Professional Documents
Culture Documents
الصديق الأكبر والإمام الأبر 3
الصديق الأكبر والإمام الأبر 3
جميع الحقوق محفوظة للمؤلف ،ال يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو أي جزء منه أو تخزينه في نطاق استعادة المعلومات
أو نقله بأي شكل من األشكال دون إذن خطي مسبق من المؤلف ،وتمكن مراسلته على موقعه الشخصي:
www.alhabibabobakr.com
قآ ن
ا ل��م��ط�ل�� ا �ل��� � ���
�
ع ري
(ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ
ﰉ ﰊﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ
ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ
ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ
ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ
ﭳ) [اإلنسان]9:
ن ل
ا ��م��ط�ل�� ا �ل�����و ��
ع ب ي
�
الج ِ
يش الذي كانوا الجهني – أنّه كان في َ
وهب ٍُ حدَّ ثن�ا زيدُ بن
علي v الخ ِ
�وار ِج فقال ٌ علي vالذين َس�اروا إلى َ م�ع ٍ
خر ُج أقوا ٌم رس�ول ال ّٰله ى ُ
يقول َ « :ي ُ َ س�معت
ُ الناس إني( :أ ُّيها ُ
شيء ،والرآن ،ليس ِقراء ُتكُم إلى ِقراءتِ ِهم بِ ٍ قرؤون ال ُق َ
َ من ّأمتي َي
َ َ َ
ٍ
بشيء ، شيء ،وال ِصيامكُم إلى ِص ِ
يام ِهم صال ُتكُم إلى صالتِ ِهم بِ ٍ
ُ َ َ
ُجاو ُز صالت ُُهم عليهم ،ال ت ِبون أنَّه َلهم وهو ِ
حس َ القرآن ي ِ قرؤون َي
َ َ َ
الرم َّي ِة» (((. َراقيهم ،يمر ُقون من اإلسال ِم كما يمر ُق الس ِ
هم م َن َّ َّ ُ َ ُ ت َُ َ ُ
ِ
ول ِم ْي
�ي حَْ ِ
ُ�وط حَْل ُم َها بِدَ م ْ
َمن ٌ مم ٍد س�كَنِي ِ
وع ْرس وبِن ُ
ْ�ت حُ َ َّ َ
ان ُح ْل ِمي
ْت َأ َو َ
ير ًا َما َب َلغ ُ ِ
َصغ َ َس� َب ْق ُتك ُُم إِىل ْ
اإلسلا ِم ُط َّ�ر ًا
9
ت �ة �ل�� ّ
ا ه�و��ي و ل� �
�ذا � ا �
قيل لي يوم ًا ما وأنا أدافع عن الحق الذي َع ِل ْمتُه عن اإلمام علي :vلن يقبل يعني موقف
القراءة من االسم ال ُّق َرا ُء ِمن َْك ما تقول ألنك خرجت عن اإلجماع بعدِّ الخلفاء خمسة .
واالنتماء
ولم أشتغل حينها بالرد على من قال بل اشتغلت بأمرين :
ال نشتغل بالرد بل األول :ما كان رسول ال ّٰلهى بصدده في علي والصحابة ئ.
ِ
نشتغل بما عل ْمناه الثان�ي :م�ا علمتُ�ه من مش�ايخي س�ادات آل البيت عن اإلم�ام علي vوآل
وتعلمناه
واعتب�رت األمرين هما ش�غلي الذي يجب أن أتناوله مع أش�تات المتقولين
ُ بيت�ه ،
والمعترضي�ن والموافقي�ن والمريدين ،وأما ما زاد ع�ن ذلك فرأيته ال يتعدى قول
ال ّٰل�ه تعال�ى ( :ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ
ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ) [القصص . ]55 :
أن الغالبية العظمى من الناس والحقيقة المرة التي يجب إثبات شيء من مرارتها َّ الغالبية من
الناس يميلون يميلون إلى اإلثارة والتحريش ،والغالبية العظمى من ِعل َّي ِة القوم في قراري الحكم
إلى التحريش
واإلثارة والعلم يميلون إلى المنافسة.
وبين التحريش والمنافس�ة تناس�ب كبي�ر وتناغم فاعل ألنها من عمل الش�يطان
،والقل�ة القليل�ة من أمتنا اإلسلامية من تحرروا من هذين الدائي�ن العضالين بد ًءا ركض
األمة بين بمواقع التعليم والتربية ،ونهاية بكراسي الحكم ومنابر اإلعالم والثقافة .
معركة النفي
وبي�ن البداي�ة والنهاية تركض األمة ركض حمر الوحش في س�احة معركة النفي واإلثبات
واإلثبات ،والوجود والعدم ،تبع ًا للقواقع في هندسة الواقع وامتالك المواقع .
إرتفاع حرارة
المعركة بارتفاع وم�ع كل تط�ور معرف�ي وتق�دم علم�ي نظ�ري ترتف�ع ح�رارة المعرك�ة بارتفاع
وسائل المعرفة وس�ائل المعرفة وأدواتها ،فتزيد الرائي للواقع ضبابية ،ولقراءة التاريخ إش�كاالً ،
وللعالقات بين المصلين تعقيد ًا .
نس�أل ال ّٰل َه منها السلامة ،وكأني بها «فتنة
ُ ٍ
بعاصفة َه ْو َجاء ؛ المعتم األفق األفق المعتم ينذر وي ِ
نذ ُر ُ
ُ ُ بعاصفة هوجاء
تدع الحليم حيرانا» وقد كادت .
10
والقضاء والقدر المحتوم ال مرد له وال اعتراض عليه ،ولكنّا نس�أل ال ّٰله اللطف
القضاء والقدر
فض ِية إلى حس�ن الختام
والعافي�ة ونتلم�س من�ه أن يد ّلنا على طري�ق السلامة الم ِ
ُ َ َّ ُ
المحتوم ال مرد له
وإشاعة السالم .
ودعائ ِمه في اإلمام علي كان أحد
ِ وأهم أركانِ�ه
َّ
وأعالم ِ
�ه ، ِ مظاهر ِه
ِ وق�د كان اإلم�ام علي ش أح�دَ
زمانه ،وهو المثال األس�مى في س�ره وإعالنه ،لتجس�يد معانيه وإقامة مبانيه ،وال مظاهر السالم وأهم
أركانه
رياح
يصح ألحد منا بأي حال من األحوال أن يفسر هذه المواقف وفق ما تجري به ُ
االختالف والصراع بين المصلين ،بل يجب أن ُيح َّيد اإلمام علي ش بعيد ًا عن
ه�ذه المعرك�ة ،ويعاد النظر في المواقف والحيثيات كما فعلها وفس�رها بذاته وما
نتج عن تلك الذوات من مواقف وإجراءات .
وجدَ ارتِه ،وما ائتالف المحبين ِ َ ِِ
وح�ول ذاته وأفضل َّيته َ بغ ُضون حو َله أم�ا ما وقف الم ِحبون أو الم ِ
ُ ُ ُّ
ٍ والمبغضين ركام
تف�ر َع عن ه�ذه التفصيالت من احتدامات واختالفات واختالق�ات ُفركَا ُم أحداث َّ
أحداث وعبث
األمر المختلف عليه ٍ ٌ
بميراث يفضي ُ
َ وعب�ث بميراث ،وال يمكن بأي حال من األحوال أن
رؤية اعتبار َّي ٍة ُمشتركة .
إلى ٍ
11
حرج الصدور ،وألتزم ما اس�تطعت بما هو أوس�ط األمور ،ولست بملتزم مذهب
حول المحبة سلاح ًا يمنحه الظل�م لغيره ،وال بملتزم فك�رة مبغض جعل ٍ
مح�ب ّ
البغض درع ًا يدافع به عن س�يره ومصيره ،وأس�تغفر ال ّٰله أن أتجنى على مس�لم له
من الحق البلج نصيب ،فالحق أحق أن يتبع.
ونس�أل ال ّٰل�ه أن يرينا الحق حق� ًا ويرزقنا اتباعه ،وأن يرينا الباط�ل باط ً
ال ويرزقنا
اجتنابه ،وهو حسبنا ونعم الوكيل...
12
��م� � � ���ق �أ�
�
من هو الصديق � ن�ه�و ا ل���ص��دي�� ا �ل ب�ر؟
�
ك
األكبر؟
ج�اء هذا اللقب المش�ار إليه ف�ي عنوان الكت�اب وفي هذا الفص�ل من عدد عن
المروي�ات الثابت�ة ف�ي كتب الس�نة ،وقب�ل أن نورد ه�ذه النصوص ن�ود أن نخرج
الق�ارئ من أس�لوب المصادم�ة والتحريش الطاغي على ثقافة المس�لمين في هذا
العصر أو فيما س�بق ،حيث يعتقد البعض منافس�ة اللقب للقب الخليفة األول أبي
بكر الصديق ،أو االعتقاد بس�لب لقب الصديق ممن ال يستحقه إلى من يستحقه ،
مث�ل ذل�ك مثل لقب الفاروق الذي نجد البعض يعزيه إلى اإلمام علي ويس�لبه من
الخليفة الفاروق ،ومثل هذه األس�اليب ولألسف منعدمة األدب الشرعي مع أهل
الرتب والمقامات ،ومبنية على َسورة الطباع وثورة األنفس ،ونزعات الذوات.
كل فيما يناس�به من المعنى م�ع أن اللقبي�ن (الصديق والفاروق) تلي�ق بالجميع ٌ
المراد في النص وهذا ما تشير إليه النصوص الشرعية وكفى بها حجة وبيانا ،ومنها
م�ا رواه اإلمام أحمد بن حنبل vفي فضائل الصحابة ( /1حديث )1 -115
من رواية اإلمام علي بن أبي طالب vأنه قال ( :أنا عبد ال ّٰله وأخو رسول ال ّٰله
،وأنا الصديق األكبر ،ال يقولها بعدي إال كاذب مفتر ،ولقد صليت مع رسول ال ّٰله
قبل الناس لس�بع س�نين وأنا أول من صلى معه ، ((( )..وروى الطبراني في الكبير
بإس�ناد رجاله ثقات ،عن أبي ذر وس�لمان قاال :أخذ رس�ول ال ّٰلهى بيد علي بن
((( فضائل الصحابة ألحمد بن حنبل ( )993والمستدرك على الصحيحين للحاكم (.)4584
وفي المناقب ألحمد عن أبي ليلى عن النبي ى أنه قال ( :الصدّ يقون ثالثة حبيب بن مرى
النجار مؤمن آل ياس�ين الذى قال يا قوم اتبعوا المرس�لين ،وحزقيل مؤمن آل فرعون الذى
ق�ال أتقتل�ون رج ً
لا أن يقول ربى الل�ه ،وعلي بن أب�ى طالب الثالث وه�و أفضلهم ) .اهـ
تاريخ الخميس .275/ 2
13
أب�ي طالب فقال رس�ول ال ّٰله ى « :هذا أول م�ن آمن بي ،وهذا أول من يصافحني
ي�وم القيام�ة ،وه�ذا الصديق األكبر وهذا ف�اروق األمة يفرق بين الح�ق والباطل ،
وهذا يعسوب المؤمنين ،والمال يعسوب المنافقين»((( اهـ وفي تفسير قوله تعالى
( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ) [الحديد ]19 :نزلت في علي بن
أبي طالب .
وقد تكلم بعض علماء الجرح والتعديل في كثير من هذه النصوص وعزوها إلى
الضع�ف ،وبعضه�ا إلى الوضع الهال�ك ،ومنهم من قبل بعضه�ا وخصوص ًا فيما
يعضد بعضه بعض ًا من الروايات الضعيفة ،ونحن نكل هذا األمرإلى رجاله وأهله ،
فما كان موضوع ًا ومتهالك ًا فمردود ولو أنا استدللنا به ،وما كان ضعيف ًا ومعضود ًا
بغيره فنرجو ال ّٰله أن يجعله سبب ًا في معرفة الحق وأهله .
إذن فالصدي�ق األكب�ر هو اإلمام الحجة علي بن أب�ي طالب بن عبد المطلب بن من هو الصديق
هاشم بن عبد مناف ،وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف. األكبر
كان أصغ�ر أبن�اء أبويه ،وأكبر منه جعفر وعقيل وطال�ب ،وبين كل منهم وأخيه محيط األسرة
المباركة لإلمام
عش�ر سنين ،ولم ُيذكر طالب بترجمة ألنه مات على غير اإلسالم ،ولد اإلمام في
علي v
داخ�ل الكعبة ،وفت�ح عينيه على اإلسلام حيث تربى في بيت الدعوة اإلسلامية
بيت النبوة.
فه�و اب�ن عم النب�ي ى وربيبه الذي نش�أ في بيت�ه وعاش تحت نظ�ر ومالحظة
الرسول ى.
إسالمه وتفقهه في أس�لم فيم�ا بين الس�ابعة إلى السادس�ة عش�رة على اختلاف المروي�ات ،ولعل
الدين
الراجح أنه أسلم في العاشرة أو قريب ًا منها ُبعيد إسالم خديجة .b
ملأ الدين العظيم قلب ابن أبي طالب كما امتأل قلبه بحب النبي محمد وتبجيله
،ولم تنفتح عيناه إالّ على عبادة النبي لمواله وعلى تنزل عطاء ال ّٰله في بيت رسول
ال ّٰلهى .
14
تفق�ه في الدين تفقه ًا ال يجارى ،ونال من فطرة المعرفة لغة وأدب ًا وس�لوك ًا على
ي�د المعل�م األعظ�م ى ما لم ينله مس�لم في عصره ،وال عالم مق�رب في دهره ،
لا لمقالة من ال ينطق ع�ن الهوىى « :أنا مدين�ة العلم وعلي وح�ق أن يك�ون أه ً
ّ
بابه�ا» وفي رواية بزيادة « :ومن أراد العلم فليأت الباب»((( ،وكان ش و v
علمت فيمن نزلت وأين نزلت وعلى ُ يقول عن نفس�ه ( :وال ّٰله ما نزلت آية إال وقد
م�ن نزل�ت ،إن ربي وهب ل�ي قلب ًا عقوالً ولس�ان ًا صادق ًا ناطق�ا)((( ،وكان يقول :
(س�لوني عن كتاب ال ّٰله فإنه ليس من آي�ة إالّ وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار ،وفي
سهل أم جبل)((( ،وفيه يقول المصطفىى « :علي مع القرآن والقرآن مع علي ال
(((
علي الحوض». ِ
يفترقان حتى يردا ّ
وكم لإلمام علي ش من مناقب وفضائل أفاض الحفاظ والمحدثون والعلماء المناقب والفضائل
لإلمام علي v
والباحث�ون والكتاب حولها ،وتناولها الجيل بعد الجيل ،وكفى منها ما أعلنه ى
ف�ي اجتماع�ه ببني عبد المطل�ب « :يا بني عبد المطلب إني وال ّٰله ما أعلم ش�اب ًا في
الع�رب ق�د جاء قومه بأفض�ل ما جئتكم به ..إني قد جئتكم بخي�ر الدنيا واألخرة ،
وق�د أمرني رب�ي أن أدعوكم ،فأيك�م يؤازرني على هذا األمر عل�ى أن يكون أخي
ووصي�ي خليفت�ي فيكم بع�دي؟» فقال علي :فأحج�م القوم منه�ا جميع ًا وقلت :
وإن�ي ألحدُ ثهم س�ن ًا :أنا يا نبي ال ّٰله أكون وزيرك علي�ه ،فأخذ برقبتي ثم قال ى :
«إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاس�معوا له وأطيعوا» ((( ،وقال له النبيى
((( المستدرك على الصحيحين للحاكم ( ، )4639والمعجم الكبير للطبراني (. )11061
((( تاريخ الخلفاء للسيوطي ( ، )142/1تاريخ دمشق البن عساكر (.)398/42
((( تاريخ الخلفاء للسيوطي ( ، )142/1تاريخ دمشق البن عساكر (.)398/42
((( المستدرك على الصحيحين للحاكم (. )4628
((( تاري�خ الطب�ري ( ، )321/2ولع�ل في ه�ذه األحاديث ما يحتج به على اس�تحقاق
اإلم�ام علي للخالفة دون منازع ،وذاك أمر صحيح وال خالف عليه عند أهل النمط
األوس�ط ،ولكنه�م ال يرض�ون مخالفة اإلم�ام علي وق�د رضي لنفس�ه ولألمة بعد
عق�د الخالف�ة ألبي بكر أن يكون وزي�ر ًا وناصح ًا ومعين ًا لتحقيق الهدف اإلسلامي
المشترك.
15
« :أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاَّ إنه ال نبي بعدي».
(((
قلت :وهذا الوصف المشار إليه في األحاديث قيل بحضرة الصحابة وآل البيت
والمهاجرين واألنصار مما ال يترتب عليه تنافس وال تحريش ،ولم يبلغ أحد أن أبا
بكر أو عمر قاال في األمر شيئ ًا أو أنكراه أو احتجا به ،وبهذا يثبت اللقب بما فيه من
الفضائل لإلمام علي vبوصفه (الصديق األكبر وفاروق األمة) بما هو معلوم
من االس�تحقاق للصديقية الكبرى وهو جدير بها ،وكذلك فاروق األمة لما خصه
ال ّٰل�ه به من المواق�ف والعلوم الغزي�رة ،ويظل أيض ًا لقب الصدي�ق الممنوح ألبي
بكر الصديق في موقعه الس�ديد ولقب الفاروق لعمر بن الخطاب باس�تحقاق أكيد
،وال مكان لس�لب أحد من أصحاب النبيى مكانته وال لقبه ،بل وال يليق بحال
م�ن األحوال أن نزج عصبي�ة الطائفية والقبلية والمذهبية ف�ي مقامات الحصانات
للس�ابقين إلى اإلسالم الباذلين أنفس�هم وأرواحهم فداء لرسول ال ّٰله ى n
أجمعين.
ه�ذا هو اإلمام علي بن أبي طالب في مكانته العلمية وفضيلته الش�رعية ،ومقامه علم اإلمام علي
وعلم ابن عباس
الرفي�ع الس�امق ..قي�ل البن عب�اس :أين علمك م�ن علم ابن عمك؟ قال كنس�بة
(((
قطرة).
علم اإلمام علي بن وإلي�ه ترج�ع كاف�ة العلوم كما أش�ار إلى ذلك العق�اد في عبقريته فق�ال ( :وكان
أبي طالب في امتيازه أحس�ن الناس علم ًا وفقه ًا كما كان أحس�نهم عبادة وعم ً
لا ،فكانت فتاواه مرجع ًا
بعلم الفقه المتفرد
للخلفاء والصحابة في عهود أبي بكر وعمر وعثمان ،وندرت مس�ألة من المسائل
أرباب فن التصوف الش�ريعة ل�م يكن ل�ه رأي فيها يؤخذ ب�ه أو تنهض له الحجة بين أفض�ل اآلراء....
وعلوم اإلحسان عالة إل�ى أن ق�ال :قال اب�ن أبي الحديد :وم�ن العلوم علم الطريق�ة والحقيقة وأحوال
على اإلمام علي بن التص�وف ،وق�د عرف�ت أن أرباب ه�ذا الفن في جميع بالد اإلسلام إلي�ه ينتهون
أبي طالب
وعنده يفقهون ،وقد صرح بذلك الش�بلي والجنيد والس�ري وأبو زيد البس�طامي
16
وأبو محفوظ معروف الكرخي وغيرهم إلخ ،وقد جمع نهج البالغة نماذج ش�تى
ال (للعلم اإللهي) أو ألسرار من الكلمات التي تنس�ب إليه ويصح أن تحس�ب أص ً
التصوف في صدر اإلسلام قبل اشتغال المس�لمين بفلسفة اليونان وحكمة األمم
(((
األجنبية.
وكان م�ن المعل�وم الت�ي ب�رزت على لس�انه vعل�م النحو ،فقد أث�ر أن أبا
فقال َأ ُبو األسود الدؤلي((قاضيه على البصرة)) وهو أحد القراء الفقهاء دخل عليه َ
الع َج َم ف َف َس�دَ ْت َأ ْل َس�نِ ُتها ت َ لما َخا َل َط ِ الع َر ِ ين َذ َه َب ْت ُل َغ ُة َ األ ْس َ�و ِد :يا َأ ِم َير ُ
الم ْؤ ِمنِ َ َ
ب ّ
الحظَ إل َم ُام قد وكان ا َِ أن َت ْض َم ِح َّل، �ن ْ الز َم ُ او َل عليها َّ إن َت َط َ ب ْ الع َر ِ�ك ْت ُل َغ ُة َ وأ ْو َش َ َ
سألالم َوالي ،ولك َّن ُه َ إل َم ُاء ِمن َ الذين ُت َر ِّبي ِه ُم ا ِ
َ الص َغا ِر
ض ِّ الكو َف ِة َف َس�ا َد َأ ْل ِسن َِة َب ْع ِ في ُ
إن ا ْب َن ًة �و ِدَّ :
األ ْس َ ذاك؟ أرا َد َأ ْن َي ْع� ِر َف ما َأ َلم بِالب ْص�ر ِةَ ،فر َوى َأ ُبو َ �و ِد :وما َ األ ْس َ أب�ا َ
َّ َ َ َ
وجر ِ َ َ
الح َّر) فرأي ُتها َت ْس َت ْف ِه ُم ت َ (ر َف َع ْت أ َش ُّ�د ّ الحرَ ، لي َد َخ َل ْت َع َل َّي فقا َلت :ما أ َش ُّ�د ِّ
الح ِّر َأ َش ُّ�دَ ،ف ُق ْل ُت لها :ما َن ْح ُن فيه ،قا َل ْت :إِ َّنما ُأ ْخبِ ُر َك ولم َأ ْس َ�أ ْل َك، ان َ َع�ن َأ ِّي َز َم ِ
ب الح َّ�ر (بال َّن ْص ِ �ت َأ َّنه�ا َق َصدَ ْت ال َّت َع ُّج َ�بَ ،ف ُق ْل ُت لها :يا ُبن ََّي ُة قولي :ما َأ َش َّ�د َ َف َع ِل ْم ُ
�ماء فقا َل ْت :ما الس ِ ال َّ أن َتت ََع َّج َب ِم ْن َج َم ِ َي�ن) ،وأرا َد ْت بِ ْن ٌت ُأ ْخرى لي ْ الك ِل َمت ِ ف�ي َ
�ت :إِ ِّني لم ومها ،فقا َل ْ �ماء) َف ُق ْل ُت لهاُ :ن ُج ُ الس ِ وج ِّر َّ �ن َ �ماء (بِ َر ْف ِع َأ ْح َس ُ الس ِ �ن َّ َأ ْح َس ُ
فقلت :إِ َذ ْن َف ُقولي :ما َأ ْح َس َن أحس ُن ،إ َّنما َت َع َّج ْب ُت ِمن ُح ْس ِ�نهاُ ، ش�يء منها َ ٍ ُأ ِر ْد َأ َّي
ماء) ُثم روى له َأ ُبو َ
األ ْس َ�و ِد الدُّ َؤلِ ُّي َّ ب َأ ْح َس َ
جاءوا أن ِر َجاال ُ والس ِ َّ �ن َّ الس�ما َء (بِن َْص ِ َّ
َ
ُونَ ،ف َص َر َخ في ِه ُم أ ِم ُير األمير ُت ُو ِّف َي أبانا و َت َرك َبن َ َ
إل�ى أ ِمي� ِر ال َب ْص َر ِة َف َقا ُلوا :أ ْص َل َح ُ
الله َ
َ
ين. ليس َه َك َذاُ ،قو ُلواُ :ت ُو ِّف َي َأ ُبونا و َت َر َك َبنِ َ ال َب ْص َر ِةَ :
ت َي ُص ُحف ًا ت َف َيشْ رَ ِ الو ْق ِ
ض يف َ األ ْس َو ِد الدُّ َؤ ِّيل َأ ْن َي ْن َه َ ري ا ُمل ْؤ ِمنِنيَ لأِ َ يب َ فنص َح َأ ِم ُ َ
ال ْس ُم ما َأ ْن َب َأ ف ،وا ِ وح ْر ٍ وف ْعلٍ َ اسم ِ عن ٍ الم ُك ُّل ُه ال خَ ُي ُر ُج ِ الك ُ بِ ِد ْر َه ٍمُ ،ث َّم َأ ْم ىَل عليهَ :
َ والف ْع ُل ما َأ ْن َب َأ عن َح َر َك ِة ا ُمل َس َّمىَ ،
باس ٍم
ليس ْ واحل ْر ُف ما َأ ْن َبأ َعن َم ْعن ًَى َ عن ا ُمل َس َّمىِ ، ِ
ياء ثال َث ٌةَ :ظ ِ األس َو ِد أنَّ ََ األ ْس َو ِد الدُّ َؤ ِّيلْ :قال أليب َ
اه ٌر، األ ْش َ واع َل ْم يا أبا ْ وال ِف ْعلٍ ُ ،ث َّم َ
17
اع َد ال ُّل َغ ِة وان ُْح َن ْح َو هَ َذا ،
ُب َق َو ِ ليس بِ َظ ِ
اه ٍر وال ُم ْض َم ٍر((( ،فاكت ْ وش ٌء َ وم ْض َم ٌر ،يَ ُ
َ
وكان وع َر ْض ُتها ِ
عليه، قال أبو َ
األ ْس َو ِدَ :ف َج َم ْع ُت َأ ْشيا َء َ َف َس َّمى ما َك َت َب ُه ِع ْل َم ال َّن ْح ِوَ ،
وكأن ،ومل أذكر َل ِك َّن،َّ َّ
ولعل وليت
َ إن َّ
وأن َ
فكان منهاَّ : ب،وف ال َّن ْص ِ من َذلِ َك ُح ُر ُ
فقال يلَ :مل َت َر ْكتَها؟ َف ُق ْل ُت :مل َأ ْح َس ْبها ِم ْنهاَ ،
فقال :gبل ِه َي ِم ْنهاَ ،ف ِز ْد هُتا. َ
((( قيل :إن ما ليس بظاهر وال مضمر هو اسم اإلشارة ،والصحيح أنه الكالم المحذوف
كقوله تعالى :ﮋ ﯩ ﯪ ﮊ والمراد جاء أمر ربك ،أما اسم اإلشارة فيعد من الظاهر .
18
ت أ ق �
الصديقية الكبرى � ا � �لإ�ح���سا� ��نا �ل���ص� ��د�ي������ة ا �ل�ك�� �� � �ع��ل�� �م ا ��
أعلى مراتب ي برى ى ر ب
اإلحسان واإلمام
علي أحرى بها ً
حاال
ومقاما عرف�ت الصديقي�ة الكبرى بأنها هي أعلى مراتب اإلحس�ان بال خالف ،واإلمام
عل�ي ش جدير بها بال منازع ،فكيف ال تكون مواقفه مواقف الصديقية الكبرى
وه�و بها أحرى ،فاللقب المش�ار إلي�ه يناله مرتبة بجدارة ،وينال�ه كفضيلة ومنقبة
يصفه به من ال ينطق عن الهوى ى .
ح�ظ للنفس في تصرفات�ه وال رعونات والح�ري به�ذه المرات�ب عبدٌ محض ال ّ
ّ
ل�ه ،والذي�ن جعل�وا اإلمام�ة والصديقي� َة س�لط ًة وحكم� ًا وحطام� ًا عكس�وا مقام
نفوس�هم وحظوظها في العاجلة ،وجردوا بأفهامهم الس�فلى عن اإلمام وأش�باهه
وأمثاله مواه َبهم العالية ،تلك المواهب التي اكتس�بوها بصحبة النبي ى وعرفت
رجولتهم بما عاش�روه وآكلوه وش�اربوه وعلموا منه وتعلموا ،وما وصفهم به وما
وحوط به عقولهم وقلوبهم وجوارحهم ،وما أ ّدب به نفوس�هم وذواتهم حصنه�م ّ ّ
وحظوظه�م حتى ص�ار للصحبة بهم مكانة ،ولها بجليل أعمالهم وصدق اتباعهم
حصانة وأمانة ،فرضي ال ّٰله عنهم وأرضاهم .
إن الصديق األكبر لم يكن باحث ًا عن مظهر وال مفخر ،وإنما كان مجاهد ًا في ال ّٰله الصديقية الكبرى
منهج سلوك وليست
ورسوله منذ الصبا والصغر ،فهو الذي يقول ( :لقد قالت قريش إن ابن أبي طالب ميزة صراع ومنازعة
رجل شجاع ،ولكن ال علم له بالحرب ل ّٰله أبوهم ،وهل أحدٌ منهم أشد لها مراس ًا
ذرفت
ُ نهضت فيها وما بلغت العش�رين ،وها أنذا قد ُ مني ،وأقدم فيها مقام ًا ،لقد
على الستين ،ولكن ال رأي لمن ال يطاع).
ظل ولم تس�لبه الح�وادث والوقائع والتحوالت لقبه األفخ�ر وال مقامه األنور ّ ،
وسا َل َم علي ًا ومات علي ًا و ُيبعث علي ًا
علي ًا وعاش علي ًا وتولى الحكم علي ًا وقاتل علي ًا َ
وولي ف�ي حياته وبعد مماته ..ولآلخرة ٌّ علي
،وه�و بي�ن أنداده وإخوانه المؤمنين ٌّ
19
أكبر درجات وأكبر تفضيال.
لق�د مألت مناقب الصدي�ق األكبر كتب الحديث والس�يرة والمناقب َ ،و َحدَ بها المناقب سخرت
في بعض تاريخنا
اإلسالمي إلى مادة العال�م والباح�ث والطال�ب ،وال خالف عل�ى حقيقة ما ورد فيها وم�ا صح منها ،
إثارة وتحريش ولكنها ُس ِّخرت في بعض تاريخنا اإلسالمي تسخير ًا غير ذي زرع...
وأق�ول ف�ي بع�ض تاريخنا اإلسلامي وخاص�ة التاريخ السياس�ي ألنه ف�ي ذاته
وموضوع�ه تاري�خ صياغ�ة لألمج�اد ،وتاريخ إش�ادة بأس�ياد ،ولو على حس�اب
العدال�ة واإلس�ناد ،خالف� ًا لتاري�خ النب�وة وتاري�خ الصديقي�ة وتاري�خ الرجول�ة
والفحول�ة ،المص�اغ بأيدي وعقول الخلفاء الراش�دين المهديين بعي�د ًا عن النقد
المسف والقدح المسرف ،والنكاية والسعاية والوشاية.
وانتقل التاريخ اإلسلامي الناصع في بعض وجهه السياس�ي من شرف االهتداء مقولة اإلمام عن
هالك المحب
والمبغض بالجفاء واالقتداء المش�روع إلى مادة التحريش اإلبليس�ي ومادة المنافسة اآلدمية وصح ما
مبغض) ،
وجاف ٌٍ ٌ
مف�رط، محب ِ
رجالن: في
ٌّ قال�ه اإلمام الصدي�ق األكبر َ ( :يهلك ّ والغلو
والرجالن اللذان يش�ير إليهما اإلمام علي هما من أبناء األمة اإلسالمية الواحدة ..
حيث يصابان بداء المنافسة فيخلدان بها إلى األرض ،ويحشران مادة المناقب في
وظائ�ف التحريش ،فتصاب أجيال بداء الع�داوة والبغض والجفاء حتى يدخلون
الغلو واإلفراط في الحب حتى يدخلون بها به�ا النار ،وتصاب أجي�ال أخرى بداء ّ
النار...
وص�دق النب�يى يوم ق�ال « :يرث هذا العلم م�ن كل خلف عدول�ه ينفون عنه الفئات المدمرة
سالمة األرث النبوي
تحري�ف الغالين وانتحال المبطلين وتأوي�ل الجاهلين»((( ،فالفئات الثالث الغالية
والجافية والجاهلة هي علة الفساد واإلفساد في كل مرحلة وتاريخ.
وه�ي الت�ي خدمت المنهج الش�يطاني ف�ي الحياة اإلنس�انية عموم ًا وف�ي الحياة
الحرب الطائفية التي اإلسالمية خصوص ًا ،فجعلت من مادة العلم عن الصديق األكبر مادة غلو وإفراط
بالغلو
ّ جلب الشيطان بخيله ،وجعل�ت م�ن أصحاب رس�ول ال ّٰلهى م�ادة جف�اء وتفريط ،وبهم�ا أي:
ورجله في األمة
المسلمة
((( سنن البيهقي الكبرى (. )20911
20
والجف�اء جلب الش�يطان بخيله ورجله في األمم المس�لمة إلقام�ة حرب ال هوادة
فيها أهلكت الحرث والنسل ،وال ّٰله ال يحب الفساد.
وه�ا نح�ن الي�وم في ه�ذه (المواجه�ة بين طرف�ي الغل�و والجفاء) وق�د تحوال
إل�ى إعص�ار و ُطوف�ان ،فالتحريش إعصار والمنافس�ة ُطوف�ان ،وخلف اإلعصار
وال ُطوفان ّ
دجال وشيطان .
يحجمون إف�راط الغالة وتفريط الجفاة اإلسالم في حاجة
واإلسلام في حاجة إلى ُعدول وعقالء ِّ
إلى العدول العقالء
وجهال�ة الجهلاء ،وينقل�ون العق�ول والقل�وب من حم�أة الص�راع المفتعل إلى
لينقلوا األمة من
الصراع إلى االقتداء االقتداء واالهتداء .
واالهتداء فاشتغال الشعوب بالنقائض والنواقض علة من العلل ،وقد كان السلف الصالح
يش�تغلون بالمحاسن ويشغلون األجيال باإليجابيات أم ً
ال في بناء منهجية االقتداء
واالهت�داء وخي�ر ًا فعل�وا ..فالكثير من المجتمعات التي اش�تغلت به�ذا النصيب
المبارك كانت مجتمعات الس�لم والسالمة وعاشت مصدر ًا لألمن واالطمئنان في
ذاته�ا وم�ع غيرها ،حتى كان من أدب التربية والس�يرة في منه�ج التعليم المذهبي
الصوفي شحن عقول وقلوب الناشئة بمحاسن الصحابة وبطوالتهم ومحاسن من
جاء من بعدهم دون االلتفات إلى المتناقضات واالختالفات ،حتى جاء عهد الغثاء عهد الغثاء ودوره في
تحول اإليجابيات
وه�و العهد المذموم ف�ي نصوص الكتاب والس�نة وله مالمح�ه المميزة وعالئمه إلى سلبيات بتوسيد
ن فيه على اإلسلام وأهل�ه ،وتحولت األمر إلى غير أهله المتمي�زة بالن�ص الش�رعي ،فانقلب المج ّ
اإليجابيات إلى س�لبيات ،كما تحولت الرذائل إلى فضائل ،وغزا الشيطان بجنده
أمة القرآن والس�نة بالوس�ائل المتنوعة ،واألبالسة المتقنّعة ،خالل مراحل وأزمنة
متالحق�ة مصنّع�ة ،وفي هذا األمر لو أردنا بس�ط مجرياته لخرجن�ا عن موضوعنا
األصلي لتشعب األسباب وكثرة الخلط المتعمد في أمة السنة والكتاب .
ولعلمن�ا اليقين�ي أن بعض الق�راء ال يروق له أن يجد الحق مبس�وط ًا على وجهه العصر عصر مغالبة
واستغفال الصحيح ،وإن وجده وتحقق من صحته نكص على عقبيه وافترض له افتراضات
،واعترض عليه باعتراضات ،تجعل الصحيح في أعين الغثائيين أقرب إلى القبيح
،والقبيح أقرب إلى الصحيح ،والعصر عصر مغالبة واس�تغفال ،واستمالة نفوس
21
بالس�لطان والمال ،واالندفاع واالس�تعجال ،وليس لنا أم�ام هذه التغيرات إال أن
ن�ردد م�ا قال�ه ربن�ا ذو الجلال ( :ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ
ﭸ) [البقرة .]156 :
إن رغبتن�ا ف�ي ترجمة اإلمام علي vواختيارنا لمس�مى الصديق األكبر إنما هدفنا من ترجمة
الصديق األكبر
هو رغب ٌة في إحياء ما مات وترميم ما ت ََهدّ م واندثر ،من شرف العالقة الشرعية التي
كان�ت ألف�ة ومح ّبة في مرحلة السلامة بين أصحاب رس�ول ال ّٰل�ه ى ،وتحولت
حس� ًا ومعنى إلى اس�تقباح ومنكر ،وسنشير
في عقول بعض المتأخرين من الجيل ّ
إلى الس�بب األصلي الذي أدى إلى هذه الحالة المستفحلة في بعض الكتل وجيل
اإلعالم المستغفل.
إن�ه االنقالب الفكري المبرمج منذ حصول الموعودات النبوية التي تحدث عن االنقالب الفكري
المبرمج وعالقته
بموعودات النبوة وقوعها سيد البرية ى ،وبدراستها دراسة واعية ندرك حجم الشذوذ الذي تحول
باألس�باب إل�ى قاعدة فصرنا نس�مع ونرى م�ا ال يؤلف وال يعرف .ونقرأ ونش�هد
ما نس�تقبحه ش�رع ًا وعق ً
ال عند ذوي العقول الس�ليمة ،بينما يراه أولئك وكأنه حق
وصدق ،وأستشعر في نفسي وجوب اإلفصاح الذي ال بد من إبرازه وإظهاره لمن
أراد ال ّٰله له السالمة والحفظ من الفتن ومضالتها.
فالفتن ومضالتها كانت على عهد الصديق األكبر بارزة في تيار الخوارج وعناصر الفتن ومضالتها عبر
التاريخ من النشأة إلى
النف�اق ،وف�ي تلكم المرحلة برزت بذور ثقافة الحق�د والكراهية ضد أئمة الهدى االمتداد
من اآلل واألصحاب ،وعمل الش�يطان ما اس�تطاع بخيله ورجله كي يبذر سياس�ة
الفرقة بين المفهومين الش�رعيين (اآلل واألصحاب) كما فعل من قبل في محاولة
بذر الفرقة بين المهاجرين واألنصار ليحقق بذلك ثقافة التجزئة والتفرقة..
وثقافة التجزئة عمل ش�يطاني دجالي ينس�ف األبني�ة المتكاملة ،ويفرق الوحدة
ثقافة التجزئة والتفرقة المتضامنة تعرف في عصرنا بسياس�ة (فرق تس�د) ،وس�واء كان الش�عار جديد ًا أو
كان تليد ًا فهو من شعارات المدرسة اإلبليسية الهاتكة ،يفسد به العالقات ويفكك ثقافة شيطانية
به الجماعات ،وينخر به في وحدة المؤمنين ،ويشوه به سمعة الصلحاء المتقين ،
ويبث من خالله فتنة اإلشاعة المحرقة خيمة األلفة بين المسلمين.
22
ودراس�تنا الواعية من خالل (الثوابت اإلسلامية) المجتمعة في فقه التحوالت دراسة فقه التحوالت
لكشف أهمية الثقافة
الخاص بعلم عالمات الس�اعة وما يترتب على العلم بها من ثقافة ش�رعية إسالمية
الشرعية الواعية
واعية ..نتعرف يقين ًا على شرف اآلل واألصحاب ،وشرف المهاجرين واألنصار
،ووحدة منهجيتهم الشرعية في عصر النبوة ،ووحدة رؤيتهم االجتهادية في عصر
األب�وة ،وأن مواقفه�م الثابت�ة هي إحدى س�نن الخلفاء التي ُيهت�دى بها ويقتدى ،
ّ
وخصوص� ًا أولئ�ك الذي�ن تجمعه�م وح�دة المناق�ب الممي�زة مناقب ال�ذوات ،
صحت عن رسول ال ّٰله ى ال غير ذلك. ومناقب المرحلة ،ومناقب االنتماء كما ّ
ال هام ًا في دراس�تنا لألئمة الخلفاء لم يهتم ب�ه الباحثون والكاتبون التوثيق الخاص
إن هن�ا مفص ً
بمرحلة الرسالة في
في غالب كتاباتهم ...إنه موضوع (التوثيق الخاص بمرحلة الرس�الة) وأن أساس حصانة الذوات
التراج�م ومصدر األح�كام واالحتكام في هذه النماذج ال يرتب�ط بفهمنا وال بفهم
معاصريهم المرتبطين بمجريات األحوال واألحداث ،ولكن الفقه المتكون عنهم
المحصن لذواتهم كان بش�هادات النبي ى لهم في حياتهم معه ،وما كان ّ والفق�ه
من أثر الوحي الرباني الذي ميز ال ّٰله به الخبيث من الطيب ،إضافة إلى كون غالب القوادح ناشئة في
مرحلة الصراع
السياسي كثمرة القوادح ال عالقة لها بمرحلة الرسالة ،ألنها مرحلة الحصانة المصانة ،أما القوادح
للضعف البشري فإنم�ا ج�اءت ثمرة االختالف الطبعي والصراع االجتماع�ي فيما بعد ذلك ،وهذه
ال تقدح في العدالة ،وإنما هي تأكيد لضعف البش�رية وآثار المسببات لثورة الطبع
،كم�ا أنها ال تمنع عن المناصحة أو المعاتبة أو المش�اورة فيما بينهم فيما اختلفوا
علي�ه أو م�ا أرادوا االتفاق حوله ،وعلينا أن نش�هد هذه الخصوصي�ة وال نقع فيما
وق�ع فيه بع�ض الباحثين القارئين طب�اع ومواقف الصحابة وأمه�ات المؤمنين بما
نحن نعيش�ه ونمارسه من غلبة النفوس وهيمنة الهوى((( .تحت قاعدة ال أصل لها
((( كت�ب في هذا المضم�ار أحدهم في ترجمة لإلمام علي vمش�ير ًا إلى موقفه من عثمان
وما جرى بعد خالفته ( :هذه عداوة قديمة النس�ب بين عبد ش�مس ،وبين بني هاش�م ،ثم
أن رس�ول ال ّٰله﵀ زوج علي ًا بابنته ،وزوج عثمان بابنته األخرى ،وكان اختصاص رسول
ال ّٰل�ه ﵀ لفاطمة أكثر م�ن اختصاصه للبنت األخرى ،واختصاصه أيض ًا لعلي وزيادة قربه
منه وامتزاجه به واس�تخالصه إياه لنفس�ه أكثر وأعظم من اختصاصه لعثمانؤ ،فنفس
23
في هذا المعنى وهو أنهم ليسوا أهل عصمة ،ويجري عليهم ما يجري على غيرهم
..فهذه كلمة حق في ذاتها ولكنها كما يبدو أريد بها باطل.
والباط�ل المراد هو اس�تباحة أع�راض الصحابة وأمهات المؤمني�ن ،ولهذا فإن الفهم الواعي
للحصانات يتبين
َف ْه َمنَا الواعي لمفهوم الحصانات المشار إليها سلف ًا تبين لنا فوارق النظر لمجريات فوارق النظر
لمجريات السلوك الس�لوك وغلبة أمر الطباع ،حتى بين مراتب الصحابة أنفس�هم واختالف خبرتهم
التفصيلية حسب السابقة لإلسالم ،أوما يتميز به بعضهم من خصوصية دون غيره
..وهذا فقه هام في ش�رح أحوال اآلل وصحابة رسول ال ّٰله ى وأمهات المؤمنين
وحتى بعض التابعين وتابع التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ،وفق شروط
خاص�ة وضوابط ش�رعية ربم�ا اتضحت أبعادها بدراس�ة فقه التح�والت أكثر من
الدراسة المعتادة ألي فقه آخر.
عثم�ان ذل�ك عليه فتباعد ما بين قلبيهما ،وزاد في التباعد ما عس�اه يك�ون بين األختين من
مباغض�ة ،أو مش�اجرة ،أو كالم ينق�ل من أحدهم�ا إلى األخرى فيتكدر قلبه�ا على أختها
ويكون ذلك التكدير س�ببا لتكدير ما بين البعلين أيض ًا ،كما نش�اهده في عصرنا وفي غيره
م�ن األعص�ار .راج�ع ص 60عن(اإلم�ام عل�ي رابع الخلف�اء الراش�دين ،ط دار الكتب
العلمية بيروت لبنان.
الح�ظ آخ�ر مقولت�ه ( :كما نش�اهده ف�ي عصرنا وف�ي غيره م�ن األعصار) :فه�ل يقاس
موق�ف وس�لوك وطب�اع أصحاب رس�ول ال ّٰله﵀ بما نش�اهده م�ن طباع أه�ل عصرنا أو
غي�ره من األعص�ار؟ قال تعال�ى ( :ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ) ُّ
[الز َمر ]9 :إن
ه�ذا الوصف ج�راءة من الكاتب ال يليق بأمان�ة العلم عموم ًا وال بخدم�ة مواقف الصحابة
خصوص ًا ،بل إنها علة من علل الطبع البشري المتأثر بثقافة المراحل ،ونظرة معرفية أقرب
ما تكون إلى الرؤى العلمانية المجردة ولألسف .
24
ن
��ك�� ��
���ما� ذ� ج� ��م�� ن�ع��ل� �م�ت���ة ا � �ل ما� ��م�ه ..ا �ل���ص� ��د���ق����ة ا �ل
ي ي برى ر إ � �م ب
قال اإلمام علي كرم الله وجهه :ال يصدر عن القلب السليم إال المعنى المستقيم
،وإذا أحب الله سبحانه عبدا رزقه قلبا سليما وخلقا قويما .
وق�د اجتمع م�ن مقوالت اإلمام علي رض�ي الله وحكمته الش�يء الكثير الكثير
وكأني بها مدرس�ة الصديقية الكب�رى بعينها ..يكفي لقارئه�ا ومتدبرها أن يجعلها
منهجه ومنهج من يليه من أبنائه وأهله وذويه ..ومن يعنيه أمرهم في زمنه وعصره
..من أحبابه ومحبيه ..
وهذه أمثلة متنوعة من هذه المدرسة األبوية النبوية ..
وعالئِ ُم ُه
آثار ُه َ
يم ُ الس ِل ُ
ال َق ْل ُب َّ
ِ ب ِ
يم. الم ْستَق َ الم ْعنَى ُ السلي ِم إال َ كرم الله وجهه :ال َي ْصدُ ُر عن ال َق ْل ِ َّ قال َّ َ
وخ ُلق ًا َق ِويم ًا. ب الل ُه ُس ْب َحا َن ُه َع ْبد ًا َر َز َق ُه َق ْلب ًا َس ِليم ًا ُ كرم الله وجهه :إذا َأ َح َّ وقال َّ َ
س�ان إليهم ،وال واإل ْح َ َّاس ِ الر ْح َم َة لِ َج ِمي ِع الن ِ ِ
كرم الله وجههَ :أ ْش�عر َق ْل َب َك َّ وقال َّ َ
َتنَ ْل ُهم َحي َف ًا وال َتكُن َع َل ِيهم َس ْيف ًا.
ين، �و ِه بال َي ِق ِ ْ�ه َّ ِ
بالزها َدة ،و َق ِّ
�ة ،و َأ ِمت ِ وع َظ ِ�ي َق ْلب َك بِالم ِ
َ كرم الل�ه وجههَ :أ ْح ِ َ وق�ال َّ َ
َاء ،و َب ِّص ْر ُه َف َج ِائ َع الدُّ نيا. الموت ،و َقرره بِال َفن ِ ِ و َذ ِّلـ ْل ُه بِ ِذك ِْر
ِّ ْ ُ
يكون ُم ْبتَدَ ُأ َع َم ِل ِه َأ ْن َينْ ُظ َر
ُ ب ال َع ِام َل بِال َب َص ِر إن النَّاظِ َر بِال َق ْل ِ كرم الله وجههَّ : وقال َّ َ
ف عنه. كان ِ
عليه َو َق َ كان له َم َضى فيه ،وإِ ْن َ عليه َأ ْم له؟ َ ،فإِ ْن َ َعم َله ِ
َ ُ
ِ
وسل َم من الغ ِّش َق ْل ُب ُه. ِ ِ ِ ِ
كرم الله وجههُ :طو َبى لمن َخال من الغ ِّل َصدْ ُر ُه َ وقال َّ َ
اضع َن َظ ِر ِ ِ ِ ِ ِ
الله ُس� ْب َحا َن ُهَ ،ف َم ْن َط َّه َر وب الع َباد ال َّطاه َر ُة َم َو ُ كرم الله وجههُ :ق ُل ُ وقال َّ َ
َق ْلبه َن َظر ِ
إليه. َُ َ
ِ ِ إن لله في األَ ْر ِ ِ ِ ِ
كرم الله وجهه في ت َْمثيله لل ُق ُل ِ
وب، ض آن َي ًة ،أال َوه َي ال ُق ُل ُ وبَّ : قال َّ َ
ين ،و َأ ْص َل ُبها فقالَ :أ ْص َفاها في ال َي ِق ِ اها ،و َأ ْص َل ُبها و َأ َر ُّقهاُ ،ث َّم َف َّس َر َذلِ َك َ َف َخ ْي ُرها َأ ْص َف َ
الم ْؤ ِمنِي َن. ين ،و َأ َر ُّقها على ُ في الدِّ ِ
25
الخالِ َي ِة ،ما
ض َ ث كَاألَ ْر ِ �ن :وإنَّما َق ْلب الح�دَ ِ
ُ َ الح َس ِ َ
ِ ِِ
ك�رم الله وجهه لن َْجله َ َ
وق�ال َّ
ب َق ْب َل َأ ْن َي ْق ُسو َق ْل ُب َك و َي ْشت َِغ َل ُل ُّب َك.
ُك بِاألَ َد ِ ُألقي فيها ِمن َش ٍ
يء َقبِ َل ْت ُه َ ،ف َبا َد ْرت َ
الم ْذ ُم ُ
وم ال َق ْل ُب َ
وب. ون ال َينْ َف ُع مع َغ ْف َل ِة ال ُق ُل ِ كرم الله وجهه :اِنْتِ َبا ُه ال ُع ُي ِ قال َّ َ
أل ُه ِمن فِت َِن الدُّ نْيا.
ب من ال َّت ْق َوى َي ْم ُ كرم الله وجههُ :خ ُل ُّو ال َق ْل ِ وقال َّ َ
اك في إِيمانِ ِه. الش ُّ
وب َّ كرم الله وجههَ :ش َّر ال ُق ُل ِ وقال َّ َ
ب َخ ِ الج َسدُ و ُطو ُل ُه ال َي ْن َف ُع إذا َ ِ
اوي ًا. كان ال َق ْل ُ كرم الله وجهه :ع َظ ُم َ وقال َّ َ
مات َق ْل ُب ُه َد َخ َل الن ََّار. كرم الله وجههَ :من َ وقال َّ َ
26
الج َها َد األَ ْك َب َر أن ِ حكْم ِةِ ، َأوع ِ ِ
الح ِّق إِ َجا َب ًة ،واع َل ُموا َّ َّاس َأ ْس َر َع ُهم إلى َ وم َن الن ِ اها ل ْل َ ْ َ َ
ِ ِ ِ ِ ِ ِج َها ُد النَّ ْف ِ
يل ت َْس َل ُموا، وار ُف ُضوا ال َق َال والق َ اش�تَغ ُلوا بِج َهاد َأ ْن ُفس�كُم ت َْس� َعدُ واْ ، سَ ،ف ْ
الم ِقيمِ. ِ ِ ِ
وأكْث ُروا ذك َْر الله َت ْغن َُموا ،وكُونُوا عبا َد الله إِ ْخوانَا ت َْس َعدُ وا لديه بِالنَّعي ِم ُ
ِ َ ِ ِ
ِ ِ حين ،وال ي ِ ِ ِ
ين.
ون النَّاصح َ ح ُّب َ ُ كرم الله وجهه :ال َخ َير في َق ْو ٍم َل ْي ُسوا بِنَاص َ وقال َّ
ِ
ث ُي َض ُّار �ن َح ْي ُ �ك((( َ ،فإِ ْن َد َخ َل م ْ الم َتن َِّصحِ إِ َل ْي َ
ك�رم الله وجه�ه ُ :ا ْن ُظر إلى ُ وق�ال َّ
والصال َُح َفا ْق َب ْل َها حيث ال َع�دْ ُل َّ دخل ِم ْن ُ وإن َ يحتَه وت ََح َّر ْز من ُهْ ، �ل نَص َ
ال تقب ْ ِ
َّ�اس ف َ َ الن ُ
ِمنْ ُه(((.
كرم الله وجهه: ومن ِ ِ
شعره َّ
���آ َد هِاب���ا ���اش بِ َ َ��ري��ب�� ًا َف���ع رِ غ ِ ْ��ت يف َب�� ْل��دَ ٍة �ين إِ َذا كُ��ن َ
ْ َ ��س ٌ ُح َ
��اب��ا ��أ ْل�� َب هِ ��ي��ل بِ َ ٍ ��ل َق��بِ
َف��� ُك� ُّ وال َت � ْف��خَ � َ�ر ْن َب ْين َُهم بِالن َُّهى
����ور َل�� ُف�� ْزنَ��ا هِبا ِ ���ذي األُ ُم�هِب� ِ �ب ��ن َأ يِب َط��الِ� ٍ �م� َو َل���و ع� ِ
َ �ل ا ْب� ُ َ ْ َ
��اب��ا��أنْ�� َي هِ �ه��م بِ َ ���ر َق فِ��ي� ِ
���أ ْخ َ َف َ إل َل ِ
���ه و َل��ك��نَّ�� ُه ا ْع��تَ��ا َم َأ ْم� َ
���ر ا ِ ِ
���ن َطاهبا ��اك َم ْ ُي��نِ��ي� ُل��ك ُد ْن���ي� َ ��ذي ��ة بِ��ا َّل ِ
��ذي���ر َك ِم��ن ثِ�� َق ٍ
ُ
ع� ِ
َ
���اب���ا ��ر َّن لأِ َ ْو َص هِ ��ج َ َ��ض َ وال ت ْ َاره������ا ���ن لأِ َوز ِ���ر َح َّ َف�ل�ا مَت ْ َ
َّ��اب��ا��ي ُرغ هِ وال تَ�� ْب��تَ�� ِغ َس�� ْع َ يح س ك َْي ت َْس رَ ِت َ س ال َغدَ بِاألَ ْم ِ ِق ِ
المؤْ ِم ِن
ِص َف ُة ُ
وح ْز ُن ُه في َق ْلبِ ِه ، ِ
ش�ر ُه في َو ْج ِههُ ، الم ْؤم ُن بِ ُ
ِ
المؤم ِنُ :
ِ ِ ِ
كرم الله وجهه في ص َفة ُ قال ََّ
ٍ شيء َصدْ ر ًا َ ، ٍ
ويل غ َُّم ُه ،الس ْم َع َة َ ،ط ٌ وأ َذ ُّل شيء َن ْفس� ًا َ ،يك َْر ُه ِّ
الر ْف َع َة ،و َي ْشن َُؤ ُّ َأ ْو َس ُ
�ع
ين بِخَ َّلتِ ِه ُول وق ُتهَ ،شكُور صبور ،مغْم ِ ِ ِ ِ
ور بِفك َْرتهَ ،ضن ٌ ٌ َ ُ ٌ َ ُ ٌ ُ هم ُه ،كَثِ ٌير َص ْم ُت ُهَ ،م ْشغ ٌَبعيدٌ ُّ
ِ
أذل من ال َع ْب ِد.
الص ْل ِد َ ،و ُه َو ُّ ب م َن َّ
يكة َ ،ن ْفسه َأص َل ِ
ُ ُ ْ ُ
،سه ُل الخَ لِي َق ِة َ ،لين الع ِر ِ
ِّ ُ َ َ ْ
27
َاف ِق َ
ين المن ِ
ِص َف ُة ُ
وأ َح ِّذ ُركُم الله بِ َت ْقوى ِ
اللهُ ، وصيكُم ِعباد ِ قال كرم الله وجهه في ِص َف ِة المنَافِ ِقينُ :أ ِ
َ َ َ ُ َ َّ
ُ�ون َأ ْلوان� ًا، �ونَ ،ي َت َل َّون َالم ِز ُّل َ �ون ُ �ون ،والزَّا ُّل َ الم ِض ُّل َ �ون ُ الضا ُّل َ �م َّ �اقَ ،فإِن َُّه ُ�ل النِّ َف ِ َأ ْه َ
ادُ ،ق ُلو ُب ُهم َد ِو َّي ٌة، ماد ،ويرصدُ و َنكُم بِ�ك ُِّل ِمرص ٍ ُّ�ون ا ْفتِنَانَ� ًا ،ويعمدُ و َنكُم بِك ُِّل ِع ٍ َي ْف َتن َ
ْ َ َْ ُ ََْ
ِ اح ُه�م ن َِق َّي ٌةَ ،ي ْم ُش َ ِ
اء،الض َّر َاءَ ،و ْص ُف ُهم َد َو ٌاء ،و َقو ُل ُهم ش� َف ٌ ون َّ �ون الخَ َف َ
اء ،و َيدُ ُّب َ وص َف ُ
اء ،لهم الء((( ،وم َقنِّ ُط�و الرج ِ �اء((( ،وموكِّدُ و الب ِ وفِع ُله�م الدَّ اء العياء ،حس�دَ ُة الر َخ ِ
َّ َ ُ َ َُ َّ ُ ََ ُ َ َ ْ ُ
ِ يق ص ِريع ،وإلى ك ُِّل َق ْل ٍ ِ
َاء،ون ال َّثن َ �وعَ ،ي َت َق َار ُض َ �ج ٍو ُد ُم ٌ يع ،ولك ُِّل َش ْ ب َش�ف ٌ بِ�ك ُِّل َط ِر ٍ َ ٌ
وإن َحك َُموا َأ ْس َ�ر ُفوا ،قد وإن َع َذ ُلوا ك ََش� ُفواْ ، �أ ُلوا َأ ْل َح ُفواْ ، إن َس َ َاءْ ، الجز َون َو َيت ََرا َق ُب َ
�ق باطِالً ،ولِك ُِّل َقائِ� ٍم مائِالً ،ولِك ُِّل ح�ي َقاتِالً ،ولِك ُِّل ب ٍ ِ ِ
َاح ًا،�اب م ْفت َ َ َ ٍّ َ َأ َع�دُّ وا لك ُِّل َح ٍّ َ
�وا َق ُهم ،و ُين ِْف ُقوا يموا بِه َأ ْس َ
ِ �أ ِ ِ ِ
س ل ُيق ُ ون إل�ى ال َّط َم ِع بال َي ْ اح� ًاَ ،يت ََو َّص ُل َ ولِ�ك ُِّل َل ٍ ِ
يل م ْص َب َ
وأ ْض َل ُعوا ن�وا ال َّط ِر َيقَ ، ون ،قد َه َّو ُ ون َف ُي َم ِّو ُه َون ،و َي ِص ُف َ ون َف ُي َش� ِّب ُه َب�ه َأ ْعال َق ُهم ،يقو ُل َ
ان ،ﮋ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ِّي�ر ِ وحم� ُة الن َ �يطانَّ ، ِ لم� ُة َّ
الش ي�قَ ،ف ُه� ٍم َّ الم ِض َ َ
ﰆﰇﰈﰉﮊ.
الدُّ ْن َيا
�اب ،وفي َح َر ِامها ِ ِ
َاء ،في َحاللها ح َس ٌ
ِ
َاء ،وآخ ُرها َفن ٌ كرم الله وجههَّ :أو ُلها َعن ٌ قال َّ َ
ِ ِ ِ ِ
وم ِن ْاس َت ْغنَى فيها ُفت َنَ ،
ومن ا ْف َت َق َر ومن َم ِر َض فيها نَد َمَ ، ابَ ،من َص َّح فيها َأم َن َ ، ع َق ٌ
وم ْن َأ ْب َص َر
وم ْن َن َظ َر إِ َل ْيها َأ ْع َم ْت ُهَ ،
ومن َق َعدَ عنها َأ َت ْت ُهَ ، فيها َح ِز َنَ ،
وم ْن َسا َعاها َفا َت ْت ُهَ ،
بها َب َّص َر ْت ُه.
�خ ُطُرضي إِحداهما تُس ِ َانَ ،فبِ َقدْ ِر ما ت ِ ِ
واآلخ َر ُة َض َّرت ِ كرم الله وجهه :الدُّ نيا َ
ْ ْ ُ وقال َّ
األُ ْخرى.
ت :يا �ن ِزينَتِهاُ ،ث َّم قا َل ْ
َت الدُّ نْيا بِ َأ ْح َس ِكان يوم القيام ِة َأت ِ
َ كرم الله وجهه :إذا َ َ وقال َّ َ
ْت َأ ْه َو ُن ِم ْن�يء فَلأَ َن ِ
وجل :اِ ْذهبِي بِال َش ٍ
َ ول الل ُه ع َّز َّ كَ ،ف َي ُق ُض َأولِيائِ َ
َر ُّب َه ْبنِ�ي لِ َب ْع ِ
28
وب الخَ لِ ُق. ض َأ ْوليائي ،ف ُت ْط َوى كَما ُي ْط َوى ال َّث ُ
ك لِبع ِ ِ ِ
َأ ْن َأ َه َب َ ْ
ِ
ِ
وس، وم ْل ُب ٌ وبَ ، وم ْش ُ�ر ٌ �ياءَ :م ْط ُع�و ٌمَ ، كرم الل�ه وجهه :إِنَّما الدُّ نيا س� َّت ُة َأ ْش َ وق�ال َّ َ
ف الم ْطعوم ِ
باب، �و َم ْذ َق ُة ُذ ٍ �ل َو ُه َ ات :ال َع َس ُ �مو ٌمَ ،ف َأ ْش َ�ر ُ َ ُ َ وم ْش ُُوحَ ، ومنْك ٌ
ُوبَ ، وم ْرك ٌ َ
ِ اج ُرَ ، ِ
الماء و َي ْس�ت َِوي في�ه ال َب ُّر وال َف ِ ِ َ
وس�ات: الم ْل ُب َ
ف َ وأ ْش َ�ر ُ ُ الم ْش ُ�روبات: ف َ وأ ْش َ�ر ُ
الر َج ُالَ ، ِ ِ الح ِر ُير وهو ن َْس ُج ُدو َد ٍةَ ،
ف وأ ْش َر ُ الم ْركُو َبات :ال َف َر ُس وعليه ُي ْقت َُل ِّ ف َ وأ ْش َر ُ َ
ِ ٍ ٍ ِ ِ
س�ن َش�يء منْها و ُيرا ُد الم ْر َأ َة َل ُت َز ِّي ُن َأ َح َ
وإن َ الم ْر َأ ُة َوه َي َم َب ٌال في َم َبالَّ ، ُوحاتَ : المنْك َ َ
مس ُ ِ ِ وأ ْش َر ُ ِ ٍ
َأ ْق َب ُح شيء منْها َ ،
ك َو ُه َو َد ٌم. ومات :ال ْ الم ْش ُم َف َ
وإن ُكنْتُم َّار َك ُة َلكُم ْ الله ،والت َّْر ِك للدُّ نيا الت ِ وصيكُم بِ َت ْق�وى ِ وق�ال كرم الله وجههُ :أ ِ
َ َّ
وأنْتم تُريدُ َ ِ �امكُم َ ِ ِ ال ت ِ
وم َث ُلهاون ت َْجديدَ هاَ ،فإِنَّم�ا َم َث ُلكُم َ الم ْبل َية َأ ْج َس َ �ون ت َْركَهاُ ، ُح ُّب َ
وض َّرائِها ك ََم َث ِل َقو ٍم في َس� َف ٍر َس َلكُوا َط ِريق ًا وك ََأن َُّهم قد َق َط ُعو ُه ،فال ت َْج َز ُعوا لِ ُب ْؤ ِسها َ
ب الدُّ نيا ت لِ َطالِ ِ ج ْب ُالَ ،ع ِ َاعها و َن ْعمائِها َفإِ َّن ُه إلى ز ََو ٍ
َ
َفإِ َّنه إلى ان ِْقطاعٍ ،وال تَمرحوا لِمت ِ
َْ ُ َ ُ
ول عن ُه. ِ
والم ْو ُت ي ْط ُل ُب ُه ،وغاف ٍل و َلي َس بِم ْغ ُف ٍ
َ ْ َ َ
وق�ال ك�رم الله وجهه :الدُّ نْي�ا ِجي َف ٌةَ ،فم�ن َأراد ِمنْها َش�يئ ًا َف ْليصبِر عل�ى مخا َل َطةِ
ُ ْ َ ْ ْ َ ْ َ َ َ َّ
الب. الكِ ِ
إن الل� َه تعالى لم َي َ�ر فيها َثواب ًا ك�رم الل�ه وجهه :الدُّ نْي�ا ت َِف ُّر وت َُض ُّ�ر وت َُم ُّر َّ ، َ
وق�ال َّ
صاح بِ ِهم
ول إ ْذ َ �م ُح ُل ٌ �ل الدُّ نيا ك ََرك ٍ
ْب َب ْينَما ُه ْ وإن َأ ْه َ�ه ،وال ِع َقاب� ًا ألَ ْعدَ ائِ ِهَّ ، ألَو ْليائِ ِ
َصائِ ُح ُهم َف ْارت ََح ُلوا.
كرم الله وجهه: ومن ِ ِ
شعره َّ
���س لِ��ل��دُّ نْ��ي��ا ُث��� ُب� ُ
��وت َل��� ْي َ إِنَّ���م��ا ال���دُّ نْ���ي���ا َف���ن ٌ
َ���اء
��وت
��ج��تْ�� ُه ال�� َع��نْ��كَ�� ُب ُ إنَّ��م��ا ال���دُّ نْ���ي���ا َك���ب���ي� ٍ
َ��س َ
ن َ ��ت َ ْ
ِ ��ي��ك ِم � ْن��ه��ا و َل���� َق����دْ ي��ك ِ
����وت
ُ هُّأي�����ا ال��� َّط���ال ُ
���ب ُق َ ْ��ف َ َ
ِ ُك� ُّ ��ر ٍ ���ن َق ِ ���م ِ
��وت
��م� ُ
���ن ف��ي��ه��ا َي� ُ
���ل َم� ْ ي��ب ���ري َع� ْ َو َل��� َع ْ
كرم الله وجهه في ِح ْر ِ
ص الن ِ
َّاس على الدُّ نْيا: ِ ِ ِ
وم ْن ش ْع ِره َّ
اد َاهل َوى َع ْق ٌل وت َْش ِم ُري
ويف م��ر ِ
ُ َ َّاس ِح ْر ٌص عىل الدُّ نْيا وتَدْ بِ ُري
للن ِ
29
ِ ِ
فال َع ْق ُل من ُْه ْم عىل ال َّطا َعات َم ْأ ُس ُ
ور َوإِ ْن َأتَ���وا َط��ا َع�� َة هللِ َر هِّبِ� ُ
��م
�م و َتك ِْد ُير اتا َه� ٌّ َص َفاء ِع ْي َش هِ
َ ت ص َقدْ َمز ََج ْ اك ِ
احل ْر ِ لأِ َ ْج ِل َه َذا و َذ َ
ِ ِ وها بِ َع ْق ٍل ِعنْدَ ما ُق ِس َم ْ
��وه��ا بِا َمل َقاد ِير َلكن َُّهم ُر ِز ُق َ ت مل ُي ْر َز ُق َ
َ��ال ُدنْ�� َي��ا ُه بِ َت ْق ِص ِري
�ق ن َ وم��ائِ� ٍَ اعدُ ُه يب ال تُس ِ
َ يب َلبِ ٍ ك َْم ِمن َأ ِد ٍ
ِ
َاق ال َع َصاف ِري ��أ ْرز ِ
َط َار ال ُبزَا ُة بِ َ َان َع ْن ُق َّو ٍة َأ ْو َع ْن ُمغَا َل َب ٍة لو ك َ
َت ْص ِو ٌير با ِر ٌع للدُّ ْنيا
وقال ذات يو ٍم َ ك�رم الله وجهه َ ب َّ بن أبي طالِ ٍ الم ْؤ ِمنِي َن َع ِل ِّي ِ ِ
ج�اء َر ُج ٌ�ل إلى َأم ِير ُ
يك، ل�ه :ي�ا َأ ِمير المؤ ِمنِين ،لقد ْاش�تَريت دار ًا ،و ُأ ِريدُ َأ ْن َت ْكتُب لي ع ْقدَ الش ِ
ِّ�راء بِ َيدَ َ َ َ َْ ُ َ َ َ ُْ َ
ِ
ش َق ْلبِه ،و َأ َرا َد الر ُج ِل َف َر َأى الدُّ نيا قد ت ََر َّب َع ْت على َع ْر ِ ِ ِِ ِ
الم ْؤمني َن إلى َو ْجه َّ َفنَ َظ َ�ر َأم ُير ُ
ِ ِ ِِ ِ
الم ْؤمني َن أن ُيل ِّقنَ ُه َد ْرس ًا ُي َذك ُِّر ُه فيه بالله َت َعالىَ ،ف َأ ْم َس َك بِال َق َل ِم و َكت َ
َب: َأم ُير ُ
الر ِحي ِم ِ
بِ ْس ِم الله َّ
الر ْح َم ِن َّ
ِِ ِ ِ ِ ِ ٍ أما بعدُ فقد ْاش�تَرى مي ٌ ِ
ين ،لها بين وس�كَّة الغَافل َ الم ْذن َ ت من َم ِّيت دار ًا َت َق ُع في َب َلد ُ َ َ ِّ َّ َ
ِ ِ ٍ
والحدُّوالحدُّ ال َّثانيَ :ينْت َِهي إلى ال َق ْب ِرَ ، الموتَ ، الحدُّ األَ َّو ُلَ :ينْت َِهي إلى َ َأ ْر َب َع ُة ُحدودَ :
وإما إلى الن ِ ِ ث :ينْت َِهي إلى ِ ِ
َّار. الجنَّة َّ الرابِ ُعَ :ينْت َِهي َّإما إلى َ والحدُّ َّ
ابَ ، الح َس ِ ال َّثال ُ َ
ِ ِ كرم الله وجههَ :من َر ِض َي ِمن الدُّ نيا بما ُي ْج ِز ِيه ك َ
ومن َان َأ ْي َس ُر ما فيها َيكْفيهَ ، وقال ََّ
شيء َيك ِْف ِيه.
ٌ لم َي ْر َض ِمن الدُّ نيا بما ُي ْج ِز ِيه لم َيكُن فيها
ِ
دار ًا فقال له :لق�د اتَّخَ ْذ َت َ ي�رةًَ ، ك�رم الل�ه وجهه َصاحب ًا له ق�د َبنَى دار ًا كَبِ َ ور َأى َّ
ْ�ت َأ ْح َو َج؟ اآلخ َر ِة ُكن َ
ْت إِ َليها ف�ي ِ َ�ع بهذه ال�دَّ ِار في الدُّ نياَ ،أ َم�ا َأن َ َواس� َع ًة فم�ا ت َْصن ُ
ِ
إن ِش�ئ َ قال ِ الم ْؤ ِمنِي َن َ ، ِ ٍ ِ
ْت ْت َب َلغ َ اإل َما ُمْ : فأجا َب� ُه َصاح ُب ُه ف�ي َح َياء ونَدَ ٍمَ :بلى يا َأم َير ُ
وق َم َطالِ َعها. الح ُق ُ الرح َم ،و َت ْط ُل ُع منها ُ
يف ،وت َِص ُل فيها ِ
َّ الض َ اآلخ َرةَُ :ت ْق ِري بها َّ بها ِ
الم ْر ِء
َك َر ُم َ
قال كرم الله وجههِ :م ْن كَر ِم المر ِء َخم ُس ِخ َص ٍ
ال: ْ َ َْ َ َّ
-1م ْل ُك ُه لِ ِل َسانِ ِه.
ِ
30
-2وإِ ْق َبا ُل ُه على َش ْأنِ ِه.
َاؤ ُه على َما َم َضى ِمن َز َمانِ ِه. -3و ُبك ُ
-4وحنِينُ ُه إلى َأ ْو َطانِ ِه.َ
ِ ِ ِ ِ ِ
-5وح ْف ُظ ُه ل َقدي ِم إِ ْخ َوانه(((.
الع ْق ُل
َ
يم ًة ،و َقد َأ ْم َكنَ ُه َأ ْن َيك َ
ُون إِنْسان ًا، يح بِ ِذي ال َع ْق ِل َأ ْن َيك َ
ُون َب ِه َ كرم الله وجههَ :قبِ ٌ قال َّ َ
وح َي ٍاة ٍ ِ ِ ِ ٍ
وأ ْن َي ْر َضى لنَ ْفس�ه بِ ُقنْية ُم َع َارة َ ُون َم َلك ًا َ ، ُ�ون إِنْس�ان ًا و َقدْ َأ ْم َكنَ� ُه َأ ْن َيك َ وأ ْن َيك َ َ
َّخ َذ ُقنْ َي ًة ُمخ َّلدَ ًة وحيا ًة ُم َؤ َّبدَ ًة .مستَرد ٍة و َله َأ ْن يت ِ
ُ ْ َ َّ ُ َ
ِ ِ ِ ِ
لين الم ْؤم ِن ،والح ْل ُم َو ِز ُير ُهِّ ،
والر ْف ُق والدُ ُه ،وا ِّل ُ يل ُ كرم الله وجهه :ال َع ْق ُل َخل ُ وقال َّ َ
َأ ُخو ُه.
ِ ِ ِ
كرم الله وجهه :ال غنَى م ْث َل ال َع ْق ِل ،وال َف ْق َر َأ َشدَّ من َ
الج ْه ِل. وقال َّ َ
كرم الله وجهه :إذا ت ََّم ال َع ْق ُل َن َق َص الكَال ُم. وقال َّ َ
كرم الله وجهه: َّ ومن ِش ْع ِر ِه ِ
ت َأ ْع�َل�ىَ ا َمل َراتِ ِ
ب و َف ْض ٍل و َع ْق ٍل نِ ْل ُ �ال بِ ِف ْطن ٍَة �ت الدُّ نْيا ُت �نَ� ُ َف َلو َك��ا َن� ِ
ح ْي َل ِة َط��الِ� ِ
�ب يك ال بِ ِ �ل ملِ ٍ
�ض� ِ َ �م� ٌة بِ� َف� ْ �س� َ
َاق ح� ٌّ ِ
��ظ وق� ْ و َل � َك �نَّ�ما األَ ْرز ُ َ
31
يش ِة غَالِ ُب ْه
��ر ا َمل ِع َ ��ذو ِ
اجل��دِّ يف َأ ْم ِ َف ُ �ج��دَ ٍة
َ��ان غَ�َل�اَ ّب � ًا بِ َع ْق ٍل و َن� ْ
��ن ك َ
وم ْ
َ
َ
وقال أيض ًا:
�وع
�م� ُ�س� ُوم� ْ �م � ْط � ُب� ٌ
�وع َ َف� َ ���ت ال َع ْق َل َع ْق َل ِ
ني َر َأ ْي ُ
��وع إذا لمَ ْ َي� ُ
���ك َم�� ْط�� ُب ُ ��وع
��م ٌ ��س ُ
��ع َم ْ وال َي��نْ�� َف ُ
ُ��وع ����وء ال�� َع ِ
�ين مَمْ��ن ُ ُ وض ُ �س
�م� ُ
�ش� ْ كَ�ما ال تَ��نْ�� َف ُ
��ع ال� َّ
32
ؤم ِل ماال ُيدْ ِر ُك، ِ ِ ِ ِ
الم ِّ الموتَى ،ال ّظاع ِن َعنْها غَد ًا ،إلى الو َل�د ُ الس�اك ِن َمس�اك َن َ الدُّ نياَّ ،
ب ،و َع ْب ِد المصائِ ِ ض األَس َقامِ ،ور ِهين َِة األَيامِِ ِ ،
ورم َّية َ َ َّ َ لك ،غ ََر ِ ْ بيل َم ْن َقدْ َه َ ك َس َ السالِ ِ
َّ
اله ُم�ومِ ،و َق ِر ِ ِ ِ وأس ِ ِ المناياَ ، َاج�ر الغ ِ الدُّ ني�ا ،وت ِ
ين وحليف ُ الم�وتَ ، �ير َ ُ�رور ،وغَري ِم َ
ِ
األموات. هوات ،وخلي َف ِة ِ وصري ِع َّ
الش ِ األحزان ،ون ََص ِ ِ
ب اآلفاتَ ،
ِ ِِ ِِ
ُون
أن ال َيك َ ت ْ إن ْاس َت َط ْع َ ني َّ ، الح َس ِن في َوص َّيته له :يا ُب َّ كرم الله وجهه البنه َ وقال َّ َ
فإن ال َي ِس َير ك الل ُه ُح َّر ًاَّ ، َير َك وقد َج َع َل َ الله ُذو نِ ْع َم ٍة َفا ْف َع ْل ،وال تكُن َع ْبدَ غ ِ َك وبين ِ
َ َب ْين َ
كان ك ٌُّل من ُه كثير ًا. وإن َ غير ِه ْ وأ ْع َظ ُم ِمن الكَثِ ِير ِمن ِ الله َت َعالى َأك َْر ُم َ ِمن ِ
ني ،اِ ْح َف ْظ َعنِّ�ي َأ ْربع ًا وأربع ًا ال �ن :vيا ُب َّ الح َس ِ ِِ
ك�رم الله وجهه ال ْبنه َ وق�ال َّ َ
الو ْح َش ِة وأ ْو َح ُش َ الح ْم ُقَ ، وأ ْك َب ُر ال َف ْق ِر ُ الغنَى ال َع ْق ُلَ ، ت معهنَ :أ ْغنَى ِ ِ
َي ُض ُّر َك ما َعم ْل َ َ َ ُ َّ
ب ُح ْس ُن الخُ ُل ِق. الحس ِ َ وأك َْر ُم بَ ، ال ُع ْج ُ
ك َف َي ُض َّر َك ،وإ َّي َ �ة األَ ْح َم ِق :فإ َّن ُه ُيري�دُ ْ �اك ومصاد َق ِ
وم َصا َد َق َة �اك ُ أن َينْ َف َع َ ن�ي ،إ َّي َ ُ َ َ يا ُب َّ
ك اج ِرَ :فإِ َّن ُه َيبِي ُع َ وم َصا َد َق� َة ال َف ِ ُون إليه ،وإ َّي َ ْ�ك َأ ْح َو َج ما َتك ُ ي�لَ ،فإِ َّن ُه َي ْب ُعدُ َعن َ خ ِ الب ِ
اك ُ َ
َ يك البعيدَ وي ِ قر ُب ع َل َ كالس ِ الكذ ِوم َصا َد َقة َّ بالتَّافِ ِه ،وإ ّي َ
عليك بعدُ ُ �راب ُي ِّ اب ،فإ ّن ُه َّ اك ُ
يب. ال َق ِر َ
ال ت َْس� َتغْنِي �ك َأر َب َع ِخ َص ٍ
�ن :vأال ُأ َع ِّل ُم َ ْ الح َس ِ ِ ِ
ك�رم الله وجهه البن�ه َ وق�ال َّ َ
ك�رم الله وجهه )1( :ال ت َْجلِ ْس فقال َّ الم ْؤ ِمنِي َنَ ، ِ
فق�الَ :ب َلى يا َأم َير ُ ب؟ َ به�ا عن ال ِّط ِّ
وج ِّو ِد ِ
ْت ت َْش�ت َِهيهَ )3( ، وأن َ ْت َجائِ ٌع )2( ،وال َت ُق ْم عن ال َّط َعا ِم إال َ على ال َّط َعا ِم إال َ
وأن َ
َيت ت هذا ْاس َت ْغن َ الء ،فإذا ْاس َت ْع َم ْل َ �ك على الخَ ِ ت َفا ْع ِر ْض َن ْف َس َ الم ْضغَ )4( ،وإذا نِ ْم َ َ
عن ال ِّط ِّ
ب أبداً.
والكتَا َب ِة و َف ْض ُل ُهما
يف ِ َأ َه ِّم َّي ُة ال َّتألِ ِ
كَ ،فإِ ْن ك ف�ي إِ ْخ َوانِ َ
ث ِع ْل َم َ ب�ن َع ْم ٍرو :اكت ْ
ُب ،و ُب َّ للم َف َّض ِل ِ ك�رم الله وجهه ُ ق�ال َّ َ
فيه إال بِ ُك ُتبِ ِهم.ون ِان َه ْرجٍ ال َي ْأن َُس َ يك َ ،فإِ َّن ُه يأتِي على الن ِ
َّاس ز ََم ُ ك َبن ِ َ ِم َّ
ت َف َأ ْو ِر ْ
ث ُك ُت َب َ
33
ال َّت ْح ِص ُ
ين
اء َك وو َق َارك من الكِ ْب ِ
�ر ،و َع َط َ �بَ ، ك من ال ُع ْج ِ لم َ ق�ال ك�رم الله وجهه :حص ِ
�ن ع َ َ ِّ ْ َ َّ
يل�و َك من َت ْعطِ ِ َ�ك من ا ِ ِ
إل ْف َراط ،و َع ْف َ َك م�ن ال َع َج َل ِة ،و ُع ُقو َبت َ وص َر َامت َ ِ
الس َ�رفَ ، م�ن َّ
�ك من الب َذ ِ ِ ِ واس�تِما َع َ ِ ِ
اء، َ َاس َ واست ْئن َ ك من ُس�وء ال َف ْهمِْ ، َك من الع ِّيْ ، وص ْمت َ
الحدُ ودَ ، ُ
ِ ِ ِ ِ ِ �ك م�ن ا ِ ِ
االست ْسلامِ، ك من ْ ور ْو َعات َ
اج�ةَ ، �ك م�ن ال َّل َج َ إل َضا َع�ة ،وغ ََر َامات َ وخ َلوات َ َ
الج ْب ِن.ك من ُ وح َذ َراتِ ََ
ِق ُ
يام ا َّلليلِ
يل َح ُس َن َو ْج ُه ُه بِالن ََّه ِ
ار. كرم الله وجههَ :من ك ُث َر ْت َصال ُت ُه بِال َّل ِ قال َّ َ
اء الن ََّه ِ
ار. ليل َب َه ُ كرم الله وجههَ :صال ُة ا َّل ِ وقال َّ َ
ف َمن َد َّمعها ، �ح ِرَ ،فإِنَّها َت ْق ِص ُ الس َ الم ْؤم ِن في َّ
ِ ِ
ك�رم الله وجهه :ا ْح َذ ْر َد ْم َع َة ُ وق�ال َّ َ
ور الن َِّير ِ ِ
ان َع َّم ْن َد َعا بها. يء ُب ُح َ و ُت ْطف ُ
كرم الله وجهه َو ُه َو َق ِائ ٌم ُي َص ِّلي ِ
الم ْؤمني َن َعل ٍّي َّ
ِِ ِ
و َد َخ َل األَ ْش�ت َُر الن ََّخ َع ُّي على َأم ِير ُ
ب فيما بي َن َذلِ َك؟ ِ
بالليل و َت َع ٌ وس َه ٌر َّهار َ الم ْؤ ِمنِي َنَ :ص ْو ٌم بِالن ِ ِ
فقال له :يا َأم َير ُ ليلَ ، بِا َّل ِ
ليل(((.َاج إلى َق ْط ِع ِه بِ َس ِير ا َّل ِ يل َف ُي ْحت ُ اآلخ َر ِة َط ِو ٌ قال له :س َفر ِ
َ ُ فلما َف َر َغ َع ِل ٌّي ِمن َصالتِ ِه َ َّ
أن الس�م ِ يقول إذا َفر َغ من ص ِ
وات �هدُ َّ َّ َ ليلَ :أ ْش َ الة ا َّل ِ َ َ كرم الله وجهه كثير ًا ما ُ وكان َّ َ
إليه َد َع ْو َت ،ك ُُّل ما ُي َؤ ِّدي اهدُ تَشهدُ بِما ِ وشو ِ َ آيات تَدُ ُّل
َ َ عليك َ َ ، واألرض وما َب ْينَهما ٌ َ
تدبيركَ ،ع َل ْو َت بها َ عمتِ َك ومعالِ ِم لك بالربوبية موسوم ِ ِ
بآثار ن َ الح َّج َة و َي ْش َهدُ َ ُّ ُ َّ َ ُ ٌ َعن َْك ُ
الفكر ،و َك َفاها وحشة ِ
ِ وب من َم ْع ِرفتِ َك ما آن ََس�ها ِمن َعن َخ ْل ِق َك َف َأ ْو َص ْل َت إلى ال ُق ُل ِ
تأخ ُذ َك
ّ�ك ال ُ ش�اهد ٌة بأن َ ِ عر َفتِه�ا بِك َو َو َل ِهها إِ َل ْي َك – مع َم ِاالحتي�اج فه�ي – َ ِ �م
َر ْج َ
ان أو َي ٍدب أو لِس ٍ
َ أن ُأ ِش َير بِ َق ْل ٍبك ْ أعو ُذ َ األبص ُارُ ، َ ول وال ُك ال ُع ُق ُ
ُدرك َ األوها ُم ،وال ت ِ َ
ِ
أحد ًا َف ْر َد ًا َص َمد ًا ،ونح ُن َل َك ُمسل ُمون. إلى َغ ِير َك ،ال إل َه إال َ
أنت واحد ًا َ
((( انظ�ر كت�اب «لطائف المعارف» الب�ن رجب ،التحمس لقي�ام الليل ،محمد صالح
ص. 93
34
الص َّح ِة
َد َعائِ ُم ِّ
َمضغَا ،وت ََر َك �ن َأك ََل ال َّطعا َم على النَّ َق�ا ،وأجا َد ال َّطع�ا َم ت ُّ ك�رم الله وجههَ :م ْ ق�ال َّ َ
وت. س الغَائِ َط إذا أتى ،لم يمر ْض إالّ مر َض الم ِ ال َّط َعا َم َو ُه َو َي ْشت َِه ِيه ،ولم َي ْحبِ ِ
َ ََ ََْ
وع و َتنْت َِقيك�رم الله وجههَ :م�ن أرا َد أن ال َي ُض َّر ُه ال َّط َعا ُم فال يأك ُْل َحتَّ�ى َي ُج َ وق�ال َّ َ
ِ م ِعدَ ُته ،فإذا َأك ََل َف ْليسم الله و ْلي ِ ِ
عن ال َّط َعا ِم َو ُه َو َي ْشت َِهيه و َي ْحت ُ
َاج ُف ِ الم ْضغَ ،و ْل َيك َّجد َ ُ َ ِّ َ ُ َ ُ
إليه.
ِ
للماء َك َط َعام َا ،و َد ْع فيها ُوق َر َّن َم ِعدَ ت َ
يل :ال ت ِ كرم الله وجهه في َو ِص َّيتِ ِه لِك َُم ٍ َ
وقال َّ
ْت ت َْش�ت َِه ِيهَ ،فإِذا ُميل :ال ت َْر َف َع َّن َيدَ َك من ال َّطعا ِم إال َ
وأن َ وللريحِ َم َجاالَ ،يا ك ُ َموضع ًاِّ ،
ِ
ِ
الماء. وق َّل ِة
ُميلِ :صح ُة الجس ِد ِمن ِق َّل ِة ال َّطعا ِم ِ ك َفأن َ
ْت ت َْست َْم ِر ُئ ُه ،يا ك ُ ت َذلِ َ َف َع ْل َ
َ َ َ َّ
وآثار َها
ُ البِ ْط َن ُة
قال كرم الله وجهه :البِ ْطنَ ُة تَمنَع ِ
الف ْطنَ َة. ْ ُ َ َّ
ُفسدُ ِ وقال كرم الله وجهه :التُّخْ م ُة ت ِ
الحك َْم َة. َ َ َّ
ب ِ ِ ِ ِ
الصالحِ . عن َّ كرم الله وجهه :إذا ُمل َئ ال َب ْط ُن من ُ
المباحِ َعم َي ال َق ْل ُ وقال َّ َ
الو َرعَ. ِ كرم الله وجههَّ : َ
الش َب ُع ُيفسدُ َ وقال َّ
ب ،مكْس� َل ٌة عن الص ِ
الة، َّ ك�رم الله وجهه :إ َّياكُم والبِ َطنَ َة ،فإنَّها َم ْق َس�ا ُة لل َق ْل ِ َ َ وق�ال َّ َ
للج َس ِد.
وم ْف َسدَ ٌة َ َ
ِ
كان ه َّم ُت ُه بِ ْطنَ ُه و َف ْر َج ُه. ِ ِ
ت الع َباد إلى الله ُس ْب َحا َن ُه َم ْن َ ِ كرم الله وجههْ :أم َق ُ َ
وقال َّ
35
��ك�� ��
ا �ل���ص� ��د���ق����ة ا �ل
ي ي برى
مرتبة ومقام ...أم
36
وش�رف ملته�ا العالمي�ة ،وبها وبما تفرع عنه�ا من مواقف ومفاهي�م تلبدت غيوم
العداوة والبغضاء في أجواء األمة ،واستش�رت فيروس�اتها بفعل الوسائل الحديثة
وأثرها اإلعالمي الواسع.
ولي�س ببعي�د أن يفخ�ر كل جان�ب من ه�ذه األمة بم�ا أنجزه في زمن�ه ومرحلته
وحدود س�لطة أث�ره وتأثيره من خدمة كبيرة للدعوة إلى ال ّٰل�ه ،والدفاع عن الفكرة
الت�ي نش�أ وتربى وعاش عليه�ا ،بل ومات البعض ش�هيد ًا من أجله�ا ،مع أنها في
غالب مخرجاتها قائمة على علتي (التحريش والمنافس�ة) ،بغض النظر عن مسألة
مرحلة التدوين وما الحق الذي يدافع عنه الجميع من وجهة أنظارهم المتنوعة ،أو المتباينة.
لقد انتقلنا منذ بروز آثار مرحلة التدوين وانتش�ار الفكر والفقه المذهبي وامتداد ترتب على انتشار
الفقه المذهبي
لدى البعض من
آث�اره إل�ى تعقي�دات فرعية ،واس�تنباطات وضعية للعالقات بي�ن المصلين ،فيما
يخ�ص ص�رف الجمهور األوس�ع عن الثواب�ت األصلي�ة لمفهوم الق�راءة الواعية مادة صراع عقدي
وطائفي للدعوة إلى ال ّٰله ،وهيمنتها األخالقية على المحدث والمفس�ر واألصولي والفقيه
واللغ�وي والفلك�ي والمتكل�م إلى هيمن�ة المصطلح�ات والتعريف�ات ،والفهوم
العقدية والحديثية والفقهية المتش�عبة خالل مع�ارك التدوين والتأصيل والتقعيد ،
وتكوين المجموعات المذهبية والصوفية والس�لفية والس�نية والشيعية واألباضية
واالعتزالية ،وما جاء من بعدها موافق ًا أو معارض ًا أو مناقض ًا ،س�واء كان مصطبغ ًا
بالصبغ�ة السياس�ية لمرحلت�ه ،أو كان مصطبغ ًا بصبغة المذه�ب والفئة والجماعة
الممت�دة بين الش�عوب ،مرتبطة بوالء مش�ايخها وأئمتها وأس�اطين منهجيتها ،أو
كان مصطبغ ًا بصبغة الطبع والذاتية الفردية.
وزاد طيننا بلة اصطباغ مرحلة الغثاء السياسية واالجتماعية واالقتصادية بجراثيم اصطباغ مرحلة الغثاء
السياسية بجراثيم
العلماني�ة والعلمن�ة والعولم�ة ،وجراثي�م ثم�رات ومخرجات وتس�ييس مراحل العلمانية والعلمنة
والعولمة االس�تعمار واالس�تهتار واالس�تثمار ،وامتزاجها المتداخل مع أمة القرآن والس�نة
وفوج إل�ى الواقع المعلول بعلة
داخ�ل مواقع التعليم والتربي�ة واإلعالم والثقافةّ ،
التاريخية أجياالً محقونة بعناية وموضوعة بدراية ،لإلغراب بالس�فينة عن مسارها
37
(((
السليم ،إلى حيث يجب أن تسير في عالمنا الغثائي الموجه دين ًا ودنيا...
ومع هذا كله فالجميع ال يؤمنون بهذا التحليل وال يقبلون هذا التعليل ،وإن قبله الجميع ال يقبلون
هذا التعليل
أحد فألمر معين ربما استمر حينا على قبوله والبحث عن مسبباته ،وربما تجاوزه
وع�اد إلى حلبة الحي�اة المندفعة إلى جحر الضب مس�تمر ًا فيما ألِ َف� ُه وعاش عليه
الناس ،تحت قاعدة (كن مخطئ ًا مع الناس وال تكن مصيب ًا لوحدك) .
وع�ود ًا على بدء فالمس�ألة كلها عائدة إل�ى عنوان الموضوع وإع�ادة فهم أبعاده
بوجهة نظر شرعية مجردة ( ..أمرتب ٌة ومقام؟ ..أم مجرد لقب؟) .
والمقص�ود هن�ا معرف�ة التميز المش�روع ع�ن التمي�ز المصن�وع ،وحصانة هذا معرفة التميز
المشروع عن التميز التمي�ز ف�ي نف�س المؤمن ال�ذي تميز أيض� ًا بحصانة اإليم�ان واإلسلام في وعيه
المصنوع
ومعي�ار نظره إل�ى اآلخرين ،وخاصة مم�ن اندرجوا في دوائر اإلسلام واإليمان
واإلحسان بالعموم ،ثم النظر إلى خصوصيات ذات أهمية كبرى في كل مرتبة من
هذه المراتب ،وخاصة مراتب اإلحس�ان وما يترتب شرعي ًا نحو من ب ّلغه ال ّٰله إليها
بس�لوكه وعمله ،فكيف بمن صدرت في حقه ش�هادات من لسان من ال ينطق عن
الهوى ى .
ه�ذه هي مس�ألتنا التي نل�ح على قراءتها وعم�ق النظر فيها ،وهي المس�ألة التي قراءة نصوص
أصحاب الحصانات تترس�خ به�ا مبادئ الع�دل والتس�امح والمحب�ة والرحم�ة واإلخاء والتع�اون في
مسألة تستقر بها
النفوس والقلوب وتس�تقر بها المجتمعات وتتضاعف به�ا األعمال وتتكاتف بها
المجتمعات
األجيال ،وهي عين الرسالة التي دعا إليها س ّيد األمةى ،وبإلحاحنا وطلبنا عمق
النظر فيها ال نلغي مسألة النقد والتقييم وال نؤيد مسألة النظر إلى األمور بالسطحية
والس�ذاجة! أو وض�ع مب�دأ حس�ن الظن عل�ى البر والفاج�ر والص�ادق والكاذب
والمحتال والمنافق وإلخ!
((( كم�ا ه�و الح�ال في الهجمة المسيس�ة عل�ى منهج التص�وف والصوفي�ة بع�د زوال الغطاء
السياس�ي الداعم له�ا والمتمثل بالخالفة العثمانية ،حتى كاد المهندس�ون االستش�راقيون
ووكالؤهم من العالم االسلامي بعلم أو بغير علم يخرجون المس�مى وأهله عن اإلسلام
بالكلية ،وقد فعلوا ذلك .
38
حي�ث ينظ�ر بعض الباحثي�ن إلى جميع أهل الس�نة بعين واح�دة وحكم واحد ،النظر بعين واحدة
كم�ا فس�ر ذلك بع�ض المتحاملين على مفه�وم (عدالة الصحابة) عند أهل الس�نة أفسد القراءة لعدالة
الصحابة
اعتم�اد ًا عل�ى القاع�دة المتداولة ف�ي تعريف الصحاب�ي ( :كل م�ن اجتمع بالنبي
مؤم�ن وم�ات عل�ى اإليم�ان) ،والعب�ارة كم�ا ذكره�ا المعت�رض منس�وبة (البن
حج�ر) وعممه�ا باعتبار أنها المقولة التي اعتمد عليها أهل الس�نة في تقييم مفهوم
الصحاب�ي والصحاب�ة ،ب�ل وألف بعضه�م كتاب ًا يحم�ل وجهة نظ�ر معلومة تميل
ولألس�ف لقاعدة اإلفراط في جانب والتفريط ف�ي جانب آخر تحت عنوان نظرية
عدالة الصحابة والمرجعية السياس�ية في اإلسالم تشعر القارئ الواعي بأثر النفس
تعرف في التربية اإلسالمية بأنها
وس�ورة الغضب والحقد والتش�في واإلثارة التي ّ
من أثر الش�يطان في اإلنس�ان ،وال مجال لغير هذا التفس�ير ،مع أن مقولة الباحث
وعنوان رسالته (نظرية عدالة الصحابة والمرجعية السياسية في اإلسالم) تشير إلى
انموذج الفقه السياسي وتاريخ األنظمة السياسية ،وهذه مسألة تخرج البحث عما
يخ�ص (أهل النمط األوس�ط) وما يخ�ص مواقف أهل العدال�ة الوارثين من اآلل
والصحاب�ة والتابعين ومن تبعهم بإحس�ان إل�ى يوم الدين ومواقفه�م من الموافق
والمعارض لهم كما يحل ّٰلها ويفسرها فقه التحوالت الذي نحن بصدده.
حيث ال عالقة لهذه القراءة السياسية بحب آل البيت وال بتصحيح مفهوم العدالة الطبع اإلنساني
وال بالغيرة على اإلسالم من وجهة النظر المعتدلة ،وإنما عالقتها المباشرة بالطبع والفهم النفساني
في إصدر األحكام
اإلنس�اني والفهم النفس�اني الضدي القائم على الفعل ورد الفعل ،برغم الحش�د
وتعليل األفهام
النص�ي ألحادي�ث المناق�ب والفضائل م�ن جهة ،وسلامة الضبط واالس�تدالل
بالمراجع في جهة أخرى ،وتوظيف ذلك ك ّله لمبدأ (التحريش والمنافسة).
والتحري�ش والمنافس�ة ظاهرة واس�عة االنتش�ار ف�ي كل عصر وزم�ان ،ولكنها
ال جديد ًا وخطير ًا ينذر بالمح�ذور ويؤكد صدق نبوءة
ف�ي عصرنا قد اتخذت ش�ك ً
المصطفى ى في أمته مع استفحال عالمات الساعة وشمول دالالتها المنصوصة
39
(((
في أمته.
الدالالت النصية علم وال�دالالت المنصوص�ة عل�م ش�رعي خ�اص بفق�ه المراح�ل وتقيي�م األقالم
شرعي خاص بفقه واأللس�نة واألوعي�ة قديمها وحديثها ،صحيحها وس�قيمها ،غف�ل عنه الكثير من
المراحل
علماء المذهبية األصولية كما غفل عنه العلماء الالمذهبيون ،وهو العلم الحاوي
عل�ى القول الفصل في المتش�ابهات واألمور الخالفي�ة واالختالفية ،وقد تناولناه
ما ترتب على بتفصيل في كتبنا الحاملة صفة اإلفصاح عن (فقه التحوالت) ،وهو العلم الخاص
بتعليالت أحاديث (عالمات الس�اعة) وموضوعاتها االستباقية الجارية على لسان نصوص فقه
التحوالت من قراءة
م�ن ال ينط�ق عن اله�وى ى ،وما ترتب على نصوصها الش�رعية من ق�راءة نبوية
شرعية لمسيرة
واعية لمس�يرة التاريخ اإلنس�اني واإلسلامي ،بد ًءا بعصر آدم ش ونهاية بعصر التاريخ
نبينا محمد ى الممتد من بعثته إلى قيام الس�اعة ،باعتبار حقيقة شأنه أنه ركن من
أركان الدين فليراجع.
آثار إهمال نصوص وعن�د مراجعته بتأن وموضوعية يدرك القارئ المس�لم والعالم الموقن أن أمتنا
فقه التحوالت اإلسالمية قد تجاوزت بإدراك أوبغير إدراك أمر ًا عظيم ًا من أمور شرعتها الخالدة ،
والعلم بعالمات
وأهملت ركنا أساسيا من أركان بناء األمة الواحدة ،وخاصة فيما هي اليوم بصدده
الساعة
من إثبات هويتها ،والبحث عن ذاتيتها بين األمم ،حيث أن إثبات الهوية والبحث
ع�ن الذاتية أم�ر يربط بالعلم الخاص الجامع بين علم الديانة وعلم التاريخ ،وهما
تسلسل االنفصام العلم�ان المنفصم�ان في دراس�تنا المعاصرة عن بعضهما البع�ض ،كمثل انفصام
ٍ عالمة من عالمات
مرحلة ما ،وانفصام التربية عن التعليم ،وانفصام التصوف عن الدين عن الدولة في الساعة
ً
السنة ،وما تال ذلك من االنفصامات المحبوكة المقررة نصا في أحاديث عالمات
الساعة ،من مثل قوله ى « :لتنقضن عرى اإلسالم عروة عروة كلما نقضت عروة
((( إشارة إلى الشح المطاع والهوى المتبع والدنيا المؤثرة واإلعجاب بالرأي ونص الحديث :
«إذا رأيت شح ًا مطاع ًا وهوى متبع ًا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخويصة
نفس�ك ....إلخ» الحديث .س�نن الترمذي ( )3058وس�نن أبي داود ( )4341وسنن ابن
ماجه (. )4014
40
تمس�ك الناس بالتي تليها أولهن نقض ًا الحكم وآخرهن الصالة ، (((»...ولعل هذه
المس�ألة ل�م تتبادر إلى أذه�ان العلماء فضال ع�ن أذهان الدهم�اء ..وألجل ذلك
يقابلها البعض باالس�تغراب والبعض باالس�تهجان والبعض باالستنكار والبعض
بالصمت المطبق ..
وق�د يضطر البعض إل�ى نقل الموضوع من وظيفته االيجابي�ة للربط بين الديانة مواقف البعض من
والتاري�خ إلى ما ألفه الناس م�ن النقد والقدح في كل جديد غير مألوف ،وقد جاء قضية ربط الديانة
بالتاريخ
عدو ما يجهل) .
في المثل المعروف (المرء ّ
ومم�ا ال بد لنا منه هنا حتى نجنب أنفس�نا علة (التحريش والمنافس�ة) أن نحترم وجوب احترام الرأي
والرأي اآلخر ال�رأي اآلخ�ر على عالّته ،ونختصر مس�افة الوقت والحالة حتى نصل إلى قاس�م
مش�ترك ف�ي الق�راءة اإليجابية لتراكم�ات تاريخنا ب�كل ما في�ه ،ونؤصله بضوابط
الركن الرابع من أركان الدين لمعالجة الخطأ المش�اع دون تش�ف أو قدح في أحد
بعين�ه ،ونصل�ح ما فس�د من�ا بما جاءنا ع�ن نبينا وما ترك�ه لنا من ش�رف العلم في
مادة الفقه الخاص بعالمات الس�اعة ..علم دراس�ة التحوالت ومتعلقاتها ايجابية
وس�لبية ،في دراس�ة ش�املة التداخل بين األركان حتى يق�وم كل ركن في وظيفته
الش�رعية ..ويحق لنا أن نفخر بعد ذلك بمس�مى العلماء األصولي الموصوف به
حديث جبريل بأنه حديث (أم السنَّة).
إن إهم�ال وتجاوز هذا الرك�ن الهام جعل من المناق�ب والحصانة في بعض آل تعطيل وظائف
المناقب وعدم البي�ت والصحاب�ة وأمهات المؤمنين مجرد ألقاب ومس�ميات ال فائ�دة منها ،وال
وضعها في موقعها
تس�هم حت�ى في حصان�ة حامليها من مس�لم مثل�ه كان عالم� ًا أو كاتب� ًا أو باحث ًا أو
من حصانة أصحابها
صاحب انتماء لمذهب من مذاهب المسلمين المتعارضة في شأن الوالء واالنتماء
..وهذا أمر غريب يفوق كل غرابة متوقعة ( ومتى عرف السبب بطل العجب).
تنزيل الوقائع ً
منفصال عن حصانة الديانة في والسبب انش�غالنا جميع ًا بوقائع التاريخ وأحداثه
والحوادث قادح ًا
وطاعن ًا في أهل
((( مس�ند أحم�د ( )22160وصحي�ح اب�ن حب�ان ( )6715والمس�تدرك عل�ى الصحيحي�ن الحصانات الشرعية
(. )7022
41
أركانه�ا األربعة ،بل وبل�غ ببعضنا تنزيل أمور التاريخ وحوادث�ه قادح ًا وطاعن ًا في
صحاب�ي ُم َح ّصن ومو ُثوق به بنصوص الديانة ذاتها ،كما فعل ذلك الخوارج ومن
نح�ا نحوهم في األزمنة المتالحقة ..بل أ ّلهوا مفهومهم البدعي للنص ،وحكموا
م�ن خالل�ه بإعدام األئمة المحصنين كقتلهم اإلم�ام علي ، vوقتلهم لخباب
بن األرت وزوجته وغيرهم.
إن إعط�اء الفه�م الذاتي صفة القداس�ة والحصانة مقابل إس�قاط قداس�ة مدلول علة البعض في
إعطاء الفهم الذاتي
النص النبوي وحصانته لمجرد الش�بهات وس�وء التصورات أمر يس�تحق التوقف ّ لألحداث صفة
القداسة والحصانة والنظ�ر وقد وق�ع في هذه الزل�ة كثير من العلم�اء المتعصبين لألف�كار ومجريات
بدي ًال عن النصوص الحوادث.
أم�ا فريق آخر فقد أفقدوا مجمل األحاديث النبوية ش�رف االس�تدالل بها ،ألن
راوي الحدي�ث قد اعتمد في نقل بعض أحاديث�ه على متهم بنصب أو مثله ،ومثل
المتعصبة ،
ّ ه�ذا الحكم المطلق ال يم�ت إلى الديانة بصلة وإنما يمت إل�ى الطباع
وخصوص ًا إذا كان للرواية مصدر ثقة أخرى ..
أهل البيت يعتمدون
ويروونه ويجي�زون فيه وهم على ف�آل البيت أنفس�هم يقرأون صحي�ح البخاري ُ صحيح البخاري
ويقرأونه ويجيزون عل�م بم�ا يتهم به بع�ض رواته ،ولكنهم ال يثي�رون جدالً وال ينازع�ون أحد ًا رغبة
فيه وال يفعلون ما ف�ي اجتم�اع كلمة األمة على ما ف�ي الصحيح من خير ونفع عام للمس�لمين ،وإذا
يفعله المتعصبون
ما احتدم األمر لدى منفعل معين منهم يسكت عن تلك األحاديث التي ال تتجاوز
عدد أصابع اليد ،وفتح باب اإلفادة واالس�تفادة في ج ّلها األوس�ع الحاوي شرف
خدم�ة العقيدة والش�ريعة ومراتب الس�لوك ،وقد عاصرنا العش�رات م�ن أئمة آل
البي�ت اآلطه�ار م�ن خواص مدرس�ة حضرم�وت والحج�از واليم�ن وغيرها من
عدول بالد اإلسلام وغيرها يقرؤون صحيح البخاري ومس�لم وغيرها ويتناولون
مجم�ل هذه األحاديث المتكل�م فيها بلطف وأدب م�ع رواة الحديث ،ويعذرون
من يس�تحق اإلعذار ويتجاوزون النبز والتعريض واالس�تصغار ،وال يربطون بين
المحدثي�ن وحمل�ة القرار كم�ا يفعل هذا بع�ض المفرطين األغي�ار ..فالمحدث
مع�ذور ف�ي مرحلت�ه وصاحب الق�رار م�دان بظلم�ه وعضوضيته ،وم�ا أخطأ فيه
42
ال�راوي والمحدث ُيع�زل عن بقية مادة العلم الش�رعي ،فال يحك�م على الكتاب
كل�ه بالبطلان وال على صاحبه بالبهتان ،فما يفعل ه�ذا إالّ مغرض فتان أو مفرط
متعص�ب ذو ش�نئان ،والدي�ن في المتدي�ن الصادق يرفع�ه عن مثل ه�ذه الدنايا ،
ويحم�د في�ه غيرته وحرص�ه على إظهار الحق وش�رف المزايا ،ولك�ن ليس على
حساب السخرية والتهكم والتشفي من اآلخرين ..وكفى لنا قدوة سلوك الصديق
األكبر في معاملته مع األشباه واألمثال ممن خرج عليه من النساء والرجال.
من هو الصديق
إذن فمن هو الصديق األكبر على عين الحقيقة؟ إنه أول من أس�لم ...فقد روى
األكبر على عين
الحقيقة؟ أنس بن مالك vقال :بعث النبي ى يوم االثنين ،وأسلم علي يوم الثالثاء ،
وهو ابن عشر سنين ،وقيل تسع ،ولم يعبد األوثان قط((( .
علي بن أبي طالب
ولما أمره ى أن يضطجع في فراشه ليلة اتخاذه ى قراره بالهجرة قال له « :إن
في حادثة الهجرة
قريش�ا لن يفقدوني م�ا رأوك» ،فاضطجع في الفراش حت�ى إذا أصبحوا رأوا عليه
علي ًا ،فقالوا :لو خرج محمد لخرج بعلي معه فحبسهم ال ّٰله بذلك((( .اهـ
ولم�ا خرج vقاصد ًا المدينة ،وكان يمش�ي الليل ويكم�ن النهار حتى قدم
المدينة ،فلما بلغها قال ى « :ادعوا لي علي ًا» قيل :يا رسول ال ّٰله ال يقدر أن يمشي
،فأت�اه النبي ى فلما رآه اعتنقه وبكى رحمة لما بقدميه من الورم ،وكانتا تقطران
دم� ًا ،فتفل النبي ى في يديه ومس�ح بهما رجليه ودعا له بالعافية ،فلم يش�تكهما
علي vحتى استشهد .((( v
قال معاوية بن أبي س�فيان لضرار الصدائي :صف لي علي ًا فقال :اعفني ؛ قال :ضرار الصدائي
لتصفنّ�ه ،ق�ال :إذ ال ب�د من وصفه ،كان وال ّٰله بعيد المدى ،ش�ديد القوى ،يقول يصف علي بن أبي
طالب
لا ،ويحك�م ع�دالً ،يتفجر العل�م من جوانب�ه ،وتنطق الحكمة م�ن نواحيه ،
فص ً
يس�توحش من الدني�ا وزهرتها ،ويأنس إل�ى الليل ووحش�ته ،وكان غرير ال َعبرة ،
طويل الفكرة ،يعجبه من اللباس ما قصر ،ومن الطعام ما خشن ،كان فينا كأحدنا
43
،يجيبنا إذا سألناه ،وينبئنا إذا استنبأناه ،ونحن وال ّٰله مع تقريبه إيانا وقربه منا ال نكاد
نكلمه هيبة له ،يع ّظم أهل الدين ،ويقرب المساكين ،وال يطمع القوي في باطله ،
وال ييأس الضعيف من عدله ،وأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه ،وقدأرخى الليل
س�دوله وغارت نجوم�ه قابض ًا على لحيتي�ه يتململ تململ الس�ليم ،ويبكي بكاء
ِ
تشوفت؟ هيهات قد إلي
إلي تعرضت ،أم ّ الحزين ،ويقول :يادنيا ُغ ِّري غيري ّ ...
طلقتُك ثالث ًا ال رجعة فيها ،فعمرك قصير وخطرك قليل ...آه آه من قلة الزادوبعد
السفر ووحشة الطريق(((.
زينة األبرار عند ال ّٰله عل�ي ش الذي قال له رس�ول ال ّٰله ى « :إن ال ّٰل�ه قد زينك بزينة لم ُت َز َّين العبا ُد
أح�ب منه�ا ،ه�ي زين ُة األبرار عن�د ال ّٰله ،الزه�د في الدني�ا ،فجعلك ال ترزأ ٍ
بزين�ة الزاهد في الدنيا
َ
من الدنيا ،وال ترزأ الدنيا منك ش�يئا ،ووهب (بمعنى حبب) لك حب المس�اكين
فجعلك ترضى بهم اتباع ًا ويرضون بك إماما»(((.
وف�ي موقف آخر قال له رس�ول ال ّٰل�ه ى « :يا علي كيف أنت إذا زهد الناس في
وأحبوا المال حب ًا جما ،واتخذوا
ّ لما اآلخرة ورغبوا في الدنيا ،وأكلوا التراث أك ً
ال ّ
ال ومال ال ّٰله دوال» فقال ش ( :أتركهم حتى ألحق بك إن شاء ال ّٰله .. دين ال ّٰله دغ ً
«صدقت ،ال ّٰلهم افعل ذلك به»(((.
َ قال :
علي بن أبي طالب وج�اءه اب�ن ال َّت َّياح فقال :ي�ا أمير المؤمنين امتأل بيت مال المس�لمين من صفراء
يوزع األموال على وبيض�اء فق�ال :ال ّٰل�ه أكبر ،فق�ام متوكئ ًا عل�ى ابن ال َّت َّي�اح حتى قام عل�ى بيت مال
الفقراء والمساكين
المسلمين فقال :هذا جناي وخياره فيه ،وكل جان يده إلى فيه ،يا ابن ال َّت َّياح علي
بأشياخ الكوفة ،قال :فنودي في الناس فأعطى جميع ما في بيت المسلمين ،وهو
يقول ( :يا صفراء يا بيضاء غري غيري ،هاوها ،مرتين ،حتى ما بقي فيه دينار وال
درهم ،ثم أمر بنضحه وصلى فيه ركعتين((( اهـ .
((( حلية األولياء ألبي نعيم األصبهاني ( ، )85/1تاريخ دمشق (. )401/24
((( حلية األولياء (. )71/1
((( األربعين للثقفي ( ، )262/1ذخائر العقبى (. )101/1
((( فضائل الصحابة ألحمد (. )884
44
إن�ه عل�ي بن أب�ي طالب ال�ذي ُذكر ف�ي مجلس النب�ي ى قضا ٌء قض�ى به علي
فاعجب النبي ى فقال « :الحمد ل ّٰله الذي جعل فينا الحكمة أهل البيت»((( اهـ .
أل�م يقل النب�ي ى فيه « :أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موس�ى غير مناقب علي وفضائله
المتميزة أن�ه ال نبي بع�دي((( « ،ال ّٰلهم ِ
وال م�ن وااله ،وعادي من ع�اده»((( « ،علي مني وأنا
م�ن علي»((( « ،أنت أخي في الدني�ا واآلخرة» ((( ،من آذى علي فقد آذاني((( ،ومن
أح�ب علي� ًا فقد أحبني وم�ن أحبني فقد أحب ال ّٰله ،ومن أبغ�ض علي ًا فقد أبغضني
ومن أبغضني فقد أبغض ال ّٰله»((( « ،علي مع القرآن والقرآن مع علي ال يفترقان حتى
علي على المسلمين حق الوالد على الولد»(((. يرد ا الحوض « ،حق ّ
(((
إنه أبو تراب ...ومن الذي س�ماه كذلك؟ إنه رس�ول ال ّٰله ى ...قيل :سماه في
(غزوة العشيرة) عندما غشي النعاس القوم فعمدوا إلى جانب من النخل فناموا في
(((1
أرض متربة ،فأيقظهم رسول ال ّٰله ى وحرك عليا برجله وقال « :قم يا أبا تراب
،أال أخبرك بأشقى الناس أحيمر ثمود عاقر الناقة ،والذي يضربك على هذا يعني
قرنه ف َيخضب هذه منها ،وأخذ بلحيته»(.((1
وف�ي رواي�ة أخرى دخل النب�ي ى على فاطمة عليها السلام فقال له�ا أين ابن أبو تراب أحب
عم�ك؟ فقال�ت ه�و مضطجع في المس�جد ،فجاءه رس�ول ال ّٰل�ه ى ،فوجده قد الكنى لإلمام علي بن
أبي طالب
45
س�قط رداؤه عن ظهره وخلص التراب إلى ظهره ،فجعل يمسح التراب عن ظهره
ويقول« :اجلس أبا تراب» قال الراوي :فو ال ّٰله ما سماه به إالّ النبي ى ،وما كان
اسم أحب إليه منه(((.
له ٌ
قاتل أصحاب األلوية علي بن أبي طالب قاتل أصحاب األلوية الثالثة في غزوة أحد ،وتارك طلحة بن
الثالثة في يوم أحد
عثمان بعد أن قطع علي رجله وانكشفت عورته وقال ( :أنشدك ال ّٰله والرحم يا ابن
عم) فتركه وكبر رسول ال ّٰله ى ..وقيل لعلي :ما منعك أن تجهز عليه؟ فقال :ابن
فاستحييت منه.
ُ عمي ناداني حين انكشفت عورته
قاتل عمرو بن ود في وف�ي غ�زوة الخن�دق اقتحم عمرو ب�ن ود الخن�دق ،وطلب المب�ارزة فخرج له
غزوة الخندق
اإلم�ام علي ب�ن أبي طالب وح�اوره الحديث حتى حمي ونزل عن فرس�ه وضربه
اإلمام علي ضربة فقتله وأجهز عليه.
علي بن أبي طالب وف�ي غ�زوة خيب�ر كان اإلمام عليا أرمد يش�كو عيني�ه ،وكان الل�واء بيد عمر بن
في غزوة خيبر الخط�اب vفلق�وا أهل خيب�ر بادي ذي بدء وانكش�فوا ،فقال ى « :ألعطين
اللواء غد ًا رجال يحب ال ّٰله ورسوله ويحبه ال ّٰله ورسوله» ،فلما كان الغد تطاول لها
أب�و بك�ر وعمر فدعا علي ًا وه�و أرمد فتفل في عينيه وأعطاه الل�واء ونهض معه من
الناس من نهض ،فلقي أهل خيبر وقاتلهم حتى فتح ال ّٰله عليه(((.
علي بن أبي طالب وفي غزوة تبوك خلف رسول ال ّٰله ى علي بن أبي طالب على أهله وأمره باإلقامة
في غزوة تبوك فيه�م ،فأرجف المنافقون بعلي وقالوا ما خلفه إال اس�تثقاالً ل�ه وتخفف ًا منه ،فلما
بلغ�ه ذلك أخذ علي سلاحه ولحق برس�ول ال ّٰله وهو بالج�رف على موضع ثالثة
أميال من المدينة فقال :يا نبي ال ّٰله زعم المنافقون أنك لما خلفتني أنك اس�تثقلتني
وتخففت مني ،فقال « :كذبوا ولكني إنما خلفتك لما ورائي ،فارجع فاخلفني في َ
أهلي وأهلك ،أفال ترضى يا علي أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى ،إال أنه ال
نبي بعدي» فرجع علي إلى المدينة ومضى رسول ال ّٰله ى(((.اهـ .
46
وفي الس�نة التاس�عة للهجرة أمر رس�ول ال ّٰله ى أبا بكر vأن يحج بالناس علي بن أبي طالب
فخ�رج من المدين�ة حتى بلغ (العرج) عقبة بين مك�ة والمدينة على طريق الحاج ،في مشاهد الحج
فبعث من خلفه علي ًا vمؤ ِّذن ًا ببراءة يقرؤها في مش�اهد الحج ويقول ال يقربن
المسجد الحرام مشرك بعد عامه هذا وال يطوفن بالبيت عريان ،ومن كان بينه وبين
رس�ول ال ّٰله عهد فله عهده إلى مدته ،وإن هذه أيام أكل وش�رب -أي :أيام منى –
وأن ال يدخل الجنة إال من كان مسلم ًا.
وبعث النبي ى علي ًا إلى اليمن على إثر خالد بن الوليد يدعو الناس إلى اإلسالم علي بن أبي طالب
إلى اليمن وصلى بهم الفجر وقام فحمد ال ّٰله وأثنى عليه ،ثم قرأ عليهم كتاب رسول ال ّٰله ى
فأس�لمت هم�دان كلها في ي�وم واحد ،وكتب بذلك إلى رس�ول ال ّٰله ى فلما قرأ
كتاب�ه خ�ر س�اجد ًا ،ثم جلس فقال « :السلام على همدان» ،ث�م تتابع أهل اليمن
على اإلسالم.
وفي عام حجة الوداع أدرك رسول ال ّٰله ى في الحج ونحر من هدي رسول ال ّٰله علي بن أبي طالب
ى مابقي حيث نحر النبي ثالثا وستين بدنة بيده وأكمل علي ًا vالمائة ،وبعد عام حجة الوداع
انقض�اء الح�ج توجه المدينة فلم�ا وصل إلى (غدير خم) خط�ب ى وذكر فضل
عل�ي vوق�ال « :من كنت مواله فعلي م�واله ،ال ّٰلهم وال من وااله وعادي من
ع�اداه»((( ،وكان س�بب ذلك أن بعض ًا من أهل اليمن قد اش�تكوا علي ًا وعتبوا عليه
ال في حقهم ، جور ًا وتضيق ًا وبخ ً
م�ن بع�ض ما صدر من أحكامه التي ظنها البعض ْ
(((
والصواب كان مع علي ، vفأعلن رسول ال ّٰله ى مقام علي ومكانته بينهم.
الصديقية الكبرى إن لق�ب الصدي�ق األكب�ر الذي نطقت به لس�ان اإلمام عن نفس�ه جدي�رة بالنظر
خصوصية مفردة والتفك�ر ..فالصديقية مرتب�ة عامة يبلغها الكثير من أهل ال ّٰل�ه ،وأما لقب الصديق
األكب�ر فخصوصي�ة مفردة تعرف وتفهم بمتابعة المقول�ة ذاتها ..فها هو يقول :أنا
عب�د ال ّٰله ،وكفاه فخر ًا بهذه العبودية ،وقد تحقق بمراتبها من العبودية إلى العبدية
47
لو كشف الغطاء ما إلى العبودة ...وهذه المراتب اليقينية هي الس ّلم اإليماني لها على درجات اليقين
الذي عبر عنه vبقوله ( :لو كشف الغطاء ما ازددت يقين ًا). ازددت يقين ًا
ويقول ( :وأخو رسول ال ّٰله) وقد آخى رسول ال ّٰله ى بينه وبين علي vفي
المدين�ة يوم آخى بين المهاجرين واألنصار ،وفي هذه األخوة الكبرى تبرز معاني
المرتبة السامية المشار إليها من ِعدّ ة وجوه :
أن�ه أول م�ن أس�لم وأنه تربى ونش�أ في حجر النب�ي ى وأنه ولد قبيل اإلسلام
النب�ي ى بابنته فاطمة
ُ �م صنم ًا َّ ،
وزو َج�ه بس�نوات لم يس�جد فيها لوث�ن وال َع َّظ َ
الزهراء ليكون وإياها يحمالن ش�رف السلالة الطاه�رة آلل البيت األطهار ،وهو
الخصوصيات أح�د أهل الكس�اء الذين غطاهم رس�ول ال ّٰل�ه ى بعباءته ،وكم في الس�يرة له من
خصوصي�ات كان من آخره�ا ما عرف من الموالة العظمى في غدير خم ورفع يده الكبرى
48
خطب�ة وني�ف وثمانون مقامة ،وهي من حجج ال ّٰله عل�ى األمة .حيث جمعت بين
اللغة القرآنية الفصحى ،والبالغة العربية القعس�اء والمواضيع اإلسالمية العلياء ،
الشماء ،فخذ لك منها أمثلة ونماذج : ونورانية آل البيت ّ
وصفه vلكتاب وصفه vلكتاب ال ّٰله :
ال ّٰله (اعلم�وا أن ه�ذا الق�رآن ه�و الناصح الذي ال ي ُغ�ش ،والهادي ال�ذي ال يضل ،
والمح�دث ال�ذي ال يك�ذب ،وم�ا جالس ه�ذا القرآن أح�د إالّ قام عن�ه بزيادة أو
نقصان ،زيادة في هدى ونقصان في عمى ،واعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن
من فاقة ،وال ألحد قبل القرآن في غنى ،فاستشفوا من أدوائكم واستعينوا به على
والغ�ي والضالل ،ّ ألوائك�م ،ف�إن فيه ش�فاء من أكبر ال�داء ،وهو الكف�ر والنفاق
فاس�ألوا ال ّٰله به وتوجهوا إليه بحبه وال تس�ألوا به خلقه ،إنه ما توجه العباد إلى ال ّٰله
تعالى بمثله ،واعلموا أنه ش�افع ومش�فع ،وقائل مصدق ،وانه من ش�فع له القرآن
يوم القيامة ُصدّ ق عليه).
وفي وصيته v وفي وصيته vلولده :
لولده (ي�ا بن�ي اجعل نفس�ك ميزان� ًا فيما بين�ك وبين غي�رك ،فأحبب لغي�رك ما تحب
لنفس�ك ،واكره ما تكره لها ،وال تظلم كما ال تحب أن تُظلم ،وأحس�ن كما تحب
أن يحسن إليك ،واستقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك ،وارض من الناس ما
ترض�اه لهم من نفس�ك ،وال تقل ما ال تعلم وان ق�ل ما تعلم ،وال تقل ما ال تحب
أن يقال لك ،واعلم أن اإلعجاب ضد الصواب ،وآفة األلباب ،فاسع في كدحك
وال تك خازنا لغيرك ،وإذا أنت ُهديت لقصدك فكن أخشع ما تكون لربك).
ومن درر عباراته ومن درر عباراته :
(من أبطأ عمله لم يس�رع به حس�به ،ما أضمر أحد شيئ ًا إال ظهر في فلتات لسانه
وصفحات قلبه ،أفضل الزهد إخفاء الزهد ،ال قربة بالنوافل إذا أضرت بالفرائض
،لس�ان العاقل وراء قلبه وقلب األحمق وراء لس�انه ،أولى الناس بالعفو أقدرهم
عل�ى العقوبة ،ال غنى كالعقل ،وال فقر كالجهل ،وال ميراث كاألدب ،وال ظهير
كالمش�اورة ،الصب�ر صبران ،صبر على ما تك�ره ،وصبر عما تحب ،العفاف زينة
49
الفق�ر ،والش�كر زينة الغن�ي ،ال يرى الجاه�ل إالّ مفرط ًا أو ِّ
مفرط�ا ،إذا تم العقل
نق�ص الكالم ،من نصب نفس�ه للن�اس إماما فعليه أن يبدأ بتعليم نفس�ه قبل تعليم
غيره ،وليكن تأديبه بس�يرته قبل تأديبه بلسانه ومعلم نفسه ومؤدبها أحق باإلجالل
من معلم الناس ومؤدبهم ،قيمة كل امرئ ما يحسنه ،
ألنسبن اإلسالم نسبة ألنسبن اإلسالم نسبة لم ينسبها أحد قبلي :
لم ينسبها أحد قبلي اإلسلام هو التس�ليم ،والتسليم هو اليقين واليقين هو التصديق ،والتصديق هو
اإلقرار ،واإلقرار هو األداء ،واألداء هو العمل.
(سوس�وا إيمانك�م بالصدقة ،وحصنوا أمولك�م بالزكاة ،وادفع�وا أمواج البالء
بالدع�اء ،الم�رء مخب�وء تحت لس�انه ،هل�ك امرؤ لم يع�رف قدره ،م�ا اختلفت
دعوت�ان إالّ كانت إحدهما ضاللة ،من وضع نفس�ه مواض�ع التهمة فال يلومن من
أس�اء به الظن ،من كتم س�ره كانت الخيرة بيده ،ترك الذنب أهون من طلب التوبة
،عجب المرء بنفس�ه أحد حس�اد عقله ،أش�د الذنوب ما اس�تهان به صاحبه ،من
أصلح سريرته أصلح ال ّٰله عالنيته) اهـ
ب�ل يكاد التميز والخصوصية تبلغ مداها حي�ن اقترن بفاطمة الزهراء البتول بنت اقترانه بفاطمة
الزهراء خصوصية رس�ول ال ّٰل�ه ى ،وكان اختي�ار ًا رباني� ًا ،وفيض� ًا رحماني� ًا اكتمل به ش�مل األمل
عظمى
المق�دور في بروز أهل الكس�اء المطهرين من عند ال ّٰل�ه نضح النبي ى الماء على
وج�ه وص�در اإلمام علي ليل�ة زفافه ودعا بفاطمة bفج�اءت تعثر من الحياء
إلي ،ونضح النبي الماء عليها
أحب أهل بيتي ّفقال لها رسول ال ّٰله ى قد انكحتك ّ
ودع�ا له�ا ثم دعا لهما مع ًا وق�ال « :ال ّٰلهم بارك فيهما ،وب�ارك عليهما ،وبارك في
شملهما»((( قال علي ( : vتزوجت فاطمة بنت محمد ى ومالي ولها فراش
(((
غير جلد كبش ننام عليه بالليل ونعلف عليه ناضحنا بالنهار ،ومالي خادم غيرها)
،قال�ت فاطم�ة : bوال ّٰله قد طحنت حتى مجلت يداي فأتيت النبي ى فقال
ما جاء بك أي بنيه قالت جئت ألس�لم عليك واس�تحييت أن أس�أله ورجعت فقال
50
عل�ي ما فعلت قالت اس�تحييت أن أس�أله فأتينا جميع� ًا فقال علي يا رس�ول ال ّٰله ،
وال ّٰله لقد س�نوت حتى اشتكيت صدري ،وقالت فاطمة :قد طحنت حتى مجلت
ي�داي ،وق�د جاءك ال ّٰله بس�بي وس�عه فاخدمنا ،فقال رس�ول ال ّٰل�ه ى « :وال ّٰله ال
أعطيكم�ا وادع أهل الصفة تط�وى بطونهم ال أجد ما انفق عليه�م ،ولكني أبيعهم
وأنفق عليهم أثمانهم» ،فرجعا فأتاهما النبي ى وقد دخال في قطيفتهما إذا غطت
رؤوسهما تكشف أقدامهما ،وإذا غطيا أقدامهما تكشف رؤوسهما ،فثارا ،فقال:
«مكانكم�ا ث�م ق�ال :أال أخبركم�ا بخير مما س�ألتماني» قاال بلى فق�ال « :كلمات
علمنيهن جبريل ش تس�بحان في دبر كل صالة عش�ر وتحمدان عش�ر وتكبران
عش�را ،وإذا آويتما إلى فراشكما فس�بحا ثالثا وثالثين واحمدا ثالث ًا وثالثين وكبرا
أربع ًا وثالثين»((( وفي رواية « خير لكما من خادم (((» ..اهـ .
لقد تأثر اإلمام علي بهذه التربية وبقيت معه آثارها طيلة حياته ألن ذكر ال ّٰله يمأل
قلب�ه ويغم�ر وجوده ،ولق�د حافظ على وصية رس�ول ال ّٰله ى له وق�ال عن ذلك
vفو ال ّٰله ما تركتهن منذ علمنيهن ،فسأله أحد الصحابة وال ليلة صفين؟ فقال
(((
:وال ليلة صفين).
وأخ�رج الحاف�ظ الثقفي في األربعي�ن :عن علي كرم الله وجهه مرفوع ًا :س�أل
رسول الله ى علي ًا :كيف أنت إذا زهد الناس في اآلخرة ورغبوا في الدنيا وأكلوا
الت�راث أكال لما وأحبوا الم�ال حبا جما ،واتخذوا دين الله دغال ومال الله دوال ،
قال :قلت يا رس�ول الله اتركهم وأترك ما فعلوه ،وإني أختار الله ورس�وله والدار
اآلخ�رة وأصب�ر على مصائ�ب الدنيا وهو أنها حت�ى الحق بك بمش�يئة الله ،فقال
رسول الله ى صدقت يا علي ،اللهم افعل ذلك به .اهـ .
يظ َخ ِش ٍ�ن ُم َر َّص ٍع ب َغ ِل ٍ كرم الله وجهه على َأ ْص َحابِ ِه في َث ْو ٍ اإلمام َع ِل ٌّي َّ
ُ َخ َ
�ر َج
ال ات ََّخ ْذ َت لِ َن ْف ِس َ�ك َثوب ًا أل َي َن
ين ،ه ّ اق :يا َأ ِم َير ُ
الم ْؤ ِمنِ َ بالر َق ِعَ .
فقال له أصحا ُب ُه بِإِ ْش َ�ف ٍ ُّ
((( مسند أحمد ( )838ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى (. )106/1
((( صحيح البخاري (. )3705
((( صحيح البخاري ( )5362ومسلم (. )2727
51
الز ْه َو ،و ُي َس ِ
�اعدُ ني على َّ�و ُب َي ْص ِر ُف عنِّي َّ
كرم الله وجهه :هذا الث ْ م�ن هذا؟! َ
ق�ال َّ
�وع ف�ي َصالتِيَ ،و ُه َو ُق�دْ َو ٌة َصالِ َح ٌة لل َّن ِ
اس كي ال ُي ْس� ِر ُفوا و َي َت َب َّذ ُخواُ .ث َّم قرأ ُ
الخ ُش ِ
قول ِ
الله تعالى( :ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ َ
ﯶ) .
آيات ِم َن
َوش�ح ًا ِر َدا ًء ُي َر ِّد ُد ُف�ؤَ ُاد ُه ٍ
�اس ُ cمت ِّ
ابن َع َّب ٍ
س ُ وعن�دَ الِم ْن َب� ِر َج َل َ
الح ِك ِ
يم. ِّ
الذ ْك ِر َ
قول ِ
الله َت َعالى( :ﯜ ﯝ اس ِف َ
يم ْن َنزَ َل ُ ابن َع َّب ٍ َف َجا َء ُه َر ُج ٌل َسائ ً
ال :يا َ
ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ) .
كان ِع ْندَ ُه
كرم الله وجه�ه َ ، بن أبي طالِ ٍ
�ب َّ �اسَ :نزَ َل ْت في َع ِل ِّ
�ي ِ اب�ن َع َّب ٍ فق�ال ُ َ
واحد ًا وفي العالنِ َي ِة
الس ِّ�ر ِ اه َم َف َأ ْن َفقَ بِال َّلي�لِ ِ
واحدَ ًا وبِال َّنها ِر ِ
واحد ًا ،وفي ِّ َأ ْر َب َع ُ
�ة َد َر ِ
ِ
واحد ًا(((.
والذ َه ُب ِ
والف َّض ُة َع ِل ٌّي َّ
كرم الله وجهه َّ
كرم الله�ام َع ِل ّي ًا َّ
إل َم َي�اح َي ْعدُ و في َع َجلٍ َح َّتى َب َلغَ ا ِ للر ِ �اق ِ
يه ِّ اح َس ِ أط َل�قَ ُ
ابن ال َّت َي ِ
األ ْجوا َء بِ ِس َير ِة ال َّنبِ ِّي .m عطر َ
س ُي ِّ ُ َو ْج َه ُه ا َّل ِذي َج َل َ
ين ا ْمت َ
َأل الم َب ْع َث َر َة في َم َش� َّق ٍة :يا َأ ِم َير ُ
الم ْؤ ِمنِ َ اح َو ُه َو َي ْلت َِق ُط َأ ْن َف َ
اس ُ�ه ُ َ
فقال ابن ال َّت َي ِ
والف َّض ِة.
ب ِ المال ِمن َص ْف َرا َء و َب ْي َضا َءَ :ي ْعنِي بِ َّ
الذ َه ِ ِ َب ْي ُت
اح ئ�ا على ِ
ابن ال َّت َّي ِ كرم الله وجهه ِم ْن َم ْج ِل ِس ِ�ه وان َْط َلقَ ُمت ََو ِّك ً
اإلمام َع ِل ٌّي َّ
ُ �ب
فه َّ
َ
بي�ن ِ
يديه :يا �ب ِ
والف َّض َة َ �و ُي َق ِّل ُب َّ
الذ َه َ يقول َو ُه َ الم�ال َ
وأ َخ َذ ُ ِ ت قام عل�ى َب ْي ِ
َح َّت�ى َ
52
َص ْف َر ُاء يا َب ْي َض ُاء ُغ ِّري َغي ِري.
دينار وال ِد ْر َه ٌمَ ،
وأ َم َر بِ َك ْن ِس ِ�ه ين َح َّتى ما َب ِق َي فيه ٌ الم ْس ِ
�ل ِم َ وأ َخ َذ ُي َق ِّس ُ�مها على ُ َ
53
��مف������ص�� ��خل�� � ف �ة �� � ّٰ
�لا � ال ��� ��ب��ع��درس�و �لا �ل�ل�ه ى مفصل الخالفة بعد
رسول ال ّٰله m
أخ�ذت قضي�ة الخالف�ة بع�د رس�ول ال ّٰل�ه ى مأخ�ذ ًا جدلي ًا واس�ع ًا ف�ي حياتنا
المعاصرة ،أكثر مما كان عليه األمر ساعة القرار في العهد األول َح َشدَ فيه كل فريق
أدلته وثوابت حججه ..وبهذه الحجج واألدلة وصل المس�لمون إلى لجة الصراع
الطائفي الهاتك ،وخاصة عند أصحاب منحى اإلفراط ضد منحى التفريط.
وكان�ت المش�كلة األساس�ية ل�دى الفريقين حس�ب وجه�ة الق�راءة المتأنية في
نصوص فقه التحوالت تكمن في اآلتي :
•النظر حصريا في الفضائل والمناقب وتفس�ير النصوص الخاصة بها كجدارة
االمتالك الش�رعي للقرار دون النظر ف�ي المواقف الذاتية ألولي المناقب وما
قد أشار إليه النبي ى من علم السابقة في القرار.
•انع�دام النظ�ر ف�ي نص�وص التح�والت والمواق�ف الت�ي حصن�ت الخلفاء
الراشدين كذوات ومرحلتهم الشرعية كخالفة .
•استش�راء مس�حة التعصب والوالء المفرط الحق ًا من دعاة المنهج السياس�ي
المع�ارض لمجريات البيعة ،لتتحول إلى قضي�ة عقائدية معقدة وكتل فكرية
ومذهبية متباينة.
•خل�ط األوراق السياس�ية من أجل امتالك الق�رار ،بين منابر السياس�ة المعبر
عنه�ا في نصوص الحديث (بالفت�ن والفتنة) بد ًءا من فتنة مقتل الخليفة الثاني
تحول الفتن منذ
عم�ر ب�ن الخطاب (غلق الفتنة) حتى مقتل الحس�ين ش�هيد الطف رضي الله
مقتل عمر v
عن�ه وما ترتب على مقتله من المواقف السياس�ية المرتبطة بالحوادث ذاتها ، إلى مقتل اإلمام
وتحول هذه الفتن إلى برنامج عمل سياسي بين فريقين : الحسين إلى برنامج
ً
معادال عمل سياسي
1.1فريق الملك العضوض ومنابره
ومنازع ًا للنمط
2.2فريق الثورة الكربلية المعارضة للملك العضوض ومنابرها. األوسط
•طغي�ان التي�ارات السياس�ية بي�ن الفريقي�ن عل�ى تي�ار (النم�ط
54
األوس�ط)((( ،وهو الخط األول المعروف بتيار السلامة ،وكان هذا الطغيان
السياس�ي على هذا النمط األوسط بس�بب غلبة الضجيج اإلعالمي السياسي
وتبعاته ودعاته حتى اليوم.
وي�كاد موضوع الخالفة كمفصل تاريخي وش�رعي ه�و محك بحثنا هنا في هذه الخالفة الراشدة
الرسالة ،برغم صعوبة األمر وتعقيداته لدى الفريقين اإلسالميين ..فريق الناقضين بين المثبطين لها
بالجدارة والناقضين
لمسألة الخالفة الراشدة ،وفريق المثبتين لها باالستحقاق والجدارة .
البحث في فقه ويحق لي أن أش�ير هنا إلى مس�ألة القول الوس�ط بين القولين ،باعتبار دراس�تي
المس�تفيضة لفق�ه التح�والت مع دراس�تي الطويل�ة لفقه الس�نن القولي�ة والفعلية التحوالت ليس ضد
أحد بعينه
والتقريري�ة الت�ي قامت عليه�ا مواقف علماء أه�ل األصول والفروع ف�ي الفريقين
،والفريق�ان في دراس�تهما وإص�دار أحكامهما على األوض�اع المتمرحلة لم يقفا
المعني بالسياسة ووظائفها السلبية واإليجابية بل عالجا المسألة
ّ على الركن الرابع
خ�ارج ميدانها الش�رعي ،ولس�ت بصدد إقناع أح�د بعينه ،وال فري�ق بمجموعه ،
ولكني بصدد بس�ط بحث ش�رعي يرتبط بذات األصول التي يعتمد عليها الفريقان
،وه�ي الكت�اب والس�نة ّ ،إال أن تأصيل الكتاب والس�نة لديهم ل�م يتخذ المعادل المعادل الثالث النبوة
لا ، ،بل اصطبغ األم�ر بالطباع والفهوم ،وموقعه من حماية الثال�ث المش�ار إليه في اآلية حكم ًا فص ً
الكتاب والسنة
والمع�ادل الثالث المش�ار إليه في اآلية قول�ه تعالى ( :ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ
ﯝ ﯞ ﯟ) [األنعام .]89 :
فالمعادل الثالث (النبوة) وتفس�ر باألخالق والمواق�ف النبوية باعتبارها الوعاء
الحامل للنصين الش�رعيين الكتاب والس�نة ،وقد أهمل المعادل الثالث من حيث
النص اللفظي ،وإنما عالقته بالمعاملة ..وباجتماع
التطبيق ألنه ال عالقة له بمسألة ّ
الشروط الثالثة تتم المعادلة الشرعية للتطبيق (الكتاب والحكم والنبوة) وبانفصام
أحد الش�روط تتحول المس�ألة إلى مخرجات أخرى تنزع بالجميع إلى أحد طرفي
((( تيار الوس�طية الش�رعية واالعتدال الواعي في المسيرة اإلسلامية كلها بد ًءا بموقف
اإلم�ام علي والزه�راء رضي الله عنهما م�ن قبول الخالفة وع�دم الخروج الصريح
عليها إلى عهد اإلمام الحسن وتنازله عن الخالفة بالكلية.
55
اإلفراط والتفريط(((.
ول�دى قراءتنا لنص�وص التاريخ المكت�وب بد ًءا من منصوص�ات كتاب الفتوح نصوص التاريخ
الب�ن أبي األعث�م الكوف�ي ،وتاريخ الطبري ،وم�رور ًا بتجارب األم�م ألبي علي المكتوب
ب�ن أحم�د بن محمد المع�روف (بمس�كويه) وبتاريخ ابن كثير وم�ا بعد ذلك نجد
النصوص تنقسم إلى ثالثة أقسام :
1.1ن�ص يتعل�ق بمجري�ات الح�وادث والتح�والت م�ن وجه�ة نظ�ر الفريقي�ن
المتصارعين.
2.2ون�ص يربط الفريقين بالثوابت الش�رعية والتزام الع�ود إلى تحكيم كتاب ال ّٰله
وسنة نبيه ى ،وعلى ألسنة الخلفاء العدول.
ون�ص ثالث يجم�ع بين االعت�داد بالنصوص الش�رعية لمج�رد االحتجاج ، ّ 3.3
ويوظفها لسياسة الوقائع وصناعة الحوادث واستثمارها.
ونج�د الم�ادة التاريخي�ة المس�جلة في ه�ذه المؤلف�ات تجمع النم�اذج الثالثة ضوابط الربط بين
الديانة والتاريخ وتعرضه�ا بأس�لوب وآخر ،وقد يصطب�غ العرض بوالء الكات�ب وانتمائه ،ولكن
هذا ال يغير من الحق شيئ ًا ..فالمحور الهام في دراستنا الموضوعية هي األطراف
الثالث�ة مجتمع�ة بادئ ذي ب�دء ..ث�م ترجيح النم�وذج الثالث الخ�اص بالخلفاء
الع�دول ..وه�و ما يخصنا في علم فقه التحوالت تحت ش�عار الرب�ط بين الديانة
والتاري�خ ،والتأكيد المس�تمر على أهمية ه�ذا النموذج من العلم المش�روع لدى
تحليلنا لحوادث التاريخ ومخرجاته ألسباب منها :
•أن نص�وص فق�ه التح�والت نصوص اس�تباقية تتن�اول الحدث قب�ل وقوعه
وتصنفه في موقعه من السالمة وعدمها.
•أنها تحدد هوية األشخاص المتكلم حولهم سلب ًا وإيجاب ًا ،فمن كان من أهل
((( ب�ل قد كان موقف اإلمام علي vمن كرس�ي الخالفة موقف� ًا صريح ًا ال يحتمل التأويل
فه�ذا اب�ن عباس vيقول ( :دخلت عل�ى أمير المؤمنين علي كرم الل�ه وجهه بذي قار
وهو يخصف نعله فقال لي :ما قيمة هذا النعل ؟ فقلت :ال قيمة لها .فقال ( : vوالله
لهي أحب إلي من إمرتكم إال أن اقيم حق ًا أو أدفع باط ً
ال . )..اهـ .
56
الحصان�ة ظل من أهله�ا ال يقدح فيه طعن طاعن ،وال تش�وبه ضغائن ،ومن
كان م�ن أهل الفتنة المنصوص عليها ف�ي أحاديث فقه التحوالت عرف حاله
وموقفه ..واستشفت هويته وهدفه من خالل ذلك.
•أن فقه التحوالت يعتمد على نصوص النبوة في مس�ألة الس�ابقة األزلية فيمن
سيحكم ومن يتولى أمر المسلمين ،ويصوغ الموقف الشرعي أمامه ،ويعضد
ذلك موقف األئمة أنفسهم من التولي وعدمه.
مواقف اإلمام فالصديق األكبر خالل مرحلة الخالفة الراشدة كان يحمل في نهجه
علي خالل مراحل ووعيه وعلمه ومعاملته ثالثة مواقف :
الخالفة
الن�ص الش�رعي والمواق�ف التي عرفها ف�ي عصر صدر الرس�الة معّ •موق�ف
رسول ال ّٰله ى.
•موق�ف الصحابة القائم على االجتهاد وتبادل الرأي وفق المصلحة الش�رعية
والظروف الملحة.
•موقف العناصر المخالفة والمتربصة والمرجفة.
وه�ا نحن نع�ود إلى إحدى كلم�ات الصديق األكب�ر لنفهم المعنى المش�ار إليه
بالنهج الواعي والعلم والمعاملة لدى التحوالت السياسية(((.
وبعيد مقتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب vاجتمع أولو الرأي والمشورة رأي اإلمام علي
م�ن أصح�اب رس�ول ال ّٰل�ه ى للنظ�ر في أم�ر االس�تخالف ،وكانوا خمس�ة من vفيمن يتولى
الخالفة
أصحاب الش�ورى ،وللمؤرخين في هذا الموضوع بس�ط وطول تناول لمجريات
((( فه�ذا أب�و بكر الصدي�ق vعند توليه الخالفة يقول ( :أيها الن�اس اذكروا الله أيما رجل
ن�دم عل�ى بيعتي إال قام على رجليه ،فقام علي بن أبي طالب vومعه الس�يف فدنا منه
حت�ى وض�ع رجليه على عتب�ة المنبر واألخرى عل�ى الحصى وقال ( :والل�ه ال نقيلك وال
نس�تقيلك فمن ذا يؤخرك ؟ قدمك رس�ول الله ى ) ،وفي رواية أخرى :قال علي v
( :ال نقيل�ك وال نس�تقيلك قدمك رس�ول الل�ه ى لدينن�ا ..أال نرضاك لدنيان�ا) اهـ .قال
الباقالني :يعني بذلك حين قدمه رس�ول الله ى في الصالة واس�تنابه في الحج اهـ ( .رفع
الضيق ص)132
57
الم�داوالت واألقاوي�ل تدخ�ل فيما عرفناه س�لف ًا عن الم�ادة التاريخي�ة المكتوبة
نص القول ال�ذي عرض فيه اإلمام عل�ي vرأيه في ،وم�ن ه�ذه الم�داوالت ّ
الخالف�ة وم�ن يتوالها ..وه�ذا نموذج مميز م�ن نم�اذج اإلدراك الواعي لمرحلة
الرسالة وحصانتها ،ومرحلة االجتهاد ومالبساته فها هو يقول :
موقع أهل البيت من (إنكم تعلمون أننا أهل بيت النبوة وسبب نجاة األمة من المشقة والبالء ،لنا حق
إن نُعط�ه نأخ�ذه ،وإن نمنع�ه نركب أعج�از اإلبل ولو طال الس�رى ،ونذهب إلى الخالفة
حيثم�ا نراه صالح� ًا ،وال نخاف من طول غيابنا حتى نبلغ أجلنا وبال ّٰله لو عهد إلينا
رس�ول ال ّٰلهى عه�د ًا ألنفذنا عهده ،ولو قال لنا ق�والً لجالدنا عليه حتى نموت ،
ومع ذلك فأنا واحد منكم وقد س�بقت الجميع إلى اإلسالم وإنّي أوصلكم للرحم
فاس�معوا كالم�ي وعوا منطقي ،واعلموا أني موافق لم�ا تفعلون وتابع لكم ،لكن
ليك�ن عملك�م مبني ًا على أصل ،وال تتبعوا الهوى وافعلوا ما فيه رضاء ال ّٰله ورضاء
رسوله)(((.
النص الذي ُيحدّ د موقف اإلمام علي vنقرأ إش�هاره للحق الذي مدلول سنة المواقف وف�ي هذا ّ
والناس فيه بين ُمعط له أو مانع ذلك الحق لسبب وآخر ،والنص
ُ كالم اإلمام علي ى يعلمه آلل البيت ،
أدب معاملة ش�رعية ال غبار عليها ،وف�ي فقه التحوالت يقرأ النص األبوي لإلمام
علي من واقع مدلول س�نة المواقف ،وكل عبارة من عباراته تحمل موقف ًا ش�رعي ًا
في أدب الذات أمام الحق الذي يطالب به ،وأدب ًا ش�رعي ًا مع الرموز الحاملة صفة
مس�ؤولية القرار وموقفهم المتخذ في ش�أنه أو ش�أن غيره ..وكفى بهذه المواقف
مدرس�ة للمواف�ق والمع�ارض والمحب والمبغ�ض ،ولكن�ه vأول من بايع
عثم�ان بعد عب�د الرحمن بن عوف nأجمعين ،كما ج�اء في رواية صاحب
التمهيد والبيان ص ( :)26إنها مواقف معلم وملهم.
ومواقف المعلم والملهم ال ترتبط بالطباع والرغبات ،وإنما ترقى إلى مس�توى مواقف العدول ال
العدو األصلي ،فكيف بالمواقف مع
ّ ترتبط بالرغبات االقتداء بالمتبوع األعظم ى في مواقفه مع
والطباع
58
بعض نصوص شريك الديانة وقسيم بناء المرحلة.
كتابة التاريخ أفادت
إن كثي�ر ًا م�ن نص�وص كتاب�ة التاري�خ بص�رف النظر ع�ن مس�ميات أصحابها ،
المستشرقين ومرض
علة النفاق في ق�د أف�ادت انحرافات االستش�راق ومرض�ى علة النف�اق ،وبنيت عليها دراس�ات
مس�تفيضة من واقع احت�دام طباع البش�رية وتجانس مواقف المتع�دي والمعتدي دراستهم التحريشية
والمتربص والمتجس�س والمتحسس ،بل واتهمت بعض هذه الروايات الصحابة
بالمحاباة في أمر المسلمين ،وتأثير العالقات النسبية والصالت العرقية ،وجعلوا
مواقف الخالفة قائمة على صراع بين حزب أموي وحزب هاشمي ،وصارت بهذه
الروايات قراءة تاريخ الصحابة المبشرين بالجنة وأمانة نقل قرار اإلسالم من جيل
إل�ى آخر مبني�ة على الوقيعة والحيل�ة والخداع ،مما ينفي مبدأ الحصانة الش�رعية
الت�ي نال�وا جدارتها في عصر النبوة ،وينفي أيض ًا سلامة الصحبة والمرافقة النقية
المدعمة بالبش�ارات االس�تباقية التي قالها رس�ول ال ّٰله ى عن جملة من أصحابه
األبرار.
خطورة الخلط إن مس�ألة الخلط المتعمد لدى المغرضين بين س�ورة الطباع البشرية ،وبين حق
المتعمد لدى بعض االجتهاد المش�روع في س�لوك الس�ابقين إلى اإلسلام مس�ألة خطيرة في اإلسالم
الباحثين بين سورة
الطباع وبين حق كل�ه ،ب�ل وتعدّ من وجهة نظر فق�ه التحوالت نقض صريح لنص�وص من ال ينطق
االجتهاد المشروع عن الهوى ى في شأن الثقة بآله األطهار وصحابته األخيار ،وقد أشرنا سلف ًا إلى
ضرورة التمييز بين فقه الحصانات الخاص بمناقب الصحابة ،وبين فقه المواقف
والمتغيرات المنصوصة فيما يعرف بالعلم بعالمات الساعة ،وبهذا ال بغيره يعرف
الباحث الفرق بين موقف األئمة والصحابة س�اعة وقوع األحداث ،وبين التعليل
مروجي الفتنة ومفسدي العالقة الشرعية بين أئمة
وتفصيل األقالم وزفير وش�هيق ّ
الديانة وحملة أمانة اإلسالم.
وجوب توقف الهجمة
ب�ل ويجب أن تقف الهجمة المسيس�ة داخل حظيرة األمة اإلسلامية بين الكتل
المسيسة بين الكتل
المتصارعة ضمن المتصارعة ضمن المس�ميات واألس�ماء المتوارثة ،ما بين س�نة مصنعة ،وش�يعة
مقنع�ة ،وحزبية إسلامية معتدل�ة أو متطرفة ،قائم�ة اليوم أو متوقع�ة ،فهذه كلها االنتماء والمسميات
غل�و االفراط وجفاء
حس�ب نظرة الق�ارئ لفقه التحوالت تراكم�ات جمعت بين ّ
59
التفري�ط ب�ل وخرجت من ذل�ك القيد اللغ�وي واالصطالح�ي إلى دم�ار العقائد
صح في كثير منها قول الحق سبحانه وتعالى ( :ﯠ
والعالقات والمبادئ والقيم ّ ،
ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ) [النجم .]23 :
إن عودة االحتكام المش�روع إلى النصوص النبوية واألبوية في ش�أن التحوالت ضرورة العود إلى
االحتكام المشروع والمتغي�رات المتمرحل�ة تعتب�ر العلاج األنج�ح لس�يل التراكم�ات التاريخي�ة
للنصوص النبوية
المتناقضة ،بل ومس�اعدة على إنشاء جيل إسالمي مجتمع النظر والفكرة من واقع
المرحلة اإلسالمية األولى ..مرحلة الرسالة والوحي والعصمة والمعجزات.
وبه�ذه المرحلة ومخرجاتها المنصوصة كتابا وس�نة تضب�ط المراحل الالحقة ،
وتضب�ط العالقة باألوعية السياس�ية والدينية ،كما تضبط أيض� ًا أقاويل وتعليالت
المؤرخين وال ُكتَّاب وحملة األقالم قديم ًا وحديث ًا.
لقد انضبط أمر الش�ريعة في ش�ؤونها والعقيدة في صفائها ومراتب الس�لوك في
تطبيقات�ه بعل�م األصول وخدمت�ه الجليلة وعرض ذلك كله على كتاب ال ّٰله وس�نة
رسوله ى.
وأما حوادث التاريخ السياس�ي ،ومواقف الرجال في مفاصل التحول وسلامة انضباط علوم العقيدة
والشريعة والسلوك
ق�راري الحكم في أهله والعلم في رجاله وأوعيته فانضباطه منوط بالربط بين هذه يقتضي إكمال مهمة
األمور ونصوص فقه الدعوة إلى ال ّٰله وأصول علم المتغيرات وفقه التحوالت وما االنضابط في وصف
طابقه من معاني كتاب ال ّٰله تعالى وأحاديث العلم بعالمات الساعة ال غير ذلك. حوادث التاريخ
ومتناقضاته
لقد انضبط بنصوص فقه التحوالت ش�أن العالق�ة بين اإلمام علي وأم المؤمنين
عائش�ة cبقول النبي « : mس�يكون بينك وبين عائش�ة أمر» أو «إذا إذا كان
ذلك فارددها إلى مأمنها»(((.
وبي�ن اإلم�ام علي والزبير cس�اعة اللقاء في معركة الجم�ل وقول اإلمام
علي له (ألم يقل لك رسول الله « : mلتقاتلنه وأنت ظالم له»((( فكان هذا النص
سببا في انسحابه من المعركة ..
60
إذن فالنص فيما سبق من المواقف السياسية يحتاج إلى عمق تأمل وتدبر ،حيث
ال حك�م على الع�دول بمجريات الحوادث وإنما الحك�م بالنصوص والنصوص
ه�ي الح�د الفاصل بين تصور العق�ل وغيرة الطبع وبين حقيق�ة الموقف للمتناول
ش�أنه وحال�ه وإقامة الحج�ة له أو علي�ه ،وخصوصا فيمن عاصر رس�ول الله m
وجرى تعديل مواقفه بنبي األمة . m
61
�ت ق
ف�� � ��ع��م� �أ ��ا ا ��خل��� ا ف��ة ا ��ل ا �ش� ة � �
��م�و �ع ا � �لإ ما� �� �� vي��د ر ك� � ن� ل �� ر ��د �
ل
� �
ع �
��
ي مي
موقع اإلمام علي
vفي تعميد
تعتبر الخالفة الراش�دة في تاريخ اإلسلام السياسي مظهر القواعد الشرعية التي أركان الخالفة
الراشدة
أقيمت على أس�س مرحلة الرس�الة األولى ،حيث إن مرحلة الرسالة قائمة بالنبوة
والوح�ي والعصم�ة واألخالق والمعج�زات والجهاد في س�بيل ال ّٰله ،وال خالف
على ذلك.
شروط انتقال األمانة والنتقال األمانة الشرعية على وجهها الصحيح ال بد من سالمة الوعاء التاريخي
الشرعية سالمة النتقال هذه األمانة بش�روطها المناس�بة لجيل مرحلة الخالفة الراشدة ،والمعلوم
الوعاء التاريخي
أن مرحل�ة الخالف�ة الراش�دة تقرأ في نصوص فق�ه المتغيرات مرحل�ة واحدة كما
للنقل
قرأه�ا النص النبوي مبتدئة بمرحل�ة الخليفة األول أبي بكر الصديق vونهاية
بمرحلة الخليفة الخامس الحسن بن علي nأجمعين وال تصح قراءة مرحلة
الخالف�ة مج�زأة أو مرتبط�ة بالخليف�ة وح�ده وخاصة في مس�ألة سلامة المرحلة
وسالمة القرار.
وقد وقع العديد من المؤرخين والكتاب وبعض العلماء أيض ًا في علة الفصل بين تحديد الخلفاء
األربعة تعليل قاصر مراح�ل الخالفة ،ومواقف الخلفاء نتيجة غياب العل�م بفقه المتغيرات ونصوص
عن قراءة المراحل
المنصوص عليها فقه التحوالت.
فمنه�م أو أغلبه�م إن لم يكن كلهم ق�د جعلوا الخلفاء أربع�ة ،وتجاوزو اإلمام بالخالفة
الحس�ن بن علي لتنازله ..فخالفوا النص من جهه ،وأكس�بوا عدالة الخالفة لمن
نسبهم النص إلى مرحلة الملك العضوض.
وجرحوا مرحلة الخالفة ك ّلها بد ًءا من اجتماع
وجاء آخرون من غالة المسلمين ّ
الس�قيفة ،وما تاله حتى اختلط األمر عليهم في ش�أن خالفة اإلمام علي والحس�ن
nأجمعين.
وال زالت مش�كلة التجريح والخلط قائمة إلى اليوم على ألسنة ومذاهب وأقالم
ووس�ائل هذه المدارس الغالية بأنواعها ،وأس�اس المش�كلة نابع من س�وء قراءة
النصوص وعلة التطبيقات بين الحوادث ونصوصها.
62
ففري�ق ربط مصير المراح�ل ورموزها بالحوادث ذاتها ،وص�ار الفقه التاريخي العلل التي شابت
للح�وادث والوقائ�ع والروايات مادة ال�والء والبراء واالحت�كام ،وفريق آخر زاد الفقه التاريخي لقراءة
المراحل
عل�ى ذلك األمر النظر في نصوص المناقب والفضائل ورجح بها ميزان المفاضلة
الغلو واإلفراط
والجدارة واألحقية في الخالفة ووراثة القرار ،بل وزاد البعض من ّ
انتحال المناقب والفضائل حتى خرج بعضها عن دائرة الشرع الشريف كله.
وفريق آخر حكم العقل والفهم واس�تقراء الما ّدة التاريخية المكنونة لدى الفرق
ك ّلها ليضع فهمه الذاتي حكم ًا في ترجيح السالمة أو اإلدانة بالخطأ والجنوح.
وهذا هو اإلشكال المركب بين أمة القرآن والسنة إلى اليوم ،وال مخرج من هذه ضرورة إحياء سنن
الع ّل�ة الناخرة إالّ بإحياء س�نن النبوة ذاتها وتربية جيل الوس�طية الش�رعية المؤمن النبوة إلعادة قراءة
التاريخ الشرع
بدراس�ة الدي�ن مجتمع ًا في أركانه األربعة ثوابت ومتغي�رات ،ومن ّ
ثم تقرأ مناقب
وفضائل األئمة والصحابة في مجالها المشروع ،كما تقرأ التحوالت والمتغيرات
وم�ا ينش�أ م�ن مواق�ف واجته�ادات حياله�ا ف�ي مس�اقها المنص�وص ،ومجالها
المخصوص ،وهذا الفصل الذي نحن بصدده أحد هذه األمثلة المراد ربطها بفقه
التحوالت ومدلوالته.
قبول اإلمام علي فموق�ف اإلم�ام علي vف�ي بداي�ة المرحلة الراش�دة وموافقته عل�ى البيعة
للبيعة في مرحلة ومش�اركته الفعلي�ة في تثبيت دول�ة الخالفة تعميد ش�رعي للمرحلة وأس�اس في
الخالفة داللة على
توثي�ق سلامتها ،بصرف النظر عما يقال أو يروى من التأخ�ر والتباطؤ في البيعة ،
سالمة المراحل
السابقة فالعبرة بالنتائج ال بمقدماتها سواء في رواية القائلين ببيعته في اليوم األول والثاني
،أو القائلي�ن بتأخر البيعة س�تة أش�هر حتى وفاة الس�يدة فاطم�ة الزهراء bأو
القائلي�ن بهما مع ًا ،أي :بيعت�ه األولى في حينها وبيعته الثانية تجديد العهد وتأكيد ًا
عليه.
كم�ا أن قبوله البيع�ة في أخري�ات مراحلها ومباش�رته الفعلية لقيادة المس�لمين
قرار ًا واس�تقرار ًا تأكيد آخر مهم على صحة المرحلة واستقامة شروط السالمة في
رجالها وقرارها ،بصرف النظر عن الظروف والحوادث والحيثيات المس ّببة لذلك
،أو الظروف والحوادث المترتبة بعد ذلك
63
وهذا مفصل هام في قراءة المرحلة الراشدة اعتماد ًا على المواقف والدالالت ،
أما قراءة النصوص فاألحاديث الش�ريفة أكبر شاهد على سالمة المرحلة بعمومها
على مدى تأريخها بالهمز وتاريخها بغيره.
فائدة التاريخ بالهمز والمقص�ود بالهمز ..أي بالرقم الزمني لفترة الخالفة إذا رمزنا بالهمزة الس�اكنة
والتاريخ بغيره على ألف (تأريخ) والفترة الزمنية مثبتة في الحديث بقوله ى « :الخالفة في أمتي
ثالثون سنة ثم ملك بعد ذلك»(((.
الخالفة ثالثون عام ًا فالثالثون سنة رقم زمني أرخ لتاريخ شرعي محصن ال طعن فيه ،ومن طعن فيه
طعن في سالمة النبوة ،قال ابن كثير ( :كانت خالفة أبي بكر vسنتين وأربعة
أشهرإالّ عشر ليال ،وكانت خالفة عمر vعشر سنين وستة أشهر وأربعة أيام
،وخالف�ة عثمان vاثنتا عش�ر س�نة إالّ اثنى عش�ر يوم ًا ،وكان�ت خالفة على
بن أبي طالب vخمس س�نين إالّ ش�هرين ،ثم ق�ال :وتكمل الثالثين بخالفة
الحسن بن علي vنحو ًا من ستة أشهر.
ه�ذا م�ن حي�ث التأريخ الرقم�ي المنص�وص ،أما من حي�ث التاريخ الس�لوكي
فيدل عليه قول حذيفة بن اليمان vقال : العملي للمرحلة وعدالتها الش�رعية ّ
قال رسول ال ّٰله ى « :أول دينكم نبوة ورحمة ،ثم يكون خالفة ورحمة ،ثم ملك
(((
ورحمة ،ثم يكون ملك ًا وجبرية».
دالالت متعددة تؤكد ويستفاد أيض ًا لتثبيت مرحلة الخالفة الراشدة وسالمة قرارها مواقف اإلمام علي
صحة مرحلة الخالفة vمع الخلفاء ومس�اندتهم وحضور الصلوات في الجماعة معهم ومش�اركته
الراشدة
المشورة في أمور المسلمين وحل معضالت الحكم والعلم المستعصية على كثير
منهم ،وكلها دالالت ومواقف تؤكد سلامة البواط�ن وصدق المعاملة المتجردة
عن النفوس وسخائم الطباع ..وقد أفاضت كتب التراجم والسير والمناقب حول
هذه المواقف ودالالتها بما ال مزيد عليه وال حاجة هنا لتكراره.
64
إن البح�ث ال�دؤوب ع�ن المتناقض�ات والمغام�ز وعي�وب الرج�ال وهنّ�ات
المواق�ف أوجد في تاريخ األمة ش�رخ ًا عميق ًا ال تعالج�ه االنتماءات للجماعات ،
وال الوالءات للمذاهب ،وهذه المؤلفات والرس�ائل وحملة الوس�ائل بين أيدينا
ش�اهدة عل�ى انعدام نقط�ة االلتقاء بين م�دارس االف�راط والتفريط ب�ل ونراها قد
أغربت بالقافلة عن حدّ التوسط واالعتدال سواء في التعايش الشرعي في المرحلة
المعاص�رة ،أو ف�ي األحكام على مجري�ات التاريخ المتناقض بي�ن المجموعات
المتناحرة والمتنافرة .
ومع هذا أو ذاك فهي ال تحمل برنامج حل لألمة وأزماتها االقتصادية واالجتماعية
..وإنم�ا حصرت الحلول في االلتزام بما فهمه كل أهل مذهب في مس�ائل الوالء
والب�راء ..حتى س�قطوا جميعا خالل المرحل�ة الغثائية في تس�ييس أعدائهم لهذا
الصراع وتوظيفه لمصلحة القوى العالمية في المنطقة ..
استحالة رفع راية وأنّ�ى ألمة تعيش الصراع العق�دي والطائفي والطبقي في واقعها المعاش حكم ًا
العدل والسالم في
وعلم ًا أن تحمل راية العدل والسلامة لدى كتابتها ،أو معالجتها لقضايا االفراط
أمة تعيش الصراع
العقدي والطائفي أو التفريط في تاريخ المتقدمين والماضين ؟!
((( والمقصود بالمعاني األساس�ية سالمة خالفة العلم وإن كانت خالفة الحكم معلولة
65
ألننا عند التناول لمفهوم الهداية والرش�د في (الحكم والعلم) نربط بين الخلفاء
الخمس�ة والخليفة الس�ادس عمر بن عبد العزيز ال ارتباط ًا بالذات وال بالمرحلة ،
وإنما ارتباط ًا بالمواقف والدالالت مع البشارات االستباقية لسالمة الذات.
موقع اإلمام الحسن وعن�د تناولن�ا للخالف�ة الراش�دة في العل�م مجرد ًا ع�ن الحكم ،فإنن�ا نربط بين
من الربط بين الخليف�ة الخام�س الحس�ن ب�ن عل�ي vوموقف�ه التاريخ�ي في رب�ط الهداية
الخالفة الراشدة
ومواقف الخلفاء والرش�د بالمواقف والدالالت بعيد ًا عن الحكم والسلطان المعلول ،وما تسلسل
العدول عبر التاريخ من�ذ ذلك الحين من تعيين الخالفة الراش�دة في الوراث والع�دول الذين وصفهم
الحدي�ث« :ي�رث ه�ذا العلم م�ن كل خل�ف عدوله ،ينف�ون عنه تحري�ف الغالين
وانتحال المبطلين ،وتأويل الجاهلين»(((.
واإلرث المش�ار إلي�ه بالعلم يقطع طريق العدالة الكلية ف�ي الميراث النبوي عن
كافة المرتبطين بسياسة الحكم العضوض أو ما يطابقه ويوافقه في االسم والمسمى
والمواق�ف وال�دالالت على م�دى تاريخ األمة اإلسلامية إلى يوم الدي�ن ،وهنا
تكمن أهمية دراسة فقه التحوالت على ضوء نصوص العلم بعالمات الساعة.
ألن العل�ة وق�د طرأت في قرار الحك�م وصارت عند الخليف�ة الخامس معضلة العلة التي طرأت في
قرار الحكم ألزمت
خطيرة يش�هد بها في واقعه المعاش أس�بابها ومس�بباتها ويس�تطلع بثاقب فراس�ته
اإلمام الحسن الفصل
ثمراتها ونتائجها ،فليس لها من عالج إال ُس�نَّ ُة المواقف ،وهي الس�نة األساس�ية
بين خالفة الحكم
وخالفة النبوة ف�ي فق�ه التحوالت المقتبس�ة من ق�ول النبيى « :عليكم بس�نتي وس�نة الخلفاء
الراشدين المهديين.(((»..
واإلمام الحس�ن بن علي من الخلفاء الراش�دين المهديي�ن حكم ًا وعلم ًا ،وكان
نصا باالهتداء بها فصل قرار الحكم عن قرار العلم ،أو بمعنىمن س�نته التي ُأمرنا َّ
أدق فص�ل أوعية قرار الحكم ومتعلقاته عن أوعية العلم الموروث نص ًا ومتعلقاته
بالعضوضي�ة أو غيره�ا ،فخلفاء العلم الوارثين ال عالقة لهم بعضوضية الحكم وإن
عاشوا في مرحلته.
((( تقدم .
((( مسند أحمد (. )17144
66
،فاجتمعت سنّة النبي المقررة عن تحول المرحلة من الخالفة الراشدة إلى الملك
العض�وض م�ع س�نة اإلمام الحس�ن المقررة فص�ل ق�رار وراثة العلم عن سياس�ة
الحك�م ،وفيه�ا قال اإلمام الحس�ن في وصيته ألخيه الحس�ين nأجمعين :
(إن�ي وال ّٰل�ه ما أرى أن يجم�ع ال ّٰله فينا آل البيت النبوة والخالف�ة) ،وللوصية بداية
ونهاية تراجع في موقعها – راجع التليد والطارف ص ( ، )229أو تاريخ الخميس
ص ( ، )293وبه�ا يجتمع المعنى من الحديث الش�ريف « :عليكم بس�نتي وس�نة
الخلف�اء الراش�دين المهديين من بعدي عضوا عليه�ا بالنواجذ فإن من يعش منكم
فس�يرى اختالف ًا كثير ًا»((( ،قال الش�اطبي عند ش�رحه لقول النبي ى « :ما أنا عليه
وأصحاب�ي» فإنه راجع إلى ما قالوه وس�نّوه ،وما اجتهدوا فيه حجة على اإلطالق
،وبش�هادة رس�ول ال ّٰله ى لهم بذلك خصوص ًا إلى أن قال :فإذ ًا كل ما سنّوه فهو
سنّة من غير نظير فيه بخالف غيرهم ،وقال في الموافقات :سنة الصحابة n
يعمل عليها ويرجع إليها.
والنص�وص في فقه التحوالت هي أصل االحتكام ومصدر الحجة في السلامة
من الفتنة ،أو االرتكاس فيها.
وقد ضلت مواقف اإلمام علي vعلى مدى تاريخ الخالفة الراش�دة حصن ًا مواقف اإلمام علي
حصين ًا لإلسالم كله يشهد بهذا األمر كافة الخلفاء الثالثة وجمهور اآلل والصحابة vحصن ًا حصين ًا
لإلسالم كله
والتابعين.
ف�دور اإلمام في بس�طه ي�ده للمبايعة كان حاس�م ًا قطعي ًا لتثبي�ت خالفة أبي بكر بسط اإلمام علي يده
للمبايعة الصديق
حسم نهائي الصديق ومساعد ًا عملي ًا الجتماع كلمة األمة ،وروي عنه قوله في خطبته على منبر
الكوفة مثني ًا على خالفة أبي بكر (فأعطى المسلمون البيعة طائعين ،فكان أول من لالعتراض على قرار
السقيفة (((
سبق في ذلك من ولد عبد المطلب أنا).
وف�ي عهد الخليف�ة الثاني عمر بن الخطاب ظل اإلم�ام علي vعضو ًا بارز ًا مدلول عجزت
النساء أن تلدن مثل
ابن طالب ((( مس�ند أحمد ( ، )17145وس�نن الدارمي ( ، )96وس�نن ابن ماجه ( ،)42وسنن الترمذي
(. )2676
((( أسد الغابة (. )156/4
67
في ش�ؤون الدول�ة العمرية ،و ُمعترف ًا بفضله وفقهه وحكمت�ه ،وفيه يقول الفاروق
( : vأع�وذ بال ّٰل�ه من معضلة ليس لها أبو الحس�ن) ،وف�ي موقف آخر يقول :
(عجزت النساء أن تلدن مثل علي بن أبي طالب ،ولوال علي لهلك عمر)((( .
مواقف اإلمام علي وف�ي عه�د عثم�ان vكانت مواق�ف اإلمام عل�ي vمثلها مث�ل مواقفه
في مرحلة عثمان مع الخلفاء الس�ابقين وهي الس�مع والطاعة ،واإلدالء بالمش�ورة والنصح ،وكان
v
عاصم� ًا من فتن�ة االندفاع لدى الث�وار والمحيطين بهم الذين ن�ووا الضرر بعثمان
وأقاربه ،بل ظل اإلمام واسطة بين الفريقين لتهدءة األوضاع ومحاولة التوفيق بين
الفرق�اء ،حت�ى تفاقم األمر وخرج عن ش�روط الضبط وااللتزام فع�اد اإلمام علي
إلى منزله مس�تقبح ًا كافة المواقف المتناقضة ،وحريص ًا كل الحرص على سلامة
الخليف�ة عثم�ان ، vودافع� ًا بأبنائه وجملة من المقربين إلي�ه كي يحموا منزل
عثم�ان من غوغائي�ة المعتدين والمتعدّ ين حتى جرى أمر ال ّٰله كما كان ،ولم يس�ع
اإلمام عليا إال أن يقول ( :كيف قتل عثمان وأنتم على الباب؟ ولطم الحسن وكان
قد جرح ،وضرب صدر الحس�ين ،وش�تم ابن الزبير وابن طلحة ،وقال :ت ّب ًا لكم
(((
ماألت على قتله)
ُ سائر الدهر ،ال ّٰلهم إني أبرأ إليك من دمه أن أكون ُ
قتلت أو
وخط�ورة الفتنة وتب�رؤ اإلم�ام علي من مقت�ل عثمان إش�ارة إلى عظ�م الحدث ُُّ
وعلم�ه vبعالق�ة األمر بفتنة الدج�ال ..وقد أخرج ابن عس�اكر عن جابر بن
عب�د ال ّٰل�ه vأن علي ًا أرس�ل إلى عثمان فق�ال ( :إن معي خمس�مئة ذراع – أي
مقاتل – فأذن لي فأمنعك من القوم ،فإنك لم تحدث ش�يئ ًا يس�تحل به دمك) فقال
((( .
عثمان : vجزيت خير ًا ما أحب أن يهراق دم في سببي.
68
�م � �ة � خ���ت ق � ّ ل� ��م �ق���ف � �ع��ل� �� vم�ن
���ها� �رح�ل� ا ال � ار�� ا ل��د ج�ا� �� �و �و � ا �لإ ما� �
مي ي
بدء مرحلة االختراق
الدجالي موقع القرار
السياسي في اإلسالم
أثبتت النصوص االس�تباقية التي نطق بها خير البريةى أن بدء مرحلة اإلختبار
السياسي بين مدارس اإلسالم الحق ،ومدارس الجنوح واالرجاف كان مع موت
رس�ول ال ّٰله ى حيث بدأ العمل المنس�ق لهذه المدارس السلبية مع هذا المفصل من نجا من ثالث
فقد نجا الخطي�ر ال�ذي قال عنه ى ف�ي الحديث « :من نجا من ثالث فق�د نجاقالها ثالث
م�رات» قال�وا :ماذا يا رس�ول ال ّٰله؟ قال « :موت�ي ومن قتل خليف�ة مصطبر بالحق
يعطي�ه ،والدج�ال»((( ،وحديث « :اعدد س�ت ًا موتي (((».....الخ ،وموت رس�ول
ال ّٰله ى عالمة من عالمات الساعة ومفصل من مفاصل التحوالت أدخل المرحلة
الجديدة ورموزها في محك االختبار ،وبرزت من خالل هذه االختبارات مواقف
الثب�ات ،ومواقف السلامة لدى أه�ل الحصانة والعدالة وحف�ظ ال ّٰله بها األمة من
الزيغ والضالل واالختالف في س�اعة موت النبي ى واضطراب الجميع في هذه
الحادثة وثبات الصديق وإنقاذه الموقف بما تاله على األسماع من قول ال ّٰله تعالى :
(ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ
ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ) [آل عم�ران :
، ]144ومرور ًا بمواقفه وحسمه قضية ردة العرب ومنعهم للزكاة ومحاربتهم على
ذل�ك ثم قطعه داب�رة فتنة مدارس اإلفك التي ادعت النبوة كالمدرس�ة المس�يلمية
واألس�دية وغيره�م ،ويلي ذلك مرحل�ة الخليفة الثاني عمر ب�ن الخطاب v
وتأكيد الرس�ول ى أنه�ا مرحلة (غلق الفتنة) ،وأن عمر ب�ن الخطاب (باب غلق
الفتنة) كما جاء في البخاري ومسلم بسنديهما إلى أبي وائل شفيق ابن سلمة قال :
س�معت حذيفة يقول ( :بينا نحن جلوس� ًا عند عمر إذ قال :أيكم يحفظ قول النبي
ى ف�ي الفتن�ة؟ ق�ال ( :فتنة الرج�ل في أهله ومال�ه وولده وج�اره يكفرها الصالة
69
والصدقة واألمر بالمعروف والنهي عن المنكرقال ليس عن هذا أسألك ولكن التي
تم�وج موج البحر قال :لي�س عليك منها بأس يا أمير المؤمني�ن إن بينك وبينها باب ًا
مغلقا ،فقال عمر :أيكسر الباب أم يفتح؟ قال :بل يكسر ،قال عمر إذ ًا ال يغلق أبدا
قلت أجل قلنا يا حذيفة أكان عمر يعلم الباب؟ قال :نعم كمايعلم أن دون غد الليلة
،وذل�ك أني حدثته حديث ًا ليس باألغاليط ،فهبنا نس�أله من الباب؟ فأمرنا مس�روق ًا
فسأله فقال من الباب؟ قال عمر)(((.
المشار هنا بالفتنة السياسية التي يخترق القرار منها عناصر الدجال ،وهي الفتنة
التي مهدت فيما بعد لقتل الخليفة المصطبر عثمان وخالل هذه المرحلة التي بدأت
بم�وت النب�ي ى إلى مرحلة عثمان ، vبقيت في نف�وس المدارس األخرى
م�ا بقي من الفتنة والتربص واالنتظار للفرص والمناس�بات لتصبح مس�ألة (موت
النبي ى) إحدى أس�باب الخوض في المالبس�ات وفق�ه المغالطات والمبررات
إل�ى يومن�ا هذا ،وإل�ى أن يقضي ال ّٰل�ه أم�ر ًا كان مفعوال ..وقد ش�ملت الطعن في
قراري الحكم وقراري العلم وما ترتب على مسألة الخالفة الراشدة وثمراتها.
وجاءت المرحلة الثانية المش�ار إليها في الحديث ( ،مقتل خليفة مصطبر بالحق
يعطي�ه) ،وه�ي مرحلة الخليف�ة المصطبر عثم�ان بن عف�ان vومقتله عالمة
وأن هذا خطيرة من عالمات االختراق الدجالي لموقع القرار في األمة اإلسالمية ّ ،
األمر السياس�ي فتنة خطيرة على كثير من العقول المترس�مة بالعلم وقراءة التاريخ
حيث قال المصطفى ى « :والذي نفس�ي بيده ما من رجل في قلبه مثقال حبة من
قتل عثمان إال تبع الدجال إن أدركه ،وإن لم يدركه آمن به في قبره»((( ،ومثل هذا
التوجي�ه النبوي المس�تقبلي هو عي�ن ما كان يحذره أصح�اب النبي ى ويخافون
المبني على
ّ من�ه ..ألنه يربط بين حوادث المراح�ل وبين مجريات القضاء والقدر
النذارة والتحذير ،ومنها قوله ى « :إن ل ّٰله سيف ًا مغمود ًا في غمده ما دام عثمان بن
70
عفان حي ًا ،فإذا قتل عثمان ّ
جرد ذلك السيف فلم يغمد إلى يوم القيامة »(((.
خطورة القراءة ولعل كثيرا من اإلرباكات والخالفات الجارية بين مجموعة النمط األوس�ط من
لنصوص مقتل آل البي�ت وأصحاب رس�ول ال ّٰله ى خلال وبعد مقتل ُعثم�ان vراجع إلى
عثمان كانت سبب ًا
قلقه�م وخوفهم من تحذي�رات النبي ى خطورة هذه الفتنة عل�ى األمة جميعا ..
في االختالف حول
مصير قتلته مقمصك فعن عائش�ة bقالت :قال رس�ول ال ّٰله ى لعثمان « : vإن ال ّٰله ّ
قميص ًا» أي :موليك الخالفة «فإذا أرادك المنافقون على خلعه فال تخلعه»((( ،وفي
رواية الطبراني في األوسط « :وصم ذلك اليوم تفطر عندي»((( .
وفي ذلك يقول اإلمام الس�يوطي في تاريخ الخلفاء وأخرج عن سمرة قال ( :إن
اإلسلام كان في حصن حصين وأنهم ثلموا في اإلسالم ثلمة بقتلهم عثمان الترد
إلى يوم القيامة)((( ،وحديث عن أنس بن مالك vقال :قال رس�ول ال ّٰله ى
« :إن ل ّٰل�ه س�يف ًا مغمود ًا في غمده ما دام عثمان بن عف�ان حي ًا ،فإذا قتل عثمان ّ
جرد
(((
ذلك السيف فلم يغمد إلى يوم القيامة ».
مواقف ومقوالت وألجل هذا التحذير واإلنذار رفع اإلمام علي يده إلى السماء ساعة علمه بمقتل
الخلفاء العدول عند ال ( :ال ّٰلهم إني أب�رأ إليك من دم عثم�ان)((( ،وهرع حذيفة بن
الخليف�ة عثم�ان قائ ً
مقتل عثمان v
اليمان vيقول ( :ال ّٰلهم إنك تعلم براءتي من دم عثمان ،فإن كان الذين قتلوه
أصاب�وا فإني بريء منه�م ،وإن كانوا أخطأوا فقد تعلم براءتي من ذمته ،وس�تعلم
الع�رب لئ�ن كانت أصاب�ت لتحلبن بذلك لبن�ا ،وإن كانت أخط�أت بقتله لتحلبن
(((
بذلك دم ًا ،فاحتلبوا بذلك دم ًا ،ما رفعت منهم السيوف وال القتل.
71
ظل اإلم�ام عل�ي vطيلة مرحل�ة (الص�راع المحتدم) بي�ن المعارضة لق�د ّ
والدولة على عهد عثمان vفي موقع العدل والتوسط بين الفريقين مستخدم ًا
ش�تى الوسائل التي يعلمها ويحسن المعاملة بها مع كل عصر سبق ومرحلة ذهبت
،وكان�ت القوى المتصارعة والمتنافس�ة داخل دائرة الحك�م وخارجه تعلم مكانة
اإلم�ام عل�ي vوآل بيت�ه ومكانة من يليه م�ن بقية أصحاب النب�ي ى وتعلم
مق�دار الجه�د المبذول من ه�ذا التيار الخير ف�ي تثبيت دعائم موروثات الرس�الة
النبوي�ة وحفظه�ا بين الن�اس ،وأ ّما الناس فه�م لفيف بين أول�ي المصالح والعامة
ون ُّزاع القبائل ،وفيهم من أولي الفتنة وأرباب الش�ر قوم كثر وخاصة ممن قد أشار
إل�ى امت�داد فتنتهم م�ن ال ينطق عن اله�وىى وممن وصفهم ال ّٰل�ه تعالى بقوله :
(ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ
ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ) [األحزاب . ]60 :
وهؤالء فئات لم يس�لم من فتنتهم عصر الوح�ي والعصمة والنبوة والمعجزات
فكيف بالمراحل الالحقة بعد شمول الفتن المتالحقة...
وقد كان مقتل الخليفة عثمان vيوم الجمعة 18من ش�هر ذي الحجة س�نة
خم�س وثالثي�ن من الهج�رة ،وكان اإلمام عل�ي vفي منزله فأت�ى إليه رجل
فق�ال ( :إن أمي�ر المؤمنين مقتول الس�اعة ،فقام علي vفأخ�ذ ابنه محمد ابن
الحنفي�ة بوس�طه مانع� ًا له من الخروج ،فقال :خل ال أم ل�ك ،فخرج فأتى إلى دار
عثمان وقد ُقتل رحمه ال ّٰله ،فرجع اإلمام علي ودخل داره وأغلق بابه ،فأتاه الناس
فضرب�وا الب�اب عليه حتى دخل�وا فقالوا :إن هذا ُقتل وال ب�دّ للناس من خليفة وال
نعلم أحد ًا أحق بها منك ،فقال ( :ال تريدوني فإني لكم وزير ًا خير مني لكم أميرا ،
فقالوا :ال وال ّٰله ال نعلم أحد أحق بها منك ،قال :فإن أبيتُم علي فإن بيعتي ال تكون
س�ر ًا ،ولكن أخرج إلى المس�جد’ فلما دخل المس�جد جاء المهاجرون واألنصار
ّ
(((
فبايعوا وبايع الناس.
72
وق�د كان اإلمام عل�ي vمنكر ًا كل اإلنكار موقف أهل الفتنة ،وكان يقس�م
على ذلك في خطبه وكالمه وأنه لم يشترك في قتله وال ماأل وال رضي بذلك ،وكان
يق�ول ( :ال ّٰله�م إني أبرأ إلي�ك من دم عثمان ،ولقد طاش عقل�ي يوم قتل وأنكرت
نفس�ي ،وجاؤوني للبيعة ،فقلت :وال ّٰله إني ألس�تحي من ال ّٰل�ه أن أبايع قوما قتلوا
ال قال فيه رس�ول ال ّٰله « :أال أس�تحي ممن تستحي منه المالئكة»وإني ألستحي رج ً
من ال ّٰله أن أبايع وعثمان قتيل على األرض لم يدفن بعد فانصرفوا ،فلما دفن رجع
الناس فس�ألوني البيعة فقلت ( :ال ّٰلهم إني مش�فق مما أقدم عليه ،ثم جاءت عزيمة
فبايع�ت ،فلق�د قالوا :يا أمي�ر المؤمنين ،فكأنما صدع قلب�ي ،وقلت ( :ال ّٰلهم خذ
ُ
(((
مني لعثمان حتى ترضى).
وروى اإلمام أحمد بس�نده عن محمد بن الحنفية قال :بلغ علي ًا أن عائش�ة تلعن
قتل�ة عثم�ان في المربد ،قال :فرفع يديه حتى بل�غ بهما وجهه فقال :وأنا ألعن قتلة
(((
عثمان لعنهم ال ّٰله في السهل والجبل ،قالها مرتين أو ثالثا.
وفي خطبة ألمير المؤمنين علي vعشية الصلح مع طلحة والزبير وعائشة ،
فذكر الجاهلية وش�قاءها وأعمالها ،وذكر اإلسالم وسعادة أهله باأللفة والجماعة
،وأن ال ّٰل�ه جمعه�م بع�د نبي�ه ى عل�ى الخليفة أبي بك�ر ،ثم بعده عل�ى عمر بن
الخطاب ،ثم بعده على عثمان ،ثم حدث هذا الحدث الذي جره على األمة أقوام
قتل�ة عثمان طلبوا الدنيا وحس�دوا من أنعم ال ّٰله بها علي�ه ،وعلى الفضيلة التي من
ال ّٰله بها ،وأرادوا رد اإلسالم واألشياء على أدبارها ،وال ّٰله بالغ أمره).
ث�م قال :أال وإني راحل غ�د ًا فارتحلوا ،وال يرتحلن غد ًا أحدٌ أعان على عثمان
بشيء في شيء من أمور الناس ،وليغن السفهاء عني أنفسهم.
وكان قب�ول اإلم�ام علي vللبيعة في هذا الظرف موقف ًا ش�رعي ًا عزم عليه به أسباب قبول اإلمام
المهاج�رون واألنصار وه�م أهل الحل والعقد ،وأما أه�ل الفتنة وقتلة عثمان فال علي للبيعة بعد
عثمان v
عالق�ة لإلمام ف�ي قبوله المبايع�ة إرضاء لهم أو اس�تناد ًا على رغبته�م ،وإنما هي
73
مصلحة المسلمين في سائر األقطار وقطع ًا لدابر الفتنة القائمة على ساقها بعد قتل
عثمان شهيد الدار ،وتستمدّ البيعة مشروعيتها من أهل الحل والعقد ،ومن حديث
رسول ال ّٰله ى بأن الخالفة ثالثون عام ًا ،وكانت بقية الثالثين عام ًا بنص الحديث
مرحل�ة اإلمام عل�ي vوما بقي منها ف�ي خالفة ولده اإلمام الحس�ن ..ويدل
على ذلك حديث س�فينة مولى رس�ول ال ّٰله ى عن رس�ول ال ّٰله ى قال « :خالفة
النبوة ثالثون سنة ثم يؤتي ال ّٰله ملكه من يشاء»(((.
لقد بلغ اإلمام علي vإلى قرار الحكم كاره ًا له مضطر ًا للقيام به ،راغب ًا في
إصلاح ما يمكن إصالحه ،ولكن الواقع السياس�ي واالجتماعي قد بلغ إلى حالة
من المتناقضات والرؤى المتنافس�ة نش�أت وتراكمت بفعل األحداث الجارية في
عهد عثمان وبعد مقتله .v
فهناك المدرس�ة الس�بئية المنسوبة إلى عبد ال ّٰله بن س�بأ اليهودي((( وما قامت به المدرسة السبأئية
ودورها في الفتنة من االختراق الفكري في المجتمع اإلسالمي آنذاك.
وس�واء صح�ت رواية المؤرخي�ن بوجود عبد ال ّٰله بن س�بأ أو لم تصح كما يذكر
بعض المؤرخين حقيقة وجوده ،فإن (المدرس�ة الس�بئية) كانت منتش�رة وظاهرة
في المجتمع اإلسلامي خالل تلك الفترة الزمنية ،وكانت س�بب ًا من أسباب الفتنة
الغلو
ّ المنتهي�ة بقتل عثم�ان وما ترتب عليها م�ن االختالف والنزاع وط�رح أفكار
واإلف�راط ف�ي اإلم�ام علي وآل البي�ت األطهار ،مم�ا جعل اإلمام عل�ي يقف من
الغالة موقف ًا حاسم ًا ال هوادة فيه وال تراجع.
وهن�اك أيض� ًا مس�ألة اختلاف الصحابة ف�ي طريقة األخ�ذ بالقصاص م�ن قتلة اختالف الصحابة
وش�ب نيران
ّ حول مصير قتلة عثم�ان ،وكان له�ذا االختلاف أث�ر خطي�ر ف�ي مالبس�ات األم�ور
عثمان vوأثر
ذلك على وحدة
((( سنن أبي داود (. )4646 الصف
((( أصل عبد ال ّٰله بن س�بأ من يهود اليمن أظهر اإلسلام وغال في أمر االعتقاد في اإلمام
علي vواجتهد في وضع قواعد التأليه لإلمام علي وقواعد الوصية ،والتناس�خ
،وك�ون له اتباع ًا وأش�ياعا يعتقدون اعتقاده ،ويقول�ون بأرائه وأفكاره حتى تحولت
إلى مدرسة بدعية ذات قواعد وأهداف معروفة.
74
الفتن�ة بي�ن المختلفي�ن ،وتدخ�ل عناص�ر الفت�ن والمصال�ح لالس�تفادة من هذه
االختالفات واس�تثمارها لتعميق الص�راع المفضي إلى صيد العناصر المفتونة في
الماء العكر ،وهم العناصر التي س�ماها رس�ول ال ّٰله ى بتس�مية كت�اب ال ّٰله بأهل
النف�اق واالرج�اف والذين في قلوبهم مرض ،مم�ا حدا ببعض الصحابة n
إل�ى اعت�زال المجموعات كلها وعدم المش�اركة مع أحد ضد أح�د ،ومن أولئك
المعتزلين فتنة المش�اركة س�عد بن أبي وقاص ، vوعبد ال ّٰله بن عمر c
،ومحمد بن مسلمة ، vوغيرهم.
مواقف بعض وكان�ت مواقفه�م تلك مبنية عل�ى قراءتهم نصوص فقه التح�والت ،وأحاديث
الصحابة قائمة عالم�ات الس�اعة والفت�ن المضلة ،فقد أخرج مس�لم من حديث عام�ر قال :كان
على قراءة عالمات
سعد بن أبي وقاص في إبله ،فجاءه ابنه عمرو فلما رآه قال :أعوذ بال ّٰله من شر هذا
الساعة
الراك�ب فنزل فقال ل�ه :أنزلت في إبلك وغنمك وتركت الن�اس يتنازعون الملك
بينهم؟ فضرب س�عد في صدره فقال :اس�كت سمعت رسول ال ّٰله ى يقول « :إن
ال ّٰله يحب العبد التقي الغني الخفي»(((.
وعن الحسن أن عليا vبعث إلى محمد بن مسلمة فجيء به فقال ما خلفك
ع�ن ه�ذا األمر قال :دفع ابن عمك – يعني النبي ى س�يف ًا لي فق�ال « :قاتل به ما
قوت�ل العدو ،فإذا رأيت الناس يقتل بعضه�م بعض ًا ،فاعمد به إلى صخرة فاضربه
بها ،ثم الزم بيتك ،حتى تأتيك منية قاضية ،أو يد خاطئة» قال :خ ّلوا عنه(((.
وعن س�عيد بن جبير قال خرج علينا عبد ال ّٰله بن عمر ،فرجونا أن يحدثنا حديث ًا
حس�ن ًا ،ق�ال فبادرنا إليه رجل فقال :يا أب�ا عبد الرحمن حدثنا عن القتال في الفتنة
،ف�ا ل ّٰل�ه يق�ول ( :ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ) [البق�رة – ]193 :فق�ال هل تدري
م�ا الفتنة ثكلت�ك أمك؟ إنما كان محمد ى يقاتل المش�ركين ،وكان الدخول في
دينهم فتنة ،وليس كقتالكم على الملك(((.
75
لا قال البن عمر ،يا أب�ا عبد الرحمن أال تس�مع قوله تعالى : وع�ن ناف�ع أن رج ً
[الح ُج�رات ]9 :فق�ال :ألن (ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) ُ
إلي من أن أعتبر باآلية التي يقول فيها ( :ﮓ أعتب�ر بهذه اآلي�ة فال أقاتل ،أحب ّ
ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ
ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) [النس�اء ]93 :أال ت�رى أن ال ّٰل�ه تعال�ى يقول
( :ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ) [البقرة ]193 :قد فعلنا على عهد رس�ول ال ّٰله ى
ال ،وكان الرجل يفتن في دينه ،إما أن يقتلوه ،وإما أن يسترقوه إذ كان اإلسالم قلي ً
حتى كثر اإلسالم ،فلم تكن فتنة)(((.
وورد أن أمي�ر المؤمني�ن عل�ي بن أبي طال�ب َ vح ِمدَ البن عمر وس�عد بن ثناء اإلمام علي
vعلى أصحاب أبي وقاص هذه المنزلة التي ارتضيا وش�كر لهما الموقف الذي اتخذاه ..إذ قال :
المواقف
در مقام قامه س�عد بن مالك ،وعبد ال ّٰل�ه بن عمر ،إن كان ّبرا إن أجره لعظيم (ل ّٰل�ه ّ
در منزل نزله س�عد بن مالك ،وإن كان أثم� ًا إن خط�أه ليس�ير) ،وفي رواي�ة ( :ل ّٰله ّ
وعبد ال ّٰله بن عمر ،وال ّٰله إن كان ذنب ًا إنه لصغير مغفور ،وإن كان حس�ن ًا إنه لعظيم
مشكور)(((.
وه�ذا مثال مقتبس من موقف بعض الصحابة ف�ي مجريات األحداث بعد مقتل
عثم�ان ،مع أن المعتزلي�ن فتنة الصراع كانوا أكثر من ه�ذا النموذج ومنهم عمران
بن حصين ،وس�عيد بن العاص ،وأس�امة بن زيد ،وعبد ال ّٰله بن عمرو بن العاص
،وصهي�ب بن س�نان الرومي ،وأبو أيوب األنصاري ،وأبو هري�رة ،وعبد ال ّٰله بن
رجاال منً س�عد بن أبي س�رح بعد عزله من والية مصر انزوى في الرملة ((( كما أن
أهل بدر لزموا بيوتهم بعد مقتل عثمان فلم يخرجوا إالّ إلى قبورهم(((.
ّ
كل ه�ذا كان لعظ�م الحدث ال�ذي وقر في نفوس�هم (بمقتل عثم�ان) ولما كان
76
لمقتله من تحذير في األحاديث االستباقية التي أخبر عنها ى.
ومث�ل هذا التعلي�ل الواعي يم َّيز بين موق�ف الصحابة القارئين س�نن المتغيرات
وبين مواقف أهل الفتنة المتسببين في اإلثارة والتحريش والمستثمرين لها.
77
ف�� أ خ �ذ ث �أ �ع��ث ٰ أ �خ ق
��م�و����ف� ا �ل�� ا� ر������ ن��م�� ن � �ص��حا� � �ر�س�و �� ا �ل�ّل�ه ى � ا � �ل �� ��� ر �ما� � ن ؤ
�
� ب �ي ب ل جي � � مواقف الخارجين
على قرار الخالفة من
كب�رت في ص�دور الصحابة nقضي�ة مقتل عثمان vوش�هدوا عيان ًا أصحاب الرسول ى
خط�ورة النذارات التي أش�ار إليها ى بعد مقتله ،وعالق�ة األمر بالدجال وفتنته ،
فاختلفوا في شأن المسألة إلى فريقين :
1.1فري�ق اإلم�ام علي vبعد توليه الخالفة ،وه�و الفريق الراغب في توطيد
أم�ر الق�رار والخالف�ة ،وتتب�ع القتلة واألخذ بث�أر عثمان من خالل اس�تقرار
األمور والس�يطرة الكاملة عل�ى الوضع المضطرب ،وهو ال�رأي الذي أيدته
النصوص االستباقية.
2.2والفريق اآلخر كان فريق طلحة والزبير وعائشة nأجمعين ،وهم الذين
قدروا األمور بمجريات األحداث ،ويرى هذا الفريق ضرورة األخذ بالثأر من
القتلة قبل مش�روع االس�تقرار وعدم انتظار الوقت حتى سيطرة الخليفة على
األم�ور ،فالزمن يكس�ب القتلة مواقف جديدة ف�ي التمويه والغدر والخديعة
،وخاص�ة أن كثير ًا منهم ق�د اندرجوا ضمن جيش اإلمام علي بعد المبايعة له
بالخالفة وتحول األمر بعد ذلك إلى فتنة وتعصب على الرأي والمواقف.
فعائش�ة كانت تق�ول ( :إن عثمان قتل مظلوم ًا وال ّٰل�ه ألطالبن بدمه) ((( ،وطلحة
يق�ول ( :إن�ه كان مني في عثمان ش�يء ،وليس توبتي إال أن يس�فك دمي في طلب
ُنهض الناس فيدرك بهذا الدم لئال يبطل ،فإن في إبطاله دمه)((( ،والزبير يقول ( :ن ُ
توهين سلطان ال ّٰله بيننا أبدا ،إذا لم يفطم الناس عن أمثالها لم يبق إمام إالّ قتله هذا
الضرب)(((.
وهذه عبارات تش�ير إلى عظم الحدث في نفوس�هم وتأثرهم بها أكثر من تأثرهم
بما عرفوه بينهم من العالقة المحصنة على عهد صاحب الرسالة ،وما اشتبه عليهم
78
فيه األمر من اختالط العدول بأهل الفتنة في قضية مقتل الخليفة الثالث .
نص النبي ى على كونها (فتنة) ال يس�لم تفاقم األمور بينوتفاقمت األمور في أحداث متالحقة ّ
أطراف العدالة منه�ا الق�وم وال يدرك�ون خطرها إالّ بعد إس�الة الدماء ،ونش�وب القتال ،وخالل
واختراق أهل الخيانة
ذل�ك أرس�ل اإلمام عل�ي القعقاع بن عمرو إلى عائش�ة ومن كان معها يس�ألها عن
س�بب قدومه�ا إلى العراق ،ودخل عليها القعقاع فس�لم عليها ،وق�ال َأ ْي َأ َم ُة ،ما
أش�خصك وم�ا أقدمك ه�ذه البلدة؟ قال�ت :أي بني إصالح بين الن�اس ،وكانت
حينها لم تدرك خطر الفتنة الموعودة ومقدار آثارها.
عائشة في موقفها وبعد انتهاء حرب الجمل جاء علي إلى عائش�ة ر وعنه فقال لها :غفر ال ّٰله
تدعوا إلى اإلصالح
لك ،قالت :ولك ،ما أردت إال اإلصالح)(((.
وثبت في الحديث إشارة النبي ى في أحاديثه االستباقية (مرور عائشة على ماء ماء الحوأب وعالقته
الحوأب) بقوله « :كيف بإحداكن تنبح عليها كالب الحوأب»((( ،وورد أن عائشة بفقه التحوالت
لما أتت على الحوأب سمعت نباح الكالب فقالت ما أظنني إال راجعة ،إن رسول
ال ّٰله ى قال لنا « :أيتكن تنبحها كالب الحوأب ،أو تنبح عليها كالب الحوأب» ،
عز وجل أن يصلح بك بين الناس((( ،وفي رواية أخرى فقال لها الزبير :عسى ال ّٰله ّ
أن مروان جمع أربعين من القوم يحلفون بأن تكل�م بها علماء الحديث بالتضعيف ّ
المكان ليس ماء الحوأب حتى مضت عائشة معهم لقدر ال ّٰله .
ويهمن�ا هنا في دراس�ة مواقف أهل النمط األوس�ط من هذا الفريق المش�هود له األطراف المستفيدة
بسلامة االجته�اد وحصانة العاقبة أن األطراف المس�تفيدة م�ن اختالف وجهات من اختالف العدول
النظ�ر بي�ن هؤالء والصحاب�ة لعبت دور اإلث�ارة والتحريش للوقيعة بي�ن الفئتين ،
ليضي�ع الحق المطال�ب به من كال الجهتين دون القدرة عل�ى تحقيق الحل األمثل
والعالج األفضل.
79
األحاديث االستباقية كما نس�تفيد من دراسة أحاديث فقه التحوالت سالمة موقف اإلمام علي v
وأهميتها في قراءة في كافة مواقفه التي اتخذها ،وشاهدها نصوص النبي ى االستباقية عن توصيف
التاريخ
الحوادث ومجرياتها ،ومنها :
قول�ه ى لعلي عن موقف أم المؤمنين عائش�ة « : bوس�يكون بينك وبينها
أمر» إلى أن قال « :فإن قدرت عليها فارجعها إلى مأمنها ،أو قال :مكمنها»(((.
(((
وقوله ى للزبير vعن موقفه من علي « : vلتقاتلنّه وأنت له ظالم»
،واعت�راف الزبي�ر أثن�اء المعركة بصح�ة هذا القول وانس�حابه م�ن المعركة كاف
لمعرفة الحق وأهله .
وخالصة األمر السلامة م�ن الفتنة لمن أراد ال ّٰله له السلامة من الفريقين ،وأما
فأمر بدأ به ُ
أهل الفتنة واس�تجلبوه أمان ًا ألنفسهم وهالك ًا لألمة المعركة وضحاياها ٌ
،وكم�ا ق�ال اإلمام الطحاوي ( :فجرت فتنة الجمل عل�ى غير اختيار من علي وال
من طلحة ،وإنما أثارها المفسدون بغير اختيار السابقين)(((.
موقف اإلمام علي وه�ذا اإلم�ام عل�ي vفي نهاي�ة المعرك�ة وهو ي�رى القتل�ى والجرحى في
من فتنة الحرب الجانبي�ن فيتأل�م ويح�زن ويقبل عل�ى ابنه الحس�ن ويضمه إلى ص�دره وهو يبكي
وموقعة الجمل
ويقول :يا بني ليت أباك مات قبل هذا اليوم بعش�رين عام ًا ،فقال الحس�ن :يا أبت
كنت أظن أن األمر س�يصل إلى هذا الحد كنت نهيتُك عن هذا ،فقال علي :ما ُ لقد ُ
،وما طعم الحياة بعد هذا؟ وأي خير يرجى بعد هذا ..؟
إنه وصف عجيب في موقف عصيب .
وبعيد معركة الجمل ودفن قتالها والترحم عليهم من أمير المؤمنين علي v
دخل الكوفة وأبى أن ينزل بالقصر األبيض وقال ( :إن عمر بن الخطاب كان يكره
((( مس�ند أحمد ( ، )27198ونصه :أن رس�ول ال ّٰله ى قال لعلي « :إنه س�يكون بينك
وبين عائشة أمر قال :أنا يا رسول ال ّٰله؟ قال :نعم ،قال أنا؟ قال :نعم ( ،قلت) :فأنا
أشقاهم يا رسول ال ّٰله .قال :ال ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها» .
((( المستدرك على الصحيحين (. )5574
((( شرح العقيدة الطحاوي ص (. )546
80
نزوله فأنا أكره لذلك نزوله فنزل بالرحبة وصلى بالجامع األعظم ركعتين وخطب
موقف معاوية من الناس وحثهم على الخير ونهاهم عن الشر ،ثم قام يأخذ البيعة ،وأرسل جرير بن
البيعة لإلمام علي عب�د ال ّٰل�ه البجلي إلى معاوي�ة يدعوه إلى البيعة ،فلما انتهى إلي�ه جرير بن عبد ال ّٰله
أعط�اه الكتاب وجمع معاوية رؤوس أهل الش�ام واستش�ارهم فأبوا المبايعة حتى
يقتل قتلة عثمان ،أو أن يس�لم إليهم قتل�ة عثمان ،وإن لم يفعل قاتلوه ولم يبايعوه
حتى يقتلهم عن آخرهم ،فرجع جرير إلى علي vفأخبره بما قالوا((( .
واجمع رأي اإلمام علي ومن معه على المسير إلى الشام للفصل في األمر وجهز
جيش� ًا كبير ًا وخرج به إلى (النخلة)((( ومنها إلى صفين ،وجهز معاوية جيش� ًا آخر
من أهل الشام وأجنادها وخرج بهم إلى ناحية صفين.
وت�كاد تفاصي�ل المعرك�ة وم�ا س�بقها أو لحقه�ا معروف�ة ف�ي جمل�ة الروايات معركة صفين مدلوالت
النصوص التاريخية ،أمامفاصلها التي تعنينا هنا تتلخص في موقفين :
األول :مقتل عمار بن ياسر وعالقته بعدالة المعركة.
الثاني :قضية التحكيم وما ترتب عليها.
أم�ا الموق�ف األول وعالقت�ه بالمعرك�ة ،أن الش�اهد عل�ى بغي الفئ�ة األخرى
قول�هى « :وي�ح عم�ار تقتله الفئ�ة الباغي�ة»((( ،وفي رواي�ة أخرى «تقتل�ك الفئة
الباغي�ة»((( ،وكان لمقت�ل عم�ار أثر على الفئتي�ن ،ففئة اإلمام علي كان�وا يتبعونه
حيث س�ار وجعلوه علما وش�ارة يتبين بها الحق من الباطل ،وازداد حماسهم في
المعرك�ة ،وق�د ورد أن خزيمة بن ثابت حضر ص ّفين وكان كاف ًا سلاحه فلما رأى
س�ل س�يفه وقاتل أهل الشام ،وذلك ألنه سمع حديث رسول ال ّٰله ى مقتل عمار ً
ع�ن عم�ار « :تقتله الفئة الباغية»((( ،واس�تمر ف�ي القتال حتى قت�ل ،وكان لمقتل
((( أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب () .
((( موقع قرب الكوفة على جهة الشام.
((( صحيح البخاري (. )2812( )447
((( صحيح مسلم (. )2916
((( ه�ذا الحدي�ث م�ن أدق األحاديث االس�تباقية الفاصلة ف�ي الحكم عل�ى الحوادث
81
عمار أثر عظيم على جند الش�ام بسبب هذا الحديث ،بل ذكر بعض المؤرخين أن
(((
استشهاد عمار كان دافع ًا للسعي في إنهاء الحرب.
ومواق�ف الرج�ال ،وه�ي دلي�ل قاط�ع عل�ى أهمي�ة أحاديث النب�وة الخاص�ة بفقه
التح�والت وفق�ه الفت�ن والمتغيرات ،وهي العالج الحاس�م في ترجي�ح كفة الحق
بص�رف النظر عن اجتهاد الجانب اآلخر وعدالة قضيته ومطلبه وسلامة مقصده أو
عدم سالمته ،كما أنّه اختبار حقيقي للبواطن والتمييز بين فقه العدالة والصدق وفقه
المغالطة والمبرارت ،ففي رواية صحيحة جاء رجالن عند (معاوية) يختصمان في
رأس عم�ار يق�ول كل واحد منهم�ا :أنا قتلته ،فقال عبد ال ّٰله ب�ن عمرو بن العاص ،
ليط�ب به أحدكم نفس�ا لصاحبه فإني س�معت رس�ول ال ّٰله ﵀ يق�ول « :تقتله الفئة
الباغية» قال معاوية فما بالك معنا؟ قال :إن أبي ش�كاني إلى رس�ول ال ّٰله ﵀ فقال:
«أطع أباك ما دام ح ّيا وال تعصه » ،فأنا معكم ولس�ت أقاتل .مس�ند أحمد () 6538
راجع س�يرة أمي�ر المؤمنين /الصالبي ،والمعلوم أن فق�ه المغالطة والمبرارت فقه
مبني على تحريف المعاني في مقتضى النصوص ومواضعها ،وقلب ثمرات ونتائج ّ
أن عمرو بن حزم االس�تدالل لمصلحة الجانب اآلخر ،فقد ورد في رواية صحيحة ّ
دخ�ل عل�ى عمرو بن العاص فقال :قتل عمار وقد قال فيه رس�ول ال ّٰله ﵀ « :تقتله
يرجع حتى دخل عل�ى معاوية ،فقال له الفئ�ة الباغي�ة» فق�ام عمرو بن العاص فزع� ًا ّ
معاوية :ما شأنك؟ فقال :قتل عمار ،قال معاوية :فماذا؟ قال عمرو :سمعت رسول
ال ّٰل�ه ﵀ يق�ول « :تقتل�ه الفئة الباغي�ة» ،فقال معاوي�ةَ :د َح ْض َت في بول�ك َأ َو ن َْح ُن
قتلن�اه؟! إنم�ا قتل�ه علي وأصحابه وج�اؤا به حتى ألق�وه بين رماحن�ا ،أو قال :بين
سيوفنا)اهـ مصنف عبد الرزاق ( )24/11بسند صحيح.
((( سيرة اإلمام علي /الصالبي ص ( ، )475ومما يؤكد عدالة موقف اإلمام علي على
قوله ى :في قاتل عمار « :قاتل عمار وسالبه في النار» المستدرك على الصحيحين
( ، )5661والمعل�وم أن قاتل�ه م�ن جند الش�ام المطلق عليهم عم�وم لفظ الحديث
(بالفئة الباغية) اهـ بتصرف من سيرة اإلمام علي.
82
�ق ن ت ئ
�آ ث ا� ر �ون��تا� ج��� ��م��ع��ك��ة ��صف�������� ن �و ا ن����ع�ك�ا� ��سا� ت���ها� �را ء �ة �����ص���ة �ح��ل���ل���ة
�
�
آثار ونتائج معركة
صفين وانعكاساتها
ي يي � ر ي�
ثبت في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري vقال :قال رسول ال ّٰله ى :قراءة نصية تحليلية
«تمرق مارقة عند فرقة من المس�لمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق»((( ،وقد جاء
تحليل النص النبوي الوصف النبوي للمعركة بما يلي :
عن معركة صفين
1-1وصف المخالفين بالمارقة
2-2حصول هذه الحالة عند ُفرقة واختالف.
3-3شهادة النبي لكال الفريقين بأنهما من المسلمين قبل وخالل وبعد المعركة.
4-4أن الفرقتين متعلقتان بالحق ال خارجا عنه ،ولكن الفتنة أصابت أحداهما.
5-5عدالة موقف الفئة المقاتلة إلى جانب اإلمام علي وهي أولى الطائفتين بالحق.
اإلفراط والتفريط وبهذا التفصيل استقامت القراءة التاريخية للحق المختلف حوله لدى العلماء ،
ال عالقة لهما وانتفى خوض الخائضين عن دائرة الحق إلى اإلفراط أو التفريط.
بالنصوص النبوية
بالنص النبوي ،وإنما عالقتها
ّ وكال الدائرتي�ن (اإلفراط والتفري�ط) ال عالقة لها
باألحداث والنظر العقالني في مالبساتها ،ولنا أن نقرأ مقاالت األئمة الوارثين في
هذه المس�ألة باعتبارها نصوص أبوية معتمدة قائمة على العدالة المسنده والوراثة
الشرعية المؤكدة .
أهمية النصوص فهذا عمر بن عبد العزيز الخليفة الس�ادس يجيب على من سأله عن القتال الذي
النبوية واألبوية طهر ال ّٰله يدي منها أفال أطهر منها لس�اني ،
حصل بين الصحابة فقال ( :تلك دماء ّ
مثل أصحاب رس�ول ال ّٰله ى مثل العيون ،ودواء العيون ترك مس�ها) ،قال اإلمام
البيهق�ي معلق� ًا عل�ى مقال�ة عمر بن عب�د العزيز :هذا حس�ن جميل ألن س�كوت
الرج�ل عما ال يعنيه عين الصواب ،وس�ئل الحس�ن البصري رحم�ه ال ّٰله عن قتال
الصحابة فيما بينهم فقال :قتال شهده أصحاب محمد ى وغبنا ،وعلموا وجهلنا
،واجتمعوا فاتبعنا ،واختلفوا فوقفنا).
83
وس�ئل جعفر ب�ن محمد الصادق عما وق�ع بين الصحابة فأج�اب :أقول ما قاله
ال ّٰل�ه ( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ) [ط�ه ، ((( ]52 :
ومثل هذه المقوالت األبوية ش�اهدة لفريق من أهل الدين والعلم صانوا ألس�نتهم
وقلوبه�م عم�ا ال حاجة له�م به في االنحياز ض�د أحد من أه�ل االختالف ،وهم
بهذا قد نجوا وأنجوا كما س�بق ذكره من توق�ف جملة من الصحابة وأهل بدر بعد
فتن�ة مقتل عثمان م�ن الدخول في أمر الفتنة ومالبس�اتها وهذا مخرج س�ليم لكل
ذي قل�ب س�ليم ،وأما من رغ�ب النظر في األمر من حيث يج�ب معرفته فما عليه
إال النظ�ر ف�ي نصوص المتغيرات والتعم�ق في مدلوالته�ا دون الحاجة للنظر في
تعلي�ل المؤرخين والمؤلفين المتنازعين بين سلامة هذا وإدانة اآلخر ،فالسلامة
واإلدان�ة مقرون�ة بما قاله من ال ينط�ق عن الهوى ى في الحالتي�ن ،وأما اللجاج
والجدل وبس�ط األلس�نة واألقالم بكل ما يروى وبكل ما يق�ال فأمر يفقد الحقيقة
ش�رفها وتفردها المش�روع مقدم ًا التحكيم وآثارها ،وكف�ى بالمرء إثم ًا أن يحدث
بكل ما سمع.
وآل�ت المس�ألة ف�ي معرك�ة صفين إلى ما ع�رف بالتحكي�م بين الفريقي�ن ،وقد
اختلط�ت الروايات المعبرة عن الحقيقة في هذه المس�ألة ،وكثر لجاج المؤرخين
في وصف أس�باب التحكيم ومجرياته ،وهناك رواية ذكرتها كتب الس�ير منس�وبة
لإلمام أحمد بن حنبل عن طريق حبيب بن أبي ثابت تروي قصة التحكيم والصلح
برواي�ة ال يته�م أصحابها وليس ف�ي روايتها أو رواتها علة جاء فيه�ا ( :كنا بصفين
((( س�يرة اإلم�ام علي ب�ن أبي طالب (د /الصالب�ي ص ، )512 ، 502وجاء في بعض
بالقراء من تالمذة عبد ال ّٰله بن مسعود vمن الروايات أن مجموعة ممن عرفوا ّ
أهل الشام ،لم ينضموا إلى اإلمام علي ،وال إلى معاوية في معركة صفين ،وقالوا:
إنا نخرج معكم وال ننزل عسكركم ،ونعسكر على حدة حتى ننظر في أمركم ،فمن
رأيناه أراد ما ال ّ
يحل له أو بدا منه بغي كنا عليه فقال علي :مرحب ًا أه ً
ال ،هذا هو الفقه
ف�ي الدين والعلم بالس�نة :من لم ي�رض بهذا فهو جائر خائن .اهـ س�يرة اإلمام علي
(د /الصالبي ص .)470
84
فلم�ا اس�تحر القتل بأهل الش�ام ق�ال عمرو بن الع�اص لمعاوية :أرس�ل إلى علي
بالمصح�ف فادع�ه إلى كت�اب ال ّٰله ،فإنه ال يأبى عليك ،فجاء ب�ه ٌ
رجل فقال :بيننا
وبينك�م كت�اب ال ّٰل�ه ،فقال علي :نع�م أنا أولى بذل�ك ،فقام الق�راء الذين صاروا
بعد ذلك خوارج بأس�يافهم على عواتقهم ،فقالوا :يا أمير المؤمنين أال نمش�ي إلى
هؤالء حتى يحكم ال ّٰله بيننا وبينهم؟ فقام سهل بن حنيف األنصاري vفقال :
أيها الناس اتهموا أنفسكم ،لقد كنا مع رسول ال ّٰله ى يوم الحديبية ولو نرى قتاالً
لقاتلنا((( ،وذلك في الصلح الذي بين رسول ال ّٰله ى وبين المشركين ،ثم حدثهم
عن معارضة عمر vللصلح يوم الحديبية ونزل س�ورة الفتح على رس�ول ال ّٰله
ى ،فقال علي :أيها الناس إن هذا فتح فقبل القضية ورجع ورجع الناس)(((.
وعل�ى ه�ذه الرواية يعل�م أن اإلم�ام علي ًا vقب�ل وقف القتال ف�ي صفين ،
ورض�ي التحكي�م وع�دّ ذلك فتح� ًا ورجع إلى الكوف�ة ،وعلق على أم�ر التحكيم
صالح األمر بين الفريقين.
سالم اإلمام علي مر على مقابر قتلى صفين من الفريقين عند عودته فقال : وورد أن أمير المؤمنين ّ
على قتلى صفين السالم عليكم أهل الديار الموحشة ،والمحال المقفرة من المؤمنين والمؤمنات ،
والمس�لمين والمس�لمات ،أنتم لنا سلف فارط ،ونحن لكم تبع ،وبكم عما قليل
الحقون ،ال ّٰلهم اغفر لنا ولهم ،وتجاوز بعفوك عنا وعنهم ،الحمد ل ّٰله الذي جعل
األرض كفاتا ،أحيا ًء وأمواتا ،الحمد ال ّٰله الذي خلقكم وعليها يحش�ركم ،ومنها
يبعثكم ،وطوبى لمن ذكر المعاد ،وأعدّ للحساب ،وقنع بالكفاء)(((.
وهذه الكلمات والدعاء من لس�ان اإلمام عل�ي vداللة على ارتباط مواقفه
بمراقب�ة م�واله ،وم�ا يعلمه من واج�ب الدعاء في الس�راء والض�راء ،وهي – أي
سنن المواقف المراقب�ة – ل ّٰل�ه تعالى جزء من س�نة المواقف الت�ي يتح ّلى بها الخلفاء الراش�دون
المهديون ،ممن قال فيهم المصطفى ى « :عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين مدرسة األخالق
الفاصلة في مراحل
الفتن المضلة
((( مسند أحمد (. )15975
((( مصنف ابن أبي شيبة (. )37914
((( أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص (. )657/2
85
المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ» ،وهذه الس�نة المش�ار إليها هي ملحظ
االهتداء واالقتداء في مراحل الفتن ومفاصل االختالف الموصوفة في الحديث :
«فإن من يعش منكم فسيرى اختالف ًا كثيرا».
وقد كانت هذه الس�نن مدرس�ة األخالق الفاصلة بين سلوك الفريقين ،فقد ورد
أن اإلمام علي vبلغه أن اثنين من أصحابه يظهران ش�تم جند الشام ولعنهما.
فأرس�ل إليهما أن ك ّفا عما يبلغني عنكما ،فأتياه فقاال :يا أمير المؤمنين ألس�نا على
ورب الكعبة المس�دّ نة ،قاال :فل�م تمنعنا من
الح�ق وه�م على الباط�ل؟ قال :بلى ّ
ش�تمهم ولعنهم؟ قال :كره�ت لكم أن تكونوا لعانين ،ولك�ن قولوا :ال ّٰلهم احقن
عرفدماءن�ا ودماءه�م ،وأصلح ذات بيننا وبينه�م ،وأبعدهم عن ضاللتهم حتى َي ِ
الغي من لجج به(((.
الحق من جهله ويرعوي عن ّ
((( أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص (..)658/2
86
�ل��ت
آ � �
�
ث
�و � ا� ر�ها� �ق����ص��ة اح� �كي��
قصة التحكيم
وآثارها م
تم االتفاق بين الفريقين على التحكيم بعد انتهاء الحرب في صفين فأوكل اإلمام
ّ
عل�ي vاألمر في التحكيم بعد التش�اور مع أتباعه إلى أبي موس�ى األش�عري
، vوكان محايد ًا لم يشترك في المعركة بين الفريقين ،وأوكل جند الشام أمر
التحكيم إلى عمرو بن العاص وكان أحد قادة المعركة.
وأول فتنة ترتب عليها قبول التحكيم خروج قس�م من جيش اإلمام علي vظهور الخوارج
وموقف اإلمام علي ورأوا أن التحكيم ذنب يوجب الكفر ،وهم الخوارج(((.
vمنهم .
أم�ا الفريق الثاني من جيش اإلمام علي فهم الذين قبلوا التحكيم وارتضوه كحدّ
بين الفريقين وحقنا للدماء بين المسلمين.
ووقع الوثيقة كل من اإلمام علي ،ومعاوية بن أبي س�فيان وش�هد عليها كل من
اإلمام الحسن والحسين ،وعبد ال ّٰله بن عباس ،وعبد ال ّٰله بن جعفر بن أبي طالب
،واألش�عث بن قيس الكندي ،واألش�تر بن الحارث ،وسعيد بن قيس الهمداني ،
((( والخ�وارج قوم أو أقوام أخبر النب�ي﵀ عن ظهورهم في هذه األمة بد ًءا من معركة
ه�وزان الت�ي اعترض فيه�ا ذو الخويصرة التميمي على رس�ول ال ّٰل�ه ﵀ ،ومرور ًا
بالذي�ن خرج�وا على اإلمام عل�ي vبعد قضي�ة التحكيم ومواقفهم المتش�ددة
حت�ى معرك�ة النهروان وإبادة الكثير منهم ،ثم قول اإلمام علي vبعد أن س�مع
أح�د أتباعه يق�ول :الحمد ل ّٰله الذي خلصنا منهم ،أو ق�ال :الحمد ل ّٰله الذي أبادهم
وأراحنا منهم ،فقال علي ( : vال والذي نفسي بيده ،إن فيهم لمن في أصالب
الرج�ال ل�م تحمله النس�اء بعد وليكون�ن آخرهم لصاص�ا حرادين) اهـ مس�ند عبد
ال�رزاق ( ، )18655ونهاي�ة بما تبقى من أتباع مدارس�هم التي قال عنها من ال ينطق
عن الهوى ﵀ :كلما قطع قرن نش�أ غيره حتى يظهر في أعراضهم الدجال ،وهذا
وع�د نبوي اس�تباقي ببقاء ه�ذه الفتنة وتعدد صوره�ا ونماذجها وأوعيته�ا في حياة
األمة اإلسلامية مرحل ًة بعد أخرى ،مما يلزمنا عمق النظر في الدالالت والمواقف
التي جعلها النبي ﵀ عالمة لهم ولمتدادهم (ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ
ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ).
87
والحصين والطفيل بن الحارث بن عبد المطلب ،وأبو س�عيد بن ربيعة األنصاري
،وعبد ال ّٰله بن خباب بن األرت ،وسهل بن حنيف ،وأبو بشر بن عمر األنصاري ،
وعوف بن الحارث بن عبد المطلب ،ويزيد بن عبد ال ّٰله السلمي ،وعقبة بن عامر
الجهني ،ورافع بن خديج األنصاري ،وعمرو بن الحمق الخزاعي ،والنعمان بن
عجلان األنصاري ،وحجر بن ع�دي الكندي ،ويزيد بن حجية الكندي ،ومالك
بن كعب الهمداني ،وربيعة بن ش�رحبيل ،والحارث بن مالك ،وحجر بن يزيد ،
وعلبة بن حجيه ،وهؤالء من جند اإلمام علي.
أما جند أهل الشام فمنهم حبيب بن مسلمة الفهري ،وأبو األعور السلمي ،وبسر
بن أرطأة القرش�ي ،ومعاوية بن خدي�ج الكندي ،والمخارق بن الحارث الزبيدي
،ومس�لم بن عمرو السكس�كي ،وعبي�د الرحمن بن خالد ب�ن الوليد ،وحمزة بن
مالك ،وس�بيع بن يزيد بن أبجر العبس�ي ،ومس�روق بن جبلة العكي ،وبس�ر بن
يزي�د الحمي�دي ،وعبد ال ّٰله بن عامر القرش�ي ،وعتبة بن أبي س�فيان ،ومحمد بن
أبي سفيان ،ومحمد بن عمرو بن العاص ،وعمار بن األحوص الكلبي ،ومسعدة
ب�ن عم�رو العتبي ،والصباح بن جلهمة الحميري ،وعبد الرحمن بن ذي الكالع ،
وثمامةبن حوشب ،وعلقمة بن حكم.
وكتب�ت الوثيق�ة يوم األربعاء لثالث عش�رة ليلة بقين من صفر س�نة 37هـ)((( ،
وتفرق جمع الفريقين بعد توقيع االتفاقية وعاد كل منهما إلى مستقره وبالده.
معالجة أمر الخوارج واش�تغل اإلمام عل�ي منذ رجوعه من صفين بأمر الخ�وارج الذين آذنوه بالحرب
وقال�وا :ال حكم إال ل ّٰله ،وأرس�ل إليهم عبد ال ّٰله ب�ن عباس لمراجعتهم ومناظرتهم ومناظرتهم
فقال�وا ل�ه :نقمنا على علي ومن معه ثالث :إحداه�ن أنه حكّم الرجال في أمر ال ّٰله
،وال ّٰل�ه يق�ول ( :ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ) [األنعام ، ]57 :والثانية :قاتل ولم يس�ب ولم
يغن�م ،ف�إن كانوا كفارا حل س�بيهم ،وإن كانوا مؤمنين ما حل س�بيهم وال قتلهم ،
والثالثة محا نفسه من أمير المؤمنين ،فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين
88
،ف�رد اب�ن عباس وقال ( :أما قولكم :حكم الرجال في أمر ال ّٰله فإني أقرأ عليكم من
كت�اب ال ّٰل�ه أن قد ص ّي�ر ال ّٰله حكمه إلى الرج�ال في ثمن ربع درهم فأم�ر ال ّٰله تبارك
وتعالى أن يحكموا فيه قال تعالى ( :ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ
ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ
ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ
ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ) [المائ�دة ، ]95 :وف�ي الم�رأة وزوجه�ا قال تعالى
( :ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [النساء . ]35 :
وأما قولكم :قاتل ولم يسب ولم يغنم ،أفتسبون أمكم عائشة ،تستحلون منها ما
تستحلون من غيرها وهي أمكم؟
والثالثة :وأما محا نفس�ه من أمير المؤمنين فإن نبي ال ّٰله ى يوم الحديبية صالح
المش�ركين فقال لعلي « :اكتب يا علي ما صالح عليه محمد رس�ول ال ّٰله ،قالوا :لو
نعلم أنك رس�ول ال ّٰله ما قاتلناك ،فقال رس�ول ال ّٰله ى :ام�ح يا علي ..ال ّٰلهم إنك
تعل�م أني رس�ول ال ّٰله ،امح ي�ا علي واكتب هذا ما صالح علي�ه محمد بن عبد ال ّٰله
،وال ّٰله لرس�ول ال ّٰله خير من علي وقد محا نفس�ه ولم يكن محوه نفس�ه ذلك محا
النبوة((( ..فرجع بقول بن عباس ألفان منهم ،وأبى سائرهم الرجوع فقاتلهم اإلمام
عل�ي في معركة النهروان الش�هيرة وذلك بعد أن تفرق الحكم�ان بعد صف ّين على
غي�ر رض�ى ،وأيس اإلمام علي من رجوعهم إلى الحق وخاصة بعد أن كتب إليهم
( :ارجع�وا إل�ى ما كنتم عليه وس�يروا بنا إلى قتال أهل الش�ام ،ف�ر ّدوا عليه :حتى
تشهد على نفسك بالكفر وتتوب ) ...فلما قرأ كتابهم أيس منهم وخرج لمقاتلتهم
تصح على ما ذكره بعض صحت رواية طلبهم التوبة من اإلمام علي أم لم ّ ،وسواء ّ
ال�رواة فإن مواقفهم وآراءهم أجمعت على تكفير علي vوعلى تكفير عثمان
اإلمام علي v vمن قبل..
وق�د أطل�ق عليه�م اإلمام عل�ي صفة المارقي�ن وق�ال ُ ( :أمرت بقت�ال المارقين يقاتل المارقين
اعتماد ًا على النص
89
وهؤالء المارقون ، ((()..وكان عالم َة مروقهم كما ورد في الحديث ( :ذو الثد ّية)
،وق�د أمر اإلمام علي vأصحابه بالبحث عنه بعد انتهاء المعركة ألن وجوده
ف�ي القتل�ى م�ن األدلة على عدال�ة اإلمام علي وص�واب فعله وقتال�ه ،وبعد جهد
وم�دة م�ن البحث وجدت جث�ة ذو الثديين المخدج عند ش�فير النه�ر فقال اإلمام
علي ألصحابه أخرجوه فأخرجوه وكبر اإلمام علي وقال صدق ال ّٰله وبلغ رسوله ،
وسجد سجود الشكر ،وك ّبر الناس حين رأوا ذلك واستبشروا(((.
وأم�ر اإلم�ام علي vأصحابه بعد نهاية المعركة أن ال يتبعوا مدبرا أو ُي َذ ّففوا آداب المعركة من
واقع الخليفة الراشد على جريح ،أو يمثلوا بقتيل ،ولم يقس�م بين جنده إال ما حمل عليه الخوارج في
أكفار
ٌ الحرب من السلاح والكراع فقط ،ولم يك ّفر أحد منهم ،وقد س�ئل v
فروا ،فقي�ل :منافقون؟ قال :المنافق�ون ال يذكرون ال ّٰله إال
ُه�م؟ ق�ال :من الكفر ّ
قليلا ،قي�ل :فمن هم؟ قال :قوم بغوا علينا فقاتلناهم ،وفي رواية :قوم بغوا علينا
فنُصرنا عليهم ،وفي رواية :قوم أصابتهم فتنة فعموا فيها وصموا (((.
وم�ن ممي�زات ومواقف اإلم�ام علي vف�ي معرك�ة النه�روان دون معركة الفرق بين معركة
صفين والجمل الجمل وصفين أنه في قتاله للخوارج أظهر السرور والفرح بقتالهم ..قال العلماء
ومعركة النهروان
: nأن�ه قاتل الخوراج بنص رس�ول ال ّٰله ى فف�رح بذلك ،ولم ينازعه أحد
من الصحابة ،وأما القتال في الجمل وصفين فقد ظهر منه من كراهته والندم عليه
م�ا ظه�ر ..نتيجة لما رأى vمن اش�تباك األمر واش�تباهه عل�ى جملة من أهل
الحصانة والرأي من أصحاب رسول ال ّٰله ى.
وق�د كان رض�ي الل�ه تعال�ى عن�ه يقول وهو يمش�ى ف�ي الس�وق ( :ﮓ ﮔ ﮕ
ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ)
[الكهف ]105-104:أولئك هم الخوارج(((.
90
�دا ��ة ا �ل�ن���ها� ��ة
بداية النهاية لإلمام
علي v
ب ي ي
عان�ى اإلمام علي vما عاناه من الجهد والعن�اء لنصرة الحق والقيام بأمره،
وكأني بمقولة رس�ول ال ّٰلهى له يوم ذهب لقتل ذلك الرجل الذي تمثلت به الفتنة
وقول النبي ى له « :أنت صاحبه إن أدركته» ،ولكنه لم يدرك الرجل ،ولم يتمكن
من قطع دابر الفتنة الستفحالها ،وهاهو بعد اختالف الحكمين منصرفه من صفين
،وبع�د فراغه من معركة الخوارج بالنهروان يخاط�ب أصحابه ويقول ( :فيا عجب ًا مخاطبة اإلمام علي
وال ّٰل�ه يميت القل�ب ويجلب الهم من اجتماع هؤالء الق�وم على باطلهم وتفرقكم ألصحابه تحمل
ّ
صفة المعاتبة
عن الحق ،فقبح ًا لكم وترحا ،حيث صرتم غرض ًا يرمى ُ ،يغار عليكم وال تُغيرون
تغزون ،و ُيعص ال ّٰله ورس�وله وترضون ،فإذا أمرتكم بالس�ير إليهم َغزون وال ُ ،وت َ
في أيام الحر قلتم هذه حمارة القيظ ،أمهلنا يس�بخ عنا الحر ،وإذا أمرتكم بالس�ير
إليه�م في الش�تاء قلتم هذه ص ّيارة القر ،أمهلنا يس�بخ عنا الب�رد ،كل هذا فرار ًا من
والقر تفرون ،فإذ ًاأنتم وال ّٰله من السيف أفر.
ّ الحر والقر ،فإذا كنتم من الحر
ي�ا أش�باه الرجال وال رجال ،حلوم األطفال ،وعق�ول ربات الحجال ،لوددت
أني لم أراكم ولم أعرفكم ،معرفة وال ّٰله جرت ندم ًا ،وأعقبت س�دم ًا ،قاتلكم ال ّٰله
ب التهام أنفاسا ، لقد مألتم قلبي قيح ًا ،وش�حنتم صدري غيضا ،وجرعتموني ُن َغ َ
وأفسدتم علي بالعصيان والخذالن حتى لقد قالت قريش :إن ابن أبي طالب رجل
ش�جاع ،ولكن ال علم له بالحرب ..ل ّٰله أبوهم ،وهل أحد منهم أش�د لها مراس� ًا
من�ي ،وأق�دم فيها مقام ًا لق�د نهضت فيها وما بلغت العش�رين ،وها أنذا قد ذرفت
على الستين ،ولكن ال رأي لمن ال يطاع)((( .
الن�ص األبويّ إن ه�ذه الخطب�ة لإلم�ام علي تقرير حال�ة ومرحل�ة ،وكفى بهذا
استطالعا لما دار ويدور .
فهو vبعد هذا العمر المديد والجهد الش�ديد يستشعر خذالن القوم آلماله
((( أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (.)1022/2
91
اضطر vفي س�نة أربعين للهج�رة أن يوافق لمعاويةّ ورغبات�ه العادل�ة ،حت�ى
بالشام ،على أن يكون العراق له ،وال يدخل أحدهما على اآلخر بغزو وال غارة ..
قال الطبري في تاريخه ( :وفي س�نة أربعين ج�رت بين علي ومعاوية المهادنة بعد
مكاتبات جرت بينهما يطول ذكرها على وضع الحرب بينهما ويكون لعلي العراق
ولمعاوي�ة الش�ام ،فال يدخل أحدهما على صاحبه في عمل�ه بجيش وال غارة وال
غزو. ((( .
وتلف�ت اإلم�ام علي في وج�وه الق�وم حوله فم�ا رأى غير الخ�ذالن والعصيان
اإلمام علي v
والخلود إلى األرض واستتباع النفس والهوى والشيطان ،وكأني به يضع الخطوط
يضع الخطوط العريضة
لمواقف إبنه الحسن العريض�ة البنه اإلمام الحس�ن كي يتخذ الموقف األخير عن�د توليه األمر من بعده
هم إني س�ئمتهم وس�ئموني ، بيس�ر ...فقد روي أنه vخطب يوم ًا فقال ( :ال ّٰل ّ من بعده
ومللتهم وملوني فأرحني منهم وأرحهم مني ،فما يمنع أشقاهم أن يخضبها بدم ،
ووضع يده على لحيته)(((اهـ .
وفي رواية أخرى عن أبي صالح قال ( :شهدت علي ًا وضع المصحف على رأسه اإلمام علي يتمنى
النقلة عن الحياة حتى تقعقع الورق فقال ( :ال ّٰلهم إني سألتهم ما فيه فمنعوني ،ال ّٰلهم إني قد مللتهم
وملون�ي ،وأبغضتهم وأبغضوني ،وحملوني على غير أخالقي ،فأبدلهم بي ش�ر ًا
من�ي ،وأبدلن�ي بهم خي�ر ًا منهم)(((اهـ ،وف�ي رواية ( :فلم يلب�ث إال ثالث ًا أو نحو
ذلك حتى قتل رحمه ال ّٰله) ،وقال الحسن بن علي vإن رسول ال ّٰله ى سنح
لقيت من أمتك من األود واللدد ، لي الليلة في منامي فقلت :يا رس�ول ال ّٰله :ماذا ُ
«ادع عليهم» قلت :ال ّٰلهم أبدلني بهم من هو خير منهم وأبدلهم من هو ش�ر فقالُ :
مني لهم) ،قال الحسن : vفخرج فضربه الرجل..
((( .
ّ
وقد علم من األحاديث االستباقية أن أمير المؤمنين vكان على علم بشهادته
92
،وكيفية قتله ،وكان اإلمام علي ًا يتحدث بذلك متيقن ًا ،فقد روى أبو األسود الدؤلي
قوله :س�معت علي ًا يقول :أتاني عبد ال ّٰله بن سلام وقد أدخلت رجلي في الغرز ،
فق�ال ل�ي :أين تريد؟ فقلت :العراق ،فقال :أما إن�ك إن جئتها ليصيبنك بها ذباب
الس�يف ،فقال علي :وأيم ال ّٰله لقد س�معت رس�ول ال ّٰله ى قبلك يقوله ،قال أبو
وقلت :رجل محارب يحدث بمثل هذا عن نفسه(((. ُ األسود :فعجبت منه
وروي أيض� ًا مث�ل هذا قبل توليته الخالفة عند ما م�رض في (ينبع النخل) وعاده
أب�و فضال�ة األنص�اري البدري vوق�ال له اإلمام عل�ي ( :إني لس�ت ميت ًا في
إلي النبي ى أني ال أموت حتى تخضب مرض�ي ه�ذا ،أو من وجعي هذا إنه عهد ّ
(((
هذه يعني لحيته من هذه يعني هامته)
وعن عبد ال ّٰله بن واس�ع قال :س�معت علي ًا يقول ( :لتخضبن هذه من هذه ،فما وصية اإلمام ألتباعه
وأهل بيته ي�ر ِع َترتَه ،قال :إذن تال ّٰله
ينتظ�ر بي األش�قى؟ قالوا :يا أمير المؤمنين فأخبرنا به نَبِ ُ
تقتل�ون ب�ي غي�ر قاتلي ،قالوا :فاس�تخلف علين�ا ،قال :ال ولك�ن أترككم إلى ما
ترككم إليه رسول ال ّٰله ى)((( .
93
ف �ل��ت
ا � �ل ما� �ع��ل�� � vو�ع��ل��م��ه �����ق��ها �ح�و� ال ت
� �
�ب إ مي
�
ما كان علم فقه التحوالت أو فقه عالمات الس�اعة إال ذرة من العلم الذي أحاط
ب�ه اإلمام عل�ي vوأرضاه ،فقد كان اإلمام باب مدين�ة العلم وما من علم من
العلوم إال وكان له فيه باع كبير ،وقد أشار إلى ذلك ابنه الحسن عند وفاة أبيه اإلمام
علي ، cإذ قام على المنبر وقال :فارقكم رجل باألمس لم يس�بقه األولون
وال يدركه اآلخرون بعلم.
وقال سعيد بن المسيب ( : vما كان أحد بعد رسول الله ى أعلم من علي
بن أبي طالب) .
فقأت عين الفتنة ،وإني وايم الله لوال أن
ُ وكان vيقول عن نفس�ه :أما إني
تتكلوا فتدعوا العمل لحدثتكم بما س�بق على لس�ان نبيكم ى ،ثم قال :سلوني ،
فإنكم ال تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة إال حدثتكم .
وقد ورد من كالمه في بعض خطبه قوله :والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو أشاء
ألخذتك�م بخ�راب العرصات عرصة عرص�ة متى تخرب ومتى تعم�ر بعد خرابها
إل�ى ي�وم القيامة ،وإن عندي من ذلك علم ًا جم ًا ،وإن تس�ألوني تجدوني به عالم ًا
استودعت علم القرون األولى ،وما هو كائن إلى
ُ أخطئ به عام ًا وال دافئ ًا ،ولقد
ُ ال
يوم القيامة )..اهـ .
ومم�ا كان يعل�م به قي�ام األمر أي الحكم لم�ن ينازعه عليه ولي�س له ففي كتاب
الفتن (ج/2ص )79عن أبي س�الم الجيش�اني ،قال س�معت عليا vبالكوفة
يقول ( :إني أقاتل على حق ليقوم ،ولن يقوم واألمر لهم) ،قال :فقلت ألصحابي
:م�ا المقام هاهن�ا ،وقد أخبرنا أن األمر ليس لهم فاس�تأذناه إلى مصر َ ،فأ ِذ َن لمن
شاء منا ،وأعطى كل رجل منا ألف درهم ،وأقام معه طائف ٌة منا .اهـ .قال المحقق
:إسناده حسن رقم (. )300
وم�ن علمه في ه�ذا الصدد قوله ( :vال يزال هؤالء الق�وم آخذين بثبج هذا
94
األمر ما لم يختلفوا بينهم ،فإذا اختلفوا بينهم خرجت منهم فلم تعد إليهم إلى يوم
القيامة ـ يعني بني أمية ـ .كتاب الفتن ص124رقم 512إسناده حسن .
وفي الفتنة الرابعة يقول اإلمام علي ( : vجعلت في هذه األمة خمس فتن ،
فتن عامة ،ثم فتن خاصة ،ثم فتن عامة ،ثم فتن خاصة ،ثم الفتنة السوداء المظلمة
الت�ي يصي�ر فيها الناس كالبهائم ،ث�م هدنة ،ثم دعاة إلى الضالل�ة ،فإن بقي يومئذ
خليفة فالزمه) اهـ .
الماح ُل ،وال ِ ان((( ال ُي َق َّر ُب في�ه إال وق�ال كرم الل�ه وجهه َ :ي ْأتي على ال َّن ِ
�اس َز َم ٌ
الصدَ َق ُ�ة ُغ ْرم ًا،ون َّ �فَ ،ي ُعدُّ َنص ُ الم ِ �ف فيه إال ُ �ر ،وال ُي َض َّع ُ اج ُ ُي ْس�ت َْظ َر ُف في�ه إال ال َف ِ
ور ِة
ان بِ َم ُش َ الس ْل َط ُ ُ
يكون ُّ اسَ ،ف ِع ْندَ َذلِ َك استِ َطال ًة على ال َّن ِ الر ِح ِم َم َّن ًاِ ،
والع َبا َد َة ْ وص َل ِة َّ
ِ
الخ ْص ِ
يان. بيان ،و َتدْ بِي ِر ِ الص ِار ِة ِّ اء ،وإِ َم َالن َِّس ِ
ِ ِ ِ
�ان ال َي ْب َقى ف ِيهم من ال ُقرآن إال َر ْس ُ
�م ُه، وق�ال ك�رم اهلل وجهه :يأيت عىل الن ِ
َّاس َز َم ٌ
اب ِمن اهلُدَ ى، ِ ٍِ ِ اإلسلا ِم إال اس�م ُه ،مس ِ ِ
�اجدُ ُهم َيو َمئذ عام َر ٌة م�ن البِنَاءَ ،خ َ�ر ٌ ْ ُ َ َ وم�ن ِ ْ
((( روى أحمد في «مسنده» من حديث سهل بن سعد أن رسول الله mقال( :اللهم ال
يدركن�ي زم�ان ،أو ال تدركوا زمانا ،ال يتبع فيه العليم وال يس�تحي فيه من الحليم ،قلوبهم
قلوب األعاجم وألس�نتهم ألس�نة الع�رب ،هكذا والله حالهم فه�م أعاجم القلوب والميل
واله�وى ،ليس لهم من اإلسلام إال االس�م الذي س�ماهم به آباؤهم ،وال م�ن العروبة إال
اللسان).
وق�ال الديلم�ي في «مس�ند الف�ردوس» :أخبرنا أب�ي أخبرنا اب�ن النقور أخبرنا أبو س�عد
اإلس�ماعيلي ثن�ا أبوبك�ر محمد بن أحمد ب�ن حفص الدين�وري ثنا عبدالله اب�ن محمد بن
حمدان الدينوري ثنا إس�ماعيل بن توبة الثقفي ثنا خلف بن خليفة عن أبي هاش�م الروماني
عن زاذان عن س�لمان عن علي ش قال :قال رس�ول الله ( :mيأتي على الناس زمان ال
يتب�ع في�ه العالم ،وال يس�تحي فيه من الحليم ،وال يوقر فيه الكبي�ر ،وال يرحم فيه الصغير ،
يقتل بعضهم بعضا على الدنيا ،قلوبهم قلوب األعاجم وألسنتهم ألسنة العرب ،ال يعرفون
معروف�ا وال ينكرون منكرا ،يمش�ي الصالح فيهم مس�تخفيا ،أولئك ش�رار خلق الله ،وال
ينظر الله إليهم يوم القيامة).
95
ون الف ْتنَ� ُة وإِ َل ْي ِهم ت َْأ ِوي اخلَطِي َئ ُةَ ،ي ُر ُّد َ ضِ ،منْهم خَتْرج ِ
أهل األَ ْر ِ ُ ُ ُ ش ِ َّانا و ُع اَّم ُرها رَ ُّ ُس�ك هُ
ول اهللُ ُس ْب َحا َن ُهَ :فبِي َح َل ْف ُت ألَ ْب َع َث َّن ون َم ْن ت ََأ َّخ َر َعنْها إِ َل ْيهاَ ،ي ُق ُ َم ْن َش َّذ َعن َْها ،و َي ُسو ُق َ
ان ،و َقدْ َف َع َل ،ون َْح َن ن َْست َِق ُيل اهللَ َع ْث َر َة ال َغ ْف َل ِة. يم فيها َح َري َ ِ
َت ُك احلَل َ
ِ ِ
عىل ُأو َلئ َك ف ْتنَ ًة ت رْ ُ
رِ وقال كرم اهلل وجهه َ :ي ْأتيِ عىل الن ِ َ
وس فيه عىل ما يف وضَ ،ي ُع ُّض ا ُمل ُ ان َع ُض ٌ َّاس َز َم ٌ
ِ بذلِ َكَ ، َيدَ ِيه ولمَ ُي ْؤ َم ْر َ
ش ُار قال اهلل ُس ْب َحا َن ُه :ﮋ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﮊ َتن َْهدُّ فيه األَ رْ َ
ول اهللِ mعن َب ْي ِع ا ُمل ْض َط ِّري َن. ون ،و َقدْ هَنَى َر ُس ُ يار ،و ُي َب ِاي ُع ا ُمل ْض َط ُّر َ وت ُْست ََذ ُّل األَ ْخ ُ
ش األَ ْز ِمن َِة- -و ُه َو رَ ُّ
ِ ِ ِ
واقتراب الق َيا َمة َ
الز ِ
مان آخ ِر َّ وق�ال ك�رم اهلل وجهه :ي ْظهر يف ِ
َ َُ َ
الت إىل الفتَ�نَ ،م ِائ ٌ لات يف ِ اخ ٌ ين ،د ِ
ات م�ن الدِّ ِ َ
اري ٌ ِ
اتَ ،ع ِ َ َاش� َف ٌ�ات ك ِ َب َج ٌ �و ٌة ُمت رَ ِّ ن ْس َ
ِ
ات. مات ،يف َج َهن ََّم َخالِدَ ٌ َّت للمحر ِ ِ
ات إىل ال َّل َّذاتُ ،م ْستَحال ٌ ُ َّ
ِ س َع ٌ واتُ ،م رْ ِ الشه ِ
َّ َ
ِ وق�ال كرم اهلل وجه�ه :يأيت عىل الن ِ
الب، م�ان ُي ْقت َُل فيه ال ُع َلام ُء كما ُت ْقت َُل الك ُ َّاس َز ٌ َ
ان حَ َتا َم ُقوا. الزم ِ ِ
َف َيا َل ْي َت ال ُع َلام َء يف َذل َك َّ َ
وش ُه ُه�م َمتَا ُع ُهم، ونُم ،رَ َ ه ُه�م ُب ُط هُ وق�ال ك�رم اهلل وجهه :يأيت على الن ِ
َّاس َز َم ٌ
ان مَ ُّ َ
الق هلم ِعنْدَ ش اخلَ ْل ِق ،ال َخ َ ِ ِ
اه ُهم و َدنان ُري ُهمُ ،أ َولئ َك رَ ُّ
مِ ِ
اؤ ُهم ،ودينُهم َد َر ُ وق ْب َلت ُُهم نِ َس ُ ِ
اللهِ.
اع ِةالس َ
اب َّ ا ْقتِ َر ُ
ِ رِ ِ
الس�ا َعة :إذا َك ُث َر ُخ َط َبا ُء َمنَابِ ُركُمَ ،
ور َك َن ُع َل اَم ُؤكُم اب َّت ِقال كرم اهلل وجهه :من ا ْق َ َ
ِ
ون. َوهم بِام َي ْشت َُه َ
اللَ ،ف َأ ْفت ُ وح َّر ُموا َع َل ْي ِه ُم ا َ
حل َ إىل ُوالتكُمَ ،فأ َح ُّلوا هلم ا َ
حل َرا َمَ ،
96
امؤكُم لِ َي ْج ِل ُبوا بِ ِه َدنَانِ َريكُم الس�ا َع ِة :إذا َت َع َّل َم ُع َل ُ اب َّ ت ِ رِ ِ
وقال كرم اهلل وجهه :من ا ْق َ َ
رآن جِ َت َارةً. وات َْذت ُُم ال ُق َ اهكُم ،خَّ و َد َر َ
مِ
ي�ق بِالن ُُّجو ِم، �ة ،وت َْص ِد ٌ يف األَ ِئم ِ
َّ الس�ا َع ِةَ :ح ُ اب َّ ت ِ رِ ِ
وق�ال ك�رم اهلل وجهه :م�ن ا ْق َ َ
يب بِال َقدَ ِر. ِ
و َتكْذ ٌ
ِ وق�ال ك�رم اهلل وجهه ِ :من ا ْقِت�رِ َ ِ
الصالةَ، َّاس َأ َضا ُع�وا َّ ُ�م الن َ الس�ا َعة :إذا رأيت ُ اب َّ َ
وش� َّيدُ وا البِنَا َء، ِ
الر َش�اَ ، الر َبا ،و َأ َك ُلوا ِّ واس�ت ََح ُّلوا ال َك َبائ َر ،و َأ َك ُلوا ِّ و َأ َضا ُعوا األَ َما َن َةْ ،
الس�با ِع وات َُذوا ُج ُلو َد ِّ رآن َم َز ِام َري ،خَّ وات َُذوا ال ُق َ وا َّت َب ُعوا اهل َ َوى ،و َبا ُعوا الدِّ ي َن بالدُّ نْيا ،خَّ
ِ ِ ِ
اونُوا وت َ الزنَ�ا ،هَ َ جل ْو َر ،و َف َش�ا ِّ حل ِر َير لباس� ًا ،و َأ ْك َث ُ�روا ا َ صفاف� ًا ،وا َمل َس�اجدَ ُط ُرق� ًا ،وا َ
والو َل�دُ َغ ْيظ ًا ،و ُأ َم َرا ُء وصار ا َمل َط ُر َقيظ ًاَ ، َ ني، �و َن األَ ِم ُ ِ
لاق ،وا ْئتُم َن اخلَائ ُنَ ،و ُخ ِّ
ِ بِال َّط ِ
ت ال ُع َل اَم ُء ،و َك ُث َ�ر ال ُق َّرا ُء، َفج�رةٌ ،وو َزراء ك ََذب� ٌة ،و ُأمنَاء َخونَ� ٌة ،و ُعر َفاء َظ َلم� ٌة ،و َق َّل ِ
َ ُ َ ُ َ َ َ َ ُ َ ُ َ
ت ا َملنَابِر ،و َفس�دَ تِ �اجدُ ،و ُطو َل ِ ِ ِ
وز ْخ ِر َفت ا َمل َس ِ
وح ِّل َيت ا َمل َصاح ُ ِ ِ
َ ُ ِّ فُ ، َو َق َّلت ال ُف َقها ُءُ ،
�ت اخلم�ور ،و ُع ِّط َل ِ وشب ِ ت ا َمل َع ِ ُح َّل ِ َ�ات ،واس�ت ِ َ�ذوا ال َقين ِ
�ت ُُ ُ ف ،رُ ِ َ �از ُ ْ وات ُ �وب ،خَّ ال ُق ُل ُ
المَ�ر َأ ُة َز ْو َجها يف الت َِّج َار ِة، �اركَت ْ
ِ
وش َ ت ا َمل َواثِ ُيقَ ، الش�هور ،ون ُِق َض ِ
حلدُ و ُد ،و َن َق َصت ُّ ُ ُ
ِ
ا ُ
اءَ ،و ُح ِل َ ال والرج ُال بِالنِّس ِ ِ ِ ِ
ف بِ َغ ِري َ الر َج ِ ِّ َ الباذي َن ،وت ََش� َّبهت الن َِّس�ا ُء بِ ِّ ب الن َِّس�ا ُء رَ َ ورك َ َ
ِ
الر ُج ُل من َغ ِري َأ ْن ُي ْست َْش َهدَ ،وكَانَت َّ ِ
اعالزكَا ُة َم ْغ َرم ًا واألَ َما َن ُة َم ْغن ًام ،و َأ َط َ وش ِهدَ َّ اهللَِ ،
ات َم َو ِار َ وص َارت ِِ ِ
يث، اإل َم َار ُ عق ُأ َّم ُه ،و َق َّر َب َصدي َق ُه و َأ ْق ىَص َأ َب�ا ُهَ ، الر ُج ُ�ل ا ْم َر َأ َت ُه َو َّ َّ
الش ُط ،وصعدَ تِ ِ ِ ُ َ ِ ُ ِ ِ ِ
َ َ َ �رت رُّ َ شه ،و َك ُث ْ الر ُج ُل ا ِّت َقا َء رَ ِّ س�ب آخ ُر َهذه األ َّمة أ َّولهَ�ا ،وأكْر َم َّ َو َّ
وضي َق ِ
واس� َت ْغنَى وش� ِّيدَ البِنَا ُءْ ، اتُ ، ت ال ُّط ُر َق ُ انِّ ُ ، ِّيج َ الر َج ُال الت َ جل َّه ُال ا َملنَابِ َر ،و َلبِ َس ِّ ا ُ
ِ ِ الر َج ُال بِالر َج ِ
وص َار ْت َأ ْموا ُلكُم وض َّي ْعتُم َح َّق اللهِ يف َأ ْموالكُمَ ، ال ،والن َِّسا ُء بِالن َِّساءَ ، ِّ ِّ
س، رِ ِ
�ور يف ناديكُم ،و َلع ْبتُ�م با َمل ْي ِ ِ ش ِاركُ�م ،و َق َط ْعتُ�م َأ ْر َحا َمكُ�م ،رَ ِ رِ
وش ْبتُم اخلُ ُم َ عن�دَ َ
ور َأ ْيت ُُموها َم ْغرم ًا، جيكُم َزكَا َتكُ�م َ او َ ير ،و َمنَ ْعتُم حَم ِ وض ْبتُ�م بال َكَب�رَ ِ والمَ ْع َز َف ِة وا َمل َز ِام ِ
رَ َ
اط، بيد والس� َق ِ واؤكُم ،وصار الع َطاء يف الع ِ واخ َت َل َف ْت َأ ْه ُ يظ ال َعا َّم َةْ ، البي ُء لِ َي ِغ َ َو ُقتِ َل رَ ِ
ِّ َ َ َ ُ
َاي ُيل وا َمل ِ ت ا َملك ِ و ُط ِّف َف ِ
الس َفها ُء. وركُم ُّ ليت ُأ ُم َ وازي ُنَ ،و َو ْ َ
والق�ارئ بعم�ق وط�ول مالحظة لحي�اة اإلمام عل�ي vيجد كاف�ة تصرفاته
ومواقفه قائمة على االلتزام بالنصوص في حربه وس�لمه ،ونصوص فقه عالمات
97
الساعة هي أصل منهجه الشرعي في معالجة األمور السياسية ومنهجه الفكري ،..
ولم يتصرف يوم ًا بدافع طبعه ورغبته الذاتية ال في موقع الحكم وال في موقع قرار
العل�م ،ب�ل يكاد أن يتميز عن كثير من أصحاب رس�ول الله ى في هذه المس�ألة
ما س�وى مواقف تعد بأصابع الكف الواحدة اضطر أن يتخذ فيها موقف ًا ذاتي ًا بدافع
الغي�رة كما هي في عدم محوه اس�م النبي ى من وثيقة صل�ح الحديبية حتى أخذ
النبي الصحيفة ومحا اسمه بيده .
والق�ارئ ف�ي مجموع س�يرة اإلمام عل�ي ومناقبه س�يرى ال�دالالت والمواقف
الخاص�ة بفقه التحوالت والعلم بعالمات الس�اعة ومس�تقبل الزمان بادية واضحة
كل الوضوح ..
حتى إن الباحث (جوزأونيل) في كتابه القصة الحقيقة للهندسة الذرية أشار إلى
اإلمام علي وثاقب نظره واطالعه العلمي على مستجدات علوم آخر الزمان فقال:
(إن أحد النقط المتألألة في القرون الوسطى تأتي من العالم اإلسالمي حيث نجد
م�ا س�طره قلم علي أبو الحس�ن صه�ر محمد ـ ويعني به س�يدنا عل�ي vـ أبا
فلقت الذرة أي ذرة تجد في قلبها شمس ًا) وإن هذا
َ الحس�ن والحس�ين يقول ( :إذا
يدل على بصيرته الصافية قد اس�تطاعت أن تلمح حقيقة النظام الشمس�ي الحديث
في الذرة.
إذن فمجمل القول أن اطالع اإلمام علي vعلى دقائق هذا العلم المعروف
بعلم عالمات الس�اعة وعلم المتغيرات وعلم فقه التح�والت كان بمثابة البوصلة
التي يتحرك من خاللها ويحرك سفينة الحكم والعلم سر مجريات الفتن وتقلبات
المراحل ملتزم ًا (منهج التوازن الوسطي المشروع) ال مجامال وال جبانا وال نكوصا
ع�ن الحق ونصرته ..وظل هذا المنهج عين الس�لوك ألبنائه وأس�رته بالخصوص
وكل منهم أخذ منه بمقدار اجتهاده فيما قدر له وخلقه الله من أجله ..
وهذا ما يحتاج منا إلى إعادة دراس�ة هذه المواقف وعزلها عن مواقف المحبين
وعامة المتكلمين عن آل الكساء nوأرضاهم .
98
فالتعليلات المطروح�ة في س�احة المحبين خرجت عن الت�وازن إلى اإلفراط،
والتعليلات المطروح�ة في س�احة المبغضي�ن والبغاة قص�رت عن الت�وازن إلى
التفري�ط ،المفض�ي إل�ى الوق�وع في المح�ذور ،وقد وقع�وا فيه ..وص�ار كل من
الفريقين يدافع عن موقفه ال عن موقف آل البيت ،حتى بلغ األمر مبلغه إلى ما نراه
ونسمعه في عصرنا من تجييش كل فريق منهم ضد اآلخر إلى اليوم وإلى أن يقضي
الله أمرا كان مفعوال ..
إن ق�راءة المحبين لإلم�ام علي ومنهج اإلمام علي والراغبي�ن في األخذ بمبادئه
وأس�لوبه ف�ي ري�ادة الحكم والعل�م يجب عليه�م أن ينظ�روا إلى مواقف�ه بمنظار
سلوكه وعلمه وحكمه ..وهذا هو عين المحبة ،وأما أن تكون المحبة لإلمام علي
ولمنهجه وسلوكه تطبيقا عكس�ي ًا يبرز طباع المفرطين وطموحاتهم وانفعاالتهم ،
وتصب�ح األمة بهذا الطباع عرض�ة للنبز والهمز والتكفير واللعن والتربص وس�وء
تعليل المواقف والتصورات فهذا أمر قد كلف آل البيت أنفس�هم مدفوعات كبيرة
وخطيرة ،ولعل أكثرها خطرا دفعهم إلى أن يكونوا س�فن غرق الذم والدم وليسوا
سفن نجاة ..ولألسف .
فهل من مستبصر ..
99
ف
ا � �ل ما� �ع��ل�� � ��� vم��ح ا � ا �ل��ع����ود���ة ا ��خل�� ا� �ل���ص��ة
�رب ب ي ي إ مي
�
من معاين (الصديق األكرب)بلوغ اإلمام عيل vإىل أعىل مراتب الصديقية
الكربى وهو بال مراء جدير هبا وأهلها ،وقد عرب عنها vيف بعض كالمه،
كقول�ه « :لو كش�ف الغطاء م�ا ازددت يقين�ا» ،فاليقني الكامل قد اس�توعب
رشوط�ه وعرف خباياه ،وهو عني مدلول هذا العلم فيام يعرفونه بحق اليقني،
وها هو يناجي ربه يف بعض أدعيته فيقول يف دعاء ِ
العزة:
«ريب أوقفني موقف العز والكامل والبهجة واجلالل حتى ال أجد ّيف ذرة وال
دقيق�ة إال وق�د غش�اها من عز عزك م�ا يمنعها عن الذل لغريك ،حتى أش�اهدُ
ذل من س�واي لعزيت بك ،مؤ ّيد ًا برقيقة من الرعب خيضع هلا كل شيطان مريد ّ
يبس�ط لس�ان االعرتاف ، ُ علي ّ
ذل العبودية يف العزة بقا ًء وجب�ار عني�د ،وأبق ّ
ويقبض لس�ان الدع�وى إنك أنت العزيز اجلبار املتكبر القهار ،وقل احلمد هلل
ال�ذي مل يتخ�ذ ولد ًا ومل يكن له رشيك يف امللك ومل يكن له و ّيل من الذل وكربه
تكبريا ،س�بحان ربك رب العزة عام يصفون وسلام عىل املرس�لني واحلمد هلل
رب العاملني» .
«رب ال تكلني إىل أح�د ،وال حَ ُت ْجني إىل ويف مناج�اة أخ�رى يقول ِّ : v
أح�دَ ،و َأ ْغنِنِ�ي عن كل أح�د ،يا من إليه املس�تند وعليه املعتم�د ،وهو الواحد
ونجني
بيدي من الضالل إىل الرشد ِّ ، الفرد الصمد ال رشيك له وال ولد ،خذ َّ
من كل ضيق ونكد» .
ول�ه أيض� ًا vدع�اء يع�رف بدعاء الف�رج وهو « :ي�ا كهيعص ي�ا نور يا
ق�دوس ي�ا حي يا اهلل يا رمحن (ثالث ًا) اغفر يل الذن�وب التي حتل النقم ،واغفر
يل الذن�وب الت�ي تغري النع�م ،واغفر يل الذنوب التي ت�ورث الندم ،واغفر يل
القس�م ،واغفر الذن�وب التي هتتك العص�م ،واغفر يل الذن�وب الت�ي حتبس ِ
الذن�وب الت�ي تن�زل البالء ،واغف�ر يل الذنوب الت�ي تعجل الفن�اء ،واغفر يل
الذن�وب الت�ي ت ُِد ُيل األعداء ،واغفر يل الذنوب الت�ي تقطع الرجاء ،واغفر يل
100
الذنوب التي ترد الدعاء ،واغفر الذنوب التي متس�ك غيث السماء ،واغفر يل
الذنوب التي ُت ْظ ِل ُم اهلواء ،واغفر يل الذنوب التي تكشف الغطاء» (((.
وله أيض ًا دعاء يسمى دعاء املعراج لكشف الشدائد والنوائب وهو « :اللهم
إين أس�ألك ي�ا من أقر له بالعبودية كل معب�ود ،يا من حيمده كل حممود ،يا من
يفزع إليه كل جمهود ،يا من يطلب منه كل مقصود ،يا من سائله من فضله غري
�ؤالِ ِه غري مس�دود ،يا من هو غري حمصور وال حمدود ،يا مردود ،يا من بابه لِ ُس َّ
من عطاؤه غري ممنون وال منكود ،يا من هو ملن َد َعا ُه دائ ًام مقصود ،يا من رجاء
عب�اده بحبل�ه مش�دود ،يا من ليس له ش�بيه وال مثال موجود ،ي�ا من ليس له
وال�د وليس بمولود ،يا من ليس يوصف بقيام وال بقعود وال حركة وال مجود
،يا اهلل يا رمحن يا رحيم يا ودود يا رحيم الش�يخ الكبري يعقوب ،يا غافر ذنب
داود ،يا كاش�ف رض أيوب ،يا منجي إبراهيم من نار النمرود ،يا من ليس له
رشي�ك وال مع�ه أحد مقص�ود ،يا من ال خيلف الوعد ويعف�و عن املوعود ،يا
م�ن ب�ره ورزقه للعاصني ممدود ،يا من هو بر حلي�م ونعم املقصود ،يا من هو
ملجأ كل ملهوف ومطرود ،يا من أذعن له مجيع خلقه بالسجود ،يا من ليس
ع�ن ب�اب جوده أحد مطرود ،يا من ليس عن باب كرمه س�ائل مفقود ،يا من
ال حيي�ف يف حكم�ه وحيلم عن الظامل اجلحود ،ارحم عب�د ًا ظامل ًا خمطئ ًا مل يوف
بالعهود ،إنك فعال ملا تريد ،وأنت املقصود .
يا اهلل (ثالث ًا) يا رب (ثالث ًا) يا رمحن (ثالث ًا) يا رحيم (ثالث ًا) يا ودود ارمحني
برمحتك يا أرحم الرامحني يا رب يا معبود .
الله�م إين أس�ألك بحرمة هذا الدع�اء وعظمته عندك أن تصيل وتس�لم عىل
س�يدنا حممد وعىل آل سيدنا حممد وأن تغفر يل ولوالدي وللمسلمني أمجعني»،
ُقض ِ
بإذن اهلل. ثم ُ
يسأل اهللَ تعاىل حاج َت ُه فإهنا ت ىَ
وينسب إليه vدعاء آخر وهو « :اللهم ضمناك أنفسنا وأموالنا وأوالدنا
وأهلينا وذوي أرحامنا ومن أحاطت به شفقة قلوبنا وجدرات بيوتنا ومن معنا
وم�ا معن�ا ،وكل ما أنعم�ت به علينا ،فكن لنا وهلم حافظ ًا يا خري مس�تودع يف
((( رواه ابن أبي الدنيا في الفرج ( )68والهندي في كنز العمال (.)4999
101
الدين والدنيا واآلخرة ،وصىل اهلل عىل سيدنا حممد وآله وصحبه وسلم يف كل
حلظة أبد ًا عدد نعم اهلل وإفضاله».
ول�ه ريض اهلل عن�ه صيغة للصالة النبوية مأثورة وهي ه�ذه :صلوات اهلل ومالئكتِه
خلق�ه عىل حممد ِ
وآل حمم�د وعليه وعليهم السلام ورمحة اهلل ورس�له ومجي ِع ِ
ِ ِ
وأنبيائ�ه
وبركاته((( .
السفر للمسافر وما معه ،وهو هذا : ِ جمر ٌب للحفظ فيِ ومنها دعاء السفر ،وهو َّ
ِ ِ
1.1سورة الفاحتة (ثالث ًا ) .اللهم س ِّل ْمني َو َس ِّل ْم ما معي واح َف ْظني واحفظ ما معي
وب ِّل ْغنِي و َب ِّل ْغ ما معي ( ثالث ًا ) .
2 .ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﮊ ( ثَلاَ َث ًا ) .اللهم س ِّل ْمنِي َو َس ِّل ْم ما معي واح َف ْظنِي
واحفظ ما معي وب ِّل ْغنِي و َب ِّل ْغ ما معي ( ثالث ًا ) .
3.3آ َي ُة الك ُْر يِس (ثَلاَ َث ًا ) .اللهم س ِّل ْمنِي َو َس ِّل ْم ما معي واح َف ْظنِي واحفظ ما معي
وب ِّل ْغنِي و َب ِّل ْغ ما معي ( ثالث ًا ) .
اإل ْخلاَ ص (ثَلاَ َث ًا) .اللهم س� ِّل ْمنِي َو َس ِّل ْم ما معي واح َف ْظنِي واحفظ ما معي ِ 4.4
وب ِّل ْغنِي و َب ِّل ْغ ما معي ( ثالث ًا ) .
5 .ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﮊ .
أليس هو اإلمام العابد الزاهد املتململ يف صالة ليله متلمل السليم ،ورد أنه
vليلة صفني كان يصيل من ليله ويقول« :يا دنيا غري غريي لقد طلقتك
ثالث ًا».
وكان يل�ح عىل أتباعه وأش�ياعه أن ينبذوا لغلو واالندف�اع يف املحبة والوالء
فه�ا ه�و يق�ول « :ال تتجاوزوا بن�ا العبودية ،ثم قول�وا فينا ما ش�ئتم ،وإياكم
والغلو كغلوا النصارى فإين بريئ من الغالني» .
وق�ال « : vإياكم والغلو فينا ،قولوا :إنا مربوبون ،واعتقدوا يف فضلنا
ما شئتم» .
وقال « : vهلك َّيف رجالن ..حمب غال ،ومبغض قال».
((( األدعية التالية من كتاب ربيع األسرار ،جمع قسم التحقيق بدار األصول..
102
� ا � ا �ع�ت�� ا ا �آ� �خ�� �ة ��
ا � �لإ ما� ع�ل��� vو ل ب� ر ب� ل ر
مي
قال vيف اإلكثار من ذكر املوت: َ
بين َيدَ ِي اهللِ َع َّز
يامكُم َ وق ِ ورِ ، وجكُ�م ِمن ال ُق ُب ِ وت ،و َيوم ُخر ِ َأكْثِ�روا ِذكْ�ر ا َمل ِ
َ ُ َ ُ
ِ
ب.ون َع َل ْيكُم ا َمل َصائ ُ
َو َج َّل هَ ُت ُ
وت َرضيِ َ ِمن الدُّ نيا بال َي ِس ِري. وقال : vمن َأ ْك َثر ِمن ِذك ِْر ا َمل ِ
َ َ
وإن َأ ْض َم ْرتُم َع ِل َم، ِ
إن ُق ْلتُم َسم َعْ ، ِ
َّاس ،ا َّت ُقوا اهللَ ا َّلذي ْ َ
وقال : vهُّأيا الن ُ
وإن ن َِس�يت ُُموهوإن َأ َق ْمتُم َأ َخ َذكُمْ ، إن َه َر ْبتُم منه َأ ْد َر َككُمْ ، وباد ُروا ا َمل ْو َت ا َّل ِذي ْ
ِ
َذك ََركُم.
املوت. ِ
اآلخرة وباب ِ
دار باب لكل ٍ
وقال ِّ : v
َ
ُ ُ دار ٌ
وذك ِْر ما هَتجم ِ
عليه وتِ ، ْ�ر ا َمل ِ
�ن :يا ُبنِ َّيَ ،أكْثِ ْر ِمن ِذك ِوقال vال ْبنِ ِه احلَ َس ِ َ
ْ ُ ُ
وش�دَ ْد َت له �ذ َت منه ِح ْذ َر َكَ ، وت إلي�هَ ،حتَّ�ى َي ْأتِ َي َك وقد َأ َخ ْ ِض� بع�دَ ا َمل ِ و ُت ْف يِ
َأ ْز َر َك ،وال َي ْأتِ َي َك َب ْغ َت ًة َف ْي َب َه َر َك.
وم ْن ِش ْع ِر ِه كرم اهلل وجهه : ِ
يل إىل َأ ْن ال ت ََرى َأ َحد ًا السبِ ُ
َه َذا َّ املوت ال َوالِد ًا ُي ْب ِقي وال َو َلد ًا ُ
ي ُلدْ لأِ ُ َّمتِ ِه لو َخ َّلدَ اهللُ َخ ْلق ًا َق ْب َل ُه َخ َلدَ ا �ان النَّبِ ُّي ومل خَ ْ ك� َ
غري َخاطِئ ٍَة َم ْن َفا َت ُه اليو َم َس ْه ٌم مل َي ُف ْت ُه َغدَ ا ِ ِ ِ
ل ْل َموت فينا س َها ٌم ُ
ِ
103
ب ا َملنِ َّي ِة، ِ ِ
َأن قد َعل َق ْتكُم مخَ َال ُ ظ ،ف�ك ْ اع ِوازد ِجروا بالن ُُّذ ِر ،وا ْنت َِفعوا با َملو ِ
َ ُ �رُ َ ْ ، واأل َث ِ
ور و َب ْع َث َر ِة ال ُق ُب ِ
ور الص ِ ِ
ور بِنَ ْف َخة ُّ عات األُ ُم ِ ه ْتكُم ُم َق َّط ُ اب و َد مَ َ الت ِ
وض َّمكُ�م َب ْي ُت رُّ َ َ
ِ
س َم َعها َس�ائ ٌق ار ،ك ُُّل َن ْف ٍ ِ ِ
�اب بِإِ َحا َطة ُقدْ َرة اجل َّب ِ ِ
ش و َموقف احل َس ِ ِ ِ ِ
وس�يا َقة ا َمل ْح رَ ِ ِ
�هدُ عليها بِ َع َم ِلها :ﮋ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ وشاهدٌ َي ْش َ
شهاِ َ ، َي ُسو ُقها َلمِ ْح رَ ِ
ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﮊ
�ف عن س ٍ
�اق َ َّالق وك ُِش َ وكان يوم الت ِ
َ َ
الد ،ونادى ا ُملن ِ
َاد، َ
فار جَ َّت ْت لِ َذلِ َك اليو ِم البِ ِ
ْ
ِ ِ
مكان َم َواط َن احلَ رْ ِ ِ رِ ِ
س ُار، ش ،وبدَ ت األَ رْ َ َ وشالو ُح ُ شت ُ وح َ �م ُس ُ الش ْ وك ََس َفت َّ
ت األَ ْف ِئدَ ةُ. َت األَ رْشار ،وار جَ َّت ِ
َ ُ ْ
وه َلك ِ
َ
ار ُة ُ
الق ُبو ِر ِ
الع ْب َر ُة في ِز َي َ
ليل ،وا ْغ ِس ِل اآلخ َرةَ ،وال ت َُزرها بِا َّل ِ قال vأليب َذرُ :ز ِر ال ُقبور ،ت َْذكُر هبا ِ
ُ ُ َ ٍّ َ
لعل َذلِ َك يحُ ْ ِزن َُكَ ،فإِ َّن احلَ ِزي َن يف ظِ ِّل وص ِّل على اجلَن َِائ ِز َّ ا َملوتَ�ى َيت ََح َّر ْك َق ْل ُب َكَ ،
اهللِ َت َعاىل.
ِ
ين و َد َخ َل َأ َوائ َ�ل الكُو َفة رأى َق رْب ًا َ ِ ِ ِ
ب َمن فق�الَ :ق رْ ُ �ع vمن ص ِّف َ و ّمل�ا َر َج َ
عليه وقالَ :ر ِح َم اهللُ َخ َّباب ًاَ ،أ ْس� َلم ف ِ بن األَ َر ِّت َ ،ف َو َق َ اب ِ ب َخ َّب ِ هذا؟ فقالواَ :ق رْ ُ
وأن اهللَ ال آخ�ر ًا ،أالَ َّ �م ِه ِ اهد ًا ،وابت يُِل يف ِجس ِ وعاش مجُ َ َِ وهاج َ�ر َط ِائع ًا، اغب� ًا، ر ِ
ْ ْ َ َ َ
ف عليها، ورَ ،ف َجا َء َحتَّى َو َق َ يع َأ ْج َر َمن َأ ْح َس� َن َع َمالُ ،ث َّم َم َشى فإذا ُه َو بِ ُق ُب ٍ ِ
ُيض ُ
ِ ِ ِ
يار ا ُملوح َش�ة ،وا َمل َح ِّال ا ُمل ْقف َرةَ ،أ ْنتُم لنا َس� َل ٌ ِ
ف السلا ُم عليكُ�م َأ ْه َل الدِّ َ وقالَّ : َ
او ْز َعنَّا وت َون ،ال َّل ُه َّم ا ْغ ِفر َلنَا وهلُ�م ،جَ َ الح ُق َ ي�ل ِ ون َْح� ُن َلكُ�م َت َب ٌع ،وبِكُم َع اَّم َق ِل ٍ
ورضيِ َ َعن ِ احلس ِ ِ ِ ِ ِ لمِ
�اب و َقن َع بال َك َفاف َ و َعن ُْهمُ ،طوبى َ ْن َذك ََر ا َمل َعا َد و َعم َل ل َيو ِم َ
�ور ،أما األَ ْزواج َف َقدْ ن ِ
�ت ،وأ َّما الدِّ َي ُار فقد ُك َح ْ َ ُ �م قال :يا َأ ْه َل ال ُق ُب ِ ّ اهللِ َت َع�اىلُ ،ث َّ
�م ْتَ ،ه َذا ما ِعنْدَ نا ،فما ِعنْدَ كُم؟ ُث َّم ال َت َف َت إىل وال َف َقدْ ُق ِّس َ �كن َْت ،وأ َّما األَ ْم ُ س ِ
ُ
ِ
الزاد ال َّت ْقوى. وقال :أ َما إ هَّنُم لو َت َك َّل ُموا َل َقا ُلوا َ :و َجدْ نَا َخ َري َّ ِ ِ
َأ ْص َحابه َِ
وح َش ِيار ا ُمل ِ السلا ُم َع َليكُ�م يا َأ ْه َل الدِّ ِ ب ٍة َ
�ة وا َمل َح ِّال فقالَّ : وم�ر vبِ َم ْق رَ َ َّ
ني وا ُملس�لامت ،أنت ُْم لن�ا َف َر ٌط ونح ُن ِ ِ ِ ِ ِ
ني وا ُملؤمنَات ،وا ُمل ْس�لم َ ِ ا ُمل ْق ِف َ�رة م� َن ا ُمل ْؤمن َ
ِ ِ ِ ِ
104
مان َق ِص ٍري ،ال َّلهم ِ يل ونَلح ُق بِكُم بعدَ َز ٍ وركُم َعَّم�اَّ َق ِل ٍ
اغف ْر لنا ولهَ ُم ُ َّ َ ُ�م َت َب ٌع ،ن َُز ُ َلك ْ
�ذي َج َع َ�ل األَ ْر َض ِك َفات ًاَ ،أ ْحي�ا ًء و َأ ْموات ًا، ،وجت�او ْز عنَّ�ا و َعنْه�م ،احلمدُ هللِ ا َّل ِ
َْ ُ َ
ِ
عاشنَا وإليها ُيعيدُ نا َ ،ف ُطو َبى واحلَ ْمدُ هللِ الذي منْها َخ َل َقنَا وعليها ممَ ْ َشانَا وفيها َم ُ ِ
اب. لح َس ِ اف وأعَدَّ لِ ِ َلمِن َذكَر ا َملعاد و َقنِع بال َك َف ِ
َ ْ َ َ َ
ان ِصدْ ٍق، فقال :إِنيِّ َأ ِجدُ ُهم ِج َري َ ِ
بةَ؟ َ او ْر َت ا َمل ْق رَ َ وس�ئ َل : vما َش ْأن َُك َج َ ُ
ِ
ِّرون اآلخ َرةَ. ِ
ون األَ ْلسنَ َة و ُيذك َ ِ َي ُك ُّف َ
ني َز َار ال ُق ُب َ
ور: ومن ِش ْع ِرهِ vح َ ِ
سيلِ ُسوا يف ا َمل َجالِ ِ ك ََأ هَّنُ ُم مل جَ ْ سوار ِ ورالدَّ ِ سال ٌمعىل َأ ْه ِلال ُق ُب ِ
س ب و َيابِ ِ ش َب ًة ومل َي ْأ ُك ُلوا ِمن َخ ِري َر ْط ٍ ِ ِ ِ
ش ُبوا من َبارد ا َملاء رَ ْ
ِ
ومل َي رْ َ
س اذخِ ا ُمل َتنَافِ ِ ون َأين َقب َذلِيلِكُم و َق ِب الع ِز ِيز الب ِ
َ َ رْ ْ َ رْ ُ
أال َخ�ِّب�رِّ يِ
ُ
ُ�ول س إىل َم ْث َ الز ْهر ِاء ال َبت ِ ِ ِ
واها الس� ِّيدَ َة َفاط َم� َة َّ َ ومل�ا َو َّد َع َز ْو َجتَ� ُه ال َّطاه َر َة َّ
احلبيب ا ُملص َط َف�ى mلِ ِز ِ ِ �ب إىل َق رْ ِب األَ ِ
يك يا السلا ُم َع َل َ يارته قائالًَّ : َ ِ ْ خيرَ ،ذ َه َ
قل يا اق بِ َكَّ ، َار هلا س َع� َة ال َّل َح ِ
رُ ْ
�ك وا ُمل ْخت ِ وز ِائ َرتِ َ وعن ا ْبنَتِ َك َ �ول اهللِ َعنِّ�ي ِ َر ُس َ
س بِ ُس�نَّتِ َك، أن يل الت ََّأ يِّ َ �ك َص رْ ِبي ،و َق َّل َعنْها جَ َت ُّل ِدي ،إلاَّ ّ �ول اهللِ عن َص ِف َّيتِ َ َر ُس َ
ِ �ك مو ِض�ع َتع ٍّ�ز ،إِنَّ�ا هللِ وإِنَّا ِ ِ
الودي َع ُةاسُت�رُ ِج َعت َ ون ،ق�د ْ اج ُع َ إلي�ه ر ِ
َ َ ُ َ ويف ُف ْر َقت َ َ ْ
ت الر ِهينَ ُة ،واخت ُِلس ِ و ُأ ِخ َذ ِ
ول اهللِ، با َء يا َر ُس َ ضا َء وال َغ رْ َ الز ْه َرا ُء ،فام َأ ْق َب َح اخلَ رْ َ ت َّ َ َّ
ب ُح َذلِ َك ِم ْن َق ْلبِي َحتَّى يخَ ْ ت ََار اهللُ يل �هدٌ ،وال َي رْ َ س َمدٌ ،وأ َّما َل ِي يْل َف ُم َس َّ أ َّما ُح ْزين َف رَ ْ
يم. ِ َد َار َك ا َّلتِي َأن َ
ْت هبا ُمق ٌ
105
أ �ت ��ق
�vم�� �� ا � �ل ما� ع�ل�� ب�� ن � ��� �طا� �ل�
� � � � �
� ب � �ب ي ل إ مي
مقتل اإلمام علي
ثمرة مؤامرات
كان أث�ر معرك�ة النه�روان ش�ديدة على من بقي م�ن الخوارج ،وق�د تفرقوا بعد الخوارج
المعرك�ة هاربي�ن في أفجاج األرض ،وروت كتب الس�ير اجتماع ع�دد منهم بعد
الهزيم�ة وعابوا أنفس�هم عل�ى مواقفهم وترحموا عل�ى قتالهم ،وقال�وا ما نصنع
بالبقاء بعدهم ش�يئ ًا ،فلو ش�رينا أنفس�نا وأتينا أئمة الضاللة فالتمسنا قتلهم فأرحنا
منه�م البالد ،وثأرنا بهم إخواننا ،وقال اب�ن ملجم :أنا أكفيكم علي بن أبي طالب
،وق�ال الب�راك ب�ن عبد ال ّٰل�ه :وأنا أكفيكم معاوي�ة ،وقال عمرو بن أب�ي بكر :وأنا
أكفيك�م عم�رو بن الع�اص ،فتعاهدوا وتواثق�وا بال ّٰله ال ينكص رج�ل منا صاحبه
وس�موها واتّعدوا لس�بع ّ ال�ذي توج�ه إليه يقتله أو يموت دونه ،فأخذوا أس�يافهم
ب كل واحد منهم على صاحبه الذي توجه إليه. ِ
عشرة تخلوا من رمضان أن َيث َ
ق�ال اب�ن الحنفية :إني كنت وال ّٰل�ه ألصلي تلك الليلة التي ض�رب فيها علي في
المس�جد األعظم في رجال كثير من أهل المصر يصلون قريب ًا من الس�دة ما هم إال
قيام وركوع وس�جود ،وما يس�امون من أول الليل إلى آخره ،إ ْذ خرج علي لصالة
الغداة فجعل ينادي :أيها الناس الصالة الصالة ،فما أدري أخرج من السدة فتكلم
به�ذه الكلمات أم ال ،فنظرت إلى بريق ،وس�معت (الحكم ل ّٰله يا علي ال لك وال
ألصحابك) فرأيت سيف ًا ،ثم رأيت ثانيا ،ثم سمعت عليا يقول :ال يفوتنكم الرجل
،وشدّ الناس عليه من كل جانب ،قال :فلم أبرح حتى ُأخذ ابن ملجم و ُأدخل على
عل�ي فدخل�ت فيمن دخل من الناس ،فس�معت علي ًا يقول النف�س بالنفس ،أنا إن
مت فاقتلوه كما قتلني ،وإن بقيت رأيت فيه رأيي) (((.
ثم دعا اإلمام علي بأبنائه الحس�ن والحسين وقال ( :أوصيكما بتقوى ال ّٰله ،وأالّ
وصية اإلمام علي
تبغيا الدنيا وإن َب َغ ْتكُما ،وال تبكيا على ش�يء زوي عنكما ،وقوال الحق ،وارحما ألبنائه
اليتي�م ،وأغيث�ا المله�وف ،واصنع�ا لآلخرة ،وكون�ا للظالم خصم� ًا ،وللمظلوم
106
ناص�را ،واعملا بم�ا ف�ي الكت�اب وال تأخذكما في ال ّٰل�ه لومة الئم) ،ث�م نظر إلى
محمد بن الحنفية ،وكان حاضر ًا فقال ( :هل حفظت ما أوصيت به أخويك؟ قال:
نعم ،قال :فإني أوصيك بمثله وأوصيك بتوقير أخويك لعظم حقهما عليك ،فاتبع
أمرهما ،وال تقطع أمر ًا دونهما ،ثم قال للحس�ن والحس�ين :أو صيكما به فإنه ابن
أبيكما ،وقد علمتما أن أباكما كان يحبه)((( .
ث�م لم�ا حضرته الوفاة كت�ب وصيته العامة ( :بس�م ال ّٰله الرحم�ن الرحيم هذا ما وصية اإلمام علي
عند الوفاة أوص�ى ب�ه علي بن أب�ي طالب أوصى أن يش�هد أن ال إله إال ال ّٰله وحده ال ش�ريك
له وأن محمدا عبده ورس�وله أرس�له باله�دى ودين الحق ليظهره عل�ى الدين كله
ول�و كره المش�ركون ،ثم إن صالتي ونس�كي ومحياي ومماتي ل ّٰل�ه رب العالمين
ال ش�ريك له وبذلك أمرت وأنا من المس�لمين ،ثم أوصيكما يا حس�ن ويا حس�ين
وي�ا جمي�ع أهلي وولدي وم�ن بلغه كتابي بتق�وى ال ّٰله ربكم وال تموت�ن إال وأنتم
مس�لمون ،واعتصموا بحبل ال ّٰله جميعا وال تفرقوا فإني س�معت رس�ول ال ّٰله ى
يق�ول :إن صلاح ذات البين أعظم م�ن عامة الصالة والصي�ام ،وانظروا إلى ذوي
أرحامك�م فصلوهم يه�ون ال ّٰله عليكم الحس�اب ،وال ّٰله ال ّٰله في األيت�ام ال يضي ُع َّن
بحضرتك�م ،وال ّٰل�ه ال ّٰله ف�ي الصالة فإنها عمود دينك�م ،وال ّٰله ال ّٰله ف�ي الزكاة فإنها
تطفئ غضب الرب ،وال ّٰله ال ّٰله في الفقراء والمس�اكين فأش�ركوهم في معايش�كم،
وال ّٰله ال ّٰله في القرآن ال يس�بقنكم بالعمل به غيركم ،وال ّٰله ال ّٰله في الجهاد في س�بيل
ال ّٰل�ه بأموالكم وأنفس�كم ،وال ّٰله ال ّٰله في بيت ربك�م ال يخ ُل َو َّن ما بقيتم ،فإنه إن ترك
ل�م تناظروا ،وال ّٰله ال ّٰله في ذمة نبيكم ى فلا ُت ْظ َل َم َّن بين ظهرانيكم ،وال ّٰله ال ّٰله في
جيرانك�م فإنهم وصية نبيكم ى قال :م�ا زال جبريل يوصيني بهم حتى ظننت أنه
سيورثهم ،ال ّٰله ال ّٰله في أصحاب نبيكم ى فإنه أوصى بهم ،وال ّٰله ال ّٰله في الضعيفين
من النس�اء وما ملكت أيمانكم ،الصالة الصلاة ،ال تخافن في ال ّٰله لومة الئم ،ال ّٰله
يكفيك�م من أرادكم وبغى عليك�م (ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ
107
ﯬ) [البق�رة ]83 :كم�ا أمركم ال ّٰل�ه ،وال تتركوا األم�ر بالمعروف والنهي
ش�راركم ثم تَدْ ُعون وال يستجاب لكم ،عليكم بالتواصل ُ أمركمعن المنكر ف ُيولى َ
ب�ر َوال َّت ْق َوى َوالَ اونُو ْا َع َلى ا ْل ِّ
والتب�ادل ،إياك�م والتقاطع والتداب�ر والتف�رق َ { :و َت َع َ
ان َوا َّت ُقو ْا ال ّل َه إِ َّن ال ّل َه َش ِديدُ ا ْل ِع َقاب}[المائدة . ]2 :
اإل ْث ِم وا ْلعدْ و ِ
اونُو ْا َع َلى ِ َ ُ َ َت َع َ
حفظك�م ال ّٰل�ه من أهل بي�ت ،وحفظ فيكم نبيك�م ى ،أس�تودعكم ال ّٰله وأقرأ
عليكم السالم)((( .
الرجل أي :بن ملجم ف�إن مت فاقتلوه َ وق�ال vموصي� ًا من حوله :احبس�وا
وإن أعش فالجروح قصاص ،وفي رواية (يا بني عبد الطلب ال ألفينكم تخوضون
في دماء المس�لمين تقول�ون :قتل أمير المؤمنين قتل أمير المؤمني�ن ،أال ال ُي ْق َت َل َّن
انظر يا حسن إن ِم ُّت من ضربته هذه فاضربه ضرب ًة بضربة وال تم ّثل بالرجل ،فإني
والمثلة ولو أنها بالكلب العقور»(((. سمعت رسول ال ّٰلهى يقول « :إياكم ُ
وأم�ا الرجلان اآلخران الل�ذان أرادا قت�ل معاوية واب�ن العاص فل�م يصال إلى
بغيتهما حيث وقعت الضربة من معاوية في مؤخرة جس�مه وبرء منها ،وأما عمرو
ب�ن العاص فلم يخرج تلك الليلة وكان يش�تكي من بطن�ه ،وقتل مكانه خارجة بن
حذافة صاحب شرطته إذ أمره عمرو ان يصلي بالناس بدالً عنه فضربه الرجل ظان ًا
أنه ابن العاص ،ثم قبض عليه وقتل ،كما قتل صاحب معاوية .
وكان�ت مدة خالفة اإلمام علي أربع س�نين وتس�عة أش�هر وس�تة أي�ام وقيل غير مدة خالفة اإلمام
ذلك ،وكانت وفاته يوم الحادي والعش�رين من ش�هر رمضان عام أربعين ل ّٰلهجرة علي v
،وتولى غس�له وتكفينه الحسن والحس�ين وعبد ال ّٰله بن جعفر رضوان ال ّٰله عليهم
أجمعين ،وصلى عليه الحسن ، vواختلف في موقع قبره اختالف ًا كبيرا .
اختالف الرواة حول وذك�ر ابن الجوزي عدد ًا من الروايات في ذل�ك ثم قال :وال ّٰله أعلم أي األقوال
أصح ،والذي يعنينا في دراس�ة شخصية اإلمام علي vما كان في حياته ،وأما مدفنه
108
ما اختلف عليه في ش�أن قبره ومدفنه فمرجعه إلى اختالف الروايات كما هو ش�أن
االختالف في مدى عمره يوم قتل vوأرضاه.
وف�ي كت�اب الفتوح البن أعث�م الكوفي أنه دف�ن في جوف اللي�ل بموضع يقال له
(((
(الغري) وهو بناء كالصومعتين بظاهر الكوفة قرب قبر علي بن أبي طالب.
ولما كان الغد خطب الحسن فحمد ال ّٰله وأثنى عليه وقال ( :أيها الناس من عرفني
فقد عرفني ،ومن جهلني أنبأته باس�مي عل�ى أن الناس بي عارفون ..أيها الناس :
قد دفن في هذه الليلة رجل لم يدركه األولون بعلم وال اآلخرون بحلم ،ولقد كان
النب�ي ى إذا أقدم�ه للح�رب فجبريل عن يمينه ،وميكائيل عن يس�اره ،فما يلبث
أن يفت�ح ال ّٰل�ه على يدي�ه ..أيها الناس :إنه ما خلف صفراء وال بيضاء إال س�بعمئة
دره�م ق�د كان أراد أن يبتاع به�ا ألختي أم كلثوم خادما ،وق�د أمرني أن أردها إلي
بيت المال .
مرثية أبو األسود ورثى اإلمام علي vجملة من الش�عراء منهم أبو األسود الدؤلي الذي استهل
الدؤلي رثاءه بقوله :
أال ي�ا عين ويحك أس�عدينا أال تبك�ي أمي�ر المؤمنين�ا
بعبرته�ا وق�د رأت اليقين�ا وتبك�ي أ ُم كلث�وم علي�ه
فلا ق�رت عي�ون الش�امتينا أال قل للخوارج حيث كانوا
ط�ر ًا أجمعينا
بخي�ر الن�اس ّ أفي ش�هر الصيام فجعتمونا
وذل ّٰله�ا ومن ركب الس�فينا قتلتم خير من ركب المطايا
والم ِئينا
وم�ن ق�رأ المثانِ�ي ِ
َ َ ومن لبس النعال ومن حذاها
رب العالمينا
وحب رسول ّ ف�كل مناق�ب الخي�رات فيه
وقال شاعر الخوارج عمران بن حطان :
ياضرب� ًة م�ن تق�ي م�ا أراد بها إالّليبلغ من ذي العرش رضوانا
إن�ي ألذك�ره حين� ًا فأحس�به أوف�ى البري�ة عن�د ال ّٰل�ه ميزانا
109
فرد عليه بكر بن حماد بقوله : مرثية بكر بن حماد
التاهرتي
هدم�ت ويل�ك لإلسلام أركان�ا ق�ل الب�ن ملج�م واألق�دار غالب�ة
وأول الن�اس إسلام ًا وإيمان�ا قتل�ت أفض�ل م�ن يمش�ي عل�ى قدم
س�ن الرس�ول لن�ا ش�رعا وتبين�ا وأعل�م الن�اس بالق�رآن ث�م بم�ا
أضح�ت مناقب�ه ن�ورا وبرهان�ا وم�واله وناص�ره صه�ر النب�ي
ما كان هارون من موس�ى ابن عمرانا وكان من�ه عل�ى رغ�م الحس�ود ل�ه
ليث� ًا إذا لق�ي األق�ران أقران�ا وكان ف�ي الحرب س�يفا صارما ذكرا
رب الن�اس س�بحانا
فقل�ت س�بحان ّ ذك�رت قاتل�ه والدم�ع منح�در
يخش�ى المع�اد ولك�ن كان ش�يطانا إن�ي ألحس�به م�ا كان م�ن بش�ر
وأخس�ر الن�اس عن�د ال ّٰل�ه ميزان�ا أش�قى م ٍ
�راد إذا ُع�دت قبائله�ا ُ
عل�ى ثم�ود ب�أرض الحجر خس�رانا كعاق�ر الناق�ة األول�ى الت�ي جلب�ت
فأزمان�ا أزمان� ًا المني�ة قب�ل ق�د كان يخبره�م أن س�وف يخضبها
وال س�قى قب�ر عم�ران ب�ن حطان�ا تحمل�ه
ّ فلا عف�ا ال ّٰل�ه عن�ه م�ا
ون�ال م�ا نال�ه ظلم� ًا وعدوان�ا ش�قي ظ�ل مجترم�ا ّ لقول�ه ف�ي
إال ليبل�غ م�ن ذي الع�رش رضوان�ا ي�ا ضرب�ة م�ن تق�ي م�ا أراد به�ا
فس�وف يلق�ى به�ا الرحم�ن غضبانا غ�وي أوردت�ه لظ�ى
ّ ب�ل ضرب�ة م�ن
110
ض �غ ث � ق �ق ث�ت
ل
�
ا �س�����ما� را ل��ما� �ر����� ن �و ا �ل�ف�� ا� ��س�������� ن �و ا �ل�ن ا� �ك� ����� ن م��ح���ة��و�� ���� ا � �ل ما� �ع�ل��
ي � ب �ب � إ م ي
� ي� ي�
v
من أخطر ما نعانيه في عصورنا المتالحقة حشد العلماء والباحثين تراجم اإلمام
عل�ي وفضائل�ه وخصوصياته ومميزات�ه ،لخدمة الجنوح الذات�ي القائم في النفس
البش�رية عل�ى قاعدت�ي «المنافس�ة ،والتحريش» ،وهم�ا صفتان س�لبيتان أدانهما
رس�ول ال ّٰلهى في أحاديث عالمات الس�اعة وفقه التح�والت ،حتى ال نكاد نقرأ
ترجم�ة من تراج�م اإلمام علي vإال وهي تصب في تجييش المس�لمين ضدّ
التوجه والمنطلق والرؤية ،س�وا ًء في
ّ اآلخ�ر ممن يصف اإلمام بما هو بصدده من
مسألة جدارة الحكم ،أو جدارة العلم ،بل وتخرج بعض هذه التراجم عن األدب
الش�رعي العام إلى طرفي اإلفراط والتفري�ط ،ومرجع ذلك كله على قضية واحدة
، .وه�ي «تأليه الحاكمية» ووضعها عقيدة الوالء والبراء والنظر إليها كأنها ميراث
الديانة األساس ،وإسقاط بقية الثوابت دونها.
وق�د برز هذا الملحظ العدواني منذ مرحلة الخليفة الثالث عثمان ، vوهي
المرحل�ة المعني�ة في أحادي�ث فقه التح�والت باالخت�راق الدجال�ي واالختراق
الدجال�ي ف�ي تعليل هذا الفق�ه تأليه قضي�ة الحاكمية فوق مس�توى نصوص العلم
بعالم�ات الس�اعة ،والنظ�ر المحص�ور ف�ي نص�وص الثواب�ت دون المتغيرات ،
وق�د وقع في ه�ذا الفخ الكثير ممن أصابتهم الفتنة في تلك�م المرحلة ..وكفي أن
ندرس نصوص األحاديث الخاصة بالفتنة خالل صراع القوم على قضية الحاكمية
وامتالك قرارها ،حيث اس�توى الكثير من أولئك في الحصانات والصحة والعلم
واالجتهاد ،وكانت هذه الش�روط عين التأثير على عموم األتباع والجند وجحافل
الموالين..
111
وترج�ح لنا اليوم سلامة أهل السلامة وعدال�ة مطلب اإلم�ام علي vيوم
دارت رح�ى الح�رب بينه وبين عائش�ة والزبي�ر وطلحة بأحاديث فق�ه التحوالت
وعالمات الساعة ،وعرفت عدالة معركة صفين بين الفريقين بتوقفها ساعة ظهور
عالمة الفقه الشرعي للتحوالت « :عمار تقتله الفئة الباغية» ،وترجح بهذا الحديث
عل�م لم يكن في حس�بان الكثير من علماء وفقه�اء الفريقين ،حتى أن جيش اإلمام
علي vيقاتل أهل الش�ام وعيونهم على عمار بن ياسر منتظرين الحسم اآللي
لقضية المعركة وعدالة أحد الفريقين بمقتل عمار.
وإذا كان�ت الحيرة قد ش�ملت أتب�اع اإلمام علي vفي تلك�م المعركة حتى
ظه�رت العالم�ة ،فم�ا ه�و حال األم�ة اليوم وهي تجي�ش النصوص ض�د بعضها
البع�ض ..اس�تعداد ًا لمعركة ال مف�ر منها باعتبار المقول�ة المألوفة :لكل مقدمات
نتائج.
وإذا كان م�ا يقدمه علماء المس�لمين م�ن كل مذهب وطائفة ه�و صراع األقالم
واألفلام واألزالم م�ع حكامهم وش�عوبهم إلبط�ال المنهجي�ة الس�ن ّية المتداولة
بالش�بهات والنواقض عند فريق ،أو التكفير وإدانة وكش�ف هنات وعيوب وترات
أتب�اع التش�يع ل�دى فريق آخ�ر ،فالنتائ�ج المتوقعة بي�ن الفريقين الهلاك والدمار
وح�رق األخضر واليابس ..دون عائد إيجابي ،أو مس�تقبل مس�تقر يرجى ،وإنما
ه�ي النس�خة المكرورة منذ عهد عثمان رضي الله عنه وم�ا تاله إلى أن يقضي ال ّٰله
أمر ًا كان مفعوال.
ولن يس�لم من هذه الحالة المدمرة س�وى الفريق الذي عرف طريق السالمة منذ
العهد األول فس�ار عل�ى طريق الرجاء في ال ّٰله والخوف من�ه متخذا من الدين ُجنة
ودر ًءا م�ن الفتن المضل�ة وعاصم ًا من قواصمها على ما س�ار عليه األئمة األعالم
أهل النمط األوسط رضي ال ّٰله عنهم وأرضاهم أجمعين.
كما أنه لن يس�لم من فتنة المس�يخ الدجال الكاس�حة ومقدماتها الهاتكة إال من
عرف الدين برباعية أركانه مسلم ًا لسانه ما استطاع من الذم ويده من الدم ...محب ًا
آلل البي�ت وألصحاب رس�ول ال ّٰل�ه ىواصف ًا لهم كما وصفهم ربه�م في كتابه :
112
(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ
ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ) [الفتح .]29 :
إن كتابتن�ا له�ذه الترجم�ة الخاص�ة بالصدي�ق األكبر ف�ي مرحلتنا ه�ذه إنما هي ّ
محاول�ة – ال أق�ول يائس�ة – وإنما هي إن ش�اء ال ّٰله محاولة ج�ادة إلنقاذ ما يمكن
إنق�اذه م�ن عالقة األمة اإلسلامية بعضها ببع�ض بعد أن خلط الش�يطان األوراق
ودف�ع بالفرق�اء خل�ف وس�ائل االعلام ،ك�ي يخندقوا األم�ة في ص�راع ال يخدم
اإلسلام وال المس�لمين ،وال يجن�ي منه آل البيت وال غيرهم غي�ر الهرج والمرج
والصراع والنزاع.
وم�ع هذا وذاك فالذي نرج�وه ونتمناه أن يكتب ال ّٰله لنا ثواب ًا وأجر ًا ينفعنا س�اعة
لقائه وغرسة أو فسيلة نزرعها في خضم الواقع المتناقض نستودعها ال ّٰله كي تكون
ش�هادة لنا بإذنه س�بحانه وتعالى إن أدينا األمانة كما علمناها ،ودعونا إلى السالمة
كما تعلمناها..
وال ّٰله من وراء القصد...
113
ا ��خل�� ا��ت��م��ة
الخاتمة
كان�ت نهاي�ة اإلمام عل�ي المرتضى مأس�اة لإلسلام والمس�لمين ،وعالمة من
العالمات الوسطى التي أخبر بوقوعها سيد المرسلين ،ومدرسة ذات تميز خاص
في حياة النمط األوسط أهل العدالة والسند في العالمين ..بنيت فيه منذ صباه بين
فضمه إليه ،
يدي سيد األمة ومبعوثها األمين ،منذ أن أخذهى من أبيه أبي طالب ّ
فع�اش مقتبل العمر في بيت النب�وة والوحي والعصمة والمعجزات ،وتعرف على
أس�رار حياة المبعوث األكرم ى ودقائق خصوصياته ،بل كان من أول من ش�رح
ال ّٰله صدره باإلسالم ،فقد روى بن إسحاق :أن علي ًا vجاء إلى النبي ى بعد
إسلام خديج�ة ﵄ ،فوجدهما يصليان فقال عل�ي :ما هذا يا محمد؟ فقال النبي
ى « :دين ال ّٰله الذي اصطفاه لنفس�ه وبعث به رس�له ،فأدعوك إلى ال ّٰله وحده وإلى
عبادت�ه ،وتكف�ر باللاّت والعزّى» ،فقال علي :هذا أمر لم أس�مع به من قبل اليوم
،فلس�ت بقابض أمر ًا حتى أحدث أبا طالب ،فكره رس�ول ال ّٰله ى أن يفشي عليه
علي تلك سره ،قبل أن يستعلن أمره ،فقال له « :يا علي إذا لم تسلم فاكتم» فمكث ّ
الليلة ،ثم إن ال ّٰله أوقع في قلبه اإلسلام ،فأصبح غاديا إلى رس�ول ال ّٰله ى حتى
علي يا محمد؟ فقال له رس�ول ال ّٰله ى « :تش�هد أن ال إله
جاءه فقال :ما عرضت ّ
إال ال ّٰله وحده ال ش�ريك له ،وتكفر باالت والعزّى ،وتبرأ من األنداد» ،ففعل علي
وأسلم منذ ذلك اليوم (((.
وكان vمن�ذ تل�ك المرحل�ة مرحل�ة الكتم�ان والس�رية عل�ى غاي�ة الحذر
والحيطة في حفظ سر رسول ال ّٰله ى ،وعدم البوح أو اإلظهار ألمر الدعوة وأمر
أتباعها ممن دخل إلى اإلسلام متخفي ًا في باك�ورة تلك المرحلة ويبدو ذلك جلي ًا
في قصة إسلام أبو ذر vلما جاء إلى مكة راغب ًا في التعرف على رس�ول ال ّٰله
114
ى لكنه كره أن يسأل عنه ،حتى أدركه الليل فاضطجع فرآه علي vفعرف أنه
غريب فاستضافه ولم يسأله عن شيء ثم غادر صباح ًا إلى المسجد الحرام فمكث
حتى أمسى فرآه علي فاستضافه لليلة الثانية وحدث مثل ذلك الليلة الثالة ،ثم سأله
عن س�بب قدومه ،فلما اس�توثق أبو ذر من أمره أخبره بمراده ،فقال له علي :فإنه
حق وهو رس�ول ال ّٰله ،فإذا أصبحت فاتبعني فإني إن رأيت ش�يئ ًا أخاف عليك منه
قمت كأني أريق الماء ،فإن مضيت فاتبعني فتبعه وقابل الرس�ول ى واستمع إلى
قوله وأسلم.
وها هو vليلة الهجرة يلتزم البقاء في فراش النبي ى واألعداء قد أحاطوا
بالبيت يتربصون برسول ال ّٰله ى ليقتلوه ،فما كان منه إالّ افتداء رسول ال ّٰله بنفسه
وقائه محتسب على فراشه حتى الصباح.
ال ألداء أمانات الناس بعد هجرته ى كما ال لس�ر رس�ول ال ّٰله ومح ً
كما كان مح ً
ن�راه ُب َع ْي�د أداء األمانات وتنفيذ الوصايا يهرع مهاجر ًا من مكة وحده دون مصاحبة
(((
أحد من الناس يكمن بالنهار ويسير بالليل حتى قدم المدينة وقد تف ّطرت قدماه.
اهـ
ال وتنزالً ووعاهإن�ه اإلمام الملهم المحفوف بالرعاية النبوية ،عاصر القرآن تنزي ً
لا وعلم�ا ،وقد روي عن�ه قول�ه ( :وال ّٰله ما نزلت آي�ة إال وقد حفظ� ًا وفهم� ًا وعم ً
علمت فيم نزلت وأين نزلت وعلى من نزلت ،إن ربي وهب لي قلب ًا عقوالً ولسان ًا
صادق ًا ناطقا).
ويقول ( : vس�لوني ع�ن كتاب ال ّٰله ،فإنه ليس من آي�ة إال وقد عرفت بليل
نزل�ت أم بنهار ،وفي س�هل أم ف�ي جبل) ،ويرى ابن عبد الب�ر أن علي ًا vكان
مم�ن جم�ع القرآن الكريم على عهد رس�ول ال ّٰلهى وهو حي) وقد فس�ر بعضهم
الجم�ع بالحفظ عن ظه�ر قلب ،وكان يقول vفي أخريات عهده ( :س�لوني
قبل أن تفقدوني).
115
ب�ل أن بع�ض اآليات القرآنية نزلت في ش�أنه وش�أن ما دار بين�ه وبين آخرين في
عصر النبوة ،فقد روى البخاري بسنده عن علي بن أبي طالب أنه قال ( :أنا أول من
يجث�و بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة) ،وقال قيس بن عبادة فيهم نزلت :
(ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ
ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ) [الح�ج ، ]19 :قال هم الذي�ن تبارزوا يوم الدين ببدر
،حم�زة وعلي وأبو عبيدة بن الحارث وش�يبة بن ربيع�ة ،وعتبه بن ربيعة ،والوليد
بن عتبه .
وه�و أي اإلم�ام علي vأح�د الذين أنزل ال ّٰله فيه�م قوله ( :ﯠ ﯡ ﯢ
ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ
ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ) [آل عم�ران ، ]61 :
وذل�ك ف�ي وفد نجران حينما جادلهم النبي ى في عيس�ى بن مري�م وأنه عبد ال ّٰله
وكذب ادعائهم بأنه ال ّٰله أو إبن ال ّٰله أو أنه
ورسوله وكلمته ألقاها إلى أمته الطاهرة ّ ،
ثالث ثالثة ،ودعاهم إلى اإلسلام فأبوا دعاهم إلى المباهلة ،وجاء علي وفاطمة
وحس�نا وحس�ينا nفقال « :ال ّٰلهم هؤالء أهلي» ،فأبوا((( المباهلة وارتضوا
دفع الجزية.
لقد كانت حياة الصديق األكبر لوحة صدق وأمانة ورجولة في تاريخ اإلسالم ...
كما كان استش�هاده ش�اهد حق وحجة على تيارات االفك والنفاق وحرج ال يزول
أثره وال يغسل عاره بأي حال من األحوال ...إذ ثبت في النصوص فساد عقول هذ
الفئة المعرضة من بدايتها إلى أن يظهر في أعراضهم الدجال طبق ًا لحديث « :كلما
قط�ع قرن نش�أ قرن ،حتى يخ�رج في بقيتهم الدجال»((( لي�س لهم في األرض غير
الفتن التي ترس�م الش�ر واألذى ف�ي األمة ..بل هم جزء من م�ادة تكوينها ونموها
وتنفيذها تدفعهم الطباع ومصالح االنتفاع ،ويس�تذلهم اإلبليس المحتنك لينفذوا
برنامجه الش�ري بعلم واقتناع ،أو بدون عل�م وال امتناع ،وقد تطورت فتنتهم بعد
116
احت�واء الكف�ر والدجال توجيه األمر ف�ي المرحلة الغثائية ليصبح�وا رأس الحربة
الموجهة إلى دمار التركيبات الش�رعية في اإلسلام ،وانتهاك ُأولي العدالة والسند
والوراث�ة بي�ن األنام ،وقليل من يفقه ذلك أو يدرك أبعاده وخطورته ،ونس�أل ال ّٰله
العظيم العفو والعافية..
ولعلن�ا في هذه الدراس�ة النصي�ة المرتبطة بفق�ه التحوالت نتع�رف على ضابط
الربط بين فتنة الخوارج في األمة أول الزمان ،وفتنتهم في أخريات الزمان لنتدارك
ما يمكن تداركه من حفظ األمة من علة اإلندفاع المفضي إلى إشاعة الذم وإساحة
الدم بين المصلين.
ونسأل ال ّٰله الحفظ لنا جميع ًا من هذه الفتن ما ظهر منها وما بطن...
رحم ال ّٰله اإلمام الغالب علي بن أبي طالب وحشرنا معه وبمعية الحبيب األكرم
ى وآل بيته األطهار وصحابته األبرار...
ال ّٰلهم آمين..
117
ِ ِ
َمـنْـ ُظ َ
ـومـ ُة ِّ
الر َضاء
ِ ِ
الخلفاء عالقة سالمة الحاوية على
ِ
وذكر المر َت َضى
علي ُالراشدين مع اإلما ِم ٍّ
َ
ِ
العالقة األوسط ِ
ذات ِ مدرسة النَّم ِ
ط ِ ِ
أسانيد
َ
ِ
القضاء ِ
واالقتداء في بِمنهجِ ال َّتوس ِ
ط َ ُّ َ َ
ِ
واالقتضاء
118
مقدمة المنظومة
بسم ال ّٰله الرحمن الرحيم
الحم�د ل ّٰله وكفى ،وسلام عل�ى عباده الذي�ن اصطفى ،وخصوص�ا على اآلل
الخلفا واألصحاب الحنفا ،اآلخذين دينهم وأدبهم عن الحبيب المصطفى .ال ّٰلهم
صل وسلم على هذا النبي الكريم وعلى كل من اتبعه واقتفى إلى يوم الدين.
وبع�د فأرف�ع منظومتي ه�ذه إلى طالب العل�م الذين طلبوا من�ي أن أختصر لهم
موق�ف الفح�ول من أصحاب الرس�ول ،وما ترت�ب على هذا الموقف من إس�ناد
وحف�ظ للديان�ة واألمانة ومرتك�زات هذه المواقف الش�رعية م�ن األصلين كتاب
ال ّٰله وس�نة نبيه ى ،وعلى مدى تاريخ األمة من عصر الرس�الة إلى ما س�ماه النبي
بعصر الحثالة ،وما ترتب على هذا المدى من ظهور السنن لدى قوم وظهور البدع
العقدية والوالئية لدى قوم آخرين ،حتى صار البعض من معاصرينا يعتقد سلامة
ما تبنته العقول من ركام الفضول ونقائض النقول.
فجردت وقتي مس�تجيبا للطالب الراغب ،وحرصت أن أس�لك طريق التوس�ط ُ
ف�ي التن�اول وفي االس�تنتاج ،وهي طريق السلامة التي رضيها لنا س�لفنا الصالح
:سلامة األيدي من الدم وسالمة األلس�ن من الذم ،وهذا شأن مدرستنا المتصلة
س�ندا ورواية وعلما وعمال بهدي النبي ى وأس�انيد دعوته كابرا عن كابر وإماما
ع�ن إم�ام من الوس�طية الش�رعية واالعت�دال الواعي أه�ل النمط األوس�ط ،وفي
مقدمتهم س�اداتنا آل البيت من س�ادة الصلح وبقية الس�يف آل الحس�ن والحسين
ئ وعن بقية اآلل واألصحاب أجمعين.
وإذا كان هن�اك م�ن آل البيت وأصح�اب المذاهب والرؤى م�ن يخالف الفكرة
والمنه�ج ويق�رأ األمور على صفة ما جرى من األح�داث وما ترتب لدى فريق من
الناس من اتخاذ موقف عدائي بحجة أو بغير حجة؛ فإنا ومن أشرنا إليهم من فريق
السلامة عبر تاريخ اإلسلام كله ال ننزع بأحد منزع التصادم وال التنازع ،وألهمية
هذا المنزع والمبدأ وضعته في منظومتي هذه كما علمته وقرأته وشاهدته وعايشته
واتحدت به حاال ومقاال وسندا ورواية ودراية.
119
يش�هد ال ّٰله أني ال أخالف ما قرأت وما رأيت وما س�معت من أش�ياخي آل البيت
وف�ي مقدمته�م س�يدي وإمام�ي الحبيب عبدالق�ادر بن أحمد الس�قاف وس�يدي
الوالد علي بن أبي بكر المش�هور وس�يدي الحبيب أحمد مشهور الحداد وسيدي
الحبيب عطاس الحبشي وس�يدي الحبيب محمد الهدار وسيدي الحبيب الحسن
بن عبدال ّٰله الش�اطري وس�يدي الحبيب عبدالقادر بن أبي بكر المش�هور وس�يدي
الحبيب محمد بن أحمد الش�اطري وسيدي الحبيب عبدالرحمن بن أحمد الكاف
وسيدي الحبيب محمد بن علوي المالكي وغيرهم من أشياخ الطريق.
وضعت في منظومتي ما أدركتُه من
ُ ومع ما س�معتُه وش�اهدتُه وعرفتُه منهم فقد
خالل دراس�تي الحديثية في مجالس�هم من فقه رباعية األركان ،وهو ما سمي بفقه
البعض
ُ محور االرتكاز في معالجة ما اختلف عليه
َ وجعلت هذا الفقه
ُ التحوالت ،
في مسائل الوالء والبراء ،ومحور التناول لمنهج السالمة المشار إليه.
وأطل�ب من الق�ارئ الكريم م�ن حيثما كان مب�دؤه ومنزعه وعلم�ه ومنهجه أن
يتأن�ى في اتخ�اذ الموقف من منظومت�ي لمجرد االطالع الع�ام والتصنيف المعتاد
والتعليل النظري البديهي ،بل أطلب منه أن يتدبر الفكرة وأسلوب التناول ويتعمق
ف�ي المرقوم�ات ودالالتها ومصادرها وما اس�تُند إليه في تحلي�ل المواضيع ،فإن
وجد خيرا فليش�كر ال ّٰله وليدع لي ولنفس�ه وللمس�لمين ،وإن وجد ما ال يتناس�ب
مع أصول المنهج الش�رعي النبوي األبوي فليدع األمر ويس�لك لنفس�ه ولغيره ما
يراه مناسبا من االختيار ..فالحق أحق أن يتبع ..وال ّٰله يتوالنا جميعا بواسع رحمته
ورأفته وكرمه ..إنه سميع الدعاء..
وبال ّٰله التوفيق..
120
��ش� ا� �ه��دا �ل��حا� �
ل
فس ِئ َل: الخوارج :أ ُك َّف ٌار هم؟ فقال :من الك ِ
ُفر ُّفروا ُ ، ِ علي vعن ِ
ُسئ َل اإلما ُم ٌّ
فس ِئ َل :فما ن َُس ِّميهم؟
إن المنافقين ال يذكرون ال ّٰله كثير ًا ُ ،
أمنافقون هم؟ قال :الّ ..
قال :قوم من إخوانِنا ب َغوا علينا أصابتهم ِ
الفتنَ ُة ف َع ُموا و َص ُّموا... َ َ ٌ
ا � � � ا ءُ
لإ ه�د
لِ ْل ُم ْر َس ِ
�ل محب ٍ
�ة َ َ َّ ِذي لِ�ك ُِّل �لالم ْج َم ِ ِ
َمنْ ُظو َمت�ي َأ ْر َف ُعه�ا بِ ُ
َوال َّتن َُّص ِ
�ل لِ َّلر ْف ِ
�ض لِل�ه ال اآلل ُح ًّب�ا َخالِص� ًا َ �ب ِ
َو َم� ْن ُيح ُّ
�ل�م خي�ر األن�ام األَ ْف َض ِ َأ َح َّب ُه ْ �ي ِم ْث َل َم�ا
�اب النَّبِ ِّ
�ب َأ ْص َح ِ َو ُح ِّ
ٍ و ِقيع ٍ ِم� ْن َغ ِ
�ل الم ْج َم ِ َ�ص َو ِارد ف�ي ُ إِلاَّ بِن ٍّ �ة َ َ �ز َولاَ ي�ر َم�ا َن ْب ٍ
121
�ر ِعنْ�دَ األُ َو ِل ِم� ْن ِس ِّ�ر ٰه َ
�ذا األَ ْم ِ �ى �ذي بِ ِ
�ه َيبِي� ُن م�ا ْ
اخ َت َف ٰ
�ذا ا َّل ِ
ٰه َ
�ى ِص َ�را ٍع َد ِائ� ٍم ُم ْس� َت ْف ِح ِل َع َل ٰ ي�ر ِه
ْاش� َت َغ ُلوا بِ َغ ِ َأ َّم�ا ا َّل ِذي� َن
�لالم ْع ِض ِون َح ِّ�ل ُ َوفِ�ي ال َب َ�ر ِاء ُد َ الولاَ َق�دْ َج َع ُلوا ِ
اإل ْسَل�اَ َم َحك ًْرا ف�ي َ
المن َْ�ز ِل الح ْق�دَ َفه�م ِم�ن َأج ِل ِ تَوار ُث�وا ِ
َق�دْ َح َّر ُف�وا َو َبدَّ ُل�وا ف�ي ُ �ه ْ ْ ُ ْ َ َ
الم ْقت ِ ِ ِ ي�دْ ر َ ِ ِ
َ�ل ون ف ْقه� ًا َغ ْي َ�ر ف ْق�ه َ َ ُ �م ُعوا ُمنَاد ًي�ا َولاَ ُه ُ
�م ل�م َي ْس َ
ِ َفه�ؤ ِ
�ل �و َق ِ
اإلبِ ِ ي�س َس ْ َي ُس�و ُق ُه ْم إِ ْبل ُ َح ْي ُث َم�ا كَانُ�وا َأ َذ ٰى الء ٰ ُ
�ذ ِلون بِالص�را ِع الم ْخ ِ َي ْس�ت َْمتِ ُع َ ي�ط َج َ�ر ٰى اط و َت ْف ِر ٍم�ا بي�ن إِ ْف�ر ٍ
ُ ِّ َ َ َ َ َْ َ
�ل�اب األَ َم ِ اآلل َب ِِ وي�ا بن ِ
َ�ات اإل ْهتِ�دَ ا
�ل ِ اب َأ ْه ِ الش� َب ِ
َي�ا ُع ْص َب� َة َّ
ََ َ
الج ِلي ِ ِ تَج�او ُزوا م�ا ك َ ِ
الهادي َ إِ َل ٰى ُس� ُلوك ُ
الم ْص َط َف ٰى َ َان م� ْن َش ٍّ�ر َم َض ٰ
�ى َ َ َ
اث ح ُّ�ل م ْش ِو َلي�س ف�ي األَح�دَ ِ اإل ْهتِ�دَ ا
�ك ِل َ ُ ْ َ ْ َ �ي ِ َف�إِ َّن ف�ي َه�دْ ِي النَّبِ ِّ
اله�دْ َي بِالت ََّس ْل ُس ِ
�ل َ لِ َم� ْن َأ َرا َد َو ِس�ي َل ٌة َمنْ ُظو َمتِ�ي �ذ ِه
وه ِ
َ ٰ
�د ُم ْس� َت ْق َب ِلياع ٍ إِ َل�ى اجتِم�ا ٍع و ِ َس َ�أ ْل ُت َر ِّب�ي َأ ْن َتك َ
ُ�ون ُح َّج� ًة
َ ْ َ ٰ
ِ
الم ْر َس ِ
�ل �ي ُ َ�ت بِ َأ ْخَل�اَ ق النَّبِ ِّ
َزان ْ ُس�نَّ ٌة آن ُث َّ
�م َأ َس ُ
اس� ُه ال ُق ْ�ر ُ
َّ�ص َفا ْن ُظ ْ�ر َوا ْع ِق ِ ٍ ِ وحس�ن َت ْطبِ ٍ لأِ
�ل َأ ْر َب َع�ة ف�ي الن ِّ ي�ق َ ْركَان ُ
اله�دَ ٰى َ ُ ْ ُ
122
الج ِل�ي �ة بِ ِ ِ وح ِام ِل�ي الراي ِ الك َ�را ِم األَت ِْق َي�ا
ه�م ص ْف�و ُة ال َق�و ِم ِ
�اإل ْرث َ َّ َ َ َ ْ ُ ْ َ َ
ِ اإل ٰل ِ
َقا ُل�وا َر ِضينَ�ا بِ ِ
الم ْر َس ِ
�ل ُ َ�ذا َرضينَ�ا بِالنَّبِ ِّ
�ي ك َ �ه َر ِّبنَ�ا
ي�ق األَ َّو ِلالرفِ ِْ�ر َّ َ�ذا َأبِ�ي َبك ِ ك َ �ى ُذ ْخ ِرنَ�ا الم َص َّف ٰ
�ر ُ
محم ِ
�د ال ُّط ْه ِ ُ َ َّ
�ر ا ْبت ُِل�ي
�ان ف�ي األَ ْم ِ َو َب ْع�دَ ُه ُع ْث َم ُ وق َم� ْن َأ َّس البِنَ�ا �ار ُ
َو َب ْع�دَ ُه ال َف ُ
ِ
الم ْق�دَ ا ُم َب ْح ٌ�ر ُم ْمت َِل�ي َو َل ْي ُثنَ�ا ِ
�ى َح ْيدَ ُرنَ�ا الم ْج َت َب ٰ
�ي ُ الرض ُّ ُث َّ
�م َّ
الح ِل�ي ال َغ�رو ف�ي مكَانِ ِ
�ى بِ ُ الم َح َّل ٰ
�اب ُ َو َأنَّ� ُه ال َب ُ �ه ُم َق�دَّ ٌم َ ْ َ
�ل �و َم ال َغ ِد ِ
ي�ر األَ ْب َج ِ َ�ى َي ْ ك ََم�ا َأت ٰ �ىالم ْص َط َف ٰ
�ى ُ َو َأ َّن َم� ْن َوالاَ ُه َوا َل ٰ
ِ �ولاَ ُه بِال َف ْض ِ َأ ْه ٌ�ل لِ َم�ا َق�دْ َخ َّص� ُه
�م ِل�ل ال َعمي� ِم األَ ْش َ َم ْ َو َأنَّ� ُه
الحكْ� ِم ا ْعتِ َ�ر ٌ
اف َف ْي َص ِل�ي ِ
ف�ي َس�دَّ ة ُ
ِم�ن الر َض�ا َع�ن ِم ْث ِل ِ
�ه ْ َ ِّ َم ْو ِق ُف� ُه
�ل �ق َوا ْن ُق ِ ُم َؤ َّي�دٌ َفا ْق َ�ر ْأ َو َد ِّق ْ �هلِلنَّ�ص والنَّ�ص بِ ِ ُم َؤ ِّي�دٌ
ُّ َ ِّ
�وص َولِي ٍ �ص ال َف ْض َ�ل لِ َم ْخ ُص ِ
ال ُتنْق ُ الخ َل َف�ا
ُ َو ِص َف� ُة الت َّْرتِ ِ
ي�ب َب ْي� َن
َ�ص ُم ْعت َِل�ي ِ ِ ِ ِ الس� ْب ُط ِختَ�ا ُم
ف�ي َس�الف ال َع ْه�د بِن ٍّ الخ َل َف�ا
ُ الح َس� ُن ِّ َو َ
ب َم ْن َق�دْ ُب ِلي َفاس�مع م َقال�ي و ِ الخ َل َف�ا
ُ ُّ
الش� ُيوخِ ُم َو َّث ٌ
اجتَن ْ َ ْ ْ َ ْ َ �ق َع ْب َ�ر
َ�ت ِم� ْن َع ْه�دَ ٰط� َه األَ ْف َض ِل َق�دْ ُح ِّصن ْ �ت ِم ْث َل َم�اَّ�ص َقا َم ْ َم ْر َح َل� ًة بِالن ِّ
�ل�ت ظِ ٍّ�ل ُم ْخ ِض ِ َق�دْ َبا َي ُع�و ُه ت ْ
َح َ َ�ذا ِم� ْن َع ْش َ�ر ٍة�ل َب�دْ ٍر َوك َ ِم� ْن َأ ْه ِ
الم ْج َم ِل ِ ِ
ول ف�ي الخَل�اَ ف ُ َو ُه ْم عُ�دُ ٌ اجت ََه�دُ وا َو َق َّ�ر ُروالاَ َق�دْ َح فيم�ا ْ
اعي�ا لِح ِّ�ل الم ْش ِ ِ ِ ِ ِ ِ
�ك ِل ُ َ ف ْق ًه�ا ُر َب ًّ �م ل�م ُي ْخط ُئ�وا َب ْ�ل َأ ْد َركُ�وا بِع ْلم ِه ْ
َو َم�ا َج َ�ر ٰى ِم� ْن َب ْع ِد َه�ا ِم� ْن ُد َو ِل �قي َف ٍة
�ه الر َض�ا َق�دْ تَ�م ف�ي س ِ
َ َّ ِّ
بِ ِ
�ل �د بِاألَ َم ِ اع ٍوفِ�ي اجتِم�ا ٍع و ِ �ةو َق�دْ م َض�ى َعصره�م ف�ي ِخدْ م ٍ
َ ْ َ َ َ َ ٰ ْ ُ ُ ُ َ
الم ُث ِ
�ل �م ف�ي ُ
�ي َب ْعدَ ُه ْ إِ ْر ُ
ث النَّبِ ِّ �م َي َ�ز ْل �ق بِ ِه ْ
�م َو َل ْ الح ُّ
َ �خ ت ََر َّس َ
123
�ظ َأ َزلِ�ي ب ْ�ل دام مح ُفو ًظ�ا بِ ِح ْف ٍ
َ َ َ ْ َ الص َ�را ِع َوال َبَلَ
�م ِّ�ع َر ْغ َ
ِ
َل ْ
�م َينْ َقط ْ
�ة بِ ِ
الع َل ِ �ة د ِام َغ ٍ ِم�ن حج ٍ يم�ا َقا َل� ُه ُم َخالِ ٌ ِ
�ل َ ُ َّ ْ �ف �س ف َ َو َل ْي َ
وحالِ ِ وفِ ْق ِه ِ �ر ِه و ِع ْل ِم ِ ِ
َوال َع َم ِ
�ل �ه َ َ �ه َ �ه َم ْه َم�ا َيكُ� ْن م� ْن َأ ْم ِ َ
الم ْص َط ِل�يَ�ار َُان ن ِ ف�ي رابِ� ِع األَرك ِ
ْ َ َأت ٰ
َ�ى �ار ٌض لِ َم�ا ُم َع ِ لأِ َنَّ� ُه
�ل �ت ِ
الم ْر َج ِ َح َ وم�ن س ِ
�ع ِير الن ِ ِ العَل�اَ ج ِم�ن ركَا ٍم هاتِ ٍ ِ
َّ�اس ت ْ ْ َ �ك َ ْ ُ ُ �ي
َو ْه َ
الم ْض ِل ِل ب إِب ِلي�س ِ ِ ِ ِ َأب�ى َفج ِ
المقي�ت ُ م� ْن ح ْز ِ ْ َ َ اه ٌ�ل ُم ْس� َتن َْو ٌق َ َ ٰ َو َم� ْن
َ ْ ُ � َّنَ �زُ � � ُّ ْ
�ص��ل
� �ع�ه�د ا �لت���ا �ِل �َاو �ل�
ال الم ْش ِ �ليما لِ َ�ز َو ِ ِ
ِح �ن الس�ب ِ
�ك ِل ُ لا َس ً َح ًّ ط َغ�دَ ا الح َس ِ ِّ ْ َع ْه�دُ ِ
اإل َم�ا ِم َ
الم ْخ ِج ِل ِِ ِ َلم�ا ارتَض�ى ح ْق�ن الدِّ م ِ
�اء ُمن ِْه ًي�ا
الم ْس�لمي َن ُ اصطدَ ا ِم ُ َش َّ�ر ْ َّ ْ َ ٰ َ َ َ
الخ ِل�ي
�ل َ ُم ْس� َتن ِْق ًذا إِ َّي�ا ُه ِم� ْن َج ْه ِ اله�دَ ٰى ي�راث ُ
ِ الح ْف َ ِ ِ
�ظ لم َ
َ�زم ِ
َوا ْلت َ َ
الم ْس�ت َْر َذ ِل
َ�ذا بِنَ�ا َح ْق� ُن ال�دَّ ِم ُ ك َ �ىُ�م بِاألُ َل ٰ �ال َر ِّب�ي َق�دْ َهدَ اك َْو َق َ
ال�ر ْأ ِي ال َع ِل�ي ِ وك َ ِ َو َس� َّن فِينَ�ا ُس�نَّ ًة َم ْه ِد َّي� ًة
�ب َّ َان ف َيه�ا َصاح َ َ
الج ِل�ي �ح َ الص ْل ِ �ال ٰه َ
�ذا َس� ِّيدُ ُّ َو َق َ َ�ار ِمنْ� ُه َم ْو ِق ًف�ا الم ْخت ُ
ُ َو َأ َّي�دَ
�ل الم ْج َم ِ�ال ُ عَ�دُّ ال َّثلاَ ثِي� َن ك ََم ُ الخ َل َف�ااس�ي ُ �ت كَر ِ ِ
�ذا بِ�ه ت ََّم ْ َ لِ َ
�لالو ِارثِي� َن الك َُّم ِ َ َوبِالر َج ِ
�ال ِّ َم ْح ُفو َظ� ٌة بِن َِّص َه�ا َم ْر َح َل� ٌة
�ر م ْش ِ محص ٍ ِ َق�دْ َأب�ر َز ْت ِس�ر َزم ٍ
�ان َذ ِ
�ك ِل �ن َوس َّ�ر َع ْص ٍ ُ ُ َ َّ اه ٍ
�ب َّ َ ْ َ
�ل�ر َم ْو ِئ ِ لِرابِ� ِع األَرك ِ
َان َخ ْي ِ ْ َ �ذا َد ِار ٌس ُم َث َّب ٌ
�ت ُي�دْ ِر ُك ٰه َ
124
ال�ولاَ األَ ْف َض ِ
�ل �ر َ �ط ف�ي َأ ْم ِ
َي ْخبِ ُ �ذا َت ْل َق� ُه
َو َم� ْن َي ُفتْ� ُه َد ْر ُس ٰه َ
ي�م بِال َّت َعالِ ِ
ي�ل ا ْبت ُِل�ي ِ
�ع َعق ٌَط ْب ٌ يما َش�ا َب ُه ِ
ُم ْس� َتتْبِ ًعا َف ْه ًم�ا َس�ق ً
125
ال َق�دْ َولِ�ي اآلل ُع َص�ا ًة ِعنْدَ م�ا ل�م َي ْل َزم�وا َولاَ ء َو ٍ
َ ُ َ َ َوا ْع َت َب ُ�روا
الم ْخ ِج ِل ِ ِ
المحي�ط ُ َّ�ى ل�م َي َك�دْ َي ْل َق�ى عُدُ ولاً ف�ي ُالحكْ� ِم َحت ٰ �اع َأ ْم ُ�ر ُ
َو َض َ
الولِ�ي �ر َ الح ْب ِ ِ
اإلنْت َم�ا ل َش ْ�ر ِع ٰط� َه ُع َم َ�ر َ
�ذي َأ َع�اد ِ ِ
َ
ِس�وى ال َفتَ�ى ا َّل ِ
ٰ َ ٰ
�ل�ق َوا ْع ِق ِ ِ
الخ َل َف�ا َساد َس ُ
�ه ْم َفا ْن ُظ ْ�ر َو َد ِّق ْ َم� ْن عُ�دَّ ف�ي الت َّْرتِ ِ
ي�ب َب ْي� َن ُ
الج ِل�ي �ق الت َّْأ ِص ِ ُم َو َّث ٍ
�ق ُم َح َّق ِ فِ ْق ٍ ِ
ي�ل بِالن ِّ
َّ�ص َ َرابِ� ٍع �ه ي�ب
ت َْرت ُ
َ
ظُ �� ُ ُ َ ْ َ سَ��ة ا ��ل�نََّ �� � �أ ْ �َ ��
هور�م�د ر�� ِ م�ِط ا �ل� �و�س�ِط ��
��
�ل�ر بِ�ك ُِّل َم ْع ِق ِ �و َر َة الأْ َ ْم ِ
ُخ ُط ْ �ى �ات ِم� ْن َأ ْه ِ
�ل ا ْلن َُّه ٰ َلمَّ�ا َر َأ ٰى الأْ َ ْث َب ُ
�و ِل ِ ِ ِ �ي َأ ْم ِ ِ ِ
�ي ا ْلت ََّح ُّ َوش�دَّ َة الإْ ِ ْر َج�اف ف ْ �ول �ر ا ْل َ َو َك ْث َ�ر َة ا ْل َغ ْو َغ�اء ف ْ
�ل �ل ا ْل ِع ْل� ِم َوا ْل َّت َع ُّق ِ وح ِ
ص�د َأ ْه ِ َ َ َ�ر ٍ
ب َو َبَل�اَ ِ
َو َم�ا َج َ�ر ٰى م� ْن َش ِّ�ر ك ْ
َ�ر ُّذ ِل ِ �ظ ِد َي ِ لِ ِح ْف ِ �ت ِح ْصنَ� ًا َعالِ َي� ًا َأ َق�ام َآ ُل ا ْلبي ِ
�ن ا ْللَّ�ه َم� ْن ت َ َْ َ
ِ َفأسس�وا مدْ رس� َة ُّ ِ
ف ا ْل ُم ْس� َت ْق َب ِل �و ُ َب�دَ ا بِ َه�ا ت ََص ُّ �ي الز ْه�د ا َّلت ْ َ َ َ َّ ُ
ِم� ْن َآ ِل ٰط� َه ُذ ْو َم َق�ا ٍم َأ ْم َث ِ
�ل �ذا َع َل ٌ
�م َأ َّو ٌل َم� ْن نَ�ا َد ٰى بِ َه َ
�ي ا ْل َمن َْه ِ ِ ِ ِ وم�ن َأت ِ �ي َزي� ُن ا ْل َعابِ ِد ْي� َن ا ْل ُم ْقتَ�دَ ٰى
�ل َ�ى م� ْن َب ْع�ده ف َْ َ ْ ٰ َع َل ُّ
�ل ن َْش�ر ا ْلع ُل�و ِم وا ْلسُّ� ُل ِ
وك الأْ َ ْف َض ِ �وا �او ُز ْوا َث ْ�أ َر ا ْل ُح ُ�ر ْو ِ
َ َ ُ ب َو ْارت ََض ْ َج َ ت َ
َ�ر ٰى َم َش ِ ِ ِ
�اي َخ ا ْل َّت َبت ِ
ُّ�ل َم� ْن ا ْلك َ �واَّ�ى َأ ْي َق ُظ ْ
ت ََص�دَّ ُر ْوا ل ْلع ْل� ِم َحت ٰ
الحكْ� ِم َع ْي ِ ِ
الخ َل ِ
�ل �ن َ َو َع� ْن ص َ�را ِع ُ َو َأ ْع َر ُض ْ
�وا َع� ْن ا ْل ُح َط�ا ِم ُج ْم َل� ًة
َّ�ه بِالت ََّس ْل ُس ِ
�ل �ن ا ْلل ِ�ظ ِد ْي ِ و ِح ْف ِ �اد َد ِائ� ٍم
و َل�م ي َزا ُل�وا فِ�ي اجتِه ِ
َ ْ ْ َ َ ْ َ
ث ا ْل ُم ْر َس ِ
�ل �ظ ِإر ٍ
�ه فِ�ي ِح ْف َِع�ن ِم ْث ِل ِ ث َش�يخ ًا بِ َش�ي ٍخ وإِم�ا ٍم و ِار ٍ
ْ ْ َ َ َ ْ ْ
�اد َف ِ َش ْ�أ َن ا ْل ُخ�رو ِج بِاجتِه ٍ
�ييصل ّ
َ ْ َ ُ ْ �ىَ�ى َز ْي�دُ الإْ ِ َم�ا ُم َف ْارت ََض ٰ
َّ�ى َأت ٰ
َحت ٰ
126
�و ُء َم ْقت ِ
َ�ل �ذلاَ ُن َأ ْت َب�ا ٍع َو ُس ْ ِخ ْ �ر ِه
ِم� ْن َأ ْم ِ َان َل� ُه
َان َم�ا ك َ َف�ك َ
�ي ا ْل ُح ْك ِم َوا ْل ِع ْل� ِم ا ْل َج ِل ّي ِ ِ ِ
م� ْن َب ْعده ف ْ
ِ َ ْم َ�ر لِ َم� ْن ٰل ِكنَّ� ُه َق�دْ َقعَّ�دَ الأْ
ِ ِ �ي ا ْل َي َم ِ ِ ِ ُم ْس�ت َْوثِ ٍق َو َم ْذ َه ٍ بِ ُم ْس�ن ٍَد
�ي �ي ا ْل َعل ّ �ن ا ْل َعال َ َم ْوق ُع� ُه ف ْ �ب
�ط الأْ َ َّو ِلإِسَل�اَ ِم ح ّق� ًا فِ�ي ا ْلم ِحي ِ ِ ِ ِ ِ
ْ ُ ْ َ ْ �ب ال�ـ م� ْن َب ْع�ده َت َع�دَّ َد ْت َم َذاه ُ
ِ َو َف ِر ْي ٍ �ق َخ ِام ٍ �ى َف ِر ْي ٍ
�ي
َجدَ ل ّ �ق ا ْلن َِّ�زا ِع َع� ْن �ل �م ْت إِ َل َ َوا ْن َق َس َ
ف�ي َم ْذ َه ٍ �د َزي ٍ َأو ُله�ا ِم�ن بع ِ
ُج َه ِ
�ل ت ْ �ب ُأ ُصو ُل� ُه َل ْ
�م �د َج ْع َف ٌ�ر ْ ْ َْ َّ َ
ُم ْبطِ ِ
�ل �م َبعي�دً ا َع� ْن ُغ ُل ٍّ
�و ِ
ف ِيه ْ
ِ�ت ِ
�ت بِ�آل ال َب ْي�ت َحت ٰ
َّ�ى َأ ْينَ َع ْ ِ َقا َم ْ
�لَقاتِ ِ َع َصبِ ٍّ
�ي َس� َب ِئ ٍّي ب َو َخ ِ
�ار ٍج َأ ْو ِم�ن رافِ ِض�ي ك ِ
َاذ ٍ ٍّ ْ َ
الك َ�را ِم ال ُب َّ�ز ِل ِ ِ
اآلل َم� ْن َم َّز ُق�وا َم ْذ َه َبنَ�ا َو َخا َل ُف�وا َم َقا َل� َة
الج َب ِ ول األَر ِ ِ و َأ ْغر ُق�وا َأ ْن ُفس�هم ف�ي فِ ْتن ٍ
�ل ض م ْث َ�ل َ ْ �ه َ �ت ُس ُ َ�ة َع َّم ْ ْ ُ ْ َ َ
ال ا ْل ُم ْخ ِج َ�ل �ن ا ْلصِّ�را ِع َوا ْل ِج�دَ ِ �م َع ِ ِ ِ ِ
َ ُ�وا ع ْل َم ُه ْ
�ب ا ْلسُّ�نَّة َصان ْ َم َذاه ُ
ِ ِ �ح الإْ ِ َم�ا ِم َح َس ٍ
�ي َ�ل ا ْلسِّ� ْبط ا ْل َول ّ�ن َو َم�ا ا ْقت ََض�ا ُه َم ْقت ُ �وا ُص ْل َ َوا ْلت ََز ُم ْ
�ن َخ ْي ُ�ر َب�دَ ِل �ه لِ ِلدِّ ْي ِ
فِ�ي ِح ْفظِ ِ
ْ �ن الإْ ِ َم�ا ِم َزينِه�م �ف ِ
اإل ْب ِ َو َم ْو ِق ُ
الم ْس� َت ْق َب ِلي و َق�اد ُة التَّص�و ِ ِ
ُ ف َ ُّ َ َ السَل�اَ ِم ف�ي َش ْ�أن َ
ال�ول �م ُق�دْ َو ُة َّ
ُه ْ
َولِ ْل ُخ ُ�ر ْو ِج ِض�دَّ ُظ ْل� ِم ا ْل�دُّ َو ِل آخ ُ�ر لِ ْلث ْ
َّ�أ ِر َد َع�ا َ َو َم ْو ِق ٌ
�ف
�ذا َي ِل�ي �ف الإْ ِ م�ا ِم َزي ٍ
كَمو ِق ِ
�ى َه َ�ى ا ْبنُ� ُه َو َم� ْن َع َل ٰ
َي ْح َي ٰ �د َوك َ
َ�ذا ْ َ َْ
َان َد ْر َس� ًا َل ُش� ُي ْوخِ ا ْل َع َم ِ
�ل َف�ك َ َو ُص ِّل ُب�وا �م َق�دْ ُق ِّت ُل َ
�وا َو ُك ُّل ُه ْ
ِ ِ َلسَّ�ا َد ِة ا ْل ُّص ْل ِ �ت َم َو ِاق ٌ
�ي�ح َو َأ ْبنَ�اء َعل ّ �و َد ٌة
�ف َم ْح ُم ْ اجت ََم َع َْو ْ
�ال ا ْل ُكم ِ
َّ�ل مس�ت ُْصبِ ِحي َن بِا ْلر َج ِ �و َر ٍة َو َم� ْن َأ َح َّ
�ب ا ْل ِّس� َل َم ُد ْو َن َث ْ
ِّ ُ
�ي الآْ ِل َوا ْل َب ْح ِ و َأ ْفر ُط ِ �ض ا ْل َّرافِ ِضي� َن َش� َطط ًا
ل�ي�ر ا ْل َم ّ �وا ف ْ َ َ ْ َو َش َّ
�ذ َب ْع ُ
127
�و ُم ْخ ِج ِ ِ لِ َج ْع َف ٍ
�ل �ري ُء م� ْن ُغ ُل ٍّ �و ا ْل َب ِ
َو ُه َ �ر َون ََس� ُب ْوا إِ ْف َرا َط ُه ْ
�م
اط َج ِل�ي �ب ا ْل َغالِ ْي� َن إِ ْف َ�ر ٌ َو َم ْذ َه ُ �ت َفم ْذه�ب ا ْلص ِ
َّ�اد ِق عَ�دْ ٌل َثابِ ٌ َ َ ُ
ِِ ِ فِ�ي ك ُِّل َعص ٍ ِ �م ا ْلث ْ
�ي�ر ل ْل َع�دَ اء ا ْل َعائل ّ ْ ْ �و َش� َطط ًا َّ�أ َر َو َيدْ ُع ْ ُي َع ِّم ُ
ِ بِا ْل ُمنْت َِمي� َن َي ِل ْي ُ َو ِم ْث ُ�ل ٰه َ
الأْ َك َْم ِ
�ل ل ْلنَّبِ ِّ
�ي �ق َأ َب�د ًا �ذا لاَ
ّْ َ
َ�ا َ��ةُ �َ نْ َ ُ ا ��لْ�نََّ �� �ْ �أ ْ �َ �� �َ نْ �ْ �فْ � َا ��لْتَ�ف �ْ ��
� م�ِط ا �ل� �و�س�ِط م�ا �لِ�إ� َار ��ِط �و ��ر��ِط ��سَ�ل �م م��ه
ِي
ِ ِ
�ج ا ْل ِّر َج�ال ا ْل َّصالح ْي� َن ا ْل ُب َّ�ز ِل
ِ �ج ِ ِ
ك ُُّل ا ْلك َ�را ِم ا ْل َو ِارث ْي� َن ا ْنت ََه ُج�وا
ن َْه َ
�د ا ْل َق ِد ْي� ِم الأْ َ َّو ِل
ِم�ن َأو ِل ا ْلعه ِ
َْ ْ َّ وهم�ا �وا ا ْلشَّ� ْي َخ ْي ِن َب ْ�ل َوا َل ُ َل ْ
�م َي ْر ُف ُض ْ
ـمـ�ا َأ ْن َولِ�ي �ار ْو َق َل َّ
َو َس�اعَدُ ْوا ا ْل َف ُ �ي َق َ�ر ِار ِه وس�انَدُ وا ا ْلصدِّ ي ِ ِ
�ق ف ْ ِّ ْ َ
�ان ا ْل َولِ�ي �ر ُع ْث َم َ َت َظا َف ُ�روا لِ َح ْص ِ ار ِق ْي� َن ِعنَدَ م�ا �وا ا ْل َم ِ �م ُي َما ُل ْ َو َل ْ
َالج َح ِ ِ ِ �د ِه َق�دْ َس�انَدُ واوحي�دَ ر ًا فِ�ي َعه ِ
ف�ل �ي َصفِّ�ه ك َ َّ�ى َغ�دَ ْوا ف ْ
َحت ٰ ْ ْ َ َْ
َ�ر َك ا ْل ِع َ�ر ِاق ا ْل ُم ْو ِح ِ
�ل َو َقبِ ُل�وا ت َ �ح الإْ ِ َم�ا ِم َح َس ٍ
�ن �وا ُص ْل َ
َوا ْلت ََز ُم ْ
�لالم َب َّج ِ �اة ا ْل َح َس ِ
�ن حتَّ�ى و َف ِ �ة َون ُْزلِه�ا
واست َْأنَس�وا فِ�ي َطيب ٍ
ُ َ ٰ َ َْ ْ َ ْ ُ
�ن بي�ن الم ْف ِس ِ ِ
�ل �دي َن ال ُع َّج ِ للأْ َ ْم ِ َ ْ َ ُ الص َ�را ِع َط َل ًب�ا
�ي ِّ َق�دْ َجا َن ُب�وا َغ َّ
ال َع َم ِ
�ل �ت َون ُْص َ�ر ٌة لِ ْل ِع ْل� ِم َب ْع�دَ
�ن َس� ْي ٌر َثابِ ٌ�م ف�ي األَ ْم ِكم�ا َل ُه ْ
َ
آثَا ُ نَق ض ا ��ْ�عَ ْ َ َ �ق�ف ُ ا ��لْ�نََّ �� �ْ �أ ْ �َ ��
� �� ر� ������ ل �ه ِ�د �و� �مَاو ِ�� م�ِط ا �ل� �و�س�ِط
ِ
�هم ًا َع ِل�ي ِِ ِ ِ َاك ٍ َأب�ى ا ْلحس�ين بيع� ًة لِن ِ
�ي َم ْوقف�ه َش ْ َو َظ َّ�ل ف ْ �ث ُ َ ُ ََْ َ ٰ
ْ�ع ا ْل ِح َي ِ
�ل �ي ا ْل َّرافِدَ ْي ِ
�ن َح ْي ُ
�ث ُصن ُ
ِ
ف ْ َّ�ى َأ َتتْ� ُه َب ْي َع� ٌة ِم� ْن ِش� ْي َع ٍة
َحت ٰ
128
�ي ك َْر َب ِ ِ
�ل َّ�ى َغ�دَ ا ُم َض َّر َج� ًا ف ْ َحت ٰ �وا َع ْه�دَ ُه �م َبا ُع ْ َخ َر ُجو ُه ُث َّ اس�ت َْف ْ
ي�ن ا ْل ِعب ِ
�اد الأْ َ ْب َج ِ فِ ْي َم�ا عَ�دَ ا َز ِ ِ ِ
�ل َ �مِّ�ل الآْ ُل ا ْلك َ�را ُم ُك ُّل ُه ْ َو ُقت َ
ِ ِ
�ي �وا َآل َعل ّ َولاَ ا ْل ُب َغ�ا ُة ْ
احت ََر ُم ْ �ول فََل�اَ ا ْلغَُل�اَ ُة َأ ْح َس�ن ُْوا ف ْينَ�ا ا ْل َ
�ل�ق ُد ْو َن ِع َل ِ �ج ا ْل َّط ِر ْي ِ
�ق ا ْل َح ِّ ن َْه َ �ذا َع َّل ُم ْونَ�ا َأ ْه ُلنَ�ا �ل ٰه َ لأِ َ ْج ِ
ِ ِ ِ
َولاَ ن ُِر ْي�دُ ا ْل َع�دْ َل َم� ْن غ ٍّ�ر َخل ّ
�ي �و ِم ا ْل َق َض�ا
�ي َي ْ َأنَّ�ا ن ُِر ْي�دُ ا ْل َف ْص َ�ل ف ْ
ِ ِ ِ �ذ ِه ا ْلدُّ ْن َي�ا ا ْل ِّر َض�ا
و ُش� ْغ ُلنَا فِ�ي ه ِ
بِ�ك ُِّل َم�ا َي ْقض ْي�ه َم ْولاَ نَ�ا ا ْل َعل ّ
�ي ْ َ َ
الج ِل�ي
اآلل َ �ف ِ �ى َم ْو ِق َ ِ
َع َل ْي�ه َي ْر َض ٰ �ب الآْ َل ُح ّب� ًا َصادق� ًا َف َم� ْن َأ َح َّ
�ف م�ا فِي ِ
�ه ا ْبت ُِل�ي �ات ا ْل ِع�دَ ا وم�ن تَ�ردى فِ�ي ِسياس ِ
لاَ ُب�دَّ َأ ْن ُيك َْش َ َ ْ َ َ ْ َ َّ ٰ ْ َ َ
اجت ُِل ّي
�ر ْ �ى ا ْل ُه�دَ ٰى َفا ْل َح ُّق فِ ْي األَ ْم ِ ِ
َعائ�د ًا إِ َل َ َي ْس�ت َِف ْي َق َأ ْن َل َعلَّ� ُه
ِ بِ َأه ِل ِ
�ي الأْ َ ْم َث ِ
�ل �ل ا ْل َق َ�ر ِار ا ْل َعا َلم ِّ �ى َأ ْه ِ �ل ا ْلسََّل�اَ ِم َوا ْل ُّت َق ٰ �ه َأ ْه ِ ْ
��ت ��ة
م
��ة ا �ة ق �ة ث� ت أ��ا ن � � ن �
� ر�ور إ� �ع� د � ار ء �م ار � � رك�� � ا �ل�دي�� ج م�ع
�ض
�ض ال ُع َ�ر ٰى َوال َق ْب ِ
َن ْق ِ الم ْف ِضي إِ َل ٰى ِ
الم ُث ِ
�ل �ض َب ْي� َن ُ م� ْن َأ ْج ِل َر ْف� ِع َ
الح َ�ر ِج ُ
�يع ِم� ْن ِص َ�را ٍع َق َب ِل�ي ِ
َو َم�ا ُأش َ َو َد ْر ِء َم�ا َق�دْ َش�ا َبنَا ِم� ْن َض َ�ر ٍر
الش� َل ِلي الخَل�اَ ِ
َان ِم�ن ِغ�ي ِ �ر ِ
يف ُك َّل َم�ا الش ِ �ف بِ ِ
الع ْل� ِم َّ والك َْش ِ
ف ِّ َق�دْ ك َ ْ ِّ َ
�ر ُم ْقبِ ِ
�ل ي�ن َوالدُّ ْن َي�ا َو َخ ْي ِ
ف�ي الدِّ ِ َات َق ِ
�اد ٍم وم�ا س�ي ْأتِي ِم�ن َش�ت ٍ
ْ َ َ َ َ
ْ�ز ِل
المن ِ َان َو ْف َ
�ق لِوح�دَ ِة األَرك ِ �ام َل ٍة
َش ِ ِدراس ٍ
�ة ِم� ْن ال ُب�دَّ
َ ْ َ ْ َ َ
�لالم ْكت َِم ِ
ُ الس�ن َِّة)
ُّ �اس ( ُأ ِّم
َأ َس ُ َأ ْر َب َع� ٌة َم ْز ُمو َم� ٌة ف�ي َب ْع ِض َه�ا
129
الج َّم ِ ِ لِ َثابِ ٍ ون ِ َث َوابِ ٌ
�ل اس�ت ََجدَّ م� ْن ُع ُل�و ِم ُ َو َم�ا ْ �ت �ضَاق ٌ َ �ت
َ�د ِلِذي سَل�اَ م ٍة معت ِ لِ�ك ُِّل �ذي ِم� ْن َش ْ�أنِ ِه َسَل�اَ َم ٌة �ذا ا َّل ِ
ٰه َ
ُْ َ َ
الم ْخ َم ِلي �ف الك ِ وف ِ ِ
الصَل�اَ ِح َ
�و َب َّ َق�دْ َلبِ ُس�وا َث ْ َاذبِي� َن ُك َّل َم�ا ي�ه ك َْش ُ َ
�ل�ه ف�ي ال َع َم ِ مس�تَوثِ ٍق بِرب ِ �ل ٍملِيس�تَبِين ال َف�ر ُق بي�ن مس ِ
َ ِّ ُ ْ ْ َْ َ ُ ْ ْ َ َْ
�ل �ة َأ ْو ِح َي ِ
وم�ا َله�م ِم�ن ِخدْ َع ٍ
ْ ُ ْ َ َ �ر ف�ي َم ْس� َل ِك ِه ْم �ل ال ُك ْف َِو َب ْي� َن َأ ْه ِ
ول َب ْي� َن ال ُكت ِ �ذ ِ �يد ِ
وم�ا ج�رى ِم�ن ِس�ر تَو ِس ِ
َ�ل ف�ي ال َعا َل� ِم َ
الم ْخ ُ الع�دَ ا ْ ِّ ْ َ َ َ َ ٰ
�و ِل ِ ِ ِ ِ َم ْأ ُمونَ� ٌة َأ َمانَ� ٌة
�ى م� ْن ف ْتنَ�ة الت ََّم ُّ يم�ا َم َض ٰ ف َ �ت
َو ُض ِّي َع ْ
�و ِل ِ ِ َب ِ
ف�ي َرابِ� ِع األَ ْركَان بِالت ََّح ُّ �ح َو َواض ٌ �ار ٌز ٰه َ
�ذا َوك ُُّل
َ
ْ نَ ا ُ َ ْ َ سَ��ة َ� ْ َ َ ْ تَ َٱ ْتبَ ا ُ �� هَ ا �َ �ق�ف ا ��لْ�نََّ �� �ْ �أ ْ �َ ��
مَاو ِ� ِ� م�ِط ا �ل� �و�س�ِط � ر� �مو� � �و �ِر��� � �
ط�ِب� � ِإ� ��س�� د �م�د ر�� ِ ح �ض
�ر ٰط� َه ا ْلسَّ� ِّي ِد ا ْل ُم َكم ِ
ِّ�ل ِم� ْن َع ْص ِ ت ََس ْل َس� َل ْت َم َو ِاق ُ
�ف ا ْل َح ِّ
�ق ا ْبتَ�دَ ا
�ى َع ْه�دَ ا ْل َق َ�ر ِار الأْ َ َّو ِل ِ ِ َو َب ْع�دَ ُه َم َو ِاق ُ
�ت َع َل ٰ َقا َم ْ �ي�ف الآْ ل ا َّلت ْ
اجت ُِل�ي �ذ ِر ْ �ف ا ْل َّز ْه َ�ر ِاء بِا ْل ُع ْ
َو َم ْو ِق ُ َان ُحجَّ� ًة �ف الإْ ِ َم�ا ِم ك ََف َم ْو ِق ُ
�ل�د ا ْل ُحكْ� ِم ُد ْو َن ِع َل ِ
�ول َعه ِ
�ي ُط ِ ْ ف ْ
ِ �اب ِع ْل ِم َه�ا اس�ت َْو َز َر الأْ َ ْص َح ُ
�اب َب َ َو ْ
ِ ِ ِ ِ �و ثِ َق� ٌة
�ل الم ْو َح ِ �ولاَ ء ُ�ي َع ْه�د َه ْي َش�ات ا ْل َ ف ْ َّ�ى َأتَ�ا ُه ا ْل ُحك ُ
ْ�م َو ُه َ َحت ٰ
�د الأْ َ ْش� َق ٰى ا ْل َخ ِس ِ
�يس الأْ َ ْر َذ ِل َع َل�ى ي ِ
ٰ َ َان َح ْت ُف� ُه
ف َف�ك َ َو َج َّ�ر َد ا ْلسَّ� ْي َ
�ح بِ َو ْع ٍ �ر ا ْلح ِصي ِ َف َق�ا َم بِالأْ َ ْم ِ
�م ِل�ي َأ ْش َ �ع ا ْل ُّص ْل َ َو َو َّق َ �ف َح َس� ٌن َ ْ
دج ِل�ي ِ ِ �ار ْت ِش ْ�ر َع ًة
�ي ص َ�را ٍع َ َوا ْلدِّ ْي� َن َض َ
�اع ف ْ َلمَّ�ا َر َأ ٰى الأْ َ ْط َم َ
�اع َص َ
�ق ل�ي �ى َب ْع ٍ
�ض َو َق َ
�ال ُح َّ َب ْع ًض�ا َع َل ٰ اإل َم�ا ُم ال َّظالِ ِمي� َن ُدونَ� ُه
ِ َأ ْل َق ٰ
�ى
130
�ف ا ْل ِح َي ِل بِا ْل ُّص ْل ِ
�ح َر ْغ َم ا ْلسَّ� ْع ِي َخ َل ْ �م ِ
�ى َأ ْع َراض ِه ْ اس�ت َْأ َم َن ا ْلن ُ
َ�اس َع َل ٰ َو ْ
�ق َج ِل�ي آل البي ِ ِ ون َش�ر ٍ ِ
�ت َع� ْن َح ٍّ ل َص�دِّ ِ َ ْ ف َ �ى ال َق َ�ر َار ُد َ م َّم� ْن َر َع ٰ
�ي ك َْر َب ِ َف َل�م ي ِج�دْ ِم�ن نَاص ٍ ِ �ي ِش� ْي َعتِ ِه ِ
�ل �ر ف ْ ْ َ ْ َ �او َل ا ْل ُح َس� ْي ُن ف ْ َو َح َ
ط َوالآْ ِل ا ْل ِك َ�را ِم ا ْل ُكم ِ
َّ�ل لِ ْلسِّ�ب ِ
ْ َغ ْي َ�ر ا ْل ِع�دَ ا َم ْن َج َّ�ر ُدوا َس� ْي َ
ف ا ْل َّر َد ٰى
�اذلمس�تكبِ ٍر وبي�ن ِح�ب َخ ِ فض�اع َد ُّم الس�بط بي�ن قات�ل
ٍّ َ ُ
ِم� ْن َأ َّص َ�ل ا ْلسََّل�اَ َم بِا ْلت ََمه ِ
ُّ�ل �ن ا ْل ُح َس� ْي ِن ا ْل ُم ْقتَدَ ٰى
َف َج�ا َء َع ْص ُ�ر ا ْب ِ
�لاق ُ�ر َش� ْي ُخ ا ْل َم ْح َف ِ محمَّ�دُ ا ْلب ِ ث ث َخي�ر و ِار ٍ �ذا الإْ ِ ْر ََ�ال َه ََون َ
َ ُ َ ْ ُ َ
ِ ِ
�ل �ي ا ْل ُم ْر َس ِ �ار ًة م� ْن ا ْلنَّبِ ِّ بِ َش َ َان َأ ْه َل� ُه �م َوك َ َم� ْن َب َق َ�ر ا ْلع ْل َ
ِ ِ �د ِه
�ذا جع َف�ر ِم�ن بع ِ
�ي �ب ح ْصنَ� ًا ُم ْعتَل ْ َو َأس َ
َّ�س ا ْل َم ْذ َه َ َ َْ َ�ال َه َ َ ْ ٌ َون َ
�ذ ِل َو َف َّر ُط�وا كَال ُع َّ َو َأ ْف َر ُط ْ
�وا �د ِه َأ ْت َبا ُع� ُه
اخ َت َل ُف�وا ِم�ن بع ِ
ْ َْ َ َو ْ
�ك ِل بي�ن ا ْل�ولاَ ِء وا ْلب�ر ِاء ا ْلم ْش ِ �ذا َق ِ �م َي َ�ز ْل إِ ْش�ك ُ
ُ َ َ َ َ َْ َ اس�م ًا َال َه َ َو َل ْ
ِ
واس�أل َمقا َم�ه ال َعالِ�ي َفح ِّق�ق �م ا ْل َع�دْ ُل ل�هِ
�ى ا ْلكَاظ ُ َ�ذ َ
اك ُم ْو َس ٰ ك َ
�ل الم ُث ِ
ُ �يخ ال ُعل�وم وإ َم�ا ُم َش ُ الر َض�ا عل�ي ُذو ِّ ٌ الن�دب
ُ والس� َّيدُ
�لُم ْو ِح ِ ُم ْبت َِع�د ًا َع� ْن ك ُِّل َش� ْي ٍن َ�ى �ض م�ن َب ْع�دُ َأت ٰ
اح�ب ا ْلعري ِ ِ
ُ َُْ
وص ِ
َ َ
�ل َم ْو ِغ ِ َّ�ص َغ ْي َ�رُم ْجت َِه�د ًا بِا ْلن ِّ �ق َقانِت� ًا �ج ا ْل َّط ِر ْي ِ
ُم َؤ ِّسس� ًا ن َْه َ
ا ْل َج�دَ ِل ِ
�ج الأْ ُ ُص�ول ُد ْو َن َغ ِّ
�ي ن َْه َ �ر �ج الإْ ِ َم�ا ِم َج ْع َف ٍ ُم ْلت َِزم� ًا ن َْه َ
131
ِ ِ ِ ِ
�م ِلْأر َض ا ْلع َ�راق ل ْل َم َق�ا ِم األَ ْش َ �ى
م� ْن ْارت ََض ٰ َو َب ْع�دَ ُه ُم َحمَّ�دٌ
�ج ا ْل َّصالِ ِح ْي� َن الأْ ُ َو ِل �ي ا ْلن َّْه ِ
�ج ن َْه ِ ِ
ف ْ �ى
�ى َم� ْن َم َض ٰ
ِ َو َو ِر َ
ث ا ْل َم َق�ا َم ع ْي َس ٰ
س�وء ا ْلصِّ�را ِع وا ْلن َِّ�زا ِع الم ِ ٍ ْ�رم بِ ِه ِ
�لفش ِ ُ َ َ ُ َ لم�ا َر َأ ْوا
�م م� ْن َس�ا َدة ّ ْ َأك ِ ْ
�ي الأْ َ ْر َذ ِل ِ ِ ِ ن َ
َ�أ ْوا َع ِ
�ي ُم ْوق� ٍع ف ْ َع� ْن ك ُِّل َغ ٍّ �و ِم ا ْلغَُل�اَ ة َو َس َ
�موا �ن ا ْل َق ْ
�ل�ذ ْوا الإْ ِ ْس�نَا َد بِالت ََّس ْل ُس ِ
َم� ْن َأ َخ ُ َّ�ل ا ْل ِف ْق� َه ِش� ُي ْو ُخ ِ
اإل ْهت�دا َو َأص َ
ُم ْع َت َب�ر ًا ِعنْ�دَ ا ْلشُّ� ُيوخِ ا ْل ُكم ِ
َّ�ل �ار ْت َم ْر ِجع� ًا ِ
�ب ا ْلسُّ�نَّة َص َ
ِ
َم َذاه ُ
�ح الإْ ِ َم�ا ِم الأْ َ ْم َث ِ �ت دو َن َش� َط ٍ �ت لآِ َ ِل ا ْلبي ِ
�ل �ت ُص ْل َ َوا ْلت ََز َم ْ ط ُْ َْ آ َل ْ
�ل الح َس� ْي ِن َي ْ
�و َم الك َْر َب ِ ُ لس� ِّي ِد ِ
ل َّ يم�ا َق�دْ َج َ�ر ٰى ِ ِ ِ
اس�ت َْر َج َع ْت ل ّل�ه ف َ َو ْ
�از س�وء ِ
الع َل ِ ِ بِ ِفع ِل ِ ُم ْجت َِه�دٌ َو َأنَّ� ُه
�ل َّ�ب الح َج َ ُ َ َق�دْ َجن َ �ه ْ
ول ال ُب َّ�ز ِل
�ر بِال ُع�دُ ِ
ف�ي ك ُِّل َع ْص ٍ اإلجتِم�ا ِع س ِ
�ائدً ا َ ِ ْ َ َو َظ َّ�ل ن َْه ُ
�ج
الم ِ
ث�ل أو م�ن أق�ام الس�يف ف�وق ُ و َل ْ
�م َيش�ذ غي�ر ذي َح َما َق�ة
132
اختَِل�اَ ِ َو ُم ْص ِل َح� ًا َش َ ال و ِ ِ ِ
ف ا ْل ُكت ِ
َ�ل �أن ْ اعي� ًا اإل ْعت�دَ ِ َ َأ َق�ا َم ن َْه َ
�ج
ِ ِ ب ُد ْو َن إِ ْش� َغ ِ
فص ِ
�ل �ي َش ِّ�ر م َ بِا ْل ُحكْ� ِم َوا ْلك ُْرس ِّ ال ا ْل َو َر ٰى َب ْي� َن ا ْلشُّ� ُع ْو ِ
نَه�ج ا ْلنَّبِ�ي ا ْلمص َط َف�ى َخي ِ ِ �ي الأْ ُ َل ٰى ِ ِ �ذا َط ِر ْي ُ
�ي�ر َول ّ ٰ ْ ِّ ُ ْ ْ ُ �ق ا ْل َع�دْ ل َح ّق ًا ف ْ ٰه َ
�ح ا ْل ِك َ�را ِم ا ْل ُع�دَّ ِل
ِم� ْن َس�ا َد ٍة ا ْل ُّص ْل ِ �و َن الأْ َت ِْق َي�ا ِ
�ار ا ْل ُمنْص ُف ْ
ِ
َع َل ْي�ه َس َ
ِ ِ و ِم ْث ُله�م ب ِقيَّ� ُة ا ْلسَّ�ي ِ
�ي َب ْح َ�ر ًا خ َض ّم� ًا بِا ْل ُع ُل�و ِم ُم ْمـتَل ْ ف َغ�دَ وا ْ َ ُ ْ َ
�ل �ط لِ ْل َع َم ِ ال محبِ ٍ
َو َم� ْن ِج�دَ ٍ ُ ْ
بِ ِه�م ح ِمين�ا ِم�ن ِص�را ٍع م ْف ِس ٍ
�د ُ ْ ْ ُ ْ
�ر س�ي ِ �ج ا ْل َف ِق ْي� ُه ا ْل ُم ْقتَ�دَ ٰى
ب ا ْل ِ
كتل ب َح ْر ِ ف ا ْل َح ْر ِ بِك َْس ِ َ ْ َو َأك َْم َ�ل ا ْلن َّْه َ
�ي َح ْس� ِم ك ُِّل ُم ْع ِض ِ ِ �و ِد ُّي َل� ُه
�ل َّح�دا ف ْ َفات َ َو َأ َّي�دَ ا ْلشَّ� ْي ُخ ا ْل َع ُم ْ
�ذ ْو ِق َخ ْي ِ
�ر َبدَ ِل �ج ا ْل َّ
َب ْ�ل َح ْم ُ�ل ن َْه ِ لاَ َث ْ�أر لاَ َت ْغ ِر ِ
�ى ي�ر ف ْي َم�ا َق�دْ َم َض ٰ َ َ
ِ ِ ِ َ�ذا ك َ ِ
�ل بِا ْلع ْل� ِم َوالأْ َ ْع َم�ال َب ْي� َن ُ
الم ُث ِ �م�ار ن َْهج ِه ْ َان انْت َش ُ َو ٰهك َ
َع َل�ى ا ْلج ِمي� ِع فِ�ي ا ْل َّزم ِ
�ان الأْ َ ْر َذ ِل �و ُحجَّ� ٌة بِنَ�ا ُء ٰه َ
�ذا ا ْلدِّ ْي ِ
ْ َ ٰ َ ْ �ن َو ُه َ
ِ ِ ِ �ذا َل�م ن ِ و َلي َتنَ�ا ِم�ن بع ِ
�يض�دّ ًا َو ٰلك� ْن َق�دْ َو َجدْ نَ�ا َم� ْن ُبل َ َج�دْ ْ �د َه َ ْ َْ َ ْ
َي ْه ُذ ْو َن كَا ْل َم ْح ُم ْو ِم فِ ْي ا ْل َع ْص ِر ا ْل َخ ِل ّي ِمنَّ�ا َو ِممَّ� ْن َق�دْ َغ�زا ُه ِضدُّ نَ�ا
ف ُد ْو ِن َف ْي َص ِ وا ْلشَّ� ْت ِم لِلأْ َسَل�اَ ِ تمانِ�ي َوالأْ َ َذ ٰى ِ
�ل ْ َ ُّ�وا الأْ َ َمان�ي بِا ْل َ
َظن ْ
�ل ك َْي ُي ْس� َل ُم ْوا ِم ْن َب ْع ِد ِش ْ�ر ٍك ُم ْف ِش ِ م�ا بي�ن م ْخ�دُ و ٍع ين ِ
َ�اد ْي َأ ْه َل� ُه ُ َ َْ َ َ
�ن الأْ َ َّو ِل
َ�ي َين ُْص ُ�ر َوا ا ْلدِّ ْي� َن بِ َل ْع ِ
ك ْ �ب َل ْع� َن ا ْل ِّص َح ِ
�اب ُق ْر َب� ًة َأ ْو َطا َل ٍ
133
ِّ�را ِع ا ْلدُّ َولِ ّي
�ف ا ْلص َ َأ ْو َج ِام ٍ
�ح َخ ْل َ �وا ِ ِ
�ي َخدَ َم�ات الإْ ِ ْحت َ سف ْ
ِم�ن د ِار ٍ ِ
ْ َ
�ك ُم ْس� َت ْع ِج ِل َأو تَابِ� ٍع لِهالِ ٍ �جط ف�ي َمن َْه ٍ �ر ٍ
َأ ْو ُمنْتَ� ٍم لِ ُم ْف ِ
َ ْ
�ان الم ِ
الزم ِ
وح ِ
�ل ُ َو َض َّي ُع�وا َف ْ�ر َض َّ َ �ه ْم بِ َم� ْن َم َض ٰ
�ى َق�دْ َش� َغ ُلوا َأ ْن ُف َس ُ
�ز َوالت َّْح ِر ِ
ف�ي النَّ ْب ِ ِ
ي�ش َوال َّت َكت ِ
ُّ�ل ان ُج َّ�ل َو ْقت ِه ْ
�م الش� ْي َط ُ
اس�ت َْح َو َذ َّ
َف ْ
�ار ُم ْمت َِل�ي ِم� ْن ُش� َب ِه الت َّْم ِو ِ
ي�ل َص َ َو َع ْي ُش ُ
�ه ْم َم ْع ُلو َل� ٌة �م
ُب ُيوت ُُه ْ
�و ِل َو َخ َب ُط�وا َو َخ َل ُط�وا ف�ي َ
الم ْق َ الر َب�ا َف ُم ِح ُق�وا �س ِّ َأ َصا َب ُه ْ
�م َم ُّ
بِجه ِل ِه�م يه�وو َن صنْ�ع ِ
�ل الح َي ِ ُ َ َ ْ ْ َْ َ ْ �م َف َغ�دَ ْوااآلي َعن ُْه ْ َ�ى ف�ي ِ ك ََم�ا َأت ٰ
�و ِل ِ ِ َّخ ِذي� َن الدِّ ي� َن ِد ْر ًع�ا َو ِاق ًي�ا
مت ِ
َ�ي َي ْهد ُم�وا َأ ْركَانَ� ُه بِالم ْع َ ك ْ ُ
�و ِل ِ ِ ِ
الم َم ِّ
ُ �ح
�م َم َصال ُ َحك ُُم ُه ْت ْ �م َم�ا َد َرا �م َي�دْ ِري َومن ُْه َْومن ُْه ُ
اس َ�أ ِل �ر َّ ِ ف�ي ِ
آخ ِ َق�دْ َأ ْخب�ر الم ْختَ�ار َع�ن ُظه ِ ِ
الز َم�ان َفا ْق َ�ر ْأ َو ْ �م
وره ْ ُ ْ ُ َ َ ُ
134
�لالم ْف ِش ِ ِ
�ن ا ْلشَّ�ن ْي ِع ُ
و َلو َث ِ
�ة ا ْل َّل ْع ِ َ ْ �اع ِم� ْن ُد ْن َي�ا ا ْل َفنَ�ا
�ذ ِر الأْ َ ْت َب ُ
َف ْل َي ْح َ
�ل �د َأ ْو َم َث ِ �ت َأو َعابِ ٍ ِم�ن َقانِ ٍ �ل ا ْل ُه�دَ ٰى�ي َأ ْه ِ �ة ا ْلت َّْش ِ ِ ِ َأو َلو َث ِ
ْ ْ �ريك ف ْ ْ ْ
�ق َج ِل�ي �ك َفا ْل َح ُّات الإْ ْف ِِم�ن ُش�به ِ ي�ر ا ْل ُم ْغ ِر ُض َ
�ون ا ْل ُب َل�دَ ا ِ
ْ َُ هم�ا ُيث ُ َم َ
وغ ِوك لاَ بِ َش� ْط ِح ا ْلم ِ �ل ا ْلسُّ� ُل ِ َأ ْص ِ بِ َأحم ٍ ِ َش ٍ َوك ُُّل
�ل ُ �د ْ َ َقائ ٌ
�م �يء
�ذ ِل �ت بِا ْل ُع َّ �ن َوا ْلدُّ ْن َي�ا َغ َل ْ بِا ْلدِّ ْي ِ�ن َع َب َث ْ
�ت َفن َْح� ُن َب ْي� َن ِم ْحنَ َت ْي ِ
ِ �ط ا ْل ُمبِ ِ اك َت ْف ِر ْي ُ َ�ذ َ ِ اط َأ ْح َب ٍإِ ْف َ�ر ُ
�ي ي�ر ا ْل َجدَ ل ّ �و ٰى ك َ �ي ا ْل َه َ
�اب ت ََم�ا َد ْوا ف ْ
ب ِ ِش� َيع ًا ِ
�ل الح َي ِ َ َّ�روا َأ ْو َطانَن�ا ف ْي َم�ا َم َض ٰ
�ى َو َف َّر ُق ْون�ا َق�دْ َدم ُ
�ق َب ْي� َن السُّ� ُب ِل َاذ الأْ َنَ�ا َو َم ْر ِج� ِع ا ْل َّت ْف ِر ْي ِ �س ُأس�ت ِ ِ
اإل ْب َل ْي ِ َمطِيَّ� ُة
ْ
�لفش ِ ب بِا ْل ِص�را ِع الم ِ ْ�ذ ا ْل َق ِد ْي� ِم فِ ْتنَ� ٌة بِي� َن ا ْلشُّ� ُع ْو ِ َار ْي ُخ� ُه ُمن ُ ت ِ
ُ َ
�اب ا ْل َج�دَ ِل �ش َب ُ َو ِم ْث ُل� ُه ا ْلت َّْح ِر ْي ُ َف�ر ْق تَس�دْ َأس�اس َت ْف ِكي ِ
�ك ا ْل ُع َ�ر ٰى ْ َ ُ ُ ِّ
ِ ِ ِ ِ �ل ُحكْ� ٍم َو َولاَ �س ِم� ْن َأ ْج ِ
�ي الم َرحل ّ َو ُس� ْل َطة ا ْل َم�ال ا ْل َذم ْي� ِم َ َتنَا ُف ٌ
�ؤ ْو ِن الأْ َ ْم ِ ِ ِ ِ ِ ِ
َ�ل �ر َأ ْص ِ
�ل ا ْل َم ْقت ِ ك ُِّل ُش ُ �يَوف ْتنَ�ة ا ْل َّت ْف ِر ْي�ط َوالإْ ِ ْف َ�راط ف ْ
�و َم ا ْل َم ْو ِئ ِ
�ل ِ ِ
�ي ٰه�ذه ا ْلدُّ ْن َي�ا َو َي ْ ف ْ
ِ اح َف ْظنَ�ا َو َس� ِّل َم ِد ْينِنَ�ا
َي�ا َر ِّب َو ْ
�ر ا ْبت ُِل�ي�ي الأْ َ ْم ِ ِ ِ ِ ِ
َأ ْو َف َّر ُط�وا َفا ْل�ك ُُّل ف ْ تَك ْلنَ�ا ل َّلذ ْي� َن َأ ْف َر ُط ْ
�وا َولاَ
�ل ا ْل َع َم ِ �ار َأ ْه ِ �ه الأْ َ ْط َه ِ و َآلِ ِ اس� ُل ْك بِنَ�ا ِمن َْه ِ
�ل َ �اج ٰط� َه ا ْل ُم ْص َط َف ٰ
�ى َو ْ
�ي ا ْل َّط ِر ْي ِ ِ ِ �ل الاِ ْقتِ�دَ ا وصحبِ ِ
�ه الأْ َ ْخ َي ِ
�ق الأْ َ ْم َث ِ
�ل َوا ْلتَّابِع ْي� َن ف ْ �ار َأ ْه ِ َ َ ْ
المك ََّم ِ َام ِ وك الك ِ �ل ا ْلسُّ� ُل ِ َأ ْه ِ ِ
�ل �ل ُ �و َر ٰى �م ا ْل َّر ْح ٰم� ُن َس�ا َدات ا ْل َاه َُح َّي ُ
�ل�ي ا ِّت َب�ا ِع ا ْل ِع َل ِ ِ ِ
�ب ا ْل َح َي�اة ف ْ �ىُل َّ
ُ�ون َق َض ٰ
و ْليع ُذرنِّ�ي ك ُُّل م ْفت ٍ
َ ْ َ َْ َ ْ
�ي ا ْل ُم ْجت َِل�ي ف ا ْلح َّ ِ �ر ِ�م َي ْع ِ َفدَ افِ�ع ا ْلنَّظ� ِم ا ْعتِ َق ِ
�ق ا ْلنَّق َّ َ َل ْ
�اد َّي أنَّ� ُه ُ
�ت َع ِن ا ْلو ْع ِي ا ْلشَّ�تِي ِ
ت ا ْل ُم ْخ ِ
جل �ة َغا َب ْ�ة مدْ روس ٍ َأو أنَّ�ه فِ�ي ِخدْ م ٍ
ْ َ َ ُ ْ َ َ ْ ُ
135
ِ ِ ٍ ِ �و ٍح َج ِام ٍ ِ
�لُح َل ِ �م ت ْ �ي َذات�ه َل ْ َأ ْو ُع ْق�دَ ة ف ْ �ح َق�دْ َش�ا َب ُه �ي ُط ُم ْ َأ ْو ف ْ
�ي َق َب ِل�ي ِِ ِِ َأ ْو �ي ُس� ْل َط ٍة اغ ٍ ِ َأو ِم�ن مص ٍّ�ل ر ِ
َطائف ٍّ �ي
َجاهل ٍّ �ب ف ْ َ ْ ُ َ ْ
�و ِل ِ ِ ِ ِ ِ
َأ ْو َم�ا َج َ�ر ٰى م� ْن ف ْتنَ�ة ا ْلت ََّح ُّ َ�ر ٰى اب َأ ْص ُ�ل َم�ا ن َ َو ٰه�ذه الأْ َ ْس� َب ُ
ُ�ر ُّذ ِل ِ ِ َأو م�ا س�ي ْأتِي ِم�ن ِص�را ٍع َق ِ
َأو ح ِ
�ى الت ْ �ر ُي ْفض�ي إِ َل َ اض ٍ �اد ٍم
ْ َ َ ْ ْ َ َ َ
الج ِل�ي �ق َ الح ِّ �ى َ َم� ْن َب َّي� َن األَ ْم َ�ر َع َل ٰ
�ىالم ْص َط َف ٰ
َ�ار ٰط� َه ُالم ْخت ِ ْ�م بِ ُ
الخت َُو َ
�ار ٍق ُم ْس� َت ْق َب ِلي
َ�ى َع� ْن َط ِ ِ
�م َب�دَ ا ك ََم�ا َأت ٰ �ى َع َل ْي�ه ال ّٰل� ُه م�ا ن َْج ٌَص َّل ٰ
�ار س�اد ِ ِ ِ
�ل َوال َّت َبت ِ
ُّ�ل �ل ال َف ْض ِ الص ْح ِ
�ب َأ ْه ِ ال�و َر ٰى َو َّ َ ات َوآل�ه األَ ْط َه ِ َ َ
ِ
�و َم َج ْم� ِع ال ُّث َل ِ
�ل الر ْح ٰم� ُن َعنَّ�ا َأ َب�دً ا َخ ْي َ�ر َ
الج َ�زاء َي ْ َّ �م
َج َاز ُاه ُ
تمت منظومة الرضا ..ونسأل ال ّٰله الرضا ..واللطف فيما يجري به القضا
وآخر دعوانا أن الحمد ل ّٰله رب العالمين
يلي هذه المنظومة
منظومة (وال ينبئك مثل خبير)
136
� ن ظ �� ��ة
�و�م
م�� �
��ن ئ� ك ��م��ث�� �خ
�
��و� ال ي �ب���� � �ب�
ل ير
ُ ف آ ف
�ع�� ن � ث ا� را �ل�����ع��� �ورد ا �ل�����ع��� �ح�و �� ما� ����ش ا� � �ع�� ن ���و ا �ل��غ���در�
ل ل ي ع �ي م ي ل �
َ�ة شَ َّ��ةٌ تَ ْ َّ��ةٌ ْ �خ َ � �تَ ْ � �قَ ف �قْ � تََُّ َ
حّ ��ل�ا �ت
�
� ل
� ا ه � � ت ا � � � � ا
� ن � ي
� � ل�
� �
ع�� � ْ �
�ق ٌ
�
� ِ ِ �و ِ � � ِ َار ء �رِ ي ِ � ِ ي ِ � ِ ل ِل بِ ي ِ
� � �ط� �� م � �م � ع �
َ لَ ٰ َ �ق�ف ا �ل�ُ ْ �ل نَ ا �ل�ُتَ َ ا ضَ��ة َآثَا هَ ا � ّ َ ا َّ��ة � �ٱ ْ��تَا � َّ��ة
�� ِ � �وَ�� ِر� � ا �ل�ِ�سي�� �ِ�سي�ِ �َاو �لِ� جِم� ِعي� ِ �ع���ى� �مَاو ِ� ِ� م��سِ� ِ�م��ي� م��ع� ِر�
َ
َ ْ َا�ز َ ْ �ق ف أ ْ ا ��ل�نََّ � � �أ ْ َ � �ف�َ ا َ َ َ ا َُ ُ
�إِ�و ب�ر ِ � �موِ�� ِ� � ��ه�ِل �م��ِط ا �ل� �و��س ��ِطِيم� دَا ر �و�م� �ي��د �ور
� ًا �َ �ُم�ْ�ستَ���قْ �بَ� ًل�ا ا َثَ�َ ت �ذٰ � � َ َ ا ض ًا َ َ
ح� ِ�ض ر و � ِ�ل�ك �م� ِ�
��ي�� �و� �و�م َار ِ
137
�﷽
ت
م �
��ه�ي��د
احلم�د لريب عىل مدى األزمان ،والصالة والسلام عىل س�يد ول�د عدنان ،حممد
بن عبداهلل رس�ول اإلنس واجلان ،واملبعوث هداية ورمحة لكل الذوات واألجناس
واأللوان ،صىل اهلل عليه وعىل آله وأصحابه أئمة اهلدى واإليامن ،وعىل التابعني هلم
بإحسان .
وبع�دُ فقد بلغ الس�يل الزبا ،وارتفعت أصوات المس�لمين ض�د بعضهم البعض
بعد تفرقهم كأيدي س�با ..حيث أخذ الصراع الطائفي دوره اليوم في مس�ير الحياة
الصراع
َ الدور قبله بسنوات ،وقد رأينا من قبل ذلك
َ االعتقادي
ُّ الصراع
ُ بعد أن أخذ
الطبق�ي ف�ي محيط األوط�ان يحصد المئ�ات ويش�غل الفئات ،وكان�ت ثمرة هذهَّ
األدوار المتالحقة زيادة الغربة والش�تات ،ولم يتحقق في كل مرة هدف وال غاية
ما عدا ما شهدناه من تدخل األعداء ،وتمكنهم في كل جولة من وضع أيديهم على
الرقاب والثروات ،وامتالكهم مواقع القرار وأس�باب االس�تقرار بسياسة خبيثة من
شجرة خبيثة ،كما قال تعالى( :ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ
ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) [إبراهيم.]26:
وكأني باآلية الكريمة تشير إلى هذه األمة التي نزع منها قرارها وسلب استقرارها
ِ
المنصوص ِ
التوس�يد ِ
بسياس�ة ،وغزي�ت بلي�ل في أعز ما تملكه وتتمناه ،و ُمنحت
ِ
الخيان�ة ،حتى تج َّيش المس�لمون في مراحل ِ
سياس�ة َ
وش�مول ضياع األمان َة عليه
َ
الغث�اء ضد بعضهم البعض ،ودفع بهم إبليس نح�و التنافس والتحريش في الطول
والع�رض ،فاكتس�بوا صفة التنم�ر والتحدي فيم�ا بينهم ،كما خل�دوا إلى األرض
واس�تتبعوا أهواءه�م في ش�أن العالق�ة بثقافة وسياس�ة واقتصاد وإعلام أعدائهم
عل�ى غي�ر تمييز وال تثبت وال تمحي�ص ،فهم بهذه الثقافة السياس�ية واالقتصادية
واإلعالمي�ة يتعلم�ون ويعلم�ون ،ويدفع�ون بأبنائه�م وبناته�م في مس�ارب جحر
138
الض�ب يتأهل�ون ويتخرجون و ُيس�تخدمون ويخدم�ون ،فتراهم في واق�ع الحياة
المعاصرة غربيين شرقيين ،وتسمعهم في واقع الديانة عصبيين طائفيين متعصبين
،يتجه�زون بين الفين�ة والفينة من خالل واقع الخدمات ،وم�ن داخل أقبية البنوك
والمؤسس�ات لحرب ش�عواء تأكل األخضر واليابس((( ،قوا ُمها عن�د ٍ
فريق مندف ٍع
ِ
الس�لفية ،ومن خلفهم ِ
مظاهر تقويض
ُ فريق منتف ٍع مس�خ المعال ِم الصوفية ،ولدى ٍ ُ
ِ
لمس�خ الجمي�ع خالل معركة الوالء آلل ِ ِ ِ
مس�تجدَّ ُة الفكرة والرؤى تُعدُّ ال ُعدَّ َة فِ َر ٌق
البيت المظلومين وآل محمد mالمحرومين برعاية مشبوهة عالمية.
ويتلفت المتأمل إلى الظالمين في رحلة التاريخ فيجدهم قد ذهبوا أدراج الرياح،
ومثله�م المظلومون األوائل قد انتقلوا بمظلمتهم إلى عالم المس�تراح ،فما يدري
المس�تبصر المعاصر َمن هو المتهم بالخيانة اليوم ليقام عليه الحد الش�رعي ،ومن
عني بحمل األمانة ل ُيس�ار خلفه بش�اهد قطعي ..في زمن أجمعت أدلة الفقه الم ّ هو َ
النب�وي الصحيح�ة أنه عصر فتنة واس�تتباع وغثاء واندفاع وانتفاع :قادتُه األش�ياع
مستثمره الكافرون المستعمرون والمستهترون أولو الحقد واألطماع.. ُ واألقماع..
المبدئي هزيم ُة المسلمين في معركة الصمت ُّ وغرضهم ُ األصلي اإلسالم، ُّ عدوهم ُّ
والكالم ..واحتواء األسباب الوضعية والشرعية لتهيئة العقول والقلوب واألرواح
واألجساد ،لمشروع «فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل ـ فيها ـ مؤمنا ويمسي
ض ِم َن الدُّ ْن َيا»((( فيرتبط أولها
يع ِدينَ ُه بِ َع َر ٍ ِ ِ ِ
كافرا َأ ْو ُي ْمس�ي ُم ْؤمنًا َ ،و ُي ْصبِ ُح كَاف ًرا َ ،يبِ ُ
مقتل الخليف�ة المصطبِر عثمان ؤ ،ومنذ تخلي بآخره�ا وآخره�ا بأولها ،منذ ِ
اإلمام الحسن ؤ عن كرسي خالفته تارك ًا زمام السلطة إلى غيره ،ومنذ إثبات
اإلمام الحس�ين ؤ شجاعة آل البيت في مواقفهم المصيرية ومقتله بين تخاذل
المحبي�ن الثرثارين وخيان�ة البغاة القتل�ة المبغضين ..مؤكد ًا نهاي�ة النصرة بمقتله
وأهل بيته المظلومين..
علي و َأ َّو ُل َم�ن علم ذلك ووعا ُه وأش�اح عن ِ
خطره بمعناه ومبناه إما ُمنا الس�جا ُد ٌّ
والش ِ
�عار ،ولكنّه ِ
المطلب ِّ ِ
وإقامة زي� ُن العابدي�ن ؤ الذي كان َم ْعنِ ّي ًا بأخذ ِ
الثأر
((( ملح�ظ ه�ام هنا في قوله( :ح�رب) حيث أوعد الله تعالى آكلي الربا بالحرب المش�ار إليها
كثمرة من ثمرات أكل السحت والحرام (ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ) [البقرة. ]279:
(((رواه مسلم (.)120
139
رس�م آلل البيت مدرس َة السلامة ،وكان خير قارئ للداللة والعالمة فا ْغ َتن ََمها في
س�بيل االقتداء واالهتداء ..وكان درس�ا لمن (ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ
ﭫ) [اإلس�راء ، ]19:فل�م يجي�ش أحد ًا على أحد في ذكريات آبائ�ه ،ولم يقم مأتم ًا
أو دعا إليه أو أوصى به لنصرة المظلومين في ذلك اليوم الخطير على مدى مسيرة
حياته.
صراع
ٌ وإنم�ا حقيق� ُة األمر لم�ن أراد الحقيق� َة أن مبتدأ ه�ذا التركيب السياس�ي
مفتع�ل بي�ن فئتين ال عالق�ة آلل البيت األكاب�ر بهما وال بثمراتهم�ا ،إال من حيث ٌ
نسبة األمر إليهم :
الم ْف ِرطِين الغالة. ِ ِ ِ
*إما على َأ ْلسنَة فئة ُ
الم َف ِّرطِين البغاة. ِ ِ ِ
*أو التلبيس عليهم َبأ ْلسنَة فئة ُ
وه�ذان الفريق�ان هما اللذان اكتس�با الق�درة على الحرك�ة بين مالِ ٍ
�ك للقرار أو
معارض له ..وهما في قراءة تاريخ النصوص معلومون صف ًة وحاالً وشعار ًا ..والٍ
َ
مأخذ يخرج عنهما إالّ المخدوعون المستغفلون الذين تأخذ بهم المحبة الجامحة
االس�تتباع ..أو جماع ٌة من س�ادة الصلح وبقية الس�يف اجتهدوا فثاروا على الظلم
واستشهدوا في سبيل الله ..وال يقاس عليهم أحد من األطراف المتعارضة ألبتة.
بناء ُم ْس�ن ٍَد للتعرف على المخرج الصحيحعمل ومش�روع ٍومقدمتُنا هذه قاعد ُة ٍ
ُ
ب وليست معارض ًة ِ
لمح ٍّ
ُ ْ الذي اتخذه فريق النمط األوس�ط إلنقاذ ما يمكن إنقاذه،
ٍ
لمبغض منتفع. مندف ٍع وال
فالمندفع ال يرجع إال بعد أن تصيبه العوارض واألسباب.
ُ *
*والمنتفع ال يرغب في الس�ماع وال في العود إلى الصواب ..إال
بعد انقطاع عوامل االكتساب..
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس ال يعلمون.
ِ
المسند يقوم على أربعة ثوابت: إن قاعد َة ِع ْل ِمنَا ومشروع ِ
بنائنا َ
140
*مواقف اإلمام الحسن vمن الفتن
والمعل�و ُم أن قضي َة آل البيت ـ ومنها يوم الغدير وما ترتَّب على هذا األمر ـ جز ٌء
ِ
بالش�خوص.. والمواقف
َ ِ
بالمواقف النصوص م�ن علم فقه التح�والتَ ..فر َب ْط ُت
َ
وأس�قطت عن كاهلي مس�ؤولي َة العلم الذي َأ ْع َل ُمه في مثل هذه المسألة التي َأ ْث َبتُّها
ُ
تش�كلت بين ْ هن�ا ال من واقع تفس�ير األح�داث ،وال من مواق�ف االختالف التي
الفريقين في كتب التراث ،وإنما بلغة القراءة الجامعة للثوابت والمتغيرات.
وه�ي الق�راءة التي أهمله�ا الكثير من حمل�ة العلم ،واس�تعاضوا عنه�ا بالقراءة
األصولي�ة للثواب�ت دون المتغي�رات ،فج�اءت المخرجات لحدي�ث جبريل على
الصف�ة التي نعانيها جميعا ،وال زال حديث أم الس�نة يتيما عن أحد أركانه األربعة
حت�ى اليوم ،وس�يظل الحرج مصاحب�ا لنا في قضايانا المصيرية حت�ى نفقه القراءة
النصية ألركان الدين األربعة مجتمعة ال متفرقة .
والله من وراء القصد..
المؤلف
جدة 18 -ذي الحجة 1434هـ
141
َ
��ن� ّ ا �ل��مُْ�تَ���ق �أ�ْ �جَ� ا ��ل�ُع� َل�ا
َ لَ ٰ � َّ
�
ل ا �َا َ �َّ َ َ ّ َ َ �ّ ْ �أَ�زَ �ًا
���ص�ل �و����سِ�ل� �ل�
� رِ�ي� و � ب
� �ى ِ ي ِ
�
� ع �
�
م � ِ ي� رب���نا �
� َْ ا �� َ� َّا �َمنْ� ُ �� ا �� َ �َ ا َ َ ا ��صَ أَ ْ � ْ � فَ � �آ � � �أَ ْ
� �
�صِ� � �
�َاو �ل� �ِل �َاو �ل� ح ا ب ِ
� � ��ه�ِلا �لِ�إ� �
� ��و ِص ل�و �ل� �و ح ي��د ِر لكر ِر ص ط��
ً �ٱ ��ْ�ٰ ُ َّ صَ ّ �عَ لَ ٰ �سَ ّ نَ �ُ�مََّ َ �عَ لَ ٰآ�� �سَ ّ نَ �ُ�مََّ َ سَ �ّ ْ �تَ ْ���س��ل�ً
َ�ثي�را
ك
ِ ل�ل���ه� ����ل ����ى�� ي� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و����ى� ِل �� ي� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و���ِ�ل� � ِيما
م ِ ِ م ِ
َ
�َ �أ �َّ �ًا َ لَ ٰ � َ آ ً
��ع��� ا �لِ�ع��با ِد � � �ض� َل�ا�تَ ف��َ���َّ �َ ْ ُ ّٰ �َّ��ذ ا �ل
و و �ل� ��خرا �ِ �
���ح�م�د لِلِه ا �ل�ِ ي�
ى
ُ
طَ ٰ �َم نْ �أ ْ ��س� َل�ا َ لَ ٰ ا ��ل�نَّ ّ ا �ُ ْ َ ا �� �ُق ْآ نَ َ �ْ َ أَنْ�زَ َ
�ص��� ف �يا �ثَ�ا ��ت�ً�ا
ح�ً �
��لم� ��ى � رِ � �ع�� ب�
�ى ِ ي ِ بِ � �و � ل ل� �ر � �و
ً �ُ�خََّ َ َ َ ً ها د �ً�ا �ُم��بَ��ّ���شًا �َ �ُم ْ��ن��ذ ًا �َ ��َ
�شا ِ�ه�د ا �َو دَا ِ�ع��يا �م�ولا �و ��� ِ ر و ِ ر و ِي
َ ا � �ذْ ن نْ َ ْ �َ ا ُ � ا نْ َ ْ
حَا � هُ ا �ل�ُم�ْ ��� ا ���عَطَ �� ا ءَ ا � �أ ْ��زَ �َ ا ُْ
�س��
عط�� ل �� �ل� ج �ل�
ِي
نَ�
� � �� ب �غ�ي�ر ِه �م � ه �م
بِ� �لِ�إ� ِ� ِ � �مو �ل� �ل� ِ � �� ِ
�
�ما ن ا ��ل� ��ْ��ت� َل�ا َا نَ� َا هُ ��ف �زَ � َ �ّ َبَ ْ ُ فَ�ٱ ْ �َ ْ أَنََّ �ف َ ْ
ِ ِ�إ ب ِ � ِ�م�م ر ي� � �
�و�ع�د � ��ع�ل�م � ����نا �ي� �ح�ي رَ�ةٍ
�� �
ُ ّ أَنَ ّ تَ لَ َ
� �ُم ْ���� ٰ �َو�ف� ْ��ه� �ك� � � �� �
َ َ ش َّ�ة � �أَ ْ�خ ��ذ �أ فْ َ ا � َ َ� ٰ
ِل ِو ي ٍ ب �ى ِم �و�ِ���د ِ ا �ل� �� ِ �بِ� ��ك� ِرا �ل�ه�وى
َ
أ ن�ُ �ذَ � ��لتّ ْ ش حَ ْ ُ
�نَ�زَ �َ ا ث ا �� �م نْ �ُ فم�ْ ��� �َ��قُ ُ هُ ا �� َّل���طْ�ُ � ��لَ ٰ
حر���� �ي�� �ل� � �
�م ع إِ �ى ب� ِ � �ر ٍط ي ��ود
و ِ�ج ِي ِ ِ
��ف�ع� َل�اُ نَ ا ف ً � َ ْ ُ نْ َ �
ا أَ ْ َ نْ َ ٰ � ّت ف َ � ف ْ كَ
َ
أ َْ نَ
�م�� ِ����سا ِ�ل���غ�ي�ِرهِ �م ��� ِ �� ِ�م�ِه ح� ح� ا �ل ��� �ر� ��ط ��� � � �
� �و م� �ى ِي ي
ُ
�م� َل�ا
�ص�ْ�ره �بَ��ْ نَ ا �ل�َ �م نْ �� ْل���ط�ف��ه �َو� َ �َ تَ� ْ�ك �َم�ا �قَ ْ�د �جَ��ا ءَ َ�ع نْ ��نَ���ّ َ
��نا
بِ ِ ي� ِ� ِ ِ � ِبِي ور ِ
142
ُ ْ تَ َف عَ ْ ٰ � َ َ ْ فَتْ
�ْ�ج�م�ًعا �شُ��ُ� َ ���ط َ�ع ْ�د ��ل �َ�ٱ ْ�عت�� َل�ا �
� �م���س �َ �� َ
��نا �صُر ���ط�ه �ع�صُر ���
� ��� �
ٍو ِ رو � ِ وبِ ٍ
ح
�ُ نْ��َ ا �نًا َ َ َ �َ ن�ْ�ز �َ ا َ أَ َّ �قَ ً فَ ف أَ ْ سَ ٰ �ُ ْ � فَ
� �و ��س ب� ي�� � �و����شا د م�ِ �ل� ��َاو ِ�ع�د ا َ� ٰ �ِ���ي��ِه � ر���ى ا�لم�
�ص�� �
��ط�ى
ك�م� َل�ا َ ف ْ �ُ ُ تَ ْق ُ ُ قَ ْ أُ ْ ثَ ٌ �قَ ٌ َ
�ُ�سنّ��تُ��هُ ا ��ل��َ
��غ َّا ءُ
ِ �وِ����ع�ل�ه � ���ر�ره ��د � ��ْو�ل ��ا �بِ� ت� ر
ِي
َ بَ ْ
ها دَ ��ل�ا ��لَ��ةٌ ��ل��ل�ُ���ع�قَ� َل�ا
ِ �َ �مث�ْ��ُل�َ �فا ها �َ�مَا �ق���ً �َ�زَا دَ �نَ�ا �م نْ ��ي�� ن���َ
وِ � وِ ِ� ِ و
ْ َ
��تُ ُ �أ�ْ َ ا �� � ّ � ن �ف �شَ �أ ن ا �� َ �َ ا ّ
�ض�� َ� نْ � �تَ َ حَ� �ُ
�صي�� ب� �ه�ل ل�ِدي ِ� �ي� ��� ِ� ل�و �ل� ِ� ع� ِ�ف� نٍ� �إِ�و نٍ� ِ َ��ةٍ
ل � � م
أَ َّ َ
�ص� َل�ا ح��د �� ث� ��ْ� ���َ ا ��ل���ذ �� �تَ�� � َّ َ �َ�مُْ َ��ةً �ف � � �أ ْ َ ا ن � نْ
� ِ ي ِ ِ�ج بِري ل ِ ي ع ا �ل� رك ِ� ِ �
م � �مو�ع �ي� رَا ب��
ِ ج �
�ُ ْ َا ��ل� �ْ َ �َم نْ �قَ ْ �بََّ �َ ا ��ف� ا �ل �فَ َ ْ ُ هَ ا ُ نْ � َ َ� نْ �نَ �ق
حك� �و ِع�ل� �و � �د ��د �ل�
ِم ِم ي �د ر��س�� �ي���بِ�ي��ك ع� ��َاو ِ ضٍ�
���
َ
��نا ا ��ل�ع��لَ� َل�ا نَ � ُ َ ٰ أ
ى �َ � �ْ َ ��ثَ��تْ َ قَ ْ فَ َّ ��قَ تْ َ � ثْ�ُ َ نَ�قَ �ئ ٌ
ِ ِدي�� ا �ل�ه�د � و و ر ها � �� �ا �ِ ض��� ��د �ر � �وِم��ل��
���ا �نُ�� ا ��بَ� َل�اشَ تَّٰ حَ� ْثُ اَ َ َ نْ ُ َ نَ�زَ ُ
�
ك �
�بِ� �ل��نا ��ِس �����ى ي�م� و
ا � َّ عوا �عا �ةٍ � � � �ي���ل �ع� د � �ي�� ًل�ا بِ ج�
جِ�
ِ ٍ
�َ َ �َ ا � ُ ا َ �َ ا ٱقْت ً بَ ْ أَقَ �ع�مَ� ًل�ا �لَ ْ َنْ َ ُ نَ ْ ُ
��جَ ا ��ل�شّ�� ُ���خ� ��َ
�ج�د �ل� ��و �ل� � �ِ��دَا ء ��� � �� � �م او ا ل ��وا ��ه ��م ي����جه
ل ي وِ
لَ �عَ� َل�ا �قَ�ةَ ا ��ل� � ْ�س� َل�ا ف � َّ � � ّتَْ َ ا � حَ� تَّ ٰ جَ َ ُ
ح�قْ�دًا �َو��ق�� ٰ ��� ا ل
ِ �ى
� � ِم ِ � ِ�إ ��ع�� �ل او ح� �ِل �ى � ح ��ِط �َاو �ل��ر� �
ي
َ َ
�َ ا َ ش نُ أ ْ �أ ْ أ شْ َ َ
َ �نَ ظَ � ً ف � َ ْ أ ْ تَ َ ُّ
َ� َل�ا ��ً � � �و � ��بر � � � � ا ��
ِب�م� ي�ِ�����ي� � �و �بِ� �مر � ���ك
ٍ
صا �و �� ار �ي� لعي� ب ِ
َ
�َمنْظُ ��� �هْ ��ن ��َ �َ �ُ ْ �ُ ّ � ا حَ� تَّ ٰ �غَ َ ْت َ ُ � ْ َا �ف
�ورِ � ِ ���ظا حك� ب� ِ�د �ل�
ٍم م ِم
�� �ح�ل ا �لِ�إ� ��س�ل�ِ�م �ي� �ى ��د � �م َار ِ�
َ
�ص َا �ًعا �ُم�ْ�ستَ��د ��مً�ا �ُم�شْ���غ�� َل�ا �
� ْ �
تَ
ً َ �أ ْ َ �ثُ ا �َ �ذْ هَ� بَ�� ُ ْ �َ َا � �ق
ِ ِي ِ�ي� ِ� ر �ك ح �و �و ر��و م� ��ه�م �مو ِ���فا
َ َ نَ� ْهُ َ �ف َ أَ شَ ْ نَا هَ ا ُ
��� َل�ا أ نْ نَ َْ �غ طَ �� � قَ َ ْ �� �فُ ض ّ َ
� � ��ب�����تِ��� � ر ��� �ع�د ٍل �ِ� �و� ج���نا ِ ���ي�ما � ���ر �� � � �ه��نا
ي ِي
143
�ص� َل�ا َ َ ا � هُ � نْ �ُ�م ْ �مَ �قَ ْ �فُ ّ �ا نَ �ف فَ ْ � ُ ْ فَ كَ
��ج� �ل �د �ِ� �و�م� �لَ� ِم� � �ه� ِلر�ك رَا ��� � � ��� � �
ٍ نٍ� بٍِع � ي� � ٍم
� ا ��لك� َا � ا ��لنّ�ُ�بَ� َل�ا ه
� َّ ْ ف نَ ْ
� �� ���س ل � َا �
�َج ًا � �ْ ُ َ ٰ
� �د ه � ل �ل� �ع�
� �م�
ْ
�َ�ا َر ّ� �َوف�ّ���ق نَ��ا ��
ر ِ � � و ى � ِ ي ِ ي بِ ِ
ِم �جي ِر ي ِ
َ
��ن� ّ ا �ل��مُْ�تَ���ق �أ�ْ �جَ� ا ��ل�ُع� َل�ا َ لَ ٰ � َّ
�
ل ا �َا َ �َّ َ َ ّ َ َ �ّ ْ �أَ�زَ �ًا
���ص�ل �و����سِ�ل� �ل�
� رِ�ي� و � ب
� �ى ِ ي ِ
�
� ع ��
م � ِ ي� رب���نا �
� َْ ا �� َ� َّا �َمنْ� ُ �� ا �� َ �َ ا َ َ ا ��صَ أَ ْ � ْ � فَ � �آ � � �أَ ْ
� � �
�صِ�ط�� � ا
� �ه�ِل �لِ�إ� � � � �
�َاو �ل� �ِل �َاو �ل� ح ا ب ِ
���و ِص ل�و �ل� و ح ي��د ِر لكر ِر ص
ً �ٱ ��ْ�ٰ ُ َّ صَ ّ �عَ لَ ٰ �سَ ّ نَ �ُ�مََّ َ �عَ لَ ٰآ�� �سَ ّ نَ �ُ�مََّ َ سَ �ّ ْ �تَ ْ���س��ل�ً
َ�ثي�را
ك
ِ ام ل�ل���ه�م ����ِل ����ى�� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و����ى� ِل �� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و���ِ�ل� � ِي
م
نظ
� �ه��ذا ا�ل�������
ا� �ع� ث
ب
�ْثَ�ة � َ ْ� �َّ��ذ � سَ ا َ � اَ
كَم
ْ نَ بَا ثُ ٰ ا ��لنَّ�ْظ �� َ ا �ف َ ْ
�ِم ن� ����رِ ا �ل�هر ا �ل�ِ ي� �� � د ا�لمَ�ل� �ص ��ا
�م �م� �ي� �ع� ِر �� ِ�ع� �ه��ذَا ��
ِ�ج ِ
َ َ نْ َ � نَ ا َ نْ �زَ َ ا َ اَ نَ َ َ ثَْ�ةُ � ُّ � � َّ ْ َ ْ �لَ
ح ���ا ن
حَ�ل� �و�م� �ي�لي��� �ع� �م� نٍ� ر�
ِ �س�ؤَا �ِل ِم�م� ��و �وك��ر ا �ل� �
�خ� َل�ا َ َ ا ُش ُ ُّ تََ ُّتً َ َ ْ � نَ ْ أَ ْ � َ ض ّ
�َ ���� ا ��ل��د � �
�ع��ا ك�م� ي�ِ ي
ن � � ْ ه �
�� ِ�د ِ � � � �هِ�ل��نا ��بِ ِ� �و ر��ب ��ِط ��ه
ع م ِ�ج
َ ْ �ذ ْ�� آ � �بَ ْ ت �جَ ْ ًا أَ ْ ق لَ َ َ ا ُ َ �ُ أَنََّ ف غَ ْ
�ع ن ك� � �ل ا �ل��� � � � � � ٰ �قا �ل � ����نا ��� � � �
���ف�لَ��ةٍ �و�م� �ي���
� �ه�ل و ِ���ى � ِ ِر ِ ي ِ ي
َ �لَ تَُ ْ ُ �ذْ كَ
�ُم نَ��ا �َ�سبَ��ا ُت� ا ��ل��آ ��ل �أ�ْ�ه ا ��ل� ْ�عت�� َل�ا ا ��ُ �ف َ�ع�ا دَا ت�� نَ ت َ ْ
ِ �ِل ِ�إ ِ � � ِ �و ��م ���ع�د ��� ر �ي�
�
َ َ َ
�خُ��ُّ �أ�ْ�هَ ا �� ظُّل������ْل �أ�ْ �َم نْ �قَتّ�َ� َل�ا �
َ ا ُ ْ تَ ْ � نَ بَ ْ ضَ أ ْ َ �َ
�م��س��ب� ِ�دِ�ل��ي� ���ع��� � �ع��يا ٍد ِب�م�
ي ص �ل ِ�م و �
َ أْ َ
��� َل�ا ا �� ُ َا�ة ا �� ف�ُ ضُ َ
��ج ل
�
َ ُْ � �
ا ن � ش ْ
ن � ا َ أ ْ غْ فَ ا � َ تَ ْ
ر��ب ��ط � ِ�ميِ�� �بِ� ل�ه�د ِ ل�� ه
ِ ��� �ِل �م� ِم����� �ِ� �ك � �و إِ� � � ِ �و�ر
ع
قَ ْ �َ َ َ ال�ُمخْتَا ُ أَ شْ تَ ا تَ � اَ َ ْ قَ ْ �جَ َ
��� ر � ����� � ا�لمَ�ل� ��ج�م� � ��د � كِ�مث���ل �َم�ا ��د ��ا ءَ �ع نْ� �يَ��ْو� �ب�ِه
ع ٍم ِ ِ
َ
نَ�زَ ا� � � َّ َ َ ْ قَ ْ بَ ْ أَ
�عا �َ ا �ل�َ دَا ��ا �ل��َ �َ ه �ت ح
� ْ َ
�م نْ ���ع�د � ن ��د �ع�ا د �م ن �
�غ ِ�د �ِير � �ل� م و ِع بِ ِ � � ِ� ج ِ ِ� ِ �
َ
َ �ف َّ ا � �َ ا � �أ�نّهُ �َ ْ ��لَ ٰ ا �� َ �َ ا ��نا ��سَ �َ قَ��ا ��َل َا �ف��عً�ا �َ �خَ� طَ ��� بَ �� َّ
�ك� �لِ�إ� م� �َ� �مو�ى �لو �ل� ِ ر و و � ال
ِم
144
�َ َ �َ ا ل أََْ � ٰ � خل َا �ف َ َ أَثَا َ � عا ��ل��س ّ �َم�ا �فَ��صَ �ا َ �ع��دًا �جَ��ا �م��ً
�ج�د �ل� � �ب��د ى ا ِ��ل� � � �و �� ر ا � ِ ِر ِ ِ ر ِي
ك�تَ� َل�ا ُ �َا َ ا ت فَ صَ ا ُ بَ ْ نَ �لجَ ك� َا هُ ت��ُ ْ��د �� �قَ��َل��قً�ا َ �لَ ْ تَ�زَ �ْ �ذ ْ
� ��� � ر � او ��ي�� ا � ِ
�
ع � �
م بِي ر �و ��م � �ل ِ
�ُجَْ َٱ ْ تَفْحََ � �أَ ْ َ صَ َ َ نْ َ
�ج� َل�ا عا �م��� ه ّ�د دًا �َ �ْم��نَ�زَ��ً ُ �ً
� �ل ا �ل� �مُر �و� �ا ر �م��� � �و ��س���
�ِل �م��َ ِ و �جا ه
145
ضَ� َل�ا نَ ْ ٱ ْ � سَ َ ف � فُ َ نْ آ َ نُ ا � نَّ ّ َ ًّ ٱ ْ �تَ ضَ
�� ��جَ � �عِت��دَا �ٍل �� �ا ر ِ�ي��ِه ا � �ل�� ��ه ح�ق�ا �َ �و �ر � ��ْوا �م� � �م �� او �ب� �ل���ص � �
ِ ِ
َ نْ سَ ا َ�ة ا ��ل ُّ �ْ �َّ��ذ نَ �َ َ ُ
� َّ ا ��ل َّ َ�ا � �آ ���خًا �َ �أ �َّ �َ ا
ِ�سر ���س�ل �ِ ر و و �ل� � ا �ل�ِي�� ���ج�م� �ع او �ص�ل �ِم� �� � د ِ �
ِم ح ِ
حُ � � �َ ��بَ� َل�ا نْ ُ فْ�ظَ � � شُّ ُ َ ثُْ ُ ْ بَ�ق َّ��ةُ � َّ ْ ف ٱ ْ �تَ ضَ
� ِ � رو بٍ و � م� ح� �� ا �ل���� �و ب ِ
ع ِ� � له�م �ِ�� ي� ا �ل��سي�� ِ� � �ر � �� او �و�ِم��� �
َ
� � نَ �لجَ �َد �َ ا َ َْ �ل�زَّ َ ا ن ُ ْن َ ��لَ ْ �َ�زَا ��ُ ا �ُ ْ َ �َ نْ �أ حَ� َُّ ْ
كِري � ا �� �ل� �عب��ر ا � �م� ِ� �م� ِ ��ه
و �م ي �و �م و � ب�� �م
ل ��ه � م �
��قَْ �ًا َ �ف��ْ ً�ا َ�ٱ ْ �ت َ ��ًا َ َ �َ ا �ُم��س�تَ�م��سك�� نَ � ُش���ُ� ���ط ا ��ل� نْ��تمَ�ا
ْ ْ
�و �ل� �وِ �ع�ل �و رِ���با �ط� �و �و �ل� ِ ِ ي� بِ رو ِ ِ�إ ِ
� نُّ ْ ا ��لُ ْ نَ ٰ �َ ْ � ُ ْ َ لَ �َُ ٰ نَ � ُ ُ ُ شْ تَ
��ت�� ٰ ح��س� �ل ن �ل� �
� بِ� �ى ِم� م ي�ب�� �ى
�َاو �ل���ص � � �م�����ِ��غِ��ل��ي� �بِ�ا �ل�ع�� �لوِ�م �َاو �ل��ه�د �ى
ِح
َ�ة �َ ا َ اَ أَ ْ قَ ا �تُ ُ ْ َ ْ ُ ٌ َ ٰ َ َ َْ �نُ ُ ْ ُ � �َ �ََ ٰ
� �و�� � �ه� �م���ع� �مور ِب�م� ���غ�ل� �و�هك��ذَا د �ي��د � �ه�م ��ط�و�ل ا�لم�د �ى
م
� � نَّ ّ أَ ْ َ ا نُ�ق اَ تَعَ ُ ٌ أَ
�َ � نْ� ��بَ�دَا �م نْ �تَ�ا
��� ّر ض��� ِ�ل�ل��� � �و �م� �ِ�� �ل� � نَ�ز� و
ْ
� � ��� ِإو
ِص قٍ� ِ َ ِ � بٍِع
ع�قَ� َل�ا ُ ْ ٰ � ّ أ ْ َ �ُ َ نْ � ا �غَ ُْ ُ أََْ ْ � ُ أ ْ�خ َا قَ
ق��د �وَ�ةِ �ه��ذَا ا �ل��ِدي� ن� �َ�زك� ٰ ا �ل� � � �ب��د � او �لَ�ه � ��ل� �� �م� �ل� ��ي�ره
ى ِ
ح� َل�ا � ُّ تَ ْ ٱ ُ غْ � � ُّ ُ � ُ َ
�َ دُ � نَ� ٰ�ه��ذَا �ف ْ��ه�ُ �َم نْ قَ��ا �� �ل ا �� َ
� ا �ل�ش��� �عو بَ� ِ�ل�� ��قِت���ا �ٍل رِ�
ي����ر ي� �ما � م � و ِب وو
ِ َ َ
�ف َ َ��ة � نَّ ّ �َ نْ َ ٱ ْ ت اَ �ٌ � �أ ْ ُ ف � �أ ْ ٱ خْ ٌ ض
�ِت�� َل�ا �ف��َاو ِ���
�ِ��ل� �� ���غا �ي� ِ ا �ل��� ِ�لم رَا � � ج� �َاو �ل� ��ص�ل���ا �ل� �م �ر�
ِص � م ي ح ِ ي
قَ �َ � أُ َ �ُ�م ْ ٌَ � فَ ْ ُ َ ْ ُ ٌ
��ٰ ثَْ َ ا ُ نَ � قَ
�َاو � �ل� ض����ل �من�� �صو��ص �بِ�ِه �و�
د �و� ا � �ل� َار ِر �ِم���ل��ما �� �ل ا �ل� ِ�ل�ى ع
��ج�م�
ى ��ه �بَ��ْ نَ ا �ل�مَ� َل�ا قَ ْ �جَ ا َ ت � شُّ َ ٰ ك� �َم ْ�ُ�� ٌ ���ط ��َم�ا � �أَ نَّ شَ �أْ نَ ��لُ ْ
��ور� بِ ِ ي� � ا �ل� � ��د �� ء ِ ح ِم برو ِب ِ�ل� � ���� � ا �
َ
ى ق�� َل�ا � �آ خَ ُ نَ �فَ ُ � شُّ َ� ٰ �فَ ْ ٌ � هُ �ف �� َّ ْ أ ْ ٌ ثَا تٌ
�ِه� �م او ا �ل����ور ِ �َاو �ل� �ر�و� � ���ه�م �لَ� �ي� ا ل�����شرِ � ��ص�ل �� �بِ��
ع
�فَ�ْ هُ ا ��لنُّ� ُ �� �ف �ٱ نْ��تَا ء َ َ �َ ا � �أَ ْ ٰ فَ ا � َا فُ شَ �أْنُُ
���� � �صو ِص �ي� ِم� ٍ �و �و �ل� �ِ�خ�ل� �� ���� ��ه ِ�ل� ج��� �ه��ذَا �� ل
�
م ِل
َ
َ
ُ َ �زٌَّ َ َّ ُث ُ �لَ َ ا�
�م���ن ه ���ع�ما ي����ي�ر ا � طَ� ٰ أ َّ ا �َّ��ذ � َ �َ ْ ه �نَ ُّ ا �ُ ْ َ
�ص��� �ف �ل
�ج�د �ل� � ِ � �م� ا �ل�ِ ي� �ع�لي��ِ � ��ص م� �ى
146
��ج�مَ� َل�ا َ َ ا � هُ ُ فَ َّ ًا َ �ُ�م ْ �� ٰ ٌ ْ ُ فَ ضْ �ُْ�تَ ضَ
� � َ
�و�م� �لَ� � �م���ص�ل� �و� �و �َاو جِ� ب� إِ� د رَا ك �����ِل ا�ل�مر ى
�
حَ ا �م َّ نْ ُ ّ �َ ا ْ ُ ْ َ��ة � �أَ ْ �فَ ضْ �غَ ْ َ ثُْ ْ � كُ
� ِ�م��ع ِ�د �ل� ��ص
� � � �
ل ا ��ج�م� ِ�
ل ��ِم ن � ه ر � �� ��
� � � � �و�ِم���ل�ه ِإ� د رَا
بِ � ِل يِ ِ
قَ ْ �ُ��سّ
�� َل�ا اَ ْ نُ ٱ ْ��ت َ ثَ �فَ ُ �ُّ ُ ْ َ ْ ��ٌ َ �َ ا �قَ ا �ُ
�د � �� � د ا � ج � � �� ه � ا
له�م �ع�د ل �و م� � �مو بِ ِ
� �ك� �
ِج � عي � ِ �ه ٍ � بِ تٍ
ًا ُ تَ
��س���ْ��س� َل�ا ا َ �ف ْ � ُ شَ � ْ َ َ َْ ٌ أَ َّ َ ُ قَ
�وِ��عِ�ل�ِه �م���� ِرك� �م ب ِ ��حي��د ر � ك�د ه �ب �� ��و�ل�ِه �و�
ِ ِ
َ ْ فَ�ٱ ْ ْ
�ش�أ ن ٰ�ه��ذَا ا ��ل��أ �ْم حَ� تَّ ٰ �قُت�� َل�ا ��ف ���َ َ�ع��لَ ٰ �َم�ا قَ��ا ��لَ�هُ � �َم�ا �ُم نَ��ا ح �� �
ِر ى ِ � � ِ ي� إِ �� ِر ص �ى
�ُهَ� َل�ا �جا ر�� ا �جل
ُ
����ُل� ا �َ �َ�ا ت�َ َ �فُ ض ّ � َّ � �قَ ْ َ� �ف َ نْ ُ ّ نُ َٱ ْ ��ذَ ْ أُ�خَ
� �و�ِ� و و �ل � ِ ي �ص �� او � �
ح� ر� �ي� ا �ل �دح ِي�م�حِ� � � �و �
��م� َل�ا أُ ْ فَ ا � �قَ ْ ُ� ف ا � نُّ ُ ��َ َ نْ أَ َ َ �ُ ْ َ � فَ ٰ � �قَ ْ
� �
� �
ل
� ل �دح ِي��ِ بِ� �� �صو ِص �ج ِ� ه � � � � ه
�ص��ط���ى ِ� �ل �د ِح�ِ
� �ف�م� � ����شا ر ا�لم�
�جَ� َل�ا � َّ � طَ � ٌْ � َّ ٌ ثَا ٌ � �أَ نَّ ف ٰ ٱ �ْ
ل��� ْر �ل�ا �� ب�� ي��ُِث��ي�ُر ا �ل��د � �ل�� ش ت
ِ�ل� � ��ي� �ه��ذَا � �ل ِ م بِ�
�� �� � �زَا
���ت
ع ع ِ ِ
َ
��ن� ّ ا �ل��مُْ�تَ���ق �أ�ْ �جَ� ا ��ل�ُع� َل�ا َ لَ ٰ � َّ
ل� ا �َا َ �َّ َ َ ّ َ َ �ّ ْ �أَ�زَ �ًا
���ص�ل �و����سِ�ل� �ل�
� رِ�ي� و ب�
� �ى ِ ي ِ
�
� ع � �
م � ِ ي� رب���نا �
� َْ ا �� َ� َّا �َمنْ� ُ �� ا �� َ �َ ا َ َ ا ��صَ أَ ْ � ْ � فَ � �آ � � �أَ ْ
� �صِ�� � � � ��ه�ِلا �لِ�إ� � �َاو �ل� �ِل �َاو �ل� ح�ا ب ِ
���و ِص ل�و �ل� �و ح ي��د ِر لكر ِر ص ط��
ٱ �ْ�ٰ ُ َّ صَ ّ �عَ لَ ٰ �سَ ّ نَ �ُمََّ َ �عَ لَ ٰآ � �سَ ّ نَ �ُمََّ َ سَ �ّ ْ �تَ ْ��� ��ل ً َ�ث ً
س � �
� �ل�ل���ه�م ����ِل ����ى�� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و����ى� �ِل �� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و���ِ�ل�م � ِي�ما كِ ي� ار
147
�� ��ثَ� َل�ا �ثُ�� نَ �ٱ�نْ���قُ� َل�ا ْ �خ َا فَ ةٌ بَ �قَْ �ُ ُ ّ
َ � َّ
�ن ٰ فَ �قَ ْ أَ تَ
� � � ه ��� �د � ��ى عِ� ِب �� �و�ل�
� ل � ا ن �
و� ِ��ل� � ���ع ِ�د ي يِ
ُ �ْ � ٌ َ ضُ ضٌ �لَ� ْ َ�زَ �ْ �ُم�ْ�ستَف��ْ� اَ ��ح�مَ��ةٌ �َ ���ع�د ��َ
َ ْ بَ نُُ َّ�ةٌ َ َ�ْ
ح�ل� �م�لك �ع� ��و��� � ي� �ل � ا ه و ��ب ��و �و ر
ِ م
� � ف�مْ��صَ� َل�ا ��ا نَ تْ أَ ْ فَ ٰ � َّ َاث نَ َ َ � ا ��ل�ّ�س ُْ ���ط ا ��ل�زّ�َم�ا �َ �ع نْ�َ�د �َم�ا َ تَ َ � كَ
ِ �� � �و��ى ا �ل��ث�ل� �ِ��ي� �وك�
� ِ �ب ِ م ِ �و�ر
ًْ ْ َ
َ �أ �ُ ا ��لّ���ذ �� ��َنْ��ف���ه َ �أ ��ا قَ� ْ�د ��غَ� َل�ا َ َ حَ َ َ � �أَ ْ ُ � ٰ ٱ نْ
� َ
ر ي� ِ ي ي ِ ي ِ ر ي َا د ��غ �
� و � �ذَا �ه � � ر بِ م� � �
ل ا � �و �
س ��
َ ُ�خ ْ�ذ طَ � قَ � َ ْ � َٱتُْ ْ َ ْ قَ لَ َ ْ ُ� َ �قَ َ � �خَ َٱ ُْ � أمَ
� َ �
�و��� �� � �� ا �ل�ع�د �ل � �و �رك �م ن ��� ٰ
� � ِ � ر
ط� ٰ
� ��ص�� ف � م ف��� ��ن ظ ��� ْر � ��ا ا �لِ�ع ْر��ا ِ� ��ْو�ل ا �ل
ن ف
ى ِي ى
َ ثْ�ُ ُ � ّتَفْ ُ � شَ �أْ نُ �لُ َ اَ َّ��ةٌ
هَ ��ع�� � �فْ َ � �فَ ْ َ َ
�جا �ن
�و�م��ل�ه ا �ل��� �ر� ��ط ���� � ا �ج� ��ه�ل� ل �
� ِ ب ِ ِ�إ ر � و ِ
� ط �
� َا � �
ل ا � � �و�
ِي ِ
َ
��ن� ّ ا �ل��مُْ�تَ���ق �أ �ْ �جَ� ا ��ل�ُع� َل�ا َ لَ ٰ � َّ �َا َ �َّ َ َ ّ �َ َ �ّ ْ �أَ�زَ �ًا
� رِ�ي� و ى ا �ل ِب ي� ���ع��� ���ص�ل و����سِ�ل� �ل�
� ِ ي� رب���نا �
ِ م َ
� َْ ا �� َ� َّا �َمنْ� ُ �� ا �� َ �َ ا �صَ أ ْ � ْ �� � �آ � � �أَ ْ
�َ َ
� طفَ��ا � �
���و ِص ل�و �ل� ر ِر ص لك �د
و ح ي ِر � � � �ص �
� �ِل �لِ�إ � ِ ا �ه � � �َاو �ل� �ِل �َاو �ل� ح ب ِ
ا
ٱ �ْ�ٰ ُ َّ صَ ّ �عَ لَ ٰ �سَ ّ نَ �ُمََّ َ �عَ لَ ٰآ � �سَ ّ نَ �ُمََّ َ سَ �ّ ْ �تَ ْ��� ��ل ً َ�ث ً
س � �
� �ل�ل���ه�م ����ِل ����ى�� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و����ى� �ِل �� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و���ِ�ل�م � ِي�ما كِ ي� ار
148
ًا أَ َّ ٰ �لَ ٰ ٱْ ُ ُ�ؤَ ّثً
ح� َل�ا ى �َم�ا � ��ن ت�� �ى� إ� � �عا �م�ل� � د � �َ �َ ا � م
� � اك�ا نَ� ٰ�ه��ذَا ��سَ ��بَ�ً
�ب
فَ َ
��
ِ ِ و ِ ِر
��ج�مَ� ًل�ا ��ن �نَ ًّا �ُ�م ْ �
ْ َ �ُ َ ْ � ُ ْ
ّ � �
ا� �مَْ ُ� � �أَ ْ �َ نْ َ ْ ُ� � ُ َ ٰ َ �َ خ
�ص� � � ك � ا
ِإ �مك� ل د ر ِس لر ِ� � � � � �و ر�ج ا �ل� �مر ِ�لم� ي�ر�ج �و ا �ل�ه�د �ى
ِ
�ُفْ �َ اَ �ُ � تََُّّ َ ٌ
م���ت�عَ�ل� حو�ل ا �ل � � ا �ل��� عا �ل ����َ ُ ٌ
��� َا �َ ��ة
�ث � ل
َ
��ثَ� �ا �َ
� �ثَ��َا �� ٌت
ي ر و و بِ
ِ�ج بِع
�� َل�ا ُ ُ ْ تَ ْ
تَ�ك نْ �م��س�ج�ع َ�فخُ �ْ�ذ � هَ ا َ �َ ا ا ��جَ � ةَ��ٌ �ف بَا هَ �نُ ُ ُ هَ ا �ُ�م ْ
ِ �بِ � و � � � ��
ل � � � � � �
ي� �بِ � �� � ل��م �ص�� � � � �صو�
َ َ ا َ ُ نُ � نْ � نَ ْ َ ْ � �أُ �لَ � ُّ َ ا قَ ْ َ فَ ُ
�ص َا �نُ���ق� َل�ا ٰ ن �
ا
كو� ِم� ِ� رٍع ِ �و�م� �ي� � ��ك�ل �م� ��د ك�� � �ِم� �ع�ه ِ�د ا �ل� �ى
� �
ن ٱ خْ َ أَ َ أَ ْ َ
�كَ� َل�ا
�ِت��ل�ا �ف� � �ْو ِ�خ��ل�ا �ف� � �ش�� �
� �ِم� � � طَ� ٰ أ ْ َ ا جَ َ� ٰ � نْ �بَ�ْ �َ ْ ت ا �ُ ْ َ
�ص��� �ف � �و�م� �رى ِم� �ع ِ�د �مو ِ �ل
ٍ ٍ ِ � م� �ى
ف ْ ٰ � ْ تَ ْ �ُ ْ َ َ
�� َل�ا��� فِ����ق�ِه �ه��ذَا ا �لِ�ع��ل� ج���ل� ا�لم ش��� ِك�
� �فَ� ضَ �ا � ُ ��� ا ���أ �ْم ا ��ل�عَ� َ�ا �َم�ا ُت ا ��لّ�ت
ِم ِ ي� ي �� �بِ ط �ل ِر ل � ِ �ي� �
َ ْ
فَ�ٱ ْق َأ َ َ
حقّ�قْ � نْ �أ َ دْ تَ� ا ��ل� �ْمت�� َل�ا � � ا �غَ ْ�ُ هَ ا َ�ْ َ� ن �� َ �قْ �� َّ َ ٰ
ِ�إ ِ �� � �ر �و ِ�� ِإ � ر � �ص�د �ى �ل� ��ي ر� � ي ج���ل��عِ� ا ل�ع���ِلا ل�
ِي
ف � �أُ � ٰلَ ْ
أ
ْ قَ ا ئ � ْ َ� ت ٰ �لَ َأ َ َ ْ � َ نْ ش َ نْ �ذ فتْ
� ��ه��ذَا ��ي� ا �ل� ��ى � �و �� �ِ��ٍل �م �ي� ِ �ود �ع�ك �ِم� �َاو ��ٍ� �و�ِم� ِ �ي� ِ���نَ��ةٍ
�َّ ا �� َ �َ ا �ُ ْ ُ � َّ ّ نْ َ � ْ فَ ا �قَ ْ �ُ �قَْ �ُ �ُ ْ َ � فَ ٰ � ا َ ُْ ُ
� ا �لن���ص إِ� � ��ص ل�و �ل� ح ك��
� � ُ� حُ ك���َاو �ل
� ط��ى �ل� ���غ�ي�ره �ص�� � �� � �ل ��و�ل ��و�ل ا�لم�
مَ م ِ َ ح
ع�قَ� َل�ا �ف � �أ ْ َٱ ْ �ذَ ْ أ ْ ُ �ظَ � ُ
ح�� ر � ن� �ت�ِ�غ�ي� ��� ا �ل� � �ي� ا �ل� �مر� �و � ��ا �ف َ�ع ن ا �ل�مَنْ� ُ �� �ف�َ نْ �قَ ا ��َ �َ ا َ
ك�
� ِ� � �صو ِص ِي�م� � ل �ل� ٍ �
ِ
َ فَ�ٱ ّٰ ُ َ ْ � َ نْ َ شَ ا ُ َ ْ �َ ُ
�ُ ��� � نْ ��َ�ع�َّ ا ��ل�بَ� َل�ا �َ �ْ َ ا ��ّ��ذ � َ�ْف
ح�َ�ظ ح�د ه � �م� ي����� ء �و� �� لله �ي��ه ِ�د ي�
� إ
ِ ي � و ِي �
ل ه
� و
م
َ
��ن� ّ ا �ل��مُْ�تَ���ق �أ�ْ �جَ� ا ��ل�ُع� َل�ا َ لَ ٰ � َّ
ل� ا �َا َ �َّ َ َ ّ َ َ �ّ ْ �أَ�زَ �ًا
���ص�ل �و����سِ�ل� �ل�
� رِ�ي� و ب�
� �ى ِ ي ِ
�
�ع � �
م � ِ ي� رب���نا �
� َْ ا �� َ� َّا �َمنْ� ُ �� ا �� َ �َ ا َ َ ا ��صَ أَ ْ � ْ � فَ � �آ � � �أَ ْ
� �صِ�� � � � ��ه�ِلا �لِ�إ� � �َاو �ل� �ِل �َاو �ل� ح�ا ب ِ
� ��و ِص ل�و �ل� �و ح ي��د ِر لكر ِر ص ط��
ٱ �ْ�ٰ ُ َّ صَ ّ �عَ لَ ٰ �سَ ّ نَ �ُمََّ َ �عَ لَ ٰآ � �سَ ّ نَ �ُمََّ َ سَ �ّ ْ �تَ ْ��� ��ل ً َ�ث ً
س � �
� �ل�ل���ه�م ����ِل ����ى�� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و����ى� �ِل �� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و���ِ�ل�م � ِي�ما كِ ي� ار
149
���ذ �ورا �لف����ت��ن��ة�و�أ ��ص�و �� ا �ل��س�ن��ة
ل ج
َ َ نْبَ ُ �تَّ ْ ن ف� َ نُ�ق اَ � ُ ّ �شَ ْ �جَ �ْ�ذ ُ ُ َ أَ ْ �ُ ُ
كو�� ِي��ما �ِ�� �ل�
ع ل� �ِ ي ِ
�و�م��� ا � �ص�ل�ه �ِل�ك�ل ���ي� ءٍ �� ره � �و �
ِ
�ف � �أَ ْ حَ� تَّ ٰ � ا ُش َ � � اَ � ّ ُ َْ ُ نَا �لَ ٰ تَ�أَ ُّ
���� ا �لِ�ع�لَ�ل� �ي� ا �ل� �م � �ل� �� ع �و� ِإ� �ى �� ���م�ٍل
� �َاو �ل��ِدي� ن� �ي��د � �
ِر ى ي ِ يع
�ْ�ح�م� َل�ا
ُ ْ تَ
�َو�بَ��ْعَ�د �هَ�ا ��ف� طَ ��� ْ�� �م���س�� ��ا نَ �ُ ْ َ � فَ ٰ �َ ّ �فَُنْ �ذُ َ
ِ ي ي بَ��ةٍ َ��ةٍ �م�� � � ��ى ِب�مك �
ط �� �ص م �ل ا �
�ك
َ َ ُ ُ � ف تْ نَ��ةَ نْ ُ �ُ�ذ
ك�ا �ف �أ�ْ فَ��ا ��س �بَ��ْ نَ ا �ل�مَ� َل�ا �ف َ � ه
ِر و ِ �قٍ� ي� ٍَ ي� � ا ه � � �ي ��َاو �جِ�� ا �ِ�ل��� ِم� �ج�� ِ
ور �
أ ُ ً أَ أَ ْ ُ َّ
�فا �ُمنْ ف��َ��ع� َل�ا ��ً ْ ُ
�قا � �و �مر ج� � ْ ً ف
� ا
�م�� ِ���
نَ ُ ْ �ُ ْ
� �و �م�د ��ب ��و � �و �ِم��ث�لَ�ه َ�ة
ّ ُن
ِ ِ ٍع
�َ ْ ُ َا ��لتَّخ�ْ ��ذ ُ �ف أَ ْ � َ ا�
َ َ�هُّ ُ ُ � ْ �جَ ا فُ ْ حَ ْ ثُ ثَ َْ
ن
�َاو�لمك�ر �و �� ِي���ل �ي� � ��ه�لا �ل�و �ل�
ِ �م���ه�م ا �لِ�إ� ر�� �� �ِم� �ي�� � ��و� او
��تَ�د ُّ�خ�� َل�ا
��ا َ� َ� ٰ � َّ َ َ � أَ�ذَ ٰ َ َ �َ ��لَ ْ �َ�زَ ��ْ ٰ �� هَ َ َ � ٰ � نْ �بَ��ْع ض� ْ
�ش��ّر ا �ل�� �ى �مك� يرى ا ل� ��ه م �ط�
و �م ي ل ي�ر ى ِ � ِ ��ِ �م
َ ْ َ
� ٰ �ذَا �ُ ن�ْ�زَ �َ ا قَ ْ أ تَ ٰ � َّ ُّ أ أ
��ا �� �لقَ��ْ �ل � �ْ ��ا �� ف�ل��ْ�ع� دَ � ��اً دَاِئ��مً�ا
�َو��د � �ى ا �لن���ص �بِ �ه� م� �ل� و بِ ِ ِل ب بِ و ِ
َ َ
�صً�ا ُ �تّ� َل�ا��نَ ّ أ
�س َ�ة ا ��ل�� �نْ��فَ��ا � نْ ُ
� �ف ُ َ�ة ��تَّ ْبَ ة أ ْ �ف � ثْ� َ
رِ � ل ِ ِ � ور ِ � � م ا ه �سور ِ ا ل ��و�ِ� � �و �ي� ِم�ِ�ل�� �ي� � �
�صَ� َل�اَ ْ�َ ا ��ل�زَّ َ ن �ق ً ُ�ؤَ ّ ا �َمنْ َ ً
ه َ�ة � نّ فَ ا ق تَ�ْ َُ ُ
�عب� ر ��ما ِ� �َاو ِ���عا � �م � ك�� �� ج�� ح �� �
�سور ِ ِ
� �
� ل� ا �و� �
ِ ي
ُ �ُ�ؤْ ن نَ َ ْ��ُسهَ
َا �� ف�لَ� ْ��هُ � نْهَ �� ُّ � ا �قَ ْ �أ � ْ �َ ا �مر� �َو�ع�ي� ا �ل
�َ خَْ ُ ْ
�و � � ِم�� ا ِسر م� �د �س ِ�د �ل� م �مِ���ي� د ر � ا �
م ِ ِ �ج
� ًا � ُ ْ نَ ً ُ َ �ّ اَ ُ ُ ً َ َّ��ةً
�ع�ه�ود ا ��
�قَْ
�َ ��سُّ �َم�ا ��َ�� ٰ
�جي��ل� بِ ِج�ي���ل �م��س��د ا �م�د �لَ�ل� ِ� ��ج�م وِ ر ي ب �
ٍ ى
َ ْ ُ � ٰ � �أ حَ ْ ُ ْ َ ْ
أ َ
ف � ْ أَ ف � ْ أ
� �ٱ �ش���تَمَ� َل�ا � � ��ط �ه��ذَا ا �ل� �ْم َ �� ث � � �ْ ��ف �شَ���� ن� �َم�ا حُ ك��
��� ا �لِ�ع��ل� � �و ��� ا �ل
�
ر ي ي ِ�بر � و ي� ِ ي َ ِم ي ِم
��ج�مَ� َل�ا ُ
َق ُ بَ ْ نَ � نَّ � شَ ًا ��م ْ ُ ف ا � �أ �ْ ُ �ف ا � � ْ َ�ا � نَ صَ ٌ
ْ
�ي�� ��و�م ��ي�� ا �ل�ا �ِس ���ر�ع� � �ٌ� �ا �ِ�ئ ب� �� �ل� �ص�ل �ي� �ل�إ� �س�ل ��ه
ِم ِ
َأ �ج
�م� َل�ا �ما نَ��ةَ ا ��ل� �ْ� َل�ا�غ �م نْ �بَ��ْ ن ا �ل�َ ��َ ا
ُ
� �حَ
�َ �
نَ ُ�� هُ ا ��ل�ُ ُ � ��ُ ا �� َا ُ �ث
ِ�إ ب ِ ِ � يِ� و ل
� � �م � لَ� ع�د ول ل�و ر و
�
�
قَ ْ ً َ نَقْ ً َ ً ُ ْ تَفْ
ح� َل�اك�اِئ�� ن��ا �م��س��� ���ا ���ا � � ��� ض �� ض � �ص �� �َم�ا �ُ ش�����ُ َ�ع��لَ�ً َ �ف � نُّ ُ
�
ِ � و � ب ا �ن ر �وِ�ي� ا �ل� و ِص ي ِ ي
150
ه� َل�ا �ُ��َ �ْ�ح��م ا ��جل
َ َْقُ ضُ � َ َ َ
حقّ �َو� �و��ن ����� ا ل
� َُ ا ض�ُ � ُ ُ �َ حَ� ْ ثُ خَ َّ ُ
ي � � ي ِ ي� � ي���ع� ِر�� ا �ل�ع�د �و�ل ي�� ����ي� و
ا م
�
َْ
حَ� ْ ثُ �نَ�زَ �َ ا ُ َ ّ ��ل���لقّ � نْ ُ ّ غ� ّ ُ� ف ْ �ضَ ّ هَ �
حِ� ي�� �ل� �م���سِي����سٍ ِ � ����ع� ر�ي�ٍ � �اِ�ل��ٍك ِم� �ك�ِل ِ�ر ج
ِ ٍ
ُ ْ تَنْف � بَ ا َ َ �ُ ْ تَ غْ اَ قَ
�ِ��ف�ل� �م��س�� ِ���ر ِ��ط�� �ع��نا م��س�� � �ُ�م�ؤَ ��ّ��ثٍر �ب �� ��ْو�ل�ِه �َو ِ���ْ�عِ��ل�ِه
ف �
ٍ ِ ِ ِ
َ
ك� ُ �َا ��ل��تّ ْ��س�����ُ �ش�َ�ٌّ �َ ��بَ� َل�ا فَ ا �َ ْ
م�ل �
� طَ� ٰ �نْ � نْ �� بَ ْ ت ا �ُ ْ َ
�ص��� ف
� � م �ل � ����
آ
� م
ُ
�
�
ك َ
� �َ ��لَ�ْ
ر و يِ ي س ر و �ى و و ي � ِ � ِل ي ِ
����ذ �هَ�ا �َم�ثَ� َل�ا
� َ ْ َفخُ ْ أَ صَ ا بَ أَ�قْ ًا أُ � َ
��ف� ��سَ �ا ب� ��ق ا �ل�ع �ه�د � َ
� � � � � ��َاو �م� � �وِ�ل�ي� ح��صا ��نَ��ةٍ
�
ِ ِ� � ِ ي
��ج�مَ� َل�ا بَ ْ �مثْ�َل َ ا �قَ ا �َ ا ��ل�نَّ ُّ �ُ�م ْ � ً َ �لَ� ْ أَقُ ْ ٰ تَ َ ّ َ َ
���ل ِ �� ��م� � �ل ِب �� � �و� � ���ل �ه��ذَا ����ع ٍ�د �و�ه�وى
�
ي م
َ �أَ�نَّهَ ا � قَ ْ � ُ َ تَ ٰ َ هَ � اَ بَ ْ نَ � ُ ُ ت فتَ ن اً ٰ َ
نّ أَ
ك� � �� ا � �ل� ��طر �م��ى ��ما � ��طَ�ل� � ِ���� ِإ� ِ�ي� � ر�ى ��ي�� ا �لب�ي ��و ِ
َ
��ن� ّ ا �ل��مُْ�تَ���ق �أ�ْ �جَ� ا ��ل�ُع� َل�ا َ لَ ٰ � َّ
�
ل ا �َا َ �َّ َ َ ّ َ َ �ّ ْ �أَ�زَ �ًا
���ص�ل �و����سِ�ل� �ل�
� رِ�ي� و ب�
� �ى ِ ي ِ
�
�ع � �
م � ِ ي� رب���نا �
� َْ ا �� َ� َّا �َمنْ� ُ �� ا �� َ �َ ا َ َ ا ��صَ أَ ْ � ْ � فَ � �آ � � �أَ ْ
� �صِ�� � � � ��ه�ِلا �لِ�إ� � �َاو �ل� �ِل �َاو �ل� ح�ا ب ِ
���و ِص ل�و �ل� �و ح ي��د ِر لكر ِر ص ط��
ٱ �ْ�ٰ ُ َّ صَ ّ �عَ لَ ٰ �سَ ّ نَ �ُمََّ َ �عَ لَ ٰآ � �سَ ّ نَ �ُمََّ َ سَ �ّ ْ �تَ ْ��� ��ل ً َ�ث ً
س � �
� �ل�ل���ه�م ����ِل ����ى�� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و����ى� �ِل �� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و���ِ�ل�م � ِي�ما كِ ي� ار
ف ف
�����ص��� ��� ��م�و�ق�ف����ن ا� ��م�� ن ا �لف����ت��ن��ة
� �ل ي
َأ نَ
��ب� َل�ا �م ا ��ل��دّي� ن ك�رَا �ًما �ن�َُ
��ةَ � ئ� َّ حْ نُ �ف ٰ��ذَا ا ��ل َ َ ن �نَ���قْ تَ�ف � َ
ِ ِ� ِ ِ� �و � �ي� �ه ��بي�ا ِ� ِ���ي�
�فا ً�ة �مثْ��َ �َم نْ �قَ ْ�د �قَ�تَ� َل�ا ���َ َ �َ ا ُ � ا ُ فْ � نَ ْ َ َ ْ قَ ْ �خَ �ذَ �ُ
� ث ن
ل � � ِ � ج ��
ل و � �ل� �م��ِرِ ��ط��ي� �ِم���ل �م� ��د �� � و
ا ل
�
ُ َ
��ا ��ل ّشَ��� ْ �َا ��ل��آ دَا � �م نْ ��غَ�ْ� �ٱ ْ�عت�� َل�ا ا �كّ �أ �ْم �َ�ٱ ْ�هتَ�َ�د �ْ تََ َّ ُ � �ف
� ��و��س �� �
ر
بِ � ِ ِ ي ِ و ع بِ ِر و و ِل ٍر � � ط او �ي
ُ � َّ آ �ُ � َّ
حَ ا �بَا ُت ا � �أ ��لَ ٰ �ص � ل � َا ّ �ن
ل � ا ٰ َٱ ْ تَ ْ َ ُ ف قْ ً ا َ �َ ْ قَ ْ مَ ضَ
� �
� �ل �ى � � �� �و�
ِ يِ
� ل ب � � � �و ��س ��و�عب �� او ِ�����ه� �ع�لي��ِه ��د �ى
� �
َ� ُ �ُ هُ ��قَْ �ًا َ �ف�ْ ً�ا َ َ �َ ا � ا ظُ ������ْلًا �َ �َ ا �َ ا ��ُ ا �ل�َ نْ �لَ ْ َ ْ�تَ ضُ
ير �و �م� �و �ل� �وِ��ع�ل �و �و �ل� و ِ� م ل
� �
م ��
ل و �
م � ��م ي� �ر و
�
�
151
َ ْجَأً َ
�ص���ط� َل�ا نَْ ٱ ْ� ت � �أَ ْ صَ ًْ َٱ ْ ٰ ���ط�هَ �م���ل�� َٱ تّ�خَ �ُ�ذ � نْ �نَ ّ
ِ�ع��د � حِ��دَا ِ�م ا �ل� �مِر� ب��را � �و � ِ و و ِ � �ِص
�� � �ا م ��
�ت�� َل�ا � � َّ ْ ف َ َ �لَ ْ َ ْ ضَ ٱ خْ �لَ� ْ َ ْ َ ا ُ نَ ا � نْ �بَ ْ ٰ � هَ �َ َْ ٌ
�
م � ِ � �
�ر �
ي �� و� � �
� �س ل� �
�م ي ِح ِل يا م
��� ��حي��د ر ِإ� �م� �م�� ِم� ��ع ِ�د ��ط�
َ ُ َ شَ َ َ � �أَ ْ
�ص� َل�ا ��تا ًرا �وَ�ز �ًار ف�ْ�� َ �ْ َ ِ��ل��ل��دّي� ن � خم حَ�ا بَ� ��ف �خ���ْد �َمت� ه�ْ �ص
� � �و����ا رك ا �ل�
ِي ي ِ ِ� � ِ ِ � ي
ِم
َ َ
ضَ� َل�ا � �ْ ُ ْ بَ ْ أ َْ ٰ � ُّ ُ َ � �أ فْ �ص��ْ �َّ�ذ �لَ� ْ َ ْتَف ْ َ ّ ُ � ُّ
�� � ���ل � �ب��د �ى ا �ل��س�� �لوك ا �ل� ��� � ِ�ل��ل
ح ك�� � ا �ل��ِ �ي� �م �ي��ل ِ��� ت� �َو��سيِ��د ا �ل� ل
ِم ِح
�ف أُ َّ ة � ْ َا حَ� تَّ ٰ ٱنْتَ اَ َٱ ْ �َ ا �ضَ ا � �ْ َتَ ْ ��غ ا �� ُ َ � ٰ
� �� ���قَ�ل� ��
�ي� � مِ� ا �لِ�إ� ��س�لِم �ى � �و �ع�ت� �� �بِ� �لِ�ع�ل� �و��ب�ِ�ليِ�� ل�ه�د ى
ِم
�خ� َل�ا َ ُ �ُ
�ْ ف��َ� الم
�زَ ى� ��لَ �انََبَ ْ َ ُ �لُ سَ ْ نُ َ نْ أََْ � ٰ
�َ حبّ��� نَ ا ��ل�غ�ُ�ل� ِا�ة ا �ب�ل��
� � ح�� �ي�� �م� � �ب��د �و���ع�د ه ا �
ِ ِ ي� ي
َ
�فا ��س��ق�� نَ ا �� �ل�قُ تّ�َ� َل�ا �غا �ة ا �� �ل�َ �م نَ ا ��لُ���َ َ نْ أ �ْ غَ َ ُ َ �خَ ا ُ فْ َ
ِ ِ ي� ِ� ب ِ �ض�ه �و�� ��نَ�ه �َإ�و ���ك �م� � ب ���
�
�
ِ
فَ صَ َ ٰ َ ْ َ نَ �ُ َّ ُ ْ �لَ ُ
�ص� َل�ا ��� �ا ر �ه��ذَا د ر��س��ا ا�لمت ِ�
� َ ْق ف
�ص �� او ��ي� � �موِ� ��ٍ�
ف ْ ُ �
��ل�ا ���هَ�م�ا � ي��ن�ِ� ف�
َ
ِك��
م
بَ�ق َّ��ةُ � َّ ْ بَ ْ َ ُ � َّ
ع�قَ� َل�ا َ �ُ
�ما �ُ ا �ل� � سي ��فِ� إِ� � � �� ��ي ا �ل��� �َا دُ �خَ��ْ�ُ قَ��ا �ن �ج
�س ّ
� � �َو���ع�د ه ا �ل��
م ِ � ي ر ِ تٍ
َ
أ َ
ّ ْ
ص� َل�ا � � �ذ تَ َ َ بَ ن َ �قَ � ُّ ْ ف طَ � َ
��َّ �خا ِدِ�م ا �لِ�ع��ل� ا �ل��ِ �ي� ��� � ��و� ��ا ��ي� � �م ا � ا �ل�ز �ه ِ�د ��ي� �� �ر���ق ��نا
َ ِم ِ يِ ِم ِ
نْ ُ�خ� ��ذ �َ ا َ ق ف َ � �أتْبَ �ٰ َ َ َ �زَ ٌْ بَ ْ َ ُ �ُ َ ّ ً
�جا ء ���د ����ع�د ه �م
�ك� � ِ �ل� � �مَاو ِ���� ا �ل� ���ا ِع � ِ
ل �ج ِ�د د ا � ي � �و�
�� ا �� َ �َ ا �لَ� َّ �غَ َ ْ َ نَ �زَ ُ ُ �ف ��لتَّخ�ْ ��ذ �ف أَ�نْ َ أَ َّ ُ
عوه ي ل�و �ل� �ما ��� �ل او � �و�ا � � َ �
� �و �ول � ِي��ِل �ي� ��صا ِرهِ� � � ا �
�س� َل�ا � �َم�ثَ� َل�ا �جا �ةَ �م ن ��َ َ� ْ ُ� ا ��لنّ��َ �ل�َ نْ ��ا نَ َ �لَ� ْ ��َ ْقَ �ا نَ َ ا َ فَ كَ
� � �
ٍم � ير�ج �و � � � ك � و م يب �� ِ �
م � � � � �
م �
�
�فا ء ا ��لنّ�ُ�بَ� َل�ا ���َ�ل�َ � خُ نَ ْ�جَ ٱتّ نَ َ ُ �غَ ٱ
� ْ�َ � �قْت���َ
ل ا َ ��ه � � ��وا �فا ٍء �ِ�ل�شُ�� ُ�� � ���جه
ِ
ع � ِ� ِ
ا��ب
َ ي و�خٍ ير ِ
َ
�غ� َل�ا �َ �لَ�� ْ ��ُث���ُ � ا �ف��ْت�نَ��ةً �أ�ْ دَ ��َ ��ض ���ط َا � ا ��ل��أ �ْم �صَ �ا �نُ�� ا د �نَ� ُه�ْ نَْ ٱ ْ
و و م يِ ي ر و ِ
ِر و ِ � م
ي ِ�ع��د � ِ ر ب ِ �
َ َ
�َ��قْ� ض�� ��َم�ا �قَ ْ�د �شَ���ا ءَ هُ �ُم�ْ�ستَ���قْ �بَ� َل�ا �َ �أ�ْ َ �ُل ا �أ �ْم َ�ُ��هُ ��ل َ ّ�� �ه ْ
ي ِ �ي� ِب و وك� �و ر �م ِرِب ِ� �م
152
ْتَ لَ ْ َا ���عَ ْ ُ ف��َ ا ��بَ ْ نَ َ َ �بَ�يْ�� نَ�� ُ ْ
فْ�ظُ
� ��� ا ��ل��دّ �َم�ا ِء �َاو ��ل��ل��سَ �ا ن� ا �ل�مُ���� ٰ ِ� �
ح � ل � �د م� ��� ا � ��ه
ِ ِ ب �ى ِ و �ه ِي ي ��ن و �م
حَ ا ُ �جَ� �َد �َ ا صَ ُ ُ ْ َ َّ ُ ُ
���هُ ��ف ش����ُ�ع �� َ �ُ �َا ��لتَّ��ْ �� نُّ ْ
�َو� �ْو ن����ه� �ع�ما ي�� �ك � �ل� ��نا � �
�و ح و ِ ي ي
ج و ص ��َا ل�
م وبِ َ
نْ �جَ ا َ ُ ْطَ � ا نٌ َ �قَ ا �ٌ أُ�ْ اَ ط�َ� ٰ�ص��� فَ أ �فْ ضَ ُ �ل هَ ا �قَ ا ��َ ا �ُ ْ َ
ِإ� � �� ر ��س��ل��� � �م� � �ل � ���جِ�م�ل� �ل ا
� �و �����ل جِ�� � ِد � ل م� �ى
َ َ َ�فخُ �ْ�ذ أُ�خَ
حَ� َل�ا َ نْ أبَ تَ َ ْ � َ � نّ َٱ ْ ْ
� َّ �َ ا �أ �تَ ٰ �م نْ ف���ق� ه� ْ
� �و � � ��ي��� د �ع�ك ِم��� � �و ر� ِ ه �� � �ي� م� �
ي ى ِ � ِ� ِ �م
ِإ
ُ َ
أ
�ف�َ� َل�ا ُ �جَ ً ْ تَ ْ
كو ن� ��ا ِ�ه�ل�ا �ُم��س�غ� � ك نُ� �صَ �ا د ق�ً�ا �ُم�ْ�ستَ��ْ�ث���قً�ا
ْ قَ
�َو��د �
ف�َ �قَ ْ تَ ُ
� وِ ِ �� �د �� و
�
�ع� َل�ا َم�ةُ ا �ل�مَ ْ�ه�د � ّ �ف���َ
م�ا �نُ���ق� َل�ا �َ �ه َ ْت ��َ َ ا ظَ �� َ َ ْ ُ نَا � َقُّ
�و �و�ع�د �� ا ل
ِ ي �
� ِ يِ ِ � ر � � �م� �ذَا �
ح� إِ ��
� نَ ا �ل�َن�ْ�ز �َ ا ��ا أُ ْنَا ُ ْ ََ ا ��ثَ��ْ بَ نَ ُ حَ ًْ فَْ قَ
ك�ي� م�ِ �ل� �دم� � � م� � د � � ل ���س � ا �� �
ِ ِ ر ِر ك
�
م� ِ ي�ر ب ��و �و� �جٍ ِ ٍ
ر �
َ
��ن� ّ ا �ل��مُْ�تَ���ق �أ�ْ �جَ� ا ��ل�ُع� َل�ا
َ لَ ٰ � َّ
�
ل ا �َا َ �َّ َ َ ّ َ َ �ّ ْ �أَ�زَ �ًا
���ص�ل �و����سِ�ل� �ل�
� رِ�ي� و ب�
� �ى ِ ي ِ
�
�ع � �
م � ِ ي� رب���نا �
� َْ ا �� َ� َّا �َمنْ� ُ �� ا �� َ �َ ا َ َ ا ��صَ أَ ْ � ْ � فَ � �آ � � �أَ ْ
� �صِ�� � � � ��ه�ِلا �لِ�إ� ��َاو �ل� �ِل �َاو �ل� ح�ا ب ِ
� ��و ِص ل�و �ل� �و ح ي��د ِر لكر ِر ص ط��
ٱ �ْ�ٰ ُ َّ صَ ّ �عَ لَ ٰ �سَ ّ نَ �ُمََّ َ �عَ لَ ٰآ � �سَ ّ نَ �ُمََّ َ سَ �ّ ْ �تَ ْ��� ��ل ً َ�ث ً
س � �
� �ل�ل���ه�م ����ِل ����ى�� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و����ى� �ِل �� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و���ِ�ل�م � ِي�ما كِ ي� ار
ق ن
���ق���� ��م��ع��ك��ة ا �ل�و ا ���� � ل�� ���ص ا � ا �ل�تا� ر ���خ ��س� ا� ��س��ة �أ ن���و���ة
ي ل ر ع إ ى رع ي� ي
�خَ� َل�ا �زَ ُّ� � شُّ ُ �ف ٱ خْ ت َا ف قَ ْ � نْ �ف ْ ش ْطَ � ا ن �� ّ َ ا نَ َ ٰ
� ��د � �ِ��ل� � � �� � � ع �
�� ل�� ا �ص َار �م� �ر� َ� ��� ا ل م ���ع ���
ٍ وبِ ي � �ج ى
ع ِ � ِ �ِل ي ِ� ِ� ِ
�جَ� َل�ا أَقَ مَ هَ � ّ ْطَ � نُ تَ ْ � َّ ��ُ شْ �غَ �ُ َ� نْ فتْ َ ْ ُ
��ِح��م� ا �ل��د � َ� ���ا � � �� � ��ا � �ا ا �ل�ش �� � ِلي������� �ل او ع� ِ���نَ��ةٍ �م�د
ي ي � سَ��ةٍ و ر
ُ
�جا �َ �غُ� �َ�ثا ءً �أ شْ����ع� َل�ا هَ ْ ً َ َ ْ ً ْ ض تُث ُ أَ ْ َ � ّ ن ض َّ بَ ْ
� و �جا �و�مر� � � ر� ���د ���ع� ��ه ��ِ��ي�ر � ��ه�ل ا �ل��ِدي�ِ� ِ�
ِ ِ ��ِ �م
ُ َ َ َ
كَ�م�ا �أ ��تَ ٰ َ�ع ن ا ��لّ���ذ �� قَ� ْ�د �أ ْ ��س� َل�ا ئ
�ص َار دَا ِ�� �ي���ل ��ي� ِ�
ف �ي�� ًل�ا بِ ج�
جِ�
رِ ى ِ� ِ ي ٍع ٍم ِ ٍ
َ تَ َ �قُ ُ �
���ا � ���ط ��ف ا ��ل شّ���ْ �بَ�ْ �صَ �ا َ ��بَ� َل�ا � نْ ضَ � دُ � نَ��َم�ا � �ْ ُ �َ��ق تُ ل
�
ِ � �بِ ٍ ي� رِع ل ر � م و � م
ِي �ل ا �د �ق �ح � ����فا �م ا ِ
153
�خَ� َل�ا
قَ ْ �خَ ْ ْ تَ َ تٌُّ ْ أَ ْ ُ ْ أَ لَ
�ص َا �ف�ك�ر �هَ�ا �ت��ك ��د ����ل � � �ْو َ�ع�� ٰ ح ك��
� ��ك��� �م ن � ��ه� �
ٍ ٍِ ِ� رِع ِ �ى ل ِ � ِل ٍم
َ ْ َ ُ ُ ُ � شّ ْطَ � ا نُ � �َّ َّ �ُ ف
ه� َل�ا �ح� ا ��ل��تّ ْ��س����� حَ��تّ ٰ �هَ��ل�َ َ
يِ ي ِس ى � �م َار ِ� ِل �جا �ل ��ي� � َ� ��� � �َاو �ل�د � �ي� ِ�د�يره ا �ل���ي
ُ
حَ ظ�ُ ��� ا �َع�َْ�د ا � �أ ��لَ ٰ َ�قَّ ا �� � ّ �َ ا ء َ�ٱ ْ� ف ُ َا أُ َّ ةً َ ْ ُ َ ةً فَ �ْتُ ْ
�ل� �ى ه �
ح� ل�ِد م� ِ �و ��و � حوم� ر�� ��م � � �
كو ي� م� ا ��ل� ِر � �د
�� َل�ا مَ ْ َ ا بَ �َا ض َ �َ ْ ُ ْ � ا تَ خْ � ُ � شّ ْطَ � نَ ف َ ْ
�ْ �ُم ش��� ِك�
� � �ه�م� ���دَا ا�لم� ِ���� �ع�لي� ك��
� َ� ���ا � ��ي� �م ش���ُر�وِ�عِه �
�ل� �� ِد �م� او ا �ل���ي
م ي
أَ
�ص� َل�ا ح ًّ ُ َ ُ ُّ آ � �بَ ْ ت ُ ا بَْ
ت فَ ا � �أَ ْ ُ فْ�ظُ � � � ّ ن �ف
�با � �مو ِ� � �� �وح ب� � �ِل ا �ل�ي�� ِ
� ح� �� ا �ل�ِدي�� �� � ���� ِ�ع�ِه
ِ ي
�� �ل� ��ص�ل ِ� �
ًا �َ ْ تَ��ث �ُ ا �� �ُ َ �َ ا � ا ٱْ َ ّٰ � ا َ� ْ ًا ��ل َ ْ ُ �ْ ��َ
�و �ل� � �مِت��ل�ا ك� ي��س ِ��ي ر ل�د �و �ل� ل�ط��ةٍ لِلِه �ل� حر �ب� ِ��ني���ل ��س� �
ِ
�� ا �ُ��ع�مَ� َل�ا أَ ْ ً َ �َ ا �نَ ْ ًا َ َ شُ نْ ُ ْ بَ��ة ��غُ ثَا َ نْ � ا َ� ْ � ُ
� �م ار �و �ل� � �هي�� �و�عا � �و ك او �ص�ِ ا �ل� �� ِء �م� �ل� ي�م�ِل � �ِم� �ع�
َ ُ
�ُم�ْ�ستَ��ْ� عَ � نَ � ا ��ل�غ�ُ َ ء �ف ا �� َ �َ ا �َ ُ ��ّل ُ ْ �َ �َم نْ �أ �تَ ٰ �م نْ �بَ��ْع�د ��هْ
��مر � بِ� ��ثا ِ �ي� ل�و �ل� ه وك
ِي � �م و � ى ِ � ِ ِ م
� �ص �� �ف��يَ�ما �نُ���ق� َل�ا ْ َ
َش ْ � � ن ُ طَ� ٰ حَ� تَّ ٰ َ َ �� َ ْ ُ َ ْ ُ ا �ُ ْ َ
�ص��� ف
بِ����رِ ��ط�ِه ا�لم� و ِص ِ � ِ � �ل
�ى يجِ��ي�ء ل�و�ع�د �و�ع�د م� �ى
ا
َ
َ� ْ�ه��ذ �� �َ�ذَا َك ��ا ��ل ش��ّ��ه�ق �ٱ �نْ ف��َ��عَ� َل�ا �فَ َ ْ � َ � نْ ٰ ا ��ل�زَّ ف � � نَْ �َ نْ
ي� ِ ي و بِ �ِ ي �ِ� �د �ع�ك ِم� �ه��ذَا ِ��يِر ِع��د م�
َ أَ َْ ن َّ��ةً فَ ا � ُ ُ أْ ُ
�يا �ف� ا �� ّل���ط� َل�ا �حَ�ّ ��� ْ ���ط�َ ل حَ ثُ �
ا � �وَ���� عا �� �ع�ل� ل�ك�ّ �َم�� �ز � �ٌ �ُ���َ �� �
ِ ِ ل بِ بي ل وم ي ِي ِ
َ
�مَْ�جَ� ا ت ا ��ل�عَ ْ �فَ�ٱ ��نْظُ ��� ْ �ف ا �� � ّ � ا �م نْ �ُ خ حَْ أَ ْ ا �ل�زْ أَ ف ْ ا�
�صر� �ر �ي� ل�ِد �ل� � � ِ� ر ِ� � � �ْو ��� �ِمث�ِ��ل�ِه �
ح
بِ ِ ب ِ � � و� � � ل
�
�بِ� رب ِ
ِ ي
َ َ
�� هُ �ٱ ن�ْ�ت َ ءٌ َ �قٌ �أ نْ �َ ْ �أ � َا َ �مثُْ ٰ �َ���قْ تَ�ض� � نْ ُ ّ �َ نْ
لَ� ِ�ما ��صا ِد � � ي��س� �ل� �وِ ���ل �ه��ذَا ي ِ ��ي� ِم� �ك�ِل م�
َ
� ����ً�ا �َ�ٱ ْ�عت�� َل�احْ ظ�م نْ �ُع ْ بَ��ة ا ��لتّ��ْ � ش � �ف َ�ع َّا �َُا ُ �ف �زَ َ هَ �
�ص�ِ حِري��ِ� ِ و ِ ِ� � �ما نٍ� � �اِ�ل��ٍك �م� ي��د ر �ي� �
لَ �ُ ْ تَ ف ُّ فَ ّ َ ُ ْ ��ةٌ ُ َ نَ��ةٌ
�ما ِء �ُم ْ��ب ت�َ�� ٰ � ��ا ��ل��دّ � َ �َاولم���سِخ�� � ح �َ �� �
�ى � بِ ِ �م �م��صا �� ِ�ل�ل� ِد ��ما ِء �ر
َ
��ن� ّ ا �ل��مُْ�تَ���ق �أ�ْ �جَ� ا ��ل�ُع� َل�ا َ لَ ٰ � َّ �َا َ �َّ َ َ ّ َ َ �ّ ْ �أَ�زَ �ًا
� رِ�ي� و � ��ع�� ا �ل ب ���ص�ل �و����سِ�ل� �ل�
� ِ ي� رب���نا �
� �ى ِ ي ِ م
154
� َْ ا �� َ� َّا �َمنْ� ُ �� ا �� َ �َ ا َ َ ا ��صَ أَ ْ � ْ � فَ � �آ � � �أَ ْ
� �
�صِ� � � � ��ه�ِلا �لِ�إ� � �
�َاو �ل� �ِل �َاو �ل� ح ا ب ِ
� ��و ِص ل�و �ل� �و ح ي��د ِر لكر ِر ص ط��
ً �ٱ ��ْ�ٰ ُ َّ صَ ّ �عَ لَ ٰ �سَ ّ نَ �ُ�مََّ َ �عَ لَ ٰآ�� �سَ ّ نَ �ُ�مََّ َ سَ �ّ ْ �تَ ْ���س��ل�ً
َ�ثي�را
ك
ِ ل�ل���ه� ����ل ����ى�� ي� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و����ى� ِل �� ي� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و���ِ�ل� � ِيما
م ِأ ث ذ����كر�ا� ت
ِ م ِ
� ا �ل��غ���د�ير �و � ��م� ا� ل�ه�
ُ تَ َ ُ قَ ْ َ � آ � � َّ
حْ ا � �أ ��لَ ٰ
ي
�
�ر��� ��د ر ا �ل� �ِل �َاو �ل��
�ص ف ْ � ُ ا ����غَ � �ذ ْ ََا ُت شَ َ �ف
�
� �ل� �ى ِب ع
� ِعي��د ل ِ�د ِير ِ ك�ري� � ���ر ٍ
َا �خ� �شَ�� ْ��ًعا �َف��عَ� َل�ا �ف �خ �ْ َ ة � �ّ ً � ت َ �َ �غ ْ َ َ نْ أَ َ �
�ي� ِ��د مِ� ا �ل�ت ِيرِ ر �و�م� � رَا د ا �ل�إ� حِ ����فا �ل رَا ِ� ��با
ِ
تُ ف ُ أَ ْ َ � �ْ فَ ْ ًا ُ ْتَلَ � ْ نْ
َ َ � ٰ � أَ
ْ ف
� ٰ � ��� � ��ه ا �ل� � ��ه � ��ك�م ِ�ل�ه��ذَا ا �ل� �مِر �ِم� ِر �َاو �ي�َ��ةٍ
ِ ي��د �ل ِع�ِل�م � �م� ي ج ����ى
ََُْ
��جْ�م��لَ��ةُ �َم�ا ��ل� ْ��آ��ل �م نْ �فَ� ض�ْ�� ��غَ� َل�ا �ُ
�
� َ َ ْ �ُ ُ
ه �ود ر�� �ها و��ر �ها وِ ��ث ل�
� م� � �
َ شَ ْ ُ
ح � � َ �س
ِ ل ِ ِ � �ٍل
ْ
ـ� ����ا ن فَ���ٱ �ْق َ�أ �َم�ا �َ �جَ���ْد تَ� �َ�ٱ��نْهَ� َل�ا ْطَ ّ أَ ْ � ْ� َ �َ َْ َ � ثْ�ُ ُ �
و� ب ِ� ر و � �و ِ�ل� إل� �ما ِ� ��حي��د ٍر �وِم��ل�ه ا �ل��سِـ
ِ م
حَ� َل�ا ْ ف ْ �جَ َ ّ�ْ َ � ُّ �َ�مْق �قٌ �َ ا قَ ْ �خَ� ّ ُ � ُ فَ � ُ
��ح ٰ�م نُ� �ِم ن� �� ض����ل �َو��اٍه �َو� ر ـ� ـ ل � ا هَ�
�ص � �د� �
م ��� � ل و� ِب
�
� �
ح �
ل�
ك
� ا
ٍ
َ � َّ
�صْ َ�ٱ ْ� ��ذَ ْ �أ نْ �تَ�ُق ��َ ��لَ نْ َ �َ ا � � ��ا �ل َ�ز ْ َ لَ ٰ ٰ ٱ ْ � َ ًا ثْ� ُ
�و د ��ع��� �ه��ذَا � �ه�ِ�ت�ما �م� �ِم��لَ�ه
� �و ح� ر � � ��ول � �و �ل� بِ ح بِ ى ِ
َ َ
ح��دَا �� �تَ��قُ� ض��ُّ ا �ل�مُث�ُ� َل�ا �
َ شَ ْ� أ ْ
� � � � �فَ ا ��لنَّ ُّ �أ�ْ ��لَ ٰ �م نْ �َ ��قَ ا �� �َا �ص�ف
� ثٍ ح رِ � و � � ���ص و�ى ِ � م � ِل و ِ� ٍ
�م نْ �َع�ْ ٰ �� هَ �فَ ْ َ �فَ ٌْ ُ ّ �َ ا �ف �فَ ض ْ �فََ ْ أَ تَ ٰ �نَ ٌّ
�
�د �
هو رد ع ِ �ل� �
ِ � صِر ط� �
�� �م ن� � �ى � ��ص بِ�ِ �ي� � ِل�ِ
ه ��� � ه �
�خ�ْ� ا ��ل نّ�َ�ا �� �ز دْ �نَ�ا هُ ق�� َل�ا
�َ � نْ ��قَْ � َ ّ ف َ َ ْ أَتَا نَا قَ ا ٌ
ِم� �و�ِل � يِر ِس ِ ِ �ق�ِه �و�م ن� � �� �� �� ِد ��� � �
حِ� �
ح ي
َ نَ ُ َ ْ َ ُ ُ
ْهَ � ُ نَ َ
ّ َا �� َّ ْ تُ �خَ ٌْ ف
�َ َ � ا �فا ِ��س�ق ��و ن� ي���ع ش����ق ��و� ا �ل َا �� � َ � ��ي�ر ��� ا ��ل���ذِ �ي� �ج� ��ل�ه
�ج�د �ل� � �و ل� ي ���ص�م �و ل�
ح� َل�ا �َ � �قْ َ ف��َ نْ َ ل أَ نْ نَ ْ تَث َ � َ �َ ا �َ ُّ بَ ْ َ أَ نْ قَ ْ �ذَ َ ُ
ح �د ِي�م ر�
� � ���س��ِ��ي ر ا ِ � �
� � ���ع�د � � ��د ��هب �� او �و �ل� ي ِ���ص
أَ ْ أَ نْ نَقُ َ �َ ح أَ
َ�ع نْ هُ ض ًّا �بَ ّ �َ ا ف ق ْ َ ف ً َ�َو �ل�ا �ن�ُ ِ�دي� نَ� � �
���د � ِ�د �ل� � �و � � � �� ��و�ل �� ِ� �ح�د ا ��ي� � �موِ���ٍ�
أَ
�ص� َل�ا ��ب ّ�د �ل ��تَنَ�� َّ
ٌ ُ
��� ��َ�ه �م َ ُ ّن �َّ ا نَ ّ ف ه َ� نْ �خَ ْ� � َ َ ٰ
ِ بِ ِإ� �ل� بِ�����ٍص ِ�ي��ِ ع� ��يِر ا �ل�ور�ى
155
��ح ٌ َ َّ �َ ا �صَ ف َ ْ � ُ �نَ ٌّ �فَ �َ ْ سَ � ْ�أَ ْ � ث ُ ْ ٌ قَ ا �ٌ
ِ ���ي�م� �لَ� � ��ص ِي � ه ن � حك� �� ِ ��ط �� �لي���� ِ�ل�ل� �
� �ع�د �ل�
ع
��
م ح�دَا ِ
ح
�م نْ �غَ ْ� ��نَ ّ �فَ ْ َ �َ ف��ْ � ا �ل� �قْ َ �َ ا َ َ نْ بَ نَ ٰ �ُ ْ ًا َ لَ ٰ َ
ح�ا
�ه�و ي�ر ي� ِم ��و �ل�
ِ � �� ر
ِ � يِ ٍص �� �و�م� � ��ى حك�م� �ع���ى ِثَ��ةٍ
� � د �
َ
��ن� ّ ا �ل��مُْ�تَ���ق �أ�ْ �جَ� ا ��ل�ُع� َل�ا
َ لَ ٰ � َّ
�
ل ا �َا َ �َّ َ َ ّ َ َ �ّ ْ �أَ�زَ �ًا
���ص�ل �و����سِ�ل� �ل�
� رِ�ي� و ب�
� �ى ِ ي ِ
�
�ع � �
م � ِ ي� رب���نا �
� َْ ا �� َ� َّا �َمنْ� ُ �� ا �� َ �َ ا َ َ ا ��صَ أَ ْ � ْ � فَ � �آ � � �أَ ْ
� �صِ�� � �َاو �ل� �ِل �َاو �ل� ح�ا ب ِ
� � ��ه�ِلا �لِ�إ� �
� ��و ِص ل�و �ل� �و ح ي��د ِر لكر ِر ص ط��
ٱ �ْ�ٰ ُ َّ صَ ّ �عَ لَ ٰ �سَ ّ نَ �ُمََّ َ �عَ لَ ٰآ � �سَ ّ نَ �ُمََّ َ سَ �ّ ْ �تَ ْ��� ��ل ً َ�ث ً
س � �
� �ل�ل���ه�م ����ِل ����ى�� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و����ى� �ِل �� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و���ِ�ل�م � ِي�ما كِ ي� ار
�خ ت
ا �ل�� ا� ���م��ة �و ا �ل��د�عا� ء
��نا �َ دُ ��لّ� َل�ا أَ تَ َ
�ما � � ٰ ��ف ��نَ ْ ��ظ����م َ �ل�َ � شَ����ا �ه�د ا ��ل���ذّ �ْ �ق� ا ��ل َّ��س��ل��ي� خَ���ْ�تُ�م نَ��ا
وِ ى ي� ِ ِ ِ � ِم بِ ِ ِ وِ
نَ � ّ ضَ ٰ ْ َ ّ َ لَ َ
َ ُ ْ ظَ � ّ أ نْ نَ ُ �زَ َ ظَّ
��نا �َ�مْ ��� ٰ ا ��ل�ُع� َل�ا ن ح ���� َ حو � ح��سِن� ��� ن� � � �� �و�
�ِم� ا �لِر���ى �ِم� �رب�ِ وى ��نا
ٍ
َ
ا ��ل��أ �مَ� َل�ا َ َْ َف َ � َ ْ سَ َ ُ�ْ َ� َ�مً�ا �ص��َ ٱ ّٰ ُ � �أُ ُ َ َ �ُ ْ
�� ح � �و��د ��� �
ع ا �ل��ب�أ ي�و ِي�ي� ي ر ك ور م
� � � �
ل ا هلل � ل
� �وي� ِ
ُ ْ�� � �أَ َ نَ َ ُ ُ �لجَ �َ ا�
َ �َّ��ذ ح � ُ ُ َ �َْ
ّ �� َ َ ْش َ َ� ا � ّ
ي�رِس�ي� ا �ل� ��ما � � �و�ي��بي��د ا ��د �ل� حِق�ا �ل�ِ �ي� �ص�د �ور ِل��ل� �وي����ر ل�
ح
ِ َ أَ
�َ َ َا �ٰ � � اَ ٱ ْ ُ �
ه�ا �لِ�ع�لَ�ل� ��جِ�مي���ك�ف� ا ��ل َا َ �ّ َ ن تَ الم ُ َ ْ َ َ
�ي� ب� �م ن� د ��عا
ْ
ع �ي� ِإ� � ِل� ي� ِ ِ� �ي� رب���نا � ��� ِج
ٰ
��ف ا ��ل��أ �ْم �َ�ٱقْ�بَ��ْ �َ�ا � ��ل ه ا ��ل��َ�ع�مَ� َل�ا
َ َ�ٱ �ْ� ْ ُق ُ بَ �ُ ْ � نَ ْ � ً
َ�ة
ِر و �ل ي إِ ِ� �ي� ي� ح�د �و ل���ه� ���ل�و� ا�لم��سِ�لِ�م��ي� �و�
ِ ِ م
َ �قَ ْ �َّ
ُت� تُ �ف ا � �نْ سَ ا ن �أ �ْ َا َ ا �� َ �َ ا ْ َ
�ص �ف ُ�عُ بَ ا ��لنّ�ف� �َا �� �ل ��ل ا �ل�ت ْ ٱ ْ
ِ�مي�� �ي� �لِ�إ� �� � ِ� �سر ر ل�و �ل� ِسو ب ِ ِ �ي� � �� � � � �و � ِر ي و
�
� �
�َ�ٱ �ْ�س��ْ َ�ع��لَ ْ�نَ��ا ا ��ل ّ��س��ْتَ �َ�ٱدْ �َف��ْ ��ل��لْ�بَ� َل�ا حَ�ا �جَ��ا ت� ��ف ��سَ� َل�ا لَٱ �قْ ض �لَ نَ ا �
و بِ �ل ي ِ ر و ِ َ��ةٍم � ِ ي� � � �و ���� ��� ا
ع ِ
َٱ ْ � ْ بَ ن نَ ا �ف �زَ َ ا ن � ْت اَ أَ قَ َ
أ � ّ
َا ن�� نَ��ا �ف ْ � �ْ �َ ���َ
� ����ي��� �� �م� ِ� ا �ل�إ� ب��ِ��ل�
ِ � �و ِحل ِ ي
�ص�� س��ه�ِل ا �ل� ر �زَا �� �ي� � �و ���ط ِ و ِ
تُ�ْ َ
�س� َل�ا �َ �َ تَ� ُدُّ ا ��ل�زَّ��لَ� َل�ا َ ا ��ل��ّ ح �َ � ّ س�ْ ��لَ نَ�ا �شَ��َا � َ�د ا ��ل�ع��ْ ا ��لّ�ت
م ور ِي�ي� ع � �و ِ�ه ِ ِل�م ِ �ي� و��ِ�
156
�خَ��لَ� َل�ا � �زّ �ش�َ � ��ف ْ لَ َٱ فْتَ َ
ك� ْ نُ��ز ���َ ا ��ل َ
� � ع �شا �هَ�د ا ��ل�َ �ع�� َ�ع�� ٰ ��نا �َم���َ �ْ ��ل َ � �و ���
ي� ِ ي ل ِ ٍ ِر ي ٍ ِ و ي ِ �ى
� اَّ � َ ٱ لَ ْجَ َ ح
� �فَ�� دْ ْك �َم نْ دَ َ�ع�ا �َ �هَ��ّلَ� َل�ا � �ل� ك َ �ّ�َا هُ ��ل�ا �َم���ل�ا �َ ��ل�ا ��مَنْ��جَ ٰ �� نَ��ا
ِر � و ِإ �ى و رب
َ ُ ٱ
ي�حْ� ُ���ُد � بَ� ا ��ل��أ ْ ض� �خ� �ْ�ص�ً�ا �خَ� ض���� َل�ا �َ � ن�ْ�ز ��ْل َ�ع��لَ ْ�نَ��ا �م نْ �ُم�زُ� ن� ا ��ل��غَ ْ� ث� �َم�ا
ر ِ� ِ ب ِ ِي ي� �ج و و ِ ي ِ � وِ ي ِ
َ� َل�ا ت َّ��ةً تُ �ْ ��ل�زُّ ُ َ � َٱ ْ �عَ ْ �لَ نَ ا ف أَ ْ ض نَ ا ��فَ ا َ��ةً
�ذَاِ��ي� ����ِن��م� ا ر �و �َاو �لك ���� ِ��ك�� �ي� �� �ل ��� ��ي� � ر ِ� � �و ج�
ْ ع ي َ
َا ��لَ ٰ َ �أ�َْ � ٰ ا �� ّ ْ �قَ �ف �شَ �أ ن ا �� َ �َ ا �َ�ٱ �فْ�تَْ َ��لَ ٰ ُ ���� َّ�ا �� نَ�ا �َ �َم نْ ��َ ُ ْ
�ص�د � �ي� ��� ِ� ل�و �ل� �و �ى �و ب��د ى لِ� � ع��ى طلبِ � و � ل�ه�م و �
ْ نَ ْ�جَ � ُّ ٱح
ضَ� َل�ا نَ ْ�جَ � ّ�جَ ا � � َ ا نَ � فُ َ َ ُ � �خ
� ا �ل�ش���� � ا �ل�ع��ل�م�ا ُ َ ْ
�� � ا �لِر�� �ِل ا �ل�ع� ِ�مِ��ل��ي� ا � �ل�� ��ه ه � م �ه � ح
�� ��
ي وِ � �بِ �ِ � و يِ
�خَ� َل�ا ُ أَ ض ْ َ �ُ ْ َ �لَ� ْ َ ُ نْ سَ ا َ�ة � َ ْ � �َّ�ذ نَ أَ�نْ فُ
ك �ونُ�� او ب� �
���د د � و�م ي� � � ه َا � � � � ��و
ا �ِم� �� � د ِ ا �ل�ع�د �ِل ا �ل��ِي�� � � صَ
م
َ ُ � َ ْ ٰ ُ َ � ُّ ْ ٱ نْ ُ ْ �تَ ْ ش � نَ � طَ ��� � ق ا �ُ ْ َ
�جَ� َل�ا�ُ � � ح�م ن� �م�ا ا �ل�ب�ص� � ّ��ا �ه�ُ ا �ل ّ� حَ ط�َ� ٰ �ص��� ف �م��س� ر�ِ�� ِ�دي � �بِ ر ��� �لم�
ي م ر ى � ِ يِ
ح َ َ ّ َ فّ �قْ نَ �جَ
� َ ْ � � �نْ صَ ا ف � ا نَ ْ ضَ ٰ � �ق لَ � ًا � � ُ َ � ٰ ْ
�َاو �ل�ع�د �ل �َاو �ل� � � � ���ل� �ر��� ا � �ل �� ٰ
ى ِ �ى ِ ِ ِ�إ � �وِ��� ��ا ِ ي ِ � ى
�د ه ل �ل� �ع �
� �م �ي� ر ب ِ
ا
لَ
��نا �َ��ْ �َ ا ��ل�ُ ُر �ود �َاو ��ل��� ٰ ��تَنْف�َ �ُ َ ْ نَا َ�ز َّ��ةً
� َ َٱ ْ� َ ْ �لَ نَ ا �ف
ي وم و ِ ِبتَ�أَ�ى
ع� � � � م
بِر ِي
� � � ��ص � � �و ج����ع�ل ��� �ي�
َ �صَ َآ � �ُ ْ َ � فَ َ َ � َّ
ه� َل�ا َّ � ا َتَ
�و �حِب��ِ � �و�بِ�� �� �� ه �� ْ ه � �وِ�ل� ٰ �
�ص� �
ط � �م� ا �ل�نِب �� �لم
ا ّ
ِ ى �
�
ٍع ع يِ
َ لَ ٰ � َّ ّ �ُْتَ�ق أَ ْ �جَ� � ُ اَ َا َ َّ َ َ ّ َ �ّ ْ أَ�زَ �اً
���ص� �و���َ
��ن��� ا�ل�م �ر��� � �و ا �ل�ع�ل� ا �ل سِ�ل� � �ل� �ي� �رب���نا �
���ع���ى ِب ي ِ ِ ي� َ� ِل َ � م
� َْ ا �� َ� َّا �َمنْ� ُ �� ا �� َ �َ ا �َ َ
� طفَ��ا ��صَ أ ْ � ْ �� � �آ � � �أ ْ
���و ِص ل�و �ل� ر ِر ص لك �د�
و ح ي ِر � � �ص �
� �ِل �لِ�إ � ِ ا �ه � � �َاو �ل� �ِل �َاو �ل� ح ب ِ
ا�
ٱ �ْ�ٰ ُ َّ صَ ّ �عَ لَ ٰ �سَ ّ نَ �ُمََّ َ �عَ لَ ٰآ � �سَ ّ نَ �ُمََّ َ سَ �ّ ْ �تَ ْ��� ��ل ً َ�ث ً
س � �
� �ل�ل���ه�م ����ِل ����ى�� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و����ى� �ِل �� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و���ِ�ل�م � ِي�ما كِ ي� ار
157
158
الفهرس
4
المطلع القرآني
5
المطلع النبوي
6 اإلهداء
7
المطلع األبوي
8 شاهد الحال
9 ُ
الموضوع كُن ُه
10 يعني موقف القراءة من االسم واالنتماء
10 ال نشتغل بالرد بل نشتغل بما ِ
عل ْمناه وتعلمناه
10 إرتفاع حرارة المعركة بارتفاع وسائل المعرفة
10 األفق المعتم ينذر بعاصفة هوجاء
10 الغالبية من الناس يميلون إلى التحريش واإلثارة
10 ركض األمة بين معركة النفي واإلثبات
10
الهو ّية والذات
11 القضاء والقدر المحتوم ال مرد له
11 اإلمام علي كان أحد مظاهر السالم وأهم أركانه
11 ائتالف المحبين والمبغضين ركام أحداث وعبث بميراث
11 الفائدة المرجوة في دراسة الذات ومواقفها
11 العلة الكبرى في السياسة والتسييس
13
من هو الصديق األكبر؟
13 من هو الصديق األكبر؟
14 من هو الصديق األكبر
14 محيط األسرة المباركة لإلمام علي v
14 إسالمه وتفقهه في الدين
15 المناقب والفضائل لإلمام علي v
16 علم اإلمام علي وعلم ابن عباس
16
علم اإلمام علي بن أبي طالب في امتيازه بعلم الفقه المتفرد
159
أرباب فن التصوف وعلوم اإلحسان عالة على اإلمام علي بن أبي طالب 16
19
الصديقية الكبرى أعلى مراتب اإلحسان
الصديقية الكبرى أعلى مراتب اإلحسان واإلمام أحرى بها حاالً ومقاما 19
19 الصديقية الكبرى منهج سلوك وليست ميزة صراع ومنازعة
المناقب سخرت في بعض تاريخنا اإلسالمي إلى مادة إثارة وتحريش 20
20 مقولة اإلمام عن هالك المحب والمبغض بالجفاء والغلو
20 الفئات المدمرة سالمة األرث النبوي
20 الحرب الطائفية التي جلب الشيطان بخيله ورجله في األمة المسلمة
21 اإلسالم في حاجة إلى العقالء لينقلوا األمة من الصراع إلى االقتداء
الغثاء ودوره في تحول اإليجابيات إلى سلبيات بتوسيد األمر إلى غير أهله 21
21 العصر عصر مغالبة واستغفال
22 ثقافة التجزئة والتفرقة ثقافة شيطانية
22 هدفنا من ترجمة الصديق األكبر
22 االنقالب الفكري المبرمج وعالقته بموعودات النبوة
22 الفتن ومضالتها عبر التاريخ من النشأة إلى االمتداد
23 دراسة فقه التحوالت لكشف أهمية الثقافة الشرعية الواعية
23 التوثيق الخاص بمرحلة الرسالة في حصانة الذوات
23 القوادح ناشئة في مرحلة الصراع السياسي كثمرة للضعف البشري
24 الفهم الواعي للحصانات يتبين فوارق النظر لمجريات السلوك
25
نماذج من علم مرتبة اإلمامه ..الصديقية الكبرى
36 مرتبة ومقام ...أم مجرد لقب؟
36 وظائف األسماء المسميات في اإلسالم
جدارة الصحبة لم تتقرر باجتماع جماعة وإنما على لسان المصطفى ى 36
36 كون عقبة معلوماتية
لجاج األقالم واتباع المذهب المتعارضة ّ
36
الصديقية الكبرى مرتبة ومقام ...أم مجرد لقب ؟
37 مرحلة التدوين ومادة الصراع العقدي والطائفي
37 اصطباغ مرحلة الغثاء السياسية بجراثيم العلمانية والعلمنة والعولمة
38 الجميع ال يقبلون هذا التعليل
38 معرفة التميز المشروع عن التميز المصنوع
38
قراءة نصوص أصحاب الحصانات مسألة تستقر بها المجتمعات
39 النظر بعين واحدة أفسد القراءة لعدالة الصحابة
39 الطبع اإلنساني والفهم النفساني في إصدر األحكام وتعليل األفهام
40 الدالالت النصية علم شرعي خاص بفقه المراحل
ما ترتب على نصوص فقه التحوالت من قراءة شرعية لمسيرة التاريخ 40
40 آثار إهمال نصوص فقه التحوالت والعلم بعالمات الساعة
40 تسلسل االنفصام عالمة من عالمات الساعة
41 مواقف البعض من قضية ربط الديانة بالتاريخ
41 وجوب احترام الرأي والرأي اآلخر
تعطيل وظائف المناقب وعدم وضعها في موقعها من حصانة أصحابها 41
41 تنزيل الوقائع والحوادث قادح ًا وطاعن ًا في أهل الحصانات الشرعية
42 علة البعض في إعطاء الفهم الذاتي لألحداث صفة القداسة
أه�ل البي�ت يعتمدون صحي�ح البخاري ويقرأون�ه ويجيزون فيه وال يفعل�ون ما يفعله
42 المتعصبون
43 من هو الصديق األكبر على عين الحقيقة؟
43 علي بن أبي طالب في حادثة الهجرة
43 ضرار الصدائي يصف علي بن أبي طالب
44 زينة األبرار عند ال ّٰله الزاهد في الدنيا
44 علي بن أبي طالب يوزع األموال على الفقراء والمساكين
45 مناقب علي وفضائله المتميزة
45 أبو تراب أحب الكنى لإلمام علي بن أبي طالب
46 قاتل أصحاب األلوية الثالثة في يوم أحد
46 قاتل عمرو بن ود في غزوة الخندق
46 علي بن أبي طالب في غزوة خيبر
46 علي بن أبي طالب في غزوة تبوك
47 علي بن أبي طالب في مشاهد الحج
47 علي بن أبي طالب إلى اليمن
47 علي بن أبي طالب عام حجة الوداع
47 الصديقية الكبرى خصوصية مفردة
48 لو كشف الغطاء ما ازددت يقين ًا
48 الخصوصيات الكبرى
48 خصوصياته األدبية البالغية
49 وصفه vلكتاب ال ّٰله
49 وفي وصيته vلولده
49 ومن درر عباراته
50 ألنسبن اإلسالم نسبة لم ينسبها أحد قبلي
50 اقترانه بفاطمة الزهراء خصوصية عظمى
54 مفصل الخالفة بعد رسول ال ّٰله m
تحول الفتن منذ مقتل عمر vإلى مقتل اإلمام الحس�ين إلى برنامج عمل سياسي
54 معادالً ومنازع ًا للنمط األوسط
54 مفصل الخالفة بعد رسول ال ّٰله ى
55 الخالفة الراشدة بين المثبطين لها بالجدارة والناقضين
55 البحث في فقه التحوالت ليس ضد أحد بعينه
55 المعادل الثالث النبوة وموقعه من حماية الكتاب والسنة
56 نصوص التاريخ المكتوب
56 ضوابط الربط بين الديانة والتاريخ
57 مواقف اإلمام علي خالل مراحل الخالفة
57 رأي اإلمام علي vفيمن يتولى الخالفة
58 موقع أهل البيت من الخالفة
58 مدلول سنة المواقف كالم اإلمام علي ى
58 مواقف العدول ال ترتبط بالرغبات والطباع
بع�ض نصوص كتاب�ة التاريخ أفادت المستش�رقين وم�رض علة النفاق في دراس�تهم
59 التحريشية
خط�ورة الخل�ط المتعمد لدى بع�ض الباحثين بين س�ورة الطباع وبين ح�ق االجتهاد
59 المشروع
وجوب توقف الهجمة المسيسة بين الكتل المتصارعة ضمن المسميات 59
60 ضرورة العود إلى االحتكام المشروع للنصوص النبوية
انضباط علوم العقيدة والش�ريعة والس�لوك يقتضي إكمال مهم�ة االنضابط في وصف
60 حوادث التاريخ ومتناقضاته
62 موقع اإلمام علي vفي تعميد أركان الخالفة الراشدة
62 شروط انتقال األمانة الشرعية سالمة الوعاء التاريخي للنقل
تحديد الخلفاء األربعة تعليل قاصر عن قراءة المراحل المنصوص عليها 62
63 العلل التي شابت الفقه التاريخي لقراءة المراحل
63 ضرورة إحياء سنن النبوة إلعادة قراءة التاريخ الشرع
قبول اإلمام علي للبيعة في مرحلة الخالفة داللة سالمة المراحل السابقة 63
64 فائدة التاريخ بالهمز والتاريخ بغيره
64 الخالفة ثالثون عام ًا
64 دالالت متعددة تؤكد صحة مرحلة الخالفة الراشدة
استحالة رفع راية العدل والسالم في أمة تعيش الصراع العقدي والطائفي 65
65 دور اإلمام علي في تثبيت الخالفة الراشدة
65 الخالفة الراشدة مستمرة في أحد معانيها الشرعية
موق�ع اإلمام الحس�ن من الربط بي�ن الخالفة الراش�دة ومواقف الخلف�اء العدول عبر
66 التاريخ
العل�ة التي ط�رأت في قرار الحك�م ألزمت اإلمام الحس�ن الفصل بي�ن خالفة الحكم
66 وخالفة النبوة
67 مواقف اإلمام علي vحصن ًا حصين ًا لإلسالم كله
بسط اإلمام علي يده للمبايعة الصديق حسم لالعتراض على قرار السقيفة 67
67 مدلول عجزت النساء أن تلدن مثل ابن طالب
68 مواقف اإلمام علي في مرحلة عثمان v
68
بدء مرحلة االختراق الدجالي موقع القرار السياسي في اإلسالم
69 من نجا من ثالث فقد نجا
القراءة لنصوص مقتل عثمان كانت سبب ًا في االختالف حول مصير قتلته 70
71 مواقف ومقوالت الخلفاء العدول عند مقتل عثمان v
73 أسباب قبول اإلمام علي للبيعة بعد عثمان v
74 المدرسة السبأئية ودورها في الفتنة
اختالف الصحابة حول مصير قتلة عثمان vوأثره على وحدة الصف 74
75 مواقف بعض الصحابة قائمة على قراءة عالمات الساعة
76 ثناء اإلمام علي vعلى أصحاب المواقف
78
مواقف الخارجين على قرار الخالفة من أصحاب الرسول ى
78
موقف الخارجين من الصحابة في األخذ بثأر عثمان ؤ
79
تفاقم األمور بين أطراف العدالة واختراق أهل الخيانة
79 عائشة في موقفها تدعوا إلى اإلصالح
79 ماء الحوأب وعالقته بفقه التحوالت
79 األطراف المستفيدة من اختالف العدول
80 األحاديث االستباقية وأهميتها في قراءة التاريخ
80 موقف اإلمام علي من فتنة الحرب وموقعة الجمل
81 موقف معاوية من البيعة لإلمام علي v
81 معركة صفين مدلوالت النصوص
83
آثار ونتائج معركة صفين وانعكاساتها قراءة نصية تحليلية
83 آثار ونتائج معركة صفين وانعكاساتها قراءة نصية تحليلية
83 تحليل النص النبوي عن معركة صفين
83 اإلفراط والتفريط ال عالقة لهما بالنصوص النبوية
83 أهمية النصوص النبوية واألبوية
85 سالم اإلمام علي على قتلى صفين
85 سنن المواقف مدرسة األخالق الفاصلة في مراحل الفتن المضلة
87
قصة التحكيم وآثارها
87 قصة التحكيم وآثارها
87 ظهور الخوارج وموقف اإلمام علي vمنهم .
88 معالجة أمر الخوارج ومناظرتهم
89 اإلمام علي vيقاتل المارقين اعتماد ًا على النص
90 آداب المعركة من واقع الخليفة الراشد
90 الفرق بين معركة صفين والجمل ومعركة النهروان
91 بداية النهاية
91 بداية النهاية لإلمام علي v
91 مخاطبة اإلمام علي ألصحابه تحمل صفة المعاتبة
اإلمام علي vيضع الخطوط العريضة لمواقف إبنه الحسن من بعده 92
92
اإلمام علي يتمنى النقلة عن الحياة
93 وصية اإلمام ألتباعه وأهل بيته
94 اإلمام علي vوعلمه بفقه التحوالت
100 اإلمام علي vفي محراب العبودية الخالصة
103 اإلمام علي vواالعتبار باآلخرة
106
مقتل اإلمام علي ثمرة مؤامرات الخوارج
106 وصية اإلمام علي ألبنائه
106 مقتل اإلمام علي بن أبي طالب v
107 وصية اإلمام علي عند الوفاة
108 مدة خالفة اإلمام علي v
108 اختالف الرواة حول مدفنه
109 مرثية أبو األسود الدؤلي
110 مرثية بكر بن حماد التاهرتي
111
v استثمار المارقين والفاسقين والناكثين لمحبة اإلمام علي
114 الخاتمة
118 منظومة الرضى
122 ِ ِ
الرضى ..عهدُ الخالفة ِ ُ
تسلسل إسناد ِّ
124 الص ْل ِحَع ْهدُ ال َّتن َُاز ِل َو ُّ
125 الم ْل ِك ال َع ُضوض َم ْر َح َل ُة ُ
ِ ِ ِ
ور َمدْ َر َسة الن ََّمط األَ ْو َسط
126 ُظ ُه ُ
128 ِ ِ ِ ِ
َسلاَ َم ُة َمن َْه ُج ا ْلن ََّمط الأْ َ ْو َسط َم ْن الإْ ِ ْف َراط َوا ْل َّت ْف ِر ْيط
ط الأْ َوس ِ ف ا ْلنَّم ِ ِ ِ آ َث ُار ن ِ
128 ط ْ َ َقض ا ْل َع ْهد َو َم َواق ُ َ
129 ضرورة إعادة قراءة ثمرات أركان الدين مجتمعة
130 ِ ِ
ف ا ْلن ََّمط الأْ َ ْو َسط إِسنَاد مدْ رس ِة ح ْضرمو َت وٱرتِبا ُطها بِمو ِاق ِ
ْ ُ َ َ َ َ َ َْ َ ْ َ َ ََ
132 اج ِر َأ ْح َمدَ ْب ِن ِع ْي َس ٰى ِم ْن ا ْل ِع َر ِاق إلى حضرموت ِه ْجر ُة ا ْلم َه ِ
َ ُ
132 وإسناد المدرسة وارتباطها بالنمط األوسط
134 ن َِص ْي َح ٌة لِ َم ْن َأ ْل َق َى ا ْل َّس ْم َع َو ُه َو َش ِه ْيدٌ
137 منظومة الغدير
144 باعث هذا النظم
145
منهج السلف الصالح من سادات آل البيت بحضرموت
148 ما يترتب على الغلو في شأن القرار
150 جذور الفتنة وأصول السنة
151 فصل في موقفنا من الفتنة
153 نقل معركة الواقع إلى صراع التاريخ سياسة أنوية
155 ذكريات الغدير وأمثاله
156 الخاتمة والدعاء