪ ،]261 :‬وقول تعالى‪َ { :‬م ْن َذا هالذي ُي ْقر ُ‬ ‫يُ َض ىعِ ُف ل َِمن ي َ َشا ُء َوٱ َ ُ‬
‫ر‬
‫َُ َ َ ُ َُ َ ْ ً َ ً‬
‫ض َعافا كث َيرة}[البقرة‪.]245 :‬‬‫فيضاعفه له أ‬

‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُۡ ََۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ‬
‫َ ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫لسيئَةِ فك َب ۡ‬
‫ون ‪} ٩٠‬‬ ‫ت ُو ُجوه ُه ۡم ِِف ٱ َلارِ هل ت َز ۡون إَِّل َما كنتم تعمل‬ ‫ََ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ومن جاء ب ِٱ ِ‬
‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬ومن جاء ربه يوم القيامة بالسيئة من الشرك واملعصية فك ّبت وجوههم في النار‪ ،‬فال تجزون‬
‫ه‬ ‫َ َ ْ َ َ ه َ ََ‬
‫السيئة فال ُي ْج َزى إَل‬ ‫أيها الكافرون إال ما كنتم تعملونه في الدنيا وال زيادة عليه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ومن جاء ب‬
‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫ۡ‬
‫ات َج َزا ُء َسيِئَة ب ِ ِمثل َِها َوت ۡرهق ُه ۡم ذِلة‬
‫لسَٔٔ ِ‬ ‫ظ َل ُمو َن}[األنعام‪ ،]160 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وٱ ََّل َ‬
‫ِين َك َس ُبوا ٱ َ‬ ‫ََْ َ ُ ْ َ ُ ْ‬
‫مثلها وهم َل ي‬
‫ِ‬
‫ُ َى َ َ ۡ َ ى ُ َ ُ ۡ َ َ ى ُ َ‬ ‫َ َۡ ُ ۡ‬ ‫ََََ ُ ۡ َ ۡ ُ ُ ُ‬
‫وه ُه ۡم ق َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِلون‬
‫ار هم فِيها خ ِ‬
‫ِ‬ ‫ل‬‫ٱ‬ ‫ب‬‫ح‬ ‫ص‬ ‫أ‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫ئ‬‫ل‬ ‫و‬‫أ‬ ‫ر‬ ‫ا‬‫ِم‬ ‫ل‬‫ظ‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫َل‬‫ٱ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫ِط‬ ‫ما ل ُهم م َِن ٱَّللِ م ِۡن َع ِ‬
‫صم كأنما أغشِ يت وج‬
‫‪[}٢٧‬يونس‪.]27 :‬‬

‫َ َ َ َ َ َ ُ ُ ُّ َ ۡ َ ُ ۡ ُ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون م َِن ٱل ۡ ُم ۡسلِم َ‬ ‫ََۡۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ ۡ ُ َۡ َ ۡ‬
‫ي ‪٩١‬‬ ‫ِ‬ ‫ِلة ِ ٱَّلِي حرِّها ولۥ ُك يشء وأِِّرت أن أك‬ ‫ت أن أع ُب َد َر َب هى ِذه ِ ٱل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنما أِِّر‬
‫}‬
‫حرمها على الناس‪ ،‬فال يسفك فيها دم‬ ‫أمرت ْأن أعبد هللا ر َّب مكة‪ ،‬التي ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ّ :‬إنما ُ‬
‫حرام‪ ،‬وال يظلم فيها أحد‪ ،‬أو يصاد فيها صيد وال تقطع فيها أشجار‪ ،‬وله تعالى وحده كل ش يء‪ ،‬فال أعبد الذين‬
‫َ‬ ‫ََ َ ُُۡ َ َ َ‬
‫ِين ت ۡع ُب ُدون مِن‬‫ِين فل أعبد ٱَّل‬ ‫د‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫ك‬‫ش‬
‫َ‬
‫ِف‬ ‫نت ۡ‬
‫م‬ ‫تعبدون من دون هللا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قُ ۡل يَى َأ ُّي َها ٱلَ ُ‬
‫اس إن ُك ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ۡ‬
‫ون م َِن ٱل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪[}١٠٤‬يونس‪ ،]104 :‬وأمرت أن أكون‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ََََ ى ُ ۡ َُ ۡ ُ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ ََ ۡ َ ُُۡ ََ َ‬ ‫ُ‬
‫َّلل ٱَّلِي يتوفىكم وأِِّرت أن أك‬ ‫كن أعبد ٱ‬ ‫ون ٱَّللِ ول ى ِ‬
‫د ِ‬
‫أول املسملين املنقادين ألمره تعالى‪.‬‬
‫ََْ ُْ ُ َ ه َ َ‬
‫وإضافة الربوبية إلى البلدة على سبيل التشريف لها واالعتناء بحرمتها‪ ،‬كما قال‪{ :‬فليعبدوا رب هذا‬
‫َ‬
‫وع َو َآم َن ُه ْم م ْن خ ْو ٍف}[قريش‪.]3-4 :‬‬ ‫ْال َب ْيت‪ .‬هالذي َأ ْط َع َم ُه ْم م ْن ُ‬
‫ج‬
‫ٍ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫َ ۡ ۡ َ َُۡ َ َ ََۡ‬‫َ َ ُ‬
‫ى فإ َن َما َي ۡه َتدِي ِلَفسِ هِۦ َو َمن َضل ف ُقل إ َن َما أنَا م َِن ٱل ُمنذِر َ‬
‫ين ‪} ٩٢‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأن أتلوا ٱلقرءان فم ِن ٱهتد ى ِ‬
‫ّ‬
‫وأمرت ْأن أتلو القرآن على الناس‪ ،‬فمن اهتدى إلى الحق واتبع طريقه‪ ،‬فإنما يهتدي لنفسه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫ل ّ‬ ‫ومن ّ‬‫ْ‬
‫ضل واتبع طريق الباطل‪ ،‬فقل لهم أيها الرسو ‪ :‬إنما أنا من املنذرين لكم عذاب يوم عظيم‪ ،‬وحسابكم‬
‫َ ُ ُ ۡ َۡ ََََََ َ َ َ َ َ َۡ َ ََۡ ُ َ َ ََۡ ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ل ِ َس ُ‬
‫اب‬ ‫على هللا‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَون َما ن ِريَ َنك َب ۡعض ٱَّلِي نعِدهم أو نتوفينك فإِنما عليك ٱلل ىغ وعلينا ٱ‬
‫‪[}٤٠‬الرعد‪.]40 :‬‬
‫آن}‪ ،‬أي أتلوه على الناس‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ { :‬ذل َك َن ْت ُلو ُ َع ْلي َك م َن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ْ ُْ َ ْ ُ ْ َ‬
‫اْليات‬ ‫وقوله تعالى‪{ :‬وأن أتلو القر‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫وس َوف ِۡر َع ۡو َن بٱ َ‬‫ك مِن َن َبإ ُِّ َ‬ ‫َ‬
‫َ ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َوالذ ْكر ْال َحكيم}[آل عمران‪ ،]58 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬ن ۡ‬
‫ل ِق ل ِق ۡوم يُؤم ُِنون‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫وا‬ ‫ل‬‫ت‬
‫‪[}٣‬القصص‪.]3 :‬‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َ ُّ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََۡ ى َ َ‬
‫ضل َعل ۡي َها ر َوَّل تزِ ُر‬ ‫َۡ‬
‫ى فإِن َما َيهتدِي لِ َفسِ هِۦ ومن ضل فإِنما ي ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬م ِن ٱهتد‬
‫ى َو َما ُك َنا ُم َع ِذب َ‬ ‫ُ‬
‫ت َن ۡب َع َث َر ُسوَّل ‪[}١٥‬اإلسراء‪.]15 :‬‬
‫ي َح َ ى‬ ‫ِ‬ ‫َواز َرة و ۡز َر أ ۡخ َر ى‬
‫ِ ِ‬

‫َ َ َۡ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬‫َ‬ ‫َۡ ُ َ َ ُ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬


‫ون ‪}٩٣‬‬ ‫رييك ۡم َءاي ىتِهِۦ ف َت ۡع ِرفون َها ر َو َما َر ُّبك بِغ ى ِف ٍل عما تعمل‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وق ِل ٱلمد َِّللِ س ِ‬
‫َ‬

‫واملعنى‪ :‬وقل أيها الرسول الكريم‪ :‬الحمد والثناء هلل وحده‪ ،‬سيريكم آياته في اآلفاق وفي أنفسكم‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫فتعرفونها ّ‬
‫وتبين لكم أنه الحق‪ ،‬ولكن حين ال ينفعكم اإليمان‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬سنريه ْم َآياتنا في اْلفاق َوفي‬
‫}[فصلت‪ ،]53 :‬وما رّبك بغافل عما تعملون‪ ،‬بل هو شهيد عليه‪.‬‬ ‫َأ ْن ُفسه ْم َح هتى َي َت َب هي َن َل ُه ْم َأ هن ُه ْال َح ُّق ّ‬
‫َ‬ ‫ُ َُْ‬
‫سورة القصص‬
‫وهي مكية وعدد آياتها ثمان وثمانون‬

‫ۡ‬‫ُ‬ ‫َ‬‫ۡ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫ۡ‬


‫ي ‪}٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬طسم ‪ ١‬ت ِلك ءاي ىت ٱلكِتى ِ‬
‫ب ٱ ل مب ِ ِ‬
‫يبين كل ش يء بيانا بليغا على سبيل‬ ‫البين أمره‪ ،‬الواضح معناه‪ ،‬الذي ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬طسم‪ .‬تلك آيات القرآن ّ‬
‫ً ُ َ‬ ‫اإلجمال تارة‪ ،‬وعلى سبيل التفصيل تارة أخرى‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َن هزْلنا َع َل ْي َك ْالك َ‬
‫تاب ت ْبيانا لكل ش ْي ٍء}[النحل‪:‬‬
‫‪.]89‬‬

‫َ َ ۡ ُۡ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫ون ‪}٣‬‬ ‫َ‬ ‫ك مِن َن َبإ ِ ُِّ َ ى‬
‫وس َوف ِۡر َع ۡون ب ِٱل ِق ل ِقوم يؤمِن‬
‫َ ۡ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ن ۡتلوا علي‬
‫نقص عليك أيها الرسول من خبر موس ى وفرعون بالحق لقوم ّ‬
‫يصدقون برسالتك ويعملون‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫بهديها‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ ْ ُ َ ُ ُّ َ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬نحن نقص عليك أحسن القصص}[يوسف‪.]3 :‬‬

‫َۡ ِ َ َ ََ َۡ ََ َ َۡ َ ۡ ُ َ َ ُۡ ۡ َُ ُ ََۡ َ ُ ۡ َ َۡ َ ۡ‬ ‫َ ۡ َۡ َ َ َ‬
‫حۦ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ف ِرعون عل ِِف ٱلۡرض وجعل أهلها شِيعا يستض ِعف طائِفة مِنهم يذبِح أبناءهم ويست ِ‬
‫ۡ ۡ‬ ‫ُ َ َ َ‬
‫سد َ‬
‫ِين ‪}٤‬‬ ‫ن َِسا َءه ۡ رم إِن ُهۥ َكن م َِن ٱل ُمف ِ‬
‫ۡ َ ۡ َ‬
‫ب إ ِ ىل ف ِۡر َع ۡو َن إ ِنَ ُهۥ َط َ ى‬
‫غ‬ ‫واملعنى‪ :‬إن فرعون طغى في األرض واستكبر وتجبر‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱذه‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ ه َ َ‬
‫‪[}٢٤‬طه‪ ،]24 :‬وقال تعالى‪{ :‬م ْن ف ْر َع ْون إن ُه كان َعال ًيا م َن اَل ْسرفين}[الدخان‪ ،]31 :‬وجعل أهل مصر أحزابا‬
‫ويقتل أبناءهم‪ ،‬ويستبقي نساءهم للخدمة‪،‬‬ ‫مختلفة‪ ،‬يستضعف طائفة منهم وهم بنو إسرائيل‪ ،‬حيث يذبح ّ‬
‫َ‬ ‫ُ َ ُ َ َْ َ ُ‬ ‫َْْ َ َ ُ ُ َُ ْ ُ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َْ‬
‫ناءك ْم َو َي ْس َت ْح ُيون‬ ‫وء ال َعذاب يقتلون أب‬ ‫كما قال تعالى‪َ { :‬وإذ أن َج ْيناك ْم م ْن آل فرعون يسومونكم س‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َُ ْ ُ َ ْ َ‬ ‫َُ‬
‫وء ال َعذاب َو ُيذب ُحون أ ْب َن َاءك ْم َو َي ْس َت ْح ُيون‬ ‫ساءك ْم}[األعراف‪ ،]141 :‬وقال تعال‪{ :‬يسومونكم س‬ ‫ن‬
‫ُ‬
‫ن َس َاءك ْم}[إبراهيم‪ّ ،]6 :‬إن فرعون كان من املفسدين في األرض‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬


‫ِ َ َۡ ُۡ َ َ ۡ‬
‫ن َعل ُه ُم ٱل َو ىرِث َِي ‪}٥‬‬ ‫يد أن َن ُم َن لَع ٱَّل َ‬
‫ِين ٱ ۡس ُتضعِفوا ِِف ٱلۡرض ونعلهم أئِمة و‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ونُر ُ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ونريد أن نمن ونتفضل باإلنعام على بني إسرائيل الذين استضعفهم فرعون في األرض‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫َ َ َ َه‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونجعلهم قادة في الخير وحكاما‪ ،‬بسبب صبرهم ويقينهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َج َعلنا م ُنهم أئ همة َي ُهدون بأمرنا َلا‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ُ ْ‬
‫ص َب ُروا َوكانوا ب َايتنا ُيوقنون}[السجدة‪ ،]24 :‬ونجعلهم الوارثين الذين يرثون األرض بعد هالك فرعون وملئه‬
‫َْ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َْ َ ْ َ ْ َ ه َ َ ُ ُ ْ َ ْ ُ َ َ َ‬
‫ض َعفون َمشارق األ ْرض َو َمغارَب َها التي َب َاركنا‬ ‫بسبب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وأورثنا القوم الذين كانوا يست‬
‫ف َيها}[األعراف‪.]137 :‬‬

‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬


‫يذ ُرو َن ‪} ٦‬‬
‫ِ َ ُ َ ۡ َ ۡ َ َ َى َى َ َ ُ ُ َ ُ َ ۡ ُ َ ُ ۡ‬
‫ك َن ل ُه ۡم ِِف ٱلۡرض ون ِري فِرعون وهمن وجنودهما مِنهم ما َكنوا‬
‫ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ون َم ِ‬
‫ّ‬
‫بأن نجعلهم أحرارا يملكون أمر أنفسهم بعد ْأن كانوا مملوكين‬ ‫ونمكن لبني إسرائيل في األ ض ْ‬
‫ر‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫ْ‬
‫لفرعون وقومه‪ ،‬ونؤتيهم من ألوان اإلكرام واملنن ما لم نؤت أحدا من عاملي زمانهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إذ َج َع َل‬
‫ْ َ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َُ ُ ً َ ُ‬ ‫ُ َْ‬
‫فيك ْم أنب َي َاء َو َج َعلك ْم ُملوكا َو آتاك ْم َما ل ْم ُيؤت أ َح ًدا م َن ال َعاَلين}[املائدة‪ ،]20 :‬ونري فرعون وهامان‬
‫وجنودهما من بني إسرائيل ما كانوا يحذرون من هالكهم وذهاب ملكهم‪.‬‬

‫َ ُّ َ‬ ‫َ َۡ‬ ‫ۡ ََ ََ‬ ‫َ َۡ ََۡ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫ََۡ َ َۡ َ ُ ُ َ َ ۡ َ‬


‫اِف َوَّل ت َز ِن إِنا َرادوهُ إِ َۡل ِ‬
‫ك‬ ‫ت عليهِ فألقِيهِ ِِف ٱَلَ ِم وَّل َت ِ‬
‫ضعِيهِ فإِذا خِف ِ‬ ‫ل أ ِم ِّ ى‬
‫وس أن أۡر ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأوحينا إ ِ ى‬
‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫َو َجاعِلوهُ م َِن ٱل ُم ۡر َسل َِي ‪} ٧‬‬
‫ابنك بعد والدته في‬ ‫واملعنى‪ :‬وأوحينا إلى أم موس ى ْأن أ ضعيه‪ ،‬فإذا خفت على مصير ابنك‪ ،‬فضعي َ‬
‫ِ‬ ‫ر‬
‫ۡ‬ ‫َ‬
‫التابوت‪ ،‬ثم اطرحيه في النيل‪ ،‬فسوف يلقيه النيل على الساحل‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬أ ِن ٱق ِذفِيهِ ِِف ٱ َِلابُ ِ‬
‫وت‬
‫َ‬
‫ع ۡي ِن‬
‫لَع‬
‫َ َ ُ َُ َََۡ ۡ ُ َ َۡ َ ََ‬
‫َم َبة مِن َو ِ ُِل ۡص َن َع َ َ ى‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ق‬‫ل‬ ‫أ‬‫و‬ ‫ۥ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫د‬‫ع‬‫و‬ ‫ل‬ ‫و‬‫د‬‫لساحِل يَأۡ ُخ ۡذهُ َع ُ‬
‫فَٱ ۡق ِذفِيهِ ِف ٱ َۡلَ ِم َف ۡل ُي ۡلقِهِ ٱ َۡلَ ُّم بٱ َ‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ ّ‬ ‫ْ‬
‫إليك فتكون املرضعة له‪،‬‬ ‫‪[}٣٩‬طه‪ ،]39 :‬وال تخافي من فرعون وقومه أن يقتلوه‪ ،‬وال تحزني على فراقه‪ ،‬إنا رادوه ِ‬
‫وجاعلوه من املرسلين‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ََ َ ُ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ ُ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َى َى َ َ ُ ُ َ‬
‫ود ُه َما َكنُوا َخ ى ِطِٔٔ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ۡ‬
‫ين ‪} ٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فٱِلقطهۥ ءال فِرعون َِلكون لهم عدوا وحزنا إِن ف ِرعون وهمن وجن‬
‫عدوا لهم وحزنا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬ ‫واملعنى‪ :‬فالتقطه أعوان فرعون وأخذوه لتكون عاقبة أمره ْأن يكون ّ‬
‫َ َ ُ َُ َََۡ ۡ ُ َ َ ََ‬ ‫ۡ ُ ۡ‬ ‫وت فَٱ ۡق ِذفِيهِ ِف ٱ َۡلَ ِم َف ۡل ُي ۡلقِهِ ٱ َۡلَ ُّم بٱ َ‬‫أَن ٱ ۡق ِذفِيهِ ِف ٱ َِلابُ‬
‫ت َعل ۡيك َم َبة م ِِن‬‫لساح ِِل يَأخذ ُه َع ُدو ِل وعدو ل رۥ وألقي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫لَع َع ۡي ِن ‪[}٣٩‬طه‪ ،]39 :‬إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا مذنبين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫َوِلِ ُ ۡص َن َع ى‬

‫َ‬ ‫َ ُ َ ۡ‬ ‫َ َ َ َ َۡ ُُ ُ َ َ ى َ َ َ ََ َۡ ََ َ‬ ‫َ َ ُ ُ َۡ‬ ‫ۡ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫خذهُۥ َوَلا َوه ۡم َّل يَش ُع ُرون‬
‫ت ٱِّ َرأت ف ِۡرع ۡون ق َرت عي ِل ولك َّل تقتلوه عس أن ينفعنا أو نت ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وقال ِ‬
‫‪}٩‬‬
‫واملعنى‪ :‬وقالت امرأة فرعون له‪ :‬هذا الطفل يكون لنا سلوى ومصدر سرور وفرح‪ ،‬ال تقتلوه‪ ،‬عس ى ْأن‬
‫ّ‬
‫يكون سببا للنفع والخير لنا‪ ،‬أو نتخذه ولدا‪ ،‬وهم ال يشعرون أنه الذي سيذهب بملكهم‪.‬‬
‫محبة منه في قلوب‬ ‫ألن هللا تعالى قد ألقى على موس ى عليه السالم ّ‬ ‫وقد قالت امرأة فرعون هذا القول؛ ّ‬
‫ۡ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ ۡ‬
‫فأحبه فرعون وزوجته‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬أ ِن ٱق ِذفِيهِ ِِف ٱ َِلابُ ِ‬
‫وت فٱق ِذفِيهِ ِِف ٱَلَ ِم‬ ‫الخلق‪ ،‬ال يراه أحد إال أحبه‪ّ ،‬‬
‫ََ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُ ُ َ َۡ ُ َ ۡ َ َ‬‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ ۡ‬
‫لَع َع ۡي ِن ‪[}٣٩‬طه‪.]39 :‬‬
‫َم َبة مِن َو ِِلُ ۡص َن َع ى‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫لساح ِِل يَأخذهُ َع ُدو ِل وعدو ل رۥ وألقيت عليك‬
‫فل ُيلقِهِ ٱَلَ ُّم بٱ َ‬
‫ِ‬

‫ۡ‬ ‫َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ َى َ ۡ َ َ ُ َ‬ ‫َ َ ۡ َ‬ ‫ََ ۡ َ َ َُ ُ ُ ُ َ ى َ‬
‫ون م َِن ٱل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪} ١٠‬‬ ‫وس ف ى ِرَغ إِن َكدت ِلُ ۡبدِي بِهِۦ لوَّل أن ربطنا لَع قلبِها ِلِ ك‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأصبح فؤاد أ ِم ِّ‬

‫ۡ‬
‫َ ُُ َُ ۡ َ ُُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ ۡ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪} ١١‬‬ ‫ُصت بِهِۦ عن جنب وهم َّل يشعر‬ ‫صيهِ فب‬‫قوله تعالى‪َ { :‬وقالت ِلختِهِۦ ق ِ‬
‫فخرجت لذلك‪ ،‬فأبصرته عن بعد‪ ،‬وآل‬ ‫ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬وقالت أم موس ى ألخته‪ :‬تتبعي أثر موس ى عليه السالم‪،‬‬
‫فرعون ال يعرفون ّأنها أخته التي تتبع أثره‪.‬‬
‫ت‬ ‫أن يعرف أحد ّأنها ر ْأته‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪ { :‬قَ َال بَ ُ ۡ‬
‫ُص ُ‬ ‫ومعنى قوله تعالى‪َ { :‬ف َب ُ‬
‫ص َر ْت به} أي ْأته دون ْ‬
‫ر‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ََ‬
‫ََ ۡ ُ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ول ف َن َبذ ُت َها َووُكذ ىل َِك َس َول ۡت ِل َنف ِس ‪[}٩٦‬طه‪.]96 :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ َۡ ُ ُ‬
‫بِما لم يبُصوا بِهِۦ فقبضت قبضة مِن أث ِر ٱلرس ِ‬
‫واإلنسان ال غنى له عن دفء األخوة‪ ،‬فهذا نبي هللا موس ى عليه السالم‪ ،‬وقفت معه أخته الكبيرة في‬
‫ََ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َۡ ُ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ُ‬
‫صغره‪ ،‬وشد هللا عضده بأخيه في كبره‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قال َسنش ُّد َعض َد َك بِأخِيك َون َعل لك َما ُسل َطىنا فل‬
‫ّ‬
‫َى َ َ ُ َ َ َ َ َ َ ُ َ ۡ َى ُ َ‬ ‫يَ ِ ُ َ َ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪[}٣٥‬القصص‪.]35 :‬‬ ‫بَٔٔايتِنا ر أنتما وم ِن ٱتبعكما ٱلغل ِب‬
‫صلون إَِلكما ِ‬

‫ُ َ‬ ‫ُُۡ َ َ ُ‬ ‫َ ۡ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ُّ ُ ۡ َ َ ى َ ۡ‬ ‫َۡ ََ ۡ‬
‫لَع أه ِل َب ۡيت يَكفلون ُهۥ لك ۡم َوه ۡم ُلۥ‬ ‫اض َع مِن قبل فقالت هل أدلكم‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َح َرمنا عل ۡيهِ ٱل َم َر ِ‬
‫َى ُ َ‬
‫ون ‪} ١٢‬‬ ‫صح‬‫ن ِ‬
‫نرده إلى أمه‪ ،‬فقالت‬ ‫ثديهن‪ ،‬قبل ْأن ّ‬ ‫ّ‬ ‫وحرمنا على موس ى عليه السالم املراضع ْأن يرتضع من‬
‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫أخته بعد ْأن مشت إليهم‪ :‬هل أدلكم على أهل بيت يتكفلون بإرضائه ويحسنون تربيته‪ ،‬وهم مشفقون عليه‬
‫ُ ۡ ُ َ َ َ ُ ُ َ ۡ َ ُ ُّ ُ ۡ َ َ ى َ َ ۡ ُ ُ ُ َ َ َ ۡ َ ى َ َ ى ُ َ َ ۡ َ َ‬ ‫ۡ َ‬
‫ك تق َر‬ ‫وناصحون له؟ كما قال تعالى‪ { :‬إِذ ت ۡم ِش أختك فتقول هل أدلكم لَع من يكفلهۥ فرجعنك إِل أمِك‬
‫َ‬ ‫َ ۡ َ ۡ َ َ ُ َ ۡ َ َ َى َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ َ َ َى َ ُ ُ َ َ ۡ َ‬ ‫َ ُۡ َ َ َ َۡ َ َ َ ََۡ َ َۡ‬
‫جئت لَع قدر‬ ‫ن وقتلت نفسا فنجينىك مِن ٱلغ ِم وفتنك فتونا ر فلبِثت ِسن ِي ِِف أه ِل مدين ثم ِ‬ ‫عينها وَّل تز ر‬
‫وس ‪[}٤٠‬طه‪.]40 :‬‬‫َي ى ُم َ ى‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َۡ َ َ َۡ َ َ َ ۡ َ َ َ َ ى َ ۡ َُ ۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ل أ ِمهِۦ ۡ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ١٣‬‬ ‫كن أكَّثهم َّل يعلم‬ ‫ك تق َر ع ۡين َها َوَّل تزن و ِِلعلم أن وعد ٱَّللِ حق ول ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ف َر َد ۡد َنى ُه إ ِ ى‬
‫واملعنى‪ :‬فرددنا موس ى عليه السالم ورجعناه إلى أمه كي تطيب نفسها‪ ،‬وال تحزن على فقدك‪ ،‬كما قال‬
‫ن َو َق َت ۡل َ‬‫َ َۡ َ‬ ‫كإ َى ُ َ َ َ َ َ ُ‬ ‫ُ ۡ ُ َ َ َ ُ ُ َ ۡ َ ُ ُّ ُ ۡ َ َ ى َ َ ۡ ُ ُ ُ َ َ َ ۡ َ ى َ‬ ‫ۡ َۡ‬
‫ت‬ ‫ل أمِك كۡ تق َر ع ۡين َها َوَّل ت َز ر‬‫تعالى‪ { :‬إِذ تم ِش أختك فتقول هل أدلكم لَع من يكفلهۥ فرجعن ِ‬
‫َ‬
‫وس ‪[}٤٠‬طه‪،]40 :‬‬ ‫ت َ َى‬
‫لَع قَ َدر َي ى ُم َ ى‬ ‫ِي ِف أ ۡهل َم ۡد َي َن ُث َم ج ۡئ َ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ َ َ َى َ ُ ُ َ َ ۡ َ‬ ‫َۡ‬
‫نفسا فنجينىك مِن ٱلغ ِم وفتنك فتونا ر فلبِثت ِسن ِ‬
‫ِ‬
‫ت َعلَي ِهۡ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫ََۡ َ َۡ َ ُ ُ َ َ ۡ َ‬ ‫ولتعلم ّ‬
‫ضعِيهِ فإِذا خِف ِ‬
‫وس أن أۡر ِ‬ ‫أن وعد هللا تعالى في ر ّده إليها حق‪ ،‬وهو قوله تعالى‪ { :‬وأوحينا إ ِ ى‬
‫ل أ ِم ِّ ى‬
‫وه م َِن ٱل ۡ ُم ۡر َسل َِي ‪[}٧‬القصص‪ّ ،]7 :‬‬ ‫ك َو َجاعِلُ ُ‬ ‫ۡ َ َ َ َ َ َ َ َ ۡ َ َ َ ُّ ُ َ‬ ‫ََۡ‬
‫ولكن أكثر الناس ال‬ ‫وه إ ِ َۡل ِ‬‫اِف وَّل تز ِن إِنا راد‬
‫فألقِيهِ ِِف ٱَل ِم وَّل َت ِ‬
‫يعلمون ّأن وعده تعالى حق‪.‬‬

‫ۡ‬
‫َ ى َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ ُ َ ۡ ََ ى َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ن ِزي ٱل ُم ۡح ِسن َِي ‪} ١٤‬‬ ‫ى َءات ۡي َنى ُه ُحكما َوعِلما ر ووُكذل ِك‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولما بلغ أشدهۥ وٱستو‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وملا بلغ موس ى عليه السالم منتهى شبابه واستكمل قواه العقلية والجسمية‪ ،‬آتيناه الحكمة‬
‫وعلم الشريعة‪ ،‬ومثل هذا الجزاء‪ ،‬نجزي املحسنين على إحسانهم‪.‬‬
‫ومعنى "بلوغ األشد" في هذه اآلية هو استحكام قوة الشباب والعقل‪ ،‬وهو غالبا في أربعين سنة من‬
‫َْ َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫العمر‪ ،‬وأشار إلى هذا املعنى قوله تعالى‪َ { :‬ح هتى إذا َب َل َغ َأ ُش هد ُ َو َب َل َغ َأ ْرَبع َين َس َن ًة َ‬
‫قال َرب أ ْوز ْعني أن أشك َر‬
‫َ ه َْ َ َ‬
‫ن ْع َمت َك التي أن َع ْمت َعل هي َو َعلى وال َد هي}[األحقاف‪.]15 :‬‬

‫َ َ‬
‫ِيعتِهِۦ َوهىذا م ِۡن‬ ‫لَع حِي َغ ۡفلَة م ِۡن أَ ۡهل َِها فَ َو َج َد ف َ‬
‫ِيها َر ُجلَ ۡي َي ۡق َتت ِ َلن َهى َذا مِن ش َ‬ ‫ِين َة َ َ ى‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َد َخ َل ٱل ۡ َمد َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َََ َُ ُ َ ى ََ َ ى َ َ َ َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َع ُدوه ِۦ فَٱ ۡس َت َغ ى َث ُه ٱ ََّلِي مِن ش َ‬
‫ض َعل ۡيهِ قال هىذا م ِۡن ع َم ِل ٱلش ۡي َطى ِن‬ ‫ِيعتِهِۦ لَع ٱَّلِي م ِۡن َع ُد ِوه ِۦ فووُكزهۥ ِّوس فق‬ ‫ِ‬
‫إِنَ ُهۥ عدو ِّ ِضل مبِي ‪} ١٥‬‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫واملعنى‪ :‬ودخل موس ى عليه السالم املدينة التي يسكنها فرعون مستخفيا وقت غفلة أهلها‪ ،‬فوجد فيها‬
‫رجلين يتنازعان يقتتالن‪ ،‬أحدهما إسرائيلي من جماعته‪ ،‬واآلخر قبطي من قوم فرعون‪ ،‬فطلب اإلسرائيلي‬
‫ۡ‬ ‫الذي من جماعته النصر على الذي من ّ‬
‫عدوه‪ ،‬فضربه موس ى بيده‪ ،‬فقض ى عليه وقتله‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِذ‬
‫ُ ۡ ُ َ َ َ ُ ُ َ ۡ َ ُ ُّ ُ ۡ َ َ ى َ َ ۡ ُ ُ ُ َ َ َ ۡ َ ى َ َ ى ُ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ‬ ‫َ‬
‫ن وقتلت نفسا‬ ‫ت ۡم ِش أختك فتقول هل أدلكم لَع من يكفلهۥ فرجعنك إِل أمِك ك تقر عينها وَّل تز ر‬
‫س ‪[}٤٠‬طه‪ ،]40 :‬فندم‬ ‫لَع قَ َدر َي ى ُمو َ ى‬ ‫ِي ِف أَ ۡهل َم ۡد َي َن ُث َم ج ۡئ َ‬
‫ت َ َى‬ ‫ت ِسن َ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ى َ َ ۡ َ َ َ َ َى َ‬
‫ك ُف ُتونا ر فَلَب ۡث َ‬ ‫فنجينك مِن ٱلغ ِم وفتن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫مضل عن الحق‪ّ ،‬بين العداوة واإلضالل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫موس ى وقال هذا من نزغ الشيطان‪ ،‬إنه عدو لبني آدم‪،‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬


‫ت َنف ِس فٱغ ِف ۡر ل ف َغ َف َر ُل رۥ إنَ ُهۥ ُه َو ٱل َغ ُف ُ‬
‫ور ٱ َلرح ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال َرب إن َظل ۡم ُ‬ ‫َ َ‬
‫ِيم ‪} ١٦‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ظلمت بهذا القتل الخطأ‪ ،‬فاغفرلي خطيئتي‪ ،‬فغفر هللا‬ ‫واملعنى‪ :‬قال موس ى عليه السالم نادما‪ :‬ر ّب إني‬
‫تعالى له‪ّ ،‬إن هللا تعالى هو الغفور للتائبين الرحيم بهم‪ ،‬فال يعاقبهم بعد توبتهم‪.‬‬
‫وهكذا عادة الصالحين في التوبة إلى هللا تبارك وتعالى‪ ،‬فهم يعترفون بظلمهم ألنفسهم‪ ،‬فقد قال آدم‬
‫الخسر َ‬‫ََ ََ َ َ ََ ُ َ ه َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ ََ َ َ ُ َ‬
‫ين}[األعراف‪ ،]23 :‬وقال‬ ‫وحواء عند توبتهما‪َ { :‬رهبنا ظلمنا أنف َسنا َوإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من‬
‫ه َ‬ ‫ُْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َ‬
‫يونس عليه السالم عند توبته‪َ{ :‬ل إل َه إَل أنت ُس ْب َحان َك إني كنت م َن الظاَلين}[األنبياء‪.]87 :‬‬
‫َ َۡۡ َ َ ۡ ُ َ‬
‫ون َظهريا ل ِل ُم ۡجرم َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِي ‪} ١٧‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب بِما أنعمت لَع فلن أك‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال ر ِ‬
‫فلن أكون ْإن‬‫علي بالتوبة واملغفرة والنعم الكثيرة‪ْ ،‬‬ ‫أنعمت ّ‬ ‫َ‬ ‫واملعنى‪ :‬قال موس ى عليه السالم‪ :‬ر ّب بما‬
‫عصمتني معينا للمجرمين‪.‬‬ ‫َ‬
‫َ َُ َ‬
‫وقد نهى هللا تبارك وتعالى املؤمنين عن مظاهرة املجرمين والركون إليهم؛ كما قال تعالى‪َ { :‬وَل ت ْركنوا إلى‬
‫ه َ ََ َ َ ُ ه‬
‫ين ظل ُموا فت َم هسك ُم الن ُار}[هود‪.]113 :‬‬ ‫الذ‬

‫َ ۡ َ ۡ ُ ُ َ َ َُ ُ َ ى َ َ َ َ‬
‫وس إِنك لغوِي‬ ‫ُصخه رۥ قال لۥ ِّ‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫نُصهُۥ بٱ ۡلَ ۡ‬
‫ِّ‬ ‫ب فَإ َذا ٱ ََّلِي ٱ ۡستَ َ َ‬
‫ت َق ُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فَأَ ۡص َب َح ِف ٱل ۡ َمد َ‬
‫ِين ِة َخائفا يَ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ ُ َ ُ َ َ َ َ ُ َ َ ُ ُ َ َ ۡ ُ َ َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َََ َۡ ََ َ َ‬
‫وس أت ِريد أن تقتل ِن كما قتلت نفسا ب ِٱلِّ ِس إِن‬ ‫اد أن َي ۡب ِط َش ب ِٱَّلِي ه َو عدو لهما قال ي ىم ى‬ ‫ُّمبِي ‪ ١٨‬فلما أن أر‬
‫ي ‪َ ١٩‬و َجا َء َر ُجل م ِۡن أَ ۡق َصا ٱل ۡ َمد َ‬
‫ِينةِ ي َ ۡس َعى‬ ‫ح َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ُ ُ َ َ ُ َ َ ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َ َ َ ُ َ‬
‫ترِيد إَِّل أن تكون جبارا ِِف ٱلۡر ِض وما ترِيد أن تكون مِن ٱلمصل ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َى ُ َ ى َ ۡ َ َ َ َۡ َ ُ َ َ َۡ ُ ُ َ َ ۡ ُ ۡ‬
‫قال يموس إِن ٱلمل يأت ِمرون بِك َِلقتلوك فٱخرج إ ِ ِن لك مِن ٱل ِص ِحي ‪} ٢٠‬‬

‫َ‬
‫لظلِم َ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫َََ ُ‬ ‫ۡ‬
‫ََ َ َۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ٢١‬‬ ‫ن ِن م َِن ٱلق ۡو ِم ٱ ِ‬
‫ب ِ‬
‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فخرج مِنها خائِفا يتقب قال ر ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فخرج موس ى عليه السالم من مدينة فرعون خائفا ينتظر الطلب‪ ،‬ويترقب متابعة أحد له‪،‬‬
‫فدعا‪ :‬ر ّب أنقذني من القوم الظاملين‪.‬‬
‫ُ ۡ َ َ ُ ُ‬ ‫ۡ َ‬
‫وقد استجاب هللا تعالى دعاء موس ى عليه السالم‪ ،‬ونجاه‪ ،‬وامتن عليه بقوله‪ { :‬إِذ ت ۡم ِش أخ ُتك ف َتقول‬
‫ّ‬
‫َۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ َ ُ ُّ ُ ۡ َ َ ى َ َ ۡ ُ ُ ُ َ َ َ ۡ َ ى َ َ ى ُ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ‬
‫ت نفسا ف َن َج ۡي َنىك م َِن ٱلغ ِم َوف َت َنىك‬‫ن وقتل‬ ‫هل أدلكم لَع من يكفلهۥ فرجعنك إِل أمِك ك تقر عينها وَّل تز ر‬
‫وس ‪[}٤٠‬طه‪.]40 :‬‬ ‫لَع قَ َدر َي ى ُم َ ى‬ ‫ِي ِف أَ ۡهل َم ۡد َي َن ُث َم ج ۡئ َ‬
‫ت َ َى‬ ‫َ‬ ‫ُُ ََ ۡ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فتونا ر فلبِثت ِسن ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫يل ‪َ ٢٢‬ول َما َو َرد َما َء َم ۡد َي َن َو َج َد َعل ۡيهِ‬ ‫ب‬ ‫س َرب أَن َي ۡهدِيَن َس َوا َء ٱ َ‬
‫لس‬ ‫ى‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َ َما تَ َو َج َه ت ِۡل َقا َء َم ۡد َي َن قَ َال َع َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َى ُ ۡ َ َ ُ ََُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ ُ ۡ ََ َۡ َ ُ َ َ َ َ َ ۡ ُ ُ َ َ ََ َ َ‬ ‫ون َو َو َج َ‬ ‫َۡ ُ َ‬ ‫أُ َمة م َِن ٱلَ‬
‫لرَعء وأبونا‬ ‫ِ‬ ‫ٱ‬ ‫ِر‬ ‫د‬ ‫ص‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫ق‬‫ِ‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫َّل‬ ‫ا‬ ‫اِل‬ ‫ق‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫ط‬ ‫خ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ال‬‫ق‬ ‫ان‬
‫ِ‬ ‫ود‬ ‫ذ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ت‬‫أ‬ ‫ر‬‫ِّ‬ ‫ٱ‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫و‬‫د‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫اس‬
‫َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ى ُ َ َۡ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ََ ۡ َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َُ َ ُ َ ََ َ َ‬
‫ق لهما ثم تو ى‬ ‫َ‬
‫َش ۡيخ كبِري ‪ ٢٣‬فس ى‬
‫ب إ ِ ِن ل ِما أنزلت إِل مِن خري فقِري ‪ ٢٤‬فجاءته إِحدىهما تم ِش‬ ‫لظ ِل فقال ر ِ‬ ‫ل إِل ٱ ِ‬
‫َ َ َ ََۡ‬ ‫َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ ۡ ۡ َ َ َ ۡ َ َ َۡ ُ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ َ َۡ َ َ ََ‬
‫ت لَا ر فل َما َجا َءهُۥ َوق َص َعل ۡيهِ ٱلق َص َص قال َّل َتف‬ ‫لَع ٱستِحياء قالت إِن أ ِب يدعوك َِلج ِزيك أجر ما سقي‬
‫لظلِم َ‬ ‫َى‬ ‫َۡ‬ ‫ََ َ‬
‫ي ‪}٢٥‬‬ ‫ن ۡوت م َِن ٱلق ۡو ِم ٱ ِ‬

‫ت ٱل َقو ُّي ٱلم ُ‬ ‫َۡ‬


‫تٔٔۡ َج ۡر َ‬ ‫ۡ‬
‫تٔٔۡج ۡرهُ إ َن َخ ۡ َ‬
‫ري َمن ٱ ۡس َ‬ ‫ت ٱ ۡس َ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِي ‪}٢٦‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قالت إِح َدى ى ُه َما يَىأبَ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قالت إحدى ابنتي شعيب عليه السالم ألبيها‪ :‬يا أبت استأجره ليرعى لك ماشيتك‪ّ ،‬إن خير ْ‬
‫من‬
‫ّ‬
‫استأجرت هو؛ ألنه القوي على حفظ ماشيتك‪ ،‬األمين الذي ال تخاف خيانته‪.‬‬
‫روى اإلمام الطبري بسنده عن عبد هللا بن مسعود‪ ،‬قال‪ :‬أفرس الناس ثالثة‪ :‬العزيز حين ّ‬
‫تفرس في‬
‫أن َي ْن َف َع َنا ْأو َن هتخ َذ َو ًلدا}[يوسف‪ ،]21 :‬وأبو بكر حين َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫تفرس في‬ ‫يوسف فقال المرأته‪{ :‬أكرمي َمثوا ُ َع َس ى‬
‫ت ٱ ۡل َقو ُّي ٱ ۡلَم ُ‬
‫ِي ‪[}٢٦‬القصص‪:‬‬ ‫تٔٔۡ َج ۡر َ‬ ‫تٔٔۡج ۡر ُه إ َن َخ ۡ َ‬
‫ري َمن ٱ ۡس َ‬ ‫ت ٱ ۡس َ‬ ‫ت إ ۡح َدى ى ُه َما يَى َأبَ‬ ‫َ َ ۡ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عمر‪ ،‬والتي قالت‪ { :‬قال ِ‬
‫‪. ]26‬‬

‫ت َع ۡشا فَ ِمنۡ‬‫ِجج فَإ ۡن َأ ۡت َم ۡم َ‬


‫نح َ‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫لَع أَن تَأۡ ُج َرن ثَمَ‬
‫ي ََى‬ ‫ۡ َ َ َ َىَۡ‬
‫ت‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ٱ‬ ‫ى‬ ‫د‬‫ك إ ۡح َ‬ ‫َ َ‬
‫ح‬ ‫ك‬ ‫ن‬
‫ُ ُ َۡ ُ‬
‫أ‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫يد‬ ‫ر‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫إ‬
‫َ َ‬
‫ال‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ق‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ۡ َ َ‬
‫ض ۡي ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ َۡ َََۡ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫لصل ِ ِ َ‬ ‫ك َس َتج ُدن إن َشا َء ٱ َ ُ‬
‫َّلل م َِن ٱ َ ى‬ ‫َ ََ ُ ُ ۡ ُ َ َ ۡ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫حي ‪ ٢٧‬قال ذ ىل ِك بي ِن وبينك أيما ٱلجل ِ‬
‫يق‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫عِندِك وما أرِيد أن أشق علي ر‬
‫ُ‬
‫لَع َما َن ُقول َووُك ِيل ‪} ٢٨‬‬ ‫َّلل َ َ ى‬‫لَع َوٱ َ ُ‬‫فَ َل ُع ۡد َو ى َن َ َ َ‬

‫ۡ ُ‬
‫ك ُثوا إن َءان َ ۡس ُ‬ ‫َ َ َ َۡ‬ ‫ار بأَ ۡهلِهِۦ َءان َ َس مِن َجان ِب ٱ ُّ‬
‫وس ٱ ۡلَ َج َل َو َس َ‬
‫ض ُِّ َ‬ ‫ى‬ ‫َََ َ َ‬
‫ت‬ ‫ِِ‬ ‫ور نارا قال ِلهلِهِ ٱم‬
‫ِ‬ ‫لط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فلما ق‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٢٩‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ُ َۡ ََ ۡ َ َۡ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ‬
‫ب أو جذوة مِن ٱلارِ لعلكم تصطل‬ ‫ِب‬
‫ِ‬ ‫ا‬‫ه‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫م‬ ‫ِيك‬ ‫ت‬ ‫ا‬‫ء‬‫نَارا َل َعَل َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫فلما قض ى موس ى عليه السالم صاحبه املدة املحددة وأتمها‪ ،‬وسار بأهله إلى مصر‪ ،‬رأى نارا‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أبصرت نارا من بعيد‪ ،‬لعلي أجيئكم منها بخبر‬ ‫من جانب الطور‪ ،‬فقال ألهله‪ :‬انتظروا وامكثوا مكانكم‪ ،‬إني‬
‫يدل على الطريق‪ ،‬أو أجيئكم بشعلة تستدفئون بها‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ۡ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ۡ‬
‫ت نارا ل َع َِل َءاتِيكم م ِۡن َها بِقبَ ٍس‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬إِذ َر َءا نارا فقال ِلهلِهِ ٱ ۡمكثوا إ ِ ِن ءانس‬
‫ب‬ ‫ِيكم م ِۡن َها ِبَ َ‬
‫ُ‬
‫ت‬ ‫ا‬‫ٔ‬
‫َ‬ ‫ٔ‬ ‫س‬ ‫وس ِلَ ۡهلِهِۦ إن َءان َ ۡس ُ‬
‫ت نَارا َ‬ ‫َۡ َ ُ ََ‬
‫لَع ٱلَار ُهدى ‪[}١٠‬طه‪ ،]10 :‬وقوله تعالى‪ { :‬إ ِ ۡذ قَ َال ُِّ َ ى‬ ‫جد‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أو أ ِ‬
‫ََ َََ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ون ‪[}٧‬النمل‪.]7 :‬‬ ‫أ ۡو َءاتِيكم بِشِ َهاب قبس لعلكم تصطل‬

‫وس إن َأنَا ٱ َ ُ‬
‫َّلل َر ُّب‬ ‫َ َ َ َ َ ُ َ‬ ‫ۡ ۡ َ ُۡ َ َ‬ ‫َۡ ۡ َۡ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فَلَ َما أتَى ى َها نُود َِي مِن َ ى‬
‫ش ِطي ٱلوادِ ٱليم ِن ِِف ٱلُقعةِ ٱلمبى َروُكةِ مِن ٱلشج َرة ِ أن ي ىم ى ِ ِ‬
‫ي ‪} ٣٠‬‬‫ٱ ۡل َع ىلَم َ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫فلما وصل موس ى النار التي رآها من بعيد‪ ،‬ناداه ربه من جانب الواد األيمن وهو من ناحية‬
‫َ َى‬
‫لشهد َ‬ ‫ََۡۡ ََ ُ َ‬ ‫ۡ َ َ َۡ َ ُ َ‬ ‫َۡۡ‬ ‫ََ ُ َ َ‬
‫ِين‬ ‫ب إِذ قضينا إ ِ ىل ِّوس ٱلِّر وما كنت مِن ٱ ِ‬ ‫ِب ٱلغر ِ ِ‬
‫الغرب‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وما كنت ِِبان ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ‬
‫‪[}٤٤‬القصص‪ ،]44 :‬في البقعة املباركة من جانب الشجرة‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فل َما َجا َءها نود َِي أن بُورِ َك َمن ِِف‬
‫ّ‬
‫ي ‪[}٨‬النمل‪ْ :]8 :‬أن يا موس ى إني أنا ربك ورب العاملين‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫حى َن ٱ ََّللِ َرب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬ ‫ٱلَار َو َم ۡن َح ۡول َ َها َو ُس ۡب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وس ‪ ١١‬إ ِ ِن أنا َر ُّبك فٱخل ۡع نعل ۡيك إِنك ب ِٱل َوادِ ٱل ُمق َد ِس ُطوى ‪[}١٢‬طه‪.]11-12 :‬‬ ‫{ فَلَ َما أتى ى َها نود َِي ي ى ُم ى‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ َۡ ُ َ ۡ َى ُ َ ى َۡ ۡ َ َ ََ ۡ َ َ‬
‫ك مِنَ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُّ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫ب يموس أقبِل وَّل َتف إِن‬ ‫ى‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وأن أل ِق عصاكر فلما رءاها تهت كأنها جان ول مدبِرا ولم يعقِ ر‬
‫ٱٓأۡل ِمن َ‬
‫ِي ‪} ٣١‬‬
‫َ‬
‫وس ‪[} ١٩‬طه‪ ،]19 :‬فألقى‬ ‫بأن ألق عصاك يا موس ى‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ق َال أ ۡلقِ َها َي ى ُم َ ى‬ ‫واملعنى‪ :‬ونودي ْ‬
‫َ‬
‫تتحرك حركة‬ ‫ع ‪[} ٢٠‬طه‪ّ ،]20 :‬‬
‫فلما رآها ّ‬ ‫ه َح َية ت َ ۡس َ ى‬ ‫عصاه فإذا هي صارت حية‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فَأ ۡل َقى ى َها فَإ ِ َذا ِ َ‬
‫فإني ال يخاف ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫يلتفت‪ ،‬فقال هللا‪ :‬يا موس ى‪ ،‬أقب ْل ّ‬ ‫ّ‬ ‫سريعة ّ‬
‫لدي من‬ ‫إلي وال تخف‪،‬‬ ‫َِ‬ ‫ولم‬ ‫با‬
‫ر‬ ‫ها‬ ‫ى‬ ‫ول‬ ‫كأنها جان‪،‬‬
‫ََۡ ُ َ ۡ َ ُ َ ى َ‬ ‫ََ ُ ۡ‬ ‫َ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُّ َ َ َ َ‬
‫وس َّل‬ ‫أرسلته لرسالتي‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وأل ِق عصاكر فلما ر َءاها تهت كأنها جان و ىل مدبِرا ولم يعقِ ر‬
‫ب ي ىم‬
‫َ َ ُ ۡ َ َ ََۡ‬ ‫ْ‬ ‫ۡ ُ َ‬ ‫َ ََ ُ َ‬ ‫ََۡ‬
‫َتف إ ِ ِن َّل ياف ََل َي ٱل ُم ۡر َسلون ‪[}١٠‬النمل‪ ،]10 :‬وخذها وال تخف‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قال خذها َوَّل َتف‬
‫ُۡ َ‬
‫ّ‬
‫ول ‪[}٢١‬طه‪ ،]21 :‬فإنك من اآلمنين من كل مكروه‪.‬‬ ‫ِري َت َها ٱل ى‬
‫يد َها س َ‬
‫َس ُنعِ ُ‬

‫َ ۡ َ َۡ ُ ۡ َۡ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ ۡ ُ ۡ َۡ َ َ َ َ َ‬
‫ك م َِن ٱ َلر ۡه َ َ َ ُ ۡ َ َ‬ ‫ك يَ َد َ‬‫ۡ ُ ۡ‬
‫ب فذ ىن ِك برهىن ِ‬
‫ان‬ ‫ِ‬ ‫اح‬‫ن‬ ‫ج‬ ‫ك‬ ‫َل‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ض‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫ء‬‫و‬ ‫س‬ ‫ري‬
‫ِ‬ ‫غ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ء‬ ‫ا‬ ‫ض‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫َت‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ج‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ك‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱسل‬
‫ي ‪}٣٢‬‬ ‫ك إ َ ىل ف ِۡر َع ۡو َن َو ََِّليهِۦ إ َن ُه ۡم ََكنُوا قَ ۡوما َف ىسِ قِ َ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ ر ِ‬ ‫مِن رب ِ ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ادخل كف يدك اليمنى إلى جنبك األيسر‪ ،‬تخرج بيضاء كالثلج من غير برص أو عاهة‪ ،‬كما‬
‫َۡ ۡ‬ ‫ُ‬
‫ري ُسو ٍء َءايَة أ ۡخ َر ى‬ ‫َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َى َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ‬
‫ضا َء م ِۡن َغ ۡ‬
‫ى ‪[}٢٢‬طه‪ ،]22 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وأدخِل‬ ‫ِ‬ ‫قال تعالى‪ { :‬وٱضمم يدك إِل جناحِك َترج بي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضا َء م ِۡن غ ۡري ُسوء ِف ت ِۡسعِ َء َاي ىت إ ىل ف ِۡر َع ۡو َن َوق ۡو ِمهِۦ إ َن ُه ۡم َكنُوا ق ۡوما ف ىسِ قِ َ‬ ‫َۡ‬
‫َ ۡ َ ُ ۡ َۡ َ‬
‫ي ‪[}١٢‬النمل‪:‬‬ ‫ر ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يَ َد َك ِِف جيبِك َترج بي‬
‫‪ ،]12‬فتلك اآلياتان املعجزتان دليالن على قدرة هللا تعالى وصدق رسالتك من رّبك إلى فرعون وملئه‪ّ ،‬إنهم كانوا‬
‫قوما خارجين على طاعة هللا تعالى‪.‬‬

‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ‬
‫َ ُ ُۡ ۡ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪} ٣٣‬‬
‫ب إ ِ ِن قتلت مِنهم نفسا فأخاف أن يقتل ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال ر ِ‬
‫ّ‬
‫علي ذنب فإني قتلت منهم رجال قبطيا‪ ،‬فأخاف ْأن يقتلوني‬ ‫واملعنى‪ :‬قال موس ى عليه السالم‪ :‬ر ّب لهم ّ‬
‫ََ َ ُ َ َۡ ُُ‬ ‫َ َ ُ ۡ َ ََ َ‬
‫ون ‪[} ١٤‬الشعراء‪.]14 :‬‬
‫لَع ذۢنب فأخاف أن يقتل ِ‬ ‫بسببه‪ ،‬كما قال تعالى على لسان موس ى‪ { :‬ولهم‬

‫ُ َ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ‬


‫ون ُه َو أف َص ُح مِن ل َِسانا فأ ۡرسِل ُه َم َ ۡ ُ َ‬ ‫َۡ‬
‫َىُ ُ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٣٤‬‬
‫ع رِدءا يصدِق ِن إ ِ ِن أخاف أن يكذِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وأ ِِخ هر‬
‫عقدة من صغري حين تناولت‬ ‫مني نطقا بسبب ما في لساني من‬ ‫واملعنى‪ :‬وأخي هارون هو أفصح ّ‬
‫ٍ‬
‫ّ‬
‫يصدقني‪ ،‬إني أخاف ْأن يكذبني فرعون وقومه فيما أقوله لهم‪.‬‬ ‫الجمرة عند فرعون‪ ،‬فأ سله معي عونا ّ‬
‫ر‬
‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ُۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ان ‪َ ٢٧‬يفق ُهوا ق ۡو ِل ‪َ ٢٨‬وٱ ۡج َعل ِل‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ ۡ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬وي ِّس ِل أِّ ِري ‪ ٢٦‬وٱحلل عقدة مِن ل ِس ِ‬
‫ون أَ ِِخ ‪ ٣٠‬ٱ ۡش ُد ۡد بهِۦ أَ ۡزري ‪[}٣١‬طه‪ ،]26-31 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬ويَض ُ‬
‫يق َص ۡدري َو ََّل يَ َ‬
‫نطل ُِق‬
‫َىُ َ‬
‫ر‬‫ه‬ ‫‪٢٩‬‬ ‫َل‬
‫ۡ َۡ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وزِيرا مِن أ ِ‬
‫ه‬
‫َ َ ۡ ۡ َى َ ى ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪[} ١٣‬الشعراء‪.]13 :‬‬ ‫ان فأرسِل إِل هر‬‫ل ِس ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ك َما بَٔٔ َاي ىت َنا ر أَ ُ‬
‫نت َما َو َم ِن ٱت َب َعك َما‬
‫َ َ َ َ ُ ُّ َ ُ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ ُ َ ُ ۡ َ ى َ َ َ ُ َ َ ۡ ُ‬
‫صلون إَِل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال سنشد عضدك بِأخِيك ونعل لكما سلطنا فل ي ِ‬
‫ۡ َى ُ َ‬
‫ون ‪} ٣٥‬‬ ‫ٱلغل ِب‬
‫آتيت سؤلك‪ ،‬وجعلت هارون‬ ‫سنقويك بأخيك هارون‪ ،‬وقد ُ‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬قال هللا تعالى ملوس ى عليه السالم‪:‬‬
‫َ‬
‫ََۡ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َۡ ُ َ ُ َۡ َ‬
‫خاهُ‬ ‫وس ‪[}٣٦‬طه‪ ،]36 :‬وقال تعالى‪َ { :‬و َوه ۡب َنا ُلۥ مِن رْحتِنا أ‬‫ك َي ى ُم َ ى‬ ‫نبيا معك‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قال قد أوتِيت سؤل‬
‫ون نَبِيا ‪[} ٥٣‬مريم‪ ،]53 :‬ونجعل لكما حجة على فرعون وقومه‪ ،‬فال يصلون إليكما باألذى‪ ،‬بآياتنا‬ ‫َىُ َ‬
‫هر‬
‫الواضحات‪ ،‬أنتما ومن اتبعكما من بني إسرائيل منتصرون على فرعون وقومه‪.‬‬

‫ِحر ُّم ۡف َتى َو َما َسم ۡع َنا ب َه ى َذا ِف َءابَائ َنا ٱ ۡلَ َول ِيَ‬
‫وس بأَ َي ىت َنا َبي َنىت قَالُوا َما َهى َذا إ ََّل س ۡ‬
‫َ َ َ َ َ ُ ُّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فلما جاءهم ِّ ى ِ ِ ِ‬
‫‪} ٣٦‬‬
‫نَ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫فلما جاء موس ى عليه السالم فرعو وقومه بآياتنا الواضحات البينات‪ ،‬قالوا‪ :‬ما هذا إال‬
‫َ َ ُ َ َ َ َ‬ ‫سحر افتراه موس ى‪ ،‬وأقسموا على قولهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فَلَ َما َجا َء ُه ُم ٱ ۡ َ‬
‫ل ُّق م ِۡن عِندِنا قالوا إِن هىذا لسِ ۡحر‬
‫ُّمبِي ‪[}٧٦‬يونس‪ ،]76 :‬وما سمعنا بهذا في أسالفنا السابقين‪.‬‬

‫َ َ َ ُ ُ َُ َى َ ُ َ َ َ ۡ‬ ‫َ‬
‫ار إِن ُهۥ َّل ُيفل ُِح‬‫َل‬‫ٱ‬ ‫ة‬ ‫ب‬ ‫ق‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ۥ‬‫ل‬ ‫ون‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫ن‬‫م‬‫و‬ ‫ۦ‬‫ِ‬ ‫ه‬‫د‬‫ِ‬ ‫ِن‬
‫ع‬ ‫ىمۡ‬
‫ِن‬ ‫وس َرب أ ۡعلَ ُم ب ِ َمن َجا َء ب ِٱل ۡ ُه َد ى‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وقَ َال ُِّ َ ى‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َى ُ َ‬
‫ون ‪} ٣٧‬‬ ‫ٱلظل ِم‬
‫واملعنى‪ :‬وقال موس ى عليه السالم لهم‪ :‬رّبي أعلم بمن جاء بالحق والرشاد من عنده‪ ،‬ومن الذي له‬
‫َ َ َ َُ‬ ‫بوا ٱبۡت ِ َغا َء َو ۡجهِ َربه ۡم َوأَقَ ُ‬ ‫العاقبة املحمودة في اآلخرة بالجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وٱ ََّل َ‬
‫لصل ىوةَ َوأنفقوا ِّ َِما‬ ‫اِّوا ٱ‬ ‫ِِ‬
‫ِين َص َ ُ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ َ َ َ َ َ ُ َى َ‬
‫ك ل َ ُه ۡم ُع ۡق َب ٱ ََلار ‪َ ٢٢‬ج َنى ُ‬ ‫َ ََۡ ُ ۡ‬
‫ت َع ۡدن يَ ۡدخلون َها َو َمن َصل َح م ِۡن‬ ‫ِ‬ ‫رزقنىهم ِسا وعلنِية ويدرءون ب ِٱلسن ِة ٱلسيِئة أولئ ِ‬
‫ون َعلَ ۡيهم مِن ُُك بَاب ‪[}٢٣‬الرعد‪ ،]22-23 :‬وقال تعالى‪َ { :‬و َس َي ۡعلَمُ‬ ‫َ َ ۡ َ َ ۡ َ ى ۡ َ ُ َى ۡ َ ۡ َ َ ى َ ُ َ ۡ ُ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ج ِهم وذرِيت ِ ِهم وٱلملئِكة يدخل‬ ‫ءابائ ِ ِهم وأزو ِ‬
‫ّ‬ ‫ۡ ُ‬
‫ك َ ىف ُر ل َِم ۡن ُع ۡق َب ٱ َ‬
‫ار ‪[}٤٢‬الرعد‪ ،]42 :‬إنه ال يفلح املشركون الظاملون ألنفسهم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َل‬ ‫ٱل‬

‫َ‬ ‫َ َ َ ُ ََ‬ ‫كم م ِۡن إ َلىه َغ ۡريي فَأَ ۡوق ۡ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ۡ ُ َى َ ُّ َ ۡ َ َ ُ َ َ ۡ ُ َ ُ‬


‫ي فٱ ۡج َعل ِل‬ ‫لط‬
‫ِ ِ‬ ‫ٱ‬ ‫لَع‬ ‫ن‬ ‫ى‬ ‫م‬‫ى‬ ‫ه‬‫ى‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ِد‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وقال فِرعون يأيها ٱلمل ما عل ِمت ل‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ َ ُ ُّ ُ َ ۡ َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫َ ۡ َ َ ََ ُ َى َ‬
‫ِإَون لظنهۥ مِن ٱلك ِذبِي ‪} ٣٨‬‬ ‫َصحا لع َِل أطل ِع إِل إِلهِ ِّوس ِ‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬وقال فرعون‪ :‬يا أيها املأل‪ ،‬لم ْ‬
‫أعلم بوجود إله غيري يستحق العبادة‪ ،‬ثم قال بعده‪ :‬إنما أنا‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ ُّ ُ‬
‫ك ُم ٱ ۡل ۡ َ ى‬
‫لَع ‪[}٢٤‬النازعات‪:‬‬ ‫ى ‪ ٢٣‬فقال أنا رب‬
‫َ َ َ َ ََ َ‬
‫اد ى‬‫اإلله وربكم األعلى‪ ،‬كما حكى هللا تعالى عنه في قوله‪ { :‬فحش فن‬
‫ّ‬ ‫‪ ،]23-24‬فأشع ْل يا هامان على الطين نارا‪ْ ،‬‬
‫واب ِن لي به قصرا عاليا‪ ،‬لعلي أصعد به وأرتقي إلى السماء‪ ،‬فأنظر‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫إلى إله موس ى الذي يدعو إلى عبادته‪ ،‬وإني ألعتقد أنه كاذب في دعوى إله غيري‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وقال ف ِۡر َع ۡون‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََُ‬ ‫ل إ ِ َل ىهِ ُِّ َ ى‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ت فَأ َطل َِع إ ِ ى‬ ‫ب ‪ ٣٦‬أَ ۡس َبى َ‬ ‫َصحا َل َعَل َأبۡلُ ُغ ٱ ۡلَ ۡس َبى َ‬‫َي ى َه ى َم ى ُن ٱبۡن ل َ ۡ‬
‫ِإَون لظ ُّن ُهۥ ك ىذِبا ر َووُكذ ىل ِك‬
‫وس ِ‬
‫بٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يل َو َما ك ۡي ُد ف ِۡر َع ۡو َن إَِّل ِِف َت َباب ‪[}٣٧‬غافر‪.]36-37 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫ُ َ ۡ َۡ َ ُ ُ َ َ‬
‫زيِن لِفِرعون سوء عملِهِۦ وصد ع ِن ٱلسب ِ ِ‬

‫َ ۡ ۡ َ َ َ ُّ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ ۡ َ ۡ ََ ُ َ َ ُُ ُُ‬
‫ري ٱل ِق وظنوا أنهم إَِلنا َّل يرجعون ‪} ٣٩‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬وٱستكب هو وجنودهۥ ِِف ٱلۡر ِض بِغ ِ‬
‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬واستكبر فرعون وجنوده في أرض مصر بغير الحق وأجرموا فيها‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ث َم َب َعث َنا مِن‬
‫مرم َ‬‫َ ى َ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ ُ َ ۡ ُّ ۡ‬ ‫ُّ َ ى َ َ ى ُ َ َ ى ۡ َ ۡ َ َ َ َ‬ ‫َۡ‬
‫ِي ‪[}٧٥‬يونس‪ ،]75 :‬واعتقدوا‬ ‫ِ‬ ‫ا‬‫م‬‫و‬ ‫ق‬ ‫وا‬ ‫ن‬ ‫ك‬‫و‬ ‫وا‬ ‫ب‬ ‫ك‬‫ت‬ ‫س‬ ‫ٱ‬‫ف‬ ‫ا‬‫ن‬‫ِ‬ ‫ت‬ ‫اي‬‫ٔ‬
‫َ‬ ‫ٔ‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ۦ‬‫ِ‬ ‫ه‬‫ي‬‫َل‬
‫بع ِدهِم ِّوس وهرون إِل فِرعون وِّ ِ‬
‫ّأنهم بعد موتهم ال يرجعون إلينا للحساب‪.‬‬

‫لظلِم َ‬ ‫َ‬ ‫ى‬‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫َ َ ُ ُُ َ َ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ََ ۡ‬
‫ي ‪} ٤٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فأخذنىه َوجنودهُۥ فن َبذنى ُه ۡم ِِف ٱَلَ ِم فٱنظ ۡر ك ۡيف َكن ع ىقِ َبة ٱ ِ‬
‫َ ََْ َ‬
‫واملعنى‪ :‬فأهلكناه وجنوده وأغرقناهم في البحر بسبب تكذيبهم وغفلتهم‪ ،‬كما تعالى‪{ :‬فانتق ْمنا م ْن ُه ْم‬
‫َ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ْ َ َ ه‬ ‫َف َأ ْغ َر ْق َن ُ‬
‫اه ْم في ال َيم بأ هن ُه ْم كذ ُبوا ب َآياتنا َوكانوا َع ْن َها غافلين}[األعراف‪ ،]136 :‬فانظر أيها الرسول كيف كانت‬
‫عاقبة الظاملين ألنفسهم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ود ُ ف َن َب ْذ ُ‬
‫ناه ْم في ال َيم َو ُه َو ُمل ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فأ َخ ْذنا ُ َو ُج ُن َ‬
‫يم}[الذاريات‪.]40 :‬‬

‫ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫ون ‪} ٤١‬‬‫قوله تعالى‪َ { :‬و َج َعل َنى ُه ۡم أئ ِ َمة يَ ۡد ُعون إِل ٱ َلارِ َو َي ۡو َم ٱل ِق َيى َمةِ َّل ينُص‬
‫ْ‬
‫أتباعهم إليها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬يق ُد ُم‬
‫واملعنى‪ :‬وجعلنا فرعون وجنوده قادة يدعون إلى النار‪ُ ،‬ويدخلون َ‬
‫س ْالو ْر ُد ْاَلَ ْو ُر ُ‬ ‫َ ْ َ ُ َْ َ ْ َ ََََْ ُ ُ ه‬
‫الن َار َوب ْئ َ‬
‫ود}[هود‪ ،]98 :‬ويوم القيامة ال ُينصرون‪.‬‬ ‫قومه يوم القيامة فأوردهم‬

‫ۡ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وأ ۡت َب ۡع َنى ُه ۡم ِف َهى ِذه ِ ٱ َُّل ۡن َيا ل ۡع َنة َويَ ۡو َم ٱلقِ َيى َمةِ ُهم م َِن ٱل َمق ُبوح َ‬
‫ِي ‪} ٤٢‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ُْ‬
‫واملعنى‪ :‬وألحقناهم في هذه الدنيا زيادة على عذابهم لعنة عظيمة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬و أتبعوا في هذ‬
‫ود}[هود‪ ،]99 :‬ويوم القيامة هم من املطرودين املبعدين عن رحمة هللا‬ ‫س الر ْف ُد ْاَلَ ْر ُف ُ‬ ‫يامة ب ْئ َ‬ ‫َل ْع َن ًة َو َي ْو َم ْالق َ‬
‫تعالى‪.‬‬

‫َ ََۡ َ َ‬ ‫َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ ُ ُ َ ۡ ُ َى َ َ َ َ ِ ُ‬ ‫وس ٱ ۡلك َِتى َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ولَ َق ۡد َءاتَ ۡي َنا ُِّ َ‬
‫ْحة ل َعل ُه ۡم‬‫اس َوهدى ور‬‫ب مِن بع ِد ما أهلكنا ٱلقرون ٱلول بصائِر ل ِلن‬
‫ََ َ َُ َ‬
‫ون ‪} ٤٣‬‬ ‫يتذكر‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد آتينا موس ى التوراة من بعد ْأن أهلكنا القرون األولى التي كانت قبله‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ً‬ ‫ََ َ َ َ ْ َ ً‬ ‫َ َ َ ْ َ ْ ُن َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ ُ ْ َ َ ُ‬
‫ات ب ْال َخاط َئة ‪َ .‬ف َع َ‬
‫ص ْوا َر ُسو َل َربه ْم فأخذ ُه ْم أخذة َراب َية}[الحاقة‪،]9-10 :‬‬ ‫{وجاء فرعو ومن قبله واَلؤتفك‬
‫ليكون ذلك بصائر لبني إسرائيل يميزون بها بين الحق والباطل‪ ،‬وهداية من الضاللة‪ ،‬ورحمة ملن عمل بها؛‬
‫ويتعظون‪.‬‬ ‫لعلهم يتذكرون بها ّ‬

‫َ َ َى‬ ‫ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬


‫لشهد َ‬ ‫َۡ ََ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬
‫ِين ‪} ٤٤‬‬ ‫ب إِذ قضينا إِ ىل ِّوس ٱلِّر وما كنت مِن ٱ ِ‬ ‫ِب ٱلغر ِ ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وما كنت ِِبان ِ‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬وما َ‬
‫كنت أيها الرسول بجانب الغربي من موضع موس ى عليه السالم حين كلفناه أمرنا‪ ،‬وما‬
‫كنت من الحاضرين لذلك‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫اد ۡي َنا َو َل ىكن َر ۡ َ‬
‫ْحة مِن َربِك ِلِ ُنذ َِر ق ۡوما َما‬ ‫ِ‬
‫ۡ َ َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َما ُك َ‬
‫نت ِبَان ِب ٱ ُّ‬
‫لطورِ إِذ ن‬ ‫ِ ِ‬
‫َۡ َ َََُ ۡ ََ َ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ون ‪[}٤٦‬القصص‪.]46 :‬‬‫أتى ى ُهم مِن نذِير مِن قبل ِك لعلهم يتذكر‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َََ َ َ َ َۡ ُ ۡ ُ ُ ُ َ َ ُ َ َ‬ ‫َ َ َۡ ُ‬ ‫َ‬


‫نت ثاوِيا ِِف أه ِل َم ۡد َي َن ت ۡتلوا َعل ۡي ِه ۡم َءاي ىت ِ َنا َول ىك َِنا‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ول ىك َِنا أنشأنا ق ُرونا فتطاول علي ِهم ٱلعمر ر وما ك‬
‫ُ‬
‫ك َنا ُِّ ۡر ِسل َِي ‪} ٤٥‬‬
‫ولكنا أنشأنا أمما كثيرة من بعد موس ى عليه السالم‪ ،‬فمكثوا زمنا طويال فنسوا شرائع هللا‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫لتبين لهم تعاليمه وشرائعه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يا أ ْه َل الكتاب ق ْد َج َاءك ْم َر ُسولنا‬ ‫تعالى‪ ،‬فجئنا بك أيها الرسول ّ‬
‫َ َ ْ َ َ ُ ْ َ ٌ ََ ٌ َ هُ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َُ ُ‬ ‫ُي َبي ُن َل ُك ْم َع َلى َف ْت َر ٍة م َن ُّ‬
‫َّللا َعلى كل‬ ‫الر ُسل أن تقولوا َما َج َاءنا م ْن َبش ٍير َوَل نذ ٍير فقد جاءكم بشير ونذير و‬
‫ولكنا ّ‬
‫كنا‬ ‫املنزلة‪ّ ،‬‬ ‫كنت أيها الرسول مقيما في أهل مدين‪ ،‬تقرأ عليهم آياتنا ّ‬ ‫َش ْيء َقد ٌير}[املائدة‪ ،]19 :‬وما َ‬
‫ٍ‬
‫أرسلناك للناس رسوال‪.‬‬

‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اد ۡي َنا َو َل ىكن َر ۡ َ‬


‫ۡ َ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما ُك َ‬
‫نت ِبَان ِب ٱ ُّ‬
‫ْحة مِن َربِك ِِلُنذ َِر ق ۡوما َما أتى ى ُهم مِن نذِير مِن ق ۡبل ِك‬ ‫ِ‬ ‫لطورِ إِذ ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َََُۡ َََ َُ َ‬
‫ون ‪}٤٦‬‬ ‫لعلهم يتذكر‬
‫وقربناه‪ ،‬كما قال‬‫كنت أيها الرسول بجانب جبل الطور حين نادينا موس ى عليه السالم ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬وما َ‬
‫ولكنا أرسلناك رحمة من رّبك بالناس؛‬‫تعالى‪َ { :‬و َنى َديۡ َنى ُه مِن َجان ِب ٱ ُّلطور ٱ ۡلَ ۡي َمن َو َق َر ۡب َنى ُه َنيا ‪[} ٥٢‬مريم‪ّ ،]52 :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫لتنذر قوما لم ُينذروا عذاب هللا قبل إن لم يؤمنوا‪ ،‬لعلهم يتذكرون ويهتدون بما جئتهم به من شرائع هللا تعالى‪.‬‬

‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ۡ َ َ ُ َ ُ ُّ َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ ۡ َ َ ُ ُ َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ َ‬
‫ت إ ِ َۡل َنا َر ُسوَّل ف َنتب ِ َع َءاي ىتِك‬‫صيبُۢة بِما قدمت أيدِي ِهم فيقولوا ربنا لوَّل أرسل‬
‫صيبهم ِّ ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ولوَّل أن ت ِ‬
‫ۡ‬
‫ون م َِن ٱل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪} ٤٧‬‬
‫ََ ُ َ‬
‫ونك‬
‫واملعنى‪ :‬ولوال ْأن تصيب هؤالء املشركين عقوبة شديدة بسبب اقترافهم الكفر واملعاص ي‪ ،‬فيقولوا‪:‬‬
‫فنتبع آياتك الدالة على صدقه ونكون من املؤمنين‬ ‫َ‬ ‫يبين لنا العقيدة الصحيحة‪،‬‬ ‫سلت إلينا رسوال ّ‬ ‫بنا هال أ َ‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫بك‪.‬‬
‫وقد وردت آيات كثيرة تقطع عذر املشركين وحجتهم بأنهم لم يأتهم رسول وال نذير‪ ،‬منها قوله تعالى‪:‬‬
‫َ َ ُ َ َ ُ‬ ‫َ ْ َ ُ ُ ه َ ُ َ ْ َ ُ ََ َ َ َْ ْ َ ْ َ َ ْ ُ ه َ ْ َ َ َ َ‬
‫استه ْم لغافل َين أ ْو ت ُقولوا ل ْو أ هنا أنز َل‬ ‫{أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن در‬
‫َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ُ ه َ ْ َ ُْ ْ َ َ ْ َ َ ُ ْ َ َ ٌ ْ َ ُ ْ َ ُ ً َ َ ْ َ ٌ‬
‫علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة}[األنعام‪ ،]156-157 :‬ومنها قوله‬
‫الر ُسل}[النساء‪ ،]165 :‬ومنها قوله تعالى‪:‬‬ ‫ين ل َئال َي ُكو َن ل هلناس َع َلى هَّللا ُح هج ٌة َب ْع َد ُّ‬
‫ين َو ُم ْنذر َ‬
‫تعالى‪ُ { :‬ر ُسال ُم َبشر َ‬
‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ َ ُ ْ َ ُ ُ َ ُ َ ُ َ ُ ْ َ َ َ ْ َ َ ُّ َ ْ َ ُ ُ‬
‫الر ُسل أن تقولوا َما َج َاءنا م ْن َبش ٍير َوَل نذ ٍير فق ْد‬ ‫{يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فتر ٍة من‬
‫َ َ ُ ْ َ ٌ ََ ٌ َ هُ َ ُ َ َ‬
‫َّللا َعلى كل ش ْي ٍء قد ٌير}[املائدة‪.]19 :‬‬ ‫جاءكم بشيرونذيرو‬

‫ُ‬ ‫َ َ ُ ََۡ ُ َ ۡ َ َ ُ َ ُ َ ى ََ َۡ َ ۡ‬
‫وس ُِّ َ ى‬
‫وس‬ ‫ك ُف ُروا ب ِ َما أ َ‬
‫وت ُِّ َ ى‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫و‬‫أ‬ ‫وس‬ ‫ِّ‬ ‫وت‬‫أ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ل‬ ‫ِث‬
‫م‬ ‫وت‬ ‫أ‬ ‫َّل‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫ال‬‫ق‬ ‫ا‬ ‫ِن‬ ‫د‬‫ِن‬
‫ع‬ ‫ِن‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فَلَ َما َجا َء ُه ُم ٱ ۡ َ‬
‫ل ُّق م ۡ‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َى ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ۡ َ ََ‬ ‫َُۡ َ ُ‬
‫ون ‪} ٤٨‬‬ ‫ان تظى َه َرا َوقالوا إِنا بِكل ك ِفر‬ ‫مِن قبل قالوا سِحر ِ‬
‫فلما جاء هؤالء املشركين القر ُآن املنزل على الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬قالوا‪ :‬لوال أوتي‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ّ‬
‫وأصروا على‬ ‫يكفر أمثالهم من الكفار بما أوتي موس ى من قبل‪،‬‬ ‫مثلما أوتي موس ى من املعجزات الحسية‪ ،‬أولم ْ‬
‫َ َ ُ َ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ َ َ‬
‫ج ۡئت َنا ِِلَل ِف َت َنا ع َما َو َج ۡدنا َعل ۡيهِ َءابَا َءنا َوتكون لك َما‬
‫كفرهم وتكذيبهم‪ ،‬كما قال تعالى حاكيا قولهم‪ { :‬قالوا أ ِ‬
‫وه َما َف َك ُانوا منَ‬
‫ِي ‪[}٧٨‬يونس‪ ،]78 :‬وقال تعالى‪َ { :‬ف َك هذ ُب ُ‬ ‫َ َ َۡ ُ َ ُ‬
‫ك َما ب ُم ۡؤ ِمن َ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ‬
‫ِ‬ ‫ٱلك ِۡبِيَا ُء ِِف ٱلۡرض وما َنن ل‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ُْ َ َ‬
‫اَل ْهلكين}[املؤمنون‪ ،]48 :‬قالوا‪ :‬القرآن والتوراة سحران تعاونا في سحرهما‪ ،‬وقالوا‪ :‬إنا بكل من القرآن والتوراة‬
‫كافرون‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ َۡ‬


‫ك َتىب م ِۡن عِن ِد ٱ ََّللِ ُه َو أ ۡه َد ىى م ِۡن ُه َما أتَب ِ ۡع ُه إِن ك ُنت ۡم َصى ِدق َِي ‪} ٤٩‬‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل فأتوا ب ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬فأتوا بكتاب آخر من عند هللا تعالى هو أهدى وأقوم من التوراة والقرآن‪ ،‬لكي‬
‫أتبعه‪ْ ،‬إن كنتم صادقين في دعواكم‪.‬‬
‫يدل على ّأن التوراة يأتي بعد القرآن الكريم‬ ‫وقد قرن هللا تعالى بين التوراة والقرآن في آيات كثيرة‪ ،‬مما ّ‬
‫وس ى ُن ً‬
‫ورا َو ُه ًدى‬ ‫اب هالذي َج َاء به ُم َ‬ ‫في الشرف والعظمة‪ ،‬ومن تلك اآليات قوله تعالى‪ُ { :‬ق ْل َم ْن َأنز َل ْالك َت َ‬
‫نزل َنا ُ ُم َبا َر ٌك}[األنعام‪ ،]91-92 :‬ومنها قوله تعالى‪ُ { :‬ث هم َآت ْي َنا ُم َ‬ ‫َ َ َ َ ٌ َ ْ‬ ‫ه‬
‫وس ى‬ ‫للناس} إلى قوله تعالى‪{ :‬وهذا كتاب أ‬
‫َ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ً َ ه‬ ‫َْ ً ُ َ‬ ‫َ ه َ‬ ‫ْ َ َ َ‬
‫اب ت َم ًاما َعلى الذي أ ْح َس َن َوتفصيال لكل ش ْي ٍء َو ُه ًدى َو َر ْح َمة ل َعل ُه ْم بلقاء َربه ْم ُيؤمنون [‪َ ]154‬و َهذا‬ ‫الكت‬
‫ه‬ ‫َ ْ‬ ‫هُ ُ‬ ‫َ‬ ‫هُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َ ٌ ْ َ‬‫َ‬
‫اب أن َزلنا ُ ُم َبا َر ٌك فاتب ُعو ُ َو اتقوا ل َعلك ْم ت ْر َح ُمون}[األنعام‪ ،]155 :‬ومنها قوله تعالى على لسان الج ّن‪{ :‬إنا‬ ‫كت‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َسم ْعنا كت ًابا أنز َل م ْن َب ْعد ُم َ‬
‫صدقا َلا َب ْين َيد ْيه}[األحقاف‪.]30 :‬‬ ‫وس ى ُم َ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ َ ُّ َ َ َ َ َ َ ى ُ َ ۡ ُ‬
‫َّللِ إِن‬
‫ري هدى مِن ٱ ر‬
‫جيبوا لك فٱعلم أنما يتبِعون أهواءه رم ومن أضل ِِّم ِن ٱتبع هوىه بِغ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فإِن لم يست ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َ َ ۡ َ َ َ ُ ُ َۡ َ ُ ۡ َََ ُ َ‬‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َ َى‬
‫لظلِم َ‬ ‫ٱ ََ َ ۡ‬
‫ون ‪} ٥١‬‬ ‫ي ‪۞ ٥٠‬ولقد وصلنا لهم ٱلقول لعلهم يتذكر‬ ‫َّلل َّل َيهدِي ٱلق ۡوم ٱ ِ‬

‫ُۡ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ِين َء َات ۡي َنى ُه ُم ٱلك َِتى َ‬
‫ون ‪} ٥٢‬‬ ‫ب مِن ق ۡبلِهِۦ هم بِهِۦ يؤمِن‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّل َ‬

‫واملعنى‪ :‬الذين آتيناهم الكتاب من قبل القرآن من اليهود والنصارى الذين عاصروا الرسول صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ ،‬هم بالقرآن وبالرسول صلى هللا عليه وسلم يؤمنون‪.‬‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب َي ۡتلون ُهۥ َح َق ت ِل َوتِهِۦ أولئِك يُؤم ُِنون ب ِهِۦ َو َمن‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َات ۡي َنى ُه ُم ٱ ۡلك َِتى َ‬
‫ون ‪[}١٢١‬البقرة‪ ،]121 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬وإ هن م ْن َأ ْهل ْالك َتاب ََلَ ْن ُي ْؤم ُن ب ه‬ ‫َ ُ َى َ ُ ُ ۡ َ ى ُ َ‬ ‫ۡ ُ‬
‫اَّلل َو َما‬ ‫يَكف ۡر بِهِۦ فأولئِك هم ٱلخ ِّس‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫أنز َل إل ْيك ْم َو َما أنز َل إل ْيه ْم خاشعين هَّلل}[آل عمران‪.]199 :‬‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬


‫ل ُّق مِن َرب َنا إنَا ك َنا مِن ق ۡبلِهِۦ ُِّ ۡسلِم َ‬‫ام َنا بهِۦ إِنَ ُه ٱ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َل َعل ۡيه ۡم قالوا َء َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ٥٣‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا ُي ۡت ى‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬وإذا يتلى هذا القرآن على هؤالء الذين آتيناهم الكتاب‪ ،‬قالوا‪ّ :‬‬
‫آمنا به‪ ،‬إنه الحق الصدق من‬
‫كنا من قبل نزول هذا القرآن موحدين مخلصين هلل منقادين له‪.‬‬ ‫بنا‪ّ ،‬إنا ّ‬
‫ر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫ِين أوتوا ٱلعِل َم مِن ق ۡبلِهِۦ إِذا ُي ۡت ىَل َعل ۡيهِ ۡم‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬قل َءام ُِنوا بِهِۦ أ ۡو َّل تؤم ُِن روا إِن ٱَّل‬
‫َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ون ُس ۡب َحى َن َرب ِ َنا إِن َك َن َو ۡع ُد َرب ِ َنا ل َمف ُعوَّل ‪[}١٠٨‬اإلسراء‪،]107-108 :‬وقوله تعالى‪:‬‬ ‫َ‬
‫ي ُِّرونِۤ ِۤناَقۡذَأۡلِل ُس َجداِۤ ‪ ١٠٧‬ويقول‬
‫ُ ُ َ َ ه‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫يض م َن ه‬
‫الد ْمع م هما َع َرفوا م َن ال َحق َيقولون َرهبنا َآمنا‬ ‫الر ُسول َت َرى َأ ْع ُي َن ُه ْم َتف ُ‬
‫{ َوإ َذا َسم ُعوا َما ُأنز َل إ َلى ه‬
‫الشاهد َ‬ ‫َ َُْْ َ َ ه‬
‫ين}[املائدة‪.]83 :‬‬ ‫فاكتبنا مع‬

‫ۡ‬
‫َ َ َ َ َ َ َ َ َ َىُ ۡ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ك يُ ۡؤتَ ۡو َن أ ۡج َر ُهم َِّ َرتَ ۡي ب َما َص َ ُ‬
‫َ‬‫َ‬ ‫ُ َى‬
‫ون ‪} ٥٤‬‬ ‫بوا َويَ ۡد َر ُءون ب ِٱلسنةِ ٱلسيِئة وِِّما رزقنهم ين ِفق‬ ‫ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أولئ ِ‬
‫مرتين‪ ،‬على إيمانهم بكتابهم‪ ،‬وعلى إيمانهم‬ ‫واملعنى‪ :‬أولئك املتصفون بالصفات املذكورة يؤتون أجرهم ّ‬
‫َ‬
‫بالقرآن الكريم‪ ،‬جزاء صبرهم وثباتهم على اإليمان‪ ،‬وهم يدفعون السيئة بالحسنة‪ ،‬ومما رزقناهم ينفقون في‬
‫سبيل هللا تعالى‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫ين َآمنوا اتقوا َّللا َوآمنوا ب َر ُسوله ُيؤتك ْم كفل ْين م ْن‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬يا أ ُّي َها الذ َ‬
‫موجه للمؤمنين من أهل الكتاب‪.‬‬ ‫َر ْح َمته}[الحديد‪ ،]28 :‬ملن ذهب إلى ّأن خطاب اآلية ّ‬

‫َ َ ُ َ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ ۡ ُ َ َ ُ َ َ َ ۡ َ ى ُ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ ى ُ ُ ۡ َ َى َ َ ۡ ُ‬
‫ك ۡم ََّل نَ ۡب َتغ ٱلۡ َ‬
‫جىهل َ‬
‫ِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا س ِمعوا ٱللغو أعرضوا عنه وقالوا لا أعملنا ولكم أعملكم سلم علي‬
‫‪} ٥٥‬‬
‫َ َ َ َ َۡ َ ُ َ‬
‫ون ٱ ُّلز َ‬
‫ور‬ ‫واملعنى‪ :‬وإذا سمعوا من املشركين لغو الكالم أعرضوا عنه‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وٱَّلِين َّل يشهد‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِإَوذا َِّ ُّروا ب ِٱلل ۡغوِ َِّ ُّروا ك َِراما ‪[}٧٢‬الفرقان‪ ،]72 :‬وقالوا‪ :‬لنا أعمالنا ونحن براء منكم‪ ،‬ولكم أعمالكم وأنتم براء‬
‫َ ۡ ُ ََ‬ ‫َ‬ ‫ك ۡم أَ ُ‬
‫َ َ ََ ُ ۡ َ َُ ُ‬ ‫َ َُ َ َُ‬
‫نتم بَ ِرئُٔون ِّ َِما أع َمل َوأنا بَ ِريء ِّ َِما‬ ‫وك فقل ِل عم َِل ولكم عمل‬ ‫منا‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَون كذب‬
‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ت ۡع َملون ‪[}٤١‬يونس‪ ،] 41 :‬سالم عليكم ال نريد اتباع طريق الجاهلي‪ ،‬كما قال تعالى في وصف عباده‪َ { :‬وع َِباد‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َُ ُ ۡ َى ُ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ََ َۡ‬ ‫َ‬
‫ون قالوا َسل ىما ‪[}٦٣‬الفرقان‪.]63 :‬‬ ‫ٱ َلرِنَٰمۡح ٱَّلِي َن َي ۡمشون لَع ٱلۡر ِض ه ۡونا ِإَوذا خاطبهم ٱلج ِهل‬

‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫َّلل َي ۡهدِي َمن ي َ َشا ُء ر َو ُه َو أ ۡعل ُم بٱل ُم ۡه َتد َ‬
‫ك َن ٱ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك َّل َت ۡهدِي َم ۡن أ ۡح َب ۡب َ‬ ‫َ َ‬
‫ِين ‪} ٥٦‬‬ ‫ِ‬ ‫ت َول ى ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن‬
‫ّ‬ ‫توفق من أحببته إلى الحق‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ولكن التوفيق بيد هللا وحده‪ ،‬يوفق من يشاء‬ ‫واملعنى‪ :‬إنك أيها الرسول ال‬
‫إلى الحق‪ ،‬وهو أعلم بمن يصلح للهداية‪.‬‬
‫َّلل َي ۡهدِي َمن ي َ َشا ُء }[البقرة‪ ،]272 :‬وقوله‬ ‫ك َن ٱ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ُ‬ ‫َۡ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬لي َس عل ۡيك ه َدى ى ُه ۡم َول ى ِ‬
‫َ َ ََُْ ه ََ ْ َ َ ْ َ ْ َ‬
‫صت ب ُمؤمنين}[يوسف‪.]103 :‬‬ ‫تعالى‪{ :‬وما أكثرالناس ولو حر‬

‫ب إ ِ ََلهِۡ‬ ‫ُۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ َ َ ََ َۡ ُ‬ ‫َ َُ َ ۡ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وقَالُوا إِن نَ َتبِعِ ٱل ۡ ُه َد ى‬
‫ُي َ ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫كن لهم حرما ءامِنا‬ ‫َ‬
‫كن نم ِ‬ ‫َ‬ ‫ى َم َعك نتخ َطف مِن أۡر ِ‬
‫ضنا ر أو لم نم ِ‬
‫َ ُ َ َ َى َ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫ت ُُك َ ۡ ۡ‬ ‫َث َم َر ى ُ‬
‫ون ‪} ٥٧‬‬ ‫كن أكَّثهم َّل يعلم‬ ‫يشء رِزقا ِمن َلنا ول ِ‬ ‫ِ‬
‫جئت به‪ ،‬نتخطف من أرضنا بالقتل ونهب األموال‪ ،‬أولم‬ ‫واملعنى‪ :‬وقالوا‪ :‬نخش ى ْإن نتبع الهدى الذي َ‬
‫ّ‬
‫نجعلهم متمكنين في بلد أمين وحرم آمن‪ ،‬يحمل إليه سائر الثمار في كل البلدان رزقا من عندنا واستجابة‬
‫َ ه‬ ‫ه‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َْ ً‬ ‫لدعاء أبيهم إبراهيم إذ قال‪َ { :‬ف ْ‬
‫اج َع ْل أفئ َدة م َن الناس َت ْهوي إل ْيه ْم َو ْارزق ُه ْم م َن الث َم َرات ل َعل ُه ْم‬
‫َ ْ ُُ َ‬
‫ون}[إبراهيم‪ّ ،]37 :‬‬
‫ولكن أكثر هؤالء املشركين ال يعلمون ذلك فال يشكرون هللا عليه‪.‬‬ ‫يشكر‬

‫ُ َۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ََۡ َ َ ۡ َ َ ََ َ ۡ َ‬
‫ك َم َ ى‬ ‫َ ََۡ ۡ‬
‫سك ُِن ُه ۡم ل ۡم ت ۡسكن مِن َب ۡع ِده ِۡم إَِّل قل ِيل َووُك َنا َن ُن‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ووُك ۡم أهلك َنا مِن قرية ب ِطرت معِيشتها فتِل‬
‫ۡ‬
‫ٱل َو ىرِث َِي ‪} ٥٨‬‬
‫ألهتهم معيشتهم عن اإليمان فجحدوا بأنعم هللا تعالى‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وكثيرا أهلكنا أهل قرية من القرى حين ْ‬
‫تسكن من بعد هالكهم إال قليال منها‪ّ ،‬‬
‫وكنا نحن الوارثين للعباد‬ ‫ْ‬ ‫فأصبحت مساكنهم خاوية على عروشها‪ ،‬لم‬
‫وأموالهم‪.‬‬
‫ُْ َ َ ً ْ ُ‬ ‫َ َ َ َ ه ُ َ َ ً َ َْ ً َ ْ َ ً ُ ْ َ ه ً َْ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬وضرب َّللا مثال قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل‬
‫ُ َ َْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ َ َ ْ َْ ُ ه ََ َ‬
‫ذاق َها ه ُ‬
‫صن ُعون}[النحل‪.]112 :‬‬ ‫باس ال ُجوع َوالخ ْوف بما كانوا ي‬ ‫َّللا ل‬ ‫كان فكفرت بأنعم َّللا فأ‬
‫م ٍ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫ث ِِف أِّ َِها َر ُسوَّل َي ۡتلُوا َعلَ ۡي ِه ۡم َء َاي ىت ِ َنا ر َو َما ُك َنا ُِّ ۡهل ِِك ٱ ۡل ُق َرىى‬
‫َ َ َ َ َ ُّ َ ُ ۡ َ ۡ ُ َ ى َ َ ى َ ۡ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وما َكن ربك ِّهل ِك ٱلقرى حت يبع‬
‫َ ََ ۡ َُ َى ُ َ‬
‫ون ‪}٥٩‬‬ ‫إَِّل وأهلها ظل ِم‬
‫واملعنى‪ :‬وما كان رّبك أيها الرسول مهلك أهل القرى حتى يرسل في عاصمتها وأكبرها رسوال يتلو عليهم‬
‫ُ‬
‫ض ُّل َعلَ ۡي َها ر َو ََّل تَز ُر َواز َرة و ۡز َر أ ۡخ َر ى‬
‫ى‬ ‫َ َ َ َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ ََۡ ى َ َ‬
‫ى فإِن َما َيهتدِي ِلَفسِ هِۦ َومن ضل فإِن َما ي ِ‬ ‫آياتنا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬م ِن ٱهتد‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫كنا مهلكي القرى إال وأهلها ظاملون ألنفسهم‬ ‫ت َن ۡب َع َث َر ُسوَّل ‪[}١٥‬اإلسراء‪ ،]15 :‬وما ّ‬‫ي َح َ ى‬‫َو َما ُك َنا ُم َع ِذب َ‬
‫ِ‬
‫مستحقون للعذاب‪.‬‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َََ‬


‫َ َ َۡ َ َۡ‬‫َ‬ ‫ۡ َ َ ُ َ َ ُّ ۡ َ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ون ‪} ٦٠‬‬ ‫ق أفل ت ۡعقِل‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وما أوت ِيتم مِن يشء فمتىع ٱلي ىوة ِ ٱَلنيا و ِزينتها ر وما عِند ٱَّللِ خري وأب ى ر‬
‫مجرد متاع مؤقت تتمتعون‬ ‫واملعنى‪ :‬وما آتاكم هللا تعالى أيها الناس من ش يء من األموال واألوالد فهو ّ‬
‫به في الحياة الدنيا وزينتها الزائلة‪ ،‬وما عند هللا تعالى من نعيم اآلخرة ألهل طاعته خير وأبقى من متاع الدنيا‪،‬‬
‫َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ َْ‬
‫باق}[النحل‪ ،]96 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وما عن َد هَّللا خ ْي ٌر لَل ْبرار}[آل‬ ‫ٍ‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬ما عن َدك ْم َينف ُد َوما عن َد هَّللا‬
‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ ْ ُْ ُ َ ْ َ َ‬
‫الد ْنيا‪َ .‬واْلخ َرة َخ ْي ٌر َو أ ْبقى}[األعلى‪ ،]16-17 :‬أفال تعقلون‬ ‫ياة ُّ‬ ‫عمران‪ ،]198 :‬وقال تعالى‪{ :‬بل تؤثرون الح‬
‫فتعرفون الخير من الشر؟‬

‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أ َف َمن َو َع ۡد َنى ُه َو ۡعدا َح َسنا َف ُه َو َل ىقِيهِ َك َمن َم َت ۡع َنى ُه َم َت ى َع ٱ ۡ َ‬
‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّل ۡن َيا ُث َم ُه َو ي َ ۡو َم ٱ ۡلقِ َيى َمةِ مِنَ‬
‫ُض َ‬ ‫ٱل ۡ ُم ۡح َ‬
‫ين ‪} ٦١‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنه ال يستوي في عرف أي عاقل‪ ،‬حال املؤمن الذي وعدناه وعدا حسنا بالجنة ونعيمها‪ ،‬وهو‬
‫متعناه بمتاع الدنيا الزائلة‪ ،‬ثم هو يوم القيامة‬ ‫ظافر بما وعدناه به ال محالة‪ ،‬وحال الكافر أو الفاسق الذين ّ‬
‫من املحضرين للحساب والجزاء‪ ،‬كما قال تعالى إخبارا عن ذلك املؤمن حين قال لصاحبه الكافر‪ ،‬وهو في‬
‫ََ‬ ‫ََ ْ ْ َ ُ َ َ ُ ْ ُ َ ُْ‬
‫ين}[الصافات‪ ،]57 :‬وقال تعالى‪َ { :‬ولق ْد َعل َمت‬
‫ضر َ‬‫اْل ْح َ‬ ‫الدرجات وذاك في الدركات‪{ :‬ولوَل نعمة ربي لكنت من‬
‫ون ّ‬ ‫ْ ه ُ هُ ْ َُ ْ َ ُ َ‬
‫}[الصافات‪.]158 :‬‬ ‫الجنة إنهم ْلحضر‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬


‫َ ُ ۡ َۡ ُ ُ َ‬
‫ون ‪} ٦٢‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ويَ ۡو َم ُي َنادِيه ۡم ف َي ُقول أ ۡي َن ُ َ‬
‫شكء َِي ٱَّلِين كنتم تزعم‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول يوم ينادي مناد ‪-‬بأمر هللا تعالى‪ -‬هؤالء املشركين‪ ،‬فيقول لهم‪ :‬أين آلهتكم‬
‫التي كنتم تزعمون في الدنيا ّأنهم شركائي؟‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫قال اإلمام القرطبي‪ :‬واملناداة هنا ليست من هللا؛ ألن هللا تعالى ال يكلم الكفار لقوله تعالى‪َ { :‬وَّل‬
‫ّ‬
‫ويبكتهم‪ ،‬ويقيم ّ‬
‫الحجة عليهم في مقام‬
‫ّ‬
‫يوبخهم‬‫َّلل يَ ۡو َم ٱ ۡلقِ َيى َمةِ }[البقرة‪ ]174 :‬لكنه تعالى يأمر َم ْن ّ‬ ‫كل ُِم ُه ُم ٱ َ ُ‬
‫ُ َ‬
‫ي‬
‫ِ‬
‫الحساب‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ ُ َ َ َ َى ُ َ ِ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ى ُ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ َ‬
‫بأنا إِ َۡلك َما َكنوا إِيَانا‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال ٱَّلِين حق علي ِهم ٱلقول ربنا هؤَّلء ٱَّلِين أغوينا أغوينهم كما غوينا ت‬
‫َُُۡ َ‬
‫ون ‪} ٦٣‬‬‫يعبد‬
‫واملعنى‪ :‬قال دعاة الكفر الذين حق عليه العذاب‪ :‬ربنا هؤالء األتباع الذين أضللناهم‪ ،‬دعوناهم إلى‬
‫تبرأنا إليك من عقائدهم وأعمالهم‪ ،‬ما كانوا إيانا‬ ‫الضاللة التي كنا عليها فأطاعونا فيما دعوناهم إليه‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫يعبدون‪ ،‬وإنما يعبدون أهواءهم‪.‬‬
‫وهكذا حال الكفار يوم القيامة‪ ،‬فقد أصبح كل فريق منهم يلعن اآلخر ويكفر به ويتبرأ منه‪ ،‬كما قال‬
‫ُ ُ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ ُ‬
‫ض ًّدا ‪٨٢‬‬‫ون ٱَّللِ َءال َِهة ِ ََلكونوا ل ُه ۡم عِزا ‪ ٨١‬لَك ر َس َيكف ُرون ب ِ ِع َبادت ِ ِه ۡم َويَكونون عل ۡي ِه ۡم ِ‬ ‫تعالى‪ { :‬وٱَتذوا مِن د ِ‬
‫ْ‬ ‫ه َ ْ َ َ ْ َ ُ َ َ‬ ‫}[مريم‪ ،]81-82 :‬وقال‪َ { :‬و َم ْن َأ َ‬
‫يب ل ُه إلى َي ْوم الق َي َامة َو ُه ْم َع ْن‬ ‫ض ُّل م هم ْن َي ْد ُعو م ْن ُدون َّللا من َل يستج‬
‫ين}[األحقاف‪.]5-6 :‬‬ ‫اس َك ُانوا َل ُه ْم َأ ْع َد ًاء َو َك ُانوا بع َبا َدته ْم َكافر َ‬
‫الن ُ‬‫ُ َ ْ َ ُ َن َ َ ُ َ ه‬
‫دعائهم غافلو ‪ .‬وإذا حشر‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ۡ ُ ُ َ َ ُ ۡ َ َُۡ ۡ ۡ َۡ َ ُ ُ ۡ َ َ ُ َ َ ۡ َُ ۡ ُ ََُۡ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٦٤‬‬ ‫اب لو أنهم َكنوا يهتد‬
‫جيبوا لهم ورأوا ٱلعذ ر‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وقِيل ٱدعوا شكءكم فدعوهم فلم يست ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وقيل للمشركين‪ :‬ادعوا شركاءكم الذين كنتم تعبدونهم من دون هللا تعالى‪ ،‬فدعوهم‪ ،‬فلم‬
‫يجيبوهم لعجزهم عن الجواب‪ ،‬وعاينوا العذاب‪ ،‬لو ّأنهم كانوا يهتدون في الدنيا ملا عاينوا العذاب‪.‬‬
‫َ َۡ َ َ ُ ُ َ ُ ُ ََ َ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ ۡ ُ ۡ ََ ۡ َۡ َ ُ َُ ۡ َ َ ۡ‬
‫ج َعلنَا‬‫جيبوا لهم و‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬ويوم يقول نادوا شكءِي ٱَّلِين زعمتم فدعوهم فلم يست ِ‬
‫َ َ‬
‫َ َ َ ُ ۡ ُ َ َ َ َ ُّ َ ُ ُّ َ ُ َ‬
‫وها َول ۡم ُ َ ۡ َ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ُصفا ‪[}٥٣‬الكهف‪.]52-53 :‬‬
‫ُيدوا عنها ِّ ِ‬
‫ِ‬ ‫بَ ۡي َن ُهم َِّ ۡوبِقا ‪ ٥٢‬ورءا ٱلمج ِرِّون ٱلار فظنوا أنهم ِّواق ِع‬

‫ۡ ََُ ُ َ َ َ َُُۡ ۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ويَ ۡو َم ُي َنادِي ِهم فيقول ماذا أجبتم ٱلمرسل ِي ‪} ٦٥‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬

‫واملعنى‪ :‬ويوم ينادي هللا تعالى هؤالء املشركين فيقول لهم‪ :‬ماذا أجبتم املرسلين؟ كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫َََ َ ه ه َ ُ‬
‫ين أرس َل إليهم}[األعراف‪.]6 :‬‬ ‫{فلنسلن الذ‬

‫ُ ۡ ََ َ َ َ‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٦٦‬‬ ‫ت َعل ۡي ِه ُم ٱلۢن َبا ُء يَ ۡو َمئِذ فهم َّل يتساءل‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف َعم َي ۡ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فخفيت عليهم الحجج‪ ،‬فلم يجدوا ما يدفعون به عن أنفسهم يوم القيامة‪ ،‬فهم ال يتساءلون‬
‫لهول ذلك اليوم‪ ،‬ولتساوي الناس في عمى األنباء عنهم‪ ،‬حتى األنبياء‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ي ْو َم َي ْج َم ُع ه ُ‬
‫الر ُس َل‬
‫َّللا ُّ‬
‫َ َ ُ ُ َ َ ُ ُْ ْ َ ُ َ ْ َ ََ ه َ َْ َ َ ُ ْ ُ‬
‫الم الغ ُيوب}[املائدة‪.]109 :‬‬ ‫فيقول ماذا أجبتم قالوا َل علم لنا إنك أنت ع‬

‫ۡ ۡ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فَأَ َما َمن تَ َ‬


‫ح َ‬
‫ي ‪} ٦٧‬‬ ‫ُ َ‬ ‫ام َن َو َع ِم َل َص ىل ِحا فع ى‬
‫س أن يَكون م َِن ٱل ُمفل ِ ِ‬ ‫اب َو َء َ‬
‫فأما من تاب من الشرك‪ ،‬وآمن باهلل وباليوم اآلخر‪ ،‬وعمل عمال صالحا‪ ،‬فهو من الناجين‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ ُ َى َ َ ۡ ُ ُ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫الفائزين بدخول الجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إ ََّل َمن تَ َ‬
‫ل َنة َوَّل ُيظل ُمون‬ ‫ام َن َو َع ِمل ص ىل ِحا فأولئِك يدخلون ٱ‬
‫اب َو َء َ‬
‫ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬
‫يشٔٔا ‪[} ٦٠‬مريم‪.]60 :‬‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ََُ ُ ۡ َى َ َ َ َ َى ى َ َ ُۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ ُ‬
‫ك يل ُق َما ي َ َشا ُء َويَ ۡخ َت ُ‬
‫َ َ ُّ َ‬
‫ون ‪} ٦٨‬‬ ‫شوُك‬
‫َل عما ي ِ‬ ‫ار َما َكن ل ُه ُم ٱلِرية ر سبحن ٱَّللِ وتع‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ورب‬
‫وربك أيها الرسول أو أيها العاقل يخلق ما يشاء ْأن يخلقه‪ ،‬ويختار من يختار من خلقه لحمل‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ان َلُ ْؤمن َوَل ُم ْؤم َنة إ َذا َق َض ى ه ُ‬
‫ََ َ َ‬
‫َّللا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫رسالته‪ ،‬ما كان ألحد منهم من األمر واالختيار ش يء‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وما ك‬
‫َ‬ ‫ُ َ َْ ُ َ َ ْ ُ‬
‫َو َر ُسول ُه أ ْم ًرا أن َيكون ل ُه ُم الخ َي َرة م ْن أ ْمره ْم}[األحزاب‪ ،]36 :‬سبحان هللا وتعالى علوا كبيرا عما يشركون به‬
‫من شركاء‪.‬‬

‫َ‬
‫َ َ ُّ َ َ ۡ ُ َ ُ ُّ ُ ُ ُ ُ ۡ َ َ ُ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٦٩‬‬ ‫كن صدورهم وما يعل ِن‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وربك يعلم ما ت ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وربك أيها الرسول أو أيها العاقل يعلم ما تخفيه صدور الخالئق‪ ،‬ويعلم ما يبدونه ويجهرونه‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ َ ۡ ََ َ ۡ َ‬
‫س ٱل َق ۡول َو َمن َج َه َر بِهِۦ َو َم ۡن ُه َو ُِّ ۡس َت ۡخف ب ِٱ َۡل ِل َو َسارِ ُب ب ِٱ َل َهارِ ‪[}١٠‬الرعد‪:‬‬‫كما قال تعالى‪َ { :‬س َواء مِنكم من أ‬
‫‪.]10‬‬

‫َ‬
‫َ َ ُ ُ ۡ ُ ۡ ُۡ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّلل َّل إِل ى َه إَِّل ُه َو ُل ٱ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و ُه َو ٱ َ ُ‬
‫ون ‪} ٧٠‬‬ ‫ل ۡم ُد ِِف ٱل ى‬
‫ول َوٱٓأۡلخِرة ِ ول ٱلكم ِإَوَلهِ ترجع‬
‫واملعنى‪ :‬وهو هللا املتفرد بالوجود الحقيقي الجامع لصفات األلوهية‪ ،‬فال معبود بحق في الوجود إال‬
‫هو‪ ،‬له الحمد والثناء الجميل في الدنيا واآلخرة‪ ،‬وله وحده القضاء والفصل يوم القيامة بحكمه وعدله وال‬
‫ََ َۡ ََ ۡ ََ َۡ ۡ َ َ َ ُ ُ َ ۡ ۡ َۡ َ َ َ َُ َۡ ُ‬
‫ك ُم ََّل ُم َعقِبَ‬ ‫معقب لحكمه‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬أو لم يروا أنا نأ ِِت ٱلۡرض ننقصها مِن مِن أطراف ِها ر وٱَّلل ي‬
‫اب ‪[}٤١‬الرعد‪ ،]41 :‬وإليه وحده ترجعون يوم القيامة‪.‬‬ ‫ك ِمهِۦ َو ُه َو َ ُ ۡ َ‬ ‫ُ ۡ‬
‫ِل‬
‫سيع ٱل ِس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬

‫َََ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ َ ۡ ُ ُ َ ۡ َ َ ۡ َ َى َ ۡ ِ ۡ َ ى َ َ ۡ َى َ ۡ ُ َ َ ۡ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُۡ َ‬


‫ض َيا ٍء أفل‬
‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ِيك‬ ‫ت‬ ‫أ‬‫ي‬ ‫ِ‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ري‬ ‫غ‬ ‫ه‬‫ل‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ن‬‫م‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ق‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫م‬‫و‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ا‬‫د‬‫م‬‫س‬ ‫ل‬‫َل‬‫ٱ‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ج‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫ء‬ ‫َ‬
‫ر‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل أ‬
‫َۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٧١‬‬ ‫تس م ع‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬أخبروني أيها الناس‪ْ ،‬إن جعل هللا تعالى عليكم الليل دائما متتابعا إلى يوم‬
‫من إله غير هللا يأتيكم بضياء تستضيئون به في ظلمات الليل؟ أفال تسمعون سماع تعقل وقبول؟‬ ‫القيامة‪ْ ،‬‬
‫ََ ُ ْ َ ُ هْ َ ه َ ََ َ ُ َ‬
‫الن َهارأفال ت ْعقلون}[املؤمنون‪.]80 :‬‬‫فله تعالى وحده اختالف الليل والنهار‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وله اختالف الليل و‬
‫ۡ‬ ‫َى َ ۡ ۡ َ َ َ ۡ َى َ ۡ ُ َ َ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ َُ َ َۡ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ َ‬
‫ى‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل أرءيتم إِن جعل ٱَّلل عليكم ٱلهار سمدا إِل يوم ٱلقِيمةِ من إِله غري ٱَّللِ يأتِيكم بِليل‬
‫َََ ُۡ ُ َ‬ ‫َۡ ُُ َ‬
‫ون ‪} ٧٢‬‬ ‫ُص‬ ‫تسكنون فِيهِ أفل تب ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬أخبروني أيها الناس‪ْ ،‬إن جعل هللا تعالى عليكم النهار دائما متتابعا إلى يوم‬
‫القيامة‪ْ ،‬‬
‫من إله غير هللا يأتيكم بليل تسكنون فيه؟ أفال تبصرون قدرة هللا في هذا الكون‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫وهللا تعالى لو شاء لجعل الظل في النهار ساكنا على حال واحد‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬أل ۡم ت َر إ ِ ىل َربِك ك ۡيف‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫لظل َول ۡو َشا َء َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لش ۡم َس َعل ۡيهِ َد َِلل ‪[} ٤٥‬الفرقان‪.]45 :‬‬ ‫ل َعل ُهۥ َساكِنا ثم جعلنا ٱ‬ ‫َ‬
‫َمد ٱ ِ‬

‫ُ َ‬ ‫َۡ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬


‫ُ ُ ۡ َ ََ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ومِن َر ۡ َ‬
‫ون ‪} ٧٣‬‬ ‫ار ل ِت ۡسك ُنوا فِيهِ َوِلِ َ ۡب َتغوا مِن فضلِهِۦ َول َعلك ۡم تشكر‬‫ْحتِهِۦ َج َعل لكم ٱَلل وٱله‬
‫واملعنى‪ :‬ومن رحمة هللا تعالى بكم أيها الناس ْأن جعل لكم الليل والنهار متعاقبين‪ ،‬لتسكنوا في الليل‬
‫َ َ َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫ولتبتغوا من فضل هللا في النهار‪ ،‬ولعلكم تشكرونه على هذه النعم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬أل ۡم ت َر إ ِ ىل َربِك ك ۡيف َم َد‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫لظل َول ۡو َشا َء َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لش ۡم َس َعل ۡيهِ َد َِلل ‪[} ٤٥‬الفرقان‪.]62 :‬‬ ‫ل َعل ُهۥ َساكِنا ثم جعلنا ٱ‬ ‫ٱ ِ‬

‫ۡ ََُ ُ َۡ َ ُ ََ َ َ َ ُ ُ ۡ َۡ ُ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ويَ ۡو َم ُي َنادِي ِهم فيقول أين شكءِي ٱَّلِين كنتم تزعمون ‪} ٧٤‬‬
‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول يوم ينادي مناد ‪-‬بأمر هللا تعالى‪ -‬هؤالء املشركين‪ ،‬فيقول لهم‪ :‬أين آلهتكم‬
‫التي كنتم تزعمون في الدنيا ّأنهم شركائي؟‬
‫ين َأ ْش َر ُكوا َأ ْي َن ُش َر َك ُاؤ ُك ُم هالذ َ‬
‫ين‬ ‫يعا ُث هم َن ُقو ُل ل هلذ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َي ْو َم َن ْح ُش ُر ُه ْم َجم ً‬
‫َ‬ ‫ُُْ َ‬
‫كنت ْم ت ْز ُع ُمون}[األنعام‪.]22 :‬‬

‫َ ُ ۡ َ َ ُ ُ ۡ َى َ ُ ۡ َ َ ُ َ َ َۡ َ َ َ َ َ َ ۡ ُ َ َ ُ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َََ ۡ َ‬
‫تون‬ ‫ُك أ َمة ش ِهيدا فقلنا هاتوا برهنكم فعل ِموا أن ٱلق َِّللِ وضل عنهم ما َكنوا يف‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ونزعنا مِن ِ‬
‫‪} ٧٥‬‬
‫َ َ ه َ‬
‫يء بالنبيين‬ ‫واملعنى‪ :‬وأخرجنا من كل ّأمة شهيدا وهو نبيهم أو رسولهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وج‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َْ ْ ُ ُ‬ ‫ََْ َ َ‬ ‫َ ُّ‬
‫يد َوجئنا ب َك َعلى َهؤَلء‬
‫ٍ‬ ‫ه‬‫ش‬ ‫ب‬ ‫ة‬ ‫ه‬
‫والش َهداء}[الزمر‪ ،]69 :‬وقال تعالى‪{ :‬فكيف إذا جئنا من كل ٍ‬
‫م‬ ‫أ‬
‫يدا}[النساء‪ ،]41 :‬فقلنا لتلك األمم املكذبة‪ :‬هاتوا حجتكم على شرككم‪ ،‬فعلموا علم اليقين ّأن الحق في‬‫َشه ً‬
‫األلوهية هللا وحده‪ ،‬وذهب عنهم ما كانوا يفترونه على ّربهم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َۡ ُ َ ى ََ َ َ َۡ ۡ َ َ َۡ َ ُ َ ۡ ُ ُ َ َ َ َ َ َ ُ ۡ‬
‫ات ُهۥ َِل ُنوأ ب ِٱل ُع ۡص َبةِ أو ِل‬
‫غ علي ِهم وءاتينىه مِن ٱلكنوزِ ما إِن مف ِ‬ ‫ون ََك َن مِن قو ِم ِّوس فب ى‬ ‫َ َىُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن قر‬
‫ح َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫َۡ َ ۡ َ ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ ۡ َ َ َ َ‬
‫ي ‪} ٧٦‬‬ ‫َّلل َّل ي ُِّب ٱلف ِر ِ‬ ‫ٱلق َوة ِ إِذ قال ُلۥ ق ۡو ُم ُهۥ َّل تفرح إِن ٱ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن قارون كان من بني إسرائيل قوم موس ى عليه السالم‪ّ ،‬‬
‫فتكبر عليهم بكثرة ماله‪ ،‬وآتيناه من‬
‫كنوز األموال ثروة كثيرة‪ ،‬حتى ّإن مفاتح خزائنها ليثقل حملها على الجماعة الكثيرة من األقوياء‪ ،‬إذ قال له‬
‫قومه‪ :‬ال تبطر فرحا بما أنت فيه من املال‪ّ ،‬إن هللا ال يحب الفرحين البطرين الذين ال يشكرون هللا على نعمه‪،‬‬
‫ور}[الحديد‪:‬‬ ‫خ‬
‫َ ُ‬
‫ف‬ ‫تال‬
‫ُ ْ َ ه ُ ُ ُّ ُ ه ُ ْ‬
‫خ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫ح‬‫ي‬ ‫َل‬ ‫َّللا‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫آتاك‬ ‫ما‬‫ب‬ ‫وا‬ ‫فات ُك ْم َوَل َت ْف َر ُ‬
‫ح‬
‫َ‬
‫ما‬ ‫لى‬‫ع‬‫كما قال تعالى‪{ :‬ل َك ْيال َت ْأ َس ْوا َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫‪.]23‬‬

‫َ َ َ ۡ َ َ َُ َ َ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ََ ََ َ َ َ َ َ‬ ‫كٱ َُ َ‬ ‫َ َ َى َ‬
‫َّلل إ ِ َۡلك َوَّل‬ ‫يبك م َِن ٱ َُّلن َيا َوأ ۡحسِ ن كما أحسن ٱ‬ ‫َّلل ٱَل َار ٱٓأۡلخِرة وَّل تنس ن ِ‬
‫ص‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ۡب َتغِ فِيما ءاتى‬
‫ۡ ۡ‬ ‫َ ََ َ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َۡ َ‬
‫سد َ‬
‫ِين ‪} ٧٧‬‬ ‫َّلل َّل ي ُِّب ٱل ُمف ِ‬ ‫ت ۡبغِ ٱلف َساد ِِف ٱلۡر ِض إِن ٱ‬
‫واملعنى‪ :‬والتمس فيما وهبك هللا تعالى من األموال ثواب دار اآلخرة بطاعته والتقرب إليه‪ ،‬وال تترك‬
‫حظك من لذات الدنيا ونعيمها‪ ،‬وأحسن إلى جميع الخلق كما أحسن هللا تعالى إليك‪ ،‬وال تقصد اإلفساد في‬
‫األرض بالظلم واإلساءة إلى الخلق‪ّ ،‬إن هللا تعالى ال يحب املفسدين‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومن املعروف ّأن هللا تعالى حث املؤمنين على طلب حسنة الدنيا وحسنة اآلخرة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫َ ُۡ َ َُ ُ‬
‫ول َر َب َنا َءات َِنا ِف ٱ َُّل ۡن َيا َح َس َنة َوف ٱٓأۡلخ َِرة ِ َح َس َنة َوق َِنا َع َذ َ‬
‫اب ٱلَارِ ‪[}٢٠١‬البقرة‪.]201 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومِنهم من يق‬

‫ََ َۡ َ ۡ َۡ َ َ ََ َۡ َ ۡ َ َ‬
‫ك مِن مِن َق ۡبلِهِۦ م َِن ٱ ۡل ُق ُرون َم ۡن ُهوَ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ ُ َ َى ۡ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال إِنما أوت ِيتهۥ لَع عِل ٍم عِندِي أو لم يعلم أن ٱَّلل قد أهل‬
‫ُ َ ُُ ُ ُۡ ۡ ُ َ‬ ‫َ َ ُّ ۡ ُ ُ َ َ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ‬
‫ون ‪} ٧٨‬‬ ‫َّث ۡجعا ر َوَّل ي ُ ۡسَٔٔل عن ذنوب ِ ِهم ٱلمج ِرِّ‬ ‫أشد مِنه قوة وأك‬
‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أوتيت هذا املال على علم هللا ّفي أني أهل له‪ ،‬وهو كما قال تعالى‪{ :‬فإذا‬ ‫واملعنى‪ :‬قال قارون لقومه‪ :‬إنما‬
‫َ ه ْ َ َ ُ ٌّ َ َ َ ُ ه َ َ ه ْ َ ُ ْ َ ً ه َ َ ه ُ ُ َ ْ‬
‫ال إن َما أوتيت ُه َعلى عل ٍم}[الزمر‪ ،]49 :‬وكما قال تعالى‪:‬‬ ‫مس اإلنسان ضر دعانا ثم إذا خولنا نعمة منا ق‬
‫لت‪ ،]50 :‬فأجاب هللا تعالى‪ :‬أولم ْ‬ ‫}[فص ْ‬ ‫َ‬
‫ول هن َهذا لي ّ‬ ‫ََ ْ ََ َْ ُ َ ْ َ ً ه ْ َ ْ َ ه َ َ ه ْ ُ ََُ َ‬
‫يعلم‬ ‫{ولئن أذقنا رحمة منا من بعد ضراء مسته ليق‬
‫قوة وأكثر منه جمعا لألموال؟ وال ُيسأل‬ ‫قارون ّأن هللا تعالى قد أهلك من قبله من األمم من هو أشد منه ّ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫املجرمون عن كثرة ذنوبهم‪ّ ،‬‬
‫وهللا خب ٌيربما ت ْعملون}آل عمران‪.]153 :‬‬ ‫فإن هللا خبير بذنوبهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬

‫َ َ َ َ ُ ُ َ ۡ َ َ ى َ ُّ ۡ َ َ ى َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ُ َ َ ُ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫خ َر َج َ َ ى َ ۡ‬
‫َ َ‬
‫وت ق ى ُرون إِن ُهۥ َّلو‬
‫لَع قو ِمهِۦ ِِف زِينتِهِۦ قال ٱَّلِين ي ِريدون ٱليوة ٱَلنيا يليت لا مِثل ما أ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ف‬
‫َح ٍظ َع ِظيم ‪} ٧٩‬‬
‫واملعنى‪ :‬فخرج قارون على قومه‪ ،‬مظهرا كثرة أمواله‪ ،‬وحين رآه الذين يريدون الحياة الدنيا قالوا‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫ليت لنا مثل ما أعطي قارون من األموال والجاه‪ّ ،‬إن قارون لذو نصيب وافر في الدنيا‪.‬‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫وهذا القول نابع من نزعة جبلية في اإلنسان‪ ،‬فهو دائما طامع في املال والسعة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬و إنه‬
‫َ َ َ‬
‫ل ُحب الخ ْيرلشد ٌيد}[العاديات‪.]8 :‬‬
‫َ َ ُ َ َ ى َ َ َى ُ َ‬ ‫ى‬ ‫ََ َ َ َ ُ ُ ۡ َۡ ََۡ ُ ۡ ََ ُ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫بون ‪٨٠‬‬‫ِ‬ ‫لص‬ ‫ٱ‬ ‫َّل‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ا‬‫ه‬ ‫ى‬ ‫ق‬‫ل‬‫ي‬ ‫َّل‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ا‬‫ِح‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫َّلين أوتوا ٱلعِلم ويلكم ثواب ٱَّللِ خري ل ِمن ءامن وع ِمل‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وقال ٱ ِ‬
‫}‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وملا سمع الذين أوتوا العلم مقالتهم قالوا‪ :‬ويلكم‪ ،‬ثواب هللا تعالى في اآلخرة للمؤمنين الذين‬
‫ُ‬ ‫َ َ َْ ُ َ ْ ٌ ُ ْ َ‬
‫س َما أخف َي ل ُه ْم م ْن ق هرة‬ ‫عملوا األعمال الصالحة خير مما أوتي قارون ومما ترون‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فال تعلم نف‬
‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫أ ْع ُي ٍن َج َز ًاء ب َما كانوا َي ْع َملون}[السجدة‪ ،]17 :‬وال يتلقى هذه الوصية إال الصابرون على طاعة ربهم‪ ،‬كما قال‬
‫ُ‬ ‫ص َب ُروا َو َما ُي َل هق َ‬
‫اها إَل ذو َح ٍظ َعظ ٍيم}[فصلت‪.]35 :‬‬ ‫ين َ‬‫اها إَل هالذ َ‬‫تعالى‪َ { :‬و َما ُي َل هق َ‬

‫ۡ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ون ٱَّللِ َو َما َكن م َِن ٱل ُمنت ِِ‬
‫ُص َ‬
‫ين ‪٨١‬‬
‫ُ‬ ‫َ َ ُ ُ َُ‬ ‫خ َس ۡف َنا بهِۦ َوب َد ۡ َ َ َ َ َ َ َ ُ‬
‫َ َ‬
‫اره ِ ٱلۡرض فما َكن لۥ مِن ف ِئة ينُصونهۥ مِن د ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ف‬
‫}‬
‫واملعنى‪ :‬فخسفنا بقارون وبداره األرض بسبب ذنوبه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ف ُكال َأ َخ ْذ َنا ب َذ ْنبه َفم ْن ُه ْم َمنْ‬
‫ض}[العنكبوت‪ ،]40 :‬فما كان له‬ ‫َأ ْر َس ْل َنا َع َل ْيه َحاص ًبا َوم ْن ُه ْم َم ْن َأ َخ َذ ْت ُه ه‬
‫الص ْي َح ُة َوم ْن ُه ْم َم ْن َخ َس ْف َنا به األ ْر َ‬
‫من جند ينصرونه من عذاب هللا تعالى‪ ،‬وما كان من املنتصرين‪ ،‬فال ناصر له من نفسه وال من غيره‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫لر ۡزق ل َِمن يَشا ُء م ِۡن ع َِبادِه ِۦ‬ ‫ٱ‬ ‫ط‬ ‫كأَ َن ٱ َ َ‬
‫َّلل يَ ۡب ُس ُ‬ ‫َُ ُ َ َۡ َ‬
‫ي‬ ‫و‬ ‫ون‬ ‫ول‬ ‫ق‬‫ي‬ ‫س‬ ‫ِين َت َم َن ۡوا َم ََكنَ ُهۥ بٱ ۡلَ ۡ‬
‫ِّ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وأَ ۡص َب َح ٱ ََّل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ۡ ُ َ ۡ َ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ ََ َ َ َ َ ۡ َ َ َ ُ َ ُ ۡ ُ ۡ َ ى ُ َ‬
‫ويقدِر لوَّل أن من ٱَّلل علينا لسف بِنا ويكأنهۥ َّل يفل ِح ٱلكفِرون ‪} ٨٢‬‬
‫يوسع‬‫تمنوا ْأن يكونوا حال قارون باألمس يقولون‪ :‬ألم تر ّأن هللا تعالى الذي ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬وأصبح الذين ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َۡ ُ ُ‬
‫لر ۡزق ل َِمن يَشا ُء‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫الرزق على من يشاء من عباده‪ ،‬ويضيقه على من يشاء منهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱَّلل يبسط ٱ ِ‬
‫من علينا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّل ۡن َيا َو َما ٱ ۡ َ‬
‫ل َي ىوةُ ٱ َُّل ۡن َيا ِف ٱٓأۡلخ َِرة ِ إ ََّل َم َتىع ‪[}٢٦‬الرعد‪ ،]26 :‬لوال ّأن هللا تعالى ّ‬ ‫َويَ ۡقد ُِر ر َو َفر ُحوا بٱ ۡ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ ّ‬
‫بلطفه وإحسانه‪ ،‬لخسف بنا األرض‪ ،‬كما فعل بقارون‪ ،‬ألم تعلم أنه ال يفلح الكافرون‪.‬‬

‫ُ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ُ َ‬


‫ون ُعلوا ِف ٱلۡر ِض َوَّل ف َسادا َوٱل َع ىقِ َبة ل ِل ُم َت ِق َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬‫َ‬
‫ي ‪} ٨٣‬‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ت ِلك ٱ ََل ُار ٱٓأۡلخ َِرةُ ن َعل َها ل َِّلِين َّل ي ِريد‬
‫تكبرا عن الحق وال ترفعا على‬ ‫واملعنى‪ :‬تلك الجنة في الدار اآلخرة نجعلها للمتواضعين الذين ال يريدون ّ‬
‫الخلق في األرض‪ ،‬وال يريدون فسادا فيها‪ ،‬والعاقبة الحسنى للمتقين‪.‬‬
‫َُ َۡ َ َُ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫روى اإلمام الطبري بسنده عن ابن زيد‪ ،‬قال‪ :‬والدار‪ :‬الجنة‪ ،‬وقرأ‪ { :‬ت ِلك ٱ ََل ُار ٱٓأۡلخِرة نعلها ل َِّلِين َّل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫الجنة‪ ،‬وقرأ‪َ { :‬ولن ْع َم َد ُار‬ ‫ي ‪[}٨٣‬القصص‪ ،]83 :‬قال‪ّ :‬‬ ‫ون ُعلُوا ِف ٱ ۡلَۡر ِض َو ََّل فَ َسادا َوٱ ۡل َع ىقِ َب ُة ل ِۡل ُم َتقِ َ‬
‫ُ ُ َ‬
‫ي ِريد‬
‫ر‬ ‫ِ‬
‫ُْه َ‬
‫اَلتقين}[النحل‪.]30 :‬‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َۡ َ َ َ َ ُ َ ۡ ۡ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ ۡ‬
‫ُي َزى ٱ ََّل َ‬
‫ِين َعملُوا ٱ َ‬
‫ات إَِّل َما َكنوا‬
‫لسَٔٔ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬من جاء ب ِٱلسنةِ فلهۥ خري مِنها ومن جاء ب ِٱلسيِئةِ فل‬
‫ََُۡ َ‬
‫ون ‪}٨٤‬‬ ‫يعمل‬
‫واملعنى‪ :‬من جاء ربه يوم القيامة بالحسنة الواحدة فله خير منها ذاتا ومقدارا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬من‬
‫‪،]89‬‬ ‫ََ ََۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪[}٨٩‬‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫َجا َء بٱ ۡ َ‬
‫ل َس َنةِ فل ُهۥ خ ۡري م ِۡن َها َوهم مِن فزع يومئ ِ ٍذ ءامِن‬ ‫ِ‬
‫ومن جاء ربه يوم القيامة بالسيئة فال يجزى الذين عملوا السيئات على سيئاتهم إال بمثل ما كانوا يعملون‪،‬‬ ‫ْ‬
‫َ َ ۡ ُۡ َ ۡ َ َ َ ُ ُ َ ُ َ‬ ‫ََ َ َ َ َ َ َُ ۡ ُ ُ ُ‬
‫نت ۡم ت ۡع َملون‬ ‫ار هل تزون إَِّل ما ك‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِف‬‫ِ‬
‫وه ُه ۡ‬
‫م‬ ‫وهم ال يظلمون‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ومن جاء ب ِٱلسيِئةِ فكبت وج‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه َْ‬ ‫َ ََ‬
‫‪[}٩٠‬النمل‪ ،]90 :‬وقال تعالى‪َ { :‬و َم ْن َج َاء بال هسيئة فال ُي ْج َزى إَل مثل َها َو ُه ْم َل ُيظل ُمون}[األنعام‪.]160 :‬‬

‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ان ل َ َرا ُّد َك إ ِ َ ىل َم َعاد قُل َرب أ ۡعلَ ُم َمن َجا َء ب ِٱل ۡ ُه َد ى‬
‫ى َو َم ۡن ه َو ِِف ضل ىل‬
‫ََ َ َ َۡ َ ُۡ ۡ َ َ‬
‫ء‬ ‫ر‬ ‫ق‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ك‬‫ي‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ض‬‫ر‬ ‫ف‬ ‫ِي‬
‫َّل‬‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱ‬
‫ِ‬
‫ُّمبِي ‪} ٨٥‬‬
‫َ‬
‫خرجت منه‪،‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬إن هللا تعالى الذي أوجب عليك تبليغ القرآن إلى الناس لر ّادك إلى معادك الذي‬
‫وهو مكة‪ ،‬قل أيها الرسول‪ :‬رّبي أعلم من جاء بالهدى ودين الحق‪ ،‬ومن هو في ضالل ّبين عن سبيل هللا‪ ،‬كما‬
‫ض هل َع ْن َسبيله َو ُه َو َأ ْع َل ُم ب ْاَلُ ْه َتد َ‬
‫ين}[النحل‪.]125 :‬‬ ‫قال تعالى‪{ :‬إ هن َ هب َك ُه َو َأ ْع َل ُم ب َم ْن َ‬
‫ر‬

‫ۡ َ‬ ‫ََ‬ ‫ب إَّل َر ۡ َ‬‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫ين ‪} ٨٦‬‬ ‫ون َن َظهريا ل ِلك ىفِر َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ْحة مِن َربِك فل تك‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ق إ ِ َۡلك ٱلكِتى ِ‬ ‫نت تَ ۡر ُجوا أن يُل َ ى‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما ك َ‬
‫ّ‬
‫تكونن‬ ‫لكن رّبك رحمك فأنزله إليك‪ ،‬فال‬ ‫تظن ّأن القرآن سينزل إليك‪ّ ،‬‬ ‫كنت أيها الرسول ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬وما َ‬
‫معينا للكافرين‪.‬‬
‫َ‬
‫َ َ ُ ُ ۡ َ َ ُ ُّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََُُۡ َ‬
‫ُضه ۡم‬ ‫ون ٱَّللِ َما َّل ينفعهم وَّل ي‬ ‫ُ‬
‫ومعنى ظهير في هذه اآلية هو معين‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪ { :‬ويعبدون مِن د ِ‬
‫وه ْم‬ ‫ين َظ َ‬
‫اه ُر ُ‬ ‫لَع َربهِۦ َظهريا ‪[}٥٥‬الفرقان‪ ،]55 :‬أي عوينا على رّبه‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ { :‬و َأ ْن َز َل هالذ َ‬
‫ِ‬ ‫َو َك َن ٱ ۡل ََكف ُِر َ َ ى‬
‫ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫م ْن أ ْهل الكتاب من صياصيهم}[األحزاب‪ ،]26 :‬أي أعانوهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ۡ ۡ َ َ ۡ ُ ى َ َ َ َ ُ ََ َ ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ َ‬
‫ك َع ۡن َء َاي ى ِ َ َ ۡ َ‬‫َ َ ُ ُّ َ َ‬ ‫َ‬
‫شوُك َِي ‪} ٨٧‬‬‫نزلت إَِلك وٱدع إِل ربِك وَّل تكونن مِن ٱلم ِ‬ ‫ت ٱَّللِ بعد إِذ أ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وَّل يصدن‬
‫فنك هؤالء املشركون عن تبليغ آيات هللا تعالى بعد إذ أنزلت إليك‪ ،‬فال ْ‬
‫تتأثر أيها‬ ‫يصر ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وال ّ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ََ َ ه‬
‫الرسول بهم‪ ،‬وادع إلى توحيد ربك وإخالص العبادة له‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فال ُيناز ُعن َك في األ ْمر َو ْاد ُع إلى َرب َك‬
‫َ‬ ‫ه َ َ‬
‫ّ‬
‫تكونن من املشركين‪.‬‬ ‫إن َك ل َعلى ُه ًدى ُم ْستق ٍيم}[الحج‪ ،]67 :‬وال‬

‫َ َ ۡ َ ُ َُ ُۡ ۡ ُ َ ۡ ُ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ َ َ ۡ ُ َ َ َ َ ى َ َ َ ا َ َ ى َ َ ُ َ ُ ُّ َ ۡ َ‬
‫ون ‪}٨٨‬‬ ‫يش ٍء هال ِك إَِّل وجهه رۥ ل ٱلكم ِإَوَلهِ ترجع‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وَّل تدع مع ٱَّللِ إِلها ءاخر َّل إِله إَِّل هور ُك‬
‫واملعنى‪ :‬وال تعبد مع هللا إلها آخر‪ ،‬فال معبود بحق في الوجود إال هو‪ ،‬كل ش يء هالك إال وجهه‪ ،‬كما‬
‫ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫قال تعالى‪{ :‬ك ُّل َم ْن َعل ْي َها ف ٍان ‪َ .‬و َي ْبقى َو ْج ُه َرب َك ذو ال َجالل َواإلك َرام}[الرحمن‪ ،]26-27 :‬هلل وحده الحكم‬
‫املطلق‪ ،‬وإليه وحده ترجعون للحساب والجزاء‪.‬‬
‫ُ َُْ َْ‬
‫سورة العنكبوت‬
‫وهي مكية وعدد آياتها تسع وستون‬

‫َ َ َ َ ُ َ َُُۡ َ َ ُ ُ َ ََ َ ُ ۡ َ ُۡ َُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬الم ‪ ١‬أحسِ ب ٱلاس أن يتوُكوا أن يقولوا ءامنا وهم َّل يفتنون ‪} ٢‬‬
‫آمنا باهلل وبرسوله‪ ،‬وهم ال‬ ‫بمجرد ْأن يقولوا‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬الم‪ .‬أحسب الناس ْأن يتركوا بغير اختبار‪،‬‬
‫يمتحنون بالتكاليف الشاقة؟‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِكم َم َث ُل ٱَّل َ‬
‫ِين‬
‫َََ َ َ َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫وقد ّبين هللا تعالى صورة هذا االختبار في قوله‪ { :‬أ ۡم َحسِ ۡب ُت ۡم أن ت ۡدخلوا ٱلنة ولما يأت‬
‫َۡ ُ َ َ ۡ ُ ُ َۡۡ َ ُ َ َ َ ُ َ ُۡ ُ َ َى َُ َ َ ُ ُ َ َ َ َ َ ُ َ َ ُ َ َى َ ۡ ُ َ ََ َ‬ ‫َ َ‬
‫ُص ٱَّللِ أَّل إِن‬ ‫خل ۡوا مِن قبل ِكم ِّستهم ٱلأساء وٱلُضاء وزل ِزلوا حت يقول ٱلرسول وٱَّلِين ءامنوا معهۥ مت ن‬
‫َ َ ُ َ َ ُ ُ ْ َ ه َ َه‬ ‫َ‬ ‫نَ ۡ َ‬
‫الجنة َوَلا‬ ‫ُص ٱ ََّللِ ق ِريب ‪[}٢١٤‬البقرة‪ ،]214 :‬كما ّبين حكمة االختبار في قوله تعالى‪{ :‬أم حسبتم أن تدخلوا‬
‫الصبر َ‬ ‫َ َ هُ ه َ َ َ ُ ْ ُ ََ َ‬
‫عل َم ه‬
‫ين}[آل عمران‪.]142 :‬‬ ‫يعلم َّللا الذين جاهدوا منكم وي‬

‫ۡ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫ِين َص َدقوا َوَلَ ۡعل َم َن ٱلك ى ِذب َ‬ ‫َ‬
‫َّلل ٱَّل َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َق ۡد ف َت َنا ٱَّل َ‬
‫ِين مِن ق ۡبلِه ۡم فل َي ۡعل َم َن ٱ َ ُ‬
‫ي‪}٣‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فليعلمن هللا علما ظاهرا الصادقين في إيمانهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬وتاهلل لقد اختبرنا الذين من قبلهم من األمم‪،‬‬
‫وليعلمن هللا الكاذبين منهم في دعوى اإليمان‪.‬‬ ‫ّ‬
‫سنة هللا تعالى الدائمة‪ ،‬وقد جرى في خلقه في املاض ي‪ ،‬ويجري فيهم في الحاضر‪ ،‬وسيجري‬ ‫واالختبار ّ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫فيهم في املستقبل‪ ،‬وقد اختبر هللا تعالى جميع األنبياء بأنواع من الشدة واملشقة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وكأي ْن م ْن نب ٍي‬
‫اس َت َك ُانوا َو ه ُ‬
‫َّللا ُيح ُّب‬ ‫ض ُع ُفوا َو َما ْ‬
‫ص َاب ُه ْم في َسبيل هَّللا َو َما َ‬ ‫َق َات َل َم َع ُه رب ُّيو َن َكث ٌير َف َما َو َه ُنوا ََلا َأ َ‬
‫ين}[آل عمران‪.]146 :‬‬ ‫الصابر َ‬
‫ه‬

‫َۡ ُ َ َ َ َ ۡ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ََۡ َ‬
‫ون ٱ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أ ۡم َحس َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٤‬‬ ‫ت أن يسبِقونا ر ساء ما يكم‬
‫لسي ِأ ِ‬ ‫ِب ٱَّلِين يعمل‬
‫واملعنى‪ :‬أم حسب الذين يقترفون السيئات ْأن يعجزونا‪ ،‬فينجون من عذابنا ويفوتونا بأنفسهم؟ بئس‬
‫ُ‬ ‫َ َ ْ ََه ه َ ََ‬
‫ين كف ُروا َس َبقوا‬ ‫الحكم ما يحكمون‪ ،‬فهم ال يعجزون هللا تعالى وال يفوتونه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وَل يحسبن الذ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ ه ه َ َ َ ُ ُ ْ َ ْ َْ َ َ ْ ُ ُ ه‬ ‫َ‬
‫س‬‫الن ُار َولبئ َ‬ ‫إ هن ُه ْم َل ُي ْعج ُزون}[األنفال‪ ،]59 :‬وقال تعالى‪َ{ :‬ل تحسبن الذين كفروا معجزين في األرض ومأواهم‬
‫َْ‬
‫اَلص ُير}[النور‪.]57 :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ َ ُ ۡ‬ ‫َ َ َ َۡ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬من َكن يرجوا ل ِقاء ٱَّللِ فإِن أجل ٱَّللِ ٓأَلت وهو ٱلس ِميع ٱلعل ِيم ‪} ٥‬‬
‫فإن أجل هللا آلت بثوابه‪ ،‬وهللا هو‬ ‫واملعنى‪ :‬من كان يؤمن بلقاء هللا تعالى ويرجوا ثوابه يوم لقائه‪ّ ،‬‬
‫فليعمل عمال صالحا‪ ،‬وليخلص له العبادة‪ ،‬وال يشرك في العبادة معه أحدا‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫السميع ألقواله‪ ،‬العليم بأفعاله‪،‬‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ۡ ُ‬ ‫ُۡ َ ََ َ‬
‫ك ۡم يُ َ ى‬
‫وح إ ِ َل أن َما إِل ى ُهك ۡم إِل ىه َو ىحِد ف َمن َكن يَ ۡر ُجوا ل ِقا َء َربِهِۦ فل َي ۡع َمل‬ ‫كما قال تعالى‪ { :‬قل إِن َما أنا بَش مِثل‬
‫َ‬ ‫ََ ُۡ ۡ َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ادة ِ َربِهِۦ أ َح َدا ‪[}١١٠‬الكهف‪.]110 :‬‬ ‫عمل ص ىل ِحا وَّل ي ِ‬
‫شك بِعِب‬

‫ن َعن ٱ ۡل َع ىلَم َ‬
‫َّلل لَ َغ ِ ي‬ ‫ََ َ َ َ َ ََ ُ َ‬
‫جىه ُد ِلَ ۡفسِ هِۦ إ َن ٱ َ َ‬
‫ي ‪}٦‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ومن ج ىهد فإِنما ي ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ومن جاهد نفسه وحملها على طاعة هللا تعالى فإنما يجاهد لصالح نفسه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬من‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫}[فصلت‪ّ ،]46 :‬إن هللا تعالى غير محتاج إلى أعمال جميع خلقه ألنه غني عنها‪.‬‬ ‫الا فَل َِنفسِ هِ ّ‬ ‫َ‬
‫َع ِمل َص ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫سَٔٔات ِ ِه ۡم َولَ ۡج ِزيَ َن ُه ۡم أ ۡح َس َن ٱَّلِي َكنوا َي ۡع َملون‬‫لصل َِحى َ ُ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ‬
‫ام ُنوا َو َع ِملُوا ٱ َ ى‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬
‫ت لكفِرن عنهم ِ‬ ‫ِ‬
‫‪}٧‬‬
‫ّ ّ‬
‫لنكفرن عنهم خطيئاتهم‪ ،‬ولنجز ّينهم‬ ‫واملعنى‪ :‬والذين آمنوا باهلل وبرسوله وعملوا األعمال الصالحة‪،‬‬
‫ه هَ َ‬
‫على أعمالهم الصالحة أحسن ما كانوا يعملون‪ ،‬فنضاعف حسناتهم‪ ،‬وال نظلمهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن َّللا َل‬
‫ضاع ْف َها َو ُي ْؤت م ْن َل ُد ْن ُه َأ ْج ًرا َعظ ً‬
‫ال َذ ه ة َوإ ْن َت ُك َح َس َن ًة ُي َ‬ ‫َ ْ ُ َْ‬
‫يما}[النساء‪.]40 :‬‬ ‫يظلم مثق َ ر ٍ‬

‫َ‬ ‫ۡ ََ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ش َك ِب َما ل ۡي َس لك بِهِۦ عِلم فل ت ِط ۡع ُه َما ر إ ِ َل‬
‫َ َ َ َ ُ ۡ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َو َص ۡي َنا ٱ ۡإل َ ى َ َ َ ۡ ُ ۡ‬
‫نسن بِو ى َِليهِ حسنا ِإَون ج ىهداك ل ِت ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ُۡ َۡ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ ُ ُ ۡ ََُ ُ ُ‬
‫ِّر ِجعكم فأنبِئكم بِما كنتم تعملون ‪} ٨‬‬
‫ض‬ ‫أن يحسن إلى والديه إحسانا كامال في القول والفعل‪ ،‬كما قال تعالى‪َ ۞{ :‬وقَ َ ى‬ ‫واملعنى‪ :‬وأمرنا اإلنسان ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ۡ ََ َ ُ َ َ ُ ََ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُّ َ َ َ‬
‫ِب أ َح ُده َما أ ۡو ِلَكه َما فل تقل ل ُه َما أف َوَّل‬
‫َُ‬ ‫ك أَّل َت ۡع ُب ُدوا إَِّل إِيَاهُ َوب ِٱ ۡل َو ى ِ ََليۡن إ ِ ۡح َ ى‬
‫سنا ر إ ِ َما َي ۡبلغ َن عِندك ٱلك‬ ‫رب‬
‫ِ‬
‫وإن حمالك على ْأن تشرك ِبي في العبادة أو الطاعة‪ ،‬ما ليس‬ ‫َت ۡن َه ۡر ُه َما َوقُل ل َ ُه َما قَ ۡوَّل َكريما ‪[}٢٣‬اإلسراء‪ْ ،]23 :‬‬
‫ِ‬
‫لك به علم فال تطعهما في ذلك‪ ،‬فإنه ال طاعة ملخلوق في معصية الخالق‪ ،‬كما قال تعالى على لسان لقمان‬
‫ُّ ْ‬
‫الدن َيا‬ ‫صاح ْب ُه َما في‬ ‫اك َعلى َأ ْن ُت ْشر َك بي َما َل ْي َ‬
‫س َل َك به ع ْل ٌم َفال ُتط ْع ُه َما َو َ‬ ‫الحكيم‪َ { :‬وإ ْن َج َ‬
‫اه َد َ‬
‫وفا}[لقمان‪ّ ،]15 :‬‬ ‫َ ُْ ً‬
‫إلي وحدي مرجعكم‪ ،‬فأخبركم بما كنتم تعملون في الدنيا‪ ،‬وأجازيه‪.‬‬ ‫معر‬

‫ح َ‬ ‫ت لُ ۡدخِل َن ُه ۡم ِف ٱ َ ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ام ُنوا َو َعملوا ٱ َ ى َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱَّل َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪}٩‬‬ ‫لصل ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لصل ِحى ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫لندخلنهم في الجنة في زمرة الصالحين‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬والذين آمنوا باهلل وبرسوله وعملوا األعمال الصالحة‪،‬‬
‫والصالحون هم املهتدون املستحقون بالجنة‪ ،‬ولذلك دعا كثير من األنبياء ْ‬
‫ألن يكونوا من الصالحين‪،‬‬
‫ح َ‬ ‫ُ ۡ ََ ۡ‬
‫ل ِ ۡقن بٱ َ ى‬ ‫كما قال تعالى على لسان إبراهيم‪َ { :‬ر َ ۡ‬
‫ي ‪[} ٨٣‬الشعراء‪ ،]83 :‬وقال على لسان‬ ‫لصل ِ ِ‬ ‫ب هب ِل حكما وأ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يوسف‪{ :‬وألحقني بالصالحين}[يوسف‪.]101 :‬‬

‫َ‬ ‫َ َ‬
‫اب ٱَّللِ َولئِن َجا َء ن ُۡص‬
‫َ َ َ‬
‫ذ‬ ‫ع‬ ‫ك‬ ‫اس‬‫ِ‬ ‫ام َنا بٱ ََّللِ َفإ َذا أُوذ َِي ِف ٱ ََّللِ َج َع َل ف ِۡت َن َة ٱلَ‬ ‫َ َُ ُ‬
‫ول َء َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وم َِن ٱلَ ِ‬
‫اس من يق‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َىَ َ َ ََ ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََُ ُ َ َ َُ َ َ ُ ۡ ََ َۡ َ َُ َ ۡ َ‬
‫مِن ربِك َلقولن إِنا كنا معك رم أو ليس ٱَّلل بِأعلم بِما ِِف صدورِ ٱلعل ِمي وَلعلمن ‪}١٠‬‬
‫آمنا باهلل‪ ،‬فإذا آذاه املشركون ألجل إيمانه بمحنة وفتنة في الدنيا‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬ومن الناس من يقول ّ‬
‫من رّبك أيها الرسول بالفتح‬ ‫اعتقد ّأن هذه املحنة من عذاب هللا‪ ،‬فار ّتد عن اإلسالم‪ ،‬ولئن جاء نصر ْ‬
‫ه َ ََ َه ُ َ ُ‬ ‫ليقولن ّإنا ّ‬
‫ّ‬
‫صون بك ْم‬ ‫كنا معكم أيها املؤمنون نناصركم على أعدائكم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬الذين يترب‬ ‫والغنيمة‪،‬‬
‫َ ْ َ َ َ ُ ْ َ ْ ٌ َ ه َ ُ َ َ ْ َ ُ ْ َ َ ُْ‬
‫فإن كان لكم فتح من َّللا قالوا ألم نكن معكم}[التوبة‪ ،141 :‬أوليس هللا تعالى بأعلم بما في قلوب جميع‬
‫خلقه‪.‬‬
‫َ ْ َ ُْ ُ هَ ََ َ ْ َ ْ َ َ َ ُ ٌَْ ْ ََ ه َ ْ‬ ‫َ َ ه‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ومن الناس من يعبد َّللا على حر ٍف فإن أصابه خير اطمأن به وإن‬
‫ُ ُْ ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ ْ ُ ْ َ ٌ ْ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ ُّ ْ‬
‫الدن َيا َواْلخ َرة ذل َك ُه َو الخ ْس َران اَلبين}[الحج‪.]11 :‬‬ ‫أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر‬

‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫ام ُنوا َوَلَ ۡعل َم َن ٱل ُم َنىفِقِ َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وَلَ ۡعل َم َن ٱ َ ُ‬
‫َّلل ٱَّل َ‬
‫ي ‪} ١١‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وليعلمن‬ ‫وليعلمن علما ظاهرا للخلق الذين آمنوا إيمانا صادقا‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وليختبرن هللا تعالى الناس‪،‬‬
‫لصب َ‬ ‫ُ ۡ َ َى‬ ‫َ‬ ‫ك ۡم َح َ ى َ ۡ َ َ ۡ ُ َ‬
‫َ ََۡ ََُ ُ‬ ‫ّ‬
‫ين‬ ‫ت نعلم ٱلمجى ِهدِين مِنكم وٱ ِ ِ‬ ‫فيتميز املؤمنون من املنافقين‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ولبلون‬ ‫املنافقين‪،‬‬
‫َُْ َ‬ ‫َ ه ُ َ ُْ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫َو َن ۡبل َوا أ ۡخ َب َاروُك ۡم ‪[}٣١‬محمد‪ ،]31 :‬وكما قال تعالى‪{ :‬ما كان‬
‫َ‬
‫َّللا ل َيذ َر اَلؤمنين َعلى ما أنت ْم َعل ْيه‪َ ،‬ح هتى َيميز‬
‫ه‬ ‫ْ َ َ‬
‫الخبيث م َن الطيب}[آل عمران‪.]179 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ۡ ۡ ۡ َ َ ُ َ ُ‬ ‫ََ َ َ َ َ‬


‫ك َف ُروا ل ََِّل َ َ ُ َ ُ‬
‫ِي م ِۡن خ َطى َيى ُهم‬
‫حىمل َ‬
‫ِين َءامنوا ٱتبِعوا َسبِيلنا َولَح ِمل خ َطىيىك ۡم َوما هم ب ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وقال ٱَّلِين‬
‫َ ۡ َُ ۡ َ َى ُ َ‬
‫ون ‪} ١٢‬‬ ‫مِن يش ٍء إِنهم لكذِب‬
‫وإن اتبعتمونا حملنا‬‫واملعنى‪ :‬وقال الذين كفروا للذين آمنوا‪ :‬اتبعوا سبيلنا‪ ،‬وا جعوا عن دينكم‪ْ ،‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫خطاياكم وآثامكم‪ ،‬وليسوا بحاملين من خطاياهم وآثامهم من ش يء‪ّ ،‬إنهم لكاذبون فيما قالوه‪ ،‬فإنه ال يحمل‬
‫َ َ َ َ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ََْ ٌ َ‬ ‫ْ َ‬
‫أحد وزر أحد‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وإن ت ْد ُع ُمثقلة إلى ح ْمل َها َل ُي ْح َم ْل من ُه ش ْي ٌء َول ْو كان ذا ق ْرَبى}[فاطر‪،]18 :‬‬
‫ُ‬ ‫وقال تعالى‪َ { :‬و ََّل تَز ُر َ‬
‫از َرة ِو ۡز َر أ ۡخ َر ىى }[اإلسراء‪.]15 :‬‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ِ‬
‫َ ََ ۡ ُ َ َ ۡ َ َُ ۡ ََ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ ُ ۡ َُ َ َۡ َ ۡ َى َ َ َ َ ُ َ ۡ َُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وَلح ِملن أثقالهم وأثقاَّل مع أثقال ِ ِهم وليسألن يوم ٱلقِيمةِ عما َكنوا يفتون ‪} ١٣‬‬
‫وليحملن هؤالء الكفار أوزارهم وأوزار أخرى بسبب الذين أضلوهم مع أوزراهم‪ ،‬من غير ْأن‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫{ال َي ْحم ُلوا أ ْو َزا َر ُه ْم َكام َل ًة َي ْو َم ْالق َي َامة َوم ْن أ ْو َزار هالذ َ‬
‫َ‬
‫ين ُيضل َون ُه ْم‬ ‫ينقص من أوزارهم شيئا‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترونه من األكاذيب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ب َغ ْيرع ْلم َأَل َس َاء َما َيز ُرو َن ّ‬
‫}[النحل‪،]25 :‬‬ ‫ٍ‬

‫َ‬ ‫ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ َ َ ُ ُ ُّ َ ُ ُ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ ۡ َ ۡ ُ‬


‫لطوفان َوه ۡم ظىل ُِمون‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ولقد أ ۡر َسل َنا نوحا إ ِ ىل ق ۡو ِمهِۦ فلبِث فِي ِهم ألف سن ٍة إَِّل خ ِ‬
‫سي َعما فأخذهم ٱ‬
‫‪} ١٤‬‬
‫واملعنى‪ :‬وتاهلل‪ ،‬لقد أرسلنا نوحا إلى قومه‪ ،‬فمكث فيهم ألف سنة إال خمسين عاما‪ ،‬فدعاهم إلى‬
‫التوحيد وعبادة هللا تعالى‪ ،‬ومع هذا ما زادهم ذلك إال إعراضا عنه‪ ،‬وفرارا عن الحق‪ ،‬كما قال تعالى على لسان‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫نوح‪َ { :‬ق َ‬
‫ال َرب إني َد َع ْوت ق ْومي ل ْيال َو َن َها ًرا (‪ )5‬فل ْم َيز ْد ُه ْم ُد َعائي إَل ف َرا ًرا}[نوح‪ ،]5-6 :‬فأهلكهم هللا تعالى‬
‫بالطوفان‪ ،‬وهم ظاملون ألنفسهم بالكفر والتكذيب‪.‬‬

‫ۡ َ‬ ‫ۡ‬
‫ين ِة َو َج َعل َنى َها َءايَة ل ِل َع ىلم َ‬
‫لسف َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فأنَ ۡي َنى ُه َوأ ۡص َ‬
‫ي ‪} ١٥‬‬ ‫ِ‬ ‫بٱ َ ِ‬
‫حى َ‬
‫َ‬
‫فك هذ ُبو ُ‬ ‫واملعنى‪ :‬فأنجينا نوحا عليه السالم وأصحاب السفينة الذين آمنوا معه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫َ‬ ‫ْ ُْ ََ ْ ََْ ه َ َ ه‬ ‫َف َأ ْن َج ْي َنا ُ َو هالذ َ‬
‫ين كذ ُبوا ب َآياتنا}[األعراف‪ ،]64 :‬وجعلنا تلك السفينة عظة‬ ‫ين َم َع ُه في الفلك وأغرقنا الذ‬
‫ُُ‬ ‫َ َ َُ َْ ً َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ُ‬ ‫ه َه َ َ َْ‬
‫وتذكرة للعاملين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إنا َلا طغى اَل ُاء َح َملناك ْم في ال َجارَية‪ .‬لن ْج َعل َها لك ْم تذك َرة َوتع َي َها أذ ٌن‬
‫ٌ‬
‫َواع َية}[الحاقة‪.]11-12 :‬‬

‫ُ ُۡ ََُۡ َ‬ ‫ََ َُ َ ُ َ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َى َ ۡ َ َ َ‬


‫ون ‪} ١٦‬‬ ‫َّلل َوٱتقوهُ ذ ىل ِك ۡم خ ۡري لك ۡم إِن كنتم تعلم‬ ‫ِيم إِذ قال ل ِق ۡو ِمهِ ٱع ُب ُدوا ٱ‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوبره‬

‫ُ َ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َۡ َى َ َۡ ُ ُ َ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َُُۡ َ‬


‫ون ٱَّللِ َّل َي ۡمل ِكون لك ۡم‬
‫ِ‬ ‫د‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ون‬‫ون ٱَّللِ أوثنا وَتلقون إِفَكر إِن ٱَّلِين تعبد‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِنما تعبدون مِن د ِ‬
‫ۡ َ َ ۡ ُ ُ ُ َ ۡ ُ ُ َُ َۡ ُۡ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ َ َُۡ‬
‫ون ‪} ١٧‬‬ ‫لرزق وٱعبدوه وٱشكروا لۥ إَِلهِ ترجع‬‫رِزقا فٱبتغوا عِند ٱَّللِ ٱ ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قال إبراهيم عليه السالم‪ :‬إنما تعبدون من دون هللا تعالى أصناما‪ ،‬وتفترون كذبا باتخاذها‬
‫آلهة‪ّ ،‬إن أصنامكم التي تعبدونها من دون هللا تعالى ال تقدر ْأن ترزقكم شيئا‪ ،‬فاطلبوا الرزق من عند هللا‪ ،‬ال‬
‫من عند غيره‪ ،‬واعبدوه وحده‪ ،‬واشكروا له على نعمه عليكم‪ ،‬إليه وحده ترجعون يوم القيامة للحساب‬
‫والجزاء‪.‬‬
‫َ‬ ‫وتقديم قوله تعالى‪َ { :‬‬
‫عند هللا} على قوله‪{ :‬الرزق} للمبالغة في الحصر‪ ،‬أي عند هللا ال عند غيره‪ ،‬كما‬
‫ه َ َ ُُْ َ ه َ َ َ ُ‬
‫اك ن ْستعين}[الفاتحة‪ ،]5 :‬أي إياك وحدك نعبد‪ ،‬وكما قال تعالى على لسان امرأة‬ ‫قال تعالى‪{ :‬إياك نعبد و إي‬
‫ْ ه‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫فرعون‪َ { :‬رب ْابن لي عن َد َك َب ْيتا في ال َجنة}[التحريم‪ ،]11 :‬أي عندك ال عند غيرك‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬


‫ِك ۡم َو َما لَع ٱ َلر ُسول إَّل ٱلَل ى ُغ ٱل ُمب ُ‬
‫ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬‫ُ َ‬
‫ي ‪}١٨‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون تكذِبُوا فق ۡد كذ َب أ َِّم مِن قبل‬
‫ّ‬ ‫ْ ّ‬
‫وإن تكذبوا أيها الناس رسولكم فيما دعاكم إليه من التوحيد وعبادة هللا تعالى‪ ،‬فقد كذب‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫وك َف َق ْد ُكذ َب ْت ُ ُس ٌل م ْن َق ْبلكَ‬
‫سلهم‪ ،‬كما قال تعالى لرسوله صلى هللا عليه وسلم‪َ { :‬وإ ْن ُي َكذ ُب َ‬ ‫َ‬
‫ر‬ ‫أمم من قبلكم ر‬
‫ُ‬
‫َوإ َلى هَّللا ُت ْر َج ُع ْاأل ُم ُ‬
‫ور}[فاطر‪ ،]4 :‬وما على الرسول إال تبليغ الرسالة وعلينا حسابكم‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَون َما‬
‫َ ُ ُ ۡ َۡ ََََََ َ َ َ َ َ َۡ َ ََۡ ُ َ َ ََۡ ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ل ِ َس ُ‬
‫اب ‪[}٤٠‬الرعد‪.]40 :‬‬ ‫ن ِريَ َنك َب ۡعض ٱَّلِي نعِدهم أو نتوفينك فإِنما عليك ٱلل ىغ وعلينا ٱ‬

‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬أ َو ل ۡم يَ َر ۡوا ك ۡي َف ُي ۡب ِد ُ ٱ َ ُ َ َ‬
‫يدهُ رۥ إِ َن ذ ىل َِك لَع ٱ ََّللِ يَسِ ري ‪} ١٩‬‬ ‫يدهُۥ يُعِ ُ‬
‫ُ ُ‬
‫َّلل ٱللق ث َم يعِ ر‬
‫واملعنى‪ :‬أولم يعلم هؤالء الكفار كيف يبدأ هللا تعالى الخلق بعد العدم‪ ،‬ثم يعيده بعد فنائه‪ّ ،‬إن ذلك‬
‫َ ُ َ‬ ‫يسير على هللا تعالى‪ ،‬وأهون عليه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ُه َو هالذي َي ْب َد ُأ ْال َخ ْل َق ُث هم ُيع ُ‬
‫يد ُ َو ُه َو أ ْه َون َعل ْيه}[الروم‪:‬‬
‫‪.]27‬‬

‫ََ َ ََ ََ‬
‫لَع ُُك َ ۡ‬
‫ى‬ ‫لن ۡشأَةَ‬
‫َ ُ ُ َ ۡ َ َ َ َ َۡ ۡ َ ُ َ َ ُ ُ ُ َ‬
‫ِ‬
‫َۡ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قُ ۡل س ُ‬
‫يشء‬ ‫ِ‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ن‬ ‫إ‬
‫ر ِ‬ ‫ة‬‫ِر‬
‫خ‬ ‫ٓأۡل‬‫ٱ‬ ‫ٱ‬ ‫ئ‬ ‫نشِ‬ ‫ي‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫ل‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫أ‬ ‫د‬‫ب‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫ك‬ ‫وا‬‫ر‬‫نظ‬ ‫ٱ‬‫ف‬ ‫ض‬ ‫ۡر‬‫ِريوا ِِف ٱل‬
‫َ‬
‫قدِير ‪} ٢٠‬‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهؤالء الكفار‪ :‬سيروا في األرض‪ ،‬فانظروا كيف بدأ هللا تعالى الخلق‪ ،‬ثم يعيد‬
‫هللا إنشاءه النشأة اآلخرة‪ّ ،‬إن هللا على كل ش يء قدير‪.‬‬
‫تدل على خالقها الفاعل الحق املختار‪ ،‬وهي آيات كونية في اآلفاق تدل على‬ ‫فكل مخلوقات هللا تعالى ّ‬
‫َ َ َ َه ْ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫قدرة هللا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬سنريه ْم َآياتنا في اْلفاق َوفي أنفسه ْم َح هتى َيت َب هين ل ُه ْم أن ُه ال َح ُّق}[فصلت‪ ،]53 :‬وقال‬
‫َ ُ ۡ َ َ ُ َ َ َۡ ُ ُ ُۡ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َىَى َ ۡ َ َ‬ ‫َۡ َ َُ‬
‫ون ‪[}٣٦‬الطور‪:‬‬‫ض بَل َّل يُوق ُِنون ‪ ٣٥‬أ ۡم عِندهم خزائِن ربِك أم هم ٱلمصي ِطر‬ ‫ر‬ ‫ۡر‬‫ل‬‫ٱ‬‫و‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫و‬‫م‬ ‫لس‬ ‫ٱ‬ ‫وا‬ ‫ق‬ ‫تعالى‪ { :‬أم خل‬
‫‪.]35-36‬‬

‫ۡ َ‬ ‫َ‬
‫ُ َ ُ َ ََ ُ ََۡ َ ُ َ ََ ُ ۡ ُ ُ َ‬
‫ون ‪} ٢١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يعذِب من يشاء ويرحم من يشاء ِإَوَلهِ تقلب‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬يعذب هللا تعالى من يشاء ممن يستحق العذاب‪ ،‬ويرحم من يشاء ممن تاب وآمن وعمل‬
‫َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫صالحا‪ ،‬وإليه ُت ّ‬
‫ردون أيها الناس يوم القيامة‪ ،‬وإليه مصيركم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬يغف ُر َل ْن َيش ُاء َو ُي َعذ ُب َم ْن َيش ُاء‬
‫َ َْ‬ ‫َو هَّلل ُم ْل ُك ه‬
‫الس َم َاوات َواأل ْرض َو َما َب ْي َن ُه َما َوإل ْيه اَلص ُير}[املائدة‪.]18 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬


‫ون ٱ ََّللِ مِن َو ِل َوَّل نَ ِصري ‪} ٢٢‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ج ِزين ِِف ٱلۡر ِض وَّل ِِف ٱلسماءِ وما لكم مِن د ِ‬
‫ََ ُ ُۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وما أنتم بِمع ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وما أنتم أيها الناس بمستطيعين الهروب من عذابه‪ ،‬ألنه تعالى ال يعجزه ش يء في األرض وال في‬
‫السماء‪ ،‬وما لكم من هللا من ولي يلي أمركم وال نصير ينصركم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َما َأ ْن ُت ْم ب ُم ْعجز َ‬
‫ين في األ ْرض َو َما لك ْم م ْن ُدون هَّللا م ْن َول ٍي َوَل‬
‫َ‬
‫نص ٍير}[الشورى‪.]31 :‬‬

‫َ ۡ َ َ ُ َى َ َ ُ ۡ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َى َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ ََ‬


‫ى‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين كفروا ب ِأي ِت ٱَّللِ ول ِقائِهِۦ أولئِك يئِسوا مِن رْح ِت وأولئِك لهم عذاب أ َِلم ‪} ٢٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬والذين كفروا بآيات هللا تعالى الدالة على قدرته ووحدانيته‪ ،‬وكفروا بلقاء هللا يوم القيامة‪،‬‬
‫َْ‬ ‫أولئك ال نصيب لهم من رحمتي الواسعة بسبب كفرههم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إ هن ُه ََل َي ْي َئ ُ‬
‫س م ْن َر ْوح هَّللا إَل الق ْو ُم‬
‫َ‬ ‫َْ‬
‫الكاف ُرون}[يوسف‪ ،]87 :‬وأولئك لهم عذاب مؤلم موجع‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ار إِن ِِف ذ ىل ِك ٓأَلي ىت ل ِق ۡوم‬ ‫وه فَأَنَى ى ُه ٱ َ ُ‬
‫َّلل م َِن ٱلَ‬ ‫اب قَ ۡو ِمهِۦ إ ََّل أَن َقالُوا ٱ ۡق ُتلُوهُ أَ ۡو َحرقُ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َما ََك َن َج َو َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٢٤‬‬ ‫يؤمِن‬
‫يكن جواب قوم إبراهيم له إال ْأن قال بعضهم لبعض‪ :‬اقتلوا إبراهيم أو أحرقوه بالنار‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬فلم ْ‬
‫فابنوا له بنيانا‪ ،‬ثم املئوه بالنار املشتعلة‪ ،‬ثم ألقوا به فيها فتحرقه‪ ،‬فأنجاه هللا تعالى منها‪ ،‬وجعلها بردا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ ُ ْ ُُْ‬ ‫ُ‬
‫قالوا َحر ُقو ُ َو ْان ُ‬
‫نار كوني َب ْردا َو َسالما‬ ‫ص ُروا آل َهتك ْم إن كنت ْم فاعلين ‪ .‬قلنا يا‬ ‫وسالما له‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يم}[األنبياء‪ ،]68-69 :‬وقال تعالى‪{ :‬قالوا ْابنوا ل ُه ُبن َيانا فألقو ُ في ال َجحيم‪ .‬فأ َر ُادوا به ك ْي ًدا‬ ‫َعلى إ ْبراه َ‬
‫َ َ ََْ ُ ُ ْ َ َ‬
‫األسفلين}[الصافات‪ّ ،]97-98 :‬إن في إنجاء إبراهيم من كيدهم ألدلة واضحة لقوم يؤمنون باهلل‬ ‫فجعلناهم‬
‫وبرسوله‪.‬‬

‫ُ ُ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫َ َۡ َى َ َ َ َ َۡ ُ‬
‫ِك ۡم ِِف ٱ ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ َ َ ََ ۡ ُ‬
‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّلن َيا ث َم يَ ۡو َم ٱل ِق َيى َمةِ يَكف ُر َب ۡعضكم‬ ‫ون ٱَّللِ أوثنا ِّودة بين‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وقال إِنما ٱَتذتم مِن د ِ‬
‫َ‬ ‫َى‬ ‫َََۡ ى ُ ُ َ ُ ََ َ ُ‬ ‫َََۡ ُ َۡ ُ ُ َۡ‬ ‫َۡ‬
‫ُصين ‪} ٢٥‬‬ ‫بِبعض ويلعن بعضكم بعضا ومأوىكم ٱلار وما لكم مِن ن ِ ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لتتحابوا على‬ ‫واملعنى‪ :‬وقال إبراهيم عليه السالم‪ :‬إنما اتخذتم هذه األصنام آلهة من دون هللا تعالى؛‬
‫يتبرأ بعضكم من بعض‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وتتوادوا بينكم في الحياة الدنيا‪ ،‬ثم يوم القيامة تتجاحدون ما كان بينكم‪ّ ،‬‬ ‫عبادتها‪،‬‬
‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُه َ َ ْ ٌ َ ْ َْ‬ ‫َ‬
‫ويلعن بعضكم بعضا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬كل َما دخلت أ همة ل َعنت أخت َها}[األعراف‪ ،]38 :‬وقال تعالى‪ { :‬ٱلخِل ُء‬
‫ض ُه ۡم ِلَ ۡعض َع ُد يو إ ََّل ٱل ۡ ُم َت ِق َ‬
‫ي ‪[}٦٧‬الزخرف‪ ،]67 :‬وما لكم من ناصرين ينصرونكم من عذاب هللا تعالى‪.‬‬ ‫ََۡ َۡ ُ‬
‫يومئِذ بع‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬


‫لك ُ‬
‫ِيم ‪} ٢٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فأ َم َن ُلۥ لوطا َوقال إن ُِّ َهاجر إ ىل َرب إنَ ُهۥ ُه َو ٱل َعز ُ‬
‫يز ٱ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫واملعنى‪ :‬فآمن إلبراهيم عليه السالم لوط‪ ،‬وقال إني مهاجر إلى رّبي‪ ،‬وتارك أرض ي إلى أرض الشام التي‬
‫ْ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫ه‬ ‫ُ ً َ َْ‬ ‫َ‬
‫باركنا فيها للعاَلين}[إبراهيم‪ّ ،]71 :‬إن هللا‬ ‫بارك هللا تعالى فيها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ون هج ْينا ُ َولوطا إلى األ ْرض التي‬
‫تعالى هو العزيز الغالب على أمره‪ ،‬الحكيم في تدبيره‪.‬‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وب َو َج َع ۡل َنا ِف ُذر َيت ِ ِه ٱلُّ ُب َوةَ َوٱ ۡلك َِتى َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َو َه ۡب َنا َ ُلۥ إ ۡس َ‬
‫حى َق َويَ ۡع ُق َ‬
‫ب َو َءات ۡي َنى ُه أ ۡج َرهُۥ ِِف ٱ َُّلن َيا ِإَون ُهۥ ِِف‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ي ‪}٢٧‬‬ ‫ح َ‬ ‫ٱٓأۡلخ َِرة ِ ل َ ِم َن ٱ َ ى‬
‫لصل ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ووهبنا إلبراهيم عليه السالم من زوجته سارة ابنه إسحاق‪ ،‬ووهبناه في حياته‪ ،‬حفيده‬
‫ََ ََْ َ ُ ْ َ َ ََ ْ ُ َ َ َ ً‬
‫وب نافلة}[األنبياء‪ ،]72 :‬وذلك بعد ْأن ابتعد عن أبيه وقومه‬ ‫يعقوب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ووهبنا له إسحاق ويعق‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫حى َق َويَ ۡع ُق َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ۡ َََُ ۡ َ َ َ ۡ ُ ُ َ‬
‫ون مِن ُدون ٱ ََّللِ َو َه ۡب َنا ُلۥ إ ۡس َ‬
‫وب َوُك َج َعل َنا نبِيا ‪٤٩‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وآلهتهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فلما ٱعتلهم وما يعبد‬
‫}[مريم‪ ،]49 :‬وجعلنا في ذريته األنبياء وأنزلنا لهم الكتاب‪ ،‬وآتينا إبراهيم عليه السالم في الدنيا أجره بالثناء‬
‫ّ‬ ‫َ َ َ َ َُ َ َ‬
‫دق َعليا}[مريم ‪ ،]50 :‬وإنه في اآلخرة‬ ‫الحسن عليه من أهل جميع امللل‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وجعلنا لهم َ لسان ص ٍ‬
‫ح َ‬ ‫ل ِ ۡقن بٱ َ ى‬‫ُ ۡ َ ۡ‬ ‫ملن الصالحين‪ ،‬استجابة لدعائه‪ ،‬إذ قال‪َ { :‬ر َ ۡ‬
‫ي ‪[} ٨٣‬الشعراء‪.]83 :‬‬ ‫لصل ِ ِ‬ ‫ب هب ِل حكما وأ ِ ِ‬ ‫ِ‬

‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ ِ َ ُ ۡ َ ُ َ َى َ َ َ َ َ ُ‬
‫كم ب َها م ِۡن أ َحد م َِن ٱل َع ىلم َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ۡ َ َ‬ ‫ُ‬
‫ي ‪} ٢٨‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حشة ما سبق‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ولوطا إ ِذ قال ل ِقومهِۦ إِنكم ِلأتون ٱلف ِ‬
‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول لوطا عليه السالم وهو الذي آمن بإبراهيم وهاجر معه‪ ،‬حين قال لقومه‬
‫موبخا لهم‪ّ :‬إنكم لتفعلون الفعلة التي بلغت نهاية الفحش‪ ،‬ما فعلها أحد قبلكم من املخلوقين‪ ،‬وأنتم تعلمون‬
‫َ َۡ ُ َ ۡ َى َ َ ََ ُ ۡ ُۡ ُ َ‬ ‫ۡ َ َ َ‬ ‫ُ‬
‫ون ‪[}٥٤‬النمل‪.]54 :‬‬ ‫ُص‬
‫حشة وأنتم تب ِ‬ ‫أنها فاحشة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولوطا إِذ قال ل ِق ۡو ِمهِۦ أتأتون ٱلف ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََُْ َ ْ َ َ َ‬ ‫َُ ً ْ َ َ َ‬
‫ال لق ْومه أتأتون الفاحشة َما َس َبقك ْم ب َها م ْن أ َح ٍد م َن‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ولوطا إذ ق‬
‫ْ َ َ‬
‫ال َعاَلين}[األعراف‪.]80 :‬‬

‫َ َ‬ ‫ُ ُ ُۡ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َۡ َ ُ َ َ َ َۡ ُ َ‬ ‫َ َ ُ ۡ ََُۡ َ‬
‫اب ق ۡو ِمهِۦ إَِّل أن‬‫لسبِيل َوتأتون ِِف نادِيكم ٱلمنكر فما َكن جو‬ ‫لرجال وتقطعون ٱ‬ ‫ِ‬ ‫ٱ‬ ‫ون‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أئِنكم ِلأت‬
‫نت م َِن ٱ َ ى‬
‫لص ِدق َِي ‪} ٢٩‬‬ ‫قَالُوا ٱئۡت ِ َنا ب َع َذاب ٱ ََّللِ إن ُك َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أقبالهن‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫واملعنى‪ :‬أإنكم لتأتون الرجال من أدبارهم شهوة‪ ،‬وتتركون الزواج بالنساء في‬
‫َ ه ُ ْ َ َ ْ ُ َن َ َ َ ً‬
‫ال ش ْه َوة م ْن ُدون الن َساء}[النمل‪ ،]55 :‬وتقطعون على املا ّرين طرقهم بقتلهم أو أخذ‬ ‫{أئنكم لتأتو الرج‬
‫عجل‬ ‫ْ‬
‫أموالهم‪ ،‬وتأتون في مجالسكم األمر املنكر املخالف للشرع‪ ،‬فما كان جواب قوم لوط له إال أن قالوا ّ‬
‫علينا عذاب هللا الذي توعدنا به‪ْ ،‬إن كنت من الصادقين فيما تهددنا به‪.‬‬
‫وألح اإلنكار على فعلهم‪،‬‬ ‫استمر لوط عليه السالم في دعوته‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫وكان هذا الجواب في بداية األمر‪ّ ،‬‬
‫فلما‬
‫وط م ْن َق ْرَيت ُك ْم إ هن ُه ْم ُأ َن ٌ‬
‫اس‬ ‫ٍ‬
‫َ ُ‬
‫ل‬ ‫آل‬ ‫وا‬ ‫اب َق ْومه إ هَل َأ ْن َق ُالوا َأ ْخر ُ‬
‫ج‬
‫ََ َ َ‬
‫ان َج َو َ‬ ‫قالوا كما حكاه هللا تعالى في قوله‪{ :‬فما ك‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وه ْم م ْن ق ْرَيتك ْم إ هن ُه ْم أ َن ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫اب ق ْومه إَل أ ْن قالوا أ ْخر ُج ُ‬ ‫َ‬ ‫ان َج َو َ‬ ‫َ‬
‫ََ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫اس‬ ‫َيتط هه ُرون}[النمل‪ ،]56 :‬وفي قوله‪{ :‬وما ك‬
‫َ َ َ‬
‫َيتط هه ُرون}[األعراف‪.]82 :‬‬

‫ُ ۡ ََ َۡ ۡ ۡ‬ ‫َ َ َ‬
‫سد َ‬
‫ِين ‪} ٣٠‬‬ ‫نُص ِن لَع ٱلق ۡو ِم ٱل ُمف ِ‬ ‫بٱ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال ر ِ‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫ى قالوا إنَا ُِّ ۡهل ِكوا أ ۡهل َهى ِذه ِ ٱل َق ۡريَ ِة إ َن أ ۡهل َها َكنُوا َظىلِم َ‬‫َ ُ‬
‫ِيم بٱلبُ ۡ َ‬
‫ش ى‬ ‫ۡ‬
‫َ َ َ َ ۡ ُ ُ َ َۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ٣١‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولما جاءت رسلنا إِبر ىه ِ‬
‫اهيم عليه السالم بالبشارة‬ ‫واملعنى‪ :‬وملّا جاءت رسلنا من املالئكة وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل إبر َ‬
‫الصالحين}[الصافات‪:‬‬
‫َ‬ ‫اق َنبيا م َن ه‬ ‫َ َ‬ ‫ه َ‬
‫بوالدة ابنه إسحاق ومن وراءه يعقوب‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َبشرنا ُ بإسح‬
‫ّ‬
‫‪ ،]112‬وسألهم إبراهيم عن الشأن الخطير الذي من أجله جاؤوا إليه سوى هذه البشارة‪ ،‬قالوا له‪ :‬إنا أرسلنا‬
‫َ َ َ َ ْ ُ‬ ‫ّ‬
‫ال ف َما خط ُبك ْم‬ ‫إلى قرية قوم لوط املجرمين‪ ،‬وإنا مهلكو أهلها بإرسال حجارة من طين عليهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ق‬
‫ً ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ه ُ َْ َ َ‬ ‫َ ُْ ُ َ‬
‫أ ُّي َها اَل ْر َسلون (‪ )31‬قالوا إنا أ ْرسلنا إلى ق ْو ٍم ُم ْجرمين (‪ )32‬لن ْرس َل َعل ْيه ْم ح َجا َرة م ْن ط ٍين (‪ُ )33‬م َس هو َمة عن َد‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫َرب َك لل ُم ْسرفين}[الذاريات‪ّ ،]31-34 :‬إن أهلها كانوا ظاملين ألنفسهم بمعاصيهم‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬قال إ َن ف َ‬
‫ين ‪} ٣٢‬‬ ‫ت م َِن ٱل َغ ىب َ‬
‫ِيها لُ َنج َي َن ُهۥ َوأ ۡهل ُهۥ إَّل ٱ ِّۡ َرأتَ ُهۥ َكنَ ۡ‬
‫َن ُن أ ۡعل ُم ب َمن ف َ‬ ‫ۡ‬
‫ِيها لوطا ر قالوا‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬قال إبراهيم عليه السالم مجادال املالئكة في قوم لوط‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فل هما ذ َه َب َعن‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ ه ُ َ َ َ ُ ُ َ ُ َ َُ‬
‫وط}[هود‪ّ :]74 :‬إن في تلك القرية لوطا عليه السالم‪ ،‬فقالت‬ ‫شرى يجادلنا في قوم ل ٍ‬ ‫إبرهيم الروع وجاءته الب‬
‫فإنها بقيت في العذاب مع القوم الهالكين‬ ‫لننجين لوطا وأهله إال امرأته العجوز‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫املالئكة‪ :‬نحن أعلم بمن فيها‪،‬‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ين ‪[}٥٧‬النمل‪ ،]57 :‬وقال‬ ‫الباقين في العذاب‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فَأنَ ۡي َنى ُه َوأ ۡهل ُهۥ إَّل ٱ ِّۡ َرأتَ ُهۥ قَ َد ۡر َنى َها م َِن ٱل َغ ىب َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ين}[األعراف‪.]83 :‬‬ ‫تعالى‪َ { :‬ف َأ ْن َج ْي َنا ُ َو َأ ْه َل ُه إ هَل ْام َر َأ َت ُه َك َان ْت م َن ْال َغابر َ‬

‫ِ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ ُ َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ ُّ َ َ ۡ َ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫وك َوأهلك‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َما أن َجا َءت ُر ُسل َنا لوطا سء ب ِ ِهم وضاق ب ِ ِهم ذرَع وقالوا َّل َتف وَّل تزن إِنا منج‬
‫ت م َِن ٱ ۡل َغ ىب َ‬ ‫َ ۡ َََ َ‬
‫ك ََكنَ ۡ‬
‫ين ‪} ٣٣‬‬ ‫ِِ‬ ‫إَِّل ٱِّرأت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وملا ْأن جاء رسلنا من املالئكة لوطا عليه السالم ساءه مجيئهم وضاقت نفسه بسببهم؛ ألنه‬
‫ّ‬
‫خاف عليهم خبث قومه‪ ،‬قالوا له‪ :‬يا لوط إنا رسل رّبك‪ ،‬فال تخف وال تحزن‪ ،‬فهم لن يصلوا إليك‪ ،‬وال إلينا‪،‬‬
‫ُ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ ه‬ ‫ُ‬
‫فقد طمس هللا تعالى أعينهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬قالوا يا لوط إنا ُر ُس ُل َرب َك ل ْن َيصلوا إل ْي َك فأ ْسر}[هود‪،]81 :‬‬
‫وقوا َعذابي َو ُن ُذر}[القمر‪ّ ،]37 :‬إنا ّ‬ ‫َ َ َ ْ َ ُ ُ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ َُُ ْ َ ُ ُ‬
‫منجوك وأهلك‬ ‫وقال تعالى‪{ :‬ولقد راودو عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذ‬
‫فإنها بقيت مع القوم الهالكين الباقين في العذاب‪ ،‬وسيصيبها ما أصابهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إ هنهُ‬ ‫إال امرأتك‪ّ ،‬‬
‫ُمص ُيبها ما َأ َ‬
‫صاب ُه ْم}[هود‪.]81 :‬‬
‫َ ْ َ َ َ ْ ًَْ ََ َ َ‬ ‫َُ ُ ً‬ ‫ْ‬ ‫َه‬
‫ال َهذا َي ْو ٌم‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وَلا َج َاءت ُر ُسلنا لوطا س يء بهم وضاق بهم ذرعا وق‬
‫َعص ٌ‬
‫يب}[هود‪]77 :‬‬

‫ۡ‬
‫َ َ َ َ ُ َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫َ ى ۡ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫ُ‬
‫ون ‪} ٣٤‬‬ ‫لَع أه ِل هى ِذه ِ ٱلق ۡريَ ِة رِ ۡجزا مِن ٱلسماءِ بِما َكنوا يفسق‬ ‫زنلون‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِنا ِّ ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قالت املالئكة‪ :‬إنا منزلون على أهل هذه القرية عذابا من السماء‪ ،‬وهو حجارة من سجيل‪ ،‬كما‬
‫ً‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫قال تعالى‪َ { :‬و َأ ْم َط ْرنا َع َل ْيها حجا َ ًة م ْن سجيل َم ْن ُ‬
‫ود}[هود‪ ،]82 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وأ ْمط ْرنا َعل ْيه ْم ح َجا َرة م ْن‬ ‫ٍ‬ ‫ض‬ ‫ٍ‬ ‫ر‬
‫يل}[الحجر‪ ،]74 :‬وذلك بسبب معصيتهم هلل وفسقهم في الدنيا‪.‬‬ ‫سج ٍ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٣٥‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ولقد ت َروُك َنا م ِۡن َها َءايََۢة بَي ِ َنة ل ِق ۡوم َي ۡعقِل‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد تركنا من تلك القرية بعض آثارها وأخبارها آية بينة لقوم يتعظون بعقولهم فينتفعون‪،‬‬
‫َ ً ْ ْ َ‬
‫كما قال تعالى‪{ :‬إ هن في ذل َك ْل َية لل ُمؤمنين}[الحجر‪.]77 :‬‬
‫ه ُ ََ َ‬ ‫ّإن آثار قرية قوم لوط باقية يعرفها املسافرون الذين ّ‬
‫يمرون عليها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و إنك ْم لت ُم ُّرون‬
‫ألنها كانت بطريق ثابت واضح‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫صبح َين َوب هال ْليل َأ َفال َت ْعق ُلو َن}[الصافات‪]137-138 :‬؛ ّ‬ ‫َع َل ْيهم ُّم ْ‬
‫يل ُمق ٍيم}[الحجر‪.]76 :‬‬ ‫َ ه َ َ‬
‫{وإنها لبسب ٍ‬

‫َّلل َوٱ ۡر ُجوا ٱ َۡلَ ۡو َم ٱٓأۡلخ َِر َو ََّل َت ۡع َث ۡوا ِف ٱ ۡلَۡر ِض ُم ۡفسِ د َ‬
‫ِين‬
‫َى َ ۡ َ َ َ َ ُ‬
‫اه ۡم ُش َع ۡيبا َف َق َال َي ى َق ۡو ِم ٱ ۡع ُب ُدوا ٱ َ َ‬‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَول مدين أخ‬
‫ِ‬
‫‪} ٣٦‬‬
‫واملعنى‪ :‬وأرسلنا إلى قبيلة مدين أخاهم شعيبا وهو واحد منهم‪ ،‬فقال لهم شعيب عليه السالم‪ :‬يا قوم‬
‫اعبدوا هللا وحده‪ ،‬وارجو بعبادتكم جزاء اليوم اآلخر‪ ،‬وال تنتشروا في األرض مفسدين فيها‪.‬‬
‫َّللا َما َل ُك ْم م ْن إ َله َغ ْي ُر ُ‬ ‫ال َيا َق ْوم ْ‬
‫اع ُب ُدوا ه َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َْ َ َ َ ُ ْ ُ ًَْ َ‬
‫ٍ‬ ‫ق‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬وإلى مدين أخاهم شعيبا‬
‫ُْ‬ ‫َ‬
‫ه َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ُ ََ ُ ْ َ‬ ‫ٌَ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬
‫اس أش َي َاء ُه ْم َوَل تفس ُدوا في األ ْرض َب ْع َد‬ ‫ق ْد َج َاءتك ْم َبينة م ْن َربك ْم فأ ْوفوا الك ْي َل َواَليزان َوَل ت ْبخ ُسوا الن‬
‫َ ُ َ َ ُ ْ ُُْ ْ َ‬
‫صالح َها ذلك ْم خ ْي ٌر لك ْم إن كنت ْم ُمؤمنين}[األعراف‪.]85 :‬‬ ‫إ ْ‬

‫ج ىثِم َ‬‫حوا ِف َداره ِۡم َ‬ ‫ُ ََ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬فكذبُوهُ فأ َخذ ۡت ُه ُم ٱ َلر ۡج َفة فأ ۡص َب ُ‬
‫ي ‪}٣٧‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫الص ْيحة من السماء والزلزلة الشديدة من أسفل‬ ‫فأصابتهم ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬فكذب شعيبا عليه السالم قومه‪،‬‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َه‬
‫منهم فأهلكتهم‪ ،‬فأصبحوا في بالدهم أو مساكنهم هامدين ال يتحركون‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وَلا َج َاء أ ْم ُرنا ن هج ْينا‬
‫َ‬
‫ص َب ُحوا في د َياره ْم َجاثمين}[هود‪:‬‬ ‫الص ْي َح ُة َف َأ ْ‬
‫ين َظ َل ُموا ه‬ ‫ين َآم ُنوا َم َع ُه ب َر ْح َمة م هنا َو َأ َخ َذت هالذ َ‬‫ُش َع ْي ًبا َو هالذ َ‬
‫ٍ‬
‫‪.]94‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الر ْج َف ُة َفأ ْ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬فأ َخ َذ ْت ُه ُم ه‬
‫ص َب ُحوا في َداره ْم َجاثمين}[األعراف‪.]91 :‬‬
‫َ ُ‬
‫يل َوكنوا‬ ‫ب‬ ‫لش ۡي َطى ُن أَ ۡع َم ىلَ ُه ۡم فَ َص َد ُه ۡم َعن ٱ َ‬
‫لس‬
‫ۡ َ ََ َ َُ ُ َ‬
‫كن ِ ِهم وزين لهم ٱ‬
‫س ِ‬
‫َ َ َ َ ُ َ ََ َََ َ َ ُ‬
‫كم مِن َم َ ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وَعدا وثمودا وقد تبي ل‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين ‪} ٣٨‬‬‫ُص َ‬ ‫ُ ۡ َۡ‬
‫ِّستب ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وأهلكنا عاد قوم هود عليه السالم‪ ،‬وأهلكنا ثمود قوم صالح عليه السالم‪ ،‬وقد ّ‬
‫تبين لكم أيها‬
‫ََه َ ُ ُ َُ ُ‬ ‫َْ‬ ‫العرب من مساكنهم خالؤها منهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ك هذ َب ْت َث ُم ُ‬
‫ود فأ ْهلكوا‬ ‫ود َو َع ٌاد بالقار َعة (‪ )4‬فأما ثم‬
‫َ ه َ َ ََْ ْ َ ْ َ ََ ََ َ َ َ َه ُ ُ ً ََ‬ ‫الطاغ َية (‪َ )5‬و َأ هما َع ٌاد َف ُأ ْهل ُكوا بريح َ‬ ‫ه‬
‫وما فت َرى‬ ‫ص ٍر َعات َي ٍة (‪ )6‬سخرها عليهم سبع لي ٍال وثمانية أي ٍام حس‬ ‫ص ْر َ‬
‫ٍ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ص ْر َعى َكأ هن ُه ْم أ ْع َج ُاز َن ْخل َخاو َية (‪ )7‬ف َه ْل َت َرى َل ُه ْم م ْن َباق َية}[الحاقة‪ّ ،]4-8 :‬‬
‫ْال َق ْو َم ف َيها َ‬
‫وزين لهم الشيطان‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وصدهم عن السبيل الحق‪ ،‬وكانوا عقالء مستبصرين في كفرهم وضاللهم‪.‬‬ ‫أعمالهم من عبادة هللا تعالى‪ّ ،‬‬

‫سبقِ َ‬ ‫ََ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫َ ُ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ ۡ َ َ ُ ُّ َ‬
‫وس بٱلَي َنى ِ ۡ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ٣٩‬‬ ‫ت فٱستكبوا ِِف ٱلۡر ِض وما َكنوا ى ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وق ىرون وف ِرعون وهىم ىن ولقد جاءهم ِّ ى ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وأهلكنا قارون وفرعون وهامان‪ ،‬ولقد جاءهم موس ى عليه السالم بآياتنا البينات ومعجزاتنا‬
‫الواضحات‪ ،‬فاستكبروا في األرض عن اتباع الحق وعن اإليمان بموس ى‪ ،‬وكانوا متطاولين عالين متكبرين‪ ،‬كما‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َ ََ َ ْ َ ْ‬
‫استك َب ُروا َوكانوا ق ْو ًما َعالين}[املؤمنون‪ ،]46 :‬وما كانوا ليفلتوا عن عقابنا‪.‬‬ ‫قال تعالى‪{ :‬إلى فرعون وملئه ف‬

‫َ‬ ‫َ ُۡ َ ۡ َ َ َُۡ َ ۡ َ ُ َ ُۡ َ ۡ َ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُۡ َ ۡ َۡ َ َۡ َ َ‬ ‫َ ُ ًّ َ َ ۡ َ َ‬


‫اصبا ومِنهم من أخذته ٱلصيحة ومِنهم من خسفنا بِهِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فّلُك أخذنا بِذۢنبِهِۦ ف ِمنهم من أرسلنا عليهِ ح ِ‬
‫َ ُ َ ُ َ ُۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ َ ُۡ َ ۡ َ ََۡۡ ََ َ َ َُ ۡ‬
‫ون ‪} ٤٠‬‬ ‫كن َكنوا أنفسهم يظل ِم‬ ‫َّلل َِلَظل َِم ُه ۡم َول ى ِ‬ ‫ٱلۡرض ومِنهم من أغرقنا ر وما َكن ٱ‬
‫واملعنى‪ :‬فأهلكنا كال من هؤالء القوم بسبب ذنبه‪ ،‬فمنهم الذين أرسلنا عليهم حاصبا‪ ،‬وهم قوم لوط‪،‬‬
‫آل ُلوط َن هج ْي َن ُ‬
‫اه ْم ب َس َح ٍر}[القمر‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َل‬ ‫إ‬ ‫ا‬‫ب‬‫الن ُذر (‪ )33‬إ هنا َأ ْر َس ْل َنا َع َل ْيه ْم َحاص ً‬
‫ُّ‬
‫وط ب‬
‫َ هَ ْ َْ ُ ُ‬
‫ٍ‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬كذبت قوم ل ٍ‬
‫ً‬ ‫ه َْ َ َْ ََْ ْ َ ً‬
‫ص ْي َحة َواح َدة‬ ‫‪ ،]33-34‬ومنهم الذين أخذتهم الصيحة‪ ،‬وهم قوم صالح‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إنا أرسلنا عليهم‬
‫َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُْ ْ َ‬ ‫ََ ُ َ‬
‫فكانوا ك َهشيم اْلحتظر}[القمر‪ ،]31 :‬ومنهم من خسفنا به األرض‪ ،‬وهو قارون‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فخ َسف َنا بِهِۦ‬
‫ۡ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ون ٱَّللِ َو َما َكن م َِن ٱل ُمنت ِِ‬
‫ُص َ‬
‫ين ‪[}٨١‬القصص‪ ،]81 :‬ومنهم‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ ُ َُ‬ ‫ۡ َ َ َ َ َ َ َُ‬ ‫َ َ‬
‫وبِدارِه ِ ٱلۡرض فما َكن لۥ مِن ف ِئة ينُصونهۥ مِن د ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ َ ۡ ۡ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫اس َءايَة‬‫الذين أغرقناهم‪ ،‬وهم قوم نوح‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وق ۡو َم نوح ل َما كذبُوا ٱ ُّلر ُسل أغ َرق َنى ُه ۡم َو َج َعل َنى ُه ۡم ل َِلن ِ‬
‫َ ُ‬
‫آل ف ْر َع ْون َوك ٌّل‬ ‫ي َع َذابا أَ َِلما ‪[}٣٧‬الفرقان‪ ،]37 :‬وفرعون وقومه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َأ ْغ َر ْق َنا َ‬ ‫َ َ ۡ َ ۡ َ َى‬
‫ِلظلِم َ‬
‫ِ‬ ‫وأعتدنا ل‬
‫َك ُانوا َظاَل َين}[آل عمران‪ ،]54 :‬وما كان هللا تعالى ليظلمهم بإهالكهم‪ّ ،‬‬
‫ولكنهم كانوا هم الذين ظلموا أنفسهم‬
‫بكفرهم وتكذيبهم‪.‬‬

‫وت َلَ ۡي ُ‬ ‫َ َ َ ۡ‬ ‫ََ َ ۡ ۡ‬ ‫َ َ ۡ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََُ َ َ ََ ُ‬


‫ت‬ ‫وت ٱَتذت بَيتا ِإَون أ ۡوه َن ٱلُ ُي ِ‬
‫ون ٱَّللِ أ ۡو َِلَا َء ك َمث ِل ٱل َعنك ُب ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬مثل ٱَّلِين ٱَتذوا مِن د ِ‬
‫ۡ ُ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪} ٤١‬‬ ‫ٱل َعنك ُب ِ‬
‫وت لو َكنوا يعلم‬
‫واملعنى‪ :‬مثل املشركين الذين اتخذوا األوثان آلهة من دون هللا تعالى طمعا في نصرهم ونفعهم‪ ،‬كمثل‬
‫وإن أضعف البيوت‬ ‫العنكبوت التي اتخذت لنفسها بيتا ليحفظها من األذى والحر والبرد‪ ،‬فلم يغن عنها شيئا‪ّ ،‬‬
‫فإنها ال تنصرهم وال تنفعهم‪ ،‬وتصبح‬ ‫وأوهنها لبيت العنكبوت‪ ،‬لو كانوا يعلمون ذلك‪ ،‬ملا اتخذوا األوثان آلهة؛ ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َ َ َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ج َعل َنى ُه ه َباء َمنثورا‬ ‫أعمالهم لهؤالء األوثان ذاهبة األثر‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وقد ِۡم َنا إ ِ ىل َما َع ِملوا مِن عمل ف‬
‫‪[}٢٣‬الفرقان‪.]23 :‬‬

‫َ ۡ َ ۡ َۡ َىُ َ ۡ‬ ‫َ ۡ َ ُ َ ۡ َ ُ َۡ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ ََُۡ َ َۡ ُ َ‬


‫ُضبُ َها ل َِلن ِ‬
‫اس‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلل يعلم ما يدعون مِن دونِهِۦ مِن يشء وهو ٱلع ِزيز ٱلكِيم ‪ ٤٢‬وت ِلك ٱلمٰل ن ِ‬
‫َ َ َ ۡ ُ َ َ ۡ َى ُ َ‬
‫ون ‪} ٤٣‬‬ ‫وما يعقِلها إَِّل ٱلعل ِم‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬


‫ل ِق إ ِ َن ِِف ذ ىل َِك ٓأَليَة ل ِل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪} ٤٤‬‬
‫ت َوٱلۡر َض بٱ َ‬
‫ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬خل َق ٱ َ ُ‬
‫َّلل ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫َََْ‬
‫واملعنى‪ :‬خلق هللا تعالى السماوات واألرض بالحق‪ ،‬وما خلقهما العبا وباطال‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وما خلقنا‬
‫ض َوما َب ْي َن ُهما َلعب َين ّ‬ ‫َ َْ‬
‫}[الدخان‪ّ ،]38 :‬إن في ذلك لداللة واضحة للمؤمنين على قدرة هللا‬ ‫األ ْر َ‬ ‫ه‬
‫السماوات و‬
‫العظيمة‪.‬‬

‫َ‬ ‫ۡ َ َ ۡ‬ ‫َۡ َ ى َ َۡ َ‬
‫ه ع ِن ٱلف ۡحشاءِ َوٱل ُمنك ِر َوَّلِوُك ُر ٱَّللِ‬ ‫تن‬ ‫لصلَ ىوةَ‬
‫إ َن ٱ َ‬ ‫ك م َِن ٱ ۡلك َِتىب َوأَق ِم ٱ َ‬
‫لصلَ ىوةَ‬ ‫ُۡ َ ُ ِ َ َۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱتل ما أوح إَِل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ۡ َُ َ َُ ََُۡ َ َ ۡ َُ َ‬
‫ون ‪} ٤٥‬‬ ‫أكب وٱَّلل يعلم ما تصنع‬
‫ّ‬
‫وبلغه للناس‪ّ ،‬‬ ‫واملعنى‪ُ :‬‬
‫وأد الصالة بأركانها‬ ‫اتل أيها الرسول ما أوحاه هللا تعالى إليك من القرآن الكريم‬
‫التامة وشروطها مع الخشوع هلل‪ّ ،‬إن املحافظة على الصالة الصحيحة تنهى صاحبها عن الوقوع في الفواحش‬
‫واملنكرات‪ ،‬ولذكر هللا تعالى في الصالة وفي غيرها أكبر من كل ش يء‪ ،‬وهللا تعالى يعلم ما تصنعون من خير أو‬
‫شر‪.‬‬
‫روى اإلمام الطبري بسنده عن الضحاك‪ ،‬عن ابن مسعود‪ ،‬عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪" :‬ال‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫طاع ُة َّ‬
‫الص ْ َ ْ َ َ‬ ‫صالة ملَن ْ‬
‫شاء َواملنك ِر"‪ ،‬قال‪ :‬قال سفيان‪{ :‬قالوا َياش َع ْي ُب‬ ‫ْ‬
‫الة أن تنهى ع ِن الفح ِ‬
‫ِ‬
‫الصالة‪َ ،‬و َ‬
‫لم ُي ِطع َّ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫َ َ ُ َْ‬
‫صالت َك تأ ُم ُر َك}[هود‪ ،]87 :‬قال‪ :‬فقال سفيان‪ :‬إي وهللا‪ ،‬تأمره وتنهاه‪.‬‬ ‫أ‬

‫ُۡ ۡ َُ ُ َ ََ َ ُ َ َ‬ ‫ه أَ ۡح َس ُن إ ََّل ٱ ََّل َ‬


‫ِين َظلَ ُ‬ ‫َ‬
‫جىدِلُوا أ ۡه َل ٱ ۡلك َِتىب إ ِ ََّل ب ِٱ َلت ِ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و ََّل تُ َ‬
‫نزل إ ِ َۡل َنا‬
‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ِي‬
‫َّل‬‫ٱ‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ا‬‫ن‬ ‫ام‬‫ء‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ول‬ ‫ق‬‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫وا‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َۡ ُ َُ ُ ۡ ُ َ‬ ‫َ ُ َ َ ۡ ُ ۡ َى ُ َ َى ُ ُ‬
‫ك ۡم َو ىحِد وَنن لۥ ِّسل ِمون ‪} ٤٦‬‬ ‫نزل إَِلكم ِإَولهنا ِإَوله‬ ‫وأ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وال تجادلوا أيها املؤمنون أهل الكتاب من اليهود والنصارى إال بأحسن طرق املجادلة من لين‬
‫ه‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ ْ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬
‫الجانب ورفق الخطاب‪ ،‬كما قال تعالى‪ْ { :‬اد ُع إلى َسبيل َرب َك بالحك َمة َواَل ْوعظة ال َح َسنة َو َجادل ُه ْم بالتي ه َي‬
‫َ‬
‫أ ْح َس ُن}[النحل‪ ،]125 :‬لكن الذين ظلموا منهم‪ ،‬وعاندوا وحادوا عن الحق وأعلنوا العداوة‪ ،‬فمعاملتهم باملثل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ َ ُّ َ ه َ ُ‬ ‫وقولوا ّ‬
‫ين َآمنوا آمنوا‬ ‫آمنا بالقرآن الذي أنزل إلينا‪ ،‬وآمنا بالكتب التي أنزلت إليكم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يا أيها الذ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ْ َ‬ ‫ب ه‬
‫اَّلل َو َر ُسوله َوالكتاب الذي نز َل َعلى َر ُسوله َوالكتاب الذي أنز َل م ْن ق ْب ُل}[النساء‪ ،]136 :‬وقولوا‪ :‬إلهنا‬
‫وإلهكم واحد ونحن له مسلمون‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫ََُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َى َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ى َ َ َ َ َ َ ۡ َ ى ُ ُ ۡ َ ى َ ۡ‬


‫ب يُؤم ُِنون بِهِۦ َوم ِۡن ىهؤَّلءِ َمن يُؤم ُِن بِهِرۦ َو َما‬‫ب فٱَّلِين ءاتينهم ٱلكِت‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ووُكذل ِك أنزلا إَِلك ٱلكِت ر‬
‫َى َ َ ۡ َ ى ُ َ‬ ‫َۡ َ ُ‬
‫ون ‪} ٤٧‬‬ ‫بَٔٔايتِنا إَِّل ٱلكفِر‬
‫ُيحد ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وكما أنزلنا على الذين من قبلك أيها الرسول‪ ،‬أنزلنا إليك القرآن املصدق للكتب السابقة‪،‬‬
‫فالذين آتيناهم الكتاب من اليهود والنصارى فعرفوه وتلوه حق تالوته يصدقون به‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬هالذ َ‬
‫ين‬
‫ون ُه َح هق ت َال َوته ُأ َولئ َك ُي ْؤم ُنو َن به}[آل عمران‪ ،]121 :‬ومن هؤالء العرب َم ْن ّ‬
‫يصدق‬
‫ََْ ُ ُ ْ َ َ َُْ َ‬
‫آتيناهم الكتاب يتل‬
‫بالقرآن‪ ،‬وما ينكر بآياتنا القرآنية إال الكافرون‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬


‫نت َت ۡتلوا مِن ق ۡبلِهِۦ مِن ك َِتىب َوَّل َت ُّط ُهۥ ب َي ِمين َِك إذا ّل ۡرتَ َ‬
‫ون ‪} ٤٨‬‬ ‫اب ٱل ُم ۡب ِطل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما ك َ‬
‫كنت أيها الرسول من قبل نزول القرآن تقرأ كتابا ولم تكتب حروفا بيمينك‪ ،‬ولو َ‬
‫كنت‬ ‫واملعنى‪ :‬وما َ‬
‫ّ‬
‫ممن يعرف القراءة والكتابة‪ ،‬الرتاب املبطلون في شأنك‪ ،‬ولقالوا إنك تعلمته من كتب مأثورة عن األنبياء‬
‫السابقين‪.‬‬
‫َ‬
‫ين َيتب ُعون ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬
‫والرسول صلى هللا عليه وسلم ّأمي ال يعرف القراءة والكتابة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬الذ َ‬
‫الر ُسو َل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ه‬ ‫ه ه ُْ ه ه َ ُ َُ َ ُْ ً ْ‬
‫وبا عن َد ُه ْم في الت ْو َراة َواإلنجيل}[األعراف‪ ،]157 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وكذل َك أ ْو َح ْينا‬ ‫النبي األمي الذي يجدونه مكت‬
‫شاء م ْن‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫يمان َولك ْن َج َعلنا ُ ُنورا َن ْهدي به َم ْن ن ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫تاب َوَل اإل‬ ‫وحا م ْن َأ ْمرنا ما ُك ْن َت َت ْدري َما الك ُ‬
‫ْ‬ ‫َْ َ ُ ً‬
‫إليك ر‬
‫عبادنا}[الشورى‪.]52 :‬‬
‫األولين التي استنسخها‬ ‫أمي‪ّ -‬إن القرآن من أكاذيب ّ‬ ‫وقد قال كفار مكة –مع علمهم بأن الرسول ّ‬
‫ه‬‫ك َتتَ َب َها فَ ِ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ري ٱ ۡلَ َول َ‬
‫ِي ٱ‬ ‫س ِط ُ‬ ‫َ‬
‫الرسول منهم‪ ،‬وهي تتلى عليه صباحا ومساء‪ ،‬كما حكاه تعالى في قوله‪َ { :‬و َقالُوا أ َ ى‬
‫َ‬
‫ُۡ ى َ ۡ ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك َرة َوأ ِصيل ‪[}٥‬الفرقان‪.]5 :‬‬ ‫تمَل عليهِ ب‬

‫َ ُ َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬‫َ‬ ‫َ ََ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ۡ‬


‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬بَل ُه َو َء َاي ى ُ‬
‫ون ‪} ٤٩‬‬ ‫ح ُد ب ِأي ىت ِ َنا إَِّل ٱلظل ِم‬
‫ُي َ‬ ‫ت َبي ِ َنىت ِِف ُص ُدورِ ٱَّل‬
‫ِين أوتوا ٱلعِل رم وما‬
‫واملعنى‪ :‬بل هذا القرآن آيات بينات واضحات تدل على الحق‪ ،‬يحفظه العلماء في صدورهم بتيسير هللا‬
‫ْ َ‬ ‫َ ُْ َ‬ ‫ََ‬
‫تعالى عليهم تالوة وتفسيرا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولق ْد َي هس ْرنا الق ْرآن للذكر ف َه ْل م ْن ُم هدك ٍر}[القمر‪ ،]17 :‬وما ينكرها‬
‫ت‬ ‫وما يكذب بها إال الظاملون الذين يعلمون ّأنه الحق‪ ،‬ومع ذلك يحيدون عنه‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إ َن ٱ ََّل َ‬
‫ِين َح َق ۡ‬
‫ِ‬
‫َ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ ُ ُّ َ َ َ َ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َ َۡ ۡ َ َ ُ َ َ َ ُۡ ُ َ‬
‫اب ٱل َِل َم ‪[}٩٧‬يونس‪.]96-97 :‬‬ ‫ون ‪ ٩٦‬ولو جا َءتهم ُك َءاي ٍة ح ى‬
‫ت ي َروا ٱلعذ‬ ‫علي ِهم ُك ِمت ربِك َّل يؤمِن‬

‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ ُ َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وقالوا ل ۡوَّل أنزل َعل ۡيهِ َء َاي ىت مِن َربهِۦ قل إ َن َما ٱٓأۡل َي ى ُ‬
‫ِإَون َما أنَا نَذِير ُّمبِي ‪} ٥٠‬‬ ‫ت عِند ٱَّللِ‬ ‫ِ‬ ‫ِر‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ويقول املشركون املكذبون بآيات هللا‪ :‬هال أنزل على الرسول آية حسية ومعجزة مشاهدة من‬
‫ّ‬
‫ربه‪ ،‬قل لهم أيها الرسول‪ّ :‬إن أمر هذه اآليات هلل‪ ،‬ال يعلمها إال هو‪ ،‬إنما أنا منذر ومخوف من عذاب هللا تعالى‬
‫َ َُ ُ َ َ َ َ ُ َۡ َ ُ َ َ‬
‫نزل َعل ۡيهِ َءايَة مِن َربِهِۦ‬ ‫ّ‬
‫بين اإلنذار‪ ،‬فانتظروا مجيء تلك اآليات‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ويقول ٱَّلِين كفروا لوَّل أ ِ‬
‫ون ل َ ۡو ََّل أُنز َل َعلَ ۡيهِ َءايَة مِن َربهِۦ َف ُق ۡل إ َنماَ‬
‫ََُ ُ َ‬ ‫َ ُ َۡ َ‬
‫ك قو ٍم ها ٍد ‪[}٧‬الرعد‪ ،]7 :‬وقال تعالى‪ { :‬ويقول‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إِنما أنت منذِر ول ِ ِ‬
‫نت ِظر َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ ُ‬
‫كم م َِن ٱل ُم َ‬ ‫ب ِ ََّللِ فَٱ َ‬
‫نت ِظ ُ‬ ‫ٱ ۡل َغ ۡي ُ‬
‫ين ‪[}٢٠‬يونس‪.]20 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ا‬‫و‬‫ر‬

‫َى َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ى َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َۡ َ ۡ ۡ ََ َ ََۡ َ َۡ َ ۡ َ َ ۡ َ َ ُۡ َ َ‬


‫ى ل ِق ۡوم‬ ‫َل َعل ۡي ِه ۡ رم إِن ِِف ذل ِك لرْحة وذِكر‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أو لم يك ِف ِهم أنا أنزلا عليك ٱلكِتىب ٱلكِتىب يت ى‬
‫ُۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٥١‬‬ ‫يؤمِن‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬أولم يكف هؤالء املشركين أنا أنزلنا عليك أيها الرسو ُل القرآن الكريم‪ ،‬تتلوه عليهم وأنت ّأمي‬
‫بَٔٔايَة مِن َربِهرِۦ‬ ‫ا‬ ‫ال تعرف القراءة والكتابة‪ ،‬وتأتيهم بأخبار الكتب السابقة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وقَالُوا ل َ ۡو ََّل يَأۡت َ‬
‫ِين‬
‫ِ‬
‫ول ‪[}١٣٣‬طه‪ّ ،]133 :‬إن في هذا القرآن الكريم لرحمة وذكرى لقوم‬
‫ُۡ َ‬
‫ح ِف ٱل ى‬ ‫أَ َو ل َ ۡم تَأۡتِهم بَي َن ُة بَي َن ُة َما ِف ٱ ُّ‬
‫لص ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يؤمنون باهلل ورسوله‪.‬‬

‫ََ‬ ‫ۡ‬
‫ام ُنوا ب ِٱل َبى ِط ِل َووُكف ُروا‬ ‫ت َوٱ ۡلَۡر ِض َوٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َۡ َ‬ ‫ََۡ ُ َ‬ ‫ُۡ َ َى َ‬
‫َف ب ِٱَّللِ َب ۡي ِن َوبينك ۡم ش ِهيدا َيعل ُم ما ِِف ٱلسم ىو ى ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل ك‬
‫َ ُ َى َ ُ ُ ۡ َ ى ُ َ‬
‫ون ‪} ٥٢‬‬ ‫ب ِٱَّللِ أولئِك هم ٱلخ ِّس‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬كفى باهلل وحده بيني وبينكم شهيدا على صدقي فيما جئتكم به‪ ،‬ولو ُ‬
‫كنت‬
‫ُ‬ ‫َ َْ ْ ْ‬ ‫ََ ْ َ َ ه َ َََْ َ ْ َ َ‬
‫ض األقاويل (‪ )44‬ألخذنا من ُه بال َيمين (‪ )45‬ث هم‬ ‫مني‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ولو تقول علينا بع‬ ‫كاذبا عليه النتقم ّ‬
‫ََ َ َ ْ ْ َ‬
‫لقط ْعنا من ُه ال َوتين}[الحاقة‪ ،]44-46 :‬وهو يعلم ما في السماوات واألرض‪ ،‬ال يخفى عليه ش يء منه‪ ،‬كما قال‬
‫َّللا ََل َي ْخ َفى َع َل ْيه َش ْي ٌء في األ ْرض َوَل في ه‬
‫الس َماء}[آل عمران‪ ،]5 :‬والذين آمنوا بالباطل وكفروا باهلل‬ ‫تعالى‪{ :‬إ هن ه َ‬
‫تعالى مع وضوح هذه األدلة‪ ،‬أولئك هم الخاسرون في الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫ََ َ ُ ُ ۡ َ َ ُ َ َ َ ۡ َ َ ُ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ ۡ ُ ُ َ‬ ‫ك بٱ ۡل َع َذ َ َ ۡ َ َ َ ُّ َ‬
‫ََۡ َۡ ُ َ َ‬
‫اب وَلأت ِينهم بغتة وهم َّل يشعرون ‪} ٥٣‬‬ ‫اب ولوَّل أجل ِّسم لاءهم ٱلعذ ر‬ ‫ِ‬ ‫جلون ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ويستع ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ويستعجلك أيها الرسول هؤالء املكذبون بالعذاب‪ ،‬كما قال هللا تعالى حكاية عن قولهم‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ََ هَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫{ َوقالوا َرهبنا َعج ْل لنا قطنا ق ْب َل َي ْوم الح َساب}[ص‪ ،]16 :‬ولوال كون عذاب كل أمة محددا بأجل معلوم‪ ،‬ال‬
‫َ ُ ُ ه َ َ ٌ َ َ َ َ َ َُُ ْ َ َ ْ َْ ُ َ َ َ ً‬
‫اعة َوَل‬ ‫تتقدم وال تتأخر عنه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ولكل أم ٍة أجل فإذا جاء أجلهم َل يستأخرون س‬
‫َي ْس َت ْقد ُمو َن}[األعراف‪ ، ]34 :‬لجاءهم العذاب سريعا‪ ،‬وهللا ّ‬
‫ليأتينهم العذاب فجأة‪ ،‬وهم ال يشعرون بمجيئه‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬


‫َ َ‬ ‫َۡ َۡ‬ ‫ُ‬
‫اب ِإَون َج َهن َم ل ُم ِ‬
‫ين ‪}٥٤‬‬ ‫ح َ‬
‫يطُۢة بٱلك ىفِر َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جلونك ب ِٱلعذ ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يستع ِ‬
‫وإن جهنم ملحيطة بالكافرين لكثرة‬ ‫واملعنى‪ :‬ويستعجلك أيها الرسول هؤالء املكذبون بالعذاب‪ّ ،‬‬
‫ار‬‫ب ٱلَ‬ ‫ك أَ ۡص َ‬
‫حى ُ‬ ‫ُ ُ َ ُ َى َ‬
‫ئ‬ ‫ل‬ ‫و‬‫أ‬‫ف‬ ‫ۥ‬‫ه‬‫ت‬‫ٔ‬
‫َ‬ ‫ٔ‬ ‫ي‬ ‫ط‬
‫َ‬
‫خ‬ ‫ۦ‬‫ه‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ب َسيئَة َوأَ َ‬
‫ح ى َط ۡ‬ ‫خطيئاتهم املحيطة بهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ َ { :‬ىل َمن َك َس َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ۡ َ َى ُ َ‬
‫ون ‪[}٨١‬البقرة‪.]81 :‬‬‫هم فِيها خ ِِل‬

‫ُ‬
‫ُۡ ََۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يَ ۡو َم َي ۡغ َشى ى ُه ُم ٱل َعذ ُ‬
‫ون ‪} ٥٥‬‬ ‫ت أ ۡر ُجل ِ ِه ۡم َويَقول ذوقوا َما كنتم تعمل‬ ‫اب مِن ف ۡوق ِ ِه ۡم َومِن ت ِ‬
‫العذاب من كل جوانبهم‪ ،‬من فوقهم ومن تحت أرجلهم‪ ،‬كما قال‬ ‫ُ‬ ‫واملعنى‪ :‬يوم يغش ى هؤالء الكافرين‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تعالى‪َ { :‬ل ُه ْم م ْن َج َه هن َم م َه ٌاد َوم ْن َف ْوقه ْم غ َ‬
‫َ‬
‫اش}[األعراف‪ ،]41 :‬وقال‪{ :‬ل ُه ْم م ْن ف ْوقه ْم ظل ٌل م َن النار َوم ْن‬ ‫ٍ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫ت ْحته ْم ظل ٌل}[الزمر‪ ،]16 :‬ويقول امللك لهم –بأمر هللا‪ -‬مهددا وموبخا‪ :‬ذوقوا جزاء ما كنتم تعلمون من‬
‫ّ‬
‫ْ ُ ُ َ ه َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬
‫س َسق َر}[القمر‪ ،]48 :‬وقال‬ ‫اإلشراك والجرائم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ي ْو َم ُي ْس َح ُبون في النار َعلى ُو ُجوههم ذوقوا م‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ار ٱ َلت ُك ُ‬‫ون َهى ِذه ِ ٱلَ ُ‬‫ََ ۡ َى َ َۡ َ ُ ۡ َ ُۡ ُ َ‬ ‫ون إ َ ىل نَار َج َه َن َم َد ًّ‬‫َ ۡ َ ُ َ ُّ َ‬
‫نتم ب ِ َها تكذِبُون‬ ‫ِ‬ ‫ُص‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫َّل‬ ‫م‬ ‫نت‬ ‫أ‬ ‫م‬‫أ‬ ‫ا‬ ‫ذ‬‫ه‬ ‫ر‬ ‫ح‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫‪١٣‬‬ ‫َع‬ ‫ِ‬ ‫تعالى‪ { :‬يوم يدع ِ‬
‫‪[}١٤‬الطور‪.]13-14 :‬‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ى َ َ َ َ َ َ ُ َ َ ِ َ ى َ َ َى َ َ ۡ‬
‫ون ‪} ٥٦‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يعِبادِي ٱَّلِين ءامنوا إِن أۡرض وسِعة فإِّي فٱعبد ِ‬
‫واملعنى‪ :‬يا عبادي الذين آمنوا باهلل ورسوله ّإن أرض ي واسعة‪ ،‬وإذا تعذر عليكم عبادتي في مكانكم‪،‬‬
‫ً َ‬ ‫فهاجروا إلى مكان آخر يمكنكم عبادتي‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬أ َل ْم َت ُك ْن َأ ْر ُ‬
‫ض هَّللا َواس َعة ف ُت َهاج ُروا ف َيها}[النساء‪:‬‬
‫‪.]97‬‬

‫َ َۡ ُۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ ُّ‬


‫ون ‪} ٥٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ُ { :‬ك نفس ذائِقة ٱل َم ۡو ِ‬
‫ت ثم إَِلنا ترجع‬
‫ُ‬
‫الحي الذي ال يموت‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ك ُّل َم ْن‬
‫واملعنى‪ :‬كل نفس ذائقة املوت وفانية‪ ،‬فاهلل تعالى هو ّ‬
‫ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َعل ْي َها ف ٍان (‪َ )26‬و َي ْبقى َو ْج ُه َرب َك ذو ال َجالل َواإلك َرام}[الرحمن‪ ،]26-27 :‬ثم إلينا ترجعون جميعا يوم القيامة‬
‫للحساب والجزاء‪.‬‬
‫ِيها ر ن ِۡعمَ‬ ‫تت ِ َها ٱ ۡلَنۡ َهى ُر َخ ى ِِل َ‬
‫ِين ف َ‬ ‫َۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َۡ ُ‬
‫ل َنةِ غ َرفا ترِي مِن‬
‫َى َ ى َ َ‬
‫ت لُ َبوِئ َن ُهم مِن ٱ‬
‫َ ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ ُ‬
‫امنوا َوع ِملوا ٱلصل ِح ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬
‫أ ۡج ُر ٱل َع ى ِمل َِي ‪}٥٨‬‬
‫واملعنى‪ :‬والذين آمنوا باهلل ورسوله وعملوا األعمال الصالحة املتفقة مع شريعة هللا‪ ،‬لننز ّلنهم من‬
‫ُ‬ ‫َ ه َ ُ‬ ‫ّ‬
‫ين َآمنوا َو َعملوا‬ ‫الجنة غرفا تجري من تحتها األنهار‪ ،‬حال كونهم ماكثين فيها أبدا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬والذ‬
‫ًّ‬ ‫َ ً‬ ‫ْ َ ْ َ َْ‬ ‫َ ُْ ُُ ْ َه َ‬
‫ين فيها أ َبدا َو ْع َد هَّللا َحقا}[النساء‪ ،]122 :‬نعم‬ ‫األ ْن ُ‬
‫هار خالد َ‬ ‫ات ت ْجري من تحتها‬
‫الصالحات سندخلهم جن ٍ‬ ‫ه‬
‫َ ْ ََ ً‬ ‫َْ ه‬
‫اب َو َح ُسنت ُم ْرتفقا}[الكهف‪.]31 :‬‬‫الث َو ُ‬ ‫جزاء العاملين بطاعة هللا هذا الجزاء والثواب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬نعم‬

‫َ َ َ َ ُ َ َ َى َ ۡ َ َ َ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٥٩‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِين صبوا ولَع رب ِ ِهم يتوَّك‬

‫َ‬ ‫َ َ َ َۡ ُ ۡ َ َ َُ َۡ ُُ َ َ ُ ۡ َ ُ َ َ ُ ۡ‬ ‫َََ‬
‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ووُكأيِن مِن دابة َّل ت ِمل رِزقها ٱَّلل يرزقها ِإَوياك رم وهو ٱلس ِميع ٱلعل ِيم ‪} ٦٠‬‬
‫لغد‪ ،‬فاهلل تعالى‬
‫واملعنى‪ :‬وكم من دابة في األرض وفي البحر ال تطيق حمل رزقها‪ ،‬فال تدخر غداءها ٍ‬
‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يرزقها ويرزقكم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما م ْن َد هاب ٍة في األ ْرض إَل َعلى هَّللا رزق َها}[هود‪ ،]6 :‬وهللا هو السميع ألصوات‬
‫خلقه‪ ،‬العليم بحركاتهم‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫َ َ َ َ َ َ ۡ َ َ َ ََ َُ َ َُ ى ۡ‬‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ولئن َسأِلَ ُهم َم ۡن َخل َق ٱ َ َ‬
‫ون ‪}٦١‬‬ ‫ن يُؤفك‬ ‫ت َوٱلۡرض وسخر ٱلشمس وٱلقمر َلقولن ٱَّلل فأ‬ ‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬ولئن سألت أيها الرسول هؤالء املشركين من خلق السماوات واألرض‪ ،‬وذلل الشمس والقمر‬
‫ض‬ ‫ليقولن‪ :‬هللا هو الخالق املسخر‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َلئ ْن َس َأ ْل َت ُه ْم َم ْن َخ َل َق ه‬
‫الس َم َاوات َواأل ْر َ‬ ‫ّ‬ ‫وجعلهما َ‬
‫طائع ِين‪،‬‬
‫ََُ ُ‬
‫ول هن ُ‬
‫هللا}[لقمان‪ ،]25 :‬فكيف يعدلون عن الحق إلى الباطل؟‬ ‫ليق‬

‫َ‬ ‫ََ ُ ُ َ ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َّلل يَ ۡب ُس ُط ٱ ۡ َ َ َ َ ُ ۡ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ َ ُ‬


‫يش ٍء َعل ِيم ‪}٦٢‬‬
‫كل ۡ‬
‫لرزق ل ِمن يشاء مِن عِبادِه ِۦ ويقدِر ل رۥ إِن ٱَّلل ب ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫من يشاء منهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬ ‫ويضيقه على ْ‬
‫ّ‬ ‫من يشاء من عباده‪،‬‬ ‫يوسع الرزق على ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬هللا تعالى ّ‬
‫ريا بَ ِصريا ‪[}٣٠‬اإلسراء‪ّ ،]30 :‬إن هللا تعالى بكل ش يء‬ ‫ك يَ ۡب ُس ُط ٱلر ۡز َق ل َِمن ي َ َشا ُء َويَ ۡقد ُِر إنَ ُهۥ ََك َن بعِ َبادِه ِۦ َخب َ‬‫َ ََ َ‬
‫إِن رب‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ ْ َ َ َ هُ ْ َ‬
‫َّللا الرزق لع َباد ل َبغ ْوا في األ ْرض َولك ْن ُينز ُل بق َد ٍر َما‬ ‫من مصالح عباده عليم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ولو بسط‬
‫َ‬ ‫َ ه‬
‫َيش ُاء إن ُه بع َباد خب ٌير َبص ٌير}[الشورى‪.]27 :‬‬

‫َۡ ۡ ُ َ ۡ‬
‫َّللِ بَل‬
‫ِ‬ ‫د‬‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ل‬‫ق‬
‫َ ۡ َ ۡ َ ََُ ُ َ َُ ُ‬
‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ن‬‫ول‬ ‫ق‬‫َل‬ ‫ا‬‫ِه‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ِّ‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ض‬
‫َۡ َ‬
‫ۡر‬‫ل‬‫ٱ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ا‬‫ي‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ولَئن َس َأ ِۡلَ ُهم َمن نَ َز َل م َِن ٱ َ‬
‫لس َماءِ َماء فَأَ ۡح َ‬
‫ر‬ ‫ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ۡ َُُ ۡ َ َۡ ُ َ‬
‫أكَّثهم َّل يع ِقلون ‪}٦٣‬‬
‫َ‬
‫سألت أيها الرسول هؤالء املشركين ْ‬
‫من ّنزل من السحاب مطرا‪ ،‬فأنبت به حدائق في‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫ولئن‬
‫ََ ۡ َ َ َ َ َىَ َ ۡ َ َ ََ َ َ‬ ‫ّ‬
‫ت وٱلۡرض وأنزل‬ ‫األرض من بعد موتها‪ ،‬ليقولن‪ :‬هللا وحده هو املنزل واملنبت‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬أمن خلق ٱلسمو ى ِ‬
‫َ ۡ ُ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َۡ َ َ َ َ َ ُ ۡ َ ُ ُ َ َ َ َ َ‬ ‫ََ ۡ‬ ‫َ ُ‬
‫ج َرها أءِل ىه َم َع ٱَّللرِ بَل ه ۡم ق ۡوم‬ ‫لس َماءِ َماء فأۢن َبت َنا بِهِۦ حدائِق ذات بهجة ما َكن لكم أن تۢنبِتوا ش‬
‫كم م َِن ٱ َ‬ ‫ل‬
‫ُ‬
‫َۡ َ‬
‫ون ‪[}٦٠‬النمل‪ ،]60 :‬قل أيها الرسول‪ :‬الحمد هلل على اعترافهم بذلك‪ ،‬بل أكثرهم ال يعقلون ّأن هللا تعالى هو‬ ‫يعدِل‬
‫ّ‬
‫املتفرد باأللوهية‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ََ َ َََ ُ ۡ ُ َۡ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما َهى ِذه ِ ٱ َ َ ُ ُّ ۡ َ‬
‫ون ‪}٦٤‬‬ ‫ب ِإَون ٱَل َار ٱٓأۡلخِرة ل ِه ٱليو ر‬
‫ان لو َكنوا يعلم‬ ‫لي ىوة ٱَلنيا إَِّل لهو ول ِع ر‬
‫الد ْنيا إ هَل َم ُ‬
‫ياة ُّ‬‫َ َ ْ َ ُ‬
‫تاع‬ ‫واملعنى‪ :‬وما هذه الحياة الدنيا إال لهو ولعب ومتاع زائل‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وَما الح‬
‫الدار اآلخرة والعمل لهي الحياة الحقيقية الدائمة‪ ،‬وهي خير للذين يتقون‪ ،‬كما‬ ‫وإن ّ‬ ‫ْال ُغ ُرور}[الحديد‪ّ ،]20 :‬‬
‫ه َ ٌ ََْ ٌ ََ ه ُ ْ َُ ٌَْ ه َ هُ َ‬ ‫َ َ ْ َ ُ ُّ ْ‬
‫ين َيتقون}[األنعام‪ ،]32 :‬لو كان الناس‬ ‫الدنيا إَل لعب ولهو وللدار اْلخرة خير للذ‬ ‫قال تعالى‪{ :‬وما الحياة‬
‫يعلمون ذلك لعملوا لآلخرة‪.‬‬

‫ُ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ ۡ ُۡ‬ ‫َ ۡ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬ ‫ۡ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فإذا َروُك ُِبوا ِف ٱل ُفل ِ َ َ ُ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪} ٦٥‬‬ ‫شوُك‬
‫ب إِذا هم ي ِ‬‫ك دعوا ٱَّلل ُّمل ِِصي ل ٱَلِين فلما نى ىهم إِل ٱل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فإذا ركب هؤالء املشركون في الفلك في البحر‪ ،‬وجاءهم األمواج املتالطمة‪ ،‬وخافوا الغرق‪،‬‬
‫البر‪ ،‬عادوا إلى شركهم وإعراضهم‪.‬‬ ‫فلما نجاهم هللا تعالى برحمته من هذا الكرب إلى ّ‬ ‫أخلصوا الدعاء هلل وحده‪ّ ،‬‬
‫ْ ُ َ‬ ‫ُ ه َ َ َ َ ُّ ه َ ْ ُ ْ َ َ ٌ ْ ُ‬
‫يق منك ْم ب َربه ْم ُيشركون}[النحل‪،]54 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فر‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ ۡ َ َ َ َۡ ُ َ َ َ ُ ََ َ ََ ُ ۡ َ َۡ‬
‫ب أ ۡع َر ۡض ُت ۡ رم َو َك َن ٱ ِإل َ ى‬
‫نس ُن‬ ‫َ َ َ ُ ُ ُّ ُّ‬
‫وقوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا ِّسكم ٱلُض ِِف ٱلح ِر ضل من تدعون إَِّل إِياه فلما نى ىكم إِل ٱل ِ‬
‫َ‬
‫ك ُفورا ‪[}٦٧‬اإلسراء‪.]67 :‬‬

‫َ ۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ‬


‫ون ‪} ٦٦‬‬ ‫قوله تعالى‪َِ { :‬لَكف ُروا ب ِ َما َءات ۡي َنى ُه ۡم َو َِلَ َت َم َت ُع روا فسوف يعلم‬
‫تمتعهم في الدنيا قليال‪ ،‬فسوف يعلمون عاقبة‬ ‫ليكفر هؤالء بما آتيناهم من النجاة‪ ،‬وليكملوا ّ‬ ‫ْ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫أمرهم‪.‬‬
‫ْ َُ‬ ‫ُ‬
‫والالم في قوله { َليكفروا} الم األمر‪ ،‬ويكون في هذه اآلية بمعنى التهديد‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬اعملوا ما‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُْ‬
‫اع َملوا َعلى َمكانتك ْم إني عام ٌل ف َس ْوف ت ْعل ُمون}[الزمر‪.]39 :‬‬ ‫شئت ْم}[فصلت‪ ،]40 :‬وقال تعالى‪{ :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ ۡ‬ ‫خ َط ُف ٱلَ ُ‬


‫ََُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬
‫اس م ِۡن َح ۡول ِ ِه ۡ رم َح ۡول ِ ِه ۡ رم أفب ِٱل َبى ِط ِل يُؤم ُِنون َوبِن ِۡع َمةِ ٱَّلل ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أ َو ل ۡم يَ َر ۡوا أنا َج َعل َنا َح َرما َءامِنا ويت‬
‫َ ۡ ُُ َ‬
‫ون ‪} ٦٧‬‬ ‫يكفر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬أولم يعلم هؤالء املشركون أنا جعلنا مكة حرما آمنا‪ ،‬وكان أهلها في أمان واطمئنان‪ ،‬كما قال‬
‫َ َ َۡ َ ُ َ َ َ ۡ َ َ َۡ َ ۡ َ َ َ‬ ‫ََۡ َ َ ُ‬ ‫ت َم َثابَة ل َ‬ ‫ِإَوذ َج َع ۡل َنا ٱ ۡلَ ۡي َ‬
‫ۡ‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ِ‬
‫اس وأمنا وٱَتِذوا مِن مقام إِبره ِٔم ِّصَل وع ِهدنا إِل إِبره ِٔم ِإَوسم ِعيل أن‬ ‫ِلن ِ‬ ‫تعالى‪{ :‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫لس ُجودِ ‪{}١٢٥‬البقرة‪ ،]125 :‬والناس حولهم يتخطفون غير آمنين‪،‬‬ ‫ي َوٱ ُّلركعِ ٱ ُّ‬
‫كفِ َ‬ ‫ي َوٱلع ى ِ‬ ‫ِلطائفِ َ‬
‫ت ل ِ‬
‫َطه َرا َب ۡي َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أفبالباطل يؤمن هؤالء املشركون‪ ،‬وبنعمة هللا تعالى عليهم من األمن واالطمئنان يكفرون؟‬

‫ۡ َ‬
‫ك ى ِفر َ‬
‫ين ‪٦٨‬‬ ‫ِل‬ ‫ل‬ ‫ى‬ ‫و‬
‫َ َََ َۡ‬
‫ث‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫ِف‬ ‫س‬‫لق ل َ َما َجا َءهُ رۥ َألَ ۡي َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ۡ َۡ َُ َ ََۡ ى ََ‬
‫لَع ٱ ََّللِ َكذِبا أ ۡو َك َذ َب بٱ ۡ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ومن أظلم ِِّم ِن ٱفتى‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫}‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالحق الذي جاء به الرسول صلى هللا‬ ‫واملعنى‪ : :‬ال أحد أظلم ممن اختلق الكذب على هللا أو كذب‬
‫عليه وسلم‪ ،‬أليس في جهنم مأوى يستقر فيه هؤالء الكافرون لنعم هللا تعالى املفترون عليه الكذب؟ فيهلكون‬
‫ه َ ْ‬ ‫َ َ ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َْ‬
‫وال يفلحون‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َم ْن أظل ُم م همن افت َرى َعلى هَّللا كذ ًبا أ ْو كذ َب ب َآياته إن ُه َل ُيفل ُح‬
‫ه ُ َ‬
‫الظاَلون}[األنعام‪.]21 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َ َۡ ََُ ۡ ُ ُ َ َ‬
‫ِإَون ٱ َ َ‬ ‫َ‬
‫َّلل ل َم َع ٱل ُم ۡحسِ ن َِي ‪}٦٩‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱَّل َ َ‬
‫ِين ج ى َه ُدوا فِينا لهدِينهم سبلنا ر‬
‫ّ‬
‫ونثبتنهم على‬ ‫لنوفقنهم إلى سبيل الخير‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬والذين جاهدوا في إعالء ديننا بالطاعة والعبادة‪،‬‬
‫ۡ‬ ‫يدنهم هداهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وٱ ََّل َ‬
‫ِين ٱ ۡه َت َد ۡوا َز َاد ُه ۡم ُهدى َو َءاتَى ى ُه ۡم َتق َوى ى ُه ۡم ‪[}١٧‬محمد‪،]17 :‬‬ ‫طريق مستقيم‪ ،‬ونز ّ‬
‫وإن هللا تعالى ملع املحسنين بالنصر والتأييد والرعاية‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َُ‬
‫و‬
‫سورة الر م‬
‫وهي مكية وعدد آياتها ستون‬

‫َۡ ََ ۡ ََۡ ُ َ‬ ‫َۡ َ َۡ ِ َ ُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬الم ‪ُ ١‬غل َِبت ٱ ُّلر ُ‬


‫وم ‪ِِ ٢‬ف أدن ٱلۡرض وهم مِن بع ِد غلب ِ ِهم سيغل ِبون ‪} ٣‬‬ ‫ِ‬
‫الروم في أقرب أرض الروم إلى بالد العرب‪ ،‬وجنود الروم من بعد غلبهم‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الفرس‬ ‫واملعنى‪ :‬الم‪ .‬غلبت‬
‫َ‬
‫جنود الفرس‪.‬‬ ‫سيغلبون‬
‫تدل على ّأن أيام الدنيا دول بين الناس ّ‬
‫وإن الحرب بينهم سجال‪ ،‬تارة هم غالبون‪ ،‬وتارة‬ ‫هذه اآلية ّ‬
‫َ ه‬ ‫َ ْ َ ه ُ ُ ُ‬
‫ام ن َداول َها َب ْين الناس}[آل عمران‪.]140 :‬‬‫مغلوبون‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وتلك األي‬

‫َُۡ َ َۡ ُ َََۡ َۡ َ ُ ُۡ ۡ ُ َ‬ ‫َ َ َۡ‬


‫قوله تعالى‪ِِ { :‬ف ب ِ ۡضعِ ِسن ِي َِّللِ ٱلِّر مِن قبل ومِن بع رد ويومئِذ يفرح ٱلمؤمِنون ‪} ٤‬‬
‫ُ‬ ‫ۡ‬

‫واملعنى‪ :‬في بضع سنين ال تزيد على عشر سنوات وال تقل عن ثالث‪ ،‬من يوم الوقعة األولى‪ ،‬هلل تعالى‬
‫وحده األمر كله من قبل غلبة الروم ومن بعدها‪ ،‬ويوم تغلب الروم يفرح املؤمنون بنصر هللا أهل الكتاب‬
‫السماوي على الوثنيين الذين ال كتاب لهم‪.‬‬
‫والغلبة ّإنما تكون بمشيئة هللا تعالى وإرادته‪ ،‬فقد يتغلب القليل على الكثير‪ ،‬والضعيف على القوي‬
‫ََ‬ ‫ُ ََ ََ َ‬ ‫ل ُنودِ قَ َال إ َن ٱ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫بإذن هللا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فَلَ َما فَ َص َل َطال ُ ُ‬
‫ش َب م ِۡن ُه فل ۡي َس م ِِن‬
‫ِ‬ ‫ن‬‫م‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ِيك‬ ‫ل‬‫ت‬‫َّلل ُم ۡب َ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وت ب ِٱ‬
‫ام ُنوا‬
‫ِين َء َ‬‫او َزهُۥ ُه َو َوٱ ََّل َ‬
‫ت َف ُغ ۡر َفَۢة ب َي ِده ِۦ فَ َشبُوا م ِۡن ُه إ ََّل َقل ِيل م ِۡن ُه ۡم فَلَ َما َج َ‬
‫َو َمن ل َ ۡم َي ۡط َع ۡم ُه َفإنَ ُهۥ مِن إ ََّل َمن ٱ ۡغ َ َ‬
‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َم َع ُهۥ قَالُوا ََّل َطاقَة لَا ٱَلَ ۡو َم ِبَال َ‬
‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت ف ِئَة‬ ‫كم مِن ف ِئَة قل ِيلة غل َب ۡ‬
‫ٍ‬ ‫ِين َيظ ُّنون أن ُهم ُّمل ىقوا ٱَّللِ‬ ‫وت َو ُج ُنودِهرِۦ قال ٱَّل‬ ‫ِ‬
‫ين ‪[}٢٤٩‬البقرة‪.]249 :‬‬ ‫لصب َ‬ ‫َ َ َ ۡ َ َ َ ُ َ َ َى‬
‫كثِرية بِإِذ ِن ٱَّللِ وٱَّلل مع ٱ ِ ِ‬

‫يز ٱ َلرح ُ‬ ‫ۡ‬


‫نُص َمن ي َ َشا ُء َو ُه َو ٱل َعز ُ‬ ‫َ ۡ َ‬
‫َّللِ يَ ُ ُ‬
‫ِيم ‪} ٥‬‬ ‫ِ‬ ‫ُص ٱ ر‬
‫قوله تعالى‪ { :‬بِن ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ستغلب الروم بنصر هللا‪ ،‬ينصر هللا تعالى من يريد نصره‪ ،‬ويهزم من يريد هزيمته‪ ،‬وهو العزيز‬
‫الذي ال يغالب‪ ،‬الرحيم بعباده املؤمنين‪.‬‬
‫املعز أولياءه بقوته وقدرته‪،‬‬ ‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬وهو القوي الذي ال يغلب‪ ،‬املنتقم من أعدائه‪ّ ،‬‬
‫الرحيم بعباده املؤمنين‪ ،‬فال يدع القوي يتحكم بالضعيف‪ ،‬وال يعاجل باالنتقام على الذنوب‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ ُ ُ هُ ه‬
‫اس بما ك َس ُبوا ما ت َر َك َعلى ظ ْهرها م ْن َد هاب ٍة‪َ ،‬ولك ْن ُيؤخ ُر ُه ْم إلى أ َج ٍل ُم َس ًّمى}[فاطر‪.]45 :‬‬ ‫الن َ‬ ‫{ولو يؤاخذ َّللا‬
‫َ ََُۡ َ‬ ‫َ ُ َ ۡ َ ُ َ َى َ َ ۡ َ‬ ‫ۡ َ َ ُۡ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫كن أكَّث ٱل ِ‬
‫اس َّل يعلمون ‪} ٦‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وع َد ٱَّللِ َّل يل ِف ٱَّلل وعدهۥ ول ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وعد هللا تعالى املؤمنين بنصر الروم على الفرس وعدا جازما أوجبه هللا على نفسه‪ ،‬ال يخلف‬
‫ف ْاَل َ‬
‫يع َاد}[آل عمران‪ّ ،]9 :‬‬
‫ولكن أكثر الناس ال‬
‫ه هَ َ ُ ْ ُ‬
‫هللا تعالى ما وعد به املؤمنين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن َّللا َل يخل‬
‫يعلمون ّأن وعده حق ال يخلف‪.‬‬

‫َ َى ُ َ‬
‫ون ‪} ٧‬‬ ‫ۡ ُ‬ ‫ون َظىهرا م َِن ٱ ۡ َ‬
‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّلن َيا َوه ۡم َع ِن ٱٓأۡلخِرة ِ غفِل‬
‫ََُۡ َ ََُۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يعلمون يعلم‬
‫ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬


‫ت َوٱ ۡلۡر َض َوٱ ۡلۡر َض َو َما بَ ۡي َن ُه َما إ ِ ََّل بٱ ۡ َ‬
‫ل ِق َوأ َجل‬ ‫نفسِ هم َما َخلَ َق ٱ َ ُ‬
‫َّلل ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أ َو ل ۡم َي َتفك ُروا ِِف أ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ۡ َ َى ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪} ٨‬‬ ‫اس بِل ِقاي رب ِ ِهم لكفِر‬ ‫ُِّّ َسم ِإَون كثِريا م َِن ٱ َل ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬أولم يتفكر هؤالء الغافلون عن اآلخرة في أمر أنفسهم‪ ،‬فيقولوا‪ :‬ما خلق السماوات واألرض‬
‫َ َْ‬
‫األ ْر َ‬ ‫وما بينهما من املخلوقات إال بالحق‪ ،‬وما خلقها العبا وباطال‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وما َخ َل ْق َنا ه‬
‫ض‬ ‫السماوات و‬
‫وإن كثيرا من الناس‬ ‫}[الدخان‪ ،]38 :‬وخلقها هللا تعالى بأجل محدود ال بد ْأن تنتهي إليه‪ّ ،‬‬ ‫َوما َب ْي َن ُهما َلعب َين ّ‬
‫بلقاء ربهم لجاحدون منكرون‪.‬‬
‫وهذا األجل املسمى إذا انتهى‪ ،‬قامت القيامة‪ ،‬وبعث هللا الخالئق وجازاهم على أعمالهم‪ ،‬كما قال‬
‫َ َ ه َ َ َ ْ َ َ ُ ْ ََ َ ه َ َ َ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫تعالى‪َ { :‬و هَّلل َما في ه‬
‫حسنوا‬ ‫الس َم َوت َو َما في األرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أ‬
‫ُ َ‬
‫الحسنى}[النجم‪.]31 :‬‬ ‫ب‬

‫ُ‬ ‫َ ُ ََ‬ ‫َ‬ ‫نظ ُروا َك ۡي َف ََك َن َع ىقِ َب ُة ٱ ََّل َ‬‫ََ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِين مِن ق ۡبل ِ ِه ۡ رم َكنوا أش َد م ِۡن ُه ۡم ق َوة‬ ‫ريوا ِِف ٱلۡر ِض ٱلۡر ِض في‬ ‫س ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أ َو ل ۡم ي ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َى َ َ َ َ َ ُ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كََ‬ ‫َََ ُ ۡ َ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ‬
‫كن َكنوا‬ ‫َّلل َِلَظل َِم ُه ۡم َول ى ِ‬ ‫ت فما َكن ٱ‬ ‫َّث ِّ َِما ع َم ُروها َو َجا َءت ُه ۡم ُر ُسل ُهم ب ِٱليِن ِ‬ ‫وأثاروا ٱلۡرض وعمروها أ‬
‫َ ُ َ ُ ۡ َۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٩‬‬ ‫أنفسهم يظل ِم‬
‫يمش هؤالء املكذبون من أهل مكة في األرض‪ ،‬فينظروا كيف كان مصير األمم السابقة‬ ‫واملعنى‪ :‬أفلم ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نظ ُروا ك ۡي َف ََك َن َع ىقِ َب ُة ٱَّل َ‬
‫ِين‬
‫ََ ُ‬ ‫دمر هللا عليهم‪ ،‬كما قال تعالى‪۞ { :‬أفَل ۡم يَسِ ُ‬
‫ريوا ِِف ٱلۡر ِض في‬ ‫املكذبة للرسل‪ ،‬كيف ّ‬
‫َۡ ۡ َ َ َ َُ َ َۡ ۡ َ ۡ َى َ َ ُ‬
‫ين أ ۡم َٰىل َها ‪[}١٠‬محمد‪ ،]10 :‬وقد كانوا أقوى منهم أجساما‪ ،‬وحرثوا األرض‬ ‫مِن قبل ِ ِهم دِّر ٱَّلل علي ِهم ول ِلكفِ ِر‬
‫واستغلوها‪ ،‬وعمروا الدنيا أكثر ما فعل أهل مكة‪ ،‬وجاءتهم رسلهم باألدلة الواضحة والحجج الساطعة‪،‬‬
‫فكذبوهم‪ ،‬فأهلكهم هللا تعالى ولم تنفعهم عما تهم وال طول ّ‬ ‫ّ‬
‫مدتهم‪ ،‬وما كان هللا تعالى ليظلمهم بإهالكهم‪،‬‬ ‫ر‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ َ ُ ْ‬
‫ولكنهم كانوا هم الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم وتكذيبهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما كان هَّللا ل َيظل َم ُه ْم َولك ْن كانوا‬ ‫ّ‬
‫ْ َ‬ ‫َْ ُ‬
‫أنف َس ُه ْم َيظل ُمون}[العنكبوت‪.]40 :‬‬
‫َ ََ ُ َ َۡ َۡ ُ َ‬ ‫ُّ َ ى َ َ َ ُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َُ َ َ َ ََ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ثم َكن ع ىقِبة ٱَّلِين أسـوا ٱلسوأى أن كذبوا ب ِأي ِت ٱَّللِ وكنوا بِها يستهزِءون ‪} ١٠‬‬
‫ى‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬ثم كانت العاقبة السيئة وهي عذاب جهنم‪ ،‬عاقبة الذين عملوا في دنياهم السيئات‪ ،‬بسبب‬
‫تكذيبهم بآيات هللا تعالى واستهزائهم بها‪ ،‬وكان ذلك بسبب عدم إيمانهم بها وإعراضهم املتقدم عنها‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ُ‬ ‫تعالى‪َ { :‬و ُن َقل ُب َأ ْفئ َد َت ُه ْم َو َأ ْب َ‬
‫صا َر ُه ْم ك َما ل ْم ُيؤمنوا به أ هو َل َم هر ٍة َونذ ُر ُه ْم في طغ َيانه ْم َي ْع َم ُهون}[األنعام‪،]110 :‬‬
‫ُُ‬ ‫َ ْ َ َه ْ َ َْ ْ َه َ ُ ُ هُ َ ْ‬
‫َّللا أن ُيص َيب ُه ْم ب َب ْعض ذنوبه ْم}[املائدة‪.]49 :‬‬ ‫وقال تعالى‪{:‬فإن تولوا فاعلم أنما يريد‬

‫َ ُ َ ۡ َ ُ َۡ ۡ َ ُ َ ُ ُ ُ ُ َ َ ۡ ُ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ١١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلل يبدؤا ٱللق ثم يعِيدهۥ ثم إَِلهِ ترجع‬
‫ُۡ‬
‫واملعنى‪ :‬هللا تعالى يبدأ الخلق من العدم‪ ،‬ثم يفنيه‪ ،‬ثم يعيده إلى الحياة بعد موته‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قل‬
‫يدهُ رۥ قُل ٱ َ ُ‬
‫َّلل ‪[}٣٤‬يونس‪ ،]34 :‬وقال‬ ‫َّلل َي ۡب َد ُؤا ٱ ۡ َ‬
‫ل ۡل َق ُث َم يُعِ ُ‬ ‫يدهُ رۥ قُل ٱ َ ُ‬ ‫كم َمن َي ۡب َد ُؤا ٱ ۡ َ‬
‫ل ۡل َق ُث َم يُعِ ُ‬ ‫ُ ََ ُ‬ ‫َۡ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هل مِن شكئ ِ‬
‫تعالى‪{ :‬إ هن ُه ُه َو ُي ْبد ُئ َو ُيع ُ‬
‫يد}[البروج‪ ،]13 :‬ثم إليه وحده ترجعون أيها الناس‪.‬‬

‫َََۡ َُ ُ َ َ ُۡ ُ ُ ۡ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬


‫ون ‪} ١٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ويوم تقوم ٱلساعة يبل ِس ٱلمج ِرِّ‬
‫واملعنى‪ :‬ويوم تقوم القيامة للحساب والجزاء‪ ،‬ييئس املجرمون من النجاة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََُُ َ‬ ‫َ َََ َى ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬إ َن ٱل ۡ ُم ۡجرم َ‬
‫ت ع ۡن ُه ۡم َوه ۡم فِيهِ ُم ۡبل ُِسون‬ ‫ِلون ‪َّ ٧٤‬ل يف‬
‫اب جهنم خ ِ‬
‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫ع‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪[}٧٥‬الزخرف‪.]74-75 :‬‬

‫َ‬
‫ُ َ ۡ ُ َ َى ُ َ ُ ُ َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك ىفِر َ‬
‫ين ‪} ١٣‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ول ۡم يَكن ل ُهم مِن شكئ ِ ِهم شفعؤا وكنوا بِشكئ ِ ِهم‬
‫واملعنى‪ :‬ولم يكن لهؤالء املجرمين من معبوديهم الذين كانوا يعبدونهم في الدنيا شفعاء ينقذونهم من‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ۡ َ َ َ َ َ َ ُّ‬
‫ِين ٱت َب ُعوا َو َرأ ُوا‬
‫ِين ٱتب ِ ُعوا مِن ٱَّل‬
‫العذاب‪ ،‬بل كانوا بعابديهم كافرين متبرئين منهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِذ تبأ ٱَّل‬
‫بأَ م ِۡن ُه ۡم َك َما تَ َ َ‬
‫ب ُءوا م َِنا َك َذ ىل َِك يُريه ُم ٱ َ ُ‬
‫َّلل‬ ‫ِين ٱ َت َب ُعوا ل َ ۡو أَ َن َلَا َك َرة َف َن َت َ َ‬ ‫ت به ُم ٱ ۡلَ ۡس َب ُ‬
‫اب ‪َ ١٦٦‬وقَ َال ٱ ََّل َ‬ ‫َۡ َ َ ََََ َ ۡ‬
‫ِ ِ‬ ‫ٱلعذاب وتقطع ِ ِ‬
‫ي م َِن ٱلَارِ ‪[}١٦٧‬البقرة‪.]166-167 :‬‬ ‫خىرج َ‬ ‫َ َۡ ۡ َ َ ُ َ‬ ‫َۡ َ َُۡ َ َ َ‬
‫أعم ىلهم حسر ى ٍت علي ِهم وما هم ب ِ ِ ِ‬

‫َََۡ َُ ُ َ َ ََۡ َََ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬


‫ون ‪} ١٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ويوم تقوم ٱلساعة يومئِذ يتفرق‬
‫واملعنى‪ :‬ويوم تقوم القيامة للحساب والجزاء‪ ،‬يفترق املؤمنون والكافرون‪ ،‬ويمتازون‪ ،‬كما قال تعالى‬
‫َ‬ ‫َ ُ ْ َ ُْ‬
‫للمجرمين يوم القيامة‪َ { :‬و ْامتازوا ال َي ْو َم أ ُّي َها اْل ْجر ُمون}[يس‪.]59 :‬‬

‫َى َ ى َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ ۡ َ ُ َ‬ ‫َََ َ َ َ َُ َ ُ‬
‫ون ‪} ١٥‬‬‫ت فهم ِِف روضة يب‬ ‫امنوا َوع ِملوا ٱلصل ِح ِ‬‫قوله تعالى‪ { :‬فأما ٱَّلِين ء‬
‫يكرمون‬‫فأما الذين آمنوا باهلل واليوم اآلخر وعملوا األعمال الصالحة‪ ،‬فهم في روضة في الجنة ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫ويسرون بما تقر به أعينهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬فال َت ْع َل ُم َن ْف ٌ‬
‫س َما أخف َي ل ُه ْم م ْن ق هرة أ ْع ُي ٍن َج َز ًاء ب َما كانوا‬
‫ُ َ‬
‫َي ْع َملون}[السجدة‪.]17 :‬‬

‫ۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َى‬


‫َ ََُ َ ُ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ١٦‬‬ ‫اب َمُض‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأما ٱَّلِين كفروا ووُكذبوا ب ِأي ىتِنا ول ِقاي ٱٓأۡلخِرة ِ فأولئِك ِِف ٱلعذ ِ‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا البينات وبلقاء اآلخرة‪ ،‬فأولئك في العذاب مقيمون مخلدون‪،‬‬
‫َ ى َ ُ َى َ َ ۡ َ ى ُ َ ُ ۡ َ َ ى ُ َ‬ ‫َ َ َ ََُ ََ َُ‬
‫ون ‪[}٣٩‬البقرة‪.]39 :‬‬ ‫بَٔٔايتِنا أولئِك أصحب ٱلارِ هم فِيها خ ِِل‬ ‫كما قال تعالى‪ { :‬وٱَّلِين كفروا ووُكذبوا ِ‬

‫َ ُۡ ُ َ َ َ ُ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ف ُس ۡب َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ١٧‬‬ ‫حى َن ٱَّللِ حِي تمسون وحِي تصبِح‬
‫فسبحوا هللا تعالى أيها املؤمنون حين تمسون قبل غروب الشمس‪ ،‬وحين تصبحون قبل طلوع‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ ْ ُ‬ ‫ه‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬
‫الشمس‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َسب ْح ب َح ْمد َرب َك ق ْب َل طلوع الش ْمس َوق ْب َل الغ ُروب}[ق‪.]39 :‬‬

‫َ َ ُۡ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ١٨‬‬ ‫ت َوٱلۡر ِض َو َعشِ يا وحِي تظ ِهر‬ ‫ل ۡم ُد ِف ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ول ٱ َ ِ‬
‫فسبحوه وقت العش ي‪ ،‬وحين تظهرون‬ ‫واملعنى‪ :‬وهلل تعالى وحده جميع الحمد في السماوات واألرض‪ّ ،‬‬
‫وسط النهار‪.‬‬
‫شدة الظالم‪ ،‬واإلظهار‪ :‬قوة ّ‬ ‫ّ‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬فالعشاء هو‪ّ :‬‬
‫الضياء‪ ،‬فسبحان خالق هذا وهذا‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫فالق اإلصباح وجاعل الليل سكنا‪ ،‬كما قال‪َ { :‬وٱلَ َهارِ إِذا َجلى ى َها ‪َ ٣‬وٱ َۡل ِل إِذا َي ۡغ َشى ى َها ‪[}٤‬الشمس‪ ،]3-4 :‬وقال‪{ :‬‬
‫ه َ‬
‫الض َحى‪َ .‬والل ْيل إذا َس َجى}[الضحى‪ ،]1-2 :‬واآليات في‬ ‫ش ‪َ ١‬وٱلَ َهار إ َذا َتَ َ ىَل ‪[}٢‬الليل‪ ،]1-2 :‬وقال‪َ { :‬و ُّ‬ ‫َ‬
‫َوٱ َۡلل إ َذا َي ۡغ َ ى‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫هذا كثيرة‪.‬‬

‫ُۡ‬ ‫َ َ‬
‫َ َۡ َ َۡ َ َ ى َ َ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ‬
‫َُ ۡ ُ َ َ َ َ َُۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُۡ‬
‫ون ‪} ١٩‬‬ ‫ح ٱلۡرض بعد ِّوت ِها ر ووُكذل ِك َترج‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ير ُج ٱل َ َ‬
‫ح م َِن ٱل َمي ِ ِ‬
‫ح وي ِ‬ ‫ت ويخ ِرج ٱلميِت مِن ٱل ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬يخرج هللا تعالى الحي من امليت‪ ،‬كاإلنسان الحي من التراب امليت‪ ،‬والطائر الحي من البيضة‪،‬‬
‫الحي‪ ،‬كالبيضة من الطائر والكافر من املؤمن‪ ،‬ويحيي هللا األرض بالنبات‬ ‫واملؤمن من الكافر‪ ،‬ويخرح امليت من ّ‬
‫َْ‬ ‫َ ْ ُُْ َ‬ ‫َ َ ٌ َ ُ ُ ْ ُ َْْ َ ُ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ‬
‫اها َوأخ َر ْجنا م ْن َها َح ًّبا فمن ُه َيأكلون ‪َ .‬و َج َعلنا ف َيها‬‫بعد جفافها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬و آية لهم األرض اَليتة أحيين‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َه‬
‫اب َوف هج ْرنا ف َيها م َن ال ُع ُيون}[يس‪ ،]33-34 :‬ومثل ذلك اإلخراج تخرجون جميعا أيها‬ ‫يل وأعن ٍ‬ ‫ات من نخ ٍ‬‫جن ٍ‬
‫الناس من قبوركم يوم القيامة‪.‬‬

‫َُ َُ َ َ ُ ََ َ َ ُ َ‬ ‫َۡ َ ََ ُ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٢٠‬‬‫قوله تعالى‪َ { :‬وم ِۡن َءاي ىتِهِۦ أن خلقكم مِن تراب ثم إِذا أنتم بش تنت ِش‬
‫واملعنى‪ :‬ومن األدلة الواضحة على قدرة هللا تعالى ْأن خلق أباكم آدم من تراب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إ هن‬
‫اب}[آل عمران‪ ،]59 :‬ثم صرتم بعد خلقكم في أطوار متعددة‬ ‫يس ى ع ْن َد هَّللا َك َم َثل َآد َم َخ َل َق ُه م ْن ُت َ‬
‫ر‬ ‫َم َث َل ع َ‬
‫ٍ‬
‫بشرا تتناسلون وتنتشرون في األرض وتتوزعون فيها ألغراض متكاملة‪.‬‬
‫َْ‬
‫واملراد باآليات هنا األدلة الواضحة الدالة على قدرة هللا تعالى‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ { :‬و َج َعلنا ْاب َن َم ْرَي َم‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫َوأ هم ُه َآية}[املؤمنون‪.]50 :‬‬

‫َ ۡ ُ ُ َۡ َ َ َ َ َ ََۡ ُ َ َ َ َ َ ۡ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َۡ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬


‫ْحة ر إِن ِِف‬‫سك ۡم أ ۡز َو ىجا ل ِتسكنوا إَِلها وجعل بينكم ِّودة ور‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وم ِۡن َءاي ىتِهِۦ أن خل َق لكم م ِۡن أنف ِ‬
‫َى َ َ ى َ ۡ َ َ َ َ ُ َ‬
‫ون ‪}٢١‬‬ ‫ذل ِك ٓأَليت ل ِقوم يتفكر‬
‫واملعنى‪ :‬ومن األدلة الواضحة على قدرة هللا تعالى ْأن خلق لكم أيها الرجال أزواجا من النساء‪ ،‬لتسكنوا‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َََ ُ ْ ْ َْ‬ ‫ُ َ ه‬
‫س َواح َد ٍة َو َج َع َل م ْن َها ز ْو َج َها ل َي ْسك َن‬ ‫ٍ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ن‬‫م‬ ‫م‬ ‫ك‬‫ق‬ ‫ل‬‫خ‬ ‫ي‬ ‫ذ‬‫ال‬ ‫إليها ولتطمئن نفوسكم بها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬هو‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫إل ْي َها}[األعراف‪ ،]189 :‬وجعل هللا بينكم وبين أزواجكم محبة وشفقة‪ ،‬إن في ذلك آليات واضحات دالة على‬
‫قدرة هللا تعالى لقوم يتفكرون‪.‬‬

‫َ ۡ ُ َ َ ى َ ى َ ۡ َ ِ َ ۡ َى ُ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ ى ُ‬
‫ِك ۡم إ َن ِف َذ ىل َِك ٓأَل َي ىت ل ِۡل َع ىلِم َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪٢٢‬‬ ‫ِ‬ ‫سنتِكم وألون ر ِ ِ‬ ‫ت وٱلۡرض وٱخت ِلف أل ِ‬‫قوله تعالى‪َ { :‬وم ِۡن َءاي ىتِهِۦ خلق ٱلسمو ِ‬
‫}‬
‫ه َْ‬ ‫واملعنى‪ :‬ومن األدلة الواضحة على قدرة هللا تعالى ُ‬
‫خلق السماوات واألرض‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن في خلق‬
‫َْ‬
‫األ ْل َباب}[آل عمران‪ ،]190 :‬واختالف لغاتكم ّ‬ ‫ُ‬ ‫ه َ ه َ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ه َ َ َْ‬
‫وتنوع‬ ‫ات ألولي‬‫الس َماوات واأل ْرض واختالف الل ْيل والن َهار ْلي ٍ‬
‫ألوانكم‪ّ ،‬إن في ذلك آليات واضحات دالة على قدرة هللا تعالى لقوم ذوي علم نافذ وعقل راشد‪.‬‬

‫ى َ َى َ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ ُ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٢٣‬‬ ‫امكم ب ِٱ َۡل ِل َوٱلَ َهارِ َوٱبۡتِغاؤكم مِن فضلِهِرۦ إِن ِِف ذل ِك ٓأَليت ل ِقوم يسمع‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وم ِۡن َءاي ىتِهِۦ من‬
‫واملعنى‪ :‬ومن األدلة الواضحة على قدرة هللا تعالى منامكم بالليل وسكونكم فيه‪ ،‬وابتغاؤكم من فضل‬
‫َ ََ َ ُ ُ ََۡ َ ََ َ َ ُ‬ ‫حمة لكم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ومِن َر ۡ َ‬ ‫ً‬
‫ار ل ِت ۡسك ُنوا‬‫ْحتِهِۦ جعل لكم ٱَلل وٱله‬ ‫هللا تعالى بالكسب والسعي بالنهار ر‬
‫ََََ ُ ۡ َۡ ُ ُ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ‬
‫ون ‪[}٧٣‬القصص‪ّ ،]73 :‬إن في ذلك آليات واضحات دالة على قدرة هللا‬ ‫فِيهِ َو ِِلَ ۡب َتغوا مِن فضلِهِۦ ولعلكم تشكر‬
‫وتفهم‪.‬‬‫تعالى لقوم يسمعون سماع اتعاظ ّ‬

‫َ‬ ‫َۡ َ‬ ‫ُ ُ َۡۡ َ َ ۡ َ َ َ َ َُ ُ َ َ َ َ َُ ۡ‬ ‫َ ۡ َ َ‬


‫حۦ بِهِ ٱلۡرض َب ۡع َد َِّ ۡوت َِها ر إِن ِِف‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ومِن ءاي ىتِهِۦ ي ِريكم ٱلبق خوفا وطمعا وي ِ‬
‫زنل مِن ٱلسماءِ ماء في ِ‬
‫َى َ َ ى َ ۡ َ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪}٢٤‬‬ ‫ذل ِك ٓأَليت ل ِقوم يعقِل‬
‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬ومن األدلة الواضحة على قدرة هللا تعالى‪ْ ،‬أن يريكم هللا تعالى البرق إخافة من الصواعق‬
‫َ‬ ‫ب َق َخ ۡوفا َو َط َمعا َويُنشِ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫اب ٱل َِقال ‪[}١٢‬الرعد‪:‬‬ ‫ح َ‬‫لس َ‬
‫ئٱ َ‬ ‫ُ‬
‫يك ُم ٱل َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬
‫وطمعا في نزول املطر‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬هو ٱَّلِي يرِ‬
‫فلما نزل عليها املطر‪،‬‬ ‫وينزل من السحاب مطرا‪ ،‬فيحيي به األرض بعد ما كانت هامدة ال نبات فيها‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪،]12‬‬
‫َ‬
‫تحركت بالنبات‪ ،‬وارتفعت وانتفخت باملاء والنبات‪ ،‬ثم أنبتت من أنواع النبات‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َت َرى ْاأل ْر َ‬ ‫ْ‬
‫ض‬
‫ُ َ‬ ‫ْ َْ َ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ً َ َ َْ ْ َ َ َْ‬
‫َهام َدة فإذا أن َزلنا َعل ْي َها اَل َاء ْاهت هزت َو َرَبت َو أن َبتت م ْن كل ز ْو ٍج َبه ٍيج}[الحج‪ّ ،]5 :‬إن في ذلك آليات واضحات‬
‫دالة على قدرة هللا تعالى لقوم يعقلون‪.‬‬

‫ُۡ ُ ُ َ‬‫َۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وم ِۡن َء َاي ىتهِۦ أن َت ُق َ‬
‫ون ‪} ٢٥‬‬ ‫لس َما ُء َوٱلۡرض بِأ ِّۡ ِرهر ِۦ ث َم إِذا د ََعك ۡم دع َوة م َِن ٱلۡر ِض إِذا أنتم َترج‬
‫وم ٱ َ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ومن األدلة الواضحة على قدرة هللا تعالى ْأن تقوم السماء بدون عمد‪ ،‬واألرض بال وتد بأمر‬
‫ْ‬ ‫َْ ََ َ‬ ‫هللا وإذنه‪ ،‬فال تزوال‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ُي ْمس ُك ه‬
‫الس َم َاء أن تق َع َعلى األ ْرض إَل بإذنه}[الحج‪ ،]65 :‬وقال تعالى‪:‬‬
‫ه هَ ُْ ُ ه َ َ َ ْ َ َ ْ َ‬
‫ض أن ت ُزوَل}[فاطر‪ ،]41 :‬ثم إذا دعاكم هللا تعالى دعوة إلى البعث يوم القيامة‪،‬‬ ‫{إن َّللا يمسك السموات واألر‬
‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ََۡ َۡ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬
‫يبون ِّبَ ۡم ِده ِۦ َوتظ ُّنون إِن‬ ‫ج‬
‫إذا أنتم تخرجون من األرض فتستجيبون له‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬يوم يدعووُكم فتست ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ ۡ‬
‫لِث ُت ۡم إَِّل قل ِيل ‪[}٥٢‬اإلسراء‪.]52 :‬‬

‫ُ َ ُ َى ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َ ُلۥ َمن ِف ٱ َ َ‬


‫ون ‪} ٢٦‬‬ ‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ت َوٱلۡر ِض ُك لۥ قن ِت‬ ‫ِ‬
‫ُ ُّ‬
‫واملعنى‪ :‬وهلل وحده كل من في السماوات واألرض ملكا وخلقا وعبدا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِن ُك َمن ِِف‬
‫َ‬ ‫َۡ‬
‫لس َم ى َو ى ِت َوٱلۡر ِض إَِّل َء ِاِت ٱ َلرِنَٰمۡح َع ۡبدا ‪[} ٩٣‬مريم‪ ،]93 :‬كل هؤالء منقادون خاضعون هلل تعالى‪.‬‬
‫ٱ َ‬

‫َ‬ ‫َ ۡ َ ُ َۡ ۡ َ ُ َ ُ ُ ُ َ ُ َ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ َ َُ ۡ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ‬
‫ت َوٱ ۡلۡر ِض َو ُهوَ‬
‫لس َم ى َو ِى‬
‫لَع ِف ٱ َ‬
‫ى‬ ‫ُ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وه َو ٱَّلِي يبدؤا ٱللق ثم يعِيدهۥ وهو أهون عليهِ ول ٱلمثل ٱل‬
‫ِ‬
‫لك ُ‬
‫ِيم ‪} ٢٧‬‬ ‫يز ٱ ۡ َ‬
‫ٱ ۡل َعز ُ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وهو هللا الذي يبدأ الخلق من العدم‪ ،‬ثم يفنيه‪ ،‬ثم يعيده إلى الحياة بعد موته‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫يد ُ َف َأ هنى ُت ْؤ َف ُكو َن}[يونس‪ ،]34 :‬وقال تعالى‪{ :‬إ هن ُه ُه َو ُي ْبد ُئ َو ُيع ُ‬
‫َّللا َي ْب َد ُأ ْال َخ ْل َق ُث هم ُيع ُ‬
‫{ ُقل ه ُ‬
‫يد}[البروج‪،]13 :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّللا ْال َخ ْل َق ُث هم ُيع ُ‬ ‫َََ ْ ََْ َْ َ‬
‫يد ُ إ هن ذل َك َعلى هَّللا‬ ‫ف ُي ْبد ُئ ه ُ‬ ‫وهو أمر ّ‬
‫هين عليه يسير‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أولم يروا كي‬
‫َيس ٌير}[العنكبوت‪ ،]19 :‬وهلل وحده الوصف األعلى في السماوات واألرض‪ ،‬ال يشبهه ش يء‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬‬
‫ليس‬
‫َ ْ‬
‫كمثله ش ٌيء}[الشورى‪ ،]11 :‬وهو العزيز الذي ال يغالب‪ ،‬الحكيم في صنعه‪.‬‬

‫ۡ ُ‬ ‫ُ ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ َ ۡ َ‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ‬


‫شك َء ِِف َما َر َزق َنىك ۡم‬ ‫ت أيۡ َم ى ُنكم مِن‬ ‫سك ۡم هل لكم مِن ما ِّلك‬ ‫ض َب لكم َمثل م ِۡن أنف ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬‬
‫َى َ ۡ َ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ َ ُ َ ُ ۡ َ َ ُ ۡ ُ َ ُ ۡ َ َى َ ُ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫ت ل ِقوم يعقِلون ‪} ٢٨‬‬ ‫صل ٱٓأۡلي ِ‬
‫خيفتِكم أنفسك رم كذل ِك نف ِ‬ ‫فأنتم فِيهِ سواء َتافونهم ك ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ضرب هللا تعالى لكم أيها املشركون مثال منتزعا من أنفسكم‪ ،‬وبيان هذا املثل‪ :‬هل ترضون ْأن‬
‫يشارككم عبيدكم وإماؤكم في أموالكم التي رزقناكم إياها‪ ،‬وهم مثلكم في البشرية‪ ،‬خلقناهم كما خلقناكم‪،‬‬
‫َ‬
‫مشاركتهم فيها‪ ،‬كما تخافون عليها من األحرار املشابهين لكم في الحرية‪،‬‬ ‫بل إنكم لتخافون على أموالكم منهم‪،‬‬
‫فإذا كان هذا شأنكم‪ ،‬فكيف ترضون ألنفسكم أ ْن تشركوا مع هللا تعالى آلهة أخرى في العبادة‪ ،‬وهو خالقكم‬
‫ورازقكم‪ ،‬مثل ذلك التفصيل‪ّ ،‬‬
‫نفصل اآليات لقوم ينتفعون بعقولهم السليمة‪.‬‬
‫َ‬
‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬واملعنى‪ّ :‬أن أحدكم يأنف من ذلك‪ ،‬فكيف تجعلون هلل األنداد من خلقه‪ ،‬وهذا‬
‫}[النحل‪ ]62 :‬أي‪ :‬من البنات‪ ،‬حيث جعلوا املالئكة الذين هم عباد‬ ‫كقوله تعالى‪َ { :‬و َي ْج َع ُلون َّلل َما َي َ‬
‫كر ُهون ّ‬
‫ٌ‬ ‫ًّ‬ ‫إناثا‪ ،‬وجعلوها بنات هللا‪ ،‬وقد كان أحدهم إذا بشر باألنثى ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫كظيم‪ ... ،‬وجعلوا‬ ‫مسودا وهو‬ ‫ظل وجهه‬ ‫الرحمن‬
‫املالئكة بنات هللا‪ ،‬فنسبوا إليه ما ال يرتضونه ألنفسهم‪ ،‬فهذا أغلظ الكفر‪.‬‬

‫ُص َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ ََ ُ‬‫َ َ‬ ‫َ ۡ َ‬ ‫َ‬


‫َ َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُ َۡ َ ُ َۡ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َََ‬
‫ين ‪} ٢٩‬‬ ‫ري عِلم فمن يهدِي من أضل ٱَّلل وما لهم مِن ن ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ب ِل ٱتبع ٱَّلِين ظلموا أهواءهم بِغ ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬بل اتبع املشركون أهواءهم جهال منهم وبدون علم‪ ،‬فال أحد يقدر على هداية من أضله هللا‬
‫َ‬ ‫هُ َ‬ ‫ْ‬
‫َّللا فال هاد َي ل ُه}[األعراف‪ ،]186 :‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫يضلله هللا فال هادي له‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬م ْن ُي ْ‬ ‫تعالى‪ْ ،‬‬
‫ضلل‬ ‫ومن‬
‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ۡ َ َ َ ُ َ ُ َ َ َ ُ ۡ َ ُّ ُ ۡ َ ۡ ُ َ‬ ‫َ َى ُ َ ۡ‬ ‫ََ َ ۡ َُ َ‬
‫بُٔٔون ُهۥ ب ِ َما َّل َي ۡعل ُم ِِف ٱلۡر ِض أم‬‫ُك نفس بِما كسبت وجعلوا َِّللِ شكء قل سموه رم أم تن ِ‬ ‫ِ‬ ‫لَع‬ ‫م‬‫{ أفمن هو ق ِ‬
‫ئ‬ ‫ا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫لسبيل َو َمن يُ ۡضل ِل ٱ َ ُ‬ ‫َ َ َ ُ َ ُ ُ ۡ َ ُ ُّ َ‬‫ۡ‬ ‫َ َۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬
‫َّلل ف َما ُلۥ م ِۡن َهاد ‪[}٣٣‬الرعد‪:‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫بِظى ِهر مِن ٱلقو ِل بل زيِن ل َِّلِين كفروا مكرهم وصدوا ع ِن ٱ ِ ِ‬
‫‪ ،]33‬وما لهم من ناصرين ينقذونهم من عذاب هللا‪.‬‬

‫ُ َۡ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ۡ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َۡ َ َ َۡ َ َۡ‬ ‫ِِلين َ‬ ‫ََ ۡ َ ۡ َ َ‬


‫ِين ٱلقي ِ ُم‬
‫َّللِ ذ ىل ِك ٱَل‬
‫ِ ر‬ ‫ٱ‬ ‫ق‬ ‫ل‬‫ل‬‫ِ‬ ‫ِيل‬
‫د‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫َّل‬ ‫ر‬ ‫ا‬‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫اس‬‫ل‬‫ٱ‬ ‫ر‬‫ط‬‫ف‬ ‫ت‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِ‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ت‬‫ر‬‫ِط‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫ا‬‫ِيف‬ ‫ن‬ ‫ح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فأق ِم وجه‬
‫َ ََُۡ َ‬ ‫كََ‬ ‫َ َى َ َ ۡ‬
‫ون ‪} ٣٠‬‬ ‫َّث ٱلَ ِ‬
‫اس َّل يعلم‬ ‫كن أ‬
‫ول ِ‬
‫فأقم أيها الرسول ومن اتبع الرسول وجهك للدين الحنيف الذي شرعه هللا تعالى لك‪ ،‬الزموا‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫فطرة هللا السليمة التي فطر هللا الناس عليها‪ ،‬وهو العهد الذي أخذه هللا عليهم في عالم الذر‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ُ َ ُ َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ َْ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ َ َ‬
‫{ َوإذ أخذ َرُّب َك م ْن َبني َآد َم م ْن ظ ُهوره ْم ذرهي َت ُه ْم َوأش َه َد ُه ْم َعلى أنفسه ْم أل ْست ب َربك ْم قالوا َبلى‬
‫َشه ْد َنا}[األعراف‪ ،]172 :‬ال تبديل لخلق هللا‪ ،‬ذلك الدين املستقيم الذي ال عوج له‪ّ ،‬‬
‫ولكن أكثر الناس ال‬
‫ََ َ ْ َ ه َ َُْ ْ َ َُْ ه َ‬
‫األولين}[الصافات‪.]71 :‬‬ ‫يعلمون حقيقته‪ ،‬فلهذا كان أكثرهم مشركين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ولقد ضل قبلهم أكثر‬

‫شوُك َِي ‪}٣١‬‬ ‫َ َىَ ََ َ ُ ُ َ ُۡ ۡ‬


‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫وا‬ ‫ون‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫َّل‬ ‫و‬ ‫ة‬‫و‬ ‫ل‬‫لص‬ ‫ٱ‬ ‫وا‬ ‫ي إ َ َۡلهِ َوٱ َت ُقوهُ َوأَق ُ‬
‫ِيم‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬من ِيب ِ ِ‬

‫َ ََ ۡ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪}٣٢‬‬
‫ُ ُّ‬ ‫َ ُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬م َِن ٱ ََّل َ‬
‫ِين فَ َرقُوا د َ‬
‫ِين ُه ۡم َوكنوا ش َِيعا ُك ح ِۡزب بِما َلي ِهم ف ِرح‬
‫فرقوا دينهم‪ ،‬فأصبحوا شيعا وفرقا وأحزابا حسب اختالف‬ ‫واملعنى‪ :‬وال تكونوا من املشركين الذين ّ‬
‫أهوائهم‪ ،‬وصار كل حزب منهم‪ ،‬مسرورا بما هو عليه‪ ،‬فهؤالء أمرهم إلى هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إ هن هالذ َ‬
‫ين‬
‫َ ُ ْ ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ف هرقوا د َين ُه ْم َوكانوا ش َي ًعا ل ْست م ْن ُه ْم في ش ْي ٍء إن َما أ ْم ُر ُه ْم إلى هَّللا ث هم ُينب ُئ ُه ْم ب َما كانوا َيف َعلون}[األنعام‪.]159 :‬‬

‫ُۡ َ ۡ ُۡ ُ َ‬ ‫َ َۡ ُ َ َ َ َ َ ُ ۡ ُ َ ۡ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ َ ُ ُّ‬
‫شوُكون‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ب‬‫ر‬
‫ِ ِِ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫يق‬‫ر‬‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا ِّس ٱلاس ض دعوا ربهم من ِيبِي إَِلهِ ثم إِذا أذاقهم مِنه رْحة إِذا ف ِ‬
‫‪} ٣٣‬‬
‫ضر من مرض أو فقر أو غيرهما َدعوا ربهم بإلحاح وتضرع مقبلين إليه‬ ‫واملعنى‪ :‬وإذا أصاب الناس ّ‬
‫َ َ َ ۡ َ ى َ ُّ ُّ َ َ‬
‫لُض د ََعنا‬ ‫مضطجعين على جنوبهم‪ ،‬أو قاعدين‪ ،‬أو قائمين على أقدامهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَوذا ِّس ٱ ِإلنسن ٱ‬
‫َ ُ‬ ‫ض َِّ َس ُهۥ َك َذ ىل َِك ُزي َن ل ِۡل ُم ّۡسف َ‬‫َ َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ ُ ُ َ ُ َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ َى ُ‬ ‫َۡ َ‬ ‫َۡ َ‬
‫ِي َما َكنوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ا‬‫ن‬ ‫ع‬ ‫د‬‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ن‬‫أ‬‫ك‬ ‫ر‬‫ِّ‬ ‫ۥ‬ ‫ه‬‫ض‬ ‫ه‬‫ن‬ ‫ع‬ ‫ا‬‫ن‬ ‫ف‬‫ش‬ ‫ك‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ل‬‫ف‬ ‫ا‬‫م‬‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫ِد‬
‫ع‬ ‫ا‬ ‫َِ‬
‫لۢنبِهِۦ أو ق‬
‫ون ‪[}١٢‬يونس‪ ،]12 :‬ثم إذا كشف هللا تعالى عنهم الضر‪ ،‬وأذاقهم منه رحمة ونعمة إذا فريق منهم يعودون‬ ‫َۡ َُ َ‬
‫يعمل‬
‫ْ ُ َ‬ ‫ُ ه َ َ َ َ ُّ ه َ ْ ُ ْ َ َ ٌ ْ ُ‬
‫يق منك ْم ب َربه ْم ُيشركون}[النحل‪.]54 :‬‬‫إلى شركهم بربهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ثم إذا كشف الضرعنكم إذا فر‬

‫َ ۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ‬


‫ون ‪} ٣٤‬‬ ‫قوله تعالى‪َِ { :‬لَكف ُروا ب ِ َما َءات ۡي َنى ُه ۡ رم ف َت َم َت ُعوا فسوف تعلم‬
‫واملعنى‪ :‬ليؤول أمر هؤالء املشركون إلى الكفر بما آتيناهم من نعمة وإحسان‪ ،‬فاستمتعوا أيها‬
‫املشركون بمتاع الدنيا القليل الزائل‪ ،‬فسوف تعلمون عاقبة أمركم‪.‬‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ ُ َ ََْ ُ ََ ه‬
‫اه ْم فت َمت ُعوا ف َس ْوف ت ْعل ُمون}[النحل‪.]55 :‬‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ليكفروا بما آتين‬

‫ُۡ ُ َ‬ ‫َۡ َ ََۡ َ َۡ ۡ ُ َۡ ى َ ُ َ ََ ََ ُ َ َ ُ‬


‫شوُكون ‪} ٣٥‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أم أنزلا علي ِهم سلطنا فهو يتَكم بِما َكنوا بِهِۦ ي ِ‬

‫ُ ۡ َ َُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اس َر ۡ َ‬


‫ْحة فر ُحوا ب َها ِإَون تُص ۡب ُه ۡم َسيئَُۢة ب َما ق َد َم ۡ‬ ‫َ ََۡ‬
‫ون ‪} ٣٦‬‬ ‫ت أيۡدِي ِه ۡم إِذا هم يقنط‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا أذق َنا ٱلَ َ‬

‫وإن تصبهم‬‫واملعنى‪ :‬وإذا أعطينا الناس منا حمة من صحة‪ ،‬وقوة‪ ،‬ويسر‪ ،‬فرحوا بذلك فرح بطر‪ْ ،‬‬
‫ر‬
‫سيئة من مرض‪ ،‬وضعف‪ ،‬وضيق بسبب بسبب اقترافهم الذنوب واملعاص ي‪ ،‬إذا هم ييئسون من رحمة هللا‬
‫اها م ْن ُه إ هن ُه َل َي ُئ ٌ‬
‫وس َك ُف ٌ‬ ‫ََ ْ ََ َْ ْ ْ َ َ‬
‫ان م هنا َ ْح َم ًة ُث هم َن َز ْع َن َ‬
‫ور}[هود‪:‬‬ ‫ر‬ ‫تعالى ويكفرون بنعمه‪ ،‬كما قال تعالى‪ :‬ولئن أذقنا اإلنس‬
‫َ ْ َ ه ُ ه ُّ َ َ ُ ٌ َ ُ ٌ‬
‫وس قنوط}[فصلت‪.]49 :‬‬ ‫‪ ،]9‬وقال تعالى‪{ :‬وإن مسه الشرفيئ‬

‫َ ۡ ُۡ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ ََ ۡ َ ََ َۡ ُ ُ‬‫َ‬ ‫َ َ‬


‫ون ‪} ٣٧‬‬ ‫لر ۡزق ل َِمن يَشا ُء َويَقد ُِر ر َويَقد ُِر ر إِن ِِف ذ ىل ِك ٓأَلي ىت ل ِقوم يؤمِن‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أو لم يروا أن ٱَّلل يبسط ٱ ِ‬
‫ّ‬
‫ويضيقه على‬ ‫من يشاء من عباده‪،‬‬ ‫يوسع الرزق على ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬أولم يعلم هؤالء املشركون أ ّن هللا تعالى ّ‬
‫ّ‬
‫من يشاء منهم‪ّ ،‬إن في ذلك التوسيع والتضييق آليات واضحة دالة على حكمة هللا لقوم يؤمنون‪ ،‬ألنه تعالى‬ ‫ْ‬
‫صريا‬ ‫ك يَ ۡب ُس ُط ٱلر ۡز َق ل َِمن ي َ َشا ُء َويَ ۡقد ُِر إنَ ُهۥ ََك َن بعِ َبادِه ِۦ َخب َ َ‬
‫َ ََ َ‬
‫ريا ب ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫خبير بمصالح عباده‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِن رب‬
‫‪[}٣٠‬اإلسراء‪.]30 :‬‬

‫َ ُ َى َ ُ‬ ‫َى َ َ ۡ َ َ ُ ُ َ‬ ‫ب َح َق ُهۥ َوٱل ۡم ۡسك َ‬ ‫ََ َ ُۡ ۡ َ‬


‫يدون َو ۡج َه ٱَّللِ َوأولئِك ه ُم‬‫يل ذل ِك خري ل َِّلِين ي ِر‬
‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫ِي َوٱ ۡب َن ٱ َ‬
‫لس‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ت ذا ٱلقر‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فأ ِ‬
‫ُۡۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٣٨‬‬ ‫ٱلمفل ِح‬
‫حق القريب من البر واإلحسان والصلة‪ ،‬وأعط‬ ‫واملعنى‪ :‬فأعط أيها الرسول ومن اتبع الرسول َّ‬
‫َ‬
‫املسكين‪ ،‬واملسافر املنقطع عن أهله وماله من الزكاة والصدقة دون اإلسراف‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َء ِ‬
‫ات ذا‬
‫َ‬ ‫ٱ ۡل ُق ۡر َ ى َ َ ُ َ ۡ ۡ َ َ ۡ َ َ‬
‫يل َوَّل ُت َبذ ِۡر َت ۡبذِيرا ‪[}٢٦‬اإلسراء‪ ،]26 :‬ذلك اإلعطاء خير للذين يريدون رضا‬
‫ب حقهۥ وٱل ِمسكِي وٱبن ٱلسب ِ ِ‬
‫هللا تعالى‪ ،‬وأولئك هم الفائزون في الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫َ‬ ‫ََ ى ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما َءاتَ ۡي ُتم مِن ربا ل َ ۡ‬
‫يدون َو ۡج َه ٱَّللِ‬ ‫ِند ٱَّللِ َو َما َءات ۡي ُتم مِن زوُكوة ت ِر‬ ‫ِريبُ َوا ِِف أ ۡم َو ى ِل ٱلَ ِ‬
‫اس فل يَ ۡربُوا ع‬ ‫ِ‬
‫َ ُ َى َ ُ ُ ۡ ُ ۡ ُ َ‬
‫فأولئِك هم ٱلمضعِفون ‪} ٣٩‬‬
‫واملعنى‪ :‬وما أعطيتم يا آكلي الربا من ربا ليزيد في أموال الناس‪ ،‬فال يزيد عند هللا تعالى بل يمحقه هللا‪،‬‬
‫َ َ‬
‫وما أعطيتم من زكاة تبتغون رضا هللا تعالى‪ ،‬فيضاعفه هللا تعالى أضعافا كثيرة ويربيه‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فإِن ل ۡم‬
‫ُۡ ُ ۡ َ َ ُ ۡ ُ ُ ُ َ ۡ َى ُ ۡ َ َ ۡ ُ َ َ َ ُ ۡ َ ُ َ‬ ‫َۡ ُ ََُۡ‬
‫ون ‪[}٢٧٩‬البقرة‪:‬‬ ‫ولِۦ ِإَون تبتم فلكم رءوس أمول ِكم َّل تظل ِمون وَّل تظلم‬ ‫تف َعلوا فأذنوا ِّبَ ۡرب م َِن ٱ ََّللِ َو َر ُس ِ‬
‫‪.]276‬‬
‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ومعنى الربا هو الزيادة‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ { :‬و َت َرى ْاأل ْر َ‬
‫ض هام َدة فإذا أن َزلنا َعل ْي َها اَل َاء ْاهت هزت‬
‫ْ‬
‫َو َرَبت}[الحج‪ ،]5 :‬أي‪ :‬زادت‪.‬‬
‫مما أهدى لهم‪ ،‬فهذا ال ثواب له‬ ‫الناس عليه أكثر ّ‬ ‫عطي ًة يريد ْأن ّ‬
‫يرد ّ‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬من أعطى ّ‬
‫ّ‬ ‫ومجاهد‪ّ ،‬‬
‫ٌ‬
‫ومحمد بن كعب‪ ،‬والشع ّبي‪ ،‬وهذا‬ ‫ّ‬ ‫والض ّحاك‪ ،‬وقتادة‪ ،‬وعكرمة‪،‬‬ ‫عباس‪،‬‬ ‫فسره ابن ّ‬ ‫عند هللا‪ ،‬بهذا ّ‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬ ‫مباح ْ‬ ‫الصنيع ٌ‬ ‫ّ‬
‫خاصة‪ ،‬قاله‬ ‫وإن كان ال ثواب فيه‪ ،‬إال أنه قد نهى عنه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫َ َُْ ْ َ ْ َ ْ ْ ّّ‬ ‫ّ‬
‫}[املدثر‪ ،]6 :‬أي‪ :‬ال تعط العطاء تريد أكثر منه‪.‬‬ ‫واستدل بقوله‪{ :‬وَل تمنن تستكثر‬ ‫ّ‬ ‫الض ّحاك‪،‬‬

‫َ ُ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫ُ ََ ُ‬ ‫َ ََ ُ ۡ ُ َ َ ََ ُ ۡ ُ َ ُ ُ ُ ُ ُۡ ُ َۡ‬ ‫َُ َ‬
‫شكئِكم َمن َيف َعل مِن ذ ىل ِكم‬ ‫يتك ۡم ث َم ييِيك ۡم هل مِن‬ ‫َّلل ٱَّلِي خلقكم ثم رزقكم ثم ي ِم‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ‬
‫َ ۡ ُ ۡ َ ى َ ُ َ َ َ ى َى َ َ ُ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٤٠‬‬ ‫شوُك‬
‫مِن يشء سبحنهۥ وتعَل عما ي ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هللا هو الذي خلقكم أيها الناس ثم رزقكم في حياتكم‪ ،‬ثم يميتكم عند انقضاء آجالكم ثم‬
‫ُ‬ ‫ُُ ُ‬ ‫ه َ ُ ُ‬
‫يحييكم للحساب يوم القيامة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ُه َو الذي أ ْح َياك ْم ث هم ُيميتك ْم ث هم ُي ْحييك ْم}[الحج‪ ،]66 :‬هل من‬
‫شركائكم الذين أشركتموهم مع هللا َمن يفعل ذلكم من ش يء؟ سبحان هللا وتعالى علوا كبيرا عما يشركون به‬
‫من شركاء‪.‬‬

‫َ ُ َۡ َ َ‬ ‫َۡ َ ۡ ۡ َ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َ ََ َۡ َ ُ‬
‫َ‬
‫ج ُعون ‪٤١‬‬ ‫َ ُ َ َ َُ ۡ َۡ‬ ‫ت أيۡدِي ٱلَ ِ‬
‫اس ِ َُلذِيقهم بعض ٱَّلِي ع ِملوا لعلهم ير ِ‬ ‫ب وٱلَح ِر بِما كسب‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫اد‬‫قوله تعالى‪ { :‬ظهر ٱلفس‬
‫}‬
‫البر والبحر كالقحط وكثرة األمراض واألوبئة بسبب اقتراف الناس السيئات‬ ‫واملعنى‪ :‬ظهر الفساد في ّ‬
‫َ َ ْ َ ُ‬ ‫َ َ َُ‬
‫صابك ْم م ْن ُمص َيب ٍة فبما ك َس َبت أ ْيديك ْم}[الشورى‪]30 :‬؛ ليذيقهم هللا تعالى‬ ‫واملعاص ي‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وما أ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جزاء بعض أعمالهم السيئة ابتالء منه واختبا ا لعلهم يرجعون عن معاصيهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َبل ْون ُ‬
‫اه ْم‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ْ َ َ َ َ ه َ َ ه‬
‫السيئات ل َعل ُه ْم َي ْرج ُعون}[األعراف‪.]168 :‬‬‫بالحسنات و‬

‫َ‬ ‫َ ۡ ُ َ َ َ ۡ َ ُ ُ ُّ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ ََۡ َ َ َ َُ َ‬


‫ى‬
‫َۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل سِريوا ِِف ٱلۡر ِض فٱنظروا كيف َكن عقِبة ٱَّلِين مِن قبل ر َكن أكَّثهم ِّ ِ‬
‫شوُك ِي ‪} ٤٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهم‪ :‬امشوا في األرض‪ ،‬فانظروا كيف كان مصير األمم السابقين من قبلكم‪،‬‬
‫َ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫دمر هللا عليهم‪ ،‬كما قال تعالى‪۞ { :‬أَفَلَ ۡم يَسِ ُ‬
‫ريوا ِِف ٱلۡر ِض ف َينظ ُروا ك ۡيف َكن ع ىقِبَة‬ ‫كان أكثرهم مشركين باهلل‪ ،‬ف ّ‬
‫َ‬ ‫َۡ ۡ َ َ َ َُ َ َۡ ۡ َ ۡ َى َ َۡ َ ُ‬ ‫ٱ ََّل َ‬
‫ِين مِن قبل ِ ِهم دِّر ٱَّلل علي ِهم ول ِلكفِرِين أمٰىلها ‪[}١٠‬محمد‪.]10 :‬‬
‫نظ ُروا َك ۡي َف ََك َن َع ىقِ َب ُة ٱل ۡ ُم ۡجرم َ‬
‫َ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬قُ ۡل س ُ‬
‫ِي ‪[}٦٩‬النمل‪.]69 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ٱ‬‫ف‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ۡر‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِف‬ ‫ِ‬ ‫وا‬ ‫ِري‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ‬


‫َ َ َ ُ َ َ ََۡ َ َ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٤٣‬‬ ‫ك ل ِِلِين ٱل َقي ِ ِم مِن ق ۡبل أن يَأ ِ َ‬
‫ِت يَ ۡوم َّل ِّرد لۥ مِن ٱَّللِ يومئِذ يصدع‬
‫ۡ َ ۡ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فأق ِم وجه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فأقم أيها الرسول ومن اتبع الرسول وجهك للدين املستقيم الذي ال عوج له مخلصا هلل تعالى‪،‬‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫يتفرق الناس بحسب أعمالهم فريقين‪ ،‬أحدهما في‬ ‫من قبل ْأن يجيء يوم القيامة الذي ال ر ّاد له‪ ،‬يوم القيامة ّ‬
‫َه َ‬ ‫َ‬ ‫الجمع ََل َر َ‬
‫وم َ‬ ‫الجنة واآلخر في النار‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ُتنذ َر َي َ‬
‫لجنة َوفريق في‬ ‫يب فيه فريق في ا‬
‫السعير}[الشورى‪.]7 :‬‬ ‫ه‬

‫ُ ۡ ََۡ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬


‫ون ‪} ٤٤‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬من كف َر ف َعل ۡيهِ كف ُرهُۥ َو َم ۡن َع ِمل ص ىل ِحا ف ِلنفسِ ِهم يمهد‬
‫َ َ َ َ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬ومن كفر فإنما يعود عليه وبال كفره‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ف َم ْن كف َر ف َعل ْيه كف ُر ُ }[فاطر‪،]39 :‬‬
‫عدون ألنفسهم الفراش املريح في الجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬م ْن َعم َل َ‬
‫صال ًحا‬ ‫في ّ‬‫ومن آمن وعمل عمال صالحا‪ُ ،‬‬
‫َفل َن ْفسه ّ‬
‫}[فصلت‪.]46 :‬‬
‫ۡ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ت مِن ف ۡضلِهِۦ إنَ ُهۥ َّل ي ُِّب ٱلك ىفِر َ‬ ‫َ‬
‫ام ُنوا َو َعملوا ٱ َ ى َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َِ { :‬لَ ۡجز َي ٱَّل َ‬
‫ِين َء َ‬
‫ين ‪} ٤٥‬‬‫ِ‬ ‫ر ِ‬ ‫لصلِحى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ليجزي هللا الذين آمنوا باهلل ورسوله وعملوا األعمال الصالحة من فضله باملغفرة والجنة‪،‬‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ات أولئ ِ َك ل ُهم َمغفِ َرة َو ِرزق ك ِريم}[سبأ‪ّ ،]4 :‬إن هللا تعالى ال‬‫ال ِ‬
‫آم ُنوا َو َعملُوا َ‬
‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫ِين َ‬ ‫كما قال تعالى‪َِ { :‬لَجز َي َاَّل َ‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫يحب الكافرين‪.‬‬

‫َ ََُۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ ۡ َ ُۡۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ ُ َ َى َ ُ َ ُ‬ ‫َ ۡ َ َى َ ُۡ َ‬


‫لرياح مب ِشرت و َِلذِيقكم مِن رْحتِهِۦ و ِِلج ِري ٱلفلك بِأِّ ِره ِۦ وِلِ بتغوا مِن‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ومِن ءايتِهِۦ أن يرسِل ٱ ِ‬
‫ََََ ُ ۡ َۡ ُ ُ َ‬ ‫َ ۡ‬
‫ون ‪} ٤٦‬‬ ‫فضلِهِۦ ولعلكم تشكر‬
‫واملعنى‪ :‬ومن األدلة الواضحة على قدرة هللا تعالى ْأن يرسل هللا تعالى الرياح مبشرات قبل نزول املطر؛‬
‫ْحتِهِ‬‫ي يَ َدي َر َ‬ ‫وليذيقكم من حمته بإحياء األ ض بعد موتها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ُه َو َاَّلِي يُرس ُِل الر َ‬
‫ياح بُشا بَ َ‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َََ َ‬
‫رات}[األعراف‪ ،]57 :‬ولتجري‬ ‫َ‬
‫ماء فأخرجنا به من ُك ال َم ِ‬ ‫ت فَأن َزلا بهِ ال َ‬ ‫ناه ِلَ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫حت إِذا أقلت سحابا ث ِقاَّل سق ُ ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِل مي ِ ٍ‬
‫ّ‬
‫والتنقل في أقطار األرض بتلك‬ ‫السفن بالرياح في البحر بأمر هللا وإذنه‪ ،‬ولتبتغوا من فضل هللا بالتجارة‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ق َع َصاهُ َفإِذا ِ َ‬ ‫َۡ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه ث ۡع َبان ُّمبِي ‪َ ٣٢‬ون َزع يَ َدهُۥ‬ ‫السفن‪ ،‬ولعلكم تشكرون هذه النعم الجليلة‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فَأل َ ى‬
‫َ َ َ َۡ َ‬
‫ضا ُء ل َِلنى ِظر َ‬
‫ين ‪[}٣٣‬الشورى‪.]32-33 :‬‬‫ِ‬ ‫فإِذا ِه بي‬

‫َ َ ًّ‬ ‫َ ََ َۡ َ َ َ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ولَ َق ۡد أَ ۡر َس ۡل َنا مِن َق ۡبل َِك ُر ُسل إ َ ىل قَ ۡو ِِّه ۡم فَ َ ُ ۡ َ‬
‫ِين أ ۡج َر ُِّوا َوكن َحقا‬ ‫جا ُءوهم ب ِٱلَيِنى ِ‬
‫ت فٱنتقمنا مِن ٱَّل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ََۡ َ ۡ ُ ۡ‬
‫ُص ٱل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪}٤٧‬‬ ‫علينا ن‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد أرسلنا من قبلك أيها الرسول رسال إلى قومهم مبشرين ومنذرين‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما‬
‫ّ‬
‫ين}[األنعام‪ ،]48 :‬فجاؤا قومهم بآياتنا الواضحات‪ ،‬فكفروا بهم وكذبوهم‪،‬‬ ‫ين َو ُمنذِر َ‬
‫ِي إَّل ُمبَ ِش َ‬‫ُ ُ ُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نرسِل المرسل ِ‬
‫َ‬
‫فانتقمنا من الكافرين الذين أجرموا‪ ،‬وكان هذا حقا أوجبناه علينا‪ ،‬وقد نصرنا املؤمنين‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِنا‬
‫ۡ َ َ ى ُّ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ُ ُ ۡ َ ۡ‬ ‫نُص ُر ُسلَ َنا َوٱ ََّل َ‬
‫َلَ ُ ُ‬
‫وم ٱلش َه ى ُد ‪[}٥١‬غافر‪.]51 :‬‬ ‫ام ُنوا ِِف ٱليوة ِ ٱَلنيا ويوم يق‬ ‫ِين َء َ‬

‫َ َََ ۡ َۡ‬
‫تى ٱل َودق‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫حابا َف َي ۡب ُس ُط ُهۥ ِف ٱ َ‬
‫لس َماءِ ك ۡيف يَشا ُء َويَ ۡج َعل ُهۥ كِسفا ف‬ ‫َّلل ٱ ََّلِي يُ ۡرس ُِل ٱلر َي ى َح َف ُتث ِ ُ‬
‫ري َس َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ ۡ َۡ َۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٤٨‬‬ ‫َ‬
‫اب بِهِۦ َمن يَشا ُء م ِۡن ع َِبادِه ِۦ إِذا هم يستب ِش‬ ‫ي ُر ُج م ِۡن خ َِل ىلِهِۦ َفإ َذا أَ َص َ‬
‫َۡ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هللا تعالى هو الذي يرسل الرياح‪ ،‬فتثير سحابا ثقاال باملاء‪ ،‬فينشره هللا في السماء كيف يشاء‪،‬‬
‫متفرقة‪ ،‬ثم يجعله متراكما‪ ،‬فترى أيها الناظر املطر يخرج من خالل السحاب‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫ويجعله قطعا ّ‬
‫َ‬ ‫ُ َ ََ ْ َ ْ‬ ‫ُ َ ُ َ ُ‬ ‫{ َأ َل ْم َت َر َأ هن ه َ‬
‫َّللا ُي ْزجي َس َح ًابا ث هم ُيؤلف َب ْين ُه ث هم َي ْج َعل ُه ُرك ًاما فت َرى ال َو ْدق َيخ ُر ُج م ْن خالله}[النور‪ ،]43 :‬فإذا‬
‫أصاب هللا تعالى بذلك املطر من يشاء من عباده‪ ،‬إذا هم يستبشرون ويفرحون بذلك‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ َََُ َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ي ‪} ٤٩‬‬ ‫زنل عل ۡي ِهم مِن ق ۡبلِهِۦ ل ُم ۡبل ِ ِ‬
‫س َ‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون َكنوا مِن قب ِل أن ي‬

‫َ ََۡ ُۡ ۡ َ َ َۡ َ َ ۡ َ َ َ َ َُ ۡ َۡ ۡ َ َ ُ َ ََ‬
‫لَع ُُك َ ۡ‬
‫ى‬ ‫ل َء َاث ىر َر ۡ َ‬ ‫َ ُ ۡ َ‬
‫يشء‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫ى‬
‫ت‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ِك‬ ‫ل‬‫ى‬ ‫ذ‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ر‬ ‫ا‬‫ِه‬ ‫ت‬‫و‬ ‫ِّ‬ ‫د‬‫ع‬ ‫ب‬ ‫ض‬ ‫ۡر‬‫ل‬‫ٱ‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫ْح‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فٱنظر إ ِ‬
‫َ‬
‫قدِير ‪}٥٠‬‬
‫تأمل إلى آثار رحمة هللا تعالى بعد نزول املطر‪،‬‬ ‫فانظر أيها الرسول ومن اتبع الرسو َل نظرة ّ‬
‫ْ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫كيف يحيي هللا األرض بعد جفافها بالنبات والزروع واألشجار‪ّ ،‬إن القادر على إحياء هذه األرض قادر على‬
‫َْ َ ه‬ ‫ه ه َ ْ َ َ َُ‬
‫اها ْل ْحيي اَل ْوتى إن ُه‬ ‫إحياء املوتى من قبورهم‪ّ ،‬إن هللا تعالى قدير على كل ش يء‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن الذي أحي‬
‫َ ُ َ َ‬
‫َعلى كل ش ْي ٍء قد ٌير}[فصلت‪.]39 :‬‬

‫َ ُُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُّ‬


‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٥١‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ولئ ِ ۡن أ ۡر َسل َنا رِيحا ف َرأ ۡو ُه ُِّ ۡصفرا لظلوا مِن َب ۡع ِده ِۦ يكفر‬
‫اصفر ْت ومالت إلى الفساد‪ ،‬ملكثوا من‬ ‫ّ‬ ‫لئن أرسلنا على زروعهم ريحا يابسة‪ ،‬فرأوها قد‬ ‫واملعنى‪ :‬وتاهلل ْ‬
‫بعد رؤيتهم لها يكفرون باهلل ويجحدون نعمه عليهم‪.‬‬
‫الزار ُعو َن‪َ .‬ل ْو َن َش ُاء َل َج َع ْل َنا ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ْ ُ ْ َ َ ْ ُ ُ َن ْ ُ ْ َ ْ َ ُ َ‬
‫ون ُه أ ْم َن ْح ُن ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬أفر أيتم ما تحرثو أأنتم تزرع‬
‫ُ َ ً َ َْ ُ ْ َ َ ه ُ َ ه َُ ْ َ ُ َ َ ْ َ ْ ُ َ ْ ُ ُ َ‬
‫ومون}[الواقعة‪.]63-67 :‬‬ ‫حطاما فظلتم تفكهون‪ .‬إنا َلغرمون بل نحن محر‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫لص َم ٱ َُّل ََع َء إذا َول ۡوا ُم ۡدبر َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ت َوَّل ت ۡسم ُع ٱ ُّ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ‬
‫ك َّل ت ۡس ِم ُع ٱل َم ۡو ى‬‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ين ‪} ٥٢‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فإِن‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فإنك أيها الرسول ال تسمع أصحاب القلوب امليتة إسماع هدى وانتفاع‪ ،‬فال يسمعون ما‬
‫َ‬ ‫الص ُّم ُّ‬
‫وتفهم إذا كانوا معرضين عنه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وَل َي ْس َم ُع ُّ‬
‫الد َع َاء إذا َما‬ ‫تدبر ّ‬ ‫تدعوهم إليه سماع ّ‬
‫َْ َ‬
‫ُينذ ُرون}[األنبياء‪.]45 :‬‬
‫ين ‪[}٨٠‬النمل‪:‬‬ ‫ت َو ََّل ت ُ ۡسم ُع ٱ ُّ‬
‫لص َم ٱ َُّل ََع َء إ َذا َول َ ۡوا ُم ۡدبر َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ‬
‫ك َّل ت ُ ۡس ِم ُع ٱل َم ۡو َ ى‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬إِن‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪.]80‬‬

‫َ ُ ۡ ُ َ ى َ ُ ُّ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٥٣‬‬ ‫م َعن ضل ىلت ِ ِه ۡم إِن ت ۡس ِم ُع إَِّل من يؤمِن ب ِأيتِنا فهم ِّسل ِم‬ ‫ُۡ‬ ‫ََ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وما أنت بِه ى ِد ٱلع ِ‬
‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬وما أنت أيها الرسول بقادر على هداية العميان عن ضاللتهم‪ ،‬ال تسمع أيها الرسول سماع‬
‫ه‬
‫اتعاظ وانتفاع إال من يؤمن بآياتنا فهم خاضعون منقادون مستجيبون هلل تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن َما‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ ُ ه َ َ ْ َ ُ َ َ َْ ْ َ َ ْ َُُ ُ ه ُ ُ َ‬
‫َّللا ث هم إل ْيه ُي ْر َج ُعون}[األنعام‪.]36 :‬‬ ‫يستجيب الذين يسمعون واَلوتى يبعثهم‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫َُ َ‬
‫كم مِن َض ۡعف ث َم َج َعل مِن َب ۡع ِد َض ۡعف ق َوة ث َم َج َعل مِن َب ۡع ِد ق َوة َض ۡعفا َوش ۡي َبة ر‬ ‫َّلل ٱَّلِي خلق‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫يلُ ُق َما ي َ َشا ُء ر َو ُه َو ٱل َعل ُ‬
‫ِيم ٱل َقد ُ‬ ‫َۡ‬
‫ِير ‪} ٥٤‬‬
‫َ َ َ ُ ُّ‬
‫واملعنى‪ :‬هللا هو الذي خلقكم أيها الناس من ماء مهين ضعيف‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ألم نخلقكم من هماء‬
‫َ‬
‫همهين}[املرسالت‪ ،]20 :‬ثم جعل من بعد ضعف الحداثة والطفولة قوة الشبابة والرجولة‪ ،‬ثم جعل من بعد‬
‫ُ‬
‫تلك القوة ضعف الكهولة والشيخوخة‪ ،‬وضعف الصفات الظاهرة والباطنة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ومنكم همن ُي َر ُّد‬
‫إ َلى َأر َذل ُ‬
‫الع ُمر}[النحل‪ ،]70 :‬يخلق هللا تعالى ما يشاء ْأن يخلقه‪ ،‬وهو هللا العليم بأحوال خلقه القدير على‬
‫كل ش يء‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫َََۡ َُ ُ َ َ ُ ُ ُ ۡ ُ َ‬
‫ون َما ل ُثوا غ ۡ َ‬
‫ري َس َ‬ ‫ُ ۡ‬
‫ون ‪} ٥٥‬‬ ‫اعة كذ ىل ِك َكنوا يُؤفك‬ ‫ِ‬ ‫سم ٱلمج ِرِّ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ويوم تقوم ٱلساعة يق ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ويوم تقوم القيامة يحلف الكافرون املجرمون ما مكثوا في الدنيا إال ساعة من النهار‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ََ َ َُ َ ََُۡ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ َ‬ ‫ش ُه ۡم َكأَن ل َ ۡم يَ ۡل َب ُثوا إ ََّل َس َ‬ ‫َ ََۡ َۡ‬
‫ي ُ ُ‬
‫ِين كذبُوا بِل ِقاءِ ٱَّللِ َو َما‬ ‫ار يتعارفون بينه رم قد خ ِّس ٱَّل‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ل‬‫ٱ‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫ة‬ ‫اع‬ ‫ِ‬ ‫تعالى‪ { :‬ويوم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ََ‬
‫ََكنُوا ُِّ ۡه َتد َ‬
‫ِين ‪[}٤٥‬يونس‪ ،]45 :‬وقال تعالى‪ { :‬كأ َن ُه ۡم يَ ۡو َم يَ َر ۡو َن َها ل ۡم يَل َب ُثوا إَِّل َعشِ َية أ ۡو ُض َحى ى َها ‪[}٤٦‬النازعات‪،]46 :‬‬
‫مثل ذلك الصرف عن معرفة الحقيقة كانوا يعدلون عن الحق إلى الباطل‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬
‫ث َول ىك َِنك ۡم‬ ‫ِين أُوتُوا ٱ ۡلع ۡل َم َوٱ ۡإل َ‬
‫يم ى َن لَ َق ۡد َل ۡث ُت ۡم ِف ك َِتىب ٱ ََّللِ إ َ ىل يَ ۡو ِم ٱ ۡلَ ۡع َ َ َ ُ ۡ ۡ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وقَ َال ٱ ََّل َ‬
‫ث فه ىذا يَ ۡوم ٱ َلع ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ُۡ َ ََُۡ َ‬
‫ون ‪}٥٦‬‬ ‫كنتم َّل تعلم‬
‫واملعنى‪ :‬وقال الذين أوتوا العلم واإليمان‪ :‬لقد مكثتم في علم هللا تعالى من يوم خلقكم إلى يوم بعثكم‬
‫ولكنكم كنتم ال تعلمونه فأنكرتموه‪.‬‬ ‫مدة طويلة‪ ،‬فهذا يوم البعث‪ّ ،‬‬
‫قال اإلمام ابن كثير‪ّ :‬إن املؤمنين بما ُأنزل على ّ‬
‫الر ُسل إذا شاهدوا قيام ّ‬
‫الساعة ومجازاة األبرار‬
‫ََ‬ ‫والفجار بالذي كانوا قد ُع ّلموه ْ‬
‫عين اليقين‪ ،‬ويقولون يومئذ أيضا‪{ :‬لق ْد‬
‫من كتب هللا في الدنيا أوه حينئذ َ‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫َ َ َ َ َ َ ه ْ َ ُ َ َ َ ُْ ُ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬
‫ص َدق اَل ْر َسلون}[يس‪،]52:‬‬‫َج َاءت ُر ُس ُل َربنا بال َحق}[األعراف‪ ،]43 :‬ويقال أيضا‪{ :‬هذا ما وعد الرحمن و‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ُْ‬
‫{لق ْد لبثت ْم في كتاب هَّللا إلى َي ْوم ال َب ْعث ف َهذا َي ْو ُم ال َب ْعث}[الروم‪.]56 :‬‬

‫َ َ ُ َ ۡ َُُ ۡ َ ُ ۡ ُۡ ََُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٥٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ف َي ۡو َمئِذ َّل يَنف ُع ٱَّلِين ظلموا معذِرتهم وَّل هم يستعتب‬
‫واملعنى‪ :‬فيوم القيامة ال ينفع الظاملين اعتذارهم‪ ،‬وال يطلب منهم إزالة العتب بالتوبة والطاعة‪ ،‬بل‬
‫يعاقبون على ذنوبهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وإ ْن َي ْس َت ْعت ُبوا َف َما ُه ْم م َن ْاَلُ ْع َتب َين ّ‬
‫}[فصلت‪.]24 :‬‬
‫ۡ‬ ‫َ ََُ َ َ َ َ َ َ‬ ‫اس ِف َهى َذا ٱ ۡل ُق ۡر َءان مِن ُُك َم َثل َولَئن ۡ َ ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ولَ َق ۡد َ َ ۡ َ َ‬
‫ِين كف ُروا إِن‬‫بَٔٔاية َلقولن ٱَّل‬
‫ج ئت ه م ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضبنا ل ِلن ِ ِ‬
‫َ ُۡ َ ُۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٥٨‬‬ ‫أنتم إَِّل مب ِطل‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد ّبي ّنا للناس في هذا القرآن من كل مثل دال على قدرتنا فأبى أكثرهم إال إنكارا له‪ ،‬كما قال‬
‫َ ُ‬ ‫كَُ‬ ‫ُ ََ َََى َ ۡ‬ ‫َ َ ُۡۡ َ‬ ‫تعالى‪َ { :‬ولَ َق ۡد َ َ‬
‫َص ۡف َنا ل ِ َ‬
‫اس إَِّل ك ُفورا ‪[}٨٩‬اإلسراء‪ ،]89 :‬وتاهلل‬ ‫َّث ٱلَ ِ‬ ‫ُك مثل فأب أ‬ ‫ان مِن ِ‬ ‫اس ِِف هىذا ٱلقرء ِ‬ ‫لن ِ‬
‫ليقولن الذين كفروا‪ :‬ما أنتم أيها الرسول والذين‬ ‫ّ‬ ‫جئتهم أيها الرسول بمعجزة واضحة تدل على صدقك‪،‬‬ ‫لئن َ‬ ‫ْ‬
‫اتبعوك إال مبطلون متبعون للباطل‪.‬‬
‫هؤالء الكفار الذين حقت عليهم كلمة رّبك وقضاؤه لن يؤمنوا بكل آية جاء بها الرسول صلى هللا عليه‬
‫حَى‬
‫ت‬
‫َ َ ۡ َ َ ۡ ُ ۡ ُ ُّ‬
‫ُك ءَايَة َ‬
‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َ َ ۡ‬
‫ت َربِك َّل يُؤم ُِنون ‪ ٩٦‬ولو جاءتهم‬ ‫ت َعلَ ۡيه ۡم َُك َِم ُ‬ ‫وسلم‪ ،‬وقد ّبين هللا ذلك في قوله‪ { :‬إ َن ٱ ََّل َ‬
‫ِين َح َق ۡ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ َۡ َ َ َۡ‬
‫َ‬
‫ي َروا ٱلعذاب ٱل َِلم ‪[}٩‬يونس‪.]96-97 :‬‬

‫َ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُُ‬


‫َّلل ى‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬كذ ىل َِك َي ۡط َب ُع ٱ َ ُ‬
‫ون ‪} ٥٩‬‬ ‫وب ٱَّلِين َّل يعلم‬ ‫لَع قل ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ومثل ختم هللا على قلوب هؤالء الكافرين‪ ،‬يختم على قلوب الجهلة الذين ال يعلمون حقيقة‬
‫اآليات الواضحة‪.‬‬
‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ى ۡ ۡ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫ت ف َما َكنوا َِلُؤم ُِنوا‬ ‫جا ُءوهم ب ِٱلَيِنى ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬ث َم َب َعث َنا مِن َب ۡع ِده ِۦ ُر ُسل إِل قوِِّ ِهم ف‬
‫ْ َ ْ ُ َ َ ُ ُّ َ‬
‫ص َعل ْي َك‬ ‫ِين ‪[}٧٤‬يونس‪ ،]74 :‬وقوله تعالى‪{ :‬تلك القرى نق‬ ‫لَع قُلُوب ٱل ۡ ُم ۡع َتد َ‬
‫ِ‬ ‫ب ِ َما َك َذبُوا بِهِۦ مِن َق ۡب ُل ر َك َذ ىل َِك َن ۡط َب ُع َ َ ى‬
‫ْ َْ ُ َ َ َ َ َُْ هُ َ ُُ‬ ‫َ ه‬ ‫ْ ُ‬ ‫ْ َ َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َْ‬
‫َّللا َعلى قلوب‬ ‫م ْن أن َبائ َها َولق ْد َج َاء ْت ُه ْم ُر ُسل ُه ْم بال َبينات ف َما كانوا ل ُيؤمنوا ب َما كذ ُبوا من قبل كذلك يطبع‬
‫ين}[األعراف‪.]101 :‬‬ ‫ْال َكافر َ‬

‫َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ۡ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ َۡ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}٦٠‬‬ ‫خف َنك ٱَّلِين َّل يوق ِن‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فٱص ِب إِن وعد ٱَّللِ حق وَّل يست ِ‬
‫يحملنك الذين ال يوقنون‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬فاصبر أيها الرسول ومن اتبع الرسول ّإن وعد هللا تعالى حق‪ ،‬وال‬
‫فإن هللا تعالى ال يخلف وعده‪ ،‬كما قال تعالى في أول هذه السورة‪:‬‬ ‫بصدق آيات هللا تعالى على عدم الصبر‪ّ ،‬‬
‫َ ََْ ه َ َ َ‬ ‫َ َْ ه َ ُ ْ ُ‬
‫َّللا َو ْع َد ُ َولك هن أكث َرالناس َل َي ْعل ُمون}[الروم‪.]6 :‬‬
‫ف هُ‬ ‫{وعد َّللا َل يخل‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫علي في صالة الغداة‪َ { :‬ولقد أوح َي‬ ‫روى اإلمام الطبري بسنده عن قتادة‪ :‬قال رجل من الخوارج خلف ّ‬
‫ون هن م َن ْال َخاسر َ‬ ‫َْ َ َ َ ه َ ْ َْ َ َ ْ َ ْ َْ َ ََ َْ َ ه َ َُ َ َََ ُ َ‬
‫ين}[الزمر‪ ،]65 :‬فأنصت له‬ ‫إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتك‬
‫ين َل‬
‫ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫َّللا َح ٌّق َوَل َي ْستخفن َك الذ َ‬ ‫علي رض ي هللا عنه حتى فهم ما قال؛ فأجابه وهو في الصالة‪َ { :‬ف ْ‬
‫اصب ْر إ هن َو ْع َد ه‬ ‫ّ‬
‫ُ َ‬
‫ُيوقنون}[الروم‪.]20 :‬‬
‫ُ َُ ُْ َ َ‬
‫سورة لقمان‬
‫وهي مكية وعدد آياتها أربع وثالثون‬

‫ت ٱلك َِتىب ٱ َ‬‫ك َء َاي ى ُ‬‫ۡ‬‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫ِيم ‪} ٢‬‬
‫لك ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬الم ‪ ١‬ت ِل‬
‫وفصلها لعباده‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬الر ك َت ٌ‬
‫اب‬ ‫واملعنى‪ :‬الم‪ .‬تلك آيات القرآن املحكم التي أحكمها هللا‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ ُ ُ ُ َ ْ‬ ‫ُ‬
‫أ ْحك َمت َآيات ُه ث هم فصلت م ْن ل ُدن َحك ٍيم خب ٍير}[هود‪.]1 :‬‬

‫َ ََۡ ۡ‬ ‫ُ‬
‫ْحة ل ِل ُم ۡح ِسن َِي ‪} ٣‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬هدى ور‬
‫واملعنى‪ :‬نزلت هذه اآليات هدى ورحمة للمؤمنين الذين أحسنوا أعمالهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬يَى َأ ُّي َها ٱلَ ُ‬
‫اس‬
‫َ ََۡ ۡ‬ ‫ك ۡم َوش َِفاء ل َِما ِف ٱ ُّ‬ ‫َۡ َ َۡ ُ َ ۡ َ‬
‫ْحة ل ِل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪[}٥٧‬يونس‪.]57 :‬‬ ‫ُ‬
‫لص ُدورِ َوهدى ور‬ ‫ِ‬
‫َ ُ‬
‫قد جاءتكم ِّوعِظة مِن رب ِ‬

‫َ ُ ۡ ُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٤‬‬ ‫لصل ىو َة َو ُيؤتون ٱ َلزك ىوةَ َوهم ب ِٱٓأۡلخِرة ِ هم يوق ِن‬‫ون ٱ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِين يقِيم‬
‫واملعنى‪ :‬هم الذين يؤدون الصالة في أوقاتها مستوفين أركانها وواجباتها وسننها وآدابها وخشوعها‪،‬‬
‫ويعطون زكاة أموالهم ملستحقيها‪ ،‬وهم يوقنون باآلخرة وما فيها من البعث والحساب وامليزان والجنة والنار‪.‬‬
‫َ‬ ‫ه َ ُ ُ َن ه َ َ َ ه َ َ ْ َ ُ ْ ُ ْ ُ َن ُ َ َ ُ ُ ْ ُ‬
‫اَل ْؤم ُنون‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬الذين يقيمو الصالة ومما رزقناهم ينفقو [‪ ]3‬أولئك هم‬
‫ْ ٌ ٌْ َ‬ ‫َ ًّ َ ُ ْ َ َ َ ٌ ْ‬
‫ات عن َد َربه ْم َو َمغف َرة َورزق كر ٌيم}[األنفال‪ ،]3-4 :‬وقوله تعالى في وصف املتقين املؤمنين باهلل‬ ‫حقا لهم درج‬
‫َ ُ ۡ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫َ‬
‫ون ‪[}٤‬البقرة‪،]4 :‬‬ ‫ِين يُؤم ُِنون ب ِ َما أنزِل إ ِ َۡلك َو َما أنزِل مِن ق ۡبل ِك َوب ِٱٓأۡلخِرة ِ هم يوق ِن‬‫وبالكتب املنزلة‪ { :‬وٱَّل‬

‫َ ُ ُ ُ ُ َ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫ُ َى‬ ‫َ ى ُ‬ ‫ََ‬ ‫ُ َى‬


‫ون ‪}٥‬‬ ‫لَع هدى مِن َرب ِ ِه ۡم َوأولئِك هم ٱلمفل ِح‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أولئِك‬
‫واملعنى‪ :‬أولئك املوصوفون بهذه الصفات على نور من ربهم وبتوفيق من خالقهم‪ ،‬وأولئك هم الفائزون‬
‫بما طلبوا‪ ،‬الناجون مما منه هربوا‪.‬‬
‫ۡ‬
‫َ ُ ُ ُۡ ُ َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ ى ُ‬‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ون ‪[}٥‬البقرة‪.]5 :‬‬ ‫لَع هدى مِن َرب ِ ِه ۡم َوأولئِك هم ٱلمفل ِح‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬أولئِك‬

‫ُ َى َ َ‬ ‫َ َۡ ۡ َ ََ َ َ ُ‬ ‫ِيث َِلُ ِ َ َ َ‬ ‫اس َمن ي َ ۡش َتي ل َ ۡه َو ٱ ۡ َ‬


‫خذها ه ُزو را أولئِك ل ُه ۡم‬
‫ري عِلم ويت ِ‬
‫يل ٱَّللِ بِغ ِ‬
‫ضل عن سب ِ ِ‬ ‫لد ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وم َِن ٱلَ ِ‬
‫َ‬
‫َعذاب ُِّّ ِهي ‪} ٦‬‬
‫ّ‬
‫ليضل غيره عن صراط‬ ‫ومن الناس َم ْن يشترى األحاديث الباطلة ويترك األحاديث النافعة؛‬ ‫واملعنى‪َ :‬‬
‫هللا املستقيم‪ ،‬بغير علم بسوء عاقبة ما يفعله‪ ،‬وليتخذ آيات هللا تعالى سخرية‪ ،‬أولئك لهم عذاب مهين مذل‬
‫ه ََ َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ه‬
‫يوم القيامة بدخول النار‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬رهبنا إن َك َم ْن ت ْدخل الن َارفق ْد أخ َزْيت ُه}[آل عمران‪.]192 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُُ‬


‫َۡ َ‬ ‫ََ‬‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫ۡ َۡ ََۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا ُت ۡت ى َ ۡ َ َ ُ َ َ ُ ۡ َ‬
‫اب أ َِل ٍم ‪} ٧‬‬‫َل عليهِ ءاي ىتنا و ىل ِّستك ِبا كأن لم يسمعها كأن ِِف أذنيهِ وقرا فب ِشه بِعذ ٍ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وإذا تتلى عليه آياتنا الواضحة‪ ،‬أعرض عن طاعة هللا تعالى مستكبرا غير معتبر‪ ،‬كأنه لم يسمع‬
‫ّ‬ ‫شيئا ينفعه‪ّ ،‬‬
‫كأن في أذنيه صمما وثقال‪ ،‬فبشر هذا املعرض املستكبر بعذاب مؤلم موجع في اآلخرة‪.‬‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ي ْس َم ُع آيات هَّللا ُت ْتلى َع َل ْيه ُث هم ُيص ُّر ُم ْس َت ْكبرًا َك َأ ْن َل ْم َي ْس َم ْعها َف َبش ْر ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ذاب أل ٍيم}[الجاثية‪.]8 :‬‬
‫بع ٍ‬

‫َ‬
‫ام ُنوا َو َعملوا ٱ َ ى َ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن ٱَّل َ‬ ‫َ‬
‫ت ل ُه ۡم َج َنى ُت ٱلَعِي ِم ‪} ٨‬‬
‫لصل ِحى ِ‬ ‫ِ‬
‫ِين َء َ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬إن الذين آمنوا باهلل ورسوله وعملوا األعمال الصالحة املتفقة مع شريعة هللا‪ ،‬لهم جنات‬ ‫ّ‬
‫َ ى َ ى ُ َى َ َ ۡ َ ى ُ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ ى ُ َ‬ ‫َ َ َ َ َُ َ ُ‬
‫ون ‪[}٨٢‬البقرة‪.]82 :‬‬‫ت أولئِك أصحب ٱلنةِ هم فِيها خ ِِل‬ ‫امنوا َوع ِملوا ٱلصل ِح ِ‬ ‫نعيم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وٱَّلِين ء‬

‫لك ُ‬‫يز ٱ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫ِيها َو ۡع َد ٱ ََّللِ َحقا ر َو ُه َو ٱل َعز ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬خ ى ِِل َ‬
‫ِين ف َ‬
‫ِيم ‪} ٩‬‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬خالدين في الجنة خلودا أبديا‪ ،‬وعدا حقا من هللا الذي ال يخلف وعده‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ًّ‬ ‫َ ً‬ ‫ْ َ ْ َ َْ‬ ‫َ ُْ ُُ ْ َه َ‬ ‫ين َآم ُنوا َو َعم ُلوا ه‬
‫{ َو هالذ َ‬
‫ين فيها أ َبدا َو ْع َد هَّللا َحقا‬ ‫األ ْن ُ‬
‫هار خالد َ‬ ‫ات ت ْجري من تحتها‬‫الصالحات سندخلهم جن ٍ‬
‫ً‬ ‫ََ ْ َ ْ ُ‬
‫ص َدق م َن هَّللا قيال}[النساء‪ ،]122 :‬وهو هللا العزيز الغالب على أمره الحكيم في صنعه‪.‬‬ ‫ومن أ‬

‫ُك دابَة‬
‫ُ َ‬ ‫ُ ۡ ََ َ‬ ‫س أَن تَم َ‬ ‫ق ِف ٱ ۡلَۡر ِض َر َ‬ ‫َۡ َ َ ََ ۡ ََ َََۡ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬خلَ َق ٱ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫ا‬ ‫ثف َ‬
‫ِيه‬ ‫ب‬‫و‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫يد‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫و‬ ‫ى‬
‫ري عمد ترونها وأل ِ‬ ‫ت بِغ ِ‬ ‫لسم ى َو ى ِ‬
‫يم ‪} ١٠‬‬ ‫ر‬‫ك‬
‫ُ َۡ َ‬
‫ج‬ ‫و‬‫ز‬ ‫ُك‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫ا‬ ‫لس َماءِ َماء فَأَۢن َب ۡت َنا ف َ‬
‫ِيه‬ ‫نز ۡلَا م َِن ٱ َ‬ ‫َوأَ َ‬
‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ ََ‬ ‫َُ َ‬
‫واملعنى‪ :‬خلق هللا تعالى السماوات ورفعها بغير أعمدة كما تشاهدونها‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱَّلل ٱَّلِي رفع‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ُيري ِل َجل ُِّّ َسم يُ َدب ُر ٱ ۡل ِّۡرَ‬ ‫َۡ َ َ ََ ۡ ََ ُ َ ۡ ََ ى ََ ۡ َۡ ِ َ َ َ َ َ ۡ َ َ َۡ َ َ ُ َۡ‬ ‫ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ِ‬ ‫ري عمد ترونها ثم ٱستوى لَع ٱلعرش وسخر ٱلشمس وٱلقمر ُك ِ‬ ‫ت بِغ ِ‬
‫َ َ ُ ۡ ُ ُ َ‬ ‫َى َ َ ُ‬ ‫َُ ُ‬
‫ون ‪[}٢‬الرعد‪ ،]2 :‬وألقى هللا تعالى في األرض جباال ثوابت وأوتادا لها‬ ‫ت ل َعلكم بِل ِقاءِ ربِكم توق ِن‬ ‫صل ٱٓأۡلي ِ‬ ‫يف ِ‬
‫ً َ ْ َ َ ً‬ ‫ََ ْ َ ْ َ َْ‬
‫بال أ ْوتادا}[النبأ‪:‬‬ ‫األ ْر َ‬
‫ض مهادا‪ .‬والج‬ ‫لكي تقر وتثبت وال تضطرب أثناء دورانها بكم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ألم نجعل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ َ َ َ‬
‫لبال أرسىها ‪[}٣٢‬النازعات‪ ،]32 :‬ونشر هللا في األرض مختلف أنواع الدواب‪ ،‬وأنزلنا من‬ ‫ى‬ ‫‪ ،]6-7‬وقال تعالى‪ { :‬وٱ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ َْ ْ َ َ َْ‬
‫السحاب مطرا‪ ،‬فأنبتنا فيها من كل زوج بهيج حسن املنظر‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فإذا أن َزلنا َعل ْي َها اَل َاء ْاهت هزت َو َرَبت‬
‫ُ َ‬ ‫َْ َ ْ‬
‫َو أن َبتت م ْن كل ز ْو ٍج َبه ٍيج}[الحج‪.]5 :‬‬

‫َ‬
‫َ ُ َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ون ِِف َضل ىل ُّمبِي ‪} ١١‬‬ ‫ُ‬
‫ِين مِن دونِهِرۦ بَ ِل ٱلظل ِم‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬هىذا َخل ُق ٱ ََّللِ فأ ُرون َماذا َخل َق ٱَّل َ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هذا املذكور من املخلوقات هو من خلق هللا تعالى‪ ،‬فأروني أيها املشركون ماذا خلقت آلهتكم‬
‫التي تعبدونها من دون هللا تعالى‪ ،‬بل املشركون باهلل في ضالل بين وانحراف واضح‪.‬‬
‫ّ‬
‫وهذا املعنى الذي صرحت به هذه اآلية من ّأن هللا تعالى تفرد بالخلق والقدرة‪ ،‬قد أكده هللا تعالى في‬
‫األ ْ ض َوََل َخ ْل َق َأ ْن ُفسه ْم َو َما ُك ْن ُت ُم هتخ َذ ْاَلُضل َين َع ُ‬
‫َْ‬ ‫قوله‪َ { :‬ما َأ ْش َه ْد ُت ُه ْم َخ ْل َق ه‬
‫ض ًدا}[الكهف‪.]51 :‬‬ ‫الس َم َاوات َو ر‬

‫َّلل َغ ِ ي‬
‫ك َف َر َفإ َن ٱ َ َ‬
‫َ‬ ‫َ ََ ۡ َ ََۡ ُۡ َى َ ۡ ۡ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ‬
‫ك ُر ِلَ ۡفسِ هِۦ َو َ‬
‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫َّللِ ومن يشكر فإِنما يش‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ولقد ءاتينا لقمن ٱل ِكمة أ ِن ٱشكر ِ ر‬
‫َْحِيد ‪} ١٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد آتينا لقمان الفهم في الدين والتوفيق إلى العمل‪ ،‬وقلنا له‪ :‬اشكر هللا واحمده على نعمه‬
‫فإن هللا تعالى غني‬ ‫فإن نفع ذلك يرجع إليه‪ ،‬ومن كفر تلك النعم وجحدها ّ‬ ‫ومن شكر هلل على نعمه ّ‬ ‫وإحسانه‪ْ ،‬‬
‫عن شكره‪ ،‬حميد في السماء واألرض‪.‬‬
‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سهِۦ َو َمن‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى على لسان سليمان عليه السالم‪َ { :‬و َمن شك َر فإِن َما يشك ُر لِ َف ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك َف َر فإِ َن َر ِب غ ِن ك ِريم ‪[}٤٠‬النمل‪.]40 :‬‬
‫َ‬

‫َ ۡ‬ ‫َ ُ‬
‫ن َّل ت ۡش ۡك بٱ ََّللِ إ َن ٱ ِ ۡ‬ ‫ۡ َ َ ُۡ‬
‫لش َك ل ُظلم َع ِظيم ‪} ١٣‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذ قال لق َم ى ُن ِّلبۡنِهِۦ َو ُه َو يَ ِع ُظ ُهۥ َي ى ُب َ َ‬
‫بني ال تشرك باهلل شيئا‪ّ ،‬إن الشرك‬ ‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول حين أوص ى لقمان البنه وهو يعظه‪ :‬يا ّ‬
‫ألعظم الظلم‪.‬‬
‫ه َ َُ‬
‫وقد استدل الرسول صلى هللا عليه وسلم بهذه اآلية على ّأن معنى الظلم في قوله تعالى‪{ :‬الذين آمنوا‬
‫ُْ‬ ‫َ ْ‬
‫َول ْم َيلب ُسوا إ َيم َان ُه ْم بظل ٍم}[األنعام‪ ،]82 :‬هو الشرك‪ ،‬فقد روى البخاري بسنده عن عبد هللا ابن مسعود‬
‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫ه َ ُ َ ْ‬
‫ين َآمنوا َول ْم َيلب ُسوا إ َيم َان ُه ْم بظل ٍم}[األنعام‪ ،]82 :‬شق ذلك على‬ ‫رض ي هللا عنه‪ ،‬قال‪ :‬ملا نزلت هذه اآلية {الذ‬
‫َ ُّ َ َ ْ َ ْ ْ َ َ ُ ُ ْ‬
‫أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وقالوا‪ :‬أ أينا لم يل ِبس ِإيمانه ِبظل ٍم؟ فقال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫اَّلل إ هن الش ْر َك َل ُظ ْل ٌم َعظ ٌ‬‫ان ال ْبنه‪{ :‬يا ُب َن هي ََل ُت ْشر ْك ب ه‬ ‫وسلم‪ :‬إ َّن ُه َل ْي َ َ َ َ َ َ ْ ُ َ َ ْ ُ ْ َ‬
‫يم}[لقمان ‪:‬‬ ‫س ِبذاك‪ ،‬أال تس َمع ِإلى قو ِل لق َم ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪.]13‬‬

‫َ َ‬ ‫َ َۡ َ ۡ ُ‬ ‫َۡ َ َ ُُ‬ ‫ُ‬


‫ْحلَ ۡت ُه أ ُّم ُهۥ َو ۡهنا َ َ ى‬ ‫ََ َ َۡ ۡ َ‬
‫نس َن ب َو ى ِ ََليۡهِ َ َ‬
‫ي أ ِن ٱشك ۡر ِل َول َِو ى ِ ََليۡك إ ِ َل‬
‫وهن وف ِص ىلهۥ ِِف َعم ِ‬ ‫لَع‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ووصينا ٱ ِإل ى ِ‬
‫ص ُ‬ ‫ۡ‬
‫ري ‪} ١٤‬‬ ‫ٱل َم ِ‬
‫َ َو ه َ ْ ْ َ‬
‫ص ْينا اإلن َسان ب َوال َد ْيه‬ ‫واملعنى‪ :‬وأمرنا اإلنسان ببر والديه واإلحسان إليهما‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬و‬
‫مدة عامين كاملين‪ ،‬كما‬ ‫حملته والدته في ضعف فوق ضعف‪ ،‬وإ ضاعه وفطامه في ّ‬ ‫ُح ْس ًنا}[العنكبوت‪ْ ،]8 :‬‬
‫ر‬
‫ُ‬ ‫َ ۡ َ َ ُ ُ ۡ ۡ َ َ ۡ َى َ ُ َ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ ۡ ُ َ‬
‫اعة ر َولَع ٱل َم ۡولودِ ُلۥ رِ ۡزق ُه َن‬ ‫ي ل ِمن أراد أن يتِم ٱلرض‬
‫ي َكِِّل ِ‬ ‫قال تعالى‪۞ { :‬وٱلو ىل ِد ىت ير ِ‬
‫ضعن أولدهن حول ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫كل ُف َنفس إَِّل ُو ۡس َع َها ر َّل تُ َضا َر َو ى ِ ََلةُ ب ِ َوَل َِها َوَّل َِّ ۡولود ُلۥ ب ِ َو َِلهر ِۦ}[البقرة‪ ،]233 :‬وقلنا‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫َووُك ِۡس َوت ُه َن ب ِٱل َم ۡع ُر ِ‬
‫وف َّل ت‬
‫إلي وحدي املصير للحساب والجزاء‪.‬‬ ‫له‪ْ :‬أن اشكر لي أي هلل على جميع نعمي عليك‪ ،‬ولوالديك‪ّ ،‬‬
‫َ َ ه ْ َ ْ َ َ َ َ ْ ْ َ ً َ َ َ ْ ُ ُ ُّ ُ ُ ْ ً َ َ َ ْ ُ‬
‫ض َعت ُه ك ْر ًها‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ووصينا اإلنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها وو‬
‫َ َ ُْ ُ َ َ ُ َ ُ َ َ‬
‫صال ُه ثالثون ش ْه ًرا}[األحقاف‪.]15 :‬‬ ‫وحمله وف‬

‫ك بهِۦ ع ِۡلم فَ َل تُط ۡع ُه َما َو َصاح ِۡب ُه َما ِف ٱ َُّل ۡن َيا َم ۡع ُروفا َوٱتَبعۡ‬‫َ َۡ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َىَ َ َ ََى َ ُۡ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫شك ِب ما ليس ل ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون جهداك لَع أن ت ِ‬
‫ُ‬
‫ُۡ َۡ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ََُ‬ ‫َ َ َ ۡ ََ َ َ َُ َ َۡ‬
‫ون ‪} ١٥‬‬ ‫ج ُعك ۡم فأنبِئُكم ب ِ َما كنتم تعمل‬
‫سبِيل من أناب إ ِ َل ر ثم إ ِ َل ِّر ِ‬
‫االبن والداك على ْأن تشرك ِبي في العبادة أو الطاعة‪ ،‬ما ليس لك به علم فال‬ ‫وإن حملك أيها ُ‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫واتبع طريق من تاب‬ ‫وصاحبهما في الدنيا باملعروف‪ْ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫تطعهما في ذلك‪ ،‬فإنه ال طاعة ملخلوق في معصية الخالق‪،‬‬
‫ََ ه َ‬
‫ص ْينا‬ ‫إلي وحدي مرجعكم‪ ،‬فأخبركم بما كنتم تعملون في الدنيا‪ ،‬وأجازيه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وو‬ ‫إلي وآمن بي‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ُ ََُ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ََ ُ‬ ‫ْ ْ َ َ َ َْ ُ ْ ً َ ْ َ َ َ َ ُ ْ َ َ َْ َ َ‬
‫س ل َك به عل ٌم فال تط ْع ُه َما إل هي َم ْرج ُعك ْم فأنبئك ْم ب َما‬ ‫اإلنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما لي‬
‫ُُْ َ ُ َ‬
‫كنت ْم ت ْع َملون}[العنكبوت‪.]8 :‬‬

‫َۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ ۡ َ‬ ‫َ ُ َۡ َ ََ ۡ ََۡ ََ ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ي ى ُب َ َ َ َ‬


‫ت ب ِ َها‬
‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ۡر‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِف‬
‫ِ‬
‫ۡ‬
‫و‬ ‫أ‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫ى‬ ‫و‬‫ى‬ ‫م‬ ‫لس‬ ‫ٱ‬ ‫ِف‬ ‫ۡ‬
‫ن إِنها إِن تك مِثقال حبة مِن خردل فتكن ِِف صخ َر ٍة أ ِ‬
‫و‬
‫َُ َ ََ َ‬
‫َّلل ل ِطيف َخبِري ‪} ١٦‬‬ ‫َّلل إِن ٱ‬
‫ٱ ر‬
‫فتكن في جوف جبل‪ ،‬أو في أي مكان في‬ ‫ْ‬ ‫بني‪ّ ،‬إن الحسنة ْإن تك مثقال حبة خرذل‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬يا ّ‬
‫فإن هللا تعالى يأتي بها يوم القيامة‪ ،‬فال يظلم هللا مثقال ذرة‪ ،‬وال تظلم‬ ‫السماوات أو في أي مكان في األ ض‪ّ ،‬‬
‫ر‬
‫َ َ َ ُ َْ َ َ ْ ْ َ‬ ‫ه ه َ َ َ ْ ُ ْ َ َ هَ‬
‫نفس شيئا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن َّللا َل يظلم مثقال ذر ٍة}[النساء‪ ،]40 :‬وقال تعالى‪{ :‬ونضع اَلوازين القسط‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ْ َ َ َ ُ َْ ُ َ ْ ٌ َ ْ ً َ ْ َ َ‬
‫ان م ْث َق َ‬
‫ال َح هب ٍة م ْن خ ْر َد ٍل أت ْينا ب َها َوكفى بنا َحاسبين}[األنبياء‪،]47 :‬‬ ‫ليوم القيامة فال تظلم نفس شيئا وإن ك‬
‫ّإن هللا تعالى لطيف بعباده خبير بأعمالهم‪.‬‬

‫ك إ َن َذ ىل َِك م ِۡن َع ۡز ِم ٱ ۡلُ ُ‬


‫َ ۡ َ َ ۡ ُ َ َ ۡ ۡ َ َى َ َ َ َ َ‬ ‫لصلَ ىوةَ َوأۡ ُِّ ۡر بٱل ۡ َم ۡ‬
‫ن أَقِم ٱ َ‬ ‫َ‬
‫ور‬
‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫اب‬‫ص‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫لَع‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ص‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫نك‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ه‬‫ن‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫وف‬
‫ِ‬ ‫ر‬‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ي ى ُب َ َ ِ‬
‫‪} ١٧‬‬
‫وأمر غيرك بكل أمر دعا إليه الشرع‪ّ ،‬‬
‫وأقره‬ ‫بني أقم الصالة مستوفيا شروطها وأركانها‪ْ ،‬‬
‫واملعنى‪ :‬يا ّ‬
‫وانه غيرك عن كل ما يستنكره الشرع‪ ،‬ويستقبحه العقل‪ ،‬واصبر على ما أصابك من األذى‬ ‫العقل والطبع‪َ ،‬‬
‫َ ۡ َ َ َى ََ َ َ َ َ‬ ‫َ ۡ َ ُ‬
‫رية إَِّل‬‫ب وٱلصلوة ِ ِإَونها لكب ِ‬
‫واملكروه مقابل أمرك باملعروف ونهيك عن املنكر‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وٱستعِينوا ب ِٱلص ِ‬
‫تصبر على ما أصابك‪ّ ،‬‬‫وإن ْ‬ ‫ي ‪[}٤٥‬البقرة‪ْ ،]45 :‬‬ ‫خىشِ عِ َ‬‫ََ ۡ َ‬
‫فإن ذلك من األمور التي يعزم عليها‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫لَع ٱل‬
‫صب ُروا َو َت هت ُقوا َفإ هن َذل َك م ْن َع ْزم ُ‬
‫األمور}[آل عمران‪.]186 :‬‬ ‫{ َوإ ْن َت ْ‬

‫َ َ َ َ ُ ُّ ُ َ ُ ۡ َ َ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫اس َوَّل َت ۡم ِش ِِف ٱلۡر ِض ِّرحا إِن ٱَّلل َّل يِب ُك ُّمتال فخور ‪} ١٨‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وَّل ت َصعِ ۡر َخ َد َك ل َِلن ِ‬
‫متبخترا متكبرا؛ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ألن هللا‬ ‫تمش في هذه األرض‬ ‫ِ‬ ‫وال‬ ‫موك‪،‬‬ ‫كل‬ ‫تعرض بوجهك عن الناس إذا‬ ‫واملعنى‪ :‬وال‬
‫ّ‬
‫تعالى ال يحب كل متكبر بما أوتي من النعم‪ ،‬فخور به على غيره‪.‬‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ل َبال ُطوَّل‬ ‫ٱ‬
‫َ ََ َُۡ َ‬
‫غ‬ ‫ل‬‫ب‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ض‬ ‫ۡر‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ق‬‫ر‬
‫َ‬
‫َ َ َ ۡ َ‬
‫َت‬ ‫ن‬‫ل‬ ‫ك‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ا‬‫ح‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و ََّل َت ۡم ِش ِِف ٱ ۡلۡر ِض َِّ َ‬
‫ر‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ ََ َۡ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َُ ُ ۡ َ ُ َ َ ُ‬
‫جى ِهلون قالوا َسل ىما‬
‫َ‬ ‫اد ٱ َلرِنَٰمۡح ٱ ََّل َ‬
‫ِين َي ۡمشون لَع ٱلۡر ِض ه ۡونا ِإَوذا خاطبهم ٱل‬
‫َ َ ُ‬
‫‪[}٣٧‬اإلسراء‪ ،]37 :‬وقوله تعالى‪ { :‬وعِب‬
‫‪[}٦٣‬الفرقان‪.]63 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬‫َ‬ ‫ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫ري ‪} ١٩‬‬ ‫نك َر ٱل ۡص َو ى ِ َ ۡ ُ َ‬ ‫ص ۡد ِِف َِّشيِك َوٱغضض مِن َص ۡوت ِكر إِن أ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱق ِ‬
‫ت لصوت ٱل ِم ِ‬
‫وتوسط في مشيك ليس بالبطيء املتثبط وال بالسريع املفرط‪ ،‬واخفض من صوتك وال تتفاخر‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫بارتفاعه‪ّ ،‬إن أبغض األصوات وأنكرها لصوت الحمير الذي أوله زفير وآخره شهيق‪.‬‬
‫وقد مدح هللا تعالى الذين يخفضون أصواتهم في مجلس رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فقال تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ َى َ َ َ ۡ َ َ َ َ ُ ُ ُ َ ُ ۡ َ ۡ َ ى َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُّ َ َ ۡ َ َ ُ ۡ‬
‫ى ل ُهم َمغفِ َرة َوأ ۡجر َع ِظيم‬
‫ول ٱَّللِ أولئِك ٱَّلِين ٱمتحن ٱَّلل قلوبهم ل ِلتقو ر‬
‫َ َُ‬
‫{ إِن ٱَّلِين يغضون أصو ىتهم عِند رس ِ‬
‫‪[}٣‬الحجرات‪.]3 :‬‬

‫َ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫ََۡ ََ ۡ َ َ ََ َ َ َ َ ُ‬


‫ت َو َما ِِف ٱلۡر ِض َوأ ۡس َبغ َعل ۡيك ۡم ن َِع َم ُهۥ ظى ِه َرة َوبَاط َِنة‬ ‫كم َما ِف ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ألم تروا أن ٱَّلل سخر ل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ ۡ‬ ‫َ ُ َى ُ‬
‫ري عِلم َوَّل ُهدى َوَّل ك َِتىب ُّمن ِري ‪} ٢٠‬‬ ‫غ‬
‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ِل‬ ‫َوم َِن ٱلَ ِ‬
‫اس من يجد‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ألم تعلموا ّأن هللا تعالى ذلل لكم ما في السماوات من الشمس والقمر والنجم وغير ذلك‪،‬‬
‫وذلل لكم ما في األرض من حيوان وجماد وزروع‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َس هخ َر َل ُك ْم َما في ه‬
‫الس َم َاوات َو َما في األ ْرض‬
‫من يخاصم بالباطل في ذات‬ ‫يعا م ْن ُه}[الجاثية‪ ،]13 :‬وأسبغ عليكم نعمه الظاهرة والباطنة‪ ،‬ومن الكفار ْ‬ ‫َجم ً‬
‫هللا وصفاته وتشريعاته بغير علم صحيح‪ ،‬وال نقل صريح‪ ،‬وال وحى ينير عقله وقلبه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وم َن‬
‫ه َْ ْ ََ ُ ً ََ َ‬ ‫َ ْ ُ َ ُ‬ ‫ه‬
‫اب ُمن ٍير}[الحج‪.]8 :‬‬
‫الناس من يجادل في َّللا بغيرعل ٍم وَل هدى وَل كت ٍ‬
‫َ َ َُ ُ َ ُ َ َ َ َ َ ُ َ ُ َۡ ََ ُ َ َ َ ۡ َ َ َۡ َ َ ََ ََ َۡ َ َ َ ۡ َ ى ُ َ ۡ ُ ُ‬
‫وه ۡم إ ِ َلى‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا قِيل لهم ٱتبِعوا ما أنزل ٱَّلل قالوا بل نتبِع ما وجدنا عليهِ ءاباءنا ر أولو َكن ٱلشيطن يدع‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ري ‪} ٢١‬‬
‫اب ٱلسعِ ِ‬
‫عذ ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وإذا قيل لهؤالء الكفار املجادلين‪ :‬اتبعوا ما أنزله هللا تعالى على رسوله صلى هللا عليه وسلم من‬
‫بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا من عبادة األصنام واألوثان‪ ،‬أيتبعون ما وجدوا‬ ‫قرآن كريم‪ ،‬وذكر حكيم‪ ،‬قالوا ْ‬
‫عليه آباءهم ولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب جهنم؟‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ِيل ل َ ُه ُم ٱتَب ُعوا َما أ َ‬
‫نزل ٱ َ ُ‬
‫َّلل قالوا بَل نتب ِ ُع َما ألف ۡي َنا َعل ۡيهِ َءابَا َءنا ر أ َول ۡو َكن‬
‫َ َ‬
‫ونطير هذه اآلية قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا ق‬
‫ِ‬
‫ََ ََُۡ َ‬ ‫َ َ ُُ ۡ َ َۡ ُ َ‬
‫ون َ ۡ‬
‫ون ‪[}١٧٠‬البقرة‪.]170 :‬‬‫يشٔٔا وَّل يهتد‬ ‫ءاباؤهم َّل يعقِل‬

‫ُ ُۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫َ ُ ۡ‬ ‫َ‬
‫ق ِإَول ٱ ََّللِ َع ىقِ َبة ٱل ُِّورِ ‪} ٢٢‬‬ ‫ك ب ِٱل ُع ۡر َوة ِ ٱل ُوث َ ى‬
‫َ ۡ َۡ َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َمن ي ُ ۡسل ِۡم َو ۡج َه ُهۥ إِل ٱَّللِ َوه َو َمسِن فق ِد ٱستمس‬
‫واملعنى‪ :‬ومن يخلص عبادته هلل تعالى وحده‪ ،‬وهو محسن للعمل‪ ،‬فقد تمسك بالعروة الوثقى‬
‫غ‬
‫َ َ َ َ َ ُّ ۡ ُ َ ۡ َ‬
‫ل‬‫ٱ‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ش‬‫لر‬ ‫ٱ‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫د‬‫ق‬ ‫ِين‬ ‫َل‬‫ٱ‬ ‫ِف‬ ‫واستقام على الطريقة املستقيمة التي ال انقطاع لها‪ ،‬كما قال تعالى‪ََّ { :‬ل إ ۡك َراهَ‬
‫ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ام ل َها َوٱ َ ُ‬
‫َّلل َس ِميع َعلِيم ‪[}٢٥٦‬البقرة‪:‬‬ ‫ك ب ِٱل ُع ۡر َوة ِ ٱل ُوث َ ى‬
‫ق َّل ٱنف َص َ‬
‫ِ‬
‫َ َ ۡ َۡ َ َ‬ ‫ۡ‬
‫وت َويُؤمِن ب ِٱَّللِ فق ِد ٱستمس‬
‫َ َ ۡ ُ ۡ َى ُ‬
‫لطغ ِ‬ ‫فمن يكفر ب ِٱ‬
‫ْ‬
‫َ ُ ه‬
‫العاقبة لل ُمتقين}[األعراف‪.]128 :‬‬ ‫‪ ،]256‬وهلل وحده مصير األمور كلها والعاقبة للمتقين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬و‬

‫َ‬
‫ِيم بذ ِ ُّ ُ‬ ‫َ ََ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كف ُرهُۥ إ َۡل َنا َِّ ۡر ُ ُ ۡ ُ َ ُ ُ َ َ‬‫ۡ‬
‫ُۡ َ ُ‬ ‫ََ‬‫ََ َ‬
‫ور ‪} ٢٣‬‬
‫ات ٱلصد ِ‬ ‫جعهم فننبِئهم بِما ع ِمل روا إِن ٱَّلل عل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َمن كف َر فل يزنك‬
‫واملعنى‪ :‬ومن كفر فال ينزنك أيها الرسول كفره‪ ،‬إلينا مرجعهم ومصيرهم يوم القيامة‪ ،‬فنخبرهم‬
‫ُۡ‬
‫ي َو َما َت َِف‬ ‫إن هللا عليم بما تكنه صدورهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ي ۡعلَ ُم َخائ َن َة ٱ ۡلَ ۡع ُ‬ ‫بأعمالهم السيئة في الدنيا‪ّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٱ ُّ‬
‫لص ُد ُ‬
‫ور ‪[}١٩‬غافر‪.]19 :‬‬

‫ور ‪٢٣‬‬ ‫ِيم ب َذات ٱ ُّ‬


‫لص ُ‬
‫د‬ ‫ِ‬ ‫َّلل َعل ُ‬‫ك ۡف ُرهُ رۥ إ َ َۡل َنا َِّ ۡرج ُع ُه ۡم َف ُننَبئُ ُهم ب َما َع ِملُ روا إ َن ٱ َ َ‬
‫َ َ َ ََ َُۡ َ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َمن كفر فل يزنك‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ ۡ َ ُّ ُ ۡ َ ى َ َ‬ ‫َُ ُُ ۡ َ‬
‫اب غل ِيظ ‪} ٢٤‬‬ ‫نمتِعهم قل ِيل ثم نضطرهم إِل عذ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ َُ‬
‫ك َف َر فأ َمت ِ ُع ُهۥ قل ِيل }[البقرة‪:‬‬ ‫واملعنى‪ :‬نمتع هؤالء الكفار متاعا قليال في الدنيا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َمن‬
‫ّ‬
‫‪ ،]126‬ثم نسوقه بعد متاعه في الدنيا إلى عذاب النار الغليظ الفظيع‪.‬‬
‫َ ُ‬ ‫ُّ ۡ َ ُ َ َ ۡ َ َ ۡ ُ ُ ۡ ُ َ ُ ُ ُ ُ ۡ َ َ َ َ‬
‫لشد َ‬ ‫ََ‬
‫ِيد ب ِ َما َكنوا‬ ‫جعهم ثم نذِيقهم ٱلعذاب ٱ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬مت ىع ِِف ٱَلنيا ثم إَِلنا ِّر ِ‬
‫َ ۡ ُُ َ‬
‫ون ‪[}٧٠‬يونس‪.]70 :‬‬ ‫يكفر‬
‫َ َ َ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ َ َ َ َىَى َ ۡ َ َ َ َ ُ ُ َ َ ُ ُ َۡ ۡ ُ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫َّللِ بل أكَّثهم َّل يعلمون ‪} ٢٥‬‬ ‫َّلل ق ِل ٱلمد ِ ر‬
‫ت وٱلۡرض َلقولن ٱ ر‬‫قوله تعالى‪ { :‬ولئِن سأِلهم من خلق ٱلسمو ِ‬
‫ّ‬
‫ليقولن‪ :‬هللا هو الخالق‪،‬‬ ‫َ‬
‫سألت أيها الرسول هؤالء الكفار من خلق السماوات واألرض‪،‬‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫ولئن‬
‫قل أيها الرسول‪ :‬الحمد هلل ظهور الحجة عليهم‪ ،‬بل أكثرهم ال يعلمون حقيقة هذه الحجة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ َ َ ْ َُ ْ َ ْ َ َ َ ه َ َ َ ْ َْ َ َ َ ه َ ه‬
‫س َوالق َم َر‬
‫الش ْم َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ولئن سألتهم من خلق السماوات واألرض وسخر‬
‫ََ ُ ُ ه هُ ََه ْ َ ُ َ‬
‫َّللا فأنى ُيؤفكون}[العنكبوت‪.]61 :‬‬ ‫ليقولن‬

‫لم ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ت َوٱ ۡلَۡر ِض إ َن ٱ َ َ‬


‫َّلل ُه َو ٱ ۡل َغ ِ ُّ‬ ‫قوله تعالى‪ََّ ِ { :‬للِ َما ِف ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫يد ‪} ٢٦‬‬ ‫نٱ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ُّ‬
‫ُك َمن ِف ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ت‬ ‫ِ‬ ‫واملعنى‪ :‬هلل وحده ما في السماوات واألرض ملكا وخلقا وعبدا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِن‬
‫َ‬ ‫َۡ‬
‫َوٱلۡر ِض إَِّل َء ِاِت ٱ َلرِنَٰمۡح َع ۡبدا ‪[} ٩٣‬مريم‪ّ ،]93 :‬إن هللا تعالى هو الغني عن خلقه الحميد في جميع أفعاله‪.‬‬

‫َ ۡ َ ُ َ ۡ ُ َ َ َ ۡ َ َى ُ َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ َ ۡ َ َ ۡ ۡ َ ُ ُّ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َۡ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ولو أنما ِِف ٱلۡر ِض مِن شج َر ٍة أقل ىم وٱلَح ُر يمدهۥ مِن بع ِده ِۦ سبعة أّبر ما نفِدت ُك ِمت ٱ ر‬
‫َّللِ إِن‬
‫ٱ ََ‬
‫َّلل َع ِزيز َحكِيم ‪} ٢٧‬‬
‫واملعنى‪ :‬ولو ّأن ما في األرض من أشجار جعلت أقالما‪ ،‬ولو ّأن البحر تحول إلى مداد لتلك األقالم‪،‬‬
‫مد هذا البحر بسبعة أبحر أخرى‪ ،‬وكتبت بتلك األقالم وبذلك املداد كلمات هللا تعالى‪ ،‬لنفدت األقالم‪،‬‬ ‫ُوي ّ‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ َ ْ‬
‫ولنفد املداد‪ ،‬وما نفدت كلمات هللا تعالى لعدم تناهيها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ق ْل ل ْو كان ال َب ْح ُر م َد ًادا لكل َمات َربي‬
‫َ َْ ْ‬ ‫َ َ ْ ََْ َ ُ‬ ‫ََ ْ‬
‫لنف َد ال َب ْح ُر ق ْب َل أن تنف َد كل َمات َربي َول ْو جئنا بمثله َم َد ًدا}[الكهف‪ّ ،]109 :‬إن هللا تعالى عزيز ال يغلب‪ ،‬حكيم‬
‫في تدبير خلقه بعلمه‪.‬‬

‫َ ۡ‬
‫ك ۡم إَّل ك َنفس َو ىح َِدةٍ إ َن ٱ َ َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُ ُ ۡ َ َُۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫يع بَ ِصري ‪} ٢٨‬‬
‫َّلل َس ِم ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ما خلقكم وَّل بعث‬
‫واملعنى‪ :‬ما خلقكم أيها الناس وال بعثكم من قبوركم يوم القيامة‪ ،‬إال كخلق نفس واحدة أو بعثها‬
‫كن فيكون دون بطء‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫بأن نقول مرة واحدة‪ْ ،‬‬ ‫ألن إ ادتنا تتم ْ‬ ‫ّ‬
‫إال كخلق نفس واحدة أو بعثها‪ ،‬ر‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َُ ه‬ ‫َ َ َ َ هُ َ ُ َ ُ ُ‬ ‫ه َ َُ َ‬
‫مرنا إَل َواحدة‬ ‫{إن َما قولنا لش ٍيء إذا أ َردنا ُ أن نقو َل ل ُهۥ كن ف َيكون}النحل‪ ،]40 :‬وقال تعالى‪{ :‬وما أ‬
‫الب َ‬
‫كلمح ب َ‬ ‫ََ‬
‫صر}[القمر‪.]50 :‬‬

‫َ َ‬ ‫َۡ َ َ َ َ َ ۡ َ َ َۡ َ َ ُ َۡ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬أل َ ۡم تَ َر أَ َن ٱ َ َ‬


‫َّلل يُول ُِج ٱ َ َۡل َل ِف ٱلَ َهار َويُول ُِج ٱلَ َه َ‬
‫ل أ َجل‬
‫ُي ِري إ ِ ى‬ ‫ار ِِف ٱَل ِل وسخر ٱلشمس وٱلقمر ُك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ََ َ ََ َ َۡ َ ُ َ‬
‫ون َخبِري ‪} ٢٩‬‬ ‫ُِّّ َسم وأن ٱَّلل بِما تعمل‬
‫واملعنى‪ :‬ألم تر أيها العاقل ّأن هللا ُي ْدخل َ‬
‫الليل في النهار فيقصر الليل ويطول النهار‪ُ ،‬وي ْدخل ا َ‬
‫لنهار في‬
‫وذلل الشمس والقمر وجعلهما َ‬ ‫ّ‬
‫طائع ِين‪ ،‬كل منهما يجري في فلكه ألجل‬ ‫الليل فيقصر النهار ويطول الليل‪،‬‬
‫َ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ََ‬ ‫َ ه ْ ُ َ‬
‫س ت ْجري َل ْستق ٍر ل َها ذل َك تقد ُير ال َعزيز ال َعليم ‪َ .‬والق َم َر ق هد ْرنا ُ َمناز َل َح هتى‬ ‫مسمى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬والشم‬
‫ََ‬ ‫ه ْ ُ َ ُ ه َ َ ٌُّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َع َاد َك ْال ُع ْر ُجون ْال َقديم ‪ََ .‬ل الش ْم ُ‬
‫ه‬
‫س َين َبغي ل َها أن ت ْدر َك الق َم َر َوَل الليل سابق النهار وكل في فل ٍك‬
‫وأن هللا تعالى خبير بما تعملون من خير أو شر فيجازيكم عليه‪.‬‬ ‫َي ْس َب ُحو َن}[يس‪ّ ،]38-40 :‬‬

‫ُ‬ ‫ۡ َى ُ ََ َ َ َ ُ َ ۡ َ ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ى َ َ َ َ َ ُ َ ۡ َ ُّ َ َ َ َ َ ۡ ُ َ‬
‫ُّ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ذل ِك بِأن ٱَّلل هو ٱلق وأن ما يدعون مِن دونِهِ ٱلب ِطل وأن ٱَّلل هو ٱلع َِل ٱلكبِري ‪} ٣٠‬‬
‫بأن هللا تعالى هو اإلله الحق والرب املستحق للعبادة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬ ‫واملعنى‪ :‬ذلك الوصف املذكور ّ‬
‫ون ‪[}٣٢‬يونس‪ّ ،]32 :‬‬ ‫َ َ ى ُ ُ َ ُ َ ُّ ُ ُ ۡ َ ُّ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ى ُ َ َ َ ى ُ ۡ َ ُ َ‬
‫وأن ما يعبده املشركون من‬ ‫فذل ِكم ٱَّلل ربكم ٱلق فماذا بعد ٱل ِق إَِّل ٱلضلل فأن تُصف‬
‫وأن هللا هو العلي املتعالي على كل ش يء‪ ،‬الكبير في ذاته وصفاته‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫دون هللا تعالى هو الباطل‪ّ ،‬‬
‫يم ‪[} ٢٥٥‬البقرة‪ ،]255 :‬وقال تعالى‪َ { :‬ع ىل ُِم ٱ ۡل َغ ۡي َ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ ُ َ َ‬ ‫َل ٱ ۡل َع ِظ ُ‬ ‫{ َو ُه َو ٱ ۡل َ‬
‫ال ‪[}٩‬الرعد‪.]9 :‬‬ ‫ب وٱلشه ىدة ِ ٱلكبِري ٱلمتع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬
‫َّللا ُه َو ْال َح ُّق َو َأ هن َما َي ْد ُعو َن م ْن ُدونه ُه َو ْال َباط ُل َو َأ هن ه َ‬
‫َّللا ُهوَ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ذل َك ب َأ هن ه َ‬
‫َْ‬ ‫ْ‬
‫ال َعل ُّي الكب ُير}[الحج‪.]62 :‬‬

‫ُ‬ ‫َى َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َ‬ ‫َ ُ َ ُ‬ ‫ََۡ ََ َ َ ُۡ ۡ َ َۡ‬


‫تري ِف ٱ ۡلَ ۡحر بن ِۡع َ‬
‫ِك َص َبار‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ت‬‫ى‬ ‫ي‬ ‫ٓأَل‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ۦ‬‫ِ‬
‫ر‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ت‬‫ى‬ ‫اي‬‫ء‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ي‬‫ِري‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ألم تر أن ٱلفلك ِ‬
‫ُ‬
‫َشكور ‪} ٣١‬‬
‫واملعنى‪ :‬ألم تر أيها العاقل ّأن السفن تجري في البحر طافية على املاء بنعمة هللا تعالى‪ ،‬بتذليلها لكم‪،‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ه َُ ُْْ َ‬
‫كما قال تعالى‪َ { :‬و َسخ َر لك ُم الفل َك لت ْجر َي في ال َب ْحر بأ ْمر }[إبراهيم‪ ،]32 :‬ليريكم من آياته البينات ما تعتبرون‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫يات واضحات على قدرة هللا‪ -‬تعالى ورحمته لكل‬ ‫به؟ إن في ذلك الذي شاهدتموه من جري السفن في البحر آل ٍ‬
‫إنسان صبار عن محارم هللا‪ ،‬شكور على نعمه‪.‬‬

‫ص رد َو َما‬ ‫َ ۡ ُّ ۡ َ‬ ‫َ ََ َ ََ ُ ۡ َ َۡ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ َ َ ُ َ ۡ َ ُّ َ َ َ ُ َ َ ُ ۡ‬


‫ف ِمن ُهم مقت ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا غشِ يهم ِّوج كٱلظل ِل دعوا ٱَّلل ُّمل ِِصي ل ٱَلِين فلما نى ىهم إِل ٱل ِ‬
‫ب‬
‫َ‬ ‫َ ُ ُّ‬ ‫َۡ‬
‫ُي َح ُد ِبَٔٔ َاي ىت ِ َنا إَِّل ُك َخ َتار ك ُفور ‪} ٣٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬وإذا أحاطت بركاب السفن األمواج من كل جهات كالجبال‪ ،‬أخلصوا الدعاء هلل وحده‪ ،‬كما‬
‫ين}[العنكبوت‪ّ ،]65 :‬‬ ‫قال تعالى‪َ { :‬فإ َذا َرك ُبوا في ْال ُف ْلك َد َع ُوا ه َ‬
‫َّللا ُم ْخلص َين َل ُه الد َ‬
‫فلما نجاهم هللا تعالى‬
‫البر‪ ،‬فمنهم مقتصد لم يقم بشكر هللا تعالى‪ ،‬ومنهم كافر بنعم هللا تعالى‪ ،‬وما يكفر‬ ‫برحمته من هذا الكرب إلى ّ‬
‫غدار للعهد‪ ،‬كفور بما أنعم هللا تعالى عليه‪.‬‬ ‫بآياتنا الدالة على قد تنا إال كل ّ‬
‫ر‬
‫َۡ ۡ َ َ َ َۡ ُ َ َ َ ُ ََ َ ََ ى ُ ۡ َ‬ ‫َ َ َ ُ‬
‫ك ُم ٱ ُّ ُّ‬
‫لُض ِِف ٱلح ِر ضل من تدعون إَِّل إِياه فلما نىكم إِل‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا ِّس‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫نس ُن ك ُفورا ‪[}٦٧‬اإلسراء‪.]67 :‬‬
‫ب أ ۡع َر ۡض ُت ۡ رم َوك َن ٱ ِإل َ ى‬ ‫َ‬
‫ٱل ِ‬
‫َله ِۦ َو ََّل َِّ ۡولُود ُه َو َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َى َ ُّ َ َ ُ َ ُ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ‬
‫از َعن َو ِ ِ‬
‫اَله ِۦ‬ ‫ٍ‬ ‫ج‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫اَل‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫ُيزي َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱلاس ٱتقوا ربكم وٱخشوا يوما َّل ِ‬
‫كم بٱ ََّللِ ٱ ۡل َغ ُر ُ‬ ‫َ َ ۡ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ ُ ُ ۡ َ َ ى ُ ُّ ۡ َ َ َ َ ُ َ َ ُ‬ ‫َ ۡ‬
‫ور ‪} ٣٣‬‬ ‫ِ‬ ‫يشٔٔار إِن وعد ٱَّللِ حق فل تغرنكم ٱليوة ٱَلنيا وَّل يغرن‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها الناس اتقوا رّبكم وخافوا عذابه‪ ،‬واخشوا هول يوم القيامة الذي ال يغني فيه والد عن‬
‫ْ‬ ‫ٌ ْ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫}[األنعام‪ ،]164 :‬فكل امرئ‬ ‫ولده‪ ،‬وال مولود هو مغن عن والده شيئا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وَل تز ُر َواز َرة وز َر أخ َرى‬
‫ّ‬ ‫َ َۡ َُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََۡ َ َۡ ُ َ َ َ َ‬
‫مسؤول عن نفسه‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وأمددنىهم بِفىكِهة ولم ِِّما يشتهون ‪[}٢١‬الطور‪ ،]21 :‬إن وعد هللا تعالى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حق‪ ،‬فال تغرنكم الحياة الدنيا وزخرفها‪ ،‬وال يغرنكم باهلل شيطان من الجن واإلنس‪ ،‬فما يعدكم الشيطان إال‬
‫ُ‬ ‫ه َ ُ‬
‫غرورا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬يع ُد ُه ْم َو ُي َمنيه ْم َو َما َيع ُد ُه ُم الش ْيطان إَل غ ُرو ًرا}[النساء‪.]120:‬‬

‫َ َ َ ۡ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َۡۡ َ ِ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َُ ُۡ َ َ ََُ ُ َۡ َ‬


‫زنل ٱلغ ۡيث َويَ ۡعل ُم َما ِِف ٱلرحام وما تدرِي نفس ماذا تكسِب غدا‬
‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلل عِندهۥ عِلم ٱلساعةِ وي ِ‬
‫َو َما تَ ۡدري َن ۡف ُس بأَي أَۡرض َت ُم ُ‬
‫وتر إ َن ٱ َ َ‬
‫َّلل َعل ِيم َخب ُ‬
‫ري ‪}٣٤‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن هللا تعالى عنده علم الساعة‪ ،‬فال يعلم أحد وقت قيام الساعة إال هو‪ ،‬كما قال تعالى‪َ{ :‬ل‬
‫ْ ه‬
‫ُي َجل َيها ل َوقت َها إَل ُه َو}[األعراف‪ ،]187 :‬وينزل هللا تعالى الغيث‪ ،‬ويعلم ما في األرحام من تنقصه وازدياده‪ ،‬كما‬
‫ۡ‬ ‫َ ُ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ ُ ُ ُّ ُ َ ى َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ َ ۡ َ ُ‬
‫اد ر َو ُ ُُّك َ ۡ‬
‫ِندهُۥ ب ِ ِمق َد ٍار ‪[}٨‬الرعد‪،]8 :‬‬ ‫يش ٍء ع َ‬ ‫قال تعالى‪ { :‬ٱَّلل يعلم ما ت ِمل ُك أنَث وما تغِيض ٱلرحام وما تزد‬
‫بأي أرض تموت كل نفس‪ ،‬وهي ال تعلمه‪ّ ،‬إن هللا‬ ‫ويعلم ما تكسبه كل نفس في غدها‪ ،‬وهي ال تعلمه‪ ،‬ويعلم ّ‬
‫تعالى عليم بكل ش يء‪ ،‬خبير بظواهر األمور وبواطنها‪.‬‬
‫ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وعن َد ُ َمفات ُح الغ ْيب َل َي ْعل ُم َها إَل ُه َو َو َي ْعل ُم َما في ال َبر َوال َب ْحر َو َما‬
‫اب ُمب ٍين}[األنعام‪.]59 :‬‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫َل‬ ‫إ‬ ‫س‬ ‫اب‬ ‫ط م ْن َو َر َقة إَل َي ْع َل ُم َها َوَل َح هبة في ُظ ُل َمات األ ْرض َوَل َر ْطب َوَل َ‬
‫ي‬
‫َ ْ ُ ُ‬
‫تس ق‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ُ َُ ه ْ َ‬
‫سورة السجدة‬
‫وهي مكية وعدد آياتها ثالثون‬

‫ي ‪}٢‬‬‫ب فِيهِ مِن َرب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬ ‫يل ٱ ۡلك َِتىب ََّل َر ۡي َ‬


‫َ ُ‬
‫زن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬الم ‪ ١‬ت ِ‬
‫َ‬
‫ملنزل من رب العاملين ال ريب فيه‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَونَ ُهۥ ِلَ ُ َ‬ ‫واملعنى‪ :‬الم‪ .‬والقرآن الكريم َّ‬
‫ب‬
‫زنيل ر ِ‬
‫ِ‬
‫ٱ ۡل َع ىلَم َ‬
‫ي ‪[} ١٩٢‬الشعراء‪.]192 :‬‬ ‫ِ‬

‫َ َ‬
‫ۡ َ َ ُ ۡ ََُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫ون ٱف َ َ‬
‫ۡ َُ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}٣‬‬ ‫تى ى ُ ره بَل ُه َو ٱ َ‬
‫ل ُّق ِمن َربِك ِِلُنذ َِر ق ۡوما َما أتى ى ُهم مِن نذِير مِن قبل ِك لعلهم يهتد‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أم يقول‬
‫واملعنى‪ :‬أيقول هؤالء املشركون الجاحدون بالقرآن‪ :‬اختلقه محمد صلى هللا عليه وسلم من عند‬
‫ْ ه ْ‬ ‫َ َ‬
‫نفسه؟ بل هو الحق الثابت من ربك أيها الرسول‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فال ت ُك في م ْرَي ٍة من ُه إن ُه ال َح ُّق م ْن‬
‫َرب َك}[هود‪] 17 :‬؛ لتنذر قوما لم يأتهم نذير من قبلك وهم أهل مكة ومن حولها من العرب والعجم‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬ ‫ُْ ُ ُْ‬
‫تعالى‪َ { :‬ولتنذ َرأ هم القرى َو َم ْن َح ْولها}[األنعام‪ ،]92 :‬لعلهم يهتدون فيفوزوا في الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫َ ُ‬ ‫َ ََ َُ ۡ ََ ى ََ ۡ‬ ‫َۡ َ‬ ‫َّلل ٱ ََّلِي َخلَ َق ٱ َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ َ ُ‬
‫ى لَع ٱل َع ۡر ِش َما لكم مِن‬ ‫ت َوٱلۡرض َو َما بَ ۡي َن ُه َما ِِف سِت ِة أيام ثم ٱستو‬‫لسم ى َو ى ِ‬
‫َََ ََ َ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫ون ‪} ٤‬‬ ‫يع أفل تتذكر‬ ‫دونِهِۦ مِن َو ِل َوَّل شفِ ٍ‬
‫واملعنى‪ :‬هللا الذي خلق السماوات واألرض وما بينهما من العدم في ستة أيام‪ ،‬ثم استوى على العرش‬
‫ً‬
‫استواء يليق بعظمته من غير تكييف وال تشبيه وال تعطيل‪ ،‬فاهلل ال يشبهه ش يء من خلقه‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ َ‬
‫ليس ك ِمثل ِه يشء}[الشورى‪ ،]11 :‬ما لكم أيها الناس من دون هللا تعالى من ناصر ينصركم‪ ،‬وال شفيع يشفع‬ ‫{‬
‫لكم عند هللا‪ ،‬أفال تتعظون؟‬

‫َ َ ُ ُ َ َ َ َ َ ُ ُّ َ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َۡ‬ ‫َۡ‬


‫ون ‪} ٥‬‬‫لس َماءِ إِل ٱلۡر ِض ث َم َي ۡع ُر ُج إ ِ َۡلهِ ِِف يَ ۡوم َكن مِقدارهۥ ألف سنة ِِّما تعد‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يُ َدب ُر ٱل ِّۡ َر م َِن ٱ َ‬
‫ِ‬
‫ويتنزل أمره من السماء إلى األرض‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫يدبر هللا تعالى أمر الكون على وفق إ ادته‪ّ ،‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ر‬
‫َْ ُ ه َ َ ُ ْ ُ َ َُْ ه َ َْ ُ َ ه ه َ َ ُ َ‬ ‫ََ َ َ َ َ َ‬ ‫هُ ه‬
‫َّللا َعلى كل ش ْي ٍء‬ ‫ات َوم َن األ ْرض مثلهن يتنزل األمر بينهن لتعلموا أن‬ ‫{َّللا الذي خلق س ْبع س َمو ٍ‬
‫َ‬
‫قد ٌير}[الطالق‪ ،]12 :‬ثم يصعد أثر ذلك األمر إلى هللا تعالى في يوم كان مقداره ألف سنة من أيام الدنيا التي‬
‫ّ‬
‫تعدونها‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ان م َ‬ ‫َ ُ ُ َ َ َ ُ َ ُّ ُ َ‬
‫قدا ُر ُ ۥ خمسين ألف‬ ‫وح إليه في يوم ك‬‫وال تعارض بين هذه اآلية وقوله تعالى‪{ :‬تعرج اَللئكة والر‬
‫َس َنة}[املعارج‪ّ ،]4 :‬‬
‫ألن املراد من اليوم في آية السجدة هو يوم خلق السماوات واألرض وتدبيرهما‪ ،‬وفي آية‬
‫املعارج هو يوم القيامة‪.‬‬

‫يز ٱ َلرح ُ‬ ‫ۡ‬


‫ى َ َى ُ َۡ َ َ‬
‫لش َه ى َدة ِ ٱل َعز ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ِيم ‪} ٦‬‬ ‫ِ‬ ‫ب وٱ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ذل ِك عل ِم ٱلغي ِ‬
‫املدبر لهذا األمر هو عالم كل ش يء مما غاب عن العباد ومما يشاهدونه‪ ،‬ال يخفى عليه ش يء‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َّللا ََل َي ْخ َفى َع َل ْيه َش ْي ٌء في األ ْرض َوَل في ه‬
‫الس َماء}[آل عمران‪ ،]5 :‬العزيز الذي ال‬ ‫منه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إ هن ه َ‬
‫يغلب‪ ،‬الرحيم بعباده‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫يش ٍء َخل َق ُهۥ َوبَ َدأ َخل َق ٱ ِإل َ ى‬
‫نس ِن مِن طِي ‪} ٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِي أ ۡح َس َن ُك ۡ‬
‫ََۡ َ َُ‬
‫ُك َ ۡ‬ ‫َ َ‬
‫يش ٍء‬ ‫واملعنى‪ :‬هللا الذي أحسن كل ش يء خلقه وأتقنه‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬ص ۡن َع ٱَّللِ ٱَّلِي أتقن‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ َََْ‬
‫}[النمل‪ ،]88 :‬وبدأ خلق اإلنسان األول من طين‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولق ْد خلقنا اإلن َسان م ْن ُسالل ٍة م ْن‬
‫ط ٍين}[املؤمنون‪.]12 :‬‬

‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ث َم َج َعل ن ۡسل ُهۥ مِن ُسل ىلة مِن َماء َِّ ِهي ‪} ٨‬‬
‫واملعنى‪ :‬ثم جعل هللا تعالى ذرية آدم عليه السالم يتناسلون من نطفة ضعيفة مهينة‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ُ ه َ َْ ُ ُ ْ َ ً َ‬
‫رار َمك ٍين}[املؤمنون‪.]13 :‬‬‫{ثم جعلنا نطفة في ق ٍ‬

‫ُ َ‬ ‫َۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ‬‫َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ُ‬


‫ون ‪} ٩‬‬ ‫لس ۡم َع َوٱلبۡص ى َر َوٱلفِٔٔدةَ ر قل ِيل َما تشكر‬ ‫ك ُم ٱ َ‬ ‫حهِۦ َو َج َعل ل‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ث َم َس َوى ى ُه َونفخ فِيهِ مِن ُّرو ِ‬
‫ََ َََْ ْ َ َ‬
‫أتم هللا تعالى خلق اإلنسان وأحسنه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬لق ْد خلقنا اإلن َسان في أ ْح َسن‬ ‫واملعنى‪ :‬ثم ّ‬
‫وهيأ لكم مفاتيح اإلدراك من السمع والبصر والفؤاد‪ ،‬قليال ما‬ ‫َت ْقويم}[التين‪ ،]4 :‬ونفخ فيه من روحه‪ّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫ّ‬
‫تشكرون نعم هللا تعالى عليكم‪ ،‬باستعمال هذه املفاتيح لعبادة هللا وتدبر آياته‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ص َار َواألفئ َدة قليال َما‬
‫األب َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ُ { :‬ق ْل ُه َو هالذي َأ ْن َش َأ ُك ْم َو َج َع َل َل ُك ُم ه‬
‫الس ْم َع َو ْ‬
‫َ ْ ُ َ‬
‫تشك ُرون}[امللك‪.]23 :‬‬

‫َ َ ۡ َى ُ َ‬ ‫َۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ َ َ َ َۡ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وقالوا أءِذا ضللنا ِِف ٱلۡرض أءِنا ل َِف خلق جدِيد رٔ بل هم بِل ِقاء رب ِ ِهم كفِرون ‪} ١٠‬‬
‫ُ‬ ‫واملعنى‪ :‬وقال منكروا البعث‪ :‬أإذا ْ‬
‫متنا وصارت عظامنا ترابا أنبعث من جديد؟ بل هم بلقاء ربهم يوم‬
‫القيامة كافرون جاحدون‪.‬‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َۡ ُ ۡ َ َ َُ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ َ ۡ ََ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ِ۞{ :‬إَون تعجب فعجب قولهم أءِذا كنا تر ىبا أءِنا ل َِف خلق جد ٍ‬
‫ِيد أولئِك‬
‫َ ۡ َ ۡ َ ُ َى َ َ ۡ َ ى ُ َ ُ ۡ َ َ ى ُ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ ۡ َ ُ َى َ ۡ َ ۡ َ ى ُ‬
‫ٱَّلِين كفروا بِرب ِ ِهم وأولئِك ٱلغلل ِِف أعناق ِ ِهم وأولئِك أصحب ٱلارِ هم فِيها خ ِِلون ‪[}٥‬الرعد‪.]5 :‬‬

‫ُ ۡ َ ى َ ُ ۡ ُۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬


‫ون ‪} ١١‬‬ ‫ت ٱَّلِي ُو ُِك بِكم ثم إِل ربِكم ترجع‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل َيت َوفى ىكم ِّلك ٱل َم ۡو ِ‬
‫أحدكم أجل املوت‪ ،‬يتوفاكم ملك املوت الذي‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهؤالء املشركين‪ :‬إذا حضر َ‬
‫ُ‬ ‫َ َ ُ َْ ُ َ ه ْ‬
‫جاء أ َح َدك ُم اَل ْوت ت َوفت ُه ُر ُسلنا}[األنعام‪،]61 :‬‬ ‫وكل بكل واحد منكم إذا جاء أجله‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ح هتى إذا‬
‫ثم إلى ربكم ترجعون للحساب والجزاء‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ ۡ َ‬
‫ج ۡع َنا ن ۡع َمل ص ىل ِحا إِنا‬ ‫ر‬ ‫ِند َربه ۡم َر َب َنا َأبۡ َ ۡ‬
‫ُصنَا َو َس ِم ۡع َنا فَٱ ۡ‬ ‫ُۡ ۡ ُ َ‬
‫ون نَاك ُِسوا ُر ُءو ِسه ۡم ع َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َ ۡو تَ َر ى‬
‫ى إِذِ ٱلمج ِرِّ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ُ َ‬
‫ون ‪} ١٢‬‬ ‫ِّوق ِن‬
‫واملعنى‪ :‬ولو ترى أيها الرسول هؤالء املجرمين املنكرين للبعث‪ ،‬إذ خفضوا رؤوسهم عند وقوفهم على‬
‫النار وشاهدتهم لهيبها‪ ،‬ولو ترى ذلك كله لرأيت أمرا عظيما يجعلهم يتحسرون على ما فعلوا‪ ،‬ويتمنون اإلعادة‬
‫ُۡ َ‬ ‫إلى الدنيا‪ ،‬وقالوا‪ :‬ربنا نحن اآلن أبصرنا قبائحنا وسمعنا قولك‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬أَ ۡس ِم ۡع به ۡم َو َأبۡ ِ ۡ‬
‫ُص يَ ۡو َم يَأتون َنا‬ ‫ِِ‬
‫جعنا إلى الحياة الدنيا‪ْ ،‬‬ ‫ون ٱ َۡلَ ۡو َم ِِف َض َل ىل ُّمبي ‪[} ٣٨‬مريم‪ ،]38 :‬فار ْ‬
‫َى ُ َ‬ ‫َ‬
‫لى ِ‬
‫ك ِن ٱلظل ِم‬
‫نعمل فيها عمال صالحا فيما‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ َ َ َْ ُ َ ً َ َ ْ ُ‬
‫يما ت َركت}[املؤمنون‪ ،]100 :‬إنا اآلن موقنون بوحدانيك وقدرتك‬ ‫تركنا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬لعلي أعمل صالحا ف‬
‫على البعث‪.‬‬
‫ّ‬
‫وقد علم هللا تبارك وتعالى أنهم لو رجعوا إلى الدنيا لعادوا ملا نهو عنه‪ ،‬وإنهم كاذبون في دعواهم‪ ،‬كما‬ ‫ّ‬
‫ُْ ْ َ‬ ‫َ َُ َ‬ ‫َُ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫َ ه ََ ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ َ‬
‫قال تعالى‪َ { :‬ول ْو ت َرى إذ ُوقفوا َعلى النار فقالوا َيا ل ْيتنا ن َر ُّد َوَل نكذ َب ب َآيات َربنا َونكون م َن اَلؤمنين‪َ .‬ب ْل َب َدا‬
‫َ َ ُ َ ُّ ْ‬ ‫َ َ ُ ْ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُْ َ‬ ‫َ‬
‫الدن َيا َو َما‬ ‫ل ُه ْم َما كانوا ُيخفون م ْن ق ْب ُل َول ْو ُر ُّدوا ل َع ُادوا َلا ُن ُهوا َعن ُه َوإ هن ُه ْم لكاذ ُبون َوقالوا إن ه َي إَل حياتنا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ْح ُن ب َم ْب ُعوثين}[األنعام‪.]27-29 :‬‬

‫اس أَ ۡ َ‬
‫ۡجعِ َ‬ ‫ل َنةِ َوٱلَ ِ‬
‫ََۡ َََ َ َََ َ ۡ‬ ‫ُ َ ى َ َ َى ۡ َ َ ۡ َ ۡ ُ‬ ‫َ َۡ ََۡ َُ َۡ‬
‫ي‬ ‫كن حق ٱلقول م ِِن لِّلن جهنم مِن ٱ ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ول ۡو شِئنا ٓأَلتينا ُك نف ٍس هدىها ول ِ‬
‫‪} ١٣‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫واملعنى‪ :‬ولو شئنا أن نؤتي كل نفس توفقيها لإليمان لفعلنا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ول ۡو شا َء َر ُّبك ٓأَل َم َن َمن ِِف‬
‫ْ‬
‫كونُوا ُِّ ۡؤ ِمن َِي ‪[}٩٩‬يونس‪ ،]99 :‬ولكن حق القول ّ‬ ‫َََ َ ُ ۡ ُ َ َ َ َى َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫َۡ‬
‫ٱلۡر ِض ُك ُه ۡم ۡجِيعا ر أفأنت تك ِره ٱلاس حت ي‬
‫ّ‬
‫ألمألن‬ ‫مني‬
‫جهنم من الكافرين والظاملين من ّ‬
‫الجنة والناس أجمعين‪.‬‬
‫ُ‬
‫ُۡ َۡ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ك ۡم َوذوقوا َعذ َ‬
‫اب ٱ ُ‬ ‫َى ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ ُ‬
‫ون ‪} ١٤‬‬ ‫ِل ب ِ َما كنتم تعمل‬
‫ل ِ‬ ‫يت ۡم ل ِقا َء يَ ۡومِك ۡم هىذا إِنا نسِ ين‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فذوقوا ب ِ َما نسِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فذوقوا يا أهل النار عذابها بسبب غفلتكم وتناسيكم لقاء هذا اليوم الهائل‪ ،‬إنا سنعاملكم‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ ُ َ َ ُ َ‬ ‫ْ‬
‫معاملة الناس ي‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ال َي ْو َم نن َساك ْم ك َما نسيت ْم لق َاء َي ْومك ْم َهذا}[الجاثية‪ ،]34 :‬وذوقوا عذاب‬
‫َ ً َ ً‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ‬
‫يما َوغ هساقا َج َز ًاء‬ ‫النار الخالد‪ ،‬بسبب تكذيبكم بآياتنا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ{ :‬ل َيذوقون ف َيها َب ْر ًدا َوَل ش َر ًابا‪ .‬إَل حم‬
‫َ ً هُ ْ َ ُ َ َ ْ ُ َ َ ً َ َ هُ َ َ ه ً َُ ه َ ْ َ ْ َ َْ ُ َ ً َ ُ ُ ََ ْ َ ُ‬
‫نزيدك ْم إَل‬ ‫وفاقا‪ .‬إنهم كانوا َل يرجون حسابا‪ .‬وكذبوا بآياتنا كذابا‪ .‬وكل ش ي ٍء أحصينا كتابا‪ .‬فذوقوا فلن‬
‫َ‬
‫َعذ ًابا}[النبأ‪.]24-30 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ُ َ َ ُّ ُ َ َ َ َ ُ َ ۡ َ ۡ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون۩ ‪} ١٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن َما يُ ۡؤم ُِن بأ َي ىت ِ َنا ٱَّل َ‬
‫ِين إِذا ذكِروا بِها خرواِۤ سجداِۤ وسبحوا ِّبم ِد رب ِ ِهم وهم َّل يستك ِب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬إنما يؤمن بآياتنا الواضحات الذين إذا ُوعظوا بها‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫خروا ساجدين هلل تعالى من غير تردد‪،‬‬
‫ونزهوه عن كل ما ال يليق به عز وجل بحمده‪ ،‬وهم ال يستكبرون عن االنقياد ألمره ونهيه‪ ،‬كما يفعله الكفار‪،‬‬ ‫ّ‬
‫َۡ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ َۡ َ ۡ ُ َ َ ۡ َ َ‬ ‫َ َ َ َ ُّ ُ ُ ۡ ُ‬
‫جب لك رم إِن ٱَّلِين يستك ِبون عن عِباد ِِت‬ ‫ون أست ِ‬‫كما حكى هللا تعالى عنهم في قوله‪ { :‬وقال ربكم ٱدع ِ‬
‫َ َۡ ُ ُ َ‬
‫ون َج َه َن َم َداخِر َ‬
‫ين ‪[}٦٠‬غافر‪.]60:‬‬ ‫ِ‬ ‫سيدخل‬

‫ۡ‬
‫َ ۡ ُ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ َىُ ۡ ُ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ج ى ُُ ُُ ۡ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ت َت َ‬
‫ون ‪} ١٦‬‬ ‫جعِ يدعون ربهم خوفا وطمعا وِِّما رزقنهم ين ِفق‬ ‫اِف جنوبهم ع ِن ٱلمضا ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬تترفع جنوب هؤالء املؤمنين عن أماكن النوم ليال‪ ،‬يدعون ربهم ويسألونه خوفا من عقابه‪،‬‬
‫ُ َ َ ُ َ‬ ‫ون َوبالس َ‬ ‫َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ون}[الذاريات‪:‬‬‫حارِ هم يستغفِر‬ ‫ِ‬ ‫وطمعا في ثوابه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ{ :‬كنوا قل ِيل م َِن اللي ِل ما يهجع‬
‫َ َ َ‬
‫الليل َساجدا َوقَائما َي َذ ُر اآلخ َِر َة َو َير ُجو َر َ‬ ‫ََ ُ َ َ‬
‫ْح َة َربِهِ}[الزمر‪ ،]9 :‬وينفقون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اء‬‫آن‬ ‫ِت‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫‪ ،]17-18‬وقال تعالى‪{ :‬أمن هو ق‬
‫ۡ َ‬ ‫ُۡ‬
‫ّس قل فِي ِه َما إِثم كبِري َو َم َنى ِف ُع‬ ‫َۡ ۡ َ ۡ َ ۡ‬ ‫ُ َ َ َ‬ ‫َۡ‬
‫مما رزقناهم ما زاد عن حاجتهم‪ ،‬كما قال تعالى‪۞ { :‬يسَٔٔلونك ع ِن ٱلم ِر وٱلمي ِ ِ‬
‫ُ َ َ َ َ ُ ُ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ َى َ ُ َ ُ َ ُ َ ُ ُ َ ى َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ُُۡ َ َ ۡ‬
‫ت ل َعلك ۡم‬ ‫كَُ‬
‫ب مِن نفعِ ِه َما َوي ۡسَٔٔلونك ماذا ينفِقون ق ِل ٱلعفو كذل ِك يب ِي ٱَّلل لكم ٱٓأۡلي ِ‬ ‫ل َِلن ِ‬
‫اس ِإَوثمهما أ‬
‫َََ َ ُ َ‬
‫ون ‪[} ٢١٩‬البقرة‪.]219 :‬‬ ‫تتفكر‬

‫َُ َ ُۡ َ َ َ َ َ ُ َۡ َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ۡ َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬فَل َت ۡعلَ ُم َن ۡفس ما أخ ِ َ‬
‫ِ‬
‫َف لهم مِن قرة أعي جزاء بِما َكنوا يعملون ‪} ١٧‬‬
‫واملعنى‪ :‬فال تعلم نفس ما أخفاه هللا تعالى لهم في الجنة وادخره لهم مما تقر به أعينهم‪ ،‬جزاء عدال‬
‫على أعمالهم الصالحة في الدنيا‪.‬‬
‫َْ‬ ‫روى اإلمام الطبري بسنده عن ابن عباس‪ ،‬عن ّ‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬عن الروح األمين‪ ،‬قال‪" :‬يؤتي‬
‫هللا ُله في ّ‬
‫الجنة"‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫وسع ُ‬ ‫فإن بق ْ‬
‫يت َحسنة واحدة‪َّ ،‬‬ ‫ضها م ْن َب ْعض‪ْ ،‬‬ ‫فين ُقص ْ‬
‫بع ُ‬ ‫وسيئاته‪ْ ،‬‬‫العبد ّ‬
‫بحسنات ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ َ َ َ َ َ ُ َ‬
‫ِين ن َتق َبل عن ُهم‬
‫ّ‬
‫فدخلت على يزداد‪ ،‬فحدث بمثل هذا؛ قال‪ :‬قلت‪ :‬فأين ذهبت الحسنة؟ قال‪{ :‬أولئِك اَّل‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ال َن ِة َوع َد الصد ِق اَّلِي َكنُوا يوعدون}[األحقاف‪،]16 :‬‬
‫جاو ُز َعن َسيئاتهم ِِف أصحاب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أح َس َن ما َع ِملوا َو َن َت َ‬
‫ُ‬
‫أسره إلى هللا لم‬ ‫َف ل َ ُهم مِن قُ َرة ِ أع ُي}[السجدة‪ ،]17 :‬قال‪ :‬العبد يعمل ّ‬
‫سرا ّ‬ ‫َ‬ ‫خ‬ ‫أ‬ ‫ما‬ ‫س‬‫ف‬
‫َ َ َُ َ‬
‫ن‬ ‫قلت‪ :‬قوله‪{ :‬فل تعلم‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫فأسر هللا له يوم القيامة ّ‬
‫قرة عين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يعلم به الناس‪،‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬أف َمن َك َن ُِّ ۡؤمِنا ك َمن َك َن فاسِقا ر َّل ي َ ۡس َت ُوۥ َن ‪} ١٨‬‬
‫واملعنى‪ :‬فهل من كان مؤمنا باهلل وبرسوله وباليوم اآلخر مثل من كان كافرا فاسقا؟ ال يستوون عند‬
‫هللا تعالى‪.‬‬
‫َ َ َُ‬ ‫َ‬
‫ات َكل ُمفسِ د َ‬ ‫ُ‬
‫آم ُنوا َو َعملوا َ‬
‫الص ِ َ‬ ‫ِين َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬أم ن َعل اَّل َ‬
‫ِين ِِف الر ِض أم نعل‬ ‫ال ِ‬ ‫ِ‬
‫ال َن ِة ُهمُ‬ ‫ال َنةِ أَص َ‬
‫ح ُ‬
‫اب َ‬ ‫الار َوأَص َح ُ‬
‫اب َ‬ ‫ي ََكل ُف َجار}[ص‪ ،]28 :‬وقال تعالى‪ََّ { :‬ل يَس َتوي أَص َ‬
‫ح ُ‬
‫اب َ‬ ‫ال ُم َت ِق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ َ‬
‫ون}[الحشر‪.]20 :‬‬ ‫الفائِز‬

‫َ ى َ ى َ َ ُ ۡ َ َى ُ ۡ َ ۡ َ ى ُ ُ َ َ َ ُ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫ََ َ َ َ َُ َ َ ُ‬
‫ون ‪} ١٩‬‬ ‫ت فلهم جنت ٱلمأوى نزَّل بِما َكنوا يعمل‬ ‫ِ‬ ‫ِح‬ ‫ل‬‫لص‬ ‫ٱ‬ ‫وا‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أما ٱَّلِين ءامنوا وع ِمل‬

‫واملعنى‪ّ :‬أما الذين آمنوا باهلل وبرسوله وباليوم اآلخر وعملوا األعمال الصالحة‪ ،‬فلهم جنات يأوون‬
‫إليها‪ ،‬نزوال مصحوبا بالتكريم جزاء ما كانوا يعملونه من الصالحات‪.‬‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َى َ ۡ َ ى ُ َ َ ُ ۡ َ َ ى ُ َ‬
‫ِلون‬ ‫ام ُنوا َو َعملُوا ٱ َ ى َ‬
‫لصل ِحى ِ‬
‫ت أولئِك أصحب ٱلنةِ هم فِيها خ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬

‫‪[} ٨٢‬البقرة‪.]82 :‬‬

‫ِيل ل َ ُه ۡم ُذوقُوا َع َذ َ‬
‫َ َ َ‬ ‫َََ َ َ َ َ ُ َ َ َۡ ىُ ُ َ ُ َُ َ ََ ُ َ َۡ‬
‫ي ُر ُجوا م ِۡن َها أُع ُ‬
‫اب‬ ‫ِيدوا فِيها وق‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأما ٱَّلِين فسقوا فمأوىهم ٱلار ُكما أرادوا أن‬
‫ُ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٢٠‬‬ ‫ٱلَار ٱ ََّلِي ُك ُ‬
‫نتم بِهِۦ تكذِب‬ ‫ِ‬
‫وأما الذين كفروا وفسقوا وخرجوا عن الطاعة‪ ،‬فمأواهم النار‪ ،‬كلما حاولوا الخروج من النار‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫من شدة الغم والحزن‪ ،‬أعيدوا فيها كما كانوا‪ ،‬وقيل لهم‪ :‬ذوقوا عذاب النار ّ‬
‫املحرق الذي كنتم تكذبون به‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ ُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََُ ََ ُ َ َ‬
‫يق}[الحج‪.]22 :‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫عيدوا فِيها وذوقوا عذاب الرِ ِ‬
‫كما قال تعالى‪ُ{ :‬كما أرادوا أن يرجوا مِنها مِن غ ٍم أ ِ‬

‫ۡ َ َ ُ ۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َۡ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ِيق َن ُهم م َِن ٱل َعذاب ٱل ۡد ى ُ َ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٢١‬‬ ‫جع‬
‫ب لعلهم ير ِ‬
‫اب ٱلك ِ‬
‫ن دون ٱلعذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولذ‬
‫ولنذيقن هؤالء الكفار الفاسقين من العذاب األدنى األخف كاملحن والبالء ومصائب الدنيا‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫دون العذاب األكبر األشد يوم القيامة‪ ،‬لعلهم يرجعون من ذنوبهم‪ّ ،‬‬
‫ولكن أكثرهم ال يعلمون ما يراد بهم‪ ،‬كما‬
‫ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ ۡ ۡ ُِ ۡ َ َ َ َ َ َ ۡ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ‬
‫قال تعالى‪ { :‬وٱص ِب لك ِم ربِك فإِنك بِأعينِنا وسبِح ِّبم ِد ربِك حِي تقوم ‪[}٤٧‬الطور‪.]47 :‬‬

‫ۡ‬
‫َ ۡ َ َ ََۡ َ َ ُ ۡ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ََ ۡ ۡ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪} ٢٢‬‬ ‫ت َربِهِۦ ثم أعرض عنها ر إِنا مِن ٱلمج ِرمِي منتقِم‬
‫بَٔٔاي ى ِ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ومن أظلم ِِّمن ذكِر ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وال أحد أظلم ممن ذكره رّبه بآياته البينات‪ ،‬ثم أعرض عنها وتناساها‪ ،‬إنا منتقمون من‬
‫َ ُُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ‬
‫املجرمين املعرضين عن آياتنا واملكذبين بها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولقد أر َسلنا مِن قبل ِك ُر ُسل إِل قو ِِّ ِهم فجاؤهم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كن َح ًّقا َعلينا نَ ُ‬
‫ُص ال ُمؤ ِمن َِي}[الروم‪.]47 :‬‬ ‫َ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫نات فان َتقمنا م َِن اَّلِين أجرِّوا و‬
‫بِالَي ِ ِ‬

‫َ‬ ‫ۡ‬
‫كن ِِف ِّ ِۡر َية مِن ل َِقائهِۦ َو َج َعل َنى ُه ُهدى ِلَن إ ِ ۡ َى‬
‫َ ُ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َق ۡد َءاتَ ۡي َنا ُِّ َ‬
‫وس ٱلك َِتى َ‬
‫سءِيل ‪} ٢٣‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب فل ت‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد آتينا موس ى عليه السالم التوراة كما آتيناك القرآن الكريم‪ ،‬فال تكن أيها الرسول في شك‬
‫ِيم َعل ٍِيم ‪[}٦‬النمل‪ ،]6 :‬وجعلنا التوراة‬ ‫َُ ۡ َ‬ ‫َ َ َََُ ُۡ ۡ َ َ‬
‫من لقائك القرآن‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَونك ِللق ٱلقرءان ِمن َلن حك ٍ‬
‫ۡ َى َ َ َ‬ ‫َ ََۡ ُ َ ۡ َ َ َ َ َ َۡ ُ ُ‬
‫سءِيل أَّل‬ ‫هدى لبني إسرائيل يهتدون بها إلى الحق‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬و َءاتينا ِّوس ٱلكِتىب وجعلنىه هدى ِلَ ِن إ ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬
‫ون َووُك ِيل ‪[}٢‬اإلسراء‪ ،]2 :‬كما جعلنا القرآن هدى للناس أجمعين‪.‬‬
‫خذوا مِن د ِ‬
‫تت ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ ُ َ ۡ َ َ َ َ ُ َ ُ َى َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪} ٢٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وجعلنا مِنهم أئِمة يهدون بِأِّ ِرنا لما صبوا وكنوا ب ِأيتِنا يوق ِن‬
‫ّ‬
‫وتفضلنا‪ ،‬كما‬ ‫واملعنى‪ :‬وجعلنا من بني إسرائيل قادة في الخير وحكاما يدعون الناس إلى الخير بإذننا‬
‫ۡ‬ ‫َ َۡ َ َُ ۡ َ َ َ َۡ َ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫َُ ُ َ َ ُ َ ََ‬
‫لَع ٱ ََّل َ‬
‫ن َعل ُه ُم ٱل َو ىرِث َِي ‪[}٥‬القصص‪]5 :‬؛‬ ‫ِين ٱ ۡس ُتض ِعفوا ِِف ٱلۡر ِض ونعلهم أئِمة و‬ ‫قال تعالى‪ { :‬ون ِريد أن نمن‬
‫ألنهم صبروا على ما أصابهم من استضعاف فرعون وملئه‪ ،‬وكانوا بآياتنا البينات يوقنون‪.‬‬ ‫ّ‬

‫َ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬


‫َ َ َ ُ‬
‫ون ‪} ٢٥‬‬ ‫ِيما َكنوا فِيهِ يتل ِف‬ ‫صل بَ ۡي َن ُه ۡم يَ ۡو َم ٱلقِ َيى َمةِ ف‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن َربك ه َو َيف ِ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن رّبك أيها الرسول هو يقض ي بين املؤمنين والكافرين من بني إسرائيل يوم القيامة فيما كانوا‬
‫فيه يختلفون‪.‬‬
‫ۡ َُ‬ ‫َ َ َى َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َى َ‬
‫ِيل ُم َب َوأ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ‬
‫ت ف َما ٱخ َتلفوا‬
‫صدق َو َر َزقنى ُهم مِن ٱلطيِب ِ‬‫ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ولق ۡد بَ َوأنا بَ ِن إِسء‬
‫ََۡ ُ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ ۡ ۡ َ‬
‫ون ‪[}٩٣‬يونس‪ ،]93 :‬وقوله تعالى‪:‬‬ ‫ِيما َكنوا فِيهِ يتل ِف‬ ‫ت َجا َءه ُم ٱلعِل ُ رم إِن َر َبك َيق ِض بَ ۡي َن ُه ۡم يَ ۡو َم ٱلقِ َيى َمةِ ف‬
‫َح َ ى‬
‫ُ َ َ َُ َ ََ َ‬
‫ك َيقض بَي َن ُهم يَو َم ال ِق َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫يام ِة‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫يا‬ ‫غ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ل‬‫ع‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫جاء‬ ‫ما‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫َّل‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫وا‬ ‫ف‬‫ل‬‫ت‬ ‫اخ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ف‬ ‫نات مِن الِّ ِر‬
‫{وآتيناهم بي ِ ٍ‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ون}[الجاثية‪.]17 :‬‬ ‫فِيما َكنوا فِيهِ يتل ِف‬

‫ََ َۡ َ ۡ َُ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ۡ‬
‫ك َنا مِن َق ۡبلِهم م َِن ٱ ۡل ُق ُ‬
‫كن ِ ِه ۡ رم إ ِ َن ِِف َذ ىل َِك ٓأَل َي ٍى‬
‫ت‬
‫َۡ ُ َ َۡ ُ َ‬
‫ون ِِف َم َ ى‬
‫س ِ‬ ‫ون يمشون يمش‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أو لم يه ِد لهم كم أهل‬
‫َََ َۡ َ ُ َ‬
‫أفل يسمعون ‪} ٢٦‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬أولم يتبين لهؤالء املشركين املكذبين أننا قد أهلكنا كثيرا من األمم السابقة من قبلهم بسبب‬
‫شركهم وتكذيبهم لرسلهم‪ ،‬وهم يمشون في مساكنهم ويشاهدون آثار هالكهم‪ ،‬فلم يبق منهم أحد‪ ،‬كما قال‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ۡ َ َ‬
‫تعالى‪َ { :‬ووُك ۡم أ ۡهلك َنا ق ۡبل ُهم مِن ق ۡر ٍن َهل ت ُِّس م ِۡن ُهم م ِۡن أ َح ٍد أ ۡو ت ۡس َم ُع ل ُه ۡم رِوُك َزا ‪[} ٩٨‬مريم‪]98 :‬؛ ّإن في ذلك آليات‬
‫ً‬
‫دالة على قدرتنا‪ ،‬أفال يسمعها هؤالء املشركون املكذبون فينتفعون بها‪.‬‬

‫َََ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََۡ‬ ‫َۡ ُ ُ‬ ‫ُۡ َ ۡ‬ ‫َ َۡ‬ ‫ََ َ ُ ۡ‬ ‫َ َ‬


‫ل ُرزِ ف ُنخ ِر ُج بِهِۦ بِهِۦ َز ۡرَع تأكل م ِۡن ُه أنع ى ُم ُه ۡم َوأنف ُس ُه ۡ رم أفل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أ َو ل ۡم يَ َر ۡوا أنا ن ُسوق ٱل َما َء إِل ٱلۡر ِض ٱ‬
‫ُۡ ُ َ‬
‫ون ‪}٢٧‬‬ ‫ُص‬
‫يب ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬أولم ير هؤالء املشركون املكذبون أنا نسوق ماء املطر من السحاب إلى األرض اليابسة‪،‬‬
‫فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم من التبن والحشيش‪ ،‬وتتغدى منه أبدانهم من الحبوب والفواكه‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬ ‫اء َص ًّبا‪ُ .‬ث َم َش َقق َنا الر َض َش ًّقا‪ .‬فَ َأنبَت َنا ف َ‬
‫ِيها َح ًّبا‪َ .‬وع َِنبا َوقضبا‪.‬‬
‫َ‬
‫ان إ ِ َل َط َعا ِمهِ‪ .‬أنَا َص َبب َنا ال َم َ‬
‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫تعالى‪{ :‬فل َينظ ِر اإلنس‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِكم}[عبس‪ ،]24-32 :‬أفال يبصرون ذلك‬‫َو َزي ُتونا َوَنل‪َ .‬و َح َدائ ِ َق غلبا‪َ .‬وفاك َِهة َوأبًّا‪َ .‬م َتاَع لكم َولن َعام‬
‫فيعتبرون؟‬

‫ُ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ‬
‫ت َهىذا ٱل َف ۡت ُح إِن ك ُنت ۡم َص ى ِدق َِي ‪}٢٨‬‬ ‫ََُ َ‬
‫ون َم َ ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ويقول‬
‫واملعنى‪ :‬ويقول هؤالء املشركون املكذبون متى هذا الحكم والفصل ْإن كنتم صادقين في وعدكم؟‬
‫ين َنا َوبَ َ‬
‫افتح بَ َ‬ ‫ََ َ‬
‫اَّللِ تَ َو ََّك َنا َر َب َنا َ‬
‫ي‬ ‫واملراد بالفتح في هذه اآلية الحكم بين الناس‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬لَع‬
‫َ َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اتِ َ‬
‫ي}[األعراف‪ ،]89 :‬أي‪ :‬احكم بيننا وبين قومنا‪.‬‬ ‫ري الف ِ‬ ‫قوم َِنا بِال ِق وأنت خ‬

‫َىُ ُ ۡ َ ُ ۡ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُۡ‬


‫ون ‪}٢٩‬‬ ‫ِين كف ُروا إِيمنهم وَّل هم ينظر‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل يَ ۡو َم ٱلف ۡتحِ َّل يَنف ُع ٱَّل‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهؤالء املكذبين‪ :‬يوم القضاء النافذ هو يوم القيامة الذي ال ينفع الكفار‬
‫َ َ ۡ َُ ََََۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ََۡ َۡ َ َ َ ُ‬
‫إيمانهم‪ ،‬وال هم يؤخرون للتوبة وإصالح العمل‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فلما رأوا بأسنا قالوا ءامنا ب ِٱَّللِ وحدهۥ ووُكفرنا‬
‫َ ِ َ َ َ َُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ ۡ َ ُ َ َ ُ ُ ۡ َىُ ُ ۡ ََ ََۡ َۡ َ َ ُ َ َ َ َ َ ۡ َ َ‬ ‫ب َما ُك َنا بهِۦ ُِّ ۡشوُك َ‬
‫ِي ‪ ٨٤‬فلم يك ينفعهم إِيمنهم لما رأوا بأسنا سنت ٱَّللِ ٱل ِت قد خلت ِِف عِباده ِۦ وخ ِّس هنال ِك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َى ُ َ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪[}٨٥‬غافر‪.]84-85 :‬‬ ‫ٱلكفِر‬

‫َ َ ۡ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ ُّ َ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فأع ِرض عنهم وٱنت ِظر إِنهم منت ِظرون ‪}٣٠‬‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬فأعرض أيها الرسول عن هؤالء املشركين املكذبين‪ ،‬واتبع ما أنزل إليك‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬اتب ِع‬
‫ل ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ ُ ِ َ َ َ‬
‫شوُك ِي}[األنعام‪ ،]106 :‬وانتظر أيها الرسو ‪ ،‬إنك منتظر‬ ‫َ‬
‫ما أوح إَِلك مِن ربِك َّل إِل إَِّل هو وأعرِض ع ِن الم ِ‬
‫َۡ‬ ‫ۡ‬
‫كم م َِن ٱل ُم َ َ‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ُ َ‬
‫تبص َ‬ ‫نصر هللا تعالى‪ ،‬إنهم منتظرون الدوائر بكم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قل ت َر َب ُصوا فإن مع‬
‫ي ‪ ٣٠‬أم‬
‫ّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫َ ۡ ُ ُ ُ ۡ َ ۡ َى ُ ُ َ ى َ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪[}٣١‬الطور‪ ،]30-31 :‬فسيخزيهم هللا تعالى‪.‬‬ ‫تأِّرهم أحلمهم بِهذار أم هم قوم طاغ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َُ َ‬
‫سورة األحزاب‬
‫وهي مدنية وعدد آياتها ثالث وسبعون‬

‫َ‬
‫ي إ َن ٱ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّلل َك َن َعل ِيما َحكِيما ‪} ١‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫َى ُّ َ َ ُّ َ َ َ َ ُ‬
‫ب ٱت ِق ٱَّلل وَّل ت ِطعِ ٱلك ىفِ ِرين وٱلمنىفِقِ ر ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱل ِ‬
‫ُ‬ ‫وليتق َ‬ ‫داوم على تقوى هللا تعالى‪ّ ،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬يا أيها النبي ْ‬
‫هللا املؤمنون اقتداء بك‪ ،‬وال تطع الكافرين‬
‫واملنافقين في أهوائهم‪ّ ،‬إن هللا تعالى كان عليما بعواقب األمور‪ ،‬حكيما في تدبير خلقه‪.‬‬
‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬ويالحظ ّأن هللا تعالى لم يخاطب نبيه محمدا صلى هللا عليه وسلم إال بلفظ‬
‫الر ُسو ُل‪ ،‬ولم يخاطبه باسمه‪ ،‬تعظيما لشأنه‪ ،‬وإشادة بمقامه‪ ،‬وتعليما لنا‬ ‫النب ُّي‪ ،‬يا َأ ُّي َها َّ‬
‫النبوة والرسالة‪ :‬يا َأ ُّي َها َّ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫ُ َ‬ ‫لألدب معه‪ ،‬مع ّأنه تعالى خاطب األنبياء بأسمائهم فقال‪{ :‬يا نُ ُ‬
‫ِيم قد‬ ‫وح اهبِط ب ِ َسل ٍم م َِنا}[هود‪{ ،]48 :‬يا إِبراه‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ َ ََ‬ ‫َص َدق َ‬
‫ساَّلِت َوبِك ِ‬
‫لم}[األعراف‪:‬‬ ‫ِ‬
‫لَع َ‬
‫ال ِ‬
‫اس ب ِ ِر‬ ‫الرؤيا}[الصافات‪{ ،]105 -104 :‬يا ُِّوس إ ِ ِن اصطفيتك‬
‫ت ُّ‬

‫‪.]144‬‬

‫ُ‬
‫َ َ َ ََ َ َ َۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون َخبِريا ‪} ٢‬‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱتَب ِ ۡع َما يُ َ ى‬
‫وح إِ َۡلك مِن ربِكر إِن ٱَّلل َكن بِما تعمل‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫واتبع أيها النبي الكريم ما أوحاه هللا تعالى إليك وبلغه الناس‪ ،‬واصبر على أذى الكفار حتى‬
‫كم َ‬ ‫َّلل َو ُه َو َخ ۡ ُ ۡ َ‬
‫ب َح َ ى َ ۡ ُ َ ُ‬
‫ك َوٱ ۡص ۡ‬ ‫َ َ ۡ َ ُ َ ى َۡ َ‬
‫ي‬ ‫ري ٱلحى ِ ِ‬ ‫ت يك َم ٱ ر‬ ‫ِ‬ ‫يحكم هللا بينك وبين الكفار‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وٱتبِع ما يوح إَِل‬
‫‪[}١٠٩‬يونس‪ّ ،]109 :‬إن هللا تعالى كان خبيرا بما تعملون‪ ،‬مطلعا عليه‪.‬‬

‫َ‬ ‫َۡ ََ‬


‫َّللِ َووُك َ ى‬
‫َف ب ِٱ ََّللِ َووُك ِيل ‪}٣‬‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وت َوُك لَع ٱ ر‬
‫َ ََ‬ ‫ّ‬
‫فيكفك هللا في جميع أمورك‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َمن َي َت َوُك لَع‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وتوكل عليه وفوض أمرك إليه‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اَّللِ ف ُه َو َحس ُب ُه}[الطالق‪ ،]3 :‬وكفى باهلل وحده حافظا لك‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َى ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََۡۡ‬ ‫َ َ ََ َُ َ ُ‬


‫ي ِِف َج ۡوفِهِرۦ َو َما َج َعل أ ۡز َو ى َجك ُم ٱلـِي تظى ِه ُرون م ِۡن ُه َن أ َم َه ىتِك ۡ رم َو َما‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ما جعل ٱَّلل ل ِرجل مِن قلب ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ ُ ۡ َى ُ ۡ َ ۡ ُ ُ َ ۡ َ ى ُ ۡ َ َ ُ َ ُ ُ َۡ ُ‬
‫لسبِيل ‪} ٤‬‬ ‫ل َق َوه َو َي ۡهدِي ٱ‬ ‫جعل أدعِياءكم أبناءك رم ذل ِكم قولكم بِأفوهِكم وٱَّلل يقول ٱ‬
‫واملعنى‪ :‬ما جعل هللا تعالى لرجل من قلبين في صدره‪ ،‬وما جعل هللا حرمة أزواجكم الالتي تظاهرون‬
‫َ‬
‫ِإَونهمُ‬ ‫َُ َ ُ‬
‫ات ُهم إَّل اللئي َو ََل َنهمُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ ُ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫منهن كحرمة أمهاتكم‪ ،‬فلسن أمهاتكم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ما هن أِّهات ِ ِهم إِن أِّه‬
‫َ‬ ‫ََُ ُ َ‬
‫ون ُمنكرا م َِن ال َقو ِل َو ُزورا}[املجادلة‪ ،]3 :‬وما جعل هللا أبناءكم الذين تبنيتموهم أبناء لكم في الشرع‪،‬‬
‫ّ‬
‫َلقول‬
‫ذلكم املذكور ّ‬
‫مجرد قولكم بأفواهكم‪ ،‬وهللا تعالى يقول الحق الثابت‪ ،‬وهو يرشد إلى إلى طريق الرشاد‪.‬‬

‫ُ َ‬
‫ِين َو َم َو ى َِلك ۡ رم َول ۡي َس‬
‫َل‬‫ٱ‬ ‫ِف‬ ‫كۡ‬
‫م‬
‫َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َىُ ُ‬
‫ن‬ ‫و‬‫خ‬ ‫إ‬‫ف‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ء‬ ‫ا‬‫اب‬‫ء‬ ‫ا‬‫و‬ ‫م‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫إ‬‫ف‬ ‫ِ‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ِند‬
‫ع‬ ‫ط‬‫وه ۡم ٓأِلبَائه ۡم ُه َو أَ ۡق َس ُ‬
‫ۡ ُ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱدع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِِ‬
‫َ َ َ َ َ ۡ ُُ ُ ُ ۡ ََ َ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫َّلل غ ُفورا َرحِيما ‪} ٥‬‬ ‫كن ما تعمدت قلوبك رم وكن ٱ‬
‫َ ۡ ُ‬
‫ِيما أخ َطأتم بِهِۦ َول ى ِ‬ ‫َعل ۡيك ۡم ُج َناح ف‬
‫ّ‬
‫تبنيتموهم بنسبتهم إلى آبائهم‪ ،‬هو أقوم عند هللا تعالى‪ْ ،‬‬
‫فإن لم‬ ‫واملعنى‪ :‬ادعو هؤالء األبناء الذين‬
‫تعلموا آباءهم‪ ،‬فهم إخوانكم في الدين ألخوة اإلسالم‪ ،‬وهم مواليكم فيه‪ ،‬وليس عليكم إثم إذا نسبتموهم إلى‬
‫وإنما يؤاخذكم إذا تعمدت قلوبكم فيه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ََّل تَنك ُ‬
‫ِحوا‬
‫ّ‬
‫غير آبائهم خطأ لم تتعمدوه‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َى ۡ‬ ‫ُّ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ُ ُ ۡ ُ ۡ‬ ‫ت يُ ۡؤم َ َ َ َ َ ُّ ۡ َ َ ۡ‬ ‫ُۡ ۡ َ‬
‫ت يُؤم ُِن روا َول َع ۡبد‬ ‫شوُك ِي ح‬ ‫شوُكة ولو أعجبتكم وَّل تنكِحوا ٱلم ِ‬ ‫ِن ولمة ِّؤمِنة خري مِن ِّ ِ‬ ‫ر‬ ‫ت َح َ ى‬
‫شك ى ِ‬‫ٱلم ِ‬
‫ََُ ُ َ‬ ‫ََ َ َ ۡ َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون إل ٱ َلار َوٱ َ ُ‬‫َ َۡ ُ َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ۡ ۡ ََ ُ ۡ‬ ‫ُّ ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫ُّ ۡ‬
‫ي َءاي ىتِهِۦ‬ ‫لنةِ وٱلمغفِرة ِ بِإِذنِهِۦ ويب ِ‬ ‫َّلل يَ ۡد ُعوا إِل ٱ‬ ‫ِ‬ ‫شك ولو أعجبكم أولئِك يدع ِ‬ ‫ِّؤمِن خري مِن ِّ ِ‬
‫َََُ ۡ ََ َ َُ َ‬
‫ون ‪[} ٢٢١‬البقرة‪ ،]221 :‬وكان هللا تعالى غفورا ملن أخطأ بغير عمد‪ ،‬رحيما بمن تاب من‬ ‫اس لعلهم يتذكر‬ ‫ل َِلن ِ‬
‫ذنبه‪.‬‬

‫ب‬ ‫ى‬ ‫َ‬


‫ِت‬ ‫ك‬ ‫ِف‬ ‫ض‬ ‫ض ُه ۡم أَ ۡو َ ىل ب َب ۡ‬
‫ع‬
‫َ ُّ َ ۡ َ ى ۡ ُ ۡ ِ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ ى ُ ُ ُ َ َ ى ُ ُ ۡ َ ُ ُ ۡ َ ۡ َ ِ َ ۡ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱل ِب أول ب ِٱلمؤمن ِي مِن أنفسِ ِهم وأزوجهۥ أمهتهم وأولوا ٱلرحام بع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ۡ َ‬ ‫َ َ َى َ‬ ‫َ َ َ َۡ َ ُ َى َۡ َ ُ‬
‫كم َم ۡ‬ ‫َ َ ُۡۡ َ َ َُۡ‬
‫ب َِّ ۡس ُطورا ‪} ٦‬‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ِت‬
‫ك‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ن‬‫َك‬ ‫ر‬ ‫ا‬‫وف‬‫ر‬‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ٱَّللِ مِن ٱلمؤ ِمن ِي وٱلمه ى ِ‬
‫ج ِرين إَِّل أن تفعلوا إِل أو َِلائ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬النبي صلى هللا عليه وسلم أولى باملؤمنين من أنفسهم‪ ،‬فحكمه صلى هللا عليه وسلم فيهم‬
‫َ َ َ َ َ ُ ُ َ َ َ َُ ُ َ َ َ َ َ َ َُ َُ َ َ‬
‫ُي ُدوا ِِف‬
‫ّ‬
‫مقدم على اختيارهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فل وربِك َّل يؤمِنون حت يكِموك فِيما شجر بينهم ثم َّل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أن ُف ِس ِهم َح َرجا ِّ َِما ق َضي َت َوي ُ َسل ُِموا تسل ِيما}[النساء‪ ،]65 :‬وحرمة أزواج النبي على املؤمنين كحرمة أمهاتهم‪،‬‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ َ‬ ‫ّ‬
‫نكاحهن من بعده صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وَّل أن تنكِحوا أزواجه مِن بع ِده ِ أبدا إن‬
‫ِ‬ ‫فال يجوز‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اَّللِ َع ِظيما}[األحزاب‪ ،]53 :‬وأولو القرابة بعضهم أولى ببعض في التوارث في دار الهجرة في‬ ‫ذل ِكم َكن عِند‬
‫حكم هللا الذي كتبه على املؤمنين من اإلرث على أساس اإليمان والهجرة‪ ،‬إال ْأن تفعلوا أيها املؤمنون إلى غير‬
‫ً‬
‫وصية‪ ،‬كان هذا الحكم املذكور مكتوبا في اللوح املحفوظ فال يبدل وال ّ‬
‫يغير‪.‬‬ ‫الورثة‬

‫ِيس ٱبۡن َِّ ۡر َي َم َوأَ َخ ۡذنَا م ِۡنهمُ‬ ‫ِنك َومِن نُّوح ِإَوبۡ َر ىه َ‬
‫ِيم َو ُِّ َ ى‬
‫وس َوع َ‬ ‫َ َىَ ُ ۡ َ َ‬
‫بٔن مِيٰقهم وم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َ َۡ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذ أخذنا مِن ٱل ِ ِ‬
‫َ َ‬
‫ِيٰىقا غل ِيظا ‪}٧‬‬
‫م‬
‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول حين أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموس ى وعيس ى‬
‫ابن مريم عليهم السالم‪ ،‬في تبليغ رسالة هللا إلى أقوامهم‪ ،‬وتصديق بعضهم بعضا‪ ،‬وتناصرهم فيما بينهم‪ ،‬كما‬
‫ُ‬ ‫َ َُ َ َ ُ‬ ‫َ َ َ َُ َ َ َ َ ََ َ ُ ُ‬
‫كم مِن ك َ‬
‫اءكم َر ُسول ُِّ َصدِق ل َِما َم َعكم‬ ‫اب َوحِكم ٍة ثم ج‬
‫ٍ‬ ‫ِت‬ ‫قال تعالى‪ِ{ :‬إَوذ أخذ اَّلل مِيثاق البِيِي لما آتيت‬
‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ ُ َ َ َ َ َ‬ ‫َ ََ ُ ُ َ ُ َ َ ََ َ ُ َ َ َ ُ َ َ َ ُ‬ ‫َِلُؤم ُ َ‬
‫َصي قالوا أق َررنا قال فاش َه ُدوا َوأنا َم َعكم م َِن‬
‫ِ ِ‬ ‫إ‬ ‫م‬ ‫ِك‬ ‫َِن بِهِ وِلنُصنه قال أأقررتم وأخذتم لَع ذل‬
‫َ‬
‫الشاهِد َ‬
‫ِين}[آل عمران‪ ،]81 :‬وأخذنا منهم ميثاقا عظيما غليظا‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ين َعذابا أ َِلما ‪} ٨‬‬
‫ص ۡدقِه ۡ رم َوأ َع َد ل ِلك ىفِر َ‬
‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َى‬ ‫َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ل ِيسَٔٔل ٱلص ِدق ِي عن ِ ِ‬
‫واملع نى‪ :‬وأخذ هللا تعالى ميثاق هؤالء النبيين ليسأل املرسلين الصادقين عما أجيبوا به من الذين‬
‫َ‬
‫اذا أُجب ُتم}[املائدة‪ ،]109 :‬وقال تعالى‪{ :‬فَلَنَسألَ َن َاَّل َ‬
‫ِين‬
‫َ َ َ َ ُ َ ُ ُّ ُ َ َ َ ُ ُ َ َ‬
‫أرسل إليهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يوم ُيمع اَّلل الرسل فيقول م‬
‫ِ‬
‫أُرس َِل إ ََلهم َولَنَس َألَ َن ال ُمر َسل َِي}[األعراف‪ ،]6 :‬فجزى هللا تعالى املؤمنين منهم الجنة‪ّ ،‬‬
‫وأعد للكافرين يوم القيامة‬ ‫ِ ِ‬
‫عذابا مؤملا‪.‬‬

‫ََ ۡ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫َ َ َ ُ ۡ‬
‫ام ُنوا ٱذك ُروا ن ِۡع َمة ٱَّللِ َعل ۡيك ۡم إِذ َجا َءتك ۡم ُج ُنود فأ ۡر َسل َنا َعل ۡي ِه ۡم رِيحا َو ُج ُنودا ل ۡم‬
‫ۡ ُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬
‫ۡ َۡ َ ىُ َ ََ َ‬ ‫ُ ۡ ۡ َ َ‬ ‫َۡ ُ ۡ َ ۡ َۡ ََ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ ُ َ َ‬ ‫تَ َر ۡو َها ر َو َك َن ٱ َ ُ‬
‫ت‬ ‫ت ٱلبصر وبلغ ِ‬ ‫صريا ‪ ٩‬إِذ َجا ُءووُكم مِن فوق ِكم ومِن أسفل مِنكم ِإَوذ زاغ ِ‬ ‫َّلل ب ِ َما تع َملون ب ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ۡ ُ ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ ُ ۡ‬ ‫َُ َ ُۡ َ ۡ ۡ‬ ‫ۡ ُ ُ ُ ۡ َ َ َ َ َ ُ ُّ َ َ ُّ ُ َ‬
‫َل ٱل ُمؤم ُِنون َو ُزل ِزلوا زِل َزاَّل شدِيدا ‪ِ ١١‬إَوذ َيقول ٱل ُم َنىفِقون‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ب‬ ‫ٱ‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫‪١٠‬‬ ‫ا‬ ‫جر وتظنون ب ِٱَّللِ ٱلظنون‬ ‫ٱلقلوب ٱلنا ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫ام لك ۡم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ِإَوذ قَالت َطائ َفة م ِۡن ُه ۡم يَىأ ۡه َل يََّث َب َّل ُم َق َ‬ ‫‪١٢‬‬ ‫ا‬ ‫ور‬ ‫ولۥ إَِّل ُغ ُ‬
‫ر‬
‫ُ‬
‫َّلل َو َر ُس ُ‬ ‫ِين ِف ُقلُوبهم َِّ َرض َما َو َع َدنَا ٱ َ ُ‬ ‫َوٱ ََّل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ون إ ََّل ف َِرارا ‪َ ١٣‬ول َ ۡو ُدخِلَتۡ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب َيقولون إن ُب ُيوتنا ع ۡو َرة َوما ِ َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫تٔٔۡذِن فريق مِن ُه ُم ٱلَ َ‬ ‫ُ‬ ‫فَٱ ۡرج ُع روا َوي َ ۡس َ‬
‫ه بِعور ٍة إِن ي ِريد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ۡ ُ َ ُ َ ُّ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫سريا ‪َ ١٤‬ولق ۡد َكنوا ع ى َه ُدوا ٱَّلل مِن قبل َّل يولون‬ ‫َ‬
‫عل ۡي ِهم م ِۡن أق َطارِها ث َم ُسئِلوا ٱلفِت َنة ٓأَلت ۡوها َو َما تل َبثوا ب ِ َها إَِّل ي ِ‬
‫َ‬ ‫َۡ‬
‫ٱل ۡد َب ى َر ر َوك َن َع ۡه ُد ٱ ََّللِ َِّ ۡسُٔٔوَّل ‪} ١٥‬‬

‫ََُُ َ‬‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ َ‬
‫ون إَِّل قل ِيل ‪} ١٦‬‬ ‫ت أوِ ٱلق ۡت ِل ِإَوذا َّل تمتع‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل لن يَنف َعك ُم ٱلفِ َر ُار إِن ف َر ۡرتم م َِن ٱل َم ۡو ِ‬
‫لن ينفعكم فراركم من ميدان املعركة خوفا من املوت أو‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهؤالء املنافقين‪ْ :‬‬
‫فلن ينفعكم طويال‪ ،‬ألنكم لن تتمتعوا‬ ‫وإن فررتم من املوت أو القتل‪ْ ،‬‬ ‫فإن املوت مالقيكم ال محالة‪ْ ،‬‬ ‫القتل‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ََ ُ‬
‫اَلن َيا قل ِيل َواآلخ َِر ُة خري ل َِم ِن‬
‫اع ُّ‬ ‫بالحياة إال وقتا قليال بقدر أعماركم املحدودة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬قل مت‬
‫َات َق}[النساء‪.]77 :‬‬

‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ۡ ََ َ ُ ۡ ُ َۡ ََ َ ُ ۡ َ َۡ ََ َ‬ ‫َۡ ُ ُ‬ ‫ُۡ َ َ َ‬


‫ُي ُدون ل ُهم مِن دو ِن‬
‫صمكم مِن ٱَّللِ إِن أراد بِكم سوءا أو أراد بِكم رْحة ر وَّل ِ‬‫قوله تعالى‪ { :‬قل من ذا ٱَّلِي يع ِ‬
‫َ‬
‫ٱ ََّللِ َو َِلا َوَّل نَ ِصريا ‪} ١٧‬‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهؤالء الجاهلين‪ :‬ال أحد يملك ْأن يدفع ما يريده هللا تعالى بكم من خير أو‬
‫شر‪ ،‬ومن نعمة أو نقمة‪ ،‬وال يجدون من دون هللا تعالى وليا ينفعهم ويلي أمرهم‪ ،‬أو نصيرا ينصرهم‪ ،‬كما قال‬
‫ِك لَها َوما ُيمسِك فَل ُِّرس َِل َ ُل مِن َبع ِده ِ َو ُه َو ال َعز ُ‬
‫يز‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ْح ٍة فل ُِّمس‬ ‫تعالى‪{ :‬ما َيف َتحِ َ ُ‬
‫اَّلل ل َِلن ِ‬
‫اس مِن ر‬
‫ِ‬
‫الك ُ‬
‫ِيم}[فاطر‪.]2 :‬‬ ‫َ‬

‫ُ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َى ۡ َ ُ َ َۡ َ َ َ َۡ ُ َ َۡۡ َ َ َ‬ ‫َۡ ََُۡ َُ ۡ‬


‫َّلل ٱل ُم َعوِق َِي مِنكم وٱلقائِل ِي ِ ِإلخون ِ ِهم هلم إَِلنا وَّل يأتون ٱلأس إَِّل قل ِيل ‪} ١٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قد يعلم ٱ‬

‫ُۡ َ ى َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ َۡ ۡ ُ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ ُ ُ َ َ ۡ َ َ ُ ُ َ ۡ‬
‫ش َعل ۡيهِ م َِن‬ ‫ور أع ُي ُن ُه ۡم كٱَّلِي يغ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أشِحة عليكم فإِذا جاء ٱلوف رأيتهم ينظرون إَِلك تد‬
‫َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ َى َ َ ۡ ُ ۡ ُ َ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ ى َ ُ ۡ َ َ َ َ ى َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ َۡ ۡ ُ َ َ ُ ُ َ ۡ‬
‫ري أولئِك لم يؤمِنوا فأحبط ٱَّلل أعمله رم وكن ذل ِك‬ ‫سن ٍة حِدا ٍد أشِحة لَع ٱل ِ‬ ‫ت فإِذا ذهب ٱلوف سلقووُكم بِأل ِ‬ ‫ٱ لم و ِ‬
‫ََ‬
‫لَع ٱ ََّللِ ي َ ِسريا ‪}١٩‬‬
‫واملعنى‪ :‬هؤالء املنافقون بخالء عليكم أيها املؤمنون بأموالهم وأنفسهم‪ ،‬فإذا جاء خوفهم ببدء‬
‫الحرب‪ ،‬رأيتهم أيها الرسول ينظرون إليك‪ ،‬تدور أعينهم لذهاب عقولهم‪ ،‬كدوران عين املغش ي عليه خوفا من‬
‫ت‬‫ِيها ٱ ۡلقِ َت ُال َر َأيۡ َ‬
‫ك َمة َو ُذك َِر ف َ‬‫َ َ ُ ُ َ َ َ َ ُ َ ۡ َ ُ َ ۡ ُ َ َ َ ُ َ ۡ ُ َ ُّ ۡ َ‬
‫نزلت سورة َم‬ ‫املوت‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ويقول ٱَّلِين ءامنوا لوَّل ن ِزلت سورة فإِذا أ ِ‬
‫َ‬
‫}[محمد‪ ،}20 :‬فإذا ذهب‬ ‫ّ‬ ‫َ َۡۡ َ َ َ‬
‫ت فأ ۡو ىل ل ُه ۡم ‪٢٠‬‬
‫ََ‬ ‫ُ َ َ َ ََ ۡ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُُ‬ ‫ٱ ََّل َ‬
‫ِين ِِف قلوبهم ِّ َرض يَنظ ُرون إ ِ َۡلك نظ َر ٱل َمغ ِش عل ۡيهِ مِن ٱلمو ِ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫خوفهم بانتهاء الحرب‪ ،‬رموكم بألسنة حداد مؤذية‪ ،‬بخالء عند قسمة الغنائم‪ ،‬أولئك لم يؤمنوا باهلل وبرسوله‬
‫ً‬
‫حقيقة‪ ،‬فأبطل هللا تعالى ثواب أعمالهم‪ ،‬وكان ذلك على هللا تعالى يسيرا هينا‪.‬‬

‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ ُّ َ ۡ َ َ ُ َ ُ َ‬
‫ون ِِف ٱ ۡل ۡع َ‬ ‫ون ٱ ۡلَ ۡح َز َ‬
‫اب ل َ ۡم يَ ۡذ َه ُ‬ ‫َۡ َ ُ َ‬
‫اب ي َ ۡسَٔٔلون ع ۡن‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫اد‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫وا‬‫د‬‫و‬ ‫ي‬ ‫اب‬‫ز‬‫ح‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫أ‬‫ي‬ ‫ِإَون‬ ‫وا‬ ‫ب‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يسب‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ِيكم َما ق ى َتلوا إَِّل قل ِيل ‪} ٢٠‬‬ ‫أۢن َبائِك ۡم َول ۡو َكنوا ف‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َ ۡ َ ُ‬
‫ك ۡم ِف َر ُسول ٱ ََّللِ أ ۡس َوة َح َس َنة ل َِمن َك َن يَ ۡر ُجوا ٱ َ َ‬
‫َّلل َوٱَلَ ۡو َم ٱٓأۡلخ َِر َوذك َر ٱ َ َ‬ ‫َ‬
‫َّلل كثِريا ‪} ٢١‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬لقد َكن ل‬
‫واملعنى‪ :‬لقد كان لكم أيها املؤمنون في أقوال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وأفعاله وأحواله أسوة‬
‫حسنة تتأسون بها‪ ،‬ملن كان منكم يريد ثواب هللا تعالى ويخاف حسابه يوم اآلخر‪ ،‬وذكر هللا ذكرا كثيرا‪.‬‬
‫ّ‬
‫وقد أكد هللا تبارك وتعالى وجوب االقتداء والتأس ي بالرسول صلى هللا عليه وسلم في جميع أقواله‬
‫َ‬ ‫ُ ُ َ ُ ُ َ ُ ُ ُ َ َ ُ‬
‫هاكم َعن ُه فان َت ُهوا}[الحشر‪.]7 :‬‬ ‫وأفعاله‪ ،‬في قوله تعالى‪َ { :‬وما آتاكم الرسول فخذوه‪ ،‬وما ن‬

‫َ ُ َ‬ ‫َّلل َو َر ُس ُ ُ‬
‫ول رۥ َو َما َزاده ۡم إَِّل‬ ‫َّلل َو َر ُس ُ ُ‬
‫ولۥ َو َص َد َق ٱ َ ُ‬ ‫ون ٱ ۡلَ ۡح َز َ‬
‫اب قَالُوا َهى َذا َما َو َع َدنَا ٱ َ ُ‬ ‫َ ََ َ َ ُۡ ۡ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ولما رءا ٱلمؤمِن‬
‫إ َ‬ ‫َ‬
‫يم ىنا َوت ۡسل ِيما ‪}٢٢‬‬‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وملا رأى املؤمنون جنود األحزاب وهم الكفار الذين جاؤوهم من فوقهم ومن أسفل منهم في‬
‫غزوة الخندق‪ ،‬قالوا‪ :‬هذا ما وعدنا هللا تعالى ورسوله من االبتالء والنصر‪ ،‬وصدق هللا تعالى وأنجز وعده‪،‬‬
‫وصدق رسوله‪ ،‬وما زادتهم رؤية األحزاب إال إيمانا وتصديقا برسوله‪ ،‬وتسليما لقضائه تعالى‪.‬‬
‫َۡ َ ُۡۡ َ َۡ ُ ُ‬
‫والوعد في هذه اآلية هو االبتالء ونصر من هللا‪ ،‬وقد ّبين هللا تعالى ذلك في قوله‪ { :‬أم حسِ بتم أن تدخلوا‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ ُ َ َ ُۡ ُ َۡۡ َ ُ َ َ َ ُ َ ُۡ ُ َ َ َُ َ َ ُ ُ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ َ َ َ َ َ َ ۡ ُ َ َ ُ َ َ َ َ‬
‫ى‬
‫ٱلنة ولما يأت ِكم مثل ٱَّلِين خلوا مِن قبل ِكم ِّستهم ٱلأساء وٱلُضاء وزل ِزلوا حت يقول ٱلرسول وٱَّلِين ءامنوا‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫ُص ٱ ََّللِ أ ََّل إ ِ َن نَ ۡ َ‬
‫ُص ٱ ََّللِ ق ِريب ‪[} ٢١٤‬البقرة‪.]214 :‬‬ ‫ت نَ ۡ ُ‬
‫َم َع ُهۥ َم َ ى‬

‫ُ‬ ‫ََ َ َۡ َ ۡ ُ َ َ َ ى َۡ‬


‫َن َب ُهۥ َوم ِۡن ُهم َمن يَ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬م َِن ٱل ۡ ُم ۡؤ ِمن َ‬
‫نت ِظ ُر َو َما بَ َدلوا‬ ‫ِي رِ َجال َص َدقوا َما ع ى َه ُدوا ٱَّلل عليهِ ف ِمنهم من قض‬
‫َت ۡبدِيل ‪}٢٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬من جماعة املؤمنين رجال صدقوا عهدهم مع هللا تعالى‪ ،‬ووفوا بما عاهد عليه هللا‪ ،‬فمنهم من‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ‬
‫وفى بنذره فاستشهد في سبيل هللا تعالى‪ ،‬ومنهم من ينتظر إحدى الحسنين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬قل هل ت َر َب ُصون ب ِنا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ي}[التوبة‪ ،]52 :‬وما بدلوا عهدهم‪ ،‬وما نقضوه‪ ،‬كما فعل املنافقون الذين قالوا‪{ :‬إِن ُب ُيوت َنا‬
‫ّ‬ ‫إ ََّل إح َدى ُ َ َ‬
‫السني ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ون إَّل ف َِرارا}[األحزاب‪ ،]13 :‬وحكى هللا تعالى عنهم في قوله‪َ { :‬ولَ َقد ََكنُوا ََع َه ُدوا َ َ‬
‫اَّلل‬
‫ُ ُ َ‬ ‫َعو َرة َو َما ِ َ َ َ‬
‫ه بِعور ٍة إِن ي ِريد ِ‬
‫َ ُ َ ُ َ ُّ َ‬
‫ون الدبَ َار}[األحزاب‪.]15 :‬‬ ‫مِن قبل َّل يول‬

‫َ َ َۡ َُ َ َ َۡ ۡ َ ََ َ َ َ ُ‬ ‫ِب ٱل ۡ ُم َنىفِ ِق َ‬
‫ص ۡدقِه ۡم َويُ َعذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ َ َ ُ َى‬
‫ي إِن شاء أو يتوب علي ِه رم إِن ٱَّلل َكن غفورا‬ ‫قوله تعالى‪َِ { :‬لج ِزي ٱَّلل ٱلص ِدق ِي ب ِ ِ ِ‬
‫َرحِيما ‪} ٢٤‬‬
‫واملعنى‪ :‬إنما يبتلي هللا تعالى املؤمنين بالخوف والقتال؛ ليثيب الصادقين في إيمانهم بسبب صدقهم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتوب عليهم ْإن شاء فال يعذبهم‪ّ ،‬إن هللا تعالى كان غفورا ملن‬ ‫ويعذب املنافقين ْإن شاء فال يتوب عليهم‪ ،‬أو َ‬
‫تاب‪ ،‬رحيما به‪.‬‬
‫ُ ۡ َ َ ى َ َ َ ۡ ُ َ َ ۡ َ َ ُۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ك ۡم َح َ ى َ ۡ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ َۡ ََ ُ‬
‫بين ونبلوا أخباروُكم‬ ‫ت نعلم ٱلمجى ِهدِين مِنكم وٱلص ِ ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬ولبلون‬
‫َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َُ َ َ ُ‬
‫الطيب َو َما‬
‫ِ ِ‬
‫يث م َِن َ‬
‫‪[}٣١‬محمد‪ ،]31 :‬وقوله تعالى‪{ :‬ما َكن اَّلل َِلَذر المؤ ِمن ِي لَع ما أنتم عليهِ حت ي ِمَي الب ِ‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ َُ ُ َ ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ب}[آل عمران‪.]179 :‬‬
‫َكن اَّلل َِلطل ِعكم لَع الغي ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫ِي ٱلقِ َتال ر َوك َن ٱ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ك َف ُروا ب َغ ۡي ِظه ۡم ل ۡم َي َنالوا َخ ۡريا َووُك ََف ٱ َ ُ‬
‫َّلل ٱل ُم ۡؤ ِمن َ‬ ‫َ‬
‫َ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َر َد ٱ َ ُ‬
‫َّلل قوِ ًّيا َع ِزيزا ‪} ٢٥‬‬ ‫ر‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّلل ٱَّلِين‬
‫أي خير‬‫املنورة خائبين مع غيظهم‪ ،‬لم ينالوا ّ‬ ‫ورد هللا تعالى أحزاب الكفر وأجالهم عن املدينة ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫في الدنيا وال في اآلخرة‪ ،‬وأغنى هللا تعالى بفضله املؤمنين عن أهوال القتال بإرسال ريح شديدة‪ ،‬وجنود من‬
‫عنده على أحزاب الكفر‪ ،‬وكان هللا تعالى قويا ال ُيقهر‪ ،‬عزيزا ال يغلب‪.‬‬
‫الريح عليهم َّ‬ ‫سوله رحمة للعاملين‪ ،‬لكانت هذه ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫أشد من الريح‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬ولوال أن جعل هللا ر‬
‫ُ‬ ‫ت فِيهم َو َما ََك َن َ ُ‬
‫اَّلل ُم َعذ َِب ُهم َوهم‬ ‫اَّلل َِلُ َعذ َِب ُهم َو َأن َ‬
‫ولكن قال هللا تعالى‪َ { :‬و َما ََك َن َ ُ‬
‫ْ‬ ‫العقيم على عاد‪،‬‬
‫ِ‬
‫هواء ّ‬‫فسلط عليهم ً‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫فرق شملهم‪ ،‬كما كان سبب اجتماعهم من الهوى‪ ،‬وهم أخالط‬ ‫ون}[األنفال‪،]33 :‬‬‫يستغ ِفر‬
‫اب وآراء‪ ،‬فناسب ْأن يرسل عليهم الهواء الذي فرق جماعتهم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫من قبائل شتى‪ ،‬أحز ٍ‬
‫ْ‬

‫َۡ ُ َ‬ ‫ُ ُ ُ ُّ ۡ َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ۡ َۡ ۡ َ‬ ‫ََ ََ َ َ َىَ ُ ُ‬


‫ب ف ِريقا تق ُتلون‬ ‫اصي ِه ۡم َوقذف ِِف قلوب ِ ِهم ٱلرع‬ ‫ب مِن َص َي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ِت‬‫ك‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ه‬ ‫أ‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫وه‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأنزل ٱَّلِين ظهر‬
‫َ‬
‫َ ََ َ َُ َ ى ُ َ ۡ َ‬ ‫ك ۡم أَۡر َض ُه ۡم َود َِي ى َر ُه ۡم َوأ ۡم َو ىل ُه ۡم َوأۡرضا ل ۡم َت َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََۡ َ َ ُ‬ ‫َ َۡ ُ َ َ‬
‫يشء قدِيرا ‪} ٢٧‬‬ ‫ُك‬
‫ِ‬ ‫لَع‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ن‬ ‫ك‬‫و‬ ‫ر‬ ‫ا‬‫وه‬‫ٔ‬
‫ُ‬ ‫ٔ‬ ‫ط‬ ‫ث‬‫ر‬ ‫و‬‫أ‬‫و‬ ‫‪٢٦‬‬ ‫ا‬‫يق‬‫ر‬
‫وتأ ِسون ف ِ‬

‫ُ‬ ‫ك َن َوأُ َ‬
‫ُ ُ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ ى َ ُّ ۡ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ ۡ ُ‬ ‫َى َ ُّ َ َ ُّ ُ َ ۡ َ ى َ‬
‫س ۡحك َن‬
‫ِ‬ ‫ع‬‫ِ‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫ال‬‫ع‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫ا‬‫ه‬ ‫ت‬ ‫ين‬‫ِ‬ ‫ز‬‫و‬ ‫ا‬‫ي‬ ‫ن‬ ‫َل‬‫ٱ‬ ‫ة‬‫و‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ن‬‫د‬‫ر‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫نُت‬ ‫ك‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ك‬‫ج‬‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱل ِب قل ِلزو ِ‬
‫ساحا َۡجِيل ‪}٢٨‬‬
‫َ َ‬
‫َ‬
‫فتعالين‪،‬‬ ‫كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها‪،‬‬ ‫لهن‪ْ :‬إن ّ‬ ‫خي ْر أزواجك وقل ّ‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها النبي الكريم ّ‬
‫ّ‬
‫طهركن‪.‬‬ ‫أعطيكن متعة الطالق‪ ،‬وأفار ّ‬
‫قكن فراقا جميال دون ضرر أو إيذاء في حال‬ ‫ّ‬
‫ًّ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ََ‬
‫ت َمتى ُع ب ِٱل َم ۡع ُر ِ‬
‫وف َحقا لَع‬ ‫واملراد باملتعة في هذه اآلية هي متعة الطالق‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ { :‬ول ِل ُم َطلقى ِ‬
‫ُ َ َۡ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َُ َ َ ُ‬ ‫ٱل ۡ ُم َت ِق َ‬
‫اح َعل ۡيك ۡم إِن َطلق ُت ُم ٱلن ِ َسا َء َما ل ۡم ت َم ُّسوه َن أ ۡو تف ِرضوا ل ُه َن‬ ‫ي ‪[} ٢٤١‬البقرة‪ ،]241 :‬وقوله تعالى‪َّ { :‬ل جن‬
‫ََ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ ۡ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ََ ۡ‬ ‫َ َ‬
‫وف َح ًّقا لَع ٱل ُم ۡح ِسن َِي ‪[} ٢٣٦‬البقرة‪،]236 :‬‬ ‫َ‬
‫فرِيضة ر َو َمت ِ ُعوه َن لَع ٱل ُموسِعِ ق َد ُرهُۥ َولَع ٱل ُمق ِتِ ق َد ُرهُۥ َمتى َعا ب ِٱل َم ۡع ُر ِ‬
‫والتسريح الجميل هو الطالق الذي ال ضرر فيه وال إيذاء‪ ،‬وهو الذي يكون في حال الطهر مع استقبال العدة‪،‬‬
‫َ ََ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫وه َن لِعِ َدت ِ ِه َن}[الطالق‪.]1 :‬‬ ‫ال في حال الحيض‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِذا َطلق ُت ُم النِساء فطل ِق‬

‫ُ‬‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ولۥ َوٱ ََل َار ٱٓأۡلخ َِرةَ فإ َن ٱ َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫نُت تُر ۡد َن ٱ َ َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ِنك َن أ ۡجرا َع ِظيما ‪} ٢٩‬‬‫تم‬ ‫ۡ َ‬
‫َّلل أعد ل ِل ُمحسِ نى ِ‬ ‫ِ‬
‫َّلل َو َر ُس ُ‬
‫ِ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون ك َ‬

‫أنتن عليه‪،‬‬‫فاصبرن على ما ّ‬ ‫ْ‬ ‫كنتن تردن رضا هللا تعالى ورضا رسوله‪ ،‬وثواب الدار اآلخرة‪،‬‬ ‫وإن ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫منكن أجرا عظيما في اآلخرة‪.‬‬ ‫أعد للمحسنة ّ‬ ‫ّ‬
‫فإن هللا تعالى ّ‬
‫رهن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بين الدنيا واآلخرة‪ ،‬اختر َن‬ ‫خي ّ‬ ‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬وملّا ّ‬
‫َ ُّ َ َ‬
‫ساء مِن َبع ُد‬
‫ك الن ِ ُ‬ ‫وكرمهن‪ ،‬فقال‪َّ{ :‬ل يِل ل‬ ‫هن‪ّ ،‬‬ ‫وشكرهن هللا على حسن اختيار ّ‬ ‫ّ‬ ‫فس ّر بذلك‪،‬‬ ‫جميعا اآلخرة‪ُ ،‬‬
‫ِحوا أَز َ‬
‫واج ُه مِن بَع ِده ِ‬ ‫اَّللِ َوَّل أَن َتنك ُ‬
‫َ َ ُ َ ُ ُ َُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ‬
‫َوَّل أن ت َبدل ب ِ ِه َن مِن أز ٍ‬
‫واج}[األحزاب‪َ { ،]52 :‬وما َكن لكم أن تؤذوا رسول‬
‫َ‬
‫أبَدا}[األحزاب‪.]53 :‬‬
‫َۡۡ َ َ َ َ ََ َ‬ ‫ح َشة ُّم َبي َنة يُ َض ى َع ۡف ل َ َها ٱ ۡل َع َذ ُ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ َۡ‬
‫ي َوكن ذ ىل ِك لَع ٱَّللِ يَسِريا‬ ‫ى‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ف‬‫ع‬ ‫ض‬
‫ِ‬ ‫اب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ن‬‫ِنك‬
‫م‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ي ىنِساء ٱل ِ ِ‬
‫ب م ن يأ‬
‫‪} ٣٠‬‬
‫منكن بمعصية ظاهرة كعقوق الزوج وفساد‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬يا أزواج النبي صلى هللا عليه وسلم ْ‬
‫من يأت‬
‫عشرته‪ ،‬يضاعف لها العقاب ضعفين‪ ،‬وكان ذلك العقاب يسيرا على هللا تعالى‪.‬‬
‫توعد رسوله صلى هللا عليه وسلم –مع عصمته من مقاربة‬ ‫وشبيه بهذا املعنى ّأن هللا تبارك وتعالى ّ‬
‫َ‬ ‫ََََۡ َ‬
‫ض ۡعف‬‫الركون إلى املشركين‪ -‬بضعف العذاب لو ركن إلى املشركين أدنى ركون‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِذا لذقنىك ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ض ۡع َف ٱل َم َم ِ َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ت ُد ل َك َعل ۡي َنا نَ ِصريا ‪[}٧٥‬اإلسراء‪.]75 :‬‬
‫ات ثم َّل ِ‬ ‫ل َي ىوة ِ َو ِ‬
‫ٱ َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َََ ُ َ َ َ َ َ‬
‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬والشرط ال يقتض ي الوقوع‪ ،‬كقوله تعالى‪{ :‬ولقد أ ِ‬
‫وح إَِلك ِإَول اَّلِين مِن قبل ِك‬
‫ُ‬
‫َ َ َ ُ َ ُ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬‫َ َ َ ََ َ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون}[األنعام‪{ ،]88 :‬‬ ‫ك}[الزمر‪ ،]65 :‬وكقوله‪َ { :‬ولو أ َ‬
‫شوُكوا لبِط عنهم ما َكنوا يعمل‬ ‫لئِن أشوُكت َلحبطن عمل‬
‫َ ََ َ َُ َ ََ َ َ‬ ‫َ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫خذ َوَلا َّلص َطَف ِّ َِما يل ُق َما‬ ‫ِلرِنَٰمۡح َو ََل فَأنَا أَ َو ُل ٱ ۡل َع ىبد َ‬
‫ِين ‪[}٨١‬الزخرف‪{ ،]81 :‬لو أراد اَّلل أن يت ِ‬ ‫قُ ۡل إِن ََك َن ل َ‬
‫ِ‬
‫اَّلل ال َواح ُِد ال َق َه ُار}[الزمر‪.]4 :‬‬ ‫حانَ ُه ُه َو َ ُ‬ ‫ي َ َش ُ‬
‫اء ُسب َ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫ي َوأ ۡع َت ۡدنَا ل َها رِ ۡزقا ك ِريما ‪} ٣١‬‬ ‫ُّ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ ۡ‬ ‫ََۡ َ َ‬
‫ولِۦ وتعمل ص ىل ِحا نؤت ِها أجرها ِّرت ِ‬‫ِنك َن ِ ََّللِ َو َر ُس ِ‬
‫ُ‬
‫تم‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َمن َيق ُن ۡ‬
‫َ‬ ‫واملعنى‪َ :‬وم ْن يقنت ّ‬
‫منكن ويخضع هلل ولرسوله وتعمل عمال صالحا‪ ،‬نؤتها أجرها مثلي أجر عمل غيرها‬
‫وأعددنا لها رزقا كريما في اآلخرة وهو الجنة‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫من نساء املؤمنين‪،‬‬
‫أعد لهؤالء الطيبين والطيبات‪ ،‬وعلى رأسهم رسول هللا‬ ‫وقد جاءت شهادة هللا تعالى بما يثبت ّأنه تعالى ّ‬
‫ُ ُ َ َ‬ ‫ُ َ ُ ََ ُ َ‬
‫بؤن ِّ َِما َيقولون ل ُهم َمغفِ َرة َو ِرزق‬ ‫صلى هللا عليه وسلم وأزواجه رزقا كريما في الجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أولئِك ِّ‬
‫َ‬
‫ك ِريم}[النور‪.]26 :‬‬

‫َۡ‬ ‫ََ ۡ َُ َ َ َۡ َ ۡ َ َۡ ۡ ََۡ َ َ َ‬ ‫َ َۡ َُ ََ‬


‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِ‬
‫ب لسُت كأحد مِن ٱلنِساء إ ِ ِن ٱتقيُتر فل َتضعن ب ِٱلقو ِل فيطمع ٱَّلِي ِِف قلبِهِۦ ِّرض‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ي ىنِساء ٱل ِ ِ‬
‫ُۡ َ‬
‫َوقل َن ق ۡوَّل َم ۡع ُروفا ‪} ٣٢‬‬

‫ِي ٱ َلز َك ىوةَ َوأَط ِۡع َن ٱ َ َ‬


‫َّلل‬ ‫ول َوأَق ِۡم َن ٱ َ‬
‫لصلَ ىو َة َو َءات َ‬ ‫ُۡ َ‬
‫جى ِهل َِيةِ ٱل ى‬‫ب َج ٱ ۡل َ‬ ‫ِك َن َو ََّل تَ َ َ‬
‫ب ۡج َن تَ َ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وق ۡرن ِِف ُب ُيوت‬
‫ۡ‬ ‫َ َ ُ َُ َ َ ُ ُ َ ُ ُ ۡ َ َ ُ ُ ۡ َ َ ۡ َ َۡۡ َ ُ َ َ ُ ۡ َ‬
‫ت ويط ِهروُكم تط ِهريا ‪} ٣٣‬‬ ‫لرجس أهل ٱلي ِ‬ ‫ورسول رۥ إِنما ي ِريد ٱَّلل َِلذهِب عنكم ٱ ِ‬
‫تتبر ْجن تبرج‬ ‫ّ‬
‫بيوتكن وال تخرجن إال لحاجة‪ ،‬وال ّ‬ ‫َ‬
‫الزمن‬ ‫واملعنى‪ :‬يا أزواج النبي صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫ْ‬
‫وأخرجن زكاة أموالكن ملستحقيها‪،‬‬ ‫نساء الجاهلية القديمة قبل اإلسالم‪ْ ،‬‬
‫وأقمن الصالة مستوفيات أركانها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأطعن هللا ورسوله في أمرهما ونهيهما‪ ،‬إنما وعظكم هللا بهذا؛ ألنه تعالى يريد ْأن يبعد عنكم األذى والذنب‬ ‫ْ‬
‫يطهركم من دنس املعاص ي والذنوب غاية الطهارة‪.‬‬ ‫والسوء يا أهل بيت النبي من أزواجه وذرياته‪ ،‬ويريد هللا ْأن ّ‬
‫وأهل بيت النبي صلى هللا عليه وسلم يطلق على أزواجه الطاهرات‪ ،‬بدليل سياق هذه اآلية وقوله‬
‫ُ ََ ُ َ َ‬ ‫َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫تعالى في زوجة إبراهيم‪{ :‬قالُوا َأ َتع َ‬
‫ت اَّللِ َو َب َركت ُه عليكم أهل الَي ِ‬
‫ت}[هود‪ ،]73 :‬ويطلق‬ ‫ي مِن أِّ ِر اَّللِ رْح‬ ‫جب َ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫على ذريته‪ ،‬بدليل رواية أحمد عن واثلة بن األسقع‪ ،‬قال‪" :‬أال أخ ِب ُرك بما ر ْأيت ِمن رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫قالت‪َّ :‬‬ ‫سأ ُل َها َع ْن َعل ّي‪ْ ،‬‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ ََْ ُ َ َ َ‬ ‫َو َس َّل َم؟ ُق ْل ُ‬
‫توجه إلى رسول هللا صلى هللا‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫نها‬‫ع‬ ‫تعالى‬ ‫هللا‬ ‫ي‬ ‫ض‬‫ر‬ ‫ة‬ ‫م‬ ‫اط‬
‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ت‬‫أ‬ ‫‪:‬‬‫ال‬ ‫ق‬ ‫بلى‪،‬‬ ‫‪:‬‬‫ت‬
‫ٌ‬ ‫ْ‬
‫هللا َعل ْي ِه َو َسلم ومعه ع ِلي وحسن وحسين رض ي هللا‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َّ ُ َ‬ ‫َ َ َ ْ ُ َ ْ َ ُ َ َّ َ ُ ُ‬
‫ٌّ‬ ‫عليه وسلم‪ .‬فجلست أنت ِظ ُره حتى ج َاء َرسول ِ‬
‫هللا صلى‬
‫س ً‬
‫حسنا‪،‬‬ ‫لس ُه َما بين يديه‪َ ،‬وأ ْج َل َ‬ ‫فأج َ‬ ‫وفاطمة‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ ُ َ‬
‫تعالى عن ُهم‪ِ ،‬آخذ ك َّل و ِاح ٍد ِمن ُه َما ِبي ِد ِه‪ ،‬حتى دخ َل فأدنى ع ِل ًّيا ِ‬
‫َْ ْ‬
‫يد ُ‬ ‫ثم تال هذه اآلية‪{ :‬إ َن َما يُر ُ‬ ‫ف َع َل ْيه ْم َث ْو َب ُه ‪ -‬أو قال‪ :‬ك َس ًاء ‪ّ -‬‬ ‫ّ َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫سي ًنا َّ َ‬ ‫وح ْ‬ ‫ُ‬
‫اَّلل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فخ ِذه‪ ،‬ثم ل‬ ‫احد ِمن َهما على ِ‬ ‫كل و ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫"الله َّم َهؤال ِء أ ْه ُل َب ْي ِتي‪َ ،‬وأ ْه ُل َب ْي ِتي‬ ‫الرج َس أهل الَي ِت َو ُي َط ِه َروُكم َتط ِهريا}[األحزاب‪ ،]33 :‬وقال‪:‬‬ ‫ُ َ َ ُ ُ‬
‫َِلذهِب عنكم ِ‬
‫َ‬
‫أ َح ُّق"‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ۡ‬
‫ت ٱ ََّللِ َوٱل ِك َمةِ إ َن ٱ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ‬
‫َّلل َك َن ل ِطيفا َخبِريا ‪} ٣٤‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱذك ۡر َن َما ُي ۡت ى‬
‫َل ِِف ُب ُيوت ِك َن م ِۡن َءاي ى ِ‬

‫َ َ َى َ‬ ‫ت َوٱ َ ى‬ ‫َ ۡ َى َ ۡ َ َ‬ ‫ي َوٱل ۡ ُم ۡسل َِم ىت َوٱل ۡ ُم ۡؤ ِمن َ ۡ ۡ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن ٱل ۡ ُم ۡسلِم َ‬
‫ت‬‫لصدِق ى ِ‬ ‫لص ِدقِي وٱ‬ ‫ي َوٱلقىن ِتى ِ‬ ‫ت وٱلقنِت ِ‬ ‫ِي َوٱل ُمؤمِنى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لصئ َم ىت َوٱ ۡل َ‬
‫حىفِ ِظ َ‬ ‫َ‬ ‫لصئم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خىشِ َع ىت َوٱل ۡ ُم َت َص ِدق َ ۡ َ‬ ‫َ َ ۡ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ين َوٱ َ ى‬ ‫َ َى‬
‫ي‬ ‫ي َوٱ ى ِ ِ‬ ‫ت َوٱ ى ِ ِ‬‫ِي َوٱل ُمت َصدِق ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت َوٱلخىشِ عِي وٱل‬ ‫لصبِ َر ى ِ‬ ‫لصب َ‬
‫وٱ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َى َ َ َ َ َ ُ َ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫َى‬ ‫ۡ َ َ‬ ‫فُ ُر َ‬
‫َّلل ل ُهم َم ۡغ ِف َرة َوأ ۡجرا َع ِظيما ‪} ٣٥‬‬ ‫ت أعد ٱ‬‫َّلل كثِريا وٱَّلكِر ى ِ‬ ‫ت َوٱَّلك ِِرين ٱ‬ ‫وج ُه ۡم َوٱلحى ِفظى ِ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن املسلمين املنقادين ألمر هللا تعالى واملسلمات‪ ،‬واملؤمنين واملؤمنات‪ ،‬واملطيعين هلل ورسوله‬
‫واملطيعات‪ ،‬والصادقي ن في أقوالهم وأعمالهم والصادقات‪ ،‬والصابرين في البأساء والضراء على الطاعات‬
‫واملتصدقات‪ ،‬والصائمين في الفرض‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملتصدقين بأموالهم‬ ‫واملكاره والصابرات‪ ،‬والخاشعين هلل والخاشعات‪،‬‬
‫والنفل والصائمات‪ ،‬والحافظين فروجهم عن املحارم والحافظات‪ ،‬والذاكرين هللا كثيرا بألسنتهم وقلوبهم‬
‫والذاكرات‪ ،‬أولئك ّ‬
‫أعد هللا تعالى لهم مغفرة لذنوبهم‪ ،‬وأجرا عظيما وهو الجنة‪.‬‬
‫وعطف اإليمان على اإلسالم دليل على ّأن اإليمان غير اإلسالم‪ ،‬فاإليمان يشمل القول باللسان‪،‬‬
‫ودل على هذا املعنى‬ ‫واإلقرار بالجنان‪ ،‬والعمل باألركان‪ ،‬بخالف اإلسالم الذي يشمل القول والعمل فقط‪ّ ،‬‬
‫ُ‬
‫كمۡ‬ ‫ُُ‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ ُ َ ۡ َۡ َ َ ََ َۡ ُ‬ ‫ى‬ ‫َۡۡ َ ُ َ ََ ُ َۡ ُۡ ُ ََ‬ ‫َ َ‬
‫كن قولوا أسلمنا ولما يدخ ِل ٱ ِإليمن ِِف قلوب ِ‬ ‫ت ٱلعراب ءامنا قل لم تؤمِنوا ول ِ‬ ‫قوله تعالى‪۞ { :‬قال ِ‬
‫}[الحجرات‪.]14 :‬‬
‫َ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬
‫جدا‬ ‫ومعنى القنوت دوام الطاعة مع السكون والخضوع‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬أمن هو قان ِت آناء اللي ِل سا ِ‬
‫ُك َلُ‬
‫ُي‬ ‫َ َ‬ ‫[الزمر‪ ،]9 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬و َ ُل َمن ِف َ‬ ‫ْح َة َربهِ} ّ‬ ‫َوقائما َي َذ ُر اآلخ َِر َة َو َير ُجوا َر َ‬
‫ماوات والر ِض‪،‬‬
‫ِ‬ ‫الس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الراكِعِ َ‬ ‫َ‬
‫جدِي َواركع َم َع َ‬‫ك َواس ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ي}[آل عمران‪.]43 :‬‬ ‫ِ‬ ‫قان ِتونَ}[الروم‪ ،]26 :‬وقوله تعالى‪{ :‬يا َِّريَ ُم اقن ِت ل َِرب ِ ِ‬

‫َ‬ ‫َ ُ َ َ ُ ُُ َۡ َ َ ُ َ َُ ُ ۡ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ َ ۡ‬
‫ريةُ م ِۡن أ ِّۡ ِره ِۡم َو َمن َي ۡع ِص‬
‫لِ َ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما َكن ل ُِمؤمِن َوَّل ُِّؤم َِن ٍة إِذا قض ٱَّلل ورسولۥ أِّرا أن يكون لهم ٱ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُ َُ َ‬
‫ولۥ ف َق ۡد َضل َضل ىل ُّمبِينا ‪} ٣٦‬‬ ‫ٱَّلل ورس‬
‫واملعنى‪ :‬وما كان ملؤمن وال مؤمنة إذا حكم هللا تعالى ورسوله بأمر ْأن يختار أمرا آخر‪ ،‬فما كان ألحد‬
‫حى َن ٱ ََّللِ َوتَ َع ى َ ى‬
‫ريةُ ُس ۡب َ‬‫ۡ َ‬ ‫َ َ ُّ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ ُ َ َ َ َ‬
‫َل‬ ‫ار ما َكن ل ُه ُم ٱلِ َ ر‬‫من األمر واالختيار ش يء‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وربك يلق ما يشاء ويخت‬
‫ون ‪[}٦٨‬القصص‪ ،]68 :‬ومن يخالف أمر هللا تعالى ورسوله‪ ،‬فقد ُ‬‫َ َ ُۡ ُ َ‬
‫بعد عن طريق الهدى بعدا واضحا‪.‬‬ ‫ِ‬‫عما يشوُك‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ ُ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ُي ُدوا ِِف‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فل وربِك َّل يؤمِنون حت يكِموك فِيما شجر بينهم ثم َّل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أن ُف ِس ِهم َح َرجا ِّ َِما ق َضي َت َوي ُ َسل ُِموا تسل ِيما}[النساء‪.]65 :‬‬
‫ّ‬

‫َۡ َ‬
‫ِك ماَ‬ ‫ۡ َُ ُ َ َۡ َ َ َُ َ َۡ ََۡ َ ۡ َ َ َۡ َۡ ۡ َ َۡ َ َ ۡ َ َ َ َ ََ َ ُۡ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذ تقول ل َِّلِي أنعم ٱَّلل عليهِ وأنعمت عليهِ أِّسِك عليك زوجك وٱت ِق ٱَّلل وَت َِف ِِف نفس‬
‫َ َ َ َ ُ َ َ ُّ َ َ ۡ َ ى ُ َ َ َ َ َ َ ۡ ۡ َ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ‬
‫لَع ٱل ۡ ُم ۡؤ ِمن َ‬ ‫َ َۡ‬
‫ِي‬ ‫ض زيد مِنها وطرا زوجنىكها ل ۡ‬
‫ِك َّل يكون‬ ‫َت َش ٱلاس وٱَّلل أحق أن َتشىه فلما ق ى‬ ‫ٱ َُ‬
‫َّلل ُم ۡبدِيهِ و‬
‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َح َرج ِِف أ ۡز َو ى ِج أ ۡدع َِيائ ِ ِه ۡم إِذا ق َض ۡوا م ِۡن ُه َن َو َطر را َوك َن أ ِّۡ ُر ٱ ََّللِ َمف ُعوَّل ‪} ٣٧‬‬
‫َ‬
‫وأنعمت عليه‬ ‫واملعنى‪ :‬وإذ تقول أيها الرسول لزيد بن حارثة الذي أنعم هللا تعالى عليه باإليمان‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫أمسك زوجك وال تطلقها‪ ،‬واتق هللا‪ ،‬وتخفي أيها الرسول في نفسك ما أخبرك هللا تعالى من أنه‬ ‫بإعتاقه وتبنبه‪:‬‬
‫أخفيته‪ ،‬وتخش ى ْأن يقول املنافقون ّإنك ّتز َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وجت مطلقة‬ ‫ستزوجها‪ ،‬وهللا تعالى مظهر ما‬ ‫سيطلقها وأنك‬
‫ْ‬
‫وانقضت ّ‬ ‫ّ‬ ‫متبنيك‪ ،‬وهللا تعالى أحق ْأن تخشاه‪ّ ،‬‬
‫عدتها‪ّ ،‬زو ْجناكها؛‬ ‫فلما قض ى زيد بن حارثة حاجته منها وطلقها‬
‫ّ‬ ‫لكي ال يكون على املؤمنين مشقة أو حرج في الزواج من أزواج أدعيائهم الذين ّ‬
‫تبنوهم إذا طلقوا أزواجهم‪ ،‬وكان‬
‫أمر هللا تعالى حاصال ال محالة‪.‬‬
‫أبحنا لك تزويجها وفعلنا ذلك؛ لئال يبقى ٌ‬ ‫ّ‬
‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬أي‪ :‬إنما ْ‬
‫حرج على املؤمنين في تزويج‬
‫الن ّبوة قد ّ‬ ‫مطلقات األدعياء‪ ،‬وذلك ّأن سول هللا صلى هللا عليه وسلم كان قبل ّ‬ ‫ّ‬
‫تبنى زيد بن حارثة‪ ،‬فكان يقال‬ ‫ر‬
‫ََ َ ََ َ َ َ ُ َ َ َ ُ َ ُ َ ُ ُ‬ ‫ّ‬ ‫محم ٍد"‪ّ ،‬‬ ‫له‪" :‬زيد بن ّ‬
‫اءكم ذل ِكم قولكم‬ ‫فلما قطع هللا هذه النسبة بقوله تعالى‪{ :‬وما جعل أدعِياءكم أبن‬
‫َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َُ َُ ُ‬ ‫َ‬
‫ثم زاد ذلك‬ ‫اَّللِ}[األحزاب‪ّ ،]4 :‬‬ ‫السبِيل اد ُعوهم آلبَائ ِ ِهم ه َو أق َس ُط عِند‬ ‫ال َق َوه َو َيهدِي‬
‫ول َ‬ ‫بِأف َواهِكم واَّلل يق‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫جحش ملا طلقها زيد بن حارثة؛ ولهذا قال‬ ‫ٍ‬ ‫وتأكيدا بوقوع تزويج رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بزينب بنت‬ ‫بيانا‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ َ ُ ُ َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫في آية التحريم‪{ :‬وحلئل أبنائكم اَّلِين مِن أصلبكم}[النساء‪ ،]23 :‬ليحترز من االبن الدعي؛ فإن ذلك كان‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬
‫كثيرا فيهم‪.‬‬
‫َ ُ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫َ َ‬
‫ِين خل ۡوا مِن ق ۡبل ر َوكن أ ِّۡ ُر ٱَّللِ ق َدرا‬
‫َ َ‬ ‫َ ََ َ َُ َ‬
‫َّلل ُلۥ ُس َنة ٱَّللِ ِِف ٱَّل‬ ‫ب م ِۡن َح َرج فِيما فرض ٱ‬ ‫َ َ َ ََ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ما َكن لَع ٱل ِ ِ‬
‫َ َ َ ۡ َ ۡ َُ ََ َۡ َ ۡ َ َ َ َ ََ َ‬ ‫َ َ َُ ُ َ َى َ‬ ‫َۡ ُ‬
‫َّلل َووُك َ ى‬
‫َف ب ِٱ ََّللِ َحسِ يبا ‪} ٣٩‬‬ ‫ت ٱَّللِ ويخشونهۥ وَّل يشون أحدا إَِّل ٱ‬ ‫سل ى ِ‬ ‫مقدورا ‪ ٣٨‬ٱَّلِين يبل ِغون رِ‬

‫كل َ ۡ‬
‫يش ٍء‬
‫ُ‬
‫ب‬ ‫َّلل‬
‫َُ َ َ َ َ َ‬
‫ات َم ٱلَبٔ َن َو َك َن ٱ َ ُ‬‫خ‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ول‬ ‫س‬‫ر‬ ‫ن‬‫ك‬ ‫ى‬ ‫َ ُ ۡ ََ‬
‫ل‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫ج‬‫ر‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫د‬‫ح‬‫َم َمد َأبَا أَ َ‬
‫َ َ َ َُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ما َكن‬
‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َعل ِيما ‪} ٤٠‬‬
‫ولكنه رسول هللا وخاتم‬‫واملعنى‪ :‬ما كان محمد صلى هللا عليه وسلم أبا أحد من جالكم أيها الناس‪ّ ،‬‬
‫ر‬
‫النبيين‪ ،‬فال نبي بعده‪ ،‬وكان هللا تعالى بكل ش يء عليما‪ ،‬وهو عليم بمن يجعل له رسالته‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ َ { :‬‬
‫اَّلل‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫أعل ُم َحي ُث ُي َعل رِ َساِلَ ُه}[األنعام‪.]124 :‬‬

‫َ‬
‫ام ُنوا ٱذك ُروا ٱ َ َ‬ ‫ۡ‬
‫ِين َء َ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّلل ذِكرا كثِريا ‪} ٤١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱَّل َ‬

‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل ورسوله اذكروا هللا تعالى بألسنتكم وقلوبكم ذكرا كثيرا‪ ،‬في جميع‬
‫ُ‬
‫كم}[النساء‪:‬‬ ‫َ َ ُُ‬ ‫َُُ‬ ‫ََ‬ ‫َ ُُ‬
‫أحوالكم قياما وقعودا وعلى جنوبكم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فاذكروا اَّلل قِياما وقعودا ولَع جنوب ِ‬
‫‪.]103‬‬

‫ََ ُ ُ ُ ۡ‬ ‫َ‬
‫ك َرة َوأ ِصيل ‪} ٤٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وسبِحوه ب‬
‫وسبحوا هللا تعالى بحمده في الصباح قبل طلوع الشمس‪ ،‬وفي املساء قبل غروبها‪ ،‬كما قال‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ََ َ ُُ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ ُ ِ َ‬
‫وب}[ق‪.]39 :‬‬
‫وع الشم ِس وقبل الغر ِ‬ ‫تعالى‪َ { :‬و َسبِح ِّبم ِد ربِك قبل طل‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ت إل ٱلُّور َوك َن بٱل ُم ۡؤ ِمن َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُّ َ‬ ‫ۡ َ ُ‬ ‫ُُ‬ ‫َى َ‬
‫َ ۡ ُ ۡ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِي َرحِيما ‪} ٤٣‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ه َو ٱَّلِي يص َِل عليكم وِّلئِكتهۥ َِلُخ ِرجكم مِن ٱلظلم ى ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هو هللا الذي يرحمكم‪ ،‬وتستغفر لكم مالئكته ليخرجكم هللا تعالى من ظلمات الكفر إلى نور‬
‫اإليمان‪ ،‬وكان هللا تعالى باملؤمنين رحيما‪.‬‬
‫واملؤمنون واملؤمنات مستحقون لرحمة هللا تعالى الخاصة بهم‪ ،‬وقد وعدهم هللا تعالى برحمته‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ َ ُ َ ُ َ ُ‬
‫وف َويَن َهون َع ِن ال ُمنك ِر‬ ‫اء َبع ٍض يَأ ُِّ ُرون بِال َمع ُر ِ‬
‫ض ُهم أو َِلَ ُ‬ ‫الخاصة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬والمؤمِنون والمؤمِنات بع‬
‫اَّلل إ َن َ َ‬ ‫ك َس َري َ ُ‬
‫ْح ُه ُم َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫َُ ُ َ َ َ َُ ُ َ َ َ َُ ُ َ ََ َ َ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫اَّلل َع ِزيز َحكِيم}[التوبة‪.]71 :‬‬ ‫ِ‬ ‫وي ِقيمون الصلة ويؤتون الزَكة وي ِطيعون اَّلل ورسول أولئ ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ت َِي ُت ُه ۡم يَ ۡو َم يَل َق ۡونَ ُهۥ َسل ى رم َوأ َع َد ل ُه ۡم أ ۡجرا ك ِريما ‪} ٤٤‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬‫َ‬
‫ِيم}[يس‪:‬‬‫واملعنى‪ :‬تحية أهل الجنة يوم يلقون ربهم فيها سالم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬سلم قوَّل مِن ر ٍب رح ٍ‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫‪ ]58‬وتحية املالئكة لهم عند دخول الجنة سالم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وقال ل ُهم خ َزن ُتها َسلم َعليكم طِب ُتم‬
‫خاَل َ‬
‫ِين}[الزمر‪ّ ،]73 :‬‬ ‫َ ُ ُ‬
‫وأعد هللا تعالى لهك أجرا كريما وهو الجنة‪.‬‬ ‫فادخلوها ِ‬

‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ ُّ َ َ ُّ َ َ ۡ َ ۡ َ ى َ َ‬


‫قوله تعالى‪{ :‬يأيها ٱل ِب إِنا أرسلنك ش ِهدا ومب ِشا ونذِيرا ‪}٤٥‬‬
‫َ َ َ ََ َ َُ‬ ‫ّ‬
‫ئنا بِك لَع هؤَّل ِء‬ ‫ج‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها النبي الكريم إنا أرسلناك شاهدا على أمتك‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬و ِ‬
‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ش ِهيدا}[النساء‪ ،]41 :‬وأرسلناك مبشرا للمتقين منهم بالجنة‪ ،‬ونذيرا للعصاة بالنار‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فإِن َما‬
‫َ ُّ‬ ‫ش بهِ ٱل ۡ ُم َتقِ َ‬
‫ََ َۡ ُ َ َ َُ َ‬
‫ي َوتُنذ َِر بِهِۦ ق ۡوما َلا ‪[} ٩٧‬مريم‪.]97 :‬‬ ‫يّسنىه بِل ِسان ِك ِِلب ِ ِ‬
‫اك َشاهِدا َو ُمبَ ِشا َونَذِيرا}[الفتح‪.]8 :‬‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إنَا أَر َسل َن َ‬
‫ِ‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َداعِيا إِل ٱ ََّللِ بإذنِهِۦ َو ِ َ‬
‫ساجا ُّمن ِريا ‪} ٤٦‬‬ ‫ِِ‬
‫واملعنى‪ :‬وأرسلناك أيها الرسول داعيا إلى توحيد هللا تعالى وعبادته بإذنه‪ ،‬وهاديا إلى الحق كالسراج‬
‫املنير‪.‬‬
‫ات‬ ‫ور َ‬
‫الس َم َ‬
‫او ِ‬ ‫اَّلل نُ ُ‬
‫بأنه نور‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ َ { :‬‬
‫ّ‬
‫وقد جاء في القرآن الكريم وصف هللا تبارك وتعالى نفسه‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫ب َوَّل‬ ‫نت تدرِي َما الكِت‬ ‫َوالر ِض}[النور‪ ،]35 :‬وجاء وصف القرآن الكريم بأنه نور‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ما ك‬
‫اء مِن ع َِبادِنَا}[الشورى‪ ،]52 :‬وجاء وصف الرسول صلى هللا عليه‬ ‫يم ُن َولَكن َج َع َ‬
‫لن ُه نُورا نَهدِي بهِۦ َمن ن َ َش ُ‬ ‫اإل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫وسلم بأنه سراج منير‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬


‫ش ٱل ُم ۡؤ ِمن َِي بِأ َن ل ُهم م َِن ٱ ََّللِ ف ۡضل كبِريا ‪} ٤٧‬‬ ‫ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وب ِ ِ‬
‫وبشر أيها الرسول هؤالء املؤمنين باهلل وبرسوله ّ‬ ‫ّ‬
‫بأن لهم من هللا تعالى روضات الجنات‪ ،‬لهم ما‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ََ ُ َ‬
‫ون ع َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫وضات َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫يشاءون‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬واَّلين َ ُ‬
‫ِند َرب ِ ِهم ذل ِك ه َو‬ ‫ات لهم ما يشاء‬
‫الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫آمنوا َوع ِملوا الصل َِح ِ‬
‫ت ِِف ر‬
‫َ‬‫َ‬
‫الفضل الكب ُ‬ ‫ُ‬
‫ري}[الشورى‪.]22 :‬‬‫ِ‬

‫َ‬ ‫ۡ َى َ َ ُۡ َى َ َ َ ۡ َ َ ىُ ۡ َ َََۡ ََ َ َ َ َ ى َ‬ ‫ََ ُ‬


‫َّللِ ووُكَف ب ِٱَّللِ ووُك ِيل ‪} ٤٨‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وَّل ت ِطعِ ٱلكفِرِين وٱلمنفِقِي ودع أذىهم وتوُك لَع ٱ ر‬
‫ّ‬
‫وتوكل عليه ّ‬ ‫ُ‬
‫وفوض أمرك‬ ‫واملعنى‪ :‬وال تطع أيها الرسول الكافرين واملنافقين واترك أذاهم واصبر عليه‪،‬‬
‫َ َ ََََ ََ َ َ‬
‫اَّللِ ف ُه َو َحس ُب ُه}[الطالق‪ ،]3 :‬وكفى باهلل‬ ‫فيكفك هللا في جميع أمورك‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ومن يتوُك لَع‬
‫إليه‪ِ ،‬‬
‫وحده حافظا لك‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َۡ ُ‬ ‫َ ُّ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ ۡ ُ ُ ۡ ُ ۡ َ ى ُ‬
‫ت ث َم َطلق ُت ُموه َن مِن ق ۡب ِل أن ت َم ُّسوه َن ف َما لك ۡم َعل ۡي ِه َن‬‫قوله تعالى‪ٔ{ :‬ىٔأيها ٱَّلِين ءامنوا إِذا نكحتم ٱلمؤمِن ِ‬
‫ۡ َ َ ۡ َ ُّ َ َ َ َ ُ ُ َ َ َ ُ ُ‬
‫ساحا َۡجِيل ‪} ٤٩‬‬‫وه َن َ َ‬ ‫سح‬
‫مِن عِدة تعتدونها فمتِعوهن و ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫قتموهن من قبل‬ ‫ثم طل‬ ‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل ورسوله‪ ،‬إذا عقدتم عقد النكاح على النساء‪،‬‬
‫ينتفع َن به على حسب‬
‫ْ‬ ‫بأن تدفعوا ّ‬
‫لهن ما‬ ‫عوهن ْ‬
‫فمت ّ‬ ‫عليهن‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عليهن تحصونها‬ ‫عدة لكم‬‫تجامعوهن‪ ،‬فال ّ‬
‫ّ‬ ‫ْأن‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ ۡ َ َ ُّ ُ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ ُ َ َ َ َۡ ُ‬
‫ك ۡم إِن َطلق ُت ُم ٱلنِساء ما لم تمسوهن أو تف ِرضوا لهن ف ِريضة ر‬ ‫حالكم وطاقتكم‪ ،‬كما قال تعالى‪َّ { :‬ل جناح علي‬
‫ََ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ ُُ َ ََ ُۡۡ َ‬ ‫ُ ََ ۡ‬
‫وف َح ًّقا لَع ٱل ُم ۡح ِسن َِي ‪[} ٢٣٦‬البقرة‪،]236 :‬‬ ‫َ‬
‫ت ق َد ُرهُۥ َمتى َعا ب ِٱل َم ۡع ُر ِ‬‫َو َمت ِ ُعوه َن لَع ٱل ُموسِعِ قدرهۥ ولَع ٱلمق ِِ‬
‫حوهن سراحا جميال بدون إساءة إليها‪.‬‬ ‫وسر ّ‬ ‫ّ‬
‫َ َ َ ُّ َ ُ َ َ‬ ‫َ ۡ ُ َ َ َ ى ُ َ َ َ َ ۡ َ َ ُ َ َ َى َ َ ُ‬
‫ُ‬
‫وهذه اآلية مخصصة لعموم قوله تعالى ‪ { :‬وٱلمطلقت يتبصن بِأنفسِ ِهن ثلثة قروء وَّل يِل لهن أن‬
‫َ َ ۡ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ك ُت ۡم َن َما َخلَ َق ٱ َ ُ‬ ‫َ ۡ‬
‫َّلل ِِف أ ۡر َحا ِِّ ِه َن إِن ك َن يُؤم َِن ب ِٱَّللِ َوٱَلَ ۡو ِم ٱٓأۡلخ ِِر َوبُ ُعوِلُ ُه َن أ َح ُّق ب ِ َردِه َِن ِِف ذ ىل ِك إِن أ َرادوا‬ ‫ي‬
‫َ‬
‫وف َول ِلر َجال َعل ۡيه َن َد َر َجة َوٱ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّلل َع ِزيز َحكِيم ‪[} ٢٢٨‬البقرة‪ ،]228 :‬ولقوله‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬
‫إ ِ ۡصل ىحا ر َول ُه َن مِثل ٱَّلِي عل ۡي ِه َن ب ِٱل َم ۡع ُر ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َُ َ‬ ‫َ‬
‫كم إ ِ ِن ارتَب ُتم فعِ َد ُت ُه َن ثلثة أش ُه ٍر َواللئِي لم يِض َن}[الطالق‪.]4 :‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يض مِن ن ِسائ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫تعالى‪َ { :‬واللئِي يَئِس َن م َِن ال َم ِ‬

‫َى َ ُّ َ َ ُّ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ى َ َ َ ى َ َ ۡ َ ُ ُ َ ُ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ‬
‫َّلل َعل ۡيك‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱل ِب إِنا أحللنا لك أزوجك ٱل ِت ءاتيت أجورهن وما ِّلكت ي ِمينك ِِّما أفاء ٱ‬
‫ك َوٱ ِّۡ َرأَة ُِّّ ۡؤم َِنة إن َو َه َب ۡ‬
‫ت َن ۡف َس َها ل َ‬ ‫َ ى َ ى َ َى َ َ ۡ َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ب‬
‫ِِ‬ ‫ِلن‬ ‫ِ‬ ‫ات خلتِك ٱل ِت هاجرن مع‬ ‫ات خال ِك َوبَن ِ‬
‫ات ع َىمتِك َوبَن ِ‬
‫ات ع ِمك َوبَن ِ‬
‫َوبَن ِ‬
‫ۡ ََ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك مِن ُدون ٱل ۡ ُم ۡؤ ِمن َ‬ ‫ۡ َ َ َ َ ُّ َ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫ت‬‫ك ۡ‬ ‫ج ِهم وما ِّل‬ ‫ِي قَ ۡد َعل ِۡم َنا َما َف َر ۡض َنا َعل ۡي ِه ۡم ِِف أ ۡز َو ِى‬ ‫ِ‬ ‫إِن أراد ٱل ِب أن يستنكِحها خال ِصة ل‬
‫َۡ َىُ ُ ۡ َ ۡ َ َ ُ َ َ َۡ َ َ َ ََ َ َ ُ َ‬
‫َّلل غ ُفورا َرحِيما ‪} ٥٠‬‬ ‫أيمنهم ل ِكيل يكون عليك حرج وكن ٱ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ملكت يمينك‬ ‫مهورهن‪ ،‬وأحللنا لك ما‬ ‫أعطيت‬ ‫واملعنى‪ :‬يا أيها النبي الكريم إنا أحللنا لك أزواجك الالتي‬
‫عماتك‪ ،‬وبنات خالك‪،‬‬ ‫عمك‪ ،‬وبنات ّ‬ ‫من اإلماء اململوكات مما أفاء هللا عليك‪ ،‬وأحللنا لك الزواج من بنات ّ‬
‫ْ‬
‫منحت‬ ‫اشتركن في الهجرة إلى املدينة‪ ،‬وأحللنا لك الزواج بغير مهر من امرأة مؤمنة ْإن‬ ‫َ‬ ‫وبنات خاالتك الالتي‬
‫دت الزواج منها خالصة لك‪ ،‬وليس لغيرك من املؤمنين الزواج بالهبة‪ ،‬قد علمنا ما فرضنا على‬ ‫نفسها لك‪ْ ،‬إن أ َ‬
‫ر‬
‫املؤمنين من أحكام وفرائض في أزواجهم ومملوكاتهم بأال يتزوجوا أكثر من أربع نسوة وباشتراط الولي واملهر‬
‫ّ ّ‬
‫ولكنا رخصنا لك وخصصنا لك ذلك؛ لئال يضيق صدرك في الزواج من النساء املذكورات‪ ،‬وكان هللا‬ ‫والشهود‪،‬‬
‫تعالى غفورا لذنوب املؤمنين رحيما بهم‪.‬‬
‫واملراد باملعية في هذه اآلية االشتراك في الهجرة‪ ،‬ال املصاحبة فيها‪ ،‬ومنه قوله تعالى حكاية عن ملكة‬
‫ي ‪[}٤٤‬النمل‪.]44 :‬‬ ‫ت َن ۡف ِس َوأَ ۡسلَ ۡم ُ‬
‫ت َم َع ُسلَ ۡي َم ى َن ِ ََّللِ َرب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬ ‫ت َرب إن َظلَ ۡم ُ‬‫سبأ‪ { :‬قَالَ ۡ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫عن نوح‬‫قال اإلمام ابن كثير معلقا على هذه اآلية‪ :‬وهذه اآلية َتوالى فيها شرطان‪ ،‬كقوله تعالى إخبارا ْ‬
‫َ َ َُ ُ ُ َ‬ ‫ََ ُ َ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫عليه السالم‪ ،‬أنه قال لقومه‪َ { :‬وَّل َينف ُعكم نص ِح‬
‫ّ‬
‫إِن أردت أن أنصح لكم إِن َكن اَّلل يرِيد أن‬
‫ي‬ ‫نتم بٱ ََّللِ َف َعلَ ۡيهِ تَ َو ََّكُوا إن ُك ُ‬
‫نتم ُِّّ ۡسلِم َ‬ ‫ام ُ‬ ‫إن ُك ُ‬
‫نت ۡم َء َ‬ ‫ََ َ ُ َ ى َ َ‬
‫وس ي ىق ۡو ِم‬
‫ُ‬
‫ُيغوِيَكم}[هود‪ ،]34 :‬وكقول موس ى‪ { :‬وقال ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪[}٨٤‬يونس‪.]84 :‬‬

‫َ َ َ ََ َ َ َۡ َۡ َ َ ۡ َ َۡ َ ََ ُ َ َ َ َۡ َ َ َ َ‬
‫ك أ ۡد َنى‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ت ۡر ِِج َمن تشا ُء م ِۡن ُه َن َوتوِي إ ِ َۡلك من تشا ُء وم ِن ٱبتغيت ِِّمن عزلت فل جناح عليكر ذ ىل ِ‬
‫ُ‬
‫ك ۡم َو َك َن ٱ َ ُ‬
‫َّلل َعل ِيما َحل ِيما ‪} ٥١‬‬ ‫ُ‬ ‫ُُ‬ ‫َ ََ َ َ ۡ ُُُ َ ََ ََۡ َ ََۡ َ ۡ َ‬
‫ي ب َما َءاتَ ۡي َت ُه َن ُُكُّ ُه َ َ َ ُ َ ۡ َ َ‬
‫ن وٱَّلل يعل ُم ما ِِف قلوب ِ ر‬
‫ر‬ ‫أن تقر أعينهن وَّل يزن ويرض ِ‬
‫تؤخر من شئت ّ‬
‫منهن في ْ‬ ‫ْ ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫القسم‬ ‫وسعنا عليك أيها الرسول في معاشرة نسائك‪ ،‬فيجوز لك أن‬
‫اجتنبت مضاجعتها إذ ال حرج عليك في عدم‬ ‫َ‬ ‫وأن تعود إلى طلب ْ‬
‫من‬ ‫منهن‪ْ ،‬‬
‫من شئت ّ‬ ‫تقرب إليك ْ‬ ‫في املبيت‪ْ ،‬‬
‫وأن ّ‬
‫يحزن‪،‬‬ ‫التخير أقرب إلى ْأن ْ‬
‫يفرحن وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫اجتنبتها‪ ،‬ذلك‬ ‫القسمة بين أزواجك‪ ،‬وفي طلب إيواء من سبق لك ْأن‬
‫ضين به‪ ،‬وهللا تعالى يعلم ما في قلوبكم‬ ‫علمن ّأن ّ‬
‫التخير يأتي من هللا تعالى ر ْ‬ ‫هن إذا ْ‬ ‫لهن؛ ّ‬
‫ألن ّ‬ ‫َ‬
‫قسمت ّ‬ ‫ْ‬
‫ويرضين بما‬
‫أيها املؤمنون من ميلكم إلى بعض نسائكم دون بعض‪ ،‬وكان هللا تعالى عليما حليما‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫وسف آوى إَِلهِ‬ ‫الضم والتقريب‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ { :‬ول َما دخلوا لَع ي‬
‫ّ‬ ‫ومعنى اإليواء في هذه اآلية‬
‫أَخاهُ}[يوسف‪ ،]69 :‬أى‪ّ :‬‬
‫قربه منه‪.‬‬

‫َ ۡ ُ َ َ َ ََ َ َ َ ۡ َ ۡ َى َ َۡ َ ۡ َ َ َ ُ ۡ ُ ُ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ َ ُّ َ َ‬
‫ينك‬ ‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل يِل لك ٱلن ِ َسا ُء مِن بعد وَّل أن تبدل ب ِ ِهن مِن أزوج ولو أعجبك حسنهن إَِّل ما ِّلكت ي ِم‬
‫ََ َ َُ ََ‬
‫لَع ُُك َ ۡ‬
‫يشء َرقِيبا ‪} ٥٢‬‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫وكن ٱَّلل‬

‫َ َ ى ُ َ َى ۡ َ‬ ‫ى‬ ‫َى َ ُّ َ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ ُ ُ ُ ُ َ َ َ َ ُ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ ى َ َ َ ۡ َ َ‬
‫كن إِذا‬ ‫ب إَِّل أن يؤذن لكم إِل طعا ٍم غري ن ِظ ِرين إِنىه ول ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱَّلِين ءامنوا َّل تدخلوا بيوت ٱل ِ ِ‬
‫ُ‬
‫حۦ مِنك ۡم‬
‫َ َ ََ ۡ َۡ‬
‫ت‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِي‬ ‫ذ‬‫ؤ‬
‫َ َى ُ ۡ َ َ ُ ۡ‬
‫ي‬ ‫ن‬‫َك‬ ‫م‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ِيث‬ ‫د‬‫ل‬‫ي َِ‬ ‫س َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ٔ‬
‫ۡ‬ ‫ٔ‬ ‫شوا َو ََّل ُِّ ۡس َ‬
‫ت‬ ‫ِيت ۡم فَٱ ۡد ُخلُوا فَإ َذا َطعِ ۡم ُت ۡم فَٱنتَ ِ ُ‬
‫ُدع ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ ۡ َُُ َ‬ ‫َ ُ ۡ َۡ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ َ َُۡ ُ ُ َ َ َ َ ۡ‬ ‫َّلل ََّل ي َ ۡس َت ۡحۦ م َِن ٱ ۡ َ‬
‫َوٱ َ ُ‬
‫ل ِق ِإَوذا سأِلموهن متىعا فسَٔٔلوهن مِن وراءِ حِجاب ذ ىل ِكم أطه ُر ل ِقلوبِكم وقلوب ِ ِه ر‬
‫ن‬ ‫ِ‬
‫ِك ۡم ََك َن ع َ‬ ‫َ َ َ َى ُ‬ ‫ََ َ َ َ ُ ۡ َ ُۡ ُ َُ َ َ ََ َ َ ُ َ‬
‫ِند ٱ ََّللِ َع ِظيما ‪} ٥٣‬‬ ‫ِحوا أ ۡز َو ى َج ُهۥ مِن َب ۡع ِده ِۦ أبدار إِن ذل‬ ‫وما َكن لكم أن تؤذوا رسول ٱَّللِ وَّل أن تنك‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل ورسوله ال تدخلوا بيوت النبي صلى هللا عليه وسلم إال بعد ْأن أذن‬
‫غير منتظرين نضجه‪ ،‬ولكن إذا دعاكم الرسول فادخلوا بيته الذي أذن لكم‬ ‫بأن دعاكم إلى وليمة طعام َ‬ ‫لكم ْ‬
‫بدخوله‪ ،‬فإذا فرغتم من تناول الطعام في بيته فانصرفوا غير مستأنسين لتبادل الحديث بينكم‪ّ ،‬إن‬
‫ولكنه يستحيي من‬ ‫استئناسكم للحديث في بيته وعدم انصرافكم بعد تناول الطعام كان يؤذي الرسول‪ّ ،‬‬
‫إخراجكم من بيته‪ ،‬وهللا تعالى ال يستحيي من بيان الحق بأمركم بالخروج من بيته ونهيكم عن البقاء في بيته‪،‬‬
‫ّ‬
‫فاسألوهن من وراء حجاب ساتر‪ ،‬ذلك الحجاب أطهر‬ ‫وإذا سألتم أزواج الرسول صلى هللا عليه وسلم شيئا‪،‬‬
‫وقلوبهن‪ ،‬وما ينبغي لكم ْأن تؤذوا أيها املؤمنون رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وال ْأن ّ‬
‫تتزوجوا أزواجه‬ ‫ّ‬ ‫لقلوبكم‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب أو َل بال ُمؤ ِمن َ‬
‫س ِهم‬
‫ِي مِن أنف ِ‬ ‫ِ‬ ‫هن أمهاتكم في الحرمة واالحترام‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬الَ ُّ‬ ‫من بعد وفاته أبدا؛ ّ‬
‫ألن ّ‬
‫ِ‬
‫ََ َ ُ ُ‬
‫اج ُه أ َِّ َه ُات ُهم}[األحزاب‪ّ ،]6 :‬إن إيذاءكم رسول هللا كان عند هللا تعالى ذنبا عظيما‪.‬‬‫وأزو‬

‫ۡ ُ ُ َ ََ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُۡ‬ ‫َ‬
‫يش ٍء َعل ِيما ‪} ٥٤‬‬
‫كل ۡ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن تبدوا يشٔٔا أو َتفوه فإِن ٱَّلل َكن ب ِ ِ‬
‫واملعنى‪ْ :‬إن تبدوا أيها املؤمنون شيئا مما يؤذي الرسول أو تخفوه في صدوركم‪ّ ،‬‬
‫فإن هللا تعالى كان بكل‬
‫َ ۡ َ ُ َ ََ ۡ َ ۡ ُ َ َ ُۡ‬
‫َتَف ٱ ُّ‬
‫لص ُد ُ‬
‫ور ‪[}١٩‬غافر‪.]19 :‬‬ ‫ي وما ِ‬ ‫ش يء عليما‪ ،‬ال تخفى عليه خافية‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬يعلم خائِنة ٱلع ِ‬

‫َۡ َ ََ ََۡ َ ََ َ ََ‬ ‫َ َ ََ ََۡ َ ََ َۡ َ ََ َ‬ ‫َ َُ َ َ‬


‫اح َعل ۡي ِه َن ِِف َءابائ ِ ِهن وَّل أبنائ ِ ِهن وَّل إِخو ىن ِ ِهن وَّل أبناء إِخون ِ ِهن وَّل أبناء أخوت ِ ِهن وَّل‬
‫ى‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل جن‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ َ َ َ َ َ ۡ ۡ َىُ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫يشء َش ِهيدا ‪} ٥٥‬‬ ‫لَع ُك ۡ‬
‫َّلل إِن ٱَّلل َكن ى ِ‬ ‫ن ِسائ ِ ِهن وَّل ما ِّلكت أيمنهن وٱتقِي ٱ ر‬
‫واملعنى‪ :‬ال إثم على أزواج النبي صلى هللا عليه وسلم وال على نساء املؤمنين في عدم االحتجاب من‬
‫لهن‪ ،‬كما‬ ‫وعبيدهن اململوكين ّ‬ ‫ّ‬ ‫أخواتهن‪ ،‬والنساء املؤمنات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫إخوانهن‪ ،‬وأبناء‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وإخوانهن‪ ،‬وأبناء‬ ‫ّ‬
‫وأبنائهن‪،‬‬ ‫ّ‬
‫آبائهن‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ‬
‫ِين زِين َت ُه َن إَِّل ِلُ ُعوِل ِ ِه َن أو آبَائ ِ ِه َن أو آبَاءِ ُب ُعوِل ِ ِه َن أو أب َنائ ِ ِه َن أو أب َناءِ ُب ُعوِل ِ ِه َن أو إِخ َوان ِ ِه َن أو‬
‫قال تعالى‪{ :‬وَّل يبد‬
‫بَن إخ َوانِه َن أَو بَن أ َخ َواتِه َن أو ن َِسائه َن}[النور‪ ،]31 :‬واتقين هللا تعالى ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وخفن عذابه‪ّ ،‬إن هللا تعالى كان على كل‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ش يء شهيدا‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫َ َ َ َ َ َ ى َ َ ُ ُ َ ُّ َ َ َ َ َى َ ُّ َ َ َ َ َ ُ َ ُّ َ َ ۡ َ َ ُ َ‬
‫بر يأيها ٱَّلِين ءامنوا صلوا عليهِ وسل ِموا تسل ِيما ‪} ٥٦‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلل وِّلئِكتهۥ يصلون لَع ٱل ِ ِ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن هللا تعالى يثني على نبيه محمد صلى هللا عليه وسلم ويرض ى عنه صلى هللا عليه وسلم‪ّ ،‬‬
‫وإن‬
‫مالئكة هللا تثني عليه صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وتدعو له صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬يا أيها الذين آمنوا باهلل تعالى‬
‫ّ‬
‫ورسوله صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬صلوا على النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وسلموا عليه صلى هللا عليه وسلم‬
‫تسليما وتعظيما له‪.‬‬
‫ّ‬
‫والصالة من هللا تبارك وتعالى الثناء والرحمة والرضا‪ ،‬وقد جاء في القرآن الكريم أنه تعالى يصلى على‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ُ َ‬
‫الذين آمنوا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ه َو اَّلِي يُ َص َِل عليكم َو َِّلئِكت ُه َِلُخ ِر َجكم م َِن الظل َم ِ‬
‫ات إِل الُّورِ َوكن‬
‫ت إ َل ٱلُّور َوٱ ََّل َ‬ ‫ى‬ ‫لظلُ َ‬
‫َ ُّ‬ ‫َ ُ َ ُّ َ َ َ َ ُ ُ ۡ‬
‫ير ُج ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫ِين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ٱ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫بِالمؤ ِمن ِي رحِيما}[األحزاب‪ ،]43 :‬وقال تعالى‪ { :‬ٱَّلل و ِل ٱَّلِين ءامنوا ِ‬
‫َ ُّ ُ َ ى ُ َ ى َ َ ۡ َ ى ُ َ ُ ۡ َ َ ى ُ َ‬ ‫َ َ ُ َ ۡ َ ُ ُ ُ َى ُ ُ ُ ۡ ُ َ‬
‫ون ُهم م َِن ٱلُّ‬
‫ون ‪[} ٢٥٧‬البقرة‪:‬‬ ‫ار هم فِيها خ ِِل‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ب‬ ‫ح‬ ‫ص‬ ‫أ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬‫ل‬ ‫و‬‫أ‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ل‬‫لظ‬ ‫ٱ‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ور‬
‫ِ‬ ‫كفروا أو َِلاؤهم ٱلطغوت ي ِرج‬
‫‪.]157‬‬
‫َ ََ َ َ َُ ۡ َ َ‬ ‫َّلل َو َر ُس َ ُ‬
‫ولۥ لَ َع َن ُه ُم ٱ َ ُ‬ ‫َ َ َ ُۡ ُ َ‬
‫َّلل ِِف ٱ َُّل ۡن َيا َوٱٓأۡلخِرة ِ وأعد لهم عذابا ِّ ِهينا ‪} ٥٧‬‬
‫ُّ‬ ‫ون ٱ َ َ‬‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلِين يؤذ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن الذين يؤذون هللا تعالى بالشرك واملعاص ي‪ ،‬ويؤذون رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كأن‬
‫ُُ‬ ‫َ ُ ُ َ َ ُ ُ َ َ َ ََُ ُ َ‬
‫ون ُه َو أذن}[التوبة‪ ،]61 :‬أولئك طردهم‬ ‫يقولوا‪" :‬هو أذن" مثال‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ومِنهم اَّلِين يؤذون ال ِب ويقول‬
‫وأعد لهم في اآلخرة عذابا مؤملا مهينا في نار ّ‬
‫جهنم‪.‬‬ ‫هللا تعالى في الدنيا واآلخرة عن كل خير‪ّ ،‬‬

‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫كتَ َس ُبوا ف َق ِد ٱ ۡح َت َملوا ُب ۡه َتىنا ِإَوثما ُّمبِينا ‪} ٥٨‬‬
‫ۡ‬
‫ري َما ٱ‬‫َۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ون ٱل ُم ۡؤ ِمن َ‬
‫ِي َوٱل ُمؤمِنى ِ‬
‫ت بِغ ِ‬
‫َ َ ُۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين يؤذ‬
‫واملعنى‪ :‬والذين يؤذون املؤمنين واملؤمنات في أعراضهم أو في أنفسهم دون ْأن يكون هؤالء املؤمنون‬
‫واملؤمنات قد فعلوا ما يوجب أذاهم‪ ،‬فقد ارتكبوا إثما شنيعا‪ ،‬وذنبا عظيما بينا‪.‬‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َمن يَكسِب خ ِطيئَة أو إِثما ث َم يَر ِم ب ِهِ بَ ِريئا فق ِد اح َت َمل ُبهتانا ِإَوثما‬
‫ُمبِينا}[النساء‪.]112 :‬‬

‫َ َ َ َۡ َ َ‬ ‫َ‬
‫ۡ‬
‫ن أن ُي ۡع َرف َن‬ ‫ن ذ ىل ِك أد ى‬ ‫َ َ‬ ‫ب ُقل ِلَ ۡز َو ى َ َ َ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱلَ ُّ‬
‫جك وبنات ِك ون ِساءِ ٱلمؤ ِمن ِي يدن ِي علي ِهن مِن جل ىبِيب ِ ِه ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ون ِف ٱل ۡ َمدِينةَِ‬‫َ ُۡۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ُۡ َۡ َ ََ َ َُ َ‬
‫جف ِ‬ ‫فل يؤذين وكن ٱَّلل غفورا رحِيما ‪۞ ٥٩‬لئِن لم ينتهِ ٱلمنىفِقون وٱَّلِين ِِف قلوب ِ ِهم ِّرض وٱلمر ِ‬
‫ُ ُ ُ ُ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َُۡ ََ َ ۡ ُ َ َ َُ ُ َ َ َ َ َ‬
‫ِيها إَِّل قل ِيل ‪َِّ ٦٠‬ل ُعون َِي أ ۡي َن َما ثقِ ُفوا أخِذوا َوقتِلوا َتقتِيل ‪} ٦١‬‬ ‫لغ ِرينك ب ِ ِهم ثم َّل ُياوِرونك ف‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ت َد ل ُِس َن ِة ٱ ََّللِ َت ۡبدِيل ‪} ٦٢‬‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫َُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬سنة ٱَّللِ ِِف ٱَّلِين خلوا مِن قبل ولن ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هذا الحكم هو سنة هللا تعالى في منافقي األمم السابقة من قبل‪ ،‬ولن تجد أيها الرسول لسنة‬
‫ََ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫ََ َ َ ُ َ َ َ‬
‫اَّللِ توِيل}[فاطر‪.]43 :‬‬ ‫تد ل ِسنةِ‬
‫تد ل ِسنةِ اَّللِ تبدِيل ولن ِ‬ ‫هللا تعالى تبديال وال تحويال‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فلن ِ‬

‫َ‬ ‫َ َ َ ُ ُ‬‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ُۡ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫ون ق ِريبا ‪} ٦٣‬‬ ‫َّللِ َو َما يُ ۡد ِريك ل َعل ٱلساعة تك‬ ‫َُ‬ ‫َۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يسَٔٔلك ٱلَاس ع ِن ٱلساع ِة قل إِنما عِلمها عِند ٱ ر‬
‫الساع ِةَ‬‫ك َعن َ‬ ‫َ َُ َ َ‬ ‫واملعنى‪ :‬يسألك أيها الرسول ُ‬
‫ِ‬ ‫كفار مكة عن الساعة‪ ،‬متى تقوم؟‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يسألون‬
‫اها}[األعراف‪ ،]187 :‬قل لهم أيها الرسول‪ّ :‬إنما علم الساعة عند رّبي‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إ َن َ َ‬ ‫ََ َ ُ َ َ‬
‫اَّلل عِن َد ُه‬ ‫ِ‬ ‫أيان ِّرس‬
‫َ َُ‬ ‫اعةِ}[لقمان‪ ،]34 :‬وما يدريك أيها الرسول ربما تقوم في وقت قريب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬اق َ َ‬ ‫الس َ‬
‫تبَ ِ‬
‫اعة‬‫ت الس‬ ‫عِل ُم َ‬
‫َ َ‬ ‫َوان َش َق ال َق َمر}[القمر‪ ،]1 :‬وقال تعالى‪{ :‬اق َ َ‬
‫اس ح َِس ُاب ُهم َو ُهم ِِف غفل ٍة ُمع ِر ُضون}[األنبياء‪.]1 :‬‬
‫ت َب ل َِلن ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن ٱ َ َ‬ ‫َ‬
‫ين َوأ َع َد ل ُه ۡم َسعِريا ‪} ٦٤‬‬
‫َّلل ل َع َن ٱلك ىفِر َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن هللا تعالى طرد الكافرين عن رحمته وهيأ لهم نارا شديدة االشتعال واالتقاد‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َ‬
‫{إِنا أعتدنا ل ِلَكف ِِرين سلسِل وأغلَّل وسعِريا}[اإلنسان‪.]4 :‬‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ون َو َِلا َوَّل نَ ِصريا ‪} ٦٥‬‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬خ ى ِِلِين فِيها أبدا َّل ِ‬
‫ُيد‬
‫واملعنى‪ :‬ماكثين في السعير أبدا‪ ،‬ال يجدون لهم وليا ينفعهم ويلي أمرهم‪ ،‬وال نصيرا ينصرهم من عذاب‬
‫َ َ َ ُ َ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ون}[املؤمنون‪.]65 :‬‬ ‫هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪َّ{ :‬ل تأ ُروا اَلوم إِنكم مِنا َّل تنُص‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ َ‬


‫ون َي ىل ۡيتَ َنا أ َط ۡع َنا ٱ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يَ ۡو َم ُت َقل ُ‬
‫َّلل َوأ َط ۡع َنا ٱ َلر ُسوَّل ‪} ٦٦‬‬ ‫ب ُو ُجوه ُه ۡم ِِف ٱلارِ يقول‬
‫واملعنى‪ :‬يوم يسحب هؤالء الكفار على النار وتقلب وجوههم فيها‪ ،‬يقولون ويتمنون متحسرين‪ :‬يا ليتنا‬
‫لظال ُِم َ َ ى‬
‫لَع يَ َديۡهِ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫أطعنا هللا تعالى وأطعنا رسوله في الدنيا‪ ،‬واتخذنا سبيال معه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ويَ ۡو َم َي َعض ٱ‬
‫ََ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َي ُقول َي ىل ۡي َت ِن ٱَتذ ُت َم َع ٱ َلر ُسو ِل َسبِيل ‪[} ٢٧‬الفرقان‪.]27 :‬‬
‫وقد أخبر هللا تعالى عن حال الكفار يوم القيامة ّ‬
‫بأنهم يودون لو كانوا مسلمين في الدنيا‪ ،‬كما قال‬
‫ُ َ َ َ َ ُّ َ َ َ‬
‫ك َف ُروا لَو ََكنُوا ُِّسلِم َ‬
‫ي}[الحجر‪.]2 :‬‬ ‫ِ‬ ‫تعالى‪{ :‬ربما يود اَّلِين‬

‫َ‬
‫با َءنَا فأ َضلونَا ٱ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ََ‬
‫َََ َ َ َۡ َ َ‬
‫اد َت َنا َووُك َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫لسبِيل ‪} ٦٧‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وقالوا ربنا إِنا أطعنا س‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وقالوا ربنا إنا أطعنا قادتنا في الضالل ورؤساءنا في الشرك‪ ،‬فأضلونا عن سبيل الحق وعن‬
‫ۡ‬ ‫ۡ َۡ َ ۡ َ َ ََ َ َ‬
‫لش ۡي َطى ُن ل َِِل َ ى‬ ‫ََ َ َ َ‬
‫نس ِن‬ ‫الذكر الذي جاء به الرسول‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬لق ۡد أضل ِن َع ِن ٱَّلِك ِر بعد إِذ جاء ِن وكن ٱ‬
‫ُ‬
‫َخذوَّل ‪[}٢٩‬الفرقان‪.]29 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬


‫َََ َ ۡ َۡۡ‬
‫اب َوٱل َع ۡن ُه ۡم ل ۡعنا كبِريا ‪} ٦٨‬‬ ‫َ َ‬
‫ي مِن ٱلعذ ِ‬
‫ضعف ِ‬‫قوله تعالى‪ { :‬ربنا ءات ِ ِهم ِ‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬قالوا ربنا هؤالء أضلونا عن السبيل‪ ،‬فآتهم عذابا مضاعفا من النار‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ح َت إِذا‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ َ َ َ ُ َ َ ُّ َ َ‬ ‫َ َ ُ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫كن‬ ‫ضعف َول ِ‬ ‫ِك ِ‬
‫ٍ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ِ‬ ‫ار‬‫ال‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ا‬‫ف‬‫ع‬ ‫ض‬
‫ِ‬ ‫ا‬‫اب‬‫ذ‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬‫آ‬ ‫ف‬ ‫ا‬‫ون‬ ‫ل‬‫ض‬ ‫أ‬ ‫ِ‬ ‫ء‬‫َّل‬ ‫ؤ‬‫ه‬ ‫ا‬‫ن‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫م‬ ‫لوَّله‬ ‫م‬ ‫اه‬‫ِيها ۡجِيعا قالت أخر‬ ‫اد َاروُكوا ف‬
‫ون}[األعراف‪ْ ،]38 :‬‬ ‫َ َ َُ َ‬
‫والعنهم واطردهم من رحمتك طردا كبيرا‪.‬‬ ‫َّل تعلم‬
‫أت كل جماعة عن أخرى‪،‬‬ ‫وتبر ْ‬
‫وهكذا الكفار يوم القيامة‪ ،‬يكفر بعضهم بعضا ويلعن بعضهم بعضا‪ّ ،‬‬
‫ََ َ ُ َ ُ ُ‬
‫كم َبعضا}[العنكبوت‪ ،]25 :‬وقال تعالى‪{ :‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫كما قال تعالى‪ُ { :‬ث َم يَو َم القِ َي َ‬
‫امةِ يَكف ُر َبعضكم ب ِ َبع ٍض ويلعن بعض‬
‫َ ََ َ َ‬ ‫ََ َ َ َ َ‬ ‫ت به ُم ٱ ۡلَ ۡس َب ُ‬ ‫ِين ٱ َت َب ُعوا َو َرأَ ُوا ٱ ۡل َع َذ َ‬
‫اب َو َت َق َط َع ۡ‬ ‫بأَ ٱ ََّل َ‬
‫ِين ٱتُّب ُعوا م َِن ٱ ََّل َ‬ ‫إ ۡذ تَ َ َ‬
‫ِين ٱت َب ُعوا ل ۡو أن لَا ك َرة‬‫اب ‪ ١٦٦‬وقال ٱَّل‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َّلل أع َم ىل ُه ۡم َح َس َر ىت َعل ۡيه ۡم َو َما ُهم بخىرج َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب ُءوا م َِنا كذ ىل َِك يُريه ُم ٱ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بأ م ِۡن ُه ۡم ك َما ت َ َ‬ ‫َ‬
‫ف َن َت َ َ‬
‫ي م َِن ٱلَارِ ‪[} ١٦٧‬البقرة‪:‬‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫‪.]166-167‬‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫َّلل ِّ َِما قال روا َوك َن ع َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِند ٱ ََّللِ َو ِجيها ‪} ٦٩‬‬ ‫بأهُ ٱ َ ُ‬ ‫كونُوا كٱَّل َ‬
‫ِين َءاذ ۡوا ُِّ َ ى‬
‫وس ف َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ام ُنوا َّل ت‬
‫ِين َء َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱَّل َ‬

‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل ورسوله ال تؤذوا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وال تكونوا كقوم‬
‫فبرأه هللا تعالى مما قالوا عنه‪،‬‬ ‫موس ى عليه السالم الذين آذوه كقولهم عنه إنه مصاب في جسده باألمراض‪ّ ،‬‬
‫وكان موس ى عليه السالم وجيها له جاه عند هللا تعالى‪.‬‬
‫وس‬‫وقد أخبر هللا تبا ك وتعالى قصة إيذاء بني إسرائيل ملوس ى عليه السالم في قوله تعالى‪ِ{ :‬إَوذ قَ َال ُِّ َ‬
‫ر‬
‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ ََ َ َُ َ َ َُ ُ َ َ ُ َََ َ ُ ََ َ َُ ُُ َُ َ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اَّلل َّل َيهدِي القو َم‬‫ل ِقو ِمهِ يَا قو ِم ل ِم تؤذون ِن وقد تعلمون أ ِن رسول اَّللِ إَِلكم فلما زاغوا أزاغ اَّلل قلوبهم و‬
‫ي}[الصف‪.]5 :‬‬ ‫ال َفا ِس ِق َ‬
‫ّ‬
‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬وقال بعضهم‪ :‬من وجاهته العظيمة عند هللا أنه شفع في أخيه هارون ْأن يرسله‬
‫َ ۡ َ َ َ َ ُ َىُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ون نَبِيا ‪[} ٥٣‬مريم‪.]53 :‬‬‫هللا معه‪ ،‬فأجاب هللا سؤاله‪ ،‬وقال‪َ { :‬و َوه ۡب َنا ُلۥ مِن رْحتِنا أخاه هر‬

‫ُ ُ َ‬
‫ام ُنوا ٱ َت ُقوا ٱ َ َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّلل َوقولوا ق ۡوَّل َسدِيدا ‪}٧٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱَّل َ‬

‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل ورسوله اتقوا هللا تعالى وخافوا عذابه وقولوا قوال مستقيما صادقا‬
‫خاليا من الكذب‪.‬‬
‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية أمر هللا تعالى لألوصياء بتقواه والتمسك باألقوال السديدة في قوله تعالى‪َ { :‬وَلَخش‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اَّلل َوَلَ ُقولوا قوَّل َسدِيدا}[النساء‪.]9 :‬‬
‫ض َعافا َخافوا َعليهم فل َي َت ُقوا َ َ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِين لو ت َروُكوا مِن خل ِف ِهم ذرِية ِ‬
‫اَّل‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ولۥ ف َق ۡد ف َ‬ ‫َ‬ ‫ك ۡم َو َمن يُ ِطعِ ٱ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ُ ۡ ۡ َى ُ ۡ َ َ ۡ ۡ ُ ۡ ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫از ف ۡوزا َع ِظيما ‪}٧١‬‬ ‫َّلل َو َر ُس ُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يُ ۡصل ِۡح لكم أعملكم ويغفِر لكم ذنوب‬
‫واملعنى‪ْ :‬إن اتقيتم وقلتم قوال سديدا يصلح هللا لكم أعمالكم‪ ،‬ومن يطع هللا تعالى باتباع أحكامه‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ويطع الرسول باتباع ما أتى به‪ ،‬فقد فاز فوزا عظيما بالجنة خالدا فيها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ت ِلك ُح ُدود اَّللِ َو َمن‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫ِيها َوذل َِك ال َفو ُز ال َع ِظ ُ‬
‫ِين ف َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ُ ََ‬ ‫ََ َ َُ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يم}[النساء‪.]13 :‬‬ ‫اَل َ‬
‫ار خ ِ‬‫ات ترِي مِن تت ِ َها النه‬
‫ي ِطعِ اَّلل ورسول يدخِله جن ٍ‬

‫ۡ‬
‫ْحلَ َها ٱ ِإل َ ى‬ ‫َ َ َ ۡ َ ۡ ََ ََ َ َ َ َىَى َ ۡ َ ِ َ ۡ َ ََ َۡ َ َ َۡ‬
‫يم ۡل َن َها َوأَ ۡش َف ۡق َن م ِۡن َها َو َ َ‬
‫نس ُن‬ ‫لبا ِل فأبي أن ِ‬‫ت وٱلۡرض وٱ ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِنا عرضنا ٱلمانة لَع ٱلسمو ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫إِنَ ُهۥ َك َن َظلوما َج ُهوَّل ‪} ٧٢‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنا عرضنا األمانة من امتثال أوامرنا واجتناب نواهينا على السماوات واألرض والجبال‪ ،‬فأبين‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ْأن يحملنها‪ ،‬وحملها اإلنسان‪ ،‬إنه كان كثيرا الظلم لنفسه شديد الجهل لنفسه‪.‬‬
‫قال اإلمام السمرقندي‪ :‬وقال بعضهم‪ :‬هذا على وجه املثل ْإن لم تظهر الخيانة في األمانة إال من‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫آن لَع َج َب ٍل}[الحشر‪،]21 :‬‬ ‫اإلنسان‪ ،‬فلم تظهر من السماوات واألرض والجبال‪ ،‬كما قال‪{ :‬لو أن َزلا هذا القر‬
‫ّ‬
‫فكأنه يقول‪ :‬لو عرضنا األمانة على السماوات واألرض والجبال ألبين حملها وأشفقن منها‪.‬‬

‫َ َ ُۡ ۡ َى َ َُ َ َُ ََ‬
‫لَع ٱل ۡ ُم ۡؤ ِمن َ ۡ ۡ َ‬ ‫ُ َ َ َ ُ ۡ ُ َى َ َ ۡ ُ َى َى َ ۡ ُ ۡ‬
‫ِي َوٱل ُمؤمِنى ِ‬
‫ت‬ ‫ت ويتوب ٱَّلل‬
‫شك ِ‬
‫شوُك ِي وٱلم ِ‬
‫ت وٱلم ِ‬ ‫قوله تعالى‪َِ { :‬لعذِب ٱَّلل ٱلمن ِف ِقي وٱلمن ِفق ِ‬
‫َو َك َن ٱ َ ُ‬
‫َّلل َغ ُفورا َرح َ‬
‫ِيما ‪٧٣‬‬
‫}‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ليعذب هللا تعالى املنافقين واملنافقات واملشركين واملشركات فال يتوب عليهم بما خانوا األمانة‬
‫َ‬
‫وليتوب هللا تعالى على‬ ‫ونقضوا امليثاق الذي أقروا به على أنفسهم‪ ،‬حين قال هللا تعالى‪[}s :‬األعراف‪،]172 :‬‬
‫ّ‬
‫املؤمنين واملؤمنات فال يعذبهم‪ ،‬وكان هللا تعالى غفورا ملن تاب‪ ،‬رحيما به‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ َُ‬
‫سورة سبأ‬
‫وهي مكية وعدد آياتها أربع وخمسون‬

‫لب ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫ل ۡم ُد ِف ٱٓأۡلخ َِرة ِ َو ُه َو ٱ َ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫لس َم ى َو ى ِ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ل ۡم ُد ِ ََّللِ ٱَّلِي ُلۥ َما ِف ٱ َ‬
‫ري ‪} ١‬‬ ‫لكِيم ٱ ِ‬ ‫ت وما ِِف ٱلۡر ِض ول ٱ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ َ‬

‫واملعنى‪ :‬الحمد الكامل الخالص هلل وحده الذي له ما في السماوات وما في األرض‪ ،‬وله الثناء الكامل في‬
‫َ َ َُ ُۡ ۡ ُ َ ۡ ُ ۡ َ َ‬ ‫ُۡ َ‬ ‫َّلل ََّل إِ َل ى َه إ ِ ََّل ُه َو َ ُل ٱ ۡ َ‬
‫اآلخرة وفي الدنيا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ُه َو ٱ َ ُ‬
‫ج ُعون‬‫ول َوٱٓأۡلخِرة ِ ول ٱلكم ِإَوَلهِ تر‬ ‫ل ۡم ُد ِِف ٱل ى‬
‫‪[}٧٠‬القصص‪ ،]70 :‬وهو هللا الحكيم في صنعه الخبير بأعمال عباده‪.‬‬

‫ۡ‬
‫ِيم ٱل َغ ُف ُ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫ور ‪} ٢‬‬ ‫ِيها ر َو ُه َو ٱ َلرح ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ي ۡعل ُم َما يَل ُِج ِف ٱلۡر ِض َو َما ي ُر ُج م ِۡن َها َو َما يَزنل م َِن ٱ َ‬
‫لس َماءِ َو َما َي ۡع ُر ُج ف َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هللا الذي يعلم ما يدخل في األرض من حيوان وقطرات املاء وغير ذلك‪ ،‬ويعلم ما يخرج منها من‬
‫زرع ونبات وحيوان وغير ذلك‪ ،‬ويعلم ما ينزل من السماء من ملك‪ ،‬وكتاب‪ ،‬ورحمة وغير ذلك‪ ،‬وما يصعد إليها‬
‫من ملك وكلمة طيبة‪ ،‬وعمل صالح وغير ذلك‪ ،‬وهو هللا الرحيم بعباده الغفور ملن تاب منهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫استوى َعلى ال َع ْرش‬
‫َ‬ ‫ض في س هتة َأ هيام ُث هم ْ‬ ‫َ َْ‬
‫األ ْر َ‬ ‫السماوات و‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ُ { :‬ه َو هالذي َخ َل َق ه‬
‫ٍ‬
‫السماء َوما َي ْع ُر ُج فيها َو ُه َو َم َع ُك ْم َأ ْي َن ما ُك ْن ُت ْم َو ه ُ‬
‫األ ْرض َوما َي ْخ ُر ُج م ْنها َوما َي ْنز ُل م َن ه‬ ‫َ َْ ُ َ ُ َْ‬
‫َّللا بما‬ ‫يعلم ما يلج في‬
‫َ ُ َ‬
‫ت ْع َملون َبص ٌير}[الحديد‪.]4 :‬‬

‫َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡۡ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ َ َ ُ ُ ۡ َ َى َ َ َ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ‬


‫ب َّل َي ۡع ُز ُب ع ۡن ُه مِثقال ذ َرة‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫غ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِم‬
‫ِ‬ ‫ل‬‫ى‬ ‫ع‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وقال ٱَّلِين كفروا َّل تأت ِينا ٱلساعة قل بَل ور ِب ِلأت ِينكم‬
‫َ َ ََ َ ۡ َُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫ب إَِّل ِِف ك َِتىب ُّمبِي ‪} ٣‬‬ ‫ت َوَّل ِِف ٱلۡر ِض َوَّل أ ۡصغ ُر مِن ذ ىل ِك وَّل أك‬ ‫ِف ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ِ‬
‫عالم‬ ‫واملعنى‪ :‬وقال الذين كفروا باهلل واليوم اآلخر‪ :‬ال تأتينا الساعة‪ ،‬قل لهم أيها الرسول‪ :‬بلى ِ‬
‫وهللا ربي ِ‬
‫لتأتينكم الساعة‪ ،‬وما يغيب عن علم ربك أيها الرسول من مثقال نملة صغيرة أو حبة صغيرة في‬ ‫ّ‬ ‫الغيب‪،‬‬
‫السماوات وال في األرض‪ ،‬وال أصغر من ذلك وال أكبر منها‪ ،‬إال في كتاب واضح عند هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫ۡ ُ ُ َ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫َو َما تكون ِِف شأن َو َما ت ۡتلوا م ِۡن ُه مِن ق ۡر َءان َوَّل ت ۡع َملون م ِۡن ع َم ٍل إَِّل ك َنا َعل ۡيك ۡم ش ُهودا إِذ ت ِفيضون فِيهِ َو َما‬
‫ب إ ََّل ِف ك َِتىب ُّ‬ ‫َى َ َ َ َ ۡ‬ ‫َ َ ََ َ ۡ َ‬ ‫ََ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫ي‬‫ِ ٍ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ِ ِ‬
‫كََ‬ ‫أ‬ ‫َّل‬ ‫و‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫َ‬
‫ر‬ ‫غ‬ ‫ص‬ ‫أ‬ ‫َّل‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ء‬ ‫ا‬‫م‬ ‫لس‬ ‫ٱ‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫َّل‬ ‫و‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ۡر‬ ‫َي ۡع ُز ُب َعن َربِك مِن مِثقا ِل ذ َرة ِِف ٱل‬
‫‪[}٦١‬يونس‪.]61 :‬‬
‫الثالث ّالتي ال رابع ّ‬
‫لهن‪ ،‬مما أمر هللا رسوله صلى هللا عليه‬
‫ّ‬
‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬هذه إحدى اآليات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وسلم أن يقسم ّ‬
‫فإحداهن في سورة‬ ‫بربه العظيم على وقوع املعاد ملا أنكره من أنكره من أهل الكفر والعناد‪،‬‬
‫ين ‪[}٥٣‬يونس‪ ،]53 :‬والثانية هذه‪:‬‬ ‫نتم ب ُم ۡعجز َ‬ ‫لق َو َما أَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َُ َ‬
‫ۥ‬ ‫ه‬‫ن‬ ‫إ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ي‬
‫َ َ َ َ ي ُ َ ُۡ‬ ‫ََۡ َ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫بُٔٔونك أحق هو ق ِ‬
‫إ‬ ‫ل‬ ‫يونس‪۞{ :‬ويستۢن ِ‬
‫َ َ َ ه َ ََ‬ ‫ََْ ه ُ‬ ‫َ َ َ ه َ َ َ ُ َ َْ َ ه َ ُ ُ َ‬
‫ين كف ُروا‬ ‫اعة ق ْل َبلى َو َربي لتأت َينك ْم}[سبأ‪ ،]3 :‬والثالثة في التغابن‪{ :‬زعم الذ‬ ‫{وقال الذين كفروا َل تأتينا الس‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ه‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ ُ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َْ َ‬
‫أن ل ْن ُي ْب َعثوا ق ْل َبلى َو َربي لت ْب َعث هن ث هم لتن هبؤن ب َما َعملت ْم َوذل َك َعلى هَّللا َيس ٌير}[التغابن‪.]7 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َى‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ت أولئ ِ َك ل ُهم َم ۡغفِ َرة َو ِر ۡزق ك ِريم ‪} ٤‬‬ ‫ام ُنوا َو َعملوا ٱ َ ى َ‬
‫لصلِحى ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪َِ { :‬لَ ۡجز َي ٱَّل َ‬
‫ِين َء َ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ليثيب هللا تعالى الذين آمنوا به وبرسوله وعملوا األعمال الصالحة‪ ،‬أولئك لهم مغفرة ملا تقدم‬
‫من سيئاتهم‪ ،‬ورزق كريم وهو الجنة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ هُ ه َ ُ‬
‫الصال َحات ل ُه ْم َمغف َرة َوأ ْج ٌر‬
‫ه‬ ‫ين َآمنوا َو َعملوا‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬وعد َّللا الذ‬
‫َ‬ ‫ٌ ٌْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫الصال َحات ل ُه ْم َمغف َرة َورزق كر ٌيم}[الحج‪.]50 :‬‬ ‫يم}[املائدة‪،]9 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬ف هالذ َ‬
‫ين َآم ُنوا َو َعم ُلوا ه‬ ‫َعظ ٌ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َى‬ ‫َ‬


‫ين أولئ ِ َك ل ُه ۡم َعذاب مِن رِ ۡج ٍز أ َِلم ‪} ٥‬‬
‫ِين َس َع ۡو ِف َء َاي ىت ِ َنا ُم َع ىجز َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱَّل َ‬

‫واملعنى‪ :‬والذين اجتهدوا في إبطال آياتنا‪ ،‬مسابقين لنا‪ ،‬لتوهمهم أننا ال نقدر عليهم‪ ،‬أولئك لهم عذاب‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫من أسوأ أنواع العذاب‪ ،‬وهم أصحاب الجحيم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و هالذ َ‬
‫ين أولئ َك‬ ‫ين َس َع ْوا في َآياتنا ُم َعاجز‬
‫َ ْ َ ُ ْ‬
‫اب ال َجحيم}[الحج‪.]51 :‬‬ ‫أصح‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ص َر ى ِط ٱل َعزيز ٱ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ك ُه َو ٱ َ َ ۡ‬
‫َ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ‬‫َ ُ‬‫ۡ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ل ِمي ِد ‪} ٦‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫لق َويَهدِي إ ِ ىل ِ‬ ‫نزل إَِلك مِن رب ِ‬
‫َ‬ ‫َََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ويرى ٱَّلِين أوتوا ٱلعِلم ٱَّلِي أ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ويرى الذين أوتوا العلم ّأن القرآن الكريم الذي أنزل إليك من رّبك أيها الرسول هو الحق‬
‫ويرشد إلى صراط هللا العزيز الذي ال يغلب الحميد في أقواله وأفعاله‪ ،‬وهم يقولون يومئذ فيما حكاه هللا تعالى‬
‫َ َ َ َ ََ ه ْ َ ُ َ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫ص َدق‬ ‫في قوله‪{ :‬لق ْد َج َاءت ُر ُس ُل َربنا بال َحق}[األعراف‪ ،]43 :‬وفي قوله‪{ :‬هذا ما وعد الرحمن و‬
‫ُْ ُ َ‬
‫اَل ْر َسلون}[يس‪.]52 :‬‬

‫ِيد ‪٧‬‬ ‫ك ۡم َ َ ى َ ُ ُ َ ُ ُ ۡ َ ُ ۡ ُ ۡ ُ َ ُ َ َ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ‬‫َ َ َ َ َ َ َ ُ َ ۡ َ ُ ُّ ُ‬


‫لَع رجل ينبِئكم إِذا ِّ ِزقتم ُك ِّمز ٍق إِنكم ل َِف خلق جد ٍ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وقال ٱَّلِين كفروا هل ندل‬
‫}‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وقال الذين كفروا بعضهم لبعض متعجبين مستهزئين‪ :‬هل ندلكم على رجل اسمه محمد‬
‫ّ ّ‬ ‫متم و ّ‬ ‫يخبركم بخبر غريب‪ّ ،‬أنكم إذا ّ‬
‫تفرق‪ ،‬إنكم ستبعثون من قبوركم أحياء‬ ‫تفرقت أجسامكم في التراب كل‬
‫كما كنتم؟‬
‫ال َم ْن ُي ْحيي ْالع َظ َ‬
‫ام َوه َي َرم ٌ‬
‫يم}[يس‪:‬‬ ‫ض َر َب َل َنا َم َثال َو َنس َي َخ ْل َق ُه َق َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َ‬
‫‪.]78‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ ُۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ى لَع ٱ ََّللِ كذِبا أم بهِۦ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أف َ َ‬ ‫َۡ‬
‫لضل ى ِل ٱلَعِي ِد ‪} ٨‬‬ ‫َ‬ ‫ت ى‬
‫جنُۢةٔ ب ِل ٱَّلِين َّل يؤمِنون ب ِٱٓأۡلخِرة ِ ِِف ٱلعذ ِ‬
‫اب وٱ‬ ‫ِ ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬أم يقولون إنه صلى هللا عليه وسلم افترى على هللا كذبا‪ ،‬أم يقولون إنه مجنون؟ بل جاء‬
‫َْ َُ ُ‬
‫ولو َن به ج هن ٌة َب ْل َج َاء ُه ْم ب ْال َحق}[املؤمنون‪ّ ،]70 :‬‬
‫ولكن الذين ال يؤمنون باآلخرة‬ ‫بالحق‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أم يق‬
‫في العذاب الدائم والضالل البعيد عن الحق‪.‬‬
‫ََ َ ُُ‬ ‫ّ‬
‫وقد ر ّد هللا تبارك وتعالى قولهم بأنه صلى هللا عليه وسلم مجنون‪ ،‬وذلك في قوله تعالى‪{ :‬وما صاحبكم‬
‫ُ‬
‫ب َمجنون}[التكوير‪.]22 :‬‬

‫َۡ َ َ ُ‬ ‫َ َ ۡ َۡ ۡ‬ ‫َ َ َ َ َۡ‬ ‫َ َ َ ۡ َ َ ۡ َى َ َ ۡ َ َ ۡ ۡ َ َ َ ۡ َ‬
‫سف ب ِ ِه ُم ٱلۡرض أ ۡو ن ۡس ِق ۡط‬‫ِ‬ ‫َن‬ ‫أ‬‫ش‬ ‫ن‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ۡر‬‫ل‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫ِ‬ ‫ء‬ ‫ا‬‫م‬ ‫لس‬ ‫ٱ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫م‬ ‫ُ‬
‫ه‬ ‫ف‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أفلم يروا إِل ما بي أيدِي ِهم وما خل‬
‫ِك َع ۡبد ُّمن ِيب ‪} ٩‬‬
‫َى َ َ ُ‬
‫ل‬ ‫ة‬‫ي‬ ‫ٓأَل‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ِف‬
‫َ َ َ َ‬
‫ن‬ ‫إ‬ ‫ِ‬ ‫ء‬ ‫ا‬‫م‬ ‫لس‬ ‫ٱ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ا‬‫ف‬ ‫َعلَ ۡيه ۡم ك َ‬
‫ِس‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ينظر هؤالء الكفار إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من عظيم ملكوت السماوات واألرض‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬أفلم ْ‬
‫الس َم َاوات َواأل ْرض}[األعراف‪ْ ،]185 :‬إن نشأ نخسف بهم األرض‪ ،‬أو‬ ‫كما قال تعالى‪َ { :‬أ َو َل ْم َي ْن ُظ ُروا في َم َل ُكوت ه‬
‫نسقط عليهم السماء قطعا قطعا‪ّ ،‬إن في ذلك آلية دالة على قدرتنا لكل عبد منيب إلى ربه‪.‬‬
‫وقد طلب قريش لعنادهم وجحودهم من الرسول صلى هللا عليه وسلم ْأن يسقط السماء عليهم‬
‫َ َ َ َ َ ََ ۡ َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ت َعل ۡي َنا‬ ‫قطعا قطعا إنكارا منهم لهذا الخبر‪ ،‬وقد حكى هللا تعالى عنهم إذ قالوا‪ { :‬أ ۡو ت ۡسقِ َط ٱلسماء كما زعم‬
‫ۡ َى َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ك َِسفا أ ۡو تَأ ِ َ‬
‫ِت ب ِٱ ََّللِ َوٱل َملئِكةِ قبِيل ‪[}٩٢‬اإلسراء‪.]92 :‬‬
‫توبخ الكفار على عدم نظرهم إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء واألرض‪ ،‬ليستدلوا‬ ‫وهذه اآلية ّ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ ََ َ ُ‬
‫نظ ُر ْوا إ َلى ه‬
‫الس َماء فوق ُهم كيف‬ ‫بذلك على كمال قدرة هللا على البعث‪ ،‬وقد ّبين هللا ذلك في قوله تعالى‪{ :‬أفلم ي‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض َم َد َدن َها َوألقينا ف َيها َر َوس َي َو أ َنبتنا ف َيها من كل زوج َبهيج ‪ .‬تبص َرة‬
‫األر َ‬‫َبني َن َها َوزهي هن َها َو َما ل َها من ف ُروج ‪ .‬و‬
‫َ َ ُ‬
‫كرى لكل َعبد ُّمنيب}[ق ‪.]6-8 :‬‬ ‫وذ‬

‫لد َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ َ‬


‫لط ۡ َ‬
‫ري َوأ َلا ُل ٱ َ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َق ۡد َءاتَ ۡي َنا َد ُاوۥ َد م َِنا ف ۡضل َي ىج َبال أوب َم َع ُهۥ َوٱ َ‬
‫ِيد ‪} ١٠‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫منا امللك والنبوة والعلم مما نشاء‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َءاتا ُ‬ ‫واملعنى‪ :‬ولقد أعطينا داوود عليه السالم ّ‬
‫وألنا له‬‫كم َة َو َع هل َم ُهۥ م هما َي َش ُاء}[البقرة‪ ،]251 :‬وقلنا للجبال والطير‪ّ :‬ددي معه التسبيح‪ّ ،‬‬ ‫لك َوالح َ‬ ‫َّللا اَلُ َ‬
‫هُ‬
‫ر‬
‫الحديد‪ ،‬وصار في يده كالعجين‪.‬‬
‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إ هنا َس هخ ْرَنا ْالج َب َ‬
‫ال َم َع ُه ُي َسب ْح َن بال َعش ي َواإلش َراق (‪َ )18‬والط ْي َر‬
‫اب}[ص‪.]18-19 :‬‬ ‫ور ًة ُك ٌّل َل ُه َأ هو ٌ‬
‫َم ْح ُش َ‬
‫ُ‬
‫َ َۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫سب َغ ىت َوقد ِۡر ِف ٱ َ ۡ‬ ‫ۡ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ون بَ ِصري ‪} ١١‬‬ ‫لّسدِ َوٱع َملوا ص ىل ِحا إ ِ ِن بِما تعمل‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أ ِن ٱعمل ى ِ‬

‫لن َمن َي ۡع َم ُل بَ ۡ َ‬ ‫َ ُ ُ ُّ َ َ ۡ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ُ َ ۡ َ ۡ ۡ َ َ ۡ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ول ُِسلَ ۡي َم ى َ‬


‫ي يَ َديۡهِ‬ ‫لريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا لۥ عي ٱلقِط ِر ومِن ٱ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ٱ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ََ َ ۡ ُۡ ۡ َ ۡ َۡ َ ُ ُۡ ۡ َ َ‬ ‫ۡ َ‬
‫ري ‪} ١٢‬‬
‫اب ٱلسعِ ِ‬
‫بِإِذ ِن ربِهِۦ ومن ي ِزغ مِنهم عن أِّ ِرنا نذِقه مِن عذ ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وسخرنا لسليمان عليه السالم الريح شديدة الحبوب تحمله بأمره إلى حيث أراد‪ ،‬كما قال‬
‫يح َت ْجري ب َأ ْمر ُر َخ ًاء َح ْي ُث َأ َ‬
‫ص َ‬
‫اب}[ص‪ ،]36 :‬تجري تلك الريح من أول النهار إلى‬ ‫تعالى‪َ { :‬ف َس هخ ْرَنا َل ُه الر َ‬
‫انتصافه مسيرة شهر‪ ،‬ومن منتصف النهار إلى الليل مسيرة شهر‪ ،‬وأذبنا له عين النحاس‪ ،‬وسخرنا له عليه‬
‫ْ‬ ‫السالم من الجن َم ْن يعمل بين يديه بإذن ربه‪َ ،‬وم ْن يخرج من ّ‬
‫الجن عن أمرنا بطاعة سليمان‪ ،‬نذقه من عذاب‬
‫السعير الحريق‪.‬‬

‫َ َ َ‬ ‫ۡ ُ‬
‫ت ٱع َملوا َءال د ُاوۥد‬ ‫َ َ‬ ‫َُُ‬ ‫َ َۡ َ‬ ‫َ َى َ َ َ َى َ َ َ‬ ‫َ ۡ َ ُ َ َُ َ َ َ ُ‬
‫اب وقدور راسِيى ٍ‬
‫جفان كٱلو ِ‬‫قوله تعالى‪ { :‬يعملون لۥ ما يشاء مِن مح ِريب وتمثِيل و ِ‬
‫ۡ َ َ َ ُ‬
‫ك ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ۡ‬
‫ور ‪}١٣‬‬ ‫شكر را َوقل ِيل مِن عِبادِي ٱلش‬
‫الجن لسليمان عليه السالم ما يشاء من إنشاء األبنية الرفيعة والقصور العالية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬يعمل‬
‫والصور املجسمة‪ ،‬وقصاع كبيرة كاألحوض التي تكفي لعدد كبير من الناس‪ ،‬والقدور الثابتات التي ال تتحرك‬
‫اص}[ص‪ ،]37 :‬اعملوا يا آل داود‬ ‫َ ه َ َ ُ ه َه َ َ ه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫من أماكنها‪ ،‬فهم بناء وغواص‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬والشياطين كل بن ٍاء وغو ٍ‬
‫شكرا هلل تعالى على ما أنعمه عليكم‪ ،‬فأنتم من القليل‪ ،‬وقليل من عبادي الشكور‪ ،‬وكثير منهم ظلوم كفور‪،‬‬
‫َ ْ َ ُ ُّ ْ َ َ ه َ ُ ْ ُ َ ه ْ َ َ َ َ ُ ٌ َ ه‬
‫وم كف ٌار}[إبراهيم‪.]34 :‬‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬وإن تعدوا نعمة َّللا َل تحصوها إن اإلنسان لظل‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ََُ َََ َ َ َ‬ ‫َۡ ُ ُ‬ ‫َ َ َُ َۡ‬


‫ت َما َدل َ ُه ۡم َ َ ى‬ ‫ض ۡي َنا َعلَ ۡيهِ ٱل ۡ َم ۡو َ‬
‫َََ َ َ‬
‫لَع َِّ ۡوتِهِۦ إَِّل دابة ٱلۡر ِض تأكل مِنسأتهۥ فلما خر تبين ِ‬
‫لنُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تٱ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فلما ق‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ۡ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َۡ َ ُ َ ۡ َ ُ َ َۡ َ َ ُ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ان َعن يَ ِمي َوش َِمال‬ ‫ۡ َ َ َََ‬ ‫َ ۡ‬
‫ي ‪ ١٤‬لقد َكن ل ِسبإ ِِف ِّسكن ِ ِهم ءاية جنت ِ‬
‫ُ‬
‫اب ٱلم ِه ِ‬ ‫أن لو َكنوا يعلمون ٱلغيب ما لِثوا ِِف ٱلعذ ِ‬
‫َ‬ ‫ۡ ُ َ ۡ‬ ‫ُُ‬
‫ك ۡم َوٱشك ُروا ُل رۥ بَ َِلة َطي ِ َبة َو َر يب غ ُفور ‪} ١٥‬‬ ‫ۡ َ ُ‬
‫ُكوا مِن رِز ِق ر ِب‬

‫ۡ‬ ‫ََ ۡ َ ُ َ َۡ َ َۡ َ َۡ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ُ ََ َۡ ۡ َ َ َۡ َ َ َۡ ُ ُ َۡ ََۡ َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬فأعرضوا فأرسلنا علي ِهم سيل ٱلع ِر ِم وبدلنىهم ِِبنتي ِهم جنت ِ‬
‫ي ذواِت أك ٍل خط وأثل ويشء مِن‬
‫َ‬
‫س ِۡدر قل ِيل ‪}١٦‬‬
‫واملعنى‪ :‬فأعرض أهل سبأ عن توحيد هللا وشكره على نعمه فعبدوا الشمس‪ ،‬كما قال تعالى على لسان‬
‫دت ٱ ِّۡ َرأَة َت ۡمل ُِك ُهمۡ‬
‫َ َ ُّ‬
‫ي ‪ ٢٢‬إ ِ ِن وج‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ُۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ َ َ َ ُ َ َۡ ُ‬ ‫ََ َ َ ََۡ َ‬
‫جئتك مِن سبإ بِنبإ يقِ ٍ‬‫هدهد‪ {:‬فمكث غري بعِيد فقال أحطت بِما لم تِط بِهِۦ و ِ‬
‫َ َ ََ َ َُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُّ َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ ُ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ۡ ََ‬ ‫ۡ‬ ‫َُ‬
‫لش ۡي َطىنُ‬ ‫ون ٱَّللِ وزين لهم ٱ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُك يشء ولها عرش ع ِظيم ‪ ٢٣‬وجدتها وقوِّها يسجدون ل ِلشم ِس مِن د ِ‬ ‫وأوتِيت مِن ِ‬
‫ون ‪[}٢٤‬النمل‪ ،]22-24 :‬فأرسلنا عليهم املياه الغزيرة الكثيرة املحطمة‬
‫َ‬
‫َُ ۡ ََُۡ َ‬
‫يل فهم َّل يهتد‬ ‫ب‬ ‫لس‬‫أَ ۡع َم ىلَ ُه ۡم فَ َص َد ُه ۡم َعن ٱ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وبدلناهم بجنتيهم املثمرتين ّ‬
‫جنتين ذواتي ثمر مر كريه‪ ،‬وبدلناهم بشجر شبيه‬ ‫لسد مأ ب املغرقة لبساتينهم‪ّ ،‬‬
‫ر‬
‫بالطرفاء ال ثمر له‪ ،‬وقليل من سدر ذي الشوك الكثير‪.‬‬

‫ي ٱ ۡل ُق َرى ٱ َلت َب ى َر ۡوُك َنا ف َ‬


‫ور ‪َ ١٧‬و َج َع ۡل َنا بَ ۡي َن ُه ۡم َوبَ ۡ َ‬ ‫َ ۡ َ‬
‫ك ُف َ‬ ‫ى‬ ‫ك َف ُروا َو َه ۡل نُ َ‬
‫َى َ َ َ ۡ َ ى ُ َ َ‬
‫ِيها‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫َّل‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ز‬
‫ِ‬ ‫ج‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ذل ِك جزينهم بِما‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫لس ۡ َ‬ ‫قُرى َظىه َرة َو َق َد ۡرنَا ف َ‬
‫ال َوأيَاما َءا ِمن َِي ‪} ١٨‬‬ ‫ِريوا ف َ‬
‫ِيها َلَ ِ َ‬ ‫ري س ُ‬ ‫ِيها ٱ َ‬
‫ِ‬

‫َى َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ َ َ َ َى ۡ َۡ َ َ ۡ َ َ َ َ َ ُ َ ُ َ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َُ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬فقالوا ربنا بعِد بي أسفارِنا وظلموا أنفسهم فجعلنىهم أحادِيث وِّزقنىهم ُك ِّمز ٍق إِن ِِف ذل ِك‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِك َص َبار َشكور ‪} ١٩‬‬ ‫َ‬
‫ٓأَلي ىت ل ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فقال أهل سبأ سائمين النعمة‪ :‬بنا ْ‬
‫باعد بين قرانا وبين البالد التي نسافر إليها‪ ،‬ليبعد سفرنا‬ ‫ر‬
‫َ َۡ‬
‫إليها؛ لئال نجد قرى عامرة في سفرنا‪ ،‬وظلموا أنفسهم بكفر نعم هللا تعالى فأهلكناهم به‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ووُكم‬
‫َ ُ َ َۡ‬
‫َن ُن ٱ ۡل َو ىرث ِيَ‬ ‫َۡ ۡ َ َ‬ ‫َۡ َ َ َ ۡ َ َ ََ َ ۡ َ َ َى ُُ ۡ َۡ ُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ََۡ ۡ‬
‫ِ‬ ‫أهلكنا مِن قرية ب ِطرت معِيشتها فتِلك مسكِنهم لم تسكن مِن بع ِدهِم إَِّل قل ِيل ووُكنا‬
‫ُ َ‬ ‫ُْ َ‬ ‫َ َ َ َ هُ َ َ ً َ َ ْ َ ً ْ ه ً ْ‬
‫َّللا َمثال ق ْرَية كانت آمنة ُمط َمئنة َيأت َيها رزق َها َرغ ًدا م ْن كل َمك ٍان‬ ‫‪[}٥٨‬القصص‪ ،]58 :‬وقال تعالى‪{ :‬وضرب‬
‫َ َ ُ َ َْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ ْ َْ ُ ه ََ َ َ َ هُ َ َ ْ‬
‫اس ال ُجوع َوالخ ْوف بما كانوا يصنعون}[النحل‪ ،]112 :‬فجعلناهم أخبارا‬ ‫فكفرت بأنعم َّللا فأذاقها َّللا لب‬
‫ّ‬
‫وفرقناهم كل تفريق‪ ،‬إن في ذلك آليات واضحة دالة على نعم هللا تعالى لكل عبد كثير‬ ‫للناس وأحاديث لهم‪ّ ،‬‬
‫الصبر على املصائب‪ ،‬كثير الشكر على النعم‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َق ۡد َص َد َق َعل ۡيه ۡم إبۡل ُ‬
‫ِيس َظ َن ُهۥ فٱ َت َب ُعوهُ إَِّل ف ِريقا م َِن ٱل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪}٢٠‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ظنه ّأنه إذا زّين لهم أعمالهم اتبعوه‪ ،‬فكان كما ظن‪ّ،‬‬ ‫صدق إبليس على أهل سبأ ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬ولقد ّ‬
‫فاتبعوه إال فريقا من املؤمنين الذين ثبتوا على الطاعة‪.‬‬
‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬قال ابن عباس وغيره‪ :‬هذه اآلية كقوله تعالى إخبارا عن إبليس حين امتنع من‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ ۡ َ َ ََ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫لَع لئ ِ ۡن أخ ۡرت ِن إ ِ ىل يَ ۡو ِم ٱلقِ َيى َم ِة ل ۡح َتنِك َن ذرِ َي َت ُهۥ إَِّل‬ ‫ثم قال‪ { :‬قال أ َر َء ۡي َتك هىذا ٱَّلِي كرمت‬ ‫السجود آلدم‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫قَل ِيل ‪[}٦٢‬اإلسراء‪ّ ،]62 :‬‬
‫ثم قال‪{ :‬ث هم ْلت َي هن ُه ْم م ْن َب ْين أ ْيديه ْم َوم ْن خلفه ْم َو َع ْن أ ْي َمانه ْم َو َع ْن ش َمائله ْم َوَل تج ُد‬
‫ٌ‬
‫ين}[األعراف‪ ،]17 :‬واآليات في هذا كثيرة‪.‬‬ ‫َأ ْك َث َر ُه ْم َشاكر َ‬

‫َ َ َ ُّ َ َ َ ى ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬


‫ُك‬
‫لَع ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما َكن ُلۥ َعل ۡي ِهم مِن ُسل َطى ٍن إَِّل ِلَ ۡعل َم َمن يُؤم ُِن ب ِٱٓأۡلخ َِرة ِ ِّ َِم ۡن ه َو م ِۡن َها ِِف شك وربك‬
‫َ‬
‫يش ٍء َحفِيظ ‪} ٢١‬‬‫ۡ‬

‫واملعنى‪ :‬وما كان إلبليس عليهم فيما دعاهم إليه حجة قوية‪ ،‬كما قال هللا تعالى على لسان إبليس‪َ { :‬وما‬
‫ه َ ْ َ َ ُْ ُ ْ َ ْ َ ُ‬ ‫ََْ ُ ْ ْ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫است َج ْبت ْم لي}[إبراهيم‪ ،]22 :‬ولكن ابتليناهم بتزيين إبليس‬‫طان إَل أن دعوتكم ف‬
‫كان لي عليكم من سل ٍ‬
‫ووسوسته إال لنعلم علم ظهور من يؤمن باآلخرة ممن هو في شك منها‪ ،‬ورّبك أيها الرسول على كل ش يء حفيظ‪.‬‬

‫َۡ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت َوَّل ِِف ٱلۡر ِض َو َما ل ُه ۡم‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫َ َ َۡ ُ َ‬
‫ون م ِۡث َق َال َذ َرة ِف ٱ َ َ‬ ‫ون ٱَّللِ َّل يمل ِك‬‫د‬
‫ُ‬
‫ِن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قُل ٱ ۡد ُعوا ٱ ََّل َ‬
‫ِين َز َع ۡم ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫شك َو َما ُلۥ مِن ُهم مِن ظ ِهري ‪} ٢٢‬‬ ‫فِيه َما مِن ِ ۡ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهؤالء املشركين‪ :‬ادعو الذين زعمتم ّأنهم شركاء من دون هللا تعالى تعبدونهم‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ ه َ َ‬
‫ين ت ْد ُعون م ْن ُدونه‬ ‫فإنهم ال يملكون وزن ذرة من خير أو شر في السماوات وال في األرض‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬والذ‬ ‫ّ‬
‫ْ‬ ‫ُ َ‬
‫َما َي ْملكون م ْن قطم ٍير}[فاطر‪ ،]13 :‬وليس لهؤالء الشركاء من شركة في خلق السماوات واألرض‪ ،‬وليس له‬
‫تعالى من هؤالء الشركاء من معين على الخلق‪.‬‬
‫َ َ ْ َ ْ ُ ُ ْ َ ْ َ ه َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َْ‬ ‫ّ‬
‫وقد أكد هللا تعالى معنى هذه اآلية في قوله تعالى‪{ :‬ما أشهدتهم خلق السماوات واألرض وَل خلق‬
‫َأ ْن ُفسه ْم َو َما ُك ْن ُت ُم هتخ َذ ْاَلُضل َين َع ُ‬
‫ض ًدا}[الكهف‪.]51 :‬‬

‫َ َ َ َ ُ َ َ َ ُ َ ُ َ َ ۡ َ َ َ ُ َ َ َ ُ َ َ ُ ُ ۡ َ ُ َ َ َ َ َ ُّ ُ ۡ َ ُ ۡ‬
‫لَقَ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وَّل تنفع ٱلشفىعة عِندهۥ إَِّل ل ِمن أذِن ل رۥ ح ى‬
‫ت إِذا فزِع عن قلوب ِ ِهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا ٱ‬
‫كب ُ‬‫َ َُ َۡ ۡ َ‬
‫ري ‪} ٢٣‬‬ ‫وهو ٱلع ِ ُّ‬
‫َل ٱل ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وال تكون لهؤالء الشركاء شفاعة عند هللا تعالى‪ ،‬إال ْأن يأذن هللا بالشفاعة تفضال منه وكرما‪،‬‬
‫ۡ ۡ َ‬ ‫ك ُم ٱ ۡلك َِتى َ‬
‫ُ ۡ ََُ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ۡ‬
‫ب َوٱل ِك َمة‬ ‫كما قال تعالى‪ { :‬ك َما أ ۡر َسل َنا فِيك ۡم َر ُسوَّل مِنك ۡم َي ۡتلوا َعل ۡيك ۡم َءاي ىت ِ َنا َو ُي َزوُك ِيكم ويعل ِم‬
‫َ َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ََُ ُ ُ َ َۡ َ ُ ُ َۡ َُ َ‬
‫ون ‪[} ١٥١‬البقرة‪ ،]255 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وَل َيشف ُعون إَل َلن ا ْرت َض ى}[األنبياء‪،]28 :‬‬ ‫ويعل ِمكم ما لم تكونوا تعلم‬
‫وفي يوم القيامة‪ ،‬يقف الناس في خوف منتظرين قبول الشفاعة فيهم‪ ،‬حتى إذا زال الخوف عن قلوب‬
‫الشافعين واملشفوع لهم‪ ،‬بسبب إذن هللا تعالى في قبولها ممن يشاء وملن يشاء‪ ،‬قالوا للمالئكة أو قال بعضهم‬
‫لبعض‪ :‬ماذا قال ربكم في شأن شفاعتنا؟ قالت لهم املالئكة‪ ،‬أو يقول بعضهم لبعض‪ :‬قال ربنا القول الحق‬
‫وهو اإلذن في الشفاعة ملن ارتض ى‪ ،‬وهو هللا املتفرد بالعلو املتفرد بالعظمة‪.‬‬

‫ُّ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ى َى َ ۡ َ ِ ُ َ ُ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َى ُ‬ ‫ُۡ َ َۡ ُُ ُ‬


‫ى‬
‫كم مِن ٱلسمو ِت وٱلۡرض ق ِل ٱَّلل ِإَونا أو إِياكم لعَل هدى أو ِِف ضلل مبِي ‪} ٢٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل من يرزق‬
‫من ذا الذي يرزقكم من السماوات باملطر‪ ،‬ومن األرض بالزرع‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول للمشركين‪ْ :‬‬
‫وإن أحد الفريقين ّ‬
‫منا ومنكم لعلى هدى من ربه أو في ضالل ّبين‪.‬‬ ‫والحبوب والثمار‪ ،‬قل‪ :‬هللا الذي يرزقكم‪ّ ،‬‬
‫ُۡ‬
‫وقد أجاب املشركون هذا السؤال بأن الرازق هو هللا تبارك وتعالى‪ ،‬وذلك في قوله تعالى‪ { :‬قل َمن‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫َُ ۡ ُ َۡ َ َ ۡ‬ ‫ََ َ ۡ ُ َ ۡ َ َ ۡ َۡ َ ىَ َ َ ُۡ ُ ۡ َ َ َ ۡ‬ ‫َ َ َ َ َۡ‬ ‫ُ ُ‬
‫ح‬ ‫يَ ۡر ُزقكم مِن ٱلسماءِ وٱلۡر ِض أمن يمل ِك ٱلسمع وٱلبصر ومن يرِج ٱلح مِن ٱلمي ِ ِ‬
‫ت ويخرِج ٱلميِت مِن ٱل ِ‬
‫َ‬
‫َ َ َُ ُ ۡ َۡ َ َ َ َُ ُ َ َُ َُ ۡ َََ ََُ َ‬
‫ون ‪[}٣١‬يونس‪.]31 :‬‬ ‫ومن يدبِر ٱلِّر ر فسيقولون ٱَّللر فقل أفل تتق‬

‫َ َ َۡ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ُ‬


‫ون ‪} ٢٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل َّل ت ۡسَٔٔلون ع َما أ ۡج َر ۡم َنا َوَّل ن ۡسأل عما تعمل‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهؤالء املشركين‪ :‬ال تسألون عن عبادتنا ْإن زعمتم ّأن لها جريمة‪ ،‬وال نسأل‬
‫َ‬
‫َ َۡ َُ َ‬
‫ون ‪[}٢١‬الطور‪.]21 :‬‬ ‫عن أعمالكم‪ ،‬فكل إنسان مجزي بعمله‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وأ ۡم َد ۡد َنى ُهم ب َفىك َِهة َو َ ۡ‬
‫لم ِِّما يشته‬ ‫ِ‬
‫َ ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫ك ۡم أَ ُ‬
‫َ َ ََ ُ ۡ َ َُ ُ‬ ‫َ َُ َ َُ‬
‫نتم بَ ِرئ ُٔون ِّ َِما أع َمل‬ ‫وك فقل ِل عم َِل ولكم عمل‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ِ { :‬إَون كذب‬
‫َ ََُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َََ‬
‫وأنا برِيء ِِّما تعملون ‪[}٤١‬يونس‪.]41 :‬‬

‫ۡ‬
‫لق َو ُه َو ٱل َف َت ُ‬
‫اح ٱل َعل ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫ۡ َ ُ َ ۡ َ َ َ ُّ َ َ َ َ ُ َ ۡ َ َ‬ ‫ُۡ َ‬
‫ِيم ‪} ٢٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل ُيمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا ب ِٱ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهؤالء املشركين‪ :‬يجمع ربنا تعالى بيننا وبينكم ليوم الجمع‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ه َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫يوم َي ْج َم ُعك ْم ل َي ْوم ال َج ْمع ذل َك َي ْو ُم التغ ُابن}[التغابن‪ ،]9 :‬ثم يحكم ربنا بيننا بالحق والعدل‪ ،‬وهو هللا‬ ‫{ َ‬
‫الفتاح العليم بأحوال خلقه‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ه ه َ َ ُ َ ه َ َ ُ َ ه َ َ ه َ َ َ َْ‬
‫اْل ُج َ‬
‫وس‬ ‫وهذه اآلية مبينة لقوله تعالى‪{ :‬إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى و‬
‫َّللا َع َلى ُكل َش ْيء َشه ٌ‬ ‫ين َأ ْش َر ُكوا إ هن ه َ‬
‫َّللا َي ْفص ُل َب ْي َن ُه ْم َي ْو َم ْالق َي َامة إ هن ه َ‬ ‫َو هالذ َ‬
‫يد}[الحج‪.]17 :‬‬ ‫ٍ‬

‫لك ُ‬ ‫ۡ‬
‫يز ٱ َ‬ ‫ۡ‬
‫َّلل ٱل َعز ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫لق ُتم بهِۦ ُ َ‬
‫شك َء لَك ر بَل ُه َو ٱ َ ُ‬ ‫َ ۡ ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل أ ُر َ‬
‫ون ٱَّل َ‬
‫ِين أ َ‬
‫ُۡ َ‬
‫ِيم ‪} ٢٧‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهؤالء املشركين‪ :‬أروني هؤالء املعبودين الذين ألحقتموهم باهلل وجعلتموهم‬
‫هلل أندادا‪ ،‬هل قدروا على خلق ش يء؟‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ه َذا َخ ْل ُق هَّللا َف َأ ُروني َم َاذا َخ َل َق هالذ َ‬
‫ين م ْن‬
‫ُدونه}[لقمان‪ ،]11 :‬كال‪ ،‬ليس األمر كما تصفون‪ ،‬بل هو هللا العزيز الغالب على أمره الحكيم في صنعه‪.‬‬

‫َ‬
‫َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫ك َ‬ ‫َ‬
‫َ ى َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِلن ِ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ََ ۡ َ َ َ‬
‫ك إَّل َكفة ل َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٢٨‬‬ ‫اس َّل يعلم‬ ‫َّث ٱلَ ِ‬ ‫اس بشِ ريا َونذِيرا ول ِ‬
‫كن أ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وما أرسلنى ِ‬
‫ً‬ ‫واملعنى‪ :‬وما أ سلناك أيها الرسول إال لجميع الناس‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما َأ ْ َس ْل َن َ‬
‫اك إَل َر ْح َمة‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ُ ه َْ ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ل ْل َع َاَل َين}[األنبياء‪ ،]107 :‬وقال تعالى‪{ :‬ق ْل يا أيها الن ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫اس إني رسول َّللا إليكم جميعا}[األعراف‪ ،]158 :‬بشيرا‬
‫ولكن أكثر الناس ال يعلمون الحق فال يؤمنون‬ ‫للمؤمن منهم بحسن الثواب‪ ،‬ونذيرا للكافر منهم بسوء العقاب‪ّ ،‬‬
‫َ َ ََُْ ه ََ ْ َ َ ْ َ ْ َ‬
‫صت ب ُمؤمنين}[يوسف‪.]103 :‬‬ ‫بك‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وما أكثرالناس ولو حر‬
‫ََُ َ‬‫ُ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ‬
‫ت َهىذا ٱل َو ۡع ُد إِن ك ُنت ۡم َص ى ِدق َِي ‪} ٢٩‬‬
‫ون َم َ ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ويقول‬
‫كنت أيها الرسول ومن‬‫واملعنى‪ :‬ويقول هؤالء املشركون مستعجلين بالعذاب‪ :‬متى قيام الساعة ْإن َ‬
‫َ ْ َ ْ ُ َ ه َ َ ُ ْ ُ َن َ َ ه َ ُ‬
‫ين َآمنوا‬ ‫تبعك من الصادقين فيما وعدتمونا به؟ كما قال تعالى‪{ :‬يستعجل بها الذين َل يؤمنو بها والذ‬
‫َ َ َ ْ‬ ‫ْ ُ َ‬
‫ُمشفقون م ْن َها َو َي ْعل ُمون أ هن َها ال َح ُّق}[الشورى‪.]18 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫ُ َ َُۡ َ َ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫اد يَ ۡوم َّل ت ۡس َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ون ‪} ٣٠‬‬ ‫تٔٔۡخِرون عنه ساعة وَّل تستقدِِّ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل لكم مِيع‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهم‪ :‬لكم موعد يوم محدد‪ ،‬ال تتأخرون عن هذه املدة املعينة ساعة وال‬
‫َُ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ِك أ َم ٍة‬ ‫ل‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫تتقدمون‪ ،‬فلكل أمة آجال محددة‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قُل ََّل أ ِّۡل ُِك ِلَ ۡف ِس َضا َو ََّل َن ۡفعا إ ِ ََّل َما َشا َ‬
‫ء‬
‫ِ‬
‫َ ْ ُ ْ هُ‬
‫ون ‪[}٤٩‬يونس‪ ،]49 :‬وقال تعالى‪{ :‬ما تسبق من أم ٍة‬ ‫ُ َ َ َ ََ َۡ َۡ ُ َ‬
‫تٔٔۡخِرون ساعة وَّل يستقدِِّ‬ ‫أَ َجل إ َذا َجا َء أَ َجلُ ُه ۡم فَ َل ي َ ۡس َ‬
‫رِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫أ َجلها َوما َي ْستأخ ُرون}[املؤمنون‪.]43 :‬‬

‫َى ُ َ َ ۡ ُ ُ َ‬
‫ون ع َ‬
‫ِند‬ ‫ى إِذِ ٱلظل ِمون ِّوقوف‬ ‫ك َف ُروا لَن نُّ ۡؤم َِن ب َه ى َذا ٱ ۡل ُق ۡر َءان َو ََّل بٱ ََّلِي بَ ۡ َ‬
‫ي يَ َديۡهِ َول َ ۡو تَ َر ى‬ ‫ََ َ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وقال ٱَّلِين‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َۡ َُ ُ َ َ ۡ ُ ۡ ُ َ َ ۡ َ ۡ َُ َ َ‬ ‫َ‬
‫بوا ل ۡوَّل أ ُنت ۡم لك َنا ُِّ ۡؤ ِمن َِي ‪} ٣١‬‬ ‫ج ُع َب ۡعض ُه ۡم إ ِ ىل َب ۡع ٍض ٱلقول يقول ٱَّلِين ٱستض ِعفوا ل َِّلِين ٱستك‬
‫ُ‬ ‫َ ۡ َۡ‬
‫رب ِ ِهم ير ِ‬
‫لن نؤمن بهذا القرآن وال بالكتب التي سبقته من التوراة‬ ‫واملعنى‪ :‬وقال الذين كفروا باهلل ورسوله ْ‬
‫واإلنجيل‪ ،‬ولو ترى أيها الرسول إذ الظاملون محبوسون عند ربهم للحساب‪ ،‬يتخاصمون فيما بينهم ويتراجعون‬
‫الكالم‪ ،‬يقول املستضعفون منهم للسادة املستكبرين في الدنيا‪ ،‬لوال إضاللكم لنا عن الحق‪ّ ،‬‬
‫لكنا مؤمنين باهلل‬
‫وبرسوله‪.‬‬
‫والكفار يتالومون فيما بينهم في عرصات القيامة‪ ،‬ويتالعنون فيما بينهم‪ ،‬كما قال تعالى في آية أخرى‪{ :‬‬
‫َ َ َ ُ ُ ُّ َ َ ى ُ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ ُ َ َ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ُ ُّ ۡ ُ َ َ َ َ‬ ‫ۡ َ َ ُّ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِإَوذ َيتحاجون ِِف ٱلارِ فيقول ٱلضعفؤا ل َِّلِين ٱستكبوا إِنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا ن ِ‬
‫صيبا مِن ٱلارِ‬
‫ُ ه َ ْ َ ْ َ َ َ ْ ُ ُ َ ْ ُ ُ ْ َ ْ ََْ َ ُ َ ْ ُ ُ ْ َ ْ ً ْ ُ ه‬
‫ضا َو َمأ َو اك ُم الن ُار َو َما‬ ‫‪[}٤٧‬غافر‪ ،]47 :‬وقال تعالى‪{ :‬ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببع ٍ‬
‫ض ويلعن بعضكم بع‬
‫ين}[العنكبوت‪.]25 :‬‬‫َل ُك ْم م ْن َناصر َ‬

‫َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ ُ ۡ ُ َ َ ۡ ُ َ َ ۡ َى ُ ۡ َ ۡ ُ َ ى َ ۡ َ ۡ َ َ ُ‬
‫كم بَ ۡل ُك ُ‬
‫نتم‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال ٱَّلِين ٱستكبوا ل َِّلِين ٱستض ِعفوا أَنن صددنكم ع ِن ٱلهدى بعد إِذ جاء‬
‫مرم َ‬‫ُّ ۡ‬
‫ِي ‪} ٣٢‬‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قال السادة الذين استكبروا في الدنيا للمستضعفين‪ :‬أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ‬
‫َ َ َ َ ۡ َ ۡ‬
‫كَُ‬
‫بوا‬ ‫جاءكم؟ بل كنتم مجرمين في الدنيا‪ ،‬فحكم هللا تعالى بإدخالكم النار‪ ،‬كما قال هللا تعالى‪ { :‬قال ٱَّلِين ٱست‬
‫َ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َۡ َ ۡ‬ ‫َ ُ‬
‫ي ٱل ِع َبادِ ‪[}٤٨‬غافر‪.]48 :‬‬ ‫إِنا ُك فِيها إِن ٱَّلل قد حكم ب‬
‫َ َۡ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ ُ َ َ ۡ َ ۡ َُ َۡ َ ۡ ُ َۡ َ ََ ۡ َۡ َ َ َ ۡ ُ‬
‫ار إِذ تأ ُِّ ُرون َنا أن نكف َر ب ِٱَّللِ َون َعل ُلۥ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وقال ٱَّلِين ٱستضعِفوا ل َِّلِين ٱستكبوا بل مكر ٱَل ِل وٱله ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َۡ ُۡ َ َ‬ ‫َ َۡ َ َ ََ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َ ُ ۡ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َى َ‬ ‫ندادار َوأَ َ ُّ‬
‫أَ َ‬
‫ِين كف ُروا هل ُي َز ۡون إَِّل َما َكنوا َي ۡع َملون ‪٣٣‬‬ ‫اق ٱَّل‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫أ‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫غ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ج‬‫و‬ ‫اب‬
‫ر‬ ‫ذ‬‫ع‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ا‬‫و‬‫أ‬‫ر‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ة‬‫ام‬‫د‬ ‫ل‬‫ٱ‬ ‫وا‬‫س‬
‫}‬
‫صدنا عن الهدى مكركم بنا ليال ونهارا‪ ،‬حين‬ ‫واملعنى‪ :‬وقال املستضعفون للسادة الذين استكبروا‪ :‬بل ّ‬
‫كل من القريقين الندامة حين رأوا العذاب‪ ،‬وجعلنا‬ ‫كنتم تأمروننا ْأن نكفر باهلل‪ ،‬ونجعل له شركاء‪ ،‬وأضمر ٌّ‬
‫السالسل في أعناق الذين كفروا‪ ،‬وال يعاقبون بهذا العذاب إال بسبب ما كانوا يعملون‪.‬‬
‫بحسبهم‪ ،‬ولألتباع بحسبهم‪:‬‬‫عذاب ْ‬
‫ٌ‬ ‫كل ْ‬
‫بحسبه‪ ،‬للقادة‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ّ :‬إنما نجازيكم بأعمالكم‪ٌّ ،‬‬
‫ٌ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ال لك ٍل ض ْعف َولك ْن َل ت ْعل ُمون}[األعراف‪.]38 :‬‬‫{ق‬

‫َ َ ُ َۡ ُ َ ۡ َُ َ‬ ‫َى ُ َ‬ ‫َ َ َ ُ َُۡ َ َ َ ُۡ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َۡ َ ۡ‬


‫َّث أ ۡم َوَّلى‬ ‫ُ‬
‫ِير إَِّل قال ِّتفوها إِنا ب ِما أرسِلتم بِهِۦ كفِرون ‪ ٣٤‬وقالوا َنن أك‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وما أرسلنا ِِف قرية مِن نذ ٍ‬
‫َ َ ۡ َى َ َ َ ۡ‬
‫َن ُن ب ُم َع َذب َ‬
‫ي ‪} ٣٥‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأولدا وما‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وما أرسلنا في قرية من رسول ينذر أهلها من عذاب هللا تعالى إال قال أغنياؤها وكبراؤها إنا بما‬
‫َ َ َۡ‬
‫ودمرناهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَوذا أ َردنا‬ ‫أرسلتم أيها الرسل كافرون مكذبون‪ّ ،‬‬
‫فحق عليهم العذاب‪ ،‬فأهلكناهم ّ‬
‫ۡ‬ ‫َ َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ ُ َ َ َ ۡ َى َ َ‬ ‫َ ُّ ۡ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ َ َ ُ‬
‫أن نهل ِك قرية أِّرنا ِّتفِيها ففسقوا فِيها فحق عليها ٱلقول فدِّرنها تدِِّريا ‪[}١٦‬اإلسراء‪.]16 :‬‬

‫َى ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫َ َ َ‬


‫ُ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٣٤‬‬ ‫تفوها إِنا ب ِ َما أ ۡرسِل ُتم بِهِۦ ك ِفر‬ ‫ِير إَِّل قال ِّ‬ ‫َۡ‬ ‫ََ ۡ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وما أرسلنا ِِف قرية مِن ن ٍ‬
‫ذ‬
‫عنا‪ ،‬وما‬ ‫واملعنى‪ :‬وقال هؤالء املترفون للرسل‪ :‬نحن أكثر منكم أمواال وأوالدا‪ ،‬وهذا دليل على ضا هللا ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫نحن بمعذبين في الدنيا وال في اآلخرة‪.‬‬
‫ألن اإلمداد باألموال واألوالد ليس دليال على رضا هللا تعالى ومحبته‪ ،‬بل قد يكون‬ ‫وهذا القول باطل‪ّ ،‬‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َه ُ‬ ‫َ‬
‫هذا اإلمداد لالستدراج‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أ َي ْح َس ُبون أن َما نم ُّد ُه ْم به م ْن َم ٍال َو َبنين‪ .‬ن َسار ُع ل ُه ْم في الخ ْي َرات َبل‬
‫ون}[املؤمنون‪ ،]55-56 :‬وقال تعالى‪َ { :‬فال ُت ْعج ْب َك َأ ْم َو ُال ُه ْم َوَل َأ ْو ُ‬
‫َلد ُه ْم إ هن َما ُير ُيد ه ُ‬
‫َّللا ل ُي َعذ َب ُه ْم ب َها في‬
‫َ َ ْ ُُ َ‬
‫َل يشعر‬
‫ُّ ْ َ َ َ ْ َ َ َ ْ ُ ُ ُ ْ َ ُ ْ َ ُ َ‬ ‫ْ‬
‫ال َح َياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون}[التوبة‪.]55 :‬‬

‫َ ََُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ ُ َ َى َ َ ۡ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قُ ۡل إ َن َرب يَ ۡب ُس ُ‬


‫كن أكَّث ٱل ِ‬
‫اس َّل يعلمون ‪} ٣٦‬‬ ‫لرزق ل ِمن يشاء ويقدِر ول ِ‬
‫ِ‬ ‫ٱ‬ ‫ط‬ ‫ِ ِ‬
‫من يشاء منهم‪،‬‬ ‫ويضيقه على ْ‬
‫ّ‬ ‫من يشاء من عباده‪،‬‬ ‫يوسع الرزق على ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ّ :‬إن رّبي ّ‬
‫ولكن أكثر الناس ال يعلمون الحكمة من هذا التوسيع والتضييق‪ ،‬وهللا عليم بمصالحهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ه ُ‬ ‫ّ‬
‫َّللا‬
‫ط الر ْز َق َلَ ْن َي َش ُاء م ْن ع َباد َو َي ْقد ُر َل ُه إ هن ه َ‬
‫َّللا ب ُكل َش ْي ٍء َعل ٌ‬ ‫َْ ُ ُ‬
‫يم}[العنكبوت‪.]62 :‬‬ ‫ي بس‬
‫َ ُ َى َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َف إ ََّل َم ۡن َء َ‬‫َ َ َُۡ‬ ‫َ َُ ُ ُ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ى ُ ُ ۡ َ َ َ ۡ َى ُ ُ‬
‫ام َن َو َع ِمل صىلِحا فأولئِك ل ُه ۡم‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ز‬ ‫ا‬‫ن‬ ‫ِند‬
‫ع‬ ‫كۡ‬
‫م‬ ‫ب‬‫ر‬
‫ِ‬ ‫ق‬‫ت‬ ‫ت‬ ‫ل‬
‫ِ ِ‬‫ٱ‬‫ب‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وما أمولكم وَّل أولد‬
‫ۡ ُ ُ َى َ ُ َ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َج َزا ُء ٱ ۡ‬
‫ون ‪}٣٧‬‬ ‫ت ءامِن‬‫لضع ِف ب ِ َما ع ِملوا َوه ۡم ِِف ٱلغرف ِ‬
‫ِ‬

‫ۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َى‬


‫َ َ َ ُ َ‬ ‫َ َ َۡ َۡ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٣٨‬‬ ‫اب َمُض‬‫ج ِزين أولئِك ِِف ٱلعذ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين يسعون ِِف ءاي ىتِنا مع ى ِ‬
‫واملعنى‪ :‬والذين يجتهدون في إبطال آياتنا‪ ،‬مسابقين لنا‪ ،‬لتوهمهم أننا ال نقدر عليهم‪ ،‬أولئك في عذاب‬
‫جهنم مقيمون مخلدون‪.‬‬
‫َ‬
‫َ َ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و هالذ َ‬
‫اب ال َجحيم}[الحج‪،]51 :‬‬ ‫ين َس َع ْوا في َآياتنا ُم َعاجزين أولئك أصح‬
‫يم}[سبأ‪.]5 :‬‬‫اب م ْن ر ْجز َأل ٌ‬
‫ين ُأ َولئ َك َل ُه ْم َع َذ ٌ‬ ‫وقوله تعالى‪َ { :‬و هالذ َ‬
‫ين َس َع ْوا في َآيات َنا ُم َعاجز َ‬
‫ٍ‬

‫خُۡ‬‫َ ۡ َ ُ َ ُۡ ُ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َ َۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ َ َ َۡ ُ ُ‬


‫ري‬ ‫لر ۡزق ل َِمن يَشا ُء م ِۡن ع َِبادِه ِۦ َويَقد ُِر ُل رۥ َو َما أنفق ُتم مِن يشء فهو يل ِفهۥ وهو‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل إِن ر ِب يبسط ٱ ِ‬
‫ٱ َىلرزق َ‬
‫ِي ‪}٣٩‬‬ ‫ِ‬
‫من يشاء منهم‪،‬‬ ‫ويضيقه على ْ‬
‫ّ‬ ‫من يشاء من عباده‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ّ :‬إن رّبي ّ‬
‫يوسع الرزق على ْ‬
‫َ َ‬
‫وما أنفقتم أيها الناس من ش يء‪ ،‬فاهلل يخلفه‪ ،‬ويضاعفه لكم أضعافا كثيرة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬من ذا ٱَّلِي‬
‫َۡ ُۡ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َُ ۡ ُ‬ ‫َ َ َ َ َ ۡ‬ ‫ََ َ‬ ‫ۡ ُ‬
‫ون ‪[} ٢٤٥‬البقرة‪،]245 :‬‬ ‫َّلل َيقبِض َويَ ۡبص ُط ِإَوَلهِ ترجع‬ ‫َّلل ق ۡرضا َح َسنا ف ُيض ىعِف ُهۥ ُلۥ أض َعافا كثِرية ر وٱ‬ ‫ُيق ِرض ٱ‬
‫وهللا تعالى خير الرازقين وهو الرزاق ذو القوة املتين‪.‬‬

‫ُ َ َ ُ ُ ۡ َ َ ى َ َ َى ُ َ َ ُ ۡ َ ُ َ ۡ ُ ُ َ‬ ‫َََۡ َۡ‬
‫ش ُه ۡم َۡجِيعا ثم يقول ل ِلملئِكةِ أهؤَّل ِء إِياكم َكنوا يعبدون ‪} ٤٠‬‬
‫ي ُ ُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ويوم‬
‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول يوم حشر هللا تعالى أهل األرض جميعا في اآلخرة ليحاسبهم على أقوالهم‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َْ ُ َ َ ُ َ‬
‫اه ْم فل ْم نغاد ْر م ْن ُه ْم أ َح ًدا}[الكهف‪ ،]47 :‬ثم يقول هللا للمالئكة الذين كان‬ ‫وأفعالهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وحشرن‬
‫بعض املشركين يعبدونهم‪ ،‬أأنتم أمرتم هؤالء املشركين بعبادتكم من دوننا؟‬
‫وهذا السؤال تعريض للمشركين وتقريع وتوبيخ لهم يوم القيامة‪ ،‬وقد علم هللا تبا ك وتعالى أنّ‬
‫ر‬
‫ْ‬
‫ْ َ َ‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يس ى ْاب َن َم ْرَي َم أأنت قلت‬
‫املالئكة بريئون من شركهم‪ ،‬ومنه سؤال هللا تعالى عيس ى عليه السالم بقوله‪َ { :‬يا ع َ‬
‫س لي ب َح ٍق}[املائدة‪.]116 :‬‬ ‫ال ُس ْب َح َان َك َما َي ُكو ُن لي َأ ْن َأ ُقو َل َما َل ْي َ‬‫ل هلناس هاتخ ُذوني َو ُأم َي إ َل َه ْين م ْن ُدون هَّللا َق َ‬

‫ُّ ۡ ُ َ‬ ‫َ ۡ ُُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ُ َُُۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ َ‬
‫ُ ۡ َ َ َ َ َ ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ون ‪} ٤١‬‬ ‫َّثهم ب ِ ِهم ِّؤمِن‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا سبحىنك أنت و َِلنا مِن دون ِ ِهم بل َكنوا يعبدون ٱ ِ‬
‫لن أك‬
‫واملعنى‪ :‬قالت املالئكة‪ :‬تنزيها لك اللهم عن الشريك‪ ،‬أنت موالنا نعبدك ونطيعك من دونهم‪ ،‬ما‬
‫أمرناهم بعبادتي‪ ،‬بل ّإنهم كانوا يعبدون الشياطين الذين زّينوا لهم عبادة األوثان‪ ،‬وأكثر املشركين مصدقون‬
‫َ ه‬ ‫ً ْ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫بالشياطين فيما يلقونه إليهم من األكاذيب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن َي ْد ُعون م ْن ُدونه إَل إناثا َوإن َي ْد ُعون إَل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ش ْيطانا َمريدا}[النساء‪.]117 :‬‬

‫اب ٱلَار ٱ َلت ُك ُ‬


‫ِين َظلَ ُموا ُذوقُوا َع َذ َ‬ ‫َۡ ََ َ ََُ ُ‬
‫ول ل ََِّل َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ۡ َ‬
‫نتم‬ ‫ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فٱَلَ ۡو َم َّل َي ۡمل ِك َب ۡعضك ۡم ِلَ ۡعض نفعا وَّل ضا ونق‬
‫َ ُ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٤٢‬‬ ‫بِها تكذِب‬
‫ضرا‪ ،‬ونقول للذين ظلموا‬ ‫واملعنى‪ :‬فيوم القيامة‪ ،‬ال يملك بعضكم أيها املعبودون لبعض نفعا وال ّ‬
‫أنفسهم بالشرك‪ ،‬ذوقوا عذاب النار ّ‬
‫املحرقة التي كنتم تكذبون بها‪.‬‬
‫ُُْ‬ ‫َ َ َُ ْ ُ ُ َ َ َ ه ه‬
‫اب النار الذي كنت ْم به‬ ‫وسبب التغاير في استخدام ضمير املذكر في قوله تعالى‪{ :‬وقيل لهم ذوقوا عذ‬
‫ُ ُ َ َ َ ه ه ُُْ ْ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َُ َ‬
‫تكذ ُبون}[السجدة‪ ،]20 :‬وضمير املؤنث في هذه اآلية‪{ :‬ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون}[سبأ‪]42 :‬؛‬
‫ألن آية السجدة في معرض الحديث عن العذاب الذي يراه املشركون بعد دخول النار‪ ،‬وآية سبأ تتحدث عن‬ ‫ّ‬
‫النار التي يرونها أول ّ‬
‫مرة بعد الحشر والسؤال‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫ُ ُ‬ ‫ُ َ َ َ‬ ‫َ ُ َ َ َ َ َ ُ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُۡ َ َ‬
‫يد أن يَ ُص َدك ۡم ع َما َكن َي ۡع ُب ُد َءابَاؤك ۡم‬ ‫َل َعل ۡي ِه ۡم َءاي ى ُت َنا َبي ِ َنىت قالوا ما هىذا إَِّل رجل ي ِر‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا تت ى‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ َ َ َ َ‬ ‫َ َ ُ َ َ َ َ ۡ ُّ ۡ َ‬
‫ك َف ُروا ل ِل َح ِق ل َما َجا َء ُه ۡم إ ِ ۡن َهىذا إَِّل س ِۡحر ُّمبِي ‪} ٤٣‬‬ ‫وقالوا ما هىذا إَِّل إِفك مفت ر‬
‫ى وقال ٱَّلِين‬
‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬وإذا تتلى على هؤالء املشركين آيات هللا الواضحات الدالة على إثبات التوحيد‪ ،‬قالوا‪ :‬ما هذا‬
‫الرسول إال رجل يريد ْأن يصرفكم عن دين آبائكم ويمنعكم عن عبادة آلهة آبائكم‪ ،‬وقالوا‪ :‬ما هذا القرآن إال‬
‫كذب افتراه محمد‪ ،‬وقال الذين كفروا باهلل وبرسوله للقرآن ملا جاءهم‪ :‬ما هذا إال سحر واضح‪.‬‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫ين َك َف ُروا ل ْل َحق َلا َ‬
‫قال هالذ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُْ ََ‬
‫جاء ُه ْم هذا‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬وإذا تتلى عل ْيه ْم آياتنا بي ٍ‬
‫نات َ‬
‫س ْح ٌر ُمب ٌين}[األحقاف‪.]7 :‬‬

‫َ‬ ‫ُ ُ َۡ ُ ُ َ َ َ َ َۡ َ َۡ َۡ ۡ َۡ َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما َء َات ۡي َنى ُهم مِن كتب يدرسونها وما أرسلنا إَِل ِهم قبلك مِن نذِير ‪}٤٤‬‬
‫واملعنى‪ :‬وما آتينا هؤالء الكفار من كتب يدرسونها قبل القرآن‪ ،‬وما أرسلنا إليهم قبلك أيها الرسول من‬
‫نذير ينذرهم عذابنا‪.‬‬
‫ُ ْ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ْ ْ ُ ْ ً َ ُ َ َ َ َ ُه‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون}[الروم‪،]35 :‬‬
‫ُ ۡ َۡ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫َۡ َ َۡ َىُ ۡ َ‬
‫وقوله تعالى‪ { :‬أم ءاتينهم كِتبا مِن قبلِهِۦ فهم بِهِۦ ِّستمسِكون ‪[}٢١‬الزخرف‪.]21 :‬‬

‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِين مِن ق ۡبلِه ۡم َو َما بَل ُغوا م ِۡع َش َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ري ‪} ٤٥‬‬
‫ك ِ‬‫ار َما َءات ۡينى ُه ۡم فكذبُوا ُر ُس َِل فك ۡيف َكن ن ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ووُكذ َب ٱَّل َ‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الرسل‪ ،‬وكانوا أشد من كفار مكة قوة‪ ،‬وما بلغ الكفار في عهدك ُعشر‬ ‫َ‬ ‫واملعنى‪ :‬وكذبت األمم السابقة‬
‫ّ‬
‫ما آتينا األمم السابقة من القوة وكثرة األموال وطول العمر‪ ،‬فكذبوا رسلي‪ ،‬فانظر أيها الرسول كيف كان‬
‫َ‬
‫تكذيبهم‪.‬‬ ‫إنكاري عليهم‬
‫وقد ّبين هللا تعالى أحوال األمم السابقة وما كانوا عليه من القوة واآلثار في آيات كثيرة‪ ،‬منها قوله تعالى‪:‬‬
‫َۡ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َۡ ۡ َ ُ َ ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫{ أَفَلَ ۡم يَسِ ُ‬
‫َ‬ ‫كََ‬
‫َّث م ِۡن ُه ۡم َوأش َد ق َوة َو َءاثارا ِِف ٱلۡر ِض‬ ‫ِين مِن قبل ِ ِه رم َكنوا أ‬‫نظ ُروا َك ۡي َف ََك َن َع ىقِ َب ُة ٱ ََّل َ‬ ‫ََ ُ‬
‫ريوا ِِف ٱلۡر ِض في‬
‫َََ ْ َ هه ُ ْ َ ْ هه ُ‬ ‫َ َ َ ۡ َى َ ۡ ُ َ َ ُ َ ۡ ُ َ‬
‫يما إن َمكناك ْم فيه‬ ‫ون ‪[}٨٢‬غافر‪ ،]82 :‬ومنها قوله تعالى‪{ :‬ولقد مكناهم ف‬ ‫سب‬ ‫فما أغن عنهم ما َكنوا يك ِ‬
‫ْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫صا ًرا َو َأ ْفئ َد ًة َف َما َأ ْغ َنى َع ْن ُه ْم َس ْم ُع ُه ْم َوَل َأ ْب َ‬
‫َو َج َع ْل َنا َل ُه ْم َس ْم ًعا َو َأ ْب َ‬
‫صا ُر ُه ْم َوَل أفئ َد ُت ُه ْم م ْن ش ْي ٍء إذ كانوا‬
‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َي ْج َح ُدون ب َآيات هَّللا َو َحاق به ْم َما كانوا به َي ْس َت ْهزئون}[األحقاف‪.]26 :‬‬

‫ۡ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُۡ َ َ َ ُ ُ َ َ َ َُ ُ َ َۡ َ ََُ َ ى ُ َ َََ َ‬


‫ج َن ٍة إِن ه َو‬
‫ِ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫ح‬‫ا‬
‫ِ ِِ‬
‫َ‬
‫ص‬ ‫ب‬ ‫ا‬‫م‬‫َ‬ ‫ر‬
‫وا‬ ‫ُ‬
‫ر‬ ‫ك‬ ‫ن وفر ىدى ثم تتف‬‫قوله تعالى‪ { :‬قل إِنما أعِظكم بِو ىحِد ٍة أن تقوِّوا َِّللِ مث ى‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ي يَ َد ۡي َعذاب َشدِيد ‪}٤٦‬‬‫كم ب َ ۡ َ‬ ‫إَِّل نذِير ل‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬إنما أعظكم بخصلة واحدة وهي نهوضكم في طاعة هللا تعالى وطلب الحق‬
‫بالفكرة اثنين اثنين وواحدا واحدا‪ ،‬ثم تتفكروا في أمر صاحبكم وما جاء به‪ ،‬فليس به أي ش يء من الجنون‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ََ َ ُ‬
‫صاح ُبك ْم ب َم ْجنو ٍن}[التكوير‪ ،]22 :‬إنما هو نذير لكم من عذاب شديد على كفرهم‪.‬‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬وما‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬أ َول ْم َيتفك ُروا َما ب َ‬
‫صاحبه ْم من جن ٍة إن ه َو إَل نذ ٌير ُمبين}[األعراف‪:‬‬
‫‪.]184‬‬

‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬


‫ۡ ۡ َُ ُ ۡ ۡ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ُۡ‬
‫يشء َش ِهيد ‪} ٤٧‬‬
‫لَع ُك ۡ‬ ‫َ ََُ‬ ‫َ َ ُ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل ما سأِلكم مِن أجر فهو لكم إِن أج ِري إَِّل لَع ٱَّللِ وهو ى ِ‬
‫ألن أجري على‬ ‫واملعنى‪ :‬قل لهم أيها الرسول‪ :‬ما سألتكم على تبليغ اإلسالم والقرآن من أجر فهو لكم؛ ّ‬
‫هللا تعالى‪ ،‬وهللا على كل ش يء شهيد‪.‬‬
‫ْ َى ْ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ق ْل َل أ ْسألك ْم َعل ْيه أ ْج ًرا إن ه َو إَل ذكر للعاَلين}[األنعام‪ ،]90 :‬وقوله‬
‫ُ َ َ َُ ُ َ َ‬ ‫َُْ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫تعالى‪{ :‬ق ْل َما أ ْسألك ْم َعل ْيه م ْن أ ْج ٍر َو َما أنا م َن اَلتكلفين}[ص‪ ،]86 :‬وقال تعالى‪{ :‬ق ْل َل أ ْسألك ْم َعل ْيه أ ْج ًرا‬
‫َْ َ ْ ُ‬
‫إَل اَل َو هدة في الق ْرَبى}[الشورى‪.]23 :‬‬

‫َ َ ُ ُُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َى‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫ُۡ‬


‫وب ‪} ٤٨‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل إِن ر ِب يقذِف ب ِٱل ِق علم ٱلغي ِ‬
‫يبين الحق ويظهره على الباطل‪ ،‬فيزيله‪ ،‬فإذا هو زائل‪ ،‬كما‬ ‫واملعنى‪ :‬قل لهم أيها الرسول‪ّ :‬إن هللا رّبي ّ‬
‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َْ ُ ْ‬
‫قال تعالى‪َ { : :‬ب ْل نقذف بال َحق َعلى ال َباطل ف َي ْد َمغ ُه فإذا ُه َو َزاه ٌق}[األنبياء‪ ،]18 :‬وهللا تعالى عالم الغيوب‪.‬‬

‫يد ‪} ٤٩‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قُ ۡل َجا َء ٱ ۡ َ‬


‫ل ُّق َو َما ُي ۡب ِد ُ ٱ ۡل َبىط ُل َو َما يُ ِع ُ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬جاء اإلسالم الحق وذهب الشرك الباطل‪ ،‬وما يبقى للباطل إبداء أو إعادة‪،‬‬
‫ۡ َ َ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫كما قال تعالى‪َ { :‬وقُ ۡل َجا َء ٱ ۡ َ‬
‫ل ُّق َو َز َه َق ٱل َبى ِطل ر إ ِ َن ٱل َبى ِطل َك َن َز ُهوقا ‪[}٨١‬اإلسراء‪.]81 :‬‬
‫دخ َل ّ‬‫َ‬
‫الن ِب ّي صلى هللا‬ ‫روى اإلمام البخاري في صحيحه عن عبد هللا بن مسعود رض ي هللا عنه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ۡ‬
‫ود في يده‪ ،‬ويقو ُل‪َ {" :‬وقُ ۡل َجا َء ٱ َ‬ ‫ْ‬ ‫مك َة‪َ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ل ُّق‬ ‫وثالث مائة ُن ُ‬‫ُّ َن ُ‬
‫ص ٍب‪ ،‬فجعل يط ُعنها ِب ُع ٍ‬ ‫الب ْي ِت ِستو‬ ‫وح ْو َل َ‬ ‫عليه وسلم‬
‫الباط ُل َو َما ُيع ُ‬ ‫َو َز َه َق ٱ ۡل َبى ِط ُل إ َن ٱ ۡل َبى ِط َل ََك َن َز ُهوقا ‪[}٨١‬اإلسراء‪َ { ،]81 :‬ج َاء َ‬
‫الح ُّق َو َما ُي ْبد ُئ َ‬
‫يد}[سبأ‪."]49 :‬‬ ‫رِ‬

‫َ َۡ ُ َ ََ َ‬
‫وح إ ِ َ َل َرب إِنَ ُهۥ َس ِميع َقريب ‪َ ٥٠‬ول َ ۡو تَ َر ى‬
‫ى‬ ‫ِ‬ ‫ت فَب َما يُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ُّل َ َ ى‬
‫لَع َن ۡف ِس ِإَون ٱ ۡه َت َديۡ ُ‬ ‫ِ‬
‫ُۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل إِن ضللت فإِنما أ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫ۡ َ‬
‫إِذ ف ِز ُعوا فل ف ۡو َت َوأخِذوا مِن َمَكن ق ِريب ‪}٥١‬‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ُ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وقالوا َء َام َنا بِهِۦ َوأ ىن ل ُه ُم ٱ َِل َن ُاوش مِن َمَكن بَعِيد ‪} ٥٢‬‬
‫َ َ‬
‫واملعنى‪ :‬وقال الكفار يوم القيامة معاينة العذاب‪ :‬آمنا باهلل وبكتبه وبرسله‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ول ْو ت َرى‬
‫ُ َ‬
‫صال ًحا إنا ُموقنون}[السجدة‪:‬‬
‫ه‬ ‫اْل ْجر ُمو َن َناك ُسو ُرؤوسه ْم ع ْن َد َربه ْم َرهب َنا َأ ْب َ‬
‫ص ْرَنا َو َسم ْع َنا َفا ْرج ْع َنا َن ْع َم ْل َ‬ ‫ُْ‬
‫إذ‬
‫‪ ،]12‬وكيف لهم تناول اإليمان في اآلخرة‪ ،‬وكانوا من مكان بعيد عن مكان قبول اإليمان وهو في الدنيا‪.‬‬

‫َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ ُ‬


‫َ ۡ ََ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ب مِن َمَكن بَعِيد ‪} ٥٣‬‬ ‫ۡ ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وقد كفروا بِهِۦ مِن قبل ويقذِفون ب ِٱلغي ِ‬
‫بالحق من قبل في الدنيا‪ ،‬وكانوا يرمون بالظن من مكان بعيد‪ ،‬فال‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬وقد كفر هؤالء الكفار‬
‫سبيل إلصابة الحق‪.‬‬
‫َ ْ ً ْ َْ‬
‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬كما قال تعالى‪{ :‬رجما بالغيب}[الكهف‪ ،]22 :‬فتارة يقولون‪ :‬شاعر‪ ،‬وتارة يقولون‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫كاهن‪ ،‬وتارة يقولون‪ :‬ساحر‪ ،‬وتارة يقولون‪ :‬مجنون‪ ،‬إلى غير ذلك من األقوال الباطلة‪ ،‬ويكذبون بالغيب‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ًّ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫ّ‬
‫والنشور واملعاد‪ ،‬ويقولون‪{ :‬إن نظ ُّن إَل ظنا َو َما ن ْح ُن ب ُم ْست ْيقنين}[الجاثية‪.]32 :‬‬

‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ون ك َما فعِل بِأش َيا ِع ِهم مِن ق ۡبل ر إ ِ َن ُه ۡم َكنُوا ِِف َشك ُِّّ ِريب ‪}٥٤‬‬
‫ََُۡ ۡ َ َۡ َ َ َ َُ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وحِيل بينهم وبي ما يشته‬
‫واملعنى‪ :‬وحيل بين هؤالء الكفار وبين ما يشتهون من التوبة والرجوع إلى الدنيا‪ ،‬كما فعل هللا تعالى‬
‫ََ‬ ‫ّ‬
‫باألمم املاضية املكذبة للرسل‪ ،‬ملا رأوا العذاب تمنوا اإليمان فلم يقبل هللا تعالى منهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فل َما‬
‫ّ‬
‫َ َ ۡ َ ُ َ َ ُ ُ ۡ َىُ ُ ۡ ََ ََۡ َۡ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫َرأَ ۡوا بَأۡ َس َنا قَالُوا َء َ‬
‫ام َنا بٱ ََّللِ َو ۡح َدهُۥ َو َوُك َف ۡرنَا ب َما ُك َنا بهِۦ ُِّ ۡشوُك َ‬
‫ت ٱَّللِ‬‫ِي ‪ ٨٤‬فلم يك ينفعهم إِيمنهم لما رأوا بأسنا سن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ َُ َ ۡ َى ُ َ‬ ‫ٱ َلت قَ ۡد َخلَ ۡ‬
‫ت ِِف ع َِبادِه ِۦ وخ ِّس هنال ِك ٱلكفِر‬
‫ّ‬
‫ون ‪[}٨٥‬غافر‪ ،]84-85 :‬إن هؤالء الكفار كانوا في الدنيا في شك‬ ‫ِ‬
‫مغرق في الريبة‪ ،‬فلم يؤمنوا‪.‬‬
‫ُ َُ َ‬
‫سورة فاطر‬
‫وهي مكية وعدد آياتها خمس وأربعون‬

‫ۡ َ َى َ ُ ُ ُ َ ۡ َ َ ۡ َ ى َ ُ َ ى َ‬
‫ث َو ُر َب ى َع يَز ُ‬ ‫ت َوٱ ۡلَۡر ِض َ‬ ‫ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ ۡ َ‬
‫ل ۡم ُد ِ ََّللِ فَاطِر ٱ َ‬
‫لس َم ى َ‬
‫يد ِِف‬‫ر ِ‬ ‫ل‬ ‫ث‬‫و‬ ‫ن‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫ة‬‫ِح‬ ‫ن‬ ‫ج‬‫أ‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫و‬‫أ‬ ‫ل‬ ‫س‬‫ر‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫ل‬‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِل‬
‫ِ‬ ‫ع‬‫ا‬‫ج‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫ِ‬
‫َۡ ۡ َ َ َ ُ َ َ َ َ َى ُ َ ۡ َ‬
‫ُك يشء قدِير ‪} ١‬‬ ‫ٱلل ِق ما يشاء ر إِن ٱَّلل لَع ِ‬
‫واملعنى‪ :‬جميع الحمد والثناء واملدح هلل الذي خلق السماوات واألرض على غير مثال ولم يوجد ما‬
‫ض}[األنعام‪ ،]1 :‬جاعل املالئكة رسال‬ ‫يشبهه من قبل‪ ،‬كما قال تعالى‪ْ { :‬ال َح ْم ُد هَّلل هالذي َخ َل َق ه‬
‫الس َم َاوات َواأل ْر َ‬
‫َْ َ‬ ‫هُ َ ْ َ‬
‫صطفي م َن اَلالئكة ُر ُسال}[الحج‪ ،]75 :‬وهم ذوو أجنحة‬ ‫لتبليغ الوحي إلى األنبياء‪ ،‬كما قال تعالى‪َّ{ :‬للا ي‬
‫متعددة‪ ،‬بعضهم له جناحان‪ ،‬وبعضهم له ثالثة‪ ،‬وبعضهم له أربعة‪ ،‬يطيرون بها للنزول والصعود بأمر هللا‬
‫تعالى‪ ،‬يزيد هللا في خلق أجنحة أخرى ما يشاء‪ّ ،‬إن هللا تعالى على كل ش يء قدير‪.‬‬

‫ك فَ َل ُِّ ۡرس َِل َ ُلۥ مِن َب ۡع ِده ِۦ َو ُه َو ٱ ۡل َعز ُ‬


‫يز‬
‫َ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ ََ َ َ ُ ۡ ۡ‬
‫س‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ما َي ۡف َتحِ ٱ َ ُ‬
‫َّلل ل َِلن ِ‬
‫اس مِن رْحة فل ِّمسِك لها وما يم ِ‬
‫ِ‬ ‫ر‬
‫لك ُ‬
‫ِيم ‪} ٢‬‬ ‫ٱ َۡ‬

‫واملعنى‪ :‬ما يفتح هللا تعالى للناس من رزق وصحة وعلم ونحو ذلك‪ ،‬فال أحد يقدر ْأن يمنع هذه‬
‫الرحمة‪ ،‬وما يمسك هللا تعالى منها‪ ،‬فال أحد يقدر ْأن يرسلها بعده تعالى‪ ،‬وهللا هو العزيز الغالب على أمره‬
‫الحكيم في صنعه‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وإ ْن َي ْم َس ْس َك ه ُ‬
‫ض ٍر فال كاشف ل ُه إَل ُه َو َوإن َي ْم َس ْس َك بخ ْي ٍر ف ُه َو‬‫َّللا ب ُ‬
‫ۡ َ‬ ‫َۡ َ ۡ َ َُ ُ ََ َ َ َ َ ُ‬ ‫ََ ُ َ ْ َ ٌ‬
‫ُض فل َكشِف ُلۥ إَِّل ه َو ِإَون يُرِد َك ِِب ۡري‬ ‫على كل ش ي ٍء قدير}[األنعام‪ ،]17 :‬وقوله تعالى‪ِ { :‬إَون يمسسك ٱَّلل ب ِ‬
‫يب بهِۦ َمن ي َ َشا ُء م ِۡن ع َِبادِه ِۦ َو ُه َو ٱ ۡل َغ ُف ُ‬
‫ور ٱ َلرح ُ‬
‫ِيم ‪[}١٠٧‬يونس‪.]107 :‬‬ ‫ص ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ َ ۡ‬
‫فل َراد ل ِفضلِهِرۦ ي ِ‬
‫ر‬ ‫ِ‬

‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َُۡ َ َۡ ُُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َى َ ُّ َ َ ُ ۡ ُ ُ ۡ َ َ َ َ ُ َ ۡ‬


‫كم م َِن ٱ َ‬
‫لس َماءِ َوٱلۡر ِض َّل‬ ‫ت ٱَّللِ َعل ۡيك ۡ رم هل م ِۡن خ ىل ٍِق غري ٱَّللِ يرزق‬‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱلاس ٱذكروا ن ِعم‬
‫َى َ َ ُ َ َ َ َى ُ ۡ َ ُ َ‬
‫إِله إَِّل هو فأن تؤفكون ‪}٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها الناس اذكروا نعمة هللا تعالى عليكم بالشكر عليها بألسنتكم وقلوبكم وأعمالكم‪ ،‬فال‬
‫ُۡ‬
‫خالق غير هللا يرزقكم من السماء باملطر‪ ،‬ومن األرض بالزرع والحبوب والثمار‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قل َمن‬
‫َ‬ ‫َُ ۡ ُ َۡ َ َ ۡ‬ ‫ََ َ ۡ ُ َ ۡ َ َ ۡ َۡ َ ىَ َ َ ُۡ ُ ۡ َ َ َ ۡ‬ ‫َ َ َ َ َۡ‬ ‫ُ ُ‬
‫ح‬
‫ت ويخرِج ٱلميِت مِن ٱل ِ‬ ‫يَ ۡر ُزقكم مِن ٱلسماءِ وٱلۡر ِض أمن يمل ِك ٱلسمع وٱلبصر ومن يرِج ٱلح مِن ٱلمي ِ ِ‬
‫َ‬
‫ون ‪[}٣١‬يونس‪ ،]31 :‬وقال تعالى‪ { :‬أَ َمن َي ۡب َد ُؤا ٱ ۡ َ‬
‫ل ۡل َق ُث َم يُعِ ُ‬
‫يدهُۥ َو َمن‬
‫َ َ َُ ُ ۡ َۡ َ َ َ َُ ُ َ َُ َُ ۡ َََ ََُ َ‬
‫ومن يدبِر ٱلِّر ر فسيقولون ٱَّللر فقل أفل تتق‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ ِ َ ۡ َ ِ َ َى َ َ َ ُ ۡ َ ُ ُ ۡ َ ى َ ُ‬ ‫َ ُُ ُ‬
‫ك ۡم إِن ك ُنت ۡم َص ى ِدق َِي ‪[}٦٤‬النمل‪ ،]64 :‬ال معبود بحق‬ ‫ي ۡرزقكم مِن ٱلسماء وٱلۡرض أءِله مع ٱ ر‬
‫َّللِ قل هاتوا برهن‬
‫سواه تعالى‪ ،‬فكيف تعدلون عن توحيد هللا وعبادته؟‬

‫ُۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫وك ف َق ۡد كذِبَ ۡ‬
‫ت ُر ُسل مِن ق ۡبل َِك ِإَول ٱ ََّللِ تُ ۡر َج ُع ٱل ُِّ ُ‬ ‫َ‬
‫كذِبُ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ور ‪}٤‬‬ ‫ر‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون ي‬
‫فإن هؤالء املشركين ْإن يكذبوك فيما جئتهم به من عند ربك‪ ،‬فقد‬ ‫واملعنى‪ :‬ال تحز ْن أيها الرسول‪ّ ،‬‬
‫كذبت رسل من قبلك‪ ،‬وما يقال لك من هؤالء املشركين‪ ،‬قد قيل للرسل من قبلك‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ما ُي ُ‬ ‫ّ‬
‫قال‬
‫يل ل ُّلر ُسل م ْن ق ْبل َك}[فصلت‪ ،]43 :‬وإلى هللا وحده ترجع جميع األمور‪.‬‬
‫َ‬ ‫َل َك إ هَل ما َق ْد ق َ‬
‫َ ْ ُ َ ُ َ َ َ ْ َ ه َ ْ َ َُْ ْ َ ْ ُ ُ‬ ‫وقد ّ‬
‫وح‬ ‫هللا تبارك وتعالى َمعنى ُهذه اآلية في َقوله تعالى‪{ :‬وإن ي ُكذبوك فقد ك َ َذب َت قبل ْه َم قوم ُ ٍ‬
‫ن‬ ‫فصل‬
‫ين ث هم‬ ‫وس ى فأ ْمل ْي ُت للكافر َ‬
‫اب َم ْد َي َن َوكذ َب ُم َ‬ ‫ص َح ُ‬ ‫يم َوق ْو ُم لوط (‪َ )43‬وأ ْ‬ ‫ود (‪َ )42‬و َق ْو ُم إ ْب َراه َ‬ ‫َو َع ٌاد َو َث ُم ُ‬
‫ٍ‬
‫َ َ ْ ََ َ َ َ َ‬
‫أخذ ُت ُه ْم فك ْيف كان نكير}[الحج‪.]42-44 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫َ ُ َ َ ُ ُ َ َ ى ُ ُّ ۡ َ َ َ ُ َ َ ُ‬ ‫ََ‬ ‫َى ُّ َ َ ُ َ ۡ َ‬ ‫َ‬
‫ور ‪} ٥‬‬‫كم بٱ ََّللِ ٱل َغ ُر ُ‬ ‫اس إِن َوع َد ٱَّللِ َحق فل تغرنكم ٱليوة ٱَلنيا وَّل يغرن‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱل‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها الناس ّإن وعد هللا تعالى حق‪ ،‬فال تغرنكم الحياة الدنيا وزخرفها‪ ،‬وال يغرنكم باهلل‬
‫شيطان من الجن واإلنس‪ ،‬فما يعدكم الشيطان إال غرورا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬يع ُد ُه ْم َو ُي َمنيه ْم َو َما َيع ُد ُه ُم‬
‫ُ‬ ‫ه َ ُ‬
‫الش ْيطان إَل غ ُرو ًرا}[النساء‪.]120:‬‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬
‫اس هات ُقوا َرهبك ْم َواخش ْوا َي ْو ًما َل َي ْجزي‬ ‫َ َ ُّ َ ه‬
‫الن ُ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى في آخر سورة لقمان‪{ :‬يا أيها‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َوال ٌد َع ْن َو َلد َوََل َم ْو ُل ٌ‬
‫ود ُه َو َجاز َع ْن َوالد َش ْي ًئا إ هن َو ْع َد هَّللا َح ٌّق فال تغ هرهنك ُم ال َح َياة ُّ‬
‫الد ْن َيا َوَل َيغ هرهنك ْم ب ه‬
‫اَّلل‬ ‫ٍ‬
‫ور}[لقمان‪.]33 :‬‬ ‫ْال َغ ُر ُ‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬


‫َ‬ ‫َُۡ َ ُ ۡ ۡ َ‬ ‫ُ َ ُ ًّ َ َ َ ۡ ُ‬ ‫ُ ۡ َ ُ‬ ‫َ َ َۡ َ‬
‫ري ‪} ٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱلشيطىن لكم عدو فٱَتِذوه عدوار إِنما يدعوا حِزبهۥ َِلكونوا مِن أصحى ِ‬
‫ب ٱلسعِ ِ‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬إن الشيطان لكم أيها الناس ّ‬
‫عدو فاتخذوه عدوا‪ ،‬وخالفوا أمره‪ ،‬وال تتخذوه وليا‪ ،‬إنما يدعو‬
‫ْ‬
‫أتباعه إلى الفسق ومخالفة أمر هللا تعالى ليكونوا من أصحاب النار الشديدة االشتعال‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وإذ‬
‫َََه ُ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُق ْل َنا ل ْل َمالئ َكة ْ‬
‫يس كان م َن الجن فف َس َق َع ْن أ ْمر َربه أفتتخذون ُه َوذرهيت ُه أ ْول َي َاء‬ ‫ْلد َم ف َس َج ُدوا إَل إبل‬ ‫اس ُج ُدوا‬
‫ْ ُ َ ُ ْ َ ُ ْ َ ُ ٌّ ْ َ ه َ‬
‫س للظاَلين َب َدَل}[الكهف‪.]50 :‬‬ ‫من دوني وهم لكم عدو بئ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ت ل ُهم َم ۡغفِ َرة َوأ ۡجر كبِري ‪} ٧‬‬ ‫ام ُنوا َو َعملوا ٱ َ ى َ‬
‫لصل ِحى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك َف ُروا ل ُه ۡم َعذاب َشدِيد َوٱَّل َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِين‬
‫ه ه َ َ َ‬
‫ين كف ُروا‬ ‫واملعنى‪ :‬الذين كفروا باهلل وآياته لهم عذاب شديد في نار جهنم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن الذ‬
‫ه َُ ْ َ ٌ َ ٌ َ هُ َ ٌ ُ ْ‬
‫قام}[آل عمران‪ ،]4 :‬والذين آمنوا باهلل ورسوله‪ ،‬وعملوا األعمال‬
‫ٍ‬ ‫ت‬ ‫ان‬ ‫بآيات َّللا لهم عذاب شديد وَّللا عزيز ذو‬
‫َ َ َ هُ ه َ َُ‬
‫الصالحة‪ ،‬لهم مغفرة ملا تقدم من سيئاتهم‪ ،‬وثواب كبير وهو الجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وعد َّللا الذين آمنوا‬
‫يم}[املائدة‪.]9 :‬‬‫الصال َحات َل ُه ْم َم ْغف َر ٌة َو َأ ْج ٌر َعظ ٌ‬
‫َو َعم ُلوا ه‬

‫َ ََ ُ ََ َۡ َ ۡ َۡ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ ُ ُّ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ُ َ َُ ُ ُ َ‬


‫ضل من يشاء ويهدِي من يشاء فل تذهب نفسك‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أفمن زيِن لۥ سوء عملِهِۦ فرءاه حسنا فإِن ٱَّلل ي ِ‬
‫َ ََ َ ُ َ َ ۡ َُ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٨‬‬ ‫َعل ۡي ِه ۡم َح َس َر ى ٍت إِن ٱَّلل عل ِيم بِما يصنع‬
‫واملعنى‪ :‬أفمن زّين له الشيطان عمله الس يء‪ ،‬فرآه حسنا‪ ،‬كمن كان على بينة من هللا فرأى الحسن‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫حسنا والس يء سيئا؟ كال‪ ،‬ال يستويان‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬أ َف َمن ََك َن َ َ ى‬
‫لَع بَي ِ َنة مِن َربِهِۦ ك َمن ُزي ِ َن ُلۥ ُسو ُء ع َملِهِۦ‬
‫ّ‬ ‫َ ََُ ََۡ َ ُ‬
‫وٱتبعوا أهواءهم ‪[}١٤‬محمد‪ ،]14 :‬فإن هللا تعالى يضل من يشاء ويهدي من يشاء‪ ،‬فال تهلك نفسك حزنا على‬
‫عدم إيمانهم‪ّ ،‬إن هللا تعالى عليم بما يصنع هؤالء الكفار‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ َ َ ْ َ ََ‬ ‫ّ‬
‫ات} بآيات كثيرة‪ ،‬منها قوله تعالى‪:‬‬ ‫وقد أكد هللا تعالى معنى قوله‪{ :‬فال تذه ْب نف ُسك عل ْيه ْم ح َس َر ٍ‬
‫َ ْ‬ ‫َ ً‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ه‬
‫{فل َعل َك باخ ٌع ن ْف َس َك َعلى آثاره ْم إ ْن ل ْم ُي ْؤم ُنوا بهذا ال َحديث أ َسفا}[الكهف‪ ،]6 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬وَل ت ْح َزن‬
‫َۡ َ َ ََ َ ُ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫كونُوا ُِّ ۡؤ ِمن َِي ‪[} ٣‬الشعراء‪.]3 :‬‬
‫ََ‬
‫خع نفسك أَّل ي‬ ‫عل ْيه ْم}[النحل‪ ،]127 :‬وقوله تعالى‪ { :‬ل َعلك ب ى ِ‬

‫َ َ َ‬ ‫َۡ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َى َ َ ُ ُ َ َ َ ۡ‬ ‫َۡ َ َ‬ ‫َ َُ َ‬


‫حابا ف ُسق َنى ُه إ ِ ىل بَِل َميِت فأ ۡح َي ۡي َنا بِهِ ٱلۡرض بَ ۡع َد َِّ ۡوت َِها ر كذ ىل ِك‬ ‫لريح فتثِري س‬
‫ِ‬ ‫ٱ‬ ‫ل‬ ‫َّلل ٱَّلِي أرس‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱ‬
‫ُّ‬
‫لن ُش ُ‬
‫ور ‪}٩‬‬ ‫ٱ‬
‫واملعنى‪ :‬هللا تعالى هو الذي أرسل الرياح‪ ،‬فتثير سحابا ثقاال باملاء‪ ،‬فسقناه إلى أرض ميتة ال نبات فيها‪،‬‬
‫ض بعد يبسها‪ ،‬بإخراج أنواع الثمار والزروع واألشجار‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫فأنزلنا به املطر‪ ،‬فأحيينا باملطر األر َ‬
‫َ ْ ُُْ َ‬ ‫َ َ ٌ َ ُ ُ ْ ُ َْْ َ ُ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ‬
‫اها َوأخ َر ْجنا م ْن َها َح ًّبا فمن ُه َيأكلون}[يس‪ ،]33 :‬مثل ذلك املذكور إخراجكم من‬ ‫{و آية لهم األرض اَليتة أحيين‬
‫َ ً‬ ‫َ َه ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ ه ُْ ُ َ َ ْ‬
‫اح ُبش ًرا َب ْين َي َد ْي َر ْح َمته َح هتى إذا أقلت َس َح ًابا ثقاَل‬ ‫القبور بعد موتكم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وهو الذي يرسل الري‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫َْ َ َ ْ َ‬ ‫ََْ َْ‬ ‫َْ َ‬
‫ُسقنا ُ ل َبل ٍد َمي ٍت فأن َزلنا به اَل َاء فأخ َر ْجنا به م ْن كل الث َم َرات كذل َك نخر ُج اَل ْوتى ل َعلك ْم تذك ُرون}[األنعام‪:‬‬
‫‪.]57‬‬

‫لصل ُِح يَ ۡر َف ُع ُه رۥ َوٱ ََّل َ‬


‫ِين‬ ‫ب َوٱ ۡل َع َم ُل ٱ َ ى‬ ‫َۡ َ ۡ َ ُ ۡ َ ُ َ‬
‫لطي ُ‬ ‫َ َ َ ُ ُ ۡ ََ َ َ ۡ َُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬من َكن ي ِريد ٱلعِزة فل ِلهِ ٱلعِزة ۡجِيعا ر إَِلهِ يصعد ٱلَك ِم ٱ ِ‬
‫َ َ ۡ ُ ُ َى َ‬
‫ك ُه َو َي ُب ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ ۡ َ َ‬ ‫َۡ ُُ َ‬
‫ون ٱ َ‬
‫ور ‪} ١٠‬‬ ‫ات لهم عذاب شدِيد ومكر أولئ ِ‬ ‫لسَٔٔ ِ‬
‫ِ‬ ‫يمكر‬
‫فليعتز باإلمان وطاعة هللا تعالى‪ ،‬فلله وحده العزة كلها‪ ،‬وقد أعطاها‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬من كان يريد ّ‬
‫العزة‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َُْ‬ ‫ْ ْ َ َ‬ ‫ْ ُ‬
‫لرسوله وللمؤمنين به‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و هَّلل الع هزة َول َر ُسوله َولل ُمؤمنين َولك هن اَلنافقين َل َي ْعل ُمون}[املنافقون‪:‬‬
‫‪ ،]8‬إلى هللا تعالى يصعد الكلم الطيب كالتوحيد والذكر‪ ،‬والعمل الصالح يرفعه‪ ،‬والذين يمكرون السيئات لهم‬
‫عذاب شديد‪ ،‬ومكر هؤالء املاكرين يبطل ويفسد‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫َ َ َۡ ُ ۡ ُ َ َ َ َ َ‬ ‫ُّ ۡ َ ُ َ َ َ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َُ َ ََ ُ‬


‫ك ۡم أ ۡز َو ىجا ر وما ت ِمل مِن أ ى‬
‫نَث َوَّل تض ُع إَِّل بِعِل ِمهرِۦ‬ ‫َّلل خلقكم مِن ت َراب ث َم مِن نطفة ثم جعل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َو َما ُي َع َم ُر مِن ُّم َع َمر َوَّل يُ َنق ُص م ِۡن ُع ُم ِره ِۦ إَِّل ِِف ك َِتى ٍب إ ِ َن ذ ىل َِك لَع ٱ ََّللِ يَسِ ري ‪} ١١‬‬
‫واملعنى‪ :‬وهللا تعالى خلق أباكم آدم من تراب‪ ،‬ثم تناسلت ذريته من النطفة املتولدة من الغداء الناش ئ‬
‫ۡ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ُ ُۡ‬ ‫ُّ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫ُ َ‬
‫من التراب‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ه َو ٱَّلِي خلقكم مِن ت َراب ث َم ِمن ن ۡطفة ث َم م ِۡن َعلقة ث َم ي ِر ُجك ۡم طِفل ث َم‬
‫َ َ ُ َ ُ َ‬ ‫ُُ َ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫ُُ َُ‬
‫َ ُ‬ ‫ِنكم َمن ُي َت َو َ ى‬
‫ف مِن ق ۡبل َو ِِلَ ۡبلغوا أ َجل ُِّّ َسم َول َعلك ۡم ت ۡع ِقلون‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫ِلِ َ ۡبلغوا أش َدك ۡم ث َم ِِلَكونوا ش ُيوخا ر َوم‬
‫َ‬
‫‪[}٦٧‬غافر‪ ،]67 :‬ثم جعلكم تتزاوجون‪ ،‬فالرجل يتزوج املرأة‪ ،‬واملرأة تتزوج الرجل‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أ ْو ُي َزو ُج ُه ْم‬
‫ناثا}[الشورى‪ ،] 50 :‬وما تحمل كل أنثى في بطنها‪ ،‬وال تضعه إال بعلم هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱ َ ُ‬ ‫ُْ ً َ ً‬
‫َّلل‬ ‫ذكرانا و إ‬
‫يعمر من ّ‬ ‫ِندهُۥ ب ِ ِم ۡق َدار ‪[}٨‬الرعد‪ ،]8 :‬وما ّ‬
‫يش ٍء ع َ‬ ‫َ ۡ َ ُ َ َ ۡ ُ ُ ُّ ُ َ ى َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ َ ۡ َ ُ‬
‫اد ر َو ُ ُُّك َ ۡ‬
‫معمر‬ ‫ٍ‬ ‫يعلم ما ت ِمل ُك أنَث وما تغِيض ٱلرحام وما تزد‬
‫وال ينقص من عمره إال في لوح محفوظ‪ّ ،‬إن التنظيم البديع للعالم يسير على هللا تعالى‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ َ ه ُ ْ ُ َ ه ََ ُْ َ ُ ْ ُ ُ ه‬
‫اب} وقوله‬
‫تعارض َ بين قوله تعالى َفي هذه اآلية‪{ :‬و ْما يعمر من معم ٍر وَل ينقص من عمر إَل في كت ٍ‬ ‫وال‬
‫اع ًة َوَل َي ْس َت ْقد ُمو َن}[األعراف‪]34 :‬؛ ّ‬ ‫ون َس َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َ ُ ه َ ٌ َ َ َ َ ُ ْ َ ْ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫فإن عمر‬ ‫تعالى‪{ :‬ولكل أم ٍة أجل فإذا جاء أجلهم َل يستأخر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تتصوره أذهان الناس‪ ،‬فال يزاد فيما كتب له في اللوح املحفوظ من عمر‬ ‫األنسان ال ينقص‪ ،‬وإنما ينقص عما‬
‫وال ينقص منه‪.‬‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ َۡ ُ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُُ َ َ َ ۡ ُ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما ي َ ۡس َتوي ٱ ۡلَ ۡح َران َهى َذا َع ۡذب ُف َرات َسا‪ٞ‬غِئ َ‬
‫شابهۥ وهىذا ِِّلح أجاج ومِن ُك تأكلون لما طرِيا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُ ۡ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ۡ َۡ‬ ‫َ ۡ‬
‫ون ‪}١٢‬‬‫َوت ۡس َتخ ِر ُجون حِل َية تلبَ ُسون َها َوت َرى ٱلفلك فِيهِ َِّ َواخ َِر ِِلَ ۡب َتغوا مِن فضلِهِۦ ولعلكم تشكر‬
‫واملعنى‪ :‬وما يستوي البحران‪ ،‬هذا عذب سائغ الشراب‪ ،‬وهذا مالح شديد امللوحة‪ ،‬ومن كل من‬
‫شهي الطعم‪ ،‬وتستخرجون حلية تلبسونها من اللؤلؤ واملرجان‬ ‫البحرين تصيدون األسماك وتأكلون لحما ّ‬
‫َ ُ‬
‫يخرج م ْن ُه َما اللؤلؤ واَلرجان}[الرحمن‪ ،]22 :‬وأنت أيها العاقل ترى السفن تشق‬ ‫ونحوهما‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬‬
‫وجه املاء‪ ،‬لتطلبوا رزق هللا بالتجارة والربح في تلك السفن‪ ،‬ولعلكم تشكرون هللا تعالى على هذه النعم‬
‫ْ ْ ً َْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َُُْ ْ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه‬
‫العظيمة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ُه َو الذي َسخ َر ال َب ْح َر لتأكلوا من ُه ل ْح ًما طرًّيا َوت ْستخر ُجوا من ُه حل َية تل َب ُس َون َها‬
‫ْ َ ْ َ هُ َ ْ ُ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ ُْْ‬
‫ضله َول َعلك ْم تشك ُرون}[النحل‪.]14 :‬‬ ‫َوت َرى الفل َك َم َواخ َرفيه َولت ْبتغوا من ف‬

‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يُول ُِج ٱ َ َۡل َل ِف ٱلَ َهار َويُول ُِج ٱلَ َه َ‬
‫ار ِِف ٱ َۡل ِل َو َسخ َر ٱلش ۡم َس َوٱلق َم َر ُك ُي ِري ِل َجل ُِّّ َسم ذ ىل ِك ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ ُ َ ُّ ُ ۡ ُ ُ ُ َ َ َ ۡ ُ َ‬ ‫َ ۡ ۡ‬
‫ري ‪} ١٣‬‬‫ٱَّلل ربكم ل ٱلملكر وٱَّلِين تدعون مِن دونِهِۦ ما يمل ِكون مِن قِط ِم ٍ‬
‫النهار في الليل فيقصر النهار‬ ‫الليل في النهار فيقصر الليل ويطول النهار‪ُ ،‬وي ْدخل َ‬ ‫واملعنى‪ :‬هللا ُي ْدخل َ‬
‫وذلل الشمس والقمر وجعلهما َ‬ ‫ّ‬
‫طائع ِين‪ ،‬كل منهما يجري في فلكه ألجل مسمى‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫ويطول الليل‪،‬‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ ه ْ ُ َ‬
‫س ت ْجري َل ْستق ٍرل َها ذل َك تقد ُيرال َعزيز ال َعليم ‪َ .‬والق َم َرق هد ْرنا ُ َمناز َل َح هتى َع َاد كال ُع ْر ُجون القديم ‪َ .‬ل‬ ‫{والشم‬
‫ه ْ ُ َ ْ َ َ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ َ َ َ ه ْ ُ َ ُ ه َ َ ُ ٌّ َ َ َ ْ َ ُ َ‬
‫الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر وَل الليل سابق النهار وكل في فل ٍك يسبحون}[يس‪ ،]38-40 :‬ذلكم هللا‬
‫الذي خلق كل هذه املخلوقات لصالحكم‪ ،‬هو هللا ربكم‪ ،‬وله وحده ملك هذا الكون‪ ،‬والذين تعبدونهم من دون‬
‫هللا تعالى‪ ،‬ال يملكون معه تعالى شيئا في غاية الصغر‪ ،‬كالقشرة الرقيقة ظهر النواة‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ ۡ ُ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ ُ َ َ ُ ۡ َ َۡ َ ُ َ ۡ َ َ ُ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ۡ ُ ُ َ‬
‫شكِك ۡ رم‬
‫ون ب ِ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن تدعوهم َّل يسمعوا دَعءكم ولو س ِمعوا ما ٱستجابوا لكم ويوم ٱلقِيىمةِ يكفر ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫َوَّل يُنَبِئُ َك ِم ۡثل َخبِري ‪}١٤‬‬
‫سمعت ملا استجابت‬ ‫ْ‬ ‫واملعنى‪ْ :‬إن تدعوا أيها املشركون تلك األصنام إلى الهدى‪ ،‬ال تسمع دعاءكم‪ ،‬ولو‬
‫يتبرؤون منكم‪ ،‬كما‬ ‫وه ْم إ َلى ْال ُه َدى ََل َي ْس َم ُعوا}[األعراف‪ ،]198 :‬ويوم القيامة ّ‬
‫لكم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وإ ْن َت ْد ُع ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫ُه َْ َ ْ َ َ َْ َُُ ْ ُ ُ ْ َْ‬
‫ون ٱَّللِ َءال َِهة‬
‫ض}[العنكبوت‪ ،]25 :‬وقال تعالى‪ { :‬وٱَتذوا مِن د ِ‬ ‫قال تعالى‪{ :‬ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببع ٍ‬
‫ََ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ ۡ َ َ ُ ُ َ َ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫ون َعل ۡي ِه ۡم ِض ًّدا ‪[} ٨٢‬مريم‪ ،]81-82 :‬وال أحد يخبرك أيها‬ ‫َِلَكونوا ل ُه ۡم عِزا ‪ ٨١‬لَك ر سيكفرون ب ِ ِعبادت ِ ِهم ويكون‬
‫الرسول بخبر صدق من هللا الخبير‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫نت ُم ٱل ُف َق َرا ُء إل ٱ ََّللِ َوٱ َ ُ‬‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّلل ُه َو ٱل َغ ِ ُّ‬
‫ن ٱلَم ُ‬
‫يد ‪} ١٥‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱ َل ُ‬
‫اس أ ُ‬

‫واملعنى‪ :‬يا أيها الناس أنتم الفقراء املحتاجون إلى فضل هللا ورحمته‪ ،‬وهللا تعالى هو الغني عن عبادتكم‬
‫َ َ َ ُ ََ َه ْ َ ْ َ َْ هُ َ هُ َ‬
‫َّللا غن ٌّي‬ ‫وعن إيمانكم‪ ،‬الحميد املشكور على فضله ورحمته‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فكفروا وتولوا واستغنى َّللا و‬
‫يد}[التغابن‪.]6 :‬‬ ‫َحم ٌ‬

‫َۡ‬ ‫ۡ‬‫ََ ُ ۡ ُ‬ ‫ۡ ۡ‬
‫ك ۡم َويَأ ِت ِِبلق َجدِيد ‪} ١٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن يشأ يذهِب‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ْ :‬إن يشأ هللا ْأن يهلككم فإنه قادر على إفنائكم واإلتيان بخلق جديد سواكم بدال منكم‪ ،‬كما‬
‫َُ َ َۡ‬ ‫َۡ َ َ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫قال تعالى‪ َ { :‬ىهأَ ُ‬
‫نت ۡم َ ىه ُؤ ََّلءِ تُ ۡد َع ۡو َن ِلِ ُنفِ ُقوا ِف َ‬
‫يل ٱَّللِ ف ِمنكم َمن َي ۡبخل َو َمن َي ۡبخل فإِن َما َي ۡبخل عن نف ِ‬
‫سهرِۦ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ۡ َ ۡ َ َ ُ ُ ۡ َى ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫َ َ ُ َ ُّ َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫كم ‪[}٣٨‬محمد‪.]38 :‬‬ ‫نت ُم ٱلفق َرا ُء ر ِإَون ت َت َول ۡوا ي َ ۡست ۡبدِل ق ۡوما غريوُكم ثم َّل يكونوا أمٰل‬ ‫وٱَّلل ٱلغ ِن وأ‬
‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ْ ُ‬ ‫ْ‬
‫ونظير هذه اآلية تعالى‪{ :‬إن َيشأ ُيذه ْبك ْم َو َيأت بخل ٍق َجد ٍيد}[إبراهيم‪.]19 :‬‬
‫ََ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما ذ ىل َِك لَع ٱ ََّللِ ب ِ َعزِيز ‪} ١٧‬‬
‫واملعنى‪ :‬وما ذلك اإلفناء‪ ،‬واإلتيان بغيركم بمتعذر على هللا تعالى؛ ّ‬
‫ألن هللا تعالى قدير على ذلك‪ ،‬كما‬
‫َ َ ََ َ هُ َ َ َ‬ ‫ْ َ َ ْ ُ ْ ْ ُ ْ َ ُّ َ ه ُ ْ‬
‫َّللا َعلى ذل َك قد ًيرا}[النساء‪.]133 :‬‬ ‫اس َو َيأت بآخرين وكان‬ ‫قال تعالى‪{ :‬إن يشأ يذهبكم أيها الن‬
‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وما ذل َك َعلى هَّللا ب َعز ٍيز}[إبراهيم‪.]20 :‬‬

‫َ ۡ ُ ُ ۡ َ َ َى ِ ۡ َ َ ُ ۡ َ ۡ ۡ ُ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ ى َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ب إِن َما تنذ ُِر‬ ‫ى ِإَون تدع مثقلة إِل ْحل ِها َّل يمل مِنه يشء ولو َكن ذا قر‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و ََّل تَز ُر َواز َرة و ۡز َر أ ۡخ َر رى‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ّك فإن َما يَ َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ي َش ۡو َن َر َب ُهم بٱلغ ۡي َ ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ َۡ‬
‫ص ُ‬‫ّك ِلَفسِ هرِۦ ِإَول ٱَّللِ ٱل َم ِ‬ ‫ََ َ‬
‫ري ‪}١٨‬‬ ‫ت ى‬ ‫ب وأقاِّوا ٱلصل ىوة ر ومن تز ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٱَّلِين‬
‫ُ ُّ َ ْ‬
‫س ب َما‬‫واملعنى‪ :‬وال تحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى‪ ،‬فكل نفس مجزية بعملها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬كل نف ٍ‬
‫وإن طلبت نفس مثقلة بالذنوب من نفس أخرى‪ْ ،‬أن تحمل عنها شيئا من ذنوبها‬ ‫َك َس َب ْت َ ه َين ٌة}[املدثر‪ْ ،]38 :‬‬
‫ر‬
‫ما َل َي ْجزي والدٌ‬ ‫َ ْ َ ْ َْ ً‬
‫التي أثقلتها‪ ،‬ال تجد استجابة منها‪ ،‬ولو كانت قريبة لها في النسب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬واخشوا يو‬
‫ّ‬
‫جاز َع ْن والد ش ْيئا}[لقمان‪ ،]33 :‬إنما تنذر أيها الرسول الذين يخشون عذاب ربهم‬
‫َ ً‬ ‫َع ْن َو َلد ‪َ ،‬وَل َم ْو ُل ٌ‬
‫ود ُه َ‬
‫و‬
‫ٍ‬
‫ْ‬ ‫َْ َ َ َ ه ْ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه ُْ ُ َ ه‬
‫عز وجل بالغيب ويتبعون الذكر‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إنما تنذر من اتبع الذكر وخش ي الرحمن بالغيب}[يس‪:‬‬
‫تطهر من دنس الكفر والعصيان‬ ‫ومن ّ‬‫‪ ،]11‬والذين يؤدون الصالة في مواقيتها مستوفين أركانها وشروطها‪ْ ،‬‬
‫ّ‬
‫فإنما ثمرة تطهره تعود إلى نفسه‪ ،‬وإلى هللا وحده مصير الخلق جميعا‪.‬‬
‫َْ ً‬ ‫َ ُ َْ َ‬ ‫ّ‬ ‫فإن َ‬ ‫قال اإلمام الزمخشري‪ْ :‬‬
‫قلت‪ :‬كيف توفق بين هذا وبين قوله { َول َي ْحمل هن أثقال ُه ْم َو أثقاَل َم َع‬
‫وأنهم يحملون أثقال إضالل الناس مع أثقال‬ ‫َأ ْثقاله ْم}[العنكبوت‪]13 :‬؟ ُ‬
‫قلت‪ :‬تلك اآلية في الضالين املُض ّلين‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫ضاللهم‪ ،‬وذلك كله أوزارهم ما فيها ش يء من وزر غيرهم‪.‬‬

‫َۡۡ َ ۡ‬
‫ص ُ‬
‫ري ‪} ١٩‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما ي َ ۡس َتوِي ٱلع ى‬
‫م َوٱلَ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وما يستوي الكافر املس يء األعمى عن الحق واملؤمن البصير بالحق‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما‬
‫َ ََ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ام ُنوا َو َعملُوا ٱ َ ى َ‬ ‫ري َوٱ ََّل َ‬ ‫َۡۡ َ ۡ‬
‫ون ‪[}٥٨‬غافر‪.]58 :‬‬ ‫ت َوَّل ٱل ُم ِس ُء ر قل ِيل ما تتذكر‬
‫لصل ِحى ِ‬ ‫ِ‬
‫ِين َء َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ي َ ۡس َتوِي ٱلع ى‬
‫م َوٱلَ ِ‬

‫َ‬ ‫ُّ‬
‫لظل َم ى ُ‬
‫ت َوَّل ٱلُّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ور ‪}٢٠‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وَّل ٱ‬
‫واملعنى‪ :‬وال يستوي الظلمات بالكفر والنور باإليمان‪.‬‬
‫َۡ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬قُ ۡل َمن َر ُّب ٱ َ‬
‫لس َم ى َو ى ِ َ‬
‫ت وٱلۡر ِض ق ِل ٱ ر‬
‫َّلل قل أفٱَتذتم مِن دونِهِۦ أو َِلاء َّل‬
‫ُ َ‬ ‫ت َوٱ ُّل ُ َ ۡ‬
‫لظلُ َم ى ُ‬
‫ُّ‬ ‫ۡ َۡ َ َ َۡ ُ َ َۡ َ‬ ‫َ ۡ ُ َ َ ُ ۡ َۡ ََ َ ُۡ ۡ‬
‫ض را قل َهل ي َ ۡس َت ِوي ٱلع ى‬
‫ور أم َج َعلوا َِّللِ‬ ‫ري أ ۡم هل ت ۡس َتوِي ٱ‬ ‫ص‬‫م وٱل ِ‬ ‫يمل ِكون ِلنفسِ ِهم نفعا وَّل‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫لل ُق َعلَ ۡيه ۡم قُل ٱ َ ُ‬
‫َّلل َخ ىل ُِق ُُك َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ َ‬ ‫ُ ََ َ َ َُ َ َ ۡ‬
‫يشء َو ُه َو ٱل َو ىح ُِد ٱل َق َىه ُر ‪[}١٦‬الرعد‪.]16 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ر‬
‫ش َب َه ٱ َ‬
‫ى‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫ۦ‬‫ه‬
‫ِ‬ ‫ق‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫شكء خلقوا كخ‬
‫لظ ُّل َو ََّل ٱ ۡ َ‬
‫ل ُر ُ‬
‫ور ‪} ٢١‬‬
‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وَّل ٱ ِ‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬


‫نت ب ِ ُم ۡس ِمع َمن ِِف ٱل ُق ُبورِ ‪} ٢٢‬‬
‫َّلل ي ُ ۡس ِم ُع َمن ي َ َشا ُء َو َما أ َ‬
‫تر إ َن ٱ َ َ‬
‫َۡ ُ‬ ‫َۡ َ‬ ‫ََ َۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وما يستوِي ٱلحيا ُء وَّل ٱلمو ى ِ‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬وما يستوي املؤمنون الذين تحيا قلوبهم‪ ،‬والكفار الذين تموت قلوبهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أ َو َمن‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ات لي َس ِِبارِ ٍج مِن َها}[األنعام‪،]122 :‬‬ ‫اس ك َمن َمثل ُه ِِف الظل َم ِ‬ ‫َكن َميتا فأح َيي َناهُ َو َج َعل َنا ُل نورا َيم ِش بِهِ ِِف الَ ِ‬
‫ّإن هللا تعالى ُيسمع من يشاء سماع قبول وفهم‪ ،‬وما أنت أيها الرسول بمسمع من في القبور من أصحاب‬
‫ين‬ ‫ت َو ََّل ت ُ ۡسم ُع ٱ ُّ‬
‫لص َم ٱ َُّل ََع َء إ َذا َول َ ۡوا ُم ۡدبر َ‬ ‫ى‬ ‫َ َ َ ُۡ ُ َۡۡ َ‬
‫القلوب امليتة إسماع انتفاع‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِنك َّل تس ِمع ٱلمو‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪[}٨٠‬النمل‪.]80 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ ۡن أ َ‬
‫نت إَِّل نَذِير ‪} ٢٣‬‬ ‫ِ‬
‫ُ ُ َ‬
‫واملعنى‪ :‬ما أنت أيها الرسول إال منذر ومخوف من عذاب هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ويَقول ٱَّلِي َن‬
‫َ ُ َ‬
‫ِك ق ۡو ٍم َها ٍد ‪[}٧‬الرعد‪.]7 :‬‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ِر‬
‫ذ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ك َف ُروا ل َ ۡو ََّل أُنز َل َعلَ ۡيهِ َءايَة مِن َربهِۦ إ َن َما أَ َ‬
‫نت ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ۡ َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ِيها نَذِير ‪} ٢٤‬‬
‫لق بَشِ ريا َونَذِيرا ِإَون م ِۡن أ َمة إَّل َخل ف َ‬
‫ٍ ِ‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِنا أرسلنىك ب ِٱ ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنا أرسلناك أيها الرسول بالحق بشيرا للمؤمنين بحسن الثواب‪ ،‬ونذيرا للكافرين بسوء‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ‬
‫اس بشِ ريا ونذِيرا}[سبأ‪ ،]28 :‬وما من أمة من األمم إال قد بعث‬ ‫العقاب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وما أرسلناك إَِّل َكفة ل ِلن ِ‬
‫هللا تعالى فيها رسوال ينذرها عاقبة كفرها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولَ َقد َب َعث َنا ِف ُُك أُ َمة َر ُسوَّل أَن اُع ُب ُدوا َ َ‬
‫اَّلل َواج َتن ِ ُبوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ٍ‬
‫وت ّ‬ ‫َ ُ‬
‫اغ َ‬
‫}[النحل‪.]36 :‬‬ ‫الط‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ِين مِن ق ۡبلِه ۡم َجا َء ۡت ُه ۡم ُر ُسل ُهم بٱلَي َنى ِ َ ُّ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫وك ف َق ۡد كذ َب ٱَّل َ‬ ‫ُ َ‬
‫كذِبُ َ‬ ‫َ‬
‫ب ٱل ُمن ِريِ ‪}٢٥‬‬
‫ت وب ِٱلزب ِر وب ِٱلكِتى ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون ي‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫وإن يكذبك أيها الرسول هؤالء املشركون فيما دعوتهم إليه من التوحيد وعبادة هللا تعالى‪،‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫فقد كذب الذين من قبلهم رسلهم‪ ،‬جاءتهم رسلهم باملعجزات الواضحات‪ ،‬وبالكتب املكتوبة‪ ،‬وبالكتاب املنير‬
‫لطريق الحق‪.‬‬
‫َ ُّ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِب ُر ُسل مِن قبل َِك َج ُ‬ ‫ُ‬
‫وك ف َقد كذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فإن كذبُ َ‬
‫اب‬
‫ات والزب ِر والكِت ِ‬ ‫اءوا بِالَيِن ِ‬ ‫ِ‬
‫ِري}[آل عمران‪.]184 :‬‬ ‫ُ‬
‫المن ِ‬
‫َُ َ َ ۡ ُ َ َ ََُ َ ََۡ َ َ َ‬
‫كريِ ‪} ٢٦‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ثم أخذت ٱَّلِين كفروا فكيف َكن ن ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ثم بعد إمهالهم‪ُ ،‬‬
‫أخذتهم بالعذاب وأهلكتهم‪ ،‬فكيف كان إنكاري عليهم كفرهم‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ َُ َ َ ُُ َ َ َ َ َ َ‬ ‫ََ َ ُ َ‬
‫ري}[الحج‪.]44 :‬‬
‫ِ‬ ‫ك‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ن‬‫َك‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫ك‬‫ف‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ذ‬‫خ‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫ين‬‫ِر‬
‫{فأِّليت ل ِل ِ‬
‫ف‬ ‫َك‬

‫ُۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ُّ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ َ َ ۡ‬ ‫لس َماءِ َماء فَأَ ۡخ َر ۡج َ‬ ‫َّلل أَ َ‬


‫نز َل م َِن ٱ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬أل َ ۡم تَ َر أَ َن ٱ َ َ‬
‫ال ُج َدد بِيض َوْحر‬‫ب‬
‫ِ ِ‬
‫لَ‬ ‫ٱ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ا‬‫ه‬ ‫ن‬‫ى‬ ‫و‬‫ل‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫ِف‬ ‫ل‬‫ت‬‫ُّم‬ ‫ت‬‫ى‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫ۦ‬‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ا‬‫ن‬
‫يب ُسود ‪} ٢٧‬‬ ‫ُّم َتل ِف َأ ۡل َو ى ُن َها َو َغ َراب ُ‬
‫ُّ ۡ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ألم تر أيها العاقل ّأن هللا تعالى أنزل من السحاب مطرا‪ ،‬فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها‪،‬‬
‫من أحمر وأسود وأبيض وأصفر وأخضر وغير ذلك من ألوان الثمار‪ ،‬مع اختالف طعومها وروائحها‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ َُۡ َۡ ُۡ َ‬ ‫َ َۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ ۡ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫صنوان يسق بِماء وحِد‬ ‫صنوان وغري ِ‬‫تعالى‪َ { :‬و ِف ٱلۡرض قِطع متجوِرت وجنت مِن أعنب وزرع وَنِيل ِ‬
‫ى‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ‬ ‫َُ‬ ‫ُۡ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬
‫ون ‪[}٤‬الرعد‪ ،]4 :‬وخلقنا من الجبال طرائق‬ ‫لَع َب ۡعض ِِف ٱلك ِل إِن ِِف ذ ىل ِك ٓأَلي ىت ل ِق ۡوم َي ۡعقِل‬
‫ض َها ى‬ ‫َونف ِ‬
‫ضل بع‬
‫بيضا وحمرا مختلفا ألوانها‪ ،‬وخلقنا من الجبال صخورا شديدة السواد‪.‬‬

‫َّلل م ِۡن ع َِبادِه ِ ٱ ۡل ُعلَ َىم ُؤا إ َن ٱ َ َ‬ ‫َ ۡ َ ىُ ُ َ َى َ َ َ َ ۡ‬


‫ي َش ٱ َ َ‬ ‫ۡ َۡ َ ُۡ‬
‫َّلل‬ ‫ِ‬ ‫ب َوٱلنع ى ِم ُّم َتل ِف ألونهۥ كذل ِك إِنما‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وم َِن ٱلَ ِ َ َ َ‬
‫اس وٱَلوا ِ‬
‫َ‬
‫َع ِزيز غ ُفور ‪}٢٨‬‬
‫واملعنى‪ :‬وخلقنا من الناس والدواب واإلبل والبقر والغنم ما هو مختلف ألوانه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ومِن‬
‫ّ‬ ‫َ َ ِ َ َ ُ َ َ ُ ََ َ ُ‬ ‫آيَاتِهِ َخل ُق َ‬
‫الس َم َ‬
‫ِكم}[الروم‪ ،]22 :‬إنما يخاف هللا تعالى بالغيب من‬ ‫سنتِكم وألوان‬ ‫ات والرض واختِلف أل ِ‬ ‫او ِ‬
‫عباده العلماء باهلل‪ ،‬وبصفاته‪ ،‬وبقدرته على خلق هذه املخلوقات املختلفة‪ّ ،‬إن هللا تعالى عزيز ال يغلب‪ ،‬غفور‬
‫لعباده التائبين‪.‬‬

‫ون ت َِجى َرة َلن َت ُب َ‬


‫َ َ َ َ َۡ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ َُ‬ ‫ب ٱ ََّللِ َوأَقَ ُ‬ ‫َ َ َ َُۡ َ‬
‫ون ك َِتى َ‬
‫ور‬ ‫لصل ىوةَ َوأنفقوا ِّ َِما َر َزق َنى ُه ۡم ِسا وعلنِية يرج‬ ‫اِّوا ٱ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلِين يتل‬
‫‪} ٢٩‬‬
‫أتم وجوهها‪ ،‬وأنفقوا بعض ما رزقناهم‬ ‫واملعنى‪ّ :‬إن الذين يقرؤون القرآن الكريم‪ ،‬وأقاموا الصالة على ّ‬
‫سرا وعالنية‪ ،‬هؤالء يرجون بذلك تجارة لن تبور‪ ،‬وهي رضا هللا تعالى‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ّ‬ ‫ُْ َ‬
‫ومعنى َيتلون أي يقرؤون‪ ،‬ويتبعون‪ ،‬يقال‪ :‬تال يتلوا إذا تبعه‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ { :‬وٱلق َم ِر إِذا تلى ى َها‬
‫‪[}٢‬الشمس‪.]2 :‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫يد ُهم مِن ف ۡضلِهرِۦ إِنَ ُهۥ غ ُفور َشكور ‪} ٣٠‬‬
‫ور ُه ۡم َويَز َ‬
‫ِ‬
‫قوله تعالى‪َِ { :‬لُ َوف َِي ُه ۡم أ ُج َ‬
‫يمتعهم بالنظر إلى‬ ‫بأن ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬ليوفيهم هللا تعالى ثواب أعمالهم ويزيدهم من فضله وسعة حمته‪ْ ،‬‬
‫ر‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ‬
‫ن َوزِيَادة َوَّل يَ ۡره ُق‬ ‫ِين أ ۡح َس ُنوا ٱ ُ‬
‫ل ۡس َ ى‬ ‫ْ‬
‫وجهه الكريم‪ ،‬أو أن يجعلهم شافعين في غيرهم‪ ،‬كما قال تعالى‪۞{ :‬ل َِّل‬
‫ُ ُ َ ُ ۡ َ َ َ َ َ ُ َى َ َ ۡ َ ى ُ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ ى ُ َ‬
‫ون ‪[}٢٦‬يونس‪ّ ،]26 :‬إن هللا تعالى غفور لذنوبهم‪ ،‬شكور‬ ‫وجوههم قت وَّل ذِلة ر أولئك أصحب ٱلن ِة هم فِيها خ ِِل‬ ‫ِ‬
‫لحسناتهم‪.‬‬
‫ُ ُ َُ ََ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫آم ُنوا َو َعملُوا َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فَأَ َما َاَّل َ‬
‫ِين َ‬
‫يدهم مِن‬ ‫ات ف ُي َوف ِي ِهم أجورهم وي ِز‬ ‫الص ِ َ‬
‫ال ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫فضلِهِ}[النساء‪.]173 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َۡ َ َ َ ۡ َ َ َ َ‬ ‫ۡ‬
‫ك م َِن ٱلك َِتىب ُه َو ٱ َ ُّ ُ َ‬
‫ۡ ََۡ ۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ري بَ ِصري ‪} ٣١‬‬
‫لب ُ‬
‫لق ِّصدِقا ل ِما بي يديهِ إِن ٱَّلل بِعِبادِه ِۦ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ِ‬
‫َّلي أوحينا إَِل‬
‫واملعنى‪ :‬والذي أوحينا إليك أيها الرسول من القرآن الكريم هو الحق الذي ال يحوم حوله باطل‪،‬‬
‫ك الك َ‬ ‫َََ َ َ َ‬
‫ِتاب‬ ‫وجعلناه مؤيدا ملا في تلك الكتب التي تقدمته‪ ،‬من عقيدة وعبادة وأخالق‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬نزل علي‬
‫ََ َ َ َ َ‬
‫ك الك َِت َ‬
‫اب ب َ‬ ‫َ‬ ‫راة َ‬ ‫ي يَ َديهِ َو َأن َز َل َ‬
‫اِلو َ‬ ‫الق ُِّ َصدِقا ل ِما بَ َ‬
‫َ‬
‫ال ِق‬‫ِ‬ ‫نيل}[آل عمران‪ ،]3 :‬وقال تعالى‪{ :‬وأنزلا إَِل‬ ‫اإل ِ‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫بِ ِ‬
‫َ‬
‫اب َو ُِّ َهي ِمنا َعليهِ}[املائدة‪ّ ،]48 :‬إن هللا تعالى خبير بأحوال عباده‪ ،‬بصير‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ََ‬
‫ِّصدِقا ل ِما بي يديهِ مِن الكِت ِ‬
‫ُ َ‬

‫بأعمالهم‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬


‫ِين ٱ ۡص َطف ۡي َنا م ِۡن ع َِبادِنا ف ِم ۡن ُه ۡم ظال ِم ِلَفسِ هِۦ َوم ِۡن ُهم ُّمق َت ِصد َوم ِۡن ُه ۡم َساب ِ ُق‬ ‫قوله تعالى‪ُ { :‬ث َم أَ ۡو َر ۡث َنا ٱ ۡلك َِتى َ‬
‫ب ٱ ََّل َ‬
‫ۡ َ َ َ َُ َۡ ۡ ُ ۡ َ‬ ‫َۡ‬
‫ري ‪} ٣٢‬‬‫كب ُ‬
‫َّللِ ذ ىل ِك هو ٱلفضل ٱل ِ‬ ‫ب ِٱل ۡي َر ى ِ‬
‫ت بِإِذ ِن ٱ ر‬
‫ثم أورثنا هذا القرآن الذي أوحيناه إليك أيها الرسول أمتك التي اصطفيناها على سائر األمم‪،‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ُُْ َ ُ ُ ْ ْ ه‬
‫وهي خير األمم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬كنت ْم خ ْي َر أ هم ٍة أخر َجت للناس}[آل عمران‪ ،]110 :‬فمنهم ظالم لنفسه بفعل‬
‫املحرمات‪ ،‬ومنهم مقتصد بفعل بعض املكروهات‪ ،‬ومنهم سابق بالخيرات بإذن هللا بفعل الواجبات‬ ‫ّ‬ ‫بعض‬
‫واملستحبات وترك املحرمات واملكروهات‪ ،‬ذلك التوريث لكتاب هللا واالصطفاء هو الفضل الكبير من هللا‬
‫تعالى‪.‬‬

‫ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ِيها م ِۡن أ َساو َر مِن ذ َهب َول ۡؤلؤا َو ِ َل ُ‬ ‫َ‬
‫ون َها يَل ۡو َن ف َ‬ ‫ُ َ‬
‫َ َى ُ َ ۡ َ ۡ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ِيها َح ِرير ‪} ٣٣‬‬
‫اس ُه ۡم ف َ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬جنت عدن يدخل‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬جنات عدن يدخلها هؤالء الذين أورثهم هللا كتابه‪ُ ،‬ي َحلون فيها بأساور من ذهب وباللؤلؤ‪،‬‬
‫ولباسهم فيها رقيق الحرير وغليظ الديباج‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬
‫آم ُنوا َو َعملوا َ‬ ‫ِين َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اَّلل يُدخِل اَّل َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إ َن َ َ‬
‫ات ترِي مِن تت ِ َها‬‫ات جن ٍ‬ ‫ال ِ‬‫الص ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ار يَلو َن ف َ‬
‫ِيها مِن أ َساو َر مِن ذ َهب َولؤلؤا َو ِلَ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِيها َح ِرير}[الحج‪.]23 :‬‬
‫اس ُهم ف َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الن َه ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ‬
‫ل َز َن إ ِ َن َر َب َنا ل َغ ُفور َشكور ‪} ٣٤‬‬
‫ب َع َنا ٱ َ‬
‫ل ۡم ُد ِ ََّللِ ٱَّلِي أذ َه َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وقالوا ٱ َ‬

‫عنا‬‫عنا الحزن وأ ال ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬وقالوا حين استقروا في جنات عدن‪ :‬الحمد والشكر هلل الذي أذهب ّ‬
‫ز‬
‫الخوف من املحذور‪ّ ،‬إن رّبنا لغفور لذنوبنا‪ ،‬شكور لحسناتنا‪.‬‬
‫فمن هللا تعالى‬‫وقد كان أصحاب الجنة في الدنيا يعيشون بين أهلهم خائفين من أهوال يوم القيامة‪ّ ،‬‬
‫َُۡ َۡ ُ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َّلل َعلَ ۡي َنا َو َوقَى ى َنا َع َذ َ‬
‫عليهم بمغفرته ورضوانه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ف َم َن ٱ َ ُ‬
‫وه إِن ُهۥ‬ ‫وم ‪ ٢٦‬إِنا ك َنا مِن قبل ندع‬ ‫اب ٱ َ‬
‫لس ُم ِ‬
‫ُه َو ٱل ۡ َ ُّ‬
‫ب ٱ َلرح ُ‬
‫ِيم ‪[}٢٧‬الطور‪.]26-27 :‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِي أ َحل َنا َد َار ٱل ُم َق َ‬
‫ِيها ل ُغوب ‪} ٣٥‬‬ ‫ِيها نَ َصب َوَّل َي َم ُّس َنا ف َ‬
‫امةِ مِن ف ۡضلِهِۦ َّل َي َم ُّس َنا ف َ‬

‫واملعنى‪ :‬هللا الذي أنزلنا دار الجنة التي ال انتقال لنا منها من فضله‪ ،‬ال يمسنا فيها عناء وال إعياء‪،‬‬
‫َ َ‬ ‫وأصبحنا بفضله هللا تعالى في راحة مستمرة‪ ،‬كما قال تعالى لهم‪ُُ { :‬كُوا َو َ‬
‫اشبُوا َهن ِيئا ب ِ َما أسلف ُتم ِِف اليَ ِ‬
‫ام‬
‫َ‬
‫ال ِاَلَةِ}[الحاقة‪.]24 :‬‬

‫َ َ َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ ََُ ُ َ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ َُ ۡ َ ُ َ ََ َ َ ُۡ َ ى َ‬


‫ض َعل ۡي ِه ۡم ف َي ُموتوا َوَّل يفف ع ۡن ُهم م ِۡن َعذاب ِ َها ر كذ ىل ِك ن ِزي‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين كفروا لهم نار جهنم َّل يق‬
‫َُ َ‬
‫ُك ك ُفور ‪}٣٦‬‬
‫جهنم‪ ،‬ال يقض ى عليهم باملوت‪ ،‬وتأتيه أسباب املوت من‬ ‫واملعنى‪ :‬والذين كفروا باهلل وبرسوله لهم نار ّ‬
‫ُ‬
‫َكن َوما ه َو‬ ‫ت ِمن ُ َ‬ ‫كل مكان‪ ،‬وما هو بميت فيستريح من العذاب‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ويَأتِيهِ ال َمو ُ‬
‫ُك م ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ت َر َب ُهۥ م ِرما فإِن ُلۥ َج َه َن َم َّل‬
‫ت}[إبراهيم‪ ،]17 :‬فال يموتون فيها وال يحيون‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِن ُهۥ َمن يَأ ِ‬ ‫َ‬
‫بِمي ِ ٍ‬
‫ي ‪[}٧٤‬طه‪ ،]74 :‬وال ّ‬ ‫َ ََ َۡ‬
‫يَى‬ ‫َي ُم ُ‬
‫يخفف عنهم من عذابها‪ ،‬مثل هذا الجزاء نجزي كل كفور باهلل‬ ‫وت فِيها وَّل‬
‫وبرسوله‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َُ َۡ َُ ََ َۡ ُ َ ۡ ُ َ ََ َ َ‬ ‫ََۡ َ‬ ‫ى‬ ‫َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ َََ َ ۡ ۡ َ َۡ َۡ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬وهم يصط ِرخون فِيها ربنا أخرِجنا نعمل صل ِحا غري ٱَّلِي كنا نعمل ر أو لم نع ِمركم ما يتذكر فِيهِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َ ُ َ ُ ُ َ ُ ُ َ َ َى‬
‫ِلظلِم َ‬
‫ري ‪} ٣٧‬‬
‫ٍ‬ ‫ص‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫من تذكر وجاءكم ٱلذِير فذوقوا فذوقوا فما ل‬
‫واملعنى‪ :‬وهؤالء الكفار يصطرخون في النار خافضين رؤوسهم مستغيثين‪ :‬ربنا أخرجنا من النار‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫نعمل فيها عمال صالحا غير الذي كنا نعمله‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولو ت َرى إِذِ ال ُمج ِر ُِّون‬
‫ّ‬ ‫وار ْ‬
‫جعنا إلى الحياة الدنيا‪ْ ،‬‬
‫َََ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫نَاك ُِسو ُر ُءو ِس ِهم ِعن َد َرب ِ ِهم ربنا أبُصنا وس ِمعنا فار ِجعنا نعمل صالا}[السجدة‪ ،]12 :‬فيقال لهم‪ :‬أولم نمهلكم‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫في الحياة مدة من العمر‪ ،‬يتعظ فيها من اتعظ‪ ،‬وقد جاءكم الرسول املنذر‪ ،‬فذوقوا عذاب جهنم‪ ،‬فليس‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫العزيز الكريم}[الدخان‪:‬‬
‫للمشركين الظاملين من ناصر ينقذهم من هذا العذاب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ذق إنك أنت ِ‬
‫‪.]49‬‬
‫َ َ َ ُ‬
‫ك ُم الَذ ُ‬
‫ِير}[فاطر‪،]37 :‬‬ ‫روى اإلمام الطبري بسنده عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم‪ ،‬في قوله {وجاء‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬النذير‪ :‬النبي‪ ،‬وقرأ { َهذا نَذِير م َِن الُّذ ِر الول}[النجم‪.]56 :‬‬

‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬


‫َُ َ ُ‬
‫ِيم بذ ِ ُّ ُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن ٱ َ َ‬
‫َّلل َع ىل ُِم غ ۡيب ٱ َ‬
‫لس َم ى َو ى ِ َ‬
‫ور ‪} ٣٨‬‬
‫ات ٱلصد ِ‬ ‫ت وٱلۡر ِض إِنهۥ عل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ َۡ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬إن هللا تعالى عالم غيب السماوات واألرض‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما م ِۡن َغئ ِ َبة ِِف ٱلسماءِ وٱلۡر ِض‬
‫ّ‬

‫ي‬ ‫إن هللا تعالى عليم بما تخفيه صدوركم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ي ۡع َل ُم َخائنَ َة ٱ ۡلَ ۡع ُ‬ ‫إ ََّل ِف ك َِتىب ُّمبي ‪[}٧٥‬النمل‪ّ ،]75 :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ َ ُۡ‬
‫َتَف ٱ ُّ‬
‫لص ُد ُ‬
‫ور ‪[}١٩‬غافر‪.]19 :‬‬ ‫وما ِ‬

‫ُۡ ُُ ََ َ ُ ۡ َى َ ُ‬
‫ك ۡف ُر ُه ۡم ع َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ ُ َ َى َ‬ ‫ُ َ‬
‫ِند‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ه َو ٱَّلِي َج َعلك ۡم خلئِف ِِف ٱلۡر ِض ف َمن كف َر ف َعل ۡيهِ كفرهۥ وَّل ي ِزيد ٱلكفِ ِرين‬
‫َ ۡ َ َۡ ََ َ ُ ۡ َى َ ُ‬
‫ك ۡف ُر ُه ۡم ع َ‬
‫ِند َرب ِ ِه ۡم ‪} ٣٩‬‬ ‫رب ِ ِهم إَِّل مقتا وَّل ي ِزيد ٱلكفِ ِرين‬
‫واملعنى‪ :‬هو هللا الذي جعلكم أيها الناس خالئف في األرض‪ ،‬تخلفون من سبقكم‪ ،‬بعد ْأن أهلكهم هللا‪ ،‬وجعلكم‬
‫كم ُِّس َتخلَفِ َ‬
‫َ َ ََ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ي فِيهِ}[الحديد‪ ،]7 :‬فمن كفر فإنما‬ ‫مستخلفين في األرض‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وأنفِقوا ِِّما جعل‬
‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬
‫كف ُر ُه}[الروم‪ ،]44 :‬وال يزيد الكافرين كفرهم إال‬ ‫يعود عليه وبال كفره‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬من كف َر ف َعليهِ‬
‫بغضا‪ ،‬وال يزيدهم كفرهم إال خسارة في الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫اذا َخلَ ُقوا م َِن ٱ ۡلَۡر ِض أَ ۡم ل َ ُه ۡم ِ ۡ‬


‫شك ِِف‬
‫َ َ‬
‫ون م‬ ‫ك ۡف ُر ُه ۡم ُدون ٱ ََّللِ أَ ُ‬
‫ر‬
‫َ َۡ ََ َ ُ ۡ َى َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إَِّل مقتا وَّل ي ِزيد ٱلك ِف ِرين‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َى ُ َ َ ۡ ُ‬ ‫ۡ ُ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ َ َ َۡ َ ََۡ ُ ۡ َ َ ُ ۡ ََ‬
‫ٱلسم ىو ى ِت أم ءاتينىهم كِتىبا فهم لَع بيِنت مِن ره بل إِن يعِد ٱلظل ِمون بعضهم بعضا إَِّل غرورا ‪} ٤٠‬‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول للمشركين‪ :‬أخبروني عن شركائكم الذين تعبدونهم من دون هللا تعالى‪ ،‬أروني‬
‫اذا َخلَ َق َاَّل َ‬
‫ِين مِن ُدونِهِ}[لقمان‪:‬‬
‫َ َ‬
‫ون م‬‫ر‬‫اَّللِ فَأَ ُ‬
‫َ َ َ ُ َ‬
‫أيها املشركون ماذا خلقوا من األرض‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬هذا خلق‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫‪ ،]11‬وليس لهؤالء الشركاء من شركة في خلق السماوات وال في خلق األرض‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما ل ُهم فِي ِه َما مِن‬
‫يؤيد ما يشركون‪ ،‬فهم على حجة منه؟ بل ال يعد‬ ‫ِش ٍك َو َما َ ُل مِن ُهم مِن َظهري}[سبأ‪ ،]22 :‬وهل آتيناهم كتابا ّ‬
‫ِ ٍ‬
‫املشركون الظلمون بعضهم بعضا إال غرورا‪.‬‬

‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ َ‬ ‫َۡ َ َ َ َ َ‬ ‫َ ََ ُۡ ُ‬


‫ت َوٱلۡرض أن ت ُزوَّل ر َولئِن َزاِلَا إِن أ ِّۡ َسك ُه َما م ِۡن أ َحد مِن َب ۡع ِدهر ِۦ إِن ُهۥ َكن‬ ‫سِك ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِن ٱَّلل يم‬
‫َ‬
‫َحل ِيما غ ُفورا ‪} ٤١‬‬
‫ِك َ‬ ‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬إن هللا تعالى يمسك السماوات أن تزول بوقوعها على األرض‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ويُمس‬
‫السماءَ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ ََ ََ َ‬
‫أن تق َع لَع الر ِض إَِّل بِإِذنِهِ}[الحج‪ ،]65 :‬ويمسك األرض أن تزول عن مكانها بأمره‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ومِن آيَاتِهِ‬
‫ْ‬

‫ولئن زالت السماوات واألرض عن مكانهما‪ ،‬ما أمسكهما أحد من‬ ‫الر ُض بأَِّره ِ}[الروم‪ْ ،]25 :‬‬
‫َ َُ َ َ َ َ َ‬
‫أن تقوم السم ُ‬
‫اء و‬
‫ِ ِ‬
‫بعده‪ّ ،‬إن هللا تعالى كان حليما يمهل عقاب الكفار‪ ،‬غفورا للتائبين منهم‪.‬‬

‫ُ َ‬ ‫ُۡ ََ‬ ‫َ ُ ُ َ‬
‫ون َن أ ۡه َد ى‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬
‫ى م ِۡن إ ِ ۡح َدى ٱل َِّ ِم فل َما َجا َءه ۡم نذِير َما‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وأق َس ُموا ب ِٱَّللِ َج ۡه َد أيۡ َم ىن ِ ِه ۡم لئِن َجا َءه ۡم نذِير َلَك‬
‫َ‬
‫َز َاد ُه ۡم إَِّل ُن ُفورا ‪} ٤٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬وأقسم هؤالء املشركون باهلل وبالغوا في تغليظ أيمانهم على ّأنه ْ‬
‫لئن جاءهم من هللا تعالى‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ليكونن أكثر استقامة وأشد تمسكا بالرسالة من جميع األمم‪ ،‬كما قال هللا على لسانهم‪{ :‬أو‬ ‫رسول منذر‪،‬‬
‫كم َو ُهدى َو َر َ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ َ َ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫َت ُقولوا لو أنَا أنزل َعلي َنا ال ِ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ ُ َ‬
‫ْحة}[األنعام‪،]157 :‬‬ ‫كتاب لكنا أهدى مِنهم فقد جاءكم بيِنة مِن رب ِ‬ ‫ِ‬
‫فلما جاءهم رسول منذر وهو محمد صلى هللا عليه وسلم ما زادهم مجيئه صلى هللا عليه وسلم إال نفورا من‬ ‫ّ‬
‫الحق‪.‬‬

‫ون إ ََّل ُس َن َ‬
‫ََۡ َ ُ ُ َ‬ ‫ََ َ ُ َۡ ۡ ُ َ ُ َ َۡ‬ ‫ك َر ٱ َ‬ ‫ََ ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫كَ‬ ‫ۡ ۡ‬
‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫نظ‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ه‬ ‫ف‬ ‫ۦ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ه‬
‫ِ ِ ِ ر‬ ‫أ‬‫ب‬ ‫َّل‬ ‫إ‬ ‫ئ‬‫ي‬ ‫لس‬ ‫ٱ‬ ‫ر‬‫ك‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِيق‬ ‫ي‬ ‫َّل‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫لس‬ ‫م‬‫و‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ۡر‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِف‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ار‬ ‫ب‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱست ِ‬
‫َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََۡ َ ََ َ‬
‫توِيل ‪} ٤٣‬‬ ‫ِ‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ت‬‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ِس‬ ‫ل‬ ‫د‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ِيل‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ت‬‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ِس‬ ‫ل‬ ‫د‬ ‫ت‬
‫ٱلول ِير فلن ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وكان إقسامهم استكبارا في األرض ومكر الس يء الخادع‪ ،‬وال يحيق مكرهم الس يء إال بهم‪،‬‬
‫َ َََُۡ َ َ َ َُ َ َ ُ َ َ َ َ ُ َ‬
‫ون ‪[} ٢٢٧‬الشعراء‪ ،]227 :‬فهل ينتظر‬ ‫وسيعلمون ذلك‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وسيعلم ٱَّلِين ظلموا أي منقلب ينقل ِب‬
‫َ َ ۡ‬ ‫ََۡ َ ُ َ َ‬
‫نف ُع ُه ۡم إ َ‬
‫يم ى ُن ُه ۡم ل َما َرأ ۡوا بَأ َس َنا‬ ‫ِ‬ ‫هؤالء الكفار إال سنة هللا في إهالك األولين الكافرين‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فلم يك ي‬
‫َ َ َ َُ َ ۡ َى ُ َ‬ ‫ت ٱ ََّللِ ٱ َلت قَ ۡد َخلَ ۡ‬
‫ُس َن َ‬
‫ت ِِف ع َِبادِه ِۦ وخ ِّس هنال ِك ٱلكفِر‬
‫فلن تجد أيها الرسول لسنة هللا‬ ‫ون ‪[}٨٥‬غافر‪ْ ،]85 :‬‬
‫ِ‬
‫ض ۡب‬
‫َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ولن تجد لسنة هللا تعالى تغييرا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولَ َق ۡد أَ ۡو َح ۡي َنا إ َ ىل ُِّ َ ى َ ۡ َ ۡ‬ ‫تعالى تبديال‪ْ ،‬‬
‫س بِعِبادِي فٱ ِ‬ ‫وس أن أ ِ‬ ‫ِ‬
‫َۡ ۡ ََ َ َ َىُ َ َ َ َ َۡ‬
‫َت َ ى‬
‫َ‬
‫ش ‪[}٧٧‬طه‪.]77 :‬‬ ‫ل ُه ۡم َط ِريقا ِِف ٱلح ِر يبسا َّل تخف درك وَّل‬

‫ِين مِن َق ۡبلِه ۡم َق ۡبلِه ۡم َو َكنُوا أَ َش َد م ِۡن ُه ۡم قُ َوة َوماَ‬


‫َ‬ ‫ََ ُ ُ ََۡ َ َ َ َُ َ‬
‫ى‬
‫َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أو لم يسِ ريوا ِِف ٱلۡر ِض فينظروا كيف َكن عقِبة ٱَّل‬‫ۡ‬ ‫ََ َ‬
‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََك َن ٱ َ ُ‬
‫لس َم ى َو ى ِت َوَّل ِِف ٱلۡر ِض إِنَ ُهۥ َك َن َعل ِيما قدِيرا ‪}٤٤‬‬
‫يشء ِف ٱ َ‬
‫جزهۥ مِن ۡ ِ‬
‫َّلل َِلُ ۡع َ ُ‬
‫ِ‬
‫يمش هؤالء املشركون في األرض‪ ،‬فينظروا كيف كان مصير األمم السابقة املكذبة للرسل‬ ‫واملعنى‪ :‬أفلم ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫نظ ُروا ك ۡيف َك َن َع ى ِق َبة ٱَّل َ‬
‫ِين مِن ق ۡبل ِ ِه ۡم د َِّ َر‬
‫َ ُ‬ ‫دمر هللا عليهم‪ ،‬كما قال تعالى‪۞ { :‬أفل ۡم يَسِ ُ‬
‫ريوا ِِف ٱلۡر ِض في‬ ‫كيف ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ َۡ ۡ َ ۡ َى َ َۡ َ ُ‬
‫ٱَّلل علي ِهم ول ِلكفِرِين أمٰىلها ‪[}١٠‬محمد‪ ،]10 :‬وكانوا أشد قوة من قريش‪ ،‬وما كان هللا تعالى ليعجزه ويفوته‬
‫من ش يء في السماوات وال في األرض‪ ،‬فال يفلتون من عذابه‪ّ ،‬إن هللا تعالى كان عليما بأعمالهم‪ ،‬قديرا على‬
‫تدميرهم‪.‬‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫نظ ُروا ك ۡي َف ََك َن َع ىقِ َب ُة ٱَّل َ‬
‫ِين مِن ق ۡبل ِ ِه ۡ رم َكنوا‬
‫ََ ُ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬أفَل ۡم يَسِ ُ‬
‫ريوا ِِف ٱلۡر ِض في‬
‫َ َ َ ۡ َى َ ۡ ُ َ َ ُ َ ۡ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫كََ‬ ‫َ ۡ‬
‫ون ‪[}٨٢‬غافر‪.]82 :‬‬ ‫َّث م ِۡن ُه ۡم َوأش َد ق َوة َو َءاثارا ِِف ٱلۡر ِض فما أغن عنهم ما َكنوا يكسِ ب‬ ‫أ‬

‫َ َ‬ ‫َُ ُ ۡ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ ۡ ُ َ ُ َ ُ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َى َ ۡ َ‬
‫ل أ َجل ُِّّ َسم فإِذا‬ ‫لَع ظه ِرها مِن دابة َول ى ِ‬
‫كن يؤخ ُِرهم إ ِ ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولو يؤاخِذ ٱَّلل ٱلاس بِما كسبوا ما ترك‬
‫ص َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُُ ۡ َ َ ََ َ َ‬
‫ريا ‪}٤٥‬‬ ‫َّلل َكن بِعِ َبادِه ِۦ ب ِ‬ ‫جاء أجلهم فإِن ٱ‬
‫لعجل لهم العذاب في األرض‪ ،‬وما ترك‬ ‫واملعنى‪ :‬لو يعاقب هللا تعالى الناس فورا بما كسبوا من السيئات ّ‬
‫على ظهرها من دابة‪ ،‬ولكنه تعالى أراد غير ذلك‪ ،‬فهو يمهلهم ويؤخرهم إلى وقت محدد‪ ،‬فإذا جاء وقت عقابهم‬
‫ّ‬
‫فإن هللا تعالى كان بمن يستحق العقاب بصيرا‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْح ِة لَو يُ َؤاخ ُِذ ُهم ب َما َك َس ُبوا لَ َع َج َل ل َ ُه ُم ال َع َذ َ‬‫ور ُذو َ‬
‫الر َ‬ ‫ك ال َغ ُف ُ‬
‫َ َ ُّ َ‬
‫اب بَل ل ُهم‬ ‫ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ورب‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ُي ُدوا مِن ُدونِهِ َِّوئِل}[الكهف‪.]58 :‬‬ ‫َ‬
‫ِّو ِعد لن ِ‬
‫ُ َُ‬
‫سورة يس‬
‫وهي مكية وعدد آياتها ثالث وثمانون‬

‫ۡ‬‫ان ٱ َ‬ ‫ۡ‬
‫َ َُۡ‬
‫لكِي ِم ‪} ٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يس ‪ ١‬وٱلقرء ِ‬
‫ُ‬
‫ي ي َ َديهِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬يس‪ .‬والقرآن املحكم الذي ال يتطرق إليه الباطل‪ ،‬كما قال تعالى‪َّ{ :‬ل يأتِيهِ الاطِل مِن ب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِيد}[فصلت‪.]42 :‬‬
‫ِيم ْح ٍ‬
‫زنيل مِن حك ٍ‬
‫وَّل مِن خلفِهِ ت ِ‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِنَ َك ل ِم َن ٱل ُم ۡر َسل َِي ‪} ٣‬‬
‫ُ‬ ‫َُ‬
‫واملعنى‪ :‬إنك أيها الرسول ملن املرسلين الذين أرسلهم هللا تعالى إلى عباده‪ ،‬كما قال تعالى‪َ{ :‬م َمد َر ُسول‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫اَّللِ}[الفتح‪.]29 :‬‬

‫ََ‬
‫لَع ِص َر ىط ُِّّ ۡس َتقِيم ‪} ٤‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ى‬
‫َص ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫يم‬ ‫واملعنى‪ :‬على صراط هللا تعالى املستقيم ودينه القويم‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ{ :‬إَونك ِلَهدِي إِل ِ َ ٍ‬
‫اط ِّستقِ ٍ‬
‫ري ُ‬
‫الِّ ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫اَّللِ َاَّلِي َ ُل َما ِف َ‬
‫الس َم َو ِ َ‬ ‫َ‬
‫ور}[الشورى‪.]52-53 :‬‬ ‫ات َوما ِِف الر ِض أَّل إِل اَّللِ ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫اط‬ ‫‪َ ِ .‬‬
‫َص ِ‬

‫َ ۡ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يز ٱ َلرحِي ِم ‪} ٥‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬تزنِيل ٱلع ِز ِ‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬هذا القرآن تنزيل العزيز الغالب على أمره الرحيم بعباده‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬حم ‪ .‬تزنيل م َِن‬
‫َ َ‬
‫ْحن َ‬
‫الرحِي ِم ّ‬
‫}[فصلت‪.]1-2 :‬‬ ‫الر ِ‬

‫َ َ َ ُُ ۡ ُ ۡ ى َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬لِ ُنذ َِر ق ۡوما َما أنذِر ءاباؤهم فهم غفِل‬
‫واملعنى‪ :‬لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم وهم أهل مكة ومن حولها من العرب والعجم‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫{ َوِلِ ُنذ َِر أ َم ال ُقرى َو َمن َحولها}[األنعام‪ ،]92 :‬فهم قوم ساهون عن اإليمان‪.‬‬
‫َ ََ ُ‬
‫اهم مِن نَذِير مِن َقبل َِك لَ َع َلهمُ‬ ‫َ َ ُ َ َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬بَل ُه َو َ‬
‫ٍ‬ ‫ت‬‫أ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ا‬‫م‬‫و‬ ‫ال ُّق مِن ربِك ِِلنذِر ق‬
‫َ َُ َ‬
‫ون}[السجدة‪.]3 :‬‬‫يهتد‬
‫ََ ۡ َ َ ۡ َ ۡ ُ ََى َ ۡ َ ۡ َ ُ ۡ َ ُۡ ُ َ‬
‫َّثهِم فهم َّل يؤمِنون ‪} ٧‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬لقد حق ٱلقول لَع أك ِ‬
‫واملعنى‪ :‬لقد حق القول بالعذاب على أكثر هؤالء القوم‪ ،‬فهم ال يؤمنون باهلل وال برسوله‪.‬‬
‫ََ َََ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫كن َح َق القول م ِِن لِّلن‬
‫واملراد بالقول في هذه اآلية القول بالعذاب‪ ،‬ودل على ذلك قوله تعالى‪َ { :‬ول ِ‬
‫ي}[السجدة‪.]13 :‬‬ ‫اس أَ َ‬
‫ۡج ِع َ‬ ‫ل َنةِ َوالَ ِ‬ ‫َ َََ َ‬
‫جهنم مِن ا ِ‬

‫ُ ُّ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ََۡۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬إِنَا َج َعل َنا ِِف أ ۡع َنىقِ ِه ۡم أغل ىل ف ِ َ‬
‫ون ‪} ٨‬‬ ‫ان فهم مقمح‬ ‫ه إِل ٱلذق ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫فاضطروا إلى رفع‬ ‫واملعنى‪ :‬إنا جعلنا أيديهم موثقة مشدودة إلى أعناقهم‪ ،‬تمنعهم من فعل ش يء‪،‬‬
‫رؤوسهم إلى السماء‪ ،‬فهم غاضون أبصارهم ال يبصرون الحق‪.‬‬
‫ُۡ َ َ ُ َ َ‬ ‫َ َۡ ۡ‬
‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬قال ابن عباس‪ :‬هو كقول هللا تعالى‪َ { :‬وَّل ت َعل يَ َد َك َمغلولة إ ِ ىل ع ُن ِقك َوَّل‬
‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َُ ۡ‬ ‫َ‬
‫َم ُسورا ‪[}٢٩‬اإلسراء‪ ،]29 :‬يعني بذلك‪ّ :‬أن أيديهم ُموثقة إلى أعناقهم‪ ،‬ال‬ ‫ت ۡب ُس ۡط َها ُك ٱلبَ ۡس ِط ف َتق ُع َد َِّلوما‬
‫يستطيعون ْأن يبسطوها بخير‪.‬‬

‫َ‬
‫َ ۡ َىُ ۡ ُ ۡ ُ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ۡ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َج َعل َنا مِن بَ ۡ ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪} ٩‬‬ ‫ي أيدِي ِه ۡم َسدا َوم ِۡن خلفِ ِه ۡم َسدا فأغشينهم فهم َّل يب ِ‬
‫ُص‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وجعلنا من أمام الكفار سدا ومن ورائهم سدا‪ ،‬فجعلنا على أبصارهم غشاوة وأغطية تمنعهم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َََ َُ ََ ُُ ۡ َ ََ َ ۡ ۡ َ ََ َ‬
‫لَع أبۡ َص ى ِره ِۡم غ َ ى‬
‫ِش َوة َول ُه ۡم َعذاب َع ِظيم ‪٧‬‬ ‫لَع سمعِ ِهم و ى‬
‫لَع قلوب ِهم و ى‬
‫ِ‬
‫من الرؤية‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ختم ٱَّلل ى‬
‫}[البقرة‪ ،]7 :‬فهم ال يبصرون رشدا‪.‬‬

‫َ‬
‫َ َ َ َ ۡ ۡ َ ۡ َُ ۡ ۡ ۡ ُ ۡ ُ ۡ ُۡ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}١٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وسواء علي ِهم ءأنذرتهم أم لم تنذِرهم َّل يؤمِن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فلن يقع منهم‬ ‫تحذرهم‪ْ ،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وسواء على هؤالء الكفار أحذ َرتهم أيها الرسول من عذاب هللا ْأم لم‬
‫ت‬‫ت َعلَ ۡيه ۡم َُك َِم ُ‬ ‫اإليمان‪ ،‬فقد كتب هللا عليهم الكفر؛ إلصرارهم على جحودهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إ َن ٱ ََّل َ‬
‫ِين َح َق ۡ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ ُ ُّ َ َ َ َ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َ َ َ ُۡ ُ َ‬
‫اب ٱل َِل َم ‪[}٩٧‬يونس‪.]96-97 :‬‬ ‫ون ‪ ٩٦‬ولو جا َءتهم ُك َءاي ٍة ح ى‬
‫ت ي َروا ٱلعذ‬ ‫ربِك َّل يؤمِن‬

‫َ‬‫َ ۡ‬ ‫َ‬
‫َ ُۡ َۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن َما تُنذ ُِر َمن ٱ َت َب َع ٱَّلِك َر َو َخ ِ َ َ ۡ َ َ َ ۡ‬
‫ب فب ِشه بِمغفِ َرة وأجر ك ِر ٍ‬
‫يم ‪} ١١‬‬ ‫ش ٱلرحم ىن ب ِٱلغي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنما تنذر أيها الرسول َمن اتبع الذكر وخش ي عذاب ربهم الرحمن بالغيب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِن َما‬
‫الصلةَ}[فاطر‪ ،]18 :‬فبش ْره أيها الرسول بمغفرة من هللا لذنوبه‪ ،‬وأجر‬
‫ّ‬ ‫ِين َي َشو َن َر َب ُهم بال َغيب َوأَقَ ُ‬
‫اِّوا َ‬ ‫ُتنذ ُِر َاَّل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ ََُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب ل ُهم َمغفِ َرة َوأجر كبِري}[امللك‪.]12 :‬‬
‫كريم في الجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِن اَّلِين يشون ربهم بِالغي ِ‬
‫َ َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫ار َك ٱَّلِي ن َزل‬‫وال تعارض بين هذه اآلية وأمثالها واآلية الدالة على عموم اإلنذار في مثل قوله تعالى‪ { :‬تب‬
‫ون ل ِۡل َع ىلَم َ‬
‫ي نَذِيرا ‪[}١‬الفرقان‪]1 :‬؛ ّ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ۡ ُ ۡ َ َ َ َى َ‬
‫ألن إنذار الرسول صلى هللا عليه وسلم عام لجميع‬ ‫ِ‬ ‫لَع ع ۡب ِده ِۦ َِلك‬ ‫ٱلفرقان‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫خص في بعض اآليات للمؤمنين ألنهم املنتفعون به‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وذكِر فإِن اَّلِك َرى تنف ُع‬
‫ّ‬ ‫وإنما ّ‬ ‫ّ‬
‫الناس‪،‬‬
‫ال ُمؤ ِمن َِي}[الذاريات‪.]55 :‬‬

‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َۡ ُ ُ ۡ َۡ ۡ َ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ ُ َ َ ُ ۡ ََُ َ َ‬


‫ى‬
‫يش ٍء أحصينه ِِف إِمام مبِي ‪} ١٢‬‬ ‫ت ونكتب ما قدِّوا و َءاث ى َره رم وُك ۡ‬
‫ح ٱ لم و ى‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِنا َنن ن ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنا نحن نحيي املوتى ونبعثهما أحياء من قبورهم‪ ،‬ونكتب ما عملوا من خير أو شر‪ ،‬ونكتب‬
‫آثارهم التي خلفوها ملن بعدهم‪ ،‬من خير كالعلم النافع‪ ،‬والصدقة الجارية‪ ،‬والولد الصالح‪ ،‬ومن شر كالشرك‬
‫َ‬ ‫والفسوق‪ ،‬وكل ش يء يتعلق بالكائنات أحصيناه في لوح محفوظ‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قَ َال ع ِۡل ُم َها ع َ‬
‫ِند َر ِب ِِف كِت ىب‬
‫َ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫يشء َف َعلُ ُ‬
‫وه ِِف ٱ ُّلزبُ ِر ‪َ ٥٢‬وُك َصغِري َووُكبِري ُِّّ ۡس َت َطر ‪٥٣‬‬ ‫ََّل يَض ُّل َرب َو ََّل يَ َ‬
‫نس ‪[}٥٢‬طه‪ ،]52 :‬وقال تعالى‪َ { :‬و ُ ُُّك َ ۡ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫}[القمر‪.]52-53 :‬‬
‫ومعنى آثارهم أي آثار أعمالهم التي خلفوها ملن بعدهم‪ ،‬وهؤالء سيحملون أوزار من أضلوهم‪ ،‬كما‬
‫َ ُ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُّ َ ُ َ‬
‫ِلم}[النحل‪.]25 :‬‬
‫ضلونهم ب ِ ِ ٍ‬
‫ع‬ ‫ري‬ ‫غ‬ ‫قال تعالى‪َِ { :‬لح ِملوا أوزارهم َكِِّلة يوم ال ِقيم ِة ومِن أوزارِ اَّلِين ي ِ‬

‫ۡ َۡ َ َۡ َۡ ُ َۡۡ َ َ َ ُ َ َ‬ ‫َ ۡ ۡ َُ َ َ َ ۡ َى َ َۡ ۡ َ ۡ َ َ َ ُۡ ۡ َ ُ َ‬
‫ي فكذبُوه َما ف َع َز ۡزنا‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ث‬ ‫ٱ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫َل‬
‫ِ ِ‬ ‫إ‬ ‫ا‬‫ن‬ ‫ل‬‫س‬‫ر‬‫أ‬ ‫ذ‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫‪١٣‬‬ ‫ون‬ ‫ضب لهم مثل أصحب ٱلقري ِة إِذ جاءها ٱلمرسل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱ ِ‬
‫َ َ ُ َ َ ۡ ُ ُّ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ١٤‬‬ ‫بِثال ِث فقالوا إِنا إَِلكم ِّرسل‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫يشء إ ۡن أ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫َ ۡ ُ َ‬
‫نت ۡم إَِّل تكذِب‬ ‫ۡ َ ُ‬ ‫ََ ۡ َ ََ َ‬ ‫َ ُۡ‬
‫ون ‪} ١٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا ما أنتم إَِّل بش مِثلنا وما أنزل ٱ َلرحم ىن مِن ۡ ٍ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قال أهل قرية أنطاكية‪ :‬ما أنتم أيها املرسلون إال بشر مثلنا‪ ،‬وما أنزل الرحمن من وحي عليكم‪،‬‬
‫ْإن أنتم إال تكذبون فيما ّتدعون‪.‬‬
‫وبشرية الرسول شبهة كثير من األمم السابقة املكذبة للرسالة اإللهية‪ ،‬وقد حكى هللا تعالى في كثير من‬
‫َ َ ََ َ َ َ‬
‫اآليات أن الكفار يثيرون هذه الشبهة ملنع الناس من اإليمان‪ ،‬وذلك في قوله تعالى‪{ :‬ذل ِك بِأن ُه َكنت تأتِي ِهم‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫َُ ُ ُ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ َ َ‬ ‫ُ‬
‫يدون أن ت ُص ُّدونا‬ ‫ات فقالوا أبَش َيه ُدون َنا}[التغابن‪ ،]6 :‬وقوله تعالى‪{ :‬قالوا إ ِن أن ُتم إَِّل بَش مِثلنا ت ِر‬ ‫َ‬
‫ُر ُسل ُهم بِالَيِن ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ ُُ َ ُ‬
‫اؤنَا فَأتُونَا ب ُسل َط ُ‬
‫ي}[إبراهيم‪ ،]10 :‬وقوله تعالى حكاية عن قولهم‪َ { :‬ولئِن أ َطع ُتم بَشا‬ ‫ان مب ِ ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫عما َكن يعبد آب‬
‫َ َ َ َ َ َ َ َ ُۡ ُ ۡ َ ُ ُ ُۡ َ َ َ‬ ‫ََ ُ َ‬ ‫َ ُ َ ُ‬
‫ى إَِّل أن‬ ‫ون}[املؤمنون‪ ،]34 :‬وقوله تعالى‪ { :‬وما منع ٱلاس أن يؤمِنوا إِذ جا َءهم ٱلهد ى‬ ‫اس‬
‫مِثلكم إِنكم إِذا ل ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َََ َ َُ ََ‬
‫قالوا أبعث ٱَّلل بشا رسوَّل ‪[}٩٤‬اإلسراء‪.]94 :‬‬

‫َ ُ َ ُّ َ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ ُ ۡ َ ُ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ١٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا ربنا يعلم إِنا إَِلكم لمرسل‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قال املرسلون ألهل أنطاقية‪ :‬رّبنا يعلم إنا إليكم ملرسلون‪ ،‬وكفى به شهيدا‪ ،‬كما قال تعالى‬
‫آم ُنوا‬ ‫ات َوالر ِض َو َاَّل َ‬
‫ِين َ‬ ‫كم َشهيدا َيعلَ ُم َما ِف َ‬
‫الس َم َو ِ‬
‫ََ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ََ‬
‫لرسوله صلى هللا عليه وسلم‪{ :‬قل كَف بِاَّللِ َبي ِن وبين‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون}[العنكبوت‪.]52 :‬‬ ‫بِالَاط ِِل َووُكف ُروا بِاَّللِ أولئ ِك هم ال ِ‬
‫اس‬

‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما َعل ۡي َنا إَّل ٱلَل ى ُغ ٱل ُمب ُ‬
‫ي ‪} ١٧‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫واملعنى‪ :‬وما علينا إال تبليغ الرسالة بوضوح‪ ،‬وعلى هللا الحساب‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما َع َلى ه‬
‫الر ُسول إَل‬
‫َ َ ۡ َ ُ‬ ‫َ ُ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ َ ُ ُْ ُ‬
‫ال َبالغ اَلبين}[العنكبوت‪ ،]18 :‬وقال تعالى‪ِ { :‬إَون َما ن ِريَ َنك َب ۡعض ٱَّلِي نعِ ُده ۡم أ ۡو نتَ َوف َي َنك فإِن َما َعل ۡيك ٱلَل ىغ‬
‫َ َ ََۡ ۡ‬
‫ل ِ َس ُ‬
‫اب ‪[}٤٠‬الرعد‪.]40 :‬‬ ‫وعلينا ٱ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ۡ َ َُ َۡ ََُ ُ ۡ َ ََ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ََ ََۡ‬ ‫َ ُ‬
‫كم م َِنا َعذاب أ َِلم ‪} ١٨‬‬ ‫رينا بِك ۡم لئِن لم تنتهوا لُنۡجنكم وَلمسن‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا إِنا تط‬
‫لنرجمنكم‬‫ّ‬ ‫لئن لم تنتهوا عن دعوتكم لنا‬ ‫واملعنى‪ :‬قال أهل قرية أنطاكية‪ّ :‬إنا تشاءمنا بكم‪ ،‬قسما ْ‬
‫ّ‬
‫وليصيبنكم منا عذاب موجع‪.‬‬ ‫بالحجارة‪،‬‬
‫لتطير قوم فرعون بموس ى عليه‬ ‫وهذا التطير من أهل القرية باملرسلين الذين أرسلوا إليهم مشابه ّ‬
‫وس َو َمن َم َع ُه أََّل إ َنماَ‬
‫ريوا ب ُم َ‬
‫صب ُهم َسيئَة َي َط َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ َ َُ َ ُ َ َ‬
‫ال َسنة قالوا لَا ه ِذه ِ ِإَون ت ِ‬ ‫السالم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فإِذا جاءتهم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫َطائ ُرهم عِند‬
‫لتطير ثمود بصالح عليه السالم‪ ،‬كما قال تعالى حكاية عن قولهم‪{ :‬‬ ‫اَّللِ}[األعراف‪ ،]131 :‬ومشابه ّ‬
‫ِ‬
‫َ ُ َ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َى ُ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ ُ َ‬
‫قالوا ٱطرينا بِك وبِمن معكر قال طئِركم عِند ٱَّللِ بل أنتم قوم تفتنون ‪[}٤٧‬النمل‪.]47 :‬‬

‫َ‬ ‫ۡ ُ َ ُ ۡ ۡ ُّ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬


‫َى ُ ُ َ َ ُ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ون ‪}١٩‬‬ ‫ّسف‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا طئِركم معكم أئِن ذكِرتم بل أنتم قوم ِّ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قال املرسلون‪ :‬شؤمكم مردود عليكم‪ ،‬ومن عند أنفسكم‪ ،‬بسبب كفركم وتكذيبكم‪ ،‬كما قال‬
‫ْ ُّ‬ ‫ُ ََ ُ َ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ َ َ ُ‬
‫أئن ذكرتم بالحق‪،‬‬ ‫ري}[الشورى‪،]30 :‬‬
‫ِ ٍ‬ ‫ث‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫وا‬ ‫ف‬ ‫ع‬ ‫ي‬‫و‬ ‫م‬ ‫ِيك‬
‫د‬ ‫ي‬‫أ‬ ‫ت‬‫ب‬ ‫س‬ ‫ك‬ ‫ما‬ ‫ب‬ ‫ف‬
‫ِ ٍ ِ‬ ‫ة‬‫يب‬ ‫ص‬‫ِّ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫تعالى‪{ :‬وما أصاب‬
‫ّْ‬
‫وخوفتم من عقاب هللا تطيرتم وتشاءمتم؟ بل أنتم قوم مسرفون في الكفر والعصيان‪.‬‬

‫ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع قَ َال َي ى َق ۡو ِم ٱتَب ُعوا ٱل ۡ ُم ۡر َسل َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َجا َء م ِۡن أَ ۡق َصا ٱل ۡ َمد َ‬
‫ِي ‪ ٢٠‬ٱتب ِ ُعوا َمن َّل ي َ ۡسَٔٔلك ۡم أ ۡجرا‬ ‫ِ‬ ‫ِين ِة َر ُجل ي َ ۡس َ ى‬
‫َۡ ُۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُّ ۡ َ ُ َ َ َ َ َ َ ۡ‬
‫ون ‪}٢٢‬‬ ‫ل َّل أع ُب ُد ٱَّلِي ف َط َر ِن ِإَوَلهِ ترجع‬ ‫وهم ِّهتدون ‪ ٢١‬وما ِ‬

‫ََ ُ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ ۡ َ ۡ َى ُ ُ َ ُ ۡ َ َ َى َ ُ ُ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ ُ‬


‫ون ‪} ٢٣‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ءأَتِذ مِن دونِهِۦ ءال ِهة إِن ي ِرد ِن ٱلرحمن بُِض َّل تغ ِن ع ِن شفعتهم يشٔٔا وَّل ين ِقذ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬أأتخذ من دون هللا تعالى آلهة أخرى‪ْ ،‬إن ْ‬
‫يردني الرحمن بسوء‪ ،‬ال تملك هذه اآللهة دفع ذلك‬
‫عني من ش يء‪ ،‬وال تستطيع إنقاذي من ذلك السوء‪ّ ،‬‬
‫فإن هللا تعالى لو أراد بعبد سوءا فال كاشف له إال‬ ‫السوء ّ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َُ ُ َ َ‬
‫ُض فل َكش َِف ُل إَِّل ُه َو}[األنعام‪.]17 :‬‬
‫هو‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ{ :‬إَون يمسسك اَّلل ب ِ ٍ‬

‫َۡ َ َ َ َ َى َ ۡ َ َ‬ ‫َ ۡ ُ‬ ‫َ َ ُ َ ُ ۡ َ ۡ َُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إن إذا َلَف َض َل ىل ُّ‬


‫ت ق ۡو ِم‬ ‫ون ‪ ٢٥‬قِيل ٱدخ ِل ٱلنة قال يلي‬ ‫ي ‪ ٢٤‬إ ِ ِن ءامنت بِربِكم فٱسمع ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ِِ ِ ِ‬
‫َ‬
‫لَع قَ ۡو ِمهِۦ مِن َب ۡع ِده ِۦ مِن ُجند م َِن ٱ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪ ٢٦‬ب َما َغ َف َر ل َرب َو َج َعلَن م َِن ٱل ُم ۡك َرم َ‬‫ََُۡ َ‬
‫لس َماءِ َو َما‬ ‫نزلَا َ ى‬‫ِي ‪َ ۞ ٢٧‬و َما أ َ‬ ‫يعلم‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ۡ َ َ ۡ َ َى َ َ َ ُ ۡ َ ى ُ َ‬ ‫ُك َنا ُِّزنل َ‬
‫ون ‪} ٢٩‬‬ ‫ِي ‪ ٢٨‬إِن َكنت إَِّل صيحة وحِدة فإِذا هم خ ِمد‬ ‫ِ‬

‫َۡ َۡ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ ۡ‬


‫َ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ ۡ َ‬
‫ون ‪} ٣٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ي ىحّسة لَع ٱلعِبادِ ما يأتِي ِهم مِن رس ٍ‬
‫ول إَِّل َكنوا بِهِۦ يسته ِزء‬
‫واملعنى‪ :‬يا حسرة على العباد يوم القيامة‪ ،‬ما يأتيهم من رسول إال كانوا يستهزئون به ويكفرون‬
‫برسالته‪.‬‬
‫َ‬
‫ول إَِّل َكنُوا بِهِ يَس َته ِز ُؤ َن}[الحجر‪.]11 :‬‬ ‫َُ‬ ‫َ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬وما يأتِي ِهم مِن رس ٍ‬

‫ََۡ ََ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َۡ َُ َ ُۡ ُ ََ ُ ۡ َۡ ۡ َ َۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٣١‬‬ ‫جع‬
‫ون أنهم إَِل ِهم َّل ير ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ألم يروا كم أهلكنا قبلهم مِن ٱلقر ِ‬

‫ََۡ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬


‫ون ‪} ٣٢‬‬‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون ُك ل َما ۡجِيع َلينا َمُض‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫وإن جميع األمم السابقة محضرون عندنا للحساب‪ ،‬فنوفيهم جزاء أعمالهم‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ ُ ًّ َ َ َ ُ َ َ َ ُ َ ُّ َ َ َ َ ُ َ ُ َ َ َ ُ َ َ‬
‫{ِإَون لَك لما َلوفِينهم ربك أعمالهم إ ِنه بِما يعملون خبِري}[هود‪.]111 :‬‬

‫ُ‬
‫ُۡ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٣٣‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َءايَة ل ُه ُم ٱلۡرض ٱل َم ۡي َتة أ ۡح َي ۡي َنى َها َوأخ َر ۡج َنا م ِۡن َها َحبا ف ِمنه يأكل‬
‫ض امليتة التي ال نبات فيها‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وآية دالة لهؤالء املشركين على قدرة هللا على إحياء املوتى‪ ،‬األر ُ‬
‫أحييناها بنزول املطر‪ ،‬وأخرجنا منها حبا‪ ،‬فمنه يأكل هؤالء املشركون‪.‬‬
‫الس َماءِ َماء فَأَح َيا بهِ الر َض َبع َد َِّوت َِها إ َن ِف َذل َِك َآليةَ‬
‫َ‬ ‫اَّلل َأن َز َل م َِن َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َ ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ ُ َ‬
‫ون}[النحل‪.]65 :‬‬ ‫ل ِقو ٍم يسمع‬

‫ۡ‬
‫َ َ َۡ َ َ ُُ‬ ‫َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ َ َ َ َى‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وجعلنا فِيها جنت مِن َنِيل وأعنىب وفجرنا فِيها مِن ٱلعي ِ‬
‫ون ‪} ٣٤‬‬
‫ََ َ َ َ ُ‬
‫واملعنى‪ :‬وجعلنا بماء املطر في األرض بساتين من نخيل وأعناب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فأنشأنا لكم بِهِ‬
‫َج َنات مِن ََنِيل َوأَع َناب}[املؤمنون‪ّ ،]19 :‬‬
‫وفجرنا في األرض من عيون املاء‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ َ َ َۡ ُ َۡ ۡ َََ َۡ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ ُ‬
‫ون ‪} ٣٥‬‬‫قوله تعالى‪َِ { :‬لَأكلوا مِن ث َم ِره ِۦ وما ع ِملته أيدِي ِه رم أفل يشكر‬
‫ِيها فَ َواك ُِه َكث ِ َ‬
‫رية َومِن َها‬
‫َ ُ‬
‫كم ف َ‬ ‫واملعنى‪ :‬ليأكل العباد من ثمر تلك البساتين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ل‬
‫َ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ون}[املؤمنون‪ ،]19 :‬ويأكلوا مما صنعته أيديهم‪ ،‬أفال يشكرون هللا تعالى على نعمه التي ال تحص ى‪.‬‬ ‫تأكل‬

‫َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َُ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫حى َن ٱَّلِي َخل َق ٱل ۡز َو ى َج ُك َها ِّ َِما تُۢنب ُ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ُ { :‬س ۡب َ‬
‫ون ‪} ٣٦‬‬ ‫ت ٱلۡرض َوم ِۡن أنفسِ ِه ۡم َوِّ َِما َّل يعلم‬ ‫ِ‬
‫تنزه هللا تعالى تنزيها عن كل سوء‪ ،‬فهو الذي خلق األنواع واألصناف كلها ذكورا وإناثا‪ ،‬مما‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫تنبت األرض‪ ،‬ومن أنفسهم ذكورا وإناثا‪ ،‬ومما ال يعلمون من مخلوقات هللا في هذا العالم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ومِن‬
‫َ ُ َ ُ َ‬‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ون}[الذاريات‪.]49 :‬‬‫ي لعلكم تذكر‬
‫ُك يش ٍء خلقنا زوج ِ‬
‫ِ‬

‫ُ ُّ ۡ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َءايَة ل ُه ُم ٱ َۡلل ن ۡسل ُخ م ِۡن ُه ٱلَ َه َ‬
‫ون ‪} ٣٧‬‬ ‫ار فإِذا هم مظل ِم‬
‫واملعنى‪ :‬وآية دالة لهؤالء العباد على قدرة هللا تعالى‪ ،‬الليل ننزع منه النهار‪ ،‬ونجعلهما يتعاقبان‪ ،‬ونجعل‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫أحدهما يأتي سريعا عقب اآلخر ويخلفه بال فاصل‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬يغ ِش الليل الَ َه َار َيطل ُب ُه َحثِيثا}[األعراف‪:‬‬
‫‪ ،]54‬فإذا الناس داخلون في الظالم‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ُ ۡ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ ُ ۡ‬ ‫َ‬
‫يز ٱل َعل ِِيم ‪} ٣٨‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱلشمس ت ِري ل ِمستقر لها ر ذ ىل ِك تقدِير ٱلع ِز ِ‬
‫َ‬ ‫َُ َ‬
‫َّلل ٱَّلِي َرف َع‬ ‫واملعنى‪ :‬والشمس تجري في فلكها ألجل مسمى ال تتعداه وال تقصر عنه‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱ‬
‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ َۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ َ ََ ۡ ََ ُ َ ۡ ََ ى ََ ۡ‬
‫ى لَع ٱل َع ۡر ِش َو َسخ َر ٱلش ۡم َس َوٱلق َم َر ُك ُي ِري ِل َجل ُِّّ َسم يُ َدب ِ ُر ٱل ِّۡ َر‬ ‫ري عمد ترونها ثم ٱستو‬ ‫ت بِغ ِ‬
‫ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫َ َ ُ ۡ ُ ُ َ‬ ‫َى َ َ ُ‬ ‫َُ ُ‬
‫ون ‪[}٢‬الرعد‪ ،]2 :‬ذلك تقدير العزيز الغالب على أمره‪ ،‬العليم‬ ‫ت ل َعلكم بِل ِقاءِ ربِكم توق ِن‬‫صل ٱٓأۡلي ِ‬ ‫يف ِ‬
‫بمصالح خلقه‪.‬‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُۡ ُ‬ ‫َ ۡ‬


‫َ َى َ َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ََ َ َۡ ُ ََ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ِيم ‪} ٣٩‬‬ ‫ون ٱلقد ِ‬
‫ت َعد كٱلعرج ِ‬ ‫ازل ح‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱلقمر قدرنىه من ِ‬
‫قدرناه منازل ينزل فيها في كل ليلة على هيئة خاصة‪ ،‬وهي ثمانية وعشرون منزال يرى‬ ‫واملعنى‪ :‬والقمر ّ‬
‫القمر باألبصار‪ ،‬حتى أصبح في آخر منازله كالعرجون العتيق اليابس؛ وذلك ملعرفة حساب‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫العرب‬ ‫فيها‬
‫َ َ‬ ‫َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِي‬ ‫ض َياء َوٱلق َم َر نورا َوق َد َرهُۥ َم َنازِل ِلِ َعل ُموا ع َدد ٱ ِ‬
‫لسن َ‬ ‫األوقات‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ه َو ٱَّلِي َج َعل ٱلش ۡم َس ِ‬
‫َى َ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫َۡ ُ َ ُ‬ ‫َ ۡ َ َ َ َ ََ َُ َ َ َ‬
‫ون ‪[}٥‬يونس‪.]5 :‬‬ ‫ت ل ِقوم يعلم‬ ‫َّلل ذ ىل ِك إَِّل ب ِٱل ِق يف ِ‬
‫صل ٱٓأۡلي ِ‬ ‫اب ما خلق ٱ‬
‫وٱل ِس ر‬
‫ََ َۡ َ ُ َ‬ ‫َ َ ۡ ُ َ َ ََ َ ُۡ َ َۡ َ َ َ َ َُۡ َ ُ ََ َُ‬
‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل ٱلشمس يۢنب ِغ لها أن تدرِك ٱلقمر وَّل ٱَلل سابِق ٱلهارِ وُك ِِف فلك يسبحون ‪} ٤٠‬‬
‫واملعنى‪ :‬ال يمكن للشمس ْأن تدرك القمر‪ ،‬وال يمكن لليل ْأن يسبق النهار‪ ،‬وكل في فلك يدورون بنظام‬
‫بديع‪.‬‬
‫ََ‬ ‫ُي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َ‬
‫اللي َل َوالَ َه َ‬ ‫ُ َ‬
‫ار َوالشم َس َوالق َم َر ُك ِِف فل ٍك‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وه َو اَّلِي خلق‬
‫َ َ ُ َ‬
‫ون}[األنبياء‪.]33 :‬‬ ‫ي سب ح‬

‫ۡ ۡ‬ ‫ۡ ۡ‬
‫ْحل َنا ذر َي َت ُه ۡم ِف ٱل ُفل ِ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َءايَة ل ُه ۡم أنَا َ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٤١‬‬
‫ك ٱ لمش ح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وآية للعباد دالة على قدرة هللا تعالى أنا حملنا أوالدهم صغارا وكبارا في السفن اململوءة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ََ َ َ ُ َ َ‬
‫ت اَّللِ‬
‫ببضائع التجارة التي ينقلونها من بلد إلى آخر‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ألم تر أن الفلك ترِي ِِف الحرِ بِن ِعم ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ َ ُ‬
‫ور}[لقمان‪.]31 :‬‬
‫ار شك ٍ‬
‫ِك صب ٍ‬
‫ات ل ِ‬
‫ِرييكم مِن آياتِهِ إِن ِِف ذل ِك آلي ٍ‬
‫ل ِ‬

‫َ َۡ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬


‫ون ‪} ٤٢‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وخلق َنا ل ُهم مِن مِثلِهِۦ ما يركب‬
‫واملعنى‪ :‬وخلقنا للعباد من مثل تلك السفن ما يركبون عليها من وسائل النقل‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َُ َ‬
‫وها َوزِ َينة َويَخل ُق َما َّل َتعل ُمون}[النحل‪.]8 :‬‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬واليل والِغال وال ِمري ل ِتكب‬

‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ۡ ُ ۡ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ َُ ۡ َ َ ُ ۡ ُ َ ُ َ‬


‫ون ‪ ٤٣‬إ ََّل َر ۡ َ‬
‫ْحة م َِنا َو َمتىعا إ ِ ىل حِي ‪ِ ٤٤‬إَوذا قِيل ل ُه ُم‬ ‫ِ‬ ‫َصيخ لهم وَّل هم ينقذ‬‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون نشأ نغ ِرقهم فل ِ‬
‫ُ ۡ َ َ َ َۡ ُ ۡ َ َ َ ُ ۡ ُۡ َُ َ‬ ‫َ ُ َ َۡ َ َ‬
‫ون ‪} ٤٥‬‬ ‫ي أيۡدِيكم وما خلفكم لعلكم ترْح‬ ‫ٱتقوا ما ب‬

‫ض َ‬ ‫ُ َۡ ُۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬


‫ي ‪} ٤٦‬‬ ‫ت َرب ِ ِه ۡم إَِّل َكنوا عن َها مع ِر ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وما تأتِي ِهم م ِۡن َءاية م ِۡن َءاي ى ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وما تأتي املشركين أيها الرسول بأي حجة من حجج هللا الواضحة الدالة على وحدانيته تعالى‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫إال أعرضوا عن قبولها واستهزؤوا بها‪ ،‬ولم يؤمنوا بها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ما يَأتِي ِهم مِن ذِك ٍر مِن َرب ِ ِهم َم َد ٍث إَِّل‬
‫ََ ُ ُ َ ُ َ َُ َ‬
‫ون}[األنبياء‪.]2 :‬‬ ‫استمعوه وهم يلعب‬
‫ض َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي}[األنعام‪.]4 :‬‬ ‫ات َرب ِ ِهم إَِّل َكنوا عن َها ُمع ِر ِ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َما تأتِي ِهم مِن آيَ ٍة مِن آيَ ِ‬

‫ام ُنوا َأ ُن ۡطعِ ُم َمن ل َ ۡو ي َ َشا ُء ٱ ََّللُ‬ ‫َ َ ََ ُ ُ َُ َ َ َ َ َ‬


‫ك َف ُروا ل ََِّل َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫َ َ َُ ۡ َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا قِيل لهم أن ِفقوا ِِّما رزقكم ٱَّلل قال ٱَّلِين‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أ ۡط َع َم ُهۥ إ ِ ۡن أ ُنت ۡم إَِّل ِِف َضل ىل ُّمبِي ‪} ٤٧‬‬
‫واملعنى‪ :‬وإذا قيل للمشركين‪ :‬أنفقوا مما رزقكم هللا تعالى‪ ،‬قالوا للذين آمنوا باهلل وبرسوله‪ :‬أنطعم َم ْن‬
‫لو يشاء هللا تعالى ْأن يطعمه ألطعمه؟ ما أنتم أيها املؤمنون إال في خطأ واضح إذ تأمروننا باإلنفاق‪.‬‬
‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬وقوله {إن َأنتُم إ ََّل} يفيد الحصر‪ ،‬وهذا فهم خطأ من املشركين‪ّ ،‬‬
‫ألن حكمة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫عمن يشاء‪ ،‬ويبسطه ملن يشاء‪َ { ،‬ولو ب َ َس َط َ ُ‬
‫هللا اقتضت تفاوت الناس في الرزق‪ ،‬فهو يقبض الرزق ْ‬
‫اَّلل الرزق‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كن يُ َزنل ب َق َدر ما ي َ ُ‬
‫شاء إِنَ ُه ب ِ ِعبا ِده ِ َخبِري بَ ِصري}[الشورى‪ ،]27 :‬فقد أغنى قوما‪ ،‬وأفقر‬ ‫َ‬
‫ل ِ ِعبادِه ِ لَغوا ِِف الر ِض َول ِ‬
‫ِ ِ ٍ‬
‫آخرين‪ ،‬وأمر الفقراء بالصبر‪ ،‬وأمر األغنياء بالعطاء والشكر‪[} { :‬الليل‪.]5-10 :‬‬

‫ُ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ََُ َ‬ ‫ُ‬


‫ت َهىذا ٱل َو ۡع ُد إِن ك ُنت ۡم َص ى ِدق َِي ‪}٤٨‬‬
‫ون َم َ ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ويقول‬
‫كنت أيها‬ ‫واملعنى‪ :‬ويقول هؤالء املشركون الجاحدون مستعجلين بالعذاب‪ :‬متى قيام الساعة ْإن َ‬
‫ون ب َها َو َاَّل َ‬
‫ِين‬
‫َ َ ُ َ َ َ َ ُ ُ َ‬
‫جل بِها اَّلِين َّل يؤمِن ِ‬
‫الرسول ومن تبعك من الصادقين فيما وعدتمونا به؟ كما قال تعالى‪{ :‬يستع ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ون أ َن َها َ‬
‫ال ُّق}[الشورى‪.]18 :‬‬ ‫َُ ُ ُ َ َ ََ ُ َ‬
‫آمنوا ِّشفِقون مِنها ويعلم‬

‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ ُ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٤٩‬‬ ‫حة َو ىح َِدة تأخذه ۡم َوه ۡم ي ِِصم‬
‫ون إَّل َص ۡي َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ما ينظ ُر ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ما ينتظر هؤالء املشركون إال إال نفخة الفزع األولى عند قيام الساعة‪ ،‬تأخذهم بغتة‪ ،‬وهم‬
‫يتخاصمون في شؤون حياتهم ويتكلمون في املجالس واألسواق‪ ،‬وال يشعرون بمجيئها‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َ َ ُ ُ َ َ َ ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ ُ‬
‫اعة أن تأت َِي ُهم َبغ َتة َوهم َّل‬‫{فأخذناهم َبغ َتة َوهم َّل يَش ُع ُرون}[األعراف‪ ،]95 :‬وقال تعالى‪{ :‬هل ينظرون إَِّل الس‬
‫َ ُُ َ‬
‫ون}[الزخرف‪.]66 :‬‬‫يشعر‬

‫َ َ َ ۡ َ ُ َ َۡ َ َ َ َى َ ۡ ۡ َۡ ُ َ‬
‫ون ‪}٥٠‬‬ ‫جع‬
‫صية وَّل إِل أهل ِ ِهم ير ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فل يست ِطيعون تو ِ‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬


‫ُّ‬ ‫ُ َ‬
‫ون ‪} ٥١‬‬ ‫اث إ ِ ىل َرب ِ ِه ۡم يَنسِل‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ون ِفخ ِِف ٱلصورِ فإِذا هم م َِن ٱلج َد ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ونفخ في القرن نفخة ثانية‪ ،‬فإذا جميع املخلوقين من قبورهم يخرجون مسرعين إلى ّربهم‪ ،‬كما‬
‫ُ ُ َ‬ ‫ساَع َك َأ َن ُهم إ َل نُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ون}[املعارج‪.]43 :‬‬ ‫ب يوف ِض‬
‫ٍ‬ ‫ص‬ ‫ِ‬ ‫قال تعالى‪{ :‬يَوم ي ُر ُجون م َِن الج َد ِ‬
‫اث ِ َ‬

‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫َ ۡ َ َى َ َ َ َ َ ۡ َى ُ َ َ َ َ ُ ۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ون ‪} ٥٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا ي ى َو ۡيل َنا َمن َب َعث َنا مِن ِّرقدِنأ هذا ما وعد ٱلرحمن وصدق ٱلمرسل‬
‫واملعنى‪ :‬قال املكذبون بالبعث املبعوثون من قبورهم‪ :‬يا هالكنا‪َ ،‬م ْن بعثنا من قبورنا؟ قالت املالئكة أو‬
‫قال املؤمنون بالبعث‪ :‬هذا ما وعد الرحمن‪ ،‬وصدق املرسلون في إخبارهم عن الساعة‪.‬‬
‫َ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ ُ َ ُ َ‬ ‫ّ‬
‫ون} من كالم املالئكة أو‬ ‫ذهب اإلمام ابن كثير إلى أن قوله تعالى‪{ :‬هذا ما وعد الرْحن وصدق المرسل‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫املؤمنين‪ ،‬وقال‪ :‬وذلك كقوله تعالى في الصافات‪{ :‬قَالُوا يَا َويلَ َنا َه َذا يَو ُ‬
‫ِين هذا يَو ُم الفص ِل اَّلِي كن ُتم بِهِ‬ ‫ِ‬ ‫اَل‬ ‫م‬
‫َ َ ۡ َ َ ُ ُ َ َ ُ ُ ۡ ُ ۡ ُ ۡ ُ َ َ َ ُ َ ۡ َ َ َ َ َى َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫تكذِبُون}[الصافات‪ ،]20-21 :‬وقال تعالى‪ { :‬ويوم تقوم ٱلساعة يقسِ م ٱلمج ِرِّون ما لِثوا غري ساعة كذل ِك‬
‫ُ ۡ ۡ‬ ‫ََ َ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ِين أُوتُوا ٱ ۡلع ۡل َم َوٱ ۡإل َ‬
‫يم ى َن لَ َق ۡد َل ۡث ُت ۡ‬ ‫ون ‪َ ٥٥‬و َق َال ٱ ََّل َ‬
‫َ ُ َُۡ ُ َ‬
‫ث‬‫ث فه ىذا يَ ۡوم ٱلَع ِ‬‫ب ٱَّللِ إ ِ ىل يَ ۡو ِم ٱلَع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ِت‬ ‫ك‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َكنوا يؤفك‬
‫َ‬
‫َ َى َ ُ ۡ ُ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪[}٥٦‬الروم‪.]55-56 :‬‬ ‫ولكِنكم كنتم َّل تعلم‬

‫ََۡ ۡ َ ُ َ‬ ‫ُ َ‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٥٣‬‬ ‫حة َو ىح َِدة فإِذا ه ۡم ۡجِيع َلينا َمُض‬ ‫ت إَّل َص ۡي َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن َكن ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ما كانت النفخة إال صيحة واحدة‪ ،‬فإذا جميع املخلوقين محضرون لدينا أحياء للحساب‬
‫ه َز ۡج َرة َو ىح َِدة ‪َ ١٣‬فإ َذا ُهم بٱ َ‬
‫لساه َِرة ِ ‪[}١٤‬النازعات‪ ،]13-14 :‬وقال تعالى‪َ { :‬و َما‬
‫ّ‬ ‫والجزاء‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬فإ ِ َن َما ِ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َُ َ‬ ‫َ‬
‫جي ُبون ِّبَ ۡم ِده ِۦ َوتظ ُّنون‬ ‫ََۡ َۡ ُ ُ ۡ ََ ۡ َ‬ ‫اعةِ إَّل َُكَمحِ الَ َ َ ُ َ َ َ ُ‬
‫الس َ‬ ‫أَِّ ُر َ‬
‫ُص أو هو أقرب}[النحل‪ ،]77 :‬وقال تعالى‪ { :‬يوم يدعووُكم فتست ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ۡ َ َ‬
‫إِن لِث ُت ۡم إَِّل قل ِيل ‪[}٥٢‬اإلسراء‪.]52 :‬‬

‫ُۡ َۡ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬فٱَلَ ۡو َم َّل ُت ۡظل ُم َنفس ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬
‫ون ‪} ٥٤‬‬ ‫يشٔٔا َوَّل ت َز ۡون إَِّل َما كنتم تعمل‬
‫واملعنى‪ :‬فيوم القيامة ال تظلم نفس شيئا‪ ،‬وال تجزون أيها الناس إال ما كنتم تعملونه في الدنيا‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ َ‬ ‫ََ َ‬
‫يامةِ فل تظل ُم نفس شيئا ِإَون َكن مِثقال‬ ‫ين ال ِقس َط َِلَو ِم القِ‬
‫ض ُع ال َمواز َ‬
‫ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ون‬
‫َ‬
‫َح َبة مِن َخر َدل أتَينا بها َووُكَف بنا حا ِسب َ‬ ‫َ‬
‫ي}[األنبياء‪.]47 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ُ ُ َى ُ َ‬ ‫َ َ ۡ َ َ َۡ ۡ‬
‫ون ‪} ٥٥‬‬ ‫ل َنةِ ٱَلَ ۡو َم ِِف شغل فكِه‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن أصحىب ٱ‬

‫ََ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ك ُؤو َن ‪} ٥٦‬‬ ‫ك ُم َت ِ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ه ۡم َوأز َو ى ُج ُه ۡم ِِف ظِل ى ٍل لَع ٱل َرائ ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬أصحاب الجنة وأزواجهم يتكئون على األرائك تحت ظالل الوارقة‪ ،‬فال يرون شمسا وال بردا‬
‫ََ َ‬
‫ي فِيها لَع الرائ ِ ِك َّل يَ َرو َن فِيها َشمسا َوَّل َزِّ َه ِريرا}[اإلنسان‪.]13 :‬‬ ‫كئ َ‬ ‫َُ‬
‫مفرطا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬مت ِ ِ‬

‫ُ ۡ َ ى َ َ ُ َ ََ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٥٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬لهم فِيها فكِهة ولهم ما يدع‬
‫واملعنى‪ :‬أل‪x‬صحاب الجنة فاكهة كثيرة لذيذة‪ ،‬ولهم ما يطلبون من أنواع النعم‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ َ َ َ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫{ ُم َت ِ َ‬
‫اب}[ص‪.]51 :‬‬‫كئِي فِيها يدعون فِيها بِفاكِه ٍة كثِري ٍة وش ٍ‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬سل ىم ق ۡوَّل مِن َرب َرحِيم ‪} ٥٨‬‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬ما يتمناه أصحاب الجنة هو سالم‪ ،‬تحية من ّربهم الرحيم بهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ت َِي ُت ُهم يَو َم‬
‫يَل َقونَ ُه َسلم}[األحزاب‪.]44 :‬‬

‫َ ۡ َ ُّ َ ُ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫ون ‪} ٥٩‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ۡمتى ُزوا ٱَلوم أيها ٱلمج ِرِّ‬
‫واملعنى‪ :‬يقال للمجرمين يوم القيامة‪ّ :‬‬
‫تميزوا اليوم أيها املجرمون في موقفكم من املؤمنين‪ ،‬وافترقوا‪،‬‬
‫ََ َ َُ ُ َ َُ َ َ ََََُ َ‬
‫ون}[الروم‪.]14 :‬‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬ويوم تقوم الساعة يومئ ِ ٍذ يتفرق‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ َ‬


‫ك ۡم َع ُدو ُّمبِي ‪} ٦٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أل ۡم أع َه ۡد إ ِ َۡلك ۡم ي ى َب ِن َءاد َم أن َّل ت ۡع ُب ُدوا ٱلش ۡي َطى َن إِن ُهۥ ل‬
‫آمركم يا بني آدم على أال تطيعوا الشيطان وال تتخذوه وليا من دوني؟ ّإن الشيطان لكم‬ ‫واملعنى‪ :‬ألم ْ‬
‫عدو ظاهر العداوة لكم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ومما عهد هللا تعالى إلى بني آدم بأال يطيعوا الشيطان‪ ،‬قوله تعالى‪{ :‬يَا بَ ِن آد َم َّل َيفتِن َنك ُم الشي َطان‬
‫ُ َ َ َ‬ ‫ُ ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ال َنةِ يَزن ُع َعن ُه َما ِ َل َ‬ ‫َ َ َ َ َ َََ ُ‬
‫ِرييَ ُه َما َسوآت ِ ِه َما إِن ُه يَ َراكم ه َو َوقبِيل ُه مِن َحيث َّل ت َرون ُهم‬
‫ِ‬
‫اس ُه َما ل ُ‬
‫ِ‬
‫كم م َِن َ‬ ‫كما أخرج أبوي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫ون َوهم‬
‫ُ‬ ‫ون}[األعراف‪ ،]27 :‬وقوله تعالى‪{ :‬أ َف َت َت ِ ُ َ ُ َ ُ َ َ ُ َ َ‬
‫خذونه وذرِيته أو َِلاء مِن د ِ‬ ‫إِنا جعلنا الشياطِي أو َِلاء ل َِّلِين َّل يؤمِن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ي بَ َدَّل}[الكهف‪ ]50 :‬وقول تعال‪{ :‬إِن الشي َطان لكم َع ُد يو فاَتِذوهُ َع ُد ًّوا إِن َما يَد ُعو‬ ‫ِلظالِم َ‬
‫ِ‬ ‫لكم َع ُد يو بِئ َس ل‬
‫ري}[فاطر‪ ،]6 :‬وغير ذلك‪.‬‬ ‫ع‬ ‫حاب َ‬
‫الس‬ ‫كونُوا مِن أَص َ‬ ‫َُ َ ُ‬
‫حِزبه َِل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُّ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َى َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ۡ‬


‫ون هذا ِصرط ِّستقِيم ‪} ٦١‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬وأ ِن ٱعبد ِ‬
‫ََ‬
‫واملعنى‪ :‬وأمرتكم على ألسن ة الرسل أن اعبدوني وحدي‪ ،‬واجتنبوا الطاغوت‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولقد‬
‫ََ َ َ ُ َ ُ‬
‫اغ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫وت}[النحل‪ ،]36 :‬هذا صراط هللا املستقيم ودينه القويم‪.‬‬ ‫ُك أ َم ٍة َر ُسوَّل أ ِن اع ُب ُدوا اَّلل واجتنِبوا الط‬ ‫ََ َ‬
‫بعثنا ِِف ِ‬

‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ۡ‬ ‫َََ‬


‫َ َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٦٢‬‬ ‫جبِل كثِريا أفل ۡم تكونوا ت ۡعقِل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولقد أضل مِنكم ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد أضل الشيطان منكم خلقا كثيرا‪ ،‬أفلم تكونوا تعقلون عداوته لكم؟‬
‫الجن قد أكثروا من إغواء اإلنس وإضاللهم‪ ،‬وقد جعلوا أكثر‬ ‫وقد أخبر هللا تبارك وتعالى ّأن شياطين ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ال ِن ق ِد اس َتكَّث ُتم م َِن اإلن ِس}[األنعام‪.]128 :‬‬ ‫َ َ َ َ‬
‫الناس أتباعهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يا معش ِ‬

‫ُۡ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٦٣‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬هى ِذه ِۦ َج َه َن ُم ٱل ِت كنتم توعد‬
‫واملعنى‪ :‬هذه جهنم التي كنتم توعدون بها في الدنيا‪.‬‬
‫ََ ۡ َى َ َۡ َ ُ ۡ َ ُۡ ُ َ َ‬ ‫َ َ ًّ‬ ‫ُّ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ى‬
‫ُصون ه ِذه ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬يَ ۡوم يُ َدعون إ ِ ىل نارِ َج َهن َم دَع ‪ ١٣‬أفسِ حر هذا أم أنتم َّل تب ِ‬
‫َ ُ َ ُ ُ َ ُ َ ُ َ‬
‫ون ‪[}١٤‬الطور‪.]13-14 :‬‬ ‫ٱلار ٱل ِت كنتم بِها تكذِب‬

‫ُۡ َ ۡ ُُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٦٤‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ ۡصل ۡوها ٱَلَ ۡو َم ب ِ َما كنتم تكفر‬
‫واملعنى‪ :‬ادخلوا جهنم اليوم أيها املجرمون بما كنتم تكفرون‪.‬‬
‫ُ َ َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫كر ُ‬
‫يم}[الدخان‪.]49 :‬‬‫واألمر في قوله {اصلوها} يراد به إهانة‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬ذق إِنك أنت الع ِزيز ال ِ‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ُ ى َى ۡ َ ُ َ ُ َ ۡ ۡ َ َ ُ ۡ ُ ُ َ ُ َ ۡ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ َۡ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪} ٦٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَلَ ۡو َم َنتِم لَع أفوهِ ِهم وتكل ِمنا أيدِي ِهم وتشهد أرجلهم بِما َكنوا يكسِ ب‬
‫ألنهم أنكروا ّأنهم كانوا مشركين‪ ،‬كما حكى هللا ذلك‬ ‫واملعنى‪ :‬اليوم نختم على أفواه هؤالء املشركين‪ّ ،‬‬
‫َُ ُ‬ ‫ُ َ َ َ‬ ‫َُُ َ َ‬ ‫َُ َ َ ُ‬
‫شوُك َِي}[األنعام‪ ،]23 :‬وتكلمنا أيديهم‬
‫عنهم في قوله تعالى‪{ :‬ثم لم تكن ف ِتنتهم إَِّل أن قالوا واَّللِ ربِنا ما كنا ِّ ِ‬
‫َ َ َ َ َ ُ َ‬
‫اءوها‬‫وتشهد أرجلهم وسمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يكسبون في الدنيا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬حت إِذا ما ج‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫َ ُ ُ ََ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ارهم َو ُجلودهم ب ِ َما َكنوا َيع َملون}[فصلت‪ ،]20 :‬وقال تعالى‪{ :‬يَو َم تش َه ُد َعلي ِهم ألسِنتُ ُهم‬ ‫ش ِه َد َعلي ِهم سمعهم وأبص‬
‫ََ ُ ُُ َ َ ُ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون}[النور‪.]24 :‬‬ ‫َوأيدِي ِهم وأرجلهم بِما َكنوا يعمل‬

‫َ َ ۡ َ َ ُ َ َ َ ۡ َ ى ُ ۡ َ َى َ َ‬ ‫َى َ َ َ َى ُ ۡ ُ َ‬ ‫َ ۡ َ ُ‬ ‫َ َۡ َ َ ُ َ َ َ ۡ َ ََى َ ۡ‬
‫لَع َمَكنت ِ ِه ۡم‬ ‫ُصون ‪ ٦٦‬ولو نشاء لمسخنهم‬ ‫لصرط فأن يب ِ‬ ‫لَع أعيُن ِ ِه ۡم فٱست َبقوا ٱ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولو نشاء لطمسنا‬
‫ََ َۡ ُ َ‬ ‫َ ۡ َ ُ ُ‬
‫ون ‪}٦٧‬‬ ‫جع‬‫ضيا وَّل ير ِ‬‫ف َما ٱست َطىعوا ِّ ِ‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َََ‬ ‫ۡ ۡ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و َمن ُّن َعم ۡر ُه ُن َنك ِۡس ُه ِف ٱ َ‬
‫ون ‪} ٦٨‬‬ ‫لل ِق أفل َي ۡعقِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫نطل عمره نجعله يتناقص في ّ‬ ‫ومن ْ‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫قوته حتى يعود إلى حالته التي ابتدأ منها‪ ،‬وهي حالة ضعف‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُُ َ َ َ َ‬ ‫ُ َ ُ َ ُّ َ َ َ‬
‫الجسد وقلة العلم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ومِنكم من يرد إِل أرذ ِل العمرِ ل ِك َّل يعلم بعد عِلم يشئا}[النحل‪،]70 :‬‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫َُ َ‬
‫اَّلل اَّلِي خلقكم مِن ضع ٍف ث َم َج َعل مِن َبع ِد ضع ٍف ق َوة ث َم َج َعل مِن َبع ِد ق َو ٍة ضعفا‬ ‫وقال تعالى‪{ :‬‬
‫َو َشي َبة}[الروم‪ ،]54 :‬أفال يعقلون ّأن هللا على كل ش يء قدير‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫لش ۡع َر َو َما يَۢن َب ِغ ُل رۥ إِ ۡن ُه َو إَِّل ذِكر َوق ۡر َءان ُّمبِي ‪} ٦٩‬‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما عل ۡمنى ُه ٱ ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وما علمنا الرسول صلى هللا عليه وسلم الشعر‪ ،‬وما ينبغي له ْأن يكون شاعرا‪ ،‬وما هذا الذي‬
‫علمناه إال ذكر يتذكر به أولو األلباب‪ ،‬وقرآن مبين ال يختلط وال يلتبس بكالم البشر‪ ،‬وال يأتيه الباطل كسائر‬
‫ِيد}[فصلت‪.]42 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كالم البشر‪ ،‬كما قال تعالى‪َّ{ :‬ل يَأتِيهِ الاط ُِل مِن بَ َ َ َ‬
‫ِيم ْح ٍ‬
‫زنيل مِن حك ٍ‬
‫ي يديهِ وَّل مِن خل ِفهِ ت ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ََ ۡ َ‬
‫ح َق ٱل َق ۡول لَع ٱلك ىفِر َ‬ ‫ۡ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ين ‪}٧٠‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪َِ { :‬لُنذ َِر َمن َكن َحيا َويَ ِ‬
‫ّ‬
‫ويحق القول بالعذاب على الكافرين‪ ،‬كما قال‬ ‫حيا قلبه‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬لينذر هذا القر ُآن الكريم من كان ّ‬
‫تعالى‪َ { :‬و َمن يَك ُفر بهِ م َِن الح َزاب فَ َ‬
‫ال ُار َِّوع ُِد ُه}[هود‪.]17 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ََ َۡ ََ ۡ ََ َ َۡ َ َُ َ َ َ ۡ َۡ َ َۡ َى َ ُ ۡ ََ َى ُ َ َى ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أو لم يروا أنا خلقنا لهم ِِّما ع ِملت أيدِينا أنعما فهم لها مل ِكون مل ِكون ‪} ٧١‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬أولم ير الناس أنا خلقنا لصالحهم مما أوجدناه من غير وساطة أنعاما‪ ،‬فهم لها مالكون‪ ،‬وهي‬
‫َ َ َ َ َُ َ َ‬
‫ْحولة َوفرشا}[األنعام‪.]142 :‬‬ ‫ّ‬
‫مهيأة لهم للحمل عليها وللفرش واللباس‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ومِن النع ِ‬
‫ام‬

‫َ ََۡ َىَ َُ ۡ َ ۡ َ َ ُ ُ ُ ۡ َ ۡ َ َۡ ُ ُ َ‬
‫ون ‪} ٧٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وذللنها لهم ف ِمنها روُكوبهم ومِنها يأكل‬
‫واملعنى‪ :‬وذللنا تلك األنعام لهم‪ ،‬فمنها ما يركبونه في أسفارهم‪ ،‬ومنها ما يأكلونه‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱ َ ُ‬
‫َّلل‬
‫َ َ َ َ ُ ُ ۡ َۡ َى َ َۡ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ َۡ ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪[}٧٩‬غافر‪.]79 :‬‬ ‫ٱَّلِي جعل لكم ٱلنعم ل ِتكبوا مِنها ومِنها تأكل‬

‫َ ُ َ‬‫ۡ ُ‬ ‫َََ‬ ‫َ ُ ۡ َ ََ ُ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٧٣‬‬ ‫ب أفل يشكر‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولهم فِيها منىفِع وِّشارِ ر‬
‫واملعنى‪ :‬ولهم في تلك األنعام منافع كثيرة كاالنتفاع بجلودها وأصوافها وأوبارها وأشعارها‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ََ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ََ َ ُ‬
‫امتِكم َومِن أص َواف ِ َها َوأوبَارِها‬‫خفون َها يَو َم ظعن ِكم ويوم إِق‬‫ام ُب ُيوتا تست ِ‬‫كم مِن ُجلودِ الن َع ِ‬ ‫تعالى‪{ :‬وجعل ل‬
‫ِي}[النحل‪ ،]80 :‬ولهم في بطونها ألبان خالصة سائغة للشاربين‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬‫ح‬ ‫ل‬
‫َ‬
‫إ‬ ‫اَع‬‫ت‬‫َوأَش َعار َها َأثَاثا َو َم َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ِلشارب َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي}[النحل‪،]66 :‬‬ ‫ِِ‬ ‫ي فر ٍث َود ٍم لَنا خال ِصا َسائِغا ل‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫كم ِِف الن َع ِ‬
‫ام لعِبة نسقِيكم ِِّما ِِف بطونِهِ مِن ب ِ‬ ‫{ِإَون ل‬
‫أفال يشكرون هللا تعالى على هذه النعم‪.‬‬

‫َ َ‬
‫َ َ َ َ ُ ۡ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٧٤‬‬ ‫ون ٱَّللِ ءال ِهة لعلهم ينُص‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَتذوا مِن د ِ‬
‫واملعنى‪ :‬واتخذ املشركون من دون هللا تعالى آلهة يعبدونها‪ ،‬يبتغون بها نصرهم وإنقاذهم من عذاب هللا‬
‫تعالى‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ َُ‬
‫ون ٱ ََّللِ َءال َِهة َِلَكونُوا ل ُه ۡم عِزا ‪[} ٨١‬مريم‪.]81 :‬‬ ‫ُ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬وٱَتذوا مِن د ِ‬

‫َ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ ُ ۡ َ ُ ۡ ُ ُّ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٧٥‬‬ ‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل يست ِطيعون نُصهم وهم لهم جند َمُض‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ِين تد ُعون‬
‫واملعنى‪ :‬ال يستطيع هؤالء املعبودون من دون هللا تعالى نصر عابديهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬واَّل‬
‫ُ َ َ َ ُ َ َ َُ ََ َ ُ َ ُ َ ُ ُ َ‬
‫مِن دونِهِ َّل يست ِطيعون نُصوُكم وَّل أنفسهم ينُصون}[األعراف‪ ،]197 :‬وهم جميعا محضرون لعذاب هللا تعالى‪.‬‬

‫ۡ ُ َ ۡ ُ ۡ ا َ َ ۡ ُ َ ُ ُّ َ َ َ ُ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ َ‬
‫ون ‪} ٧٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فل يزنك قولهم إِنا نعلم ما ي ِّسون وما يعل ِن‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وال يحزنك أيها الرسول قول هؤالء املشركين؛ إنا نعلم ما يسرون في صدورهم‪ ،‬وما يعلنون‪،‬‬
‫َ َ ُّ َ َ ۡ َ ُ َ ُ ُّ ُ ُ ُ ُ ۡ َ َ ُ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪[}٦٩‬القصص‪.]69 :‬‬ ‫كن صدورهم وما يعل ِن‬ ‫كما قال تعالى‪ { :‬وربك يعلم ما ت ِ‬

‫َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬


‫نس ُن أنَا َخلق َنى ُه َخلق َنى ُه مِن ُّن ۡط َفة فإِذا ُه َو َخ ِصيم ُّمبِي ‪} ٧٧‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أ َو ل ۡم يَ َر ٱ ِإل َ ى‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫واملعنى‪ :‬أولم يعلم اإلنسان أنا خلقناه من نطفة أمشاج‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِنا خلق َنا اإلن َسان مِن نطف ٍة‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اج}[اإلنسان‪ ،]2 :‬فإذا هو يصبح مجادال شديد الخصومة‪.‬‬
‫أِّش ٍ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ان مِن ُنط َف ٍة فإِذا ُه َو َخ ِصيم ُمبِي}[النحل‪.]4 :‬‬
‫َ َ‬
‫اإلنس‬ ‫َ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬خلق ِ‬

‫ۡ‬
‫س َخل َق ُهۥ قال َمن يُ ۡح ٱلعِ َظى َم َو ِ َ‬‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ض َب لَا َم َثل َون ِ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َ َ‬
‫ه َرمِيم ‪} ٧٨‬‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وضرب لنا املكذب بالبعث مثال غريبا ال ينبغي ضربه وهو قياس قدرة الخالق على قدرة‬
‫ُ ُ َ َ َ‬
‫من يحيي العظام الرميمة؟ كما قال تعالى‪َ { :‬يقولون أءِنا‬ ‫املخلوق‪ ،‬ونس ي خلقه من العدم إلى الوجود‪ ،‬قال‪ْ :‬‬
‫ك إِذا َك َرة َخ ِ َ‬ ‫َ ُ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ون ِِف ٱ ۡ َ‬
‫ََۡ ُ ُ َ‬
‫لاف َِرة ِ ‪ ١٠‬أءِذا ك َنا عِظىما َن َِرة ‪ ١١‬قالوا ت ِل‬
‫اسة ‪ّ ١٢‬‬
‫}[النازعات‪.]10-12 :‬‬ ‫لمردود‬

‫َ‬ ‫ُۡ ُۡ َ َ َ َ َ َ ََ َ َ َ َ ُ َ ُ َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل ييِيها ٱَّلِي أنشأها أول ِّرة وهو بِك ِل خل ٍق عل ِيم ‪} ٧٩‬‬
‫مرة‪ ،‬بل إعادة الخلق أسهل‬ ‫هللا الذي خلقها أول ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬يحيي هذه العظام الرميمة ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫من ابتدائه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ُه َو َاَّلِي َيب َدأُ َ‬
‫الل َق ُث َم يُ ِع ُ‬
‫يدهُ َو ُه َو أه َو ُن َعليهِ}[الروم‪ ،]27 :‬وهللا تعالى بكل ش يء‬
‫عليم‪.‬‬

‫َ َ َ َۡۡ َ َ َ َ َ ُ ُۡ ُ ُ َ‬ ‫َ ََ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٨٠‬‬ ‫ُض نارا فإِذا أنتم مِنه توق ِد‬
‫ِ‬ ‫خ‬‫ل‬‫ٱ‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫ج‬ ‫لش‬ ‫ٱ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ج‬ ‫ِي‬
‫َّل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ‬

‫ۡ‬ ‫ۡ َى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ ُ‬ ‫ََ َ‬


‫لَع أن يل َق م ِۡثل ُهم بَ ىَل َو ُه َو ٱ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫لل ُق ٱل َعل ُ‬
‫ِيم ‪} ٨١‬‬ ‫ت َوٱلۡر َض ب ِ َقىدِر ب ِ َقىدِر ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أ َو ل ۡي َس ٱَّلِي َخل َق ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫واملعنى‪ :‬أوليس هللا الذي خلق السماوات واألرض من غير مثال سابق بقادر على ْأن يخلق مثل هؤالء‬
‫الناس وإعادة أجسادهم بعد موتهم‪ ،‬وخلقهم أصغر من خلق السماوات واألرض؟ بلى‪ ،‬هللا قادر على ذلك‪،‬‬
‫وهو الخالق لجميع املخلوقات العليم بأحوالها‪.‬‬
‫ََ‬ ‫َ ََ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َََ ََ َ َ ََ َ‬
‫ات والرض ولم يع ِِبلقِ ِهن بِقاد ٍِر لَع‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬أولم يروا أن اَّلل اَّلِي خلق السماو ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ َ َ ََ َُ ََ ُ َ‬
‫ُك يش ٍء قدِير}[األحقاف‪.]33 :‬‬ ‫أن ي ِي الموت بَل إِنه لَع ِ‬

‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٨٢‬‬ ‫يشٔٔا أن َيقول ُلۥ كن فيك‬ ‫اد ۡ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن َما أ ِّۡ ُرهُۥ إ ِذا أر‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنما أمر هللا تعالى وقضاؤه إذا أراد إحكام أمر وإحداثه‪ ،‬يقول له‪ :‬ك ْن‪ ،‬فيحدث فورا بمجرد‬
‫َ َ َ َ َُ َ َ ُ َ ُ ُ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫األمر اإللهي‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِن َما قولَا ل ِش ٍء إِذا أ َردناهُ أن نقول ُل كن ف َيكون}[النحل‪ ،]40 :‬وقال تعالى‪َ { :‬و َما‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬‫ََ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫ُص}[القمر‪.]50 :‬‬
‫أِّرنا إَِّل واحِدة ُكم ٍح بِال ِ‬

‫ۡ ُۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وت ُك ۡ‬‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫حى َن ٱَّلِي ب َيده ِۦ َِّلك ُ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف ُس ۡب َ‬
‫ون ‪}٨٣‬‬ ‫يشء ِإَوَلهِ ترجع‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫فتنزه هللا تعالى عما يصف هؤالء الكفار‪ ،‬وهو الذي بيده ملكوت كل ش يء وبيده مطلق‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ََ َ َ‬ ‫َ ََ ُ ُ ُ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ار َك اَّلِي ب ِ َي ِده ِ‬‫ُك يش ٍء}[املؤمنون‪ ،]88 :‬وقال تعالى‪{ :‬تب‬
‫التصرف فيه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬قل من بِي ِده ِ ِّلكوت ِ‬
‫ّ‬
‫ال ُمل ُك}[امللك‪ ،]1 :‬وإلى هللا وحده ترجعون يوم القيامة‪.‬‬
‫ُ َُ ه ه‬
‫سورة الصافات‬
‫وهي مكية وعدد آياتها مائة و اثنتان وثمانون‬

‫َ َى َ‬‫ى‬
‫ت َصفا ‪} ١‬‬
‫لصف ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱ‬
‫ّ‬
‫تصف في العبادات‪ ،‬كما قال تعالى على لسانهم‪{:‬وإنا لَ ُ‬
‫حن‬ ‫واملالئكة التي‬
‫ِ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫افون}[الصافات‪.]165 :‬‬ ‫الص‬

‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فٱ َىلز ِج َر ى ِت َز ۡجرا ‪}٢‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فٱ َِلىل َِيى ِ‬
‫ت ذِكرا ‪} ٣‬‬
‫فالم َ‬
‫لقيات ذكرا}[املرسالت‪.]5 :‬‬ ‫واملعنى‪ :‬واملالئكة التي تتلو القرآن الكريم‪ ،‬كما قال تعالى في آية أخرى‪ُ { :‬‬

‫َ ىَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك ۡم ل َو ىحِد ‪} ٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن إِله‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن إلهكم أيها الناس لواحد ال شريك له‪.‬‬
‫َُ ُ َ‬
‫كم إِل َواحِد}[النحل‪.]22 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إِله‬

‫ۡ‬ ‫َۡ‬
‫ت َوٱلۡر ِض َو َما بَ ۡي َن ُه َما َو َر ُّب ٱل َم َ ى‬
‫ش ِر ِق ‪}٥‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ر ُّب ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ورب املشارق واملغارب‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬إلهكم ر ّب السماوات واألرض وما بينهما ّ‬
‫َ‬
‫ب إِنا‬ ‫ار‬‫غ‬
‫َ ََ‬
‫م‬ ‫ال‬‫و‬ ‫ق‬ ‫ار‬‫ش‬
‫َ َ‬
‫م‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫َ‬
‫ر‬ ‫ب‬ ‫بأنه ر ّب املشارق واملغارب في قوله تعالى‪{ :‬فَل أُقسِ ُ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫وقد ّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫صرح هللا تعالى‬
‫ون}[املعارج‪ ،]40 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬ر ُّب ال َمشقَ َ َ ُّ َ َ‬ ‫ََ ُ َ‬
‫ي}[الرحمن‪.]17 :‬‬ ‫ي ورب المغرِب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫لقادِر‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬
‫َ َ َ َ َ َ َ ُّ ۡ َ‬
‫ِب ‪} ٦‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِنا زينا ٱلسماء ٱَلنيا ب ِ ِزين ٍة ٱلكواك ِ‬
‫ََ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬إنا زّي ّنا السماء الدنيا بزينة الكواكب ّ‬
‫السيارة املضيئة للناظرين إليها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولقد‬
‫َ َََ َ‬
‫اها ل َِلناظِر َ‬ ‫َ‬
‫يح}[امللك‪ ،]5 :‬وقال تعالى‪َ { :‬ول َقد َج َعل َنا ِف َ‬ ‫َز َي َنا َ‬
‫ين}[الحجر‪:‬‬‫ِ‬ ‫الس َماءِ بُ ُروجا وزين‬ ‫ِ‬
‫اَلن َيا ب َم َصاب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اء ُّ‬
‫الس َم َ‬

‫‪.]16‬‬
‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫ُك َش ۡي َطىن َمارِد ‪} ٧‬‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وحِفظا مِن ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ّ‬
‫ُك‬
‫واملعنى‪ :‬وحفظنا السماء حفظا من كل شيطان متمرد عن الطاعة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وحفِظناها مِن ِ‬
‫يم}[الحجر‪.]17 :‬‬ ‫َشي َط َ‬
‫ج ٍ‬‫ان ر ِ‬
‫ٍ‬

‫ُ‬‫َ‬ ‫ۡ َُ‬ ‫َۡ َۡ‬


‫ََ َ ُ َ‬ ‫َ ۡ َ‬ ‫َ‬
‫ُك َجان ِب ‪}٨‬‬ ‫ون إل ٱل َمَل ٱل ى َ ُ‬
‫لَع ويقذفون مِن ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل يسمع ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ال تستطيع الشياطين ْأن تسترق السمع إلى حديث املأل األعلى من املالئكة‪ ،‬ويقذفون من كل‬
‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َََ ََ َ َ َ َ‬
‫ماء ف َو َجدناها ُِّل ِئَت َح َرسا شدِيدا َوش ُهبا‪َ .‬وأنا‬ ‫جانب بالشهب‪ ،‬كما قال تعالى على لسان الجن‪{ :‬وأنا لمسنا الس‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫ُيد ُل ِشهابا َر َصدا}[الجن‪.]8-9 :‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫كنا نقعد مِنها مقاعِد ل ِلسمعِ ‪ .‬فمن يست ِمعِ اآلن ِ‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬د ُحورا َول ُه ۡم عذاب َو ِ‬
‫اصب ‪} ٩‬‬
‫َ ۡ ََ ۡ ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪[} ٢١٢‬الشعراء‪،]212 :‬‬ ‫واملعنى‪ُ :‬يطردون طردا عن االستماع‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِن ُه ۡم َع ِن ٱلسمعِ لمعزول‬
‫ولهم عذاب دائم موجع‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ل ۡط َفة فأ ۡت َب َع ُهۥ ِش َهاب ثاق ِب ‪}١٠‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إَّل َم ۡن َخط َف ٱ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬إال من اختطف من الشياطين خبر السماء‪ ،‬فلحقه شهاب مبين يثقب الجو بضوئه فيحرقه‬
‫ََ‬ ‫ت َق َ‬
‫السم َع فأت َب َع ُه ش َِهاب ُمبِي}[الحجر‪.]18 :‬‬ ‫ويمزقه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إَّل َمن اس َ َ‬‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬فٱ ۡس َتفت ِ ِه ۡم أ ُه ۡم أ َش ُّد َخلقا أم َم ۡن َخلق َنا ر إِنَا َخلق َنى ُهم مِن طِي َّلزِب ‪} ١١‬‬
‫من خلقنا من مخلوقات‬ ‫أشد خلقا أم ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬فاستفت أيها الرسول هؤالء املنكرين للبعث‪ ،‬أهم ّ‬
‫ّ‬
‫السماوات واألرض‪ ،‬إنا خلقنا أصول البشر من طين الزب‪.‬‬
‫بأن السماوات واألرض والكواكب أشد خلقا من الناس؛ ألنها‬ ‫وقد ذكر هللا تعالى جواب هذا السؤال ّ‬
‫كََ‬ ‫َ َى َ َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫مخلوقات أكبر وأعظم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ َ { :‬‬
‫ل ۡل ُق ٱ َ َ‬
‫اس‬‫َّث ٱلَ ِ‬ ‫كن أ‬ ‫ب م ِۡن َخل ِق ٱلَ ِ‬
‫اس ول ِ‬ ‫كَُ‬ ‫ت َوٱلۡر ِض أ‬‫لسم ى َو ى ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ون ‪[}٥٧‬غافر‪ ،]57 :‬وقال تعالى‪{ :‬أَ َولَي َس َاَّلِي َخلَ َق َ‬‫َ ََُۡ َ‬
‫ات َوالرض بِقاد ٍِر لَع أن يل َق مِثل ُهم بََل َوه َو‬ ‫الس َم َ‬
‫او ِ‬ ‫َّل يعلم‬
‫ِيم}[يس‪.]81 :‬‬‫ال َل ُق ال َعل ُ‬
‫َ‬

‫َ ُ ُ َ َۡ ُُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬بَ ۡل َعج ۡب َ‬


‫ون ‪} ١٣‬‬‫ت َوي َ ۡسخ ُرون ‪ِ ١٢‬إَوذا ذكِروا َّل يذكر‬ ‫ِ‬
‫َ ۡ َ َ َۡ َ ۡ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪} ١٤‬‬ ‫خر‬‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا رأوا ءاية يستس ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وإذا رآى هؤالء املنكرون للبعث معجزة واضحة يبالغون في السخرية ويعرضون عنها‪ ،‬كما قال‬
‫تعالى‪ِ{ :‬إَون يَ َروا آيَة ُيع ِر ُضوا}[القمر‪.]2 :‬‬

‫َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وقالوا إ ِ ۡن َهىذا إَِّل س ِۡحر ُّمبِي ‪} ١٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬وقال الكفار املنكرون للبعث‪ :‬ما هذا الذي جئت به إال سحر ّبين‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ{ :‬إَون يَ َروا‬
‫ُ‬
‫آيَة ُيع ِر ُضوا َويَ ُقولوا سِحر ُِّس َت ِم ير}[القمر‪.]2 :‬‬

‫َ َُۡ َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪} ١٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أءِذا م ِۡت َنا َووُك َنا ت َرابا َوعِظىما أءِنا لمبعوث‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬أإذا متنا ّ‬
‫وكنا ترابا وعظاما بالية في قبورنا‪ ،‬أإنا ملبعوثون يوم القيامة خلقا جديدا‪ ،‬كما قال‬
‫َ ُ َ َ َ ََُ َُ َ َ َ َ ََ ُ ُ َ‬
‫ون}[املؤمنون‪.]82 :‬‬ ‫تعالى‪{ :‬قالوا أإِذا مِتنا ووُكنا ترابا وعِظاما أإِنا لمبعوث‬

‫ُۡ‬
‫َ َ‬ ‫َۡ ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫ون قل ‪} ١٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أ َو َءابَاؤنا ٱلول‬
‫َ َ‬ ‫ََ َ َ َ َ َ‬
‫ِين كف ُروا أءِذا‬ ‫واملعنى‪ :‬هل يبعث أيضا آباؤنا ّ‬
‫األولون الذين مضوا من قبلنا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وقال ٱَّل‬
‫ُ َ ُ َى َ َ َ ُ َ َ َ َ ُ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪[}٦٧‬النمل‪.]67 :‬‬ ‫كنا تربا وءاباؤنا أئِنا لمخرج‬

‫َ َ ۡ َ َ ُ ۡ َى ُ َ َ‬
‫ون فإ ِ َن َما ‪} ١٨‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬نعم وأنتم دخِر‬
‫َ‬
‫ُي َ‬
‫واملعنى‪ :‬قل لهم أيها الرسول‪ :‬نعم‪ ،‬وأنتم صاغرون تحت القدرة العظيمة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وُك أت ۡو ُه‬
‫َۡ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ َۡ َ ۡ ُ َ َ ۡ َ َ‬ ‫ُ ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َد ىخِر َ‬
‫ين ‪[}٨٧‬النمل‪ ،]87 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وقال َر ُّبك ُم ٱد ُعون أستجب لكم إن ٱ ِ‬
‫َّلين يستكبون عن عِبادِت‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫َ َۡ ُ َ‬
‫ون َج َه َن َم َداخِر َ‬
‫ين ‪[}٦٠‬غافر‪.]60 :‬‬ ‫ِ‬ ‫سيدخل‬

‫ُ ۡ َ ُ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فإ ِ َن َما ِ َ‬
‫ون ‪}١٩‬‬ ‫ه َز ۡج َرة َو ىح َِدة فإِذا هم ينظر‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فإنما هي نفخة واحدة بصيحة واحدة‪ ،‬فإذا هم قائمون من قبورهم ينظرون إلى أهوال‬
‫الساعة‪.‬‬
‫َ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ون}[يس‪ ،]53 :‬وقوله‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إِن َكنت إَِّل َصي َحة َواح َِدة فإِذا هم ۡجِيع َلينا َمُض‬
‫ه َز ۡج َرة َو ىح َِدة ‪ّ ١٣‬‬
‫}[النازعات‪.]13 :‬‬ ‫تعالى‪َ { :‬فإ ِ َن َما ِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ين ‪} ٢٠‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وقالوا ي ى َو ۡيل َنا هىذا يَ ۡو ُم ٱ ِ‬
‫َل ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وقال الكفار يوم القيامة‪ :‬يا هالكنا‪ ،‬هذا يوم الجزاء على أعمالنا السيئة‪.‬‬
‫ال َق}[النور‪ ]25 :‬أي جزاء‬
‫ِين ُه ُم َ‬ ‫ومئذ يُ َوف ِيه ُم َ ُ‬
‫اَّلل د َ‬ ‫َ َ‬ ‫ومعنى ّ‬
‫ِ‬ ‫الدين في هذه اآلية الجزاء‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬ي ِ‬ ‫ِ‬
‫أعمالهم بالعدل‪.‬‬

‫ُ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬هىذا يَ ۡو ُم ٱل َف ۡصل ٱَّلِي ك ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}٢١‬‬ ‫نتم بِهِۦ تكذِب‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬أجابتهم املالئكة‪ :‬هذا يوم الفصل والقضاء الذي كنتم تكذبون به في الدنيا‪.‬‬
‫ُ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ُ‬
‫ون}[املطففين‪.]17 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ث َم يُقال هذا اَّلِي كن ُتم بِهِ تكذِب‬

‫َ َ ُ َ ۡ َى َ ُ ۡ َ َ ُ َ ۡ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٢٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ ۡح ُ ُ‬
‫شوا ٱَّلِين ظلموا وأزوجهم وما َكنوا يعبد‬
‫واملعنى‪ :‬ويقال للمالئكة‪ :‬اجمعوا هؤالء املشركين وأشباههم‪ ،‬وآلهتهم التي كانوا يعبدونها‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الش َك ل ُظلم َع ِظيم}[لقمان‪:‬‬
‫واملراد بالذين ظلموا في هذه اآلية املشركون باهلل‪ ،‬دل عليه قوله تعالى‪{ :‬إِن ِ‬
‫َۡ‬ ‫َ ُۡۡ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ۡ َى َ َُ َ َ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ك َوٱلنۡ َع ِمى‬
‫‪ ،]13‬واملراد باألزواج فيها األشباه‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ { :‬وٱَّلِي خلق ٱلزوج ُكها وجعل لكم مِن ٱلفل ِ‬
‫َ َۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪[}١٢‬الزخرف‪ ،]12 :‬أي األصناف كلها‪.‬‬ ‫ما تركب‬

‫ص َر ى ِط ٱ َ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ل ِحي ِم ‪} ٢٣‬‬ ‫ون ٱَّللِ فٱه ُدوه ۡم إ ِ ىل ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬مِن د ِ‬
‫واملعنى‪ :‬من دون هللا تعالى‪ ،‬فأرشدوا أيها املالئكة هؤالء املشركين إلى طريق جهنم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫َُ َُ َُۡۡ ََ ُ ۡ ۡ ََ َ َ َ‬
‫ُ‬ ‫ش ُه ۡم يَ ۡو َم ٱ ۡلقِ َيى َمةِ َ َ ى‬
‫لَع ُو ُجوهِ ِه ۡم ع ۡميا‬
‫َ َۡ‬
‫َن ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫ت َد ل ُه ۡم أ ۡو َِلَا َء مِن دونِهِۦ و‬ ‫َ‬
‫ومن يه ِد ٱَّلل فهو ٱلمهت ِد ومن يضلِل فلن ِ‬
‫ََ َۡ‬
‫َُ‬ ‫ۡ‬
‫كما َو ُصما َمأ َوى ى ُه ۡم َج َه َن ُم ُك َما َخ َب ۡت زِ ۡد َنى ُه ۡم َس ِعريا ‪[}٩٧‬اإلسراء‪.]97 :‬‬
‫َُ ۡ‬
‫وب‬

‫َ ُ ُ ۡ َُ َ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٢٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وق ِفوهم إِنهم ِّسؤول‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫واملعنى‪ :‬وقفوا أيها املالئكة هؤالء املشركين للحساب بين يدي ربهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولو ترى إِذ ُوق ِفوا‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ي ‪ ٩٢‬ع َما َكنوا َي ۡع َملون‬ ‫ك لَنَ ۡسَٔٔ َلَ ُه ۡم أَ ۡ َ‬
‫ۡج ِع َ‬ ‫َََ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫لَع رب ِ ِهم}[األنعام‪ ،]30 :‬إنهم مسؤولون‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فورب ِ‬
‫‪[}٩٣‬الحجر‪.]92-93 :‬‬

‫َ َ ُ ۡ َ ََ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٢٥‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬ما لكم َّل تناَص‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ما لكم ال ينصر بعضكم بعضا‪ ،‬وقد زعمتم أنكم جميع منتصر‪ ،‬كما قال تعالى حكاية عن‬
‫َ ُ‬
‫يقولُون ُ‬
‫َنن َۡجِيع ُمن َت ُِص}[القمر‪.]44 :‬‬ ‫قولهم‪{ :‬أم‬

‫َۡ ُ ُ َۡۡ َ ُ ۡ َ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٢٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬بل هم ٱَلوم ِّستسل ِم‬

‫ََ َ َُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫ََََۡ َۡ ُ ُ ۡ ََ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬وأقبل بعضهم لَع بعض يتساءلون ‪} ٢٧‬‬
‫واملعنى‪ :‬وأقبل بعض هؤالء املشركين على بعضهم يتساءلون ويتخاصمون‪ ،‬كما حكى هللا تعالى عن‬
‫َ َ َ ُ ُ ُّ َ َ ى ُ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ ُ َ َ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫نتم ُّمغنُون ع َنا‬ ‫حا ُّجون ِِف ٱلارِ فيقول ٱلضعفؤا ل َِّلِين ٱستكبوا إِنا كنا لكم تبعا فهل أ‬
‫ِإَوذ َي َت َ‬ ‫حالهم في قوله‪{ :‬‬
‫َ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َۡ َ ۡ‬ ‫َ َ َ َ ۡ َ ۡ َُ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ي ٱل ِع َبادِ ‪[}٤٨‬غافر‪.]47-48 :‬‬ ‫بوا إِنا ُك فِيها إِن ٱَّلل قد حكم ب‬ ‫صيبا م َِن ٱ َلارِ ‪ ٤٧‬قال ٱَّلِين ٱستك‬
‫ن ِ‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬


‫َ ُ ۡ ُۡ َ ُ ََ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ي ‪} ٢٨‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا إِنكم كنتم تأتوننا ع ِن ٱَلَ ِم ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فتصدوننا عن‬ ‫واملعنى‪ :‬قال األتباع للسادة املتبوعين‪ :‬إنكم كنتم في الدنيا تأتوننا من جهة الخير‪،‬‬
‫َُ ُ َ َ ُ ُ َ َ َ َُ َ َ َ‬
‫بوا لوَّل أن ُتم‬ ‫الحق بالقوة والقهر‪ ،‬ولوال أنتم لكنا مؤمنين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يقول اَّلِين استضعِفوا ل َِّلِين استك‬
‫َ ُ‬
‫لك َنا ُِّؤ ِمن َِي}[سبأ‪.]31 :‬‬
‫َ‬
‫ومعنى اليمين في هذه اآلية أي القوة والقهر‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬فراغ َعلي ِهم ضبا باَلَمي}[الصافات‪:‬‬
‫‪.]93‬‬

‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫كونُوا ُِّ ۡؤ ِمن َِي ‪} ٢٩‬‬‫َ ۡ َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا بل لم ت‬
‫واملعنى‪ :‬قال السادة املتبوعون لألتباع‪ :‬بل لم تكونوا مؤمنين‪ ،‬وكنتم مجرمين في الدنيا‪ ،‬كما قال تعالى‬
‫كم بَل ُكن ُتم ُمرم َ‬
‫َ َ ُ‬ ‫اكم َعن ال ُه َدى َبع َ‬ ‫َ َ ُ َ َ َ ُ‬
‫ِي}[سبأ ‪.]32‬‬ ‫ِ‬ ‫اء‬‫ج‬ ‫ذ‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫د‬ ‫ِ‬ ‫على لسانهم‪{ :‬أَنن صددن‬

‫َ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫ۡ‬
‫كم مِن ُسل َطىنٔ بَل ك ُ‬
‫نت ۡم ق ۡوما َطىغِ َ‬ ‫َ‬
‫ََ َ َ َ ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ٣٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وما َكن لا علي‬
‫نصدكم بها عن الهدى‪ ،‬وال فضل لكم علينا‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وما كان لنا عليكم من حجة قوية ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ََ َ َ َ ُ‬ ‫َ َ ُ ُ‬
‫كم َعلي َنا مِن فض ٍل}[األعراف‪ ،]39 :‬بل كنتم قوما متجاوزين لحدود هللا‬ ‫{ َوقالت أوَّلهم لخراهم فما َكن ل‬
‫تعالى‪.‬‬

‫َ َ َ َ ََۡ َُۡ َ َ َ ََ ُ َ‬
‫ون ‪} ٣١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فحق علينا قول ربِنا إِنا َّلائِق‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬فحق علينا قول رّبنا الحق‪ ،‬وهو قوله تعالى‪{ :‬لِّلن َج َه َن َم مِنك َوِّ َِمن تب ِ َعك مِن ُهم‬
‫ي}[ص‪ّ ،]85 :‬إنا كلنا لذائقو العذاب بسبب ما اكتسبناه من املعاص ي‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فَ ُذوقُوا ال َع َذ َ‬
‫اب ب ِ َما‬ ‫أَ َ‬
‫ۡجعِ َ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ون}[األعراف‪.]39 :‬‬ ‫سب‬‫كن ُتم تك ِ‬

‫َ‬ ‫ى‬ ‫ََ ۡ َ ۡ َى ُ ۡ َ ُ َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬فأغوينكم إِنا كنا غوِين ‪} ٣٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬فأضللناكم‪ّ ،‬إنا ّ‬
‫كنا ضالين من قبلكم‪.‬‬
‫وقد اعترف هؤالء السادة املتبوعون بإضاللهم أتباعهم‪ّ ،‬‬
‫وتبرؤا إلى هللا تعالى من كفرهم‪ ،‬وذلك في قوله‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ ُ َ َ َ َى ُ َ ِ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ى ُ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ َ‬
‫بأنا إِ َۡلك َما َكنوا إِيَانا‬ ‫تعالى‪ { :‬قال ٱَّلِين حق علي ِهم ٱلقول ربنا هؤَّلء ٱَّلِين أغوينا أغوينهم كما غوينا ت‬
‫َُُۡ َ‬
‫ون ‪[}٦٣‬القصص‪.]63 :‬‬ ‫يعبد‬

‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬


‫َُ ۡ ََۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٣٣‬‬ ‫توُك‬
‫اب ِّش ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فإِنهم يومئِذ ِِف ٱلعذ ِ‬
‫فإن السادة املتبوعين وأتباعهم مشتركون في العذاب يوم القيامة‪ ،‬كما قال تعالى على لسان‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َۡ َ ۡ‬ ‫َ َ َ َ ۡ َ ۡ َُ َ ُ‬
‫ي ٱلعِ َبادِ ‪[}٤٨‬غافر‪.]48 :‬‬ ‫بوا إِنا ُك فِيها إِن ٱَّلل قد حكم ب‬ ‫هؤالء السادة‪ { :‬قال ٱَّلِين ٱستك‬

‫قوله تعالى‪ { :‬إنَا َك َذ ىل َِك َن ۡف َع ُل بٱل ۡ ُم ۡجرم َ‬


‫ِي ‪} ٣٤‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َُ َۡ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫ُ‬ ‫َ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٣٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ُه ۡم َكنوا إِذا قِيل ل ُه ۡم َّل إِل ى َه إَِّل ٱَّلل يستك ِب‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن هؤالء املجرمين كانوا إذا قيل لهم ال إله إال هللا يستكبرون عن االنقياد له‪ ،‬وانقبضت‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ َُ َ َُ َََ ُُ ُ َ َ َ‬
‫ِين َّل يُؤم ُِنون‬
‫قلوبهم لعدم إيمانهم بالبعث‪ ،‬كما قال تعالى‪ :‬قوله تعالى‪ِ{ :‬إَوذا ذكِر اَّلل وحده اشمأزت قلوب اَّل‬
‫بِاآلخ َِرة ِ}[الزمر‪.]45 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫م ُنون ‪}٣٦‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ويَقولون أئ ِ َنا َِلارِوُكوا َءال َِهت ِ َنا ل ِشاعِر‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫ل ِق َو َص َد َق ٱل ُم ۡر َسل َِي ‪} ٣٧‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬بَل َجا َء بٱ َ‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬بل جاء هذا الرسول الكريم بالحق وهو القرآن الكريم‪ ،‬وصدق املرسلين فيما أخبروا عنه‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫يخالفهم في أصول الدين‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ما ُي َقال ل َك إَِّل َما قد قِيل ل ُِّلر ُس ِل مِن قبل َِك}[فصلت‪.]43 :‬‬ ‫ْ‬ ‫ولم‬
‫َۡ‬ ‫َ ُ ۡ ََ ُ ۡ َ َ‬
‫اب ٱل َِل ِم ‪} ٣٨‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِنكم َّلائ ِقوا ٱلعذ ِ‬

‫ُۡ َۡ َ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫ون ‪} ٣٩‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما ت َز ۡون إَِّل َما كنتم تعمل‬
‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬وما تجزون أيها املشركون إال ما كنتم تعملونه في الدنيا من الشرك واملعاص ي‪.‬‬
‫َ ُ ُ َ َُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫ون}[يس‪.]54 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فاَلَو َم َّل تظل ُم نفس شيئا َوَّل ت َزون إَِّل ما كنتم تعمل‬

‫اد ٱ ََّللِ ٱل ُم ۡخلص َ‬


‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ٤٠‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إَِّل عِب‬
‫واملعنى‪ :‬إال عباد هللا تعالى الذين أخلصوا عبادتهم هلل‪ ،‬فأخلصهم هللا‪ّ ،‬‬
‫فإنهم ناجون من العذاب‪ ،‬كما‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ‬ ‫ُ ُّ َ‬
‫ي}[املدثر‪.]38-39 :‬‬ ‫َ‬
‫قال تعالى‪ُ{ :‬ك نف ٍس بِما كسبت رهِينة‪ .‬إَِّل أصحاب اَل ِم ِ‬

‫َى‬ ‫َ‬ ‫ُ ُّ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ ُۡ‬ ‫ُ َى َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬أولئِك ل ُه ۡم رِزق معلوم ‪ ٤١‬ف َو ىك ُِه َوهم مك َر ُِّون ‪ِِ ٤٢‬ف َجن ِ‬
‫ت ٱلَعِ ِ‬
‫يم ‪} ٤٣‬‬

‫سر ُّم َت َقىبِل َِي ‪} ٤٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ َ َ { :‬ى‬


‫لَع ُ ُ‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬هم جالسون على سرر تقابل وجوههم متحابين ساملين من حقد‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ون َزع َنا َما‬
‫ََ‬
‫س ٍر ُم َت َقابِل َِي}[الحجر‪.]47 :‬‬
‫ِِف ُص ُدورهِم مِن غِل إِخ َوانا لَع ُ ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬

‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫كأس مِن َمعِي ‪} ٤٥‬‬ ‫َُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يطاف علي ِهم ب ِ‬
‫واملعنى‪ :‬يدار عليهم بآنية من خمر تجري دوع انقطاع من نهر‪.‬‬
‫َََ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َُ ُ َ‬
‫ون‪ .‬بأك َ‬ ‫وف َعلَيهم و َ‬‫َُ ُ‬
‫اريق ووُكأ ٍس مِن‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫أ‬‫و‬ ‫اب‬
‫ٍ‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ِل‬ ‫ُّم‬ ‫ان‬ ‫َل‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬يط‬
‫ي}[الواقعة‪.]17-18 :‬‬ ‫َ‬
‫معِ ٍ‬

‫َى‬
‫ِلشب َ‬ ‫َۡ َ َ ََ‬
‫ي ‪} ٤٦‬‬ ‫ِِ‬ ‫ل‬ ‫ة‬ ‫َّل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬بيضاء‬
‫ۡ‬
‫ُ َ َُُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫واملعنى‪ :‬هذه الخمر بيضاء اللون‪ ،‬لذيذة للشاربين‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬م َث ُل ٱ َ‬
‫ون ف َ‬
‫ِيها‬ ‫ل َنةِ ٱل ِت وعِد ٱلمتق‬
‫َ‬ ‫َى َ َ ۡ‬ ‫َ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ ُ ََ َۡى ۡ َۡ ََ‬ ‫َأنۡ َه ىر مِن َماء َغ ۡري َءاسِن َو َأنۡ َ‬
‫ي َوأن َه ىر م ِۡن َع َسل ُِّّ َصَف َول ُه ۡم‬ ‫ِلش ِب‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ة‬ ‫َّل‬ ‫ر‬‫خ‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ر‬‫ه‬ ‫ن‬ ‫أ‬‫و‬ ‫ۥ‬‫ه‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ط‬ ‫ري‬ ‫غ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫َب‬ ‫ل‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ر‬‫ى‬ ‫ه‬ ‫ٍ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُك ٱلَ َم َر ى ِت َو َم ۡغفِ َرة مِن َرب ِ ِه ۡم ك َم ۡن ُه َو َخ ى ِِل ِِف ٱلَارِ َو ُس ُقوا َماء َْحِيما ف َق َط َع أ ۡم َعا َء ُه ۡم ‪[}١٥‬محمد‪.]15 :‬‬ ‫َ‬
‫فِيها مِن ِ‬

‫َ َۡ ََ ُ ۡ ََۡ ُ َُ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٤٧‬‬ ‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل فِيها غول وَّل هم عنها يزنف‬
‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬ليس في هذه الخمر ما يؤذي‪ ،‬وال ُهم بسبب شربها تذهب عقولهم‪ ،‬وال تصدع رؤوسهم‪ ،‬كما‬
‫َ ُ َ َ ُ َ َ َ َ ُ ُ َ‬
‫ون}[الواقعة‪.]19 :‬‬ ‫قال تعالى‪َّ{ :‬ل يصدعون عنها وَّل يزنف‬

‫َ‬
‫ِند ُه ۡم ق ى ِص َر ى ُت ٱ َلط ۡر ِف عِي ‪}٤٨‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وع َ‬
‫ينظرن إلى غير أزواج ّ‬
‫هن‪ ،‬حسناء‪ ،‬ذوات عين واسعة‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وعند أصحاب الجنة زوجات عفيفات ال ْ‬
‫ريات ح َِسان}[الرحمن‪.]70 :‬‬ ‫كما قال تعالى‪َ { :‬خ َ‬
‫ُ َ َ ي‬ ‫َ َ‬ ‫ات َ‬‫اَص ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ان}[الرحمن‪.]56 :‬‬ ‫الطر ِف لم َيط ِمث ُه َن إِنس قبلهم وَّل ج‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فِيه َن ق ِ َ‬
‫ِ‬

‫ُ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َََ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬كأنهن بيض مكنون ‪}٤٩‬‬
‫هن بيض محصون مستور‪.‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫كأن ّ‬
‫َ‬
‫ان}[الرحمن‪.]58 :‬‬ ‫وصفهن اَّلل تعال ِف آية أخرى بقول‪َ { :‬كأ َن ُه َن َ‬
‫اَلاقُ ُ‬
‫وت َو ْاملَ ْر َج ُ‬ ‫ّ‬ ‫وقد‬

‫ُ‬
‫ََ َ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َۡ ُ‬ ‫ََۡ َ‬
‫ون ‪} ٥٠‬‬ ‫لَع َب ۡعض يتساءل‬ ‫ض ُه ۡم ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فأقبل بع‬
‫واملعنى‪ :‬فأقبل بعض أهل الجنة على بعضهم يتساءلون عن أحوالهم وأعمالهم في الدنيا‪.‬‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬قَالُوا إنَا ُك َنا َق ۡب ُل ِف أَ ۡهل َِنا ُِّ ۡشفِقِ َ‬
‫ي ‪[}٢٥‬الطور‪.]25 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ َ َۡ ََُ َُ َ َى َ َ‬ ‫َُ ُ َ َ َ َ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬قال قائِل م ِۡن ُه ۡم إ ِ ِن َكن ِل قرِين ‪ ٥١‬يقول أءِنك ل ِمن ٱلمص ِدق ِي ‪ ٥٢‬أءِذا مِتنا ووُكنا ترابا وعِظما أءِنا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِدت ل َ ُ ۡ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ُ ُّ َ ُ َ‬
‫ون ‪ ٥٤‬فَٱ َطلَ َع َف َر َء ُاه ِِف َس َواءِ ٱ ۡ َ‬ ‫ََ ُ َ‬
‫ِين ‪} ٥٦‬‬
‫ِ‬ ‫د‬‫ت‬ ‫ك‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ِ‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬‫ت‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫‪٥٥‬‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ِع‬ ‫ل‬‫ط‬‫م‬ ‫م‬ ‫نت‬ ‫أ‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫ال‬‫ق‬ ‫‪٥٣‬‬ ‫ون‬ ‫لمدِين‬

‫كدت ْأن تهلكني لو‬


‫ين ‪ } ٥٧‬قال املؤمن للكافر‪ :‬وهللا ْإن َ‬ ‫ضر َ‬ ‫َ َ َ َ ُ َّ َ ُ ُ َ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ولوال ِنعمة ِربي لكنت ِمن ٱملح ِ‬
‫لكنت من املحضرين معك في العذاب‪.‬‬ ‫علي بالهدى ُ‬ ‫أطعتك‪ ،‬ولوال نعمة رّبي ّ‬
‫واَلعنى‪:‬‬
‫أصحاب الجنة هللا تعالى على ما أنعم عليهم من اإليمان والهدى‪ ،‬كما قال تعالى حكاية عن‬ ‫ُ‬ ‫وقد حمد‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قولهم‪َ { :‬و َق ُالوا ْال َح ْم ُد ّلِل الذي َه َدانا ل َهذا َو َما ك َّنا ل َن ْه َتد َي ل ْوال أ ْن َه َدانا ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫َّللا ُُ}[األعراف‪.]43 :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬

‫َ ۡ‬
‫َن ُن ب َميت ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ي ‪} ٥٨‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أفما‬
‫واملعنى‪ :‬قال املؤمن لجلسائه تلذذا وتحدثا بنعمة هللا عليهم‪ :‬أنحن مخلدون أبدا‪ ،‬فال نموت إال املوتة‬
‫َ‬ ‫ََ ُْ َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫األولى في الدنيا‪ ،‬ولسنا بمعذبين؟‪ ،‬كما قال تعالى بعد هذه اآلية‪ِ { :‬إال َم ْوتت َنا األولى َو َما ن ْح ُن‬
‫َّ‬
‫ِب ُم َعذ ِب َين}[الصافات‪.]59 :‬‬
‫عباس رض ي هللا عنهما‪ ،‬في قول هللا تبارك وتعالى ألهل الجنة‪{ :‬‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬قال ابن ّ‬
‫َ َ َى ُ ُ َ ۡ ُ َ َ َ َ ۡ َ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ور عِي ‪[}١٩‬الطور‪ ،]19 :‬قال ابن عباس رض ي هللا عنهما‪ :‬قوله‪:‬‬ ‫كِٔٔين لَع سر ِّصفوفة وزوجنىهم ِّب ٍ‬ ‫ُمت ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ََ َ‬
‫{ َهن ًيئا} أي‪ :‬اليموتون فيها‪ ،‬فعندها قالوا‪{ :‬أف َما ن ْح ُن ِب َم ِّي ِت َين‪ِ .‬إال َم ْوتت َنا األولى َو َما ن ْح ُن ِب ُم َعذ ِب َين}[الصافات‪:‬‬
‫‪.]58-59‬‬

‫ي ‪ ٥٩‬إ َن َهى َذا ل َ ُه َو ٱ ۡل َف ۡو ُز ٱ ۡل َع ِظ ُ‬ ‫َ َ ۡ َ َ َ ۡ ُ َى َ َ َ ۡ‬


‫َن ُن ب ُم َع َذب َ‬
‫يم ‪} ٦٠‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إَِّل ِّوتتنا ٱلول وما‬

‫َى َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َۡ‬


‫ون ‪}٦١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ل ِ ِمث ِل هىذا فل َي ۡع َم ِل ٱلع ِمل‬
‫ْ‬
‫فليعمل العاملون في الدنيا‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬ملثل هذا الفوز بالجنة‬
‫َ َ َ َ ْ َ َ َ َ ْ ُ َ َ ُ نَ‬
‫س املتن ِافسو }[املطففين‪.]26 :‬‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬و ِفي ذ ِلك فليتناف ِ‬

‫ُّ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أذ ىل َِك َخ ۡري نُّ ُزَّل أ ۡم َش َ‬ ‫ََ‬
‫ج َر ُة ٱ َلزق ِ‬
‫وم ‪} ٦٢‬‬
‫ً‬
‫واملعنى‪ :‬أذلك الفوز بالجنة خير ضيافة أم شجرة الزقوم التي هي طعام األثيم في جهنم‪ ،‬كما قال‬
‫ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ ُ َْ‬ ‫ه َ َ َ َ ه ُّ‬
‫عام األثيم (‪ )44‬كاَل ْهل َيغلي في ال ُبطون}[الدخان‪.]43-45 :‬‬ ‫الزقوم (‪ )43‬ط‬ ‫تعالى‪{ :‬إن شجرة‬

‫َى‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ِلظلِم َ‬
‫ي ‪} ٦٣‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنا َج َعل َنى َها ف ِۡت َنة ل‬
‫ۡ ُۡ َ َ َ‬
‫واملعنى‪ :‬إنا جعل هذه الشجرة فتنة افتتن بها الظاملون املشركون‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَوذ قل َنا لك إِن‬
‫ّ‬
‫َُ ُ َ‬ ‫ج َر َة ٱل ۡ َم ۡل ُعونَ َة ِِف ٱ ۡل ُق ۡر َ‬ ‫َ َ‬
‫لش َ‬ ‫َ ِ َ َ َ َ ۡ َ ُّ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ى َ‬
‫ك إ ََّل ف ِۡت َنة ل َ‬ ‫ك أَ َح َ‬‫ََ َ‬
‫ان َوَنوِف ُه ۡم ف َما‬
‫ِ‬ ‫ء‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫ِ‬
‫اس‬ ‫ِلن‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫أ‬ ‫ت‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ا‬ ‫ي‬‫ء‬‫لر‬ ‫ٱ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ج‬ ‫ا‬ ‫م‬‫و‬ ‫اس‬‫ل‬‫ٱ‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫اط‬ ‫رب‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يد ُه ۡم إَِّل ُط ۡغ َيىنا كبِريا ‪[}٦٠‬اإلسراء‪.]60 :‬‬
‫يَز ُ‬
‫ِ‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن َها َش َ‬
‫يم ‪} ٦٤‬‬
‫ح ِ‬ ‫ج َرة َت ُر ُج ِِف أ ۡصل ٱ َ‬
‫ل ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬

‫َ َ‬ ‫َُ ُُ ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬طلعها كأنهۥ رءوس ٱلشيى ِط ِ‬
‫ي ‪} ٦٥‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬منظر طلع هذه الشجرة في غاية القبح والشناعة‪ ،‬كأنه رؤوس الشياطين؟‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ّ :‬إن ثمرها وما تحملها كأنه في تناهي قبحه وشناعة منظره كأنه رؤوس‬
‫فشبه املحسوس باملتخيل غير املرئي‪ ،‬والعرب ّ‬
‫تشبه قبيح الوجه‬ ‫الشياطين‪ ،‬تبشيعا لها وتكريها لذكرها‪ّ ،‬‬
‫بالشيطان‪ ،‬وتشبه جميل الصورة بامللك‪ ،‬كما جاء في القرآن حكاية على لسان صواحبات يوسف عليه‬
‫السالم‪{ :‬ما هذا َب َش ًرا إ ْن هذا إ َّال َم َل ٌك َكر ٌ‬
‫يم}[يوسف‪.]31 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ َۡ َ ُ َ َۡ ُُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ون ‪}٦٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فإِن ُه ۡم ٓأَلُكِ ون مِنها فمال ِؤون مِنها ٱلط‬
‫فإن أهل النار آلكلون من تلك الشجرة‪ ،‬فمالئون منها بطونهم‪ ،‬مضطرين إلى أكلها؛ ّ‬
‫ألنهم ال‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ َُ ۡ َ َ َ‬
‫ضيع ‪َّ ٦‬ل ي ُ ۡس ِم ُن َوَّل ُي ۡغ ِن مِن ُجوع ‪[}٧‬الغاشية‪.]6-7 :‬‬ ‫َ‬
‫يجدون غيرها‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ليس لهم طعام إَِّل مِن ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ َ‬
‫ون مِن َش َج ٍر مِن َزقو ٍم (‪ )52‬ف َم ِال ُئون ِم ْن َها ال ُبطون}[الواقعة‪:‬‬
‫ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬آلُكِ‬
‫‪.]52-53‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ث َم إ ِ َن ل ُه ۡم َعل ۡي َها ل َش ۡوبا م ِۡن َْحِيم ‪} ٦٧‬‬
‫واملعنى‪ :‬ثم ّإن ألهل النار زيادة على ما يأكلونه منها لشرابا خليطا قبيحا حارا يقطع أحشاءهم‪ ،‬كما‬
‫َۡ‬ ‫ِيها َأنۡ َه ىر مِن َماء َغ ۡري َءاسِن َو َأنۡ َه ىر مِن َل ََب ل َ ۡم َي َت َغ َ ۡ‬ ‫َ َ ُ َۡ َ َ ُ َ ۡ ُ َ ُ َ‬
‫ري َط ۡع ُم ُهۥ َوأن َه ىر م ِۡن‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ون ف َ‬ ‫قال تعالى‪ { :‬مثل ٱلنةِ ٱل ِت وعِد ٱلمتق‬
‫ار‬‫ت َو َم ۡغ ِف َرة مِن َربه ۡم َك َم ۡن ُه َو َخ ى ِِل ِف ٱلَ‬
‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ر‬ ‫ي َو َأنۡ َه ىر م ِۡن َع َسل ُِّّ َصَف َول َ ُه ۡم ف َ‬
‫ِيها مِن ُُك ٱلَ َم َ‬ ‫َى‬
‫ِلشب َ‬ ‫ل‬ ‫ة‬
‫َۡ ََ‬
‫َّل‬ ‫خر‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َو ُس ُقوا َماء َْحِيما ف َق َط َع أ ۡم َعا َء ُه ۡم ‪[}١٥‬محمد‪.]15 :‬‬
‫يم}[الواقعة‪.]54-55 :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ال ِمي ِم ‪ .‬فشارِبُون ش َب ال ِه ِ‬ ‫ون َعلَيهِ م َِن َ‬
‫َ َ ُ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فشارِب‬

‫ج َع ُه ۡم إلل ٱ َ‬ ‫َ َ َۡ‬‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬


‫ل ِحي ِم ‪}٦٨‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ثم إِن ِّر ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ثم ّإن مرجع أهل النار بعد هذا العذاب إللى عذاب الجحيم‪ ،‬فتارة في ذاك العذاب وتارة في‬
‫ُ ُ َ‬
‫هذا العذاب‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬يطوفون َب ْي َن َها َو َب ْي َن َح ِم ٍيم آن ٍَ}[الرحمن‪.]44 :‬‬

‫َۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ َن ُه ۡم أل َف ۡوا َءابَا َء ُه ۡم َضآل َِي ‪}٦٩‬‬
‫واملعنى‪ّ :‬إنهم وجدوا أجدادهم ضالين عن طريق الهدى‪.‬‬
‫واملراد باآلباء في هذه اآلية األجداد‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬م َّلة أبيكم إبراهيم}[الحج‪ ،]78 :‬أي ملة ّ‬
‫جدكم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ ُ ۡ َ َى َ َى ۡ ُ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٧٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فهم لَع ءاث ِرهِم يهرع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َََ ۡ َ َ ََُۡ ۡ َ ۡ َُ َۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ولقد ضل قبلهم أكَّث ٱلول ِي ‪} ٧١‬‬
‫ضل قبلهم أكثر األمم املاضية عن الحق‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬ولقد ّ‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وإنما أخبر هللا تعالى ّأن أكثر األولين ضلوا عن الحق؛ ألال يغتر العاقل بكثرتهم‪ ،‬فكثرة عددهم ال تبرر‬
‫َ‬ ‫ْ َ َ َّ ُ ُ‬ ‫َ َّ ُ َّ َ َ ُ‬ ‫ََ ْ َ ْ َ َ َ ََُْ ْ َ‬
‫اب ل َعلك ْم ت ْف ِل ُحون}[املائدة‪.]100 :‬‬
‫ِ‬ ‫ب‬‫األل‬ ‫ي‬‫ول‬
‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫َّللا‬ ‫وا‬ ‫ق‬ ‫ات‬ ‫ف‬ ‫يث‬
‫ِ‬ ‫ب‬
‫ضاللهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ولو أعجبك كثرة ال ِ‬
‫خ‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬ولَ َق ۡد أَ ۡر َس ۡل َنا فِيهم ُّمنذِر َ‬


‫ين ‪} ٧٢‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ‬ ‫ُ ۡ‬
‫نظ ۡر ك ۡي َف َك َن َع ىقِ َبة ٱل ُمنذر َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ين ‪} ٧٣‬‬‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فٱ‬
‫دمر هللا عليهم‪ ،‬كما قال‬ ‫واملعنى‪ :‬فانظر أيها العاقل كيف كان مصير األمم املنذرين السابقين‪ ،‬كيف ّ‬
‫ين أَ ۡم َٰىلُهاَ‬ ‫َۡ ۡ َ َ َ َُ َ َۡ ۡ َ ۡ َ‬
‫ك ىفِر َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ ُ ََۡ َ َ َ َُ َ‬
‫ى‬
‫َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫تعالى‪۞ { :‬أفلم يسِ ريوا ِِف ٱلۡر ِض فينظروا كيف َكن عقِبة ٱَّلِين مِن قبل ِ ِهم دِّر ٱَّلل علي ِهم ول ِل‬
‫َََ‬
‫ِ‬
‫‪[}١٠‬محمد‪.]10 :‬‬

‫َ َ َ‬
‫اد ٱ ََّللِ ٱل ۡ ُم ۡخلَص َ‬
‫ي ‪} ٧٤‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إَِّل عِب‬

‫ۡ َ ُ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ ۡ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٧٥‬‬ ‫جيب‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولقد نادى ىنا نوح فلن ِعم ٱلم ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد نادانا نوح عليه السالم ودعانا على قومه بالهالك‪ ،‬فلنعم املجيبون له نحن‪.‬‬
‫َ َ َ َ َّ ُ َ ّ َ ْ ُ ٌ َ ْ‬
‫وب فان َت ِص ْر}[القمر‪:‬‬ ‫وقد حكى هللا تعالى دعاء نوح عليه السالم على قومله في قوله‪{ :‬فدعا ربه أ ِني مغل‬
‫ُّ‬ ‫ََ‬ ‫وح َر ّب َال َت َذ ْر َع َلى األ ْرض م َن ْال َكافر َ‬
‫ين َد َّيا ًرا‪ِ .‬إ َّن َك ِإ ْن تذ ْر ُه ْم ُي ِضلوا ِع َب َادك َوال َي ِلدوا‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ ،]10‬وقوله تعالى‪َ { :‬و َق َ‬
‫ال ُن ٌ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِإال ف ِاج ًرا ك َّفا ًرا}[نوح‪.]26-27 :‬‬

‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ن ۡي َنى ُه َوأ ۡهل ُهۥ م َِن ٱلك ۡر ِب ٱل َع ِظي ِم ‪}٧٦‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َ‬

‫الغم الشديد‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬ونجينا نوحا عليه السالم وأهله املؤمنين به من ّ‬


‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫وحا إ ْذ َن َادى م ْن َق ْب ُل َف ْ‬
‫َُ ً‬
‫اس َت َج ْب َنا ل ُه ف َن َّج ْي َن ُاه َوأ ْهل ُه ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية واآلية التي قبلها قوله تعالى‪{ :‬ون ِ‬
‫ْ‬ ‫َْ‬
‫الك ْر ِب ال َع ِظ ِيم}[الحج‪.]76 :‬‬

‫ِي ‪َ ٧٧‬وتَ َر ۡوُك َنا َعلَ ۡيهِ ِف ٱٓأۡلخِر َ‬


‫ين ‪} ٧٨‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َج َع ۡل َنا ُذر َي َت ُهۥ ُه ُم ٱ ۡ َلاق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ۡ َ‬
‫لَع نُوح ِف ٱل َع ىلم َ‬ ‫ََ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬سل ىم ى‬ ‫َ‬
‫ي ‪}٧٩‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يل يا ُن ُ‬
‫وح‬ ‫ّ‬
‫والجن‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬ق َ‬ ‫واملعنى‪ :‬قلنا‪ :‬سالم على نوح في جميع الطوائف واألمم من اإلنس‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ َ‬
‫كات َعل ْي َك َو َعلى أ َم ٍم ِم َّم ْن َم َع َك}[هود‪.]48 :‬‬ ‫َّ‬
‫الم ِمنا َو َب َر ٍ‬
‫اه ِبط ِبس ٍ‬

‫ِي ‪ ٨٠‬إنَ ُهۥ م ِۡن ع َِبادِنَا ٱل ۡ ُم ۡؤ ِمن َ‬


‫ِي ‪}٨١‬‬ ‫سن َ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫َ َ َ َ َۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِنا كذ ىل ِك ن ِزي ٱل ُمح ِ‬
‫ِ‬

‫قوله تعالى‪ُ { :‬ث َم أَ ۡغ َر ۡق َنا ٱٓأۡل َخر َ‬


‫ين ‪}٨٢‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ُّ َ َ‬
‫ِين ‪ ٢١٩‬إِن ُهۥ‬
‫لسجد َ‬‫َى‬
‫واملعنى‪ :‬ثم أغرقنا اآلخرين املكذبين بالطوفان أجمعين‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وتقلبك ِِف ٱ ِ‬
‫ّ‬ ‫يع ٱلۡ َعل ُ‬
‫ِيم ‪[} ٢٢٠‬الشعراء‪.]119-120 :‬‬ ‫ُه َو ٱ َ‬
‫لس ِم ُ‬

‫ِيعتِهِۦ َإلبۡ َر ىه َ‬
‫ِيم ‪}٨٣‬‬ ‫َ‬
‫ِإَون مِن ش َ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬‬
‫ِ‬

‫َ‬ ‫َ َ ََُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫ِيم ‪} ٨٤‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِذ جاء ربهۥ بِقلب سل ٍ‬
‫واملعنى‪ :‬اذكر أيها العاقل حين جاء إبراهيم عليه السالم إلى ربه بقلب سليم من الشرك ومن اآلفات‬
‫ّ‬
‫والغل والرياء‪.‬‬ ‫القلبية كالنفاق‬
‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬وقال سعيد بن املسيب رحمه هللا‪ :‬القلب السليم‪ :‬هو القلب الصحيح وهو قلب‬
‫ُُ‬
‫ألن قلب الكافر واملنافق مريض‪ ،‬قال هللا تعالى‪ِِ { :‬ف قلوب ِ ِهم َِّ َرض }[البقرة‪.]10 :‬‬ ‫املؤمن ّ‬

‫َ َُُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َ‬


‫ون ‪} ٨٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِذ قال ِلبِيهِ َوق ۡو ِمهِۦ ماذا تعبد‬
‫واملعنى‪ :‬حين قال إبراهيم عليه السالم ألبيه وقومه‪ :‬ما هذا الذي تعبدونه من دون هللا تعالى؟‬
‫َ َُُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َ َ‬
‫ون ‪[} ٧٠‬الشعراء‪ ،]70 :‬وقوله تعالى‪{ :‬إ ْذ َق َ‬
‫ال‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬إِذ قال ِلبِيهِ َوق ۡو ِمهِۦ ما تعبد‬
‫َ‬ ‫َّ َ ُ َّ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫يل ال ِتي أن ُت ْم ل َها َع ِاك ُفون}[األنبياء‪.]52 :‬‬‫ألب ِيه َوق ْو ِم ِه َما َه ِذ ِه التم ِاث‬
‫ِ‬

‫َ َ ُ َ َ ُ ُ َ‬ ‫َ ۡ‬
‫ون ‪} ٨٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أئِفَك ءال ِهة دون ٱَّللِ ت ِريد‬
‫واملعنى‪ :‬أتريدون آلهة تعبدونها إفكا من دون هللا تعالى؟‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫َّ َ‬ ‫َّ َ ْ ُ ُ َ ْ ُ‬
‫َّللا أ ْوث ًانا َو َت ْخل ُقو َن‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى على لسان إبراهيم عليه السالم‪ِ { :‬إن َما تعبدون ِمن دو ِن ِ‬
‫ًْ‬
‫ِإفكا}[العنكبوت‪.]17 :‬‬
‫ج ِ‬
‫وم ‪} ٨٨‬‬ ‫كم ب َرب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬
‫ي ‪َ ٨٧‬ف َن َظ َر َن ۡظ َرة ِف ٱلُّ ُ‬ ‫َ َ َ ُّ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فما ظن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬

‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف َقال إِ ِن َسقِيم ‪} ٨٩‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فقال إبراهيم عليه السالم‪ :‬إني مريض‪ ،‬أي مرض قلبيا من إقبالكم على عبادة األوثان‪.‬‬
‫َ‬
‫روى اإلمام الطبري بسنده عن أبي هريرة رض ي هللا عنه‪ّ ،‬أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪"َ :‬ول ْم‬
‫َ َ‬ ‫ات هللا‪ ،‬قوله {إ ِّني َس ِق ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َ َ َ‬
‫يم}[الصافات‪ ،]89 :‬وقوله‪َ { :‬ب ْل ف َعل ُه‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫يم غي َر ثالث كذ ٍ‬
‫بات‪ِ ،‬ثنت ِين في ذ ِ‬ ‫َي ْ‬
‫كذب إبر ِاه‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك ِب ُير ُه ْم َهذا}[األنبياء‪ ،]62 :‬وقوله في سارة‪ِ :‬هي أختي"‪ .‬وقد علق اإلمام ابن كثير على هذه الرواية بقوله‪" :‬فهو‬
‫ذم فاعله‪ ،‬حاشا‬ ‫الحقيقي الذي ُي ّ‬
‫ّ‬ ‫والسنن من طرق‪ ،‬ولكن ليس هذا من باب الكذب‬ ‫الصحاح ّ‬ ‫مخرج في ّ‬ ‫حديث َّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ ُ‬
‫شرعي ديني‪ ،‬كما جاء في‬ ‫ملقصد‬
‫وكال‪ ،‬وإنما أطلق الكذب على هذا تجوزا‪ ،‬وإنما هو من املعاريض في الكالم ِ‬
‫َْ ُ َ ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫الكذ ِب"‪.‬‬‫يض ملندوحة عن ِ‬ ‫الحديث‪"ِ :‬إن ِفي املعار ِ‬

‫َ َ َ َۡ َ ۡ ُ ُ ۡ َ َ َ َ َى َ َ ۡ َ َ َ ََ َۡ ُ ُ َ َ َ ُ ۡ َ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٩٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فتولوا عنه مدب ِ ِرين ‪ ٩٠‬فراغ إِل ءال ِهت ِ ِهم فقال أَّل تأكلون ‪ ٩١‬ما لكم َّل تن ِطق‬

‫ۡ‬
‫َ ۡ ۡ َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ٩٣‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬فراغ علي ِهم ضبا ب ِٱَلَ ِم ِ‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬فمال بخفية وسرعة إلى آلهتهم‪ ،‬ضاربا إياهم بفأسه في يده اليمنى بشدة ّ‬
‫قوته‪ ،‬فحطمهم‪،‬‬
‫ً َّ َ ً َ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫وترك الصنم األكبر لم يحط ْمه‪ ،‬لعلهم إليه يرجعون فيسألونه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ف َج َعل ُه ْم ُجذاذا ِإال ك ِبيرا ل ُه ْم‬
‫َ‬ ‫َ َّ َ‬
‫ل َعل ُه ْم ِإل ْي ِه َي ْر ِج ُعون}[األنبياء‪.]58 :‬‬

‫ۡ َ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ََۡ ُ‬


‫ون ‪} ٩٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فأق َبلوا إَِلهِ ي ِزف‬
‫واملعنى‪ :‬فأقبل قوم إبراهيم إليه بعد عودتهم من عيدهم مسرعين غاضبين‪.‬‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ هُ َ َ ه َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫فصل هللا تعالى هذه القصة في قوله‪{ :‬قالوا َم ْن ف َع َل َهذا بآلهتنا إنه َلن الظاَلين (‪ )59‬قالوا‬ ‫وقد ّ‬
‫َ ُ ََْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ه َ ه‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َُْ‬ ‫ال َل ُه إ ْب َراه ُ‬‫َسم ْع َنا َف ًتى َي ْذ ُك ُر ُه ْم ُي َق ُ‬
‫يم (‪ )60‬قالوا فأتوا به َعلى أ ْع ُين الناس ل َعل ُه ْم َيش َه ُدون (‪ )61‬قالوا أأنت‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ْ َ ََ ُ َ ُ ُ ْ َ َ َ ْ َُ ُ ْ َ ُ ْ ُ َ‬ ‫َف َع ْل َت َه َذا بآل َهت َنا َيا إ ْب َراه ُ‬
‫وه ْم إن كانوا َينطقون (‪ )63‬ف َر َج ُعوا إلى‬ ‫يم (‪ )62‬قال بل فعله كبيرهم هذا فاسأل‬
‫َُ ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ه ُ َ‬ ‫َ َ ُ ه ُ َُْ‬ ‫َْ ُ‬
‫أنفسه ْم فقالوا إنك ْم أنت ُم الظاَلون (‪ )64‬ث هم نك ُسوا َعلى ُر ُءوسه ْم لق ْد َعل ْمت َما َهؤَلء َينطقون}[األنبياء‪:‬‬
‫‪.]59-65‬‬

‫َ َ ََُۡ ُ َ َ َۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٩٥‬‬ ‫حت‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال أتعبدون ما تن ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قال إبراهيم‪ :‬أتعبدون من دون هللا تعالى آلهة تنحتونها أنتم؟ وهي ال تنفعكم وال ّ‬
‫تضركم‪ ،‬كما‬
‫َّ َ َ َ ْ َ ُ ُ ْ َ ْ ً َ َ َ ُ ُ‬
‫ض ُّرك ْم}[األنبياء‪.]66 :‬‬‫َّللا ما ال ينفعكم شيئا وال ي‬ ‫ن‬‫و‬‫د‬‫ال َأ َف َت ْع ُب ُدو َن م ْن ُ‬
‫قال تعالى‪َ { :‬ق َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬

‫ُ‬
‫َ َُ َ َ ُ ۡ ََ َۡ َ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٩٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلل خلقكم وما تعمل‬
‫واملعنى‪ :‬وهللا تعالى خلقكم يا قومي وتلك األصنام التي تعملونها بأيديكم‪ ،‬فهو الجدير بعبادتكم‪.‬‬
‫ََ‬ ‫َ َ َ ُ َّ ُ َ ْ‬
‫ّلِل ش َرك َاء ال ِج َّن َوخل َق ُه ْم}[األنعام‪.]100 :‬‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬وجعلوا ِ ِ‬

‫ۡ‬ ‫ََۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا ٱ ۡب ُنوا ُلۥ ُب ۡن َيىنا فأل ُقوهُ ِِف ٱ َ‬
‫ل ِحي ِم ‪} ٩٧‬‬
‫واملعنى‪ :‬قال بعض قوم إبراهيم لبعض‪ :‬ابنوا له بنيانا‪ ،‬ثم املئوه بالنار املشتعلة‪ ،‬فألقوا به فيها‪،‬‬
‫فاع ِل َين‬ ‫َ ُ ْ ْ ُُْ ْ‬ ‫ُ َ ُ ُ َ ْ ُ‬
‫فحرقوه‪ ،‬وانصروا آلهتكم بالغضب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬قالوا ح ِّرقوه وانص ُروا ِآل َهتكم ِإن كنتم ِ‬
‫(‪[})68‬األنبياء‪.]68 :‬‬

‫ج َعل َنى ُه ُم ٱل ۡس َفل َ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫َ ُ‬
‫ادوا بهِۦ ك ۡيدا ف َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ِي ‪} ٩٨‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فأر‬
‫واملعنى‪ :‬وأراد قوم إبراهيم به مكرا وتدبيرا لقتله‪ ،‬فجعلناهم األسفلين املغلوبين‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ين}[األنبياء‪.]70 :‬‬
‫َ ْ ً َ َ َْ ُ ُ ْ َ‬
‫األ ْخ َسر َ‬ ‫م‬ ‫ناه‬ ‫ل‬‫ع‬‫ج‬ ‫ف‬ ‫دا‬‫ي‬‫ك‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫{ َو َأر ُ‬
‫اد‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬

‫ى َ َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫َ‬ ‫َ َ‬


‫ِين ‪} ٩٩‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وقال إ ِ ِن ذاهِب إِل ر ِب سيهد ِ‬
‫ّ‬
‫يتيسر لي العبادة‪ ،‬فإنه تعالى سيهديني‬ ‫واملعنى‪ :‬وقال إبراهيم عليه السالم‪ّ :‬إني ذاهب إلى رّبي إلى حيث ّ‬
‫إلى ما فيه صالحي في الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ال إ ّني ُم َهاج ٌر إلى َرّبي إ َّن ُه ُه َو ال َعز ُيز ال َحك ُ‬ ‫ََ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ ُ‬
‫يم}[العنكبوت‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فآمن له لوط وق َ ِ ِ‬
‫‪.]26‬‬

‫ي ‪} ١٠٠‬‬ ‫ح َ‬ ‫ب ل م َِن ٱ َ ى‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ر َ ۡ‬


‫لصل ِ ِ‬ ‫به ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬دعا إبراهيم عليه السالم ربه فقال‪ :‬ر ّب هب أوالدا هم من عبادك الصالحين‪.‬‬
‫َ َ‬
‫وقد استجاب هللا تبارك وتعالى هذا الدعاء‪ ،‬فوهب له ذرية صالحة‪ ،‬وذلك في قوله تعالى‪َ { :‬و َو َه ْبنا ل ُه‬
‫ف َو ُم َ‬ ‫ْ َ َ َ َ ْ ُ َ ُ َ َ ْ َ َ ُ ً َ َ ْ َ ْ َ ْ ُ َ ْ ُ ه َ ُ َ َ ُ َ ْ َ َ َ َ ُّ َ َ ُ ُ َ‬
‫وس ى‬ ‫إسحاق ويعقوب كال هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان و أيوب ويوس‬
‫الصالح َين (‪َ )85‬وإ ْس َماع َ‬ ‫اس ُك ٌّل م َن ه‬‫يس ى َوإ ْل َي َ‬
‫اْل ْحسن َين (‪َ )84‬و َز َكرهيا َو َي ْح َيى َوع َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ َ ُ َ َ َ َ‬
‫يل‬ ‫ون َوكذل َك ن ْجزي‬‫وهار‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ َ َُ ُ َ َُ ً َُ َ هَْ َ ْ‬
‫ضلنا َعلى ال َعاَلين}[األنعام‪.]84-86 :‬‬ ‫واليسع ويونس ولوطا وكال ف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ش َنى ُه ب ِ ُغل ى ٍم َحل ِيم ‪} ١٠١‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فبَ َ ۡ‬

‫َ َ َ‬ ‫ََۡ ِ َ َۡ َُ َ َ ُ ۡ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ۡ ۡ‬
‫ت ٱف َعل َما‬
‫ى قال يَىأبَ ِ‬
‫ام أ ِن أذّبك فٱنظر ماذا ت َر ى ر‬ ‫ع قَ َال َي ى ُب َ َ‬
‫ن إِ ِن أ َر ى‬
‫ى ِِف ٱلمن‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فَلَ َما بَلَ َغ َم َع ُه ٱ َ‬
‫لس ۡ َ‬

‫ين ‪} ١٠٢‬‬ ‫لصب َ‬ ‫َ َ َ ُ َ َى‬ ‫تُ ۡؤ َِّ ُر َس َت ُ‬


‫جد ِن إِن شاء ٱَّلل مِن ٱ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫سن السعي‪ ،‬قال له إبراهيم عليه السالم‪ :‬يا ّ‬
‫بني‬ ‫فلما كبر إسماعيل عليه السالم ووصل إلى ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إني أرى في منامي أني أذبحك‪ ،‬فما رأيك؟ قال إسماعيل عليه السالم‪ :‬امض يا أبي ملا أمرك هللا تعالى به‪،‬‬
‫ستجدني ْإن شاء هللا من الصابرين على قضائه‪.‬‬
‫وقد صدق إسماعيل عليه السالم فيما وعد‪ ،‬فقد كان صادق الوعد ومرضيا عند ربه‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ َى َ َ َ ى ََ َ‬ ‫ََ َ َُۡ ُ َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ ۡ َ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ ۡ ُۡ‬
‫ب إ ِ ۡس َم ىعِيل ر إِن ُهۥ َكن َصادِق ٱل َوع ِد َوكن َر ُسوَّل نبِيا ‪ ٥٤‬وكن يأِّر أهلهۥ ب ِٱلصلوة وٱلزكوة وكن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫{ وٱذكر ِِف ٱلكِتى ِ‬
‫َ ْ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫عِند ربِهِۦ ِّ ۡر ِضيا ‪[} ٥٥‬مريم‪ ،]54-55 :‬كما أن هللا تعالى قد وصفه بالصبر‪ ،‬في قوله‪{ :‬و ِإسم ِ‬
‫يس َوذا‬ ‫ّ‬
‫اعيل و ِإد ِر‬
‫ين}[األنبياء‪.]85 :‬‬ ‫الصابر َ‬ ‫ْال ِك ْفل ُك ٌّل م َن َّ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫سن َ‬
‫ِي‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫َ َ َ َ َۡ‬ ‫جبي ‪َ ١٠٣‬و َنى َديۡ َنى ُه أَن يَىإبۡ َر ىه ُ‬
‫ِيم ‪ ١٠٤‬قَ ۡد َص َد ۡق َ‬
‫ت ٱ ُّلر ۡءيَا ر إِنا كذ ىل ِك ن ِزي ٱل ُمح ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فَلَ َما أَ ۡسلَ َما َوتَ َل ُهۥ ل ِۡل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪َ ١٠٦‬وف َديۡ َنى ُه ب ِذِبۡ ٍح ع ِظيم ‪} ١٠٧‬‬ ‫‪ ١٠٥‬إ َن َهى َذا ل َ ُه َو ٱ ۡ َللَ ى ُؤا ٱل ۡ ُمب ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬وتَ َروُك َنا َعل ۡيهِ ِف ٱٓأۡلخِر َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ين ‪} ١٠٨‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وأبقينا إلبراهيم عليه السالم ثناء جميال في األمم القادمة‪ ،‬استجابة لدعائه في قوله تعالى‪{ :‬‬
‫ص ۡدق ِف ٱٓأۡلخِر َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ين ‪[} ٨٤‬الشعراء‪.]84 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َوٱج َعل ِل ل َِسان ِ‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َى َ َ ۡ‬ ‫َ َ ََ‬


‫ن ِزي ٱل ُم ۡح ِسن َِي ‪ ١١٠‬إِنَ ُهۥ م ِۡن ع َِبادِنَا ٱل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪} ١١١‬‬ ‫لَع إبۡ َر ىه َ‬
‫ِيم ‪ ١٠٩‬كذل ِك‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬سل ىم ى ِ‬

‫ح َ‬
‫ي ‪} ١١٢‬‬ ‫ش َنى ُه بإ ۡس َ‬
‫حى َق نَبيا م َِن ٱ َ ى‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وب َ َ ۡ‬
‫لصل ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫واملعنى‪ :‬وبشرنا إبراهيم عليه السالم بإسحاق نبيا من الصالحين‪.‬‬
‫َ‬
‫بشر هللا تعالى أيضا زوج إبراهيم عليه السالم به‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ف َب َّش ْرَن َاها بإ ْس َح َ‬ ‫ّ‬
‫اق َو ِم ْن َو َر ِاء‬ ‫ِِ‬ ‫وقد‬
‫وب}[هود‪.]71 :‬‬ ‫اق َي ْع ُق َ‬
‫إ ْس َح َ‬
‫ِ‬
‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫َ َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫َمسِن َو َظال ِم ِلَفسِ هِۦ ُمبِي ‪} ١١٣‬‬ ‫لَع إ ۡس َ‬
‫حى َق ر َومِن ذرِيت ِ ِهما‬ ‫ََ َ َ ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وب ى َروُكنا عليهِ و ى ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وباركنا على إبراهيم عليه السالم‪ ،‬وعلى إسحاق عليه السالم‪ ،‬ومن ذريتهما من هو محسن‬
‫فاعل للخيرات‪ ،‬ومن هو ظالم لنفسه ظلما واضحا بالكفر والشرك‪.‬‬
‫وقد اقتضت حكمة هللا تعالى ْأن يجعل من ذرية األنبياء من هو مؤمن محسن‪ ،‬ومن هو مؤمن ظالم‬
‫َ‬
‫َل إِبۡ َر ىه ِٔ َم َر ُّب ُهۥ‬
‫لنفسه بالكفر واملعاص ي‪ ،‬وقد أخبر هللا تعالى هذا إلبراهيم عليه السالم في قوله‪ِ۞ { :‬إَوذِ ٱ ۡب َت ى‬
‫َ‬ ‫َى‬ ‫ۡ‬ ‫ُ َ َ َ َ ََ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َى ََ َ َ ُ َ َ َ‬
‫بِكل ِمت فأتمهن قال إ ِ ِن جاعِلك ل ِلن ِ‬
‫اس إِماما قال ومِن ذرِي ِت قال َّل ينال عهدِي ٱلظل ِ ِمي ‪[} ١٢٤‬البقرة‪.]124 :‬‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َ ُ ُ ْ ْ َ‬
‫ات َعل ْي َك َو َعلى أ َم ٍم‬
‫الم ِمنا َو َب َرك ٍ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى في نوح عليه َالسالم‪ِ { :‬قيل يا نوح اه ِبط ِبس ٍ‬
‫يم}[هود‪.]48 :‬‬ ‫ِم َّم ْن َم َع َك َو ُأ َم ٌم َس ُن َم ِّت ُع ُه ْم ُث َّم َي َم ُّس ُه ْم ِم َّنا َع َذ ٌ‬
‫اب أ ِل ٌ‬

‫َ َ ۡ َ ََ ى ُ َ ى َ َىُ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ١١٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولقد مننا لَع ِّوس وهر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬تاهلل لقد أنعمنا على موس ى وهارون عليهما السالم بالنبوة والكتاب‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولق ْد آت ْي َنا‬
‫ْ ْ‬ ‫ون ْال ُف ْر َق َ‬
‫ان َو ِض َي ًاء َو ِذك ًرا ِلل ُم َّت ِق َين}[األنبياء‪.]48 :‬‬ ‫وس ى َو َه ُار َ‬
‫ُم َ‬

‫ُص َنى ُه ۡم فَ ََكنُوا ُه ُم ٱ ۡل َغ ىلِب َ‬ ‫َ ََۡ َ ُ َ َ َۡ َ ُ َ َ ۡ َ‬


‫ك ۡرب ٱ ۡل َع ِظي ِم ‪َ ١١٥‬ونَ َ ۡ‬
‫ي ‪} ١١٦‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ونينىهما وقوِّهما مِن ٱل ِ‬

‫ب ٱل ُم ۡستَب َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و َء َات ۡي َنى ُه َما ٱلك َِتى َ‬
‫ي ‪} ١١٧‬‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وآتينا موس ى وهارن عليهما السالم التوراة الواضحة املنيرة التي تهدى الناس إلى الحق‪ ،‬كما قال‬
‫ُ ً َ ُ ٌ َ ْ ُ ُ َ َّ َ‬ ‫َّ َ ْ َ ْ َ َّ َ‬
‫الن ِب ُّيون}[املائدة‪.]44 :‬‬ ‫الت ْوراة ِفيها هدى ونور يحكم ِبها‬ ‫تعالى‪ِ { :‬إنا أنزلنا‬

‫َ‬ ‫َ َى َ َى ُ َ ى َ َ‬ ‫يم ‪َ ١١٨‬وتَ َر ۡوُك َنا َعلَ ۡيه َما ِف ٱٓأۡلخِر َ‬


‫لص َر ى َط ٱل ۡ ُم ۡس َتقِ َ‬ ‫َ ََۡ‬
‫وس َوهى ُرون ‪ ١٢٠‬إِنا‬ ‫ين ‪ ١١٩‬سلم لَع ِّ‬‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وهدينى ُه َما ٱ ِ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َى َ َ ۡ‬
‫ن ِزي ٱل ُم ۡح ِسن َِي ‪ ١٢١‬إ ِ َن ُه َما م ِۡن ع َِبادِنَا ٱل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪} ١٢٢‬‬ ‫كذل ِك‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ِإَون إَلَ َ‬ ‫ۡ‬
‫اس ل ِم َن ٱل ُم ۡر َسل َِي ‪} ١٢٣‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬‬
‫وإن إلياس عليه السالم ملن املرسلين إلى بني إسرائيل‪.‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ممن هداهم هللا إلى الصراط املستقيم‬ ‫وقد ذكر هللا تعالى ّأن إلياس عليه السالم من الصالحين‪ ،‬وهو ْ‬
‫الص ِال ِح َين}[األنعام‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫من ذرية إبراهيم عليه السالم‪ ،‬وذلك في قوله تعالى‪َ { :‬و َز َكرَّيا َو َي ْح َيى َو ِع َيس ى َوإ ْل َي َ‬
‫اس ُك ٌّل م َن َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪.]85‬‬
‫ََ ََ ُ‬
‫ك ۡم َو َربَ‬ ‫َ‬ ‫ََۡ ُ َ َۡ َََ ُ َ َ ۡ َ َ ۡ َ‬ ‫ََ ََُ َ‬ ‫ۡ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِذ قال ل ِق ۡو ِمهِۦ أَّل تتقون ‪ ١٢٤‬أتدعون بعل وتذرون أحسن ٱلخلِقِي ‪ ١٢٥‬ٱَّلل رب‬
‫ى‬
‫َ‬ ‫ي ‪َ ١٢٨‬وتَ َر ۡوُك َنا َعلَ ۡيهِ ِف ٱٓأۡلخِر َ‬
‫ين ‪َ ١٢٩‬سل ىم‬
‫َ َ َ‬
‫اد ٱ ََّللِ ٱل ۡ ُم ۡخلَص َ‬‫ِب‬
‫ع‬ ‫َّل‬ ‫إ‬ ‫‪١٢٧‬‬
‫َ َ َ ُ ُ َ َُ ۡ َُ ۡ َ ُ َ‬
‫ون‬ ‫ُض‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫إ‬‫ف‬ ‫وه‬ ‫ب‬ ‫ذ‬‫ك‬‫ف‬ ‫‪١٢٦‬‬ ‫ك ُم ٱ ۡلَ َول َ‬
‫ِي‬
‫َ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ءابائ ِ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َى َ َى َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََى َ َ َ‬ ‫ۡ‬
‫ن ِزي ٱل ُم ۡح ِسن َِي ‪ ١٣١‬إِنَ ُهۥ م ِۡن ع َِبادِنَا ٱل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪} ١٣٢‬‬ ‫ِي إِنا ‪ ١٣٠‬كذل ِك كذل ِك‬ ‫لَع إِل ياس‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫ِإَون لوطا ل ِم َن ٱل ُم ۡر َسل َِي ‪} ١٣٣‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬‬
‫وإن لوطا عليه السالم ملن املرسلين إلى أهل سدوم‪.‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ۡ‬ ‫َ ََ ۡ َ ُ ُ‬
‫وط ٱل ُم ۡر َسل َِي ‪[} ١٦٠‬الشعراء‪:‬‬
‫وقد أخبر هللا تعالى أن قوم لوط كذبوه‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬كذبت ق ۡوم ل ٍ‬
‫ّ‬
‫‪.]160‬‬

‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ن ۡي َنى ُه َوأ ۡهل ُهۥ أ ۡ َ‬
‫ۡجعِ َ‬ ‫ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إذ َ‬
‫ي ‪} ١٣٤‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬إذ ّ‬
‫نجينا لوطا عليه السالم وأهله أجمعين من العذاب‪ ،‬ألنه لم يكن آمن به إال أهل بيته‪ ،‬كما‬
‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُْْ‬
‫ان ِف َيها ِم َن املؤ ِم ِن َين ‪ .‬ف َما َو َج ْدنا ِف َيها غ ْي َر َب ْي ٍت ِم َن امل ْس ِل ِم َين}[الذريات‪.]35-36 :‬‬ ‫قال تعالى‪َ { :‬ف َأ ْخ َر ْج َنا َم ْن َك َ‬
‫ي ‪[} ١٧٠‬الشعراء‪.]170 :‬‬ ‫ۡجعِ َ‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ف َن َج ۡي َنى ُه َوأَ ۡهلَ ُهۥ أَ ۡ َ‬

‫جوزا ِف ٱل َغ ىب َ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إَّل َع ُ‬ ‫َ‬
‫ين ‪} ١٣٥‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فإنها بقيت في العذاب مع القوم الهالكين الباقين في العذاب‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬إال امرأته العجوز‪ّ ،‬‬
‫َْ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ َ‬ ‫ََْ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فأن َج ْي َن ُاه َوأ ْهل ُه ِإال ْام َرأت ُه كان ْت ِم َن الغ ِاب ِري َن}[األعراف‪ ،]83 :‬وقوله تعالى‪:‬‬
‫ين}[الصافات‪.]135 :‬‬ ‫{إ َّال َع ُجو ًزا في ْالغابر َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ۡ ىَ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بين ‪[} ١٧١‬الشعراء‪.]171 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬إَِّل عجوزا ِِف ٱلغ ِ ِ‬

‫قوله تعالى‪ { :‬ث َم َد َِّ ۡرنَا ٱٓأۡل َخر َ‬ ‫ُ‬


‫ين ‪} ١٣٦‬‬ ‫ِ‬
‫دمرنا َم ْن عداهم من الكفرة‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬ثم ّ‬
‫وكان تدميرهم بجعل عالي قريتهم سافلها‪ ،‬وخسف األرض بهم‪ ،‬وإمطارهم من طين متصلب متين‪،‬‬
‫يل}[الحجر‪:‬‬ ‫َ َ َْ َ َ ََ َ َ َ َ َ ْ َ َْ َ َْ ْ َ َ ً ْ‬
‫متتابع في النزول عليهم‪ ،‬كماَ قال تعالى‪{ :‬فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سج ٍ‬
‫َه‬ ‫َ َ ه‬ ‫ُْ ْ َ َ َ‬
‫‪،]74‬وقال تعالى‪َ { :‬واَلؤتفكة أ ْهوى (‪ )53‬فغشاها ما غش ى}[النجم‪.]53-54 :‬‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ُ { :‬ث َم َد َِّ ۡرنَا ٱٓأۡل َخر َ‬
‫ين ‪[} ١٧٢‬الشعراء‪.]172 :‬‬ ‫ِ‬
‫ح َ‬ ‫ُّ ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ١٣٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ {{ :‬إَونك ۡم ِلَ ُم ُّرون عل ۡي ِهم ِّصب ِ ِ‬
‫لتمرون على آثار قرية قوم لوط في أسفاركم وقت الصباح؛ ّ‬ ‫وإنكم أيها العرب ّ‬ ‫ّ‬
‫ألنها كانت‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫َ‬
‫بطريق ثابت واضح‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ِإ َّنها ل ِب َس ِب ٍيل ُم ِق ٍيم}[الحجر‪.]76 :‬‬

‫َ َۡ َََ َ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ١٣٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ :‬وب ِٱَل ِل أفل تع ِقل‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫ِإَون يُون َس ل ِم َن ٱل ُم ۡر َسل َِي ‪} ١٣٩‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬‬
‫وإن يونس عليه السالم ملن املرسلين إلى نينوي باملوصل‪.‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫وقد ذكر هللا تعالى يونس عليه السالم في القرآن الكريم تارة باسمه‪ ،‬كما في هذه اآلية‪ ،‬وتارة بوصفه‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ َُ ْ َ‬ ‫ً‬ ‫ْ ََ َ ُ‬ ‫َ َ ُّ‬
‫وت ِإذ نادى‬
‫صاح ِب الح ِ‬ ‫كما في قوله تعالى‪{ :‬وذا النو ِن ِإذ ذهب م ِ‬
‫غاضبا}[األنبياء‪ ،]87 :‬وقوله تعالى‪{ :‬وال تكن ك ِ‬
‫وم}[القلم‪.]48 :‬‬‫َو ُه َو َم ْك ُظ ٌ‬

‫ي ‪َ ١٤١‬فٱ ِۡلَ َق َم ُه ٱ ۡ ُ‬
‫اه َم فَ ََك َن م َِن ٱل ۡ ُم ۡد َحض َ‬
‫َ َ َ‬ ‫ك ٱل ۡ َم ۡش ُ‬ ‫ۡ َََ َ ُۡۡ‬
‫وت َو ُه َو ُِّل ِيم ‪} ١٤٢‬‬
‫ل ُ‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫ف‬ ‫‪١٤٠‬‬ ‫ون‬
‫ِ‬ ‫ح‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫قوله تعالى‪ { :‬إِذ أبق إِل ٱلف‬

‫ح َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ‬


‫ي ‪} ١٤٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فل ۡوَّل أن ُهۥ َكن م َِن ٱل ُم َسب ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فلوال ّأن يونس عليه السالم كان في حياته من املسبحين الذاكرين هللا كثيرا‪ ،‬وكان ّ‬
‫يسبح في‬
‫َّ‬ ‫َ ّ ُ‬ ‫َْ‬ ‫ُّ ُ َ َ َ َ‬ ‫ََ َ‬
‫ات أ ْن ال ِإل َه ِإال أن َت ُس ْب َحان َك ِإ ِني ك ْن ُت ِم َن الظ ِ ِامل َين}[األنبياء‪:‬‬
‫بطن الحوت‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فنادى ِفي الظلم ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ َ‬
‫‪ ،]87‬للبث ميتا في بطن الحوت إلى يوم القيامة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬لل ِبث ِفي َبط ِن ِه ِإلى َي ْو ِم ُي ْب َعثون}[الصافات‪:‬‬
‫‪.]144‬‬

‫َى َ ۡ ِ ُ ۡ َ ُ َ‬ ‫ََ َ‬
‫ون ‪} ١٤٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬للبِث ِِف َب ۡطنِهِۦ إِل يوم يبعث‬

‫ۡ‬ ‫َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف َن َبذ َنى ُه ب ِٱل َع َراءِ َو ُه َو َسقِيم ‪} ١٤٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬فأمرنا الحوت بطرحه في الفضاء الواسع من األرض حالة كونه عليال سقيما‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َْ َ ْ َ ََ‬
‫دارك ُه ِن ْع َمة ِم ْن َرِّب ِه لن ِبذ ِبال َعر ِاء َو ُه َو‬
‫ُ‬ ‫وال تعارض بين هذه اآلية وقوله تعالى في سورة القلم‪{ :‬لوال أن ت‬
‫ّ‬
‫ألن معنى آية سورة القلم أنه لوال ّأن هللا تعالى تدارك‬ ‫وم}[القلم‪ ]49 :‬الذي قد يوهم خالف ذلك‪ ،‬وذلك ّ‬ ‫َم ْذ ُم ٌ‬
‫ولكنه عليه‬ ‫يونس عليه السالم برحمته‪ ،‬وبقبول توبته‪ ،‬لطرح باأل ض الفضاء الواسع وهو مذموم ملوم‪ّ ،‬‬
‫ر‬
‫السالم طرح فيه غير مذموم‪ ،‬وغير ملوم‪.‬‬
‫َ َ ۡ َ ۡ َ ى ُ َى َ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وأَۢن َب ۡت َنا َعلَ ۡيهِ َش َ‬
‫ون ‪}١٤٧‬‬ ‫ج َرة مِن َيق ِطي ‪ ١٤٦‬وأرسلنه إِل ِمائةِ أل ٍف أو ي ِزيد‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬فَٔٔ َام ُنوا ف َم َت ۡع َنى ُه ۡم إ ِ ىل حِي ‪} ١٤٨‬‬
‫فصدق قوم يونس وآمنوا به‪ ،‬فمتعناهم بحياتهم إلى وقت انقضاء آجالهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫ۡ‬ ‫لِ ۡز ِي ِِف ٱ ۡ َ‬
‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّلن َيا‬
‫َََۡ َ َ ۡ َۡ َ َ َ َ ۡ َََ َ َ َ َُ َ َۡ َ ُ َُ ََ َ َ ُ َ َ ۡ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ ۡ‬
‫فلوَّل َكنت قرية ءامنت فنفعها إِيم ىنها إَِّل قوم يونس لما ءامنوا كشفنا عنهم عذاب ٱ‬
‫َ‬
‫َو َم َت ۡع َنى ُه ۡم إ ِ ىل حِي ‪[}٩٨‬يونس‪.]98 :‬‬

‫َ ۡ َۡ ۡ َ َ َ ََۡ ُ َ َُ ُ َُۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فٱستفت ِ ِهم أل ِربِك ٱلنات ولهم ٱلنون ‪} ١٤٩‬‬
‫موبخا لهم كيف جعلوا ّ‬
‫لربك البنات من املالئكة‪ ،‬كما‬ ‫واملعنى‪ :‬فاستفت أيها الرسول هؤالء املشركين ّ‬
‫َ َ َ ُ َن َّ َ َ ُ َ َ ُ َ َ ُ َّ َ َ َ‬
‫شت ُهون}[النحل ‪ ،]57:‬وجعلوا ألنفسهم البنين‪.‬‬ ‫ات سبحانهۥ ولهم ما ي‬ ‫ّلِل البن ِ‬
‫قال تعالى‪{ :‬ويجعلو ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ألك ُم الذك ُر َول ُه األنثى (‪ )21‬تل َك إذا ق ْس َمة ضيزى}[النجم‪.]21-22 :‬‬

‫َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ َى َ َ َ ى َ ُ ۡ َ ى ُ َ‬
‫ون ‪} ١٥٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أم خلقنا ٱلملئِكة إِنثا وهم ش ِهد‬
‫ُ ۡ َى َ َ‬
‫واملعنى‪ :‬واستفتهم أم خلقنا املالئكة إناثا‪ ،‬وهم شاهدون خلقهم؟ كما قال تعالى‪َ { :‬و َج َعلوا ٱل َملئِكة‬
‫ُ َ‬ ‫َى َ َ ُ َ ۡ َ ُ ۡ َ ُ ۡ َ ُ َ ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ون ‪[}١٩‬الزخرف‪.]19 :‬‬ ‫ب ش َه ى َدت ُه ۡم َوي ُ ۡسَٔٔل‬‫ِين ه ۡم ع َِبى ُد ٱ َلرِنَٰمۡح إِنثا ر أش ِهدوا خلقه رم ستكت‬
‫ٱَّل‬

‫ََ‬
‫لَع ٱ ۡلَن َ‬ ‫َ ۡ َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َََ َُ َ َ َ‬ ‫َ ُ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ َ‬
‫ِي ‪} ١٥٣‬‬ ‫َّلل ِإَون ُه ۡم لك ىذِبُون ‪ ١٥٢‬أص َطَف ٱلَن ِ‬
‫ات‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أَّل إِن ُهم م ِۡن إِف ِ‬
‫ك ِه ۡم َلَقولون ‪ ١٥١‬وَل ٱ‬

‫ُ ۡ َۡ ۡ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}١٥٤‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ما لكم كيف تكم‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬أي ش يء حدث لكم‪ ،‬كيف تحكمون ْأن يكون هلل تعالى البنات ويكون لكم البنون؟ إنكم‬
‫لكاذبون‪.‬‬
‫ۡ َى َ َ‬ ‫َۡ َ ََ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِي َوٱَتذ م َِن ٱل َملئِكةِ إِنىثا ر‬ ‫ونظير هذه اآلية واآلية التي قبلها قوله تعالى‪ { :‬أفأ ۡصفى ىك ۡم َر ُّبكم ب ِٱلن‬
‫َ‬
‫َ ُ ۡ َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ون ق ۡوَّل َع ِظيما ‪[}٤٠‬اإلسراء‪.]40 :‬‬ ‫إِنكم ِلقول‬

‫ُ‬ ‫ك ۡم إن ُك ُ‬
‫نت ۡم َص ى ِدق َ‬ ‫َى ُ‬ ‫َُۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ َ ُ‬ ‫َََ َ َ َ َ‬
‫ِي ‪َ ١٥٧‬و َج َعلوا بَ ۡي َن ُهۥ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أفل تذك ُرون ‪ ١٥٥‬أم لك ۡم ُسل َطىن مبِي ‪ ١٥٦‬فأتوا ب ِ ِ‬
‫كت ِب‬
‫َ َ َ‬
‫اد ٱ ََّلل ِ ٱل ۡ ُم ۡخلَص َ‬ ‫ُ ۡ َى َ َ َ َ َ ُ َ‬ ‫ۡ َُ َُ ۡ َُ ۡ َ ُ َ‬ ‫ل َنةِ ن َ َسبا ر َولَ َق ۡد َعل َ‬‫َ َۡ َ ۡ‬
‫ي ‪١٦٠‬‬ ‫ِ‬ ‫صفون ‪ ١٥٩‬إَِّل عِب‬ ‫ُضون ‪ ١٥٨‬سبحن ٱَّللِ عما ي ِ‬ ‫لنة إِنهم لمح‬ ‫ِ‬ ‫ٱ‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫ِم‬ ‫وبي ٱ ِ‬
‫َ َ ُ ۡ ََ َُُۡ َ‬
‫ون ‪} ١٦١‬‬‫فإِنكم وما تعبد‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫نت ۡم َعل ۡيهِ ب َفىتِن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِي ‪ ١٦٢‬إَِّل َم ۡن ُه َو َصا ِل ٱ َ‬
‫ل ِحي ِم ‪} ١٦٣‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ما أ ُ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ما أنتم أيها املشركون وما تعبدونه من دون هللا بمضلين أحدا عن دينه إال من سبق في علم‬
‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫َّ ُ َ َ‬ ‫هللا تعالى ّأنه داخل الجحيم‪ ،‬فال ّ‬
‫ف ُيؤف ُك‬
‫يضل إال من هو مبطل مأفوك‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إنك ْم ل ِفي ق ْو ٍل ُمخت ِل ٍ‬
‫ُ‬
‫َع ْن ُه َم ْن أ ِف َك}[الذاريات‪.]8-9 :‬‬

‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما م َِنا إَِّل ُلۥ َم َقام َم ۡعلوم ‪} ١٦٤‬‬

‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَونَا لَ ۡح ُن ٱ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬


‫ون ‪}١٦٥‬‬ ‫لصاف‬
‫َ َّ َّ‬ ‫ّ‬
‫ات‬
‫الصاف ِ‬ ‫واملعنى‪ :‬وإنا لنحن الواقفون صفوفا في العبادات‪ ،‬كما قال تعالى مقسما بهم‪{ :‬و‬
‫ص ًّفا}[الصافات‪.]1 :‬‬ ‫َ‬

‫َ َ ۡ ُ ُ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ١٦٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَونا لحن ٱلمسبِح‬
‫املسبحون هلل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملنزهون له ليال ونهارا‪ ،‬وال نسأم عن طاعته‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وإنا لنحن‬
‫ون}[األنبياء‪.]20 :‬‬‫هار ال َي ْف ُت ُر َ‬
‫الن َ‬ ‫ُ َ ّ ُ َن َّ‬
‫الل ْي َل َو َّ‬ ‫{يس ِبحو‬

‫ُ َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ١٦٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون َكنوا َلقول‬
‫وإن املشركين قبل بعثتك أيها الرسول ليقولون‪َ { :‬ل ْو َأ َّن ع ْن َد َنا ذ ْك ًرا م َن َّ‬
‫األوِل َين}[الصافات‪:‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪.]168‬‬
‫َّ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ُ ْ َ ٌ َ َ ُ َُّ‬ ‫ْ‬
‫َ َ‬‫َ‬
‫اّلِل جهد أيم ِان ِهم ل ِئن جاءهم ن ِذير ليكونن‬ ‫وقد يزيدون القسم على قولهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وأقس ُموا ِب ِ‬
‫ورا}[فاطر‪.]42 :‬‬ ‫َأ ْه َدى م ْن إ ْح َدى َ‬
‫األمم َف َل َّما َج َاء ُه ْم َن ِذ ٌير َما َز َاد ُه ْم إال ُن ُف ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬
‫اد ٱ ََّللِ ٱل ُم ۡخلص َ‬‫َ ُ‬
‫َ َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ل ۡو أ َن ع َ‬
‫ِندنَا ذِكرا م َِن ٱل َول َ‬
‫ي ‪} ١٦٩‬‬ ‫ِ‬ ‫ِي ‪ ١٦٨‬لكنا عِب‬
‫لكنا عباد هللا املخلصين‪ ،‬ولكنا أهدى من أهل الكتاب‬ ‫األولين‪ّ ،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬لو كان عندنا كتاب من كتب ّ‬
‫اب َع َلى َطائ َف َت ْين م ْن َق ْبل َنا َوإ ْن ُك َّنا َع ْن د َر َ‬
‫اس ِت ِه ْم‬ ‫ُ‬ ‫ت‬‫لذكائنا وقوة فهمنا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬أ ْن َت ُق ُولوا إ َّن َما ُأنز َل ْالك َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ َ ْ َ ُ ُ َ ْ َ َّ ُ َل َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ُ َّ َ ْ َ ْ ُ ْ َ َ ْ َ َ ُ ْ َ ّ َ ٌ ْ َ ّ ُ ْ َ ُ ًِ َ َ ْ َ ٌ‬
‫لغ ِاف ِلين‪ .‬أو تقولوا لو أنا أنز علينا ال ِكتاب لكنا أهدى ِمنهم فقد جاءكم ب ِينة ِمن ِربكم وهدى ورحمة}[األنعام‪:‬‬
‫‪.]156-157‬‬
‫َ ۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ١٧٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فكف ُروا بِهِۦ فسوف يعلم‬
‫واملعنى‪ :‬فكفر هؤالء املشركون بالرسول وما جاء به من هللا‪ ،‬فسوف يعلمون عاقبة كفرهم‪ ،‬كما قال‬
‫تعالى على لسان الرسول‪َ { :‬ف َس ْو َف َت ْع َل ُمو َن َم ْن َت ُكو ُن َل ُه عاق َب ُة َّ‬
‫الدارَ}[األنعام‪.]135 :‬‬ ‫ِ‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َق ۡد َس َب َق ۡ‬
‫ت ُك َِم ُت َنا لِعِ َبادِنَا ٱل ُم ۡر َسل َ‬
‫ِي ‪} ١٧١‬‬
‫َ َ َ َّ ُ ْ َ َ‬
‫َّللا ألغ ِل َب َّن أنا َو ُر ُس ِلي‬ ‫واملعنى‪ :‬ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا املرسلين ّ‬
‫بأنهم غالبون‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬كتب‬
‫َّ َّ َ َ‬
‫َّللا ق ِو ٌّي َع ِز ٌيز}[املجادلة‪.]21 :‬‬ ‫ِإن‬

‫َ ُ َ َ َُ ُ ۡ َى ُ َ‬ ‫َ ُ ۡ َُ ُ َۡ ُ ُ َ‬
‫ون ‪} ١٧٣‬‬ ‫ورون ‪ِ ١٧٢‬إَون جندنا لهم ٱلغل ِب‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنهم لهم ٱلمنص‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إن رسلنا لهم املنصورون بنصرنا‪ ،‬وإن جندنا من املؤمنين لهم الغالبون‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِنا‬
‫ۡ َ َ ى ُّ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ُ ُ ۡ َ ۡ‬ ‫نُص ُر ُسلَ َنا َوٱ ََّل َ‬
‫َلَ ُ ُ‬
‫وم ٱلش َه ى ُد ‪[}٥١‬غافر‪.]51 :‬‬ ‫ام ُنوا ِِف ٱليوة ِ ٱَلنيا ويوم يق‬
‫ِين َء َ‬

‫ََۡ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُۡ ُ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َت َول َع ۡن ُه ۡم َح َ ى‬
‫ون ‪} ١٧٥‬‬‫ُص‬
‫ُصهم فسوف يب ِ‬ ‫ت حِي ‪ ١٧٤‬وأب ِ‬

‫َ‬ ‫َ َ َۡ َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬


‫ون ‪} ١٧٦‬‬ ‫جل‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أفبِعذابِنا يستع ِ‬
‫واملعنى‪ :‬أغرهم إمالؤنا لهم‪ ،‬فيستعجلون نزول عذابنا؟‬
‫َ ُ‬
‫وقد حكى هللا تبارك وتعالى في القرآن الكريم أقوالهم في استعجال العذاب‪ ،‬منها قولهم‪َ { :‬وقالوا َر َب َنا‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫َع ِجل لَا ق َِط َنا قبل يَو ِم ال َِسا ِب}[ص‪.]16 :‬‬
‫ََ َ َ َ َۡ َۡ ُ َ‬
‫ون ‪[} ٢٠٤‬الشعراء‪.]204 :‬‬ ‫جل‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬أفبِعذابِنا يستع ِ‬

‫ََۡ ۡ َ َ ۡ َ ُۡ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ين ‪َ ١٧٧‬وتَ َول َع ۡن ُه ۡم َح َ ى‬ ‫َ َ َََ َ َ ۡ َ َ َ َ َ ُ ُۡ َ‬
‫نذر َ‬
‫ُصون ‪١٧٩‬‬
‫ُص فسوف يب ِ‬ ‫ت حِي ‪ ١٧٨‬وأب ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فإِذا نزل بِساحت ِ ِهم فساء صباح ٱلم ِ‬
‫}‬

‫َ َ َ َ ُ َ‬ ‫ُۡ َ َ َ َ َ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪} ١٨٠‬‬ ‫صف‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬سبحىن ربِك ر ِ‬
‫ب ٱلعِزة ِ عما ي ِ‬
‫واملعنى‪ :‬سبحان رّبك أيها الرسول ر ّب العزة عما يصفه هؤالء املشركون‪.‬‬
‫ُ ۡ َىَ ُ َ َ َىَ َ َ َ ُ ُ َ ُ َ‬
‫ون ُعلوا كبِريا ‪[}٤٣‬اإلسراء‪]43 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬سبحنهۥ وتع ى‬
‫َل عما يقول‬
‫ََ ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َسل ىم لَع ٱل ُم ۡر َسل َِي ‪} ١٨١‬‬
‫واملعنى‪ :‬وسالم هللا تعالى على جميع الرسل‪.‬‬
‫َ ٌ َ ُ‬
‫وح في‬‫ْ َ وقد ورد سالم هللا تبارك وتعالى على رسله في آيات كثيرة‪ ،‬منها قوله تعالى‪{ :‬سالم على ن ٍ‬
‫الم َعلى ُموس ى‬‫يم}[الصافات‪ ،]109 :‬وقوله‪َ { :‬س ٌ‬ ‫العاَل َين}[الصافات‪ ،]79 :‬وقوله‪َ { :‬س ٌ‬
‫الم َعلى إ ْبراه َ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫الم َعلى إ ْل ياسين}[الصافات‪ ،]130 :‬ومنها سالمه على يحي في قوله‪{ :‬‬ ‫ون}[الصافات‪ ،]120 :‬وقوله‪َ { :‬س ٌ‬ ‫وهار‬
‫َ‬
‫َو َس َل ىم َعل ۡيهِ يَ ۡو َم ُو ِ ََل َويَ ۡو َم َي ُم ُ‬
‫وت َويَ ۡو َم ُي ۡب َع ُث َحيا ‪[} ١٥‬مريم‪ ،]15 :‬ومنها قوله تعالى على لسان عيس ى ابن مريم‪{ :‬‬
‫ُ‬ ‫لَع يَ ۡو َم ُو َِل ُّت َويَ ۡو َم أَ ُِّ ُ‬
‫وت َويَ ۡو َم أ ۡب َع ُث َحيا ‪[} ٣٣‬مريم‪.]33 :‬‬ ‫لس َل ى ُم َ َ َ‬
‫َوٱ َ‬

‫َّ َ َ َ َ‬ ‫ََ ُ َ ُ‬
‫ض}[الروم‪،]18 :‬‬
‫قوله السماوات وفي األرض‪ ،‬وفي األولى واآلخرة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وله الحمد ِفي السمو ِت واألر ِ‬
‫ي ‪}١٨٢‬‬ ‫ِ‬ ‫َّلل ََّل إ ِ َل ى َه إ ِ ََّل ُه َو تعالى‪َ { :‬وٱ ۡ َ‬
‫ل ۡم ُد ِ ََّللِ َرب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬ ‫وقال تعالى‪َ { :‬و ُه َو ٱ َ ُ‬
‫ِ‬
‫َ َ َُ ُۡ ۡ ُ َ ۡ ُ ۡ َ ُ َ‬ ‫ُۡ َ‬ ‫واملعنى‪ :‬والحمد هلل تعالى في ٔ َ ُل ٱ ۡ َ‬
‫ل ۡم ُد ِِف ٱلول وٱٓأۡلخِرة ول ٱلكم ِإَوَلهِ ترجعون ‪[}٧٠‬القصص‪:‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ى‬
‫‪ ،]70‬وهو رب العاملين‪.‬‬
‫ُ َُ‬
‫سورة ص‬
‫وهي مكية وعدد آياتها ثمان وثمانون‬

‫ۡ‬ ‫َ َُۡ‬ ‫ۡ‬


‫ان ذِي ٱَّلِك ِر ‪} ١‬‬
‫ص وٱلقرء ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ر‬
‫واملعنى‪ :‬ص‪ .‬والقرآن ذي الشرف‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ومعنى الذكر في هذه اآلية الشرف‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪ِ { :‬إَون ُهۥ َّلِوُكر لك َول ِق ۡوِِّك َو َس ۡوف ت ۡسَٔٔلون‬
‫‪[}٤٤‬الزخرف‪ ،]44 :‬أي شرف لك ولقومك‪.‬‬

‫َ‬
‫ك َف ُروا ِِف ع َِزة َوش َِقاق ‪}٢‬‬
‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬بَ ِل ٱَّلِين‬
‫واملعنى‪ :‬ولكن الذين كفروا في استكبار عن قبول الحق‪ ،‬وفي خالف وعداوة هلل ولرسوله صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫َ َ‬
‫وهذه العزة أو االستكبار عن قبول الحق هي التي تؤدي بهم إلى دخول جهنم‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَوذا قِيل‬
‫َُ َ َ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ُ ۡ ۡ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ‬
‫اد ‪[} ٢٠٦‬البقرة‪.]206 :‬‬‫ل ٱت ِق ٱَّلل أخذته ٱلعِزة ب ِٱ ِإلث ِم فحسبهۥ جهنم ولِئس ٱل ِمه‬

‫ۡ َ َ‬
‫ادوا َوَّل َت ح َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ‬
‫ِي َم َناص ‪} ٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ك ۡم أهلك َنا مِن ق ۡبل ِ ِهم مِن قرن فن‬
‫واملعنى‪ :‬أهلكنا كثيرا من األمم املاضية قبل هؤالء املشركين‪ ،‬فاستغاثوا وصرخوا‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ ُ َ َُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ ُ َ‬
‫ون}[املؤمنون‪ ،]64 :‬وليس ذلك الوقت وقت فرار وخالص من‬ ‫اب إِذا هم ُيأر‬ ‫{حت إِذا أخذنا ِّتفِي ِهم بِالعذ ِ‬
‫الهالك‪.‬‬

‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ َ‬ ‫َ‬
‫س ِحر كذاب ‪} ٤‬‬ ‫ون َهىذا َ ى‬ ‫ى ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ج ُبوا أن َجا َءهم ُّمنذِر م ِۡن ُه ۡم َوقال ٱلكفِر‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وع ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وعجب الذين كفروا من مجيء رسول منذر منهم‪ ،‬وقال الكافرون‪ :‬هذا ليس رسوال‪ ،‬بل ساحر‬
‫كذاب في قوله‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫جبا أن أ ۡو َح ۡي َنا إ ىل َر ُجل ِم ۡن ُه ۡم أن أنذِر ٱلَ َ‬‫اس َع َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اس َوب َ ِش ٱَّل َ‬
‫ِين‬ ‫كان ل َِلن ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬أ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫ى‬ ‫َ َ ۡ َ َ ۡ َى ُ َ َ َى َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ َ َُ ۡ َ‬
‫ءامنوا أن لهم قدم ِصد ٍق عِند رب ِ ِهم قال ٱلكفِرون إِن هذا لس ِحر مبِي ‪[}٢‬يونس‪.]2 :‬‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شء ُع َجاب ‪}٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أ َج َعل ٱٓأۡلل َِهة إِل ىها َو ىحِدا إِ َن َهىذا ل َ ۡ‬
‫واملعنى‪ :‬كيف جعل اآللهة الكثيرة إلها واحد‪ّ ،‬إن هذا لش يء عجيب للغاية‪.‬‬
‫ألن قلوبهم جاحدة وحدانيته تعالى‪ ،‬وهم‬ ‫وقد عجب هؤالء الكفار من قصر األلوهية على هللا وحدة؛ ّ‬
‫ُ‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ِين َّل يُؤم ُِنون بِاآلخ َِرة ِ قلوبُ ُهم ُمنك َِرة َوهم‬‫مستكبرون‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِل ُهكم إِل َواحِد فاَّل‬
‫ُ َ ُ َ‬
‫ون}[النحل‪.]22 :‬‬‫ِّستك ِب‬

‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َُ‬ ‫َ‬


‫شء يُ َر ُاد ‪}٦‬‬ ‫ك ۡم إ ِ َن َهىذا ل َ ۡ‬ ‫ى َ َ ُ‬
‫بوا لَع ءال ِهت ِ‬‫نطل َق ٱل َمل م ِۡن ُه ۡم أن ٱ ِّۡ ُشوا َوٱ ۡص ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ َ‬

‫محرضين قومهم على الثبات في الشرك والصبر‬ ‫واملعنى‪ :‬وانطلق أشراف الكفار من مجلس أبي طالب ّ‬
‫عليه قائلين‪ :‬امضوا على دين آبائكم‪ ،‬واصبروا على عبادة آلهتكم‪ّ ،‬إن هذا األمر لش يء يريده هذا الرسول‬
‫ليعلو عليكم‪.‬‬
‫بنَا َعلَ ۡي َها ر َو َس ۡو َف َي ۡعلَ ُمو َن ح َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬إن ََك َد ََلُض ُّل َنا َع ۡن َءال َِهت َنا ل َ ۡو ََّل أن َص َ ۡ‬
‫ِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُّ‬
‫يَ َر ۡو َن ٱل َعذ َ‬ ‫ۡ َ‬
‫اب َم ۡن أ َضل َسبِيل ‪[}٤٢‬الفرقان‪.]42 :‬‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ما َس ِم ۡع َنا ب ِ َهىذا ِِف ٱل ِمل ِة ٱٓأۡلخ َِرة ِ إِ ۡن َهىذا إَِّل ٱ ۡختِل ىق ‪}٧‬‬

‫َ‬ ‫َ‬‫َ َ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫َۡ َ َ ُ ۡ‬ ‫ۡ‬
‫َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اب ‪}٨‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫نزل عليهِ ٱَّلِكر مِن بين ِنا ر بل هم ِِف شك مِن ذِك ِري بل لما يذوقوا عذ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أء ِ‬
‫َ ُ َ َ‬
‫واملعنى‪ :‬كيف أنزل القرآن على هذا الرسول دوننا‪ ،‬كما حكى هللا تعالى قولهم في آية آخرى‪َ { :‬وقالوا ل ۡوَّل‬
‫ّ‬
‫يم ‪[}٣١‬الزخرف‪ ،]31 :‬بل هم في شك من القرآن‪ ،‬بل شكوا فيه؛‬ ‫ي ع ِظ ٍ‬
‫ِ‬ ‫ان َ َ ى‬
‫لَع َر ُجل م َِن ٱ ۡل َق ۡريَ َت ۡ َ‬ ‫ُ َ َى َ ۡ ُ ۡ َ ُ‬
‫ن ِزل هذا ٱلقرء‬
‫ألنهم لم يذوقوا عذبي‪.‬‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ َُ َ ُ‬
‫جع ُل ِر َسال َته}[األنعام‪ ،]124 :‬قوله‪{ :‬‬
‫يث َي َ‬ ‫وقد ر ّد هللا تعالى على أمثال هذا القول بقوله‪{ :‬هللا أعلم ح‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُّ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ ۡ َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ۡ َۡ ُ َ َ ۡ َ َ َ َ َۡ ُ َ َ ۡ َ ََۡ ُ َ َ‬
‫ِ‬
‫أهم يقسِ مون رْحت ربِكر َنن قسمنا بينهم معِيشتهم ِِف ٱليوة ٱَلنيا ر ورفعنا بعضهم فوق بعض‬
‫َد َر َج ىت}[الزخرف‪.]32 :‬‬

‫ََ‬ ‫ۡ‬
‫ۡ َ ُ ۡ َ َ ُ ََۡ َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫اب ‪} ٩‬‬ ‫يز ٱلوه ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أم عِندهم خزائِن رْح ِة ربِك ٱلع ِز ِ‬
‫واملعنى‪ :‬أم هم يملكون خزائن رحمة رّبك العزيز الغالب ّ‬
‫الوهاب ما يشاء ملن يشاء‪.‬‬
‫َ َ ُ ُ َ‬
‫ون الَ َ‬ ‫َ َ ُ ُ َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫اس‬ ‫اس نقِريا أم يسد‬ ‫صيب م َِن ال ُمل ِ‬
‫ك فإِذا َّل يؤتون ال‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬أم ل ُهم ن ِ‬
‫ًْ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ َّ ُ ْ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ ْ َ َ‬
‫اب َوال ِحك َمة َوآت ْي َن ُاه ْم ُملكا َع ِظ ًيما}[النساء‪.]53-54 :‬‬ ‫على ما آتاهم َّللا ِمن فض ِل ِه فقد آتينا آل ِإبر ِاهيم ال ِكت‬

‫ۡ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َۡ‬
‫َ َ ََُۡ َ َۡ َُ‬ ‫َۡ‬
‫لس َم ى َو ى ِ َ‬ ‫ۡ ُ ُّ ُ‬
‫كٱ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫ت وٱلۡر ِض وما بينهما فلريتقوا ِِف ٱلسبى ِ‬
‫ب ‪} ١٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أم لهم ِّل‬

‫َۡ‬
‫اب ‪} ١١‬‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َُ َ َُۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬جند ما هنال ِك ِّهزوم مِن ٱلحز ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ما هؤالء الكفار إال جند مغلوبون مهزومون كما هزم الذين من قبلهم من األحزاب املكذبين‪،‬‬
‫َ َُ َ ُ ُ َ َ َُ َ َ‬ ‫َ ُ َ ُ َ ُ َ ُ َ ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ َ َ‬
‫اعة أده‬ ‫اَلبُ َر ‪ .‬بَ ِل الساعة ِّوعِدهم والس‬
‫ون ُّ‬ ‫ُص ‪ .‬سيهزم المع ويول‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬أم َيقولون َن ُن ۡجِيع ُمنت ِ‬
‫َ‬
‫َوأ َِّ ُّر}[القمر‪.]44-46 :‬‬

‫َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬كذبَ ۡت ق ۡبل ُه ۡم ق ۡو ُم نُوح َو ََعد َوف ِۡر َع ۡو ُن ذو ٱل ۡوتَا ِد ‪} ١٢‬‬
‫َ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قوم نوح‪ ،‬فكذبوا عبدنا نوحا عيله السالم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬كذ َب ْت‬ ‫كذب قبل كفار مكة ُ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُْ ْ َ ْ ُ ُ‬
‫وح فكذ ُبوا َع ْب َدنا َوقالوا َم ْج ُنون َوا ْز ُد ِج َر}[القمر‪ ،]9 :‬وكذبت عاد رسولهم هودا عليه السالم‪ ،‬كما‬ ‫قبلهم قوم ٍَ‬
‫ن‬
‫ۡ‬
‫قال تعالى‪ { :‬كذبَ ۡت ََعد ٱل ُم ۡر َسل َِي ‪[} ١٢٣‬الشعراء‪ ،]123 :‬وكذب فرعون صاحب ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫القوة الراسخة موس ى وهارون‬
‫َ َ‬
‫ك َذ َب َو َع َ ى‬
‫َص ‪[}٢١‬النازعات‪.]21 :‬‬ ‫عليهما السالم وعصاهما‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ف‬

‫ك ٱ ۡلَ ۡح َز ُ‬
‫اب ‪} ١٣‬‬ ‫َ َ ُ ُ َ َ ۡ ُ ُ َ َ ۡ َ ى ُ ۡ َ ۡ َ ُ َى َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وثمود وقوم لوط وأصحب ليك ِة أولئ ِ‬
‫ود ٱل ۡ ُم ۡر َسل َ‬
‫ِي ‪١٤١‬‬
‫َ ََ ۡ َُ ُ‬
‫واملعنى‪ :‬وكذبت ثمود رسولهم صالحا عليه السالم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬كذبت ثم‬
‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫وكذب قوم لوط سولهم لوطا عليه السالم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ك َذبَ ۡ‬
‫ت قَ ۡو ُم لوط ٱل ُم ۡر َسل َ‬ ‫ّ‬
‫ِي ‪١٦٠‬‬ ‫ٍ‬ ‫ر‬ ‫}[الشعراء‪،]141 :‬‬
‫ّ‬
‫}[الشعراء‪ ،]160 :‬وكذب أصحاب األرض ذات الشجر الناعم امللتف رسولهم شعيبا عليه السالم‪ ،‬كما قال‬
‫ۡ َ ۡ‬ ‫َ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ‬
‫كةِ ٱل ُم ۡر َسل َِي ‪[} ١٧٦‬الشعراء‪ ،]176 :‬أولئك هم األمم الذين تحزبوا للكفر‬ ‫ب لَٔٔي‬ ‫تعالى‪ { :‬كذب أصحى‬
‫والتكذيب‪.‬‬

‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫َ ُّ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُي َ‬
‫اب ‪} ١٤‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ُك إَِّل كذب ٱلرسل فحق عِق ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ََ َ ُ‬
‫نظ ُر َ ىه ُؤَّل ِء إَِّل َص ۡي َحة َو ىح َِدة َما ل َها مِن ف َواق ‪} ١٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وما ي‬
‫واملعنى‪ :‬وما ينتظر هؤالء املشركون إال إال نفخة الفزع األولى عند قيام الساعة‪ ،‬تأخذهم بغتة‪ ،‬وال‬
‫يشعرون بمجيئها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ف َأ َخ ْذ ُ‬
‫ناه ْم َب ْغ َت ًة َو ُه ْم ال َي ْش ُع ُر َ‬
‫ون}[األعراف‪ ،]95 :‬ما لها من رجوع‪.‬‬
‫َ َ ْ ُ ُ َ َّ َ ْ َ ً َ َ ً َ ْ ُ ُ ُ ْ َ ُ ْ َ ّ َ‬
‫ص ُمون}[يس‪.]49 :‬‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ما ينظرون ِإال صيحة و ِاحدة تأخذهم وهم ي ِخ ِ‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫َ َ َ ۡ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫جل لا قِطنا قبل يو ِم ٱل ِس ِ‬
‫اب ‪} ١٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وقالوا ربنا ع ِ‬
‫عجل لنا نصيبنا من العذاب في هذه الدنيا قبل يوم‬ ‫واملعنى‪ :‬وقال املشركون مستعجلين بالعذاب‪ :‬ربنا ّ‬
‫القيامة‪.‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬الل ُه َّم إن كان َهذا ُه َو ال َح َّق م ْن عن ِدك فأ ْمط ْر َعل ْينا ح َجا َرة م َن َّ‬
‫الس َم ِاء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ْ َ ََ َ‬
‫اب أ ِل ٍيم}[األنفال‪.]32 :‬‬
‫أ ِو ائ ِتنا ِبعذ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ َۡ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫ون َوٱذك ۡر َع ۡب َدنَا َد ُاوۥ َد ذا ٱليۡ ِد إِنَ ُهۥ أ َواب ‪}١٧‬‬
‫ۡ ۡ ى َ َُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱص ِب لَع ما يقول‬
‫ّ ّ‬
‫القوة‪ ،‬إنه‬ ‫واملعنى‪ :‬اصبر أيها الرسول على ما يقوله املشركون‪ ،‬واذكر عبدنا داود عليه السالم صاحب‬
‫ر ّجاع إلى هللا وإلى طاعته‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َّ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َّ َ ُ‬
‫وس ُعون}[الذاريات‪.]47 :‬‬ ‫ّ‬
‫ومعنى األيد في هذه اآلية القوة‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬والس َم َاء بنيناها ِبأي ٍد و ِإنا مل ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َۡ ۡ‬
‫َم ُش َ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إنَا َس َخ ۡرنَا ٱل َبال َم َع ُهۥ ي ُ َسب ۡح َن بٱل َع ِ َ‬
‫ورة ُك ُلۥ أ َواب ‪} ١٩‬‬ ‫اق ‪ ١٨‬وٱلطري‬ ‫َ‬
‫ش وٱ ِإلش ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫تسبح معه آخر النهار ّ‬ ‫سخرنا الجبال مع داود عليه السالم‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأوله‪ ،‬وسخرنا الطير معه‬ ‫واملعنى‪ :‬إنا‬
‫مجموعة محبوسة‪ ،‬كل منهما مطيع مسبح تبعا له‪.‬‬
‫وقد أمر هللا تبارك وتعالى الجبال والطير بترديد التسبيح مع داود عليه السالم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬يا‬
‫َّ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ال أ ّ ِو ِبي َم َع ُه َوالط ْي َر}[سبأ‪.]10 :‬‬ ‫ِجب‬

‫َ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ۡ َ َ‬


‫َ َ َ َۡ ُ ُ َ َ ََۡ ُ‬ ‫ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وشددنا ِّلكهۥ وءاتينىه ٱل ِكمة وفصل ٱلِط ِ‬
‫اب ‪} ٢٠‬‬
‫وقوينا لداود عليه السالم ملكه على بني إسرائيل‪ ،‬وآيتناه النبوة وكيفية فصل الخطاب‪ ،‬كما‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫ْ ْ َ َّ‬ ‫َ َ ُ َّ ُ ْ ُ ْ‬
‫َّللا املل َك َوال ِحك َمة َو َعل َم ُه ِم َّما َيشاء}[البقرة‪.]251 :‬‬ ‫قال تعالى‪{ :‬وآتاه‬

‫َ َۡ ََى َ‬
‫ك َن َب ُؤا ٱ ۡ َ‬
‫ل ۡص ِم إ ۡذ ت َ َس َو ُروا ٱل ۡ ِم ۡح َر َ‬
‫اب ‪} ٢١‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وهل أتى‬

‫كم بَ ۡي َن َنا بٱ ۡ َ‬
‫ل ِق‬
‫َ ۡ ُ‬ ‫ض َنا َ َ ى‬
‫لَع َب ۡعض فٱح‬
‫ۡ َ َ ُ َ َى َ ُ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ى َ ۡ ُ‬
‫ان بغ بع‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِذ دخلوا لَع داوۥد فف ِزع مِنهم قالوا َّل َتف خصم ِ‬
‫ِ‬
‫ۡ َ َ‬ ‫َ ُۡ ۡ‬
‫لص َر ى ِط ‪} ٢٢‬‬
‫َوَّل تش ِطط َوٱهدِنا إ ِ ىل َس َوا ِء ٱ ِ‬
‫ألنهم أتوه من غير‬ ‫واملعنى‪ :‬حين دخل هؤالء الخصوم على داود عليه السالم‪ ،‬فخاف منهم ْأن يغتالوه؛ ّ‬
‫الطريق ا ملعتاد‪ ،‬وفي غير الوقت املحدد للقاء الناس حيث أتوه في وقت عبادته‪ ،‬قالوا لداود‪ :‬ال تخف‪ ،‬نحن‬
‫تتجاوزه إلى غيره‪ ،‬وأرشدنا إلى الطريق الوسط‪،‬‬‫ْ‬ ‫خصمان ظلم أحدنا اآلخر‪ ،‬فاحكم بيننا بالحكم الحق‪ ،‬وال‬
‫وهو طريق الحق والعدل‪.‬‬
‫وأنبياء بني إسرائيل لم يأمنوا القتل واألذية‪ ،‬وقد كان قتل األنبياء معروفا في بني إسرائيل كما قال‬
‫حق}[آل عمران‪ ،]21 :‬وقد كان موس ى وهارون يخاف من القتل‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫{ويق ُت ُلون النبيين بغير ّ‬
‫تعالى‪ْ :‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َّ َ َ َ ُ َ ْ ْ َ َ َ َ َ ْ ْ َ‬ ‫َ‬
‫{قاال َرَّبنا ِإننا نخاف أن َيف ُرط َعل ْينا أ ْو أن َيطغى}[طه‪ ،]45 :‬وقال تعالى على لسان موس ى عليه السالم‪َ { :‬ول ُه ۡم‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ََ‬ ‫ََ َ‬
‫ون ‪[} ١٤‬الشعراء‪.]14 :‬‬ ‫َ‬
‫لَع ذۢنب فأخاف أن يقتل ِ‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ‬


‫ُ ۡ َ ۡ ُ َ َۡ َ َ َ َۡ َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن هىذا أ ِِخ لۥ ت ِسع وت ِسعون نعجة و ِ‬
‫ل نعجة و ىحِدة فقال أك ِفلن ِيها وعز ِن ِِف ٱلِط ِ‬
‫اب ‪} ٢٣‬‬

‫َ‬ ‫ض ُه ۡم َ َ ى‬‫َ ُۡ َ َ ِ َ َ ۡ َ ۡ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ََ ۡ َ ََ َ ُ َ َۡ َ َ َ َ‬
‫لَع َب ۡع ٍض إَِّل‬ ‫جهِۦ ِإَون كثِريا مِن ٱللطاء َلب ِغ بع‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال لقد ظلمك بِسؤا ِل نعجتِك إِ ىل ن ِعا ِ‬
‫اب۩ ‪} ٢٤‬‬ ‫ت َو َقل ِيل َما ُه ۡم َو َظ َن َد ُاوۥ ُد َأ َن َما َف َت َنى ُه فَٱ ۡس َت ۡغ َف َر َر َب ُهۥ َو َخ َرِۤ ۤاٗعِكاَر َو َأنَ َ‬ ‫ام ُنوا َو َعملُوا ٱ َ ى َ‬
‫لصل ِحى ِ‬ ‫ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬
‫ِ‬
‫فإن أخاك قد ظلمك بسبب طلبه منك ْأن تتنازل‬ ‫واملعنى‪ :‬قال داود عليه السالم للمدعي‪ :‬أيها املدعي ّ‬
‫وإن كثيرا من الشركاء في املال أو األعوان ليعتدي بعضهم على‬ ‫له عن نعجتك لكي يضمها إلى نعاجه الكثيرة‪ّ ،‬‬
‫بعض ويظلمه بأخذ حقه‪ ،‬إال الذين آمنوا باهلل واليوم اآلخر وعملوا األعمال الصالحة‪ ،‬وهم قليل‪ ،‬كما قال‬
‫َ ْ َ َ ْ ََْ ُ ْ َ‬ ‫َ َ َ ْ ََْ ْ ْ َ‬
‫فاس ِق َين}[األعراف‪ ،]102 :‬وأيقن داود عليه السالم‬
‫تعالى‪{ :‬وما وجدنا ِألكث ِر ِهم ِمن ع ْه ٍد‪ ،‬و ِإن وجدنا أكث َرهم ل ِ‬
‫ّأنما اختبرناه بهذه الحادثة‪ ،‬فاستغفر ّبه لذنبه وهو فزعه ّ‬
‫وظنه أنهما أتيا الغتياله‪ّ ،‬‬
‫وخر ساجدا وأناب إلى هللا‬ ‫ر‬
‫تعالى‪.‬‬

‫َ ۡ‬ ‫َََۡ ُ ى َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ِندنَا ل ُزل َ ى‬
‫َف َو ُح ۡس َن َمَٔٔاب ‪} ٢٥‬‬ ‫ِإَون ُلۥ ع َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فغفرنا لۥ ذل ِك‬

‫َۡ َ ى َُ َ َ‬ ‫َ ََ‬ ‫اس بٱ ۡ َ‬ ‫كم ب َ ۡ َ‬ ‫َۡ ِ َ ۡ ُ‬ ‫َى َ ُ ُ َ َ َ ۡ َى َ َ َ‬


‫ضلك َعن‬‫ل ِق َوَّل تتبِعِ ٱلهوى في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي ٱلَ‬ ‫ح‬‫ٱ‬‫ف‬ ‫ض‬ ‫ۡر‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ِيف‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يداوۥد إِنا جعلنك خل‬
‫ۡ‬ ‫َ َ َ َ َ ُّ َ‬
‫ون َعن َسبيل ٱ ََّللِ ل َ ُه ۡم َع َذاب َشد ُ‬
‫ِيد ب َما ن َ ُسوا يَ ۡو َم ٱل ِ َ‬ ‫َ‬
‫اب ‪} ٢٦‬‬ ‫ِ‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ضل‬‫يل ٱَّللرِ إِن ٱَّلِين ي ِ‬
‫سب ِ ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬يا داود إنا جعلناك خليفة في األرض‪ ،‬فاحكم بين الناس بالعدل واإلنصاف‪ ،‬وال تتبع الهوى في‬
‫أحكامك‪ ،‬فيضلك عن دين هللا تعالى وشريعته‪ّ ،‬إن الذين يضلون عن دين هللا تعالى لهم عذاب شديد يوم‬
‫القيامة بسبب نسيانهم يوم الحساب والجزاء‪.‬‬
‫ْ‬
‫داو ُد إ َّنا َج َعل َ‬
‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬األصل في مشروعية األقضية أو التقاض ي قوله تعالى‪{ :‬يا ُ‬
‫ناك‬ ‫ِ‬
‫اح ُك ْم َب ْي َن ُه ْم بما َأ ْن َز َل ه ُ‬
‫الناس ب ْال َحق}[ص‪ ،]26 :‬وقوله‪{َ :‬و َأن ْ‬‫َ َ ً ْ َْ َ ْ ُ ْ َ ْ َ ه‬
‫َّللا}[املائدة‪،]49 :‬‬ ‫خليفة في األرض فاحكم بين‬
‫َ‬ ‫ُّ َ ه َ ُ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫اك ه ُ‬ ‫َ‬
‫الناس بما أ َ‬ ‫َ ْ ُ َ َْ َ ه‬
‫ين َآمنوا كونوا ق هوامين‬ ‫َّللا}[النساء‪ ،]105 :‬وقوله تعالى‪{ :‬يا أيها الذ‬ ‫ر‬ ‫وقوله تعالى‪{ :‬لتحكم بين‬
‫ب ْالق ْسط ُش َه َ‬
‫داء هَّلل}[النساء‪.]135 :‬‬

‫ار‬‫ل‬
‫َ ى َ َ ُّ َ َ َ َ ُ ر َ َ ۡ َ َ َ‬
‫ك َف ُروا م َِن ٱ َ‬ ‫ِين‬
‫َِّل‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ي‬‫و‬ ‫ف‬ ‫وا‬‫ر‬‫ف‬ ‫ك‬ ‫ِين‬
‫َّل‬‫ٱ‬ ‫ن‬ ‫ظ‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ل‬ ‫ط‬ ‫ى‬ ‫لس َما َء َوٱ ۡلَۡر َض َو َما بَ ۡي َن ُه َما َ‬
‫ب‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما َخلَ ۡق َنا ٱ َ‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬
‫‪} ٢٧‬‬
‫ظن الذين كفروا‪ ،‬فويل للذين كفروا‬ ‫واملعنى‪ :‬وما خلقنا السماء واألرض وما بينهما باطال وعبثا‪ ،‬ذلك ّ‬
‫َ َ َ ْ ُ ْ َ َّ َ َ َ ْ َ ُ ْ َ َ ً َ َ َّ ُ ْ َ ْ َ َ ُ ْ َ ُ َن َ َ َ َ َّ ُ ْ َ‬
‫َّللا امل ِل ُك‬ ‫من النار يوم القيامة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أفح ِسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم ِإلينا ال ترجعو فتعالى‬
‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ‬
‫ال َح ُّق ال ِإل َه ِإال ُه َو َر ُّب ال َع ْر ِش الك ِر ِيم}[املؤمنون‪.]115-116 :‬‬
‫َّللا َّ َ‬ ‫وهللا سبحانه وتعالى خلق السماوات واألرض وما بينهما بالحق‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬خ َل َق َّ ُ‬
‫ات‬‫الس َماو ِ‬
‫َ َ ً ْ ْ‬ ‫َ ْ َْ َ ْ‬
‫ض ِبال َح ِ ّق ِإ َّن ِفي ذ ِل َك آل َية ِلل ُمؤ ِم ِن َين}[العنكبوت‪.]44 :‬‬‫واألر‬

‫َ ۡ‬ ‫َ َ ُ ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ ۡ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫ي كٱل ُف َجارِ ‪} ٢٨‬‬ ‫ن َعل ٱل ُم َتقِ َ‬ ‫ِ ۡ ۡ‬
‫ِين ِِف ٱلۡرض أم‬ ‫سد َ‬ ‫ت كٱل ُمف ِ‬ ‫لصلِحى ِ‬
‫ام ُنوا َو َعملوا ٱ َ ى َ‬
‫ِ‬
‫ِين َء َ‬ ‫ۡ ۡ‬
‫ن َعل ٱَّل َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أم‬
‫واملعنى‪ :‬أنجعل الذين آمنوا باهلل واليوم اآلخر وعملوا األعمال الصالحة كاملفسدين في األرض‪ ،‬أم‬
‫نجعل املتقين كالفجار املنهمكين في املعاص ي‪.‬‬
‫ون}[السجدة‪ ،]18 :‬وقوله‬
‫َ‬
‫ان َفاس ًقا ال َي ْس َت ُو َ‬‫ان ُم ْؤم ًنا َك َم ْن َك َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬أ َف َم ْن َك َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات َس َو ًاء َم ْح َي ُاه ْم َو َم َم ُات ُه ْم‬ ‫ين َآم ُنوا َو َعم ُلوا َّ َ‬ ‫الس ّي َئات َأ ْن َن ْج َع َل ُه ْم َك َّالذ َ‬ ‫َّ َ ْ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫الص ِالح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تعالى‪{ :‬أ ْم ح ِس َب ال ِذين اجت َرحوا َّ ِ ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫ُْ‬ ‫ََ‬ ‫ُ َ‬
‫َس َاء َما َي ْحك ُمون}[الجاثية‪ ،]21 :‬وقوله تعالى‪{ :‬أف َن ْج َع ُل امل ْس ِل ِم َين كامل ْج ِر ِم َين}[القلم‪.]35 :‬‬

‫َ‬ ‫ۡ َۡ‬
‫َ ََ َ‬ ‫َ َ ُ ُ‬
‫َ َ ُ ۡ َ ُ َ َ ََ َُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬كِتىب أنزلنىه إَِلك مبىرك َِلدبروا ءاي ىتِهِۦ و َِلتذكر أولوا ٱللبى ِ‬
‫ب ‪} ٢٩‬‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬وهذا القرآن كتاب أنزلناه إليك أيها الرسول مبارك بكثرة خيره‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وهذا ِذك ٌر‬
‫ّ‬
‫ليتدبروا آياته وليتذكر به أصحاب العقول السليمة‪.‬‬ ‫ناه}[األنبياء‪ّ ،]50 :‬‬ ‫ُمبا َر ٌك َأ ْن َ ْزل ُ‬
‫َ َ َ َ َ َّ ُ َ ْ‬
‫ون ال ُق ْر َآن}[النساء‪،]82 :‬‬‫تدبر القرآن في آيات كثيرة‪ ،‬منها قوله تعالى‪{ :‬أفال يتدبر‬ ‫وقد ورد الحث على ّ‬
‫َۡ ُ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ ُ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ َى ُ ُ‬
‫وب أق َفال َها ‪[}٢٤‬محمد‪.]24 :‬‬‫وقوله تعالى‪ { :‬أفل يتدبرون ٱلقرءان أم لَع قل ٍ‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و َو َه ۡب َنا ِ ََل ُاوۥ َد ُسل ۡي َم ى َ رن ن ِۡع َم ٱل َع ۡب ُد إِنَ ُهۥ أ َواب ‪} ٣٠‬‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬ووهبنا لداود عليه السالم سليمان عليه السالم ابنا يرثه ملكه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َورِث‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ُسل ۡي َم ى ُن َد ُاوۥ َد }[النمل‪ ،]16 :‬نعم العبد سليمان‪ ،‬إنه كثير الطاعة واإلنابة إلى هللا تعالى‪.‬‬
‫ّ‬
‫ۡ َ َ َى َ ۡ‬
‫ت ت َو َارت‬ ‫ري َعن ذِك ِر ر ِب ح‬ ‫لۡ‬‫ب ٱ َۡ‬ ‫ت ُح َ‬ ‫اد ‪َ ٣١‬ف َق َال إن أَ ۡح َب ۡب ُ‬
‫َى َ ى ُ ۡ َ ُ‬
‫لي‬ ‫ۡ ُ َ َ َۡ ۡ َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ش ٱلصفِنت ٱ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِذ ع ِرض عليهِ ب ِٱلع ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ ۡ َ َ َ ُ َ ۡ َ ى َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َى ُ‬ ‫لسوق َوٱ ۡلَ ۡع َ‬ ‫وها َ َ َ‬
‫لَع َف َطفِ َق َِّ ۡس َ‬ ‫ُ ُّ َ‬ ‫ۡ َ‬
‫لَع ك ۡرسِيِهِۦ َج َسدا ث َم‬ ‫اق ‪ ٣٣‬ولقد فتنا سليمن وألقينا‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫حا بٱ ُّ‬
‫ِ‬ ‫اب ‪ ٣٢‬رد‬ ‫ب ِٱل ِج ِ‬
‫اب ‪} ٣٥‬‬ ‫ك أَ َ‬
‫نت ٱل ۡ َو َه ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬
‫ب ِل ُِّلَك َّل يَۢن َب ِغ ِل َحد مِن َب ۡعدِي إِن‬ ‫اب ‪ ٣٤‬قَ َال َرب ٱ ۡغف ۡر ل َو َه ۡ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫أن‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬

‫َ‬
‫ُ َ َۡ ُ‬ ‫َ‬‫َ ۡ‬ ‫َ‬
‫َ َ َۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اب ‪} ٣٦‬‬‫ث أ َص َ‬ ‫يح ت ِري بِأ ِّۡ ِره ِۦ رخاء حي‬‫لر‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فسخرنا ل ٱ ِ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فسخرنا لسليمان عليه السالم الريح‪ ،‬تجري بأمره لينة أو شديدة الحبوب تحمله إلى أي جهة‬
‫ْ‬ ‫َ ُ َ ْ َ َ ّ َ َ َ ً َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َّ‬
‫ض ال ِتي َب َارك َنا ِف َيها}[األنبياء‪.]81 :‬‬‫اصفة تج ِري ِبأم ِر ِه ِإلى األر ِ‬ ‫الريح ع ِ‬ ‫أراد‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وِلسليمان ِ‬

‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫ي ُك َب َناء َوغ َواص ‪} ٣٧‬‬ ‫لش َيىط َ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱ‬
‫واملعنى‪ :‬وسخرنا لسليمان الشياطين‪ ،‬يعملون له‪ ،‬فمنهم ّبناء ومنهم ّ‬
‫غواض في البحار‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ُ َ ً َ َ‬ ‫َ ْ َُ ُ َ َ‬ ‫َ َ َّ َ‬
‫وصون ل ُه َو َي ْع َملون َع َمال ُدون ذ ِل َك}[األنبياء‪.]82 :‬‬ ‫اط ِين من يغ‬‫{و ِمن الشي ِ‬

‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َى َ َ َ ُ َ َ ۡ ُ ۡ َۡ َۡ ۡ‬
‫ك ب َغ ۡ‬ ‫َۡ ۡ َ‬ ‫ين ُم َق َرن َ‬ ‫ََ َ‬
‫ري ح َِساب ‪ِ ٣٩‬إَون ُلۥ ع‬
‫ِندنا‬ ‫ِ ِ‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫أ‬ ‫و‬‫أ‬ ‫َن‬ ‫م‬ ‫ٱ‬‫ف‬ ‫ا‬‫ن‬ ‫ؤ‬ ‫ا‬‫ط‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫ذ‬‫ه‬ ‫‪٣٨‬‬ ‫ِ‬
‫د‬ ‫ا‬‫ف‬ ‫ِي ِِف ٱلص‬ ‫اخر َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وء ِ‬
‫َ‬ ‫َ ۡ‬
‫ل ُزل َ ى‬
‫َف َو ُح ۡس َن َمأب ‪} ٤٠‬‬

‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ى َر َب ُهۥ أن َِّ َس َ َ ۡ َ ُ ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱذك ۡر َع ۡب َدنَا أيُّ َ‬
‫اد ى‬
‫اب ‪} ٤١‬‬ ‫ن ٱلشيطىن بِنصب وعذ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وب إِذ ن‬
‫مسه الضر‪ّ :‬أني ّ‬
‫مسني‬ ‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول عبدنا أيوب عليه السالم‪ ،‬حين دعا رّبه‪ ،‬وقد ّ‬
‫الشيطان بالهموم الشديدة‪ ،‬وباآلالم التي حلت بجسدي فجعلتني في نهاية التعب واملرض وأنت يا ر ّب أرحم‬
‫ض ُّر َو َأ ْن َت َأ ْر َح ُم َّ‬
‫الر ِاح ِم َين}[األنبياء‪.]83 :‬‬ ‫وب إ ْذ َن َادى َرَّب ُه َأ ّني َم َّسن َي ال ُّ‬
‫ِ‬
‫الراحمين‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َأ ُّي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ ۡرك ۡض بر ۡجل َِك َهىذا ُم ۡغتَ َسل بَارد َو َ َ‬‫َ‬ ‫ُ‬
‫شاب ‪} ٤٢‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫واملعنى‪ :‬اضرب برجلك األرض‪ ،‬فاغتسل باملاء النابع من تحت رجلك واشرب منه‪ ،‬هذا ماء بارد صالح‬
‫للشرب‪.‬‬
‫َ ْ َ َ ْ َ َُ‬ ‫وبعد االمتثال بهذا األمر كشف هللا تعالى عن أيوب عليه السالم ّ‬
‫ضره‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فاستجبنا له‬
‫ض ٍّر}[األنبياء‪.]84 :‬‬ ‫َف َك َش ْف َنا َما به م ْن ُ‬
‫ِِ ِ‬
‫َ‬ ‫ۡ َۡ‬ ‫ُ‬
‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ۡ َ َُ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ ُ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ ۡ‬
‫ب ‪} ٤٣‬‬ ‫ى‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ووهبنا لۥ أهلهۥ ومِثلهم معهم رْحة مِنا وذِكرى ِلو ِل ٱللب ِ‬
‫منا به‪ ،‬وتذكرة لغيره من العابدين وذوي‬ ‫واملعنى‪ :‬ووهبنا أليوب عليه السالم مثل أهله عددا‪ ،‬حمة ّ‬
‫ر‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ َ ُ َ ْ َ ُ َ ْ َ ُ ْ َ َ ُ ْ َ ْ َ ً ْ ْ َ َ ْ َ َْ‬
‫العقول السليمة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وآتيناه أهله و ِمثلهم معهم رحمة ِمن ِعن ِدنا و ِذكرى ِللع ِاب ِدين}[األنبياء‪.]84 :‬‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ ۡ‬ ‫ۡ‬


‫ت َن ۡث إِنَا َو َج ۡد َنى ُه َصابِر را ن ِۡع َم ٱل َع ۡب ُد إِنَ ُهۥ أ َواب ‪}٤٤‬‬
‫ۡ‬
‫ضب بِهِۦ َوَّل‬
‫ۡ‬
‫ضغثا فٱ ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وخذ ب ِيدِك ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وقلنا أليوب عليه السالم‪ :‬خذ بيدك حزمة صغيرة من الحشيش واضرب بها زوجتك‪ ،‬وال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تحنث في يمينك بضربها مائة جلدة إذا شفيت‪ ،‬إنا وجدناه صابرا على البالء‪ ،‬نعم العبد أيوب‪ ،‬إنه كثيرة‬
‫الطاعة واإلنابة إلى هللا‪ ،‬فيجعل هللا له مخرجا ويرزقه من حيث ال يحتسب‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َم ْن َي َّتق َّ َ‬
‫َّللا‬ ‫ِ‬
‫ُ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫َي ْج َع ْل ل ُه َمخ َر ًجا َو َي ْر ُزق ُه ِم ْن َح ْيث ال َي ْحت ِس ُب}[الطالق‪.]2-3 :‬‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ َ ۡ َىُ َ‬ ‫ى‬ ‫َ ۡ َۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َۡ َ ۡ َ َ َ َُۡ َ ُ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬وٱذكر عِبىدنا إِبر ىهِيم ِإَوسحىق ويعقوب أو ِل ٱليدِي وٱلبص ِر ‪ ٤٥‬إِنا أخلصنهم ِِبال ِصة ذِكرى‬
‫َۡ‬ ‫َ ۡ ۡ ُ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫ي ٱ ۡلَ ۡخ َ‬
‫ِندنَا لَم َن ٱل ۡ ُم ۡص َط َف ۡ َ‬ ‫َ‬
‫ار ‪َ ٤٧‬وٱذك ۡر إ ِ ۡس َم ىعِيل َوٱليَ َس َع َوذا ٱلكِف ِل َوُك م َِن ٱل ۡخ َيارِ ‪}٤٨‬‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ِإَون ُه ۡم ع َ‬ ‫ٱ ََلارِ ‪٤٦‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ِإَون ل ِل ُم َت ِق َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ل ۡس َن َمأب ‪}٤٩‬‬ ‫ي ُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬هىذا ذِكر ر‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬وهذا القرآن الكريم هو ذكر وعظة وشرف للمؤمنين‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وهذا ِذك ٌر ُمبا َر ٌك‬
‫ُ‬
‫وإن للمتقين لحسن مرجع في نعيم الجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إ َّن امل َّت ِق َين ِفي َج َّنات‬ ‫ناه}[األنبياء‪ّ ،]50 :‬‬ ‫َأ ْن َ ْزل ُ‬
‫يك ُم ْق َت ِد ٍر}[القمر‪:‬‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َو ُع ُيون}[الحجر‪ ،]45 :‬وقال تعالى‪{ :‬إ َّن ْاملُ َّتق َين في َج َّن َ َ‬
‫ات ون َه ٍر‪ِ .‬في َمقع ِد ِصد ٍق ِعند َم ِل ٍ‬‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫‪.]54-55‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ ى َ ۡ ُّ َ َ َ َ ُ ُ ۡ َ‬


‫ى‬
‫ت عدن مفتحة لهم ٱلبوب ‪}٥٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬جن ِ‬
‫َ‬ ‫يق َّالذ َ‬
‫ين َّات َق ْوا َ َّرب ُه ْم ِإلى‬ ‫ِ‬
‫مفتحة لهم أبوابها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وس َ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ذلك املآب هو جنات عدن‪ّ ،‬‬
‫وها َخالد َ‬ ‫الم َع َل ْي ُك ْم ط ْب ُت ْم َف ْاد ُخ ُل َ‬
‫ٌ‬ ‫ال َل ُه ْم َخ َزَن ُت َها َ‬
‫َ‬ ‫ْ َ َّ ُ َ ً َ َّ َ َ ُ َ َ ُ َ ْ َ ْ َ ُ َ َ َ‬
‫ين}[الزمر‪.]73 :‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫س‬ ‫ق‬‫الجن ِة زمرا حتى ِإذا جاءوها وف ِتحت أبوابها و‬

‫رية َو َ َ‬ ‫َ‬
‫ِيها ب َفىك َِهة كث ِ َ‬
‫قوله تعالى‪ُ { :‬م َت ِ َ َ َ ۡ ُ َ َ‬
‫شاب ‪} ٥١‬‬ ‫كئي فِيها يدعون ف ِ‬
‫ك ن ِع َم الَ َوابُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ َ‬ ‫َ‬
‫كئِي فِيها لَع الرائ ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬مضطجعين فيها على السرر‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬مُٔت ِ‬
‫َو َح ُس َنت ُِّر َت َفقا}[الكهف‪ ،]31 :‬يطلبون فيها ما طاب لهم من أنواع الفواكه الكثيرة‪ ،‬وأنواع الشراب‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ََ ُ َ‬
‫ون}[يس‪ ،]57 :‬وقوله تعالى‪{ :‬بأك َو َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي}[الواقعة‪:‬‬
‫اب وأبارِيق ووُكأ ٍس مِن معِ ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫تعالى‪{ :‬ل ُهم فِيها فاك َِهة َول ُهم ما يدع‬
‫‪.]18‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ِند ُه ۡم ق ى ِص َر ى ُت ٱ َلط ۡر ِف أتۡ َراب ‪} ٥٢‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وع َ‬
‫ّ‬
‫أزواجهن‪ ،‬متساويات في العمر‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وعند أصحاب الجنة زوجات عفيفات ال ْ‬
‫ينظرن إلى غير‬
‫َ ْ َ ُ ْ َ َ ُ َّ‬
‫الط ْرف ع ٌين}[الصافات‪ ،]48 :‬وقوله تعالى‪{ :‬فيه َّن َقاص َر ُ‬
‫ات‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اصرات‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬و ِعندهم ق ِ‬
‫ان}[الرحمن‪.]56 :‬‬ ‫الط ْر ِف َل ْم َي ْط ِم ْث ُه َّن إ ْن ٌ‬
‫س َق ْب َل ُه ْم َوال َج ٌّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬

‫َ‬ ‫َ َ ُ َ ُ َ َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬هىذا ما توعدون َِلو ِم ٱل ِس ِ‬
‫اب ‪} ٥٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬هذا النعيم هو الذي وعدتم به في الدنيا ليوم القيامة‪ ،‬فال يخيفكم هوله العظيم‪ ،‬كما قال‬
‫ُ ُ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َُ َ َ‬ ‫َ َ ُ ُُ ُ َ َ ُ َ َُ َ ََ ُ‬
‫ون}[األنبياء‪.]103 :‬‬‫ب َوت َتلقاه ُم ال َملئِكة هذا يَو ُمك ُم اَّلِي كنتم توعد‬ ‫تعالى‪َّ{ :‬ل يزنهم الفزع الك‬

‫َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ َن َهىذا ل ِر ۡزق َنا َما ُلۥ مِن َن َفا ٍد ‪} ٥٤‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬إن هذا لرزقنا الدائم الباقي‪ ،‬ما له من انتهاء وال انقطاع‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ما عِن َدكم َينف ُد َو َما‬
‫ّ‬
‫ري َم ُذوذ}[هود‪ ،]108 :‬وقال تعالى‪{ :‬ل َ ُهم أَجر َغ ُ‬
‫ري‬ ‫اَّللِ بَاق}[النحل‪ ،]96 :‬وقال تعالى‪َ { :‬ع َطاء َغ َ‬
‫َ َ‬
‫عِند‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ون}[فصلت‪.]8 :‬‬ ‫َ ُ‬
‫ِّمن ٍ‬

‫َ َى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫يل َ َ‬
‫ش َمأب ‪} ٥٥‬‬ ‫ِلطغِ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬هىذار ِإَون ل‬
‫الحد الخارجين عن الطاعة ّ‬
‫لشر مرجع‪ ،‬وهو نار‬ ‫وإن للمتجاوزين ّ‬‫واملعنى‪ :‬هذا املذكور جزاء املتقين‪ّ ،‬‬
‫ه َ ً‬ ‫ً‬ ‫ه َ ْ‬
‫جهنم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إ هن َج َهن َم كانت م ْرصادا (‪ )21‬للطاغين َمآبا}[النبأ‪.]21-22 :‬‬

‫َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬


‫اد ‪} ٥٦‬‬‫قوله تعالى‪َ { :‬ج َه َن َم يَ ۡصل ۡون َها فبِئ َس ٱل ِمه‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫واملعنى‪ :‬هم يدخلون ّ‬
‫جهنم‪ ،‬فبئس الفراش فراشهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ل ُه ْم م ْن َج َهن َم م َه ٌاد َوم ْن ف ْوقه ْم‬
‫اش}[األعراف‪.]41 :‬‬ ‫ََ‬
‫غو ٍ‬

‫َ‬ ‫َ َۡ ُ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬هىذا فل َيذوقوهُ َْحِيم َوغ َساق ‪} ٥٧‬‬
‫واملعنى‪ :‬هذا ماء شديد الحرارة‪ ،‬وماء مختلط بالقيح والدم‪ ،‬فليذوقوه‪.‬‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬م ْن َورائه َج َه هن ُم َو ُي ْسقى م ْن ماء َ‬
‫صد ٍيد}[إبراهيم‪ ،]16 :‬وقوله تعالى‪َ{ :‬ل‬ ‫ٍ‬
‫ً َ ً‬ ‫ه‬ ‫ً َ ً‬ ‫ُ ُ َ‬
‫َيذوقون فيها َب ْردا َوَل شرابا (‪ )24‬إَل َحميما َوغ هساقا}[النبأ‪.]24-25 :‬‬

‫َ‬ ‫ۡ‬
‫اخ ُر مِن َشَك ِهِۦ أ ۡز َو ىج ‪} ٥٨‬‬
‫ََ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وء‬
‫واملعنى‪ :‬ولهم أنواع أخرى من العذاب‪ ،‬تشبه في شكلها وشدتها‪ ،‬الحميم والغساق‪.‬‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫َ‬
‫واملراد باألزواج في هذه اآلية األشباه أو األصناف‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ { :‬وٱَّلِي خل َق ٱل ۡز َو ى َج ُك َها َو َج َعل‬
‫َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َۡ َى َ َۡ َ ُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫كم مِن ٱلفل ِك وٱلنع ِم ما تركبون ‪[}١٢‬الزخرف‪ ،]12 :‬أي األصناف كلها‪.‬‬ ‫ل‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬


‫ك ۡم َّل َِّ ۡر َح َبا ب ِ ِه ۡ رم إ ِ َن ُه ۡم َصالوا ٱ َلارِ ‪} ٥٩‬‬
‫َ َ ُ‬ ‫ُّ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬هىذا ف ۡوج مقت ِ‬
‫حم م ع‬
‫واملعنى‪ :‬قال بعض الكفار لبعض عند توارد الطاغين على النار‪ :‬هذا جمع كبير داخل معكم النار‪ ،‬ال‬
‫ألنهم سيصلون سعيرها‪ ،‬ولن يستطيعوا ْأن يدفعوا شيئا من‬ ‫مرحبا وال أهال بهؤالء الداخلين في النار معنا؛ ّ‬
‫حرها عنا‪.‬‬
‫ُ‬
‫ََ ْ ٌ َ َ ْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُه‬
‫وهذا مشهد قوله تعالى‪{ :‬كل َما َدخلت أ همة ل َعنت أخ َت َها}[األعراف‪]38 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ ُ‬


‫ك ۡم أ ُنت ۡم ق َد ۡم ُت ُموهُ لَا فبِئ َس ٱل َق َر ُار ‪} ٦٠‬‬
‫ُ‬ ‫َ ُۡ َۡ ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا بل أنتم َّل ِّرحبا ب ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قال األتباع للسادة املتبوعين‪ :‬بل أنتم ال كرامة لكم‪ ،‬أنتم قدمتم لنا هذا العذاب‪ ،‬فبئس‬
‫َ َه َ َ َْ ََْ َ ْ َ ْ َ‬
‫س الق َر ُار}[إبراهيم‪.]29 :‬‬ ‫القرار واملنزل لنا ولكم جهنم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬جهنم يصلونها وبئ‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا َر َب َنا َمن ق َد َم لَا َهىذا ف ِز ۡدهُ َعذابا ِض ۡعفا ِِف ٱ َلارِ ‪} ٦١‬‬
‫وأضلنا في الدنيا‪ْ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫من ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬قال األتباع‪ :‬ربنا ْ‬
‫فزده عذابا مضاعفا في النار‪،‬‬ ‫قدم لنا هذا العذاب‬
‫ُ ْ َ ه َ َ ُ َ َ ُّ َ َ‬ ‫َ َ ْ ُ ْ‬
‫ضلونا فآته ْم‬ ‫عذابا على كفرهم وعذابا على إضاللهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬قالت أخ َر ُاه ْم ألوَلهم ربنا هؤَلء أ‬
‫ٌ َ َ َ َ َ‬ ‫ًْ َ ه َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ال لك ٍل ض ْعف َولك ْن َل ت ْعل ُمون}[األعراف‪.]38 :‬‬ ‫َعذ ًابا ضعفا من النارق‬

‫َ‬
‫ى ر َجاَّل ُك َنا َن ُع ُّد ُهم م َِن ٱ ۡل ۡ َ‬
‫شارِ ‪} ٦٢‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وقَالُوا َما َلَا ََّل نَ َر ى‬
‫ِ‬

‫ُ‬ ‫ى‬ ‫َ َ َ ۡ َ ى ُ ۡ ۡ ًّ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أَتذنهم سِخ ِريا أم زاغت عنهم ٱلبصر ‪} ٦٣‬‬
‫َ‬ ‫واملعنى‪ :‬ما لنا ال نرى الرجال الذين ّ‬
‫كنا نسخر منهم في الدنيا‪ ،‬أنجوا من النار؟ أم دخلوها ولكن‬
‫أبصارنا ال تراهم وزاغت عنهم؟‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫الدرجات العاليات‪ ،‬وهو قوله‪َ { :‬و َن َادى أ ْ‬
‫أنهم في ّ‬
‫اب ال َج َّن ِة‬
‫ص َح ُ‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬فعند ذلك يعرفون ْ‬
‫ًّ َ ُ َ َ َ ه َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ًّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ ه َْ َ‬
‫اب النار أن ق ْد َو َج ْدنا َما َو َع َدنا َرُّبنا َحقا ف َه ْل َو َج ْدت ْم َما َو َع َد َرُّبك ْم َحقا قالوا ن َع ْم فأذن ُمؤذ ٌن َب ْي َن ُه ْم‬ ‫أصح‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الظاَل َين} إلى قوله‪{َ :‬و َن َادى أ ْ‬‫ه‬ ‫َ‬ ‫َأ ْن َل ْع َن ُة ه‬
‫اه ْم قالوا َما أغنى‬ ‫األع َراف ر َجاَل َي ْعرف َون ُه ْم بسيم‬ ‫اب ْ‬ ‫ص َح ُ‬ ‫َّللا َعلى‬
‫ُُ ْ هَ َ َ ٌ‬ ‫ين َأ ْق َس ْم ُت ْم ََل َي َن ُال ُه ُم ه ُ‬
‫ون‪َ .‬أ َه ُؤَلء هالذ َ‬
‫َْ ُ ْ َ ْ ُ ُ ْ َ َ ُُْ ْ َ ْ َ ْ ُ َ‬
‫َّللا ب َر ْح َم ٍة ْادخلوا ال َجنة َل خ ْوف‬ ‫عنكم جمعكم وما كنتم تستكبر‬
‫َُْ َ ُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫َعل ْيك ْم َوَل أنت ْم ت ْح َزنون}[األعراف‪.]44-49 :‬‬

‫َ‬ ‫َ َى َ ََ َ َ ُ ُ َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ذل ِك لق َتاصم أه ِل ٱلارِ ‪}٦٤‬‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن ذلك املذكور من املالعنة والجدال بين أهل الناس لحق واقع حتما يوم القيامة‪ ،‬وهو‬
‫ََْ َ ُ َ ْ ُ ُ‬
‫ضك ْم‬ ‫ض ويلعن بع‬ ‫ُه َْ َ ْ َ َ َْ ُُ َ ْ ُ ُ ْ َ ْ‬
‫تخاصم أهل النار فيها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببع ٍ‬
‫َب ْع ً‬
‫ضا}[العنكبوت‪.]25 :‬‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬


‫َّلل ٱل َو ىح ُِد ٱل َق َه ُار ‪} ٦٥‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل إ َن َما أنَا ُمنذِر َو َما م ِۡن إل ىه إَّل ٱ َ ُ‬
‫ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ْ َ َ ُّ َ ه ُ ه َ ََ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬إنما أنا منذر بما يكلفني هللا به‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬قل يا أيها الناس إنما أنا‬
‫َل ُك ْم َنذ ٌير ُمب ٌين}[الحج‪ ،]49 :‬وليس هناك إله مستحق للعبادة إال هللا الواحد ّ‬
‫القهار‪ ،‬كما قال تعالى في آية‬
‫يم}[آل عمران‪.]62 :‬‬ ‫َّللا َل ُه َو ْال َعز ُيز ْال َحك ُ‬ ‫أخرى‪َ { :‬و َما م ْن إ َله إ هَل ه ُ‬
‫َّللا َوإ هن ه َ‬
‫ٍ‬

‫َ ُۡ َُۡ ُ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪ ٦٨‬ماَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ ُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ ُ ۡ َ َى‬ ‫َ ُّ َ َ َ َ ۡ َ‬
‫ِ‬
‫ت وٱلۡرض وما بينهما ٱلعزِيز ٱلغفر ‪ ٦٦‬قل هو نبؤا ع ِظيم ‪ ٦٧‬أنتم عنه مع ِرض‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬رب ٱلسم ىو ى ِ‬
‫َ َ َ ۡ ۡ َۡ َ ۡ َ ۡ َى ۡ َۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٦٩‬‬ ‫صم‬ ‫َل ٱللَع إِذ يت ِ‬ ‫َكن ِل مِن عِلم ب ِٱلم ِ‬

‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫وح إ ِ َل إَِّل أ َن َما أنَا نَذِير ُّمبِي ‪} ٧٠‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن يُ َ ى‬
‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫إلي إال أنما أنا منذر بما يكلفني به إنذارا واضحا بينا‪ ،‬كما قال تعالى‪{َ :‬وق ْل إني أنا‬ ‫واملعنى‪ :‬ما يوحى ّ‬
‫ُْ ُ‬ ‫ه‬
‫النذ ُيراَلبين}[الحجر‪.]89 :‬‬

‫ۡ َى َ‬ ‫ۡ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِذ قال َر ُّب َك ل ِل َملئِكةِ إ ِ ِن َخ ىل ُِق ب َ َشا مِن طِي ‪} ٧١‬‬
‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول حين قال ربك للمالئكة ّإني خالق بشرا في األرض من طين أسود ّ‬
‫متغير‬
‫ُ‬ ‫ٌ َ َ ً ْ َْ‬ ‫َ ْ َ َ ُّ َ ْ َ َ‬
‫صال م ْن َح َم ٍإ َم ْسنو ٍن}[الحجر‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫ل‬‫ص‬ ‫ن‬‫م‬ ‫ا‬
‫ر‬ ‫ش‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫خال‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ة‬ ‫ك‬‫ريحه ولونه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وإذ قال ربك للمالئ‬
‫‪.]28‬‬

‫سجد َ‬ ‫ُّ ِ َ َ ُ َ ُ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فَإ َذا َس َو ۡي ُت ُهۥ َو َن َف ۡخ ُ‬


‫ِين ‪} ٧٢‬‬ ‫وح فقعوا لۥ ى ِ‬ ‫ت فِيهِ مِن ر‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ونفخت الروح فيه‪ ،‬فخ ّروا له ساجدين تكريما وتحية‪.‬‬ ‫أكملت صورته‬ ‫واملعنى‪ :‬فإذا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فإذا َس هو ْي ُت ُه َو َن َف ْخ ُت فيه م ْن ُروحي ف َق ُعوا ل ُه ساجد َ‬
‫ين}[الحجر‪.]29 :‬‬

‫ُ ۡ َُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ ى َ ُ ُ ُّ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٧٣‬‬ ‫ج َد ٱل َملئِكة ُكهم أۡجع‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف َس َ‬

‫واملعنى‪ :‬فسجد املالئكة كلهم أجمعون آلدم تحية وتكريما‪.‬‬


‫َ‬ ‫ْ َ َ ُ ُ ُّ َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ف َس َج َد اَلالئكة كل ُه ْم أ ْج َم ُعون}[الحجر‪.]30 :‬‬

‫ب َوك َن م َِن ٱلك ىفِر َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬إَّل إبۡل ِ َ‬
‫يس ٱ ۡس َتك َ َ‬ ‫َ‬
‫ين ‪} ٧٤‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬لكن إبليس استكبر عن السجود آلدم مع املالئكة وكان من الكافرين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إَل‬
‫ين}[الحجر‪.]31 :‬‬ ‫الساجد َ‬ ‫يس َأبى َأ ْن َي ُكو َن َم َع ه‬
‫إ ْبل َ‬

‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ت أ ۡم ك َ‬
‫ب َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ت ب َي َد َي أ ۡس َتك َ ۡ‬‫َۡ‬
‫ۡ ُ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َى ۡ ُ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫نت م َِن ٱل َعال َِي‪} ٧٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال يإِبل ِيس ما منعك أن تسجد ل ِما خلق ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قال هللا تعالى‪ :‬يا إبليس ما منعك أال تسجد آلدم إذ أمرتك بالسجود له وقد توليت خلقه‬
‫ْ َ ُ‬ ‫َه َ‬ ‫َ‬ ‫بقدرتي؟ كما قال تعالى‪َ { :‬ق َ‬
‫ال َما َمن َع َك أَل ت ْس ُج َد إذ أ َم ْرت َك}[األعراف‪ ،]12 :‬ملاذا ال تسجد مع املالئكة‬
‫َ‬
‫أستكبرت أم كنت‬ ‫ين}[الحجر‪]32 :‬‬ ‫الساجد َ‬ ‫يس ما َل َك َأ هَل َت ُكو َن َم َع ه‬‫قال يا إ ْبل ُ‬
‫الساجدين؟‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬‬
‫من العالين؟‬

‫َۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال أنَا َخ ۡري م ِۡن ُه َخلق َت ِن مِن نَار َو َخلق َت ُهۥ مِن طِي ‪} ٧٦‬‬
‫يلق بي ْأن أسجد لبشر‬ ‫واملعنى‪ :‬قال إبليس اللعين‪ :‬أنا خير منه‪ ،‬خلقتني من نار وخلقته من طين‪ ،‬ولم ْ‬
‫َ َ َُ َ‬
‫قال ل ْم أك ْن أل ْس ُج َد‬ ‫متغير ريحه ولونه‪ ،‬كما قال تعالى على لسان إبليس‪{ :‬‬ ‫خلقته تراب يابس‪ ،‬من طين أسود ّ‬
‫ُ‬ ‫َ َ َََْ ُ ْ َْ‬
‫صال م ْن َح َم ٍإ َم ْسنو ٍن}[الحجر‪.]33 :‬‬ ‫لبش ٍرخلقته من صل ٍ‬

‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال فٱ ۡخ ُر ۡج م ِۡن َها فإِنَ َك َر ِجيم ‪} ٧٧‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قال هللا تعالى إلبليس اللعين‪ :‬فاخرج من الجنة‪ ،‬فإنك مطرود مرجوم‪.‬‬
‫اخ ُر ْج م ْنها َفإ هن َك َرج ٌ‬
‫يم}[الحجر‪.]34 :‬‬
‫َ َ ْ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬قال ف‬

‫ى َۡ‬ ‫َ‬
‫َ َ ۡ َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون عليك لعن ِت إِل يو ِم ٱَل ِ‬
‫ِين ‪} ٧٨‬‬
‫وإن عليك يا إبليس لعنتي الدائمة إلى يوم القيامة‪.‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ه ََ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وإ هن َعل ْي َك الل ْعنة إلى َي ْوم الدين}[الحجر‪.]35 :‬‬

‫ى َِۡ ُۡ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬


‫ون ‪} ٧٩‬‬ ‫نظ ۡر ِن إِل يوم يبعث‬
‫ب فأ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال ر ِ‬
‫ّ ْ‬
‫أمهلني إلى يوم يبعث فيه الناس‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬قال إبليس‪ :‬رب ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ال أنظ ْرني إلى َي ْوم ُي ْب َعثون}[األعراف‪ ،]14 :‬وقوله تعالى‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ق َ‬
‫{قال َرب‬
‫ُ َ‬ ‫ََْ‬
‫فأنظ ْرني إلى َي ْوم ُي ْب َعثون}[الحجر‪.]36 :‬‬

‫َ َ َ ُ َ‬
‫نظر َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ‬
‫ين ‪} ٨٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال فإِنك مِن ٱلم ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قال هللا عز وجل إلبليس‪ :‬إنك من املنظرين‪.‬‬
‫َ َ ه‬
‫قال فإن َك م َن‬ ‫ال إ هن َك م َن ْاَلُ ْن َظر َ‬
‫ين}[األعراف‪ ،]15 :‬وقوله تعالى‪{ :‬‬
‫َ‬
‫{ق َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪:‬‬
‫ين}[الحجر‪.]37 :‬‬ ‫ْاَلُ ْن َظر َ‬

‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫َ‬


‫ت ٱل َم ۡعل ِ‬
‫وم ‪} ٨١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ ىل يَ ۡو ِم ٱل َوق ِ‬
‫واملعنى‪ :‬إلى يوم الوقت املعلوم‪ ،‬وهو النفخة األولى حيث صعق من في السماوات ومن في األرض‪ ،‬لقوله‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ َ َ َ َُ َُي ََُۡ َ‬ ‫َۡ‬ ‫لس َم ى َو ى ِ َ َ‬
‫ع َمن ِف ٱ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َََۡ ُ َ ُ‬
‫َّلل وُك أتوه دخ ِِرين ‪[}٨٧‬النمل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ت ومن ِِف ٱلۡرض إَِّل من شاء ٱ ر‬ ‫ِ‬ ‫تعالى‪ { :‬ويوم ينفخ ِِف ٱلصورِ ففزِ‬
‫‪.]87‬‬
‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إلى َي ْوم ال َوقت اَل ْعلوم}[الحجر‪.]38 :‬‬

‫َ‬ ‫َُۡ‬ ‫َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال فبع َزت َِك لغويَ َن ُه ۡم أ ۡ َ‬
‫ۡج ِع َ‬
‫ي ‪} ٨٢‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ّّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫فبعزتك كما أغويتني ألضلن بني آدم أجمعين عن صراطك‬ ‫واملعنى‪ :‬قال إبليس اللعين متوعدا‪:‬‬
‫املستقيم‪ ،‬وألزّي ّنن لهم األهواء في األرض أجمعين‪.‬‬
‫َ َ َ َ َ ْ ََْ ََْ ُ َ ه َُ ْ َ َ‬
‫اط َك ْاَلُ ْس َتق َ‬
‫يم}[األعراف‪،]16 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬قال فبما أغويتني ألقعدن لهم صر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُْ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ َ َُ َ َ‬ ‫وقوله تعالى‪َ { :‬ق َ‬
‫ال َرب ب َما أغ َو ْيتني أل َزين هن ل ُه ْم في األ ْرض َوألغو َي هن ُه ْم أ ْج َمعين}[الحجر‪.]39 :‬‬

‫َ‬ ‫ۡ‬
‫اد َك م ِۡن ُه ُم ٱل ُم ۡخلص َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ٨٣‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إَِّل عِب‬
‫واملعنى‪ :‬إال عبادك منهم املخلصين الذين أخلصوا لك الطاعة والعبادة‪.‬‬
‫ُْ ْ َ َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إ هَل ع َ‬
‫باد َك م ْن ُه ُم اْلخلصين}[الحجر‪.]40 :‬‬
‫َ َ َ ۡ َ ُّ َ ۡ َ َ َ ُ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال فٱلق وٱلق أقول ‪} ٨٤‬‬
‫ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬قال هللا عز وجل‪ :‬فأنا الحق‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ذل َك ب َأ هن ه َ‬
‫َّللا ُه َو ال َح ُّق}[الحج‪ ،]6 :‬وأقول الحق‪.‬‬

‫َ‬
‫ك ِم ۡن ُه ۡم أ ۡ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ََ‬
‫ۡجعِ َ‬
‫ي ‪} ٨٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ل ِّۡلن َج َه َن َم مِنك وِِّمن تبِع‬
‫الجنة والناس أجمعين‪،‬‬‫ألمألن جهنم منك يا إبليس وممن تبعك من ّ‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬وهذا القول الحق هو‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ه‬
‫ألمَلن َج َهن َم م َن الجنة َوالناس أ ْج َمعين ّ‬ ‫ه‬ ‫كما قال تعالى‪َ { :‬و َلك ْن َح هق ْال َق ْو ُل مني ْ‬
‫}[السجدة‪ ،]13 :‬وقال تعالى‪{ :‬‬
‫ُ‬ ‫َ َ ۡ َ ۡ ََ َ َ َ ُۡ ۡ َ َ َ َََ َ َ ُ ُ‬
‫ك ۡم َج َزاء َِّ ۡوفورا ‪[}٦٣‬اإلسراء‪.]63 :‬‬ ‫قال ٱذهب فمن تبِعك مِنهم فإِن جهنم جزاؤ‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ك ۡم َعل ۡيهِ م ِۡن أ ۡجر َو َما أنَا م َِن ٱل ُم َتَكِفِ َ‬‫ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫ُۡ‬
‫ي ‪} ٨٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل َما أ ۡسأل‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهؤالء املشركين‪ :‬ما أسألكم أجرا على تبليغ دعوتي‪ ،‬فأجري على هللا تعالى‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َُ ْ َ‬ ‫َُْ ُ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫املتقولين‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬ق ْل َما َسألتك ْم م ْن أ ْج ٍر ف ُه َو لك ْم إن أ ْجر َي إَل َعلى هَّللا}[سبأ‪ ،]47 :‬وما أنا من‬
‫القرآن من تلقاء نفس ي‪.‬‬

‫ۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ ۡن ُه َو إَّل ذِكر ل ِل َع ىلم َ‬
‫ي ‪} ٨٧‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫والجن‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬ما هذا القرآن إال ذكر للعاملين من اإلنس‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ونظير هذه اآلية واآلية التي قبلها قوله تعالى‪{ :‬ق ْل َل أ ْسألك ْم َعل ْيه أ ْج ًرا إ ْن ُه َو إَل ذك َرى‬
‫ْ َ َ‬
‫لل َعاَلين}[األنعام‪.]90 :‬‬

‫َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وِلَ ۡعل ُم َن َن َبأهُۥ َب ۡع َد حِي ‪}٨٨‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ولتعلمن أيها املشركون صدق خبر هذا القرآن بعد وقت محدد‪ ،‬ألنه سيأتيكم حتما‪ ،‬كما قال‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫َ ْ َْ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ َ َْ ْ ََْ ُ َ َ‬
‫تعالى‪{ :‬فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون}[األنعام‪.]5 :‬‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َُ‬
‫سورة الزمر‬
‫وهي مكية وعدد آياتها خمس وسبعون‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬تَزنيل ٱلك َِتىب م َِن ٱ ََّللِ ٱل َعزيز ٱ َ‬ ‫ُ ۡ‬
‫لكِي ِم ‪} ١‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬هذا القرآن الكريم ملنزل من هللا العزيز في ملكه الحكيم في صنعه وشرعه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫َ‬ ‫ي ‪[} ١٩٢‬الشعراء‪ ،]192 :‬وقال تعالى‪َ { :‬ت ٌ ْ َ‬ ‫يل َرب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬
‫َُ ََ ُ‬
‫زن‬
‫يد}[فصلت‪.]42 :‬‬
‫نزيل من حك ٍيم حم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإَونهۥ ِل ِ‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َى َ َۡ َ ۡ ُ َ َ ُ ۡ‬


‫قوله تعالى‪{ :‬إِنا أنزلا إَِلك ٱلكِتب ب ِٱل ِق فٱعب ِد ٱَّلل ُّمل ِصا ل ٱَلِين ‪} ٢‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنا أنزلنا إليك أيها الرسول القرآن الكريم ملتبسا بالحق الذي ال يحوم حوله باطل‪ ،‬كما قال‬
‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫تعالى‪َ{ :‬ل َيأتيه ال َباط ُل م ْن َب ْين َي َد ْيه َوَل م ْن خلفه}[فصلت‪ ،]42 :‬فاعبد هللا وحده‪ ،‬وأخلص له العبادة‬
‫والطاعة‪.‬‬

‫َف إ َن ٱ َ َ‬
‫ى‬ ‫َۡ َ َ َ َ ُۡ ُ ُ ۡ َ َُ ُ َ َ َ َُۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َۡ ُ َ َ َ َ َ ُ‬ ‫ََ َ‬
‫َّلل‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ز‬ ‫ِ‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ا‬ ‫ون‬ ‫ب‬‫ر‬
‫ِ‬ ‫ق‬‫َل‬
‫ِ‬ ‫َّل‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫د‬‫ب‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ء‬ ‫ا‬‫َل‬
‫ِ‬ ‫و‬‫أ‬ ‫ۦ‬‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ن‬ ‫و‬‫د‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫وا‬ ‫ذ‬ ‫َت‬ ‫ٱ‬ ‫ِين‬
‫َّل‬‫ٱ‬‫و‬ ‫ِص‬
‫ر‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِين‬
‫َل‬ ‫ٱ‬ ‫ِ‬ ‫َّلل‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أَّل ِ‬
‫َ‬ ‫ََۡ ُ َ َ ََ َ‬ ‫َۡ ُ‬
‫ك ىذِب ك َفار ‪} ٣‬‬ ‫َ ۡ َُ َ‬
‫َّلل َّل َي ۡهدِي من هو‬
‫ُ‬
‫يك ُم بَ ۡي َن ُه ۡم ِِف َما ه ۡم فِيهِ يتل ِفون إِن ٱ‬
‫واملعنى‪ :‬أال هلل وحده العبادة الخالصة‪ ،‬والذين اتخذوا من دون هللا أولياء قالوا‪ :‬ما نعبدهم إال‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََُُۡ َ‬
‫ون ٱَّللِ َما َّل‬ ‫ّ‬
‫ليقربونا إلى هللا تعالى تقريبا‪ ،‬وليشفعوا لنا عنده‪ ،‬كما قال تعالى على لسانهم‪ { :‬ويعبدون مِن د ِ‬
‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َّلل ب َما ََّل َي ۡعلَ ُم ِف ٱ َ َ‬ ‫َ‬
‫ون ٱ َ َ‬ ‫ِند ٱ ََّللِ قُ ۡل َأ ُت َ‬
‫ون َ ىه ُؤ ََّلءِ ُش َف َىع ُؤنَا ع َ‬
‫َ ُ ُّ ُ ۡ َ َ َ َ ُ ُ ۡ َ َ ُ ُ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ت َوَّل ِِف ٱلۡر ِض‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٔ‬
‫ُ‬ ‫ٔ‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫يُضهم وَّل ينفعهم ويقول‬
‫ُ ۡ َ ى َ ُ َ َ َ ى َى َ َ ُ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪[}١٨‬يونس‪ّ ،]18 :‬إن هللا تعالى يحكم بين أهل األديان ويفصل بينهم يوم القيامة‬ ‫شوُك‬
‫سبحنهۥ وتعَل عما ي ِ‬
‫ه ه َ َ ُ َ ه َ َ ُ َ ه َ َ ه َ َ َ َْ‬
‫اْل ُج َ‬
‫وس‬ ‫فيما هم فيه يختلفون‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى و‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ ه َ َ ْ َُ ه هَ ْ‬
‫َّللا َيفص ُل َب ْي َن ُه ْم َي ْو َم الق َي َامة}[الحج‪ّ ،]17 :‬إن هللا تعالى ال يوفق إلى الحق والهدى من هو‬ ‫والذين أشركوا إن‬
‫ّ‬
‫كاذب مفتر على هللا‪ ،‬كفار بآياته‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫َّلل ٱل َو ىح ُِد ٱل َق َه ُار ‪} ٤‬‬ ‫َف ِّ َِما يل ُق َما ي َ َشا ُء ُس ۡب َ‬
‫حى َن ُهۥ ُه َو ٱ َ ُ‬
‫ر‬ ‫خذ َوَلا ّل ۡص َط َ ى‬ ‫َ‬ ‫اد ٱ َ ُ‬
‫َّلل أن َيت ِ‬
‫ۡ َ َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬لو أر‬
‫تنزه هللا ّ‬
‫وتقدس‬ ‫واملعنى‪ :‬لو أ اد هللا تعالى ْأن يتخذ ولدا ‪ -‬وهو غني عنه –الختار من خلقه ما يشاء‪ّ ،‬‬
‫ر‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫عن أن يكون له ولد‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬س ْبحانه أن َيكون له َولد}[النساء‪ ،]171 :‬فهو هللا الواحد ّ‬ ‫ْ‬
‫القهار‪.‬‬
‫َ َ َ َ ْ َه َ‬
‫والشرط في قوله تعالى {لو أراد} ال يلزم وقوعه‪ ،‬بل هو محال‪ ،‬ومثله قوله تعالى‪{ :‬ل ْو أ َر ْدنا أن نتخذ‬
‫َ‬
‫ِلرِنَٰمۡح َو ََل فَأنَا أَ َو ُل ٱ ۡل َع ىبد َ‬
‫ِين‬ ‫ين}[األنبياء‪ ،]17 :‬وقوله تعالى‪ { :‬قُ ۡل إِن ََك َن ل َ‬
‫َ‬ ‫َ ه ْ ُه َ‬ ‫ه َ َْ‬ ‫َ‬
‫ل ْه ًوا َلتخذنا ُ م ْن ل ُدنا إن كنا فاعل‬
‫ِ‬
‫‪[}٨١‬الزخرف‪.]81 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ ُ َ ُ َ ۡ َ َ َ َ َ َ ُ َ ُ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َۡ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬خلَ َق ٱ َ َ‬


‫ار لَع ٱ َۡل ِل َو َسخ َر ٱلش ۡم َس‬‫ت َوٱلۡرض ب ِٱل ِق يكوِر ٱَلل لَع ٱلهارِ ويكوِر ٱله‬ ‫لسم ى َو ى ِ‬
‫َ َ ُّ َ ًّ َ َ ُ َ ۡ َ ُ ۡ ى‬ ‫َۡ ُ َۡ‬
‫يز ٱل َغ َف ُر ‪} ٥‬‬‫َوٱلق َم َر ُك ُي ِري ِلجل ِّسم أَّل هو ٱلع ِز‬
‫واملعنى‪ :‬خلق هللا تعالى السماوات واألرض بالحق‪ ،‬يجيء بالليل ويذهب بالنهار‪ ،‬ويجيء بالنهار ويذهب‬
‫ً‬ ‫ُْ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫الن َه َار َيطل ُب ُه َحثيثا}[األعراف‪ ،]54 :‬وقال‬ ‫الل ْي َل ه‬ ‫بالليل‪ ،‬يقلبهما ويجعلهما متعاقبين‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬يغش ي‬
‫َ ََ َ َ َ ََ َ َۡ َ ۡ ََ َ َ‬ ‫ُ َ‬
‫اد أن يَ َذ َكرَ‬ ‫هُ ه‬ ‫َ‬
‫تعالى‪ُ { :‬يقل ُب َّللا الل ْي َل َوالن َهار}[النور‪ ،]44 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وه َو ٱَّلِي جعل ٱ َۡلل وٱلهار خِلفة ل ِمن أر‬
‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫أ ۡو أ َر َاد ُشكورا ‪[}٦٢‬الفرقان‪،]62 :‬‬
‫وذلل الشمس والقمر وجعلهما َ‬ ‫ّ‬
‫طائع ِين‪ ،‬كل منهما يجري في فلكه ألجل‬
‫َْ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ََ َ َ َْ‬ ‫َ ه ْ ُ َ‬
‫س ت ْجري َل ْستق ٍر ل َها ذل َك تقد ُير ال َعزيز ال َعليم ‪َ .‬والق َم َر ق هد ْرنا ُ َمناز َل َح هتى‬ ‫مسمى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬والشم‬
‫ََ‬ ‫ه ْ ُ َ ُ ه َ َ ٌُّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َع َاد َك ْال ُع ْر ُجون ْال َقديم ‪ََ .‬ل الش ْم ُ‬
‫ه‬
‫س َين َبغي ل َها أن تدرك الق َم َر َوَل الليل سابق النهار وكل في فل ٍك‬
‫َي ْس َب ُحو َن}[يس‪ ،]38-40 :‬أال هو هللا العزيز الغالب على أمره ّ‬
‫الغفار لذنوب عباده التائبين‪.‬‬

‫َۡ ُُ ُ‬ ‫ۡ َۡ َ َ َ َ‬ ‫َى َ ُ َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ َ ََ َ َ َ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َ ََ ُ‬


‫نزل لكم م َِن ٱلنع ى ِم ث َم ىن َِية أ ۡز َو ىج يلقك ۡم ِِف‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬خلقكم مِن نفس وحِدة ثم جعل مِنها زوجها وأ‬
‫ُ ُ َ ى َ َ ى َ ى ُ ُ َ ُ َ ُّ ُ ۡ َ ُ ۡ ُ ۡ ُ َ َ ى َ َ ُ َ َ َ َ ى ُ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ َ ۡ‬ ‫ُ‬
‫ُصفون ‪٦‬‬ ‫ون أ َم َه ىتِك ۡم خلقا مِن َب ۡع ِد خلق ِِف ظلمت ثلث ذل ِكم ٱَّلل ربكم ل ٱلملك َّل إِله إَِّل هو فأن ت‬ ‫ُُ‬
‫بط ِ‬
‫}‬
‫زوجها ليناسبها‬ ‫واملعنى‪ :‬خلقكم هللا تعالى من نفس واحدة هي نفس أبيكم آدم‪ ،‬وخلق من تلك النفس َ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َََ ُ ْ ْ َْ‬ ‫َ ُّ َ ه ُ ه ُ َ ه ُ ُ ه‬
‫س واح َد ٍة َوخل َق م ْنها ز ْو َجها َو َبث‬
‫فيسكن إليها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نف ٍ‬
‫ً َ ً‬
‫ساء}[النسا‪ ،]1 :‬وأنزل هللا لكم من األنعام ثمانية أزواج وهي الضأن واملعز واإلبل والبقر‬ ‫يرا َون ً‬ ‫م ْن ُهما رجاَل كث‬
‫َْ ْ َ‬ ‫هْ َْ‬ ‫َ َ َ َْ‬
‫الضأن اثن ْين َوم َن اَل ْعز اثن ْين}[األنعام‪،]143 :‬‬ ‫واج م َن‬
‫تعالى‪َ {ْ :‬ثمانية أ ٍ‬
‫ز‬ ‫من كل صنف ذكرا وأنثى‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬ ‫ْ َ ْ َ َ َْ‬ ‫ْ‬
‫وقال تعالى‪َ { :‬وم َن اإلبل اثنين ومن البقر اثنين}[األنعام‪ ،]144 :‬يخلقكم هللا في بطون أمهاتكم طورا بعد طور‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫من الخلق في ظلمات ثالث‪ ،‬وهي ظلمة البطن‪ ،‬وظلم الرحم‪ ،‬وظلم املشيمة‪ ،‬ذلكم هللا الذي خلق هذه األشياء‬
‫هو رّبكم‪ ،‬ال معبود بحق سواه‪ ،‬فكيف تتحولون عن الحق إلى الباطل؟‬

‫َ َ ُ َ َ‬ ‫َۡ ُ‬ ‫ۡ ُۡ‬ ‫نك ۡم َو ََّل يَ ۡر َ ى‬


‫َ ۡ ُُ َ َ ََ َ ي َ ُ‬
‫ض لِعِ َبادِه ِ ٱلكف َر ِإَون تشك ُروا يَ ۡرض ُه لك ۡم َوَّل ت ِز ُر َوازِ َرة‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬إِن تكفروا فإِن ٱَّلل غ ِن ع‬
‫ِيم ب َذات ٱ ُّ‬ ‫نت ۡم َت ۡع َملُ َ َ َ‬ ‫ُ‬
‫كم ب َما ك ُ‬ ‫ۡ َ ُ ۡ َ ى ُ َ َى َ ُ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ُ َ ُ ُ‬
‫لص ُدورِ ‪}٧‬‬ ‫ون إِن ُهۥ عل ُ ِ ِ‬
‫ر‬ ‫ِ‬ ‫جعكم فينبِئ‬ ‫ى ثم إِل ربِكم ِّر ِ‬
‫وِزر أخر ر‬
‫فإن هللا تعالى غني عنكم‪ ،‬كما قال تعالى على لسان‬ ‫واملعنى‪ْ :‬إن تكفروا أيها الناس بعد هذا البيان ّ‬
‫يد}[إبراهيم‪ ،]8 :‬وال يرض ى‬ ‫َّللا َل َغن ٌّي َحم ٌ‬ ‫موس ى عليه السالم‪{ :‬إ ْن َت ْك ُف ُروا َأ ْن ُت ْم َو َم ْن في األ ْرض َجم ً‬
‫يعا َفإ هن ه َ‬
‫وإن تشكروه يرضه لكم‪ ،‬وال تحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى‪ ،‬فكل نفس مجزية بعملها‪ ،‬كما‬ ‫لعباده الكفر‪ْ ،‬‬
‫ٌَ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ َْ‬
‫س ب َما ك َس َبت َرهينة}[املدثر‪ ،]38 :‬ثم إلى ربكم معادكم يوم القيامة‪ ،‬فيخبركم هللا بما كنتم‬ ‫ٍ‬ ‫قال تعالى‪{ :‬ك ُّل نف‬
‫لص ُد ُ‬ ‫َ ۡ َ ُ َ ََ ۡ َ ۡ ُ َ َ ُۡ‬
‫َتَف ٱ ُّ‬ ‫ّ‬
‫ور‬ ‫ي وما ِ‬ ‫تعملونه في الدنيا‪ ،‬إن هللا عليم بما تكنه ضمائركم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬يعلم خائِنة ٱلع ِ‬
‫‪[}١٩‬غافر‪.]19 :‬‬

‫ۡ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫س َما َكن يَ ۡد ُعوا إ ِ َۡلهِ مِن ق ۡبل‬‫نس َن ُض َد ََع َر َب ُهۥ ُمنِيبا إ ِ َ َۡلهِ ُث َم إ ِ َذا َخ َو َ ُلۥ ن ِۡع َمة م ِۡن ُه ن َ ِ َ‬ ‫َ‬
‫ِإَوذا َِّ َس ٱ ِإل َ ى‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬‬
‫َ‬
‫ك م ِۡن أ ۡص َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُۡ َََۡ ُ ۡ َ َ‬ ‫ض َل َعن َ‬ ‫َو َج َع َل ِ ََّللِ أَ َ‬
‫ار ‪}٨‬‬ ‫حىب ٱلَ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ِيل‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫ف‬‫ك‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ۦ‬‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َل‬
‫ِ‬ ‫ا‬‫اد‬‫ند‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ر‬
‫واملعنى‪ :‬وإذا أصاب اإلنسان الضر عن طريق املرض أو الفقر أو غيرهما دعا رّبه واستغاث به منيبا‬
‫ّ‬ ‫ثم إذا كشف عنه ّ‬ ‫إليه‪ّ ،‬‬
‫ضره‪ ،‬ومنحه نعمة تفضال منه تعالى نس ي ما كان يدعو إليه من قبل‪ ،‬كأنه لم يسبق له‬
‫ََ َ َ ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫لُض َد ََعنَا ِ َ‬
‫نس َن ٱ ُّ ُّ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ِإَوذا َِّ َس ٱ ِإل َ ى‬
‫لۢنبِهِۦ أ ۡو قاعِدا أ ۡو قائِما فل َما كشفنَا‬ ‫ْأن دعا رّبه بإلحاح لكشفه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫ُ‬
‫ى َ ُ َ ُ ۡ َ َ ُ َۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ۡ َۡ َُ ى ُ َ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫َُۡ ُ َُ ََ‬
‫ون ‪[}١٢‬يونس‪ ،]12 :‬وجعل هلل‬ ‫عنه ضهۥ ِّر كأن لم يدعنا إِل ض ِّسه رۥ كذل ِك زيِن ل ِلم ِ‬
‫ّسف ِي ما َكنوا يعمل‬
‫تمتع بكفرك قليال في هذه‬ ‫ليضل غيره عن اإليمان والطاعة‪ ،‬قل أيها الرسول له‪ّ :‬‬ ‫ّ‬ ‫شركاء من الشياطين واألوثان‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ه‬ ‫ّ‬
‫الدنيا الفانية‪ ،‬إنك من أصحاب النار الخالدين فيها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ق ْل ت َمت ُعوا فإ هن َمص َيرك ْم إلى‬
‫ه‬
‫النار}[إبراهيم‪.]30 :‬‬

‫ْح َة َربهِۦ ُق ۡل َه ۡل ي َ ۡس َتوي ٱ ََّل َ‬


‫ِين‬ ‫ي َذ ُر ٱٓأۡلخ َِر َة َو َي ۡر ُجوا َر ۡ َ‬
‫َۡ‬
‫ا‬ ‫م‬ ‫ئ‬ ‫ا‬
‫ََ‬
‫ق‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫د‬‫ج‬ ‫ا‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أَ َم ۡن ُه َو َق ىن ِت َءانَا َء ٱ َ َۡلل َ‬
‫س‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ۡ َ ُ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ ُ ۡ َ َۡ‬
‫ب ‪}٩‬‬ ‫يعلمون وٱَّلِين َّل يعلمون إِنما يتذكر أولوا ٱللبى ِ‬
‫واملعنى‪ :‬بل أمن هو قائم آناء الليل لعبادة هللا تعالى ساجدا وقائما يحذر عذاب اآلخرة‪ ،‬ويرجو رحمة‬
‫ربه‪ ،‬كمن هو مشرك باهلل تعالى في العبادة؟ فال يستويان‪ ،‬كما قال تعالى عند مدح املؤمنين من أهل الكتاب‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ ه‬ ‫ْ َ ُ ٌ َ ٌ ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫{ل ْي ُسوا َس َو ًاء م ْن أ ْهل الكتاب أ همة قائ َمة َيتلون َآيات هَّللا آن َاء الل ْيل َو ُه ْم َي ْس ُج ُدون}[آل عمران‪ ،]113 :‬قل‬
‫ّ‬
‫أيها الرسول‪ :‬هل يستوي الذين يعلمون الحق والذين ال يعلمون ذلك؟ ال يستوون‪ ،‬إنما يتذكر بالفرق بينما‬
‫أصحاب العقول السليمة‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ َ َ َ َ َُ َُ ََ ُ ۡ َ َ َ‬


‫ِين أ ۡح َس ُنوا ِِف هى ِذه ِ ٱ َُّلن َيا َح َس َنة َوأۡرض ٱَّللِ َو ىس َِعة إِن َما يُ َوف‬
‫قوله تعالى‪{ :‬قل ي ىعِبادِ ٱَّلِين َءامنوا ٱتقوا ربك رم ل َِّل‬
‫ري ح َِساب ‪} ١٠‬‬ ‫ون أَ ۡج َر ُهم ب َغ ۡ‬
‫َى ُ َ‬
‫ٱلص ِب‬
‫ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لعبادي املؤمنين‪ :‬يا عبادي املؤمنين اتقوا ربكم وخافوا عقابه‪ ،‬للذين أحسنوا‬
‫َ َ َ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ِين أ ۡح َس ُنوا ٱ ۡ ُ‬
‫ل ۡس َ ى‬
‫ن َو ِز َيادة َوَّل يَ ۡره ُق‬ ‫في هذه الدنيا مثوبة حسنة في اآلخرة بالجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪۞{ :‬ل َِّل‬
‫ون ‪[}٢٦‬يونس‪ ،]26 :‬وقال تعالى‪{َ :‬و َي ْجز َي هالذ َ‬ ‫ُ ُ َ ُ ۡ َ َ َ َ َ ُ َى َ َ ۡ َ ى ُ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ ى ُ َ‬
‫ين‬ ‫وجوههم قت وَّل ذِلة ر أولئِك أصحب ٱلنةِ هم فِيها خ ِِل‬
‫ْ َ‬ ‫َ ُ‬
‫أ ْح َسنوا بال ُح ْسنى}[النجم‪ ،]31 :‬وأرض هللا واسعة‪ ،‬فهاجروا إلى حيث تتمكنون من عبادتي‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ض هَّللا َواس َعة ف ُت َهاج ُروا ف َيها}[النساء‪ ،]97 :‬إنما يوفي هللا الصابرين أجرهم بغير حساب‪ ،‬بأحسن‬
‫ً َ‬ ‫{ َأ َل ْم َت ُك ْن َأ ْر ُ‬
‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ما كانوا يعملون‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َل َن ْجزَي هن هالذ َ‬
‫ص َب ُروا أ ْج َر ُه ْم بأ ْح َسن َما كانوا َي ْع َملون}[النحل‪.]96 :‬‬‫ين َ‬

‫َ‬ ‫ُۡ‬
‫ت أ ۡن أ ۡع ُب َد ٱ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬قل إن أِّ ِۡر ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُۡ‬
‫َّلل ُّمل ِصا ُل ٱَل َ‬
‫ِين ‪} ١١‬‬ ‫ِِ‬
‫أمرت ْأن أخلص العبادة والطاعة هلل تعالى وحده‪.‬‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهؤالء املشركين‪ُ :‬‬
‫ه‬ ‫ُ‬
‫واملؤمنون كلهم أمروا كذلك بإخالص العبادة والطاعة هلل وحده‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما أم ُروا إَل‬
‫ين}[البينة‪.]5 :‬‬ ‫َّللا ُم ْخلص َين َل ُه الد َ‬
‫ل َي ْع ُب ُدوا ه َ‬

‫َ ۡ ُ ۡ ُ َ‬
‫ون أ َول ٱل ُم ۡسلِم َ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫ي ‪} ١٢‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وأِِّرت ِلن أك‬
‫أمرت ْأن أكون ّأول املسلمين املنقادين هلل تعالى من هذه األمة‪ ،‬كما قال‬‫واملعنى‪ :‬وقل أيها الرسول‪ُ :‬‬
‫َ َ‬ ‫ُ ُ َْ َُ َ َ‬ ‫ُ‬
‫تعالى‪{ :‬ق ْل إني أم ْرت أن أكون أ هو َل َم ْن أ ْسلم}[األنعام‪.]14 :‬‬

‫َ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬قل إن أ َخاف إ ۡن َع َص ۡي ُ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬
‫اب يَ ۡو ٍم َع ِظيم ‪} ١٣‬‬
‫ت َرب َعذ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬إني أخش ى إن عصيت ربي‪ ،‬وأشركت معه َ‬
‫غيره في عبادته‪ ،‬أن يصيبني عذاب‬
‫يوم عظيم الهول‪.‬‬
‫ص ْي ُت َربي َع َذ َ‬
‫اف إ ْن َع َ‬‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اب َي ْو ٍم َعظ ٍيم}[األنعام‪.]15 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ق ْل إني أخ‬

‫َ‬‫ُ‬ ‫ُۡ‬ ‫ََ ُُۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫ِين ‪} ١٤‬‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ق ِل ٱَّلل أعبد ُّمل ِصا لۥ د ِ‬
‫أمرت ْأن أخلص عبادتي وطاعتي هلل تعالى وحده‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول مرة أخرى‪ُ :‬‬
‫كرر هللا تعالى في هذه السورة األمر بعبادته مخلصا له تأكيدا لهذا األمر املهم‪ ،‬وذلك في قوله‬ ‫وقد ّ‬
‫ُ ْ ُ َ ْ َ َُْ هَ ُ ْ ً َ‬ ‫ُ‬ ‫صا َل ُه الد َ‬‫َ ُْ هَ ُ ْ ً‬
‫صا ل ُه‬ ‫ين}[الزمر‪ ،]2 :‬وقوله تعالى‪{ :‬ق ْل إني أمرت أن أعبد َّللا مخل‬ ‫تعالى‪{ :‬فاعبد َّللا مخل‬
‫ين}[الزمر‪.]11 :‬‬ ‫الد َ‬
‫ََ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ ُ‬ ‫ُۡ َ ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ۡ ُُ َ ُۡ‬
‫ّسوا أنف َس ُه ۡم َوأهل ِي ِه ۡم يَ ۡو َم ٱلقِ َيى َمةِ أَّل ذ ىل ِك‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬فٱعبدوا ما شِئتم مِن دونِهِۦ قل إِن ٱلخى ِ ِ‬
‫ّسين ٱَّلِين خ ِ‬
‫ُ َ ُۡ ۡ َ ُ‬
‫ان ٱل ۡ ُمب ُ‬
‫ي ‪} ١٥‬‬ ‫ِ‬ ‫هو ٱلّس‬
‫واملعنى‪ :‬فاعبدوا أيها املشركون ما شئتم من دون هللا تعالى‪ ،‬قل أيها الرسول لهم‪ّ :‬إن الخاسرين هم‬
‫الذين خسروا أنفسهم بالشرك واملعاص ي‪ ،‬وخسروا أهليهم بإضاللهم عن اإليمان‪ ،‬أال ّإن هذا الخسران‪ ،‬هو‬
‫ين‬ ‫ين َآم ُنوا إ هن ْالخاسر َ‬
‫ين هالذ َ‬ ‫قال هالذ َ‬
‫ألنهم وقعوا في عذاب مقيم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َ‬ ‫البين؛ ّ‬
‫الخسران الواضح ّ‬
‫َ ُ َْ ُ َ ُ ْ ََ ْ ْ َ ْ َ ْ َ َ ه ه‬
‫الظاَل َين في َ‬
‫ذاب ُمق ٍيم}[الشورى‪.]45 :‬‬ ‫ٍ‬ ‫ع‬ ‫خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة أَل إن‬

‫َ هُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ل ُهم من َفوقهم ُظ َلل م َن ٱ هلنار َومن َتحتهم ُظ َلل َذل َك ُي َخو ُف ٱ ه ُ‬
‫َّلل بهۦ ع َب َاد ُ ۥ َيع َباد فٱتقون ‪} ١٦‬‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬لهؤالء املشركين من فوقهم ومن تحتهم أطباق متراكمة من النار‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ل ُه ْم م ْن‬
‫اب‬‫اه ُم ْال َع َذ ُ‬
‫الظاَل َين}[األعراف‪ ،]41 :‬وقال تعالى‪{َ :‬ي ْو َم َي ْغ َش ُ‬ ‫ه‬ ‫َ َ َ‬
‫اش َوكذل َك ن ْجزي‬ ‫ََهَ َ ٌ َ ْ َْ ْ ََ‬
‫جهنم مهاد ومن فوقه َم غو ٍ‬
‫وقوا َما ُك ْن ُت ْم َت ْع َم ُلو َن}[العنكبوت‪ ،]55 :‬ذلك العذاب الذي ّ‬ ‫ْ َ ْ ْ َ ْ َ ْ ْ ُ ْ ََُ ُ ُ ُ‬
‫يخوف هللا‬ ‫من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذ‬
‫تعالى به عباده‪ ،‬يا عبادي فاتقوني وخافوا عذابي‪.‬‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ش ع َِبادِ ‪} ١٧‬‬‫ى فبَ ِ ۡ‬ ‫َ ُ ُ ُۡ َ‬ ‫َُُۡ َ َ َ ُ‬ ‫َى ُ َ‬ ‫َ َ ۡ ََُ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬وٱَّلِين ٱجتنبوا ٱلطغوت أن يعبدوها وأنابوا إِل ٱَّللِ لهم ٱلبش ى ر‬
‫واملعنى‪ :‬والذين اجتنبوا طاعة الشيطان وعبادة األوثان وأنابوا إلى هللا تعالى باإلقبال على عبادته‪ ،‬لهم‬
‫ۡ‬ ‫ى ِِف ٱ ۡ َ‬
‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّلن َيا َو ِف ٱٓأۡلخ َِرة ِ‬ ‫ش ى‬‫البشرى في الدنيا بالنصر‪ ،‬وفي اآلخر بالثواب الجزيل‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ل َ ُه ُم ٱ ۡلبُ ۡ َ‬
‫ّ‬ ‫َّللِ َذ ىل َِك ُه َو ٱ ۡل َف ۡو ُز ٱ ۡل َع ِظ ُ‬
‫َ‬ ‫َ َۡ َ َ َ‬
‫يم ‪[}٦٤‬يونس‪ ،]64 :‬فبشر أيها الرسول عبادي املؤمنين‪.‬‬ ‫تٱ ر‬ ‫َّل تبدِيل ل َِك ِم ى ِ‬

‫َ‬ ‫ۡ َۡ‬
‫َ ُ ۡ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ َى‬
‫َ َ َ ىُ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َى‬
‫َ َۡ َ ُ َ َۡ ََ ُ َ ۡ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ٱَّلِين يست ِمعون ٱلقول فيتبِعون أحسنه رۥ أولئِك ٱَّلِين هدىهم ٱَّلل وأولئِك هم أولوا ٱللبى ِ‬
‫ب ‪} ١٨‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فبشر عبادي املؤمنين الذين يستمعون القول الحق‪ ،‬فيفهمونه‪ ،‬فيتبعون أرشده‪ ،‬كما قال‬
‫ّ‬ ‫ْ ُ ُ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ْ‬
‫تعالى ملوس ى عليه السالم‪{ :‬فخذ َها بق هو ٍة َوأ ُم ْر ق ْو َم َك َيأخذوا بأ ْح َسن َها}[األعراف‪ ،]145 :‬أولئك الذين وفقهم‬
‫هللا إلى الهدى والحق‪ ،‬وأولئك هم أصحاب العقول السليمة الصحيحة‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َََ‬ ‫َ ُ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬


‫نت تُنقِذ َمن ِِف ٱلَارِ ‪}١٩‬‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أف َم ۡن َح َق َعل ۡيهِ ُك َِمة ٱل َعذاب أفأ َ‬
‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬أفمن وجبت عليه كلمة العذاب بسبب كفره وإعراضه‪ ،‬فإنك ال تستطيع أن تهديه‪ ،‬أفأنت‬
‫تقدر على إنقاذه من النار؟‬
‫ّ‬
‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬الهداية بيد هللا تعالى وحده‪ ،‬لذا خاطب هللا رسوله ص مسليا له‪ :‬أفأنت‬
‫تنقذ من النار من حقت عليه كلمة العذاب؟ ويالحظ ّأن الهداية والضالل من خلق هللا تعالى وإيجاده‪ ،‬كخلق‬
‫َ ْ َْ ه ُ َ ُْ َ‬
‫َّللا ف ُه َو اَل ْهتد‬ ‫جميع أعمال اإلنسان‪ ،‬أما تحصيلهما واكتسابهما واختيارهما فمن العبد‪ ،‬قال تعالى‪{ :‬من يهد‬
‫ً‬ ‫َ َ ْ ُ ْ ََ َ َ‬
‫ضل ْل فل ْن تج َد ل ُه َول ًّيا ُم ْرشدا}[الكهف‪.]17 :‬‬ ‫ومن ي‬
‫ۡ َ َ ُۡ ُ‬ ‫ۡ َۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َ‬
‫ِين ٱتق ۡوا َر َب ُه ۡم ل ُه ۡم غ َرف مِن ف ۡوق َِها غ َرف َم ۡبن ِ َية ت ِري مِن تت ِ َها ٱلن َه ى ُر َوع َد ٱَّللِ َّل يل ِف‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ل ى ِ‬
‫ك ِن ٱَّل‬
‫َُ ۡ َ َ‬
‫اد ‪} ٢٠‬‬ ‫ٱَّلل ٱل ِميع‬

‫َۡ ُ ُ‬ ‫ُّ ۡ‬ ‫ُ ُۡ‬ ‫َۡ‬ ‫ََۡ ََ َ َ ََ َ ََ َ َ َ َ َ َ َ َ‬


‫يع ِِف ٱلۡر ِض ث َم ي ِر ُج بِهِۦ َز ۡرَع ُّم َتل ِفا أل َو ىن ُهۥ ث َم‬
‫ك ُهۥ يَ َنىب َ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ألم تر أن ٱَّلل أنزل مِن ٱلسماءِ ماء فسل‬
‫َ‬
‫ۡ َۡ‬ ‫ُ‬
‫ب ‪}٢١‬‬ ‫ى ِلو ِل ٱللبى ِ‬ ‫ُي َعلُ ُهۥ ُح َطىما ر إ ِ َن ِِف َذ ىل َِك ََّل ِۡوُك َر ى‬
‫َ ُ َ ََ ىُ ُ ۡ َ ُ َ َۡ‬
‫ي ِهيج فتىه ِّصفرا ثم‬
‫واملعنى‪ :‬ألم تعلم أيها الرسول أو أيها العاقل ّأن هللا تعالى أنزل من السحاب مطرا‪ ،‬فأدخله عيونا نابعة‬
‫مصفرا لونه‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ثم‬ ‫في األرض‪ ،‬ثم يخرج هللا تعالى به زرعا مختلفا أشكاله وألوانه‪ ،‬ثم يجف بعد خضرته‪ ،‬فتراه‬
‫مكسرا؟ ّإن في ذلك لذكرى ألصحاب العقول السليمة‪.‬‬ ‫يجعله هللا تعالى فتاتا ّ‬
‫ََ ُ َۡ‬
‫ات ٱلۡر ِض‬
‫َ ۡ َ‬
‫لس َماءِ فٱخ َتل َط بِهِۦ نب‬ ‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّل ۡن َيا َك َما ٍء أَ َ‬
‫نز ۡل َنى ُه م َِن ٱ َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬إ ِ َن َما َم َث ُل ٱ ۡ َ‬
‫َ َ ََ َ َ‬ ‫َۡ ُ ُ ۡ ََُ َ َََ ۡ َ َۡ ُ ََ َ‬ ‫َ َۡ ُ ُ َ ُ َ ۡ َۡ َى ُ َ َ ى َ َ َ َ‬
‫ت َوظ َن أهل َها أن ُه ۡم ق ىد ُِرون َعل ۡي َها أتى ى َها أ ِّۡ ُرنا‬ ‫ت ٱلۡرض زخرفها وٱزين‬ ‫ت إِذا أخذ ِ‬ ‫ِِّما يأكل ٱلاس وٱلنعم ح‬
‫َۡ َََ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َى َ ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ج َع ۡل َنى َها َحصيدا َكأن ل َ ۡم َت ۡغ َن بٱ ۡل ۡ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َۡ َ‬
‫ون ‪[}٢٤‬يونس‪،]24 :‬‬ ‫ت ل ِقوم يتفكر‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ٓأۡل‬‫ٱ‬ ‫ل‬ ‫ص‬
‫ِ‬ ‫ف‬‫ن‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬‫ك‬ ‫س‬‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ا‬‫ار‬‫ه‬ ‫ن‬ ‫َلل أو‬
‫األ ْرض َف َأ ْ‬
‫ص َب َح‬
‫ُّ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ه َ َ ْ َ َ َ َ َ ُ ْ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫اضر ْب ل ُه ْم َمث َل ال َح َياة الدنيا كم ٍاء أنزلنا من السماء فاختلط به نبات‬‫وقوله تعالى‪{ :‬و‬
‫َْ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ان ه ُ‬‫َ ً َ ْ ُوُ َ ُ َ َ َ‬
‫َّللا َعلى كل ش ْي ٍء ُمقتد ًرا}[الكهف‪.]45 :‬‬ ‫هشيما تذر الرياح وك‬

‫ۡ َ ُ َى َ‬ ‫ََ َ َ َ َ َُ َ ۡ َُ ۡ ۡ َ ََُ ََ‬


‫لَع نُور مِن َربهِۦ فَ َو ۡيل ل ِۡل َقىسِ َيةِ ُقلُوبُ ُ‬
‫ى‬
‫َّللِ أولئِك ِِف‬
‫ِ ر‬ ‫ٱ‬ ‫ر‬‫ِك‬ ‫ذ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ِر‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬أفمن شح ٱَّلل صدرهۥ ل َِِلسل ى ِم فهو‬
‫َ َ ُّ‬
‫ضل ىل مب ِ ٍ‬
‫ي ‪} ٢٢‬‬
‫أفمن شرح هللا تعالى صدره لإلسالم‪ ،‬فهو على نور اإليمان من ربه‪ ،‬كمن قسا قلبه‪ ،‬وأصبح‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫أسيرا لظلمات الكفر؟ ال يستويان‪ ،‬فهالك وخزي ألولئك املشركين الذين قست قلوبهم من أجل ذكر هللا‬
‫ض‬ ‫تعالى‪ ،‬وإذا ذكر هللا عندهم أو آياته ازدادت قلوبهم قساوة‪ ،‬كما قال تعالى‪{َ :‬و َأ هما هالذ َ‬
‫ين في ُق ُلوبه ْم َم َر ٌ‬
‫زاد ْت ُه ْم ر ْجسا إلى ر ْجسه ْم}[التوية‪ ،]125 :‬أولئك في ضالل واضح عن الحق‪.‬‬
‫ً َ‬ ‫َف َ‬
‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫ورا َي ْمش ي به في الناس ك َم ْن َمثل ُه‬ ‫ان َم ْي ًتا َف َأ ْح َي ْي َنا ُ َو َج َع ْل َنا َل ُه ُن ً‬
‫ََ َ ْ َ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬أومن ك‬
‫َ َ َ ُ َ َُْ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُّ ُ َ َ ْ َ َ‬
‫س بخار ٍج م ْن َها كذل َك ُزي َن للكافرين ما كانوا يعملون}[األنعام‪.]122 :‬‬ ‫في الظلمات لي‬

‫َ‬
‫ِي‬
‫َ َ َ َ ۡ َ ُّ ۡ ُ ُ ُ ُ َ َ َ ۡ‬
‫ي َش ۡو َن َر َب ُه ۡم ُث َم تَل ُ‬ ‫ان تقشعِر مِنه جلود ٱَّلِين‬ ‫شبِها مث ِ‬ ‫ِيث ك َِتىبا ُّمتَ َ ى‬
‫لد ِ‬‫َّلل نَ َز َل أ ۡح َس َن ٱ ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ٱ َ ُ‬
‫َُ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ ُ ُ ۡ َ ُ ُ ُ ُ ۡ َى ۡ َ َ َ ُ‬
‫َّلل ف َما ُلۥ م ِۡن َها ٍد ‪}٢٣‬‬ ‫َ‬
‫َّللِ ذ ىل ِك ه َدى ٱَّللِ َي ۡهدِي بِهِۦ َمن يَشا ُء ر َو َمن يُضل ِِل ٱ‬
‫جلودهم وقلوبهم إِل ذِك ِر ٱ ر‬
‫واملعنى‪ :‬هللا تعالى ّنزل أحسن الحديث وهو القرآن الكريم كتابا متشابها في جمال التعبير وقوة التأثير‬
‫تتكرر فيه القصص واملواعظ‪ ،‬تضطرب من سماعه جلود الذين يخشون ّربهم تأثرا بما فيه‬ ‫ودقة التصوير‪ّ ،‬‬
‫تطمئن قلوبهم إلى ذكر هللا‪ ،‬ذلك القرآن هو هداية‬ ‫ّ‬ ‫من الوعيد‪ّ ،‬‬
‫ثم تلين جلودهم تأثرا بما فيه من البشارة‪ ،‬ثم‬
‫ومن يضلله هللا عن الدين الحق‪ ،‬فما له من هاد يهديه إلى الحق‪ ،‬كما‬ ‫هللا تعالى يهدي به من يشاء من عباده‪ْ ،‬‬
‫ى‬ ‫ََ‬
‫لَع ُُك َن ۡفس ب َما َك َس َب ۡ‬ ‫ََ َ ۡ َُ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫هُ َ‬ ‫َ ْ ُ ْ‬
‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬‫قال تعالى‪{ :‬من يضلل َّللا فال هادي له}[األعراف‪ ،]186 :‬وقال تعالى‪ { :‬أفمن هو ق ِ‬
‫ئ‬ ‫ا‬
‫َ َۡ ۡ َۡ ُ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وه ۡم أَ ۡم ُت َ‬
‫َ َ َ ُ َ ُ َ َ ُ ۡ َ ُّ ُ‬
‫ين كف ُروا‬ ‫بُٔٔون ُهۥ ب ِ َما َّل َي ۡعل ُم ِِف ٱلۡر ِض أم بِظى ِهر مِن ٱلقو ِل بل زيِن ل ِ‬
‫َِّل‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫شك َء قل سم ر‬ ‫وجعلوا َِّللِ‬
‫َُ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ‬
‫َّلل ف َما ُلۥ م ِۡن َهاد ‪[}٣٣‬الرعد‪.]33 :‬‬ ‫يل َو َمن يُضل ِِل ٱ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ك ُر ُه ۡم َو ُص ُّدوا َعن ٱ َ‬
‫لس‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫َ ُ ْ َ‬ ‫ه َ ُْ ْ ُ َ ه َ َ ُ َ ه ُ َ ْ ُ ُ‬
‫َّللا َوجلت قل ُوب ُه ْم َوإذا تل َيت َعل ْيه ْم َآيات ُه‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إنما اَلؤمنون الذين إذا ذكر‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ت َرب ِ ِه ۡم ل ۡم ي ُِّروا َعل ۡي َها‬
‫َ‬
‫بَٔٔاي ى ِ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ‬ ‫َ َُْ ْ َ ً َ ََ َ ْ ََ َهُ َ‬
‫زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون}[األنفال‪ ،]2 :‬وقال تعالى‪ { :‬وٱَّلِين إِذا ذكِروا ِ‬
‫ُصما َو ُع ۡم َيانا ‪[}٧٣‬الفرقان‪.]73 :‬‬

‫ُۡ َ ۡ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ ََ‬ ‫ََ‬


‫ون ‪} ٢٤‬‬ ‫ي ذوقوا َما كنتم تكسِ ب‬
‫ِلظلِم َ‬
‫ِ‬ ‫اب يَ ۡو َم ٱلقِ َيى َمةِ َوقِيل ل‬ ‫ُ َ َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أفمن يت ِق بِوج ِههِۦ سوء ٱلعذ ِ‬
‫أفمن يلقى في النار ويقتحمها فيتقي سوء عذاب النار بوجهه يوم القيامة خير وأهدى ممن‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫َ ًّ َ َ‬ ‫ََ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ْ َ‬ ‫ُ ّ‬
‫آمن ونجي من النار؟ كما قال تعالى‪{ :‬أف َمن ي ْمش ي مك ًّبا على وجهه أهدى أ همن ي ْمش ي سويا على ص َر ٍ‬
‫اط‬
‫ْ ُ ُ َ ه َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س َسق َر}[القمر‪ ،]48 :‬وقال‬ ‫ُم ْستق ٍيم}[اَللك‪ ،]22 :‬وقال تعالى‪{َ :‬ي ْو َم ُي ْس َح ُبون في النار َعلى ُو ُجوههم ذوقوا م‬
‫فصلت‪ ،]40 :‬وقيل للظاملين ذوقوا جزاء ما كنتم‬ ‫النار َخ ْي ٌر َأ ْم َم ْن َي ْأتي آم ًنا َي ْو َم ْالق َي َامة}[ ّ‬
‫ه‬ ‫َْ‬ ‫ََ‬
‫تعال‪{ :‬أف َم ْن ُيلقى في‬
‫تكسبونه في الدنيا‪.‬‬

‫َ ُُ َ‬ ‫ۡ‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬


‫ِين مِن ق ۡبلِه ۡم فأتَى ى ُه ُم ٱل َعذ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪} ٢٥‬‬ ‫اب م ِۡن َح ۡيث َّل يشعر‬ ‫ِ‬
‫عقوله تالى‪{ :‬كذ َب ٱَّل َ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬كذب الذين كفروا من قبلهم رسلهم‪ ،‬فأتاهم العذاب من حيث ال يشعرون بإتيانه‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ َ َ َ ه َ ْ َ ْ ْ َََ هُ ْ‬
‫َّللا ُبن َي َان ُه ْم م َن الق َواعد فخ هر َعل ْيه ُم‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬قد مكر الذين من قبلهم فأتى‬
‫َ‬ ‫ُ َ ْ‬
‫اب م ْن َح ْيث َل َيش ُع ُرون}[النحل‪.]26 :‬‬ ‫ف م ْن َف ْوقه ْم َ َأ َت ُ‬
‫اه ُم ْال َع َذ ُ‬ ‫ه ْ ُ‬
‫السق‬
‫و‬

‫ۡ َُ ۡ ُ َۡ ُ َ‬‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّل ۡن َيا َول َعذ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َََ َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬فأذاق ُه ُم ٱ َ ُ‬
‫ون ‪} ٢٦‬‬ ‫اب ٱٓأۡلخ َِرة ِ أكبر لو َكنوا يعلم‬ ‫َّلل ٱلِ ۡز َي ِِف ٱ َ‬
‫أشد وأكبر وأخزى‬‫واملعنى‪ :‬فأذاق هللا تعالى هؤالء األمم الهوان والذل في الحياة الدنيا‪ ،‬ولعذاب اآلخرة ّ‬
‫َ‬ ‫ََ َ ُ ْ َ َ ْ ى َ ُ ْ ُْ َ َ‬
‫ص ُرون}[فصلت‪ ،]16 :‬وقال تعالى‪{ :‬كذل َك‬ ‫من عذاب الدنيا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ولعذاب اْلخرة أخز وهم َل ين‬
‫كانوا َي ْع َل ُمو َن}[القلم‪ ،]33 :‬لو كانوا يعلمون ذلك آلمنوا وما ّ‬ ‫ْ َ ُ ََ َ ُ ْ َ َََُْ ْ ُ‬
‫حل بهم العذاب‪.‬‬ ‫العذاب ولعذاب اْلخرة أكبرلو‬

‫ُ ََ َََُ ۡ َََ َ ُ َ‬ ‫اس ِِف َهى َذا ٱ ۡل ُق ۡر َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ولَ َق ۡد َ َ‬


‫ون ‪} ٢٧‬‬‫ُك مثل لعلهم يتذكر‬‫ِ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ان‬
‫ِ‬ ‫ء‬ ‫ض ۡب َنا ل َِلن ِ‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬ولقد ّ‬
‫بينا في هذا القرآن للناس من كل معنى على وجوه مختلفة وعبارات متنوعة ليذكروا‬
‫ويتعظوا به‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫يقرب املعنى إلى األذهان‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬‬ ‫ّ‬
‫ض َر َب لك ْم َمثال م ْن‬ ‫ومن فوائد املثل في القرآن الكريم أنه ّ‬
‫ْ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ضرُب َها للناس َو َما َي ْعقل َها إَل ال َعاَلون}[العنكبوت‪.]43 :‬‬
‫ه‬ ‫ال َن ْ‬ ‫َأ ْن ُفس ُك ْم}[الروم‪ ،]28 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وت ْل َك ْ‬
‫األم َث ُ‬
‫َ‬ ‫َص ۡف َنا ِف َهى َذا ٱ ۡل ُق ۡر َءان ِ ََل َذ َك ُروا َو َما يَز ُ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ولَ َق ۡد َ َ‬
‫يد ُه ۡم إَِّل ُن ُفورا ‪[}٤١‬اإلسراء‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪.]41‬‬

‫َ ُ ۡ ََُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ق ۡر َءانا َع َرب ًّيا غ ۡ َ‬ ‫ُ‬
‫ون ‪} ٢٨‬‬ ‫ري ذِي ع َِوج لعلهم يتق‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬وجعلنا هذا القرآن قرآنا عربيا قيما ال اعوجاجا فيه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬الح ْمد َّلل الذي أنز َل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َْ ْ َ َ َ‬
‫اب َول ْم َي ْج َع ْل ل ُه ع َو َجا ‪ .‬قي ًما}[الكهف‪ ،]1-2 :‬لعلهم يتقون هللا ويخافون عذابه بامتثال‬ ‫على عبد الكت‬
‫أوامره واجتناب نواهيه‪.‬‬

‫َۡ ۡ ُ َ ۡ‬ ‫ُ ََ ُ ُ َ َى ُ َ َ َ ُ َ َ َ ُ َۡ َۡ َ َ ََ‬ ‫َ َ َ َُ ََ َ ُ‬
‫َّللِ بَل‬
‫ان مثل ر ٱلمد ِ ر‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ضب ٱَّلل مثل رجل فِيهِ شكء متشكِسون ورجل سلما لِرج ٍل هل يستوِي ِ‬
‫َ ۡ َُُ ۡ َ ََُۡ َ‬
‫ون ‪} ٢٩‬‬ ‫أكَّثهم َّل يعلم‬

‫َُ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪} ٣٠‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬إِنك َميِت ِإَونهم ميِت‬
‫وإنهم سيموتون‪.‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬إنك أيها الرسول ستموت‪ّ ،‬‬
‫الرسول‬ ‫الص ّديق رض ي هللا عنه عند موت ّ‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬هذه اآلية من اآليات ّالتي استشهد بها ّ‬
‫ُّ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ْ‬
‫الناس موته‪ ،‬مع قوله‪{َ :‬و َما ُم َح هم ٌد إَل َر ُسو ٌل ق ْد خلت م ْن ق ْبله‬
‫تحقق ّ‬‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬حتى ّ‬
‫الر ُس ُل أفإن‬
‫َ َ َْ ُ َ ْ ََُْ ْ ََ َ ْ َ ُ ْ َ َ ْ َْ َ ْ ََ َ َْ ََ ْ َ ُ ه هَ َ ًْ َ َ َ ْ ي هُ ه‬
‫الشاكر َ‬
‫ين}[آل‬ ‫مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر َّللا شيئا وسيجز َّللا‬
‫عمران‪.]144 :‬‬

‫َ َ ُ ۡ ََۡ ُ َ‬ ‫ُ َ ُ َ َ ۡ َ‬
‫ون ‪} ٣١‬‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ث َم إِنك ۡم ي ۡوم ٱلقِيى َمةِ عِند ربِكم َتت ِ‬
‫صم‬

‫ۡ َ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬
‫لص ۡدق إذ َجا َء ُه رۥ أل ۡي َس ِف َج َه َن َم َم ۡثوى ل ِلك ىفِر َ‬ ‫َ َ َ‬‫َ َ‬ ‫ََ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫َ ۡ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ين ‪} ٣٢‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬فمن أظلم ِِّمن كذب لَع ٱَّللِ ووُكذب ب ِٱ ِ ِ ِ‬
‫إلي ولم يوح إليه‪ ،‬أو قال سأنزل مثل ما‬ ‫بأن قال مثال أوحي ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬ال أحد أظلم ممن كذب على هللا ْ‬
‫َ َ ْ َ َْ ُ ه َْ ََ ه َ ً َ ْ َ ُ َ َ ه َ َ ْ ُ َ َ َ‬
‫وح إل ْيه ش ْي ٌء‬ ‫أنزل هللا من القرآن‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ومن أظلم ممن افترى على َّللا كذبا أو قال أوحي إلي ولم ي‬
‫ّ‬ ‫قال َس ُأ ْنز ُل م ْث َل ما َأ ْن َز َل ه ُ‬
‫َو َم ْن َ‬
‫َّللا}[األنعام‪ ،]93 :‬وال أحد أظلم ممن كذب بالحق الذي جاء به الرسول صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪ ،‬أليس في جهنم مأوى للكافرين باهلل وبرسوله‪.‬‬

‫ُ َى َ ُ ُ ۡ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٣٣‬‬ ‫لص ۡد ِق َو َص َدق بِهِۦ أولئِك هم ٱلمتق‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱَّلِي جا َء ب ِٱ ِ‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ََ ُ َ‬ ‫َ‬


‫ِند َرب ِ ِه ۡ رم ذ ىل َِك َج َزا ُء ٱل ُم ۡح ِسن َِي ‪} ٣٤‬‬
‫ون ع َ‬‫قوله تعالى‪{ :‬لهم ما يشاء‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬لهؤالء املؤمنين بالحق ما يشاؤون عند ّربهم في الجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ل ُه ْم َما َيش ُاءون ف َيها‬
‫َ َ‬
‫َول َد ْينا َمز ٌيد}[ق‪ ،]35 :‬ذلك جزاء الذين أحسنوا في أعمالهم‪.‬‬

‫ُ‬
‫ُ َۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ َُ َ‬
‫ون ‪} ٣٥‬‬ ‫َّلل ع ۡن ُه ۡم أ ۡس َوأ ٱَّلِي َع ِملوا َويَ ۡج ِزيَ ُه ۡم أ ۡج َرهم بِأ ۡح َس ِن ٱَّلِي َكنوا يعمل‬ ‫قوله تعالى‪َِ { :‬لك ِفر ٱ‬
‫واملعنى‪ :‬هذا الجزاء؛ ّ‬
‫ليكفر هللا تعالى سيئات ما عملوا في الدنيا‪ ،‬ويجزيهم أجر حسناتهم بأحسن مما‬
‫كانوا يعملونه في الدنيا‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ين نتق هب ُل َع ْن ُه ْم أ ْح َس َن َما َعملوا َونت َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫جاوز َع ْن َسيئاته ْم في‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬أولئك الذ َ‬
‫وع ُدون}[األحقاف‪.]16 :‬‬
‫ْ ه َ ُ ُ َ َ‬
‫ص َحاب ال َجنة َو ْع َد الصدق الذي كانوا ي‬
‫ْ ه‬ ‫َأ ْ‬

‫َ ُ َ َ َُ ۡ َ‬ ‫ََ ُ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََُۡ َُ َ ُ َ َ َ‬ ‫ََۡ َ َُ َ‬


‫اف عبدهۥ ويخوِفونك ب ِٱَّلِين مِن دونِهِرۦ ومن يضل ِِل ٱَّلل فما لۥ مِن هاد ‪} ٣٦‬‬
‫قوله تعالى‪{ :‬أليس ٱَّلل بِك ٍ‬
‫شرهم‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫شر أعدائه؟ بلى‪ّ ،‬إن هللا يكفي عبد من ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬أليس هللا تعالى بكاف عبده من ّ‬
‫ويخوفونك أيها الرسول بآلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون هللا تعالى‪ْ ،‬‬ ‫َّللا}[البقرة‪ّ ،]137 :‬‬ ‫َ َ َْ َ‬
‫يك ُه ُم ه ُ‬
‫ومن‬ ‫{فسيكف‬
‫َ‬ ‫ضلل ه ُ‬‫يضلله هللا عن الدين الحق‪ ،‬فما له من هاد يهديه إلى الحق‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬م ْن ُي ْ‬
‫َّللا فال هاد َي‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ َ َ ۡ َ َ َُ ْ َ ُ ََ ُۡ‬ ‫َ َى ُ َ ۡ‬ ‫ََ َ ۡ َُ َ‬ ‫َُ‬
‫شك َء قل َس ُّموه ۡ رم أ ۡم‬ ‫ُك نفس بِما كسبت وجعلوا َِّللِ‬ ‫ِ‬ ‫لَع‬ ‫م‬‫له}[األعراف‪ ،]186 :‬وقال تعالى‪ { :‬أفمن هو ق ِ‬
‫ئ‬ ‫ا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َۡ ۡ َۡ ُ َ َ َ َ َ ُ َ ۡ ُ ُ‬ ‫ى‬ ‫َ َ‬ ‫َۡ‬
‫ُت َنبُٔٔونَ ُهۥ ب َما ََّل َي ۡعلَ ُ‬
‫يل ومن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫لس‬ ‫ٱ‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫وا‬‫د‬ ‫ص‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫وا‬‫ر‬‫ف‬ ‫ك‬ ‫ِين‬
‫َِّل‬ ‫ل‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫ي‬‫ز‬ ‫ل‬‫ب‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ق‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ر‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ظ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫م‬‫أ‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ۡر‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫ۡ‬
‫َّلل ف َما ُلۥ م ِۡن َهاد ‪[}٣٣‬الرعد‪.]33 :‬‬ ‫يُضل ِِل ٱ‬

‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َّلل ب ِ َع ِزيز ذِي ٱنت ِ َقام ‪} ٣٧‬‬
‫ضل أل ۡي َس ٱ َ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ََ َۡ َُ َ ُ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ومن يه ِد ٱَّلل فما لۥ مِن ِّ ِ ٍ‬
‫ّ ّ‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫مضل يضله عن الحق‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬ ‫ومن يهده هللا تعالى فهو املهتدي إلى الحق وما له من‬
‫َُ َُ َُۡۡ ََ ُ ۡ ۡ ََ َ َ َ‬
‫ُ‬ ‫ش ُه ۡم يَ ۡو َم ٱ ۡلقِ َيى َمةِ َ َ ى‬
‫لَع ُو ُجوهِ ِه ۡم ع ۡميا‬
‫َ َۡ‬
‫َن ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫ت َد ل ُه ۡم أ ۡو َِلَا َء مِن دونِهِۦ و‬ ‫َ‬ ‫ََ َۡ‬
‫ومن يه ِد ٱَّلل فهو ٱلمهت ِد ومن يضلِل فلن ِ‬
‫َُ‬ ‫ۡ‬
‫كما َو ُصما َمأ َوى ى ُه ۡم َج َه َن ُم ُك َما َخ َب ۡت زِ ۡد َنى ُه ۡم َس ِعريا ‪[}٩٧‬اإلسراء‪ ،]97 :‬أليس هللا تعالى بعزيز غالب لكل ش يء‬ ‫َُ ۡ‬
‫وب‬
‫ذي انتقام ملن عصاه بعذاب أليم‪.‬‬
‫َ ۡ ََ َ‬
‫اد ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ََۡ ُ َ ۡ َ َ َ َ َىَى َ ۡ َ َ ََ ُ ُ َ َ ُ ُۡ ََ َ َۡ ُ َ َ ۡ ُ َ‬
‫ن‬ ‫ون ٱَّللِ إِن أر‬
‫ِ‬ ‫د‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫ون‬ ‫َّلل قل أفرءيتم ما تدع‬
‫ت وٱلۡرض َلقولن ٱ ر‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ولئِن سأِلهم من خلق ٱلسمو ِ‬
‫َُ‬ ‫ُۡ َ ۡ َ َُ َ‬ ‫ت َر ۡ َ‬ ‫ََۡ َۡ ُ َ ُ ۡ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َُ ُ َۡ ُ َ َى َ ُ ُ‬
‫َّلل َعل ۡيهِ َي َت َوُك‬ ‫ْحتِهِرۦ قل حس ِب ٱ‬ ‫كى ُ‬ ‫ضه ِۦ أ ۡو أ َراد ِن بِرْح ٍة هل هن ِّمسِ‬
‫ُض هل هن كشِ فىت ِ‬ ‫ٱَّلل ب ِ ٍ‬
‫ََُۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٣٨‬‬ ‫ٱلمتو َِّك‬
‫ليقولن‪ :‬هللا هو الخالق‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫سألت أيها الرسول هؤالء الكفار من خلق السماوات واألرض‪،‬‬ ‫َ‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫ولئن‬
‫بضر فهل آلهتكم التي تعبدونها من دون هللا تستطيع ْأن تمنع عني‬ ‫قل‪ :‬فأخبروني‪ْ ،‬إن أراد هللا تعالى ْأن يصيبني ّ‬
‫عني ما أراده هللا‬ ‫وإن أ اد هللا تعالى ْأن يمنحني نعمة فهل تلك اآللهة تستطيع ْأن تمنع ّ‬ ‫ما أ اده هللا لي من ضر؟ ْ‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫لي من نعمة؟ قل أيها الرسول‪ :‬حسبي هللا‪ ،‬عليه وحده يتوكل املتوكلون‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َْ َ ْ َ هُ ُ َ َ‬
‫ض ٍر فال كاشف ل ُه إَل ُه َو َوإن َي ْم َس ْس َك بخ ْي ٍر ف ُه َو‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬وإن يمسسك َّللا ب‬
‫ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ ۡ َ َُ‬
‫َّلل ب ُ‬ ‫ََ ُ َ ْ َ ٌ‬
‫ُض فل َكشِف ُلۥ إَِّل ه َو ِإَون يُرِد َك ِِب ۡري‬ ‫على كل ش ي ٍء قدير}[األنعام‪ ،]17 :‬وقوله تعالى‪ِ { :‬إَون يمسسك ٱ ِ‬
‫َْ‬
‫ِيم ‪[}١٠٧‬يونس‪ ،]107 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬ما َيفتح‬ ‫ور ٱ َلرح ُ‬‫يب بهِۦ َمن ي َ َشا ُء م ِۡن ع َِبادِه ِۦ َو ُه َو ٱ ۡل َغ ُف ُ‬
‫ص ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ۡ‬
‫فل َراد ل ِفضلِهِرۦ ي ِ‬
‫ََ‬
‫ر‬ ‫ِ‬
‫يم}[فاطر‪.]2 :‬‬ ‫َّللا ل هلناس م ْن َر ْح َمة َف َال ُم ْمس َك َل َها َو َما ُي ْمس ْك َف َال ُم ْرس َل َل ُه م ْن َب ْعد َو ُه َو ْال َعز ُيز ْال َحك ُ‬
‫هُ‬
‫ٍ‬

‫َ ۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬


‫قوله تعالى‪{ :‬قل َي ى َق ۡو ِم ٱ ۡع َملوا ى‬ ‫ُۡ‬
‫ون ‪} ٣٩‬‬ ‫لَع َمَكنتِك ۡم إ ِ ِن ع ى ِمل فسوف تعلم‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قل لهم أيها الرسول‪ :‬يا قومي اعملوا على طريقتكم‪ ،‬فإني عامل على طريقتي‪ ،‬وانتظروا ما يأتي‬
‫َ َ َ ُ ه‬ ‫َُ ْ ه َ َ ُْ ُ َ ْ ُ‬
‫اع َملوا َعلى َمكانتك ْم إنا‬ ‫به هللا من عذاب‪ ،‬فإني منتظر معكم ذلك‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وقل للذين َل يؤمنون‬
‫َ‬ ‫ه َْ‬ ‫َْ‬ ‫ُ َ‬
‫َعاملون ‪َ .‬و انتظ ُروا إنا ُمنتظ ُرون}[هود‪ ،]121-122 :‬فسوف تعلمون‪.‬‬

‫ُّ‬ ‫َ َ ُّ َ َ ۡ َ َ‬ ‫ُۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َۡ‬


‫قوله تعالى‪{ :‬من يأتِيهِ عذاب يزِيهِ وي ِحل عليهِ عذاب مقِيم ‪} ٤٠‬‬
‫ويحل عليه عذاب‬ ‫ّ‬ ‫من يأتيه عذاب يهينه في الحياة الدنيا‪،‬‬‫واملعنى‪ :‬فسوف تعلمون عند نزول العذاب ْ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ ْ َْ ْ ُ‬
‫اع َملوا َعلى َمكانتك ْم‬ ‫مقيم في اآلخرة‪ ،‬وتعلمون َمن الذي تكون له العاقبة الحسنى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬قل يا قوم‬
‫إني عام ٌل َف َس ْو َف َت ْع َل ُمو َن َم ْن َت ُكو ُن َل ُه عاق َب ُة ه‬
‫الدار}[األنعام‪.]135 :‬‬

‫ض ُّل َعلَ ۡي َها َو َما أَ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ‬ ‫َۡ َ َ ۡ َ َ ى َ َ ۡ‬ ‫َ َ ََۡ َ َۡ َ‬


‫ك ٱ ۡلك َِتى َ‬
‫ب ل َِلن ِ‬
‫نت‬ ‫ى فل ِنفسِ هِۦ َومن ضل فإِن َما ي ِ‬ ‫اس ب ِٱل ِق فم ِن ٱهتد‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬إِنا أنزلا علي‬
‫ِيل ‪}٤١‬‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ‬
‫علي ِهم بِووُك ٍ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنا أنزلنا عليك أيها الرسول القرآن الكريم للناس أجميعن ملتبسا بالحق الذي ال يحوم حوله‬
‫َْ‬
‫اط ُل ِم ْن َب ْي ِن َي َد ْي ِه َوال ِم ْن خل ِف ِه}[فصلت‪ ،]42 :‬فمن اهتدى إلى الحق واتبع‬ ‫َ َْ َْ‬
‫باطل‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ال يأ ِت ِيه الب ِ‬
‫َّ‬ ‫ضل واتبع طريق الباطل فإنما ّ‬ ‫ومن ّ‬ ‫فإنما يهتدي لنفسه‪ْ ،‬‬ ‫ّ‬
‫يضر نفسه‪ ،‬وما أنت عليهم بموكل على‬ ‫طريقه‪،‬‬
‫َ ُ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َى ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬
‫أمورهم‪ ،‬فإنما عليك البالغ‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَون َما نرِيَ َنك َب ۡعض ٱَّلِي نعِدهم أو نتوفينك فإِنما عليك ٱللغ‬
‫اب ‪ّ ٤٠‬‬ ‫َ َ ََۡ ۡ‬
‫ل ِ َس ُ‬
‫}[الرعد‪.]40 :‬‬ ‫وعلينا ٱ‬

‫ُ‬ ‫ض َعلَ ۡي َها ٱل ۡ َم ۡو َ‬ ‫ََ َ َُۡ ُ َ‬


‫سِك ٱل ِت قَ َ ى‬ ‫ِي َِّ ۡوت َِها َوٱ َلت ل َ ۡم َت ُم ۡ‬ ‫َُ َََ َ َۡ ُ‬
‫ت َويُ ۡرسِل‬ ‫ت ِِف مناِِّها فيم‬ ‫ِ‬
‫نف َس ح َ‬ ‫قول تعال‪{ :‬ٱَّلل يتوف ٱل‬
‫َى َ َ ى َ ۡ َ َ َ َ ُ َ‬ ‫ۡ ُ ۡ َ ى َ ى َ َ ُّ َ ًّ َ‬
‫ٱلخرى إِل أجل ِّسم إِن ِِف ذل ِك ٓأَليت ل ِقوم يتفكرون ‪} ٤٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬هللا تعالى هو الذي يقبض األنفس حين موتها بانقضاء أجلها‪ ،‬ويقبض األنفس التي لم تمت في‬
‫منامها‪ ،‬فيمسك هللا األنفس التي قض ى عليها املوت الحقيقي‪ ،‬ويرسل األنفس األخرى النائمة إلى أجسادها‬
‫ّ‬
‫حين اليقظة إلى أجل مسمى‪ّ ،‬إن في ذلك املذكور آليات واضحات على قدرة هللا تعالى لقوم يتفكرون‪.‬‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬وه َو اَّلِي َي َت َوفاكم بِاللي ِل َويَعل ُم َما َج َرح ُتم بِالَ َهارِ ث َم َيب َعثكم فِيهِ‬
‫ُ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫ج ُعكم ث َم يُنبِئُكم ب ِ َما كن ُتم تع َملون َوه َو القاه ُِر فوق ع َِبادِه ِ َويُرسِل َعليكم‬ ‫َ َ َ ُ َ ًّ ُ َ َ َ‬
‫َِلُقض أجل ِّسم ثم إَِلهِ ِّر ِ‬
‫َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َ ُ َََ ُ ُ ُ َُ َ ُ َ َُ ُ َ‬
‫ون}[األنعام‪.]61-60 :‬‬ ‫حفظة حت إِذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم َّل يف ِرط‬

‫ََ َۡ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ َ َ َ ُۡ ََ َۡ َ ُ َ َ ۡ ُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ ُ‬


‫قوله تعالى‪{ :‬أ ِم ٱَتذوا مِن د ِ‬
‫ون ٱَّللِ شفعاء ر قل أولو َكنوا َّل يمل ِكون يشٔٔا وَّل يعقِلون ‪} ٤٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬بل هل اتخذ هؤالء املشركون من دون هللا تعالى آلهة شفعاء تشفع لهم عند هللا؟ قل لهم أيها‬
‫الرسول‪ :‬كيف تتخذون تلك اآللهة الباطلة شفعاء لكم‪ ،‬وهم ال يملكون لكم شيئا من الضر وال النفع‪ ،‬كما‬
‫َ َ َ َ ُ َ ُ َ ًّ َ‬
‫ضا َوَّل َنفعا}[املائدة‪ ،]76 :‬وهم ال يعقلون‬ ‫ُ‬ ‫ُ ََ ُُ َ‬
‫ون اَّللِ ما َّل يمل ِك لكم‬
‫قال تعالى لرسوله‪{ :‬قل أتعبدون مِن د ِ‬
‫شيئا‪.‬‬

‫َ ۡ ُۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ‬


‫ُ ُ ُ‬
‫كٱ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ون ‪} ٤٤‬‬ ‫لسمى َو ى ِ‬
‫ت َوٱلۡر ِض ثم إَِلهِ ترجع‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬قل َِّللِ ٱلشفى َعة ۡجِيعا لۥ ِّل‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬هلل وحده الشفاعة جميعا‪ ،‬وال يتقدم بالشفاعة إال ملن ارتض ى هللا شفاعته‬
‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ َ ى َ َ ُ َ ۡ َ ُّ ۡ َ ُّ ُ َ َ ۡ ُ ُ ُ َ َ َ َ ۡ َ‬
‫ت وما ِِف ٱلۡر ِض من‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫له‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱَّلل َّل إِله إَِّل هو ٱلح ٱلقيوم ر َّل تأخذهۥ سِنة وَّل نوم ر لۥ ما ِِف ٱلسمو ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ َ ُ َ َۡ َ َۡ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ ُ ُ َ‬
‫ون ب ِ َ ۡ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ َ‬
‫شء م ِۡن عِل ِمهِۦ إَِّل ب ِ َما شا َء ر َوس َِع‬ ‫ِندهُۥ إَِّل بِإِذنِهِرۦ يعلم ما بي أيدِي ِهم وما خلفهم وَّل يِيط‬ ‫ذا ٱَّلِي يَشف ُع ع‬
‫َل ٱ ۡل َع ِظ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ َ َ‬ ‫ُك ۡرس ُِّي ُه ٱ َ َ‬
‫َ َ‬
‫يم ‪[} ٢٥٥‬البقرة‪ ،]255 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وَّل تنف ُع‬ ‫ودهُۥ ح ِۡف ُظ ُه َما ر َو ُه َو ٱل َع ِ ُّ‬
‫ُ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ت َوٱلۡرض َوَّل َئُٔ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َُ‬
‫اعة عِن َدهُ إَِّل ل َِمن أذ َِن ُل}[سبأ‪ ،]23 :‬له تعالى ملك السماوات واألرض‪ ،‬ثم إليه وحده ترجعون يوم‬ ‫الشف‬
‫القيامة‪.‬‬
‫ِإَوذا ُذك َِر ٱ ََّل َ‬
‫ِين مِن ُدونِهِۦ إ َذا ُهمۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َُ َ ۡ َُ ۡ َََ ۡ ُُ ُ َ َ َ ُۡ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ{ :‬إَوذا ذكِر ٱَّلل وحده ٱشمأزت قلوب ٱَّلِين َّل يؤمِنون ب ِٱٓأۡلخِرة‬
‫َۡ َۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٤٥‬‬ ‫يستب ِش‬
‫واملعنى‪ :‬وإذا ذكر هللا وحده وقيل لهم ال إله إال هللا انقبضت قلوب الذين ال يؤمنون باآلخرة‬
‫َُ َ َ ُ َ‬ ‫َ َ ُ َ َ َ َ َ‬
‫ون}[الصافات‪ ،]35 :‬وإذا ذكرت اآللهة‬‫واستكبرت‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِن ُهم َكنوا إِذا قِيل ل ُهم َّل إ ِ َل إَِّل اَّلل يستك ِب‬
‫الباطلة من دون هللا تعالى إذا يفرحون ويسرون‪.‬‬

‫َ ُ‬ ‫َ ُ َ َ َ َ َىَى َ ۡ َ ِ َى َ ۡ َ ۡ َ َ َى َ ِ َ َ َۡ ُ‬
‫ك ُم بَ ۡ َ‬ ‫ُ‬
‫ي ع َِباد َِك ِِف َما َكنوا فِيهِ‬ ‫ب وٱلشهدة أنت ت‬ ‫ت وٱلۡرض عل ِم ٱلغي ِ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬ق ِل ٱللهم فاطِر ٱلسمو ِ‬
‫ََۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٤٦‬‬ ‫يتل ِف‬
‫عالم كل ش يء مما غاب عن العباد‬ ‫فاطر السماوات واألرض‪ ،‬ويا َ‬ ‫َ‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬اللهم يا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ومما يشاهدونه‪ ،‬ال يخفى عليه ش يء منه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إ َن َ َ‬
‫اَّلل َّل يَف َعليهِ يشء ِِف الر ِض َوَّل ِِف‬ ‫ِ‬
‫أنت تحكم وتفصل بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون في الدنيا‪.‬‬ ‫َ‬
‫الس َماءِ}[آل عمران‪َ ،]5 :‬‬

‫ِين َظلَ ُموا َما ِف ٱ ۡلَۡر ِض َۡجِيعا َوم ِۡث َل ُهۥ َم َع ُهۥ َّل ۡف َت َد ۡوا بهِۦ مِن ُسو ِء ٱ ۡل َع َذاب يَ ۡو َم ٱ ۡلقِ َيى َمةِ َوبَداَ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َ ۡو أَ َن ل ََِّل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َُ َ َ َ َۡ َ ُ ُ ََۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٤٧‬‬ ‫سب‬‫لهم مِن ٱَّللِ ما لم يكونوا يت ِ‬
‫جميع ما في األرض من أموال وخيرات ومنافع وملكوا‬ ‫َ‬ ‫واملعنى‪ :‬ولو ّأن هؤالء املشركين الظاملين ملكوا‬
‫لن يتقبل منهم‬ ‫ولكن هللا تعالى ْ‬ ‫ضعفه معه‪ ،‬الفتدوا به ليخلصوا به أنفسهم من سوء عذاب هللا يوم القيامة‪ّ ،‬‬
‫اب يَو ِم‬‫ذ‬
‫َ َ‬
‫ع‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫وا‬‫د‬‫ك َف ُروا لَو أَ َن ل َ ُهم َما ِف الر ِض َۡجِيعا َومِثلَ ُه َم َع ُه َِلَف َت ُ‬
‫َ َ َ َ‬
‫الفداء‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِن اَّلِين‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫الق َي َامةِ َما ُت ُقب َل مِن ُهم َول َ ُهم َع َذاب أ َِلم}[املائدة‪ ،]36 :‬وظهر لهم يومئذ من أنواع العذاب ّ‬
‫املعد لهم ما لم يكونوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يحتسبون فظيعته‪.‬‬

‫َۡ َۡ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وبَ َدا ل ُه ۡم َسَٔٔ ُ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٤٨‬‬ ‫ات َما ك َس ُبوا َو َحاق ب ِ ِهم َما َكنوا بِهِۦ يسته ِزء‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫العذاب الذي كانوا‬ ‫واملعنى‪ :‬وظهر لهم جزاء سيئات ما اكتسبوه في الدنيا‪ ،‬وأحاط بهم من كل جانب‬
‫َ َ ُ َ‬
‫ون}[النحل‪:‬‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ات َما َع ِملوا َو َحاق ب ِ ِهم َما َكنوا بِهِ يسته ِزئ‬‫اب ُهم َسيئَ ُ‬‫يستهزئون به قبل وقوعه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فَأَ َص َ‬
‫ِ‬
‫‪.]34‬‬

‫كنَ‬ ‫ى‬ ‫َ َ َ َ ۡ َ ى َ ُ َ َ َ ُ َ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ َ َ َ ُ ُ ُ َ َى ۡ َ ۡ َ ۡ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬فإِذا ِّس ٱ ِإلنسن ض دَعنا ثم إِذا خولنىه ن ِعمة مِنا قال إِنما أوت ِيتهۥ لَع عِلمٔر بل ِه ف ِتنة ول ِ‬
‫َ ۡ ََُ ۡ َ ََُۡ َ‬
‫ون ‪} ٤٩‬‬ ‫أكَّثهم َّل يعلم‬
‫واملعنى‪ :‬فإذا أصاب اإلنسان ضر عن طريق املرض أو الفقر أو غيرهما َدعانا بإلحاح وتضرع لكشف‬
‫يض}[فصلت‪ ،]51 :‬فأكثر في الدعاء‪ّ ،‬‬ ‫َ َ َ ُ َ ُّ َ ُ ُ َ َ‬
‫ثم إذا كشفنا عنه‬ ‫ذلك عنه‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ{ :‬إَوذا ِّسه الش فذو دَع ٍء ع ِر ٍ‬
‫َ َ َ ۡ َ ى َ ُّ ُّ َ َ‬
‫لُض د ََعنا‬ ‫ضره‪ ،‬ومنحناه نعمة تفضال منا نس ي ما كان يدعو إليه من قبل‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَوذا ِّس ٱ ِإلنسن ٱ‬ ‫ّ‬
‫َ ُ‬ ‫ض َِّ َس ُهۥ َك َذ ىل َِك ُزي َن ل ِۡل ُم ّۡسف َ‬‫َ َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ ُ ُ َ ُ َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ َى ُ‬ ‫َۡ َ‬ ‫َۡ َ‬
‫ِي َما َكنوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ا‬‫ن‬ ‫ع‬ ‫د‬‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ن‬‫أ‬‫ك‬ ‫ر‬‫ِّ‬ ‫ۥ‬ ‫ه‬‫ض‬ ‫ه‬‫ن‬ ‫ع‬ ‫ا‬‫ن‬ ‫ف‬‫ش‬ ‫ك‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ل‬‫ف‬ ‫ا‬‫م‬‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫ِد‬
‫ع‬ ‫ا‬ ‫َِ‬
‫لۢنبِهِۦ أو ق‬
‫ون ‪[}١٢‬يونس‪ ،]12 :‬وقال ّإنما أوتيته على علم عندي‪ ،‬بل هذه النعمة امتحان له‪ ،‬أيشكر أم يكفر‪ّ ،‬‬ ‫َۡ َُ َ‬
‫ولكن‬ ‫يعمل‬
‫أكثر الناس ال يعلمون‪.‬‬

‫َۡ ۡ َ َ َ ۡ َى َ ۡ ُ َ َ ُ َ ۡ ُ َ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬قَ ۡد قَال َ َها ٱ ََّل َ‬


‫ون ‪} ٥٠‬‬ ‫ِين مِن قبل ِ ِهم فما أغن عنهم ما َكنوا يكسِ ب‬
‫َ َ َ‬
‫واملعنى‪ :‬قد قال هذه الكلمات الذين من قبلهم كقارون‪ ،‬كما حكى هللا تعالى عنه في قوله‪ { :‬قال إِن َما‬
‫َ ۡ ُ َ َ َ ُّ ۡ ُ ُ َ َ َ ۡ َ ُ َ ۡ‬ ‫ََ َۡ َ ۡ َۡ َ َ ََ َۡ َ ۡ َ َ‬
‫ك مِن مِن َق ۡبلِهِۦ م َِن ٱ ۡل ُق ُ‬ ‫ُ ُ ُ َ َى ۡ‬
‫َّث ۡجعا ر‬ ‫ون من هو أشد مِنه قوة وأك‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ل‬‫ه‬ ‫أ‬ ‫د‬‫ق‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫و‬‫أ‬ ‫ِي‬‫د‬ ‫ِن‬
‫ع‬ ‫م‬
‫أوت ِيتهۥ لَع ع ٍ‬
‫ِل‬
‫ُ َ ُُ ُ ُۡ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪[}٧٨‬القصص‪ ،]78 :‬فما أغنى عنهم حين نزول العذاب ما كانوا يكسبون‬ ‫َوَّل ي ُ ۡسَٔٔل عن ذنوب ِ ِهم ٱلمج ِرِّ‬
‫من متاع الدنيا‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫يب ُه ۡم َسَٔٔ ُ‬


‫ات َما ك َس ُبوا َو َما هم‬ ‫ص ُ‬ ‫َى ُ َ‬ ‫ُ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ‬ ‫ََ َ َُ ۡ َ‬
‫ِ‬ ‫ِين ظل ُموا م ِۡن هؤَّل ِء َس ُي ِ‬‫سَٔٔات ما كسب روا وٱَّل‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬فأصابهم ِ‬
‫ب ُم ۡعجز َ‬
‫ين ‪} ٥١‬‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫العذاب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فَأ َص َ‬
‫ات َما َع ِملوا‬‫اب ُهم َسيئَ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫واملعنى‪ :‬فنزلت بهم عقوبة أعمالهم السيئة‪ ،‬وأحاط بهم‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ون}[النحل‪ ،]34 :‬والذين ظلموا من كفار مكة سينزل بهم عقوبة أعمالهم‬ ‫َو َحاق ب ِ ِهم َما َكنوا بِهِ يسته ِزئ‬
‫ّ‬
‫السيئة‪ ،‬فما هم بمستطيعين الهروب من عذابه‪ ،‬ألنه تعالى ال يعجزه ش يء‪.‬‬

‫َ ۡ ُۡ ُ َ‬ ‫ى‬ ‫َى َ َ‬ ‫ۡ َ َ ََ ُ َ َۡ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َۡ َ ۡ َُ َ َ َ‬


‫قوله تعالى‪{ :‬أو لم يعلموا أن ٱَّلل يبسط ٱ ِلرزق ٱلرِزق ل ِمن يشاء ويقدِر ر إِن ِِف ذل ِك ٓأَليت ل ِقوم يؤمِنون ‪} ٥٢‬‬
‫من‬‫ويضيقه على ْ‬ ‫ّ‬ ‫من يشاء من عباده‪،‬‬ ‫يوسع الرزق على ْ‬ ‫يعلم هؤالء الكفار ّأن هللا تعالى ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬أولم ْ‬
‫ۡ َ َ ى ُّ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َۡ ُ ُ‬
‫ل َي ىوة ٱ َُّلن َيا ِِف ٱٓأۡل ِ‬
‫خ َرة ِ‬ ‫لر ۡزق ل َِمن يَشا ُء َويَقد ُِر ر َوف ِر ُحوا ب ِٱليوة ِ ٱَلنيا وما ٱ‬
‫يشاء منهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱَّلل يبسط ٱ ِ‬
‫َ‬
‫إَِّل َم َتىع ‪[}٢٦‬الرعد‪ّ ،]26 :‬إن في ذلك املذكور آليات واضحة على رحمة هللا وحكمته لقوم يؤمنون‪.‬‬

‫َ ُ‬ ‫َ ۡ َ َ َ َ َ َ ۡ ُ ُّ ُ َ َ‬ ‫ُۡ َى َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ َى َ ُ‬
‫نفسِ ه ۡم ََّل َت ۡق َن ُ‬
‫وب ۡجِيعا ر إِن ُهۥ ه َو‬ ‫َّللِ إِن ٱَّلل يغفِر ٱَّلن‬
‫ر‬ ‫ٱ‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ْح‬‫ر‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫وا‬ ‫ط‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬قل يعِبادِي ٱَّلِين أسفوا لَع أ‬
‫ٱ ۡل َغ ُف ُ‬
‫ور ٱ َلرح ُ‬
‫ِيم ‪}٥٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لعبادي الذين تمادوا في املعاص ي‪ :‬يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم بإتيان‬
‫يتب منه‬‫املعاص ي والذنوب‪ ،‬ال تيأسوا من رحمة هللا تعالى‪ّ ،‬إن هللا يغفر الذنوب جميعا إال الشرك الذي لم ْ‬
‫َ‬
‫تى‬‫اَّللِ َف َق ِد اف َ َ‬
‫َ‬
‫شك ِب‬ ‫ون َذل َِك ل َِمن ي َ َش ُ‬
‫اء َو َمن ي ُ‬ ‫ََ ُ َ ُ َ‬
‫د‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ر‬‫ف‬
‫ِ‬ ‫غ‬ ‫ي‬‫و‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫شَ‬
‫ك‬ ‫اَّلل ََّل َيغفِ ُر أن ي ُ َ‬
‫صاحبه؛ لقوله تعالى‪{ :‬إ َن َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َََ‬ ‫َ ََ َََ َُ ََ‬ ‫َ‬
‫إثما َعظيما}[النساء‪ ،]48 :‬وقوله تعالى‪{ :‬إن ُه َمن يُشك باَّللِ فقد حرم اَّلل عليهِ النة}[املائدة‪ ،]72:‬إن هللا هو‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الغفور لذنوب عباده التائبين‪ ،‬الرحيم بهم‪.‬‬
‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫وال تعارض بين هذه اآلية قوله تعالى‪َّ { :‬ل َج َر َم أن َما تَ ۡد ُعون ِن إ ِ َۡلهِ ل ۡي َس ُلۥ َد ۡع َوة ِِف ٱ َُّلن َيا َوَّل ِِف ٱٓأۡلخ َِرة ِ‬
‫َوأَ َن َِّ َر َدنَا إ َل ٱ ََّللِ َوأَ َن ٱل ۡ ُم ّۡسف َِي ُه ۡم أَ ۡص َحى ُب ٱلَار ‪[}٤٣‬غافر‪]43 :‬؛ ّ‬
‫ألن اإلسراف في هذه اآلية هو اإلسراف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باملعاص ي والذنوب دون الكفر والشرك‪ّ ،‬‬
‫وأما اإلسراف في سورة غافر هو اإلسراف بالكفر‪.‬‬

‫َۡ َ َۡ َ ُ ُ ۡ َ َ ُ ُ َ َ ُ َ ُ َ‬
‫ون ‪َ ٥٤‬وٱتَب ُعوا أَ ۡح َس َن ماَ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ َى َ ُ ۡ َ َ ۡ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬وأن ِيبوا إِل ربِكم وأسل ِموا لۥ مِن قب ِل أن يأتِيكم ٱلعذاب ثم َّل تنُص‬
‫َۡ َ َۡ َ ُ ُ ۡ َ َ ُ َ ۡ َ ََ ُ ۡ َ َۡ ُ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ َ ُ‬
‫كم مِن قب ِل أن يأتِيكم ٱلعذاب بغتة وأنتم َّل تشعرون ‪} ٥٥‬‬ ‫نزل إ ِ َۡلكم مِن ر ِب‬
‫أ ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬


‫قوله تعالى‪{ :‬أن َت ُقول َنفس َي ى َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خر َ‬
‫ين ‪} ٥٦‬‬ ‫ُ َ َى‬ ‫َ‬ ‫ت ى َ َ ُ‬ ‫ح ۡ َ‬
‫ّس ى‬
‫ب ٱَّللِ ِإَون كنت ل ِمن ٱلس ِ ِ‬
‫لَع ما فرطت ِِف جۢن ِ‬
‫رت‬‫قص ُ‬ ‫واملعنى‪ :‬أنيبوا إلى رّبكم وأسلموا له واحذروا ْأن تقول نفس مفرطة في التوبة‪ :‬يا حسرتي على ما ّ‬
‫وإنما ُ‬ ‫ّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫فيه وعلى ما ّ‬
‫كنت في الدنيا من املستهزئين بتعاليم هللا‬ ‫عت في الدنيا من العمل بما أمر هللا تعالى‪،‬‬
‫تعالى‪.‬‬
‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬يأتي املقصر يوم القيامة بثالثة أشياء‪:‬‬
‫أولها‪ :‬الحسرة على التفريط في الطاعة‪ ،‬وأنه ما كان إال من املستهزئين بالقرآن وبالرسول وبأولياء هللا‬
‫املؤمنين في الدنيا‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َُ ُ‬
‫ول اَّل َ‬
‫ِين‬ ‫ثانيها‪ :‬التعلل بفقد الهداية‪ ،‬وهذا قريب من احتجاج املشركين فيما أخبر هللا عنه‪{ :‬سيق‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫شاء َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫آباؤنا َوَّل َح َرمنا مِن يش ٍء}[األنعام‪ ]148 :‬فهي كلمة حق أريد بها باطل‪.‬‬ ‫شوُكنا َوَّل‬
‫اَّلل ما أ َ‬ ‫شوُكوا لو َ‬
‫أ َ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ َ ُ َ‬
‫ون‪ ،‬ل َع َِل أع َمل‬
‫ِ ِ‬
‫قال‪َ :‬رب ارج ُ‬
‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ثالثها‪ :‬تمني الرجعة إلى الدنيا‪ ،‬كما قال‪َ { :‬ح َت إِذا جاء أحدهم الموت‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫صالا فِيما تَ َروُك ُت‪ ،‬لَك‪ ،‬إِنَها ُك َِمة ُه َو قائِلها}[املؤمنون‪.]99-100 :‬‬
‫ِ‬

‫نت م َِن ٱل ۡ ُم َت ِق َ‬
‫ك ُ‬‫َۡ َ ُ َ َۡ َ َ َ َ َ َ ى َ ُ‬
‫ي ‪} ٥٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أو تقول لو أن ٱَّلل هدى ِن ل‬

‫ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬أ ۡو َت ُقول ح َ‬
‫ِي تَ َرى ٱل َعذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون م َِن ٱل ُم ۡحسِ ن َِي ‪} ٥٨‬‬ ‫اب ل ۡو أن ِل ك َرة فأك‬
‫واملعنى‪ :‬أو ْأن تقول نفس حين ترى العذاب‪ ،‬ليت لي رجعة أخرى إلى الدنيا‪ ،‬فأكون من الذين أحسنوا‬
‫أعمالهم وأطاعوا هللا ورسوله‪.‬‬
‫َ ُّ‬
‫وقد أخبر هللا تبارك وتعالى أنهم لو رجعوا إلى الدنيا لعادوا لكفرهم وعنادهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولو ُردوا‬
‫ّ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ون}[األنعام‪.]28 :‬‬ ‫ل َعادوا ل َِما ن ُهوا عن ُه ِإَون ُهم لَكذِب‬

‫َ َ َ ۡ َ َۡ َ َ َى َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َۡ َ َ ُ َ َ ۡ َ‬
‫ك ىفِر َ‬
‫ين ‪} ٥٩‬‬‫ِ‬ ‫َل قد جاءتك ءاي ِت فكذبت بِها وٱستكبت ووُكنت مِن ٱل‬‫قوله تعالى‪ { :‬ب ى‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ‬


‫وه ُهم ُِّّ ۡس َو َدة ر أل ۡي َس ِف َج َه َن َم َم ۡثوى ل ِل ُم َتكب َ‬
‫َ ُ ُ ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ويَ ۡو َم ٱلقِ َيى َمةِ تَ َرى ٱَّل َ‬
‫ين ‪} ٦٠‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِين كذبُوا لَع ٱَّللِ وج‬
‫واملعنى‪ :‬يوم القيامة ترى أيها الرسول هؤالء الكاذبين على هللا في نسبتهم إليه الشريك والولد وما ال‬
‫ك َفر ُتم َبعدَ‬‫ُ ُ ُُ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َََ َ‬ ‫ّ‬
‫مسودة لكذبهم وكفرهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فأما اَّلِين اسودت وجوههم أ‬ ‫يليق به وجوههم‬
‫َ ُ‬
‫ِكم}[آل عمران‪ ،]106 :‬أليس في جهنم مأوى يستقر فيه هؤالء الكافرون املتكبرون املفترون عليه‬ ‫إِيمان‬
‫الكذب؟‬

‫َ ُ َ َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ َ ُّ ُ ُ ُّ ُ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٦١‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ويُ َن ِج ٱَّلل ٱَّلِين ٱتقوا بِمفازت ِ ِهم َّل يمسهم ٱلسوء وَّل هم يزن‬
‫َ َ ََ‬ ‫ُ ُ‬
‫واملعنى‪ :‬وينجي هللا تعالى الذين اتقوا ربهم‪ ،‬بنجاتهم من النار‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ث َم ن َن ِج ٱَّل‬
‫ِين ٱتقوا‬
‫يف َ‬ ‫َى‬
‫لظلِم َ‬ ‫ََ‬
‫ِيها ِجثِيا ‪[} ٧٢‬مريم‪ ،]72 :‬ال يمسهم من عذاب جهنم ش يء من السوء وال هم يحزنون ع على ما‬ ‫َونذ ُر ٱ ِ‬
‫تركوه من لذات الدنيا ونعيمها‪.‬‬

‫ۡ َ َُ‬ ‫َ‬
‫َُ َ ُ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يشء َووُك ِيل ‪} ٦٢‬‬
‫لَع ُك ۡ‬
‫ُك يشء وهو ى ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلل خ ىل ِق ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هللا تعالى خالق كل ش يء من خير وشر‪ ،‬وهللا تعالى على كل ش يء وكيل وحفيظ له‪.‬‬
‫َ ُُ ُ َ َُ ََ ُ َ‬ ‫َ ُ ُ َ ُ َ ُّ ُ َ َ َ َ ُ َ َ ُ ُ َ‬
‫ُك يش ٍء‬
‫ُك يش ٍء فاعبدوه وهو لَع ِ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ذل ِكم اَّلل ربكم َّل إِل إَِّل هو خال ِق ِ‬
‫َووُك ِيل}[األنعام‪.]102 :‬‬

‫َ ُ َى َ ُ ُ ۡ َ ى ُ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َ ََ‬ ‫َۡ‬ ‫اَل ُد ٱ َ َ‬ ‫َ َ‬


‫ون ‪} ٦٣‬‬ ‫ِين كف ُروا ب ِأي ى ِ‬
‫ت ٱَّللِ أولئِك هم ٱلخ ِّس‬ ‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ت َوٱلۡر ِض وٱَّل‬ ‫قوله تعالى‪ُ { :‬لۥ َمق ِ‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬هلل وحده مفاتيح خزائن السماوات واألرض يتصرف فيهما ما يشاء‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َِّللِ‬
‫ات َوالر ِض}[املنافقون‪ ،]7 :‬والذين كفروا بآيات هللا من القرآن ودالئل قدرة هللا تعالى‪ ،‬أولئك‬ ‫َخ َزائ ُن َ‬
‫الس َم َ‬
‫او ِ‬ ‫ِ‬
‫هم الخاسرون أنفسهم‪.‬‬
‫َ ۡ ُ ُ َ ُّ َ ۡ َ ى ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُۡ ََ َ َۡ َ َۡ‬
‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل أفغري ٱَّللِ تأِّرو ِن أعبد أيها ٱلج ِهلون ‪}٦٤‬‬
‫واملعنى‪ :‬فقل أيها الرسول لهؤالء املشركين‪ :‬أغير هللا تأمروني أيها الجاهلون ْأن أعبد‪ ،‬فال تصلح‬
‫العبادة إال هلل وحده‪.‬‬
‫َ ًّ َ ُ َ َ ُّ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ َ‬‫َ‬
‫ُك يش ٍء}[األنعام‪.]164 :‬‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬قل أغري اَّللِ أب ِغ ربا وهو رب ِ‬

‫َ‬ ‫ى‬ ‫َۡ َ َ ۡ َ ۡ َۡ َ ََ ۡ ََ َ َ َ ُ َ َ ََ ُ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ۡ ُ َ َۡ َ َ َ‬


‫ّسين ‪} ٦٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولقد أ ِ‬
‫وح إَِلك ِإَول ٱَّلِين مِن قبل ِك لئِن أشوُكت َلحبطن عملك وِلكونن مِن ٱلخ ِ ِ‬
‫أشركت لبطل وسقط عنك‬ ‫َ‬ ‫واملعنى‪ :‬ولقد أوحى هللا تعالى إليك أيها الرسول وإلى الرسل من قبلك ْ‬
‫لئن‬
‫ولتكونن من الخاسرين أنفسهم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ألن اإلشراك يحلط ثواب العمل‪،‬‬ ‫ثواب عملك‪ّ ،‬‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫ش ُوُكوا َ َ‬
‫لب ِ َط عن ُهم َما‬ ‫اء مِن ع َِبا ِده ِ َولَو أ َ‬
‫اَّللِ َيهدِي بهِ َمن ي َ َش ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ونظيرهذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ذل ِك ه َدى‬
‫ِ‬
‫ُ َ َ َ‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫ون}[األنعام‪.]88 :‬‬ ‫َكنوا يعمل‬

‫َ َى‬ ‫َ ََ ۡ‬‫ُ‬ ‫َ‬


‫لشكِر َ‬
‫ين ‪}٦٦‬‬ ‫ِ‬ ‫َّلل فٱع ُب ۡد َووُكن مِن ٱ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ب ِل ٱ‬
‫وكن من الشاكرين له على نعمه التي ال‬ ‫اجعل أيها الرسول عبادتك هلل تعالى وحده‪ْ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬بل‬
‫تحص ى‪.‬‬
‫َّ‬
‫العطية الكبرى باالشتغال بخدمة‬ ‫وقد أمر هللا تعالى الرسول صلى هللا عليه وسلم بعد ْأن أعطاه‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫بالعطية‪ ،‬ونظير هذه اآلية قوله تعالى ملوس ى عليه السالم‪{ :‬فخذ َما آتي ُتك َووُكن م َِن‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫بالفرح‬ ‫املعطي ال‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫الشاكِر َ‬
‫ين}[األعراف‪.]144 :‬‬ ‫ِ‬

‫َ ۡ َ ُ ُ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ َ ُ َ ۡ َى ُ‬
‫ت ب َيمينهِۦ ُس ۡب َ‬ ‫َ َۡ ُ َ‬ ‫ََ َ َ َۡ‬ ‫ََ ََ ُ‬
‫حى َن ُهۥ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وما قدروا ٱَّلل حق قدرِه ِۦ وٱلۡرض ۡجِيعا قبضتهۥ يوم ٱلقِيىمةِ وٱلسم ىو ىت مطوِي ِ ِ ِ ر‬
‫َ َ َ ى َى َ َ ُ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٦٧‬‬ ‫شوُك‬
‫وتعَل عما ي ِ‬
‫عظم املشركون َ‬ ‫ّ‬
‫هللا حق تعظيمه‪ ،‬حين عبدوا معه إلها آخر‪ ،‬وهللا الذي في قبضته جميع‬ ‫واملعنى‪ :‬وما‬
‫ََ‬ ‫ُُ‬ ‫َ َ َ ََ‬ ‫َ‬
‫ب كم ا‬
‫ج ِل ل ِلكت ِ‬ ‫األرض يوم القيامة‪ ،‬والسماوات مطويات بيمينه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يَو َم نطوِي السماء كط ِي ِ‬
‫الس ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫بَ َدأنَا أَ َو َل َخلق نُعِ ُ‬
‫يدهُ َوعدا َعلي َنا إِنَا ك َنا فا ِعل َِي}[األنبياء‪ ،]104 :‬سبحان هللا وتعالى علوا كبيرا عما يشركون به‬ ‫ٍ‬
‫من شركاء‪.‬‬

‫ُ ۡ َ ى َ َ ُ‬ ‫َ َ َ َ َُ ُ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫لصور فَ َصع َق َمن ِف ٱ َ َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ونُف َخ ِف ٱ ُّ‬
‫ى فإِذا ه ۡم‬ ‫َّلل ث َم نفِخ فِيهِ أخر‬ ‫ت َو َمن ِِف ٱلۡر ِض إَِّل من شاء ٱ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ َ ُ ُ َ‬
‫ون ‪} ٦٨‬‬ ‫قِيام ينظر‬
‫واملعنى‪ :‬ونفخ امللك في الصور‪ ،‬فمات من في السماوات ومن في األرض من خوف هول النفخة إال من‬
‫لصور َف َفز َع َمن ِف ٱ َ َ‬ ‫َََۡ ُ َ‬
‫نف ُخ ِف ٱ ُّ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫شاء هللا أال يموت يومئذ‪ ،‬وهذا بعد نفخة الفزع في قوله تعالى‪ { :‬ويوم ي‬
‫مرة أخرى‪ ،‬فإذا هم قيام من‬ ‫ين ‪[}٨٧‬النمل‪ ،]87 :‬ثم نفخ فيه ّ‬ ‫َّلل َو ُ يُك َأتَ ۡوهُ َد ىخِر َ‬
‫َو َمن ِف ٱ ۡلَۡر ِض إ ََّل َمن َشا َء ٱ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ۡ َ‬ ‫َُ َ‬ ‫ََۡ َۡ ُ ُ ۡ ََ ۡ َ ُ َ‬
‫يبون ِّبَ ۡم ِده ِۦ َوتظ ُّنون إِن لِثتُ ۡم إَِّل‬ ‫ج‬
‫قبورهم ينظرون ما يفعل هللا تعالى بهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬يوم يدعووُكم فتست ِ‬
‫َ َ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ َ َُ َ َ َ َ َ ُ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اء والرض بِأِّ ِره ِ ثم إِذا دَعكم دعوة مِن الر ِض‬ ‫قَل ِيل ‪[}٥٢‬اإلسراء‪ ،]52 :‬وقال تعالى‪َ { :‬ومِن آياتِهِ أن تقوم السم ُ‬
‫َ َ ُ َ ُ ُ َ‬
‫ون}[الروم‪.]25 :‬‬ ‫إِذا أنتم َترج‬

‫َۡ َ ُ ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُّ َ َ َ ُ‬


‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫ََۡ ََ َۡ ُ ُ َ َ َ ُ َ ۡ َ‬
‫بٔن وٱلشهداء وق ِض بينهم ب ِٱل ِق وهم َّل‬ ‫جايء ب ِٱل ِ ِ‬
‫ضع ٱلكِتب و ِ‬ ‫ت ٱلۡرض بِنورِ ربِها وو ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وأشق ِ‬
‫ُۡ َُ َ‬
‫ون ‪} ٦٩‬‬ ‫يظلم‬
‫َُ‬
‫ووضعت كتب صحائف أعمال الخالئق‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وُك‬
‫ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬وأضاءت األرض بنور تجلي ّربها‪ُ ،‬‬
‫َى َۡ َ ىُ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ َۡ‬
‫نشورا ‪[}١٣‬اإلسراء‪ ،]13 :‬وجيء بالنبيين‬ ‫نس ٍن أل َز ۡم َنى ُه َ ىطئ ِ َرهُۥ ِِف ع ُنقِهِۦ َوَن ِر ُج ُلۥ يَ ۡو َم ٱلقِ َيى َمةِ كِتبا يلقىه م‬ ‫إِ ى‬
‫هؤَّلءِ‬‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫جئنا بِك لَع‬ ‫كي َف إذا جئنا مِن ُُك أُ َم ٍة ب َشهيد َ‬
‫و‬
‫َ َ‬
‫والشهداء من أنبياء كل أمة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ف‬
‫ِ ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ َ ُ ُّ‬
‫جاءت ُك َنف ٍس َم َعها سائِق َو َش ِهيد}[ق‪ ،]21 :‬ومن ّأمة‬ ‫ش ِهيدا}[النساء‪ ،]41 :‬ومن الحفظة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬و‬
‫َ‬
‫َ َ َ‬
‫الرسول محمد صلى هللا عليه وسلم الذين يشهدون على األمم بما بلغتهم به رسلهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ووُكذ ىل ِك‬
‫َ َ ُ َ َ ُ ُ َ َۡ ُ ۡ َ‬ ‫َ ُ ُ ُ َ َ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََۡ ُ ۡ ُ‬
‫اس ويكون ٱلرسول عليكم ش ِهيدا }[البقرة‪ ،]143 :‬وقض ي بينهم‬ ‫َ‬
‫جعلنىكم أمة وسطا ِِلكونوا شهداء لَع ٱل ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ِ َ َ َ ُ َ َ‬ ‫ض ُع ال َم َواز َ‬ ‫ََ َ‬
‫امةِ فل تظل ُم نفس شيئا‬ ‫ين القِسط َِلوم القِي‬ ‫ِ‬ ‫بالحق وهم ال يظلمون مثقال ذرة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ون‬
‫ي}[األنبياء‪.]47 :‬‬ ‫ِإَون ََك َن مِث َق َال َح َبة مِن َخر َدل َأتَي َنا ب َها َو َوُك ََف ب َنا َحا ِسب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫َ َ َ ۡ َ َُ َ ۡ َُ َ َۡ َُ َ‬ ‫ُ ُّ ۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و ُوف َِي ۡت ُك َنفس ما ع ِملت وهو أعلم بِما يفعلون ‪} ٧٠‬‬
‫شر‪ ،‬وهم ال يظلمون شيئا من جزاء أعمالهم‪ ،‬كما‬ ‫واملعنى‪ :‬ووفيت كل نفس جزاء ما عملت من خير أو ّ‬
‫َ َ َ َ ُ َ ُ َُ َ‬ ‫ُ َ ُ ُّ َ‬
‫ون}[النحل‪ ،]111 :‬وهللا أعلم بما يفعلون في الدنيا من خير‬ ‫قال تعالى‪َ { :‬وت َوف ُك نف ٍس ما ع ِملت وهم َّل يظلم‬
‫أو شر‪.‬‬

‫َ َ َ َ َ َ ُ َى َ َ َ َ ُ َ َ َ ى َ َ ُ َ ُ َ ۡ َ ۡ َ ى ُ َ َ َ َ َ ُ ۡ َ َ َ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ‬
‫ِكمۡ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وسِيق ٱَّلِين كفروا إِل جهنم زِّرا حت إِذا جاءوها فتِحت أبوبها وقال لهم خزنتها ألم يأت‬
‫ُ ۡ َ ۡ ُ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ى َ ُ ۡ َ ُ ُ َ ُ ۡ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ى َ َ ُ َ َى َ َى ۡ َ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ‬
‫اب‬‫كن حقت ُك ِمة ٱلع ِ‬
‫ذ‬ ‫ت ربِكم وينذِرونكم ل ِقاء يومِكم هذار قالوا بَل ول ِ‬ ‫ُر ُسل مِنكم يتلون عليكم ءاي ِ‬
‫ََ ۡ َ‬
‫ك ىفِر َ‬
‫ين ‪} ٧١‬‬‫ِ‬ ‫لَع ٱل‬
‫واملعنى‪ :‬وسيق الكافرون إلى نار جهنم ودفعوا إليها جماعات بعضها إثر بعض‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬يَ ۡو َم‬
‫َُ َ‬ ‫ٌ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ َ َ َ‬
‫َّلل ف ُه َو‬ ‫وعمي وعطاش‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َمن َي ۡه ِد ٱ‬ ‫صم وبكم‬ ‫}[الطور‪ ،]13 :‬وهم ٌّ‬ ‫يُ َدعون إ ِ ىل نارِ َج َه َن َم د ًَّع ‪١٣‬‬
‫ۡ‬ ‫َُۡۡ ََ ُ ۡ ۡ ََ َ َ َ‬
‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫لَع ُو ُجوهِ ِه ۡم ع ۡميا َوبُكما َو ُصما َمأ َوى ى ُه ۡم‬‫ش ُه ۡم يَ ۡو َم ٱ ۡلقِ َيى َمةِ َ َ ى‬ ‫َ َۡ‬
‫َن ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫ت َد ل ُه ۡم أ ۡو ِ ََلا َء مِن دونِهِۦ و‬
‫ٱلمهت ِد ومن يضل ِل فلن ِ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََُ ُ‬ ‫َ ََ ُ ََُ َ َ ۡ َۡ‬
‫ِي إ ِ ىل َج َه َن َم وِ ۡردا ‪[} ٨٦‬مريم‪:‬‬ ‫وق ٱل ُم ۡجرم َ‬
‫ِ‬ ‫ت زِدنى ُه ۡم َسعِريا ‪[}٩٧‬اإلسراء‪ ،]97 :‬وقال تعالى‪ { :‬ونس‬ ‫جهنم ُكما خب‬
‫املوكلون بها‪ :‬ألم يأتكم رسل منكم يتلون‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫فتحت أبوابها السبعة‪ ،‬وقال لهم الخزنة‬ ‫‪ ،]86‬حتى إذا وصلوا إليها‪،‬‬
‫وخوفونا أهوال‬ ‫ويخوفونكم أهوال لقاء يومكم هذا؟ قال الكفار‪ :‬بلى‪ ،‬قد جاؤونا‪ّ ،‬‬ ‫عليكم آيات ربكم البينات‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫هذا اللقاء‪ ،‬وكذبناهم‪ ،‬ووجبت كلمة العذاب على الكافرين‪.‬‬
‫ََ َ َ ََ‬ ‫ََُ ُ َ َ َ‬
‫ِيها فوج َسأل ُهم خ َزن ُت َها ألم‬ ‫ونظير مخاطبة خزنة جهنم ألهل النار في هذه اآلية قوله تعالى‪ُ{ :‬كما أل ِق ف‬
‫َ ُ َ ُ‬
‫ري َوقالوا لو ك َنا‬ ‫ب‬
‫َ‬
‫ك‬ ‫لل‬
‫َ‬
‫ض‬ ‫ِف‬ ‫َّل‬ ‫إ‬ ‫م‬ ‫اَّلل مِن َيشء إن َأن ُ‬
‫ت‬
‫َ َ َ َ َُ َ َ َ‬
‫نزل َ ُ‬ ‫َ ُ ََ َ َ ََ َ‬
‫اءنا نذِير فكذبنا وقلنا ما‬
‫ُ َ‬
‫يَأت ِكم نذِير قالوا بَل قد ج‬
‫ٍ ِ ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫ري}[امللك‪.]8-10 :‬‬ ‫ع‬ ‫حاب َ‬
‫الس‬ ‫نَس َم ُع أَو َنعقِ ُل َما ُك َنا ِف أَص َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬


‫ين ‪} ٧٢‬‬ ‫يها فبئ َس َم ۡث َوى ٱل ُم َتكب َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قِيل ٱ ۡد ُخلوا أبۡ َو ى َب َج َه َن َم َخ ى ِِل َ‬
‫ِين فِ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وقالت لهم خزنة جهنم‪ :‬ادخلوا أبواب جنهم التي فتحت لكم‪ ،‬ماكثين فيها أبدا‪ ،‬فبئست مقرا‬
‫للمتكبرين عن اإليمان وعبادة هللا تعالى نار جهنم‪.‬‬
‫كب َ‬
‫ين ‪[}٧٦‬غافر‪:‬‬
‫َُۡ َ‬
‫ت‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ى‬ ‫ِيها فَب ۡئ َس َم ۡث َ‬
‫و‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬ٱ ۡد ُخلُوا َأبۡ َو ى َب َج َه َن َم َخ ى ِِل َ‬
‫ِين ف َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫‪.]76‬‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ ََۡ ََُ ۡ َ ۡ َ َُ َ َ َ َ َ َُ َ ۡ َ‬


‫ت أبۡ َو ى ُب َها َوقال ل ُه ۡم خ َزن ُت َها َسل ىم‬ ‫ت إِذا جا ُءوها وفتِح‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وسِيق ٱَّلِين ٱتقوا ربهم إِل ٱ َ‬
‫لن ِة زِّرا ح ى‬
‫َ َۡ ُ ۡ ُۡ ۡ َ ۡ ُ ُ َ‬
‫وها َخ ى ِِل َ‬
‫ِين ‪} ٧٣‬‬ ‫عليكم طِبتم فٱدخل‬
‫الجنة جماعات بعضها إثر بعض راكبين على مراكب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وسيق املتقون بهم إلى ّ‬
‫ر‬
‫ۡ‬ ‫َۡ َ َۡ ُ ُ َُۡ َ َ‬
‫ي إِل ٱ َلرِنَٰمۡح َوفدا ‪[} ٨٥‬مريم‪ ،]85 :‬حتى إذا وصلوها وكانت قد فتحت أبوابها الثمانية‪ ،‬وقال لهم‬ ‫يوم َنش ٱلمتقِ‬
‫خزنة الجنة‪ :‬سالم هللا عليكم‪ ،‬طاب سعيكم في الدنيا‪ ،‬فادخلوها ماكثين فيها أبدا‪.‬‬

‫ث ن َ َشا ُء فَن ِۡع َم أَ ۡج ُر ٱ ۡل َع ىمل َ‬


‫ِي‬
‫َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ َ َ َ َ ُ َ َۡ َ َ ۡ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وقَالُوا ٱ ۡ َ‬
‫ل ۡم ُد َِّللِ ٱَّلِي صدقنا وعدهۥ وأورثنا ٱلۡرض نتبوأ مِن ٱلنةِ حي‬
‫ِ‬
‫‪} ٧٤‬‬
‫الجنة‪ :‬الحمد هلل الذي صدقنا وعده بالبعث ودخول الجنة على‬ ‫واملعنى‪ :‬وقال املؤمنون عند معاينة ّ‬
‫خاَل َ‬
‫ِين‬ ‫ات َس ُن ْدخ ُل ُهم َج َنات َتري مِن َتت ِ َها الَن ُ‬
‫هار ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‬ ‫آم ُنوا َو َعم ُلوا َ‬
‫الص‬ ‫ِ‬ ‫ألسنة رسله‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َاَّل َ‬
‫ِين َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ َ َ َ َ َ ًّ َ َ َ َ ُ َ َ‬
‫فِيها أبدا وعد اَّللِ حقا ومن أصدق مِن اَّللِ قِيل}[النساء‪ ،]122 :‬والذي أورثنا أرض الجنة‪ ،‬ننز منها في أي‬
‫ل‬
‫ال َن ِة ُغ َرفا َتري مِن َتت ِ َها الَن َه ُ‬
‫ار‬ ‫ات َلُ َبو َئ َن ُهم م َِن َ‬
‫ِ‬
‫آم ُنوا َو َعم ُلوا َ‬
‫الص ِ َ‬
‫ال‬ ‫ِ‬ ‫مكان نشاء‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َاَّل َ‬
‫ِين َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِيها ن ِع َم أج ُر ال َعا ِِّل َِي}[العنكبوت‪ ،]58 :‬نعم جزاء العاملين بطاعة هللا هذا الجزاء والثواب‪ ،‬كما قال‬ ‫ين ف َ‬ ‫اَل َ‬
‫خ ِِ‬
‫اب َو َح ُس َنت ُِّر َت َفقا}[الكهف‪.]31 :‬‬ ‫تعالى‪{ :‬ن ِع َم الَ َو ُ‬

‫َ‬ ‫ِيل ٱ ۡ َ‬
‫ل ۡم ُد َِّللِ‬
‫َۡ َ َ‬
‫ض بَ ۡي َن ُهم ب ِٱل ِق وق‬
‫َ َ َ ۡ َ َى َ َ َ َ ۡ َ ۡ ۡ َ ۡ ُ َ ُ َ‬
‫ون ِّبَ ۡم ِد َرب ِ ِه ۡ رم َوقُ ِ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وترى ٱلملئِكة حآف ِي مِن حو ِل ٱلعر ِش يسبِح‬
‫ي ‪}٧٥‬‬‫َرب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫املالئكة محيطين بالعرش الكريم‪ّ ،‬‬
‫ينزهون هللا تعالى‬ ‫واملعنى‪ :‬وترى أيها الرسول أو أيها املؤمن‬
‫ّ‬
‫ويقدسونه‪ ،‬ويحمدونه‪ ،‬ويشكرونه‪ ،‬وقد قض ى هللا تعالى بين الخالئق بالعدل والقسط بإدخال املؤمن الجنة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫َ ُ ْ‬
‫الن َار‪ ،‬وقيل الحمد هلل رب العاملين‪ ،‬كما قال تعالى على ألسنة أهل الجنة‪َ { :‬وقالوا ال َح ْم ُد هَّلل‬ ‫وإدخال الكافر ّ‬
‫ه َ َ ه َ َ َ ْ ُ َ َ ْ َ ْ َ َ َ ُّ َ َ َ َ َ‬ ‫هالذي َأ ْذ َه َب َع هنا ْال َح َز َن إ هن َرهب َنا َل َغ ُف ٌ‬
‫ور َش ُك ٌ‬
‫ص ٌب َوَل‬ ‫ور(‪ )34‬الذي أحلنا دار اَلقامة من فضله َل يمسنا فيها ن‬
‫وب}[فاطر‪.]34-35 :‬‬ ‫َي َم ُّس َنا ف َيها ُل ُغ ٌ‬
‫ُ َُ َ‬
‫سورة غافر‬
‫وهي مكية وعدد آياتها خمس وثمانون‬

‫ۡ‬
‫َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ۡ‬
‫يز ٱل َعل ِي ِم ‪}٢‬‬ ‫زنيل ٱلكِتى ِ‬
‫ب مِن ٱَّللِ ٱلع ِز ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬حم ‪ ١‬ت ِ‬
‫ملنزل من هللا العزيز في ملكه العليم بمصالح عباده‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬حم‪ .‬هذا القرآن الكريم ّ‬
‫َ َ‬
‫اَّللِ ال َعزيز َ‬ ‫َ ُ‬
‫ِيم}[الزمر‪.]1 :‬‬
‫الك ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِتاب مِن‬‫زنيل الك ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ت ِ‬

‫ص ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫َ‬ ‫َۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ري ‪} ٣‬‬ ‫اب ذِي ٱلط ۡو ِل َّل إِل ىه إَِّل ه َو إِ َۡلهِ ٱل َم ِ‬‫ب شدِي ِد ٱلعِق ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬غف ِر ٱَّلۢن َ‬
‫ب وقاب ِ ِل ٱِلو ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬غافر الذنب للمذنبين سواء أكان صغيرة أم كبيرة بعد التوبة أو قبلها‪ ،‬وقابل التوبة من‬
‫َََ ََ َ‬ ‫التائبين‪ ،‬شديد العقاب ألعدائه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬اعلَ ُموا أَ َن َ َ‬
‫اَّلل غ ُفور َرحِيم}[املائدة‪:‬‬ ‫اب وأن‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ق‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫اَّلل َشد ُ‬
‫ِيد‬
‫‪ ،]98‬ذي الفضل واإلنعام‪ ،‬ال معبود بحق إال هللا‪ ،‬إليه وحده مصير جميع الخالئق‪.‬‬

‫ۡ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫ك َف ُروا فل َي ۡغ ُر ۡر َك َت َقل ُب ُه ۡم ِِف ٱل ِل ى ِد ‪} ٤‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ما يُجىدِل ِِف َءاي ى ِ‬
‫ت ٱَّللِ إَِّل ٱَّلِين‬
‫واملعنى‪ :‬ما يخاصم في آيات هللا القرآنية والكونية إال الذين كفروا باهلل تعالى؛ وذلك ليزيلوا بباطلهم‬
‫الح َّق}[الكهف‪ ،]56 :‬فال ْ‬ ‫ض ْوا به َ‬ ‫الباطل ل ُيدح ُ‬ ‫َّ َ َ َ ْ َ‬ ‫َُ َ‬ ‫ّ‬
‫يغررك أيها‬ ‫ِِ‬ ‫الحق‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ويج ِاد ُل ال ِذين كف ُروا ِب ِ ِ ِ ِ‬
‫تصرف ّ‬
‫الكفار في البالد للكسب جمع األموال الكثيرة‪ّ ،‬إن ما بين أيديهم من أموال إنما هو متاع زائل‬ ‫الرسول ّ‬
‫َ َ ُ َ َ َ َ َ ُّ ُ َ َ َ َ‬
‫ِين كف ُروا ِِف الِل ِد [‪َ ]196‬م َتاع‬ ‫قليل في الدنيا‪ ،‬ومصيرهم إلى جهنم‪ ،‬كما قال تعالى‪َّ{ :‬ل يغرنك تقلب اَّل‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫اد}[آل عمران‪.]196-197 :‬‬‫قل ِيل ث َم َمأ َواهم َج َه َن ُم َوبِئ َس ال ِمه‬

‫َ ۡ ۡ َ َ َ ۡ ُ ُّ ُ َ َ ُ ۡ َ ۡ ُ ُ ُ َ َ ُ ۡ‬ ‫ت َق ۡبلَ ُه ۡم قَ ۡو ُم نُوح َوٱ ۡلَ ۡح َز ُ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ك َذبَ ۡ‬
‫ج ى َدلوا ب ِٱل َبى ِط ِل‬‫اب مِن بع ِدهِم وهمت ُك أمة بِرسول ِ ِهم َِلأخذوه و‬
‫َۡ َ َ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ‬ ‫ُۡ ُ‬
‫اب ‪} ٥‬‬
‫َِلدحِضوا بِهِ ٱلق فأخذتهم فكيف َكن عِق ِ‬
‫وكذب من بعد قوم نوح ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كذب قبل كفار مكة ُ‬
‫األمم الذين تحزبوا للكفر والتكذيب‪،‬‬ ‫قوم نوح‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫وحرصت كل ّأمة برسولهم على إيذائه أو تعذيبه أو قتله‪ ،‬وجادل الكفار جداال بالباطل ليزيلوا بباطلهم الحقّ‬
‫جاد ُِل َاَّل َ‬
‫ِين‬ ‫الذي جاءتهم به الرسل‪ ،‬ولم يحصل ذلك لهم‪ ،‬واتخذوا آيات هللا استهزاء‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ويُ َ‬
‫ََ َ ََ ُ َ َ َ ُ ُ ُ‬ ‫ك َف ُروا ب َ‬
‫الاط ِِل َِلُدح ُِضوا بِهِ الق واَتذوا آي ِاِت وما أنذِروا هزوا}[الكهف‪ ،]56 :‬فأهلكناهم‪ ،‬فانظر كيف كان‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫َ‬

‫عقابي لهم‪.‬‬
‫َُ َ َ ُُ َ َ َ َ َ َ‬
‫ري}[الحج‪.]44 :‬‬
‫ِ‬ ‫ك‬
‫ِ‬ ‫ومعنى األخذ في هذه اآلية اإلهالك‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬ثم أخذتهم فكيف َكن ن‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ووُكذ ىل َِك َح َق ۡ‬
‫ك َف ُروا أ َن ُه ۡم أ ۡص َحى ُب ٱ َلارِ ‪} ٦‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ت ُك َِم ُ‬
‫ت َربِك لَع ٱَّلِين‬
‫املكذبة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫حقت كلمة رّبك وقضاؤه على الذين كفروا باهلل‬ ‫واملعنى‪ :‬كما حقت كلمة العذاب على األمم‬
‫وبالرسول صلى هللا عليه وسلم؛ ّأنهم أصحاب النار‪.‬‬
‫َ َى َ َ َ ۡ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ ُ ۡ َ ُ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪[}٣٣‬يونس‪:‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬كذل ِك حقت ُك ِمت ربِك لَع ٱَّلِين فسقوا أنهم َّل يؤمِن‬
‫‪.]33‬‬

‫ون ل ََِّل َ‬
‫ََۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َۡ ُ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َُ ُ َ ُ َ‬
‫ام ُنوا َر َب َنا‬
‫ِين َء َ‬ ‫حون ِّبَ ۡم ِد َرب ِ ِه ۡم َو ُيؤم ُِنون بِهِۦ ويستغفِر‬‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِين ي ِملون ٱلعرش ومن حولۥ يسب ِ‬
‫َ ۡ َ ُ َ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ ۡ َ َ َ ُ َ َ َ ُ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َۡ‬
‫يم ‪}٧‬‬
‫ح ِ‬ ‫وسِعت ُك يشء رْحة وعِلما فٱغ ِفر ل َِّلِين تابوا وٱتبعوا سبِيلك وق ِ ِهم عذاب ٱل ِ‬
‫يسبحون هللا تعالى ويحمدونه‪ ،‬ويؤمنون‬ ‫واملعنى‪ :‬واملالئكة الذين يحملون العرش‪ ،‬ومن حول العرش ّ‬
‫وسعت كل ش يء رحمة وعلما‪ ،‬فاغفر للذين تابوا إليك توبة‬ ‫َ‬ ‫به‪ ،‬ويستغفرون هللا تعالى للذين آمنوا قائلين‪ :‬رّبنا‬
‫ْ‬
‫نصوحا من شركهم ومعاصيهم‪ ،‬واتبعوا سبيلك الحق‪ ،‬واحفظهم من عذاب الجحيم‪.‬‬
‫جيد‪ ،‬وهو‬ ‫بأن حملة العرش أربعة‪ :‬هذا إسناد ّ‬ ‫قال اإلمام ابن كثير بعد ذكر الحديث الذي يخبر ّ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يقتض ي أن حملة العرش اليوم أربعة‪ ،‬فإذا كان يوم القيامة كانوا ثمانية‪َ { ،‬ويَح ِمل َعرش َربِك فوق ُهم يَو َمئ ِ ٍذ‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫ث َمان َِية}[الحاقة‪.]17 :‬‬

‫ك أَ َ‬
‫نت ٱ ۡل َعز ُ‬
‫يز‬
‫َ َ َ َ َ ۡ ۡ ُ ۡ َ َى َ ۡ َ َ َ َ ُ ۡ َ َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ى ۡ َ ُ َى ۡ َ َ‬
‫ج ِهم وذرِيت ِ ِه رم إِن‬
‫ِ‬ ‫ت عد ٍن ٱل ِت وعدتهم ومن صلح مِن ءابائ ِ ِهم وأزو ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ربنا وأدخِلهم جن ِ‬
‫لك ُ‬
‫ِيم ‪} ٨‬‬ ‫ٱ َۡ‬

‫وأدخ ْل هؤالء املؤمنين جنات عدن التي وعدتهم بها‪ ،‬ومن صلح باإليمان والعمل من آبائهم‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ربنا ِ‬
‫َ‬
‫ّ‬ ‫َ َۡ َُ َ‬
‫ون ‪[}٢١‬الطور‪ ،]21 :‬إنك‬ ‫لتقر أعينهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وأ ۡم َد ۡد َنى ُهم ب َفىك َِهة َو َ ۡ‬
‫لم ِِّما يشته‬ ‫وأزواجهم وذرياتهم‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫أنت هللا العزيز الغالب على أمره الحكيم في صنعه وتدبيره‪.‬‬

‫َ َ َۡ َ ََ ۡ َ ِۡ‬
‫ْح َت ُه رۥ َو َذ ىل َِك ُه َو ٱ ۡل َف ۡو ُز ٱ ۡل َع ِظ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ‬
‫يم ‪}٩‬‬ ‫ت َو َمن ت ِق ٱلسي ِأ ِ‬
‫ت يومئِذ فقد ر‬ ‫لسي ِأ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وق ِ ِهم ٱ‬
‫واملعنى‪ :‬واصرف عن هؤالء املؤمنين سوء عاقبة سيئاتهم‪ ،‬ومن تصرف عنه عذاب سيئاته فقد‬
‫ُصف َعن ُه يَو َمئذ َف َقد َر ِ َ‬
‫ْح ُه‬ ‫رحمته‪ ،‬وذلك هو الفوز العظيم الذي ال فوز أعظم منه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬من يُ َ‬
‫ٍِ‬
‫َوذل َِك ال َفو ُز ال ُمب ُ‬ ‫َ‬
‫ي}[املائدة‪.]16 :‬‬ ‫ِ‬

‫َۡ ُ ۡ َ ُ َ ُ‬
‫ك ۡم إ ۡذ تُ ۡد َع ۡو َن إ َل ٱ ۡإل َ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ َُ َۡ َ ََۡ ُ َ َ ۡ‬
‫كَُ‬
‫يم ى ِن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س‬ ‫نف‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ق‬‫م‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ب‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلِين كفروا ينادون لمقت ٱَّللِ أ‬
‫ََ ُُۡ َ‬
‫ون ‪} ١٠‬‬‫فتكفر‬

‫َ ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا َر َب َنا أ َم َت َنا ٱثنَ َت ۡي َوأ ۡح َي ۡي َت َنا ٱثنَ َت ۡي فٱ ۡع َ َ‬
‫تف َنا بِذنُوب ِ َنا ف َهل إ ِ ىل ُخ ُروج مِن َسبِيل ‪} ١١‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قال الكافرون املعذبون‪ :‬ربنا أمتنا ّ‬
‫مرتين‪ ،‬حين كنا نطفا في بطون أمهاتنا وحين كنا أمواتا بعد‬
‫مرتين‪ ،‬حين والدتنا في الدنيا‪ ،‬وحين بعثنا إلى الحياة بعد املوت‪،‬‬ ‫قبض أرواحنا في الحياة الدنياوية‪ ،‬وأحييتنا ّ‬
‫َ‬ ‫َ ۡ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ ُ ُ ۡ َ ۡ َى َ َ ۡ َى ُ ۡ ُ َ ُ ُ ُ ُ ُۡ ُ ُ َ ُ‬
‫يتك ۡم ث َم ييِيك ۡم ث َم إِ َۡلهِ ت ۡر َج ُعون ‪٢٨‬‬ ‫كما قال تعالى{ ‪ :‬كيف تكفرون ب ِٱَّللِ ووُكنتم أموتا فأحيكم ثم ي ِم‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫فهل لنا سبيل إلى الخروج من النار والرجوع إلى الدنيا‪ ،‬كما قال تعالى{ ‪َ :‬ولو‬ ‫فاعترفنا بذنوبنا‪ْ ،‬‬ ‫[}البقرة‪،]28 :‬‬
‫َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َََ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُ َ َ ُ ُُ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬
‫جعنا نعمل صالا إِنا ِّوق ِنون[}السجدة‪:‬‬
‫ترى إِذِ المجرِِّون ناكِسو رءو ِس ِهم عِند رب ِ ِهم ربنا أبُصنا وس ِمعنا فار ِ‬
‫‪].12‬‬

‫ُ ۡ ُ َ ُۡ ۡ ُ َ ۡ َ ۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َى ُ َ َ ُ َ ُ ِ َ َ ُ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ ُ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ذل ِكم بِأنهۥ إِذا دِع ٱَّلل وحدهۥ كفرتم ِإَون يشك بِهِۦ تؤمِن روا فٱلكم َِّللِ ٱلع ِ ِ‬
‫َل ٱلكبِريِ ‪} ١٢‬‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬هكذا أنتم على وضعكم‪ ،‬وإن رددتم إلى الدنيا لعدتم إلى الكفر‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولو ُردوا‬
‫ْ‬
‫ََ ُ َ ُُ َ ُ َ َ َ‬
‫ِإَون ُهم لَكذِبُون ََ}[األنعام‪ ،]28 :‬فال عودة لكم إلى الدنيا‪ ،‬بسبب أنكم إذا دعي هللا تعالى‬
‫ّ‬
‫لعادوا ل ِما نهوا عنه‬
‫وحده كفرتم‪ْ ،‬‬
‫وإن َ‬
‫يشرك باهلل غيره من األصنام تؤمنوا باإلشراك‪ ،‬فالحكم العادل هلل تعالى العلي املتعالي‬
‫الكبير‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ َ‬
‫لس َماءِ ر ۡزقا ر َو َما َي َتذك ُر إَّل َمن يُن ِ ُ‬ ‫ُ‬
‫كم م َِن ٱ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ََُ‬ ‫ُ ۡ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫يب ‪} ١٣‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬هو ٱَّلِي ي ِريكم ءاي ىتِهِۦ وي ِ‬
‫زنل ل‬
‫وينزل لكم من السماء مطرا‬ ‫واملعنى‪ :‬هو هللا الذي يريكم أيها الناس آياته العظيمة الدالة على قد ته‪ّ ،‬‬
‫ر‬
‫ّ‬ ‫ُ ُ ََ ُ َ ُ َ‬ ‫ترزقون به‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وف َ‬
‫الس َماءِ رِزقكم وما توعد‬
‫من‬‫ون}[الذاريات‪ ،]22 :‬وما يتذكر بهذه اآليات إال ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ينيب إلى ربه‪.‬‬
‫وقد ّبين هللا تبارك وتعالى بعض آياته الكونية الدالة على قدرته‪ ،‬وذلك في قوله تعالى‪َ { :‬ومِن َءايَتِهِ‬
‫اسج ُدوا َّللِ َاَّلِي َخلَ َق ُه َن إن ُك ُ‬
‫نتم إِيَ ُاه‬
‫َ‬
‫ِلق َمر َو ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ ََ ُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫مس وَّل ل ِ‬‫مس َوالق َم ُر َّل تسجدوا ل ِلش ِ‬
‫الش ُ‬‫الليل والهار و‬
‫َ ُ َ‬
‫عب ُدون}[فصلت‪.]37 :‬‬ ‫ت‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫واملراد بالرزق في هذه اآلية املطر؛ ألن املطر سبب الرزق‪ ،‬ودل عليه قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِي َج َعل لك ُم‬
‫ّ‬
‫ت َعلُوا ِ ََّللِ أَن َدادا َوأَ ُ‬
‫ۡ َ ُ ۡ َ َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ ۡ َ‬ ‫لس َما َء ب َناء َوأَ َ‬
‫نز َل م َِن ٱ َ‬ ‫ٱ ۡلَۡر َض ف َِر ىشا َوٱ َ‬
‫نت ۡم‬ ‫لس َما ِء َماء فأخ َرج بِهِۦ م َِن ٱل َم َر ى ِ‬
‫ت رِزقا لكم فل‬ ‫ِ‬
‫ََُۡ َ‬
‫ون ‪[} ٢٢‬البقرة‪.]22 :‬‬ ‫تعلم‬

‫َ َ َۡ َ َ ۡ َى ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ ُۡ‬ ‫َ ۡ‬
‫ون ‪} ١٤‬‬ ‫ي ُل ٱَلِين ولو ك ِره ٱلك ِفر‬ ‫َّلل ُّمل ِِص‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فٱد ُعوا ٱ‬
‫َ ُ ُ َ‬
‫واملعنى‪ :‬فاعبدوا هللا تعالى وأخلصوا له الطاعة والخضوع كما أمرتم به‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وما أِِّروا إَِّل‬
‫ي َ ُل اَل َ‬
‫ِين ُح َن َ‬
‫فاء}[البينة‪ ،]5 :‬ولو كره الكافرون ذلك‪.‬‬ ‫اَّلل ُُّمل ِص َ‬
‫ِ‬ ‫َِلَع ُب ُدوا َ َ‬

‫ُ َ ََۡ ََ‬ ‫َ َى َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ َ َ َى ُ ۡ‬


‫ت ذو ٱل َع ۡر ِش يُل ِق ٱ ُّلروح مِن أِّرِه ِۦ لَع من يشاء مِن عِباده ِۦ َِلنذِر يوم ٱِلل ِق ‪}١٥‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬رفِيع ٱَلرج ِ‬
‫َ َ‬
‫اَّللِ ذِي ال َم َعارِ ِج}[املعارج‪ ،]3 :‬صاحب‬ ‫واملعنى‪ :‬هللا هو ذو الدرجات العالية‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬مِن‬
‫ينزل املالئكة بالوحي من أمره على من يريد من عباده املرسلين‪ ،‬لينذروا الناس بالعذاب يوم‬ ‫العرش العظيم‪ّ ،‬‬
‫يلتقي األولون واآلخرون وهو يوم القيامة‪.‬‬
‫َ َ َ ُ ََُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وح مِن أِّره ِ َلَع َمن ي َ َش ُ‬ ‫َ‬
‫ك َة ب ُّ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫اء مِن عِبادِه ِ أن أنذِروا أنه َّل‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬يزنل الملئ ِ ِ‬
‫ِي ‪[} ١٩٣‬الشعراء‪:‬‬‫وح ٱ ۡلَم ُ‬‫ي ‪ ١٩٢‬نَ َز َل بهِ ٱ ُّلر ُ‬‫يل َرب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬‫َُ ََ ُ‬ ‫ََ َ َُ‬ ‫َ‬
‫إ َل إَّل أنا فاتقون}[النحل‪ ،]2 :‬وقوله تعالى‪ِ { :‬إَونهۥ ِلزن‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫‪.]192-193‬‬

‫َۡ َ ُ َى ُ َ َ َۡ َ ى َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ ُ‬
‫ك ٱ َۡلَ ۡو َم ِ ََّللِ ٱ ۡل َو ى ِ ۡ َ َ‬
‫ار ‪} ١٦‬‬
‫ح ِد ٱلقه ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يوم هم ب ِرزون َّل يَف لَع ٱَّللِ مِنهم يشء ر ل ِم ِن ٱلمل‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬يوم برز الناس هلل جميعا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يَو َم ُت َب َد ُل الر ُض َغ َ‬
‫السماوات َوبَ َر ُزوا َِّلل ِ‬
‫ري الر ِض َو َ‬
‫ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ح ِد الق َهارِ}[إبراهيم‪ ،] 48 :‬ال يخفى على هللا تعالى ش يء من أعمالهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يَو َمئ ِ ٍذ تع َرضون‪َّ ،‬ل‬‫الوا ِ‬
‫الرب‪ :‬ملن امللك اليوم؟ فيجيب نفسه‪ :‬هلل الواحد ّ‬ ‫كم خاف َِية}[الحاقة‪ ،]18 :‬فيسأل ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫القهار‪.‬‬ ‫َتَف مِن‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫ت َّل ُظل َم ٱَلَ ۡو َم إ َن ٱ َ َ‬
‫َّلل َ ُ‬ ‫َ‬
‫َ َ ۡ‬ ‫َ‬‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ََۡ ۡ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫اب ‪} ١٧‬‬ ‫سيع ٱل ِس ِ‬‫ِ‬ ‫رِ‬ ‫ى ُك نفس ب ِ َما كسب ر‬
‫ت َز ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَلوم‬
‫واملعنى‪ :‬اليوم تجزى كل نفس بما كسبت من خير أو شر في الدنيا‪ ،‬ال ظلم ألحد اليوم‪ّ ،‬إن هللا تعالى‬
‫ََ‬ ‫َ َ‬
‫سريع الحساب‪ ،‬وحسابه ألعمال الخالئق كلمح البصر‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما أِّ ُرنا إَِّل َواح َِدة ُكم ٍح‬
‫ُص}[القمر‪.]50 :‬‬‫َ َ‬
‫بِال ِ‬
‫َُ ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ى َ َ َى َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ ۡ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وأنذِرهم يوم ٱٓأۡلزِفةِ إِذِ ٱلقلوب َلى ٱلنا ِجرِ ك ِظ ِمير ما ل ِلظل ِ ِمي مِن ْحِيم وَّل ش ِفيع يطاع ‪} ١٨‬‬
‫واملعنى‪ :‬وأنذر هؤالء الكفار أيها الرسول يوم اآلزفة وهو يوم القيامة‪ ،‬إذ قلوب الخالئق تزول من‬
‫مواضعها وترتفع وتتعلق بحناجرهم من أهوال عقاب هللا تعالى‪ ،‬حال كونهم ساكتين ال يتكلمون‪ ،‬كما قال‬
‫َ َ َ َُ َ َ َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ُ ًّ َ‬ ‫الر ُ‬ ‫تعالى‪{ :‬يَو َم َي ُق ُ‬
‫ْح ُن َوقال َص َوابا}[النبأ‪ ،]38 :‬ما للظاملين من‬‫وح َوال َملئِكة َصفا َّل َي َتَك ُمون إَِّل من أذِن ل الر‬ ‫وم ُّ‬

‫قريب حميم ينفعهم‪ ،‬وال شفيع يشفع لهم‪ ،‬فتقبل شفاعته لهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون اَّللِ‬
‫ت اآلزِفة‪ .‬ليس لها مِن د ِ‬ ‫وقد سميت الساعة باآلزفة القتربها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أزِف ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫اعة َوان َش َق ال َق َم ُر}[القمر‪.]1 :‬‬
‫الس َ‬
‫ت َ‬ ‫َكش َِفة}[النجم‪ ،]57-58 :‬وقال تعالى‪{ :‬اق َ َ‬
‫تبَ ِ‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ ۡ َ ُ َ ََ ۡ َ ۡ ُ َ َ ُۡ‬


‫ي وما َت َِف ٱلصدور ‪} ١٩‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يعلم خائِنة ٱلع ِ‬
‫واملعنى‪ :‬يعلم هللا تعالى ما تختلسه العيون من نظرات‪ ،‬وما تخفيه الصدور من خير أو شر‪ ،‬كما قال‬
‫َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ ُ ُّ ُ ُ ُ ُ ۡ َ َ ُ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪[}٧٤‬النمل‪.]74 :‬‬ ‫كن صدورهم وما يعل ِن‬ ‫تعالى‪ِ { :‬إَون ربك َلعلم ما ت ِ‬

‫ص ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ش ٍء إ َن ٱ َ َ‬
‫َّلل ُه َو ٱ َ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫ُ‬‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ َ ُ‬
‫ري ‪}٢٠‬‬ ‫لس ِم ُ‬
‫يع ٱلَ ِ‬ ‫ل ِق وٱَّلِين يدعون مِن دونِهِۦ َّل يقضون ب ِ ۡ ِ‬ ‫َّلل َيق ِض ب ِٱ‬
‫واملعنى‪ :‬وهللا تعالى يقض ي بالعدل‪ ،‬فيجزي الحسنة بالحسنة‪ ،‬ويجزي السيئة بالسيئة‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫الس َن}[النجم‪ ،]31 :‬واآللهة الذين يعبدهم الكفار‬ ‫ِين أح َس ُنوا ب ُ‬
‫ِ‬ ‫اءوا ب ِ َما َع ِملوا َويَج ِزي اَّل‬
‫ِين أ َس ُ‬ ‫{ َِلَج ِزي اَّل‬
‫من دون هللا تعالى ال يقضون بش يء‪ ،‬وال يقدرون على ش يء‪ّ ،‬إن هللا تعالى هو السميع ألقوال الخالئق البصير‬
‫بأعمالهم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ ُ ُ ََ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ ُ َۡ َ َ َ َى َُ َ َ َ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ َ‬


‫ِين َكنوا مِن ق ۡبل ِ ِه ۡ رم َكنوا ه ۡم أش َد م ِۡن ُه ۡم ق َوة‬ ‫ريوا ِِف ٱلۡر ِض فينظروا كيف َكن ع ِقبة ٱَّل‬ ‫س ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أ َول ۡم ي ِ‬
‫َ َ‬ ‫ََ َ َ ُ ُ َُ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫َّلل بِذنُوب ِ ِه ۡم َو َما َك َن ل ُهم م َِن ٱ ََّللِ مِن َواق ‪} ٢١‬‬ ‫َو َءاثارا ِِف ٱلۡر ِض فأخذهم ٱ‬
‫يمش هؤالء املكذبون من أهل مكة في األرض‪ ،‬فينظروا كيف كان مصير األمم السابقة‬ ‫واملعنى‪ :‬أفلم ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نظ ُروا ك ۡي َف َك َن َع ىقِ َبة ٱَّل َ‬
‫ِين‬
‫َ ُ‬ ‫دمر هللا عليهم‪ ،‬كما قال تعالى‪۞ { :‬أفل ۡم يَسِ ُ‬
‫ريوا ِِف ٱلۡر ِض في‬ ‫املكذبة للرسل‪ ،‬كيف ّ‬
‫َۡ ۡ َ َ َ َُ َ َۡ ۡ َ ۡ َى َ َ ُ‬
‫ين أ ۡم َٰىل َها ‪[}١٠‬محمد‪ ،]10 :‬وقد كانوا أقوى منهم أجساما وأبقى آثارا في‬ ‫مِن قبل ِ ِهم دِّر ٱَّلل علي ِهم ول ِلكفِ ِر‬
‫األرض‪ ،‬فأهلكهم هللا بسبب ذنوبهم‪ ،‬وما كان لهم من هللا من دافع يدفع عنهم عذابهم‪.‬‬
‫َ ُ ََ‬ ‫َ‬ ‫ريوا ِف الَر ِض َف َين ُظ ُروا َكي َف ََك َن ََعق َِب ُة َاَّل َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬أَ َولَم ي َ‬
‫ِين مِن قبل ِ ِهم َكنوا أش َد‬ ‫ِ‬
‫س ُ‬‫ِ‬
‫ََ َ َ َُ َ َُ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َُ َ َ ََ َ َ َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َُ َََ‬
‫كن‬ ‫ات فما َكن اَّلل َِلظل ِمهم ول ِ‬ ‫مِنهم قوة وأثاروا الرض وعمروها أكَّث ِِّما عمروها وجاءتهم رسلهم بِاليِن ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ ُ‬
‫َكنوا أنف َس ُهم َيظل ُِمون}[الروم‪.]9 :‬‬
‫َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫ك َف ُروا فأ َخذ ُه ُم ٱ َ ُ َ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اب ‪} ٢٢‬‬
‫َّلل إِنهۥ قوِي شدِيد ٱلعِق ِ‬
‫ر‬ ‫تف‬‫قوله تعالى‪ { :‬ذ ىل ِك بِأن ُه ۡم َكنت تأتِي ِه ۡم ُر ُسل ُهم ب ِٱلَيِنى ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ذلك العذاب النازل بهؤالء املكذبين بسبب ّأنهم كانت تأتيهم رسلهم باملعجزات الواضحات‪،‬‬
‫ّ‬
‫فكفروا بها‪ ،‬فأهلكهم هللا تعالى‪ّ ،‬إن هللا تعالى قوي شديد العقاب ملن كفر به وكذب بآياته‪.‬‬
‫َ َ ََ‬ ‫ََ ُ َ َ‬
‫ت فقالوا أبَش َيه ُدون َنا فكف ُروا‬ ‫ا‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ذل َِك ب َأنَ ُه ََكنَت تَأتِيهم ُر ُسلُ ُهم بالَي َ‬
‫ن‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن َْحِيد}[التغابن‪.]6 :‬‬ ‫َوتَ َولوا َواس َتغ َن َ ُ‬
‫اَّلل َو َ ُ‬
‫اَّلل غ ِ ي‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َق ۡد أ ۡر َسل َنا ُِّ َ ى َ َ َ ُ َ ُّ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وس ب ِأي ىتِنا وسلطىن مب ِ ٍ‬
‫ي ‪} ٢٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد أرسلنا موس ى عليه السالم بآياتنا البينات‪ ،‬ودالئل ظاهرة دالة على وحدانية هللا تعالى‬
‫وقدرته‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ‬
‫ي}[هود‪ ،]96 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬ولق ۡد‬ ‫ُ‬
‫طان مب ِ ٍ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ولقد أرسلنا ِّوس بِآيات ِنا وسل ٍ‬
‫َ َ َ ُ َ ُّ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫أ ۡر َسل َنا ُِّ َ ى‬
‫بَٔٔاي ىتِنا وسلطىن مب ِ ٍ‬
‫ي ‪[}٢٣‬غافر‪.]23 :‬‬ ‫وس ِ‬

‫َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س ِحر كذاب ‪}٢٤‬‬ ‫ون ف َقالوا َ ى‬ ‫ى ۡ َ ۡ َ َ َى َى َ َ ىُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِل ف ِرعون وهمن وقر‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬أرسلنا موس ى عليه السالم إلى فرعون وهامان وقارون‪ ،‬فقالوا عنه‪ّ :‬إن موس ى ساحر كذاب‪.‬‬
‫ّ‬
‫وهكذا دأب القوم الذين كذبوا رسلهم‪ ،‬إذا دعاهم رسلهم إلى عبادة هللا وطاعته‪ ،‬إال وقالوا له ساحر‬
‫ُ‬ ‫ِين مِن َقبلِهم مِن َر ُسول إَّل قَالُوا َساحِر أَو َم ُنون َأتَ َو َ‬
‫اصوا بِهِ بَل هم‬ ‫أو مجنون‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ك َذل َِك َما َأ َِت َاَّل َ‬
‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫قوم َطاغون}[اَّلاريات‪.]52-53 :‬‬

‫َ‬ ‫ُ‬
‫ام ُنوا َم َع ُهۥ َوٱ ۡس َت ۡح ُيوا ن َِسا َءه ۡ رم َو َما ك ۡي ُد‬ ‫لق م ِۡن عِندِنَا َقال ُوا ٱ ۡق ُتلُوا َأ ۡب َنا َء ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فَلَ َما َجا َء ُهم بٱ ۡ َ‬
‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ َ‬
‫ين إَِّل ِِف َضل ىل ‪}٢٥‬‬ ‫ٱلك ىفِ ِر‬
‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫فلما جاء موس ى عليه السالم فرعون وهامان وقارون باملعجزات من عندنا‪ ،‬قالوا‪ :‬عودوا إلى‬
‫ْ‬
‫واستضعفهم‪ ،‬كما قال تعالى في فرعون‪{ :‬‬ ‫قتل أبناء الذين آمنوا مع موس ى‪ ،‬وترك نساءهم أحياء لالسترقاق‪،‬‬
‫ُ َ َ َ‬ ‫َۡ ِ َ َ ََ َََۡ َ َۡ َ ۡ ُ َ َ ُۡ ۡ َُ ُ ََۡ َ ُ ۡ ََۡ َۡ‬ ‫َ ۡ َۡ َ َ َ‬
‫حۦ ن َِسا َءه ۡ رم إِن ُهۥ َكن م َِن‬
‫إِن ف ِرعون عل ِِف ٱلۡرض وجعل أهلها شِيعا يستضعِف طائِفة مِنهم يذبِح أبناءهم ويست ِ‬
‫ۡ ۡ‬
‫سد َ‬
‫ِين ‪[}٤‬القصص‪ ،]4 :‬وما كيد الكافرين ومكرهم إال في ضياع وهالك‪.‬‬ ‫ٱل ُمف ِ‬

‫َۡ‬ ‫َ َ ُ َ َُ َ َ ُ َ َ ۡ‬ ‫َُۡۡ ُ َ ى ۡ ُ‬ ‫ََ َ ۡ َۡ ُ َُ‬


‫ِينك ۡم أ ۡو أن ُيظ ِه َر ِِف ٱلۡر ِض‬ ‫وس َوَلَ ۡدع َر َب ُهۥ إ ِ ِن أخاف أن يبدِل د‬ ‫ون أقتل ِّ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وقال فِرعون ذر ِ‬
‫َۡ َ َ‬
‫اد ‪} ٢٦‬‬‫ٱ لفس‬

‫ۡ‬
‫ُۡ ُ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُ ُ َ َ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫َ‬ ‫َُ‬
‫ُك متك ِب َّل يؤمِن بِيو ِم ٱل ِس ِ‬
‫اب ‪} ٢٧‬‬ ‫وس إ ِ ِن عذت بِر ِب وربِكم مِن ِ‬‫قوله تعالى‪َ { :‬وقال ُِّ َ ى‬
‫وربكم من كل متعال مستكبر عن‬ ‫واملعنى‪ :‬وقال موس ى عليه السالم لفرعون وملئه‪ّ :‬إني استجرت برّبي ّ‬
‫آيات رّبي‪ ،‬متعاظم ال يؤمن بيوم الحساب‪.‬‬
‫ُ ُ َ َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ََ َ‬ ‫ََ‬
‫ِإَون عذت بِر ِب وربِكم‬
‫ي‪ِ .‬‬ ‫ان مب ِ ٍ‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬وأن َّل تعلوا لَع اَّللِ إ ِ ِن آتِيكم بِسلط ٍ‬
‫ون}[اَلخان‪.]19-21 :‬‬
‫َ َ ُ‬ ‫أَن تَر ُ ُ‬
‫ۡجون‪ِ .‬إَون لَم تُؤم ُ‬
‫تل ِ‬
‫ِ‬ ‫اع‬‫ف‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫وا‬ ‫ِن‬ ‫ِ‬

‫ۡ َ ۡ َ َ ۡ ُ ُ َىَ ُ َ َۡ ُ ُ َ َ ُ َ َ ُ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وقال َر ُجل ُِّّؤمِن م ِۡن َءا ِل فِرعون يكتم إِيمنهۥ أتقتلون رجل أن يقول ر ِب ٱَّلل وقد جاءكم‬
‫َ ُ ُ ۡ َ ََ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ ََ َ ُُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ َ‬
‫َّلل َّل‬ ‫ص ۡبكم َب ۡعض ٱَّلِي يعِدكم إِن ٱ‬ ‫ُ‬
‫ت مِن َربِك ۡم ِإَون يك ك ىذِبا فعل ۡيهِ كذِبهۥ ِإَون يك صادِقا ي ِ‬ ‫ب ِٱلَيِنى ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ ۡ َُ ُ ۡ‬ ‫َۡ‬
‫ّسف كذاب ‪}٢٨‬‬ ‫يهدِي من هو ِّ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وقال رجل مؤمن باهلل وبموس ى عليه السالم من آل فرعون‪ ،‬يكتم إيمانه‪ :‬كيف تقتلون رجال ال‬
‫ذنب له عندكم إال ْأن يقول ربي هللا‪ ،‬وقد جاءكم باملعجزات الواضحات من رّبكم‪ْ ،‬إن كان هذا الرجل كاذبا‪،‬‬
‫ّ‬
‫يتوعدكم‪ّ ،‬إن هللا تعالى ال يوفق‬‫وإن يك صادقا في دعواه لحقكم بعض الذي ّ‬ ‫فعليه وحده وبال كذبه فاتركوه‪ْ ،‬‬
‫ّ ّ‬
‫حده كذاب في دعوى الرسالة‪.‬‬ ‫إلى الحق من هو مسرف في قوله متجاوز‬
‫الرجل وامرأة‬ ‫عباس‪ :‬لم يؤمن من آل فرعون سوى هذا ّ‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬وقال ابن جريج عن ابن ّ‬
‫ۡ َۡ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ى َ َ َى ُ َ ى َ ۡ َ َ َ َۡ َ ُ َ َ َۡ ُ ُ َ َ ۡ ۡ‬
‫وك فٱخ ُرج إ ِ ِن‬ ‫فرعون‪َ ،‬والذي قال‪َ { :‬و َجا َء َر ُجل مِن أقصا ٱلمدِينةِ يسع قال يموس إِن ٱلمل يأت ِمرون بِك َِلقتل‬
‫ح َ‬ ‫َ َ‬
‫ي ‪[}٢٠‬القصص‪ ،]20 :‬رواه ابن أبي حاتم‪.‬‬ ‫لك م َِن ٱلَ ى ِ‬
‫ص ِ‬

‫ۡ‬ ‫َۡ‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ُ َُ‬
‫نُصنا مِن بَأ ِس ٱَّللِ إِن َجا َءنا ر قال ف ِۡر َع ۡون َما‬ ‫ك ٱ َۡلَ ۡو َم َظىهر َ‬
‫ين ِِف ٱلۡر ِض فمن ي‬
‫َىَ ۡ ِ َ ُ ُ ۡ ُ ۡ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يقوم لكم ٱلمل‬
‫ِِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫يك ۡم إ ِ ََّل َما أ َر ى‬
‫ُ‬
‫ِيك ۡم إَِّل َسبِيل ٱ َلر َشادِ ‪} ٢٩‬‬
‫ُ‬
‫ى َو َما أهد‬
‫ُ‬
‫أ ِر‬
‫واملعنى‪ :‬يا قوم لكم ملك مصر اليوم ظاهرين في األ ض على بني إسرائيل‪ ،‬فمن يدفع ّ‬
‫عنا من عذاب‬ ‫ر‬
‫وعدنا به هذا الرجل؟ قال فرعون‪ :‬ما أشير إليكم إال ما أرى لنفس ي ولكم صالحا‬‫هللا تعالى ْإن جاءنا‪ ،‬كما َ‬
‫وصوابا‪ ،‬وما أدعوكم إال إلى طريق الرشد والحق‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يكم إَّل َما أ َرى}‪ ،‬وأخبر ّأن فرعون كان ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫صدق‬ ‫يتحقق‬ ‫ِ‬ ‫وقد بين هللا تعالى كذب فرعون في قوله {ما أرِ‬
‫ُ َ ُ َ َ َ َ‬ ‫ُ ۡ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ح ُدوا ب ِ َها َوٱ ۡست ۡيق َن ۡت َها أنف ُس ُه ۡم ظلما َو ُعلو را فٱنظ ۡر ك ۡيف َكن‬
‫موس ى عليه السالم في رسالته‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َج َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ۡ ۡ‬
‫الر َشادِ}‪ ،‬وأخبر ّأن‬
‫يل َ‬ ‫ُ‬
‫وبين أيضا كذب فرعون في قوله { َو َما أهدِيكم إَِّل س ِب‬ ‫سد َ‬
‫ِين ‪[}١٤‬النمل‪ّ ،]14 :‬‬ ‫ع ىقِ َبة ٱل ُمف ِ‬
‫ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََُ َ َ َ َ ََ َ ُ َ َ‬
‫ِيد}[هود‪ ،]97 :‬وقال تعالى‪{ :‬وأضل‬
‫أمره ليس برشيد‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فاتبعوا أِّر ف ِرعون وما أِّر ف ِرعون بِرش ٍ‬
‫َ‬
‫ف ِر َعو ُن قو َم ُه َو َما َه َدى}[طه‪.]79 :‬‬

‫َ َ‬ ‫َۡ َۡ َ ُ‬ ‫كم م ِۡث َل يَ ۡو ِم ٱ ۡلَ ۡح َ‬


‫َ َ ُ َ َۡ ُ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ب ق ۡو ِم نوح َو ََعد َوث ُمود‬
‫ِ‬ ‫أ‬ ‫د‬ ‫ل‬‫ِث‬
‫م‬ ‫‪٣٠‬‬ ‫اب‬
‫ِ‬ ‫ز‬ ‫ام َن ي ىق ۡو ِم إِ ِن أخاف علي‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وقال ٱَّلِي ء‬
‫َۡ ۡ ََ َُ ُ ُ ۡ ۡ‬
‫يد ُظلما ل ِلعِ َبا ِد ‪} ٣١‬‬ ‫َوٱ ََّل َ‬
‫ِين مِن بع ِده رِم وما ٱَّلل ي ِر‬

‫َ ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ك ۡم يَ ۡو َم ٱ َِل َنادِ ‪} ٣٢‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وي ىق ۡو ِم إ ِ ِن أخاف علي‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ويا قومي إني أخاف عليكم عذاب يوم القيامة‪.‬‬
‫وسمي يوم القيامة بيوم التناد لنداء أهل الجنة َ‬
‫أهل النار فيه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ونادى أصحاب النة‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كم َح ًّقا قالوا َن َعم}[األعراف‪ ،]44 :‬ولنداء‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َ َ ُّ َ َ ًّ َ َ َ ُ َ َ َ َ ُّ ُ‬
‫أصحاب الار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد رب‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ال َن ِة أن أفِيضوا َعلي َنا م َِن ال َماءِ أو ِّ َِما‬
‫اب َ‬‫ح َ‬ ‫حاب الَار أص َ‬
‫أهل الجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ونادى أص ُ‬
‫أهل النار َ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ُ‬
‫اَّلل قالوا إ َن َ َ‬
‫اَّلل َح َر َِّ ُه َما لَع الَكف ِر َ‬ ‫ك ُم َ ُ‬
‫َ َ ُ‬‫َ‬
‫ين}[األعراف‪.]50 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رزق‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ألن الناس هربوا َ‬ ‫سمي به ّ‬
‫ّ‬
‫التناد‬ ‫فن ُّدوا في األرض‪ ،‬كما ت ِن ّد اإلبل‪ :‬إذا ش َر َدت على أربابها‪ ،‬وهو من‬ ‫أو ّ‬
‫بتشديد الدال‪ ،‬وقد روى اإلمام الطبري بسنده عن الضحاك بن مزاحم‪ ،‬قال‪ :‬إذا كان يوم القيامة‪ ،‬أمر هللا‬
‫فتشققت بأهلها‪ ،‬ونزل من فيها من املالئكة‪ ،‬فأحاطوا باألرض ومن عليها‪ ،‬ثم الثانية‪ ،‬ثم الثالثة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫السماء الدنيا‬
‫ثم الرابعة‪ ،‬ثم الخامسة‪ ،‬ثم السادسة‪ ،‬ثم السابعة‪ ،‬فصفوا صفا دون صف‪ ،‬ثم ينزل امللك األعلى على‬
‫َ‬ ‫مجنبته اليسرى ّ‬
‫جهنم‪ ،‬فإذا رآها أهل األرض ن ُّدوا فال يأتون قطرا من أقطار األرض إال وجدوا السبعة صفوف‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫من املالئكة‪ ،‬فيرجعون إلى املكان الذي كانوا فيه‪ ،‬فذلك قول هللا‪َ { :‬وي ىق ۡو ِم إ ِ ِن أخاف َعل ۡيك ۡم يَ ۡو َم ٱ َِل َنا ِد‬
‫َ‬
‫اء َر ُّب َك َوال َمل ُك َص ًّفا َص ًّفا َو ِِج َء يَو َمئ ِ ٍذ ِِبَ َه َن َم}[الفجر‪ ،]23-22 :‬وقوله‪:‬‬‫‪[}٣٢‬غافر‪ ،]32 :‬وذلك قوله‪َ { :‬و َج َ‬
‫َُْ ُ َ‬ ‫َ ُْ ُ‬
‫الس َم َاوات َواأل ْرض فانفذوا َل تنفذون إَل‬ ‫اس َت َط ْع ُت ْم َأ ْن َت ْن ُف ُذوا م ْن َأ ْق َطار ه‬ ‫َ ْ‬
‫اإلنس إن ْ‬ ‫َ ْ‬
‫{ َي َام ْعش َر الجن و‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َ ََ ُ ََ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُْ َ‬
‫ه يومئ ِ ٍذ واهِية والملك لَع أرجائِها}[الحاقة‪.]16 :‬‬ ‫ت السم ُ‬
‫اء ف ِ َ‬ ‫ان}[الرحمن‪ ،]33 :‬وذلك قوله‪َ { :‬وانشق ِ‬ ‫بسلط ٍ‬

‫َُ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ َ ُ َ ُّ َ ُ ۡ َ َ ُ‬
‫َّلل ف َما ُلۥ م ِۡن َهاد ‪} ٣٣‬‬ ‫صم َو َمن يُضل ِِل ٱ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ين َما لكم م َِن ٱَّللِ م ِۡن َع ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يوم تولون مدب ِ ِر‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬يوم القيامة تولون هاربين‪ ،‬ما لكم من عذاب هللا من مانع‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬لَك َّل َو َز َر‪ .‬إِل‬
‫ْ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َ‬
‫هاد يهديه إلى الحق‪ ،‬كما قال‬ ‫َربِك يومئِ ٍذ ال ُمستق ُّر}[القيامة‪ ،]11-12 :‬ومن يخذله هللا لكفره وعناده فما له من ٍ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫اَّلل فل َهاد َِي ُل}[األعراف‪.]186 :‬‬
‫تعالى‪َ { :‬من يُضل ِل َ ُ‬
‫ِ‬
‫َ َ َ ََ َ ُۡ َ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ ُ َۡ َى َ‬ ‫َََ ۡ َ َ ُ ۡ ُ ُ ُ‬
‫ت إِذا هلك قل ُت ۡم لن‬
‫كم بِهِۦ ح ى‬ ‫ت ف َما زِِلُ ۡم ِِف شك ِِّما جاء‬ ‫وسف مِن قبل ب ِٱليِن ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولقد جاءكم ي‬
‫ّسف ُِّّ ۡرتَاب ‪} ٣٤‬‬ ‫ض ُّل ٱ َ ُ‬
‫َّلل َم ۡن ُه َو ُِّ ۡ‬ ‫َّلل مِن َب ۡع ِده ِۦ َر ُسوَّل َك َذ ىل َِك يُ‬ ‫ََۡ َ‬
‫ثٱ َ ُ‬ ‫يب ع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد جاء آباءكم يا أهل مصر يوسف عليه السالم باملعجزات الواضحات على صدق رسالته‪،‬‬
‫توفي يوسف عليه السالم‪ ،‬قلتم‪ْ :‬‬ ‫ّ‬ ‫فما لتم في ّ‬
‫لن يرسل هللا تعالى‬ ‫شك من املعجزات التي جاءكم بها‪ ،‬حتى إذا‬ ‫ز‬
‫يضل هللا تعالى من هو متجاوز ّ‬
‫حده مرتاب في وحدانية هللا تعالى‪ ،‬كما قال‬ ‫من بعده رسوال‪ ،‬مثل هذا الضالل‪ّ ،‬‬
‫َ ََ َ َۡ َۡ َ َ ۡ َ ََ َ َُ َ‬
‫وضة َفماَ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُّ َ ُ َ‬
‫ُضب مثل ما بع‬‫حۦ أن ي ِ‬‫ضل اَّلل الظال ِ ِمي}[إبراهيم‪ ،]27 :‬وقال تعالى‪۞ { :‬إِن ٱَّلل َّل يست ِ‬
‫تعالى‪{ :‬وي ِ‬
‫َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ ُ ُ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ ى َ َ َ ا ُ ُّ‬ ‫ون َأنَ ُه ٱ ۡ َ ُّ‬
‫َََۡ َََ َ َ َ َُ ََۡ َُ َ‬
‫ضل‬‫لق مِن رب ِ ِهم وأما ٱَّلِين كفروا فيقولون ماذا أراد ٱَّلل بِهذا مثل ي ِ‬ ‫فوقها ر فأما ٱَّلِين ءامنوا فيعلم‬
‫سقِ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫ي ‪[} ٢٦‬البقرة‪.]26 :‬‬ ‫ضل بِهِۦ إَِّل ٱلفى ِ‬ ‫بِهِۦ كثِريا َويهدِي بِهِۦ كثِري را وما ي ِ‬

‫َ َ َ‬
‫ام ُن روا كذ ىل ِك‬ ‫ِند ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫ِند ٱ ََّللِ َوع َ‬ ‫ت ٱ ََّللِ ب َغ ۡري ُس ۡل َطىن َأتَى ى ُه ۡم َك ُ َ‬
‫ب َم ۡقتا ع َ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُ َى ُ َ‬
‫ون ِِف َء َاي ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِين يجدِل‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ ۡ َ ُ َ ُ َ َى ُ َ ۡ‬
‫ب ُم َتك ِب َج َبار ‪} ٣٥‬‬ ‫ُك ق ِ‬
‫ل‬ ‫يطبع ٱَّلل لَع ِ‬
‫دليل على‬ ‫واملعنى‪ :‬الذين يجادلون في آيات هللا تعالى الدالة على وحدانيته وقدرته‪ ،‬وليس عندهم ٌ‬
‫جدالهم عند هللا تعالى وعند املؤمنين‪ ،‬وما حملهم عل ذلك إال ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫التكبر والتعاظم‪،‬‬ ‫صحة دعواهم‪ ،‬عظم بغضا‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ‬
‫ري ُسل َطى ٍن أتى ى ُه ۡم إِن ِِف ُص ُدورِه ِۡم إَِّل ك ِۡب َما هم ب ِ َبىلِغِيهِ‬ ‫ِين يُجىدِلون ِِف َءاي ى ِ‬
‫ت ٱَّللِ بِغ ِ‬ ‫كما قال تعالى‪ { :‬إِن ٱَّل‬
‫ص ُ‬ ‫ۡ‬
‫فٱ ۡس َتعِذ بٱ ََّللِ إنَ ُهۥ ُه َو ٱ َ‬
‫لس ِم ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ري ‪[}٥٦‬غافر‪ ،]56 :‬مثل ذلك الطبع‪ ،‬يطبع هللا تعالى على قلب كل إنسان‬ ‫يع ٱلَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫متكبر عن االستماع للحق‪ ،‬متعاظم ومتجبر على عباد هللا تعالى بالعدوان واإليذاء‪.‬‬

‫َۡ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َصحا ل َع َِل أبۡل ُغ ٱل ۡس َبى َب ‪} ٣٦‬‬‫قوله تعالى‪َ { :‬وقال ف ِۡر َع ۡو ُن َي ى َه ى َم ى ُن ٱبۡن ل َ ۡ‬
‫ِ ِ‬
‫اآلج ِّر املضروب من‬ ‫البناء العالي املكشوف للناس من ُ‬ ‫َ‬ ‫واملعنى‪ :‬وقال فرعون لهامن‪ :‬يا هامن ابن لي‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كم م ِۡن إ َل ىه َغ ۡ‬‫َ َ َ ۡ َ ۡ ُ َى َ ُّ َ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ َ ُ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ريي فأ ۡوق ِۡد ِل ي ى َه ى َم ى ُن لَع‬
‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫الطين املشو ّي‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وقال فِرعون يأيها ٱلمل ما عل ِمت ل‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ َ ُ ُّ ُ َ ۡ َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫َ ۡ َ َ ََ ُ َى َ‬ ‫ٱلط َ ۡ َ‬
‫ِإَون لظنهۥ مِن ٱلك ِذبِي ‪[}٣٨‬القصص‪ ،]38 :‬لعلي أصل إلى‬ ‫ي فٱجعل ِل َصحا لع َِل أطل ِع إِل إِلهِ ِّوس ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الطرق املوصلة إلى األبواب‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََُ‬ ‫ل إ ِ َل ىهِ ُِّ َ ى‬‫َ‬ ‫َ‬


‫ت فَأ َطل َِع إ ِ ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أَ ۡس َبى َ‬
‫ِإَون لظ ُّن ُهۥ ك ىذِبا ر َووُكذ ىل ِك ُزي ِ َن لِفِ ۡر َع ۡون ُسو ُء ع َملِهِۦ َو ُص َد‬
‫وس ِ‬
‫بٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يل َو َما ك ۡي ُد ف ِۡر َع ۡو َن إَِّل ِِف َت َباب ‪} ٣٧‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ع ِن ٱلسب ِ ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬أبواب السماوات فأبحث عن إله موس ى وأنظر إليه‪ ،‬وإني ألعتقد أنه كاذب‪ ،‬ومثل ذلك التزّين‪،‬‬
‫وص ّد عن سبيل الحق‪ ،‬وما كيد فرعون ومكره إال في خسارة وهالك‪.‬‬ ‫ُزّين لفرعون سوء عمله فرآه حسنا‪ُ ،‬‬
‫ومعنى ّ‬
‫الظن في هذه اآلية اليقين واالعتقاد والجزم‪ ،‬ويؤيد هذه املعنى قول فرعون ‪ -‬كما حكى هللا تعالى‬
‫لطي فَٱ ۡج َعل ل َ ۡ‬ ‫َ َ َ ُ ََ‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫كم م ِۡن إ َل ىه َغ ۡريي فَأَ ۡوق ۡ‬‫َ َ َ ۡ َ ۡ ُ َى َ ُّ َ ۡ َ َ ُ َ َ ۡ ُ َ ُ‬
‫َصحا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٱ‬ ‫لَع‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ِد‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫عنه‪ { : -‬وقال ف ِرعون يأيها ٱلمل ما عل ِمت ل‬
‫َ َ ُ ُّ ُ َ ۡ َ‬
‫ك ى ِذب َ‬ ‫ى‬ ‫ل إ َل ىهِ ُِّ َ‬
‫ى‬
‫َ َ ََ ُ َ‬
‫ي ‪[}٣٨‬القصص‪.]38 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ۥ‬ ‫ه‬‫ن‬ ‫ظ‬‫ل‬ ‫ِإَون‬
‫ِ‬ ‫وس‬ ‫لع َِل أطل ِع إ ِ ِ‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬


‫ون أ ۡهدِوُك ۡم َسبِيل ٱ َلر َشادِ ‪} ٣٨‬‬ ‫َ َ َ َ َۡ َ ُ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وقال ٱَّلِي ءامن ي ىقو ِم ٱتبِع ِ‬

‫ۡ‬ ‫ََ َ َ ُ ََ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫َ َ ى ُ ُّ ۡ َ َ َ‬ ‫َ َۡ ََ َ‬
‫ار ‪} ٣٩‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬ي ىقو ِم إِنما هى ِذه ِ ٱليوة ٱَلنيا متىع ِإَون ٱٓأۡلخِرة ِه دار ٱلقر ِ‬
‫وإن الدار اآلخرة هي دار االستقرار والخلود‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬يا قومي إنما هذه الحياة الدنيا متاع قليل ائل‪ّ ،‬‬
‫ز‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّل ۡن َيا َو َما ٱ َ‬‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫َّلل يَ ۡب ُس ُط ٱلر ۡز َق ل َِمن ي َ َشا ُء َويَق ِد ُر ر َوفر ُحوا بٱ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬ٱ َ ُ‬
‫ل َي ىوةُ ٱ َُّلنيَا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ال َياة ِ ُّ‬ ‫ََ ََ ُ‬ ‫َ َ‬
‫اَلن َيا ِِف اآلخ َِرة ِ إَِّل قل ِيل}[التوبة‪ ،]38 :‬وقوله‬ ‫اع َ‬ ‫ِِف ٱٓأۡلخ َِرة ِ إَِّل َمتىع ‪[}٢٦‬الرعد‪ ،]26 :‬وقوله تعالى‪{ :‬فما مت‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫تاع ال ُغ ُرورِ}[الحديد‪.]20 :‬‬ ‫الياةُ ُّ‬
‫اَلنيا إَِّل م‬ ‫تعالى‪َ { :‬و َما َ‬

‫َ ُ َى َ َ ۡ ُ ُ َ‬ ‫َ َ َۡ ُ َى َ ُ َ ُ ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ۡ َ َ َ َ ََ َُۡ ى َ َۡ‬
‫ى إَِّل مِثل َها َو َم ۡن َع ِمل صىل ِحا مِن ذك ٍر أو أنَث وهو ِّؤمِن فأولئِك يدخلون‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬من ع ِمل سيِئة فل ُيز‬
‫ِيها ب َغ ۡ‬ ‫َۡ َ َ ُ ۡ َ ُ َ‬
‫ري ح َِساب ‪} ٤٠‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ون ف َ‬ ‫ٱلنة يرزق‬
‫من عمل سيئة فال يعاقب إال بمثلها‪ ،‬وهم ال يظلمون مثقال ذرة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َمن َج َ‬
‫اء‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫ََ َ ُ َ ُ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬
‫ون}[األنعام‪ ،]160 :‬ومن عمل عمال صالحا من ذكر أو أنثى‪ ،‬وهو‬ ‫السيِئَةِ فل ُي َزى إَِّل مِثلها وهم َّل يظلم‬ ‫ب َ‬
‫ِ‬
‫مؤمن باهلل وبما أنزله من الحق‪ ،‬فأولئك يدخلون الجنة‪ ،‬يرزقهم هللا تعالى فيها بغير حساب‪ ،‬وال ُينقصون من‬
‫َ َ َ ُ َ ُ‬ ‫أجور أعمالهم شيئا ولو كان مقدار النقرة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َمن َيع َمل م َِن َ‬
‫ات مِن ذك ٍر أو أنَث َوه َو‬ ‫الص ِ َ‬
‫ال ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ َ‬
‫ون نَقِريا}[النساء‪.]124 :‬‬
‫َ َ ُ َ ََ َ ُ ُ َ‬
‫ُِّؤمِن فأولئِك يدخلون النة وَّل يظلم‬

‫َ ۡ ُ َ َ َُۡ‬ ‫َۡ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َۡ ُ ُ ۡ َ َ َى ََۡ ُ َ‬ ‫ََ َۡ َ‬


‫ش َك بِهِۦ َما‬
‫قوله تعالى‪۞ { :‬وي ىقو ِم ما ِل أدعووُكم إِل ٱلجوة ِ وتدعون ِن إِل ٱلارِ ‪ ٤١‬تدعون ِن ِلكفر ب ِٱَّللِ وأ ِ‬
‫ۡ ى‬ ‫ۡ َََ َۡ ُ ُ‬
‫ووُك ۡم إ َل ٱ ۡل َ‬ ‫لَ ۡي َ‬
‫يز ٱل َغ َف ِر ‪} ٤٢‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ز‬‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ع‬‫د‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫أ‬‫و‬ ‫م‬ ‫ِل‬
‫ع‬ ‫ۦ‬‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫س‬

‫قوله تعالى‪ََّ { :‬ل َج َر َم َأ َن َما تَ ۡد ُعونَن إ َ َۡلهِ لَ ۡي َس َ ُلۥ َد ۡع َوة ِف ٱ َُّل ۡن َيا َو ََّل ِف ٱٓأۡلخ َِرة ِ َوأَ َن َِّ َر َدنَا إ َل ٱ ََّللِ َوأَ َن ٱل ۡ ُم ّۡسف ِيَ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬
‫ُه ۡم أ ۡص َحى ُب ٱلَارِ ‪} ٤٣‬‬
‫حق ووقع ّأن ما تدعونني إلى االعتقاد به وعبادته ال يستحق الدعوة إليه‪ ،‬وال يجيب‬ ‫واملعنى‪ :‬قد ّ‬
‫َ َ َ َ َ ُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫داعيه‪ ،‬ال في الدنيا وال في اآلخرة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َمن أَ َض ُّل ِّ َِمن يَد ُ‬
‫يب ُل إِل يَو ِم‬ ‫ج‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫َّل‬ ‫ن‬‫م‬ ‫اَّلل‬
‫ِ ِ‬ ‫ون‬‫د‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫و‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ َ ُ َ ُ َُ َ َ ََ ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ َ ُ َ ُ‬
‫َ‬
‫ون‪ِ .‬إَوذا ح ِش الاس َكنوا لهم أعداء وكنوا بِعِبادت ِ ِهم َكف ِِرين}[األحقاف‪،]5-6 :‬‬ ‫امةِ َوهم عن د ََعئ ِ ِهم َغف ِل‬ ‫القِي‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ ُ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫جابُوا لكم ويوم القيامة يكفرون‬ ‫كم َولو َسم ُعوا َما اس َت َ‬
‫ِ‬ ‫وقال تعالى‪{ :‬إِن تد ُعوهم َّل يسمعوا دَعء‬
‫ِكم}[فاطر‪ ،]14 :‬واعلموا ّأن مصيرنا إلى هللا وحده‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫وأن املتجاوزين حدود هللا تعالى هم أصحاب النار‪.‬‬ ‫بشوُك‬

‫ات ماَ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ََ َ ُ ۡ َ ِ َََ ىُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ ۡ ُ َ َ َُ ُ َ ُ ۡ ََُ ُ َ‬


‫سَٔٔ ِ‬‫صري ب ِٱلعِباد ‪ ٤٤‬فوقىه ٱَّلل ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فستذك ُرون ما أقول لك رم وأفوِض أِّ ِري إِل ٱ ر‬
‫َّللِ إِن ٱَّلل ب ِ‬
‫َ‬ ‫َََۡ َُ ُ َ َُ َۡ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫اق بَٔٔال ف ِۡر َع ۡو َن ُسو ُء ٱ ۡل َع َذاب ‪ ٤٥‬ٱلَ ُ‬ ‫َ َُ َ َ َ‬
‫اعة أدخِلوا َءال‬ ‫ار ُي ۡع َرضون َعل ۡي َها غ ُدوا َو َعشِ يا ر ويوم تقوم ٱلس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مكروا وح‬
‫ۡ َۡ َ ََ َ َ َ‬
‫ۡ‬
‫اب ‪} ٤٦‬‬ ‫ف ِرعون أشد ٱلع ِ‬
‫ذ‬

‫َ َ َ ُ ُ ُّ َ َ ى ُ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ ُ َ َ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ‬ ‫ۡ َ َ َ ُّ َ‬
‫نتم ُّمغ ُنون ع َنا‬ ‫ار فيقول ٱلضعفؤا ل َِّلِين ٱستكبوا إِنا كنا لكم تبعا فهل أ‬
‫ِ‬ ‫ل‬‫ٱ‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ون‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذ يتحاج‬
‫نَ ِصيبا م َِن ٱ َلارِ ‪} ٤٧‬‬
‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول إذ يتخاصم أهل النار فيها‪ ،‬فيقول الضعفاء األتباع للسادة الذين‬
‫عنا جزءا من عذاب النار بتحملكم قسطا من‬ ‫استكبروا ّإنا ّ‬
‫كنا تابعين لكم في الدنيا‪ ،‬فهل أنتم مغنون ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫عذابنا؟ ولوال إضاللكم لنا عن الحق‪ ،‬لكنا مؤمنين باهلل وبرسوله‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولو ت َرى إِذِ الظال ُِمون‬
‫ّ‬
‫َ َُ َ َ َ‬
‫َ ُ‬
‫بوا لوَّل أن ُتم لك َنا‬ ‫ِين استك‬ ‫ول َاَّل َ‬
‫ِين اس ُتضعِ ُفوا ل ََِّل َ‬ ‫َ َ َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ج ُع َبعض ُهم إِل َبع ٍض القول يق‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ ُ َ‬
‫ِّوقوفون عِند رب ِ ِهم ير ِ‬
‫ُِّؤ ِمن َِي}[سبأ‪.]31 :‬‬

‫ۡ‬
‫َ َ ََ ۡ َ َ‬
‫ك َم بَ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ َ َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ‬
‫ي ٱلعِ َبادِ ‪} ٤٨‬‬ ‫بوا إِنا ُك فِيها إِن ٱَّلل قد ح‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال ٱَّلِين ٱستك‬
‫واملعنى‪ :‬قال السادة الذين استكبروا عن اإليمان والطاعة للمستضعفين‪ :‬ال نتحمل عنكم شيئا من‬
‫فإنا كلنا جميعا في النار‪ّ ،‬إن هللا تعالى قد قض ى قضاء عادال بين العباد‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫لكل منا عذاب مضاعف‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫عذابكم‪،‬‬
‫َ ُ َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون}[األعراف‪.]38 :‬‬ ‫كن َّل تعلم‬‫ضعف َول ِ‬ ‫ِك ِ‬
‫كما قال تعالى‪{ :‬قال ل ٍ‬

‫َ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ َ َۡ‬ ‫َُ ۡ‬
‫َََ َ َََ ۡ ُ ََ ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ار ِلزنةِ جهنم ٱدعوا ربكم يفِف عنا يوما مِن ٱلعذ ِ‬
‫اب ‪} ٤٩‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وقال ٱَّلِين ِِف ٱل ِ‬
‫لعله يخفف ّ‬ ‫ّ‬
‫عنا يوما واحدا من العذاب‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وقال الذين في النار لخزنة جهنم‪ :‬ادعوا هللا رّبكم‬
‫وقد قالوا لهؤالء الخزنة بعد ْأن علموا ّأن هللا تعالى ال يستجيب منهم وال يستمع لدعائهم‪ ،‬وقد قال هللا تعالى‪:‬‬
‫ون}[املؤمنون‪.]108 :‬‬ ‫َ َ ُ َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫{اخسؤوا فِيها وَّل تكل ِم ِ‬

‫َ َ‬ ‫ُ ىُ ۡ َ‬ ‫َۡ َى َ ُ َ َ ُ َ ُ َ ۡ‬ ‫َ ُ ََ َۡ َ ُ َۡ ُ ۡ ُ ُ ُ ُ‬
‫ين إَِّل ِِف‬‫ت قالوا بَ ىَل قالوا قالوا فٱد ُعوا َو َما د َعؤا ٱلك ى ِف ِر‬ ‫ن‬ ‫ي‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ل‬‫ٱ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا أو لم تك تأتِيكم رسل‬
‫َ‬
‫َضل ى ٍل ‪} ٥٠‬‬
‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬قال الخزنة املوكلون بالنار لهم‪ :‬ألم يأتكم رسلكم باآليات البينات الدالة على صدق لقاء‬
‫ّ‬
‫يومكم هذا‪ ،‬والتحذير من سوء العاقبة؟ قال أهل النار‪ :‬بلى‪ ،‬قد جاؤونا بالبينات‪ ،‬وحذرونا من أهوال هذا‬
‫ُ‬ ‫ُ َ ََ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َُ ََ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ّ‬
‫اللقاء‪ ،‬وكذبناهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وقال ل ُهم خ َزنت َها ألم يَأت ِكم ُر ُسل مِنكم َيتلون عليكم آيَ ِ‬
‫ات َربِكم‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫كن َح َقت ُك َِمة ال َعذاب لَع الَكف ِر َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫كم ل َِق َ‬‫َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫َُ ُ َ ُ‬
‫ين}[الزمر‪ ،]71 :‬قال الخزنة‪:‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اء يَومِكم هذا قالوا بََل َول ِ‬ ‫وينذِرون‬
‫فادعوا أنتم بأنفسكم‪ ،‬فنحن ال ندعو لكم‪ ،‬وما دعاء الكافرين إال في ضياع ال يستجاب‪.‬‬

‫َۡۡ‬ ‫ۡ‬
‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّل ۡن َيا َويَ ۡو َم َي ُق ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِنَا لَ ُ ُ‬
‫وم ٱلش َه ى ُد ‪}٥١‬‬ ‫ام ُنوا ِِف ٱ َ‬ ‫نُص ُر ُسل َنا َوٱَّل َ‬
‫ِين َء َ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنا لننصر رسلنا واملؤمنين ونجعلهم الغالبين على أعدائهم في الحياة الدنيا ويوم يقوم األشهاد‬
‫من املالئكة واألنبياء واملؤمنين يوم القيامة‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ُ َ َ َُ ُ ُ َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ورون‪ِ .‬إَون ُجن َدنا‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ولقد َس َبقت ُك َِم ُتنا لِعِبادِنا المرسل ِي‪ .‬إِنهم لهم المنص‬
‫َ‬
‫َِب أنَا َو ُر ُسَل إ َن َ َ‬ ‫َ‬‫ب َُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫اَّلل قوِ يي َع ِزيز}[املجادلة‪:‬‬ ‫ِ ِ‬
‫اَّلل لغل َ َ‬ ‫ون}[الصافات‪ ،]171-173 :‬وقوله تعالى‪{ :‬ك َت َ‬ ‫ل ُه ُم الغالِ‬
‫‪.]21‬‬

‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ى‬‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬


‫ي َم ۡعذ َِر ُت ُه ۡم َول ُه ُم ٱلل ۡع َنة َول ُه ۡم ُسو ُء ٱ ََلارِ ‪} ٥٢‬‬
‫لظلِم َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ي ۡوم َّل ينف ُع ٱ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ويوم يقوم األشهاد ال ينفع املشركين الظاملين ألنفسهم اعتذا ُرهم‪ ،‬ولهم اللعنة‪ ،‬ولهم الدار‬
‫ُ ُ َ ُ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫السيئة في النار‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َمن أظل ُم ِّ َِم ِن افتى لَع اَّللِ كذِبا أولئِك ُيع َرضون لَع َرب ِ ِهم َويَقول الشهاد‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الظالِم َ‬
‫ي}[هود‪.]18 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِين كذبُوا لَع َرب ِ ِهم أَّل لع َنة اَّللِ لَع‬
‫هؤَّلءِ اَّل َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وال تعارض بين هذه اآلية وقوله تعالى‪{ :‬وَّل يؤذن ل ُهم‬
‫فإن املعنى واحد‪،‬‬‫فيعتذرون}[املرسالت‪]36 :‬؛ ّ‬
‫وهو ّأن أهل النار ال ينفعهم عذرهم وليس لهم عذر مقبول حتى يستمع إلى عذرهم‪ ،‬وقد قيل ّإن القيامة‬
‫ّ‬
‫مواطن ومواقف‪ ،‬في بعضها يتكلم أهل النار ويعتذرون‪ ،‬وفي بعضها ال يستطيعون ْأن يعتذروا‪ ،‬فبعد ْأن ر ّد‬
‫َ ََ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫كل ُِمون}[املؤمنون‪ ،]108 :‬فينقطع نطقهم‪ ،‬فال يتكلمون وال‬ ‫هللا تعالى عليهم بقوله‪{ :‬قال اخ َسئُوا فِيها وَّل ت‬
‫َ َ َُ َُ ۡ َ َ ُ َ‬ ‫َ َۡ ُ َ‬
‫ون ‪[}٨٥‬النمل‪.]85 :‬‬ ‫يعتذرون‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َوق َع ٱلق ۡول َعل ۡي ِهم بِما ظلموا فهم َّل ين ِطق‬

‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َى‬ ‫َ َ َ َ َ‬
‫ي َم ۡعذ َِر ُت ُه ۡم َول ُه ُم ٱلل ۡع َنة َول ُه ۡم ُسو ُء ٱ ََلارِ ‪} ٥٢‬‬
‫لظلِم َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ي ۡوم َّل ينف ُع ٱ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد آتينا موس ى عليه السالم التوراة التي فيها هدى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إنَا أَنزلَا َ‬
‫اِلو َراةَ فِيهاَ‬
‫ِ‬
‫ُهدى َونُور}[املائدة‪ ،]44 :‬وجعلنا بني إسرائيل يتوارثون التوراة خلفا بعد سلف‪.‬‬
‫َ‬ ‫ۡ َۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ُ { :‬هدى َوذِك َر ى‬
‫ى ِلو ِل ٱللبى ِ‬
‫ب ‪} ٥٤‬‬
‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫وس ٱ ۡلك َِتى َ‬
‫واملعنى‪ :‬وجعلنا التوراة هدى لبني إسرائيل‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َءاتَ ۡي َنا ُِّ َ‬
‫ب َو َج َعل َنى ُه هدى ِلَ ِن‬
‫ون َووُك ِيل ‪[}٢‬اإلسراء‪ً ،]2 :‬‬ ‫ُ‬ ‫ۡ َى َ َ َ َ َ ُ‬
‫وذكرا يتذكر بها أصحاب العقول السليمة الصحيحة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫وا‬‫ذ‬ ‫خ‬
‫إِسءِيل أَّل تت ِ‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫َ َ َ ۡ َۡ َ َ‬ ‫َ‬
‫ۡ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َۡ ۡ‬ ‫َ‬
‫ش َوٱ ِإلبۡك ى ِر ‪} ٥٥‬‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فٱص ِب إِن وعد ٱَّللِ حق وٱستغفِر َِّلۢنبِك وسبِح ِّبم ِد ربِك ب ِٱلع ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فاصبر أيها الرسول على أذى املشركين‪ّ ،‬إن وعد هللا تعالى بنصرك ونصر املؤمنين حق‪،‬‬
‫فإن هللا تعالى قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر‪،‬‬ ‫واستغفر لذنبك ْوليتأس بك املؤمنون في االستغفار‪ّ ،‬‬
‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫ك َُ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اَّلل ما تق َد َم مِن ذنبِك َوما‬ ‫كما قال تعالى‪َ { :‬و َوض ۡع َنا َعنك وِ ۡز َر َك ‪[}٢‬االنشراح‪ ،]2 :‬وقال تعالى‪َِ { :‬لغفِر ل‬
‫ودم على تنزيه ربك في املساء والصباح بالتسبيح والتحميد وصالة العصر والصبح‪ ،‬كما قال‬ ‫تَأَ َخ َر}[الفتح‪ْ ،]2 :‬‬
‫ُُ‬ ‫َ َ‬
‫ُ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫وب}[ق‪.]39 :‬‬ ‫َ‬
‫وع الشم ِس وقبل الغر ِ‬ ‫تعالى‪َ { :‬و َسبِح ِّبَم ِد َربِك قبل طل‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ ُ ِ َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫وع الشم ِس َوقبل غ ُروب ِ َها‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فاص ِب لَع َما َيقولون َو َسبِح ِّبم ِد ربِك قبل طل‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫َومِن آنَاءِ اللي ِل ف َسبِح َوأط َراف الَ َهارِ ل َعل َك تَرض}[طه‪.]130 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َۡ ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ ُ َى ُ َ‬


‫ري ُسل َطى ٍن أتى ى ُه ۡم إِن ِِف ُص ُدورِه ِۡم إَِّل ك ِۡب َما هم ب ِ َبىلِغِيهِ فٱ ۡس َتعِذ‬
‫ِ ِ‬‫غ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫ى‬ ‫اي‬‫ء‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ون‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلِين يجدِل‬
‫ص ُ‬ ‫َ َُ َُ َ ُ ۡ‬
‫ري ‪} ٥٦‬‬ ‫يع ٱلَ ِ‬ ‫ب ِٱَّللِ إِنهۥ هو ٱلس ِم‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن الذين يجادلون في آيات هللا تعالى الدالة على وحدانيته وقدرته‪ ،‬وليس عندهم دليل على‬
‫صحة دعواهم‪ ،‬ما حملهم على ذلك إال التكبر والتطلع إلى الرياسة‪ ،‬وهم جميعا لن يبلغوا ما تتوق إليه‬
‫نفوسهم املريضة‪ ،‬فالتجئ إلى هللا تعالى أيها الرسول‪ ،‬لكي يحفظك من شرورهم وكيدهم‪ّ ،‬إن هللا تعالى هو‬
‫السميع ألقوالهم‪ ،‬البصير بـأحوالهم وأعمالهم‪.‬‬
‫ب َم ۡقتا ع َ‬
‫ِند ٱ ََّللِ َوع َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ت ٱ ََّللِ ب َغ ۡري ُسل َطىن أتَى ى ُه ۡم ك ُ َ‬ ‫َ َ ُ َى َ‬
‫ُ‬
‫ِند‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ون ِِف َء َاي ى‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِين يجدِل‬
‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ َى َ َ ۡ َ ُ َ ُ َ َى ُ َ ۡ‬
‫ب ُم َتك ِب َج َبار ‪[}٣٥‬غافر‪.]35 :‬‬ ‫ٱَّلِين ءامن روا كذل ِك يطبع ٱَّلل لَع ِ‬
‫ُك قل ِ‬

‫َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َ ى َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ ۡ‬
‫ون ‪} ٥٧‬‬ ‫ك َ‬
‫َّث ٱلَ ِ‬
‫اس َّل يعلم‬ ‫كن أ‬ ‫ب م ِۡن َخل ِق ٱلَ ِ‬
‫اس ول ِ‬ ‫كَُ‬ ‫ت َوٱلۡر ِض أ‬ ‫لل ُق ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬‬

‫لخلق السماوات واألرض وما فيهما من عجائب الخلق أكبر من خلق الناس وإعادتهم بعد‬ ‫ُ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫موتهم‪ ،‬فمن قدر على خلق السماوات واألرض فبطريق أولى هو قادر على ما دونه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أ َولم يَ َروا أن‬
‫ََ َ ُ َ َ َ ََ َُ ََ ُ َ‬ ‫َ ََ َ َ َ َ َ‬ ‫اَّلل َاَّلِي َخلَ َق َ‬
‫ََ‬
‫ُك يش ٍء‬
‫ع ِِبل ِق ِهن بِقاد ٍِر لَع أن ي ِي الموت بَل إِنه لَع ِ‬ ‫ات َوالرض ولم ي‬
‫الس َم َو ِ‬
‫قَدِير}[األحقاف‪ّ ،]33 :‬‬
‫ولكن أكثر الناس ال يعلمون ّأن ذلك كله ّ‬
‫هين على هللا تعالى‪.‬‬

‫َ ََ َ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ام ُنوا َو َعملُوا ٱ َ ى َ‬ ‫ۡ َۡ َ َ َۡ ُ َ َ‬


‫ون ‪}٥٨‬‬ ‫ت َوَّل ٱل ُم ِس ُء ر قل ِيل ما تتذكر‬
‫لصل ِحى ِ‬ ‫ِ‬
‫ِين َء َ‬
‫َ‬ ‫َّل‬‫صري وٱ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما ي َ ۡس َتوِي ٱلع ى‬
‫م وٱل ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وما يستوي الكافر األعمى عن الحق واملؤمن البصير بالحق‪ ،‬كما قال في آية أخرى‪َ { :‬وما‬
‫ُّ‬
‫الظل ُ‬
‫مات َوَّل الُّ ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ور}[فاطر‪ ،]19-20 :‬وما يستوي املحسن باإليمان واألعمال‬ ‫ري ‪َ .‬وَّل‬ ‫يستوِي العم َوالَ ِ‬
‫ّ‬
‫الصالحة واملس يء بالكفر واألعمال السيئة‪ ،‬قليال ما تتذكرون أيها الناس بهذه األمثال‪.‬‬

‫ُۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َۡ َ َ َ ى َ ۡ‬
‫ك َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن ٱ َ َ‬
‫ون ‪} ٥٩‬‬ ‫اس َّل يؤمِن‬ ‫َّث ٱلَ ِ‬ ‫كن أ‬ ‫لساعة ٓأَلتِ َية َّل ريب فِيها ول ِ‬ ‫ِ‬
‫ولكن أكثر الناس ال يؤمنون بمجيئها‪.‬‬ ‫وأن ساعة البعث آتية ال ريب في مجيئها‪ّ ،‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ِيها َوأَ َن َ َ‬
‫اَّلل َيب َع ُث َمن ِِف ال ُق ُبورِ}[طه‪.]7 :‬‬ ‫بف َ‬ ‫اع َة آت َِية ََّل َري َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وأَ َن َ‬
‫الس َ‬

‫ُ‬‫َ َۡ َ ُ َ َ ۡ َ َ َ َۡ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ك ُم ٱ ۡد ُعون أ ۡس َتج ۡ‬ ‫َ َ‬
‫ون َج َه َن َم َداخِر َ‬
‫ين ‪}٦٠‬‬ ‫ب لك ۡ رم إِن ٱَّلِين يستك ِبون عن عِباد ِِت سيدخل‬
‫َ ُّ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وقال رب‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫استجب لكم‪ ،‬إ ّن الذين يستكبرون عن‬ ‫ْ‬ ‫وخصوني بعبادتكم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬وقال رّبكم أيها املؤمنون‪ :‬ادعوني‬
‫جهنم صاغرين‪.‬‬ ‫دعاء هللا تعالى وعبادته سيدخلون ّ‬
‫عط ّ‬ ‫ً ُ َ‬ ‫قال اإلمام ابن أبي حاتم في تفسيره‪ :‬قال كعب األحبار‪ :‬أعط ْ‬
‫هن ّأمة قبلهم‬ ‫يت هذه ّ‬
‫األمة ثالثا لم ت‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫اهد على ّأمتك" وجعلكم شهد َاء على الناس‪ ،‬وكان يقال له‪:‬‬ ‫نبيا قيل ُله‪" :‬أنت َش ٌ‬ ‫نبي‪ :‬كان إذا أرسل هللا ًّ‬ ‫إال ٌّ‬
‫ََ َ ََ ََ ُ‬
‫ِين مِن َح َر ٍج}[الحج‪ ،]78 :‬وكان‬ ‫ِ‬ ‫اَل‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫الدين من حرج" وقال لهذه األمة‪{ :‬وما جعل علي‬
‫"ليس عليك في ّ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫َۡ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ َۡ َ ۡ ُ َ‬ ‫َ َ َ َ ُّ ُ ُ ۡ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫يقال له‪ُ :‬‬
‫بون‬ ‫جب لك رم إِن ٱَّلِين يستك ِ‬ ‫ون أست ِ‬ ‫أستجب لك"‪ ،‬وقال لهذه األمة‪ { :‬وقال ربكم ٱدع ِ‬ ‫ِ‬ ‫"ادع ِوني‬
‫ون َج َه َن َم َداخِر َ‬‫َ ۡ َ َ َ َۡ ُ ُ َ‬
‫ين ‪[}٦٠‬غافر‪.]60 :‬‬ ‫ِ‬ ‫عن عِباد ِِت سيدخل‬

‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ََ َُ َ ۡ‬ ‫َ ََ َ ُ ُ ََۡ َ ۡ ُ‬


‫ك ُنوا فِيهِ َوٱلَ َه َ ۡ‬ ‫َُ َ‬
‫ك َن‬
‫اس َول ى ِ‬
‫َّلل َّلو فض ٍل لَع ٱلَ ِ‬ ‫ار ُمب ِ‬
‫ُصار إِن ٱ‬ ‫َّلل ٱَّلِي جعل لكم ٱَلل ل ِتس‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ‬
‫َ َۡ ُُ َ‬ ‫كََ‬ ‫َ ۡ‬
‫ون ‪} ٦١‬‬ ‫اس َّل يشكر‬ ‫َّث ٱلَ ِ‬ ‫أ‬
‫واملعنى‪ :‬هللا تعالى الذي جعل لكم الليل لتستريحوا فيه ولتسكنوا فيه رحمة بكم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫ََََ ُ ۡ َۡ ُ ُ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ َ ُ ُ ََۡ َ ََ َ َ ُ‬ ‫َومِن َر ۡ َ‬
‫ون ‪[}٧٣‬القصص‪،]73 :‬‬ ‫ار ل ِت ۡسك ُنوا فِيهِ َو ِِلَ ۡب َتغوا مِن فضلِهِۦ ولعلكم تشكر‬‫ْحتِهِۦ جعل لكم ٱَلل وٱله‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ َۡ ََۡ َ ََ َ َ ََۡ َ َ َ َ‬
‫ح ۡونا َءايَة ٱ َۡل ِل‬ ‫ي فم‬
‫وجعل النهار مبصرا لتبتغوا فضال من ربكم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وجعلنا ٱَلل وٱلهار ءايت ِ‬
‫َ َ ۡ َ َ ََُ َ ۡ َ َ َۡ ُ َۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ََۡ َ ََ ََ ُۡ َ ۡ ُ َ ۡ‬
‫صيل‬ ‫يشء فصلنىه تف ِ‬ ‫اب وُك‬ ‫ُصة ِِلَب َتغوا فضل مِن َربِك ۡم َو ِِلَعل ُموا ع َدد ٱ ِ‬
‫لسن ِي وٱل ِس ر‬ ‫ار مب ِ‬
‫وجعلنا ءاية ٱله ِ‬
‫‪[}١٢‬اإلسراء‪ّ ،]12 :‬‬
‫وإن هللا لذو فضل عظيم على الناس جميعا‪ ،‬حيث خلقهم ورزقهم‪ ،‬وشرع لهم ما يصلحهم‬
‫َ َ َ‬
‫الشك ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ور}[سبأ‪.]13 :‬‬ ‫وينفعهم‪ ،‬ولكن أكثر الناس ال يشكرونه على هذه النعم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وقل ِيل مِن عِبادِي‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََۡ ََ ۡ ََ َ َ َۡ ََۡ َ ۡ ُ‬
‫ك ُنوا فِيهِ َوٱلَ َه َ ۡ‬
‫ار ُمب ِ‬
‫ُصار إِن ِِف ذ ىل ِك ٓأَلي ىت‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬ألم يروا أنا جعلنا ٱَلل ل ِيس‬
‫َ ۡ ُۡ ُ َ‬
‫ون ‪[}٨٦‬النمل‪.]86 :‬‬ ‫ل ِقوم يؤمِن‬

‫َ ى ُ ُ َ ُ َ ُّ ُ ۡ َ ى ُ ُ َ ۡ َ َ ى َ َ ُ َ َ َ َ ى ُ ۡ َ ُ َ‬
‫ُك يشء َّل إ ِله إَِّل هو فأن تؤفكون ‪}٦٢‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬ذل ِكم ٱَّلل ربكم خل ِق ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ذلكم هللا رّبكم أيها الناس‪ ،‬خالق كل ش يء‪ ،‬ال معبود بحق سواه‪ ،‬فأخلصوا له العبادة‪ ،‬كما‬
‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ ُ َ ُّ ُ َ َ َ َ ُ َ َ ُ ُ َ‬
‫ُك يش ٍء فاع ُب ُدوهُ}[األنعام‪ ،]102 :‬فكيف تصرفون عن الحق‬
‫قال تعالى‪{ :‬ذل ِكم اَّلل ربكم َّل إِل إَِّل هو خال ِق ِ‬
‫إلى الباطل‪ ،‬وعن الهدى إلى الضالل؟‬

‫َ َۡ َ ُ َ‬ ‫َ َى َ ُ ۡ َ ُ َ َ َ ُ َ َ‬
‫ون ‪} ٦٣‬‬ ‫ِين َكنوا ب ِأي ى ِ‬
‫ت ٱَّللِ ُيحد‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬كذل ِك يؤفك ٱَّل‬

‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َ ُ ُ َۡ َ ََ َ َ َ َ َ َ َ َ َُ ۡ ََ ۡ َ َ ُ ََُ ۡ َ َ ََ ُ‬ ‫َُ َ‬


‫ت‬
‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫لط‬ ‫ٱ‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫َّلل ٱَّلِي جعل لكم ٱلۡرض قرارا وٱلسماء بِناء وصوروُكم فأحسن صوروُكم ورزق‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ‬
‫َّلل َر ُّب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬
‫ي ‪} ٦٤‬‬ ‫ك ۡم َف َت َب َ‬
‫ار َك ٱ َ ُ‬ ‫َ ى ُ ُ َ ُ َ ُّ ُ‬
‫ذل ِكم ٱَّلل رب‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هللا الذي جعل األرض مستقرا‪ ،‬وجعل السماء بناء كالسقف لألرض ورفعها بغير عمد‪ ،‬كما‬
‫ُ ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫قال تعالى‪َ { :‬و َج َعل َنا َ‬
‫ون}[األنبياء‪ ،]32 :‬وخلقكم أيها الناس في أجمل‬ ‫ماء َسقفا َمفوظا َوهم عن آيات ِها مع ِرض‬
‫الس َ‬
‫ص ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ري}[التغابن‪ ،]3 :‬ورزقكم من‬ ‫شكل‪ ،‬وأحسن صوركم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وص َو َروُكم فأح َس َن ص َو َروُكم ِإَوَلهِ ال َم ِ‬
‫تنزه هللا عن كل نقص‪ ،‬وكثر إحسانه‪ ،‬وتزايدت بركات هللا رب العاملين‪.‬‬ ‫ألوان الطيبات‪ ،‬ذلكم هللا ّبكم‪ّ ،‬‬
‫ر‬

‫ۡ َ‬ ‫ۡ‬
‫ل ۡم ُد ِ ََّللِ َرب ٱل َع ىلم َ‬ ‫ي ُل ٱَل َ‬
‫ِين ٱ َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ح َّل إل ى َه إَّل ُه َو فٱ ۡد ُعوهُ ُّملِص َ‬‫َُ َ‬
‫ي ‪} ٦٥‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬هو ٱل ُّ ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هو هللا الحي الباقي الذي ال يفنى‪ ،‬ال معبود بحق إال هو‪ ،‬فأخلصوا الدعاء والعبادة‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ ُ َ‬
‫والطاعة هلل وحده كما أمرتم به في قوله تعالى‪{ :‬وما أِِّروا إَِّل َِلعبدوا اَّلل ُّمل ِِصي ل اَلِين}[البينة‪ ،]5 :‬جميع‬
‫املحامد هلل ر ّب العاملين‪.‬‬

‫َ َُ ۡ ُ َۡ ُ‬ ‫ن ٱ ۡلَي َنى ُ‬ ‫ُ ُ َۡ َ َُۡ َ َ َۡ ُ َ‬


‫ت أن أ ۡسل َِم‬ ‫ت مِن ر ِب وأِِّر‬ ‫َ‬ ‫ون مِن ُدون ٱ ََّللِ ل َ َما َجا َ‬
‫ء‬
‫ُۡ‬
‫قوله تعالى‪۞ { :‬قل إ ِ ِن ن ِهيت أن أعبد ٱَّلِين تدع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ل َِرب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬
‫ي ‪} ٦٦‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهؤالء املشركين‪ّ :‬إني ُ‬
‫نهيت ْأن أعبد الذين تدعونهم من دون هللا تعالى‪ ،‬ملا‬
‫يت أَن أَع ُب َد َاَّل َ‬
‫ِين‬ ‫جاءتني األدلة النقلية والعقلية من عند رّبي‪ ،‬فال أتبع أهواءكم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬قُل إن نُه ُ‬
‫ِِ ِ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ ََ ُ َ َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ون اَّللِ قل َّل أتبِع أهواءكم}[األنعام‪ ،]56 :‬وأمرت أن أسلم وأخضع وأنقاد هلل رب العاملين‪.‬‬
‫تدعون مِن د ِ‬

‫ُ ُ‬ ‫ُُ َُ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ُ ُۡ‬ ‫ُّ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫ُ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ه َو ٱَّلِي خلقكم مِن ت َراب ث َم مِن ن ۡطفة ث َم م ِۡن َعلقة ث َم ي ِر ُجك ۡم طِفل ث َم ِِلَ ۡبلغوا أش َدك ۡم ث َم‬
‫ََََ ُ ۡ َۡ ُ َ‬ ‫ُُ َ‬ ‫ُ ُ ُ‬
‫ون ‪} ٦٧‬‬
‫َ ُ‬ ‫ِنكم َمن ُي َت َو َ ى‬
‫ف مِن ق ۡبل َو ِِلَ ۡبلغوا أ َجل ُِّّ َسم ولعلكم تع ِقل‬
‫ُ‬
‫ِلِ َكونوا ش ُيوخا ر َوم‬
‫واملعنى‪ :‬هو هللا الذي خلق أباكم آدم من تراب‪ ،‬ثم تناسلت ذريته من النطفة املتولدة من الغداء‬
‫تتحول بقدرة هللا إلى دم أحمر غليظ‪ ،‬ثم يخرجكم من بطوم أمهاتكم أطفاال ضعافا‪،‬‬ ‫الناش ئ من التراب‪ ،‬ثم ّ‬
‫من يموت قبل ذلك‪ ،‬ولتبلغوا‬ ‫ثم لتبلغوا وقت شبابكم وقوتكم واكتمال عقولكم‪ ،‬ثم لتكونوا شيوخا‪ ،‬ومنكم ْ‬
‫بهذه األطوار أجال مسمى تنتهي عنده أعماركم‪ ،‬ولعلكم تعقلون قدرة هللا تعالى في ذلك‪.‬‬
‫ُ‬ ‫اس إ ْن ُك ْن ُت ْم في َرْيب م َن ْال َب ْعث َفإ هنا َخل ْق َناك ْم م ْن ُت َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُّ َ ه‬
‫اب ث هم م ْن‬‫ٍ‬ ‫ر‬ ‫ٍ‬
‫الن ُ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬يا أيها‬
‫ُ ْ َ ُ ه ْ َ َ َ ُ ه ْ ُ ْ َ ُ َ ه َ َ َ ْ ُ َ ه َ ُ َ َ َ ُ ْ َ ُ ُّ ْ َ ْ َ َ َ َ ُ َ َ َ ُ َ ًّ هُ‬
‫نطف ٍة ثم من علق ٍة ثم من مضغ ٍة مخلق ٍة وغير مخلق ٍة لنبين لكم ونقر في األرحام ما نشاء إلى أج ٍل مسمى ثم‬
‫ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ ْ‬ ‫َ ه ُْ‬ ‫ُْ‬ ‫ًْ ُ َ ُ ُ َ ُ ُ‬ ‫ُ ْ ُ‬
‫نخر ُجك ْم طفال ث هم لت ْبلغوا أش هدك ْم َومنك ْم َم ْن ُيت َوفى َومنك ْم َم ْن ُي َر ُّد إلى أ ْرذل ال ُع ُمر لك ْيال َي ْعل َم م ْن َب ْعد عل ٍم‬
‫ُ َ‬ ‫ْ َْ َ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ً َ َ َْ ْ َ َ َْ‬ ‫َ ًْ َََ َْ‬
‫ض َهام َدة فإذا أن َزلنا َعل ْي َها اَل َاء ْاهت هزت َو َرَبت َو أن َبتت م ْن كل ز ْو ٍج َبه ٍيج}[الحج‪ ،]5 :‬وقوله‬ ‫األ ْر َ‬ ‫شيئا وترى‬
‫ُ َ َ ْ َ ُّ ْ َ َ‬ ‫ْ ُ َْ ً َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َََْ ْ ْ َ‬
‫تعالى‪َ { :‬ولق ْد خلقنا اإلنسان م ْن ُسالل ٍة م ْن ط ٍين (‪ )12‬ث هم َج َعلنا ُ نطفة في قر ٍار َمك ٍين (‪ )13‬ث هم خلقنا النطفة‬
‫َ َ ً ُ َْ َ ْ َْ ً َ َ َ‬ ‫ً ََ َ ْ‬ ‫َ َ َ ً َ َ َ ْ َ ْ ََ َ َ ُ ْ َ ً َ َ َ ْ َ ُْ ْ َ َ‬
‫ظام ل ْحما ث هم أنشأنا ُ خلقا آخ َر فتبا َر َك‬ ‫ضغة عظاما فك َس ْونا الع‬ ‫علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا اَل‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫هُ َ‬
‫َّللا أ ْح َس ُن الخالقين}[املؤمنون‪.]12-14 :‬‬

‫َ ُ‬
‫ُ ُ َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}٦٨‬‬ ‫يت فإِذا ق َ ى‬
‫ض أ ِّۡرا فإِن َما َيقول لۥ كن فيك‬ ‫قوله تعالى‪ُ { :‬ه َو ٱَّلِي يُ ۡحۦ َويُ ِم ُ‬
‫ِ‬
‫ُْ‬
‫واملعنى‪ :‬هو هللا الذي يحيي ويميت‪ ،‬وإذا أراد تعالى إحكام أمر وإحداثه‪ ،‬يقول له‪ :‬كن‪ ،‬فيحدث فورا‬
‫ََ‬ ‫ََ َ َُ َ‬
‫ِّرنا إَِّل َوح َِدة ُكمحِ‬ ‫بمجرد األمر اإللهي‪ ،‬دون بطء وال تكلف‪ ،‬وما هو إال كلمح البصر‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وما أ‬
‫ُص}[القمر‪.]50 :‬‬‫َ َ‬
‫بِال ِ‬

‫َ ۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ َ َى ُ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪ ٦٩‬ٱ ََّل َ‬
‫ِين َك َذبُ‬ ‫َ َ‬ ‫ََۡ ََ َ َ َ ُ َى ُ َ‬
‫ب َوب ِ َما أ ۡر َسل َنا بِهِۦ‬
‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ِت‬
‫ك‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫ف‬‫ُص‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ِ‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫ى‬ ‫اي‬‫ء‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ون‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ألم تر إِل ٱَّلِين يجدِل‬
‫ُ ُ ََ َ َ ۡ َ َ ۡ َُ َ‬
‫ون ‪} ٧٠‬‬ ‫رسلنا فسوف يعلم‬

‫ُۡ َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََۡۡ ُ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬إذِ ٱلغل ىل ِف أ ۡع َنىقِه ۡم َوٱ َ‬
‫ون ‪} ٧١‬‬ ‫لسل ىسِل يسحب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬حين تجعل األغالل والسالسل في أعناق الذين كفروا بربهم في النار‪ ،‬يسحبون بها‪ ،‬كما قال‬
‫ُ َى َ‬ ‫ُ َى َ َ َ َ َ‬ ‫َ ۡ َ‬ ‫َۡ ُُ ۡ َ َ ُ َ َُ َ َ َ‬ ‫َۡ َ ۡ ََ َ‬
‫ِين كف ُروا ب ِ َرب ِ ِه ۡم َوأولئِك‬ ‫تعالى‪ِ۞{ :‬إَون تعجب فعجب قولهم أءِذا كنا تر ىبا أءِنا ل َِف خلق جد ٍ‬
‫ِيد أولئِك ٱَّل‬
‫َ ۡ َ ۡ َ ُ َى َ َ ۡ َ ى ُ َ ُ ۡ َ َ ى ُ َ‬ ‫ۡ َ ۡ َى ُ‬
‫ٱلغلل ِِف أعناق ِ ِهم وأولئِك أصحب ٱلارِ هم فِيها خ ِِلون ‪[}٥‬الرعد‪.]5 :‬‬

‫َ ُۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬


‫ون ‪} ٧٢‬‬‫ار يسجر‬
‫قوله تعالى‪ِِ { :‬ف ٱل ِمي ِم ثم ِِف ٱل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬يسحبون بها في الحميم‪ ،‬ثم ُيحرقون في النار التي تحيط بهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ل ُهم مِن فوق ِ ِهم‬
‫َۡ َ‬ ‫َ َ َۡ َى ُ‬ ‫َى َ ُّ َ َ َ َ َ ُ َ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ظلل م َِن الَارِ َومِن تت ِ ِهم ظلل}[الزمر‪ ،]16 :‬وقال تعالى‪ { :‬يأيها ٱَّلِين ءامنوا أنفِقوا ِِّما رزقنكم مِن قب ِل أن‬
‫َ َ ُ َ َ َ َ َ ى َ َ ۡ َ ى ُ َ ُ ُ َى ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪[} ٢٥٤‬البقرة‪.]254 :‬‬ ‫ِت يَ ۡوم َّل َب ۡيع فِيهِ وَّل خلة وَّل شفعة وٱلكفِرون هم ٱلظل ِم‬
‫يَأ ِ َ‬

‫ُ َ َ َُ ۡ َۡ َ َ ُ ُ ۡ ُۡ ُ َ‬
‫شوُكون ‪} ٧٣‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ثم قِيل لهم أين ما كنتم ت ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ثم قيل لهم توبيخا وتبكيتا‪ :‬أين اآللهة التي كنتم تعبدونها وتزعمون في الدنيا ّأنهم شركاء هللا؟‬
‫ۡ ََُ ُ َۡ َ ُ ََ َ َ َ ُ ُ ۡ َۡ ُ ُ َ‬
‫ون ‪[}٧٤‬القصص‪.]74 :‬‬ ‫كما قال تعالى‪َ { :‬ويَ ۡو َم ُي َنادِي ِهم فيقول أين شكءِي ٱَّلِين كنتم تزعم‬

‫ۡ َ‬ ‫ُّ‬
‫ضل ٱ َ ُ‬
‫َّلل ٱلك ىفِر َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫كن نَ ۡد ُعوا مِن ق ۡبل ۡ‬ ‫َ‬
‫ََ َ ۡ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ين ‪} ٧٤‬‬‫ِ‬ ‫يش ٍء كذ ىل ِك ي ِ‬ ‫ون ٱَّللِ قالوا ضلوا عنا بل لم ن‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬مِن د ِ‬
‫نكن في الدنيا نعبد شيئا‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫واملعنى‪ :‬من دون هللا تعالى‪ ،‬أجابوا‪ :‬غابوا عنا وذهبوا‪ ،‬بل لم ْ‬
‫اَّللِ َرب َنا َما ُك َنا ُِّشوُك َِي}[األنعام‪ ،]23 :‬مثل ذلك الضالل‪ّ ،‬‬ ‫َ َ ُ َ َ‬ ‫َُ َ َ ُ‬
‫كن ف ِتنَ ُت ُ‬
‫يضل هللا تعالى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫وا‬ ‫ال‬‫ق‬ ‫ن‬‫أ‬ ‫َّل‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫{ ثم لم ت‬
‫الكافرين به‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫جاءت ُهم ُر ُسلنا َي َت َوفون ُهم قالوا أي َن ما كن ُتم‬
‫َ‬ ‫ونظير هذه اآلية واآلية التي قبلها قوله تعالى‪َ { :‬ح َت إِذا‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ ُ َ ُّ َ َ َ َ ُ َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ون اَّللِ قالوا ضلوا عنا وش ِهدوا لَع أنفسِ ِهم أنهم َكنوا َكف ِِرين}[األعراف‪.]37 :‬‬
‫تدعون مِن د ِ‬

‫ُۡ ََۡ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ون ‪}٧٥‬‬ ‫ون ِِف ٱلۡر ِض ب َغ ۡري ٱ َ‬
‫ل ِق َوب ِ َما كنتم تمرح‬
‫ُۡ َ َ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ذ ىل ِكم ب ِ َما كنتم تفرح‬
‫ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ذلكم الذي نزل بكم من العذاب‪ ،‬بسبب فرحكم وبطركم في األرض بالباطل‪ ،‬وبسبب مرحكم‬
‫فيها‪.‬‬
‫والذي يسبب نزول العذاب هو الفرح الباطل املذموم‪ ،‬بخالف الفرح املحمود‪ ،‬وهو الفرح بفضل هللا تعالى‬
‫َ َى َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ُ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫وبرحمته‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قُ ۡل ب َف ۡضل ٱ ََّللِ َوب َر ۡ َ‬
‫ون ‪[}٥٨‬يونس‪.]58 :‬‬ ‫ْحتِهِۦ فبِذل ِك فليفرحوا هو خري ِِّما ُيمع‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬

‫كب َ‬ ‫ۡ ُ ُ ََۡ َ َ ََ َ َى َ َ َ ۡ َ َۡ َ َُۡ َ‬


‫ين ‪} ٧٦‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬ٱدخلوا أبو ىب جهنم خ ِِلِين فِيها فبِئس مثوى ٱلمت ِ ِ‬
‫َ‬
‫ِك‬
‫ُ‬
‫ل‬ ‫اب‬‫و‬‫واملعنى‪ :‬ادخلوا أبواب جهنم السبعة حسب ما قسمها هللا لكم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ل َ َها َسب َع ُة أب َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬
‫جهنم‪.‬‬ ‫بَاب مِن ُهم ُجزء َمق ُسوم}[الحجر‪ ،]44 :‬ماكثين فيها‪ ،‬فبئس مكان ّ‬
‫املتكبرين عن قبول الحق‬ ‫ٍ‬
‫َ َ‬
‫َ ُ ُ ۡ ۡ َََ ََ َ َۡ ُۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ۡ َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}٧٧‬‬ ‫ب إِن َوع َد ٱَّللِ َحق ر فإ ِ َما ن ِريَ َنك َب ۡعض ٱَّلِي نعِدهم أو نتوفينك فإَِلنا يرجع‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فٱص ِ‬
‫فإما ّ‬
‫نرينك‬ ‫واملعنى‪ :‬فاصبر أيها الرسول على أذى املشركين‪ّ ،‬إن وعد هللا بنصرك ونصر املؤمنين حق‪ّ ،‬‬
‫ْ ّ‬
‫وإن نتوف ّينك قبل ْأن نريك ذلك فيهم‪ ،‬فإلينا‬ ‫في حياتك بعض الذي نعدهم من االنتقام في الدنيا‪ ،‬فذاك‪،‬‬
‫َى َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ك َف ُروا ل ۡس َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َف ب ِٱَّللِ‬ ‫ت ُِّ ۡر َسل ر قل ك‬ ‫وحدنا يرجعون‪ ،‬فنجازيهم على أعمالهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ويَقول ٱَّلِين‬
‫َُ ُۡ ۡ َ‬ ‫َ َ َۡ َََۡ ُ ۡ َ َ ۡ‬
‫ب ‪[}٤٣‬الرعد‪.]46 :‬‬‫ش ِهيدا بي ِن وبينكم ومن عِندهۥ عِلم ٱلكِتى ِ‬

‫ول‬‫س‬
‫َۡ َ ۡ ُ َ َ َ ۡ َ َ َۡ َ َ ۡ ُ َ َۡ َۡ ُ ۡ َ َۡ َ‬
‫ك َو َما ََك َن ل َِر ُ‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ص‬ ‫ص‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ن‬‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫و‬ ‫ك‬‫ي‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ص‬‫ص‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ولَ َق ۡد أَ ۡر َس ۡل َنا ُر ُ‬
‫ٍ‬
‫َ َ ۡ َ َ َ َ َ َ ۡ ُ َ ُ َ َۡ َ َ َ ُ َ َ ۡ ُ ۡ ُ َ‬ ‫َ َۡ‬
‫َّللِ فإِذا جاء أِّر ٱَّللِ ق ِض ب ِٱل ِق وخ ِّس هنال ِك ٱلمب ِطلون ‪}٧٨‬‬
‫بَٔٔاي ٍة إَِّل بِإِذ ِن ٱ ر‬ ‫َ‬
‫أن يأ ِِت ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد أرسلنا رسال من قبلك أيها الرسول الكريم‪ ،‬منهم من قصصنا عليك في هذا القرآن وهم خمسة‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫نقصصهم عليك لحكمة أردناه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ُر ُسل قد ق َصص َناهم َعليك‬ ‫ْ‬ ‫وعشرون رسوال‪ ،‬ومنهم ْ‬
‫من لم‬
‫وس تَكل ِيما}[النساء‪ ،]164 :‬وما كان في وسع رسول ْأن يأتي‬ ‫ك َو ََّكَ َم َ ُ‬
‫اَّلل ُِّ َ‬ ‫َ ُ َُُ َ َ ُ ُ ََ َ‬
‫مِن قبل ورسل لم نقصصهم علي‬
‫بمعجزة إال بإذن هللا تبارك وتعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬أَ ۡر َس ۡل َنا أَ ۡر َس ۡل َنا ُر ُسل مِن َق ۡبل َِك َو َج َع ۡل َنا ل َ ُه ۡم أَ ۡز َو ىجا َو ُذريَة ر َوماَ‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ َ َۡ‬
‫ِك أجل كِتاب ‪[}٣٨‬الرعد‪ ،]38 :‬فإذا جاء أمر هللا بإهالك املكذبين‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بَٔٔاي ٍة إَِّل بِإِذ ِن ٱَّللِ ل ِ‬
‫ول أن يأ ِِت ِ‬
‫َكن ل ِرس ٍ‬
‫ّ‬
‫قض ي بالعدل بين الرسل ومكذبيهم‪ ،‬وخسر هنالك الكافرون الذين يتبعون الباطل‪.‬‬

‫َ َ َ َ ُ ُ ۡ َۡ َى َ َۡ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ َۡ ُ ُ َ‬ ‫َُ َ‬
‫ون ‪} ٧٩‬‬ ‫َّلل ٱَّلِي جعل لكم ٱلنعم ل ِتكبوا مِنها ومِنها تأكل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫اليل َوالِغال‬ ‫َ‬
‫األنعام لتركبوها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬و‬ ‫واملعنى‪ :‬هللا تعالى هو الذي جعل لكم أيها الناس‬
‫َ َ َ َ َ ََ َ َ ُ‬ ‫َ َ َ َ َُ َ‬
‫ِيها دِفء َو َم َناف ُِع‬
‫كم ف َ‬ ‫وها َوز َ‬
‫ينة}[النحل‪ ،]8 :‬ومنها ما تأكلونه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬والنعام خلقها ل‬ ‫ِ‬ ‫وال ِمري ل ِتكب‬
‫َ َ َ ُ ُ َ‬
‫ون}[النحل‪.]5 :‬‬ ‫ومِنها تأكل‬

‫َۡ َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ُ‬ ‫ََ ۡ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِيها َم َنىف ُع َو ِِلَ ۡبل ُغوا َح َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٨٠‬‬ ‫ك تمل‬‫اجة عل ۡي َها ِِف ُص ُدورِوُك ۡم َوعل ۡي َها َولَع ٱلفل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك ۡم ف َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ول‬
‫منافع كثيرة كاالنتفاع بجلودها وأصوافها وأوبارها وأشعارها‪ ،‬كما قال‬ ‫ُ‬ ‫واملعنى‪ :‬ولكم في تلك األنعام‬
‫َ‬
‫َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ ََ َ َ ُ‬ ‫َ ُّ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫تعالى‪َ { :‬و َج َعل لكم مِن ُجلودِ النعام بيوتا تست ِ‬
‫َ‬
‫خفونها يوم ظعن ِكم ويوم إِقامتِكم ومِن أصواف ِها وأوبارِها‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫َََ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ِي}[النحل‪ ،]80 :‬ولتستعملوها في األمور الشاقة كحمل األثقال‪ ،‬واالنتقال عليها من‬
‫وأشعارِها أثاثا ومتاَع إِل ح ٍ‬
‫ََ َ‬ ‫َ ُ َ َ ُ‬
‫مكان إلى مكان‪ ،‬لم تكونوا واصلين إليه بدونها إال بمشقة عظيمة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وت ِمل أثقالكم إِل ب ٍ‬
‫ِل لم‬
‫َ َ َ ُ ََ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫كونُوا بالِغِيهِ إَِّل بِشِ ِق النف ِس إِن ربكم لرؤف رحِيم}[النحل‪ ،]7 :‬وعلى تلك األنعام في البر وعلى السفن في‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ت‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬‫البحر تركبون وتحملون عليها األحمال الثقال إلى البقاع البعيدة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وعلي َها َولَع الفل ِ‬
‫ُ َُ َ‬
‫ون}[املؤمنون‪.]22 :‬‬ ‫تمل‬

‫َ ُ ُ َ‬ ‫ُ ۡ َ َى َ َ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ويُ ِريكم ءايتِهِۦ فأي ءاي ِت ٱَّللِ تنكِرون ‪} ٨١‬‬
‫ى‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫اق َو ِف‬
‫ُ‬
‫ُني ِهم آيات ِنا ِِف اآلف ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ويريكم هللا أيها الناس آياته في اآلفاق وفي أنفسهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬س ِ‬
‫َأن ُف ِسهم ّ‬
‫}[فصلت‪ّ ،]53 :‬‬
‫فأي آية من آيات هللا تعالى تنكرونها؟‬ ‫ِ‬

‫ََ ُ‬ ‫كََ‬ ‫َۡ ۡ َ ُ َ ۡ‬ ‫نظ ُروا َك ۡي َف ََك َن َع ى ِق َب ُة ٱ ََّل َ‬


‫ََ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أَفَلَ ۡم يَسِ ُ‬
‫َّث م ِۡن ُه ۡم َوأش َد ق َوة‬ ‫ِين مِن قبل ِ ِه رم َكنوا أ‬ ‫ريوا ِِف ٱلۡر ِض في‬
‫َ َ َ ۡ َى َ ۡ ُ َ َ ُ َ ۡ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٨٢‬‬ ‫َو َءاثارا ِِف ٱلۡر ِض فما أغن عنهم ما َكنوا يك ِ‬
‫سب‬
‫يمش هؤالء املشركون في األرض‪ ،‬فينظروا كيف كان مصير األمم السابقة املكذبة للرسل‬ ‫واملعنى‪ :‬أفلم ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫نظ ُروا ك ۡي َف َك َن َع ىقِ َبة ٱَّل َ‬
‫ِين مِن ق ۡبل ِ ِه ۡم د َِّ َر‬
‫َ ُ‬ ‫دمر هللا عليهم‪ ،‬كما قال تعالى‪۞ { :‬أفل ۡم يَسِ ُ‬
‫ريوا ِِف ٱلۡر ِض في‬ ‫كيف ّ‬
‫َُ َ َۡ ۡ َ ۡ َى َ َ ُ‬
‫ين أ ۡم َٰىل َها ‪[}١٠‬محمد‪ ،]10 :‬كانوا أكثر من قريش عددا‪ ،‬وكانوا أقوى منهم أجساما وأبقى‬ ‫ٱَّلل علي ِهم ول ِلكفِ ِر‬
‫آثارا في األرض باملصانع والحصون والسدود ونحو ذلك‪ ،‬فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبونه‪.‬‬
‫َ‬ ‫ونظير هذه األية قوله تعالى‪{ :‬أَ َولَم ي َ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ِين مِن قبل ِ ِهم َوكنوا‬ ‫الر ِض َف َين ُظ ُروا َكي َف ََك َن ََعق َِب ُة َاَّل َ‬ ‫ريوا ِِف‬‫س ُ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ُ َُ ََ َ َ‬
‫ات وَّل ِِف الر ِض إ ِنه َكن عل ِيما قدِيرا}[فاطر‪ ،]44 :‬وقوله‬ ‫جزه مِن يش ٍء ِِف السماو ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أشد مِنهم قوة وما َكن اَّلل َِلع ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫تعالى‪۞ { :‬أَ َول َ ۡم يَسِ ُ‬
‫ِين َكنوا مِن ق ۡبل ِ ِه ۡ رم َكنوا ه ۡم أش َد م ِۡن ُه ۡم ق َوة َو َءاثارا ِِف‬ ‫ريوا ِِف ٱلۡر ِض ف َينظ ُروا ك ۡيف َكن ع ىقِ َبة ٱَّل‬
‫َ َ‬ ‫ََ َ َ ُ ُ َُ ُ‬ ‫َۡ‬
‫َّلل بِذنُوب ِ ِه ۡم َو َما َك َن ل ُهم م َِن ٱ ََّللِ مِن َواق ‪[}٢١‬غافر‪.]21 :‬‬ ‫ٱلۡر ِض فأخذهم ٱ‬

‫َۡ َۡ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬


‫ۡ‬ ‫ََ‬
‫ون ‪} ٨٣‬‬ ‫ِندهم م َِن ٱلعِل ِم َو َحاق ب ِ ِهم َما َكنوا بِهِۦ يسته ِزء‬‫ت ف ِر ُحوا ب ِ َما ع‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فل َما َجا َءت ُه ۡم ُر ُسل ُهم ب ِٱلَيِنى ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫فلما جاءت هؤالء األمم املكذبة رسلهم باآليات الواضحات‪ ،‬لم يلتفتوا إليها‪ ،‬بل فرحوا بما‬
‫ُ َ‬
‫عندهم من العلم واستغنوا بالشبهات الباطلة التي ظنوها علما نافعا لهم‪ ،‬مثل قولهم‪َ { :‬وما ُيهل ِكنا إَِّل‬
‫َُ َ‬
‫ظام َو ِهَ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُ‬
‫آباؤنا}[األنعام‪ ،]148 :‬وقولهم‪َ { :‬من يُح الع َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اَله ُر}[الجاثية‪ ،]24 :‬وقولهم‪{ :‬لَو َ‬
‫شاء اَّلل ما أشوُكنا وَّل‬ ‫َ‬

‫العذاب الذي كانوا يستهزئون به قبل وقوعه‪.‬‬‫ُ‬ ‫َرمِيم}[يس‪ ،]78 :‬وأحاط بهم من كل جانب‬

‫ُ ۡ‬ ‫ُ‬
‫َ ََ َ َ ۡ َُ َ ََۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ َ ََ‬ ‫َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫شوُك َِي ‪} ٨٤‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فلما رأوا بأسنا قالوا ءامنا ب ِٱَّللِ وحدهۥ ووُكفرنا بِما كنا بِهِۦ ِّ ِ‬
‫آمنا باهلل وحده‪ ،‬وكفرنا باملعبودات الباطلة التي‬ ‫عاين هؤالء األمم وقوع عذابنا بهم قالوا‪ّ :‬‬ ‫فلما َ‬‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ّ‬
‫كنا بها مشركين في عبادة هللا تعالى‪.‬‬
‫ۡ َى َ‬ ‫َ َ َۡ َ‬
‫سءِيل‬ ‫وهذا مثل قول فرعون حين أدركه الغرق‪ ،‬كما حكى هللا تعالى عنه في قوله‪۞ { :‬وج ى َوزنا بِب ِن إِ‬
‫نت َأنَ ُهۥ ََّل إ َل ى َه إ ََّل ٱ ََّلِي َء َ‬ ‫ت إ َذا أَ ۡد َر َوُك ُه ٱ ۡل َغ َر ُق َق َال َء َ‬ ‫ودهُۥ َب ۡغيا َو َع ۡدوا َح َ‬ ‫َۡ ۡ َ َََۡ َ ُ ۡ ۡ َ ۡ ُ َ ُ ُ ُ‬
‫ت بِهِۦ َب ُنوا‬
‫ام َن ۡ‬
‫ِ ِ‬
‫ام ُ‬
‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ٱلحر فأتبعهم ف ِرعون وجن‬
‫ِين ‪[}٩١‬يونس‪.]90-91 :‬‬ ‫نت م َِن ٱل ۡ ُم ۡفسِ د َ‬‫ت َق ۡب ُل َو ُوُك َ‬ ‫ي ‪َ ٩٠‬ءآ ۡلَٰٔـ َن َوقَ ۡد َع َص ۡي َ‬‫ِيل َو َأنَا م َِن ٱل ۡ ُم ۡسلِم َ‬
‫ۡ َى َ‬
‫إِسء‬
‫ِ‬

‫َ‬ ‫َ َ َ ُ َ ۡ َ‬
‫ّس ه َنال ِك ٱلك ىفِ ُرون‬ ‫يم ى ُن ُه ۡم ل َ َما َرأَ ۡوا بَأۡ َس َنا ُس َن َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ‬ ‫ََۡ َ ُ َ َ‬
‫نف ُع ُه ۡم إ َ‬
‫ت ٱَّللِ ٱل ِت قد خلت ِِف ع َِبادِه ِۦ وخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فلم يك ي‬
‫‪}٨٥‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فلم يك ينفع هؤالء األمم املكذبة إيمانهم حين عاينوا عذابنا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يَو َم يَأ ِِت َبعض‬
‫يمان َِها َخريا}[األنعام‪ّ ،]158 :‬‬ ‫آم َنت مِن َقب ُل أَو َك َس َبت ِف إ َ‬ ‫َ َُ َ َ ُ‬
‫كن َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ات َربِك َّل َينف ُع نفسا إِيمانها لم ت‬‫َ‬
‫آي ِ‬
‫سنة هللا‬ ‫ِ ِ‬
‫التي ّ‬
‫سنها في األمم كلها‪ ،‬وخسر الكافرون وقت معاينتهم لعذابنا‪.‬‬
‫ُ َُ ُ َ‬
‫سورة فصلت‬
‫وهي مكية وعدد آياتها أربع وخمسون‬

‫َ‬
‫زنيل م َِن ٱ َلرِنَٰمۡح ٱ َلرحِي ِم ‪} ٢‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬حم ‪ ١‬ت ِ‬
‫واملعنى‪ :‬حم‪ .‬هذا القرآن الكريم تنزيل من هللا تعالى ذي الرحمة الواسعة‪ ،‬الرحيم بعباده‪ ،‬كما قال‬
‫َ َ‬
‫زنيل ال َعزيز َ‬
‫الرحِي ِم}[يس‪.]5 :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫تعالى‪{ :‬ت‬

‫َۡ ََُۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َى ُ َ ۡ َ‬


‫ون ‪} ٣‬‬ ‫ت َءاي ى ُت ُهۥ ق ۡر َءانا َع َربِيا ل ِقوم يعلم‬ ‫صل‬
‫قوله تعالى‪ { :‬كِتب ف ِ‬
‫ُ‬
‫فصلت آياته وأحكمت أحكامه ووضحت معانيه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ك َِتاب أحك َِمت‬
‫واملعنى‪ :‬هو كتاب ّ ْ‬

‫ري}[هود‪ ،]1 :‬وأنزلناه قرآنا عربيا لقوم يعلمون اللسان العربي؛ ليفهموا‬ ‫ب‬
‫َ‬
‫خ‬ ‫ِيم‬ ‫ك‬ ‫آيَاتُ ُه ُث َم فُصلَت مِن َ َُلن َ‬
‫ح‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون}[يوسف‪.]2 :‬‬ ‫معانيه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِنا أن َزلَاهُ قرآنا َع َرب ِ ًّيا ل َعلكم تعقِل‬

‫َ‬
‫ۡ ُُ ۡ ُ ۡ َۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬بَشِ ريا َونذِيرا فأع َرض أكَّثهم فهم َّل يسمع‬
‫واملعنى‪ :‬وجعلنا هذا القرآن بشيرا للمؤمنين بالثواب والجنة‪ ،‬ونذيرا للكافرين بالعقاب والنار‪ ،‬فأعرض‬
‫عنه أكثر الناس‪ ،‬فهم ال يسمعون إليه سماع تدبر وانتفاع‪ ،‬فال تنفعهم اآليات البينات اإلنذارات إلعراضهم‬
‫َ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ت َوٱ ۡلَۡر ِض َو َما ُت ۡغن ٱٓأۡل َي ى ُ‬
‫ت َوٱلُّذ ُر َعن ق ۡوم َّل يُؤم ُِنون‬
‫َ َ‬
‫اذا ِف ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫عنها‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ق ِل ٱنظ ُروا م ِ‬
‫‪[}١٠١‬يونس‪.]101 :‬‬

‫َ ۡ ۡ َ‬
‫ح َجاب فٱع َمل إِن َنا‬
‫ۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ ُ َ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وقَالُوا ُقلُوبُ َنا ِف أَ َ‬
‫كنة ِّ َِما تدعونا إ ِ َۡلهِ َو ِف َءاذان َِنا َوقر َومِن بَين َِنا َوبَين ِك ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َى ُ َ‬
‫ون ‪} ٥‬‬ ‫ع ِمل‬
‫واملعنى‪ :‬وقال هؤالء املشركون‪ :‬قلوبنا في أغطية مانعة من قبول دعوتك إلى اإليمان باهلل‪ ،‬وفي آذاننا‬
‫َ‬ ‫َ ََ َُ ََ ُُ ۡ َ ََ َ ۡ ۡ َ ََ َ‬
‫لَع أبۡ َص ى ِره ِۡم غ َ ى‬
‫ِش َوة َول ُه ۡم‬ ‫لَع سمعِ ِهم و ى‬
‫لَع قلوب ِهم و ى‬
‫ِ‬
‫صمم يمنعها من استماع قولك‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ختم ٱَّلل ى‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ََۡ َ ُۡ َ‬ ‫َ‬
‫ت ٱلق ۡر َءان َج َعل َنا بَ ۡي َنك‬‫َعذاب َع ِظيم ‪[} ٧‬البقرة‪ ،]7 :‬ومن بيننا وبينك حجاب ساترا‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَوذا قرأ‬
‫َ َۡ َ َ َ َ ُۡ ُ َ‬
‫فاعمل على طريقتك‪ ،‬فإننا عاملون على‬ ‫ْ‬ ‫ون ب ِٱٓأۡلخ َِرة ِ ح َِجابا َِّ ۡس ُتورا ‪[}٤٥‬اإلسراء‪،]45 :‬‬ ‫وبي ٱَّلِين َّل يؤمِن‬
‫طريقتنا‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫َ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ُۡ ُ ۡ ُ َ ى َ ََ‬ ‫ُۡ َ ََ َ‬


‫يموا إِ َۡلهِ َوٱ ۡس َتغفِ ُروهُ َو َو ۡيل‬ ‫وح إ ِ َل أن َما إِل ى ُهك ۡم إِل ىه َو ىحِد فٱست ِق‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل إِن َما أنا بَش مِثلكم ي‬
‫ُۡ ۡ‬
‫شوُك َِي ‪} ٦‬‬
‫ل ِلم ِ‬
‫إلي ّأن إلهكم الذي يستحق العبادة هو‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ّ :‬إنما أنا بشر مثلكم أيها الناس‪ ،‬يوحى ّ‬
‫ََ َ ُ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ ُ َ ََ َ َ َ َُ ُ َ‬
‫إله واحد ال شريك له‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬قل إِنما يوح إِل أنما إِلهكم إِل واحِد فهل أنتم ِّسل ِمون}[األنبياء‪:‬‬
‫ُ ُ ُ َ ََ َ َ َ َُ ُ َ‬ ‫ُ َ ََ َ‬
‫كم إِل َواحِد}[الكهف‪ ،]110 :‬فأسلموا له‪،‬‬ ‫‪ ،]108‬وقال تعالى‪{ :‬قل إِن َما أنا بَش مِثلكم يوح إِل أنما إِله‬
‫فاستقيموا إليه‪ ،‬واستغفروه لذنوبكم‪ ،‬والهالك والخسارة للمشركين‪.‬‬

‫َ ُ ۡ َى ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُۡ َ‬
‫ون ‪}٧‬‬ ‫ِين َّل يُؤتون ٱ َلزك ىوةَ َوهم ب ِٱٓأۡلخِرة ِ هم ك ِفر‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّل‬
‫َ‬
‫َ َۡ‬
‫تطهر أنفسهم من الشح‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ق ۡد أفل َح‬
‫واملعنى‪ :‬وهم الذين ال يخرجون زكاة أموالهم التي ّ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َمن َز َوُكى ى َها ‪َ ٩‬و َق ۡد َخ َ‬
‫اب َمن د َسى ى َها ‪[}١٠‬الشمس‪ ،]9-10 :‬قال تعالى‪{ :‬قد أفل َح َمن ت َزّك َوذك َر اس َم َربِهِ‬
‫َ َ‬
‫ف َصَل}[األعلى‪ ،]14-15 :‬وهم كافرون باآلخرة وما فيها من البعث والحساب والجنة والنار‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ت ل ُه ۡم أ ۡجر غ ۡ ُ‬
‫ري َِّ ۡم ُنون ‪} ٨‬‬ ‫ام ُنوا َو َعملوا ٱ َ ى َ‬
‫لصل ِحى ِ‬ ‫ِ‬
‫ِين َء َ‬‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن ٱَّل َ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬إن الذين آمنوا باهلل وباليوم اآلخر وعملوا األعمال الصالحة لهم أجر غير مقطوع وال ممنون‪،‬‬ ‫ّ‬
‫َ َ َ ُ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ‬ ‫ِيها َما َد َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫كما قال تعالى‪َ { :‬وأَ َما َاَّل َ‬
‫اء َر ُّبك ع َطاء‬‫ت السماوات والرض إَِّل ما ش‬‫ام ِ‬ ‫ِين ف َ‬
‫اَل َ‬ ‫ال َنةِ خ ِ‬ ‫ِين ُسعِ ُدوا ف َِف‬
‫ُ َ ُ‬ ‫ال ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫آم ُنوا َو َعملوا َ‬
‫ِين َ‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫غ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ون}[االنشقاق‪.]25 :‬‬ ‫الص ِ‬ ‫ري مذو ٍذ}[هود‪ ،]108 :‬وقال تعالى‪{ :‬إَّل اَّل َ‬
‫ات لهم أجر غري ِّمن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ندادا ذ ىل َِك َر ُّب ٱل َع ىلم َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََۡۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ُ ۡ َ ۡ ُُ َ‬ ‫ُۡ َ‬
‫ي ‪}٩‬‬ ‫ِ‬ ‫ي َوتعلون ُلۥ أ ر‬ ‫قوله تعالى‪۞ { :‬قل أئِنكم ِلكفرون ب ِٱَّلِي خلق ٱلۡرض ِِف يوم ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهؤالء املشركين‪ :‬كيف تكفرون باهلل الذي خلق األرض في يومين‪ ،‬وتجعلون له‬
‫شركاء تعبدونهم من دون هللا تعالى؟ ذلك الخالق هو ر ّب العاملين‪.‬‬
‫ََ ۡ‬ ‫نز َل م َِن ٱ َ‬‫لس َما َء ب َناء َوأَ َ‬
‫ك ُم ٱ ۡلَۡر َض ف َِر ىشا َوٱ َ‬
‫َ ََ َ ُ‬ ‫َ‬
‫لس َماءِ َماء فأخ َر َج‬ ‫ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِي جعل ل‬
‫ۡ َ ُ ۡ َ َ َۡ َ ُ َ َ َ ََ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪[} ٢٢‬البقرة‪.]22 :‬‬ ‫بِهِۦ م َِن ٱل َم َر ى ِ‬
‫ت رِزقا لكم فل تعلوا َِّللِ أندادا وأنتم تعلم‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ِيها أق َو ى َت َها ِف أ ۡربَ َعةِ أيَام َس َواء ل َ‬
‫ِلسائل َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س مِن ف ۡوق َِها َو َب ى َر َك ف َ‬
‫ِيها َوق َد َر ف َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َج َعل ف َ‬
‫ِي ‪} ١٠‬‬ ‫ِ‬ ‫ِيها َر َو ى ِ َ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وجعل هللا تعالى في األرض جباال ثوابت وأوتادا لها من فوقها لكي تقر وتثبت وال تضطرب أثناء‬
‫ََ ِ َ َ َ‬
‫دورانها بهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َج َعل َنا ِِف الر ِض رواس أن ت ِميد ب ِ ِهم}[األنبياء‪ ،]31 :‬وبارك فيها‪ ،‬وقدر فيها أرزاق‬
‫ّ‬ ‫َ‬

‫أهلها وأقواتهم في أربعة أيام‪ ،‬هذا الحصر في أربعة‪ ،‬كائن للسائلين عن مدة خلق األرض‪.‬‬

‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ َ‬


‫ه ُد َخان ف َقال ل َها َول ِلۡر ِض ٱئۡت ِ َيا َط ۡوَع أ ۡو ك ۡرها قاِلَا أتَ ۡي َنا َطائعِ َ‬ ‫ى إل ٱ َ‬ ‫َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ي ‪}١١‬‬ ‫لس َماءِ َو ِ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ثم ٱست َو ى ِ‬
‫ِ‬
‫ثم قصد هللا إلى السماء وعال من غير تكييف وال تحديد وال تشبيه‪ ،‬وهي دخان‪ ،‬فقال للسماء‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ولألرض ائتيا طوعا أو كرها‪ ،‬قالتا‪ :‬أتينا طائعين منقادين ألمر هللا تعالى‪.‬‬
‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬والسبب في ذكر السماء مع األرض وأمرهما باإلتيان‪ ،‬واألرض مخلوقة قبل‬
‫السماء بيومين‪ :‬هو أن هللا قد خلق جرم األرض أوال غير مدحوة أي غير منبسطة‪ ،‬ثم دحاها بعد خلق‬
‫َ‬ ‫َۡ‬
‫السماء‪ ،‬كما قال‪َ { :‬وٱلۡر َض َب ۡع َد ذ ىل َِك َد َحى ى َها ‪[}٣٠‬النازعات‪ ،]30 :‬واملعنى‪ :‬ائتيا على ما ينبغي ْأن تأتيا عليه من‬
‫الشكل والوصف‪ ،‬ائت يا أرض مدحوة قرارا ومهادا ألهلك‪ ،‬وائت يا سماء مقببة سقفا لهم‪ ،‬ومعنى اإلتيان‪:‬‬
‫الحصول والوقوع‪.‬‬

‫ۡ‬
‫يح َوحِفظا ر‬ ‫ح ِف ُُك َس َما ٍء أَ ِّۡ َر َها ر َو َز َي َنا ٱ َ‬
‫لس َما َء ٱ َُّل ۡن َيا ب َم َص ىب َ‬ ‫َۡ َۡ ََۡ َ‬ ‫ََ َ ُ َ ََۡ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي وأو ِ ِ‬ ‫ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فقضى ىهن سبع سم ىوات ِِف يوم ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ َ َۡ ُ َۡ‬
‫يز ٱل َعل ِي ِم ‪} ١٢‬‬‫ذ ىل ِك تقدِير ٱلع ِز ِ‬
‫ُ َ‬
‫وتسويتهن سبع سماوات في يومين‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ه َو ٱَّلِي‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬فقض ى هللا تعالى خلق السماوات‬
‫َ‬ ‫ُ َ ۡ َ َ ى َ َ َ ِ َ َ َ ىُ َ َ ۡ َ َ َىَى َ ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ ََ َ ُ‬
‫يش ٍء َعلِيم ‪[} ٢٩‬البقرة‪:‬‬ ‫كل ۡ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫ه‬‫و‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫ى‬ ‫و‬ ‫س‬ ‫ف‬ ‫ء‬ ‫ا‬‫م‬ ‫لس‬ ‫ٱ‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ى‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫س‬‫ٱ‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫ا‬ ‫ِيع‬ ‫ۡج‬ ‫ض‬ ‫ِ‬ ‫ۡر‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِف‬‫ِ‬ ‫ا‬ ‫كم َ‬
‫م‬ ‫خلق ل‬
‫َ ََ‬ ‫َ‬
‫‪ ،]29‬فيكون مجموع األيام التي خلق فيها السماوات واألرض وما بينهما ستة أيام‪ ،‬كما قال تعالى ‪ { :‬ٱَّلِي خلق‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ ۡ‬ ‫َ ُ‬ ‫َۡ‬
‫لس َم ى َو ى ِت َوٱلۡر َض َو َما بَ ۡي َن ُه َما ِِف س َِتةِ أيَام ث َم ٱ ۡس َت َو ىى لَع ٱل َع ۡر ِش ٱ َلر ۡح َم ى ُن ف ۡسَٔٔل بِهِۦ َخبِريا ‪[}٥٩‬الفرقان‪،]59 :‬‬ ‫ٱ َ‬
‫ً‬
‫وأوحى هللا تعالى في كل سماء نظامها الخاص‪ ،‬وزّي ّنا السماء الدنيا بنجوم مضيئة زينة لها وحفظا من كل‬
‫يطان َر ِجيم}[الحجر‪ ،]17 :‬ذلك تقدير‬ ‫ظن َها مِن ُُك َش َ‬
‫شيطان استرق السمع من السماء‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َحف َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫العزيز الغالب على أمره‪ ،‬العليم بمصالح خلقه‪.‬‬
‫َ ََ‬ ‫َ‬
‫ات َوالر َض ِِف سِتةِ أيا ٍم}[األعراف‪،]54 :‬‬ ‫تفصل قوله تعالى‪َ { :‬خل َق َ‬
‫الس َم َو ِ‬ ‫وهذه اآلية واآليات التي قبلها ّ‬
‫ونظائره‪.‬‬

‫َ ۡ َ َۡ ُ َُۡ َ َُۡ ُ ۡ َى َ َۡ َى َ َ ََُ َ‬


‫ود ‪}١٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فإِن أعرضوا فقل أنذرتكم صعِقة مِثل صعِقةِ َعد وثم‬

‫َ ۡ َ ۡ ۡ َ ۡ َ ۡ ۡ َ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ َ ُ َ ۡ َ َ َ ُّ َ َ َ َ َ َ ى َ‬ ‫ۡ َ َ ۡ ُ ُ ُّ ُ ُ‬
‫نزل َِّلئِكة‬ ‫ي أيدِي ِهم ومِن خلفِ ِهم أَّل تعبدوا إَِّل ٱَّلل قالوا لو شاء ربنا ل‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِذ جاءتهم ٱلرسل مِن ب ِ‬
‫َى ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ُۡ ۡ‬
‫فإِنا بِما أرسِلتم بِهِۦ كفِرون ‪} ١٤‬‬
‫عادا وثمود‪ ،‬وهم بذلوا كل جهدهم في إرشاد عاد وثمود إلى الحق‪ّ ،‬‬
‫وبينوا‬ ‫واملعنى‪ :‬حين جاءت الرسل ً‬
‫بأساليب متعددة حسن عاقبة املؤمنين وسوء عاقبة الكافرين‪ ،‬وأمروهم بعبادة هللا وحده‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ت الُّ ُذ ُر مِن بَي يَ َديهِ َومِن َخلفِهِ أََّل َتع ُب ُدوا إَّل َ َ‬
‫اَّلل}[األحقاف‪:‬‬
‫َ َ َ‬
‫اف َوقد خل ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ َ َ‬
‫{ َواذكر أخا ََع ٍد إِذ أنذ َر قو َم ُه بِالحق ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫‪ ،]21‬قالوا لرسلهم‪ :‬لو شاء رّبنا ألنزل مالئكة‪ ،‬ولم يرسلكم‪ ،‬وأنتم بشر مثلنا‪ ،‬فإنا بما أرسلتم به من اإليمان‬
‫باهلل وحده كافرون‪ ،‬وبما تدعونا إليه مكذبون‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ ۡ ۡ َ َ َ ُ َ ۡ َ َ ُّ َ ُ َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َََ َ َ ۡ َ ۡ‬


‫كَُ‬
‫َّلل ٱَّلِي ٱَّلِي‬ ‫ري ٱل ِق وقالوا من أشد مِنا قوة أو لم يروا أن ٱ‬‫ِ‬ ‫غ‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ۡر‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫وا‬‫ب‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فأما َعد فٱست‬
‫َى َ َۡ َ ُ َ‬ ‫َ َ َ ُ ۡ ُ َ َ َ ُّ ۡ ُ ۡ ُ َ َ َ ُ‬
‫ون ‪} ١٥‬‬ ‫بَٔٔايتِنا ُيحد‬ ‫خلقهم هو أشد مِنهم قوة وكن ِ‬
‫وا‬
‫فأما عاد فاستكبروا في األرض بغير الحق‪ ،‬وبطشوا بالناس قاهرين ظاملين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ًّ‬ ‫َ‬
‫ِإَوذا َب َط ۡش ُتم َب َط ۡش ُت ۡم َج َبار َ‬
‫قوة وبطشا؟ أولم يعلموا ّأن هللا تعالى‬ ‫ين ‪[} ١٣٠‬الشعراء‪ ،]130 :‬وقالوا‪ :‬من ّ‬
‫أشد منا‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫فإن بطش هللا شديد‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إ ِ َن َبط َش َرب َك ل َشدِيد}[البروج‪:‬‬
‫ِ‬
‫قوة وبطشا‪ّ ،‬‬ ‫الذي خلقهم هو أشد منهم ّ‬
‫‪ ،]12‬وكانوا بآياتنا يجحدون وينكرون‪.‬‬

‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فَأَ ۡر َس ۡل َنا َعلَ ۡيه ۡم ريحا َ ۡ‬


‫لِ ۡز ِي ِِف ٱ ۡ َ‬
‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّل ۡن َيا َولَ َع َذ ُ‬
‫اب‬
‫ُ َ ُۡ َ َ َ ۡ‬ ‫َ‬
‫َص ََصا ِِف أيَام َن َِسات ِلذِيقهم عذاب ٱ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ َ ۡ َ ى َُ ۡ َ ُ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ١٦‬‬ ‫ٱٓأۡلخِرة ِ أخزى وهم َّل ينُص‬
‫واملعنى‪ :‬فأرسلنا على عاد ريحا شديدة البرد عالية الصوت في أيام مشؤومات متتابعات في سبع ليال‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وثمانية أيام‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِنَا أر َسل َنا َعلي ِهم رِيحا ََص ََصا ِِف يَو ِم َن ٍس ُِّس َت ِم ٍر}[القمر‪ ،]19 :‬وقال تعالى‪:‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫َص ََعت َِي ٍة (‪َ )6‬س َخ َر َها َعلي ِهم َسب َع ََل ٍال َوث َمان َِية أيَا ٍم ُح ُسوما}[الحاقة‪،]6-7 :‬‬‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫{ َوأما َعد فأهل ِكوا ب ِ ِر ٍ‬
‫يح َص ٍ‬
‫الذل في الحياة الدنيا‪ ،‬ولعذاب اآلخرة أشد إذالال من عذاب الدنيا‪ ،‬وهم ال ينصرون‪.‬‬ ‫لنذيقهم عذاب ّ‬

‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ َ َ َ ۡ َ ى ُ ۡ َ ۡ َ َ ُّ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ َ ى َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ى َ ُ ۡ َ َ‬
‫ون بِما َكنوا‬
‫اب ٱله ِ‬
‫م لَع ٱلهدى فأخذتهم صعِقة ٱلعذ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأما ثمود فهدينهم فٱستحبوا ٱلع ى‬
‫َ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ١٧‬‬ ‫يكسِ ب‬
‫ّ‬
‫فاستحبوا الكفر على‬ ‫فبي ّنا لهم طريق الهدى والنجاة بإرسال صالح عليه السالم‪،‬‬ ‫وأما ثمود ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫الص ْيحة من السماء والزلزلة الشديدة من أسفل منهم‬ ‫اإليمان‪ ،‬فأخذتهم صاعقة العذاب املهين وهي ّ‬
‫ي}[هود‪ ،]67 :‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫ح ُة فَأَص َب ُ‬
‫حوا ِف دِيارهِم جاثِم َ‬ ‫الصي َ‬ ‫فأهلكتهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وأَ َخ َذ َاَّل َ‬
‫ِين َظلَ ُموا َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ي}[األعراف‪ ،]78 :‬بسبب ما كانوا يكسبون من الظلم واملعاص ي‪.‬‬ ‫حوا ِف َدارهِم َجاثِم َ‬ ‫الرج َف ُة َفأَص َب ُ‬
‫َ‬ ‫{فَأَ َخ َذت ُه ُ‬
‫م‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ََ َ َ ُ ُ َ َ ُ َ ُ َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َََ َ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فعتوا عن أِّرِ رب ِ ِهم فأخذتهم الصاعِقة وهم ينظرون}[الذاريات‪.]44 :‬‬

‫َ‬
‫َ َ َُ َ ُ ََُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َ‬
‫ون ‪} ١٨‬‬ ‫ن ۡي َنا ٱَّلِين ءامنوا وكنوا يتق‬
‫واملعنى‪ :‬ونجينا من العذاب صالحا عليه السالم والذين آمنوا معه‪ ،‬وكانوا يتقون هللا تعالى ويخافون‬
‫عذابه‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اء أِّ ُرنَا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ْح ٍة م َِنا َومِن خِز ِي يَو ِمئ ِ ٍذ‬
‫آم ُنوا َم َع ُه ب َر َ‬
‫ِ‬
‫ِين َ‬ ‫ني َنا َص ِ‬
‫الا َواَّل َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فل َما َج َ‬
‫ََ ََۡ َ َ َ َ ُ ََ ُ ََُ َ‬ ‫ك ُه َو ال َقو ُّي ال َعز ُ‬
‫َ ََ َ‬
‫ون ‪[}٥٣‬النمل‪.]53 :‬‬ ‫يز}[هود‪ ،]66 :‬وقوله تعالى‪ { :‬وأنينا ٱَّلِين ءامنوا وكنوا يتق‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إِن رب‬

‫َََۡ ُۡ َ ُ َ ۡ َ ُ َ َ َ َ ُ ۡ ُ َ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ويوم يش أعداء ٱَّللِ إِل ٱلارِ فهم يوزعون ‪} ١٩‬‬
‫واملعنى‪ :‬ويوم يحشر هللا تعالى أعداءه الكافرين املجرمين إلى النار‪ ،‬تجمع الزبانية ّأولهم على آخرهم‬
‫َ َُ ُ ُۡ ۡ َ َ‬
‫ِي إ ِ ىل َج َه َن َم وِ ۡردا ‪[} ٨٦‬مريم‪.]86 :‬‬
‫عطاشا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ونسوق ٱلمج ِرم‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫َ َ ُ َ َ َ َ ۡ ۡ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ۡ َ ىُ ُ ۡ َ ُ ُ ُ َ ُ َ ۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٢٠‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ح َ ى‬
‫ت إِذا ما جاءوها ش ِهد علي ِهم سمعهم وأبصرهم وجلودهم بِما َكنوا يعمل‬
‫الن َار‪ ،‬شهد عليهم سمعهم‪ ،‬وأبصارهم‪ ،‬وجلودهم‪ ،‬بما كانوا‬ ‫واملعنى‪ :‬حتى إذا ما جاء هؤالء الكفار ّ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫سن ُت ُهم َوأيدِي ِهم‬
‫يعملونه في الدنيا‪ ،‬وتشهد عليهم أيضا أيديهم وأرجلهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يَو َم تش َه ُد علي ِهم أل ِ‬
‫ُ‬
‫َ ُ ُ َ ُ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ون}[النور‪.]24 :‬‬ ‫وأرجلهم بِما َكنوا يعمل‬

‫َ ُ َ ََ ُ َ‬ ‫ۡ َ َ ُّ ۡ َ َ ۡ َ َ ُ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ ُ َ‬
‫ك ۡم أ َو َل َِّ َرة َ ۡ‬
‫ِإَوَلهِ‬ ‫ُك َ ۡ‬
‫يشء وه َو خلق‬
‫ََ ُ ُُ‬
‫للودِهِم ل ِم ش ِهدتم علينا قالوا أنطقنا ٱَّلل ٱَّلِي أنطق‬‫قوله تعالى‪ { :‬وقالوا ِ‬
‫ُۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٢١‬‬ ‫ترجع‬
‫واملعنى‪ :‬وقال هؤالء الكفار لجلودهم‪ :‬لم شهدتم علينا؟ أجابتهم جلودهم‪ :‬أنطقنا هللا الذي أنطق كل‬
‫َُ َ َُ َ‬ ‫َ َ ُ ََ َ‬
‫َ‬
‫ش يء‪ ،‬فشهدنا عليكم بما كنتم تكسبونه في الدنيا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬اَلَوم َنتِم لَع أفواهِ ِهم وتكل ِمنا أيدِي ِهم‬
‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫مرة‪ ،‬وهو أعادكم بعد موتكم‪ ،‬وإليه وحده‬ ‫ون}[يس‪ ،]65 :‬وهللا خلقكم ّأول ّ‬ ‫سب‬‫َوتش َه ُد أر ُجل ُهم ب ِ َما َكنوا يَك ِ‬
‫ترجعون يوم القيامة‪.‬‬

‫َ َ ُ ََ‬ ‫ُ ُ ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ َۡ َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ََ ُ ُۡ َۡ َ ُ َ َ َۡ‬


‫نت ۡم أن‬ ‫تون أن يش َه َد عل ۡيك ۡم َس ۡم ُعك ۡم َوَّل أبص ى ُرك ۡم َوَّل ُجلودك ۡم َول ى ِ‬
‫كن ظن‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وما كنتم تست ِ‬
‫َ َۡ َُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ‬
‫ون ‪} ٢٢‬‬ ‫َّلل َّل َي ۡعل ُم كثِريا ِِّما تعمل‬ ‫ٱ‬
‫َ َ ُ َ ُ ۡ َۡ َ ى ُ ۡ ََ ۡ َ ۡ ُ َ ۡ َ‬ ‫َ ُ َ ُ َ‬
‫َ‬
‫ّسين ‪} ٢٣‬‬ ‫ى‬
‫َّلي ظننتم بِربِكم أردىكم فأصبحتم مِن ٱلخ ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وذ ىل ِك ۡم ظ ُّنك ُم ٱ ِ‬
‫جرأكم على املعصية‪ ،‬فأوردكم النار‪ ،‬فأصبحتم‬ ‫واملعنى‪ :‬وذلكم ّ‬
‫ظنكم الس يء الذي ظننتموه برّبكم‪ّ ،‬‬
‫به اليوم من الخاسرين‪.‬‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِين َيظ ُّنون‬
‫فظن منج‪ ،‬وظ ّن ُم ْر ٍد قال‪ { :‬ٱَّل‬
‫الظن ظنان‪ّ ،‬‬
‫روى اإلمام الطبري بسنده عن قتادة‪ ،‬قال‪ّ :‬‬
‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُّ ى ُ َ ۡ َ َ ُ ۡ ۡ َ ى ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لق ح َِساب ِ َيه}[الحاقة‪ ،]20 :‬وهذا‬‫جعون ‪[} ٤٦‬البقرة‪ ،]46 :‬قال‪{ :‬إ ِ ِن ظننت أ ِن ِّ ٍ‬ ‫أنهم ملقوا رب ِ ِهم وأنهم إَِلهِ ر ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ ُ َ‬
‫الظن املنجي ظنا يقينا‪ ،‬وقال ها هنا‪َ { :‬وذل ِكم ظ ُّنك ُم اَّلِي ظ َنن ُتم ب َربكم أرد‬
‫اكم}[فصلت‪ ،]23 :‬هذا ّ‬
‫ظن‬ ‫ّ‬
‫ِ ِ‬
‫ُم ْر ٍد‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ار َم ۡثوى ل ُه ۡم ِإَون ي َ ۡس َت ۡعت ِ ُبوا ف َما ُهم م َِن ٱل ُم ۡع َتب َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فإن يَ ۡص ُ‬
‫بوا فٱلَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ٢٤‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬فإن يصبر هؤالء الكفار على النار‪ ،‬فالنار مأواهم‪ ،‬وإن يسألوا الرجوع إلى الدنيا‪ ،‬فال جواب‬ ‫ْ‬
‫َ ُ َه َ َ َ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ ُ َ َ ُ ه َ ْ ً َ َ‬
‫ضالين‬ ‫لهم‪ ،‬وال يقبل منهم االعتذار‪ ،‬كما قال تعالى مخبر عنهم‪{ :‬قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما‬
‫َُ‬ ‫َ ه َ َ ْ ْ َ ْ َ َ ْ ُ ْ َ َ ه َ ُ َن َ َ ْ ُ‬
‫ال اخ َسئوا ف َيها َوَل تكل ُمون}[املؤمنون‪.]106-108 :‬‬ ‫ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظاَلو ق‬

‫ي َأيۡدِيه ۡم َو َما َخ ۡل َف ُه ۡم َو َح َق َعلَ ۡيه ُم ٱ ۡل َق ۡو ُل ِف أُ َِّم قَ ۡد َخلَ ۡ‬


‫ت مِن‬ ‫قوله تعالى‪َ ۞ { :‬و َق َي ۡض َنا ل َ ُه ۡم قُ َرنَا َء فَ َز َي ُنوا ل َ ُهم َما بَ ۡ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نس إ َن ُه ۡم ََكنُوا َخ ى ِّس َ‬ ‫َ ۡ َ ۡ‬ ‫َۡ‬
‫ين ‪} ٢٥‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إل‬‫ل ِن وٱ ِ‬‫قبل ِ ِهم مِن ٱ ِ‬
‫والجن‪ ،‬فزّينوا لهم سوء أعمالهم في‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫وهيانا لهؤالء الكفار قرناء فاسدين من شياطين اإلنس‬
‫وزينوا لهم ما خلفهم من أمر اآلخرة‪ ،‬فدعوهم إلى التكذيب به وإنكار البعث‪،‬‬ ‫الدنيا حتى ّ‬
‫فضلوها على اآلخرة‪ّ ،‬‬
‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫مصرون على الكفر واإلعراض عن ذكر هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َمن َي ۡعش َعن ذِكرِ ٱ َلرِنَٰمۡح‬
‫ّ‬ ‫وذلك ّ‬
‫ألنهم‬
‫َ َ ۡ َ ُ َ َ ُ ُّ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬‫َ‬ ‫َ ُ ۡ َ ُ ُّ َ ُ ۡ َ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َُ ۡ ُ َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪[}٣٧‬الزخرف‪:‬‬ ‫يل ويحسبون أنهم ِّهتد‬ ‫نقيِض لۥ شيطىنا فهو لۥ ق ِرين ‪ِ ٣٦‬إَونهم َلصدونهم ع ِن ٱلسب ِ ِ‬
‫الجن واإلنس‪ّ ،‬إنهم كانوا في خسارة‬
‫وحق عليهم القول بهالكهم في جملة أمم كافرة مضت قبلهم من ّ‬ ‫‪ّ ،]36-37‬‬
‫في الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫َ ُ ۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َُۡ‬ ‫َ َ‬
‫ۡ َُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ََُ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ون ‪} ٢٦‬‬ ‫ان َوٱلغ ۡوا فِيهِ لعلكم تغل ِب‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وقال ٱَّلِين كفروا َّل تسمعوا ل ِه ىذا ٱلقرء ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وقال بعض الكفار لبعض‪ :‬ال تسمعوا لهذا القرآن وعارضوه باللغو من صياح وصفير‬
‫وتصفيق‪ ،‬لعلكم تغلبون على قراءته‪.‬‬
‫هذا أمر الكفار بعضهم لبعض‪ ،‬وقد أمر هللا تبارك وتعالى املؤمنين بخالف هذا األمر‪ ،‬فقال تعالى‪:‬‬
‫َ ُ َ ُ ُ َ َ ُ َُ ََ ُ َ َ َ ُ ُ َ ُ َ‬
‫{ِإَوذا قرِ القرآن فاست ِمعوا ل وأن ِصتوا لعلكم ترْحون}[األعراف‪.]204 :‬‬
‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ََُ َ َ َ َ َ َ‬
‫ِين كف ُروا عذابا شدِيدا َولَ ۡج ِزيَ َن ُه ۡم أ ۡس َوأ ٱَّلِي َكنوا َي ۡع َملون ‪ ٢٧‬ذ ىل ِك َج َزا ُء أع َداءِ ٱَّلل ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فلنذِيقن ٱَّل‬
‫َ‬
‫َ ُ َ ُ ۡ َ َ ُ ُۡ ۡ َ َ َ َ َ ُ َى َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٢٨‬‬ ‫ِل جزاء بِما َكنوا ب ِأيتِنا ُيحد‬ ‫ٱلار لهم فِيها دار ٱل ِ‬

‫ُ َ‬ ‫َۡ َ ۡ ُ َ َۡ َ َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ َ َ َ َ َ ُ َََ َ َ ََۡ َ َ َ َ َ ۡ‬


‫ت أق َدام َِنا َِلَكونا م َِن‬ ‫نس نعلهما ت‬ ‫ل ِن َوٱ ِإل ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وقال ٱَّلِين كفروا ربنا أرِنا ٱَّلي ِن أضلنا مِن ٱ ِ‬
‫َۡ‬
‫ٱل ۡس َفل َِي ‪}٢٩‬‬
‫ّ‬
‫أضالنا من ّ‬ ‫َ‬
‫الجن واإلنس‪ ،‬نجعلهما تحت أقدامنا‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وقال الذين كفروا في النار‪ :‬رّبنا أرنا اللذ ْين‬
‫ّ‬
‫وندوسهما بأقدامنا انتقاما منهما‪ ،‬ليكونا من األذلين املهانين في الدرك األسفل من النار‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ضعف‬ ‫ِك ِ‬
‫ٍ‬ ‫ل‬ ‫{‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫قال‬ ‫كما‬ ‫العذاب‪،‬‬ ‫من‬ ‫يستحقه‬ ‫ما‬ ‫منهم‬ ‫كال‬ ‫أعطى‬ ‫قد‬ ‫ه‬ ‫أن‬ ‫وقد أخبر هللا تعالى‬
‫َ َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ك َف ُروا َو َص ُّدوا َعن َ‬ ‫َ َ َُ َ‬ ‫ََ‬
‫يل اَّللِ زِدناهم َعذابا فوق‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ِين‬
‫اَّل‬ ‫{‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫وقال‬ ‫]‪،‬‬ ‫‪38‬‬ ‫اف‪:‬‬
‫ر‬ ‫}[األع‬ ‫ون‬ ‫م‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ت‬ ‫َّل‬ ‫ن‬ ‫ك‬
‫ِ‬ ‫ول‬
‫َ َ‬
‫اب}[النحل‪.]88 :‬‬ ‫العذ ِ‬

‫َۡ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ ُّ َ َ ُ ُ َ ۡ َ َ ى ُ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ى َ ُ َ َ َ َ ُ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلِين قالوا ربنا ٱَّلل ثم ٱستقموا تتزنل علي ِهم ٱلملئِكة أَّل َتافوا وَّل تزنوا وأب ِشوا ب ِٱلنةِ ٱل ِت‬
‫ُ ُۡ ُ َ ُ َ‬
‫ون ‪}٣٠‬‬‫كنتم توعد‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن الذين قالوا ّبنا هللا‪ ،‬ال إله إال هو‪ ،‬ثم استقاموا على توحيده ومال مة شريعته‪ّ ،‬‬
‫تتنزل‬ ‫ز‬ ‫ر‬
‫عليهم املالئكة قائلين لهم‪ :‬ال تخافوا مما هو آت‪ ،‬وال تحزنوا على ما تخلفونه من أمور دنياكم‪ ،‬وأبشروا بالجنةّ‬
‫التي كنتم توعدون بها في الدنيا‪.‬‬
‫َ‬
‫ُ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وهؤالء هم أولياء هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬أَّل إِن أ ۡو ِ ََلا َء ٱَّللِ َّل خ ۡوف َعل ۡي ِه ۡم َوَّل ه ۡم ي َزنون‬
‫‪[}٦٢‬يونس‪.]62 :‬‬

‫َ‬ ‫َ ََ ُ ۡ َ َ َۡ َ َ ُ ُ ُ ۡ ََ ُ ۡ َ َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َ ى ُّ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ ُ َۡ َ ُ ُ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬نن أو َِلاؤكم ِِف ٱليوة ٱَلنيا و ِف ٱٓأۡلخِرة ولكم فِيها ما تشت ِه أنفسكم ولكم فِيها ما تشت ِه‬
‫‪}٣١‬‬
‫واملعنى‪ :‬تقول لهم املالئكة‪ :‬نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا املتولون لحفظكم ونصركم في الدنيا وفي‬
‫َ َ ََ ۡ‬
‫ك َواب َوف َ‬ ‫اف َعلَ ۡيهم بص َ‬
‫َُ ُ‬
‫ِيها‬ ‫حاف مِن ذهب وأ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫اآلخرة‪ ،‬ولكم في الجنة ما تشتهيه أنفسكم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬يط‬
‫ۡ َ ُ ُ َ َ َ ُّ ۡ َ ۡ ُ ُ َ َ ُ ۡ َ َ ى ُ َ‬ ‫َۡ‬
‫َما تش َت ِهيهِ ٱلنفس وتَّل ٱلعي وأنتم فِيها خ ِِلون ‪[}٧١‬الزخرف‪ ،]71 :‬ولكم فيها كل ما تطلبو وما تشاءو ‪،‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫ُ َ ََ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِيها َو ََلي َنا َِّ ِزيد}[ق‪.]35 :‬‬
‫ون ف َ‬‫كما قال تعالى في أهل الجنة‪{ :‬لهم ما يشاء‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ ُ ُ ۡ ََ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أنفسكم ولكم فِيها ما ‪} ٣٢‬‬

‫ون نُ ُزَّل قَ ۡوَّل ِّ َِمن َد ََع إ َل ٱ ََّللِ َو َعم َل َصىل ِحا َوقَ َال إنَن م َِن ٱل ۡ ُم ۡسلِم َ‬
‫ي ‪} ٣٣‬‬ ‫ََ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬تدع‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ َََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و ََّل ت َ ۡس َتوي ٱ ۡ َ‬
‫ل َس َن ُة َو ََّل ٱ َ‬
‫لسي ِئَ ُة ر ٱ ۡد َف ۡع ب ِٱ َلت ِ َ‬
‫ه أ ۡح َس ُن فإِذا ٱَّلِي بَ ۡي َنك َوبَ ۡي َن ُهۥ َعد ى َوة كأن ُهۥ َو ِ يل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َْحِيم ‪} ٣٤‬‬
‫واملعنى‪ :‬وال تستوي الحسنة وال السيئة‪ ،‬ادفع أيها الرسول إساءة أعدائك إليك باإلحسان منك إليهم‪،‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ َ ُ َ ََ َ ُ َ َُ َ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫فعلت ذلك‪ ،‬صار‬ ‫ون}[املؤمنون‪ ،]96 :‬إنك ْإن‬ ‫صف‬
‫كما قال تعالى‪{ :‬ادفع بِال ِت ِه أحسن السيِئة َنن أعلم بِما ي ِ‬
‫ألن من شأن النفوس الكريمة ّأنها ّ‬ ‫كأنه قريب منك‪ّ ،‬‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تحب من أحسن إليها‪.‬‬ ‫عدوك املس يء إليك‪،‬‬

‫بوا َو َما ‪} ٣٥‬‬ ‫بوا َو َما يُلَ َقى ى َها إ ََّل ٱ ََّل َ‬
‫ِين َص َ ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما يُلَ َقى ى َها إ ََّل ٱ ََّل َ‬
‫ِين َص َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ََ َ َ َ ُ ُ ۡ ۡ‬
‫ِين أوتوا ٱل ِعل َم‬
‫واملعنى‪ :‬وال يتلقى هذه الوصية إال الصابرون على طاعة ربهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وقال ٱَّل‬
‫َ َ ُ َ َ ى َ َ َى ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََۡ ُ‬
‫ك ۡم ثَ َو ُ‬
‫اب ٱ ََّللِ َخ ۡري ل َِم ۡن َء َ‬
‫ون ‪[}٨٠‬القصص‪ ،]80 :‬وال يتلقاها إال ذو‬ ‫ام َن َو َع ِمل ص ىل ِحا ر وَّل يلقىها إَِّل ٱلص ِب‬ ‫ويل‬
‫حظ عظيم من السعادة في الدارين‪.‬‬

‫يع ٱل َعل ُ‬ ‫ۡ‬


‫لس ِم ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يُل َقى ى َها إَّل ذو َحظ َع ِظيم فٱ ۡس َتعِذ بٱ ََّللِ إنَ ُهۥ ُه َو ٱ َ‬
‫ِيم ‪} ٣٦‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫يصدك عن مجازاة اإلساءة‬ ‫يصيبنك أيها الرسول من الشيطان وسوسة أو غضب ّ‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫وإما‬
‫باإلحسان‪ ،‬فاستعذ باهلل‪ّ ،‬إن هللا هو السميع لجميع األقوال‪ ،‬العليم بجميع األفعال‪.‬‬
‫اَّللِ إِنَ ُه َس ِميع َعل ِيم}[األعراف‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ََ َ َ َ َ‬
‫ان نزغ فاستعِذ ب ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ِ{ :‬إَوما يزنغنك مِن الشيط ِ‬
‫‪.]200‬‬

‫َ َ‬ ‫َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫لش ۡم ُس َوٱ ۡل َق َم ُر ََّل ت َ ۡس ُ‬


‫َ ۡ َ َى َۡ ُ َ َ َ ُ َ َ‬
‫ج ُدوا ل ِلش ۡم ِس َوَّل ل ِلق َم ِر َوْۤاوُدُجۡسٱ َِّللِِۤ ٱَّلِي‬ ‫ر‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ومِن ءايتِهِ ٱَلل وٱلهار وٱ‬
‫ُ ُۡ َ ُ َُُۡ َ‬ ‫َ ََ‬
‫ون ‪} ٣٧‬‬ ‫خلق ُه َن إِن كنتم إِياه تعبد‬
‫واملعنى‪ :‬ومن آيات هللا الدالة على قدرته تعاقب الليل والنهار ودوران الشمس والقمر في فلكهما‪ ،‬كما‬
‫ُ ََ َ َ َْ‬ ‫َ ه ْ ُ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ ٌ َُ ُ هْ ُ َ ْ َ ُ ُْ ه َ َ‬
‫س ت ْجري َل ْستق ٍر ل َها ذل َك تقد ُير‬ ‫الن َه َار فإذا ُه ْم ُمظل ُمون (‪ )37‬والشم‬ ‫قال تعالى‪{ :‬و آية لهم الليل نسلخ منه‬
‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ال َعزيز ال َعليم (‪َ )38‬والق َم َر ق هد ْرنا ُ َمناز َل َح هتى َع َاد كال ُع ْر ُجون القديم}[يس‪ ،]37-39 :‬ال تسجدوا أيها الناس‬
‫خلقهن ْإن كنتم تخلصون له العبادة والطاعة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫للشمس وال للقمر‪ ،‬واسجدوا هلل تعالى الذي‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َُ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ون۩ ‪} ٣٨‬‬ ‫حون ُلۥ ب ِٱ َۡل ِل َوٱلَ َهارِ َوه ۡم َّل ي َ ۡسَِّٔٔ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فإ ِ ِن ٱستكبوا فٱَّلِين عِند ربِك يسب ِ‬
‫فإن استكبر هؤالء املشركون عن السجود هلل وإخالص العبادة له‪ ،‬فاملالئكة الذين عند رّبك‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫أيها الرسول ال يستكبرون عن السجود له والعبادة له‪ ،‬يسبحون هللا وينزهونه بالليل والنهار‪ ،‬وهم ال يسأمون‬
‫َُ َ َ َ ُ َ َ‬
‫بون عن‬ ‫ك‬‫ت‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫َّل‬ ‫ه‬‫د‬ ‫ِن‬
‫ع‬ ‫ن‬‫م‬‫ات َوالَر ِض َو َ‬ ‫عن الطاعة وال ينقطعون عنها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َ ُل َمن ِف َ‬
‫الس َم َ‬
‫ِ‬ ‫او ِ‬ ‫ِ‬
‫ار َّل َيف ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ ُ َ‬
‫ون الليل َوالَ َه َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تون}[األنبياء‪.]19-20 :‬‬ ‫ّسون (‪ )19‬يسبِح‬‫ع َِبادتِهِ َوَّل يستح ِ‬

‫َ ۡ َ َ َُ ۡ‬ ‫ََ َ ََ ۡ َ َ َ َ َ َ َ ََۡ َ َۡ َ َۡ َ ۡ ََ ۡ َ ََ ۡ َ َ‬ ‫َ‬


‫ح‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫اه‬‫ي‬ ‫ح‬ ‫أ‬ ‫ِي‬
‫َّل‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وم ِۡن َءاي ىتِهِۦ أنك ترى ٱلۡرض خ ىشِ عة فإِذا أنزلا عليها ٱلماء ٱهتت ورب ر‬
‫ت إِن ٱ‬
‫ۡ َ ۡ َ ى َ ُ َ َى ُ َ ۡ َ‬
‫يشء قدِير ‪} ٣٩‬‬ ‫ُك‬
‫ٱلموت ر إِنهۥ لَع ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ومن آيات هللا الدالة على قدرته‪ ،‬أنك أيها الناظر ترى األرض هامدة يابسة ال نبات فيها‪ ،‬فإذا‬
‫تحركت بالنبات‪ ،‬وارتفعت وانتفخت باملاء والنبات‪ ،‬ثم أنبتت من كل نوع من أنواع النبات‬ ‫ْ‬ ‫أنزلنا عليها مطرا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ََ َ ََ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُك‬ ‫َ ََ‬
‫ذي املنظر الحسن‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وترى الرض هامِدة فإِذا أنزلا عليها الماء اهتت وربت وأنبتت مِن ِ‬
‫َزو ٍج بَ ِهيج ٍَ}[الحج‪ّ ،]5 :‬إن هللا تعالى الذي أحيا هذه األرض بالنبات والزروع لقادر على إحياء املوتى من‬
‫َ َ‬
‫ات َوالرض َولم‬ ‫الس َم َو ِ‬ ‫إن هللا تعالى على كل ش يء قدير‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أَ َولَم يَ َروا أَ َن َ َ‬
‫اَّلل َاَّلِي َخلَ َق َ‬ ‫قبورهم‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ع ِِبلقِه َن ب َقادِر لَع أن ي َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬
‫ُك يش ٍء قدِير}[األحقاف‪.]33 :‬‬
‫ي الموت بَل إِنه لَع ِ‬ ‫َي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ٍ‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َى َ َ َۡ َ ۡ َ َ َۡ َ َ َ َ ُ ۡ َ‬ ‫َ َ َ ُۡ ُ َ‬
‫ار خ ۡري أم َمن يَأ ِِت َءامِنا يَ ۡو َم ٱلقِ َيى َم ِة‬
‫ِ‬ ‫ل‬‫ٱ‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ى‬
‫ق‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫ن‬‫م‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫ن‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ن‬‫و‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫َّل‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫ت‬ ‫اي‬‫ء‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ون‬ ‫حد‬‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلِين يل ِ‬
‫ۡ َُ َ ُۡۡ َُ َ َۡ َُ َ‬
‫ون بَ ِصري ‪} ٤٠‬‬ ‫ٱعملوا ما شِئتم إِنهۥ بِما تعمل‬
‫ويؤولون آياتنا تأويال باطال ال يخفون علينا‪ْ ،‬‬
‫أفمن يلقى في النار‬ ‫واملعنى‪ّ :‬إن الذين يميلون عن الحق ّ‬
‫ُ‬
‫ويقتحمها فيتقي سوء عذاب النار بوجهه يوم القيامة خير وأهدى ممن آمن ون ّجي من النار؟ كما قال تعالى‪:‬‬
‫ُ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫اب يَو َم القِ َي َامةِ}[الزمر‪ ،]24 :‬اعملوا ما تريدون ْأن تعملوه‪ّ ،‬إن هللا بما تعملون‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫{أفمن يت ِق بِوج ِههِ سوء العذ ِ‬
‫بصير‪ ،‬ال يخفى عليه ش يء من أعمالكم‪.‬‬
‫َ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫واألمر في قوله تعالى‪{ :‬اع َملوا ما شِئ ُتم} بمعنى التهديد‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬اع َملوا لَع َمَكنتِكم إ ِ ِن‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون}[الزمر‪.]39 :‬‬ ‫َعِِّل ف َسوف تعلم‬

‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬
‫ك َف ُروا ب ِٱَّلِك ِر ل َما َجا َء ُه ۡم ِإَونَ ُهۥ لك َِتىب َع ِزيز ‪} ٤١‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلِين‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ‬ ‫ۡ َى ُ‬ ‫َ َۡ‬
‫ِيم ْحِيد ‪} ٤٢‬‬ ‫ۡ‬
‫ي يديهِ وَّل مِن خل ِفهِۦ تزنِيل مِن حك ٍ‬
‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل يأتِيهِ ٱلب ِطل مِن ب ِ‬
‫ّ‬
‫الباطل من جميع النواحي‪ ،‬وال يكذبه ش يء قبله وال بعده‪ ،‬ألنه أنزل بعلم هللا‬ ‫ُ‬ ‫واملعنى‪ :‬ال يأتي القر َآن الكريم‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ ُ َ‬
‫تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فاعل ُموا أن َما أن ِزل بِعِل ِم‬
‫اَّللِ}[هود‪ّ ،]14 :‬‬
‫وألن هللا تعالى تكفل بحفظه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إنا‬
‫َ َ َُ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫َن ُن ن َزلَا اَّلِكر ِإَونا ل لاف ِظ‬
‫وإن القرآن لتنزيل من حكيم في صنعه حميد في أفعاله وإنعامه‪.‬‬ ‫ون}[الحجر‪ّ ،]11 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ َ َ ََ َ‬ ‫َُ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫اب أ َِلم ‪} ٤٣‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ما يقال لك إَِّل ما قد قِيل ل ِلرس ِل مِن قبل ِكر إِن ربك َّلو مغفِرة وذو عِق ٍ‬
‫واملعنى‪ :‬ما يقال لك أيها الرسول من هؤالء الكفار إال مثل ما قد قيل للرسل من قبلك‪ْ ،‬‬
‫وإن يكذبك‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ُ َ َ‬
‫وك ف َقد كذِبَت ُر ُسل مِن قبل َِك}[فاطر‪،]4 :‬‬ ‫قومك‪ ،‬فقد كذبت رسل من قبلك‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ{ :‬إَون يكذِب‬
‫ََْ ُ َْ َ ََْ ُ ُ‬ ‫وك َف َق ْد َك هذ َب ْت َق ْب َل ُه ْم َق ْو ُم ُن َ َ ٌ َ َ ُ‬
‫وقال تعالى‪َ { :‬وإ ْن ُي َكذ ُب َ‬
‫وط}[الحج‪:‬‬‫وح وعاد وث ُمود (‪ )42‬وقوم إبراهيم وقوم ل ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬
‫وإنه ذو عقاب أليم ملن ّ‬
‫أصر‬ ‫‪ّ ،]42-43‬إن رّبك أيها الرسول الكريم لذو مغفرة للناس على ظلمهم إذا تابوا إليه‪،‬‬
‫على كفره‪.‬‬

‫ُ‬
‫ام ُنوا هدى‬ ‫جم َو َع َرب قُ ۡل ُه َو ل ََِّل َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫ت َء َاي ى ُت ُهۥ َء۬ا ۡع َ‬ ‫جميا َل َقالُوا ل َ ۡو ََّل فُصلَ ۡ‬‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َ ۡو َج َع ۡل َنى ُه قُ ۡر َءانا أَ ۡع َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ ۡ‬
‫اد ۡو َن مِن َمَكن بَعِيد ‪} ٤٤‬‬ ‫َ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِين َّل يُؤم ُِنون ِِف َءاذان ِ ِه ۡم َوقر َوه َو َعل ۡي ِه ۡم عم أولئِك ين‬ ‫وشِفاء ر وٱَّل‬
‫فصلت آياته‬ ‫واملعنى‪ :‬ولو جعلنا هذا القرآن الكريم أعجميا بغير لغة العرب‪ ،‬لقال كفار قريش‪ :‬هال ّ‬
‫نت بلغتنا العربية حتى نفهمه‪ ،‬وقالوا‪ :‬أأعجمي هذا القرآن والذي أوحي إليه رسول عربي؟ وهذا القرآن‬ ‫وبي ْ‬
‫ّ‬
‫َ َ ۡ‬
‫عربي‪ ،‬ومع هذا‪ ،‬لم يؤمنوا به‪ ،‬ولو نزلناه على بعض األعجمين‪ ،‬لكفروا به عنادا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ول ۡو ن َزل َنى ُه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َۡۡ َ‬ ‫َ َى ۡ‬
‫ي ‪ ١٩٨‬ف َق َرأهُۥ َعل ۡي ِهم َما َكنُوا بِهِۦ ُِّ ۡؤ ِمن َِي ‪[} ١٩٩‬الشعراء‪ ،]198-199 :‬قل أيها الرسول لهؤالء‬
‫جم َ‬
‫لَع َبع ِض ٱلع ِ‬
‫املشركين‪ :‬هذا القرآن هداية من الضاللة وشفاء ملا في الصدور للذين آمنوا باهلل وبرسوله وبالقرآن‪ ،‬كما قال‬
‫َ ُ َ ُ َ ۡ ُ ۡ َ َ ُ َ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ ُ َى َ َ‬
‫ي إَِّل َخ َسارا ‪[}٨٢‬اإلسراء‪ ،]82 :‬والذين‬ ‫ان ما هو شِفاء ورْحة ل ِلمؤ ِمن ِي وَّل ي ِزيد ٱلظل ِ ِم‬
‫زنل مِن ٱلقرء ِ‬
‫تعالى‪ { :‬ون ِ‬
‫ال يؤمنون بالقرآن في آذانهم صمم عن سماعه‪ ،‬وهو على قلوبهم َعمى‪ ،‬أولئك ينادون من مكان بعيد‪ ،‬فال‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َََُ َ َ ََ‬
‫ِين كف ُروا ك َمث ِل ٱَّلِي َي ۡنعِ ُق ب ِ َما َّل ي َ ۡس َم ُع إَِّل د ََعء َون َِداء ر ُص ُّم‬ ‫يفهمون ما يقال لهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ومثل ٱَّل‬
‫ُ ۡ ُ ۡ َُ ۡ َ َۡ ُ َ‬
‫ون ‪[} ١٧١‬البقرة‪.]171 :‬‬ ‫بكم عم فهم َّل يعقِل‬

‫َ َ َ‬ ‫ك لَ ُق ِ َ‬
‫ض بَ ۡي َن ُه ۡ رم ِإَون ُه ۡم ل َِف شك‬
‫َ َ‬ ‫َ َۡ َ َ َ َ َ َ ۡ‬ ‫َ ََ ۡ َ ََۡ ُ َ ۡ َ َ َ ۡ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ولقد ءاتينا ِّوس ٱلكِتىب فٱختلِف فِيهِ ولوَّل ُك ِمة سبقت مِن رب ِ‬
‫م ِۡن ُه ُِّ ِريب ‪} ٤٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد آتينا موس ى عليه السالم الكتاب وهو التوراة‪ ،‬فاختلف فيه بنو إسرائيل من بعده‪،‬‬
‫فآمن به منهم فريق وكفر به فريق‪ ،‬ولوال كلمة سبقت من رّبك بتأجيل العذاب إلى أجل مسمى‪ّ ،‬‬
‫لحل بهم‬
‫وإن اليهود والنصارى املعاصرين لك أيها الرسول لفي شك ُم ْوقع في الريبة وقلق‬ ‫العذاب بإهالكهم في الدنيا‪ّ ،‬‬
‫َ َ َ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ك إِل أ َجل ُِّ َس ًّم لَ ُق ِ َ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ ََ‬ ‫ََ‬
‫ض بَي َن ُهم ِإَون اَّل‬
‫ِين أورِثوا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ت‬‫ق‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ة‬‫ِم‬ ‫ُك‬ ‫َّل‬ ‫و‬ ‫النفس وتذبذبها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ول‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يب}[الشورى‪.]14 :‬‬
‫الكِتاب مِن بع ِدهِم ل َِف ش ٍك مِنه ِّ ِر ٍ‬
‫ك لَ ُق ِ َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ولَ َقد آتَي َنا ُِّ َ‬
‫ض‬ ‫اب فاخ ُتل ِف فِيهِ َولوَّل ُك َِمة َس َبقت مِن ر ِب‬‫وس الكِت‬
‫ُ ُ‬ ‫َُ َ َ‬ ‫َ َُ‬
‫يب}[هود‪.]110 :‬‬ ‫بينهم ِإَونهم ل َِف ش ٍك مِنه ِّ ِر ٍ‬

‫ۡ‬ ‫َى‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬م ۡن َع ِمل َص ىل ِحا فل َِنفسِ هِۦ َو َم ۡن أ َسا َء ف َعل ۡي َها َو َما َر ُّب َك ب ِ َظلم ل ِل َعبِي ِد ‪} ٤٦‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬من عمل عمال صالحا في الدنيا‪ ،‬فإنما يعود نفعه على نفسه‪ ،‬ومن أساء فعص ى هللا تعالى‪،‬‬
‫ِإَون أَ َس ۡأ ُت ۡم َفلَ َها ر فَإ َذا َجا َء َو ۡعدُ‬
‫ُ ۡ ۡ‬
‫س كم‬
‫ۡ َ ۡ َ ُۡ َ ۡ َ ُ َ ُ‬
‫نت ۡم ِلنف ِ‬ ‫فإنما يرجع إليها وبال سوءه‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِن أحسنتم أحس‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫بوا َما َعل ۡوا تَ ۡتبِريا ‪[}٧‬اإلسراء‪،]7 :‬‬
‫ك ۡم َو َِلَ ۡد ُخلوا ٱل َم ۡسج َد ك َما َد َخلوهُ أ َول َِّ َرة َو َِلُ َت ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ُ َ ُ‬
‫ٱٓأۡلخ َِرة ِ ل ِيَ ُسُٔٔوا وجوه‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ون}[الروم‪ ،]44 :‬وما ربك أيها الرسول بظالم للعبيد مثقال ذرة‪،‬‬ ‫س ِهم يمهد‬ ‫الا فلنف ِ‬ ‫وقال تعالى‪َ { :‬و َمن َع ِمل َص ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫اَّلل َّل َيظل ُِم مِث َقال ذ َر ٍة}[النساء‪.]40 :‬‬
‫كما قال‪{ :‬إ َن َ َ‬
‫ِ‬

‫ۡ‬ ‫ۡ َ ۡ َ َ َ َ َۡ ُ ۡ ُ َ َ َ َ َ‬ ‫َ ۡ ُ َ ُّ ۡ ُ َ َ َ َ َ ۡ‬
‫نَث َوَّل تض ُع إَِّل بِعِل ِمهرِۦ‬ ‫َت ُر ُج مِن َث َم َر ىت مِن أكماِِّها وما ت ِمل مِن أ ى‬ ‫قوله تعالى‪۞ { :‬إَِلهِ يرد عِلم ٱلساع ِة وما‬
‫َى‬ ‫َ ُ‬ ‫ۡ َۡ َ ُ ََ‬
‫شكءِي قالوا َءاذنَ َك َما م َِنا مِن ‪} ٤٧‬‬ ‫َويَ ۡو َم ُي َنادِي ِهم أين‬
‫ك ُم َ‬ ‫َى َ َ‬
‫نت َهى ى َها‬ ‫واملعنى‪ :‬إلى هللا تعالى وحده علم الساعة‪ ،‬ال يعلمها إال هو‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِل رب ِ‬
‫ُيل َِيها ل َِوقت ِ َها إَِّل ُه َو}[األعراف‪ ،]187 :‬وما تخرج من ثمرات من أوعيتها إال‬ ‫}[النا عات‪ ،]44 :‬وقال تعالى‪ََّ { :‬ل ُ َ‬ ‫ّ‬
‫‪ ٤٤‬ز‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بعلمه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما تس ُق ُط مِن َو َرق ٍة إَِّل َيعل ُم َها}[األنعام‪ ،]59 :‬وما تحمل كل أنثى في بطنها‪ ،‬وال تضعه‬
‫يش ٍء ع َ‬ ‫َ ُ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ ُ ُ ُّ ُ َ ى َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ َ ۡ َ ُ‬
‫اد ر َو ُ ُُّك َ ۡ‬
‫ِندهُۥ‬ ‫إال بعلم هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱَّلل يعلم ما ت ِمل ُك أنَث وما تغِيض ٱلرحام وما تزد‬
‫ۡ‬
‫ب ِ ِمق َد ٍار ‪[}٨‬الرعد‪ ،]8 :‬ويوم ينادي مناد ‪-‬بأمر هللا تعالى‪ -‬هؤالء املشركين‪ ،‬فيقول لهم‪ :‬أين آلهتكم التي كنتم‬
‫منا شهيد ّأن معك شريكا‪.‬‬
‫تزعمون ّأنهم شركائي؟ قالوا‪ :‬أعلمناك اليوم ْأن ليس أحد ّ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون مِن ق ۡبل َو َظ ُّنوا َما ل ُهم مِن َمِيص ‪} ٤٨‬‬
‫َ َ َ ُ َۡ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ش ِهيد وضل ما َكنوا يدع‬
‫واملعنى‪ :‬وذهب عنهم ما كانوا يعبدونه من دون هللا تعالى من قبل‪ّ ،‬‬
‫وتيقنوا أال مهرب لهم وال محيد لهم‬
‫َ‬ ‫ُ ُ َ َ َ َ َ ُّ َ َ ُ ُ َ ُ َ َ َ َ‬ ‫َ ََ‬
‫ُي ُدوا عن َها‬
‫من عذاب هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ورأى المج ِرِّون الار فظنوا أنهم ِّواق ِعوها ولم ِ‬
‫ُصفا}[الكهف‪.]53 :‬‬ ‫َ‬
‫ِّ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِفُٔٔوس ق ُنوط ‪} ٤٩‬‬ ‫ل ۡري ِإَون َِّ َس ُه ٱ َ ُّ‬
‫لش َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل ي َ ۡسأ ُم ٱإل َ ى ُ‬
‫نسن مِن دَعءِ ٱ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫يمل اإلنسان من دعاء رّبه بالخير الدنيوي‪ ،‬وإن أصابه الشر من فقر وشدة الحياة فهو‬ ‫واملعنى‪ :‬ال ّ‬
‫َ ََ‬
‫الظن باهلل تعالى كفور بنعمه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولئِن أذق َنا‬‫ّ‬ ‫شديد اليأس من رحمة هللا تعالى قنوط بسوء‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اها مِن ُه إِنَ ُه َلَئُوس ك ُفور}[هود‪.]9 :‬‬
‫َ َ َ َ َ َ ََ َ َ‬
‫اإلنسان مِنا رْحة ثم نزعن‬
‫ِ‬

‫َ َ َ ُ ُّ َ َ َ َ َ َ َ ُّ ۡ ُ َ‬ ‫َۡ َ َ َ َ َ ُۡ َ ُ ََ َ َ‬ ‫ََ ۡ َََۡ ُ ََۡ َ‬


‫ت إ ِ ىل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولئِن أذقنىه رْحة مِنا مِن بع ِد ضاء ِّسته َلَقولن هىذا ِل وما أظن ٱلساعة قائِمة ولئِن ر ِ‬
‫جع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َۡ ُ ۡ َى َ َُ َ ََ َ َ َ َ ُ َ َ ُ َ َُ َ‬ ‫َ‬
‫ِيق َن ُهم م ِۡن َعذا ٍب غل ِيظ ‪} ٥٠‬‬
‫َر ِب إِن ِل عِندهۥ للحسن فلننبَِئ ٱَّلِين كفروا بِما ع ِملوا ولذ‬
‫ّ‬
‫يقولن فرحا‬ ‫لم يشكر هللا تعالى‪ ،‬بل‬ ‫ضراء أصابته‪ْ ،‬‬ ‫منا بعد ّ‬ ‫واملعنى‪ : :‬ولئن أعطينا اإلنسان نعماء ّ‬
‫اء َِّ َست ُه ََلَ ُقولَ َن َذ َه َ‬ ‫َ‬
‫السيئَ ُ‬
‫ات‬ ‫ب َ‬ ‫ض َ‬ ‫وبطرا‪ :‬هذا لي‪ ،‬وأنا مستحق له‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولَئن أ َذق َن ُاه َنع َم َ‬
‫اء َبع َد َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َع ِن إِنَ ُه ل َف ِرح ف ُخور}[هود‪ ،]10 :‬ويقول‪ :‬ال أعتقد ّأن الساعة قائمة آتية‪ ،‬فيكفر ويطغى ألجل أنه رزق نعمة‪،‬‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫جعت إلى رّبي ّإن لي عنده‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬لَك إِن اإلن َسان َلَط َغ أن َر ُآه اس َتغ َن}[العلق‪ ،]6-7 :‬ويقسم‪ :‬وهللا لئن ر‬
‫ُ‬
‫ّ‬ ‫للجنة والكرامة كما أحسن ّ‬
‫إلي في هذه الدنيا‪ ،‬فأجابهم هللا تعالى‪ :‬فلنخبرن الذين كفروا بما عملوا من السوء‬
‫ّ‬
‫ولنذيقنهم من العذاب الشديد‪.‬‬ ‫واملعاص ي‪،‬‬

‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََۡۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ ۡ‬ ‫َ َ‬


‫نسن أ ۡع َر َض َونَأ ِِبَانِبهِۦ ِإَوذا َِّ َس ُه ٱ َ ُّ‬
‫لش فذو ُد ََع ٍء ‪}٥١‬‬ ‫َى‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا أنعمنا لَع ٱ ِإل ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وإذا أنعمنا على اإلنسان بصحة أو سعة من الرزق أو غيرهما‪ ،‬أعرض عن طاعة هللا واستكبر‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫}[الذاريات‪ ،]39 :‬وإذا أصابه ّ‬
‫الشر من الفقر أو املرض‬ ‫عن عبادته‪ ،‬كما قال هللا تعالى في فرعون‪{ :‬ف َت َول ب ِ ُركنِهِ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫لُض َد ََعنَا ِ َ‬
‫لۢنبِهِۦ أ ۡو‬ ‫نس َن ٱ ُّ ُّ‬
‫ِإَوذا َِّ َس ٱ ِإل َ ى‬ ‫أو غيرهما‪ ،‬فهو ذو دعاء طويل لفظه قليل معناه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ِي َما َكنوا َي ۡع َملون‬ ‫ضهُۥ َِّ َر َكأَن ل َ ۡم يَ ۡد ُع َنا إ َ ىل ُض َِّ َس ُهۥ ك َذ ىل َِك ُزي َن ل ِل ُم ّۡسف َ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫قَاعِدا أَ ۡو قَائما فَلَ َما َك َش ۡف َنا َع ۡن ُه ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪[}١٢‬يونس‪.،]12 :‬‬

‫َ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ َ‬


‫ك َف ۡرتُم بِهِۦ َم ۡن أ َضل ِّ َِم ۡن ُه َو ِِف ش َِقاق بَعِيد ‪} ٥٢‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل أ َر َء ۡي ُت ۡم إِن َكن م ِۡن عِن ِد ٱَّللِ ثم‬

‫َ َ َ َ ُ َ َى ُ‬ ‫َ َ َ ُ ۡ َ َ ى َ َ َ َ َ َ ُ ۡ َ َ ُ ۡ َ ُّ َ َ َ ۡ َ ۡ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬س ُ ۡ َ َ َ‬


‫ُك‬
‫اق و ِف أنفسِ ِهم حت يتبي لهم أنه ٱلق أو لم يك ِف بِربِك أنهۥ لَع ِ‬ ‫ُني ِهم ءاي ىتِنا ِِف ٱٓأۡلف ِ‬
‫ِ‬
‫ََ‬ ‫َ ۡ‬
‫يشء َش ِهيد أَّل ‪} ٥٣‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬سنري هؤالء املكذبين دالئل قدرتنا وصدق آياتنا في أقطار السماوات واألرض وما بينهما‪ ،‬وفي‬
‫أولم يكف‬ ‫يتبين لهم من تلك اآليات والدالئل ّأن القرآن الكريم هو الحق من ّربهم‪ْ ،‬‬ ‫بدائه صنع أنفسهم‪ ،‬حتى ّ‬
‫كن َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اَّلل‬ ‫بربك أيها الرسول أن هللا تعالى شهيد على كل ش يء‪ ،‬وهو أن ما أنزل إليك حق‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ل ِ ِ‬
‫َُ‬ ‫ك أَ َ ُ‬
‫نزل بعلمهِ َوال َملئكة يَش َه ُدون ََ}[النساء‪.]166 :‬‬‫ِِ ِ‬
‫َ َ ُ َ َ َ َ َ‬
‫يشهد بما أنزل إَل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ُّ‬
‫كل ۡ‬ ‫ُ‬‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ََ‬
‫َ َ ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َُ ۡ‬
‫يشء َمِيُۢط ‪}٥٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنهم ِِف ِِف ِِّرية مِن ل ِقاءِ رب ِ ِهم أَّل إِنهۥ ب ِ ِ‬
‫شك لقاء ّربهم يوم القيامة وما وفيه من البعث والحساب‬ ‫واملعنى‪ :‬أال أيها العاقل‪ّ ،‬إن هؤالء الكفار في ّ‬
‫َ َُ ََ ََ ََ ُ‬ ‫ّ‬
‫ُك‬
‫والجزاء‪ ،‬أال أيها العاقل‪ ،‬إن هللا تعالى محيط بكل ش يء علما وقدرة‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ{ :‬لِ علموا أن اَّلل لَع ِ‬
‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫َ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك ِل يش ٍء عِلما}[الطالق‪.]12 :‬‬ ‫يش ٍء قدِير وأن اَّلل قد أحاط ب ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َُ‬
‫ر‬
‫سورة الشو ى‬
‫وهي مكية وعدد آياتها ثالث وخمسون‬

‫لك ُ‬ ‫ۡ‬
‫َّلل ٱل َعز ُ‬
‫يز ٱ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ك ِإَول ٱَّلِي َن مِن ق ۡبل َِك ٱ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ى َ ُ ِ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِيم ‪} ٣‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬حم ‪ ١‬عسق ‪ ٢‬كذل ِك يوح إَِل‬
‫واملعنى‪ :‬حم‪ .‬عسق‪ .‬مثل هذا اإليحاء بالقرآن وما فيه من الدعوة إلى التوحيد وإخالص العبادة هلل‬
‫وحده‪ ،‬يوحي هللا تعالى العزيز الحكيم إليك أيها الرسول الكريم في هذه السورة‪ ،‬وإلى الرسل من قبلك‪ ،‬كما‬
‫ِيم َو ُِّ َ‬
‫ح ِف إب َراه َ‬ ‫َ‬
‫الول‪ُ .‬ص ُ‬ ‫قال تعالى‪{ :‬إ َن َه َذا لََف ُّ‬
‫الص ُ‬
‫وس}[األعلى‪.]18-19 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ح ِف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َۡ‬
‫َل ٱ ۡل َع ِظ ُ‬
‫يم ‪} ٤‬‬
‫ۡ‬
‫ت َو َما ِِف ٱلۡر ِض َو ُه َو ٱل َع ِ ُّ‬ ‫قوله تعالى‪ُ َ { :‬لۥ َما ِف ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ُّ‬
‫واملعنى‪ :‬وهلل وحده ما في السماوات وما في األرض ملكا وخلقا وعبدا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِن ُك َمن ِِف‬
‫َ‬ ‫َۡ‬
‫لس َم ى َو ى ِت َوٱلۡر ِض إَِّل َء ِاِت ٱ َلرِنَٰمۡح َع ۡبدا ‪[} ٩٣‬مريم‪ ،]93 :‬وهو هللا العلي بذاته‪ ،‬العظيم الذي له الكبرياء‬
‫ٱ َ‬
‫َ‬
‫كب ُ‬
‫ري}[سبأ‪.]23 :‬‬ ‫والعظمة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ُه َو ال َع ِ ُّ‬
‫َل ال ِ‬

‫ََ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ َ َ ۡ َ َى َ ُ ُ َ ُ َ‬ ‫َ َ ُ َ َ َ ُ ََََ ۡ َ‬


‫حون ِّبَ ۡم ِد َرب ِ ِه ۡم َوي َ ۡس َتغ ِف ُرون ل َِمن ِِف ٱلۡر ِض أَّل‬‫ن وٱلملئِكة يسب ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬تكاد ٱلسم ىو ىت يتفطرن مِن فوق ِ ِه ر‬
‫َّلل ُه َو ٱ ۡل َغ ُف ُ‬
‫ور ٱ َلرح ُ‬
‫ِيم ‪} ٥‬‬ ‫إ َن ٱ َ َ‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫فوقهن باأللوهية والقهر‪ ،‬واملالئكة‬ ‫يتشققن نت عظمة وجالل الرحمن من‬ ‫واملعنى‪ :‬تكاد السماوات‬
‫ينزهون هللا تعالى ويحمدونه‪ ،‬ويسألون هللا تعالى املغفرة ملن في األرض ملن آمن منهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱ ََّل َ‬
‫ِين‬
‫ّ‬
‫َ َۡ َ ۡ ُ َ َ َ َ َ ُ َََ َ ۡ َ َُ‬
‫ُك َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ ُ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َُ ُ َ ُ َ‬
‫يشء‬ ‫حون ِّبَ ۡم ِد َرب ِ ِه ۡم َو ُيؤم ُِنون بِهِۦ ويستغ ِفرون ل َِّلِين ءامنوا ربنا و ِسعت‬‫ي ِملون ٱلعرش ومن حولۥ يسب ِ‬
‫يم ‪[}٧‬غافر‪ ،]7 :‬أال ّإن هللا تعالى هو الغفور‬ ‫ح ِ‬ ‫اب ٱ ۡ َ‬
‫ل ِ‬ ‫ك َوقِه ۡم َع َذ َ‬ ‫ََۡ َ ۡ َ ۡ ۡ َ َ َ ُ َ ََُ َ َ َ‬
‫رْحة وعِلما فٱغ ِفر ل َِّلِين تابوا وٱتبعوا سبِيل‬
‫ِ‬
‫لذنوب عباده العصاة‪ ،‬الرحيم بهم‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬


‫ِين ٱَتذوا مِن ُدونِهِۦ أ ۡو َِلَا َء ٱ َ ُ‬ ‫َ‬
‫نت َعل ۡي ِهم ب ِ َووُك ِيل ‪} ٦‬‬
‫َّلل َحفِيظ َعل ۡيه ۡم َو َما أ َ‬
‫ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱَّل َ‬

‫واملعنى‪ :‬والذين اتخذوا من دون هللا تعالى آلهة يعبدونها‪ ،‬هللا تعالى حفيظ عليهم أعمالهم‪ ،‬ويحصيها‬
‫ليجازيهم بها‪ ،‬وما أنت أيها الرسول عليهم بموكل على أمورهم‪ ،‬فإنما عليك البالغ‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَون َما‬
‫َّ‬
‫َ ُ ُ ۡ َۡ ََََََ َ َ َ َ َ َۡ َ ََۡ ُ َ َ ََۡ ۡ‬ ‫َ‬
‫نُرِيَ َن َك َب ۡع َض ٱَّلِي نعِدهم أو نتوفينك فإِنما عليك ٱلل ىغ وعلينا ٱل ِساب ‪[}٤٠‬الرعد‪.]40 :‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫ُ‬ ‫َ َ َى َ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ‬
‫َ‬
‫ب فِيهِ فرِيق ِِف‬ ‫ى َو َم ۡن َح ۡول َ َها َوتُنذ َِر يَ ۡو َم ٱ ۡ َ‬
‫ل ۡمعِ ََّل َر ۡي َ‬ ‫ك ُق ۡر َءانا َع َربيا ِ ُِلنذ َِر أ َم ٱ ۡل ُق َر ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ووُكذل ِك أوحينا إَِل‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َۡ َ َ َ‬
‫ري ‪} ٧‬‬
‫ٱلنةِ وف ِريق ِِف ٱلس ِع ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ومثل ذلك اإليحاء إلى الرسل من قبلك أيها الرسول‪ ،‬أوحينا إليك قرآنا عربيا ليفهمه قومك‪،‬‬
‫ّ‬ ‫َُ َ َ‬
‫ي ل ُهم}[إبراهيم‪]4 :‬؛ لتنذر به من عذاب هللا تعالى أهل مكة‬ ‫ب‬ ‫َل‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫و‬
‫َ‬
‫ق‬ ‫ان‬ ‫كما قال { َو َما أَر َسل َنا مِن َر ُسول إ ََّل بل َ‬
‫ِس‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫اس بَشِ ريا َونَذِيرا}[سبأ‪ ،]28 :‬وقال تعالى‪:‬‬
‫اك إَِّل َكفة ل َِلن ِ‬
‫ومن حولها من سائر الناس‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما أر َسل َن َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫{وما أرسلناك إَِّل رْحة ل ِلعال ِمي}[األنبياء‪ ،]107 :‬وتنذر به أيضا يوما يجمع له الناس للحساب والجزاء‪ ،‬كما‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قال تعالى‪{ :‬ذل َِك يَوم َم ُموع َ ُل الَ ُ‬
‫اس َوذل ِك يَوم َِّش ُهود}[هود‪ ،]103 :‬وقال تعالى‪{ :‬يَو َم ُي َم ُعكم َِلَو ِم الَمعِ ذل ِك‬
‫اِلغابُ ِن}[التغابن‪ ،]9 :‬وهو آت ال ريب فيه‪ ،‬فريق في الجنة‪ ،‬وهم املؤمنون‪ ،‬وفريق في السعير وهم الكافرون‪.‬‬ ‫يَو ُم َ‬

‫َ ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ َى ُ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ ُ َ ََ ُ َۡ‬ ‫ى‬ ‫َ َ ۡ َ َ َ ُ ََ َ َ ُ ۡ ُ َ َ َ َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ولو شاء ٱَّلل لعلهم أمة و ىحِدة ول ِ‬
‫كن يدخِل من يشاء ِِف رْحتِهِرۦ وٱلظل ِمون ما لهم مِن و ِل وَّل‬
‫َ‬
‫ري ‪} ٨‬‬
‫ص ٍ‬‫ن ِ‬
‫واملعنى ‪ :‬ولو شاء هللا إيمان الناس جميعا واتحادهم في جماعة واحدة لجعلهم جماعة واحدة في‬
‫كر ُه ٱلَ َ‬
‫اس َح َ ى‬ ‫َََ َ ُ ۡ‬ ‫ُ ُّ ُ ۡ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫نت‬ ‫أ‬‫ف‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫ا‬‫ِيع‬ ‫ۡج‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ُك‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ۡر‬‫اإليمان واإلسالم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ول ۡو شا َء َر ُّبك ٓأَل َم َن َمن ِِف ٱل‬
‫َ َ َ ُ َ ُ‬ ‫َ ُّ َ َ َ َ َ َ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لعل الاس أمة واحِدة وَّل يزالون ُّمتلِفِي}[هود‪:‬‬ ‫شاء ربك َ‬‫ِي ‪[}٩٩‬يونس‪ ،]99 :‬وقال تعالى‪َ { :‬ولَو َ‬
‫كونُوا ُِّ ۡؤ ِمن َ‬
‫َ ُ‬
‫ي‬
‫يشأ ذلك‪ ،‬بل يدخل في رحمته ْ‬ ‫ْ‬ ‫‪ّ ،]118‬‬
‫من يشاء من عباده‪ ،‬والظاملون أنفسهم بالشرك والكفر‬ ‫ولكنه تعالى لم‬
‫ليس لهم ناصر ينصرهم من هللا‪ ،‬وال مانع يمنعهم من عذابه‪.‬‬

‫َ ۡ َ َ َ َ ُ ُ َ ۡ َ ُّ َ ُ َ ُ ۡ ۡ َ ۡ َ ى َ ُ َ َ َ ى ُ َ ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ ُ‬
‫ُك يشء قدِير ‪} ٩‬‬
‫ح ٱلموت وهو لَع ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أ ِم ٱَتذوا مِن دونِهِۦ أو َِلاء فٱَّلل هو ٱلو ِل وهو ي ِ‬
‫واملعنى‪ :‬بل اتخذ هؤالء املشركون من دون هللا تعالى آلهة يعبدونها‪ ،‬فاهلل تعالى هو الناصر واملعين‪،‬‬
‫َ ُُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ‬ ‫ّ‬
‫ون اَّللِ َّل يلقون‬
‫وهو تعالى يحيي املوتى‪ ،‬أما أصنامهم فال تخلق شيئا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬واَّلِين يدعون مِن د ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ون}[النحل‪ ،]20 :‬وهللا على كل ش يء قدير‪.‬‬ ‫شيئا َوهم يلق‬

‫ِإَوَلهِ أُن ُ‬
‫ِيب ‪} ١٠‬‬ ‫ت َۡ‬ ‫َّلل َرب َعلَ ۡيهِ تَ َو ََّكۡ ُ‬ ‫َ ۡ َ ُ ۡ ُ ُ َ َ َى ُ‬
‫ِك ُم ٱ َ ُ‬ ‫َّللِ ذل‬ ‫َ َ ۡ ََۡ ُ ۡ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وما ٱختلفتم فِيهِ مِن يشء فحكمهۥ إِل ٱ ر‬
‫َ‬ ‫واملعنى‪ :‬وما اختلفتم فيه أيها الناس من ش يء‪ ،‬فحكمه ّ‬
‫ومرده إلى هللا ورسوله‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فإِن‬
‫َ ُ ُّ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َت َن َ‬
‫ازع ُتم ِِف يش ٍء فردوه إِل‬
‫الر ُسول}[النساء‪ ،]59 :‬ذلكم هو هللا ّبي وربكم‪ ،‬عليه وحده ّتو ُ‬ ‫اَّللِ َو َ‬
‫كلت وإليه وحده‬ ‫ر‬ ‫ِ‬
‫أنيب‪.‬‬

‫َ‬ ‫ۡ ُ ُ‬ ‫ۡ َۡ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فَاط ُِر ٱ َ َ‬


‫سك ۡم أ ۡز َو ىجا َوم َِن ٱلنع ى ِم أ ۡز َو ىجا يَذ َرؤك ۡم فِيهِ ل ۡي َس‬
‫ت َوٱلۡر ِض َج َعل لكم م ِۡن أنف ِ‬ ‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ص ُ‬ ‫َ ۡ َ َُ َ ُ ۡ‬ ‫َ ۡ‬
‫ري ‪} ١١‬‬ ‫يع ٱلَ ِ‬ ‫ك ِمثلِهِۦ يشء وهو ٱلس ِم‬
‫واملعنى‪ :‬هللا خالق السماوات واألرض على غير مثال ولم يوجد ما يشبهه من قبل‪ ،‬جعل لكم أيها الناس‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫من جنسكم وشكلكم أزواجا‪ ،‬لتحقيق السكينة في نفوسكم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َ ُ‬
‫اَّلل َج َعل لكم مِن أنفسِ كم‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫زوجا ل ِتَسك ُنوا إَِل َها}[الروم‪،]21 :‬‬ ‫ُ‬
‫كم أ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫زوجا}[النحل‪ ،]72 :‬وقال تعالى‪َ { :‬ومِن َءايَتِهِۦ أن خل َق لكم مِن أنفسِ‬
‫أ َ‬

‫وجعل لكم من األنعام أصنافا من الذكور واإلناث‪ ،‬يكثركم بسببه بالتوالد‪ ،‬ليس مثل هللا تعالى ش يء في ذاته‬
‫وصفاته وأسمائه وأفعاله‪ ،‬وهللا تعالى هو السميع لجميع األصوات‪ ،‬البصير بجميع األحوال‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫ت َوٱلۡر ِض يَ ۡب ُس ُط ٱ ۡ َ َ َ َ ُ َ َ ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫يش ٍء َعل ِيم ‪} ١٢‬‬
‫كل ۡ‬
‫لرزق ل ِمن يشاء ويقدِر ر إِنهۥ ب ِ ِ‬
‫ِ‬
‫اَل ُد ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫قوله تعالى‪ُ { :‬لۥ َمق ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هلل وحده مفاتيح خزائن السماوات واألرض‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ِ ََّللِ َخ َزائ ُن َ‬
‫الس َم َو ِ‬
‫ت‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ويضيقه على ْ‬
‫من يشاء منهم‪ ،‬كما قال‬ ‫ّ‬ ‫يوسع هللا تعالى الرزق على ْ‬
‫من يشاء من عباده‪،‬‬ ‫َوال ِ‬
‫رض}[املنافقون‪ّ ،]7 :‬‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ل َي ىو ُة ٱ َُّل ۡن َيا ِِف ٱٓأۡلخ َِرة ِ إَِّل َم َتىع ‪[}٢٦‬الرعد‪:‬‬
‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّل ۡن َيا َو َما ٱ َ‬
‫َّلل يَ ۡب ُس ُط ٱلر ۡز َق ل َِمن ي َ َشا ُء َويَقد ُِر ر َوفر ُحوا بٱ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تعالى‪ { :‬ٱ َ ُ‬

‫‪ّ ،]26‬إن هللا تعالى بكل ش يء عليم‪.‬‬

‫ِيم َو ُِّ َ‬
‫ك َو َما َو َص ۡي َنا بهِۦ إبۡ َر ىه َ‬‫َۡ َ َۡ َۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ ُ‬
‫كم م َِن ٱَلِين َما َو َ ى‬
‫وسى‬ ‫ِ ِ‬ ‫ّص بِهِۦ نوحا َوٱَّلِي أوحينا إَِل‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪۞ { :‬شع ل‬
‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َۡ ُ ُ ۡ ۡ َُ ۡ‬
‫َّلل ُي َت ِب إ ِ َۡلهِ َمن يَشا ُء َويَ ۡهدِي إَِل ِه‬ ‫شوُك ِي ما تدعوهم إَِلهِ ٱ‬
‫ُ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ََََُ‬ ‫َوع َ ى َ ۡ َ ُ‬
‫ِيس أن أقِيموا ٱَلِين وَّل تتفرقوا فِيهِ كب لَع ٱلم ِ‬
‫َمن يُن ِ ُ‬
‫يب ‪} ١٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬شرع هللا تعالى لكم أيها الناس من الدين هو الدين الذي أوحينا إليك أيها الرسول‪ ،‬وما وص ى‬
‫هللا تعالى به وشرع لنوح عليه السالم‪ ،‬وما وصينا به وشرع إلبراهيم وموس ى وعيس ى عليهم السالم‪ْ ،‬أن أقيموا‬
‫تتفرقوا باالختالف في هذه األصول العقائدية‪ ،‬كما قال‬ ‫دين التوحيد واإليمان باهلل وإخالص العبادة له‪ ،‬وال ّ‬
‫ُ‬
‫ون}[األنبياء‪ ،]25 :‬عظم على‬ ‫تعالى‪َ { :‬و َما أَر َسل َنا مِن َقبل َِك مِن َر ُسول إ ََّل نُ ِ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ‬
‫وح إَِلهِ أنه َّل إِل إَِّل أنا فاعبد ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫املشركين ما تدعوهم إليه من التوحيد وعبادته وحده‪ ،‬هللا تعالى يختار للتوحيد من يشاء من عباده‪ ،‬ويهدي‬
‫إليه من يرجع لطاعته‪.‬‬

‫َ َ َ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما َت َف َرقُوا إ ََّل مِن َب ۡع ِد َما َجا َء ُه ُم ٱ ۡلع ۡل ُم َب ۡغ َيا بَ ۡي َن ُه ۡم َول َ ۡو ََّل َُك َِمة َس َب َق ۡ‬
‫ل أ َجل ُِّّ َسم‬
‫ت مِن ربِك إِ ى‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ ۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫َُ َ ََُۡ ۡ َ َ َ ُ ُ ۡ َ‬
‫لق ِض بينه رم ِإَون ٱَّلِين أورِثوا ٱلكِتب مِن بع ِدهِم ل َِف شك مِنه ِّ ِريب ‪} ١٤‬‬
‫تفرق معتنقوا األديان املنحرفة فصاروا شيعا وأحزابا إال بعد قيام الحجة عليهم‪ ،‬وما‬ ‫واملعنى‪ :‬وما ّ‬
‫لعجل لهم العذاب‪،‬‬ ‫تقدم من هللا تعالى من كلمة بإمهال العاصين‪ّ ،‬‬ ‫حملهم على ذلك إال البغي بينهم‪ ،‬ولو ما ّ‬
‫ت‬‫اس إ ََّل أُ َمة َو ىح َِدة فَٱ ۡخ َتلَ ُف روا َول َ ۡو ََّل َُك َِمة َس َب َق ۡ‬
‫ولقض ي بينهم فيما فيه يختلفون‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما ََك َن ٱلَ ُ‬
‫ِ‬
‫وإن الذين توارثوا الكتاب من بعد هؤالء املختلفين‬ ‫ون ‪[}١٩‬يونس‪ّ ،]19 :‬‬ ‫ََۡ ُ َ‬
‫ِيما فِيهِ يتل ِف‬ ‫ك لَ ُق ِ َ‬
‫ض بَ ۡي َن ُه ۡم ف َ‬ ‫َ َ‬
‫مِن رب ِ‬
‫لفي شك ُم ْوقع في الريبة وقلق النفس وتذبذبها‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬
‫َّلل مِن كِتىب َوأِّ ِۡر ُت‬ ‫نت ب َما أَ َ‬
‫نز َل ٱ َ ُ‬ ‫ت َو ََّل تَ َتب ۡع أَ ۡه َوا َء ُه ۡم َوقُ ۡل َء َ‬
‫ام ُ‬ ‫ع َوٱ ۡس َتق ۡم َك َما أُِّ ِۡر َ‬
‫ِ‬
‫َ َى َ َ ۡ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فل ِذل ِك فٱد‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ۡ َ َ ۡ َ ُ ُ َ ُ َ ُّ َ َ َ ُّ ُ ۡ َ َ ۡ َ ى ُ َ َ َ ُ ۡ ۡ َ ى ُ ُ ۡ َ ُ َ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ُ ُ َ ُ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ َ َ‬
‫ِإَوَل ِهۡ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِلعدِل بينكم ٱَّلل ربنا وربكم لا أعملنا ولكم أعملكم َّل حجة بيننا وبينكم ٱَّلل ُيمع بيننا‬
‫ص ُ‬ ‫ۡ‬
‫ري ‪} ١٥‬‬ ‫ٱل َم ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فإلى ذلك الدين املتفق عليه فادع أيها الرسول كما أمرك هللا تعالى به‪ ،‬وال تتبع أهواء‬
‫آمنت بما أنزل هللا تعالى من كتاب‪ ،‬وأمرني هللا ْأن أعدل بينكم‪،‬‬
‫املشركين فيما افتروه من عبادة غير هللا‪ ،‬وقل‪ُ :‬‬
‫َ َُ َ َُ‬ ‫ّ‬
‫وك فقل ِل‬ ‫هللا ربنا وربكم‪ ،‬لنا أعمالنا ونحن بريئون منكم‪ ،‬ولكم أنتم بريئون منا‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَون كذب‬
‫َ َۡ َُ َ‬ ‫َ ۡ ُ ََ‬ ‫َ‬ ‫ك ۡم أَ ُ‬
‫َ َ ََ ُ ۡ َ َُ ُ‬
‫ون ‪[}٤١‬يونس‪ ،]41 :‬ال جدال بيننا وبينكم‬ ‫نتم بَ ِرئُٔون ِّ َِما أع َمل َوأنا بَ ِريء ِِّما تعمل‬ ‫عم َِل ولكم عمل‬
‫بعد ظهور الحق‪ ،‬هللا تعالى يجمع بيننا يوم القيامة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬قُل َُي َم ُع بَي َن َنا َر ُّب َنا ُث َم َيف َت ُح بَي َن َنا ب َ‬
‫ال ِق‬‫ِ‬
‫ِيم}[سبأ‪ ،]26 :‬وإلى هللا وحده مصيرنا‪ ،‬فيجازي كال منا بما نستحقه‪.‬‬ ‫َو ُه َو ال َف َت ُ‬
‫اح ال َعل ُ‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ َ ۡ ُ َ َُ ُ َ ُ ُ ۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ َ ُّ َ‬


‫ِند َرب ِ ِه ۡم َو َعل ۡي ِه ۡم غضب َول ُه ۡم‬
‫ِضة ع َ‬
‫جيب لۥ حجتهم داح‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين ياجون ِِف ٱَّللِ مِن بع ِد ما ٱست ِ‬
‫َ‬
‫َعذاب َشدِيد ‪} ١٦‬‬

‫لس َ‬ ‫َ َ‬
‫َ َ َ َ ََ ُۡ َ‬
‫يك ل َعل ٱ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫َ‬
‫اعة ق ِريب ‪} ١٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلل ٱَّلِي أنزل ٱلكِتىب ب ِٱل ِق وٱل ِمَيان وما يدرِ‬
‫ََ‬
‫واملعنى‪ :‬هللا تعالى الذي أنزل جميع الكتب على رسله بالحق والعدل واإلنصاف‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬لقد‬
‫ان َِلَ ُق َ‬
‫وم الَ ُ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اس بِال ِقس ِط}[الحديد‪ ،]25 :‬وأي ش يء يدريك أيها‬ ‫ات َوأنزلَا َم َع ُه ُم الكِتاب وال ِمَي‬
‫أر َسلنا ُر ُسلنا بِالَيِن ِ‬
‫لعل الساعة تقوم قريبا؟‬ ‫الرسول وأيها العاقل ّ‬

‫ل ُّق َأ ََّل إ َن ٱ ََّل َ‬ ‫َۡ َۡ ُ َ َ َ َ ُۡ ُ َ َ َ َ َ َُ ُ ۡ ُ َ َۡ َََُۡ َ َ‬


‫ِين‬ ‫ِ‬ ‫ون أ َن َها ٱ ۡ َ‬ ‫جل بِها ٱَّلِين َّل يؤمِنون بِها وٱَّلِين َءامنوا ِّشفِقون مِنها ويعلم‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يستع ِ‬
‫َ َ َ َ َ َ‬ ‫َُ ُ َ‬
‫يمارون ِِف ٱلساعةِ ل َِف ضل ىل بعِ ٍ‬
‫يد ‪} ١٨‬‬
‫َ َ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫واملعنى‪ :‬يستعجل بمجيء الساعة الذين ال يصدقون بها‪ ،‬كما قال تعالى على لسانهم‪َ { :‬ويَقولون َم َت هذا‬
‫ّ‬

‫يصدقون بها خائفون من وقوعها‪ ،‬ويعتقدون أنها آتية ال ريب‬ ‫ال َوع ُد إن ُكن ُتم َصادِق َِي}[األنبياء‪ ،]38 :‬والذين ّ‬
‫ِ‬
‫َ َُُ ُُ َ َ‬ ‫َ َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫جلة‬ ‫فيها‪ ،‬فيجتهدون في عبادتهم وأعمالهم الصالحة من أجلها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬واَّلِين يؤتون ما آتوا وقلوبهم و ِ‬
‫ون}[املؤمنون‪ ،]60 :‬أال ّإن الذين يخاصمون في قيام الساعة لفي انحراف بعيد عن الحق‪.‬‬ ‫ُ َ‬
‫جع‬ ‫را‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ب‬‫ر‬‫َأ َن ُهم إل َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫يف بعِ َبادِه ِۦ يَ ۡر ُز ُق َمن ي َ َشا ُء َو ُه َو ٱل َقو ُّي ٱل َعز ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ َ ُ‬
‫يز ‪} ١٩‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّلل ل ِط‬
‫يوسعه على من يشاء‬ ‫البر منهم والفاجر‪ ،‬يرزق من يشاء منهم‪ّ ،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬هللا تعالى لطيف بجميع عباده‪ّ ،‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬
‫ويضيقه على من يشاء وفق حكمته‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما مِن دابَ ٍة ِِف الر ِض إَِّل لَع اَّللِ رِزق َها َويَعل ُم ُِّس َتق َرها‬ ‫ّ‬
‫َّلل يَ ۡب ُس ُط ٱلر ۡز َق ل َِمن ي َ َشا ُء َويَ ۡقد ُِر ر َوفَر ُحوا بٱ ۡ َ‬
‫ل َي ىوة ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ َ َ َ َ ُي‬
‫ُك ِف ك َِتاب ُمبي}[هود‪ ،]6 :‬وقال تعالى‪ { :‬ٱ َ ُ‬ ‫وِّستودعها‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ل َي ىوةُ ٱ َُّل ۡن َيا ِِف ٱٓأۡلخ َِرة ِ إَِّل َم َتىع ‪[}٢٦‬الرعد‪ ،]26 :‬وهللا تعالى هو القوي الذي ال يعجزه ش يء‪ ،‬العزيز‬ ‫ٱ َُّل ۡن َيا َو َما ٱ َ‬

‫الذي ال يغلب‪.‬‬

‫َ‬ ‫ۡ ُۡ‬ ‫َ‬ ‫ث ٱٓأۡلخ َِرة ِ نَز ۡد َ ُلۥ ِف َح ۡرثِهِۦ َو َمن ََك َن يُر ُ‬
‫َ َ َ ُ ُ َۡ َ‬
‫يد َح ۡرث ٱ َُّلن َيا نؤتِهِۦ م ِۡن َها َو َما ُلۥ ِِف‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬من َكن ي ِريد حر‬
‫َ‬
‫يب ‪} ٢٠‬‬
‫ص ٍ‬‫ٱٓأۡلخ َِرة ِ مِن ن ِ‬
‫نزد له في عمله الصالح ونضاعف له جزاء عمله‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬من كان يريد بعمله الصالح ثواب اآلخرة‪ْ ،‬‬
‫ومن كان يريد بعمله الدنيا وحدها‪ ،‬نعطه منها ما قسمنا له في قضائنا‪ ،‬وما له في اآلخرة من حظ وثواب‪.‬‬
‫َ َ َ َ ُ َ ُّ ُ ُ َ َ َ ۡ َ َُ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ َ َ ُ ُ َۡ ََ‬
‫جلة َع َجل َنا ُلۥ فِيها ما نشاء ل ِمن ن ِريد ثم جعلنا لۥ‬‫هذه اآلية مقيدة بقوله تعالى‪ { :‬من َكن ي ِريد ٱلعا ِ‬
‫ۡ ُ‬ ‫َ ُ َى َ َ َ‬ ‫ُ ۡ‬ ‫ََ َ َ َ َ‬ ‫ََ ۡ ََ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ع ل َها َس ۡع َي َها َوه َو ُِّؤمِن فأولئِك َكن َس ۡع ُي ُهم َِّشكورا‬
‫اد ٱٓأۡلخِرة وس ى‬‫َج َه َن َم يَ ۡصلى ى َها َمذ ُِّوما َم ۡد ُحورا ‪ ١٨‬ومن أر‬
‫‪[}١٩‬اإلسراء‪.]18-19 :‬‬

‫َ ُ َ َ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َى‬
‫لظلِميَ‬ ‫َ َۡ َۡ َ‬ ‫ش ُعوا ل َ ُهم م َ‬
‫ش َوُك ى ُؤا َ َ‬
‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أ ۡم ل َ ُه ۡم ُ َ‬
‫َّلل ولوَّل ُك ِمة ٱلفص ِل لق ِض بينهم ِإَون ٱ ِ‬
‫ِين ما لم يأذن بِهِ ٱ ر‬
‫ِ‬ ‫َل‬‫ٱ‬ ‫ِن‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ل ُه ۡم َعذاب أ َِلم ‪} ٢١‬‬
‫ْ‬
‫يشرعه هللا تعالى؟‬ ‫واملعنى‪ :‬أم لهؤالء املشركين شركاء من الشياطين شرعوا من الدين والشرك ما لم‬
‫ََ َ‬ ‫ولو ال قضاء هللا تعالى وحكمه بتأخير عذابهم‪ّ ،‬‬
‫لحل بهم العذاب‪ ،‬وكان هالكهم الزما‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ولوَّل‬
‫وإن الظاملين أنفسهم بالشرك واملعاص ي لهم عذاب‬ ‫َُك َِمة َس َب َقت مِن َرب َك لَ ََك َن ل َِزاما َوأَ َجل ُِّ َس ًّم}[طه‪ّ ،]129 :‬‬
‫ِ‬
‫مؤلم موجع‪.‬‬
‫َ‬
‫ت ِِف َر ۡوض ِ‬
‫ات‬ ‫ام ُنوا َو َعملُوا ٱ َ ى َ‬
‫لصل ِحى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي ِّ َِما َك َس ُبوا َو ُه َو َواق ُِع به ۡم َوٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫ي ُِّ ۡشفِقِ َ‬ ‫َى‬
‫لظلِم َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ت َرى ٱ ِ‬
‫ِِ‬
‫كب ُ‬ ‫َ َ ۡ َ َ َُ َۡ ۡ ُ ۡ َ‬ ‫َۡ َ َ ُ َ َ َ ُ َ‬
‫ري ‪} ٢٢‬‬ ‫ات لهم ما يشاءون عِند رب ِ ِه رم ذ ىل ِك هو ٱلفضل ٱل ِ‬ ‫ٱ لن ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ترى أيها الرسول هؤالء الظاملين يوم القيامة خائفين مما عملوا من السيئات في الدنيا‪،‬‬
‫والعذاب نازل بهم‪ ،‬والذين آمنوا باهلل وبرسوله وعملوا األعمال الصالحة في روضات الجنات‪ ،‬لهم ما يشاؤون‬
‫َ‬ ‫َُ َ ََ ُ َ‬
‫ون عِن َد َرب ِ ِهم ذل َِك َج َز ُاء ال ُمحسِ ن َِي}[الزمر‪:‬‬‫عند ّربهم في الجنة جزاء إحسانهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬لهم ما يشاء‬
‫َ‬
‫ُ َ ََ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِيها َو ََلي َنا َِّ ِزيد}[ق‪ ،]35 :‬ذلك الجزاء هو الفضل الكبير‪.‬‬
‫ون ف َ‬‫‪ ،]34‬وقال تعالى‪{ :‬لهم ما يشاء‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َى َ ى ُ َ َ ۡ‬
‫ُ ُ‬
‫ت قل َّل أسَٔٔلك ۡم َعل ۡيهِ أ ۡجرا إَِّل‬
‫َ ُ‬ ‫ِين َء َ ُ‬
‫امنوا َوع ِملوا ٱلصل ِح ِ‬ ‫ادهُ ٱ ََّل َ‬
‫َُ ُ َُ َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ذ ىل ِك ٱَّلِي يب ِش ٱَّلل عِب‬
‫ُ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫ب َو َمن َي ۡق َت ۡف َح َس َنة نَز ۡد َ ُلۥ ف َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫َّلل غ ُفور َشكور ‪} ٢٣‬‬ ‫ِيها ُح ۡسنا ر إِن ٱ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٱل َم َو َدةَ ِِف ٱل ُق ۡر َ ى‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ذلك املذكور من روضات الجنات ونعيمها يبشر هللا تعالى به عباده الذين آمنوا باهلل وبرسوله‬
‫وعملوا األعمال الصالحة‪ ،‬قل ملشركي قومك أيها الرسول‪ :‬ال أسألكم على تبليغ الرسالة أجرا ومكافأة‪ ،‬كما‬
‫َ َُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫قال تعالى‪{ :‬قل َما َسأِلُكم مِن أج ٍر ف ُه َو لكم إِن أج ِر َي إَِّل لَع اَّللِ}[سبأ‪ ،]47 :‬وقال تعالى‪{ :‬قل َما أسألكم‬
‫شركم عنيّ‬
‫ي}[ص‪ ،]86 :‬ولكن أسألكم صلة القرابة بيني وبينكم‪ ،‬فتكفوا ّ‬ ‫َعلَيهِ مِن أَجر َو َما َأنَا م َِن ال ُم َت ََكِفِ َ‬
‫ٍ‬
‫َ ََ َ َ ُ َ َ‬
‫وعن أهل بيتي‪ ،‬ومن يكسب حسنة نزد له فيها حسنا ونضاعفها له‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِن اَّلل َّل يظل ِم مِثقال‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ذ َر ٍة ِإَون تَ ُك َح َس َنة يُ َضاعِف َها َو ُيؤ ِت مِن َُلن ُه أجرا َع ِظيما}[النساء‪ّ ،]40 :‬إن هللا تعالى غفور لذنوب عباده شكور‬
‫لطاعتهم وحسناتهم‪.‬‬

‫ح ُّق ٱ ۡ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ ۡ ۡ َ َى َ ۡ َ َ َ ۡ ُ َ ُ ۡ َ‬ ‫َۡ َُ ُ َ ََۡ ى ََ َ َ‬


‫ل َق‬ ‫َّلل ٱل َبى ِطل َويُ ِ‬ ‫ى لَع ٱَّللِ كذِبا فإِن يشإِ ٱَّلل يتِم لَع قلبِك ويمح ٱ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أم يقولون ٱفت‬
‫ِيم ب َذات ٱ ُّ‬
‫لص ُدورِ ‪} ٢٤‬‬ ‫َُ َ‬ ‫َ َ‬
‫بِكل ِم ىتِهرِۦ إِنهۥ عل ُ ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬بل أيقول هؤالء املشركون افترى الرسول على هللا كذبا فاختلق القرآن من عند نفسه؟ ْ‬
‫فإن‬
‫َ ََ َ‬
‫يشأ هللا تعالى ‪ -‬إن فعلت ذلك –لطبع على قلبك ولسلبك ما آتاك من القرآن‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولو تق َول‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫لخذنَا مِن ُه باَلَمي ث َم ل َق َطع َنا مِن ُه ال َوت َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كم مِن أ َح ٍد َعن ُه َحاجز َ‬
‫ين}[الحاقة‪:‬‬ ‫ُ‬
‫ِي ف َما مِن‬
‫َ‬
‫يل‬
‫َ َ َ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫علينا بعض القاوِ ِ‬
‫تتغير‪ّ ،‬إن هللا تعالى عليم بذات الصدور وبخواطر‬ ‫‪ ،]44-47‬فيمحق هللا الباطل ويحق الحق بكلماته التي ال ّ‬
‫القلوب‪.‬‬

‫ََۡ ُ َ َ َ َ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و ُه َو ٱَّلِي َيق َبل ٱ َِل ۡوبَة َع ۡن ع َِبادِه ِۦ َويَ ۡع ُفوا َعن ٱ َ‬
‫ون ‪} ٢٥‬‬ ‫ت ويعلم ما تفعل‬
‫لسي ِأ ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وهو هللا تعالى الذي يقبل التوبة عن عباده املذنبين‪ ،‬ويعفو عن السيئات التي اقترفوها‪ ،‬كما‬
‫َّللا َغ ُف ً‬
‫ورا َرح ً‬ ‫وءا َأ ْو َي ْظل ْم َن ْف َس ُه ُث هم َي ْس َت ْغفر ه َ‬
‫َّللا َيجد ه َ‬ ‫قال تعالى‪َ { :‬و َم ْن َي ْع َم ْل ُس ً‬
‫يما}[النساء‪ ،]110 :‬ويعلم ما‬
‫تفعلون من خير أو شر‪ ،‬فيجازيكم به‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ون ل ُه ۡم َعذاب َشدِيد ‪} ٢٦‬‬
‫َ ى ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َى َ ى َ َ ُ ُ‬
‫يدهم مِن فضلِهرِۦ وٱلكفِر‬ ‫ت وي ِز‬ ‫ِين َء َ ُ َ‬
‫امنوا َوع ِملوا ٱلصل ِح ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وي َ ۡس َتج ُ‬
‫يب ٱَّل َ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ويستجيب هللا تعالى دعاء الذين آمنوا باهلل وبرسوله وعملوا األعمال الصالحة‪ ،‬كما قال‬
‫َ ْ َ َ َ َ‬
‫اب ل ُه ْم َرُّب ُه ْم}[آل عمران‪ ،]195 :‬ويزيدهم هللا تعالى األجر والثواب من فضله الواسع‪،‬‬ ‫تعالى‪{ :‬فاستج‬
‫والكافرون باهلل وبرسوله لهم عذاب شديد يوم القيامة‪.‬‬

‫كن يُ َزن ُل ب َق َدر َما ي َ َشا ُء إنَ ُهۥ بعِ َبادِه ِۦ َخب ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َۡ َ َ َ َ ُ ۡ َ‬
‫صري‬
‫ري ب ِ‬‫ِ‬ ‫ر ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫لرزق لِعِ َبادِه ِۦ لَغ ۡوا ِِف ٱلۡر ِض َول ى ِ‬
‫قوله تعالى‪۞ { :‬ولو بسط ٱَّلل ٱ ِ‬
‫‪} ٢٧‬‬
‫وسع هللا تعالى الرزق لعباده‪ ،‬لحملهم ذلك على البغي والطغيان في األرض‪ّ ،‬‬
‫ولكن هللا تعالى‬ ‫واملعنى‪ :‬ولو ّ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ينزل من الرزق لعباده بقدر ما يشاء لكفايتهم على حسب علمه وحكمته‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وإن م ْن ش ْي ٍء إَل‬
‫ُ ْ َ َ َ‬ ‫ع ْن َدنا َخزائ ُن ُه َوما ُن َنزُل ُه إ هَل ب َق َدر َم ْع ُلوم}[الحجر‪ ،]21 :‬وقال تعالى‪ { :‬ه ُ‬
‫َّللا َي ْب ُسط الرزق َل ْن َيش ُاء م ْن ع َباد‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫َّللا ب ُكل َش ْي ٍء َعل ٌ‬ ‫َو َي ْقد ُر َل ُه إ هن ه َ‬
‫يم}[العنكبوت‪ ،]62 :‬إن هللا تعالى بأحوال عباده ومصالحهم خبير بصير‪.‬‬

‫لم ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ َ َُ ََ ُ ُ ََُۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َُ‬ ‫ُ ۡ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬


‫يد ‪} ٢٨‬‬ ‫نش َرْحته رۥ َوه َو ٱل َو ِ ُّل ٱ َ ِ‬ ‫زنل ٱلغ ۡيث مِن بع ِد ما قنطوا وي‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وهو ٱَّلِي ي ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وهو هللا تعالى الذي ينزل املطر ويغيث به عباده‪ ،‬من بعد ما قنطوا من نزول املطر‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ْ َ ُ‬
‫تعالى‪َ { :‬وإن كانوا م ْن ق ْبل أن ُينز َل َعل ْيه ْم م ْن ق ْبله َل ْبلسين}[الروم‪ ،]49 :‬وينشر هللا رحمته فيهم‪ ،‬وهو هللا الولي‬
‫الذي يتولى أمور عباده الحميد في تدبيره‪.‬‬

‫َ َ َ ُ َ َ َى َ ۡ ۡ َ َ َ ُ َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ ُۡ َ َ َ َ َۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وم ِۡن َء َاي ىتِهِۦ خلق ٱلسم ىو ى ِت وٱلۡر ِض وما بث فِي ِهما مِن دابة وهو لَع ۡجعِ ِهم إِذا يشاء قدِير ‪} ٢٩‬‬
‫َ‬

‫واملعنى‪ :‬ومن آيات هللا تعالى الدالة على قدرته خلق السماوات واألرض على غير مثال سابق‪ ،‬وما نشر‬
‫َْ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هللا فيهما من مختلف أنواع الدواب‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬خ َل َق ه‬
‫الس َم َاوات بغ ْير َع َم ٍد ت َر ْو َن َها َوألقى في األ ْرض َر َواس َي‬
‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َْ َ َ ُ‬
‫يد بك ْم َو َبث ف َيها م ْن كل َد هاب ٍة}[لقمان‪ ،]10 :‬وهللا تعالى على جمع الخلق من السماوات واألرض ملوقف‬ ‫أن تم‬
‫القيامة إذا يشاء ذلك قدير‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ِيك ۡم َويَ ۡع ُفوا َعن كثِري ‪} ٣٠‬‬
‫ُ‬
‫ت أيۡد‬
‫يبة فب َما ك َس َب ۡ‬
‫ِ‬
‫ص َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وما أص ى َبكم مِن ِّ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وما أصابكم أيها الناس من جهد وشدة ومصيبة أو غيرها مما يحزن‪ ،‬فمن نفسك بسبب‬
‫َ َ َْ‬ ‫اقترافك السيئات والخطايا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما َأ َ‬
‫ص َاب َك م ْن َسيئ ٍة فم ْن نفس َك}[النساء‪ ،]79 :‬ويعفو هللا‬
‫تعالى لكم عن كثير من سيئاتكم‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬


‫ون ٱ ََّللِ مِن َو ِل َوَّل نَ ِصري ‪}٣١‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫ج ِزين ِِف ٱلۡر ِض وما لكم مِن د ِ‬
‫َ‬ ‫ََ ُ ُۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وما أنتم بِمع ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وما أنتم أيها الناس بمستطيعين الهروب من عذابه‪ ،‬ألنه تعالى ال يعجزه ش يء في األرض وال في‬
‫السماء‪ ،‬وما لكم من هللا من ولي يلي أمركم وال نصير ينصركم‪.‬‬
‫ه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الس َماء َو َما لك ْم م ْن ُدون َّللا م ْن َول ٍي‬
‫ين في األ ْرض َوَل في ه‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َما َأ ْن ُت ْم ب ُم ْعجز َ‬
‫َ‬
‫َوَل نص ٍير}[العنكبوت‪.]22 :‬‬

‫َ َۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ل َوارِ ِِف ٱلَ ۡح ِر كٱل ۡعل ى ِم ‪} ٣٢‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وم ِۡن َء َاي ىتِهِ ٱ َ‬

‫واملعنى‪ :‬ومن آيات هللا تعالى الدالة على قدرته إجراء السفن في البحر كالجبال بالرياح املرسلة بأمر هللا‬
‫ُْْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ات َول ُيذيقك ْم م ْن َر ْح َمته َولت ْجر َي الفل ُك‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ْ َ َْ ُ‬
‫تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ومن آياته أن ي ْرس َل الرياح ُمبش َر ٍ‬
‫َ‬
‫بأ ْمر }[الروم‪.]46 :‬‬

‫ُ‬
‫َ َ َ‬ ‫ُ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إن ي َ َشأ ي ُ ۡسكن ٱ َ َ ۡ َ َ َ َ ى َ ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ور ‪}٣٣‬‬
‫ِك صبار شك ٍ‬ ‫لريح فيظللن رواكِد لَع ظه ِرهرِۦ إِن ِِف ذ ىل ِك ٓأَلي ىت ل ِ‬‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫سواكن‬ ‫واملعنى‪ْ :‬إن يشأ هللا تعالى إيقاف السفن الجارية في البحر ُيسكن الريح‪ ،‬فتبق السفن ثوابت‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫يات واضحات على قدرة هللا تعالى‬ ‫على ظهر البحر‪ ،‬إن في ذلك الذي شاهدتموه من جري السفن في البحر آل ٍ‬
‫ْ‬ ‫ََ َ َ ْ ُْ َ‬
‫ورحمته لكل إنسان صبار عن محارم هللا‪ ،‬شكور على نعمه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أل ْم ت َر أ هن الفل َك ت ْجري في ال َب ْحر‬
‫ُ َه َ ُ‬ ‫ه َ َ َ َ‬ ‫ه ُ َُ ْ َ‬ ‫ْ‬
‫ور}[لقمان‪.]31 :‬‬ ‫ات لكل صب ٍارشك ٍ‬ ‫بنع َمت َّللا ليريك ْم من آياته إن في ذلك ْلي ٍ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬أ ۡو يُوبِق ُه َن ب ِ َما ك َس ُبوا َويَ ۡع ُف َعن كثِري ‪} ٣٤‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ُ َى َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ِِف َء َاي ىت ِ َنا َما ل ُهم مِن َمِيص ‪} ٣٥‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ويَ ۡعل َم ٱَّلِين يجدِل‬
‫واملعنى‪ :‬فعل هللا تعالى ما فعل لينتقم من الظاملين‪ ،‬وليعلم الذين ينازعون في آياتنا الدالة على قدرتنا‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ َ َََ َ‬ ‫ّ‬
‫صلون ما أِّر ٱَّلل بِهِۦ أن يوصل‬
‫أنهم ال محيص لهم وال مهرب من عذابنا‪ ،‬كما قال تعالى على لسانهم‪ { :‬وٱَّلِين ي ِ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ََ ۡ َ ۡ َ ََُ ۡ ََ َ َ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫اب ‪[}٢١‬الرعد‪.]21 :‬‬
‫ويخشون ربهم ويخافون سوء ٱل ِس ِ‬

‫َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َما أُوت ُ‬


‫َُ َ‬ ‫ام ُنوا َو َ َ ى‬
‫لَع َرب ِ ِه ۡم َي َت َوَّكون‬ ‫ق ل ََِّل َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫يشء َف َم َت ى ُع ٱ ۡ َ‬
‫ليَ ىوة ِ ٱ َُّل ۡن َيا ر َو َما ع َ‬
‫ِند ٱ ََّللِ َخ ۡري َوأ ۡب َ ى‬ ‫ِيتم مِن َ ۡ‬
‫‪} ٣٦‬‬
‫مجرد متاع مؤقت تتمتعون‬ ‫واملعنى‪ :‬فما آتاكم هللا تعالى أيها الناس من ش يء من األموال واألوالد فهو ّ‬
‫به في الحياة الدنيا وزينتها الزائلة‪ ،‬وما عند هللا تعالى من نعيم اآلخرة خير وأبقى من متاع الدنيا للذين آمنوا‬
‫باهلل وبرسوله والذي يتوكلون على ّربهم‪.‬‬
‫ّ‬
‫وقد أكد هللا تعالى ّأن ما عند هللا من نعيم اآلخرة خير من نعيم الدنيا في آيات كثيرة‪ ،‬منها قوله تعالى‪:‬‬
‫َْ ه َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ َْ‬
‫َّللا خ ْي ٌر لَل ْبرار}[آل عمران‪،]198 :‬‬ ‫باق}[النحل‪ ،]96 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬وما عند‬ ‫ٍ‬ ‫{ما عن َدك ْم َينف ُد َوما عن َد هَّللا‬
‫ْ ُ َ َ‬ ‫َ ْ ُ ْ ُ َ ْ َ َ ُّ ْ‬
‫الدنيا‪َ .‬واْلخ َرة خ ْي ٌر َو أ ْبقى}[األعلى‪.]16-17 :‬‬ ‫وقوله تعالى‪{ :‬بل تؤثرون الحياة‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫يشء َف َم َت ى ُع ٱ ۡ َ‬
‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّل ۡن َيا َوزينَ ُت َها ر َو َما ع َ‬
‫ِند ٱ ََّللِ َخ ۡري َوأ ۡب َ ى‬ ‫ِيتم مِن َ ۡ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َما أوت ُ‬
‫قر‬ ‫ِ‬
‫َََ َۡ ُ َ‬
‫ون ‪[}٦٠‬القصص‪.]60 :‬‬ ‫أفل تع ِقل‬

‫ُ ُ ۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫َ َ َۡ َ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٣٧‬‬ ‫ضبوا هم يغفِر‬ ‫ِين ُيتن ِ ُبون ك َىبئ ِ َر ٱ ِإلث ِم َوٱلفو ىحِش ِإَوذا ما غ ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّل‬
‫واملعنى‪ :‬وهم الذين يجتنبون كبائر الذنوب املنهي عنها كالشرك وعقوق الوالدين والقتل‪ ،‬ويجتنبون‬
‫فحش من املعاص ي كالزنا والسرقة والكذب‪ ،‬وإذا ما غضبوا على من أساء إليهم يتجاوزن عنه‪ ،‬ويكظمون‬ ‫ما ُ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫غيظهم‪ ،‬ويعفون عنه‪ ،‬كما قال تعالى في صفات املتقين‪ { :‬هالذ َ‬
‫ين ُي ْنف ُقو َن في ه‬
‫الس هراء َو ه‬
‫الض هراء َوالكاظمين‬
‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫الناس َو ه ُ‬ ‫ْ َْ َ َ ْ َ َ َ ه‬
‫َّللا ُيح ُّب اْل ْحسنين}[آل عمران‪.]134 :‬‬ ‫الغيظ والعافين عن‬

‫ۡ‬
‫َ ى َ َ ۡ ُ ُ ۡ ُ َ ى ََۡ ُ ۡ َ َ َ َ َىُ ۡ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِين ٱ ۡس َت َ‬
‫جابُوا ل َِربه ۡم َوأق ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٣٨‬‬ ‫اِّوا ٱلصلوة وأِّرهم شورى بينهم وِِّما رزقنهم ينفِق‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱَّل َ‬
‫ِِ‬
‫واملعنى‪ :‬والذين استجابوا لدعوة ربهم إلى توحيده وطاعته‪ ،‬وأقاموا الصالة بأركانها وشروطها‪،‬‬
‫وتشاوروا فيما بينهم في األمور العامة والخاصة‪ ،‬وينفقون مما رزقناهم ما زاد عن حاجتهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ُُۡ َ َ ۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ُۡ‬ ‫َۡ ۡ َ ۡ َ ۡ‬ ‫ُ َ َ َ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫اس ِإَوثمهما أكب مِن نفعِ ِهما ويسَٔٔلونك‬ ‫ّس قل فِي ِه َما إِثم كبِري َو َم َنىفِ ُع ل َِلن ِ‬ ‫َۡ‬
‫۞يسَٔٔلونك ع ِن ٱلمرِ وٱلمي ِ ِ‬
‫َ َ ُ ُ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ َى َ ُ َ ُ َ ُ َ ُ ُ َ ى َ َ َ ُ ۡ َ َ َ َ ُ َ‬
‫ون ‪[} ٢١٩‬البقرة‪.]219 :‬‬ ‫ت لعلكم تتفكر‬ ‫ماذا ينفِقون ق ِل ٱلعفو كذل ِك يب ِي ٱَّلل لكم ٱٓأۡلي ِ‬
‫فقد أمر هللا تعالى رسوله صلى هللا عليه وسلم‬‫والتشاور أمر محمود ومطلوب حتى في أدنى األمور‪ْ ،‬‬
‫ُ‬
‫وشاوره ْم في األمر}[آل عمران‪.]159 :‬‬‫وهو معصوم عن الخطأ بمشاورة أصحابه في قوله تعالى‪{ :‬‬

‫َ َ َ َ َ َ َُ ُ َُۡۡ ُ ۡ َ َ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين إِذا أصابهم ٱلغ هم ينت ُِصون ‪} ٣٩‬‬
‫واملعنى‪ :‬والذين إذا أصابهم الظلم هم ينتصرون ممن ظلمهم من غير االعتداء عليه‪.‬‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وال تعارض بين هذه اآلية وقوله تعالى‪{ :‬و ََإذا َما غض ُبوا ُه ْم َيغف ُرون}[الشورى‪]37 :‬؛ ألن لكل آية‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫ٌ‬
‫األول‪ :‬أنه ملا ذكر قبله {و ََإذا َما‬ ‫فإن قيل هذه اآلية مشكلة لوجهين‬‫موقفا ومجاال‪ ،‬قال اإلمام فخر الرازي‪ْ :‬‬
‫ين إ َذا َأ َ‬
‫ص َاب ُه ُم‬ ‫الض ّد له وهو قوله { َو هالذ َ‬
‫ون} فكيف يليق ْأن يذكر معه ما يجري مجرى ّ‬ ‫َ ُ ُ ْ َ ْ ُ َ‬
‫غضبوا هم يغفر‬
‫َۡ ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫ْ ْ ُ َْ‬
‫ال َبغ ُي ه ْم َينتص ُرون}؟ الثاني‪ :‬وهو أن جميع اآليات دالة على أن العفو أحسن قال تعالى‪ِ { :‬إَون َطلق ُت ُموه َن مِن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ َ َ ۡ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫ق ۡب ِل أن ت َم ُّسوه َن َوق ۡد ف َرض ُت ۡم ل ُه َن ف ِريضة فن ِۡصف َما ف َرض ُت ۡم إَِّل أن َي ۡعفون أ ۡو َي ۡعف َوا ٱَّلِي ب ِ َي ِده ِۦ عق َدةُ ٱل َِك ِح َوأن‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ ۡ ُ ََۡ ُ َۡ َ ى ََ َ َ ُ َۡ ۡ َ ََۡ ُ ۡ َ ََ َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون بَ‬
‫ِين َّل‬ ‫صري ‪[} ٢٣٧‬البقرة‪ ،]237 :‬وقال‪ { :‬وٱَّل‬ ‫ِ‬ ‫ى وَّل تنسوا ٱلفضل بينك رم إِن ٱَّلل بِما تعمل‬ ‫تعفوا أقرب ل ِلتقو ر‬
‫ض َعن‬ ‫ِإَوذا َِّ ُّروا بٱ َلل ۡغو َِّ ُّروا ك َِراما ‪[}٧٢‬الفرقان‪ ،]72 :‬وقال‪ُ { :‬خذ ْال َع ْف َو َو ْأ ُم ْر ب ْال ُع ْرف َو َأ ْعر ْ‬ ‫َ ۡ َ ُ َ ُّ َ َ‬
‫يشهدون ٱلزور‬
‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ََ ْ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ص َب ْرت ْم ل ُه َو خ ْي ٌر‬ ‫الجاهلين}[األعراف‪ ،]199 :‬وقال‪َ { :‬وإن عاق ْبت ْم فعاق ُبوا بمثل َما ُعوق ْبت ْم به ولئن‬
‫ين}[النحل‪ ،]126 :‬فهذه اآليات تناقض مدلول هذه اآلية‪ ،‬والجواب‪ّ :‬أن العفو على قسمين‪ ،‬أحدهما‪:‬‬ ‫لصابر َ‬
‫ل ه‬
‫والثاني‪ :‬أن يصير العفو ً‬ ‫ّ‬ ‫ْأن يكون العفو ً‬
‫سببا ملزيد‬ ‫سببا لتسكين الفتنة وجناية الجاني ورجوعه عن جنايته‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫محمولة على القسم ّ‬ ‫ٌ‬
‫األول‪ ،‬وهذه اآلية محمولة على‬ ‫جراءة الجاني ولقوة غيظه وغضبه‪ ،‬واآليات في العفو‬
‫ّ‬
‫املصر يكون كاإلغراء له ولغيره‪ ،‬فلو‬ ‫ّ‬ ‫التناقض‪ ،‬وهللا أعلم‪ ،‬أال ترى ّأن العفو عن‬‫الثاني‪ ،‬وحينئذ يزول ّ‬
‫ٍ‬ ‫القسم‬
‫ً‬
‫مذموما‪.‬‬ ‫ّأن رجال وجد عبده فجر بجاريته وهو ٌّ‬
‫مصر فلو عفا عنه كان‬

‫لظلِم َ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ى‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و َج َىز ُؤا َسيئَة َسيئَة م ِۡثل َها ف َم ۡن َع َفا َوأ ۡصل َح فأ ۡج ُرهُۥ لَع ٱ َ َ ُ‬
‫ي ‪} ٤٠‬‬ ‫َّللِ إِنهۥ َّل يِب ٱ ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وجزاء السيئة جزاء مماثل لتلك السيئة من غير زيادة‪ ،‬فمن عفا عن املس يء إليه وأصلح‬
‫باإلحسان إليه‪ ،‬فثوابه على هللا تعالى‪ّ ،‬إن هللا تعالى ال يحب الظاملين املعتدين على غيرهم‪.‬‬
‫ََۡ ى َ ُ‬
‫ى َعل ۡيك ۡم‬
‫َ‬
‫اص ف َم ِن ٱعتد‬ ‫ِص‬‫تق َ‬ ‫ل َر ِام َوٱ ۡ ُ‬
‫ل ُر َم ى ُ‬ ‫لش ۡهر ٱ ۡ َ‬
‫َ‬
‫ٱ‬ ‫ب‬ ‫لش ۡه ُر ٱ ۡ َ‬
‫ل َر ُ‬
‫ام‬
‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬ٱ‬
‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َّلل َوٱ ۡعل ُموا أ َن ٱ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ۡ َ ََۡ ى َ ۡ ُ‬
‫ك ۡم َوٱ َت ُقوا ٱ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َّلل َم َع ٱل ُم َت ِق َ‬
‫ي ‪[} ١٩٤‬البقرة‪ ،]194 :‬وقوله تعالى‪:‬‬ ‫ى علي ر‬ ‫فٱع َت ُدوا َعل ۡيهِ ب ِ ِمث ِل ما ٱعتد‬
‫ين}[النحل‪.]129 :‬‬ ‫لصابر َ‬ ‫{ َوإ ْن َع َاق ْب ُت ْم َف َعاق ُبوا بم ْثل َما ُعوق ْب ُت ْم به َو َلئ ْن َ‬
‫ص َب ْرُت ْم َل ُه َو َخ ْي ٌرل ه‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ ۡ‬ ‫َ ُ َى‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ َۡ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫يل ‪} ٤١‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ولم ِن ٱنتُص بعد ظل ِمهِۦ فأولئِك ما علي ِهم مِن سب ِ ٍ‬
‫ظلمه له‪ ،‬فأولئك ال سبيل عليهم بعقوبة‪.‬‬ ‫وهللا‪ ،‬ملن انتصر ممن ظلمه بعد ِ‬ ‫واملعنى‪ِ :‬‬
‫وقد أجاز هللا تعالى للمظلوم االنتصاف ممن ظلمه بما يقدر عليه في حدود العدل واملثل‪ ،‬كما قال‬
‫ى‬‫ك ۡم فَٱ ۡع َت ُدوا َعلَ ۡيهِ ب ِ ِم ۡثل َما ٱ ۡع َت َد ى‬
‫ۡ َ َ ى َ َۡ ُ‬
‫ي‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ى‬ ‫د‬‫ت‬ ‫ع‬ ‫ٱ‬ ‫ن‬ ‫ت ق َِصاص َف َ‬
‫م‬ ‫ل َر ِام َوٱ ۡ ُ‬
‫ل ُر َم ى ُ‬ ‫لش ۡهر ٱ ۡ َ‬
‫َ ۡ ُ َۡ َ ُ َ‬
‫تعالى‪ { :‬ٱلشهر ٱلرام ب ِٱ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ َ ُ َ‬ ‫َّلل َم َع ٱل ۡ ُم َتقِ َ‬ ‫َ‬
‫َّلل َوٱ ۡعلَ ُموا أ َن ٱ َ َ‬ ‫َ َۡ ُ‬
‫ك ۡم َوٱ َت ُقوا ٱ َ َ‬
‫ي ‪[} ١٩٤‬البقرة‪ ،]194 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وإن َعاق ْبت ْم ف َعاق ُبوا بمثل َما‬ ‫علي ر‬
‫ُ‬
‫ُعوق ْبت ْم به}[النحل‪.]126 :‬‬

‫َ ۡ ۡ ُ َى َ َ ُ ۡ َ َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ َ ُ ََ َ َ َ ۡ ُ َ َ َ َ َۡ ُ َ‬
‫َ‬
‫ري ٱل ِق أولئِك لهم عذاب أ َِلم ‪} ٤٢‬‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِنما ٱلسبِيل لَع ٱَّلِين يظل ِمون ٱلاس ويبغون ِِف ٱلۡرض بِغ ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنما العقوبة على الذين يبدؤون الناس بالظلم‪ ،‬ويتكبرون ويتجاوزون حدودهم في األرض بغير‬
‫الحق‪ ،‬أولئك لهم عذاب أليم موجع‪.‬‬
‫َ ََ‬ ‫ّ‬
‫املتقدمة في براءة‪ ،‬وهي قوله‪{ :‬ما على‬ ‫قال اإلمام ابن العربي في تفسيره‪ :‬هذه اآلية في مقابلة اآلية‬
‫ُْ‬
‫اْل ْحسن َين م ْن َسبيل}[التوبة‪ ،]91 :‬فكما نفى هللا ّ‬
‫عم ْن أحسن فكذلك أثبتها على من ظلم‪ ،‬واستوفى‬
‫ْ‬ ‫السبيل ّ‬
‫ٍ‬
‫بيان القسمين‪.‬‬

‫ُۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ب َوغ َف َر إ ِ َن ذ ىل َِك ل ِم ۡن َع ۡز ِم ٱل ُِّورِ ‪} ٤٣‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َمن َص َ َ‬

‫واملعنى‪ :‬وملن صبر على ما أصابه من أذى غيره‪ ،‬وقابل اإلساءة بالعفو والستر‪ّ ،‬إن ذلك من األمور التي‬
‫يعزم عليها‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وإن تصب ُروا َوتتقوا فإن ذلك من عزم ُ‬
‫األمور}[آل عمران‪.]186 :‬‬

‫َى َ َ َ َ َ ُ ۡ َ َ َ َ ُ ُ َ َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ َ‬ ‫ۡ‬


‫َّلل ف َما ُلۥ مِن َو ِل مِن َب ۡع ِده ِۦ َوت َرى ٱلظل ِ ِمي لما رأوا ٱلعذاب يقولون هل إِل ِّرد مِن‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َمن يُضل ِِل ٱ‬
‫َسبِيل ‪} ٤٤‬‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬ومن يخذله هللا لكفره وعناده فما له من نصير من دون هللا يهديه إلى الحق‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ َ ْ ُ ْ ََ َ َ‬
‫ضل ْل فل ْن تج َد ل ُه َول ًّيا ُم ْرش ًدا}[الكهف‪ ،]17 :‬وترى أيها الرسول هؤالء الظاملين حين معاينة العذاب‪،‬‬ ‫{ومن ي‬
‫َ َ ْ َ َ ْ ُ ُ َ َ ه َ َ ُ َ َ ْ ََ‬
‫يقولون لربهم‪ :‬هل إلى الرجوع إلى الدنيا من سبيل؟ كما قال تعالى‪{ :‬ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُْ ْ َ‬ ‫َ َُ َ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬
‫ن َر ُّد َوَل نكذ َب ب َآيات َربنا َونكون م َن اَلؤمنين َب ْل َب َدا ل ُه ْم َما كانوا ُيخفون م ْن ق ْب ُل َول ْو ُر ُّدوا ل َع ُادوا َلا ُن ُهوا‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬
‫َعن ُه َوإ هن ُه ْم لكاذ ُبون}[األنعام‪.]27-28 :‬‬

‫َ ََ َ َ َ َ َُ َ ۡ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ون َعلَ ۡي َها َخ ىشِ ِع َ‬


‫َ ََ ىُ ۡ ُ ۡ َ ُ َ‬
‫خى ِّس َ‬
‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ي م َِن ٱَّل ِل يَنظ ُرون مِن َط ۡر ٍف خ َِف وقال ٱَّلِين ءامنوا إِن ٱل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وترىهم يعرض‬
‫ُّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ َ ُ َ ُ ۡ َ َ ۡ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ى َ َ َ َى‬
‫َ‬
‫ٱَّلِين خ ِّسوا أنفسهم وأهل ِي ِهم يوم ٱلقِيمةِ أَّل إِن ٱلظل ِ ِمي ِِف عذاب مقِيم ‪} ٤٥‬‬
‫يعرضون على النار خاضعين خائفين آذالء‪ ،‬يسارقون النظر‬ ‫واملعنى‪ :‬وترى أيها الرسول هؤالء الظاملين َ‬
‫إليها من طرف ضعيف من الخوف‪ ،‬وقال الذين آمنوا باهلل وبرسوله‪ّ :‬إن الخاسرين هم الذين خسروا أنفسهم‬
‫بالشرك واملعاص ي‪ ،‬وخسروا أهليهم بإضاللهم عن اإليمان‪ ،‬أال ّإن الظاملين وقعوا في عذاب مقيم‪ ،‬وهو‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َ ه َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬
‫ين خس ُروا أنف َس ُه ْم َوأ ْهليه ْم َي ْو َم الق َي َامة أَل ذل َك ُه َو‬ ‫الخسران املبين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ق ْل إ هن الخاسرين الذ‬
‫ُ ُْ ُ‬ ‫ْ ُ‬
‫الخ ْس َران اَلبين}[الزمر‪.]15 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫َُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ُ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ ُ ۡ ۡ َ َ ُ ُ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وما َكن لهم مِن أو َِلَاء ينُصونهم مِن د ِ‬
‫ون ٱَّللِ ومن يضل ِِل ٱَّلل فما لۥ ِمن سب ِ ٍ‬
‫يل ‪} ٤٦‬‬
‫واملعنى‪ :‬وما كان لهؤالء الظاملين من نصراء ينصرونهم من عذاب هللا تعالى الذي أعده لهم بسبب ظلمهم‬
‫وكفرهم‪ ،‬ومن يصرف هللا تعالى قلبه عن طريق الهدى‪ ،‬فما له من سبيل إلى الهدى أو النجاة‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ً‬ ‫هُ ََ َ َ‬
‫َّللا فل ْن تج َد ل ُه َسبيال}[النساء‪.]143 :‬‬ ‫{ َو َم ْن ُي ْ‬
‫ضلل‬

‫َ ُ‬ ‫َ ۡ َ َۡ َ َۡ َ َ َ َ َُ َ َ َ َ ُ‬
‫كم مِن َِّ ۡل َ‬ ‫ُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ ۡس َت ُ‬
‫جإ يَ ۡو َمئِذ َو َما لكم مِن‬ ‫جيبوا ل َِربِكم مِن قب ِل أن يأ ِِت يوم َّل ِّرد لۥ مِن ٱ ر‬
‫َّللِ ما ل‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫كري ‪} ٤٧‬‬
‫ن ِ‬
‫واملعنى‪ :‬استجيبوا أيها الناس دعوة ربكم إلى توحيده وعبادته وطاعته‪ ،‬من قبل مجيء يوم ال مانع له‬
‫وال دافع‪ ،‬وال يمكن ر ّده‪ ،‬ما لكم من ملجأ تلتجئون إليه‪ ،‬فال ملجأ يومئذ من هللا تعالى إلى إليه‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ُْ َ َ‬ ‫َ ََْ َ َ َ َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫{ َيقو ُل اإلن َسان َي ْو َمئ ٍذ أ ْي َن اَلف ُّر‪ .‬كال َل َوز َر إلى َرب َك َي ْو َمئ ٍذ اَل ْستق ُّر}[القيامة‪ ،]10-12 :‬وما لكم من إنكار ما‬
‫ينزل بكم من العذاب‪.‬‬

‫ۡ َ َ ۡ َ َ ۡ َ َى ُ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ى َ َ َ ۡ َ َ‬ ‫َ ۡ َ ۡ ُ َ َ ۡ َ َ‬
‫ْحة ف ِر َح‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فإِن أع َرضوا ف َما أ ۡر َسل َنىك َعل ۡي ِه ۡم َحفِيظا إِن عليك إَِّل ٱللغ ِإَونا إِذا أذقنا ٱ ِإلنسن مِنا ر‬
‫ُ ُۡ ۡ َ َ َ ََ َ ۡ َۡ ۡ َ َ ۡ َى َ‬
‫نس َن ك ُفور ‪} ٤٨‬‬‫صبهم سيِئُۢة بِما قدمت أيدِي ِهم فإِن ٱ ِإل‬ ‫ب ِ َها ِإَون ت ِ‬
‫فإن أعرض هؤالء املشركون من الناس فما أرسلناك أيها الرسول عليهم حفيظا مسيطرا‪ ،‬وما‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫َ‬ ‫ك َن ٱ َ َ‬
‫َّلل َي ۡهدِي َمن يَشا ُء َو َما‬
‫َ‬ ‫ََ َ ُ‬ ‫َۡ‬
‫عليك إال البالغ‪ ،‬وليس عليك هداهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬لي َس عل ۡيك ه َدى ى ُه ۡم َول ى ِ‬
‫ۡ َ ۡ َُ َ َۡ ُ ۡ ََ ُ َ ُ ۡ َ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ ۡ ََ ُ ُ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ‬ ‫ۡ َۡ َ َ ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫نت ۡم َّل تظل ُمون‬ ‫َّللِ َو َما تنفِقوا مِن خري يوف إَِلكم وأ‬ ‫ر‬ ‫ٱ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ج‬‫و‬ ‫ء‬ ‫ا‬‫غ‬‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ب‬ ‫ٱ‬ ‫َّل‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ون‬ ‫ق‬‫ف‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ا‬‫م‬‫و‬ ‫م‬
‫ر‬ ‫ك‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫نف‬ ‫تنفِقوا مِن خري ف ِل‬
‫َ‬ ‫َ َ ۡ َ ُ‬ ‫َ ُ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬
‫‪[} ٢٧٢‬البقرة‪ ،]272 :‬وقال تعالى‪ِ { :‬إَون َما ن ِريَ َنك َب ۡعض ٱَّلِي ن ِع ُده ۡم أ ۡو ن َت َوف َي َنك فإِن َما َعل ۡيك ٱلَل ىغ َو َعل ۡي َنا‬
‫وإنا إذا أذقنا اإلنسان منا نعمة أو سعة فرح بها‪ْ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫اب ‪ّ ٤٠‬‬ ‫ۡ‬
‫ل ِ َس ُ‬
‫وإن تصبهم مصيبة بما اكتسبوا من‬ ‫}[الرعد‪،]40 :‬‬ ‫ٱ‬
‫الذنوب واملعاص ي ّ‬
‫فإن اإلنسان جحود ما ّ‬
‫تقدم من ِن َعمنا‪.‬‬

‫ُّ ُ‬
‫ب ل َِمن ي َ َشا ُء ٱَّلك َ‬
‫ب ل َِمن ي َ َشا ُء إ َنىثا َويَ َه ُ‬ ‫َۡ ُ‬ ‫َۡ‬
‫ت َوٱلۡر ِض يل ُق َما ي َ َشا ُء َي َه ُ‬ ‫كٱ َ َ‬ ‫ۡ‬
‫َ ُ ُ‬
‫ور ‪} ٤٩‬‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫قوله تعالى‪َِّ { :‬للِ ِّل‬
‫واملعنى‪ :‬هلل تعالى وحده ملك السماوات واألرض‪ ،‬وجميع َمن في السماوات واألرض عبيد له‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ‬ ‫ُ ُّ‬
‫لس َم ى َو ى ِت وٱلۡر ِض إَِّل ء ِاِت ٱلرِنَٰمۡح عبدا ‪[} ٩٣‬مريم‪ ،]93 :‬يخلق هللا تعالى ما يشاء منم‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُك َمن ِف ٱ َ‬
‫ِ‬ ‫تعالى‪ { :‬إِن‬
‫ملن يشاء البنات فقط‪ ،‬ويعطي ملن يشاء البنين فقط‪.‬‬ ‫الخلق واألوالد‪ ،‬يعطي هللا تعالى ْ‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ۡ‬ ‫َ‬


‫ِإَونىثا َويَ ۡج َعل َمن ي َ َشا ُء َعقِيما ر إِنَ ُهۥ َعل ِيم قدِير ‪} ٥٠‬‬
‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أ ۡو يُ َزوِ ُج ُه ۡم ذك َرانا‬
‫واملعنى‪ :‬أو يعطيهم هللا تعالى البنين والبنات‪ ،‬ويجعل هللا من يشاء عقيما ال يولد له‪ّ ،‬إن هللا عليم بما‬
‫خلق‪ ،‬قدير على خلق ما يشاء‪.‬‬
‫ُ َ َ ََ َ‬ ‫َ َ ُّ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬وهذا املقام شبيه بقوله تعالى عن عيس ى‪ { :‬قال كذ ىل ِِك قال َرب ِ‬
‫لَع ه ِي‬ ‫ك هو‬
‫ٌ‬
‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫اس َو َر ۡ َ‬ ‫َولِ َ ۡج َعلَ ُهۥ َءايَة ل َ‬
‫ْحة م َِنا ر َوك َن أ ِّۡرا َمق ِضيا ‪[} ٢١‬مريم‪ ،]21 :‬أي‪:‬‬
‫داللة لهم على قد ته‪ ،‬تعالى ّ‬ ‫ً‬
‫وتقدس‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ِلن ِ‬
‫السالم‪ ،‬مخلو ٌق من تراب ال من ذكر وال أنثى‪ّ ،‬‬
‫وحواء عليها‬ ‫حيث خلق الخلق على أربعة أقسام‪ ،‬فآدم‪ ،‬عليه ّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫ذكر وأنثى‪ ،‬وعيس ى‪ ،‬عليه‬ ‫ذكر بال أنثى‪ ،‬وسائر الخلق سوى عيس ى عليه السالم من ٍ‬ ‫السالم‪[ ،‬مخلوقة] (‪ )7‬من ٍ‬
‫ً‬ ‫الداللة بخلق عيس ى ابن مريم‪ ،‬عليهما ّ‬ ‫فتمت ّ‬ ‫السالم‪ ،‬من أنثى بال ذكر ّ‬ ‫ّ‬
‫السالم؛ ولهذا قال‪{ :‬ولنجعله آية‬ ‫ٍ‬
‫وكل منهما أربعة أقسام‪ ،‬فسبحان العليم القدير‪.‬‬ ‫األول في األبناء‪ٌّ ،‬‬ ‫للناس}‪ ،‬فهذا املقام في اآلباء‪ ،‬واملقام ّ‬ ‫ّ‬

‫َُ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّلل إ ََّل َو ۡحيا أَ ۡو مِن َو َراي ح َ‬ ‫ََ َ َ َ َ َ ُ َ‬


‫كل َِم ُه ٱ َ ُ‬
‫وح بِإِذنِهِۦ َما‬
‫اب أ ۡو يُ ۡرسِل َر ُسوَّل في ِ‬
‫ٍ‬ ‫ِج‬ ‫ِ‬ ‫ش أن ي‬
‫قوله تعالى‪۞ { :‬وما َكن ل ِب ٍ‬
‫ي َ َشا ُء ر إِنَ ُهۥ َ ِ ي‬
‫لَع َحكِيم ‪} ٥١‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وما ينبغي لبشر ْأن يكلمه هللا تعالى إال وحيا يوحيه إليه‪ ،‬أو من وراء حجاب بدون واسطة‪،‬‬
‫َ ََ ْ َ ُْ َ َ ْ َ‬ ‫ّ‬
‫استم ْع َلا ُيوحى}[طه‪ ،]13 :‬أو‬ ‫كما كلم هللا تعالى موس ى دون ْأن رآه‪ ،‬كما قال تعالى ملوس ى‪{ :‬و أنا اخترتك ف‬
‫يرسل رسوال من املالئكة فيوحي بإذن هللا تعالى ما يشاء ْأن يوحي إليه‪ّ ،‬إن هللا تعالى علي عن صفات املخلوقين‪،‬‬
‫حكيم في صنعه وتدبيره‪.‬‬

‫ۡ ُ‬
‫كن َج َعل َنى ُه نورا‬
‫َ‬ ‫نت تَ ۡدري َما ٱ ۡلك َِتى ُ َ ۡ َ‬
‫ب َوَّل ٱ ِإليم ى ُن َول ى ِ‬ ‫ك ُروحا م ِۡن أَ ِّۡرنَا ر َما ُك َ‬ ‫َ َ َى َ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ووُكذل ِك أوحينا إَِل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َن ۡهدِي بِهِۦ َمن ن َشا ُء م ِۡن ع َِبادِنَا ر ِإَونَ َك ِلَ ۡهدِي إ ِ ىل ِص َر ىط ُِّّ ۡس َتقِيم ‪} ٥٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬وكما أوحينا إلى الرسل من قبلك‪ ،‬أوحينا إليك أيها الرسول الكريم القرآن من عندنا‪ ،‬ما كنت‬
‫تدري من قبل نزوله ما القرآن وما اإليمان‪ ،‬ولكن جعلنا هذا القر َآن نورا نهدي به من نشاء من عبادنا‪ ،‬كما قال‬
‫َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ ُ َ ه َ َُ ُ ً َ َ ٌ َ ه َ َ ْ ُ َ‬
‫ين َل ُيؤمنون في آذانه ْم َوق ٌر َو ُه َو َعل ْيه ْم َع ًمى أولئ َك ُين َاد ْون م ْن‬ ‫تعالى‪{ :‬قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذ‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫}[فصلت‪ ،]44 :‬وإنك أيها الرسول لتهدي بإذن هللا تعالى إلى صراط مستقيم‪.‬‬ ‫يد ّ‬ ‫َمك ٍان بع ٍ‬

‫ري ٱل ُِّ ُ‬‫ُۡ‬


‫ص ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َۡ‬
‫لس َم ى َو ى ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ص َر ى ِط ٱ ََّللِ ٱَّلِي ُلۥ َما ِف ٱ َ‬
‫ور ‪}٥٣‬‬ ‫ت َوما ِِف ٱلۡر ِض أَّل إِل ٱَّللِ ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬‬
‫واملعنى‪ :‬وهو صراط هللا القويم الذي له ما في السماوات وما في األرض‪ ،‬أال إلى هللا وحده تصير األمور‪،‬‬
‫َ ۡ َ َ ِ َ ۡ َ َى َ ُ َ ُ َ ۡ َ ۡ ُ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ۡ َ ُ ُ َ َ َ َۡ َ ُ ُ َ‬
‫وترجع‪ ،‬كما قال تعالى‪ ۞ { :‬هل ينظرون إَِّل أن يأتِيهم ٱَّلل ِِف ظلل مِن ٱلغمام وٱلملئِكة وق ِض ٱلِّر ر ِإَول ٱَّللِ‬
‫تُ ۡر َج ُع ٱ ۡلُ ُِّ ُ‬
‫ور ‪[} ٢١٠‬البقرة‪.]210 :‬‬
‫ُ َ ُ ُّ ْ‬
‫الزخ ُرف‬ ‫سورة‬
‫وهي مكية وعدد آياتها تسع وثمانون‬

‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫ي ‪}٢‬‬
‫ب ٱ ل مب ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬حم ‪ ١‬وٱلكِتى ِ‬
‫يبين كل ش يء بيانا بليغا على سبيل اإلجمال‬‫البين أمره‪ ،‬الواضح معناه‪ ،‬الذي ّ‬‫واملعنى‪ :‬حم‪ .‬والكتاب ّ‬
‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َ هْ َ َ ْ َ ْ َ ْ ً ُ َ‬
‫تارة‪ ،‬وعلى سبيل التفصيل تارة أخرى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل ش ي ٍء}[النحل‪.]89 :‬‬

‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنا َج َعل َنى ُه ق ۡرَٰءنا َع َربِيا ل َعلك ۡم ت ۡعقِل‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنا جعلنا هذا القرآن بلسان عربي‪ ،‬لتعقلوا أيها املكلفون معانيه‪ ،‬وتفهموا ألفاظه‪ ،‬وتنتفعوا‬
‫َ‬ ‫َ ٌ ُ َ ْ ُ ُ ً‬
‫اب فصلت َآيات ُه ق ْر آنا َع َرب ًّيا لق ْو ٍم‬‫بهداياته‪ ،‬وتعلموا أنه ليس من كالم البشر‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬كت‬
‫َ َ‬
‫َي ْعل ُمون}[فصلت‪.]3 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬


‫ب ََل ۡي َنا ل َع ِ يَل َحكِيم ‪} ٤‬‬‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَونهۥ ِِف أ ِم ٱلكِتى ِ‬
‫وإن القرآن الكريم في اللوح املحفوظ عندنا لعلي في شرفه‪ ،‬ذو حكمة بالغة‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ْ َ َ‬ ‫ون‪َ .‬ت ٌ‬‫ُْ َ ه ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫هُ َُْ ٌ َ‬
‫نزيل م ْن َرب ال َعاَلين}[الواقعة‪ ،]77-80 :‬وقال‬ ‫اب َمكنو ٍن‪َ .‬ل َي َم ُّس ُه إَل اَلطهر‬ ‫ٍ‬ ‫آن كر ٌيم‪ .‬في كت‬ ‫{إنه لقر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ص ُحف ُم َك هر َمة‪َ .‬م ْرف َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫تعالى‪َ { :‬كال إ هن َها َتذك َر ٌة‪ .‬ف َم ْن َش َاء ذ َك َر ُ ‪ .‬في ُ‬
‫وع ٍة ُمط هه َر ٍة‪ .‬بأ ْيدي َسف َر ٍة‪ .‬ك َر ٍام َب َر َر ٍة}[عبس‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫‪.]11-16‬‬

‫ّسف َِي ‪} ٥‬‬ ‫نك ُم ٱَّل ِۡك َر َص ۡفحا أَن ُك ُ‬


‫نت ۡم قَ ۡوما ُِّّ ۡ‬ ‫َََ ۡ ُ َ ُ‬
‫ُضب ع‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أفن ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ۡ َۡ َ ۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ووُكم أرسلنا مِن ن ِب ِِف ٱلول ِي ‪} ٦‬‬
‫َ‬ ‫ََ َ َْ‬
‫واملعنى‪ :‬كثيرا من األنبياء أرسلناهم في األمم السابقة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولق ْد أ ْر َسلنا م ْن ق ْبل َك في ش َيع‬
‫َْ َ‬
‫األ هولين}[الحجر‪.]10 :‬‬

‫َۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫َ َۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وما يأتِي ِهم مِن ن ِ ٍب إَِّل َكنوا بِهِۦ يستهزِءون ‪} ٧‬‬
‫واملعنى‪ :‬وما يأتي تلك األمم املاضية من نبي مرسل إال كانوا يستهزئون به ويكفرون برسالته‪ ،‬كما قال‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫حاق ب هالذ َ‬‫ْ َْ َ َ َ‬ ‫تعالى‪َ { :‬و َل َقد ْ‬
‫ين َسخ ُروا م ْن ُه ْم ما كانوا به َي ْس َت ْهزؤن}[األنعام‪.]10 :‬‬ ‫اس ُت ْهز َئ ب ُر ُس ٍل من قبلك ف‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ُۡ‬ ‫لس َماءِ َما َء ب َق َدر َفأَ َ ۡ‬
‫نشنَا بهِۦ بَ ۡ َ‬
‫ِلة َم ۡيتا ر كذ ىل ِك َت َر ُجون‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ََّلِي نَ َز َل م َِن ٱ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪[}١١‬الزخرف‪.]11 :‬‬

‫ُ َۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ۡ‬


‫ض َم َثل ٱل َول َِي ‪} ٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فأ ۡهلك َنا أ َش َد م ِۡن ُهم َب ۡطشا َو َِّ َ ى‬
‫أشد منهم بطشا وقوة‪ ،‬قد مض ى لكم هالك األولين وعبرتهم ملن بعدهم‪ ،‬كما‬ ‫واملعنى‪ :‬فأهلكنا قوما ّ‬
‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫كََ‬ ‫َۡ ۡ َ ُ َ ۡ‬ ‫نظ ُروا َك ۡي َف ََك َن َع ى ِق َب ُة ٱ ََّل َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫قال تعالى‪ { :‬أَفَلَ ۡم ي َ‬
‫َّث م ِۡن ُه ۡم َوأش َد ق َوة َو َءاثارا‬ ‫ِين مِن قبل ِ ِه رم َكنوا أ‬ ‫ريوا ِِف ٱلۡر ِض في‬ ‫س ُ‬‫ِ‬
‫ج َع ۡل َنى ُه ۡم َسلَفا َو َم َثل ل ِٓأۡلخِرينَ‬ ‫َ َ َ ۡ َى َ ۡ ُ َ َ ُ َ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪[}٨٢‬غافر‪ ،]82 :‬وقال تعالى‪ { :‬فَ َ‬ ‫َۡ‬
‫ِ‬ ‫ِِف ٱلۡر ِض فما أغن عنهم ما َكنوا يك ِ‬
‫سب‬
‫‪ّ ٥٦‬‬
‫}[الزخرف‪.]56 :‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ََُۡ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ ۡ َ َ ََُ ُ َ َ ََ ُ َ ۡ َ ُ ۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ولئِن سأِلهم من خلق ٱلسم ىو ى ِت وٱلۡرض َلقولن خلقهن ٱلعزِيز ٱلعل ِيم ‪} ٩‬‬
‫خلقهن هللا العزيز‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ليقولن‪:‬‬ ‫سألت أيها الرسول هؤالء الكفار من خلق السماوات واألرض‪،‬‬ ‫َ‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫ولئن‬
‫في ملكه العليم بأحوال عباده‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َّللا قل ال َح ْم ُد هَّلل َب ْل‬
‫ض ل َيقول هن ه ُ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ولئن َسأل َت ُه ْم َم ْن خل َق ه‬
‫السماوات َواأل ْر َ‬
‫َ َ‬ ‫ََْ‬
‫أكث ُر ُه ْم َل َي ْعل ُمون}[لقمان‪.]25 :‬‬

‫َ ََ َ ُ ُ َۡ َ َۡ َ َ ََ َ ُ ۡ َ ُ ُ َََ ُ ۡ ََُۡ َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِي جعل لكم ٱلۡرض ِّهدا وجعل لكم فِيها سبل لعلكم تهتدون ‪}١٠‬‬
‫وميسرة لالنتفاع بها‪ ،‬وجعل لكم فيها طرقا تسلكونها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬هللا الذي جعل لكم األرض ممهدة‬
‫ً َ ه‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫لتهتدوا بها في الوصول إلى األماكن التي تريدونها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َج َعلنا فيها فجاجا ُس ُبال ل َعل ُه ْم‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً َ ُُ‬ ‫َ هُ َ َ َ َ ُ ُ َْ‬ ‫َ َ‬
‫ض بساطا لت ْسلكوا م ْنها ُس ُبال فجاجا}[نوح‪.]19-20 :‬‬ ‫األ ْر َ‬ ‫َي ْهت ُدون}[األنبياء‪ ،]31 :‬وقال تعالى‪{ :‬وَّللا جعل لكم‬
‫الس َماء‬ ‫ض َم ْه ًدا َو َس َل َك َل ُك ْم ف َيها ُس ُبال َو َأنز َل م َن ه‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬هالذي َج َع َل َل ُك ُم األ ْر َ‬
‫َ ً ََ ْ َ َْ ََْ ً ْ ََ َ‬
‫ات ش هتى}[طه‪.]53 :‬‬ ‫ماء فأخرجنا به أزواجا من نب ٍ‬

‫ى َ َ ُ َ‬ ‫ُۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ‬


‫لس َماءِ َما َء ب َق َدر فأ َ ۡ‬
‫نشنَا بهِۦ بَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱَّلِي نَ َزل م َِن ٱ َ‬
‫ون ‪} ١١‬‬ ‫ِلة َم ۡيتا ر كذل ِك َترج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫معين على قدر حاجتكم ومصلحتكم‪ ،‬وجعلناه مستقرا في‬ ‫واملعنى‪ :‬والذي ّنزل من السحاب مطرا بمقدار ّ‬
‫َ ََ َه‬ ‫األرض‪ ،‬وأحيينا بهذا املاء بلدة مجدبة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َأ ْن َزْل َنا م َن ه‬
‫الس َماء َم ًاء بق َد ٍر فأ ْسكنا ُ في‬
‫َْ‬
‫األ ْرض}[املؤمنون‪ ،]18 :‬كما أخرجنا النبات والزرع بهذا املاء‪ ،‬تخرجون من قبوركم أيها الناس يوم القيامة‪.‬‬
‫ََ َ‬ ‫َ َْ َ َ‬ ‫َ هُ ه َْ َ َ َ َ َُ‬
‫اح فتث ُير َس َح ًابا ف ُسقنا ُ إلى َبل ٍد َمي ٍت فأ ْح َي ْينا به‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬وَّللا الذي أرسل الري‬
‫ْ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ُّ‬
‫الن ُش ُ‬
‫ور}[فاطر‪.]9 :‬‬ ‫األرض بعد موتها كذلك‬

‫َ‬
‫َ ۡ َى َ َۡ ُ َ‬ ‫َۡ‬‫ُ‬ ‫ۡ ۡ‬‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ۡ َ‬ ‫َ َ‬‫َُ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ١٢‬‬ ‫ك وٱلنع ِم ما تركب‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱَّلِي خلق ٱلز َو ىج ُك َها َوجعل لكم م َِن ٱلفل ِ‬
‫َََْ َ‬ ‫ُ َ‬
‫واملعنى‪ :‬والذي خلق األنواع واألصناف كلها ذكورا وإناثا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وم ْن كل ش ْي ٍء خلقنا ز ْو َج ْين‬
‫ون}[الذاريات‪ ،]49 :‬وجعل لكم من السفن في البحر واألنعام في ّ‬ ‫َ َه ُ ْ َ َ ه ُ َ‬
‫البر ما تركبون وتحملون األحمال‬ ‫لعلكم تذكر‬
‫ََ ُ‬ ‫َ ُ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ ُ ۡ َۡ َ َ‬‫َ‬ ‫َُ َ‬
‫ِيها َم َنىفِ ُع‬
‫ك ۡم ف َ‬ ‫َّلل ٱَّلِي َج َعل لك ُم ٱلنع ى َم ل ِۡتك ُبوا م ِۡن َها َوم ِۡن َها تأكلون ‪ ٧٩‬ول‬ ‫الثقال‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱ‬
‫ُ ُ ُ ۡ َ َ َۡ َ َ ََ ُۡ ۡ ُۡ َ ُ َ‬ ‫َوِلِ َ ۡبلُ ُغوا َعلَ ۡي َها َح َ‬
‫ون ‪[}٨٠‬غافر‪.]79-80 :‬‬ ‫ك تمل‬ ‫اجة ِِف صدورِوُكم وعليها ولَع ٱلفل ِ‬

‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ك ۡم إ َذا ٱ ۡس َت َو ۡي ُت ۡم َعلَ ۡيهِ َو َت ُقولُوا ُس ۡب َ‬


‫َُ َۡ ُُ ۡ ََ َ ُ‬ ‫َ ۡ َُ ََ‬
‫لَع ُظ ُ‬
‫حى َن ٱَّلِي َسخ َر لَا هىذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫ة‬‫م‬ ‫ِع‬ ‫ن‬ ‫وا‬‫ر‬‫ك‬ ‫ذ‬‫ت‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫ۦ‬‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ور‬ ‫ه‬ ‫ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ل ِتستوۥا‬
‫ُ َ ۡ‬
‫َو َما ك َنا ُلۥ ُمق ِرن َِي ‪} ١٣‬‬
‫ّ‬
‫لتستقروا أيها الناس على ظهور ما تركبون من السفن واألنعام ووسائل النقل األخرى ثم‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫ّ‬
‫سخر لنا هذا املركب‪ ،‬وما ّ‬
‫كنا له مطيقين‬ ‫تذكروا نعمة رّبكم حين ركبتم عليه‪ ،‬وتقولوا‪ :‬سبحان هللا الذي‬
‫لتسخيره‪.‬‬
‫َ َ ه َ َ ُُ‬ ‫ّ‬
‫وهللا تبارك وتعالى هو الذي سخر للناس السفن لتجري في البحر بإذنه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وسخر لكم‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُْْ َ‬
‫الفل َك لت ْجر َي في ال َب ْحربأ ْمر }[إبراهيم‪.]32 :‬‬

‫َ ى َ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ١٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَونا إِل ربِنا لمنقل ِب‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وإنا إلى رّبنا لصائرون راجعون‪.‬‬
‫بالزاد الدنيو ّي على‬ ‫بسير الدنيا على سير اآلخرة‪ ،‬كما ّنبه ّ‬ ‫من باب التنبيه َ‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬وهذا ْ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ َ ُّ َ ۡ ُ َ ۡ ُ َ ى َ‬
‫ج َدال ِِف ٱلَ ِج َو َما‬
‫لج فل رفث وَّل فسوق وَّل ِ‬ ‫ت ف َمن ف َرض فِي ِهن ٱ‬ ‫األخروي في قوله‪ { :‬ٱلج أشهر معلوم ر‬ ‫ّ‬ ‫الزاد‬‫ّ‬
‫ّ‬
‫ب ‪[} ١٩٧‬البقرة‪ ،]197 :‬وباللباس‬ ‫ى‬ ‫ى َوٱ َت ُقون يَىأُول ٱ ۡلَ ۡل َ‬
‫ب‬ ‫َت ۡف َعلُوا م ِۡن َخ ۡري َي ۡعلَ ۡم ُه ٱ َ ُ‬
‫َّلل َوتَ َز َو ُدوا فَإ َن َخ ۡ َ‬
‫ري ٱ َلزادِ ٱ َِل ۡق َو ى‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ ً َ َ ُ هْ َ‬
‫اس التق َوى ذل َك خ ْي ٌر}[األعراف‪.]26 :‬‬ ‫األخروي في قوله تعالى‪{ :‬وريشا ولب‬ ‫ّ‬ ‫الدنيو ّي على‬

‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ َ‬
‫نس َن لك ُفور ُّمبِي ‪} ١٥‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َج َعلوا ُلۥ م ِۡن ع َِبا ِده ِۦ ُج ۡزء را إ ِ َن ٱ ِإل َ ى‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬وجعل هؤالء املشركون هلل من عباده نصيبا‪ ،‬كما قال تعال‪َ { :‬و َج َعلوا هَّلل م هما ذ َرأ م َن ال َح ْرث‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ْ َ‬
‫َواألن َعام نص ًيبا فقالوا َهذا هَّلل ب َز ْعمه ْم َو َهذا لش َركائنا ف َما كان لش َركائه ْم فال َيص ُل إلى هَّللا َو َما كان هَّلل ف ُه َو‬
‫ُ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫َيص ُل إلى ش َركائه ْم َس َاء َما َي ْحك ُمون}[األنعام‪ّ ،]136 :‬إن اإلنسان لجحود نعم رّبه جحودا ّبينا‪.‬‬

‫َ ۡ َ ى ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬


‫كم ب ِٱلَن َِي ‪}١٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أ ِم ٱَتذ ِِّ َما يل ُق َب َنات وأصفى‬
‫واملعنى‪ :‬بل تزعمون أيها املشركون‪ّ ،‬أن هللا تعالى اتخذ من خلقه بنات وأنتم ال ترضون ذلك ألنفسكم‪،‬‬
‫ۡ‬ ‫ۡ َ َ َ َ َ َ َ ۡ َ َى َ َ ى َ ُ ۡ َ َ ُ ُ َ َ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ى ُ ۡ َ ُّ ُ‬ ‫ّ‬
‫وخصكم ربكم بالبنين‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬أفأصفىكم ربكم ب ِٱلن ِي وٱَتذ مِن ٱلملئِكةِ إِنثا ر إِنكم ِلقولون قوَّل‬
‫ََ ُ ه َ َ َْ ْ ً‬
‫َع ِظيما ‪[}٤٠‬اإلسراء‪ ،]40 :‬وقال تعالى‪{ :‬ألك ُم الذك ُر َول ُه األنثى‪ .‬تل َك إذا ق ْس َمة ضيزى}[النجم‪.]21-22 :‬‬
‫ٌ َ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ض َب ل َِلرِنَٰمۡح َم َثل َظل َو ۡج ُه ُهۥ ُِّ ۡس َودا َو ُه َو ك ِظيم ‪}١٧‬‬
‫ش أ َح ُد ُهم ب َما َ َ‬
‫ِ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا ب ُ ِ َ‬
‫بشر أحد هؤالء املشركين بوالدة البنت التي ضربوها هلل مثال ونسبوها إليه‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ظل وجهه‬ ‫واملعنى‪ :‬وإذا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مسودا كئيبا‪ ،‬كراهية ملا سمع‪ ،‬وهو كظيم من شدة ما هو فيه من الحزن‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وإذا ُبش َر أ َح ُد ُهم‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫األ َنثى َظ هل َوج ُه ُهۥ ُم َ‬
‫سودا َو ُه َو كظيم}[النحل‪.]58 :‬‬ ‫ب‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬أ َو َمن يُنَ َش ُؤا ِِف ٱل ِل َيةِ َو ُه َو ِِف ٱلِ َص ِ‬
‫ام غ ۡ ُ‬
‫ري ُمبِي ‪} ١٨‬‬
‫َُ‬ ‫ۡ‬
‫َى َ ُ َ َ ُ ۡ َ ُ َ ُ َ َى َ ُ ُ ۡ َ ُ ۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ۡ َى َ َ َ‬ ‫ُ‬
‫ون ‪} ١٩‬‬ ‫ِين ه ۡم ع َِبى ُد ٱ َلرِنَٰمۡح إِنثا ر أش ِهدوا خلقه رم ستكتب شهدتهم ويسأل‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َج َعلوا ٱل َملئِكة ٱَّل‬
‫واملعنى‪ :‬وجعل هؤالء املشركين املالئكة الذين هم عباد الرحمن بناته‪ ،‬هل شهدوا خلق املالئكة حتى‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ْ َ َْ َ َ َ ً‬
‫يحكموا ّأنهم إناث؟ كما قال تعالى‪{ :‬أ ْم خلقنا اَلالئكة إناثا َو ُه ْم شاه ُدون}[الصافات‪ ،]150 :‬ستكتب‬
‫شهادتهم الكاذبة في كتاب أعمالهم‪ ،‬ويسألون عنها يوم القيامة‪.‬‬

‫ُ ُ َ‬ ‫َ َۡ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٢٠‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وقالوا ل ۡو شا َء ٱ َلر ۡح َم ى ُن َما ع َب ۡدنى ُهم َما ل ُهم بِذ ىل ِك م ِۡن عِل ٍم إِن ه ۡم إَِّل يرص‬
‫أي علم بحقيقة ما‬ ‫واملعنى‪ :‬وقال هؤالء املشركون لو شاء هللا تعالى ما عبدنا تلك املالئكة‪ ،‬ما لهم ّ‬
‫ُ‬ ‫فإن هللا تعالى ال يرض ى لعباده الكفر‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وََل َي َ‬ ‫يقولون‪ّ ،‬‬
‫فر }[الزمر‪ ،]20 :‬وما هم‬ ‫الك َ‬ ‫رض ى لع َباد‬
‫إال يكذبون ويفترون الباطل في قولهم‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ين أ ْش َر ُكوا َل ْو َش َاء ه ُ‬
‫ال هالذ َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َق َ‬
‫َّللا َما َع َب ْدنا م ْن ُدونه م ْن ش ْي ٍء ن ْح ُن َوَل‬
‫َ‬
‫ين م ْن ق ْبله ْم}[النحل‪.]35 :‬‬ ‫َآب ُاؤ َنا َوَل َح هر ْم َنا م ْن ُدونه م ْن َش ْيء َك َذل َك َف َع َل هالذ َ‬
‫ٍ‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪}٢١‬‬ ‫قوله تعالى‪ :‬أ ۡم َءات ۡي َنى ُه ۡم كِتىبا مِن ق ۡبلِهِۦ ف ُهم بِهِۦ ُِّ ۡس َت ۡمسِك‬
‫ّ‬
‫يحتجون به على‬ ‫واملعنى‪ :‬أم أعطينا هؤالء املشركين كتابا من قبل القرآن‪ ،‬فهم به مستمسكون‪،‬‬
‫ْ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ َ ً َ َ َه‬ ‫َ َ َْ َ‬
‫زعمهم؟ لم يكن ذلك‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أ ْم أنزلنا َعل ْيه ْم ُسلطانا ف ُه َو َيتكل ُم ب َما كانوا به ُيشركون}[الروم‪.]35 :‬‬

‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ۡ َ ُ‬


‫ُّ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٢٢‬‬ ‫لَع أ َمة ِإَونَا ى‬
‫لَع َءاث ى ِرهِم ِّهتد‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬بَل قالوا إِنَا َو َج ۡدنَا َءابَا َءنَا ى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وإنا على آثار آبائنا مهتدون‬ ‫واملعنى‪ :‬بل قال هؤالء املشركون‪ :‬إنا وجدنا آباءنا على ملة ساروا عليها‪،‬‬
‫ومتبعون‪.‬‬
‫ه َ ُ ه ُ ُ ْ ُ ه ً َ َ ً َ َ َ َ ُّ ُْ‬
‫ومعنى األمة في هذه اآلية امللة والدين‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬إن هذ أمتكم أمة واحدة و أنا ربكم‬
‫ً ََ ُ َ ه ُ‬ ‫ُ ُُ ُ ً‬ ‫َف ْ‬
‫اع ُب ُدون}[األنبياء‪ ،]92 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬وإ هن َهذ أ همتك ْم أ همة َواح َدة َو أنا َرُّبك ْم فاتقون}[املؤمنون‪.]52 :‬‬

‫َ َ َ َُُۡ َ َ َ َ ۡ َ َ َ ََ ُ‬ ‫َ‬
‫لَع أ َمة ِإَونَا َ َ ى‬
‫لَع‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َوُك َذ ىل َِك َما أ ۡر َس ۡل َنا مِن َق ۡبل َِك ِِف َق ۡريَة مِن نَذِير إَِّل قال ِّتفوها إِنا وجدنا َءابا َءنا ى‬
‫ٍ‬
‫ُّ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}٢٣‬‬ ‫َءاث ىرِهِم مقتد‬
‫أهل قريته من عذابنا‪ ،‬إال قال‬ ‫واملعنى‪ :‬وكذلك ما أرسلنا من قبلك أيها الرسول في قرية من رسول ينذر َ‬
‫ّ‬ ‫ملنعمون منهم‪ّ :‬إنا ْ‬ ‫الرؤساء والجبابرة ا ّ‬
‫وجدنا آباءنا على ملة ودين‪ ،‬وإنا على آثارهم مقتدون متبعون‪ ،‬فقالوا‬
‫ين م ْن َق ْبله ْم م ْن َر ُسول إَل َق ُالوا َساح ٌر َأ ْو َم ْج ُنو ٌن َأ َت َو َ‬
‫اص ْوا‬ ‫مثل مقالتهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ك َذل َك َما َأ َتى هالذ َ‬
‫ٍ‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫به َب ْل ُه ْم ق ْو ٌم طاغون}[الذاريات‪.]52-53 :‬‬

‫َى ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ‬


‫ون ‪}٢٤‬‬ ‫ُ‬ ‫كم بِأ ۡه َد ى‬
‫ى ِّ َِما َو َجدت ۡم َعل ۡيهِ َءابَا َءك ۡم قالوا إِنا ب ِ َما أ ۡرسِل ُتم بِهِۦ كفِر‬
‫ى َ ۡ ُۡ ُ‬
‫ج ئت‬
‫قوله تعالى‪۞ { :‬قل أولو ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قال الرسول صلى هللا عليه وسلم ومن سبقه من الرسل للمكذبين‪ :‬أتقتدون بملة آبائكم ولو‬
‫ّ‬
‫جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم؟ قال أغنياؤهم وكبراؤهم في عناد‪ :‬إنا بما أرسلتم أيها الرسل كافرون‬
‫مكذبون‪.‬‬
‫ه َ َ ُ ْ َ ُ َ ه َ ُ ْ ْ ُْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َما أ ْر َسلنا في ق ْرَي ٍة من نذ ٍير إَل قال مترفوها إنا بما أرسلتم به‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫كاف ُرون}[سبأ‪.]34 :‬‬

‫ُ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نظ ۡر ك ۡي َف َك َن َع ى ِق َبة ٱل ُمك ِذب َ‬ ‫َ‬
‫ََ َۡ ُۡ ۡ ُ‬ ‫َ‬
‫ي ‪}٢٥‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فٱنتقمنا مِنهم فٱ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فانتقمنا من هؤالء املكذبين للرسل وأهلكناهم‪ ،‬فانظر أيها العاقل كيف كان مآل هؤالء‬
‫َۡ‬ ‫َََ َ‬
‫نظ ُروا َك ۡي َف ََك َن َع ىقِ َب ُة ٱ ََّل َ‬
‫ِين‬
‫ََ ُ‬ ‫س ُ‬
‫ريوا ِِف ٱلۡر ِض في‬ ‫املكذبين الذين أهلكناهم بذنوبهم‪ ،‬كما قال تعالى‪۞ { :‬أفل ۡم ي ِ‬
‫َۡ ۡ َ َ َ َُ َ َۡ ۡ َ ۡ َى َ َ ُ‬
‫ين أ ۡم َٰىل َها ‪[}١٠‬محمد‪.]10 :‬‬‫مِن قبل ِ ِهم دِّر ٱَّلل علي ِهم ول ِلكفِ ِر‬

‫َ َُُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َ‬


‫ون ‪} ٢٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذ قال إبۡ َر ىه ُ‬
‫ِيم ِلبِيهِ َوق ۡو ِمهِۦ إِن ِن بَ َراء ِِّما تعبد‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول حين قال إبراهيم عليه السالم ألبيه وقومه ّإنني بريء مما تعبدون من دون‬
‫ُ ْ ُ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ال َيا ق ْوم إني َبري ٌء م هما تشركون}[األنعام‪.]78 :‬‬ ‫هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ق‬

‫َُ َ َۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ِين ‪}٢٧‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إَِّل ٱَّلِي فطر ِن فإِنهۥ سيهد ِ‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫لكن الرب الذي يستحق العبادة هو الذي خلقني في أحسن تقويم‪ ،‬فإنه سيهديني ملا فيه‬
‫صالحي في الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫َ ََ ََُ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ۡ َىَ َ‬ ‫َ َُ ۡ َ ُ‬
‫ِين ‪[} ٧٨‬الشعراء‪:‬‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬فإِنهم عدو ِل إَِّل رب ٱلعل ِمي ‪ ٧٧‬ٱَّلِي خلق ِن فهو يهد ِ‬
‫‪.]77-78‬‬

‫َ ُ ۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٢٨‬‬ ‫جع‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وجعلها ُك ِمَۢة باقِية ِِف عقِبِهِۦ لعلهم ير ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وجعل إبراهيم عليه السالم كلمة التوحيد باقية في ذريته من بعده‪ ،‬لعلهم يرجعون إلى هذه‬
‫الكلمات‪ ،‬وطاعة ربهم‪.‬‬
‫تفضل هللا تبارك وتعالى بأ ْن جعل من ذرية إبراهيم عليه السالم األنبياء والصالحين الذين قالوا‬ ‫وقد ّ‬
‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬
‫باركنا َعل ْيه َو َعلى إ ْسحاق َوم ْن ذرهيتهما ُم ْحس ٌن َوظال ٌم لنفسه‬‫ربنا هللا ثم استقاموا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬و‬
‫ُمب ٌين}[الصافات‪.]113 :‬‬

‫ل ُّق َو َر ُسول ُّمبِي ‪َ ٢٩‬ول َ َما َجا َء ُه ُم ٱ ۡ َ‬


‫ل ُّق قَالُوا َهى َذا س ۡ‬
‫ِحر‬ ‫ت َجا َء ُه ُم ٱ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬بَ ۡل َم َت ۡع ُ‬
‫ت َ ىه ُؤَّل ِء َو َءابَا َء ُه ۡم َح َ ى‬
‫َى ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٣٠‬‬ ‫ِإَونا بِهِۦ ك ِفر‬

‫ۡ‬
‫لَع َر ُجل م َِن ٱل َق ۡريَ َت ۡ َ‬ ‫َُۡ ُ‬ ‫ََ‬
‫ُ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ‬
‫يم ‪} ٣١‬‬
‫ي ع ِظ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ان ى‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وقالوا ل ۡوَّل ن ِزل هىذا ٱلقرء‬
‫واملعنى‪ :‬وقال هؤالء املشركون‪ :‬هال ّنزل هذا القرآن على رجل عظيم من إحدى القريتين مكة أو‬
‫الطائف‪.‬‬
‫ْ‬
‫وقد طمع هؤالء املشركون أن تكون النبوة في بعضهم أو أن ينزل على بعضهم الوحي والكتاب‪ ،‬وهللا‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫تعالى له الحكمة البالغة‪ ،‬فهو أعلم منهم ومن كل أحد بمن يصلح للرسالة من عباده‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وإذا‬
‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ َُْ ْ َ ٌ َ ُ َ ْ ُ ْ َ َ ه ُ َْ ْ َ َ ُ َ ُ ُ ُ ه هُ َ َ‬
‫َّللا أ ْعل ُم َح ْيث َي ْج َع ُل ر َسالت ُه}[األنعام‪.]124 :‬‬ ‫جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل َّللا‬

‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ ۡ َۡ ُ َ َ ۡ َ َ َ َ َۡ ُ َ َ ۡ َ ََۡ ُ َ َ‬


‫يش َت ُه ۡم ِِف ٱ ۡ َ‬
‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّلن َيا ر َو َرف ۡع َنا َب ۡعض ُه ۡم ف ۡوق َب ۡعض‬ ‫سمون رْحت ربِكر َنن قسمنا بينهم معِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أهم يق ِ‬
‫َ َ َۡ ُ َ َ َ ۡ َ َۡ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َى ََ َ‬
‫ون ‪} ٣٢‬‬ ‫خذ َب ۡعض ُهم َب ۡعضا ُسخ ِريا ورْحت ربِك خري ِِّما ُيمع‬
‫درجت َِلت ِ‬
‫النبوة من رّبك أيها الرسول حيث يشاؤون؟ نحن قسمنا بينهم‬ ‫واملعنى‪ :‬أهؤالء املشركون يقسمون ّ‬
‫معيشتهم في الحياة الدنيا‪ ،‬ورفع بعضكم فوق بعض درجات في الرزق والقوة والشرف والعلم والخلق والعقل‪،‬‬
‫َُ‬ ‫ه‬ ‫َّ‬
‫مسخرا لبعض‪ ،‬وليختبرهم هللا فيما أعطاهم من نعمه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ُه َو الذي َج َعلك ْم‬ ‫ليكون بعضهم‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ضك ْم ف ْوق َب ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َْ‬
‫األ ْ ض َو َرف َع َب ْع َ‬
‫ات ل َي ْبل َوك ْم في َما آتاك ْم}[األنعام‪ ،]165 :‬ورحمة رّبك أيها‬
‫ض د َرج ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫خالئف‬
‫الرسول خير مما يجمعون من حطام الدنيا الفانية الذاهبة‪.‬‬
‫َ َ ُ َ َۡ ُ َ‬
‫دل على ذلك قوله تعالى‪ { :‬وما كنت ترجوا أن‬ ‫واملراد برحمة ربك في هذه اآلية النبوة ونزول الوحي‪ّ ،‬‬
‫ۡ َ‬
‫ك ىفِر َ‬ ‫َ ََ َ ُ َ َ‬ ‫ب إ ََّل َر ۡ َ‬
‫ْحة مِن َربِك فل تكون َن ظ ِهريا ل ِل‬ ‫يُ ۡل َ ى َ َ ۡ َ ُ‬
‫ين ‪[}٨٦‬القصص‪.]86 :‬‬‫ِ‬ ‫ق إ ِ َۡلك ٱلكِتى ِ‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُۡ‬ ‫َ َۡ َ َ َ ُ َ َ ُ ُ َ َ َ ََ ۡ‬


‫ل َعل َنا ل َِمن يَكف ُر ب ِٱ َلرِنَٰمۡح ِلُ ُيوت ِ ِه ۡم ُسقفا مِن ف ِضة َو َم َعارِ َج‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولوَّل أن يكون ٱلاس أمة و ىحِدة‬
‫َ َۡ َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٣٣‬‬ ‫عليها يظهر‬
‫واملعنى‪ :‬ولوال الخوف من ْأن يكون الناس كلهم حماعة واحدة على الكفر‪ ،‬ألعطينا زخارف الدنيا كلها‬
‫للكفار‪ ،‬ولجعلنا لكل من يكفر بالرحمن سقف بيوتهم ومصاعدهم التي يصعدون عليها من فضة خالصة‪.‬‬
‫فإنعام هللا تعالى على الكافرين في الدنيا ليس لكرامتهم عليه‪ّ ،‬‬
‫ولكنه لالستدراج‪ ،‬وقد ّبين هللا ذلك في‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َذرني َو َمن ُي َكذ ُب ب َه َذا َ‬
‫الحديث َسنستدر ُج ُهم من َحيث َل َيعل ُمون‪َ .‬وأملي ل ُهم إ هن كيدي‬
‫َمت ٌين}[القلم‪.]44-45 :‬‬

‫َ‬ ‫َ ُُ ۡ ََۡ َ ُ ُ َ َ‬
‫ون ‪} ٣٤‬‬ ‫سرا عل ۡي َها َي َت ِ‬
‫كؤ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬و ِليوت ِ ِهم أبو ىبا و‬

‫ۡ‬
‫ك ل ِل ُم َتقِ َ‬‫َُ َ َ َ‬ ‫ۡ‬
‫َ َ َ َ ُ َ َ ى ُّ ۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُّ َ‬
‫َ ُ ۡ ُ‬
‫ي ‪} ٣٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وزخرفا ر ِإَون ُك ذ ىل ِك لما متىع ٱليوة ِ ٱَلنيا ر وٱٓأۡلخِرة عِند رب ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وجعلنا لهم ذهبا‪ ،‬وما كل ذلك إال متاع الدنيا الضئيلة الزائلة الفانية‪ ،‬واآلخرة خير ثوابا‪،‬‬
‫ُ َ َ هَ‬
‫يل َواْلخ َرة خ ْي ٌرَلن اتقى}[النساء‪.]77 :‬‬ ‫الد ْن َيا َقل ٌ‬ ‫وأعظم أجرا عند هللا تعالى للمتقين‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬ق ْل َم َت ُ‬
‫اع ُّ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و َمن َي ۡع ُش َعن ذِك ِر ٱ َلرِنَٰمۡح ُن َقي ِ ۡض ُلۥ َش ۡي َطىنا ف ُه َو ُلۥ ق ِرين ‪} ٣٦‬‬
‫الجن واإلنس‪ ،‬فهو له مالزم ومصاحب يزّين‬ ‫نيهئ له شطانا من ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬ومن يعرض عن ذكر الرحمن‪ّ ،‬‬
‫ََْ‬ ‫َ َ‬ ‫ََه َْ َ ُ َ َ ُ َ‬
‫ضنا ل ُه ْم ق َرن َاء ف َزهينوا ل ُه ْم َما َب ْين أ ْيديه ْم َو َما خلف ُه ْم}[فصلت‪.]25 :‬‬ ‫له سوء عمله‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وقي‬

‫َ َ ۡ َ ُ َ َ َ ُ ُّ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ ُ ۡ َ َ ُ ُّ َ‬
‫ون ُه ۡم َعن ٱ َ‬
‫ون ‪} ٣٧‬‬‫يل ويحسبون أنهم ِّهتد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫لس‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَونهم َلصد‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬وإن هؤالء الشياطين ليصدون قرناءهم عن سبيل الحق‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬أل ۡم ت َر أنا أ ۡر َسل َنا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ َى َ ََ ۡ َ‬
‫ين تَ ُؤ ُّز ُه ۡم أزا ‪[} ٨٣‬مريم‪ ،]83 :‬ويحسبون ‪ -‬يتزيين الشياطين لهم – ّأنهم مهتدون إلى‬ ‫ك ىفِر َ‬
‫ِ‬ ‫ٱلشي ِطي لَع ٱل‬
‫الحق‪.‬‬

‫ك ُب ۡع َد ٱل ۡ َم ۡشقَ ۡي فَب ۡئ َس ٱ ۡل َقر ُ‬


‫ين ‪} ٣٨‬‬ ‫َ َ ى َ َ َ َ َ َ َىَۡ َ َۡ َ َ ۡ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬حت إِذا جاءنا قال يليت بي ِن وبين‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬

‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬


‫َ َ َ َ ُ ُ ََۡ َ ُۡۡ َ ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}٣٩‬‬ ‫توُك‬
‫اب ِّش ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ولن ينفعكم ٱَلوم إِذ ظلمتم أنكم ِِف ٱلعذ ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ ّ‬
‫تبين أنكم ظلمتم أنفسكم في الدنيا اشتراككم في‬ ‫واملعنى‪ :‬ولن ينفعكم أيها املعرضون عن ذكر هللا إذ‬
‫العذاب‪.‬‬
‫فال يخفف اشتراكهم في العذاب عن العذاب‪ ،‬بل يزيد اشتراكهم في العذاب حسرة وعذابا ولعنة‪ ،‬كما‬
‫َ َ ْ ٌ َ‬
‫لعن ْت َ‬
‫أختها}[األعراف‪.]38 :‬‬ ‫قال تعالى‪{ :‬كلما دخلت أمة‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َََ‬


‫م َو َمن َك َن ِِف َضل ىل ُّمبِي ‪} ٤٠‬‬
‫لص َم أ ۡو َت ۡهدِي ٱل ُع ۡ َ‬
‫نت ت ۡسم ُع ٱ ُّ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أفأ َ‬
‫واملعنى‪ :‬فهل أنت أيها الرسول تقدر على إسماع الذين ّ‬
‫صموا آذانهم عن سماع الحق‪ ،‬أو هل أنت‬
‫تقدر على إرشاد العمي إلى الحق وتهدي من كان مفرطا في الضاللة البينة‪.‬‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫ك أَفَأَ َ‬
‫نت ت ُ ۡسم ُع ٱ ُّ‬
‫لص َم َول ۡو َكنوا َّل َي ۡعقِلون ‪٤٢‬‬
‫َ ُۡ َ َۡ َ ُ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬ومِنهم من يست ِمعون إ ِ َۡل ر‬
‫ۡ ُ ۡ َ َ َۡ َ ُ َ ُ ۡ ُ َ‬ ‫ك أَفَأَ َ َ ۡ‬‫َ ُۡ َ َ ُ َ َ‬
‫ون ‪[}٤٣‬يونس‪.]42-43 :‬‬‫ُص‬
‫نت تهدِي ٱلعم ولو َكنوا َّل يب ِ‬ ‫ومِنهم من ينظ ُر إ ِ َۡل ر‬

‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ ُ َ َ‬ ‫َ َ َۡ َََ َ‬


‫ك َفإنَا م ِۡن ُهم ُّم َ‬
‫نت ِق ُمون ‪ ٤١‬أ ۡو ن ِريَ َنك ٱَّلِي َو َع ۡدنى ُه ۡم فإِنا َعل ۡي ِهم ُّمق َتد ُِرون ‪ ٤٢‬فٱ ۡس َت ۡمسِك‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فإِما نذهَب ب ِ‬
‫َ ُ ِ َ َۡ َ َ َ‬
‫ك َ َى‬
‫لَع ِص َر ىط ُِّّ ۡس َتقِيم ‪} ٤٣‬‬ ‫ب ِٱَّلِي أوح إَِلك إِن‬

‫ۡ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ َ‬


‫ون ‪} ٤٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون ُهۥ َّلِوُكر لك َول ِق ۡوِِّك َو َس ۡوف تسأل‬
‫ََ‬
‫وإن هذا القرآن الكريم لشرف لك أيها الرسول ولقومك؛ إذ نزل بلسانهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬لق ْد‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ْ ُ ََ َ ُ َ‬ ‫َ َْ َ ُ َ‬
‫أنزلنا إل ْيك ْم كت ًابا فيه ذك ُرك ْم أفال ت ْعقلون}[األنبياء‪ ،]10 :‬وسوف تسألون أنت ومن معك عن هذا القرآن‬
‫والعمل به‪.‬‬

‫َ َ َُُۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ ُ َ َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ ۡ ۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬
‫ون ‪}٤٥‬‬‫ون ٱ َلرِنَٰمۡح ءال ِهة يعبد‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وسأل من أرسلنا مِن قبل ِك مِن رسل ِنا أجعلنا مِن د ِ‬
‫من أرسلنا من قبلك‪ ،‬هل أذن هللا تعالى بعبادة األوثان من دونه؟‬ ‫أمم ْ‬
‫واملعنى‪ :‬واسأل أيها الرسول َ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫ّإن هؤالء الرسل جاؤوا بإخالص التوحيد هلل وحده في كلمة‪ :‬ال إله إال هللا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولقد َب َعثنا‬
‫َّللا واجتنوا الطاغوت}[النحل‪.]36 :‬‬ ‫في ُكل ُأ همة هر ُس ًوَل َأن ُ‬
‫اعب ُد ْوا ه َ‬

‫ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫وس بأ َي ىت ِ َنا إ ىل ف ِۡر َع ۡو َن َو ََِّليهِۦ ف َقال إن َر ُسول َرب ٱل َع ىلم َ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ۡ ۡ َ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ٤٦‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولقد أرسلنا ِّ ى ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد أرسلنا موس ى ومعه هارون عليهما السالم بتسع آيات بينات‪ ،‬ودالئل وحجج ظاهرة دالة‬
‫َ ُْ‬ ‫ََ ُ ُ َ‬ ‫ُ ه َْ َ ْ ُ‬
‫على وحدانية هللا إلى فرعون وأشراف قومه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ثم أرسلنا موس ى وأخا هارون بآياتنا وسل ٍ‬
‫طان‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ُمب ٍين إلى ف ْر َع ْون َو َملئه}[املؤمنون‪ ،]45-46 :‬فقال موس ى عليه السالم له‪ :‬يا فرعون إني رسول من هللا رب‬
‫ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫العاملين‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َق َ‬
‫وس ى َيا ف ْر َع ْون إني َر ُسو ٌل م ْن َرب ال َعاَلين}[األعراف‪.]104 :‬‬ ‫ال ُم َ‬

‫َ َ َ َ َ ُ ََى َ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٤٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فلما جاءهم ب ِأيتِنا إِذا هم مِنها يضحك‬

‫َ ُ ۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما نُريهم م ِۡن َءايَة إَّل ِ َ ۡ َ ُ ۡ ۡ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٤٨‬‬ ‫جع‬ ‫ه أكب مِن أختِها وأخذنىهم ب ِٱلعذ ِ‬
‫اب لعلهم ير ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وما نري فرعون ومأله من معجزة دالة على صدق موس ى عليه السالم إال هي أعظم من التي‬
‫قبلها‪ ،‬وأخذناهم بأنواع من العذاب كالسنين‪ ،‬ونقص من الثمرات‪ ،‬والطوفان‪ ،‬والجراد‪ّ ،‬‬
‫والقمل‪ ،‬والضفادع‪،‬‬
‫ََ َ‬ ‫ه‬ ‫َ َ‬ ‫َََ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫رعون بالسنين َونقص م َن الث َم َرات}[األعراف‪ ،]130 :‬وقال تعالى‪{ :‬فأر َسلنا‬‫كما قال تعالى‪{ :‬ولقد أخذنا ءال ف‬
‫َ َ ُ ُّ َ َ َ َ َ َ َ ُ ه َ َ ه َ َ َ ه َ َ َ ُّ َ ه َ‬
‫عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ءايات مفصالت}[األعراف ‪.]132 :‬‬

‫َ َ ََ َُُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬


‫ون ‪} ٤٩‬‬ ‫لساح ُِر ٱدع لَا َر َبك ب ِ َما َع ِه َد عِندك إ ِننا لمهتد‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وقالوا يَىأيُّ َه ٱ َ‬
‫املوقر‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ادع لنا رّبك لكشف هذا العذاب‬ ‫واملعنى‪ :‬وقال فرعون وملؤه ملوس ى عليه السالم‪ :‬أيها الساحر‬
‫ّ‬ ‫كشفت ّ‬
‫َ‬ ‫عنا‪ ،‬بعهده الذي عهد إليك‪ْ ،‬‬ ‫ّ‬
‫عنا هذا العذاب‪ ،‬فإننا مهتدون‪ ،‬مؤمنون بك‪ ،‬ومرسلون معك بني‬ ‫لئن‬
‫َ ْ َ َ ْ َ ه‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫وس ى ْاد ُع لنا َرهب َك ب َما َعه َد عن َد َك لئن كشفت َعنا‬‫إسرائيل‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َ هَلا َو َق َع َع َل ْيه ُم الر ْج ُز َق ُالوا َيا ُم َ‬
‫يل}[األعراف‪.]134 :‬‬ ‫الر ْج َز َل ُن ْؤم َن هن َل َك َو َل ُن ْرس َل هن َم َع َك َبني إ ْس َر ائ َ‬

‫ُ ۡ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ََ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬فل َما ك َشف َنا َع ۡن ُه ُم ٱل َعذ َ‬
‫ون ‪} ٥٠‬‬ ‫اب إِذا هم ينكث‬
‫ويصرون على استكبارهم وعتوهم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فلما كشفنا عنهم ذلك العذاب‪ ،‬إذا هم يغدرون‪،‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ُُْ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ َ ْ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فل هما كشفنا َع ْن ُه ُم الر ْج َز إلى أ َج ٍل ُه ْم َبالغو ُ إذا ُه ْم َينكثون}[األعراف‪:‬‬
‫‪.]135‬‬

‫َۡ ََ َ ُۡ ُ َ‬ ‫ۡ ََۡ َۡ‬ ‫ُۡ ُ ۡ َ َ‬ ‫َ َ َ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ‬


‫ُصون‬ ‫ى ف ِۡر َع ۡون ِِف ق ۡو ِمهِۦ قال ي ىق ۡو ِم أل ۡي َس ِل ِّلك ِّ‬
‫ُِص َوهى ِذه ِ ٱلنهى ُر ت ِري مِن ت ِت أفل تب ِ‬ ‫اد ى‬‫قوله تعالى‪ { :‬ون‬
‫‪} ٥١‬‬
‫واملعنى‪ :‬ونادى فرعون في قومه مستكبرا‪ ،‬قال‪ :‬يا قوم أليس لي ملك مصر‪ ،‬وأنهار النيل تجري من‬
‫ََ َ ََ‬ ‫َ َ َ َ ََ َ‬
‫اد ى‬
‫ى ‪ ٢٣‬فقال أنا‬ ‫تحتي؟ أفال تبصرون عظمتي وسلطتي املطلقة‪ ،‬فأنا رّبكم األعلى‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فحش فن‬
‫َ‬
‫ك ُم ٱ ۡل ۡ َ ى‬
‫لَع ‪[}٢٤‬النازعات‪.]23-24 :‬‬ ‫َ ُّ ُ‬
‫رب‬

‫َ َ َ ُ‬
‫اد يُب ُ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬
‫ۡ َ َۡ ۡ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ي ‪} ٥٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أم أنا خري مِن هىذا ٱَّلِي هو ِّ ِهي وَّل يك ِ‬
‫واملعنى‪ :‬بل أنا خير من هذا الرجل الذي هو ضعيف حقير‪ ،‬وال يكاد يبين كالمه‪.‬‬
‫ّ‬
‫وهذا الحكم من فرعون على موس ى عليه السالم بأنه ال يكاد يبين‪ ،‬باعتبار معرفته عنه في املاض ي‪،‬‬
‫حيث ّإن موس ى عليه السالم قد أصاب لسانه في صغره ش يء من اللكنة بسبب الجمرة التي تناولها‪ ،‬ولم يعلم‬
‫ّ‬
‫حل عقدة لسانه ملا سأله موس ى عليه السالم ْأن يحل عقدة لسانه‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫فرعون أ ّن هللا تعالى قد ّ‬
‫َ َ َْ ُ َ‬
‫يت ُس ْؤ َل َك َيا ُم َ‬
‫وس ى}[طه‪.]26 :‬‬ ‫{قال قد أوت‬

‫َ ۡ َ َ َ ََۡ ُ َََ ُ ُ َ‬ ‫َ َ َ ۡ َ َ َ َ ُ ۡ َ َى َ‬
‫ك ُة ُم ۡق َتن ِ َ‬ ‫ق َعلَ ۡيهِ أَ ۡسو َ‬ ‫َََۡ ُۡ‬
‫وهر إِن ُه ۡم‬ ‫ي ‪ ٥٣‬فٱستخف قومهۥ فأطاع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬‫ل‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ه‬‫ع‬ ‫م‬ ‫ء‬ ‫ا‬‫ج‬ ‫و‬‫أ‬ ‫ب‬
‫ٍ‬ ‫ه‬ ‫ذ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ة‬‫ر‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فلوَّل أ ِ‬
‫ل‬
‫ََكنُوا قَ ۡوما َف ىسِ ِق َ‬
‫ي ‪} ٥٤‬‬

‫َ‬ ‫ََ ۡ ۡ‬
‫نت َق ۡم َنا م ِۡن ُه ۡم فأغ َرق َنى ُه ۡم أ ۡ َ‬
‫ۡجعِ َ‬ ‫اس ُفونَا ٱ َ‬ ‫ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فل َما َء َ‬
‫ي ‪} ٥٥‬‬
‫فلما أغضبنا فرعون وملؤه باستكبارهم وعنادهم وتكذيبهم بآياتنا‪ ،‬انتقمنا منهم بعذاب‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫عاجل‪ ،‬فأغرقناهم في البحر أجمعين‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فانتق ْمنا من ُه ْم فأغ َرقناه ْم في ال َيم بأن ُه ْم كذ ُبوا ب َآياتنا َوكانوا َعن َها‬
‫َ َ‬
‫غافلين}[األعراف‪.]136 :‬‬

‫ج َع ۡل َنى ُه ۡم َسلَفا َو َم َثل ل ِٓأۡلخِر َ‬


‫ين ‪} ٥٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فَ َ‬
‫ِ‬

‫ۡ ُ َ ۡ ُ َ ُّ َ‬ ‫َ َ‬
‫ۡ َ َ ََ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٥٧‬‬ ‫صد‬ ‫ض َب ٱب ُن ِّ ۡري َم مثل إِذا قوِّك مِنه ي ِ‬ ‫قوله تعالى‪۞ { :‬ولما ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وملا ضرب مشركوا مكة عيس ى ابن مريم مثال في مجادلتهم مع الرسول صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫إذا قومك أيها الرسول منه يصيحون فرحا وسرورا‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫روى ابن جرير بسنده عن ابن عباس‪َ { :‬و ََلها ُ‬
‫ضر َب ْاب ُن َم ْرَي َم َمثال إذا ق ْو ُم َك من ُه َيص ُّدون}‪ ،‬قال‪ :‬يعني‬
‫َ‬ ‫ه َُْ َ‬ ‫قريشا ملا قيل لهم‪{ :‬إ هن ُك ْم َو َما َت ْع ُب ُدو َن م ْن ُدون هَّللا َح َ‬
‫ص ُب َج َهن َم أنت ْم ل َها َوار ُدون}[األنبياء‪ ،]98 :‬فقالت له‬
‫ْ‬
‫اتخذت‬ ‫قريش‪ :‬فما ابن مريم؟ قال‪ :‬ذاك عبد هللا ورسوله‪ ،‬فقالوا‪ :‬وهللا ما يريد هذا إال ْأن نتخذه رًّبا كما‬
‫َ ۡ ُ َ‬ ‫ّ َ َ ُ ََى َ ُ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫ضبُوهُ لك إَِّل َج َدَّل ر بَل ه ۡم ق ۡوم‬ ‫عز وجل‪ { :‬وقالوا ءأل ِهتنا خري أم هور ما‬ ‫النصارى عيس ى ابن مريم رّبا‪ ،‬فقال هللا ّ‬
‫َ ُ َ‬
‫ون ‪[}٥٨‬الزخرف‪.]58 :‬‬ ‫صم‬
‫خ ِ‬

‫َ َ ُ ََى َ ُ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ َ َ َ ُ ُ َ َ َ َ َ َ َۡ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٥٨‬‬ ‫صم‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وقالوا ءأل ِهتنا خري أم هور ما ضبوه لك إَِّل جدَّل ر بل هم قوم خ ِ‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫سءِيل ‪} ٥٩‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ ۡن ُه َو إَِّل َع ۡبد أ ۡن َع ۡم َنا َعل ۡيهِ َو َج َعل َنى ُه َم َثل ِلَن إ ِ ۡ َى‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ما عيس ى ابن مريم إال عبد من عبادنا أنعمنا عليه بالنبوة والكتاب‪ ،‬كما قال تعالى على لسان‬
‫َ‬ ‫َُۡ َ َ َى َ ۡ‬ ‫َ َ‬
‫ن ٱلك َِتى َب َو َج َعل ِن نَبِيا ‪[} ٣٠‬مريم‪ ،]30 :‬وجعلناه آية لبني إسرائيل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ات‬ ‫ء‬ ‫ِ‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ال‬ ‫عيس ى عليه السالم‪ { :‬ق‬

‫ُ َ‬ ‫َۡ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َى َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ َ‬


‫ون ‪} ٦٠‬‬ ‫ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ول ۡو ن َشا ُء َ‬
‫ل َعل َنا مِنكم َِّلئِكة ِِف ٱلۡر ِض يلف‬
‫ً‬
‫واملعنى‪ :‬ولو نشاء لجعلنا بدال منكم مالئكة في األرض يخلفونكم فيها‪.‬‬
‫ُّ ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬
‫الدن َيا م َن اْلخ َرة}[التوبة‪.]38 :‬‬ ‫وحرف ِ"م ْن" في هذه اآلية للبدل‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬أ َرضيت ْم بال َح َياة‬

‫َ‬ ‫َۡ َُ َ َ َ َ ُ‬ ‫ََ‬ ‫َُ‬ ‫َ ۡ‬


‫ون َهىذا ِص َر ىط ُِّّ ۡس َتقِيم ‪} ٦١‬‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَونهۥ لعِلم ل ِلساع ِة فل تمتن بِها وٱتبِع ِ‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫وإن نزول عيس ى عليه السالم ألمارة لقرب قيام الساعة‪ ،‬فال تشك ّن في وقوعها‪ ،‬واتبعوني‪ ،‬هذا‬
‫ّ‬
‫والجنة‪.‬‬ ‫األمر الذي دعوتكم إليه طريق قويم إلى النجاة‬
‫ّإن نزول عيس ى عليه السالم في آخر الزمان عالمة لقرب مجيئها‪ ،‬وقد ّبين هللا تعالى هذا في قوله تعالى‪:‬‬
‫بل َموته}[النساء‪ ،]59 :‬أي قبل موت عيس ى في آخر الزمان‪.‬‬ ‫{ َوإن من َأهل الك َتاب إ هَل َل ُيؤم َن هن به َق َ‬

‫ُ‬
‫ج ۡئ ُتكم‬ ‫ِيس بٱ ۡلَي َنى َ َ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ‬
‫ت قال قد ِ‬‫قوله تعالى‪َ { :‬وَّل يَ ُصدنك ُم ٱلش ۡي َطى ُن إِن ُهۥ لك ۡم ع ُدو مبِي ‪َ ٦٢‬ول َما َجا َء ع َ ى ِ ِ ِ‬
‫ون ‪}٦٣‬‬ ‫ََ ََ ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫ََۡ ُ َ‬ ‫ۡ ۡ َ َ َُ َ َ ُ َۡ َ َ‬
‫ب ِٱل ِكمةِ و ِلب ِي لكم بعض ٱَّلِي َتتل ِفون فِيهِ فٱتقوا ٱَّلل وأطِيع ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ك ۡم فٱ ۡع ُب ُدوهُر َهىذا ِص َر ىط ُِّّ ۡس َتقِيم ‪}٦٤‬‬
‫َ َ َ ُ َ َ َ َ ُّ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلل هو ر ِب ورب‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن هللا الذي أدعوكم إليه هو رّبي وربكم جميعا فاعبدوه‪ ،‬وهذا هو الطريق القويم الذي ال‬
‫عوج فيه‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ ُّ ُ َ‬
‫ك ۡم فٱ ۡع ُب ُدوهُر َهىذا ِص َر ىط ُِّّ ۡس َتقِيم ‪[} ٣٦‬مريم‪.]36 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ِ { :‬إَون ٱَّلل ر ِب ورب‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ ۡ َۡ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ‬‫َ‬
‫اب يَ ۡو ٍم أ َِل ٍم ‪} ٦٥‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فٱختلف ٱلحزاب مِن بين ِ ِهم فويل ل َِّلِين ظلموا مِن عذ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فاختلفت أقوال األحزاب من أهل الكتاب فيما بينهم في أمر عيس ى عليه السالم‪ ،‬فقالت اليهود‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إنه ساحر‪ ،‬وقالت اليعقوبية من النصارى‪ :‬إنه هو هللا‪ ،‬وقالت امللكية منهم‪ :‬إنه ثالث ثالثة‪ ،‬وقالت النسطورية‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ه ه َ ْ ََ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ين اختلفوا فيه لفي ش ٍك‬ ‫منهم‪ :‬إنه ابن هللا‪ ،‬فاختلفوا اختالفا واسعا وشكوا فيه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وإن الذ‬
‫ْ‬
‫من ُه}[النساء‪ ،]157 :‬فهالك لهؤالء املشركين الظاملين من عذاب أليم يوم القيامة‪.‬‬
‫يم‬ ‫ظ‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬
‫َۡ ۡ ََۡ َ َ َ‬
‫ك َف ُروا مِن َِّ ۡش َهد يَ ۡوم َ‬ ‫ِين‬ ‫َِّل‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬فَٱ ۡخ َتلَ َف ٱ ۡلَ ۡح َز ُ‬
‫اب‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫‪[} ٣٧‬مريم‪.]37 :‬‬

‫َ َُ ََۡ َُ ۡ َ ُُ َ‬‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫لس َ‬ ‫ۡ‬


‫َ َ ُ َ‬
‫ون إَّل ٱ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪} ٦٦‬‬ ‫اعة أن تأتِيهم بغتة وهم َّل يشعر‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬هل ينظ ُر ِ‬
‫َ َْ ُ‬
‫واملعنى‪ :‬هل ينتظر هؤالء املكذبون للرسل إال الساعة ْأن تأتيهم فجأة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ{ :‬ل تأتيك ْم إَل‬
‫َْ ً‬
‫َبغتة}[األعراف‪ ،]187 :‬وهم ال يشعرون بمجيئها النشغالهم بأمور الدنيا‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُي َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱلخِلء يومئِذ بعضهم ِلع ٍض عدو إَِّل ٱلمتقِي ‪} ٦٧‬‬
‫ويتبرؤن‪ ،‬ويتالعنون‪ ،‬كما‬ ‫واملعنى‪ :‬األحباء األصدقاء في الدنيا يوم القيامة بعضهم لبعض يتعادون‪ّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ ً‬ ‫ه ه َ ُْ‬
‫قال تعالى على لسان إبراهيم عليه السالم لقومه‪{ :‬إن َما اتخذت ْم م ْن ُدون هَّللا أ ْوثانا َم َو هدة َب ْينك ْم في ال َح َياة‬
‫َُ‬ ‫ه‬ ‫ْ ُ‬ ‫الد ْن َيا ُث هم َي ْو َم ْالق َي َامة َي ْك ُف ُر َب ْع ُ‬
‫ض ُك ْم ب َب ْعض َو َي ْل َع ُن َب ْع ُ‬
‫ض ُك ْم َب ْع ً‬ ‫ُّ‬
‫ضا َو َمأ َو اك ُم الن ُار َو َما لك ْم م ْن‬ ‫ٍ‬
‫املتحابين في هللا تعالى تدوم صداقتهم ومحبتهم إلى يوم القيامة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ين}[العنكبوت‪ ،]25 :‬لكن األحباء‬ ‫َناصر َ‬

‫ُۡ َُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬‫َ َ‬ ‫َ‬‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٦٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ي ىعِ َبادِ َّل خ ۡوف َعل ۡيك ُم ٱَلَ ۡو َم َوَّل أنتم تزن‬
‫واملعنى‪ :‬يا عبادي الذين آمنوا باهلل ثم استقاموا‪ ،‬ال خوف عليهم من أهوال يوم القيامة‪ ،‬كما قال‬
‫َْ َْْ‬
‫تعالى‪َ{ :‬ل َي ْح ُزُن ُه ُم الف َز ُع األك َب ُر}[األنبياء‪ ،]103 :‬وال هم يحزنون على ما تركوه من لذات الدنيا ونعيمها‪.‬‬
‫َ َۡ ۡ ََ ُ ۡ ََۡ ُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫ون ‪[}٦٢‬يونس‪.]62 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ {{ :‬أَّل إِن أ ۡو َِلَا َء ٱَّللِ َّل خ ۡوف علي ِهم وَّل هم يزن‬

‫َ‬
‫ام ُنوا بأ َي ىت ِ َنا َوكنُوا ُِّ ۡسلِم َ‬ ‫َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫َ‬
‫ي}‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ :{ :‬ٱَّل َ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هم الذين آمنوا بآياتنا القرآنية والكونية‪ ،‬وكانوا منقادين لشرع هللا تعالى‪.‬‬
‫َ َ َ َ ُ ََ ُ ََُ َ‬
‫ون ‪[}٦٣‬يونس‪.]63 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى في صفات أوليائه‪ { :‬ٱَّلِين ءامنوا وكنوا يتق‬

‫ُ‬
‫ََ ُ ۡ َ ۡ َى ُ ُ ۡ ۡ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫ۡ َ َ‬ ‫ُ‬
‫ون ‪} ٧٠‬‬ ‫قوله تعالى ‪ { :٦٩‬ٱدخلوا ٱلنة أنتم وأزوجكم تب‬
‫الجنة أنتم وأزواجكم أو قراناؤكم املؤمنون تكرمون َّ‬
‫وتنعمون‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬يقال لهم‪ :‬ادخلوا ّ‬
‫َ‬
‫الل َعلى‬ ‫ظ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫حاب ْال َج هنة ْال َي ْو َم في ُش ُغل فاك ُهو َن‪ُ .‬ه ْم َو َأ ْز ُ‬
‫واج ُه ْ‬ ‫ص َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إ هن َأ ْ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ه ُ َ‬ ‫َْ‬
‫األرائك ُمتكؤن}[يس‪.]55-56 :‬‬

‫ي َوأَ ُ‬
‫نت ۡم ف َ‬
‫ِيها‬ ‫َّل ٱ ۡلَ ۡع ُ ُ‬
‫ۡ َ ُ ُ َ َ َ ُّ‬ ‫َۡ‬
‫ِيها َما تش َت ِهيهِ ٱلنفس وت‬
‫ََ ۡ‬
‫ك َواب َوف َ‬ ‫َ َ‬ ‫اف َعلَ ۡيهم بص َ‬
‫حاف مِن ذهب وأ‬
‫َُ ُ‬
‫قوله تعالى{ يط‬
‫ِ ِ ِ‬
‫َى ُ َ‬
‫ون ‪} ٧١‬‬‫خ ِِل‬
‫الجنة بأطعمة وأشربة في صحاف وأكواب من ذهب‪ ،‬وفيها ما تشتهيه األنفس‬ ‫واملعنى‪ :‬يطاف على أهل ّ‬
‫من أنواع املشتهيات‪ ،‬وكل ما تتلذذ األعين وتسر برؤيته‪ ،‬وأنتم أيها املؤمنون ِفيها ماكثون أبدا ال نهاية له‪ ،‬كما‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ َْ ُ‬ ‫قال تعالى‪ََ { :‬ل َي ْس َم ُعو َن َحس َ‬
‫يس َها َو ُه ْم في َما اش َت َهت أنف ُس ُه ْم خال ُدون}[األنبياء‪.]102 :‬‬

‫َ ۡ َ َۡ َ ُ َ ُ ۡ ُ ُ َ َ ُ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٧٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وت ِلك ٱلنة ٱل ِت أورِثتموها بِما كنتم تعمل‬
‫الجنة أورثكم هللا إياها برحمة منه‪ ،‬وبما كنتم تعملون من األعمال الصالحة‪ ،‬كما قال‬ ‫واملعنى‪ :‬وتلك ّ‬
‫ُ َ َ‬ ‫ْ ه‬ ‫َ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َ ْ ََ َ ْ َ َ َ ُ‬ ‫َ ُ ْ ُ ه ه‬ ‫ّ‬
‫ض نت َب هوأ م َن ال َجنة َح ْيث نش ُاء‬‫تعالى على لسان أهل الجنة‪َ { :‬وقالوا ال َح ْمد َّلل الذي صدقنا وعد وأورثنا األر‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫فن ْع َم أ ْج ُرال َعاملين}[الزمر‪.]74 :‬‬
‫ُُْ َ ُ َ‬ ‫ودوا َأ ْن ت ْل ُك ُم ْال َج هن ُة ُأورْث ُت ُم َ‬
‫وها ب َما كنت ْم ت ْع َملون}[األعراف‪.]43 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و ُن ُ‬

‫َ ُ ۡ َ َى َ َ َ ۡ َ َ ۡ ُ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ :‬لكم فِيها فكِهة كثِرية مِنها تأكلون ‪٧٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬ولكم في ّ‬
‫الجنة أنواع الفواكه الكثيرة‪ ،‬منها تأكلون‪.‬‬
‫ُه َ َ َْ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬متكئين فيها يدعون فيها بفاكه ٍة كثير ٍة وشر ٍ‬
‫اب}[ص‪ ،]51 :‬وقوله تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫ٌ َ‬ ‫َ‬
‫{ل ُه ْم فيها فاك َهة َول ُه ْم ما َي هد ُعون}[يس‪.]57 :‬‬

‫َ َََ َى ُ َ‬
‫ِلون ‪٧٤‬‬
‫اب جهنم خ ِ‬
‫َ َ‬
‫ذ‬ ‫ع‬ ‫ِف‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن ٱل ۡ ُم ۡجرم َ‬
‫ِي‬
‫{‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َُ ُ ُۡ ۡ َ َ‬
‫ِي إ ِ ىل َج َه َن َم وِ ۡردا ‪[} ٨٦‬مريم‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إن املجرمين داخلون في عذاب جهنم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ونسوق ٱلمج ِرم‬
‫‪ ،]86‬ماكثون فيه أبدا‪.‬‬

‫ُۡ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََُُ َ‬


‫ون ‪} ٧٥‬‬ ‫ت ع ۡن ُه ۡم َوه ۡم فِيهِ مبل ِس‬ ‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل يف‬
‫ََُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫ي َف ُف َع ۡن ُهم َخ ى ِِل َ‬
‫ِين ف َ‬ ‫َ‬ ‫يخفف عنهم العذاب‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬خ ى ِِل َ‬
‫ِين ف َ‬ ‫واملعنى‪ :‬ال ّ‬
‫ِيها َّل يفف‬ ‫ِيها َّل‬
‫َُۡ ُ َۡ َ ُ ََ ُ ۡ ُ َ ُ َ‬
‫ون ‪[} ١٦٢‬البقرة‪ ،]162 :‬وهم فيه آيسون من رحمة هللا تعالى‪.‬‬‫عنهم ٱلعذاب وَّل هم ينظر‬

‫لظلِم َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ى‬ ‫َ‬‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ي ‪} ٧٦‬‬ ‫كن َكنوا ه ُم ٱ ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما ظل ۡمنى ُه ۡم َول ى ِ‬
‫عذبناهم‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ولكنهم كانوا هم الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم وشركهم‪ ،‬كما‬ ‫واملعنى‪ :‬وما ظلمناهم حين‬
‫َ َ َ َ هُ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ُ ُْ‬ ‫قال تعالى‪{ :‬وما َظ َل َم ُه ُم ه ُ‬
‫َّللا ل َيظل َم ُه ْم‬ ‫َّللا َولك ْن كانوا أنف َس ُه ْم َيظل ُمون}[النحل‪ ،]33 :‬وقال تعالى‪{ :‬وما كان‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ ُ َْ ُ‬
‫َولك ْن كانوا أنف َس ُه ْم َيظل ُمون}[العنكبوت‪.]40 :‬‬

‫َ ُ َى ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ‬


‫ون ‪} ٧٧‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وناد ۡوا ي ى َم ىل ِك َِلَق ِض َعل ۡي َنا َر ُّبك قال إِنكم مكِث‬
‫ْ‬ ‫جهنم‪ :‬يا ملك ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬ونادى املجرمون في النار مالكا خازن ّ‬
‫ليمتنا ويهلكنا ربك‪ ،‬فيريحنا مما نحن فيه‪،‬‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ ه ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ ْ‬
‫فإنهم كما قال تعالى‪َ{ :‬ل ُيق َض ى َعل ْيه ْم ف َي ُموتوا َوَل ُيخفف َع ْن ُه ْم م ْن َعذاب َها}[فاطر‪ ،]36 :‬وقال تعالى‪{ :‬الذي‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َْ ه ْ ُ‬
‫صلى الن َار الك ْب َرى‪ .‬ث هم َل َي ُموت ف َيها َوَل َي ْح َيى}[األعلى‪ ،]12-13 :‬قال مالك مجيبا لهم‪ :‬إنكم خالدون في‬ ‫ي‬
‫العذاب مقيمون فيه‪.‬‬
‫َۡ َ‬
‫ِي غفلة م ِۡن‬ ‫ِين َة َ َ ى‬
‫لَع ح ِ‬
‫واملراد بالقضاء في هذه اآلية اإلهالك واإلماتة‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ { :‬و َد َخ َل ٱل ۡ َمد َ‬
‫ََ َ‬ ‫ِيعتِهِۦ َو َهى َذا م ِۡن َع ُدوه ِۦ فَٱ ۡس َت َغ ى َث ُه ٱ ََّلِي مِن ش َ‬
‫ِيعتِهِۦ لَع ٱَّلِي م ِۡن‬ ‫أَ ۡهل َِها فَ َو َج َد ف َ‬
‫ِيها َر ُجلَ ۡي َي ۡق َتت ِ َلن َهى َذا مِن ش َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َََ َُ ُ َ ى ََ َ ى َ َ َ َ َ‬
‫لش ۡي َطى ِن إِنَ ُهۥ َعدو ِّ ِضل مبِي ‪[}١٥‬القصص‪.]15 :‬‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ض َعل ۡيهِ قال هىذا م ِۡن ع َم ِل ٱ‬ ‫َع ُدوِه ِۦ فووُكزهۥ ِّوس فق‬

‫َى ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َ َى َ َ ۡ َ َ ُ ۡ ۡ‬ ‫ََ ۡ َۡ ُ‬


‫جئنىكم ب ِٱل ِق ول ِ‬
‫كن أكَّثوُكم ل ِلح ِق ك ِرهون ‪} ٧٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬لقد ِ‬
‫وبي ّناه لكم وأرسلنا إليكم رسال ينذرونكم‪ ،‬ولكن أكثركم للحق وأهله‬
‫بالحق ّ‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬لقد جئناكم‬
‫كارهون‪.‬‬
‫ََۡ ى َ َ‬
‫ى فإِن َما َي ۡه َتدِي‬ ‫وهللا تعالى ال يعذب قوما حتى يبعث إليهم رسال ينذرونهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬م ِن ٱهتد‬
‫ُ‬
‫ت َن ۡب َع َث َر ُسوَّل ‪[}١٥‬اإلسراء‪:‬‬ ‫ى َو َما ُك َنا ُم َع ِذب َ‬
‫ي َح َ ى‬ ‫ى‬ ‫ض ُّل َعلَ ۡي َها ر َو ََّل تَز ُر َواز َرة و ۡز َر أ ۡخ َ‬
‫ر‬ ‫َ َ َ َ َ َ‬
‫سهِۦ َومن ضل فإِن َما ي ِ‬
‫ۡ‬
‫لِ َف ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪.]15‬‬

‫َ ُۡ ُ َ‬ ‫ۡ َۡ ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪}٧٩‬‬ ‫بِّ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أم أبرِّوا أِّرا فإ ِنا ِّ ِ‬
‫َ‬
‫شرا يكيدون به الحق؟ فإنا مجازيهم بكيدهم الشر‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َمك ُروا‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬بل ْأم أرادوا ّ‬
‫َ ۡ ََ ََۡ َ ۡ َ ُ ۡ َ َۡ ُُ َ‬
‫ون ‪[}٥٠‬النمل‪.]50 :‬‬ ‫مكرا ومكرنا مكرا وهم َّل يشعر‬

‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ۡ َ ُ َ ُ ۡ َ ۡ َ ىُ َ ى َ ُ ُ َ َ ۡ ۡ َ ۡ ُُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪} ٨٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أ ۡم ي َس ُبون أنا َّل نسمع ِسهم ونوىهم بَل ورسلنا َلي ِهم يكتب‬
‫يسرونه‪ ،‬وما يتناجون به بينهم؟ بلى ورسلنا من‬ ‫واملعنى‪ :‬أم يحسب هؤالء املجرمون ّأنا ال نسمع ما ّ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ك ۡم لَ َ‬
‫َ َ َۡ ُ‬
‫ي ‪َ ١١‬ي ۡعل ُمون َما‬ ‫ك ىت ِب َ‬
‫ِ‬ ‫ي ‪ ١٠‬ك َِراما‬‫حىفِ ِظ َ‬ ‫املالئكة الحفظة يكتبون كل ما عملو‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَون علي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َۡ َُ َ‬
‫ون ‪[}١٢‬االنفطار‪ ،]10-12 :‬وقال تعالى‪َ { :‬عن ْال َيمين َو َعن الش َمال َقع ٌ‬
‫يد (‪َ )17‬ما َيلفظ م ْن ق ْو ٍل إَل ل َد ْيه‬ ‫تفعل‬
‫يب َعت ٌ‬
‫يد}[ق‪.]17-18 :‬‬ ‫َرق ٌ‬

‫َ ََ َ ُ ۡ‬
‫ِلرِنَٰمۡح َوَل فأنَا أ َول ٱل َع ىبد َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل إِن َك َن ل َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬
‫ِين ‪} ٨١‬‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ْ :‬إن كان للرحمن ولد كما تزعمون وثبت ذلك ببرهان صحيح‪ ،‬فأنا أول‬
‫العابدين له‪.‬‬
‫ّ‬
‫وإثبات الولد في حقة تعالى ممتنع‪ ،‬وال يلزم من الشرط في هذه اآلية الوقوع وال الجواز أيضا‪ ،‬كما قال‬
‫َْ‬ ‫ْ ََ ه َ ُْ ُ َ َ َ ُ ُ ْ َ َ ُ ُ َ هُ ْ‬ ‫َْ ََ َ هُ َ ْ ه َ َ‬
‫َّللا ال َواح ُد الق هه ُار}[الزمر‪.]4 :‬‬ ‫َّللا أن َيتخذ َول ًدا َلصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو‬ ‫تعالى‪{ :‬لو أراد‬
‫َ َ َ ُ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ َ َ َ َۡ‬
‫قوله تعالى‪ُ { :‬س ۡب َحى َن َر ِب ٱلسم ىو ى ِت وٱلۡر ِض ر ِب ٱلعر ِش عما ي ِصفون ‪} ٨٢‬‬
‫ۡ‬ ‫َ‬

‫واملعنى‪ :‬سبحان هللا ر ّب السماوات واألرض‪ ،‬ر ّب العرش عما يصفه هؤالء املشركون‪.‬‬
‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ُ { :‬س ْب َحان َرب َك َرب الع هزة َع هما َيصفون}[الصافات‪ ،]180 :‬وقوله تعالى‪:‬‬
‫ُ ۡ َىَ ُ َ َ َىَ َ َ َ ُ ُ َ ُ َ‬
‫ون ُعلوا كبِريا ‪[}٤٣‬اإلسراء‪.]43 :‬‬ ‫{ سبحنهۥ وتع ى‬
‫َل عما يقول‬

‫ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ َ َ َُ َ َى ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫ََ‬
‫ون ‪} ٨٣‬‬‫ت يُل ىقوا يَ ۡو َِّ ُه ُم ٱَّلِي يوعد‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فذ ۡره ۡم يوضوا ويلعبوا ح‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬فاتركهم أيها الرسول يخوضوا في افترائهم‪ ،‬ويلعبوا في دنياهم‪ ،‬حتى يالقوا يومهم الذي‬
‫ََ ُ ۡ ُ َ ُ َ‬ ‫يوعدون بالهالك‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬يَ ۡو َم ََّل ُي ۡغن َع ۡن ُه ۡم َك ۡي ُد ُه ۡم َ ۡ‬
‫ون ‪[}٤٥‬الطور‪.]45 :‬‬‫يشٔٔا وَّل هم ينُص‬ ‫ِ‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ِيم ٱل َعل ُ‬
‫ِيم ‪} ٨٤‬‬ ‫لك ُ‬‫لس َماءِ إِلىه َوف ٱلۡر ِض إِل ى ره َو ُه َو ٱ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و ُه َو ٱَّلِي ِف ٱ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الس َموات وفي‬
‫واملعنى‪ :‬وهو هللا تعالى املعبود في السماء واملعبود في األرض‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وهو َّللا في ه‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫األ ْرض َي ْعل ُم س هرك ْم َو َج ْه َرك ْم َو َي ْعل ُم َما تكس ُبون}[األنعام‪ ،]3 :‬وهو هللا الحكيم في صنعه وتدبيره العليم‬
‫بأحوال عباده‪.‬‬

‫َۡ ُۡ َ ُ َ‬ ‫َ َ ََُۡ َ َ َ ُ ۡ‬ ‫َُ ُ ۡ ُ َ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و َت َب َار َك ٱَّلِي لۥ ِّلك ٱلسم ىو ى ِت وٱلۡر ِض وما بينهما وعِندهۥ عِلم ٱلساعةِ ِإَوَلهِ ترجعون ‪} ٨٥‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫واملعنى‪ :‬جل شأن هللا تعالى وعظمت ودامت خيراته وبركاته الذي له وحده ملك السماوات واألرض وما‬
‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ ُّ‬
‫ُك َمن ِف ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ت َوٱلۡر ِض إَِّل َء ِاِت‬ ‫ِ‬ ‫بينهما‪ ،‬وجميع َم ْن في السماوات واألرض عبيد له‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِن‬
‫ٱ َلرِنَٰمۡح َع ۡبدا ‪[} ٩٣‬مريم‪ ،] 93 :‬وعنده وحده علم الساعة‪ ،‬فال يعلم أحد وقت قيام الساعة إال هو‪ ،‬كما قال‬
‫ْ ه‬ ‫َ‬
‫تعالى‪َ{ :‬ل ُي َجل َيها ل َوقت َها إَل ُه َو}[األعراف‪ ،]187 :‬وإليه وحده ترجعون يوم القيامة‪.‬‬

‫َ َُ ۡ َۡ ُ َ‬‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وَّل َي ۡمل ُِك ٱَّل َ‬
‫ون ‪} ٨٦‬‬ ‫ِين يَ ۡد ُعون مِن دونِهِ ٱلشفى َعة إَِّل َمن ش ِه َد ب ِٱل ِق وهم يعلم‬
‫واملعنى‪ :‬وال يملك الذين يعبدهم املشركون من دون هللا تعالى الشفاعة‪ ،‬وال هم يملكون الشفاعة‬
‫لش َفى َع َة إ ََّل َمن ٱ ََتَ َذ ع َ‬
‫ِند ٱ َلرِنَٰمۡح َع ۡهدا ‪[} ٨٧‬مريم‪ ،]87 :‬وكما قال تعالى‬ ‫َ َۡ ُ َ َ‬
‫ألحد‪ ،‬كما قال تعالى‪َّ { :‬ل يمل ِكون ٱ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِيق َْحِيم ‪[} ١٠١‬الشعراء‪ ،]100-101 :‬لكن يملكها من آمن‬ ‫َ َ‬ ‫َى َ‬ ‫َ َ‬
‫مخبرا عن قولهم‪ { :‬فما لا مِن شفِعِي ‪ ١٠٠‬وَّل صد ٍ‬
‫وشهد بالحق بألوهية هللا ّ‬
‫وبنبوة الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وهم يعلمون حقيقة ما شهدوا به‪.‬‬

‫َ َ َ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ َ ُ ُ َ َ ُ َ َ َى ُ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٨٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولئِن سأِلهم من خلقهم َلقولن ٱَّلل فأن يؤفك‬
‫ليقولن‪ :‬هللا هو الخالق‪ ،‬فكيف يعدلون‬ ‫ّ‬ ‫سألت أيها الرسول هؤالء املشركين من خلقهم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫ولئن‬
‫عن الحق إلى الباطل؟‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ولئن َسأل َت ُه ْم َم ْن خل َق ه‬
‫س َوالق َم َر‬
‫ض َو َسخ َر الش ْم َ‬
‫الس َم َاوات َواأل ْر َ‬
‫ََ ُ ُ ه هُ ََه ْ َ ُ َ‬
‫َّللا فأنى ُيؤفكون}[العنكبوت‪.]61 :‬‬ ‫ليقولن‬

‫ُۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َ َُ‬ ‫َ‬‫َ َ‬
‫ون ‪}٨٨‬‬ ‫ب إِن ىهؤَّلءِ ق ۡوم َّل يؤمِن‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وقِيلِهِۦ ي ىر ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وقال الرسول صلى هللا عليه وسلم شاكيا إلى ربه‪ :‬ر ّب ّإن هؤالء املشركين قوم ال يؤمنون بك‬
‫ََ ُ َى َ ۡ ُ ۡ َ َ‬
‫ان َِّ ۡه ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ َ ُ ُ َ َ‬
‫جورا‬ ‫ب إِن ق ۡو ِم ٱَتذوا هذا ٱلقرء‬
‫وبرسالتي‪ ،‬كما قال تعالى مخبرا قوله في آية أخرى‪ { :‬وقال ٱلرسول ي ىر ِ‬
‫‪[}٣٠‬الفرقان‪.]30 :‬‬

‫َ‬
‫ۡ َ ۡ َُۡ ۡ َ َ ى َ ۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}٨٩‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فٱصفح عنهم وقل سل رم فسوف يعلم‬
‫هْ‬ ‫َ َْ‬
‫الصف َح‬ ‫اصفح‬‫واملعنى‪ :‬فاصفح أيها الرسول عن املشركين صفحا جميال‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ف‬
‫يل}[الحجر‪ ،]85 :‬وقل لهم‪ :‬سالم‪ ،‬فسوف يعلمون عاقبة شركهم‪.‬‬ ‫ْال َجم َ‬
‫ُ َ ُ ُّ َ‬
‫الدخان‬ ‫سورة‬
‫وهي مكية وعدد آياتها تسع وخمسون‬

‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫ي ‪}٢‬‬
‫ب ٱ ل مب ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬حم ‪ ١‬وٱلكِتى ِ‬
‫يبين كل ش يء بيانا بليغا على سبيل اإلجمال‬‫واملعنى‪ :‬حم‪ .‬والكتاب البين أمره‪ ،‬الواضح معناه‪ ،‬الذي ّ‬
‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َ هْ َ َ ْ َ ْ َ ْ ً ُ َ‬
‫تارة‪ ،‬وعلى سبيل التفصيل تارة أخرى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل ش ي ٍء}[النحل‪.]89 :‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫نزل َنى ُه ِف َۡللة ُّم َبى َروُك ٍة إنَا ك َنا ُمنذِر َ‬ ‫َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إنَا أ َ‬
‫ين ‪} ٣‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنا أنزلنا القرآن العظيم في ليلة مباركة‪ ،‬هي ليلة القدر في شهر رمضان‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إنا‬
‫ُۡۡ َ ُ‬
‫ان ُهدى ل َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُۡ َ َ َ َ َ‬ ‫َ ْ‬
‫نزل َنا ُ في َل ْي َلة ْال َق ْ‬
‫اس َوبَي ِ َن ىت م َِن‬
‫ِلن ِ‬ ‫نزل فِيهِ ٱلقرء‬
‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ِي‬
‫َّل‬‫ٱ‬ ‫ان‬‫ض‬ ‫ِّ‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫ش‬ ‫{‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫وقال‬ ‫]‪،‬‬ ‫‪1‬‬ ‫}[القدر‪:‬‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫أ‬
‫لَع َس َفر فَعِ َدة م ِۡن َأيَام أُ َخ َر يُر ُ‬
‫يد ٱ َ ُ‬
‫َّلل‬ ‫ى‬ ‫َۡ ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ َ ى َ ُۡ ۡ َ َ‬
‫ان ف َمن ش ِه َد مِنك ُم ٱلش ۡه َر فل َي ُص ۡم ُه َو َمن َكن َِّ ِريضا أو‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٱلهدى وٱلفرق ِ‬
‫َ َ ُ َۡ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫لَع َما ه َدى ىك ۡم َول َعلك ۡم تشك ُرون ‪١٨٥‬‬
‫َ‬ ‫َّلل َ َ ى‬
‫بوا ٱ َ َ‬ ‫ك ُ‬‫ُ ُ ُۡ ۡ َ َ ُ ۡ ُ ۡ َ َ َ ُ َ‬ ‫ُ ُ ُۡ ۡ َ ََ ُ ُ‬
‫بِكم ٱليّس وَّل ي ِريد بِكم ٱلعّس و ِِلك ِملوا ٱلعِدة و ِِل ِ‬
‫}[البقرة‪ّ ،]185 :‬إنا ّ‬
‫كنا ّ‬
‫مخوفين به‪.‬‬

‫ك إنَ ُهۥ ُه َو ٱ َ‬
‫لس ِميعُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ ۡ ُ ُ ُّ َ‬
‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فِيها يف َرق ُك أِّ ٍر حك ٍ‬
‫ِيم ‪ ٤‬أِّرا مِن عِندِنا ر إِنا كنا ِّر ِسل ِي ‪ ٥‬رْحة مِن رب ِ ر ِ‬
‫ٱ ۡل َعل ُ‬
‫ِيم ‪} ٦‬‬

‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ر ِب ٱلسم ىو ى ِت وٱلۡرض وما بينهما إِن كنتم ِّوقِن ِي ‪} ٧‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬من رب السماوات واألرض وما بينهما‪ْ ،‬إن كنتم موقنين به‪ ،‬فاعلموا أنه إلهكم الحق‪.‬‬
‫لس َم ى َو ىت َوٱ ۡلَۡر ِض َو َما بَ ۡي َن ُه َما إن ُك ُ‬
‫نتم‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله موس ى عليه السالم لفرعون‪ { :‬قَ َال َر ُّب ٱ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُِّّوقِن َِي ‪[} ٢٤‬الشعراء‪.]24 :‬‬

‫َۡ‬‫ُ َ ُ ۡ َ ُ ُ َ ُّ ُ ۡ َ َ ُّ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ك ُم ٱل َول َِي ‪} ٨‬‬ ‫حۦ وي ِميت ربكم ورب ءابائ ِ‬
‫َ‬
‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل إِل ىه إَِّل هو ي ِ‬
‫ورب آبائكم األولين‪ ،‬فآمنوا به وبرسوله‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫واملعنى‪ :‬ال إله إال هو املحيي واملميت‪ ،‬هو رّبكم ّ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫يعا هالذي َل ُه ُم ْل ُك ه‬
‫اس إني َر ُسو ُل هَّللا إ َل ْي ُك ْم َجم ً‬ ‫ُ ْ َ َ ُّ َ ه‬
‫الس َم َوات َواأل ْرض َل إل َه إَل ُه َو ُي ْحيي َو ُيميت‬ ‫الن ُ‬ ‫{قل يا أيها‬
‫َفآم ُنوا ب ه‬
‫اَّلل َو َر ُسوله}[األعراف‪.]158 :‬‬

‫َ َ َ َ َ َ‬
‫اس هىذا َعذاب أ َِلم ‪١١‬‬
‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ب يَ ۡو َم تَأِۡت ٱ َ‬
‫لس َما ُء ب ِ ُدخان ُّمبِي ‪َ ١٠‬يغش ٱل‬
‫َ َۡ َُ َ‬
‫ون ‪ ٩‬فَٱ ۡرتَق ۡ‬ ‫ۡ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬بَل ه ۡم ِِف شك يلعب‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ۡ ۡ ََ َۡ َ َ َ ُۡ ُ َ‬
‫ون ‪}١٢‬‬ ‫َر َب َنا ٱكشِ ف عنا ٱلعذاب إِنا ِّؤمِن‬

‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َى َ ُ ُ ۡ َ ى َ َ ۡ َ َ ُ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬أن لهم ٱَّلِكرى وقد جاءهم رسول مبِي ‪} ١٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬كيف يكون لهم الذكرى‪ ،‬وقد جاءهم رسول ّ‬
‫يبين لهم أدلة اإليمان باملعجزات الواضحة‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ َ ه ْ ُ َه َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ي ْو َمئ ٍذ َيتذك ُراإلن َسان َو أنى ل ُه الذك َرى}[الفجر‪.]23 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫م ُنون ‪} ١٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ث َم ت َول ۡوا ع ۡن ُه َوقالوا ُم َعلم‬
‫واملعنى‪ :‬ثم أعرضوا عن دعوته‪ ،‬بل قالوا في شأنه بسوء أدب‪ :‬هو إنسان يعلمه غيره من البشر‪،‬‬
‫مختلط في عقله‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫ََُ ُ َ َ ه ََ ُ‬
‫ونظير هذا القول قولهم فيما حكاه هللا تعالى في قوله‪{ :‬ويقولون أئنا لتاركو آلهتنا لشاع ٍر‬
‫ُ‬
‫َم ْجنو ٍن}[الصافات‪.]36 :‬‬

‫َ ُ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬‫ُ‬ ‫َ‬‫َ‬


‫ون ‪} ١٥‬‬ ‫اب قل ِيل ر إِنكم َعئِد‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِنا َكشِفوا ٱلعذ ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنا رافع العذاب عنكم قليال أو مؤخره عنكم قليال‪ ،‬إنكم عائدون إلى ما كنتم فيه من الكفر‬
‫والعصيان‪.‬‬
‫هُ ْ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ه َ ُ ْ ََ‬
‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬وقوله‪{ :‬إنا كاشفوا العذاب قليال إنكم عائدون} يحتمل معنيين‪ :‬أحدهما‪ :‬أنه‬
‫الدار الدنيا‪ ،‬لعدتم إلى ما كنتم فيه من الكفر‬ ‫يقول تعالى‪ :‬ولو كشفنا عنكم العذاب ورجعناكم إلى ّ‬
‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫ََ ْ َ ْ َ ُ ْ َ َ َ ْ َ َ ْ ْ ُ ََ‬
‫ض ٍر لل ُّجوا في طغ َيانه ْم َي ْع َم ُهون}[املؤمنون‪،]75 :‬‬ ‫والتكذيب‪ ،‬كقوله‪{ :‬ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وكقوله‪َ { :‬ول ْو ُر ُّدوا ل َع ُادوا َلا ُن ُهوا َعن ُه َوإ هن ُه ْم لكاذ ُبون}[األنعام‪ .]28 :‬والثاني‪ :‬أن يكون املراد‪ :‬إنا مؤخرو العذاب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والضالل‪ ،‬وال‬ ‫مستمرون فيما أنتم فيه من الطغيان‬ ‫عنكم قليال بعد انعقاد أسبابه ووصوله ِإليكم‪ ،‬وأنتم‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت َف َن َف َع َها إ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أن يكون باشرهم‪ ،‬كقوله تعالى‪ { :‬فَل ۡوَّل ََكنَ ۡ‬
‫ت َق ۡريَة َء َ‬
‫يم ى ُن َها إَِّل ق ۡو َم يُون َس‬ ‫ام َن ۡ‬ ‫يلزم من الكشف عنهم ْ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬
‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّل ۡن َيا َو َم َت ۡع َنى ُه ۡم إ ِ ىل حِي ‪[}٩٨‬يونس‪.]98 :‬‬ ‫ام ُنوا ك َشف َنا َع ۡن ُه ۡم َعذ َ‬
‫اب ٱلِ ۡز ِي ِِف ٱ َ‬ ‫ل َما َء َ‬

‫ََۡ َۡ ُ َۡۡ َ َ ۡ ُ َۡ ى َ ُ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ١٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يوم نب ِطش ٱلطشة ٱلكبى إِنا منتقِم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ ۞ { :‬ول َق ۡد ف َت َنا ق ۡبل ُه ۡم ق ۡو َم ف ِۡر َع ۡو َن َو َجا َء ُه ۡم َر ُسول كرِيم ‪} ١٧‬‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد اختبرنا قبل هؤالء املشركين قوم فرعون وجاءهم رسول كريم‪ ،‬وهو موس ى عليه‬
‫ْ َ‬ ‫ان َو َل َق ْد َج َاء ُه ْم ُم َ‬
‫َ َ ُ َ َ ْ َ ْ َن َ َ َ َ‬
‫وس ى بال َبينات}[العنكبوت‪.]39 :‬‬ ‫السالم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وقارون وفرعو وهام‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫ك ۡم َر ُسول أمِي ‪} ١٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أن أدوا إ ِ َل ع َِباد ٱَّللِ إ ِ ِن ل‬
‫سل معي عباد هللا تعالى من بني إسرائيل‪ ،‬كما قال تعالى‬ ‫واملعنى‪ :‬وقال لهم موس ى عليه السالم‪ْ :‬أن أر ْ‬
‫ه‬ ‫ْ َ َ َ ُ َ ُْ ْ َ ْ َْ َ َ ْ َ َ َ ه ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫الم َعلى َمن ات َب َع‬ ‫على لسان موس ى‪{ :‬فأ ْرس ْل َم َعنا َبني إسر ائيل وَل تعذبهم قد جئناك بآي ٍة من ربك والس‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ال ُه َدى}[طه‪ ،]47 :‬إني لكم رسول أمين على رسالته‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬


‫ِيكم ب ِ ُسل َطىن ُّمبِي ‪} ١٩‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وأن َّل ت ۡعلوا لَع ٱَّللِ إ ِ ِن َءات‬
‫َ َ َ َ ُّ ُ ُ ۡ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ون‬
‫واملعنى‪ :‬وأال تتجبروا وال تتكبروا على هللا تعالى بترك عبادته‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وقال ربكم ٱدع ِ‬
‫ّ‬ ‫َۡ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ َۡ َ ۡ ُ َ َ ۡ َ َ َ َۡ ُ ُ َ‬
‫ون َج َه َن َم َداخِر َ‬
‫ين ‪[}٦٠‬غافر‪ ،]60 :‬إني آتيكم بحجة‬‫ِ‬ ‫جب لك رم إِن ٱَّلِين يستك ِبون عن عِباد ِِت سيدخل‬ ‫أس ت ِ‬
‫ظاهرة ّبينة على صدق رسالتي‪.‬‬

‫َ َۡ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ ُۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ۡ ُ َ َ َ ُ ۡ َ َۡ ُ‬


‫ون ‪} ٢١‬‬
‫تل ِ‬
‫ون ‪ِ ٢٠‬إَون لم تؤمِنوا ِل فٱع ِ‬
‫ِإَون عذت بِر ِب وربِكم أن ترۡج ِ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬‬

‫ۡ ۡ ُ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٢٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ف َد ََع َر َب ُهۥ أن ىهؤَّلءِ قوم م ِرِّ‬
‫بأن هؤالء قوم مجرمون مضلون عن سبيل هللا تعالى‪ ،‬كما‬ ‫واملعنى‪ :‬فدعا موس ى عليه السالم ّبه مخبرا ّ‬
‫ر‬
‫َ‬ ‫َ َ ى ُّ ۡ َ َ َ َ ُ ُّ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ََ َ ُ َ ى َََ َ َ‬
‫ك َء َات ۡي َ‬
‫ضلوا َعن َسبِيل ِك‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫ت ف ِۡرع ۡون َوِّلهُۥ زِينة َوأمو ىَّل ِِف ٱليوة ِ ٱَلنيا ربنا َِل ِ‬ ‫قال تعالى‪ { :‬وقال ِّوس ربنا إِن‬
‫َ َ َۡ ُ َ َ ۡ ُ ُ‬ ‫اب ٱ ۡلَ َِل َ‬
‫ت يَ َر ُوا ٱ ۡل َع َذ َ‬ ‫لَع قُلُوبه ۡم فَ َل يُ ۡؤم ُِنوا َح َ‬‫َ ََ ۡ ۡ ََى َۡ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ ََ‬
‫يبت دع َوتك َما‬ ‫ج‬
‫ِ‬ ‫أ‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ال‬‫ق‬ ‫‪٨٨‬‬ ‫م‬ ‫ى‬ ‫ِِ‬ ‫ى‬ ‫ربنا ٱط ِمس لَع أمو ىل ِ ِهم وٱشدد‬
‫َ ۡ َ َ ََ ََ َ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪[}٨٩‬يونس‪.]88-89 :‬‬ ‫فٱست ِقيما وَّل تتبِعا ِن سبِيل ٱَّلِين َّل يعلم‬

‫ۡ َ ُ ُّ َ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬


‫ون ‪}٢٣‬‬ ‫س بِعِ َبادِي َلل إِنكم متبع‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فأ ِ‬
‫فأسر يا موس ى بعبادي الذين آمنوا بك من بني إسرائيل ليال‪ّ ،‬إنكم متبعون من فرعون‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫َ َ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ َ ً‬ ‫َََ ْ َْ ََْ َ ُ َ َ ْ َ‬
‫اضر ْب ل ُه ْم طريقا في ال َب ْحر َي َب ًسا َل تخاف‬‫وس ى أن أ ْسر بع َبادي ف‬ ‫وجنوده‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ولقد أوحينا إلى م‬
‫ً َ ْ َ‬
‫َد َركا َوَل تخش ى}[طه‪.]77 :‬‬
‫َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ ُ ۡ ُ ُّ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٢٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱتركِ ٱلحر رهوا إِنهم جند مغرق‬

‫ُ‬
‫ك ۡم تَ َروُكوا مِن َج َنىت َو ُع ُيون ‪} ٢٥‬‬
‫َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬‬
‫واملعنى‪ :‬كم ترك فرعون وقومه بعد خروجهم من أرض مصر من بساتين وعيون املاء‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫ََ‬
‫فأ ۡخ َر ۡج َنى ُهم مِن َج َنىت َو ُع ُيون ‪[} ٥٧‬الشعراء‪.]57 :‬‬

‫كه َ‬ ‫َ‬ ‫ََۡ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َََ‬ ‫َ‬ ‫َ ُُ‬ ‫َ‬


‫ي ‪} ٢٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وزروع ومقام ك ِريم ‪ ٢٦‬ونعمة َكنوا فِيها ف ى ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وهي أرض ذات الزروع املتنوعة واملنازل الحسان‪ ،‬وذات تنعم وترفه كانوا فيها يتلذذون‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ووُك ُنوز َو َم َقام كرِيم ‪[} ٥٨‬الشعراء‪.]58 :‬‬

‫َ‬
‫َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫اخر َ‬
‫ين ‪} ٢٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬كذ ىل ِك وأورثنىها قوما ء ِ‬
‫واملعنى‪ :‬كما أخرجنا فرعون وجنوده من ثرواتهم‪ ،‬أورثنا تلك الثروات قوما آخرين كانوا مستضعفين في‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ َْ َ ْ َ ْ َ ه َ َ ُ ُ ْ َ ْ ُ َ َ َ‬
‫ض َعفون َمشارق األ ْرض َو َمغارَب َها‬ ‫األرض‪ ،‬وهم بنو إسرائيل‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وأورثنا القوم الذين كانوا يست‬
‫ص َن ُع ف ْر َع ْو ُن َو َق ْو ُمهُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ص َب ُروا َو َد هم ْرنا َما كان َي ْ‬
‫يل ب َما َ‬ ‫هالتي َب َار ْك َنا ف َيها َو َت هم ْت َكل َم ُة َرب َك ْال ُح ْس َنى َع َلى َبني إ ْس َر ائ َ‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ك َن ل ُه ۡم ِِف ٱلۡر ِض َون ِر َي ف ِۡر َع ۡون َوهى َم ى َن َو ُج ُنوده َما م ِۡن ُهم‬
‫َ َ ُ َ ْ ُ َ‬
‫و َما كانوا يعرشون}[األعراف‪ ،]137:‬وقال تعالى‪َ { :‬ون َم ِ‬
‫َ َ ُ َۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪[}٦‬القصص‪.]6 :‬‬‫ما َكنوا يذر‬

‫َ َ َ َ ۡ َ َۡ ُ َ َ ُ َ ۡ َ ُ َ َ َ ُ ُ َ‬
‫نظر َ‬
‫ين ‪} ٢٩‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬فما بكت علي ِهم ٱلسماء وٱلۡرض وما َكنوا م ِ‬

‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬
‫ن ۡي َنا بَن إ ِ ۡ َى‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َق ۡد َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ٣٠‬‬
‫اب ٱلم ِه ِ‬
‫سءِيل مِن ٱلعذ ِ‬ ‫ِ‬
‫نجينا بني إسرائيل من العذاب املهين وهو قتل أبنائهم واستبقاء نسائهم للخدمة‪ ،‬كما‬ ‫واملعنى‪ :‬ولقد ّ‬
‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ َ َْ َ ُ‬ ‫ْ َْ َ َ ُ ُ َُ ْ ُ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َْ‬
‫ساءك ْم َوفي‬ ‫ناءك ْم َو َي ْست ْح ُيون ن‬ ‫وء ال َعذاب يقتلون أب‬ ‫قال تعالى‪َ { :‬وإذ أن َج ْيناك ْم م ْن آل فرعون يسومونكم س‬
‫يم}[األعراف‪.]141 :‬‬ ‫الء م ْن َرب ُك ْم َعظ ٌ‬‫ذل ُك ْم َب ٌ‬

‫َ ُ ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬مِن ف ِۡر َع ۡو َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ّسف َِي ‪} ٣١‬‬
‫ن إِنهۥ َكن َع َِلا مِن ٱلم ِ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬من عذاب فرعون‪ ،‬إنه كان ّ‬
‫متجبرا متعاليا من املسرفين في الكفر والطغيان‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫ُ َ َ َ‬ ‫َۡ ِ َ َ ََ َََۡ َ َۡ َ ۡ ُ َ َ ُۡ ۡ َُ ُ ََۡ َ ُ ۡ ََۡ َۡ‬ ‫َ ۡ َۡ َ َ َ‬
‫حۦ ن َِسا َءه ۡ رم إِن ُهۥ َكن م َِن‬
‫إِن ف ِرعون عل ِِف ٱلۡرض وجعل أهلها شِيعا يستضعِف طائِفة مِنهم يذبِح أبناءهم ويست ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫ۡ ۡ‬
‫}[املؤمنون‪.]46 :‬‬
‫ِ‬ ‫استك َب ُروا َوكانوا ق ْو ًما َعالين‬ ‫سد َ‬
‫ِين ‪[}٤‬القصص‪ ،]4 :‬وقال تعالى‪{ :‬ف‬ ‫ٱل ُمف ِ‬

‫ََ ۡ َ‬
‫لَع عِلم لَع ٱل َع ىلم َ‬ ‫ۡ‬
‫َ َ ۡ ََۡ ُ ۡ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ٣٢‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولق ِد ٱختنىهم ى ٍ‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد اخترنا بني إسرائيل على علم منا باستحقاقهم لذلك على عاملي زمانهم‪.‬‬
‫ْ ََ ُْ َ ََ‬ ‫واملراد بالعاملين في هذه اآلية العاملون في زمانهم‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ { :‬ق َ‬
‫ال َيا ُم َ‬
‫وس ى إني اصطفيتك على‬
‫ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ََ‬ ‫ه‬
‫اصطفاك َعلى ن َساء ال َعاَلين}[آل‬ ‫الناس}[األعراف‪ ،]144 :‬أي الناس في زمانه‪ ،‬ومنه وقوله تعالى ملريم‪{ :‬و‬
‫عمران‪ ]42 :‬أي النساء في زمانها‪.‬‬

‫َى‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َء َات ۡي َنى ُهم م َِن ٱٓأۡل َي ى ِت َما فِيهِ بَلؤا ُّمبِي ‪} ٣٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬وأعطينا بني إسرائيل من املعجزات والحجج والبراهين الواضحة على يد موس ى عليه السالم‬
‫ما فيه ابتالء ظاهر ملن اهتدى به‪.‬‬
‫َ ْ َْ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َ‬
‫نات من األمر}[الجاثية‪.]17 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و آتيناه ْم بي ٍ‬

‫ى ََ ۡ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ َ‬
‫َُ‬ ‫َ‬
‫ون ‪ ٣٤‬إ ِ ۡن ِ َ‬
‫َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ َُ‬ ‫َ‬
‫ين ‪}٣٥‬‬‫نش َ‬
‫ول وما َنن بِم ِ‬ ‫ه إَِّل َِّ ۡوتت َنا ٱل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ىهؤَّل ِء َلقول‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن هؤالء الكفار املكذبين باآلخرة ليقولون‪ :‬ما هي موتتنا األولى التي نموتها‪ ،‬وما نحن بمبعوثين‬
‫للحساب والجزاء‪.‬‬
‫وقد أخبر هللا تبارك وتعالى ّأن الكفار ينكرون البعث واملعاد في كثير من اآليات‪ ،‬منها قوله تعالى‪:‬‬
‫َُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ْ َ ه َ َ ُ َ ُّ ْ‬
‫الدن َيا َو َما ن ْح ُن ب َم ْب ُعوثين}[األنعام‪ ،]29 :‬ومنها قوله تعالى‪َ { :‬وقالوا َما ه َي إَل َح َياتنا‬ ‫{وقالوا إن هي إَل حياتنا‬
‫ه ْ ُ َ َ َ ُ ْ َ َ ْ ْ ْ ُ ْ َ ُ ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ ْ َ َ ُ ُ َ َ ْ َ َ َ ُ ْ ُ‬
‫الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إَل الدهروما لهم بذلك من عل ٍم إن هم إَل يظنون}[الجاثية‪.]24 :‬‬

‫َ‬ ‫ُ ُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُۡ َ‬


‫ى‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فأتوا ب ِأبائِنا إِن كنتم ص ِدق ِي ‪}٣٦‬‬
‫فأحي آباءنا امليتين من قبورهم‪ْ ،‬إن كنتم صادقين في إمكان البعث‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫واملعنى‪ :‬يقول هؤالء الكفار‪:‬‬
‫َ ْ‬ ‫ْ َ ُ ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َُ َ َ‬ ‫َ َ َُْ ََ‬
‫ات َما كان ُح هج َت ُه ْم إَل أن قالوا ائتوا ب َآبائنا إن‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬وإذا تتلى عل ْيه ْم آياتنا بين ٍ‬
‫َ‬
‫صادقين}[الجاثية‪.]25 :‬‬‫ُك ْن ُت ْم َ‬

‫مرم َ‬‫َ ۡ ۡ َ ۡ َ ۡ َىُ ۡ َ ُ ۡ َ ُ ُۡ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أَ ُه ۡم َخ ۡري أَ ۡم قَ ۡو ُم ُت َبع َوٱ ََّل َ‬
‫ِي ‪}٣٧‬‬ ‫ِ‬ ‫وا‬ ‫ن‬ ‫َك‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫م‬
‫ر‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ك‬‫ل‬‫ه‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ِين‬

‫ت َوٱ ۡلَۡر َض َو َما بَ ۡي َن ُه َما َل ىعِب َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما َخلَ ۡق َنا ٱ َ َ‬
‫ي ‪} ٣٨‬‬ ‫ِ‬ ‫لسم ى َو ى ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وما خلقنا السماوات واألرض وما بينهما عبثا وال لعبا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما َخ َل ْق َنا ه‬
‫الس َم َاء‬
‫ه‬ ‫َ َ َ ُّ ه َ َ َ ُ َ َ ْ ٌ ه َ َ َ‬
‫ين كف ُروا م َن النار}[ص‪.]27 :‬‬ ‫ض َو َما َب ْي َن ُه َما َباطال ذلك ظن الذين كفروا فويل للذ‬
‫َواأل ْر َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َََْ ه َ َ َ َْ‬
‫ض َو َما َب ْي َن ُه َما َلعبين}[األنبياء‪.]16 :‬‬‫األ ْر َ‬‫ونظير هذه األية قوله تعالى‪{ :‬وما خلقنا السماء و‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ى َ ۡ َُ ۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َ َ‬ ‫َۡ‬
‫ون ‪} ٣٩‬‬ ‫كن أكَّثهم َّل يعلم‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ما خلقنى ُه َما إَِّل ب ِٱل ِق ول ِ‬
‫ولكن أكثر الناس ال يعلمون‬‫واملعنى‪ :‬ما خلقنا السماوات واألرض وما بينهما من املخلوقات إال بالحق‪ّ ،‬‬
‫َْ ُ ْ َ ََ َ هُ ه َ َ َ َْ‬ ‫َ َ ََ ه‬ ‫ّ‬
‫ض َو َما‬
‫األ ْر َ‬‫ثم لم يتفكروا فيهما‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أ َول ْم َيتفك ُروا في أنفسهم ما خلق َّللا السماوات و‬ ‫ذلك‪ ،‬ومن ّ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه ْ‬
‫َب ْي َن ُه َما إَل بال َحق َوأ َج ٍل ُم َس ًّمى َوإ هن كث ًيرا م َن الناس بلقاء َربه ْم لكاف ُرون}[الروم‪.]8 :‬‬
‫ْ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َما َخ َل ْق َنا ه‬
‫ض َو َما َب ْي َن ُه َما إَل بال َحق}[الحجر‪ ،]85 :‬وقوله‬ ‫الس َم َاوات َواأل ْر َ‬
‫ض َو َما َب ْي َن ُه َما َباطال}[ص‪.]27 :‬‬ ‫الس َم َاء َواأل ْر َ‬‫تعالى‪َ { :‬و َما َخ َل ْق َنا ه‬

‫َىُ ُ ۡ َ ۡ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ َن يَ ۡو َم ٱل َف ۡص ِل مِيقتهم أۡجعِي ‪} ٤٠‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن يوم القيامة الذي يفصل هللا تعالى بين عباده‪ ،‬هو ميقاتهم أجمعين‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ه‬
‫إن‬
‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫الف ْ‬
‫ميقاتا}[النبأ‪.]17 :‬‬ ‫صل كان‬ ‫َيوم‬

‫ۡ َ ُ ۡ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٤١‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬يَ ۡو َم َّل ُيغ ِن َِّ ۡول َعن َِّ ۡول يش ٍء وَّل هم ينُص‬
‫واملعنى‪ :‬يوم ال يدفع قريب عن قريبه شيئا‪ ،‬وال هم ينصرون من عذاب هللا تعالى وال يمنعون منه‪ ،‬كما‬
‫َ ْ ََْ َ ُ ْ َْ ُ ُ‬ ‫يما‪ُ .‬ي َب ه َ‬
‫يم َحم ً‬‫قال تعالى‪َ { :‬وَل َي ْس َأ ُل َحم ٌ‬
‫حامك ْم َوَل‬‫ص ُرون ُه ْم}[املعارج‪ ،]10-11 :‬وقال تعالى‪{ :‬لن تنفعكم أر‬
‫َُ‬ ‫َْ ُ ُ ْ َْ َ ْ َ ْ‬
‫يامة َيفص ُل َب ْينك ْم}[املمتحنة‪.]3 :‬‬ ‫أوَلدكم يوم الق‬

‫يز ٱ َلرح ُ‬
‫ِيم ‪} ٤٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ ََّل َمن َرح َِم ٱ َ ُ‬
‫َّلل إنَ ُهۥ ُه َو ٱ ۡل َعز ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬

‫ُّ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن َش َ‬
‫ج َر َت ٱ َلزق ِ‬
‫وم ‪} ٤٣‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن شجرة الزقوم التي تخرج في أصل الجحيم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إ هن َها ش َج َرة تخ ُر ُج في أ ْ‬
‫صل‬
‫َْ ُ َ ََه ُ ُ ُ ُ ه‬ ‫ْ‬
‫وس الش َياطين}[الصافات‪.]64-65 :‬‬ ‫ال َجحيم (‪ )64‬طلعها كأنه رء‬

‫َۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ط َع ُام ٱلثِي ِم ‪} ٤٤‬‬
‫واملعنى‪ :‬ثمرها طعام األثيم في النار‪.‬‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ّإن أهل النار آلكلون من تلك الشجرة‪ ،‬فمالئون منها بطونهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فإ هن ُه ْم ْلكلون م ْن َها‬
‫ْ ُ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ف َمالئون م ْن َها ال ُبطون}[الصافات‪.]66 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫وه فٱ ۡعتِلوهُ إ ِ ىل َس َواءِ ٱ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ‬
‫ون ‪ ٤٥‬ك َغَل ٱ َ‬
‫ل ِمي ِم ‪ُ ٤٦‬خذ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُۡ َۡ‬ ‫َ ۡ‬
‫يم ‪} ٤٧‬‬
‫ح ِ‬‫ل ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬كٱلمه ِل يغ َِل ِِف ٱ ُلط ِ‬

‫ۡ‬ ‫ۡ َ َ‬ ‫ُ ُ ُّ َ َ ۡ‬
‫َ‬
‫اب ٱل ِمي ِم ‪} ٤٨‬‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ثم صبوا فوق رأ ِسهِۦ مِن عذ ِ‬
‫صبوا على رأس هذا األثيم من املاء الحميم الشديد الحرارة‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫واملعنى‪ :‬ثم يقال للمالئكة‪ّ :‬‬
‫ص َه ُربه َما في ُب ُطونه ْم َو ْال ُج ُل ُ‬
‫ود}[الحج‪.]19-20 :‬‬ ‫ص ُّب م ْن َف ْوق ُر ُءوسه ُم ْال َحم ُ‬
‫يم‪ُ .‬ي ْ‬ ‫{ ُي َ‬

‫ُ‬ ‫ُۡ َ َ َ َ َۡ ُ ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ذق إِنك أنت ٱلعزِيز ٱلك ِريم ‪} ٤٩‬‬
‫ّ ّ‬
‫جهنم‪ ،‬إنك املتعزز املتكرم في قومك في الدنيا‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬يقال لألثيم‪ :‬ذق عذاب‬
‫جهل ‪ -‬لعنه هللا ‪ -‬فقال‪" :‬إ ّن َ‬
‫هللا‬ ‫قال ابن كثير‪ :‬قال عكرمة‪ :‬لقي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أبا ْ‬
‫ِ‬
‫من يده وقال‪:‬‬ ‫تعالى أمرني ْأن أقول لك‪َ { :‬أ ْو َلى َل َك َف َأ ْو َلى‪ُ .‬ث هم َأ ْو َلى َل َك َف َأ ْو َلى}[القيامة‪ ،]34-35 :‬قال‪ :‬فنزع َ‬
‫ثوبه ْ‬
‫ْ ْ ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫البطحاء‪ ،‬وأنا العزيز الكريم‪ ،‬قال‪ :‬فقتله‬ ‫علمت أني أمنع ْأه ِل‬ ‫من ش ْي ٍء‪ ،‬ولقد‬ ‫صاح ُبك ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫تستطيع لي أنت وال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ما‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ْ ه ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫وعيره بكلمته‪ ،‬وأنزل‪{ :‬ذق إن َك أنت ال َعز ُيزالكر ُيم}[الدخان‪.]49 :‬‬ ‫يوم بدر وأذله َّ‬
‫هللا تعالى َ‬

‫َۡ َُ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن َهىذا َما ك ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٥٠‬‬ ‫نتم بِهِۦ تمت‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إن هذا العذاب هو العذاب الذي كنتم في مجيئه تشكون في الدنيا‪ ،‬تكذبون به‪ ،‬كما قال‬
‫َ ُ َ ُ ُ َ ُ َ ُ َ‬ ‫ََ ۡ َى َ َۡ َ ُ ۡ َ ُۡ ُ َ َ‬
‫ون ‪[}١٤‬الطور‪.]14 :‬‬ ‫ُصون هى ِذه ِ ٱلار ٱل ِت كنتم بِها تكذِب‬ ‫سحر هذا أم أنتم َّل تب ِ‬ ‫تعالى‪ { :‬أف ِ‬

‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ي ِِف َم َقا ٍم أمِي ‪} ٥١‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن ٱل ُم َتقِ َ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن املتقين الذين امتثلوا أوامر هللا تعالى واجتنبوا نواهيه في مقام عال آمنين ّ‬
‫مقربين عند هللا‬
‫َْ‬ ‫َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ‬
‫يك ُمقتد ٍر}[القمر‪.]55 :‬‬
‫امللك العظيم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬في مقعد صد ٍق عند مل ٍ‬

‫قوله تعالى‪ِِ { :‬ف َج َنىت َو ُع ُيون ‪} ٥٢‬‬


‫واملعنى‪ :‬في بساتين وعيون جارية‪.‬‬
‫يم ‪[}١٧‬الطور‪،]17 :‬‬
‫ح ِ‬ ‫اب ٱ ۡ َ‬
‫ل ِ‬ ‫ي ب َما َءاتَى ى ُه ۡم َر ُّب ُه ۡم َو َوقَى ى ُه ۡم َر ُّب ُه ۡم َع َذ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ف ى ِ َ‬
‫ك ِه ِ‬
‫ه ُْه َ‬ ‫وقوله تعالى‪{ :‬إ هن ْاَلُ هتق َين في َج هن ٍ َ َ َ‬
‫الل َو ُع ُيو ٍن}[املرسالت‪:‬‬
‫ات ونه ٍر}[القمر‪ ،]54 :‬وقوله تعالى‪{ :‬إن اَلتقين في ظ ٍ‬
‫‪.]41‬‬

‫ۡ‬
‫بق ُّم َت َ ىقبِل َِي ‪} ٥٣‬‬
‫ِإَوس َت ۡ َ‬
‫ندس ۡ‬ ‫ون مِن ُس ُ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يلبس‬
‫ه َ‬
‫واملعنى‪ :‬يلبسون من ثياب ذات لون أخضر من رقيق الحرير وغليظ الديباج‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬ي َحل ْون‬
‫ه ُ‬ ‫َ‬ ‫ض ًرا م ْن ُس ْن ُ‬ ‫ف َيها م ْن َأ َساو َر م ْن َذ َهب َو َي ْل َب ُسو َن ث َي ًابا ُخ ْ‬
‫س َوإ ْست ْب َر ٍق}[الكهف‪ ،]31 :‬وقال تعالى‪َ { :‬جنات َع ْد ٍن‬ ‫ٍ‬ ‫د‬ ‫ٍ‬
‫ْ َ َ ْ َ َ َُُْ ً‬ ‫ه َ‬ ‫ُُ‬
‫َي ْدخل َونها ُي َحل ْون فيها من أساور من ذه ٍب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير}[فاطر‪ ،]33 :‬يقابل بعضهم بعضا‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ََ َ‬ ‫ْ ً َ‬ ‫بالوجوه متحابين‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َن َز ْع َنا َما في ُ‬
‫ص ُدوره ْم م ْن غ ٍل إخ َو انا َعلى ُس ُر ٍر ُمتقابلين}[الحجر‪.]47 :‬‬

‫ى َ َ ََ ۡ َ ُ ُ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬كذل ِك وزوجنىهم ِّب ٍ‬
‫ور عِي ‪}٥٤‬‬
‫بأن ّزوجناهم بالحور الحسان‬ ‫واملعنى‪ :‬كما أكرمناهم بهذه النعم الجليلة في الجنة‪ ،‬كذلك أكرمناهم ْ‬
‫َ‬ ‫يمسهن إنس وال ّ‬
‫جان من قبلهم ّ‬ ‫ّ‬
‫كأنهن الياقوت واملرجان‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ل ْم‬ ‫الواسعات األعين‪ ،‬الالتي لم‬
‫ََهُ ه ْ َ ُ ُ َ َْْ َ ُ‬ ‫س َق ْب َل ُه ْم َوَل َج ٌّ‬
‫َي ْطم ْث ُه هن إ ْن ٌ‬
‫ان}[الرحمن‪ ،]56 :‬وقال تعالى‪{ :‬كأنهن الياقوت واَلرجان}[الرحمن‪.]58 :‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ ُ َ َ‬


‫ك ِل ف ىك َِه ٍة َءا ِمن َِي ‪} ٥٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يدعون فِيها ب ِ‬
‫ٌ َ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬يطلبون فيها ما طاب لهم من أنواع الفواكه الكثيرة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ل ُه ْم فيها فاك َهة َول ُه ْم ما‬
‫َ َ َ َ َ‬ ‫َْ ُ َ‬ ‫ُه َ‬ ‫َه ُ َ‬
‫اب}[ص‪ ،]51 :‬آمنين من انقطاع‬ ‫يدعون}[يس‪ ،]57 :‬وقال تعالى‪{ :‬متكئين فيها يدعون فيها بفاكه ٍة كثير ٍة وشر ٍ‬
‫هذه النعم عنهم‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬
‫يم ‪}٥٦‬‬
‫ح ِ‬ ‫اب ٱ َ‬
‫ل ِ‬ ‫ت إَِّل ٱل َم ۡوتَة ٱل ى‬
‫ول َو َوقى ى ُه ۡم َعذ َ‬ ‫ِيها ٱل َم ۡو َ‬
‫ون ف َ‬ ‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل يَذوق‬
‫الجنة املوت بعد املوتة األولى‪ ،‬فال يموتون في الجنة‪ ،‬كما حكى هللا‬ ‫واملعنى‪ :‬ال يذوق هؤالء املتقون في ّ‬
‫ه َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َََ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫تعالى عن قولهم في الجنة‪{ :‬أف َما ن ْح ُن ب َميتين‪ .‬إَل َم ْوتتنا األولى َو َما ن ْح ُن ب ُم َعذبين}[الصافات‪ ،]58-59 :‬وقد‬
‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫وقاهم هللا تعالى عذاب الجحيم‪ ،‬كما قال تعالى حكاية عن قولهم امتنانا لنعم هللا في الجنة‪ { :‬إِنا ك َنا مِن ق ۡبل‬
‫نَ ۡد ُعوهُ إنَ ُهۥ ُه َو ٱل ۡ َ ُّ‬
‫ب ٱ َلرح ُ‬
‫ِيم ‪[}٢٧‬الطور‪.]27 :‬‬ ‫ِ‬

‫ك َذ ىل َِك ُه َو ٱ ۡل َف ۡو ُز ٱ ۡل َع ِظ ُ‬
‫يم ‪} ٥٧‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فضل مِن رب ِ ر‬

‫َ َ َ َ َ ۡ َى ُ َ َ َ َ َ ُ ۡ َ َ َ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٥٨‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬فإِنما يّسنه بِل ِسان ِك لعلهم يتذكر‬
‫ّ‬ ‫فإنما ّ‬ ‫ّ‬
‫يسرنا هذا القرآن بلسانك العربي أيها الرسول لعلهم يتذكرون ويعتبرون ويتعظون‪ ،‬كما‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫قال تعالى‪َ { :‬ولق ْد َي هس ْرنا الق ْرآن للذكرف َه ْل م ْن ُم هدك ٍر}[القمر‪.]22 :‬‬

‫ۡ َ ۡ َ ُ ُّ ۡ َ ُ َ‬‫َ‬
‫ون ‪}٥٩‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فٱرتقِب إِنهم ِّرتقِب‬
‫واملعنى‪ :‬فانتظر أيها الرسول ما وعدناك من النصر‪ ،‬إ ّنهم منتظرون موتك وقهرك‪ ،‬وسيعلمون ملن‬
‫ه هَ َ‬ ‫َ َ َ هُ ْ ََ‬ ‫ّ‬
‫َّللا قو ٌّي‬ ‫َّللا ألغل َب هن أنا َو ُر ُسلي إن‬ ‫يكون النصر‪ ،‬فإنه لك ومن معك من املؤمنين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬كتب‬
‫ۡ َ َ ى ُّ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ُ ُ ۡ َ ۡ‬ ‫نُص ُر ُسلَ َنا َوٱ ََّل َ‬
‫يز}[املجادلة‪ ،]21 :‬وقال تعالى‪ { :‬إِنَا َلَ ُ ُ‬
‫وم ٱلش َه ى ُد ‪[}٥١‬غافر‪:‬‬ ‫ام ُنوا ِِف ٱليوة ِ ٱَلنيا ويوم يق‬
‫ِين َء َ‬ ‫َعز ٌ‬
‫‪.]51‬‬
‫ور ُة َ‬
‫الجاثيةَ‬ ‫ُس َ‬
‫وهي مكية وعدد آياتها سبع وثالثون‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫}حم ‪ ١‬تَزنيل ٱلك َِتىب م َِن ٱ ََّللِ ٱل َعزيز ٱ َ‬ ‫ُ ۡ‬
‫لكِي ِم ‪} ٢‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ملنزل من هللا العزيز في ملكه الحكيم في صنعه وشرعه‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬‫واملعنى‪ :‬حم‪ .‬هذا القرآن الكريم ّ‬
‫َ‬ ‫ي ‪[} ١٩٢‬الشعراء‪ ،]192 :‬وقال تعالى‪َ { :‬ت ٌ ْ َ‬ ‫يل َرب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬
‫َُ ََ ُ‬
‫زن‬
‫يد}[فصلت‪.]42 :‬‬
‫نزيل من حك ٍيم حم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫{ ِإَونهۥ ِل ِ‬

‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن ِف ٱ َ‬


‫لس َم ى َو ى ِت َوٱلۡر ِض ٓأَل َي ىت ل ِل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪} ٣‬‬ ‫ِ ِ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن في خلق السماوات واألرض لدالئل وحججا للمؤمنين بها‪.‬‬
‫َ‬ ‫ه َ ه‬ ‫َ ْ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إ هن في َخ ْلق ه َ َ‬
‫الس َماوات واأل ْرض واختالف الل ْيل والن َهار ْلي ٍ‬
‫ات ألولي‬
‫ْ‬
‫األل َباب}[آل عمران‪.]190 :‬‬

‫َ َ َ َى َ ۡ ُ ُ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫ون ‪} ٤‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و ِف خلقِك ۡم َو َما َي ُبث مِن داب ٍة ءايت ل ِقوم يوق ِن‬
‫واملعنى‪ :‬وفي خلقكم أيها الناس‪ ،‬وما نشر هللا من مختلف أنواع الدواب في األرض وفي السماء‪ ،‬دالئل‬
‫وحجج لقوم يوقنون باهلل تعالى‪.‬‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وم ْن َآياته خل ُق ه‬
‫الس َم َاوات َواأل ْرض َو َما َبث فيه َما م ْن َد هاب ٍة}[الشورى‪:‬‬
‫‪.]29‬‬

‫ۡ‬ ‫َۡ َ َۡ َ َۡ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ َ ََ َ َ َ ََ َ‬ ‫َ ۡ َ‬
‫يف‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱختِل ى ِف ٱَل ِل وٱلهارِ وما أنزل ٱَّلل مِن ٱلسماء مِن رِزق فأحيا بِهِ ٱلۡرض بعد ِّوت ِها وت ِ‬
‫ُص ِ‬ ‫ِ‬
‫َى َ َى َ ۡ َ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٥‬‬ ‫لريحِ ءايت ل ِقوم يعقِل‬
‫ٱ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وفي تعاقب الليل والنهار‪ ،‬وفي إنزال املطر من السماء وإحياء األرض به وإخراجها أنواع‬
‫األقوات والنباتات‪ ،‬وفي تصريف الرياح الباردة والحارة من كل الجهات‪ ،‬في كل ذلك دالئل واضحة وحججا بينة‬
‫لقوم يعقلون‪.‬‬
‫ۡ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ونظير هذه اآلية واآليتين قبلها قوله تعالى‪ { :‬إ َن ِف َخلق ٱ َ‬
‫لس َم ى َو ى ِ َ‬
‫ت وٱلۡر ِض وٱختِل ى ِف ٱَل ِل وٱله ِ‬
‫ار‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َۡ َ‬ ‫ََ‬ ‫اس َو َما أَ َ‬
‫نز َل ٱ َ ُ‬ ‫َۡ ۡ َ َ َ‬ ‫َ ُۡ ۡ َ َۡ‬
‫لس َماءِ مِن َماء فأ ۡح َيا بِهِ ٱلۡرض َب ۡع َد َِّ ۡوت َِها َوبَث‬
‫َّلل م َِن ٱ َ‬ ‫نف ُع ٱلَ َ‬ ‫ك ٱل ِت ت ِري ِِف ٱلح ِر بِما ي‬
‫وٱلفل ِ‬
‫َۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫يٱ َ‬ ‫ۡ‬
‫حاب ٱل ُم َس َخر بَ ۡ َ‬ ‫يف ٱ َ َ َ َ‬ ‫ِيها مِن ُ َ َ َ َ ۡ‬‫ف َ‬
‫ون ‪[} ١٦٤‬البقرة‪:‬‬ ‫لس َماءِ َوٱلۡر ِض ٓأَلي ىت ل ِقوم يعقِل‬ ‫ِ‬ ‫لري ىحِ وٱلس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُص ِ‬
‫ُك دابة وت ِ‬ ‫ِ‬
‫‪.]164‬‬

‫َ ۡ َ َ َ َ َى ُ ۡ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬
‫َ َ َ ُ َ َۡ َ َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪} ٦‬‬ ‫ل ِق فبِأ ِي َحدِيث بعد ٱَّللِ وءايتِهِۦ يؤمِن‬
‫ك بٱ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ت ِلك ءاي ىت ٱَّللِ نتلوها علي ِ‬
‫واملعنى‪ :‬تلك آيات هللا وحججه نتلوها عليك أيها الرسول متلبسة بالحق مقررة ما هو الحق الثابت‪،‬‬
‫يصدقون ويعملون؟‬ ‫فبأي حديث بعد حديث هللا تعالى وآياته القرآنية ّ‬ ‫ّ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى بعد حث الناس على النظر في آيات هللا الكونية واالعتبار بها للوصول إلى‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫األ ْ ض َو َما َخ َل َق ه ُ‬ ‫اإليمان بآيات هللا القرآنية‪ ،‬وهو‪َ { :‬أ َو َل ْم َي ْن ُظ ُروا في َم َل ُكوت ه‬
‫َّللا م ْن ش ْي ٍء َوأن‬ ‫الس َم َاوات َو ر‬
‫ْ ُ َ‬
‫يث َب ْع َد ُ ُيؤمنون}[األعراف‪.]185 :‬‬ ‫َ َ ْ َ ُ َ َ َْ َ َُ َ َ َ‬
‫ع َس ى أن يكون قد اقت َر َب أجل ُه ْم فبأي حد ٍ‬

‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ ََ‬


‫اك أثِيم ‪} ٧‬‬
‫ِك أف ٍ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ويل ل ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬الهالك لكل كذاب بآيات هللا تعالى‪ ،‬كثير اآلثام‪.‬‬
‫َى َ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫َّثهم‬ ‫وهو الذي تنزل عليه الشيطان‪ ،‬كما قال تعالى في سورة الشعراء‪ }:‬إِن ِِف ذل ِك ٓأَلية وما َكن أك‬
‫ك ل َ ُه َو ٱ ۡل َعز ُ‬
‫يز ٱ َلرح ُ‬
‫ِيم ‪[} ١٢٢‬الشعراء‪.]221-222 :‬‬ ‫َ ََ َ‬ ‫ُِّّ ۡؤ ِمن َ‬
‫ِي ‪ِ ١٢١‬إَون رب‬
‫ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫اب أ َِلم ‪} ٨‬‬ ‫ۡ َۡ ََۡ َ ُۡ َ‬
‫ُص ِّستك ِبا كأن لم يسمعها فب ِشه بِعذ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ت ٱ ََّللِ ُت ۡت ى‬
‫َل َعل ۡيهِ ث َم يُ ُّ ُ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يس َم ُع َءاي ى ِ‬
‫واملعنى‪ :‬يسمع ذلك األفاك األثيم آيات هللا تعالى تتلى عليه‪ ،‬ثم يتمادى في تكذيبه مستكبرا غير معتبر‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كأنه لم يسمع شيئا ينفعه‪ ،‬فبشر هذا املستكبر بعذاب مؤلم موجع في اآلخرة‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َُُ‬ ‫ََ‬ ‫َ ْ ََ ْ َ‬ ‫َُ ه‬ ‫َ َُْ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وإذا تتلى َعل ْيه َآياتنا َولى ُم ْستكب ًرا كأن ل ْم َي ْس َم ْع َها كأ هن في أذن ْيه َوق ًرا‬
‫ََ ُْ َ َ َ‬
‫اب أل ٍيم}[لقمان‪.]7 :‬‬ ‫فبشر بعذ ٍ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َى‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا َعل َِم م ِۡن َء َاي ىت ِ َنا َشيأ ٱَتذ َها ُه ُزوار أولئ ِ َك ل ُه ۡم َعذاب ُِّّ ِهي ‪} ٩‬‬
‫واملعنى‪ :‬وإذا علم من آياتنا املتلوة عليه شيئا اتخذ ذلك الش يء هزوا وسخرية‪ ،‬أولئك لهم عذاب مهين‬
‫ه ََ َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ه‬
‫مذل يوم القيامة بدخول النار‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬رهبنا إن َك َم ْن ت ْدخل الن َارفق ْد أخ َزْيت ُه}[آل عمران‪.]192 :‬‬
‫َ ْ‬ ‫َْ َ ْ‬ ‫ه‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وم َن الناس َم ْن َيشتري ل ْه َو ال َحديث ل ُيض هل َع ْن َسبيل هَّللا بغ ْير عل ٍم‬
‫اب ُمه ٌين}[لقمان‪.]6 :‬‬ ‫َو َي هتخ َذ َها ُه ُز ًوا ُأ َولئ َك َل ُه ْم َع َذ ٌ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُۡ َ َ َ ُ َ ََ َ ََ ُ‬ ‫َ َ ۡ َ ََُ ََ ُۡ‬


‫ون ٱَّللِ أ ۡو َِلَا َء َول ُه ۡم َعذاب‬
‫قوله تعالى‪ { :‬مِن ورائ ِ ِهم جهنم وَّل يغ ِن عنهم ما كسبوا شيأوَّل ما ٱَتذوا مِن د ِ‬
‫َع ِظيم ‪} ١٠‬‬
‫ْ‬ ‫َ ه َُ‬ ‫ْ َ‬
‫واملعنى‪ :‬أمام هؤالء األفاكين األثيمين جهنم تنتظره‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬من ورائه ج َهن ُم وي ْسقى من ٍ‬
‫ماء‬
‫صد ٍيد}[إبراهيم‪ ،] 16 :‬وال يغني عنهم ما كسبوا في الدنيا من األوالد واألموال شيئا من العذاب‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫َ‬
‫ً‬ ‫وال ُه ْم َوَل َأ ْو ُ‬
‫َلد ُه ْم م َن هَّللا َش ْيئا}[آل عمران‪ ،]10 :‬وال تغني عنهم آلهتهم التي عبدوها من دون‬
‫َ ْ ُ ْ َ َ ُْ ْ َ ْ ُ‬
‫{لن تغني عنهم أم‬
‫هللا تعالى‪ ،‬ولهم عذاب عظيم موجع‪.‬‬

‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت َرب ِ ِه ۡم ل ُه ۡم َعذاب مِن رِج ٍز أ َِلم ‪} ١١‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ََُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬هىذا هدى وٱَّلِين كفروا ِ‬
‫بَٔٔاي ى ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هذا القرآن الكريم هداية من الضاللة‪ ،‬والذين كفروا بآيات ّربهم البينات‪ ،‬لهم عذاب من‬
‫أسوأ أنواع العذاب‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِين ظل ُموا ق ۡوَّل‬‫دل عليه قوله تعالى‪ { :‬ف َب َدل ٱَّل‬
‫ومعنى الرجز األليم في هذه اآلية أسوأ العذاب وأشده‪ّ ،‬‬
‫َ َ ُ َۡ ُ ُ َ‬ ‫ِين َظلَ ُموا ر ۡجزا م َِن ٱ َ‬ ‫َ َُ ۡ ََ ََۡ ََ‬
‫لَع ٱ ََّل َ‬ ‫ََۡ َ‬
‫ون ‪[} ٥٩‬البقرة‪ ،]59 :‬وقوله تعالى‪:‬‬ ‫لس َماءِ بِما َكنوا يفسق‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ل‬‫نز‬ ‫أ‬‫ف‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ِيل‬ ‫ق‬ ‫ِي‬
‫َّل‬‫غري ٱ‬
‫َ ْ َ َ ْ َ ه‬
‫{لئن كشفت َعنا الر ْج َز}[األعراف‪.]134 :‬‬

‫َ َ ُ َۡ ُ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُۡۡ ُ‬ ‫َ َ ُ ۡ‬ ‫َُ َ‬


‫َّلل ٱَّلِي َسخ َر لك ُم ٱلَ ۡح َر ِِلَ ۡج ِر َي ٱلفلك فِيهِ بِأ ِّۡ ِره ِۦ َو ِِلَ ۡب َتغوا مِن فضلِهِۦ َول َعلك ۡم تشك ُرون‬ ‫قوله تعالى‪۞{ :‬ٱ‬
‫‪} ١٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬هللا وحده الذي ذلل لكم البحر‪ ،‬لتجري السفن في وجه املاء بإذنه‪ ،‬ولتطلبوا رزق هللا بالتجارة‬
‫والربح في تلك السفن‪ ،‬ولعلكم تشكرون هللا تعالى على هذه النعم العظيمة‪.‬‬
‫ْ ُ َْ ً‬ ‫َ ه َ ْ َ ْ َ َ ْ ُ ُ ْ ُ َ ْ ً َ ًّ َ َ ْ َ ْ‬ ‫ه‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و ُه َو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية‬
‫ُ‬
‫ْ َ ْ َ هُ َ ْ ُ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ ُْْ‬ ‫َْ‬
‫ضله َول َعلك ْم تشك ُرون}[النحل‪]14 :‬‬ ‫تل َب ُس َون َها َوت َرى الفل َك َم َواخ َرفيه َولت ْبتغوا من ف‬

‫َ‬ ‫ى َ َى َ ۡ َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ ُ‬


‫ون ‪} ١٣‬‬ ‫ت َو َما ِِف ٱلۡر ِض ۡجِيعا م ِۡن ُ ره إِن ِِف ذل ِك ٓأَليت ل ِقوم يتفكر‬ ‫كم َما ِف ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وسخر ل‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وذلل هللا تعالى لكم ما في السماوات من الشمس والقمر والنجم وغير ذلك‪ ،‬وذلل لكم ما في‬
‫منة من هللا تعالى عليكم‪ ،‬وقد أسبغ عليكم نعمه الظاهرة‬ ‫األ ض من حيوان وجماد وزروع‪ ،‬وجميع هذه النعم ّ‬
‫ر‬
‫األ ْ ض َو َأ ْس َب َغ َع َل ْي ُك ْم ن َع َمهُ‬
‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الس َم َاوات َو َما في ر‬
‫والباطنة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أل ْم ت َروا أن َّللا َسخ َر لك ْم َما في ه‬
‫ًَ‬ ‫َ ً‬
‫ظاه َرة َو َباطنة}[لقمان‪ّ ،]20 :‬إن في ذلك آليات واضحات دالة على قدرة هللا تعالى لقوم يتفكرون‪.‬‬

‫ُ َ َ َ َُ َ ۡ ُ َ َ َ َۡ ُ َ ََ َ َ َ ۡ َ ََۡ َ َ ُ َ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ١٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل ل َِّلِين ءامنوا يغفِروا ل َِّلِين َّل يرجون أيام ٱَّللِ َِلج ِزي قوما بِما َكنوا يكسِ ب‬
‫َ َ ۡ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ َى َ ُ ۡ ُ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬م ۡن َع ِمل َص ىل ِحا فل َِنفسِ هِۦ ومن أساء فعليها ثم إِل ربِكم ترجعون ‪} ١٥‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬من عمل عمال صالحا في الدنيا‪ ،‬فإنما يعود نفعه على نفسه‪ ،‬ومن أساء فعص ى هللا تعالى‪،‬‬
‫ۡ‬ ‫ۡ َ ُۡ ََ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ َ ۡ َ ُۡ َ ۡ َ ُ َ ُ‬
‫سك ۡم ِإَون أ َسأت ۡم فل َها ر فإِذا َجا َء َوع ُد‬‫نت ۡم ِلنف ِ‬
‫ّ‬
‫فإنما يرجع إليها وبال سوءه‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِن أحسنتم أحس‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫بوا َما َعل ۡوا تَ ۡتبِريا ‪[}٧‬اإلسراء‪،]7 :‬‬ ‫ك ۡم َو َِلَ ۡد ُخلوا ٱل َم ۡسج َد ك َما َد َخلوهُ أ َول َِّ َرة َو َِلُ َت ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ُ َ ُ‬
‫ٱٓأۡلخ َِرة ِ ل ِيَ ُسُٔٔوا وجوه‬
‫َ‬ ‫َ ُْ‬
‫صال ًحا فَلنفسه ْم َي ْم َه ُدون}[الروم‪ ،]44 :‬ثم إلى رّبكم ترجعون أيها الناس‪.‬‬ ‫وقال تعالى‪َ { :‬و َم ْن َعم َل َ‬
‫َه‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬
‫صال ًحا فلنفسه َو َم ْن أ َس َاء ف َعل ْي َها َو َما َرُّب َك بظال ٍم‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬م ْن َعم َل َ‬
‫ْ‬
‫لل َعبيد}[فصلت‪.]46 :‬‬

‫ََ َ َۡ ُ ۡ ََ‬
‫لَع ٱ ۡل َع ىلَم َ‬ ‫ۡ َى َ ۡ َ ى َ َ ۡ ُ ۡ‬
‫ك َم َوٱلُّ ُب َوةَ َو َر َز ۡق َنى ُهم م َِن ٱ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ت وفضلنىهم‬ ‫لطي ِ َبى ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ولق ۡد َءات ۡي َنا بَ ِن إِسءِيل ٱلكِتب وٱل‬
‫‪} ١٦‬‬
‫وهللا لقد أعطينا بني إسرائيل التوراة واإلنجيل‪ ،‬والفهم بما فيهما‪ ،‬وجعلنا أكثر األنبياء منهم‪،‬‬ ‫واملعنى‪ِ :‬‬
‫ۡ َ َ َ‬ ‫ۡ َى َ ۡ ُُ‬ ‫َ‬
‫ورزقناهم من طيبات الرزق‪ ،‬وفضلناهم على عاملي زمانهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ي ى َب ِن إِسءِيل ٱذكروا ن ِعم ِت ٱل ِت‬
‫ّ‬
‫َ َ َ ْ َ َْ ُ َ ْ َ‬ ‫َۡ َ ۡ ُ َ َۡ ُ ۡ ََ َ َ ُۡ ُ ۡ ََ‬
‫لَع ٱ ۡل َع ىلَم َ‬
‫اه ْم َعلى عل ٍم َعلى‬ ‫ي ‪[} ٤٧‬البقرة‪ ،]47 :‬وقال تعالى‪{ :‬ولقد اخترن‬ ‫ِ‬ ‫أنعمت عليكم وأ ِن فضلتكم‬
‫ْ َ َ‬
‫ال َعاَلين}[الدخان‪.]32 :‬‬
‫ُ ُ َ ُ ُ‬
‫ومما يدل على ّأن بني إسرائيل أفضل من عاملي زمانهم فقط قوله تعالى‪{ :‬كنتم خ َير أ هم ٍة أخر َجت‬
‫ه‬
‫للناس}[آل عمران‪ ،]110 :‬ومعلوم ّأن أمة الرسول صلى هللا عليه وسلم لم تكن موجودة في ذلك الزمن‬
‫السابق‪.‬‬

‫َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ ۡ ۡ ۡ‬ ‫ۡ َُ َ‬ ‫َۡ َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و َءات ۡي َنى ُهم َبي ِ َنىت م َِن ٱل ِّۡ ِر ف َما ٱخ َتلفوا إَِّل مِن َب ۡع ِد َما َجا َءه ُم ٱلعِل ُم َبغ َيا بَ ۡي َن ُه ۡ رم إِن َر َبك َيق ِض‬
‫ََۡ ُ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪}١٧‬‬ ‫ِيما َكنوا فِيهِ يتل ِف‬ ‫بَ ۡي َن ُه ۡم يَ ۡو َم ٱلقِ َيى َمةِ ف‬
‫واملعنى‪ :‬وآتينا بني إسرائيل الحجج والبراهين واملعجزات الواضحة‪ ، ،‬فما اختلفوا في أمر دينهم إال من‬
‫بعد ما جاءهم العلم بالتوراة وأحكامها‪ّ ،‬إن رّبك أيها الرسول يقض ي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه‬
‫َ‬
‫ت َف َما ٱ ۡخ َتل ُفوا َح َ ى‬
‫ت َجا َء ُهمُ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ۡ َى َ ُ َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ۡ ََۡ َ‬
‫صدق ورزقنهم مِن ٱلطيِب ِ‬ ‫يختلفون‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ولقد بوأنا ب ِن إِسءِيل مبوأ ِ‬
‫ََۡ ُ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ۡ ۡ َ‬
‫ٱلعِل ُ رم إِن َر َبك َيق ِض بَ ۡي َن ُه ۡم يَ ۡو َم ٱلقِ َيى َمةِ ف‬
‫ْ‬
‫ون ‪[}٩٣‬يونس‪ ،]93 :‬وقال تعالى‪{ :‬إ هن َرهب َك ُه َو َيفص ُل‬ ‫ِيما َكنوا فِيهِ يتل ِف‬
‫َْ ُ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ْ‬
‫يما كانوا فيه َيختلفون}[السجدة‪.]25 :‬‬ ‫َب ْي َن ُه ْم َي ْو َم الق َي َامة ف‬

‫ُ َ َ َ ۡ َ ى َ َ َى َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ١٨‬‬ ‫شيعة مِن ٱلِّ ِر فٱتبِعها وَّل تتبِع أهواء ٱَّلِين َّل يعلم‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ثم جعلنك لَع ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ثم جعلناك أيها الرسول على منهاج قويم من أمر الدين يوصلك إلى الحق‪ ،‬فاتبع تلك‬
‫َ َ َ ْ ُ َ ْ َ‬
‫استق ْم‬ ‫الشريعة‪ ،‬وال تتبع أهواء املشركين الذين ال يعلمون التوحيد والشريعة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فلذلك فادع و‬
‫َكما ُأم ْر َت َوَل َت هتب ْع َأ ْه َ‬
‫واء ُه ْم}[الشورى‪.]15 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ض ُه ۡم أ ۡو َِلَا ُء َب ۡعض َوٱ َ ُ‬
‫َ َۡ ُ‬‫ى‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّلل َو ُّل ٱل ُم َتقِ َ‬
‫ي ‪}١٩‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ُه ۡم لن ُيغ ُنوا َعنك م َِن ٱَّللِ شيرأ ِإَون ٱلظل ِ ِمي بع‬
‫اتبعت أهواءهم‪ّ ،‬‬
‫وإن‬ ‫َ‬ ‫لن يدفعوا عنك أيها الرسول من هللا تعالى شيئا ْإن‬ ‫واملعنى‪ّ :‬إن هؤالء املشركين ْ‬
‫الظاملين بعضهم أولياء بعض في الدنيا‪ ،‬وبعضهم أنصار بعض على املؤمنين‪ ،‬وهللا تعالى ولي املتقين الذين‬
‫يمتثلون أوامره ويجتنبون نواهيه‪.‬‬
‫ََ‬
‫وهللا تعالى يوالي املتقين بالرحمة والجزاء‪ ،‬وهم يوالون هللا تعالى بالطاعة واإليمان‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬أَّل‬
‫َ َ َ َ ُ ََ ُ ََُ َ‬ ‫َ ُ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪[}٦٣‬يونس‪.]62-63 :‬‬ ‫إِن أ ۡو َِلَا َء ٱَّللِ َّل خ ۡوف َعل ۡي ِه ۡم َوَّل ه ۡم ي َزنون ‪ ٦٢‬ٱَّلِين ءامنوا وكنوا يتق‬

‫َ ََۡ َ ۡ ُ ُ َ‬ ‫َى َ َى ُ َ ِ ُ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٢٠‬‬ ‫اس َوهدى ورْحة ل ِقوم يوق ِن‬‫قوله تعالى‪ { :‬هذا بصئِر ل ِلن‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬هذا القرآن الكريم حجج وبراهين للناس من ّربهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ق ْد َج َاءك ْم َب َ‬
‫صائ ُر م ْن‬
‫َ َ َ‬ ‫ُ‬
‫وهاد للتي هي أقوم‪ ،‬ورحمة لقوم يوقنون به بدخولهم الجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِن هىذا‬ ‫َربك ْم}[األنعام‪ٍ ،]104 :‬‬
‫َ َ ۡ َ ُ َ ُ َ ُ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ َى َ ى َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ َ ۡ‬
‫ت أن لهم أجرا كبِريا ‪[}٩‬اإلسراء‪.]9 :‬‬ ‫ٱلق ۡر َءان َيهدِي ل ِل ِت ِه أقوم ويب ِش ٱلمؤ ِمن ِي ٱَّلِين يعملون ٱلصل ِح ِ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫صائ ُر م ْن َربك ْم َو ُه ًدى َو َر ْح َمة‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ُ { :‬ق ْل إ هن َما َأ هتب ُع َما ُي َ‬
‫وحى إ َل هي م ْن َربي َه َذا َب َ‬
‫ْ ُ َ‬ ‫َ‬
‫لق ْو ٍم ُيؤمنون}[األعراف‪.]203 :‬‬

‫َ َ ََۡ ُ‬
‫اهمۡ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ َ َُ ۡ َ َ َ َ َ ُ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ َ َ َ ۡ َ‬
‫ت سواء َمي‬
‫ت أن نعلهم كٱَّلِين ءامنوا وع ِملوا ٱلصل ِح ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أم حسِب ٱَّلِين ٱجتحوا ٱلسي ِأ ِ‬
‫َ َ َ ُُ ۡ َ َ َ َۡ ُ ُ َ‬
‫ون ‪} ٢١‬‬ ‫وِّماته رم ساء ما يكم‬
‫واملعنى‪ :‬أم حسب الذين اكتسبوا السيئات من الكفار ْأن نجعلهم كالذين آمنوا باهلل وبرسوله وعملوا‬
‫ونسوي بينهم في الثواب والجزاء والرحمة في الدنيا واآلخرة؟ ساء حكمهم باملساواة‪.‬‬ ‫األعمال الصالحة‪ّ ،‬‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ ً َ‬ ‫ََ َ َ ْ ً َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬أف َم ْن كان ُمؤمنا ك َم ْن كان فاسقا َل َي ْست ُوون}[السجدة‪ ،]18 :‬وقوله‬
‫ُْه َ َ ْ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫الصال َحات َك ْاَلُ ْفسد َ‬ ‫تعالى‪َ { :‬أ ْم َن ْج َع ُل هالذ َ‬
‫ين َآم ُنوا َو َعم ُلوا ه‬
‫ين في األ ْرض أ ْم ن ْج َع ُل اَلتقين كالف هجار}[ص‪،]28 :‬‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ ْ َ يَ ْ َ ُ ه ََ ْ َ ُ ْ َ ه َ ْ َ ُ ْ ه‬
‫اب ال َجنة ُه ُم الفائ ُزون}[الحشر‪.]20 :‬‬ ‫وقوله تعالى‪َ{ :‬ل يستو أصحاب الناروأصحاب الجنة أصح‬

‫َ‬
‫َ َ َ ۡ َُ ۡ ُۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ ُّ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َخل َق ٱ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٢٢‬‬ ‫لق َوِلِ ُ ۡج َز ى‬
‫ى ُك نفس بِما كسبت وهم َّل يظلم‬ ‫َ‬ ‫لس َم ى َو ى ِ َ‬
‫َّلل ٱ َ‬
‫ت وٱلۡرض ب ِٱ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وخلق هللا تعالى السماوات واألرض من غير مثال سابق بالحق والحكمة‪ ،‬لكي تجزى كل نفس‬
‫عملت في الدنيا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إ َن ٱل ۡ ُم َتقِ َ‬
‫ي ِِف َج َنىت َونَعِيم ‪[}١٦‬الطور‪ ،]16 :‬وهم ال يظلمون شيئا من‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫بما‬
‫ه ه َ َ َ ْ ُ ْ َ َ هَ‬
‫جزاء أعمالهم مثقال ذرة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن َّللا َل يظلم مثقال ذر ٍة}[النساء‪.]40 :‬‬

‫ُصه ِۦ‬‫َ َ‬ ‫َس ۡمعِهِۦ َو َق ۡلبِهِۦ َو َج َع َل َ َ ى‬ ‫ع ِۡلم َو َخ َت َم َ َ ى‬ ‫ت َمن ٱ ََتَ َذ إ َل ى َه ُهۥ َه َوى ى ُه َوأَ َض َل ُه ٱ َ ُ‬
‫َّلل َ َ ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أَفَ َر َءيۡ َ‬
‫ب ِ‬ ‫لَع‬ ‫لَع‬ ‫لَع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َۡ َ َََ َ َ َ ُ َ‬ ‫غ َى َ َ َۡ‬
‫َّللِ أفل تذكرون ‪} ٢٣‬‬ ‫ِش َوة فمن يهدِيهِ مِن بع ِد ٱ ر‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فانظر أيها الرسول إلى من جعل هواه إلهه‪ ،‬وأطاع هواه‪ ،‬وأضله هللا تعالى مع علمه بالحق‪،‬‬
‫وقيام الحجة عليه‪ ،‬وختم هللا تعالى على سمعه‪ ،‬وقلبه‪ ،‬وجعل على بصره غطاء‪ ،‬فال يسمع املوعظة‪ ،‬وال يعقل‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫أضله هللا تعالى‪ْ ،‬‬
‫ومن يضلله هللا فال هادي له‪ ،‬كما قال‬ ‫الهدى‪ ،‬وال يبصر الحق‪ ،‬فال أحد يقدر على هداية من‬
‫َ‬ ‫هُ َ‬
‫َّللا فال َهاد َي ل ُه}[األعراف‪ ،]186 :‬أفال تتعظون به؟‬ ‫تعالى‪َ { :‬م ْن ُي ْ‬
‫ضلل‬
‫ذمه‪ ،‬قال هللا تعالى‪َ { :‬و هات َب َع َهوا ُ‬ ‫عباس‪ :‬ما َذكر ُ‬
‫هللا ً‬
‫هوى في القرآن إال َّ‬ ‫قال اإلمام القرطبي‪ :‬وقال ابن ّ‬
‫َِ ِ‬
‫ُ ً‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ َُ َ َ ْ َْ‬
‫ف َمثل ُه ك َمثل الكلب}[األعراف‪ ،]176 :‬وقال تعالى‪َ { :‬و ات َب َع َهوا ُ َوكان أ ْم ُر ُ ف ُرطا}[الكهف‪ ،]28 :‬وقال تعالى‪:‬‬
‫َ َ‬ ‫ْ َ َ هُ‬ ‫ين َظ َل ُموا َأ ْه َ ُ َ ْ ْ َ ْ‬ ‫{ َبل هات َب َع هالذ َ‬
‫واءه ْم بغير عل ٍم ف َمن َي ْهدي َمن أض هل َّللا}[الروم‪ ،]29 :‬وقال تعالى‪ { :‬فإِن ل ۡم‬
‫َۡ‬ ‫َ َ َ ََ َ‬ ‫َ ۡ َ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ َ ُّ َ َ َ َ َ َ ى ُ َ ۡ ُ‬
‫َّلل َّل َي ۡهدِي ٱلق ۡو َم‬ ‫َّللِ إِن ٱ‬
‫ري هدى مِن ٱ ر‬
‫جيبوا لك فٱعلم أنما يتبِعون أهواءه رم ومن أضل ِِّم ِن ٱتبع هوىه بِغ ِ‬ ‫يس ت ِ‬
‫َ ه‬ ‫َه ْ‬ ‫َى‬
‫لظلِم َ‬
‫ي ‪[}٥٠‬القصص‪ ،]50 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وَل تتبع ال َهوى ف ُيضل َك َع ْن َسبيل هَّللا}[ص‪.]26 :‬‬ ‫ٱ ِ‬

‫ۡ ۡ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ ُ َ َ َ َ َ ُ َ ُّ ۡ َ َ ُ ُ َ ۡ‬
‫وت َوَن َيا َو َما ُي ۡهلِك َنا إَِّل ٱ ََله ُر ر َو َما ل ُهم بِذ ىل ِك م ِۡن عِل ٍم إِن ه ۡم إَِّل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وقالوا ما ِه إَِّل حياتنا ٱَلنيا نم‬
‫َ ُ ُّ َ‬
‫ون ‪} ٢٤‬‬ ‫ي ظن‬
‫واملعنى‪ :‬وقال املشركون املنكرون للبعث‪ :‬ما هذه الحياة إال حياتنا الدنيا‪ ،‬نموت ونحيا فيها‪ ،‬وما يهلكنا‬
‫َُ‬ ‫ه‬ ‫َ ُ ْ‬
‫إال مر الليالي واأليام‪ ،‬وما نحن بمبعوثين بعد موتنا‪ ،‬كما قال تعالى حكاية عن قولهم‪َ { :‬وقالوا إن ه َي إَل َح َياتنا‬
‫ويخمنون بغير‬ ‫يظنون ّ‬ ‫الد ْن َيا َو َما َن ْح ُن ب َم ْب ُعوث َين}[األنعام‪ ،]29 :‬وليس لهم بهذا القول من علم‪ ،‬وما هم إال ّ‬
‫ُّ‬
‫دليل‪.‬‬
‫ْ َ ه َ ََُْ ُْ‬
‫األ َولى َو َما َن ْحنُ‬ ‫ه َ َُ ََ ُ ُ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إن هؤَلء ليقولون (‪ )34‬إن هي إَل موتتنا‬
‫ين}[الدخان‪.]34-35 :‬‬ ‫ب ُم ْن َشر َ‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا ُت ۡت ىَل َعل ۡي ِه ۡم َء َاي ى ُت َنا َبي ِ َنىت َما َك َن ُح َج َت ُه ۡم إَِّل أن قالوا ٱئ ُتوا ب ِأبَائ ِ َنا إِن ك ُنت ۡم َصى ِدق َِي ‪} ٢٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬وإذا تتلى على هؤالء الكفار املكذبين آياتنا واضحات الداللة على البعث‪ ،‬لم يكن لهم حجة إال‬
‫َُْ‬
‫أحي آباءنا من موتهم‪ْ ،‬إن كنتم صادقين في إمكان البعث‪ ،‬كما قال تعالى حكاية عن قولهم‪{ :‬فأتوا‬ ‫قولهم‪ِ :‬‬
‫صادقين}[الدخان‪.]36 :‬‬
‫َ‬ ‫ب َآبائ َنا إ ْن ُكنت ْم َ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫كََ‬ ‫َ َى َ َ ۡ‬ ‫ك ۡم إ َ ىل يَ ۡو ِم ٱ ۡلقِ َيى َمةِ ََّل َر ۡي َ‬
‫ُ َُ ُۡ ُ ۡ ُ َ ُ ُ ُ ۡ ُ َ َۡ َ ُ ُ‬
‫َّث ٱلَ ِ‬
‫اس َّل‬ ‫كن أ‬
‫ب فِيهِ ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ق ِل ٱَّلل ييِيكم ثم ي ِميتكم ثم ُيمع‬
‫ََُۡ َ‬
‫ون ‪} ٢٦‬‬ ‫يعلم‬
‫َ َ َ ۡ ُ َ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬هللا تعالى يحييكم من العدم إلى الوجود‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ك ۡيف تكف ُرون‬
‫َ َ ُ ُ ۡ َ ۡ َى َ َ ۡ َى ُ ۡ ُ َ ُ ُ ُ ۡ ُ َ ُۡ ُ ۡ ُ َ َۡ ُۡ َ ُ َ‬
‫ب ِٱَّللِ ووُكنتم أموتا فأحيكم ثم ي ِميتكم ثم ييِيكم ثم إَِلهِ ترجعون ‪[} ٢٨‬البقرة‪ ،]28 :‬ثم يجمعكم هللا تعالى‬
‫ولكن أكثر الناس ال‬ ‫شك فيه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ي ْو َم َي ْج َم ُع ُك ْم ل َي ْوم ْال َج ْمع}[التغابن‪ّ ،]9 :‬‬
‫إلى يوم القيامة ال ّ‬
‫هُ ْ َ ََْ ُ َ ً َ َ‬
‫يدا َون َرا ُ قر ًيبا}[املعارج‪:‬‬ ‫يعلمون حقيقة األمر‪ ،‬فينكرون وقوعه‪ ،‬ويستبعدونه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إنهم يرونه بع‬
‫‪.]6-7‬‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫لس َ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ‬


‫لس َم ى َو ىت َوٱلۡر ِض َويَ ۡو َم َت ُق ُ‬ ‫ۡ‬
‫َ َ ُ ُ‬
‫ون ‪} ٢٧‬‬ ‫ّس ٱل ُم ۡب ِطل‬‫اعة يَ ۡو َمئذ ي َ ُ‬
‫ِ‬
‫وم ٱ َ‬ ‫ِ‬ ‫كٱ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬و َِّللِ ِّل‬
‫يتصرف فيه ما يشاء‪ ،‬وجميع َم ْن في السماوات‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬وهلل تعالى وحده ملك السماوات واألرض‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ ُّ‬
‫لس َم ى َو ى ِت َوٱلۡر ِض إَِّل َء ِاِت ٱ َلرِنَٰمۡح َع ۡبدا ‪[} ٩٣‬مريم‪ ،]93 :‬ويوم‬
‫ُك َمن ِف ٱ َ‬
‫ِ‬ ‫واألرض عبيد له‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِن‬
‫تقوم القيامة يخسر الكافرون الجاحدون بآيات هللا تعالى‪.‬‬

‫ُۡ ََۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُّ ُ‬ ‫َُ ُ‬


‫ون ‪} ٢٨‬‬ ‫َ‬ ‫ى ُك أ َمة َجاث َِية ر ُك أ َمة تُ ۡد ى‬
‫ِع إ ِ ىل كِتىب ِ َها ٱَلَ ۡو َم ت َز ۡون َما كنتم تعمل‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وتَ َر ى‬
‫واملعنى‪ :‬وترى أيها الرسول أهل كل ملة جاثين على ركبهم من شدة الخوف‪ ،‬كل أمة تدعى إلى كتاب‬
‫الش َه َداء ّ‬ ‫َ ُ َ ْ َ ُ َ َ ه َ َ ُّ‬
‫}[الزمر‪ ،]69 :‬ويقال لهم‪ :‬هذا اليوم‪،‬‬ ‫أعمالها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ووضع الكتاب وجيء بالنبيين و‬
‫ْ َ ُ ََ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ْ‬
‫شر‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬ين هبأ اإلن َسان َي ْو َمئ ٍذ ب َما قد َم َوأخ َر‪َ .‬بل اإلنسان على‬ ‫تجازون بأعمالكم من خير أو ّ‬
‫ٌ َ َْ َ‬ ‫َْ‬
‫نفسه َبص َيرة‪َ .‬ول ْو ألقى َم َعاذ َير ُ }[القيامة‪.]13-15 :‬‬

‫ُۡ ََۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫ُ‬ ‫ۡ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٢٩‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬هىذا كِتى ُب َنا يَن ِط ُق عل ۡيكم ب ِٱل ِق إِنا كنا نستن ِ‬
‫سخ َما كنتم تعمل‬
‫واملعنى‪ :‬هذا كتاب أعمالكم‪ ،‬ينطق عليكم بالحق من غير زيادة وال نقصان‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ُوض َع‬
‫َ َ ُ ُ َن َ َ ْ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ ُ َ ُ َ ً َ ً‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ َ ُ ََ ُْ‬
‫صغ َيرة َوَل كب َيرة إَل‬ ‫اب فت َرى اْل ْجرمين ُمشفقين م هما فيه ويقولو يا ويلتنا مال هذا الكتاب َل يغادر‬ ‫الكت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َ ُ َ َ ُ َ ً َ َ ْ ُ َ ُّ َ ََ‬
‫أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا وَل يظلم ربك أحدا}[الكهف‪ ،]49 :‬إنا كنا نأمر الحفظة باستنساخ ما‬
‫كنتم تعملونه في الدنيا‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ ۡ ُ ۡ َ ُّ ُ ۡ َ ۡ َ‬


‫ْحتِهِۦ ذ ىل َِك ُه َو ٱل َف ۡو ُز ٱل ُمب ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ام ُنوا َو َع ِملوا ٱ َ ى‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ي ‪} ٣٠‬‬ ‫ِ‬ ‫ت فيدخِلهم ربهم ِِف ر ر‬ ‫لصل َ ى‬
‫ِح ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فأ َما ٱَّل َ‬
‫ِين َء َ‬

‫فأما الذين آمنوا باهلل ورسوله وعملوا األعمال الصالحة املتفقة مع شريعة هللا‪ ،‬فيدخلهم‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ُ ُ‬ ‫ين َآم ُنوا َو َعم ُلوا ه‬
‫ربهم في رحمته في جنات تجري من تحتها األنهار‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و هالذ َ‬
‫الصالحات َسن ْدخل ُه ْم‬
‫ًّ‬ ‫َ ً‬ ‫ْ َ ْ َ َْ‬ ‫َه َ‬
‫ين فيها أ َبدا َو ْع َد هَّللا َحقا}[النساء‪ ،]122 :‬ذلك هو الفوز املبين الواضح‪.‬‬ ‫األ ْن ُ‬
‫هار خالد َ‬ ‫ات ت ْجري من تحتها‬
‫جن ٍ‬

‫ۡ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ك ۡن َء َاي ىت ُت ۡت ى َ ۡ ُ ۡ ۡ َ َ ۡ ُ ۡ َ ُ ۡ ۡ‬
‫ۡ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مرم َ‬
‫ِي ‪} ٣١‬‬ ‫َل عليكم فٱستكبتم ووُكنتم قوما ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِين كف ُروا أفلم ت‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وأ َما ٱَّل‬
‫وأما الذين كفروا باهلل وبرسوله‪ ،‬فيقال لهم توبيخا‪ :‬ألم ْ‬
‫تكن آياتي من القرآن الكريم تتلى‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫عليكم إلزالة شبهكم فاستكبرتم عن اإليمان بها‪ ،‬وكنتم ترتكبون اآلثام واملعاص ي‪ ،‬وكنتم بها تكذبون؟ كما قال‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َُْ َ ُ َ ُ ُْ‬ ‫ََ َ ُ‬
‫تعالى‪{ :‬أل ْم تك ْن َآياتي تتلى َعل ْيك ْم فكنت ْم ب َها تكذ ُبون}[املؤمنون‪.]105 :‬‬

‫َُ َ َ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُۡ‬ ‫اع ُة ََّل َر ۡي َ‬ ‫َ َ‬


‫ِيل إ َن َو ۡع َد ٱ ََّللِ َحق َوٱ َ‬
‫لس َ‬
‫اعة إِن نظ ُّن إَِّل ظنا َو َما‬‫ِيها قل ُتم َما ن ۡدرِي ما ٱلس‬ ‫بف‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا ق ِ‬
‫َۡ‬
‫َن ُن ب ِ ُم ۡستَ ۡيقِن َِي ‪}٣٢‬‬

‫َۡ َۡ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ات َما َع ِملوا َو َحاق ب ِ ِهم َما َكنوا بِهِۦ يسته ِزء‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وبَ َدا ل ُه ۡم َسَٔٔ ُ‬
‫ون ‪} ٣٣‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫العذاب الذي كانوا‬ ‫واملعنى‪ :‬وظهر لهم جزاء سيئات ما عملوه في الدنيا‪ ،‬وأحاط بهم من كل جانب‬
‫ََ َ َُ ْ َ َ ُ َ َ ُ َ َ َ ْ َ َ ُ‬
‫يستهزئون به قبل وقوعه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به‬
‫ُ َ‬
‫َي ْس َت ْهزئون}[النحل‪.]34 :‬‬
‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َب َدا ل ُه ْم َسيئات َما ك َس ُبوا َو َحاق به ْم َما كانوا به َي ْس َت ْهزئون}[الزمر‪:‬‬
‫‪.]48‬‬

‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ُ ۡ َ َ َۡ ُ ۡ َ َ َ َ ى ُ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬
‫ُص َ‬ ‫ُ‬ ‫ََۡ َ َ ُ ۡ َ‬ ‫َ‬
‫ين ‪} ٣٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وقِيل ٱَلوم ننسى ىكم كما نسِ يتم ل ِقاء يومِكم هىذا ومأوىكم ٱلار وما لكم مِن ن ِ ِ‬
‫َ ْ‬
‫واملعنى‪ :‬وقيل لهم‪ :‬اليوم نترككم في النار كما تركتم العمل للقاء هذا اليوم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فال َي ْو َم‬
‫َ َ‬ ‫َُ ََ‬ ‫َ َ َ َ ََْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ ُ َ َ‬
‫ال كذل َك أتت َك َآياتنا فنس َيت َها َوكذل َك‬ ‫اه ْم ك َما ن ُسوا لق َاء َي ْومه ْم َهذا}[األعراف‪ ،]51 :‬وقال تعالى‪{ :‬ق‬ ‫ن نس‬
‫ْ َ ْ َ ُ َْ‬
‫اليوم تنس ى}[طه‪ ،]126 :‬ومستقركم النار‪ ،‬وما لكم من ناصرين ينصرونكم من العذاب‪.‬‬

‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُۡ‬ ‫ۡ َ ۡ‬ ‫ك ُم ٱ ۡ َ‬
‫َ ُُ َ ََۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ََ ُ ََ ۡ ُ‬
‫ل َي ىوةُ ٱ َُّلن َيا ر فٱَلَ ۡو َم َّل ي َر ُجون م ِۡن َها َوَّل ه ۡم‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ذ ىل ِكم بِأنك ُم ٱَتذت ۡم َءاي ى ِ‬
‫ت ٱَّللِ هزوا وغرت‬
‫ُۡ ََُۡ َ‬
‫ون ‪} ٣٥‬‬ ‫ي س ت عتب‬
‫بأنكم اتخذتم آيات هللا تعالى هزوا‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬ذلك العذاب الذي ّ‬
‫وغرتكم الحياة الدنيا‬ ‫حل بكم‪،‬‬
‫بزخارفها وزينتها‪ ،‬فاليوم ال يخرجون من النار‪ ،‬وال يطلب منهم إزالة العتب بالتوبة والطاعة‪ ،‬بل يعاقبون على‬
‫ذنوبهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وإ ْن َي ْس َت ْعت ُبوا َف َما ُه ْم م َن ْاَلُ ْع َتب َين ّ‬
‫}[فصلت‪.]24 :‬‬
‫ت َو َرب ٱلۡر ِض َرب ٱل َع ىلم َ‬ ‫ۡ َ‬
‫ل ۡم ُد َرب ٱ َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫ي ‪} ٣٦‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فل ِلهِ ٱ َ‬

‫ورب األرض‪ ،‬وهو ر ّب العاملين‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬


‫واملعنى‪ :‬فلله وحده جميع املحامد‪ ،‬وهو ر ّب السماوات ّ‬
‫ََ َ‬ ‫الح ُ‬
‫العلمين}[الفاتحة‪.]2 :‬‬ ‫مد هَّلل َرب‬ ‫{ َ‬

‫لك ُ‬
‫ِيم ‪}٣٧‬‬ ‫ت َوٱ ۡلَۡر ِض َو ُه َو ٱ ۡل َعز ُ‬
‫يز ٱ ۡ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َ ُل ٱ ۡلك ِۡبيَا ُء ِف ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬وهلل وحده العظمة والكبرياء في السماوات واألرض‪ ،‬وهو العلي الكبير‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ع ىل ُِم‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ َ ى َ َ ُ َ ۡ َ ُّ ۡ َ ُّ ُ َ َ ۡ ُ ُ‬ ‫ري ٱل ۡ ُم َت َعا ِل ‪ّ ٩‬‬ ‫َۡۡ َ َ َ َ ۡ َ‬
‫وم ر َّل تأخذهُۥ س َِنة َوَّل‬ ‫}[الرعد‪ ،]9 :‬وقال تعالى‪ { :‬ٱَّلل َّل إِله إَِّل هو ٱلح ٱلقي‬ ‫كب ُ‬
‫ب وٱلشه ىدة ِ ٱل ِ‬ ‫ٱ ل غي ِ‬
‫َ‬ ‫َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫ِندهُۥ إ ََّل بإ ۡذنِهِۦ َي ۡعلَ ُم َما بَ ۡ َ‬
‫َّلي ي َ ۡش َف ُع ع َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫نَ ۡوم َ ُلۥ َما ِف ٱ َ َ‬
‫ي أيۡدِي ِه ۡم َو َما خلف ُه ۡم َوَّل‬ ‫ِ ِِ ر‬ ‫ت َو َما ِِف ٱلۡر ِض َمن ذا ٱ ِ‬ ‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫َل ٱل َع ِظ ُ‬
‫يم‬ ‫ودهُۥ ح ِۡف ُظ ُه َما ر َو ُه َو ٱل َع ِ ُّ‬ ‫ُ‬
‫ئُٔ‬ ‫ت َوٱلۡر َض َوَّل َ‬ ‫شء م ِۡن عِلمهِۦ إَّل ب َما َشا َء َوس َِع ك ۡرس ُِّي ُه ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ون ب ِ َ ۡ‬ ‫يِيط‬
‫‪[} ٢٥٥‬البقرة‪ ،]255 :‬وهللا هو العزيز القاهر في سلطانه‪ ،‬الحكيم في صنعه‪.‬‬
‫ُ َُ َْ َ‬
‫سورة األحقاف‬
‫وهي مكية وعدد آياتها خمس وثالثون‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬حم ‪ ١‬تَزنيل ٱلك َِتىب م َِن ٱ ََّللِ ٱل َعزيز ٱ َ‬ ‫ُ ۡ‬
‫لكِي ِم ‪} ٢‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬حم‪ .‬هذا القرآن الكريم ملنزل من هللا العزيز في ملكه الحكيم في صنعه وشرعه‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫ي ‪[} ١٩٢‬الشعراء‪ ،]192 :‬وقال تعالى‪َ { :‬ت ٌ ْ َ‬ ‫يل َرب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬
‫َُ ََ ُ‬
‫زن‬
‫يد}[فصلت‪.]42 :‬‬
‫نزيل من حك ٍيم حم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫{ ِإَونهۥ ِل ِ‬

‫َ َ ُ‬ ‫َ َ َ ََ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ََ‬ ‫َ ۡ َ َ َ َ ََُۡ َ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ما َخلَ ۡق َنا ٱ َ َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ت وٱلۡرض وما بينهما إَِّل ب ِٱل ِق وأجل ِّسم وٱَّلِين كفروا عما أنذِروا‬
‫ُ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٣‬‬ ‫مع ِرض‬
‫واملعنى‪ :‬ما خلقنا السماوات واألرض وما بينهما من املخلوقات إال بالحق‪ ،‬وما خلقناها العبا وباطال‪،‬‬
‫ض َوما َب ْي َن ُهما َلعب َين ّ‬ ‫َ َْ‬
‫األ ْر َ‬ ‫كما قال تعالى‪َ { :‬وما َخ َل ْق َنا ه‬
‫}[الدخان‪ ،]38 :‬وخلقها هللا تعالى بأجل‬ ‫السماوات و‬
‫محدود ال بد ْأن تنتهي إليه‪ ،‬والذين كفروا باهلل وباليوم اآلخر معرضون ّ‬
‫عما أنذروا به في القرآن الكريم‪.‬‬
‫وهذا األجل املسمى إذا انتهى‪ ،‬قامت القيامة‪ ،‬وبعث هللا الخالئق وجازاهم على أعمالهم‪ ،‬كما قال‬
‫َ َ ه َ َ َ ْ َ َ ُ ْ ََ َ ه َ َ َ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫تعالى‪َ { :‬و هَّلل َما في ه‬
‫حسنوا‬ ‫الس َم َوت َو َما في األرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أ‬
‫ُ َ‬
‫الحسنى}[النجم‪.]31 :‬‬ ‫ب‬

‫ون‬ ‫لس َم ى َو ىت ٱ ۡئ ُ‬
‫ت‬ ‫ِ‬ ‫اذا َخلَ ُقوا م َِن ٱ ۡلَۡر ِض أَ ۡم ل َ ُه ۡم ِ ۡ‬
‫شك ِف ٱ َ‬ ‫َ َ‬
‫م‬ ‫ون‬ ‫ون مِن ُدون ٱ ََّللِ أَ ُ‬
‫ر‬
‫ُۡ ََ َُۡ َ َۡ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل أرءيتم ما تدع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َ‬
‫ك َتىب مِن ق ۡب ِل َهىذا أ ۡو أثى َرة م ِۡن عِل ٍم إِن ك ُنت ۡم َص ى ِدق َِي ‪} ٤‬‬
‫بِ ِ‬

‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول للمشركين‪ :‬أخبروني عن شركائكم الذين تعبدونهم من دون هللا تعالى‪ ،‬أروني‬
‫ين م ْن ُدونه}[لقمان‪:‬‬ ‫أيها املشركون ماذا خلقوا من األرض‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ه َذا َخ ْل ُق هَّللا َف َأ ُروني َم َاذا َخ َل َق هالذ َ‬
‫َ‬
‫‪ ،]11‬وليس لهؤالء الشركاء من شركة في خلق السماوات وال في خلق األرض‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما ل ُه ْم فيه َما م ْن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ش ْر ٍك َو َما ل ُه م ْن ُه ْم م ْن ظه ٍير}[سبأ‪ ،]22 :‬أحضروا لي دليال مكتوبا في كتاب قبل القرآن الكريم‪ ،‬أو بقية من علم‬
‫األولين‪ْ ،‬إن كنتم صادقين في زعمكم ألوهية األصنام‪.‬‬
‫َ ََُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ ََ َُْ ْ ُ ََ َ ُ ُ ه َ َ‬
‫ين ت ْد ُعون م ْن ُدون هَّللا أ ُروني َماذا خلقوا م َن‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬قل أرأيتم شركاءكم الذ‬
‫َ َ ْ‬ ‫ه َ َ َ ْ ََْ ُ َ َ‬ ‫َْ َ َ‬
‫اه ْم كت ًابا ف ُه ْم َعلى َبين ٍت من ُه}[فاطر‪.]40 :‬‬‫األ ْرض أ ْم ل ُه ْم ش ْر ٌك في السماوات أم آتين‬

‫َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ َۡ َ ُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ۡ َ َ ُّ َ َ ۡ ُ‬


‫يب ُلۥ إ ِ ىل يَ ۡو ِم ٱلقِ َيى َمةِ َوه ۡم َعن د ََعئ ِ ِه ۡم غ ىفِلون ‪٥‬‬ ‫ج‬
‫ون ٱَّللِ من َّل يست ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ومن أضل ِِّمن يدعوا مِن د ِ‬
‫}‬
‫واملعنى‪ :‬ال أحد ّ‬
‫أضل ممن يعبد من دون هللا تعالى آلهة ال تستجيب داعيها أبدا إلى يوم القيامة‪ ،‬كما‬
‫ْ َ ْ ُ ُ ْ َ َ ْ َ ُ ُ َ ُ ْ ََ ْ َ ُ َ ْ َ ُ َ ُ‬
‫جابوا لك ْم}[فاطر‪ ،]14 :‬وتلك اآللهة عن دعاء‬‫قال تعالى‪{ :‬إن تدعوهم َل يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما است‬
‫من يعبدها غافلة‪.‬‬

‫َ َ ۡ َ‬ ‫ُ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬‫َ‬ ‫ش ٱ َل ُ‬ ‫َ‬


‫ين ‪} ٦‬‬ ‫ك ىفِر َ‬
‫ِ‬ ‫اس َكنوا ل ُه ۡم أع َداء َوكنوا بِعِبادت ِ ِهم‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا ُح ِ َ‬

‫واملعنى‪ :‬وإذا جمع الناس العابدون اآللهة من دون هللا تعالى يوم القيامة للحساب‪ ،‬كانت تلك اآللهة‬
‫ومتبرئة وجاحدة‪.‬‬ ‫لهم أعداء‪ ،‬وكانت بعبادتهم منكرة ّ‬
‫َ‬ ‫ۡ ُ َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ ُ‬
‫ون ٱَّللِ َءال َِهة َِلَكونوا ل ُه ۡم عِزا ‪ ٨١‬لَك ر َس َيكف ُرون ب ِ ِع َبادت ِ ِه ۡم‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬وٱَتذوا مِن د ِ‬
‫ه ه َ ُْ‬ ‫ََ ُ ُ َ َ‬
‫ون َعل ۡي ِه ۡم ِض ًّدا ‪[} ٨٢‬مريم‪ ،]81-82 :‬وقوله تعالى على لسان إبراهيم عليه السالم‪{ :‬إن َما اتخذت ْم م ْن‬ ‫ويكون‬
‫ض ُك ْم َب ْع ً‬ ‫الد ْن َيا ُث هم َي ْو َم ْالق َي َامة َي ْك ُف ُر َب ْع ُ‬
‫ض ُك ْم ب َب ْعض َو َي ْل َع ُن َب ْع ُ‬ ‫َ‬
‫ُدون هَّللا أ ْو َث ًانا َم َو هد َة َب ْين ُك ْم في ْال َح َياة ُّ‬
‫ضا‬ ‫ٍ‬
‫الن ُار َو َما َل ُك ْم م ْن َناصر َ‬ ‫َ ََْ ُ ُ ه‬
‫ين}[العنكبوت‪.]25 :‬‬ ‫ومأو اكم‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ك َف ُروا ل ِل َح ِق ل َما َجا َء ُه ۡم َهىذا س ِۡحر ُّمبِي ‪} ٧‬‬‫َ َ‬ ‫َ‬
‫َل َعل ۡي ِه ۡم َءاي ى ُت َنا َبي ِ َنىت قال ٱَّلِين‬‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا ُت ۡت ى‬
‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬وإذا تتلى على هؤالء املشركين آيات هللا الواضحات الدالة على إثبات التوحيد‪ ،‬قال الذين‬
‫كفروا باهلل وبرسوله للقرآن ملا جاءهم‪ :‬ما هذا إال سحر واضح‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وإ َذا ُت ْت َلى َع َل ْيه ْم َآي ُات َنا َبي َنات قالوا َما هذا إَل َر ُج ٌل ُيريد أن َي ُ‬
‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫صدك ْم َع هما‬ ‫ٍ‬
‫ْ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال هالذ َ‬ ‫ان َي ْع ُب ُد َآب ُاؤ ُك ْم َو َق ُالوا َما َه َذا إ هَل إ ْف ٌك ُم ْف َت ًرى َو َق َ‬
‫َ َ‬
‫ين كف ُروا للحق َلا جاءهم إن هذا إَل سح ٌر‬ ‫ك‬
‫ُمب ٌين}[سبأ‪.]43 :‬‬

‫َ‬ ‫َُ َۡ َُ َ ُ ُ َ‬
‫ون فِيهِ ك َ ى‬ ‫ََُُۡۡ ََ َۡ ُ َ‬
‫ون ل م َِن ٱ ََّللِ َ ۡ‬ ‫َۡ َ ُ ُ َ ۡ ََ ىُ ُۡ‬
‫َف‬ ‫يشٔٔا هو أعلم بِما تفِيض‬ ‫ِ‬ ‫ِك‬ ‫ل‬‫م‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫ۥ‬ ‫ه‬‫ت‬ ‫ي‬‫ت‬ ‫ف‬ ‫ٱ‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أم يقولون ٱفتىه ق‬
‫ك ۡم َو ُه َو ٱ ۡل َغ ُف ُ‬
‫ور ٱ َلرح ُ‬
‫ِيم ‪} ٨‬‬ ‫َ َ َۡ َََۡ ُ‬
‫بِهِۦ ش ِهيدا بي ِن وبين‬
‫واملعنى‪ :‬بل أيقول هؤالء املشركون‪ :‬افترى محمد هذا القرآن؟ قل لهم أيها الرسول‪ْ :‬إن افتر ُيته على هللا‬
‫َ َ‬ ‫َ ََ‬ ‫كذبا‪ ،‬لعاقبني عقابا شديدا فال تقدرون على دفع عقاب هللا تعالى ّ‬
‫عني شيئا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ول ْو تق هو َل َعل ْينا‬
‫ين}[الحاقة‪:‬‬ ‫ألخ ْذ َنا م ْن ُه ب ْال َيمين‪ُ .‬ث هم َل َق َط ْع َنا م ْن ُه ْال َوت َين‪َ .‬ف َما م ْن ُك ْم م ْن َأ َحد َع ْن ُه َحاجز َ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ َ‬
‫ض األقاويل‪.‬‬‫بع‬
‫ٍ‬
‫‪]44-47‬؛ هللا تعالى أعلم بما تقولون في القرآن‪ ،‬كفى باهلل شهيدا بيني وبينكم‪ ،‬وهو هللا الغفور ملن تاب‪،‬‬
‫الرحيم به‪.‬‬

‫ََ َ‬ ‫ُ ۡ ۡ ََ ُ َ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قُ ۡل َما ُك ُ‬


‫نت ب ِ ۡدَع م َِن ٱ ُّلر ُس ِل َو َما أ ۡدرِي َما ُي ۡف َع ُل ِب َوَّل بِكم إِن أتبِع إَِّل ما ي ى‬
‫وح إ ِ َل َو َما أنا إَِّل‬
‫نَذِير ُّمبِي ‪} ٩‬‬
‫كنت أول رسل هللا إلى خلقه‪ ،‬فقد أرسل الرسل من قبلي‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬ما ُ‬
‫َ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫َ َ‬
‫األولى}[النجم‪ ،]56 :‬وما أدري ما يفعل هللا تعالى بي وال بكم‪ ،‬وما أتبع إال ما يوحى ّ‬
‫إلي‪ ،‬وما‬ ‫{ َهذا نذ ٌير م َن النذر‬
‫ه َ‬ ‫ْ‬
‫أنا إال رسول منذر ّبين اإلنذار‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن ُه َو إَل نذ ٌير ُمب ٌين}[األعراف‪.]184 :‬‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫وما أ ْدري َما ُيف َع ُل بي َوَل بك ْم} قال عكرمة‪ ،‬والحسن‪ ،‬وقتادة‪ّ :‬إنها منسوخة‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪{ :‬‬
‫لت هذه اآلية‪ ،‬قال ر ٌ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بقوله‪{ :‬ل َي ْغف َر َل َك ه ُ‬
‫َّللا َما َت َق هد َم م ْن ذ ْنب َك َو َما َتأ هخ َر}[الفتح‪ ،]2 :‬قالوا‪ :‬وملا نز ْ‬
‫جل من‬
‫ُْ ْ َ‬
‫فاعل بنا؟ فأنزل هللا‪{ :‬ل ُي ْدخ َل اَلؤمنين‬
‫ٌ‬ ‫قد ّبين هللا ما هو فاعل بك يا رسول هللا‪ ،‬فما هو‬ ‫املسلمين‪ :‬هذا ْ‬
‫َ ُْ ْ َ َ ه‬
‫ات}[الفتح‪.]5 :‬‬ ‫واَلؤمنات جن ٍ‬
‫ُۡ َ‬
‫ام َن‬ ‫ِيل َ َ ى‬
‫لَع م ِۡثلِهِۦ َفَٔٔ َ‬ ‫ۡ َى َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل أ َر َء ۡي ُت ۡم إِن َكن م ِۡن عِن ِد ٱَّللِ َووُكف ۡرتم بِهِۦ َوش ِه َد شاهِد مِن بَ ِن إِسء‬
‫ۡ َ َ َى‬
‫لظلِم َ‬ ‫ب ُت ۡم إ َن ٱ َ َ َ ۡ‬ ‫َ ۡ َ ۡ َۡ‬
‫ي ‪} ١٠‬‬ ‫َّلل َّل َيهدِي ٱلق ۡوم ٱ ِ‬ ‫وٱستك ر ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قل لهم أيها الرسول‪ :‬أخبروني ْإن كان هذا القرآن الكريم من عند هللا تعالى‪ ،‬وكفرتم به‪ ،‬وشهد‬
‫صحته‪ ،‬فآمن به‪ ،‬واستكبرتم عن اإليمان به‪ّ ،‬إن هللا تعالى ال‬ ‫شاهد من بني إسرائيل كعبد هللا بن سالم على ّ‬
‫ّ‬
‫يوفق القوم الظاملين أنفسهم بشركهم وكفرهم إلى الهدى‪.‬‬
‫ّ‬
‫وجواب الشرط في هذه اآلية محذوف‪ ،‬وتقديره‪ :‬إنكم إذا ضالون‪ ،‬ودل على هذا الجواب قوله تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫ان من عند هَّللا ُث هم َك َف ُرتم بهۦ َمن َأ َ‬
‫َ َ‬ ‫ُ َ ُ‬
‫ض ُّل م همن ُه َو في شقاق َبعيد}[فصلت‪.]52 :‬‬ ‫{قل أ َر َءيتم إن ك‬

‫َ ُ ُ َ َ َ ۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ََ َ َ َ ََُ َ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫ام ُنوا ل ۡو َكن خ ۡريا َما َس َبقونا إ ِ َۡلهِ ِإَوذ ل ۡم َي ۡه َت ُدوا بِهِۦ ف َس َيقولون هىذا إِفك‬‫قوله تعالى‪ { :‬وقال ٱَّلِين كفروا ل َِّلِين ء‬
‫َ‬
‫قدِيم ‪} ١١‬‬
‫واملعنى‪ :‬وقال الذين كفروا باهلل وبرسوله عن الذين آمنوا‪ :‬لو كان اإليمان باهلل تعالى وبالقرآن الذي‬
‫جاء به الرسول خيرا ملا سبقونا إليه‪ ،‬وحين لم يهتدوا بالقرآن‪ ،‬فسيقولون هذا كذب مأثور عن األولين‪.‬‬
‫بأنهم سباقون إلى الخير‪ ،‬فاهلل تعالى أعلم حيث يجعل رسالته‪ ،‬يصطفي‬ ‫ظنهم ّ‬ ‫وقد أخطأ املشركون في ّ‬
‫َُ ُ َ َ ُ َ ه هُ َ‬ ‫ََ َ َ ََه َ ْ َُ ْ َ ْ‬
‫َّللا َعل ْيه ْم م ْن‬ ‫ض ليقولوا أهؤَلء من‬
‫لدينه من يشاء من عباده‪ ،‬وقد قال هللا تعالى‪{ :‬وكذلك فتنا بعضهم ببع ٍ‬
‫َ‬
‫َب ْيننا}[األنعام‪.]53 :‬‬
‫ش ى‬ ‫ْحة ر َو َهى َذا ك َِتىب ُِّّ َصدِق ل َِسانا َع َربيا َِلُنذ َِر ٱ ََّل َ‬
‫ِين َظلَ ُموا َوب ُ ۡ َ‬ ‫وس إ َماما َو َر ۡ َ‬
‫َ ُ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫ى‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ومِن قبلِهِۦ كِتىب ِّ ى ِ‬
‫ۡ‬
‫ل ِل ُم ۡح ِسن َِي ‪} ١٢‬‬
‫مصدق‬‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬ومن قبل القرآن‪ ،‬كتاب موس ى عليه السالم إماما ورحمة لبني إسرائيل‪ ،‬وهذا كتاب‬
‫َ ََْ َ ْ َ َ ْ َ ُ َ ً‬
‫ملا في تلك الكتب التي تقدمته‪ ،‬من عقيدة وعبادة وأخالق‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا‬
‫َ َ‬
‫َلا َب ْين َي َد ْيه}[آل عمران‪ ،]3 :‬أنزله بلسان عربي؛ لينذر الذين ظلموا أنفسهم بالشرك والكفر‪ ،‬وبشارة ملن‬
‫ً‬ ‫َ َ هْ َ َ ْ َ ْ َ ْ ً‬
‫يانا ل ُكل َش ْي ٍء َو ُه ً‬
‫دى َو َر ْح َمة‬ ‫أسلموا هلل تعالى وأحسنوا أعمالهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ونزلنا عليك الكتاب تب‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫َو ُبشرى لل ُم ْسلمين}[النحل‪.]89 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ۡ ۡ َ ُ ۡ َُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن ٱَّل َ‬
‫ِين قالوا َر ُّب َنا ٱ َ ُ‬
‫ون ‪} ١٣‬‬ ‫َّلل ث َم ٱ ۡس َتقى ُموا فل خ ۡوف علي ِهم وَّل هم يزن‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن الذين قالوا‪ :‬رّبنا هللا تعالى ال إله إال هو‪ ،‬ثم استقاموا على توحيده ومالزمة شريعته‪ ،‬فال‬
‫خوف عليهم مما هو آت‪ ،‬وال هم يحزنون على ما فات‪.‬‬
‫َ‬
‫ْ ََ َ ُ ه َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َََ‬ ‫ه ه َ َ ُ َ ُّ َ ه ُ ُ ه ْ َ َ‬
‫استق ُاموا تتن هز ُل َعل ْيه ُم اَلالئكة أَل تخافوا‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إن الذين قالوا ربنا َّللا ثم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َه ه ُُْ ُ َ ُ َ‬ ‫َ َ َُ َْ‬
‫َوَل ت ْحزنوا َو أبش ُروا بالجنة التي كنت ْم توعدون}[فصلت‪ ،]30 :‬وقوله تعالى‪ { :‬أَّل إِن أ ۡو ِ ََلا َء ٱَّللِ َّل خ ۡوف َعل ۡي ِه ۡم‬
‫ََ ُ ۡ ََُۡ َ‬
‫ون ‪[}٦٢‬يونس‪.]62 :‬‬ ‫وَّل هم يزن‬

‫ُ‬
‫َ ۡ َى ُ ََ َى َ َ َ َ َ َ ُ َ ۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ َى‬
‫ون ‪} ١٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أولئِك أصحب ٱلنةِ خ ِِلِين فِيها جزاء بِما َكنوا يعمل‬
‫الجنة ماكثين فيها أبدا‪ ،‬جزاء ما قدموه من أعمال صالحة في الدنيا‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬أولئك أصحاب ّ‬
‫َ ى َ ى ُ َى َ َ ۡ َ ى ُ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ ى ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ ُ‬
‫ت أولئِك أصحب ٱلنةِ هم فِيها خ ِِلون‬ ‫امنوا َوع ِملوا ٱلصل ِح ِ‬
‫‪[} ٨٢‬البقرة‪.]82 :‬‬

‫حَى‬ ‫َ َ َ ۡ َ ۡ َ ى َ َ ى َ ۡ ۡ َ ى َ َ َ ۡ ُ ُ ُّ ُ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ َ ۡ ُ ُ َ َ ى ُ ُ َ َ ى ُ َ‬
‫ون َش ۡهرا َ‬
‫ت‬ ‫ر‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ووصينا ٱ ِإلنسن بِو َِليهِ إِحسنا ْحلته أمهۥ كرها ووضعته كرها وْحلهۥ وف ِصلهۥ ثلث‬
‫ى‬ ‫َ َ َ َ َ ُ َ ُ َ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ َ ۡ ۡ َ ۡ َ ۡ ُ َ ۡ َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ ََ َ َ َى َ ى َ َ َ َ ۡ ۡ َ َ َ‬
‫َ‬
‫ب أوزِع ِن أن أشكر ن ِعمتك ٱل ِت أنعمت لَع ولَع و َِلي وأن أعمل صل ِحا‬ ‫إِذا بلغ أشدهۥ وبلغ أربعِي سنة قال ر ِ‬
‫ۡ‬ ‫ُۡ ُ َۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ك ِإَون م َِن ٱل ُم ۡسلِم َ‬
‫ي ‪} ١٥‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ۡرضى ى ُه َوأ ۡصل ِۡح ِل ِِف ذ ِر َي ِت إ ِ ِن تبت إَِل‬
‫ض‬‫أن يحسن إلى والديه إحسانا كامال في القول والفعل‪ ،‬كما قال تعالى‪َ ۞{ :‬وقَ َ ى‬ ‫واملعنى‪ :‬وأمرنا اإلنسان ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ۡ ََ َ ُ َ َ ُ ََ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُّ َ َ َ‬
‫ِب أ َح ُده َما أ ۡو ِلَكه َما فل تقل ل ُه َما أف َوَّل‬
‫َُ‬ ‫ك أَّل َت ۡع ُب ُدوا إَِّل إِيَاهُ َوب ِٱ ۡل َو ى ِ ََليۡن إ ِ ۡح َ ى‬
‫سنا ر إ ِ َما َي ۡبلغ َن عِندك ٱلك‬ ‫رب‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫َت ۡن َه ۡر ُه َما َوقل ل ُه َما ق ۡوَّل ك ِريما ‪[}٢٣‬اإلسراء‪ ،]23 :‬وقال تعالى‪{ :‬و‬
‫ً‬ ‫َ َو ه َ ْ ْ َ‬
‫ص ْينا اإلن َسان ب َوال َد ْيه ُح ْسنا}[العنكبوت‪،]8 :‬‬
‫ومدة حمله وإرضاعه ثالثون شهرا‪،‬‬ ‫حملته والدته جنينا في بطنها على مشقة وتعب‪ ،‬وولدته على مشقة وتعب‪ّ ،‬‬‫ْ‬
‫حتى إذا بلغ منتهى شبابه واستكمل قواه العقلية والجسمية وبلغ أربعين سنة دعا رّبه‪ :‬ر ّب ألهمني ْأن أشكر‬
‫وأصلح لي في ذ يتي‪ّ ،‬إني ُ‬
‫تبت إليك‬ ‫ْ‬ ‫ّ ّ‬
‫والدي‪ ،‬ووفقني ْأن أعمل عمال صالحا ترضاه‪،‬‬ ‫َ‬
‫أنعمت ّ‬
‫علي وعلى‬ ‫نعمتك التي‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫من جميع ذنوبي‪ ،‬وإني من املستلمين ألمرك املنقادين لحكمك‪.‬‬
‫مدة الرضاع والفصال عامان‬ ‫أقل مدة الحمل هي ستة أشهر‪ ،‬وذلك ّ‬
‫ألن أكثر ّ‬ ‫تدل على ّأن ّ‬
‫وهذه اآلية ّ‬
‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫صال ُه في َع َامين}[لقمان ‪ ،]14 :‬أي‪ :‬أربعة وعشرين شهرا‪ ،‬فإذا طرحت من الثالثين‬ ‫كامالن‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وف‬
‫شهرا‪ ،‬فيكون أقل مدة حمل هي ستة أشهر‪.‬‬

‫ۡ‬
‫ل َنةِ َوع َد‬ ‫او ُز َعن َسَٔٔاتِه ۡم ِف أَ ۡص َ‬
‫حىب ٱ ۡ َ‬ ‫ج َ‬‫ِين َن َت َق َب ُل َع ۡن ُه ۡم أَ ۡح َس َن َما َعملُوا َو َن َت َ‬ ‫ُ َى َ‬
‫ك ٱ ََّل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أولئ ِ‬
‫َ ُ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ١٦‬‬ ‫لص ۡد ِق ٱَّلِي َكنوا يوعد‬
‫ٱ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬أولئك املوصوفون بما ذكر من الصفات الحميدة‪ ،‬هم الذين ّ‬
‫نتقبل عنهم أحسن ما عملوا من‬
‫َ‬
‫األعمال الصالحة‪ ،‬ونتجاوز عن سيئاتهم فال نعاقبهم عليها‪ ،‬لكثرة حسناتهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن الحسنات‬
‫ْيذه ْب َن السيئات}[هود‪ ،]114 :‬وهو في جملة أصحاب ّ‬
‫الجنة‪ ،‬وعد هللا تعالى املؤمنين بتقبل حسناتهم وتجاوز‬
‫سيئاتهم َ‬
‫وعد الصدق الذي كانوا يوعدون‪.‬‬

‫َۡ َ ُ َ َۡ َ َ‬
‫يثان ٱ ََّللَ‬ ‫ُُۡ ُ‬ ‫َۡ ُ ۡ َ َ ََۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َى َ ۡ ُ َ ُ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱَّلِي قال ل ِو َِليهِ أف لكما أتعِدان ِِن أن أخرج وقد خل ِ‬
‫ت ٱلقرون مِن قب َِل وهما يستغِ ِ‬
‫ۡ َ َ ۡ َ َ َ ََُ ُ َ َ َ َ ََ ُ َۡ‬ ‫ََۡ َ‬
‫ري ٱل َول َِي ‪} ١٧‬‬ ‫ك َءامِن إِن وعد ٱَّللِ حق فيقول ما هىذا إَِّل أ ى‬
‫س ِط‬ ‫ويل‬

‫نس إ َن ُه ۡم ََكنُوا َخ ى ِّس َ‬


‫ين ‪١٨‬‬
‫َ ۡ َ ۡ‬
‫إل‬‫ٱ‬‫و‬ ‫ن‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ِين َح َق َعلَ ۡيه ُم ٱ ۡل َق ۡو ُل ِف أُ َِّم قَ ۡد َخ َل ۡ‬
‫ت مِن َق ِۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ َى َ َ‬
‫َّل‬‫قوله تعالى‪ { :‬أولئِك ٱ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬أولئك القائلون هذه املقالة لوالديهم هم الذين وجب عليهم القول الحق بالعذاب في جملة‬
‫الجن واإلنس‪ّ ،‬إنهم كانوا خاسرين أنفسهم وأهليهم يوم القيامة‪.‬‬ ‫األمم الذين مضوا من قبلهم من ّ‬
‫َُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ‬
‫قال فال َح ُّق َوال َح هق أقو ُل (‪)84‬‬ ‫دل عليه قوله تعالى‪{ :‬‬ ‫واملراد بالقول في هذه اآلية القول بالعذاب‪ّ ،‬‬
‫ْ ه ه‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ََ ََ‬
‫َلن َج َهن َم‬ ‫أل ْمَل هن َج َهن َم من َك َوم هم ْن تب َع َك م ْن ُه ْم أ ْج َمعين}[ص‪ ،]85 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬ولك ْن َح هق الق ْو ُل مني ألم‬
‫}[السجدة‪.]13 :‬‬ ‫الناس َأ ْج َمع َين ّ‬ ‫َ ْ ه َ ه‬
‫من الجنة و‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ُ َ َ ُ ۡ ۡ َى ُ ۡ َ ُ ۡ ُ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ول ِك َد َر َ‬ ‫ُ‬
‫ون ‪} ١٩‬‬ ‫ج ىت ِّ َِما َع ِملوا و َِلوفِيهم أعملهم وهم َّل يظلم‬
‫ٌ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ولكل من كافري ا ّ‬
‫ال لك ٍل ض ْعف‬ ‫لجن واإلنس درجة في النار مما عملوا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ق‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ٍ‬
‫ه َْ ُ ْ َ َ ً َ ْ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ه َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬
‫َولك ْن َل ت ْعل ُمون}[األعراف‪ ،]38 :‬وقال تعالى‪{ :‬الذين كفروا وصدوا عن سبيل َّللا زدناهم عذابا فوق‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫ْ َ‬
‫ال َعذاب ب َما كانوا ُيفس ُدون}[النحل‪ ،]88 :‬وليوفيهم هللا تعالى جزاء أعمالهم‪ ،‬وهم ال يظلمون مثقال ذرة‪.‬‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ول ُكل َد َ َج ٌ‬
‫ات م هما َعملوا َو َما َرُّب َك بغاف ٍل َع هما َي ْع َملون}[األنعام‪.]132 :‬‬ ‫ٍ ر‬

‫َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ َ‬ ‫ََ‬ ‫َََۡ َُۡ ُ َ َ ََ‬


‫ِين كف ُروا لَع ٱلَارِ أذه ۡب ُت ۡم َطي ِ َبىتِك ۡم ِِف َح َيات ِك ُم ٱ َُّلن َيا َوٱ ۡس َت ۡم َت ۡع ُتم ب ِ َها فٱَلَ ۡو َم‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ويوم يعرض ٱَّل‬
‫َ ۡ َۡ َ َ ُ ُ ۡ َ ۡ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ ُۡ َۡ َ ۡ ُ َ‬ ‫ُۡ َ ۡ َ َ َ َ ُۡ‬
‫ون ‪} ٢٠‬‬ ‫ري ٱل ِق وبِما كنتم تفسق‬ ‫ون بِما كنتم تستك ِبون ِِف ٱلۡر ِض بِغ ِ‬
‫تزون عذاب ٱله ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ويوم يعرض الذين كفروا على النار‪ ،‬وأظهرت لهم حتى يشاهدوا أهوالها‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ضا}[الكهف‪ ،]100 :‬فيقال لهم‪ :‬أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا‪،‬‬ ‫ض َنا َج َه هن َم َي ْو َمئذ ل ْل َكافر َ‬
‫ين َع ْر ً‬ ‫{ َو َع َر ْ‬
‫ٍ‬
‫فاليوم تهانون أيها الكفار أشد اإلهانة‪ ،‬بسبب استكباركم عن اإليمان في األرض بغير ا ّ‬
‫لحق‪،‬‬ ‫َ‬ ‫واستمتعتم بها‪،‬‬
‫وبسبب خروجكم عن طاعة هللا تعالى‪.‬‬

‫ََ َ ُۡ ُ َ‬ ‫َۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ََۡ َ َ‬ ‫َ ۡ ُۡ َ َ َ ۡ َ َ َ ََُۡ َۡۡ َ‬


‫ي يديهِ ومِن خلفِهِۦ أَّل تعبدوا إَِّل‬
‫ت ٱلذر مِن ب ِ‬ ‫اف وقد خل ِ‬
‫قوله تعالى‪۞{ :‬وٱذكر أخا َع ٍد إِذ أنذر قومهۥ ب ِٱلحق ِ‬
‫َ َ ُ َ َۡ ُ‬
‫ك ۡم َع َذ َ‬ ‫ٱ ََ‬
‫اب يَ ۡو ٍم َع ِظيم ‪} ٢١‬‬ ‫َّلل إ ِ ِن أخاف علي‬
‫اهم ُهودا}[األعراف‪:‬‬ ‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول أخا عاد وهو هود عليه السالم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وإ َلى َعاد َأ َخ ُ‬
‫ٍ‬
‫خوف قومه بواد األحقاف باليمن‪ ،‬وقد مضت الرسل التي تنذر من قبل هود ومن بعده‪ ،‬بأال تعبدوا‬ ‫‪ ،]65‬حين ّ‬
‫ّ‬
‫إال هللا وحده‪ ،‬فأخلصوا له العبادة والطاعة‪ ،‬إني أخاف عليكم ْإن تعبدوا إلها غيره ْأن يحل لكم عذاب يوم‬
‫عظيم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫صاع َقة َعاد َوث ُم َ‬ ‫صاع َق ًة م ْث َل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضوا ف ُق ْل أ ْن َذ ْرُت ُك ْم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فإ ْن أ ْع َر ُ‬
‫ود (‪ )13‬إذ‬ ‫ٍ‬
‫الر ُس ُل م ْن َب ْين َأ ْيديه ْم َوم ْن َخ ْلفه ْم َأ هَل َت ْع ُب ُدوا إ هَل ه َ‬
‫َج َاء ْت ُه ُم ُّ‬
‫َّللا}[فصلت‪.]13-14 :‬‬

‫ُ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا أج ۡئتَ َنا ِلِ َأف ِك َنا َع ۡن َءال َِهت ِ َنا فأت َِنا ب َما تَعِ ُدنَا إن ك َ‬
‫نت م َِن ٱ َ ى‬
‫لص ِدق َِي ‪} ٢٢‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬قالت عاد لهود عليه السالم‪ :‬أجئتنا لتصرفنا عن عبادة آلهتنا إلى عبادة هللا‪ ،‬فأتنا بما تعدنا‬
‫كنت من الصادقين في وعدك ووعيدك‪.‬‬ ‫به من العذاب‪ْ ،‬إن َ‬
‫َ َ‬ ‫َُ َْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ق ُالوا َأج ْئ َت َنا ل َن ْع ُب َد ه َ‬
‫َّللا َو ْح َد ُ َونذ َر َما كان َي ْع ُب ُد َآباؤنا فأتنا ب َما تع ُدنا‬
‫الصادقين}[األعراف‪.]70 :‬‬
‫َ‬ ‫إ ْن ُك ْن َت م َن ه‬

‫َ ُ‬
‫َى ُ ۡ ۡ َۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫ُ َ َ َ َ ُ ُ‬
‫كم َما أ ۡرسِل ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪} ٢٣‬‬ ‫ت بِهِۦ َول ىك ِِن أرىكم قوما تهل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قال إِن َما ٱلعِلم عِند ٱَّللِ وأبل ِغ‬
‫وأبلغكم ما أ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سلت به إليكم‬ ‫ر‬ ‫واملعنى‪ :‬قال هود عليه السالم‪ :‬إنما العلم بمجيء العذاب عند هللا تعالى‪،‬‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُُ‬
‫من األوامر والنواهي التي فيها صالحكم‪ ،‬كما قال تعالى على لسان هود عليه السالم‪{ :‬أ َبلغك ْم ر َساَلت َربي َو أنا‬
‫َل ُك ْم َناص ٌح َأم ٌين}[األعراف‪ّ ،]68 :‬‬
‫ولكني أراكم يا قومي قوما تجهلون في استعجالكم العذاب‪.‬‬

‫قوله تعالى‪ { :‬فَلَ َما َرأَ ۡو ُه ََعرضا ُِّّ ۡس َت ۡقب َل أَ ۡودِيَتِه ۡم قَالُوا َهى َذا ََعرض ُِّّ ۡمط ُرنَا ر بَ ۡل ُه َو َما ٱ ۡس َت ۡع َ‬
‫ج ۡل ُتم بهِۦ ريح ف َ‬
‫ِيها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬
‫َعذاب أ َِلم ‪} ٢٤‬‬
‫فلما رأوا السحاب في السماء متجها نحو أوديتهم في األحقاف‪ ،‬قالوا‪ :‬هذا سحاب ممطر لنا‪،‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫فقال لهم هود عليه السالم‪ :‬بل هو العذاب الذي استعجلتم به‪ ،‬فهو ريح فيها عذاب أليم موجع‪ ،‬كما قال‬
‫صر َعات َي ٍة ‪َ .‬س هخ َر َها َع َل ْيه ْم َس ْب َع َل َيال َو َث َمان َي َة َأ هيام ُح ُس ً‬
‫وما}[الحاقة‪.]6-7 :‬‬ ‫تعالى‪َ { :‬و َأ هما َع ٌاد َف ُأ ْهل ُكوا بريح َ‬
‫ص ْر َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ۡ‬
‫نزي ٱل َق ۡو َم ٱل ُم ۡجرم َ‬‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬
‫َ ۡ‬ ‫ى إَّل َم َ ى ُ ُ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ َ ُ‬ ‫ۡ َ َ‬
‫يشء ب ِأِّ ِر ربِها فأصبحوا َّل ي َر ى ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬تُ َدم ُِر ُك ۡ‬
‫ِي ‪}٢٥‬‬ ‫ِ‬ ‫سكِنه رم كذ ىل ِك ِ‬
‫أتت عليه بأمر ّربها وإذنه‪ ،‬فأصبحوا ال يرى في أوديتهم إال مساكنهم‪،‬‬ ‫تدمر تلك الريح كل ش يء ْ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫الرميم}[الذاريات‪ ،]42 :‬كما جازينا عادا بجرائمهم‪،‬‬ ‫كما قال تعالى‪َ { :‬ما َت َذ ُر م ْن َش ْي ٍء َأ َت ْت َع َل ْيه إَل َج َع َل ْت ُه َك ه‬
‫نجزي القوم املجرمين‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ َ َ َۡ َُ ۡ َ ۡ ََۡ َ ى ََۡ َ َ َ َ ۡ َى َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َََ ۡ َ َ‬


‫ن ع ۡن ُه ۡم َس ۡم ُع ُه ۡم َوَّل‬ ‫ِيما إِن َمك َنىك ۡم فِيهِ وجعلنا لهم سمعا وأبصرا وأفدة فما أغ‬ ‫ك َنى ُه ۡم ف َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولقد م‬
‫َۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ‬ ‫َ ۡ ۡ َ ُ َۡ‬ ‫َ َ ُ َ َۡ َُ‬
‫ون ‪} ٢٦‬‬ ‫ت ٱَّللِ َو َحاق ب ِ ِهم َما َكنوا بِهِۦ يسته ِزء‬
‫يش ٍء إِذ َكنوا ُي َح ُدون ب ِأي ى ِ‬ ‫أبۡص ى ُره ۡم َوَّل أفإ ِدت ُهم مِن‬
‫ّ‬
‫مقدار لم نمك ْنكم فيه يا أهل مكة من القوة في األجسام‪ ،‬وكثرة األموال‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد ّ‬
‫مكنا عادا في‬
‫تغن عنهم شيئا إذ كانوا يجحدون‬ ‫وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة ولم يستعملوها في الخير واالهتداء‪ ،‬فلم ِ‬
‫بآيات هللا تعالى‪ ،‬وأحاط بهم العذاب الذي كانوا يستهزؤون به في الدنيا‪.‬‬
‫ْ‬
‫كذبت الرسل أهلكهم هللا؛‬ ‫وهذه األية تهدد كفار مكة ّ‬
‫بأن األمم املاضية التي كانت أشد منهم قوة‪ ،‬ملا‬
‫ََ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َََ‬
‫ُ‬
‫ليخوفهم من تكذيب الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬كما قال تعالى‪۞ { :‬أولم يسِ ريوا ِِف ٱلۡر ِض فينظروا‬ ‫وذلك ّ‬
‫َ َ‬ ‫ََ َ َ ُ ُ َُ ُُ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ُ ََ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ َ َ َى َُ َ َ َ ُ‬
‫َّلل بِذنوب ِ ِه ۡم َو َما َكن‬ ‫ِين َكنوا مِن ق ۡبل ِ ِه ۡ رم َكنوا ه ۡم أش َد م ِۡن ُه ۡم ق َوة َو َءاثارا ِِف ٱلۡر ِض فأخذهم ٱ‬
‫كيف َكن عقِبة ٱَّل‬
‫َ‬
‫ل ُهم م َِن ٱ ََّللِ مِن َواق ‪[}٢١‬غافر‪.]21 :‬‬

‫َى َ َ َ ُ ۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُۡ ى َ َ َۡ‬ ‫َََ ۡ َۡ َ ۡ َ َ َ َۡ ُ‬


‫ت لعلهم ير ِجعون ‪} ٢٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولقد أهلكنا ما حولكم مِن ٱلقرى وَصفنا ٱٓأۡلي ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد أهلكنا ما حولكم يا أهل مكة من أهل القرى‪ ،‬وأوضحنا اآليات‪ ،‬لكي يرجعوا عما كانوا‬
‫عليه من الكفر‪.‬‬
‫وقد أخبر هللا تعالى ّأن الكفار ال يزالون تصيبهم القوارع والباليا بسبب تكذيبهم بالقرآن الكريم‪ ،‬أو‬
‫ت بهِ ٱ ۡلَۡر ُض أ َ ۡو ُُك ِمَ‬ ‫ل َب ُال أَ ۡو ُقط َع ۡ‬‫ۡ‬ ‫َ َۡ َ َ ُ ۡ َ ُ َ ۡ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تصيب من حولهم ليعتبروا بهالكهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ولو أن قرءانا س ِريت بِهِ ٱ ِ‬
‫اس َۡجِيعا َو ََّل يَ َز ُال ٱ ََّل َ‬
‫ِين‬ ‫ام ُنوا أَن ل َ ۡو ي َ َشا ُء ٱ َ ُ‬
‫َّلل ل َ َه َدى ٱ َل َ‬ ‫ت بَل ِ ََّللِ ٱ ۡلَ ِّۡ ُر َۡجِيعا أَفَلَ ۡم يَا ۡئَٔ ِس ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫ۡ‬
‫بِهِ ٱل َم ۡو َ ى‬
‫َ ۡ َ َى َۡ َ َ ۡ ُ َ َ ََ َ ُۡ ُ ۡ َ َ‬ ‫َ َ ُ ُ ُ ُ َ َ َ ُ َ َ َ ۡ َ ُ ُّ َ‬
‫اد ‪[}٣١‬الرعد‪:‬‬ ‫َّللِ إِن ٱَّلل َّل يل ِف ٱل ِميع‬ ‫صيبهم بِما صنعوا قارِعة أو تل ق ِريبا مِن دارِهِم حت يأ ِِت وعد ٱ ر‬ ‫كفروا ت ِ‬
‫‪.]31‬‬

‫َ ُ‬ ‫َ َ ۡ ُ‬ ‫ۡ َ ُّ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َََۡ َ َ َ ُ ُ َ َ ََ ُ‬
‫ون ٱَّللِ ق ۡر َبانا َءال َِهَۢةٔ بَل ضلوا ع ۡن ُه ۡ رم َوذ ىل ِك إِفك ُه ۡم َو َما َكنوا‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فلوَّل نُصهم ٱَّلِين ٱَتذوا مِن د ِ‬
‫َۡ َُ َ‬
‫ون ‪} ٢٨‬‬ ‫يفت‬
‫واملعنى‪ :‬فهال نصر هؤالء الذين أهلكناهم شركاؤهم الذين اتخذوا عبادتهم قربانا ّ‬
‫يتقربون إلى هللا‪ ،‬بل‬
‫غابوا عنهم‪ ،‬وذلك زعمهم الكاذب‪ ،‬وافتراؤهم بقولهم ّإنهم شركاء هللا تعالى‪.‬‬
‫َ َۡ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ َ َُ ۡ َۡ َ َ ُ ُ ۡ َ ۡ ُ ُ َ‬
‫ون ‪ ٩٢‬مِن ُدون ٱَّللِ هل ي ُ‬
‫نُصونك ۡم أ ۡو‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬وقِيل لهم أين ما كنتم تعبد‬
‫ِ‬
‫َ َ ُ َ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ َُ ۡ َۡ َ َ ُ ُ ۡ ُۡ ُ َ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫ون ٱَّللِ قالوا ضلوا‬
‫شوُكون ‪ ٧٣‬مِن د ِ‬
‫ُصون ‪[} ٩٣‬الشعراء‪ ،]92-93 :‬وقوله تعالى‪ { :‬ثم قِيل لهم أين ما كنتم ت ِ‬ ‫ينت ِ‬
‫ك ىفِر َ‬ ‫ۡ‬
‫َ َ ى َ ُ ُّ َ ُ َ‬ ‫كن نَ ۡد ُعوا مِن َق ۡب ُل َ ۡ‬ ‫َ‬
‫ََ َ ۡ َ ُ‬
‫ين ‪[}٧٤‬غافر‪.]73-74 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ضل ٱَّلل ٱل‬
‫يشٔٔار كذل ِك ي ِ‬ ‫عنا بل لم ن‬

‫َ ۡ َۡ َ ُ َ َُۡۡ َ َََ َ َ ُ ُ َ ُ َ ُ َََ ُ َ َ َ‬ ‫ۡ َ َ ۡ َ َۡ َ ََ‬


‫ض َول ۡوا إ ِ ىل‬‫نصتوا فلما ق ِ‬
‫ل ِن يست ِمعون ٱلقرءان فلما حُضوه قالوا أ ِ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذ َصفنا إَِلك نفرا مِن ٱ ِ‬
‫قَ ۡو ِِّهم ُّمنذِر َ‬
‫ين ‪} ٢٩‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فلما حضروه‬ ‫الجن يستمعون منك القرآن الكريم‪ّ ،‬‬ ‫وجهنا إليك طائفة من ّ‬ ‫واذكر أيها الرسول حين ّ‬
‫ُ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫}[الجن‪ ،]19 :‬قال بعضهم لبعض‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ببطن نخلة متزاحمين عليك‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ك ُادوا َيكونون َعل ْيه ل َب ًدا‬
‫فلما فرغ الرسول صلى هللا عليه وسلم من تالوة القرآن‪ ،‬رجعوا إلى قومهم منذرين‬ ‫أنصتوا إلى تالوة القرآن‪ّ ،‬‬
‫لهم من مخالفة القرآن‪.‬‬
‫ه ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ومعنى القضاء في هذه اآلية أي الفراغ‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬فإذا قضيت الصالة}[الجمعة‪ ،]10 :‬وقوله‬
‫ات في َي ْو َم ْين ّ‬ ‫ََ َ ُ ه َ َ َ َ‬
‫}[فصلت‪.]12 :‬‬ ‫تعالى‪{ :‬فقضاهن س ْبع س َمو ٍ‬
‫شك ّأن ّ‬
‫الجن‬ ‫الجن ُنذر‪ ،‬وليس فيهم سل‪ :‬وال ّ‬ ‫دل بهذه اآلية على ّأنه في ّ‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬وقد ُ‬
‫است ّ‬
‫ر‬
‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬
‫لم َيبعث هللا منهم رسوال؛ لقوله‪َ { :‬و َما أ ْر َسلنا م ْن ق ْبل َك إَل ر َجاَل نوحي إل ْيه ْم م ْن أ ْهل الق َرى}[يوسف‪،]109 :‬‬ ‫ْ‬
‫َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ ۡ َ‬
‫َ‬ ‫َ َ َۡ َ َۡ ََۡ َ َ ُۡۡ َ َ َ َُ ۡ َ ۡ ُ ُ َ َ َ َ ََۡ ُ َ‬
‫اق َو َج َعل َنا َب ۡعضك ۡم لِ َ ۡعض‬
‫وقال‪ { :‬وما أرسلنا قبلك مِن ٱلمرسل ِي إَِّل إِنهم َلَأكلون ٱلطعام ويمشون ِِف ٱلسو ِ‬
‫ُّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َۡ ََ ۡ ُ َ‬
‫ون َو َك َن َر ُّب َك بَ ِصريا ‪[}٢٠‬الفرقان‪ ،]20 :‬وقال ْ‬
‫عن إبراهيم الخليل‪َ { :‬و َج َعلنا في ذرهيته الن ُب هوة‬ ‫ف ِتنة أتص ِب‬
‫اب}[العنكبوت‪.]27 :‬‬ ‫َو ْالك َت َ‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َََۡ َ َ َۡ َ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا ي ىقومنا إِنا س ِمعنا كِتىبا أنزِل مِن بع ِد ِّوس ِّصدِقا ل ِما بي يديهِ يهدِي إِل ٱل ِق ِإَول طرِيق‬
‫ُِّّ ۡس َتقِيم ‪} ٣٠‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قالوا‪ :‬يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موس ى عليه السالم‪ ،‬مؤيدا ومصدقا ملا تقدمه‬
‫َ َه‬ ‫ُ ُ‬
‫من الكتب السماوية‪ ،‬يهدي إلى الحق والصواب‪ ،‬وإلى طريق صحيح قويم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ق ْل أوح َي إل هي أن ُه‬
‫َ ُّ ْ َ ه‬ ‫َ ُ ً‬ ‫ََ ُ ه‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ََ‬
‫الرشد ف َآمنا به}[الجن‪.]1-2 :‬‬ ‫است َم َع نف ٌر م َن الجن فقالوا إنا َسم ْعنا ق ْر آنا َع َج ًبا (‪َ )1‬ي ْهدي إلى‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ۡ َ‬ ‫ُ ُ ۡ َُ ۡ ُ‬ ‫ُ‬
‫َۡ ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ي ى َق ۡو َم َنا أج ُ‬
‫يبوا َد ِ َ َ َ َ ُ‬
‫اب أ َِلم ‪} ٣١‬‬
‫جركم مِن عذ ٍ‬ ‫اِع ٱَّللِ وءامِنوا بِهِۦ يغفِر لكم مِن ذنوبِكم وي ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬يا قومنا أجيبوا دعوة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إلى توحيد هللا تعالى‪ ،‬وآمنوا به‪ْ ،‬‬
‫يغفر‬
‫لكم بعض ذنوبكم‪ ،‬وينقذكم من عذاب أليم موجع‪.‬‬
‫الجن غفران ذنوبه‪ ،‬وإنقاذه من عذاب أليم‪ ،‬وقد ّبين هللا تعالى أنّ‬ ‫تبين هذه اآلية ّأن جزاء املؤمن من ّ‬ ‫ّ‬
‫ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ََ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الجن إدخاله النار‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولكن َح هق القو ُل مني ألمَل هن َج َهن َم م َن الجنة َوالناس‬
‫جزاء الكافر من ّ‬
‫َ َ َ‬
‫جمعين}[السجدة ‪.]13 :‬‬ ‫أ‬

‫َ ۡ َ ُ ُ َى َ‬
‫ك ِف َض َل ىل ُّ‬ ‫ُ‬ ‫اِع ٱ ََّللِ فَلَ ۡي َس ب ُم ۡعجز ِف ٱ ۡلَۡر ِض َولَ ۡي َس َ ُ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ََ َ ُ ۡ َ‬
‫ي‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬‫ل‬ ‫و‬‫أ‬ ‫ر‬ ‫ء‬ ‫ا‬‫َل‬
‫ِ‬ ‫و‬‫أ‬ ‫ۦ‬‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ن‬ ‫و‬‫د‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ۥ‬‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ُيب‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ومن َّل ِ‬
‫‪} ٣٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬ومن ال يجب دعوة رسول هللا صلى هللا على وسلم إلى توحيد هللا تعالى‪ ،‬فله العذاب‪ ،‬وليس‬
‫بقادر على الهروب منه في األرض وال في السماء‪ ،‬وليس له من دون هللا تعالى أنصار ينصرونه من العذاب‪ ،‬كما‬
‫َ‬ ‫َُ‬
‫الس َماء َو َما لك ْم م ْن ُدون هَّللا م ْن َول ٍي َوَل نص ٍير}[العنكبوت‪:‬‬ ‫قال تعالى‪َ { :‬و َما َأ ْن ُت ْم ب ُم ْعجز َ‬
‫ين في األ ْرض َوَل في ه‬
‫‪ ،]22‬أولئك في ضالل واضح عن الحق‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫ََى َ ُۡ‬


‫يـِ َي ٱل َم ۡو َ ى‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َ َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ََۡ َ َۡ َۡ‬ ‫ََ َۡ ََ ۡ َ َ ََ َ‬
‫ت‬ ‫ع ِِبلقِ ِه َن بِقىد ٍِر لَع أن‬ ‫ت وٱلۡرض وٱلۡرض ولم ي‬‫َّلل ٱَّلِي خلق ٱلسم ىو ى ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أو لم يروا أن ٱ‬
‫َ َ َ ُ َ َى ُ َ ۡ َ‬
‫يشء قدِير ‪} ٣٣‬‬ ‫ُك‬ ‫ب ى‬
‫َل ر إِنهۥ لَع ِ‬
‫واملعنى‪ :‬أولم يعلم هؤالء املنكرون للبعث ّأن هللا الذي خلق السماوات واألرض من غير مثال سابق‪،‬‬
‫ّ‬
‫خلقهن‪ ،‬بقادر على ْأن يحيي املوتى؟ بلى‪ ،‬هللا قادر على ذلك‪ ،‬فإنه أهون من خلق السماوات‬ ‫ّ‬ ‫ولم يعجز عن‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫اس َّل َي ۡعل ُمون‬ ‫ك َ‬
‫َّث ٱلَ ِ‬ ‫ك َن أ‬ ‫ب م ِۡن َخل ِق ٱلَ ِ‬
‫اس َول ى ِ‬ ‫كَُ‬ ‫ت َوٱلۡر ِض أ‬ ‫لل ُق ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫واأل ض‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬‬
‫ر‬
‫‪[}٥٧‬غافر‪ّ ،]57 :‬إن هللا تعالى على كل ش يء قدير‪.‬‬
‫َ َ ْ ُْ َْ َ‬ ‫َ َ َ ه َ َ َ ْ َْ َ َ‬ ‫َََْ َ ه‬
‫ض بقاد ٍر َعلى أن َيخل َق مثل ُه ْم َبلى‬ ‫س الذي خلق السماوات واألر‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬أولي‬
‫يم}[يس‪.]81 :‬‬ ‫َو ُه َو ْال َخ هال ُق ْال َعل ُ‬
‫ُ‬ ‫َل َو َرب َنا ر قَ َال فَ ُذوقُوا ٱ ۡل َع َذ َ‬‫َۡ َ ُ َ َ‬ ‫َ َ ۡ َ ُ ۡ َ ُ َ َ َ َ ُ ََ َ ََۡ َ َى َ‬
‫اب ب ِ َما كنتُ ۡم‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫ال‬‫ق‬ ‫ق‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ويوم يعرض ٱَّلِين كفروا لَع ٱلارِ أليس ه ِ ِ‬
‫ل‬ ‫ٱ‬‫ب‬ ‫ا‬‫ذ‬
‫َ ۡ ُُ َ‬
‫ون ‪} ٣٤‬‬‫تكفر‬
‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬ويوم يعرض الذين كفروا على النار‪ ،‬وأظهرت لهم حتى يشاهدوا أهوالها‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ضا}[الكهف‪ ،]100 :‬فيقال لهم‪ :‬أليس هذا العذاب بالحق؟‪ ،‬قالوا‪ :‬بلى‬ ‫ض َنا َج َه هن َم َي ْو َمئذ ل ْل َكافر َ‬
‫ين َع ْر ً‬ ‫{ َو َع َر ْ‬
‫ٍ‬
‫وربنا‪ ،‬هو الحق‪ ،‬يقال لهم‪ :‬فذوقوا هذا العذاب بسبب كفركم في الدنيا‪.‬‬ ‫ّ‬

‫َُ ۡ َ ََ ُ ۡ َۡ َ ََ ۡ َ َ ُ َ َ َ ۡ ُ َ‬ ‫َ ۡ ۡ َ َ َ َ َ ُ ُ ۡ َ ۡ َ ُّ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ‬
‫وع ُدون ل ۡم يَل َبثوا إَِّل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فٱص ِب كما صب أولوا ٱلعز ِم مِن ٱلرس ِل وَّل تستع ِ‬
‫جل له رم كأنهم يوم يرون ما ي‬
‫َ َى َ َ ۡ ُ ۡ َ ُ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ ى ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َس َ‬
‫ون ‪}٣٥‬‬ ‫اعة مِن ن َهارٔر بلغر فهل يهلك إَِّل ٱلقوم ٱلفسِق‬
‫واملعنى‪ :‬فاصبر أيها الرسول الكريم كما صبر أولو العزم من الرسل‪ ،‬وال تستعجل لقومك العذاب‪،‬‬
‫كأنهم يوم يعاينون العذاب الذي يوعدون به لم يمكثوا في الدنيا إال قدر ساعة من ساعات النهار‪ ،‬كما قال‬ ‫ّ‬
‫ين}[املؤمنون‪،]113 -112 :‬‬ ‫ما َأ ْو َب ْع َ‬
‫ض َي ْوم َف ْس َئل ْالعاد َ‬ ‫َ ُ َ ْ َْ ً‬
‫و‬ ‫ي‬ ‫نا‬ ‫ث‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫قال‬ ‫ين‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫د‬
‫َ ْ َ ُْ ْ َْ‬
‫األ ْرض َع َد َ‬ ‫تعالى‪{ :‬كم لبثتم في‬
‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫وقال تعالى‪ { :‬كأ َن ُه ۡم يَ ۡو َم يَ َر ۡو َن َها ل ۡم يَل َب ُثوا إَِّل َعشِ َية أ ۡو ُض َحى ى َها ‪[}٤٦‬النازعات‪ ،]46 :‬هذا القرآن الكريم بالغ‬
‫َ ً َ‬ ‫َْ‬ ‫ٌ ه‬
‫للناس‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬هذا َبالغ للناس َول ُينذ ُروا به}[إبراهيم‪ ،]52 :‬وقال تعالى‪{ :‬إ هن في هذا ل َبالغا لق ْو ٍم‬
‫ين}[األنبياء‪ ،]106 :‬وال يهلك إال القوم الخارجون عن طاعة هللا تعالى‪.‬‬ ‫عابد َ‬
‫وقد نهى هللا تعالى الرسو َل صلى هللا عليه وسلم عن استعجال حلول العذاب بالكفار‪ ،‬وأمره‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ه‬ ‫ُْ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫بإمهالهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وذ ْرني َواَلكذبين أولي الن ْع َمة َو َمهل ُه ْم قليال}[املزمل‪ ،]11 :‬وقال تعالى‪{ :‬ف َمهل‬
‫َ َ ْ‬ ‫َْ‬
‫ين أ ْمهل ُه ْم ُر َو ْي ًدا}[الطارق‪.]17 :‬‬‫الكافر‬
‫ُ َُ‬
‫ورة ُم َح همد‬ ‫س‬
‫وهي مدنية وعدد آياتها ثمان وثالثون‬

‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ ُ َ َ ُّ َ َ‬ ‫َ‬
‫يل ٱ ََّللِ أ َضل أ ۡع َم ىل ُه ۡم ‪} ١‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِين كفروا وصدوا عن سب ِ ِ‬
‫وصدوا الناس عن دين هللا الحق‪ ،‬أبطل هللا تعالى أعمالهم‪ ،‬ولم‬ ‫واملعنى‪ :‬الذين كفروا باهلل وبرسوله ّ‬
‫َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يجعل لها ثوابا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وقد ِۡم َنا إ ِ ىل َما َع ِملوا م ِۡن َع َمل ف َج َعل َنى ُه َه َباء َم ُنثورا ‪[}٢٣‬الفرقان‪.]23 :‬‬

‫ََ َ‬ ‫َم َمد َو ُه َو ٱ ۡ َ‬


‫ل ُّق مِن َرب ِ ِه ۡم كف َر ع ۡن ُه ۡم‬
‫َى َ ى َ َ َ ُ َ ُ َ َ َ ى ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ِين َء َ ُ‬
‫امنوا َوع ِملوا ٱلصل ِح ِ‬
‫ت وءامنوا بِما ن ِزل لَع‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ََّل َ‬
‫َ َ َ‬
‫سَٔٔات ِ ِه ۡم َوأ ۡصل َح بَال ُه ۡم ‪} ٢‬‬
‫ِ‬
‫َ‬

‫واملعنى‪ :‬والذين آمنوا باهلل وبرسوله وعملوا األعمال الصالحة‪ ،‬وآمنوا بالقرآن الذي ّنزل على النبي‬
‫محمد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وهو الحق الذي ال يب فيه من ّبهم‪ّ ،‬‬
‫كفر هللا تعالى عنهم خطيئاتهم‪ ،‬وجزاهم‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬
‫الصال َحات لنكف َرن َع ْن ُه ْم َسيئاته ْم‬ ‫بإصالح حالهم في الدنيا واآلخرة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬والذ َ‬
‫ين َآمنوا َو َعملوا ه‬
‫ُ َ‬ ‫ه َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫َولن ْجزَي هن ُه ْم أ ْح َس َن الذي كانوا َي ْع َملون}[العنكبوت‪.]7 :‬‬

‫ل َق مِن َربه ۡم َك َذ ىل َِك يَ ُۡض ُب ٱ َ ُ‬


‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ام ُنوا ٱ َت َب ُ‬
‫ِين َء َ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َ ُ ََ ُ َۡ َ ََ َ َ‬
‫َّلل‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ر‬ ‫ٱ‬ ‫وا‬ ‫ع‬ ‫َّل‬‫قوله تعالى‪ { :‬ذ ىل ِك بِأن ٱَّلِين كفروا ٱتبعوا ٱلبى ِطل وأن ٱ‬
‫َۡ َ َ‬
‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫اس أمٰىلهم ‪} ٣‬‬ ‫ل َِلن ِ‬

‫َ َ ى َ َ ۡ َ ُ ُ ُ ۡ َ ُ ُّ ۡ َ َ َ‬
‫اق فَإ َما َم َنا َب ۡع ُد َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُُ َ َ ََُ َ َ ۡ َ‬
‫ِإَوما ف َِداء‬ ‫ِ‬ ‫اب حت إِذا أثنتموهم فشدوا ٱلوث‬ ‫لرق ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فإِذا لقِيتم ٱَّلِين كفروا فُضب ٱ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ُ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َُ َ ۡ َ ُ‬ ‫ى‬ ‫َ َ َ َ َ َۡ ۡ ُ َ ۡ َ َ َ َى َ َ َ ۡ َ َ ُ َ ُ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ‬
‫يل‬
‫كن َِلبلوا بعضكم بِبعض وٱَّلِين قتِلوا ِِف سب ِ ِ‬ ‫ت تضع ٱلرب أوزارها ر ذل ِك ولو يشاء ٱَّلل ّلنتُص مِنهم ول ِ‬ ‫ح ى‬
‫َ َ َ‬ ‫ََ‬
‫ٱ ََّللِ فلن يُ ِضل أ ۡع َم ىل ُه ۡم ‪} ٤‬‬
‫الكفار في ساحة القتال‪ ،‬فاصدقوهم القتال‪ ،‬واضربوا رقابهم‬ ‫َ‬ ‫واملعنى‪ :‬فإذا واجهتم أيها املؤمنون‬
‫أسرتموه منهم‪ ،‬حتى ال‬ ‫ضربا‪ ،‬حتى إذا قهرتموهم‪ ،‬وجعلتموهم عاجزين عن مقاومتكم‪ ،‬فأحكموا قيد من ْ‬
‫ّ‬
‫واستمروا على‬ ‫وإما ْأن يفادوا أنفسهم باملال‪،‬‬ ‫تمنوا عليهم بإطالق سراحهم‪ّ ،‬‬ ‫فإما ْأن ّ‬‫يستطيع الهرب منكم‪ّ ،‬‬
‫ذلك حتى تنتهي الحرب‪ ،‬ذلك هو الحكم في القتال‪ ،‬ولو يشاء النتصر من الكفار بإهالكهم بغير قتال‪ّ ،‬‬
‫ولكن‬
‫هللا تعالى شرع القتال ليختبركم بأعدائكم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬أ ْم َحس ْب ُت ْم َأ ْن َت ْد ُخ ُلوا ْال َج هن َة َو ََلها َي ْع َلم ه ُ‬
‫َّللا هالذ َ‬
‫ين‬
‫فلن يبطل هللا‬ ‫ين}[آل عمران‪ ،]142 :‬واملقتولون في سبيل هللا تعالى من املؤمنين‪ْ ،‬‬ ‫اه ُدوا م ْن ُك ْم َو َي ْع َل َم ه‬
‫الصابر َ‬ ‫َج َ‬
‫تعالى ثواب أعمالهم‪.‬‬

‫ۡ َ ُ ۡ ُ َ َ ُ ۡ َ ُ ۡ ُ ُ ُ َۡ َ َ َ‬
‫ل َنة َع َرف َها ل ُه ۡم ‪}٦‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬س َي ۡهدِي ِهم ويصل ِح بالهم ‪ ٥‬ويدخِلهم ٱ‬

‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ََ َ ُ ۡ ُ ۡ َُ ۡ َ َ ُ‬
‫ك ۡم ‪} ٧‬‬ ‫ام ُنوا إِن تَ ُ ُ‬
‫نُصوا ٱَّلل ينُصكم ويثبِت أقدام‬ ‫ِين َء َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱَّل َ‬

‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل وبرسوله‪ْ ،‬إن تنصروا دين هللا تعالى بإقام الصالة وإيتاء الزكاة واألمر‬
‫َََْ ُ َه هُ َ ْ َْ ُ ُُ ه هَ َ‬
‫َّللا ل َقو ٌّي‬ ‫باملعروف والنهي عن املنكر لتقام حدود هللا في األرض‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ولينصرن َّللا من ينصر إن‬
‫ْ‬
‫عروف َو َن َهوا َعن‬ ‫وة َو َأ َم ُر ْوا باَلَ ُ‬
‫هَ َ َ َ َ ُْ هَ َ‬ ‫ََ ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫ين إن همك هن ُهم في األرض أق ُاموا الصلوة وءاتوا الزك‬ ‫َعز ٌيز (‪ )40‬هالذ َ‬
‫ْ‬ ‫ُ َ‬
‫ينصركم هللا تعالى على أعدائكم‪ ،‬ويثبت أقدامكم عند القتال‪.‬‬ ‫اَلنكر}[الحج‪،]40-41 :‬‬

‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ َ َ ۡ َ ى َ ُ ۡ َى َ َ َ ُ ۡ َ ُ َ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ى َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين كفروا فتعسا لهم وأضل أعملهم ‪ ٨‬ذل ِك بِأنهم كرِهوا ما أنزل ٱَّلل فأحبط أعملهم ‪}٩‬‬

‫َۡ‬ ‫قوله تعالى‪۞{ :‬أَفَلَ ۡم يَسِ ُ‬


‫ين‬
‫َۡ ۡ َ َ َ َُ َ َۡ ۡ َ ۡ َ‬
‫ك ىفِر َ‬ ‫ِل‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ر‬‫ِّ‬ ‫د‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ب‬ ‫ق‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫نظ ُروا َك ۡي َف ََك َن َع ى ِق َب ُة ٱ ََّل َ‬
‫ِين‬
‫ََ ُ‬
‫ي‬ ‫ف‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ۡر‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِف‬ ‫وا‬‫ري‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ‬
‫أ ۡم َٰىل َها ‪}١٠‬‬
‫يمش هؤالء املشركون في األرض‪ ،‬فينظروا كيف كان مصير األمم السابقة املكذبة للرسل‬ ‫واملعنى‪ :‬أفلم ِ‬
‫دمر هللا عليهم‪ ،‬وللكافرين أمثال تلك العاقبة‪.‬‬ ‫كيف ّ‬
‫َ‬ ‫ان َعاق َب ُة هالذ َ‬ ‫ْ َْ َ َ ْ ُ ُ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ين م ْن ق ْبله ْم‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬أ َول ْم َيس ُيروا في األرض فينظروا كيف ك‬
‫هُ َ َ َ ً َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َّللا ل ُي ْعج َز ُ م ْن َش ْي ٍء في ه‬ ‫َ َ ُ َ َ ه ُْ ْ ُ ه ً َ َ َ َ‬
‫ان ه ُ‬
‫يما قد ًيرا}[فاطر‪:‬‬ ‫الس َم َاوات َوَل في األ ْرض إنه كان عل‬ ‫وكانوا أشد منهم قوة وما ك‬
‫َ‬ ‫كََ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫‪ ،]44‬وقوله تعالى‪ { :‬أَفَلَ ۡم يَسِ ُ‬
‫َ ُ‬
‫َّث م ِۡن ُه ۡم َوأش َد ق َوة‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫نظ ُروا ك ۡي َف ََك َن َع ىقِ َب ُة ٱَّل َ‬
‫ِين مِن ق ۡبل ِ ِه ۡ رم َكنوا أ‬
‫ََ ُ‬
‫ريوا ِِف ٱلۡر ِض في‬
‫َ َ َ ۡ َى َ ۡ ُ َ َ ُ َ ۡ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫ون ‪[}٨٢‬غافر‪.]82 :‬‬ ‫َو َءاثارا ِِف ٱلۡر ِض فما أغن عنهم ما َكنوا يك ِ‬
‫سب‬

‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ام ُنوا َوأ َن ٱلك ىفِر َ‬
‫ين َّل َِّ ۡو ىل ل ُه ۡم ‪} ١١‬‬ ‫ِين َء َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ذ ىل َِك بأ َن ٱ َ َ‬
‫َّلل َِّ ۡول ٱَّل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ذلك النصر للمؤمنين والتدمير للكافرين بسبب ّأن هللا تعالى ولي املؤمنين وناصرهم‪ ،‬كما قال‬
‫وأن الكافرين ال ناصر لهم ينصرهم من العذاب‪.‬‬ ‫َّللا َول ُّي ْاَلُ ْؤمن َين}[آل عمران‪ّ ،]68 :‬‬ ‫تعالى‪َ { :‬و ه ُ‬

‫َۡ َ ۡ ََۡىُ َ َ َ َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫ام ُنوا َو َعملُوا ٱ َ ى َ‬ ‫َّلل يُ ۡدخ ُِل ٱ ََّل َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن ٱ َ َ‬
‫ِين كف ُروا‬‫ت َج َنىت ت ِري مِن تتِها ٱلنهر وٱَّل‬
‫لصل ِحى ِ‬ ‫ِ‬
‫ِين َء َ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ ََ ُ َ ََۡ ُ ُ َ َ َ ُ ُ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬
‫كل ٱلنۡ َع ى ُم َوٱ َل ُار َم ۡثوى ل ُه ۡم ‪} ١٢‬‬ ‫يتمتعون ويأكلون كما تأ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن هللا تعالى يدخل الذين آمنوا وعملوا األعمال الصالحة جنات تجري من تحت أشجارها‬
‫ْ َ ْ َ َْ‬
‫األ ْن ُ‬ ‫َ ُْ ُُ ْ َه َ‬ ‫ين َآم ُنوا َو َعم ُلوا ه‬ ‫وغرفها األنهار‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و هالذ َ‬
‫هار‬ ‫ات ت ْجري من تحتها‬
‫الصالحات سندخلهم جن ٍ‬
‫ّ‬ ‫ًّ َ ً‬ ‫َْ ٌ َ ٌ ُ ُ‬ ‫َ ً َ‬
‫واج ُمط هه َرة َون ْدخل ُه ْم ظال ظليال}[النساء‪ ،]57 :‬والذين كفروا باهلل وكذبوا برسله‬ ‫خالد َ‬
‫ين فيها أ َبدا ل ُه ْم فيها أز‬
‫يتمتعون بمتاع الدنيا الزائل‪ ،‬ويأكلون منها كما تأكل األنعام طعامها‪ ،‬ونار ّ‬
‫جهنم مأوى لهم‪.‬‬ ‫ّ‬

‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ََۡ َ َ َ ۡ َ َۡ َ َۡ َ ۡ َ ُ ۡ ََ َ َ َ‬ ‫َ ۡ َ َ َ َ ُّ ُ‬ ‫َََ‬


‫اَص لهم ‪} ١٣‬‬ ‫ى‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ووُكأيِن مِن قري ٍة ِه أشد قوة مِن قريتِك ٱل ِت أخرجتك أهلكنهم فل ن ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وكثيرا من أهل القرى أهلكناهم‪ ،‬وهم أشد ّ‬
‫قوة وبأسا من أهل مكة الذين أخرجوك منها‪ ،‬فال‬
‫ناصر لهم يدفع عنهم العذاب‪.‬‬
‫وقد كان وجود الرسول صلى هللا عليه وسلم بين أظهرهم يمنع عنهم عذاب االستئصال في الدنيا‪ ،‬كما‬
‫َْ َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫ان ه ُ‬
‫َّللا ل ُي َعذ َب ُه ْم َو أنت فيه ْم}[األنفال‪.]33 :‬‬ ‫قال تعالى‪{ :‬وما ك‬

‫َ ََُ ََۡ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ َُ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫ََ َ َ َ ََ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬أفمن َكن لَع بيِنة مِن رب ِهِۦ كمن زيِن لۥ سوء عملِهِۦ وٱتبعوا أهواءهم ‪} ١٤‬‬
‫أفمن كان على حجة واضحة ونور من ربه‪ ،‬وهو الرسول صلى هللا عليه وسلم وأتباعه‪ ،‬كما‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫حسن له الشيطان سوء عمله‪ ،‬واتبع‬ ‫كمن ّ‬‫قال تعالى‪ُ { :‬ق ْل إني َع َلى َبي َنة م ْن َربي َو َك هذ ْب ُت ْم به}[األنعام‪ْ ،]57 :‬‬
‫ٍ‬
‫هواه في عبادة األوثان؟ ال يستوي الفريقان‪.‬‬
‫َ‬
‫َ َ ۡ َ ُّ َ َ ۡ ُ َ ۡ َ ى َ‬ ‫َ َۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ََ ََُۡ ََ‬ ‫َ‬
‫م إِن َما‬
‫ونظير معنى هذه اآلية قوله تعالى‪۞{ :‬أفمن يعلم أنما أنزِل إَِلك مِن ربِك ٱلق كمن هو أع ر‬
‫َ ْ َ يَ ْ ُ ه ََ ْ ُ ْ َ ه َ ْ ُ ْ ه‬
‫حاب ال َجنة‬ ‫ََ َ َ ُ ُ ُ ۡ َۡ َ‬
‫ب ‪[}١٩‬الرعد‪ ،]19 :‬وقوله تعالى‪َ{ :‬ل يستو أصحاب النار وأصحاب الجنة أص‬ ‫يتذكر أولوا ٱللبى ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ُه ُم الفائ ُزون}[الحشر‪.]20 :‬‬

‫َۡ‬ ‫ِيها َأنۡ َه ىر مِن َماء َغ ۡري َءاسِن َو َأنۡ َه ىر مِن َل ََب ل َ ۡم َي َت َغ َ ۡ‬ ‫َ َ ُ َۡ َ َ ُ َ ۡ ُ َ ُ َ‬
‫ري َط ۡع ُم ُهۥ َوأن َه ىر‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ون ف َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬مثل ٱلنةِ ٱل ِت وعِد ٱلمتق‬
‫ار‬ ‫ت َو َم ۡغفِ َرة مِن َربه ۡم َك َم ۡن ُه َو َخ ى ِِل ِف ٱ َ‬
‫ل‬ ‫ى‬ ‫ر‬ ‫ي َو َأنۡ َه ىر م ِۡن َع َسل ُِّّ َصَف َول َ ُه ۡم ف َ‬
‫ِيها مِن ُُك ٱلَ َم َ‬ ‫ِلشب َ‬ ‫َى‬ ‫ۡ َۡ ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مِن خر َّلة ل ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َو ُس ُقوا َماء َْحِيما ف َق َط َع أ ۡم َعا َء ُه ۡم ‪} ١٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬صفة الجنة التي وعد هللا تعالى بها عباده املتقين‪ّ ،‬أنها فيها أنهار من ماء طيب لذيذ ليس متغيرا‬
‫في طعمه أو رائحته‪ ،‬وفيها أنهار من لبن لم يتغير طعمه ال بالحموضة وال بغيرها مما يجرى على ألبان الدنيا‪،‬‬
‫وفيها أنهار من خمر حسنة الرائحة وفي غاية اللذة ملن يشربها‪ ،‬وال يعقبها ذهاب عقل‪ ،‬وال صداع‪ ،‬كما قال‬
‫ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫تعالى‪َ{ :‬ل فيها َغ ْو ٌل َوَل ُه ْم َع ْنها ُي ْن َز ُفو َن ّ‬
‫ص هد ُعون َع ْنها َوَل ُينزفون}[الواقعة‪:‬‬
‫}[الصافات‪ ،]47 :‬وقال تعالى‪َ{ :‬ل ُي َ‬
‫لشارب َين ّ‬ ‫ه‬ ‫َْ َ َه‬
‫}[الصافات‪ ،]46 :‬وفيها أنهار من عسل في غاية الصفاء ال يخالطه ما‬ ‫ضاء لذ ٍة ل‬ ‫‪ ،]19‬وقال تعالى‪{ :‬بي‬
‫كل الثمرات اليانعة الشهية‪،‬‬ ‫ْ‬
‫يخالط عسل الدنيا من الشمع أو غيره‪ ،‬ولهم في الجنة فضال عن كل ذلك من ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫كما قال تعالى‪َ { :‬ي ْد ُعون فيها بكل فاك َه ٍة آمنين}[الدخان‪ ،]55 :‬وقال تعالى‪{ :‬فيهما م ْن كل فاك َه ٍة‬
‫َز ْوجان}[الرحمن‪ ،]52 :‬ولهم فيها مغفرة من بهم‪ ،‬أهؤالء الذين ذكرت نعمهم في ّ‬
‫الجنة كمن هو خالد في نار‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ماء في أشد درجات الحرارة‪ ،‬يشربونه فيقطع أمعاءهم؟‬ ‫ّ‬
‫جهنم‪ ،‬وسقوا ً‬

‫ُ َى َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ ُ َ َ ُ ُ ۡ ۡ‬ ‫َ ۡ ُ َ َۡ َ ُ َۡ َ َ َ ى َ َ‬
‫ِين أوتوا ٱل ِعل َم َماذا قال َءان ِفا ر أولئِك‬
‫ت إِذا خ َر ُجوا م ِۡن عِن ِدك قالوا ل َِّل‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ومِنهم من يست ِمع إَِلك ح‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ ُ َ َى ُ ُ‬
‫لَع قلوب ِ ِه ۡم َوٱ َت َب ُعوا أ ۡه َوا َء ُه ۡم ‪} ١٦‬‬ ‫ٱَّلِين طبع ٱَّلل‬
‫ولكنهم ال يستمعون سماع‬ ‫أت القرآن‪ّ ،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬ومن املشركين من يستمعون إليك أيها الرسول إذا قر َ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫است َم ُعو ُ َو ُه ْم َيل َع ُبون‪.‬‬ ‫التدبر‪ ،‬بل هم الهون ويلعبون‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ما َيأتيه ْم م ْن ذك ٍر م ْن َربه ْم ُم ْح َد ٍث إَل‬
‫ّ‬
‫ً ُُ‬
‫َله َية قل ُوب ُه ْم}[األنبياء‪ ،]2-3 :‬حتى إذا خرجوا من مجلسك‪ ،‬قالوا لعلماء الصحابة استهزاء‪ :‬ماذا قال النبي‬
‫آنفا‪ ،‬فلم نفهم شيئا مما قال؟ أولئك الذين ختم هللا تعالى على قلوبهم‪ ،‬فلم يؤمنوا به‪ ،‬واتبعوا أهواءهم في‬
‫الكفر والعناد‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ِين ٱ ۡه َت َد ۡوا َز َاد ُه ۡم ُهدى َو َءاتَى ى ُه ۡم َتق َوى ى ُه ۡم ‪}١٧‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱَّل َ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬والذين شرح هللا تعالى صدورهم للهدى فآمنوا‪ ،‬زاد هللا تعالى هداهم‪ ،‬ووفقهم للتقوى‪ ،‬كما‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫زاد ْت ُه ْم إيمانا َو ُه ْم َي ْست ْبش ُرون}[التوبة‪.]124 :‬‬ ‫ين َآم ُنوا َف َ‬ ‫قال تعالى‪َ { :‬ف َأ هما هالذ َ‬

‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ َ ُ ُ َ َ َ َ َ َ َۡ َ ُ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ َ ََ َ َُ ۡ َ َ َۡ ُ ۡ ۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬فهل ينظرون إَِّل ٱلساعة أن تأتِيهم بغتة فقد جاء أشاطها ر فأ ىن لهم إِذا جاءتهم ذِكرىهم ‪} ١٨‬‬
‫َ َْ ُ‬
‫واملعنى‪ :‬فهل ينتظر هؤالء الكفار إال الساعة ْأن تأتيهم فجأة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ{ :‬ل تأتيك ْم إَل‬
‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ َ ُ َ َ َ َ َ َ َۡ‬ ‫َ َْ ً‬
‫اعة أن تأت َِي ُهم َبغ َتة َوه ۡم‬‫بغتة}[األعراف‪ ،]187 :‬وهم ال يشعرون بمجيئها‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬هل ينظ ُرون إَِّل ٱلس‬
‫ّ‬ ‫َ َۡ ُُ َ‬
‫ون ‪[}٦٦‬الزخرف‪ ،]66 :‬فقد ظهرت أماراتها وعالماتها‪ ،‬فمن أين لهم التذكر إذا جاءتهم الساعة؟‬ ‫َّل يشعر‬

‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ َُ َ‬ ‫َ ۡ َ ۡ َ َ ُ َ َى َ َ َ ُ َ ۡ َ ۡ ۡ َ َ‬


‫ك َول ِۡل ُم ۡؤ ِمن َ ۡ ۡ َ‬
‫َّلل َي ۡعل ُم ُم َتقل َبك ۡم َو َمث َوى ىك ۡم‬ ‫ِي َوٱل ُمؤمِنى ِ‬
‫ت وٱ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فٱعلم أنهۥ َّل إِله إَِّل ٱَّلل وٱستغفِر َِّلۢنب ِ‬
‫‪} ١٩‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فاعلم أيها الرسول أنه ال معبود بحق إال هللا وحده‪ ،‬واستغفر لذنبك مما هو خالف األولى‪،‬‬
‫ْوليتأس بك املؤمنون في االستغفار‪ ،‬واستغفر لذنوب أتباعك املؤمنين واملؤمنات‪ ،‬وهللا تعالى يعلم ّ‬
‫تصرفكم‬
‫الل ْيل َو َي ْع َل ُم ما َج َر ْح ُت ْم ب ه‬
‫النهار}[األنعام‪،]60 :‬‬
‫َ ُ َ ه َََ ه ُ ْ ه‬ ‫ّ‬
‫ومستقركم ليال‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وهو الذي يتوفاكم ب‬ ‫نهارا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ ُ ْ ه ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫تاب ُمب ٍين}[هود‪:‬‬ ‫ٌّ‬ ‫ْ‬ ‫ه‬
‫وقال تعالى‪{ :‬وما من داب ٍة في األرض إَل على َّللا رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في ك ٍ‬
‫‪.]6‬‬
‫ِين ِِف‬ ‫ِيها ٱ ۡل ِق َت ُال َر َأيۡ َ‬
‫ت ٱ ََّل َ‬ ‫َ َ ُ ُ َ َ َ َ ُ َ ۡ َ ُ َ ۡ ُ َ َ َ ُ َ ۡ ُ َ ُّ ۡ َ‬
‫ك َمة َو ُذك َِر ف َ‬ ‫نزلت سورة َم‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ويقول ٱَّلِين ءامنوا لوَّل ن ِزلت سورة فإِذا أ ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ ُ َ َۡ َ َ َ َ َۡ ۡ‬ ‫ُُ‬
‫ش َعل ۡيهِ م َِن ٱل َم ۡو ِت فأ ۡو ىل ل ُه ۡم ‪} ٢٠‬‬
‫قلوب ِ ِهم ِّرض ينظرون إَِلك نظر ٱلمغ ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ويقول الذين آمنوا باهلل وبرسوله إيمانا صادقا للرسول صلى هللا عليه وسلم‪ :‬يا رسول هللا هال‬
‫وذكرت فيها أحكام الجهاد في سبيل‬ ‫ْ‬ ‫نزلت سورة محكمة من القرآن الكريم في األمر بالجهاد؟ فإذا أنزلت سورة‪،‬‬
‫هللا تعالى‪ ،‬رأيت أيها الرسول هؤالء املنافقين الذين في قلوبهم شك ينظرون إليك كنظر من حضره املوت‪،‬‬
‫فصار بصره شاخصا ال يتحرك من شدة الخوف والفزع‪ ،‬فالهالك واملوت أولى بهم وأجدر‪.‬‬
‫هَ َ‬ ‫ه َ َ ُ‬
‫يموا الصالة و آتوا الزكاة‬ ‫يل َل ُه ْم ُك ُّفوا َأ ْيد َي ُك ْم َو َأق ُ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬أ َل ْم َت َر إ َلى هالذ َ‬
‫ين ق َ‬
‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ْ ً َ ُ‬ ‫َ َ ه ُ َ َ َ ْ ُ ْ َ ُ َ َ ٌ ْ ُ ْ َ ْ َ ْ َن ه َ َ َ ْ‬
‫اس كخش َية هَّللا أ ْو أش هد خش َية َوقالوا َرهبنا ل َم كت ْبت‬ ‫فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشو الن‬
‫ُ ْ َ َ ُ ُّ ْ َ َ ٌ َ َ ُ َ ْ ٌ َ ه َ َ ُ ْ َ ُ َ‬ ‫َ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ ه َْ َ َ َ َ َ‬
‫يب قل متاع الدنيا قليل واْلخرة خير َلن اتقى وَل تظلمون‬ ‫ٍ‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫علينا القتال لوَل أخرتنا إلى أج ٍل‬
‫َ‬
‫فتيال}[النساء‪.]77 :‬‬

‫َ َ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ََ َ َ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬


‫َّلل لَكن خ ۡريا ل ُه ۡم ‪ ٢١‬ف َهل َع َس ۡي ُت ۡم إِن ت َو َۡل ُت ۡم أن‬ ‫اعة َوق ۡول َم ۡع ُروفر فإِذا َع َز َم ٱل ِّۡ ُر فل ۡو َص َدقوا ٱ‬‫قوله تعالى‪{ :‬ط‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََُ ُ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ ِ ََُ ُ ۡ َ َ ُ‬
‫َ‬ ‫ُۡ‬
‫َّلل فأ َص َم ُه ۡم َوأ ۡع َ ى‬
‫م أبۡ َص ى َر ُه ۡم ‪}٢٣‬‬ ‫َ‬
‫امك ۡم ‪ ٢٢‬أولئِك ٱَّلِين لعنهم ٱ‬ ‫تفس ُِدوا ِِف ٱلۡرض وتق ِطعوا أرح‬

‫َۡ ُ‬ ‫ََ ُُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َََ‬


‫وب أق َفال َها ‪} ٢٤‬‬ ‫ََ ََُ َ ُ ۡ َ َ ۡ ى‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أفل يتدبرون ٱلقرءان أم لَع قل ٍ‬
‫واملعنى‪ :‬أفال يتدبر الناس القرآن وينظرون فيما اشتمل عليه من هدايات وإرشادات وأخبار صادقة‪،‬‬
‫بل أعلى قلوبهم أقفال فال يفهمون شيئا من معاني القرآن‪.‬‬
‫َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫تدبر القرآن‪ ،‬منها قوله تعالى‪{ :‬أفال َيت َد هب ُرون الق ْرآن‬ ‫حث هللا تبارك وتعالى في كثير من اآليات على ّ‬ ‫وقد‬
‫َ ٌ َ ْ‬
‫نزل َنا ُ إ َل ْي َك ُم َبا َ كٌ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ‬
‫ر‬ ‫َول ْو كان م ْن عند غ ْير َّللا ل َو َجدوا فيه اختالفا كث ًيرا}[النساء‪ ،]82 :‬وقوله تعالى‪{ :‬كتاب أ‬
‫ََ ه ُ ُ ْ‬
‫ل َي هد هب ُروا َآياته َول َيتذك َر أولو األل َباب}[ص‪.]29 :‬‬

‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬


‫لَع أ ۡد َب ىرهِم مِن َب ۡع ِد َما َت َب َ َ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن ٱَّل َ‬
‫ِين ٱ ۡرتَ ُّدوا ى‬
‫لش ۡي َطى ُن َس َول ل ُه ۡم َوأ ِّۡ ىَل ل ُه ۡم ‪} ٢٥‬‬ ‫ي ل ُه ُم ٱل ُه َدى ٱ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إن الذين فارقوا اإلسالم ورجعوا إلى الكفر من بعد ما تبين لهم الحق واتضح‪ ،‬الشيطان زّين‬ ‫ّ‬
‫ان َما َك ُانوا َي ْع َم ُلو َن}[األنعام‪ ،]43 :‬وأملى لهم ْ‬
‫بأن أغراهم‬
‫َ َه َ َ ُ ُ ه ْ َ ُ‬
‫لهم سوء أعمالهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وزين لهم الشيط‬
‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫باألماني الكاذبة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬يع ُد ُهم َو ُي َمنيهم َو َما َيعد ُه ُم الشيط ُن إَل غ ُرو ًرا}[النساء‪.]120 :‬‬
‫ُ‬

‫َى َ َ َ ُ ۡ َ ُ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ ُ َ ُ ُ ُ‬
‫ك ۡم ِف َب ۡع ِض ٱ ۡلَ ِّۡر َوٱ َ ُ‬
‫َّلل َي ۡعلَ ُم إ ِ ۡ َ‬
‫س َار ُه ۡم ‪}٢٦‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ذل ِك بِأنهم قالوا ل َِّلِين ك ِرهوا ما نزل ٱَّلل سن ِطيع‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ذلك االرتداد بسبب ّأنهم قالوا للذين كرهوا ما ّنزل هللا تعالى من الهدى على الرسول صلى هللا‬
‫ّ‬
‫عليه وسلم‪ :‬سنطيعكم في بعض األمور من عداوة الرسول والتخلف عن القتال ونحو ذلك‪ ،‬وهللا تعالى يعلم ما‬
‫ُْ‬
‫يسرونه من أقوال سيئة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وهللا َيكت ُب ما يبيتون}[النساء‪.]81 :‬‬
‫ُ َ‬ ‫ََ ْ َ َ َ ه َ َ‬
‫ين ناف ُقوا َي ُقولون‬ ‫وهؤالء هم املنافقون الذين وصفهم هللا تعالى في قوله تعالى‪{ :‬ألم تر إلى الذ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ ُ ْ ُ ََ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ه َ ََ‬ ‫ْ‬
‫ين كف ُروا م ْن أ ْهل الكتاب‪ .‬لئن أخر ْجت ْم لنخ ُر َج هن َم َعك ْم َوَل نط ُيع فيك ْم أ َحدا أ َبدا َوإن قوتلت ْم‬ ‫إلخوانهم الذ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ُ َه ُ ْ َ ه ُ ْ‬
‫َّللا َيش َه ُد إ هن ُه ْم لكاذ ُبون}[الحشر‪.]11 :‬‬ ‫لننصرنكم و‬

‫َ‬ ‫ۡ َى َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ‬


‫وه ُه ۡم َوأ ۡد َب ى َر ُه ۡم ‪}٢٧‬‬
‫َ ۡ ُ َ ُ ُ َ‬
‫ُضبون وج‬ ‫ََ ُۡ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬فكيف إِذا توفتهم ٱلملئِكة ي ِ‬
‫واملعنى‪ :‬كيف يكون حالهم إذا توفتهم املالئكة وقبضت أرواحهم بأمر من هللا‪ ،‬وهم عند ما يتوفونهم‬
‫َ‬ ‫ه ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫يبسطون أيديهم ويضربون وجوههم وأدبارهم ضربا موجعا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ول ْو ت َرى إذ الظاَلون في غ َم َرات‬
‫ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫َْ َ ُ‬ ‫َْ‬
‫اَل ْوت َواَلالئكة َباسطو أ ْيديه ْم}[األنعام‪.]93 :‬‬
‫َ‬ ‫ين َك َف ُروا ْاَلَالئ َك ُة َي ْ‬
‫ضرُبو َن ُو ُج َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َل ْو َترى إ ْذ َي َت َو هفى هالذ َ‬
‫وه ُه ْم َوأ ْدبا َر ُه ْم‬
‫َُ ُ َ َ ْ‬
‫ذاب ال َحريق}[األنفال‪.]50 :‬‬‫وذوقوا ع‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ى َ َُ ُ ََُ َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َّلل َووُك ِر ُهوا رِ ۡض َو ىنَ ُهۥ فأ ۡح َب َط أ ۡع َم ىل ُه ۡم ‪} ٢٨‬‬
‫خ َط ٱ َ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ذل ِك بِأنهم ٱتبعوا ما أس‬
‫واملعنى‪ :‬ذلك التوفي املوجع بسبب ّأنهم اتبعوا ما أسخط هللا تعالى عليهم من الكفر والعناد‪ ،‬وكرهوا ما‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أرض ى هللا تعالى عنهم من اإليمان والعمل الصالح‪ ،‬فأبطل هللا تعالى ثواب أعمالهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وقد ِۡم َنا إ ِ ىل‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َما َع ِملوا م ِۡن َع َمل ف َج َعل َنى ُه َه َباء َم ُنثورا ‪[}٢٣‬الفرقان‪.]23 :‬‬

‫َ‬ ‫ُۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َّلل أ ۡض َغ ى َن ُه ۡم ‪} ٢٩‬‬
‫ِين ِف قلوبهم َِّ َرض أن لن ير َج ٱ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َ‬ ‫ۡ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أم حسِب ٱَّل ِ‬
‫لن يخرج ما في قلوبهم من الحسد والحقد‬ ‫أظن هؤالء الذين في قلوبهم نفاق ّأن هللا تعالى ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬بل ّ‬
‫َ ْ َ ُ ْ ُ َ ُ َن َ ْ ُ َ ه َ َ َ ْ ْ ُ َ ٌ‬ ‫والعداوة لإلسالم وأهله؟ ّ‬
‫ورة‬ ‫فإن هللا تعالى مخرج ذلك‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يحذر اَلنافقو أن تنزل عليهم س‬
‫َ َ َ‬ ‫ُ َ ُُ ْ َ ُ ُ ْ ُ ْ َْ ُ ه ه َ ْ‬
‫َّللا ُمخر ٌج َما ت ْحذ ُرون}[التوبة‪.]64 :‬‬ ‫تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن‬

‫ۡ‬ ‫َۡ ۡ َ ۡ َ َ ُ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ ى َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َىُ ۡ َ ََ ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ َ َ ُ َ َ َ ۡ َى َ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ولو نشاء لرينكهم فلعرفتهم بِسِ يمه رم وِلعرِفنهم ِِف ل ِن ٱلقو ِل وٱَّلل يعلم أعملكم ‪} ٣٠‬‬
‫فعرفتهم بعالماتهم الظاهرة‪ ،‬وهي‬ ‫َ‬ ‫واملعنى‪ :‬ولو نشاء ألخبارناك أيها الرسول أشخاص هؤالء املنافقين‪،‬‬
‫ين َك َذ ُبوا َع َلى هَّللا ُو ُج ُ‬
‫وه ُه ْم‬ ‫زرقة العيون‪ ،‬وسواد الوجوه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َي ْو َم ْالق َ‬
‫يامة َت َرى هالذ َ‬
‫ُّ َ َ ْ ُ ْ ُ ْ َ َ ْ َ ُ ْ ً‬ ‫َْ َ َُْ ُ‬ ‫ُ ْ َهٌ‬
‫مسودة}[الزمر‪ ،]60 :‬وقال تعالى‪{ :‬يوم ينفخ في الصور ونحش ُر اْلجرمين يومئ ٍذ زرقا}[طه‪ ،]102 :‬و ِ‬
‫تاهلل‬
‫لتعرفنهم أيها الرسول فيما ُيبدونه من كالمهم الدال على مقاصدهم‪ ،‬وهللا تعالى يعلم أعمالكم‪ ،‬ال تخفى عليه‬‫ّ‬
‫َ ۡ َ ُ َ ََ ۡ َ ۡ ُ َ َ ُۡ‬
‫َتَف ٱ ُّ‬
‫لص ُد ُ‬
‫ور ‪[}١٩‬غافر‪.]19 :‬‬ ‫ي وما ِ‬ ‫خافية‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬يعلم خائِنة ٱلع ِ‬

‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬


‫َ َۡ ََ ُ‬
‫ين َو َن ۡبل َوا أ ۡخ َب َاروُك ۡم ‪} ٣١‬‬
‫لصب َ‬ ‫ُ ۡ َ َى‬ ‫َ‬ ‫ك ۡم َح َ ى َ ۡ َ ُ َ‬
‫ت نعلم ٱلمجى ِهدِين مِنكم وٱ ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬ولبلون‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ولنختبرنكم أيها املؤمنون ونعاملكم معاملة املختبر بالتكاليف كبذل األنفس واألموال في‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫الجهاد؛ حتى نعلم علم ظهور املجاهدين بحق منكم‪ ،‬والصابرين منكم على دينه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أم َحسبتم‬
‫الض هر ُاء َو ُزلزُل ْوا َح هتى َي ُقو َل ه‬
‫الر ُسو ُل‬ ‫أس ُاء َو ه‬ ‫الب َ‬ ‫ين َخ َل ْوا من َقبل ُكم هم هس ُته ُم َ‬‫الج هن َة َو َ هَلا َيأت ُكم هم َث ُل هالذ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫دخ ُل ْوا َ‬ ‫أن ت‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ين َء َامنوا َم َعهۥ َم َتى ن ُ‬ ‫َو هالذ َ‬
‫صر هَّللا}[البقرة ‪ ،]214 :‬ونختبر أخباركم حتى يتميز الحسن منها من القبيح‪.‬‬

‫ي ل َ ُه ُم ٱل ۡ ُه َد ى‬
‫ى لَن يَ ُ ُّ‬
‫ُضوا ٱ َ َ‬ ‫َ َ َ ُّ َ ُ َ‬
‫ول مِن َب ۡع ِد َما َت َب َ َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ك َف ُروا َو َص ُّدوا َعن َ‬
‫َّلل‬ ‫يل ٱَّللِ وشاقوا ٱلرس‬
‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلِين‬
‫َ َ‬ ‫َ ۡ‬
‫يشٔٔا َو َس ُي ۡحب ِ ُط أ ۡع َم ىل ُه ۡم ‪} ٣٢‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن الذين كفروا باهلل وبرسوله وصدوا غيرهم عن سبيل هللا‪ ،‬وعادوا رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫لن يضروا هللا تعالى شيئا بسبب كفرهم وعدواتهم‪ ،‬وسيبطل هللا تعالى ثواب أعمالهم‪ّ ،‬‬ ‫وسلم‪ ،‬هؤالء ْ‬‫ّ‬
‫ألن هللا‬
‫ُْه َ‬ ‫تعالى ال يتقبل األعمال إال من املتقين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إ هن َما َي َت َق هب ُل ه ُ‬
‫َّللا م َن اَلتقين}[املائدة‪.]27 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َى َ ُّ َ َ َ َ َ ُ َ ُ َ َ َ َ ُ َ ُ َ َ َ ُ ۡ ُ َ ۡ َ ى َ ُ‬
‫قوله تعالى‪۞{ :‬يأيها ٱَّلِين ءامنوا أطِيعوا ٱَّلل وأطِيعوا ٱلرسول وَّل تب ِطلوا أعملكم ‪} ٣٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل وبرسوله أطيعوا هللا تعالى وأطيعوا رسوله صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وال‬
‫بالردة أو الشرك‪.‬‬ ‫تبطلوا أعمالكم الصالحة ّ‬
‫َّ‬
‫روى اإلمام الطبري بسنده عن ابن عمر رض ي هللا عنه‪ ،‬قال‪ :‬كنا معشر أصحاب رسول هللا صلى هللا‬
‫يعوا ه َ‬
‫َّللا‬ ‫وسلم نرى أو نقول‪ّ :‬إنه ليس ش يء من حسناتنا إال وهي مقبولة‪ ،‬حتى نزلت هذه اآلية { َأط ُ‬ ‫ّ‬
‫عليه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الر ُسو َل َوَل ُت ْبطلوا أ ْع َمال ُك ْم} ّ‬ ‫يعوا ه‬ ‫َو َأط ُ‬
‫فلما نزلت هذه اآلية قلنا‪ :‬ما هذا الذي يبطل أعمالنا؟ فقلنا‪ :‬الكبائر‬
‫ْ‬ ‫فكنا إذا أينا من أصاب شيئا منها‪ ،‬قلنا‪ :‬قد هلك‪ ،‬حتى نزلت هذه اآلية {إنَ ََ ه َ‬ ‫والفواحش‪ ،‬قال‪ّ :‬‬
‫َّللا َل َيغف ُر‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫فلما نزلت هذه اآلية كففنا عن القول في ذلك‪ّ ،‬‬
‫فكنا‬ ‫َأ ْن ُي ْش َر َك به َو َي ْغف ُر َما ُدو َن َذل َك َلَ ْن َي َش ُاء}[النساء‪ّ ،]48 :‬‬
‫إذا رأينا أحدا أصاب منها شيئا خفنا عليه‪ْ ،‬إن لم يصب منها شيئا رجونا له‪.‬‬

‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬


‫ك َف ُروا َو َص ُّدوا َعن َسبيل ٱ ََّللِ ث َم َماتُوا َو ُه ۡم ك َفار فلن َي ۡغفِ َر ٱ َ ُ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّلل ل ُه ۡم ‪} ٣٤‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬إِن ٱَّلِين‬
‫ّ‬
‫مصرون على‬ ‫واملعنى‪ّ :‬إن الذين كفروا باهلل وبرسوله وصدوا غيرهم عن سبيل هللا‪ ،‬وماتوا وهم‬
‫فلن يغفر هللا تعالى لذنوبهم‪.‬‬ ‫كفرهم‪ْ ،‬‬
‫ُ ْ َ ُ‬ ‫ُ ُ َ َ ُ‬ ‫ه ه َ ُ ُ َ َ ُ‬
‫ين َآمنوا ث هم كف ُروا ث هم َآمنوا ث هم كف ُروا ث هم ا ْز َد ُادوا كف ًرا ل ْم َيكن‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إن الذ‬
‫ً‬ ‫هُ ْ َ َ‬
‫َّللا ل َيغف َرل ُه ْم َوَل ل َي ْهد َي ُه ْم َسبيال}[النساء‪.]137 :‬‬

‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُ ُ ۡ ۡ َ َ َ ُ َ َ ُ ۡ َ َ َ ۡ ۡ َى ُ‬ ‫َۡ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ك ۡم ‪} ٣٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فل ت ِه ُنوا َوت ۡد ُعوا إِل ٱلسل ِم وأنتم ٱلعلون وٱَّلل معكم ولن ي ِتوُكم أعمل‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فال تضعفوا عن جهاد أعدائكم أيها املؤمنون‪ ،‬وال تدعوهم إلى املساملة ابتداء منكم‪ ،‬والحال أنكم أنتم‬
‫َ ُ َ َ ُ َُْ َْ َ َ ْ ُ ُْ ْ َ‬
‫األعلون الغالبون‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وَل َتهنوا َوَل ت ْح َزنوا َو أنت ُم األ ْعل ْون إن كنت ْم ُمؤمنين}[آل عمران‪ّ ،]139 :‬أما‬
‫هْ َ َْ َ‬ ‫ْ َ‬
‫اجن ْح لها}[األنفال‪ ،]61 :‬وهللا تعالى‬ ‫إذا جنحوا للمساملة‪ ،‬فاجنحوا لها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وإن َجن ُحوا للسلم ف‬
‫ولن ينقصكم هللا تعالى ثواب أعمالكم‪.‬‬ ‫معكم بنصره‪ْ ،‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬


‫ُۡ ُ َ ََُ ُۡ ُ‬ ‫َ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ُ ۡ ۡ َى ُ‬
‫ك ۡم ‪}٣٦‬‬ ‫وروُك ۡم َوَّل ي َ ۡسَٔٔلكم أمول‬‫ِك ۡم أ ُج َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ َن َما ٱ َ‬
‫ل َي ىوةُ ٱ َُّلن َيا ل ِعب َول ۡهور ِإَون تؤمِنوا وتتقوا يؤت‬
‫ْ َ ُ َ ه َ ْ َ َ ُ ُّ ْ َ‬ ‫ّ‬
‫الدن َيا لع ٌب‬ ‫واملعنى‪ :‬إنما االشتغال في الحياة الدنيا لعب ولهو‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬اعلموا أنما الحياة‬
‫اخ ٌر َب ْي َن ُك ْم}[الحديد‪ْ ،]20 :‬‬ ‫ََْ ٌ َ َ ٌ َََ ُ‬
‫وإن تؤمنوا باهلل تعالى وبرسوله‪ ،‬وتتقوه بامتثال أوامره واجتناب‬ ‫ولهو وزينة وتف‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫نواهيه‪ ،‬يعطكم ثواب أعمالكم العظيم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وإن تؤمنوا َوتتقوا فلك ْم أ ْج ٌر َعظ ٌ‬
‫يم}[آل عمران‪:‬‬
‫ْ‬
‫‪ ،]179‬وال يسألكم ْأن تخرجوا جميع أموالكم‪ ،‬بل يسألكم إخراج بعضها في الزكاة‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫َ ۡ َۡ ُ ُ َ َ ُ ۡ ُ ۡ َۡ َ ُ َ ُ ۡ ۡ َ ۡ َىَ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن يسألكموها فيحفِكم تبخلوا ويخرِج أضغنكم ‪}٣٧‬‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ْ :‬إن يسألكم هللا تعالى إخراج جميع أموالكم‪ ،‬ويبالغ في سؤال ذلك منكم‪ ،‬تبخلوا بها‪ ،‬فال‬
‫تعطوها‪ ،‬وبذلك ُيظهر هللا تعالى حقدكم وكراهيتكم لهذا السؤال‪ ،‬لحبكم الشديد ألموالكم‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ال ُح ًّبا َج ًّما}[الفجر‪.]20 :‬‬ ‫{ ُوتح ُّبو َن ْاَل َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وقوله {ف ُي ْحفك ْم} في هذه اآلية من اإلحفاء بمعنى اإللحاف‪ ،‬وهو املبالغة في السؤال‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪:‬‬
‫َ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ ۡ َ ُ ُ ُ َۡ ُ َ ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ َۡ َ ُ َ‬
‫ون َ ۡ‬ ‫َ َ ُ‬
‫{ ل ِۡل ُف َق َ‬
‫لاهِل أغن َِيا َء م َِن ٱ َِل َعف ِف ت ۡع ِرف ُهم‬ ‫ضبا ِِف ٱلۡر ِض يسبهم ٱ‬ ‫يل ٱَّللِ َّل يست ِطيع‬
‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫ُصوا ِف َ‬
‫س‬ ‫ِ‬ ‫ِين أ ۡح ِ ُ‬ ‫َّل‬ ‫ٱ‬ ‫ِ‬ ‫ء‬ ‫ا‬‫ر‬
‫َ‬
‫لافا َو َما تُنفِ ُقوا م ِۡن َخ ۡري فإ َن ٱ َ َ‬ ‫ۡ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َّلل بِهِۦ َعل ِيم ‪[} ٢٧٣‬البقرة‪.]273 :‬‬ ‫ِ‬
‫ون ٱلَ َ‬
‫اس إ ِ َ‬ ‫يم ى ُه ۡم َّل ي َ ۡسَٔٔل‬
‫بس َ‬
‫ِِ‬

‫َُ َ َۡ‬ ‫َۡ َ َ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫نت ۡم َ ىه ُؤ ََّل ِء تُ ۡد َع ۡو َن ِِلُنفِ ُقوا ِف َ‬‫قوله تعالى‪ َ { :‬ىهأَ ُ‬
‫يل ٱَّللِ ف ِمنكم َمن َي ۡبخل َو َمن َي ۡبخل فإِن َما َي ۡبخل عن نف ِ‬
‫سهرِۦ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ َۡ َ ۡ َۡ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ُ ۡ ُ َ َ َ ُ ُ َ ۡ َى َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َّلل ٱ ۡل َغ ِ ُّ‬
‫ن َوأ ُنت ُم ٱل ُف َق َرا ُء ر ِإَون تتولوا يستبدِل قوما غريوُكم ثم َّل يكونوا أمٰلكم ‪}٣٨‬‬ ‫َوٱ َ ُ‬

‫واملعنى‪ :‬ها أنتم أيها املؤمنون تدعون لإلنفاق في سبيل هللا تعالى‪ ،‬فمنكم من يبخل باإلنفاق في سبيل‬
‫ْ ّ‬
‫يبخل فإنما يبخل عن نفسه‪ ،‬وهللا تعالى هو الغني عن عبادتكم وإنفاقكم‪ ،‬وأنتم الفقراء‬ ‫هللا تعالى‪ ،‬ومن‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫اس أنت ُم الفق َر ُاء إلى َّللا َوَّللا ه َو الغن ُّي‬‫املحتاجون إلى فضل هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬يا أ ُّي َها الن ُ‬
‫ْ ّ‬ ‫ْال َحم ُ‬
‫وإن تتولوا عن اإليمان باهلل وعن طاعة هللا‪ ،‬يستبدل قوما آخرين غيركم بدال منكم‪ ،‬ثم‬ ‫يد}[فاطر‪،]15 :‬‬
‫ال يكونوا أمثالكم في التولي عن اإليمان والطاعة‪.‬‬

‫ُ َُ َْ‬
‫سورة الفتح‬
‫وهي مدنية وعدد آياتها تسع وعشرون‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬إِنَا ف َت ۡح َنا ل َك ف ۡتحا ُّمبِينا ‪}١‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنا سنفتح لك أيها الرسول مكة فتحا ظاهرا بالنصر والظفر‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫والتعبير بالفعل املاض ي في هذه اآلية لتحقق الوقوع‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬أتى أ ْم ُر هَّللا فال‬
‫َ َ ُ‬
‫ت ْست ْعجلو ُ }[النحل‪.]1 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ َ‬


‫َّلل َما َت َق َد َم مِن ذۢنب ِ َك َو َما تَأ َخ َر َويُت ِ َم ن ِۡع َم َت ُهۥ َعل ۡي َك َويَ ۡهدِيَ َك ِص َر ىطا ُِّّ ۡس َتقِيما ‪} ٢‬‬
‫كٱ َ ُ‬ ‫قوله تعالى‪َِ { :‬لغفِر ل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬ليغفر هللا تعالى لك أيها الرسول ما ّ‬
‫وليتم‬ ‫تقدم من هفواتك التي هي خالف األولى وما تأخر‪،‬‬
‫نعمته عليك بإظهار دينك‪ ،‬ويثبتك على صراط هللا تعالى القويم‪.‬‬
‫جل من‬‫لت هذه اآلية‪ ،‬قال ر ٌ‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬قالوا [أي عكرمة‪ ،‬والحسن‪ ،‬وقتادة]‪ :‬وملّا نز ْ‬
‫ُْ ْ َ‬
‫فاعل بنا؟ فأنزل هللا‪{ :‬ل ُي ْدخ َل اَلؤمنين‬ ‫ٌ‬ ‫قد ّبين هللا ما هو فاعل بك يا رسول هللا‪ ،‬فما هو‬ ‫املسلمين‪ :‬هذا ْ‬
‫َ ُْ ْ َ َ ه‬
‫ات}[الفتح‪.]5 :‬‬ ‫واَلؤمنات جن ٍ‬

‫َّلل نَ ُۡصا َع ِزيزا ‪} ٣‬‬


‫نُص َك ٱ َ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ويَ ُ َ‬

‫َۡ‬ ‫َى َ َ َى ۡ َ َ ُ ُ ُ‬
‫ود ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ت َوٱلۡر ِض‬
‫َ ُ‬ ‫ِين َة ِف قُلُوب ٱل ۡ ُم ۡؤ ِمن َ‬
‫ِي ل َ َِۡيدادوا إِيمنا مع إِيمن ِ ِهم و َِّللِ جن‬ ‫لسك َ‬ ‫قوله تعالى‪ُ { :‬ه َو ٱ ََّلِي أَ َ‬
‫نز َل ٱ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّلل َعل ِيما َحكِيما ‪}٤‬‬ ‫َو َك َن ٱ َ ُ‬

‫واملعنى‪ :‬هو هللا تعالى الذي أنزل السكينة والطمأنينة في قلوب املؤمنين يوم الحديبية‪ ،‬ليزيدهم هللا‬
‫ََه ه َ ُ َ‬
‫ين َآمنوا فز َاد ْت ُه ْم‬ ‫تعالى إيمانا مع إيمانهم الحاصل من قبل‪ ،‬فيطمئنون ويستبشرون‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فأما الذ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫إيمانا َو ُه ْم َي ْست ْبش ُرون}[التوبة‪ ،]124 :‬وهلل وحده جنود السماوات واألرض‪ ،‬وكان هللا تعالى عليما بأحوال‬
‫عباده‪ ،‬حكيما في تدبيره وصنعه‪.‬‬

‫كف َر َع ۡن ُه ۡم َ‬‫َۡ َ ۡ ََۡىُ َ ى َ َ َ ُ َ‬ ‫ُ ۡ َ ۡ ُ ۡ ِ َ َ ۡ ُ ۡ َ ى َ َى َ ۡ‬


‫سَٔٔات ِ ِه ۡ رم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬‫و‬ ‫ا‬‫ِيه‬ ‫ف‬ ‫ِين‬
‫ِل‬‫ِ‬ ‫خ‬ ‫ر‬ ‫ه‬‫ن‬ ‫ل‬‫ٱ‬ ‫ا‬‫ه‬‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ي‬ ‫ر‬
‫ت ج نت ِ‬
‫ت‬ ‫قوله تعالى‪َِ { :‬لدخِل ٱلمؤمن ِي وٱلمؤمِن ِ‬
‫َ‬ ‫َو َك َن َذ ىل َِك ع َ‬
‫ِند ٱ ََّللِ ف ۡوزا َع ِظيما ‪} ٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬ونفعل ما فعلنا لندخل املؤمنين واملؤمنات جنات تجري من تحت غرفها وأشجارها األنهار‪،‬‬
‫ّ‬
‫وليكفر هللا تعالى عنهم سيئات ما عملوا في الدنيا‪ ،‬فال يعاقبهم عليها‪ ،‬وكان ذلك الجزاء‬ ‫ماكثين فيها أبدا‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫املذكور عند هللا تعالى فوزا عظيما كبيرا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ف َمن زحز َح عن النار َوأدخ َل الجنة فقد فاز َو َما‬
‫ََ ُ ْ ُ‬ ‫ْ َ َ ُ ُّ ْ‬
‫اع الغ ُرور}[آل عمرن‪.]185 :‬‬‫الدن َيا إَل مت‬ ‫الحياة‬

‫لس ۡوءِ َعلَ ۡيه ۡم َدائ َرةُ ٱ َ‬


‫لس ۡوءِ‬ ‫كى ِ َ َ‬
‫ِي بٱ ََّللِ َظ َن ٱ َ‬ ‫َ َ ُۡ ۡ َ‬ ‫َ ُ َ َ ۡ ُ َى َ َ ۡ ُ َى َى َ ۡ ُ ۡ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ٱلظآن ِ‬ ‫ش‬
‫شوُك ِي وٱلم ِ‬ ‫ت وٱلم ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ويعذِب ٱلمنفِقِي وٱلمنفِق ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َُ َ‬
‫َّلل َعل ۡي ِه ۡم َول َع َن ُه ۡم َوأ َع َد ل ُه ۡم َج َه َن َم َو َسا َء ۡت َِّ ِصريا ‪} ٦‬‬ ‫ضب ٱ‬
‫وغ ِ‬
‫يظنون باهلل تعالى ّ‬ ‫وليعذب هللا تعالى املنافقين واملنافقات واملشركين واملشركات الذين ّ‬ ‫ّ‬
‫ظن‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫ُ َ‬
‫ظنوا ّأن الرسول صلى هللا عليه وسلم وأصحابه سيغلبون‪ ،‬كما حكى هللا تعالى عنهم في قوله‪:‬‬ ‫السوء‪ ،‬حيث ّ‬
‫ُُْ‬ ‫الر ُسو ُل َو ْاَلُ ْؤم ُنو َن إ َلى َأ ْهليه ْم َأ َب ًدا َو ُزي َن َذل َك في ُق ُلوب ُك ْم َو َظ َن ْن ُت ْم َظ هن ه‬
‫الس ْوء َوكنت ْم‬ ‫{ َب ْل َظ َن ْن ُت ْم َأ ْن َل ْن َي ْن َقل َب ه‬
‫ورا}[الفتح‪ ،] 12 :‬على هؤالء املنافقين واملشركين دائرة العذاب وكل ما يسوءهم‪ ،‬وغضب هللا تعالى‬ ‫َق ْو ًما ُب ً‬
‫وأعد لهم نار جهنم‪ ،‬وساءت مصيرا يصيرون إليه‪.‬‬ ‫عليهم‪ ،‬ولعنهم‪ّ ،‬‬

‫ت َوٱلۡر ِض َوك َن ٱ َ ُ‬ ‫َ‬


‫َ َ ُُ ُ‬ ‫َۡ‬
‫َّلل َع ِزيزا َحكِيما ‪} ٧‬‬ ‫ود ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬و َِّللِ جن‬
‫واملعنى‪ :‬وهلل تعالى جنود السماوات واألرض‪ ،‬وكان هللا تعالى عزيزا ال يغلب‪ ،‬حكيما في صنعه وتدبيره‪.‬‬
‫قال اإلمام ابن عادل الحنبلي‪ :‬وفائدة اإلعادة ّأن هلل جنود الرحمة وجنود العذاب‪ ،‬أو جنود هللا‬
‫َ َ‬ ‫ً‬
‫أنزلهم قد يكون إنزالهم للرحمة وقد يكون للعذاب‪ ،‬فذكرهم أوال لبيان الرحمة باملؤمنين‪ ،‬كما قال‪َ { :‬وكان‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫باَلؤمنين َرحيما}[األحزاب‪ ،]43 :‬وثانيا‪ :‬لبيان إنزال العذاب باملنافقين واملشركين‪.‬‬

‫َ ۡ َ َى َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ش ِهدا َو ُمبَ ِشا َونَذِيرا ‪} ٨‬‬
‫ك َى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنا أرسلن‬
‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنا أرسلناك أيها الرسول شاهدا على أمتك‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وجئنا ب َك َعلى َهؤَلء‬
‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫شهيدا}[النساء‪ ،]41 :‬وأرسلناك مبشرا للمتقين منهم بالجنة‪ ،‬ونذيرا للعصاة بالنار‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فإِن َما‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ َۡ ُ َ َ َُ َ‬
‫ي َوتُنذ َِر بِهِۦ ق ۡوما َلا ‪[} ٩٧‬مريم‪.]97 :‬‬
‫ش بهِ ٱل ُم َتقِ َ‬
‫يّسنىه بِل ِسان ِك ِِلب ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ُّ َ ه ُّ ه َ ْ َ ْ َ َ َ‬
‫اك شاه ًدا َو ُم َبش ًرا َونذ ًيرا}[األحزاب‪.]45 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬يا أيها النبي إنا أرسلن‬

‫َ‬
‫َ َُ ُ ُ ََُ ُ ُ َ َ ُ ُ ُ ۡ‬‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫ك َرة َوأ ِصيل ‪} ٩‬‬ ‫قوله تعالى‪ِِ { :‬لُؤم ُِنوا ب ِٱ ََّللِ َو َر ُس ِ‬
‫ولِۦ وتع ِزروه وتوق ِروهر وتسبِحوه ب‬
‫واملعنى‪ :‬أرسلناك أيها الرسول؛ لتؤمنوا أنت والذين آمنوا معك باهلل تعالى وبرسوله وتؤيدوا هللا تعالى‬
‫وتعظموه‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫وتنزهوه في الصباح واملساء‪.‬‬ ‫بنصر دينه ورسوله‪،‬‬
‫ّ‬
‫والخطاب في القراءة بتاء الخطاب في هذه اآلية للرسول صلى هللا عليه وسلم وألمته‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫النب ُّي إذا َط هل ْق ُت ُم الن َ‬ ‫َ ُّ َ ه‬
‫ساء}[الطالق‪.]1 :‬‬ ‫{يا أيها‬

‫َ َ َ ُ َ ُ َ َ َ َ ُ َ ُ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ َ ۡ ۡ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َ َى َ ۡ‬
‫سهِۦ َو َم ۡن‬
‫لَع نف ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلِين يبايِعونك إِنما يبايِعون ٱَّلل يد ٱَّللِ فوق أيدِي ِه رم فمن نكث فإِنما ينكث‬
‫َ‬ ‫َ ۡ َى َ َ ى َ َ َ َ ۡ ُ َ َ َ‬
‫َّلل ف َس ُي ۡؤتِيهِ أ ۡجرا َع ِظيما ‪} ١٠‬‬ ‫أوف بِما عهد عليه ٱ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن الذين يبايعونك أيها الرسول بيعة الرضوان بالحديبية إنما يبايعون هللا تعالى‪ ،‬كما قال‬
‫ه ُ َل َ َ ْ َ َ َ ه َ ّ‬
‫َّللا}[النساء‪ ،]80 :‬يد هللا فوق أيديهم‪ ،‬وهللا تعالى عالم بظواهرهم‬ ‫تعالى‪َ { :‬م ْن ُيطع الرسو فقد أطاع‬
‫َ َ‬
‫وضمائرهم‪ ،‬وهو املبايع بواسطة رسوله صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َم ْن أ ْوفى ب َع ْهد م َن هَّللا‬
‫ّ‬
‫يم}[التوبة‪ ،]111 :‬فمن نقض بيعته‪ ،‬فإنما يعود‬ ‫َف ْ‬
‫اس َت ْبش ُروا ب َب ْيع ُك ُم هالذي َب َاي ْع ُت ْم به َو َذل َك ُه َو ْال َف ْو ُز ْال َعظ ُ‬
‫وبال ذلك على نفسه‪ ،‬ومن أوفى بعهده وثبت عليه لنصرة دين هللا ورسوله صلى هللا عليه وسلم فسيعطيه هللا‬
‫تعالى أجرا عظيما وهو ّ‬
‫الجنة‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ َ َ ۡ َ َ ۡ َىُ َ َ َ ۡ ُ َ َ ۡ َ ۡ ۡ َ َ َ ُ ُ َ َ ۡ َ‬ ‫َ َُ ُ َ َ ُۡ َ َُ َ َ َۡۡ‬


‫سنت ِ ِهم َما ل ۡي َس‬ ‫ل‬
‫ِ ِ‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫ون‬ ‫ول‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫ا‬
‫ِ ر‬‫ل‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫غ‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ٱ‬‫ف‬ ‫ا‬ ‫ون‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫أ‬‫و‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫و‬‫م‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫ن‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫غ‬ ‫ش‬ ‫اب‬
‫ِ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬سيقول لك ٱلمخلفون مِن ٱل‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُُ ۡ ُۡ َ َ َ ۡ ُ َ ُ‬
‫ك ۡم َن ۡف َعا بَ ۡل ََك َن ٱ َ ُ‬
‫َّلل ب ِ َما ت ۡع َملون‬
‫ۡ َ َ ُ ۡ َ ًّ ۡ َ َ ُ‬ ‫َ َ َ ۡ‬
‫ر‬ ‫ِِف قلوب ِ ِه رم قل فمن يمل ِك لكم مِن ٱَّللِ يشٔٔا إِن أراد بِكم ضا أو أراد ب ِ‬
‫َخب َ‬
‫ريا ‪} ١١‬‬‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬سيقول لك أيها الرسول هؤالء املتخلفون من األعراب عن الخروج معك إلى مكة‪ :‬إننا تخلفنا‬
‫عنك النشغالنا بحفظ أموالنا ورعاية نسائنا وأوالدنا الصغار‪ ،‬فاستغفر لنا هللا تعالى لكي يغفر لنا ذنوبنا في‬
‫فمن يملك لكم من هللا‬ ‫هذا التخلف‪ ،‬يقولون ذلك بألسنتهم وال حقيقة له في قلوبهم‪ ،‬قل لهم أيها الرسول‪ْ :‬‬
‫ُ‬ ‫َ ه‬ ‫ُ‬
‫تعالى شيئا ْإن أراد هللا تعالى بكم شرا أو خيرا‪ ،‬ونقمة أو نعمة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ق ْل َم ْن ذا الذي َي ْعص ُمك ْم م َن‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ه ْ ََ َ ُ ْ ُ ً َ َ‬
‫وءا أ ْو أ َر َاد بك ْم َر ْح َمة}[األحزاب‪ ،]17 :‬بل كان هللا تعالى بما تعملون خبيرا‪ ،‬ال يخفى عليه‬ ‫َّللا إن أراد بكم س‬
‫ش يء منه‪.‬‬
‫نت ۡم َظنَ‬
‫ك ۡم َو َظ َن ُ‬
‫ُ‬ ‫ُُ‬ ‫َ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َ ۡ ُ ۡ ُ َ َ ى َ ۡ ۡ َ َ َ ُ َ َى َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬بل ظننتم أن لن ينقل ِب ٱلرسول وٱلمؤمِنون إِل أهل ِي ِهم أبدا وزيِن ذل ِك ِِف قلوب ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫لس ۡوءِ َووُك ُنت ۡم ق ۡو َما بُورا ‪} ١٢‬‬
‫ٱ َ‬

‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ولِۦ فإنَا أ ۡع َت ۡدنَا ل ِلك ى ِفر َ‬
‫ين َس ِعريا ‪} ١٣‬‬ ‫َ ََُ‬ ‫ََ ۡ ُۡ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ومن لم يؤمِن ب ِٱَّللِ ورس ِ ِ‬
‫فإنا هيأنا للكافرين سعيرا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إ هنا َأ ْع َت ْدنا ل ْلكافر َ‬
‫ين‬
‫ّ‬
‫لم يؤمن باهلل وبرسوله‬ ‫واملعنى‪ :‬ومن ْ‬
‫ً‬ ‫َ ْ ً‬
‫َسالس َل َوأغالَل َو َسعيرا}[اإلنسان‪.]4 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬


‫ت َوٱلۡر ِض َي ۡغ ِف ُر ل َِمن ي َ َشا ُء َويُ َعذ ُ‬ ‫ۡ‬
‫َّلل غ ُفورا َرحِيما ‪} ١٤‬‬ ‫ِب َمن ي َ َشا ُء َوك َن ٱ َ ُ‬
‫ر‬
‫َ َ ُ ُ‬
‫كٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬و َِّللِ ِّل‬
‫يتصرف فيه ما يشاء‪ ،‬وجميع َم ْن في السماوات‬ ‫ّ‬ ‫وهلل تعالى وحده ملك السماوات واألرض وما ّ‬
‫فيهن‪،‬‬
‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ ُّ‬
‫لس َم ى َو ى ِت َوٱلۡر ِض إَِّل َء ِاِت ٱ َلرِنَٰمۡح َع ۡبدا ‪[} ٩٣‬مريم‪ ،]93 :‬يغفر‬ ‫ُك َمن ِف ٱ َ‬
‫ِ‬ ‫واألرض عبيد له‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِن‬
‫ّ‬
‫هللا ملن يشاء من عباده‪ ،‬ويعذب من يشاء من عباده‪ ،‬وكان هللا تعالى غفورا لذنوب عباده التائبين رحيما بهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و هَّلل َما في ه‬
‫الس َم َاوات َو َما في األ ْرض َيغف ُر َل ْن َيش ُاء َو ُي َعذ ُب َم ْن َيش ُاء‬
‫يم}[آل عمران‪.]129 :‬‬ ‫ور َرح ٌ‬ ‫َّللا َغ ُف ٌ‬
‫َو ه ُ‬

‫َ َ ُ ُ ۡ ُ َ َ ُ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َى َ َ َ َ ۡ ُ ُ َ َ ُ َ َ َ ۡ ُ ۡ ُ ُ َ َ ُ َ ُ َ َى َ َ ُ‬
‫َّللِ قل‬
‫قوله تعالى‪ { :‬سيقول ٱلمخلفون إِذا ٱنطلقتم إِل مغان ِم ِلِ أخذوها ذرونا نتبِعكم ي ِريدون أن يبدِلوا كلم ٱ ر‬
‫َُۡ َ َ َُ ُ َ َۡ َۡ ُ ُ ََ َۡ َ ُ َ َۡ َ ُ َ َ َ‬ ‫ِك ۡم قَ َال ٱ َ ُ‬
‫َ َ َ ُ َ َ َى ُ‬
‫ون إَِّل قل ِيل ‪} ١٥‬‬ ‫َّلل مِن قبل فسيقولون بل تسدوننا ر بل َكنوا َّل يفقه‬ ‫لن تتبِعونا كذل‬
‫واملعنى‪ :‬سيقول هؤالء املتخلفون إذا انتطلقتم أيها املؤمنون إلى مغانم خيبر التي وعدكم هللا تعالى بها‬
‫يغيروا ما وعد هللا تعالى لكم من مغانم خيبر املخصص‬ ‫لتأخذوها‪ :‬اتركونا نذهب معكم‪ ،‬يريدون بذلك ْأن ّ‬
‫لن تسيروا معنا إلى خيبر‪ ،‬هكذا قال هللا تعالى لنا من قبل رجوعنا إلى املدينة‪،‬‬ ‫لكم‪ ،‬قل لهم أيها الرسول‪ْ :‬‬
‫ّ‬
‫فسيقولون‪ :‬بل إنكم تحسدوننا في ْأن نصيب معكم تلك املغانم‪ ،‬وليس األمر كما زعمه هؤالء املتخلفون‪ ،‬بل‬
‫كانوا ال يفقهون من أمر هذا الدين إال فهما قليال‪.‬‬
‫َ ْ َ َ َ َ ه ُ َ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ ُُ‬
‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬وقال ابن زيد‪ :‬هو قوله‪{ :‬فإن رجعك َّللا إلى طائف ٍة منهم فاستأذنوك للخروج‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫ُ‬ ‫هُ‬ ‫َ َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ َ ْ‬
‫فق ْل ل ْن تخ ُر ُجوا َمع َي أ َب ًدا َول ْن تقاتلوا َمع َي َع ُد ًّوا إنك ْم َرضيت ْم بالق ُعود أ هو َل َم هر ٍة فاق ُع ُدوا َم َع‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫الخالفين}[التوبة‪.]83 :‬‬

‫َُى ُ َ ُ ۡ َۡ ُ ۡ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫َ‬


‫ون فَإن تُط ُ‬
‫يعوا‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬
‫اب َس ُت ۡد َع ۡون إ ِ ىل ق ۡو ٍم أو ِل بَأس شدِيد تقتِلونهم أو يسلِم‬ ‫ي م َِن ٱ ۡل ۡع َ‬
‫ر‬
‫ُ ُۡ َ‬
‫خ َلفِ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل ل ِلم‬
‫ِ‬
‫َُۡ َُ ۡ ُ ۡ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُۡ ُ ُ َُ َ‬
‫َّلل أ ۡجرا َح َسنا ِإَون َت َت َول ۡوا ك َما تَ َو َۡل ُتم مِن قبل يعذِبكم عذابا أ َِلما ‪} ١٦‬‬ ‫يؤت ِكم ٱ‬
‫ََ َ َُ َ‬
‫ولۥُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ ََ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ ََ َۡۡ َى َ َ ََ ََ َۡۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ليس لَع ٱلعم حرج وَّل لَع ٱلعر ِج حرج وَّل لَع ٱلمرِ ِ‬
‫يض حرج ومن ي ِطعِ ٱَّلل ورس‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ‬
‫تت ِ َها ٱلنۡ َه ى ُر َو َمن َي َت َول ُي َعذِبۡ ُه َعذابا أ َِلما ‪}١٧‬‬ ‫يُ ۡدخِل ُه َج َنىت ت ِري مِن‬
‫واملعنى‪ :‬ليس على األعمى واألعرج واملريض إثم في التخلف عن الجهاد وترك األمور الواجبة لهم‪ ،‬كما‬
‫َ َ َْ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫َْ َ َ َْ‬
‫س َعلى األ ْع َمى َح َر ٌج َوَل َعلى األ ْع َرج َح َر ٌج َوَل َعلى اَلريض َح َر ٌج}[النور‪ ،]61 :‬ومن يطع هللا تعالى‬ ‫قال تعالى‪{ :‬لي‬
‫ْ‬
‫باتباع أحكامه ويطع الرسول باتباع ما أتى به‪ ،‬يدخله جنات تجري من تحت غرفها وأشجارها األنهار حال كونه‬
‫ول ُه ُي ْدخ ْل ُه َج هنات َت ْجري م ْن َت ْحت َها ْ‬
‫هَ ََ ُ َ‬ ‫خالدا فيها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ت ْل َك ُح ُد ُ‬
‫األن َه ُار‬ ‫ٍ‬ ‫ود هَّللا َو َم ْن ُيطع َّللا ورس‬
‫يعذبه هللا تعالى عذابا أليما موجعا‪.‬‬ ‫يم}[النساء‪ ،]13 :‬ومن يعرض عن الطاعة‪ْ ،‬‬ ‫ين ف َيها َو َذل َك ْال َف ْو ُز ْال َعظ ُ‬
‫َخالد َ‬

‫ُُ ۡ ََ ََ َ ََ َ‬ ‫ََ ۡ َ َ َُ َ ُۡ ۡ َ ۡ َُ ُ َ َ َۡ َ َ َ َ‬
‫ِينة َعل ۡي ِه ۡم‬
‫ج َرة ِ ف َعل َِم َما ِِف قلوب ِ ِهم فأنزل ٱلسك‬ ‫قوله تعالى‪۞{ :‬لقد ر ِض ٱَّلل ع ِن ٱلمؤ ِمن ِي إِذ يبايِعونك تت ٱلش‬
‫َ ََىَ ُ ۡ َ ۡ َ‬
‫وأثبهم فتحا قرِيبا ‪}١٨‬‬
‫واملعنى‪ :‬لقد رض ي هللا تبارك وتعالى عن املؤمنين حين بايعوك أيها الرسول تحت الشجرة في الحديبية‪،‬‬
‫فعلم هللا تعالى ما في قلوبهم من الصدق والوفاء‪ ،‬فيد هللا تعالى فوق أيديهم حين بايعوك‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إ هن‬
‫ه َ َُ ُ َ َ هَ َُ ُ َ هَ َُ ه َ َ َ‬
‫َّللا ف ْوق أ ْيديه ْم}[الفتح‪ ،]10 :‬فأنزل هللا تعالى الطمأنينة على قلوبهم‪،‬‬ ‫الذين يبايعونك إنما يبايعون َّللا يد‬
‫وجازاهم على هذه البيعة فتحا قريبا بخيبر‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َۡ ُ ُ ََ ََ َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ومغان ِم كثِرية يأخذونها وكن ٱَّلل ع ِزيزا حكِيما ‪} ١٩‬‬
‫واملعنى‪ :‬وأثابهم مغانم كثيرة يأخذونها من أموال يهود خيبر‪ ،‬وكان هللا تعالى عزيزا في ملكه‪ ،‬حكيما في‬
‫صنعه وتدبيره‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ْ ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫وهذه املغانم هي التي حكى هللا تعالى عنها في قوله‪َ { :‬س َيقو ُل اْلخلفون إذا انطلقت ْم إلى َمغان َم‬
‫َ َ ُ ُ َ‬ ‫َ ْ ُ ُ َ َ ُ َ َ ه ْ ُ ْ ُ ُ َن َ ْ ُ َ ُ َ َ َ ه ُ ْ َ ْ َ ه ُ َ‬
‫ونا َك َذل ُك ْم َق َ‬
‫ال ه ُ‬
‫َّللا م ْن ق ْب ُل ف َس َيقولون َب ْل‬ ‫لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدو أن يبدلوا كالم َّللا قل لن تتبع‬
‫َ ُ َ َْ َ ه َ ً‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ت ْح ُس ُدوننا َب ْل كانوا َل َيفق ُهون إَل قليال}[الفتح‪.]15 :‬‬

‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ُ ُ َُ َ َ َ َ َ َۡ ُ ُ َ َ َ َ َ َ َ ُ‬
‫ك ۡم َهى ِذه ِۦ َو َوُك َف َأيۡد َ‬
‫اس َعنك ۡم َوِلِ َكون َءايَة‬
‫ِي ٱلَ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وعدكم ٱَّلل مغان ِم كثِرية تأخذونها فعجل ل‬
‫ُۡۡ ِ َ ََۡ َ ُ‬
‫ك ۡم ِص َر ىطا ُِّّ ۡس َت ِقيما ‪} ٢٠‬‬ ‫ل ِلمؤمن ِي ويهدِي‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬وعدكم هللا تعالى أيها املؤمنون مغانم كثيرة تأخذونها‪ّ ،‬‬
‫فعجل لكم مغانم خيبر‪ ،‬وكف أيدي‬
‫ْ‬
‫الناس عنكم‪ ،‬فلم ينلكم سوء من أعدائكم‪ ،‬ولتكون هزيمتهم ومغانمكم عالمة للمؤمنين يعلمون بها ّأن ما‬
‫ُ َ َ ُ ۡ ُ ُ ُ َ ُ‬
‫ب َعل ۡيك ُم ٱلقِ َتال َوه َو ك ۡره لك ۡم‬
‫ْ‬
‫اختار لهم هللا تعالى ورسوله هو خير لهم وإن كرهوه‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬كت ِ‬
‫َ ُ َ َ َ ُ ۡ َ َُ َ ۡ َ ُ ََ ُ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ َۡ َ ُ ۡ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ َ َ ى َ َ ۡ‬
‫ك َر ُهوا َ ۡ‬
‫نت ۡم َّل ت ۡعل ُمون‬ ‫س أن ت ُِّبوا ش ۡئٔا وهو ش لك رم وٱَّلل يعلم وأ‬
‫يشٔٔا وهو خري لكم وع ى‬ ‫وعس أن ت‬
‫‪[} ٢١٦‬البقرة‪ ،]216 :‬وليهديكم هللا تعالى طريقا مستقيما ال عوج فيه‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وأ ۡخ َر ى ۡ َ ُ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ُ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫لَع ُك ۡ‬
‫يشء قدِيرا ‪} ٢١‬‬ ‫ى لم تقدِروا عليها قد أحاط ٱَّلل بِها ر وكن ٱَّلل ى ِ‬

‫َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬


‫ون َو َِلا َوَّل نَ ِصريا ‪} ٢٢‬‬
‫ُ َ‬ ‫َۡ َ َ‬ ‫َ ََُ َ ُ‬ ‫َ ۡ َ ُ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ولو ق ىتلكم ٱَّلِين كفروا لولوا ٱلدب ىر ثم َّل ِ‬
‫ُيد‬
‫واملعنى‪ :‬ولو قاتلكم الذين كفروا وأنتم أيها املؤمنون متمسكون بدينكم ناصرون هلل تعالى‪ ،‬لنصركم‬
‫َ‬
‫ام ُنوا إِن‬ ‫ص ُر ُ }[الحج‪ ،]40 :‬وقال تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫َّللا َم ْن َي ْن ُ‬ ‫هللا تعالى عليهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َل َي ْن ُ‬
‫ص َر هن ه ُ‬
‫ّ‬ ‫ََ َ ُ ۡ ُ ۡ َ َُ ۡ َۡ َ َ ُ‬ ‫تَ ُ ُ‬
‫}[محمد‪ ،]7 :‬ولولوا األدبار انهزاما منكم‪ ،‬ثم ال يجدون لهم وليا يلي‬ ‫َّ‬ ‫امك ۡم ‪٧‬‬ ‫نُصوا ٱَّلل ينُصكم ويثبِت أقد‬
‫أمرهم‪ ،‬وال نصيرا ينصرهم‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ت َد ل ُِس َن ِة ٱ ََّللِ َت ۡبدِيل ‪} ٢٣‬‬ ‫ۡ َ‬ ‫ۡ َ ۡ‬ ‫َُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬سنة ٱَّللِ ٱل ِت قد خلت مِن قبل ولن ِ‬
‫سنها في األمم السابقة من قبل‪ ،‬ولن تجد أيها الرسول لسنة هللا تعالى‬ ‫واملعنى‪ :‬سنة هللا تعالى التي ّ‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ََ َ‬
‫تبديال وال تحويال‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فل ْن تج َد ل ُسنة هَّللا ت ْبديال َول ْن تج َد ل ُسنة هَّللا ت ْحويال}[فاطر‪.]43 :‬‬

‫ك َة مِن َب ۡع ِد أَ ۡن أَ ۡظ َف َر ُوُك ۡم َعلَ ۡيه ۡم َو َك َن ٱ َ ُ‬


‫َّلل‬
‫َ َ َۡ َ ُ ۡ َ ُ ۡ ََۡ َ ُ ۡ َ ۡ ُ َۡ َ َ‬ ‫ُ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وه َو ٱَّلِي كف أيدِيهم عنكم وأيدِيكم عنهم بِبط ِن م‬
‫ِ ر‬
‫َ ََُۡ َ‬
‫ون بَ ِصريا ‪} ٢٤‬‬ ‫بِما تعمل‬

‫ُ َ‬
‫َ َ‬ ‫َُ َ َ‬ ‫ۡ‬
‫ل َر ِام َوٱل َه ۡد َي َم ۡعكوفا أن َي ۡبلغ َمِل ُه رۥ َول ۡوَّل رِ َجال‬ ‫ج ِد ٱ ۡ َ‬
‫ِ‬ ‫س‬
‫ُ ُ َ َ َ َ ُ َ َ ُّ ُ‬
‫ووُك ۡم َعن ٱل ۡ َم ۡ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬هم ٱَّلِين كفروا وصد‬
‫ِ‬
‫َّلل ِف َر ۡ َ‬
‫ْحتِهِۦ َمن‬ ‫كم م ِۡن ُهم َم َع َرةُ ب َغ ۡري ع ِۡلم ِ َُل ۡدخ َِل ٱ َ ُ‬ ‫ُ ۡ َُ َ ُ‬
‫يب‬ ‫ص‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫وه‬ ‫ٔ‬
‫ُ‬ ‫ٔ‬ ‫ط‬ ‫وه ۡم أَن َت َ‬
‫ُّ ۡ ُ َ َ َ ُّ ۡ َ ى َ ۡ َ ۡ َ ُ ُ‬
‫ِّؤمِنون ون ِساء ِّؤمِنت لم تعلم‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُۡ ۡ َ َ َ‬ ‫َ َ ُ َۡ ََ َ ُ َ َ َ ۡ َ َ َ َ‬
‫ك َف ُروا مِنهم عذابا أ َِلما ‪} ٢٥‬‬ ‫يشاء ر لو تزيلوا لعذبنا ٱَّلِين‬
‫وصدوكم أيها املؤمنون عن دخول املسجد الحرام‪ ،‬ومنعوا الهدي‬ ‫واملعنى‪ :‬هم املشركون الذين كفروا ّ‬
‫وحبسوه ْأن يبلغ محل نحره وهو الحرم‪ ،‬ولوال وجود املستضعفين من املؤمنين واملؤمنات في مكة‪ ،‬يكتمون‬
‫إيمانهم خيفة على أنفسهم‪ ،‬لم تعلموهم‪ ،‬خشية ْأن تطؤوهم بجيشكم فتقتلونهم‪ ،‬فيصيبكم بذلك القتل إثم‬
‫كف أيديكم عنهم‪ّ ،‬‬‫ّ‬
‫ولكن هللا‬ ‫وكفارة على القتل الخطأ لوقوعه بغير علم منكم‪ ،‬ألذن هللا تعالى لكم بقتالهم وملا‬
‫ّ‬
‫تعالى كف أيديكم عنهم‪ ،‬ليدخل في رحمته بسبب هذا الكف من يشاء من عباده‪ ،‬وعلى رأس هؤالء العباد‪،‬‬
‫ّ‬ ‫املؤمنون واملؤمنات الذين كانوا في مكة‪ ،‬لو ّ‬
‫تميز هؤالء املؤمنون واملؤمنات عن مشركي مكة‪ ،‬لعذبنا الذين‬
‫كفروا منهم عذابا مؤملا موجعا‪.‬‬
‫َ ْ‬
‫دل قوله تعالى‪{ :‬بغ ْير عل ٍم} على تفضيل الصحابة‪ ،‬واتصافهم بصفات‬ ‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ّ :‬‬
‫التعدي‪ ،‬حتى لو ّأنهم أصابوا من ذلك أحدا‪ ،‬لكان من غير‬ ‫ّ‬ ‫كريمة من العفة عن املعصية‪ ،‬والعصمة عن‬
‫َۡ َ َ ۡ ََۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت إ ِ َذا أتَ ۡوا َ ى‬
‫لَع َوادِ ٱلم ِل قالت نملة‬ ‫قصد‪ .‬وهذا مشابه لوصف النملة جند سليمان عليه السالم في قولها‪َ { :‬ح َ ى‬
‫َى َ ُّ َ َ ۡ ُ ۡ ُ ُ َ َ ى َ ُ ۡ َ َ ۡ َ َ ُ ۡ ُ َ ۡ َ ى ُ َ ُ ُ ُ ُ َ ُ ۡ َ َ ۡ ُ ُ َ‬
‫ون ‪[}١٨‬النمل‪.]18 :‬‬‫يأيها ٱلمل ٱدخلوا مسكِنكم َّل ي ِطمنكم سليمن وجنودهۥ وهم َّل يشعر‬

‫َ ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ ُ َۡ َ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ ُ َ َ‬ ‫ۡ َ ََ َ َ ََ‬


‫كف ُروا ِِف قلوب ِ ِهم ٱل ِمية ْحِية ٱلجى ِهل ِيةِ فأنزل ٱَّلل سكِينتهۥ لَع رس ِ‬
‫ولِۦ ولَع‬ ‫ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِذ جعل ٱَّلِين‬
‫َ‬ ‫ُۡ ۡ ِ َ َََۡ َ ُ ۡ َ َ َ َۡ َ ى َ ُ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َُ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يش ٍء َعل ِيما ‪} ٢٦‬‬
‫كل ۡ‬
‫ٱلمؤمن ِي وألزِّهم ُك ِمة ٱِلقوى وكنوا أحق بِها وأهلها ر وكن ٱَّلل ب ِ ِ‬
‫يصدقوا‬ ‫مسك الكافرون وقيدوا أنفسهم بالحمية الجاهلية؛ لئال ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها العاقل حين ت ّ‬
‫برسالة الرسول صلى هللا عليه وسلم بمنع املسلمين من دخول مكة‪ ،‬ومن الطواف باملسجد الحرام‪ ،‬ومنع‬
‫ّ‬ ‫الرحمن ّ‬ ‫الهدي من بلوغ محله‪ ،‬وامتناعهم كتابة بسم هللا ّ‬
‫الرحيم‪ ،‬و محمد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في‬
‫صلح الحديبية‪ ،‬فأنزل هللا تعالى سكينته على رسوله صلى هللا عليه وسلم وعلى املؤمنين‪ ،‬وألزمهم كلمة‬
‫أحق بهذه الكلمة وأهال لها دون الكفار‪ ،‬وكان هللا تعالى بكل‬ ‫التوحيد وهي ال إله إال هللا محمد رسول هللا‪ ،‬وكانوا ّ‬
‫ش يء عليما ال يخفى عليه ش يء‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫روى اإلمام الطبري بسنده عن سعيد بن املسيب‪ ،‬أن أبا هريرة أخبره أن رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫ّ َ‬ ‫هللا‪ْ ،‬‬ ‫الناس حتى يقولوا ال إله إال ُ‬ ‫وسلم قال‪" :‬أم ْر ُت ْأن أقاتل ّ‬
‫مني ماله‬ ‫فمن قال ال إله إال هللا فقد َعصم‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وحسابه على هللا"‪ ،‬وأنزل هللا في كتابه‪ ،‬فذكر قوما استكبروا فقال‪{ :‬إ هن ُه ْم كانوا إذا ق َ‬ ‫ّ‬
‫يل ل ُه ْم‬ ‫ُ‬ ‫حقه‬ ‫َ‬
‫ونفسه إال ِب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُُ‬ ‫ْ َ َ َ ه َ َ َ‬ ‫هُ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ين كف ُروا في قلوبه ُم ال َحم هية َحم هية‬ ‫َّللا َي ْستكب ُرون}[الصافات‪ ،]35 :‬وقال هللا‪{ :‬إذ جعل الذ‬ ‫َل إل َه إَل‬
‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ َ هْ‬ ‫َ ُْ ْ َ َْ‬ ‫ََ َ‬ ‫ْال َجاهل هية َف َأنز َل ه ُ‬
‫َّللا َسكينت ُه َعلى َر ُسوله َو َعلى اَلؤمنين َوأل َز َم ُه ْم كل َمة التق َوى َوكانوا أ َح هق ب َها َوأ ْهل َها}[الفتح‪:‬‬
‫الحديبية‪ ،‬يوم كاتبهم رسول هللا صلى هللا‬ ‫‪ ،]26‬وهي ال إله إال هللا محمد رسول هللا‪ ،‬استكبر عنها املشركون يوم ُ‬
‫عليه وسلم على قضية ّ‬
‫املدة‪.‬‬

‫َ َ َُ َ ِ َ َُ َ ُُ َ ُ‬
‫وسك ۡم‬ ‫ج َد ٱ ۡ َ‬
‫ل َر َ‬
‫ام إِن شاء ٱَّلل ءامن ِي َملِقِي رء‬ ‫لق َِلَ ۡد ُخ ُل َن ٱل ۡ َم ۡ‬
‫س‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ َ َ َ َ ُ َ ُ َ ُ ُّ ۡ َ ۡ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬لقد صدق ٱَّلل رسول ٱلرءيا ب ِٱ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ ُ َ َ َ َ َ َۡ َ ۡ َ ُ َ َ ََ‬ ‫ََُ‬
‫ون ذ ىل َِك ف ۡتحا ق ِريبا ‪} ٢٧‬‬ ‫ُ‬
‫ُصين َّل َتافون فعل ِم ما لم تعلموا فجعل مِن د ِ‬ ‫ومق ِ ِ‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ ُۡ َُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َف ب ِٱ ََّللِ َش ِهيدا ‪}٢٨‬‬
‫ِين ُكِهرِۦ َووُك َ ى‬
‫ِين ٱل ِق َِلظ ِهرهۥ لَع ٱَل ِ‬
‫ُ َ ى َ‬ ‫ۡ َ َُ ُ‬ ‫َُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬هو ٱَّلِي أرسل رسولۥ ب ِٱلهدى ود ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هو هللا الذي أرسل رسوله صلى هللا عليه وسلم بالقرآن واإليمان الصحيح‪ ،‬وبدين اإلسالم‬
‫ويعليه على األديان كلها‪ ،‬كفى باهلل وحده شهيدا على صدق الرسول‬ ‫الحق الذي ال يبطله ش يء آخر؛ ليظهره َ‬
‫صلى هللا عليه وسلم فيما جاء به‪.‬‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ه َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ُ { :‬ه َو الذي أ ْر َس َل َر ُسول ُه بال ُه َدى َودين ال َحق ل ُيظه َر ُ َعلى الدين كله َول ْو‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫َ ُْ ْ ُ َ‬
‫كر َ اَلشركون}[التوبة‪ ،]33 :‬وقوله تعالى‪ُ { :‬ه َو الذي أ ْر َس َل َر ُسول ُه بال ُه َدى َودين ال َحق ل ُيظه َر ُ َعلى الدين كله‬
‫َ َ ُْ ْ ُ َ‬
‫َول ْو كر َ اَلشركون}[الصف‪.]9 :‬‬

‫ُ َ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك َفار ُر َ َ‬ ‫ُّ َ َ َ ُ ُ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ ُ َ َ ۡ ُ‬


‫ْحا ُء بَ ۡي َن ُه ۡم ت َرى ى ُه ۡم ُركعا ُس َجدا يَ ۡب َتغون فضل م َِن‬ ‫ِ‬ ‫َّللِ وٱَّلِين معهۥ أشِداء لَع ٱل‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ممد رسول ٱ ر‬
‫َ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َُ‬ ‫ۡ‬ ‫ََۡ َََُُۡ‬ ‫ۡ َ ُّ ُ َ َ َ َ ُ ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ۡ ُ ُ‬ ‫َ َ ۡ َ‬
‫يل كزر ٍع أخ َرج شطأهۥ‬ ‫ن ِ‬‫ٱَّللِ ورِضو ىنا سِيماهم ِِف وجوهِ ِهم مِن أث ِر ٱلسجو ِد ذ ىل ِك مثلهم ِِف ٱِلورى ى ِة ومثلهم ِِف ٱ ِإل ِ‬
‫ام ُنوا َو َعملُوا ٱ َ ى َ‬ ‫َّلل ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫ك َف َ‬
‫ار َو َع َد ٱ َ ُ‬ ‫ُ ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لَع ُسوقِهِۦ ُي ۡعج ُ‬‫ََََُ َ ۡ َۡ ََ َ ۡ ََ ى ََ‬
‫ت‬‫لصل ِحى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب ٱ ُّلز َراع َِلَغِيظ ب ِ ِهم ٱل‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫فأزرهۥ فٱستغلظ فٱستوى‬
‫يما ‪}٢٩‬‬‫م ِۡن ُهم َم ۡغ ِف َرة َوأَ ۡجرا َع ِظ َ‬

‫أشداء على الكفار رحماء‬ ‫واملعنى‪ :‬محمد صلى هللا عليه وسلم سوله هللا تعالى‪ ،‬والصحابة الذين معه ّ‬
‫ر‬
‫ه ُ َ ْ ُ ُّ ُ ْ َ ُ ُّ َ ُ َ ه َ َ ْ ُ ْ َ َ ه َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫فيما بينهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ف َس ْوف َيأتي َّللا بقو ٍم يحبهم ويحبونه أذل ٍة على اَلؤمنين أعز ٍة على‬
‫ين}[املائدة‪ ،]54 :‬تراهم أيها الناظر مكثرين في الركوع والسجود في صالتهم‪ ،‬يبتغون فضال من هللا تعالى‬ ‫ْال َكافر َ‬
‫َْ‬ ‫وهو الجنة ورضوانه الذي هو أكبر من الجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ور ْ‬
‫ان م َن هَّللا أك َب ُر}[التوبة‪ ،]72 :‬عالمتهم‬
‫ض َو ٌ‬
‫ظاهرة في وجوههم من البهاء والوقار من أثر السجود‪ ،‬ذلك املذكور وصفهم في التوراة‪ ،‬ووصفهم في اإلنجيل‬
‫كزرع أخرج ساقه وفرعه‪ ،‬ثم تكاثرت فروعه‪ ،‬فقوت تلك الفروع أصولها‪ ،‬وجعلتها مكينة ثابتة في األرض‪،‬‬
‫فصار الزرع غليظا بعد ْأن كان قيقا‪ ،‬فاستوى قائما على سيقانه جميال منظره‪ ،‬يعجب ّ اع‪ ،‬ليغيظ ّ‬
‫الكفار‬ ‫الزر‬ ‫ر‬
‫بكثرة املؤمنين وجمال منظرهم‪ ،‬وعد هللا تعالى الذين آمنوا باهلل ورسوله‪ ،‬وعملوا األعمال الصالحة منهم‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ هُ ه َ ُ‬
‫ين َآمنوا َو َعملوا‬ ‫مغفرة ملا تقدم من سيئاتهم‪ ،‬وثوابا عظيما وهو الجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وعد َّللا الذ‬
‫الصال َحات َل ُه ْم َم ْغف َر ٌة َو َأ ْج ٌر َعظ ٌ‬
‫يم}[املائدة‪.]9 :‬‬ ‫ه‬
‫ور ُة ُ‬
‫الح ُج َرات‬ ‫ُس َ‬
‫وهي مدنية وعدد آياتها ثماني عشرة‬

‫َّلل إ َن ٱ َ َ‬
‫ََ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬
‫ام ُنوا َّل ُت َقد ُِِّوا بَ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّلل َس ِميع َعل ِيم ‪} ١‬‬ ‫ي يَ َد ِي ٱ ََّللِ َو َر ُس ِ‬
‫ولِۦ وٱتقوا ٱ ر ِ‬
‫ِين َء َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱَّل َ‬

‫تتقدموا أمام هللا ورسوله‪ ،‬فتقولوا في ش يء بغير علم وال‬ ‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل وبرسوله ال ّ‬
‫فإن حكم كل ش يء إلى‬ ‫معين‪ ،‬قبل حكم هللا تعالى ورسوله لكم فيه‪ّ ،‬‬ ‫بإذن من هللا مثل حكم أو قضاء في أمر ّ‬
‫َ َ ُ ُ َ‬ ‫ََ ُ‬
‫كم ُه إلى هَّللا}[الشورى‪ ،]10 :‬واتقوا هللا تعالى وخافوا‬ ‫هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما اختلفتم فيه من ش يء فح‬
‫عذابه‪ّ ،‬إن هللا تعالى سميع ألقوالكم عليم بأعمالكم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ َۡ ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ‬ ‫َى َ ُّ َ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ ى َ ُ‬


‫ك ۡم فَ ۡو َق َص ۡ‬
‫ضك ۡم‬‫ب َوَّل ت َه ُروا ُلۥ ب ِٱلق ۡو ِل كجه ِر َبع ِ‬
‫ِِ‬
‫ت ٱلَ‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱَّلِين ءامنوا َّل ترفعوا أصوت‬
‫َ ۡ َ ََۡ َ َ ۡ َىُ ُ ۡ ََ ُ ۡ َ َۡ ُ ُ َ‬
‫ون ‪} ٢‬‬ ‫ِلع ٍض أن تبط أعملكم وأنتم َّل تشعر‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل وبرسوله ال ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫بأن تقولوا‪ :‬يا محمد‪ ،‬كما يجهر بعضكم لبعض‪ ،‬بل قولوا‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬يا نبي هللا‪ ،‬كما‬ ‫وال تجهروا له بالقول ْ‬
‫ضا}[النور‪ ،]63 :‬نهاكم هللا تعالى عن هذا‬ ‫قال تعالى‪ََ { :‬ل َت ْج َع ُلوا ُد َع َاء ه‬
‫الر ُسول َب ْي َن ُك ْم َك ُد َعاء َب ْعض ُك ْم َب ْع ً‬
‫خشية ْأن تبطل أعمالكم‪ ،‬وأنتم ال تشعرون بذلك‪.‬‬
‫وسلم ميتا كحرمته ّ‬ ‫ّ‬
‫حيا‪ ،‬وكالمه املأثور‬ ‫قال القاض ي محمد ابن العربي‪ :‬حرمة النبي صلى هللا عليه‬
‫كل حاضر أال يرفع صوته عليه‪،‬‬ ‫بعد موته في الرفعة مثل كالمه املسموع من لفظه‪ ،‬فإذا قرئ كالمه وجب على ّ‬
‫وال يعرض عنه‪ ،‬كما كان يلزمه ذلك في مجلسه عند تلفظه به‪ ،‬وقد ّنبه هللا تعالى على دوام الحرمة املذكورة‬
‫َ َْ ُ‬ ‫َ ُ َئ ْ ُ ْ ُ َ ْ َ‬
‫استم ُعوا ل ُه َو أنصتوا}[األعراف‪ ،]204 :‬وكالم النبي صلى‬ ‫على مرور األزمنة بقوله تعالى‪{ :‬وإذا قر القرآن ف‬
‫ّ‬
‫هللا عليه وسلم من الوحي وله من الحرمة مثل ما للقرآن إال معاني مستثناة‪ ،‬بيانها في كتب الفقه‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫َ ُ َى َ َ َ ۡ َ َ َ َ ُ ُ ُ َ ُ ۡ َ ۡ َ ى َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُّ َ َ ۡ َ َ ُ ۡ‬
‫ى ل ُهم َمغفِ َرة‬ ‫َ َُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلِين يغضون أصو ىتهم عِند رسو ِل ٱَّللِ أولئِك ٱَّلِين ٱمتحن ٱَّلل قلوبهم ل ِلتقو ر‬
‫َ‬
‫َوأ ۡجر َع ِظيم ‪} ٣‬‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن الذين يخفضون أصواتهم عند مخاطبة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في مجلسه أولئك‬
‫الذين اختبر هللا تعالى قلوبهم وجعلها أهال للتقوى‪ ،‬لهم مغفرة من هللا تعالى لذنوبهم‪ ،‬وثواب عظيم وهو‬
‫ّ‬
‫الجنة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬ونحو اآلية قوله تعالى‪{ :‬ل ُت ْؤم ُنوا ب ه‬
‫اَّلل َو َر ُسوله َوت َعز ُرو ُ َوت َوق ُرو ُ }[الفتح‪.]9 :‬‬

‫َ‬ ‫َۡ‬
‫َت ُر َج إ ِ َۡل ِه ۡم‬ ‫ت‬‫بوا َح َ ى‬ ‫ون ‪َ ٤‬ول َ ۡو َأ َن ُه ۡم َص َ ُ‬
‫ُۡ ُ َى َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َ ۡ ُ َ‬
‫ت أكَّثهم َّل يعقِل‬
‫َ َ َ َ ُ َ َ‬
‫ِين ُينادونك مِن َو َراءِ ٱلجر ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ َ َََ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّلل َغ ُفور َرحِيم ‪ ٥‬يَىأ ُّي َها ٱَّل َ َ ُ‬ ‫لَ ََك َن َخ ۡريا ل َ ُه ۡم َوٱ َ ُ‬
‫ق ۡو َما ِِبَ َه ىلة‬ ‫يبوا‬‫ص ُ‬ ‫َ‬
‫ِين َءامنوا إِن جا َءك ۡم فاسِق بِن َبإ فتب َينوا أن ت ِ‬ ‫ر‬
‫ِي ‪} ٦‬‬ ‫حوا َ َ ى‬
‫لَع َما َف َع ۡل ُت ۡم َنى ِدم َ‬ ‫َف ُت ۡصب ُ‬
‫ِ‬

‫َّللا َح َّب َب إ َل ْي ُك ُم ْاإل َيم َ‬ ‫َ َْ‬


‫األ ْمر َل َعن ُّت ْم َو َلك َّن َّ َ‬ ‫َ ْ َ ُ َ َّ ُ ْ َ ُ َ َّ َ ْ ُ ُ ُ ْ َ‬
‫ان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ير‬
‫ٍ‬ ‫ث‬
‫ِ‬ ‫ك‬ ‫َّللا لو ي ِطيعكم ِفي‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬واعلموا أن ِفيكم رسول ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ان أ َول ِئ َك ُه ُم َّ‬ ‫َو َ َّزي َن ُه في ُق ُلوب ُك ْم َو َك َّر َه إ َل ْي ُك ُم ْال ُك ْف َر َو ْال ُف ُسو َق َو ْالع ْ‬
‫ص َي َ‬
‫الر ِاش ُدون (‪})7‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬واعلموا أيها املؤمنون أن بين أظهركم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فتأدبوا معه‪ ،‬فإنه أولى‬
‫َْ ُ‬ ‫ه َ َ ُْ ْ َ‬
‫بكم وأعلم بمصالحكم من أنفسكم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬النب ُّي أ ْولى باَلؤمنين م ْن أنفسه ْم}[األحزاب‪ ،]6 :‬لو‬
‫َ‬ ‫َ ه ْ‬
‫ألدى ذلك إلى حرجكم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولو ات َب َع ال َح ُّق أ ْه َو َاء ُه ْم‬ ‫يطيعكم الرسول في كثير مما تختارون ّ‬
‫ضو َن}[املؤمنون‪ّ ،]71 :‬‬
‫ولكن‬ ‫اه ْم بذ ْكره ْم َف ُه ْم َع ْن ذ ْكره ْم ُم ْعر ُ‬ ‫ض َو َم ْن فيه هن َب ْل َأ َت ْي َن ُ‬‫ات َواأل ْر ُ‬ ‫ه َ َ ُ‬
‫لف َس َدت السمو‬
‫ََ‬
‫وكره إليكم الكفر والخروج عن طاعة هللا تعالى‪،‬‬ ‫وزينه في قلوبكم‪ّ ،‬‬ ‫ان ّ‬ ‫حبب إليكم أيها املؤمنون اإليم َ‬ ‫هللا تعالى ّ‬
‫وعصيانه‪ ،‬هؤالء املوصوفون بهذه الصفات هم الراشدون املستقيمون على طريق الحق‪.‬‬

‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف ۡضل م َِن ٱ ََّللِ َون ِۡع َمة ر َوٱ َ ُ‬
‫َّلل َعل ِيم َحكِيم ‪} ٨‬‬

‫َ ُۡ ۡ َ ۡ ََ ُ ََ ۡ ُ ََۡ ُ َ َ َ َ ۡ ۡ َ ىُ َ ََ ۡ ُ ۡ َ ى ََ ُ َ‬ ‫َ ََ‬
‫ى فقىتِلوا ٱل ِت‬ ‫ان مِن ٱلمؤ ِمن ِي ٱقتتلوا فأصل ِحوا بينهما فإِن بغت إِحدىهما لَع ٱلخر‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون طائِفت ِ‬
‫ي ‪}٩‬‬‫ِب ٱل ۡ ُم ۡقسِ ط َ‬ ‫ل أَ ِّۡر ٱ ََّللِ فَإن فَا َء ۡت فَأَ ۡصل ُِحوا بَ ۡي َن ُه َما بٱ ۡل َع ۡدل َوأَ ۡقس ُِطوا إ َن ٱ َ َ‬
‫َّلل ُي ُّ‬ ‫ى‬
‫َ َ َ َ َ‬
‫َت ۡب ِغ ح ى‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ت ت َِفء إ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وإذا تقاتلت طائفتان صغيرتان من املؤمنين‪ ،‬فأصحلوا أيها املؤمنون بينهما بدعوتهما إلى حكم‬
‫فإن اعتدت إحدى الطائفتين على األخرى ْ‬
‫وأبت‬ ‫هللا هللا تعالى ورسوله وأولي األمر منهم وإ الة أسباب الخالف‪ْ ،‬‬
‫ز‬
‫ْ‬
‫الدعوة إلى اإلصالح‪ ،‬فقاتلوا التي تبغي حتى ترجع إلى أمر هللا تعالى‪ ،‬فإن رجعت فأصلحوا بينهما بالعدل‬
‫وتحروا العدل في الحكم بينهما‪ّ ،‬إن هللا تعالى يحب العادلين في أحكامهم‪.‬‬ ‫واإلنصاف‪ّ ،‬‬
‫دل على هذا املعنى قوله تعالى‪:‬‬ ‫ألن الطائفة دون الفرقة‪ّ ،‬‬ ‫واملراد بالطائفة في هذه اآلية فرقة صغيرة؛ ّ‬
‫َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ َ‬
‫{فل ْوَل نف َر م ْن كل ف ْرق ٍة م ْن ُه ْم طائفة}[التوبة‪.]122 :‬‬
‫هللا عليه وسلم‬ ‫النبي صلى ُ‬
‫علي بن أبي طالب‪ :‬بعث ّ‬ ‫وقد نقل اإلمام ابن كثير رواية ابن أبي حاتم عن ّ‬
‫بأ بعة أسياف‪ :‬سيف في املشركين من العرب‪ ،‬قال هللا‪َ { :‬ف ْاق ُت ُلوا ْاَلُ ْشرك َين َح ْي ُث َو َج ْد ُت ُم ُ‬
‫وه ْم‬ ‫ر‬
‫َ ُ‬ ‫وأظن ّأن السيف الثاني هو قتال أهل َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫َو ُخذ ُ‬
‫الكتاب في قوله‪{ :‬قاتلوا‬ ‫وه ْم}[التوبة‪ ،]5 :‬هكذا رواه مختصرا‪،‬‬
‫ين ْال َحق م َن هالذ َ‬
‫ين‬
‫َ ُ َ ُ َ َ َ هَ هُ ََ ُ ُ‬
‫ول ُه َوَل َيد ُينو َن د َ‬ ‫ْ‬
‫اَّلل َوَل بال َي ْوم اْلخر وَل يحرمون ما حرم َّللا ورس‬ ‫ين ََل ُي ْؤم ُنو َن ب ه‬
‫هالذ َ‬
‫صاغ ُرون}[التوبة‪ ،]29 :‬والسيف الثالث‪ :‬قتال املنافقين في‬
‫َ‬ ‫ُأ ُوتوا ْالك َت َ‬
‫اب َح هتى ُي ْع ُطوا ْالج ْزَي َة َع ْن َيد َو ُه ْم َ‬
‫ٍ‬
‫ظ َع َل ْيه ْم}[التوبة‪ّ ،]73 :‬‬
‫َ َ ُْ ْ‬ ‫ْ ُ ه َُْ‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫والرابع‪ :‬قتال الباغين في قوله‪ِ { :‬إَون‬ ‫قوله‪َ { :‬يا أ ُّي َها النب ُّي َجاهد الكف َار َواَلنافقين واغل‬
‫َ ُۡ ۡ َ ََُۡ ََ ۡ ُ ََُۡ َ َ َ َ ۡ ۡ َ ُ َ ََ ُ‬
‫َ‬
‫ت تَ َِف َء إ ِ ى‬
‫ل‬
‫ُ َ‬ ‫لَع ٱ ۡل ۡخ َر ى‬
‫ى فَ َقىتِلوا ٱل ِت َت ۡب ِغ َح َ ى‬ ‫ان مِن ٱلمؤ ِمن ِي ٱقتتلوا فأصل ِحوا بينهما فإِن بغت إِحدى ىهما‬ ‫َ ََ‬
‫طائِفت ِ‬
‫َ‬
‫أ ِّۡ ِر ٱ ََّللرِ }[الحجرات‪.]9 :‬‬

‫َ َ‬
‫ََ َ ُ ۡ ُۡ َُ َ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ۡ ُ َۡ َ َ‬ ‫َ ۡ‬‫ََ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪}١٠‬‬ ‫ي أخ َو ۡيك ۡ رم َوٱتقوا ٱَّلل لعلكم ترْح‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن َما ٱل ُمؤم ُِنون إِخ َوة فأصل ِحوا ب‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنما املؤمنون إخوة في الدين‪ ،‬فأصلحوا بين أخويكم إذا اقتتال أو اختصما‪ ،‬واتقوا هللا تعالى‬
‫وخافوا عذابه لعلكم ترحمون‪.‬‬
‫واإلصالح بين الناس فريضة اجتماعية‪ ،‬وقد حض القرآن الكريم عليه ملا فيه من خير‪ ،‬وقد ّ‬
‫أعد هللا‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫تعالى للقائمين بهذا اإلصالح ثوابا عظيما‪ ،‬كما قال تعالى‪ََّ { :‬ل َخ َ‬
‫ري مِن ن َواهم إَِّل َمن أ َِّ َر ب ِ َص َدق ٍة أو‬‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ث‬ ‫ك‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫ري‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اَّللِ ف َسوف نُؤتِيهِ أجرا َع ِظيما}[الحجرات‪.]114 :‬‬
‫َ‬
‫ات‬
‫َ َ َ‬
‫اء َِّرض ِ‬
‫َ‬
‫اس َو َمن َيف َعل ذل ِك ابتِغ‬ ‫َمع ُروف أو إصل ٍح بَ َ‬
‫ي الَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬

‫َ َ َ َ‬
‫ى‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ َ َ َ ُ ُ َۡ ُۡ ۡ ََ‬
‫ى‬ ‫ۡ‬ ‫َى َ ُّ َ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱَّلِين ءامنوا َّل يسخر قوم مِن قو ٍم عس أن يكونوا خريا مِنهم وَّل ن ِساء مِن ن ِسا ٍء عس أن‬
‫ب‬ ‫وق َب ۡع َد ٱ ۡإل َ‬
‫يم ىن َو َمن ل َ ۡم َي ُت ۡ‬ ‫ۡ ُ ُۡ ُ ُ‬
‫س‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫م‬ ‫س‬‫ّل‬
‫ِ‬ ‫ٱ‬ ‫س‬‫ك ۡم َو ََّل َت َنابَ ُزوا بٱ ۡلَ ۡل َقىب ب ۡئ َ‬
‫ُۡ َ ََ َۡ ُ َ ُ َ ُ‬ ‫ُ َ‬
‫يَك َن خ ۡريا مِنهن وَّل تل ِمزوا أنفس‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ َى َ ُ ُ َ ى ُ َ‬
‫ون ‪} ١١‬‬ ‫فأولئِك هم ٱلظل ِم‬
‫َ‬
‫املستهزأ بهم‬ ‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل وبرسوله ال يستهزئ رجال من رجال آخرين‪ ،‬فربما كان‬
‫بهن خيرا عند هللا تعالى من‬ ‫خيرا عند هللا تعالى من املستهزئين‪ ،‬وال تستهزئ نساء من نساء‪ ،‬فربما كانت املستهزأ ّ‬
‫ُ ُ‬
‫ِك ه َم َز ٍة‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املستهزئات‪ ،‬وال يلمز بعضكم بعضا؛ ألن هللا تعالى قد أعد الهالك للماز‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ويل ل ِ‬
‫ُ‬
‫ل َم َزة}[الهمزة‪ ،]1 :‬وال يدع بعضكم بعضا بما يكره من األلقاب‪ ،‬وبئس الوصف ْأن يسمى الرجل فاسقا أو كافرا‬ ‫ٍ‬
‫يتب من هذا االستهزاء‪ ،‬واللمز‪ ،‬والتنابز‪ ،‬فأولئك هم الظاملون ألنفسهم ولغيرهم‪.‬‬ ‫ومن لم ْ‬ ‫أو فاجرا بعد إيمانه‪ْ ،‬‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ومعنى قوله تعالى‪َ { :‬وَّل تل ِم ُزوا أنف َسكم} أي‪ :‬ال يلمز بعضكم بعضا‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ { :‬وَّل تق ُتلوا‬
‫ّ‬ ‫َ ُ َ ُ‬
‫كم}[النساء‪ ]29 :‬أي‪ :‬ال يقتل بعضكم بعضا‪.‬‬ ‫أنفس‬

‫َ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ام ُنوا ٱ ۡج َتن ِ ُبوا كثِريا م َِن ٱلظ ِن إِن َب ۡعض ٱلظ ِن إِثم َو َّل تَ َس ُسوا َوَّل َيغ َتب َب ۡعضكم‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬
‫َّلل إ َن ٱ َ َ‬
‫كر ۡه ُت ُموهُ َوٱ َت ُقوا ٱ َ َ‬ ‫َۡ َ َ‬ ‫َ ۡ َ ُ ُّ َ َ ُ ُ ۡ َ َ ۡ ُ َ َ ۡ ُ َ َ َ َ‬
‫َّلل تَ َواب َرحِيم ‪}١٢‬‬ ‫ر ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ا‬‫ت‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ِي‬
‫خ‬ ‫لم أ‬ ‫بعضا ر أيِب أحدكم أن يأكل يأكل ۡ‬
‫ظن السوء بالناس‪ّ ،‬إن بعض ّ‬
‫الظن إثم‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل وبرسوله اجتنبوا كثيرا من ّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫كما قال تعالى‪َ { :‬و َظ َنن ُتم َظ َن َ‬
‫السوءِ َووُكن ُتم قوما بُورا}[الفتح‪ ،]12 :‬وال تبحثوا عن بواطن الناس أو أسرارهم‪ ،‬وال‬
‫أيحب أحدكم ْأن يأكل لحم أخيه وهو ميت؟ فكرهتم ذلك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يذكر بعضكم بعض في ظهر الغيب ما يكره‪،‬‬
‫واتقوا هللا تعالى وخافوا عذابه‪ّ ،‬إن هللا تعالى ّتواب على عباده التائبين‪ ،‬رحيم بهم‪.‬‬

‫َ َ َُ َى َ َ َ ۡ َى ُ ۡ ُ ُ َ َ َ َ َ َ َ ُر َ َ ۡ َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َى َ ُّ َ َ ُ َ َ َ ۡ‬
‫ك ۡم ع َ‬
‫ِند‬ ‫اس إِنا خلق َنىكم مِن ذكر وأنَث وجعلنكم شعوبا وقبائِل ِلِ عارفوا إِن أكرم‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََۡ ى ُ ۡ َ َ‬
‫ٱَّللِ أتقىك رم إِن ٱَّلل عل ِيم خبِري ‪} ١٣‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها الناس إنا خلقنا من أب واحد وهو آدم‪ ،‬ومن أم واحد وهي حواء‪ ،‬وجعلناكم بالتناسل‬
‫متعددة لتتعارفوا ال لتتناكروا‪ّ ،‬إن أكرمكم وأفضلكم عند هللا تعالى أتقاكم‪ّ ،‬إن هللا تعالى عليم‬‫ّ‬ ‫شعوبا وقبائل‬
‫بأعمالكم خبير بكم‪.‬‬
‫وقد كان أساس النظام االجتماعي لتكوين القبائل والشعوب في الحضارة اإلنسانية اتصال أواصر‬
‫َ ََ َ َۡ ََ َ َ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ج َعل ُهۥ‬ ‫النسب وأواصر الصهر بين الناس‪ ،‬وقد أشار هللا تعالى إليه بقوله‪َ { :‬وه َو ٱَّلِي خلق مِن ٱلماءِ بشا ف‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن َسبا َو ِص ۡهرا َوك َن َر ُّب َك قدِيرا ‪[}٥٤‬الفرقان‪.]54 :‬‬

‫ُ‬ ‫ُُ‬ ‫ام َنا قُل ل َ ۡم تُ ۡؤم ُِنوا َو َل ىكن قُولُوا أَ ۡسلَ ۡم َنا َول َ َما يَ ۡد ُخل ٱ ۡإل َ‬
‫يم ى ُن ِِف قلوبِك ۡم ِإَون‬ ‫ت ٱ ۡلَ ۡع َر ُ‬
‫اب َء َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪۞{ :‬قال ِ‬
‫َ ََ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ ُ َ َ َ َ ُ َُ َ‬
‫َّلل غ ُفور َرحِيم ‪} ١٤‬‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ولۥ َّل يَل ِۡتكم م ِۡن أع َم ىل ِك ۡم شيأ إِن ٱ‬ ‫ت ِطيعوا ٱَّلل ورس‬
‫آمنا باهلل وبرسوله‪ ،‬قل لهم‪ :‬لم تؤمنوا بعد إيمانا كامال‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬قال بعض األعراب لك أيها الرسول‪ّ :‬‬
‫وإن تطيعوا هللا تعالى ورسوله‬ ‫أسلمنا وانقدنا لك يا سول هللا‪ ،‬ولم يدخل اإليمان بعد في قلوبكم‪ْ ،‬‬ ‫ولكن قولوا ْ‬
‫ر‬
‫َ َۡ َُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََۡ َ َۡ ُ َ َ َ َ‬
‫ال ينقصكم من ثواب أعمالكم شيئا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وأمددنىهم بِفىكِهة ولم ِِّما يشتهون ‪[}٢١‬الطور‪،]21 :‬‬
‫ّإن هللا تعالى غفور للتائبين رحيم بهم‪.‬‬
‫واملراد باألعراب في هذه اآلية بعض األعراب‪ ،‬وهو بالتحديد بنو أسد أول ما دخلوا اإلسالم‪ّ ،‬‬
‫ألن هللا‬
‫َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫اَّللِ َواَلَ ِ‬
‫وم الخ ِِر‬ ‫اب من يؤمِن ب ِ‬
‫ِ‬
‫بأن بعض األعراب من ليسوا كذلك في قوله تعالى‪َ { :‬وم َِن ال َ‬
‫عر‬
‫تعالى قد أخبر ّ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫َويَ َت ِ َ ُ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫اَّللِ}[التوبة‪.]99 :‬‬ ‫خذ ما ينفِق ق ُرب ٍ‬
‫ت عِند‬

‫َ‬ ‫ُ َ َۡ َۡ َ ُ َ َ ىَ ُ َ ۡ َى ۡ ََ ُ‬
‫نفسِ ه ۡم ِف َ‬ ‫ام ُنوا بٱ ََّللِ َو َر ُ‬ ‫ون ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫ََ ُۡ ۡ ُ َ‬
‫َّللِ‬
‫يل ٱ ر‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫و‬‫م‬ ‫أ‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫د‬‫ه‬ ‫ج‬‫و‬ ‫وا‬ ‫اب‬‫ت‬ ‫ر‬‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫ۦ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ول‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنما ٱلمؤمِن‬
‫ُ َى َ ُ ُ َ ى ُ َ‬
‫ون ‪} ١٥‬‬ ‫أولئِك هم ٱلصدِق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنما املؤمنون حقا هم الذين صدقوا باهلل وبرسوله ثم لم يشكوا في إيمانهم‪ ،‬وجاهدوا‬
‫بأموالهم وأنفسهم في دين هللا تعالى إلعالء كلمته‪ ،‬أولئك هم الصادقون في إيمانهم‪.‬‬
‫َ َ َ َ َ ََ َ ُ ُ َ َ‬ ‫َ َ َ َُ َ َ َ ُ َ َ َ‬
‫اه ُدوا ِف َ‬
‫يل اَّللِ واَّلِين آووا ونُصوا أولئِك‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬واَّلِين آمنوا وهاجروا وج‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ون َح ًّقا ل ُهم َمغفِ َرة َو ِرزق ك ِريم}[األنفال‪.]74 :‬‬
‫ُ ُ ُ ُ َ‬
‫هم المؤمِن‬

‫َ‬ ‫َ َُ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ِك ۡم َوٱ َ ُ‬


‫ُ‬ ‫َُ ُ َ‬
‫ون ٱ َ َ‬ ‫ُۡ َ‬
‫يش ٍء َعل ِيم ‪} ١٦‬‬
‫كل ۡ‬ ‫لس َم ى َو ى ِ َ َ‬
‫ت وما ِِف ٱلۡر ِض وٱَّلل ب ِ ِ‬
‫َّلل َي ۡعل ُم َما ِف ٱ َ‬
‫ِ‬ ‫َّلل بِدِين‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل أتعل ِم‬
‫أتخبرون هللا تعالى بما أنتم عليه من دين حيث قلتم آمنا‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهؤالء األعراب‪ّ :‬‬
‫على سبيل التفاخر‪ ،‬والحال ّأن هللا تعالى يعلم ما في السماوات وما في األرض‪ ،‬ال يخفى عليه ش يء منهما‪ ،‬كما‬
‫الس َماءِ}[آل عمران‪ ،]5 :‬وهللا تعالى بكل ش يء عليم‪.‬‬ ‫اَّلل ََّل َي ََف َعلَيهِ َيشء ِف الر ِض َوَّل ِف َ‬ ‫قال تعالى‪{ :‬إ َن َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ‬ ‫َ ُ ُّ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ُ َ َ ُ ُّ َ َ َ ۡ َ ى َ ُ َ َ ُ َ ُ ُّ َ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ َ ى ُ ۡ ۡ‬
‫ى‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يمنون عليك أن أسلموا قل َّل تمنوا لَع إِسلمكم ب ِل ٱَّلل يمن عليكم أن هدىكم ل َِِليم ِن إِن‬
‫ُ‬
‫ك ُنت ۡم َص ى ِدق َِي ‪}١٧‬‬

‫َ َُ َ ُ َ َۡ َُ َ‬ ‫َ ََ ََُۡ َۡ َ َ َ َ َ َۡ‬
‫ون ‪}١٨‬‬ ‫صري بِما تعمل‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ۡر‬‫ت وٱل‬‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلل يعلم غيب ٱلسم ىو ى ِ‬
‫َ َ َ َۡ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬إن هللا تعالى يعلم غيب السماوات واألرض‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما م ِۡن َغئ ِ َبة ِِف ٱلسماءِ وٱلۡر ِض‬
‫ّ‬

‫ي ‪[}٧٥‬النمل‪ ،]75 :‬وهللا تعالى بصير بما تعملون ويجازيكم عليه‪.‬‬ ‫ب‬ ‫إ ََّل ِف ك َِتىب ُّ‬
‫م‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُ َُ‬
‫سورة ص‬
‫وهي مكية وعدد آياتها خمس وأربعون‬

‫َ َُۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫ان ٱل َم ِجي ِد ‪} ١‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قر وٱلقرء ِ‬
‫َ‬ ‫َ َُ ُ‬
‫ميد}[البروج‪.]21 :‬‬‫واملعنى‪ :‬ق‪ .‬والقرآن ذي الشرف والقدر الرفيع‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬بل هو قرآن ِ‬
‫وجواب القسم في هذه اآلية محذوف وتقديره‪ :‬والقرآن املجيد ليس األمر كما يقوله الكفار من إنكار‬
‫ون َه َذا َيشء َ‬
‫َ ُ َ‬ ‫ُ ََ َ‬ ‫اء ُهم ُّ‬ ‫َ‬
‫جيب‬ ‫ع‬ ‫ر‬‫ف‬
‫ِ‬ ‫الك‬ ‫ال‬ ‫ق‬‫ف‬ ‫م‬ ‫ِنه‬
‫م‬ ‫ِر‬
‫ذ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫البعث‪ ،‬دل على هذا الجواب قوله تعالى‪{ :‬بَل َعج ُبوا أن َج َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ِتنا َووُك َنا تُ َرابا ذل َِك َر ُ‬
‫(‪ )2‬أءِذا م َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫جع بَ ِعيد}[ق ‪.]2-3 :‬‬

‫َ َ‬ ‫َ َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫يشء َع ِجيب ‪} ٢‬‬ ‫ون َهىذا ۡ‬ ‫ى ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ج ُبوا أن َجا َءهم ُّمنذِر م ِۡن ُه ۡم فقال ٱلكفِر‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬بل ع ِ‬
‫واملعنى‪ :‬بل عجب الذين كفروا من مجيء رسول منذر منهم ينذرهم بالقرآن‪ ،‬فقال الكافرون‪ :‬هذا ش يء‬
‫عجيب مستغرب‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫جبا أن أ ۡو َح ۡي َنا إ ىل َر ُجل م ِۡن ُه ۡم أن أنذِر ٱلَ َ‬ ‫اس َع َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫اس َوب َ ِش ٱَّل َ‬
‫ِين‬ ‫كان ل َِلن ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬أ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َ ۡ َ َ ۡ َى ُ َ َ َى َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ َ َُ ۡ َ‬
‫جبوا أن‬
‫حر مبِي ‪[}٢‬يونس‪ ،]2 :‬وقوله تعالى‪{ :‬وع ِ‬ ‫ى‬
‫صد ٍق عِند رب ِ ِهم قال ٱلكفِرون إِن هذا لس ِ‬ ‫ءامنوا أن لهم قدم ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون َهذا َساحِر كذاب}[ص‪.]4 :‬‬ ‫َ َ ُ‬
‫اءهم ُمنذِر مِن ُهم َوقال الَكف ِر‬ ‫ج‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أءِذا م ِۡت َنا َووُك َنا تُ َرابا ذ ىل َِك َر ۡج ُع بَ ِعيد ‪} ٣‬‬
‫وكنا ترابا وعظاما في قبورنا نرجع إلى الحياة مرة أخرى؟ ذلك بعيد عن عقولنا‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬أإذا متنا ّ‬
‫َ َ ََ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ ُ َ َ‬
‫ون}[املؤمنون‪ ،]82 :‬وقوله‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬قالوا أإِذا مِت َنا َووُك َنا ت َرابا َوعِظاما أإِنا لمبعوث‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫ون}[الصافات‪.]16 :‬‬ ‫تعالى‪{ :‬أئِذا مِت َنا َووُك َنا ت َرابا َوعِظاما أئِنا لمبعوث‬

‫َۡ‬ ‫ۡ َ َۡ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ِندنَا ك َِتىب َحفِيُۢظ ‪} ٤‬‬
‫نق ُص ٱلۡر ُض م ِۡن ُه ۡم َوع َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قد عل ِمنا ما ت‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َ َ‬


‫ل ِق ل َما َجا َء ُه ۡم ف ُه ۡم ِِف أ ِّۡر َِّ ِر ٍيج ‪} ٥‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬بَل كذبُوا بٱ َ‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬بل كذب هؤالء الكفار بالقرآن‪ ،‬فهم في أمر دينهم في أمر مختلف مختلط‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ُ َ ُ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ ُ َ َ ُ‬
‫كم ل َِف قو ٍل ُّم َتل ٍِف ‪ .‬يؤفك عنه من أف ِك}[الذاريات‪.]8-9 :‬‬ ‫{إِن‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َََ‬


‫لس َماءِ ف ۡوق ُه ۡم ك ۡي َف بَنَ ۡي َنى َها َو َز َي َنى َها َو َما ل َها مِن ف ُروج ‪} ٦‬‬ ‫ۡ َ ُ‬
‫نظ ُروا إل ٱ َ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أفلم ي‬
‫ينظر هؤالء الكفار إلى السماء فوقهم‪ ،‬كيف بنيناها بال أعمدة‪ ،‬وزّي ّناها بزينة الكواكب‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬أفلم ْ‬
‫َ‬ ‫كما قال تعالى‪ :‬قوله تعالى‪{ :‬إنَا َز َي َنا َ‬
‫اَلن َيا ب ِ ِز َين ٍة الك َواك ِِب}[الصافات‪ ،]6 :‬وما للسماء من شقوق‬ ‫اء ُّ‬‫الس َم َ‬ ‫ِ‬
‫َۡ َ َ َۡ‬
‫ُص هل‬ ‫جعِ ٱل‬ ‫ََ ُ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬
‫ى ِِف خل ِق ٱلرِنَٰمۡح مِن تفىوت فٱر ِ‬ ‫وفتوق‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱ ََّلِي َخلَ َق َس ۡب َع َس َم ى َو ىت ط َِباقا َما تَ َر ى‬
‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ َ َۡ َ َ ۡ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫تَ َر ى‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُص َخاسِئا َو ُه َو َحسِ ري ‪[}٤‬امللك‪.]3-4 :‬‬
‫ك ٱلَ َ ُ‬ ‫ي ينقل ِب إَِل‬
‫جعِ ٱلُص كرت ِ‬
‫َ ۡ‬ ‫ُ‬
‫ى مِن فطور ‪ ٣‬ثم ٱر ِ‬

‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ َۡ َ َ ََۡ َ ََ َ َ ََۡ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َۡ‬
‫ُك َز ۡوج بَ ِهيج ‪} ٧‬‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱلۡرض مددنىها وألقينا فِيها رو ى ِس وأۢنبتنا فِيها مِن ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َْ َ َ ْ‬
‫ض ف َرشناها فن ْع َم‬ ‫ممهدة لالنتفاع بها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬واألر‬ ‫واملعنى‪ :‬وجعلنا األرض ممدودة َّ‬
‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫اَلاه ُدون}[الذاريات‪ ،]48 :‬وألقينا فيها جباال ثوابت لكي تقر وال تضطرب‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وألقى في األ ْرض‬
‫َ َْ َ َ ُ‬
‫يد بك ْم}[النحل‪ ،]15 :‬وأنبتنا فيها من كل صنف ذي منظر حسن من النباتات واألشجار والثمار‬ ‫َرواس ي أن تم‬
‫املتناسبة‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ت ۡب ِ َ َ َ ى‬
‫ِك َع ۡبد ُّمن ِيب ‪} ٨‬‬
‫ُصة وذِكرى ل ِ‬

‫ۡ‬ ‫ََ‬
‫لس َماءِ َماء ُّم َبى َرك فأۢن َب ۡت َنا بهِۦ َج َنىت َو َح َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ونَ َزلَا م َِن ٱ َ‬‫ۡ‬
‫ل ِصي ِد ‪} ٩‬‬ ‫بٱ َ‬
‫ِ‬
‫ونزلنا من السحاب مطرا فيه بركة ومنافع كثيرة‪ ،‬فأنبتنا به بساتين كثيرة‪ّ ،‬‬
‫وحبات الزرع‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ ْ ُُْ َ‬ ‫َ َ ٌ َ ُ ُ ْ ُ َْْ َ ُ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ‬
‫اها َوأخ َر ْجنا م ْن َها َح ًّبا فمن ُه َيأكلون}[يس‪.]33 :‬‬ ‫املحصود‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬و آية لهم األرض اَليتة أحيين‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱلَ ۡخل بَاس َِقىت ل َها َطلع نَ ِضيد ‪} ١٠‬‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََۡ َ ۡ َ َ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ ۡ َ ََ‬


‫ُ‬ ‫ى‬
‫قوله تعالى‪ { :‬رِزقا ل ِلعِبادِ وأحيينا بِهِۦ بِلة ميتا ر كذل ِك ٱلروج ‪} ١١‬‬
‫واملعنى‪ :‬أنبتنا كل ذلك رزقا لعبادنا‪ ،‬وأحيينا باملاء بلدة مجدبة‪ ،‬كما أخرجنا النبات والزرع بهذا املاء‪،‬‬
‫كذلك الخروج من القبور يوم القيامة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫َ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫لس َماءِ َما َء ب َق َدر َفأ َ ۡ‬
‫نشنَا بهِۦ بَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وٱَّلِي نَ َزل م َِن ٱ َ‬
‫ِلة َم ۡيتا ر كذ ىل ِك َت َر ُجون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪[}١١‬الزخرف‪.]11 :‬‬
‫َ‬
‫َ ۡ ۡ ُ ۡ ُۡ ُ َ ۡ َى ُ َ ِ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ود ‪} ١٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬كذبت قبلهم قوم نوح وأصحب ٱلرس وثم‬
‫َ ه ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قوم نوح‪ ،‬فكذبوا عبدنا نوحا عيله السالم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬كذ َبت‬ ‫كذب قبل كفار مكة ُ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َق ْب َل ُه ْم َق ْو ُم ُنوح فكذ ُبوا َع ْب َدنا َوقالوا َم ْج ُنون َوا ْز ُدج َر}[القمر‪ ،]9 :‬وكذب أصحاب ّ‬
‫الرس شعيبا عليه السالم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َ ى َ ُ َ َ َ ُ ۡ ىَ‬ ‫ُ ٍ َ‬
‫وكذبت ثمود رسولهم وهو صالح عليه السالم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ولقد أرسلنا إِل ثمود أخاهم صل ِحا أ ِن ٱعبدوا‬
‫ََ َ َ ُ ۡ َ َ ََۡ ُ َ‬
‫ون ‪[}٤٥‬النمل‪.]45 :‬‬ ‫صم‬‫ان يت ِ‬ ‫ٱَّلل فإِذا هم ف ِريق ِ‬

‫ُ‬
‫ِإَوخ َو ى ُن لوط ‪} ١٣‬‬
‫َ َ َ ۡ َۡ ُ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وَعد وفِرعون‬
‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫واملعنى‪ :‬وكذبت عاد رسولهم هودا عليه السالم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬كذبَ ۡت ََعد ٱل ُم ۡر َسل َِي ‪[} ١٢٣‬الشعراء‪:‬‬
‫ك َذ َب َو َع َ ى‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫َص ‪[}٢١‬النازعات‪:‬‬ ‫‪ ،]123‬وكذب فرعون موس ى وهارون عليهما السالم وعصاهما‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ف‬
‫ّ‬
‫‪ ،]21‬وكذب إخوان لوط رسولهم‪.‬‬

‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬


‫ك ِة َوق ۡو ُم ُت َبع ُك كذ َب ٱ ُّلر ُسل ف َح َق َوعِي ِد ‪} ١٤‬‬
‫ۡ َ‬
‫ب ٱلي‬ ‫حى ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وأ ۡص َ‬
‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫شعيب عليه السالم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬كذ َب‬
‫َ‬ ‫واملعنى‪ :‬كذب أصحاب األرض ذات الشجر الناعم امللتف‬
‫وكذب قوم ّ‬ ‫ّ‬ ‫كةِ ٱل ۡ ُم ۡر َسل َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ ۡ َ ُ ۡ‬
‫الح ْميري رسولهم‪ ،‬كل من هذه األقوام‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫تب‬ ‫]‪،‬‬ ‫‪176‬‬ ‫اء‪:‬‬
‫ر‬ ‫}[الشع‬ ‫‪١٧٦‬‬ ‫ِي‬ ‫ي‬‫ٔ‬
‫َ‬ ‫ٔ‬ ‫ل‬ ‫أصحىب‬
‫ّ‬
‫كذب الرسول الذي أرسل إليهم‪ ،‬فحق عليهم وعيد هللا تعالى بالعذاب‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫ََ‬


‫لل ِق ٱل َو ِل بَل ُه ۡم ِِف ل ۡبس م ِۡن َخلق َجدِيد ‪} ١٥‬‬ ‫ينا بٱ َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أفعي ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬أفعجزنا بابتداء الخلق األول الذي خلقناه ولم يكن شيئا؟ ال‪ ،‬بل اإلعادة أسهل‪ ،‬كما قال‬
‫َ َ ََ َ َ‬
‫ض َر َب لنا َمثال َونس َي‬‫}[الروم‪ ،]27 :‬وقال تعالى‪{ :‬و‬ ‫يد ُ َو ُه َو َأ ْه َو ُن َع َل ْيه ّ‬
‫تعالى‪َ { :‬و ُه َو هالذي َي ْب َد ُأ ْال َخ ْل َق ُث هم ُيع ُ‬
‫يم}[يس‪:‬‬ ‫يم (‪ُ )78‬ق ْل ُي ْحي َيها هالذي َأ ْن َش َأ َها َأ هو َل َم هر ٍة َو ُه َو ب ُكل َخ ْلق َعل ٌ‬ ‫ام َوه َي َرم ٌ‬‫ال َم ْن ُي ْحيي ْالع َظ َ‬ ‫َخ ْل َق ُه َق َ‬
‫ٍ‬
‫‪ ،]78-79‬بل هؤالء الكفار في شك وحيرة في بعث جديد يوم القيامة‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫َى َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫َن ُن أق َر ُب إِ َۡلهِ م ِۡن َح ۡب ِل ٱل َورِي ِد ‪}١٦‬‬‫نس َن َون ۡعل ُم َما ت َو ۡسوِ ُس بِهِۦ نفسهۥ و‬‫قوله تعالى‪َ { :‬ولق ۡد خلق َنا ٱ ِإل‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬إذ َي َتل َق ٱل ُم َتلق َي َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫لش َما ِل قعِيد ‪} ١٧‬‬
‫ي َوع ِن ٱ ِ‬
‫ان ع ِن ٱَلَ ِم ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬ونحن أقرب إلى اإلنسان من حبل الوريد حين يكتب امللكان الحفيظان أعماله‪ ،‬عن يمينه‬
‫قعيد يكتب الحسنات‪ ،‬وعن شماله قعيد يكتب السيئات‪.‬‬
‫وإن كان في غير حاجة إلى كتابة هذين امللكين ملا‬ ‫قال الشيخ محمد سيد طنطاوي‪ :‬وهو سبحانه ْ‬
‫ّ‬
‫يصدر عن اإلنسان‪ ،‬إال أنه تعالى قض ى بذلك ِلحكم متعددة‪ ،‬منها إقامة الحجة على العبد يوم القيامة‪ ،‬كما‬
‫ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬ ‫ُ‬ ‫ََُ َ َۡ‬
‫نس ٍن أل َز ۡم َنى ُه َ ىطئ ِ َرهُۥ ِِف ع ُنقِهِۦ َوَن ِر ُج ُلۥ يَ ۡو َم ٱلقِ َيى َمةِ كِتىبا يَلقى ى ُه َمنشورا‬
‫أشار سبحانه إلى ذلك في قوله‪ { :‬وُك إ ِ ى‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ۡ‬
‫ِك ٱَلَ ۡو َم َعل ۡي َك َحسِ يبا ‪[}١٤‬اإلسراء‪.]13-14 :‬‬
‫َ‬ ‫كك َ ى‬
‫َف ب ِ َنفس‬
‫َ َىَ َ‬
‫‪ ١٣‬ٱقرأ كِتب‬

‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ما يَل ِف ُظ مِن ق ۡو ٍل إَِّل ََليۡهِ َرقِيب َعتِيد ‪} ١٨‬‬
‫واملعنى‪ :‬ما يتكلم إنسان من قول إال لديه ملك يرقبه ويكتبه‪ ،‬وهو حافظ حاضر ال يترك كلمة إال‬
‫َى َ َ ۡ َ ُ َ َ َۡ َ ُ َ‬ ‫ك ۡم لَ َ‬
‫حىفِ ِظ َ‬ ‫َ َ َۡ ُ‬
‫ون ‪[}١٢‬االنفطار‪.]10-12 :‬‬ ‫ي ‪ ١٠‬ك َِراما كتِبِي ‪ ١١‬يعلمون ما تفعل‬ ‫كتبها‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَون علي‬
‫َ ْ ُ ْ َْ‬
‫روى اإلمام ابن أبي حاتم عن ابن عباس رض ي هللا عنهما في قوله‪{ :‬ما يلفظ من قو ٍل} اآلية‪ ،‬قال‪:‬‬
‫حتى إذا كان‬ ‫أيت‪ّ ،‬‬
‫جئت‪ُ ،‬‬‫ذهبت ُ‬
‫ُ‬ ‫حتى ّإنه ُليكتب قوله‪ُ :‬‬
‫أكلت‪ ،‬شر ُ‬
‫بت‪،‬‬ ‫شر‪ّ ،‬‬ ‫كل ما َتكلم به من خير أو ّ‬ ‫ُيكتب ُّ‬
‫ر‬
‫حوا ٱ َ ُ‬
‫شر وألقى سائره‪ ،‬فذلك قوله‪َ { :‬ي ۡم ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َّلل‬ ‫فأق ّر منه ما كان فيه من خير أو ّ‬ ‫يوم الخميس ُعرض قوله وعمله‬
‫َ‬ ‫ۡ‬
‫َ َ َ ُ َ ُ ُ َ َ ُ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫ما يشاء ويثبِت وعِندهۥ أم ٱلكِتى ِ‬
‫ب ‪[}٣٩‬الرعد‪.]39 :‬‬

‫نت م ِۡن ُه َت ُ‬
‫ِيد ‪} ١٩‬‬ ‫ت بٱ ۡ َ‬
‫لق َذ ىل َِك َما ُك َ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ۡ َُ َۡۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وجاءت سكرة ٱلمو ِ ِ ِ‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ونُف َخ ِف ٱ ُّ‬
‫لصورِ ذ ىل َِك يَ ۡو ُم ٱل َوعِي ِد ‪} ٢٠‬‬ ‫ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ونفخ في القرن نفخة ثانية‪ ،‬ذلك الوقت يوم الوعيد الذي يجمع الخلق فيه للحساب‪ ،‬كما قال‬
‫اه ْم َج ْم ًعا}[الكهف‪.]99 :‬‬ ‫الصور َف َج َم ْع َن ُ‬
‫تعالى‪َ { :‬و ُنف َخ في ُّ‬

‫ۡ‬ ‫ُ ُّ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َجا َء ۡت ُك َنفس َم َع َها َسائِق َو َش ِهيد ‪} ٢١‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬‫َ َ َ ۡ‬ ‫َۡ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ل َق ۡد ك َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ُص َك ٱَلَ ۡو َم َحدِيد ‪} ٢٢‬‬
‫نك غ َِطا َء َك ف َب َ ُ‬ ‫نت ِِف غفلة م ِۡن هىذا فكشفنا ع‬
‫من هذا اليوم فكشفنا عنك في هذا اليوم تلك الغفلة التي‬ ‫كنت أيها الكافر في غفلة تامة ْ‬‫واملعنى‪ :‬لقد َ‬
‫كانت تحجبك عن االستعداد لهذا اليوم‪ ،‬فبصرك ونظرك في هذا اليوم نافذ قوي‪ ،‬تبصر به ما َ‬
‫كنت تنكره من‬
‫البعث والحساب والجزاء‪.‬‬
‫َ َ ُّ َ ْ ُ ُ َ ْ َْ‬ ‫َ َ َ ُ ْ ُ ْ َ ُ َن َ َ ْ َ َ‬
‫وال تعارض بين هذه اآلية وقوله تعالى‪{ :‬وتراهم يعرضو عليها خاشعين من الذل ينظرون من طر ٍف‬
‫َخفي}[الشورى‪]45 :‬؛ ّ‬
‫فإنهم يسارقون النظر من طرف ضعيف من الخوف‪ّ ،‬‬
‫لكن بصرهم ونظرهم نافذ قوي‬ ‫ٍ‬
‫يرى بوضوح‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫يب ‪٢٥‬‬ ‫ر‬


‫ۡ َ‬
‫خ ۡري ُم ۡع َتد ُّ‬
‫ِّ‬ ‫ِل‬ ‫ل‬ ‫اع‬‫ن‬‫ُك َك َفار َعن ِيد ‪َ ٢٤‬م َ‬
‫َ ََ َ َُ‬
‫م‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫ِف‬ ‫ا‬ ‫ين ُهۥ َهى َذا َما َ ََل َي َعتِيد ‪َ ٢٣‬أ ۡلقِ َ‬
‫ي‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وقَ َال قَر ُ‬
‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫اب ٱلشدِي ِد ‪}٢٦‬‬ ‫ٱَّلِي جعل مع ٱَّللِ إِل ىها ءاخر فأل ِقياه ِِف ٱلعذ ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬


‫كن َك َن ِِف َضل ىل بَعِيد ‪} ٢٧‬‬ ‫ۡ َ ُ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪۞{ :‬قال ق ِرين ُهۥ َربنا َما أطغ ۡيت ُهۥ َول ى ِ‬
‫أضللته عن الحق‪ ،‬ولكن كان هو‬ ‫ُ‬ ‫واملعنى‪ :‬قال قرينه من الشيطان الذي كان معه في الدنيا‪ :‬ربنا ما‬
‫ّ‬
‫ضاال عن سبيل الهدى معاندا للحق‪.‬‬
‫ُُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫َّللا َو َع َدك ْم َو ْع َد ال َحق َو َو َع ْدتك ْم‬ ‫ان ََلها ُقض َي ْ‬
‫األم ُر إ هن ه َ‬ ‫ََ َ ه ْ َ ُ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬وقال الشيط‬
‫َ ُ ُ َ ْ ُ َ ُ ْ َ ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ان لي َع َل ْي ُك ْم م ْن ُس ْل َطان إَل َأ ْن َد َع ْو ُت ُك ْم ف ْ‬
‫اس َت َج ْب ُت ْم لي فال َتل ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َُْْ ُ ْ َ َ َ َ‬
‫وموني ولوموا أنفسكم ما أنا‬ ‫ٍ‬ ‫فأخلفتكم وما ك‬
‫َ‬
‫اب أل ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫صرخ هي إني كف ْرت ب َما أش َركت ُموني م ْن ق ْب ُل إ هن الظاَلين ل ُه ْم َعذ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫صرخ ُك ْم َو َما أنت ْم ب ُم ْ‬
‫ب ُم ْ‬
‫يم}[إبراهيم‪:‬‬
‫‪.]22‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َۡ‬
‫كم ب ِٱل َوعِي ِد ‪} ٢٨‬‬ ‫صموا َلي وقد قدمت إَِل‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال َّل َتت ِ‬

‫ۡ‬ ‫َى‬ ‫َ‬ ‫ُ ۡ ُ َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ما ُي َب َدل ٱل َق ۡول ََل َي َو َما أنَا ب ِ َظلم لِل َعبِي ِد ‪} ٢٩‬‬
‫لدي ما قضيته عليكم بالعذاب‪ ،‬وما أنا بظالم لعبادي مثقال ذ ة‪ ،‬كما قال‪{ :‬إ هن ه َ‬ ‫يبدل ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬ما ّ‬
‫َّللا‬ ‫ر‬
‫َ َ ْ ُ َْ َ َ‬
‫ال ذ هر ٍة}[النساء‪.]40 :‬‬ ‫َل يظلم مثق‬

‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ‬


‫ل َه َن َم َه ِل ٱ ۡم َتل ِت َو َت ُقول َهل مِن َِّ ِزيد ‪} ٣٠‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يَ ۡو َم َن ُقول ِ َ‬

‫امتألت من عصاة الجن واإلنس؟ كما‬ ‫واملعنى‪ :‬اذكر أيها الرسول لكفار قومك يوم نقول ّ‬
‫لجهنم هل‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫ْ ه‬ ‫ََ ه ْ َ َ ُ َ َ ْ ه ه‬
‫َلن َج َهن َم م َن الجنة َوالناس أ ْج َمعين}[هود‪ ،]119 :‬وتجيب‪ :‬هل من زيادة من‬ ‫قال تعالى‪{ :‬وتمت كلمة ربك ألم‬
‫الج ّن واإلنس؟‬

‫َ‬
‫تٱ ََ ُ َ َ ۡ َ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ۡ ُ ۡ‬ ‫ُ‬
‫يد ‪} ٣١‬‬
‫لنة ل ِلمتقِي غري بعِ ٍ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وأزل ِف ِ‬
‫وأدنيت لهم غير بعيد عنهم‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫وقربت ّ‬
‫الجنة للمتقين‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫تٱ َۡ‬
‫ل َن ُة ل ِۡل ُم َت ِق َ‬ ‫َُۡ َ‬
‫ي ‪[} ٩٠‬الشعراء‪.]90 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬وأزل ِ‬
‫ِف‬
‫َ َ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫اب َحفِيظ ‪} ٣٢‬‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬هىذا ما توعدون ل ِ‬
‫ِك أو ٍ‬

‫ُّ‬ ‫ۡ‬
‫َ ۡ َ َ َ ۡ َى َ َ ۡ َ َ َ َ‬ ‫ۡ‬
‫ِيب ‪} ٣٣‬‬ ‫ب وجاء بِقلب من ٍ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬من خ ِش ٱلرحمن ب ِٱلغي ِ‬
‫الجنة التي توعدون بها ملن يخاف عذاب ربهم في حال الخفاء والسر والخلوات‪ ،‬وجاء رّبه‬ ‫واملعنى‪ :‬هذه ّ‬
‫يوم القيامة بقلب تائب من ذنوبه‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ٌ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ه ه َ ْ َ َ‬
‫ين َيخش ْون َ هرب ُه ْم بالغ ْيب ل ُه ْم َمغف َرة َوأ ْج ٌركب ٌير}[امللك‪.]12 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إن الذ‬

‫ۡ ُ َ‬
‫وها ب َسل ىم ذ ىل َِك يَ ۡو ُم ٱ ُ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫للودِ ‪} ٣٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱدخل ِ‬
‫واملعنى‪ :‬يقال لهؤالء املتقين عند دخولهم الجنة‪ :‬ادخلوها بسالم آمنين من كل عذاب‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫{ ْاد ُخ ُل َ‬
‫وها ب َسال ٍم آمنين}[الحجر‪ ،]46 :‬ذلك يوم الخلود الدائم بال انقطاع‪.‬‬

‫ُ َ ََ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِيها َو ََل ۡي َنا َِّ ِزيد ‪}٣٥‬‬
‫ون ف َ‬‫قوله تعالى‪ { :‬لهم ما يشاء‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬لهم ما يشاؤون عند ّربهم في الجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ل ُه ْم َما َيش ُاءون عن َد َربه ْم ذل َك َج َز ُاء‬
‫ين}[الشورى‪ ،]34 :‬ولدينا مزيد من النعم لهم‪ ،‬وهو النظر إلى وجه هللا الكريم‪ ،‬كما قال تعالى‪۞{ :‬ل ََِّل َ‬
‫ِين‬
‫َ‬ ‫ُْ‬
‫اْل ْحسن‬
‫َ ۡ َ ُ ۡ ُ ۡ َ ى َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ ُ ُ َ ُ ۡ َ َ َ َ َ ُ َى َ َ ۡ َ ى ُ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ ى ُ َ‬
‫ون ‪[}٢٦‬يونس‪.]26 :‬‬‫أحسنوا ٱلسن وزِيادة وَّل يرهق وجوههم قت وَّل ذِلة ر أولئِك أصحب ٱلنةِ هم فِيها خ ِِل‬

‫َ‬ ‫َ‬‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ََُ‬ ‫َ‬


‫ۡ ُ ۡ َ ُّ ۡ ُ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ ۡ َ ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ووُكم أهلكنا قبلهم مِن قر ٍن هم أشد مِنهم بطشا فنقبوا ِِف ٱل ِل ى ِد هل مِن َم ٍ‬
‫ِيص ‪} ٣٦‬‬
‫قوة‪ ،‬فساروا في‬ ‫أشد منهم ّ‬‫واملعنى‪ :‬أهلكنا كثيرا من األمم املاضية قبل مشركي مكة بسبب ذنوبهم‪ ،‬وهم ّ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ ُ َۡ َ َ َ َى َُ َ َ َ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫وعمروها‪ ،‬كما قال تعالى‪۞ { :‬أَ َول َ ۡم يَسِ ُ‬
‫ِين َكنوا مِن ق ۡبل ِ ِه ۡ رم َكنوا‬
‫ريوا ِِف ٱلۡر ِض فينظروا كيف َكن عقِبة ٱَّل‬ ‫األرض ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫َۡ‬
‫ُه ۡم أ َش َد م ِۡن ُه ۡم ق َوة َو َءاثارا ِف ٱلۡر ِض فأ َخذ ُه ُم ٱ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َّلل بِذنُوب ِ ِه ۡم َو َما َك َن ل ُهم م َِن ٱ ََّللِ مِن َواق ‪[}٢١‬غافر‪ ،]21 :‬هل من‬ ‫ِ‬
‫مهرب من الهالك‪.‬‬

‫َ َۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬


‫لس ۡم َع َو ُه َو َش ِهيد ‪} ٣٧‬‬
‫ى ل َِمن َك َن ُلۥ قلب أ ۡو أل َق ٱ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ َن ِِف ذ ىل َِك َّلِوُك َر ى‬

‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َۡ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َق ۡد َخلق َنا ٱ َ‬ ‫َ‬
‫لس َم ى َو ى ِت َوٱلۡر َض َو َما بَ ۡي َن ُه َما ِِف س َِت ِة أيَام َو َما َِّ َس َنا مِن ل ُغوب ‪} ٣٨‬‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد خلقنا السماوات واألرض وما بينهما من غير مثال سابق في ستة أيام‪ ،‬وما ّ‬
‫مسنا من تعب‬
‫َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ََ َ ه َ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ ه هَ ه‬ ‫َ َ‬
‫ض َول ْم َي ْع َي بخلقه هن بقاد ٍر َعلى أن‬‫وال نصب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أ َول ْم َي َر ْوا أن َّللا الذي خلق السموات واألر‬
‫َْ َ َ ه َ ُ َ َ‬
‫ُي ْحي َي اَل ْوتى َبلى إن ُه َعلى كل ش ْي ٍء قد ٌير}[األحقاف‪.]33 :‬‬

‫ُُ‬ ‫َ ۡ‬‫َ َ ۡ‬ ‫ك ق ۡبل ُطل ِ َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬


‫ۡ ۡ ى َ َُ َ َ َ ۡ َۡ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫وب ‪}٣٩‬‬
‫وع ٱلشم ِس وقبل ٱلغر ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فٱص ِب لَع ما يقولون وسبِح ِّبم ِد رب ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فاصبر أيها الرسول على ما يقول هؤالء املشركون‪ ،‬واذكر رّبك في الصباح واملساء بالتسبيح‬
‫والتحميد وصالة الصبح والعصر‪.‬‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اصب ْر َعلى َما َيقولون َو َسب ْح ب َح ْمد َربك ق ْب َل طلوع الش ْمس َوق ْب َل‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ف ْ‬
‫ُ‬
‫غ ُروب َها}[طه‪.]130 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وم َِن ٱ َۡلل ف َسب ۡح ُه َوأ ۡد َب ى َر ٱ ُّ‬
‫لس ُجودِ ‪} ٤٠‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فصل صالة املغرب والعشاء والتهجد‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وم َِن ٱ َۡل ِل ف َت َه َج ۡد‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ومن ساعات الليل ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ‬
‫وسبح بحمد رّبك دبر الصلوات‪.‬‬ ‫َم ُمودا ‪[}٧٩‬اإلسراء‪ّ ،]79 :‬‬ ‫س أن َي ۡب َعثك َر ُّبك َمقاما‬ ‫بِهِۦ ناف ِلة لك ع ى‬
‫َ ْ َ هْ َ َ ْ ََ َْ َ ه َ ه َ‬
‫الن َهار ل َعل َك ت ْر َض ى}[طه‪ ،]130 :‬وقوله‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ومن آناء الليل فسبح وأطراف‬
‫بار الُّ ُ‬‫الليل فَ َسبح ُه ِإَود َ‬ ‫َ َ َ‬
‫وم}[الطور‪.]49 :‬‬ ‫ج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تعالى‪{ :‬ومِن‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ۡس َت ِم ۡع يَ ۡو َم ُي َنادِ ٱل ُم َنا ِد مِن َمَكن ق ِريب ‪} ٤١‬‬

‫ۡ‬
‫لق ذ ىل َِك يَ ۡو ُم ٱ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ََۡ َۡ َ ُ َ َ ۡ َ‬
‫وج ‪} ٤٢‬‬‫ل ُر ِ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يوم يسمعون ٱلصيحة ب ِٱ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬يوم يسمع هؤالء املنادون صيحة البعث من القبور بالحق‪ ،‬ذلك يوم خروج أهل القبور‬
‫مرقدهم‪.‬‬
‫َ ُ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ َ َ‬ ‫ُ َ‬
‫الصور فإذا ُه ْم م َن األ ْج َداث إلى َربه ْم َينسلون (‪ )51‬قالوا َيا‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ونفخ في‬
‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬
‫َو ْيلنا َم ْن َب َعثنا م ْن َم ْرقدنا}[يس‪.]51-52 :‬‬

‫َ َۡ ُ ُ ۡ َ ُ ُ َۡ ۡ‬
‫ِإَوَل َنا ٱل َم ِص ُري ‪} ٤٣‬‬ ‫حۦ ون ِميت‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِنا َنن ن ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬


‫ساَع ر ذ ىل َِك َح ۡش َعل ۡي َنا ي َ ِسري ‪} ٤٤‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يَ ۡو َم ت َش َق ُق ٱلۡر ُض َع ۡن ُه ۡم ِ َ‬

‫تتصدع األرض عن الخلق‪ ،‬فيخرجون من قبورهم سراعا إلى املنادي‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬يوم‬
‫ََۡ َۡ ُ ُ ۡ ََ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ َ ه َُ ُ َْ ُ َ َ َ َْ ٌ َ ٌ‬
‫يبون ِّبَ ۡم ِده ِۦ‬ ‫ج‬ ‫{مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر}[القمر‪ ،]8 :‬وقال تعالى‪ { :‬يوم يدعووُكم فتست ِ‬
‫ُْ‬
‫اعا َك َأ هن ُه ْم إ َلى ُن ُ‬ ‫ون إن َل ۡث ُت ۡم إ ََّل قَل ِيل ‪[}٥٢‬اإلسراء‪ ،]52 :‬وقال تعالى‪َ { :‬ي ْو َم َي ْخ ُر ُجو َن م َن ْ‬
‫األج َداث س َر ً‬ ‫َ َ ُ ُّ َ‬
‫ص ٍب‬ ‫و ت ظن ِ ِ ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫ضون}[املعارج‪ ،] 43 :‬ذلك الحشر في موقف الحساب سهل يسير علينا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما أ ْم ُرنا إَل‬ ‫يوف‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫َواحدة كل ْمح بال َب َ‬
‫صر}[القمر‪.]50 :‬‬ ‫ٍ‬

‫َ‬ ‫ََ َ َ ۡ ُۡ ۡ َ َ ََ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ ُ َ ۡ َ ُ َ َُ ُ َ َ َ َ َ َ َ‬


‫ان من ياف وعِي ِد ‪}٤٥‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬نن أعلم بِما يقولون وما أنت علي ِهم ِِببار فذكِر ب ِٱلقرء ِ‬
‫َّ‬
‫واملعنى‪ :‬نحن أعلم بما يقول هؤالء املشركون لك أيها الرسول‪ ،‬وما أنت عليهم بمسلط إلكراههم على‬
‫ُ ُ‬ ‫كرهُ ٱلَ َ‬
‫اس َح َ ى‬ ‫َََ َ ُ ۡ‬ ‫ُ ُّ ُ ۡ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ت يَكونوا‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫نت‬ ‫أ‬‫ف‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫ا‬‫ِيع‬ ‫ۡج‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ُك‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ۡر‬‫اإليمان‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ول ۡو شا َء َر ُّبك ٓأَل َم َن َمن ِِف ٱل‬
‫ُِّ ۡؤ ِمن َِي ‪[}٩٩‬يونس‪ ،]99 :‬فذكر أيها الرسول بهذا القرآن من يخاف وعيدي‪.‬‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫وال تعارض بين هذه اآلية وقوله تعالى الدال على عموم التذكير‪ { :‬فذك ِۡر إ َن َما أ َ‬
‫نت ُمذكِر ‪[}٢١‬الغاشية‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ألن التذكير بالقرآن الكريم عام لجميع العباد‪ ،‬ولكن ملّا كان املنتفع به هو ْ‬
‫من يخاف وعيد هللا تعالى‪،‬‬ ‫‪ّ ،]21‬‬
‫ّ‬
‫خصهم بالذكر في آية ق‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ َُ ه‬
‫سورة الذاريات‬
‫وهي مكية وعدد آياتها ستون‬

‫َ‬ ‫َى‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱَّلرِ َي ى ِت ذ ۡروا ‪} ١‬‬
‫واملعنى‪ :‬والرياح التي تذرو التراب ذروا‪.‬‬
‫َ‬
‫دل عليه قوله تعالى‪َ { :‬فأ َ‬
‫صب َح َهشيما َت ُ‬
‫ذرو ُ الرَي ُح}[الكهف ‪:‬‬ ‫ومعنى الذاريات في هذه اآلية الرياح‪ّ ،‬‬
‫‪.]45‬‬

‫َ َُۡ َ َ‬ ‫َ ۡ َ‬
‫جىر َي ى ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ َ َ‬
‫ت أ ِّۡرا ‪} ٤‬‬ ‫ت ي ّۡسا ‪ ٣‬فٱلمق ِ‬
‫سم ى ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فٱلحى ِمل ى ِ‬
‫ت وِقرا ‪ ٢‬فٱل ِ ِ‬

‫ََ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون ل َصادِق ‪} ٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنما توعد‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن ما توعدون أيها املشركون من البعث والحساب والعقاب صادق وآت ال محالة‪ ،‬كما قال‬
‫وع ُدو َن َْلت َوما َأ ْن ُت ْم ب ُم ْعجز َ‬
‫ين}[األنعام‪.]134 :‬‬ ‫تعالى‪{ :‬إ هن ما ُت َ‬
‫ٍ‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ِين ل َو ىق ِع ‪} ٦‬‬
‫ِإَون ٱَل َ‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬‬
‫هَ ُ َُ َ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫وإن الجزاء على األعمال الذي توعدون به لواقع ال محالة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إنما توعدون‬
‫َ‬
‫ل َو اق ٌع}[املرسالت‪.]7 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ َ‬
‫ل ُب ِك ‪} ٧‬‬ ‫لس َماءِ ذ ِ‬
‫ات ٱ ُ‬

‫الر ْجع}[الطارق‪ ،]11 :‬أو ذات املمرات‬


‫السماء ذات ه‬ ‫الشدة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ه‬‫واملعنى‪ :‬والسماء ذات ّ‬
‫ْ‬
‫السماء ذات ال ُب ُروج}[البروج‪.]1 :‬‬
‫املحكمة والبناء املتقن‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ه‬

‫ُّ ۡ‬ ‫َ ُ‬‫َ‬ ‫َ‬


‫ك ۡم ل َِف ق ۡول ُّم َتل ِف ‪} ٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنكم أيها املشركون في القرآن الكريم لفي قول مختلف مختلط‪ ،‬كما حكى هللا عنهم في قوله‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َه‬ ‫َ ه‬
‫تعالى‪َ { :‬ب ْل كذ ُبوا بال َحق َلا َج َاء ُه ْم ف ُه ْم في أ ْم ٍر َمر ٍيج}[ق‪.]5 :‬‬
‫َُۡ ُ َُۡ َ ۡ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يؤفك عنه من أف ِك ‪}٩‬‬
‫َُْ َ َ َ‬
‫صرف عن التصديق به‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ما أنت ْم َعل ْيه بفاتنين‬‫واملعنى‪ُ :‬يصرف عن القرآن الكريم من ُ‬
‫َ ْ ُ َ َ ْ‬
‫صال ال َجحيم}[الصافات‪]162-163 :‬‬ ‫(‪ )162‬إَل من هو‬

‫َ َى ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ َ‬
‫ون ‪} ١٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قتِل ٱلرص‬
‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬لعن الكذابون املرتابون‪.‬‬
‫ْ ُ َْ َ‬ ‫ُ‬
‫واملراد بالقتل في هذه اآلية اللعنة‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬قت َل اإلن َسان َما أكف َر ُ }[عبس‪.]17 :‬‬

‫ُ ُ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ََۡ ُ ۡ ََ‬ ‫ُ َ ََ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬


‫ار ُيف َت ُنون ‪ ١٣‬ذوقوا‬
‫ِ‬ ‫ل‬‫لَع ٱ َ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫م‬‫و‬ ‫ي‬ ‫‪١٢‬‬ ‫ِين‬
‫ِ‬ ‫َل‬‫ٱ‬ ‫ان يَ ۡو ُ‬
‫م‬ ‫ِين ه ۡم ِِف غ ۡم َرة َساهون ‪ ١١‬ي َ ۡسَٔٔلون أي‬‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّل‬
‫َۡ َۡ ُ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ََۡ ُ ۡ َ َ َ‬
‫ون ‪} ١٤‬‬ ‫ف ِتنتكم هىذا ٱَّلِي كنتم بِهِۦ تستع ِ‬
‫جل‬

‫َ َى َ ُ ُ‬ ‫َ َُ َ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪} ١٥‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱلمتقِي ِِف جنت وعي ٍ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن املتقين املمتثلين أوامر هللا واملجتنبين نواهيه في جنات وأنهار جارية‪ ،‬في جنات وعيون‬
‫ْ‬ ‫َه‬ ‫ه ُْه َ‬
‫ات َو َن َه ٍر‪ .‬في َمق َعد‬ ‫جارية في مجلس كريم َّ‬
‫مقربين عند هللا امللك العظيم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن اَلتقين في جن ٍ‬
‫َْ‬ ‫َْ َ‬ ‫ْ‬
‫يك ُمقتد ٍر}[القمر‪.]54-55 :‬‬
‫صد ٍق عند مل ٍ‬

‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ َ ى ُ ۡ َ ُّ ُ ۡ َ ُ ۡ ُ ۡ ى َ ۡ‬
‫َم ِسن َِي ‪} ١٦‬‬ ‫خذِين ما ءاتىهم ربه رم إِنهم َكنوا قبل ذل ِك‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ءا ِ‬
‫واملعنى‪ :‬حال كونهم فيها راضين بما أعطاهم ّربهم من الثواب‪ّ ،‬إنهم كانوا قبل ذلك النعيم محسنين في‬
‫ه ْ َ‬ ‫َ َُْ‬ ‫ْ‬ ‫ُُ‬
‫األيام الخال َية}[الحاقة‪.]24 :‬‬ ‫أيام حياتهم في الدنيا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬كلوا َواش َرُبوا َهن ًيئا ب َما أ ْسلفت ْم في‬

‫َ‬
‫َ ۡ َ َۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ١٧‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬كنوا قل ِيل ِمن ٱَل ِل ما يهجع‬
‫واملعنى‪ :‬كان هؤالء املحسنون ال ينامون من الليل إال قليال‪ ،‬بل هم يصلون متذللين ّ‬
‫لربهم بالسجود‬
‫َ َ َ َ ُ َ‬
‫ون ل َِرب ِ ِه ۡم ُس َجدا َوق َِيىما ‪[}٦٤‬الفرقان‪.]64 :‬‬ ‫والقيام‪ ،‬كما قال تعالى في وصف عباده‪ { :‬وٱَّلِين يبِيت‬

‫َ ۡ َ ُ ۡ َۡ َۡ ُ َ‬ ‫َۡ‬
‫ون ‪} ١٨‬‬‫قوله تعالال‪ { :‬وب ِٱلسحارِ هم يستغفِر‬
‫واملعنى‪ :‬وقبيل الفجر هم يستغفرون هللا تعالى من ذنوبهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ْاَلُ ْس َت ْغفر َ‬
‫ين‬
‫األس َحار}[آل عمران‪.]17 :‬‬
‫ب ْ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ى‬
‫قوله تعالى‪ { :‬و ِف أمول ِ ِهم حق ل ِلسائ ِ ِل وٱلمحروم ‪} ١٩‬‬
‫واملعنى‪ :‬وجعلوا في أموالهم حقا معلوما للمحتاجين السائلين واملحتاجين املتعففين عن السؤال‪.‬‬
‫قال القاض ي ابن العربي‪ :‬واألقوى في هذه اآلية ّأنه الزكاة؛ لقوله تعالى في سورة‪ :‬سأل سائل‪َ { :‬و هالذ َ‬
‫ين في‬
‫َْ‬
‫لسائل َواْل ْح ُروم}[املعارج‪.]24-25 :‬‬ ‫َأ ْم َواله ْم َح ٌّق َم ْع ُل ٌ‬
‫وم [‪ ]24‬ل ه‬

‫ُ ۡ َََ ُۡ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وف ٱ ۡلَۡر ِض َء َاي ىت ل ِۡل ُموقِن َ‬


‫ون ‪} ٢١‬‬‫ُص‬ ‫ِي ‪َ ٢٠‬و ِف أنف ِ‬
‫سك رم أفل تب ِ‬ ‫ِ‬

‫ۡ ُ ۡ ََ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وف ٱ َ‬
‫ون ‪} ٢٢‬‬ ‫لس َماءِ ِرزقكم وما توعد‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وفي السماء تقدير أرزاقكم أيها الناس‪ ،‬وما توعدون من الخير والشر‪ ،‬فاهلل تعالى يدبر أمر‬
‫َ َ‬ ‫مر م َن ه‬ ‫َُ ُ َ‬
‫الس َماء إلى األرض}[السجدة ‪.]5 :‬‬ ‫األ َ‬ ‫مخلوقاته جميعا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يدبر‬

‫َ ُ ََ ۡ َ َ َ َ ُ ۡ َ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فَ َو َرب ٱ َ‬


‫ون ‪} ٢٣‬‬ ‫لس َماءِ َوٱلۡر ِض إِنهۥ لق مِثل ما أنكم تن ِطق‬ ‫ِ‬

‫ۡ ۡ‬ ‫َ َى َ َ ُ‬ ‫ۡ َ‬
‫ِي ‪} ٢٤‬‬ ‫ث َض ۡي ِف إبۡ َر ىه َ‬
‫ِيم ٱل ُمك َرم َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬هل أتىك حدِي‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هل أتاك أيها الرسول حديث ضيف إبراهيم عليه السالم من املالئكة املكرمين‪ ،‬كما قال‬
‫تعالى‪{ :‬بل ع َباد ُم َ‬
‫كر ُمون}[األنبياء‪.]26 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َ ى ۡ ُّ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪} ٢٥‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬إِذ دخلوا َعل ۡيهِ فقالوا َسل ىما قال سلم قوم منكر‬
‫واملعنى‪ :‬إذ دخل هؤالء الضيوف من املالئكة عليه‪ ،‬فقالوا‪ :‬سالم عليكم‪ ،‬قال إبراهيم‪ :‬عليكم السالم‪،‬‬
‫أنتم قوم غير معروفين لدينا‪ ،‬ونحن منكم خائفون فزعون‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إذ َد َخ ُل ْوا َع َليه َف َق ُال ْوا َس َلما َق َ‬
‫ال‬
‫ُ َ‬ ‫ه ُ‬
‫إنا منكم َوجلون}[الحجر‪.]52 :‬‬

‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف َراغ إ ِ ىل أ ۡهلِهِۦ ف َجا َء بِعِ ۡجل َس ِمي ‪} ٢٦‬‬
‫واملعنى‪ :‬فذهب إبراهيم عليه السالم إلى أهله في ِخفية من ضيفه‪ ،‬فجاءهم بعجل سمين مشوي‪ ،‬كما‬
‫ْ َ‬ ‫ال َس ٌ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫الما َق َ‬ ‫قال تعالى‪َ { :‬ق ُالوا َس ً‬
‫الم ف َما لبث أن ج َاء بعج ٍل حن ٍ‬
‫يذ}[هود‪.]69 :‬‬

‫َ َ َ َ ُ َۡ ۡ َ َ ََ َۡ ُ ُ َ‬
‫ون ‪} ٢٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فقربهۥ إَِل ِهم قال أَّل تأكل‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫ََۡ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ُ َ ََۡ َ ََ ُ ُ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فأوجس مِنهم خِيفة قالوا َّل َتف وبشوه بِغل ٍم عل ِيم ‪} ٢٨‬‬
‫فلما رأى إبرهيم عليه السالم أيدي هؤالء الضيوف من املالئكة ال تصل إلى العجل املشوي‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ّ‬
‫املقرب إليهم‪ ،‬وجد في نفسه خيفة منهم وأضمرها‪ ،‬فقالوا له‪ :‬ال تخف‪ ،‬إنا رسل ربك‪ ،‬وبشروه بغالم عليم‪ ،‬كما‬
‫َ ً َ ُ َ َ َ ْ ه ُ َْ‬ ‫قال تعالى في سورة هود‪َ { :‬ف َل هما َ َرأى َأ ْيد َي ُه ْم ََل َتص ُل إ َل ْيه َنك َر ُه ْم َو َأ ْو َج َ‬
‫س م ْن ُه ْم خيفة قالوا َل تخف إنا أ ْرسلنا‬
‫َ َْ ُ‬
‫وط}[هود‪.]70 :‬‬
‫إلى قوم ل ٍ‬

‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََۡ َ‬


‫َصة ف َصك ۡت َو ۡج َه َها َوقال ۡت َع ُجوز َعقِيم ‪} ٢٩‬‬ ‫ت ٱ ِّۡ َرأتُ ُهۥ ِف َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فأق َبل ِ‬
‫ِ‬
‫فلما سمعت امرأة إبراهيم وهي سارة هذه البشارة‪ ،‬أقبلت نحوهم صائحة‪ ،‬فلطمت وجهها‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫بيدها‪ ،‬وقالت‪ :‬يا للعجب‪ ،‬كيف يكون لي ولد وأنا عجوز عقيم‪ ،‬وزوجي في حال الشيخوخة‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫وز َو َه َذا َب ْعلي َش ْي ًخا إ هن َه َذا َل َش ْي ٌء َعج ٌ‬‫َ َ ْ َ َََْ ََ ُ َ ََ َ ُ ٌ‬
‫يب}[هود‪.]72 :‬‬ ‫{قالت يا ويلتا أألد و أنا عج‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫لكِي ُم ٱل َعل ُ‬ ‫ك إِنَ ُهۥ ُه َو ٱ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ِيم ‪} ٣٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا كذ ىل ِِك قال َرب ِ‬
‫واملعنى‪ :‬قالت املالئكة ر ّدا لها‪ :‬هكذا قال رّبك يا سارة‪ّ ،‬إن هللا تعالى هو الحكيم في تدبيره‪ ،‬العليم‬
‫بمصالح عباده‪ ،‬فال داعي للعجب من أمر هللا تعالى‪ّ ،‬إن هذه البشارة رحمة هللا تعالى وبركاته عليكم‪ ،‬كما قال‬
‫ْ‬ ‫َ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ََ‬
‫تعال على لسان املالئكة‪{ :‬قالوا أت ْع َجبين م ْن أ ْمر هَّللا َر ْح َمة هَّللا َو َب َركات ُه َعل ْيك ْم أ ْه َل ال َب ْيت}[هود‪.]73 :‬‬

‫َ َ ۡ ُ ُ ۡ ُّ َ ُ ۡ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬


‫ون ‪} ٣١‬‬ ‫قوله تعالى‪۞{ :‬قال فما خطبكم أيها ٱلمرسل‬
‫واملعنى‪ :‬قال إبراهيم عليه السالم للمالئكة املرسلين‪ :‬فما األمر الخطير الذي جئتم ألجله أيها‬
‫املرسلون؟‬
‫َ َ َ ْ ُ ُ ْ َ ُّ َ ْ ُ ْ َ ُ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬قال فما خطبكم أيها اَلرسلون}[الحجر‪.]57 :‬‬

‫َ ۡ َ ى ۡ ۡ‬
‫مرم َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ِي ‪} ٣٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا إِنا أرسِلنا إِل قوم ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬أجابت املالئكة إلبراهيم عليه السالم‪ :‬إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين إلهالكهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ه ُ ْ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬قالوا إنا أ ْرسلنا إلى ق ْو ٍم ُم ْجرمين}[الحجر‪.]58 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ل ُ ُِۡنسِل َعل ۡي ِه ۡم ح َِج َارة مِن طِي ‪} ٣٣‬‬
‫َ َ َ َ‬
‫واملعنى‪ :‬لنرسل على قوم لوط مطرا من حجارة من سجيل منضود‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وأ ْمط ْرنا َعل ْي َها‬
‫ح َجا َ ًة م ْن سج ْ ُ‬
‫ود}[هود‪.]82 :‬‬ ‫يل َمنض ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ر‬
‫ّسف َِي ‪} ٣٤‬‬‫َ َ َ ُۡ ۡ‬ ‫ُّ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ِّ { :‬سومة عِند ربِك ل ِلم ِ‬

‫ۡ‬
‫ِيها م َِن ٱل ُم ۡؤ ِمن َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فأ ۡخ َر ۡج َنا َمن َك َن ف َ‬
‫ِي ‪} ٣٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬فأخرجنا من كان في تلك القرية من املؤمنين‪ ،‬وهم لوط وأهل بيته إال امرأته‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ين}[العنكبوت‪.]32 :‬‬ ‫وطا َق ُالوا َن ْح ُن َأ ْع َل ُم ب َم ْن ف َيها َل ُن َنج َي هن ُه َو َأ ْه َل ُه إَل ْام َر َأ َت ُه َك َان ْت م َن ْال َغابر َ‬
‫َ َ ه َ ُ ً‬
‫{قال إن فيها ل‬

‫ري َب ۡيت م َِن ٱل ۡ ُم ۡسلِم َ‬


‫ي ‪} ٣٦‬‬ ‫ِيها َغ ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َما َو َج ۡدنَا ف َ‬
‫ِ‬

‫َ َ ۡ َ َ َ َ َ ََ ُ َ ۡ َ َ َ ۡ َ‬
‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وت َروُكنا فِيها َءاية ل َِّلِين يافون ٱلعذاب ٱل َِلم ‪} ٣٧‬‬
‫واملعنى‪ :‬وتركنا من تلك القرية بعض آثارها وأخبارها آية بينة للذين يخافون العذاب املؤلم‪ ،‬فيتعظون‬
‫ُ َ‬ ‫ً ًَ َ‬ ‫ََ َ َْ‬
‫بها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولق ْد ت َركنا م ْن َها َآية َبينة لق ْو ٍم َي ْعقلون}[العنكبوت‪.]35 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬


‫وس إِذ أ ۡر َسل َنى ُه إ ِ ىل ف ِۡر َع ۡو َن ب ِ ُسل َطىن ُّمبِي ‪} ٣٨‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و ِف ُِّ َ ى‬
‫واملعنى‪ :‬وتركنا في موس ى عليه السالم آية لهم‪ ،‬حين أرسلناه بدالئل وحجج ظاهرة دالة على وحدانية‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫هللا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َل َق ْد َأ ْر َس ْلنا ُ‬
‫طان ُمب ٍين [‪ ]96‬إلى ف ْر َع ْون َو َملئه ف هات َب ُعوا أ ْم َر ف ْر َع ْون‬
‫ٍ‬ ‫ل‬‫س‬ ‫و‬ ‫نا‬ ‫آيات‬ ‫ب‬ ‫ى‬ ‫وس‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َو َما أ ْم ُرف ْر َع ْون ب َرشيد}[هود‪.]96-97 :‬‬

‫ۡ ۡ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف َت َو ىل ب ِ ُركنِهِۦ َوقال َ ى‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫م ُنون ‪} ٣٩‬‬ ‫حر أو‬
‫س ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فأعرض فرعون ّ‬
‫واعتز بجنده‪ ،‬وقال في موس ى‪ :‬هو ساحر‪ ،‬كما قال تعالى على لسان فرعون‪{ :‬‬
‫س ِحر َعل ِيم ‪[} ٣٤‬الشعراء‪ ،]34 :‬أو هو مجنون‪ ،‬كما قال تعالى على لسان فرعون‪{ :‬‬‫َل َح ۡو َ ُلۥ إ ِ َن َهى َذا لَ َ ى‬
‫َ َ ََۡ‬
‫قال ل ِلم ِ‬
‫ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ك ۡم ل َم ۡج ُنون ‪[} ٢٧‬الشعراء‪.]27 :‬‬ ‫قال إِن َر ُسولك ُم ٱَّلِي أ ۡرسِل إَِل‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫َ َ َ ۡ َى ُ َ ُ ُ َ ُ َ َ َ ۡ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬فأخذنه وجنودهۥ فنبذنهم ِِف ٱَل ِم وهو ِّل ِيم ‪} ٤٠‬‬
‫َ ََْ َ‬
‫واملعنى‪ :‬فأهلكنا فرعون وجنوده وأغرقناهم في البحر بسبب تكذيبهم وغفلتهم‪ ،‬كما تعالى‪{ :‬فانتق ْمنا‬
‫َ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ْ َ َ ه‬ ‫م ْن ُه ْم َف َأ ْغ َر ْق َن ُ‬
‫اه ْم في ال َيم بأ هن ُه ْم كذ ُبوا ب َآياتنا َوكانوا َع ْن َها غافلين}[األعراف‪ ،]136 :‬وهو يالم عليه‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ ۡ َۡ َ َۡ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬و ِف َع ٍد إِذ أرسلنا علي ِهم ٱلرِيح ٱلعقِيم ‪} ٤١‬‬
‫واملعنى‪ :‬وتركنا في عاد آية‪ ،‬حين أرسلنا عليهم ريحا ال بركة فيه‪ ،‬وهي شديدة البرد عالية الصوت في‬
‫َ َ‬ ‫ً َ َ‬ ‫ََ َ َْ ََ‬
‫ات}[فصلت‪.]16 :‬‬ ‫أيام مشؤومات متتابعات‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فأ ْرسلنا عل ْيه ْم ريحا ص ْرص ًرا في أ هي ٍام نح َس ٍ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫يش ٍء أتَ ۡت َعل ۡيهِ إَِّل َج َعل ۡت ُه كٱ َلرمِي ِم ‪} ٤٢‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ما تَذ ُر مِن ۡ‬
‫واملعنى‪ :‬ما تدع الريح شيئا أتت عليه بأمر بها إال ْ‬
‫جعلته كالش يء البالي‪ ،‬فأصبحوا ال يرى في أوديتهم إال‬ ‫ر‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫مساكنهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ت َدم ُرك هل ش ْي ٍء بأ ْمر َرب َها فأصبحوا َل ي َرى إَل مساكن ُهم}[األحقاف‪.]25 :‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬

‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ت حِي ‪} ٤٣‬‬ ‫ود إِذ قِيل ل ُه ۡم َت َم َت ُعوا َح َ ى‬
‫ُ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و ِف ثم‬
‫واملعنى‪ :‬وتركنا في ثمود آية‪ ،‬حين قال لهم هود عليه السالم‪ :‬استمتعوا بحياتكم في داركم ثالثة أيام إلى‬
‫ُ َ ََ َ‬ ‫َ ََُ َ َ َ ه‬
‫قال ت َمت ُعوا في دارك ْم ثالثة أ هي ٍام}[هود‪.]65 :‬‬ ‫وقت الهالك‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فعقروها ف‬

‫ُ‬
‫َ َ ۡ َ ۡ ۡ َ ۡ َ ۡ ُ ُ َى َ َ ُ ۡ َ ُ ُ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٤٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فعتوا عن أِّ ِر رب ِ ِهم فأخذتهم ٱلصعِقة وهم ينظر‬
‫الص ْيحة من السماء والزلزلة الشديدة من أسفل‬ ‫ْ‬
‫فأخذتهم ّ‬ ‫فتكبروا عن امتثال أمر ربهم‪،‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ََ َ َ ُْ ُ ه َ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ََ َ َ ه َ ََ‬
‫الر ْجفة}[األعراف‪:‬‬ ‫الص ْي َحة}[هود‪ ،]67 :‬وقال تعالى‪{ :‬فأخذتهم‬ ‫ين ظل ُموا‬ ‫منهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وأخذ الذ‬
‫‪ ،]78‬وهم يعاينون عذابهم‪.‬‬
‫َ َُْ ْ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ه ُ ُ َ ََْ ُ ْ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صاعقة‬ ‫است َح ُّبوا ال َع َمى َعلى ال ُه َدى فأخذتهم‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬وأما ثمود فهديناهم ف‬
‫ْال َع َذاب ْال ُهون ّ‬
‫}[فصلت‪.]17 :‬‬

‫ُص َ‬ ‫َ ََ ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫َ ۡ ََ ُ‬ ‫َ‬
‫ين ‪} ٤٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فما ٱستطىعوا مِن قِيام وما َكنوا منت ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فما قدروا على النهوض والهرب‪ ،‬وما كانوا منتصرين ألنفسهم‪ ،‬فصاروا بعدها كغصون‬
‫ُْ َ‬ ‫ً َ ُ َ‬ ‫ه َْ َ ْ ََْ ْ َ ً‬
‫ص ْي َحة واح َدة فكانوا ك َهشيم اْل ْحتظر}[القمر‪:‬‬ ‫األشجار اليابسة املكسرة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إنا أرسلنا عليهم‬
‫‪.]31‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬


‫ي ‪} ٤٦‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وق ۡو َم نوح مِن ق ۡبل إِن ُه ۡم َكنوا ق ۡوما ف ى ِ‬
‫سقِ َ‬

‫واملعنى‪ :‬وأهلكنا قوم نوح بالطوفان من قبلهم‪ّ ،‬إنهم كانوا قوم سوء خارجين عن الطاعة‪.‬‬
‫َ‬ ‫هُ ْ َ ُ َ ْ َ َ ْ ََ ْ ََْ ُ َ‬
‫اه ْم أ ْج َمعين}[األنبياء‪.]77 :‬‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إنهم كانوا قوم سو ٍء فأغرقن‬
‫َ َُ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ ََۡ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱلسما َء بنينىها بِأييد ِإَونا لموسِعون ‪} ٤٧‬‬
‫واملعنى‪ :‬والسماء بنيناها بقوة وقدرة‪ ،‬وجعلناها سقفا محفوظا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َج َع ْل َنا ه‬
‫الس َم َاء‬
‫ّ‬ ‫ُ ً‬ ‫ْ ً‬
‫َسقفا َم ْحفوظا}[األنبياء‪ ،]32 :‬وإنا ملوسعون لخلقها‪.‬‬

‫َ ۡ َ َ َ َ ۡ َىَ َ ۡ َ ۡ َى ُ َ‬
‫ون ‪} ٤٨‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬وٱلۡرض فرشنها فن ِعم ٱلم ِهد‬
‫َ‬
‫َ َ ُ ۡ َ‬ ‫َ‬
‫ممهدا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱَّلِي َج َعل لك ُم ٱلۡرض ف َِر ىشا‬
‫ض جعلناهافراشا ممدودا َّ‬ ‫واملعنى‪ :‬واألر َ‬
‫ۡ َ ُ ۡ َ َ َۡ َ ُ َ َ َ ََ ُ َ َ َ‬ ‫ََ ۡ َ‬ ‫لس َما َء ب َناء َوأَ َ‬
‫نز َل م َِن ٱ َ‬
‫نت ۡم ت ۡعل ُمون ‪٢٢‬‬ ‫ت ِرزقا لكم فل تعلوا َِّللِ أندادا وأ‬ ‫َ‬
‫لس َماءِ َماء فأخ َرج بِهِۦ م َِن ٱل َم َر ى ِ‬ ‫ِ‬
‫َوٱ َ‬
‫َ َْ‬
‫ض َم َد ْدناها}[الحجر‪ ،]19 :‬فنعم املاهدون نحن‪.‬‬
‫األ ْر َ‬‫}[البقرة‪ ،]22 :‬وقال تعالى‪{ :‬و‬

‫ُ َ ۡ َ َۡ َ َۡ َ ۡ َََ ُ ۡ َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٤٩‬‬‫ي لعلكم تذكر‬ ‫ُك يش ٍء خلقنا زوج ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ومِن ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬ومن كل ش يء من األصناف املوجودات خلقنا نوعين ذكورا وإناثا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وٱَّلِي خل َق‬
‫َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َۡ َى َ َۡ َ ُ َ‬ ‫ۡ َ ۡ َى َ َُ َ َ َ َ َ َ ُ‬
‫ون ‪[}١٢‬الزخرف‪ ،]12 :‬لكي تتذكروا قدرة هللا تعالى‬ ‫ك وٱلنع ِم ما تركب‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ف‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ٱلزوج ُكها وجعل ل‬
‫ووحدانيته‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ففِ ُّروا إِل ٱَّللِ إ ِ ِن لكم م ِۡن ُه نذِير ُّمبِي ‪َ ٥٠‬وَّل ت َعلوا َم َع ٱَّللِ إِل ىها َءاخ َر إ ِ ِن لكم م ِۡن ُه نذِير ُّمبِي‬
‫ون ‪} ٥٣‬‬ ‫َۡ ُ ۡ َۡ َ ُ َ‬
‫اص ۡوا بِهرِۦ بل هم قوم طاغ‬ ‫م ُنون ‪َ ٥٢‬أتَ َو َ‬
‫َۡ َۡ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ول إَِّل قالوا َساحِر أو‬ ‫َك َذ ىل َِك َما َأ َِت ٱ ََّل َ‬
‫ِين مِن َق ۡبلِهم مِن َر ُ‬
‫س‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬

‫ُ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف َت َول َع ۡن ُه ۡم ف َما أ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫نت ب ِ َملوم ‪} ٥٤‬‬
‫فأعرض عنهم أيها الرسول حيث لم ينفعهم إنذارك‪ ،‬فما أنت بمعاتب منا على اإلعراض عنهم‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫َ َ َ ه َ ُْ ْ َ ْ َ َ ْ ُ ه َ َ ْ ُ ُ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فتول عنهم يوم يدع الداع إلى ش ي ٍء نك ٍر}[القمر‪.]6 :‬‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وذك ِۡر فإِ َن ٱَّلِك َر ىى تَ َنف ُع ٱل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪} ٥٥‬‬
‫ُ‬ ‫ُْ‬ ‫ََ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وذكر أيها الرسول بهذا القرآن الكريم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فذك ْر بالق ْرآن َم ْن َيخاف َوعيد}[ق‪:‬‬
‫ه ه‬ ‫ْ‬ ‫ْ ََ‬ ‫ََ‬ ‫‪ّ ،]45‬‬
‫فإن الذكرى تنفع املؤمنين الذين يخشون ربهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فذك ْر إن نف َعت الذك َرى (‪َ )9‬س َيذك ُر َم ْن‬
‫ْ َ‬
‫َيخش ى}[األعلى‪.]9-10 :‬‬

‫ُُۡ‬ ‫َ‬‫تٱ َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما َخلق ُ‬
‫لن وٱ ِإلنس إَِّل َِلَعبد ِ‬
‫ون ‪} ٥٦‬‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫ُ‬ ‫خلقت ّ‬‫ُ‬
‫الجن واإلنس إال آلمرهم بعبادتي مخلصين لي الدين‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما أم ُروا إَل‬ ‫واملعنى‪ :‬وما‬
‫َ‬
‫َّللا ُم ْخلص َين ل ُه الد َ‬
‫ل َي ْع ُب ُدوا ه َ‬
‫ين}[البينة‪.]5 :‬‬

‫ُۡ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ۡ ََ‬ ‫ُ‬
‫ُ ُۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ون ‪} ٥٧‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬ما أرِيد مِنهم مِن رِزق وما أرِيد أن يطعِم ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ما أريد من خلقهم جلب رزق لي‪ ،‬وما أريد أ ْن يطعموني‪ ،‬فإني أطعم‪ ،‬وال أطعم‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫{ ُق ْل َأ َغ ْي َر هَّللا َأ هتخ ُذ َول ًّيا َفاطر ه‬
‫الس َم َاوات َواأل ْرض َو ُه َو ُيطع ُم َوَل ُيط َع ُم}[األنعام‪.]14 :‬‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬


‫َّلل ُه َو ٱ َلر َز ُاق ذو ٱل ُق َوة ِ ٱل َمت ِ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن ٱ َ َ‬
‫ي ‪} ٥٨‬‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إن هللا تعالى هو الرزاق الذي يبسط الرزق لخلقه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما من د هاب ٍة في األرض إَل‬
‫القوة املتين ال يقهر‪.‬‬ ‫َع َلى هَّللا ر ْز ُق َها}[هود‪ ،]6 :‬وهو ذو ّ‬

‫َۡ َۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ َ ۡ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫َ‬


‫َ َ ُ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٥٩‬‬ ‫وب أصحىب ِ ِهم فل يستع ِ‬
‫جل ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فإِن ل َِّلِين ظلموا ذنوبا مِثل ذن ِ‬
‫فإن للمشركين الذين ظلموا أنفسهم نصيبا من عذاب هللا تعالى مثل نصيب أصحابهم‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ّ‬
‫مني تعجيل العذاب‪ ،‬فإنه آت ال محالة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أتى أ ْم ُر هَّللا فال‬ ‫السابقين لهم‪ ،‬فال يطلبوا ّ‬
‫َ َ ُ‬
‫ت ْست ْعجلو ُ }[النحل‪.]1 :‬‬

‫ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}٦٠‬‬‫ِين كف ُروا مِن يَ ۡو ِِّ ِه ُم ٱَّلِي يوعد‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ف َو ۡيل ل َِّل‬
‫واملعنى‪ :‬فهالك للذين كفروا باهلل وبرسوله من يومهم الذي يوعدون بالعذاب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫ين ‪[}٥٦‬الزخرف‪.]65 :‬‬ ‫ج َع ۡل َنى ُه ۡم َسلَفا َو َم َثل ل ِٓأۡلخِر َ‬
‫فَ َ‬
‫ِ‬
‫ُ َ ُ ُّ‬
‫ورة الطور‬ ‫س‬
‫وهي مكية وعدد آياتها تسع وأربعون‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ُّلطورِ ‪} ١‬‬


‫والطور في سيناء‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وطورسينين}[التين‪.]2 :‬‬
‫ِ‬ ‫واملعنى‪:‬‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬


‫ت ٱل َم ۡع ُمورِ ‪} ٤‬‬ ‫َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ووُك ِتىب ِّس ُطور ‪ِِ ٢‬ف َرق منشور ‪َ ٣‬وٱلَ ۡي ِ‬

‫ۡ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ َ‬ ‫ۡ‬
‫لسق ِف ٱل َم ۡرف ِ‬
‫وع ‪} ٥‬‬
‫والسماء العالية املرفوعة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫َ َ ََْ ه َ َ َ ْ ً َ ْ ُ ً‬
‫واملراد بالسقف في هذه اآلية السماء‪ ،‬دل عليه قوله تعالى‪{ :‬وجعلنا السماء سقفا محفوظا}[األنبياء‪:‬‬
‫‪.]32‬‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱلَ ۡح ِر ٱل َم ۡس ُجورِ ‪} ٦‬‬
‫ْ‬
‫والبحر اململوء باملياه‪ ،‬أو املوقد اململوء بالنار‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وإذا الب َحار ُسج َرت}[التكوير‪:‬‬
‫ِ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫‪.]6‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن َعذ َ‬
‫اب َرب ِ َك ل َو ىق ِع ‪} ٧‬‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬إن عذاب رّبك أيها الرسول لواقع للكافرين نازل بهم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وهذه اآلية ر ّد هللا تعالى على الكفار الذين يستهزئون بالعذاب ويستعجلون به‪ ،‬كما حكى هللا تعالى عنه‬
‫ذاب َو اق ٍع}[املعارج‪.]1 :‬‬ ‫َ َ ٌ َ‬
‫في قوله‪{ :‬سأل سائل بع ٍ‬
‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ما ُلۥ مِن َداف ِع ‪} ٨‬‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬ليس لوقوع العذاب ونزوله بهم دافع يمنعه عنهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬للكافرين ليس له‬
‫َد ٌ‬
‫افع}[املعارج‪.]2 :‬‬

‫لس َما ُء َِّ ۡورا ‪} ٩‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يَ ۡو َم َت ُم ُ‬


‫ور ٱ َ‬

‫ۡ ُ‬ ‫َ‬
‫ل َبال َس ۡريا ‪} ١٠‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وت ِ ُ‬
‫سري ٱ ِ‬
‫َُ‬ ‫ْ‬ ‫َُ َ‬
‫وتبدد هباء منثورا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َي ْسألون َك َعن الج َبال فق ْل‬
‫واملعنى‪ :‬وتزول الجبال من أماكنها‪ّ ،‬‬
‫هباء َم ْن ُث ً‬
‫ورا}[الواقعة‪.]5-6 :‬‬
‫َ‬
‫فكان ْت ً‬ ‫َي ْنس ُف َها َربي َن ْس ًفا}[طه‪ ،]105 :‬وقال تعالى‪ُ { :‬وب هست الجبال ًّ‬
‫بسا ‪.‬‬
‫َ ۡ َۡ َُ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ُۡ َ‬
‫ك ِذب َ‬ ‫ََۡ ََۡ‬
‫ون ‪} ١٢‬‬ ‫ِين ه ۡم ِِف خوض يلعب‬ ‫ي ‪ ١١‬ٱَّل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فويل يومئِذ ل ِلم ِ‬

‫َ ۡ َ ُ َ ُّ َ ى َ‬ ‫َ‬
‫ار َج َه َن َم َد ًَّع ‪} ١٣‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يوم يدعون إِل ن ِ‬
‫واملعنى‪ :‬يوم يدفع هؤالء املكذبون إلى نار جهنم دفعا‪ ،‬ويسحبون فيها على وجوههم‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ْ ُ ُ َ ه َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬
‫س َسق َر}[القمر‪.]48 :‬‬ ‫{ َي ْو َم ُي ْس َح ُبون في النار َعلى ُو ُجوههم ذوقوا م‬

‫ُ َ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ون َهى ِذه ِ ٱ َل ُ‬ ‫َ‬


‫ۡ َى ۡ ُ ۡ ُۡ ُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ََ‬
‫ون ‪} ١٤‬‬ ‫ار ٱل ِت كنتم بِها تكذِب‬ ‫ُص‬
‫سحر هذا أم أنتم َّل تب ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أف ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ويقال لهم‪ :‬هذه التي كنتم تكذبون بها في الدنيا‪ ،‬فذوقوها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فال َي ْو َم َل َي ْمل ُك‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ ْ ُ ُ ْ َ ْ َ ْ ً َ َ َ ًّ َ َ ُ ُل ه َ َ َ ُ ُ ُ َ َ َ ه ه ُ ْ ُ‬
‫اب النار التي كنت ْم ب َها تكذ ُبون}[سبأ‪.]42 :‬‬ ‫ض نفعا وَل ضرا ونقو للذين ظلموا ذوقوا عذ‬ ‫بعضكم لبع ٍ‬
‫ُ‬
‫ُۡ ََۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫بوا أ ۡو َّل تَ ۡص ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ ۡصل ۡو َها فٱ ۡص ُ‬
‫ون ‪} ١٥‬‬ ‫بوا َس َواء َعل ۡيك ۡم إِن َما ت َز ۡون َما كنتم تعمل‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬أفسحر ما تعاينونه من العذاب‪ ،‬أم أنتم ال تبصرونه؟ كما قال تعالى في آية أخرى‪َ { :‬و َي ْومَ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ُ ْ َ ُ ه َ َ َ ُ ََ ه ََْ َ َ ْ‬
‫س َهذا بال َحق قالوا َبلى َو َربنا}[األحقاف‪.]34 :‬‬ ‫يعرض الذين كفروا على النارألي‬

‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن ٱل ُم َتقِ َ‬
‫ي ِِف َج َنىت َونَعِيم ‪} ١٦‬‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن املتقين املمتثلين أوامر هللا واملجتنبين نواهيه في جنات وعيون‪ ،‬ونعيم في مجلس‬
‫ه ُْه َ َ ه‬
‫ات َو ُع ُيو ٍن}[الذاريات‪ ،]15 :‬وقال تعالى‪:‬‬
‫مقربين عند هللا امللك العظيم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن اَلتقين في جن ٍ‬ ‫كريم َّ‬
‫َْ‬ ‫َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ‬ ‫{إ هن ْاَلُ هتق َين في َج هن َ َ‬
‫يك ُمقتد ٍر}[القمر‪.]54-55 :‬‬ ‫ات ون َه ٍر‪ .‬في مقعد صد ٍق عند مل ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ َ َ َ ُ ۡ َ ُّ ُ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ ُّ ُ ۡ َ َ َ َۡ‬ ‫َ‬
‫ك ِهي بِما ءاتى ىهم ربهم ووقى ىهم ربهم عذاب ٱل ِحي ِم ‪} ١٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ف ى ِ‬
‫فلن تخرجوا‬ ‫شدتها أو ال تصبروا عليها ْ‬ ‫حرها‪ ،‬فاصبروا على ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬اآلن‪ ،‬ادخلوا هذه النار وذوقوا ّ‬
‫َ‬ ‫منها‪ ،‬صبركم أو عدم صبركم عليها سواء عليكم‪ ،‬كما قال تعالى على لسان أهل النار‪َ { :‬أ َجز ْعنا َأ ْم َ‬
‫ص َب ْرنا ما لنا‬
‫ّ ُ‬ ‫ْ َ‬
‫يص}[إبراهيم‪ ،]21 :‬إنما تجزون بالجزاء املناسب ملا كنتم تعملونه في الحياة الدنيا من الكفر‬ ‫من مح ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ َ َ َ َ ُ ُ ُ َ َ َ ُۡ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ ُ ُ َ ۡ‬
‫نت ۡم تكسِ ُبون‬ ‫ِل هل تزون إَِّل بِما ك‬ ‫والتكذيب‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ثم قِيل ل َِّلِين ظلموا ذوقوا عذاب ٱل ِ‬
‫‪[}٥٢‬يونس‪.]52 :‬‬

‫ُۡ َۡ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُُ‬


‫ون ‪}١٨‬‬ ‫شبُوا هن ِيأب ِ َما كنتم تعمل‬‫قوله تعالى‪ُ { :‬كوا وٱ‬
‫ّ‬
‫يتفكهون فيها ويرضون بما أعطاهم ّربهم من النعيم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬آخذ َ‬
‫ين َما‬ ‫واملعنى‪ :‬حال كونهم‬
‫اه ْم َرُّب ُه ْم}[الذاريات‪ ،]16 :‬ووقاهم ّربهم عذاب الجحيم‪.‬‬ ‫َآت ُ‬

‫َ ََ ۡ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ى ُ ُ َ ۡ ُ‬‫ََ‬ ‫َ‬


‫ور عِي ‪} ١٩‬‬ ‫كأين لَع سر ِّصفوفة وزوجنىهم ِّب ٍ‬ ‫قوله تعالى‪ُ { :‬م َت ِ‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬مضطجعين فيها على سرر تقابل وجوههم متحابين‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬على ُس ُر ٍر‬
‫يمسهن إنس وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ََ َ‬
‫جان من‬ ‫ُمتقابلين}[الصافات‪ ،]44 :‬وز ّوجناهم بالحور الحسان الواسعات األعين‪ ،‬الالتي لم‬
‫ان}[الرحمن‪ ،]56 :‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫س َق ْب َل ُه ْم َوَل َج ٌّ‬ ‫كأنهن الياقوت واملرجان‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ل ْم َي ْطم ْث ُه هن إ ْن ٌ‬ ‫قبلهم ّ‬
‫ْ ُ ُ َْ ُ‬ ‫ََ‬
‫{كأ هن ُه هن ال َياقوت َواَل ْر َجان}[الرحمن‪.]58 :‬‬
‫َ ۡ ُ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َى َ َۡ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ََّل َ‬
‫يشء ُك‬ ‫لق َنا ب ِ ِه ۡم ذرِ َي َت ُه ۡم َو َما أ ِۡل َنى ُهم م ِۡن ع َمل ِ ِهم مِن‬ ‫ام ُنوا َوٱت َب َع ۡت ُه ۡم ذرِ َي ُت ُهم بِإِيم ٍن أ‬
‫ِين َء َ‬
‫َ‬
‫ٱ ِّۡ ِري ب ِ َما ك َس َب َرهِي ‪} ٢٠‬‬
‫واملعنى‪ :‬والذين آمنوا باهلل وبرسوله واسقاموا على إيمانهم واتبعتهم ذرّياتهم بإيمان‪ ،‬ألحقنا بهم‬
‫الجنة لتقر بهم أعينهم‪ ،‬وما نقصناهم شيئا من ثواب أعمالهم‪ ،‬كل إنسان مرتهن بعمله‪ ،‬ال‬ ‫ذ ياتهم في دخول ّ‬
‫ر‬
‫َ‬ ‫َه ََ َ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ْ َ ٌَ َ ْ َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُُّ‬
‫ات يتساءلون عن‬ ‫س بما كسبت رهينة إَل أصحاب اليمين في جن ٍ‬ ‫يحمل ذنب غيره‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬كل نف ٍ‬
‫َ‬ ‫ُْ‬
‫اْل ْجرمين}[املدثر‪.]38-41 :‬‬

‫َ ۡ َ ۡ َى ُ َى َ َ ۡ َ َ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٢١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأمددنهم بِفكِهة ولم ِِّما يشته‬
‫واملعنى‪ :‬وزدناهم فواكه كثيرة مما يتخيرونه‪ ،‬ولحوما متنوعة بما فيها لحم طير مما يشتهونه‪ ،‬كما قال‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫تعالى‪َ { :‬وفاك َه ٍة م هما َيتخ هي ُرون (‪َ )20‬ول ْحم ط ْي ٍر م هما َيش َت ُهون}[الواقعة‪.]20-21 :‬‬
‫َ َ َۡ‬ ‫َ َ َىَ ُ َ َ َ ۡ َ َ ۡ‬
‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يتنزعون فِيها كأسا َّل لغو فِيها وَّل تأثِيم ‪} ٢٢‬‬
‫واملعنى‪ّ :‬انهم يتعاطون في الجنة كأسا من الخمر ال تحملهم على الكالم الس يء وال الكالم الذي فيه‬
‫ه َ َ‬ ‫َْ َ َه‬
‫ض َاء لذ ٍة للشاربين َل ف َيها‬ ‫إثم‪ ،‬بل هي بيضاء لذة للشاربين‪ ،‬ال تؤذيهم‪ ،‬وال تذهب عقولهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬بي‬
‫َ ُ َ ه ُ َ َ َْ َ ُ ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫غ ْو ٌل َوَل ُه ْم َع ْن َها ُينزفون}[الصافات‪ ،]46-47 :‬وقال تعالى‪َ{ :‬ل يصدعون عنها وَل ينزفون}[الواقعة‪]19 :‬‬

‫ۡ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫قوله تعالى‪َ ۞{ :‬ويَ ُطوف َعل ۡي ِه ۡم غِل َمان ل ُه ۡم كأ َن ُه ۡم ل ۡؤلؤ َمك ُنون ‪} ٢٣‬‬
‫كأنهم‬ ‫معدون لخدمتهم بأكواب وأباريق وكأس وصحاف من ذهب‪ّ ،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬ويطوف عليهم فيها مماليك ّ‬
‫َ ْ َ َ ََ َ َ َْ‬ ‫َ ُ ُ ََْ ْ ْ َ ٌ ُ َه ُ َ‬
‫س‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫ك‬‫و‬ ‫يق‬‫ر‬ ‫ا‬‫ب‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫اب‬‫ٍ‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫أ‬‫ب‬ ‫)‬ ‫‪17‬‬ ‫(‬ ‫ن‬‫في الحسن والبياض لؤلؤ مصون‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يطوف عليهم ولدان مخلدو‬
‫َۡ‬ ‫َ ۡ‬‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫اف َعلَ ۡيهم بص َ‬ ‫َُ ُ‬
‫ِيها َما تش َت ِهيهِ‬ ‫ك َواب َوف َ‬ ‫حاف مِن ذهب وأ‬ ‫من َمع ٍين}[الواقعة‪ ،]17-18 :‬وقال تعالى‪ { :‬يط‬
‫ْ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫ۡ َ ُ ُ َ َ َ ُّ ۡ َ ۡ ُ ُ َ َ ُ ۡ َ َ ى ُ َ‬
‫ٱلنفس وتَّل ٱلعي وأنتم فِيها خ ِِلون ‪[}٧١‬الزخرف‪.]71 :‬‬

‫ََ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬


‫َ َ َۡ ُ‬ ‫َۡ َ‬
‫ون ‪} ٢٤‬‬ ‫لَع َب ۡعض يتساءل‬ ‫ض ُه ۡم ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأقبل بع‬
‫واملعنى‪ :‬فأقبل بعض أهل الجنة على بعضهم يتساءلون عن أحوالهم وأعمالهم في الدنيا‪.‬‬
‫َ ُ َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ف َأ ْق َب َل َب ْع ُ‬
‫ض ُه ْم َع َلى َب ْ‬
‫ض َيت َس َاءلون}[الصافات‪.]50 :‬‬
‫ٍ‬ ‫ع‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا إنَا ك َنا ق ۡبل ِف أ ۡهل َِنا ُِّشفِقِ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ي ‪} ٢٥‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قال بعض أهل الجنة لبعض‪ :‬إنا كنا قبل هذا‪ ،‬بين أهلنا في الدنيا مشفقين من عذاب هللا‬
‫تعالى‪ ،‬فتركنا الذنوب واملعاص ي‪.‬‬
‫ّ‬
‫تفضل هللا تبارك وتعالى على أهل الجنة بإزالة خوفهم وحزنهم عند دخول الجنة‪ ،‬كما قال تعالى‬ ‫وقد ّ‬
‫على لسانهم‪{ :‬الحمد هلل الذي ْأذ َه َب َعنا َ‬
‫الح َزن}[فاطر‪.]34 :‬‬

‫وه إنَ ُهۥ ُه َو ٱل ۡ َ ُّ‬


‫ب ٱ َلرح ُ‬
‫ِيم ‪} ٢٧‬‬ ‫َُۡ َۡ ُ ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫َّلل َعلَ ۡي َنا َو َوقَى ى َنا َع َذ َ‬
‫اب ٱ َ‬
‫لس ُم ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َم َن ٱ َ ُ‬
‫وم ‪ ٢٦‬إِنا كنا مِن قبل ندع ِ‬

‫ُۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫َ َ‬ ‫ۡ َ َ َۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬


‫ون ‪} ٢٨‬‬‫ت ربِك بِكاهِن وَّل من ٍ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فذكِر فما أنت بِن ِعم ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فذكر أيها الرسول‪ ،‬فما أنت بنعمة ربك عليك من النبوة والرسالة‪ ،‬بكاهن يخبر عن الغيب‬
‫ُ‬ ‫ََ َ ُ‬
‫صاح ُبك ْم ب َم ْجنو ٍن}[التكوير‪،]22 :‬‬ ‫بالظن‪ ،‬وال مجنون‪ ،‬فليس لك أي ش يء من الجنون‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وما‬ ‫ّ‬
‫ه َ‬ ‫ه ْ‬
‫صاحبه ْم م ْن جن ٍة إن ُه َو إَل نذ ٌير ُمب ٌين}[األعراف‪.]184 :‬‬‫وقال تعالى‪َ { :‬أ َو َل ْم َي َت َف هك ُروا َما ب َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َۡ َُ ُ َ َ‬
‫ون ‪} ٢٩‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أم يقولون شاعِر نتبص بِهِۦ ريب ٱلمن ِ‬
‫الم َبل‬ ‫َ ْ َ ُ َ ْ َ ُ َ ْ‬
‫واملعنى‪ :‬أم يقول املشركون فيك أيها الرسول‪ :‬هو شاعر‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬بل قالوا أضغاث أح ٍ‬
‫َ‬ ‫َْ‬
‫افت َرا ُ َب ْل ُه َو شاع ٌر}[األنبياء‪ ،]5 :‬ننتظر له مجيء املوت‪.‬‬

‫تبص َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬


‫ي ‪} ٣٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل ت َربصوا فإ ِ ِن معكم م َِن ٱل ُم َ ِ ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قل لهم أيها الرسول‪ :‬انتظروا مجيء موتي‪ ،‬فإني معكم من املنتظرين الدوائر بكم‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫تعالى‪َ { :‬ف َأ ْعر ْ‬
‫ض َع ْن ُه ْم َو انتظ ْر إ هن ُه ْم ُمنتظ ُرون}[السجدة‪.]30 :‬‬

‫َ ۡ َ ۡ ُ ُ ُ ۡ َ ۡ َى ُ ُ َ ى َ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٣١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أم تأِّرهم أحلمهم بِهذار أم هم قوم طاغ‬

‫ُۡ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ُ َ ََ‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٣٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أ ۡم َيقولون تق َو ُل رۥ بَل َّل يؤمِن‬
‫واملعنى‪ :‬أم يقول هؤالء املشركون‪ :‬اختلق الرسول القرآن من عند نفسه؟ بل هم ال يؤمنون بالقرآن‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ََََ ََ َ َ َ‬
‫يل (‪ )44‬لخذنا مِنه بِاَلَ ِم ِ‬
‫ي‬ ‫ِ ِ‬ ‫او‬ ‫الق‬ ‫ض‬ ‫وقد ر ّد هللا تبارك وتعالى هذا القول بقوله‪{ :‬ولو تقول علينا بع‬
‫ُ َ‬
‫(‪ )45‬ث َم ل َق َطع َنا مِن ُه ال َوت َِي}[الحاقة‪.]44-46 :‬‬

‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََُۡۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬فليأتوا ِّبدِيث مِثلِهِۦ إِن َكنوا ص ِدق ِي ‪}٣٣‬‬
‫فإنهم لو اجتمعوا ما جاءوا بمثله‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬فليأتوا بحديث مثل القرآن‪ْ ،‬إن كانوا صادقين في دعواهم‪ّ ،‬‬
‫َ َۡ َ َ َ ۡ ُ‬ ‫ۡ َى َ ۡ ُ ۡ َ َ َۡ ُ َ ۡ‬ ‫ۡ ُ َ ۡ ُّ َ َ ى َ َ ۡ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ َ‬
‫ض ُهمۡ‬ ‫ان َّل يأتون ب ِ ِمثلِهِۦ ولو َكن بع‬
‫لن لَع أن يأتوا ب ِ ِمث ِل هذا ٱلقرء ِ‬ ‫كما قال تعالى‪ { :‬قل لئِ ِن ٱجت َم َع ِ‬
‫ت ٱ ِإلنس وٱ ِ‬
‫ِلَ ۡعض َظ ِهريا ‪[}٨٨‬اإلسراء‪.]88 :‬‬

‫َ َىَى َ ۡ َ َ َ َ ُ ُ َ َ ۡ َ ُ‬ ‫ۡ َۡ َ ۡ َۡ ُ ُ ۡ َى ُ َ َۡ َ َُ‬ ‫َۡ ُ ُ‬


‫ِنده ۡم‬
‫ض بل َّل يوق ِنون ‪ ٣٥‬أم ع‬‫ر‬ ‫ۡر‬‫ل‬‫ٱ‬‫و‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫و‬‫م‬ ‫لس‬ ‫ٱ‬ ‫وا‬ ‫ق‬ ‫ل‬‫خ‬ ‫م‬‫أ‬ ‫‪٣٤‬‬ ‫ون‬ ‫ِق‬ ‫ل‬‫خ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫ء‬
‫ٍ‬ ‫يش‬ ‫ري‬
‫ِ‬ ‫غ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫وا‬ ‫ِق‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أم خل‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ۡ َ ُُ ُ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ َُ ۡ ُ َ َۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ َ َۡ ُ ُ ُۡ ۡ ُ َ‬
‫ي ‪} ٣٧‬‬ ‫ى‬ ‫َ‬
‫ت ِّست ِمعهم بِسلطن مب ِ ٍ‬ ‫خزائِن ربِك أم هم ٱلمصي ِطرون ‪ ٣٦‬أم لهم سلم يست ِمعون فِيهِ فليأ ِ‬

‫ۡ‬
‫ۡ ُ َ َى ُ َ ُ ُ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ‬
‫ون ‪}٣٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أم ل ٱلنت ولكم ٱلن‬
‫واملعنى‪ :‬أهلل تعالى البنات من املالئكة‪ ،‬ولكم البنون كما تدعون افتر ًاء؟‬
‫َ َ َ ََ ُ َ َُ ُ َُ َ‬ ‫َ‬
‫ون}[الصافات‪ ،]149 :‬وقوله تعالى‪:‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فاس َتفت ِ ِهم أل ِربِك النات ولهم الن‬
‫َ‬
‫ك إذا ق ِس َمة ِض َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬
‫َيى}[النجم‪.]21-22 :‬‬ ‫{ألكم اَّلك ُر ول النَث (‪ )21‬ت ِل ِ‬
‫ُ‬
‫َ ۡ َ ُّ ۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪} ٣٩‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أ ۡم ت ۡسَٔٔل ُه ۡم أ ۡجرا ف ُهم مِن مغرم مثقل‬
‫واملعنى‪ :‬أم تسألهم أيها الرسول أجرا على تبليغ دعوتك فهم من التزام أجر‪ ،‬محملون غرما ثقيال؟ بل‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫خ َر ُ‬ ‫َ َ َُ َ‬
‫اج َربِك خري َوه َو‬ ‫أنت ال تحتسب ذلك‪ ،‬فجزيل ثواب هللا تعالى خير لك‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أم تسأل ُهم خرجا ف‬
‫الرازِق َِي}[املؤمنون‪.]72 :‬‬ ‫َخ ُ‬
‫ري َ‬

‫ۡ َ ُ ُ َۡ ُ ُ ۡ َ ۡ ُُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٤٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أم عِندهم ٱلغيب فهم يكتب‬
‫واملعنى‪ :‬أم عندهم علم الغيب‪ ،‬فهم يكتبونه للناس؟ كال‪ ،‬ليس لهم علم بش يء من الغيب؛ ّ‬
‫ألن علم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ب فل ُيظ ِه ُر لَع غيبِهِ أحدا‪ .‬إَِّل م ِن ارتض مِن‬
‫الغيب مرده إلى هللا تعالى وحده‪ ،‬كما قال تعالى‪َ{ :‬عل ِم الغي ِ‬
‫ول}[الجن‪.]26-27 :‬‬ ‫َُ‬
‫رس ٍ‬

‫َ ََُ ُ ُ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬
‫ۡ ُ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٤١‬‬‫يدون ك ۡيدا فٱَّلِين كفروا هم ٱلمكِيد‬‫قوله تعالى‪ { :‬أم ي ِر‬
‫واملعنى‪ :‬بل يريدون مكرا بالرسول واملؤمنين‪ ،‬فالذين كفروا هم الذين يرجع عليهم مكرهم‪ ،‬كما قال‬
‫ِيق المكر الس إَّل بأهله}[فاطر‪.]43 :‬‬ ‫تعالى‪َ { :‬وَّل َي ُ‬

‫َ ۡ َ ُ ۡ َى َ ۡ ُ َ ُ ۡ َ ى َ َ َ َ ُ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٤٢‬‬ ‫شوُك‬
‫َّللِ سبحن ٱَّللِ عما ي ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أم لهم إِله غري ٱ ر‬

‫ُ‬ ‫ُ‬
‫لس َماءِ َساق ِطا َي ُقولوا َس َحاب َِّ ۡركوم ‪} ٤٣‬‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون يَ َر ۡوا ك ِۡسفا م َِن ٱ َ‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫وإن ينظر هؤالء املشركون إلى قطع من السماء نازلة عليهم عذابا لهم‪ ،‬يقولوا مكذبين‪ :‬هذا‬
‫سحاب متراكم‪.‬‬
‫فإنهم‬‫قال الشيخ محمد سيد طنطاوي‪ :‬وهذا شأن الطغاة املعاندين‪ ،‬وقد سبقهم إلى ذلك قوم عاد‪ّ ،‬‬
‫ض ُم ْمط ُرنا فرد هللا تعالى عليهم بقوله {بَل ُه َو َما اس َتع َ‬
‫جل ُتم بِهِ‬ ‫حين رأوا العذاب مقبال نحوهم قالوا هذا عار ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫رِيح فِيها َعذاب أ َِلم}[األحقاف‪.]24 :‬‬

‫ُ ۡ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ ۡ َ َى ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬


‫ون ‪} ٤٤‬‬ ‫ت يُل ىقوا يَ ۡو َِّ ُه ُم ٱَّلِي فِيهِ يصعق‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فذرهم ح‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬فاتركهم أيها الرسول يخوضوا في تكذيبهم‪ ،‬حتى يالقوا يومهم الذي يوعدون بالهالك‪ ،‬كما قال‬
‫ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ ُ ۡ َُ ُ َ َۡ َُ َ َى َ ُ‬
‫ون ‪[}٨٣‬الزخرف‪.]83 :‬‬ ‫ت يُل ىقوا يَ ۡو َِّ ُه ُم ٱَّلِي يوعد‬ ‫تعالى‪ { :‬فذرهم يوضوا ويلعبوا ح‬
‫َ‬
‫ََۡ ُ ۡ َ ُۡ ۡ ۡ ُ ُ ۡ َ ۡ َ ُ ۡ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٤٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يوم َّل يغ ِن عنهم كيدهم شيأ وَّل هم ينُص‬
‫واملعنى‪ :‬يوم ال يغني عنهم كيدهم من عذاب هللا تعالى شيئا وال ما كسبوا في الدنيا‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ ََ ُ‬ ‫َ ُ َ َ َ ُ َ‬ ‫ََ ُ‬
‫اء}[الجاثية‪ ،]10 :‬وال هم ينصرون من عذاب‬ ‫اَّللِ أو َِلَ َ‬ ‫ون‬
‫{وَّل يغ ِن عنهم ما كسبوا شيئا وَّل ما اَتذوا مِن د ِ‬
‫هللا‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ َ ى َ َ ى َ ۡ َُ ۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٤٦‬‬ ‫ِين ظل ُموا عذابا دون ذل ِك ول ِ‬
‫كن أكَّثهم َّل يعلم‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون ل َِّل‬
‫وإن للذين ظلموا أنفسهم بالشرك والكفر عذابا أدنى كاملحن والباليا واملصائب دون العذاب‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫لكن أكثرهم ال يعلمون ما يراد بهم‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫األكبر األشد يوم القيامة لعلهم يرجعون من ذنوبهم‪ّ ،‬‬
‫َ َ َََُ َ ُ َ‬ ‫َ َ ُ َ َ َ‬ ‫ََُ ََُ َ َ َ‬
‫ب لعلهم ير ِجعون}[السجدة‪.]21 :‬‬‫اب الك ِ‬ ‫اب الدن دون العذ ِ‬ ‫{ولذِيقنهم مِن العذ ِ‬

‫ِي َت ُق ُ‬ ‫َ ۡ ۡ ُِ ۡ َ َ َ َ َ َ ۡ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ‬
‫كح َ‬
‫وم ‪} ٤٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱص ِب لك ِم ربِك فإِنك بِأعينِنا وسبِح ِّبم ِد رب ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬اصبر أيها الرسول على ما يقول هؤالء املشركون لقضاء هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فاص ِب لَع‬
‫فإنك بمرأى ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ َُ ُ َ‬
‫منا وحفظنا‪ ،‬واذكر رّبك بالتسبيح والتحميد حين تقوم من نومك ومجلسك‬ ‫ون}[ق‪،]39 :‬‬ ‫ما يقول‬
‫أو حين تقوم إلى الصالة‪.‬‬

‫َ ۡ ُ ۡ‬
‫ِإَود َب ى َر ٱلُّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وم ‪} ٤٨‬‬‫ج ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وم َِن ٱ َۡل ِل فسبِحه‬
‫َ َ‬
‫فصل صالة املغرب والعشاء والتهجد‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وم َِن ٱ َۡل ِل ف َت َه َج ۡد‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ومن ساعات الليل ِ‬
‫َۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ‬
‫وسبح بحمد رّبك عند صالة الصبح وقت‬ ‫َم ُمودا ‪[}٧٩‬اإلسراء‪ّ ،]79 :‬‬ ‫س أن َي ۡب َعثك َر ُّبك َمقاما‬ ‫بِهِۦ ناف ِلة لك ع ى‬
‫إدبار النجوم‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وم َِن الليل فَ َسبح ُه َوأدبَ َ‬
‫الس ُجودِ}[ق‪.]40 :‬‬
‫ار ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ َُ ه‬
‫سورة النجم‬
‫وهي مكية وعدد آياتها اثنتان وستون‬

‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱلَ ۡج ِم إِذا َه َو ىى ‪} ١‬‬
‫واملعنى‪ :‬أقسم بالنجم إذا غاب‪.‬‬
‫س ُم ب َم َواق ِعِ الُّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ج ِ‬
‫وم}[الواقعة‪.]75 :‬‬ ‫ونظير القسم بالنجم في هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬فل أق ِ ِ‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ‬
‫ك ۡم َو َما غ َو ىى ‪َ ٢‬و َما يَن ِط ُق َع ِن ٱل َه َو ىى ‪} ٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ما ضل صاحِب‬

‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ ۡن ُه َو إَِّل َو ۡح يُ َ ى‬
‫وح ‪}٤‬‬
‫واملعنى‪ :‬وما ينطق به الرسول من القرآن والسنة إال وحي يوحى إليه‪.‬‬
‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬قد يحتج بقوله تعالى‪{ :‬إِن ُه َو إ ِ ََّل َوح يُوح} من ال ّ‬
‫يجوز لرسول هللا صلى‬
‫ألن املراد باآلية إثبات كون القرآن وحيا من عند هللا‪،‬‬ ‫هللا عليه وسلم االجتهاد في الحوادث‪ ،‬وهذا خطأ‪ّ ،‬‬
‫والقرآن ذاته أمره باالجتهاد‪ ،‬وقد اجتهد صلى هللا عليه وسلم في الحروب فيما لم ّ‬
‫يحرمه هللا‪ ،‬وأذن لبعض‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫بالتخلف عن غزوة تبوك‪ ،‬فعاتبه ربه بقوله‪َ { :‬ع َفا َ ُ‬
‫اَّلل َعن َك ل َِم أذِن َت ل ُهم}[التوبة‪.]43 :‬‬
‫ّ‬
‫املنافقين‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ِيد ٱل ُق َو ىى ‪ ٥‬ذو ِّ َِرة فٱ ۡس َت َو ىى ‪} ٦‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬عل َم ُهۥ َشد ُ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬علمه جبريل شديد قواه العلمية والعملية‪ ،‬ذو قوة الذات وحصافة العقل‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ِي}[التكوير‪.]19-20 :‬‬ ‫ك‬ ‫{إنَ ُه لَ َقو ُل َر ُسول َكريم‪ .‬ذِي قُ َوة عِن َد ذِي ال َعر ِش َ‬
‫م‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬ ‫ِ‬

‫ى‬ ‫َ ُ َ ۡ ُُ ۡ َ َۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وهو ب ِٱلف ِق ٱللَع ‪} ٧‬‬
‫ُُ‬
‫واملعنى‪ :‬وهو بأفق السماء املبين‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولقد رآه بالفق المبِي}[التكوير‪.]23 :‬‬

‫َ َ َ َ ُۡ َ ُ َ ََ‬ ‫َ َۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ َ َ َ َ َ َ َى َ َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َى َ َ ۡ َ ى َى َ‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫ي أو أدن ‪ ٩‬فأوح إِل عب ِده ِۦ ما أوح ‪ ١٠‬ما كذب ٱلفؤاد ما رأى ‪١١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ثم دنا فتدل ‪ ٨‬فَكن قاب قوس ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ َ ُ َ ى ُ َ ُ َ َى َ َ َ ى َ َ َ ۡ َ َ ُ َ ۡ َ ُ ۡ‬
‫ى ‪ ١٥‬إ ۡذ َي ۡغ َش ٱلس ِۡد َرةَ‬
‫ى‬ ‫ِند َها َج َن ُة ٱل ۡ َمأوَ‬
‫ه ‪ ١٤‬ع َ‬
‫ى‬ ‫َ ۡ َ ُۡ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ى‬ ‫َ‬
‫أفتمرونهۥ لَع ما يرى ‪ ١٢‬ولقد رءاه نزلة أخرى ‪ ١٣‬عِند سِدرة ٱلمنت‬
‫ِ‬
‫َ َ َ‬
‫اغ ٱ ۡلَ َ ُ‬
‫غ ‪}١٧‬‬ ‫ُص َو َما َط َ ى‬ ‫َما َي ۡغ َ ى‬
‫ش ‪ ١٦‬ما ز‬

‫ۡ ُ‬
‫ت َربهِ ٱلك ۡ َ‬ ‫َ ۡ َ ى ۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب ىى ‪} ١٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬لقد رأى مِن ءاي ى ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬لقد رأى الرسول صلى هللا عليه وسلم من آيات رّبه العظام ما ال يحيط به الوصف ليلة‬
‫ۡ َۡ‬ ‫ل َر ِام إ َل ٱل ۡ َم ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ى ب َع ۡب ِده ِۦ َ َۡلل م َِن ٱل ۡ َم ۡ‬ ‫حى َن ٱ ََّلِي أَ ۡ‬
‫اإلسراء واملعراج‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬س ۡب َ‬
‫ج ِد ٱلق َصا‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ٱ‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ج‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫َ‬
‫س‬
‫ص ُ‬ ‫َ َ ۡ َ َ ۡ َُ ُ َ ُ ۡ َ َ َ َ ُ ُ َ َ ُ ۡ‬ ‫َ‬
‫ري ‪[}١‬اإلسراء‪.]1 :‬‬ ‫يع ٱلَ ِ‬ ‫ٱَّلِي ب ىروُكنا حولۥ ل ِ‬
‫ُِنيهۥ مِن ءاي ىتِنا ر إِنهۥ هو ٱلس ِم‬

‫ُ‬‫َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َى‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬أف َر َء ۡي ُت ُم ٱلل َت َوٱل ُع َز ىى ‪َ ١٩‬و َم َن ىوةَ ٱ َل ِالَة ٱل ۡخ َر ىى ‪} ٢٠‬‬

‫َ ُۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬
‫ك ُم ٱَّلك ُر َو ُل ٱل َ ى‬
‫نَث ‪} ٢١‬‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أل‬
‫واملعنى‪ :‬ألكم البنون وهلل تعالى البنات من املالئكة كما تدعون افتر ًاء؟‬
‫َ ۡ َ ُّ ۡ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُُ ۡ َ ۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬أم تسَٔٔلهم أجرا فهم مِن مغرم مثقلون ‪[}٣٩‬الطور‪.]39 :‬‬

‫ض َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬
‫َي ىى ‪} ٢٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ت ِلك إِذا ق ِس َمة ِ‬

‫َ َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫كم َما أَ َ‬


‫نز َل ٱ َ ُ‬
‫َّلل ب ِ َها مِن ُسل َطى ٍن إِن يَتب ِ ُعون إَِّل ٱلظ َن َو َما‬
‫ۡ َ َ َۡ َ َ َُُۡ َ َ ُۡ ََ َ ُ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ِه إَِّل أسماء سميتموها أنتم وءاباؤ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬
‫َت ۡه َوى ٱل ُنف ُس َول َق ۡد َجا َء ُهم مِن َرب ِ ِه ُم ٱل ُه َد ىى ‪} ٢٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬ما أسماء ما تعبدونه من دون هللا تعالى إال أسماء ال معاني وراءها‪ ،‬وضعتموها أنتم وآباؤكم‬
‫من تلقاء أنفسكم وجعلتموها أربابا‪ ،‬ما أنزل هللا تعالى من حجة على صحة عبادتها‪ ،‬كما قال تعالى على لسان‬
‫َ ََ َ‬ ‫َ ُ َ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يوسف عليه السالم‪{ :‬ما تع ُب ُدون مِن دونِهِ إَِّل أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل اَّلل بِها مِن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫طان}[يوسف‪ ،]40 :‬وما يتبع هؤالء املشركون في عبادتها إال الظن الفاسد الذي ال يغني عن الحق شيئا‪ ،‬كما‬ ‫ُ‬
‫سل ٍ‬
‫َ ََ َ ُ َ َۡ َُ َ‬ ‫لق َ ۡ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َ ًّ َ َ‬
‫لظ َن ََّل ُي ۡغن م َِن ٱ ۡ َ‬
‫ون ‪[}٣٦‬يونس‪:‬‬ ‫يشٔٔار إِن ٱَّلل عل ِيم بِما يفعل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال تعالى‪ { :‬وما يتبِع أكَّثهم إَِّل ظنا ر إِن ٱ‬
‫‪ ،]36‬وهوى أنفسهم املنحرفة‪ ،‬ولقد جاءهم من ربهم الهدى والرشد‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫نس ِن َما َت َم َ ى‬
‫ن ‪}٢٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أ ۡم ل َِِل َ ى‬
‫واملعنى‪ :‬ليس لإلنسان كل ما تمناه من شفاعة آلهتهم ونفعهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ ّ‬
‫ان أه ِل‬
‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬ليس كل من تمنى خيرا حصل له‪{ ،‬ليس بِأمانِيِكم وَّل أم ِ ِ‬
‫من ّ‬ ‫من زعم ّأنه مهتد يكون كما قال‪ ،‬وال ّ‬
‫كل ْ‬ ‫كل ْ‬ ‫ّ‬
‫}[النساء‪ ،]123 :‬ما ّ‬ ‫َ‬
‫ود شيئا يحصل له‪.‬‬ ‫اب‬
‫الكِت ِ‬

‫ُۡ َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فل ِلهِ ٱٓأۡلخ َِر ُة َوٱل ى‬
‫ول ‪} ٢٥‬‬

‫يشٔٔا إ ََّل مِن َب ۡع ِد أَن يَأۡ َذ َن ٱ َ ُ‬


‫َّلل ل َِمن ي َ َشا ُء َويَ ۡر َ ى‬
‫ض‬ ‫ت ََّل ُت ۡغن َش َفى َع ُت ُه ۡم َ ۡ‬ ‫قوله تعالى‪َ ۞{ :‬و َوُكم مِن َِّلَك ِف ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪} ٢٦‬‬
‫واملعنى‪ :‬وكثير من املالئكة في السماوات مع كرامتهم وعلو منزلتهم عند هللا تعالى‪ ،‬ال تنفع شفاعتهم‬
‫شيئا إال من بعد إذن هللا لهم بالشفاعة ملن يشاء ْأن يشفعوا له ويرض ى عن هذا املشفوع له‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫ت َو َما ِف ٱ ۡلَۡر ِض َمن َذا ٱ ََّلِي ي َ ۡش َف ُع ع َ‬
‫ِندهۥُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ َ ى َ َ ُ َ ۡ َ ُّ ۡ َ ُّ ُ َ َ ۡ ُ ُ ُ َ َ َ َ ۡ َ‬
‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫ٱَّلل َّل إِله إَِّل هو ٱلح ٱلقيوم ر َّل تأخذهۥ سِنة وَّل نوم ر لۥ ما ِِف ٱلسمو ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫شء م ِۡن عِلمهِۦ إَّل ب َما َشا َء َوس َِع ك ۡرس ُِّي ُه ٱ َ َ‬ ‫َ ۡ َ ُ َ َۡ َ َۡ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ ُ ُ َ‬
‫ون ب ِ َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫إَِّل بِإِذن ِهِرۦ يعلم ما بي أيدِي ِهم وما خلفهم وَّل يِيط‬
‫َ َ َ ُ َ َ َُ‬
‫اعة عِن َد ُه إَِّل‬ ‫يم ‪[} ٢٥٥‬البقرة‪ ،]255 :‬وقال تعالى‪{ :‬وَّل تنفع الشف‬ ‫َل ٱ ۡل َع ِظ ُ‬ ‫ۡ‬
‫ودهُۥ ح ِۡف ُظ ُه َما ر َو ُه َو ٱل َع ِ ُّ‬
‫ُ‬ ‫َوٱ ۡلَۡر َض َو ََّل َ‬
‫ئُٔ‬
‫َ َ‬
‫ل َِمن أذ َِن ُل}[سبأ‪.]23 :‬‬

‫ُۡ‬ ‫َ َ ُ َ ُّ َ ۡ َ َ ى َ‬ ‫َ َ َ َ ُۡ ُ َ‬
‫ك َة ت َ ۡس ِم َي َة ٱل َ ى‬
‫نَث ‪} ٢٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلِين َّل يؤمِنون ب ِٱٓأۡلخِرة ِ ليسمون ٱلملئ ِ‬
‫ُ ۡ َى َ َ‬
‫واملعنى‪ :‬إن الذين ال يؤمنون باآلخرة ليسمون املالئكة تسمية اإلناث‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َج َعلوا ٱل َملئِكة‬
‫ّ‬
‫ُ َ‬ ‫َى َ َ ُ َ ۡ َ ُ ۡ َ ُ ۡ َ ُ َ ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ون ‪[}١٩‬الزخرف‪.]19 :‬‬ ‫ب ش َه ى َدت ُه ۡم َوي ُ ۡسَٔٔل‬‫ِين ه ۡم ع َِبى ُد ٱ َلرِنَٰمۡح إِنثا ر أش ِهدوا خلقه رم ستكت‬
‫ٱَّل‬

‫َ‬
‫لق ۡ‬‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ َ َ ُۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫يشٔٔا ‪}٢٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وما لهم بِهِۦ مِن عِل ٍم إِن يتبِعون إَِّل ٱلظن ِإَون ٱلظن َّل يغ ِن مِن ٱ ِ‬
‫يصدق تسميتهم بها‪ ،‬وما يتبعون في تسميتهم بها إال الظن‬ ‫واملعنى‪ :‬وما لهؤالء املشركين من علم صحيح ّ‬
‫َ َ َ‬ ‫ى َ َ ََ ُ َ ۡ َُ ُ َ َ‬
‫َّثه ۡم إ َِّل ظ ًّنا ر إِن ٱلظ َن َّل‬ ‫الظن ال يغني من الحق شيئا‪ ،‬كما قال تعالى في آية أخر ‪ { :‬وما يتبِع أك‬ ‫وإن ّ‬ ‫الفاسد‪ّ ،‬‬
‫َ ََ َ ُ َ َۡ َُ َ‬
‫ون ‪[}٣٦‬يونس‪.]36 :‬‬ ‫لق َ ۡ‬
‫يشٔٔار إِن ٱَّلل عل ِيم بِما يفعل‬ ‫ُي ۡغن م َِن ٱ ۡ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ‬ ‫ۡ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ َ ى َ ُّ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ ۡ ۡ َ َ َََ‬


‫ى‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فأعرِض عن من تول عن ذِكرِنا ولم يرِد إَِّل ٱليوة ٱَلنيا ‪}٢٩‬‬
‫عمن تولى عن تذكيرنا في القرآن‪ ،‬ولم يرد إال الحياة الدنيا‪ ،‬منكرا للبعث‬ ‫واملعنى‪ :‬فأعرض أيها الرسول ّ‬
‫َ‬ ‫َ َ ََ ُ‬
‫ات َنا ُّ‬ ‫َ ُ‬
‫اَلن َيا َو َما َن ُن ب ِ َمب ُعوث َِي}[األنعام‪:‬‬ ‫يوم القيامة‪ ،‬كما حكى هللا تعالى عن قولهم في قوله‪َ { :‬وقالوا إِن ِه إَِّل حي‬
‫‪.]29‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ذ ىل َِك َم ۡبل ُغ ُهم م َِن ٱلعِل ِم إ ِ َن َر َب َك ُه َو أ ۡعل ُم ب ِ َمن َضل َعن َسبِيلِهِۦ َو ُه َو أ ۡعل ُم ب ِ َم ِن ٱ ۡه َت َد ىى ‪} ٣٠‬‬
‫واملعنى‪ :‬ذلك املذكور من طلبهم الدنيا واهتمامهم بها مبلغ ما وصلوا إليه من العلم‪ّ ،‬إن رّبك هو أعلم‬
‫ضل عن سبيله‪ ،‬وهو أعلم بمن اهتدى‪ ،‬فليس عليك هداه‪ ،‬وهللا هو الذي يهدي من يشاء‪ ،‬كما قال‬ ‫بمن ّ‬
‫ون إ ِ ََّل ٱبۡت ِ َغاءَ‬
‫ُ ۡ ََ ُ ُ َ‬ ‫ۡ َۡ َ َ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ََ‬ ‫ك َن ٱ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫َۡ‬
‫سك رم وما تن ِفق‬ ‫َّلل َي ۡهدِي َمن يشا ُء َو َما تن ِفقوا مِن خري ف ِل ِ‬
‫نف‬ ‫تعالى‪ { :‬لي َس عل ۡيك ه َدى ى ُه ۡم َول ى ِ‬
‫ۡ َ ۡ َُ َ َۡ ُ ۡ ََ ُ ۡ َ ُ ۡ َ ُ َ‬
‫َّللِ َو َما تُنفِ ُقوا مِن خري يوف إَِلكم وأنتم َّل تظلمون ‪[} ٢٧٢‬البقرة‪.]272 :‬‬
‫َ ۡ َ‬
‫وجهِ ٱ ر‬
‫ض ُّل َعن َسبيلِهِ َو ُه َو أَعلَ ُم بال ُمه َتد َ‬
‫ِين}[األنعام‪:‬‬ ‫َ َ َ ُ َ َ َ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إِن َربك ه َو أعل ُم من ي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪.]117‬‬

‫ۡ َ َ َ ََ ُ َ َ ُ ََ ۡ َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ِين أ ۡح َس ُنوا بٱ ۡ ُ‬
‫ل ۡس َن‬ ‫َّل‬‫ٱ‬ ‫ي‬ ‫ز‬ ‫ج‬ ‫ي‬‫و‬ ‫وا‬ ‫ل‬‫م‬‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫ـ‬‫س‬‫ت َو َما ِِف ٱ ۡلۡر ِض َِلَجزي ٱَّلِين أ ى‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و ِ ََّللِ َما ِف ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪} ٣١‬‬
‫ُ ُّ‬
‫واملعنى‪ :‬وهلل وحده ما في السماوات وما في األرض ملكا وخلقا وعبدا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِن ُك َمن ِِف‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ‬
‫لس َم ى َو ى ِت وٱلۡر ِض إَِّل ء ِاِت ٱلرِنَٰمۡح عبدا ‪[} ٩٣‬مريم‪ ،]93 :‬ليجز املسيئين منكم بما عملوا ويجز املحسنين‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٱ َ‬
‫ب ٱ َۡ‬
‫ل َنةِ‬ ‫حى ُ‬ ‫ك أَ ۡص َ‬
‫ۡ ُ ۡ َ ى َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ ُ ُ َ ُ ۡ َ َ َ َ َ ر ُ َى َ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ُ‬
‫بالجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪۞{ :‬ل َِّلِين أحسنوا ٱلسن وزِيادة وَّل يرهق وجوههم قت وَّل ذِلة أولئِ‬
‫ُ ۡ َ َى ُ َ‬
‫ون ‪[}٢٦‬يونس‪.]26 :‬‬ ‫هم فِيها خ ِِل‬

‫َ َ َ ۡ َ ُ َ َ َى َ ۡ ۡ َ ۡ َ َ ى َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ى ُ ۡ َ ۡ َ ِ ُ َ َ ۡ َ ُ ُ ۡ ۡ َ َ َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِين ُيتنِبون كبئِر ٱ ِإلث ِم وٱلفوحِش إَِّل ٱللم رم إِن ربك وسِع ٱلمغفِرة هو أعلم بِكم إِذ أنشأكم‬
‫َ َ‬ ‫ُ َ َ ى ُ ۡ َ َ ُ َ ُّ َ ُ َ ُ‬ ‫نت ۡم أَ َ‬
‫ِإَوذ أَ ُ‬
‫ۡ‬ ‫َۡ‬
‫ق ‪} ٣٢‬‬ ‫ك ۡم ُه َو أ ۡعل ُم ب ِ َم ِن ٱ َت َ ى‬ ‫ون أمهتِكم فل تزوُكوا أنفس‬ ‫ُُ‬
‫جنة ِِف بط ِ‬
‫ِ‬ ‫م َِن ٱلۡر ِض‬
‫واملعنى‪ :‬وهم الذين يجتنبون كبائر الذنوب التي تنهون عنها كالشرك وعقوق الوالدين‪ ،‬والفواحش من‬
‫الكبائر التي توجب الحد كالزنى والسرقة والقذف‪ ،‬لكن الصغائر من الذنوب التي إذا اجتنبت الكبائر تغفر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يصروا عليها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِن ت َتن ِ ُبوا ك َبائ ِ َر َما تن َهون عن ُه نكفِر عنكم َسيِئَات ِكم َوندخِلكم‬
‫بشرط أال ّ‬
‫َ‬
‫ُمد َخل ك ِريما}[النساء‪ّ ،]31 :‬إن ربك أيها الرسول واسع املغفرة للتائبين وملجتنبي الكبائر‪ ،‬هو أعلم بأحوالكم‬
‫حين أنشأ أباكم من تراب األرض‪ ،‬وحين أنتم أجنة في بطون أمهاتكم‪ ،‬فال تمدحوا أنفسكم وال تصفوها‬
‫َ َ َ َ َ َ َ ُّ َ َ ُ‬ ‫ّ‬
‫ِين يُ َزوُكون أنف َس ُهم‬
‫بالتقوى‪ ،‬هللا تعالى أعلم بمن اتقى عقابه‪ ،‬وهو يزكي من يشاء‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ألم تر إِل اَّل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َُ َُ َ َ ُ َ ُ ُ َ‬
‫ون فتِيل}[النساء‪.]49 :‬‬ ‫ب ِل اَّلل يز ِّك من يشاء وَّل يظلم‬

‫ََ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َََ َۡ َ َ‬


‫ك َد ىى ‪} ٣٤‬‬ ‫ت ٱَّلِي ت َو ىل ‪َ ٣٣‬وأع َط ىي قل ِيل وأ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أفرءي‬
‫واملعنى‪ :‬أفعلمت أيها الرسول الكريم شأن الذي تولى عن طاعة هللا تعالى‪ ،‬وأعطى قليال من ماله‪ ،‬ثم‬
‫َ َ ه َ ه‬ ‫َ َ ه َ َ َه‬
‫صلى (‪َ )31‬ولك ْن كذ َب َوت َولى}[القيامة‪.]31-32 :‬‬ ‫توقف عن عطائه؟ كما قال تعالى‪{ :‬فال صدق وَل‬

‫َ‬ ‫ُ َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ب ف ُه َو يَ َر ىى ‪} ٣٥‬‬ ‫َُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أعِندهۥ عِلم ٱلغي ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬أعنده علم الغيب بأنه سينفد ماله بعطائه حتى أمسك معروفه‪ ،‬فهو يرى عيانا؟ ليس األمر‬
‫الرازِق َِي}[سبأ‪:‬‬
‫ري َ‬‫كذلك‪ ،‬بل هللا تعالى ُي ْخلف عطاءه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما َأن َفق ُتم مِن َيش ٍء َف ُه َو ُيل ُِف ُه َو ُه َو َخ ُ‬

‫‪.]39‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬أ ۡم ل ۡم يُنَ َبأ ب َما ِف ُص ُ‬
‫ف ‪}٣٧‬‬ ‫وس ‪ِ ٣٦‬إَوبۡ َر ىه َ‬
‫ِيم ٱَّلِي َو ى‬ ‫ح ِف ُِّ َ ى‬ ‫ِ ِ‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬أم لم ّ‬
‫ينبأ بما في صحف موس ى عليه السالم وما في صحف إبراهيم عليه السالم الذي وفى‬
‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك ل َِلن ِ‬
‫اس إ ِ َماما قال َومِن‬ ‫َل إِبۡ َر ىه ِٔ َم َر ُّب ُهۥ بِكل َِم ىت فأت َم ُه َن قال إ ِ ِن جاعِل‬
‫وأتم ما أمر به‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَوذِ ٱ ۡب َت ى‬ ‫ّ‬
‫َى‬
‫لظلِم َ‬ ‫ُ َ َ َ َ َ ُ َ ۡ‬
‫ي ‪[} ١٢٤‬البقرة‪.]124 :‬‬ ‫ذرِي ِت قال َّل َينال عهدِي ٱ ِ‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬أَّل تَ ِز ُر َوازِ َرة ِو ۡز َر أ ۡخ َر ىى ‪} ٣٨‬‬
‫ُ ُّ َ‬
‫واملعنى‪ :‬وال تحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى‪ ،‬فكل نفس مجزية بعملها‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ{ :‬ك نف ٍس ب ِ َما‬
‫َ‬
‫ك َس َبت َره َِينة}[املدثر‪.]38 :‬‬

‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وأن ل ۡي َس ل َِِل َ ى‬
‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫نس ِن إَِّل َما َس َ ى‬
‫ع ‪} ٣٩‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وأنه ليس لإلنسان إال جزاء عمله‪.‬‬
‫ان إَِّل َما َس َع} قال‪ :‬فأنزل هللا بعد‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫روى اإلمام الطبري بسنده عن ابن عباس‪ ،‬قوله {وأن ليس ل َِلنس ِ‬
‫َ‬
‫ون ‪[}٢١‬الطور‪ ،]21 :‬فأدخل األبناء بصالح اآلباء ّ‬
‫الجنة‪.‬‬ ‫َ َۡ َُ َ‬
‫لم ِِّما يشته‬ ‫هذا { َوأ ۡم َد ۡد َنى ُهم ب َفىك َِهة َو َ ۡ‬
‫ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وأ َن َس ۡع َي ُهۥ َس ۡوف يُ َر ىى ‪}٤٠‬‬
‫َُ َ َ ُ‬ ‫وأن عمله في الدنيا سوف يرى في اآلخرة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وقُل اع َملُوا فَ َس َ َ‬
‫اَّلل ع َملكم‬ ‫ريى‬
‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬‫َ َ َ َِ َُ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُ ُ َ ُ ُ َ َ َ ُ َ ُّ َ‬ ‫ُ‬
‫كم ب ِ َما كن ُتم َتع َملون}[التوبة‪.]105 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ورسول والمؤمِنون وستدون إِل َعل ِ ِم الغي ِ‬
‫ب والشهادة فينبِئ‬
‫ى‬ ‫ُ َ ُ ۡ َ ىُ َۡ َ َ ۡ َ ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ثم ُيزىه ٱلزاء ٱلوف ‪} ٤١‬‬

‫ك ٱل ُم َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ى َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نت ى‬
‫ه ‪} ٤٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأن إِل رب ِ‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫ّ‬
‫حان‬ ‫واملعنى‪ :‬وأن إلى ربك أيها الرسول انتهاء جميع الخلق ومصيرهم يوم القيامة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فسب‬
‫َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ ََ ُ ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون}[يس‪.]83 :‬‬ ‫ُك يش ٍء ِإَوَلهِ ترجع‬ ‫اَّلِي بِي ِده ِ ِّلكوت ِ‬

‫َََُ ُ َ َ ۡ َ َ ََۡ َ‬
‫ك ىي ‪} ٤٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأنهۥ هو أضحك وأب‬

‫َََُ ُ ََ َ َ‬
‫ات َوأ ۡح َيا ‪} ٤٤‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬وأنهۥ ه َو أم‬
‫وأن هللا تعالى هو الذي خلق املوت والحياة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬اَّلِي َخلَ َق ال َمو َ‬
‫ال َياة}[امللك‪:‬‬
‫ت َو َ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫‪.]2‬‬

‫ى‬ ‫َََُ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ َ‬
‫ي ٱَّلكر وٱلنَث ‪} ٤٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأنهۥ خلق ٱلزوج ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫ّ‬
‫ي اَّلك َر‬
‫واملعنى‪ :‬وأن هللا تعالى خلق الزوجين الذكر واألنثى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فجعل مِنه الزوج ِ‬
‫َوالن ََث}[القيامة‪.]39 :‬‬

‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬مِن ُّن ۡط َف ٍة إِذا ُت ۡم َ ى‬
‫ن ‪} ٤٦‬‬
‫ََ‬
‫صب في الرحم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ألم يَ ُك ُنط َفة مِن َمن ُيم َن}[القيامة‪.]37 :‬‬
‫ٍِ‬
‫واملعنى‪ :‬من نطفة إذا ُت ّ‬

‫ى‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ َۡ َ ۡ ََ ۡ ُ ۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬وأن عليهِ ٱلنشأة ٱلخرى ‪} ٤٧‬‬
‫َُ َ َُ َ ُ‬
‫الل َق ث َم‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وأن على هللا تعالى إعادة الخلق بعد مماتتهم يوم القيامة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬اَّلل يبدأ‬
‫يُعِ ُ‬
‫يده}[الروم‪]11 :‬‬

‫ى‬ ‫َ‬ ‫َََُ ُ َ َ ۡ َى ََۡ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َََُ ُ َ َ ۡ َى ََۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬وأنهۥ هو أغن وأقن ‪ ٤٨‬وأنهۥ هو أغن وأقن ‪} ٤٩‬‬

‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫لش ۡع َر ىى ‪} ٥٠‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وأن ُهۥ ه َو َر ُّب ٱ ِ‬
‫ََ َ َ َ‬
‫عادا األولى‪ ،‬وهم الذين ذكرهم هللا تعالى في قوله‪ { :‬أل ۡم ت َر ك ۡيف‬
‫وأن هللا تعالى هو الذي أهلك ً‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُّ َ‬
‫ات ٱل ِع َمادِ ‪ ٧‬ٱل ِت ل ۡم يل ۡق م ِۡثل َها ِِف ٱل ِل ى ِد ‪[}٨‬الفجر‪.]6-8 :‬‬
‫ف َعل َربك ب ِ َعا ٍد ‪ ٦‬إ ِ َرم ذ ِ‬

‫َََُ َ ۡ َ َ َ‬
‫ك أ ۡب َ ى‬
‫ق ‪} ٥١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأنهۥ أهل‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬وأهلك ثمود‪ ،‬فما أبقى أحدا من القومين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ف َهل تَرى لهم من بَاقية}[الحاقة‪:‬‬
‫‪.]8‬‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وق ۡو َم نُوح مِن ق ۡبل إ ِ َن ُه ۡم َكنُوا ُه ۡم أ ۡظل َم َوأ ۡط َ ى‬
‫غ ‪} ٥٢‬‬
‫تمردا وتجاوز للحد‪ ،‬حيث‬ ‫واملعنى‪ :‬وأهلك هللا تعالى قوم نوح من قبل عاد وثمود‪ّ ،‬إنهم كانوا ّ‬
‫أشد ّ‬
‫ََ َ‬
‫دعاهم نوح عليه السالم ألف سنة إال خمسين عام‪ ،‬فلم يزدهم دعاؤهم إال فرارا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فلبِث فِي ِهم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫لف َس َنة إ ََّل َخ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ب إ ِ ِن د َع ۡو ُت ق ۡو ِم َۡلل َون َهارا‬
‫سي َعما}[العنكبوت ‪ ،]14 :‬وقال تعالى على لسان نوح‪ { :‬قال ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫أ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ ٥‬فل ۡم يَ ِز ۡد ُه ۡم ُد ََعءِي إَِّل ف َِرارا ‪[}٦‬نوح‪.]5-6 :‬‬

‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ ُۡ ۡ َ َ َ َۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬وٱلمؤتفِكة أهوى ‪}٥٣‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫واملعنى‪ :‬وأهلك قرى قوم لوط‪ ،‬وجعل عاليها سافلها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فَ َ‬
‫ج َعل َنا ََع َِلَ َها َساف ِل َها َوأم َطرنا‬
‫يل}[الحجر‪.]74 :‬‬ ‫ِج‬‫س‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ة‬‫ار‬ ‫َعلَيهم ح َ‬
‫ِج َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َغ َشى ى َها َما َغ َ ى‬


‫ش ‪} ٥٤‬‬
‫واملعنى‪ :‬فأمطر عليها ما أمطر من حجارة من سجيل منضود‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وأَم َطرنَا َعلَي َها ح َ‬
‫ِج َ‬
‫ارة‬
‫يل َمن ُضو ٍد}[هود‪.]82 :‬‬
‫ِج ٍ‬
‫مِن س ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬فبِأ ِي َءاَّلءِ َرب ِ َك َت َت َم َار ىى ‪} ٥٥‬‬

‫ُۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬هىذا نَذِير م َِن ٱلُّذ ِر ٱل ى‬
‫ول ‪} ٥٦‬‬
‫واملعنى‪ :‬هذا الرسول صلى هللا عليه وسلم نذير جاء بالحق الذي أنذر به الرسل األولون‪ ،‬وليس بدعا‬
‫الر ُس ِل}[األحقاف‪.]9 :‬‬
‫ت بدَع م َِن ُّ‬‫ُ َ ُ ُ‬
‫من الرسل‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬قل ما كن ِ‬

‫َُ‬ ‫َ َ‬
‫ت ٱٓأۡلزِفة ‪} ٥٧‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أزِف ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫الس َ‬
‫واملعنى‪ :‬قربت القيامة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬اقتبت َ‬
‫الق َمر}[القمر‪.]1 :‬‬ ‫اعة وانشق‬

‫َ‬
‫ون ٱ ََّللِ َكش َِفة ‪} ٥٨‬‬ ‫ُ‬ ‫َۡ َ ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ليس لها مِن د ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ليس للقيامة من دون هللا تعالى كاشفة عن وقتها‪ ،‬فال يجليها إال هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪َّ{ :‬ل‬
‫ُيَليها لوقتِها إَّل هو}[األعراف‪.]187 :‬‬

‫َۡ َُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬أف ِم ۡن َهىذا ٱ َ‬
‫ون ‪} ٥٩‬‬ ‫ِيث تعجب‬
‫لد ِ‬
‫واملعنى‪ :‬أفمن هذا القرآن الكريم تعجبون أيها املشركون‪.‬‬
‫ُ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ومعنى الحديث في هذه اآلية القرآن الكريم‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪ { :‬أ ۡم ُخل ُِقوا م ِۡن َغ ۡري َ ۡ‬
‫يش ٍء أ ۡم ه ُم ٱلخىل ِقون‬ ‫ِ‬
‫‪[}٣٤‬الطور‪.]34 :‬‬

‫ُ‬
‫َ َ ۡ َ َ َ َۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ون ‪} ٦٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وتضحكون وَّل تبك‬
‫واملعنى‪ :‬وأنتم تضحكون استهزاء بالقرآن‪ ،‬وال تبكون‪ ،‬في حين ّأن املؤمنين يبكون إذا تتلى عليهم آياته‪،‬‬
‫َ َ ُّ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ ُ َ‬
‫يد ُه ۡم ُخ ُشوَع۩ ‪[}١٠٩‬اإلسراء‪.]109 :‬‬
‫ون َويَز ُ‬
‫ِ‬ ‫ان يبك‬
‫خرون ل ِلذق ِ‬
‫كما قال تعالى‪ { :‬وي ِ‬

‫ََ ُ ۡ َى ُ َ‬
‫ون ‪ْۤ ٦١‬اوُدُجۡسٱَف ِ ََّللِِۤ َوٱ ۡع ُب ُدوا۩ ‪}٦٢‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬وأنتم س ِمد‬

‫َ‬ ‫ُ َُ َ‬
‫سورة القمر‬
‫وهي مكية وعدد آياتها خمس وخمسون‬

‫َ َُ َ َ ۡ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ ۡق َ َ‬


‫نش َق ٱل َق َم ُر ‪} ١‬‬ ‫تبَ ِ‬
‫ت ٱلساعة وٱ‬
‫ُ‬ ‫ََ َ ُ َ َ َ‬
‫اَّللِ فل تس َتعجلوهُ}[النحل‪ ،]1 :‬وقال تعالى‪:‬‬
‫ِ‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬اقتربت القيامة ودنت‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أِت أِّر‬
‫ُ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ُ‬ ‫{اق َ َ‬
‫ون}[األنبياء‪ ،]1 :‬وانفلق القمر فلقتين‪.‬‬ ‫اب ُهم َوهم ِِف غفل ٍة مع ِرض‬ ‫ت َب ل َِلن ِ‬
‫اس ح َِس ُ‬
‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون يَ َر ۡوا َءايَة ُي ۡع ِر ُضوا َويَ ُقولوا س ِۡحر ُِّّ ۡس َت ِمر ‪} ٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬وإذا يرى هؤالء املنكرون للبعث آية واضحة على صدق ما جاء به الرسول‪ ،‬يعرضوا عنها‪،‬‬
‫ويقولوا‪ :‬هذا سحر دائم‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون (‪َ )14‬وقالوا إِن َهذا إَِّل سِحر ُمبِي}[القمر‪:‬‬‫خر‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ِ{ :‬إَوذا َرأوا آيَة يستس ِ‬
‫‪.]14-15‬‬

‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ووُكذبُوا َوٱ َت َب ُعوا أ ۡه َوا َء ُه ۡ رم َوُك أ ِّۡر ُِّّ ۡس َتقِر ‪َ ٣‬ول َق ۡد َجا َء ُهم م َِن ٱلۢن َباءِ َما فِيهِ ُِّ ۡز َد َجر ‪} ٤‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬حِك َمُۢة َب ىل َِغة ف َما ُت ۡغ ِن ٱلُّذ ُر ‪} ٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬هذا القرآن الذي جاء به الرسول صلى هللا عليه وسلم حكمة بالغة منتهى الكمال‪ ،‬فال تنفع‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اإلنذارات من الرسل قوما ال يؤمنون بش يء من ذلك إلعراضهم عنها‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ق ِل ٱنظ ُروا َماذا ِِف‬
‫َ ى ُ َ ُّ ُ ُ َ َ ۡ َ ُ ۡ ُ َ‬ ‫ُۡ‬ ‫َۡ‬ ‫ٱ َ َ‬
‫ون ‪[}١٠١‬يونس‪.]101 :‬‬ ‫ت َوٱلۡر ِض َو َما تغ ِن ٱٓأۡليت وٱلذر عن قوم َّل يؤمِن‬
‫لسم ى َو ى ِ‬

‫َ َ َ ۡ ُ ۡ ا َ ۡ َ َ ۡ ُ َ ِ ى ۡ ُّ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ك ٍر ‪} ٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فتول عنهم يوم يدع ٱَلاع إِل يشء ن‬
‫فأعرض عنهم أيها الرسول حيث لم يؤثر إنذارك فيهم‪ ،‬فما أنت بمعاتب منا على اإلعراض‬ ‫ْ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫ََََ َ ُ َ َ َ َ َ ُ‬
‫عنهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فتول عنهم فما أنت بِملو ٍم}[الطور‪ ،]54 :‬واذكر أيها الرسول يوم يدعو إسرافيل بنفخه‬
‫في الصور إلى أمر تنكره نفوسهم‪ ،‬وهو يوم القيامة‪.‬‬

‫ََ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬


‫اث كأ َن ُه ۡم َج َراد ُّمنتَ ِش ‪} ٧‬‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬خشعا أبص ى ُره ۡم ي ُر ُجون ِم َن ٱلج َد ِ‬
‫ُُ َ َُ‬ ‫َ‬
‫صارهم ترهق ُهم‬‫واملعنى‪ :‬خاشعة أبصارهم من الذل يخرجون من القبور‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬خاش َِعة أب‬
‫كأنهم لكثرتهم جراد منتشر‪.‬‬ ‫ذ َِلة}[القلم‪ّ ،]43 :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ال ُ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ ُ ُ‬
‫اش ال َمبث ِ‬
‫وث}[القارعة‪.]4 :‬‬ ‫اس َكلف َر ِ‬ ‫ون َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬يوم يك‬

‫َ‬ ‫ُ ۡ َ‬
‫َ ِ ُ‬ ‫َ‬
‫ون َهىذا يَ ۡوم َع ِّس ‪} ٨‬‬ ‫ى ُ َ‬
‫اع َيقول ٱلك ِفر‬ ‫قوله تعالى‪ۡ ُِّّ { :‬هط ِع َ‬
‫ي إِل ٱَل‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬مسرعين إلى ما دعوا إليه بالذل واملهانة‪ ،‬رافعي رؤوسهم‪ ،‬ال يبصرون شيئا‪ ،‬وقلوبهم خالية‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ي ُمقن ِِع ُر ُؤ ِس ِهم َّل يَرتَ ُّد إَِل ِهم َطرف ُهم َوأفئ ِ َد ُت ُهم َهواء}[إبراهيم‪،]43 :‬‬‫لشدة الخوف‪ ،‬كما قال تعالى‪ُِّ { :‬هطعِ َ‬
‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ََ‬
‫ين غ ْي ُر‬‫ويقول الكافرون‪ :‬هذا يوم عسير صعب علينا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فذل َك َي ْو َمئ ٍذ َي ْو ٌم َعس ٌير (‪َ )9‬على الكافر‬
‫َيسير ّ‬
‫}[املدثر‪.]9-10 :‬‬ ‫ٍ‬

‫َ ََ ۡ ََُۡ ۡ َُۡ ُ َ َ َُ َۡ َ َ ََ ُ َۡ‬


‫م ُنون َوٱ ۡز ُد ِج َر ‪}٩‬‬ ‫قوله تعالى‪۞{ :‬كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا‬
‫ِي ‪١٠٥‬‬‫وح ٱل ۡ ُم ۡر َسل َ‬‫َ ََ ۡ َ ُ‬
‫ت ق ۡو ُم ن ٍ‬‫واملعنى‪ :‬كذب قبلهم قوم نوح جميع املرسلين‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬كذب‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫}[الشعراء‪ ،]105 :‬فكذبوا عبدنا نوحا عليه السالم‪ ،‬وقالوا‪ :‬هو مجنون‪ ،‬كما قال تعالى حاكيا عن قولهم‪{ :‬إِن‬
‫ۡ َ َ َ‬
‫ج َنة}[املؤمنون‪ ،]25 :‬وزجروه وتواعدوه بالرجم‪ ،‬كما قال تعالى حاكيا عن قولهم‪ { :‬إِذ قال ل ُه ۡم‬ ‫َُ َ َ ُ‬
‫هو إَِّل رجل بِهِ ِ‬
‫َ ُ ُ ۡ ُ ََ ََُ َ‬
‫ون ‪[} ١٦١‬الشعراء‪.]116 :‬‬ ‫أخوهم لوط أَّل تتق‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ف َد ََع َر َب ُهۥ أن َم ۡغلوب فٱ َ‬
‫نت ِ ۡ‬
‫ُص ‪} ١٠‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فدعا نوح عليه السالم رّبه قائال‪ :‬إني ضعيف عن مقاومة قومي‪ ،‬فافتح بيني وبنيهم فتحا‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ َ َ َ‬
‫ك ۡم َر ُسول أمِي ‪[} ١٧٨‬الشعراء‪:‬‬ ‫فانتصر لدينك‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِذ قال ل ُه ۡم ش َع ۡيب أَّل ت َتقون ‪ ١٧٧‬إ ِ ِن ل‬
‫ون}[املؤمنون‪.]26 :‬‬ ‫َ َ َُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫ب انُص ِن بِما كذب ِ‬ ‫‪ ،]117-118‬وقال تعالى‪{ :‬قال ر ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف َف َت ۡح َنا أبۡ َو ى َب ٱ َ‬
‫لس َماءِ ب ِ َماء ُّم ۡن َه ِمر ‪} ١١‬‬

‫َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ ُ ُ َ َۡ َ َۡ ُ ََى َ َ ُ‬
‫لَع أ ِّۡر ق ۡد ق ِد َر ‪} ١٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وفجرنا ٱلۡرض عيونا فٱِلق ٱلماء‬
‫َ‬
‫جاء‬ ‫واملعنى‪ :‬وجعلنا األرض عيونا متفجرة باملاء‪ ،‬حتى نبع املاء من التنانير‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ح َت إِذا‬
‫اِل ُّنور َُ}[هود‪ ،]40 :‬فاجتمع املاء النازل من السماء واملاء النابع من األ ض على أمر ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مقدر عليهم من‬ ‫ر‬ ‫فار‬‫و‬ ‫نا‬ ‫ُ‬
‫ر‬ ‫ِّ‬ ‫أ‬
‫األزل‪.‬‬

‫َۡ‬ ‫ََ َ‬ ‫ۡ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و َ َ‬
‫ات أل َو ىح َو ُد ُس ‪} ١٣‬‬ ‫ْحل َنى ُه ى‬
‫لَع ذ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وأنجينا نوحا وحملناه على سفينة كبيرة ذات ألواح ومسامير ّ‬
‫تشد بها األلواح‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ون ‪[} ١١٩‬الشعراء‪.]119 :‬‬ ‫ح‬‫ك ٱل ۡ َم ۡش ُ‬ ‫ُۡ ۡ‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِف‬ ‫ۥ‬‫ه‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫ع‬ ‫م‬‫{ فَأَنَ ۡي َنى ُه َو َمن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ ُۡ َ َ َ َ َ َ ُ‬ ‫َۡ‬
‫ك ِف َر ‪} ١٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ت ِري بِأعينِنا جزاء ل ِمن َكن‬
‫َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َقد تَ َروُك َنى َها َءايَة ف َهل مِن ُّم َدكِر ‪} ١٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد أبقينا تلك السفينة آية وعبرة ودليال على قدرتنا‪ ،‬فهل من معتبر ومتذكر‪.‬‬
‫األمة‪ .‬والظاهر ّأن املراد من‬ ‫هللا سفينة نوح ح ّتى أدركها ّأو ُل هذه ّ‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬قال قتادة‪ :‬أبقى ُ‬
‫ْ‬ ‫َََْ َ‬ ‫ْ ُ ْ َْ ْ‬ ‫َْ ُ‬ ‫ٌ َ َه‬
‫السفن‪ ،‬كقوله تعالى‪َ { :‬و َآية ل ُه ْم أنا َح َملنا ذرهي َت ُه ْم في الفلك اَلش ُحون (‪َ )41‬وخلقنا ل ُه ْم م ْن مثله‬ ‫ذلك جنس ّ‬
‫ُُ‬ ‫َ َ َُ َْ ً َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ُ‬ ‫ه َه َ َ َْ‬ ‫َ َ‬
‫َما َي ْرك ُبون}[يس‪ ،]41-42 :‬وقال {إنا َلا طغى اَل ُاء َح َملناك ْم في ال َجارَية‪ .‬لن ْج َعل َها لك ْم تذك َرة َوتع َي َها أذ ٌن‬
‫ويتعظ؟‬ ‫يتذكر ّ‬ ‫َ ْ ّ‬
‫أي‪ :‬فهل من‬ ‫َواع َي ٌة}[الحاقة‪]11-12 :‬؛ ولهذا قال ها هنا‪َ { :‬ف َه ْل م ْن ُم هدكر} ْ‬
‫ٍ‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬فك ۡي َف َك َن َعذ ِاب َونُذ ِر ‪} ١٦‬‬

‫َ ۡ‬
‫َ َ ۡ ََ َۡ ُۡ َ َ‬‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ان ل َِّلِك ِر ف َهل مِن ُّم َدكِر ‪} ١٧‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬ولقد يّسنا ٱلقرء‬
‫وفهم معانيه ّ‬ ‫َ‬
‫يسرنا تالوة ألفاظ القرآن وحفظه َ‬ ‫واملعنى‪ :‬ولقد ّ‬
‫وتدبره ملن أراده ليتذكر الناس‪ ،‬كما قال‬
‫َ ََ ََ َۡ‬ ‫َ َ ََ َ َ َ ُ ُ‬ ‫َ ُ َ َ َُ َ َََُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ّسنى ُه‬ ‫اب}[ص‪ ،]29 :‬وقال تعالى‪ { :‬فإِنما ي‬ ‫َ‬
‫تعالى‪{ :‬كِتاب أنزلاه إَِلك مبارك َِلدبروا آياتِهِ و َِلتذكر أولو الل ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ي َوتُنذ َِر بِهِۦ ق ۡوما َلا ‪[} ٩٧‬مريم‪ ،]97 :‬فهل من متذكر به ومتعظ بمواعظه؟‬ ‫َ َ َُ َ‬
‫ش بهِ ٱل ُم َتقِ َ‬
‫بِل ِسان ِك ِِلب ِ ِ‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬كذبَ ۡت ََعد فك ۡي َف َك َن َعذ ِاب َونُذرِ ‪} ١٨‬‬
‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫واملعنى‪ :‬كذبت عاد رسول هللا هودا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬كذبَ ۡت ََعد ٱل ُم ۡر َسل َِي ‪[} ١٢٣‬الشعراء‪،]123 :‬‬
‫ّ‬
‫فانظر كيف كان عذابي عقابي وإنذاري ملن كفر بي وكذب رسلي‪.‬‬

‫َ‬
‫َِۡ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إنَا أ ۡر َسل َنا َعل ۡيه ۡم ريحا َ ۡ‬ ‫َ‬
‫َنس ُِّّ ۡس َت ِمر ‪} ١٩‬‬ ‫َص ََصا ِِف يوم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنا أرسلنا على عاد ريحا شديدة البرد عالية الصوت في أيام مشؤومات مستمرات في سبع ليال‬
‫َ‬
‫ات}[فصلت‪ ،]16 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وأ هما‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ َ َ َ‬
‫وثمانية أيام‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فأرسلنا علي ِهم ِريحا َصَصا ِِف أيا ٍم َنِس ٍ‬
‫صر َعات َي ٍة (‪َ )6‬س هخ َر َها َع َل ْيه ْم َس ْب َع َل َيال َو َث َمان َي َة َأ هيام ُح ُس ً‬
‫وما}[الحاقة‪.]6-7 :‬‬ ‫َع ٌاد َف ُأ ْهل ُكوا بريح َ‬
‫ص ْر َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َۡ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫از َنل ُّم َنقعِر ‪} ٢٠‬‬
‫ج ُ‬‫اس كأ َن ُه ۡم أ ۡع َ‬
‫ع ٱلَ َ‬ ‫زن‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ت ِ‬
‫كأنهم في ضخامة أجسادهم جذوع نخل‬ ‫واملعنى‪ :‬تقتلع تلك الريح الناس من مواضعهم فتهلكهم‪ّ ،‬‬
‫ُ َ‬ ‫َََ َ‬ ‫َ‬ ‫ساقطة على األرض‪ ،‬وقد انفصلت رءوسها عنها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فَ َ َ‬
‫جاز َن ٍل‬ ‫تى القو َم فِيها ََصِع كأن ُهم أع‬
‫خاوِيَ ٍة}[الحاقة‪.]7 :‬‬
‫ۡ َ ۡ‬ ‫ۡ‬
‫َ َ ۡ ََ َۡ َُۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ان ل َِّلِك ِر ف َهل مِن ُّم َدكِر ‪} ٢٢‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬فك ۡيف َكن َعذ ِاب َونذ ِر ‪ ٢١‬ولقد يّسنا ٱلقرء‬

‫َ ۡ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ود ب ِٱ ُّلذرِ ‪} ٢٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬كذبت ثم‬
‫ۡ‬ ‫َ ََ ۡ َُ ُ‬ ‫ّ ْ‬
‫ود ٱل ُم ۡر َسل َِي ‪[} ١٤١‬الشعراء‪.]141 :‬‬ ‫واملعنى‪ :‬كذبت ثمود باملرسلين املنذرين‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬كذبت ثم‬

‫ۡ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َقالوا أب َ َشا م َِنا َو ىحِدا نَ َتب ِ ُع ُهۥ إِنَا إِذا ل َِف َض َل ىل َو ُس ُعر ‪ ٢٤‬أ ُءل ِ َ‬
‫ق ٱَّلِك ُر َعل ۡيهِ مِن بَ ۡين َِنا بَل ه َو كذاب‬ ‫ٍ‬
‫َََُۡ َ َ َ ۡ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ش ‪} ٢٦‬‬ ‫اب ٱ ۡل ِ ُ‬ ‫أ ِش ‪ ٢٥‬سيعلمون غدا م ِن ٱلكذ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬إِنَا ُِّ ۡرسِلوا ٱ َلاقةِ ف ِۡت َنة ل ُه ۡم فٱ ۡرتَقِ ۡب ُه ۡم َوٱ ۡص َط ِ ۡب ‪} ٢٧‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنا مرسلوا الناقة ابتالء واختبارا لهم‪ ،‬حيث منعناهم من ْأن يمسوهم بسوء‪ ،‬كما قال تعالى‬
‫َ ِ َ َ َ َ ُّ َ‬ ‫ََ َ َ ُ‬ ‫َ َ َُ َ َ ُ‬
‫وها ب ِ ُسو ٍء}[األعراف‪:‬‬ ‫على لسان صالح عليه السال‪{ :‬ه ِذه ِ ناقة اَّللِ لكم آيَة فذ ُروها تأكل ِِف أرض اَّللِ وَّل تمس‬
‫‪ ،]73‬فانتظر يا صالح ما يؤول إليه أمرهم‪ ،‬واصطبر على أذاهم‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ ُّ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬ونَب ۡئ ُه ۡم أ َن ٱل َما َء ق ِۡس َمُۢة بَ ۡي َن ُه ۡم ُك ِ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َم َت َُض ‪} ٢٨‬‬ ‫شب‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وأخبرهم يا صالح ّأن ماء البئر مقسوم بينهم وبين الناقة‪ ،‬فلهم شرب يوم معلوم‪ ،‬ولها شرب‬
‫ُ‬ ‫َ َ ََ ۡ َ َ ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫ش ُب يَ ۡوم َم ۡعلوم ‪[} ١٥٥‬الشعراء‪ ،]155 :‬كل شرب‬
‫ك ۡم ِ ۡ‬ ‫يوم معلوم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قال هى ِذه ِۦ ناقة لها ِشب ول‬
‫يحضره من كانت قسمته‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫اط ف َع َق َر ‪} ٢٩‬‬ ‫َ َ‬
‫اد ۡوا َصاح َِب ُه ۡم ف َت َع ى‬‫قوله تعالى‪ { :‬فن‬
‫واملعنى‪ :‬فنادت ثمود صاحبهم‪ ،‬وهو ِقدار بن سالف‪ ،‬فتناول الناقة بيده‪ ،‬فنحرها‪ ،‬وقد اتبعه ثمانية‬
‫ََ َ‬ ‫َ ََ َ ََ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫نفر فصاروا تسعة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ف َعق ُروا الاقة وعتوا عن أِّ ِر رب ِ ِهم}[األعراف‪ ،]77 :‬وقال تعالى‪ { :‬وكن ِِف‬
‫َ‬
‫ََ ُ ۡ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ ۡ‬ ‫ٱل ۡ َمد َ‬
‫ون ‪[}٤٨‬النمل‪.]48 :‬‬ ‫ِينةِ ت ِۡس َعة َرهط ُيفس ُِدون ِِف ٱلۡر ِض وَّل يصلِح‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬فك ۡي َف َك َن َعذ ِاب َونُذ ِر ‪} ٣٠‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬إِنَا أ ۡر َسل َنا َعل ۡي ِه ۡم َص ۡي َحة َو ىح َِدة فَكنُوا ك َهشِ ي ِم ٱل ُم ۡح َت ِظ ِر ‪} ٣١‬‬
‫ص ْيحة واحدة من السماء وزلزلة شديدة من أسفل منهم فأهلكتهم‪ ،‬فأصبحوا‬ ‫واملعنى‪ّ :‬إنا أرسلنا عليهم ّ‬
‫في بالدهم أو مساكنهم هامدين ال يتحركون‪ ،‬فصاروا بعدها كغصون األشجار اليابسة املكسرة‪ ،‬كما قال‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫حوا ِف َدارهِم َجاثِم َ‬
‫ي}[األعراف‪ ،]78 :‬وقال تعالى‪ { :‬فكذبُوهُ ف َعق ُروها ف َد ۡم َد َم‬ ‫الرج َف ُة َفأَص َب ُ‬ ‫َ‬
‫تعالى‪َ { :‬فأ َخ َذت ُه ُم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َعل ۡي ِه ۡم َر ُّب ُهم بِذۢنب ِ ِه ۡم ف َس َوى ى َها ‪[}١٤‬الشمس‪.]14 :‬‬
‫ّ‬

‫َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫َ َ ۡ ََ َۡ ُۡ َ َ‬ ‫َ‬
‫ان ل َِّلِك ِر ف َهل مِن ُّم َدكِر ‪} ٣٢‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬ولقد يّسنا ٱلقرء‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬كذبَ ۡت ق ۡو ُم لوط ب ِٱلُّذرِ ‪} ٣٣‬‬
‫ۡ‬ ‫َ ََ ۡ َ ُ ُ‬ ‫ّ ْ‬
‫وط ٱل ُم ۡر َسل َِي ‪[} ١٦٠‬الشعراء‪:‬‬
‫واملعنى‪ :‬كذبت قوم لوط باملرسلين املنذرين‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬كذبت ق ۡوم ل ٍ‬
‫‪.]160‬‬

‫قوله تعالى‪ { :‬إنَا أَ ۡر َس ۡل َنا َعلَ ۡيه ۡم َحاصبا إ ََّل َء َال لُوط َ َ‬
‫ن ۡي َنى ُهم ب ِ َس َحر ‪} ٣٤‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫يل‬‫ِج ٍ‬ ‫واملعنى‪ :‬إنا أرسلنا على قوم لوط مطرا من حجارة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وأمطرنا عليها حِجارة مِن س ِ‬
‫ََ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َمن ُضو ٍد}[هود‪ ،]82 :‬إال آل لوط عليه السالم‪ّ ،‬‬
‫نجيناهم قبيل الصبح‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فأنَي َناهُ َوأهل ُه إَّل اِّ َرأت ُه‬
‫ِ‬
‫َكنَت م َِن ال َغابر َ‬ ‫َ‬
‫ين}[األعراف‪.]83 :‬‬ ‫ِِ‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َى َ َ ۡ‬


‫ن ِزي َمن َشك َر ‪َ ٣٥‬ول َق ۡد أنذ َر ُهم َب ۡط َشتَ َنا ف َت َم َار ۡوا ب ِٱلُّذرِ ‪} ٣٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ن ِۡع َمة م ِۡن عِندِنا ر كذل ِك‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫وه َعن َض ۡيفِهِۦ ف َط َم ۡس َنا أ ۡع ُي َن ُه ۡم فذوقوا َعذ ِاب َونُذرِ ‪} ٣٧‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َق ۡد َر ى َو ُد ُ‬

‫واملعنى‪ :‬ولقد طلب قوم لوط منه فعل الفاحشة بضيوفه الذين جاؤوا في صورة شباب حسان‪،‬‬
‫فطمسنا أعينهم فال يبصرون شيئا‪ ،‬فقيل لهم‪ :‬ذوقوا عذابي الشديد وإنذاري‪.‬‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫اءهُ قو ُم ُه ُيه َر ُعون إَِلهِ َومِن قبل‬‫مفصلة في قوله تعالى‪{ :‬وج‬ ‫وقصة مراودة قوم لوط لوطا عن ضيفه ّ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫اَّلل َوَّل َُت ُ‬ ‫ُ َ َ َُ َ ُ َ َ‬
‫ات ُقوا َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َ َ َُ‬ ‫َ ُ َ َُ َ‬
‫السيِئَ ِ‬
‫ون ِِف ضي َِف ألي َس مِنكم‬ ‫ون َ‬
‫ِ‬ ‫ز‬ ‫اِت هن أطهر لكم ف‬ ‫ات قال يا قو ِم هؤَّلءِ بن ِ‬ ‫َكنوا يعمل‬
‫ُ َُ َ‬ ‫َ َ َ ََ‬ ‫ك َِلَعلَ ُم َما نُر ُ‬‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َر ُجل َرشِيد [‪ ]78‬قَالُوا لَ َقد َعل ِم َ‬
‫يد (‪ )79‬قال لو أن ِل بِكم قوة أو‬ ‫ِ‬ ‫ت َما لَا ِِف َب َنات ِك مِن َح ٍق ِإَون‬
‫يد}[هود‪.]78-80 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫آوِي إِل رك ٍن ش ِد ٍ‬

‫َ‬ ‫َ َ ۡ َ َ َ ُ ُ ۡ‬ ‫َ‬
‫ك َرة َعذاب ُِّّ ۡس َت ِقر ‪} ٣٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولقد صبحهم ب‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد جاءهم عذاب مستقر فيهم صباحا مبكرا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إن َم ْوعدهم ُّ‬
‫الص ْبح}[هود‪:‬‬
‫‪.]81‬‬

‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ َ ۡ‬ ‫َََ ۡ ََ ۡ َ ُۡ َ‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫َُ ُ‬


‫ّسنا ٱلق ۡر َءان ل َِّلِك ِر ف َهل مِن ُّم َدكِر ‪َ ٤٠‬ولق ۡد َجا َء َءال ف ِۡر َع ۡون ٱلُّذ ُر ‪٤١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فذوقوا َعذ ِاب َونذ ِر ‪ ٣٩‬ولقد ي‬
‫َ‬ ‫ُ َى ُ َ َ ُ‬ ‫َ َُ ُ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ ََ َ َۡ َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬
‫ارك ۡم خ ۡري م ِۡن أولئِك ۡم أ ۡم لكم بَ َرا َءة ِِف ٱ ُّلز ُب ِر ‪ ٤٣‬أ ۡم‬ ‫بَٔٔاي ىت ِ َنا ُك َِها فأخذنى ُه ۡم أخذ َع ِزيز ُّمق َتد ٍِر ‪ ٤٢‬أكف‬ ‫كذبوا ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ َ ۡ ُ ُ ۡ َ َ َ ُ َۡ َ ََ‬ ‫َ ُ ۡ َ ُ ۡ َ ۡ ُ َ ُ َ ُّ َ‬ ‫َ ُ ُ َ َۡ‬
‫َن ُن َۡجِيع ُّم َ‬
‫ُّ‬
‫ه وأِّر ‪} ٤٦‬‬ ‫ون ٱ َُّلبُ َر ‪ ٤٥‬بَل ٱلساعة ِّوعِدهم وٱلساعة أد ى‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ي‬‫و‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫م‬‫ز‬‫ه‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫‪٤٤‬‬ ‫ُص‬‫ِ‬ ‫نت‬ ‫يقولون‬
‫ِ‬

‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن ٱل ُم ۡجرم َ‬ ‫ۡ‬
‫ِي ِِف َضل ىل َو ُس ُعر ‪} ٤٧‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬إن املجرمين في بعد عن الحق وفي نار مستعرة في جهنم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫َ َََ َى ُ َ‬
‫ون ‪[}٧٤‬الزخرف‪.]74 :‬‬‫اب جهنم خ ِِل‬
‫َ َ‬ ‫َ ُۡ ۡ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱلمج ِرمِي ِِف عذ ِ‬

‫ُ ُ‬ ‫ون ِِف ٱلَار َ َ ى‬


‫لَع ُو ُجوهِ ِه ۡم ذوقوا َِّ َس َس َق َر ‪} ٤٨‬‬ ‫ََۡ ُۡ َ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يوم يسحب‬
‫ِ‬
‫َ َ ُ ۡ َ ُ َ َ ىَ‬
‫واملعنى‪ :‬يوم يحشرون ويسحبون على وجوهم إلى نار جهنم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱَّلِين يشون لَع‬
‫َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َى‬ ‫َ‬
‫ُو ُجوهِ ِه ۡم إ ِ ىل َج َه َن َم أولئ ِ َك َش َمَكنا َوأ َضل َسبِيل ‪[}٣٤‬الفرقان‪ ،]34 :‬وقيل لهم‪ :‬ذوقوا حار النار وشدتها‪.‬‬

‫َۡ‬ ‫ُك َ ۡ‬
‫َ َُ‬
‫يش ٍء َخلق َنى ُه ب ِ َق َدر ‪} ٤٩‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنا‬
‫َُ ُ ۡ ُ‬
‫كٱ َ َ‬ ‫َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ت‬ ‫واملعنى‪ :‬إنا كل ش يء خلقناه بمقدار مقدر في اللوح املحفوظ‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱَّلِي لۥ ِّل‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬
‫يشء ف َق َد َرهُۥ َتقدِيرا ‪[}٢‬الفرقان‪ ،]2 :‬وقال‬
‫ك َو َخل َق ُك ۡ‬
‫شيك ِِف ٱل ُمل ِ‬
‫َ َ ۡ َ ُ ُ َ‬
‫خذ وَلا ولم يكن لۥ ِ‬
‫َ‬
‫َوٱلۡر ِض َول ۡم َيت ِ‬
‫ه َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ه‬
‫تعالى‪{ :‬الذي خل َق ف َس هوى (‪َ )2‬والذي ق هد َرف َه َدى}[األعلى‪.]2-3 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ َۡ َُ َ َ َ ََ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬وما أِّرنا إَِّل و ىحِدة ُكمح ب ِٱل ِ‬
‫ُص ‪} ٥٠‬‬
‫واملعنى ‪ :‬وما أمرنا بإيجاد األشياء إذا أردنا شيئا إال يكون مرة واحدة في أسرع من ملح البصر‪ ،‬كما قال‬
‫ََ َ ُ َ َ َ‬ ‫ُ َ ُ ُ‬ ‫َ َ َ ُ َ َُ َ َ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫اعةِ إَِّل‬‫تعالى‪{ :‬إِن َما قولَا ل ِش ٍء إِذا أ َردناها أن نقول ُلۥ كن ف َيكون}[النحل‪ ،]40 :‬وقال تعالى‪{ :‬وما أِّر الس‬
‫َ َ‬ ‫ََ‬
‫ُص}[النحل ‪.]77 :‬‬
‫ُكمحِ ال ِ‬

‫َ َ ۡ ۡ َ َ َ ُ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫َ‬
‫ك ۡم ف َهل مِن ُّم َدكِر ‪} ٥١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولقد أهلكنا أشياع‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد أهلكنا أشباهكم في الشرك والكفر من األمم الخالية‪ ،‬فهل من متذكر بما ّ‬
‫حل بهم‪،‬‬
‫ومتعظ به؟‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ َ َُ ََ َ َ َ َُ َ َ ُ َ َ‬
‫ون ك َما فعِل بِأش َيا ِع ِهم مِن قبل}[سبأ‪.]54 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬وحِيل بينهم وبي ما يشته‬

‫َ ُ‬ ‫ُ ُّ َ‬
‫يشء ف َعلوهُ ِِف ٱ ُّلزبُ ِر ‪} ٥٢‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وُك ۡ‬

‫واملعنى‪ :‬وكل ش يء فعله تلك األمم من خير أو شر مكتوب في كتاب املالئكة‪.‬‬


‫الز ُب ِر}[النحل‪.]44 :‬‬
‫ات َو ُّ‬ ‫َ‬
‫ومعنى الزبر في هذه اآلية الكتاب‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬بِالَيِن ِ‬

‫َ‬ ‫ُ ُّ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وُك َص ِغري َووُكبِري ُِّّ ۡس َت َطر ‪} ٥٣‬‬
‫تى‬ ‫اب فَ َ َ‬‫ض َع الك َِت ُ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وكل صغير وكبير من أعمالهم مسطر في صحائفهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ُو ِ‬
‫َ‬ ‫َ َُ ُ َ َ ََ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََُ ُ َ َ َ َََ َ َ َ‬
‫رية إَِّل أح َصاها َو َو َج ُدوا‬ ‫اب َّل يغادِر صغِرية وَّل كب ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫المج ِرمِي ِّشفِقِي ِِّما فِيهِ ويقولون يا ويلتنا ما ِل هذا الكِت ِ‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫اضا َوَّل َيظل ُِم َر ُّب َك أ َحدا}[الكهف‪.]49 :‬‬
‫َما ع ِملوا َح ِ‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ص ۡدق ع َ‬ ‫َ َى َ َ َ‬ ‫ۡ‬
‫َ َُ َ‬
‫ِند َِّل ِيك ُّمق َتدِر ‪}٥٥‬‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱلمتقِي ِِف جنت ونهر ‪ِِ ٥٤‬ف مقع ِد ِ ٍ‬
‫مقربين عند هللا امللك‬ ‫واملعنى‪ّ :‬إن املتقين في بساتين عظيمة وأنهار جارية‪ ،‬ونعيم مقيم في مجلس كريم َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُُ‬ ‫ََ‬ ‫َ َُ َ‬
‫ي ب ِ َما َءاتى ى ُه ۡم َر ُّب ُه ۡم‬
‫كه َ‬
‫ون}[الذاريات‪ ،]15 :‬وقال تعالى‪ { :‬ف ى ِ ِ‬ ‫ات وعي ٍ‬ ‫العظيم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِن المتقِي ِِف جن ٍ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َو َوقى ى ُه ۡم َر ُّب ُه ۡم َعذ َ‬
‫اب ٱ َ‬
‫ل ِحي ِم ‪[}١٧‬الطور‪.]17 :‬‬
‫ْ‬ ‫ه‬ ‫ُ َُ‬
‫سورة الرحمن‬
‫وهي مدنية وعدد آياتها ثمان وسبعون‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َ ۡ َى ُ َ َ ُ ۡ َ َ‬
‫ان ‪} ٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱلرحمن ‪ ١‬علم ٱلقرء‬
‫واملعنى‪ :‬الرحمن‪ .‬علم الرسو َل صلى هللا عليه وسلم القرآن‪ ،‬فتلقته أمته عنه‪.‬‬
‫هذه اآلية تتضمن رد هللا على الكفار في قولهم‪ّ :‬إن محمدا تعلم القرآن من بشر‪ ،‬كما حكى هللا تعالى‬
‫ۡ َ َ َ‬ ‫ََ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َ َ‬ ‫ََ َ َ ََ‬
‫ِين كف ُروا إِن هىذا إَِّل‬‫عنهم في قوله‪َ { :‬ولقد نعل ُم أن ُهم َيقولون إِن َما ُي َعل ُِم ُه بَش}[النحل‪ ،]103 :‬وقوله‪ { :‬وقال ٱَّل‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ۡ ََ ىُ ََ َ َُ َ َۡ َ ۡ َ َ ُ َ َ َ ۡ َ ُ ُ ۡ‬
‫إِفك ٱفتىه وأَعنهۥ عليهِ قوم ءاخرون فقد جاءو ظلما وزورا ‪[}٤‬الفرقان‪.]4 :‬‬

‫َ َ ُ ََ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ان ‪} ٤‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬خل َق ٱ ِإل َ ى‬
‫نس َن ‪ ٣‬علمه ٱلي‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬خلق اإلنسان من تراب ثم من نطفة‪ ،‬علمه الكالم واإلفصاح عما في نفسه‪.‬‬
‫ََ‬ ‫وقد امتن هللا على اإلنسان ْ‬
‫بأن جعل له أدوات البيان التي هي اللسان والشفتين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ألم‬
‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ه‬
‫جعل ل ُه َعينين (‪َ )8‬ول َسانا َوشفتين}[البلد‪.]8-9 :‬‬ ‫ن‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫لش ۡم ُس َوٱل َق َم ُر ِّبُ ۡس َبان ‪} ٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ‬
‫مقدر معلوم‪ ،‬ال يضطرب‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫واملعنى‪ :‬الشمس والقمر يجريان متعاقبين بحساب دقيق ّ‬
‫ََ َ َ ُ َ‬
‫ون}[يس‪ ،]40 :‬وقال تعالى‪{ :‬فَال ِقُ‬ ‫َ ُ َ ُ ََ َُي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ َ ََ َ ُ َ َ‬
‫{َّل الشمس ينب ِغ لها أن تدرِك القمر وَّل الليل سابِق الهارِ وُك ِِف فل ٍك يسبح‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ ََ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫يز ال َعل ِِيم}[األنعام‪.]96 :‬‬ ‫َ‬ ‫اإلص َب ِ َ َ َ‬
‫اح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذل ِك تقدِير الع ِز ِ‬

‫ان ‪} ٦‬‬ ‫َ َ ۡ ُ َ َ َ ُ َۡ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱلجم وٱلشجر يسجد ِ‬
‫واملعنى‪ :‬والنبات الذي ال ساق له‪ ،‬والشجر الذي له ساق يسجدان هلل تعالى‪ ،‬وينقادان له‪.‬‬
‫فكل ما في السماوات واألرض من الشمس والقمر والجبال والشجر والدواب يسجد هلل تبارك وتعالى‪،‬‬
‫ُ‬
‫ال َبال‬ ‫َ َ ُ َ َ َ ُ َ ُّ ُ ُ َ‬ ‫ج ُد َ ُل َمن ِف َ‬
‫الس َم َو ِ َ َ‬ ‫كما قال تعالى‪َ { :‬ألَم تَ َر أَ َن َ َ‬
‫اَّلل يَس ُ‬
‫ات ومن ِِف الر ِض والشمس والقمر والجوم و ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫}[الحج‪.]18 :‬‬ ‫ال ِ‬
‫اس‬ ‫اب َو َوُكثِري م َِن َ‬
‫اَل َو ُّ‬
‫ج ُر َو َ‬ ‫َ َ‬
‫الش َ‬‫و‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ان ‪} ٧‬‬‫لس َما َء َرف َع َها َو َوض َع ٱل ِمَي‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ َ‬
‫ََ َ‬
‫واملعنى‪ :‬والسماء رفعها هللا تعالى فوق األرض‪ ،‬ووضع العدل والتوازن‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬لقد أر َسل َنا‬
‫ان ِ ََل ُق َ‬
‫وم الَ ُ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اس بِال ِقس ِط}[الحديد‪.]25 :‬‬ ‫ات َوأنزلَا َم َع ُه ُم الكِتاب وال ِمَي‬
‫ُر ُسلنا بِالَيِن ِ‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ َۡ‬ ‫ََ‬


‫ان ‪} ٨‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أَّل تطغوا ِِف ٱل ِمَي ِ‬

‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ان ‪} ٩‬‬ ‫ِيموا ٱل َو ۡز َن بٱلقِ ۡس ِط َوَّل َت ِ ُ‬
‫ّسوا ٱل ِمَي‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وأق ُ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وأقيموا الوزن بالعدل‪ ،‬وال تبخسوا امليزان‪ ،‬بل زنوا بالعدل‪ ،‬كما قال تعالى على لسان شعيب‬
‫ۡ‬ ‫ُ ۡ‬
‫اس ٱل ُم ۡس َتقِي ِم ‪[} ١٨٢‬الشعراء‪.]182 :‬‬ ‫عليه السالم‪َ { :‬وزِنوا ب ِٱلقِ ۡس َط ِ‬

‫َ َۡ َ ُ‬ ‫َ ۡ َ ُّ ُ ۡ‬ ‫َ َى َ َ َ ۡ ُ َ ُ ۡ َ ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱلۡر َض َو َض َع َها ل ِلنَ ِ‬
‫ان ‪} ١٢‬‬‫ب ذو ٱل َع ۡص ِف وٱلريح‬ ‫ك َم ِ‬
‫ام ‪ ١١‬وٱل‬ ‫ام ‪ ١٠‬فِيها فكِهة وٱلخل ذات ٱل‬

‫َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فبِأ ِي ءاَّلءِ ربِكما تكذِب ِ‬
‫ان ‪} ١٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬فبأي نعم هللا تعالى تكذبان يا معشر ّ‬
‫الجن واإلنس‪.‬‬
‫للج ّن ٌ‬
‫ذكر‪ ،‬كقوله تعالى‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫قال اإلمام القرطبي‪ :‬وقال الجرجاني‪ :‬خاطب الجن مع اإلنس وإن لم يتقدم ِ‬
‫ِجاب}[ص‪.]32 :‬‬ ‫َ َ َ َ‬
‫(حت توارت بِال ِ‬

‫َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫نس َن مِن َصل َص ىل كٱل َف َخارِ ‪} ١٤‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬خل َق ٱ ِإل َ ى‬
‫ّ‬
‫متحجر كالفخار‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫َ‬
‫اإلنسان األول وهو آدم من طين أسود يابس‬ ‫واملعنى‪ :‬خلق هللا تعالى‬
‫{‪[}z‬الحجر‪.]26 :‬‬

‫َ َ َ َ ِ َ ُ َ ُ َ‬
‫كذِبَ‬ ‫َ‬ ‫لا َن مِن َ‬
‫َ‬ ‫َ َ ََ ۡ‬
‫ان ‪} ١٦‬‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫ء‬‫اَّل‬‫ء‬ ‫ي‬ ‫أ‬
‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫ف‬ ‫‪١٥‬‬ ‫ار‬ ‫ن‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ج‬‫ِ‬ ‫ار‬‫م‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وخلق ٱ‬
‫َ َ َ‬ ‫ّ‬
‫الان‬‫واملعنى‪ :‬وخلق هللا تعالى أبا الجان وهو إبليس من لهب نار شديدة الحرارة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬و‬
‫وم}[الحجر‪ .]27 :‬فبأي نعم هللا تعالى تكذبان يا معشر ّ‬
‫الجن واإلنس‪.‬‬ ‫الس ُم ِ‬ ‫َخلَق ُ‬
‫ناه مِن َقب ُل مِن نار َ‬
‫ِ‬

‫َ َ َ َ ِ َ ُ َ ُ َ‬
‫كذِبَ‬ ‫َ ُّ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َ ُّ ۡ َ ۡ َ ۡ‬
‫ان ‪}١٨‬‬
‫ِ‬ ‫ي ‪ ١٧‬فبِأ ِي ءاَّلء ربِكما ت‬
‫ي ورب ٱلمغ ِرب ِ‬ ‫شق ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬رب ٱلم ِ‬
‫مغربيها في الشتاء والصيف‪ ،‬بل هو ر ّب املشارق واملغارب‪ ،‬كما قال‬
‫ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬ر ّب مشرقي الشمس ّ‬
‫ورب‬
‫َ ََ ُ َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ون}[املعارج‪ ،]40 :‬فبأي نعم هللا تعالى تكذبان يا معشر ّ‬ ‫ب إِنا لقادِر‬ ‫ار‬‫غ‬ ‫م‬ ‫ال‬‫و‬ ‫ق‬ ‫ار‬‫ش‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫َ‬
‫ر‬ ‫ب‬ ‫سُ‬
‫م‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫تعالى‪{ :‬فل أ‬
‫الجن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫واإلنس‪.‬‬

‫ۡ َۡ َ َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫قوله تعالى‪ِّ { :‬رج ٱلَحري ِن يلت ِقي ِ‬
‫ان ‪} ١٩‬‬
‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬أرسل هللا تعالى البحرين العذب واملالح متجاورين يلتقيان‪ ،‬وال يمتزجان‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ه َو‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫حرين َهذا َعذب ف َرات َو َهذا ِِّلح أ َجاج َو َج َعل بَ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رزخا َوحِجرا َم ُجورا}[الفرقان ‪.]53 :‬‬
‫ين ُه َما بَ َ‬ ‫اَّلِي َِّ َر َج الَ َ‬
‫ِ‬

‫ُ َُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ه‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ب َين ُه َما َبرزخ َل َيبغ َيان (‪ )20‬فبأي آَلء َربك َما تكذ َبان (‪})21‬‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬وجعل هللا بين العذب واملالح حاجزا مانعا من وصول أحدهما إلى اآلخر‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬أ َمن‬
‫َ َى َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ُ َ‬ ‫ي ٱ ۡلَ ۡح َر ۡين َ‬
‫س َو َج َع َل بَ ۡ َ‬ ‫َج َع َل ٱ ۡلَۡر َض قَ َرارا َو َج َع َل خ َِل ىلَ َها َأنۡ َه ىرا َو َج َع َل ل َ َها َر َ‬
‫َّثه ۡم َّل‬ ‫َّللِ بل أك‬
‫ر‬ ‫ٱ‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ه‬‫ِل‬ ‫ء‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫ز‬‫ج‬‫ِ‬ ‫ا‬‫ح‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫و‬
‫ون ‪[}٦١‬النمل‪ ،]61 :‬فبأي نعم هللا تعالى تكذبان يا معشر ّ‬ ‫ََُۡ َ‬
‫الجن واإلنس‪.‬‬ ‫يعلم‬

‫َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َۡ َ‬ ‫َ‬
‫ََُۡ َ َۡ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ان ‪ ٢٠‬فبِأ ِي ءاَّلءِ ربِكما تكذِب ِ‬
‫ان ‪} ٢١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬بينهما برزخ َّل يبغِي ِ‬
‫واملعنى‪ :‬يخرج من أحد البحرين بقدرة هللا اللؤلؤ واملرجان‪ ،‬فبأي نعم هللا تعالى تكذبان يا معشر ّ‬
‫الجن‬
‫واإلنس‪.‬‬
‫واللؤلؤ واملرجان من الحلى التي استخرجها الناس من البحر ليلبسوها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما يَس َتوِي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ ُ َ َ‬
‫ُك تأكلون لما َط ِر ًّيا َوتس َتخ ِر ُجون حِل َية‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫شابُ ُه َو َه َذا ِِّلح أُ َجاج َ‬
‫و‬ ‫الَح َران َه َذا َعذب فُ َرات َسائغ َ َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تَلبَ ُسونَ َها}[فاطر‪.]12 :‬‬

‫َ‬ ‫َ ۡ ُ ُ ۡ ُ َ ُّ ۡ ُ ُ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ َ َ ِ َ ُ َ ُ َ‬
‫ان ‪} ٢٣‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يرج مِنهما ٱللؤلؤ وٱلمرجان ‪ ٢٢‬فبِأ ِي ءاَّلء ربِكما تكذِب ِ‬
‫َُ‬
‫واملعنى‪ :‬وهلل تعالى إجراء السفن املصنوعات الرافعات أشرعتها في البحر كالجبال‪ ،‬كما قال تعالى‪ }:‬أه ۡم‬
‫خذ‬
‫ََ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫ََۡ ۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫يشتَ ُه ۡم ِِف ٱ ۡ َ‬
‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّلن َيا ر َو َرفعنا َبعض ُه ۡم ف ۡوق َبعض د َرج ىت َِلت ِ‬
‫َۡ ُ َ َ ۡ َ َ َ َ َۡ ُ َ َ ۡ َ ََۡ ُ َ َ‬
‫سمون رْحت ربِكر َنن قسمنا بينهم معِ‬ ‫يق ِ‬
‫َ َ َۡ ُ َ َ َ ۡ َ َۡ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫ون ‪[}٣٢‬الزخرف‪ ،]32 :‬فبأي نعم هللا تعالى تكذبان يا معشر‬ ‫َب ۡعض ُهم َب ۡعضا ُسخ ِريا ورْحت ربِك خري ِِّما ُيمع‬
‫ّ‬
‫الجن واإلنس‪.‬‬

‫َ َۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ات ِِف ٱلَ ۡح ِر كٱل ۡعل ى ِم ‪}٢٤‬‬
‫نشَٔٔ ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و ُل ٱ َ‬
‫ل َوارِ ٱلم‬
‫واملعنى‪ :‬جميع من على وجه األرض هالك‪.‬‬
‫ََ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫ُ ُّ َ‬
‫ش‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ُ{ :‬ك نف ٍس ذائِقة ال َمو ِ‬
‫ت}[آل عمران‪ ،]185 :‬وقال تعالى‪{ :‬وما جعلنا ل ِب ٍ‬
‫مِن قبل َِك ُ‬ ‫َ‬
‫ال َِل}[األنبياء‪.]34 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َُ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫لس َم ى َو ى ِت َوٱلۡر ِض ُك يَ ۡو ٍم ُه َو ِِف َشأن ‪} ٢٩‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ِ َ ُ َ ُ َ‬
‫كذِبَان ‪ ٢٨‬ي َ ۡسَٔٔ ُلۥ َمن ِف ٱ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ءاَّلء ربِكما ت‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫واملعنى‪ :‬ويبقى ذات رّبك ذو العظمة واإلكرام‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وَّل ت ۡدع َم َع ٱَّللِ إِل ىها َءاخ َر ا َّل إِل ى َه إَِّل‬
‫َ َ ۡ َ ُ َُ ُۡ ۡ ُ َ ۡ ُ ۡ َ ُ َ‬ ‫ُ َ ُ ُّ َ ۡ َ‬
‫ون ‪[}٨٨‬القصص‪ ،]88 :‬فبأي نعم هللا تعالى تكذبان يا‬ ‫يش ٍء هال ِك إَِّل وجهه رۥ ل ٱلكم ِإَوَلهِ ترجع‬ ‫هور ُك‬
‫الجن واإلنس‪.‬‬ ‫معشر ّ‬

‫َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فبِأ ِي ءاَّلءِ ربِكما تكذِب ِ‬
‫ان ‪} ٣٠‬‬
‫كل ما يحتاجون إليه‪ ،‬ال يستغني عنه تعالى أحد‪،‬‬ ‫هللا تعالى من في السماوات واألرض َّ‬ ‫واملعنى‪ :‬يسأل َ‬
‫الم ُ‬
‫َِ‬ ‫اَّلل ُه َو ال َغ ِ ُّ‬ ‫َ َ ُّ َ َ ُ َ ُ ُ ُ َ َ ُ َ َ‬
‫اَّللِ َو َ ُ‬
‫يد}[فاطر‪،]15 :‬‬ ‫ن‬ ‫وهو غني عن العاملين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يا أيها الاس أنتم الفقراء إِل‬
‫ويفرج كربا‪ ،‬يبسط الرزق‪ ،‬ويقدره‪ ،‬ويرفع قوما‪ ،‬ويضع آخرين‪ّ ،‬‬
‫ويدبر‪،‬‬ ‫كل يوم‪ ،‬هللا تعالى في شأن‪ ،‬يغفر ذنبا‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫فبأي نعم هللا تعالى تكذبان يا معشر ّ‬
‫الجن واإلنس‪.‬‬ ‫ويحكم‪ّ ،‬‬

‫َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ُ ۡ ُّ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ۡ‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬سنفرغ لكم أيه ٱلقل ِن ‪ ٣١‬فبِأ ِي ءاَّلءِ ربِكما تكذِب ِ‬
‫ان ‪} ٣٢‬‬

‫َ ُ ُ َ َ ُ ُ َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫نف ُذوا م ِۡن أَ ۡق َطار ٱ َ َ‬


‫ۡ ََ ُۡۡ َ َ ُ‬ ‫َ َۡ َ َ ۡ َ ۡ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ت َوٱلۡر ِض فٱنفذ روا َّل تنفذون إَِّل‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ن‬‫أ‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫ط‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ٱ‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫نس‬
‫ِ‬ ‫إل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ي ىمعش ٱ ِ‬
‫ل ِن وٱ ِ‬
‫كذِبَ‬‫َ َ َ َ ِ َ ُ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬
‫ان ‪} ٣٤‬‬ ‫ِ‬ ‫ب ِ ُسل َطىن ‪ ٣٣‬فبِأ ِي ءاَّلء ربِكما ت‬
‫الجن واإلنس‪ْ ،‬إن استطعتم الخروج من جوانب السماوات واألرض هاربين من‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬يا معشر‬
‫قضاء هللا تعالى وحكمه فافعلوا‪ ،‬ولستم بمستطيعين ذلك إال بقوة وقهر‪ ،‬فال مهرب لكم وما لكم من هللا من‬
‫َ َ َ‬ ‫ََْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫عاصم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬يقو ُل اإلن َسان َي ْو َمئ ٍذ أ ْي َن اَلف ُّر (‪ )10‬كال َل َوز َر}[القيامة‪ ،]10-11:‬وقال تعالى‪{ :‬‬
‫ُ‬ ‫لسَٔٔات َج َزا ُء َسيئَة بم ۡثل َِها َوتَ ۡر َه ُق ُه ۡم ذ َِلة َما ل َ ُهم م َِن ٱ ََّللِ م ِۡن ََعصم َك َأ َن َما أُ ۡغشِ َي ۡ‬
‫ت ُو ُجوه ُه ۡم‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫وٱَّلِين كسبوا ٱ ِ‬
‫ُ َى َ َ ۡ َ ى ُ َ ُ ۡ َ َ ى ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫فبأي نعم هللا تعالى تكذبان يا‬ ‫ون ‪[}٢٧‬يونس‪ّ ،]27 :‬‬ ‫ق َِطعا م َِن ٱ َۡل ِل ُمظل ِما ر أولئِك أصحب ٱلارِ هم فِيها خ ِِل‬
‫معشر ّ‬
‫الجن واإلنس‪.‬‬

‫َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬يُ ۡر َسل َعل ۡيك َما ُش َواظ مِن نَار َو َ‬
‫َناس فل تَ َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫نت ِ َ‬
‫ان ‪ ٣٥‬فبِأ ِي ءاَّل ِء ربِكما تكذِب ِ‬
‫ان ‪} ٣٦‬‬ ‫ُص ِ‬
‫َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُ َ ۡ َ َۡ‬ ‫َ َ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫َ‬
‫ان ‪ ٣٧‬فبِأ ِي ءاَّلءِ ربِكما تكذِب ِ‬
‫ان ‪} ٣٨‬‬ ‫ت ٱلسماء فَكنت وردة كٱَلِه ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فإِذا ٱنشق ِ‬
‫ّ‬
‫وتصدعها‪ ،‬كالوردة الحمراء في لونها‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬فإذا جاء يوم القيامة‪ ،‬انشقت السماء‪ ،‬فصارت حين انشقاقها‬
‫هل}[املعارج‪،]8 :‬‬ ‫َ َ َ ُ ُ َ َ ُ َ ُ‬
‫وكالدهان الذي يدهن به الش يء في ذوبانها وسيالنها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يوم تكون السماء َكلم ِ‬
‫فبأي نعم هللا تعالى تكذبان يا معشر ّ‬
‫الجن‬ ‫ه يَو َمئ ِ ٍذ واه َِية}[الحاقة‪ّ ،]16 :‬‬‫ماء فَ ِ َ‬ ‫ت َ‬
‫الس ُ‬ ‫َ َ‬
‫وقال تعالى‪َ { :‬وانشق ِ‬
‫واإلنس‪.‬‬

‫َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َ‬ ‫ُۡ‬‫ُ‬ ‫ََۡ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فيومئِذ َّل يسَٔٔل عن ذۢنبِهِۦ إِنس وَّل جان ‪ ٣٩‬فبِأ ِي ءاَّلءِ ربِكما تكذِب ِ‬
‫ان ‪} ٤٠‬‬
‫أحد من اإلنس عن ذنبه وال ّ‬
‫جان‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬هذا َي ْو ُم َل‬ ‫واملعنى‪ :‬فيوم تشقق السماء ال ُيسأل ٌ‬
‫َْ ُ َ َ َ َ‬ ‫ْ ُ َ‬
‫َينطقون (‪َ )35‬وَل ُيؤذن ل ُه ْم ف َي ْعتذ ُرون}[املرسالت‪ ،]35-36 :‬ثم يسألون بعد ذلك عن ذنوبهم عند الحساب‬
‫ون}[الصافات‪ّ ،]24 :‬‬ ‫َ ُ ُ َُ َ ُُ َ‬
‫فبأي نعم هللا تعالى تكذبان يا‬ ‫إلقامة الحجة عليهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وق ِفوهم إِنهم ِّسؤل‬
‫معشر ّ‬
‫الجن واإلنس‪.‬‬

‫َىُ ۡ َ ُ ۡ َ ُ ََى ِ َ ۡ َۡ َ ِ َ َ َ َ ِ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ۡ‬


‫ان ‪} ٤٢‬‬
‫ِ‬
‫كذِبَ‬ ‫قوله تعالى‪ُ { :‬ي ۡع َرف ٱل ُم ۡج ِر ُِّون بِسِ يمهم فيؤخذ ب ِٱلوّص وٱلقدام ‪ ٤١‬فبِأ ِي ءاَّلء ربِكما ت‬
‫َ َ َ َ ُّ‬
‫بيض ُو ُجوه‬ ‫واملعنى‪ :‬يعرف املجرمون بعالمتهم املميزة لهم وهي سواد وجوههم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يوم ت‬
‫َ َ َ َ ُ ُ َ ُُ َ‬ ‫َ َ َ ُّ ُ ُ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ ُ ُ َ َ َ ُ َ َ َ ُ َ ُ ُ‬
‫وتسود وجوه فأما اَّلِين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إِيمن ِكم فذوقوا العذاب بِما كنتم تكفرون}[آل عمران‪:‬‬
‫فبأي نعم هللا تعالى تكذبان يا معشر ّ‬
‫الجن واإلنس‪.‬‬ ‫‪ ،]106‬فيؤخذ بنواصيهم وأقدامهم‪ ،‬فيلقون في النار‪ّ ،‬‬

‫ُ َ ُ َ ُ ۡ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪}٤٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬هى ِذه ِۦ َج َه َن ُم ٱل ِت يكذِب بِها ٱلمج ِرِّ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬يقال لهؤالء املجرمين‪ :‬هذه جهنم التي يكذب بها املجرمون في الدنيا‪.‬‬
‫ه ه ُُْ‬ ‫ه‬ ‫َ َ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ي ْو َم ُي َد ُّعون إلى نار َج َهن َم َد ًّعا (‪َ )13‬هذ الن ُار التي كنت ْم ب َها‬
‫َُ َ‬
‫تكذ ُبون}[الطور‪.]13-14 :‬‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ي َْح َ‬ ‫َ‬
‫ون بَ ۡي َن َها َوبَ ۡ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ي ُطوف‬
‫ِيم ءان ‪ ٤٤‬فبِأ ِي ءاَّلءِ ربِكما تكذِب ِ‬
‫ان ‪} ٤٥‬‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬تارة يعذبون في الجحيم لالحتراق‪ ،‬وتارة يسقون من الحميم ذي الحرارة الشديدة‪ ،‬كما قال‬
‫َ ُۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ َ ى ۡ َ َ َى ُ ُ ۡ َ ُ َ‬ ‫ۡ َ ۡ َى ُ‬
‫تعالى‪ { :‬إِذِ ٱلغلل ِِف أعنقِ ِهم وٱلسلسِل يسحبون ‪ِِ ٧١‬ف ٱل ِمي ِم ثم ِِف ٱلارِ يسجرون ‪[}٧٢‬غافر‪ ،]71-72 :‬وقال‬
‫ُ‬ ‫ص ُّب م ْن َف ْوق ُر ُءوسه ُم ْال َحم ُ‬
‫يم (‪ُ )19‬ي ْ‬
‫ص َه ُربه َما في ُبطونه ْم‬ ‫تعالى‪َ { :‬ف هالذ َ‬
‫ين َك َف ُروا ُقط َع ْت َل ُه ْم ث َي ٌ‬
‫اب م ْن َنار ُي َ‬
‫ٍ‬
‫الجن واإلنس‪.‬‬‫فبأي نعم هللا تعالى تكذبان يا معشر ّ‬ ‫ود}[الحج‪ّ ،]19-20 :‬‬ ‫َو ْال ُج ُل ُ‬

‫َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ََ َ َ‬ ‫َ َ ۡ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ان ‪ ٤٦‬فبِأ ِي ءاَّلءِ ربِكما تكذِب ِ‬
‫ان ‪} ٤٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ول ِمن خاف مقام ربِهِۦ جنت ِ‬
‫فبأي نعم هللا تعالى تكذبان يا معشر ّ‬
‫الجن واإلنس‪.‬‬ ‫جنتان‪ّ ،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وملن خاف وقوفه بين يدي ّبه ّ‬
‫ر‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫َ َ َ ُ َ ُ‬
‫ب‬
‫قال اإلمام ابن عطية‪ :‬واملقام هو وقوف العبد بين يدي ربه يفسره‪{ :‬يوم يقوم الاس ل ِر ِ‬
‫العالم َ‬ ‫َ‬
‫ي}[املطففين‪ ،]6 :‬وأضاف املقام إلى هللا من حيث هو بين يديه‪.‬‬ ‫ِ‬

‫َ َ ِ َ ُ َ ُ َ‬
‫كذِبَ‬ ‫ََ َ ََۡ َ َ‬ ‫َ َ َ َ ِ َ ُ َ ُ َ‬
‫كذِبَ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ذ َواتَا أَ ۡف َ‬
‫ان فِي ِه َما‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫ء‬‫اَّل‬‫ء‬ ‫‪٥٠‬‬ ‫ي‬
‫ِ ِ‬‫أ‬‫ب‬ ‫ف‬ ‫ان‬ ‫ن‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫ات‬‫و‬ ‫ذ‬ ‫‪٤٩‬‬ ‫ان‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫ء‬‫اَّل‬‫ء‬ ‫ي‬ ‫أ‬
‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫ف‬ ‫‪٤٨‬‬ ‫ان‬‫ن‬
‫‪}٥١‬‬

‫َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ۡ َ‬ ‫َ ََۡ‬ ‫َ‬
‫ان فِي ِه َما ِمن ‪} ٥٣‬‬ ‫َ‬
‫ان فبِأ ِي ءاَّل ِء ‪ ٥٢‬ربِكما تكذِب ِ‬
‫ان ت ِري ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فِي ِهما عين ِ‬
‫َ‬
‫ي فِيها يَد ُعون فِيها‬ ‫واملعنى‪ :‬في الجنتين من كل نوع من الفواكه الكثيرة صنفان‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬م َت ِ‬
‫كئ َ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫بفاك َِهة َكث ِ َ‬
‫ري ٍة َو َشاب}[ص‪ّ ،]51 :‬‬
‫فبأي نعم هللا تعالى تكذبان يا معشر ّ‬
‫الجن واإلنس‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬

‫َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َََۡ َ‬ ‫ۡ‬


‫ي ى ُ ََ َُ ۡ ۡ ََۡ َ َ َ‬ ‫ََ ُ‬
‫ان ‪} ٥٥‬‬ ‫َ‬
‫ي دان ‪ ٥٤‬فبِأ ِي ءاَّل ِء ربِكما تكذِب ِ‬ ‫لَع فرش بطائ ِنها مِن إِستبق وجن ٱلنت ِ‬ ‫قوله تعالى‪ُ { :‬م َت ِ‬
‫كئ َ‬
‫َ‬ ‫مبطنة من الديباج الثخين‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬يَ َلو َن ف َ‬
‫ّ‬
‫ِيها مِن أ َساوِ َر مِن‬ ‫واملعنى‪ :‬مضطجعين على فرش‬
‫ك ن ِع َم الَ َو ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ ُ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫اب َو َح ُس َنت‬ ‫َ‬
‫ِيها لَع ال ِ ِ‬
‫ائ‬‫ر‬ ‫كئ َ‬
‫ي ف‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ب ويلبسون ثِيابا خُضا مِن سند ٍس ِإَوستب ٍق مت ِ ِ‬ ‫ذه ٍ‬
‫ُ ُ‬
‫ُِّر َت َفقا}[الكهف‪ ،]31 :‬وثمار الجنتين دانية إليهم‪ ،‬تناولوها متى شاؤوا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ق ُطوفها َدانية}[الحاقة‪:‬‬
‫فبأي نعم هللا تعالى تكذبان يا معشر ّ‬
‫الجن واإلنس‪.‬‬ ‫‪ّ ،]23‬‬

‫َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ۡ َۡ ُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ۡ ُ ۡ َ َ‬ ‫َ ُ َ ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فِي ِهن ق ى ِصر ىت ٱلطر ِف لم يط ِمثهن إِنس قبلهم وَّل جان ‪ ٥٦‬فبِأ ِي ءاَّلءِ ربِكما تكذِب ِ‬
‫ان ‪} ٥٧‬‬
‫أزواجهن‪ ،‬متساويات في العمر‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬في الجنات زوجات عفيفات ال ْ‬
‫ينظرن إلى غير‬
‫َ‬ ‫ات َ‬
‫الطر ِف أت َراب}[ص‪ ،]52 :‬لم‬ ‫اَص ُ‬‫الطر ِف عِي}[الصافات‪ ،]48 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وعِن َد ُهم قَ ِ َ‬‫ات َ‬ ‫{ َو ِعن َد ُهم قَ ِ َ‬
‫اَص ُ‬

‫الجن واإلنس‪.‬‬ ‫فبأي نعم هللا تعالى تكذبان يا معشر ّ‬ ‫جان‪ّ ،‬‬ ‫يطأهن إنس قبلهم وال ّ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ ِ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َََُ َ َۡ ُ ُ َ َۡۡ َ ُ‬
‫ان ‪} ٥٩‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬كأنهن ٱَلاقوت وٱلمرجان ‪ ٥٨‬فبِأ ِي ءاَّلء ربِكما تكذِب ِ‬
‫كأن تلك الزوجات في الصفاء والبياض ياقوت ومرجان‪ ،‬أو ّ‬
‫كأن ّ‬
‫هن بيض محصون مستور‪ ،‬كما‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫قال تعالى‪َ { :‬ك َأ َن ُه َن َبيض َمك ُنون}[الصافات‪ّ ،]49 :‬‬
‫فبأي نعم هللا تعالى تكذبان يا معشر ّ‬
‫الجن واإلنس‪.‬‬

‫َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫َ‬ ‫سن إَّل ٱإل ۡح َ ى ُ‬
‫َ َ َ ُ ۡ َ‬
‫سن ‪ ٦٠‬فبِأ ِي ءاَّلءِ ربِكما تكذِب ِ‬
‫ان ‪} ٦١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬هل جزاء ٱ ِإلح ى ِ ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وليس جزاء اإلحسان في الدنيا إال اإلحسان إليه في اآلخرة وزيادة عليه‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ۡ ُ ۡ َ ى َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ ُ ُ َ ُ ۡ َ َ َ َ َ ُ َى َ َ ۡ َ ى ُ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ ى ُ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِلون‬‫ِين أ ۡح َس ُنوا ٱلسن وزِيادة وَّل يرهق وجوههم قت وَّل ذِلة ر أولئِك أصحب ٱلنةِ هم فِيها خ ِ‬ ‫{۞ل َِّل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الس َن}[النجم‪ّ ،]31 :‬‬
‫فبأي نعم هللا تعالى تكذبان يا‬ ‫ِين أح َس ُنوا ب ُ‬ ‫‪[}٢٦‬يونس‪ ،]26 :‬وقال تعالى‪َ { :‬ويَجز َي اَّل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫معشر ّ‬
‫الجن واإلنس‪.‬‬

‫َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬‫ُ َ َََ‬ ‫َ‬


‫َ‬
‫ان ‪ ٦٢‬فبِأ ِي ءاَّل ِء ربِكما تكذِب ِ‬
‫ان ‪} ٦٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ومِن دون ِ ِهما جنت ِ‬

‫َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫ُ ۡ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َ‬
‫ان ‪} ٦٥‬‬‫ان ‪ ٦٤‬فبِأ ِي ءاَّل ِء ربِكما تكذِب ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬مدهامت ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هاتان الجنتان شديدتا الخضرة حتى مالت إلى السواد‪ّ ،‬‬
‫فبأي نعم هللا تعالى تكذبان يا معشر‬
‫ّ‬
‫الجن واإلنس‪.‬‬
‫هامتانَ} معناه قد عال لونهما دهمة وسواد في النضرة والخضرة‪ ،‬كذا‬ ‫قال اإلمام ابن عطية‪ :‬و‪ُ { :‬مد َ‬
‫َ َ ََُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َ‬
‫فسره ابن الزبير على املنبر‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬اَّلِي أخرج المرِع فجعله غثاء أحوى}[األعلى‪.]5 :‬‬ ‫ّ‬

‫َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ِ َ ُ َ ُ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فِيه َما َع ۡي َن َ َ َ َ‬


‫ان ‪ ٦٧‬فِي ِه َما ف ىك َِهة َوَنل َو ُر َمان ‪ ٦٨‬فبِأ ِي‬ ‫ِ‬
‫كذِبَ‬ ‫ان ‪ ٦٦‬فبِأ ِي ءاَّلء ربِكما ت‬ ‫ان نضاخت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َۡ‬ ‫ۡ‬
‫كذِبَان ‪ُ ٧١‬حور َمق ُص َ‬ ‫َ ِ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ َ ُ َ َ‬
‫ام ‪٧٢‬‬‫ور ىت ِِف ٱلِي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان ‪ ٦٩‬فِي ِه َن خ ۡي َر ىت ح َِسان ‪ ٧٠‬فبِأ ِي ءاَّلء ربِكما ت‬ ‫ءاَّلءِ ربِكما تكذِب ِ‬
‫كِٔٔينَ‬ ‫كذِبَان ‪ُ ٧٥‬متَ‬ ‫َ َ َ َ ِ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََُۡ ۡ ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ َۡ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ِ َ ُ َ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان ‪ ٧٣‬لم يط ِمثهن إِنس قبلهم وَّل جان ‪ ٧٤‬فبِأ ِي ءاَّلء ربِكما ت‬ ‫فبِأ ِي ءاَّلء ربِكما تكذِب ِ‬
‫ۡ َ َ ى َ ۡ َۡ‬ ‫َ‬
‫ان ‪ ٧٧‬تَ َبى َر َك ٱ ۡس ُم َرب ِ َك ذِي ٱلل ِل وٱ ِإلكر ِام ‪}٧٨‬‬ ‫َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ۡ َ ََۡ‬ ‫َ َى َ ۡ َ‬
‫لَع رفر ٍف خُض وعبق ِر ٍي حِسان ‪ ٧٦‬فبِأ ِي ءاَّلءِ ربِكما تكذِب ِ‬

‫ور ُة َ‬
‫الو اقعةَ‬ ‫ُس َ‬
‫وهي مكية وعدد آياتها ست وتسعون‬

‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ت ٱل َواق َِعة ‪} ١‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِذا َوق َع ِ‬
‫واملعنى‪ :‬إذا قامت القيامة‪.‬‬
‫ت الواقعة}[الحاقة‪.]15 :‬‬ ‫واملراد بالواقعة في هذه اآلية القيامة‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ { :‬ف َيومئذ َ‬
‫وقع ِ‬ ‫ٍ‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ل ۡي َس ل َِوق َعت ِ َها َكذِبَة ‪} ٢‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِرين لي َس ُل‬
‫َ‬
‫اب َواق ٍِع‪ .‬ل ِلَكف‬‫ذ‬
‫َ َ‬
‫ع‬ ‫ب‬ ‫ل‬‫ائ‬‫س‬‫واملعننى‪ :‬ليس لوقوعها مانع وتكذيب أصال‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬سأَ َل َ‬
‫ِ ِ ٍ‬
‫َداف ِع}[املعارج‪.]1-2 :‬‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬خاف َِضة َراف َِعة ‪} ٣‬‬


‫واملعنى‪ :‬القيامة خافضة ألقوام في دركات النار‪ ،‬ورافعة ألقوام أعلى درجات الجنة‪.‬‬
‫الجنة درجات‪ ،‬والنار دركات‪ ،‬وكان في أسفلها املنافقون‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫وقد ّبين هللا تبا ك وتعالى ّأن ّ‬
‫ر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫{ َو َمن َيأته ُمؤمنا قد َعم َل الصلحات فأولئك ل ُهم الد َرجت العلى (‪ )75‬جنات عدن تجري من تحت َها‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫َ َ‬ ‫ي ِف َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫سف ِل م َِن الَارِ}[النساء ‪.]145 :‬‬ ‫اَلركِ ال‬ ‫األنهار}[طه‪ ،]75-76 :‬وقال تعالى‪{ :‬إِن المنافِقِ ِ‬

‫َ‬ ‫َۡ ُ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِذا ُرج ِ‬
‫ت ٱلۡرض رجا ‪} ٤‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وحركت تحريكا قويا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِذا ُزل ِزل ِ‬
‫ت الرض‬ ‫واملعنى‪ :‬إذا زلزلت األرض زلزاال‪ّ ،‬‬
‫َ َ ُّ َ َ ُ َ ُ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫}[الحج‪.]1 :‬‬ ‫اع ِة يشء َع ِظيم‬ ‫زِل َزال َها}[الزلزلة‪ ،]1 :‬وقال تعالى‪{ :‬يا أيها الاس اتقوا ربكم إِن زلزلة الس‬

‫َ َ‬ ‫ۡ ُ‬
‫ل َبال بَسا ‪ ٥‬فَكنَ ۡت َه َباء ُّمۢن َبثا ‪} ٦‬‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وب َس ِ‬
‫تٱ ِ‬
‫وف ّتتت الجبال ّ‬ ‫ُ‬
‫فتا دقيقا‪ ،‬فأصبحت كالهباء املتفرق الذي يلوح من خالل شعاع الشمس إذا‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫َ‬
‫ما دخل من نافذة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬كثِيبا َِّ ِهيل}[املزمل‪.]14 :‬‬

‫َ َ َ ۡ َى ُ ۡ ۡ‬ ‫ََ ۡ َى ُ ۡ ۡ‬ ‫ََ ۡ َ ُ َۡۡ ََ َ َ ۡ َ ُ ۡ‬


‫ب ٱل َمشَٔٔ َمةِ ‪َ ٩‬ما‬‫ب ٱل َمشَٔٔم ِة ما أصح‬‫ب ٱل َم ۡي َم َنةِ ‪ ٨‬وأصح‬‫قوله تعالى‪ { :‬فأصحىب ٱلميمن ِة ما أصحى‬
‫َ‬
‫أ ۡص َحى ُب ‪} ١٠‬‬
‫واملعنى‪ :‬فأصحاب اليمين‪ ،‬ما أعظم سعادتهم وأحسن حالهم‪ ،‬وأصحاب الشمال‪ ،‬ما أسوأ حالهم‬
‫وأكبر خسا تهم‪ ،‬والسابقون إلى اإليمان والطاعة في الدنيا هم السابقون إلى الد جات العالية في ّ‬
‫الجنة‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وهؤالء األصناف الثالثة هم الذين ذكرهم هللا تعالى في قوله‪ُ { :‬ث َم أو َرث َنا الك َِت َ‬
‫ِين اص َطفي َنا مِن‬
‫اب اَّل َ‬
‫َ‬ ‫ع َِبادِنَا فمن ُهم َظال ِم ِلَفسِ هِ َومِن ُهم ُمق َتصد َومِن ُهم َسابق ب َ‬
‫ال َ‬ ‫َ‬
‫اَّللِ}[فاطر‪.]32 :‬‬ ‫ات بِإ ِذ ِن‬
‫ري ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ َ َى ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ون ‪ِِ ١١‬ف َج َنى ِت ٱلَعِي ِم ‪} ١٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱل َمشَٔٔمةِ وٱلسبِق‬
‫املقربون إلى رحمة هللا في جنات النعيم‪.‬‬‫واملعنى‪ :‬أولئك السابقون إلى الخيرات هم ّ‬
‫فمن سابق في الدنيا إلى التوبة والحصول على مغفرة من هللا تعالى‪ ،‬سابق في اآلخرة إلى الجنة‪ ،‬ومن‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫سابق في الدنيا إلى الخيرات والطاعة‪ ،‬سابق في اآلخرة إلى الكرامة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬سابِقوا إِل َمغفِ َرةٍ مِن َربِكم‬
‫َو َج َنة َعر ُض َها ك َعر ِض َ‬ ‫َ‬
‫الس َماءِ َوالر ِض}[الحديد‪.]22 :‬‬ ‫ٍ‬

‫َُ َ ۡ َ‬
‫ِي ‪َ ١٣‬و َقل ِيل م َِن ٱٓأۡلخِر َ‬
‫ين ‪} ١٤‬‬ ‫ل َول َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ثلة مِن ٱ‬
‫ِ‬

‫َ‬ ‫ََ‬
‫ين َعل ۡي َها ُم َت َقىبِل َِي ‪} ١٦‬‬ ‫كِٔٔ َ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ى ُ ُ َ ُ َ‬
‫سر ِّ ۡوضونة ‪ ١٥‬مت ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬لَع‬
‫واملعنى‪ :‬على سرر منسوجة بخيط من الذهب‪ ،‬مضطجعين عليها تقابل وجوههم متحابين‪ ،‬كما قال‬
‫َ ۡ ُ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َى َ َۡ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫تعالى‪َ { :‬وٱ ََّل َ‬
‫يشء ُك ٱ ِّۡ ِري ب ِ َما‬ ‫لق َنا ب ِ ِه ۡم ذ ِر َي َت ُه ۡم َو َما أ ِۡل َنى ُهم م ِۡن ع َمل ِ ِهم مِن‬ ‫ام ُنوا َوٱت َب َع ۡت ُه ۡم ذرِ َي ُت ُهم بِإِيم ٍن أ‬
‫ِين َء َ‬
‫ََ‬ ‫َ‬
‫س ٍر ُم َت َقابِل َِي}[الصافات‪.]44 :‬‬
‫ب َرهِي ‪[}٢٠‬الطور‪ ،]20 :‬وقال تعالى‪{ :‬لَع ُ ُ‬
‫ك َس َ‬

‫َ ۡ ۡ َى َ ُ َ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫ون ‪} ١٧‬‬‫قوله تعالى‪َ { :‬ي ُطوف علي ِهم وِلدن ُّمِل‬
‫معدون لخدمتهم مخلدون على صفة واحدة‪ّ ،‬‬
‫كأنهم في الحسن‬ ‫واملعنى‪ :‬ويطوف عليهم فيها مماليك ّ‬
‫ََ َ َُ َ‬ ‫ََََۡ َ ۡ ُ‬
‫ض ُه ۡم َ َ ى‬
‫ون ‪[}٢٤‬الطور‪.]24 :‬‬ ‫لَع َب ۡعض يتساءل‬ ‫والبياض لؤلؤ مصون‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وأقبل بع‬

‫َ‬ ‫ََ َ َۡ‬ ‫َ ۡ‬


‫ك َواب َوأبارِيق َووُكأس مِن معِي ‪} ١٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬بِأ‬
‫واملعنى‪ :‬يطاف عليهم بأقداح وأباريق وآنية من خمر تجري دوع انقطاع من نهر وهي بيضاء اللون‬
‫ه َ‬ ‫َْ َ َه‬ ‫ُ َ ُ ََْ ْ َْ‬
‫ض َاء لذ ٍة للشاربين}[الصافات‪:‬‬ ‫س م ْن َمع ٍين (‪ )45‬بي‬
‫لذيذة للشاربين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يطاف عليهم بك ٍ‬
‫أ‬
‫‪.]45-46‬‬
‫َ ُ َ َ ُ َ ََۡ ََ ُ ُ َ‬
‫ون ‪} ١٩‬‬ ‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل يصدعون عنها وَّل يزنِف‬
‫َ‬ ‫ُ ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ال تصدع رؤوسهم من شربها‪ ،‬وال تذهب عقولهم‪ ،‬وليس فيها ما يؤذيهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َّ{ :‬ل‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون}[الصافات‪.]47 :‬‬ ‫ِيها غول َوَّل هم عن َها يُزنف‬
‫ف َ‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َ ى َ َ ََ ََُ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َُ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٢١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وفكِهة ِِّما يتخريون ‪ ٢٠‬ول ِم طري ِِّما يشته‬
‫يتخيرونه‪ ،‬ولحم طير مما يشتهونه‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬ويطاف عليهم بفواكه كثيرة مما ّ‬
‫َ َ ۡ‬ ‫َ َ َىَ ُ َ َ َ ۡ َ َ ۡ‬
‫ِيها َوَّل تَأثِيم ‪[}٢٢‬الطور‪.]22 :‬‬ ‫ِيها كأسا َّل لغو ف‬ ‫ونظير هاتين اآليتين قوله تعالى‪ { :‬يتنزعون ف‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬و ُحور عِي ‪}٢٢‬‬


‫واملعنى‪ :‬وعندهم في الجنة زوجات حسناء ذوات عيون واسعة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وعِن َد ُهم قَ ِ َ‬
‫اَص ُ‬
‫ات‬
‫الطر ِف عِي}[الصافات‪ ،]48 :‬وقال تعالى‪َ { :‬خ َ‬
‫ريات ح َِسان}[الرحمن‪.]70 :‬‬ ‫َ‬

‫َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُّ ُ ۡ ۡ‬
‫ۡ َ‬ ‫ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬كأمٰى ِل ٱللؤلو ٱلمكن ِ‬
‫ون ‪} ٢٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬كأمثال اللؤلؤ املصون في أصدافه في الجمال والبياض‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َََ‬
‫وصفهن هللا تعالى في آية أخرى بقوله‪{ :‬كأن ُه َن َبيض َمك ُنون}[الصافات‪ ،]49 :‬وقوله‪{ :‬كأن ُه َن‬
‫ّ‬ ‫وقد‬
‫َ ُ َ َ َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ان}[الرحمن‪.]58 :‬‬‫اَلاقوت والمرج‬

‫َ َ َ َ َ ُ َۡ َُ َ‬
‫ون ‪} ٢٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬جزاء بِما َكنوا يعمل‬

‫َ َۡ ُ َ َ َ ۡ َ َۡ‬
‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل يس َمعون فِيها لغوا َوَّل تأثِيما ‪} ٢٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬ال يسمع أصحاب الجنة فيها كالما باطال‪ ،‬وال كالما قبيحا آثما‪.‬‬
‫َ َ ۡ َ ُ َ َ َ ۡ َ َ َى َ َ ُ ۡ ۡ ُ ُ ۡ َ ُ ۡ‬
‫ك َرة َو َعشِ يا ‪[} ٦٢‬مريم‪:‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َّ { :‬ل يسمعون فِيها لغوا إَِّل سلما ولهم ِرزقهم فِيها ب‬
‫‪.]62‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬إَِّل قِيل َسل ىما َسل ىما ‪} ٢٦‬‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬لكن يسمعون قوال ساملا من اللغو واإلثم‪ ،‬وسالما تحية لهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ت َِي ُتهم فيها‬
‫سلم}[إبراهيم‪.]23 :‬‬
‫َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫نضود ‪} ٢٩‬‬ ‫ي ‪ِِ ٢٧‬ف س ِۡدر ُّمضود ‪َ ٢٨‬و َطلح م‬ ‫ب ٱَلَ ِم َ ۡ َ ُ‬
‫ي ما أصحىب ٱَلَ ِم ِ‬
‫ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وأ ۡص َ‬
‫حى ُ‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬وظِل َِّ ۡم ُدود ‪} ٣٠‬‬


‫َُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ظل دائم ال يزول‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وندخِل ُهم ظِل ظل ِيل}[النساء‪ ،]57 :‬وقال تعالى‪َ ۞{ :‬مثل‬
‫واملعنى‪ :‬وفي ّ‬
‫ين ٱ َل ُ‬ ‫َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ى ُ ُ ُ ُ َ َ َ ُّ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ‬
‫ك ىفِر َ‬ ‫َۡ َ َ ُ َ ۡ ُ َ ُ َ َ ۡ‬
‫ار‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ب‬ ‫ق‬‫ع‬‫و‬ ‫ر‬
‫وا‬ ‫ق‬‫ت‬ ‫ٱ‬ ‫ِين‬
‫َّل‬‫ٱ‬ ‫ب‬ ‫ق‬‫ع‬ ‫ك‬‫ِل‬ ‫ت‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ِل‬
‫ظ‬ ‫و‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫ا‬‫د‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ل‬‫ك‬‫أ‬ ‫ر‬ ‫ه‬‫ن‬ ‫ل‬‫ٱ‬ ‫ا‬‫ه‬‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ي‬ ‫ر‬
‫ٱلنةِ ٱل ِت وعِد ٱلمتقون ِ‬
‫ت‬
‫‪ّ ٣٥‬‬
‫}[الرعد‪.]35 :‬‬

‫ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َماء َِّ ۡسكوب ‪} ٣١‬‬
‫َ َ ُ َۡ َ‬
‫ل َنةِ ٱل ِت‬ ‫واملعنى‪ :‬وماء طيب لذيذ ليس متغيرا في طعمه أو رائحته جار في الجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬مثل ٱ‬
‫َ‬
‫َى َ ۡ‬ ‫َ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ ُ ََ َۡى ۡ َۡ ََ‬ ‫ِيها َأنۡ َه ىر مِن َماء َغ ۡري َءاسِن َو َأنۡ َ‬ ‫ُ َ َُُۡ َ‬
‫ي َوأن َه ىر م ِۡن‬ ‫ِلش ِب‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ة‬ ‫َّل‬ ‫ر‬‫خ‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫أ‬‫و‬ ‫ۥ‬‫ه‬‫م‬ ‫ع‬ ‫ط‬ ‫ري‬ ‫غ‬ ‫ت‬‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫َب‬ ‫ل‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ر‬‫ى‬ ‫ه‬ ‫ٍ ِ‬
‫ون ف َ‬ ‫وعِد ٱلمتق‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ِيها مِن ُ َ‬‫َع َسل ُِّّ َصَف َول َ ُه ۡم ف َ‬
‫ت َو َمغفِ َرة مِن َرب ِ ِه ۡم ك َم ۡن ه َو خ ى ِِل ِِف ٱ َلارِ َو ُسقوا َماء ْحِيما فق َط َع أ ۡم َعا َءه ۡم‬ ‫ُك ٱل َم َر ى ِ‬
‫ِ‬
‫‪[}١٥‬محمد‪.]15 :‬‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬و َف ىك َِهة َكث ِ َ‬


‫رية ‪} ٣٢‬‬
‫َ ُ ۡ َ َى َ َ َ ۡ َ َ ۡ ُ ُ َ‬
‫واملعنى‪ :‬وأنواع الفواكه الكثيرة‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬لكم فِيها فكِهة كثِرية مِنها تأكلون ‪[}٧٣‬الزخرف‪:‬‬
‫‪.]73‬‬

‫قوله تعالى‪ََّ { :‬ل َم ۡق ُط َ‬


‫وعة َو ََّل َِّ ۡم ُن َ‬
‫وعة ‪َ ٣٣‬و ُف ُرش َِّ ۡرفُ َ‬
‫وع ٍة ‪} ٣٤‬‬

‫َ َ َ ۡ َى ُ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِنا أنشأنهن إِنشاء ‪} ٣٥‬‬
‫واملعنى‪ّ :‬إنا أنشأنا نساء أهل ّ‬
‫الجنة نشأة كاملة‪.‬‬
‫السياق‪ ،‬وهو ِذكر الفرش على النساء‬ ‫لكن ملّا ّ‬
‫دل ّ‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬جرى الضمير على غير مذكور‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫ُ َ ََ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ش‬‫الالتي يضاجعن فيها‪ ،‬اكتفى بذلك عن ذكرهن‪ ،‬وعاد الضمير عليهن‪ ،‬كما في قوله‪{ :‬إِذ ع ِرض عليهِ بِالع ِ ِ‬
‫اب}[ص‪ ،]31-32:‬يعني‪:‬‬ ‫الري َعن ذِكر َرب َح َت تَ َو َارت بال َ‬
‫ِج‬ ‫ب َ‬ ‫اد (‪َ )31‬ف َق َال إن أَح َبب ُ‬
‫ت ُح َ‬ ‫َ ُ‬
‫الي‬ ‫َ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫الصاف ِنات ِ‬
‫الشمس‪.‬‬
‫َ َ َ ۡ َىُ َ َۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فجعلنهن أبكارا ‪} ٣٦‬‬

‫َ‬
‫قوله تعالى‪ُ { :‬ع ُربا أتۡ َرابا ‪} ٣٧‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سن واحدة‪ ،‬وقال تعالى في آية أخرى‪َ { :‬ووُك َواع َِب أت َرابا}[النبأ‪.]33 :‬‬
‫أزواجهن في ّ‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬متحببات إلى‬

‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬
‫ب ٱَلَ ِم ِ‬
‫ي ‪} ٣٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬لصحى ِ‬

‫َُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ثلة م َِن ٱل َول َ‬ ‫َۡ‬ ‫َُ‬
‫ين ‪} ٤٠‬‬ ‫ِي ‪َ ٣٩‬وثلة م َِن ٱٓأۡلخِر َ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وأصحاب اليمين هم جماعة من األولين وجماعة من اآلخرين‪.‬‬
‫ين}[الواقعة‪ ،]40 :‬وقوله قبل‪:‬‬ ‫قال اإلمام أبو حيان األندلس ي‪ :‬وال تنافي بين قوله‪َ { :‬وثُ َلة م َِن اآلخِر َ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫ألن قوله‪{ :‬م َِن اآلخِر َ‬ ‫ين}[الواقعة‪]14 :‬؛ ّ‬ ‫{ َوقَل ِيل م َِن اآلخِر َ‬
‫ين} هو من السابقين‪ ،‬وقوله‪{ :‬وثلة مِن اآلخِرين} هو‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫في أصحاب اليمين‪.‬‬

‫حى ُ‬ ‫َ‬
‫ب ٱلش َمال َما أ ۡص َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وأ ۡص َ‬
‫حى ُ‬ ‫َ‬
‫لش َما ِل ‪} ٤١‬‬
‫بٱ ِ‬ ‫ِ ِ‬

‫قوله تعالى‪ِِ { :‬ف َس ُموم َو َْحِيم ‪} ٤٢‬‬


‫َ َ ُ َۡ َ َ ُ َ ۡ ُ َ ُ َ َ َ ۡ‬
‫ِيها أن َه ىر‬ ‫واملعنى‪ :‬وهم في ريح حا ّرة وماء شديد الحراراة‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬مثل ٱلنةِ ٱل ِت وعِد ٱلمتقون ف‬
‫ي َو َأنۡ َه ىر م ِۡن َع َسل ُِّّ َصَف َول َ ُه ۡم ف َ‬
‫ِيها‬ ‫ِلشب َ‬ ‫َى‬
‫ل‬ ‫ة‬
‫َ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ ُ ََ َۡى ۡ َۡ ََ‬
‫َّل‬ ‫ر‬‫خ‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫أ‬‫و‬ ‫ۥ‬ ‫ه‬‫م‬ ‫ع‬ ‫ط‬ ‫ري‬ ‫غ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫َب‬ ‫ل‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ر‬‫ى‬ ‫مِن َماء َغ ۡري َءاسِن َو َأنۡ َ‬
‫ه‬
‫ِِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫مِن ُ َ َ‬
‫ْحيما ف َق َط َع أ ۡم َعا َء ُه ۡم ‪[}١٥‬محمد‪.]15 :‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ت َو َمغ ِف َرة مِن َرب ِ ِه ۡم ك َم ۡن ه َو خ ى ِِل ِِف ٱ َلارِ َو ُسقوا َماء ِ‬‫ُك ٱل َمر ى ِ‬
‫ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫يم ‪}٤٤‬‬
‫ارد وَّل ك ِر ٍ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وظِل مِن يموم ‪َّ ٤٣‬ل ب ِ‬
‫جهنم شديد السواد‪ ،‬ال ش يء فيه من البرودة وال ش يء فيه من النفع‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وفي ظل من دخان ّ‬
‫َ‬ ‫لث ُش َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ َ َ ُ َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ان َطل ُِقوا إ َل َما ُكن ُ‬
‫ب‪َّ .‬ل‬
‫ٍ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ث‬ ‫ِي‬ ‫ذ‬ ‫ِل‬
‫ٍ‬ ‫ظ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫وا‬ ‫ِق‬ ‫ل‬‫ط‬ ‫ان‬ ‫‪.‬‬ ‫ون‬ ‫ِب‬
‫ذ‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ِ‬
‫ي}[املرسالت‪:‬‬
‫ُ َ‬
‫ك ِذب َ‬ ‫م‬ ‫ِل‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ئ‬ ‫م‬ ‫شر ََكل َقُص‪َ .‬ك َأنَ ُه ِ َ‬
‫ۡجالَة ُصفر‪َ .‬ويل يَو َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‪ .‬إِنها تر ِم ب ِ ٍ‬
‫ِيل وَّل يغ ِن مِن الله ِ‬
‫ظل ٍ‬
‫‪.]29-34‬‬

‫ۡ‬ ‫َ ُ ۡ َ ُ َ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ َ َ َ ُ ُ ُّ َ َ َ ۡ‬
‫نث ٱل َع ِظ ِ‬
‫يم ‪} ٤٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنهم َكنوا قبل ذ ىل ِك ِّتف ِي ‪ ٤٥‬وكنوا ي ِ‬
‫ُصون لَع ٱل ِ ِ‬
‫َ َُۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫ُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٤٧‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وكنوا َيقولون أئِذا م ِۡت َنا َووُك َنا ت َرابا َوعِظىما أءِنا لمبعوث‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬وكانوا يقولون في الدنيا‪ :‬أإذا ّ‬
‫كنا أمواتا وكنا ترابا وعظاما بالية في قبورنا‪ ،‬أإنا ملبعوثون يوم‬
‫القيامة خلقا جديدا‪.‬‬
‫ُ‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ون}[املؤمنون‪ ،]82 :‬وقوله‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬قالوا أإِذا مِت َنا َووُك َنا ت َرابا َوعِظاما أإِنا لمبعوث‬
‫َُ ُ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ ُ َ ُ َى َ َ َ ُ َ َ َ َ ُ ۡ َ ُ َ‬
‫تعالى‪ { :‬وقال ٱَّلِين كفروا أءِذا كنا تربا وءاباؤنا أئِنا لمخرجون ‪[}٦٧‬النمل‪ ،]67 :‬وقوله تعالى‪ { :‬يقولون أءِنا‬
‫َ ُ ۡ َ‬
‫ك إِذا َك َرة َخ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ون ِِف ٱ ۡ َ‬
‫ََۡ ُ ُ َ‬
‫لاف َِرة ِ ‪ ١٠‬أءِذا ك َنا عِظىما َن َِرة ‪ ١١‬قالوا ت ِل‬
‫اسة ‪ّ ١٢‬‬
‫}[النازعات‪.]10-12 :‬‬ ‫لمردود‬

‫َ َ‬ ‫َۡ ُ‬
‫َُ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٤٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أ َو َءابَاؤنا ٱلول‬
‫َ َ‬ ‫ََ َ َ َ َ َ‬
‫ِين كف ُروا أءِذا‬ ‫واملعنى‪ :‬هل يبعث أيضا آباؤنا ّ‬
‫األولون الذين مضوا من قبلنا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وقال ٱَّل‬
‫ُ َ ُ َى َ َ َ ُ َ َ َ َ ُ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪[}٦٧‬النمل‪.]67 :‬‬ ‫كنا تربا وءاباؤنا أئِنا لمخرج‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬قل إ َن ٱل َول َ‬ ‫ُۡ‬
‫ت يَ ۡوم َم ۡعلوم ‪}٥٠‬‬‫ين ‪ ٤٩‬ل َمج ُموعون إ ِ ىل مِيقى ِ‬
‫ِي َوٱٓأۡلخِر َ‬
‫ِ‬
‫ِي ٱل َول َ‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬إن األولين وفيهم آباؤكم‪ ،‬واآلخرين وفيهم أنتم‪ ،‬ملجموعون إلى يوم مؤقت‬ ‫ّ‬
‫اس َو َذل َِك يَوم َِّش ُهود‪َ .‬و َما نُ َؤخ ُِرهُ إَّل َ‬
‫لج ٍل‬ ‫بوقت معلوم محدد‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ذل َِك يَوم َم ُموع َ ُل الَ ُ‬
‫ِ‬
‫َمع ُدو ٍد}[هود‪.]103-104 :‬‬

‫ُ َ َ ُ ۡ َ ُّ َ َ ُّ َ ۡ ُ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٥١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ثم إِنكم أيها ٱلضالون ٱلمكذِب‬

‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ون مِن َش َجر مِن َزقوم ‪} ٥٢‬‬
‫َ‬
‫قوله تعالى‪ٓ { :‬أَلُكِ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إنكم آلكلون من شجرة الزقوم التي هي طعام األثيم في جهنم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إ َن َش َ‬
‫ج َر َ‬
‫ت‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫ُۡ َۡ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫ُّ‬
‫ٱ َلزق ِ‬
‫وم ‪ ٤٣‬طعام ٱلثِي ِم ‪ ٤٤‬كٱلمه ِل يغ َِل ِِف ٱلُط ِ‬
‫ون ‪[}٤٥‬الدخان‪.]43-45 :‬‬

‫َ َۡ ُُ َ‬ ‫ۡ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}٥٣‬‬ ‫الُٔٔون مِنها ٱلط‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فم ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فإنكم في النار مالئون منها بطونكم‪ ،‬مضطرين إلى أكلها؛ ألنكم ال يجدون غيرها‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َ َُ ۡ َ َ َ‬
‫ضيع ‪َّ ٦‬ل ي ُ ۡس ِم ُن َوَّل ُي ۡغ ِن مِن ُجوع ‪[}٧‬الغاشية‪.]6-7 :‬‬‫َ‬
‫تعالى‪ { :‬ليس لهم طعام إَِّل مِن ِ‬
‫َ َ َ ُ َ َ ُُ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ون}[الصافات‪.]66 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية واآلية التي قبلها قوله تعالى‪{ :‬فإِن ُهم آلُكِ ون مِنها فم ِ‬
‫الون مِنها الط‬

‫ون ُ ۡ‬
‫َى ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َى ُ َ‬
‫ون َعل ۡيهِ م َِن ٱ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ش َب ٱل ِهي ِم ‪} ٥٥‬‬ ‫ل ِمي ِم ‪ ٥٤‬فش ِرب‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فش ِرب‬
‫َ َ ُ َۡ َ‬
‫ل َنةِ ٱل ِت‬ ‫واملعنى‪ :‬فشاربون عليه شرابا خليطا قبيحا حارا يقطع أحشاءهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬مثل ٱ‬
‫ي َو َأنۡ َه ىر مِنۡ‬
‫ِلشب َ‬‫َى‬ ‫َ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ ُ ََ َۡى ۡ َۡ ََ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ََۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َُُۡ َ َ َۡ‬
‫ري ءاسِن وأنهر مِن لَب لم يتغري طعمهۥ وأنهر مِن خر َّلة ل ِ ِ‬ ‫وعِد ٱلمتقون فِيها أنهر مِن ما ٍء غ ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َع َسل ُِّّ َصَف َول َ ُه ۡم ف َ‬
‫ِيها مِن ُُك ٱلَ َم َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ار َو ُسقوا َماء ْحِيما فق َط َع أ ۡم َعا َءه ۡم‬‫ل‬‫ت َو َم ۡغفِ َرة مِن َربه ۡم ك َم ۡن ُه َو َخ ى ِِل ِف ٱ َ‬
‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪[}١٥‬محمد‪ ،]15 :‬فشاربون عليه بكثرة‪ ،‬كشرب الهيام العطاش فال تروى أبدا‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِيم}[الصافات‪.]67 :‬‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ثم إِن لهم عليها لشوبا مِن ْح ٍ‬

‫َى ُ ُ ُ ۡ َۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ِين ‪} ٥٦‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬هذا نزلهم يوم ٱَل ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هذا الذي وصفناه ضيافة أهل النار عند ربهم يوم القيامة‪.‬‬
‫َ َ َ َُ َ َ ُ‬ ‫ّ‬
‫واملراد بالنزل في هذه اآلية ما أعد للضيوف‪ ،‬ومنه قوله تعالى في حق أهل الجنة‪{ :‬إِن اَّلِين آمنوا وع ِملوا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ات الفِر َدو ِس نُ ُزَّل}[الكهف‪.]107 :‬‬
‫الات َكنَت ل ُهم َج َن ُ‬ ‫َ‬
‫الص ِ َ ِ‬

‫ََ ُ ۡ َۡ ُُ َُ َۡ َۡ ُ ۡ َى ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ ََ َ ُ ُ َ ََ‬ ‫َۡ َ َۡ‬


‫ون ‪} ٥٩‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ن ُن خلق َنىك ۡم فل ۡوَّل ت َصدِقون ‪ ٥٧‬أف َر َء ۡي ُتم َما ت ۡم ُنون ‪ ٥٨‬ءأنتم َتلقونهۥ أم َنن ٱلخل ِق‬

‫ۡ ُ َ ۡ َ ََۡ ُ ُ َ ۡ َ َ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َن ُن ب ِ َم ۡس ُبوق َِي ‪} ٦٠‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬نن قدرنا بينكم ٱلموت وما‬
‫من يموت صغيرا‪ ،‬ومنكم من يموت كبيرا‪ ،‬وما ْ‬
‫نحن‬ ‫قد ْرنا ملوتكم آجاال متفاوتة‪ ،‬فمنكم ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬نحن ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫بمغلوبين على ذلك‪ ،‬فمن جاء أجله ْ‬
‫جاء‬ ‫فلن يتأخر عنه ساعة‪ ،‬أو يتقدم عنه ساعة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فإِذا‬
‫َ َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ون}[األعراف‪.]34 :‬‬ ‫أ َجل ُهم َّل يَس َتأخ ُِرون ساعة وَّل يستقدِِّ‬

‫َۡ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ى ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ‬
‫ون ‪} ٦١‬‬ ‫لَع أن ن َبدِل أ ۡمٰىلك ۡم َوننشِ ئَك ۡم ِِف َما َّل تعلم‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬‬
‫نبدل من الذين ماتوا منكم أمثاال وأشباها لهم‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫واملعنى‪ :‬ولسنا بمسبوقين على ْأن ّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ َ َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ن ُذو ال َر َ‬
‫ك ال َغ ِ ُّ‬
‫َ َ ُّ َ‬
‫ْح ِة إِن يَشأ يُذهِبكم َويَس َتخل ِف مِن َبعدِوُكم ما يشاء كما أنشأكم مِن ذرِي ِة قو ٍم‬
‫َ‬ ‫{ورب‬
‫آخر َ‬ ‫َ‬
‫ين}[األنعام‪ ،]123 :‬ولسنا بمسبوقين على ْأن ننشئكم بعد موتكم فيما ال تعلمونه من الصور‪ ،‬والهيئات‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والصفات‪.‬‬
‫َ َ َ ۡ َ ۡ ُ ُ َ ۡ َ َ ۡ ُ َى َ َ ۡ َ َ َ َ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ولقد عل ِمتم ٱلنشأة ٱلول فلوَّل تذكرون ‪} ٦٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد علمتم ّأن هللا تعالى قد أنشأكم النشأة األولى بعد ْأن لم تكونوا شيئا مذكورا‪ ،‬فهال‬
‫ُ‬
‫تتذكرون قدرة هللا تعالى على النشأة اآلخرة؟ فإن النشأة اآلخرة أهون من النشأة األولى‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وه َو‬
‫ّ‬
‫ُ َ َ‬ ‫ََۡ َ ُ‬
‫ك ُن ۡط َفة مِن َم ِن ُي ۡم َ ى‬
‫َ َُ َ َ َُ ُ ُ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ٣٧‬ث َم َكن‬ ‫يدهُ َوه َو أه َون َعليهِ}[الروم‪ ،]27 :‬وقال تعالى‪ { :‬ألم ي‬ ‫اَّلِي يبدأ اللق ثم ي ِع‬
‫ََى َ ُۡ َ َۡ ۡ َ‬ ‫ى‬ ‫َ َ ۡ َ َى َ َ‬ ‫َ َ ََ ُۡ َۡ َۡ َ ََ َ ُۡ َ‬ ‫َعلَ َقة فَ َخلَ َق فَ َس َو ى‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫ي ٱَّلكر وٱلنَث ‪ ٣٩‬أليس ذل ِك بِقد ٍِر لَع أن يـِي ٱلموت ‪[}٤٠‬القيامة‪:‬‬ ‫ى ‪ ٣٨‬فجعل مِنه ٱلزوج ِ‬
‫‪.]37-40‬‬

‫ََ ۡ ََ َ َ‬ ‫َ ۡ َ َ ُ ََ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ ۡ َۡ َ ُ َُ َۡ َۡ‬ ‫َۡ ُ َ‬ ‫ََ‬


‫ل َعل َنى ُه ُح َطىما فظل ُت ۡم تفك ُهون‬ ‫لزرِ ُعون ‪ ٦٤‬لو نشاء‬ ‫َن ُن ٱ َى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أف َر َء ۡي ُتم َما ت ُرثون ‪ ٦٣‬ءأنتم تزرعونهۥ أم‬
‫ََ ُ ۡ َ َُۡ ُ ُ َ ُۡ ۡ َۡ َۡ ُ ُۡ ُ َ‬ ‫َۡ َ ُ َ‬ ‫َََ َُۡ ُ َۡ َ َ‬ ‫َۡ َۡ ُ َۡ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ‬
‫زنلون‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ن‬ ‫َن‬ ‫م‬‫أ‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫ز‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫وه‬ ‫م‬ ‫ِل‬‫نز‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫نت‬ ‫أ‬ ‫ء‬ ‫‪٦٨‬‬ ‫ون‬ ‫ب‬‫ش‬ ‫ت‬ ‫ِي‬ ‫َّل‬‫وِّون ‪ ٦٧‬أفرءيتم ٱلماء ٱ‬‫‪ ٦٥‬إِنا ل ُمغ َر ُِّون ‪ ٦٦‬بل َنن َمر‬
‫‪} ٦٩‬‬

‫ُ َ‬ ‫ََ َ َۡ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫ون ‪} ٧٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ل ۡو نشا ُء َج َعل َنى ُه أ َجاجا فل ۡوَّل تشكر‬
‫واملعنى‪ :‬لو نشاء جعلنا هذا املاء شديد امللوحة ال يصلح للشرب‪ ،‬فهال تشكرون نعمة هللا تعالى عليكم‬
‫ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫كم مِن ُه َ َ‬‫َ ُ‬
‫ون}[النحل‪.]10 :‬‬ ‫شاب َومِن ُه ش َجر فِيهِ تسِ يم‬ ‫في جعله عذبا صالحا للشرب؟ كما قال تعالى‪{ :‬ل‬

‫َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ ۡ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ َ َۡ َۡ ُ ۡ‬ ‫َََ َُۡ ُ َ َ َ ُ ُ َ‬


‫نشٔ ُٔون ‪َ ٧٢‬ن ُن َج َعل َنى َها تذك َِرة‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ن‬‫َن‬ ‫م‬‫أ‬ ‫ا‬‫ه‬ ‫ت‬ ‫ر‬‫ج‬ ‫ش‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫نش‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫نت‬ ‫أ‬ ‫ء‬ ‫‪٧١‬‬ ‫ون‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أفرءيتم ٱلار ٱل ِت تور‬
‫َو َم َتىعا ل ِۡل ُم ۡقو َ‬
‫ين ‪}٧٣‬‬ ‫ِ‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف َسب ِ ۡح ب ِٱ ۡس ِم َرب ِ َك ٱل َع ِظي ِم ‪} ٧٤‬‬
‫فسبح أيها الرسول باسم رّبك العظيم الذي بعظمته خلق هذه املخلوقات‪.‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ف َسبِح بِاس ِم َربِك ال َع ِظي ِم}[الحاقة‪ ،]52 :‬وقوله تعالى‪{ :‬ف َسبِح بِاس ِم َربِك‬
‫ال َع ِظ ِ‬
‫يم}[الواقعة‪.]96 :‬‬

‫س ُم ب َم َو ىق ِعِ ٱلُّ ُ‬ ‫ََ ُۡ‬


‫ج ِ‬
‫وم ‪} ٧٥‬‬ ‫قوله تعالى‪۞{ :‬فل أق ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فأقسم بمواقع النجوم في السماء‪.‬‬
‫لم أهل الك ُ‬
‫ِتاب}[الحديد‪ ،]29 :‬أي‬ ‫و"ال" في هذه اآلية مزيدة للتأكيد‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬لل َيع َ‬

‫ليعلموا‪.‬‬
‫وقد أدخل حرف النفي على فعل "أقسم" لقصد املبالغة والتأكيد في تحقيق حرمة املقسم به‪ّ ،‬‬
‫فكأن‬
‫ّ‬
‫املتكلم يوهم للسامع أنه يهم أن يقسم به‪ ،‬ثم يترك القسم مخافة الحنث باملقسم به‪ ،‬فيقول‪ :‬ال أقسم به‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ونظير هذا القسم في القرآن الكريم قوله تعالى‪َّ{ :‬ل أق ِس ُم ب ِ َيو ِم القِ َي َامةِ (‪َ )1‬وَّل أقسِ ُم بِالَف ِس الل َو َامةِ}[القيامة‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َ ُ ُ َ ُ ُ َ‬
‫َ‬
‫ب إِنا‬ ‫ار‬‫غ‬
‫َ ََ‬
‫م‬ ‫ال‬‫و‬ ‫ق‬ ‫ار‬‫ش‬
‫َ َ‬
‫م‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫ون}[الحاقة‪ ،]38 :‬وقوله تعالى‪{ :‬فَل أقسِ ُم ب َ‬
‫ر‬ ‫ُص‬
‫سم بِما تب ِ‬
‫‪ ،]1-2‬وقوله تعالى‪{ :‬فل أق ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ُ َ‬
‫الن ِس}[التكوير‪ ،]15 :‬وقوله تعالى‪{ :‬فل أقسِ ُم‬
‫َُ‬ ‫ون}[املعارج‪ ،]40 :‬وقوله تعالى‪{ :‬فَل أق ِ ُ‬
‫سم ب ِ‬ ‫لقادِر‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِل}[البلد‪.]1 :‬‬‫س ُم ب ِ َهذا الَ ِ‬
‫بِالشف ِق}[االنشقاق‪ ،]16 :‬وقوله تعالى‪َّ{ :‬ل أق ِ‬

‫َ‬
‫َُ َ َ ۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون َع ِظيم ‪} ٧٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَونهۥ لقسم لو تعلم‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬إِنَ ُهۥ ل ُق ۡر َءان ك ِريم ‪ِِ ٧٧‬ف ك َِتىب َمك ُنون ‪} ٧٨‬‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن هذا الذي يتلوه عليكم الرسو ُل صلى هللا عليه وسلم لقرآن كريم ذي شرف في لوح‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ ُ‬
‫ميد (‪ِِ )21‬ف لو ٍح َمف ٍ‬
‫وظ}[البروج‪:‬‬ ‫محفوظ مصون من غير املالئكة املقربين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬بل هو قرآن ِ‬
‫‪.]21-22‬‬

‫َُ َُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٧٩‬‬‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل َي َم ُّس ُهۥ إَِّل ٱلمطهر‬
‫املطهرون‬ ‫املطهرون‪ ،‬وال يمسه في الدنيا إال ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬ال يمس هذا القرآن الكريم في السماء إال املالئكة ّ‬
‫من الحدثين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كفار قريش ّأن هذا القرآن ّ‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬وقال ابن يد‪ :‬عمت ّ‬
‫تنزلت به الشياطين‪ ،‬فأخبر هللا‬ ‫ز ز‬
‫َ‬ ‫ُ ۡ ََ َۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫املطهرون‪ ،‬كما قال‪َ { :‬و َما تَ َ َ‬
‫زنل ۡ‬
‫يعون ‪ ٢١١‬إِن ُه ۡم‬ ‫ي ‪َ ٢١٠‬و َما يَۢن َب ِغ لهم وما يست ِط‬
‫لش َيىط ُ‬
‫ِ‬ ‫ت بِهِ ٱ‬ ‫يمسه إال ّ‬ ‫تعالى أنه ال ّ‬
‫َ ۡ ََ ۡ ُ ُ َ‬
‫ون ‪[} ٢١٢‬الشعراء‪.]210-212 :‬‬ ‫َع ِن ٱلسمعِ لمعزول‬

‫قوله تعالى‪ { :‬تَزنيل مِن َرب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬


‫ي ‪} ٨٠‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َُ َ ُ‬
‫يل َرب ٱل َع ىلم َ‬ ‫ّ ّ‬
‫ي ‪[} ١٩٢‬الشعراء‪،]192 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫زن‬
‫واملعنى‪ :‬وإنه ملنزل من رب العاملين‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَونهۥ ِل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وقال تعالى‪{ :‬تَزنيل الك َِتاب َّل َري َ‬
‫ب فِيهِ مِن َرب ال َعالم َ‬ ‫ُ‬
‫ي}[السجدة‪.]2 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ ُ ُّ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أفبِه ىذا ٱلد ِ‬
‫ِيث أنتم مدهِنون ‪} ٨١‬‬
‫واملعنى‪ :‬أفبهذا القرآن الكريم تتهاونون أيها املشركون‪.‬‬
‫ۡ َۡ َ ۡ َۡ ُ ُ ۡ َى ُ َ‬ ‫َۡ ُ ُ‬
‫ري يش ٍء أم هم ٱلخل ِقون‬
‫ومعنى الحديث في هذه اآلية القرآن الكريم‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪ { :‬أم خل ِقوا مِن غ ِ‬
‫َ‬
‫ون}[النجم‪.]59 :‬‬‫َ َُ َ‬
‫ِيث تعجب‬ ‫‪[}٣٤‬الطور‪ ،]34 :‬وقوله تعالى‪{ :‬أفَ ِمن َه َذا َ‬
‫الد ِ‬

‫َ َۡ َ ُ َ َۡ ُ ۡ ََ ُ ۡ ُ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٨٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وتعلون رِزقكم أنكم تكذِب‬

‫تٱ ُۡ‬
‫ل ۡل ُق َ‬
‫وم ‪} ٨٣‬‬ ‫ََ َ َ ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فل ۡوَّل إِذا بَلغ ِ‬
‫َ‬ ‫ت ََ‬ ‫َ َ ََ‬
‫اق‪َ .‬وقِيل‬
‫الت ِ َ‬ ‫واملعنى‪ :‬فهال إذا بلغت الروح أو النفس الحلقوم عند النزع‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬لَك إِذا بَلغ ِ‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ َ ََُ َ ُ َ ََ‬ ‫َ َ‬
‫اق‪ .‬إِل ربِك يومئ ِ ٍذ المساق}[القيامة‪.]26-30 :‬‬
‫ت الساق بِالس ِ‬
‫اق‪ .‬وظن أنه الفِراق‪ .‬واِلف ِ‬
‫من ر ٍ‬

‫ََ ُ ۡ َ َ ُ ُ َ‬
‫ون ‪} ٨٤‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬وأنتم حِينئِذ تنظر‬

‫َ ُۡ ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َۡ‬


‫ون ‪}٨٥‬‬‫ُص‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وَن ُن أق َر ُب إ ِ َۡلهِ مِنك ۡم َول ى ِ‬
‫كن َّل تب ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬ونحن أقرب إليه منكم بمالئكتنا‪ ،‬ولكنكم ال تبصرونهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وه َو القاه ُِر فوق‬
‫ُ‬ ‫َ ُ ُّ َ َ‬ ‫ُ ُ َ َ‬ ‫َ َُ ُ ََ ُ ََ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َ ُ َ َ‬
‫ت ت َوفت ُه ُر ُسل َنا َوهم َّل ُيف ِر ُطون‪ .‬ث َم ُردوا إِل اَّللِ َِّوَّله ُم‬ ‫عِبادِه ِ ويرسِل عليكم حفظة حت إِذا جاء أحدكم المو‬
‫الا ِسب َ‬
‫َ‬ ‫َ َ َُ ُ ُ َ ُ َ َ َ ُ‬
‫ي}[األنعام‪.]61-62 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ال ِق أَّل ل الكم وهو أس‬

‫َ‬ ‫ِي ‪َ ٨٧‬فأَ َما إن ََك َن م َِن ٱل ۡ ُم َق َرب َ‬


‫ي ‪ ٨٨‬ف َر ۡوح‬ ‫ون َها إن ُك ُ‬
‫نت ۡم َص ى ِدق َ‬ ‫َۡ ُ َ‬
‫جع‬ ‫َ‬ ‫ُ ُۡ ََۡ َ‬ ‫َََۡ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فلوَّل إِن كنتم غري مدِين ِي ‪ ٨٦‬تر ِ‬
‫ۡ‬ ‫ت نَعيم ‪َ ٨٩‬وأَ َما إن ََك َن م ِۡن أَ ۡص َ‬ ‫َ‬ ‫َو َر ۡي َ‬
‫ي ‪} ٩٠‬‬ ‫م‬
‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َل‬ ‫ٱ‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ح‬ ‫ِ‬ ‫حان َو َجن ُ ِ‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َ ۡ ۡ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ٩١‬‬ ‫ب ٱَلَ ِم ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فسل ىم لك مِن أصحى ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فتقول له املالئكة‪ :‬سالم لك يا صاحب اليمين‪ ،‬فأنت من أصحاب اليمين‪ ،‬فال تخف وال‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ك ُة أ ََّل ََتافُوا َوَّل َت َزنُوا َوأب ِ ُ‬
‫شوا‬ ‫لئ‬ ‫زن ُل َعلَيه ُم ال َ‬
‫م‬ ‫اَّلل ُث َم اس َت ُ‬
‫قاِّوا َت َت َ َ‬ ‫تحزن‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إ َن َاَّل َ‬
‫ِين قالُوا َر ُّب َنا َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ون}[فصلت‪.]30 :‬‬‫ال َنةِ ال ِت كنتم توعد‬
‫ب َ‬
‫ِ‬

‫َ ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِي ‪ ٩٢‬فَ ُ ُ‬ ‫َ َ َ ُۡ َ َ َ‬ ‫َ‬


‫يم ‪} ٩٤‬‬
‫ح ٍ‬‫زنل م ِۡن ْحِيم ‪َ ٩٣‬وتصل َِية َج ِ‬ ‫لضآل َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وأ َما إِن َكن مِن ٱلمك ِذبِي ٱ‬

‫ۡ‬ ‫ُ َ َ ُّ‬ ‫َ َ‬
‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن هىذا لهو حق ٱ ََل ِق ِ‬
‫ي ‪} ٩٥‬‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن هذا الخبر الذي أخبارناك أيها الرسول لهو حق اليقين الذي ال شك فيه‪.‬‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ِ{ :‬إَونَ ُه َ َ ُّ‬
‫لق اَلَقِ ِ‬
‫ي}[الحاقة‪.]51 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف َسب ِ ۡح ب ِٱ ۡس ِم َرب ِ َك ٱل َع ِظي ِم ‪}٩٦‬‬
‫فسبح أيها الرسول باسم رّبك العظيم‪.‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫نهي‪ ،‬يقول‪ :‬ملا نزلت {ف َسبِح بِاس ِم َربِك ال َع ِظ ِ‬
‫يم}‪ ،‬قال‬ ‫روى اإلمام أحمد بسنده عن ُعقبة بن عامر ُ‬
‫الج ّ‬
‫َ‬ ‫فلما نز ْ‬
‫وسلم‪" :‬اجعلوها في ركوعكم"‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫"اجعلوها في‬ ‫لت { ‪[}z‬األعلى‪ ،]1 :‬قال‪:‬‬ ‫لنا رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫سجودكم"‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ف َسبِح بِاس ِم َربِك ال َع ِظي ِم}[الحاقة‪ ،]52 :‬وقوله تعالى‪{ :‬ف َسبِح بِاس ِم َربِك‬
‫ال َع ِظ ِ‬
‫يم}[الواقعة‪.]74 :‬‬
‫ور ُة َ‬
‫الحد ْيد‬ ‫ُس َ‬
‫وهي مدنية وعدد آياتها تسع وعشرون‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬


‫لك ُ‬
‫ِيم ‪} ١‬‬ ‫يز ٱ َ‬‫ت َوٱلۡر ِض َو ُه َو ٱل َعز ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬س َب َح ِ ََّللِ َما ِف ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يسبح بحمد هللا‬ ‫سبح هلل وحده ما في السماوات واألرض‪ ،‬وما من ش يء من املخلوقات إال ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ‬
‫ى‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬ ‫يشء إ ََّل ي ُ َسب ُح ّبَ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ َُ َ َىَى ُ َ ۡ ُ َ ۡ َ ُ‬
‫كن َّل‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ۦ‬‫ِ‬ ‫ه‬ ‫د‬‫م‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ِإَون‬ ‫ن‬
‫ِ ر‬‫ه‬ ‫ِي‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫م‬ ‫و‬ ‫ض‬ ‫تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬تسبِح ل ٱلسموت ٱلسبع وٱلۡر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ون ت َ ۡسب َ‬
‫َۡ َ ُ َ‬
‫يح ُه ۡ رم إِنَ ُهۥ َك َن َحل ِيما غ ُفورا ‪[}٤٤‬اإلسراء‪ ،]44 :‬وهللا تعالى هو العزيز الغالب الحكيم في صنعه‬‫ِ‬ ‫تفقه‬
‫وتدبيره‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫لَع ُك ۡ‬ ‫ت َوٱلۡر ِض يُ ۡ َ ُ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ ُ ُ‬
‫كٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫يشء قدِير ‪} ٢‬‬ ‫حۦ وي ِميت وهو ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬لۥ ِّل‬
‫يتصرف فيه ما يشاء‪ ،‬وجميع َم ْن في السماوات‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬هلل تعالى وحده ملك السماوات واألرض‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ ُّ‬
‫لس َم ى َو ى ِت َوٱلۡر ِض إَِّل َء ِاِت ٱ َلرِنَٰمۡح َع ۡبدا ‪[} ٩٣‬مريم‪ ،]93 :‬يحيي‬
‫ُك َمن ِف ٱ َ‬
‫ِ‬ ‫واألرض عبيد له‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِن‬
‫ويميت‪ ،‬وهللا على كل ش يء قدير‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ََ ُ ُ ُ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ماوات والر ِض ي ِي وي ِميت وما لكم مِن د ِ‬
‫ون اَّللِ‬ ‫الس‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إِن اَّلل ل ِّل‬
‫َ‬
‫ري}[التوبة‪.]116 :‬‬
‫ص ٍ‬‫ل َوَّل ن ِ‬ ‫َ‬
‫مِن و ِ ٍ‬

‫َ‬
‫ُ َ َ ُ َ َ ُ َ َُ ُ‬ ‫ۡ‬
‫َُ َ َ‬ ‫ى‬ ‫َۡ ُ‬
‫يش ٍء َعل ِيم ‪} ٣‬‬
‫كل ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬هو ٱلول وٱٓأۡلخِر وٱلظ ِهر وٱلاطِن وهو ب ِ ِ‬
‫َ َ ُ‬
‫ألول قبل كل ش يء‪ ،‬واآلخر الباقي الذي ليس بعده ش يء‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وَّل ت ۡدع َم َع‬ ‫واملعنى‪ :‬وهللا هو ا ّ‬
‫َ ۡ َ ُ ُ ُ ۡ ُ ۡ ُۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪[}٨٨‬القصص‪ ،]88 :‬وهو‬ ‫يش ٍء هال ِك إَِّل وجهه رۥ ل ٱلكم ِإَوَلهِ ترجع‬ ‫ٱَّللِ إِل ىها َءاخ َر ا َّل إِل ى َه إَِّل ه َور ُك‬
‫الظاهر الذي ليس فوقه ش يء‪ ،‬والباطن الذي ليس دونه ش يء‪ ،‬وهللا تعالى بكل ش يء عليم‪ ،‬ال يخفى عليه ش يء‪،‬‬
‫اَّلل َّل َيَف َعلَيهِ َيشء ِف الَر ِض َوَّل ِف َ‬
‫السماءِ}[آل عمران‪.]5 :‬‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬إ َن َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َُ ۡ ََ ى ََ ۡ‬ ‫َۡ َ‬ ‫قوله تعالى‪ُ { :‬ه َو ٱ ََّلِي َخلَ َق ٱ َ َ‬


‫ى لَع ٱل َع ۡر ِش َي ۡعل ُم َما يَل ُِج ِِف ٱلۡر ِض َو َما‬ ‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ت َوٱلۡرض ِِف سِت ِة أيام ثم ٱستو‬
‫َُۡ ُ ۡ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ ۡ ُ ُ َ َ ُ َ َ َ ُ ۡ َۡ َ َ ُ ُ ۡ َ َُ َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون بَ ِصري ‪} ٤‬‬ ‫زنل مِن ٱلسماءِ وما يعرج فِيها وهو معكم أين ما كنت رم وٱَّلل بِما تعمل‬ ‫يرج مِنها وما ي ِ‬
‫ً‬
‫استواء‬ ‫واملعنى‪ :‬هو هللا الذي خلق السماوات واألرض من العدم في ستة أيام‪ ،‬ثم استوى على العرش‬
‫يليق بعظمته من غير تكييف وال تشبيه وال تعطيل‪ ،‬فاهلل ال يشبهه ش يء من خلقه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬‬
‫ليس‬
‫َ‬
‫ك ِمثل ِه يشء}[الشورى‪ ،]11 :‬يعلم هللا تعالى ما يدخل في األرض من حيوان وقطرات املاء وغير ذلك‪ ،‬ويعلم ما‬
‫يخرج منها من زرع ونبات وحيوان وغير ذلك‪ ،‬ويعلم ما ينزل من السماء من ملك‪ ،‬وكتاب‪ ،‬ورحمة وغير ذلك‪،‬‬
‫َ‬
‫وما يصعد إليها من ملك وكلمة طيبة‪ ،‬وعمل صالح وغير ذلك‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬يعل ُم َما يَل ُِج ِِف الر ِض َو َما‬
‫ِيم ال َغ ُف ُ‬ ‫ِيها َو ُه َو َ‬
‫الس َماءِ َو َما َيع ُر ُج ف َ‬ ‫َ ََ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ور}[سبأ‪ ،]2 :‬وهللا تعالى معكم أيها الناس‬ ‫الرح ُ‬ ‫زنل م َِن َ‬ ‫ي ُر ُج مِنها وما ي‬
‫بعلمه‪ ،‬وهللا تعالى بصير بأعمالكم ويجازيكم عليها‪.‬‬

‫ُۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬


‫ت َوٱلۡر ِض ِإَول ٱ ََّللِ تُ ۡر َج ُع ٱل ُِّ ُ‬ ‫ۡ‬‫ُ ُ ُ‬
‫كٱ َ َ‬ ‫َ‬
‫ور ‪} ٥‬‬ ‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬لۥ ِّل‬
‫يتصرف فيه ما يشاء‪ ،‬وجميع من في السماوات‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬وهلل تعالى وحده ملك السماوات واألرض‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ ُّ‬
‫لس َم ى َو ى ِت َوٱلۡر ِض إَِّل َء ِاِت ٱ َلرِنَٰمۡح َع ۡبدا ‪[} ٩٣‬مريم‪ ،]93 :‬وإلى‬
‫ُك َمن ِف ٱ َ‬
‫ِ‬ ‫واألرض عبيد له‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِن‬
‫هللا وحده ترجع جميع األمور‪.‬‬

‫ۡ َ َُ َ ُ‬
‫ِيم بذ ِ ُّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َُ ُ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ ۡ‬ ‫َ َ‬
‫ور ‪} ٦‬‬
‫ات ٱلصد ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يول ِج ٱَلل ِِف ٱلهارِ ويول ِج ٱلهار ِِف ٱَل ِل وهو عل ِ‬
‫الليل في النهار فيقصر الليل ويطول النهار‪ُ ،‬وي ْدخل َ‬
‫النهار في الليل فيقصر‬ ‫واملعنى‪ُ :‬ي ْدخل هللا تعالى َ‬
‫َ ۡ َ ُ َ ََ ۡ َ ۡ ُ َ َ ُۡ‬
‫َتَف ٱ ُّ‬
‫لص ُدورُ‬
‫ي وما ِ‬ ‫النهار ويطول الليل‪ ،‬وهللا عليم بما تكنه صدورهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬يعلم خائِنة ٱلع ِ‬
‫‪[}١٩‬غافر‪.]19 :‬‬
‫الليل َوأَ َن َ َ‬
‫اَّلل َس ِميع‬
‫َ‬
‫ِف‬ ‫ار‬
‫َ َ ََ ََ ُ ُ َ‬
‫اللي َل ِف الَ َهار َويُول ُِج الَ َه َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ذل ِك بِأن اَّلل يولِج‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بَ ِصري}[الحج‪.]61 :‬‬

‫ُ َ َُ َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ام ُنوا مِنك ۡم َوأنفقوا ل ُه ۡم أ ۡجر‬ ‫ي فِيهِ فَٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫كم ُِّّ ۡس َت ۡخلَفِ َ‬
‫َ َ ََ ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ءام ُِنوا ب ِٱ ََّللِ َو َر ُس ِ‬
‫ولِۦ َوأنفِقوا ِِّما جعل‬
‫َ‬
‫كبِري ‪} ٧‬‬

‫َ َ َ ُ ۡ َ ُ ۡ ُ َ َ َ َ ُ ُ َ ۡ ُ ُ ۡ ُ ۡ ُ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َىَ ُ‬
‫ك ۡم إن ُك ُ‬
‫نتم ُِّّ ۡؤ ِمن َ‬
‫ِي‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وما لكم َّل تؤمِنون ب ِٱَّللِ وٱلرسول يدعووُكم ِِلؤمِنوا بِربِكم وقد أخذ مِيٰق‬
‫‪}٨‬‬
‫واملعنى‪ :‬وأي عذر يمنعكم عن اإليمان باهلل تعالى‪ ،‬والرسو ُل يدعوكم إلى اإليمان برّبكم‪ ،‬وقد أخذ هللا‬
‫آد َم مِن ُظ ُهورهِم ُذر َي َتهمُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تعالى ميثاقكم في عالم الذر على اإليمان‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ{ :‬إَوذ أخذ ربك مِن ب ِن‬
‫ََ ُ َ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ ََ َ ُ‬ ‫َ‬
‫كم قالوا بََل َشهدنَا}[األعراف‪ْ ،]172 :‬إن كنتم مؤمنين باهلل تعالى حق اإليمان‪.‬‬ ‫َوأش َه َدهم لَع أنف هم ألست برب‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫سِ ِ‬
‫َ ََ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ُ { :‬ه َو ٱ ََّلِي يُ َزن ُل َ َ ى َ ۡ‬
‫َّلل بِك ۡم ل َر ُءوف‬ ‫لَع عب ِده ِۦ َءاي ىت َبيِنىت َِلُخرِ َجكم م َِن ٱلظلم ى ِ‬
‫ت إِل ٱلُّورِ ِإَون ٱ‬ ‫ِ‬
‫َرحِيم ‪} ٩‬‬
‫واملعنى‪ :‬هو هللا تعالى الذي ينزل على عبده محمد صلى هللا عليه وسلم آيات واضحاب من القرآن‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫الكريم ليخرجكم أيها الناس به من ظلمات الكفر إلى نور اإليمان‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬الر ك َِتاب أن َزلَ ُاه إَِلك‬
‫الميد}[إبراهيم‪ّ ،]1 :‬‬‫اط ال َعزيز َ‬ ‫الظلُ َمات إ َل الُّور بإذن َربهم إ َل َ‬
‫َص ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ َ َ َ ُّ‬
‫ِلِ خرج الاس مِن‬
‫وإن هللا تعالى بكم لكثير‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الرأفة والرحمة‪.‬‬

‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َى ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك ۡم َأ ََّل تُنفِ ُقوا ِف َ‬


‫ََ َ ُ‬
‫ت َوٱلۡر ِض َّل ي َ ۡس َتوِي مِنكم َم ۡن أنف َق مِن‬ ‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ثٱ َ َ‬ ‫يل ٱَّللِ َو َِّللِ مِير‬ ‫ب‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫س‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وما ل‬
‫َ ُ َ‬ ‫ن َوٱ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫نف ُقوا مِن َب ۡع ُد َو َق ى َتلُ روا َو ُُك َو َع َد ٱ َ ُ‬ ‫َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َى َ ۡ َ َ‬
‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫َّلل ب ِ َما ت ۡع َملون‬ ‫ل ۡس َ ى‬
‫َّلل ٱ ُ‬ ‫ق ۡب ِل ٱلف ۡتحِ َوق ى َتل ر أولئِك أعظ ُم د َر َجة م َِن ٱَّلِين أ‬
‫َخبِري ‪} ١٠‬‬
‫واملعنى‪ :‬وأي عذر يمنعكم من اإلنفاق في سبيل هللا تعالى‪ ،‬وهلل تعالى وحده ميراث السموات واألرض‬
‫َ َ‬
‫يرث كل ما فيهما‪ ،‬فال تخشوا الفقر باإلنقاق‪ ،‬ألن هللا تعالى يخلف ما أنفقتم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما أنفق ُتم مِن‬
‫ّ‬

‫الرازِق ِي ََ}[سبأ‪ ،]29 :‬ال يستوي في األجر من أنفق منكم قبل فتح مكة وقاتل الكفار‪،‬‬ ‫َيش ٍء َف ُه َو ُيل ُِف ُه َو ُه َو َخ ُ‬
‫ري َ‬

‫أولئك أعظم درجة عند هللا تعالى من الذين أنفقوا من بعد فتح مكة وقاتلوا الكفار‪ ،‬وكال من هذين الفريقين‪،‬‬
‫َ َ َُ َ‬ ‫اَّللِ َو َ ُ َ‬
‫َ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ون}[آل‬ ‫صري بِما يعمل‬
‫اَّلل ب ِ‬ ‫وعد هللا تعالى الجنة مع تفاوت درجاتهم فيها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬هم د َر َجات عِند‬
‫عمران‪ ،]163 :‬وهللا تعالى بما تعملون خبير‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬


‫َّلل ق ۡرضا َح َسنا ف ُي َض ىعِ َف ُهۥ ُلۥ َو ُلۥ أ ۡجر ك ِريم ‪} ١١‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬من ذا ٱَّلِي ُيقر ُض ٱ َ َ‬
‫ِ‬
‫من هذا املؤمن الصادق في إيمانه الذي يبذل ماله وينفقه في سبيل هللا وفي وجوه الخير‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫َ َ‬
‫كمساعدة األمة اإلسالمية بما يفيدها‪ ،‬فيضاعف هللا له ثوابه أضعافا كثيرة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬من ذا ٱَّلِي‬
‫َ‬
‫َ َ َ َُ َۡ ُ َ َۡ ُ ُ َۡ ُۡ َ ُ َ‬ ‫َ َ َ َ َ ۡ‬ ‫ُۡ ُ ََ َ‬
‫ون ‪[} ٢٤٥‬البقرة‪ ،]245 :‬وله‬ ‫َّلل ق ۡرضا َح َسنا ف ُيض ىعِف ُهۥ ُلۥ أض َعافا كثِرية ر وٱَّلل يقبِض ويبصط ِإَوَلهِ ترجع‬ ‫يق ِرض ٱ‬
‫أجر كريم في الجنة‪.‬‬

‫َۡ‬ ‫ُۡ َ ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ َ ُ ُ ُ َۡ َ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يَ ۡو َم تَ َرى ٱل ۡ ُم ۡؤ ِمن َ ۡ ۡ َ‬


‫شى ىك ُم ٱَلَ ۡو َم َج َنىت ت ِري ِمن‬‫ي أيۡدِي ِه ۡم َوبِأيۡ َم ىن ِ ِهم ب‬ ‫ع نورهم ب‬‫ت يس ى‬ ‫ِي َوٱل ُمؤمِنى ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ ى َ َ َى َ ُ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ‬
‫تتِها ٱلنه ىر خ ِِلِين فِيها ر ذل ِك هو ٱلفوز ٱلع ِظيم ‪} ١٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬يوم ترى أيها الناظر املؤمنين واملؤمنات يتحرك نورهم معهم من أمامهم‪ ،‬ووتعطى كتبهم من جهة‬
‫وت ك َِتابَ ُه ب َي ِمينِهِ (‪ )7‬فَ َسو َف ُيَ َ‬ ‫َََ َ ُ‬
‫ب ح َِسابا‬
‫اس ُ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫أيمانهم‪ ،‬تشريفا وتكريما لهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فأما من أ ِ‬
‫ي َ ِسريا}[االنشقاق‪ ،]7-8 :‬ويقال لهم‪ :‬بشراكم اليوم دخول جنات تجري من تحت غرفها وأشجارها األنهار‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫ت َع ۡدن يَ ۡدخلون َها َو َمن َصل َح م ِۡن‬ ‫خالدين فيها خلودا أبديا‪ ،‬ذلك هو الفوز العظيم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ج َنى ُ‬
‫ب ُت ۡم فَن ِۡع َم ُع ۡق َب ٱ َ‬ ‫َ َى َ َ ۡ ُ‬
‫كم ب َما َص َ ۡ‬ ‫َ َ ۡ َ َ ۡ َ ى ۡ َ ُ َى ۡ َ ۡ َ َ ى َ ُ َ ۡ ُ ُ َ‬
‫ون َع َل ۡيهم مِن ُُك بَ‬
‫ار‬
‫ِ‬ ‫َل‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫‪٢٣‬‬ ‫اب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ج ِهم وذرِيت ِ ِهم وٱلملئِكة يدخل‬
‫ءابائ ِ ِهم وأزو ِ‬
‫‪[}٢٤‬الرعد‪.]23-24 :‬‬

‫ُ‬
‫ج ُعوا َو َرا َءك ۡم‬ ‫ُّ ُ ۡ َ ۡ‬ ‫ُ ُ َ ََۡ ۡ‬ ‫ََۡ َُ ُ ُۡ َ ُ َ َ ُۡ َ َ ُ َ َ َ َُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يوم يقول ٱلمنىفِقون وٱلمنىفِقىت ل َِّلِين ءامنوا ٱنظرونا نقتبِس مِن نورِوُكم قِيل ٱر ِ‬
‫اب ‪}١٣‬‬ ‫ْح ُة َو َظىه ُرهُۥ مِن ق َِبلِهِ ٱ ۡل َع َذ ُ‬ ‫ُض َب بَ ۡي َن ُهم ب ُسور َ ُلۥ بَ ُ‬
‫اب بَاط ُِن ُهۥ فِيهِ ٱ َلر ۡ َ‬ ‫فَٱ ِۡلَم ُسوا نُورا فَ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها العاقل يوم يقول املنافقون واملنافقات للذين آمنوا‪ ،‬على سبيل التحسر‪ :‬انتظرونا‬
‫في سيركم لكي نلحق بكم‪ ،‬فنستنير باالقتباس من نوركم الذي أكرمكم هللا تعالى به‪ ،‬قال املؤمنون للمنافقين‬
‫مستهزئين بهم‪ :‬ارجعوا وراءكم فالتمسوا منه النور‪ ،‬فضرب بين املؤمنين وبين املنافقين بحاجز عظيم له باب‬
‫باطن يلي املؤمنين فيه الجنة‪ ،‬وله باب ظاهر يلي املنافقين من جهته العذاب‪.‬‬
‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وهذا من استهزاء هللا تعالى باملنافقين املخبر عنه في قوله‪ { :‬ٱ َ ُ‬
‫َّلل ي َ ۡس َت ۡه ِز ب ِ ِه ۡم َويَ ُم ُّده ۡم ِِف ُطغ َيىن ِ ِه ۡم‬
‫َۡ َُ َ‬
‫ون ‪[} ١٥‬البقرة‪]15 :‬‬ ‫ي ع مه‬

‫َ ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ُ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ َ ُ ۡ َ ُ َ َى َ َى َ ُ ۡ َ َ ُ َ ُ‬


‫نت ۡم أنف َسك ۡم َوت َر َب ۡص ُت ۡم َوٱ ۡرت ۡب ُت ۡم َوغ َرتك ُم‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بَل ولكِنكم فت‬
‫ۡ َ َ ُّ َ َ ى َ َ َ ۡ ُ َ َ َ َ ُ‬
‫كم بٱ ََّللِ ٱ ۡل َغ ُر ُ‬
‫ور ‪} ١٤‬‬ ‫ِ‬ ‫ان حت جاء أِّر ٱَّللِ وغر‬ ‫ٱلم ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ينادي املنافقون املؤمنين نداء حسرة‪ ،‬فقالوا لهم‪ :‬ألم نكن معكم في الدنيا‪ ،‬وننطق‬
‫ّ‬
‫بالشهادتين كما تنطقون؟ ونصلي كما تصلون‪ ،‬ونقف معكم بعرفات؟ قال املؤمنون لهم‪ :‬بلى‪ ،‬كنتم معنا في‬
‫ولكنكم أهلكتم أنفسكم بالنفاق الذي هو كفر باطن‪ ،‬وإسالم ظاهر‪ ،‬وانتظرتم‬ ‫الدنيا في العبادات في الظاهر‪ّ ،‬‬
‫وقوع املصائب باملؤمني ن‪ ،‬وشككتم في البعث بعد املوت‪ ،‬وخدعتكم اآلماني الباطلة‪ ،‬وبقيتم على ذلك كله حتى‬
‫ُ‬
‫جاءكم قضاء هللا تعالى فيكم باملوت‪ ،‬وخدعكم في سعة رحمة هللا الشيطان‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما يَعِ ُده ُم‬
‫َ َ َ ُ‬
‫يط ُن إَِّل غ ُرورا}[النساء‪.]120 :‬‬ ‫الش‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ََُر َ َ ى ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬
‫ص ُ‬
‫ري ‪}١٥‬‬ ‫ار ِ َ َ‬
‫ه ِّ ۡولى ىك ۡم َوبِئ َس ٱل َم ِ‬ ‫ك ُم ٱ َل ُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فٱَلَ ۡو َم َّل يُؤخذ مِنك ۡم ف ِۡديَة َوَّل م َِن ٱَّلِين كفروا مأوى‬
‫فاليوم‪ ،‬ال تقبل منكم أيها املنافقون فداء‪ ،‬وال من الذين كفروا باهلل وبرسوله‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫َ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫َ َ ُ ۡ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ ُ َ َ َى َ َ َ ُ ۡ ُ َ ُ َ‬ ‫تزي َن ۡفس َعن َن ۡفس َ ۡ‬ ‫َ َُ َۡ َ َۡ‬
‫نُصون ‪١٢٣‬‬ ‫يشٔٔا وَّل يقبل مِنها عدل وَّل تنفعها شفعة وَّل هم ي‬ ‫{ وٱتقوا يوما َّل ِ‬
‫َ‬ ‫َُ‬
‫}[البقرة‪ ،]123 :‬وقال تعالى‪ِ{ :‬إَون َتعدِل ُك َعد ٍل َّل يُؤ َخذ مِن َها}[األنعام‪ ،]70 :‬مأواكم النار‪ ،‬هي أولى بكم‪،‬‬
‫ْ‬
‫وبئس املصير الذي تصيرون إليه النار‪.‬‬

‫َ َ َ َ َ َ َ َۡ َ َ َ ُ ُ َ َ َ ُ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ََۡ َۡ َ َ َ َ َ َۡ َ ُُ‬


‫ام ُنوا أن َتش َع قلوبُ ُه ۡم َِّلِوُك ِر ٱَّللِ وما نزل مِن ٱل ِق وَّل يكونوا كٱَّل‬
‫ِين أوتوا‬ ‫قوله تعالى‪۞{ :‬ألم يأ ِن ل َِّلِين ء‬
‫ۡ ُ ۡ َى ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ت ُقل ُ‬ ‫َ‬
‫ب مِن َق ۡب ُل َف َط َال َعلَ ۡيه ُم ٱ ۡل َم ُد َف َق َس ۡ‬
‫ٱ ۡلك َِتى َ‬
‫ون ‪} ١٦‬‬ ‫وب ُه ۡم َووُكثِري مِنهم فسِق‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬لقد حان الوقت ْأن تخشع قلوب الذين آمنوا لذكر هللا وما نزل من القرآن الكريم‪ ،‬وحان‬
‫فبدلوا‬‫الوقت أيضا ْأن ال يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبلهم من اليهود والنصارى‪ ،‬حيث طال عليهم الزمن ّ‬
‫ُُ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ض ِهم مِيثاق ُهم ل َع َناهم َو َج َعل َنا قلوبَ ُهم‬
‫كالم هللا تعالى ونقضوا ميثاقهم‪ ،‬فقست قلوبهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فب ِ َما نق ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ ُ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫اض ِعهِ َون ُسوا َح ًّظا ِّ َِما ذك ُِروا بِهِ}[املائدة‪ ،]13 :‬وكثير من أهل الكتاب خارجون عن‬ ‫قاس َِية ي ِرفون الَك َِم عن َِّ َو ِ‬
‫الطاعة‪.‬‬

‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َۡ‬
‫ۡ ُ َ ََ ُۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ١٧‬‬ ‫ت ل َعلك ۡم ت ۡعقِل‬ ‫ۡ ََ‬
‫ح ٱلۡرض َبع َد َِّ ۡوت َِها ر قد بَينا لك ُم ٱٓأۡلي ى ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱعلموا أن ٱَّلل ي ِ‬
‫واملعنى‪ :‬اعلموا أيها أيها الناس ّأن هللا تعالى يحيي األرض باملطر بعد ما كانت هامدة ال نبات فيها‪ ،‬كما‬
‫َ َ ُ َ‬
‫ون}[الروم‪ ،]24 :‬قد‬ ‫ات ل ِقو ٍم يع ِقل‬ ‫الس َماءِ َماء َف ُيحي بهِ الَر َض َبع َد َِّوت َِها إ َن ِف َذل َِك َآليَ‬
‫قال تعالى‪َ { :‬ويُ َزن ُل م َِن َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ّبي ّنا اآليات والبراهين الواضحة لكم لعلكم تعقلون‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫َّلل ق ۡرضا َح َسنا يُ َض ى َع ُف ل ُه ۡم َول ُه ۡم أ ۡجر ك ِريم ‪} ١٨‬‬
‫ت َوأق َر ُضوا ٱ َ َ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن ٱل ُم َص ِدق َ‬
‫ِي َوٱل ُمصدِق ى ِ‬ ‫ِ‬
‫بأموالهن في سبيل هللا تعالى‪ ،‬وبذلوها وأنفقوها في وجوه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إن املتصدقين بأموالهم واملتصدقات‬ ‫ّ‬
‫َ َ َ‬ ‫ُۡ ُ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّلل ق ۡرضا َح َسنا ف ُيض ىعِف ُهۥ‬ ‫الخير‪ ،‬يضاعف هللا لهم ثوابهم أضعافا كثيرة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬من ذا ٱَّلِي يق ِرض ٱ‬
‫َ َ َ َُ َۡ ُ َ َۡ ُ ُ َۡ ُۡ َ ُ َ‬ ‫َ َ ۡ‬
‫ون ‪[} ٢٤٥‬البقرة‪ ،]245 :‬ولهم أجر كريم في الجنة‪.‬‬ ‫ُلۥ أض َعافا كثِرية ر وٱَّلل يقبِض ويبصط ِإَوَلهِ ترجع‬

‫ِين‬ ‫ِند َربه ۡم ل َ ُه ۡم أَ ۡج ُر ُه ۡم َونُ ُ‬


‫ور ُه ۡم َوٱ ََّل َ‬ ‫ُ َ َ ُّ‬
‫لش َه َدا ُء ع َ‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫ون‬ ‫ِيق‬
‫د‬ ‫لص‬
‫ِ‬ ‫ٱ‬ ‫م‬‫ك ُه ُ‬ ‫ُ َى َ‬
‫ئ‬ ‫ل‬ ‫و‬‫أ‬ ‫ۦ‬‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ام ُنوا بٱ ََّللِ َو ُر ُ‬
‫س‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُ َ ى َ َ ۡ َ ُ َۡ‬ ‫َ َ‬
‫ك َف ُروا َووُكذبُوا ِبَٔٔاي ىتِنا أولئِك أصحىب ٱل ِحي ِم ‪} ١٩‬‬ ‫َ‬

‫الصديقين‪ ،‬والشهداء عند ربهم لهم أجرهم‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬والذين آمنوا باهلل ورسله أولئك هم في منزلة‬
‫ّ‬
‫الكبير ونورهم العظيم عند هللا تعالى‪ ،‬والذين كفروا باهلل وبرسوله وكذبوا بآياتنا الواضحات أولئك أصحاب‬
‫الجحيم‪.‬‬
‫وهذه اآلية يبين صنفين من أصناف املؤمنين الذين أنعم هللا تعالى عليهم املذكورين في قوله تعالى‪:‬‬
‫ِي َو َح ُسنَ‬
‫ال َ‬ ‫َ َ ُّ‬
‫الش َهداءِ َو َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ ُ َ َُ َ َ َ َ َ َ َ َ َُ ََ‬ ‫َ ُ‬
‫الص ِ‬ ‫{ َومن ي ِطعِ اَّلل والرسول فأولئِك مع اَّلِين أنعم اَّلل علي ِهم مِن البِيِي و ِ‬
‫الصدِيقِي و‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫أولئ ِ َك َرفِيقا}[النساء‪.]69 :‬‬

‫َۡ َ َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َۡ َ َ َ َ ُ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ ۡعلَ ُموا أ َن َما ٱ ۡ َ‬
‫ينة َوتفاخ ُر بَ ۡي َنك ۡم َوتكاثر ِِف ٱل ۡم َو ى ِل َوٱل ۡول ى ِد ك َمث ِل‬‫ل َي ىو ُة ٱ َُّلن َيا ل ِعب ولهو و ِز‬
‫ََۡ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ ُ َ َ ََ ُُ ُ َ َ ُ َ ََ ىُ ُ ۡ َ ُ َ َ ُ ُ‬
‫ث أعجب ٱلكفار نباتهۥ ثم ي ِهيج فتىه ِّصفرا ثم يكون حطما و ِف ٱٓأۡلخِرة ِ عذاب شدِيد ومغفِرة مِن ٱَّللِ‬ ‫غي ٍ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ل َي ىوةُ ٱ َُّل ۡن َيا إَِّل َم َتى ُع ٱل ُغ ُرورِ ‪}٢٠‬‬
‫ن َو َما ٱ َ‬ ‫ۡ َ‬
‫َورِضو ى ر‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬اعلموا أيها الناس أنما الحياة الدنيا لعب يلعب به اإلنسان‪ ،‬ولهو تلهو به قلوبهم‪ ،‬وزينة يتزين‬
‫بها من أجل أن يكون في أعين الناس جميال‪ ،‬وتفاخر فيما بينكم باملناصب واألحساب واألعمال‪ ،‬وتكاثر في‬
‫َُ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ ََ‬ ‫ُ ُّ َ‬
‫ب‬‫ِري المقنطرة ِ مِن اَّله ِ‬
‫الش َه َو ِ َ‬
‫ات مِن النِساءِ والن ِي والقناط ِ‬ ‫األموال واألوالد‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬زي ِ َن ل َِلن ِ‬
‫اس حب‬
‫َُ ُ ُ َ‬ ‫َ َ َ ُ َ َ ُّ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َوالف َضةِ َو َ‬
‫آب}[آل عمران‪،]14 :‬‬ ‫ث ذل ِك متاع الياة ِ اَلنيا واَّلل عِنده حسن الم ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫الي ِل ال ُم َس َو َمةِ َوالن َع ِ‬
‫ام َو َ‬ ‫ِ‬
‫مصفرا بعد خضرته‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فهي كمثل مطر‪ ،‬أعجب الزراع النبات الحاصل به‪ ،‬ثم يهيج هذا النبات فييبس‪ ،‬فتراه‬
‫َ َ‬ ‫اَلنيا َكما ٍء َأن َزل ُاه م َِن َ‬
‫السماءِ فاخ َتل َط بِهِ‬ ‫ثم يكون هشيما متحتطما‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬واضب ل َ ُهم َم َث َل َ‬
‫الياة ِ ُّ‬
‫ِ‬
‫ُ َ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ُك يش ٍء ُمق َتدِرا}[الكهف‪ ،]45 :‬وفي اآلخرة عذاب شديد‬ ‫نبات الر ِض فأصبح هشِ يما تذروه ِ‬
‫الرياح وكن اَّلل لَع ِ‬
‫َ‬
‫املشترى بتغرير‪ ،‬وال يتشبع‬ ‫للكفار‪ ،‬ومغفرة كبيرة من هللا تعالى ورضوان للمؤمنين‪ ،‬وما الحياة الدنيا إال كاملتاع‬
‫به إال من اغتر بمظهره‪.‬‬

‫َ‬
‫ام ُنوا ب ِٱَّللِ‬ ‫لس َما ِء َوٱ ۡلَۡر ِض أُع َِد ۡت ل ََِّل َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫ك ۡم َو َج َنة َع ۡر ُض َها َك َع ۡر ِض ٱ َ‬
‫ٍ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬سابِقوا إ ِ ىل َمغفِ َرة مِن ر ِب‬
‫ۡ‬ ‫َ ََ ُ َ َُ ُ ۡ‬ ‫َ َ َ ۡ ُ َ ۡ‬
‫َّلل ذو ٱل َف ۡض ِل ٱل َع ِظي ِم ‪}٢١‬‬ ‫َو ُر ُسلِهرِۦ ذ ىل ِك فضل ٱَّللِ يُؤتِيهِ من يشاء ر وٱ‬
‫واملعنى‪ :‬وسابقوا وبادروا إلى ما يوصلكم إلى الظفر بمغفرة ّبكم ورحمته ورضوانه ّ‬
‫وجنته التي عرضها‬ ‫ر‬
‫كعرض السماء واألرض‪ ،‬والتي ُه ّيئت للمتقين الذين آمنوا باهلل ورسوله ونهوا أنفسهم عن الهوى‪ ،‬كما قال‬
‫ُ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ات َوالرض أعِدت ل ِلمتقِي}[آل عمران‪ ،]133 :‬ذلك‬
‫ُ‬ ‫كم َو َج َنة َعر ُض َها َ‬
‫الس َما َو ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ ُ َ َ َ‬
‫ٍ‬ ‫تعالى‪{ :‬وسارِعوا إِل مغفِر ٍة مِن رب ِ‬
‫فضل هللا تعالى يؤتيه من يشاء من عباده‪ ،‬وهللا تعالى ذو الفضل العظيم على املؤمنين‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َ ُ‬
‫اَّلل‬
‫ََ‬ ‫ُ َ‬
‫ذو فض ٍل لَع ال ُمؤ ِمن َِي}[آل عمران‪.]152 :‬‬

‫َ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ َى َ َ َ َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ ۡ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫صيبة ِِف ٱلۡر ِض وَّل ِِف أنف ِ‬
‫سكم إَِّل ِِف كِتب مِن قب ِل أن نبأها ر إِن ذل ِك لَع ٱَّلل ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ما أصاب مِن ِّ ِ‬
‫ي َ ِسري ‪} ٢٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬ما أصاب أحدكم أيها الناس من مصيبة كائنة في األرض كالقحط والزالزل أو كائنة في أنفسكم‬
‫كاألمراض والجوع إال وهذه املصائب مكتوبة في اللوح املحفوظ قبل ْأن نوجد هذه الخليقة‪ ،‬فكل ما في‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫السماوات واألرض مكتوب في اللوح املحفوظ‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ألَم َتعلَم أَ َن َ َ‬
‫اَّلل َيعلَ ُم ما ِف َ‬
‫السماءِ َوالر ِض إِن‬ ‫ِ‬
‫َ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اَّللِ يَسري}[الحج‪ّ ،]70 :‬إن كتابة علم هذه املصائب في لوح محفوظ أمر سهل على‬ ‫ذل ِك ِف كِتاب إن ذل ِك لَع‬
‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫هللا تعالى‪.‬‬

‫َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ َ ى َ َ َ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ َ ى ُ ۡ َ َ ُ َ ُ ُّ ُ َ ُ ۡ َ َ ُ‬
‫ور ‪} ٢٣‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ل ِكيل تأسوا لَع ما فاتكم وَّل تفرحوا بِما ءاتىكم وٱَّلل َّل يِب ُك ُّمتال فخ ٍ‬
‫واملعنى‪ :‬لكي ال تحزنوا على ما فاتكم من نعيم الدنيا‪ ،‬وال تفرحوا بما آتاكم فرح بطر‪ ،‬وهللا تعالى ال‬
‫يحب كل ّ‬
‫متكبر بما أوتي من النعم‪ ،‬فخور به على غيره‪.‬‬
‫ّ‬
‫وتغتموا‪ ،‬ومنه قوله تعالى حكاية عن شعيب‬ ‫ومعنى قوله‪{ :‬لكيل تَأ َسوا} في هذه اآلية أي لكيال تحزنوا‬
‫َ َ‬ ‫َ ََ َ ُ َ ُ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ت لكم فكيف آس لَع قو ٍم‬ ‫ساَّلت ر ِب ونصح‬
‫ِ‬ ‫عليه السالم‪{ :‬ف َت َول عن ُهم َوقال يا قو ِم لقد أبلغ ُتكم ِر‬
‫ّ‬
‫وأغتم عليهم‪.‬‬ ‫ين}[األعراف‪ ،]93 :‬أي فكيف أحزن‬ ‫َكف ِر َ‬
‫ِ‬
‫‪.‬‬
‫لم ُ‬ ‫ۡ‬ ‫اس بٱ ۡ ُل ۡخل َو َمن َي َت َو َل َفإ َن ٱ َ َ‬
‫َّلل ُه َو ٱ ۡل َغ ِ ُّ‬ ‫َ َ َۡ َ ُ َ ََُُۡ َ‬
‫ون ٱ َل َ‬
‫يد ‪} ٢٤‬‬ ‫نٱ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِين يبخلون ويأِّر‬
‫واملعنى‪ :‬الذين يبخلون بما في أيديهم وال يكتفون بالبخل بأموالهم‪ ،‬بل يأمرون غيرهم بذلك‪ْ ،‬‬
‫ومن‬
‫فإن هللا تعالى هو الغني عن إنفاقهم‪ ،‬الحميد في جميع‬ ‫يعرض عن أمر هللا تعالى باإلنفاق‪ ،‬ويبخل بما في يده‪ّ ،‬‬
‫سهِ َو َ ُ‬ ‫َُ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َُ‬
‫اَّلل‬ ‫يضرهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬من َيبخل َو َمن َيبخل فإِن َما َيبخل عن نف ِ‬
‫يضره بخلهم بل هو ّ‬ ‫أفعاله‪ ،‬فال ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُّ َ َ ُ ُ ُ َ‬
‫الغ ِن وأنتم الفقراء}[‪.]3[38‬‬

‫لد َ‬
‫ِيد‬ ‫اس بٱ ۡلقِ ۡس ِط َوأَ َ‬
‫نز ۡلَا ٱ ۡ َ‬ ‫وم ٱلَ ُ‬ ‫ََ ۡ َۡ َ َۡ ُ ُ ََ َۡ َى ََ َ َۡ َ َ ُ ُ ۡ َى َ َ ۡ َ َ‬
‫ان َِلَ ُق َ‬ ‫ت وأنزلا معهم ٱلكِتب وٱل ِمَي‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬لقد أرسلنا رسلنا ب ِٱليِن ِ‬
‫ِ‬
‫َ ََ َ‬
‫َّلل قوِ يي َع ِزيز ‪} ٢٥‬‬ ‫ب إِن ٱ‬ ‫نُصهُۥ َو ُر ُسلَ ُهۥ بٱ ۡل َغ ۡ‬
‫ي‬ ‫اس َو َِلَ ۡعلَ َم ٱ َ ُ‬
‫َّلل َمن يَ ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫فِيهِ بَأۡس َشدِيد َو َم َنىف ُع ل َ‬
‫ِلن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬لقد أرسلنا رسلنا باملعجزات والحجج القاطعات وأنزلنا معهم الكتاب وامليزان ليتعامل الناس‬
‫َ َ َ َ َ‬
‫اء َرف َع َها‬‫بينهم بالقسط واإلنصاف وعدم الطغيان في جميع أمورهم الدينية والدنيوية‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬والسم‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ان}[الرحمن‪ ،]7-9 :‬وأنزلنا‬ ‫ِيموا ال َوز َن بالقِس ِط َوَّل َت ِ ُ‬
‫ّسوا ال ِمَي‬ ‫َ‬
‫َيان (‪َ )8‬وأق ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ووضع ال ِمَيان (‪ )7‬أَّل تطغوا ِِف ال ِم ِ‬
‫من ينصر دينه‬ ‫الحديد فيه قوة شديدة‪ ،‬ومنافع متنوعة للناس‪ ،‬وفعل هللا تعالى ذلك ليعلم علما ظاهرا ْ‬
‫ورسله بالغيب‪ّ ،‬إن هللا تعالى قوي قاهر ال يقهر‪ ،‬عزيز غالب ال يغلب‪.‬‬

‫ۡ ُ ۡ َى ُ َ‬
‫ون ‪}٢٦‬‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ ُّ ُ َ َ َ ۡ َ ى َ َ‬
‫ب ف ِم ۡن ُهم ُِّّ ۡه َتد َووُكثِري مِنهم فسِق‬
‫ۡ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ولَ َق ۡد أَ ۡر َس ۡل َنا نُوحا ِإَوبۡ َر ىه َ‬
‫ِيم َو َج َعل َنا ِِف ذرِيت ِ ِهما ٱلبوة وٱلكِت‬
‫واملعنى‪ :‬ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم عليهما السالم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب‪ ،‬فلم يكن نبي‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫بٔن مِن ذرِ َيةِ َءاد َم َوِّ َِم ۡن‬ ‫ك ٱ ََّلِي َن َأ ۡن َع َم ٱ َ ُ‬
‫َّلل َعلَ ۡيهم م َِن ٱلَ‬ ‫ُ َى َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫بعثه هللا تعالى إال من ذريتهما‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬أولئ ِ‬
‫َ‬ ‫ِيل َوِّ َِم ۡن َه َد ۡي َنا َوٱ ۡج َتبَ ۡي َنا ر إ َذا ُت ۡت َ ىَل َعلَ ۡيه ۡم َء َاي ى ُ‬
‫ُ َ ۡ َ ى َ ۡ َى َ‬ ‫ُ‬ ‫ََۡ‬
‫ت ٱ َلرِنَٰمۡح خ ُّرواِۤ ُس َجداِۤ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْحل َنا َم َع نوح َومِن ذرِيةِ إِبرهِيم ِإَوسء‬
‫كيا۩ ‪[} ٥٨‬مريم‪ ،]58 :‬فمن ذريتهما مهتد إلى الحق والرشد‪ ،‬وكثير منهم فاسقون خارجون عن طاعة هللا‬ ‫َوبُ ِ‬
‫تعالى‪.‬‬

‫يل َو َج َع ۡل َنا ِف قُلُوب ٱ ََّل َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ ۡ َ َ َ َ ََۡ ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َ ََََۡ‬ ‫ُ َ َ َ ۡ َ ََى َ َ‬


‫ِين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لَع ءاث ى ِرهِم بِرسل ِنا وقفينا بِعِيس ٱب ِن ِّريم وءاتينىه ٱ ِإل ِ‬
‫ن‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ثم قفينا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ٱ َت َب ُعوهُ َرأۡفَة َو َر ۡ َ‬
‫ْحة ر َو َره َبان َِية ٱ ۡب َت َد ُعوها َما ك َت ۡب َنى َها َعل ۡي ِه ۡم إَِّل ٱبۡتِغا َء ِرض َو ى ِن ٱَّللِ ف َما َر َع ۡوها َح َق ِر ََعيَت ِ َها فَٔٔات ۡي َنا‬
‫ۡ ُ ۡ َى ُ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ٱ ََّل َ‬
‫ون ‪} ٢٧‬‬ ‫ام ُنوا م ِۡن ُه ۡم أ ۡج َره ۡم َووُكثِري مِنهم فسِق‬ ‫ِين َء َ‬

‫واملعنى‪ :‬ثم أتبعنا على آثارهم برسلنا‪ ،‬وأتبعنا على آثارهم بعيس ى ابن مريم عليه السالم‪ ،‬وآتيناه‬
‫ولينا في الطبع‪ ،‬ورحمة بالخلق متوادين فيما بينهم‪ ،‬كما قال‬ ‫اإلنجيل‪ ،‬وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه لطفا ّ‬
‫ََ َ‬ ‫س َ‬ ‫َََ َ َ َ َ َُ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫ي َو ُره َبانا َوأن ُهم َّل‬ ‫ي‬
‫ِ ِ‬ ‫ِس‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫ُ‬
‫ه‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ن‬ ‫جدن أقربهم ِّودة ل َِّلِين آمنوا اَّلِين قالوا إِنا نصارى ذل ِك بِأ‬
‫تعالى‪{ :‬وِل ِ‬
‫َ َ ُ َ‬
‫ون}[املائدة‪ ،] 82 :‬وقد ابتدعوا الرهبانية من جهة أنفسهم‪ ،‬ما شرعناها لهم‪ ،‬بل التزموا بها قاصدين‬ ‫يستك ِب‬
‫بها ابتغاء رضا هللا تعالى‪ ،‬قم ا قاموا بها حق القيام‪ ،‬فآتينا الذين آمنوا منهم باهلل وبرسوله إيمانا صادقا أجرهم‬
‫حسب إيمانهم‪ ،‬وكثير من هؤالء املترهبين خارجون عن طاعة هللا تعالى‪.‬‬

‫ََ ۡ َ َ ُ ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ََ َ َ ُ َ ُ ِِ ُۡ ُ ۡ ۡ َۡ‬ ‫َى َ ُّ َ َ َ َ َ ُ َ ُ‬


‫ي مِن رْحتِهِۦ ويجعل لكم نورا‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱَّلِين ءامنوا ٱتقوا ٱَّلل وءامِنوا بِرسولۦ يؤت ِكم كِفل ِ‬
‫ََۡ ۡ َ ُ ۡ َ َُ َ‬
‫َّلل غ ُفور َرحِيم ‪}٢٨‬‬ ‫َ ُ َ‬
‫ت ۡمشون بِهِۦ ويغفِر لك رم وٱ‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل وبرسوله من مؤمني أهل الكتاب اتقوا هللا تعالى بامتثال أوامره‬
‫واجتناب نواهيه‪ ،‬وآمنوا برسوله صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬يعطكم نصيبين من رحمته‪ ،‬ويجعل لكم نورا تهتدون‬
‫به‪ ،‬ويغفر لكم ذنوبكم‪ ،‬وهللا تعالى غفور لعباده املؤمنين‪ ،‬رحيم بهم‪.‬‬
‫َ ُ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُّ َ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬يا أيها اَّلِين آمنوا إِن تتقوا اَّلل ُيعل لكم فرقانا ويكفِر عنكم‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫اَّلل ذو ال َفض ِل ال َع ِظي ِم}[األنفال‪.]29 :‬‬
‫كم َو َ ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َسيِئَات ِكم َويَغفِر ل‬

‫َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ ََ َۡ ۡ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫لَع َ ۡ‬ ‫َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ ُ ۡ َى ََ َ ۡ ُ َ‬
‫ون َ َ ى‬
‫يشء مِن فض ِل ٱَّللِ َوأن ٱلفضل ب ِ َي ِد ٱَّللِ يُؤتِيهِ َمن يَشا ُ رء‬ ‫ب أَّل يقدِر‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬لل يعلم أهل ٱلكِت ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ َُ ُ ۡ‬
‫َّلل ذو ٱل َف ۡض ِل ٱل َع ِظي ِم ‪}٢٩‬‬ ‫وٱ‬
‫واملعنى‪ :‬ليعلم أهل الكتاب الذين لم يؤمنوا باهلل وبرسوله صلى هللا عليه وسلم ّأنهم ال يقدرون على‬
‫ش يء مما أعطاه هللا تعالى من فضل يكسبونه ألنفسهم أو يمنحونه لغيرهم‪ ،‬وليعلموا ّأن الفضل ومنه النبوة‬
‫والعلم والتقوى كله بيده هللا تعالى يعطيه من يشاء من عباده‪ ،‬وهللا تعالى ذو الفضل الكبير والعطاء الكثير‬
‫على عباده‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫قال اإلمام الطبري‪ِ { :‬لل يعل َم} إنما هو ليعلم‪ :‬وذكر أن ذلك في قراءة عبد هللا ِ"لك ْي يعلم أه ُل ِ‬
‫تاب‬ ‫َْ َ ْ‬ ‫ّ‬
‫الك ِ‬
‫مصرح‪ ،‬كقوله في الجحد‬ ‫كل كالم دخل في ّأوله أو آخره جحد غير ّ‬ ‫ألن العرب تجعل "ال" صلة في ّ‬ ‫ون"‪ّ ،‬‬ ‫أال َي ْقد ُر َ‬
‫ِ‬
‫ََ ُ ُ ُ َََ َ‬ ‫ََ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َََ َ َ َ‬ ‫السابق‪ ،‬الذي لم ّ‬
‫يصرح به {ما منعك أَّل تسجد إِذ أِّرتك}[األعراف‪ ،]12 :‬وقوله‪{ :‬وما يشعِركم أنها إِذا‬
‫َ َ َ ََ َ َ َ َ َ َ‬
‫اءت َّل يُؤم ُِنونَ}[األنعام‪ ،]109 :‬وقوله‪{ :‬وحرام لَع قرية أهلكن‬ ‫َج َ‬
‫َ‬
‫اها}[األنبياء‪ ..]95 :‬اآلية‪ ،‬ومعنى ذلك‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫أهلكناها أنهم يرجعون‪.‬‬
‫ُ َُ َُ َ‬
‫سورة اْلجادلة‬
‫وهي مكية وعدد آياتها ثمان وثمانون‬

‫َ َ‬ ‫َ َ َ َُ َۡ َ ُ ََ ُ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َۡ َ َ َُ ََۡ َ ُ َ ُ َ‬


‫صري‬ ‫َّلل َسم ُ َ‬
‫يع ب ِ‬ ‫او َروُك َما ر إِن ٱ َ ِ‬‫ج َها َوتش َت ِك إِل ٱَّللِ وٱَّلل يسمع ت‬ ‫َۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قد س ِمع ٱَّلل قول ٱل ِت تجىدِلك ِِف زو ِ‬
‫‪}١‬‬

‫َ َ ُ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َى‬ ‫ۡ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬


‫ِين يُظى ِه ُرون مِنكم مِن ن َِسائ ِ ِهم َما ه َن أ َم َه ىت ِ ِه ۡم إِن أ َم َه ى ُت ُه ۡم إَِّل ٱلـِي َو َۡلن ُه ۡ رم ِإَون ُه ۡم َلَقولون‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّل‬
‫َ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫َّلل ل َع ُف يو غ ُفور ‪} ٢‬‬ ‫ُمنكرا م َِن ٱلق ۡو ِل َو ُزور را ِإَون ٱ‬
‫علي كظهر ّأمي" في‬
‫"أنت ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬الذين يظاهرون منكم أيها املؤمنون من زوجاتهم‪ ،‬فيقولون لهن‪ِ :‬‬
‫ولدنهم‪ّ ،‬‬
‫وإن هؤالء‬ ‫لسن أمهاتهم‪ّ ،‬إنما أمهاتهم الالتي ْ‬
‫حرمة النكاح‪ ،‬قد خالفوا ما شرعه هللا تعالى‪ ،‬فزوجاتهم َ‬
‫املظاهرين من زوجاتهم ليقولون قوال منكرا وكاذبا‪ّ ،‬‬
‫وإن هللا تعالى لكثير العفو عن عباده وكثير املغفرة لعباده‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يشاء}[النساء‪.]48 :‬‬ ‫التائبين وملن يشاء منهم بغير التوبة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ويَغفر َما دون ذلك ل ِمن‬

‫َ ُ ُ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ۡ َُ َُ ُ َ َ َ ُ ََ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ير َرق َبة مِن ق ۡب ِل أن َي َت َما َسا ر ذ ىل ِك ۡم توعظون‬‫ِين يُظى ِه ُرون مِن ن ِسائ ِ ِهم ثم يعودون ل ِما قالوا فتح ِر‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّل‬
‫َ َُ َ َۡ َُ َ‬
‫ون َخبِري ‪} ٣‬‬ ‫بِهِرۦ وٱَّلل بِما تعمل‬

‫ام َش ۡه َر ۡين ُم َت َتاب َع ۡي مِن َق ۡبل أَن َي َت َما َسا َف َمن ل َ ۡم ي َ ۡس َتط ۡع فَإ ۡط َعا ُم سِت ِ َ‬
‫ي ِّ ِۡسكِينا ر‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ف َمن ل َ ۡم َُي ۡد فَص َي ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ ۡ‬
‫ود ٱ ََّللِ َول ِلك ىفِ ِرين عذاب أ َِلم ‪} ٤‬‬ ‫َ َ َ ُ ِِ َ َ ُ ُ ُ‬
‫ذ ىل ِك ِِلُؤم ُِنوا ب ِٱَّللِ ورسولرۦ وت ِلك حد‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فمن لم يجد رقبة لعدم وجود الرقيق في زماننا أو يجدها ولم يتمكن من اشترائها لزيادة قيمتها‬
‫عن قدر كفايته‪ ،‬فالواجب عليه صيام شهرين متتابعين من قبل ْأن يجامع زوجته‪ ،‬فمن لم يستطع الصيام‬
‫بيناه لكم من أجل ْأن تؤمنوا باهلل ورسوله‪،‬‬‫لعذر شرعي فعليه إطعام ستين مسكينا بما يشبعهم‪ ،‬ذلك الذي ّ‬
‫وتلك األحكام حدود هللا تعالى فال تتجاوزا حدوده‪ ،‬وللكافرين الذين يتجاوزونها عذاب مؤلم‪.‬‬
‫قا ل الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬وأطلق الكافر على متعدي الحدود تغليظا وزجرا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َمن‬
‫ن َعن العالم َ‬ ‫َ‬‫ك َف َر فإ َن َ َ‬
‫اَّلل غ ِ ي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي}[آل عمران‪.]97 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َۡ ۡ ََۡ َ َۡ‬ ‫ت ٱ ََّل َ‬ ‫َّلل َو َر ُس َ ُ‬
‫ولۥ ُكب ُتوا َك َما ُكب َ‬ ‫َ َ َ ُ َ ُّ َ‬
‫ون ٱ َ َ‬
‫نزلَا َءاي ىت َبي ِ َنىت‬ ‫ِين مِن قبل ِ ِه رم وقد أ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلِين ياد‬
‫َ ۡ َى َ َ‬
‫ين َعذاب ُِّّ ِهي ‪} ٥‬‬‫ول ِلكفِ ِر‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن الذين يعادون هللا تعالى ورسوله ويخالفون أمرهما‪ ،‬خذلوا كما خذل الذين من قبلهم من‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ُ َ ُّ َ َ َ َ َ ُ َ ُ ُ َ‬
‫ول أولئ ِ َك ِِف الذل َِي}[املجادلة‪ ،]20 :‬وقد أنزلنا‬ ‫األمم املاضية‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِن اَّلِين يادون اَّلل ورس‬
‫للناس آيات واضحات وحججا قاطعات‪ ،‬وللكافرين عذاب مخزيهم ومهينهم‪.‬‬
‫َ‬
‫ي ُل ال ُه َدى َويَ َتبع َغ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ول مِن َبع ِد َما َت َب َ َ‬ ‫َ‬
‫ري َسبيل ال ُمؤ ِمن َ‬
‫ِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َمن يُشاق ِِق الرس‬
‫َ‬
‫نُ َو ِلِ َما تَ َول َونُصلِهِ َج َه َن َم َو َس َ‬
‫اءت َِّ ِصريا}[النساء‪.]115 :‬‬

‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬


‫يشء َش ِهيد ‪}٦‬‬
‫لَع ُك ۡ‬ ‫ۡ َ ُ َُ َ ُ ُ َ َُ‬ ‫َُ ُُ َ َ‬ ‫ََۡ َۡ َُُ ُ َُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يوم يبعثهم ٱَّلل ۡجِيعا فينبِئهم بِما ع ِمل روا أحصى ىه ٱَّلل ونسوهر وٱَّلل ى ِ‬

‫َ‬ ‫ََۡ ى ََ َ َ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬أل َ ۡم تَ َر أَ َن ٱ َ َ‬


‫َّلل َي ۡعلَ ُم َما ِف ٱ َ‬
‫ى ثل ىث ٍة إَِّل ه َو َراب ِ ُع ُه ۡم َوَّل‬ ‫ت َو َما ِِف ٱلۡر ِض َما يَكون مِن نو‬ ‫لس َم ى َو ِى‬ ‫ِ‬
‫َۡ َ َى َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ َ َ َ ُ ۡ ۡ َ َ ُ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َى َ‬ ‫َۡ َ َ ُ َ َ ُ ُ ۡ ََ َۡ َ‬
‫ى‬
‫خس ٍة إَِّل هو سادِسهم وَّل أدن مِن ذل ِك وَّل أكَّث إَِّل هو معهم أين ما َكنوا ثم ينبِئهم بِما ع ِملوا يوم ٱلقِيمةِ إِن‬
‫يش ٍء َعل ِيم ‪} ٧‬‬ ‫كل َ ۡ‬‫ََ ُ‬
‫ٱَّلل ب ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ألم تعلم ّأن هللا تعالى يعلم ما في السماوات وما في األرض‪ ،‬ما يتناجى ثالثة أشخاص بحديث‬
‫إال هو رابعهم بعلمه‪ ،‬وال خمسة إال هو سادسهم بعلمه‪ ،‬وال ّ‬
‫أقل من الثالثة وال أكثر من الخمسة إال هو معهم‬
‫شر يوم القيامة‪ّ ،‬إن هللا‬
‫بعلمه في أي زمان وفي أي مكان كانوا‪ ،‬ثم يخبرهم هللا تعالى بجميع أعمالهم من خير أو ّ‬
‫تعالى بكل ش يء عليم‪.‬‬
‫َ‬
‫َ َ َُ َ ََ َ َُ َ ُ َ َ َ ُ َ َ ََ َ ُ ُُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وب}[التوبة‪:‬‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ألم يعلموا أن اَّلل يعلم ِسهم ونواهم وأن اَّلل علم الغي ِ‬
‫َ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ ى ُ َ َى َ ُ ُ ُ َ َ َ ۡ ۡ َ ۡ ُ ُ َ‬
‫ون ‪[}٨٠‬الزخرف‪.]80 :‬‬ ‫‪ ،]78‬وقوله تعالى‪ { :‬أم يسبون أنا َّل نسمع ِسهم ونوىهم بَل ورسلنا َلي ِهم يكتب‬

‫َ ُۡ َََ َ َ ۡ ۡ ۡ ُ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ ۡ َ ى ُ ُ ُ َ‬ ‫ََۡ ََ َ َ َ ُ‬


‫ت‬ ‫ص َي ِ‬
‫َ ۡ‬
‫ى ث َم َيعودون ل َِما ن ُهوا عنه َويتنىج ۡون ب ِٱ ِإلث ِم َوٱلعد َو ى ِن َومع ِ‬ ‫ِين ن ُهوا َع ِن ٱلجو‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ألم تر إِل ٱَّل‬
‫َُ ُ‬ ‫سه ۡم ل َ ۡو ََّل ُي َعذ ُِب َنا ٱ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ ََُ ُ َ‬ ‫َ َ ُ َ َ َۡ َ َ َۡ َُ َ‬
‫َّلل ب ِ َما نقول ر َح ۡس ُب ُه ۡم َج َه َن ُم‬ ‫ول ِإَوذا جاءوك حيوك بِما لم ييِك بِهِ ٱَّلل ويقولون ِِف أنف ِ ِ‬
‫َ ُ‬
‫ٱلرس ِ‬
‫ص ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ َ َ َ ۡ‬
‫ري ‪} ٨‬‬ ‫يصل ۡون َها فبِئ َس ٱل َم ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ألم تنظر أيها الرسول إلى اليهود واملنافقين الذين نهو عن النجوى‪ ،‬ثم يعودون ملا نهوا عنه‪،‬‬
‫ّ‬
‫ويتسارون فيما بينهم باإلثم والعداون على املؤمنين ومخالفة الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وإذا‬ ‫ويتناجون‬
‫حيوك بغير التحية التي ّ‬
‫حياك بها هللا تعالى‪ ،‬وقالوا‪" :‬السام عليك"‪ ،‬ويقولون فيما بينهم‪:‬‬ ‫جاؤوك أيها الرسول ّ‬
‫جهنم يدخلونها‪ ،‬فبئس املصير جهنم‪.‬‬ ‫هال يعاقبنا هللا بما نقول له‪ ،‬يكفيهم عذاب ّ‬
‫تتحدث عن النجوى باإلثم والعدوان‪ ،‬وقد ّبين هللا تعالى ّأن هناك نجوى بالخير‪ ،‬وهو في‬ ‫هذه اآلية ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫صل ِح بَ َ‬
‫ي الَ ِ‬
‫اس}[النساء‪.]114 :‬‬ ‫وف أو إ ِ‬ ‫اهم إ ِ ََّل َمن أ َِّ َر ب َص َدقَ ٍة أو َم ُ‬
‫عر ٍ‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ََّ { :‬ل َخ َ‬
‫ري ِِف كثِري مِن نو‬
‫ِ‬

‫َََ َ ۡ ۡ‬ ‫ت ٱ َلر ُ‬ ‫َ‬ ‫ج ۡوا بٱ ۡإلثۡم َوٱ ۡل ُع ۡد َو ىن َو َم ۡ‬


‫َ‬ ‫ج ۡي ُت ۡم فَ َل َت َت َ‬
‫َ‬ ‫ام ُنوا إ َذا تَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َى َ ُّ َ َ‬
‫ب‬
‫ِ ِِ‬‫ل‬ ‫ٱ‬‫ب‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ج‬ ‫ى‬ ‫ن‬ ‫ت‬‫و‬ ‫ول‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫ِ ِ‬‫ي‬ ‫ص‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ى‬ ‫ن‬ ‫ى‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ء‬ ‫ِين‬ ‫َّل‬‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لش ۡي َطىن َِلَ ۡح ُز َن ٱ ََّل َ‬
‫ََ َ ۡ َ ى َ َ‬ ‫َۡ ُۡ َ ُ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َۡ َ ى َُ‬
‫ام ُنوا َول ۡي َس بِضارِه ِۡم شأ إَِّل‬‫ِين َء َ‬
‫ِ‬ ‫ٱ‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ى‬ ‫و‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫‪٩‬‬ ‫ون‬ ‫ش‬ ‫ت‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫َل‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ِي‬ ‫َّل‬ ‫ى َوٱتقوا ٱَّلل ٱ‬ ‫وٱِلقو‬
‫ُۡ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫َ َ َََ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َ َ‬
‫ون ‪} ١٠‬‬ ‫ُك ٱلمؤمِن‬ ‫َّللِ ولَع ٱَّللِ فليتو ِ‬ ‫بِإِذ ِن ٱ ر‬

‫ُ‬ ‫َُ َ ُ ۡ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ َ ُ َۡ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُّ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ ُ ۡ َ َ‬
‫قوله تعالى‪{ :‬يأيها ٱَّلِين ءامنوا إِذا قِيل لكم تفسحوا ِِف ٱلمجل ِِس فٱفسحوا يفسحِ ٱَّلل لكم ِإَوذا قِيل ٱنُشوا‬
‫ُ ۡ َ َ َ ُ ُ ۡ َۡ ََ َى َ َُ َ َۡ َ ُ َ‬ ‫َّلل ٱ ََّل َ‬
‫نُشوا يَ ۡرفَعِ ٱ َ ُ‬
‫فَٱ ُ ُ‬
‫ون َخبِري ‪} ١١‬‬ ‫ام ُنوا مِنكم وٱَّلِين أوتوا ٱلعِلم درجت وٱَّلل بِما تعمل‬
‫ِين َء َ‬

‫وليوس ْع بعضكم لبعض‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل وبرسوله إذا قيل لكم‪ّ :‬‬
‫توسعوا في املجالس‪،‬‬
‫يوسع هللا تعالى لكم من رحمته‪ ،‬وإذا قيل لكم‪ :‬ارتفعوا في مجلسكم وانهضوا فانهضوا دون تباطؤ‪ ،‬يرفع هللا‬ ‫ّ‬
‫تعالى مكانة املؤمنين منكم بالعزة وحسن السمعة‪ ،‬والذين أوتوا العلم العاملين به درجات كثيرة كالكرامة‬
‫ّ‬
‫وعلو املنزلة‪ ،‬وهللا تعالى بما تعملون خبير وهو يجزيكم عليه‪.‬‬
‫النبي صلى هللا عليه‬ ‫الرحمن ْبن يد بن أسلم‪ :‬كانوا إذا كانوا عند ّ‬
‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬وقال عبد ّ‬
‫ز‬
‫يشق ذلك عليه‬‫خروجا من عنده‪ ،‬فربما ُّ‬‫ً‬ ‫كل منهم ْأن يكون هو آخرهم‬ ‫وسلم في بيته فأرادوا االنصراف ّ‬
‫أحب ٌّ‬
‫َ َ ُ‬ ‫عليه السالم‪ ،‬وقد تكون له الحاجة‪ُ ،‬فأمروا ْ‬
‫أنهم إذا أمروا باالنصراف أن ينصرفوا‪ ،‬كقوله‪ِ{ :‬إَون قِيل لك ُم‬
‫ْ‬
‫ُ َ‬
‫ج ُعوا}[الور‪.]28 :‬‬
‫جعوا فار ِ‬
‫ار ِ‬

‫ُ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َۡ‬ ‫َ َ َ ُ َۡ َ َ َ َۡ‬ ‫قوله تعالى‪ٔ{ :‬ىٔ َأ ُّي َها ٱ ََّل َ َ ُ َ َ َ ُ‬


‫ِين َءامنوا إِذا نىج ۡيت ُم ٱ َلر ُسول فقدِِّوا بي يد ۡي ن َوى ىك ۡم صدقة ر ذ ىل ِك خري لك ۡم َوأط َه ُر ر‬
‫اب ٱ َ ُ‬ ‫ََ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ ُ َ ُ َۡ َ َ َ ۡ َۡ َ ى ُ‬
‫ك ۡم َص َد َق ىت فَإ ۡذ ل َ ۡم َت ۡف َعلُوا َوتَ َ‬ ‫فَإن ل َ ۡم َت ُدوا َفإ َن ٱ َ َ‬
‫َّلل َغ ُفور َ‬
‫َّلل‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫ِِّ‬
‫د‬ ‫ق‬‫ت‬ ‫ن‬‫أ‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫أ‬ ‫ء‬ ‫‪١٢‬‬ ‫ِيم‬
‫ح‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َى َ َ َ ُ َ َ ى َ ََ ُ َ َ َ َ ُ َُ َ َ ُ َ ُ َ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َعل ۡيك ۡم فأق ُ‬‫َ‬
‫ِيموا ٱلصلوة وءاتوا ٱلزكوة وأطِيعوا ٱَّلل ورسول رۥ وٱَّلل خبِري بِما تعملون ‪} ١٣‬‬

‫ُ‬ ‫ُ ۡ ََ ُۡ ۡ ََ ۡ ُ َ ََ ۡ َ‬ ‫ََۡ ََ َ َ َ َََۡ َۡ َ َ َُ َ َۡ َ ُ‬


‫ِب َوه ۡم‬
‫ِ‬ ‫ذ‬‫ك‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫لَع‬ ‫ون‬ ‫ِف‬ ‫ل‬‫ح‬ ‫ي‬‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫َّل‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ِنك‬
‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ضب ٱَّلل علي ِهم ما‬
‫قوله تعالى‪۞{ :‬ألم تر إِل ٱَّلِين تولوا قوما غ ِ‬
‫ََُۡ َ‬
‫ون ‪} ١٤‬‬ ‫يعلم‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬ألم تر أيها الرسول أو أيها العاقل إلى املنافقين الذين تولوا اليهود والكفار الذين غضب هللا‬
‫تعالى عليهم‪ ،‬ونقلوا إليهم أسرار املؤمنين‪ ،‬وهم في الحقيقة ال مع اليهود وال مع املؤمنين‪ ،‬كما قال تعال‪:‬‬
‫َ‬ ‫َُ َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬‫ُ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت َد ُل َسبِيل}[النساء‪ ،]143 :‬وهم يحلفون‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ‬
‫{مذبذبِي بي ذل ِك َّل إِل هؤَّلءِ وَّل إِل هؤَّل ِء ومن يضل ِِل اَّلل فلن ِ‬
‫كذبا ّأنهم مسلمون‪ ،‬وهم يعلمون بطالن حلفهم‪.‬‬
‫بأن املنافقين يحلفون األيمان الكاذبة متعمدين ذلك‪ ،‬قوله تعالى‪:‬‬ ‫ومن اآليات الكثيرة التي أخبرت ّ‬
‫َ َ ُ ُ ُ َ َ ُ َ ُ َ َُ َ َُ َُ َ ُ َ‬ ‫اَّللِ لَو اس َت َطعنا َ َ‬
‫َ ََ ُ َ َ‬
‫ون}[التوبة‪.]42 :‬‬ ‫ل َرجنا معكم يهل ِكون أنفسهم واَّلل يعلم إِنهم لَكذِب‬ ‫ِ‬ ‫{وسيحل ِفون ب ِ‬
‫َّ‬
‫قال الشيخ الشنقيطي‪ :‬واملراد إنكار هللا على املنافقين توليهم القوم الذين غضب هللا عليهم‪ ،‬وهم‬
‫ّ‬
‫صرح هللا بالنهي عن ذلك في قوله تعالى‪{ :‬يَا‬
‫ّ‬ ‫وقد ّ‬ ‫التولي‪ْ ،‬‬ ‫والكفار‪ ،‬وهذا اإلنكار ّ‬ ‫ّ‬
‫يدل على شدة منع ذلك‬ ‫اليهود‬
‫َ‬‫ب َُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اَّلل َعلي ِهم}[املمتحنة‪.]13 :‬‬ ‫ض َ‬ ‫أ ُّي َها اَّل َ َ ُ‬
‫ِين آمنوا َّل تت َولوا قوما غ ِ‬

‫َُ ۡ َ َ َ َ ُ َۡ َُ َ‬ ‫َ َ َ َُ َُ ۡ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أعد ٱَّلل لهم عذابا شدِيدا إِنهم ساء ما َكنوا يعملون ‪} ١٥‬‬
‫أعد هللا تعالى للمنافقين عذابا شديدا دائما في النار‪ّ ،‬إنهم ساء ما كانوا يعملون من الخيانة‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫والحلف على الكذب‪.‬‬
‫َ‬ ‫ار نَ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ك َف َ‬ ‫َ َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َع َد َ ُ‬
‫ه َ‬
‫حسبُ ُهم‬ ‫ِين ف َ‬
‫ِيها ِ َ‬ ‫ار َج َه َن َم خ ِ‬
‫اَل َ‬ ‫اَّلل ال ُم َنافِقِ َ‬
‫ي َوال ُمناف ِق ِ‬
‫ات وال‬
‫َ‬
‫َول َع َن ُه ُم َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اَّلل َول ُهم َعذاب ُمقِيم}[التوبة‪.]68 :‬‬

‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬


‫يل ٱ ََّللِ فل ُه ۡم َعذاب ُِّّ ِهي ‪} ١٦‬‬ ‫ۡ َ َ ُ ۡ ُ َ َ ُّ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَتذوا أيم ىنهم جنة فصدوا عن سب ِ ِ‬
‫صدوا أنفسهم وغيرهم عن‬ ‫واملعنى‪ :‬اتخذ املنافقون أيمانهم الكاذبة وقاية وسترا لدمائهم‪ ،‬فبذلك ّ‬
‫ّ‬
‫سبيل هللا تعالى‪ ،‬فلهم عذاب مذلهم في النار‪.‬‬
‫َ ُ‬ ‫اَّللِ إ ِ َن ُهم َس َ‬
‫َ‬ ‫ان ُهم ُج َنة فَ َص ُّدوا َعن َ‬ ‫ََ ُ َ َ َ‬
‫اء َما َكنوا‬ ‫يل‬
‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬اَتذوا أيم‬
‫َ َُ َ‬
‫ون}[املنافقون‪.]2 :‬‬ ‫يعمل‬

‫َ‬ ‫ُ َى‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َ ۡ َى ُ َ ُ ۡ َ َى ُ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬لن ُت ۡغ َ َ ۡ ُ ۡ ۡ َ ُ ۡ َ ۡ ُ ُ َ َ ۡ‬
‫ون ‪}١٧‬‬ ‫ن عنهم أمو ىلهم وَّل أول ىدهم مِن ٱَّللِ يشٔٔار أولئِك أصحب ٱل ِ‬
‫ار هم فِيها خ ِِل‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬هؤالء املنافقون لن تنجيهم ولن تنفعهم أموالهم وال أوالدهم من عذاب هللا تعالى وعقابه‬
‫شيئا‪ ،‬وأولئك أصحاب النار‪ ،‬هم فيها ماكثون‪.‬‬
‫وحال هؤالء املنافقين في اآلخرة مثل حال الكفار الذين حكى هللا تعالى عنهم في قوله‪{ :‬إ َن َاَّل َ‬
‫ِين‬ ‫ِ‬
‫َ ُ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ َ َ‬‫َ‬
‫ََُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ود الَارَ}[آل عمران‪.]10 :‬‬ ‫ن عن ُهم أِّ َوال ُهم َوَّل أوَّلدهم م َِن اَّللِ شيئا َوأولئِك هم وق‬‫كفروا لن تغ ِ‬

‫ُ‬ ‫َ َ ۡ ُ َ َ ُ َ َ َ ۡ ُ َ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ َ َ ُ ۡ َ َى َ ۡ َ َ َ‬ ‫ََۡ َۡ َُُ ُ َُ َ‬


‫يش ٍء أَّل إِن ُه ۡم ه ُم‬ ‫َّلل ۡجِيعا فيحل ِفون لۥ كما يل ِفون لكم ويحسبون أنهم لَع‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يوم يبعثهم ٱ‬
‫ى ُ َ‬ ‫ۡ َ‬
‫ون ‪} ١٨‬‬ ‫ٱلكذِب‬
‫واملعنى‪ :‬يوم القيامة يبعث هللا تعالى املنافقين جميعا من قبورهم أحياء‪ ،‬فيحلفون هلل تعالى كما‬
‫يظنون ّأن أيمانهم الكاذبة تنفعهم عند هللا تعالى كما كانت تنفعهم في الدنيا‪،‬‬ ‫يحلفون لكم أيها املؤمنون‪ ،‬وهم ّ‬
‫َ ََ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫أال ّإنهم هم الكاذبون أشد الكذب‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َ ُ‬
‫ون}[املنافقون‪.]1 :‬‬ ‫اَّلل يَش َه ُد إِن ال ُم َنافِقِي لَكذِب‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ ُ‬
‫وحال املنافقين يوم القيامة كحال املشركين الذين أخبر هللا تعالى عنهم في قوله‪{ :‬ث َم لم تكن ف ِتن ُت ُهم‬
‫َ َ َ َ ُ َ َ ُ َ َُ َ‬ ‫ََ َ ُ‬ ‫ُ َ َ َ َ‬ ‫َ َ ُ َ َ‬
‫اَّللِ َرب َنا َما ُك َنا ُِّشوُك َ‬
‫ون}[األنعام‪:‬‬ ‫ِي (‪ )23‬انظر كيف كذبُوا لَع أنفسِ ِهم وضل عنهم ما َكنوا يفت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إَِّل أن قالوا و‬
‫‪.]23- 24‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ َ ۡ َ ى ُ َ َ َ ى ُ ۡ ۡ َ َ ُ َى َ‬


‫َّللِ أولئِك ح ِۡز ُب ٱلش ۡي َطى ِن أَّل إِن ح ِۡز َب ٱلش ۡي َطى ِن ه ُم‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱستحوذ علي ِهم ٱلشيطن فأنسىهم ذِكر ٱ ر‬
‫ۡ َى ُ َ‬
‫ون ‪} ١٩‬‬‫ٱلخ ِّس‬

‫ََۡ‬ ‫ُ َى‬ ‫َ‬


‫َ َ ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ولۥ أولئِ َك ِِف ٱلذل َِي ‪}٢٠‬‬ ‫ون ٱ َ َ‬
‫َّلل َو َر ُس ُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلِين ياد‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن الذين يعادون هللا تعالى ورسوله ويخالفون أمرهما‪ ،‬أولئك من جملة األذلين املغلوبين‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫الر ُسول مِن َبع ِد َما‬ ‫املهانين في الدنيا بالقتل والطرد‪ ،‬وفي اآلخرة بالخزي والعذاب‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َمن يُشاق ِِق‬
‫َ‬
‫ِي نُ َو ِلِ َما تَ َول َونُصلِهِ َج َه َن َم َو َس َ‬ ‫َ‬
‫ي ُل ال ُه َدى َويَ َتبع غ َ‬
‫َت َب َ َ‬ ‫َ‬
‫اءت َِّ ِصريا}[النساء‪ ،]115 :‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫ري َسبيل ال ُمؤ ِمن َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ََ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫ار فقد أخ َزي َت ُه}[آل عمران‪.]192 :‬‬ ‫{ َر َب َنا إِنك َمن تدخ ِِل ال‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََۡ‬


‫َِب أنَا َو ُر ُسَل إ َن ٱ َ َ‬ ‫َ‬
‫بٱ َ ُ‬
‫َّلل قوِ يي َع ِزيز ‪} ٢١‬‬ ‫ِ ِ‬
‫َّلل لغل َ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ك َت َ‬

‫بأن الغلبة له وحده ولرسله ولعباده املؤمنين‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫واملعنى‪ :‬قض ى هللا تعالى في سابق علمه ّ‬
‫ْ َ َ‬ ‫ه ُ ْ َ ُ ُ َْْ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ ْ َ َُ‬ ‫ََ‬
‫ورون (‪َ )172‬وإ هن ُجن َدنا ل ُه ُم‬ ‫{ َولق ْد َس َبقت كل َمتنا لع َبادنا اَل ْر َسلين (‪ )171‬إنهم لهم اَلنص‬
‫ام ُنوا ِِف ٱ ۡ َ‬
‫ل َي ىوة ِ ٱ َُّل ۡن َيا َويَ ۡو َم َي ُق ُ‬
‫وم‬ ‫نُص ُر ُسلَ َنا َوٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫ْال َغال ُبو َن}[الصافات‪ ،]171-173 :‬وقال تعالى‪ { :‬إِنَا َلَ ُ ُ‬
‫َۡۡ‬
‫ٱلش َه ى ُد ‪[}٥١‬غافر‪ّ ،]51 :‬إن هللا تعالى قوي ال يقهر‪ ،‬عزيز ال يغلب‪.‬‬
‫ََ ََُ َ َ ُ َ ُ ُ َ َ َ َ َ ُ ُ ُ ُ َ َ ُ ََ‬
‫كبتم فف ِريقا‬‫وال تعارض بين هذه اآلية وقوله تعالى‪{ :‬أفَكما جاءكم رسول بِما َّل تهوى أنفسكم است‬
‫َ ُُ َ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫بتم َوف ِريقا تقتل‬
‫ون}[البقرة ‪ ]87 :‬الذي يدل على ّأن بعض الرسل قتلهم قومهم‪ ،‬وذلك ّ‬
‫ألن الغلبة نوعان‪:‬‬ ‫كذ‬
‫غلبة بالحجة والبيان‪ ،‬وهي ثابتة لجميع الرسل‪ ،‬وغلبة بالسيف‪ ،‬وهي ثابتة للرسل الذين أمروا بالقتال‪ ،‬فلم‬
‫ّ‬
‫ُيقتل رسول في جهاد قط‪ ،‬وإنما قتل رسل غدرا من قومهم‪.‬‬
‫ولۥ َول َ ۡو ََكنُوا َءابَا َء ُه ۡم أَ ۡو َأ ۡب َنا َء ُهمۡ‬
‫َّلل َو َر ُس َ ُ‬
‫ون َم ۡن َحا َد ٱ َ َ‬‫ُ َ ُّ َ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ‬
‫ت ُد ق ۡوما يُؤم ُِنون ب ِٱَّللِ َوٱَلَ ۡو ِم ٱٓأۡلخ ِِر يواد‬
‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫ب ِف قُلوبه ُم ٱإل َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ ۡ َ َُ ۡ َۡ َ َ َُ ۡ‬
‫يم ى َن َوأيَ َدهم ب ِ ُروح م ِۡن ُه َويُ ۡدخِل ُه ۡم َج َنىت ت ِري مِن تت ِ َها‬ ‫ِِ ِ‬ ‫أو إِخو ىنهم أو عشِ ريته رم أولئِك كت ِ‬
‫ۡ َ ۡ َ ى ُ َ ى َ َ َ ِ َ َ ُ َ ۡ ُ ۡ َ َ ُ َ ۡ ُ ُ َى َ ۡ ُ َ َ َ َ ۡ َ َ ُ ُ ۡ ُ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪}٢٢‬‬ ‫َّللِ أَّل إِن حِزب ٱَّللِ هم ٱلمفل ِح‬ ‫ٱلنهر خ ِِلِين فِيها ر رض ٱَّلل عنهم ورضوا عن ره أولئِك حِزب ٱ ر‬
‫من عادى هللا ورسوله وخالف‬ ‫واملعنى‪ :‬ال تجد أيها الرسول قوما يؤمنون باهلل واليوم اآلخر يوالون ْ‬
‫ون ال ََكف ِر َ‬
‫ين‬
‫ُ ُ َ‬
‫ِن‬
‫م‬ ‫ؤ‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ذ‬ ‫خ‬ ‫أمرهما‪ ،‬ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو أقرباءهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ََّ { :‬ل َي َ‬
‫ت‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان َآب ُاؤ ُك ْم َو َأ ْب َن ُاؤ ُك ْم َوإ ْخ َو ُان ُك ْم َو َأ ْز َو ُ‬
‫اج ُكمْ‬ ‫ُ ْ ْ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ون ال ُمؤ ِمن َِي}[آل عمران‪ ،]28 :‬وقال تعالى‪{ :‬قل إن ك‬ ‫أو َِلَاء مِن د ِ‬
‫َ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َو َعش َيرُت ُك ْم َو َأ ْم َو ٌ‬
‫ال ْاق َت َر ْف ُت ُم َ‬
‫وها َوت َجا َ ٌة َت ْخ َش ْو َن َك َس َاد َها َو َم َساك ُن َت ْر َ‬
‫ض ْو َن َها أ َح هب إل ْيك ْم م َن هَّللا َو َر ُسوله‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َه ُ َ ه َْ َ ه ُ َ ْ َ ه ُ َ‬
‫َّللا َل َي ْهدي الق ْو َم الفاسقين}[التوبة‪ ،]24 :‬أولئك الذين ال‬ ‫َوج َه ٍاد في َسبيله فتربصوا حتى يأتي َّللا بأمر و‬
‫وقواهم بنصر منه‪ ،‬ويدخلهم هللا تعالى‬ ‫يوادون من عادى هللا ورسوله قد ّثبت هللا تعالى في قلوبهم اإليمان‪ّ ،‬‬
‫جنات تجري من تحت غرفها وأشجارها األنهار خالدين فيها خلودا أبديا‪ ،‬أولئك رض ي هللا تعالى عنهم‪ ،‬ورضوا‬
‫عنه‪ ،‬أولئك حزب هللا تعالى وأولياؤه‪ ،‬وأولئك هم الفائزون في الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫ُ َُ َ ْ‬
‫الحشر‬ ‫سورة‬
‫وهي مدنية وعدد آياتها أربع وعشرون‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬


‫لك ُ‬
‫ِيم ‪} ١‬‬ ‫يز ٱ َ‬ ‫ت َو َما ِف ٱلۡر ِض َو ُه َو ٱل َعز ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬س َب َح ِ ََّللِ َما ِف ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يسبح بحمد هللا‬ ‫سبح هلل وحده ما في السماوات وما في األرض‪ ،‬وما من ش يء من املخلوقات إال ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ‬
‫ى‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬ ‫يشء إ ََّل ي ُ َسب ُح ّبَ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ َُ َ َىَى ُ َ ۡ ُ َ ۡ َ ُ‬
‫كن َّل‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ۦ‬‫ِ‬ ‫ه‬‫د‬ ‫م‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ِإَون‬ ‫ن‬
‫ِ ر‬ ‫ه‬ ‫ِي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ض‬ ‫تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬تسبِح ل ٱلسموت ٱلسبع وٱلۡر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ون ت َ ۡسب َ‬
‫َۡ َ ُ َ‬
‫يح ُه ۡ رم إِنَ ُهۥ َك َن َحل ِيما غ ُفورا ‪[}٤٤‬اإلسراء‪ ،]44 :‬وهللا تعالى هو العزيز الغالب الحكيم في صنعه‬‫ِ‬ ‫تفقه‬
‫وتدبيره‪.‬‬

‫َ‬ ‫َۡ ۡ َ َ َ ُ َ َ ۡ‬ ‫ك َف ُروا م ِۡن أَ ۡهل ٱ ۡلك َِتىب ِمن د َِي ىره ِۡم ِلَ َ‬
‫َُ َ َ ۡ َ َ َ َ َ‬
‫نت ۡم أن ي ُر ُجوا َوظ ُّنوا‬ ‫ش ما ظن‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬هو ٱَّلِي أخرج ٱَّلِين‬
‫َ‬ ‫ُ ُ ُ ُّ ۡ َ ُ ۡ َ‬ ‫َُ ۡ َ ۡ ُ َۡ ََۡ ُ ََ َ َ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ ُ‬ ‫ََُ َ َُُ ۡ ُ ُ ُُ‬
‫ب ي ِربُون ُب ُيوت ُهم‬ ‫أنهم مان ِعتهم حصونهم م َِن ٱَّللِ فأتى ىه ُم ٱَّلل مِن حيث لم يتسِ بوا وقذف ِِف قلوب ِ ِهم ٱلرع ر‬
‫َۡ‬ ‫ُۡ ۡ َ َ ۡ َ ُ ُ‬
‫بوا يَىأو ِل ٱلبۡ َص ى ِر ‪} ٢‬‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫ٱ‬‫ف‬ ‫ِي‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫ؤ‬‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِي‬
‫د‬ ‫ب َأيۡدِيه ۡم َو َأيۡ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هو هللا تعالى الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب وهم يهود بني النضير من ديارهم بجوار‬
‫وظن بنو‬ ‫املدينة‪ ،‬وذلك ّأول حشرهم من املدينة‪ ،‬ما ظننتم أيها املؤمنون ّأنهم يخرجون من ديارهم بهذا الذل‪ّ ،‬‬
‫يتعرضوا لسوء‪ ،‬فجاءهم من أمر هللا ما لم يخطر لهم‬ ‫النضير ّأنهم تدفع عنهم حصونهم بأس هللا تعالى‪ ،‬فال ّ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِين مِن َقبلِهم فَ َأ َِت َ ُ‬
‫اَّلل بُن َيان ُهم م َِن الق َوا ِع ِد فخ َر َعلي ِه ُم‬ ‫ك َر َاَّل َ‬
‫َ َ َ‬
‫ببال‪ ،‬كما قال تعالى في الذين مكروا‪{ :‬قد م‬
‫ِ‬
‫َ ُُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون}[النحل‪ ،]26 :‬وألقى هللا تعالى في قلوبهم الخوف الذي‬‫اب مِن َحيث َّل يشعر‬
‫اه ُم ال َعذ ُ‬ ‫السقف مِن فوق ِ ِهم وأت‬
‫فلما تيقنوا بالجالء‪ ،‬أخربوا بيوتهم من الداخل لكيال يستفيد منها املؤمنون‪ ،‬وأخرب املؤمنون‬ ‫يمأل الصدور‪ّ ،‬‬
‫باقيها‪ ،‬فاتعظوا بما جرى بهم يا أصحاب العقوب السليمة‪.‬‬

‫ل َل َء لَ َع َذ َب ُه ۡم ِف ٱ َُّل ۡن َيا َول َ ُه ۡم ِف ٱٓأۡلخ َِرة ِ َع َذ ُ‬


‫اب ٱلَ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ َ َ َ َ َ َ ُ َ َۡ ُ ۡ‬
‫ار ‪} ٣‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولوَّل أن كتب ٱَّلل علي ِهم ٱ‬

‫ۡ‬
‫ََ َ ََ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ََ َ َُ ُ ََ َُ‬ ‫َ‬
‫َ َُ ۡ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ذ ىل ِك بِأنهم شاقوا ٱَّلل ورسولۥ ومن يشا ِق ٱَّلل فإِن ٱَّلل شدِيد ٱلعِق ِ‬
‫اب ‪}٤‬‬
‫واملعنى‪ :‬ذلك العذاب ليهود بني النضير في الدنيا من الذل والهزيمة؛ بسبب مخالفتهم أمر هللا تعالى‬
‫ورسوله‪ ،‬ومن يخالف أمر هللا ورسوله فإن هللا شديد العقاب له في الدنيا واآلخرة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َمن يُشاق ِِق‬
‫ّ‬
‫ََ َ َُ ُ َ ََ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫قاب}[األنفال‪.]13 :‬‬
‫اَّلل ورسول فإِن اَّلل شدِيد العِ ِ‬
‫لَع‬ ‫ي ‪َ ٥‬و َما أَفَا َء ٱ َ ُ‬
‫َّلل َ َ ى‬ ‫لَع أُ ُصول َِها فَبإ ۡذن ٱ ََّللِ َو َِلُ ۡخز َي ٱ ۡل َفىسِ قِ َ‬
‫ى‬ ‫َ َۡ ََۡ ُ ُ َ َ َ ََ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ما ق َط ۡع ُتم مِن َِلن ٍة أو تروُكتموها قائِمة‬
‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫لَع ُُك َ ۡ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ َ ُ ُ ُ َ ُ َ َى َ َ َ ُ َ َ ُ َ َ‬ ‫ۡ ُ ۡ َ َ َۡ َ ۡ ُ ۡ َ َۡ ۡ َ ۡ ََ َ‬
‫يشء‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫ر‬ ‫ء‬ ‫ا‬‫ش‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫لَع‬ ‫ۥ‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫س‬‫ر‬ ‫ِط‬ ‫ل‬‫س‬ ‫ي‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ن‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫ك‬ ‫ولِۦ مِنهم فما أوجفتم عليهِ مِن خيل وَّل رِ‬ ‫َر ُس ِ‬
‫َ‬
‫قدِير ‪}٦‬‬

‫ۡ ُ ۡ َى َ َۡ َى َ ى َ ۡ َ َ‬ ‫ى فَل َِلهِ َول َ‬ ‫ۡ َۡ ُۡ‬ ‫َ ََ َ َُ ََ‬


‫ِي َوٱبۡ ِن‬
‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ى‬
‫س‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫َل‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫ب‬ ‫ر‬‫ق‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِي‬
‫َّل‬
‫ِ‬ ‫ِلر ُسول َ‬
‫و‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫َ‬
‫ر‬ ‫ق‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ه‬ ‫أ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ۦ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ول‬ ‫لَع َر ُ‬
‫س‬ ‫ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ما أفاء ٱَّلل‬
‫ك ۡم َع ۡن ُه فَٱ َ‬
‫نت ُه روا َوٱ َت ُقوا ٱ َ َ‬ ‫ُ ۡ ََ َ َى ُ ُ َ ُ ُ َ ُ ُ ُ ََ ََ ى ُ‬ ‫َ‬
‫َ ۡ َ َ ُ َ ُ َ َۡ َ ۡ ۡ‬ ‫َ‬
‫َّلل‬ ‫ي ٱلغن َِياءِ مِنك رم وما ءاتىكم ٱلرسول فخذوه وما نهى‬ ‫يل ك َّل يكون دولَۢة ب‬ ‫ٱلسب ِ ِ‬
‫َ ََ َ ُ ۡ َ‬
‫اب ‪} ٧‬‬
‫إِن ٱَّلل شدِيد ٱلعِق ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ما أفاء هللا تعالى على رسوله بدون حرب وقتال من أموال كفار أهل القرى كبني قريظة وبني‬
‫النضير وخيبر فهو هلل تعالى ولرسوله صلى هللا عليه وسلم‪ُ ،‬يصرف في مصالح املؤمنين‪ ،‬ولذي قرابة رسول هللا‬
‫من بني هاشم وبني املطلب املحرومين من أخذ الصدقة‪ ،‬واليتامى‪ ،‬واملساكين‪ ،‬واملسافرين املنقطعين في‬
‫أسفارهم؛ وذلك لئال يكون تداول األموال محصورا بين األغنياء منكم أيها املؤمنون‪ ،‬وما أعطاكم الرسول من‬
‫ألن طاعة الرسول هي عين طاعته‬ ‫مال أو شرع فخذوه واقبلوه‪ ،‬وما نهاكم عن أخذه أو فعله فانتهوا عنه‪ّ ،‬‬
‫َ ُ َ ََ َ َ َ‬
‫تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬من يُ ِطعِ الرسول فقد أطاع اَّلل}[النساء‪ ،]80 :‬واتقوا هللا تعالى بامتثال أوامره واجتناب‬
‫َ‬

‫نواهيه‪ّ ،‬إن هللا تعالى شديد العقاب ملن عصاه وخالف رسوله‪.‬‬
‫تدل هذه اآلية على األموال التي أخذت بدون الحرب والقتال‪ّ ،‬أما حكم تقسيم األموال التي أخذت‬
‫َََ‬ ‫َ‬ ‫بالحرب والقتال من الكفار املحا بين‪ ،‬فقد جاء بيان تقسيمها في قوله تعالى‪َ { :‬واعلَ ُموا َأ َن َما َغن ُ‬
‫ِمتم مِن يشء فأن‬ ‫ر‬
‫ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫السبيل إن ُك ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ِ ََّللِ ُ ُ‬
‫نتم بِاَّللِ َو َما أنزلَا لَع عبدِنا يَو َم‬
‫ام ُ‬
‫نتم َء َ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫الم َسكِي َوابن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رب َواَلَ َت َم َو َ‬ ‫خ َس ُهۥ َول َ‬
‫ِلر ُسو ِل َو َِّلِي الق‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َُ ََ ُ َ‬ ‫ُ َ َ َ ََ‬
‫ُك يش ٍء قدِير}[األنفال‪.]41 :‬‬ ‫ان واَّلل لَع ِ‬‫ان يوم اِلق المع ِ‬ ‫الفرق ِ‬

‫َ‬ ‫َ َ ُ ۡ‬
‫َ َ َ ۡ َى َ َ ُ ُ َ‬
‫نُصون‬
‫ُ َ َ ۡ‬ ‫َ‬
‫ِين أخ ِر ُجوا مِن دِي ى ِره ِۡم َوأ ۡم َو ىل ِ ِه ۡم يَ ۡب َتغون فضل مِن ٱَّللِ و ِرضونا وي‬‫ٱَّل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ل ِۡل ُف َق َراءِ ٱل ۡ ُم َه ىجر َ‬
‫ين‬ ‫ِ ِ‬
‫َ َ َ َ ُ َ ُ ُ َى َ ُ ُ َ ى ُ َ‬
‫‪}٨‬‬ ‫لصدِقون‬ ‫ٱَّلل ورسول رۥ أولئِك هم ٱ‬
‫واملعنى‪ :‬ويعطى مال الفيء الذي أفاءه هللا تعالى على رسوله للفقراء املهاجرين الذين أخرجوا من‬
‫ديارهم بمكة واموالهم‪ ،‬وهم يبتغون فضال من هللا تعالى في الدنيا ورضاه في اآلخرة‪ ،‬وينصرون دين هللا تعالى‬
‫ورسوله بالجهاد في سبيل هللا‪ ،‬فال يستطيعون السير في األرض لتحصيل رزقهم بسبب اشتغالهم بالجهاد‪ ،‬أو‬
‫َ َ َۡ َ ُ َ‬
‫ون َ ۡ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َُۡ‬
‫ضبا ِِف‬ ‫يل ٱَّللِ َّل يست ِطيع‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ِين أ ۡح ِ ُ‬
‫ُصوا ِف َ‬ ‫بسبب ضعفهم وقلة ذات يدهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ل ِلفق َراءِ ٱَّل‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫اس إ ِ ۡ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َۡ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ ۡ َ ُ ُ ُ َۡ ُ َ ۡ‬ ‫َۡ‬
‫لافا َو َما تنفِقوا م ِۡن خ ۡري فإِن‬ ‫ون ٱلَ َ‬ ‫يم ى ُه ۡم َّل ي َ ۡسَٔٔل‬ ‫لاهِل أغن َِيا َء م َِن ٱ َِل َعف ِف تع ِرف ُهم بِسِ‬ ‫ٱلۡر ِض يسبهم ٱ‬
‫ٱ ََ‬
‫َّلل بِهِۦ َعل ِيم ‪[} ٢٧٣‬البقرة‪ ،]273 :‬أولئك هم الصادقون في إيمانهم‪.‬‬

‫ون ِف ُص ُدوره ِۡم َح َ‬


‫اجة ِّ َِما‬
‫َ ۡ ۡ ُ ُّ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ ۡ َ َ َ ُ َ‬ ‫َ َ َ َََُ َ َ َ ۡ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ُيد ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين تبوءو ٱَلار وٱ ِإليم ىن مِن قبل ِ ِهم يِبون من هاجر إَِل ِهم وَّل ِ‬
‫َ ُ َى َ ُ ُ ۡ ُ ۡ ُ َ‬ ‫ُ ُ َ ُ ۡ ُ َ ََى َ ُ ۡ َ َۡ َ َ ۡ َ َ َ َ َ ُ َ ُ َ َۡ‬
‫ون ‪} ٩‬‬ ‫سهِۦ فأولئِك هم ٱلمفل ِح‬ ‫أوتوا ويؤث ِرون لَع أنفسِ ِهم ولو َكن ب ِ ِهم خصاصة ر ومن يوق شح ن ِ‬
‫ف‬
‫املنورة‪ ،‬وآمنوا باهلل وبرسوله قبل هجرة املهاجرين إليهم‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬واألنصار الذين سكنوا املدينة ّ‬
‫يحبون املهاجرين‪ ،‬ويواسونهم بأموالهم‪ ،‬وال يجدون في أنفسهم حسدا وال غيظا مما أعطاه هللا تعالى‬ ‫ّ‬
‫ويقدمون املهاجرين وذوي الحاجة على أنفسهم‪ ،‬ولو كان بهم فقر وحاجة‪ْ ،‬‬
‫ومن‬ ‫للمهاجرين من مال الفيء‪ّ ،‬‬
‫يوق بفضل هللا تعالى بخل نفسه وحرصها على اإلمساك‪ ،‬فأولئك هم املفلحون الفائزون برضا هللا تعالى‪.‬‬
‫روى اإلمام الطبري بسنده عن عبد الرحمن ابن زيد‪ ،‬قال‪ :‬وتكلم في ذلك‪[ :‬يعني أموال بني النضير]‬
‫ولِ مِن ُهم َف َما أَو َجفتمُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ َ َُ ََ‬ ‫عز ّ‬
‫وجل في ذلك فقال‪{ :‬وما أفاء اَّلل لَع رس ِ‬ ‫تكلم من األنصار‪ ،‬فعاتبهم هللا ّ‬ ‫ُ‬
‫بعض من َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ََ ُ َ َُ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫َعليهِ مِن َخيل َوَّل ركب َول ِ َ َ َ ُ َ ُ ُ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُك يش ٍء قدِير}[الحشر‪ .]6 :‬قال‪ ،‬قال‬ ‫كن اَّلل يسل ِط رسله لَع من يشاء واَّلل لَع ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ ََ ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ ْ ْ َ َ ُ‬ ‫رسول هللا َ‬
‫صلى هللا عليه وسلم لهم‪" :‬إن إخوانكم قد تركوا األموال واألوالد وخرجوا إليكم"‪ ،‬فقالوا‪ :‬أموالنا‬
‫غير َذل َك؟ "قالوا‪ :‬وما ذلك يا رسول هللا؟ قال‪ُ :‬‬
‫"ه ْم‬ ‫بينهم قطائع‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬أو َ ِ‬
‫ُ َّ‬
‫مونهم الث َمر"‪ ،‬فقالوا‪ :‬نعم يا رسول هللا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ ُ َ‬ ‫ٌَْ‬
‫يعرفون الع َم َل فتكفونهم وتق ِ‬
‫اس‬ ‫قوم ال ِ‬
‫ُُ‬ ‫َ َۡ ۡ‬ ‫ِين َس َب ُقونَا بٱ ۡإل َ‬
‫يم ى ِن َوَّل ت َعل ِِف قلوب ِ َنا‬ ‫ون َر َب َنا ٱ ۡغفِ ۡر َلَا َو ِإل ۡخ َو ىن َِنا ٱ ََّل َ‬
‫َۡ ۡ َُ ُ َ‬
‫ِين َجا ُءو مِن بع ِدهِم يقول‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ََّل َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫غِل ل ََِّل َ‬
‫ِين َء َام ُنوا َر َب َنا إِنَ َك َر ُءوف َرحِيم ‪} ١٠‬‬
‫واملعنى‪ :‬والذين جاؤوا من بعد املهاجرين واألنصار السابقين األولين يقولون‪ :‬رّبنا اغفر لنا وإلخواننا‬
‫ّ‬
‫الذين سبقونا باإليمان وال تجعل في قلوبنا حقدا وبغضاء للذين آمنوا‪ ،‬رّبنا إنك رؤوف بعبادك رحيم بهم‪.‬‬
‫وهذا القسم الثالث الذي يستحق فقراؤهم مال الفيء هم التابعون ألصحاب رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وهؤالء الثالثة من املهاجرين واألنصار والتابعين لهم بإحسان هم الذين رض ي هللا تعالى عنهم‪ ،‬كما‬
‫َ َ َ َ ََُ ُ‬ ‫َ َ ُ َ َُ َ‬
‫اَّلل َعن ُهم}[التوبة‪.]100 :‬‬
‫ض َُ‬ ‫وهم بإح َسان َر ِ َ‬
‫ٍ‬ ‫ِِ‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ات‬ ‫ِين‬
‫اَّل‬‫و‬ ‫ِ‬ ‫ار‬‫ص‬‫الن‬‫و‬ ‫ون م َِن ال ُم َهاجر َ‬
‫ين َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال تعالى‪{ :‬والسابِقون الول‬

‫ك َف ُروا م ِۡن أَ ۡهل ٱ ۡلك َِتىب لَئ ۡن أُ ۡخر ۡج ُت ۡم َلَ ۡخ ُر َجنَ‬


‫َ َۡ ََ َ َ َ َ َ ُ َ ُ ُ َ ِ ۡ َى ُ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪۞{ :‬ألم تر إِل ٱَّلِين نافقوا يقولون ِإلخون ِ ِهم ٱَّلِين‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ُۡ ۡ ََ ُ َ َ ُ ۡ َ َُ َۡ َ ُ َُ ۡ َى ُ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ك ۡم َو ََّل نُ ِط ُ‬
‫َ َ ُ‬
‫ون ‪} ١١‬‬ ‫يع فِيك ۡم أ َحدا أبَدا ِإَون قوت ِلتم لنُصنكم وٱَّلل يشهد إِنهم لكذِب‬ ‫مع‬
‫واملعنى‪ :‬ألم تنظر إلى املنافقين يقولون إلخوانهم الذين كفروا من يهود بني النضير‪ :‬اثبتوا ّ‬
‫وتمنعوا في‬
‫ّ‬
‫لنخرجن معكم‪ ،‬وال نطيع من أجلكم أحدا طلب‬ ‫لئن أخرجكم محمد وأصحابه من دياركم‪،‬‬ ‫حصونكم‪ ،‬وهللا ْ‬
‫َى َ َ َ ُ ۡ َ ُ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ ُ َ ُ ُ ُ‬
‫كمۡ‬ ‫ّ‬
‫منا ترك الخروج معكم‪ ،‬بل سنطيعكم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ذل ِك بِأنهم قالوا ل َِّلِين كرِهوا ما نزل ٱَّلل سن ِطيع‬
‫وإن قوتلتم قاتلنا معكم‪ ،‬وهللا تعالى يشهد ّإن املنافقين‬ ‫س َار ُه ۡم ‪[}٢٦‬محمد‪ْ ،]26 :‬‬ ‫ِف َب ۡع ِض ٱ ۡلَ ِّۡر َوٱ َ ُ‬
‫َّلل َي ۡعلَ ُم إ ِ ۡ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لكاذبون في حلفهم‪.‬‬

‫ُ َ‬ ‫َ ۡ ُ ۡ ُ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ ُ ۡ َ َ ُ ُ َ َ ُ ُ َ ُ ۡ َ َ َ َ ُ ُ َ ُّ ۡ َ ۡ‬
‫ُصوه ۡم َلُ َول َن ٱلد َب ى َر ث َم َّل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬لئِن أخ ِرجوا َّل يرجون معهم ولئِن قوت ِلوا َّل ينُصونهم ولئِن ن‬
‫ُ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ١٢‬‬‫ينُص‬
‫ْ ُ‬
‫لئن أخرج بنو النضير من املدينة ال يخرج هؤالء املنافقون معهم‪ ،‬ولئن قوتلوا ال ينصرونهم‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫ليولن األدبار هاربين‬ ‫ّ‬ ‫كما حلفوا به‪ ،‬ولئن قاتل هؤالء املنافقون مع بني النضير وآزروهم على سبيل الفرض‬
‫َ‬ ‫ُ َ ُ ُ ُ َ ُّ ُ‬
‫ووُك ُم الدبَارَ‬ ‫َ َ ُ ُّ ُ َ َ‬
‫منهزمين‪ ،‬ثم ال ُينصرون عليكم أيها املؤمنون‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬لن يُضووُكم إَِّل أذى ِإَون يقات ِلووُكم يول‬
‫َ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ون}[آل عمران‪.]111 :‬‬ ‫ثم َّل ينُص‬
‫َ َ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫قال اإلمام الزمخشري‪ :‬فإن قلت‪ :‬كيف قيل { َولئِن نُص‬
‫بأنهم ال ينصرونهم؟ ُ‬
‫قلت‪:‬‬ ‫وهم} بعد اإلخبار ّ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ولئن نصروهم على الفرض والتقدير‪ ،‬كقوله تعالى‪{ :‬لَئن أ َ‬
‫شوُك َت َلَح َب َط َن َع َمل َك}[الزمر‪ ،]65 :‬وكما‬ ‫معناه‪ْ :‬‬
‫ِ‬
‫يعلم ما يكون‪ ،‬فهو يعلم ما ال يكون لو كان كيف يكون‪.‬‬

‫َ َُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ ۡ َ ُّ َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ون ‪} ١٣‬‬ ‫َّللِ ذ ىل ِك بِأن ُه ۡم ق ۡوم َّل يفقه‬
‫قوله تعالى‪ { :‬لنتم أشد رهبة ِِف صدورِهِم م َِن ٱ ر‬
‫واملعنى‪ :‬ألنتم أيها املؤمنون أشد خوفا في صدور املنافقين واليهود من خوفهم من هللا تعالى‪ ،‬فهم‬
‫ُ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫اَّللِ أو أ َش َد َخش َية}[النساء‪:‬‬ ‫يخافونكم أشد من خوفهم من هللا تعالى‪{ :‬إِذا ف ِريق مِنهم يشون الاس كخشي ِة‬
‫بأنهم قوم ال يفقهون شيئا عن عظمة هللا تعالى‪.‬‬ ‫‪ ،]77‬ذلك ّ‬

‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َۡ ُ ُ ََُۡ ۡ َ‬ ‫َم َص َنة أَ ۡو مِن َو َرا ِء ُج ُ‬


‫ُّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ ُ َ‬
‫ِيد ت َس ُب ُه ۡم ۡجِيعا‬
‫ر‬ ‫د‬‫ش‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫س‬ ‫أ‬‫ب‬ ‫ٔ‬
‫ر‬ ‫ر‬‫د‬ ‫ٍ‬ ‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل يُقىتِلونك ۡم ۡجِيعا إَِّل ِِف قرى‬
‫َ ُ ُ ُ ُ ۡ َ َ ى َى َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ ۡ ُ َ‬
‫وقلوبهم شت ذل ِك بِأنهم قوم َّل يعقِلون ‪} ١٤‬‬
‫واملعنى‪ :‬ال يقاتلكم أيها املؤمنون هؤالء املنافقون واليهود باملبارزة وال يقاتلونكم مجتمعين‪ ،‬بل‬
‫محصنة باألسوار أو الخناديق‪ ،‬أو خلف الحيطان‪ ،‬عداوتهم فيما بينهم شديدة‪ ،‬كما قال‬ ‫ّ‬ ‫يقاتلونكم في قرى‬
‫متوحدين‪ ،‬ولكن قلوبهم ّ‬ ‫ّ‬ ‫كم بَأ َس َبع ٍض}[األنعام‪ ،]65 :‬تحسبهم أيها الرسول‬‫َُ َ َ َ ُ‬
‫متفرقة‪،‬‬ ‫تعالى‪{ :‬ويذِيق بعض‬
‫ذلك ّ‬
‫بأنهم قوم ال يعقلون الحق‪.‬‬

‫َ ُ َ َ َ َۡ ۡ َ َُ ۡ َ َ َ‬
‫نس ِن‬
‫ۡ‬
‫لش ۡي َطىن إ ِ ۡذ َق َال ل َِِل َ ى‬
‫َ‬
‫ٱ‬ ‫ل‬
‫َ ََ‬
‫ث‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫‪١٥‬‬ ‫م‬ ‫َل‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ك َم َثل ٱ ََّل َ‬
‫ِين مِن ق ۡبل ِ ِه ۡم ق ِريبا ذاقوا وبال أِّ ِرهِم ولهم عذاب أ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ي ‪ ١٦‬فَ ََك َن َع ىقِ َب َت ُه َما َأ َن ُه َما ِف ٱلَار َخ ى ِ َ‬
‫ِليۡن فِيها رَ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫َّلل َر َب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬ ‫ٱ‬ ‫اف‬‫خ‬‫أ‬ ‫ن‬ ‫إ‬
‫َ‬
‫ِنك‬
‫م‬ ‫ء‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ك َف َر َق َال إن بَ‬
‫ۡ ُۡ َََ َ‬
‫ٱكفر فلما‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لظلِم َ‬ ‫َ َ َ ُ َى‬
‫ي ‪} ١٧‬‬ ‫َوذ ىل ِك ج َىزؤا ٱ ِ‬

‫ُ‬
‫ََ َ ََ َ ُ َ َۡ َ َ‬ ‫َ َ َ ۡ َ َ َُ‬ ‫َ‬
‫ََ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬
‫َ َُ َُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ١٨‬‬ ‫ِين َءامنوا ٱتقوا ٱَّلل وِلَنظ ۡر نفس ما قدمت ل ِغد وٱتقوا ٱ ر‬
‫َّلل إِن ٱَّلل خبِري بِما تعمل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱَّل‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل وبرسوله اتقوا هللا تعالى وخافوا عذابه بامتثال أوامره واجتناب‬
‫قدمت من األعمال ليوم القيامة‪ ،‬واتقوا هللا تعالى‪ّ ،‬إن هللا سبحانه خبير بما‬ ‫ولتتأمل نفس ما ّ‬ ‫ّ‬ ‫نواهيه‪،‬‬
‫تعملون‪ ،‬ال تخفى عليه خافية من أعمالكم‪.‬‬
‫فبين البشارات للمتقين في الدنيا في‬ ‫وقد ّبين هللا تبارك وتعالى بشارات للذين يتقونه في الدنيا واآلخرة‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫جعل هله َم َ‬
‫خرجا (‪َ )2‬و َي ُ ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َمن َي هتق ه َ‬
‫قه من َحيث َل َيحتس ُب}[الطالق‪ ،]2-3 :‬وقوله تعالى‪:‬‬ ‫رز‬ ‫َّللا َي َ‬
‫ِيق َاَّلِينَ‬
‫وبين البشارات للمتقين في اآلخرة في قوله تعالى‪َ { :‬وس َ‬ ‫اَّلل َُي َعل َ ُل مِن أَِّره يُّسا}[الطالق‪ّ ،]4 :‬‬ ‫{ َو َمن َي َتق َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُُ‬ ‫ََ‬ ‫َ َُ َ‬ ‫ََ ُ َ‬ ‫ََ ََُ‬ ‫َ‬
‫ون}[الحجر‪ ،]45 :‬وقوله تعالى‪:‬‬
‫اتقوا ربهم إِل النةِ زِّر}[الزمر‪ ،]73 :‬وقوله تعالى‪{ :‬إِن المتقِي ِِف جنات وعي ٍ‬
‫ِيك ُمق َتد ٍِر}[القمر‪.]54-55 :‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َُ َ‬
‫ات َون َه ٍر‪ِِ .‬ف َمق َع ِد ِ‬
‫صد ٍق عِند ِّل ٍ‬ ‫{إِن المتقِي ِِف جن ٍ‬

‫َ َ َ َ َ ى ُ ۡ َ ُ َ ُ ۡ ُ َى َ ُ ُ ۡ َ ى ُ َ‬ ‫ََ َ ُ ُ َ َ َ َ‬
‫ِين ن ُسوا ٱَّلل فأنسىهم أنفسه رم أولئِك هم ٱلفسِقون ‪} ١٩‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وَّل تكونوا كٱَّل‬
‫واملعنى‪ :‬وال تكونوا أيها املؤمنون كاملنافقين الذين نسوا ذكر هللا تعالى وأهملوا تكاليف الشرع‪،‬‬
‫فأنساهم هللا تعالى أنفسهم‪ ،‬أولئك هم العاصون الخارجون عن الطاعة‪.‬‬
‫ُ ُ َ‬
‫الم َناف ِقون‬‫واملراد بالذين نسوا هللا تعالى في هذه اآلية هم املنافقون‪ ،‬دل على ذلك قوله تعالى‪{ :‬‬
‫َ‬ ‫ََ ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ ُُ َ ُ َ ََ َ َ‬
‫ون َعن َ‬ ‫ُ‬ ‫الم َناف َِق ُ‬
‫اَّلل فنسِ َي ُهم إِن‬ ‫وف َويَقبِضون أيد َِي ُهم ن ُسوا‬ ‫الم ُ‬
‫عر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات بَعض ُهم مِن بَعض يأِّرون بِالمنك ِر وينه‬ ‫َو ُ‬
‫َُ َ ُ ُ َ ُ َ‬
‫ون}[التوبة‪.]67 :‬‬ ‫المنفِقِي هم الفسِق‬

‫َ َ ۡ َ َ ۡ َ ى ُ َ َ َ ۡ َ ى ُ َۡ َ َ ۡ َ ى ُ َۡ َ ُ ُ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪}٢٠‬‬ ‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل يستوِي أصحب ٱلارِ وأصحب ٱلنةِ أصحب ٱلنةِ هم ٱلفائِز‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬ال يستوي في حكم هللا تعالى يوم القيامة أصحاب النار وهم الكفار‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬واَّل َ‬
‫ِين‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫َ ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ََُ َ َُ‬ ‫َ‬
‫ون}[البقرة ‪ ،]39 :‬وأصحاب الجنة وهم املؤمنون‪،‬‬ ‫اَل‬
‫الارِ هم فِيها خ ِ‬ ‫بايَت ِ َنا أولئِك أصحاب‬
‫كفروا ووُكذبوا ِ‬
‫صح ُب‬‫حزُنو َن (‪ُ )13‬أ ْو َلئ َك َأ َ‬ ‫ه ه َ َ ُ ْ َ ُّ َ ه ُ ُ ه َ َ ُ ْ َ َ َ ٌ‬
‫وف َع َليهم َوََل ُهم َي َ‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬إن الذين قالوا ربنا َّللا ثم استقموا فال خ‬
‫ين ف َيها}[األحقاف‪ ،]13-14 :‬أصحاب الجنة هم الفائزون بكل مطلوب الناجون من كل مكروه‪.‬‬ ‫الج هنة َخلد َ‬
‫َ‬
‫َ َ ََُ َ َ َ َُ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ات أن نعلهم َكَّلِين آمنوا وع ِملوا‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬أم حسِب اَّلِين اجتحوا السيِئ ِ‬
‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ َ َ ُُ َ َ َ َ ُ ُ َ‬
‫ص ُ‬
‫ري‬ ‫ون}[الجاثية‪ ،]21 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬و َما ي َ ۡس َتوِي ٱل ۡع َ ى‬
‫م َوٱلَ ِ‬ ‫ات سواء َمياهم وِّماتهم ساء ما يكم‬ ‫َ‬
‫الص ِ َ‬
‫ال ِ‬
‫ون ‪[}٥٨‬غافر‪ ،]58 :‬وقوله تعالى‪{ :‬أَم َن َع ُل َاَّلِينَ‬ ‫َ ََ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬
‫ت َوَّل ٱل ُم ِس ُء ر قلِيل ما تتذكر‬ ‫ام ُنوا َو َعملُوا ٱ َ ى َ‬
‫لصل ِحى ِ‬ ‫ِ‬ ‫َوٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬
‫َ َ َُ َُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫آم ُنوا َو َعملُوا َ‬
‫ي َكل ُف َجارِ}[ص‪.]28 :‬‬ ‫ِين ِِف الر ِض أم نعل المتقِ‬ ‫سد َ‬ ‫ات َكل ُمف ِ‬ ‫الص ِ َ‬
‫ال ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬

‫ۡ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َۡ َىُ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ ۡ َ َ ۡ َ َ ى َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َى َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ‬


‫ُضبُ َها‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ل‬‫ٰ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ك‬ ‫ِل‬ ‫ت‬‫و‬ ‫َّلل‬
‫رِ‬ ‫ٱ‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫خ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫َِع‬
‫د‬ ‫َ‬
‫ص‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ا‬‫ع‬ ‫ى‬
‫قوله تعالى‪ { :‬لو أنزلا هذا ٱلقرءان لَع جبل لرأيتهۥ شِ‬
‫خ‬
‫َََُ ۡ َََ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٢١‬‬ ‫ل َِلن ِ‬
‫اس لعلهم يتفكر‬
‫أيت أيها العاقل هذا الجبل الذي هو‬ ‫واملعنى‪ :‬لو أنزلنا هذا القرآن الكريم على جبل شامخ اسخ‪ ،‬لر َ‬
‫ر‬
‫مثال في الشدة والضخامة متذلال متشققا من شدة خوفه من هللا تعالى‪ ،‬وتلك األمثال الباهرة نضربها للناس‪،‬‬
‫ۡ ُ‬ ‫َ َۡ َ َ ُۡ َ ُ َ ۡ‬
‫ل َبال‬
‫لعلهم يتفكرون فيها‪ ،‬ويعملوا بما تقتضيه من مواعظ سديدة‪ ،‬وقد قال تعالى‪ { :‬ولو أن قرءانا س ِري ِ ِ‬
‫ٱ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ب‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َ ُ‬
‫أ ۡو ق ِط َع ۡت بِهِ ٱلۡر ُض أ ۡو ُك َِم بِهِ ٱل َم ۡو ىت }[الرعد‪ ]31 :‬أي لكان هذا القرآن‪.‬‬

‫ُ َ َى ُ َۡ َ َ‬
‫لش َه ى َدة ِ ُه َو ٱ َلر ۡح َم ى ُن ٱ َلرح ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َُ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِيم ‪} ٢٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬هو ٱَّلل ٱَّلِي َّل إِل ىه إَِّل هو عل ِم ٱلغي ِ‬
‫ب وٱ‬
‫واملعنى‪ :‬هو هللا الذي ال معبود بحق إال هو‪ ،‬عالم كل ش يء مما غاب عن العباد ومما يشاهدونه‪ ،‬ال‬
‫اَّلل ََّل َي ََف َعلَيهِ َيشء ِف الر ِض َوَّل ِف َ‬
‫الس َماءِ}[آل عمران‪،]5 :‬‬ ‫يخفى عليه ش يء منه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إ َن َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ورْحت وس َِعت ُك‬ ‫وهو الرحمن ذو الرحمة الواسعة الشاملة لجميع املخلوقات‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬‬
‫َ‬
‫يشء}[األعراف‪ ،]156 :‬الرحيم لعباده املؤمنين‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وك َن بِال ُمؤ ِمن َِي َرحِيما}[األحزاب‪.]43 :‬‬

‫ب ُس ۡب َ‬
‫حى َن‬ ‫ل َب ُ ۡ َ َ ُ‬
‫ار ٱل ُمتك ِ ر‬ ‫يز ٱ ۡ َ‬
‫لس َل ى ُم ٱل ۡ ُم ۡؤم ُِن ٱل ۡ ُم َه ۡي ِم ُن ٱ ۡل َعز ُ‬ ‫َّلل ٱ ََّلِي ََّل إ َل ى َه إ ََّل ُه َو ٱل ۡ َمل ُِك ٱ ۡل ُق ُّد ُ‬
‫وس ٱ َ‬
‫ِ ِ‬
‫قوله تعالى‪ُ { :‬ه َو ٱ َ ُ‬
‫ِ‬
‫َ َ َ ُۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٢٣‬‬ ‫شوُك‬
‫ٱَّللِ عما ي ِ‬
‫القدوس الطاهر من كل عيب‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬هو هللا الذي ال معبود بحق إال هو امللك لجميع املخلوقات‪ّ ،‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِيم}[يس‪:‬‬ ‫السالم من كل ما ال يليق‪ ،‬وذو السالم على عباده في الجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬سلم قوَّل مِن ر ٍب رح ٍ‬
‫املصدق رسله وأنبياءه الواهب لعباده نعمة األمان واالطمئنان‪ ،‬املهيمن الشاهد على خلقه بأعمالهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪،]58‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َُ ََ ُ َ‬
‫َ ُ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ِإَوما ن ِريَ َنك َب ۡعض ٱَّلِي نعِ ُده ۡم أ ۡو ن َت َوف َي َنك‬ ‫ُك يش ٍء َش ِهيد}[البروج‪ ،]9 :‬وقال تعالى‪{:‬‬
‫كما قال تعالى‪{ :‬واَّلل لَع ِ‬
‫ون ‪[}٤٦‬يونس‪ ،]46 :‬العزيز الذي ال يغلب‪ّ ،‬‬ ‫َ َى َ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ ََۡ َ ۡ ُ ُ ۡ ُ َ َُ َ‬
‫الجبار القاهر فوق عباده‪،‬‬ ‫َّلل ش ِهيد لَع ما يفعل‬ ‫ج عه م ث م ٱ‬
‫فإَِلنا ِّر ِ‬
‫تنزه هللا وتعالى عن كل ما يشركونه به في عبادته‪.‬‬ ‫املتكبر ذو العظمة والجاللة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬

‫ت َوٱ ۡلَۡر ِض َو ُه َو ٱلۡ َعز ُ‬


‫يز‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫َ‬
‫و‬ ‫ى‬ ‫لس َ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ٱ‬ ‫ِف‬ ‫ا‬‫م‬‫َ‬ ‫ۥ‬ ‫ُ‬
‫ل‬
‫ُ َ َ ُ ۡ َ ى ُ ۡ َ ُ ۡ ُ َ ُ َُ ۡ َ ۡ َ ُ ُۡ ۡ َ ُ َ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬هو ٱَّلل ٱلخل ِق ٱلارِ ٱلمصوِر ل ٱلسماء ٱلس ى‬
‫ن يسبِح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ۡ‬
‫لك ُ‬‫ٱ َ‬
‫ِيم ‪}٢٤‬‬
‫ّ‬
‫املصور لألشياء‬ ‫واملعنى‪ :‬هو هللا تعالى الخالق لهذا الكون على مقتض ى حكمته‪ ،‬البارئ املخترع لألشياء‪،‬‬
‫َ‬
‫ورة َما َشا َء َروُك َب َك ‪[}٨‬االنفطار‪ ،]8 :‬له األسماء‬ ‫واملركب لها‪ ،‬على هيئات مختلفة‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬ف أَي ُص َ‬
‫ِ ِ‬
‫يسبح بحمد هللا تعالى‪،‬‬ ‫يسبح هلل وحده ما في السماوات وما في األرض‪ ،‬وما من ش يء من املخلوقات إال ّ‬ ‫الحسنى‪ّ ،‬‬
‫َ ََۡ َ‬
‫كن َّل تفق ُهون‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫لس ۡب ُع َوٱ ۡلَۡر ُض َو َمن فِيه َن ِإَون مِن َ ۡ َ ُ‬ ‫كما قال تعالى‪ { :‬ت ُ َسب ُح َ ُل ٱ َ‬
‫لس َم ى َو ى ُت ٱ َ‬
‫يش ٍء إَِّل ي َسب ِ ُح ِّب ۡم ِده ِۦ َول ى ِ‬ ‫ِ ر‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يح ُه ۡ رم إِنَ ُهۥ َك َن َحل ِيما غ ُفورا ‪[}٤٤‬اإلسراء‪ ،]44 :‬وهللا تعالى هو العزيز الغالب الحكيم في صنعه وتدبيره‪.‬‬
‫ت ۡسب َ‬
‫ِ‬
‫ُ َُ ُ َ َ‬
‫ورة اَل ْمت َحنة‬ ‫س‬
‫وهي مدنية وعدد آياتها ثالث عشرة‬

‫ََ‬ ‫ۡ َ َ‬ ‫ُُۡ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َى َ ُّ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ ُ‬


‫خذوا َع ُدوِي َو َع ُد َوك ۡم أ ۡو َِلَا َء تلقون إ ِ َۡل ِهم ب ِٱل َم َودة ِ َوق ۡد كف ُروا ب ِ َما‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱَّلِين ءامنوا َّل تت ِ‬
‫َ‬ ‫ك ۡم إن ُك ُ‬
‫نت ۡم َخ َر ۡج ُت ۡم ج َه ىدا ِف َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫اك ۡم أن تُ ۡؤم ُ‬ ‫َ َۡ ُ ۡ ُ َ َ ُ َ َ ُ‬ ‫ُ‬
‫يَل َوٱبۡتِغا َء‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫ِ‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫ِن‬ ‫َجا َءكم مِن ٱل ِق ي ِرجون ٱلرسول ِإَوي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ۡ ََ ۡ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ َ َ َََ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ َ ُۡ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َۡ َ ۡ‬ ‫ون إ ِ َ ۡ‬
‫ُ ُّ َ‬ ‫َۡ َ‬
‫يل ‪} ١‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫لس‬ ‫ٱ‬ ‫ء‬ ‫ا‬‫و‬ ‫س‬ ‫ل‬ ‫ض‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫ِنك‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫نت‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫م‬‫و‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ف‬‫خ‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫م‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ل‬‫ع‬‫أ‬ ‫ا‬‫ن‬ ‫أ‬‫و‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫د‬‫و‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫َل‬ ‫اِت ت ِّس‬‫ِّرض ِ‬
‫وعدوكم من الكفار املعادين لكم أنصارا‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل وبرسوله ال تتخذوا ّ‬
‫عدوي‬
‫املودة التي بينكم وبينهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يَا َأ ُّي َها َاَّل َ‬
‫ِين‬ ‫وأعوانا لكم‪ ،‬تخبرونهم بأخبار الرسول واملؤمنين بسبب ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِ َ َُ ُ َ َ َ َُ َ ََ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ ََ ُ‬
‫ون المؤمنِي أترِيدون أن تعلوا َِّللِ عليكم سلطانا مبِينا}[النساء‪،]144 :‬‬ ‫خذوا الَكف ِرِين أو َِلاء مِن د ِ‬ ‫آمنوا َّل تت ِ‬
‫اء مِن ُدون ال ُمؤ ِمن َِي}[آل عمران‪ّ ،]28 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فإنهم قد كفروا باهلل وبما‬ ‫ِ‬
‫ون الَكف ِر َ‬
‫ين أو َِلَ َ‬
‫ِ‬ ‫وقال تعالى‪َّ{ :‬ل َيت ِ‬
‫خ ِذ المؤمِن‬
‫جاءكم من القرآن الكريم‪ ،‬وهم يخرجون الرسول صلى هللا عليه وسلم من مكة‪ ،‬ويخرجونكم منها ّ‬
‫ملجرد‬
‫ال ِمي ِد}[البروج‪ ،]8 :‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫َ‬
‫اَّللِ ال َعزيز َ‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫إيمانكم باهلل ّبكم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما َن َق ُموا مِن ُهم إَّل أَن يُؤم ُ‬
‫ِن‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُّ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫{اَّلِين أخرِجوا مِن دِيارِهِم بِغريِ ح ٍق إَِّل أن يقولوا ربنا اَّلل}[الحج‪ ،]40 :‬فال تتخذوهم أولياء إن كنتم خرجتم‬
‫تسرون إليهم أخبار املؤمنين وخططهم بسبب ّ‬
‫املودة‪ ،‬وتفعلون ذلك‪ ،‬وأنا‬ ‫جهادا في سبيلي‪ ،‬وابتغاء رضواني‪ّ ،‬‬
‫يفعل ذلك منكم أيها املؤمنون فقد أخطأ طريق الصواب‪ ،‬وبعد عنه‪.‬‬ ‫أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم‪ ،‬ومن ْ‬

‫ُّ َ َ ۡ ُ َ‬ ‫ك ۡم َأيۡد َِي ُه ۡم َو َأل ۡسِ نَ َت ُهم بٱ ُّ‬


‫لسوءِ َو َودوا ل ۡو تكف ُرون ‪٢‬‬
‫َۡ َ ُ ُ ۡ َ ُ ُ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ َۡ ُ ُ َۡ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن يثقفووُكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إَِل‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َ َ ۡ َى ُ ُ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ى َ َ ۡ ُ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ ُ َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫لن تنفعكم أرحامكم وَّل أولدك رم يوم ٱلقِيمةِ يف ِصل بينك رم وٱَّلل بِما تعملون ب ِصري ‪} ٣‬‬
‫يفرق هللا‬‫واملعنى‪ :‬لن تنفعكم أقاربكم وال أوالدكم شيئا حين توالون الكفار من أجلهم‪ ،‬يوم القيامة ّ‬
‫الجنة‪ ،‬ويدخل الكافر النار‪ ،‬وهللا تعالى بما تعملون بصير ويجازيكم عليه‪.‬‬ ‫تعالى بينكم‪ ،‬فيدخل املؤمن ّ‬
‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬واملقصود ّأن القرابة ال تنفع عند هللا تعالى‪ْ ،‬إن أراد هللا بكم سوءا‪ْ ،‬‬
‫ولن‬
‫يصل نفعهم إليكم إذا أرضيتموهم بما يسخط هللا‪ ،‬ومن وافق أهله على الكفر ليرضيهم‪ ،‬فقد خاب وخسر‬
‫ُّ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ّ‬
‫الصورِ فل‬ ‫وضل عمله‪ ،‬وال تنفعه عند هللا قرابة من أحد‪ ،‬ولو كان قريبا إلى من األنبياء‪ ،‬قال تعالى‪{ :‬فإِذا ن ِفخ ِِف‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َُ َ‬ ‫َأن َ‬
‫خيهِ َوأ ِمهِ َوأبِيهِ‬‫ساءلون}[املؤمنون‪ ،]101 :‬وقال سبحانه‪{ :‬يَو َم يَ ِف ُّر ال َمر ُء مِن أ ِ‬ ‫ساب بَي َن ُهم يَو َمئِ ٍذ وَّل يت‬
‫ُ‬
‫ِك اِّ ِر ٍ مِن ُهم يَو َمئ ِ ٍذ َشأن ُيغن ِيهِ}[عبس‪.]34-37 :‬‬ ‫َ ََ‬ ‫َ‬
‫وصاحِبتِهِ وبنِيهِ ل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ ُ َ‬
‫ِين َم َع ُهۥ إِذ قالوا ل ِق ۡو ِِّ ِه ۡم إِنا بُ َر ىَءؤا ِمنك ۡم َوِّ َِما ت ۡع ُب ُدون‬ ‫ك ۡم أُ ۡس َوة َح َس َنة ِف إبۡ َر ىه َ‬
‫ِيم َوٱ ََّل َ‬ ‫َۡ َ َ ۡ َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قد َكنت ل‬
‫ِ ِ‬
‫َ‬
‫ت تُ ۡؤم ُِنوا بٱ ََّللِ َو ۡح َدهُۥ إ ََّل قَ ۡو َل إبۡ َر ىه َ‬
‫ِيم‬
‫ُ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َى َ ُ َ ۡ َ ۡ َ‬
‫ضا ُء أبَدا َح َ ى‬ ‫ون ٱَّللِ كف ۡرنا بِكم وبدا بيننا وبينكم ٱلعدوة وٱلغ‬
‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مِن د ِ‬
‫ك ٱل ۡ َم ِص ُ‬‫َ ۡ َ ََ َ َۡ َ ََََۡ َۡ َ َََۡ َۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫َ ََ ۡ َ َ َ‬
‫ري ‪} ٤‬‬ ‫ِلبِيهِ ل ۡس َتغ ِف َرن لك َو َما أ ِّۡل ِك لك م َِن ٱَّللِ مِن يشء ربنا عليك توَّكنا ِإَوَلك أنبنا ِإَوَل‬
‫واملعنى‪ :‬قد كانت لكم أيها املؤمنون أسوة حسنة في إبراهيم عليه السالم والذين آمنوا معه‪ ،‬حين قالوا‬
‫ّ‬
‫لقومهم املشركين‪ ،‬إنا بريئون مما تعبدونه من دون هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعالى على لسان إبراهيم عليه السالم‪:‬‬
‫َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ون}[األنعام‪ ،]78 :‬كفرنا بدينكم‪ ،‬وظهر بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا ما دمتم‬ ‫{يا قو ِم إ ِ ِن ب ِريء ِِّما ت ِ‬
‫شوُك‬
‫على كفركم حتى تؤمنوا باهلل وحده‪ ،‬ولكم األسوة في مقاالت إبراهيم عليه السالم لقومه إال قوله ألبيه‪:‬‬
‫َ‬ ‫ى َ َ َ َى َ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ َ َ َ ُ َ َ‬ ‫ّ‬
‫ألستغفرن هللا لك‪ ،‬كما قال تعالى في آية أخر ‪ { :‬قال سلم عليك سأستغفِر لك ر ِب إِنهۥ َكن ِب حفِيا ‪[} ٤٧‬مريم‪:‬‬
‫تبين إلبراهيم ّأن أباه‬
‫فلما ّ‬
‫‪ ،]47‬وما أدفع عنك من عذاب هللا تعالى شيئا‪ ،‬فليس لكم أسوة في استغفاره ألبيه‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وفوضنا أمورنا‪ ،‬وإليك وحدك أنبنا‪ ،‬وإليك وحدك املصير‪.‬‬ ‫توكلنا ّ‬ ‫تبرأ منه‪ ،‬وقال‪ :‬رّبنا عليك‬ ‫عدو هلل‪ّ ،‬‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫َ َ َ ُ َ ۡ َ َََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬‫َ َ ۡ‬
‫ِيم ‪} ٥‬‬ ‫لك ُ‬ ‫يز ٱ َ‬ ‫نت ٱل َعز ُ‬
‫ِ‬
‫كأ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ر َب َنا َّل ت َعل َنا ف ِۡت َنة ل َِّلِين كفروا وٱغ ِفر لا ربنا إِن‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬رّبنا ال تجعلنا مفتونين معذبين لهؤالء الكافرين‪ ،‬أو ال تسلطهم علينا فيفتنونا بعذاب ال‬
‫ّ‬
‫نستطيع صده‪ ،‬واغفر لنا يا ربنا ذنوبنا‪ ،‬إنك أنت العزيز الغالب‪ ،‬الحكيم في صنعه وتدبيره‪.‬‬
‫َۡ‬ ‫َ َۡ ۡ‬ ‫َ َ ُ ََ َ َ َۡ‬
‫ونظير هذا الدعاء دعاء بني إسرائيل في قوله تعالى‪ { :‬فقالوا لَع ٱَّللِ ت َوَّك َنا َر َب َنا َّل ت َعل َنا ف ِۡت َنة ل ِلق ۡو ِم‬
‫َ َ َ ََۡ َ َ َۡۡ ۡ َ‬
‫ك ىفِر َ‬ ‫َى َ‬
‫ين ‪[}٨٦‬يونس‪.]85-86 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ننا بِرْحتِك مِن ٱلقو ِم ٱل‬
‫ٱلظل ِ ِمي ‪ ٨٥‬و ِ‬

‫ن‬ ‫ك ۡم فِيه ۡم أُ ۡس َوة َح َس َنة ل َِمن ََك َن يَ ۡر ُجوا ٱ َ َ‬


‫َّلل َوٱ َۡلَ ۡو َم ٱٓأۡلخ َِر ر َو َمن َي َت َو َل فَإ َن ٱ َ َ‬
‫َّلل ُه َو ٱ ۡل َغ ِ ُّ‬ ‫ََ ۡ َ َ َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬لقد َكن ل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لم ُ‬ ‫ۡ‬
‫يد ‪} ٦‬‬ ‫ٱ َِ‬
‫واملعنى‪ :‬لقد كان لكم أيها املؤمنون في إبراهيم عليه السالم والذين آمنوا معه أسوة حسنة تتأسون‬
‫ومن يعرض عما أمره هللا تعالى به ويوال‬‫بها‪ ،‬ملن كان منكم يريد ثواب هللا تعالى ويخاف حسابه يوم اآلخر‪ْ ،‬‬
‫ّ‬
‫أعداء هللا تعالى‪ ،‬فإن هللا تعالى هو الغني عن طاعتهم‪ ،‬الحميد في جميع األحوال وإن كفرتم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِن‬
‫َ ََ ي َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫كم}[الزمر‪.]7 :‬‬ ‫تكف ُروا فإِن اَّلل غ ِن عن‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬


‫َّلل غ ُفور َرحِيم ‪} ٧‬‬ ‫ِين ََع َد ۡي ُتم م ِۡن ُهم َِّ َو َدة ر َوٱ َ ُ‬
‫َّلل قدِير ر َوٱ َ ُ‬ ‫ك ۡم َوبَ ۡ َ‬
‫ي ٱَّل َ‬ ‫ۡ َ ََۡ ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ ۞{ :‬ع َس ٱ َ ُ‬
‫َّلل أن ُيعل بين‬
‫واملعنى‪ :‬عس ى هللا تعالى ْأن يجعل بينكم أيها املؤمنون وبين الذين عاديتم من أقاربكم الكفار ّ‬
‫مودة‬
‫ّ‬
‫وتأليف القلوب بعد العداوة والقساوة‪ ،‬وهللا قدير على ذلك كله‪ ،‬فقد ألف بين قلوبكم بعد عداوتكم فيما‬
‫ي‬‫كم إذ ُكن ُتم أَع َداء فَ َأ َل َف بَ َ‬
‫ََ َ ََ ُ‬ ‫ُ‬
‫بينكم‪ ،‬كما امتن هللا تعالى على األنصار في قوله‪َ { :‬واذك ُروا ن ِعمة اَّللِ علي‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ُُ‬
‫كم مِن َها}[آل عمران‪ ،]103 :‬وهللا تعالى‬ ‫كم فأص َبح ُتم بن ِع َمتِهِ إخ َوانا َووُكن ُتم لَع َش َفا ُحف َر ٍة م َِن َ‬
‫الارِ فأنقذ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قلوب ِ‬
‫غفور لعباده املذنبين التائبين‪ ،‬رحيم بهم‪.‬‬

‫َ ى ُ ۡ َ َ َ ُّ ُ ۡ َ ُ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُۡ‬ ‫َ َ ۡ َ ى ُ ُ َ ُ َ َ َ َۡ َُى ُ ُ‬


‫ِين َول ۡم ي ِر ُجووُكم مِن دِي ِروُكم أن تبوهم وتقسِطوا‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫َل‬‫ٱ‬ ‫ِف‬
‫ِ‬
‫ووُك ۡ‬
‫م‬ ‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل ينهىكم ٱَّلل ع ِن ٱَّلِين لم يقتِل‬
‫سط َ‬ ‫َ ۡ ۡ َ َ َ ُ ُّ ۡ ۡ‬
‫ي ‪}٨‬‬ ‫َّلل يِب ٱل ُمق ِ ِ‬ ‫إَِل ِه رم إِن ٱ‬
‫واملعنى‪ :‬ال ينهاكم هللا تعالى أيها املؤمنين عن الكفار الذين لم يقاتلوكم في دينكم‪ ،‬ولم يخرجوكم من‬
‫وأن تعدلوا فيهم بأداء ما لهم من حق‪ّ ،‬إن هللا تعالى يحب‬ ‫دياركم‪ْ ،‬أن تتعاملوا معهم بالبر والخير واإلحسان‪ْ ،‬‬
‫العادلين في أقوالهم وأفعالهم‪.‬‬
‫وهذه اآلية محكمة ورخصة من هللا تبارك وتعالى في صلة الكفار الذين لم يعادوا املؤمنين ولم‬
‫تقيد نهي هللا املطلق عن اتخاذ غير أهل امللة أصفياء وأصدقاء في قوله تعالى‪{ :‬يَا َأ ُّي َها َاَّل َ‬
‫ِين‬ ‫يقاتلوهم‪ ،‬وهي ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُّ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ ََ ُ‬
‫اء مِن أف َواهِ ِهم َو َما َت َِف‬
‫ض ُ‬ ‫خذوا ب ِ َطانة مِن دون ِكم َّل يَألونكم خ َباَّل َودوا َما عن ِتم قد بَ َد ِ‬
‫ت الغ‬ ‫آمنوا َّل تت ِ‬
‫ُ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ ُ ُ َ َُ َ َََ َ ُ‬
‫ات إِن كنتم تعقِلون}[آل عمران‪.]118 :‬‬ ‫صدورهم أكب قد بينا لكم اآلي ِ‬

‫ُ َ‬ ‫َ ُ ۡ َ َ َُ ََ‬ ‫ََ ۡ َ ُ ُ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ى ُ ُ َ ُ َ َ َ َىَ ُ ُ ۡ‬


‫جك ۡم أن‬ ‫ا‬‫ر‬‫لَع إ ِ ۡخ َ‬
‫ى‬ ‫وا‬‫ر‬‫ه‬‫ى‬ ‫ظ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫وُك‬‫ر‬ ‫ى‬ ‫ِي‬ ‫د‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫م‬ ‫ووُك‬ ‫ِين وأخرج‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنما ينهىكم ٱَّلل ع ِن ٱَّلِين قتلووُكم ِِف ٱَل ِ‬
‫َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ َ َ ُ ۡ َ ُ َى َ ُ ُ َ ى ُ َ‬
‫تولوه رم ومن يتولهم فأولئِك هم ٱلظل ِمون ‪} ٩‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنما ينهاكم هللا تعالى أيها املؤمنون عن الذين عادوكم وقاتلوكم في دينكم‪ ،‬وأخرجوكم من‬
‫ّ‬ ‫تولوهم بالنصرة ْ‬ ‫ْ ّ‬
‫وأن تتخذوهم أولياء‪ ،‬ومن يتولهم‬ ‫دياركم‪ ،‬وعاونوا أعداءكم على إخراجكم من دياركم أن‬
‫فأولئك هم الظاملون ألنفسهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬
‫ود َوالَ َص َ‬ ‫َ ُّ َ َ َ َ ُ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫اء َبعض ُهم أوَلِ َاءُ بَع ٍض‬‫ارى أو َِل‬ ‫خذوا اَله‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬يا أيها اَّلِين آمنوا َّل تت ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫كم فإنَ ُه مِن ُهم إ َن َ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الظالِم َ‬
‫ي}[املائدة‪.]51 :‬‬ ‫ِ‬ ‫اَّلل َّل َيهدِي القوم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َو َمن َي َت َول ُهم مِن‬

‫ُ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َّلل أَ ۡعلَ ُم بإ َ‬ ‫َى َ ُّ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ ُ ُ ۡ ُ ۡ َ ى ُ ُ َ ى َ ى َ ۡ َ ُ ُ‬


‫وه َن ٱ َ ُ‬
‫يم ىن ِ ِه َن فإِن َعل ِۡم ُت ُموه َن‬‫ِِ‬ ‫حن‬
‫جرت فٱمت ِ‬‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱَّلِين ءامنوا إِذا جاءكم ٱلمؤمِنت مه ِ‬
‫َ ُ ۡ َ َ ُ ۡ َ ُّ َ َ ُ َ َ ُ ُ َ َ َ ُ َ َ ُ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ‬ ‫ُ ۡ َى َ َ َۡ ُ ُ َ َ ۡ ُ َ َ ُ‬
‫ار َّل ه َن حِل لهم وَّل هم يِلون لهن و َءاتوهم ما أنفق روا وَّل جناح عليكم أن‬ ‫جعوهن إِل ٱلكف ِ‬ ‫ِّؤمِنت فل تر ِ‬
‫َُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َ ُ ُ َ َ َ َُۡ ُ ُ َ ُ َ ُ َ َ ُ‬
‫ن َوَّل ت ۡمسِكوا بِعِ َص ِم ٱلك َواف ِِر َوسَٔٔلوا َما أنفق ُت ۡم َوليَ ۡسَٔٔلوا َما أنفق روا ذ ىل ِك ۡم‬ ‫تنكِحوهن إِذا ءاتيتموهن أجوره ر‬
‫ك ۡم َوٱ َ ُ‬‫ُ ۡ ُ َ َۡ ُ ُ ََۡ ُ‬
‫َّلل َعل ِيم َحكِيم ‪} ١٠‬‬ ‫حكم ٱَّللِ يكم بين‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل وبرسوله إذا جاءكم املؤمنات مهاجرات إليكم من بالد الكفر‬
‫هن مؤمنات‬ ‫فإن علمتم علما ظاهرا ّأن ّ‬ ‫بإيمانهن‪ْ ،‬‬
‫ّ‬ ‫فاختبروهن لتعلموا مدى ر ّ‬
‫غبتهن في اإلسالم‪ ،‬هللا تعالى أعلم‬ ‫ّ‬
‫أزواجهن الكفار‪ ،‬فالنساء املؤمنات ليست حالال للكفار‪ ،‬والكفار ليسوا حالال للمؤمنات‪ ،‬وآتوا‬ ‫ّ‬ ‫ترد ّ‬
‫وهن إلى‬ ‫فال ّ‬
‫ّ‬
‫مهورهن‪،‬‬ ‫تنكحوهن إذل دفعتم ّ‬
‫لهن‬ ‫ّ‬ ‫عليهن من املهور‪ ،‬وال إثم عليكم ْأن‬
‫ّ‬ ‫أزواجهن الذين َ‬
‫تركنهم مثل ما أنفقوا‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫وال تمسكوا بنكاح أزواجكم الكافرات من غير أهل الكتاب‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وال ُمح َصنات م َِن ال ُمؤمِن ِ‬
‫ات‬
‫َ ُُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِين أوتُوا الك َِت َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ور ُه َن}[املائدة‪ ،]5 :‬واطلبوا ما أنفقتم من‬
‫وه َن أ ُج َ‬ ‫ُ‬
‫اب مِن قبلِكم إِذا آتيتم‬ ‫َوال ُمح َص َن ُ‬
‫ات م َِن اَّل َ‬

‫وليطلب هؤالء املشركون ما أنفقوا من مهور أزواجهم‬ ‫ْ‬ ‫َ‬


‫ولحقن بالكفار‪،‬‬ ‫تددن عن اإلسالم‬ ‫مهور أزواجكم إذا ار ْ‬
‫وهاجرن إلى بالدكم‪ ،‬ذلك املذكور من إرجاء املهور من الجهتين حكم هللا تعالى‪ ،‬يحكم به بينكم‬ ‫ْ‬ ‫الالتي ْ‬
‫أسلمن‬
‫فال تخالفوه‪ ،‬وهللا تعالى عليم بجميع ما يصلح عباده‪ ،‬حكيم في أحكامه‪.‬‬

‫ۡ َ ۡ َى ُ ۡ َ ۡ ُ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ ََ ُ َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َى ُ ُ ۡ َ َ َ َ ُ‬ ‫ك ۡم َ ۡ‬‫َ َ ُ‬
‫جكم إِل ٱلكفارِ فعاقبتم فأتوا ٱَّلِين ذهبت أزوجهم مِثل ما أنفق روا‬ ‫يشء مِن أزو ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون فات‬
‫ُۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ١١‬‬ ‫َّلل ٱ ََّلِي أَ ُ‬
‫نتم بِهِۦ ِّؤمِن‬ ‫َوٱ َت ُقوا ٱ َ َ‬

‫َ َ َ ُۡۡ َ ُ َُ َۡ َ ََ َ‬ ‫َ‬
‫ََ َۡ ۡ َ ََ َۡ َ َ‬
‫ِي َوَّل‬ ‫ّسقن وَّل يزن‬ ‫ي‬ ‫َّل‬ ‫و‬ ‫ا‬‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫لَع أن ََّل ي ُ ۡش ۡوُك َن بٱ ََّللِ َ ۡ‬
‫يش‬ ‫ى‬ ‫ك‬‫ن‬ ‫ع‬ ‫ي‬‫ا‬‫ب‬ ‫ي‬ ‫ت‬‫ى‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ؤ‬‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ك‬ ‫ب إِذا جا َ‬
‫ء‬ ‫ُّ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱلَ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ك ِف َم ۡع ُروف ف َباي ۡع ُه َن َوٱ ۡس َت ۡغفِ ۡر ل ُهنَ‬ ‫َ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ َى َ ُ َ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ ى َ ۡ َ َ ُ َ ۡ َ َ ۡ َ َ ۡ ُ َ َ َ ۡ َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫صين ِ‬ ‫يقتلن أولدهن وَّل يأت ِي بِبهتن يفتِينهۥ بي أيدِي ِهن وأرجل ِ ِهن وَّل يع ِ‬
‫ََ َ ََ َ‬
‫َّلل غ ُفور َرحِيم ‪} ١٢‬‬ ‫َّلل إِن ٱ‬
‫ٱ ر‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫يعاهدنك على أال يشركن باهلل شيئا‪ ،‬وال‬ ‫واملعنى‪ :‬يا أيها النبي الكريم إذا جاءك النساء املؤمنات‪،‬‬
‫ْ‬
‫هن وعاهد ّ‬ ‫فبايع ّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫يخالفنك أيها الرسول في معروف أمرت ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫هن‪،‬‬ ‫هن به‪،‬‬ ‫أوالدهن‪ ،‬وال‬ ‫يسرقن‪ ،‬وال يزنين‪ ،‬وال يقتلن‬
‫ت َوٱ َ ُ‬ ‫ك َول ِۡل ُم ۡؤ ِمن َ ۡ ۡ َ‬‫َ ۡ َ ۡ َ َ ُ َ َى َ َ َ ُ َ ۡ َ ۡ ۡ َ َ‬
‫ِي َوٱل ُمؤمِن ى ِ‬
‫َّلل‬ ‫ّ‬
‫واستغفر هللا تعالى لهن‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فٱعلم أنهۥ َّل إِله إَِّل ٱَّلل وٱستغفِر َِّلۢنب ِ‬
‫َ ۡ َُ ََُ ََ ُ ۡ َََۡ ى ُ‬
‫ك ۡم ‪[}١٩‬محمد‪ّ ،]19 :‬إن هللا تعالى غفور لذنوب عباده التائبين رحيم بهم‪.‬‬ ‫يعلم متقلبكم ومثوى‬

‫َ َ َ َ َ ۡ ُ‬
‫ك َف ُ‬ ‫َ‬ ‫َى َ ُّ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ُ َ‬
‫ار م ِۡن‬ ‫َّلل َعل ۡي ِه ۡم ق ۡد يَئ ِ ُسوا م َِن ٱٓأۡلخِرة ِ كما يئِس ٱل‬ ‫ضب ٱ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱَّلِين ءامنوا َّل تتولوا قوما غ ِ‬
‫َ ۡ َى ۡ‬
‫ب ٱل ُق ُبورِ ‪}١٣‬‬
‫أص ح ِ‬
‫اءو‬ ‫تتولوا قوما غضب هللا عليهم من اليهود لقوله تعالى‪َ { :‬ف َب ُ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل وبرسوله ال‬
‫َ َ َُ َ‬ ‫َ ََ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫اَّلل َعلي ِهم َما‬ ‫ضب‬ ‫ِين ت َولوا قوما غ ِ‬ ‫ب لَع غضب}[البقرة ‪ ،]90 :‬ومن املنافقين لقوله تعالى‪{ :‬ألم تر إِل اَّل‬ ‫بِغض ٍ‬
‫َ ُ َ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ََ ُ َ ََ‬ ‫ُ ََ‬ ‫ُ‬
‫ون}[املجادلة‪ ،]14 :‬قد يئسوا من ثواب هللا تعالى في‬ ‫ِب وهم يعلم‬ ‫هم مِنكم وَّل مِنهم ويحلِفون لَع الكذ ِ‬
‫اآلخرة‪ ،‬كما يئس الكفار من بعث موتاهم؛ العتقادهم عدم البعث‪.‬‬
‫ه‬ ‫ُ َُ‬
‫سورة الصف‬
‫وهي مدنية وعدد آياتها أربع عشرة‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬


‫لك ُ‬
‫ِيم ‪} ١‬‬ ‫يز ٱ َ‬‫ت َو َما ِف ٱلۡر ِض َو ُه َو ٱل َعز ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬س َب َح ِ ََّللِ َما ِف ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يسبح بحمد هللا‬ ‫سبح هلل وحده ما في السماوات وما في األرض‪ ،‬وما من ش يء من املخلوقات إال ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫او ُ‬ ‫تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ت ُ َسب ُح َ ُل َ‬
‫السب ُع َوالرض َو َمن فِي ِه َن ِإَون مِن يش ٍء إَِّل ي َسب ِ ُح ِّبم ِده ِ َول ِ‬
‫كن َّل‬ ‫ات َ‬ ‫الس َم َ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يح ُهم إِنَ ُه َك َن َحل ِيما غ ُفورا}[اإلسراء‪ ،]44 :‬وهللا تعالى هو العزيز الغالب الحكيم في صنعه وتدبيره‪.‬‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫ون تسب َ‬
‫ِ‬ ‫تفقه‬

‫َ َ َ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫َ‬‫َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٢‬‬ ‫ام ُنوا ل َِم تقولون َما َّل تفعل‬ ‫ِين َء َ‬‫قوله تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱَّل َ‬

‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل وبرسوله لم تقولون قوال أو تعدون وعدا وال تفعلونه أو تفون به؟‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫لت حين ّ‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ّ :‬أنها نز ْ‬
‫فلما فرض نكل عنه بعضهم‪ ،‬كقوله‬ ‫فرضية الجهاد عليهم‪،‬‬ ‫تمنوا‬
‫هَ َ ََ ه ُ َ ََْ ُ ْ َ ُ َ‬
‫ال إذا‬ ‫الصالة َو آتوا الزكاة فلما كتب عليهم القت‬
‫ه َ ُ‬
‫يموا‬ ‫يل َل ُه ْم ُك ُّفوا َأ ْيد َي ُك ْم َو َأق ُ‬
‫ين ق َ‬ ‫تعالى‪َ { :‬أ َل ْم َت َر إ َلى هالذ َ‬
‫َ ٌ ُْ ْ َ ْ َ ْ َ ه َ َ َ ْ َ ه َ ْ َ َ ه َ ْ َ ً َ َ ُ َه َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ ه َ َ َ‬
‫ال ل ْوَل أخ ْرتنا إلى‬ ‫فريق منهم يخشون الناس كخشية َّللا أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القت‬
‫ُّ ْ َ ُ َ‬ ‫َ َ َُ ُ‬ ‫ُ َْ َ َ‬ ‫ُ َ َ هَ‬ ‫الد ْن َيا َقل ٌ‬ ‫َأ َجل َقريب ُق ْل َم َت ُ‬
‫يل َواْلخ َرة خ ْي ٌر َلن اتقى َوَل تظل ُمون فتيال أ ْين َما تكونوا ُي ْدركك ُم اَل ْوت َول ْو‬ ‫اع ُّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ورة‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫ورة فإذا أنزلت س َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِين َءامنوا ل ۡوَّل نزلت س َ‬ ‫ُك ْن ُتم في ب ُروج مش هيدة}[النساء‪ ،]77-78 :‬وقال تعالى‪َ { :‬ويقول ٱَّل َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ َۡ َ َۡ ۡ ََ َ َ‬ ‫َ ُ ُ َ َۡ َ َ َ َ َۡ ۡ‬ ‫ِين ِف ُقلُوبهم َ‬ ‫ِيها ٱ ۡلقِ َت ُال َر َأيۡ َ‬
‫ت ٱ ََّل َ‬ ‫ُّ ۡ َ‬
‫ك َمة َو ُذك َِر ف َ‬
‫ت فأ ۡو ىل ل ُه ۡم‬
‫ش عليهِ مِن ٱلمو ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫غ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ر‬‫ظ‬ ‫ن‬ ‫ك‬‫َل‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ون‬‫ر‬‫نظ‬ ‫ي‬ ‫ض‬‫ر‬‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َم‬
‫ّ‬
‫}[محمد‪ ،]20 :‬وهكذا هذه اآلية معناها‪.‬‬‫‪٢٠‬‬

‫َ َ َ‬ ‫َُ‬ ‫ۡ ُ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٣‬‬ ‫ِند ٱَّللِ أن تقولوا َما َّل تفعل‬
‫ب َمقتا ع‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ك ُ َ‬

‫واملعنى‪ :‬عظم مقتا عند هللا تعالى ْأن تقولوا قوال بألسنتكم وال تطابقه أفعالكم‪.‬‬
‫اس بٱل ۡ َ َ َ ۡ َ َ ُ َ ُ ۡ َ َ ُ ۡ َ ۡ ُ َ ۡ َ َ‬ ‫ََُۡ ُ َ‬
‫ون ٱلَ َ‬
‫ب وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون ٱلكِتى ر‬
‫ب‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى لليهود‪۞ { :‬أتأِّر‬
‫َََ َۡ ُ َ‬
‫ون ‪[} ٤٤‬البقرة‪.]44 :‬‬ ‫أفل تعقِل‬

‫ََ‬ ‫َ َُى َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫ون ِِف َسبِيلِهِۦ َصفا كأ َن ُهم ُب ۡن َيىن َِّ ۡر ُصوص ‪} ٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن ٱ َ َ‬
‫َّلل ي ُِّب ٱَّلِين يقتِل‬ ‫ِ‬
‫َ َ ۡ َ ُۡ ُ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ َ ُ ُ َ َۡ ُ ۡ ََ َ َ ُ ََ َ‬
‫اغ ٱ ََّللُ‬ ‫ۡ َ َ ُ َ ى َ‬
‫وس ل ِق ۡو ِمهِۦ ي ىقو ِم ل ِم تؤذون ِن وقد تعلمون أ ِن رسول ٱَّللِ إَِلكم فلما زاغوا أز‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذ قال ِّ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫ُُ َُ ۡ َ َُ َ‬
‫ي ‪}٥‬‬ ‫سقِ َ‬ ‫َّلل َّل َي ۡهدِي ٱلق ۡو َم ٱلفى ِ‬ ‫قلوبه رم وٱ‬
‫لم تؤذونني بادعائكم العيب في‬ ‫ألمتك حين قال موس ى عليه السالم لقومه‪َ :‬‬ ‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول ّ‬
‫َ ُ‬ ‫بأَهُ َ ُ‬
‫وس فَ َ َ‬ ‫َ َ ُّ َ َ َ َ َ ُ َ َ ُ ُ َ َ َ َ َ‬
‫اذوا ُِّ َ‬
‫اَّلل ِّ َِما قالوا}[األحزاب ‪،]69 :‬‬ ‫جسمي ‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يأيها اَّلِين ءامنوا َّل تكونوا َكَّلِين ء‬
‫ب ٱلَار ُهمۡ‬ ‫حى ُ‬‫ك أَ ۡص َ‬‫َ ى َ ُ َى َ‬ ‫َ َ َ ََُ ََ َُ‬
‫ِ‬ ‫بَٔٔايتِنا أولئ ِ‬
‫وبإنكاركم ربكم حتى ترونه جهرة‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وٱَّلِين كفروا ووُكذبوا ِ‬
‫ون ‪[} ٣٩‬البقرة‪ ،]39 :‬وقد علمتم ّأني رسول هللا إليكم‪ّ ،‬‬ ‫َ َى ُ َ‬
‫فلما تركوا الحق وصرفوا عنه‪ ،‬صرف هللا‬ ‫فِيها خ ِِل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ََُ َ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫ارهم ك َما لم يُؤمِنُوا بِهِ‬ ‫تعالى قلوبهم عن الهدى‪ ،‬وتركهم في الشك والحيرة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ونقل ُِب أفئِدتهم وأبص‬
‫ّ‬ ‫َ َُ َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ون}[األنعام‪ ،]110 :‬وهللا تعالى ال يوفق للحق والرشاد القوم الخارجين عن‬ ‫أ َول َِّ َر ٍة َونذ ُرهم ِِف ُطغ َيان ِ ِهم يعمه‬
‫الطاعة املنصرفين عن الحق‪.‬‬

‫كم ُِّّ َصدِقا ل َِما بَ ۡ َ‬‫َ ُ ُ َ َۡ ُ‬ ‫ۡ َى َ‬ ‫ۡ ُ َََۡ َ َ‬ ‫ۡ َ َ‬


‫ي يَ َد َي م َِن ٱ َِل ۡو َرى ى ِة‬ ‫سءِيل إ ِ ِن رسول ٱَّللِ إَِل‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذ قال عِيس ٱبن ِّريم ي ىب ِن إ ِ‬
‫ُّ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ ُ ُ َ ۡ َ ُ َ َ َ َ َ ُ َۡ َى َ ُ َى َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ َۡ‬
‫ت قالوا هذا سِحر مبِي ‪} ٦‬‬ ‫َ‬
‫شا ب ِ َرسول يأ ِِت مِن بعدِي ٱسمهۥ أْحد فلما جاءهم ب ِٱليِن ِ‬ ‫َو ُمبَ ِ َ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول ألمتك‪ ،‬حين قال عيس ى ابن مريم عليه السالم لقومه‪ :‬يا بني إسرائيل إني‬
‫ّ‬ ‫سول هللا تعالى إليكم ّ‬
‫مصدقا ملا جاء قبلي من التوراة‪ ،‬ومبشرا برسول ّأمي يأتي من بعدي اسمه أحمد صلى‬ ‫ر‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ُ َ‬ ‫َ‬
‫الم اَّلِي‬
‫ِ‬ ‫ب‬‫الر ُسول الَ َ‬
‫ون َ‬ ‫هللا عليه وسلم‪ ،‬وهو مكتوب في التوراة واإلنجيل‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬اَّلِين يتبِع‬
‫ِ‬
‫اإلنيل}[األعراف‪ّ ،]157 :‬‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ َُ َ ُ‬
‫فلما جاءهم هذا الرسول باآليات الواضحات‪ ،‬قال‬ ‫ُيدونه مكتوبا عِندهم ِِف اِلوراة ِ و ِ ِ‬
‫ِ‬
‫بنو إسرائيل‪ :‬هذا الذي جئتنا به سحر ظاهر واضح‪.‬‬

‫لظلِم َ‬ ‫ى‬‫َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬


‫ِع إل ٱإل ۡسل ى ِم َوٱ َ ُ‬ ‫َ‬
‫َ َ َُ ُۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َم ۡن أ ۡظل ُم ِّ َِمن ٱف َ َ‬
‫ي ‪}٧‬‬ ‫َّلل َّل َيهدِي ٱلق ۡوم ٱ ِ‬ ‫ت ى‬
‫ى لَع ٱَّللِ ٱلكذِب وهو يد ى ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ال أحد أظلم ممن اختلق الكذب على هللا تعالى وهو يدعى إلى دخول اإلسالم‪ ،‬وهللا تعالى ال‬
‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫يوفق القوم الظاملين إلى ما فيه الرشاد والهدى‪.‬فال ينجح الظاملون‪ ،‬بل هم يهلكون‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َمن أظل ُم‬
‫َُ ُ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ِّ َِمن اف َ َ‬
‫ون}[األنعام‪.]21 :‬‬ ‫تى لَع اَّللِ كذِبا أو كذ َب بِآيَاتِهِ إِنه َّل يفل ِح الظال ِم‬ ‫ِ‬

‫ى ُ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ُ‬‫َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫ون َِلُ ۡط ِفؤوا نُ َ‬


‫ور ٱ ََّللِ بأف َو ىهِه ۡم َوٱ َ ُ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫ون ‪} ٨‬‬ ‫َّلل ُمت ِ ُّم نورِه ِۦ َول ۡو ك ِرهَ ٱلكفِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ي ِريد‬
‫واملعنى‪ :‬يريد الكفار بكفرهم وافترائهم الكذب على هللا تعالى ْأن يبطلوا دين هللا ويطفئوا مصباح‬
‫َ‬
‫إتمام نوره وإكماله‪ ،‬ولو كره الكافرون‬ ‫الهداية عن طريق أقاويلهم الباطلة الصادرة عن أفواههم‪ ،‬ويريد هللا‬
‫ذلك‪.‬‬
‫اَّلل إَّل أَن يُت ِ َم نُ َ‬
‫ور ُه َولَو َكرهَ‬ ‫اَّللِ بأَف َواهِهم َويَأ َب َ ُ‬
‫ُ ُ َ َ ُ ُ ُ َ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬يرِيدون أن يطفِئوا نور‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون}[التوبة‪.]32 :‬‬‫الَكف ِر‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬


‫َ ۡ َ ُ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬
‫لق َِلُ ۡظه َرهُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}٩‬‬ ‫شوُك‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ى َ‬ ‫ۡ َ َُ ُ‬ ‫َُ‬
‫ِين ُكِهِۦ ولو ك ِره ٱلم ِ‬
‫ِ‬ ‫َل‬ ‫ٱ‬ ‫لَع‬ ‫ۥ‬ ‫ِ‬ ‫ِين ٱ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬هو ٱَّلِي أرسل رسولۥ ب ِٱلهدى ود ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هو هللا الذي أرسل رسوله صلى هللا عليه وسلم بالقرآن واإليمان الصحيح‪ ،‬وبدين اإلسالم‬
‫ويعليه على األديان كلها‪ ،‬ولو كره املشركون إظهاره على األديان‪.‬‬ ‫الحق الذي ال يبطله ش يء آخر؛ ليظهره َ‬
‫لَع اَلِين ُُكِهِ َولَو َكرهَ‬‫َ ُ َُ ََ‬
‫ه‬‫ر‬ ‫ه‬ ‫ظ‬ ‫َل‬
‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫ِين‬ ‫د‬‫و‬‫ول بال ُه َدى َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ُ { :‬ه َو َاَّلِي أَر َس َل َر ُس َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ِين ُكِهِ‬
‫اَل‬
‫َ ُ َُ ََ‬
‫لَع‬ ‫ه‬‫ر‬‫ه‬ ‫ظ‬ ‫َل‬
‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫ِين‬ ‫د‬‫و‬ ‫ون [‪[}]33‬التوبة‪ ،]33 :‬وقوله تعالى‪ُ { :‬ه َو َاَّلِي أَر َس َل َر ُس َ ُ‬
‫ول بال ُه َدى َ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫شوُك‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬
‫َََ‬
‫اَّللِ َش ِهيدا}[الفتح‪.]28 :‬‬
‫َ‬
‫ووُكَف ب ِ‬

‫ۡ َ‬ ‫َ‬‫ُ‬ ‫َ‬‫َ َ َُ َ ُ ُ ۡ ى َ َ ُ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫اب أ َِلم ‪}١٠‬‬
‫جيكم مِن عذ ٍ‬ ‫لَع ت ِجىرة تن ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱَّلِين ءامنوا هل أدلكم‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل وبرسوله‪ ،‬أال أرشدكم إلى تجارة بينكم وحضرة هللا تبارك وتعالى‪ ،‬كما‬
‫َ َ ُ َ ُ ََ َُ َ َ َُ ُ ََ َ‬
‫اَّلل اش َتى م َِن ال ُمؤ ِمن ِي أنفسهم وأِّوالهم بِأن لهم النة}[التوبة‪ ،]111 :‬تحصلو بها على النجاة‬
‫ن‬ ‫قال تعالى‪{ :‬إ َن َ َ‬
‫ِ‬
‫من عذاب مؤلم يوم القيامة؟‬

‫ك ۡم إن ُك ُ‬
‫ُ ۡ َى ُ ۡ َ ۡ َ ُ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫َ َۡ‬ ‫َُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬
‫نت ۡم‬ ‫ِ‬ ‫يل ٱَّللِ بِأم َو ىل ِك ۡم َوأنف ِ‬
‫سك رم ذل ِكم خري ل‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬تؤم ُِنون ب ِٱ ََّللِ َو َر ُس ِ‬
‫ولِۦ وتجى ِهدون ِِف سب ِ ِ‬
‫ََُۡ َ‬
‫ون ‪} ١١‬‬ ‫تعلم‬
‫واملعنى‪ :‬تؤمنون باهلل ورسوله وتستقيمون في إيمانكم‪ ،‬وتجاهدون في سبيل هللا بأموالكم وأنفسكم‪،‬‬
‫ذلكم املذكور خير لكم من تجارة الدنيا‪ ،‬فامتثلوا به ْإن كنتم تعلمون ذلك‪.‬‬
‫وقد مدح هللا تعالى املؤمنين الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل هللا بأنهم الصادقون في‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ولِ ث َم لم يَرتابُوا َو َجاه ُدوا بِأِّ َوال ِ ِهم َوأنف ِ‬
‫س ِهم ِِف‬ ‫اَّللِ َو َر ُس ِ‬‫آم ُنوا ِب‬
‫ين َ‬ ‫إيمانهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِن َما ال ُمؤم ُِنون ِ‬
‫اَّل َ‬
‫ك ُه ُم َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫الصادِقون}[الحجرات‪.]15 :‬‬ ‫يل اَّللِ أولئ ِ‬
‫سب ِ ِ‬
‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬
‫كم ِف َ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ َ َ ُ ََ ُ‬
‫يل اَّللِ ذل ِكم‬ ‫ب‬
‫ِ ِ ِ‬‫س‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ف‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬انفِ ُروا خِفافا وث ِقاَّل وجاهِدوا بِأِّوال ِكم وأن‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫كم إِن كن ُتم َتعل ُمون ََ}[التوبة‪.]41 :‬‬ ‫خري ل‬

‫َۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫ۡ َ ُ ُُ ُ‬


‫ت َع ۡدن‬ ‫َى‬
‫ك َن َطي ِ َبة ِِف َجن ِ‬ ‫تت ِ َها ٱلنۡ َه ى ُر َو َم َ ى‬
‫س ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬يغفِ ۡر لك ۡم ذنوبَك ۡم َويُ ۡدخِلك ۡم َج َنىت ت ِري مِن‬
‫َذ ىل َِك ٱ ۡل َف ۡو ُز ٱ ۡل َع ِظ ُ‬
‫يم ‪} ١٢‬‬
‫امتثلتم بما أمرتكم به‪ ،‬يغفر هللا تعالى لكم ذنوبكم ويدخلكم ّ‬ ‫ْ‬
‫جنات تجري من تحت‬ ‫واملعنى‪ْ :‬إن‬
‫أشجارها األنهار‪ ،‬ومساكن طيبة طاهرة في جنات عدن‪ ،‬ذلك هو الفوز العظيم الذي ال فوز أعظم منه‪ ،‬كما‬
‫ال َن َة َف َقد َ‬ ‫َ ُ‬
‫فاز}[آل عمران‪.]185 :‬‬ ‫الار َوأدخ َِل َ‬ ‫َ‬
‫قال تعالى‪{ :‬ف َمن ُزح ِز َح َع ِن‬
‫ِ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ش ٱل ُم ۡؤ ِمن َِي ‪} ١٣‬‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َ ۡ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وأ ۡخ َر ى ُّ َ َ َ ۡ‬
‫ى تِبونها نُص مِن ٱَّللِ وفتح ق ِريب وب ِ ِ‬
‫نصر مبين من هللا تعالى وفتح عظيم‬ ‫تحبونها أيها املؤمنون‪ ،‬هي ٌ‬ ‫واملعنى‪ :‬ولكم نعمة عظيمة أخرى ّ‬
‫ََ َ ُ ۡ ُ ۡ َ َُ ۡ َۡ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫}[محمد‪ ،]7 :‬وبش ْر أيها‬‫امك ۡم ‪٧‬‬ ‫نُصوا ٱَّلل ينُصكم ويثبِت أقد‬ ‫ام ُنوا إِن تَ ُ ُ‬ ‫قريب‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬

‫الرسول هؤالء املؤمنين بالنصر والفتح في الدنيا والفوز بالجنة في اآلخرة‪.‬‬

‫ح َوارئ َن َم ۡن أَ َ‬ ‫ام ُنوا ُكونُوا أَ َ‬ ‫َ‬


‫َ َ‬
‫نصارِي إِل ٱَّللِ‬ ‫ِيس ٱ ۡب ُن َِّ ۡريَ َم ل ِۡل َ‬
‫ار ٱ ََّللِ َك َما َق َال ع َ‬
‫نص َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬
‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ار ٱ ََّللِ فَأَ َم َنت َطائ َفة مِن بَ‬ ‫َن ُن أَ َ‬ ‫َ َ ۡ َ َ ُّ َ َ ۡ‬
‫لَع َع ُدوِه ِۡم‬
‫َ‬
‫ام ُنوا ى‬
‫ِين َء َ‬‫ِيل َو َوُك َف َرت َطائ َفة فَأيَ ۡدنَا ٱَّل َ‬ ‫ۡ َى َ‬
‫ء‬‫س‬ ‫إ‬ ‫ن‬ ‫نص ُ‬ ‫قال ٱلوارِيون‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين ‪}١٤‬‬ ‫حوا َظىهر َ‬ ‫فَأَ ۡص َب ُ‬
‫ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل وبرسوله كونوا أنصارا لدين هللا تعالى‪ ،‬وأعوانا في الدعوة إلى هللا تعالى‪،‬‬
‫من أعواني في الدعوة إلى هللا والتبشير‬ ‫وعزروه‪ْ :‬‬
‫كما قال عيس ى ابن مريم عليه السالم للحوارّيين الذين آمنوا به ّ‬
‫بدينه؟‪ ،‬فأجابه الحواريون‪ :‬نحن أنصار هللا املخلصون املؤيدون دعوتك الذين تبحث عنهم‪ ،‬فقد آمنا باهلل‬
‫ََ َ‬
‫إيمانا صادقا‪ ،‬ونريدك أن تشهد لنا يا عيس ى بأنا مسلمون‪ ،‬كما حكى هللا تعالى عنهم في قوله‪{ :‬فل َما أ َح َس‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫َ َ َ َ َ َ ُّ َ َ ُ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ َ َ‬ ‫ع َ‬
‫ِيس مِن ُه ُم الكف َر قال من أنصارِي إِل اَّللِ قال الوارِيون َنن أنصار اَّللِ آمنا بِاَّللِ واشهد بِأنا ِّسل ِمون}[آل‬
‫عمران‪ ،] 52 :‬فآمنت طائفة من أهل الكتاب بعيس ى عليه السالم‪ ،‬وكفرت به طائفة منهم‪ ،‬فنصرنا املؤمنين‬
‫ۡ‬ ‫َۡ‬
‫ص ُ‬
‫ري‬ ‫منهم على أعدائهم من فرق النصارى‪ ،‬فأصبحوا ظاهرين عليهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َما ي َ ۡس َتوِي ٱل ۡع َ ى‬
‫م َوٱلَ ِ‬
‫َ ََ َ َ ُ َ‬
‫ون ‪[}٥٨‬غافر‪.]51 :‬‬
‫َ‬ ‫َ ۡ‬
‫ت َوَّل ٱل ُم ِس ُء ر قل ِيل ما تتذكر‬ ‫ام ُنوا َو َعملُوا ٱ َ ى َ‬
‫لصل ِحى ِ‬ ‫ِ‬ ‫َوٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬
‫ور ُة ُ‬
‫الج ُمعةَ‬ ‫ُس َ‬
‫وهي مدنية وعدد آياتها إحدى عشرة‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ي ُ َسب ُح ِ ََّللِ َما ِف ٱ َ َ‬
‫ِيم ‪}١‬‬‫لك ِ‬‫وس ٱل َعزيز ٱ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ت َو َما ِِف ٱلۡر ِض ٱل َمل ِِك ٱلق ُّد ِ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يسبح بحمد‬ ‫يسبح هلل وحده ما في السماوات وما في األرض‪ ،‬وما من ش يء من املخلوقات إال ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫او ُ‬ ‫هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ت ُ َسب ُح َ ُل َ‬
‫السب ُع َوالرض َو َمن فِي ِه َن ِإَون مِن يش ٍء إَِّل ي َسب ِ ُح ِّبم ِده ِ َول ِ‬
‫كن َّل‬ ‫ات َ‬ ‫الس َم َ‬
‫ِ‬
‫يح ُهم إنَ ُه ََك َن َحل ِيما غ ُفورا}[اإلسراء‪ ،]44 :‬وهو امللك لجميع املخلوقات‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ون تَسب َ‬‫َ َ ُ َ‬
‫تفقه‬
‫القدوس الطاهر من كل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عيب‪ ،‬العزيز الغالب‪ ،‬الحكيم في صنعه وتدبيره‪.‬‬

‫ۡ ۡ َ‬ ‫ث ِف ٱ ۡلُ ِمٔ َن َر ُسوَّل م ِۡن ُه ۡم َي ۡتلُوا َعلَ ۡيه ۡم َء َاي ىتِهِۦ َويُ َزوُك ِيه ۡم َويُ َعل ُِم ُه ُم ٱ ۡلك َِتى َ‬
‫ب َوٱل ِك َمة‬
‫ََ َ‬
‫ع‬ ‫ب‬ ‫ِي‬
‫َُ َ‬
‫َّل‬‫قوله تعالى‪ { :‬هو ٱ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِإَون َكنُوا مِن ق ۡبل ل َِف َضل ىل ُّمبِي ‪} ٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬هو هللا تعالى الذي بعث في األميين رسوال منهم‪ ،‬وهم يعرفون نسبه وشرفه وصدقه وأمانته‪،‬‬
‫ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ َ َ ُ‬
‫كم بال ُمؤ ِمن َ‬
‫ِي َر ُءوف‬ ‫ِ‬ ‫سكم َع ِزيز َعليهِ َما َعن ُِّتم َح ِريص علي‬ ‫اءكم َر ُسول مِن أنف ِ‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬لقد ج‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ َُ َ‬
‫اَّلل لَع ال ُمؤ ِمن َِي إذ َب َع َث فِيهم َر ُسوَّل مِن أن ُفسِ هم}[آل عمران‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َرحِيمَ}[التوبة‪ ،]128 :‬وقال تعالى‪{ :‬لقد من‬
‫ٌ‬
‫ويطهرهم من الكفر ودنس الجاهلية‬ ‫‪ ،]164‬وهذا الرسول يقرأ عليهم آيات هللا التي أنزلها لهدايتهم وسعادتهم‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫واالعتقادات الفاسدة‪ ،‬ويعلمهم القرآن الكريم‪ ،‬وأحكامه‪ ،‬وآدابه‪ ،‬ويعلمهم كذلك حكمه ومقاصده وأسراره‬
‫ّ‬ ‫التي يكمل بها العلم بالكتاب‪ْ ،‬‬
‫وإن كان الناس قبل بعثة الرسول صلى هللا عليه وسلم إليهم في ضالل مبين‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ َُ ََ‬
‫ِي إِذ َب َعث فِي ِهم َر ُسوَّل مِن أنفسِ ِهم َيتلو َعلي ِهم‬
‫لَع ال ُمؤ ِمن َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬لقد من اَّلل‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لل ُمبِي ٍَ}[آل عمران‪.]164 :‬‬ ‫َ‬ ‫ََُ ُُ ُ‬ ‫َ ََُ‬
‫آياتِهِ ويزوُك ِي ِهم ويعل ِمهم الكِتاب وال ِكمة ِإَون َكنوا مِن قبل ل َِف ض ٍ‬

‫لك ُ‬‫يز ٱ َ‬ ‫ۡ‬


‫ح ُقوا به ۡ رم َو ُه َو ٱل َعز ُ‬ ‫ۡ‬
‫ين م ِۡن ُه ۡم ل َما يَل َ‬ ‫ََ َ‬
‫اخر َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ِيم ‪} ٣‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وء ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وآخرين من الذين جاؤوا بعد الصحابة رض ي هللا عنهم من العرب والعجم إلى يوم القيامة‪ ،‬لم‬
‫يلحقوا بالصحابة في الفضل‪ ،‬وهو هللا تعالى العزيز الغالب‪ ،‬الحكيم في صنعه وتدبيره‪.‬‬
‫والرسول صلى هللا عليه وسلم ُبعث في األميين وفي اآلخرين‪ ،‬وهم كل َم ْن جاء بعدهم إلى يوم القيامة‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ ََ َ َ ُ َ ُ ُ ُ‬
‫ان ِلنذ َِروُكم بِهِ َو َمن بَل َغ}[األنعام‪ ،]19 :‬أي‪ :‬من بلغه‬‫وح إِل هذا القرء‬ ‫من العرب والعجم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وأ ِ‬
‫اإلسالم‪.‬‬
‫مر عمر بن الخطاب برجل يقرأ‪:‬‬ ‫روى اإلمام الطبري بسنده عن محمد بن كعب القرظي‪ ،‬قال‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قون الولون من المهاجرين والنصار}‪ ،‬حتى بلغ‪{ :‬ورضوا عنه}[التوبة‪ ،]100 :‬قال‪ :‬وأخذ عمر بيده‪،‬‬ ‫{والساب ِ‬
‫فلما جاءه‪ ،‬قال عمر‪ :‬أنت‬ ‫حتى أذهب بك إليه‪ّ ،‬‬ ‫فقال‪ :‬من أقرأك هذا؟ قال‪ :‬أبي بن كعب‪ ،‬فقال‪ :‬ال تفا ْقني ّ‬
‫ر‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫سمعتها من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫أقرأ َت هذا هذه اآلية هكذا؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬أنت‬
‫أبي‪ :‬بلى‪ ،‬تصديق هذه اآلية في أول سورة الجمعة‪:‬‬ ‫أحد بعدنا‪ .‬فقال ّ‬ ‫لقد كنت أظن ّأنا ُرفعنا َر ْفعة ال يبلغها ٌ‬
‫ِ‬
‫ِين َج ُ‬ ‫َ‬
‫ِيم}[الجمعة‪ ،]3 :‬وفي سورة الحشر‪َ { :‬واَّل َ‬ ‫الك ُ‬
‫يز َ‬ ‫ُ‬
‫حقوا بهم}‪ ،‬إلى‪َ { :‬و ُه َو ال َعز ُ‬‫ين مِن ُهم ل َ َما يَل َ‬
‫آخر َ‬ ‫َ َ‬
‫اءوا مِن‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫{و ِ‬
‫آم ُنوا مِن بَع ُد‬ ‫اإليمان}[الحشر‪ ،]10 :‬وفي األنفال‪َ { :‬و َاَّل َ‬
‫ِين َ‬ ‫ون َر َب َنا اغ ِفر َلَا َوإلخ َوان َِنا َاَّل َ‬
‫ِين َس َب ُقونَا ب َ‬ ‫َُ ُ َ‬
‫َبع ِدهِم يقول‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َو َه َ‬
‫كم}[األنفال‪ ،]75 :‬إلى آخر اآلية‪.‬‬ ‫اج ُروا َو َجاه ُدوا َم َعكم فأولئِك مِن‬

‫ۡ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ذ ىل َِك ف ۡضل ٱ ََّللِ يُ ۡؤتِيهِ َمن ي َ َشا ُء َوٱ َ ُ‬
‫َّلل ذو ٱلفض ِل ٱل َع ِظ ِ‬
‫يم ‪} ٤‬‬ ‫ر‬

‫ۡ َ َۡ ُ َ ۡ َ َ ۡ َ ََُ َۡ ۡ َ َ َ َ‬ ‫َ ُ َ َۡ ُ َ َ َ‬ ‫ََُ َ َ ُ ُ‬
‫ِين كذبُوا‬‫ِين ْحِلوا ٱ َِل ۡو َرى ىة ث َم ل ۡم ي ِملوها ك َمث ِل ٱل ِمارِ ي ِمل أسفار را بِئس مثل ٱلقو ِم ٱَّل‬
‫قوله تعالى‪ { :‬مثل ٱَّل‬
‫لظلِم َ‬‫ۡ َ َ َى‬ ‫بَٔٔ َاي ىت ٱ ََّللِ َوٱ َ ُ َ ۡ‬
‫ي ‪}٥‬‬ ‫َّلل َّل َيهدِي ٱلق ۡوم ٱ ِ‬ ‫ِ ر‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬مثل اليهود الذين كلفوا القيام بالتوراة ثم تركوا العمل بها كمثل الحمار الذي يحمل الكتب‬
‫على ظهرها‪ ،‬وال يدرى ما عليه‪ ،‬وكذلك اليهود‪ ،‬حفظوا ألفاظ التوراة ولم يعملوا بمقتض ى ما فيها بل ّأولوه‬
‫ُ َ َ َ َ ِ َ ُ َ َ ُّ ُ َ َ ُ ُ َ ُ َ‬ ‫ّ‬
‫ون}[األعراف‪:‬‬ ‫وحرفوه‪ ،‬فهم أسوأ من الحمار‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أولئِك َكلنعام بل هم أضل أولئِك هم الغاف ِل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ ،]179‬ساء مثل القوم الذين كذبوا بآيات هللا تعالى‪ ،‬وهللا تعالى ال يوفق للحق القوم الكافرين‪.‬‬

‫ك ۡم أَ ۡو َِلَا ُء ِ ََّلل مِن ُدون ٱلَ ِ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ‬


‫ت إن ُك ُ‬
‫نت ۡم َص ى ِدق َ‬ ‫َ َ ُۡۡ ََ ُ‬ ‫ُ ۡ َى َ ُّ َ َ َ َ ُ‬
‫ِي ‪٦‬‬ ‫اس فتمن ُوا ٱلمو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ع‬‫ز‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ا‬‫و‬ ‫اد‬‫قوله تعالى‪ { :‬قل يأيها ٱَّلِين ه‬
‫}‬
‫ن ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهؤالء اليهود‪ :‬يا أيها الذين هادوا ْإن كنتم تزعمو أنكم أولياء هللا تعالى‬
‫ّ‬
‫فتمنوا املوت ْإن كنتم صادقين في ادعائكم أنكم أحباء هللا وأولياؤه‪.‬‬
‫وأحباؤه من دون الناس‪ّ ،‬‬
‫َ‬
‫اس ف َت َم َن ُوا‬
‫ون ٱ َل ِ‬ ‫ُ‬ ‫َُ َ َ َ َ‬ ‫َ َ ۡ َ ُ ُ َ ُ‬ ‫ُۡ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬قل إِن َكنت لكم ٱَلار ٱٓأۡلخِرة عِند ٱَّللِ خال ِصة مِن د ِ‬
‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫ٱل َم ۡو َت إِن ك ُنت ۡم َص ى ِدق َِي ‪[} ٩٤‬البقرة‪]94 :‬‬
‫ى‬
‫َ َََََُۡ ََ َ َ َ ۡ ۡ ۡ َ َُ َ ُ َ‬
‫لظلِم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪}٧‬‬ ‫ِيم ب ِٱ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وَّل يتمنونهۥ أبدا بِما قدمت أيدِي ِه رم وٱَّلل عل‬
‫قدموه من الكفر وسوء‬ ‫املوت أبدا لحرصهم على الحياة بسبب ما ّ‬ ‫َ‬ ‫واملعنى‪ :‬وال يتمنى هؤالء اليهود‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫األفعال‪ ،‬وهللا تعالى عليم بالظاملين ألنفسهم‪ ،‬كما قال تعالى في آية أخرى‪َ { :‬ولن َي َت َم َن ۡوهُ أبَ َدا ب َما قَ َد َم ۡ‬
‫ت أيۡدِي ِه ۡ رم‬ ‫ِ‬
‫ََۡ‬ ‫ُّ َ ُ َ‬ ‫َ َى َ َ ى َ َ َ َ َ ۡ َ ُ‬ ‫َََ َ َ‬ ‫َ َ ُ َ ُ َى َ‬
‫شوُك روا يَ َود أ َح ُده ۡم ل ۡو ُي َع َم ُر ألف َس َنة َو َما‬ ‫اس لَع حيوة ومِن ٱَّلِين أ‬ ‫ج َدن ُه ۡم أ ۡح َر َص ٱ َل ِ‬
‫وٱَّلل عل ِيم ب ِٱلظل ِ ِمي ‪ ٩٥‬وِل ِ‬
‫َ َۡ َ َ َََُ َ َُ َ ُ َ َۡ َُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫ون ‪[} ٩٦‬البقرة‪.]95-96 :‬‬ ‫صري بِما يعمل‬ ‫اب أن يعمر وٱَّلل ب ِ‬ ‫حهِۦ مِن ٱلعذ ِ‬ ‫ه َو ب ِ ُم َزح ِز ِ‬

‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ون إ َ ىل َع ىل ِِم ٱ ۡل َغ ۡ‬


‫َ ُّ َ ۡ ُ َ َ ُ ُ َ ى ُ ۡ ُ َ ُ َ ُّ َ‬ ‫ُۡ َ َۡۡ َ َ‬
‫ب َوٱلش َه ى َدة ِ ف ُينبِئُكم ب ِ َما‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫يك‬ ‫ق‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ۥ‬‫ه‬‫ن‬‫ِ‬ ‫إ‬‫ف‬ ‫ه‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫ون‬ ‫ر‬‫ف‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ِي‬
‫َّل‬‫قوله تعالى‪ { :‬قل إِن ٱلموت ٱ‬
‫ُ ُۡ ََُۡ َ‬
‫ون ‪} ٨‬‬ ‫كنتم تعمل‬
‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬قل لهم أيها الرسول‪ :‬إن املوت الذي تهربون منه‪ ،‬فإنه آتيكم ال محالة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أي َن َما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وج ُِّ َش َي َد ٍة}[النساء‪ ،]78 :‬ثم ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ُ ُ‬ ‫َ ُ ُ ُ ُ ُ‬
‫تردون يوم القيامة إلى عالم الغيب‬ ‫تكونوا يدرِوُكك ُم ال َموت َولو كنتم ِِف ب ُر ٍ‬
‫والشهادة‪ ،‬فيخبركم بما كنتم تعملونه في الدنيا فيجازيكم عليه‪.‬‬

‫َ‬
‫َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ِلص َل ىوة ِ مِن يَ ۡو ِم ٱ ۡ ُ‬
‫ل ُم َعةِ فٱ ۡس َع ۡوا إ ِ ىل ذِك ِر ٱَّللِ َوذ ُروا ٱ َل ۡي َ رع ذ ىل ِك ۡم خ ۡري‬ ‫ام ُنوا إ َذا نُود َِي ل َ‬
‫ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬
‫ُ ُۡ ََُۡ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ون ‪} ٩‬‬ ‫لك ۡم إ ِن كنتم تعلم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فاهتموا بها وامضوا إلى أدائها‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل وبرسوله إذن أذن مؤذن لصالة الجمعة‬
‫واتركوا البيع والشراء وسائر املعامالت من إجارة وعارية ونحوهما‪ ،‬ذلك االهتمام واملض ي ألداء صالة الجمعة‬
‫خير لكم ْإن كنتم تعلمون ما يصلح ألنفسكم فامتثلوا بهذا األمر‪.‬‬
‫َ َ‬
‫واملراد بالسعي إلى ذكر هللا في هذه اآلية االهتمام به واملض ي إليه‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ { :‬و َمن أ َراد اآلخ َِر َة‬
‫َ‬
‫َو َس َع ل َها َسع َي َها َو ُه َو ُِّؤمِن}[اإلسراء‪.]19 :‬‬

‫َ َ ُ ُۡ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ۡ ُ‬ ‫َۡ‬


‫َ‬
‫َّلل كثِريا ل َعلك ۡم تفل ُِحون‬
‫َ ۡ‬ ‫ُ‬
‫شوا ِِف ٱلۡر ِض َوٱ ۡب َتغوا مِن فض ِل ٱَّللِ َوٱذك ُروا ٱ‬ ‫لصلَ ىو ُة فَٱنتَ ِ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فَإ َذا قُض َيت ٱ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ِي‬ ‫َّلل َخ ۡ ُ‬
‫ري ٱ َىلرزق َ‬ ‫َ‬ ‫وك قَائما ر قُ ۡل َما ع َ‬
‫ِند ٱ ََّللِ َخ ۡري م َِن ٱلل ۡهو َوم َِن ٱِل َِجى َرة ِ َوٱ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نف ُّضوا إ َۡل َها َوتَ َروُك َ‬ ‫ٱ‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ِإَوذا َرأَ ۡوا ت َِجى َرة أ ۡو ل ۡ‬
‫ه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪١٠‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪}١١‬‬
‫ُ َُ‬
‫ورة اَلُناف ُقون‬ ‫س‬
‫وهي مدنية وعدد آياتها إحدى عشرة‬

‫َّلل ي َ ۡش َه ُد إ َن ٱل ۡ ُم َنىفِقِ َ‬
‫ي‬ ‫ولۥ َوٱ َ ُ‬ ‫َ َ َ َ ُۡ َى ُ َ َ ُ َۡ َ ُ َ َ ََ ُ ُ َ َ َ ُ َ ۡ َ ُ َ َ‬
‫ك ل َ َر ُس ُ ُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِذا جاءك ٱلمنفِقون قالوا نشهد إِنك لرسول ٱَّللِ وٱَّلل يعلم إِن‬
‫ِ‬
‫َ َى ُ َ‬
‫ون ‪} ١‬‬ ‫لكذِب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إذا حضر املنافقون مجلسك أيها الرسول‪ ،‬قالوا‪ :‬نشهد إنك لرسول هللا‪ ،‬وهللا تعالى يعلم أنك‬
‫اس َمن‬
‫لرسول هللا‪ ،‬وهللا تعالى يشهد إن املنافقين لكاذبون في شهادتهم وفي إيمانهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وم َِن ٱلَ ِ‬
‫ّ‬
‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫َي ُقول َء َام َنا ب ِٱ ََّللِ َوب ِٱَلَ ۡو ِم ٱٓأۡلخ ِِر َو َما ُهم ب ِ ُم ۡؤ ِمن َِي ‪[} ٨‬البقرة‪.]8 :‬‬

‫ُ‬
‫َ َُ ۡ َ َ َ ُ َۡ َ َ‬‫َ‬ ‫ۡ َ َ ُ ۡ ُ َ َ ُّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬
‫ون ‪} ٢‬‬ ‫َّللِ إِنهم ساء ما َكنوا يعمل‬ ‫يل ٱ ر‬‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَتذوا أيم ىنهم جنة فصدوا عن سب ِ ِ‬
‫صدوا أنفسهم وغيرهم عن‬ ‫واملعنى‪ :‬اتخذ املنافقون أيمانهم الكاذبة وقاية وسترا لدمائهم‪ ،‬فبذلك ّ‬
‫والصد عن سبيل هللا تعالى‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫سبيل هللا تعالى‪ّ ،‬إنهم ساء ما كانوا يعملونه من النفاق‬
‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ََ ُ َ َ َ‬
‫ان ُهم ُج َنة فَ َص ُّدوا َعن َ‬
‫اَّللِ فل ُهم َعذاب ُِّ ِهي}[املجادلة‪:‬‬ ‫يل‬
‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬اَتذوا أيم‬
‫‪.]16‬‬

‫ۡ ُ ۡ َ َُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٣‬‬ ‫ك َف ُروا ف ُطبِ َع ى‬
‫لَع قلوب ِ ِهم فهم َّل يفقه‬
‫ى َ َُ ۡ َ َُ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ذل ِك بِأنهم ءامنوا ثم‬
‫واملعنى‪ :‬ذلك بسبب ّأن املنافقين آمنوا في الظاهر‪ ،‬ثم كفروا في الباطن وار ّتدوا بعد إسالمهم‪ ،‬كما قال‬
‫ُ َََُ َ َ َ‬ ‫َ ُ َ َ َ َ ُ َََ َ ُ َ ََ‬
‫عد إِسل ِِّ ِهم}[التوبة‪ ،]74 :‬فطبع هللا تعالى على‬ ‫فر ووُكفروا ب‬
‫تعالى‪{ :‬يل ِفون بِاَّللِ ما قالوا ولقد قالوا ُك ِمة الك ِ‬
‫قلوبهم بسبب كفرهم‪ ،‬فهم ال يدركون ما فيه صالحهم‪.‬‬

‫ُّ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َََ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ك أَ ۡج َس ُ‬


‫َ ََۡ َ ُ ۡ ُ ۡ ُ َ‬
‫ُك َص ۡي َ‬
‫ح ٍة‬ ‫اِّ ُه ۡم ِإَون َيقولوا ت ۡس َم ۡع ل ِق ۡول ِ ِه ۡم كأن ُه ۡم خشب ِّسندة يسبون‬ ‫جب‬
‫قوله تعالى‪ِ۞{ :‬إَوذا رأيتهم تع ِ‬
‫َ‬
‫َ َ ۡ ۡ ُ ُ ۡ َ ُ ُّ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ ى َ َ ُ ُ َ ُ َ ى ُ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٤‬‬ ‫علي ِه رم هم ٱلعدو فٱحذره رم قتلهم ٱَّلل أن يؤفك‬
‫وإن ّ‬ ‫ُ‬
‫تروقك هيئاتهم ومناظرهم‪ْ ،‬‬ ‫َ‬
‫يتحدثوا تحسنوا السماع إلى‬ ‫نظرت إلى هؤالء املنافقين‬ ‫واملعنى‪ :‬وإذا‬
‫حديثهم لفصاحتهم وحالوة حديثهم‪ّ ،‬‬
‫كأنهم لخلو قلوبهم من اإليمان وعقولهم من العلم النافع كاألخشاب‬
‫كل صوت عال واقع عليهم‪ ،‬نازل بهم‪ ،‬هم األعداء‬ ‫يظن هؤالء املنافقون ّأن ّ‬
‫الجوفاء املستندة إلى الحائط‪ّ ،‬‬
‫الحقيقيون‪ ،‬فاحذر أيها الرسول مكرهم ومؤامرتهم‪ ،‬لعنهم هللا تعالى وطردهم من رحمته‪ ،‬كيف ُيصرفون عن‬
‫الحق‪.‬‬
‫َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ ُ ََ َ ُ َ ُ ُ َ َ َ َ ُ ُ َ ُُ ُ َ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{:‬أشِحة عليكم فإِذا جاء الوف رأيتهم ينظرون إَِلك تدور أعينهم َكَّلِي‬
‫ك لَم يُؤم ُِنوا فَأَح َب َط َ ُ‬
‫َ َ َ ََ َ ُ َ َ‬ ‫ووُكم ب َألسِ َ‬
‫َ َ َ َ َ َ ُ َ َُ ُ‬ ‫َ ََ‬
‫اَّلل‬ ‫ري أول ِئ‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫لَع‬ ‫ة‬ ‫ِح‬
‫ش‬ ‫أ‬ ‫د‬
‫ٍ‬ ‫ا‬‫ِد‬
‫ح‬ ‫ة‬
‫ٍ‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ت فإِذا ذهب الوف سلق‬ ‫ُيغش عليهِ م َِن ال َمو ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َُ ََ َ َ َ ََ َ‬
‫أعمالهم وكن ذل ِك لَع اَّللِ ي ِسريا}[األحزاب‪.]19 :‬‬

‫َ َ َ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ ۡ َ ُ ۡ َ ُ ُ َ َ َ ۡ ُ ُ َ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ ُ ُّ َ َ ُ ُّ ۡ َ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪} ٥‬‬‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذا قِيل لهم تعالوا يستغ ِفر لكم رسول ٱَّللِ لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم ِّستك ِب‬

‫َۡ َۡ‬ ‫َ َ َ َۡ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َُ ۡ َۡ َۡ َۡ َ ۡ ۡ َُ ۡ َ َ ۡ َ َُ َُ ۡ َ ََ َ‬
‫ي ‪٦‬‬ ‫َّلل َّل َي ۡهدِي ٱلق ۡو َم ٱلفى ِ‬
‫س ِق َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬سواء علي ِهم أستغفرت لهم أم لم تستغفِر لهم لن يغفِر ٱَّلل له رم إِن ٱ‬
‫}‬
‫لن يستر هللا تعالى‬ ‫تستغفر لهم‪ْ ،‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أستغفرت لهم أيها الرسول أم لم‬ ‫واملعنى‪ :‬سواء على هؤالء املنافقين‬
‫َُ َ‬
‫فلن يغفر هللا لذنوبهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬اس َتغ ِفر لهم أو‬
‫تستغفر لهم سبعين مرة مثال أو أكثر ْ‬
‫ْ‬ ‫عليهم ذنوبهم‪ْ ،‬‬
‫وإن‬
‫ّ‬ ‫َُ َ َ َ َ َ َ َ َ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫اَّلل ل ُهم}[التوبة‪ّ ،]80 :‬إن هللا تعالى ال يوفق القوم الخارجين‬ ‫َّل تس َتغفِر ل ُهم إِن تس َتغفِر لهم سبعِي ِّرة فلن يغفِر‬
‫عن طاعته للهدى والحق‪.‬‬

‫َۡ‬
‫ت َوٱلۡر ِض‬ ‫ِ‬
‫َ َ َى َ َ‬
‫نف ُّضوا َو ِ ََّللِ َخ َزائ ُن ٱ َ َ‬
‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ول ٱَّللِ حت ي‬ ‫َ َُ‬ ‫َ ۡ‬
‫من عِند رس ِ‬ ‫ون ََّل تُنفِ ُقوا َ َ ى‬
‫لَع‬
‫ُ ُ َ َ َُ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬هم ٱَّلِين يقول‬
‫َ َى َ ۡ ُ َ ى َ َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٧‬‬ ‫كن ٱلمنفِقِي َّل يفقه‬ ‫ول ِ‬
‫واملعنى‪ :‬املنافقون هم الذين يقولون ألهل املدينة‪ :‬ال تنفقوا على أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫يتفرقوا عنه‪ ،‬وهلل وحده خزائن السماوات واألرض‪ ،‬وما من ش يء فيهما إال عند هللا تعالى خزائنه من‬ ‫وسلم حتى ّ‬
‫جميع األصناف‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ{ :‬إَون مِن َيش ٍء إ ََّل عِن َدنا َخزائ ُن ُه}[الحجر‪ّ ،]21 :‬‬
‫ولكن املنافقين ال يفقهون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فظنوا ّأن هللا تعالى ال ّ‬
‫يوسع على املؤمنين‪.‬‬ ‫ذلك‪ّ ،‬‬

‫َ ُۡۡ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َََ‬ ‫َۡ‬ ‫َُ ُ َ َ َ َ َۡ َ َۡ َ َ ۡ‬


‫ك َن‬
‫ِي َول ى ِ‬ ‫ِينةِ َُلخ ِر َج َن ٱل َع ُّز م ِۡن َها ٱلذل ر َو ِ ََّللِ ٱلعِ َزةُ َول َِر ُس ِ‬
‫ولِۦ ول ِلمؤ ِمن‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يقولون لئِن رجعنا إِل ٱلمد‬
‫ُۡ َى َ َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٨‬‬ ‫ٱلمنفِقِي َّل يعلم‬
‫فريق املؤمنين األذل من‬ ‫األعز َ‬‫ّ‬ ‫ليخرجن فر ُيقنا‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬وهم يقولون‪ :‬وهللا ْ‬
‫لئن ر ْ‬
‫جعنا إلى املدينة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ ََ َ‬ ‫َ‬
‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب َُ‬ ‫َ‬
‫العزة والغلبة ولرسوله وللمؤمنين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ك َت َ‬
‫اَّلل قوِ يي‬ ‫َِب أنا َو ُر ُس َِل إِن‬ ‫اَّلل لغل‬ ‫املدينة‪ ،‬وهلل وحده ّ‬
‫ولكن املنافقين ال يعلمون ذلك‪.‬‬ ‫َعزيز}[املجادلة‪ّ ،]21 :‬‬
‫ِ‬
‫الق}[الكهف‪ّ ،]44 :‬‬
‫وعزة‬ ‫عزة هللا‪ :‬الوالية‪ ،‬قال هللا تعالى‪ُ { :‬هنال َِك ال َوَّليَ ُة ِ ََّللِ َ‬‫قال اإلمام الثعلبي‪ :‬وقيل‪ّ :‬‬
‫ِ‬
‫ي}[الحجر‪ّ ،]95 :‬‬ ‫الرسول‪ :‬الكفاية‪ ،‬قال هللا سبحانه‪{ :‬إنَا َك َفي َ‬
‫ناك ال ُمس َتهزئ َ‬
‫وعز املؤمنين‪ :‬الرفعة والرعاية‪،‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ِي رؤفا‬
‫َ َ‬
‫كن بال ُمؤ ِمن َ‬‫و‬ ‫آل‬ ‫قال هللا سبحانه‪َ { :‬و َأن ُت ُم الَعلَو َن إن ُكن ُتم ُِّؤ ِمن َ‬
‫ِي‬
‫ِ‬ ‫{‬ ‫وقال‬ ‫]‪،‬‬ ‫‪139‬‬ ‫ان‪:‬‬
‫ر‬ ‫عم‬ ‫}[‬ ‫ِ‬
‫رَٔحِيما ًَ}[األحزاب‪.]43 :‬‬

‫ۡ ۡ َ َ َ ُ َى َ ُ‬ ‫ۡ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يَى َأ ُّي َها ٱ ََّل َ َ ُ َ ُ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ‬


‫َّللِ َو َمن َيف َعل ذ ىل ِك فأولئِك ه ُم‬
‫ِين َءامنوا َّل تل ِهكم أمو ىلكم وَّل أول ىدكم عن ذِك ِر ٱ ر‬
‫ۡ َى ُ َ‬
‫ون ‪} ٩‬‬ ‫ٱلخ ِّس‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل وبرسوله ال تشغلكم أموالكم وال أوالدكم عن الصالة وسائر العبادات‬
‫َ َ ُ ُ‬
‫والطاعات‪ ،‬ألن تلك األموال وهؤالء األوالد اختبار وامتحان من هللا لكم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِن َما أِّ َوالكم‬
‫ّ‬
‫ْ‬
‫ومن تشغله أمواله وأوالده عن العبادات والطاعات‪،‬‬ ‫اَّلل عِن َد ُه أَجر َع ِظيم}[التغابن‪ْ ،]15 :‬‬ ‫ََ ُ ُ‬
‫كم ف ِت َنة َو َ ُ‬ ‫وأوَّلد‬
‫فأولئك هم الخاسرون أنفسهم في الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ ۡ َ َۡ َ َ َ ُ ُ َۡ ۡ ُ َ َ ُ َ َ َۡ َ َ َ ۡ َ َ َ‬ ‫َ َ َۡ َى ُ‬ ‫ََ ُ‬
‫ل أ َجل ق ِريب‬
‫ب لوَّل أخرت ِن إ ِ ى‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ول‬ ‫ق‬‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬‫و‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫م‬ ‫ك‬‫د‬‫ح‬ ‫أ‬ ‫َ‬
‫ِت‬‫ِ‬ ‫أ‬‫ي‬ ‫ن‬‫أ‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ق‬‫ز‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫وا‬ ‫ق‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأنفِ‬
‫ح َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ َ ََ ُ‬
‫ي ‪} ١٠‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ل‬‫لص‬ ‫ٱ‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫فأصدق وأ‬
‫أحدكم ُ‬
‫املوت ويرى‬ ‫واملعنى‪ :‬وأنفقوا أيها املؤمنون مما رزقناكم ما اد عن حاجتكم‪ ،‬من قبل ْأن يأتي َ‬
‫ز‬
‫ّْ‬ ‫ّ َ‬
‫وأجل َت موتي إلى مدة قصيرة‪ ،‬فأتصدق من مالي‪ ،‬وأكن من الصالحين‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫عالماته‪ ،‬فيقول نادما‪ :‬ر ّب هال أخ ْرتني‬
‫الستدراك ما فاتني‪.‬‬
‫ُ َ َ ُ َ َ ُ ُ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ ََ‬ ‫ال َ‬ ‫َ‬
‫اس يَو َم يَأتِي ِهم العذاب فيقول اَّلِين ظلموا ربنا أخِرنا إِل أج ٍل‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وأنذِر َ‬
‫ِ‬
‫َ ُ َ َ ُ‬ ‫ُ َ َََ َ ُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الرسل أولم تكونوا أقسمتم مِن قبل ما لكم مِن زو ٍال}[إبراهيم‪ ،]44 :‬وقوله تعالى‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ك َونَ َتبعِ ُّ‬‫َ ََ َ‬
‫نب دعوت‬
‫ِ‬ ‫يب ِ‬‫قرِ ٍ‬
‫ُ َ ُ‬ ‫َ ََ ُ َ َ َ‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ َ ُ َ َ َ‬
‫ت لَك إِن َها ُك َِمة ه َو قائِل َها َومِن َو َرائ ِ ِهم‬ ‫ون ل َع َِل أع َمل َص ِ‬
‫الا فِيما تروُك‬ ‫جع ِ‬‫ب ار ِ‬
‫{حت إِذا جاء أحدهم الموت قال ر ِ‬
‫َ َ َ َ ِ ُ َُ َ‬
‫ون}[املؤمنون‪.]99-100 :‬‬ ‫برزخ إِل يوم يبعث‬

‫َ َ َ َ َ َُ َ َُ َ ُ َ َۡ َُ َ‬ ‫ََ َُ َ َُ ۡ‬
‫َّلل َنفسا إِذا جاء أجلها ر وٱَّلل خبِري بِما تعملون ‪}١١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ولن يؤخِر ٱ‬
‫ّ‬
‫تتأخر عنه وال ّ‬ ‫ْ ّ‬
‫يؤخر هللا تعالى نفسا ْ‬
‫ولن ّ‬
‫تتقدم‪ ،‬كما قال‬ ‫يؤجل موتها إذا جاء أجلها‪ ،‬فال‬ ‫واملعنى‪ :‬ولن‬
‫َ َ َ َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ون}[الحجر‪ ،]5 :‬وهللا تعالى خبير بما تعملون وسيجازيكم عليه‪.‬‬‫تعالى‪{ :‬ما تسب ِ ُق مِن أم ٍة أجلها وما يستأخِر‬
‫ُ‬ ‫ُ َُ ه َ‬
‫سورة التغابن‬
‫وهي مدنية وعدد آياتها ثمان عشرة‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ ۡ‬ ‫َۡ‬


‫لَع ُك ۡ‬ ‫ُ ُ ُ َ ُ َۡ ُ ََُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ي ُ َسب ُح ِ ََّللِ َما ِف ٱ َ‬
‫لس َم ى َو ى ِ َ َ‬
‫يشء قدِير ‪} ١‬‬ ‫ت وما ِِف ٱلۡر ِض ل ٱلملك ول ٱلمد وهو ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يسبح بحمد‬ ‫يسبح هلل وحده ما في السماوات وما في األرض‪ ،‬وما من ش يء من املخلوقات إال ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫او ُ‬ ‫هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعال‪{ :‬ت ُ َسب ُح َ ُل َ‬
‫السب ُع َوالرض َو َمن فِي ِه َن ِإَون مِن يش ٍء إَِّل ي َسب ِ ُح ِّبم ِده ِ َول ِ‬
‫كن‬ ‫ات َ‬ ‫الس َم َ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يح ُهم إِنَ ُه َك َن َحل ِيما غ ُفورا}[اإلسراء‪ ،]44 :‬هلل وحده امللك املطلق وله جميع املحامد‪ ،‬وهو على‬
‫ون تسب َ‬
‫ِ‬
‫َ َ ُ َ‬
‫َّل تفقه‬
‫كل ش يء قدير‪.‬‬

‫ُ‬‫َ َُ َ َۡ َ َ‬ ‫ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ون بَ ِصري ‪} ٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ه َو ٱَّلِي خلقك ۡم ف ِمنك ۡم َكفِر َومِنكم ُِّّؤمِنر وٱَّلل بِما تعمل‬
‫واملعنى‪ :‬وهو هللا تعالى الذي خلقكم أيها الناس من غير مثال سابق‪ ،‬فبعضكم جاحد أللوهية هللا على‬
‫مصدق به وفق فطرته السليمة‪ ،‬وهللا تعالى بما تعملون من خير أو‬ ‫ّ‬ ‫خالف فطرته السليمة‪ ،‬وبعضكم مؤمن‬
‫شر بصير‪ ،‬ويجزيكم عليه‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ول َقد أر َسل َنا نُوحا ِإَوب َراه َ‬
‫ِيم َو َج َعل َنا ِف ذر َيتِه َما الُّ ُب َوةَ َوالك َِت َ‬
‫اب ف ِمن ُهم ُِّهتَ ٍد‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون}[الحديد‪.]26 :‬‬ ‫َووُكثِري مِن ُهم فاسِق‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬خل َق ٱ َ‬
‫ري ‪} ٣‬‬‫ص ُ‬ ‫لق َو َص َو َروُك ۡم فأ ۡح َس َن ُص َو َروُك ۡم ۡ‬
‫ِإَوَلهِ ٱل َم ِ‬ ‫َ‬ ‫لس َم ى َو ى ِ َ‬
‫ت وٱلۡرض ب ِٱ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬خلق هللا تعالى السماوات واألرض من غير مثال سابق بالحق والحكمة‪ ،‬وخلقكم أيها الناس في‬
‫أجمل شكل‪ ،‬وأحسن صوركم‪ ،‬وإلى هللا وحده املصير واملرجع يوم القيامة‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ك ُم ٱ ۡلَۡر َض قَ َرارا َوٱ َ‬ ‫َ ََ َ ُ‬ ‫َُ َ‬
‫لس َما َء ب ِ َناء َو َص َو َروُك ۡم فأ ۡح َس َن‬ ‫َّلل ٱَّلِي جعل ل‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬ٱ‬
‫َّلل َر ُّب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬ ‫ك ۡم َف َت َب َ‬
‫ار َك ٱ َ ُ‬ ‫َ َ َ ى َ ى ُ ُ َ ُ َ ُّ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ي ‪[}٦٤‬غافر‪ ،]64 :‬وقوله تعالى‪{ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ت ذل ِكم ٱَّلل رب‬‫ُص َو َروُك ۡم َو َر َزقكم مِن ٱلطيِب ِ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫ك ‪ِ ٧‬ف أَي ُص َ‬
‫ورة َما َشا َء َروُك َب َك ‪[}٨‬االنفطار‪:‬‬ ‫َ ََ َ َ َ َ ى َ ََ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬
‫يَىأ ُّي َها ٱ ِإل َ ى‬
‫نس ُن َما غ َرك ب ِ َربِك ٱلك ِر ِ‬
‫يم ‪ ٦‬ٱَّلِي خلقك فسوىك فعدل‬
‫ِ ِ‬
‫‪.]6-8‬‬

‫ِيم بذات ٱ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ َ َ ُ ۡ ُ َ‬


‫ون َوٱ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ي ۡعل ُم َما ِف ٱ َ َ‬
‫لص ُدورِ ‪} ٤‬‬ ‫َّلل عل ُ ِ ِ‬ ‫ت َوٱلۡر ِض َويَعل ُم َما ت ِ‬
‫ّسون َوما تعل ِن ر‬ ‫لسم ى َو ى ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬يعلم هللا تعالى ما في السماوات واألرض‪ ،‬ويعلم ما ّ‬
‫تسرون في صدوركم‪ ،‬وما تعلنون‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫َ َ ُّ َ َ ۡ َ ُ َ ُ ُّ ُ ُ ُ ُ ۡ َ َ ُ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪[}٦٩‬القصص‪ ،]69 :‬وهللا عليم بما تخفيه ضمائركم‪ ،‬كما قال‬ ‫كن صدورهم وما يعل ِن‬ ‫وربك يعلم ما ت ِ‬
‫َ ۡ َ ُ َ ََ ۡ َ ۡ ُ َ َ ُۡ‬
‫َتَف ٱ ُّ‬
‫لص ُد ُ‬
‫ور ‪[}١٩‬غافر‪.]19 :‬‬ ‫ي وما ِ‬ ‫تعالى‪ { :‬يعلم خائِنة ٱلع ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ‬


‫ك َف ُروا مِن ق ۡبل فذاقوا َوبَال أ ِّۡ ِره ِۡم َول ُه ۡم َعذاب أ َِلم ‪}٥‬‬
‫َ َ‬ ‫ُ َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أل ۡم يَأت ِك ۡم ن َبؤا ٱَّلِين‬
‫ألم يأتكم أيها الناس خبر األمم الكافرة املكذبة للرسل من قبلكم‪ ،‬كقوم نوح‪ ،‬وعاد‪ ،‬وثمود‪،‬‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫ّ‬
‫والذين من بعدهم‪ ،‬جاءتهم رسلهم بالوحي وبآيات هللا فكذبوهم واستكبروا عن قبول اإليمان‪ ،‬كما حكى هللا‬
‫ِين مِن بَع ِدهِم ََّل يَعلَ ُم ُهم إ ََّل َ ُ‬
‫ود َو َاَّل َ‬
‫ُ َ ِ ُ َ َ ََُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ُ‬
‫ِكم َن َب ُؤا َاَّل َ‬
‫اَّلل‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫َع‬ ‫و‬ ‫وح‬ ‫ن‬ ‫وم‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫ِك‬ ‫ل‬‫ب‬ ‫ق‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ِين‬ ‫تعالى عنهم في قوله‪{ :‬ألم يأت‬
‫َ َ ُ ََ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ُ َ ََ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُّ َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫تهم ُر ُسل ُهم بِالَي ِن ِ‬
‫ت ف َردوا أيدِيهم ِِف أفوهِ ِهم وقالوا إِنا كفرنا بِما أرسِلتم بِهِۦ ِإَونا ل َِف شك ِِّما تدعوننا إَِلهِ‬ ‫َج َ‬
‫اء ُ‬

‫ُِّ ِريب}[إبراهيم‪ ،]9 :‬فذاقوا سوء عاقبة أعمالهم في الدنيا‪ ،‬ولهم في اآلخرة عذاب مؤلم موجع‪.‬‬

‫َۡ َى َ َ ُ َ َ َ َ ۡ ُ ََ َ َ‬
‫ك َف ُروا َوتَ َولَوا َوٱ ۡس َت ۡغ َن ٱ َ ُ‬
‫َّلل َوٱ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َى َ َ َ ُ َ َ َ ۡ ۡ ُ ُ ُ‬
‫َّلل‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ا‬‫ن‬ ‫ون‬‫د‬‫ه‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ال‬‫ق‬‫ف‬ ‫ت‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ذل ِك بِأنهۥ َكنت تأتِي ِهم رسل ِ ِ ِ‬
‫ن‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ٱ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫َغ ِ ي‬
‫ن َْحِيد ‪} ٦‬‬
‫كانت تأتيهم رسلهم باملعجزات الظاهرة‪ ،‬فقالوا‬ ‫حل بهم‪ ،‬بسبب ّأنه ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬ذلك العذاب الذي ّ‬
‫فلم يقبلوا‬ ‫عنهم ْ‬ ‫مستبعدين ْأن تكون الرسل من البشر‪ :‬أبشر مثلنا يرشدوننا؟ فكفروا بهم‪ ،‬وأعرضوا ْ‬
‫رسالتهم‪ ،‬واستغنى هللا تعالى عن إيمانهم‪ ،‬وهللا تعالى غني عن العاملين‪ ،‬حميد في أقواله وأفعاله‪.‬‬
‫واملتأمل في القرآن الكريم‪ ،‬يجد ّأن إنكار املشركين كون الرسول بشرا‪ ،‬قد ذكره هللا تعالى في آيات‬ ‫ّ‬
‫َ َ َ َ ََ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ َۡ َ‬ ‫َ َ َۡ َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ام ُنوا أن ل ُه ۡم‬ ‫جبا أن أ ۡو َح ۡينا إ ِ ىل َر ُجل مِن ُه ۡم أن أنذ ِِر ٱ َلاس َوب ِِ‬
‫ش ٱَّلِين ء‬ ‫كان ل َِلن ِ‬
‫اس ع‬ ‫كثيرة‪ ،‬منها قوله تعالى‪ { :‬أ‬
‫ََ َََ َ َ َ‬ ‫َ َ ۡ َ َ ۡ َى ُ َ‬
‫اس أن‬ ‫حر ُّمبِي ‪[}٢‬يونس‪ ،}2 :‬ومنها قوله تعالى‪{ :‬وما منع ال‬ ‫ون إِ َن َهى َذا َل َ ى‬
‫س ِ‬ ‫ص ۡد ٍق عِند رب ِ ِهم قال ٱلكفِر‬ ‫َ َ‬
‫ق َدم ِ‬
‫َ َ ُ ُ ُ َ َ َ َ ُ َََ َ‬
‫اَّلل ب َ َشا َر ُسوَّل}[اإلسراء‪.]94 :‬‬
‫ث َُ‬ ‫يُؤم ُِنوا إِذ جاءهم الهدى إَِّل أن قالوا أبع‬

‫َ َ ََ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ ُ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َى َ َ َ ُ ۡ َ ُ َ ُ َ َ ُ َ‬
‫ث ث َم ِلُن َبؤن ب ِ َما َع ِمل ُت ۡ رم َوذ ىل ِك لَع ٱَّللِ يَسِري ‪٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬زعم ٱَّلِين كفروا أن لن يبعث روا قل بَل ور ِب ِلبع‬
‫}‬
‫لن ُيبعثوا من قبورهم بعد موتهم‪ ،‬قل لهم أيها الرسول‪ :‬بلى‪ ،‬ورّب ْي‬ ‫ظن الذين كفروا ّأنهم ْ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ُ َ ّ‬ ‫ّ‬
‫خبرن بما عملتم في الدنيا‪ ،‬وذلك البعث واإلخبار باألعمال على هللا تعالى‬ ‫لتبعثن من قبوركم يوم القيامة‪ ،‬ثم لت‬
‫يسير ّ‬
‫هين‪.‬‬
‫هللا عليه وسلم ْأن يقسم برّبه ّ‬ ‫َ‬
‫سوله صلى ُ‬ ‫ّ ُ‬
‫الثة التي أمر ُ‬
‫عز‬ ‫ِ‬ ‫هللا ر‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬وهذه هي اآلية الث‬
‫َ َ َ‬
‫لق َوماَ‬ ‫ك أ َح يق ُه َو قُ ۡل إِي َو َرب إِنَ ُهۥ َ َ‬ ‫ون‬‫ٔ‬
‫ُ‬ ‫ٔ‬‫ب‬ ‫ۢن‬‫ت‬
‫ُ‬
‫فاألولى في سورة يونس‪َ ۞{ :‬وي َ ۡس َ‬ ‫وجل‪ ،‬على وقوع املعاد ووجوده‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ََ َ َ َ ََُ َ َ َ َ َُ ُ َ‬
‫اعة قل بََل َو َر ِب‬ ‫ين ‪[}٥٣‬يونس‪ ،]53 :‬والثانية في سورة سبأ‪{ :‬وقال اَّلِين كفروا َّل تأت ِينا الس‬ ‫نتم ب ُم ۡعجز َ‬ ‫أَ ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ََ ََ ُ‬
‫كم َْ}‪ ،‬اآلية [سبأ‪.]3 :‬‬ ‫ِلأت ِين‬

‫َ َ َ ُ ِ ِ َ ُّ َ َ َ ۡ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فَٔٔام ُِنوا ب ِٱَّللِ ورسولۦ وٱلورِ ٱَّلِي أنزلا ر وٱَّلل بِما تعملون خبِري ‪} ٨‬‬
‫واملعنى‪ :‬فآمنوا أيها الناس باهلل تعالى وبرسوله وبالقرآن الذي أنزلناه على رسولنا محمد صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وهللا تعالى بما تعملون من خير أو ّ‬
‫شر خبير‪.‬‬
‫ّ‬
‫والنور في هذه اآلية هو القرآن الكريم؛ ألنه يزيل ظلمات الشرك كما يزيل النور الظلمة‪ ،‬كما قال‬
‫ان َولَكن َج َع َ‬
‫لن ُاه نُورا نَهدِي بهِۦ َمن ن َ َش ُ‬ ‫َ ُ ََ‬ ‫َ ُ َ َ‬
‫اء مِن ع َِباد َِنا}[الشورى‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ‬
‫اإليم‬ ‫َ‬
‫تعالى‪{ :‬ما كنت تدرِي ما الكِتب وَّل ِ‬
‫‪.]52‬‬

‫ُ َ ۡ َُۡ َ‬ ‫َ ََۡ َۡ َ‬ ‫َ ۡ َ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ ۡ َۡ ۡ َ َ َ ۡ ُ َ َ ُ َ َ ُ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يوم ُيمعكم َِلو ِم ٱلمعِ ذ ىل ِك يوم ٱِلغاب ِن ومن يؤمِن ب ِٱَّللِ ويعمل ص ىل ِحا يكفِر عنه ِ‬
‫سَٔٔاتِهِۦ‬
‫ِيها َأبَدار َذ ىل َِك ٱ ۡل َف ۡو ُز ٱ ۡل َع ِظ ُ‬
‫يم ‪} ٩‬‬ ‫تت ِ َها ٱ ۡلَنۡ َهى ُر َخ ى ِِل َ‬
‫ِين ف َ‬ ‫َۡ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ‬
‫َويُ ۡدخِل ُه َج َنىت ت ِري مِن‬
‫األولون واآلخرون‪ ،‬كما‬ ‫واملعنى‪ :‬واذكروا يوم القيامة‪ ،‬يوم يجمعكم هللا تعالى ليوم الجمع‪ ،‬يوم يجمع ّ‬
‫ِي َواآلخِر َ‬
‫ين‬ ‫اس َو َذل َِك يَوم َِّش ُهود}[هود‪ ،]103 :‬وقال تعالى‪{ :‬قُل إ َن َ‬
‫الول َ‬ ‫قال تعالى‪َ { :‬ذل َِك يَوم َم ُموع َ ُل الَ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات يَوم َمعلُوم}[الواقعة‪ ،]49-50 :‬ذلك يوم يغبن املؤمنون الكافرين‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ ُ َ َ‬
‫ومن يؤمن باهلل‬ ‫ٍ‬ ‫(‪ )49‬لمجموعون إِل مِيق ِ ٍ‬
‫ْ‬
‫ويدخله ّ‬ ‫تعالى إيمانا صادقا‪ ،‬ويعمل عمال صالحا‪ّ ،‬‬
‫جنات تجري من تحت قصورها‬ ‫يكفر هللا تعالى عنه سيئاته‪،‬‬
‫ُصف‬ ‫وأشجارها األنهار‪ ،‬ماكثين فيها أبدا‪ ،‬ذلك الفوز العظيم الذي ال فوز أعظم منه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬من يُ َ‬
‫َ‬
‫ْح ُه َوذل َِك ال َفو ُز ال ُمب ُ‬ ‫َ‬
‫َعن ُه يَو َمئذ ف َقد َر ِ َ‬
‫ي}[املائدة‪.]16 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬

‫َ َ َ ۡ َ ۡ‬ ‫َ ى َ ُ َى َ َ ۡ َ ى ُ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ك َف ُروا َووُكذبُوا ِبَٔٔايتِنا أولئِك أصحب ٱلارِ خ ِِلِين فِيها وبِئس ٱلم ِصري ‪} ١٠‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬والذين كفروا وكذبوا بآياتنا املتلوة الدالة على قدرة هللا ووحدانيته واستكبروا عن قبولها‪،‬‬
‫أولئك أصحاب النار هم ماكثون فيها أبدا ال يخرجون منها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َاَّل َ‬
‫ِين َك َذبُوا بآيَات َِنا َواس َتك َ ُ‬
‫بوا‬ ‫ِ‬
‫ون}[األعراف‪ ،]36 :‬وبئس املصير ّ‬
‫جهنم‪.‬‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ح ُ‬
‫اب الَار هم فِيها خ ِ‬
‫اَل‬ ‫ك أَص َ‬
‫َ َ ُ َ َ‬
‫عنها أولئ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ۡ َى ُ َ ُ ۡ َ َى ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ََُ َ ُ‬ ‫َ‬
‫بَٔٔاي ىت ِ َنا أولئِك أصحب ٱلارِ هم فِيها خ ِ‬
‫ِلون‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين كفروا ووُكذبوا ِ‬
‫‪[} ٣٩‬البقرة‪.]39 :‬‬
‫َ‬ ‫َ َۡ ََُۡ َ َُ ُ َ‬ ‫ُّ َ َ ۡ َ َ َ ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ما أصاب مِن ِّ ِصيب ٍة إَِّل بِإِذ ِن ٱَّللِ ومن يؤمِن ب ِٱَّللِ يه ِد قلبه رۥ وٱَّلل بِك ِل يش ٍء عل ِيم ‪} ١١‬‬
‫واملعنى‪ :‬ما أصاب أحدكم أيها الناس من مصيبة كائنة في األرض أو في أنفسكم إال وهذه املصائب‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ص َ‬ ‫اب مِن ُ‬
‫َ‬ ‫كائنة بإذن هللا تعالى ومكتوبة في اللوح املحفوظ‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ما أَ َ‬
‫يب ٍة ِِف الر ِض َوَّل ِِف‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ص‬
‫َ َ َ ََ َ َ َ َ ََ َ‬
‫اَّللِ ي َ ِسري}[الحديد‪ْ ،]22 :‬‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ومن يؤمن باهلل وبقضائه وقدره‬ ‫سكم إَّل ِف ك َِتاب مِن قبل أن نبأها إن ذل ِك لَع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن ِ‬
‫ف‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فيسترجع عند مجيء املصيبة‪ ،‬يهد هللا تعالى قلبه‪ ،‬وهللا تعالى بكل ش يء عليم‪.‬‬
‫َْ‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬وقال سعيد بن جبير‪ ،‬ومقاتل بن َح ّيان‪َ { :‬و َم ْن ُي ْؤم ْن ب ه‬
‫اَّلل َي ْهد قل َب ُه}‪َ ،‬يعني‪:‬‬
‫ل َ َ َ َ َ ى َ ۡ ُ ُّ َ َ ُ َ َ َ َ ۡ َ ى ُ َ‬
‫ون ‪[} ١٥٦‬البقرة‪.]156 :‬‬ ‫جع‬
‫صيبة قالوا إِنا َِّللِ ِإَونا إَِلهِ ر ِ‬
‫يسترجع‪ ،‬يقو ‪ { :‬ٱَّلِين إِذا أصبتهم ِّ ِ‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ َ َ َ َ ُ َ ُ َ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ َى َ ُ َ ۡ َ َى ُ ۡ‬
‫ولا ٱللغ ٱلمبِي ‪} ١٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأطِيعوا ٱَّلل وأطِيعوا ٱلرسول ر فإِن توَلتم فإِنما لَع رس ِ‬
‫الناس وأطيعوا الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬في جميع ما أمرا به ونهيا عنه‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وأطيعوا هللا أيها ّ‬
‫اَّلل َو َر ُس َ ُ‬
‫ول‬ ‫فإن توليتم وأعرضتم عن الطاعة‪ ،‬فقد وقعتم في الضاللة والخطيئة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َمن َيع ِص َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ف َقد َضل َضلَّل ُمبِينا}[األحزاب‪ ،]36 :‬واعلموا أنما على رسولنا محمد صلى هللا عليه وسلم التبليغ الواضح‬
‫ّ‬
‫املبين‪.‬‬
‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِيعوا َ َ‬ ‫َ‬
‫ِيعوا ا َلر ُسول َواحذ ُروا فإِن ت َوَل ُتم فاعل ُموا أن َما لَع َر ُسولِ َا‬
‫اَّلل َوأط ُ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وأط ُ‬
‫ُ‬
‫الَلغ ال ُمب ُ‬
‫ي}[املائدة‪.]92 :‬‬ ‫ِ‬

‫ُۡ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬


‫َ َََ‬ ‫ََ‬
‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬‫َ‬
‫ون ‪} ١٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلل َّل إِل ىه إَِّل هور ولَع ٱَّللِ فليتو ِ‬
‫ُك ٱلمؤمِن‬
‫واملعنى‪ :‬هللا هو املتفرد بالوجود الحقيقي الجامع لصفات األلوهية‪ ،‬فال معبود بحق في الوجود إال‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫يتخذوه وكيال‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ر ُّب ال َ‬ ‫ن ْ ّ‬ ‫ْ ّ‬
‫ب َّل إ ِ َل إَِّل ه َو‬ ‫َ َ‬
‫ش ِق والمغ ِر ِ‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ول‬ ‫‪،‬‬ ‫املؤمنو‬ ‫ل‬ ‫يتوك‬ ‫هو‪ ،‬وعلى هللا وحد فل‬
‫َ َ‬
‫فاَتِذهُ َووُك ِيل}[املزمل‪.]9 :‬‬

‫َ ۡ َ ۡ َى ُ ۡ ََۡ َ ُ ۡ َ ُ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ ُ‬
‫وه ۡم ِإَون َت ۡع ُفوا َوتَ ۡص َف ُ‬ ‫َى َ ُّ َ َ َ َ َ ُ‬
‫حوا‬ ‫جكم وأول ىدِوُكم عدوا لكم فٱحذر ر‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱَّلِين ءامنوا إِن مِن أزو ِ‬
‫ََۡ ُ َ َ ََ َ‬
‫َّلل غ ُفور َرحِيم ‪} ١٤‬‬ ‫وتغفِروا فإِن ٱ‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل وبرسوله ّإن ِم ْن أزواجكم وأوالدكم أعداء لكم‪ ،‬فاحذروهم‪ ،‬وال‬
‫ُ َ َ ُ ُ َ َ ُ ُ‬ ‫َ َ ُّ َ َ َ َ ُ َ ُ‬
‫ُيلهوكم عن ذكر هللا تعالى والطاعات‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يا أيها اَّلِين آمنوا َّل تل ِهكم أِّوالكم وَّل أوَّلدكم‬
‫وإن تتجاوزوا عن ّ‬ ‫ون}[املنافقون‪ْ ،]9 :‬‬ ‫َ ََ َ َ َ َ َُ َ َ ُ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫سيئاتهم‪ ،‬وتصفحوا‬ ‫اس‬‫عن ذِك ِر اَّللِ ومن يفعل ذل ِك فأولئِك هم ال ِ‬
‫فإن هللا تعالى غفور لعباده العافين‪ ،‬رحيم بهم‪.‬‬ ‫بترك اللوم عليها‪ ،‬وتستروها عليهم‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫َ َ ۡ َى ُ ۡ َ ۡ ى ُ ُ‬
‫ك ۡم ف ِۡت َنة ر َوٱ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ِندهُۥ أ ۡجر َع ِظيم ‪} ١٥‬‬‫َّلل ع َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنما أمولكم وأولد‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنما أموالكم وأوالدكم اختبار وامتحان من هللا لكم‪ ،‬وهللا تعالى عنده أجر عظيم ملن اتقاه‬
‫وأطاعه وشكره على نعمه‪.‬‬
‫َُ َ‬ ‫َ‬
‫كم ف ِت َنة َوأ َن َ َ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اَّلل عِنده أجر‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬واعل ُموا أن َما أِّ َوالكم َوأوَّلد‬
‫َع ِظيم}[األنفال‪.]28 :‬‬

‫َ ُ َى َ ُ‬ ‫َ ُ َۡ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ ۡ ََ ُۡ ۡ َ ۡ َ ُ ََ ُ َ ُ َ ۡ َ ُ‬ ‫َ َُ‬


‫سك ۡم َو َمن يُوق ش َح نفسِ هِۦ فأولئِك ه ُم‬‫ِيعوا َوأن ِفقوا خريا ِلنف ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فٱتقوا ٱَّلل ما ٱستطعتم وٱسمعوا وأط‬
‫ُۡۡ ُ َ‬
‫ون ‪}١٦‬‬ ‫ٱلمفل ِح‬
‫واملعنى‪ :‬فاتقوا هللا تعالى أيها املؤمنون وامتثلوا بأوامره ما استطعتم‪ ،‬وانتهوا عن جميع نواهيه‪،‬‬
‫تدبر وطاعة‪ ،‬وأطيعوا هللا تعالى‪ ،‬وأنفقوا مما رزقكم هللا تعالى‬ ‫واسمعوا لرسوله صلى هللا عليه وسلم سماع ّ‬
‫ومن يوق بفضل هللا تعالى بخل نفسه وحرصها على اإلمساك‪ ،‬فأولئك هم املفلحون الفائزون‬ ‫يكن خيرا لكم‪ْ ،‬‬
‫َُ َ َ ُ ُ ُ ُ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ون}[الحشر‪.]9 :‬‬ ‫برضا هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعالى في آية أخرى‪َ { :‬و َمن يُوق ش َح نفسِ هِ فأولئِك هم المفل ِح‬
‫اَّلل َح َق ُت َقاتِهِ}[آل عمران‪]102 :‬؛ ألنّ‬
‫آم ُنوا َات ُقوا َ َ‬ ‫وال تعارض بين هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬يَا َأ ُّي َها َاَّل َ‬
‫ِين َ‬
‫ّ‬
‫املراد بالتقوى في آية آل عمران ليس االتقاء فيما ال يستطيعون؛ ألنه فوق االستطاعة والطاقة‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬
‫َ َ ُ َ ُ ُ ۡ ََۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫َّلل َشكور َحل ِيم ‪}١٧‬‬ ‫ك ۡم َوٱ َ ُ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ُ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن تق ِرضوا ٱَّلل ق ۡرضا حسنا يض ىعِفه لكم ويغفِ ۡر ل ر‬
‫واملعنى‪ْ :‬إن تبذلوا أموالكم وتنفقوها في سبيل هللا وفي وجوه الخير كمساعدة األمة اإلسالمية بما‬
‫يضاعف هللا لهم ثوابه العظيم أضعافا كثيرة‪ ،‬وي ْ‬ ‫ْ‬
‫غفر لكم ذنوبكم‪ ،‬وهللا تعالى‪ :‬شكور للمنفقين على‬ ‫يفيدها‪،‬‬
‫حسن إنفاقهم‪ ،‬حليم ال يعاجل العقوبة ألهل املعاص ي‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬من َذا ٱ ََّلِي ُي ۡقر ُض ٱ َ َ‬
‫َّلل قَ ۡرضا َح َسنا َف ُي َض ىعِ َف ُهۥ ُلۥ أ ۡض َعافا كثِ َ‬
‫رية ر َوٱ َ ُ‬
‫َّلل‬ ‫ِ‬
‫َۡ ُ َ َۡ ُ ُ َۡ ُۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪[} ٢٤٥‬البقرة‪]245 :‬‬ ‫يقبِض ويبصط ِإَوَلهِ ترجع‬

‫لك ُ‬‫يز ٱ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫َى ُ َۡ َ َ‬
‫لش َه ى َدة ِ ٱل َعز ُ‬ ‫ۡ‬
‫ِيم ‪}١٨‬‬ ‫ِ‬ ‫ب وٱ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬عل ِم ٱلغي ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هللا عالم كل ش يء مما غاب عن العباد ومما يشاهدونه‪ ،‬ال يخفى عليه ش يء منه‪ ،‬كما قال‬
‫اَّلل ََّل َي ََف َعلَيهِ َيشء ِف الر ِض َوَّل ِف َ‬
‫الس َماءِ}[آل عمران‪ ،]5 :‬وهو العزيز الغالب الحكيم في‬ ‫تعالى‪{ :‬إ َن َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صنعه وتدبيره‪.‬‬
‫ُ َُ‬
‫ورة الطالق‬ ‫س‬
‫وهي مكية وعدد آياتها اثنتا عشرة‬

‫َ‬ ‫ََ ََ ُ ۡ َ ُۡ ُ ُ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ َ َ َ ََ ۡ ُ ۡ َ َ َ َُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َى َ ُّ َ َ ُّ َ َ َ ۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱل ِب إِذا طلقتم ٱلنِساء فطل ِقوهن لِعِدت ِ ِهن وأحصوا ٱلعِدة وٱتقوا ٱَّلل ربكم َّل َت ِرجوهن مِن‬
‫َ َ‬ ‫َ َ ََ َ َ َۡ‬ ‫ُ ُ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ ى َ ُّ َ َ َ ۡ َ ُ ُ ُ َ‬
‫َّللِ َو َمن َي َت َع َد ُح ُدود ٱَّللِ فق ۡد ظل َم نف َس ُه رۥ َّل ت ۡدرِي‬
‫حشة مبيِنة وت ِلك حدود ٱ ر‬
‫بيوت ِ ِهن وَّل يرجن إَِّل أن يأت ِي بِف ِ‬
‫َ َ‬ ‫َََ ََ ُۡ ُ‬
‫يدِث َب ۡع َد ذ ىل َِك أ ِّۡرا ‪}١‬‬ ‫لعل ٱَّلل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لعد ّ‬
‫تهن‬ ‫قوهن مستقبالت ّ‬ ‫فطل ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬يا أيها النبي الكريم واملؤمنون إذا أر ْدتم ْأن تطلقوا أزواجكم‪،‬‬
‫هن فيه‪ ،‬واعرفوا ابتداء العدة وانتهائها‪ ،‬واتقوا هللا تعالى رّبكم‪ ،‬ال تخرجوا النساء التي‬ ‫تجامع ّ‬
‫ْ‬ ‫وهي في طهر لم‬
‫ّ‬
‫طل ْقتموه ّن ْ‬
‫يخرجن من تلك البيوت إال إذا‬ ‫ْ‬ ‫لهن ْأن‬
‫تهن‪ ،‬وال يجوز ّ‬ ‫عد ّ‬‫سكنها إلى ْأن تنقض ي ّ‬
‫من البيوت التي ّ‬
‫ْ‬
‫حدود هللا‪ ،‬فال يجوز لكم ْأن تخالفوها‪ ،‬ومن‬ ‫ُ‬ ‫نشزن‪ ،‬وتلك األحكام الزوجية َّ‬
‫املبينة‬ ‫فعلن فاحشة الزنى أو إذا ْ‬
‫َ‬ ‫اك ب َم ۡع ُروف أَ ۡو ت َ ّۡس ُ‬
‫يح بِإ ِ ۡح َ ى‬
‫سن َوَّل‬ ‫لط َل ى ُق َِّ َرتَ َ ۡ َ ُ‬
‫يتعد حدود هللا تعالى‪ ،‬فقد ظلم نفسه‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱ َ‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ان فإِِّس ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ََ َ ََ ُ َ ُ ُ َ َ َ ۡ ۡ ُ ۡ ََ ُ َ ُ ُ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َُۡ ُ ُ َ َ‬ ‫َ ُّ َ ُ ۡ َ َ ۡ ُ ُ‬
‫يِل لكم أن تأخذوا ِِّما ءاتيتموهن يشٔٔا إَِّل أن يافا أَّل يقِيما حدود ٱَّللِ فإِن خِفتم أَّل يقِيما حدود ٱَّللِ‬
‫َ‬ ‫َى‬ ‫َ َ َ ُ َى َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ََ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ ۡ ۡ‬ ‫ََ َُ َ َ‬
‫ِيما ٱف َت َدت بِهِۦ ت ِلك ُح ُدود ٱَّللِ فل ت ۡع َت ُدوها ر َو َمن َي َت َع َد ُح ُدود ٱَّللِ فأولئِك ه ُم ٱلظل ُِمون ‪٢٢٩‬‬ ‫اح َعل ۡي ِه َما ف‬‫ف ل جن‬
‫ّ‬
‫املطلق‪ّ ،‬‬ ‫ْ‬
‫لعل هللا تعالى يحدث بعد ذلك أمرا فتندم على طالقها وتراجعها‪ ،‬فيكون‬ ‫}[البقرة‪ ،]229 :‬ال تدري أيها ِ‬
‫َ‬ ‫وه َن َف َعس أَن تَك َر ُهوا َشيئا َويَج َع َل َ ُ‬
‫اَّلل فِيهِ َخريا كثِريا}[النساء‪:‬‬ ‫َ َ ُُ ُ‬
‫ذلك خيرا لهما‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فإِن ك ِرهتم‬
‫‪.]19‬‬
‫ِنك ۡم َوأَق ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ ُ ُ‬
‫وف أ ۡو فارِقوه َن ب ِ َم ۡع ُروف َوأش ِه ُدوا ذ َو ۡي َع ۡدل م‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ ََۡ َ َ َُ ََۡ ُ ُ‬
‫ِيموا‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فإِذا بلغ َن أجله َن فأِّسِكوه َن ب ِ َمع ُر ٍ‬
‫َ َ ََ ََ َۡ َ َۡ‬ ‫َ ۡ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َى َ َ َ َ ُ‬
‫ُي َعل ُلۥ ُّم َرجا ‪} ٢‬‬ ‫َّللِ ذ ىل ِك ۡم يُوعظ بِهِۦ َمن َكن يُؤم ُِن ب ِٱَّللِ َوٱَلَ ۡو ِم ٱٓأۡلخ ِِر ومن يت ِق ٱَّلل‬
‫ٱلشهدة ِ ر‬
‫ّ‬
‫اجعهن‬ ‫ّ‬
‫تمسكوهن وتر‬ ‫واملعنى‪ :‬فإذا قارْبن انقضاء عدتهن‪ ،‬فعليكم ْأن تنظروا في أمركم‪ّ ،‬إما ْأن‬
‫تذكروهن بسوء بعد‬ ‫ّ‬ ‫حقوقهن باملعروف وال‬‫ّ‬ ‫سبيلهن وتؤدوا ّ‬
‫لهن‬ ‫ّ‬ ‫قوهن وتخلوا‬ ‫وإما ْأن تفار ّ‬ ‫باملعروف‪ّ ،‬‬
‫ُ‬
‫س ُحوه َن ب ِ َم ۡع ُروف‬ ‫وه َن ب َم ۡع ُروف أَ ۡو َ‬
‫َ َ َََۡ َ َ َ َُ َ ََۡ ُ ُ‬ ‫َ َۡ‬
‫عنهن‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَوذا َطلق ُت ُم ٱلنِساء فبلغن أجلهن فأِّسِك‬‫انفصالكم ّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫}[البقرة‪ ،]231 :‬وأشهدوا على الرجعة أو الطالق رجل ْين عدل ْين منكم‪ ،‬وأقيموا أيها الشهود تلك الشهادة‬
‫يوعظ به‬ ‫خالصة هلل تعالى‪ ،‬ذلك الحكم املذكور من اإلشهاد على الرجعة والطالق وإقامة الشهادة هلل تعالى َ‬
‫يجعل هللا له مخرجا من كل ضيق‪.‬‬ ‫ْ‬
‫من كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر‪ ،‬ومن َيتق هللا تعالى حق تقاته ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫كم} للندب واالستحباب‪ ،‬وليس للوجوب‪ ،‬كما في‬ ‫ومعنى األمر في قوله تعالى‪َ { :‬وأش ِه ُدوا ذ َوي َعد ٍل مِن‬
‫َ‬ ‫َۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وأش ِه ُدوا إِذا َت َب َاي ۡع ُت ۡ رم }[البقرة‪.]282 :‬‬

‫ِك‬
‫َۡ َ ََ َُ ُ‬
‫ل‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ج‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ۦ‬‫ِ‬ ‫ه‬‫ر‬ ‫َّلل َب ىل ُِغ أَ ۡ‬
‫ِّ‬
‫َ َۡ ُۡ ُ ۡ َ ۡ ُ َ ََۡ ُ َ َ ََََۡ ََ‬
‫لَع ٱ ََّللِ َف ُه َو َح ۡس ُب ُه رۥ إ َن ٱ َ َ‬ ‫ِب ومن يتوُك‬
‫ِ‬ ‫ِر‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ويرزقه مِن حيث َّل يتس ر‬
‫َ ۡ َ‬
‫يشء ق ۡدرا ‪} ٣‬‬
‫ْ ّ‬ ‫ْ‬
‫ومن يتوك ْل على هللا تعالى فهو كافيه‪ّ ،‬إن هللا بالغ‬ ‫واملعنى‪ :‬ويرزقه هللا تعالى من وجه ال يخطر بباله‪،‬‬
‫ُّ ُ‬ ‫َُ َ ۡ َ ُ َ َۡ‬
‫ت ِم ُل ُُك أ َ ى‬
‫نَث َو َما‬ ‫أمره‪ ،‬وال يفوته مراده‪ ،‬قد جعل هللا تعالى لكل ش يء قدرا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ٱَّلل يعلم ما‬
‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ ُّ َ‬ ‫َۡ‬
‫ِندهُۥ ب ِ ِمق َد ٍار ‪[}٨‬الرعد‪ ،]8 :‬وقال تعالى‪{ :‬إِنَا ُك يش ٍء َخلقناهُ ب ِ َق َد ٍر}[القمر‪:‬‬
‫يش ٍء ع َ‬ ‫ۡ َ ُ َ َ َۡ َ ُ‬
‫اد ر َوُك ۡ‬ ‫َ ُ‬
‫تغِيض ٱلرحام وما تزد‬
‫‪.]49‬‬

‫ك ۡم إن ٱ ۡرتَ ۡب ُت ۡم فَعِ َد ُت ُه َن ثَ َل ى َث ُة أَ ۡش ُهر َوٱ َل ىـي ل َ ۡم َي ِۡض َن َوأُو َل ى ُ‬


‫ت‬
‫ُ‬
‫ئ‬ ‫ا‬‫ِس‬ ‫يض مِن ن َ‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫م‬‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ َل ىـِي يَئ ۡس َن م َِن ٱل ۡ َ‬
‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََۡۡ َ َ ُُ َ َ َ َ‬
‫َّلل ُي َعل ُلۥ م ِۡن أ ِّۡ ِره ِۦ ي ُ ّۡسا ‪} ٤‬‬ ‫ض ۡع َن ْحل ُه َن َو َمن َي َتق ٱ َ‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ال أجلهن أن ي‬ ‫ٱلْح ِ‬
‫هن ثالثة‬ ‫حيضهن ْإن شككتم وجهلتم الحكم ّ‬
‫فيهن‪ّ ،‬‬
‫فعد ُت ّ‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬والنساء اآليسات الالتي قد انقطع‬
‫حملهن‪ ،‬ولو كان بعد الطالق أو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وضعهن‬ ‫وعدة النساء الحوامل‬ ‫يحضن‪ّ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫أشهر‪ ،‬وكذا الصغيرات الالتي ْ‬
‫لم‬
‫ومن يتق هللا تعالى‪ ،‬يجعل هللا له من أمره يسرا في الدنيا واآلخرة‪.‬‬ ‫املوت بساعات قصيرة‪ْ ،‬‬
‫ََ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫وهذه اآلية مخصصة لعموم قوله تعالى‪َ { :‬وٱل ۡ ُم َط َل َقى ُ‬
‫ت َب ۡص َن بِأ ُنف ِس ِه َن ثل ى َثة ق ُروء }[البقرة‪،]228 :‬‬
‫ت يَ َ َ‬
‫ۡ َ َ َۡ‬ ‫َ َ َۡ‬ ‫َ ُ‬ ‫ون أَ ۡز َو ىجا يَ َ َ ۡ‬
‫ُ ۡ َََ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ولعموم قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ََّل َ‬
‫س ِه َن أ ۡربَ َعة أش ُهر َو َعشا فإِذا بَلغ َن‬
‫ت َبص َن بِأنف ِ‬ ‫ِين ُي َت َوف ۡون مِنكم ويذر‬
‫َ َُ َ َۡ َُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َُ َ ََ ُ َ َ َ َۡ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ُ َ ۡ‬
‫وف وٱَّلل بِما تعملون خبِري ‪[} ٢٣٤‬البقرة‪.]234 :‬‬
‫س ِهن ب ِٱلمعر ِ‬
‫أجلهن فل جناح عليكم فِيما فعلن ِِف أنف ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُۡ َ َ ُ ۡ ُ ۡ ََ ََ ََ ُ َ ۡ َُۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫سَٔٔاتِهِۦ َويُ ۡع ِظ ۡم ُلۥ أ ۡجرا ‪} ٥‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ذ ىل ِك أِّر ٱَّللِ أنزلۥ إَِلك رم ومن يت ِق ٱَّلل يكفِر عنه ِ‬
‫واملعنى‪ :‬ذلك الحكم املذكور أمر هللا تعالى أنزله إليكم أيها النبي واملؤمنون‪ ،‬ومن يتق هللا تعالى ّ‬
‫يكفر‬
‫نات يُذه َ‬
‫َِب‬ ‫عنه ذنوبه وسيئاته من صح ائف أعماله‪ ،‬وال يؤاخذه بها‪ ،‬كما وعد هللا به في قوله‪{ :‬إ ِ َن َ‬
‫ال َس ِ‬
‫ْ‬
‫ويدخله ّ‬ ‫َ‬
‫الجنة‪.‬‬ ‫ئات}[هود‪ ،]114 :‬ويجز ْل له جزاءه في اآلخرة‬ ‫السي ِ ِ‬

‫ُ َ ُ َى َ ۡ‬ ‫ُ ۡ ُ ۡ َ َ ُ َ ُّ ُ َ ُ َ ُ َ َ ۡ َ‬ ‫َۡ ُ ُ َ ۡ َۡ ُ َ َ ُ‬
‫ت ْحل‬ ‫ن ِإَون كن أول ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أسكِنوهن مِن حيث سكنتم مِن وجدِوُكم وَّل تضاروهن ِِلضيِقوا علي ِه ر‬
‫ُ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ ُ َ ُ ُ َُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ََ ُ َ َۡ َ َ َى َ َ ۡ َ َۡ َُ َ َ ۡ َ َ‬
‫وره َن َوأت ِم ُروا بَ ۡي َنكم ب ِ َم ۡع ُروف ِإَون‬ ‫ن فإِن أۡرض ۡع َن لك ۡم فَٔٔاتوهن أج‬
‫فأنفِقوا علي ِهن حت يضعن ْحله ر‬
‫َ ُ‬ ‫ََ َ ۡ َ‬
‫اس ُت ۡم ف َس ُ ۡت ِض ُع ُلۥ أ ۡخ َر ىى ‪} ٦‬‬‫تع‬
‫عد ّ‬ ‫مطلقاتكم في أثناء ّ‬ ‫َّ‬
‫تهن في مسكن مشابه ملساكنكم على قدر سعتكم‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬أسكنوا أيها األزواج‬
‫َّ‬ ‫وإن ْ‬ ‫ليخرجن من املسكن‪ْ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بهن ً‬ ‫وال تلحقوا ّ‬
‫كانت نساؤكم املطلقات‬ ‫عليهن‬ ‫فتضيقوا‬ ‫ضررا في النفقة واملسكن‪،‬‬
‫ضع َن لكم أوالدكم بعد ذلك‪،‬‬ ‫فإن أر ْ‬ ‫حملهن‪ْ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫يضعن‬ ‫ْ‬ ‫عليهن حتى‬ ‫ّ‬ ‫ذوات حمل‪ ،‬فوجب عليكم اإلنقاق‬
‫أجورهن في اإلرضاع إذا رضين بأجر املثل‪ ،‬وليأمر بعضكم بعضا بما عرف من سماحة وطيب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فأعطوهن‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نفس‪ ،‬من غير إضرار وال مضارة‪ ،‬كما قال تعالى‪َّ{ :‬ل تُ َضا َر َو ى ِ ََلةُ ب ِ َوَل َِها َوَّل َِّ ۡولود ُلۥ ب ِ َو َِله ِۦ}[البقرة‪،]233 :‬‬
‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ۡ ُ َ‬
‫وقال تعالى‪َ { :‬ولَع ٱل َم ۡولودِ ُلۥ رِ ۡزق ُه َن َووُك ِۡس َوت ُه َن ب ِٱل َم ۡع ُر ِ‬
‫وإن لم تتفقوا على إرضاع أم الولد‬ ‫وف }[البقرة‪ْ ،]233 :‬‬
‫ُ‬
‫وتضايقتم في أجر اإلرضاع‪ ،‬فسترضع لألب مرضعة أخرى‪.‬‬

‫َ‬ ‫َُ َۡ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ ُ َ َ َۡ ُُۡ َُۡ ۡ َ َ َىُ َُ َ‬ ‫ۡ ُ َ َ‬


‫َّلل نفسا إَِّل َما‬ ‫َّلل َّل يُكل ِف ٱ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪َِ { :‬لُنفِق ذو سعة مِن سعتِهِۦ ومن قدِر عليهِ رِزقهۥ فلينفِق ِِّما ءاتىه ٱ ر‬
‫َءاتَى ى َها ر َس َي ۡج َع ُل ٱ َ ُ‬
‫َّلل َب ۡع َد ُع ّۡس ي ُ ّۡسا ‪} ٧‬‬
‫َّ‬
‫املطلقة بحسب سعته من الرزق‪ ،‬ومن ُ‬
‫ض ّيق‬ ‫واملعنى‪ :‬لينفق األب املولود له على املولود وعلى أم الولد‬
‫فلينفق مما أعطاه هللا تعالى من الرزق‪ ،‬ال يكلف هللا نفسا إال ما أعطاها من الرزق‪ ،‬كما قال‬‫ْ‬ ‫عليه في الرزق‬
‫َ‬
‫َّلل َن ۡفسا إَّل ُو ۡس َع َها }[البقرة‪ ،]286 :‬سيجعل هللا بعد ضيق وشدة سعة وغنى‪ّ ،‬‬ ‫َ ُ َ‬
‫كل ُِف ٱ َ ُ‬
‫فإن مع‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫تعالى‪َّ { :‬ل ي‬
‫ّس ي ُ ّۡسا ‪[}٦‬االنشراح‪.]5-6 :‬‬‫العسر يسرا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬فَإ َن َم َع ٱ ۡل ُع ّۡس ي ُ ّۡسا ‪ ٥‬إ َن َم َع ٱ ۡل ُع ۡ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ َ َ ۡ َ ى َ َ َ ُّ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََۡ ََ ۡ َ ۡ َ‬ ‫َََ‬
‫ى‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ووُكأيِن مِن قري ٍة عتت عن أِّ ِر ربِها ورسلِهِۦ فحاسبنها حِسابا شدِيدا وعذبنها عذابا نكرا ‪}٨‬‬
‫واملعنى‪ :‬فكثيرا من أهل القرى عصوا أمر ّربهم ورسله واستكبروا عنه‪ ،‬فحاسبناهم حسابا شديدا‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫باالستقصاء‪ ،‬وعذبناهم عذابا شديدا منكرا بسبب ذنوبهم وخطاياهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ{ :‬إَون مِن قريَ ٍة إَِّل َن ُن‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ ُ َ ُ َ َ َ َ‬ ‫ُ ُ َ َ َ َ‬
‫اب َِّس ُطورا}[اإلسراء‪.]58 :‬‬
‫ِّهل ِكوها قبل يو ِم القِيامةِ أو معذِبوها عذابا شدِيدا َكن ذل ِك ِِف الكِت ِ‬
‫َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫اها} عن املستقبل للداللة على تحقق‬ ‫اسب َناها ح َِسابا شدِيدا وعذبن‬ ‫والتعبير باملاض ي في قوله تعالى‪{ :‬فح‬
‫َ َ ُ َ‬
‫اَّللِ}[النحل‪ ،]1 :‬وقوله‪َ { :‬ونُف َخ ِف ُّ‬
‫الصورِ}[الزمر‪ ،]68 :‬وقوله‪َ { :‬ونادى‬ ‫ِ ِ‬ ‫الوقوع‪ ،‬ومثله قوله تعالى‪{ :‬أِت أِّر‬
‫الارِ}[األعراف‪.]44 :‬‬ ‫ال َن ِة أَص َ‬
‫حاب َ‬ ‫حاب َ‬‫أَص ُ‬

‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فذاق ۡت َوبَال أ ِّۡ ِر َها َوك َن َع ىقِ َبة أ ِّۡ ِر َها ُخ ّۡسا ‪} ٩‬‬
‫واملعنى‪ :‬فذاقوا سوء عاقبة أعمالهم في الدنيا‪ ،‬وكان عاقبة أمرهم الهالك والخسران في الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫َ ُ ََ ُ‬ ‫ََ َ ُ ََُ َ َ َ َ‬
‫ِين كف ُروا مِن قبل فذاقوا َوبَال أِّرِهِم‬‫ونظير هذه اآلية واآلية التي قبلها قوله تعالى‪{ :‬ألم يأت ِكم نبأ اَّل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َول ُهم َعذاب أ َِلم}[التغابن‪.]5 :‬‬

‫َ َ َ َ ُ َ ۡ َ ََ َُ َۡ ُ ۡ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َۡ‬ ‫َ َ َى ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ َ َ َُ َُ ۡ َ َ َ‬


‫ب ٱ َِّلين ءامن روا قد أنزل ٱَّلل إَِلكم ذِكرا ‪} ١٠‬‬ ‫ى‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أعد ٱَّلل لهم عذابا شدِيدا فٱتقوا ٱَّلل يأو ِل ٱللب ِ‬
‫أعد هللا تعالى لهم عذابا شديدا لكفرهم وطغيانهم‪ ،‬فاتقوا هللا تعالى وخافوا عذابه يا أصحاب‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫العقول السليمة الذين آمنوا باهلل وبرسوله‪ ،‬قد أنزل هللا تعالى إليكم قرآنا يذكركم به‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِنا َن ُن‬
‫َ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون}[الحجر‪.]9 :‬‬ ‫نزلَا اَّلِكر ِإَونا ل لاف ِظ‬

‫َ‬
‫ت إِل‬ ‫ُّ ُ َ‬
‫ت م َِن ٱلظلم ى ِ‬
‫ام ُنوا َو َعملُوا ٱ َ ى َ‬
‫لصل ِحى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ٱ ََّللِ ُم َبي َنىت َِلُ ۡخر َج ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ ََ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ر ُسوَّل َيتلوا عل ۡيك ۡم َءاي ى ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َۡ َ ۡ ََۡ ُ َى َ َ ََ َ ۡ َ ۡ َ َ َُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫َّلل ُلۥ‬ ‫ٱلُّورِ َو َمن يُؤمِن ب ِٱَّللِ َويَ ۡع َمل ص ىل ِحا يُ ۡدخِل ُه َج َنىت ت ِري مِن تتِها ٱلنهىر خ ِِلِين فِيها أبدا قد أحسن ٱ‬
‫رِ ۡزقا ‪} ١١‬‬
‫مبينات‪ُ ،‬ليخرج الذين آمنوا باهلل‬ ‫واملعنى‪ :‬وأ ْرسل إليكم رسوال بهذا القرآن‪ ،‬يقرأ عليكم آيات هللا تعالى ّ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫وبرسوله وعملوا األعمال الصالحة من ظلمات الكفر إلى نور اإليمان‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬الر ك َِتاب أن َزلَاهُ إَِلك‬
‫اط ال َعزيز َ‬
‫ال ِمي ِد}[هود‪ْ ،]1 :‬‬ ‫ات إ ِ َل الُّور بإذن َربهم إ ِ َل ِ َ‬
‫َص ِ‬
‫ُّ ُ‬ ‫ِلِ ُخر َج َ َ‬
‫الاس م َِن الظل َم ِ‬
‫ومن يؤمن باهلل وبرسوله‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ويعمل عمال صالحا يدخله هللا تعالى جنات تجري من تحت قصورها وأشجارها األنهار ماكثين فيها أبدا‪ ،‬قد‬
‫أحسن هللا تعالى له رزقه في ّ‬
‫الجنة‪.‬‬

‫ۡ َُ َ ََََُ ۡ َۡ ُ ََُۡ َ َۡ َ ُ َ َ ََ ََ‬


‫لَع ُُك َ ۡ‬
‫ى‬
‫َ ََ ََۡ َ َ َ َ َ َۡ‬ ‫َُ َ‬
‫يشء‬ ‫ِ‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ن‬‫أ‬ ‫ا‬‫و‬ ‫م‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ِلِ‬ ‫ن‬‫ه‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ِّ‬ ‫ل‬‫ٱ‬ ‫ل‬‫زن‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ن‬‫ه‬ ‫ل‬‫ِث‬
‫م‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ۡر‬‫َّلل ٱَّلِي خلق سبع سم ىو ىت ومِن ٱل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫قَدِير َوأَ َن ٱ َ َ‬
‫كل َ ۡ‬
‫يش ٍء عِل َما ‪}١٢‬‬ ‫ُ‬
‫ب‬ ‫َّلل قَ ۡد أ َح َ‬
‫اط‬
‫ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هللا تعالى الذي خلق السماوات السبع واألرضين السبع مثل السماوات من غير مثال سابق‪،‬‬
‫مم ّ‬ ‫كما قال تعالى‪َ { :‬اَّلي خلَ َق َسبع َسماوات طِباقا}[امللك‪]3 :‬؛ ّ‬
‫يتنزل األمر ّ‬
‫ايدبر به خلقه بين السماوات‬ ‫ٍ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫واألرض‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يُ َدب ُر الَِّ َر م َِن َ‬
‫الس َماءِ إِل الر ِض ث َم َيع ُر ُج إَِلهِ ِِف يَو ٍم َكن مِق َد ُار ُه ألف َس َن ٍة ِّ َِما‬ ‫ِ‬
‫وأن هللا قد أحاط ّ‬ ‫ون}[السجدة‪]5 :‬؛ لتعلموا أيها الناس ّأن هللا تعالى على كل ش يء قدير ّ‬ ‫َ ُ ُّ َ‬
‫بكل ش يء علما‪،‬‬ ‫تعد‬
‫فال يخرج عن علمه ش يء في السماوات وال في األرض‪.‬‬
‫ُ َُ ه‬
‫ورة الت ْحريم‬ ‫س‬
‫وهي مدنية وعدد آياتها اثنتا عشرة‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫َّلل غ ُفور َرحِيم ‪}١‬‬
‫ك َوٱ َ ُ‬‫َ ُ َ ََۡ َ ۡ َ َ ۡ َى َ‬
‫ج ر‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱلَ ُّ َ َ ُ َ َ‬
‫ب ل ِم ت ِرم ما أحل ٱَّلل لك تبت ِغ ِّرضات أزو ِ‬‫ِ‬
‫ّ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها النبي الكريم لم تحرم على نفسك بأن تمتنع عما أحله هللا تعالى لك من شراب أو غيره؟‬
‫أتبتغي إرضاء أزواجك؟‪ ،‬وهللا تعالى غفور لك رحيم بك‪.‬‬
‫َ‬ ‫ََ َُ َ َ‬
‫ك ل َِم أذِن َ‬
‫ت‬ ‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬وهذا عتاب بطريق التلطف‪ ،‬مثل قوله تعالى‪{ :‬عفا اَّلل عن‬
‫تعظيما لقدره الشريف‪ ،‬وإشارة إلى َّأن‬ ‫ً‬ ‫ل َ ُهم}[التوبة‪ ،]43 :‬وسمي االمتناع عن الحالل ذنبا‪ ،‬وهو ٌ‬
‫مباح لغيره‪،‬‬
‫ترك األولى بالنسبة إليه كالذنب‪ْ ،‬‬
‫وإن لم يكن ذنبا في الواقع‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ ََ َ َُ َ ُ ۡ َ ََ ََۡ ُ ۡ َ َُ ََۡ ُ ۡ َ َُ َۡ ُ ۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬قد فرض ٱَّلل لكم تِلة أيم ىن ِك رم وٱَّلل ِّولى ىكم وهو ٱلعل ِيم ٱلكِيم ‪} ٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬قد شرع هللا تعالى لكم أيها املؤمنون تحليل أيمانكم بأداء الكفارة عنها‪ ،‬وهي إطعام عشرة‬
‫مساكين طعاما يكون من متوسط ما يطعم منه أهله في الجودة واملقدار‪ ،‬أو كسوة هؤالء املساكين العشرة‬
‫يجد فوجب عليه حينئذ صوم ثالثة أيام‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫كساء ساترا للبدن‪ ،‬أو تحرير قبة من الرق‪ ،‬فمن لم ْ‬
‫ر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ َُ ُ ُ ُ َُ َ‬
‫ِي‬ ‫ام َع َ َ‬
‫شة ِ َِّ َساك َ‬ ‫ارتُ ُه إط َع ُ‬
‫ان فكف َ‬ ‫َ َ‬
‫م‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫كم ب َما َعقد ُت ُ‬
‫م‬
‫ُ‬
‫ِذ‬‫خ‬‫ا‬‫ؤ‬
‫َُ‬
‫ي‬ ‫ن‬‫ك‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫َ‬
‫و‬ ‫م‬ ‫ِك‬ ‫اَّلل بِاللغوِ ِِف أيمان‬ ‫{َّل يؤاخِذكم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َُُ َ َ ُ َََ َ َ َ َ َ َ ُ ََ َ ََ َ َ ََ َُ َ َ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ َ ُ ُ َ َ‬
‫صيام ثلثةِ أيا ٍم ذل ِك كفارة أيمان ِكم‬
‫ُيد ف ِ‬
‫مِن أوس ِط ما تطعِمون أهل ِيكم أو كِسوتهم أو ت ِرير رقب ٍة فمن لم ِ‬
‫َ َ‬
‫إِذا َحلف ُتم}[املائدة‪ ،]89 :‬وهللا تبارك وتعالى متولي أموركم‪ ،‬وهو هللا العليم بكل ش يء‪ ،‬الحكيم في تدبير كل‬
‫ش يء‪.‬‬

‫َۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََۡ َ َُ َُ َ‬ ‫ََ َ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َ َ َ ُّ َ‬


‫َّلل َعل ۡيهِ َع َرف َب ۡعض ُهۥ َوأع َرض‬ ‫جهِۦ َحدِيثا فل َما ن َبأت بِهِۦ وأظهره ٱ‬ ‫ب إ ِ ىل َب ۡع ِض أ ۡز َو ِى‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَوذ أس ٱل ِ‬
‫َُ َ َ َ ََ ۡ َ َ ۡ ُُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َعن َب ۡعض فَلَ َما َن َبأَ َها بهِۦ َقالَ ۡ‬
‫ُ‬
‫ت قلوبُك َما‬ ‫ري ‪ ٣‬إِن تتوبا إِل ٱَّللِ فقد صغ‬ ‫لب ُ‬ ‫ن ٱ ۡل َعل ُ‬
‫ِيم ٱ َ‬ ‫َ‬ ‫أ‬‫ب‬‫ت َم ۡن أۢن َبأ َك َهى َذا قَ َال َن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ى َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ ى ُ َ ۡ ُ َ َ ى ُ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ َ َى َ ُ َ ۡ َ َ ى َ َ‬
‫بيل وصلِح ٱلمؤ ِمن ِي وٱلملئِكة بعد ذل ِك ظ ِهري ‪} ٤‬‬ ‫ج ِ‬‫ِإَون تظهرا عليهِ فإِن ٱَّلل هو ِّولىه و ِ‬

‫ُ َ ُ ۡ َ ى ُّ ۡ َ ى َ ى َ ى َى َ ى َ َ‬
‫ت ع ىبِد ىت‬ ‫ب‬ ‫ئ‬‫ت‬ ‫ت‬ ‫ِت‬ ‫ن‬ ‫ق‬ ‫ت‬‫ِن‬
‫م‬ ‫ؤ‬‫ِّ‬ ‫ت‬ ‫ِم‬ ‫ل‬‫س‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬‫ِنك‬
‫م‬ ‫ا‬ ‫ِلۥ أَ ۡز َو ىجا َخ ۡ‬
‫ري‬ ‫ك َن أَن ُي ۡبد َ ُ‬
‫َ ََ ُ‬
‫س َر ُّب ُهۥ إِن طلق‬‫قوله تعالى‪َ { :‬ع َ ى‬
‫ِ ٍ‬
‫َى َ ى َ َ ى َ َ ۡ َ‬
‫كارا ‪} ٥‬‬ ‫سئِحت ثيِبت وأب‬
‫قكن الرسو ُل أيتها الزوجات ْأن ّ‬
‫يبدله أزواجا خيرا ّ‬ ‫طل ّ‬‫ّ ْ ّ‬
‫منكن مسلمات منقادات هلل‬ ‫واملعنى‪ :‬عس ى ربه إن‬
‫منهن‬‫تعالى‪ ،‬مؤمنات باهلل وبرسوله‪ ،‬مطيعات هلل‪ ،‬تائبات إلى هللا‪ ،‬مواظبات على عبادة هللا‪ ،‬صائمات‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫ومنهن األبكار‪.‬‬ ‫الثيبات‪،‬‬
‫ّ‬
‫ذكر اإلمام ابن كثير في تفسيره رواية اإلمام مسلم عن عمر ابن الخطاب‪ ،‬قال‪ :‬ملا اعتز َل ّ‬
‫نبي هللا صلى‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫هللا عليه وسلم َ‬
‫َّللا صلى هللا عليه‬ ‫نساءه‪ ،‬دخلت املسجد‪ ،‬فإذا الناس ينكتون بالحص ى‪ ،‬ويقولون‪ :‬طلق رسول ِ‬
‫ُ َ‬
‫ألعل ّ‬ ‫وسلم نساءه‪ .‬وذلك قبل ْأن َ‬
‫من ذلك اليوم ‪ ...‬فذكر الحديث في دخوله على عائشة‬ ‫يؤمر بالحجاب‪ .‬فقلت‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫غالم رسول صلى هللا عليه وسلم على أسك َّفة‬ ‫ََ‬
‫قال‪ :‬فدخلت‪ ،‬فإذا أنا برب ٍاح ِ‬ ‫ووع ِظه ّإياهما‪ ،‬إلى ْأن‬ ‫وحفصة‪ْ ،‬‬
‫ْ‬
‫تقدم‪ ،‬إلى ْأن‬ ‫ذن لي على سول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ...‬فذكر نحو ما ّ‬
‫ر‬
‫استأ ْ‬ ‫اح‪،‬‬ ‫ُ‬
‫فقلت‪ :‬يا رَب ُ‬ ‫فنادي ُت‬
‫املشربة‪ْ ،‬‬‫َ‬
‫فإن هللا معك ومالئكته وجبر َ‬ ‫تهن ّ‬ ‫َ ّ‬
‫طل ْق ّ‬ ‫النساء‪ْ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫يش ّق عليك ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يل‬ ‫فإن كنت‬ ‫من أمر‬ ‫فقلت يا رسول هللا ما‬ ‫قال‪:‬‬
‫جوت ْأن يكو َن هللا ُي ّ‬ ‫ُ‬ ‫تكلمت ‪ُ َ -‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫صدق قولي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بكالم إال ر‬
‫وأحمد هللا‪ٍ َ -‬‬ ‫وميكائيل وأنا وأبو بكر واملؤمنون معك‪ ،‬وقلما‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِل أز َواجا خريا ِمنك َن}[التحريم‪ِ{ ،]5 :‬إَون‬ ‫ك َن أَن ُيبد َ ُ‬ ‫َ ََ ُ‬
‫ونزلت هذه اآلية‪ ،‬آية التخيير‪َ { :‬ع َس َر ُّب ُه إِن طلق‬
‫ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫بيل َو َصال ُِح ال ُمؤ ِمن َِي َوال َملئِكة َبع َد ذل َِك َظ ِهري ٌَ}[التحريم‪،]4 :‬‬
‫ُ‬ ‫ََ ََ َ َ َ َ ََ َُ َ ُ َ‬
‫فقلت‪:‬‬ ‫ج ِ‬‫تظاهرا عليهِ فإِن اَّلل هو ِّوَّله و ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ َ ّ‬
‫يطل ْق نساءه‪ ،‬ونزلت هذه اآلية‪ِ{ :‬إَوذا‬ ‫أطلقتهن؟ قال‪" :‬ال"‪ .‬فقمت على باب املسجد فناديت بأعلى صوتي‪ :‬لم ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِإَول أُول الِّر مِن ُهم لَ َعل َِم ُه َاَّل َ‬
‫ِين يَستنب ِ ُطون ُه‬
‫َ‬
‫ول‬ ‫الر ُ‬
‫س‬ ‫الوف أَ َذ ُ‬
‫اعوا بهِ َولَو َر ُّدوهُ إ ِ َل َ‬ ‫ِ‬ ‫اء ُهم أَِّر م َِن المن أَو َ‬
‫َج َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫األ َ‬ ‫َ‬ ‫است ْنب ُ‬ ‫ُ ّ‬
‫}[النساء‪ ،]83 :‬فكنت أنا َ‬
‫مر‪.‬‬ ‫طت ذلك‬ ‫مِنهم‬

‫َ‬ ‫َى َ‬ ‫ُ ۡ َ َُ ُ َ َ ُ َ ۡ َ َ َ‬ ‫ُ َۡ‬ ‫َى َ ُّ َ َ َ َ َ ُ َ ُ‬


‫ارةُ َعل ۡي َها َِّلئِكة غِلظ ش َِداد‬‫ام ُنوا قوا أنف َسك ۡم َوأهل ِيكم نارا وقودها ٱلاس وٱل ِج‬‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱَّلِين ء‬
‫َ َ ۡ ُ َ ََ َ ََ َ ُ ۡ ََۡ َ ُ َ َ ُۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٦‬‬ ‫َّل يعصون ٱَّلل ما أِّرهم ويفعلون ما يؤِّر‬
‫أنفسكم‪ ،‬وأب ِعدوها عن النار بفعل الحسنات‬ ‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل وبرسوله احفظوا َ‬
‫واجتناب السيئات‪ ،‬واحفظوا أهليكم وأبعدوهم أيضا عنها‪ ،‬بنصحهم وأمرهم بالصالة والصبر على أدائها‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ َ َ‬
‫الصلة ِ َواص َط ِب َعليها}[طه‪ ،]132 :‬وقال تعالى مخاطبا نبيه‪{ :‬‬
‫كب َ‬
‫وإنذارهم بالعذاب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وأِّر أهل ِ‬
‫ك ٱ ۡلَ ۡق َرب َ‬
‫ي ‪[} ٢١٤‬الشعراء‪ ،]214 :‬هذه النار وقودها الكفار وأصنامهم التي كانوا يعبدونها‪ ،‬كما‬ ‫ََ ۡ َ ََ َ‬
‫وأنذِر عشِ ريت‬
‫ِ‬
‫َ َ َ ُ َ َََ ُ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬‫َ‬ ‫َ ُ َ َ ُُ َ‬
‫ون}[األنبياء‪ ،]98 :‬يقوم على تعذيب أهل‬‫ون اَّللِ حصب جهنم أنتم لها ورِد‬
‫قال تعالى‪{ :‬إِنكم وما تعبدون مِن د ِ‬
‫النار مالئكة غالظ أطباعهم‪ ،‬شداد عليهم‪ ،‬وعددهم تسعة عشر‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬عليها تسعة عش}[املدثر‪:‬‬
‫‪ ،]30‬ال يخالفون هللا تعالى في أمره ويمتثلون ما يؤمرون‪ ،‬فال يترفعون عن عبادته وال هم يتعبون‪ ،‬كما قال‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َُ َ َ َ ُ َ َ‬
‫ون}[األنبياء‪.]19 :‬‬‫بون عن ع َِبادتِهِ َوَّل يَس َتح ِّس‬ ‫ََ‬
‫تعالى‪{ :‬ومن عِنده َّل يستك ِ‬

‫َى َ ُّ َ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ ُ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱَّلِين كفروا َّل تعتذِروا ٱَلوم إِنما تزون ما كنتم تعملون ‪} ٧‬‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫كم نُورا تمشون به}[الحديد‪ ،]28 :‬يقولون‪ :‬رّبنا ْأتمم لنا َ‬‫َ َ ُ‬
‫واغفر لنا‪ ،‬إنك على‬ ‫نورنا‬ ‫واملعنى ويجعل ل‬
‫ألن اعتذاركم ال ينفعكم‪ ،‬كما‬ ‫كل ش يء قدير‪ : .‬يا أيها الذين كفروا ال تعتذروا هذا اليوم وقد دخلتم النار‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ون}[الروم‪ّ ،]57 :‬إنما ُت َ‬ ‫ََ َ َ َ َ ُ َ َ َ َُ َ َُُ ََ ُ ُ َ َُ َ‬
‫جزون بالجزاء‬ ‫قال تعالى‪{ :‬فيومئ ِ ٍذ َّل ينفع اَّلِين ظلموا معذِرتهم وَّل هم يستعتب‬
‫ُ ُ‬ ‫َُ َ َ َ َ َ‬
‫ِين ظل ُموا ذوقوا‬‫املناسب ملا كنتم تعملونه في الحياة الدنيا من الكفر والتكذيب‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ثم قِيل ل َِّل‬
‫َ َ َ ُۡ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ ُ ُ ۡ َ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪[}٥٢‬يونس‪.]52 :‬‬ ‫سب‬
‫ِل هل تزون إَِّل بِما كنتم تك ِ‬
‫عذاب ٱل ِ‬

‫ُ‬ ‫نك ۡم َ‬ ‫َ َ ى َ ُّ ُ ۡ َ ُ َ َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َى َ ُّ َ َ َ َ َ ُ ُ ُ َ َ َ ۡ َ َ‬


‫سَٔٔات ِك ۡم‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫س‬ ‫ع‬ ‫ا‬‫وح‬ ‫ص‬ ‫َّلين ءامنوا توبوا إِل ٱَّللِ توبة ن‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َۡ َ ۡ َۡىُ َۡ َ َ ُۡ‬
‫ع بَ ۡ َ‬
‫ي أيۡدِي ِه ۡم‬ ‫ام ُنوا َم َع ُهۥ نُ ُ‬
‫ور ُه ۡم ي َ ۡس َ ى‬ ‫ب َوٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫يزي ٱ َ ُ‬
‫َّلل ٱلَ َ‬ ‫َّل‬ ‫م‬‫و‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ل‬‫ٱ‬ ‫ا‬‫ه‬‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫ي‬ ‫ر‬
‫َ ُ ۡ َ ُ ۡ َ َى َ ۡ‬
‫ت‬ ‫ويدخِلكم جنت‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ َى ۡ َ ُ ُ َ َ ََ ۡ ۡ َ ُ َ َ َ ۡ َ َ َ َ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُك يشء قدِير ‪} ٨‬‬ ‫وبِأيمن ِ ِهم يقولون ربنا أت ِمم لا نورنا وٱغ ِفر لا إِنك لَع ِ‬
‫واملعنى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا باهلل وبرسوله توبوا إلى هللا وحده توبة خالصة صادقة بالندم بالقلب على‬
‫الذنوب‪ ،‬واالستغفار باللسان‪ ،‬واإلقالع بالبدن‪ ،‬والعزم على عدم العودة إليها‪ ،‬عس ى ّبكم ْأن ّ‬
‫يكفر عنكم‬ ‫ر‬
‫جنات تجري من تحت غرفها وأشجارها األنهار‪ ،‬يوم القيامة َ‬
‫يوم ال يخزي هللا‬ ‫وأن يدخلكم ّ‬‫سيئات أعمالكم‪ْ ،‬‬
‫ِ‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم والذين آمنوا معه‪ ،‬نورهم ُيض يء لهم طريقهم‪ ،‬ويسير أمامهم وبأيمانهم‪ ،‬كما‬ ‫تعالى ّ‬
‫قال تعالى‪{ :‬‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬‫ۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫َ‬


‫ص ُ‬
‫ري ‪} ٩‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ار َوٱل ُمنى ِف ِقي َوٱغلظ عل ۡي ِه ۡ رم َومأ َوى ى ُه ۡم ج َهن ُم َوبِئ َس ٱل َم ِ‬ ‫ج ىه ِد ٱلك َف َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱلَ ُّ َ‬
‫ب ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬أيها النبي جاهد الكفار بالسالح إذا كان ال يصلحهم سواه‪ ،‬وجاهد املنافقين بيدك أو بلسانك‬
‫شرهم‪ ،‬واشدد عليهم وليجدوا فيكم غلظة عليهم في قتالكم‪،‬‬ ‫أو بما تراه مناسبا لزجرهم وإرهابهم‪ ،‬حتى تأمن َّ‬
‫ك َف َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ ُّ َ َ َ َ ُ َ ُ َ َ َ ُ َ ُ‬
‫ِيكم ِغل َظة}[التوبة‪،]123 :‬‬ ‫ُ‬
‫ج ُدوا ف‬ ‫ار وَلَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬ياأيها اَّلِين آمنوا قات ِلوا اَّلِين يلون‬
‫ومأواهم النار‪ ،‬وبئس املصير مصيرهم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ي َواغلظ َعلي ِهم َو َمأ َواهم َج َه َن ُم‬ ‫ار َوال ُم َناف ِ ِق َ‬
‫ب َجاهِ ِد الكف َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬يَا أ ُّي َها الَ ُّ‬
‫ِ‬
‫ص ُ‬
‫ري}[التوبة‪.]73 :‬‬ ‫َوبِئ َس ال َم ِ‬

‫ۡ َ َ َى َۡ‬ ‫ت َع ۡب َديۡ‬ ‫َ ََ َۡ‬ ‫َ ۡ ََ َ ُ‬ ‫َ َ َ َ ُ ۡ ََ َ ُ‬ ‫َ َ َ َُ َ‬


‫ي‬
‫ِ‬ ‫ِح‬ ‫ل‬‫ص‬ ‫ا‬‫ِن‬ ‫د‬ ‫ا‬‫ِب‬
‫ع‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ن‬
‫ِ‬
‫ت َ‬ ‫ا‬‫ت‬ ‫ن‬ ‫َك‬ ‫وط‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫أ‬‫ر‬ ‫ِّ‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫وح‬ ‫َّلل َمثل ل َِّلِين كفروا ٱِّرأت ن‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ضب ٱ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫اه َما فَلَ ۡم ُي ۡغن َِيا َع ۡن ُه َما م َِن ٱ ََّللِ َ ۡ‬
‫َ َ ََ ُ‬
‫يشٔٔا َوقِيل ٱ ۡد ُخل ٱ َل َار َم َع ٱ َىَل ِخل َِي ‪}١٠‬‬ ‫فخانت‬
‫وأن ذلك ال ينفعهم‪َ ،‬‬
‫حال‬ ‫واملعنى‪ :‬ضرب هللا تعالى مثال للذين كفروا في مخالطهم املؤمنين وقربهم منهم ّ‬
‫صالح ْين‪ ،‬فخانتاهما في‬
‫َ‬ ‫زوجة نوح عليه السالم وزوجة لوط عليه السالم‪ ،‬كانتا في عصمة عبدين من عبادنا‬
‫الدين‪ ،‬فلم ينفع هذان الرسوالن الصالحان عن زوجتيهما من عذاب هللا تعالى شيئا‪ ،‬وقيل للزوجتين‪ :‬ادخال‬
‫النار مع الداخلين فيها من أهل الكفر‪.‬‬
‫يث ِ َ َ َ ُ َ‬
‫ِلطيب َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ي‬ ‫ات والطيِبات ل ِ ِ‬ ‫وال تعارض بين هذه اآلية وقوله تعالى‪{ :‬البِيثات ل ِلخبِيثِي والبِيثون ل ِلخب ِ‬
‫ألن هللا تبارك وتعالى ّ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫ون ل َِلطي َبات}[النور‪]26 :‬؛ ّ‬
‫قيض امرأة خبيثة لرجل طيب كزوجة نوح وزوجة لوط‬ ‫ِ ِ‬ ‫والطيِب‬
‫ّ‬
‫يبين للناس ّأن القرابة من الصالحين ال تنفع أحد‪ ،‬وإنما ينفعه عمله‬ ‫لحكمة بالغة‪ ،‬أراد هللا تعالى بها ْأن ّ‬
‫َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ون}[العنكبوت‪.]43 :‬‬ ‫ُضبُ َها ل َِلن ِ‬
‫اس َو َما َيعقِل َها إَِّل العال ِم‬ ‫فقط‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وت ِلك المثال ن ِ‬

‫ن ِن مِن‬
‫َۡ َ َ َ‬
‫و‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ِف‬ ‫ا‬ ‫ت‬ ‫ِند َك بَ ۡ‬
‫ي‬ ‫ام ُنوا ٱ ِّۡ َرأَ َت ف ِۡر َع ۡو َن إ ۡذ قَالَ ۡ‬
‫ت َرب ٱبۡن ل ع َ‬ ‫َّلل َم َثل ل ََِّل َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫ض َب ٱ َ ُ‬‫قوله تعالى‪َ { :‬و َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َى‬
‫لظلِم َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ َۡ َ َ َ َ‬
‫ي ‪} ١١‬‬ ‫ن ِن م َِن ٱلق ۡو ِم ٱ ِ‬ ‫ف ِرعون وعملِهِۦ و ِ‬

‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫َََ َۡ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ۡ َ‬


‫ت َرب ِ َها َووُك ُتبِهِۦ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َِّ ۡريَ َم ٱ ۡب َن َ‬
‫ت ع ِۡم َر ىن ٱل ِت أح َصنت ف ۡر َج َها فنفخنا فِيهِ مِن ُّروحِنا َو َصدقت بِكل ِمى ِ‬
‫ي ‪}١٢‬‬ ‫ت م َِن ٱ ۡل َقىنِت ِ َ‬
‫َو َكنَ ۡ‬

‫مريم ابنة عمران التي منعت نفسها من الرجال‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وضرب هللا تعالى مثال آخر للذين آمنوا‪َ ،‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َُ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ َ ۡ ََ‬
‫ن يَكون ِل غل ىم َول ۡم َي ۡم َس ۡس ِن بَش َول ۡم أ ُك‬ ‫تأ ى‬ ‫وحفظت فرجها من الحرام‪ ،‬كما قال تعالى على لسانها‪ { :‬قال‬
‫وصد ْ‬ ‫بَغيا ‪[} ٢٠‬مريم‪ ،]20 :‬فأ سلنا إليها جبريل عليه السالم‪ ،‬فنفخ في حمها املسيح عيس ى عليه السالم‪ّ ،‬‬
‫قت‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ِ‬
‫املنزلة على رسله‪ ،‬وكانت من املطيعين هلل تعالى‪.‬‬ ‫بشرائع هللا تعالى التي شرعها لعباده وبكتبه ّ‬
‫َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َالت أَح َص َنت فَر َج َها َف َن َفخ َنا ف َ‬
‫ِيها مِن ُروح َِنا َو َج َعل َناها َواب َن َها آيَة‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ل ِل َعالم َ‬
‫ي}[األنبياء‪.]91 :‬‬ ‫ِ‬
‫ُ َُ ُ‬
‫ورة اَللك‬ ‫س‬
‫وهي مكية وعدد آياتها ثالثون‬

‫لَع ُك ۡ‬ ‫ُ ُ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬


‫ََ َ َ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫َ‬
‫يشء قدِير ‪} ١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬تبىرك ٱَّلِي بِي ِده ِ ٱلملك وهو ى ِ‬
‫واملعنى‪ :‬تكامل وتعاظم هللا وتكاثر خيره تعالى الذي بيده امللك‪ ،‬وهو على كل ش يء قدير‪ ،‬كما قال‬
‫َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ ََ ُ ُ ُ َ‬ ‫َ ُ َ َ َ‬
‫ون}[يس‪.]83 :‬‬ ‫ُك يش ٍء ِإَوَلهِ ترجع‬‫ِ‬ ‫وت‬ ‫ك‬‫ل‬‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِي‬
‫اَّل‬ ‫تعالى‪{ :‬فسبحان‬

‫ُ‬ ‫َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ َ ى َ َ ۡ ُ َ ُ ۡ َ ُّ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ َ ُ َ ۡ َ ُ ۡ َ ُ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِي خلق ٱلموت وٱليوة َِلبلووُكم أيكم أحسن عمل ر وهو ٱلع ِزيز ٱلغفور ‪} ٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬هللا الذي خلق املوت والحياة‪ ،‬ليختبركم أيها الناس‪ّ ،‬أيكم أحسن عمال وخير ثوابا‪ ،‬وهللا هو‬
‫العزيز الغالب على خلقه‪ ،‬الغفور ملن تاب من عباده‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫واملوت والحياة أمران وجوديان ومخلوقان‪ ،‬فاهلل تعالى أوجد الخلق من العدم‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ك ۡيف‬
‫ون ‪[} ٢٨‬البقرة‪ ،]28 :‬فقد ّ‬‫َ ۡ ُ ُ َ َ َ ُ ُ ۡ َ ۡ َى َ َ ۡ َى ُ ۡ ُ َ ُ ُ ُ ۡ ُ َ ُۡ ُ ۡ ُ َ َۡ ُۡ َ ُ َ‬
‫سمى‬ ‫تكفرون ب ِٱَّللِ ووُكنتم أموتا فأحيكم ثم ي ِميتكم ثم ييِيكم ثم إَِلهِ ترجع‬
‫ً‬ ‫ّ ّ‬
‫وسمى النشأة من تلك الحال حياة‪ ،‬ولهذا قال تعالى‪{ :‬‬ ‫هللا في هذه اآلية الحال قبل الخلق وهو العدم موتا‪،‬‬
‫ُ َ ُۡ ُ ۡ ُ َ َۡ ُۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪[} ٢٨‬البقرة‪.]28 :‬‬ ‫\ثم ييِيكم ثم إَِلهِ ترجع‬

‫ُ‬
‫ى مِن ف ُطور‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ ََّلِي َخلَ َق َس ۡب َع َس َم ى َو ىت ط َِباقا َما تَ َر ى‬
‫ى ِِف َخ ۡلق ٱ َلرِنَٰمۡح مِن تَ َفى ُوت َفٱ ۡرجعِ ٱ ۡلَ َ َ‬
‫ُص َه ۡل تَ َر ى‬
‫ِ‬
‫‪}٣‬‬
‫واملعنى‪ :‬هللا الذي خلق سبع سماوات متطابقة بعضها فوق بعض‪ ،‬ما ترى أيها الناظر في خلق الرحمن‬
‫وتأمل‪ ،‬هل ترى فيها من شقوق‪.‬‬ ‫من خلل وعيب وتناقض‪ ،‬فأعد طرفك إلى السماء‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ ُ َ ۡ َ َ ى َ َ ۡ َ ۡ َ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬ٱ ُ‬
‫ري عمد ترونها ثم ٱستوى لَع ٱلعر ِش وسخر‬ ‫َّلل ٱَّلِي َرف َع ٱلسم ىو ى ِ‬
‫ت بِغ ِ‬
‫َ َ ُ ۡ ُ ُ َ‬ ‫َى َ َ ُ‬ ‫َُ ُ ََۡۡ َُ ُ‬ ‫َ َ ُّ‬ ‫َۡ ُ َۡ‬ ‫َ‬
‫ون ‪[}٢‬الرعد‪.]2 :‬‬ ‫ت ل َعلكم بِل ِقاءِ ربِكم توق ِن‬ ‫ٱلش ۡم َس َوٱلق َم َر ُك ُي ِري ِلجل ِّ َسم يدبِر ٱلِّر يف ِ‬
‫صل ٱٓأۡلي ِ‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ َ َۡ َ َ ۡ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫ُص َخاسِئا َو ُه َو َحسِ ري ‪} ٤‬‬
‫ك ٱلَ َ ُ‬ ‫ي ينقل ِب إَِل‬
‫جعِ ٱلُص كرت ِ‬
‫َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ثم ٱر ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ِلش َيىط َ ۡ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫لس َما َء ٱ َُّل ۡن َيا ب َم َص ىب َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َق ۡد َز َي َنا ٱ َ‬
‫ري ‪} ٥‬‬
‫ي وأعتدنا لهم عذاب ٱلسعِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يح َو َج َعل َنى َها ُر ُجوما ل‬‫ِ ِ‬
‫اء ُّ‬
‫اَلن َيا‬ ‫واملعنى‪ :‬ولقد زّي ّنا أقرب السماوات إلى الناس بزينة الكواكب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إنَا َز َي َنا َ‬
‫الس َم َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ب ِ ِز َين ٍة الك َواك ِِب}[الصافات‪ ،]6 :‬وجعلنا تلك الكواكب شهبا ورجوما للشياطين الذين يسترقون السمع‪ ،‬كما‬
‫ََ َ‬
‫تق‬ ‫يم ‪ .‬إَِّل َم ِن اس‬ ‫اها مِن ُُك َشي َط َ‬
‫َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫قال تعالى‪َ { :‬ولَ َقد َج َعل َنا ِف َ‬
‫الس َماءِ بُ ُروجا َو َز َي َناها ل َِلناظ ِِرين ‪ .‬وحفِظن‬
‫ج ٍ‬‫ان ر ِ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ََ‬
‫السم َع فأت َب َع ُه ش َِهاب ُمبِي}[الحجر‪ ،]16-18 :‬وأعتدنا لهؤالء الشياطين في اآلخرة عذاب النار املوقدة‪.‬‬
‫َ‬

‫ص ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ك َف ُروا ب َربه ۡم َعذ ُ َ َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ري ‪} ٦‬‬ ‫اب ج َهن َم َوبِئ َس ٱل َم ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َِّلِين‬
‫بربهم عذاب جهنم‪ ،‬وبئس املصير مصيرهم‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وللذين كفروا ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ َ َ َ ُ َ ُ َُ َ َ ُ َ ُ َ‬
‫هاد}[آل عمران‪:‬‬ ‫شون إِل َج َه َن َم َوبِئ َس ال ِم‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬قل ل َِّلِين كفروا ستغلبون وت‬
‫‪.]12‬‬

‫ه َت ُف ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُۡ‬
‫ِيها َس ِم ُعوا ل َها َش ِهيقا َو ِ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إذا أل ُقوا ف َ‬
‫ور ‪}٧‬‬ ‫ِ‬
‫كأنه صوت َم ْن ّ‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬إذا ألقي هؤالء الكفار في ّ‬
‫اشتد غضبه‪ ،‬وسمعوا‬ ‫جهنم‪ ،‬سمعوا صوت غليانها‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫لها صوتا مترددا كأنها تناديهم به‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِذا َرأ ۡت ُهم مِن َمَكن بَ ِعيد َس ِم ُعوا ل َها َت َغ ُّيظا َو َزف ِريا ‪[}١٢‬الفرقان‪:‬‬
‫‪.]12‬‬

‫ۡ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬ ‫َُ‬ ‫ۡ‬


‫ِك ۡم نَذِير ‪}٨‬‬
‫َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َََُ ۡ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫اد َت َم َ ُ‬
‫َي م َِن ٱلغ ۡي ِظ ُك َما أل ِق فِيها فوج سألهم خزنتها ألم يأت‬
‫َ َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬تك‬
‫تتمزق من شدة غضبها على الكفار‪ ،‬كلما ألقي في جهنم جماعة من الكفار‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬تكاد نار جهنم ّ‬
‫ون َ َ‬‫َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ َ‬
‫اَّلل َما‬ ‫يها َِّلئِكة غِلظ شِداد َّل يعص‬ ‫سألهم خزنتها وهم مالئكة قساة أقوياء عليهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬عل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِسعة َع َ َ‬
‫ش}[املدثر‪،]30 :‬‬ ‫ون}[التحريم‪ ،]6 :‬وكانوا تسعة عشر‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬عل َ‬
‫يها ت َ‬ ‫ََ ُ ََ َ َ َ ُ َُ َ‬
‫أِّرهم ويفعلون ما يؤِّر‬
‫ّ‬
‫سألهم‪ :‬ألم يأتكم نذير يحذركم هذا العذاب؟‬

‫َ َى َ‬ ‫َ ۡ ۡ َ ُۡ َ‬ ‫ك َذ ۡب َنا َوقُ ۡل َنا َما نَ َز َل ٱ َ ُ‬


‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ َى َ‬
‫َّلل مِن يش ٍء إِن أنتم إَِّل ِِف ضلل كبِري ‪} ٩‬‬ ‫َل ق ۡد َجا َءنا نذِير ف‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قالوا ب‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬أجاب الكفار‪ :‬بلى قد جاءنا نذير حذرنا‪ ،‬فكذبنا‪ ،‬وقلنا له‪ :‬ما ّنزل هللا من ش يء على لسانك‪،‬‬
‫ما أنتم أيها الرسل إال في ضالل كبير‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ‬
‫وها فُتِ َ‬
‫حت أب َو ُاب َها َوقال ل ُهم خ َزن ُت َها ألم يَأت ِكم ُر ُسل مِنكم‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬حت إِذا جاء‬
‫ََ‬ ‫َ َُ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ َ َ َ ُ َ َ‬ ‫كم ل َِق َ‬
‫َ ُ َُ ُ َ ُ‬ ‫ُ َ ََ ُ‬
‫اب لَع‬ ‫اء يَومِكم هذا قالوا بََل َول ِ‬
‫كن حقت ُك ِمة العذ ِ‬ ‫َيتلون عليكم آيَ ِ‬
‫ات ربِكم وينذِرون‬
‫ال ََكف ِر َ‬
‫ين}[الزمر‪.]71 :‬‬‫ِ‬
‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫ۡ َ ۡ َ ُ ۡ َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ ُ‬
‫ري ‪} ١٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وقالوا لو كنا نسمع أو نعقِل ما كنا ِِف أصحى ِ‬
‫ب ٱلسعِ ِ‬

‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ۡ ُ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ري ‪}١١‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فٱعتفوا بِذۢنب ِ ِهم فسحقا ِلصحى ِ‬
‫ب ٱلسعِ ِ‬
‫َ ُ‬
‫واملعنى‪ :‬فاعترف الكفار بذنوبهم وتكذيبهم وتمنوا العودة إلى الحياة الدنيا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قالوا َر َب َنا‬
‫َ ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََََ ََۡۡ ََ ۡ َََۡ ََۡۡ َ ۡ ََۡ‬
‫تف َنا بِذنُوب ِ َنا ف َهل إ ِ ىل ُخ ُروج مِن َسبِيل ‪[}١١‬غافر‪ ،]11 :‬فبعدا ألصحاب النار‬ ‫ي فٱع‬
‫ي وأحييتنا ٱثنت ِ‬
‫أمتنا ٱثنت ِ‬
‫عن رحمة هللا تعالى‪.‬‬

‫َ َ َ َۡ َ ۡ َ ََ ُ ۡ َۡ َُ َ ۡ َ ََ ۡ َ‬
‫ب لهم مغفِرة وأجر كبِري ‪} ١٢‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱَّلِين يشون ربهم ب ِٱلغي ِ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن الذين يخافون عذاب ربهم ولم يعاينوه‪ ،‬ويعبدون هللا وال يعصونه‪ ،‬وهم غائبون عن أعين‬
‫َ‬
‫الناس‪ ،‬لهم مغفرة عظيمة من هللا لذنوبهم‪ ،‬وثواب عظيم بالخلود في الجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬م ْن خش َي‬
‫ْ ُُ‬ ‫ْ ُُ‬ ‫ه ْ َ َ ْ َْ َ َ َ َْ ُ‬
‫الم ذل َك َي ْو ُم الخلود}[ق‪.]33-34 :‬‬ ‫َ‬
‫الرحمن بالغيب وجاء بقل ٍب مني ٍب (‪ )33‬ادخلوها بس ٍ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬


‫ور ‪} ١٣‬‬ ‫ِيم بذ ِ ُّ ُ‬ ‫َُ َ ُ‬ ‫ۡ َُ‬ ‫َ ُّ ۡ ُ ۡ‬
‫ات ٱلصد ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأ ِسوا قولكم أوِ ٱجهروا بِهِۦ إِنهۥ عل ِ‬
‫وأسروا قولكم أيها الناس‪ ،‬أو اجهروا به‪ ،‬فهما عند هللا تعالى سواء‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬س َواء‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫َ‬ ‫ُ َ ۡ ََ َ ۡ َ‬
‫س ٱل َق ۡول َو َمن َج َه َر بهِۦ َو َم ۡن ُه َو ُِّ ۡس َت ۡخف بٱ َۡلل َو َسار ُب بٱلَ َهار ‪[}١٠‬الرعد‪ّ ،]10 :‬إن هللا تعالى عليم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مِنكم من أ‬
‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بما تكنه صدورهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ي ۡعل ُم َخائ َنة ٱل ۡع ُي َو َما َتَف ٱ ُّ‬
‫لص ُد ُ‬
‫ور ‪[}١٩‬غافر‪.]19 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ‬
‫لب ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫َۡ ُ َ ۡ َ َ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ري ‪} ١٤‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬أَّل يعلم من خلق وهو ٱلل ِطيف ٱ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬أال يعلم الخالق خلقه؟ بل هو أعلم بجميع مخلوقاته في السماوات واألرض‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ات َوالر ِض}[اإلسراء‪ ،]55 :‬وهو هللا تعالى اللطيف بعباده‪ ،‬الخبير بجميع أعمالهم‬ ‫ك أَعلَ ُم ب َمن ِف َ‬
‫الس َم َ‬ ‫َ َ ُّ َ‬
‫او ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫{ورب‬
‫وأحوالهم‪.‬‬

‫ۡ ُّ‬
‫لن ُش ُ‬ ‫َ‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ور ‪} ١٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ه َو ٱَّلِي َج َعل لك ُم ٱلۡرض ذلوَّل فٱ ِّۡشوا ِِف َم َناكِب ِ َها َوَّكوا مِن رِ ۡزقِهِۦ ِإَوَلهِ ٱ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫واملعنى‪ :‬هو هللا تعالى الذي جعل لكم أيها الناس األر َ‬
‫تستقرون عليها‪،‬‬ ‫ض مسخرة ومذللة سهلة‬
‫من رزق هللا تعالى الذي أخرجه لكم منها‪ ،‬وإلى هللا وحده البعث من قبوركم فاحذروا‬ ‫فامشوا في جوانبها‪ ،‬وكلوا ْ‬
‫الكفر واملعاص ي‪.‬‬
‫ُ ََ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫وال تعارض بين هذه اآلية وقوله تعالى‪َ { :‬وف َ‬
‫الس َماءِ رِزقكم وما توعد‬
‫ون}[الذا يات‪ ،]22 :‬وذلك ّ‬
‫ألن هللا‬ ‫ر‬ ‫ِ‬
‫قدر أرزاق الخلق في السماء‪ ،‬ووضعها لهم في األرض‪ ،‬وحصولهم عليها يكون بالسعي والكسب في‬ ‫تعالى قد ّ‬
‫األرض‪.‬‬

‫ه َت ُم ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َۡ‬‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ور ‪}١٦‬‬ ‫ك ُم ٱلۡر َض فإِذا ِ َ‬
‫ُ‬
‫سف ب ِ‬
‫ِنتم َمن ِف ٱ َ‬
‫لس َماءِ أن ي ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ءأم ُ‬

‫ض بكم‪ ،‬فإذا هي‬‫واملعنى‪ :‬هل أمنتم أيها الكفار ْأن يخسف هللا العلي املتعالي القاهر فوق عباده األر َ‬
‫تضطرب وتموج بكم فتهلككم‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ت‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬قل ه َو القاد ُِر لَع أن َيب َعث عليكم عذابا مِن فوق ِكم أو مِن ت ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ِكم}[األنعام‪.]65 :‬‬ ‫أرجل‬

‫َ‬
‫َ َۡ ُ َ َۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أ ۡم أم ُ‬
‫ِنتم َمن ِف ٱ َ‬
‫ِير ‪} ١٧‬‬
‫اصبا فستعلمون كيف نذ ِ‬ ‫لس َماءِ أن يُ ۡرسِل عل ۡيك ۡم َح ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هل أمنتم أيها الكفار ْأن يرسل هللا املتعالي القاهر فوق عباده عليكم ريحا مصحوبة بالحجارة‬
‫الصغيرة من السماء‪ ،‬فستعلمون كيف تحذيري لكم وعقابي لكم‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫اصبا ُث َ‬ ‫ُ َ ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َََ ُ َ َ َ‬
‫ت ُدوا‬
‫ِ‬ ‫َّل‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ح‬‫كم َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ِل‬‫س‬‫ر‬‫ي‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫ب‬
‫ِ‬
‫كم َجان َِب ال َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬أفأمِنتم أن يس ِ‬
‫ب‬ ‫ِف‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫كم َووُك ِيل}[اإلسراء‪.]68 :‬‬ ‫ل‬

‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬


‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ول َق ۡد كذ َب ٱَّل َ‬
‫ري ‪} ١٨‬‬‫ك ِ‬ ‫ِين مِن قبل ِ ِه ۡم فك ۡيف َكن ن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫تكذيبهم‪.‬‬ ‫الرسل‪ ،‬فانظر أيها الرسول كيف كان إنكاري عليهم‬ ‫واملعنى‪ :‬ولقد كذبت األمم السابقة‬
‫َ َ َ‬ ‫َ ُ َ َ َ‬
‫ار َما آتي َناهم فكذبُوا ُر ُس َِل فكيف‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َوُك َذ َب َاَّل َ‬
‫ِين مِن َقبلِهم َو َما بَلَ ُغوا مِع َش َ‬
‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ري}[سبأ‪.]45 :‬‬
‫ك ِ‬‫َكن ن ِ‬

‫ۡ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ۡ َ ى َى َ َ ۡ ۡ َ َ ُ ۡ ُ ُ َ َ َ ۡ َ ى ُ َ ۡ َ ى ُ َ‬
‫ن إِنهۥ بِك ِل يشء‬
‫ن ٱلرحم ر‬‫ن ما يمسِكهن إَِّل ٱلرحم ر‬
‫ري فوقهم صفت ويقبِض ر‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أو لم يروا إِل ٱلط ِ‬
‫بَ ِصري ‪} ١٩‬‬
‫جو السماء باسطات أجنحتها عند الطيران‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬أولم ينظر هؤالء الكفار إلى الطير فوقهم في ّ‬
‫يمسكهن من الوقوع إال الرحمن‪ّ ،‬إن هللا تعالى بكل ش يء بصير‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وقابضات ضامات لها أحيانا‪ ،‬ما‬
‫َ َ‬ ‫َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫الطري ُِّ َس َخ َرات ِف َجو َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ألَم يَ َروا إل َ‬
‫اَّلل إِن ِِف ذل ِك‬ ‫الس َماءِ َما ُيمسِك ُه َن إَِّل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون}[النحل‪.]79 :‬‬ ‫ات ل ِقو ٍم يؤمِن‬
‫آلي ٍ‬
‫َ‬ ‫ََ ۡ َ َ َ‬
‫َ َ‬
‫ور ‪ ٢٠‬أ َم ۡن هىذا‬‫ر‬‫ون إ ِ ََّل ِِف ُغ ُ‬
‫ۡ َى ُ َ‬
‫ر‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ِنَٰمۡح‬ ‫َ‬
‫لر‬ ‫ٱ‬ ‫ون‬‫د‬
‫ُ‬
‫ِن‬‫م‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫َُ ُ َ ُ ۡ َ ُ ُ ُ‬
‫نُص‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ند‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ِي‬ ‫َّل‬‫قوله تعالى‪ { :‬أمن هىذا ٱ‬
‫ٍ‬ ‫ر ِِ‬ ‫ِ‬
‫ُُ َُُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َۡ ُُ ُ ۡ ۡ َۡ َ َ َُۡ َ َ‬
‫ور ‪} ٢١‬‬
‫ٍ‬ ‫ف‬‫ن‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫وا‬ ‫ل‬ ‫ٱَّلِي يرزقكم إِن أِّسك رِزقه رۥ بل‬

‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬


‫لَع ِص َر ىط ُِّّ ۡس َتقِيم ‪} ٢٢‬‬ ‫ى أ َمن َي ۡم ِش َسو ًّيا ى‬‫لَع َو ۡج ِههِۦ أ ۡه َد ى‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أف َمن َي ۡم ِش ُمك ًِّبا ى‬
‫ِ‬
‫منكسا على وجهه تائها ال يدري أين يذهب َ‬ ‫َّ‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫أهدى أم ذلك الذي يمش ي مستويا‬ ‫أفمن يمش ي‬
‫معتدال على طريق واضح؟‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي ذوقوا َما كن ُتم‬
‫ام ِة َوقِيل ل ِلظالِم َ‬
‫ِ‬
‫وء ال َعذاب يَو َم ال ِق َي َ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعال‪ { :‬أف َمن َي َتق ب َوجههِ ُس َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون}[الزمر‪ ،]24 :‬وقوله تعالى‪{ :‬أفمن يلق ِِف الار خري أم من يأ ِِت آمِنا يوم القِيام ِة}[فصلت‪.]40 :‬‬
‫ِ‬ ‫تكسِ ب‬

‫ُ َ‬ ‫َۡ ُ‬ ‫َ‬‫َ‬ ‫َۡۡ‬


‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬
‫ون ‪} ٢٣‬‬ ‫لس ۡم َع َوٱلبۡص ى َر َوٱلفِٔٔدةَ ر قل ِيل َما تشكر‬
‫ك ُم ٱ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل ه َو ٱَّلِي أنشأك ۡم َو َج َعل ل‬
‫وهيأ لكم مفاتيح اإلدراك من‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬هو هللا الذي أوجدكم أيها الناس من العدم‪ّ ،‬‬
‫وتدبر آياته‪.‬‬ ‫السمع والبصر والفؤاد‪ ،‬لتشكروا نعم هللا تعالى عليكم‪ ،‬باستعمال هذه املفاتيح لعبادة هللا ّ‬
‫ار َوالَفئ َدةَ قَلِيل ماَ‬
‫السم َع َوالَب َص َ‬ ‫َ َ َ َ ُ‬
‫ك ُم َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وه َو اَّلِي أنشأ ل‬
‫ِ‬
‫َ ُُ َ‬
‫ون}[املؤمنون‪.]78 :‬‬ ‫تشكر‬

‫َۡ ُۡ َ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َََ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬قل ُه َو ٱَّلِي ذرأكم ِِف ٱلۡرض ِإَوَلهِ تشون ‪} ٢٤‬‬
‫ِ‬ ‫ۡ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬هو هللا الذي خلقكم أيها الناس وبثكم في األرض‪ ،‬وإليه وحده تحشرون يوم‬
‫القيامة‪.‬‬
‫َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ون}[املؤمنون‪.]79 :‬‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وه َو اَّلِي ذ َرأكم ِِف الر ِض ِإَوَلهِ تش‬

‫ُ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ََُ َ‬ ‫ُ‬


‫ت َهىذا ٱل َو ۡع ُد إِن ك ُنت ۡم َص ى ِدق َِي ‪} ٢٥‬‬
‫ون َم َ ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ويقول‬
‫كنت أيها الرسول ومن‬ ‫واملعنى‪ :‬ويقول هؤالء الكافرون مستعجلين بالعذاب‪ :‬متى قيام الساعة ْإن َ‬
‫ُ َ‬
‫آمنُوا ُِّشفِقون‬ ‫ون ب َها َو َاَّل َ‬
‫ِين َ‬ ‫َ َ ُ َ َ َ َ ُ ُ َ‬
‫جل بِها اَّلِين َّل يؤمِن ِ‬
‫تبعك من الصادقين فيما وعدتمونا به؟ كما قال تعالى‪{ :‬يستع ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ون أ َن َها َ‬
‫ال ُّق}[الشورى‪.]18 :‬‬ ‫َ ََ ُ َ‬
‫مِنها ويعلم‬

‫َ‬ ‫ُ َ َ َ‬ ‫ۡ ۡ‬
‫َ‬ ‫ُۡ‬
‫ِإَون َما أنَا نَذِير ُّمبِي ‪} ٢٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل إِن َما ٱلعِلم عِند ٱَّللِ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ّ :‬إنما علم الساعة عند هللا وحده‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إ َن َ َ‬
‫اَّلل عِن َد ُه عِل ُم‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫يكلفني به إنذارا واضحا بينا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وقُل إن أنَا َ‬
‫الذ ُ‬
‫ِير‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الس َ‬
‫اعةِ}[لقمان‪ ،]34 :‬إنما أنا منذر بما‬ ‫َ‬
‫ِِ‬
‫ال ُمب ُ‬
‫ي}[الحجر‪.]89 :‬‬ ‫ِ‬

‫ََ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ ُ ُ ُ َ َ ََُ َ َ َ َ َ‬


‫ى‬ ‫ِ‬ ‫َََ ََُۡ َُۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فلما رأوه زلفة سَٔٔت وجوه ٱَّلِين كفروا وقِيل هذا ٱَّلِي كنتم بِهِۦ تدعون ‪}٢٧‬‬
‫اسودت وجوههم وظهرت عليها الذلة والكآبة‪ ،‬وقيل‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫فلما رآى الكفار العذاب قريبا منهم‪،‬‬
‫تقريعا وتوبيخا لهم‪ :‬هذا العذاب هو الذي كنتم تطلبون تعجيله من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في قولكم‪:‬‬
‫َ‬
‫َ‬
‫كنت َ‬
‫من الصادِق ِي}[األحقاف‪.]22 :‬‬ ‫{فأت َِنا بِما تعِدنا إن‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُۡ َ‬


‫َ ۡ َ‬ ‫ع أ ۡو َر ِ َ‬
‫ْح َنا ف َمن ُ‬
‫ُيري ٱلك ىفِ ِرين مِن عذ ٍ‬
‫اب أ َِلم ‪} ٢٨‬‬ ‫ِ‬ ‫َّلل َو َمن َم ِ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل أ َر َء ۡي ُت ۡم إ ِ ۡن أ ۡهلك ِ َ‬
‫نٱ َ ُ‬

‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهؤالء الكفار‪ :‬أخبروني ْإن أهلكني هللا تعالى َوم ْن معي من املؤمنين باإلماتة‬
‫فمن غير هللا تعالى يجير الكافرين من عذاب مؤلم في‬ ‫تتمنون‪ ،‬أو رحمنا بتأخير األجل وعافانا من عذابه‪ْ ،‬‬ ‫كما ّ‬
‫وه َو ُُي ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ َ ََ ُ ُ ُ َ‬
‫ري َوَّل‬‫ِ‬ ‫ُك يش ٍء‬
‫النار؟ فال أحد يقدر على إجارة من أراد هللا عذابه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬قل من بِي ِده ِ ِّلكوت ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُي ُار َعليهِ}[املؤمنون‪.]88 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ۡ ََ َ َ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬
‫ون َم ۡن ُه َو ِِف َضل ىل ُّمبِي ‪} ٢٩‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل ُه َو ٱ َلر ۡح َم ى ُن َء َ‬
‫ام َنا بِهِۦ وعليهِ توَّكنا فستعلم‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬هللا هو الرحمن‪ّ ،‬‬
‫آمنا به إيمانا صادقا‪ ،‬وعليه توكلنا في جميع أمورنا‪ ،‬كما قال‬
‫منا ومنكم في خطأ واضح وبعد‬ ‫أي الفريقين ّ‬ ‫تعالى‪{ :‬فَاع ُبدهُ َوتَ َو َُك َعلَيهِ}[هود‪ ،]123 :‬فستعلمون أيها الكافرون ّ‬
‫عن الحق؟‬

‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ ُ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ َ‬


‫ِيكم ب ِ َماء َمعِي ‪}٣٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل أ َر َء ۡي ُت ۡم إِن أ ۡص َب َح َماؤك ۡم غ ۡورا ف َمن يَأت‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬أخبروني أيها املشركون‪ْ ،‬إن أصبح ماءكم غائرا في األرض ْ‬
‫ولن تتمكنوا من‬
‫فمن غير هللا تعالى يأتيكم بماء جار على وجه األرض؟‬ ‫إخراجه بعد غوره‪ْ ،‬‬
‫َُ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ومعنى قوله تعالى‪{ :‬غورا} في هذه اآلية أي‪ :‬غائرا في األرض‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬أو يُصب ِ َح َماؤها غورا فلن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫تس َت ِط َ‬ ‫َ‬
‫يع ُل َطلبا}[الكهف‪.]41 :‬‬
‫ُ َُ ََ‬
‫سورة القلم‬
‫وهي مكية وعدد آياتها اثنتان وخمسون‬

‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ َ ََ َۡ ُ ُ َ َ َ َ ۡ َ َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬رن وٱلقل ِم وما يسطرون ‪ ١‬ما أنت بِنِعمةِ ربِك بِمجنون ‪}٢‬‬
‫ّ‬
‫بالنبوة في‬ ‫واملعنى‪ :‬ن‪ .‬والقلم وما يسطر به املالئكة والناس‪ ،‬ما َ‬
‫أنت أيها الرسول بنعمة رّبك عليك‬
‫حالة جنون‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وهذه اآلية ّد ْت قول املشركين ّ‬
‫للنبي صلى هللا عليه وسلم إنك ملجنون‪ ،‬كما حكى هللا تعالى عنه في‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫قوله‪َ { :‬وقالوا يا أ ُّي َها اَّلِي نُ ِزل َعليهِ اَّلِك ُر إِن َك ل َمج ُنون}[الحجر‪.]6 :‬‬

‫َ َ‬
‫ك ل ۡجرا غ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ري َِّ ۡم ُنون ‪} ٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون ل‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وإن لك أيها الرسول ألجرا عظيما غير مقطوع وال منقوص‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬عطاء غري‬
‫مذوذ}[هود‪.]108 :‬‬

‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَونَ َك ل َع ىَل ُخل ٍق َع ِظيم ‪} ٤‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وإنك أيها الرسول لعلى خلق عظيم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫تؤكد ّ‬ ‫ّ‬
‫اآلداب الراقية‬ ‫تكاملت فيه‬ ‫سمو أخالق الرسول صلى هللا عليه وسلم وعظمتها‪ ،‬فقد‬ ‫وهذه اآلية‬
‫والصفات العالية واألخالق الحميدة‪ ،‬وقد ذكر هللا تبارك وتعالى بعض أخالق الرسول في آيات كثيرة‪ ،‬منها قوله‬ ‫ُ‬
‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ‬
‫ِي َرؤف‬ ‫سكم‪َ ،‬ع ِزيز َعليهِ ما َعن ُِّتم‪َ ،‬ح ِريص َعليكم‪ ،‬بِال ُمؤ ِمن‬ ‫جاءكم َر ُسول مِن أنف ِ‬ ‫تعالى‪{ :‬لقد‬
‫َ ُّ‬ ‫َ َ ُ َ َ ُ َ َ ًّ َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ب َّلنفضوا مِن‬ ‫رحيم}[التوبة‪ ،]128 :‬ومنها قوله تعالى‪{ :‬فبِما رْح ٍة مِن اَّللِ ِلت لهم ولو كنت فظا غل ِيظ القل ِ‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ َ َ َ َ ََ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫اَّلل ي ُِّب ال ُم َت َو َِّك َِي}[آل‬ ‫ت ف َت َوُك لَع اَّللِ إِن‬‫َحول ِك فاعف عن ُهم َوا ِس َتغ ِفر ل ُهم َوشاوِرهم ِِف الِّ ِر فإِذا عزم‬
‫عمران‪.]159 :‬‬

‫ُ ُ َ ُ ُ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫َ‬
‫َ ُۡ ُ َ ُۡ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}٦‬‬ ‫ُصون ‪ ٥‬بِأييِكم ٱلمفت‬
‫ُص ويب ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فستب ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فستبصر أيها الرسول الكريم ُ‬
‫وسيبصر هؤالء املشركون يوم القيامة في ِّأيكم الجنون؟‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ك َذ ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِ ُ‬
‫الش}[القمر‪ ،]26 :‬وقوله تعالى‪ِ{ :‬إَونا أو‬ ‫اب‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬س َيعل ُمون غدا َم ِن ال‬
‫ي}[سبإ‪.]24 :‬‬ ‫ب‬ ‫اكم لَ َع ََل ُهدى أَو ِف َضلل ُ‬
‫م‬
‫َ ُ‬
‫إِي‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬

‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ََ َ‬
‫ك ُه َو أ ۡعل ُم ب َمن َضل َعن َسبيلِهِۦ َو ُه َو أ ۡعل ُم بٱل ُم ۡه َتد َ‬
‫ِين ‪} ٧‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن رب‬
‫ضل عن سبيله‪ ،‬وهو أعلم باملهتدين‪ ،‬فليس عليك ُهداهم‪،‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬إن رّبك أيها الرسول هو أعلم بمن ّ‬
‫َّلل َي ۡهدِي َمن ي َ َشا ُء }[البقرة‪:‬‬
‫ك َن ٱ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫َۡ‬
‫وهللا هو الذي َيهدي من يشاء‪ ،‬كما قال تعالى‪۞ { :‬لي َس عل ۡيك ه َدى ى ُه ۡم َول ى ِ‬
‫‪.]272‬‬

‫ۡ َ‬ ‫ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فل تُطعِ ٱل ُمك ِذب َ‬
‫ي ‪}٨‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬فال ْ‬
‫تطع أيها الرسول هؤالء الكفار املكذبين برسالتك في أهوائهم‪.‬‬
‫اَّلل َوَّل تُ ِطعِ ال ََكف ِر َ‬
‫ين َوال ُم َنافِقِ َ‬
‫ي}[األحزاب‪.]1 :‬‬ ‫ب اتَق َ َ‬
‫ُّ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬يَا َأ ُّي َها الَ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬

‫َ ُّ ۡ ُ ۡ ُ ُ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٩‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ودوا لو تدهِن فيدهِن‬
‫تمنوا لو تالينهم أيها الرسول فتركن إلى آلهتهم‪ ،‬فيلينون لك‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬هؤالء ّ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ ََ َ ََ‬
‫ك ُن إَِل ِهم َشيئا قل ِيل}[اإلسراء‪.]74 :‬‬‫ناك لقد كِدت تر‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ولوَّل أن ثبت‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ۡ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬


‫ي ‪} ١٠‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وَّل ت ِطع ُك حلف ِّ ِه ٍ‬
‫استخف ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬وال ْ‬
‫تطع أيها الرسول ّ‬
‫وتجرأ على هللا‬ ‫كل إنسان كثير الحلف كذاب حقير؛ ألنه قد‬
‫ي‬ ‫ِك ۡم أَن تَ َ ُّ‬
‫بوا َو َت َت ُقوا َوتُ ۡصل ُِحوا ب َ ۡ َ‬ ‫َ َ َۡ َ ُ َ َ ُ ۡ َ َۡ َى ُ‬
‫تعالى‪ ،‬وقد نهى هللا تعالى كثرة الحلف في قوله‪ { :‬وَّل تعلوا ٱَّلل عرضة ِليمن‬
‫اس َوٱ َ ُ‬
‫َّلل َس ِميع َعل ِيم ‪[} ٢٢٤‬البقرة‪.]224 :‬‬ ‫ٱلَ ِ‬

‫َ‬
‫ُُ َۡ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫خۡ ُ َۡ‬‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫ِيم ‪ ١٢‬عتل بعد ذ ىل ِك زن ٍ‬
‫ِيم ‪} ١٣‬‬ ‫ري معت ٍد أث ٍ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬هماز ِّشاء بِن ِميم ‪ ١١‬مناع ل ِل ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬أن َك َن ذا َمال َوبَن َِي ‪} ١٤‬‬
‫ّ‬ ‫الطعان ّ‬
‫املناع للخير ِم ْن أجل أنه كان صاحب مال وبنين؟‬ ‫العياب ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬أيكفر هذا ّ‬
‫َ‬ ‫يدا (‪َ )11‬و َج َع ْل ُت َل ُه َماَل َم ْم ُد ً‬
‫ودا (‪َ )12‬و َبنين‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ذ ْ ني َو َم ْن َخ َل ْق ُت َوح ً‬
‫ر‬
‫يدا}[املدثر‪.]11-14 :‬‬ ‫ودا (‪َ )13‬و َم هه ْد ُت َل ُه َت ْمه ً‬
‫ُش ُه ً‬
‫َۡ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ري ٱل َول َِي ‪} ١٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِذا ُت ۡت ىَل َعل ۡيهِ َء َاي ى ُت َنا قال أ َ ى‬
‫س ِط ُ‬

‫واملعنى‪ :‬وإذا تتلى عليه آياتنا في القرآن الكريم‪ ،‬قال‪ :‬هذا أساطير األولين‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َُ َ ُ َ َ َ َ ََ ُ ُ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ َ‬
‫اء لقل َنا مِثل هذا إِن هذا إَِّل‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ِ{ :‬إَوذا تتَل َعلي ِهم آياتنا قالوا قد س ِمعنا لو نش‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِري ال َول َِي}[األنفال‪.]31 :‬‬
‫أ َساط ُ‬

‫س ُم ُهۥ لَع ٱ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ‬


‫ل ۡر ُط ِ‬
‫وم ‪} ١٦‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬سن ِ‬
‫وامل عنى‪ :‬سنجعل له عالمة ظاهرة على أنفه يعرف بها في اآلخرة‪ ،‬باإلضافة إلى سواد وجهه‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬
‫تعالى‪{ :‬يَو َم تَب َي ُّض ُو ُجوه َوتس َو ُّد ُو ُجوه}[آل عمران‪.]106 :‬‬

‫ح َ‬ ‫ۡ‬ ‫ل َنةِ إذ أق َس ُموا َلَ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َۡ‬


‫َ َ َۡ ُ ۡ َ َ َۡ ۡ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ١٧‬‬ ‫ُص ُمن َها ُِّصب ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنا بلونىهم كما بلونا أصحىب ٱ َ ِ‬
‫اختبرنا ّ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫كفار مكة بالجوع والقحط‪ ،‬كما اختبرنا أصحاب البستان حين حلفوا فيما بينهم‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬إنا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املبكر‪.‬‬
‫ليقطعن ثمار بستانهم في الصباح ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫ّ‬
‫ُصمنها ِّصب ِ ِحي} على أن العزم مما يؤاخذ به‬ ‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬دل قوله تعالى‪{ :‬إِذ أقسموا َل ِ‬
‫ُ‬
‫اإلنسان؛ ألنهم عزموا على أن يفعلوا‪ ،‬فعوقبوا قبل فعلهم‪ ،‬ونظير هذه اآلية‪َ { :‬و َمن يُرد فِيهِ بإلاد بظلم‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬‫َ‬
‫ذاب أ َِل ٍم}[الحج‪.]22 :‬‬
‫نذِقه مِن ع ٍ‬

‫َ َ‬
‫يم ‪ ٢٠‬ف َت َناد ۡوا‬ ‫ََ ۡ َ َ ۡ َ َ‬ ‫َ َ َُ ۡ َ ُ َ‬ ‫َ َ َ َ َۡ َ َ‬ ‫ََ َۡ َُۡ َ‬
‫لُص ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وَّل يستثنون ‪ ١٨‬فطاف عليها طائِف مِن ربِك وهم نائِمون ‪ ١٩‬فأصبحت كٱ ِ‬
‫ۡ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫نت ۡم َص ىرم َ‬ ‫ِك ۡم إن ُك ُ‬ ‫ۡ ُ َ َى َ ۡ ُ‬ ‫َ‬
‫نطلقوا َوه ۡم َي َتخىف ُتون ‪ ٢٣‬أن َّل يَ ۡدخل َن َها ٱَلَ ۡو َم‬ ‫ِي ‪ ٢٢‬فٱ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ث‬‫ر‬ ‫ح‬ ‫لَع‬ ‫وا‬ ‫د‬‫غ‬ ‫ٱ‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫ي ‪ ٢١‬أ‬ ‫ح َ‬
‫ِّصب ِ ِ‬
‫ُ ۡ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ َ َ َ ُّ َ‬
‫وِّون ‪ ٢٧‬قال أ ۡو َس ُط ُه ۡم‬
‫َۡ َۡ ُ َۡ ُ ُ َ‬
‫ين ‪ ٢٥‬فل َما َرأ ۡوها قالوا إِنا لضالون ‪ ٢٦‬بل َنن َمر‬ ‫لَع َح ۡرد َق ىدِر َ‬ ‫كم م ِۡسكِي ‪َ ٢٤‬و َغ َد ۡوا َ َ ى‬ ‫َ َۡ ُ‬
‫علي‬
‫ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََۡ َۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫حى َن َرب َنا إنَا ُك َنا َظىلِم َ‬ ‫ون ‪ ٢٨‬قَالُوا ُس ۡب َ‬ ‫ََۡ ُ َ ُ ۡ َۡ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫لَع َب ۡعض َيتَل ى َو ُِّون ‪ ٣٠‬قالوا‬ ‫ض ُه ۡم َ ى‬ ‫ي ‪ ٢٩‬فأقبل بع‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ألم أقل لكم لوَّل تسبِح‬
‫ُ ۡ َ َ َ ۡ ۡ َ َ َى َ َ َى ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َي ى َو ۡيلَ َنا إنَا ُك َنا َطىغِ َ‬
‫ون ‪} ٣٢‬‬ ‫س َر ُّب َنا أن يبدِلا خريا مِنها إِنا إِل ربِنا رغِب‬ ‫ي ‪َ ٣١‬ع َ ى‬ ‫ِ‬

‫ۡ َُ ۡ ُ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬كذ ىل َِك ٱل َعذ ُ‬
‫اب َول َعذ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ َ‬
‫ون ‪} ٣٣‬‬ ‫اب ٱٓأۡلخ َِرة ِ أكبر لو َكنوا يعلم‬
‫أشد وأكبر وأخزى من عذاب‬ ‫واملعنى‪ :‬مثل ذلك العذاب عذابنا لكل من خالف أمرنا‪ ،‬ولعذاب اآلخرة ّ‬
‫ُ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الدنيا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ولَ َع ُ‬
‫ون}[فصلت‪ ،]16 :‬لو كانوا يعلمون ذلك آلمنوا وما‬ ‫ذاب اآلخ َِرة ِ أخزى َوهم َّل ينُص‬
‫حل بهم العذاب‪.‬‬‫ّ‬
‫َى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن ل ِل ُم َتقِ َ‬ ‫ۡ‬
‫ِند َرب ِ ِه ۡم َجن ِ‬
‫ت ٱلَعِي ِم ‪} ٣٤‬‬ ‫يع َ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬إن للمتقين املمتثلين أوامر هللا واملجتنبين نواهيه عند ّربهم جنات النعيم في مجلس كريم‪،‬‬ ‫ّ‬
‫يك ُمق َتد ٍِر}[القمر‪ ،]54-55 :‬وقال تعالى‪{ :‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َُ َ‬
‫ات َون َه ٍر‪ِِ .‬ف َمق َع ِد ِ‬
‫صد ٍق عِند ِّل ِ ٍ‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬إِن المتقِي ِِف جن ٍ‬
‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي ب َما َءاتَى ى ُه ۡم َر ُّب ُه ۡم َو َوقى ى ُه ۡم َر ُّب ُه ۡم َعذ َ‬
‫اب ٱ َ‬ ‫فى ِ َ‬ ‫َ‬
‫ل ِحي ِم ‪[}١٧‬الطور‪.]17 :‬‬ ‫ك ِه ِ‬

‫ي كٱل ُم ۡجرم َ‬ ‫َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أف َن ۡج َعل ٱل ُم ۡسلِم َ‬ ‫ُ ۡ‬ ‫ََ‬
‫ِي ‪} ٣٥‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬أفنجعل املسلمين املنقادين ألوامر هللا تعالى كالكافرين املجرمين؟‬
‫َ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َُ َ َ َُ َ َ ُ‬
‫ِ‬
‫ات َكلمفسِ دِين ِِف الرض أم نعل‬ ‫ِ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬أم نعل اَّلِين آمنوا وع ِملوا الصال ِ‬
‫َ‬
‫ي َكل ُف َجارِ}[ص‪.]28 :‬‬
‫ال ُم َتقِ َ‬

‫ُ ۡ َۡ ۡ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٣٦‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ما لكم كيف تكم‬
‫يسوي هللا تعالى بين املسلمين والكافرين؟ ساء حكمهم‬ ‫واملعنى‪ :‬أي ش يء حدث لكم‪ ،‬كيف تحكمون ْأن ّ‬
‫ات َس َواء‬ ‫آم ُنوا َو َعملُوا َ‬
‫الص ِ َ‬
‫ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات أَن َن َعلَ ُهم ََك ََّل َ‬
‫ِين َ‬ ‫السيِئَ ِ‬
‫ت ُحوا َ‬ ‫ب َاَّل َ‬
‫ِين اج َ َ‬ ‫باملساواة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أَم َحسِ َ‬
‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫َ ُ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ون}[الجاثية‪.]21 :‬‬ ‫اء َما يكم‬
‫ات ُهم َس َ‬‫َمياهم وِّم‬

‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫ََ َََُ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬


‫ريون ‪ ٣٨‬أ ۡم لك ۡم أيۡ َم ىن َعل ۡي َنا َب ىل ِغة إ ِ ىل يَ ۡو ِم‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أ ۡم لك ۡم كِتىب فِيهِ ت ۡد ُر ُسون ‪ ٣٧‬إِن لك ۡم فِيهِ لما َت‬
‫ش َكئه ۡم إن ََكنُوا َص ى ِدق َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ َُ ۡ ُ ََ ُ ََۡۡ ُ ُ‬ ‫ون ‪َ ٣٩‬س ۡل ُه ۡم َأ ُّي ُهم ب َذ ىل َِك َ‬
‫ۡ َى َ َ َ ُ ۡ ََ َۡ ُ ُ َ‬
‫ِي ‪٤١‬‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ف‬ ‫ء‬ ‫ك‬‫ش‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫م‬‫أ‬ ‫‪٤٠‬‬ ‫ِيم‬
‫ع‬ ‫ز‬ ‫ِ‬ ‫ٱلقِيمةِ إِن لكم لما تكم‬
‫َ ۡ َ ُ ۡ َ ُ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ ُّ ُ َ َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٤٢‬‬ ‫يوم يكشف عن ساق ويدعون إِل ٱلسجودِ فل يست ِطيع‬

‫َ ى َ َ ۡ َ ى ُ ُ ۡ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ ۡ َ َ ُّ ُ َ ُ ۡ َ ى ُ َ‬
‫ون ‪} ٤٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬خشِ عة أبصرهم ترهقهم ذِلة وقد َكنوا يدعون إِل ٱلسجودِ وهم سل ِم‬
‫ُ َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫واملعنى‪ :‬خاشعة أبصارهم وتغشاهم ذلة من الفضيحة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وت َراهم ُيع َرضون َعلي َها‬
‫َ َ ُّ َ ُ ُ َ‬
‫ون مِن َطر ٍف َخَف}[الشورى‪ ،]45 :‬وقد كانوا في الدنيا ُي َ‬ ‫َ‬
‫دعون إلى الصالة والعبادة وهم‬ ‫ٍِ‬ ‫خا ِش ِعي مِن اَّل ِل ينظر‬
‫ساملون أصحاء قادرون عليها‪ ،‬وكانوا ال يستجيبون‪.‬‬

‫َۡ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ََ ُ َ ُ‬‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬


‫ون ‪} ٤٤‬‬ ‫ِيث َسن ۡس َت ۡدرِ ُج ُهم م ِۡن َح ۡيث َّل يعلم‬
‫لد ِ‬‫ِب ب َه ىذا ٱ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فذر ِن ومن يكذ ِ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬فاتركني أيها الرسول َوم ْن يكذب بهذا القرآن الكريم‪ ،‬سنستدرجهم بفتح أبواب الرزق والسعة‬
‫ُ‬ ‫ََ َ‬
‫يغتروا بها‪ ،‬ثم نعاقبهم بغتة من حيث ال يعلمون ما يراد بهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فل َما ن ُسوا ما ذك ُِروا بِهِ‬ ‫عليهم حتى ّ‬
‫ُ ُ َ َ ُ َ َ َ ُ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬
‫ون}[األنعام‪ ،]44 :‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫ُك يش ٍء َح َت إِذا ف ِر ُحوا بِما أوتوا أخذناهم بغتة فإِذا هم مبل ِس‬
‫فتحنا علي ِهم أبواب ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َه ُ‬ ‫َ‬
‫{أ َي ْح َس ُبون أن َما نم ُّد ُه ْم به م ْن َم ٍال َو َبنين (‪ )55‬ن َسار ُع ل ُه ْم في الخ ْي َرات َبل َل َيش ُع ُرون}[املؤمنون‪.]55-56 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وأ ِّۡ َِل ل ُه ۡ رم إ ِ َن ك ۡيدِي َمتِي ‪} ٤٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬وأمهل هؤالء املكذبين املستد َرجين‪ ،‬فيزدادوا طغيانا‪ّ ،‬إن تدبيري قو ّي شديد ال ُيدفع‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬وأِّ َِل ل ُهم إ ِ َن كيدِي َمتِي}[األعراف‪.]183 :‬‬

‫َ ۡ َ ُّ ۡ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ َۡ َُُ ۡ َ ۡ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬أم تسألهم أجرا فهم مِن مغرم مثقلون ‪} ٤٦‬‬
‫واملعنى‪ :‬أم تسألهم أيها الرسول أجرا على تبليغ دعوتك فهم من التزام أجر‪ ،‬محملون غرما ثقيال؟ بل‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫خ َر ُ‬ ‫َ َ َُ َ‬
‫اج َربِك خري َوه َو‬ ‫أنت ال تحتسب ذلك‪ ،‬فجزيل ثواب هللا تعالى خير لك‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬أم تسأل ُهم خرجا ف‬
‫الرازِق َِي}[املؤمنون‪.]72 :‬‬
‫ري َ‬‫َخ ُ‬
‫َۡ َ ُ ُ َۡۡ ُ َُ ۡ َ ۡ ُُ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬أم عِندهم ٱلغيب فهم يكتبون ‪[}٤٠‬الطور‪.]40 :‬‬

‫ۡ َ ُ ُ َۡ ُ ُ ۡ َ ۡ ُُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٤٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أم عِندهم ٱلغيب فهم يكتب‬
‫واملعنى‪ :‬أم عندهم علم الغيب‪ ،‬فهم يكتبونه للناس؟ كال‪ ،‬ليس لهم علم بش يء من الغيب؛ ّ‬
‫ألن علم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ب فل ُيظ ِه ُر لَع غيبِهِ أ َحدا‪ .‬إَِّل َم ِن ارتض مِن‬
‫الغيب مرده إلى هللا تعالى وحده‪ ،‬كما قال تعالى‪َ{ :‬عل ِم الغي ِ‬
‫ول}[الجن‪.]26-27 :‬‬ ‫َُ‬
‫رس ٍ‬
‫َۡ ُ ُ َ َۡ َ َ َ َ َ ُ ُ ُ َۡ ُ َ‬
‫ون ‪[}٤١‬الطور‪.]41 :‬‬‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬أم ي ِريدون كيدا فٱَّلِين كفروا هم ٱلمكِيد‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫اد ىى َو ُه َو َمك ُظوم ‪} ٤٨‬‬
‫َ َ‬
‫وت إِذ ن‬
‫ل ِ‬‫كن ك َصاحِب ٱ ُ‬
‫ِ‬
‫ۡ ۡ ُِ ۡ َ َ َ َ ُ‬
‫قال تعالى‪ { :‬فٱص ِب لك ِم ربِك وَّل ت‬
‫فإنك بمرأى ّ‬ ‫ّ‬
‫منا وحفظنا‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬فاصبر أيها الرسول على ما يقول هؤالء املشركون لقضاء هللا تعالى‬
‫َ َ َۡ َ َ ۡ ُ ۡ‬
‫ِإَود َب ى َر ٱلُّ ُ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ج ِ‬
‫وم ‪[}٤٨‬الطور‪،]48 :‬‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬فاص ِب لَع َما َيقولون}[ق‪ ،]39 :‬وقال تعالى‪ { :‬ومِن ٱَل ِل فسبِحه‬
‫غما على قومه غاضبا عليهم‪ ،‬كما قال‬ ‫تكن مثل يونس عليه السالم حين نادى رّبه في الظلمات وهو مملوء ّ‬ ‫وال ْ‬
‫ب ُم ِ‬
‫غاضبا}[األنبياء‪.]87 :‬‬ ‫تعالى‪َ { :‬و َذا الُّون إذ َذ َه َ‬
‫ِ ِ‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ل ۡوَّل أن تَ َد ى َروُك ُهۥ ن ِۡع َمة مِن َربِهِۦ لُبِذ ب ِٱل َع َراءِ َو ُه َو َمذ ُِّوم ‪} ٤٩‬‬
‫من رّبه باستجابة دعائه‪ ،‬وإنجائه من الكرب والشدة‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬لوال ْأن تدارك يونس عليه السالم نعمة ْ‬
‫ُ‬ ‫جب َنا َ ُل َو َ َ‬
‫ني َن ُاه م َِن ال َغ ِم َو َوُك َذل َِك ُننج ال ُمؤ ِمن َ‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬فَاس َت َ‬
‫ِي}[األنبياء‪ ،]88 :‬لوال ذلك لطرح من بطن‬ ‫ِ‬
‫الحوت باألرض الفضاء‪ ،‬وهو ملوم بالذنب‪.‬‬

‫ح َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬فٱ ۡج َت َبى ُه َر ُّب ُهۥ ف َ‬
‫ج َعل ُهۥ م َِن ٱ َ ى‬
‫ي ‪} ٥٠‬‬ ‫لصل ِ ِ‬
‫يونس عليه السالم رُّبه لرسالته‪ ،‬فجعله من الصالحين‪ ،‬وأرسله إلى مائة ألف أو‬ ‫َ‬ ‫واملعنى‪ :‬فاصطفى‬
‫َ‬
‫َُ ْ َه َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ َ َْ‬ ‫َ‬
‫عن ُهم إلى حين}[الصافات‪:‬‬ ‫لف أو َيز ُيدون (‪ )147‬فامنوا فمت‬‫يزيدون‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وأرسلنه إلى مائة أ ٍ‬
‫‪.]147-148‬‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون إِنَ ُهۥ ل َم ۡج ُنون ‪} ٥١‬‬
‫َ ََُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ ُۡ ُ َ َ‬
‫َيل ِقونك بِأبۡص ى ِره ِۡم ل َما َس ِم ُعوا ٱَّلِكر ويقول‬
‫َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَون يَكاد ٱَّلِين كفروا ل‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما ُه َو إ ََّل ذ ِۡكر ل ِۡل َع ىلَم َ‬


‫ي ‪}٥٢‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬وما هذا القرآن الكريم إال ذكر للعاملين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬إِن ُه َو إَِّل ذِكر َوقرآن ُمبِي}[يس‪:‬‬
‫‪.]69‬‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إن ُه َو إَّل ذِك َرى ل ِل َعالَم َ‬
‫ي}[األنعام‪.]90 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َُ َ ه‬
‫الحاقة‬ ‫سورة‬
‫وهي مكية وعدد آياتها اثنتان وخمسون‬

‫ۡ َُ‬
‫ََ َۡى َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َُ‬ ‫ۡ َُ‬
‫لاقة ‪} ٣‬‬‫ك َما ٱ َ‬ ‫لاقة ‪َ ١‬ما ٱ َ‬
‫لاقة ‪ ٢‬وما أدرى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ َ‬

‫أي ش يء هي؟ وأي ش يء أدراك أيها الرسول أو أيها العاقل حقيقة‬ ‫واملعنى‪ :‬القيامة التي يحق حدوثها‪ّ ،‬‬
‫القيامة؟‬
‫َ َْ َ َ ْ َ ُ‬ ‫َ ْ َُ‬ ‫ْ َُ‬
‫ونظير هذه اآليات قوله تعالى‪{ :‬القارعة (‪ )1‬ما القارعة (‪ )2‬وما أدراك ما القارعة}[القارعة‪.]1-3 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ود َو ََع ُد ب ِٱل َقارِ َع ِة ‪} ٤‬‬
‫َ ۡ ُ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬كذبت ثم‬
‫كذبت ثمود ٌ‬ ‫ّ‬
‫وعاد بالقيامة‪.‬‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫َْ َ َُ ُ‬ ‫ََ ََْ َ َ َْ َ ُ‬ ‫واملراد بالقارعة في هذه اآلية القيامة‪ّ ،‬‬
‫دل عليه قوله تعالى‪{ :‬وما أدراك ما القارعة (‪ )3‬يوم يكون‬
‫َْ ُ‬ ‫ه ُ َ َْ‬
‫اس كالف َراش اَل ْبثوث}[القارعة‪.]4 :‬‬ ‫الن‬

‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬


‫ود فأ ۡهل ِكوا ب ِٱ َلطاغ َِيةِ ‪} ٥‬‬
‫َ ُ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فأما ثم‬
‫فأما ثمود فأهلكهم هللا تعالى بالصيحة الواحدة من السماء والزلزلة الشديدة من أسفل منهم‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ََ َ َ ُ ُ َ َ ُ‬ ‫ّ‬
‫حة‬ ‫املكسرة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فأخذتهم الصي‬ ‫وقت الصباح‪ ،‬فصاروا بعدها كغصون األشجار اليابسة‬
‫ََ َ َ ُ ُ َ َ ُ‬ ‫ح َ‬
‫ي}[الحجر‪ ،]83 :‬وقال تعالى‪{ :‬فأخذتهم الرجفة}[األعراف‪ ،]78 :‬وقال تعالى‪ :‬ر}[القمر‪.]31 :‬‬ ‫ُِّصب ِ ِ‬

‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬


‫َص ََعت َِية ‪} ٦‬‬
‫َ ۡ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وأما َعد فأهل ِكوا ب ِ ِريح َص ٍ‬
‫ّ‬
‫مستمرة‪ ،‬كما قال‬ ‫وأما عاد فأهلكهم هللا تعالى بريح شديدة البرد ّ‬
‫والقوة عالية الصوت في أيام‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تعالى‪{ :‬إِنَا أر َسل َنا َعلي ِهم رِيحا ََص ََصا ِِف يَو ِم َن ٍس ُِّس َت ِم ٍر}[القمر‪.]19 :‬‬

‫َ ََ ۡ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ى َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َۡ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫از َن ٍل خاوِ َية ‪٧‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬سخ َرها َعل ۡي ِه ۡم َس ۡب َع ََلال َوث َم ىن َِية أيَا ٍم ُح ُسوما فتى ٱلقوم فِيها َصِع كأنهم أعج‬
‫}‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬سلطها هللا تعالى عليهم طوال سبع ليال وثمانية أيام مشؤومات تفنيهم‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫{فَأَر َسل َنا َعلَيهم ريحا ََص ََصا ِف َأيَام ََن َِسات}[فصلت‪ ،]16 :‬فترى القوم في تلك األيام والليالي موتى ّ‬
‫كأنهم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أصول نخل ساقطة متآكلة األجواف‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف َهل تَ َر ىى ل ُهم مِن بَاق َِية ‪} ٨‬‬
‫واملعنى‪ :‬فهل ترى لهؤالء القوم املهلكين من نفس باقية؟ فما أبقى هللا تعالى أحدا منهم‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ََُ َ َ َ‬
‫ود ف َما أب َق}[النجم‪.]51 :‬‬ ‫{ و ثم‬

‫ت بٱ َ‬ ‫ۡ‬
‫َ َ َ ۡ َۡ ُ ََ ۡ ُ َ َُۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫لاطِئَةِ ‪} ٩‬‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وجاء فِرعون ومن قبلهۥ وٱلمؤتفِك ى ِ‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬وجاء فرعون ومن ّ‬
‫تقدمه من األمم املكذبة برسلها‪ ،‬وجاء أهل قرى لوط بالخاطئة من الشرك‬
‫والفاحشة‪.‬‬
‫ومن الخاطئة التي ارتكبها قوم لوط إتيانهم الرجال من أدبارهم شهوة‪ ،‬كما قال تعالى على لسان لوط‬
‫َ َ َ ُ َ ُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ون َ َ َ َ‬ ‫َ ُ ََ ُ َ‬
‫ون}[األعراف‪.]81 :‬‬ ‫ون النِساءِ بل أنتم قوم ِّ ِ‬
‫ّسف‬ ‫الرجال شهوة مِن د ِ‬
‫ِ‬ ‫عليه السالم‪{ :‬إِنكم ِلأت‬

‫َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ف َع َص ۡوا َر ُسول َرب ِ ِه ۡم فأ َخذ ُه ۡم أ ۡخذة َراب ِ َية ‪} ١٠‬‬
‫فعصت كل ّأمة من تلك األمم رسول ّربهم املرسل إليهم‪ ،‬فأهلكهم هللا تعالى إهالكا شديدا‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الر ُسل ف َح َق َوعِي ِد}[ق‪.]14 :‬‬
‫وحق عليهم وعيد هللا تعالى بالعذاب‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ{ :‬ك كذ َب ُّ‬

‫َ َ َ َ َ ُ َ َ َى ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫لارِيَةِ ‪} ١١‬‬
‫ك ۡم ِِف ٱ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنا لما طغا ٱلماء ْحلن‬
‫حده‪ ،‬حملناكم في السفينة الجارية على وجه املاء‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬إنا ملّا عال املاء وجاوز ّ‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ك ۡم إ َذا ٱ ۡس َت َو ۡي ُت ۡم َعلَ ۡيهِ َو َت ُقولُوا ُس ۡب َ‬
‫َُ َۡ ُُ ََۡ َ ُ‬ ‫َ ۡ َُ ََ‬
‫لَع ُظ ُ‬
‫حى َن ٱَّلِي َسخ َر لَا هىذا َو َما ك َنا ُلۥ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫ة‬‫م‬ ‫ِع‬ ‫ن‬ ‫وا‬‫ر‬ ‫ك‬ ‫ذ‬‫ت‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫ۦ‬‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ور‬ ‫ه‬ ‫ى‬ ‫ل ِتستوۥا‬
‫َ َى َ َ َ ُ َ ُ َ‬ ‫ُم ۡقرن َ‬
‫ون ‪[}١٤‬الزخرف‪.]14 -13 :‬‬ ‫ِي ‪ِ ١٣‬إَونا إِل ربِنا لمنقل ِب‬ ‫ِ‬

‫ُُ‬ ‫َ ۡ َََ َ ُ ۡ‬
‫ك ۡم تَذك َِرة َوتَعِ َي َها أذن َو ىع َِية ‪} ١٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬لِ جعلها ل‬
‫واملعنى‪ :‬لنجعل هذه السفية تذكرة لكم وعظة‪ ،‬تفهمها كل أذن حافظة سامعة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وآيَة‬
‫ون}[يس‪.]41 :‬‬ ‫ك ال َمش ُ‬
‫ح‬ ‫ل‬‫ف‬
‫ُ‬
‫ال‬ ‫ِف‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل َ ُهم َأنَا َ َ‬
‫ْحلنا ُذر َي َت ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ۡ‬ ‫َ َ‬
‫ور َنف َخة َو ىح َِدة ‪} ١٣‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فإ ِذا نفِخ ِِف ٱلص ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فإذا نفخ امللك في الصور نفخة واحدة‪.‬‬
‫ات‬ ‫الصور فَ َصعِ َق َمن ِف َ‬
‫الس َم َ‬ ‫وهي النفخة األولى التي عندها يهلك العالم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ونُف َخ ِف ُّ‬
‫او ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬
‫اء َ ُ‬
‫اَّلل}[الزمر‪.]68 :‬‬ ‫َو َمن ِِف الر ِض إ ِ ََّل َمن َش َ‬

‫َ‬‫ُ َ‬ ‫ۡ ُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬


‫ل َبال ف ُدك َتا َدكة َو ىح َِدة ‪} ١٤‬‬
‫ت ٱلۡرض وٱ ِ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وْحِل ِ‬
‫واملعنى‪ُ :‬ورفعت األرض والجبال عن أماكنها فضربتا ضربة واحدة‪ ،‬حتى صارت هباء منثورا‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬ ‫ت البال ًّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫ك َ‬ ‫ََ َُ َ َ‬
‫بسا ‪ .‬فَكنت هباء‬ ‫ال فقل يَنسِف َها َر ِب نسفا}[طه‪ ،]105 :‬وقال تعالى‪{ :‬وب َس ِ‬ ‫ب‬ ‫ال‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫تعالى‪{ :‬ويسألون‬
‫َمن ُثورا}[الواقعة‪.]5-6 :‬‬

‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ت ٱل َواق َِعة ‪} ١٥‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف َي ۡو َمئِذ َوق َع ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فيومئذ قامت القيامة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫ت ال َواق َِعة}[الواقعة‪.]1 :‬‬
‫واملراد بالواقعة في هذه اآلية القيامة‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬إِذا َوق َع ِ‬

‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ه يَ ۡو َمئِذ َواه َِية ‪} ١٦‬‬ ‫تٱ َ‬
‫لس َما ُء ف ِ َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱنشق ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وانشقت السماء‪ ،‬فهي يومئذ ضعيفة‪ ،‬وصارت كالزيت الذي يدهن به الش يء في سيالنها‪ ،‬كما‬
‫هل}[املعارج‪.]8 :‬‬ ‫َ َ َ ُ ُ َ َ ُ َ ُ‬
‫قال تعالى‪{ :‬يوم تكون السماء َكلم ِ‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫ۡ َ‬


‫لَع أ ۡر َجائ ِ َها ر َويَ ۡح ِمل َع ۡرش َرب ِ َك ف ۡوق ُه ۡم يَ ۡو َمئِذ ث َم ىن َِية ‪} ١٧‬‬
‫ك ى‬ ‫َ َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱلمل‬
‫واملعنى‪ :‬واملالئكة على جوانب السماء‪ ،‬ويحمل عرش رّبك أيها الرسول فوق هؤالء املالئكة ثمانة‬
‫َ‬
‫ويسبحون بحمد ّربهم ويقدسونه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وت َرى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أمالك‪ ،‬وهؤالء املالئكة محيطون بالعرش الكريم‬
‫َُ ُ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ون ِّبَم ِد َرب ِ ِهم}[الزمر‪.]75 :‬‬ ‫ِي مِن َحو ِل ال َعر ِش يسبِح‬
‫ال َملئكة َحاف َ‬
‫ِ‬

‫َۡ َ ُ ۡ َ ُ َ َ َۡ‬
‫َت َ ى‬
‫ِنك ۡم َخاف َِية ‪} ١٨‬‬
‫ُ‬
‫َف م‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يومئِذ تعرضون َّل‬
‫ًّ‬ ‫واملعنى‪ :‬يومئذ تعرضون أيها الناس على هللا تعالى‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬‬
‫صفا}[الكهف‪:‬‬ ‫وع ِرضوا لَع ربِك‬
‫ُ َ‬
‫‪ ،] 48‬فال تخفى على هللا تعالى خافية من أقوالكم‪ ،‬وأفعالكم‪ ،‬وأسراركم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬يَو َم تبَل‬
‫َ َ‬
‫الّسائ ِ ُر}[الطارق‪.]9 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬فَأ َما َم ۡن أ َ‬
‫وت ك َِتى َب ُهۥ ب ِ َي ِمينِهِۦ ف َي ُقول َها ُؤ ُم ٱق َر ُءوا ك َِتىب ِ َي ۡه ‪} ١٩‬‬
‫ِ‬
‫شدة فرحه‪ :‬خذوا اقرؤا كتابي‪.‬‬ ‫من ُأعطي كتاب حسناته بيمينه‪ ،‬فيقول من ّ‬ ‫فأما ْ‬
‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ ْ‬ ‫ْ‬
‫ابن عمر رض ي هللا‬‫أمش ي‪ ،‬مع ِ‬ ‫روى اإلمام البخاري بسنده عن صفوان ِبن مح ِرز املاز ّني‪ ،‬قال‪ :‬بينما أنا ِ‬
‫سمع َت رسو َل هللا صلى هللا عليه وسلم يقول في ْ‬ ‫كيف ْ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫النج َوى؟ فقال‪:‬‬ ‫جل‪ ،‬فقال‪:‬‬‫ضر ٌ‬ ‫عر َ‬
‫آخذ بيده‪ ،‬إذ َ‬
‫ِ‬ ‫عنهما‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ويستره‪ ،‬فيقول‪ :‬أتعرف‬ ‫عليه كنفه‬‫سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول‪"ِ :‬إن هللا يد ِني املؤ ِمن‪ ،‬فيضع ِ‬
‫ورأى في ْنفسه ّأن ُه َ‬
‫هلك‪ ،‬قال‪ُ ْ :‬‬ ‫َ‬ ‫قر ُ‬ ‫أي ّب‪ّ ،‬‬ ‫ذنب كذا؟ فيقول‪ْ :‬‬ ‫أتعرف َ‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫سترت َها‬ ‫ِ ِ‬ ‫بذنوبه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ره‬ ‫حتى إذا ّ‬ ‫ر‬ ‫نعم ْ‬ ‫ذنب كذا‪،‬‬
‫وأما الكافر َ‬ ‫حس َن ِات ِه‪َّ ،‬‬‫كتاب َ‬ ‫َْ َ ُ َ‬ ‫ُّ ْ‬ ‫ْ َ‬
‫واملنا ِفقون‪ ،‬فيقول األشهاد‪:‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫في ْعطى‬ ‫أغف ُرها لك اليوم‪،‬‬ ‫عليك في الدنيا‪ ،‬وأنا ِ‬
‫الظالِم َ‬‫َ َ َ َُ َ ََ َ‬ ‫ََ‬ ‫َُ َ َ َ َ َ‬
‫ي}[هود‪.]18 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِين كذبُوا لَع َرب ِ ِهم أَّل لعنة اَّللِ لَع‬ ‫{هؤَّلءِ اَّل‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إن َظ َن ُ‬
‫نت أ ِن ُمل ى ٍق ح َِساب ِ َي ۡه ‪} ٢٠‬‬ ‫ِِ‬
‫ُ ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إني أيقنت أني مالق حسابي يوم القيامة‪.‬‬
‫َ َ َ ُ ُّ َ َ َ ُ ُّ َ ى ُ َ ۡ َ َ َ ُ ۡ َۡ‬
‫والظن في هذه اآلية يأتي بمعنى اليقين‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪ { :‬ٱَّلِين يظنون أنهم ملقوا رب ِ ِهم وأنهم إَِلهِ‬
‫َى ُ َ‬
‫ون ‪[} ٤٦‬البقرة‪.]46 :‬‬ ‫جع‬
‫ر ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف ُه َو ِِف عِيشة َر ِ‬
‫اض َية ‪} ٢١‬‬
‫ۡ‬
‫واملعنى‪ :‬فهو في عيشة مرضية راضية لسعيها في الدنيا بالطاعات‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ل َِسعي ِ َها َر ِ‬
‫اض َية‬
‫‪[}٩‬الغاشية‪.]9 :‬‬

‫قوله تعالى‪ِِ { :‬ف َج َن ٍة ََع َِلَة ‪} ٢٢‬‬


‫واملعنى‪ :‬في جنة رفيعة املكانة‪.‬‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ِِ { :‬ف َج َن ٍة ََع َِلَة ‪[}١٠‬الغاشية‪.]10 :‬‬

‫ُ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ق ُطوف َها َدان َِية ‪} ٢٣‬‬
‫َ ََ ُ‬
‫ي لَع ف ُرش َب َطائنُ َها مِن‬ ‫واملعنى‪ :‬ثمار الجنة قريبة‪ ،‬تناولها أهل الجنة متى شاؤوا‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬م َت ِ‬
‫كئ‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ي َد ٍان}[الرحمن‪.]54 :‬‬ ‫بق َو َج َن َ َ َ‬
‫النت ِ‬
‫َ َ‬
‫إِست ٍ‬

‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُُ‬


‫ل ِاَلَ ِة ‪} ٢٤‬‬ ‫شبُوا َه ِنَٔٔٔا ب ِ َما أ ۡسلف ُت ۡم ِِف ٱليَ ِ‬
‫ام ٱ َ‬ ‫قوله تعالى‪ُ { :‬كوا َوٱ َ‬

‫قدمتم من األعمال الصالحة في أيام حياتكم‬‫واملعنى‪ :‬يقال لهم‪ :‬كلوا واشربوا أكال وشربا هنيئا بما ّ‬
‫املاضية في الدنيا‪.‬‬
‫َ َ َى ُ ُ َ ۡ ُ َ َ َ َ ۡ َ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫كِٔٔين لَع سر ِّصفوفة وزوجنىهم ِّب ٍ‬
‫ور عِي ‪[}١٩‬الطور‪.]19 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ُ { :‬مت ِ‬

‫ۡ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َۡ‬ ‫وت ك َِتى َب ُهۥ ب َم ِ َ ُ ُ َ َ َ َ ُ َ َ ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وأ َما َم ۡن أ َ‬
‫ت‬‫الِۦ ف َيقول ي ىل ۡيت ِن ل ۡم أوت كِتىب ِ َيه ‪َ ٢٥‬ول ۡم أدرِ َما ح َِساب ِ َيه ‪ ٢٦‬ي ىل ۡيت َها َكن ِ‬ ‫ِشِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َۡ‬
‫اض َية ‪} ٢٧‬‬
‫ٱ لق ِ‬
‫ي‬ ‫ك ۡم لَ َ‬
‫حىفِ ِظ َ‬ ‫َ َ َۡ ُ‬
‫وأما من أوتي كتابه بشماله من وراء ظهره‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَون علي‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ُ َ‬
‫عط كتابي‪ْ ،‬‬
‫ولم أدر حسابي‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬ ‫‪[}١٠‬االنفطار‪ ،]10 :‬فيقول داعيا بالهالك والخسار‪ :‬يا ليتني لم أ‬
‫َ‬
‫ك ىتِب َ‬
‫ي ‪[}١١‬االنفطار‪.]11 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ك َِراما‬

‫َ ۡ‬
‫ن َع ِن َم ِاَلَ ۡه ‪} ٢٨‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ما أغ َ ى‬
‫واملعنى‪ :‬يا ليت املوتة التي ّمتها في الدنيا كانت القاضية القاطعة ألمري‪.‬‬
‫كنت تُرابا}[النبأ‪.]40 :‬‬
‫ُ‬ ‫ونظير هذه اآلية قول الكافر يوم القيامة‪{ :‬يا َ‬
‫َلتن‬

‫َ‬ ‫ۡ َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ۡ َ َ ُّ‬ ‫ُ ُ ُ َ ُ ُّ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ َ‬


‫سلة ذ ۡرع َها َس ۡب ُعون ذ َِراَع‬
‫يم َصلوهُ ‪ ٣١‬ث َم ِِف سِل ِ‬ ‫وه فغلوهُ ‪ ٣٠‬ثم ٱل ِ‬
‫ح‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬هلك َع ِن ُسل َطىن َِي ۡه ‪ ٢٩‬خذ‬
‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫فٱ ۡسلكوهُ ‪ ٣٢‬إِنَ ُهۥ َك َن َّل يُ ۡؤم ُِن ب ِٱ ََّللِ ٱل َع ِظي ِم ‪}٣٣‬‬

‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وَّل يُ ُّض ى‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬
‫ِي ‪} ٣٤‬‬ ‫لَع َط َع ِ‬
‫ام ٱل ِمسك ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وكان هذا الكافر في الدنيا ال يحث على إطعام املسكين‪ ،‬كما قال تعالى على لسان أهل النار‪:‬‬
‫َ ُ‬
‫{ولم نك نط ِعم المسكي}[المدثر‪.]44 :‬‬

‫َ ۡ‬ ‫ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فل ۡي َس ُل ٱَلَ ۡو َم َهى ُه َنا َْحِيم ‪} ٣٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬فليس لهذا الكافر يوم القيا مة في مكان عذابه قريب يدفع عنه عذابه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫َُ ُ‬
‫اع ‪[}١٨‬غافر‪.]18 :‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ى َ َ َى‬
‫ِلظلِم َ‬
‫ي م ِۡن ْحِيم َوَّل شفِيع يط‬ ‫ج ِر ك ِظ ِمير ما ل‬ ‫َوأَنذ ِۡر ُه ۡم يَ ۡو َم ٱٓأۡلزفَ ِة إذِ ٱ ۡل ُقلُ ُ‬
‫وب َ ََلى ٱ ۡ َ َ‬
‫ِ‬ ‫لنا ِ‬ ‫ِ ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وَّل َط َعام إَِّل م ِۡن غ ِۡسل ِي ‪}٣٦‬‬
‫واملعنى‪ :‬وليس له طعام إال من صديد أهل النار ومن نبت ذي شوك ّ‬
‫مر منتن‪ ،‬كما قال تعالى في آية‬
‫َ‬ ‫َۡ َ َُ ۡ َ َ َ‬
‫ضيع ‪[}٦‬الغاشية‪.]6 :‬‬
‫أخرى‪ { :‬ليس لهم طعام إَِّل مِن ِ‬
‫َ َ َ ُۡ ُ َ‬ ‫َ َ ُۡ ُ َ ُۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ ُ ُ َ ۡ َ‬
‫ون ‪} ٣٩‬‬‫ُص‬
‫ُصون ‪ ٣٨‬وما َّل تب ِ‬ ‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل يَأكل ُهۥ إَِّل ٱلخى ِطٔ ُٔون ‪ ٣٧‬فل أق ِ‬
‫سم بِما تب ِ‬

‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِنَ ُهۥ ل َق ۡول َر ُسول ك ِريم ‪} ٤٠‬‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن القرآن الكريم لكالم هللا تعالى‪ ،‬يتلوه على الناس الرسول الكريم صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املرسل وهو هللا تعالى‪ ،‬ولذلك‬ ‫وإضافة القرآن إلى الرسول صلى هللا عليه وسلم؛ ألن الرسول مبلغ عن ِ‬
‫ۡ‬ ‫أضافه هللا تعالى أيضا إلى جبريل في قوله تعالى‪ { :‬إنَ ُهۥ لَ َق ۡو ُل َر ُسول َكريم ‪ ١٩‬ذِي قُ َوة ع َ‬
‫ِند ذِي ٱل َع ۡر ِش َمكِي ‪٢٠‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬
‫ُّم َطاع ث َم أمِي ‪[}٢١‬التكوير‪.]19-21 :‬‬

‫َ ََ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬


‫ون ‪}٤٢‬‬‫قوله تعالى‪َ { :‬و َما ه َو بِق ۡو ِل شاعِر قل ِيل َما تؤم ُِنون ‪َ ٤١‬وَّل بِق ۡو ِل َكهِن قل ِيل ما تذكر‬

‫قوله تعالى‪ { :‬تَزنيل مِن َرب ٱ ۡل َع ىلَم َ‬


‫ي ‪} ٤٣‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َىَ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫زنيل َر ِب ٱلعل ِمي ‪[} ١٩٢‬الشعراء‪،]192 :‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وإنه ملنزل من رب العاملين‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَونهۥ ِل ِ‬
‫ْ َ َ‬ ‫َ ُ ْ َ َ‬
‫نزيل الكتاب َل َرْي َب فيه م ْن َرب ال َعاَلين}[السجدة‪.]2 :‬‬ ‫وقال تعالى‪{ :‬ت‬

‫ۡ‬
‫َ َ ُۡ‬ ‫ََ ۡ‬ ‫ۡ ََ‬
‫َ ۡ َََ َ َۡ َۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يل ‪ ٤٤‬لخذنا مِنه ب ِٱَلَ ِم ِ‬
‫ي ‪} ٤٥‬‬ ‫او ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ولو تقول علينا بعض ٱلق ِ‬
‫بالقوة وانتقمنا منه‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬ولو اختلق الرسول علينا بعض األقاويل كذبا‪ ،‬ألخذناه ّ‬
‫َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ ُۡ‬
‫وهذا مما ر ّد هللا تعالى به قول الكفار الذي حكى هللا عنه في قوله‪ { :‬فل َيأتوا ِّبَدِيث مِثلِهِۦ إِن َكنوا‬
‫َص ى ِدق َِي ‪[}٣٣‬الطور‪.]33 :‬‬

‫ۡ‬ ‫ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ث َم ل َق َط ۡع َنا م ِۡن ُه ٱل َوت َِي ‪} ٤٦‬‬

‫َ‬
‫ِنكم م ِۡن أ َحد َع ۡن ُه َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ين ‪} ٤٧‬‬‫ح ىجز َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ف َما م‬
‫واملعنى‪ :‬فال أحد منكم يقدر ْأن يحجز عنه عذابنا‪.‬‬
‫َ‬ ‫ين على املعنى ّ‬
‫ألن قوله‪{ :‬م ْن أ َح ٍد} في معنى الجماعة‪ ،‬يقع في‬ ‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪ :‬وجمع حاجز َ‬
‫ِ ِ‬
‫ي أَ َحد مِن ُّر ُسلِهِۦ َوقَالُوا َسم ۡعناَ‬
‫النفي العام على الواحد والجمع واملذكر واملؤنث‪ ،‬مثل قوله تعالى‪ََّ { :‬ل ُن َفر ُق بَ ۡ َ‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬
‫َ ْ ُ ه ََ‬ ‫ص ُ‬ ‫َََ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ َََ َۡ َ ۡ‬
‫ِإَوَلك ٱل َم ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ري ‪[} ٢٨٥‬البقرة‪ ،]285 :‬وقوله سبحانه‪{ :‬لستن كأح ٍد من النساء}[األحزاب‪:‬‬ ‫وأطعنا غفرانك ربنا‬
‫‪ ،]32‬واملراد ال أحد يمنعنا عن الرسول أو عن القتل‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَونَ ُهۥ ِلَذك َِرة ل ِل ُم َتقِ َ‬
‫ي ‪} ٤٨‬‬
‫وإن القرآن الكريم لتذكرة للمتقين الذين يخشون هللا تعالى ويخافون عذابه‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ ُ‬ ‫ُْ‬ ‫ََ‬ ‫ه َْ ً َ ْ َ‬
‫{إَل تذك َرة َل ْن َيخش ى}[طه‪ ،]3 :‬وقال تعالى‪{ :‬فذك ْربالق ْرآن َم ْن َيخاف َوعيد}[ق‪.]45 :‬‬

‫َ ُ ََ ۡ َ َ َ ۡ َ‬
‫ك ىفِر َ‬ ‫ُ ُّ َ‬
‫ك ِذب َ‬ ‫َ ََۡ َ ُ َ َ‬
‫ين ‪} ٥٠‬‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫لَع‬ ‫ة‬‫ّس‬ ‫ل‬ ‫ۥ‬‫ه‬ ‫ِإَون‬ ‫‪٤٩‬‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ِنك‬
‫م‬ ‫ن‬ ‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَونا لعلم أ‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إَونَ ُهۥ َ ُّ‬
‫ي ‪} ٥١‬‬‫لق ٱَلَ ِق ِ‬
‫وإن هذا الخبر الذي أخبارناك أيها الرسول لهو حق ثابت يقين ال شك فيه‪.‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ُ َ‬
‫اليقين ثالث درجات‪ :‬علم اليقين‪ ،‬وعين اليقين‪ ،‬وحق اليقين‪ ،‬وقد ّبين هللا تعالى الدرجتين األ ْوليين في‬
‫ََ َ ُ َ َۡ َ ُ َ ََ َ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ‬ ‫ََ َۡ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ ۡ‬
‫ي ‪[}٧‬التكاثر‪ ،]5-7 :‬والدرجة‬ ‫حيم ‪ ٦‬ثم لتونها عي ٱَلَقِ ِ‬ ‫ي ‪ ٥‬لتون ٱل ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { : :‬لَك لو تعلمون عِلم ٱَلَقِ ِ‬
‫الثالثة‪ :‬إذا دخلوها كانت حق اليقين‪.‬‬
‫ه َ َ َ ُ َ َ ُّ َْ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إن هذا لهو حق اليقين}[الواقعة‪.]95 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف َسب ِ ۡح ب ِٱ ۡس ِم َرب ِ َك ٱل َع ِظي ِم ‪}٥٢‬‬
‫فسبح أيها الرسول باسم رّبك العظيم‪.‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ْ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬ف َسب ْح ب ْ‬
‫اسم َرب َك ال َعظيم}[الواقعة‪.]74 :‬‬
‫ُ َُ َ‬
‫ورة اَل َعارج‬ ‫س‬
‫وهي مكية وعدد آياتها أربع وأربعون‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬سأل َسائِل ب ِ َعذاب َواق ِع ‪} ١‬‬
‫واملعنى‪ :‬سأل سائل مستهزئا بعذاب واقع لهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫وقد ّبين هللا تعالى هذا السؤال في قوله‪َ { :‬وإذ قالوا الل ُه هم إن كان هذا ه َو الحق من عندك فأ ْمط ْر‬
‫َََْ َ ًَ َ ه َ َ ْ َ َ َ َ‬
‫اب أل ٍيم}[األنفال‪.]32 :‬‬
‫علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬
‫ين ل ۡي َس ُلۥ َداف ِع ‪} ٢‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ل ِلك ىفِر َ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫واملعنى‪ :‬واقع للكافرين‪ ،‬ليس لوقوع العذاب لهم دافع يمنعه عنهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ما ُلۥ مِن داف ِع‬
‫‪[}٨‬الطور‪.]8 :‬‬

‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬م َِن ٱ ََّللِ ذِي ٱل َم َعارِ ِج ‪} ٣‬‬
‫ۡ‬ ‫َ ُ َ َ َى ُ ۡ‬
‫ت ذو ٱل َع ۡر ِش يُل ِق‬
‫واملعنى‪ :‬من هللا تعالى ذي العلو والدرجات الرفيعة‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬رفِيع ٱَلرج ِ‬
‫ُ َ ََۡ ََ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َى َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ َ‬
‫ٱ ُّلروح مِن أِّرِه ِۦ لَع من يشاء مِن ِعبادِه ِۦ َِلنذِر يوم ٱِلل ِق ‪[}١٥‬غافر‪.]15 :‬‬
‫ُ‬

‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َى َ ُ‬


‫ي أل َف َس َنة ‪}٤‬‬‫س َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬تع ُرج ٱل َملئِكة َوٱ ُّلروح إ ِ َۡلهِ ِِف يَ ۡوم َكن مِق َد ُارهُۥ خ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬تصعد املالئكة وجبريل إلى هللا تعالى في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة من ِسني الدنيا‪.‬‬
‫َ َْ ُ‬ ‫َُ ُ َْ‬
‫الس َماء إلى األ ْرض ث هم َي ْع ُر ُج‬
‫األ ْم َر م َن ه‬ ‫وال تعارض بين هذه اآلية وقوله تعالى في سورة السجدة‪{ :‬يدبر‬
‫ف َس َنة م هما َت ُع ُّدون}[السجدة‪]5 :‬؛ ّ‬ ‫َ ْ َ َ ْ َ ُُ َْ َ‬ ‫َ‬
‫ألن املراد من اليوم في آية السجدة هو يوم خلق‬ ‫ٍ‬ ‫إل ْيه في يو ٍم كان مقدار أل‬
‫السماوات واألرض وتدبيرهما‪ ،‬وفي آية املعارج هو يوم القيامة‪.‬‬

‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فٱ ۡص ِ ۡب َص ۡبا َۡجِيل ‪} ٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬فاصب ْر أيها الرسول ً‬
‫صبرا ال جزع فيه على استعجالهم العذاب استبعادا لوقوعه‪ ،‬كما قال‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ ْ ُ َ ه َ َ ُْ ُ َ‬
‫تعالى‪{ :‬يستعجل بها الذين َل يؤمنون بها}[الشورى‪.]18 :‬‬
‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ َن ُه ۡم يَ َر ۡونَ ُهۥ بَعِيدا ‪َ ٦‬ونَ َرى ى ُه قرِيبا ‪} ٧‬‬

‫َ ۡ‬
‫ََۡ َ ُ ُ‬
‫لس َما ُء كٱل ُم ۡه ِل ‪}٨‬‬
‫ون ٱ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يوم تك‬
‫ً‬ ‫ََ َ ْ‬ ‫واملعنى‪ :‬تكون السماء سائال كالزيت والدهان‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬فإ َذا ْان َش هقت ه‬
‫الس َم ُاء فكانت َو ْر َدة‬
‫َ‬
‫كالد َهان}[الرحمن‪.]37 :‬‬

‫ََ ُ ُ‬ ‫ۡ ُ َ ۡ‬
‫ل َبال كٱلعِ ۡه ِن ‪} ٩‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وتكون ٱ ِ‬
‫َْْ ُ‬ ‫ََ ُ ُ ْ َ ُ َ ْ‬
‫ال كالع ْهن اَلنفوش}[القارعة‪:‬‬‫واملعنى‪ :‬وتكون الجبال كالصوف املنفوش‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وتكون الجب‬
‫‪.]5‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وَّل ي َ ۡسَٔٔل َْحِيم َْحِيما ‪} ١٠‬‬
‫ُ‬
‫قريب قريبه عن شأنه الشتغال كل إنسان بنفسه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬لكل امرئ م ُنهم‬ ‫واملعنى‪ :‬وال يسأل ٌ‬
‫َ َ َ‬
‫ومئذ شأن ُيغنيه}[عبس‪.]37 :‬‬ ‫ي‬

‫ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َ‬ ‫ون ُه ۡم يَ َو ُّد ٱل ۡ ُم ۡجر ُم ل َ ۡو َي ۡف َ‬


‫َُ َ ُ َ‬
‫اب يَ ۡو ِمئِذ بِبَن ِيهِ ‪َ ١١‬وص ى ِ‬
‫ح َبتِهِۦ َوأخِيهِ ‪ ١٢‬وف ِ‬
‫صيلتِهِ ٱل ِت‬ ‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫ع‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫ِي‬‫د‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ُص ر‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يب‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ُتٔٔۡوِيهِ ‪َ ١٣‬و َمن ِِف ٱلۡر ِض َۡجِيعا ث َم يُن ِجيهِ ‪} ١٤‬‬
‫يتمنى الكافر املجرم ْأن يفتدي نفسه من عذاب يوم القيامة بأبنائه‪،‬‬ ‫ويتعرفون عليهم‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬يرونهم‬
‫تضمه عند الشدائد‪ ،‬بل يفتدي بمن في األرض جميعا لينجيه من العذاب‪.‬‬ ‫وزوجته وأخيه‪ ،‬وعشيرته التي ّ‬
‫ّ‬
‫قرر هللا تبارك وتعالى أنه ال يقبل الفداء‪ ،‬وال ينجيه االفتداء شيئا من العذاب‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬يا‬ ‫وقد ّ‬
‫َ‬ ‫اخ َش ْوا َي ْو ًما ََل َي ْجزي َوال ٌد َع ْن َو َلد َوَل َم ْو ُل ٌ‬‫َ ُّ َ ه ُ ه ُ َ ه ُ ْ َ ْ‬
‫ود ُه َو َج ٍاز َع ْن َوالد ش ْي ًئا إ هن َو ْع َد هَّللا‬ ‫أيها الناس اتقوا ربكم و‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َح ٌّق}[لقمان‪ ،]33 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وإن تدع ُمثقلة إلى ح ْمل َها َل ُي ْح َم ْل منه ش ْي ٌء َول ْو كان ذا ق ْرَبى}[فاطر‪،]18 :‬‬
‫َ ُ َ‬
‫اب َب ْي َن ُه ْم َي ْو َمئ ٍذ َوَل َيت َس َاءلون}[املؤمنون‪.]101 :‬‬ ‫الصور َفال َأ ْن َس َ‬
‫وقال تعالى‪َ { :‬فإ َذا ُنف َخ في ُّ‬

‫َ‬ ‫ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬لَك إ ِ َن َها ل َظ ىي ‪} ١٥‬‬
‫َ ُُ‬ ‫تمنون أيها الكفار‪ّ ،‬إن نار ّ‬
‫واملعنى‪ :‬كال‪ ،‬ليس األمر كما ّ‬
‫جهنم تتلظى وتتلهب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فأنذ ْرتكم‬
‫نا ًرا تلظى}[الليل‪.]14 :‬‬

‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬نَ َز َ‬


‫ِلش َو ىى ‪} ١٦‬‬ ‫اعة ل‬
‫واملعنى‪ :‬تنزع هذه النار لشدة حرارتها جلودهم‪ ،‬فتشويها‪.‬‬
‫ص َه ُربه َما في ُب ُطونه ْم َو ْال ُجل ُ‬
‫ود}[الحج‪.]20 :‬‬
‫ُ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ُ { :‬ي ْ‬

‫َََ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َۡ‬
‫ۡج َع َفأ ۡو َ ى‬
‫ِع ‪} ١٨‬‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ت ۡد ُعوا َم ۡن أدبَ َر َوت َو ىل ‪ ١٧‬و‬

‫ُ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪۞{ :‬إ ِ َن ٱ ِإل َ ى‬
‫نس َن ُخل َِق َهلوَع ‪} ١٩‬‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن اإلنسان خلق على الجزع والهلع‪ ،‬وهو إذا أصابه الشر كثير الجزع‪ ،‬وإذا أصابه الخير كثير‬
‫لُۡ‬
‫ري َم ُنوَع ‪[}٢١‬املعارج‪.]20-21 :‬‬ ‫ِإَوذا َِّ َس ُه ٱ ۡ َ‬
‫َ‬ ‫املنع‪ ،‬كما قال تعالى في اآليتين بعدها‪ { :‬إ َذا َِّ َس ُه ٱ َ ُّ‬
‫لش َج ُزوَع ‪٢٠‬‬ ‫ِ‬

‫َ َ ُ ۡ َ َى َ َ ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪}٢٣‬‬ ‫ري َم ُنوَع ‪ ٢١‬إ ََّل ٱل ۡ ُم َصل َ‬
‫ِي ‪ ٢٢‬ٱَّلِين هم لَع صلت ِ ِهم دائِم‬ ‫لُۡ‬‫ِإَوذا َِّ َس ُه ٱ ۡ َ‬
‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إ َذا َِّ َس ُه ٱ َ ُّ‬
‫لش َج ُزوَع ‪٢٠‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ِلسائ ِ ِل َوٱل َم ۡح ُر ِ‬
‫وم ‪} ٢٥‬‬ ‫ِين ِف أ ۡم َو ىلِه ۡم َحق َم ۡعلوم ‪ ٢٤‬ل َ‬
‫ِ‬
‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّل ِ‬
‫واملعنى‪ :‬والذين جعلوا في أموالهم حقا معلوما للمحتاجين السائلين واملحتاجين املتعففين عن‬
‫َْ‬
‫لسائل َواْل ْح ُروم}[الذاريات‪.]19 :‬‬ ‫السؤال‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وفي َأ ْم َواله ْم َح ٌّق ل ه‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ين ‪} ٢٦‬‬ ‫ِين يُ َصدِقون ب ِ َي ۡو ِم ٱ ِ‬
‫َل ِ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱَّل َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬والذين يصدقون ويوقنون بيوم القيامة فيستعدون له‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وب ِٱٓأۡلخ َِرة ِ ه ۡم يُوق ُِنون‬
‫ّ‬
‫}[البقرة‪.]4 :‬‬

‫ُّ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ ُ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٢٧‬‬ ‫اب َرب ِ ِهم ِّشفِق‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين هم مِن عذ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬والذين هم خائفون من عذاب ّربهم‬
‫َّللا َوج َل ْت ُق ُل ُوب ُه ْم}[األنفال‪ ،]2 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬و هالذ َ‬
‫ين‬ ‫ين إ َذا ُذك َر ه ُ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬هالذ َ‬
‫َ‬ ‫ٌَ َ‬ ‫ُْ َ َ ُُ‬
‫ُيؤتون ما آت ْوا َوقل ُوب ُه ْم َوجلة أ هن ُه ْم إلى َربه ْم راج ُعون}[املؤمنون‪.]60 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬إ َن َعذ َ‬
‫اب َربه ۡم غ ۡ ُ‬
‫ري َمأ ُِّون ‪} ٢٨‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ۡ َى ُ َ‬ ‫َ َ ُ ۡ ُُ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٢٩‬‬ ‫ج ِهم حفِظ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين هم ل ِفرو ِ‬
‫واملعنى‪ :‬والذين هم حافظون لفروجهم من الزنى واللواط والشذوذ الجنس ي‪.‬‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و هالذ َ‬
‫ين ُه ْم لف ُروجه ْم َحافظون}[املؤمنون‪.]5 :‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫ت أيۡ َم ى ُن ُه ۡم فإ َن ُه ۡم غ ۡ ُ‬
‫ري َِّلوم َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬
‫لَع أ ۡز َو ىجه ۡم أ ۡو َما َِّلك ۡ‬
‫ِي ‪} ٣٠‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إَِّل ى‬
‫واملعنى‪ :‬إال على زوجاتهم التي أحلها هللا تعالى لهم بعقد صحيح‪ ،‬أو ما ملكت أيمانهم من اإليماء‪ ،‬فال‬
‫بهن‪.‬‬‫جماعهن واالستمتاع ّ‬ ‫ّ‬ ‫لوم عليهم وال حرج في‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إَل َعلى أز َواجه ْم ْأو َما َملكت أ ْي َم ُان ُه ْم فإ هن ُه ْم غ ْي ُر َملومين}[املؤمنون‪.]6 :‬‬

‫َ ُ ُ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ َى‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ون ‪} ٣١‬‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ف َم ِن ٱ ۡب َت َ ى‬
‫غ َو َرا َء ذ ىل ِك فأولئِك هم ٱلعاد‬
‫واملعنى‪ :‬فمن طلب غير ذلك من الزوجات واإلماء‪ ،‬فأولئك هم املجاوزون الحالل إلى الحرام‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ف َمن ْابتغى َو َر َاء ذل َك فأولئ َك ُه ُم ال َع ُادون}[املؤمنون‪.]7 :‬‬

‫َ َ ُ ۡ َ ى َ ى ۡ َ َ ۡ ۡ َى ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٣٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين هم ِلمنت ِ ِهم وعه ِدهِم رع‬
‫واملعنى‪ :‬والذين هم مؤدون آماناتهم التي اؤتمنوا عليها إلى أهلها‪ ،‬وهم موفون بعهودهم‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ َ‬ ‫ۡ ُ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ه هَ ْ ُ َ ْ َُ‬
‫األمانات إلى أهل َها}[النساء‪ ،]58 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وٱل ُموفون ب ِ َع ۡه ِده ِۡم إِذا ع ى َه ُدوا‬
‫َ َ‬
‫َّللا َيأ ُم ُرك ْم أن تؤ ُّدوا‬ ‫{إن‬
‫}[البقرة‪.]177 :‬‬
‫َ ه َ ُ ْ َ َ ْ َ َْ ْ َ ُ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬والذين هم ألماناتهم وعهدهم راعون}[املؤمنون‪.]8 :‬‬

‫َ َ َ ُ َ َى َى ۡ َ ُ َ‬
‫ون ‪} ٣٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلِين هم بِشهدت ِ ِهم قائِم‬
‫ۡ‬
‫واملعنى‪ :‬والذين هم قائمون بشهاداتهم‪ ،‬محافظون عليها‪ ،‬وال يكتمونها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َمن يَك ُت ۡم َها‬
‫َۡ‬ ‫َ‬
‫فإِنَ ُهۥ َءاث ِم قل ُب ُهۥ }[البقرة‪.]283 :‬‬

‫ۡ َ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ِين ُه ۡم ى‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٣٤‬‬ ‫لَع َصلت ِ ِهم ياف ِظ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱَّل َ‬

‫واملعنى‪ :‬والذين هم مواظبون ومداومون على أداء صالتهم‪.‬‬


‫ُ َ‬ ‫َ ه َ ُ ْ ََ ََ‬
‫صل َواته ْم ُي َحافظون}[املؤمنون‪.]9 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬والذين هم على‬
‫َ َ ى ُّ ۡ َ ُ َ‬ ‫ُ َى َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أولئِك ِِف جنت مكرِّون ‪} ٣٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬أولئك املوصوفون بالصفات املذكورة مكرمون في الجنات‪ ،‬وارثون لها خالدون فيها‪ ،‬كما قال‬
‫َ َ َ ُ َ ۡ ۡ َۡ َ ُ ۡ َ َى ُ َ‬ ‫ُ َى َ ُ ۡ ُ َ‬
‫ون ‪[}١١‬املؤمنون‪.]10-11 :‬‬‫تعالى‪ { :‬أولئِك ه ُم ٱل َو ىرِثون ‪ ١٠‬ٱَّلِين ي ِرثون ٱلفِردوس هم فِيها خ ِِل‬

‫َ ََُ َ َ‬
‫ك ُِّ ۡهطعِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪} ٣٦‬‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ف َما ِل ٱَّلِين كفروا ق ِبل‬
‫فأي دافع يدفع هؤالء الذين كفروا حواليك أيها الرسول مسرعين إلى التكذيب واالستهزاء بك‪،‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫معرضين عن الحق‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فما لهم عن التذكرة ُم ْعرضين}[املدثر‪.]49 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬عن ٱ َۡلَمي َو َ‬


‫ين ‪ ٣٧‬أ َي ۡط َم ُع ُك ٱ ِّۡ ِري م ِۡن ُه ۡم أن يُ ۡد َخل َج َنة نَعِيم ‪}٣٨‬‬
‫لش َمال عِز َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٱ‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ِ ِ ِ‬

‫َ َ َىُ َ َ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ََ‬


‫ون ‪} ٣٩‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬لَك إِنا خلقنهم ِِّما يعلم‬
‫ل ّ ّ‬
‫الجنة‪ ،‬إنا خلقناهم مما يعلمونه‪ ،‬وهو املني الضعيف‪ ،‬كما قال‬ ‫واملعنى‪ :‬كال‪ ،‬ال طمع لهم في دخو‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ُْ ْ ُ‬
‫تعالى‪{ :‬أل ْم نخلقك ْم م ْن َم ٍاء َمه ٍين}[املرسالت‪ ،]20 :‬وقال تعالى‪{ :‬فل َينظر اإلن َسان م هم خلق خلق من َم ٍاء‬
‫ْ‬
‫َداف ٍق}[الطارق‪.]5-6 :‬‬

‫َ َ َى ُ َ‬ ‫ى‬ ‫ََ ُۡ ُ َ َۡ َى َ َۡ َ‬
‫ون ‪} ٤٠‬‬ ‫ب إِنا لقدِر‬
‫ب ٱلمش ِر ِق وٱلم ِ ِ‬
‫ر‬ ‫غ‬ ‫سم بِر ِ‬‫قوله تعالى‪ { :‬فل أق ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬فأقسم باملشارق واملغارب‪ ،‬إنا لقادرون‪.‬‬
‫بأنه ر ّب املشرق واملغرب‪ ،‬ورب املشرقين واملغربين‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫وقد ّ‬
‫ورب املشارق واملغارب في آيات‬ ‫صرح هللا تعالى‬
‫َ ه ْ‬ ‫َْ ْ َ َ‬ ‫َْ ْ‬
‫كثيرة‪ ،‬منها قوله تعالى‪َ { :‬ر ُّب اَلشرق َواَلغرب َل إل َه إَل ُه َو فاتخذ ُ َوكيال}[املزمل‪ ،]9 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬ر ُّب‬
‫َْ‬ ‫ْاَلَ ْشر َق ْين َو َر ُّب ْاَلَ ْغرَب ْين}[الرحمن‪ ،]17 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬ر ُّب ه‬
‫الس َم َاوات َواأل ْرض َو َما َب ْي َن ُه َما َو َر ُّب‬
‫َْ َ‬
‫اَلشارق}[الصافات‪.]5 :‬‬

‫َ‬
‫َۡ ُۡ ۡ ََ ۡ‬ ‫َ‬‫ى ُّ‬ ‫ََ َ‬
‫َن ُن ب ِ َم ۡس ُبوق َِي ‪} ٤١‬‬ ‫لَع أن ن َبدِل خريا مِنهم وما‬ ‫قوله تعالى‪{ :‬‬
‫نحن بمغلوبين على ذلك‪.‬‬ ‫نبدل من الذين ماتوا منكم خيرا منهم‪ ،‬وما ْ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬إنا قادرون على ْأن ّ‬
‫َ َ ى َ ُّ َ َ َ ۡ َ ى َ ُ‬
‫كمۡ‬ ‫َۡ ُ َ َ ۡ َ ََۡ ُ ُ َۡ ۡ َ َ َ َۡ‬
‫َن ُن ب َم ۡس ُبوق َ‬
‫ِي ‪ ٦٠‬لَع أن نبدِل أمٰل‬ ‫ِ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬نن قدرنا بينكم ٱلموت وما‬
‫َُ َ ُ ۡ َ َ ََُۡ َ‬
‫ون ‪[}٦١‬الواقعة‪.]60-61 :‬‬ ‫وننشِ ئكم ِِف ما َّل تعلم‬
‫ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ َُ َ َى ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫ون ‪} ٤٢‬‬ ‫ت يُل ىقوا يَ ۡو َِّ ُه ُم ٱَّلِي يوعد‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فذ ۡره ۡم يوضوا ويلعبوا ح‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬فاتركهم أيها الرسول يخوضوا في باطلهم‪ ،‬ويلعبوا في دنياهم‪ ،‬حتى يالقوا يومهم الذي يوعدون‬
‫ََ ُ ۡ ُ َ ُ َ‬ ‫بالهالك‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬يَ ۡو َم ََّل ُي ۡغن َع ۡن ُه ۡم َك ۡي ُد ُه ۡم َ ۡ‬
‫ون ‪[}٤٥‬الطور‪.]45 :‬‬ ‫يشٔٔا وَّل هم ينُص‬ ‫ِ‬
‫ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ۡ ُ ۡ َُ ُ َ َۡ َُ َ َى َ ُ‬
‫ون ‪[}٨٣‬الزخرف‪:‬‬ ‫ت يُل ىقوا يَ ۡو َِّ ُه ُم ٱَّلِي يوعد‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬فذرهم يوضوا ويلعبوا ح‬
‫‪.]83‬‬

‫ُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬


‫َ‬
‫ون ‪} ٤٣‬‬ ‫ساَع كأن ُه ۡم إ ِ ىل ن ُصب يوف ِض‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يَ ۡوم ي ُر ُجون م َِن ٱلج َد ِ‬
‫اث ِ َ‬
‫َ َ‬
‫واملعنى‪ :‬يوم يخرج هؤالء املشركون من قبورهم مسرعين إلى املنادي‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬م ْهطعين إلى‬
‫َ‬ ‫ُ ََ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬
‫الداع َيقو ُل الكاف ُرون َهذا َي ْو ٌم َعس ٌر}[القمر‪ ،]8 :‬وقال تعالى‪َ { :‬ي ْو َم َي ْد ُعوك ْم فت ْستج ُيبون ب َح ْمد }[اإلسراء‪:‬‬ ‫ه‬
‫يهر ِولون ويسرعون‪.‬‬ ‫كأنهم يذهبون إلى آلهتهم التي كانوا يعبدونها في الدنيا‪ْ ،‬‬ ‫‪ّ ،]52‬‬

‫ُ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬


‫َ ُ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪}٤٤‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬خ ىشِ َعة أبۡص ى ُره ۡم ت ۡرهق ُه ۡم ذِلة ر ذ ىل ِك ٱَلَ ۡو ُم ٱَّلِي َكنوا يوعد‬
‫َََ ُ ْ ُ َْ ُ َ َ‬
‫ضون َعل ْي َها‬‫واملعنى‪ :‬خاشعة أبصارهم وتغشاهم ذلة من الفضيحة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وتراهم يعر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خاشعين م َن الذل َينظ ُرون م ْن ط ْر ٍف خف ٍي}[الشورى‪ ،]45 :‬ذلك يوم القيامة الذي كانوا يوعدون به في‬
‫الدنيا‪.‬‬
‫ُ َُ ُ‬
‫ورة نوح‬ ‫س‬
‫وهي مكية وعدد آياتها ثمان وعشرون‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬إِنَا أ ۡر َسل َنا نُوحا إ ِ ىل ق ۡو ِمهِۦ أ ۡن أنذ ِۡر ق ۡو َِّ َك مِن ق ۡب ِل أن يَأت َِي ُه ۡم َعذاب أ َِلم ‪} ١‬‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنا أرسلنا نوحا عليه السالم إلى قومه‪ ،‬وقلنا له‪ :‬أنذر قومك من قبل ْأن يأتيهم عذاب موجع‪،‬‬
‫َْ َ َ َ‬ ‫ََ َ ْ ُ ً‬ ‫ّ‬
‫قال يا ق ْوم‬ ‫فإني أخاف عليكم ْأن يحل لكم عذاب يوم عظيم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬لق ْد أ ْر َسلنا نوحا إلى قومه ف‬
‫خاف َع َل ْي ُك ْم َع َ‬‫َُُْ َ ُ‬ ‫ُُْ هَ َ ُ‬
‫ذاب َي ْو ٍم َعظ ٍيم}[األعراف‪.]59 :‬‬ ‫َّللا ما لك ْم م ْن إ ٍله غير إني أ‬ ‫اعبدوا‬

‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ك ۡم نَذِير ُّمبِي ‪} ٢‬‬
‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قال ي ىق ۡو ِم إ ِ ِن ل‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قال نوح عليه السالم لقومه‪ :‬يا قوم إني لكم منذر ّبين اإلنذار‪.‬‬
‫َُ َ‬ ‫َََ ْ َْ َ َْ ُ ً َ َ‬
‫وحا إلى ق ْومه إني لك ْم نذ ٌير ُمب ٌين}[هود‪.]25 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬ولقد أرسلنا ن‬

‫ََ َ َُ ُ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ُُۡ‬ ‫َ‬
‫ون ‪} ٣‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أ ِن ٱعبدوا ٱَّلل وٱتقوه وأطِيع ِ‬
‫واملعنى‪ْ :‬أن أخلصوا العبادة هلل وحده‪ ،‬واتقوه وخافوا عذابه‪ ،‬وأطيعوني فيما آمركم به من عبادته‪.‬‬
‫ۡ َ َ َ َ ُ ُ ُ ََ َ ُ َ‬ ‫وح ٱل ۡ ُم ۡر َسل َ‬‫َ ََ ۡ َ ُ‬
‫ِي ‪ ١٠٥‬إِذ قال ل ُه ۡم أخوه ۡم نوح أَّل ت َتقون ‪ ١٠٦‬إ ِ ِن‬ ‫ت ق ۡو ُم ن ٍ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬كذب‬
‫ََ َ ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ۡ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون ‪[} ١٠٨‬الشعراء‪.]106-108 :‬‬
‫لكم رسول أمِي ‪ ١٠٧‬فٱتقوا ٱَّلل وأطِيع ِ‬

‫ل أَ َجل ُِّّ َس ًّم إ َن أَ َج َل ٱ ََّللِ إ َذا َجا َء ََّل يُ َؤ َخ ُر ل َ ۡو ُك ُ‬


‫نت ۡم‬
‫ُُ ُ ۡ ََُ ۡ ُ َ‬
‫ك ۡم إ ِ ى‬ ‫ۡ َ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬يغفِ ۡر لكم مِن ذنوبِكم ويؤخِر‬
‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََُۡ َ َ َ‬
‫ون ‪ ٤‬قال َر ِب إِ ِن َد َع ۡو ُت ق ۡو ِم َۡلل َو َن َهارا ‪ ٥‬فل ۡم يَ ِز ۡد ُه ۡم ُد ََعءِي إَِّل ف َِرارا ‪} ٦‬‬ ‫تعلم‬

‫َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ َ ُّ َ ۡ َ ۡ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َُ َ ُ‬
‫كَُ‬
‫بوا‬ ‫ِإَون ُك َما د َع ۡوت ُه ۡم ِِلَغ ِف َر ل ُه ۡم َج َعلوا أص ىب ِ َع ُه ۡم ِِف ءاذان ِ ِهم وٱستغشوا ثِيابهم وأَصوا وٱست‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬‬
‫ۡ‬
‫ٱ ۡستِك َبارا ‪} ٧‬‬
‫وإني ّكلما ُ‬
‫دعوتهم إلى اإليمان بك ليكون سببا ملغفرتك لهم‪ ،‬وضعوا رؤوس أصابعهم في آذانهم‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واستمروا على الكفر‪ ،‬واستكبروا‬ ‫وأصروا‬ ‫ليسدوها بها فال يسمعوا دعوتي‪ ،‬وغطوا بثيابهم وجوههم لئال يروني‪،‬‬
‫عن قبول الدعوة استكبارا‪.‬‬
‫وهذا املوقف يشابه موقف دعوة الرسول صلى هللا عليه وسلم للمشركين بمكة‪ ،‬كما حكى هللا تعالى‬
‫َ هُ َ ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫ََ َ ه َ َ َ َ َ‬
‫ين كف ُروا َل ت ْس َم ُعوا ل َهذا الق ْرآن َوالغ ْوا فيه ل َعلك ْم تغل ُبون}[فصلت‪.]26 :‬‬ ‫عنه في قوله‪{ :‬وقال الذ‬

‫َ‬ ‫س ۡر ُ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ث َم إن َد َع ۡو ُت ُه ۡم ج َهارا ‪ ٨‬ث َم إن أ ۡعل ُ‬
‫ت ل ُه ۡم إ ِ ۡ َ‬
‫سارا ‪} ٩‬‬ ‫نت ل ُه ۡم َوأ ۡ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬

‫َ‬
‫َ َ َ َ ۡ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف ُقل ُ‬
‫كم م ِۡد َرارا ‪}١١‬‬ ‫ت ٱ ۡس َتغفِ ُروا َر َبك ۡم إِن ُهۥ َكن غفارا ‪ ١٠‬يُ ۡرس ِِل ٱلسماء علي‬
‫كان كثير‬‫بأن تتوبوا إليه‪ ،‬وتتركوا كفركم وفسوقكم‪َ ،‬إن هللا تعالى َ‬ ‫فقلت لهم‪ :‬استغفروا ّبكم ْ‬ ‫ُ‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الغفران للتائبين إليه‪ ،‬فإنكم إذا استغفرتم رّبكم وتبتم إليه يرسل هللا تعالى عليكم بفضله ورحمته‪ ،‬أمطارا‬
‫غزيرة متتابعة تنتفعون بها في حياتكم‪.‬‬
‫َ َ َ ْ ْ َ ْ ُ َه ُ ْ ُ ه ُ ُ َ‬
‫وبوا إل ْيه‬ ‫ونظير هاتين اآليتين قوله تعالى على لسان هود عليه السالم‪{ :‬ويا قوم استغفروا ربكم ثم ت‬
‫َ‬ ‫ََ ه‬ ‫ُ ُ ً َ ُ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫الس َم َاء َعل ْيك ْم م ْد َرا ًرا َو َيز ْدك ْم ق هوة إلى ق هوتك ْم َوَل تت َول ْوا ُم ْجرمين}[هود‪.]52 :‬‬
‫ُي ْرسل ه‬

‫َ َ َ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫َ ُ َۡ‬ ‫َ ُ‬ ‫كم بأَ ۡم َو ىل َوبَن َ‬


‫َُۡ ۡ ُ‬
‫ِي َويَ ۡج َعل لك ۡم َج َنىت َويَ ۡج َعل لك ۡم أن َه ىرا ‪َ ١٢‬ما لك ۡم َّل ت ۡر ُجون َِّللِ َوقارا‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ويمدِد‬
‫‪} ١٣‬‬

‫َ َ ََ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وق ۡد خلقك ۡم أ ۡط َوارا ‪١٤‬‬
‫واملعنى‪ :‬وقد خلقكم هللا تعالى أيها الناس في أطوار متدرجة‪ ،‬نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظام ولحم‪،‬‬
‫َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َََ ََ َ‬
‫نس َن من ُساللة من طين (‪ )12‬ث هم َج َعلن ُه نطفة‬
‫قنا اإل َ‬ ‫ثم خلق آخر بنفخ الروح فيه‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ولقد خل‬
‫ََ‬ ‫ُ ه َ َ َ ُّ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫في ق َرار همكين (‪ )13‬ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا اَلضغة عظما فكسونا العظم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حس ُن الخالقين}[املؤمنون‪.]12-14 :‬‬‫َّللا َأ َ‬ ‫ر‬
‫ُه َ َ َ ُ َ ً َ َ‬
‫اخ َر َف َت َبا َ َك ه ُ‬‫لحما ثم أنشأنا خلقا ء‬
‫َ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬أل ۡم تَ َر ۡوا ك ۡي َف َخل َق ٱ َ ُ‬
‫َّلل َس ۡب َع َس َم ى َو ىت ط َِباقا ‪} ١٥‬‬
‫تروا أيها الناس كيف خلق هللا تعالى سبع سماوات متطابقة بعضها فوق بعض‪ ،‬بدون‬ ‫واملعنى‪ :‬ألم ْ‬
‫ات ط َب ًاقا َما َت َرى في َخ ْلق ه‬
‫الر ْح َمن م ْن‬ ‫ََ َ َ َ َ َ‬ ‫ه‬
‫خلل وعيب وتناقض‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬الذي خلق س ْبع س َماو ٍ‬
‫ََ‬
‫تف ُاو ٍت}[امللك‪.]3 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ‬


‫لش ۡم َس ِ َ‬
‫ساجا ‪} ١٦‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬و َج َعل ٱلق َم َر فِي ِه َن نورا َو َج َعل ٱ‬
‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬وجعل هللا تعالى القمر نورا في السماوات وجعل الشمس مصباحا مضيئا‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬ه َو‬
‫ل ِق‬ ‫َّلل َذ ىل َِك إ ِ ََّل بٱ ۡ َ‬ ‫ض َياء َوٱ ۡل َق َم َر نُورا َو َق َد َرهُۥ َم َناز َل ِِلَ ۡعلَ ُموا َع َد َد ٱ ِ َ َ ۡ َ َ‬
‫اب َما َخلَ َق ٱ َ ُ‬
‫لسن ِي وٱل ِس ر‬ ‫ِ‬ ‫س‬
‫َ ََ َ‬
‫لش ۡم َ‬ ‫ٱ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫ِي‬
‫َ‬
‫َّل‬ ‫ٱ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫َۡ َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ ُ‬
‫ون ‪[}٥‬يونس‪.]5 :‬‬ ‫ت ل ِقوم يعلم‬‫صل ٱٓأۡلي ى ِ‬‫يف ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلل أۢنبتكم مِن ٱلۡر ِض نباتا ‪} ١٧‬‬
‫واملعنى‪ :‬وهللا تعالى أنشأكم بابتداء خلق أبيكم آدم من األرض إنشاء‪.‬‬
‫ُ َ َ ْ َ َ ُ ْ َ ْ َْ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى على لسان صالح عليه السالم لقومه‪{ :‬هو أنشأكم من األرض‬
‫َ ْ َ ُ‬
‫است ْع َم َرك ْم فيها}[هود‪.]61 :‬‬‫و‬

‫َ ُ ُ ُ ۡ َ َُ ۡ ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫ك ۡم إ ِ ۡخ َراجا ‪} ١٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ثم يعِيدكم فِيها ويخ ِرج‬
‫واملعنى‪ :‬ثم يعيدكم أيها الناس في األرض بعد موتكم‪ ،‬ويخرجكم إخراجا محققا أحياء يوم القيامة‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫كما قال تعالى‪{ :‬م ْن َها َخل ْق َناك ْم َوف َيها نعي ُدك ْم َوم ْن َها ُن ْخر ُجك ْم َتا َر ًة أ ْخ َرى}[طه‪ ،]55 :‬وقال تعالى‪{ :‬فيها َت ْح َي ْون‬
‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ ُ َ‬
‫َوفيها ت ُموتون َوم ْنها تخ َر ُجون}[األعراف‪.]25 :‬‬

‫َ‬ ‫َ َُ َ ََ َ ُ ُ َۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلل جعل لكم ٱلۡرض بِساطا ‪} ١٩‬‬
‫ه‬
‫وميسرة لالنتفاع بها كالبساط‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬الذي َج َع َل‬
‫واملعنى‪ :‬وهللا تعالى جعل لكم األرض ممهدة ّ‬
‫َ َُ‬ ‫َل ُك ُم األ ْر َ‬
‫ض َم ْه ًدا َو َسل َك لك ْم ف َيها ُس ُبال}[طه‪.]53 :‬‬

‫ُ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ل ِتَ ۡسلكوا م ِۡن َها ُس ُبل ف َِجاجا ‪} ٢٠‬‬
‫واملعنى‪ :‬لتسلكوا في األرض طرقا واسعة ومنافذ متعددة‪ ،‬لتهتدوا بها في الوصول إلى األماكن التي‬
‫َ َ‬ ‫ً ً َ ه‬ ‫ْ‬
‫تريدونها‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َج َعلنا فيها فجاجا ُس ُبال ل َعل ُه ْم َي ْهت ُدون}[األنبياء‪.]31 :‬‬

‫ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ق َال نُوح َرب إ َن ُه ۡم َع َص ۡون َوٱ َت َب ُعوا َمن ل َ ۡم يَز ۡد ُه َم ُ ُ‬
‫الۥ َو َو َُلهُۥ إَِّل خ َسارا ‪َ ٢١‬و َمك ُروا َمكرا ك َبارا ‪٢٢‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ َ ُ َ َ َ ُ َ َ َ َ ُ ۡ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ ُ َ َ َ ُ َ َ َۡ‬
‫وقالوا َّل تذرن ءال ِهتكم وَّل تذرن ودا وَّل سواَع وَّل يغوث ويعوق ونّسا ‪} ٢٣‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُّ‬


‫ي إَِّل َضل ىل ‪} ٢٤‬‬
‫لظلِم َ‬ ‫ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وقد أضلوا كثِريا َوَّل ت ِز ِد ٱ ِ‬
‫أضل املتبوعون من قوم نوح كثيرا من الناس‪ ،‬وال ْ‬
‫تزد يا ر ّب هؤالء الظاملين إال بعدا عن‬ ‫واملعنى‪ :‬وقد ّ‬
‫الحق والصواب‪.‬‬
‫وهذا الدعاء الذي دعا به نوح عليه السالم على قومه كان بسبب كفرهم وعنادهم وتكذيبهم‪ ،‬وقد‬
‫ََ َ ُ َ ى َََ َ َ‬
‫ك َء َات ۡي َ‬
‫ت‬ ‫دعا بمثل هذا الدعاء موس ى عليه السالم على فرعون وملئه في قوله تعالى‪ { :‬وقال ِّوس ربنا إِن‬
‫َ َ َ َ ۡ ۡ َ َ ى َ ۡ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ َى ُ ُ‬ ‫ۡ َ َ ى ُّ ۡ َ َ َ َ ُ ُّ‬ ‫َ ََۡ‬ ‫َ َ َ ََ‬
‫لَع قلوب ِ ِه ۡم‬ ‫ضلوا َعن َسبِيل ِك ربنا ٱط ِمس لَع أمو ىل ِ ِهم وٱشدد‬‫ف ِۡرع ۡون َوِّلهُۥ زِينة َوأمو ىَّل ِِف ٱليوة ِ ٱَلنيا ربنا َِل ِ‬
‫ََ ُۡ ُ َ َ َ ُ َۡ َ َ َۡ‬
‫اب ٱل َِل َم ‪[}٨٨‬يونس‪.]88 :‬‬ ‫ت ي َروا ٱلعذ‬
‫فل يؤمِنوا ح ى‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫ُ ۡ ُ‬


‫قوله تعالى‪َِ ِّ { :‬ما َخطئَٰـتِه ۡم أغرقوا فأ ۡدخِلوا نَارا فل ۡم ُي ُدوا ل ُهم مِن ُدون ٱ ََّللِ أ َ‬
‫نصارا ‪}٢٥‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫املتمردون بالطوفان في الدنيا‪ ،‬فأ ِ‬
‫دخلوا نارا في اآلخرة‪،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬فبسبب خطيئاتهم‪ ،‬أغرق هؤالء القوم‬
‫َ َ َ‬ ‫ْ‬
‫ال َل‬ ‫فلم يجدوا من دون هللا تعالى أنصارا يدفعون عنهم عذابه‪ ،‬كما قال تعالى على لسان نوح عليه السالم‪{ :‬ق‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫َعاص َم ال َي ْو َم م ْن أ ْمر هَّللا إَل َم ْن َرح َم}[هود‪.]43 :‬‬

‫ۡ َ‬ ‫ََ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وقال نُوح َرب َّل تَذ ۡر لَع ٱلۡر ِض م َِن ٱلك ىفِر َ‬
‫ين َديَارا ‪} ٢٦‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬وقال نوح عليه السالم‪ :‬ر ّب ال تترك من الكافرين على وجه األرض أحدا ّ‬
‫حيا يسكن الديار‪.‬‬
‫ّ‬
‫وكان نوح عليه السالم دعا بهذا الدعاء على قومه‪ ،‬مع أنه من عادة الرسل الصبر على أذى قومهم؛‬
‫َ‬ ‫َُ َ َ ُ َه َ‬ ‫ألنه أوحي إليه ّأنه ْ‬
‫ّ‬
‫وح أن ُه لن ُيؤم َن من قوم َك‬
‫ٍ‬ ‫ن‬ ‫ى‬ ‫ل‬‫إ‬ ‫ي‬ ‫وح‬‫أ‬‫و‬ ‫{‬ ‫عالى‪:‬‬ ‫ت‬ ‫قال‬ ‫كما‬ ‫آمن‪،‬‬ ‫قد‬ ‫من‬ ‫إال‬ ‫قومه‬ ‫من‬ ‫يؤمن‬ ‫لن‬
‫َ َ ُ ْ َ َُ َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫فعلون}[هود‪.]36 :‬‬ ‫إَل َمن قد َء َام َن فال تبتئس بما كانوا ي‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬


‫اد َك َوَّل يَ ِ ُِلوا إَِّل فا ِجرا ك َفارا ‪} ٢٧‬‬
‫َ َ‬
‫ضلوا عِب‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِنك إِن تذ ۡره ۡم ي ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬اللهم إنك ْإن تتركهم أحياء يضلوا عبادك الذين آمنوا بك‪ ،‬وال يلدوا إال فاجرا شديد الكفر‬
‫بك‪.‬‬
‫ّ‬
‫وقد علم نوح عليه السالم هذه الحقيقة؛ لخبرته بهم حيث إنه قد دعا قومه إلى هللا واإليمان به ألف‬
‫َ‬ ‫َْ َ َ ه َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َََ ْ َْ َ َْ ُ ً َ َ‬
‫وحا إلى ق ْومه فلبث فيه ْم ألف َسن ٍة إَل خ ْمسين َع ًاما‬ ‫سنة إال خمسين عاما‪ ،‬وقال تعالى‪{ :‬ولقد أرسلنا ن‬
‫َ ُ َ‬ ‫ُّ َ ُ‬ ‫ََ َ َ‬
‫فأخذ ُه ُم الطوفان َو ُه ْم ظاَلون}[العنكبوت‪.]14 :‬‬

‫َى َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ت ُِّ ۡؤمِنا َول ِۡل ُم ۡؤ ِمن َ ۡ ۡ َ‬


‫ي إَِّل َت َب َارا ‪}٢٨‬‬ ‫ت َوَّل ت ِزدِ ٱلظل ِ ِم‬
‫ِي َوٱل ُمؤمِنى ِ‬ ‫ب ٱ ۡغ ِف ۡر ِل َول َِو ى ِ ََل َي َول َِمن َد َخ َل َب ۡي ِ َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ر ِ‬
‫ُ َُ‬
‫سورة الجن‬
‫وهي مكية وعدد آياتها ثالثون‬

‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫ُۡ ُ‬


‫ل ِن ف َقالوا إِنَا َس ِم ۡع َنا ق ۡر َءانا َع َجبا ‪}١‬‬ ‫َُ ۡ ََ َ ََ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل أ ِ َ‬
‫وح إ ِ َل أنه ٱستمع نفر مِن ٱ ِ‬
‫إلي ّأنه استمع نفر من ّ‬
‫الجن إلى قراءتي للقرآن الكريم‪ ،‬فقالوا‬ ‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول‪ :‬أوحى هللا تعالى ّ‬
‫ّ‬
‫إنا سمعنا قرآنا عجيبا في فصاحته‪ ،‬وأحكامه‪ ،‬وأخباره‪.‬‬
‫اسم َرب َك}[العلق‪ ،]1 :‬وقيل سورة‬‫قال اإلمام األلوس ي‪ :‬واختلف فيما استمعوه فقال عكرمة‪ْ { :‬اق َرْأ ب ْ‬
‫الرحمن‪.‬‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ش َك ب ِ َرب ِ َنا أ َحدا ‪} ٢‬‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُّ‬ ‫َۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يهدِي إِل ٱلرش ِد فَٔٔامنا بِهِۦ ولن ن ِ‬
‫ولن نشرك برّبنا في عبادته أحدا‪.‬‬ ‫فآمنا بهذا القرآن‪ْ ،‬‬ ‫واملعنى‪ :‬يهدي إلى الحق والرشد‪ّ ،‬‬
‫َ ْ ُ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ َْ َ ََ‬
‫ص َرفنا إل ْي َك نف ًرا م َن الجن َي ْستم ُعون الق ْرآن فل هما‬ ‫ونظير هذه اآلية والتي قبلها قوله تعالى‪{ :‬وإذ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ه َ َ‬ ‫َ َ َ ُ َْ ُ ََ ُ‬
‫ض ُرو ُ قالوا أنصتوا فل هما قض َي َول ْوا إلى ق ْومه ْم ُمنذرين}[األحقاف‪.]29 :‬‬ ‫ح‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وأنَ ُهۥ تَ َع ى ىَل َج ُّد َرب ِ َنا َما ٱَتذ َص ى ِح َبة َوَّل َوَلا ‪} ٣‬‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬وقال ّ‬
‫تعالت عظمة رّبنا ما اتخذ زوجة وال ولدا‪.‬‬ ‫الجن لقومه‪ :‬أنه‬
‫َْ َه ُ ُ َ َ َ َ ُ َ‬ ‫وقد ّأكد هللا تعالى معنى هذه اآلية في قوله‪َ { :‬بد ُيع ه‬
‫السماوات َواأل ْرض أنى َيكون ل ُه َول ٌد َول ْم تك ْن ل ُه‬
‫يم }[األنعام‪.]101 :‬‬ ‫صاح َب ٌة َو َخ َل َق ُك هل َش ْي ٍء َو ُه َو ب ُكل َش ْي ٍء َعل ٌ‬

‫َََ َ ََ َ َ َُ َ ۡ ُ َ ۡ ََ َ َ‬ ‫َََُ َ َ َُ ُ َ َُ ََ‬


‫لَع ٱ ََّللِ َش َ‬
‫ل ُّن لَع ٱَّللِ كذِبا ‪٥‬‬
‫ِ‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫نس‬‫إل‬
‫ِ‬ ‫ٱ‬ ‫ول‬ ‫ق‬‫ت‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫ن‬ ‫ن‬ ‫ظ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫أ‬‫و‬ ‫‪٤‬‬ ‫ا‬ ‫ط‬‫ط‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأنهۥ َكن يقول سفِيهنا‬
‫وه ۡم َر َهقا ‪}٦‬‬‫َ ۡ ََ ُ ُ‬
‫ل ِن فزاد‬ ‫ٱ‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫ال‬ ‫ج‬
‫َُ ُ َ‬
‫ون بر َ‬ ‫وذ‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫نس‬ ‫إل‬
‫َ ۡ‬
‫ٱ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ال‬‫ج‬‫َو َأنَ ُهۥ ََك َن ر َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫جال ّ‬ ‫وأنه كان رجال من اإلنس يستجيرون برجال من الجن‪ ،‬فزادوا ر َ‬ ‫ّ‬
‫الجن طغيانا وإثما‪،‬‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫جال ّ‬
‫الجن خوفا وإرهابا‪.‬‬ ‫وزادهم ر ُ‬
‫َ ْ َ ْ َ ُْ ْ َ ْ‬
‫اإلنس َو َق َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َي ْو َم َي ْح ُش ُر ُه ْم َجم ً‬
‫ال‬ ‫يعا َيا َم ْعش َر الجن قد استكثرتم من‬
‫َ ْ َ ُ ُ ْ َ ْ َه َ ْ َ ْ َ َ َ ْ ُ َ َ ْ َ ََ ْ َ َ َ َ َ ه َ ه ْ َ َ َ َ َ ه‬
‫الن ُار َم ْث َو ُاك ْم َخالد َ‬
‫ين‬ ‫ض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال‬ ‫أولياؤهم من اإلنس ربنا استمتع بعضنا ببع ٍ‬
‫ف َيها إَل َما َش َاء ه ُ‬
‫َّللا إ هن َرهب َك َحك ٌ‬
‫يم َعل ٌ‬
‫يم}[األنعام‪.]128 :‬‬

‫َ‬ ‫ََۡ َ‬
‫ثٱ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وأ َن ُه ۡم َظ ُّنوا ك َما َظ َن ُ‬
‫َّلل أ َحدا ‪} ٧‬‬ ‫نت ۡم أن لن يبع‬

‫َ‬ ‫َ َ‬
‫لس َما َء ف َو َج ۡد َنى َها ُِّل ِئَ ۡت َح َرسا َشدِيدا َو ُش ُهبا ‪} ٨‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وأنَا ل َم ۡس َنا ٱ َ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وأنا ْ‬ ‫ّ‬
‫بالحراس من املالئكة األشداء‪،‬‬ ‫طلبنا بلوغ السماء الستماع أخبارها‪ ،‬فوجدناها مملوءة‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫الد َنيا‬ ‫السمع‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َل َقد َزهي هنا ه‬
‫الس َم َاء ُّ‬ ‫َ‬ ‫وبالشهب التي تأتي من النجوم لرجم الشياطين املسترقين‬
‫ه‬
‫يح َو َج َع َلن َها ُر ُجوما للش َياطين}[امللك‪.]5 :‬‬ ‫ب َم َ‬
‫صاب َ‬

‫َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫َ َ َ َ ُ ُ َۡ ََ َ َ ۡ َ َۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ُي ۡد ُلۥ ِش َهابا َر َصدا ‪} ٩‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وأنا كنا نقعد مِنها مقىعِد ل ِلسمعِ فمن يست ِمعِ ٱٓأۡلن ِ‬
‫فمن يحاول اآلن ْأن يسترق‬ ‫كنا قبل ذلك نقعد في السماء مقاعد لنستمع إلى أخبارها‪ْ ،‬‬ ‫وإننا ّ‬‫ّ‬
‫واملعنى‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ليحرقه ويهلكه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َحفظن َ‬ ‫السمع‪ْ ،‬‬
‫اها م ْن كل ش ْيط ٍان َرج ٍيم‬ ‫مرصدا له متبعا له؛ ّ‬ ‫يجد له شهابا ّ‬
‫اب ُمب ٌين}[الحجر‪.]17-18 :‬‬ ‫الس ْم َع َف َأ ْت َب َع ُه ش َه ٌ‬
‫اس َت َر َق ه‬
‫‪ .‬إَل َمن ْ‬

‫َ ۡ َ َ َ ۡ َ ُّ ُ ۡ َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ي ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َََ َ َ‬


‫ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وأنا َّل ندرِي أش أرِيد بِمن ِِف ٱلۡرض أم أراد ب ِ ِهم ربهم رشدا ‪} ١٠‬‬
‫أشرا أراد هللا تعالى ْأن ينزله ْ‬
‫وأننا ال نعلم من هذه الحراسة الشديدة للسماء‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫بمن في األرض‪،‬‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫أم أراد هللا بهم هدى وخيرا؟‬
‫الشر إلى هللا تعالى مباشرة‪ ،‬بل استخدموا‬ ‫التأدب مع هللا تعالى‪ ،‬حيث ال ينسب ّ‬
‫الجن ّ‬ ‫وهذا من باب ّ‬
‫أشر أريد ب َم ْن في األ ْرض}‪ ،‬والذي أراد بمن في األرض ّ‬
‫شرا هو هللا تعالى‪ ،‬ومنه‬ ‫الفعل املبني للمجهول في قولهم‪ٌّ { :‬‬
‫َ َ ۡ ُ ََُ َۡ‬
‫ي ‪[} ٨٠‬الشعراء‪ ،]80 :‬حيث نسب املرض لنفسه‪ ،‬وقول‬ ‫قول إبراهيم عليه السالم‪ِ { :‬إَوذا ِّ ِرضت فهو يشفِ ِ‬
‫ََ ُ َ ْ َ‬
‫الخضر‪{ :‬فأ َر ْدت أن أع َيب َها}[الكهف‪ ،]79 :‬حيث نسب العيب إلى نفسه‪ ،‬مع ّأن خرق السفينة كان بأمر هللا‬
‫تعالى‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ َى ُ َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ون ذ ىل َِك ك َنا َط َرائ ِ َق ق َِددا ‪} ١١‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬وأنا مِنا ٱلصل ِحون ومِنا د‬
‫كنا جماعات ّ‬‫املقصرون الظاملون ألنفسهم‪ّ ،‬‬‫ّ‬ ‫منا الصالحون املحسنون‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫وأننا ّ‬
‫متفرقات‪.‬‬ ‫ومنا‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫أمة طوائف وجماعات‪ ،‬وقد أشار إلى ذلك في قوله تعالى‪:‬‬ ‫فرق كل ٍ‬ ‫وهللا تعالى بحكمته البالغة قد ّ‬
‫ه ُ َ َ ُْ ْ ُ َ َ َ َ ََ ْ َ ُ ْ ْ َ َ َ َ ه َ َ ه‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫{ َو َق هط ْع َن ُ‬
‫السيئات ل َعل ُه ْم‬‫اه ْم في األ ْرض أ َم ًما م ْن ُه ُم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات و‬
‫َ‬
‫َي ْرج ُعون}[األعراف‪.]168 :‬‬
‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫َّلل ِِف ٱلۡر ِض َولن ُّن ۡع ِج َزهُۥ َه َربا ‪} ١٢‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وأنَا َظ َن َنا أن لن ُّن ۡعج َز ٱ َ َ‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫وأننا علمنا ّأن هللا تعالى قادر علينا‪ ،‬لن نفوته إن أراد بنا ً‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫أمرا أينما كنا‪ ،‬سواء في األرض أو في‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫السماء‪ ،‬وال نقدر على ْأن ُن ْفلت من عذابه ْإن أراد بنا ّ‬
‫شرا‪.‬‬
‫َ َ ْ ََه ه َ َ َ‬
‫ين كف ُروا‬ ‫فال أحد فات وأفلت من الظفر به ْإن أراد هللا به أمرا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وَل يحسبن الذ‬
‫السيئات َأ ْن َي ْسب ُقونا َ‬
‫ساء ما‬ ‫ون}[األنفال‪ ،]59 :‬وقال تعالى‪َ { :‬أ ْم َحس َب هالذ َ‬
‫ين َي ْع َم ُلو َن ه‬ ‫َ َ ُ هُ ْ ُ ْ ُ َ‬
‫سبقوا إنهم َل يعجز‬
‫ُ َ‬
‫َي ْحك ُمون}[العنكبوت‪.]4 :‬‬

‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫ََ ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وأنَا ل َما َس ِم ۡع َنا ٱل ُه َد ىى َء َام َنا بِهِۦ ف َمن يُ ۡؤمِن ب ِ َربِهِۦ فل ياف ِبسا َوَّل َر َهقا ‪} ١٣‬‬
‫فمن ْ‬‫نكذب به‪ْ ،‬‬ ‫ْ ّ‬ ‫وأننا ملّا سمعنا القرآن ّ‬ ‫ّ‬
‫يؤمن برّبه فال يخاف نقصانا من حسناته‬ ‫آمنا به ولم‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫الصال َحات َوه َو ُمؤم ٌن فال َيخاف ظل ًما َوَل‬
‫وال ظلما بزيادة سيئاته‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َمن ي ْع َم ْل من ه‬
‫َه ْ‬
‫ض ًما}[طه‪.]112 :‬‬

‫َ‬ ‫َ َ َ ُ َى‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫َ َ َ ُ ۡ ُ َ َ َ َى ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ون ف َم ۡن أ ۡسل َم فأولئِ َك تَ َر ۡوا َر َشدا ‪} ١٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأنا مِنا ٱلمسل ِمون ومِنا ٱلقسِ ط‬

‫ََ‬
‫َ َ َى ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ون فَكنُوا ِ َ‬
‫ل َه َن َم َح َطبا ‪}١٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وأما ٱلقسِ ط‬
‫لجهنم وقودا وحطبا‪ ،‬كما كان كفرة اإلنس وقودا وحطبا لها‪،‬‬ ‫وأما الكافرون الجائرون فكانوا ّ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ه َُْ َ‬ ‫كما قال تعالى‪{ :‬إ هن ُك ْم َو َما َت ْع ُب ُدو َن م ْن ُدون هَّللا َح َ‬
‫ص ُب َج َهن َم أنت ْم ل َها َواردون}[األنبياء‪ ،]98 :‬وقال تعالى‪ { :‬فإِن‬
‫َ َ َ َُ ُ َ َ ُ َ ۡ َ َُ ُ َ ۡ ۡ َ‬
‫ك ىفِر َ‬ ‫َۡ َۡ َُ ََ َۡ َُ َ َُ‬
‫ين ‪[} ٢٤‬البقرة‪.]24 :‬‬‫ِ‬ ‫ِل‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ِد‬
‫ع‬ ‫أ‬ ‫ة‬‫ار‬‫ج‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫اس‬ ‫ل‬‫ٱ‬ ‫ا‬‫ه‬ ‫ود‬ ‫ق‬‫و‬ ‫ت‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ار‬‫ل‬‫ٱ‬ ‫وا‬ ‫ق‬‫لم تفعلوا ولن تفعلوا فٱت‬

‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬وألوِ ٱ ۡس َت َقى ُموا لَع ٱ َلط ِر َيقةِ ل ۡس َق ۡي َنى ُهم َماء غ َدقا ‪} ١٦‬‬
‫وأنه لو استقام هؤالء الكفار على طريقة اإلسالم‪ ،‬ألسقيناهم ماء كثيرا ّ‬ ‫ّ‬
‫ووسعنا لهم الرزق في‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الس َماء َواأل ْرض}[األعراف‪:‬‬
‫ات من ه‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫الدنيا‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ولو أن أه َل الق َرى َآمنوا َو اتقوا لفتحنا عل ْيه ْم ب َرك ٍ‬
‫‪.]96‬‬

‫َ ََ َ‬ ‫ََ َ َۡ َ‬ ‫َۡ ُ ۡ ُ َ َ َ َ‬ ‫ۡ َ‬ ‫ََ ُۡ ۡ َ‬ ‫َۡ َُ ۡ‬


‫ج َد َِّللِ فل ت ۡد ُعوا َم َع‬ ‫ى‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬لفتِنهم فِيهِ ومن يع ِرض عن ذِك ِر ربِهِۦ يسلكه عذابا صعدا ‪ ١٧‬وأن ٱلم ِ‬
‫س‬
‫َ‬
‫ٱ ََّللِ أ َحدا ‪} ١٨‬‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َََُ ََ َ َ َ ۡ ُ َ َۡ ُ ُ َ ُ َ ُ ُ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وأنهۥ لما قام عبد ٱَّللِ يدعوه َكدوا يكونون عليهِ ِلدا ‪} ١٩‬‬
‫الجن يكونون عليه متراكمين‬ ‫وأنه ملّا قام عبد هللا محمد صلى هللا عليه وسلم يعبد رّبه‪ ،‬كاد ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪:‬‬
‫متزاحمين عليك لسماع القرآن الكريم‪.‬‬
‫تدل على شرف هذا املقام عند هللا‬ ‫وإضافة الرسول صلى هللا عليه وسلم باسم العبودية إلى هللا تعالى ّ‬
‫ّ‬ ‫تعالى ّ‬
‫ألن كل من نسب إلى املعظم فهو عظيم‪ ،‬وقد وردت آيات كثيرة تذكر الرسول باسم العبودية هلل تعالى‪،‬‬
‫ۡ‬ ‫َ َََۡ ََ‬ ‫نتم في َ يب م هما َن هز َلنا َع َلى ِإَون ُك ُ‬
‫ۡ‬ ‫لَع َع ۡبدِنَا فَأتُوا ب ُس َ‬
‫ورة مِن مِثلِهِۦ‬ ‫ى‬ ‫نت ۡم ِِف َر ۡيب ِِّما نزلا‬
‫َ ُ ُ‬
‫منها قوله تعالى‪{ :‬وإن ك‬
‫ِ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ۡ ُ ُ َ َ َ ُ‬
‫ون ٱ ََّللِ إِن ك ُنت ۡم َص ى ِدق َِي ‪[} ٢٣‬البقرة‪ ،]23 :‬ومنها قوله تعالى‪{ :‬سبح‬ ‫ُ‬
‫ُ ْ َ َ ه‬
‫ان الذي أ ْس َرى‬ ‫وٱدعوا شهداءكم مِن د ِ‬
‫ب َع ْبد }[اإلسراء‪.]1 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُۡ َ َ َۡ ُ َ ََ ُۡ‬


‫شك بِهِۦ أحدا ‪} ٢٠‬‬‫قوله تعالى‪ { :‬قل إِنما أدعوا ر ِب وَّل أ ِ‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهؤالء الكفار‪ :‬إنما أعبد هللا رّبي‪ ،‬وال أشرك بعبادته أحدا‪.‬‬
‫وقد أمر هللا تعالى الرسو َل صلى هللا عليه وسلم ْأن يقول بمثل هذا القول ألهل الكتاب‪ ،‬وذلك في‬
‫َ ُ ُ َۡ َ ُ ُۡ َ َ ُ ۡ ُ َۡ‬ ‫ك َوم َِن ٱ ۡلَ ۡح َ‬
‫َ َ َ َ َۡ َىُ ُ ۡ َى َ َ ۡ َ ُ َ َ ُ َ َۡ َ‬
‫ت أن‬ ‫اب من ينكِر بعضه رۥ قل إِنما أِِّر‬‫ِ‬ ‫ز‬ ‫نزل إَِل‬
‫قوله تعال‪ { :‬وٱَّلِين ءاتينهم ٱلكِتب يفرحون بِما أ ِ‬
‫ۡ َ‬ ‫َ‬
‫ۡ ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُۡ‬
‫أ ۡع ُب َد ٱ َ َ‬
‫َّلل َوَّل أ َ‬ ‫َ‬
‫اب ‪[}٣٦‬الرعد‪.]36 :‬‬
‫شك بِهرِۦ إَِلهِ أدعوا ِإَوَلهِ مَٔٔ ِ‬
‫ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُۡ‬


‫ك ۡم َضا َوَّل َر َشدا ‪} ٢١‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل إ ِ ِن َّل أ ِّۡل ِك ل‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهؤالء الكفار‪ :‬إني ال أملك لكم دفع أي ضر وال جلب أي نفع‪ ،‬بل ال أملك‬
‫ضا َو ََّل َن ۡفعا إ ََّل َما َشا َء ٱ ََّللُ‬‫َ‬ ‫ُ َ َۡ ُ َۡ‬ ‫لنفس ي ذلك إال ما شاء هللا ْأن يطلعه ّ‬
‫ِ‬ ‫علي‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬قل َّل أِّل ِك ِلف ِس‬
‫ُ َ َ َ ََ َۡ َۡ ُ َ‬
‫ون ‪[}٤٩‬يونس‪.]49 :‬‬ ‫ل ُِك أُ َمة أَ َجل إ َذا َجا َء أَ َجلُ ُه ۡم فَ َل ي َ ۡس َ‬
‫تٔٔۡخِرون ساعة وَّل يستقدِِّ‬ ‫رِ‬ ‫ِ ٍ‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬


‫ري ِن م َِن ٱ ََّللِ أ َحد َول ۡن أ ِج َد مِن ُدونِهِۦ ُِّل َت َحدا ‪} ٢٢‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬قل إن لن ُي َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫لن يدفع عني من عذاب هللا تعالى ٌ‬
‫أحد‪ ،‬و ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬قل أيها الرسول لهؤالء الكفار‪ :‬إني ْ‬
‫لن أجد ملجأ من‬
‫دون هللا تعالى‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و ات ُل َما أوح َي إل ْي َك م ْن كتاب َرب َك َل ُم َبد َل لكل َماته َول ْن تج َد م ْن ُدونه‬
‫َْ‬
‫ُملت َح ًدا}[الكهف‪.]27 :‬‬

‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ َُ َ َ‬ ‫َ َ َ َى َ‬ ‫َ ََ‬
‫ولۥ فإ ِ َن ُلۥ نَ َار َج َه َن َم َخ ى ِِلِين فِيها أبدا ‪} ٢٣‬‬
‫َ‬ ‫سل ىتِهِرۦ َو َمن َي ۡع ِص ٱَّلل ورس‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إَِّل بل ىغا مِن ٱَّللِ ورِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لكن أملك ْأن أبلغكم من هللا تعالى ما أمرني به ْأن أبلغه لكم‪ ،‬ورسالته التي أرسلني بها‪ ،‬كما‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫الر ُسو ُل َبل ْغ َما ُأنز َل إ َل ْي َك م ْن َ ب َك َوإ ْن َل ْم َت ْف َع ْل َف َما َب هل ْغ َت َس َال َت ُه َو ه ُ‬
‫قال تعالى‪َ { :‬يا َأ ُّي َها ه‬
‫َّللا َي ْعص ُم َك م َن‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫فإن له نار ّ‬ ‫الناس}[املائدة‪ ،]67 :‬ومن يخالف أمر هللا تعالى ورسوله ّ‬ ‫ه‬
‫جهنم خالدين فيها خلودا أبديا‪ ،‬كما قال‬
‫اب ُمه ٌين}[النساء‪.]14 :‬‬ ‫ود ُ ُي ْدخ ْل ُه َنا ًرا َخال ًدا ف َيها َو َل ُه َع َذ ٌ‬ ‫هَ ََ ُ َ‬
‫ول ُه َو َي َت َع هد ُح ُد َ‬ ‫تعالى‪َ { :‬و َم ْن َي ْعص َّللا ورس‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُّ‬ ‫َ َى َ ََۡ َ ُ َ ُ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬


‫اَصا وأقل عددا ‪} ٢٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬حت إِذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ن ِ‬
‫واملعنى‪ :‬حتى إذا عاين هؤالء الكفار يقينا ما يوعدون به‪ ،‬فسيعلمون حينئذ من هم أضعف جندا‬
‫ينتصر به‪ّ ،‬‬
‫وأقل عددا‪.‬‬
‫َ َ ى َ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ ُ َ ۡ َ ى ُ َ ًّ َ َ ى َ َ َ ۡ َ ُ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُۡ‬
‫وع ُدون‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ { :‬قل َمن َكن ِِف ٱلضللةِ فليمدد ل ٱلرحمن مدار حت إِذا رأوا ما ي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ َ‬
‫ون َم ۡن ُه َو َش َمَكنا َوأ ۡض َع ُف ُجندا ‪[} ٧٥‬مريم‪.]75 :‬‬
‫َ َ َ َ َ َ َ َۡ ُ َ‬
‫إِما ٱلعذاب ِإَوما ٱلساعة فسيعلم‬

‫َ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫َ ُ َ ُ َ ۡ ۡ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُۡ‬
‫ُي َعل ُلۥ َر ِب أ َمدا ‪} ٢٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قل إِن أدرِي أق ِريب ما توعدون أم‬

‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬


‫ب فل ُي ۡظ ِه ُر ى‬
‫لَع غ ۡيبِهِۦ أ َحدا ‪} ٢٦‬‬ ‫َ ُ َۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ع ىل ِم ٱلغي ِ‬
‫واملعنى‪ :‬هللا تعالى عالم الغيب يعلم ما بين أيدي الخالئق من األمور الحاضرة واملستقبلة واملاضية‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫ََْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫كما قال تعالى‪َ { :‬ي ْعل ُم َما َب ْين أ ْيديه ْم َو َما خلف ُه ْم َوَل ُيحيطون به عل ًما}[طه‪ ،]110 :‬فال يظهر هللا تعالى على‬
‫غيبه أحدا من خلقه‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫َُ َۡ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ي يَ َديۡهِ َوم ِۡن َخلفِهِۦ َر َصدا ‪} ٢٧‬‬ ‫َۡ‬ ‫َُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إَِّل َم ِن ٱ ۡرتَ َ ى‬
‫ض مِن رسول فإِنهۥ يسلك مِن ب ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ هُ ْ ُ َ ْ َ‬
‫َّللا ل ُيطل َعك ْم َعلى الغ ْيب َولك هن‬ ‫من ارتضاه هللا تعالى من رسله‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وما كان‬ ‫واملعنى‪ :‬إال ْ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫هَ َ‬
‫َّللا َي ْجتبي م ْن ُر ُسله َم ْن َيش ُاء}[آل عمران‪ ،]179 :‬فإنه تعالى يطلعه على بعض الغيب‪ ،‬ويجعل بين يدي‬
‫تعرض الشياطين ملا أطلعه عليه من الغيب‪.‬‬ ‫الرسول ومن خلفه مالئكة يحفظونه من ّ‬

‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬


‫يش ٍء َع َد َدا ‪}٢٨‬‬
‫َص ُك ۡ‬‫اط ب ِ َما ََليۡ ِه ۡم َوأ ۡح َ ى‬
‫ت َربه ۡم َوأ َح َ‬ ‫قوله تعالى‪َِ { :‬لَ ۡعل َم أن ق ۡد أبۡل ُغوا رِ َ ى‬
‫سل ى ِ ِ ِ‬
‫قد أبلغوا رساالت ّربهم بالحق‬ ‫واملعنى‪ :‬وهذا الحفظ ليعلم هللا تعالى علم ظهور ّأن هؤالء الرسل ْ‬
‫نقل ُِب َ َ ى‬
‫لَع َعقِبَ ۡيهِ‬
‫َ َ َ َ َۡ ۡ ۡ ََ َ ُ َ َ َۡ َ َ َۡ َ َ َ ََ ُ َ ُ َ َ َ َ‬
‫والصدق‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وما جعلنا ٱلقِبلة ٱل ِت كنت عليها إَِّل ِلعلم من يتبِع ٱلرسول ِِّمن ي‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َُْ‬ ‫َ ََ َْ َ ه هُ ه َ ُ َ َ‬
‫ين َآمنوا َول َي ْعل َم هن اَلنافقين}[العنكبوت‪ ،]11 :‬وأنه تعالى‬ ‫}[البقرة‪ ،]143 :‬وقال تعالى‪{ :‬وَليعلمن َّللا الذ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫أحاط علمه بما لديهم ظاهرا وباطنا‪ ،‬وأنه تعالى أحص ى كل ش يء وضبطه معدودا‪ ،‬فلم يخف عليه ش يء‪.‬‬
‫ه‬ ‫ُ َُ ُ‬
‫سورة اَلزمل‬
‫وهي مكية وعدد آياتها عشرون‬

‫ۡ َُ َ ُ ۡ ُۡ َ‬ ‫َى َ ُّ َ ۡ ُ َ ُ ُ َ ۡ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يأيها ٱلمزمِل ‪ ١‬ق ِم ٱَلل إَِّل قل ِيل ‪ ٢‬ن ِصفهۥ أوِ ٱنقص مِنه قل ِيل ‪}٣‬‬
‫قم نصف الليل‪ ،‬أو‬ ‫ّ‬
‫والتهجد إال قليال منه‪ْ ،‬‬ ‫املتزمل بثيابه‪ ،‬قم لصالة الليل‬ ‫واملعنى‪ :‬يا ّأيها الرسول ّ‬
‫ً‬
‫انقص من النصف قليال‪ ،‬وهذا القيام مفروض خاص لك زيادة على الصلوات املفروضة‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫الل ْيل َف َت َه هج ْد به َناف َل ًة َل َك َع َس ى َأ ْن َي ْب َع َث َك َرُّب َك َم َق ًاما َم ْح ُم ً‬
‫ودا}[اإلسراء‪.]79 :‬‬
‫َ َ ه‬
‫{ومن‬

‫َُۡ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ان تَ ۡرتِيل ‪} ٤‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أ ۡو زِد َعل ۡيهِ َو َرت ِِل ٱلقرء‬
‫واملعنى‪ْ :‬أو ز ْد على النصف حتى تصل إلى ثلثين من الليل‪ ،‬واقرأ القرآن على مكث وتمهل مع تبيين‬
‫َ ْ‬ ‫ُ ً َ َْ َْ َ َ ه‬
‫الحروف ومراعاة الوقوف‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وق ْر آنا ف َرقنا ُ لتق َرأ ُ َعلى الناس َعلى ُمك ٍث}[اإلسراء‪.]106 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬إِنَا َس ُنل ِق َعل ۡي َك ق ۡوَّل ثقِيل ‪} ٥‬‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنا سنلقي عليك أيها الرسول قرآنا عظيما فيه تكاليف شاقة على الناس‪.‬‬
‫واملراد بالقول في هذه اآلية القرآن الكريم‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬إ هن ُه َل َقول َف ْ‬
‫ص ٌل}[الطارق‪]13 :‬‬
‫بشدته وق ّوته كما يشعر بمباشرة أخذه من هللا تعالى –بواسطة‬ ‫سن ْلقي} يشعر ّ‬ ‫ُ‬
‫والتعبير بقوله تعالى‪{ :‬‬
‫َ‬ ‫ۡ‬
‫َ َ َََُ ُ ۡ َ َ‬
‫ان مِن َُل ۡن َحك َ‬
‫ِيم ‪[}٦‬النمل‪.]6 :‬‬ ‫ِيم عل ٍ‬
‫ٍ‬ ‫جبريل‪ ،-‬كما قال تعالى‪ِ { :‬إَونك ِللق ٱلقرء‬

‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫ه أ َش ُّد َو ۡطٔٔا َوأق َو ُم قِيل ‪ ٦‬إ ِ َن ل َك ِِف ٱلَ َهارِ َس ۡبحا َطوِيل ‪} ٧‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ َن نَاشِئَة ٱ َۡلل ِ َ‬
‫ِ‬

‫ۡ َ‬ ‫ۡ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱذك ِر ٱ ۡس َم َرب ِ َك َوتَبَ َتل إ ِ َۡلهِ تَ ۡبتِيل ‪}٨‬‬
‫َ‬
‫فرغت من أشغالك‪،‬‬ ‫ْ‬
‫وانقطع إليه انقطاعا تاما في عبادتك له إذا‬ ‫اسم رّبك‬
‫واملعنى‪ :‬واذكر أيها الرسول َ‬
‫كما قال تعالى‪ { :‬فَإ َذا َف َر ۡغ َ‬
‫ت َفٱ َ‬
‫نص ۡب ‪[}٧‬االنشراح‪.]7 :‬‬ ‫ِ‬

‫َ َ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫ش ِق َوٱل َم ۡغ ِر ِب َّل إِل ى َه إَِّل ُه َو فٱَتِذهُ َووُك ِيل ‪} ٩‬‬ ‫َ ُّ َ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬رب ٱلم ِ‬
‫ّ‬
‫بالتوكل ّ‬
‫وفوض أمورك إليه‪ ،‬كما‬ ‫فأفر ْده‬
‫واملعنى‪ :‬هللا تعالى رب املشرق واملغرب‪ ،‬ال معبود بحق إال هو‪ِ ،‬‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫قال تعالى‪ْ { :‬‬
‫فاع ُبد َ‬
‫وتوكل عل ْيه}[هود‪.]123 :‬‬

‫َ ۡ ۡ ى َ َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫ون َوٱ ۡه ُج ۡر ُه ۡم َه ۡجرا َۡجِيل ‪}١٠‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱص ِب لَع ما يقول‬
‫ْ‬
‫وخالفهم في أعمالهم السيئة مع اإلعراض عنهم‬ ‫واملعنى‪ :‬واصبر أيها الرسول على ما يقوله هؤالء املشركون‪،‬‬
‫َ َ ْ ْ َ ْ َ ْ َ َ ه َ ْ ْ َ َ َ ْ ُ ْ ه ْ َ َ َ ُّ ْ‬
‫الدن َيا}[النجم‪.]29 :‬‬ ‫وعدم معاتبهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إَل الحياة‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬


‫ي أو ِل ٱلَ ۡع َمةِ َو َِّ ِهل ُه ۡم قل ِيل ‪} ١١‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وذ ۡرن َوٱل ُمك ِذب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّْ‬ ‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬ودعني أيها الرسول وهؤالء املكذبين أصحاب األموال والترف في الدنيا‪ ،‬ومهلهم تمهال قليال إلى‬
‫َ‬ ‫ُ َ ُ ُ ْ َ ُ ه َ ْ َ ُّ ُ ْ َ َ َ‬
‫يظ}[لقمان‪.]24 :‬‬‫اب غل ٍ‬
‫لقاء أجلهم‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬نمتعهم قليال ثم نضطرهم إلى عذ ٍ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫نكاَّل َو َج ِحيما ‪} ١٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ََل ۡي َنا أ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َط َعاما ذا غ َصة َو َعذابا أ َِلما ‪} ١٣‬‬
‫َ ُ َ‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫وإن لدينا طعاما كريها ال يستساغ ينشب في الحلق‪ ،‬كالزقوم والضريع‪ ،‬كما قال تعالى‪ْ{ :‬لكلون‬
‫َ‬ ‫َۡ َ َُ ۡ َ َ َ‬ ‫ْ َ َ ْ َ ُّ‬
‫ضيع ‪[}٦‬الغاشية‪ ،]6 :‬وعذابا موجعا‪.‬‬‫ِ‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫َّل‬‫وم}[الواقعة‪ ،]52 :‬وقال تعالى‪ { :‬ليس لهم طعام إ ِ‬ ‫من شج ٍر من زق ٍ‬

‫َ‬ ‫ۡ ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ُ‬
‫َۡ َ َۡ ُ ُ‬ ‫َۡ‬
‫ل َبال كثِيبا َِّ ِهيل ‪} ١٤‬‬ ‫ل َبال َوكن ِ‬
‫تٱ ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يوم ترجف ٱلۡرض وٱ ِ‬
‫وتتفت ُت الجبال‪ ،‬وأصبحت الجبال رمال مجتمعا سائال‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬يوم تضطرب فيه األرض والجبال‬
‫َ َ َ ْ َ َ ً ُ ْ َ ًّ‬ ‫متناثرا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ُب هست ْالج َب ُ‬
‫ال َب ًّسا (‪ )5‬فكانت هباء منبثا}[الواقعة‪.]5-6 :‬‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ َ َ ۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ك ۡم ك َما أ ۡر َسل َنا إ ِ ىل ف ِۡر َع ۡو َن َر ُسوَّل ‪} ١٥‬‬
‫َ ۡ ُ‬ ‫ك ۡم َر ُسوَّل َ ى‬
‫ش ِهدا علي‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنا أرسلنا إَِل‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنا أرسلنا إليكم أيها الناس رسوال شاهدا عليكم‪ ،‬وهو محمد بن عبد هللا صلى هللا عليه‬
‫َ َُ َ‬ ‫َ‬
‫وسلم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وجئنا ب َك َعلى َهؤَلء شهيدا}[النساء‪ ،]41 :‬كما أرسلنا إلى فرعون رسوال وهو موس ى‬
‫عليه السالم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َل َق ْد َأ ْر َس ْل َنا ُم َ‬
‫وس ى ب َآيات َنا إ َلى ف ْر َع ْو َن َو َم َلئه َف َق َ‬
‫ال إني َر ُسو ُل َرب‬
‫ْ َ َ‬
‫ال َعاَلين}[الزخرق‪.]46 :‬‬

‫َ‬ ‫َ ََ ۡ‬ ‫َ‬
‫َص ف ِۡر َع ۡو ُن ٱ َلر ُسول فأ َخذ َنى ُه أ ۡخذا َوبِيل ‪} ١٦‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف َع َ ى‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪َ :‬‬
‫فعص ى فرعون أمر الرسول الذي أرسلناه إليه‪ ،‬وكذب باآلية التي جاء بها‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬‬
‫َ َ‬
‫ك َذ َب َو َع َ ى‬
‫َص ‪[}٢١‬النازعات‪ ،]21 :‬فأهلكنا فرعون إهالكا شديدا‪.‬‬ ‫ف‬

‫َ ُ ۡ ۡ‬‫َ َ ۡ ُ ۡ َۡ ۡ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ُي َعل ٱلوِل َد ى َن شِيبا ‪} ١٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فك ۡيف ت َتقون إِن كفرتم يوما‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫لس َما ُء ُم َنف ِط ُر بِهِرۦ َك َن َو ۡع ُدهُۥ َمف ُعوَّل ‪} ١٨‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ٱ َ‬
‫ُ َ ۡ َى َ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫واملعنى‪ :‬السماء متشققة به في ذلك اليوم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ويَ ۡو َم ت َ َش َق ُق ٱ َ‬
‫لس َما ُء ب ِٱلغ َم ى ِم َون ِزل ٱل َملئِكة‬
‫َ‬
‫زنيل ‪[}٢٥‬الفرقان‪ ،]25 :‬كان وعد هللا تعالى بمجيء ذلك اليوم كائنا واقعا ال محالة‪.‬‬
‫ت ِ‬

‫ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ َن َهى ِذه ِۦ تَذك َِرة ف َمن َشا َء ٱَتذ إ ِ ىل َربِهِۦ َسبِيل ‪} ١٩‬‬
‫ّ‬
‫فمن شاء ْأن يتذكر بها ‪ -‬ممن شاء هللا تعالى هدايته ‪ -‬اتخذ الطاعة‬ ‫واملعنى‪ّ :‬إن هذه اآليات تذكرة‪ْ ،‬‬
‫َ َ َ َ ُ َن َ ْ َ َ َ ه ُ ه ه َ َ َ‬
‫ان َعل ً‬ ‫يتقرب به إلى ّ‬ ‫والتقوى طريقا ّ‬
‫يما‬ ‫الجنة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وما تشاءو إَل أن يشاء َّللا إن َّللا ك‬
‫يما}[اإلنسان‪.]30 :‬‬ ‫َحك ً‬

‫َ‬ ‫َ َُ ُ َ ُ ََۡ َ ََ َ َ َ َ َ ُۡ ُ ُ ََ َ َ َۡ ُ‬
‫ان َعل َِم أن‬ ‫ّس م َِن ٱ ۡل ُق ۡر َ‬
‫ء‬ ‫ك ۡم فَٱ ۡق َر ُءوا َما تَيَ َ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَّلل يقدِر ٱَلل وٱلهار ر عل ِم أن لن تصوه فتاب علي‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ َُى ُ َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ََۡ ُ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ َۡ َ ى ََ َ ُ َ َ ۡ‬ ‫َ َ ُ ُ‬
‫يل ٱَّللِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫ون ِف َ‬
‫س‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ق‬‫ي‬ ‫ون‬ ‫ر‬ ‫اخ‬‫ء‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫َّلل‬ ‫ٱ‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫ض‬ ‫ف‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ون‬ ‫غ‬‫ت‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ِ‬ ‫ۡر‬‫ُضبُون ِِف ٱل‬ ‫سيكون مِنكم ِّرض وءاخرون ي ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َُ‬ ‫ََ َ‬ ‫َۡ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ّس م ِۡن ُ ره َوأَق ُ‬
‫فَٱ ۡق َر ُءوا َما تَيَ َ َ‬
‫َّلل ق ۡرضا َح َسنا ر َو َما تقد ُِِّوا ِلنفسِ كم م ِۡن خ ۡري‬ ‫لصل ىوةَ َو َءاتوا ٱ َلزك ىوةَ َوأق ِرضوا ٱ‬ ‫ِيموا ٱ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ََ َُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ُ َ َ ُ َ َ ۡ ََ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َۡ‬
‫تدوه عِند ٱَّللِ هو خريا وأعظم أجر را وٱستغفِروا ٱَّلل إِن ٱَّلل غفور رحِيم ‪}٢٠‬‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫واملعنى‪ّ :‬إن رّبك أيها الرسول يعلم ّأنك تقوم في الليل ّ‬
‫أقل من ثلثي الليل تارة‪ ،‬وتقوم نصفه تارة‪ ،‬وتقوم‬
‫ّ‬ ‫ثلثه تا ة أخرى‪ ،‬ويقوم معك طائفة من أصحابك املؤمنين‪ ،‬وهللا تعالى ّ‬
‫يقدر الليل والنهار‪ ،‬علم هللا تعالى أنكم‬ ‫ر‬
‫ّ‬
‫وخفف عنكم‪ ،‬فصلوا ما ّ‬ ‫ّ‬
‫ال يمكنكم قيام الليل كله فتاب عليكم ّ‬
‫تيسر لكم من صالة الليل‪ ،‬واقرؤوا فيها ما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تيسر لكم من القرآن الكريم‪ ،‬علم هللا تعالى أنه سيوجد منكم مرض ى عاجزون عن قيام الليل‪ ،‬وآخرون‬
‫مسافرون للتجارة يطلبون من رزق هللا تعالى فال يطيقون قيام الليل‪ ،‬وآخرون يقاتلون في سبيل هللا تعالى‪،‬‬
‫تيسر لكم من القرآن الكريم‪ّ ،‬‬ ‫تيسر لكم من صالة الليل‪ ،‬واقرؤوا فيها ما ّ‬ ‫ّ‬
‫فصلوا ما ّ‬
‫وأدوا الصالة مستوفين‬
‫فإن هللا تعالى يضاعفها‬ ‫شروطها وأركانها‪ ،‬وأعطوا زكاة أموالكم‪ ،‬وابذلو أموالكم وأنفقوها في وجوه الخير‪ّ ،‬‬
‫َ َ َ َُ ۡ ُ‬ ‫َ َ َ َ َ ۡ‬ ‫ََ َ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫َ َ‬
‫َّلل َيقبِض‬ ‫َّلل ق ۡرضا َح َسنا ف ُيض ىعِف ُهۥ ُلۥ أض َعافا كثِرية ر وٱ‬ ‫أضعافا كثيرة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬من ذا ٱَّلِي ُيق ِرض ٱ‬
‫ۡ ُۡ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ون ‪[} ٢٤٥‬البقرة‪ ،]245 :‬وما تفعلوا من خير تجدوا ثوابه عند هللا تعالى يوم القيامة خيرا مما‬ ‫َويَ ۡبص ُط ِإَوَلهِ ترجع‬
‫فعلتم في الدنيا‪ ،‬وأعظم منه أجرا‪ ،‬واستغفروا هللا تعالى في جميع أحوالكم‪ّ ،‬إن هللا تعالى كثير املغفرة لكم‬
‫رحيم بكم‪.‬‬
‫ور ُة ه‬
‫اَلدثر‬ ‫ُس َ‬
‫وهي مكية وعدد آياتها ست وخمسون‬

‫ُ ََ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬يَىأ ُّي َها ٱل ُم َدث ُِر ‪ ١‬ق ۡم فأنذ ِۡر ‪} ٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬أيها الرسول انهض من مضجعك‪ ،‬وبادر على إنذار الناس وتخويفهم من عذاب يوم القيامة‬
‫إذا ما استمروا في كفرهم‪.‬‬
‫قال الشيخ محمد قريش شهاب‪ :‬بدأ تحقيق هذا األمر بصورة واضحة بعد مرور ثالث سنوات من‬
‫وأما مضمون‬‫ي ‪[} ٢١٤‬الشعراء‪ّ ،]214 :‬‬ ‫ك ٱ ۡلَ ۡق َرب َ‬ ‫ََ ۡ َ ََ َ‬
‫األول‪ ،‬وهو بعد نزول قوله تعالى‪ { :‬وأنذِر عشِ ريت‬ ‫نزول الوحي ّ‬
‫ِ‬
‫بأن هذا اإلنذار كان من عذاب يوم القيامة‪ ،‬اقرأ قوله‬ ‫اإلنذار‪ ،‬فبالرجوع إلى نظائر هذه اآلية‪ ،‬يمكن القول ّ‬
‫َُ ُ‬
‫اع ‪[}١٨‬غافر‪:‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ي م ِۡن ْحِيم َوَّل ش ِفيع يط‬‫ِلظلِم َ‬ ‫َ ى َ َ َى‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ظ‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫ج‬ ‫ا‬ ‫لَ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ٱ‬ ‫ى‬ ‫َ‬
‫َل‬
‫ُۡ ُ ُ َ‬
‫وب‬ ‫ل‬ ‫ق‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ذ‬
‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ة‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫ف‬ ‫ز‬ ‫ٓأۡل‬‫ٱ‬ ‫تعالى‪َ { :‬وأَنذ ِۡر ُه ۡم يَ ۡو َ‬
‫م‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ر‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫اس َي ْو َم َيأتيه ُم ال َع ُ‬ ‫ه‬ ‫َْ‬
‫ذاب}[إبراهيم‪.]44 :‬‬ ‫الن َ‬ ‫‪ ،]18‬وقوله تعالى‪َ { :‬و أنذر‬

‫َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬و َر َب َك فك ِ ۡب ‪َ ٣‬وث َِيابَ َك ف َط ِه ۡر ‪} ٤‬‬

‫َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ُّلر ۡج َز فٱ ۡه ُج ۡر ‪} ٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬فاهجر األصنام واألوثان وجميع املعاص ي املؤدية إلى العذاب‪.‬‬
‫تلبس الرسول بش يء من ذلك‪ ،‬ومثل هذا الخطاب ال بد‬ ‫وال يجوز ْأن يفهم ّأن النهي عن ذلك ّ‬
‫يدل على ّ‬
‫َّللا َوَل ُتطع ْال َكافر َ‬ ‫َ َ ُّ َ ه‬
‫النب ُّي هاتق ه َ‬ ‫َ ّ‬
‫ين‬ ‫يفهم بأنه أمر بالدوام واالستمرار‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬يا أيها‬ ‫ْأن‬
‫َ‬ ‫َُْ‬
‫َواَلنافقين}[األحزاب‪.]1 :‬‬

‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َُۡ َۡ َ ۡ‬


‫َّث ‪َ ٦‬ول َِرب ِ َك فٱ ۡص ِ ۡب ‪ ٧‬فإِذا نُ ِق َر ِِف ٱ َلاقورِ ‪} ٨‬‬
‫ك ُِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وَّل تمَن تست‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬


‫ري ي َ ِسري ‪} ١٠‬‬
‫ين غ ۡ ُ‬
‫سري ‪ ٩‬لَع ٱلك ىفِر َ‬
‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فذ ىل ِك يَ ۡو َمئِذ يَ ۡوم ع ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فوقت النقر يومئذ يوم عسير شديد على الكافرين غير سهل عليهم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ي ُقو ُل‬
‫َ َ‬ ‫َْ‬
‫الكاف ُرون َهذا َي ْو ٌم َعس ٌر}[القمر‪.]8 :‬‬
‫َ‬ ‫ََ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫دت ُلۥ َت ۡم ِهيدا ‪} ١٤‬‬
‫َ َ َ ُّ‬
‫ِي ش ُهودا ‪ ١٣‬وِّه‬ ‫ت ُلۥ َماَّل َِّ ۡم ُدودا ‪ ١٢‬وبن‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ذ ۡرن َو َم ۡن َخلق ُ‬
‫ت َوحِيدا ‪َ ١١‬و َج َعل ُ‬
‫ِ‬

‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ث َم َي ۡط َم ُع أ ۡن أز َ‬ ‫ُ‬
‫يد ‪} ١٥‬‬‫ِ‬
‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬ثم بعد هذا العطاء يطمع أن أزيد له في ماله وولده‪ ،‬فعجبا له‪.‬‬
‫قال الشيخ وهبة الزحيلي‪"ُ :‬ث َّم" هنا معناه التعجب‪ ،‬كقوله تعالى‪ْ { :‬ال َح ْم ُد هَّلل الذي َخل َق ه‬
‫السماوات‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ َ‬ ‫َ ُّ َ ُ ه ه َ َ َ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫َ َْ‬
‫ين كف ُروا ب َربه ْم َي ْعدلون}[األنعام‪.]1 :‬‬ ‫ض‪َ ،‬و َج َع َل الظلمات والنور‪ ،‬ثم الذ‬ ‫األ ْر َ‬‫و‬

‫ُ ُ َ‬ ‫َُ َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ََ َ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬لَك إِن ُهۥ َكن ٓأِلي ىت ِ َنا َعن ِيدا ‪َ ١٦‬سأ ۡرهِق ُهۥ َص ُعودا ‪ ١٧‬إِن ُهۥ فك َر َوق َد َر ‪ ١٨‬فقتِل ك ۡيف ق َد َر ‪ ١٩‬ث َم قتِل‬
‫كََ‬ ‫ََۡ ََ َ َُ ََ َ َُ َ َ َ َََ َ َُ َََۡ َ ۡ َ ۡ‬
‫ب ‪} ٢٣‬‬ ‫كيف قدر ‪ ٢٠‬ثم نظر ‪ ٢١‬ثم عبس وبّس ‪ ٢٢‬ثم أدبر وٱست‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف َقال إِ ۡن َهىذا إَِّل س ِۡحر يُ ۡؤث ُر ‪ ٢٤‬إِ ۡن َهىذا إَِّل س ِۡحر يُ ۡؤث ُر ‪} ٢٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬فقال عن القرآن‪ :‬ما هذا إال سحر يحكى من ّ‬
‫األولين‪ .‬ما هذا إال كالم البشر‪.‬‬
‫قال اإلمام ابن كثير‪ :‬وقد زعم السدي أنهم ملا اجتمعوا في دار الندوة ليجمعوا رأيهم على قو ٍل يقولونه‬
‫ٌ‬
‫ساحر‪ .‬وقال‬ ‫ٌ‬
‫شاعر‪ .‬وقال آخرون‪:‬‬ ‫فيه‪ ،‬قبل أن يقدم عليهم وفود العرب للحج ليصدوهم عنه‪ ،‬فقال قائلون‪:‬‬
‫ُ ْ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ ُّ َ َ ْ َ ُ ْ َ‬
‫كاهن‪ .‬وقال آخرون‪ :‬مجنو ٌن‪ .‬كما قال تعالى‪{ :‬انظر كيف ضربوا لك األمثال فضلوا فال يستطيعون‬ ‫آخرون‪ٌ :‬‬
‫ً‬
‫َسبيال}[اإلسراء‪ ،]48 :‬كل هذا والوليد يفكر فيما يقوله فيه‪ ،‬ففكر وقدر‪ ،‬ونظر وعبس وبسر‪ ،‬فقال‪{ :‬إن َهذا‬
‫ْ‬
‫إَل س ْح ٌريؤثرإن َهذا إَل قو ُل البشر}‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َ َُۡ َۡ َ‬ ‫ۡ َ َ‬
‫ش َسأ ۡصل ِيهِ ‪} ٢٧‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِن هىذا ‪ ٢٦‬إَِّل قول ٱلب ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل ُت ۡب ِق َوَّل تَذ ُر ‪} ٢٨‬‬
‫واملعنى‪ :‬هذه السقر ال تبقي شيئا فيها إال أهلكته‪ ،‬وال تترك ْ‬
‫من ُيلقى فيها إال تحرقه‪ ،‬وتعيده بأمر هللا‬
‫ُه َ َ ْ ُُ ُ ُ ْ َ ه ْ ُ ُ ً َ‬
‫ناه ْم ُجلودا غ ْي َرها‪،‬‬ ‫تعالى إلى الحياة مرة أخرى ليذوقوا العذاب‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬كلما نضجت جلودهم‪ ،‬بدل‬
‫ذاب}[النساء‪.]56 :‬‬ ‫وقوا ْال َع َ‬
‫َُ ُ‬
‫ليذ‬

‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ش ‪} ٢٩‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬لواحة ل ِلب ِ‬
‫محرقة لها‪ ،‬أو ّلواحة للناس حتى يرونها عيانا‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫مغيرة للبشرة‪ّ ،‬‬
‫مسودة للوجوه‪ّ ،‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫ين}[الشعراء‪.]91:‬‬ ‫يم ل ْلغاو َ‬
‫{ َو ُبر َزت ْال َجح ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬علَ ۡي َها ت ِۡس َع َة َع َ َ‬
‫ش ‪} ٣٠‬‬

‫َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ى َ َ َ َ َى َ َ َ َ َ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ ُ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ُ ُ‬
‫ِين أوتوا‬ ‫ار إَِّل ِّلئِكة وما جعلنا عِدتهم إَِّل ف ِتنة ل َِّلِين كفروا ل ِيستيقِن ٱَّل‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬وما جعلنا أصحب ٱل ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ُُ‬
‫ِين ِِف قلوب ِ ِهم َِّ َرض‬ ‫ول ٱَّل َ‬ ‫ۡ‬
‫َ ُ ۡ َ َ َ ُ ۡ ُ َ َ َُ َ‬
‫اب ٱَّلِين أوتوا ٱلكِتىب وٱلمؤمِنون و َِلق‬ ‫يم ىنا َو ََّل يَ ۡرتَ َ‬
‫ام ُنوا إ َ‬ ‫اد ٱ ََّل َ‬
‫ِين َء َ‬ ‫ۡ َى َ َ َ ۡ َ َ‬
‫ٱلكِتب ويزد‬
‫ِ‬
‫َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ض ُّل ٱ َ ُ‬ ‫اد ٱ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫َ ۡ َى ُ َ َ َ َ َ‬
‫َّلل َمن يَشا ُء َويَ ۡهدِي َمن يَشا ُء ر َو َما َي ۡعل ُم ُج ُنود َربِك إَِّل ه َور َو َما‬ ‫َّلل بِهىذا مثل ر كذ ىل ِك ي ِ‬ ‫وٱلكفِرون ماذا أر‬
‫َ َ َۡ ى َۡ َ‬
‫ش ‪} ٣١‬‬‫ى ل ِلب ِ‬ ‫ِه إَِّل ذِكر‬
‫عد َتهم إال اختبارا للذين كفروا؛‬‫واملعنى‪ :‬وما جعلنا خزنة النار إال مالئكة الغالظ الشداد‪ ،‬وما جعلنا ّ‬
‫ّ‬
‫ليتيقن الذين أوتوا الكتاب من اليهود والنصارى ّأن ما جاء به الرسول ٌّ‬
‫حق‪ ،‬وليزداد إيمان املؤمنين‪ ،‬وال يرتاب‬
‫صحة هذا العدد‪ ،‬وليقول املنافقون الذين في قلوبهم‬ ‫الكتاب واملؤمنون في صدق الرسول وفي ّ‬ ‫َ‬ ‫الذين أوتوا‬
‫ضل هللا تعالى به ْ‬
‫من‬ ‫نفاق والكافرون ماذا أراد هللا تعالى بهذا مثال‪ ،‬مثل ذلك املذكور من اإلضالل والهدى ُي ّ‬
‫َ ََ َ‬
‫َّلل َّل‬ ‫يشاء‪ ،‬ويهدي به من يشاء من عباده‪ ،‬وال َيضل بضرب املثل إال الفاسقون‪ ،‬كما قال تعالى‪۞ { :‬إِن ٱ‬
‫َ ۡ َََ َ َ َ َ‬ ‫َۡ َ ۡ َ َ ۡ َ ََ َ َُ َ َ َ َََۡ َََ َ َ َُ َََُۡ َ َ‬
‫ون أنَ ُه ٱ ۡ َ‬
‫ِين كف ُروا‬‫ل ُّق مِن رب ِ ِهم وأما ٱَّل‬ ‫ُضب مثل ما بعوضة فما فوقها ر فأما ٱَّلِين َءامنوا فيعلم‬ ‫حۦ أن ي ِ‬
‫يس ت ِ‬
‫َّلل ب َه ى َذا َم َثل ا يُض ُّل بهِۦ َكثِريا َويَ ۡهدِي بهِۦ َكثِريا َو َما يُض ُّل بهِۦ إ ََّل ٱ ۡل َفىسِ قِ َ‬ ‫َ‬
‫ََُ ُ َ َ َ َ َ َُ‬
‫ي ‪[} ٢٦‬البقرة‪،]26 :‬‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫فيقولون ماذا أراد ٱ ِ‬
‫وما يعلم جنود رّبك أيها الرسول إال ُ‬
‫هللا تعالى‪ ،‬وما سقر وعدد خزنتها إال تذكرة وموعظة للناس‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫ََ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬لَك َوٱل َق َمرِ ‪} ٣٢‬‬
‫القمر‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬كال‪ ،‬ليس األمر كما أنكره هؤالء الكفار‪ّ ،‬‬
‫وحق‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ َ ه‬ ‫وقد أقسم هللا تعالى بالقمر في ّ‬
‫عدة آيات‪ ،‬وهي قوله تعالى‪{ :‬والقمر إذا اتسق}[االنشقاق‪ ،]18 :‬ومنها‬
‫َ َ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱل َق َم ِر إِذا تَلى ى َها ‪[}٢‬الشمس‪.]2 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ ۡ َۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬وٱَل ِل إِذ أدبر ‪} ٣٣‬‬
‫ه َ‬
‫واملعنى‪ :‬والليل إذا أدبر ومض ى‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬والل ْيل إذا َي ْسر}[الفجر‪.]4 :‬‬

‫َ َ‬
‫لص ۡبحِ إِذا أ ۡس َف َر ‪} ٣٤‬‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱ ُّ‬
‫الص ْبح إذا َت َن هف َ‬
‫س}[التكوير‪.]18 :‬‬ ‫واملعنى‪ :‬والصبح إذا أضاء وابتدأ في الظهور‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ُّ‬
‫ش ‪} ٣٦‬‬ ‫َۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ۡ َ ۡ َُ‬
‫ب ‪ ٣٥‬نذِيرا ل ِلب ِ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِنها ِإلحدى ٱلك ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ِنك ۡم أن َي َت َق َد َم أ ۡو َي َتأ َخ َر ‪} ٣٧‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ل َِمن شا َء م‬
‫ّ‬
‫يتقدم إلى الطاعة والجنة أو شاء ْأن يتأخر عن ذلك بفعل‬ ‫ملن شاء منكم أيها الناس ْأن ّ‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫املعاص ي‪.‬‬
‫َ‬
‫خرج الخبر‪ ،‬كقوله تعالى‪{ :‬ف َم ْن َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬
‫وتهديد وإن خرج َم َ‬ ‫قال اإلمام القرطبي‪ :‬قال الحسن‪ :‬هذا ٌ‬
‫شاء‬ ‫وعيد‬
‫َُْ ْ ْ َ َ ْ َ َْ ْ ُ‬
‫شاء فل َيكف ْر}[الكهف‪.]29 :‬‬ ‫فليؤمن ومن‬

‫ۡ َ َ‬ ‫ۡ‬
‫َ َ َ ۡ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ ُّ‬
‫ي ‪} ٣٩‬‬‫قوله تعالى‪ُ { :‬ك نفس بِما كسبت رهِينة ‪ ٣٨‬إَِّل أصحىب ٱَلَ ِم ِ‬
‫واملعنى‪ :‬كل نفس محبوسة مرهونه بكل ما كسبت‪ ،‬إال أصحاب اليمين من املسلمين املخلصين‪ ،‬كما‬
‫ُْ ْ َ َ‬ ‫ه‬ ‫َ ه ُُْ َ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫قال تعالى‪َ { :‬و َما ت ْج َز ْون إَل َما كنت ْم ت ْع َملون (‪ )39‬إَل ع َب َاد هَّللا اْلخلصين (‪[})40‬الصافات‪.]39-40 :‬‬

‫َ‬ ‫ك م َِن ٱل ۡ ُم َصل َ‬


‫ِي ‪َ ٤٣‬ول ۡم‬
‫َ ُ َۡ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ِي ‪َ ٤١‬ما َسلكك ۡم ِِف َسق َر ‪ ٤٢‬قالوا لم ن‬ ‫ون ‪َ ٤٠‬عن ٱل ۡ ُم ۡجرم َ‬ ‫َ َى َ َ َ َ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ِِ { :‬ف جنت يتساءل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِين ‪} ٤٦‬‬ ‫َل‬‫ٱ‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫و‬ ‫كذ ُ‬
‫ِب ب َي ۡ‬ ‫َ ََُ ُ َ‬
‫ن‬ ‫ا‬‫ن‬ ‫وُك‬‫و‬ ‫‪٤٥‬‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ئ‬ ‫ا‬‫ل‬‫وض َم َع ٱ ۡ َ‬
‫َ ُ َ َُ ُ‬
‫َن‬ ‫ا‬‫ن‬ ‫وُك‬‫و‬ ‫‪٤٤‬‬ ‫ك ُن ۡط ِع ُم ٱل ۡم ۡسك َ‬
‫ِي‬
‫َ ُ‬
‫ن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ت أتَى ى َنا ٱَلَقِ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫ي ‪} ٤٧‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ح َ ى‬
‫ّ ّ‬
‫وكنا نكذب بيوم القيامة حتى أتانا املوت‪.‬‬ ‫واملعنى‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫اع ُب ْد َرهب َك َح هتى َيأت َي َك ال َيقين}[الحجر‪.]99 :‬‬
‫واملراد باليقين في هذه اآلية املوت‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ { :‬و ْ‬

‫َ َ َ َ ُ ُ ۡ َ َ ى َ ُ َى‬
‫لشفِ ِع َ‬
‫ي ‪} ٤٨‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فما تنفعهم شفعة ٱ‬
‫َۡ‬ ‫َ َۡ‬ ‫َُ‬
‫واملعنى‪ :‬فما تنفع هؤالء الكفار شفاعة الشافعين أجمعين‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وٱتقوا يَ ۡوما َّل ت ِزي نفس‬
‫َ َ ُ ۡ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ ُ َ َ َى َ َ َ ُ ۡ ُ َ ُ َ‬ ‫َعن َن ۡفس َ ۡ‬
‫ون ‪[} ١٢٣‬البقرة‪.]123 :‬‬‫يشٔٔا وَّل يقبل مِنها عدل وَّل تنفعها شفعة وَّل هم ينُص‬

‫ض َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ي ‪} ٤٩‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ف َما ل ُه ۡم ع ِن ٱ َِلذكِ َرة ِ ُمع ِر ِ‬
‫فأي دافع يدفعهم معرضين عن القرآن الكريم وما فيه من التذكرة‪ ،‬مسرعين إلى التكذيب‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ه َ ََ‬
‫ين كف ُروا ق َبل َك ُم ْهطعين}[املعارج‪.]36 :‬‬ ‫به‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فمال الذ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ََ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ ۡ ُ ُ ُّ ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬كأنهم ْحر ِّستن ِفرة ‪ ٥٠‬فرت مِن قسورة ‪} ٥١‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ۡ‬


‫شة ‪} ٥٢‬‬ ‫حفا ُّمنَ َ َ‬ ‫يد ُك ٱ ِّۡ ِري م ِۡن ُه ۡم أن يُ ۡؤ ى‬
‫ت ُص ُ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬بَل يُر ُ‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬بل يريد كل واحد من هؤالء الكفار أن ينزل عليه كتاب من السماء منشورا‪ ،‬كما أنزل على‬
‫ُ‬ ‫ُ َْ ْ‬ ‫ٌ َ ُ َ ُْ‬ ‫َ‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وإذا َج َاء ْت ُه ْم َآية قالوا ل ْن نؤم َن َح هتى نؤتى مث َل َما أوت َي ُر ُس ُل‬
‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ه هُ َ َ‬
‫َّللا أ ْعل ُم َح ْيث َي ْج َع ُل ر َسالت ُه}[األنعام‪.]124 :‬‬ ‫َّللا‬

‫ََ َ َ ََ ُ َ‬
‫ون ٱٓأۡلخ َِر َة ‪} ٥٣‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬لَك بل َّل ياف‬

‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬لَك إِنَ ُهۥ تَذك َِرة ‪ ٥٤‬ف َمن َشا َء ذك َرهُۥ ‪}٥٥‬‬
‫ّ‬ ‫حقا‪ّ ،‬إن القرآن الكريم تذكرة كافية‪ْ ،‬‬ ‫واملعنى‪ّ :‬‬
‫فمن أراد التذكير واالعتبار‪ ،‬تذكر واعتبر‪.‬‬
‫ََ ْ َ ََ‬ ‫َ ه َْ ٌ‬
‫شاء ذك َر ُ }[التكوير‪.]11-12 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬كال إ هنها تذك َرة (‪ )11‬فمن‬

‫َ ُ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ ُ‬
‫َّلل ُه َو أ ۡهل ٱ َِلق َو ىى َوأ ۡهل ٱل َم ۡغ ِف َرة ِ ‪}٥٦‬‬
‫َُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وما يذك ُرون إَِّل أن يشا َء ٱ ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬وما يتذكرون بالقرآن الكريم وال يتعظون به إال ْأن يشاء هللا تعالى لهم ْأن يتذكروا‪ ،‬كما قال‬
‫تعالى‪َ { :‬و َما َت َش ُاءو َن إَل َأ ْن َي َش َاء هللا}[اإلنسان‪ ،]30 :‬هللا تعالى هو أهل ْ‬
‫ألن يتقى وأهل ْ‬
‫ألن يغفر للتائبين إليه‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َُ‬
‫سورة القيامة‬
‫وهي مكية وعدد آياتها أربعون‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُۡ‬


‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل أق ِس ُم ب ِ َي ۡو ِم ٱلقِ َيى َمةِ ‪َ ١‬وَّل أق ِس ُم ب ِٱلَف ِس ٱلل َو َامةِ ‪} ٢‬‬
‫واملعنى‪ :‬أقسم بيوم القيامة‪ ،‬وأقسم بالنفس التي تكثر لوم صاحبها على التقصير في الطاعة‪.‬‬
‫تاب}[الحديد‪ ،]29 :‬أي‬ ‫لم أهل الك ُ‬ ‫و"ال" في هذه اآلية مزيدة للتأكيد‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬لئال َي ْع َ‬
‫ليعلموا‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ونظير هذا القسم في القرآن الكريم قوله تعالى‪{ :‬فال أقس ُم ب َما ت ْبص ُرون}[الحاقة‪ ،]38 :‬وقوله تعالى‪:‬‬
‫ْ ُه‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ‬ ‫ه ََ‬ ‫َْ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ ُْ‬
‫{فال أقس ُم ب َرب اَلشارق َواَلغارب إنا لقاد ُرون}[املعارج‪ ،]40 :‬وقوله تعالى‪{ :‬فال أقس ُم بالخنس}[التكوير‪:‬‬
‫َ ْ َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫ه َ‬ ‫َ ُْ‬
‫‪ ،]15‬وقوله تعالى‪{ :‬فال أقس ُم بالشفق}[االنشقاق‪ ،]16 :‬وقوله تعالى‪َ{ :‬ل أقس ُم ب َهذا ال َبلد}[البلد‪.]1 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َۡ ُ ُ ۡ‬
‫يد ٱ ِإل َ ى‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ى َ َ َ ى َ ُّ‬ ‫َ َۡ َ ُ ۡ َى ُ ََ َۡ‬
‫ن َم َع ع َِظ َ‬
‫نس ُن َِلَف ُج َر‬ ‫لَع أن ن َسوِ َي َب َنان ُهۥ ‪ ٤‬بل ي ِر‬ ‫ام ُهۥ ‪ ٣‬ب ى‬
‫َل قدِرِين‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أيسب ٱ ِإلنسن ألن‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أمامهۥ ‪} ٥‬‬

‫ۡ‬ ‫ُ َ‬
‫َ َ‬
‫ان يَ ۡو ُم ٱلقِ َيى َمةِ ‪} ٦‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ي َ ۡسَٔٔل أي‬
‫واملعنى‪ :‬يسأل اإلنسان الكافر مستبعدا لوقوع يوم القيامة‪ :‬متى يوم القيامة؟ كما قال تعالى إخبارا‬
‫َ‬ ‫صادق َين (‪ُ )29‬ق ْل َل ُك ْم م َ‬
‫ولو َن َم َتى َه َذا ْال َو ْع ُد إ ْن ُك ْن ُت ْم َ‬
‫ََُ ُ‬
‫يع ُاد َي ْو ٍم َل‬ ‫عن استبعاد املكذبين بيوم القيامة‪{ :‬ويق‬
‫َ‬ ‫َ ْ َْ ُ َ َْ ُ َ َ ً َ َ ْ‬
‫اعة َوَل ت ْستقد ُمون}[سبأ‪.]29-30 :‬‬ ‫تستأخرون عنه س‬

‫قوله تعالى‪ { :‬فإذا بَر َق ٱلَ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ‬


‫ُص ‪} ٧‬‬ ‫ِ ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فإذا دهش البصر فزعا مما رأى يوم القيامة‪ ،‬فال ّ‬
‫تتحرك األجفان‪ ،‬وتبقى األعين مفتوحة‪،‬‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫كما قال تعال‪َ{ :‬ل َي ْرت ُّد إل ْيه ْم ط ْرف ُه ْم}[إبراهيم‪.]43 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ َُ َ ُ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ۡ‬
‫لش ۡم ُس َوٱل َق َم ُر ‪} ٩‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وخ َسف ٱلقمر ‪ ٨‬وۡجِع ٱ‬
‫واملعنى‪ :‬وذهب نور القمر‪ ،‬وذهب ضوء الشمس والقمر جميعا‪.‬‬
‫س َو ْال َق َم ُر}‪ ،‬قال مجاهد‪ُ :‬ك ّورا‪ ،‬وقرأ ُ‬
‫ابن ز ٍيد عند تفسير هذه اآلية‪:‬‬
‫َ ُ َ ه‬
‫الش ْم ُ‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪{ :‬وجمع‬
‫ُ َ ْ َ َّ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ه ْ ُ ُ َ ْ َ َ ُّ ُ ُ ْ َ َ َ ْ ّ‬
‫س‬‫ابن مسعود أنه قرأ‪" :‬وجمع بين الشم ِ‬ ‫{إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت}[التكوير‪ ،]1-2 :‬وروي عن ِ‬
‫َو َ‬
‫القم ِر"‪.‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َُ ُ ۡ‬


‫نس ُن يَ ۡو َمئ ِ ٍذ أ ۡي َن ٱل َم َف ُّر ‪} ١٠‬‬
‫ول ٱ ِإل َ ى‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يق‬

‫ََ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬لَك َّل َو َز َر ‪} ١١‬‬
‫ْ‬ ‫َُ‬ ‫واملعنى‪ :‬ليس األمر كما ّ‬
‫تتمناه أيها اإلنسان‪ ،‬فال ملجأ لك‪ ،‬وال منجى‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ما لك ْم م ْن َمل َج ٍإ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫َي ْو َمئ ٍذ َو َما لك ْم م ْن نك ٍير}[الشورى‪.]47 :‬‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ ىل َرب ِ َك يَ ۡو َمئ ِ ٍذ ٱل ُم ۡس َت َق ُّر ‪}١٢‬‬
‫ّ‬
‫مستقر جميع الخلق ومصيرهم‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫واملعنى‪ :‬إلى رّبك وحده أيها الرسول الكريم يوم القيامة‬
‫ُْْ َ‬ ‫َ َ‬
‫{ َوأ هن إلى َرب َك اَلنت َهى}[النجم‪.]42 :‬‬

‫َ ََ َ ََ َ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬يُنَ َب ُؤا ٱ ِإل َ ى‬
‫نس ُن يَ ۡو َمئِذ بِما قدم وأخر ‪} ١٣‬‬
‫َ‬
‫ّ‬ ‫خبر اإلنسان يوم القيامة بما ّ‬ ‫واملعنى‪ُ :‬ي َ‬
‫شر في حياته‪ ،‬وما أخره من ّأوله إلى آخره‪،‬‬
‫قدمه من خير أو ّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫كما قال تعالى‪َ { :‬و َو َج ُدوا َما َعملوا َحاض ًرا َوَل َيظل ُم َرُّب َك أ َح ًدا}[الكهف‪.]49 :‬‬

‫َ‬ ‫َى ُ ى َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ‬ ‫ۡ‬


‫ص َ‬
‫رية ‪} ١٤‬‬ ‫لَع نفسِ هِۦ ب ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬بَ ِل ٱ ِإلنسن‬
‫واملعنى‪ :‬بل اإلنسان عالم بما فعله‪ ،‬شهيد على نفسه‪ ،‬فهو حجة بينة على نفسه‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫ْ ْ َ‬
‫{اق َرأ كت َاب َك كفى بنفس َك ال َي ْو َم َعل ْي َك َحس ًيبا}[اإلسراء‪.]14 :‬‬

‫َ َۡ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ول ۡو أل َ ى‬
‫ق َم َعاذ َِيرهُۥ ‪} ١٥‬‬
‫َ َ َ ََ‬ ‫ّ‬
‫ِين كف ُروا‬
‫واملعنى‪ :‬ولو اعتذر هذا اإلنسان وأنكر‪ ،‬فإنه ال ينفعه االعتذار‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬إِن ٱَّل‬
‫َ ۡ ُ ۡ َ ُ َ ُ ۡ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َى َ َ ۡ ُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ َۡ َ ََۡ ُ َ َ ۡ‬
‫ينادون لمقت ٱَّللِ أكب مِن مقتِكم أنفسكم إِذ تدعون إِل ٱ ِإليم ِن فتكفرون ‪[}١٠‬غافر‪.]10 :‬‬
‫َْ‬ ‫ُ َ َ ُ َْ‬
‫وقد أخبر هللا تعالى ّأن أهل النار أنكروا ّأنهم كانوا مشركين‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬ث هم ل ْم تك ْن فتن ُت ُه ْم إَل أن‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ْ َ َ ْ َُُ ُ ه ُ َ ً َ‬ ‫ُه ْ َ‬ ‫َ ُ‬
‫يعا ف َي ْحل ُفون ل ُه ك َما َي ْحل ُفون‬ ‫قالوا َو هَّللا َربنا َما كنا ُمشركين}[األنعام‪ ،]23 :‬وقال تعالى‪{ :‬يوم يبعثهم َّللا جم‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َُ‬
‫لك ْم َو َي ْح َس ُبون أ هن ُه ْم َعلى ش ْي ٍء أَل إ هن ُه ْم ُه ُم الكاذ ُبون}[املجادلة‪.]18 :‬‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫قوله تعالى‪َّ { :‬ل تَ ِر ۡك بِهِۦ ل َِسانَ َك ِِلَ ۡع َجل بِهِۦ ‪}١٦‬‬
‫تتعجل بحفظه‪ ،‬قبل‬ ‫حرك أيها الرسول لسانك بقراءة القرآن الكريم حين نزوله‪ ،‬ألجل ْأن ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬ال ت ّ‬
‫َ‬ ‫َ َْ ْ‬ ‫ُْ‬ ‫َ َ‬
‫ْأن يفرغ جبريل عليه السالم من قراءته عليك‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وَل ت ْع َج ْل بالق ْرآن م ْن ق ْبل أن ُيق َض ى إل ْي َك‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫َو ْح ُي ُه َوق ْل َرب ز ْدني عل ًما}[طه‪.]114 :‬‬

‫َ َ َۡ َۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫ۡج َع ُهۥ َوق ۡر َءانَ ُهۥ ‪} ١٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن علينا‬
‫واملعنى‪ّ :‬إن علينا جمعه في قلبك أيها الرسول وتثبيت قراءته على لسانك بحيث تقرؤه متى شئت‪ ،‬فال‬
‫ُْ ُ َ َْ‬
‫تنساه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬سنقرئ َك فال تن َس ى}[األعلى‪.]6 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ۡ ُ ُّ َ ۡ َ َ َ َ َ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ َ ََۡ ََ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ ۡ َى ُ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬فإِذا قرأنه فٱتب ِع قرءانهۥ ‪ ١٨‬ثم إِن علينا بيانهۥ ‪ ١٩‬لَك بل تِبون ٱلعا ِجلة ‪ ٢٠‬وتذرون ٱٓأۡلخِرة ‪} ٢١‬‬

‫قوله تعالى‪ُ { :‬و ُجوه يَ ۡو َمئذ نَ ِ َ‬


‫اضة ‪} ٢٢‬‬ ‫ِ‬
‫ُ ُ ٌ َ ْ َ ُ ْ ٌَ‬
‫واملعنى‪ :‬وجوه أهل اإليمان والطاعة يوم القيامة ناضرة مشرقة‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وجو يومئ ٍذ مسفرة‬
‫َ َ ٌ َ ٌ‬
‫ضاحكة ُم ْست ْبش َرة}[عبس‪.]38-39 :‬‬ ‫(‪)38‬‬

‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ ىل َرب ِ َها نَاظ َِرة ‪} ٢٣‬‬
‫فتتمتع بذلك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬تنظر هذه الوجوه إلى ربها نظرة سرور وحبور‪،‬‬
‫دخ َل ْأه ُل ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫صهيب‪ ،‬عن ّ‬ ‫روى اإلمام مسلم بسنده عن ُ‬
‫الجن ِة‬ ‫النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬إذا‬ ‫ٍ‬
‫وه َنا؟ َأل ْم ُتدخ ْل َنا َ‬
‫الج َّنة‪،‬‬ ‫فيقولو َن‪َ :‬أل ْم ُت َب ّي ْ‬
‫ض ُو ُج َ‬ ‫الجن َة‪ ،‬قال‪ :‬يقو ُل هللا تبارك وتعالى‪"ُ :‬تر ُيدو َن َش ًيئا أز ُيد ُك ْم؟ َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫وج َّل "‪ ،‬وروى‬ ‫عز َ‬‫الن َظر إلى َ ّربه ْم َّ‬‫أح َّب إ َليه ْم م َن َّ‬ ‫فما أ ْع ُطوا ْ‬
‫شي ًئا َ‬ ‫اب‪َ ،‬‬‫ف الح َج َ‬ ‫َْ ُ‬
‫الن ِار؟ قال‪ :‬فيك ِش‬ ‫ُوت َن ّج َنا م َن َّ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُۡ ۡ َ ى َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ ُ ُ َ ُ ۡ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬
‫اإلسناد وزاد ثم تال هذه اآلية‪۞{ :‬ل َِّلِين أحسنوا ٱلسن وزِيادة وَّل يرهق وجوههم قت‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫حم ِاد بن سلمة‪ ،‬بهذا‬ ‫عن ّ‬
‫َ َ َ ُ َى َ َ ۡ َ ى ُ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ ى ُ َ‬
‫ون ‪[}٢٦‬يونس‪.]26 :‬‬‫وَّل ذِلة ر أولئِك أصحب ٱلنةِ هم فِيها خ ِِل‬

‫قوله تعالى‪َ { :‬و ُو ُجوه يَ ۡو َمئذ بَ ِ َ‬


‫اسة ‪} ٢٤‬‬ ‫ِ‬
‫مسودة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و ُو ُجو ٌ‬
‫ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬ووجوه أهل الكفر واملعاص ي يوم القيامة عابسة كالحة‬
‫َْ َ ُ َْ ُ‬ ‫َ َ ٌ َ ُ ََ ٌ ُ َ‬
‫َي ْو َمئ ٍذ َعل ْي َها غ َب َرة ت ْر َهق َها قت َرة أولئ َك ُه ُم الكف َرة الف َج َرة}[عبس‪.]40-42 :‬‬
‫َ‬ ‫َ ُ ُّ َ ُ ۡ َ َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬تظن أن يفعل بِها فاقِرة ‪} ٢٥‬‬

‫تٱ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬


‫اق ‪} ٢٦‬‬‫لت ِ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬لَك إِذا بَلغ ِ‬
‫تدع أيها اإلنسان من إيثار الدنيا على اآلخرة‪ ،‬إذا انتزعت الروح من الجسد ووصلت إلى‬ ‫واملعنى‪ :‬فا ْ‬
‫ر‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أعالي الصدر‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬فل ْوَل إذا َبل َغت ال ُحل ُق َ‬
‫وم}[الواقعة‪.]83 :‬‬

‫َ ُ‬
‫اق بٱ َ‬ ‫َ ََۡ‬ ‫ََ َ ََُ ۡ َ ُ‬ ‫َ‬
‫اق ‪} ٢٩‬‬
‫ِ‬ ‫لس‬ ‫ِ‬ ‫لس‬ ‫ٱ‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫ف‬‫ِل‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫‪٢٨‬‬ ‫اق‬‫قوله تعالى‪َ { :‬وقِيل َم ۡن َراق ‪ ٢٧‬وظن أنه ٱل ِفر‬

‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ ىل َرب ِ َك يَ ۡو َمئ ِ ٍذ ٱل َم َس ُاق ‪} ٣٠‬‬
‫واملعنى‪ :‬إلى رّبك وحده أيها الرسول يوم القيامة مساق العباد ومرجعهم‪.‬‬
‫الروح ترفع إلى ّ‬ ‫اق} أي‪ :‬املرجع واملآب‪ ،‬وذلك ّأن ّ‬ ‫َ َ َ َ ْ َ َْ َ ُ‬
‫السماوات‪،‬‬ ‫قال اإلمام ابن كثير‪{ :‬إلى ربك يومئ ٍذ اَلس‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وجل‪ :‬ر ّدوا عبدي إلى األرض‪ ،‬فإني منها خلقتهم‪ ،‬وفيها أعيدهم‪ ،‬ومنها أخرجهم تارة أخرى‪ ،‬كما‬ ‫عز ّ‬ ‫فيقول هللا ّ‬
‫َ‬ ‫َ ًَ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬ ‫ّ‬
‫ورد في حديث البراء الطويل‪ ،‬وقد قال هللا تعالى‪َ { :‬و ُه َو القاه ُر ف ْوق ع َباد َو ُي ْرس ُل َعل ْيك ْم َحفظة َح هتى إذا َج َاء‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ ْ‬ ‫ُ ه ُ ُّ َ ه َ ْ ُ ْ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫َُ‬ ‫َ ُ َْ ُ َ ه ْ‬
‫َله ُم ال َحق أَل ل ُه ال ُحك ُم َو ُه َو أ ْس َر ُع‬‫أ َح َدك ُم اَل ْوت ت َوفت ُه ُر ُسلنا َو ُه ْم َل ُيفرطون (‪ )61‬ثم ردوا إلى َّللا مو‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ال َحاسبين}[األنعام‪.]61-62 :‬‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫كن كذ َب َوتَ َو ىل ‪} ٣٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬فَل َص َد َق َوَّل َص َ ى‬
‫َل ‪َ ٣١‬ول ى ِ‬

‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ث َم ذ َه َب إ ِ ىل أ ۡهلِهِۦ َي َت َم َط ىي ‪} ٣٣‬‬
‫ََْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ََْ‬ ‫ْ‬
‫واملعنى‪ :‬ثم ذهب إلى أهله يتبختر افتخارا بتكذيبه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وإذا انقل ُبوا إلى أ ْهله ُم انقل ُبوا‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫}[املطففين‪.]34 :‬‬ ‫فكهين‬

‫ََ َ‬ ‫ُ َ َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أ ۡو ىل ل َك فأ ۡو ىل ‪ ٣٤‬ث َم أ ۡو ىل ل َك فأ ۡو ىل ‪} ٣٥‬‬
‫واملعنى‪ :‬هالك لك أيها الكافر فهالك‪ ،‬ثم هالك له فهالك‪.‬‬
‫ّ‬
‫وهذا وعيد من هللا تعالى للكافر باهلل املكذب برسوله‪ ،‬املختال في مشيته‪ ،‬وقد قيل بمثل هذا على‬
‫سبيل التهكم والتهديد للكفار‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬ذ ْق إ هن َك َأ ْن َت ْال َعز ُيز ْال َكر ُيم ّ‬
‫}[الدخان‪ ،]49 :‬وقال تعالى‪:‬‬
‫اع َم ُلوا َما ش ْئ ُت ْم ّ‬
‫}[فصلت‪.]40:‬‬ ‫اع ُب ُدوا َما ش ْئ ُت ْم م ْن ُدونه}[الزمر‪ ،]15:‬وقال تعالى‪ْ { :‬‬ ‫{ َف ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ َ ُ ۡ َى ُ َ ُۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬أيسب ٱ ِإلنسن أن يتك سدى ‪} ٣٦‬‬
‫واملعنى‪ :‬أيحسب اإلنسان ْأن ُيترك في الدنيا مهمال‪ ،‬ال يؤمر وال ينهى وال يحاسب؟‬
‫َ‬ ‫ً َه ُ َ َ َ ُ‬ ‫ُ َه ََ ْ َ ُ‬ ‫ََ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬أف َحس ْبت ْم أن َما خلقناك ْم َع َبثا َو أنك ْم إل ْينا َل ت ْر َج ُعون}[املؤمنون‪.]115 :‬‬

‫ََ‬
‫ك ُن ۡط َفة مِن َم ِن ُي ۡم َ ى‬
‫ن ‪} ٣٧‬‬ ‫ۡ َ ُ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ألم ي‬
‫ُ َْ َ‬
‫ألم يك هذا اإلنسان نطفة ضعيفة من مني يراق في األرحام؟ كما قال تعالى‪{ :‬م ْن نطف ٍة إذا‬ ‫واملعنى‪ْ :‬‬
‫ُ َ‬
‫ت ْمنى}[النجم‪.]46 :‬‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬ث َم َك َن َعل َقة ف َخل َق ف َس َو ىى ‪} ٣٨‬‬
‫فسوى صورته في أحسن تقويم‪ ،‬كما قال‬ ‫واملعنى‪ :‬ثم صار ذلك املني علقة‪ ،‬فخلق هللا تعالى منه بشرا ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تعالى‪َ { :‬و ُه َو ٱَّلِي َخل َق م َِن ٱل َما ِء ب َ َشا ف َج َعل ُهۥ ن َسبا َو ِص ۡهرا َوك َن َر ُّب َك قدِيرا ‪[}٥٤‬الفرقان‪ ،]54 :‬وقال تعالى‪:‬‬
‫َْ‬ ‫ََ َََْ ْ َ َ‬
‫{لق ْد خلقنا اإلن َسان في أ ْح َسن تقو ٍيم}[التين‪.]4 :‬‬

‫ُۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ي ٱَّلك َر َوٱل َ ى‬
‫نَث ‪} ٣٩‬‬ ‫َ َ ُۡ َۡ َۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فجعل مِنه ٱلزوج ِ‬
‫واملعنى‪ :‬فجعل هللا تعالى من ذلك املني الزوجين الذكر واألنثى‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬و َأ هن ُه َخ َل َق ه‬
‫الز ْو َج ْين‬
‫ه َ ْ ُْ َ‬
‫الذك َر َواألنثى}[النجم‪.]45 :‬‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬


‫ي ِـ َي ٱل َم ۡو ىت ‪}٤٠‬‬‫ۡ‬
‫لَع أن‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬أل ۡي َس ذ ىل َِك ب ِ َقىدِر ى‬
‫ٍ‬
‫ُ‬
‫واملعنى‪ :‬أليس ذلك الخالق بقادر على إعادة الخلق بعد فنائهم؟ بلى‪ ،‬فاإلعادة أهون عليه من البداءة‪،‬‬
‫َ ُ َ‬ ‫كما قال تعالى‪َ { :‬و ُه َو هالذي َي ْب َد ُأ ْال َخ ْل َق ُث هم ُيع ُ‬
‫يد ُ َو ُه َو أ ْه َون َعل ْيه}[الروم‪.]27 :‬‬
‫َ ْ ََ ُ‬
‫قرأ منك ْم‬ ‫روى اإلمام أبو داود بسنده عن أبي هريرة يقول‪ :‬قال ر ُسو ُل هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬من‬
‫َ ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََْ َ هُ َ َ ْ‬ ‫ْ‬
‫َّللا بأ ْحكم ال َحاكمين}[التين‪ ،]8 :‬فل َي ُق ْل‪ :‬بلى‪ ،‬وأنا على ِذلك ِم َن‬ ‫الزْي ُتو ِن‪ ،‬فان َت َهى إلى آخرها‪{ :‬أليس‬ ‫َو ّ‬
‫التين َو َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ ْ ُ ْ َ َْ ْ َ‬ ‫ََْ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ ُْ ُ َْ ْ َ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫الش ِاه ِدين‪ ،‬ومن قرأ‪ :‬ال أق ِسم ِبيو ِم ال ِقيام ِة‪ ،‬فانتهى إلى {أليس ذلك بقاد ٍر على أن يحيي اَلوتى}[القيامة‪،]40 :‬‬
‫ْ‬ ‫ْ ُ َ‬
‫يث َب ْع َد ُ ُيؤمنون}[املرسالت‪ ،]50 :‬فل ُيق ْل‪َ :‬آم َّنا ِباهلل"‪،‬‬ ‫د‬ ‫ح‬‫قرأ‪َ :‬و ْاملُ ْر َس َالت‪َ ،‬ف َب َل َغ‪َ { :‬فب َأي َ‬
‫ْ ََ‬ ‫َ‬
‫فل ُيق ْل‪َ :‬بلى‪ ،‬ومن‬
‫ْ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ َُ ْ‬
‫ورة اإلن َسان‬ ‫س‬
‫وهي مدنية وعدد آياتها إحدى وثالثون‬

‫ۡ ُ‬
‫َ َ ۡ ۡ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ََ ََ ۡ‬
‫يشٔٔا َمذكورا ‪} ١‬‬
‫كن ۡ‬ ‫ِت لَع ٱ ِإل َ ى‬
‫نس ِن حِي مِن ٱَله ِر لم ي‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬هل أ ى‬
‫يكن شيئا موجودا مذكورا‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬قد أتى على اإلنسان حين من الزمان الطويل لم ْ‬
‫َ َ َ َ ى َ َ َ َ ُّ َ ُ َ َ َ َ َ‬
‫لَع ه ِي‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى على لسان املالئكة لزكريا عليه السالم‪ { :‬قال كذل ِك قال ربك هو‬
‫ۡ َ ۡ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َۡ‬ ‫َ‬
‫ك ۡ‬
‫يشٔٔا ‪[} ٩‬مريم‪.]9 :‬‬ ‫َوق ۡد خلق ُتك مِن قبل ولم ت‬

‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫نس َن مِن ُّن ۡط َفة أ ِّۡ َشاج نَ ۡب َتل ِيهِ ف َ‬ ‫ۡ‬ ‫َۡ‬
‫يعا بَ ِصريا ‪} ٢‬‬ ‫ج َعل َنى ُه َسم َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنَا َخلق َنا ٱ ِإل َ ى‬
‫ّ‬
‫واملعنى‪ :‬إنا خلقنا اإلنسان من نطفة مختلطة من ماء الرجل وماء املرأة‪ ،‬نختبره باألوامر والنواهي‪،‬‬
‫فجعلناه سميعا يسمع اآليات املتلوة‪ ،‬بصيرا يرى الدالئل الواضحة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ومعنى قوله تعالى‪َ { :‬ن ْب َتليه} ْ‬
‫أي‪ :‬نختبره‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬ل َي ْبل َوك ْم أ ُّيك ْم أ ْح َس ُن َع َمال}[امللك‪.]2 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ِإَوما ك ُفورا ‪} ٣‬‬
‫لسبيل إ َما َشاكِرا َ‬
‫َ َ ََۡ ُ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِنا هدينىه ٱ ِ ِ‬
‫واملعنى‪ّ :‬إنا هدينا هذا اإلنسان طريق الهدى والضالل‪ ،‬ليكون ّإما شاكرا ألنعم هللا تعالى‪ّ ،‬‬
‫وإما كفورا‬
‫بها‪.‬‬
‫ه‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬وهدينا ُ الن ْج َدين}[البلد‪.]10 :‬‬

‫َ َۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬إنَا أ ۡع َت ۡدنَا ل ِلك ى ِفر َ‬ ‫َ‬
‫ين َسل ى ِسل َوأغل ىل َو َس ِعريا ‪} ٤‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫واملعنى‪ :‬إنا أعت ْدنا للكافرين سالسل وأغالال في أعناقهم ونارا مستعرة‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ۞{ :‬إَون َت ۡع َ‬
‫ج ۡ‬ ‫ّ‬
‫ُ َى َ‬ ‫َ ۡ‬ ‫ُ َى َ ۡ َ ۡ َ ُ‬ ‫ُ َى َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َۡ ُُ ۡ َ َ ُ َ َُ َ َ َ َ ۡ َ‬
‫ِين كف ُروا ب ِ َرب ِ ِه ۡم َوأولئِك ٱلغل ىل ِِف أع َناق ِ ِه ۡم َوأولئِك‬ ‫فعجب قولهم أءِذا كنا تر ىبا أءِنا ل َِف خلق جد ٍ‬
‫ِيد أولئِك ٱَّل‬
‫َ ۡ َ ى ۡ َ َ َى ُ ُ ۡ َ ُ َ‬ ‫ََۡۡ ُ‬ ‫َ ۡ َى ُ َ ُ ۡ َ َى ُ َ‬
‫ون ‪[}٧١‬غافر‪:‬‬ ‫ِلون ‪[}٥‬الرعد‪ ،]5 :‬وقال تعالى‪ { :‬إِذِ ٱلغل ىل ِِف أعنقِ ِهم وٱلسلسِ ل يسحب‬ ‫ار هم فِيها خ ِ‬ ‫أصحب ٱل ِ‬
‫‪.]71‬‬

‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬
‫َ َۡ َ َۡ َُ َ‬
‫ون مِن كأس َك َن ِّ َِز ُ‬ ‫َۡ‬
‫اج َها َكفورا ‪} ٥‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن ٱلبرار يشب‬
‫ۡ‬
‫َۡ َۡ َ ُ َ َ ُ َ َُ ُ َ‬
‫ون َها َتف ِجريا ‪} ٦‬‬ ‫جر‬‫قوله تعالى‪ { :‬عينا يشب بِها عِباد ٱَّللِ يف ِ‬
‫واملعنى‪ :‬وكان مزاج هذا الشراب عينا يشرب بها عباد هللا تعالى‪ُ ،‬ينبعونها حيث شاؤوا إنباعا‪.‬‬
‫َْ ََ‬ ‫َ ُ َ ُْ َ‬
‫دل على هذا املعنى قوله تعالى‪َ { :‬وقالوا ل ْن نؤم َن ل َك َح هتى تف ُج َر لنا م َن‬ ‫بالتفجير اإلنباع‪ّ ،‬‬ ‫واملراد ّ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫األ ْرض َي ْن ُب ً‬
‫وعا}[اإلسراء‪ ،]90 :‬وقال تعالى‪َ { :‬وف هج ْرنا خالل ُه َما َن َه ًرا}[الكهف‪.]33 :‬‬
‫ُ ُ َ َۡ ََ َ ُ َ‬
‫ون يَ ۡوما ََك َن َ ُّ‬
‫شهُۥ ُِّ ۡس َت ِطريا ‪}٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يوفون ب ِٱلذرِ ويخاف‬

‫َ‬ ‫َُۡ ُ َ‬ ‫ََ‬


‫لَع ُحبِهِۦ ِّ ِۡسكِينا َويَتِيما َوأسِريا ‪} ٨‬‬ ‫ام ى‬‫لط َع َ‬
‫ون ٱ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬ويطعِم‬
‫حبهم لهذا الطعام وحاجتهم إليه مسكينا عاجزا عن الكسب‪،‬‬ ‫َ‬
‫الطعام مع ّ‬ ‫واملعنى‪ :‬ويطعم هؤالء األبر ُار‬
‫مقيدا محبوسا‪.‬‬ ‫ويتيما مات أبوه وال مال له‪ ،‬وأسيرا ّ‬
‫ك َن ٱل ۡ َ‬
‫ب َمنۡ‬ ‫ى‬ ‫ََ‬ ‫َ َۡ ۡ‬ ‫َ ۡ َ ۡ َ َ ُ َ ُّ ُ ُ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ ۡ‬
‫ِ‬ ‫ب ول ِ‬ ‫ش ِق وٱلمغرِ ِ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪۞ { :‬ليس ٱل ِب أن تولوا وجوهكم ق ِبل ٱلم ِ‬
‫ِي‬‫سك َ‬ ‫ۡ‬
‫م َوٱل َم َ ى‬
‫ُۡۡ َ ۡ‬
‫ب َوٱَلَ َتى َ ى‬‫لَع ُحبِهِۦ َذوِي ٱلقر ى‬ ‫اِت ٱل ۡ َم َال َ َ ى‬
‫َ ََ َ‬
‫بٔن وء‬ ‫كةِ َوٱ ۡلك َِتىب َوٱ َ‬
‫ل‬ ‫ِ‬
‫َ ۡ َ َى َ‬
‫ِ‬ ‫ئ‬‫ل‬‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫ِر‬‫خ‬‫ٓأۡل‬ ‫ٱ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ام َن بٱ ََّللِ َوٱ َۡلَ ۡ‬
‫و‬ ‫ِ‬
‫َء َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ۡ ۡ‬ ‫َََ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ُۡ ُ َ‬
‫ين ِِف ٱ َلأ َسا ِء‬ ‫لصب َ‬ ‫ون ب َع ۡه ِده ِۡم إ َذا َع ى َه ُدوا َوٱ َ ى‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫لسب َ َ‬ ‫َ ۡ َ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫اب وأقام ٱلصل ىوة وءاِت ٱلزك ىوة وٱلموف ِ‬ ‫لرق ِ‬ ‫يل وٱلسائِل ِي و ِف ٱ ِ‬ ‫وٱبن ٱ ِ ِ‬
‫ون ‪[} ١٧٧‬البقرة‪ ،]177 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬و َما َأ ْد َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ َى َ َ َ َ َ ُ َ ُ َى َ ُ ُ ۡ ُ َ ُ َ‬
‫اك َما‬ ‫ر‬ ‫وٱلُضاءِ وحِي ٱلأ ِس أولئِك ٱَّلِين صدقوا وأولئِك هم ٱلمتق‬
‫ً َ‬ ‫َ‬ ‫َ ً َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْال َع َق َب ُة (‪َ )12‬ف ُّك َر َق َب ٍة (‪َ )13‬أ ْو إ ْط َع ٌ‬
‫يما ذا َمق َرَب ٍة (‪ )15‬أ ْو م ْسكينا ذا‬ ‫ام في َي ْو ٍم ذي َم ْسغ َب ٍة (‪ )14‬يت‬
‫ْ‬
‫َمت َرَب ٍة}[البلد‪.]12-16 :‬‬

‫َ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ك ۡم ل َِو ۡجهِ ٱ ََّللِ ََّل نُر ُ‬


‫ََ ُۡ ُ ُ‬
‫يد مِنك ۡم َج َزاء َوَّل شكورا ‪ ٩‬إِنا َناف مِن َرب ِ َنا يَ ۡوما ع ُبوسا‬ ‫ِ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِنما نطعِم‬
‫َ‬
‫ق ۡم َط ِريرا ‪} ١٠‬‬

‫ش ذ ىل َِك ٱَلَ ۡو ِم َول َقى ى ُه ۡم نَ ۡ َ‬


‫ُضة َو ُ ُ‬ ‫َّلل َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬ف َوقى ى ُه ُم ٱ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫سورا ‪} ١١‬‬
‫واملعنى‪ :‬فوقى هللا تعالى هؤالء األبرار من شدائد ذلك اليوم العبوس‪ ،‬وأعطاهم هللا تعالى حسنا في‬
‫وجوههم وسرورا في قلوبهم‪.‬‬
‫َ َ ٌ َ ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ضاحكة ُم ْست ْبش َرة}[عبس‪.]38-39 :‬‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪ُ { :‬و ُجو ٌ َي ْو َمئ ٍذ ُم ْسف َرة (‪)38‬‬

‫بوا َج َنة َو َح ِريرا ‪} ١٢‬‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و َج َزى ى ُهم ب َما َص َ ُ‬
‫ِ‬
‫ًّ‬
‫واملعنى‪ :‬وجزاهم هللا تعالى بسبب صبرهم على الطاعة جنة يدخلونها وحريرا يلبسونها‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ولباسه ْم فيها حر ٌير}[الحج‪.]23 :‬‬ ‫ُ‬ ‫{‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َۡ‬
‫ِيها َش ۡمسا َوَّل َز ِّۡ َه ِريرا ‪} ١٣‬‬
‫ك َّل يَ َر ۡو َن ف َ‬ ‫ين ف َ‬
‫ِيها لَع ٱل َرائ ِ ِ‬ ‫كِٔٔ َ‬ ‫ُّ َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬مت ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬
‫واملعنى‪ :‬مضطجعين فيها على السرر‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ { :‬ي َحل ْون ف َيها م ْن أ َساو َر م ْن ذ َه ٍب َو َيل َب ُسون ث َي ًابا‬
‫َ ْ ََ ً‬ ‫َْ ه‬ ‫َ َْ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬ ‫ُخ ْ‬
‫ض ًرا م ْن ُس ْن ُ‬
‫اب َو َح ُسنت ُم ْرتفقا}[الكهف‪ ،]31 :‬ال يرون‬ ‫الث َو ُ‬ ‫س َوإ ْست ْب َر ٍق ُمتكئين ف َيها َعلى األ َرائك نعم‬ ‫ٍ‬ ‫د‬
‫حر الشمس وال برد الزمهرير‪.‬‬ ‫فيها ّ‬

‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬


‫قوله تعالى‪َ { :‬و َدان َِية َعل ۡي ِه ۡم ظِل ىل َها َوذل ِل ۡت ق ُطوف َها تَذ َِلل ‪} ١٤‬‬
‫الجنة قريبة منهم‪ ،‬مظللة عليهم‪ ،‬وأدنيت ثمارها ملتناوليها تسخيرا‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫واملعنى‪ :‬وأشجار ّ‬
‫ُ ُ ُ‬ ‫َ ْ هَ‬
‫{ َو َجنى ال َجنت ْين َد ٍان}[الرحمن‪ ،]54 :‬وقال تعالى‪{ :‬قطوفها َدانية}[الحاقة‪.]23 :‬‬

‫َ َ ۡ َ‬ ‫َ ََ ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬ويُ َطاف َعل ۡي ِهم ِبَٔٔان َِية مِن ف ِضة وأكواب َكنت قوارِيرا ‪} ١٥‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫معدون لخدمتهم بأواني الطعام الفضية‪ ،‬وبأقداح الشراب من الزجاج‪.‬‬ ‫واملعنى‪ :‬ويطوف عليهم ولدان ّ‬
‫َ ََ َ َ َْ‬ ‫ان ُم َخ هل ُدو َن (‪ )17‬ب َأ ْك َ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫وف َع َل ْيه ْم و ْل َد ٌ‬
‫س م ْن‬‫ٍ‬ ‫أ‬‫ك‬‫و‬ ‫يق‬‫ر‬ ‫ا‬‫ب‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫اب‬
‫ٍ‬ ‫و‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬يط‬
‫َمع ٍين}[الواقعة‪.]17-18 :‬‬

‫م‬
‫َ ُ‬
‫ِيها ت َس َ ى‬ ‫َ‬ ‫ِيها َكأۡسا ََك َن ِّ َِز ُ‬
‫اج َها َزنَب ِيل ‪ ١٧‬ع ۡينا ف‬
‫َ ََ ُ َ‬
‫وها َت ۡقدِيرا ‪َ ١٦‬وي ُ ۡس َق ۡو َن ف َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬قَ َوار َ‬
‫يرا مِن ف ِضة قدر‬‫ِ‬
‫َ ََۡ َ َ َ ََۡ َ َ‬ ‫َ َ ُ ُ َ َ ۡ ۡ ۡ َ ى ُّ َ َ ُ َ َ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ ۡ ُ ۡ ُ َ ُ‬ ‫ۡ‬
‫َسل َسبِيل ‪۞ ١٨‬ويطوف علي ِهم وِلدن ُّمِلون إِذا رأيتهم حسِ بتهم لؤلؤا منثورا ‪ِ ١٩‬إَوذا رأيت ثم رأيت نعِيما‬
‫ۡ َ‬
‫َو ُِّلَك كبِريا ‪} ٢٠‬‬

‫ُّ َ‬
‫بق َو ُحلوا أ َساو َر مِن ف َِضة َو َس َقى ى ُه ۡم َر ُّب ُه ۡم َ َ‬
‫شابا َط ُهورا ‪} ٢١‬‬ ‫ندس ُخ ُۡض ۡ‬
‫ِإَوس َت ۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬ع ىل َِي ُه ۡم ث َِي ُ‬
‫اب ُس ٍ‬
‫ِ‬
‫واملعنى‪ :‬لباس هؤالء األبرار الذي يعلوهم ثياب بطائنها من الحرير الرقيق األخضر‪ ،‬وظاهرها من‬
‫وحلوا فيها بأساور من ّ‬ ‫ّ‬
‫فضة‪ ،‬وسقاهم ربهما شرابا طهورا ال دنس فيه‪.‬‬ ‫الحرير الغليظ‪،‬‬
‫َ ه ُ َ ْ َ ْ ُ ُ َ َ ُ َ ه ْ َن َ ْ َ َ َر ْ َ َ َ ُ ْ ُ ً‬
‫وال تعارض بين هذه اآلية وقوله تعالى‪{ :‬جنات عد ٍن يدخلونها يحلو فيها من أساو من ذه ٍب ولؤلؤا‬
‫ألن هذه اآلية بمعرض الكالم عن صفة األبرار‪ ،‬وآية الحج بمعرض الكالم‬ ‫اس ُه ْم ف َيها َحر ٌير}[الحج‪ّ ،]33 :‬‬ ‫َول َب ُ‬
‫املقربين‪.‬‬ ‫عن صفة ّ‬

‫ۡ ُ‬
‫َ ُ ۡ َ َ َ َ َ ُۡ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫كم َِّشكورا ‪} ٢٢‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن هىذا َكن لكم جزاء وكن سعي‬
‫واملعنى‪ :‬ويقال لهم‪ّ :‬إن هذا الجزاء العظيم كان لكم جزاء أعمالكم في الدنيا‪ ،‬وكان سعيكم عند هللا‬
‫تعالى مرضيا مقبوال‪.‬‬
‫ام ٱ ۡ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َ‬
‫اَلَ ِة ‪٢٤‬‬
‫ل ِ‬ ‫الجنة عند دخولهم الجنة‪ ،‬قوله تعالى‪ُُ { :‬كُوا َوٱ ۡ َ‬
‫شبُوا َه ِنَٔٔٔا ب ِ َما أ ۡسل ۡف ُت ۡم ِِف ٱليَ ِ‬ ‫ومما يقال ألهل ّ‬
‫ُُْ َ ُ َ‬ ‫ودوا َأ ْن ت ْل ُك ُم ْال َج هن ُة ُأورْث ُت ُم َ‬
‫وها ب َما كنت ْم ت ْع َملون}[األعراف‪.]43 :‬‬
‫ّ‬
‫}[الحاقة‪ ]24 :‬وقوله تعالى‪َ { :‬و ُن ُ‬

‫َ ۡ ُ ََ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬


‫زنيل ‪} ٢٣‬‬
‫قوله تعالى‪ { :‬إِنا َنن نزلا عليك ٱلقرءان ت ِ‬
‫َ ُ َ َ َ َ ُ َ ََ َ‬ ‫ّْ‬ ‫ّ‬
‫قرأ ُ َعلى‬ ‫نزلنا عليك القرآن ّ‬
‫مفرقا حسب املواقف‪ ،‬كما قال تعالى‪{ :‬وقرءانا فرقنه لت‬ ‫واملعنى‪ :‬إنا نحن‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫الناس َعلى ُمكث َون هزلن ُه تنزيال}[اإلسراء‪.]106 :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ك ِم َرب ِ َك َوَّل تُ ِط ۡع م ِۡن ُه ۡم َءاث ِما أ ۡو ك ُفورا ‪} ٢٤‬‬
‫ۡ ۡ ُ ۡ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬فٱص ِب ِل‬
‫واملعنى‪ :‬فاصبر أيها الرسول لقضاء هللا تعالى على ما يقول هؤالء املشركون‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬ف ْ‬
‫اصب ْر‬
‫ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫َعلى َما َيقولون}[ق‪ ،]39 :‬وال تطع منهم من كان مرتكبا للمعاص ي أو مبالغا في الكفر‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ َ َ َ ُ ۡ‬ ‫ۡ ُ‬


‫ك َرة َوأ ِصيل ‪َ ٢٥‬وم َِن ٱ َۡل ِل فٱ ۡس ُج ۡد ُلۥ َو َسب ِ ۡح ُه َۡلل َطوِيل ‪}٢٦‬‬ ‫قوله تعالى‪َ { :‬وٱذك ِر ٱسم ربِك ب‬
‫واملعنى‪ :‬وداوم على ذكر رّبك في الصباح واملساء بصالة الصبح والظهر والعصر‪ ،‬ومن الليل فاسجد له‬
‫َْ‬ ‫َ ًَ َ‬ ‫ه ََ‬
‫وسب ْحه ليال طويال بصالة املغرب والعشاء والتهجد‪ ،‬كما قال تعالى‪َ { :‬وم َن الل ْيل فت َه هج ْد به نافلة ل َك َع َس ى أن‬ ‫ّ‬
‫ودا}[اإلسراء‪.]79 :‬‬ ‫َي ْب َع َث َك َرُّب َك َم َق ًاما َم ْح ُم ً‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ََ ُ َ‬ ‫ََ‬
‫ُّ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َى ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ون َو َرا َء ُه ۡم يَ ۡوما ثقِيل ‪}٢٧‬‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬إِن هؤَّل ِء يِبون ٱلعا ِ‬
‫جلة ويذر‬

‫ۡ‬ ‫َۡ ُ َ َۡ َى ُ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َى َ ُ ۡ َ‬
‫قوله تعالى‪َ { :‬نن خلقنهم وشددنا أسهم ِإَوذا شِئنا بدلا أمٰلهم تبدِيل ‪} ٢٨‬‬
‫ْ‬
‫وأحكمنا أعضاءهم ومفاصلهم‪ ،‬وإذا شئنا أهلكناهم‪ ،‬وجئنا بقوم ممتثلين‬ ‫واملعنى‪ :‬نحن خلقناهم‬
‫ألوامرنا‪.‬‬
‫َ َ ََ َ هُ َ َ‬ ‫َ ُّ َ ه ُ ْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ْ َ َْ‬
‫َّللا َعلى ذل َك‬ ‫اس َو َيأت بآخرين وكان‬ ‫أيها الن‬ ‫ُيذه ْبك ْم‬ ‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إن يشأ‬
‫َو َي ْأت ب َخ ْلق َجديد (‪َ )19‬و َما َذل َك َع َلى َّللاه‬ ‫ْ ُ‬
‫ُيذه ْبك ْم‬
‫ْ َْ‬
‫قد ًيرا}[النساء‪ ،]133 :‬وقوله تعالى‪{ :‬إن َيشأ‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ب َعز ٍيز}[إبراهيم‪.]19-20 :‬‬

‫ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬


‫قوله تعالى‪ { :‬إ ِ َن َهى ِذه ِۦ تَذك َِرة ف َمن َشا َء ٱَتذ إ ِ ىل َربِهِۦ َسبِيل ‪} ٢٩‬‬
‫ّ‬
‫فمن شاء ْأن يتذكر بها ‪ -‬ممن شاء هللا تعالى هدايته ‪ -‬اتخذ الطاعة‬ ‫واملعنى‪ّ :‬إن هذه اآليات تذكرة‪ْ ،‬‬
‫يتقرب به إلى ّ‬
‫الجنة‪.‬‬ ‫والتقوى طريقا ّ‬
‫ً‬ ‫َ ه َ َ َ‬ ‫َْ ٌ َ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪{ :‬إ هن َهذ تذك َرة ف َم ْن ش َاء اتخذ إلى َربه َسبيال}[املزمل‪.]19 :‬‬

‫َ‬‫َّلل إ َن ٱ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬


‫َّلل َك َن َعل ِيما َحكِيما ‪} ٣٠‬‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫قوله تعالى‪ { :‬وما تشا ُءون إَِّل أن يشا َء ٱ ر ِ‬
‫تتقربون به إلى رّبك إال ْأن يشاء هللا تعالى‪ّ ،‬إن هللا تعالى‬ ‫واملعنى‪ :‬وما تريدون ْأن تتخذوا الطاعة طريق ّ‬
‫كان عليما بأحوال عباده حكيما في تدبيره‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ونظير هذه اآلية قوله تعالى‪َ { :‬و َما َيذك ُرون إَل أن َيش َاء َّللا ُه َو أ ْه ُل التق َوى َوأ ْه ُل اَلغف َرة}[املدثر‪:‬‬
‫‪.]56‬‬

‫َ َ‬ ‫َ َى َ َ َ‬ ‫قوله تعالى‪ { :‬يُ ۡدخ ُِل َمن ي َ َشا ُء ِف َر ۡ َ‬


‫ي أ َع َد ل ُه ۡم َعذابا أ َِل َما ‪}٣١‬‬ ‫ْحتِهِرۦ وٱلظل ِ ِم‬ ‫ِ‬
‫ُ َُ ُ‬
‫ورة اَل ْر َسالت‬ ‫س‬
‫وهي مكية وعدد آياتها خمسون‬

‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ت ُع ۡرفا ‪} ١‬‬

You might also like