You are on page 1of 168

‫اسم الكتاب‪ :‬الصديق األكبر واإلمام األبر علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب عليه‬

‫السالم ورضي الله عنه وأرضاه وكرم وجهه‬


‫اسم المؤلف‪ :‬أبوبكر العدني ابن علي المشهور‬

‫الطبعة األولى ‪ 1435‬هـ ‪ 2014 -‬م‬

‫اليمن مكتبة ترىم الحديثة ‪ -‬حضرموت ‪ -‬تريم ‪ -‬شارع عيديد الرئيسي‬


‫‪tmbs417130@hotmail.com‬‬ ‫‪00967 5 417130‬‬
‫االردن دار الفتح للدراسات والنشر ‪ ،‬عمان ‪ ،‬المملكة األردنية الهاشمية‬
‫فاكس ‪009626 4646188‬‬ ‫هاتف ‪009626 4646199‬‬
‫ص‪ .‬ب‪ 183479 .‬عمان ‪ 11118‬االردن ‪info@daralfath.com‬‬
‫ص االم�ارات دار الفقيه للنش�ر والتوزيع‪-‬أبوظبي اإلمارات العربية المتحدة ‪،‬‬
‫هاتف ‪ 0097126678920 :‬فاكس‪0097126678921:‬‬

‫جميع الحقوق محفوظة للمؤلف‪ ،‬ال يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو أي جزء منه أو تخزينه في نطاق استعادة المعلومات‬
‫أو نقله بأي شكل من األشكال دون إذن خطي مسبق من المؤلف ‪ ،‬وتمكن مراسلته على موقعه الشخصي‪:‬‬

‫‪www.alhabibabobakr.com‬‬
‫قآ ن‬
‫ا ل��م��ط�ل�� ا �ل��� � ���‬
‫�‬
‫ع ري‬
‫(ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ‬
‫ﰉ ﰊﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬
‫ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫ﭳ) [اإلنسان‪]9:‬‬
‫ن‬ ‫ل‬
‫ا ��م��ط�ل�� ا �ل�����و ��‬
‫ع ب ي‬
‫�‬
‫الج ِ‬
‫يش الذي كانوا‬ ‫الجهني – أنّه كان في َ‬
‫وهب ُ‬‫ٍ‬ ‫حدَّ ثن�ا زيدُ بن‬
‫علي ‪v‬‬ ‫الخ ِ‬
‫�وار ِج فقال ٌ‬ ‫علي ‪ v‬الذين َس�اروا إلى َ‬ ‫م�ع ٍ‬
‫خر ُج أقوا ٌم‬ ‫رس�ول ال ّٰله ى ُ‬
‫يقول ‪َ « :‬ي ُ‬ ‫َ‬ ‫س�معت‬
‫ُ‬ ‫الناس إني‬‫‪( :‬أ ُّيها ُ‬
‫شيء ‪ ،‬وال‬‫رآن ‪ ،‬ليس ِقراء ُتكُم إلى ِقراءتِ ِهم بِ ٍ‬ ‫قرؤون ال ُق َ‬
‫َ‬ ‫من ّأمتي َي‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ٍ‬
‫بشيء ‪،‬‬ ‫شيء ‪ ،‬وال ِصيامكُم إلى ِص ِ‬
‫يام ِهم‬ ‫صال ُتكُم إلى صالتِ ِهم بِ ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُجاو ُز صالت ُُهم‬ ‫عليهم ‪ ،‬ال ت ِ‬‫بون أنَّه َلهم وهو ِ‬
‫حس َ‬ ‫القرآن ي ِ‬ ‫قرؤون‬ ‫َي‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫الرم َّي ِة» (((‪.‬‬ ‫َراقيهم ‪ ،‬يمر ُقون من اإلسال ِم كما يمر ُق الس ِ‬
‫هم م َن َّ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ت َُ َ ُ‬
‫ِ‬

‫((( رواه مسلم (‪.)1066‬‬


‫ا � �ل �ه�دا ء‬
‫إ‬
‫ل�ك �م ن � ا � � أ ن ف‬ ‫��‬ ‫� نأ أن ف‬ ‫�� �‬
‫يري��د � � �ي�� �‬
‫�ه�م‪..‬‬ ‫�ه�م �و� ��ل � �ل�‬
‫ل�ك�ل�م�� را د � � �ي�� �‬
‫ل� � �أ ن‬
‫�‬
‫�‬ ‫ف ا ��‬
‫ه‬ ‫�‬ ‫��ت �ف‬
‫�‬ ‫ا‬ ‫ع‬‫�‬ ‫� ن�� ن ا � ا �ن � �ق ن ا �أ� �د ��� ه � ا ده � ا‬
‫�‬‫�‬‫ي‬
‫ل ج ب �‬ ‫ك‬
‫�‬ ‫�‬‫�‬ ‫‪،‬‬ ‫ن�‬
‫�‬ ‫��‬
‫�‬ ‫�‬ ‫�‬
‫ب ي� ج ب ي‬‫�‬‫�‬‫ك‬ ‫�‬ ‫م‬‫�‬ ‫�ده‬
‫�ص‬‫�‬ ‫إ �� �ل� ��ودإ �� ح� ب يع��ن� ‪� ،‬و �ل� ر �و �ل�‬
‫أ‬ ‫ع‬
‫�ر ‪..‬‬
‫ن‬
‫� ب� � � �ي ف��� ك‬
‫��‬ ‫ي���ع�� ش�� ‪ � ..‬او �� �‬
‫�‬
‫ل�ك�ل ي ج�‬
‫ي �‬
‫�ا‬ ‫��� � �ة � ا ق‬
‫ل��ن�ا �ل�عب��ر �ب�ا �ل� �ت��د ا ء � او �ل� �هت��د ا ء ‪..‬‬
‫�و ك‬
‫��ة ف �‬ ‫�‬ ‫ف‬
‫�ي��ا �م ن�ت� �ري��د ا �ل��س�ل�ا �م ��ي� ا �ل��د ا ري� ن� ‪..‬‬

‫��� ��ل��ل�ع�ا �ل�م�� ن‬


‫�خ‬
‫ي� ‪..‬‬ ‫� او �لي ر‬
‫ح��ا �ة �أ �م�� ا �ل�م��ؤ �م ن��� ن‬
‫�‬ ‫� ن ا �� ن ظ �� �ف‬
‫ي� ‪...‬‬ ‫�وح��س� ل���ر �ي� ي ي ر‬
‫�أ�ه�د���ك ك��ت�‬
‫��اب ��ي� ‪...‬‬ ‫ي‬
‫أ‬ ‫�ل‬
‫ا �م��ط�ل�� ا � �ل ���و ��‬
‫�‬
‫ع ب ي‬
‫الش�هدَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اء َع ِّم ْي‬ ‫وح� َز ُة َس� ِّيدُ ُّ َ‬
‫مَ ْ‬ ‫ي‬ ‫�ي َأخ ْ‬
‫�ي َوص ْه ِر ْ‬ ‫م ّم�دٌ النَّبِ ُّ‬
‫حُ َ‬

‫�ن ُأ ِّم ْي‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذي ي ْض ِ‬


‫ِ‬
‫�ع ا َملالئكَ�ة ا ْب ُ‬
‫ْي� َم َ‬
‫َيط رْ ُ‬ ‫حي و ُي ْمس‬ ‫َو َج ْع َف ٌر ْ ُ‬

‫ول ِم ْي‬
‫�ي حَْ‬ ‫ِ‬
‫ُ�وط حَْل ُم َها بِدَ م ْ‬
‫َمن ٌ‬ ‫مم ٍد س�كَنِي ِ‬
‫وع ْرس‬ ‫وبِن ُ‬
‫ْ�ت حُ َ َّ َ‬

‫�ه ِم ْي؟‬ ‫ُ�م َل� ُه َس ْ‬


‫�ه ٌم ك ََس ْ‬ ‫فأ ُّيك ُ‬ ‫اي ِمن َْه�ا‬ ‫و ِس�ب َطا َأ ٍ‬
‫ح�د َو َل�دَ َ‬
‫َ ْ مْ َ‬

‫ان ُح ْل ِمي‬
‫ْت َأ َو َ‬
‫ير ًا َما َب َلغ ُ‬ ‫ِ‬
‫َصغ َ‬ ‫َس� َب ْق ُتك ُُم إِىل ْ‬
‫اإلسلا ِم ُط َّ�ر ًا‬

‫َمقو َل ُة اإلما ِم علي بن أبي َط ٍ‬


‫الب ‪v‬‬
‫�‬‫�ش� ا� �ه��دا �ل��حا� �‬
‫ل‬
‫أهل ِه‬
‫�ط المش�روع بين ِ‬
‫ُ َ‬ ‫والو َس ُ َ‬ ‫َ‬
‫بمثل ِ‬
‫�ه‬ ‫األم�ر أو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫اعت�دال‬ ‫ل�وال‬
‫المصطفى وقولِ ِه‬ ‫س�اروا بِ َس ْي ِر ُ‬
‫الواع�ي إل�ى أئم ٍ‬
‫�ة‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫والنظ�ر‬
‫ُ‬
‫فضل ِه‬‫أهل ِ‬ ‫بهم ُهدَ ى الرحم ُن َ‬ ‫�ط ال َعالِي الذي‬ ‫لما َع َر ْفنا الن َّم َ‬
‫َ‬
‫فعل ِه‬ ‫وع�دل ِ‬‫ِ‬ ‫الص ِ‬
‫لح‬ ‫ِ‬
‫من َس� ِّيد ُّ‬
‫ِ‬ ‫�ي وكَذا‬ ‫ِ‬
‫والوص ّ‬ ‫م�ن َعهد ط�ه َ‬
‫ِ‬

‫�ه‬‫بقتل ِ‬ ‫عل�ى الجمي� ِع حج� ًة ِ‬ ‫الح ِ‬


‫سين ُمذ َغدَ ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫السبط ُ‬ ‫والس ّيد ِّ‬
‫أهل ِه‬ ‫َأش�اح وجه� ًا ع�ن ِد ِ‬
‫م�اء ِ‬ ‫�يف ال�ذي‬ ‫�ة الس ِ‬ ‫وبع�ده بقي ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ َّ‬
‫�ه‬ ‫عقل ِ‬ ‫بكم�ال ِ‬
‫ِ‬ ‫راع�ي السلام‬ ‫ِ‬ ‫المقتدى‬
‫علي زي�ن العابدي�ن ُ‬
‫أهل ِ‬
‫�ه‬ ‫ِ‬
‫وص�ون ِ‬ ‫الح�ق‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫ُص�رة‬ ‫بن‬ ‫ِّ‬
‫وكل س�ا ٍع بعده�م ُمجته�د ًا‬
‫نصل ِ‬
‫�ه‬ ‫أص�اب قوم� ًا ُقتِ ُل�وا بِ ِ‬ ‫ُمجتنبي�ن ّ‬
‫ال�ذ َّم وال�دّ َّم ال�ذي‬
‫�ه‬‫بجهل ِ‬
‫ِ‬ ‫عضه�م‬ ‫يدع�و إليه�ا َب ُ‬ ‫وص�ار فِتنَ� ًة‬ ‫َ‬
‫وانف�رط العق�دُ‬
‫َ‬
‫دجل ِه‬
‫ش�يطان مضى في ِ‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫بدف ِع‬ ‫ِ‬
‫عصرنا‬ ‫ول�م ت�زل ت ُ‬
‫َنخ�ر أه�ل‬
‫�ه‬ ‫بمثل ِ‬
‫ِ‬ ‫وش�يع ٌة مفتون� ٌة‬ ‫لمس�خنِا‬
‫ِ‬ ‫ُس�ن ُت ُه مصنوع� ٌة‬
‫�ه‬‫زم�ان أب َل ِ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بجي�ل ف�ي‬ ‫جي ً‬
‫لا‬ ‫الش�عوب المس َت َف ُز حا ُلنا‬ ‫نحن‬
‫ُ‬
‫خيل ِه‬
‫وحش�د ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ش�يطان‬ ‫ِ‬
‫وجلب‬ ‫�م الص�را ِع بيننا‬
‫نحي�ا عل�ى َه ِّ‬
‫مقرون�ة بالمصطف�ى ونقل�ه‬ ‫قلي�ل فِ ٍ‬
‫ئ�ة‬ ‫ِ‬ ‫ب�اق ف�ي‬‫والح�ق ٍ‬
‫ُ‬
‫ينبي�ك عما ق�ال داع�ي أصله‬ ‫فاق�رأ وحق�ق فق�ه عل�م ثابت‬
‫ال غي�ره لص�ادق ف�ي عدل�ه‬ ‫ف�ي راب�ع األركان فه�و حجة‬
‫�ُ نُ ل� ضُ‬
‫�ك ا �م ��� �‬
‫��ه �و �و ع‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّس�خ َة المكر ِ‬


‫المش�هورة ‪ ،‬فما قد َس َبق فيها‬ ‫المأثورة‬ ‫�ير َة‬
‫والس َ‬
‫ورة ‪ِّ ،‬‬ ‫كرر الن َ ُ ُ َ‬ ‫أنا لن ُأ ّ‬
‫ناقب‬
‫ف َم َ‬ ‫يان ِكفاي ٌة وجزى الله الباحثي�ن والمؤلفين خيرا ‪ ،‬كما أنّي لن َأو ِّظ َ‬ ‫ِم�ن الب ِ‬
‫َ‬
‫نحى‬ ‫الصدِّ ي�ق األكب�ر في ِ‬
‫الم َ‬
‫فري�ق لهذا َ‬ ‫ٌ‬ ‫إدانة أبي بك�ر وعمر ء ‪ ،‬فقد ذهب‬ ‫ّ‬
‫التفاض ِ‬ ‫ِ‬
‫وأض ُّل�وا ‪ ،‬ول�ن ُأش�غ َل ال َق َ‬
‫فاض َلة بي�ن َ‬
‫الجدير‬ ‫والم َ‬
‫�ل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ارئ بص�را ِع‬ ‫َف َض ُّل�وا َ‬
‫المتنازعي�ن حولها إالّ‬ ‫واألج�دَ ر فم�ا هذه م�ن ُوجهة نظري فيما نزع�ت إليه أقال ُم ُ‬
‫ِ‬
‫وس�يلة (منافسة وتحريش) أساءت ِصيا َغة التاريخ ‪ ،‬وبعثت كوام َن النفوس الس ّيئة‬
‫ُ‬
‫فسأتناول حيا َة‬ ‫صحت ُوجه ُة نظري وعسى أن ّ‬
‫تصح‬ ‫بس�وء تفس�ير المواقف ‪ ،‬فإن ّ‬
‫القو ِم من حيث كانوا ال من حيثما اختلف حولهم ‪.‬‬
‫ِ‬
‫المعاملة م�ع أخويه‬ ‫األكب�ر من خلال مرتبتِه ف�ي‬
‫ِ‬ ‫مواق�ف الصدِّ ِ‬
‫ي�ق‬ ‫َ‬ ‫وس�أتناول‬
‫الصدي�ق أبي بك�ر والفاروق عمر وبق ّية الس�لف الصالح من أهل النمط األوس�ط‬
‫وقبل اليوم ‪ ..‬حيث ال معبود عندهم وال عندنا غير ال ّٰله ‪.‬‬ ‫نحتاجه اليو َم َ‬
‫ُ‬ ‫‪ ،‬وهذا ما‬
‫أللقاب تذك�ر ‪ ،‬وال لحاكم أو‬ ‫ٍ‬ ‫لس�لطة ‪ ،‬وال ل َعس�كر ‪ ،‬وال‬‫فلا عب�اد َة لمنب�ر وال ُ‬
‫مس�توزر ‪ ،‬وال نق�ول ما قاله الخ�وارج (ال حكم إال ل ّٰله) فتلك كلم�ة حق أريد بها‬
‫باطل‪..‬‬
‫المتقو ُلون‬
‫ِّ‬ ‫تقوله عليهم‬
‫فالقوم عدول منذ عهد الرسالة وما بعد عهد الرسالة ‪ ،‬وما ّ‬
‫ال يعدُ و كونه س�وء فهم لقراءة النصوص ‪ ،‬وتحريف ًا لمجريات الحوادث التاريخية‬
‫من خالل تس�ييس اللصوص وجرأة المفتي�ن المفتونين على النصوص ‪( :‬ﭪ‬
‫ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ‬
‫ﭿ ﮀ) [البقرة ‪.]148 :‬‬

‫‪9‬‬
‫ت‬ ‫�ة‬ ‫�ل�� ّ‬
‫ا ه�و��ي و ل� �‬
‫�ذا‬ ‫�‬ ‫ا‬ ‫�‬

‫قيل لي يوم ًا ما وأنا أدافع عن الحق الذي َع ِل ْمتُه عن اإلمام علي ‪ :v‬لن يقبل‬ ‫يعني موقف‬
‫القراءة من االسم ال ُّق َرا ُء ِمن َْك ما تقول ألنك خرجت عن اإلجماع بعدِّ الخلفاء خمسة ‪.‬‬
‫واالنتماء‬
‫ولم أشتغل حينها بالرد على من قال بل اشتغلت بأمرين ‪:‬‬
‫ال نشتغل بالرد بل األول ‪ :‬ما كان رسول ال ّٰلهى بصدده في علي والصحابة ئ‪.‬‬
‫ِ‬
‫نشتغل بما عل ْمناه الثان�ي ‪ :‬م�ا علمتُ�ه من مش�ايخي س�ادات آل البيت عن اإلم�ام علي ‪ v‬وآل‬
‫وتعلمناه‬
‫واعتب�رت األمرين هما ش�غلي الذي يجب أن أتناوله مع أش�تات المتقولين‬
‫ُ‬ ‫بيت�ه ‪،‬‬
‫والمعترضي�ن والموافقي�ن والمريدين ‪ ،‬وأما ما زاد ع�ن ذلك فرأيته ال يتعدى قول‬
‫ال ّٰل�ه تعال�ى ‪( :‬ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ) [القصص ‪. ]55 :‬‬
‫أن الغالبية العظمى من الناس‬ ‫والحقيقة المرة التي يجب إثبات شيء من مرارتها َّ‬ ‫الغالبية من‬
‫الناس يميلون يميلون إلى اإلثارة والتحريش ‪ ،‬والغالبية العظمى من ِعل َّي ِة القوم في قراري الحكم‬
‫إلى التحريش‬
‫واإلثارة والعلم يميلون إلى المنافسة‪.‬‬
‫وبين التحريش والمنافس�ة تناس�ب كبي�ر وتناغم فاعل ألنها من عمل الش�يطان‬
‫‪ ،‬والقل�ة القليل�ة من أمتنا اإلسلامية من تحرروا من هذين الدائي�ن العضالين بد ًءا‬ ‫ركض‬
‫األمة بين بمواقع التعليم والتربية ‪ ،‬ونهاية بكراسي الحكم ومنابر اإلعالم والثقافة ‪.‬‬
‫معركة النفي‬
‫وبي�ن البداي�ة والنهاية تركض األمة ركض حمر الوحش في س�احة معركة النفي‬ ‫واإلثبات‬
‫واإلثبات ‪ ،‬والوجود والعدم ‪ ،‬تبع ًا للقواقع في هندسة الواقع وامتالك المواقع ‪.‬‬
‫إرتفاع حرارة‬
‫المعركة بارتفاع وم�ع كل تط�ور معرف�ي وتق�دم علم�ي نظ�ري ترتف�ع ح�رارة المعرك�ة بارتفاع‬
‫وسائل المعرفة وس�ائل المعرفة وأدواتها ‪ ،‬فتزيد الرائي للواقع ضبابية ‪ ،‬ولقراءة التاريخ إش�كاالً ‪،‬‬
‫وللعالقات بين المصلين تعقيد ًا ‪.‬‬
‫نس�أل ال ّٰل َه منها السلامة ‪ ،‬وكأني بها «فتنة‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫بعاصفة َه ْو َجاء ؛‬ ‫المعتم‬ ‫األفق‬ ‫األفق المعتم ينذر وي ِ‬
‫نذ ُر ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بعاصفة هوجاء‬
‫تدع الحليم حيرانا» وقد كادت ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫والقضاء والقدر المحتوم ال مرد له وال اعتراض عليه ‪ ،‬ولكنّا نس�أل ال ّٰله اللطف‬
‫القضاء والقدر‬
‫فض ِية إلى حس�ن الختام‬
‫والعافي�ة ونتلم�س من�ه أن يد ّلنا على طري�ق السلامة الم ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬
‫المحتوم ال مرد له‬
‫وإشاعة السالم ‪.‬‬
‫ودعائ ِمه في اإلمام علي كان أحد‬
‫ِ‬ ‫وأهم أركانِ�ه‬
‫َّ‬
‫وأعالم ِ‬
‫�ه ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫مظاهر ِه‬
‫ِ‬ ‫وق�د كان اإلم�ام علي ش أح�دَ‬
‫زمانه ‪ ،‬وهو المثال األس�مى في س�ره وإعالنه‪ ،‬لتجس�يد معانيه وإقامة مبانيه ‪ ،‬وال مظاهر السالم وأهم‬
‫أركانه‬
‫رياح‬
‫يصح ألحد منا بأي حال من األحوال أن يفسر هذه المواقف وفق ما تجري به ُ‬
‫االختالف والصراع بين المصلين ‪ ،‬بل يجب أن ُيح َّيد اإلمام علي ش بعيد ًا عن‬
‫ه�ذه المعرك�ة ‪ ،‬ويعاد النظر في المواقف والحيثيات كما فعلها وفس�رها بذاته وما‬
‫نتج عن تلك الذوات من مواقف وإجراءات ‪.‬‬
‫وجدَ ارتِه ‪ ،‬وما ائتالف المحبين‬ ‫ِ‬ ‫َ ِِ‬
‫وح�ول ذاته وأفضل َّيته َ‬ ‫بغ ُضون حو َله‬ ‫أم�ا ما وقف الم ِحبون أو الم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُّ‬
‫ٍ والمبغضين ركام‬
‫تف�ر َع عن ه�ذه التفصيالت من احتدامات واختالفات واختالق�ات ُفركَا ُم أحداث‬ ‫َّ‬
‫أحداث وعبث‬
‫األمر المختلف عليه‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫بميراث‬ ‫يفضي ُ‬
‫َ‬ ‫وعب�ث بميراث ‪ ،‬وال يمكن بأي حال من األحوال أن‬
‫رؤية اعتبار َّي ٍة ُمشتركة ‪.‬‬
‫إلى ٍ‬

‫ت من الفائدة المرجوة‬ ‫الذات المبارك ُة وما َث َب َ‬‫ُ‬ ‫مرجو ٍة هو‬


‫ّ‬
‫ٍ‬
‫بفائ�دة‬ ‫األمر الذي ُيمك ُن أن َيعو َد‬ ‫وإنَّم�ا ُ‬
‫ظ ِره في دراسة الذات‬‫وتحت َن َ‬
‫َ‬ ‫االستمر ِار على َيدَ ِيه‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫وحقيقة‬ ‫واق ِفها ‪ ،‬وما ت ََه َّيأ من سلا َمة اإلستقرار‬ ‫م ِ‬
‫َ‬
‫ومواقفها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل ما َح َب�ا ُه ال ّٰل ُه من اإلرث َ‬
‫والمقا ِم‬ ‫ال عن ِّ‬ ‫ص�ح عن َمواقفه النَّص َّية َقولاَ ً وفع ً‬ ‫َّ‬ ‫‪ ،‬وم�ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التصرف ‪ ،‬فم�ا أ َّث َر فيه عنه التحرك ‪ ،‬أو ما أ َّث�ر فيه عنه التو ُّقف ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والمرتب�ة وسلامة‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫لمثل هذا ال غيره‪.‬‬ ‫فالحاجة ماسه لهذا ال لغيره ‪ ،‬والمشكلة تتضاءل بمعرفتنا ِ‬
‫وربما كانت العلة الكبرى إن لم تكن أم العلل في هذا األمر واس�تفحال أضرار‬
‫تناوله مسألة السياسة والتسييس ‪ ،‬إذ صار النظر من خاللهما فتنة ‪ ،‬والكيل بمكيالهما‬
‫محن�ة ‪ ،‬س�واء كان في دائرة المحبين الغالة ‪ ،‬أو كان ف�ي دائرة المبغضين الجفاة ‪،‬‬
‫العلة الكبرى في‬
‫ومثلهما الراغب في االعتدال والتوس�ط إن هو اتخذ من السياسة والتسييس حجة السياسة والتسييس‬
‫ومرجعي�ة ‪ ،‬ومن ركام األحداث وس�يلة ومطية ‪ ،‬فالجميع في هذه الدوائر أس�رى‬
‫لطرفي المنافس�ة والتحريش ‪ ،‬وال مج�ال لإلنصاف من خاللهما ‪ ،‬وال من البحث‬
‫في ركام ثمراتهما ‪ ،‬وأش�ير إلى هذا وأؤكد عليه في مقالي هذا ألتجنب حساس�ية‬

‫‪11‬‬
‫حرج الصدور ‪ ،‬وألتزم ما اس�تطعت بما هو أوس�ط األمور ‪ ،‬ولست بملتزم مذهب‬
‫حول المحبة سلاح ًا يمنحه الظل�م لغيره ‪ ،‬وال بملتزم فك�رة مبغض جعل‬ ‫ٍ‬
‫مح�ب ّ‬
‫البغض درع ًا يدافع به عن س�يره ومصيره ‪ ،‬وأس�تغفر ال ّٰله أن أتجنى على مس�لم له‬
‫من الحق البلج نصيب ‪ ،‬فالحق أحق أن يتبع‪.‬‬
‫ونس�أل ال ّٰل�ه أن يرينا الحق حق� ًا ويرزقنا اتباعه ‪ ،‬وأن يرينا الباط�ل باط ً‬
‫ال ويرزقنا‬
‫اجتنابه ‪ ،‬وهو حسبنا ونعم الوكيل‪...‬‬

‫أبو بكر علي المشهور‬


‫جدة ‪18‬الحجة ‪1431‬هـ‬
‫يوم ذكرى الغدير‬

‫‪12‬‬
‫��م� � � ���ق �أ�‬
‫�‬
‫من هو الصديق‬ ‫� ن�ه�و ا ل���ص��دي�� ا �ل ب�ر؟‬
‫�‬
‫ك‬
‫األكبر؟‬

‫ج�اء هذا اللقب المش�ار إليه ف�ي عنوان الكت�اب وفي هذا الفص�ل من عدد عن‬
‫المروي�ات الثابت�ة ف�ي كتب الس�نة ‪ ،‬وقب�ل أن نورد ه�ذه النصوص ن�ود أن نخرج‬
‫الق�ارئ من أس�لوب المصادم�ة والتحريش الطاغي على ثقافة المس�لمين في هذا‬
‫العصر أو فيما س�بق ‪ ،‬حيث يعتقد البعض منافس�ة اللقب للقب الخليفة األول أبي‬
‫بكر الصديق ‪ ،‬أو االعتقاد بس�لب لقب الصديق ممن ال يستحقه إلى من يستحقه ‪،‬‬
‫مث�ل ذل�ك مثل لقب الفاروق الذي نجد البعض يعزيه إلى اإلمام علي ويس�لبه من‬
‫الخليفة الفاروق ‪ ،‬ومثل هذه األس�اليب ولألسف منعدمة األدب الشرعي مع أهل‬
‫الرتب والمقامات ‪ ،‬ومبنية على َسورة الطباع وثورة األنفس ‪ ،‬ونزعات الذوات‪.‬‬
‫كل فيما يناس�به من المعنى‬ ‫م�ع أن اللقبي�ن (الصديق والفاروق) تلي�ق بالجميع ٌ‬
‫المراد في النص وهذا ما تشير إليه النصوص الشرعية وكفى بها حجة وبيانا ‪ ،‬ومنها‬
‫م�ا رواه اإلمام أحمد بن حنبل ‪ v‬في فضائل الصحابة (‪ /1‬حديث ‪)1 -115‬‬
‫من رواية اإلمام علي بن أبي طالب ‪ v‬أنه قال  ‪( :‬أنا عبد ال ّٰله وأخو رسول ال ّٰله‬
‫‪ ،‬وأنا الصديق األكبر ‪ ،‬ال يقولها بعدي إال كاذب مفتر ‪ ،‬ولقد صليت مع رسول ال ّٰله‬
‫قبل الناس لس�بع س�نين وأنا أول من صلى معه‪ ، ((( )..‬وروى الطبراني في الكبير‬
‫بإس�ناد رجاله ثقات ‪ ،‬عن أبي ذر وس�لمان قاال ‪ :‬أخذ رس�ول ال ّٰلهى بيد علي بن‬

‫((( فضائل الصحابة ألحمد بن حنبل (‪ )993‬والمستدرك على الصحيحين للحاكم (‪.)4584‬‬
‫وفي المناقب ألحمد عن أبي ليلى عن النبي ى أنه قال ‪( :‬الصدّ يقون ثالثة حبيب بن مرى‬
‫النجار مؤمن آل ياس�ين الذى قال يا قوم اتبعوا المرس�لين ‪ ،‬وحزقيل مؤمن آل فرعون الذى‬
‫ق�ال أتقتل�ون رج ً‬
‫لا أن يقول ربى الل�ه ‪ ،‬وعلي بن أب�ى طالب الثالث وه�و أفضلهم ) ‪ .‬اهـ‬
‫تاريخ الخميس ‪.275/ 2‬‬

‫‪13‬‬
‫أب�ي طالب فقال رس�ول ال ّٰله ى ‪« :‬هذا أول م�ن آمن بي ‪ ،‬وهذا أول من يصافحني‬
‫ي�وم القيام�ة ‪ ،‬وه�ذا الصديق األكبر وهذا ف�اروق األمة يفرق بين الح�ق والباطل ‪،‬‬
‫وهذا يعسوب المؤمنين ‪ ،‬والمال يعسوب المنافقين»((( اهـ وفي تفسير قوله تعالى‬
‫‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ) [الحديد ‪ ]19 :‬نزلت في علي بن‬
‫أبي طالب ‪.‬‬
‫وقد تكلم بعض علماء الجرح والتعديل في كثير من هذه النصوص وعزوها إلى‬
‫الضع�ف ‪ ،‬وبعضه�ا إلى الوضع الهال�ك ‪ ،‬ومنهم من قبل بعضه�ا وخصوص ًا فيما‬
‫يعضد بعضه بعض ًا من الروايات الضعيفة ‪ ،‬ونحن نكل هذا األمرإلى رجاله وأهله ‪،‬‬
‫فما كان موضوع ًا ومتهالك ًا فمردود ولو أنا استدللنا به ‪ ،‬وما كان ضعيف ًا ومعضود ًا‬
‫بغيره فنرجو ال ّٰله أن يجعله سبب ًا في معرفة الحق وأهله ‪.‬‬
‫إذن فالصدي�ق األكب�ر هو اإلمام الحجة علي بن أب�ي طالب بن عبد المطلب بن‬ ‫من هو الصديق‬
‫هاشم بن عبد مناف ‪ ،‬وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف‪.‬‬ ‫األكبر‬

‫كان أصغ�ر أبن�اء أبويه ‪ ،‬وأكبر منه جعفر وعقيل وطال�ب ‪ ،‬وبين كل منهم وأخيه‬ ‫محيط األسرة‬
‫المباركة لإلمام‬
‫عش�ر سنين ‪ ،‬ولم ُيذكر طالب بترجمة ألنه مات على غير اإلسالم ‪ ،‬ولد اإلمام في‬
‫علي ‪v‬‬
‫داخ�ل الكعبة ‪ ،‬وفت�ح عينيه على اإلسلام حيث تربى في بيت الدعوة اإلسلامية‬
‫بيت النبوة‪.‬‬
‫فه�و اب�ن عم النب�ي ى وربيبه الذي نش�أ في بيت�ه وعاش تحت نظ�ر ومالحظة‬
‫الرسول ى‪.‬‬
‫إسالمه وتفقهه في أس�لم فيم�ا بين الس�ابعة إلى السادس�ة عش�رة على اختلاف المروي�ات‪ ،‬ولعل‬
‫الدين‬
‫الراجح أنه أسلم في العاشرة أو قريب ًا منها ُبعيد إسالم خديجة ‪.b‬‬
‫ملأ الدين العظيم قلب ابن أبي طالب كما امتأل قلبه بحب النبي محمد وتبجيله‬
‫‪ ،‬ولم تنفتح عيناه إالّ على عبادة النبي لمواله وعلى تنزل عطاء ال ّٰله في بيت رسول‬
‫ال ّٰلهى ‪.‬‬

‫(((المعجم الكبير للطبراني (‪ )6184‬ومسند البزار (‪. )3898‬‬

‫‪14‬‬
‫تفق�ه في الدين تفقه ًا ال يجارى ‪ ،‬ونال من فطرة المعرفة لغة وأدب ًا وس�لوك ًا على‬
‫ي�د المعل�م األعظ�م ى ما لم ينله مس�لم في عصره ‪ ،‬وال عالم مق�رب في دهره ‪،‬‬
‫لا لمقالة من ال ينطق ع�ن الهوىى ‪« :‬أنا مدين�ة العلم وعلي‬ ‫وح�ق أن يك�ون أه ً‬
‫ّ‬
‫بابه�ا» وفي رواية بزيادة ‪« :‬ومن أراد العلم فليأت الباب»((( ‪ ،‬وكان ش و ‪v‬‬
‫علمت فيمن نزلت وأين نزلت وعلى‬ ‫ُ‬ ‫يقول عن نفس�ه ‪( :‬وال ّٰله ما نزلت آية إال وقد‬
‫م�ن نزل�ت ‪ ،‬إن ربي وهب ل�ي قلب ًا عقوالً ولس�ان ًا صادق ًا ناطق�ا)((( ‪ ،‬وكان يقول ‪:‬‬
‫(س�لوني عن كتاب ال ّٰله فإنه ليس من آي�ة إالّ وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار ‪ ،‬وفي‬
‫سهل أم جبل)((( ‪ ،‬وفيه يقول المصطفىى ‪ « :‬علي مع القرآن والقرآن مع علي ال‬
‫(((‬
‫علي الحوض»‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يفترقان حتى يردا ّ‬
‫وكم لإلمام علي ش من مناقب وفضائل أفاض الحفاظ والمحدثون والعلماء المناقب والفضائل‬
‫لإلمام علي ‪v‬‬
‫والباحث�ون والكتاب حولها ‪ ،‬وتناولها الجيل بعد الجيل ‪ ،‬وكفى منها ما أعلنه ى‬
‫ف�ي اجتماع�ه ببني عبد المطل�ب ‪« :‬يا بني عبد المطلب إني وال ّٰله ما أعلم ش�اب ًا في‬
‫الع�رب ق�د جاء قومه بأفض�ل ما جئتكم به ‪ ..‬إني قد جئتكم بخي�ر الدنيا واألخرة ‪،‬‬
‫وق�د أمرني رب�ي أن أدعوكم ‪ ،‬فأيك�م يؤازرني على هذا األمر عل�ى أن يكون أخي‬
‫ووصي�ي خليفت�ي فيكم بع�دي؟» فقال علي ‪ :‬فأحج�م القوم منه�ا جميع ًا وقلت ‪:‬‬
‫وإن�ي ألحدُ ثهم س�ن ًا ‪ :‬أنا يا نبي ال ّٰله أكون وزيرك علي�ه‪ ،‬فأخذ برقبتي ثم قال ى ‪:‬‬
‫«إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاس�معوا له وأطيعوا» ‪ ((( ،‬وقال له النبيى‬

‫((( المستدرك على الصحيحين للحاكم (‪ ، )4639‬والمعجم الكبير للطبراني (‪. )11061‬‬
‫((( تاريخ الخلفاء للسيوطي (‪ ، )142/1‬تاريخ دمشق البن عساكر (‪.)398/42‬‬
‫((( تاريخ الخلفاء للسيوطي (‪ ، )142/1‬تاريخ دمشق البن عساكر (‪.)398/42‬‬
‫((( المستدرك على الصحيحين للحاكم (‪. )4628‬‬
‫((( تاري�خ الطب�ري (‪ ، )321/2‬ولع�ل في ه�ذه األحاديث ما يحتج به على اس�تحقاق‬
‫اإلم�ام علي للخالفة دون منازع ‪ ،‬وذاك أمر صحيح وال خالف عليه عند أهل النمط‬
‫األوس�ط ‪ ،‬ولكنه�م ال يرض�ون مخالفة اإلم�ام علي وق�د رضي لنفس�ه ولألمة بعد‬
‫عق�د الخالف�ة ألبي بكر أن يكون وزي�ر ًا وناصح ًا ومعين ًا لتحقيق الهدف اإلسلامي‬
‫المشترك‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪« :‬أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاَّ إنه ال نبي بعدي»‪.‬‬
‫(((‬

‫قلت‪ :‬وهذا الوصف المشار إليه في األحاديث قيل بحضرة الصحابة وآل البيت‬
‫والمهاجرين واألنصار مما ال يترتب عليه تنافس وال تحريش ‪ ،‬ولم يبلغ أحد أن أبا‬
‫بكر أو عمر قاال في األمر شيئ ًا أو أنكراه أو احتجا به ‪ ،‬وبهذا يثبت اللقب بما فيه من‬
‫الفضائل لإلمام علي ‪ v‬بوصفه (الصديق األكبر وفاروق األمة) بما هو معلوم‬
‫من االس�تحقاق للصديقية الكبرى وهو جدير بها ‪ ،‬وكذلك فاروق األمة لما خصه‬
‫ال ّٰل�ه به من المواق�ف والعلوم الغزي�رة ‪ ،‬ويظل أيض ًا لقب الصدي�ق الممنوح ألبي‬
‫بكر الصديق في موقعه الس�ديد ولقب الفاروق لعمر بن الخطاب باس�تحقاق أكيد‬
‫‪ ،‬وال مكان لس�لب أحد من أصحاب النبيى مكانته وال لقبه ‪ ،‬بل وال يليق بحال‬
‫م�ن األحوال أن نزج عصبي�ة الطائفية والقبلية والمذهبية ف�ي مقامات الحصانات‬
‫للس�ابقين إلى اإلسالم الباذلين أنفس�هم وأرواحهم فداء لرسول ال ّٰله ى ‪n‬‬
‫أجمعين‪.‬‬
‫ه�ذا هو اإلمام علي بن أبي طالب في مكانته العلمية وفضيلته الش�رعية‪ ،‬ومقامه‬ ‫علم اإلمام علي‬
‫وعلم ابن عباس‬
‫الرفي�ع الس�امق ‪ ..‬قي�ل البن عب�اس‪ :‬أين علمك م�ن علم ابن عمك؟ قال كنس�بة‬
‫(((‬
‫قطرة)‪.‬‬
‫علم اإلمام علي بن وإلي�ه ترج�ع كاف�ة العلوم كما أش�ار إلى ذلك العق�اد في عبقريته فق�ال ‪( :‬وكان‬
‫أبي طالب في امتيازه أحس�ن الناس علم ًا وفقه ًا كما كان أحس�نهم عبادة وعم ً‬
‫لا ‪ ،‬فكانت فتاواه مرجع ًا‬
‫بعلم الفقه المتفرد‬
‫للخلفاء والصحابة في عهود أبي بكر وعمر وعثمان ‪ ،‬وندرت مس�ألة من المسائل‬
‫أرباب فن التصوف الش�ريعة ل�م يكن ل�ه رأي فيها يؤخذ ب�ه أو تنهض له الحجة بين أفض�ل اآلراء‪....‬‬
‫وعلوم اإلحسان عالة إل�ى أن ق�ال ‪ :‬قال اب�ن أبي الحديد ‪ :‬وم�ن العلوم علم الطريق�ة والحقيقة وأحوال‬
‫على اإلمام علي بن التص�وف ‪ ،‬وق�د عرف�ت أن أرباب ه�ذا الفن في جميع بالد اإلسلام إلي�ه ينتهون‬
‫أبي طالب‬
‫وعنده يفقهون ‪ ،‬وقد صرح بذلك الش�بلي والجنيد والس�ري وأبو زيد البس�طامي‬

‫((( صحيح البخاري (‪ )4416‬ومسلم (‪. )2404‬‬


‫((( عبقرية اإلمام لعباس محمود العقاد ص (‪ )42‬طبعة دار المعارف مصر‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫وأبو محفوظ معروف الكرخي وغيرهم إلخ ‪ ،‬وقد جمع نهج البالغة نماذج ش�تى‬
‫ال (للعلم اإللهي) أو ألسرار‬ ‫من الكلمات التي تنس�ب إليه ويصح أن تحس�ب أص ً‬
‫التصوف في صدر اإلسلام قبل اشتغال المس�لمين بفلسفة اليونان وحكمة األمم‬
‫(((‬
‫األجنبية‪.‬‬
‫وكان م�ن المعل�وم الت�ي ب�رزت على لس�انه ‪ v‬عل�م النحو ‪ ،‬فقد أث�ر أن أبا‬
‫فقال َأ ُبو‬ ‫األسود الدؤلي((قاضيه على البصرة)) وهو أحد القراء الفقهاء دخل عليه َ‬
‫الع َج َم ف َف َس�دَ ْت َأ ْل َس�نِ ُتها‬ ‫ت َ‬ ‫لما َخا َل َط ِ‬ ‫الع َر ِ‬ ‫ين َذ َه َب ْت ُل َغ ُة َ‬ ‫األ ْس َ�و ِد‪ :‬يا َأ ِم َير ُ‬
‫الم ْؤ ِمنِ َ‬ ‫َ‬
‫ب ّ‬
‫الحظ‬‫َ‬ ‫إل َم ُام قد‬ ‫وكان ا ِ‬‫َ‬ ‫أن َت ْض َم ِح َّل‪،‬‬ ‫�ن ْ‬ ‫الز َم ُ‬ ‫او َل عليها َّ‬ ‫إن َت َط َ‬ ‫ب ْ‬ ‫الع َر ِ‬‫�ك ْت ُل َغ ُة َ‬ ‫وأ ْو َش َ‬ ‫َ‬
‫سأل‬‫الم َوالي‪ ،‬ولك َّن ُه َ‬ ‫إل َم ُاء ِمن َ‬ ‫الذين ُت َر ِّبي ِه ُم ا ِ‬
‫َ‬ ‫الص َغا ِر‬
‫ض ِّ‬ ‫الكو َف ِة َف َس�ا َد َأ ْل ِسن َِة َب ْع ِ‬ ‫في ُ‬
‫إن ا ْب َن ًة‬ ‫�و ِد‪َّ :‬‬
‫األ ْس َ‬ ‫ذاك؟ أرا َد َأ ْن َي ْع� ِر َف ما َأ َلم بِالب ْص�ر ِة‪َ ،‬فر َوى َأ ُبو َ‬ ‫�و ِد‪ :‬وما َ‬ ‫األ ْس َ‬ ‫أب�ا َ‬
‫َّ َ َ َ‬
‫وجر ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الح َّر) فرأي ُتها َت ْس َت ْف ِه ُم‬ ‫ت َ‬ ‫(ر َف َع ْت أ َش ُّ�د ّ‬ ‫الحر‪َ ،‬‬ ‫لي َد َخ َل ْت َع َل َّي فقا َلت‪ :‬ما أ َش ُّ�د ِّ‬
‫الح ِّر َأ َش ُّ�د‪َ ،‬ف ُق ْل ُت لها‪ :‬ما َن ْح ُن فيه‪ ،‬قا َل ْت‪ :‬إِ َّنما ُأ ْخبِ ُر َك ولم َأ ْس َ�أ ْل َك‪،‬‬ ‫ان َ‬ ‫َع�ن َأ ِّي َز َم ِ‬
‫ب‬ ‫الح َّ�ر (بال َّن ْص ِ‬ ‫�ت َأ َّنه�ا َق َصدَ ْت ال َّت َع ُّج َ�ب‪َ ،‬ف ُق ْل ُت لها‪ :‬يا ُبن ََّي ُة قولي‪ :‬ما َأ َش َّ�د َ‬ ‫َف َع ِل ْم ُ‬
‫�ماء فقا َل ْت‪ :‬ما‬ ‫الس ِ‬ ‫ال َّ‬ ‫أن َتت ََع َّج َب ِم ْن َج َم ِ‬ ‫َي�ن) ‪ ،‬وأرا َد ْت بِ ْن ٌت ُأ ْخرى لي ْ‬ ‫الك ِل َمت ِ‬ ‫ف�ي َ‬
‫�ت‪ :‬إِ ِّني لم‬ ‫ومها‪ ،‬فقا َل ْ‬ ‫�ماء) َف ُق ْل ُت لها‪ُ :‬ن ُج ُ‬ ‫الس ِ‬ ‫وج ِّر َّ‬ ‫�ن َ‬ ‫�ماء (بِ َر ْف ِع َأ ْح َس ُ‬ ‫الس ِ‬ ‫�ن َّ‬ ‫َأ ْح َس ُ‬
‫فقلت‪ :‬إِ َذ ْن َف ُقولي‪ :‬ما َأ ْح َس َن‬ ‫أحس ُن‪ ،‬إ َّنما َت َع َّج ْب ُت ِمن ُح ْس ِ�نها‪ُ ،‬‬ ‫ش�يء منها َ‬ ‫ٍ‬ ‫ُأ ِر ْد َأ َّي‬
‫ماء) ُثم روى له َأ ُبو َ‬
‫األ ْس َ�و ِد الدُّ َؤلِ ُّي َّ‬ ‫ب َأ ْح َس َ‬
‫جاءوا‬ ‫أن ِر َجاال ُ‬ ‫والس ِ َّ‬ ‫�ن َّ‬ ‫الس�ما َء (بِن َْص ِ‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫ُون‪َ ،‬ف َص َر َخ في ِه ُم أ ِم ُير‬ ‫األمير ُت ُو ِّف َي أبانا و َت َرك َبن َ‬ ‫َ‬
‫إل�ى أ ِمي� ِر ال َب ْص َر ِة َف َقا ُلوا‪ :‬أ ْص َل َح ُ‬
‫الله‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ين‪.‬‬ ‫ليس َه َك َذا‪ُ ،‬قو ُلوا‪ُ :‬ت ُو ِّف َي َأ ُبونا و َت َر َك َبنِ َ‬ ‫ال َب ْص َر ِة‪َ :‬‬
‫ت َي ُص ُحف ًا‬ ‫ت َف َيشْ رَ ِ‬ ‫الو ْق ِ‬
‫ض يف َ‬ ‫األ ْس َو ِد الدُّ َؤ ِّيل َأ ْن َي ْن َه َ‬ ‫ري ا ُمل ْؤ ِمنِنيَ لأِ َ يب َ‬ ‫فنص َح َأ ِم ُ‬ ‫َ‬
‫ال ْس ُم ما َأ ْن َب َأ‬ ‫ف‪ ،‬وا ِ‬ ‫وح ْر ٍ‬ ‫وف ْعلٍ َ‬ ‫اسم ِ‬ ‫عن ٍ‬ ‫الم ُك ُّل ُه ال خَ ُي ُر ُج ِ‬ ‫الك ُ‬ ‫بِ ِد ْر َه ٍم‪ُ ،‬ث َّم َأ ْم ىَل عليه‪َ :‬‬
‫َ‬ ‫والف ْع ُل ما َأ ْن َب َأ عن َح َر َك ِة ا ُمل َس َّمى‪َ ،‬‬
‫باس ٍم‬
‫ليس ْ‬ ‫واحل ْر ُف ما َأ ْن َبأ َعن َم ْعن ًَى َ‬ ‫عن ا ُمل َس َّمى‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ياء ثال َث ٌة‪َ :‬ظ ِ‬ ‫األس َو ِد أنَّ َ‬‫َ‬ ‫األ ْس َو ِد الدُّ َؤ ِّيل‪ْ :‬‬‫قال أليب َ‬
‫اه ٌر‪،‬‬ ‫األ ْش َ‬ ‫واع َل ْم يا أبا ْ‬ ‫وال ِف ْعلٍ ‪ُ ،‬ث َّم َ‬

‫((( عبقرية اإلمام (ص ‪.)43‬‬

‫‪17‬‬
‫اع َد ال ُّل َغ ِة وان ُْح َن ْح َو هَ َذا ‪،‬‬
‫ُب َق َو ِ‬ ‫ليس بِ َظ ِ‬
‫اه ٍر وال ُم ْض َم ٍر(((‪ ،‬فاكت ْ‬ ‫وش ٌء َ‬ ‫وم ْض َم ٌر‪ ،‬يَ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫وكان‬ ‫وع َر ْض ُتها ِ‬
‫عليه‪،‬‬ ‫قال أبو َ‬
‫األ ْس َو ِد‪َ :‬ف َج َم ْع ُت َأ ْشيا َء َ‬ ‫َف َس َّمى ما َك َت َب ُه ِع ْل َم ال َّن ْح ِو‪َ ،‬‬
‫وكأن‪ ،‬ومل أذكر َل ِك َّن‪،‬‬‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولعل‬ ‫وليت‬
‫َ‬ ‫إن َّ‬
‫وأن‬ ‫َ‬
‫فكان منها‪َّ :‬‬ ‫ب‪،‬‬‫وف ال َّن ْص ِ‬ ‫من َذلِ َك ُح ُر ُ‬
‫فقال يل‪َ :‬مل َت َر ْكتَها؟ َف ُق ْل ُت‪ :‬مل َأ ْح َس ْبها ِم ْنها‪َ ،‬‬
‫فقال ‪ :g‬بل ِه َي ِم ْنها‪َ ،‬ف ِز ْد هُتا‪.‬‬ ‫َ‬

‫((( قيل‪ :‬إن ما ليس بظاهر وال مضمر هو اسم اإلشارة ‪ ،‬والصحيح أنه الكالم المحذوف‬
‫كقوله تعالى ‪ :‬ﮋ ﯩ ﯪ ﮊ والمراد جاء أمر ربك ‪ ،‬أما اسم اإلشارة فيعد من الظاهر ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫ت‬ ‫أ‬ ‫ق �‬
‫الصديقية الكبرى‬ ‫� ا � �لإ�ح���سا� ��ن‬‫ا �ل���ص� ��د�ي������ة ا �ل�ك�� �� � �ع��ل�� �م ا ��‬
‫أعلى مراتب‬ ‫ي برى ى ر ب‬
‫اإلحسان واإلمام‬
‫علي أحرى بها ً‬
‫حاال‬
‫ومقاما‬ ‫عرف�ت الصديقي�ة الكبرى بأنها هي أعلى مراتب اإلحس�ان بال خالف ‪ ،‬واإلمام‬
‫عل�ي ش جدير بها بال منازع ‪ ،‬فكيف ال تكون مواقفه مواقف الصديقية الكبرى‬
‫وه�و بها أحرى ‪ ،‬فاللقب المش�ار إلي�ه يناله مرتبة بجدارة ‪ ،‬وينال�ه كفضيلة ومنقبة‬
‫يصفه به من ال ينطق عن الهوى ى ‪.‬‬
‫ح�ظ للنفس في تصرفات�ه وال رعونات‬ ‫والح�ري به�ذه المرات�ب عبدٌ محض ال ّ‬
‫ّ‬
‫ل�ه ‪ ،‬والذي�ن جعل�وا اإلمام�ة والصديقي� َة س�لط ًة وحكم� ًا وحطام� ًا عكس�وا مقام‬
‫نفوس�هم وحظوظها في العاجلة ‪ ،‬وجردوا بأفهامهم الس�فلى عن اإلمام وأش�باهه‬
‫وأمثاله مواه َبهم العالية ‪ ،‬تلك المواهب التي اكتس�بوها بصحبة النبي ى وعرفت‬
‫رجولتهم بما عاش�روه وآكلوه وش�اربوه وعلموا منه وتعلموا ‪ ،‬وما وصفهم به وما‬
‫وحوط به عقولهم وقلوبهم وجوارحهم ‪ ،‬وما أ ّدب به نفوس�هم وذواتهم‬ ‫حصنه�م ّ‬ ‫ّ‬
‫وحظوظه�م حتى ص�ار للصحبة بهم مكانة ‪ ،‬ولها بجليل أعمالهم وصدق اتباعهم‬
‫حصانة وأمانة ‪ ،‬فرضي ال ّٰله عنهم وأرضاهم ‪.‬‬
‫إن الصديق األكبر لم يكن باحث ًا عن مظهر وال مفخر ‪ ،‬وإنما كان مجاهد ًا في ال ّٰله الصديقية الكبرى‬
‫منهج سلوك وليست‬
‫ورسوله منذ الصبا والصغر ‪ ،‬فهو الذي يقول ‪( :‬لقد قالت قريش إن ابن أبي طالب ميزة صراع ومنازعة‬
‫رجل شجاع ‪ ،‬ولكن ال علم له بالحرب ل ّٰله أبوهم ‪ ،‬وهل أحدٌ منهم أشد لها مراس ًا‬
‫ذرفت‬
‫ُ‬ ‫نهضت فيها وما بلغت العش�رين ‪ ،‬وها أنذا قد‬ ‫ُ‬ ‫مني ‪ ،‬وأقدم فيها مقام ًا ‪ ،‬لقد‬
‫على الستين ‪ ،‬ولكن ال رأي لمن ال يطاع)‪.‬‬
‫ظل‬ ‫ولم تس�لبه الح�وادث والوقائع والتحوالت لقبه األفخ�ر وال مقامه األنور ‪ّ ،‬‬
‫وسا َل َم علي ًا ومات علي ًا و ُيبعث علي ًا‬
‫علي ًا وعاش علي ًا وتولى الحكم علي ًا وقاتل علي ًا َ‬
‫وولي ف�ي حياته وبعد مماته ‪ ..‬ولآلخرة‬ ‫ٌّ‬ ‫علي‬
‫‪ ،‬وه�و بي�ن أنداده وإخوانه المؤمنين ٌّ‬

‫‪19‬‬
‫أكبر درجات وأكبر تفضيال‪.‬‬
‫لق�د مألت مناقب الصدي�ق األكبر كتب الحديث والس�يرة والمناقب ‪َ ،‬و َحدَ بها‬ ‫المناقب سخرت‬
‫في بعض تاريخنا‬
‫اإلسالمي إلى مادة العال�م والباح�ث والطال�ب ‪ ،‬وال خالف عل�ى حقيقة ما ورد فيها وم�ا صح منها ‪،‬‬
‫إثارة وتحريش ولكنها ُس ِّخرت في بعض تاريخنا اإلسالمي تسخير ًا غير ذي زرع‪...‬‬
‫وأق�ول ف�ي بع�ض تاريخنا اإلسلامي وخاص�ة التاريخ السياس�ي ألنه ف�ي ذاته‬
‫وموضوع�ه تاري�خ صياغ�ة لألمج�اد ‪ ،‬وتاريخ إش�ادة بأس�ياد ‪ ،‬ولو على حس�اب‬
‫العدال�ة واإلس�ناد ‪ ،‬خالف� ًا لتاري�خ النب�وة وتاري�خ الصديقي�ة وتاري�خ الرجول�ة‬
‫والفحول�ة ‪ ،‬المص�اغ بأيدي وعقول الخلفاء الراش�دين المهديين بعي�د ًا عن النقد‬
‫المسف والقدح المسرف ‪ ،‬والنكاية والسعاية والوشاية‪.‬‬
‫وانتقل التاريخ اإلسلامي الناصع في بعض وجهه السياس�ي من شرف االهتداء‬ ‫مقولة اإلمام عن‬
‫هالك المحب‬
‫والمبغض بالجفاء واالقتداء المش�روع إلى مادة التحريش اإلبليس�ي ومادة المنافسة اآلدمية وصح ما‬
‫مبغض) ‪،‬‬
‫وجاف ٌ‬‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫مف�رط‪،‬‬ ‫محب‬ ‫ِ‬
‫رجالن‪:‬‬ ‫في‬
‫ٌّ‬ ‫قال�ه اإلمام الصدي�ق األكبر ‪َ ( :‬يهلك ّ‬ ‫والغلو‬
‫والرجالن اللذان يش�ير إليهما اإلمام علي هما من أبناء األمة اإلسالمية الواحدة ‪..‬‬
‫حيث يصابان بداء المنافسة فيخلدان بها إلى األرض‪ ،‬ويحشران مادة المناقب في‬
‫وظائ�ف التحريش ‪ ،‬فتصاب أجيال بداء الع�داوة والبغض والجفاء حتى يدخلون‬
‫الغلو واإلفراط في الحب حتى يدخلون بها‬ ‫به�ا النار ‪ ،‬وتصاب أجي�ال أخرى بداء ّ‬
‫النار‪...‬‬
‫وص�دق النب�يى يوم ق�ال ‪« :‬يرث هذا العلم م�ن كل خلف عدول�ه ينفون عنه‬ ‫الفئات المدمرة‬
‫سالمة األرث النبوي‬
‫تحري�ف الغالين وانتحال المبطلين وتأوي�ل الجاهلين»((( ‪ ،‬فالفئات الثالث الغالية‬
‫والجافية والجاهلة هي علة الفساد واإلفساد في كل مرحلة وتاريخ‪.‬‬
‫وه�ي الت�ي خدمت المنهج الش�يطاني ف�ي الحياة اإلنس�انية عموم ًا وف�ي الحياة‬
‫الحرب الطائفية التي اإلسالمية خصوص ًا ‪ ،‬فجعلت من مادة العلم عن الصديق األكبر مادة غلو وإفراط‬
‫بالغلو‬
‫ّ‬ ‫جلب الشيطان بخيله ‪ ،‬وجعل�ت م�ن أصحاب رس�ول ال ّٰلهى م�ادة جف�اء وتفريط ‪ ،‬وبهم�ا أي‪:‬‬
‫ورجله في األمة‬
‫المسلمة‬
‫((( سنن البيهقي الكبرى (‪. )20911‬‬

‫‪20‬‬
‫والجف�اء جلب الش�يطان بخيله ورجله في األمم المس�لمة إلقام�ة حرب ال هوادة‬
‫فيها أهلكت الحرث والنسل ‪ ،‬وال ّٰله ال يحب الفساد‪.‬‬
‫وه�ا نح�ن الي�وم في ه�ذه (المواجه�ة بين طرف�ي الغل�و والجفاء) وق�د تحوال‬
‫إل�ى إعص�ار و ُطوف�ان ‪ ،‬فالتحريش إعصار والمنافس�ة ُطوف�ان ‪ ،‬وخلف اإلعصار‬
‫وال ُطوفان ّ‬
‫دجال وشيطان ‪.‬‬
‫يحجمون إف�راط الغالة وتفريط الجفاة اإلسالم في حاجة‬
‫واإلسلام في حاجة إلى ُعدول وعقالء ِّ‬
‫إلى العدول العقالء‬
‫وجهال�ة الجهلاء ‪ ،‬وينقل�ون العق�ول والقل�وب من حم�أة الص�راع المفتعل إلى‬
‫لينقلوا األمة من‬
‫الصراع إلى االقتداء‬ ‫االقتداء واالهتداء ‪.‬‬
‫واالهتداء‬ ‫فاشتغال الشعوب بالنقائض والنواقض علة من العلل ‪ ،‬وقد كان السلف الصالح‬
‫يش�تغلون بالمحاسن ويشغلون األجيال باإليجابيات أم ً‬
‫ال في بناء منهجية االقتداء‬
‫واالهت�داء وخي�ر ًا فعل�وا ‪ ..‬فالكثير من المجتمعات التي اش�تغلت به�ذا النصيب‬
‫المبارك كانت مجتمعات الس�لم والسالمة وعاشت مصدر ًا لألمن واالطمئنان في‬
‫ذاته�ا وم�ع غيرها ‪ ،‬حتى كان من أدب التربية والس�يرة في منه�ج التعليم المذهبي‬
‫الصوفي شحن عقول وقلوب الناشئة بمحاسن الصحابة وبطوالتهم ومحاسن من‬
‫جاء من بعدهم دون االلتفات إلى المتناقضات واالختالفات ‪ ،‬حتى جاء عهد الغثاء عهد الغثاء ودوره في‬
‫تحول اإليجابيات‬
‫وه�و العهد المذموم ف�ي نصوص الكتاب والس�نة وله مالمح�ه المميزة وعالئمه إلى سلبيات بتوسيد‬
‫ن فيه على اإلسلام وأهل�ه ‪ ،‬وتحولت األمر إلى غير أهله‬ ‫المتمي�زة بالن�ص الش�رعي ‪ ،‬فانقلب المج ّ‬
‫اإليجابيات إلى س�لبيات ‪ ،‬كما تحولت الرذائل إلى فضائل ‪ ،‬وغزا الشيطان بجنده‬
‫أمة القرآن والس�نة بالوس�ائل المتنوعة ‪ ،‬واألبالسة المتقنّعة ‪ ،‬خالل مراحل وأزمنة‬
‫متالحق�ة مصنّع�ة ‪ ،‬وفي هذا األمر لو أردنا بس�ط مجرياته لخرجن�ا عن موضوعنا‬
‫األصلي لتشعب األسباب وكثرة الخلط المتعمد في أمة السنة والكتاب ‪.‬‬
‫ولعلمن�ا اليقين�ي أن بعض الق�راء ال يروق له أن يجد الحق مبس�وط ًا على وجهه العصر عصر مغالبة‬
‫واستغفال‬ ‫الصحيح ‪ ،‬وإن وجده وتحقق من صحته نكص على عقبيه وافترض له افتراضات‬
‫‪ ،‬واعترض عليه باعتراضات‪ ،‬تجعل الصحيح في أعين الغثائيين أقرب إلى القبيح‬
‫‪ ،‬والقبيح أقرب إلى الصحيح ‪ ،‬والعصر عصر مغالبة واس�تغفال ‪ ،‬واستمالة نفوس‬

‫‪21‬‬
‫بالس�لطان والمال ‪ ،‬واالندفاع واالس�تعجال ‪ ،‬وليس لنا أم�ام هذه التغيرات إال أن‬
‫ن�ردد م�ا قال�ه ربن�ا ذو الجلال ‪( :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ﭸ) [البقرة ‪.]156 :‬‬
‫إن رغبتن�ا ف�ي ترجمة اإلمام علي ‪ v‬واختيارنا لمس�مى الصديق األكبر إنما‬ ‫هدفنا من ترجمة‬
‫الصديق األكبر‬
‫هو رغب ٌة في إحياء ما مات وترميم ما ت ََهدّ م واندثر ‪ ،‬من شرف العالقة الشرعية التي‬
‫كان�ت ألف�ة ومح ّبة في مرحلة السلامة بين أصحاب رس�ول ال ّٰل�ه ى ‪ ،‬وتحولت‬
‫حس� ًا ومعنى إلى اس�تقباح ومنكر ‪ ،‬وسنشير‬
‫في عقول بعض المتأخرين من الجيل ّ‬
‫إلى الس�بب األصلي الذي أدى إلى هذه الحالة المستفحلة في بعض الكتل وجيل‬
‫اإلعالم المستغفل‪.‬‬
‫إن�ه االنقالب الفكري المبرمج منذ حصول الموعودات النبوية التي تحدث عن‬ ‫االنقالب الفكري‬
‫المبرمج وعالقته‬
‫بموعودات النبوة وقوعها سيد البرية ى ‪ ،‬وبدراستها دراسة واعية ندرك حجم الشذوذ الذي تحول‬
‫باألس�باب إل�ى قاعدة فصرنا نس�مع ونرى م�ا ال يؤلف وال يعرف‪ .‬ونقرأ ونش�هد‬
‫ما نس�تقبحه ش�رع ًا وعق ً‬
‫ال عند ذوي العقول الس�ليمة ‪ ،‬بينما يراه أولئك وكأنه حق‬
‫وصدق ‪ ،‬وأستشعر في نفسي وجوب اإلفصاح الذي ال بد من إبرازه وإظهاره لمن‬
‫أراد ال ّٰله له السالمة والحفظ من الفتن ومضالتها‪.‬‬
‫فالفتن ومضالتها كانت على عهد الصديق األكبر بارزة في تيار الخوارج وعناصر‬ ‫الفتن ومضالتها عبر‬
‫التاريخ من النشأة إلى‬
‫النف�اق ‪ ،‬وف�ي تلكم المرحلة برزت بذور ثقافة الحق�د والكراهية ضد أئمة الهدى‬ ‫االمتداد‬
‫من اآلل واألصحاب ‪ ،‬وعمل الش�يطان ما اس�تطاع بخيله ورجله كي يبذر سياس�ة‬
‫الفرقة بين المفهومين الش�رعيين (اآلل واألصحاب) كما فعل من قبل في محاولة‬
‫بذر الفرقة بين المهاجرين واألنصار ليحقق بذلك ثقافة التجزئة والتفرقة‪..‬‬
‫وثقافة التجزئة عمل ش�يطاني دجالي ينس�ف األبني�ة المتكاملة ‪ ،‬ويفرق الوحدة‬
‫ثقافة التجزئة والتفرقة المتضامنة تعرف في عصرنا بسياس�ة (فرق تس�د) ‪ ،‬وس�واء كان الش�عار جديد ًا أو‬
‫كان تليد ًا فهو من شعارات المدرسة اإلبليسية الهاتكة ‪ ،‬يفسد به العالقات ويفكك‬ ‫ثقافة شيطانية‬

‫به الجماعات ‪ ،‬وينخر به في وحدة المؤمنين ‪ ،‬ويشوه به سمعة الصلحاء المتقين ‪،‬‬
‫ويبث من خالله فتنة اإلشاعة المحرقة خيمة األلفة بين المسلمين‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ودراس�تنا الواعية من خالل (الثوابت اإلسلامية) المجتمعة في فقه التحوالت دراسة فقه التحوالت‬
‫لكشف أهمية الثقافة‬
‫الخاص بعلم عالمات الس�اعة وما يترتب على العلم بها من ثقافة ش�رعية إسالمية‬
‫الشرعية الواعية‬
‫واعية ‪ ..‬نتعرف يقين ًا على شرف اآلل واألصحاب ‪ ،‬وشرف المهاجرين واألنصار‬
‫‪ ،‬ووحدة منهجيتهم الشرعية في عصر النبوة ‪ ،‬ووحدة رؤيتهم االجتهادية في عصر‬
‫األب�وة ‪ ،‬وأن مواقفه�م الثابت�ة هي إحدى س�نن الخلفاء التي ُيهت�دى بها ويقتدى ‪،‬‬
‫ّ‬
‫وخصوص� ًا أولئ�ك الذي�ن تجمعه�م وح�دة المناق�ب الممي�زة مناقب ال�ذوات ‪،‬‬
‫صحت عن رسول ال ّٰله ى ال غير ذلك‪.‬‬ ‫ومناقب المرحلة ‪ ،‬ومناقب االنتماء كما ّ‬
‫ال هام ًا في دراس�تنا لألئمة الخلفاء لم يهتم ب�ه الباحثون والكاتبون التوثيق الخاص‬
‫إن هن�ا مفص ً‬
‫بمرحلة الرسالة في‬
‫في غالب كتاباتهم ‪ ...‬إنه موضوع (التوثيق الخاص بمرحلة الرس�الة) وأن أساس حصانة الذوات‬
‫التراج�م ومصدر األح�كام واالحتكام في هذه النماذج ال يرتب�ط بفهمنا وال بفهم‬
‫معاصريهم المرتبطين بمجريات األحوال واألحداث ‪ ،‬ولكن الفقه المتكون عنهم‬
‫المحصن لذواتهم كان بش�هادات النبي ى لهم في حياتهم معه ‪ ،‬وما كان‬ ‫ّ‬ ‫والفق�ه‬
‫من أثر الوحي الرباني الذي ميز ال ّٰله به الخبيث من الطيب ‪ ،‬إضافة إلى كون غالب القوادح ناشئة في‬
‫مرحلة الصراع‬
‫السياسي كثمرة‬ ‫القوادح ال عالقة لها بمرحلة الرسالة ‪ ،‬ألنها مرحلة الحصانة المصانة ‪ ،‬أما القوادح‬
‫للضعف البشري‬ ‫فإنم�ا ج�اءت ثمرة االختالف الطبعي والصراع االجتماع�ي فيما بعد ذلك ‪ ،‬وهذه‬
‫ال تقدح في العدالة ‪ ،‬وإنما هي تأكيد لضعف البش�رية وآثار المسببات لثورة الطبع‬
‫‪ ،‬كم�ا أنها ال تمنع عن المناصحة أو المعاتبة أو المش�اورة فيما بينهم فيما اختلفوا‬
‫علي�ه أو م�ا أرادوا االتفاق حوله ‪ ،‬وعلينا أن نش�هد هذه الخصوصي�ة وال نقع فيما‬
‫وق�ع فيه بع�ض الباحثين القارئين طب�اع ومواقف الصحابة وأمه�ات المؤمنين بما‬
‫نحن نعيش�ه ونمارسه من غلبة النفوس وهيمنة الهوى(((‪ .‬تحت قاعدة ال أصل لها‬

‫((( كت�ب في هذا المضم�ار أحدهم في ترجمة لإلمام علي ‪v‬مش�ير ًا إلى موقفه من عثمان‬
‫وما جرى بعد خالفته ‪( :‬هذه عداوة قديمة النس�ب بين عبد ش�مس ‪ ،‬وبين بني هاش�م ‪ ،‬ثم‬
‫أن رس�ول ال ّٰله﵀ زوج علي ًا بابنته ‪ ،‬وزوج عثمان بابنته األخرى ‪ ،‬وكان اختصاص رسول‬
‫ال ّٰل�ه ﵀ لفاطمة أكثر م�ن اختصاصه للبنت األخرى ‪ ،‬واختصاصه أيض ًا لعلي وزيادة قربه‬
‫منه وامتزاجه به واس�تخالصه إياه لنفس�ه أكثر وأعظم من اختصاصه لعثمانؤ ‪ ،‬فنفس‬

‫‪23‬‬
‫في هذا المعنى وهو أنهم ليسوا أهل عصمة ‪ ،‬ويجري عليهم ما يجري على غيرهم‬
‫‪ ..‬فهذه كلمة حق في ذاتها ولكنها كما يبدو أريد بها باطل‪.‬‬
‫والباط�ل المراد هو اس�تباحة أع�راض الصحابة وأمهات المؤمني�ن ‪ ،‬ولهذا فإن‬ ‫الفهم الواعي‬
‫للحصانات يتبين‬
‫َف ْه َمنَا الواعي لمفهوم الحصانات المشار إليها سلف ًا تبين لنا فوارق النظر لمجريات‬ ‫فوارق النظر‬
‫لمجريات السلوك الس�لوك وغلبة أمر الطباع ‪ ،‬حتى بين مراتب الصحابة أنفس�هم واختالف خبرتهم‬
‫التفصيلية حسب السابقة لإلسالم ‪ ،‬أوما يتميز به بعضهم من خصوصية دون غيره‬
‫‪ ..‬وهذا فقه هام في ش�رح أحوال اآلل وصحابة رسول ال ّٰله ى وأمهات المؤمنين‬
‫وحتى بعض التابعين وتابع التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ‪ ،‬وفق شروط‬
‫خاص�ة وضوابط ش�رعية ربم�ا اتضحت أبعادها بدراس�ة فقه التح�والت أكثر من‬
‫الدراسة المعتادة ألي فقه آخر‪.‬‬

‫عثم�ان ذل�ك عليه فتباعد ما بين قلبيهما ‪ ،‬وزاد في التباعد ما عس�اه يك�ون بين األختين من‬
‫مباغض�ة ‪ ،‬أو مش�اجرة ‪ ،‬أو كالم ينق�ل من أحدهم�ا إلى األخرى فيتكدر قلبه�ا على أختها‬
‫ويكون ذلك التكدير س�ببا لتكدير ما بين البعلين أيض ًا ‪ ،‬كما نش�اهده في عصرنا وفي غيره‬
‫م�ن األعص�ار‪ .‬راج�ع ص ‪ 60‬عن(اإلم�ام عل�ي رابع الخلف�اء الراش�دين ‪ ،‬ط دار الكتب‬
‫العلمية بيروت لبنان‪.‬‬
‫الح�ظ آخ�ر مقولت�ه ‪( :‬كما نش�اهده ف�ي عصرنا وف�ي غيره م�ن األعصار)‪ :‬فه�ل يقاس‬
‫موق�ف وس�لوك وطب�اع أصحاب رس�ول ال ّٰله﵀ بما نش�اهده م�ن طباع أه�ل عصرنا أو‬
‫غي�ره من األعص�ار؟ قال تعال�ى ‪( :‬ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ) ُّ‬
‫[الز َمر ‪ ]9 :‬إن‬
‫ه�ذا الوصف ج�راءة من الكاتب ال يليق بأمان�ة العلم عموم ًا وال بخدم�ة مواقف الصحابة‬
‫خصوص ًا ‪ ،‬بل إنها علة من علل الطبع البشري المتأثر بثقافة المراحل ‪ ،‬ونظرة معرفية أقرب‬
‫ما تكون إلى الرؤى العلمانية المجردة ولألسف ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫ن‬
‫��ك�� ��‬
‫���ما� ذ� ج� ��م�� ن�ع��ل� �م�ت���ة ا � �ل ما� ��م�ه ‪ ..‬ا �ل���ص� ��د���ق����ة ا �ل‬
‫ي ي برى‬ ‫ر إ‬ ‫� �م ب‬
‫قال اإلمام علي كرم الله وجهه‪ :‬ال يصدر عن القلب السليم إال المعنى المستقيم‬
‫‪ ،‬وإذا أحب الله سبحانه عبدا رزقه قلبا سليما وخلقا قويما ‪.‬‬
‫وق�د اجتمع م�ن مقوالت اإلمام علي رض�ي الله وحكمته الش�يء الكثير الكثير‬
‫وكأني بها مدرس�ة الصديقية الكب�رى بعينها ‪..‬يكفي لقارئه�ا ومتدبرها أن يجعلها‬
‫منهجه ومنهج من يليه من أبنائه وأهله وذويه ‪ ..‬ومن يعنيه أمرهم في زمنه وعصره‬
‫‪ ..‬من أحبابه ومحبيه ‪..‬‬
‫وهذه أمثلة متنوعة من هذه المدرسة األبوية النبوية ‪..‬‬

‫وعالئِ ُم ُه‬
‫آثار ُه َ‬
‫يم ُ‬ ‫الس ِل ُ‬
‫ال َق ْل ُب َّ‬
‫ِ‬ ‫ب ِ‬
‫يم‪.‬‬ ‫الم ْستَق َ‬ ‫الم ْعنَى ُ‬ ‫السلي ِم إال َ‬ ‫كرم الله وجهه‪ :‬ال َي ْصدُ ُر عن ال َق ْل ِ َّ‬ ‫قال َّ‬ ‫َ‬
‫وخ ُلق ًا َق ِويم ًا‪.‬‬ ‫ب الل ُه ُس ْب َحا َن ُه َع ْبد ًا َر َز َق ُه َق ْلب ًا َس ِليم ًا ُ‬ ‫كرم الله وجهه‪ :‬إذا َأ َح َّ‬ ‫وقال َّ‬ ‫َ‬
‫س�ان إليهم‪ ،‬وال‬ ‫واإل ْح َ‬ ‫َّاس ِ‬ ‫الر ْح َم َة لِ َج ِمي ِع الن ِ‬ ‫ِ‬
‫كرم الله وجهه‪َ :‬أ ْش�عر َق ْل َب َك َّ‬ ‫وقال َّ‬ ‫َ‬
‫َتنَ ْل ُهم َحي َف ًا وال َتكُن َع َل ِيهم َس ْيف ًا‪.‬‬
‫ين‪،‬‬ ‫�و ِه بال َي ِق ِ‬ ‫ْ�ه َّ ِ‬
‫بالزها َدة‪ ،‬و َق ِّ‬
‫�ة‪ ،‬و َأ ِمت ِ‬ ‫وع َظ ِ‬‫�ي َق ْلب َك بِالم ِ‬
‫َ‬ ‫كرم الل�ه وجهه‪َ :‬أ ْح ِ َ‬ ‫وق�ال َّ‬ ‫َ‬
‫َاء ‪ ،‬و َب ِّص ْر ُه َف َج ِائ َع الدُّ نيا‪.‬‬ ‫الموت‪ ،‬و َقرره بِال َفن ِ‬ ‫ِ‬ ‫و َذ ِّلـ ْل ُه بِ ِذك ِْر‬
‫ِّ ْ ُ‬
‫يكون ُم ْبتَدَ ُأ َع َم ِل ِه َأ ْن َينْ ُظ َر‬
‫ُ‬ ‫ب ال َع ِام َل بِال َب َص ِر‬ ‫إن النَّاظِ َر بِال َق ْل ِ‬ ‫كرم الله وجهه‪َّ :‬‬ ‫وقال َّ‬ ‫َ‬
‫ف عنه‪.‬‬ ‫كان ِ‬
‫عليه َو َق َ‬ ‫كان له َم َضى فيه‪ ،‬وإِ ْن َ‬ ‫عليه َأ ْم له؟ ‪َ ،‬فإِ ْن َ‬ ‫َعم َله ِ‬
‫َ ُ‬
‫ِ‬
‫وسل َم من الغ ِّش َق ْل ُب ُه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كرم الله وجهه‪ُ :‬طو َبى لمن َخال من الغ ِّل َصدْ ُر ُه َ‬ ‫وقال َّ‬ ‫َ‬
‫اضع َن َظ ِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الله ُس� ْب َحا َن ُه‪َ ،‬ف َم ْن َط َّه َر‬ ‫وب الع َباد ال َّطاه َر ُة َم َو ُ‬ ‫كرم الله وجهه‪ُ :‬ق ُل ُ‬ ‫وقال َّ‬ ‫َ‬
‫َق ْلبه َن َظر ِ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫َُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إن لله في األَ ْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كرم الله وجهه في ت َْمثيله لل ُق ُل ِ‬
‫وب‪،‬‬ ‫ض آن َي ًة‪ ،‬أال َوه َي ال ُق ُل ُ‬ ‫وب‪َّ :‬‬ ‫قال َّ‬ ‫َ‬
‫ين ‪ ،‬و َأ ْص َل ُبها‬ ‫فقال‪َ :‬أ ْص َفاها في ال َي ِق ِ‬ ‫اها ‪ ،‬و َأ ْص َل ُبها و َأ َر ُّقها‪ُ ،‬ث َّم َف َّس َر َذلِ َك َ‬ ‫َف َخ ْي ُرها َأ ْص َف َ‬
‫الم ْؤ ِمنِي َن‪.‬‬ ‫ين‪ ،‬و َأ َر ُّقها على ُ‬ ‫في الدِّ ِ‬

‫‪25‬‬
‫الخالِ َي ِة‪ ،‬ما‬
‫ض َ‬ ‫ث كَاألَ ْر ِ‬ ‫�ن‪ :‬وإنَّما َق ْلب الح�دَ ِ‬
‫ُ َ‬ ‫الح َس ِ َ‬
‫ِ ِِ‬
‫ك�رم الله وجهه لن َْجله َ‬ ‫َ‬
‫وق�ال َّ‬
‫ب َق ْب َل َأ ْن َي ْق ُسو َق ْل ُب َك و َي ْشت َِغ َل ُل ُّب َك‪.‬‬
‫ُك بِاألَ َد ِ‬ ‫ُألقي فيها ِمن َش ٍ‬
‫يء َقبِ َل ْت ُه ‪َ ،‬ف َبا َد ْرت َ‬

‫الم ْذ ُم ُ‬
‫وم‬ ‫ال َق ْل ُب َ‬
‫وب‪.‬‬ ‫ون ال َينْ َف ُع مع َغ ْف َل ِة ال ُق ُل ِ‬ ‫كرم الله وجهه‪ :‬اِنْتِ َبا ُه ال ُع ُي ِ‬ ‫قال َّ‬ ‫َ‬
‫أل ُه ِمن فِت َِن الدُّ نْيا‪.‬‬
‫ب من ال َّت ْق َوى َي ْم ُ‬ ‫كرم الله وجهه‪ُ :‬خ ُل ُّو ال َق ْل ِ‬ ‫وقال َّ‬ ‫َ‬
‫اك في إِيمانِ ِه‪.‬‬ ‫الش ُّ‬
‫وب َّ‬ ‫كرم الله وجهه‪َ :‬ش َّر ال ُق ُل ِ‬ ‫وقال َّ‬ ‫َ‬
‫ب َخ ِ‬ ‫الج َسدُ و ُطو ُل ُه ال َي ْن َف ُع إذا َ‬ ‫ِ‬
‫اوي ًا‪.‬‬ ‫كان ال َق ْل ُ‬ ‫كرم الله وجهه‪ :‬ع َظ ُم َ‬ ‫وقال َّ‬ ‫َ‬
‫مات َق ْل ُب ُه َد َخ َل الن ََّار‪.‬‬ ‫كرم الله وجهه‪َ :‬من َ‬ ‫وقال َّ‬ ‫َ‬

‫َأ َه ِّم َّي ُة الن َِّّي ِة‬


‫ف نِ َّي َت ُه لم‬
‫الس ِامعِ‪ ،‬وإذا َخا َل َ‬ ‫الم َت َك ِّل ِم َقبِ َل ُه َّ‬
‫ِ‬
‫كرم الله وجهه‪ :‬إذا طا َب َق الكَال ُم ن َّي َة ُ‬ ‫قال َّ‬ ‫َ‬
‫وق ُع ُه من َق ْلبِ ِه‪.‬‬
‫يحسن م ِ‬
‫َ ْ ُ ْ َ‬
‫الله ال َعطِ َّي ِة‪.‬‬
‫ُون ِمن ِ‬ ‫كرم الله وجهه‪ :‬على َقدْ ِر النِّ َّي ِة َتك ُ‬ ‫وقال َّ‬ ‫َ‬
‫ان ِص َّح ِة ال َب َصائِ ِر‪.‬‬ ‫الس َرائِ ِر ُب ْر َه ُ‬
‫الح َّ‬ ‫كرم الله وجهه‪َ :‬ص ُ‬ ‫وقال َّ‬ ‫َ‬

‫وء الن َِّّي ِة وآ َث ُار َها‬


‫ُس ُ‬
‫ت ال َبلِ َّي ُة‪.‬‬‫ت النِّي ُة و َقع ِ‬
‫َّ َ َ‬
‫قال كرم الله وجهه‪ :‬إذا فسدَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫اد النِّ َّي ِة ت َْرت َِف ُع ال َب َر َك ُة‪.‬‬
‫وقال كرم الله وجهه‪ِ :‬عنْدَ َفس ِ‬
‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫ين‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫وء ال ِّن َّية َد ٌاء َدف ٌ‬ ‫كرم الله وجهه‪ُ :‬س ُ‬ ‫وقال َّ‬
‫ات لم ي ْظ َفر بِالم ُثوب ِ‬
‫وقال كرم الله وجهه‪ :‬من لم يقدِّ م إِ ْخالص النِّي ِة في ال َّطاع ِ‬
‫ات‪.‬‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ ْ‬ ‫َ َّ‬
‫ال َّن ِص َ‬
‫يح ُة‬
‫يح ِة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يح َة َأم َن من ال َفض َ‬
‫ِ‬
‫كرم الله وجهه‪َ :‬م ْن َقبِ َل النَّص َ‬ ‫قال َّ‬
‫كرم الله وجهه‪َ :‬من َأ ْق َب َل على الن َِّصيحِ ‪َ ،‬أ ْع َر َض َع ِن ال َقبِيحِ ‪.‬‬ ‫وقال َّ‬
‫يح� َة ِم َّم ْن ن ََص َحكُ�م‪ ،‬و َت َل َّقوها‬ ‫ِ‬
‫َّاس ا ْق َب ُل�وا النَّص َ‬
‫ك�رم الله وجهه‪ :‬يا أ ُّيه�ا الن ُ‬ ‫وق�ال َّ‬
‫ِ‬
‫�ن َح َم َلها إِ َل ْيكُ�م‪ ،‬وا ْع َل ُم�وا َأ َّن الل َه ُس� ْب َحا َن ُه لم َي ْمدَ ْح م�ن ال ُق ُل ِ‬ ‫ِ‬
‫وب إال‬ ‫مم ْ‬ ‫بِال َّطا َع�ة َّ‬

‫‪26‬‬
‫الج َها َد األَ ْك َب َر‬ ‫أن ِ‬ ‫حكْم ِة‪ِ ،‬‬ ‫َأوع ِ ِ‬
‫الح ِّق إِ َجا َب ًة ‪ ،‬واع َل ُموا َّ‬ ‫َّاس َأ ْس َر َع ُهم إلى َ‬ ‫وم َن الن ِ‬ ‫اها ل ْل َ‬ ‫ْ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِج َها ُد النَّ ْف ِ‬
‫يل ت َْس َل ُموا‪،‬‬ ‫وار ُف ُضوا ال َق َال والق َ‬ ‫اش�تَغ ُلوا بِج َهاد َأ ْن ُفس�كُم ت َْس� َعدُ وا‪ْ ،‬‬ ‫س‪َ ،‬ف ْ‬
‫الم ِقيمِ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأكْث ُروا ذك َْر الله َت ْغن َُموا‪ ،‬وكُونُوا عبا َد الله إِ ْخوانَا ت َْس َعدُ وا لديه بِالنَّعي ِم ُ‬
‫ِ‬ ‫َ ِ ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫حين‪ ،‬وال ي ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين‪.‬‬
‫ون النَّاصح َ‬ ‫ح ُّب َ‬ ‫ُ‬ ‫كرم الله وجهه‪ :‬ال َخ َير في َق ْو ٍم َل ْي ُسوا بِنَاص َ‬ ‫وقال َّ‬
‫ِ‬
‫ث ُي َض ُّار‬ ‫�ن َح ْي ُ‬ ‫�ك((( ‪َ ،‬فإِ ْن َد َخ َل م ْ‬ ‫الم َتن َِّصحِ إِ َل ْي َ‬
‫ك�رم الله وجه�ه ‪ُ :‬ا ْن ُظر إلى ُ‬ ‫وق�ال َّ‬
‫والصال َُح َفا ْق َب ْل َها‬ ‫حيث ال َع�دْ ُل َّ‬ ‫دخل ِم ْن ُ‬ ‫وإن َ‬ ‫يحتَه وت ََح َّر ْز من ُه‪ْ ،‬‬ ‫�ل نَص َ‬
‫ال تقب ْ ِ‬
‫َّ�اس ف َ َ‬ ‫الن ُ‬
‫ِمنْ ُه(((‪.‬‬
‫كرم الله وجهه‪:‬‬ ‫ومن ِ ِ‬
‫شعره َّ‬
‫���آ َد هِاب���ا‬ ‫���اش بِ َ‬ ‫َ��ري��ب�� ًا َف���ع رِ‬ ‫غ ِ‬ ‫ْ��ت يف َب�� ْل��دَ ٍة‬ ‫�ين إِ َذا كُ��ن َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫��س ٌ‬ ‫ُح َ‬
‫��اب��ا‬ ‫��أ ْل�� َب هِ‬ ‫��ي��ل بِ َ‬ ‫ٍ‬ ‫��ل َق��بِ‬
‫َف��� ُك� ُّ‬ ‫وال َت � ْف��خَ � َ�ر ْن َب ْين َُهم بِالن َُّهى‬
‫����ور َل�� ُف�� ْزنَ��ا هِبا‬ ‫ِ‬ ‫���ذي األُ ُم�‬‫هِب� ِ‬ ‫�ب‬ ‫��ن َأ يِب َط��الِ� ٍ‬ ‫�م� َ‬‫و َل���و ع� ِ‬
‫َ‬ ‫�ل ا ْب� ُ‬ ‫َ ْ َ‬
‫��اب��ا‬‫��أنْ�� َي هِ‬ ‫�ه��م بِ َ‬ ‫���ر َق فِ��ي� ِ‬
‫���أ ْخ َ‬ ‫َف َ‬ ‫إل َل ِ‬
‫���ه‬ ‫و َل��ك��نَّ�� ُه ا ْع��تَ��ا َم َأ ْم� َ‬
‫���ر ا ِ‬ ‫ِ‬
‫���ن َطاهبا‬ ‫��اك َم ْ‬ ‫ُي��نِ��ي� ُل��ك ُد ْن���ي� َ‬ ‫��ذي‬ ‫��ة بِ��ا َّل ِ‬
‫��ذي���ر َك ِم��ن ثِ�� َق ٍ‬
‫ُ‬
‫ع� ِ‬
‫َ‬
‫���اب���ا‬ ‫��ر َّن لأِ َ ْو َص هِ‬ ‫��ج َ‬ ‫َ��ض َ‬ ‫وال ت ْ‬ ‫َاره������ا‬ ‫���ن لأِ َوز ِ‬‫���ر َح َّ‬ ‫َف�ل�ا مَت ْ َ‬
‫َّ��اب��ا‬‫��ي ُرغ هِ‬ ‫وال تَ�� ْب��تَ�� ِغ َس�� ْع َ‬ ‫يح‬ ‫س ك َْي ت َْس رَ ِت َ‬ ‫س ال َغدَ بِاألَ ْم ِ‬ ‫ِق ِ‬

‫المؤْ ِم ِن‬
‫ِص َف ُة ُ‬
‫وح ْز ُن ُه في َق ْلبِ ِه ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ش�ر ُه في َو ْج ِهه‪ُ ،‬‬ ‫الم ْؤم ُن بِ ُ‬
‫ِ‬
‫المؤم ِن‪ُ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫كرم الله وجهه في ص َفة ُ‬ ‫قال َّ‬‫َ‬
‫ٍ‬ ‫شيء َصدْ ر ًا ‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫ويل غ َُّم ُه ‪،‬‬‫الس ْم َع َة ‪َ ،‬ط ٌ‬ ‫وأ َذ ُّل شيء َن ْفس� ًا ‪َ ،‬يك َْر ُه ِّ‬
‫الر ْف َع َة ‪ ،‬و َي ْشن َُؤ ُّ‬ ‫َأ ْو َس ُ‬
‫�ع‬
‫ين بِخَ َّلتِ ِه‬ ‫ُول وق ُته‪َ ،‬شكُور صبور ‪ ،‬مغْم ِ ِ ِ ِ‬
‫ور بِفك َْرته‪َ ،‬ضن ٌ‬ ‫ٌ َ ُ ٌ َ ُ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫هم ُه ‪ ،‬كَثِ ٌير َص ْم ُت ُه‪َ ،‬م ْشغ ٌ‬‫َبعيدٌ ُّ‬
‫ِ‬
‫أذل من ال َع ْب ِد‪.‬‬
‫الص ْل ِد ‪َ ،‬و ُه َو ُّ‬ ‫ب م َن َّ‬
‫يكة ‪َ ،‬ن ْفسه َأص َل ِ‬
‫ُ ُ ْ ُ‬
‫‪ ،‬سه ُل الخَ لِي َق ِة ‪َ ،‬لين الع ِر ِ‬
‫ِّ ُ َ‬ ‫َ ْ‬

‫المتنص ُح ‪ :‬المتشبه بالنصحاء ‪.‬‬


‫ِّ‬ ‫(((‬
‫((( الضمير يعود على النصيحة ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫َاف ِق َ‬
‫ين‬ ‫المن ِ‬
‫ِص َف ُة ُ‬
‫وأ َح ِّذ ُركُم‬ ‫الله بِ َت ْقوى ِ‬
‫الله‪ُ ،‬‬ ‫وصيكُم ِعباد ِ‬ ‫قال كرم الله وجهه في ِص َف ِة المنَافِ ِقين‪ُ :‬أ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬
‫ُ�ون َأ ْلوان� ًا‪،‬‬ ‫�ون‪َ ،‬ي َت َل َّون َ‬‫الم ِز ُّل َ‬ ‫�ون ُ‬ ‫�ون‪ ،‬والزَّا ُّل َ‬ ‫الم ِض ُّل َ‬ ‫�ون ُ‬ ‫الضا ُّل َ‬ ‫�م َّ‬ ‫�اق‪َ ،‬فإِن َُّه ُ‬‫�ل النِّ َف ِ‬ ‫َأ ْه َ‬
‫اد‪ُ ،‬ق ُلو ُب ُهم َد ِو َّي ٌة‪،‬‬ ‫ماد‪ ،‬ويرصدُ و َنكُم بِ�ك ُِّل ِمرص ٍ‬ ‫ُّ�ون ا ْفتِنَانَ� ًا‪ ،‬ويعمدُ و َنكُم بِك ُِّل ِع ٍ‬ ‫َي ْف َتن َ‬
‫ْ َ‬ ‫َْ ُ‬ ‫ََْ‬
‫ِ‬ ‫اح ُه�م ن َِق َّي ٌة‪َ ،‬ي ْم ُش َ‬ ‫ِ‬
‫اء‪،‬‬‫الض َّر َاء‪َ ،‬و ْص ُف ُهم َد َو ٌاء‪ ،‬و َقو ُل ُهم ش� َف ٌ‬ ‫ون َّ‬ ‫�ون الخَ َف َ‬
‫اء‪ ،‬و َيدُ ُّب َ‬ ‫وص َف ُ‬
‫اء‪ ،‬لهم‬ ‫الء(((‪ ،‬وم َقنِّ ُط�و الرج ِ‬ ‫�اء(((‪ ،‬وموكِّدُ و الب ِ‬ ‫وفِع ُله�م الدَّ اء العياء‪ ،‬حس�دَ ُة الر َخ ِ‬
‫َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ ََ ُ َ َ‬ ‫ْ ُ‬
‫ِ‬ ‫يق ص ِريع‪ ،‬وإلى ك ُِّل َق ْل ٍ ِ‬
‫َاء‪،‬‬‫ون ال َّثن َ‬ ‫�وع‪َ ،‬ي َت َق َار ُض َ‬ ‫�ج ٍو ُد ُم ٌ‬ ‫يع‪ ،‬ولك ُِّل َش ْ‬ ‫ب َش�ف ٌ‬ ‫بِ�ك ُِّل َط ِر ٍ َ ٌ‬
‫وإن َحك َُموا َأ ْس َ�ر ُفوا‪ ،‬قد‬ ‫وإن َع َذ ُلوا ك ََش� ُفوا‪ْ ،‬‬ ‫�أ ُلوا َأ ْل َح ُفوا‪ْ ،‬‬ ‫إن َس َ‬ ‫َاء‪ْ ،‬‬ ‫الجز َ‬‫ون َ‬‫و َيت ََرا َق ُب َ‬
‫�ق باطِالً‪ ،‬ولِك ُِّل َقائِ� ٍم مائِالً‪ ،‬ولِك ُِّل ح�ي َقاتِالً‪ ،‬ولِك ُِّل ب ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫َاح ًا‪،‬‬‫�اب م ْفت َ‬ ‫َ‬ ‫َ ٍّ‬ ‫َ‬ ‫َأ َع�دُّ وا لك ُِّل َح ٍّ َ‬
‫�وا َق ُهم‪ ،‬و ُين ِْف ُقوا‬ ‫يموا بِه َأ ْس َ‬
‫ِ‬ ‫�أ ِ ِ ِ‬
‫س ل ُيق ُ‬ ‫ون إل�ى ال َّط َم ِع بال َي ْ‬ ‫اح� ًا‪َ ،‬يت ََو َّص ُل َ‬ ‫ولِ�ك ُِّل َل ٍ ِ‬
‫يل م ْص َب َ‬
‫وأ ْض َل ُعوا‬ ‫ن�وا ال َّط ِر َيق‪َ ،‬‬ ‫ون‪ ،‬قد َه َّو ُ‬ ‫ون َف ُي َم ِّو ُه َ‬‫ون‪ ،‬و َي ِص ُف َ‬ ‫ون َف ُي َش� ِّب ُه َ‬‫ب�ه َأ ْعال َق ُهم‪ ،‬يقو ُل َ‬
‫ان‪ ،‬ﮋ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ‬ ‫ِّي�ر ِ‬ ‫وحم� ُة الن َ‬ ‫�يطان‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫لم� ُة َّ‬
‫الش‬ ‫ي�ق‪َ ،‬ف ُه� ٍم َّ‬ ‫الم ِض َ‬ ‫َ‬
‫ﰆﰇﰈﰉﮊ‪.‬‬

‫الدُّ ْن َيا‬
‫�اب‪ ،‬وفي َح َر ِامها‬ ‫ِ ِ‬
‫َاء‪ ،‬في َحاللها ح َس ٌ‬
‫ِ‬
‫َاء‪ ،‬وآخ ُرها َفن ٌ‬ ‫كرم الله وجهه‪َّ :‬أو ُلها َعن ٌ‬ ‫قال َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم ِن ْاس َت ْغنَى فيها ُفت َن‪َ ،‬‬
‫ومن ا ْف َت َق َر‬ ‫ومن َم ِر َض فيها نَد َم‪َ ،‬‬ ‫اب‪َ ،‬من َص َّح فيها َأم َن ‪َ ،‬‬ ‫ع َق ٌ‬
‫وم ْن َأ ْب َص َر‬
‫وم ْن َن َظ َر إِ َل ْيها َأ ْع َم ْت ُه‪َ ،‬‬
‫ومن َق َعدَ عنها َأ َت ْت ُه‪َ ،‬‬ ‫فيها َح ِز َن‪َ ،‬‬
‫وم ْن َسا َعاها َفا َت ْت ُه‪َ ،‬‬
‫بها َب َّص َر ْت ُه‪.‬‬
‫�خ ُط‬‫ُرضي إِحداهما تُس ِ‬ ‫َان‪َ ،‬فبِ َقدْ ِر ما ت ِ‬ ‫ِ‬
‫واآلخ َر ُة َض َّرت ِ‬ ‫كرم الله وجهه ‪ :‬الدُّ نيا‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫وقال َّ‬
‫األُ ْخرى‪.‬‬
‫ت‪ :‬يا‬ ‫�ن ِزينَتِها‪ُ ،‬ث َّم قا َل ْ‬
‫َت الدُّ نْيا بِ َأ ْح َس ِ‬‫كان يوم القيام ِة َأت ِ‬
‫َ‬ ‫كرم الله وجهه‪ :‬إذا َ َ‬ ‫وقال َّ‬ ‫َ‬
‫ْت َأ ْه َو ُن ِم ْن‬‫�يء فَلأَ َن ِ‬
‫وجل‪ :‬اِ ْذهبِي بِال َش ٍ‬
‫َ‬ ‫ول الل ُه ع َّز َّ‬ ‫ك‪َ ،‬ف َي ُق ُ‬‫ض َأولِيائِ َ‬
‫َر ُّب َه ْبنِ�ي لِ َب ْع ِ‬

‫((( أي ‪ :‬يحسدون كل النعم‪.‬‬


‫((( أي‪ :‬إذا وقع واحد من الناس في البالء أكدوه عليه بالسعايات وإغراء السلطان عليه‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫وب الخَ لِ ُق‪.‬‬ ‫ض َأ ْوليائي‪ ،‬ف ُت ْط َوى كَما ُي ْط َوى ال َّث ُ‬
‫ك لِبع ِ ِ ِ‬
‫َأ ْن َأ َه َب َ ْ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫وس‪،‬‬ ‫وم ْل ُب ٌ‬ ‫وب‪َ ،‬‬ ‫وم ْش ُ�ر ٌ‬ ‫�ياء‪َ :‬م ْط ُع�و ٌم‪َ ،‬‬ ‫كرم الل�ه وجهه‪ :‬إِنَّما الدُّ نيا س� َّت ُة َأ ْش َ‬ ‫وق�ال َّ‬ ‫َ‬
‫ف الم ْطعوم ِ‬
‫باب‪،‬‬ ‫�و َم ْذ َق ُة ُذ ٍ‬ ‫�ل َو ُه َ‬ ‫ات‪ :‬ال َع َس ُ‬ ‫�مو ٌم‪َ ،‬ف َأ ْش َ�ر ُ َ ُ َ‬ ‫وم ْش ُ‬‫ُوح‪َ ،‬‬ ‫ومنْك ٌ‬
‫ُوب‪َ ،‬‬ ‫وم ْرك ٌ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫اج ُر‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫الماء و َي ْس�ت َِوي في�ه ال َب ُّر وال َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫وس�ات‪:‬‬ ‫الم ْل ُب َ‬
‫ف َ‬ ‫وأ ْش َ�ر ُ‬ ‫ُ‬ ‫الم ْش ُ�روبات‪:‬‬ ‫ف َ‬ ‫وأ ْش َ�ر ُ‬
‫الر َج ُال‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح ِر ُير وهو ن َْس ُج ُدو َد ٍة‪َ ،‬‬
‫ف‬ ‫وأ ْش َر ُ‬ ‫الم ْركُو َبات‪ :‬ال َف َر ُس وعليه ُي ْقت َُل ِّ‬ ‫ف َ‬ ‫وأ ْش َر ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س�ن َش�يء منْها و ُيرا ُد‬ ‫الم ْر َأ َة َل ُت َز ِّي ُن َأ َح َ‬
‫وإن َ‬ ‫الم ْر َأ ُة َوه َي َم َب ٌال في َم َبال‪َّ ،‬‬ ‫ُوحات‪َ :‬‬ ‫المنْك َ‬ ‫َ‬
‫مس ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأ ْش َر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َأ ْق َب ُح شيء منْها ‪َ ،‬‬
‫ك َو ُه َو َد ٌم‪.‬‬ ‫ومات‪ :‬ال ْ‬ ‫الم ْش ُم َ‬‫ف َ‬
‫وإن ُكنْتُم‬ ‫َّار َك ُة َلكُم ْ‬ ‫الله‪ ،‬والت َّْر ِك للدُّ نيا الت ِ‬ ‫وصيكُم بِ َت ْق�وى ِ‬ ‫وق�ال كرم الله وجهه‪ُ :‬أ ِ‬
‫َ َّ‬
‫وأنْتم تُريدُ َ ِ‬ ‫�امكُم َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ال ت ِ‬
‫وم َث ُلها‬‫ون ت َْجديدَ ها‪َ ،‬فإِنَّم�ا َم َث ُلكُم َ‬ ‫الم ْبل َية َأ ْج َس َ‬ ‫�ون ت َْركَها‪ُ ،‬‬ ‫ُح ُّب َ‬
‫وض َّرائِها‬ ‫ك ََم َث ِل َقو ٍم في َس� َف ٍر َس َلكُوا َط ِريق ًا وك ََأن َُّهم قد َق َط ُعو ُه‪ ،‬فال ت َْج َز ُعوا لِ ُب ْؤ ِسها َ‬
‫ب الدُّ نيا‬ ‫ت لِ َطالِ ِ‬ ‫ج ْب ُ‬‫ال‪َ ،‬ع ِ‬ ‫َاعها و َن ْعمائِها َفإِ َّن ُه إلى ز ََو ٍ‬
‫َ‬
‫َفإِ َّنه إلى ان ِْقطاعٍ‪ ،‬وال تَمرحوا لِمت ِ‬
‫َْ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ول عن ُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والم ْو ُت ي ْط ُل ُب ُه ‪ ،‬وغاف ٍل و َلي َس بِم ْغ ُف ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وق�ال ك�رم الله وجهه‪ :‬الدُّ نْي�ا ِجي َف ٌة‪َ ،‬فم�ن َأراد ِمنْها َش�يئ ًا َف ْليصبِر عل�ى مخا َل َطةِ‬
‫ُ‬ ‫ْ َ ْ ْ‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫َ َّ‬
‫الب‪.‬‬ ‫الكِ ِ‬
‫إن الل� َه تعالى لم َي َ�ر فيها َثواب ًا‬ ‫ك�رم الل�ه وجهه ‪ :‬الدُّ نْي�ا ت َِف ُّر وت َُض ُّ�ر وت َُم ُّر ‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫وق�ال َّ‬
‫صاح بِ ِهم‬
‫ول إ ْذ َ‬ ‫�م ُح ُل ٌ‬ ‫�ل الدُّ نيا ك ََرك ٍ‬
‫ْب َب ْينَما ُه ْ‬ ‫وإن َأ ْه َ‬‫�ه‪ ،‬وال ِع َقاب� ًا ألَ ْعدَ ائِ ِه‪َّ ،‬‬ ‫ألَو ْليائِ ِ‬
‫َصائِ ُح ُهم َف ْارت ََح ُلوا‪.‬‬
‫كرم الله وجهه‪:‬‬ ‫ومن ِ ِ‬
‫شعره َّ‬
‫���س لِ��ل��دُّ نْ��ي��ا ُث��� ُب� ُ‬
‫��وت‬ ‫َل��� ْي َ‬ ‫إِنَّ���م��ا ال���دُّ نْ���ي���ا َف���ن ٌ‬
‫َ���اء‬
‫��وت‬
‫��ج��تْ�� ُه ال�� َع��نْ��كَ�� ُب ُ‬ ‫إنَّ��م��ا ال���دُّ نْ���ي���ا َك���ب���ي� ٍ‬
‫َ��س َ‬
‫ن َ‬ ‫��ت‬ ‫َ ْ‬
‫ِ‬ ‫��ي��ك ِم � ْن��ه��ا‬ ‫و َل���� َق����دْ ي��ك ِ‬
‫����وت‬
‫ُ‬ ‫هُّأي�����ا ال��� َّط���ال ُ‬
‫���ب ُق‬ ‫َ‬ ‫ْ��ف‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ُك� ُّ‬ ‫��ر ٍ‬ ‫���ن َق ِ‬ ‫���م ِ‬
‫��وت‬
‫��م� ُ‬
‫���ن ف��ي��ه��ا َي� ُ‬
‫���ل َم� ْ‬ ‫ي��ب‬ ‫���ري َع� ْ‬ ‫َو َل��� َع ْ‬
‫كرم الله وجهه في ِح ْر ِ‬
‫ص الن ِ‬
‫َّاس على الدُّ نْيا‪:‬‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫وم ْن ش ْع ِره َّ‬
‫اد َاهل َوى َع ْق ٌل وت َْش ِم ُري‬
‫ويف م��ر ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َّاس ِح ْر ٌص عىل الدُّ نْيا وتَدْ بِ ُري‬
‫للن ِ‬

‫‪29‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فال َع ْق ُل من ُْه ْم عىل ال َّطا َعات َم ْأ ُس ُ‬
‫ور‬ ‫َوإِ ْن َأتَ���وا َط��ا َع�� َة هللِ َر هِّبِ� ُ‬
‫��م‬
‫�م و َتك ِْد ُير‬ ‫اتا َه� ٌّ‬ ‫َص َفاء ِع ْي َش هِ‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫ص َقدْ َمز ََج ْ‬ ‫اك ِ‬
‫احل ْر ِ‬ ‫لأِ َ ْج ِل َه َذا و َذ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وها بِ َع ْق ٍل ِعنْدَ ما ُق ِس َم ْ‬
‫��وه��ا بِا َمل َقاد ِير‬ ‫َلكن َُّهم ُر ِز ُق َ‬ ‫ت‬ ‫مل ُي ْر َز ُق َ‬
‫َ��ال ُدنْ�� َي��ا ُه بِ َت ْق ِص ِري‬
‫�ق ن َ‬ ‫وم��ائِ� ٍ‬‫َ‬ ‫اعدُ ُه‬ ‫يب ال تُس ِ‬
‫َ‬ ‫يب َلبِ ٍ‬ ‫ك َْم ِمن َأ ِد ٍ‬
‫ِ‬
‫َاق ال َع َصاف ِري‬ ‫��أ ْرز ِ‬
‫َط َار ال ُبزَا ُة بِ َ‬ ‫َان َع ْن ُق َّو ٍة َأ ْو َع ْن ُمغَا َل َب ٍة‬ ‫لو ك َ‬
‫َت ْص ِو ٌير با ِر ٌع للدُّ ْنيا‬
‫وقال‬ ‫ذات يو ٍم َ‬ ‫ك�رم الله وجهه َ‬ ‫ب َّ‬ ‫بن أبي طالِ ٍ‬ ‫الم ْؤ ِمنِي َن َع ِل ِّي ِ‬ ‫ِ‬
‫ج�اء َر ُج ٌ�ل إلى َأم ِير ُ‬
‫يك‪،‬‬ ‫ل�ه‪ :‬ي�ا َأ ِمير المؤ ِمنِين ‪ ،‬لقد ْاش�تَريت دار ًا‪ ،‬و ُأ ِريدُ َأ ْن َت ْكتُب لي ع ْقدَ الش ِ‬
‫ِّ�راء بِ َيدَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ َ َ‬ ‫َ ُْ َ‬
‫ِ‬
‫ش َق ْلبِه‪ ،‬و َأ َرا َد‬ ‫الر ُج ِل َف َر َأى الدُّ نيا قد ت ََر َّب َع ْت على َع ْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫الم ْؤمني َن إلى َو ْجه َّ‬ ‫َفنَ َظ َ�ر َأم ُير ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫الم ْؤمني َن أن ُيل ِّقنَ ُه َد ْرس ًا ُي َذك ُِّر ُه فيه بالله َت َعالى‪َ ،‬ف َأ ْم َس َك بِال َق َل ِم و َكت َ‬
‫َب‪:‬‬ ‫َأم ُير ُ‬
‫الر ِحي ِم‬ ‫ِ‬
‫بِ ْس ِم الله َّ‬
‫الر ْح َم ِن َّ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أما بعدُ فقد ْاش�تَرى مي ٌ ِ‬
‫ين‪ ،‬لها‬ ‫بين وس�كَّة الغَافل َ‬ ‫الم ْذن َ‬ ‫ت من َم ِّيت دار ًا َت َق ُع في َب َلد ُ‬ ‫َ َ ِّ‬ ‫َّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫والحدُّ‬‫والحدُّ ال َّثاني‪َ :‬ينْت َِهي إلى ال َق ْب ِر‪َ ،‬‬ ‫الموت‪َ ،‬‬ ‫الحدُّ األَ َّو ُل‪َ :‬ينْت َِهي إلى َ‬ ‫َأ ْر َب َع ُة ُحدود‪َ :‬‬
‫وإما إلى الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ث‪ :‬ينْت َِهي إلى ِ‬ ‫ِ‬
‫َّار‪.‬‬ ‫الجنَّة َّ‬ ‫الرابِ ُع‪َ :‬ينْت َِهي َّإما إلى َ‬ ‫والحدُّ َّ‬
‫اب‪َ ،‬‬ ‫الح َس ِ‬ ‫ال َّثال ُ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫كرم الله وجهه‪َ :‬من َر ِض َي ِمن الدُّ نيا بما ُي ْج ِز ِيه ك َ‬
‫ومن‬ ‫َان َأ ْي َس ُر ما فيها َيكْفيه‪َ ،‬‬ ‫وقال َّ‬‫َ‬
‫شيء َيك ِْف ِيه‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫لم َي ْر َض ِمن الدُّ نيا بما ُي ْج ِز ِيه لم َيكُن فيها‬
‫ِ‬
‫دار ًا‬ ‫فقال له‪ :‬لق�د اتَّخَ ْذ َت َ‬ ‫ي�رةً‪َ ،‬‬ ‫ك�رم الل�ه وجهه َصاحب ًا له ق�د َبنَى دار ًا كَبِ َ‬ ‫ور َأى َّ‬
‫ْ�ت َأ ْح َو َج؟‬ ‫اآلخ َر ِة ُكن َ‬
‫ْت إِ َليها ف�ي ِ‬ ‫َ�ع بهذه ال�دَّ ِار في الدُّ نيا‪َ ،‬أ َم�ا َأن َ‬ ‫َواس� َع ًة فم�ا ت َْصن ُ‬
‫ِ‬
‫إن ِش�ئ َ‬ ‫قال ِ‬ ‫الم ْؤ ِمنِي َن ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ْت‬ ‫ْت َب َلغ َ‬ ‫اإل َما ُم‪ْ :‬‬ ‫فأجا َب� ُه َصاح ُب ُه ف�ي َح َياء ونَدَ ٍم‪َ :‬بلى يا َأم َير ُ‬
‫وق َم َطالِ َعها‪.‬‬ ‫الح ُق ُ‬ ‫الرح َم ‪ ،‬و َت ْط ُل ُع منها ُ‬
‫يف‪ ،‬وت َِص ُل فيها ِ‬
‫َّ‬ ‫الض َ‬ ‫اآلخ َرةَ‪ُ :‬ت ْق ِري بها َّ‬ ‫بها ِ‬

‫الم ْر ِء‬
‫َك َر ُم َ‬
‫قال كرم الله وجهه‪ِ :‬م ْن كَر ِم المر ِء َخم ُس ِخ َص ٍ‬
‫ال‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ َّ‬
‫‪-1‬م ْل ُك ُه لِ ِل َسانِ ِه‪.‬‬
‫ِ‬

‫‪30‬‬
‫‪-2‬وإِ ْق َبا ُل ُه على َش ْأنِ ِه‪.‬‬
‫َاؤ ُه على َما َم َضى ِمن َز َمانِ ِه‪.‬‬ ‫‪-3‬و ُبك ُ‬
‫‪-4‬وحنِينُ ُه إلى َأ ْو َطانِ ِه‪.‬‬‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪-5‬وح ْف ُظ ُه ل َقدي ِم إِ ْخ َوانه(((‪.‬‬

‫الع ْق ُل‬
‫َ‬
‫يم ًة‪ ،‬و َقد َأ ْم َكنَ ُه َأ ْن َيك َ‬
‫ُون إِنْسان ًا‪،‬‬ ‫يح بِ ِذي ال َع ْق ِل َأ ْن َيك َ‬
‫ُون َب ِه َ‬ ‫كرم الله وجهه‪َ :‬قبِ ٌ‬ ‫قال َّ‬ ‫َ‬
‫وح َي ٍاة‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ ِ ٍ‬
‫وأ ْن َي ْر َضى لنَ ْفس�ه بِ ُقنْية ُم َع َارة َ‬ ‫ُون َم َلك ًا ‪َ ،‬‬ ‫ُ�ون إِنْس�ان ًا و َقدْ َأ ْم َكنَ� ُه َأ ْن َيك َ‬ ‫وأ ْن َيك َ‬ ‫َ‬
‫َّخ َذ ُقنْ َي ًة ُمخ َّلدَ ًة وحيا ًة ُم َؤ َّبدَ ًة ‪.‬‬‫مستَرد ٍة و َله َأ ْن يت ِ‬
‫ُ ْ َ َّ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لين‬ ‫الم ْؤم ِن‪ ،‬والح ْل ُم َو ِز ُير ُه‪ِّ ،‬‬
‫والر ْف ُق والدُ ُه‪ ،‬وا ِّل ُ‬ ‫يل ُ‬ ‫كرم الله وجهه‪ :‬ال َع ْق ُل َخل ُ‬ ‫وقال َّ‬ ‫َ‬
‫َأ ُخو ُه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫كرم الله وجهه‪ :‬ال غنَى م ْث َل ال َع ْق ِل‪ ،‬وال َف ْق َر َأ َشدَّ من َ‬
‫الج ْه ِل‪.‬‬ ‫وقال َّ‬ ‫َ‬
‫كرم الله وجهه‪ :‬إذا ت ََّم ال َع ْق ُل َن َق َص الكَال ُم‪.‬‬ ‫وقال َّ‬ ‫َ‬
‫كرم الله وجهه‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫ومن ِش ْع ِر ِه‬ ‫ِ‬
‫ت َأ ْع�َل�ىَ ا َمل َراتِ ِ‬
‫ب‬ ‫و َف ْض ٍل و َع ْق ٍل نِ ْل ُ‬ ‫�ال بِ ِف ْطن ٍَة‬ ‫�ت الدُّ نْيا ُت �نَ� ُ‬ ‫َف َلو َك��ا َن� ِ‬
‫ح ْي َل ِة َط��الِ� ِ‬
‫�ب‬ ‫يك ال بِ ِ‬ ‫�ل ملِ ٍ‬
‫�ض� ِ َ‬ ‫�م� ٌة بِ� َف� ْ‬ ‫�س� َ‬
‫َاق ح� ٌّ ِ‬
‫��ظ وق� ْ‬ ‫و َل � َك �نَّ�ما األَ ْرز ُ َ‬

‫كرم الله وجهه‪:‬‬ ‫وقال َّ‬ ‫َ‬


‫ات يَش ٌء ُي َق ِ‬ ‫اخل�ْي� ِ‬ ‫ِ‬ ‫للم ْر ِء َع ْق ُل ُه‬ ‫َ‬
‫ار ُب ْه‬ ‫َف َل ْي َس من َ رْ َ‬ ‫َ‬ ‫��ل َق ْس ِم اهللِ‬ ‫��ض ُ‬ ‫وأ ْف َ‬
‫وم ِ‬
‫��آر ُب�� ْه‬ ‫�ت َأ ْخ�لا ُق�� ُه َ‬
‫�م� َل� ْ‬‫َف � َق��دْ َك� ُ‬ ‫للم ْر ِء َع ْق َل ُه‬
‫�ن َ‬ ‫ح� ُ‬ ‫�م� َ‬
‫�ل ال� َّ�ر مْ َ‬ ‫إِ َذا َأ ْك� َ‬
‫�ار ُب � ْه‬ ‫��ري ِع ْل ُم ُه جَ َ‬
‫وت� ِ‬ ‫ي ِ‬‫عىل ال َع ْق ِل جَ ْ‬ ‫َّاس بِال َع ْق ِل إِ َّن ُه‬
‫يش ال َفتَى يف الن ِ‬ ‫َي ِع ُ‬
‫م � ُظ��ور ًا ع َل ِيه مك ِ‬ ‫َّاس ِص َّح ُة َع ْقلِ ِه‬
‫َاس ُب ْه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ��ان حَ ْ‬
‫وإن ك َ‬ ‫ْ‬ ‫ين ال َفتَى يف الن ِ‬ ‫َي ِز ُ‬
‫َاص ُب ْه‬‫��ت َأع��را ُق��ه ومن ِ‬ ‫َّاس ِق َّل ُة َع ْقلِ ِه‬
‫ني ال َفتَى يف الن ِ‬ ‫ِ‬
‫َ��ر َم ْ ْ َ ُ َ‬ ‫وإن ك ُ‬ ‫ْ‬ ‫َيش ُ‬

‫((( نقلته من نفس المصدر «قوت األلباب»‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫يش ِة غَالِ ُب ْه‬
‫��ر ا َمل ِع َ‬ ‫��ذو ِ‬
‫اجل��دِّ يف َأ ْم ِ‬ ‫َف ُ‬ ‫�ج��دَ ٍة‬
‫َ��ان غَ�َل�اَ ّب � ًا بِ َع ْق ٍل و َن� ْ‬
‫��ن ك َ‬
‫وم ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫وقال أيض ًا‪:‬‬
‫�وع‬
‫�م� ُ‬‫�س� ُ‬‫وم� ْ‬ ‫�م � ْط � ُب� ٌ‬
‫�وع َ‬ ‫َف� َ‬ ‫���ت ال َع ْق َل َع ْق َل ِ‬
‫ني‬ ‫َر َأ ْي ُ‬
‫��وع‬ ‫إذا لمَ ْ َي� ُ‬
‫���ك َم�� ْط�� ُب ُ‬ ‫��وع‬
‫��م ٌ‬ ‫��س ُ‬
‫��ع َم ْ‬ ‫وال َي��نْ�� َف ُ‬
‫ُ��وع‬ ‫����وء ال�� َع ِ‬
‫�ين مَمْ��ن ُ‬ ‫ُ‬ ‫وض‬ ‫ُ‬ ‫�س‬
‫�م� ُ‬
‫�ش� ْ‬ ‫كَ�ما ال تَ��نْ�� َف ُ‬
‫��ع ال� َّ‬

‫َأ َه ِّم َّي ُة ِ‬


‫الف ْك ِر وال َّت ْر ِغ ُ‬
‫يب فيه‬
‫الفك ُْر ِع َبا َدةٌ‪.‬‬
‫قال كرم الله وجهه‪ِ :‬‬
‫َ َّ‬
‫الفك ُْر في الخَ ِير َيدْ ُعو إلى ال َع َم ِل به‪.‬‬ ‫وقال كرم الله وجهه‪ِ :‬‬
‫َ َّ‬
‫ذل من َأحسن ِ‬
‫الفك ِْر‪.‬‬ ‫كرم الله وجهه‪ :‬ما َّ َ ْ َ َ‬ ‫وقال َّ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫وات واألَر ِ ِ‬ ‫ُوت السم ِ‬
‫ين‪.‬‬ ‫المخْ لص َ‬ ‫ض ع َبا َد ُة ُ‬ ‫ْ‬ ‫كرم الله وجهه‪ :‬ال َّت َفك ُُّر في َم َلك ُ َّ َ‬ ‫وقال َّ‬ ‫َ‬
‫�اور َقب َل َأ ْن ت ِ‬
‫ُق�د َم‪ ،‬وتَدَ َّب ْر َق ْب َل َأ ْن‬ ‫وش ِ ْ ْ‬ ‫َّ�ر َق ْب َل َأ ْن َت ْع ِز َم ‪َ ،‬‬
‫ك�رم الله وجهه‪َ :‬ت َفك ْ‬
‫وق�ال َّ‬ ‫َ‬
‫ت َْه ُج َم‪.‬‬
‫بالذك ِْر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لمن َشغ ََل َق ْل َب ُه بالفك ِْر ول َسا َن ُه ِّ‬ ‫كرم الله وجهه‪ُ :‬طو َبى َ‬ ‫وقال َّ‬ ‫َ‬

‫كرم الله وجهه ال ْبنِ ِه َ‬


‫الح َس ِن ‪v‬‬ ‫َو ِص َّيتُه َّ‬
‫ين((( ِمن‬ ‫َ‬
‫�ن ‪َ v‬ك َتبها ِ‬
‫إلي�ه بِح ِ‬
‫اض َر ِ‬ ‫َ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫ِ ِِ ِِ‬
‫كرم الله وجهه في َوص َّيته البنه َ‬ ‫َ‬
‫ق�ال َّ‬
‫الذا ِّم‬ ‫الم ْست َْس�لِم للدَّ ِ‬
‫هر‪َّ ،‬‬ ‫المدْ بِ ِر ال ُع ْم ِر ‪ُ ،‬‬
‫(((‬ ‫ِ (((‬
‫ّمان ‪ُ ،‬‬ ‫قر للز‬‫الم ِّ‬ ‫ِ‬
‫الفان‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫الوالد‬ ‫ِص ِّفي َن‪ِ :‬م َن‬

‫وحاضر قنس�ري َن ‪ ،‬وهي األرباض ‪ ،‬والضواحي‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬


‫حلب ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫حاضر‬ ‫ي�ن ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫بحاض َر ِ‬ ‫((( الم�راد‬
‫المحيطة بهذه البالد ‪.‬‬
‫الم ِق ِّر للزمان ‪ :‬بمعنى المقر له بالغلبة ‪ ،‬وكأنه جعل نفسه ش خصما للزمان بالقهر‬ ‫((( ُ‬
‫‪.‬‬
‫مر ‪ :‬ألنه قد تجاوز الس�تين ‪ ،‬ولم يبق بعد مجاوزة الس�تين إال إدبار العمر‬‫((( المدبِ ِر ال ُع َ‬
‫‪ ،‬ألن ذل�ك نص�ف العمر الطبيعي الذي قل أن يبلغه أح�د ‪ ،‬وعلى فرض بلوغه فكل ما بعد‬
‫الستين أقل مما مضى ‪ ،‬وال مناص حينئذ أن يكون العمر قد أدبر ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫ؤم ِل ماال ُيدْ ِر ُك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الم ِّ‬ ‫الموتَى‪ ،‬ال ّظاع ِن َعنْها غَد ًا‪ ،‬إلى الو َل�د ُ‬ ‫الس�اك ِن َمس�اك َن َ‬ ‫الدُّ نيا‪َّ ،‬‬
‫ب‪ ،‬و َع ْب ِد‬ ‫المصائِ ِ‬ ‫ض األَس َقامِ‪ ،‬ور ِهين َِة األَيامِ‪ِ ِ ،‬‬
‫ورم َّية َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫لك‪ ،‬غ ََر ِ ْ‬ ‫بيل َم ْن َقدْ َه َ‬ ‫ك َس َ‬ ‫السالِ ِ‬
‫َّ‬
‫اله ُم�ومِ‪ ،‬و َق ِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأس ِ‬ ‫ِ‬ ‫المنايا‪َ ،‬‬ ‫َاج�ر الغ ِ‬ ‫الدُّ ني�ا‪ ،‬وت ِ‬
‫ين‬ ‫وحليف ُ‬ ‫الم�وت‪َ ،‬‬ ‫�ير َ‬ ‫ُ�رور‪ ،‬وغَري ِم َ‬
‫ِ‬
‫األموات‪.‬‬ ‫هوات‪ ،‬وخلي َف ِة‬ ‫ِ‬ ‫وصري ِع َّ‬
‫الش‬ ‫ِ‬ ‫األحزان‪ ،‬ون ََص ِ‬ ‫ِ‬
‫ب اآلفات‪َ ،‬‬
‫ِ ِِ‬ ‫ِِ‬
‫ُون‬
‫أن ال َيك َ‬ ‫ت ْ‬ ‫إن ْاس َت َط ْع َ‬ ‫ني ‪َّ ،‬‬ ‫الح َس ِن في َوص َّيته له‪ :‬يا ُب َّ‬ ‫كرم الله وجهه البنه َ‬ ‫وقال َّ‬ ‫َ‬
‫فإن ال َي ِس َير‬ ‫ك الل ُه ُح َّر ًا‪َّ ،‬‬ ‫َير َك وقد َج َع َل َ‬ ‫الله ُذو نِ ْع َم ٍة َفا ْف َع ْل‪ ،‬وال تكُن َع ْبدَ غ ِ‬ ‫َك وبين ِ‬
‫َ‬ ‫َب ْين َ‬
‫كان ك ٌُّل من ُه كثير ًا‪.‬‬ ‫وإن َ‬ ‫غير ِه ْ‬ ‫وأ ْع َظ ُم ِمن الكَثِ ِير ِمن ِ‬ ‫الله َت َعالى َأك َْر ُم َ‬ ‫ِمن ِ‬
‫ني ‪ ،‬اِ ْح َف ْظ َعنِّ�ي َأ ْربع ًا وأربع ًا ال‬ ‫�ن ‪ :v‬يا ُب َّ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫ِِ‬
‫ك�رم الله وجهه ال ْبنه َ‬ ‫وق�ال َّ‬ ‫َ‬
‫الو ْح َش ِة‬ ‫وأ ْو َح ُش َ‬ ‫الح ْم ُق‪َ ،‬‬ ‫وأ ْك َب ُر ال َف ْق ِر ُ‬ ‫الغنَى ال َع ْق ُل‪َ ،‬‬ ‫ت معهن‪َ :‬أ ْغنَى ِ‬ ‫ِ‬
‫َي ُض ُّر َك ما َعم ْل َ َ َ ُ َّ‬
‫ب ُح ْس ُن الخُ ُل ِق‪.‬‬ ‫الحس ِ‬ ‫َ‬ ‫وأك َْر ُم‬ ‫ب‪َ ،‬‬ ‫ال ُع ْج ُ‬
‫ك َف َي ُض َّر َك‪ ،‬وإ َّي َ‬ ‫�ة األَ ْح َم ِق‪ :‬فإ َّن ُه ُيري�دُ ْ‬ ‫�اك ومصاد َق ِ‬
‫وم َصا َد َق َة‬ ‫�اك ُ‬ ‫أن َينْ َف َع َ‬ ‫ن�ي ‪ ،‬إ َّي َ ُ َ َ‬ ‫يا ُب َّ‬
‫ك‬ ‫اج ِر‪َ :‬فإِ َّن ُه َيبِي ُع َ‬ ‫وم َصا َد َق� َة ال َف ِ‬ ‫ُون إليه‪ ،‬وإ َّي َ‬ ‫ْ�ك َأ ْح َو َج ما َتك ُ‬ ‫ي�ل‪َ ،‬فإِ َّن ُه َي ْب ُعدُ َعن َ‬ ‫خ ِ‬ ‫الب ِ‬
‫اك ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫يك البعيدَ وي ِ‬ ‫قر ُب ع َل َ‬ ‫كالس ِ‬ ‫الكذ ِ‬‫وم َصا َد َقة َّ‬ ‫بالتَّافِ ِه‪ ،‬وإ ّي َ‬
‫عليك‬ ‫بعدُ‬ ‫ُ‬ ‫�راب ُي ِّ‬ ‫اب ‪ ،‬فإ ّن ُه َّ‬ ‫اك ُ‬
‫يب‪.‬‬ ‫ال َق ِر َ‬
‫ال ت َْس� َتغْنِي‬ ‫�ك َأر َب َع ِخ َص ٍ‬
‫�ن ‪ :v‬أال ُأ َع ِّل ُم َ ْ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ك�رم الله وجهه البن�ه َ‬ ‫وق�ال َّ‬ ‫َ‬
‫ك�رم الله وجهه‪ )1( :‬ال ت َْجلِ ْس‬ ‫فقال َّ‬ ‫الم ْؤ ِمنِي َن‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫فق�ال‪َ :‬ب َلى يا َأم َير ُ‬ ‫ب؟ َ‬ ‫به�ا عن ال ِّط ِّ‬
‫وج ِّو ِد‬ ‫ِ‬
‫ْت ت َْش�ت َِهيه‪َ )3( ،‬‬ ‫وأن َ‬ ‫ْت َجائِ ٌع‪ )2( ،‬وال َت ُق ْم عن ال َّط َعا ِم إال َ‬ ‫على ال َّط َعا ِم إال َ‬
‫وأن َ‬
‫َيت‬ ‫ت هذا ْاس َت ْغن َ‬ ‫الء‪ ،‬فإذا ْاس َت ْع َم ْل َ‬ ‫�ك على الخَ ِ‬ ‫ت َفا ْع ِر ْض َن ْف َس َ‬ ‫الم ْضغَ ‪ )4( ،‬وإذا نِ ْم َ‬ ‫َ‬
‫عن ال ِّط ِّ‬
‫ب أبداً‪.‬‬

‫والكتَا َب ِة و َف ْض ُل ُهما‬
‫يف ِ‬ ‫َأ َه ِّم َّي ُة ال َّتألِ ِ‬
‫ك‪َ ،‬فإِ ْن‬ ‫ك ف�ي إِ ْخ َوانِ َ‬
‫ث ِع ْل َم َ‬ ‫ب�ن َع ْم ٍرو‪ :‬اكت ْ‬
‫ُب‪ ،‬و ُب َّ‬ ‫للم َف َّض ِل ِ‬ ‫ك�رم الله وجهه ُ‬ ‫ق�ال َّ‬ ‫َ‬
‫فيه إال بِ ُك ُتبِ ِهم‪.‬‬‫ون ِ‬‫ان َه ْرجٍ ال َي ْأن َُس َ‬ ‫يك ‪َ ،‬فإِ َّن ُه يأتِي على الن ِ‬
‫َّاس ز ََم ُ‬ ‫ك َبن ِ َ‬ ‫ِم َّ‬
‫ت َف َأ ْو ِر ْ‬
‫ث ُك ُت َب َ‬

‫‪33‬‬
‫ال َّت ْح ِص ُ‬
‫ين‬
‫اء َك‬ ‫وو َق َارك من الكِ ْب ِ‬
‫�ر‪ ،‬و َع َط َ‬ ‫�ب‪َ ،‬‬ ‫ك من ال ُع ْج ِ‬ ‫لم َ‬ ‫ق�ال ك�رم الله وجهه‪ :‬حص ِ‬
‫�ن ع َ‬ ‫َ ِّ ْ‬ ‫َ َّ‬
‫يل‬‫�و َك من َت ْعطِ ِ‬ ‫َ�ك من ا ِ ِ‬
‫إل ْف َراط‪ ،‬و َع ْف َ‬ ‫َك م�ن ال َع َج َل ِة‪ ،‬و ُع ُقو َبت َ‬ ‫وص َر َامت َ‬ ‫ِ‬
‫الس َ�رف‪َ ،‬‬ ‫م�ن َّ‬
‫�ك من الب َذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واس�تِما َع َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اء‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َاس َ‬ ‫واست ْئن َ‬ ‫ك من ُس�وء ال َف ْهمِ‪ْ ،‬‬ ‫َك من الع ِّي‪ْ ،‬‬ ‫وص ْمت َ‬
‫الحدُ ود‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ك م�ن ا ِ‬ ‫ِ‬
‫االست ْسلامِ‪،‬‬ ‫ك من ْ‬ ‫ور ْو َعات َ‬
‫اج�ة‪َ ،‬‬ ‫�ك م�ن ال َّل َج َ‬ ‫إل َضا َع�ة‪ ،‬وغ ََر َامات َ‬ ‫وخ َلوات َ‬ ‫َ‬
‫الج ْب ِن‪.‬‬‫ك من ُ‬ ‫وح َذ َراتِ َ‬‫َ‬

‫ِق ُ‬
‫يام ا َّلليلِ‬
‫يل َح ُس َن َو ْج ُه ُه بِالن ََّه ِ‬
‫ار‪.‬‬ ‫كرم الله وجهه‪َ :‬من ك ُث َر ْت َصال ُت ُه بِال َّل ِ‬ ‫قال َّ‬ ‫َ‬
‫اء الن ََّه ِ‬
‫ار‪.‬‬ ‫ليل َب َه ُ‬ ‫كرم الله وجهه‪َ :‬صال ُة ا َّل ِ‬ ‫وقال َّ‬ ‫َ‬
‫ف َمن َد َّمعها ‪،‬‬ ‫�ح ِر‪َ ،‬فإِنَّها َت ْق ِص ُ‬ ‫الس َ‬ ‫الم ْؤم ِن في َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك�رم الله وجهه‪ :‬ا ْح َذ ْر َد ْم َع َة ُ‬ ‫وق�ال َّ‬ ‫َ‬
‫ور الن َِّير ِ‬ ‫ِ‬
‫ان َع َّم ْن َد َعا بها‪.‬‬ ‫يء ُب ُح َ‬ ‫و ُت ْطف ُ‬
‫كرم الله وجهه َو ُه َو َق ِائ ٌم ُي َص ِّلي‬ ‫ِ‬
‫الم ْؤمني َن َعل ٍّي َّ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫و َد َخ َل األَ ْش�ت َُر الن ََّخ َع ُّي على َأم ِير ُ‬
‫ب فيما بي َن َذلِ َك؟‬ ‫ِ‬
‫بالليل و َت َع ٌ‬ ‫وس َه ٌر‬ ‫َّهار َ‬ ‫الم ْؤ ِمنِي َن‪َ :‬ص ْو ٌم بِالن ِ‬ ‫ِ‬
‫فقال له‪ :‬يا َأم َير ُ‬ ‫ليل‪َ ،‬‬ ‫بِا َّل ِ‬
‫ليل(((‪.‬‬‫َاج إلى َق ْط ِع ِه بِ َس ِير ا َّل ِ‬ ‫يل َف ُي ْحت ُ‬ ‫اآلخ َر ِة َط ِو ٌ‬ ‫قال له‪ :‬س َفر ِ‬
‫َ ُ‬ ‫فلما َف َر َغ َع ِل ٌّي ِمن َصالتِ ِه َ‬ ‫َّ‬
‫أن الس�م ِ‬ ‫يقول إذا َفر َغ من ص ِ‬
‫وات‬ ‫�هدُ َّ َّ َ‬ ‫ليل‪َ :‬أ ْش َ‬ ‫الة ا َّل ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كرم الله وجهه كثير ًا ما ُ‬ ‫وكان َّ‬ ‫َ‬
‫إليه َد َع ْو َت ‪ ،‬ك ُُّل ما ُي َؤ ِّدي‬ ‫اهدُ تَشهدُ بِما ِ‬ ‫وشو ِ‬ ‫َ‬ ‫آيات تَدُ ُّل‬
‫َ َ‬ ‫عليك ‪َ َ ،‬‬ ‫واألرض وما َب ْينَهما ٌ‬ ‫َ‬
‫تدبيرك‪َ ،‬ع َل ْو َت بها‬ ‫َ‬ ‫عمتِ َك ومعالِ ِم‬ ‫لك بالربوبية موسوم ِ ِ‬
‫بآثار ن َ‬ ‫الح َّج َة و َي ْش َهدُ َ ُّ ُ َّ َ ُ ٌ‬ ‫َعن َْك ُ‬
‫الفكر ‪ ،‬و َك َفاها‬ ‫وحشة ِ‬
‫ِ‬ ‫وب من َم ْع ِرفتِ َك ما آن ََس�ها ِمن‬ ‫َعن َخ ْل ِق َك َف َأ ْو َص ْل َت إلى ال ُق ُل ِ‬
‫تأخ ُذ َك‬
‫ّ�ك ال ُ‬ ‫ش�اهد ٌة بأن َ‬ ‫ِ‬ ‫عر َفتِه�ا بِك َو َو َل ِهها إِ َل ْي َك –‬ ‫مع َم ِ‬‫االحتي�اج فه�ي – َ‬ ‫ِ‬ ‫�م‬
‫َر ْج َ‬
‫ان أو َي ٍد‬‫ب أو لِس ٍ‬
‫َ‬ ‫أن ُأ ِش َير بِ َق ْل ٍ‬‫بك ْ‬ ‫أعو ُذ َ‬ ‫األبص ُار‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ول وال‬ ‫ُك ال ُع ُق ُ‬
‫ُدرك َ‬ ‫األوها ُم ‪ ،‬وال ت ِ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫أحد ًا َف ْر َد ًا َص َمد ًا‪ ،‬ونح ُن َل َك ُمسل ُمون‪.‬‬ ‫إلى َغ ِير َك‪ ،‬ال إل َه إال َ‬
‫أنت واحد ًا َ‬

‫((( انظ�ر كت�اب «لطائف المعارف» الب�ن رجب ‪ ،‬التحمس لقي�ام الليل ‪ ،‬محمد صالح‬
‫ص‪. 93‬‬

‫‪34‬‬
‫الص َّح ِة‬
‫َد َعائِ ُم ِّ‬
‫َمضغَا‪ ،‬وت ََر َك‬ ‫�ن َأك ََل ال َّطعا َم على النَّ َق�ا ‪ ،‬وأجا َد ال َّطع�ا َم ت ُّ‬ ‫ك�رم الله وجهه‪َ :‬م ْ‬ ‫ق�ال َّ‬ ‫َ‬
‫وت‪.‬‬ ‫س الغَائِ َط إذا أتى ‪ ،‬لم يمر ْض إالّ مر َض الم ِ‬ ‫ال َّط َعا َم َو ُه َو َي ْشت َِه ِيه‪ ،‬ولم َي ْحبِ ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ََْ‬
‫وع و َتنْت َِقي‬‫ك�رم الله وجهه‪َ :‬م�ن أرا َد أن ال َي ُض َّر ُه ال َّط َعا ُم فال يأك ُْل َحتَّ�ى َي ُج َ‬ ‫وق�ال َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫م ِعدَ ُته‪ ،‬فإذا َأك ََل َف ْليسم الله و ْلي ِ ِ‬
‫عن ال َّط َعا ِم َو ُه َو َي ْشت َِهيه و َي ْحت ُ‬
‫َاج‬ ‫ُف ِ‬ ‫الم ْضغَ ‪ ،‬و ْل َيك َّ‬‫جد َ‬ ‫ُ َ ِّ َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫إليه‪.‬‬
‫ِ‬
‫للماء‬ ‫َك َط َعام َا‪ ،‬و َد ْع فيها‬ ‫ُوق َر َّن َم ِعدَ ت َ‬
‫يل‪ :‬ال ت ِ‬ ‫كرم الله وجهه في َو ِص َّيتِ ِه لِك َُم ٍ‬ ‫َ‬
‫وقال َّ‬
‫ْت ت َْش�ت َِه ِيه‪َ ،‬فإِذا‬ ‫ُميل‪ :‬ال ت َْر َف َع َّن َيدَ َك من ال َّطعا ِم إال َ‬
‫وأن َ‬ ‫وللريحِ َم َجاالَ‪ ،‬يا ك ُ‬ ‫َموضع ًا‪ِّ ،‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫الماء‪.‬‬ ‫وق َّل ِة‬
‫ُميل‪ِ :‬صح ُة الجس ِد ِمن ِق َّل ِة ال َّطعا ِم ِ‬ ‫ك َفأن َ‬
‫ْت ت َْست َْم ِر ُئ ُه‪ ،‬يا ك ُ‬ ‫ت َذلِ َ‬ ‫َف َع ْل َ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬

‫وآثار َها‬
‫ُ‬ ‫البِ ْط َن ُة‬
‫قال كرم الله وجهه‪ :‬البِ ْطنَ ُة تَمنَع ِ‬
‫الف ْطنَ َة‪.‬‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ َّ‬
‫ُفسدُ ِ‬ ‫وقال كرم الله وجهه‪ :‬التُّخْ م ُة ت ِ‬
‫الحك َْم َة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصالحِ ‪.‬‬ ‫عن َّ‬ ‫كرم الله وجهه‪ :‬إذا ُمل َئ ال َب ْط ُن من ُ‬
‫المباحِ َعم َي ال َق ْل ُ‬ ‫وقال َّ‬ ‫َ‬
‫الو َرعَ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫كرم الله وجهه‪َّ :‬‬ ‫َ‬
‫الش َب ُع ُيفسدُ َ‬ ‫وقال َّ‬
‫ب‪ ،‬مكْس� َل ٌة عن الص ِ‬
‫الة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ك�رم الله وجهه‪ :‬إ َّياكُم والبِ َطنَ َة‪ ،‬فإنَّها َم ْق َس�ا ُة لل َق ْل ِ َ َ‬ ‫وق�ال َّ‬ ‫َ‬
‫للج َس ِد‪.‬‬
‫وم ْف َسدَ ٌة َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫كان ه َّم ُت ُه بِ ْطنَ ُه و َف ْر َج ُه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت الع َباد إلى الله ُس ْب َحا َن ُه َم ْن َ‬ ‫ِ‬ ‫كرم الله وجهه‪ْ :‬أم َق ُ‬ ‫َ‬
‫وقال َّ‬

‫‪35‬‬
‫��ك�� ��‬
‫ا �ل���ص� ��د���ق����ة ا �ل‬
‫ي ي برى‬
‫مرتبة ومقام ‪ ...‬أم‬

‫�أ �م��� �ل��ق‬ ‫ت �ة �ق‬ ‫مجرد لقب؟‬


‫ر� �و ��م�� ا� ‪ ...‬جرد �� ب� ؟‬
‫�م ��‬
‫م‬ ‫م‬ ‫ب‬
‫من وظائف المس�ميات واألس�ماء في اإلسلام كونها تحكي ارتق�اء في الحال‬ ‫وظائف األسماء‬
‫المسميات في‬
‫والصف�ات ‪ ،‬وال تق�ف عند مجرد االس�م أو اللقب ذاته ‪ ،‬وخاص�ة فيما يصدر عن‬ ‫اإلسالم‬
‫لسان من ال ينطق عن الهوى ى‪.‬‬
‫ومن خصوصيات األسماء واأللقاب والكنى في االسالم أنها مبنية على وصف‬
‫حال والحال يعبر عن مرتبة والمرتبة تفصح عن مقام بلغ إليه المشار إليه بجدارة‪.‬‬
‫والج�دارة ف�ي أصحاب رس�ول ال ّٰل�ه ى وآل بيته وأمه�ات المؤمنين ل�م تُقرر‬ ‫جدارة الصحبة‬
‫لم تتقرر باجتماع‬
‫باجتم�اع ثل�ة أو جماع�ة أو حملة ق�رار أو معايير معين�ة في الن�اس ‪ ،‬وإنما جاءت‬
‫جماعة أو حملة قرار‬
‫وإنما جاءت على على لس�ان م�ن ال ينطق عن اله�وى ى وهو النبي ال�ذي يوحى إليه بأم�ر الديانة‬
‫لسان المصطفى ى ومرات�ب األمان�ة وفضح ص�ور الخيانة ‪ ،‬بل وكان له�ذه الزمرة الخ ّي�رة مواقف ال‬
‫تنس�ى وأخبار ال تستقصى مع أولئك األرتال من المنافقين والمرجفين والذين في‬
‫قلوبهم مرض ‪ ،‬من تلك الفئات المدانة بالنص القرآني‪ ،‬وتميزت مواقف الحصانة‬
‫فيهم عن مواقف اإلدانة في غيرهم ‪ ،‬وخاصة أولئك األئمة السابقين إلى اإلسالم ‪،‬‬
‫والمبلغين حقيقة األمانة عن س�يد األنام ‪ ،‬ويليهم من جاء من بعدهم من الصحابة‬
‫األثب�ات رضي الله عنه�م ‪ ،‬ممن نالوا نصيب ًا من حصان�ة النصوص النبوية بصرف‬
‫النظر عن المرحلة التي أسلموا فيها مع معرفة التميز الخاص بالسابقين‪.‬‬
‫ل�ج في هذه المس�ائل الحرج�ة كثير من حمل�ة األقالم وأتب�اع المذاهب‬ ‫لجاج األقالم واتباع‬
‫حي�ث ّ‬
‫المذهب المتعارضة‬
‫والم َف ّرطة في اإلسلام ‪ ،‬وجعلوا من أنفس�هم قض�اة فصل وحكم ‪ ،‬ومن‬ ‫الم ْف ِرطة ُ‬
‫كون عقبة معلوماتية ُ‬ ‫ّ‬
‫الح�وادث التاريخي�ة م�ادة إدان�ة أو حصانة ‪ ،‬وبنوا عل�ى هذا األمر مس�ائل عقدية‬
‫وأح�كام تعبدية توارثه�ا األجيال ‪ ،‬وارتبط�ت ارتباط ًا وثيق ًا بمس�ألة الوالء والبراء‬
‫بي�ن الرج�ال ‪ ،‬وصارت اليوم أعظم عقبة معلوماتية في تقارب األمة على أمر دينها‬

‫‪36‬‬
‫وش�رف ملته�ا العالمي�ة ‪ ،‬وبها وبما تفرع عنه�ا من مواقف ومفاهي�م تلبدت غيوم‬
‫العداوة والبغضاء في أجواء األمة ‪ ،‬واستش�رت فيروس�اتها بفعل الوسائل الحديثة‬
‫وأثرها اإلعالمي الواسع‪.‬‬
‫ولي�س ببعي�د أن يفخ�ر كل جان�ب من ه�ذه األمة بم�ا أنجزه في زمن�ه ومرحلته‬
‫وحدود س�لطة أث�ره وتأثيره من خدمة كبيرة للدعوة إلى ال ّٰل�ه ‪ ،‬والدفاع عن الفكرة‬
‫الت�ي نش�أ وتربى وعاش عليه�ا ‪ ،‬بل ومات البعض ش�هيد ًا من أجله�ا‪ ،‬مع أنها في‬
‫غالب مخرجاتها قائمة على علتي (التحريش والمنافس�ة) ‪ ،‬بغض النظر عن مسألة‬
‫مرحلة التدوين وما‬ ‫الحق الذي يدافع عنه الجميع من وجهة أنظارهم المتنوعة ‪ ،‬أو المتباينة‪.‬‬
‫لقد انتقلنا منذ بروز آثار مرحلة التدوين وانتش�ار الفكر والفقه المذهبي وامتداد ترتب على انتشار‬
‫الفقه المذهبي‬
‫لدى البعض من‬
‫آث�اره إل�ى تعقي�دات فرعية ‪ ،‬واس�تنباطات وضعية للعالقات بي�ن المصلين ‪ ،‬فيما‬
‫يخ�ص ص�رف الجمهور األوس�ع عن الثواب�ت األصلي�ة لمفهوم الق�راءة الواعية مادة صراع عقدي‬
‫وطائفي‬ ‫للدعوة إلى ال ّٰله ‪ ،‬وهيمنتها األخالقية على المحدث والمفس�ر واألصولي والفقيه‬
‫واللغ�وي والفلك�ي والمتكل�م إلى هيمن�ة المصطلح�ات والتعريف�ات ‪ ،‬والفهوم‬
‫العقدية والحديثية والفقهية المتش�عبة خالل مع�ارك التدوين والتأصيل والتقعيد ‪،‬‬
‫وتكوين المجموعات المذهبية والصوفية والس�لفية والس�نية والشيعية واألباضية‬
‫واالعتزالية ‪ ،‬وما جاء من بعدها موافق ًا أو معارض ًا أو مناقض ًا ‪ ،‬س�واء كان مصطبغ ًا‬
‫بالصبغ�ة السياس�ية لمرحلت�ه ‪ ،‬أو كان مصطبغ ًا بصبغة المذه�ب والفئة والجماعة‬
‫الممت�دة بين الش�عوب ‪ ،‬مرتبطة بوالء مش�ايخها وأئمتها وأس�اطين منهجيتها ‪ ،‬أو‬
‫كان مصطبغ ًا بصبغة الطبع والذاتية الفردية‪.‬‬
‫وزاد طيننا بلة اصطباغ مرحلة الغثاء السياسية واالجتماعية واالقتصادية بجراثيم اصطباغ مرحلة الغثاء‬
‫السياسية بجراثيم‬
‫العلماني�ة والعلمن�ة والعولم�ة ‪ ،‬وجراثي�م ثم�رات ومخرجات وتس�ييس مراحل العلمانية والعلمنة‬
‫والعولمة‬ ‫االس�تعمار واالس�تهتار واالس�تثمار ‪ ،‬وامتزاجها المتداخل مع أمة القرآن والس�نة‬
‫وفوج إل�ى الواقع المعلول بعلة‬
‫داخ�ل مواقع التعليم والتربي�ة واإلعالم والثقافة‪ّ ،‬‬
‫التاريخية أجياالً محقونة بعناية وموضوعة بدراية ‪ ،‬لإلغراب بالس�فينة عن مسارها‬

‫‪37‬‬
‫(((‬
‫السليم ‪ ،‬إلى حيث يجب أن تسير في عالمنا الغثائي الموجه دين ًا ودنيا‪...‬‬
‫ومع هذا كله فالجميع ال يؤمنون بهذا التحليل وال يقبلون هذا التعليل‪ ،‬وإن قبله‬ ‫الجميع ال يقبلون‬
‫هذا التعليل‬
‫أحد فألمر معين ربما استمر حينا على قبوله والبحث عن مسبباته ‪ ،‬وربما تجاوزه‬
‫وع�اد إلى حلبة الحي�اة المندفعة إلى جحر الضب مس�تمر ًا فيما ألِ َف� ُه وعاش عليه‬
‫الناس ‪ ،‬تحت قاعدة (كن مخطئ ًا مع الناس وال تكن مصيب ًا لوحدك) ‪.‬‬
‫وع�ود ًا على بدء فالمس�ألة كلها عائدة إل�ى عنوان الموضوع وإع�ادة فهم أبعاده‬
‫بوجهة نظر شرعية مجردة ‪( ..‬أمرتب ٌة ومقام؟ ‪ ..‬أم مجرد لقب؟) ‪.‬‬
‫والمقص�ود هن�ا معرف�ة التميز المش�روع ع�ن التمي�ز المصن�وع ‪ ،‬وحصانة هذا‬ ‫معرفة التميز‬
‫المشروع عن التميز التمي�ز ف�ي نف�س المؤمن ال�ذي تميز أيض� ًا بحصانة اإليم�ان واإلسلام في وعيه‬
‫المصنوع‬
‫ومعي�ار نظره إل�ى اآلخرين ‪ ،‬وخاصة مم�ن اندرجوا في دوائر اإلسلام واإليمان‬
‫واإلحسان بالعموم ‪ ،‬ثم النظر إلى خصوصيات ذات أهمية كبرى في كل مرتبة من‬
‫هذه المراتب ‪ ،‬وخاصة مراتب اإلحس�ان وما يترتب شرعي ًا نحو من ب ّلغه ال ّٰله إليها‬
‫بس�لوكه وعمله ‪ ،‬فكيف بمن صدرت في حقه ش�هادات من لسان من ال ينطق عن‬
‫الهوى ى ‪.‬‬
‫ه�ذه هي مس�ألتنا التي نل�ح على قراءتها وعم�ق النظر فيها ‪ ،‬وهي المس�ألة التي‬ ‫قراءة نصوص‬
‫أصحاب الحصانات تترس�خ به�ا مبادئ الع�دل والتس�امح والمحب�ة والرحم�ة واإلخاء والتع�اون في‬
‫مسألة تستقر بها‬
‫النفوس والقلوب وتس�تقر بها المجتمعات وتتضاعف به�ا األعمال وتتكاتف بها‬
‫المجتمعات‬
‫األجيال ‪ ،‬وهي عين الرسالة التي دعا إليها س ّيد األمةى ‪ ،‬وبإلحاحنا وطلبنا عمق‬
‫النظر فيها ال نلغي مسألة النقد والتقييم وال نؤيد مسألة النظر إلى األمور بالسطحية‬
‫والس�ذاجة! أو وض�ع مب�دأ حس�ن الظن عل�ى البر والفاج�ر والص�ادق والكاذب‬
‫والمحتال والمنافق وإلخ!‬

‫((( كم�ا ه�و الح�ال في الهجمة المسيس�ة عل�ى منهج التص�وف والصوفي�ة بع�د زوال الغطاء‬
‫السياس�ي الداعم له�ا والمتمثل بالخالفة العثمانية ‪ ،‬حتى كاد المهندس�ون االستش�راقيون‬
‫ووكالؤهم من العالم االسلامي بعلم أو بغير علم يخرجون المس�مى وأهله عن اإلسلام‬
‫بالكلية ‪ ،‬وقد فعلوا ذلك ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫حي�ث ينظ�ر بعض الباحثي�ن إلى جميع أهل الس�نة بعين واح�دة وحكم واحد ‪ ،‬النظر بعين واحدة‬
‫كم�ا فس�ر ذلك بع�ض المتحاملين على مفه�وم (عدالة الصحابة) عند أهل الس�نة أفسد القراءة لعدالة‬
‫الصحابة‬
‫اعتم�اد ًا عل�ى القاع�دة المتداولة ف�ي تعريف الصحاب�ي ‪ ( :‬كل م�ن اجتمع بالنبي‬
‫مؤم�ن وم�ات عل�ى اإليم�ان) ‪ ،‬والعب�ارة كم�ا ذكره�ا المعت�رض منس�وبة (البن‬
‫حج�ر) وعممه�ا باعتبار أنها المقولة التي اعتمد عليها أهل الس�نة في تقييم مفهوم‬
‫الصحاب�ي والصحاب�ة ‪ ،‬ب�ل وألف بعضه�م كتاب ًا يحم�ل وجهة نظ�ر معلومة تميل‬
‫ولألس�ف لقاعدة اإلفراط في جانب والتفريط ف�ي جانب آخر تحت عنوان نظرية‬
‫عدالة الصحابة والمرجعية السياس�ية في اإلسالم تشعر القارئ الواعي بأثر النفس‬
‫تعرف في التربية اإلسالمية بأنها‬
‫وس�ورة الغضب والحقد والتش�في واإلثارة التي ّ‬
‫من أثر الش�يطان في اإلنس�ان ‪ ،‬وال مجال لغير هذا التفس�ير ‪ ،‬مع أن مقولة الباحث‬
‫وعنوان رسالته (نظرية عدالة الصحابة والمرجعية السياسية في اإلسالم) تشير إلى‬
‫انموذج الفقه السياسي وتاريخ األنظمة السياسية ‪ ،‬وهذه مسألة تخرج البحث عما‬
‫يخ�ص (أهل النمط األوس�ط) وما يخ�ص مواقف أهل العدال�ة الوارثين من اآلل‬
‫والصحاب�ة والتابعين ومن تبعهم بإحس�ان إل�ى يوم الدين ومواقفه�م من الموافق‬
‫والمعارض لهم كما يحل ّٰلها ويفسرها فقه التحوالت الذي نحن بصدده‪.‬‬
‫حيث ال عالقة لهذه القراءة السياسية بحب آل البيت وال بتصحيح مفهوم العدالة الطبع اإلنساني‬
‫وال بالغيرة على اإلسالم من وجهة النظر المعتدلة ‪ ،‬وإنما عالقتها المباشرة بالطبع والفهم النفساني‬
‫في إصدر األحكام‬
‫اإلنس�اني والفهم النفس�اني الضدي القائم على الفعل ورد الفعل ‪ ،‬برغم الحش�د‬
‫وتعليل األفهام‬
‫النص�ي ألحادي�ث المناق�ب والفضائل م�ن جهة ‪ ،‬وسلامة الضبط واالس�تدالل‬
‫بالمراجع في جهة أخرى ‪ ،‬وتوظيف ذلك ك ّله لمبدأ (التحريش والمنافسة)‪.‬‬
‫والتحري�ش والمنافس�ة ظاهرة واس�عة االنتش�ار ف�ي كل عصر وزم�ان ‪ ،‬ولكنها‬
‫ال جديد ًا وخطير ًا ينذر بالمح�ذور ويؤكد صدق نبوءة‬
‫ف�ي عصرنا قد اتخذت ش�ك ً‬
‫المصطفى ى في أمته مع استفحال عالمات الساعة وشمول دالالتها المنصوصة‬

‫‪39‬‬
‫(((‬
‫في أمته‪.‬‬
‫الدالالت النصية علم وال�دالالت المنصوص�ة عل�م ش�رعي خ�اص بفق�ه المراح�ل وتقيي�م األقالم‬
‫شرعي خاص بفقه واأللس�نة واألوعي�ة قديمها وحديثها ‪ ،‬صحيحها وس�قيمها ‪ ،‬غف�ل عنه الكثير من‬
‫المراحل‬
‫علماء المذهبية األصولية كما غفل عنه العلماء الالمذهبيون ‪ ،‬وهو العلم الحاوي‬
‫عل�ى القول الفصل في المتش�ابهات واألمور الخالفي�ة واالختالفية ‪ ،‬وقد تناولناه‬
‫ما ترتب على بتفصيل في كتبنا الحاملة صفة اإلفصاح عن (فقه التحوالت)‪ ،‬وهو العلم الخاص‬
‫بتعليالت أحاديث (عالمات الس�اعة) وموضوعاتها االستباقية الجارية على لسان‬ ‫نصوص فقه‬
‫التحوالت من قراءة‬
‫م�ن ال ينط�ق عن اله�وى ى ‪ ،‬وما ترتب على نصوصها الش�رعية من ق�راءة نبوية‬
‫شرعية لمسيرة‬
‫واعية لمس�يرة التاريخ اإلنس�اني واإلسلامي‪ ،‬بد ًءا بعصر آدم ش ونهاية بعصر‬ ‫التاريخ‬
‫نبينا محمد ى الممتد من بعثته إلى قيام الس�اعة ‪ ،‬باعتبار حقيقة شأنه أنه ركن من‬
‫أركان الدين فليراجع‪.‬‬
‫آثار إهمال نصوص وعن�د مراجعته بتأن وموضوعية يدرك القارئ المس�لم والعالم الموقن أن أمتنا‬
‫فقه التحوالت اإلسالمية قد تجاوزت بإدراك أوبغير إدراك أمر ًا عظيم ًا من أمور شرعتها الخالدة ‪،‬‬
‫والعلم بعالمات‬
‫وأهملت ركنا أساسيا من أركان بناء األمة الواحدة ‪ ،‬وخاصة فيما هي اليوم بصدده‬
‫الساعة‬
‫من إثبات هويتها ‪ ،‬والبحث عن ذاتيتها بين األمم ‪ ،‬حيث أن إثبات الهوية والبحث‬
‫ع�ن الذاتية أم�ر يربط بالعلم الخاص الجامع بين علم الديانة وعلم التاريخ ‪ ،‬وهما‬
‫تسلسل االنفصام العلم�ان المنفصم�ان في دراس�تنا المعاصرة عن بعضهما البع�ض ‪ ،‬كمثل انفصام‬
‫ٍ‬ ‫عالمة من عالمات‬
‫مرحلة ما ‪ ،‬وانفصام التربية عن التعليم ‪ ،‬وانفصام التصوف عن‬ ‫الدين عن الدولة في‬ ‫الساعة‬
‫ً‬
‫السنة ‪ ،‬وما تال ذلك من االنفصامات المحبوكة المقررة نصا في أحاديث عالمات‬
‫الساعة ‪ ،‬من مثل قوله ى ‪« :‬لتنقضن عرى اإلسالم عروة عروة كلما نقضت عروة‬

‫((( إشارة إلى الشح المطاع والهوى المتبع والدنيا المؤثرة واإلعجاب بالرأي ونص الحديث ‪:‬‬
‫«إذا رأيت شح ًا مطاع ًا وهوى متبع ًا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخويصة‬
‫نفس�ك ‪ ....‬إلخ» الحديث ‪ .‬س�نن الترمذي (‪ )3058‬وس�نن أبي داود (‪ )4341‬وسنن ابن‬
‫ماجه (‪. )4014‬‬

‫‪40‬‬
‫تمس�ك الناس بالتي تليها أولهن نقض ًا الحكم وآخرهن الصالة ‪ ، (((»...‬ولعل هذه‬
‫المس�ألة ل�م تتبادر إلى أذه�ان العلماء فضال ع�ن أذهان الدهم�اء ‪ ..‬وألجل ذلك‬
‫يقابلها البعض باالس�تغراب والبعض باالس�تهجان والبعض باالستنكار والبعض‬
‫بالصمت المطبق ‪..‬‬
‫وق�د يضطر البعض إل�ى نقل الموضوع من وظيفته االيجابي�ة للربط بين الديانة مواقف البعض من‬
‫والتاري�خ إلى ما ألفه الناس م�ن النقد والقدح في كل جديد غير مألوف ‪ ،‬وقد جاء قضية ربط الديانة‬
‫بالتاريخ‬
‫عدو ما يجهل) ‪.‬‬
‫في المثل المعروف (المرء ّ‬
‫ومم�ا ال بد لنا منه هنا حتى نجنب أنفس�نا علة (التحريش والمنافس�ة) أن نحترم وجوب احترام الرأي‬
‫والرأي اآلخر‬ ‫ال�رأي اآلخ�ر على عالّته ‪ ،‬ونختصر مس�افة الوقت والحالة حتى نصل إلى قاس�م‬
‫مش�ترك ف�ي الق�راءة اإليجابية لتراكم�ات تاريخنا ب�كل ما في�ه ‪ ،‬ونؤصله بضوابط‬
‫الركن الرابع من أركان الدين لمعالجة الخطأ المش�اع دون تش�ف أو قدح في أحد‬
‫بعين�ه ‪ ،‬ونصل�ح ما فس�د من�ا بما جاءنا ع�ن نبينا وما ترك�ه لنا من ش�رف العلم في‬
‫مادة الفقه الخاص بعالمات الس�اعة ‪ ..‬علم دراس�ة التحوالت ومتعلقاتها ايجابية‬
‫وس�لبية ‪ ،‬في دراس�ة ش�املة التداخل بين األركان حتى يق�وم كل ركن في وظيفته‬
‫الش�رعية ‪ ..‬ويحق لنا أن نفخر بعد ذلك بمس�مى العلماء األصولي الموصوف به‬
‫حديث جبريل بأنه حديث (أم السنَّة)‪.‬‬
‫إن إهم�ال وتجاوز هذا الرك�ن الهام جعل من المناق�ب والحصانة في بعض آل تعطيل وظائف‬
‫المناقب وعدم‬ ‫البي�ت والصحاب�ة وأمهات المؤمنين مجرد ألقاب ومس�ميات ال فائ�دة منها ‪ ،‬وال‬
‫وضعها في موقعها‬
‫تس�هم حت�ى في حصان�ة حامليها من مس�لم مثل�ه كان عالم� ًا أو كاتب� ًا أو باحث ًا أو‬
‫من حصانة أصحابها‬
‫صاحب انتماء لمذهب من مذاهب المسلمين المتعارضة في شأن الوالء واالنتماء‬
‫‪ ..‬وهذا أمر غريب يفوق كل غرابة متوقعة ( ومتى عرف السبب بطل العجب)‪.‬‬
‫تنزيل الوقائع‬ ‫ً‬
‫منفصال عن حصانة الديانة في‬ ‫والسبب انش�غالنا جميع ًا بوقائع التاريخ وأحداثه‬
‫والحوادث قادح ًا‬
‫وطاعن ًا في أهل‬
‫((( مس�ند أحم�د (‪ )22160‬وصحي�ح اب�ن حب�ان (‪ )6715‬والمس�تدرك عل�ى الصحيحي�ن الحصانات الشرعية‬
‫(‪. )7022‬‬

‫‪41‬‬
‫أركانه�ا األربعة ‪ ،‬بل وبل�غ ببعضنا تنزيل أمور التاريخ وحوادث�ه قادح ًا وطاعن ًا في‬
‫صحاب�ي ُم َح ّصن ومو ُثوق به بنصوص الديانة ذاتها ‪ ،‬كما فعل ذلك الخوارج ومن‬
‫نح�ا نحوهم في األزمنة المتالحقة ‪ ..‬بل أ ّلهوا مفهومهم البدعي للنص ‪ ،‬وحكموا‬
‫م�ن خالل�ه بإعدام األئمة المحصنين كقتلهم اإلم�ام علي ‪ ، v‬وقتلهم لخباب‬
‫بن األرت وزوجته وغيرهم‪.‬‬
‫إن إعط�اء الفه�م الذاتي صفة القداس�ة والحصانة مقابل إس�قاط قداس�ة مدلول‬ ‫علة البعض في‬
‫إعطاء الفهم الذاتي‬
‫النص النبوي وحصانته لمجرد الش�بهات وس�وء التصورات أمر يس�تحق التوقف‬ ‫ّ‬ ‫لألحداث صفة‬
‫القداسة والحصانة والنظ�ر وقد وق�ع في هذه الزل�ة كثير من العلم�اء المتعصبين لألف�كار ومجريات‬
‫بدي ًال عن النصوص الحوادث‪.‬‬
‫أم�ا فريق آخر فقد أفقدوا مجمل األحاديث النبوية ش�رف االس�تدالل بها ‪ ،‬ألن‬
‫راوي الحدي�ث قد اعتمد في نقل بعض أحاديث�ه على متهم بنصب أو مثله ‪ ،‬ومثل‬
‫المتعصبة ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ه�ذا الحكم المطلق ال يم�ت إلى الديانة بصلة وإنما يمت إل�ى الطباع‬
‫وخصوص ًا إذا كان للرواية مصدر ثقة أخرى ‪..‬‬
‫أهل البيت يعتمدون‬
‫ويروونه ويجي�زون فيه وهم على‬ ‫ف�آل البيت أنفس�هم يقرأون صحي�ح البخاري ُ‬ ‫صحيح البخاري‬
‫ويقرأونه ويجيزون عل�م بم�ا يتهم به بع�ض رواته ‪ ،‬ولكنهم ال يثي�رون جدالً وال ينازع�ون أحد ًا رغبة‬
‫فيه وال يفعلون ما ف�ي اجتم�اع كلمة األمة على ما ف�ي الصحيح من خير ونفع عام للمس�لمين ‪ ،‬وإذا‬
‫يفعله المتعصبون‬
‫ما احتدم األمر لدى منفعل معين منهم يسكت عن تلك األحاديث التي ال تتجاوز‬
‫عدد أصابع اليد ‪ ،‬وفتح باب اإلفادة واالس�تفادة في ج ّلها األوس�ع الحاوي شرف‬
‫خدم�ة العقيدة والش�ريعة ومراتب الس�لوك ‪ ،‬وقد عاصرنا العش�رات م�ن أئمة آل‬
‫البي�ت اآلطه�ار م�ن خواص مدرس�ة حضرم�وت والحج�از واليم�ن وغيرها من‬
‫عدول بالد اإلسلام وغيرها يقرؤون صحيح البخاري ومس�لم وغيرها ويتناولون‬
‫مجم�ل هذه األحاديث المتكل�م فيها بلطف وأدب م�ع رواة الحديث ‪ ،‬ويعذرون‬
‫من يس�تحق اإلعذار ويتجاوزون النبز والتعريض واالس�تصغار ‪ ،‬وال يربطون بين‬
‫المحدثي�ن وحمل�ة القرار كم�ا يفعل هذا بع�ض المفرطين األغي�ار ‪ ..‬فالمحدث‬
‫مع�ذور ف�ي مرحلت�ه وصاحب الق�رار م�دان بظلم�ه وعضوضيته ‪ ،‬وم�ا أخطأ فيه‬

‫‪42‬‬
‫ال�راوي والمحدث ُيع�زل عن بقية مادة العلم الش�رعي ‪ ،‬فال يحك�م على الكتاب‬
‫كل�ه بالبطلان وال على صاحبه بالبهتان ‪ ،‬فما يفعل ه�ذا إالّ مغرض فتان أو مفرط‬
‫متعص�ب ذو ش�نئان ‪ ،‬والدي�ن في المتدي�ن الصادق يرفع�ه عن مثل ه�ذه الدنايا ‪،‬‬
‫ويحم�د في�ه غيرته وحرص�ه على إظهار الحق وش�رف المزايا ‪ ،‬ولك�ن ليس على‬
‫حساب السخرية والتهكم والتشفي من اآلخرين ‪ ..‬وكفى لنا قدوة سلوك الصديق‬
‫األكبر في معاملته مع األشباه واألمثال ممن خرج عليه من النساء والرجال‪.‬‬
‫من هو الصديق‬
‫إذن فمن هو الصديق األكبر على عين الحقيقة؟ إنه أول من أس�لم ‪ ...‬فقد روى‬
‫األكبر على عين‬
‫الحقيقة؟‬ ‫أنس بن مالك ‪ v‬قال ‪ :‬بعث النبي ى يوم االثنين ‪ ،‬وأسلم علي يوم الثالثاء ‪،‬‬
‫وهو ابن عشر سنين ‪ ،‬وقيل تسع ‪ ،‬ولم يعبد األوثان قط((( ‪.‬‬
‫علي بن أبي طالب‬
‫ولما أمره ى أن يضطجع في فراشه ليلة اتخاذه ى قراره بالهجرة قال له ‪« :‬إن‬
‫في حادثة الهجرة‬
‫قريش�ا لن يفقدوني م�ا رأوك» ‪ ،‬فاضطجع في الفراش حت�ى إذا أصبحوا رأوا عليه‬
‫علي ًا ‪ ،‬فقالوا‪ :‬لو خرج محمد لخرج بعلي معه فحبسهم ال ّٰله بذلك(((‪ .‬اهـ‬
‫ولم�ا خرج ‪ v‬قاصد ًا المدينة ‪ ،‬وكان يمش�ي الليل ويكم�ن النهار حتى قدم‬
‫المدينة ‪ ،‬فلما بلغها قال ى ‪« :‬ادعوا لي علي ًا» قيل ‪ :‬يا رسول ال ّٰله ال يقدر أن يمشي‬
‫‪ ،‬فأت�اه النبي ى فلما رآه اعتنقه وبكى رحمة لما بقدميه من الورم ‪ ،‬وكانتا تقطران‬
‫دم� ًا ‪ ،‬فتفل النبي ى في يديه ومس�ح بهما رجليه ودعا له بالعافية ‪ ،‬فلم يش�تكهما‬
‫علي ‪ v‬حتى استشهد ‪.((( v‬‬
‫قال معاوية بن أبي س�فيان لضرار الصدائي ‪ :‬صف لي علي ًا فقال ‪ :‬اعفني ؛ قال ‪ :‬ضرار الصدائي‬
‫لتصفنّ�ه ‪ ،‬ق�ال ‪ :‬إذ ال ب�د من وصفه ‪ ،‬كان وال ّٰله بعيد المدى ‪ ،‬ش�ديد القوى ‪ ،‬يقول يصف علي بن أبي‬
‫طالب‬
‫لا ‪ ،‬ويحك�م ع�دالً ‪ ،‬يتفجر العل�م من جوانب�ه ‪ ،‬وتنطق الحكمة م�ن نواحيه ‪،‬‬
‫فص ً‬
‫يس�توحش من الدني�ا وزهرتها ‪ ،‬ويأنس إل�ى الليل ووحش�ته ‪ ،‬وكان غرير ال َعبرة ‪،‬‬
‫طويل الفكرة ‪ ،‬يعجبه من اللباس ما قصر ‪ ،‬ومن الطعام ما خشن ‪ ،‬كان فينا كأحدنا‬

‫((( الطبقات الكبرى (‪. )15/3‬‬


‫((( أسد الغابة البن األثير (‪. )87/4‬‬
‫((( تاريخ دمشق البن عساكر (‪ )69/42‬أسد الغابة البن األثير (‪. )87/4‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ ،‬يجيبنا إذا سألناه ‪ ،‬وينبئنا إذا استنبأناه ‪ ،‬ونحن وال ّٰله مع تقريبه إيانا وقربه منا ال نكاد‬
‫نكلمه هيبة له ‪ ،‬يع ّظم أهل الدين ‪ ،‬ويقرب المساكين ‪ ،‬وال يطمع القوي في باطله ‪،‬‬
‫وال ييأس الضعيف من عدله ‪ ،‬وأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه ‪ ،‬وقدأرخى الليل‬
‫س�دوله وغارت نجوم�ه قابض ًا على لحيتي�ه يتململ تململ الس�ليم ‪ ،‬ويبكي بكاء‬
‫ِ‬
‫تشوفت؟ هيهات قد‬ ‫إلي‬
‫إلي تعرضت ‪ ،‬أم ّ‬ ‫الحزين ‪ ،‬ويقول‪ :‬يادنيا ُغ ِّري غيري ‪ّ ...‬‬
‫طلقتُك ثالث ًا ال رجعة فيها ‪ ،‬فعمرك قصير وخطرك قليل ‪ ...‬آه آه من قلة الزادوبعد‬
‫السفر ووحشة الطريق(((‪.‬‬
‫زينة األبرار عند ال ّٰله عل�ي ش الذي قال له رس�ول ال ّٰله ى ‪« :‬إن ال ّٰل�ه قد زينك بزينة لم ُت َز َّين العبا ُد‬
‫أح�ب منه�ا ‪ ،‬ه�ي زين ُة األبرار عن�د ال ّٰله ‪ ،‬الزه�د في الدني�ا ‪ ،‬فجعلك ال ترزأ‬ ‫ٍ‬
‫بزين�ة‬ ‫الزاهد في الدنيا‬
‫َ‬
‫من الدنيا ‪ ،‬وال ترزأ الدنيا منك ش�يئا ‪ ،‬ووهب (بمعنى حبب) لك حب المس�اكين‬
‫فجعلك ترضى بهم اتباع ًا ويرضون بك إماما»(((‪.‬‬
‫وف�ي موقف آخر قال له رس�ول ال ّٰل�ه ى ‪« :‬يا علي كيف أنت إذا زهد الناس في‬
‫وأحبوا المال حب ًا جما ‪ ،‬واتخذوا‬
‫ّ‬ ‫لما‬ ‫اآلخرة ورغبوا في الدنيا ‪ ،‬وأكلوا التراث أك ً‬
‫ال ّ‬
‫ال ومال ال ّٰله دوال» فقال ش ‪( :‬أتركهم حتى ألحق بك إن شاء ال ّٰله ‪..‬‬ ‫دين ال ّٰله دغ ً‬
‫«صدقت ‪ ،‬ال ّٰلهم افعل ذلك به»(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫قال ‪:‬‬
‫علي بن أبي طالب وج�اءه اب�ن ال َّت َّياح فقال ‪ :‬ي�ا أمير المؤمنين امتأل بيت مال المس�لمين من صفراء‬
‫يوزع األموال على وبيض�اء فق�ال ‪ :‬ال ّٰل�ه أكبر ‪ ،‬فق�ام متوكئ ًا عل�ى ابن ال َّت َّي�اح حتى قام عل�ى بيت مال‬
‫الفقراء والمساكين‬
‫المسلمين فقال ‪ :‬هذا جناي وخياره فيه ‪ ،‬وكل جان يده إلى فيه ‪ ،‬يا ابن ال َّت َّياح علي‬
‫بأشياخ الكوفة ‪ ،‬قال ‪ :‬فنودي في الناس فأعطى جميع ما في بيت المسلمين ‪ ،‬وهو‬
‫يقول ‪( :‬يا صفراء يا بيضاء غري غيري ‪ ،‬هاوها ‪ ،‬مرتين ‪ ،‬حتى ما بقي فيه دينار وال‬
‫درهم ‪ ،‬ثم أمر بنضحه وصلى فيه ركعتين((( اهـ ‪.‬‬

‫((( حلية األولياء ألبي نعيم األصبهاني (‪ ، )85/1‬تاريخ دمشق (‪. )401/24‬‬
‫((( حلية األولياء (‪. )71/1‬‬
‫((( األربعين للثقفي (‪ ، )262/1‬ذخائر العقبى (‪. )101/1‬‬
‫((( فضائل الصحابة ألحمد (‪. )884‬‬

‫‪44‬‬
‫إن�ه عل�ي بن أب�ي طالب ال�ذي ُذكر ف�ي مجلس النب�ي ى قضا ٌء قض�ى به علي‬
‫فاعجب النبي ى فقال ‪« :‬الحمد ل ّٰله الذي جعل فينا الحكمة أهل البيت»((( اهـ ‪.‬‬
‫أل�م يقل النب�ي ى فيه ‪« :‬أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موس�ى غير مناقب علي وفضائله‬
‫المتميزة‬ ‫أن�ه ال نبي بع�دي((( ‪« ،‬ال ّٰلهم ِ‬
‫وال م�ن وااله ‪ ،‬وعادي من ع�اده»((( ‪« ،‬علي مني وأنا‬
‫م�ن علي»((( ‪« ،‬أنت أخي في الدني�ا واآلخرة» (((‪ ،‬من آذى علي فقد آذاني((( ‪ ،‬ومن‬
‫أح�ب علي� ًا فقد أحبني وم�ن أحبني فقد أحب ال ّٰله ‪ ،‬ومن أبغ�ض علي ًا فقد أبغضني‬
‫ومن أبغضني فقد أبغض ال ّٰله»((( ‪« ،‬علي مع القرآن والقرآن مع علي ال يفترقان حتى‬
‫علي على المسلمين حق الوالد على الولد»(((‪.‬‬ ‫يرد ا الحوض ‪« ،‬حق ّ‬
‫(((‬

‫إنه أبو تراب ‪ ...‬ومن الذي س�ماه كذلك؟ إنه رس�ول ال ّٰله ى ‪ ...‬قيل‪ :‬سماه في‬
‫(غزوة العشيرة) عندما غشي النعاس القوم فعمدوا إلى جانب من النخل فناموا في‬
‫(‪((1‬‬
‫أرض متربة ‪ ،‬فأيقظهم رسول ال ّٰله ى وحرك عليا برجله وقال ‪« :‬قم يا أبا تراب‬
‫‪ ،‬أال أخبرك بأشقى الناس أحيمر ثمود عاقر الناقة ‪ ،‬والذي يضربك على هذا يعني‬
‫قرنه ف َيخضب هذه منها ‪ ،‬وأخذ بلحيته»(‪.((1‬‬
‫وف�ي رواي�ة أخرى دخل النب�ي ى على فاطمة عليها السلام فقال له�ا أين ابن أبو تراب أحب‬
‫عم�ك؟ فقال�ت ه�و مضطجع في المس�جد ‪ ،‬فجاءه رس�ول ال ّٰل�ه ى ‪ ،‬فوجده قد الكنى لإلمام علي بن‬
‫أبي طالب‬

‫((( فضائل الصحابة (‪.)1113‬‬


‫((( صحيح البخاري (‪ )3706‬وصحيح مسلم (‪. )2404‬‬
‫((( مسند أحمد (‪. )950‬‬
‫((( فضائل الصحابة (‪ ، )1060‬سنن الترمذي (‪. )3719‬‬
‫((( سنن الترمذي (‪. )3720‬‬
‫((( فضائل الصحابة (‪ ، )1078‬المستدرك على الصحيحين (‪. )4619‬‬
‫((( فضائل الصحابة (‪ )1066‬المعجم الكبير (‪ )901( )380/23‬واللفظ له ‪.‬‬
‫((( المستدرك على الصحيحين (‪. )4628‬‬
‫((( تاريخ دمشق البن عساكر (‪. )308/42‬‬
‫(‪ ((1‬صحيح البخاري (‪ ، )441‬ومسلم (‪. )2409‬‬
‫(‪ ((1‬مسند أحمد (‪. )18321‬‬

‫‪45‬‬
‫س�قط رداؤه عن ظهره وخلص التراب إلى ظهره ‪ ،‬فجعل يمسح التراب عن ظهره‬
‫ويقول‪« :‬اجلس أبا تراب» قال الراوي ‪ :‬فو ال ّٰله ما سماه به إالّ النبي ى ‪ ،‬وما كان‬
‫اسم أحب إليه منه(((‪.‬‬
‫له ٌ‬
‫قاتل أصحاب األلوية علي بن أبي طالب قاتل أصحاب األلوية الثالثة في غزوة أحد ‪ ،‬وتارك طلحة بن‬
‫الثالثة في يوم أحد‬
‫عثمان بعد أن قطع علي رجله وانكشفت عورته وقال ‪( :‬أنشدك ال ّٰله والرحم يا ابن‬
‫عم) فتركه وكبر رسول ال ّٰله ى ‪ ..‬وقيل لعلي‪ :‬ما منعك أن تجهز عليه؟ فقال‪ :‬ابن‬
‫فاستحييت منه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫عمي ناداني حين انكشفت عورته‬
‫قاتل عمرو بن ود في وف�ي غ�زوة الخن�دق اقتحم عمرو ب�ن ود الخن�دق ‪ ،‬وطلب المب�ارزة فخرج له‬
‫غزوة الخندق‬
‫اإلم�ام علي ب�ن أبي طالب وح�اوره الحديث حتى حمي ونزل عن فرس�ه وضربه‬
‫اإلمام علي ضربة فقتله وأجهز عليه‪.‬‬
‫علي بن أبي طالب وف�ي غ�زوة خيب�ر كان اإلمام عليا أرمد يش�كو عيني�ه ‪ ،‬وكان الل�واء بيد عمر بن‬
‫في غزوة خيبر الخط�اب ‪ v‬فلق�وا أهل خيب�ر بادي ذي بدء وانكش�فوا ‪ ،‬فقال ى ‪« :‬ألعطين‬
‫اللواء غد ًا رجال يحب ال ّٰله ورسوله ويحبه ال ّٰله ورسوله» ‪ ،‬فلما كان الغد تطاول لها‬
‫أب�و بك�ر وعمر فدعا علي ًا وه�و أرمد فتفل في عينيه وأعطاه الل�واء ونهض معه من‬
‫الناس من نهض ‪ ،‬فلقي أهل خيبر وقاتلهم حتى فتح ال ّٰله عليه(((‪.‬‬
‫علي بن أبي طالب وفي غزوة تبوك خلف رسول ال ّٰله ى علي بن أبي طالب على أهله وأمره باإلقامة‬
‫في غزوة تبوك فيه�م ‪ ،‬فأرجف المنافقون بعلي وقالوا ما خلفه إال اس�تثقاالً ل�ه وتخفف ًا منه ‪ ،‬فلما‬
‫بلغ�ه ذلك أخذ علي سلاحه ولحق برس�ول ال ّٰله وهو بالج�رف على موضع ثالثة‬
‫أميال من المدينة فقال‪ :‬يا نبي ال ّٰله زعم المنافقون أنك لما خلفتني أنك اس�تثقلتني‬
‫وتخففت مني ‪ ،‬فقال ‪« :‬كذبوا ولكني إنما خلفتك لما ورائي ‪ ،‬فارجع فاخلفني في‬ ‫َ‬
‫أهلي وأهلك‪ ،‬أفال ترضى يا علي أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى ‪ ،‬إال أنه ال‬
‫نبي بعدي» فرجع علي إلى المدينة ومضى رسول ال ّٰله ى‪(((.‬اهـ ‪.‬‬

‫((( صحيح البخاري (‪. )3703‬‬


‫((( صحيح البخاري (‪. )3009‬‬
‫((( دالئل النبوة (‪. )220/5‬‬

‫‪46‬‬
‫وفي الس�نة التاس�عة للهجرة أمر رس�ول ال ّٰله ى أبا بكر ‪ v‬أن يحج بالناس علي بن أبي طالب‬
‫فخ�رج من المدين�ة حتى بلغ (العرج) عقبة بين مك�ة والمدينة على طريق الحاج ‪ ،‬في مشاهد الحج‬

‫فبعث من خلفه علي ًا ‪ v‬مؤ ِّذن ًا ببراءة يقرؤها في مش�اهد الحج ويقول ال يقربن‬
‫المسجد الحرام مشرك بعد عامه هذا وال يطوفن بالبيت عريان‪ ،‬ومن كان بينه وبين‬
‫رس�ول ال ّٰله عهد فله عهده إلى مدته ‪ ،‬وإن هذه أيام أكل وش�رب ‪ -‬أي‪ :‬أيام منى –‬
‫وأن ال يدخل الجنة إال من كان مسلم ًا‪.‬‬
‫وبعث النبي ى علي ًا إلى اليمن على إثر خالد بن الوليد يدعو الناس إلى اإلسالم علي بن أبي طالب‬
‫إلى اليمن‬ ‫وصلى بهم الفجر وقام فحمد ال ّٰله وأثنى عليه ‪ ،‬ثم قرأ عليهم كتاب رسول ال ّٰله ى‬
‫فأس�لمت هم�دان كلها في ي�وم واحد ‪ ،‬وكتب بذلك إلى رس�ول ال ّٰله ى فلما قرأ‬
‫كتاب�ه خ�ر س�اجد ًا ‪ ،‬ثم جلس فقال ‪ « :‬السلام على همدان» ‪ ،‬ث�م تتابع أهل اليمن‬
‫على اإلسالم‪.‬‬
‫وفي عام حجة الوداع أدرك رسول ال ّٰله ى في الحج ونحر من هدي رسول ال ّٰله علي بن أبي طالب‬
‫ى مابقي حيث نحر النبي ثالثا وستين بدنة بيده وأكمل علي ًا ‪ v‬المائة ‪ ،‬وبعد عام حجة الوداع‬

‫انقض�اء الح�ج توجه المدينة فلم�ا وصل إلى (غدير خم) خط�ب ى وذكر فضل‬
‫عل�ي ‪ v‬وق�ال ‪« :‬من كنت مواله فعلي م�واله ‪ ،‬ال ّٰلهم وال من وااله وعادي من‬
‫ع�اداه»((( ‪ ،‬وكان س�بب ذلك أن بعض ًا من أهل اليمن قد اش�تكوا علي ًا وعتبوا عليه‬
‫ال في حقهم ‪،‬‬ ‫جور ًا وتضيق ًا وبخ ً‬
‫م�ن بع�ض ما صدر من أحكامه التي ظنها البعض ْ‬
‫(((‬
‫والصواب كان مع علي ‪ ، v‬فأعلن رسول ال ّٰله ى مقام علي ومكانته بينهم‪.‬‬
‫الصديقية الكبرى‬ ‫إن لق�ب الصدي�ق األكب�ر الذي نطقت به لس�ان اإلمام عن نفس�ه جدي�رة بالنظر‬
‫خصوصية مفردة‬ ‫والتفك�ر ‪ ..‬فالصديقية مرتب�ة عامة يبلغها الكثير من أهل ال ّٰل�ه ‪ ،‬وأما لقب الصديق‬
‫األكب�ر فخصوصي�ة مفردة تعرف وتفهم بمتابعة المقول�ة ذاتها ‪ ..‬فها هو يقول ‪ :‬أنا‬
‫عب�د ال ّٰله ‪ ،‬وكفاه فخر ًا بهذه العبودية ‪ ،‬وقد تحقق بمراتبها من العبودية إلى العبدية‬

‫((( مسند أحمد (‪. )950‬‬


‫((( راجع المرتضى سيرة أمير المؤمنين ألبي الحسن الندوي ص (‪.)53‬‬

‫‪47‬‬
‫لو كشف الغطاء ما إلى العبودة ‪ ...‬وهذه المراتب اليقينية هي الس ّلم اإليماني لها على درجات اليقين‬
‫الذي عبر عنه ‪ v‬بقوله ‪( :‬لو كشف الغطاء ما ازددت يقين ًا)‪.‬‬ ‫ازددت يقين ًا‬

‫ويقول ‪( :‬وأخو رسول ال ّٰله) وقد آخى رسول ال ّٰله ى بينه وبين علي ‪ v‬في‬
‫المدين�ة يوم آخى بين المهاجرين واألنصار ‪ ،‬وفي هذه األخوة الكبرى تبرز معاني‬
‫المرتبة السامية المشار إليها من ِعدّ ة وجوه ‪:‬‬
‫أن�ه أول م�ن أس�لم وأنه تربى ونش�أ في حجر النب�ي ى وأنه ولد قبيل اإلسلام‬
‫النب�ي ى بابنته فاطمة‬
‫ُ‬ ‫�م صنم ًا ‪َّ ،‬‬
‫وزو َج�ه‬ ‫بس�نوات لم يس�جد فيها لوث�ن وال َع َّظ َ‬
‫الزهراء ليكون وإياها يحمالن ش�رف السلالة الطاه�رة آلل البيت األطهار ‪ ،‬وهو‬
‫الخصوصيات أح�د أهل الكس�اء الذين غطاهم رس�ول ال ّٰل�ه ى بعباءته ‪ ،‬وكم في الس�يرة له من‬
‫خصوصي�ات كان من آخره�ا ما عرف من الموالة العظمى في غدير خم ورفع يده‬ ‫الكبرى‬

‫وقوله ى ‪« :‬من كنت مواله فعلي مواله»(((‪ ،‬وبهذا ُّ‬


‫يصح أن نفهم المعنى من قوله‬
‫‪ ( :‬أنا الصديق األكبر ال يقولها بعدي إال كاذب)‪.‬‬
‫فم�ن الذي يضاهي�ه في مناقبه الخصوصي�ة وتفرداته الذاتي�ة ‪ v‬وأرضاه ؟!‬
‫وقد أش�رنا س�لف ًا في مقدمة هذه المناقب ‪ ،‬أن هذه األفضليات والخصوصيات ال‬
‫تدخل في دائرة الصراع المفتعل حول مراتب صحابة رسول ال ّٰله ى ‪ٌ ،‬‬
‫فكل منهم‬
‫ل�ه خصوصيت�ه ‪ ،‬وللعلماء في ترتي�ب األفضليات مندوحة الترات�ب المجمع عليه‬
‫بي�ن الخلفاء األربعة ‪ n‬وأرضاهم أجمعين كما ه�و مقرر في مفهوم العلماء‬
‫المألوف أن الخلفاء الراشدون أربعة ‪ ،‬لكن النص النبوي يؤكد أن الخالفة ثالثون‬
‫عام ًا ‪ ،‬والخلفاء في هذه المرحلة خمس�ة آخرهم الخليفة الخامس س�يدنا الحسن‬
‫ب�ن علي ‪ ، v‬وعلى هذا النص يكون الخلفاء خمس�ة والس�ادس عمر بن عبد‬
‫العزيز ‪.v‬‬
‫خصوصياته األدبية وكف�ى به تف�رد ًا وخصوصي�ة أن ننظر في لغته األدبي�ة ‪ ،‬وفصاحت�ه اللفظية‪ ،‬وما‬
‫ُحف�ظ عنه م�ن الخطب والمقامات التي قال عنها المس�عودي أنه�ا بلغت أربعمئة‬ ‫البالغية‬

‫((( تقدم في الصفحة السابقة ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫خطب�ة وني�ف وثمانون مقامة ‪ ،‬وهي من حجج ال ّٰله عل�ى األمة‪ .‬حيث جمعت بين‬
‫اللغة القرآنية الفصحى ‪ ،‬والبالغة العربية القعس�اء والمواضيع اإلسالمية العلياء ‪،‬‬
‫الشماء ‪ ،‬فخذ لك منها أمثلة ونماذج ‪:‬‬ ‫ونورانية آل البيت ّ‬
‫وصفه ‪v‬لكتاب‬ ‫وصفه ‪ v‬لكتاب ال ّٰله ‪:‬‬
‫ال ّٰله‬ ‫(اعلم�وا أن ه�ذا الق�رآن ه�و الناصح الذي ال ي ُغ�ش ‪ ،‬والهادي ال�ذي ال يضل ‪،‬‬
‫والمح�دث ال�ذي ال يك�ذب ‪ ،‬وم�ا جالس ه�ذا القرآن أح�د إالّ قام عن�ه بزيادة أو‬
‫نقصان ‪ ،‬زيادة في هدى ونقصان في عمى ‪ ،‬واعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن‬
‫من فاقة ‪ ،‬وال ألحد قبل القرآن في غنى ‪ ،‬فاستشفوا من أدوائكم واستعينوا به على‬
‫والغ�ي والضالل ‪،‬‬‫ّ‬ ‫ألوائك�م ‪ ،‬ف�إن فيه ش�فاء من أكبر ال�داء ‪ ،‬وهو الكف�ر والنفاق‬
‫فاس�ألوا ال ّٰله به وتوجهوا إليه بحبه وال تس�ألوا به خلقه ‪ ،‬إنه ما توجه العباد إلى ال ّٰله‬
‫تعالى بمثله ‪ ،‬واعلموا أنه ش�افع ومش�فع ‪ ،‬وقائل مصدق ‪ ،‬وانه من ش�فع له القرآن‬
‫يوم القيامة ُصدّ ق عليه)‪.‬‬
‫وفي وصيته ‪v‬‬ ‫وفي وصيته ‪ v‬لولده ‪:‬‬
‫لولده‬ ‫(ي�ا بن�ي اجعل نفس�ك ميزان� ًا فيما بين�ك وبين غي�رك ‪ ،‬فأحبب لغي�رك ما تحب‬
‫لنفس�ك ‪ ،‬واكره ما تكره لها ‪ ،‬وال تظلم كما ال تحب أن تُظلم ‪ ،‬وأحس�ن كما تحب‬
‫أن يحسن إليك ‪ ،‬واستقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك ‪ ،‬وارض من الناس ما‬
‫ترض�اه لهم من نفس�ك ‪ ،‬وال تقل ما ال تعلم وان ق�ل ما تعلم ‪ ،‬وال تقل ما ال تحب‬
‫أن يقال لك ‪ ،‬واعلم أن اإلعجاب ضد الصواب ‪ ،‬وآفة األلباب ‪ ،‬فاسع في كدحك‬
‫وال تك خازنا لغيرك ‪ ،‬وإذا أنت ُهديت لقصدك فكن أخشع ما تكون لربك)‪.‬‬
‫ومن درر عباراته‬ ‫ومن درر عباراته ‪:‬‬
‫(من أبطأ عمله لم يس�رع به حس�به ‪ ،‬ما أضمر أحد شيئ ًا إال ظهر في فلتات لسانه‬
‫وصفحات قلبه ‪ ،‬أفضل الزهد إخفاء الزهد ‪ ،‬ال قربة بالنوافل إذا أضرت بالفرائض‬
‫‪ ،‬لس�ان العاقل وراء قلبه وقلب األحمق وراء لس�انه ‪ ،‬أولى الناس بالعفو أقدرهم‬
‫عل�ى العقوبة ‪ ،‬ال غنى كالعقل ‪ ،‬وال فقر كالجهل ‪ ،‬وال ميراث كاألدب ‪ ،‬وال ظهير‬
‫كالمش�اورة ‪ ،‬الصب�ر صبران ‪ ،‬صبر على ما تك�ره ‪ ،‬وصبر عما تحب ‪ ،‬العفاف زينة‬

‫‪49‬‬
‫الفق�ر ‪ ،‬والش�كر زينة الغن�ي ‪ ،‬ال يرى الجاه�ل إالّ مفرط ًا أو ِّ‬
‫مفرط�ا ‪ ،‬إذا تم العقل‬
‫نق�ص الكالم ‪ ،‬من نصب نفس�ه للن�اس إماما فعليه أن يبدأ بتعليم نفس�ه قبل تعليم‬
‫غيره ‪ ،‬وليكن تأديبه بس�يرته قبل تأديبه بلسانه ومعلم نفسه ومؤدبها أحق باإلجالل‬
‫من معلم الناس ومؤدبهم ‪ ،‬قيمة كل امرئ ما يحسنه ‪،‬‬
‫ألنسبن اإلسالم نسبة ألنسبن اإلسالم نسبة لم ينسبها أحد قبلي ‪:‬‬
‫لم ينسبها أحد قبلي اإلسلام هو التس�ليم ‪ ،‬والتسليم هو اليقين واليقين هو التصديق ‪ ،‬والتصديق هو‬
‫اإلقرار ‪ ،‬واإلقرار هو األداء ‪ ،‬واألداء هو العمل‪.‬‬
‫(سوس�وا إيمانك�م بالصدقة ‪ ،‬وحصنوا أمولك�م بالزكاة ‪ ،‬وادفع�وا أمواج البالء‬
‫بالدع�اء ‪ ،‬الم�رء مخب�وء تحت لس�انه ‪ ،‬هل�ك امرؤ لم يع�رف قدره ‪ ،‬م�ا اختلفت‬
‫دعوت�ان إالّ كانت إحدهما ضاللة ‪ ،‬من وضع نفس�ه مواض�ع التهمة فال يلومن من‬
‫أس�اء به الظن ‪ ،‬من كتم س�ره كانت الخيرة بيده ‪ ،‬ترك الذنب أهون من طلب التوبة‬
‫‪ ،‬عجب المرء بنفس�ه أحد حس�اد عقله ‪ ،‬أش�د الذنوب ما اس�تهان به صاحبه ‪ ،‬من‬
‫أصلح سريرته أصلح ال ّٰله عالنيته) اهـ‬
‫ب�ل يكاد التميز والخصوصية تبلغ مداها حي�ن اقترن بفاطمة الزهراء البتول بنت‬ ‫اقترانه بفاطمة‬
‫الزهراء خصوصية رس�ول ال ّٰل�ه ى ‪ ،‬وكان اختي�ار ًا رباني� ًا ‪ ،‬وفيض� ًا رحماني� ًا اكتمل به ش�مل األمل‬
‫عظمى‬
‫المق�دور في بروز أهل الكس�اء المطهرين من عند ال ّٰل�ه نضح النبي ى الماء على‬
‫وج�ه وص�در اإلمام علي ليل�ة زفافه ودعا بفاطمة ‪ b‬فج�اءت تعثر من الحياء‬
‫إلي ‪ ،‬ونضح النبي الماء عليها‬
‫أحب أهل بيتي ّ‬‫فقال لها رسول ال ّٰله ى قد انكحتك ّ‬
‫ودع�ا له�ا ثم دعا لهما مع ًا وق�ال ‪« :‬ال ّٰلهم بارك فيهما ‪ ،‬وب�ارك عليهما ‪ ،‬وبارك في‬
‫شملهما»((( قال علي ‪( : v‬تزوجت فاطمة بنت محمد ى ومالي ولها فراش‬
‫(((‬
‫غير جلد كبش ننام عليه بالليل ونعلف عليه ناضحنا بالنهار ‪ ،‬ومالي خادم غيرها)‬
‫‪ ،‬قال�ت فاطم�ة ‪ : b‬وال ّٰله قد طحنت حتى مجلت يداي فأتيت النبي ى فقال‬
‫ما جاء بك أي بنيه قالت جئت ألس�لم عليك واس�تحييت أن أس�أله ورجعت فقال‬

‫((( تاريخ دمشق (‪. )124/24‬‬


‫((( كنز العمال (‪. )37752‬‬

‫‪50‬‬
‫عل�ي ما فعلت قالت اس�تحييت أن أس�أله فأتينا جميع� ًا فقال علي يا رس�ول ال ّٰله ‪،‬‬
‫وال ّٰله لقد س�نوت حتى اشتكيت صدري ‪ ،‬وقالت فاطمة ‪ :‬قد طحنت حتى مجلت‬
‫ي�داي ‪ ،‬وق�د جاءك ال ّٰله بس�بي وس�عه فاخدمنا ‪ ،‬فقال رس�ول ال ّٰل�ه ى ‪« :‬وال ّٰله ال‬
‫أعطيكم�ا وادع أهل الصفة تط�وى بطونهم ال أجد ما انفق عليه�م ‪ ،‬ولكني أبيعهم‬
‫وأنفق عليهم أثمانهم» ‪ ،‬فرجعا فأتاهما النبي ى وقد دخال في قطيفتهما إذا غطت‬
‫رؤوسهما تكشف أقدامهما ‪ ،‬وإذا غطيا أقدامهما تكشف رؤوسهما ‪ ،‬فثارا ‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫«مكانكم�ا ث�م ق�ال ‪ :‬أال أخبركم�ا بخير مما س�ألتماني» قاال بلى فق�ال ‪« :‬كلمات‬
‫علمنيهن جبريل ش تس�بحان في دبر كل صالة عش�ر وتحمدان عش�ر وتكبران‬
‫عش�را ‪ ،‬وإذا آويتما إلى فراشكما فس�بحا ثالثا وثالثين واحمدا ثالث ًا وثالثين وكبرا‬
‫أربع ًا وثالثين»((( وفي رواية « خير لكما من خادم ‪(((» ..‬اهـ ‪.‬‬
‫لقد تأثر اإلمام علي بهذه التربية وبقيت معه آثارها طيلة حياته ألن ذكر ال ّٰله يمأل‬
‫قلب�ه ويغم�ر وجوده ‪ ،‬ولق�د حافظ على وصية رس�ول ال ّٰله ى له وق�ال عن ذلك‬
‫‪ v‬فو ال ّٰله ما تركتهن منذ علمنيهن ‪ ،‬فسأله أحد الصحابة وال ليلة صفين؟ فقال‬
‫(((‬
‫‪ :‬وال ليلة صفين)‪.‬‬
‫وأخ�رج الحاف�ظ الثقفي في األربعي�ن ‪ :‬عن علي كرم الله وجهه مرفوع ًا ‪ :‬س�أل‬
‫رسول الله ى علي ًا ‪ :‬كيف أنت إذا زهد الناس في اآلخرة ورغبوا في الدنيا وأكلوا‬
‫الت�راث أكال لما وأحبوا الم�ال حبا جما ‪ ،‬واتخذوا دين الله دغال ومال الله دوال ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬قلت يا رس�ول الله اتركهم وأترك ما فعلوه ‪ ،‬وإني أختار الله ورس�وله والدار‬
‫اآلخ�رة وأصب�ر على مصائ�ب الدنيا وهو أنها حت�ى الحق بك بمش�يئة الله ‪ ،‬فقال‬
‫رسول الله ى صدقت يا علي ‪ ،‬اللهم افعل ذلك به ‪ .‬اهـ ‪.‬‬
‫يظ َخ ِش ٍ�ن ُم َر َّص ٍع‬ ‫ب َغ ِل ٍ‬ ‫كرم الله وجهه على َأ ْص َحابِ ِه في َث ْو ٍ‬ ‫اإلمام َع ِل ٌّي َّ‬
‫ُ‬ ‫َخ َ‬
‫�ر َج‬
‫ال ات ََّخ ْذ َت لِ َن ْف ِس َ�ك َثوب ًا أل َي َن‬
‫ين‪ ،‬ه ّ‬ ‫اق‪ :‬يا َأ ِم َير ُ‬
‫الم ْؤ ِمنِ َ‬ ‫بالر َق ِع‪َ .‬‬
‫فقال له أصحا ُب ُه بِإِ ْش َ�ف ٍ‬ ‫ُّ‬

‫((( مسند أحمد (‪ )838‬ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى (‪. )106/1‬‬
‫((( صحيح البخاري (‪. )3705‬‬
‫((( صحيح البخاري (‪ )5362‬ومسلم (‪. )2727‬‬

‫‪51‬‬
‫الز ْه َو‪ ،‬و ُي َس ِ‬
‫�اعدُ ني على‬ ‫َّ�و ُب َي ْص ِر ُف عنِّي َّ‬
‫كرم الله وجهه‪ :‬هذا الث ْ‬ ‫م�ن هذا؟! َ‬
‫ق�ال َّ‬
‫�وع ف�ي َصالتِي‪َ ،‬و ُه َو ُق�دْ َو ٌة َصالِ َح ٌة لل َّن ِ‬
‫اس كي ال ُي ْس� ِر ُفوا و َي َت َب َّذ ُخوا‪ُ .‬ث َّم قرأ‬ ‫ُ‬
‫الخ ُش ِ‬
‫قول ِ‬
‫الله تعالى‪( :‬ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬ ‫َ‬
‫ﯶ) ‪.‬‬

‫آيات ِم َن‬
‫َوش�ح ًا ِر َدا ًء ُي َر ِّد ُد ُف�ؤَ ُاد ُه ٍ‬
‫�اس ‪ُ c‬مت ِّ‬
‫ابن َع َّب ٍ‬
‫س ُ‬ ‫وعن�دَ الِم ْن َب� ِر َج َل َ‬
‫الح ِك ِ‬
‫يم‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫الذ ْك ِر َ‬
‫قول ِ‬
‫الله َت َعالى‪( :‬ﯜ ﯝ‬ ‫اس ِف َ‬
‫يم ْن َنزَ َل ُ‬ ‫ابن َع َّب ٍ‬ ‫َف َجا َء ُه َر ُج ٌل َسائ ً‬
‫ال‪ :‬يا َ‬
‫ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ) ‪.‬‬
‫كان ِع ْندَ ُه‬
‫كرم الله وجه�ه ‪َ ،‬‬ ‫بن أبي طالِ ٍ‬
‫�ب َّ‬ ‫�اس‪َ :‬نزَ َل ْت في َع ِل ِّ‬
‫�ي ِ‬ ‫اب�ن َع َّب ٍ‬ ‫فق�ال ُ‬ ‫َ‬
‫واحد ًا وفي العالنِ َي ِة‬
‫الس ِّ�ر ِ‬ ‫اه َم َف َأ ْن َفقَ بِال َّلي�لِ ِ‬
‫واحدَ ًا وبِال َّنها ِر ِ‬
‫واحد ًا‪ ،‬وفي ِّ‬ ‫َأ ْر َب َع ُ‬
‫�ة َد َر ِ‬
‫ِ‬
‫واحد ًا(((‪.‬‬

‫والذ َه ُب ِ‬
‫والف َّض ُة‬ ‫َع ِل ٌّي َّ‬
‫كرم الله وجهه َّ‬
‫كرم الله‬‫�ام َع ِل ّي ًا َّ‬
‫إل َم َ‬‫ي�اح َي ْعدُ و في َع َجلٍ َح َّتى َب َلغَ ا ِ‬ ‫للر ِ‬ ‫�اق ِ‬
‫يه ِّ‬ ‫اح َس ِ‬ ‫أط َل�قَ ُ‬
‫ابن ال َّت َي ِ‬
‫األ ْجوا َء بِ ِس َير ِة ال َّنبِ ِّي ‪.m‬‬ ‫عطر َ‬
‫س ُي ِّ ُ‬ ‫َو ْج َه ُه ا َّل ِذي َج َل َ‬
‫ين ا ْمت َ‬
‫َأل‬ ‫الم َب ْع َث َر َة في َم َش� َّق ٍة‪ :‬يا َأ ِم َير ُ‬
‫الم ْؤ ِمنِ َ‬ ‫اح َو ُه َو َي ْلت َِق ُط َأ ْن َف َ‬
‫اس ُ�ه ُ‬ ‫َ‬
‫فقال ابن ال َّت َي ِ‬
‫والف َّض ِة‪.‬‬
‫ب ِ‬ ‫المال ِمن َص ْف َرا َء و َب ْي َضا َء‪َ :‬ي ْعنِي بِ َّ‬
‫الذ َه ِ‬ ‫ِ‬ ‫َب ْي ُت‬
‫اح‬ ‫ئ�ا على ِ‬
‫ابن ال َّت َّي ِ‬ ‫كرم الله وجهه ِم ْن َم ْج ِل ِس ِ�ه وان َْط َلقَ ُمت ََو ِّك ً‬
‫اإلمام َع ِل ٌّي َّ‬
‫ُ‬ ‫�ب‬
‫فه َّ‬
‫َ‬
‫بي�ن ِ‬
‫يديه‪ :‬يا‬ ‫�ب ِ‬
‫والف َّض َة َ‬ ‫�و ُي َق ِّل ُب َّ‬
‫الذ َه َ‬ ‫يقول َو ُه َ‬ ‫الم�ال َ‬
‫وأ َخ َذ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫قام عل�ى َب ْي ِ‬
‫َح َّت�ى َ‬

‫((( انظر كتاب «اسد الغابة» البن األثير‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫َص ْف َر ُاء يا َب ْي َض ُاء ُغ ِّري َغي ِري‪.‬‬
‫دينار وال ِد ْر َه ٌم‪َ ،‬‬
‫وأ َم َر بِ َك ْن ِس ِ�ه‬ ‫ين َح َّتى ما َب ِق َي فيه ٌ‬ ‫الم ْس ِ‬
‫�ل ِم َ‬ ‫وأ َخ َذ ُي َق ِّس ُ�مها على ُ‬ ‫َ‬

‫و َن ْض ِح ِه‪ُ ،‬ث َّم َص َّلى فيه َر ْك َعت ِ‬


‫َين‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫��مف������ص�� ��خل�� � ف �ة �� � ّٰ‬
‫�لا � ال ��� ��ب��ع��درس�و �لا �ل�ل�ه ى‬ ‫مفصل الخالفة بعد‬
‫رسول ال ّٰله ‪m‬‬

‫أخ�ذت قضي�ة الخالف�ة بع�د رس�ول ال ّٰل�ه ى مأخ�ذ ًا جدلي ًا واس�ع ًا ف�ي حياتنا‬
‫المعاصرة ‪ ،‬أكثر مما كان عليه األمر ساعة القرار في العهد األول َح َشدَ فيه كل فريق‬
‫أدلته وثوابت حججه ‪ ..‬وبهذه الحجج واألدلة وصل المس�لمون إلى لجة الصراع‬
‫الطائفي الهاتك ‪ ،‬وخاصة عند أصحاب منحى اإلفراط ضد منحى التفريط‪.‬‬
‫وكان�ت المش�كلة األساس�ية ل�دى الفريقين حس�ب وجه�ة الق�راءة المتأنية في‬
‫نصوص فقه التحوالت تكمن في اآلتي ‪:‬‬
‫ •النظر حصريا في الفضائل والمناقب وتفس�ير النصوص الخاصة بها كجدارة‬
‫االمتالك الش�رعي للقرار دون النظر ف�ي المواقف الذاتية ألولي المناقب وما‬
‫قد أشار إليه النبي ى من علم السابقة في القرار‪.‬‬
‫ •انع�دام النظ�ر ف�ي نص�وص التح�والت والمواق�ف الت�ي حصن�ت الخلفاء‬
‫الراشدين كذوات ومرحلتهم الشرعية كخالفة ‪.‬‬
‫ •استش�راء مس�حة التعصب والوالء المفرط الحق ًا من دعاة المنهج السياس�ي‬
‫المع�ارض لمجريات البيعة ‪ ،‬لتتحول إلى قضي�ة عقائدية معقدة وكتل فكرية‬
‫ومذهبية متباينة‪.‬‬
‫ •خل�ط األوراق السياس�ية من أجل امتالك الق�رار ‪ ،‬بين منابر السياس�ة المعبر‬
‫عنه�ا في نصوص الحديث (بالفت�ن والفتنة) بد ًءا من فتنة مقتل الخليفة الثاني‬
‫تحول الفتن منذ‬
‫عم�ر ب�ن الخطاب (غلق الفتنة) حتى مقتل الحس�ين ش�هيد الطف رضي الله‬
‫مقتل عمر ‪v‬‬
‫عن�ه وما ترتب على مقتله من المواقف السياس�ية المرتبطة بالحوادث ذاتها ‪،‬‬ ‫إلى مقتل اإلمام‬
‫وتحول هذه الفتن إلى برنامج عمل سياسي بين فريقين ‪:‬‬ ‫الحسين إلى برنامج‬
‫ً‬
‫معادال‬ ‫عمل سياسي‬
‫‪1.1‬فريق الملك العضوض ومنابره‬
‫ومنازع ًا للنمط‬
‫‪2.2‬فريق الثورة الكربلية المعارضة للملك العضوض ومنابرها‪.‬‬ ‫األوسط‬
‫•طغي�ان التي�ارات السياس�ية بي�ن الفريقي�ن عل�ى تي�ار (النم�ط‬ ‫ ‬

‫‪54‬‬
‫األوس�ط)(((‪ ،‬وهو الخط األول المعروف بتيار السلامة ‪ ،‬وكان هذا الطغيان‬
‫السياس�ي على هذا النمط األوسط بس�بب غلبة الضجيج اإلعالمي السياسي‬
‫وتبعاته ودعاته حتى اليوم‪.‬‬
‫وي�كاد موضوع الخالفة كمفصل تاريخي وش�رعي ه�و محك بحثنا هنا في هذه الخالفة الراشدة‬
‫الرسالة ‪ ،‬برغم صعوبة األمر وتعقيداته لدى الفريقين اإلسالميين ‪ ..‬فريق الناقضين بين المثبطين لها‬
‫بالجدارة والناقضين‬
‫لمسألة الخالفة الراشدة ‪ ،‬وفريق المثبتين لها باالستحقاق والجدارة ‪.‬‬
‫البحث في فقه‬ ‫ويحق لي أن أش�ير هنا إلى مس�ألة القول الوس�ط بين القولين ‪ ،‬باعتبار دراس�تي‬
‫المس�تفيضة لفق�ه التح�والت مع دراس�تي الطويل�ة لفقه الس�نن القولي�ة والفعلية التحوالت ليس ضد‬
‫أحد بعينه‬
‫والتقريري�ة الت�ي قامت عليه�ا مواقف علماء أه�ل األصول والفروع ف�ي الفريقين‬
‫‪ ،‬والفريق�ان في دراس�تهما وإص�دار أحكامهما على األوض�اع المتمرحلة لم يقفا‬
‫المعني بالسياسة ووظائفها السلبية واإليجابية بل عالجا المسألة‬
‫ّ‬ ‫على الركن الرابع‬
‫خ�ارج ميدانها الش�رعي ‪ ،‬ولس�ت بصدد إقناع أح�د بعينه ‪ ،‬وال فري�ق بمجموعه ‪،‬‬
‫ولكني بصدد بس�ط بحث ش�رعي يرتبط بذات األصول التي يعتمد عليها الفريقان‬
‫‪ ،‬وه�ي الكت�اب والس�نة ‪ّ ،‬إال أن تأصيل الكتاب والس�نة لديهم ل�م يتخذ المعادل المعادل الثالث النبوة‬
‫لا ‪ ، ،‬بل اصطبغ األم�ر بالطباع والفهوم ‪ ،‬وموقعه من حماية‬ ‫الثال�ث المش�ار إليه في اآلية حكم ًا فص ً‬
‫الكتاب والسنة‬
‫والمع�ادل الثالث المش�ار إليه في اآلية قول�ه تعالى ‪( :‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬
‫ﯝ ﯞ ﯟ) [األنعام ‪.]89 :‬‬
‫فالمعادل الثالث (النبوة) وتفس�ر باألخالق والمواق�ف النبوية باعتبارها الوعاء‬
‫الحامل للنصين الش�رعيين الكتاب والس�نة ‪ ،‬وقد أهمل المعادل الثالث من حيث‬
‫النص اللفظي ‪ ،‬وإنما عالقته بالمعاملة ‪ ..‬وباجتماع‬
‫التطبيق ألنه ال عالقة له بمسألة ّ‬
‫الشروط الثالثة تتم المعادلة الشرعية للتطبيق (الكتاب والحكم والنبوة) وبانفصام‬
‫أحد الش�روط تتحول المس�ألة إلى مخرجات أخرى تنزع بالجميع إلى أحد طرفي‬

‫((( تيار الوس�طية الش�رعية واالعتدال الواعي في المسيرة اإلسلامية كلها بد ًءا بموقف‬
‫اإلم�ام علي والزه�راء رضي الله عنهما م�ن قبول الخالفة وع�دم الخروج الصريح‬
‫عليها إلى عهد اإلمام الحسن وتنازله عن الخالفة بالكلية‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫اإلفراط والتفريط(((‪.‬‬
‫ول�دى قراءتنا لنص�وص التاريخ المكت�وب بد ًءا من منصوص�ات كتاب الفتوح‬ ‫نصوص التاريخ‬
‫الب�ن أبي األعث�م الكوف�ي ‪ ،‬وتاريخ الطبري ‪ ،‬وم�رور ًا بتجارب األم�م ألبي علي‬ ‫المكتوب‬

‫ب�ن أحم�د بن محمد المع�روف (بمس�كويه) وبتاريخ ابن كثير وم�ا بعد ذلك نجد‬
‫النصوص تنقسم إلى ثالثة أقسام ‪:‬‬
‫‪1.1‬ن�ص يتعل�ق بمجري�ات الح�وادث والتح�والت م�ن وجه�ة نظ�ر الفريقي�ن‬
‫المتصارعين‪.‬‬
‫‪2.2‬ون�ص يربط الفريقين بالثوابت الش�رعية والتزام الع�ود إلى تحكيم كتاب ال ّٰله‬
‫وسنة نبيه ى ‪ ،‬وعلى ألسنة الخلفاء العدول‪.‬‬
‫ون�ص ثالث يجم�ع بين االعت�داد بالنصوص الش�رعية لمج�رد االحتجاج ‪،‬‬ ‫‪ّ 3.3‬‬
‫ويوظفها لسياسة الوقائع وصناعة الحوادث واستثمارها‪.‬‬
‫ونج�د الم�ادة التاريخي�ة المس�جلة في ه�ذه المؤلف�ات تجمع النم�اذج الثالثة‬ ‫ضوابط الربط بين‬
‫الديانة والتاريخ وتعرضه�ا بأس�لوب وآخر ‪ ،‬وقد يصطب�غ العرض بوالء الكات�ب وانتمائه ‪ ،‬ولكن‬
‫هذا ال يغير من الحق شيئ ًا ‪ ..‬فالمحور الهام في دراستنا الموضوعية هي األطراف‬
‫الثالث�ة مجتمع�ة بادئ ذي ب�دء ‪ ..‬ث�م ترجيح النم�وذج الثالث الخ�اص بالخلفاء‬
‫الع�دول ‪ ..‬وه�و ما يخصنا في علم فقه التحوالت تحت ش�عار الرب�ط بين الديانة‬
‫والتاري�خ ‪ ،‬والتأكيد المس�تمر على أهمية ه�ذا النموذج من العلم المش�روع لدى‬
‫تحليلنا لحوادث التاريخ ومخرجاته ألسباب منها ‪:‬‬
‫ •أن نص�وص فق�ه التح�والت نصوص اس�تباقية تتن�اول الحدث قب�ل وقوعه‬
‫وتصنفه في موقعه من السالمة وعدمها‪.‬‬
‫ •أنها تحدد هوية األشخاص المتكلم حولهم سلب ًا وإيجاب ًا ‪ ،‬فمن كان من أهل‬

‫((( ب�ل قد كان موقف اإلمام علي ‪ v‬من كرس�ي الخالفة موقف� ًا صريح ًا ال يحتمل التأويل‬
‫فه�ذا اب�ن عباس ‪ v‬يقول ‪( :‬دخلت عل�ى أمير المؤمنين علي كرم الل�ه وجهه بذي قار‬
‫وهو يخصف نعله فقال لي ‪ :‬ما قيمة هذا النعل ؟ فقلت ‪ :‬ال قيمة لها ‪ .‬فقال ‪( : v‬والله‬
‫لهي أحب إلي من إمرتكم إال أن اقيم حق ًا أو أدفع باط ً‬
‫ال ‪ . )..‬اهـ ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫الحصان�ة ظل من أهله�ا ال يقدح فيه طعن طاعن ‪ ،‬وال تش�وبه ضغائن ‪ ،‬ومن‬
‫كان م�ن أهل الفتنة المنصوص عليها ف�ي أحاديث فقه التحوالت عرف حاله‬
‫وموقفه ‪ ..‬واستشفت هويته وهدفه من خالل ذلك‪.‬‬
‫ •أن فقه التحوالت يعتمد على نصوص النبوة في مس�ألة الس�ابقة األزلية فيمن‬
‫سيحكم ومن يتولى أمر المسلمين ‪ ،‬ويصوغ الموقف الشرعي أمامه ‪ ،‬ويعضد‬
‫ذلك موقف األئمة أنفسهم من التولي وعدمه‪.‬‬
‫مواقف اإلمام‬ ‫فالصديق األكبر خالل مرحلة الخالفة الراشدة كان يحمل في نهجه‬
‫علي خالل مراحل‬ ‫ووعيه وعلمه ومعاملته ثالثة مواقف ‪:‬‬
‫الخالفة‬
‫الن�ص الش�رعي والمواق�ف التي عرفها ف�ي عصر صدر الرس�الة مع‬‫ّ‬ ‫ •موق�ف‬
‫رسول ال ّٰله ى‪.‬‬
‫ •موق�ف الصحابة القائم على االجتهاد وتبادل الرأي وفق المصلحة الش�رعية‬
‫والظروف الملحة‪.‬‬
‫ •موقف العناصر المخالفة والمتربصة والمرجفة‪.‬‬
‫وه�ا نحن نع�ود إلى إحدى كلم�ات الصديق األكب�ر لنفهم المعنى المش�ار إليه‬
‫بالنهج الواعي والعلم والمعاملة لدى التحوالت السياسية(((‪.‬‬
‫وبعيد مقتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ‪ v‬اجتمع أولو الرأي والمشورة رأي اإلمام علي‬
‫م�ن أصح�اب رس�ول ال ّٰل�ه ى للنظ�ر في أم�ر االس�تخالف ‪ ،‬وكانوا خمس�ة من ‪ v‬فيمن يتولى‬
‫الخالفة‬
‫أصحاب الش�ورى ‪ ،‬وللمؤرخين في هذا الموضوع بس�ط وطول تناول لمجريات‬

‫((( فه�ذا أب�و بكر الصدي�ق ‪ v‬عند توليه الخالفة يقول ‪( :‬أيها الن�اس اذكروا الله أيما رجل‬
‫ن�دم عل�ى بيعتي إال قام على رجليه ‪ ،‬فقام علي بن أبي طالب ‪ v‬ومعه الس�يف فدنا منه‬
‫حت�ى وض�ع رجليه على عتب�ة المنبر واألخرى عل�ى الحصى وقال ‪( :‬والل�ه ال نقيلك وال‬
‫نس�تقيلك فمن ذا يؤخرك ؟ قدمك رس�ول الله ى ) ‪ ،‬وفي رواية أخرى ‪ :‬قال علي ‪v‬‬
‫‪( :‬ال نقيل�ك وال نس�تقيلك قدمك رس�ول الل�ه ى لدينن�ا‪ ..‬أال نرضاك لدنيان�ا) اهـ ‪ .‬قال‬
‫الباقالني‪ :‬يعني بذلك حين قدمه رس�ول الله ى في الصالة واس�تنابه في الحج اهـ ‪( .‬رفع‬
‫الضيق ص‪)132‬‬

‫‪57‬‬
‫الم�داوالت واألقاوي�ل تدخ�ل فيما عرفناه س�لف ًا عن الم�ادة التاريخي�ة المكتوبة‬
‫نص القول ال�ذي عرض فيه اإلمام عل�ي ‪ v‬رأيه في‬ ‫‪ ،‬وم�ن ه�ذه الم�داوالت ّ‬
‫الخالف�ة وم�ن يتوالها ‪ ..‬وه�ذا نموذج مميز م�ن نم�اذج اإلدراك الواعي لمرحلة‬
‫الرسالة وحصانتها ‪ ،‬ومرحلة االجتهاد ومالبساته فها هو يقول ‪:‬‬
‫موقع أهل البيت من (إنكم تعلمون أننا أهل بيت النبوة وسبب نجاة األمة من المشقة والبالء‪ ،‬لنا حق‬
‫إن نُعط�ه نأخ�ذه ‪ ،‬وإن نمنع�ه نركب أعج�از اإلبل ولو طال الس�رى ‪ ،‬ونذهب إلى‬ ‫الخالفة‬

‫حيثم�ا نراه صالح� ًا ‪ ،‬وال نخاف من طول غيابنا حتى نبلغ أجلنا وبال ّٰله لو عهد إلينا‬
‫رس�ول ال ّٰلهى عه�د ًا ألنفذنا عهده ‪ ،‬ولو قال لنا ق�والً لجالدنا عليه حتى نموت ‪،‬‬
‫ومع ذلك فأنا واحد منكم وقد س�بقت الجميع إلى اإلسالم وإنّي أوصلكم للرحم‬
‫فاس�معوا كالم�ي وعوا منطقي ‪ ،‬واعلموا أني موافق لم�ا تفعلون وتابع لكم ‪ ،‬لكن‬
‫ليك�ن عملك�م مبني ًا على أصل ‪ ،‬وال تتبعوا الهوى وافعلوا ما فيه رضاء ال ّٰله ورضاء‬
‫رسوله)(((‪.‬‬
‫النص الذي ُيحدّ د موقف اإلمام علي ‪ v‬نقرأ إش�هاره للحق الذي‬ ‫مدلول سنة المواقف وف�ي هذا ّ‬
‫والناس فيه بين ُمعط له أو مانع ذلك الحق لسبب وآخر ‪ ،‬والنص‬
‫ُ‬ ‫كالم اإلمام علي ى يعلمه آلل البيت ‪،‬‬
‫أدب معاملة ش�رعية ال غبار عليها ‪ ،‬وف�ي فقه التحوالت يقرأ النص األبوي لإلمام‬
‫علي من واقع مدلول س�نة المواقف ‪ ،‬وكل عبارة من عباراته تحمل موقف ًا ش�رعي ًا‬
‫في أدب الذات أمام الحق الذي يطالب به ‪ ،‬وأدب ًا ش�رعي ًا مع الرموز الحاملة صفة‬
‫مس�ؤولية القرار وموقفهم المتخذ في ش�أنه أو ش�أن غيره ‪ ..‬وكفى بهذه المواقف‬
‫مدرس�ة للمواف�ق والمع�ارض والمحب والمبغ�ض ‪ ،‬ولكن�ه ‪ v‬أول من بايع‬
‫عثم�ان بعد عب�د الرحمن بن عوف ‪n‬أجمعين ‪ ،‬كما ج�اء في رواية صاحب‬
‫التمهيد والبيان ص (‪ :)26‬إنها مواقف معلم وملهم‪.‬‬
‫ومواقف المعلم والملهم ال ترتبط بالطباع والرغبات ‪ ،‬وإنما ترقى إلى مس�توى‬ ‫مواقف العدول ال‬
‫العدو األصلي ‪ ،‬فكيف بالمواقف مع‬
‫ّ‬ ‫ترتبط بالرغبات االقتداء بالمتبوع األعظم ى في مواقفه مع‬
‫والطباع‬

‫((( الفتوح البن أبي األعثم الكوفي (‪.)332‬‬

‫‪58‬‬
‫بعض نصوص‬ ‫شريك الديانة وقسيم بناء المرحلة‪.‬‬
‫كتابة التاريخ أفادت‬
‫إن كثي�ر ًا م�ن نص�وص كتاب�ة التاري�خ بص�رف النظر ع�ن مس�ميات أصحابها ‪،‬‬
‫المستشرقين ومرض‬
‫علة النفاق في‬ ‫ق�د أف�ادت انحرافات االستش�راق ومرض�ى علة النف�اق ‪ ،‬وبنيت عليها دراس�ات‬
‫مس�تفيضة من واقع احت�دام طباع البش�رية وتجانس مواقف المتع�دي والمعتدي دراستهم التحريشية‬
‫والمتربص والمتجس�س والمتحسس ‪ ،‬بل واتهمت بعض هذه الروايات الصحابة‬
‫بالمحاباة في أمر المسلمين ‪ ،‬وتأثير العالقات النسبية والصالت العرقية ‪ ،‬وجعلوا‬
‫مواقف الخالفة قائمة على صراع بين حزب أموي وحزب هاشمي ‪ ،‬وصارت بهذه‬
‫الروايات قراءة تاريخ الصحابة المبشرين بالجنة وأمانة نقل قرار اإلسالم من جيل‬
‫إل�ى آخر مبني�ة على الوقيعة والحيل�ة والخداع ‪ ،‬مما ينفي مبدأ الحصانة الش�رعية‬
‫الت�ي نال�وا جدارتها في عصر النبوة ‪ ،‬وينفي أيض ًا سلامة الصحبة والمرافقة النقية‬
‫المدعمة بالبش�ارات االس�تباقية التي قالها رس�ول ال ّٰله ى عن جملة من أصحابه‬
‫األبرار‪.‬‬
‫خطورة الخلط‬ ‫إن مس�ألة الخلط المتعمد لدى المغرضين بين س�ورة الطباع البشرية ‪ ،‬وبين حق‬
‫المتعمد لدى بعض‬ ‫االجتهاد المش�روع في س�لوك الس�ابقين إلى اإلسلام مس�ألة خطيرة في اإلسالم‬
‫الباحثين بين سورة‬
‫الطباع وبين حق‬ ‫كل�ه‪ ،‬ب�ل وتعدّ من وجهة نظر فق�ه التحوالت نقض صريح لنص�وص من ال ينطق‬
‫االجتهاد المشروع‬ ‫عن الهوى ى في شأن الثقة بآله األطهار وصحابته األخيار ‪ ،‬وقد أشرنا سلف ًا إلى‬
‫ضرورة التمييز بين فقه الحصانات الخاص بمناقب الصحابة ‪ ،‬وبين فقه المواقف‬
‫والمتغيرات المنصوصة فيما يعرف بالعلم بعالمات الساعة ‪ ،‬وبهذا ال بغيره يعرف‬
‫الباحث الفرق بين موقف األئمة والصحابة س�اعة وقوع األحداث ‪ ،‬وبين التعليل‬
‫مروجي الفتنة ومفسدي العالقة الشرعية بين أئمة‬
‫وتفصيل األقالم وزفير وش�هيق ّ‬
‫الديانة وحملة أمانة اإلسالم‪.‬‬
‫وجوب توقف الهجمة‬
‫ب�ل ويجب أن تقف الهجمة المسيس�ة داخل حظيرة األمة اإلسلامية بين الكتل‬
‫المسيسة بين الكتل‬
‫المتصارعة ضمن‬ ‫المتصارعة ضمن المس�ميات واألس�ماء المتوارثة ‪ ،‬ما بين س�نة مصنعة ‪ ،‬وش�يعة‬
‫مقنع�ة ‪ ،‬وحزبية إسلامية معتدل�ة أو متطرفة ‪ ،‬قائم�ة اليوم أو متوقع�ة ‪ ،‬فهذه كلها االنتماء والمسميات‬
‫غل�و االفراط وجفاء‬
‫حس�ب نظرة الق�ارئ لفقه التحوالت تراكم�ات جمعت بين ّ‬

‫‪59‬‬
‫التفري�ط ب�ل وخرجت من ذل�ك القيد اللغ�وي واالصطالح�ي إلى دم�ار العقائد‬
‫صح في كثير منها قول الحق سبحانه وتعالى ‪( :‬ﯠ‬
‫والعالقات والمبادئ والقيم ‪ّ ،‬‬
‫ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ) [النجم ‪.]23 :‬‬
‫إن عودة االحتكام المش�روع إلى النصوص النبوية واألبوية في ش�أن التحوالت‬ ‫ضرورة العود إلى‬
‫االحتكام المشروع والمتغي�رات المتمرحل�ة تعتب�ر العلاج األنج�ح لس�يل التراكم�ات التاريخي�ة‬
‫للنصوص النبوية‬
‫المتناقضة‪ ،‬بل ومس�اعدة على إنشاء جيل إسالمي مجتمع النظر والفكرة من واقع‬
‫المرحلة اإلسالمية األولى ‪ ..‬مرحلة الرسالة والوحي والعصمة والمعجزات‪.‬‬
‫وبه�ذه المرحلة ومخرجاتها المنصوصة كتابا وس�نة تضب�ط المراحل الالحقة ‪،‬‬
‫وتضب�ط العالقة باألوعية السياس�ية والدينية ‪ ،‬كما تضبط أيض� ًا أقاويل وتعليالت‬
‫المؤرخين وال ُكتَّاب وحملة األقالم قديم ًا وحديث ًا‪.‬‬
‫لقد انضبط أمر الش�ريعة في ش�ؤونها والعقيدة في صفائها ومراتب الس�لوك في‬
‫تطبيقات�ه بعل�م األصول وخدمت�ه الجليلة وعرض ذلك كله على كتاب ال ّٰله وس�نة‬
‫رسوله ى‪.‬‬
‫وأما حوادث التاريخ السياس�ي ‪ ،‬ومواقف الرجال في مفاصل التحول وسلامة‬ ‫انضباط علوم العقيدة‬
‫والشريعة والسلوك‬
‫ق�راري الحكم في أهله والعلم في رجاله وأوعيته فانضباطه منوط بالربط بين هذه‬ ‫يقتضي إكمال مهمة‬
‫األمور ونصوص فقه الدعوة إلى ال ّٰله وأصول علم المتغيرات وفقه التحوالت وما‬ ‫االنضابط في وصف‬
‫طابقه من معاني كتاب ال ّٰله تعالى وأحاديث العلم بعالمات الساعة ال غير ذلك‪.‬‬ ‫حوادث التاريخ‬
‫ومتناقضاته‬
‫لقد انضبط بنصوص فقه التحوالت ش�أن العالق�ة بين اإلمام علي وأم المؤمنين‬
‫عائش�ة ‪ c‬بقول النبي ‪« : m‬س�يكون بينك وبين عائش�ة أمر» أو «إذا إذا كان‬
‫ذلك فارددها إلى مأمنها»(((‪.‬‬
‫وبي�ن اإلم�ام علي والزبير ‪ c‬س�اعة اللقاء في معركة الجم�ل وقول اإلمام‬
‫علي له (ألم يقل لك رسول الله ‪« : m‬لتقاتلنه وأنت ظالم له»((( فكان هذا النص‬
‫سببا في انسحابه من المعركة ‪..‬‬

‫(((رواه الهيثمي في مجمع الزوائد ‪.237/7‬‬


‫(((رواه إن كثير في البداية والنهاية ‪.219/6‬‬

‫‪60‬‬
‫إذن فالنص فيما سبق من المواقف السياسية يحتاج إلى عمق تأمل وتدبر‪ ،‬حيث‬
‫ال حك�م على الع�دول بمجريات الحوادث وإنما الحك�م بالنصوص والنصوص‬
‫ه�ي الح�د الفاصل بين تصور العق�ل وغيرة الطبع وبين حقيق�ة الموقف للمتناول‬
‫ش�أنه وحال�ه وإقامة الحج�ة له أو علي�ه ‪ ،‬وخصوصا فيمن عاصر رس�ول الله ‪m‬‬
‫وجرى تعديل مواقفه بنبي األمة ‪. m‬‬

‫‪61‬‬
‫�ت‬ ‫ق‬
‫ف�� � ��ع��م� �أ ��ا ا ��خل��� ا ف��ة ا ��ل ا �ش� ة‬ ‫�‬ ‫�‬
‫��م�و �ع ا � �لإ ما� �� ‪ �� v‬ي��د ر ك� � ن� ل �� ر ��د �‬
‫ل‬
‫�‬ ‫�‬
‫ع‬ ‫�‬
‫�‬‫�‬
‫ي‬ ‫مي‬
‫موقع اإلمام علي‬
‫‪ v‬في تعميد‬
‫تعتبر الخالفة الراش�دة في تاريخ اإلسلام السياسي مظهر القواعد الشرعية التي‬ ‫أركان الخالفة‬
‫الراشدة‬
‫أقيمت على أس�س مرحلة الرس�الة األولى ‪ ،‬حيث إن مرحلة الرسالة قائمة بالنبوة‬
‫والوح�ي والعصم�ة واألخالق والمعج�زات والجهاد في س�بيل ال ّٰله ‪ ،‬وال خالف‬
‫على ذلك‪.‬‬
‫شروط انتقال األمانة والنتقال األمانة الشرعية على وجهها الصحيح ال بد من سالمة الوعاء التاريخي‬
‫الشرعية سالمة النتقال هذه األمانة بش�روطها المناس�بة لجيل مرحلة الخالفة الراشدة ‪ ،‬والمعلوم‬
‫الوعاء التاريخي‬
‫أن مرحل�ة الخالف�ة الراش�دة تقرأ في نصوص فق�ه المتغيرات مرحل�ة واحدة كما‬
‫للنقل‬
‫قرأه�ا النص النبوي مبتدئة بمرحل�ة الخليفة األول أبي بكر الصديق ‪ v‬ونهاية‬
‫بمرحلة الخليفة الخامس الحسن بن علي ‪ n‬أجمعين وال تصح قراءة مرحلة‬
‫الخالف�ة مج�زأة أو مرتبط�ة بالخليف�ة وح�ده وخاصة في مس�ألة سلامة المرحلة‬
‫وسالمة القرار‪.‬‬
‫وقد وقع العديد من المؤرخين والكتاب وبعض العلماء أيض ًا في علة الفصل بين‬ ‫تحديد الخلفاء‬
‫األربعة تعليل قاصر مراح�ل الخالفة ‪ ،‬ومواقف الخلفاء نتيجة غياب العل�م بفقه المتغيرات ونصوص‬
‫عن قراءة المراحل‬
‫المنصوص عليها فقه التحوالت‪.‬‬
‫فمنه�م أو أغلبه�م إن لم يكن كلهم ق�د جعلوا الخلفاء أربع�ة ‪ ،‬وتجاوزو اإلمام‬ ‫بالخالفة‬
‫الحس�ن بن علي لتنازله ‪ ..‬فخالفوا النص من جهه ‪ ،‬وأكس�بوا عدالة الخالفة لمن‬
‫نسبهم النص إلى مرحلة الملك العضوض‪.‬‬
‫وجرحوا مرحلة الخالفة ك ّلها بد ًءا من اجتماع‬
‫وجاء آخرون من غالة المسلمين ّ‬
‫الس�قيفة ‪ ،‬وما تاله حتى اختلط األمر عليهم في ش�أن خالفة اإلمام علي والحس�ن‬
‫‪ n‬أجمعين‪.‬‬
‫وال زالت مش�كلة التجريح والخلط قائمة إلى اليوم على ألسنة ومذاهب وأقالم‬
‫ووس�ائل هذه المدارس الغالية بأنواعها ‪ ،‬وأس�اس المش�كلة نابع من س�وء قراءة‬
‫النصوص وعلة التطبيقات بين الحوادث ونصوصها‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫ففري�ق ربط مصير المراح�ل ورموزها بالحوادث ذاتها ‪ ،‬وص�ار الفقه التاريخي العلل التي شابت‬
‫للح�وادث والوقائ�ع والروايات مادة ال�والء والبراء واالحت�كام ‪ ،‬وفريق آخر زاد الفقه التاريخي لقراءة‬
‫المراحل‬
‫عل�ى ذلك األمر النظر في نصوص المناقب والفضائل ورجح بها ميزان المفاضلة‬
‫الغلو واإلفراط‬
‫والجدارة واألحقية في الخالفة ووراثة القرار ‪ ،‬بل وزاد البعض من ّ‬
‫انتحال المناقب والفضائل حتى خرج بعضها عن دائرة الشرع الشريف كله‪.‬‬
‫وفريق آخر حكم العقل والفهم واس�تقراء الما ّدة التاريخية المكنونة لدى الفرق‬
‫ك ّلها ليضع فهمه الذاتي حكم ًا في ترجيح السالمة أو اإلدانة بالخطأ والجنوح‪.‬‬
‫وهذا هو اإلشكال المركب بين أمة القرآن والسنة إلى اليوم ‪ ،‬وال مخرج من هذه ضرورة إحياء سنن‬
‫الع ّل�ة الناخرة إالّ بإحياء س�نن النبوة ذاتها وتربية جيل الوس�طية الش�رعية المؤمن النبوة إلعادة قراءة‬
‫التاريخ الشرع‬
‫بدراس�ة الدي�ن مجتمع ًا في أركانه األربعة ثوابت ومتغي�رات ‪ ،‬ومن ّ‬
‫ثم تقرأ مناقب‬
‫وفضائل األئمة والصحابة في مجالها المشروع ‪ ،‬كما تقرأ التحوالت والمتغيرات‬
‫وم�ا ينش�أ م�ن مواق�ف واجته�ادات حياله�ا ف�ي مس�اقها المنص�وص ‪ ،‬ومجالها‬
‫المخصوص ‪ ،‬وهذا الفصل الذي نحن بصدده أحد هذه األمثلة المراد ربطها بفقه‬
‫التحوالت ومدلوالته‪.‬‬
‫قبول اإلمام علي‬ ‫فموق�ف اإلم�ام علي ‪ v‬ف�ي بداي�ة المرحلة الراش�دة وموافقته عل�ى البيعة‬
‫للبيعة في مرحلة‬ ‫ومش�اركته الفعلي�ة في تثبيت دول�ة الخالفة تعميد ش�رعي للمرحلة وأس�اس في‬
‫الخالفة داللة على‬
‫توثي�ق سلامتها ‪ ،‬بصرف النظر عما يقال أو يروى من التأخ�ر والتباطؤ في البيعة ‪،‬‬
‫سالمة المراحل‬
‫السابقة‬ ‫فالعبرة بالنتائج ال بمقدماتها سواء في رواية القائلين ببيعته في اليوم األول والثاني‬
‫‪ ،‬أو القائلي�ن بتأخر البيعة س�تة أش�هر حتى وفاة الس�يدة فاطم�ة الزهراء ‪ b‬أو‬
‫القائلي�ن بهما مع ًا ‪ ،‬أي‪ :‬بيعت�ه األولى في حينها وبيعته الثانية تجديد العهد وتأكيد ًا‬
‫عليه‪.‬‬
‫كم�ا أن قبوله البيع�ة في أخري�ات مراحلها ومباش�رته الفعلية لقيادة المس�لمين‬
‫قرار ًا واس�تقرار ًا تأكيد آخر مهم على صحة المرحلة واستقامة شروط السالمة في‬
‫رجالها وقرارها ‪ ،‬بصرف النظر عن الظروف والحوادث والحيثيات المس ّببة لذلك‬
‫‪ ،‬أو الظروف والحوادث المترتبة بعد ذلك‬

‫‪63‬‬
‫وهذا مفصل هام في قراءة المرحلة الراشدة اعتماد ًا على المواقف والدالالت ‪،‬‬
‫أما قراءة النصوص فاألحاديث الش�ريفة أكبر شاهد على سالمة المرحلة بعمومها‬
‫على مدى تأريخها بالهمز وتاريخها بغيره‪.‬‬
‫فائدة التاريخ بالهمز والمقص�ود بالهمز ‪ ..‬أي بالرقم الزمني لفترة الخالفة إذا رمزنا بالهمزة الس�اكنة‬
‫والتاريخ بغيره على ألف (تأريخ) والفترة الزمنية مثبتة في الحديث بقوله ى ‪« :‬الخالفة في أمتي‬
‫ثالثون سنة ثم ملك بعد ذلك»(((‪.‬‬
‫الخالفة ثالثون عام ًا فالثالثون سنة رقم زمني أرخ لتاريخ شرعي محصن ال طعن فيه ‪ ،‬ومن طعن فيه‬
‫طعن في سالمة النبوة ‪ ،‬قال ابن كثير ‪( :‬كانت خالفة أبي بكر ‪ v‬سنتين وأربعة‬
‫أشهرإالّ عشر ليال ‪ ،‬وكانت خالفة عمر ‪ v‬عشر سنين وستة أشهر وأربعة أيام‬
‫‪ ،‬وخالف�ة عثمان ‪ v‬اثنتا عش�ر س�نة إالّ اثنى عش�ر يوم ًا ‪ ،‬وكان�ت خالفة على‬
‫بن أبي طالب ‪ v‬خمس س�نين إالّ ش�هرين ‪ ،‬ثم ق�ال‪ :‬وتكمل الثالثين بخالفة‬
‫الحسن بن علي ‪ v‬نحو ًا من ستة أشهر‪.‬‬
‫ه�ذا م�ن حي�ث التأريخ الرقم�ي المنص�وص‪ ،‬أما من حي�ث التاريخ الس�لوكي‬
‫فيدل عليه قول حذيفة بن اليمان ‪ v‬قال ‪:‬‬ ‫العملي للمرحلة وعدالتها الش�رعية ّ‬
‫قال رسول ال ّٰله ى ‪« :‬أول دينكم نبوة ورحمة ‪ ،‬ثم يكون خالفة ورحمة ‪ ،‬ثم ملك‬
‫(((‬
‫ورحمة ‪ ،‬ثم يكون ملك ًا وجبرية»‪.‬‬
‫دالالت متعددة تؤكد ويستفاد أيض ًا لتثبيت مرحلة الخالفة الراشدة وسالمة قرارها مواقف اإلمام علي‬
‫صحة مرحلة الخالفة ‪ v‬مع الخلفاء ومس�اندتهم وحضور الصلوات في الجماعة معهم ومش�اركته‬
‫الراشدة‬
‫المشورة في أمور المسلمين وحل معضالت الحكم والعلم المستعصية على كثير‬
‫منهم ‪ ،‬وكلها دالالت ومواقف تؤكد سلامة البواط�ن وصدق المعاملة المتجردة‬
‫عن النفوس وسخائم الطباع ‪ ..‬وقد أفاضت كتب التراجم والسير والمناقب حول‬
‫هذه المواقف ودالالتها بما ال مزيد عليه وال حاجة هنا لتكراره‪.‬‬

‫((( سنن الترمذي (‪.)2226‬‬


‫((( المعجم الكبير للطبراني (‪. )223/22( )591‬‬

‫‪64‬‬
‫إن البح�ث ال�دؤوب ع�ن المتناقض�ات والمغام�ز وعي�وب الرج�ال وهنّ�ات‬
‫المواق�ف أوجد في تاريخ األمة ش�رخ ًا عميق ًا ال تعالج�ه االنتماءات للجماعات ‪،‬‬
‫وال الوالءات للمذاهب ‪ ،‬وهذه المؤلفات والرس�ائل وحملة الوس�ائل بين أيدينا‬
‫ش�اهدة عل�ى انعدام نقط�ة االلتقاء بين م�دارس االف�راط والتفريط ب�ل ونراها قد‬
‫أغربت بالقافلة عن حدّ التوسط واالعتدال سواء في التعايش الشرعي في المرحلة‬
‫المعاص�رة ‪ ،‬أو ف�ي األحكام على مجري�ات التاريخ المتناقض بي�ن المجموعات‬
‫المتناحرة والمتنافرة ‪.‬‬
‫ومع هذا أو ذاك فهي ال تحمل برنامج حل لألمة وأزماتها االقتصادية واالجتماعية‬
‫‪ ..‬وإنم�ا حصرت الحلول في االلتزام بما فهمه كل أهل مذهب في مس�ائل الوالء‬
‫والب�راء ‪ ..‬حتى س�قطوا جميعا خالل المرحل�ة الغثائية في تس�ييس أعدائهم لهذا‬
‫الصراع وتوظيفه لمصلحة القوى العالمية في المنطقة ‪..‬‬
‫استحالة رفع راية‬ ‫وأنّ�ى ألمة تعيش الصراع العق�دي والطائفي والطبقي في واقعها المعاش حكم ًا‬
‫العدل والسالم في‬
‫وعلم ًا أن تحمل راية العدل والسلامة لدى كتابتها ‪ ،‬أو معالجتها لقضايا االفراط‬
‫أمة تعيش الصراع‬
‫العقدي والطائفي‬ ‫أو التفريط في تاريخ المتقدمين والماضين ؟!‬

‫دور اإلمام علي‬


‫إنن�ا هن�ا في تناولن�ا لمواقف اإلمام عل�ي ‪ v‬وأرضاه ودوره ف�ي تثبيت قرار‬
‫في تثبيت الخالفة‬ ‫الخالفة الراش�دة ال يعنى انش�غالنا بالتاريخ األول في ذلك العصر فحسب ‪ ،‬وإنما‬
‫الراشدة‬ ‫نحن من خالل القراءة لفقه المتغيرات الشرعي نربط بين مواقف اإلمام علي وبين‬
‫تثبيت تعريف الخالفة الراش�دة حكم ًا وعلم ًا عبر تاريخ الحياة اإلنس�انية إلى قيام‬
‫الساعة‪.‬‬
‫فإذا ثبت بهذا العلم المشروع سالمة الخالفة الراشدة في عصر الخلفاء الخمسة‬
‫الخالفة الراشدة‬
‫مستمرة في أحد‬ ‫‪ ،‬فالخالف�ة الراش�دة بعد ه�ذه المرحلة لم تنقطع في تسلس�لها الش�رعي بمعانيها‬
‫معانيها الشرعية‬ ‫األساس�ية ف�ي مفه�وم الخلف�اء الراش�دين المهدي ّين إل�ى أن يقضي ال ّٰله أم�ر ًا كان‬
‫مفعوال(((‪.‬‬

‫((( والمقصود بالمعاني األساس�ية سالمة خالفة العلم وإن كانت خالفة الحكم معلولة‬

‫‪65‬‬
‫ألننا عند التناول لمفهوم الهداية والرش�د في (الحكم والعلم) نربط بين الخلفاء‬
‫الخمس�ة والخليفة الس�ادس عمر بن عبد العزيز ال ارتباط ًا بالذات وال بالمرحلة ‪،‬‬
‫وإنما ارتباط ًا بالمواقف والدالالت مع البشارات االستباقية لسالمة الذات‪.‬‬
‫موقع اإلمام الحسن وعن�د تناولن�ا للخالف�ة الراش�دة في العل�م مجرد ًا ع�ن الحكم ‪ ،‬فإنن�ا نربط بين‬
‫من الربط بين الخليف�ة الخام�س الحس�ن ب�ن عل�ي ‪ v‬وموقف�ه التاريخ�ي في رب�ط الهداية‬
‫الخالفة الراشدة‬
‫ومواقف الخلفاء والرش�د بالمواقف والدالالت بعيد ًا عن الحكم والسلطان المعلول ‪ ،‬وما تسلسل‬
‫العدول عبر التاريخ من�ذ ذلك الحين من تعيين الخالفة الراش�دة في الوراث والع�دول الذين وصفهم‬
‫الحدي�ث‪« :‬ي�رث ه�ذا العلم م�ن كل خل�ف عدوله ‪ ،‬ينف�ون عنه تحري�ف الغالين‬
‫وانتحال المبطلين ‪ ،‬وتأويل الجاهلين»(((‪.‬‬
‫واإلرث المش�ار إلي�ه بالعلم يقطع طريق العدالة الكلية ف�ي الميراث النبوي عن‬
‫كافة المرتبطين بسياسة الحكم العضوض أو ما يطابقه ويوافقه في االسم والمسمى‬
‫والمواق�ف وال�دالالت على م�دى تاريخ األمة اإلسلامية إلى يوم الدي�ن ‪ ،‬وهنا‬
‫تكمن أهمية دراسة فقه التحوالت على ضوء نصوص العلم بعالمات الساعة‪.‬‬
‫ألن العل�ة وق�د طرأت في قرار الحك�م وصارت عند الخليف�ة الخامس معضلة‬ ‫العلة التي طرأت في‬
‫قرار الحكم ألزمت‬
‫خطيرة يش�هد بها في واقعه المعاش أس�بابها ومس�بباتها ويس�تطلع بثاقب فراس�ته‬
‫اإلمام الحسن الفصل‬
‫ثمراتها ونتائجها ‪ ،‬فليس لها من عالج إال ُس�نَّ ُة المواقف ‪ ،‬وهي الس�نة األساس�ية‬
‫بين خالفة الحكم‬
‫وخالفة النبوة ف�ي فق�ه التحوالت المقتبس�ة من ق�ول النبيى ‪« :‬عليكم بس�نتي وس�نة الخلفاء‬
‫الراشدين المهديين‪.(((»..‬‬
‫واإلمام الحس�ن بن علي من الخلفاء الراش�دين المهديي�ن حكم ًا وعلم ًا ‪ ،‬وكان‬
‫نصا باالهتداء بها فصل قرار الحكم عن قرار العلم ‪ ،‬أو بمعنى‬‫من س�نته التي ُأمرنا َّ‬
‫أدق فص�ل أوعية قرار الحكم ومتعلقاته عن أوعية العلم الموروث نص ًا ومتعلقاته‬

‫بالعضوضي�ة أو غيره�ا ‪ ،‬فخلفاء العلم الوارثين ال عالقة لهم بعضوضية الحكم وإن‬
‫عاشوا في مرحلته‪.‬‬
‫((( تقدم ‪.‬‬
‫((( مسند أحمد (‪. )17144‬‬

‫‪66‬‬
‫‪ ،‬فاجتمعت سنّة النبي المقررة عن تحول المرحلة من الخالفة الراشدة إلى الملك‬
‫العض�وض م�ع س�نة اإلمام الحس�ن المقررة فص�ل ق�رار وراثة العلم عن سياس�ة‬
‫الحك�م ‪ ،‬وفيه�ا قال اإلمام الحس�ن في وصيته ألخيه الحس�ين ‪n‬أجمعين ‪:‬‬
‫(إن�ي وال ّٰل�ه ما أرى أن يجم�ع ال ّٰله فينا آل البيت النبوة والخالف�ة) ‪ ،‬وللوصية بداية‬
‫ونهاية تراجع في موقعها – راجع التليد والطارف ص (‪ ، )229‬أو تاريخ الخميس‬
‫ص (‪ ، )293‬وبه�ا يجتمع المعنى من الحديث الش�ريف ‪« :‬عليكم بس�نتي وس�نة‬
‫الخلف�اء الراش�دين المهديين من بعدي عضوا عليه�ا بالنواجذ فإن من يعش منكم‬
‫فس�يرى اختالف ًا كثير ًا»((( ‪ ،‬قال الش�اطبي عند ش�رحه لقول النبي ى ‪« :‬ما أنا عليه‬
‫وأصحاب�ي» فإنه راجع إلى ما قالوه وس�نّوه ‪ ،‬وما اجتهدوا فيه حجة على اإلطالق‬
‫‪ ،‬وبش�هادة رس�ول ال ّٰله ى لهم بذلك خصوص ًا إلى أن قال ‪ :‬فإذ ًا كل ما سنّوه فهو‬
‫سنّة من غير نظير فيه بخالف غيرهم ‪ ،‬وقال في الموافقات ‪ :‬سنة الصحابة ‪n‬‬
‫يعمل عليها ويرجع إليها‪.‬‬
‫والنص�وص في فقه التحوالت هي أصل االحتكام ومصدر الحجة في السلامة‬
‫من الفتنة ‪ ،‬أو االرتكاس فيها‪.‬‬
‫وقد ضلت مواقف اإلمام علي ‪ v‬على مدى تاريخ الخالفة الراش�دة حصن ًا مواقف اإلمام علي‬
‫حصين ًا لإلسالم كله يشهد بهذا األمر كافة الخلفاء الثالثة وجمهور اآلل والصحابة ‪ v‬حصن ًا حصين ًا‬
‫لإلسالم كله ‬
‫والتابعين‪.‬‬
‫ف�دور اإلمام في بس�طه ي�ده للمبايعة كان حاس�م ًا قطعي ًا لتثبي�ت خالفة أبي بكر بسط اإلمام علي يده‬
‫للمبايعة الصديق‬
‫حسم نهائي‬ ‫الصديق ومساعد ًا عملي ًا الجتماع كلمة األمة ‪ ،‬وروي عنه قوله في خطبته على منبر‬
‫الكوفة مثني ًا على خالفة أبي بكر (فأعطى المسلمون البيعة طائعين ‪ ،‬فكان أول من لالعتراض على قرار‬
‫السقيفة‬ ‫(((‬
‫سبق في ذلك من ولد عبد المطلب أنا)‪.‬‬
‫وف�ي عهد الخليف�ة الثاني عمر بن الخطاب ظل اإلم�ام علي ‪ v‬عضو ًا بارز ًا مدلول عجزت‬
‫النساء أن تلدن مثل‬
‫ابن طالب‬ ‫((( مس�ند أحمد (‪ ، )17145‬وس�نن الدارمي (‪ ، )96‬وس�نن ابن ماجه (‪ ،)42‬وسنن الترمذي‬
‫(‪. )2676‬‬
‫((( أسد الغابة (‪. )156/4‬‬

‫‪67‬‬
‫في ش�ؤون الدول�ة العمرية ‪ ،‬و ُمعترف ًا بفضله وفقهه وحكمت�ه ‪ ،‬وفيه يقول الفاروق‬
‫‪( : v‬أع�وذ بال ّٰل�ه من معضلة ليس لها أبو الحس�ن) ‪ ،‬وف�ي موقف آخر يقول ‪:‬‬
‫(عجزت النساء أن تلدن مثل علي بن أبي طالب ‪ ،‬ولوال علي لهلك عمر)((( ‪.‬‬
‫مواقف اإلمام علي وف�ي عه�د عثم�ان ‪ v‬كانت مواق�ف اإلمام عل�ي ‪ v‬مثلها مث�ل مواقفه‬
‫في مرحلة عثمان مع الخلفاء الس�ابقين وهي الس�مع والطاعة ‪ ،‬واإلدالء بالمش�ورة والنصح ‪ ،‬وكان‬
‫‪v‬‬
‫عاصم� ًا من فتن�ة االندفاع لدى الث�وار والمحيطين بهم الذين ن�ووا الضرر بعثمان‬
‫وأقاربه ‪ ،‬بل ظل اإلمام واسطة بين الفريقين لتهدءة األوضاع ومحاولة التوفيق بين‬
‫الفرق�اء ‪ ،‬حت�ى تفاقم األمر وخرج عن ش�روط الضبط وااللتزام فع�اد اإلمام علي‬
‫إلى منزله مس�تقبح ًا كافة المواقف المتناقضة ‪ ،‬وحريص ًا كل الحرص على سلامة‬
‫الخليف�ة عثم�ان ‪ ، v‬ودافع� ًا بأبنائه وجملة من المقربين إلي�ه كي يحموا منزل‬
‫عثم�ان من غوغائي�ة المعتدين والمتعدّ ين حتى جرى أمر ال ّٰله كما كان ‪ ،‬ولم يس�ع‬
‫اإلمام عليا إال أن يقول ‪( :‬كيف قتل عثمان وأنتم على الباب؟ ولطم الحسن وكان‬
‫قد جرح ‪ ،‬وضرب صدر الحس�ين ‪ ،‬وش�تم ابن الزبير وابن طلحة ‪ ،‬وقال‪ :‬ت ّب ًا لكم‬
‫(((‬
‫ماألت على قتله)‬
‫ُ‬ ‫سائر الدهر ‪ ،‬ال ّٰلهم إني أبرأ إليك من دمه أن أكون ُ‬
‫قتلت أو‬
‫وخط�ورة الفتنة‬ ‫وتب�رؤ اإلم�ام علي من مقت�ل عثمان إش�ارة إلى عظ�م الحدث ُ‬‫ُّ‬
‫وعلم�ه ‪ v‬بعالق�ة األمر بفتنة الدج�ال ‪ ..‬وقد أخرج ابن عس�اكر عن جابر بن‬
‫عب�د ال ّٰل�ه ‪ v‬أن علي ًا أرس�ل إلى عثمان فق�ال ‪( :‬إن معي خمس�مئة ذراع – أي‬
‫مقاتل – فأذن لي فأمنعك من القوم ‪ ،‬فإنك لم تحدث ش�يئ ًا يس�تحل به دمك) فقال‬
‫((( ‪.‬‬
‫عثمان ‪: v‬جزيت خير ًا ما أحب أن يهراق دم في سببي‪.‬‬

‫((( سنن البيهقي (‪. . )15558‬‬


‫((( أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (‪. )222/1‬‬
‫((( تاريخ دمشق ص ( ‪. )398/39‬‬

‫‪68‬‬
‫�م � �ة � خ���ت ق � ّ ل� ��م �ق���ف � �ع��ل� ‪�� v‬م�ن‬
‫���ها�‬ ‫�‬‫رح�ل� ا ال � ار�� ا ل��د ج�ا� �� �و �و � ا �لإ ما� �‬
‫مي‬ ‫ي‬
‫بدء مرحلة االختراق‬
‫الدجالي موقع القرار‬
‫السياسي في اإلسالم‬
‫أثبتت النصوص االس�تباقية التي نطق بها خير البريةى أن بدء مرحلة اإلختبار‬
‫السياسي بين مدارس اإلسالم الحق ‪ ،‬ومدارس الجنوح واالرجاف كان مع موت‬
‫رس�ول ال ّٰله ى حيث بدأ العمل المنس�ق لهذه المدارس السلبية مع هذا المفصل من نجا من ثالث‬
‫فقد نجا‬ ‫الخطي�ر ال�ذي قال عنه ى ف�ي الحديث ‪« :‬من نجا من ثالث فق�د نجاقالها ثالث‬
‫م�رات» قال�وا ‪ :‬ماذا يا رس�ول ال ّٰله؟ قال ‪« :‬موت�ي ومن قتل خليف�ة مصطبر بالحق‬
‫يعطي�ه ‪ ،‬والدج�ال»((( ‪ ،‬وحديث ‪« :‬اعدد س�ت ًا موتي‪ (((».....‬الخ ‪ ،‬وموت رس�ول‬
‫ال ّٰله ى عالمة من عالمات الساعة ومفصل من مفاصل التحوالت أدخل المرحلة‬
‫الجديدة ورموزها في محك االختبار ‪ ،‬وبرزت من خالل هذه االختبارات مواقف‬
‫الثب�ات ‪ ،‬ومواقف السلامة لدى أه�ل الحصانة والعدالة وحف�ظ ال ّٰله بها األمة من‬
‫الزيغ والضالل واالختالف في س�اعة موت النبي ى واضطراب الجميع في هذه‬
‫الحادثة وثبات الصديق وإنقاذه الموقف بما تاله على األسماع من قول ال ّٰله تعالى ‪:‬‬
‫(ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ‬
‫ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ) [آل عم�ران ‪:‬‬
‫‪ ، ]144‬ومرور ًا بمواقفه وحسمه قضية ردة العرب ومنعهم للزكاة ومحاربتهم على‬
‫ذل�ك ثم قطعه داب�رة فتنة مدارس اإلفك التي ادعت النبوة كالمدرس�ة المس�يلمية‬
‫واألس�دية وغيره�م ‪ ،‬ويلي ذلك مرحل�ة الخليفة الثاني عمر ب�ن الخطاب ‪v‬‬
‫وتأكيد الرس�ول ى أنه�ا مرحلة (غلق الفتنة) ‪ ،‬وأن عمر ب�ن الخطاب (باب غلق‬
‫الفتنة) كما جاء في البخاري ومسلم بسنديهما إلى أبي وائل شفيق ابن سلمة قال ‪:‬‬
‫س�معت حذيفة يقول ‪( :‬بينا نحن جلوس� ًا عند عمر إذ قال ‪ :‬أيكم يحفظ قول النبي‬
‫ى ف�ي الفتن�ة؟ ق�ال ‪( :‬فتنة الرج�ل في أهله ومال�ه وولده وج�اره يكفرها الصالة‬

‫((( مسند أحمد (‪ ، )22488‬المستدرك على الصحيحين (‪. )4548‬‬


‫((( صحيح البخاري (‪. )3176‬‬

‫‪69‬‬
‫والصدقة واألمر بالمعروف والنهي عن المنكرقال ليس عن هذا أسألك ولكن التي‬
‫تم�وج موج البحر قال‪ :‬لي�س عليك منها بأس يا أمير المؤمني�ن إن بينك وبينها باب ًا‬
‫مغلقا ‪ ،‬فقال عمر‪ :‬أيكسر الباب أم يفتح؟ قال‪ :‬بل يكسر ‪ ،‬قال عمر إذ ًا ال يغلق أبدا‬
‫قلت أجل قلنا يا حذيفة أكان عمر يعلم الباب؟ قال‪ :‬نعم كمايعلم أن دون غد الليلة‬
‫‪ ،‬وذل�ك أني حدثته حديث ًا ليس باألغاليط ‪ ،‬فهبنا نس�أله من الباب؟ فأمرنا مس�روق ًا‬
‫فسأله فقال من الباب؟ قال عمر)(((‪.‬‬
‫المشار هنا بالفتنة السياسية التي يخترق القرار منها عناصر الدجال ‪ ،‬وهي الفتنة‬
‫التي مهدت فيما بعد لقتل الخليفة المصطبر عثمان وخالل هذه المرحلة التي بدأت‬
‫بم�وت النب�ي ى إلى مرحلة عثمان ‪ ، v‬بقيت في نف�وس المدارس األخرى‬
‫م�ا بقي من الفتنة والتربص واالنتظار للفرص والمناس�بات لتصبح مس�ألة (موت‬
‫النبي ى) إحدى أس�باب الخوض في المالبس�ات وفق�ه المغالطات والمبررات‬
‫إل�ى يومن�ا هذا ‪ ،‬وإل�ى أن يقضي ال ّٰل�ه أم�ر ًا كان مفعوال‪ ..‬وقد ش�ملت الطعن في‬
‫قراري الحكم وقراري العلم وما ترتب على مسألة الخالفة الراشدة وثمراتها‪.‬‬
‫وجاءت المرحلة الثانية المش�ار إليها في الحديث ‪( ،‬مقتل خليفة مصطبر بالحق‬
‫يعطي�ه) ‪ ،‬وه�ي مرحلة الخليف�ة المصطبر عثم�ان بن عف�ان ‪ v‬ومقتله عالمة‬
‫وأن هذا‬ ‫خطيرة من عالمات االختراق الدجالي لموقع القرار في األمة اإلسالمية ‪ّ ،‬‬
‫األمر السياس�ي فتنة خطيرة على كثير من العقول المترس�مة بالعلم وقراءة التاريخ‬
‫حيث قال المصطفى ى ‪« :‬والذي نفس�ي بيده ما من رجل في قلبه مثقال حبة من‬
‫قتل عثمان إال تبع الدجال إن أدركه ‪ ،‬وإن لم يدركه آمن به في قبره»((( ‪ ،‬ومثل هذا‬
‫التوجي�ه النبوي المس�تقبلي هو عي�ن ما كان يحذره أصح�اب النبي ى ويخافون‬
‫المبني على‬
‫ّ‬ ‫من�ه ‪ ..‬ألنه يربط بين حوادث المراح�ل وبين مجريات القضاء والقدر‬
‫النذارة والتحذير ‪ ،‬ومنها قوله ى ‪« :‬إن ل ّٰله سيف ًا مغمود ًا في غمده ما دام عثمان بن‬

‫((( رواه البخاري (‪. )7096( )3586( )525‬‬


‫((( تاريخ دمشق (‪ ، )447/39‬وذكره الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (‪. )192/7‬‬

‫‪70‬‬
‫عفان حي ًا ‪ ،‬فإذا قتل عثمان ّ‬
‫جرد ذلك السيف فلم يغمد إلى يوم القيامة »(((‪.‬‬
‫خطورة القراءة‬ ‫ولعل كثيرا من اإلرباكات والخالفات الجارية بين مجموعة النمط األوس�ط من‬
‫لنصوص مقتل‬ ‫آل البي�ت وأصحاب رس�ول ال ّٰله ى خلال وبعد مقتل ُعثم�ان ‪ v‬راجع إلى‬
‫عثمان كانت سبب ًا‬
‫قلقه�م وخوفهم من تحذي�رات النبي ى خطورة هذه الفتنة عل�ى األمة جميعا ‪..‬‬
‫في االختالف حول‬
‫مصير قتلته‬ ‫مقمصك‬ ‫فعن عائش�ة ‪ b‬قالت ‪ :‬قال رس�ول ال ّٰله ى لعثمان ‪« : v‬إن ال ّٰله ّ‬
‫قميص ًا» أي‪ :‬موليك الخالفة «فإذا أرادك المنافقون على خلعه فال تخلعه»((( ‪ ،‬وفي‬
‫رواية الطبراني في األوسط ‪« :‬وصم ذلك اليوم تفطر عندي»((( ‪.‬‬
‫وفي ذلك يقول اإلمام الس�يوطي في تاريخ الخلفاء وأخرج عن سمرة قال ‪( :‬إن‬
‫اإلسلام كان في حصن حصين وأنهم ثلموا في اإلسالم ثلمة بقتلهم عثمان الترد‬
‫إلى يوم القيامة)((( ‪ ،‬وحديث عن أنس بن مالك ‪ v‬قال ‪ :‬قال رس�ول ال ّٰله ى‬
‫‪« :‬إن ل ّٰل�ه س�يف ًا مغمود ًا في غمده ما دام عثمان بن عف�ان حي ًا ‪ ،‬فإذا قتل عثمان ّ‬
‫جرد‬
‫(((‬
‫ذلك السيف فلم يغمد إلى يوم القيامة »‪.‬‬
‫مواقف ومقوالت‬ ‫وألجل هذا التحذير واإلنذار رفع اإلمام علي يده إلى السماء ساعة علمه بمقتل‬
‫الخلفاء العدول عند‬ ‫ال ‪( :‬ال ّٰلهم إني أب�رأ إليك من دم عثم�ان)((( ‪ ،‬وهرع حذيفة بن‬
‫الخليف�ة عثم�ان قائ ً‬
‫مقتل عثمان ‪v‬‬
‫اليمان ‪ v‬يقول ‪( :‬ال ّٰلهم إنك تعلم براءتي من دم عثمان ‪ ،‬فإن كان الذين قتلوه‬
‫أصاب�وا فإني بريء منه�م ‪ ،‬وإن كانوا أخطأوا فقد تعلم براءتي من ذمته ‪ ،‬وس�تعلم‬
‫الع�رب لئ�ن كانت أصاب�ت لتحلبن بذلك لبن�ا ‪ ،‬وإن كانت أخط�أت بقتله لتحلبن‬
‫(((‬
‫بذلك دم ًا ‪ ،‬فاحتلبوا بذلك دم ًا ‪ ،‬ما رفعت منهم السيوف وال القتل‪.‬‬

‫((( تاريخ دمشق (‪. )444/39‬‬


‫((( مسند أحمد (‪ )24466‬والمستدرك على الصحيحين (‪. )4544‬‬
‫((( تاريخ دمشق (‪. )290/39‬‬
‫((( تاريخ الخلفاء (‪. )121/1‬‬
‫((( تاريخ الخلفاء (‪. )152‬‬
‫((( المستدرك على الصحيحين (‪. )4556‬‬
‫((( فضائل الصحابة ألحمد (‪. )801‬‬

‫‪71‬‬
‫ظل اإلم�ام عل�ي ‪ v‬طيلة مرحل�ة (الص�راع المحتدم) بي�ن المعارضة‬ ‫لق�د ّ‬
‫والدولة على عهد عثمان ‪ v‬في موقع العدل والتوسط بين الفريقين مستخدم ًا‬
‫ش�تى الوسائل التي يعلمها ويحسن المعاملة بها مع كل عصر سبق ومرحلة ذهبت‬
‫‪ ،‬وكان�ت القوى المتصارعة والمتنافس�ة داخل دائرة الحك�م وخارجه تعلم مكانة‬
‫اإلم�ام عل�ي ‪ v‬وآل بيت�ه ومكانة من يليه م�ن بقية أصحاب النب�ي ى وتعلم‬
‫مق�دار الجه�د المبذول من ه�ذا التيار الخير ف�ي تثبيت دعائم موروثات الرس�الة‬
‫النبوي�ة وحفظه�ا بين الن�اس ‪ ،‬وأ ّما الناس فه�م لفيف بين أول�ي المصالح والعامة‬
‫ون ُّزاع القبائل ‪ ،‬وفيهم من أولي الفتنة وأرباب الش�ر قوم كثر وخاصة ممن قد أشار‬
‫إل�ى امت�داد فتنتهم م�ن ال ينطق عن اله�وىى وممن وصفهم ال ّٰل�ه تعالى بقوله ‪:‬‬
‫(ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬
‫ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ) [األحزاب ‪. ]60 :‬‬
‫وهؤالء فئات لم يس�لم من فتنتهم عصر الوح�ي والعصمة والنبوة والمعجزات‬
‫فكيف بالمراحل الالحقة بعد شمول الفتن المتالحقة‪...‬‬
‫وقد كان مقتل الخليفة عثمان ‪ v‬يوم الجمعة ‪ 18‬من ش�هر ذي الحجة س�نة‬
‫خم�س وثالثي�ن من الهج�رة ‪ ،‬وكان اإلمام عل�ي ‪ v‬في منزله فأت�ى إليه رجل‬
‫فق�ال ‪( :‬إن أمي�ر المؤمنين مقتول الس�اعة ‪ ،‬فقام علي ‪ v‬فأخ�ذ ابنه محمد ابن‬
‫الحنفي�ة بوس�طه مانع� ًا له من الخروج ‪ ،‬فقال‪ :‬خل ال أم ل�ك ‪ ،‬فخرج فأتى إلى دار‬
‫عثمان وقد ُقتل رحمه ال ّٰله ‪ ،‬فرجع اإلمام علي ودخل داره وأغلق بابه ‪ ،‬فأتاه الناس‬
‫فضرب�وا الب�اب عليه حتى دخل�وا فقالوا‪ :‬إن هذا ُقتل وال ب�دّ للناس من خليفة وال‬
‫نعلم أحد ًا أحق بها منك ‪ ،‬فقال ‪( :‬ال تريدوني فإني لكم وزير ًا خير مني لكم أميرا ‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬ال وال ّٰله ال نعلم أحد أحق بها منك ‪ ،‬قال‪ :‬فإن أبيتُم علي فإن بيعتي ال تكون‬
‫س�ر ًا ‪ ،‬ولكن أخرج إلى المس�جد’ فلما دخل المس�جد جاء المهاجرون واألنصار‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫فبايعوا وبايع الناس‪.‬‬

‫((( فضائل الصحابة (‪. . )969‬‬

‫‪72‬‬
‫وق�د كان اإلمام عل�ي ‪ v‬منكر ًا كل اإلنكار موقف أهل الفتنة ‪ ،‬وكان يقس�م‬
‫على ذلك في خطبه وكالمه وأنه لم يشترك في قتله وال ماأل وال رضي بذلك ‪ ،‬وكان‬
‫يق�ول ‪( :‬ال ّٰله�م إني أبرأ إلي�ك من دم عثمان ‪ ،‬ولقد طاش عقل�ي يوم قتل وأنكرت‬
‫نفس�ي ‪ ،‬وجاؤوني للبيعة ‪ ،‬فقلت‪ :‬وال ّٰله إني ألس�تحي من ال ّٰل�ه أن أبايع قوما قتلوا‬
‫ال قال فيه رس�ول ال ّٰله ‪« :‬أال أس�تحي ممن تستحي منه المالئكة»وإني ألستحي‬ ‫رج ً‬
‫من ال ّٰله أن أبايع وعثمان قتيل على األرض لم يدفن بعد فانصرفوا ‪ ،‬فلما دفن رجع‬
‫الناس فس�ألوني البيعة فقلت ‪( :‬ال ّٰلهم إني مش�فق مما أقدم عليه ‪ ،‬ثم جاءت عزيمة‬
‫فبايع�ت ‪ ،‬فلق�د قالوا‪ :‬يا أمي�ر المؤمنين ‪ ،‬فكأنما صدع قلب�ي ‪ ،‬وقلت ‪( :‬ال ّٰلهم خذ‬
‫ُ‬
‫(((‬
‫مني لعثمان حتى ترضى)‪.‬‬
‫وروى اإلمام أحمد بس�نده عن محمد بن الحنفية قال ‪ :‬بلغ علي ًا أن عائش�ة تلعن‬
‫قتل�ة عثم�ان في المربد ‪،‬قال‪ :‬فرفع يديه حتى بل�غ بهما وجهه فقال ‪ :‬وأنا ألعن قتلة‬
‫(((‬
‫عثمان لعنهم ال ّٰله في السهل والجبل ‪ ،‬قالها مرتين أو ثالثا‪.‬‬
‫وفي خطبة ألمير المؤمنين علي ‪ v‬عشية الصلح مع طلحة والزبير وعائشة ‪،‬‬
‫فذكر الجاهلية وش�قاءها وأعمالها ‪ ،‬وذكر اإلسالم وسعادة أهله باأللفة والجماعة‬
‫‪ ،‬وأن ال ّٰل�ه جمعه�م بع�د نبي�ه ى عل�ى الخليفة أبي بك�ر ‪ ،‬ثم بعده عل�ى عمر بن‬
‫الخطاب ‪ ،‬ثم بعده على عثمان ‪ ،‬ثم حدث هذا الحدث الذي جره على األمة أقوام‬
‫قتل�ة عثمان طلبوا الدنيا وحس�دوا من أنعم ال ّٰله بها علي�ه ‪ ،‬وعلى الفضيلة التي من‬
‫ال ّٰله بها ‪ ،‬وأرادوا رد اإلسالم واألشياء على أدبارها ‪ ،‬وال ّٰله بالغ أمره)‪.‬‬
‫ث�م قال ‪ :‬أال وإني راحل غ�د ًا فارتحلوا ‪ ،‬وال يرتحلن غد ًا أحدٌ أعان على عثمان‬
‫بشيء في شيء من أمور الناس ‪ ،‬وليغن السفهاء عني أنفسهم‪.‬‬
‫وكان قب�ول اإلم�ام علي ‪ v‬للبيعة في هذا الظرف موقف ًا ش�رعي ًا عزم عليه به أسباب قبول اإلمام‬
‫المهاج�رون واألنصار وه�م أهل الحل والعقد ‪ ،‬وأما أه�ل الفتنة وقتلة عثمان فال علي للبيعة بعد‬
‫عثمان ‪v‬‬
‫عالق�ة لإلمام ف�ي قبوله المبايع�ة إرضاء لهم أو اس�تناد ًا على رغبته�م ‪ ،‬وإنما هي‬

‫((( المستدرك (‪.)95/3‬‬


‫((( فضائل الصحابة (‪.)733‬‬

‫‪73‬‬
‫مصلحة المسلمين في سائر األقطار وقطع ًا لدابر الفتنة القائمة على ساقها بعد قتل‬
‫عثمان شهيد الدار ‪ ،‬وتستمدّ البيعة مشروعيتها من أهل الحل والعقد ‪ ،‬ومن حديث‬
‫رسول ال ّٰله ى بأن الخالفة ثالثون عام ًا ‪ ،‬وكانت بقية الثالثين عام ًا بنص الحديث‬
‫مرحل�ة اإلمام عل�ي ‪ v‬وما بقي منها ف�ي خالفة ولده اإلمام الحس�ن ‪ ..‬ويدل‬
‫على ذلك حديث س�فينة مولى رس�ول ال ّٰله ى عن رس�ول ال ّٰله ى قال ‪« :‬خالفة‬
‫النبوة ثالثون سنة ثم يؤتي ال ّٰله ملكه من يشاء»(((‪.‬‬
‫لقد بلغ اإلمام علي ‪ v‬إلى قرار الحكم كاره ًا له مضطر ًا للقيام به ‪ ،‬راغب ًا في‬
‫إصلاح ما يمكن إصالحه ‪ ،‬ولكن الواقع السياس�ي واالجتماعي قد بلغ إلى حالة‬
‫من المتناقضات والرؤى المتنافس�ة نش�أت وتراكمت بفعل األحداث الجارية في‬
‫عهد عثمان وبعد مقتله ‪.v‬‬
‫فهناك المدرس�ة الس�بئية المنسوبة إلى عبد ال ّٰله بن س�بأ اليهودي((( وما قامت به‬ ‫المدرسة السبأئية‬
‫ودورها في الفتنة من االختراق الفكري في المجتمع اإلسالمي آنذاك‪.‬‬
‫وس�واء صح�ت رواية المؤرخي�ن بوجود عبد ال ّٰله بن س�بأ أو لم تصح كما يذكر‬
‫بعض المؤرخين حقيقة وجوده ‪ ،‬فإن (المدرس�ة الس�بئية) كانت منتش�رة وظاهرة‬
‫في المجتمع اإلسلامي خالل تلك الفترة الزمنية ‪ ،‬وكانت س�بب ًا من أسباب الفتنة‬
‫الغلو‬
‫ّ‬ ‫المنتهي�ة بقتل عثم�ان وما ترتب عليها م�ن االختالف والنزاع وط�رح أفكار‬
‫واإلف�راط ف�ي اإلم�ام علي وآل البي�ت األطهار ‪ ،‬مم�ا جعل اإلمام عل�ي يقف من‬
‫الغالة موقف ًا حاسم ًا ال هوادة فيه وال تراجع‪.‬‬
‫وهن�اك أيض� ًا مس�ألة اختلاف الصحابة ف�ي طريقة األخ�ذ بالقصاص م�ن قتلة‬ ‫اختالف الصحابة‬
‫وش�ب نيران‬
‫ّ‬ ‫حول مصير قتلة عثم�ان ‪ ،‬وكان له�ذا االختلاف أث�ر خطي�ر ف�ي مالبس�ات األم�ور‬
‫عثمان ‪ v‬وأثر‬
‫ذلك على وحدة‬
‫((( سنن أبي داود (‪. )4646‬‬ ‫الصف‬
‫((( أصل عبد ال ّٰله بن س�بأ من يهود اليمن أظهر اإلسلام وغال في أمر االعتقاد في اإلمام‬
‫علي ‪ v‬واجتهد في وضع قواعد التأليه لإلمام علي وقواعد الوصية ‪ ،‬والتناس�خ‬
‫‪ ،‬وك�ون له اتباع ًا وأش�ياعا يعتقدون اعتقاده ‪ ،‬ويقول�ون بأرائه وأفكاره حتى تحولت‬
‫إلى مدرسة بدعية ذات قواعد وأهداف معروفة‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫الفتن�ة بي�ن المختلفي�ن ‪ ،‬وتدخ�ل عناص�ر الفت�ن والمصال�ح لالس�تفادة من هذه‬
‫االختالفات واس�تثمارها لتعميق الص�راع المفضي إلى صيد العناصر المفتونة في‬
‫الماء العكر ‪ ،‬وهم العناصر التي س�ماها رس�ول ال ّٰله ى بتس�مية كت�اب ال ّٰله بأهل‬
‫النف�اق واالرج�اف والذين في قلوبهم مرض ‪ ،‬مم�ا حدا ببعض الصحابة ‪n‬‬
‫إل�ى اعت�زال المجموعات كلها وعدم المش�اركة مع أحد ضد أح�د ‪ ،‬ومن أولئك‬
‫المعتزلين فتنة المش�اركة س�عد بن أبي وقاص ‪ ، v‬وعبد ال ّٰله بن عمر ‪c‬‬
‫‪ ،‬ومحمد بن مسلمة ‪ ، v‬وغيرهم‪.‬‬
‫مواقف بعض‬ ‫وكان�ت مواقفه�م تلك مبنية عل�ى قراءتهم نصوص فقه التح�والت ‪ ،‬وأحاديث‬
‫الصحابة قائمة‬ ‫عالم�ات الس�اعة والفت�ن المضلة ‪ ،‬فقد أخرج مس�لم من حديث عام�ر قال ‪ :‬كان‬
‫على قراءة عالمات‬
‫سعد بن أبي وقاص في إبله ‪ ،‬فجاءه ابنه عمرو فلما رآه قال‪ :‬أعوذ بال ّٰله من شر هذا‬
‫الساعة‬
‫الراك�ب فنزل فقال ل�ه ‪ :‬أنزلت في إبلك وغنمك وتركت الن�اس يتنازعون الملك‬
‫بينهم؟ فضرب س�عد في صدره فقال ‪ :‬اس�كت سمعت رسول ال ّٰله ى يقول ‪« :‬إن‬
‫ال ّٰله يحب العبد التقي الغني الخفي»(((‪.‬‬
‫وعن الحسن أن عليا ‪ v‬بعث إلى محمد بن مسلمة فجيء به فقال ما خلفك‬
‫ع�ن ه�ذا األمر قال‪ :‬دفع ابن عمك – يعني النبي ى س�يف ًا لي فق�ال ‪« :‬قاتل به ما‬
‫قوت�ل العدو ‪ ،‬فإذا رأيت الناس يقتل بعضه�م بعض ًا ‪ ،‬فاعمد به إلى صخرة فاضربه‬
‫بها ‪ ،‬ثم الزم بيتك ‪ ،‬حتى تأتيك منية قاضية ‪ ،‬أو يد خاطئة» قال‪ :‬خ ّلوا عنه(((‪.‬‬
‫وعن س�عيد بن جبير قال خرج علينا عبد ال ّٰله بن عمر ‪ ،‬فرجونا أن يحدثنا حديث ًا‬
‫حس�ن ًا ‪ ،‬ق�ال فبادرنا إليه رجل فقال ‪ :‬يا أب�ا عبد الرحمن حدثنا عن القتال في الفتنة‬
‫‪ ،‬ف�ا ل ّٰل�ه يق�ول ‪( :‬ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ) [البق�رة ‪ – ]193 :‬فق�ال هل تدري‬
‫م�ا الفتنة ثكلت�ك أمك؟ إنما كان محمد ى يقاتل المش�ركين ‪ ،‬وكان الدخول في‬
‫دينهم فتنة ‪ ،‬وليس كقتالكم على الملك(((‪.‬‬

‫((( مسلم (‪.)1441‬‬


‫((( مسند أحمد (‪. )17979‬‬
‫((( صحيح البخاري (‪ )7095‬مسند أحمد (‪. )5381‬‬

‫‪75‬‬
‫لا قال البن عمر ‪ ،‬يا أب�ا عبد الرحمن أال تس�مع قوله تعالى ‪:‬‬ ‫وع�ن ناف�ع أن رج ً‬
‫[الح ُج�رات ‪ ]9 :‬فق�ال ‪ :‬ألن‬ ‫(ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) ُ‬
‫إلي من أن أعتبر باآلية التي يقول فيها ‪( :‬ﮓ‬ ‫أعتب�ر بهذه اآلي�ة فال أقاتل ‪ ،‬أحب ّ‬
‫ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ‬
‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ) [النس�اء ‪ ]93 :‬أال ت�رى أن ال ّٰل�ه تعال�ى يقول‬
‫‪( :‬ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ) [البقرة ‪ ]193 :‬قد فعلنا على عهد رس�ول ال ّٰله ى‬
‫ال ‪ ،‬وكان الرجل يفتن في دينه ‪ ،‬إما أن يقتلوه ‪ ،‬وإما أن يسترقوه‬ ‫إذ كان اإلسالم قلي ً‬
‫حتى كثر اإلسالم ‪ ،‬فلم تكن فتنة)(((‪.‬‬
‫وورد أن أمي�ر المؤمني�ن عل�ي بن أبي طال�ب ‪َ v‬ح ِمدَ البن عمر وس�عد بن‬ ‫ثناء اإلمام علي‬
‫‪ v‬على أصحاب أبي وقاص هذه المنزلة التي ارتضيا وش�كر لهما الموقف الذي اتخذاه ‪ ..‬إذ قال ‪:‬‬
‫المواقف‬
‫در مقام قامه س�عد بن مالك ‪ ،‬وعبد ال ّٰل�ه بن عمر ‪ ،‬إن كان ّبرا إن أجره لعظيم‬ ‫(ل ّٰل�ه ّ‬
‫در منزل نزله س�عد بن مالك‬ ‫‪ ،‬وإن كان أثم� ًا إن خط�أه ليس�ير) ‪ ،‬وفي رواي�ة ‪( :‬ل ّٰله ّ‬
‫وعبد ال ّٰله بن عمر ‪ ،‬وال ّٰله إن كان ذنب ًا إنه لصغير مغفور ‪ ،‬وإن كان حس�ن ًا إنه لعظيم‬
‫مشكور)(((‪.‬‬
‫وه�ذا مثال مقتبس من موقف بعض الصحابة ف�ي مجريات األحداث بعد مقتل‬
‫عثم�ان ‪ ،‬مع أن المعتزلي�ن فتنة الصراع كانوا أكثر من ه�ذا النموذج ومنهم عمران‬
‫بن حصين ‪ ،‬وس�عيد بن العاص ‪ ،‬وأس�امة بن زيد ‪ ،‬وعبد ال ّٰله بن عمرو بن العاص‬
‫‪ ،‬وصهي�ب بن س�نان الرومي ‪ ،‬وأبو أيوب األنصاري ‪ ،‬وأبو هري�رة ‪ ،‬وعبد ال ّٰله بن‬
‫رجاال من‬‫ً‬ ‫س�عد بن أبي س�رح بعد عزله من والية مصر انزوى في الرملة ((( كما أن‬
‫أهل بدر لزموا بيوتهم بعد مقتل عثمان فلم يخرجوا إالّ إلى قبورهم(((‪.‬‬
‫ّ‬
‫كل ه�ذا كان لعظ�م الحدث ال�ذي وقر في نفوس�هم (بمقتل عثم�ان) ولما كان‬

‫((( سير أعالم النبالء (‪. )229/3‬‬


‫((( أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (‪. )527/1‬‬
‫((( سير أعالم النبالء (‪..)33/3‬‬
‫((( البداية والنهاية (‪. )281/7‬‬

‫‪76‬‬
‫لمقتله من تحذير في األحاديث االستباقية التي أخبر عنها ى‪.‬‬
‫ومث�ل هذا التعلي�ل الواعي يم َّيز بين موق�ف الصحابة القارئين س�نن المتغيرات‬
‫وبين مواقف أهل الفتنة المتسببين في اإلثارة والتحريش والمستثمرين لها‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫ف�� أ خ �ذ ث �أ �ع��ث‬ ‫ٰ‬ ‫أ‬ ‫�خ‬ ‫ق‬
‫��م�و����ف� ا �ل�� ا� ر������ ن��م�� ن � �ص��حا� � �ر�س�و �� ا �ل�ّل�ه ى � ا � �ل �� ��� ر �ما� � ن ؤ‬
‫�‬
‫�‬ ‫ب‬ ‫�‬‫ي‬ ‫ب ل‬ ‫جي � �‬ ‫مواقف الخارجين‬
‫على قرار الخالفة من‬
‫كب�رت في ص�دور الصحابة ‪ n‬قضي�ة مقتل عثمان ‪ v‬وش�هدوا عيان ًا‬ ‫أصحاب الرسول ى‬
‫خط�ورة النذارات التي أش�ار إليها ى بعد مقتله ‪ ،‬وعالق�ة األمر بالدجال وفتنته ‪،‬‬
‫فاختلفوا في شأن المسألة إلى فريقين ‪:‬‬
‫‪1.1‬فري�ق اإلم�ام علي ‪ v‬بعد توليه الخالفة ‪ ،‬وه�و الفريق الراغب في توطيد‬
‫أم�ر الق�رار والخالف�ة ‪ ،‬وتتب�ع القتلة واألخذ بث�أر عثمان من خالل اس�تقرار‬
‫األمور والس�يطرة الكاملة عل�ى الوضع المضطرب ‪ ،‬وهو ال�رأي الذي أيدته‬
‫النصوص االستباقية‪.‬‬
‫‪2.2‬والفريق اآلخر كان فريق طلحة والزبير وعائشة ‪ n‬أجمعين ‪ ،‬وهم الذين‬
‫قدروا األمور بمجريات األحداث ‪ ،‬ويرى هذا الفريق ضرورة األخذ بالثأر من‬
‫القتلة قبل مش�روع االس�تقرار وعدم انتظار الوقت حتى سيطرة الخليفة على‬
‫األم�ور ‪ ،‬فالزمن يكس�ب القتلة مواقف جديدة ف�ي التمويه والغدر والخديعة‬
‫‪ ،‬وخاص�ة أن كثير ًا منهم ق�د اندرجوا ضمن جيش اإلمام علي بعد المبايعة له‬
‫بالخالفة وتحول األمر بعد ذلك إلى فتنة وتعصب على الرأي والمواقف‪.‬‬
‫فعائش�ة كانت تق�ول ‪( :‬إن عثمان قتل مظلوم ًا وال ّٰل�ه ألطالبن بدمه) ((( ‪ ،‬وطلحة‬
‫يق�ول ‪( :‬إن�ه كان مني في عثمان ش�يء ‪ ،‬وليس توبتي إال أن يس�فك دمي في طلب‬
‫ُنهض الناس فيدرك بهذا الدم لئال يبطل ‪ ،‬فإن في إبطاله‬ ‫دمه)((( ‪ ،‬والزبير يقول ‪( :‬ن ُ‬
‫توهين سلطان ال ّٰله بيننا أبدا ‪ ،‬إذا لم يفطم الناس عن أمثالها لم يبق إمام إالّ قتله هذا‬
‫الضرب)(((‪.‬‬
‫وهذه عبارات تش�ير إلى عظم الحدث في نفوس�هم وتأثرهم بها أكثر من تأثرهم‬
‫بما عرفوه بينهم من العالقة المحصنة على عهد صاحب الرسالة ‪ ،‬وما اشتبه عليهم‬

‫((( تاريخ الطبري (‪..)459/4‬‬


‫((( المستدرك على الصحيحين (‪. )5595‬‬
‫((( تاريخ الطبري (‪.)461/4‬‬

‫‪78‬‬
‫فيه األمر من اختالط العدول بأهل الفتنة في قضية مقتل الخليفة الثالث ‪.‬‬
‫نص النبي ى على كونها (فتنة) ال يس�لم تفاقم األمور بين‬‫وتفاقمت األمور في أحداث متالحقة ّ‬
‫أطراف العدالة‬ ‫منه�ا الق�وم وال يدرك�ون خطرها إالّ بعد إس�الة الدماء ‪ ،‬ونش�وب القتال ‪ ،‬وخالل‬
‫واختراق أهل الخيانة‬
‫ذل�ك أرس�ل اإلمام عل�ي القعقاع بن عمرو إلى عائش�ة ومن كان معها يس�ألها عن‬
‫س�بب قدومه�ا إلى العراق ‪ ،‬ودخل عليها القعقاع فس�لم عليها ‪ ،‬وق�ال َأ ْي َأ َم ُة ‪ ،‬ما‬
‫أش�خصك وم�ا أقدمك ه�ذه البلدة؟ قال�ت ‪ :‬أي بني إصالح بين الن�اس ‪ ،‬وكانت‬
‫حينها لم تدرك خطر الفتنة الموعودة ومقدار آثارها‪.‬‬
‫عائشة في موقفها‬ ‫وبعد انتهاء حرب الجمل جاء علي إلى عائش�ة ر وعنه فقال لها ‪ :‬غفر ال ّٰله‬
‫تدعوا إلى اإلصالح‬
‫لك ‪ ،‬قالت‪ :‬ولك‪ ،‬ما أردت إال اإلصالح)(((‪.‬‬
‫وثبت في الحديث إشارة النبي ى في أحاديثه االستباقية (مرور عائشة على ماء ماء الحوأب وعالقته‬
‫الحوأب) بقوله ‪« :‬كيف بإحداكن تنبح عليها كالب الحوأب»((( ‪ ،‬وورد أن عائشة بفقه التحوالت‬

‫لما أتت على الحوأب سمعت نباح الكالب فقالت ما أظنني إال راجعة ‪ ،‬إن رسول‬
‫ال ّٰله ى قال لنا ‪« :‬أيتكن تنبحها كالب الحوأب ‪ ،‬أو تنبح عليها كالب الحوأب» ‪،‬‬
‫عز وجل أن يصلح بك بين الناس((( ‪ ،‬وفي رواية أخرى‬ ‫فقال لها الزبير‪ :‬عسى ال ّٰله ّ‬
‫أن مروان جمع أربعين من القوم يحلفون بأن‬ ‫تكل�م بها علماء الحديث بالتضعيف ّ‬
‫المكان ليس ماء الحوأب حتى مضت عائشة معهم لقدر ال ّٰله ‪.‬‬
‫ويهمن�ا هنا في دراس�ة مواقف أهل النمط األوس�ط من هذا الفريق المش�هود له األطراف المستفيدة‬
‫بسلامة االجته�اد وحصانة العاقبة أن األطراف المس�تفيدة م�ن اختالف وجهات من اختالف العدول‬

‫النظ�ر بي�ن هؤالء والصحاب�ة لعبت دور اإلث�ارة والتحريش للوقيعة بي�ن الفئتين ‪،‬‬
‫ليضي�ع الحق المطال�ب به من كال الجهتين دون القدرة عل�ى تحقيق الحل األمثل‬
‫والعالج األفضل‪.‬‬

‫((( شذرات الذهب (‪.)42/1‬‬


‫((( مس�ند أحم�د (‪ ، )24254‬صحي�ح اب�ن حب�ان (‪ ، )6732‬المس�تدرك عل�ى الصحيحي�ن‬
‫(‪. )4614‬‬
‫((( مسند أحمد (‪. )24654‬‬

‫‪79‬‬
‫األحاديث االستباقية كما نس�تفيد من دراسة أحاديث فقه التحوالت سالمة موقف اإلمام علي ‪v‬‬
‫وأهميتها في قراءة في كافة مواقفه التي اتخذها ‪ ،‬وشاهدها نصوص النبي ى االستباقية عن توصيف‬
‫التاريخ‬
‫الحوادث ومجرياتها ‪ ،‬ومنها ‪:‬‬
‫قول�ه ى لعلي عن موقف أم المؤمنين عائش�ة ‪« : b‬وس�يكون بينك وبينها‬
‫أمر» إلى أن قال ‪« :‬فإن قدرت عليها فارجعها إلى مأمنها ‪ ،‬أو قال‪ :‬مكمنها»(((‪.‬‬
‫(((‬
‫وقوله ى للزبير ‪ v‬عن موقفه من علي ‪« : v‬لتقاتلنّه وأنت له ظالم»‬
‫‪ ،‬واعت�راف الزبي�ر أثن�اء المعركة بصح�ة هذا القول وانس�حابه م�ن المعركة كاف‬
‫لمعرفة الحق وأهله ‪.‬‬
‫وخالصة األمر السلامة م�ن الفتنة لمن أراد ال ّٰله له السلامة من الفريقين ‪ ،‬وأما‬
‫فأمر بدأ به ُ‬
‫أهل الفتنة واس�تجلبوه أمان ًا ألنفسهم وهالك ًا لألمة‬ ‫المعركة وضحاياها ٌ‬
‫‪ ،‬وكم�ا ق�ال اإلمام الطحاوي ‪( :‬فجرت فتنة الجمل عل�ى غير اختيار من علي وال‬
‫من طلحة ‪ ،‬وإنما أثارها المفسدون بغير اختيار السابقين)(((‪.‬‬
‫موقف اإلمام علي وه�ذا اإلم�ام عل�ي ‪ v‬في نهاي�ة المعرك�ة وهو ي�رى القتل�ى والجرحى في‬
‫من فتنة الحرب الجانبي�ن فيتأل�م ويح�زن ويقبل عل�ى ابنه الحس�ن ويضمه إلى ص�دره وهو يبكي‬
‫وموقعة الجمل‬
‫ويقول‪ :‬يا بني ليت أباك مات قبل هذا اليوم بعش�رين عام ًا ‪ ،‬فقال الحس�ن‪ :‬يا أبت‬
‫كنت أظن أن األمر س�يصل إلى هذا الحد‬ ‫كنت نهيتُك عن هذا ‪ ،‬فقال علي‪ :‬ما ُ‬ ‫لقد ُ‬
‫‪ ،‬وما طعم الحياة بعد هذا؟ وأي خير يرجى بعد هذا ‪..‬؟‬
‫إنه وصف عجيب في موقف عصيب ‪.‬‬
‫وبعيد معركة الجمل ودفن قتالها والترحم عليهم من أمير المؤمنين علي ‪v‬‬
‫دخل الكوفة وأبى أن ينزل بالقصر األبيض وقال ‪( :‬إن عمر بن الخطاب كان يكره‬

‫((( مس�ند أحمد (‪ ، )27198‬ونصه ‪ :‬أن رس�ول ال ّٰله ى قال لعلي ‪« :‬إنه س�يكون بينك‬
‫وبين عائشة أمر قال ‪ :‬أنا يا رسول ال ّٰله؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال أنا؟ قال ‪ :‬نعم ‪( ،‬قلت) ‪ :‬فأنا‬
‫أشقاهم يا رسول ال ّٰله ‪ .‬قال ‪ :‬ال ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها» ‪.‬‬
‫((( المستدرك على الصحيحين (‪. )5574‬‬
‫((( شرح العقيدة الطحاوي ص (‪. )546‬‬

‫‪80‬‬
‫نزوله فأنا أكره لذلك نزوله فنزل بالرحبة وصلى بالجامع األعظم ركعتين وخطب‬
‫موقف معاوية من‬ ‫الناس وحثهم على الخير ونهاهم عن الشر ‪ ،‬ثم قام يأخذ البيعة ‪ ،‬وأرسل جرير بن‬
‫البيعة لإلمام علي‬ ‫عب�د ال ّٰل�ه البجلي إلى معاوي�ة يدعوه إلى البيعة ‪ ،‬فلما انتهى إلي�ه جرير بن عبد ال ّٰله‬
‫أعط�اه الكتاب وجمع معاوية رؤوس أهل الش�ام واستش�ارهم فأبوا المبايعة حتى‬
‫يقتل قتلة عثمان ‪ ،‬أو أن يس�لم إليهم قتل�ة عثمان ‪ ،‬وإن لم يفعل قاتلوه ولم يبايعوه‬
‫حتى يقتلهم عن آخرهم ‪ ،‬فرجع جرير إلى علي ‪ v‬فأخبره بما قالوا((( ‪.‬‬
‫واجمع رأي اإلمام علي ومن معه على المسير إلى الشام للفصل في األمر وجهز‬
‫جيش� ًا كبير ًا وخرج به إلى (النخلة)((( ومنها إلى صفين ‪ ،‬وجهز معاوية جيش� ًا آخر‬
‫من أهل الشام وأجنادها وخرج بهم إلى ناحية صفين‪.‬‬
‫وت�كاد تفاصي�ل المعرك�ة وم�ا س�بقها أو لحقه�ا معروف�ة ف�ي جمل�ة الروايات معركة صفين مدلوالت‬
‫النصوص‬ ‫التاريخية‪ ،‬أمامفاصلها التي تعنينا هنا تتلخص في موقفين ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬مقتل عمار بن ياسر وعالقته بعدالة المعركة‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬قضية التحكيم وما ترتب عليها‪.‬‬
‫أم�ا الموق�ف األول وعالقت�ه بالمعرك�ة ‪ ،‬أن الش�اهد عل�ى بغي الفئ�ة األخرى‬
‫قول�هى ‪« :‬وي�ح عم�ار تقتله الفئ�ة الباغي�ة»((( ‪ ،‬وفي رواي�ة أخرى «تقتل�ك الفئة‬
‫الباغي�ة»((( ‪ ،‬وكان لمقت�ل عم�ار أثر على الفئتي�ن ‪ ،‬ففئة اإلمام علي كان�وا يتبعونه‬
‫حيث س�ار وجعلوه علما وش�ارة يتبين بها الحق من الباطل ‪ ،‬وازداد حماسهم في‬
‫المعرك�ة ‪ ،‬وق�د ورد أن خزيمة بن ثابت حضر ص ّفين وكان كاف ًا سلاحه فلما رأى‬
‫س�ل س�يفه وقاتل أهل الشام ‪ ،‬وذلك ألنه سمع حديث رسول ال ّٰله ى‬ ‫مقتل عمار ً‬
‫ع�ن عم�ار ‪« :‬تقتله الفئة الباغية»((( ‪ ،‬واس�تمر ف�ي القتال حتى قت�ل ‪ ،‬وكان لمقتل‬

‫((( أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب () ‪.‬‬
‫((( موقع قرب الكوفة على جهة الشام‪.‬‬
‫((( صحيح البخاري (‪. )2812( )447‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪. )2916‬‬
‫((( ه�ذا الحدي�ث م�ن أدق األحاديث االس�تباقية الفاصلة ف�ي الحكم عل�ى الحوادث‬

‫‪81‬‬
‫عمار أثر عظيم على جند الش�ام بسبب هذا الحديث ‪ ،‬بل ذكر بعض المؤرخين أن‬
‫(((‬
‫استشهاد عمار كان دافع ًا للسعي في إنهاء الحرب‪.‬‬

‫ومواق�ف الرج�ال ‪ ،‬وه�ي دلي�ل قاط�ع عل�ى أهمي�ة أحاديث النب�وة الخاص�ة بفقه‬
‫التح�والت وفق�ه الفت�ن والمتغيرات ‪ ،‬وهي العالج الحاس�م في ترجي�ح كفة الحق‬
‫بص�رف النظر عن اجتهاد الجانب اآلخر وعدالة قضيته ومطلبه وسلامة مقصده أو‬
‫عدم سالمته ‪ ،‬كما أنّه اختبار حقيقي للبواطن والتمييز بين فقه العدالة والصدق وفقه‬
‫المغالطة والمبرارت ‪ ،‬ففي رواية صحيحة جاء رجالن عند (معاوية) يختصمان في‬
‫رأس عم�ار يق�ول كل واحد منهم�ا ‪ :‬أنا قتلته ‪ ،‬فقال عبد ال ّٰله ب�ن عمرو بن العاص ‪،‬‬
‫ليط�ب به أحدكم نفس�ا لصاحبه فإني س�معت رس�ول ال ّٰله ﵀ يق�ول ‪« :‬تقتله الفئة‬
‫الباغية» قال معاوية فما بالك معنا؟ قال‪ :‬إن أبي ش�كاني إلى رس�ول ال ّٰله ﵀ فقال‪:‬‬
‫«أطع أباك ما دام ح ّيا وال تعصه » ‪ ،‬فأنا معكم ولس�ت أقاتل‪ .‬مس�ند أحمد (‪) 6538‬‬
‫راجع س�يرة أمي�ر المؤمنين ‪ /‬الصالبي ‪ ،‬والمعلوم أن فق�ه المغالطة والمبرارت فقه‬
‫مبني على تحريف المعاني في مقتضى النصوص ومواضعها ‪ ،‬وقلب ثمرات ونتائج‬ ‫ّ‬
‫أن عمرو بن حزم‬ ‫االس�تدالل لمصلحة الجانب اآلخر ‪ ،‬فقد ورد في رواية صحيحة ّ‬
‫دخ�ل عل�ى عمرو بن العاص فقال‪ :‬قتل عمار وقد قال فيه رس�ول ال ّٰله ﵀ ‪« :‬تقتله‬
‫يرجع حتى دخل عل�ى معاوية ‪ ،‬فقال له‬ ‫الفئ�ة الباغي�ة» فق�ام عمرو بن العاص فزع� ًا ّ‬
‫معاوية‪ :‬ما شأنك؟ فقال‪ :‬قتل عمار ‪ ،‬قال معاوية‪ :‬فماذا؟ قال عمرو ‪ :‬سمعت رسول‬
‫ال ّٰل�ه ﵀ يق�ول ‪« :‬تقتل�ه الفئة الباغي�ة»‪ ،‬فقال معاوي�ة‪َ :‬د َح ْض َت في بول�ك َأ َو ن َْح ُن‬
‫قتلن�اه؟! إنم�ا قتل�ه علي وأصحابه وج�اؤا به حتى ألق�وه بين رماحن�ا ‪ ،‬أو قال ‪ :‬بين‬
‫سيوفنا)اهـ مصنف عبد الرزاق (‪ )24/11‬بسند صحيح‪.‬‬
‫((( سيرة اإلمام علي ‪ /‬الصالبي ص (‪ ، )475‬ومما يؤكد عدالة موقف اإلمام علي على‬
‫قوله ى ‪ :‬في قاتل عمار ‪« :‬قاتل عمار وسالبه في النار» المستدرك على الصحيحين‬
‫(‪ ، )5661‬والمعل�وم أن قاتل�ه م�ن جند الش�ام المطلق عليهم عم�وم لفظ الحديث‬
‫(بالفئة الباغية) اهـ بتصرف من سيرة اإلمام علي‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫�ق ن ت‬ ‫ئ‬
‫�آ ث ا� ر �ون��تا� ج��� ��م��ع��ك��ة ��صف�������� ن �و ا ن����ع�ك�ا� ��سا� ت���ها� �را ء �ة �����ص���ة �ح��ل���ل���ة‬
‫�‬
‫�‬
‫آثار ونتائج معركة‬
‫صفين وانعكاساتها‬
‫ي يي‬ ‫� ر ي�‬
‫ثبت في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري ‪ v‬قال ‪ :‬قال رسول ال ّٰله ى‪ :‬قراءة نصية تحليلية‬

‫«تمرق مارقة عند فرقة من المس�لمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق»((( ‪ ،‬وقد جاء‬
‫تحليل النص النبوي‬ ‫الوصف النبوي للمعركة بما يلي ‪:‬‬
‫عن معركة صفين‬
‫‪1-1‬وصف المخالفين بالمارقة‬
‫‪2-2‬حصول هذه الحالة عند ُفرقة واختالف‪.‬‬
‫‪3-3‬شهادة النبي لكال الفريقين بأنهما من المسلمين قبل وخالل وبعد المعركة‪.‬‬
‫‪4-4‬أن الفرقتين متعلقتان بالحق ال خارجا عنه ‪ ،‬ولكن الفتنة أصابت أحداهما‪.‬‬
‫‪5-5‬عدالة موقف الفئة المقاتلة إلى جانب اإلمام علي وهي أولى الطائفتين بالحق‪.‬‬
‫اإلفراط والتفريط‬ ‫وبهذا التفصيل استقامت القراءة التاريخية للحق المختلف حوله لدى العلماء ‪،‬‬
‫ال عالقة لهما‬ ‫وانتفى خوض الخائضين عن دائرة الحق إلى اإلفراط أو التفريط‪.‬‬
‫بالنصوص النبوية‬
‫بالنص النبوي ‪ ،‬وإنما عالقتها‬
‫ّ‬ ‫وكال الدائرتي�ن (اإلفراط والتفري�ط) ال عالقة لها‬
‫باألحداث والنظر العقالني في مالبساتها ‪ ،‬ولنا أن نقرأ مقاالت األئمة الوارثين في‬
‫هذه المس�ألة باعتبارها نصوص أبوية معتمدة قائمة على العدالة المسنده والوراثة‬
‫الشرعية المؤكدة ‪.‬‬
‫أهمية النصوص‬ ‫فهذا عمر بن عبد العزيز الخليفة الس�ادس يجيب على من سأله عن القتال الذي‬
‫النبوية واألبوية‬ ‫طهر ال ّٰله يدي منها أفال أطهر منها لس�اني ‪،‬‬
‫حصل بين الصحابة فقال ‪( :‬تلك دماء ّ‬
‫مثل أصحاب رس�ول ال ّٰله ى مثل العيون ‪ ،‬ودواء العيون ترك مس�ها) ‪ ،‬قال اإلمام‬
‫البيهق�ي معلق� ًا عل�ى مقال�ة عمر بن عب�د العزيز ‪ :‬هذا حس�ن جميل ألن س�كوت‬
‫الرج�ل عما ال يعنيه عين الصواب ‪ ،‬وس�ئل الحس�ن البصري رحم�ه ال ّٰله عن قتال‬
‫الصحابة فيما بينهم فقال ‪ :‬قتال شهده أصحاب محمد ى وغبنا ‪ ،‬وعلموا وجهلنا‬
‫‪ ،‬واجتمعوا فاتبعنا ‪ ،‬واختلفوا فوقفنا)‪.‬‬

‫((( صحيح مسلم (‪. )1064‬‬

‫‪83‬‬
‫وس�ئل جعفر ب�ن محمد الصادق عما وق�ع بين الصحابة فأج�اب ‪ :‬أقول ما قاله‬
‫ال ّٰل�ه ‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ) [ط�ه ‪، ((( ]52 :‬‬
‫ومثل هذه المقوالت األبوية ش�اهدة لفريق من أهل الدين والعلم صانوا ألس�نتهم‬
‫وقلوبه�م عم�ا ال حاجة له�م به في االنحياز ض�د أحد من أه�ل االختالف ‪ ،‬وهم‬
‫بهذا قد نجوا وأنجوا كما س�بق ذكره من توق�ف جملة من الصحابة وأهل بدر بعد‬
‫فتن�ة مقتل عثمان م�ن الدخول في أمر الفتنة ومالبس�اتها وهذا مخرج س�ليم لكل‬
‫ذي قل�ب س�ليم ‪ ،‬وأما من رغ�ب النظر في األمر من حيث يج�ب معرفته فما عليه‬
‫إال النظ�ر ف�ي نصوص المتغيرات والتعم�ق في مدلوالته�ا دون الحاجة للنظر في‬
‫تعلي�ل المؤرخين والمؤلفين المتنازعين بين سلامة هذا وإدانة اآلخر ‪ ،‬فالسلامة‬
‫واإلدان�ة مقرون�ة بما قاله من ال ينط�ق عن الهوى ى في الحالتي�ن ‪ ،‬وأما اللجاج‬
‫والجدل وبس�ط األلس�نة واألقالم بكل ما يروى وبكل ما يق�ال فأمر يفقد الحقيقة‬
‫ش�رفها وتفردها المش�روع مقدم ًا التحكيم وآثارها ‪ ،‬وكف�ى بالمرء إثم ًا أن يحدث‬
‫بكل ما سمع‪.‬‬
‫وآل�ت المس�ألة ف�ي معرك�ة صفين إلى ما ع�رف بالتحكي�م بين الفريقي�ن ‪ ،‬وقد‬
‫اختلط�ت الروايات المعبرة عن الحقيقة في هذه المس�ألة ‪ ،‬وكثر لجاج المؤرخين‬
‫في وصف أس�باب التحكيم ومجرياته ‪ ،‬وهناك رواية ذكرتها كتب الس�ير منس�وبة‬
‫لإلمام أحمد بن حنبل عن طريق حبيب بن أبي ثابت تروي قصة التحكيم والصلح‬
‫برواي�ة ال يته�م أصحابها وليس ف�ي روايتها أو رواتها علة جاء فيه�ا ‪( :‬كنا بصفين‬

‫((( س�يرة اإلم�ام علي ب�ن أبي طالب (د‪ /‬الصالب�ي ص ‪ ، )512 ، 502‬وجاء في بعض‬
‫بالقراء من تالمذة عبد ال ّٰله بن مسعود ‪ v‬من‬ ‫الروايات أن مجموعة ممن عرفوا ّ‬
‫أهل الشام ‪ ،‬لم ينضموا إلى اإلمام علي ‪ ،‬وال إلى معاوية في معركة صفين ‪ ،‬وقالوا‪:‬‬
‫إنا نخرج معكم وال ننزل عسكركم ‪ ،‬ونعسكر على حدة حتى ننظر في أمركم ‪ ،‬فمن‬
‫رأيناه أراد ما ال ّ‬
‫يحل له أو بدا منه بغي كنا عليه فقال علي‪ :‬مرحب ًا أه ً‬
‫ال ‪ ،‬هذا هو الفقه‬
‫ف�ي الدين والعلم بالس�نة‪ :‬من لم ي�رض بهذا فهو جائر خائن‪ .‬اهـ س�يرة اإلمام علي‬
‫(د‪ /‬الصالبي ص ‪.)470‬‬

‫‪84‬‬
‫فلم�ا اس�تحر القتل بأهل الش�ام ق�ال عمرو بن الع�اص لمعاوية‪ :‬أرس�ل إلى علي‬
‫بالمصح�ف فادع�ه إلى كت�اب ال ّٰله ‪ ،‬فإنه ال يأبى عليك ‪ ،‬فجاء ب�ه ٌ‬
‫رجل فقال ‪ :‬بيننا‬
‫وبينك�م كت�اب ال ّٰل�ه ‪ ،‬فقال علي ‪ :‬نع�م أنا أولى بذل�ك ‪ ،‬فقام الق�راء الذين صاروا‬
‫بعد ذلك خوارج بأس�يافهم على عواتقهم ‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا أمير المؤمنين أال نمش�ي إلى‬
‫هؤالء حتى يحكم ال ّٰله بيننا وبينهم؟ فقام سهل بن حنيف األنصاري ‪ v‬فقال ‪:‬‬
‫أيها الناس اتهموا أنفسكم ‪ ،‬لقد كنا مع رسول ال ّٰله ى يوم الحديبية ولو نرى قتاالً‬
‫لقاتلنا((( ‪ ،‬وذلك في الصلح الذي بين رسول ال ّٰله ى وبين المشركين ‪ ،‬ثم حدثهم‬
‫عن معارضة عمر ‪ v‬للصلح يوم الحديبية ونزل س�ورة الفتح على رس�ول ال ّٰله‬
‫ى ‪ ،‬فقال علي ‪ :‬أيها الناس إن هذا فتح فقبل القضية ورجع ورجع الناس)(((‪.‬‬
‫وعل�ى ه�ذه الرواية يعل�م أن اإلم�ام علي ًا ‪ v‬قب�ل وقف القتال ف�ي صفين ‪،‬‬
‫ورض�ي التحكي�م وع�دّ ذلك فتح� ًا ورجع إلى الكوف�ة ‪ ،‬وعلق على أم�ر التحكيم‬
‫صالح األمر بين الفريقين‪.‬‬
‫سالم اإلمام علي‬ ‫مر على مقابر قتلى صفين من الفريقين عند عودته فقال ‪:‬‬ ‫وورد أن أمير المؤمنين ّ‬
‫على قتلى صفين‬ ‫السالم عليكم أهل الديار الموحشة ‪ ،‬والمحال المقفرة من المؤمنين والمؤمنات ‪،‬‬
‫والمس�لمين والمس�لمات ‪ ،‬أنتم لنا سلف فارط ‪ ،‬ونحن لكم تبع ‪ ،‬وبكم عما قليل‬
‫الحقون ‪ ،‬ال ّٰلهم اغفر لنا ولهم ‪ ،‬وتجاوز بعفوك عنا وعنهم ‪ ،‬الحمد ل ّٰله الذي جعل‬
‫األرض كفاتا ‪ ،‬أحيا ًء وأمواتا ‪ ،‬الحمد ال ّٰله الذي خلقكم وعليها يحش�ركم ‪ ،‬ومنها‬
‫يبعثكم ‪ ،‬وطوبى لمن ذكر المعاد ‪ ،‬وأعدّ للحساب ‪ ،‬وقنع بالكفاء)(((‪.‬‬
‫وهذه الكلمات والدعاء من لس�ان اإلمام عل�ي ‪ v‬داللة على ارتباط مواقفه‬
‫بمراقب�ة م�واله ‪ ،‬وم�ا يعلمه من واج�ب الدعاء في الس�راء والض�راء ‪ ،‬وهي – أي‬
‫سنن المواقف‬ ‫المراقب�ة – ل ّٰل�ه تعالى جزء من س�نة المواقف الت�ي يتح ّلى بها الخلفاء الراش�دون‬
‫المهديون ‪ ،‬ممن قال فيهم المصطفى ى ‪« :‬عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين مدرسة األخالق‬
‫الفاصلة في مراحل‬
‫الفتن المضلة‬
‫((( مسند أحمد (‪. )15975‬‬
‫((( مصنف ابن أبي شيبة (‪. )37914‬‬
‫((( أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص (‪. )657/2‬‬

‫‪85‬‬
‫المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ» ‪ ،‬وهذه الس�نة المش�ار إليها هي ملحظ‬
‫االهتداء واالقتداء في مراحل الفتن ومفاصل االختالف الموصوفة في الحديث ‪:‬‬
‫«فإن من يعش منكم فسيرى اختالف ًا كثيرا»‪.‬‬
‫وقد كانت هذه الس�نن مدرس�ة األخالق الفاصلة بين سلوك الفريقين ‪ ،‬فقد ورد‬
‫أن اإلمام علي ‪ v‬بلغه أن اثنين من أصحابه يظهران ش�تم جند الشام ولعنهما‪.‬‬
‫فأرس�ل إليهما أن ك ّفا عما يبلغني عنكما ‪ ،‬فأتياه فقاال‪ :‬يا أمير المؤمنين ألس�نا على‬
‫ورب الكعبة المس�دّ نة ‪ ،‬قاال‪ :‬فل�م تمنعنا من‬
‫الح�ق وه�م على الباط�ل؟ قال‪ :‬بلى ّ‬
‫ش�تمهم ولعنهم؟ قال‪ :‬كره�ت لكم أن تكونوا لعانين ‪ ،‬ولك�ن قولوا‪ :‬ال ّٰلهم احقن‬
‫عرف‬‫دماءن�ا ودماءه�م ‪ ،‬وأصلح ذات بيننا وبينه�م ‪ ،‬وأبعدهم عن ضاللتهم حتى َي ِ‬
‫الغي من لجج به(((‪.‬‬
‫الحق من جهله ويرعوي عن ّ‬

‫((( أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص (‪..)658/2‬‬

‫‪86‬‬
‫�ل��ت‬
‫آ‬ ‫�‬ ‫�‬
‫�‬
‫ث‬
‫�و � ا� ر�ها�‬ ‫�ق����ص��ة اح� �كي��‬
‫قصة التحكيم‬
‫وآثارها‬ ‫م‬
‫تم االتفاق بين الفريقين على التحكيم بعد انتهاء الحرب في صفين فأوكل اإلمام‬
‫ّ‬
‫عل�ي ‪ v‬األمر في التحكيم بعد التش�اور مع أتباعه إلى أبي موس�ى األش�عري‬
‫‪ ، v‬وكان محايد ًا لم يشترك في المعركة بين الفريقين ‪ ،‬وأوكل جند الشام أمر‬
‫التحكيم إلى عمرو بن العاص وكان أحد قادة المعركة‪.‬‬
‫وأول فتنة ترتب عليها قبول التحكيم خروج قس�م من جيش اإلمام علي ‪ v‬ظهور الخوارج‬
‫وموقف اإلمام علي‬ ‫ورأوا أن التحكيم ذنب يوجب الكفر ‪ ،‬وهم الخوارج(((‪.‬‬
‫‪ v‬منهم ‪.‬‬
‫أم�ا الفريق الثاني من جيش اإلمام علي فهم الذين قبلوا التحكيم وارتضوه كحدّ‬
‫بين الفريقين وحقنا للدماء بين المسلمين‪.‬‬
‫ووقع الوثيقة كل من اإلمام علي ‪ ،‬ومعاوية بن أبي س�فيان وش�هد عليها كل من‬
‫اإلمام الحسن والحسين ‪ ،‬وعبد ال ّٰله بن عباس ‪ ،‬وعبد ال ّٰله بن جعفر بن أبي طالب‬
‫‪ ،‬واألش�عث بن قيس الكندي ‪ ،‬واألش�تر بن الحارث ‪ ،‬وسعيد بن قيس الهمداني ‪،‬‬

‫((( والخ�وارج قوم أو أقوام أخبر النب�ي﵀ عن ظهورهم في هذه األمة بد ًءا من معركة‬
‫ه�وزان الت�ي اعترض فيه�ا ذو الخويصرة التميمي على رس�ول ال ّٰل�ه ﵀ ‪ ،‬ومرور ًا‬
‫بالذي�ن خرج�وا على اإلمام عل�ي ‪ v‬بعد قضي�ة التحكيم ومواقفهم المتش�ددة‬
‫حت�ى معرك�ة النهروان وإبادة الكثير منهم ‪ ،‬ثم قول اإلمام علي ‪ v‬بعد أن س�مع‬
‫أح�د أتباعه يق�ول ‪ :‬الحمد ل ّٰله الذي خلصنا منهم ‪ ،‬أو ق�ال‪ :‬الحمد ل ّٰله الذي أبادهم‬
‫وأراحنا منهم ‪ ،‬فقال علي ‪( : v‬ال والذي نفسي بيده ‪ ،‬إن فيهم لمن في أصالب‬
‫الرج�ال ل�م تحمله النس�اء بعد وليكون�ن آخرهم لصاص�ا حرادين) اهـ مس�ند عبد‬
‫ال�رزاق (‪ ، )18655‬ونهاي�ة بما تبقى من أتباع مدارس�هم التي قال عنها من ال ينطق‬
‫عن الهوى ﵀ ‪ :‬كلما قطع قرن نش�أ غيره حتى يظهر في أعراضهم الدجال ‪ ،‬وهذا‬
‫وع�د نبوي اس�تباقي ببقاء ه�ذه الفتنة وتعدد صوره�ا ونماذجها وأوعيته�ا في حياة‬
‫األمة اإلسلامية مرحل ًة بعد أخرى ‪ ،‬مما يلزمنا عمق النظر في الدالالت والمواقف‬
‫التي جعلها النبي ﵀ عالمة لهم ولمتدادهم (ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ)‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫والحصين والطفيل بن الحارث بن عبد المطلب ‪ ،‬وأبو س�عيد بن ربيعة األنصاري‬
‫‪ ،‬وعبد ال ّٰله بن خباب بن األرت ‪ ،‬وسهل بن حنيف ‪ ،‬وأبو بشر بن عمر األنصاري ‪،‬‬
‫وعوف بن الحارث بن عبد المطلب ‪ ،‬ويزيد بن عبد ال ّٰله السلمي ‪ ،‬وعقبة بن عامر‬
‫الجهني ‪ ،‬ورافع بن خديج األنصاري ‪ ،‬وعمرو بن الحمق الخزاعي ‪ ،‬والنعمان بن‬
‫عجلان األنصاري ‪ ،‬وحجر بن ع�دي الكندي ‪ ،‬ويزيد بن حجية الكندي ‪ ،‬ومالك‬
‫بن كعب الهمداني ‪ ،‬وربيعة بن ش�رحبيل ‪ ،‬والحارث بن مالك ‪ ،‬وحجر بن يزيد ‪،‬‬
‫وعلبة بن حجيه ‪ ،‬وهؤالء من جند اإلمام علي‪.‬‬
‫أما جند أهل الشام فمنهم حبيب بن مسلمة الفهري ‪ ،‬وأبو األعور السلمي ‪ ،‬وبسر‬
‫بن أرطأة القرش�ي ‪ ،‬ومعاوية بن خدي�ج الكندي ‪ ،‬والمخارق بن الحارث الزبيدي‬
‫‪ ،‬ومس�لم بن عمرو السكس�كي ‪ ،‬وعبي�د الرحمن بن خالد ب�ن الوليد ‪ ،‬وحمزة بن‬
‫مالك ‪ ،‬وس�بيع بن يزيد بن أبجر العبس�ي ‪ ،‬ومس�روق بن جبلة العكي ‪ ،‬وبس�ر بن‬
‫يزي�د الحمي�دي ‪ ،‬وعبد ال ّٰله بن عامر القرش�ي ‪ ،‬وعتبة بن أبي س�فيان ‪ ،‬ومحمد بن‬
‫أبي سفيان ‪ ،‬ومحمد بن عمرو بن العاص ‪ ،‬وعمار بن األحوص الكلبي ‪ ،‬ومسعدة‬
‫ب�ن عم�رو العتبي ‪ ،‬والصباح بن جلهمة الحميري ‪ ،‬وعبد الرحمن بن ذي الكالع ‪،‬‬
‫وثمامةبن حوشب ‪ ،‬وعلقمة بن حكم‪.‬‬
‫وكتب�ت الوثيق�ة يوم األربعاء لثالث عش�رة ليلة بقين من صفر س�نة ‪ 37‬هـ)((( ‪،‬‬
‫وتفرق جمع الفريقين بعد توقيع االتفاقية وعاد كل منهما إلى مستقره وبالده‪.‬‬
‫معالجة أمر الخوارج واش�تغل اإلمام عل�ي منذ رجوعه من صفين بأمر الخ�وارج الذين آذنوه بالحرب‬
‫وقال�وا‪ :‬ال حكم إال ل ّٰله ‪ ،‬وأرس�ل إليهم عبد ال ّٰله ب�ن عباس لمراجعتهم ومناظرتهم‬ ‫ومناظرتهم‬

‫فقال�وا ل�ه ‪ :‬نقمنا على علي ومن معه ثالث ‪ :‬إحداه�ن أنه حكّم الرجال في أمر ال ّٰله‬
‫‪ ،‬وال ّٰل�ه يق�ول ‪ ( :‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ) [األنعام ‪ ، ]57 :‬والثانية ‪ :‬قاتل ولم يس�ب ولم‬
‫يغن�م ‪ ،‬ف�إن كانوا كفارا حل س�بيهم ‪ ،‬وإن كانوا مؤمنين ما حل س�بيهم وال قتلهم ‪،‬‬
‫والثالثة محا نفسه من أمير المؤمنين ‪ ،‬فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين‬

‫((( تاريخ الطبري (‪ ، )665/5‬والبداية والنهاية (‪ ، )277 – 276/7‬وفي رواية أن أول‬


‫االجتماع كان في دوامة الجندل في شهر رمضان ‪ 37‬من الهجرة‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ ،‬ف�رد اب�ن عباس وقال ‪( :‬أما قولكم‪ :‬حكم الرجال في أمر ال ّٰله فإني أقرأ عليكم من‬
‫كت�اب ال ّٰل�ه أن قد ص ّي�ر ال ّٰله حكمه إلى الرج�ال في ثمن ربع درهم فأم�ر ال ّٰله تبارك‬
‫وتعالى أن يحكموا فيه قال تعالى ‪( :‬ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ‬
‫ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ‬
‫ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ) [المائ�دة ‪ ، ]95 :‬وف�ي الم�رأة وزوجه�ا قال تعالى‬
‫‪( :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ) [النساء ‪. ]35 :‬‬
‫وأما قولكم‪ :‬قاتل ولم يسب ولم يغنم ‪ ،‬أفتسبون أمكم عائشة ‪ ،‬تستحلون منها ما‬
‫تستحلون من غيرها وهي أمكم؟‬
‫والثالثة ‪ :‬وأما محا نفس�ه من أمير المؤمنين فإن نبي ال ّٰله ى يوم الحديبية صالح‬
‫المش�ركين فقال لعلي ‪« :‬اكتب يا علي ما صالح عليه محمد رس�ول ال ّٰله‪ ،‬قالوا‪ :‬لو‬
‫نعلم أنك رس�ول ال ّٰله ما قاتلناك‪ ،‬فقال رس�ول ال ّٰله ى ‪ :‬ام�ح يا علي ‪..‬ال ّٰلهم إنك‬
‫تعل�م أني رس�ول ال ّٰله ‪ ،‬امح ي�ا علي واكتب هذا ما صالح علي�ه محمد بن عبد ال ّٰله‬
‫‪ ،‬وال ّٰله لرس�ول ال ّٰله خير من علي وقد محا نفس�ه ولم يكن محوه نفس�ه ذلك محا‬
‫النبوة((( ‪ ..‬فرجع بقول بن عباس ألفان منهم‪ ،‬وأبى سائرهم الرجوع فقاتلهم اإلمام‬
‫عل�ي في معركة النهروان الش�هيرة وذلك بعد أن تفرق الحكم�ان بعد صف ّين على‬
‫غي�ر رض�ى ‪ ،‬وأيس اإلمام علي من رجوعهم إلى الحق وخاصة بعد أن كتب إليهم‬
‫‪( :‬ارجع�وا إل�ى ما كنتم عليه وس�يروا بنا إلى قتال أهل الش�ام ‪ ،‬ف�ر ّدوا عليه ‪ :‬حتى‬
‫تشهد على نفسك بالكفر وتتوب‪ ) ...‬فلما قرأ كتابهم أيس منهم وخرج لمقاتلتهم‬
‫تصح على ما ذكره بعض‬ ‫صحت رواية طلبهم التوبة من اإلمام علي أم لم ّ‬ ‫‪ ،‬وسواء ّ‬
‫ال�رواة فإن مواقفهم وآراءهم أجمعت على تكفير علي ‪ v‬وعلى تكفير عثمان‬
‫اإلمام علي ‪v‬‬ ‫‪ v‬من قبل‪..‬‬
‫وق�د أطل�ق عليه�م اإلمام عل�ي صفة المارقي�ن وق�ال ‪ُ ( :‬أمرت بقت�ال المارقين يقاتل المارقين‬
‫اعتماد ًا على النص‬

‫((( مسند أحمد (‪. )3187‬‬

‫‪89‬‬
‫وهؤالء المارقون ‪ ، ((()..‬وكان عالم َة مروقهم كما ورد في الحديث ‪( :‬ذو الثد ّية)‬
‫‪ ،‬وق�د أمر اإلمام علي ‪ v‬أصحابه بالبحث عنه بعد انتهاء المعركة ألن وجوده‬
‫ف�ي القتل�ى م�ن األدلة على عدال�ة اإلمام علي وص�واب فعله وقتال�ه ‪ ،‬وبعد جهد‬
‫وم�دة م�ن البحث وجدت جث�ة ذو الثديين المخدج عند ش�فير النه�ر فقال اإلمام‬
‫علي ألصحابه أخرجوه فأخرجوه وكبر اإلمام علي وقال صدق ال ّٰله وبلغ رسوله ‪،‬‬
‫وسجد سجود الشكر ‪ ،‬وك ّبر الناس حين رأوا ذلك واستبشروا(((‪.‬‬
‫وأم�ر اإلم�ام علي ‪ v‬أصحابه بعد نهاية المعركة أن ال يتبعوا مدبرا أو ُي َذ ّففوا‬ ‫آداب المعركة من‬
‫واقع الخليفة الراشد على جريح ‪ ،‬أو يمثلوا بقتيل ‪ ،‬ولم يقس�م بين جنده إال ما حمل عليه الخوارج في‬
‫أكفار‬
‫ٌ‬ ‫الحرب من السلاح والكراع فقط ‪ ،‬ولم يك ّفر أحد منهم ‪ ،‬وقد س�ئل ‪v‬‬
‫فروا ‪ ،‬فقي�ل‪ :‬منافقون؟ قال ‪ :‬المنافق�ون ال يذكرون ال ّٰله إال‬
‫ُه�م؟ ق�ال ‪ :‬من الكفر ّ‬
‫قليلا ‪ ،‬قي�ل‪ :‬فمن هم؟ قال ‪ :‬قوم بغوا علينا فقاتلناهم ‪ ،‬وفي رواية ‪ :‬قوم بغوا علينا‬
‫فنُصرنا عليهم ‪ ،‬وفي رواية ‪ :‬قوم أصابتهم فتنة فعموا فيها وصموا (((‪.‬‬
‫وم�ن ممي�زات ومواقف اإلم�ام علي ‪ v‬ف�ي معرك�ة النه�روان دون معركة‬ ‫الفرق بين معركة‬
‫صفين والجمل الجمل وصفين أنه في قتاله للخوارج أظهر السرور والفرح بقتالهم ‪ ..‬قال العلماء‬
‫ومعركة النهروان‬
‫‪ : n‬أن�ه قاتل الخوراج بنص رس�ول ال ّٰله ى فف�رح بذلك ‪ ،‬ولم ينازعه أحد‬
‫من الصحابة ‪ ،‬وأما القتال في الجمل وصفين فقد ظهر منه من كراهته والندم عليه‬
‫م�ا ظه�ر‪ ..‬نتيجة لما رأى ‪ v‬من اش�تباك األمر واش�تباهه عل�ى جملة من أهل‬
‫الحصانة والرأي من أصحاب رسول ال ّٰله ى‪.‬‬
‫وق�د كان رض�ي الل�ه تعال�ى عن�ه يقول وهو يمش�ى ف�ي الس�وق ‪( :‬ﮓ ﮔ ﮕ‬
‫ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ)‬
‫[الكهف‪ ]105-104:‬أولئك هم الخوارج(((‪.‬‬

‫((( السنة البن أبي عاصم (‪. )907‬‬


‫((( مسند أحمد (‪. )672‬‬
‫((( أسمى المطالب سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص ‪737/2‬بتصرف‪.‬‬
‫((( «الكنز الثمين» للسيد محمد المحضار ‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫�دا ��ة ا �ل�ن���ها� ��ة‬
‫بداية النهاية لإلمام‬
‫علي ‪v‬‬
‫ب ي ي‬
‫عان�ى اإلمام علي ‪ v‬ما عاناه من الجهد والعن�اء لنصرة الحق والقيام بأمره‪،‬‬
‫وكأني بمقولة رس�ول ال ّٰلهى له يوم ذهب لقتل ذلك الرجل الذي تمثلت به الفتنة‬
‫وقول النبي ى له ‪« :‬أنت صاحبه إن أدركته» ‪ ،‬ولكنه لم يدرك الرجل‪ ،‬ولم يتمكن‬
‫من قطع دابر الفتنة الستفحالها ‪ ،‬وهاهو بعد اختالف الحكمين منصرفه من صفين‬
‫‪ ،‬وبع�د فراغه من معركة الخوارج بالنهروان يخاط�ب أصحابه ويقول ‪( :‬فيا عجب ًا مخاطبة اإلمام علي‬
‫وال ّٰل�ه يميت القل�ب ويجلب الهم من اجتماع هؤالء الق�وم على باطلهم وتفرقكم ألصحابه تحمل‬
‫ّ‬
‫صفة المعاتبة‬
‫عن الحق ‪ ،‬فقبح ًا لكم وترحا‪ ،‬حيث صرتم غرض ًا يرمى ‪ُ ،‬يغار عليكم وال تُغيرون‬
‫تغزون ‪ ،‬و ُيعص ال ّٰله ورس�وله وترضون ‪ ،‬فإذا أمرتكم بالس�ير إليهم‬ ‫َغزون وال ُ‬ ‫‪ ،‬وت َ‬
‫في أيام الحر قلتم هذه حمارة القيظ ‪ ،‬أمهلنا يس�بخ عنا الحر ‪ ،‬وإذا أمرتكم بالس�ير‬
‫إليه�م في الش�تاء قلتم هذه ص ّيارة القر ‪ ،‬أمهلنا يس�بخ عنا الب�رد ‪ ،‬كل هذا فرار ًا من‬
‫والقر تفرون ‪ ،‬فإذ ًاأنتم وال ّٰله من السيف أفر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الحر والقر ‪ ،‬فإذا كنتم من الحر‬
‫ي�ا أش�باه الرجال وال رجال ‪ ،‬حلوم األطفال ‪ ،‬وعق�ول ربات الحجال ‪ ،‬لوددت‬
‫أني لم أراكم ولم أعرفكم ‪ ،‬معرفة وال ّٰله جرت ندم ًا ‪ ،‬وأعقبت س�دم ًا ‪ ،‬قاتلكم ال ّٰله‬
‫ب التهام أنفاسا ‪،‬‬ ‫لقد مألتم قلبي قيح ًا ‪ ،‬وش�حنتم صدري غيضا ‪ ،‬وجرعتموني ُن َغ َ‬
‫وأفسدتم علي بالعصيان والخذالن حتى لقد قالت قريش‪ :‬إن ابن أبي طالب رجل‬
‫ش�جاع ‪ ،‬ولكن ال علم له بالحرب ‪ ..‬ل ّٰله أبوهم ‪ ،‬وهل أحد منهم أش�د لها مراس� ًا‬
‫من�ي ‪ ،‬وأق�دم فيها مقام ًا لق�د نهضت فيها وما بلغت العش�رين ‪ ،‬وها أنذا قد ذرفت‬
‫على الستين ‪ ،‬ولكن ال رأي لمن ال يطاع)((( ‪.‬‬
‫الن�ص األبوي‬‫ّ‬ ‫إن ه�ذه الخطب�ة لإلم�ام علي تقرير حال�ة ومرحل�ة ‪ ،‬وكفى بهذا‬
‫استطالعا لما دار ويدور ‪.‬‬
‫فهو ‪ v‬بعد هذا العمر المديد والجهد الش�ديد يستشعر خذالن القوم آلماله‬

‫((( أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (‪.)1022/2‬‬

‫‪91‬‬
‫اضطر ‪ v‬في س�نة أربعين للهج�رة أن يوافق لمعاوية‬‫ّ‬ ‫ورغبات�ه العادل�ة ‪ ،‬حت�ى‬
‫بالشام ‪ ،‬على أن يكون العراق له ‪ ،‬وال يدخل أحدهما على اآلخر بغزو وال غارة ‪..‬‬
‫قال الطبري في تاريخه ‪( :‬وفي س�نة أربعين ج�رت بين علي ومعاوية المهادنة بعد‬
‫مكاتبات جرت بينهما يطول ذكرها على وضع الحرب بينهما ويكون لعلي العراق‬
‫ولمعاوي�ة الش�ام ‪ ،‬فال يدخل أحدهما على صاحبه في عمل�ه بجيش وال غارة وال‬
‫غزو‪. ((( .‬‬
‫وتلف�ت اإلم�ام علي في وج�وه الق�وم حوله فم�ا رأى غير الخ�ذالن والعصيان‬
‫اإلمام علي ‪v‬‬
‫والخلود إلى األرض واستتباع النفس والهوى والشيطان ‪ ،‬وكأني به يضع الخطوط‬
‫يضع الخطوط العريضة‬
‫لمواقف إبنه الحسن العريض�ة البنه اإلمام الحس�ن كي يتخذ الموقف األخير عن�د توليه األمر من بعده‬
‫هم إني س�ئمتهم وس�ئموني ‪،‬‬ ‫بيس�ر ‪ ...‬فقد روي أنه ‪ v‬خطب يوم ًا فقال ‪( :‬ال ّٰل ّ‬ ‫من بعده‬
‫ومللتهم وملوني فأرحني منهم وأرحهم مني ‪ ،‬فما يمنع أشقاهم أن يخضبها بدم ‪،‬‬
‫ووضع يده على لحيته)(((اهـ ‪.‬‬
‫وفي رواية أخرى عن أبي صالح قال ‪( :‬شهدت علي ًا وضع المصحف على رأسه‬ ‫اإلمام علي يتمنى‬
‫النقلة عن الحياة حتى تقعقع الورق فقال ‪( :‬ال ّٰلهم إني سألتهم ما فيه فمنعوني ‪ ،‬ال ّٰلهم إني قد مللتهم‬
‫وملون�ي ‪ ،‬وأبغضتهم وأبغضوني ‪ ،‬وحملوني على غير أخالقي ‪ ،‬فأبدلهم بي ش�ر ًا‬
‫من�ي ‪ ،‬وأبدلن�ي بهم خي�ر ًا منهم)(((اهـ ‪ ،‬وف�ي رواية ‪( :‬فلم يلب�ث إال ثالث ًا أو نحو‬
‫ذلك حتى قتل رحمه ال ّٰله) ‪ ،‬وقال الحسن بن علي ‪ v‬إن رسول ال ّٰله ى سنح‬
‫لقيت من أمتك من األود واللدد ‪،‬‬ ‫لي الليلة في منامي فقلت‪ :‬يا رس�ول ال ّٰله ‪ :‬ماذا ُ‬
‫«ادع عليهم» قلت ‪ :‬ال ّٰلهم أبدلني بهم من هو خير منهم وأبدلهم من هو ش�ر‬ ‫فقال‪ُ :‬‬
‫مني لهم)‪ ،‬قال الحسن ‪ : v‬فخرج فضربه الرجل‪..‬‬
‫((( ‪.‬‬
‫ّ‬
‫وقد علم من األحاديث االستباقية أن أمير المؤمنين ‪ v‬كان على علم بشهادته‬

‫((( تاريخ الطبري (‪.)140/5‬‬


‫((( مصنف عبد الرزاق (‪. )18670‬‬
‫((( سير أعالم النبالء (‪. )144/3‬‬
‫((( الشريعة لآلجري (‪. )1598‬‬

‫‪92‬‬
‫‪ ،‬وكيفية قتله ‪ ،‬وكان اإلمام علي ًا يتحدث بذلك متيقن ًا ‪ ،‬فقد روى أبو األسود الدؤلي‬
‫قوله ‪ :‬س�معت علي ًا يقول ‪ :‬أتاني عبد ال ّٰله بن سلام وقد أدخلت رجلي في الغرز ‪،‬‬
‫فق�ال ل�ي ‪ :‬أين تريد؟ فقلت‪ :‬العراق ‪ ،‬فقال‪ :‬أما إن�ك إن جئتها ليصيبنك بها ذباب‬
‫الس�يف ‪ ،‬فقال علي ‪ :‬وأيم ال ّٰله لقد س�معت رس�ول ال ّٰله ى قبلك يقوله ‪ ،‬قال أبو‬
‫وقلت ‪ :‬رجل محارب يحدث بمثل هذا عن نفسه(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫األسود‪ :‬فعجبت منه‬
‫وروي أيض� ًا مث�ل هذا قبل توليته الخالفة عند ما م�رض في (ينبع النخل) وعاده‬
‫أب�و فضال�ة األنص�اري البدري ‪ v‬وق�ال له اإلمام عل�ي ‪( :‬إني لس�ت ميت ًا في‬
‫إلي النبي ى أني ال أموت حتى تخضب‬ ‫مرض�ي ه�ذا ‪ ،‬أو من وجعي هذا إنه عهد ّ‬
‫(((‬
‫هذه يعني لحيته من هذه يعني هامته)‬
‫وعن عبد ال ّٰله بن واس�ع قال ‪ :‬س�معت علي ًا يقول ‪( :‬لتخضبن هذه من هذه‪ ،‬فما وصية اإلمام ألتباعه‬
‫وأهل بيته‬ ‫ي�ر ِع َترتَه ‪ ،‬قال ‪ :‬إذن تال ّٰله‬
‫ينتظ�ر بي األش�قى؟ قالوا ‪ :‬يا أمير المؤمنين فأخبرنا به نَبِ ُ‬
‫تقتل�ون ب�ي غي�ر قاتلي ‪ ،‬قالوا ‪ :‬فاس�تخلف علين�ا ‪ ،‬قال ‪ :‬ال ولك�ن أترككم إلى ما‬
‫ترككم إليه رسول ال ّٰله ى)((( ‪.‬‬

‫(((تاريخ دمشق (‪. )545/42‬‬


‫(((دالئل النبوة للبيهقي (‪. )438/6‬‬
‫((( مس�ند أحمد (‪ . )1078‬وهذه إشارة واضحة من لسان اإلمام علي ‪ v‬بعد الوصية‬
‫بالحكم من بعد ألحد وترك األمر شورى‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫ف �ل��ت‬
‫ا � �ل ما� �ع��ل�� ‪� v‬و�ع��ل��م��ه �����ق��ها �ح�و� ال ت‬
‫�‬ ‫�‬
‫�ب‬ ‫إ مي‬
‫�‬
‫ما كان علم فقه التحوالت أو فقه عالمات الس�اعة إال ذرة من العلم الذي أحاط‬
‫ب�ه اإلمام عل�ي ‪ v‬وأرضاه ‪ ،‬فقد كان اإلمام باب مدين�ة العلم وما من علم من‬
‫العلوم إال وكان له فيه باع كبير ‪ ،‬وقد أشار إلى ذلك ابنه الحسن عند وفاة أبيه اإلمام‬
‫علي ‪ ، c‬إذ قام على المنبر وقال ‪ :‬فارقكم رجل باألمس لم يس�بقه األولون‬
‫وال يدركه اآلخرون بعلم‪.‬‬
‫وقال سعيد بن المسيب ‪( : v‬ما كان أحد بعد رسول الله ى أعلم من علي‬
‫بن أبي طالب) ‪.‬‬
‫فقأت عين الفتنة ‪ ،‬وإني وايم الله لوال أن‬
‫ُ‬ ‫وكان ‪ v‬يقول عن نفس�ه ‪ :‬أما إني‬
‫تتكلوا فتدعوا العمل لحدثتكم بما س�بق على لس�ان نبيكم ى ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬سلوني ‪،‬‬
‫فإنكم ال تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة إال حدثتكم ‪.‬‬
‫وقد ورد من كالمه في بعض خطبه قوله ‪ :‬والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو أشاء‬
‫ألخذتك�م بخ�راب العرصات عرصة عرص�ة متى تخرب ومتى تعم�ر بعد خرابها‬
‫إل�ى ي�وم القيامة ‪ ،‬وإن عندي من ذلك علم ًا جم ًا ‪ ،‬وإن تس�ألوني تجدوني به عالم ًا‬
‫استودعت علم القرون األولى ‪ ،‬وما هو كائن إلى‬
‫ُ‬ ‫أخطئ به عام ًا وال دافئ ًا‪ ،‬ولقد‬
‫ُ‬ ‫ال‬
‫يوم القيامة ‪ )..‬اهـ ‪.‬‬
‫ومم�ا كان يعل�م به قي�ام األمر أي الحكم لم�ن ينازعه عليه ولي�س له ففي كتاب‬
‫الفتن (ج‪/2‬ص‪ )79‬عن أبي س�الم الجيش�اني ‪ ،‬قال س�معت عليا ‪v‬بالكوفة‬
‫يقول ‪( :‬إني أقاتل على حق ليقوم ‪ ،‬ولن يقوم واألمر لهم) ‪ ،‬قال ‪ :‬فقلت ألصحابي‬
‫‪ :‬م�ا المقام هاهن�ا ‪ ،‬وقد أخبرنا أن األمر ليس لهم فاس�تأذناه إلى مصر ‪َ ،‬فأ ِذ َن لمن‬
‫شاء منا ‪ ،‬وأعطى كل رجل منا ألف درهم ‪ ،‬وأقام معه طائف ٌة منا ‪.‬اهـ ‪ .‬قال المحقق‬
‫‪ :‬إسناده حسن رقم (‪. )300‬‬
‫وم�ن علمه في ه�ذا الصدد قوله ‪( :v‬ال يزال هؤالء الق�وم آخذين بثبج هذا‬

‫‪94‬‬
‫األمر ما لم يختلفوا بينهم‪ ،‬فإذا اختلفوا بينهم خرجت منهم فلم تعد إليهم إلى يوم‬
‫القيامة ـ يعني بني أمية ـ ‪ .‬كتاب الفتن ص‪124‬رقم ‪512‬إسناده حسن ‪.‬‬
‫وفي الفتنة الرابعة يقول اإلمام علي ‪( : v‬جعلت في هذه األمة خمس فتن ‪،‬‬
‫فتن عامة ‪ ،‬ثم فتن خاصة ‪ ،‬ثم فتن عامة ‪ ،‬ثم فتن خاصة ‪ ،‬ثم الفتنة السوداء المظلمة‬
‫الت�ي يصي�ر فيها الناس كالبهائم‪ ،‬ث�م هدنة‪ ،‬ثم دعاة إلى الضالل�ة ‪ ،‬فإن بقي يومئذ‬
‫خليفة فالزمه) اهـ ‪.‬‬
‫الماح ُل‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬ ‫ان((( ال ُي َق َّر ُب في�ه إال‬ ‫وق�ال كرم الل�ه وجهه ‪َ :‬ي ْأتي على ال َّن ِ‬
‫�اس َز َم ٌ‬
‫الصدَ َق ُ�ة ُغ ْرم ًا‪،‬‬‫ون َّ‬ ‫�ف‪َ ،‬ي ُعدُّ َ‬‫نص ُ‬ ‫الم ِ‬ ‫�ف فيه إال ُ‬ ‫�ر‪ ،‬وال ُي َض َّع ُ‬ ‫اج ُ‬ ‫ُي ْس�ت َْظ َر ُف في�ه إال ال َف ِ‬
‫ور ِة‬
‫ان بِ َم ُش َ‬ ‫الس ْل َط ُ‬ ‫ُ‬
‫يكون ُّ‬ ‫اس‪َ ،‬ف ِع ْندَ َذلِ َك‬ ‫استِ َطال ًة على ال َّن ِ‬ ‫الر ِح ِم َم َّن ًا‪ِ ،‬‬
‫والع َبا َد َة ْ‬ ‫وص َل ِة َّ‬
‫ِ‬
‫الخ ْص ِ‬
‫يان‪.‬‬ ‫بيان‪ ،‬و َتدْ بِي ِر ِ‬ ‫الص ِ‬‫ار ِة ِّ‬ ‫اء‪ ،‬وإِ َم َ‬‫الن َِّس ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫�ان ال َي ْب َقى ف ِيهم من ال ُقرآن إال َر ْس ُ‬
‫�م ُه‪،‬‬ ‫وق�ال ك�رم اهلل وجهه‪ :‬يأيت عىل الن ِ‬
‫َّاس َز َم ٌ‬
‫اب ِمن اهلُدَ ى‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ ِ‬ ‫اإلسلا ِم إال اس�م ُه‪ ،‬مس ِ‬ ‫ِ‬
‫�اجدُ ُهم َيو َمئذ عام َر ٌة م�ن البِنَاء‪َ ،‬خ َ�ر ٌ‬ ‫ْ ُ َ َ‬ ‫وم�ن ِ ْ‬

‫((( روى أحمد في «مسنده» من حديث سهل بن سعد أن رسول الله ‪ m‬قال‪( :‬اللهم ال‬
‫يدركن�ي زم�ان ‪ ،‬أو ال تدركوا زمانا ‪ ،‬ال يتبع فيه العليم وال يس�تحي فيه من الحليم ‪ ،‬قلوبهم‬
‫قلوب األعاجم وألس�نتهم ألس�نة الع�رب ‪ ،‬هكذا والله حالهم فه�م أعاجم القلوب والميل‬
‫واله�وى ‪ ،‬ليس لهم من اإلسلام إال االس�م الذي س�ماهم به آباؤهم ‪ ،‬وال م�ن العروبة إال‬
‫اللسان)‪.‬‬
‫وق�ال الديلم�ي في «مس�ند الف�ردوس»‪ :‬أخبرنا أب�ي أخبرنا اب�ن النقور أخبرنا أبو س�عد‬
‫اإلس�ماعيلي ثن�ا أبوبك�ر محمد بن أحمد ب�ن حفص الدين�وري ثنا عبدالله اب�ن محمد بن‬
‫حمدان الدينوري ثنا إس�ماعيل بن توبة الثقفي ثنا خلف بن خليفة عن أبي هاش�م الروماني‬
‫عن زاذان عن س�لمان عن علي ش قال‪ :‬قال رس�ول الله ‪( :m‬يأتي على الناس زمان ال‬
‫يتب�ع في�ه العالم‪ ،‬وال يس�تحي فيه من الحليم ‪ ،‬وال يوقر فيه الكبي�ر ‪ ،‬وال يرحم فيه الصغير ‪،‬‬
‫يقتل بعضهم بعضا على الدنيا‪ ،‬قلوبهم قلوب األعاجم وألسنتهم ألسنة العرب ‪ ،‬ال يعرفون‬
‫معروف�ا وال ينكرون منكرا ‪ ،‬يمش�ي الصالح فيهم مس�تخفيا ‪ ،‬أولئك ش�رار خلق الله ‪ ،‬وال‬
‫ينظر الله إليهم يوم القيامة)‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫ون‬ ‫الف ْتنَ� ُة وإِ َل ْي ِهم ت َْأ ِوي اخلَطِي َئ ُة‪َ ،‬ي ُر ُّد َ‬ ‫ض‪ِ ،‬منْهم خَتْرج ِ‬
‫أهل األَ ْر ِ ُ ُ ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫َّانا و ُع اَّم ُرها رَ ُّ‬ ‫ُس�ك هُ‬
‫ول اهللُ ُس ْب َحا َن ُه‪َ :‬فبِي َح َل ْف ُت ألَ ْب َع َث َّن‬ ‫ون َم ْن ت ََأ َّخ َر َعنْها إِ َل ْيها‪َ ،‬ي ُق ُ‬ ‫َم ْن َش َّذ َعن َْها‪ ،‬و َي ُسو ُق َ‬
‫ان‪ ،‬و َقدْ َف َع َل‪ ،‬ون َْح َن ن َْست َِق ُيل اهللَ َع ْث َر َة ال َغ ْف َل ِة‪.‬‬ ‫يم فيها َح َري َ‬ ‫ِ‬
‫َت ُك احلَل َ‬
‫ِ ِ‬
‫عىل ُأو َلئ َك ف ْتنَ ًة ت رْ ُ‬
‫رِ‬ ‫وقال كرم اهلل وجهه ‪َ :‬ي ْأتيِ عىل الن ِ‬ ‫َ‬
‫وس فيه عىل ما يف‬ ‫وض‪َ ،‬ي ُع ُّض ا ُمل ُ‬ ‫ان َع ُض ٌ‬ ‫َّاس َز َم ٌ‬
‫ِ‬ ‫بذلِ َك‪َ ،‬‬ ‫َيدَ ِيه ولمَ ُي ْؤ َم ْر َ‬
‫ش ُار‬ ‫قال اهلل ُس ْب َحا َن ُه‪ :‬ﮋ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﮊ َتن َْهدُّ فيه األَ رْ َ‬
‫ول اهللِ ‪ m‬عن َب ْي ِع ا ُمل ْض َط ِّري َن‪.‬‬ ‫ون‪ ،‬و َقدْ هَنَى َر ُس ُ‬ ‫يار‪ ،‬و ُي َب ِاي ُع ا ُمل ْض َط ُّر َ‬ ‫وت ُْست ََذ ُّل األَ ْخ ُ‬
‫ش األَ ْز ِمن َِة‪-‬‬ ‫‪-‬و ُه َو رَ ُّ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫واقتراب الق َيا َمة َ‬
‫الز ِ‬
‫مان‬ ‫آخ ِر َّ‬ ‫وق�ال ك�رم اهلل وجهه ‪ :‬ي ْظهر يف ِ‬
‫َ َُ‬ ‫َ‬
‫الت إىل‬ ‫الفتَ�ن‪َ ،‬م ِائ ٌ‬ ‫لات يف ِ‬ ‫اخ ٌ‬ ‫ين‪ ،‬د ِ‬
‫ات م�ن الدِّ ِ َ‬
‫اري ٌ ِ‬
‫ات‪َ ،‬ع ِ َ‬ ‫َاش� َف ٌ‬‫�ات ك ِ‬ ‫َب َج ٌ‬ ‫�و ٌة ُمت رَ ِّ‬ ‫ن ْس َ‬
‫ِ‬
‫ات‪.‬‬ ‫مات‪ ،‬يف َج َهن ََّم َخالِدَ ٌ‬ ‫َّت للمحر ِ‬ ‫ِ‬
‫ات إىل ال َّل َّذات‪ُ ،‬م ْستَحال ٌ ُ َّ‬
‫ِ‬ ‫س َع ٌ‬ ‫وات‪ُ ،‬م رْ ِ‬ ‫الشه ِ‬
‫َّ َ‬
‫ِ‬ ‫وق�ال كرم اهلل وجه�ه ‪ :‬يأيت عىل الن ِ‬
‫الب‪،‬‬ ‫م�ان ُي ْقت َُل فيه ال ُع َلام ُء كما ُت ْقت َُل الك ُ‬ ‫َّاس َز ٌ‬ ‫َ‬
‫ان حَ َتا َم ُقوا‪.‬‬ ‫الزم ِ‬ ‫ِ‬
‫َف َيا َل ْي َت ال ُع َلام َء يف َذل َك َّ َ‬
‫وش ُه ُه�م َمتَا ُع ُهم‪،‬‬ ‫ونُم‪ ،‬رَ َ‬ ‫ه ُه�م ُب ُط هُ‬ ‫وق�ال ك�رم اهلل وجهه ‪ :‬يأيت على الن ِ‬
‫َّاس َز َم ٌ‬
‫ان مَ ُّ‬ ‫َ‬
‫الق هلم ِعنْدَ‬ ‫ش اخلَ ْل ِق‪ ،‬ال َخ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اه ُهم و َدنان ُري ُهم‪ُ ،‬أ َولئ َك رَ ُّ‬
‫مِ‬ ‫ِ‬
‫اؤ ُهم‪ ،‬ودينُهم َد َر ُ‬ ‫وق ْب َلت ُُهم نِ َس ُ‬ ‫ِ‬
‫اللهِ‪.‬‬

‫الم ْنت ََظ ُر‬


‫الم ْه ِد ُّي ُ‬ ‫َ‬
‫آل حُم َ َّم ٍد ‪َ ، m‬ف ِعنْدَ َذلِ َك‬ ‫إن احل َّق يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫َ‬
‫السامء‪َ َّ :‬‬ ‫قال كرم اهلل وجهه ‪ :‬إذا نَا َدى ُمناد من َّ‬
‫ُون هلم ِذك ٌْر َغيرْ ُ ُه‪.‬‬
‫ون ُح َّبه‪ ،‬وال َيك ُ‬ ‫ش ُب َ‬ ‫َّاس‪ ،‬و ُي رْ َ‬
‫ي ْظهر ا َمله ِدي عىل َأ ْف ِ‬
‫واه الن ِ‬ ‫َ َ ُ ْ ُّ‬
‫فقال ُع َم ُر ‪ : v‬واهللِ‬ ‫ني َو َل َج هو و ُع َم ُر ‪ v‬ال َب ْي َت‪َ ،‬‬ ‫وقال كرم اهلل وجهه ‪ِ :‬ح َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بيل اهللِ؟‬ ‫�م ُه يف َس ِ‬‫لاح واألَ ْموال أو ُأ َق ِّس ُ‬ ‫الس ِ‬ ‫ما َأ ْد ِري! َأ َأ َد ُع َخ َزائ َن ال َبيت وما فيه من َّ‬
‫اح ُب ُه ِمنَّا‬
‫احبِ ِه‪ ،‬إِنَّام ص ِ‬
‫َ‬
‫�ت بِص ِ‬
‫ني َف َل ْس َ َ‬ ‫ض يا َأ ِم َري ا ُمل ْؤ ِمنِ َ‬ ‫فق�ال له َع يِ ٌل كرم اهلل وجهه ‪ :‬اِ ْم ِ‬ ‫َ‬
‫الزم ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب ِمن ُق َر ٍ‬
‫ان‪.‬‬ ‫بيل اهللِ يف آخ ِر َّ َ‬ ‫يش‪ُ ،‬ي َق ِّس ُم ُه يف َس ِ‬ ‫َش ٌّ‬

‫اع ِة‬‫الس َ‬
‫اب َّ‬ ‫ا ْقتِ َر ُ‬
‫ِ‬ ‫رِ‬ ‫ِ‬
‫الس�ا َعة‪ :‬إذا َك ُث َر ُخ َط َبا ُء َمنَابِ ُركُم‪َ ،‬‬
‫ور َك َن ُع َل اَم ُؤكُم‬ ‫اب َّ‬‫ت ِ‬‫قال كرم اهلل وجهه ‪ :‬من ا ْق َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ون‪.‬‬ ‫َوهم بِام َي ْشت َُه َ‬
‫الل‪َ ،‬ف َأ ْفت ُ‬ ‫وح َّر ُموا َع َل ْي ِه ُم ا َ‬
‫حل َ‬ ‫إىل ُوالتكُم‪َ ،‬فأ َح ُّلوا هلم ا َ‬
‫حل َرا َم‪َ ،‬‬

‫‪96‬‬
‫امؤكُم لِ َي ْج ِل ُبوا بِ ِه َدنَانِ َريكُم‬ ‫الس�ا َع ِة‪ :‬إذا َت َع َّل َم ُع َل ُ‬ ‫اب َّ‬ ‫ت ِ‬ ‫رِ‬ ‫ِ‬
‫وقال كرم اهلل وجهه ‪ :‬من ا ْق َ‬ ‫َ‬
‫رآن جِ َت َارةً‪.‬‬ ‫وات َْذت ُُم ال ُق َ‬ ‫اهكُم‪ ،‬خَّ‬ ‫و َد َر َ‬
‫مِ‬
‫ي�ق بِالن ُُّجو ِم‪،‬‬ ‫�ة‪ ،‬وت َْص ِد ٌ‬ ‫يف األَ ِئم ِ‬
‫َّ‬ ‫الس�ا َع ِة‪َ :‬ح ُ‬ ‫اب َّ‬ ‫ت ِ‬ ‫رِ‬ ‫ِ‬
‫وق�ال ك�رم اهلل وجهه ‪ :‬م�ن ا ْق َ‬ ‫َ‬
‫يب بِال َقدَ ِر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫و َتكْذ ٌ‬
‫ِ‬ ‫وق�ال ك�رم اهلل وجهه ‪ِ :‬من ا ْقِت�رِ َ ِ‬
‫الصالةَ‪،‬‬ ‫َّاس َأ َضا ُع�وا َّ‬ ‫ُ�م الن َ‬ ‫الس�ا َعة‪ :‬إذا رأيت ُ‬ ‫اب َّ‬ ‫َ‬
‫وش� َّيدُ وا البِنَا َء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الر َش�ا‪َ ،‬‬ ‫الر َبا‪ ،‬و َأ َك ُلوا ِّ‬ ‫واس�ت ََح ُّلوا ال َك َبائ َر‪ ،‬و َأ َك ُلوا ِّ‬ ‫و َأ َضا ُعوا األَ َما َن َة‪ْ ،‬‬
‫الس�با ِع‬ ‫وات َُذوا ُج ُلو َد ِّ‬ ‫رآن َم َز ِام َري‪ ،‬خَّ‬ ‫وات َُذوا ال ُق َ‬ ‫وا َّت َب ُعوا اهل َ َوى‪ ،‬و َبا ُعوا الدِّ ي َن بالدُّ نْيا‪ ،‬خَّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اونُوا‬ ‫وت َ‬ ‫الزنَ�ا‪ ،‬هَ َ‬ ‫جل ْو َر‪ ،‬و َف َش�ا ِّ‬ ‫حل ِر َير لباس� ًا‪ ،‬و َأ ْك َث ُ�روا ا َ‬ ‫صفاف� ًا‪ ،‬وا َمل َس�اجدَ ُط ُرق� ًا‪ ،‬وا َ‬
‫والو َل�دُ َغ ْيظ ًا‪ ،‬و ُأ َم َرا ُء‬ ‫وصار ا َمل َط ُر َقيظ ًا‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ني‪،‬‬ ‫�و َن األَ ِم ُ‬ ‫ِ‬
‫لاق‪ ،‬وا ْئتُم َن اخلَائ ُن‪َ ،‬و ُخ ِّ‬
‫ِ‬ ‫بِال َّط ِ‬
‫ت ال ُع َل اَم ُء‪ ،‬و َك ُث َ�ر ال ُق َّرا ُء‪،‬‬ ‫َفج�رةٌ‪ ،‬وو َزراء ك ََذب� ٌة‪ ،‬و ُأمنَاء َخونَ� ٌة‪ ،‬و ُعر َفاء َظ َلم� ٌة‪ ،‬و َق َّل ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ َ ُ َ ُ َ‬
‫ت ا َملنَابِر‪ ،‬و َفس�دَ تِ‬ ‫�اجدُ ‪ ،‬و ُطو َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وز ْخ ِر َفت ا َمل َس‬ ‫ِ‬
‫وح ِّل َيت ا َمل َصاح ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ف‪ُ ،‬‬ ‫َو َق َّلت ال ُف َقها ُء‪ُ ،‬‬
‫�ت اخلم�ور‪ ،‬و ُع ِّط َل ِ‬ ‫وشب ِ‬ ‫ت ا َمل َع ِ‬ ‫ُح َّل ِ‬ ‫َ�ات‪ ،‬واس�ت ِ‬ ‫َ�ذوا ال َقين ِ‬
‫�ت‬ ‫ُُ ُ‬ ‫ف‪ ،‬رُ ِ َ‬ ‫�از ُ‬ ‫ْ‬ ‫وات ُ‬ ‫�وب‪ ،‬خَّ‬ ‫ال ُق ُل ُ‬
‫المَ�ر َأ ُة َز ْو َجها يف الت َِّج َار ِة‪،‬‬ ‫�اركَت ْ‬
‫ِ‬
‫وش َ‬ ‫ت ا َمل َواثِ ُيق‪َ ،‬‬ ‫الش�هور‪ ،‬ون ُِق َض ِ‬
‫حلدُ و ُد‪ ،‬و َن َق َصت ُّ ُ ُ‬
‫ِ‬
‫ا ُ‬
‫اء‪َ ،‬و ُح ِل َ‬ ‫ال والرج ُال بِالنِّس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف بِ َغ ِري‬ ‫َ‬ ‫الر َج ِ ِّ َ‬ ‫الباذي َن‪ ،‬وت ََش� َّبهت الن َِّس�ا ُء بِ ِّ‬ ‫ب الن َِّس�ا ُء رَ َ‬ ‫ورك َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الر ُج ُل من َغ ِري َأ ْن ُي ْست َْش َهدَ ‪ ،‬وكَانَت َّ‬ ‫ِ‬
‫اع‬‫الزكَا ُة َم ْغ َرم ًا واألَ َما َن ُة َم ْغن ًام‪ ،‬و َأ َط َ‬ ‫وش ِهدَ َّ‬ ‫اهللِ‪َ ،‬‬
‫ات َم َو ِار َ‬ ‫وص َارت ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يث‪،‬‬ ‫اإل َم َار ُ‬ ‫عق ُأ َّم ُه‪ ،‬و َق َّر َب َصدي َق ُه و َأ ْق ىَص َأ َب�ا ُه‪َ ،‬‬ ‫الر ُج ُ�ل ا ْم َر َأ َت ُه َو َّ‬ ‫َّ‬
‫الش ُط‪ ،‬وصعدَ تِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫�رت رُّ َ‬ ‫شه‪ ،‬و َك ُث ْ‬ ‫الر ُج ُل ا ِّت َقا َء رَ ِّ‬ ‫س�ب آخ ُر َهذه األ َّمة أ َّولهَ�ا‪ ،‬وأكْر َم َّ‬ ‫َو َّ‬
‫وضي َق ِ‬
‫واس� َت ْغنَى‬ ‫وش� ِّيدَ البِنَا ُء‪ْ ،‬‬ ‫ات‪ُ ،‬‬ ‫ت ال ُّط ُر َق ُ‬ ‫ان‪ِّ ُ ،‬‬ ‫ِّيج َ‬ ‫الر َج ُال الت َ‬ ‫جل َّه ُال ا َملنَابِ َر‪ ،‬و َلبِ َس ِّ‬ ‫ا ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر َج ُال بِالر َج ِ‬
‫وص َار ْت َأ ْموا ُلكُم‬ ‫وض َّي ْعتُم َح َّق اللهِ يف َأ ْموالكُم‪َ ،‬‬ ‫ال‪ ،‬والن َِّسا ُء بِالن َِّساء‪َ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫س‪،‬‬ ‫رِ‬ ‫ِ‬
‫�ور يف ناديكُم‪ ،‬و َلع ْبتُ�م با َمل ْي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش ِاركُ�م‪ ،‬و َق َط ْعتُ�م َأ ْر َحا َمكُ�م‪ ،‬رَ ِ‬ ‫رِ‬
‫وش ْبتُم اخلُ ُم َ‬ ‫عن�دَ َ‬
‫ور َأ ْيت ُُموها َم ْغرم ًا‪،‬‬ ‫جيكُم َزكَا َتكُ�م َ‬ ‫او َ‬ ‫ير‪ ،‬و َمنَ ْعتُم حَم ِ‬ ‫وض ْبتُ�م بال َكَب�رَ ِ والمَ ْع َز َف ِة وا َمل َز ِام ِ‬
‫رَ َ‬
‫اط‪،‬‬ ‫بيد والس� َق ِ‬ ‫واؤكُم‪ ،‬وصار الع َطاء يف الع ِ‬ ‫واخ َت َل َف ْت َأ ْه ُ‬ ‫يظ ال َعا َّم َة‪ْ ،‬‬ ‫البي ُء لِ َي ِغ َ‬ ‫َو ُقتِ َل رَ ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫َاي ُيل وا َمل ِ‬ ‫ت ا َملك ِ‬ ‫و ُط ِّف َف ِ‬
‫الس َفها ُء‪.‬‬ ‫وركُم ُّ‬ ‫ليت ُأ ُم َ‬ ‫وازي ُن‪َ ،‬و َو ْ‬ ‫َ‬
‫والق�ارئ بعم�ق وط�ول مالحظة لحي�اة اإلمام عل�ي ‪ v‬يجد كاف�ة تصرفاته‬
‫ومواقفه قائمة على االلتزام بالنصوص في حربه وس�لمه ‪ ،‬ونصوص فقه عالمات‬

‫‪97‬‬
‫الساعة هي أصل منهجه الشرعي في معالجة األمور السياسية ومنهجه الفكري ‪،..‬‬
‫ولم يتصرف يوم ًا بدافع طبعه ورغبته الذاتية ال في موقع الحكم وال في موقع قرار‬
‫العل�م ‪ ،‬ب�ل يكاد أن يتميز عن كثير من أصحاب رس�ول الله ى في هذه المس�ألة‬
‫ما س�وى مواقف تعد بأصابع الكف الواحدة اضطر أن يتخذ فيها موقف ًا ذاتي ًا بدافع‬
‫الغي�رة كما هي في عدم محوه اس�م النبي ى من وثيقة صل�ح الحديبية حتى أخذ‬
‫النبي الصحيفة ومحا اسمه بيده ‪.‬‬
‫والق�ارئ ف�ي مجموع س�يرة اإلمام عل�ي ومناقبه س�يرى ال�دالالت والمواقف‬
‫الخاص�ة بفقه التحوالت والعلم بعالمات الس�اعة ومس�تقبل الزمان بادية واضحة‬
‫كل الوضوح ‪..‬‬
‫حتى إن الباحث (جوزأونيل) في كتابه القصة الحقيقة للهندسة الذرية أشار إلى‬
‫اإلمام علي وثاقب نظره واطالعه العلمي على مستجدات علوم آخر الزمان فقال‪:‬‬
‫(إن أحد النقط المتألألة في القرون الوسطى تأتي من العالم اإلسالمي حيث نجد‬
‫م�ا س�طره قلم علي أبو الحس�ن صه�ر محمد ـ ويعني به س�يدنا عل�ي ‪ v‬ـ أبا‬
‫فلقت الذرة أي ذرة تجد في قلبها شمس ًا) وإن هذا‬
‫َ‬ ‫الحس�ن والحس�ين يقول ‪( :‬إذا‬
‫يدل على بصيرته الصافية قد اس�تطاعت أن تلمح حقيقة النظام الشمس�ي الحديث‬
‫في الذرة‪.‬‬
‫إذن فمجمل القول أن اطالع اإلمام علي ‪ v‬على دقائق هذا العلم المعروف‬
‫بعلم عالمات الس�اعة وعلم المتغيرات وعلم فقه التح�والت كان بمثابة البوصلة‬
‫التي يتحرك من خاللها ويحرك سفينة الحكم والعلم سر مجريات الفتن وتقلبات‬
‫المراحل ملتزم ًا (منهج التوازن الوسطي المشروع) ال مجامال وال جبانا وال نكوصا‬
‫ع�ن الحق ونصرته ‪..‬وظل هذا المنهج عين الس�لوك ألبنائه وأس�رته بالخصوص‬
‫وكل منهم أخذ منه بمقدار اجتهاده فيما قدر له وخلقه الله من أجله ‪..‬‬
‫وهذا ما يحتاج منا إلى إعادة دراس�ة هذه المواقف وعزلها عن مواقف المحبين‬
‫وعامة المتكلمين عن آل الكساء ‪ n‬وأرضاهم ‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫فالتعليلات المطروح�ة في س�احة المحبين خرجت عن الت�وازن إلى اإلفراط‪،‬‬
‫والتعليلات المطروح�ة في س�احة المبغضي�ن والبغاة قص�رت عن الت�وازن إلى‬
‫التفري�ط‪ ،‬المفض�ي إل�ى الوق�وع في المح�ذور‪ ،‬وقد وقع�وا فيه ‪ ..‬وص�ار كل من‬
‫الفريقين يدافع عن موقفه ال عن موقف آل البيت‪ ،‬حتى بلغ األمر مبلغه إلى ما نراه‬
‫ونسمعه في عصرنا من تجييش كل فريق منهم ضد اآلخر إلى اليوم وإلى أن يقضي‬
‫الله أمرا كان مفعوال ‪..‬‬
‫إن ق�راءة المحبين لإلم�ام علي ومنهج اإلمام علي والراغبي�ن في األخذ بمبادئه‬
‫وأس�لوبه ف�ي ري�ادة الحكم والعل�م يجب عليه�م أن ينظ�روا إلى مواقف�ه بمنظار‬
‫سلوكه وعلمه وحكمه ‪ ..‬وهذا هو عين المحبة ‪ ،‬وأما أن تكون المحبة لإلمام علي‬
‫ولمنهجه وسلوكه تطبيقا عكس�ي ًا يبرز طباع المفرطين وطموحاتهم وانفعاالتهم ‪،‬‬
‫وتصب�ح األمة بهذا الطباع عرض�ة للنبز والهمز والتكفير واللعن والتربص وس�وء‬
‫تعليل المواقف والتصورات فهذا أمر قد كلف آل البيت أنفس�هم مدفوعات كبيرة‬
‫وخطيرة ‪ ،‬ولعل أكثرها خطرا دفعهم إلى أن يكونوا س�فن غرق الذم والدم وليسوا‬
‫سفن نجاة ‪ ..‬ولألسف ‪.‬‬
‫فهل من مستبصر ‪..‬‬

‫‪99‬‬
‫ف‬
‫ا � �ل ما� �ع��ل�� ‪� ��� v‬م��ح ا � ا �ل��ع����ود���ة ا ��خل�� ا� �ل���ص��ة‬
‫�رب ب ي‬ ‫ي‬ ‫إ مي‬
‫�‬

‫من معاين (الصديق األكرب)بلوغ اإلمام عيل ‪ v‬إىل أعىل مراتب الصديقية‬
‫الكربى وهو بال مراء جدير هبا وأهلها ‪ ،‬وقد عرب عنها ‪ v‬يف بعض كالمه‪،‬‬
‫كقول�ه ‪« :‬لو كش�ف الغطاء م�ا ازددت يقين�ا» ‪ ،‬فاليقني الكامل قد اس�توعب‬
‫رشوط�ه وعرف خباياه ‪ ،‬وهو عني مدلول هذا العلم فيام يعرفونه بحق اليقني‪،‬‬
‫وها هو يناجي ربه يف بعض أدعيته فيقول يف دعاء ِ‬
‫العزة‪:‬‬
‫«ريب أوقفني موقف العز والكامل والبهجة واجلالل حتى ال أجد ّيف ذرة وال‬
‫دقيق�ة إال وق�د غش�اها من عز عزك م�ا يمنعها عن الذل لغريك‪ ،‬حتى أش�اهدُ‬
‫ذل من س�واي لعزيت بك‪ ،‬مؤ ّيد ًا برقيقة من الرعب خيضع هلا كل شيطان مريد‬ ‫ّ‬
‫يبس�ط لس�ان االعرتاف ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫علي ّ‬
‫ذل العبودية يف العزة بقا ًء‬ ‫وجب�ار عني�د ‪ ،‬وأبق ّ‬
‫ويقبض لس�ان الدع�وى إنك أنت العزيز اجلبار املتكبر القهار‪ ،‬وقل احلمد هلل‬
‫ال�ذي مل يتخ�ذ ولد ًا ومل يكن له رشيك يف امللك ومل يكن له و ّيل من الذل وكربه‬
‫تكبريا‪ ،‬س�بحان ربك رب العزة عام يصفون وسلام عىل املرس�لني واحلمد هلل‬
‫رب العاملني» ‪.‬‬
‫«رب ال تكلني إىل أح�د ‪ ،‬وال حَ ُت ْجني إىل‬ ‫ويف مناج�اة أخ�رى يقول ‪ِّ : v‬‬
‫أح�د‪َ ،‬و َأ ْغنِنِ�ي عن كل أح�د‪ ،‬يا من إليه املس�تند وعليه املعتم�د‪ ،‬وهو الواحد‬
‫ونجني‬
‫بيدي من الضالل إىل الرشد ‪ِّ ،‬‬ ‫الفرد الصمد ال رشيك له وال ولد ‪ ،‬خذ َّ‬
‫من كل ضيق ونكد» ‪.‬‬
‫ول�ه أيض� ًا ‪ v‬دع�اء يع�رف بدعاء الف�رج وهو ‪« :‬ي�ا كهيعص ي�ا نور يا‬
‫ق�دوس ي�ا حي يا اهلل يا رمحن (ثالث ًا) اغفر يل الذن�وب التي حتل النقم ‪ ،‬واغفر‬
‫يل الذن�وب الت�ي تغري النع�م ‪ ،‬واغفر يل الذنوب التي ت�ورث الندم ‪ ،‬واغفر يل‬
‫القس�م ‪ ،‬واغفر الذن�وب التي هتتك العص�م ‪ ،‬واغفر يل‬ ‫الذن�وب الت�ي حتبس ِ‬
‫الذن�وب الت�ي تن�زل البالء ‪ ،‬واغف�ر يل الذنوب الت�ي تعجل الفن�اء‪ ،‬واغفر يل‬
‫الذن�وب الت�ي ت ُِد ُيل األعداء ‪ ،‬واغفر يل الذنوب الت�ي تقطع الرجاء‪ ،‬واغفر يل‬

‫‪100‬‬
‫الذنوب التي ترد الدعاء ‪ ،‬واغفر الذنوب التي متس�ك غيث السماء ‪ ،‬واغفر يل‬
‫الذنوب التي ُت ْظ ِل ُم اهلواء ‪ ،‬واغفر يل الذنوب التي تكشف الغطاء» (((‪.‬‬
‫وله أيض ًا دعاء يسمى دعاء املعراج لكشف الشدائد والنوائب وهو ‪« :‬اللهم‬
‫إين أس�ألك ي�ا من أقر له بالعبودية كل معب�ود ‪ ،‬يا من حيمده كل حممود ‪ ،‬يا من‬
‫يفزع إليه كل جمهود ‪ ،‬يا من يطلب منه كل مقصود ‪ ،‬يا من سائله من فضله غري‬
‫�ؤالِ ِه غري مس�دود ‪ ،‬يا من هو غري حمصور وال حمدود ‪ ،‬يا‬ ‫مردود ‪ ،‬يا من بابه لِ ُس َّ‬
‫من عطاؤه غري ممنون وال منكود ‪ ،‬يا من هو ملن َد َعا ُه دائ ًام مقصود ‪ ،‬يا من رجاء‬
‫عب�اده بحبل�ه مش�دود ‪ ،‬يا من ليس له ش�بيه وال مثال موجود ‪ ،‬ي�ا من ليس له‬
‫وال�د وليس بمولود ‪ ،‬يا من ليس يوصف بقيام وال بقعود وال حركة وال مجود‬
‫‪ ،‬يا اهلل يا رمحن يا رحيم يا ودود يا رحيم الش�يخ الكبري يعقوب ‪ ،‬يا غافر ذنب‬
‫داود ‪ ،‬يا كاش�ف رض أيوب ‪ ،‬يا منجي إبراهيم من نار النمرود ‪ ،‬يا من ليس له‬
‫رشي�ك وال مع�ه أحد مقص�ود ‪ ،‬يا من ال خيلف الوعد ويعف�و عن املوعود ‪ ،‬يا‬
‫م�ن ب�ره ورزقه للعاصني ممدود ‪ ،‬يا من هو بر حلي�م ونعم املقصود ‪ ،‬يا من هو‬
‫ملجأ كل ملهوف ومطرود ‪ ،‬يا من أذعن له مجيع خلقه بالسجود ‪ ،‬يا من ليس‬
‫ع�ن ب�اب جوده أحد مطرود ‪ ،‬يا من ليس عن باب كرمه س�ائل مفقود ‪ ،‬يا من‬
‫ال حيي�ف يف حكم�ه وحيلم عن الظامل اجلحود ‪ ،‬ارحم عب�د ًا ظامل ًا خمطئ ًا مل يوف‬
‫بالعهود ‪ ،‬إنك فعال ملا تريد ‪ ،‬وأنت املقصود ‪.‬‬
‫يا اهلل (ثالث ًا) يا رب (ثالث ًا) يا رمحن (ثالث ًا) يا رحيم (ثالث ًا) يا ودود ارمحني‬
‫برمحتك يا أرحم الرامحني يا رب يا معبود ‪.‬‬
‫الله�م إين أس�ألك بحرمة هذا الدع�اء وعظمته عندك أن تصيل وتس�لم عىل‬
‫س�يدنا حممد وعىل آل سيدنا حممد وأن تغفر يل ولوالدي وللمسلمني أمجعني»‪،‬‬
‫ُقض ِ‬
‫بإذن اهلل‪.‬‬ ‫ثم ُ‬
‫يسأل اهللَ تعاىل حاج َت ُه فإهنا ت ىَ‬
‫وينسب إليه ‪ v‬دعاء آخر وهو ‪« :‬اللهم ضمناك أنفسنا وأموالنا وأوالدنا‬
‫وأهلينا وذوي أرحامنا ومن أحاطت به شفقة قلوبنا وجدرات بيوتنا ومن معنا‬
‫وم�ا معن�ا ‪ ،‬وكل ما أنعم�ت به علينا ‪ ،‬فكن لنا وهلم حافظ ًا يا خري مس�تودع يف‬

‫((( رواه ابن أبي الدنيا في الفرج (‪ )68‬والهندي في كنز العمال (‪.)4999‬‬

‫‪101‬‬
‫الدين والدنيا واآلخرة‪ ،‬وصىل اهلل عىل سيدنا حممد وآله وصحبه وسلم يف كل‬
‫حلظة أبد ًا عدد نعم اهلل وإفضاله»‪.‬‬
‫ول�ه ريض اهلل عن�ه صيغة للصالة النبوية مأثورة وهي ه�ذه‪ :‬صلوات اهلل ومالئكتِه‬
‫خلق�ه عىل حممد ِ‬
‫وآل حمم�د وعليه وعليهم السلام ورمحة اهلل‬ ‫ورس�له ومجي ِع ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأنبيائ�ه‬
‫وبركاته((( ‪.‬‬
‫السفر للمسافر وما معه ‪ ،‬وهو هذا ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫جمر ٌب للحفظ فيِ‬ ‫ومنها دعاء السفر ‪ ،‬وهو َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪1.1‬سورة الفاحتة (ثالث ًا ) ‪ .‬اللهم س ِّل ْمني َو َس ِّل ْم ما معي واح َف ْظني واحفظ ما معي‬
‫وب ِّل ْغنِي و َب ِّل ْغ ما معي ( ثالث ًا ) ‪.‬‬
‫ ‪ 2 .‬ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﮊ ( ثَلاَ َث ًا ) ‪ .‬اللهم س ِّل ْمنِي َو َس ِّل ْم ما معي واح َف ْظنِي‬
‫واحفظ ما معي وب ِّل ْغنِي و َب ِّل ْغ ما معي ( ثالث ًا ) ‪.‬‬
‫‪3.3‬آ َي ُة الك ُْر يِس (ثَلاَ َث ًا ) ‪ .‬اللهم س ِّل ْمنِي َو َس ِّل ْم ما معي واح َف ْظنِي واحفظ ما معي‬
‫وب ِّل ْغنِي و َب ِّل ْغ ما معي ( ثالث ًا ) ‪.‬‬
‫اإل ْخلاَ ص (ثَلاَ َث ًا) ‪ .‬اللهم س� ِّل ْمنِي َو َس ِّل ْم ما معي واح َف ْظنِي واحفظ ما معي‬ ‫‪ِ 4.4‬‬
‫وب ِّل ْغنِي و َب ِّل ْغ ما معي ( ثالث ًا ) ‪.‬‬
‫ ‪ 5 .‬ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﮊ ‪.‬‬
‫أليس هو اإلمام العابد الزاهد املتململ يف صالة ليله متلمل السليم ‪ ،‬ورد أنه‬
‫‪ v‬ليلة صفني كان يصيل من ليله ويقول‪« :‬يا دنيا غري غريي لقد طلقتك‬
‫ثالث ًا»‪.‬‬
‫وكان يل�ح عىل أتباعه وأش�ياعه أن ينبذوا لغلو واالندف�اع يف املحبة والوالء‬
‫فه�ا ه�و يق�ول ‪« :‬ال تتجاوزوا بن�ا العبودية ‪ ،‬ثم قول�وا فينا ما ش�ئتم ‪ ،‬وإياكم‬
‫والغلو كغلوا النصارى فإين بريئ من الغالني» ‪.‬‬
‫وق�ال ‪« : v‬إياكم والغلو فينا‪ ،‬قولوا ‪ :‬إنا مربوبون ‪ ،‬واعتقدوا يف فضلنا‬
‫ما شئتم» ‪.‬‬
‫وقال ‪« : v‬هلك َّيف رجالن ‪ ..‬حمب غال ‪ ،‬ومبغض قال»‪.‬‬

‫((( األدعية التالية من كتاب ربيع األسرار ‪ ،‬جمع قسم التحقيق بدار األصول‪..‬‬

‫‪102‬‬
‫� ا � ا �ع�ت�� ا ا �آ� �خ�� �ة‬ ‫��‬
‫ا � �لإ ما� ع�ل��� ‪ v‬و ل ب� ر ب� ل ر‬
‫مي‬
‫قال ‪ v‬يف اإلكثار من ذكر املوت‪:‬‬ ‫َ‬
‫بين َيدَ ِي اهللِ َع َّز‬
‫يامكُم َ‬ ‫وق ِ‬ ‫ور‪ِ ،‬‬ ‫وجكُ�م ِمن ال ُق ُب ِ‬ ‫وت‪ ،‬و َيوم ُخر ِ‬ ‫َأكْثِ�روا ِذكْ�ر ا َمل ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ب‪.‬‬‫ون َع َل ْيكُم ا َمل َصائ ُ‬
‫َو َج َّل هَ ُت ُ‬
‫وت َرضيِ َ ِمن الدُّ نيا بال َي ِس ِري‪.‬‬ ‫وقال ‪ : v‬من َأ ْك َثر ِمن ِذك ِْر ا َمل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وإن َأ ْض َم ْرتُم َع ِل َم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫إن ُق ْلتُم َسم َع‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬
‫َّاس‪ ،‬ا َّت ُقوا اهللَ ا َّلذي ْ‬ ‫َ‬
‫وقال ‪ : v‬هُّأيا الن ُ‬
‫وإن ن َِس�يت ُُموه‬‫وإن َأ َق ْمتُم َأ َخ َذكُم‪ْ ،‬‬ ‫إن َه َر ْبتُم منه َأ ْد َر َككُم‪ْ ،‬‬ ‫وباد ُروا ا َمل ْو َت ا َّل ِذي ْ‬
‫ِ‬
‫َذك ََركُم‪.‬‬
‫املوت‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اآلخرة‬ ‫وباب ِ‬
‫دار‬ ‫باب‬ ‫لكل ٍ‬
‫وقال ‪ِّ : v‬‬
‫َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫دار ٌ‬
‫وذك ِْر ما هَتجم ِ‬
‫عليه‬ ‫وت‪ِ ،‬‬ ‫ْ�ر ا َمل ِ‬
‫�ن‪ :‬يا ُبنِ َّي‪َ ،‬أكْثِ ْر ِمن ِذك ِ‬‫وقال ‪ v‬ال ْبنِ ِه احلَ َس ِ‬ ‫َ‬
‫ْ ُ ُ‬
‫وش�دَ ْد َت له‬ ‫�ذ َت منه ِح ْذ َر َك‪َ ،‬‬ ‫وت إلي�ه‪َ ،‬حتَّ�ى َي ْأتِ َي َك وقد َأ َخ ْ‬ ‫ِض� بع�دَ ا َمل ِ‬ ‫و ُت ْف يِ‬
‫َأ ْز َر َك‪ ،‬وال َي ْأتِ َي َك َب ْغ َت ًة َف ْي َب َه َر َك‪.‬‬
‫وم ْن ِش ْع ِر ِه كرم اهلل وجهه ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫يل إىل َأ ْن ال ت ََرى َأ َحد ًا‬ ‫السبِ ُ‬
‫َه َذا َّ‬ ‫املوت ال َوالِد ًا ُي ْب ِقي وال َو َلد ًا‬ ‫ُ‬
‫ي ُلدْ لأِ ُ َّمتِ ِه لو َخ َّلدَ اهللُ َخ ْلق ًا َق ْب َل ُه َخ َلدَ ا‬ ‫�ان النَّبِ ُّي ومل خَ ْ‬ ‫ك� َ‬
‫غري َخاطِئ ٍَة َم ْن َفا َت ُه اليو َم َس ْه ٌم مل َي ُف ْت ُه َغدَ ا‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ل ْل َموت فينا س َها ٌم ُ‬
‫ِ‬

‫َاز ِة‬ ‫ال َّت ْشيِ ُ‬


‫يع ِ‬
‫للجن َ‬
‫واها األَ ِخ ِري‪ ،‬و َقدْ َش� َّي َع َم َّر ًة ِجن ََاز ًة ‪،‬‬ ‫�ز إىل َم ْث َ‬ ‫كان ‪َ v‬ي ُق�و ُم بِت َْش ِ�يي ِع اجلَن َِائ ِ‬ ‫َ‬
‫ُ�ون؟ َأ َما واهللِ‬ ‫فقال ‪ : v‬ما َتك ُ‬ ‫َاء‪َ ،‬‬ ‫فل و ِضع�ت يف لحَ ِدها عج َأه ُله�ا بِالبك ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َّ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّم�اّ ُ َ ْ‬
‫وإن له فِ ِيهم َل َعو َد ًة ُث َّم‬ ‫ل�و َعا َينُوا ماعا َي َن َم ِّيت ُُهم ألَ ْذ َه َلت ُْهم ُم َعا َينَت ُُهم عن َم ِّيتِهم‪َّ ،‬‬
‫ب‪ِ ،‬‬
‫وباد ُروا‬ ‫وج�دُّ وا يف ال َّط َل ِ‬‫َع�و َدةً‪ُ ،‬ث�م ال ُي ْب ِقي منهم أحد ًا‪ ،‬فا َّت ُقوا اهللَ عبا َد اهللِ ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫�ذات‪َّ ،‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�ع الن ََّهامت وهاذ َم ال َّل َّ‬ ‫بال َع َم ِ‬
‫يمها وال ت ُْؤ َم ُن‬ ‫فإن الدُّ نيا ال َي�دُ و ُم نَع ُ‬ ‫�ل َم ْق َط َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باآليات‬ ‫َبوا‬‫وس�نَا ٌد مائ ٌل‪ ،‬اتَّع ُظوا ع َبا َد اهللِ بالع رَ ِب‪ ،‬وا ْعت رِ ُ‬ ‫ور حائ ٌل َ‬ ‫َف َجائ ُعها‪ُ ،‬غ ُر ٌ‬

‫‪103‬‬
‫ب ا َملنِ َّي ِة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َأن قد َعل َق ْتكُم مخَ َال ُ‬ ‫ظ‪ ،‬ف�ك ْ‬ ‫اع ِ‬‫وازد ِجروا بالن ُُّذ ِر‪ ،‬وا ْنت َِفعوا با َملو ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫�ر‪ُ َ ْ ،‬‬ ‫واأل َث ِ‬
‫ور و َب ْع َث َر ِة ال ُق ُب ِ‬
‫ور‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫ور بِنَ ْف َخة ُّ‬ ‫عات األُ ُم ِ‬ ‫ه ْتكُم ُم َق َّط ُ‬ ‫اب و َد مَ َ‬ ‫الت ِ‬
‫وض َّمكُ�م َب ْي ُت رُّ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫س َم َعها َس�ائ ٌق‬ ‫ار‪ ،‬ك ُُّل َن ْف ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�اب بِإِ َحا َطة ُقدْ َرة اجل َّب ِ‬ ‫ِ‬
‫ش و َموقف احل َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وس�يا َقة ا َمل ْح رَ ِ‬ ‫ِ‬
‫�هدُ عليها بِ َع َم ِلها‪ :‬ﮋ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬ ‫وشاهدٌ َي ْش َ‬
‫شها‪ِ َ ،‬‬ ‫َي ُسو ُقها َلمِ ْح رَ ِ‬
‫ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﮊ‬
‫�ف عن س ٍ‬
‫�اق‬ ‫َ‬ ‫َّالق وك ُِش َ‬ ‫وكان يوم الت ِ‬
‫َ َ‬
‫الد‪ ،‬ونادى ا ُملن ِ‬
‫َاد‪،‬‬ ‫َ‬
‫فار جَ َّت ْت لِ َذلِ َك اليو ِم البِ ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مكان َم َواط َن احلَ رْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫رِ‬ ‫ِ‬
‫س ُار‪،‬‬ ‫ش‪ ،‬وبدَ ت األَ رْ َ‬ ‫َ‬ ‫وش‬‫الو ُح ُ‬ ‫شت ُ‬ ‫وح َ‬ ‫�م ُس ُ‬ ‫الش ْ‬ ‫وك ََس َفت َّ‬
‫ت األَ ْف ِئدَ ةُ‪.‬‬ ‫َت األَ رْشار‪ ،‬وار جَ َّت ِ‬
‫َ ُ ْ‬
‫وه َلك ِ‬
‫َ‬

‫ار ُة ُ‬
‫الق ُبو ِر‬ ‫ِ‬
‫الع ْب َر ُة في ِز َي َ‬
‫ليل‪ ،‬وا ْغ ِس ِل‬ ‫اآلخ َرةَ‪ ،‬وال ت َُزرها بِا َّل ِ‬ ‫قال ‪ v‬أليب َذر‪ُ :‬ز ِر ال ُقبور‪ ،‬ت َْذكُر هبا ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ٍّ‬ ‫َ‬
‫لعل َذلِ َك يحُ ْ ِزن َُك‪َ ،‬فإِ َّن احلَ ِزي َن يف ظِ ِّل‬ ‫وص ِّل على اجلَن َِائ ِز َّ‬ ‫ا َملوتَ�ى َيت ََح َّر ْك َق ْل ُب َك‪َ ،‬‬
‫اهللِ َت َعاىل‪.‬‬
‫ِ‬
‫ين و َد َخ َل َأ َوائ َ�ل الكُو َفة رأى َق رْب ًا َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َمن‬ ‫فق�ال‪َ :‬ق رْ ُ‬ ‫�ع ‪ v‬من ص ِّف َ‬ ‫و ّمل�ا َر َج َ‬
‫عليه وقال‪َ :‬ر ِح َم اهللُ َخ َّباب ًا‪َ ،‬أ ْس� َلم‬ ‫ف ِ‬ ‫بن األَ َر ِّت ‪َ ،‬ف َو َق َ‬ ‫اب ِ‬ ‫ب َخ َّب ِ‬ ‫هذا؟ فقالوا‪َ :‬ق رْ ُ‬
‫وأن اهللَ ال‬ ‫آخ�ر ًا‪ ،‬أالَ َّ‬ ‫�م ِه ِ‬ ‫اهد ًا‪ ،‬وابت يُِل يف ِجس ِ‬ ‫وعاش مجُ َ ِ‬‫َ‬ ‫وهاج َ�ر َط ِائع ًا‪،‬‬ ‫اغب� ًا‪،‬‬ ‫ر ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ف عليها‪،‬‬ ‫ور‪َ ،‬ف َجا َء َحتَّى َو َق َ‬ ‫يع َأ ْج َر َمن َأ ْح َس� َن َع َمال‪ُ ،‬ث َّم َم َشى فإذا ُه َو بِ ُق ُب ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُيض ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يار ا ُملوح َش�ة ‪ ،‬وا َمل َح ِّال ا ُمل ْقف َرة‪َ ،‬أ ْنتُم لنا َس� َل ٌ‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫السلا ُم عليكُ�م َأ ْه َل الدِّ َ‬ ‫وقال‪َّ :‬‬ ‫َ‬
‫او ْز َعنَّا‬ ‫وت َ‬‫ون‪ ،‬ال َّل ُه َّم ا ْغ ِفر َلنَا وهلُ�م ‪ ،‬جَ َ‬ ‫الح ُق َ‬ ‫ي�ل ِ‬ ‫ون َْح� ُن َلكُ�م َت َب ٌع‪ ،‬وبِكُم َع اَّم َق ِل ٍ‬
‫ورضيِ َ َعن‬ ‫ِ‬ ‫احلس ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫لمِ‬
‫�اب و َقن َع بال َك َفاف َ‬ ‫و َعن ُْهم‪ُ ،‬طوبى َ ْن َذك ََر ا َمل َعا َد و َعم َل ل َيو ِم َ‬
‫�ور‪ ،‬أما األَ ْزواج َف َقدْ ن ِ‬
‫�ت‪ ،‬وأ َّما الدِّ َي ُار فقد‬ ‫ُك َح ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫�م قال‪ :‬يا َأ ْه َل ال ُق ُب ِ ّ‬ ‫اهللِ َت َع�اىل‪ُ ،‬ث َّ‬
‫�م ْت‪َ ،‬ه َذا ما ِعنْدَ نا‪ ،‬فما ِعنْدَ كُم؟ ُث َّم ال َت َف َت إىل‬ ‫وال َف َقدْ ُق ِّس َ‬ ‫�كن َْت‪ ،‬وأ َّما األَ ْم ُ‬ ‫س ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الزاد ال َّت ْقوى‪.‬‬ ‫وقال‪ :‬أ َما إ هَّنُم لو َت َك َّل ُموا َل َقا ُلوا ‪َ :‬و َجدْ نَا َخ َري َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َأ ْص َحابه َ‬‫ِ‬
‫وح َش ِ‬‫يار ا ُمل ِ‬ ‫السلا ُم َع َليكُ�م يا َأ ْه َل الدِّ ِ‬ ‫ب ٍة َ‬
‫�ة وا َمل َح ِّال‬ ‫فقال‪َّ :‬‬ ‫وم�ر ‪ v‬بِ َم ْق رَ َ‬ ‫َّ‬
‫ني وا ُملس�لامت‪ ،‬أنت ُْم لن�ا َف َر ٌط ونح ُن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني وا ُملؤمنَات‪ ،‬وا ُمل ْس�لم َ‬ ‫ِ‬ ‫ا ُمل ْق ِف َ�رة م� َن ا ُمل ْؤمن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫‪104‬‬
‫مان َق ِص ٍري‪ ،‬ال َّلهم ِ‬ ‫يل ونَلح ُق بِكُم بعدَ َز ٍ‬ ‫وركُم َعَّم�اَّ َق ِل ٍ‬
‫اغف ْر لنا ولهَ ُم‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ�م َت َب ٌع‪ ،‬ن َُز ُ‬ ‫َلك ْ‬
‫�ذي َج َع َ�ل األَ ْر َض ِك َفات ًا‪َ ،‬أ ْحي�ا ًء و َأ ْموات ًا‪،‬‬ ‫‪ ،‬وجت�او ْز عنَّ�ا و َعنْه�م‪ ،‬احلمدُ هللِ ا َّل ِ‬
‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫عاشنَا وإليها ُيعيدُ نا ‪َ ،‬ف ُطو َبى‬ ‫واحلَ ْمدُ هللِ الذي منْها َخ َل َقنَا وعليها ممَ ْ َشانَا وفيها َم ُ‬ ‫ِ‬
‫اب‪.‬‬ ‫لح َس ِ‬ ‫اف وأعَدَّ لِ ِ‬ ‫َلمِن َذكَر ا َملعاد و َقنِع بال َك َف ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ َ َ‬
‫ان ِصدْ ٍق‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬إِنيِّ َأ ِجدُ ُهم ِج َري َ‬ ‫ِ‬
‫بةَ؟ َ‬ ‫او ْر َت ا َمل ْق رَ َ‬ ‫وس�ئ َل ‪ : v‬ما َش ْأن َُك َج َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ِّرون اآلخ َرةَ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ون األَ ْلسنَ َة و ُيذك َ‬ ‫ِ‬ ‫َي ُك ُّف َ‬
‫ني َز َار ال ُق ُب َ‬
‫ور‪:‬‬ ‫ومن ِش ْع ِره‪ِ v‬ح َ‬ ‫ِ‬

‫س‬‫يلِ ُسوا يف ا َمل َجالِ ِ‬ ‫ك ََأ هَّنُ ُم مل جَ ْ‬ ‫س‬‫وار ِ‬ ‫ورالدَّ ِ‬ ‫سال ٌمعىل َأ ْه ِلال ُق ُب ِ‬
‫س‬ ‫ب و َيابِ ِ‬ ‫ش َب ًة ومل َي ْأ ُك ُلوا ِمن َخ ِري َر ْط ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ش ُبوا من َبارد ا َملاء رَ ْ‬
‫ِ‬
‫ومل َي رْ َ‬
‫س‬ ‫اذخِ ا ُمل َتنَافِ ِ‬ ‫ون َأين َقب َذلِيلِكُم و َق ِب الع ِز ِيز الب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫رْ‬ ‫ْ َ رْ ُ‬
‫أال َخ�ِّب�رِّ يِ‬
‫ُ‬
‫ُ�ول س إىل َم ْث َ‬ ‫الز ْهر ِاء ال َبت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واها‬ ‫الس� ِّيدَ َة َفاط َم� َة َّ َ‬ ‫ومل�ا َو َّد َع َز ْو َجتَ� ُه ال َّطاه َر َة َّ‬
‫احلبيب ا ُملص َط َف�ى ‪ m‬لِ ِز ِ ِ‬ ‫�ب إىل َق رْ ِب‬ ‫األَ ِ‬
‫يك يا‬ ‫السلا ُم َع َل َ‬ ‫يارته قائالً‪َّ :‬‬ ‫َ‬ ‫ِ ْ‬ ‫خير‪َ ،‬ذ َه َ‬
‫قل يا‬ ‫اق بِ َك‪َّ ،‬‬ ‫َار هلا س َع� َة ال َّل َح ِ‬
‫رُ ْ‬
‫�ك وا ُمل ْخت ِ‬ ‫وز ِائ َرتِ َ‬ ‫وعن ا ْبنَتِ َك َ‬ ‫�ول اهللِ َعنِّ�ي ِ‬ ‫َر ُس َ‬
‫س بِ ُس�نَّتِ َك‪،‬‬ ‫أن يل الت ََّأ يِّ َ‬ ‫�ك َص رْ ِبي‪ ،‬و َق َّل َعنْها جَ َت ُّل ِدي‪ ،‬إلاَّ ّ‬ ‫�ول اهللِ عن َص ِف َّيتِ َ‬ ‫َر ُس َ‬
‫ِ‬ ‫�ك مو ِض�ع َتع ٍّ�ز‪ ،‬إِنَّ�ا هللِ وإِنَّا ِ‬ ‫ِ‬
‫الودي َع ُة‬‫اسُت�رُ ِج َعت َ‬ ‫ون‪ ،‬ق�د ْ‬ ‫اج ُع َ‬ ‫إلي�ه ر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ويف ُف ْر َقت َ َ ْ‬
‫ت الر ِهينَ ُة‪ ،‬واخت ُِلس ِ‬ ‫و ُأ ِخ َذ ِ‬
‫ول اهللِ‪،‬‬ ‫با َء يا َر ُس َ‬ ‫ضا َء وال َغ رْ َ‬ ‫الز ْه َرا ُء‪ ،‬فام َأ ْق َب َح اخلَ رْ َ‬ ‫ت َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ب ُح َذلِ َك ِم ْن َق ْلبِي َحتَّى يخَ ْ ت ََار اهللُ يل‬ ‫�هدٌ ‪ ،‬وال َي رْ َ‬ ‫س َمدٌ ‪ ،‬وأ َّما َل ِي يْل َف ُم َس َّ‬ ‫أ َّما ُح ْزين َف رَ ْ‬
‫يم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َد َار َك ا َّلتِي َأن َ‬
‫ْت هبا ُمق ٌ‬

‫الج َّن ِة‬


‫السابِ ُقونَ إلى َ‬
‫َّ‬
‫َّاس َصال ًة وال‬ ‫َّات عَدْ ٍن أقوا ٌم ما كانُوا َأ ْك َث َر الن ِ‬ ‫قال ‪ : v‬لقد س�ب َق إىل جن ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِصيام� ًا وال َح َّج� ًا وال اعتَِم�اَ ر ًا‪ ،‬و َل ِك ْن َع َق ُلوا ِ‬
‫ع�ن اهللِ َأ ْم َر ُه َف َح ُس�ن َْت َطا َعت ُُهم‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ورفِي ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املنزلة‪.‬‬ ‫حل ْظ َوة َ‬ ‫وص َّح َو َر َع ُهم‪ ،‬وك َُم َل َيقين ُُهم‪َ ،‬ف َفا ُقوا َغ َري ُهم با َ‬‫َ‬

‫‪105‬‬
‫أ‬ ‫�ت‬ ‫��ق‬
‫�‪v‬‬‫م�� �� ا � �ل ما� ع�ل�� ب�� ن � ��� �طا� �ل�‬
‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬
‫� ب‬ ‫� �ب ي‬ ‫ل إ مي‬
‫مقتل اإلمام علي‬
‫ثمرة مؤامرات‬
‫كان أث�ر معرك�ة النه�روان ش�ديدة على من بقي م�ن الخوارج ‪ ،‬وق�د تفرقوا بعد‬ ‫الخوارج‬
‫المعرك�ة هاربي�ن في أفجاج األرض ‪ ،‬وروت كتب الس�ير اجتماع ع�دد منهم بعد‬
‫الهزيم�ة وعابوا أنفس�هم عل�ى مواقفهم وترحموا عل�ى قتالهم ‪ ،‬وقال�وا ما نصنع‬
‫بالبقاء بعدهم ش�يئ ًا ‪ ،‬فلو ش�رينا أنفس�نا وأتينا أئمة الضاللة فالتمسنا قتلهم فأرحنا‬
‫منه�م البالد ‪ ،‬وثأرنا بهم إخواننا ‪ ،‬وقال اب�ن ملجم‪ :‬أنا أكفيكم علي بن أبي طالب‬
‫‪ ،‬وق�ال الب�راك ب�ن عبد ال ّٰل�ه‪ :‬وأنا أكفيكم معاوي�ة ‪ ،‬وقال عمرو بن أب�ي بكر ‪ :‬وأنا‬
‫أكفيك�م عم�رو بن الع�اص ‪ ،‬فتعاهدوا وتواثق�وا بال ّٰله ال ينكص رج�ل منا صاحبه‬
‫وس�موها واتّعدوا لس�بع‬ ‫ّ‬ ‫ال�ذي توج�ه إليه يقتله أو يموت دونه ‪ ،‬فأخذوا أس�يافهم‬
‫ب كل واحد منهم على صاحبه الذي توجه إليه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عشرة تخلوا من رمضان أن َيث َ‬
‫ق�ال اب�ن الحنفية ‪ :‬إني كنت وال ّٰل�ه ألصلي تلك الليلة التي ض�رب فيها علي في‬
‫المس�جد األعظم في رجال كثير من أهل المصر يصلون قريب ًا من الس�دة ما هم إال‬
‫قيام وركوع وس�جود ‪ ،‬وما يس�امون من أول الليل إلى آخره ‪ ،‬إ ْذ خرج علي لصالة‬
‫الغداة فجعل ينادي‪ :‬أيها الناس الصالة الصالة ‪ ،‬فما أدري أخرج من السدة فتكلم‬
‫به�ذه الكلمات أم ال ‪ ،‬فنظرت إلى بريق ‪ ،‬وس�معت (الحكم ل ّٰله يا علي ال لك وال‬
‫ألصحابك) فرأيت سيف ًا ‪ ،‬ثم رأيت ثانيا ‪ ،‬ثم سمعت عليا يقول‪ :‬ال يفوتنكم الرجل‬
‫‪ ،‬وشدّ الناس عليه من كل جانب ‪ ،‬قال‪ :‬فلم أبرح حتى ُأخذ ابن ملجم و ُأدخل على‬
‫عل�ي فدخل�ت فيمن دخل من الناس ‪ ،‬فس�معت علي ًا يقول النف�س بالنفس ‪ ،‬أنا إن‬
‫مت فاقتلوه كما قتلني ‪ ،‬وإن بقيت رأيت فيه رأيي) (((‪.‬‬
‫ثم دعا اإلمام علي بأبنائه الحس�ن والحسين وقال ‪( :‬أوصيكما بتقوى ال ّٰله ‪ ،‬وأالّ‬
‫وصية اإلمام علي‬
‫تبغيا الدنيا وإن َب َغ ْتكُما ‪ ،‬وال تبكيا على ش�يء زوي عنكما ‪ ،‬وقوال الحق ‪ ،‬وارحما‬ ‫ألبنائه‬
‫اليتي�م ‪ ،‬وأغيث�ا المله�وف ‪ ،‬واصنع�ا لآلخرة ‪ ،‬وكون�ا للظالم خصم� ًا ‪ ،‬وللمظلوم‬

‫((( المعجم الكبير للطبراني (‪ )168‬باختصار ‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫ناص�را ‪ ،‬واعملا بم�ا ف�ي الكت�اب وال تأخذكما في ال ّٰل�ه لومة الئم)‪ ،‬ث�م نظر إلى‬
‫محمد بن الحنفية ‪ ،‬وكان حاضر ًا فقال ‪( :‬هل حفظت ما أوصيت به أخويك؟ قال‪:‬‬
‫نعم ‪ ،‬قال‪ :‬فإني أوصيك بمثله وأوصيك بتوقير أخويك لعظم حقهما عليك ‪ ،‬فاتبع‬
‫أمرهما ‪ ،‬وال تقطع أمر ًا دونهما ‪ ،‬ثم قال للحس�ن والحس�ين‪ :‬أو صيكما به فإنه ابن‬
‫أبيكما ‪ ،‬وقد علمتما أن أباكما كان يحبه)((( ‪.‬‬
‫ث�م لم�ا حضرته الوفاة كت�ب وصيته العامة ‪( :‬بس�م ال ّٰله الرحم�ن الرحيم هذا ما وصية اإلمام علي‬
‫عند الوفاة‬ ‫أوص�ى ب�ه علي بن أب�ي طالب أوصى أن يش�هد أن ال إله إال ال ّٰله وحده ال ش�ريك‬
‫له وأن محمدا عبده ورس�وله أرس�له باله�دى ودين الحق ليظهره عل�ى الدين كله‬
‫ول�و كره المش�ركون‪ ،‬ثم إن صالتي ونس�كي ومحياي ومماتي ل ّٰل�ه رب العالمين‬
‫ال ش�ريك له وبذلك أمرت وأنا من المس�لمين‪ ،‬ثم أوصيكما يا حس�ن ويا حس�ين‬
‫وي�ا جمي�ع أهلي وولدي وم�ن بلغه كتابي بتق�وى ال ّٰله ربكم وال تموت�ن إال وأنتم‬
‫مس�لمون‪ ،‬واعتصموا بحبل ال ّٰله جميعا وال تفرقوا فإني س�معت رس�ول ال ّٰله ى‬
‫يق�ول‪ :‬إن صلاح ذات البين أعظم م�ن عامة الصالة والصي�ام‪ ،‬وانظروا إلى ذوي‬
‫أرحامك�م فصلوهم يه�ون ال ّٰله عليكم الحس�اب‪ ،‬وال ّٰله ال ّٰله في األيت�ام ال يضي ُع َّن‬
‫بحضرتك�م‪ ،‬وال ّٰل�ه ال ّٰله ف�ي الصالة فإنها عمود دينك�م‪ ،‬وال ّٰله ال ّٰله ف�ي الزكاة فإنها‬
‫تطفئ غضب الرب‪ ،‬وال ّٰله ال ّٰله في الفقراء والمس�اكين فأش�ركوهم في معايش�كم‪،‬‬
‫وال ّٰله ال ّٰله في القرآن ال يس�بقنكم بالعمل به غيركم‪ ،‬وال ّٰله ال ّٰله في الجهاد في س�بيل‬
‫ال ّٰل�ه بأموالكم وأنفس�كم‪ ،‬وال ّٰله ال ّٰله في بيت ربك�م ال يخ ُل َو َّن ما بقيتم‪ ،‬فإنه إن ترك‬
‫ل�م تناظروا‪ ،‬وال ّٰله ال ّٰله في ذمة نبيكم ى فلا ُت ْظ َل َم َّن بين ظهرانيكم‪ ،‬وال ّٰله ال ّٰله في‬
‫جيرانك�م فإنهم وصية نبيكم ى قال‪ :‬م�ا زال جبريل يوصيني بهم حتى ظننت أنه‬
‫سيورثهم‪ ،‬ال ّٰله ال ّٰله في أصحاب نبيكم ى فإنه أوصى بهم‪ ،‬وال ّٰله ال ّٰله في الضعيفين‬
‫من النس�اء وما ملكت أيمانكم‪ ،‬الصالة الصلاة‪ ،‬ال تخافن في ال ّٰله لومة الئم‪ ،‬ال ّٰله‬
‫يكفيك�م من أرادكم وبغى عليك�م (ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬

‫((( المعجم الكبير للطبراني (‪ ، )168‬تاريخ الطبري (‪. )147/5‬‬

‫‪107‬‬
‫ﯬ) [البق�رة ‪ ]83 :‬كم�ا أمركم ال ّٰل�ه‪ ،‬وال تتركوا األم�ر بالمعروف والنهي‬
‫ش�راركم ثم تَدْ ُعون وال يستجاب لكم‪ ،‬عليكم بالتواصل‬ ‫ُ‬ ‫أمركم‬‫عن المنكر ف ُيولى َ‬
‫ب�ر َوال َّت ْق َوى َوالَ‬ ‫اونُو ْا َع َلى ا ْل ِّ‬
‫والتب�ادل‪ ،‬إياك�م والتقاطع والتداب�ر والتف�رق ‪َ { :‬و َت َع َ‬
‫ان َوا َّت ُقو ْا ال ّل َه إِ َّن ال ّل َه َش ِديدُ ا ْل ِع َقاب}[المائدة ‪. ]2 :‬‬
‫اإل ْث ِم وا ْلعدْ و ِ‬
‫اونُو ْا َع َلى ِ َ ُ َ‬ ‫َت َع َ‬
‫حفظك�م ال ّٰل�ه من أهل بي�ت ‪ ،‬وحفظ فيكم نبيك�م ى‪ ،‬أس�تودعكم ال ّٰله وأقرأ‬
‫عليكم السالم)((( ‪.‬‬
‫الرجل أي‪ :‬بن ملجم ف�إن مت فاقتلوه‬ ‫َ‬ ‫وق�ال ‪ v‬موصي� ًا من حوله‪ :‬احبس�وا‬
‫وإن أعش فالجروح قصاص ‪ ،‬وفي رواية (يا بني عبد الطلب ال ألفينكم تخوضون‬
‫في دماء المس�لمين تقول�ون ‪ :‬قتل أمير المؤمنين قتل أمير المؤمني�ن ‪ ،‬أال ال ُي ْق َت َل َّن‬
‫انظر يا حسن إن ِم ُّت من ضربته هذه فاضربه ضرب ًة بضربة وال تم ّثل بالرجل ‪ ،‬فإني‬
‫والمثلة ولو أنها بالكلب العقور»(((‪.‬‬ ‫سمعت رسول ال ّٰلهى يقول ‪« :‬إياكم ُ‬
‫وأم�ا الرجلان اآلخران الل�ذان أرادا قت�ل معاوية واب�ن العاص فل�م يصال إلى‬
‫بغيتهما حيث وقعت الضربة من معاوية في مؤخرة جس�مه وبرء منها ‪ ،‬وأما عمرو‬
‫ب�ن العاص فلم يخرج تلك الليلة وكان يش�تكي من بطن�ه ‪ ،‬وقتل مكانه خارجة بن‬
‫حذافة صاحب شرطته إذ أمره عمرو ان يصلي بالناس بدالً عنه فضربه الرجل ظان ًا‬
‫أنه ابن العاص ‪ ،‬ثم قبض عليه وقتل ‪ ،‬كما قتل صاحب معاوية ‪.‬‬
‫وكان�ت مدة خالفة اإلمام علي أربع س�نين وتس�عة أش�هر وس�تة أي�ام وقيل غير‬ ‫مدة خالفة اإلمام‬
‫ذلك ‪ ،‬وكانت وفاته يوم الحادي والعش�رين من ش�هر رمضان عام أربعين ل ّٰلهجرة‬ ‫علي ‪v‬‬

‫‪ ،‬وتولى غس�له وتكفينه الحسن والحس�ين وعبد ال ّٰله بن جعفر رضوان ال ّٰله عليهم‬
‫أجمعين ‪ ،‬وصلى عليه الحسن ‪ ، v‬واختلف في موقع قبره اختالف ًا كبيرا ‪.‬‬
‫اختالف الرواة حول وذك�ر ابن الجوزي عدد ًا من الروايات في ذل�ك ثم قال ‪ :‬وال ّٰله أعلم أي األقوال‬
‫أصح‪ ،‬والذي يعنينا في دراس�ة شخصية اإلمام علي ‪ v‬ما كان في حياته ‪ ،‬وأما‬ ‫مدفنه‬

‫((( المعجم الكبير للطبراني (‪. )168‬‬


‫((( ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى (‪. )116/1‬‬

‫‪108‬‬
‫ما اختلف عليه في ش�أن قبره ومدفنه فمرجعه إلى اختالف الروايات كما هو ش�أن‬
‫االختالف في مدى عمره يوم قتل ‪ v‬وأرضاه‪.‬‬
‫وف�ي كت�اب الفتوح البن أعث�م الكوفي أنه دف�ن في جوف اللي�ل بموضع يقال له‬
‫(((‬
‫(الغري) وهو بناء كالصومعتين بظاهر الكوفة قرب قبر علي بن أبي طالب‪.‬‬
‫ولما كان الغد خطب الحسن فحمد ال ّٰله وأثنى عليه وقال ‪( :‬أيها الناس من عرفني‬
‫فقد عرفني ‪ ،‬ومن جهلني أنبأته باس�مي عل�ى أن الناس بي عارفون ‪ ..‬أيها الناس ‪:‬‬
‫قد دفن في هذه الليلة رجل لم يدركه األولون بعلم وال اآلخرون بحلم ‪ ،‬ولقد كان‬
‫النب�ي ى إذا أقدم�ه للح�رب فجبريل عن يمينه ‪ ،‬وميكائيل عن يس�اره ‪ ،‬فما يلبث‬
‫أن يفت�ح ال ّٰل�ه على يدي�ه ‪ ..‬أيها الناس ‪ :‬إنه ما خلف صفراء وال بيضاء إال س�بعمئة‬
‫دره�م ق�د كان أراد أن يبتاع به�ا ألختي أم كلثوم خادما ‪ ،‬وق�د أمرني أن أردها إلي‬
‫بيت المال ‪.‬‬
‫مرثية أبو األسود‬ ‫ورثى اإلمام علي ‪ v‬جملة من الش�عراء منهم أبو األسود الدؤلي الذي استهل‬
‫الدؤلي‬ ‫رثاءه بقوله ‪:‬‬
‫أال ي�ا عين ويحك أس�عدينا أال تبك�ي أمي�ر المؤمنين�ا‪ ‬‬
‫بعبرته�ا وق�د رأت اليقين�ا‬ ‫وتبك�ي أ ُم كلث�وم علي�ه‬
‫فلا ق�رت عي�ون الش�امتينا‬ ‫أال قل للخوارج حيث كانوا‬
‫ط�ر ًا أجمعينا‬
‫بخي�ر الن�اس ّ‬ ‫أفي ش�هر الصيام فجعتمونا‬
‫وذل ّٰله�ا ومن ركب الس�فينا‬ ‫قتلتم خير من ركب المطايا‬
‫والم ِئينا‬
‫وم�ن ق�رأ المثانِ�ي ِ‬
‫َ َ‬ ‫ومن لبس النعال ومن حذاها‬
‫رب العالمينا‪ ‬‬
‫وحب رسول ّ‬ ‫ف�كل مناق�ب الخي�رات فيه‬
‫وقال شاعر الخوارج عمران بن حطان ‪:‬‬
‫ياضرب� ًة م�ن تق�ي م�ا أراد بها إالّليبلغ من ذي العرش رضوانا‬
‫إن�ي ألذك�ره حين� ًا فأحس�به أوف�ى البري�ة عن�د ال ّٰل�ه ميزانا‬

‫((( الفتوح ص (‪.)282‬‬

‫‪109‬‬
‫فرد عليه بكر بن حماد بقوله ‪:‬‬ ‫مرثية بكر بن حماد‬
‫التاهرتي‬
‫هدم�ت ويل�ك لإلسلام أركان�ا‬ ‫ق�ل الب�ن ملج�م واألق�دار غالب�ة‬
‫وأول الن�اس إسلام ًا وإيمان�ا‬ ‫قتل�ت أفض�ل م�ن يمش�ي عل�ى قدم‬
‫س�ن الرس�ول لن�ا ش�رعا وتبين�ا‬ ‫وأعل�م الن�اس بالق�رآن ث�م بم�ا‬
‫أضح�ت مناقب�ه ن�ورا وبرهان�ا‬ ‫وم�واله وناص�ره‬ ‫صه�ر النب�ي‬
‫ما كان هارون من موس�ى ابن عمرانا‬ ‫وكان من�ه عل�ى رغ�م الحس�ود ل�ه‬
‫ليث� ًا إذا لق�ي األق�ران أقران�ا‬ ‫وكان ف�ي الحرب س�يفا صارما ذكرا‬
‫رب الن�اس س�بحانا‬
‫فقل�ت س�بحان ّ‬ ‫ذك�رت قاتل�ه والدم�ع منح�در‬
‫يخش�ى المع�اد ولك�ن كان ش�يطانا‬ ‫إن�ي ألحس�به م�ا كان م�ن بش�ر‬
‫وأخس�ر الن�اس عن�د ال ّٰل�ه ميزان�ا‬ ‫أش�قى م ٍ‬
‫�راد إذا ُع�دت قبائله�ا‬ ‫ُ‬
‫عل�ى ثم�ود ب�أرض الحجر خس�رانا‬ ‫كعاق�ر الناق�ة األول�ى الت�ي جلب�ت‬
‫فأزمان�ا‬ ‫أزمان� ًا‬ ‫المني�ة‬ ‫قب�ل‬ ‫ق�د كان يخبره�م أن س�وف يخضبها‬
‫وال س�قى قب�ر عم�ران ب�ن حطان�ا‬ ‫تحمل�ه‬
‫ّ‬ ‫فلا عف�ا ال ّٰل�ه عن�ه م�ا‬
‫ون�ال م�ا نال�ه ظلم� ًا وعدوان�ا‬ ‫ش�قي ظ�ل مجترم�ا‬ ‫ّ‬ ‫لقول�ه ف�ي‬
‫إال ليبل�غ م�ن ذي الع�رش رضوان�ا‬ ‫ي�ا ضرب�ة م�ن تق�ي م�ا أراد به�ا‪ ‬‬
‫فس�وف يلق�ى به�ا الرحم�ن غضبانا‪ ‬‬ ‫غ�وي أوردت�ه لظ�ى‪ ‬‬
‫ّ‬ ‫ب�ل ضرب�ة م�ن‬

‫‪110‬‬
‫ض‬ ‫�غ‬ ‫ث‬ ‫�‬ ‫ق‬ ‫�ق‬ ‫ث‬‫�ت‬
‫ل‬
‫�‬
‫ا �س�����ما� را ل��ما� �ر����� ن �و ا �ل�ف�� ا� ��س�������� ن �و ا �ل�ن ا� �ك� ����� ن م��ح���ة��و�� ���� ا � �ل ما� �ع�ل��‬
‫ي � ب �ب � إ م ي‬
‫�‬ ‫ي�‬ ‫ي�‬
‫‪v‬‬
‫من أخطر ما نعانيه في عصورنا المتالحقة حشد العلماء والباحثين تراجم اإلمام‬
‫عل�ي وفضائل�ه وخصوصياته ومميزات�ه‪ ،‬لخدمة الجنوح الذات�ي القائم في النفس‬
‫البش�رية عل�ى قاعدت�ي «المنافس�ة ‪ ،‬والتحريش» ‪ ،‬وهم�ا صفتان س�لبيتان أدانهما‬
‫رس�ول ال ّٰلهى في أحاديث عالمات الس�اعة وفقه التح�والت ‪ ،‬حتى ال نكاد نقرأ‬
‫ترجم�ة من تراج�م اإلمام علي ‪ v‬إال وهي تصب في تجييش المس�لمين ضدّ‬
‫التوجه والمنطلق والرؤية ‪ ،‬س�وا ًء في‬
‫ّ‬ ‫اآلخ�ر ممن يصف اإلمام بما هو بصدده من‬
‫مسألة جدارة الحكم ‪ ،‬أو جدارة العلم ‪ ،‬بل وتخرج بعض هذه التراجم عن األدب‬
‫الش�رعي العام إلى طرفي اإلفراط والتفري�ط ‪ ،‬ومرجع ذلك كله على قضية واحدة‬
‫‪ ، .‬وه�ي «تأليه الحاكمية» ووضعها عقيدة الوالء والبراء والنظر إليها كأنها ميراث‬
‫الديانة األساس ‪ ،‬وإسقاط بقية الثوابت دونها‪.‬‬
‫وق�د برز هذا الملحظ العدواني منذ مرحلة الخليفة الثالث عثمان ‪ ، v‬وهي‬
‫المرحل�ة المعني�ة في أحادي�ث فقه التح�والت باالخت�راق الدجال�ي واالختراق‬
‫الدجال�ي ف�ي تعليل هذا الفق�ه تأليه قضي�ة الحاكمية فوق مس�توى نصوص العلم‬
‫بعالم�ات الس�اعة ‪ ،‬والنظ�ر المحص�ور ف�ي نص�وص الثواب�ت دون المتغيرات ‪،‬‬
‫وق�د وقع في ه�ذا الفخ الكثير ممن أصابتهم الفتنة في تلك�م المرحلة ‪ ..‬وكفي أن‬
‫ندرس نصوص األحاديث الخاصة بالفتنة خالل صراع القوم على قضية الحاكمية‬
‫وامتالك قرارها ‪ ،‬حيث اس�توى الكثير من أولئك في الحصانات والصحة والعلم‬
‫واالجتهاد ‪ ،‬وكانت هذه الش�روط عين التأثير على عموم األتباع والجند وجحافل‬
‫الموالين‪..‬‬

‫‪111‬‬
‫وترج�ح لنا اليوم سلامة أهل السلامة وعدال�ة مطلب اإلم�ام علي ‪ v‬يوم‬
‫دارت رح�ى الح�رب بينه وبين عائش�ة والزبي�ر وطلحة بأحاديث فق�ه التحوالت‬
‫وعالمات الساعة ‪ ،‬وعرفت عدالة معركة صفين بين الفريقين بتوقفها ساعة ظهور‬
‫عالمة الفقه الشرعي للتحوالت ‪« :‬عمار تقتله الفئة الباغية»‪ ،‬وترجح بهذا الحديث‬
‫عل�م لم يكن في حس�بان الكثير من علماء وفقه�اء الفريقين‪ ،‬حتى أن جيش اإلمام‬
‫علي ‪ v‬يقاتل أهل الش�ام وعيونهم على عمار بن ياسر منتظرين الحسم اآللي‬
‫لقضية المعركة وعدالة أحد الفريقين بمقتل عمار‪.‬‬
‫وإذا كان�ت الحيرة قد ش�ملت أتب�اع اإلمام علي ‪ v‬في تلك�م المعركة حتى‬
‫ظه�رت العالم�ة ‪ ،‬فم�ا ه�و حال األم�ة اليوم وهي تجي�ش النصوص ض�د بعضها‬
‫البع�ض ‪ ..‬اس�تعداد ًا لمعركة ال مف�ر منها باعتبار المقول�ة المألوفة‪ :‬لكل مقدمات‬
‫نتائج‪.‬‬
‫وإذا كان م�ا يقدمه علماء المس�لمين م�ن كل مذهب وطائفة ه�و صراع األقالم‬
‫واألفلام واألزالم م�ع حكامهم وش�عوبهم إلبط�ال المنهجي�ة الس�ن ّية المتداولة‬
‫بالش�بهات والنواقض عند فريق ‪ ،‬أو التكفير وإدانة وكش�ف هنات وعيوب وترات‬
‫أتب�اع التش�يع ل�دى فريق آخ�ر ‪ ،‬فالنتائ�ج المتوقعة بي�ن الفريقين الهلاك والدمار‬
‫وح�رق األخضر واليابس ‪ ..‬دون عائد إيجابي ‪ ،‬أو مس�تقبل مس�تقر يرجى ‪ ،‬وإنما‬
‫ه�ي النس�خة المكرورة منذ عهد عثمان رضي الله عنه وم�ا تاله إلى أن يقضي ال ّٰله‬
‫أمر ًا كان مفعوال‪.‬‬
‫ولن يس�لم من هذه الحالة المدمرة س�وى الفريق الذي عرف طريق السالمة منذ‬
‫العهد األول فس�ار عل�ى طريق الرجاء في ال ّٰله والخوف من�ه متخذا من الدين ُجنة‬
‫ودر ًءا م�ن الفتن المضل�ة وعاصم ًا من قواصمها على ما س�ار عليه األئمة األعالم‬
‫أهل النمط األوسط رضي ال ّٰله عنهم وأرضاهم أجمعين‪.‬‬
‫كما أنه لن يس�لم من فتنة المس�يخ الدجال الكاس�حة ومقدماتها الهاتكة إال من‬
‫عرف الدين برباعية أركانه مسلم ًا لسانه ما استطاع من الذم ويده من الدم ‪ ...‬محب ًا‬
‫آلل البي�ت وألصحاب رس�ول ال ّٰل�ه ىواصف ًا لهم كما وصفهم ربه�م في كتابه ‪:‬‬

‫‪112‬‬
‫(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬
‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ) [الفتح ‪.]29 :‬‬
‫إن كتابتن�ا له�ذه الترجم�ة الخاص�ة بالصدي�ق األكبر ف�ي مرحلتنا ه�ذه إنما هي‬ ‫ّ‬
‫محاول�ة – ال أق�ول يائس�ة – وإنما هي إن ش�اء ال ّٰله محاولة ج�ادة إلنقاذ ما يمكن‬
‫إنق�اذه م�ن عالقة األمة اإلسلامية بعضها ببع�ض بعد أن خلط الش�يطان األوراق‬
‫ودف�ع بالفرق�اء خل�ف وس�ائل االعلام‪ ،‬ك�ي يخندقوا األم�ة في ص�راع ال يخدم‬
‫اإلسلام وال المس�لمين ‪ ،‬وال يجن�ي منه آل البيت وال غيرهم غي�ر الهرج والمرج‬
‫والصراع والنزاع‪.‬‬
‫وم�ع هذا وذاك فالذي نرج�وه ونتمناه أن يكتب ال ّٰله لنا ثواب ًا وأجر ًا ينفعنا س�اعة‬
‫لقائه وغرسة أو فسيلة نزرعها في خضم الواقع المتناقض نستودعها ال ّٰله كي تكون‬
‫ش�هادة لنا بإذنه س�بحانه وتعالى إن أدينا األمانة كما علمناها ‪ ،‬ودعونا إلى السالمة‬
‫كما تعلمناها‪..‬‬
‫وال ّٰله من وراء القصد‪...‬‬

‫‪113‬‬
‫ا ��خل�� ا��ت��م��ة‬
‫الخاتمة‬

‫كان�ت نهاي�ة اإلمام عل�ي المرتضى مأس�اة لإلسلام والمس�لمين ‪ ،‬وعالمة من‬
‫العالمات الوسطى التي أخبر بوقوعها سيد المرسلين ‪ ،‬ومدرسة ذات تميز خاص‬
‫في حياة النمط األوسط أهل العدالة والسند في العالمين ‪ ..‬بنيت فيه منذ صباه بين‬
‫فضمه إليه ‪،‬‬
‫يدي سيد األمة ومبعوثها األمين ‪ ،‬منذ أن أخذهى من أبيه أبي طالب ّ‬
‫فع�اش مقتبل العمر في بيت النب�وة والوحي والعصمة والمعجزات ‪ ،‬وتعرف على‬
‫أس�رار حياة المبعوث األكرم ى ودقائق خصوصياته ‪ ،‬بل كان من أول من ش�رح‬
‫ال ّٰله صدره باإلسالم ‪ ،‬فقد روى بن إسحاق ‪ :‬أن علي ًا ‪ v‬جاء إلى النبي ى بعد‬
‫إسلام خديج�ة ﵄ ‪ ،‬فوجدهما يصليان فقال عل�ي ‪ :‬ما هذا يا محمد؟ فقال النبي‬
‫ى ‪« :‬دين ال ّٰله الذي اصطفاه لنفس�ه وبعث به رس�له ‪ ،‬فأدعوك إلى ال ّٰله وحده وإلى‬
‫عبادت�ه ‪ ،‬وتكف�ر باللاّت والعزّى» ‪ ،‬فقال علي ‪ :‬هذا أمر لم أس�مع به من قبل اليوم‬
‫‪ ،‬فلس�ت بقابض أمر ًا حتى أحدث أبا طالب ‪ ،‬فكره رس�ول ال ّٰله ى أن يفشي عليه‬
‫علي تلك‬ ‫سره ‪ ،‬قبل أن يستعلن أمره ‪ ،‬فقال له ‪« :‬يا علي إذا لم تسلم فاكتم» فمكث ّ‬
‫الليلة ‪ ،‬ثم إن ال ّٰله أوقع في قلبه اإلسلام ‪ ،‬فأصبح غاديا إلى رس�ول ال ّٰله ى حتى‬
‫علي يا محمد؟ فقال له رس�ول ال ّٰله ى ‪« :‬تش�هد أن ال إله‬
‫جاءه فقال ‪ :‬ما عرضت ّ‬
‫إال ال ّٰله وحده ال ش�ريك له ‪ ،‬وتكفر باالت والعزّى ‪ ،‬وتبرأ من األنداد» ‪ ،‬ففعل علي‬
‫وأسلم منذ ذلك اليوم (((‪.‬‬
‫وكان ‪ v‬من�ذ تل�ك المرحل�ة مرحل�ة الكتم�ان والس�رية عل�ى غاي�ة الحذر‬
‫والحيطة في حفظ سر رسول ال ّٰله ى ‪ ،‬وعدم البوح أو اإلظهار ألمر الدعوة وأمر‬
‫أتباعها ممن دخل إلى اإلسلام متخفي ًا في باك�ورة تلك المرحلة ويبدو ذلك جلي ًا‬
‫في قصة إسلام أبو ذر ‪ v‬لما جاء إلى مكة راغب ًا في التعرف على رس�ول ال ّٰله‬

‫((( البداية والنهاية بتصرف (‪.)4/3‬‬

‫‪114‬‬
‫ى لكنه كره أن يسأل عنه ‪ ،‬حتى أدركه الليل فاضطجع فرآه علي ‪ v‬فعرف أنه‬
‫غريب فاستضافه ولم يسأله عن شيء ثم غادر صباح ًا إلى المسجد الحرام فمكث‬
‫حتى أمسى فرآه علي فاستضافه لليلة الثانية وحدث مثل ذلك الليلة الثالة ‪ ،‬ثم سأله‬
‫عن س�بب قدومه ‪ ،‬فلما اس�توثق أبو ذر من أمره أخبره بمراده ‪ ،‬فقال له علي ‪ :‬فإنه‬
‫حق وهو رس�ول ال ّٰله ‪ ،‬فإذا أصبحت فاتبعني فإني إن رأيت ش�يئ ًا أخاف عليك منه‬
‫قمت كأني أريق الماء ‪ ،‬فإن مضيت فاتبعني فتبعه وقابل الرس�ول ى واستمع إلى‬
‫قوله وأسلم‪.‬‬
‫وها هو ‪ v‬ليلة الهجرة يلتزم البقاء في فراش النبي ى واألعداء قد أحاطوا‬
‫بالبيت يتربصون برسول ال ّٰله ى ليقتلوه ‪ ،‬فما كان منه إالّ افتداء رسول ال ّٰله بنفسه‬
‫وقائه محتسب على فراشه حتى الصباح‪.‬‬
‫ال ألداء أمانات الناس بعد هجرته ى كما‬ ‫ال لس�ر رس�ول ال ّٰله ومح ً‬
‫كما كان مح ً‬
‫ن�راه ُب َع ْي�د أداء األمانات وتنفيذ الوصايا يهرع مهاجر ًا من مكة وحده دون مصاحبة‬
‫(((‬
‫أحد من الناس يكمن بالنهار ويسير بالليل حتى قدم المدينة وقد تف ّطرت قدماه‪.‬‬
‫اهـ‬
‫ال وتنزالً ووعاه‬‫إن�ه اإلمام الملهم المحفوف بالرعاية النبوية ‪ ،‬عاصر القرآن تنزي ً‬
‫لا وعلم�ا ‪ ،‬وقد روي عن�ه قول�ه ‪( :‬وال ّٰله ما نزلت آي�ة إال وقد‬ ‫حفظ� ًا وفهم� ًا وعم ً‬
‫علمت فيم نزلت وأين نزلت وعلى من نزلت ‪ ،‬إن ربي وهب لي قلب ًا عقوالً ولسان ًا‬
‫صادق ًا ناطقا)‪.‬‬
‫ويقول ‪( : v‬س�لوني ع�ن كتاب ال ّٰله ‪ ،‬فإنه ليس من آي�ة إال وقد عرفت بليل‬
‫نزل�ت أم بنهار ‪ ،‬وفي س�هل أم ف�ي جبل) ‪ ،‬ويرى ابن عبد الب�ر أن علي ًا ‪ v‬كان‬
‫مم�ن جم�ع القرآن الكريم على عهد رس�ول ال ّٰلهى وهو حي) وقد فس�ر بعضهم‬
‫الجم�ع بالحفظ عن ظه�ر قلب ‪ ،‬وكان يقول ‪ v‬في أخريات عهده ‪( :‬س�لوني‬
‫قبل أن تفقدوني)‪.‬‬

‫((( سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص (‪ /43‬د الصالبي)‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫ب�ل أن بع�ض اآليات القرآنية نزلت في ش�أنه وش�أن ما دار بين�ه وبين آخرين في‬
‫عصر النبوة ‪ ،‬فقد روى البخاري بسنده عن علي بن أبي طالب أنه قال ‪( :‬أنا أول من‬
‫يجث�و بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة) ‪ ،‬وقال قيس بن عبادة فيهم نزلت ‪:‬‬
‫(ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ‬
‫ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ) [الح�ج ‪ ، ]19 :‬قال هم الذي�ن تبارزوا يوم الدين ببدر‬
‫‪ ،‬حم�زة وعلي وأبو عبيدة بن الحارث وش�يبة بن ربيع�ة ‪ ،‬وعتبه بن ربيعة ‪ ،‬والوليد‬
‫بن عتبه ‪.‬‬
‫وه�و أي اإلم�ام علي ‪ v‬أح�د الذين أنزل ال ّٰله فيه�م قوله ‪( :‬ﯠ ﯡ ﯢ‬
‫ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ‬
‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ) [آل عم�ران ‪، ]61 :‬‬
‫وذل�ك ف�ي وفد نجران حينما جادلهم النبي ى في عيس�ى بن مري�م وأنه عبد ال ّٰله‬
‫وكذب ادعائهم بأنه ال ّٰله أو إبن ال ّٰله أو أنه‬
‫ورسوله وكلمته ألقاها إلى أمته الطاهرة ‪ّ ،‬‬
‫ثالث ثالثة ‪ ،‬ودعاهم إلى اإلسلام فأبوا دعاهم إلى المباهلة ‪ ،‬وجاء علي وفاطمة‬
‫وحس�نا وحس�ينا ‪ n‬فقال ‪« :‬ال ّٰلهم هؤالء أهلي» ‪ ،‬فأبوا((( المباهلة وارتضوا‬
‫دفع الجزية‪.‬‬
‫لقد كانت حياة الصديق األكبر لوحة صدق وأمانة ورجولة في تاريخ اإلسالم ‪...‬‬
‫كما كان استش�هاده ش�اهد حق وحجة على تيارات االفك والنفاق وحرج ال يزول‬
‫أثره وال يغسل عاره بأي حال من األحوال‪ ...‬إذ ثبت في النصوص فساد عقول هذ‬
‫الفئة المعرضة من بدايتها إلى أن يظهر في أعراضهم الدجال طبق ًا لحديث ‪« :‬كلما‬
‫قط�ع قرن نش�أ قرن ‪ ،‬حتى يخ�رج في بقيتهم الدجال»((( لي�س لهم في األرض غير‬
‫الفتن التي ترس�م الش�ر واألذى ف�ي األمة ‪ ..‬بل هم جزء من م�ادة تكوينها ونموها‬
‫وتنفيذها تدفعهم الطباع ومصالح االنتفاع ‪ ،‬ويس�تذلهم اإلبليس المحتنك لينفذوا‬
‫برنامجه الش�ري بعلم واقتناع ‪ ،‬أو بدون عل�م وال امتناع ‪ ،‬وقد تطورت فتنتهم بعد‬

‫((( نصارى نجران ‪.‬‬


‫(((مسند أحمد (‪ ، )6952‬والمستدرك على الصحيحين (‪. )8558‬‬

‫‪116‬‬
‫احت�واء الكف�ر والدجال توجيه األمر ف�ي المرحلة الغثائية ليصبح�وا رأس الحربة‬
‫الموجهة إلى دمار التركيبات الش�رعية في اإلسلام ‪ ،‬وانتهاك ُأولي العدالة والسند‬
‫والوراث�ة بي�ن األنام ‪ ،‬وقليل من يفقه ذلك أو يدرك أبعاده وخطورته ‪ ،‬ونس�أل ال ّٰله‬
‫العظيم العفو والعافية‪..‬‬
‫ولعلن�ا في هذه الدراس�ة النصي�ة المرتبطة بفق�ه التحوالت نتع�رف على ضابط‬
‫الربط بين فتنة الخوارج في األمة أول الزمان ‪ ،‬وفتنتهم في أخريات الزمان لنتدارك‬
‫ما يمكن تداركه من حفظ األمة من علة اإلندفاع المفضي إلى إشاعة الذم وإساحة‬
‫الدم بين المصلين‪.‬‬
‫ونسأل ال ّٰله الحفظ لنا جميع ًا من هذه الفتن ما ظهر منها وما بطن‪...‬‬
‫رحم ال ّٰله اإلمام الغالب علي بن أبي طالب وحشرنا معه وبمعية الحبيب األكرم‬
‫ى وآل بيته األطهار وصحابته األبرار‪...‬‬
‫ال ّٰلهم آمين‪..‬‬

‫‪117‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َمـنْـ ُظ َ‬
‫ـومـ ُة ِّ‬
‫الر َضاء‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الخلفاء‬ ‫عالقة‬ ‫سالمة‬ ‫الحاوية على‬
‫ِ‬
‫وذكر‬ ‫المر َت َضى‬
‫علي ُ‬‫الراشدين مع اإلما ِم ٍّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫العالقة‬ ‫األوسط ِ‬
‫ذات‬ ‫ِ‬ ‫مدرسة النَّم ِ‬
‫ط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أسانيد‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫القضاء‬ ‫ِ‬
‫واالقتداء في‬ ‫بِمنهجِ ال َّتوس ِ‬
‫ط‬ ‫َ ُّ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬
‫واالقتضاء‬

‫‪118‬‬
‫مقدمة المنظومة‬
‫بسم ال ّٰله الرحمن الرحيم‬
‫الحم�د ل ّٰله وكفى ‪ ،‬وسلام عل�ى عباده الذي�ن اصطفى ‪ ،‬وخصوص�ا على اآلل‬
‫الخلفا واألصحاب الحنفا ‪ ،‬اآلخذين دينهم وأدبهم عن الحبيب المصطفى‪ .‬ال ّٰلهم‬
‫صل وسلم على هذا النبي الكريم وعلى كل من اتبعه واقتفى إلى يوم الدين‪.‬‬
‫وبع�د فأرف�ع منظومتي ه�ذه إلى طالب العل�م الذين طلبوا من�ي أن أختصر لهم‬
‫موق�ف الفح�ول من أصحاب الرس�ول ‪ ،‬وما ترت�ب على هذا الموقف من إس�ناد‬
‫وحف�ظ للديان�ة واألمانة ومرتك�زات هذه المواقف الش�رعية م�ن األصلين كتاب‬
‫ال ّٰله وس�نة نبيه ى ‪ ،‬وعلى مدى تاريخ األمة من عصر الرس�الة إلى ما س�ماه النبي‬
‫بعصر الحثالة ‪ ،‬وما ترتب على هذا المدى من ظهور السنن لدى قوم وظهور البدع‬
‫العقدية والوالئية لدى قوم آخرين ‪ ،‬حتى صار البعض من معاصرينا يعتقد سلامة‬
‫ما تبنته العقول من ركام الفضول ونقائض النقول‪.‬‬
‫فجردت وقتي مس�تجيبا للطالب الراغب ‪ ،‬وحرصت أن أس�لك طريق التوس�ط‬ ‫ُ‬
‫ف�ي التن�اول وفي االس�تنتاج ‪ ،‬وهي طريق السلامة التي رضيها لنا س�لفنا الصالح‬
‫‪ :‬سلامة األيدي من الدم وسالمة األلس�ن من الذم ‪ ،‬وهذا شأن مدرستنا المتصلة‬
‫س�ندا ورواية وعلما وعمال بهدي النبي ى وأس�انيد دعوته كابرا عن كابر وإماما‬
‫ع�ن إم�ام من الوس�طية الش�رعية واالعت�دال الواعي أه�ل النمط األوس�ط ‪ ،‬وفي‬
‫مقدمتهم س�اداتنا آل البيت من س�ادة الصلح وبقية الس�يف آل الحس�ن والحسين‬
‫ئ وعن بقية اآلل واألصحاب أجمعين‪.‬‬
‫وإذا كان هن�اك م�ن آل البيت وأصح�اب المذاهب والرؤى م�ن يخالف الفكرة‬
‫والمنه�ج ويق�رأ األمور على صفة ما جرى من األح�داث وما ترتب لدى فريق من‬
‫الناس من اتخاذ موقف عدائي بحجة أو بغير حجة؛ فإنا ومن أشرنا إليهم من فريق‬
‫السلامة عبر تاريخ اإلسلام كله ال ننزع بأحد منزع التصادم وال التنازع ‪ ،‬وألهمية‬
‫هذا المنزع والمبدأ وضعته في منظومتي هذه كما علمته وقرأته وشاهدته وعايشته‬
‫واتحدت به حاال ومقاال وسندا ورواية ودراية‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫يش�هد ال ّٰله أني ال أخالف ما قرأت وما رأيت وما س�معت من أش�ياخي آل البيت‬
‫وف�ي مقدمته�م س�يدي وإمام�ي الحبيب عبدالق�ادر بن أحمد الس�قاف وس�يدي‬
‫الوالد علي بن أبي بكر المش�هور وس�يدي الحبيب أحمد مشهور الحداد وسيدي‬
‫الحبيب عطاس الحبشي وس�يدي الحبيب محمد الهدار وسيدي الحبيب الحسن‬
‫بن عبدال ّٰله الش�اطري وس�يدي الحبيب عبدالقادر بن أبي بكر المش�هور وس�يدي‬
‫الحبيب محمد بن أحمد الش�اطري وسيدي الحبيب عبدالرحمن بن أحمد الكاف‬
‫وسيدي الحبيب محمد بن علوي المالكي وغيرهم من أشياخ الطريق‪.‬‬
‫وضعت في منظومتي ما أدركتُه من‬
‫ُ‬ ‫ومع ما س�معتُه وش�اهدتُه وعرفتُه منهم فقد‬
‫خالل دراس�تي الحديثية في مجالس�هم من فقه رباعية األركان ‪ ،‬وهو ما سمي بفقه‬
‫البعض‬
‫ُ‬ ‫محور االرتكاز في معالجة ما اختلف عليه‬
‫َ‬ ‫وجعلت هذا الفقه‬
‫ُ‬ ‫التحوالت ‪،‬‬
‫في مسائل الوالء والبراء ‪ ،‬ومحور التناول لمنهج السالمة المشار إليه‪.‬‬
‫وأطل�ب من الق�ارئ الكريم م�ن حيثما كان مب�دؤه ومنزعه وعلم�ه ومنهجه أن‬
‫يتأن�ى في اتخ�اذ الموقف من منظومت�ي لمجرد االطالع الع�ام والتصنيف المعتاد‬
‫والتعليل النظري البديهي ‪ ،‬بل أطلب منه أن يتدبر الفكرة وأسلوب التناول ويتعمق‬
‫ف�ي المرقوم�ات ودالالتها ومصادرها وما اس�تُند إليه في تحلي�ل المواضيع ‪ ،‬فإن‬
‫وجد خيرا فليش�كر ال ّٰله وليدع لي ولنفس�ه وللمس�لمين ‪ ،‬وإن وجد ما ال يتناس�ب‬
‫مع أصول المنهج الش�رعي النبوي األبوي فليدع األمر ويس�لك لنفس�ه ولغيره ما‬
‫يراه مناسبا من االختيار‪ ..‬فالحق أحق أن يتبع‪ ..‬وال ّٰله يتوالنا جميعا بواسع رحمته‬
‫ورأفته وكرمه‪ ..‬إنه سميع الدعاء‪..‬‬
‫وبال ّٰله التوفيق‪..‬‬

‫‪120‬‬
‫�‬‫�ش� ا� �ه��دا �ل��حا� �‬
‫ل‬
‫فس ِئ َل‪:‬‬ ‫الخوارج ‪ :‬أ ُك َّف ٌار هم؟ فقال ‪ :‬من الك ِ‬
‫ُفر ُّفروا ‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫علي ‪ v‬عن‬ ‫ِ‬
‫ُسئ َل اإلما ُم ٌّ‬
‫فس ِئ َل ‪ :‬فما ن َُس ِّميهم؟‬
‫إن المنافقين ال يذكرون ال ّٰله كثير ًا ‪ُ ،‬‬
‫أمنافقون هم؟ قال ‪ :‬ال‪ّ ..‬‬
‫قال ‪ :‬قوم من إخوانِنا ب َغوا علينا أصابتهم ِ‬
‫الفتنَ ُة ف َع ُموا و َص ُّموا‪...‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬

‫ا � � � ا ءُ‬
‫لإ ه�د‬
‫لِ ْل ُم ْر َس ِ‬
‫�ل‬ ‫محب ٍ‬
‫�ة‬ ‫َ َ َّ‬ ‫ِذي‬ ‫لِ�ك ُِّل‬ ‫�ل‬‫الم ْج َم ِ‬ ‫ِ‬
‫َمنْ ُظو َمت�ي َأ ْر َف ُعه�ا بِ ُ‬
‫َوال َّتن َُّص ِ‬
‫�ل‬ ‫لِ َّلر ْف ِ‬
‫�ض‬ ‫لِل�ه ال‬ ‫اآلل ُح ًّب�ا َخالِص� ًا‬ ‫َ‬ ‫�ب‬ ‫ِ‬
‫َو َم� ْن ُيح ُّ‬
‫�ل‬‫�م خي�ر األن�ام األَ ْف َض ِ‬ ‫َأ َح َّب ُه ْ‬ ‫�ي ِم ْث َل َم�ا‬
‫�اب النَّبِ ِّ‬
‫�ب َأ ْص َح ِ‬ ‫َو ُح ِّ‬
‫ٍ‬ ‫و ِقيع ٍ‬ ‫ِم� ْن َغ ِ‬
‫�ل‬ ‫الم ْج َم ِ‬ ‫َ�ص َو ِارد ف�ي ُ‬ ‫إِلاَّ بِن ٍّ‬ ‫�ة‬ ‫َ َ‬ ‫�ز َولاَ‬ ‫ي�ر َم�ا َن ْب ٍ‬

‫ي�ر لِ ْل ُم ْس� َت ْقبِ ِل‬


‫�ع ال َّت ْق ِد ِ‬
‫منِّ�ي َم َ‬
‫ِ‬ ‫َأر َف��ع��ـ��ه��ا ه ِ‬
‫���د َّي��� ًة َم��كْ��نُ��ونَ�� ًة‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ُ‬
‫الجدَ لِ�ي‬ ‫الص َ�را ِع َ‬ ‫�ض ِّ‬ ‫اغ ٍ‬
‫�ب َر ْف َ‬ ‫َأو ر ِ‬
‫ْ َ‬ ‫�ب لِ ْل ِع ْل� ِم َأ ْو ِم� ْن َس�الِ ٍك‬
‫ِم� ْن َطالِ ٍ‬
‫�ار ُم ْبطِ ِ‬
‫�ل‬ ‫اختِ َي ٍ‬ ‫�ر َن ْف ٍ‬
‫�س َو ْ‬ ‫ِم� ْن َغ ْي ِ‬ ‫َو َش ْ�ر ُط َها ُح ْس� ُن ا ِّت َب�ا ٍع َوا ْقتِ َف�ا‬
‫�ي األَ ْم َث ِ‬
‫�ل‬ ‫�اب النَّبِ ِّ‬
‫َو َش ْ�أ ُن َأ ْص َح ِ‬ ‫اإلنْتِ َم�ا‬
‫ي�ه َش ْ�أ ُن ِ‬ ‫و َفه� ِم م�ا يعنِ ِ‬
‫َ َْ‬ ‫َ ْ‬
‫ث َأو م ْش ِ‬
‫�ك ِل‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٰط� َه‬ ‫َو َن َظ ٍ‬
‫�ر بِ َع ْي ِ‬
‫يم�ا َج َ�ر ٰى م� ْن َح�اد ْ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫�ى‬
‫الم ْج َت َب ٰ‬
‫ُ‬ ‫�ن‬
‫�ى َو َم� ْن َي ِل�ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َأ ْو آل َب ْي�ت ُ‬
‫الم ْص َط َف ٰ‬ ‫الخ َل َف�ا‬
‫َان َب ْي� َن ُ‬‫�ص َم�ا َق�دْ ك َ‬ ‫َأ ُخ ُّ‬
‫�ل‬ ‫اله�دْ ِي َهدْ ِي ُ‬
‫الم ْر َس ِ‬ ‫ي�ق َ‬‫�ى َط ِر ِ‬‫َع َل ٰ‬ ‫ال�ولاَ‬
‫َ‬ ‫لأِ َن ََّه�ا ِم ْف َص ُ�ل ت َْص ِح ِ‬
‫ي�ح‬
‫�ل‬‫�م َوا ْع ِق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م� ْن َرابِ� ِع األَ ْركَان فا ْف َه ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحكْ� ِم ف ْق� ٌه َجام ٌ‬
‫�ع‬ ‫َضابِ ُط َه�ا ف�ي ُ‬
‫الم ْس� َت ْع ِج ِل‬ ‫ِ ِ‬ ‫َب ِعي�دَ ٌة َع ِ‬
‫الحكْ� ِم بِال َع َواط�ف ُ‬ ‫َو ُ‬ ‫الج َف�ا‬ ‫�و َو َ‬ ‫�ن ال ُغ ُل ِّ‬

‫‪121‬‬
‫�ر ِعنْ�دَ األُ َو ِل‬ ‫ِم� ْن ِس ِّ�ر ٰه َ‬
‫�ذا األَ ْم ِ‬ ‫�ى‬ ‫�ذي بِ ِ‬
‫�ه َيبِي� ُن م�ا ْ‬
‫اخ َت َف ٰ‬
‫�ذا ا َّل ِ‬
‫ٰه َ‬
‫�ى ِص َ�را ٍع َد ِائ� ٍم ُم ْس� َت ْف ِح ِل‬ ‫َع َل ٰ‬ ‫ي�ر ِه‬
‫ْاش� َت َغ ُلوا بِ َغ ِ‬ ‫َأ َّم�ا ا َّل ِذي� َن‬
‫�ل‬‫الم ْع ِض ِ‬‫ون َح ِّ�ل ُ‬ ‫َوفِ�ي ال َب َ�ر ِاء ُد َ‬ ‫الولاَ‬ ‫َق�دْ َج َع ُلوا ِ‬
‫اإل ْسَل�اَ َم َحك ًْرا ف�ي َ‬
‫المن َْ�ز ِل‬ ‫الح ْق�دَ َفه�م ِم�ن َأج ِل ِ‬ ‫تَوار ُث�وا ِ‬
‫َق�دْ َح َّر ُف�وا َو َبدَّ ُل�وا ف�ي ُ‬ ‫�ه‬ ‫ْ ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ َ‬
‫الم ْقت ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ي�دْ ر َ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ�ل‬ ‫ون ف ْقه� ًا َغ ْي َ�ر ف ْق�ه َ‬ ‫َ ُ‬ ‫�م ُعوا ُمنَاد ًي�ا َولاَ ُه ُ‬
‫�م‬ ‫ل�م َي ْس َ‬
‫ِ‬ ‫َفه�ؤ ِ‬
‫�ل‬ ‫�و َق ِ‬
‫اإلبِ ِ‬ ‫ي�س َس ْ‬ ‫َي ُس�و ُق ُه ْم إِ ْبل ُ‬ ‫َح ْي ُث َم�ا كَانُ�وا َأ َذ ٰى‬ ‫الء‬ ‫ٰ ُ‬
‫�ذ ِل‬‫ون بِالص�را ِع الم ْخ ِ‬ ‫َي ْس�ت َْمتِ ُع َ‬ ‫ي�ط َج َ�ر ٰى‬ ‫اط و َت ْف ِر ٍ‬‫م�ا بي�ن إِ ْف�ر ٍ‬
‫ُ‬ ‫ِّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ‬
‫�ل‬‫�اب األَ َم ِ‬ ‫اآلل َب ِ‬‫ِ‬ ‫وي�ا بن ِ‬
‫َ�ات‬ ‫اإل ْهتِ�دَ ا‬
‫�ل ِ‬ ‫اب َأ ْه ِ‬ ‫الش� َب ِ‬
‫َي�ا ُع ْص َب� َة َّ‬
‫ََ َ‬
‫الج ِلي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تَج�او ُزوا م�ا ك َ ِ‬
‫الهادي َ‬ ‫إِ َل ٰى ُس� ُلوك ُ‬
‫الم ْص َط َف ٰى َ‬ ‫َان م� ْن َش ٍّ�ر َم َض ٰ‬
‫�ى‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫اث ح ُّ�ل م ْش ِ‬‫و َلي�س ف�ي األَح�دَ ِ‬ ‫اإل ْهتِ�دَ ا‬
‫�ك ِل‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫�ي ِ‬ ‫َف�إِ َّن ف�ي َه�دْ ِي النَّبِ ِّ‬
‫اله�دْ َي بِالت ََّس ْل ُس ِ‬
‫�ل‬ ‫َ‬ ‫لِ َم� ْن َأ َرا َد‬ ‫َو ِس�ي َل ٌة‬ ‫َمنْ ُظو َمتِ�ي‬ ‫�ذ ِه‬
‫وه ِ‬
‫َ ٰ‬
‫�د ُم ْس� َت ْق َب ِلي‬‫اع ٍ‬ ‫إِ َل�ى اجتِم�ا ٍع و ِ‬ ‫َس َ�أ ْل ُت َر ِّب�ي َأ ْن َتك َ‬
‫ُ�ون ُح َّج� ًة‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ٰ‬
‫ِ‬
‫الم ْر َس ِ‬
‫�ل‬ ‫�ي ُ‬ ‫َ�ت بِ َأ ْخَل�اَ ق النَّبِ ِّ‬
‫َزان ْ‬ ‫ُس�نَّ ٌة‬ ‫آن ُث َّ‬
‫�م‬ ‫َأ َس ُ‬
‫اس� ُه ال ُق ْ�ر ُ‬
‫َّ�ص َفا ْن ُظ ْ�ر َوا ْع ِق ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وحس�ن َت ْطبِ ٍ لأِ‬
‫�ل‬ ‫َأ ْر َب َع�ة ف�ي الن ِّ‬ ‫ي�ق َ ْركَان ُ‬
‫اله�دَ ٰى‬ ‫َ ُ ْ ُ‬

‫ُ ��خل �ا ف��ة‬ ‫�ت �� ُ � � ن ا ا �� ّ ض‬


‫�‬
‫� ِل ِ‬ ‫�‬
‫�‬ ‫ا‬ ‫ه�د‬‫ع‬‫�‬ ‫‪..‬‬ ‫�‬
‫��سل���س�ل إ �س�� ِد لِر �ى‬
‫�‬
‫السَل�اَ ِم األَك َْم ِ‬ ‫ِ‬ ‫�د ال ّٰل ِ‬
‫�ه َم ْولاَ نَ�ا ال َع ِل�ي‬ ‫�د حم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�ل‬ ‫الصَل�اَ ة َو َّ‬
‫َّ‬ ‫�ع‬‫َم َ‬ ‫م� ْن َب ْع َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ُأ َس ْل ِس ُ�ل ِ‬ ‫الم ْخت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�ق ل�ي‬ ‫يم�ا ُح َّ‬ ‫اإل ْس�نَا َد ف َ‬ ‫الم ْص َط َف ٰ‬
‫�ى‬ ‫َ�ار ٰط� َه ُ‬ ‫ل َحضـ َْ�رة ُ‬
‫اب َولِ�ي‬ ‫اله�دَ ٰى ِم� ْن ك ُِّل َأ َّو ٍ‬ ‫َأ ْه ُ�ل ُ‬
‫�ل المعنِ�ي بِ ِ‬
‫�ه‬ ‫الم َس ْل َس ِ َ ْ‬
‫�ى ُ‬‫الر َض ٰ‬‫م� َن ِّ‬
‫ِ‬

‫الس� ُب ِل‬ ‫�ق َخ ِ‬


‫ي�ر ُّ‬ ‫الح ِّ‬ ‫�ى َط ِر ِ‬
‫ي�ق َ‬ ‫َع َل ٰ‬ ‫ث َوكَانُ�وا ُع ْص َب� ًة‬ ‫َم� ْن َح ِف ُظ�وا ِ‬
‫اإل ْر َ‬

‫‪122‬‬
‫الج ِل�ي‬ ‫�ة بِ ِ ِ‬ ‫وح ِام ِل�ي الراي ِ‬ ‫الك َ�را ِم األَت ِْق َي�ا‬
‫ه�م ص ْف�و ُة ال َق�و ِم ِ‬
‫�اإل ْرث َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ َ َ‬
‫ِ‬ ‫اإل ٰل ِ‬
‫َقا ُل�وا َر ِضينَ�ا بِ ِ‬
‫الم ْر َس ِ‬
‫�ل‬ ‫ُ‬ ‫َ�ذا َرضينَ�ا بِالنَّبِ ِّ‬
‫�ي‬ ‫ك َ‬ ‫�ه َر ِّبنَ�ا‬
‫ي�ق األَ َّو ِل‬‫الرفِ ِ‬‫ْ�ر َّ‬ ‫َ�ذا َأبِ�ي َبك ِ‬ ‫ك َ‬ ‫�ى ُذ ْخ ِرنَ�ا‬ ‫الم َص َّف ٰ‬
‫�ر ُ‬
‫محم ِ‬
‫�د ال ُّط ْه ِ‬ ‫ُ َ َّ‬
‫�ر ا ْبت ُِل�ي‬
‫�ان ف�ي األَ ْم ِ‬ ‫َو َب ْع�دَ ُه ُع ْث َم ُ‬ ‫وق َم� ْن َأ َّس البِنَ�ا‬ ‫�ار ُ‬
‫َو َب ْع�دَ ُه ال َف ُ‬
‫ِ‬
‫الم ْق�دَ ا ُم َب ْح ٌ�ر ُم ْمت َِل�ي‬ ‫َو َل ْي ُثنَ�ا‬ ‫ِ‬
‫�ى َح ْيدَ ُرنَ�ا‬ ‫الم ْج َت َب ٰ‬
‫�ي ُ‬ ‫الرض ُّ‬ ‫ُث َّ‬
‫�م َّ‬
‫الح ِل�ي‬ ‫ال َغ�رو ف�ي مكَانِ ِ‬
‫�ى بِ ُ‬ ‫الم َح َّل ٰ‬
‫�اب ُ‬ ‫َو َأنَّ� ُه ال َب ُ‬ ‫�ه ُم َق�دَّ ٌم‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫�ل‬ ‫�و َم ال َغ ِد ِ‬
‫ي�ر األَ ْب َج ِ‬ ‫َ�ى َي ْ‬ ‫ك ََم�ا َأت ٰ‬ ‫�ى‬‫الم ْص َط َف ٰ‬
‫�ى ُ‬ ‫َو َأ َّن َم� ْن َوالاَ ُه َوا َل ٰ‬
‫ِ‬ ‫�ولاَ ُه بِال َف ْض ِ‬ ‫َأ ْه ٌ�ل لِ َم�ا َق�دْ َخ َّص� ُه‬
‫�م ِل‬‫�ل ال َعمي� ِم األَ ْش َ‬ ‫َم ْ‬ ‫َو َأنَّ� ُه‬
‫الحكْ� ِم ا ْعتِ َ�ر ٌ‬
‫اف َف ْي َص ِل�ي‬ ‫ِ‬
‫ف�ي َس�دَّ ة ُ‬
‫ِم�ن الر َض�ا َع�ن ِم ْث ِل ِ‬
‫�ه‬ ‫ْ‬ ‫َ ِّ‬ ‫َم ْو ِق ُف� ُه‬
‫�ل‬ ‫�ق َوا ْن ُق ِ‬ ‫ُم َؤ َّي�دٌ َفا ْق َ�ر ْأ َو َد ِّق ْ‬ ‫�ه‬‫لِلنَّ�ص والنَّ�ص بِ ِ‬ ‫ُم َؤ ِّي�دٌ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫�وص َولِي‬ ‫ٍ‬ ‫�ص ال َف ْض َ�ل لِ َم ْخ ُص‬ ‫ِ‬
‫ال ُتنْق ُ‬ ‫الخ َل َف�ا‬
‫ُ‬ ‫َو ِص َف� ُة الت َّْرتِ ِ‬
‫ي�ب َب ْي� َن‬
‫َ�ص ُم ْعت َِل�ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس� ْب ُط ِختَ�ا ُم‬
‫ف�ي َس�الف ال َع ْه�د بِن ٍّ‬ ‫الخ َل َف�ا‬
‫ُ‬ ‫الح َس� ُن ِّ‬ ‫َو َ‬
‫ب َم ْن َق�دْ ُب ِلي‬ ‫َفاس�مع م َقال�ي و ِ‬ ‫الخ َل َف�ا‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫الش� ُيوخِ‬ ‫ُم َو َّث ٌ‬
‫اجتَن ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ َ ْ َ‬ ‫�ق َع ْب َ�ر‬
‫َ�ت ِم� ْن َع ْه�دَ ٰط� َه األَ ْف َض ِل‬ ‫َق�دْ ُح ِّصن ْ‬ ‫�ت ِم ْث َل َم�ا‬‫َّ�ص َقا َم ْ‬ ‫َم ْر َح َل� ًة بِالن ِّ‬
‫�ل‬‫�ت ظِ ٍّ�ل ُم ْخ ِض ِ‬ ‫َق�دْ َبا َي ُع�و ُه ت ْ‬
‫َح َ‬ ‫َ�ذا ِم� ْن َع ْش َ�ر ٍة‬‫�ل َب�دْ ٍر َوك َ‬ ‫ِم� ْن َأ ْه ِ‬
‫الم ْج َم ِل‬ ‫ِ ِ‬
‫ول ف�ي الخَل�اَ ف ُ‬ ‫َو ُه ْم عُ�دُ ٌ‬ ‫اجت ََه�دُ وا َو َق َّ�ر ُروا‬‫لاَ َق�دْ َح فيم�ا ْ‬
‫اعي�ا لِح ِّ�ل الم ْش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫�ك ِل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ف ْق ًه�ا ُر َب ًّ‬ ‫�م‬ ‫ل�م ُي ْخط ُئ�وا َب ْ�ل َأ ْد َركُ�وا بِع ْلم ِه ْ‬
‫َو َم�ا َج َ�ر ٰى ِم� ْن َب ْع ِد َه�ا ِم� ْن ُد َو ِل‬ ‫�قي َف ٍة‬
‫�ه الر َض�ا َق�دْ تَ�م ف�ي س ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫بِ ِ‬

‫�ل‬ ‫�د بِاألَ َم ِ‬ ‫اع ٍ‬‫وفِ�ي اجتِم�ا ٍع و ِ‬ ‫�ة‬‫و َق�دْ م َض�ى َعصره�م ف�ي ِخدْ م ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ٰ ْ ُ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫الم ُث ِ‬
‫�ل‬ ‫�م ف�ي ُ‬
‫�ي َب ْعدَ ُه ْ‬ ‫إِ ْر ُ‬
‫ث النَّبِ ِّ‬ ‫�م َي َ�ز ْل‬ ‫�ق بِ ِه ْ‬
‫�م َو َل ْ‬ ‫الح ُّ‬
‫َ‬ ‫�خ‬ ‫ت ََر َّس َ‬

‫‪123‬‬
‫�ظ َأ َزلِ�ي‬ ‫ب ْ�ل دام مح ُفو ًظ�ا بِ ِح ْف ٍ‬
‫َ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫الص َ�را ِع َوال َبَلَ‬
‫�م ِّ‬‫�ع َر ْغ َ‬
‫ِ‬
‫َل ْ‬
‫�م َينْ َقط ْ‬
‫�ة بِ ِ‬
‫الع َل ِ‬ ‫�ة د ِام َغ ٍ‬ ‫ِم�ن حج ٍ‬ ‫يم�ا َقا َل� ُه ُم َخالِ ٌ‬ ‫ِ‬
‫�ل‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ْ‬ ‫�ف‬ ‫�س ف َ‬ ‫َو َل ْي َ‬
‫وحالِ ِ‬ ‫وفِ ْق ِه ِ‬ ‫�ر ِه و ِع ْل ِم ِ‬ ‫ِ‬
‫َوال َع َم ِ‬
‫�ل‬ ‫�ه‬ ‫َ َ‬ ‫�ه‬ ‫َ‬ ‫�ه‬ ‫َم ْه َم�ا َيكُ� ْن م� ْن َأ ْم ِ َ‬
‫الم ْص َط ِل�ي‬‫َ�ار ُ‬‫َان ن ِ‬ ‫ف�ي رابِ� ِع األَرك ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َأت ٰ‬
‫َ�ى‬ ‫�ار ٌض لِ َم�ا‬ ‫ُم َع ِ‬ ‫لأِ َنَّ� ُه‬
‫�ل‬ ‫�ت ِ‬
‫الم ْر َج ِ‬ ‫َح َ‬ ‫وم�ن س ِ‬
‫�ع ِير الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫العَل�اَ ج ِم�ن ركَا ٍم هاتِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫َّ�اس ت ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫�ك‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫�ي‬
‫َو ْه َ‬
‫الم ْض ِل ِل‬ ‫ب إِب ِلي�س ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َأب�ى َفج ِ‬
‫المقي�ت ُ‬ ‫م� ْن ح ْز ِ ْ َ َ‬ ‫اه ٌ�ل ُم ْس� َتن َْو ٌق‬ ‫َ‬ ‫َ ٰ‬ ‫َو َم� ْن‬

‫َ ْ ُ � َّنَ �زُ � � ُّ ْ‬
‫�ص��ل‬
‫�‬ ‫�ع�ه�د ا �لت���ا �ِل �َاو �ل�‬
‫ال الم ْش ِ‬ ‫�ليما لِ َ�ز َو ِ‬ ‫ِ‬
‫ِح‬ ‫�ن الس�ب ِ‬
‫�ك ِل‬ ‫ُ‬ ‫لا َس ً‬ ‫َح ًّ‬ ‫ط َغ�دَ ا‬ ‫الح َس ِ ِّ ْ‬ ‫َع ْه�دُ ِ‬
‫اإل َم�ا ِم َ‬
‫الم ْخ ِج ِل‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َلم�ا ارتَض�ى ح ْق�ن الدِّ م ِ‬
‫�اء ُمن ِْه ًي�ا‬
‫الم ْس�لمي َن ُ‬ ‫اصطدَ ا ِم ُ‬ ‫َش َّ�ر ْ‬ ‫َّ ْ َ ٰ َ َ َ‬
‫الخ ِل�ي‬
‫�ل َ‬ ‫ُم ْس� َتن ِْق ًذا إِ َّي�ا ُه ِم� ْن َج ْه ِ‬ ‫اله�دَ ٰى‬ ‫ي�راث ُ‬
‫ِ‬ ‫الح ْف َ ِ ِ‬
‫�ظ لم َ‬
‫َ�زم ِ‬
‫َوا ْلت َ َ‬
‫الم ْس�ت َْر َذ ِل‬
‫َ�ذا بِنَ�ا َح ْق� ُن ال�دَّ ِم ُ‬ ‫ك َ‬ ‫�ى‬‫ُ�م بِاألُ َل ٰ‬ ‫�ال َر ِّب�ي َق�دْ َهدَ اك ْ‬‫َو َق َ‬
‫ال�ر ْأ ِي ال َع ِل�ي‬ ‫ِ‬ ‫وك َ ِ‬ ‫َو َس� َّن فِينَ�ا ُس�نَّ ًة َم ْه ِد َّي� ًة‬
‫�ب َّ‬ ‫َان ف َيه�ا َصاح َ‬ ‫َ‬
‫الج ِل�ي‬ ‫�ح َ‬ ‫الص ْل ِ‬ ‫�ال ٰه َ‬
‫�ذا َس� ِّيدُ ُّ‬ ‫َو َق َ‬ ‫َ�ار ِمنْ� ُه َم ْو ِق ًف�ا‬ ‫الم ْخت ُ‬
‫ُ‬ ‫َو َأ َّي�دَ‬
‫�ل‬ ‫الم ْج َم ِ‬‫�ال ُ‬ ‫عَ�دُّ ال َّثلاَ ثِي� َن ك ََم ُ‬ ‫الخ َل َف�ا‬‫اس�ي ُ‬ ‫�ت كَر ِ‬ ‫ِ‬
‫�ذا بِ�ه ت ََّم ْ َ‬ ‫لِ َ‬
‫�ل‬‫الو ِارثِي� َن الك َُّم ِ‬ ‫َ‬ ‫َوبِالر َج ِ‬
‫�ال‬ ‫ِّ‬ ‫َم ْح ُفو َظ� ٌة بِن َِّص َه�ا‬ ‫َم ْر َح َل� ٌة‬
‫�ر م ْش ِ‬ ‫محص ٍ ِ‬ ‫َق�دْ َأب�ر َز ْت ِس�ر َزم ٍ‬
‫�ان َذ ِ‬
‫�ك ِل‬ ‫�ن َوس َّ�ر َع ْص ٍ ُ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫اه ٍ‬
‫�ب‬ ‫َّ َ‬ ‫ْ َ‬
‫�ل‬‫�ر َم ْو ِئ ِ‬ ‫لِرابِ� ِع األَرك ِ‬
‫َان َخ ْي ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫�ذا َد ِار ٌس ُم َث َّب ٌ‬
‫�ت‬ ‫ُي�دْ ِر ُك ٰه َ‬

‫‪124‬‬
‫ال�ولاَ األَ ْف َض ِ‬
‫�ل‬ ‫�ر َ‬ ‫�ط ف�ي َأ ْم ِ‬
‫َي ْخبِ ُ‬ ‫�ذا َت ْل َق� ُه‬
‫َو َم� ْن َي ُفتْ� ُه َد ْر ُس ٰه َ‬
‫ي�م بِال َّت َعالِ ِ‬
‫ي�ل ا ْبت ُِل�ي‬ ‫ِ‬
‫�ع َعق ٌ‬‫َط ْب ٌ‬ ‫يما َش�ا َب ُه‬ ‫ِ‬
‫ُم ْس� َتتْبِ ًعا َف ْه ًم�ا َس�ق ً‬

‫ح��َ��ةُ ا �ل�مُ��ْ� ا ��ل�عَ ضُ ��ض‬


‫ََْ‬
‫�‬
‫��و �‬‫�‬ ‫�مر ل ل ِك‬
‫�وض بِالم ُل ِ‬
‫�وك ُم ْبت َِل�ي‬ ‫ِ‬ ‫الح َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َع ْه�دٌ َع ُض ٌ‬ ‫الس� ْبط َأت ٰ‬
‫َ�ى‬ ‫�ن ِّ‬ ‫م� ْن َب ْع�د َع ْه�د َ‬
‫ِ‬
‫الح َي ِ‬ ‫ُم ْل�كًا ِو َراثِ ًّي�ا َع ِر َ‬
‫�ل‬ ‫ي�ق‬ ‫وض�ا َب ْين َُه ْم‬
‫ْ�م َع ُض ً‬ ‫َم� ْن َح َّو ُل�وا ُ‬
‫الحك َ‬
‫�و ِل َخ ْي ِ‬ ‫�ك وفِ ِ‬
‫الر ُس ِ‬
‫�ل‬ ‫�ر ُّ‬ ‫َ�ى ف�ي َق ْ‬ ‫ك ََم�ا َأت ٰ‬ ‫َر ْح َم� ٌة‬ ‫ي�ه‬ ‫َ‬ ‫ُم ْل ٌ‬ ‫َأ َّو ُل� ُه‬
‫�وض َه ْيك َِل�ي‬ ‫�ك َع ُض ٌ‬ ‫َو َب ْع�دَ ُه ُم ْل ٌ‬ ‫َج ْب ِر َّي� ٌة‬ ‫َش�ا َب ُه‬ ‫ي ِل ِ‬
‫ُم ْل ٌ‬
‫�ك‬ ‫ي�ه‬ ‫َ‬
‫�و ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الم ْق َ‬
‫�ب عنْ�دَ َ‬ ‫الح ِّ‬
‫�م ا ِّد َع�اء ُ‬ ‫َر ْغ َ‬ ‫�و ٌم َخ َذ ُل�وا ِّ‬
‫الس� ْب َط ُض ًح�ى‬ ‫َوفي�ه َق ْ‬
‫الم ْر َج ِ‬‫و َغيره�م َش�بوا و ُق�ود ِ‬
‫�ل‬ ‫ُّ َ َ‬ ‫َ ُْ ُ ْ‬ ‫َق�دْ َبا َي ُع�وا َو َن َك ُث�وا َب ْي َعت َُه ْ‬
‫�م‬
‫�و َم الك َْر َب ِ‬ ‫وف ِ ِ‬ ‫َس� ُّلوا ُس� ُي َ‬ ‫احوا َآل ٰط� َه بِال َفنَ�ا‬
‫�ل‬ ‫اإل ْف�ك َي ْ‬ ‫اس� َت َب ُ‬ ‫َّ�ى ْ‬
‫َحت ٰ‬
‫�ي َأ ْل َي ِ‬
‫�ل‬ ‫�ر َب ْغ ٍ‬ ‫�ق َغ ْي ِ‬ ‫ي�ر َح ٍّ‬‫الح َس� ْي َن ُظ ْل ًم�ا َوا ْفتِ َ�را بِ َغ ِ‬
‫ُ‬ ‫َو َق َت ُل�وا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�ل‬‫الج ْح َف ِ‬
‫�و َم َ‬ ‫ْ�و ًة ف�ي َو ْق َع�ة َ‬
‫الح َّ�رة َي ْ‬ ‫�اب ٰط� َه َعن َ‬ ‫اس�ت َْأ َص ُلوا َأ ْص َح َ‬ ‫َو ْ‬
‫�ر ال َب�دَ ِل‬
‫الز َب ْي ِ‬
‫�ن ُّ‬ ‫�ه ِ‬
‫يد ا ْب ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫�ن ف�ي َقت ِ‬
‫ْ�ل َّ‬ ‫الر ْح ٰم ِ‬
‫احوا َح َ�ر َم َّ‬ ‫اس� َت َب ُ‬
‫كم�ا ْ‬
‫�ى ِم� ْن ُد َو ِل‬ ‫يم�ا َم َض ٰ‬
‫ِ‬
‫َو ُش ِّ�ر ُدوا ف َ‬ ‫آل ٰط� َه ُص ِّل ُب�وا‬ ‫َوكَ�م َوكَ�م ِم� ْن ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫الخ ِل�ي‬ ‫ي�م ف�ي ال َق ْف ِ‬ ‫وا ْذك لإِ ِ‬
‫�ر َ‬ ‫ُ�ر ِ ْب َراه َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫�س ال َفت ٰ‬
‫َ�ى‬ ‫�م ُذوالنَّ ْف ِ‬
‫�ى ُث َّ‬
‫َز ْي�دٌ َو َي ْح َي ٰ‬
‫المعت ِ‬
‫َ�د ِل‬ ‫�ط‬‫التَّوس ِ‬ ‫لِ َمن َْه ِ‬
‫�ج‬ ‫َق�دْ ُق ِّت ُل�وا َل َّم�ا َأ َرا ُدوا ن ُْص َ�ر ًة‬
‫ُ ْ‬ ‫َ ُّ‬
‫الم ْس�ت َْر ِذ ِل‬
‫الواق� ِع ُ‬
‫ِ‬
‫َي ْح ُل�و َل� ُه ف�ي َ‬ ‫ب َف َّس َ�ر األَ ْم َ�ر ك ََم�ا‬ ‫َوك ُُّل ِح ْ�ز ٍ‬

‫‪125‬‬
‫ال َق�دْ َولِ�ي‬ ‫اآلل ُع َص�ا ًة ِعنْدَ م�ا ل�م َي ْل َزم�وا َولاَ ء َو ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َوا ْع َت َب ُ�روا‬
‫الم ْخ ِج ِل‬ ‫ِ ِ‬
‫المحي�ط ُ‬ ‫َّ�ى ل�م َي َك�دْ َي ْل َق�ى عُدُ ولاً ف�ي ُ‬‫الحكْ� ِم َحت ٰ‬ ‫�اع َأ ْم ُ�ر ُ‬
‫َو َض َ‬
‫الولِ�ي‬ ‫�ر َ‬ ‫الح ْب ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلنْت َم�ا ل َش ْ�ر ِع ٰط� َه ُع َم َ�ر َ‬
‫�ذي َأ َع�اد ِ ِ‬
‫َ‬
‫ِس�وى ال َفتَ�ى ا َّل ِ‬
‫ٰ‬ ‫َ ٰ‬
‫�ل‬‫�ق َوا ْع ِق ِ‬ ‫ِ‬
‫الخ َل َف�ا َساد َس ُ‬
‫�ه ْم َفا ْن ُظ ْ�ر َو َد ِّق ْ‬ ‫َم� ْن عُ�دَّ ف�ي الت َّْرتِ ِ‬
‫ي�ب َب ْي� َن ُ‬
‫الج ِل�ي‬ ‫�ق الت َّْأ ِص ِ‬ ‫ُم َو َّث ٍ‬
‫�ق ُم َح َّق ِ‬ ‫فِ ْق ٍ‬ ‫ِ‬
‫ي�ل بِالن ِّ‬
‫َّ�ص َ‬ ‫َرابِ� ٍع‬ ‫�ه‬ ‫ي�ب‬
‫ت َْرت ُ‬

‫َ‬
‫ظُ �� ُ ُ َ ْ َ سَ��ة ا ��ل�نََّ �� � �أ ْ �َ ��‬
‫هور�م�د ر�� ِ م�ِط ا �ل� �و�س�ِط‬ ‫��‬
‫��‬
‫�ل‬‫�ر بِ�ك ُِّل َم ْع ِق ِ‬ ‫�و َر َة الأْ َ ْم ِ‬
‫ُخ ُط ْ‬ ‫�ى‬ ‫�ات ِم� ْن َأ ْه ِ‬
‫�ل ا ْلن َُّه ٰ‬ ‫َلمَّ�ا َر َأ ٰى الأْ َ ْث َب ُ‬
‫�و ِل‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ي َأ ْم ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫�ي ا ْلت ََّح ُّ‬ ‫َوش�دَّ َة الإْ ِ ْر َج�اف ف ْ‬ ‫�ول‬ ‫�ر ا ْل َ‬ ‫َو َك ْث َ�ر َة ا ْل َغ ْو َغ�اء ف ْ‬
‫�ل‬ ‫�ل ا ْل ِع ْل� ِم َوا ْل َّت َع ُّق ِ‬ ‫وح ِ‬
‫ص�د َأ ْه ِ‬ ‫َ َ‬ ‫َ�ر ٍ‬
‫ب َو َبَل�اَ‬ ‫ِ‬
‫َو َم�ا َج َ�ر ٰى م� ْن َش ِّ�ر ك ْ‬
‫َ�ر ُّذ ِل‬ ‫ِ‬ ‫�ظ ِد َي ِ‬ ‫لِ ِح ْف ِ‬ ‫�ت ِح ْصنَ� ًا َعالِ َي� ًا‬ ‫َأ َق�ام َآ ُل ا ْلبي ِ‬
‫�ن ا ْللَّ�ه َم� ْن ت َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫َفأسس�وا مدْ رس� َة ُّ ِ‬
‫ف ا ْل ُم ْس� َت ْق َب ِل‬ ‫�و ُ‬ ‫َب�دَ ا بِ َه�ا ت ََص ُّ‬ ‫�ي‬ ‫الز ْه�د ا َّلت ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َّ ُ‬
‫ِم� ْن َآ ِل ٰط� َه ُذ ْو َم َق�ا ٍم َأ ْم َث ِ‬
‫�ل‬ ‫�ذا َع َل ٌ‬
‫�م‬ ‫َأ َّو ٌل َم� ْن نَ�ا َد ٰى بِ َه َ‬
‫�ي ا ْل َمن َْه ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫وم�ن َأت ِ‬ ‫�ي َزي� ُن ا ْل َعابِ ِد ْي� َن ا ْل ُم ْقتَ�دَ ٰى‬
‫�ل‬ ‫َ�ى م� ْن َب ْع�ده ف ْ‬‫َ َ ْ ٰ‬ ‫َع َل ُّ‬
‫�ل‬ ‫ن َْش�ر ا ْلع ُل�و ِم وا ْلسُّ� ُل ِ‬
‫وك الأْ َ ْف َض ِ‬ ‫�وا‬ ‫�او ُز ْوا َث ْ�أ َر ا ْل ُح ُ�ر ْو ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ب َو ْارت ََض ْ‬ ‫َج َ‬ ‫ت َ‬
‫َ�ر ٰى َم َش ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫�اي َخ ا ْل َّت َبت ِ‬
‫ُّ�ل‬ ‫َم� ْن ا ْلك َ‬ ‫�وا‬‫َّ�ى َأ ْي َق ُظ ْ‬
‫ت ََص�دَّ ُر ْوا ل ْلع ْل� ِم َحت ٰ‬
‫الحكْ� ِم َع ْي ِ‬ ‫ِ‬
‫الخ َل ِ‬
‫�ل‬ ‫�ن َ‬ ‫َو َع� ْن ص َ�را ِع ُ‬ ‫َو َأ ْع َر ُض ْ‬
‫�وا َع� ْن ا ْل ُح َط�ا ِم ُج ْم َل� ًة‬
‫َّ�ه بِالت ََّس ْل ُس ِ‬
‫�ل‬ ‫�ن ا ْلل ِ‬‫�ظ ِد ْي ِ‬ ‫و ِح ْف ِ‬ ‫�اد َد ِائ� ٍم‬
‫و َل�م ي َزا ُل�وا فِ�ي اجتِه ِ‬
‫َ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ث ا ْل ُم ْر َس ِ‬
‫�ل‬ ‫�ظ ِإر ٍ‬
‫�ه فِ�ي ِح ْف ِ‬‫َع�ن ِم ْث ِل ِ‬ ‫ث‬ ‫َش�يخ ًا بِ َش�ي ٍخ وإِم�ا ٍم و ِار ٍ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫�اد َف ِ‬ ‫َش ْ�أ َن ا ْل ُخ�رو ِج بِاجتِه ٍ‬
‫�ي‬‫يصل ّ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫�ى‬‫َ�ى َز ْي�دُ الإْ ِ َم�ا ُم َف ْارت ََض ٰ‬
‫َّ�ى َأت ٰ‬
‫َحت ٰ‬

‫‪126‬‬
‫�و ُء َم ْقت ِ‬
‫َ�ل‬ ‫�ذلاَ ُن َأ ْت َب�ا ٍع َو ُس ْ‬ ‫ِخ ْ‬ ‫�ر ِه‬
‫ِم� ْن َأ ْم ِ‬ ‫َان َل� ُه‬
‫َان َم�ا ك َ‬ ‫َف�ك َ‬
‫�ي ا ْل ُح ْك ِم َوا ْل ِع ْل� ِم ا ْل َج ِل ّي‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫م� ْن َب ْعده ف ْ‬
‫ِ‬ ‫َ ْم َ�ر لِ َم� ْن‬ ‫ٰل ِكنَّ� ُه َق�دْ َقعَّ�دَ الأْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ي ا ْل َي َم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُم ْس�ت َْوثِ ٍق‬ ‫َو َم ْذ َه ٍ‬ ‫بِ ُم ْس�ن ٍَد‬
‫�ي‬ ‫�ي ا ْل َعل ّ‬ ‫�ن ا ْل َعال َ‬ ‫َم ْوق ُع� ُه ف ْ‬ ‫�ب‬
‫�ط الأْ َ َّو ِل‬‫إِسَل�اَ ِم ح ّق� ًا فِ�ي ا ْلم ِحي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫�ب ال�ـ‬ ‫م� ْن َب ْع�ده َت َع�دَّ َد ْت َم َذاه ُ‬
‫ِ‬ ‫َو َف ِر ْي ٍ‬ ‫�ق َخ ِام ٍ‬ ‫�ى َف ِر ْي ٍ‬
‫�ي‬
‫َجدَ ل ّ‬ ‫�ق‬ ‫ا ْلن َِّ�زا ِع‬ ‫َع� ْن‬ ‫�ل‬ ‫�م ْت إِ َل َ‬ ‫َوا ْن َق َس َ‬
‫ف�ي َم ْذ َه ٍ‬ ‫�د َزي ٍ‬ ‫َأو ُله�ا ِم�ن بع ِ‬
‫ُج َه ِ‬
‫�ل‬ ‫ت ْ‬ ‫�ب ُأ ُصو ُل� ُه َل ْ‬
‫�م‬ ‫�د َج ْع َف ٌ�ر‬ ‫ْ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َّ َ‬
‫ُم ْبطِ ِ‬
‫�ل‬ ‫�م َبعي�دً ا َع� ْن ُغ ُل ٍّ‬
‫�و‬ ‫ِ‬
‫ف ِيه ْ‬
‫ِ‬‫�ت‬ ‫ِ‬
‫�ت بِ�آل ال َب ْي�ت َحت ٰ‬
‫َّ�ى َأ ْينَ َع ْ‬ ‫ِ‬ ‫َقا َم ْ‬
‫�ل‬‫َقاتِ ِ‬ ‫َع َصبِ ٍّ‬
‫�ي‬ ‫َس� َب ِئ ٍّي‬ ‫ب َو َخ ِ‬
‫�ار ٍج َأ ْو‬ ‫ِم�ن رافِ ِض�ي ك ِ‬
‫َاذ ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫ْ َ‬
‫الك َ�را ِم ال ُب َّ�ز ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلل‬ ‫َم� ْن َم َّز ُق�وا َم ْذ َه َبنَ�ا َو َخا َل ُف�وا َم َقا َل� َة‬
‫الج َب ِ‬ ‫ول األَر ِ ِ‬ ‫و َأ ْغر ُق�وا َأ ْن ُفس�هم ف�ي فِ ْتن ٍ‬
‫�ل‬ ‫ض م ْث َ�ل َ‬ ‫ْ‬ ‫�ه َ‬ ‫�ت ُس ُ‬ ‫َ�ة َع َّم ْ‬ ‫ْ ُ ْ‬ ‫َ َ‬
‫ال ا ْل ُم ْخ ِج َ�ل‬ ‫�ن ا ْلصِّ�را ِع َوا ْل ِج�دَ ِ‬ ‫�م َع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ�وا ع ْل َم ُه ْ‬
‫�ب ا ْلسُّ�نَّة َصان ْ‬ ‫َم َذاه ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ح الإْ ِ َم�ا ِم َح َس ٍ‬
‫�ي‬ ‫َ�ل ا ْلسِّ� ْبط ا ْل َول ّ‬‫�ن َو َم�ا ا ْقت ََض�ا ُه َم ْقت ُ‬ ‫�وا ُص ْل َ‬ ‫َوا ْلت ََز ُم ْ‬
‫�ن َخ ْي ُ�ر َب�دَ ِل‬ ‫�ه لِ ِلدِّ ْي ِ‬
‫فِ�ي ِح ْفظِ ِ‬
‫ْ‬ ‫�ن الإْ ِ َم�ا ِم َزينِه�م‬ ‫�ف ِ‬
‫اإل ْب ِ‬ ‫َو َم ْو ِق ُ‬
‫الم ْس� َت ْق َب ِلي‬ ‫و َق�اد ُة التَّص�و ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ف‬ ‫َ ُّ‬ ‫َ َ‬ ‫السَل�اَ ِم ف�ي َش ْ�أن َ‬
‫ال�ول‬ ‫�م ُق�دْ َو ُة َّ‬
‫ُه ْ‬
‫َولِ ْل ُخ ُ�ر ْو ِج ِض�دَّ ُظ ْل� ِم ا ْل�دُّ َو ِل‬ ‫آخ ُ�ر لِ ْلث ْ‬
‫َّ�أ ِر َد َع�ا‬ ‫َ‬ ‫َو َم ْو ِق ٌ‬
‫�ف‬
‫�ذا َي ِل�ي‬ ‫�ف الإْ ِ م�ا ِم َزي ٍ‬
‫كَمو ِق ِ‬
‫�ى َه َ‬‫�ى ا ْبنُ� ُه َو َم� ْن َع َل ٰ‬
‫َي ْح َي ٰ‬ ‫�د َوك َ‬
‫َ�ذا‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫َان َد ْر َس� ًا َل ُش� ُي ْوخِ ا ْل َع َم ِ‬
‫�ل‬ ‫َف�ك َ‬ ‫َو ُص ِّل ُب�وا‬ ‫�م َق�دْ ُق ِّت ُل َ‬
‫�وا‬ ‫َو ُك ُّل ُه ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َلسَّ�ا َد ِة ا ْل ُّص ْل ِ‬ ‫�ت َم َو ِاق ٌ‬
‫�ي‬‫�ح َو َأ ْبنَ�اء َعل ّ‬ ‫�و َد ٌة‬
‫�ف َم ْح ُم ْ‬ ‫اجت ََم َع ْ‬‫َو ْ‬
‫�ال ا ْل ُكم ِ‬
‫َّ�ل‬ ‫مس�ت ُْصبِ ِحي َن بِا ْلر َج ِ‬ ‫�و َر ٍة‬ ‫َو َم� ْن َأ َح َّ‬
‫�ب ا ْل ِّس� َل َم ُد ْو َن َث ْ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫�ي الآْ ِل َوا ْل َب ْح ِ‬ ‫و َأ ْفر ُط ِ‬ ‫�ض ا ْل َّرافِ ِضي� َن َش� َطط ًا‬
‫ل�ي‬‫�ر ا ْل َم ّ‬ ‫�وا ف ْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َو َش َّ‬
‫�ذ َب ْع ُ‬

‫‪127‬‬
‫�و ُم ْخ ِج ِ‬ ‫ِ‬ ‫لِ َج ْع َف ٍ‬
‫�ل‬ ‫�ري ُء م� ْن ُغ ُل ٍّ‬ ‫�و ا ْل َب ِ‬
‫َو ُه َ‬ ‫�ر‬ ‫َون ََس� ُب ْوا إِ ْف َرا َط ُه ْ‬
‫�م‬
‫اط َج ِل�ي‬ ‫�ب ا ْل َغالِ ْي� َن إِ ْف َ�ر ٌ‬ ‫َو َم ْذ َه ُ‬ ‫�ت‬ ‫َفم ْذه�ب ا ْلص ِ‬
‫َّ�اد ِق عَ�دْ ٌل َثابِ ٌ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫فِ�ي ك ُِّل َعص ٍ ِ‬ ‫�م ا ْلث ْ‬
‫�ي‬‫�ر ل ْل َع�دَ اء ا ْل َعائل ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫�و َش� َطط ًا‬ ‫َّ�أ َر َو َيدْ ُع ْ‬ ‫ُي َع ِّم ُ‬
‫ِ‬ ‫بِا ْل ُمنْت َِمي� َن‬ ‫َي ِل ْي ُ‬ ‫َو ِم ْث ُ�ل ٰه َ‬
‫الأْ َك َْم ِ‬
‫�ل‬ ‫ل ْلنَّبِ ِّ‬
‫�ي‬ ‫�ق َأ َب�د ًا‬ ‫�ذا لاَ‬

‫ّْ‬ ‫َ‬
‫َ�ا َ��ةُ �َ نْ َ ُ ا ��لْ�نََّ �� �ْ �أ ْ �َ �� �َ نْ �ْ �فْ � َا ��لْتَ�ف �ْ ��‬
‫� م�ِط ا �ل� �و�س�ِط م�ا �لِ�إ� َار ��ِط �و ��ر��ِط‬ ‫��سَ�ل �م م��ه‬
‫ِي‬
‫ِ ِ‬
‫�ج ا ْل ِّر َج�ال ا ْل َّصالح ْي� َن ا ْل ُب َّ�ز ِل‬
‫ِ‬ ‫�ج ِ‬ ‫ِ‬
‫ك ُُّل ا ْلك َ�را ِم ا ْل َو ِارث ْي� َن ا ْنت ََه ُج�وا‬
‫ن َْه َ‬
‫�د ا ْل َق ِد ْي� ِم الأْ َ َّو ِل‬
‫ِم�ن َأو ِل ا ْلعه ِ‬
‫َْ‬ ‫ْ َّ‬ ‫وهم�ا‬ ‫�وا ا ْلشَّ� ْي َخ ْي ِن َب ْ�ل َوا َل ُ‬ ‫َل ْ‬
‫�م َي ْر ُف ُض ْ‬
‫ـمـ�ا َأ ْن َولِ�ي‬ ‫�ار ْو َق َل َّ‬
‫َو َس�اعَدُ ْوا ا ْل َف ُ‬ ‫�ي َق َ�ر ِار ِه‬ ‫وس�انَدُ وا ا ْلصدِّ ي ِ ِ‬
‫�ق ف ْ‬ ‫ِّ ْ‬ ‫َ‬
‫�ان ا ْل َولِ�ي‬ ‫�ر ُع ْث َم َ‬ ‫َت َظا َف ُ�روا لِ َح ْص ِ‬ ‫ار ِق ْي� َن ِعنَدَ م�ا‬ ‫�وا ا ْل َم ِ‬ ‫�م ُي َما ُل ْ‬ ‫َو َل ْ‬
‫َالج َح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�د ِه َق�دْ َس�انَدُ وا‬‫وحي�دَ ر ًا فِ�ي َعه ِ‬
‫ف�ل‬ ‫�ي َصفِّ�ه ك َ‬ ‫َّ�ى َغ�دَ ْوا ف ْ‬
‫َحت ٰ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ َْ‬
‫َ�ر َك ا ْل ِع َ�ر ِاق ا ْل ُم ْو ِح ِ‬
‫�ل‬ ‫َو َقبِ ُل�وا ت َ‬ ‫�ح الإْ ِ َم�ا ِم َح َس ٍ‬
‫�ن‬ ‫�وا ُص ْل َ‬
‫َوا ْلت ََز ُم ْ‬
‫�ل‬‫الم َب َّج ِ‬ ‫�اة ا ْل َح َس ِ‬
‫�ن‬ ‫حتَّ�ى و َف ِ‬ ‫�ة َون ُْزلِه�ا‬
‫واست َْأنَس�وا فِ�ي َطيب ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ ٰ َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫�ن بي�ن الم ْف ِس ِ‬ ‫ِ‬
‫�ل‬ ‫�دي َن ال ُع َّج ِ‬ ‫للأْ َ ْم ِ َ ْ َ ُ‬ ‫الص َ�را ِع َط َل ًب�ا‬
‫�ي ِّ‬ ‫َق�دْ َجا َن ُب�وا َغ َّ‬
‫ال َع َم ِ‬
‫�ل‬ ‫�ت َون ُْص َ�ر ٌة لِ ْل ِع ْل� ِم َب ْع�دَ‬
‫�ن َس� ْي ٌر َثابِ ٌ‬‫�م ف�ي األَ ْم ِ‬‫كم�ا َل ُه ْ‬

‫َ‬
‫آثَا ُ نَق ض ا ��ْ�عَ ْ َ َ �ق�ف ُ ا ��لْ�نََّ �� �ْ �أ ْ �َ ��‬
‫� �� ر� ������ ل �ه ِ�د �و� �مَاو ِ�� م�ِط ا �ل� �و�س�ِط‬
‫ِ‬
‫�هم ًا َع ِل�ي‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َاك ٍ‬ ‫َأب�ى ا ْلحس�ين بيع� ًة لِن ِ‬
‫�ي َم ْوقف�ه َش ْ‬ ‫َو َظ َّ�ل ف ْ‬ ‫�ث‬ ‫ُ َ ُ ََْ‬ ‫َ ٰ‬
‫ْ�ع ا ْل ِح َي ِ‬
‫�ل‬ ‫�ي ا ْل َّرافِدَ ْي ِ‬
‫�ن َح ْي ُ‬
‫�ث ُصن ُ‬
‫ِ‬
‫ف ْ‬ ‫َّ�ى َأ َتتْ� ُه َب ْي َع� ٌة ِم� ْن ِش� ْي َع ٍة‬
‫َحت ٰ‬

‫‪128‬‬
‫�ي ك َْر َب ِ‬ ‫ِ‬
‫�ل‬ ‫َّ�ى َغ�دَ ا ُم َض َّر َج� ًا ف ْ‬ ‫َحت ٰ‬ ‫�وا َع ْه�دَ ُه‬ ‫�م َبا ُع ْ‬ ‫َخ َر ُجو ُه ُث َّ‬ ‫اس�ت ْ‬‫َف ْ‬
‫ي�ن ا ْل ِعب ِ‬
‫�اد الأْ َ ْب َج ِ‬ ‫فِ ْي َم�ا عَ�دَ ا َز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�ل‬ ‫َ‬ ‫�م‬‫ِّ�ل الآْ ُل ا ْلك َ�را ُم ُك ُّل ُه ْ‬ ‫َو ُقت َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�ي‬ ‫�وا َآل َعل ّ‬ ‫َولاَ ا ْل ُب َغ�ا ُة ْ‬
‫احت ََر ُم ْ‬ ‫�ول‬ ‫فََل�اَ ا ْلغَُل�اَ ُة َأ ْح َس�ن ُْوا ف ْينَ�ا ا ْل َ‬
‫�ل‬‫�ق ُد ْو َن ِع َل ِ‬ ‫�ج ا ْل َّط ِر ْي ِ‬
‫�ق ا ْل َح ِّ‬ ‫ن َْه َ‬ ‫�ذا َع َّل ُم ْونَ�ا َأ ْه ُلنَ�ا‬ ‫�ل ٰه َ‬ ‫لأِ َ ْج ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َولاَ ن ُِر ْي�دُ ا ْل َع�دْ َل َم� ْن غ ٍّ�ر َخل ّ‬
‫�ي‬ ‫�و ِم ا ْل َق َض�ا‬
‫�ي َي ْ‬ ‫َأنَّ�ا ن ُِر ْي�دُ ا ْل َف ْص َ�ل ف ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫�ذ ِه ا ْلدُّ ْن َي�ا ا ْل ِّر َض�ا‬
‫و ُش� ْغ ُلنَا فِ�ي ه ِ‬
‫بِ�ك ُِّل َم�ا َي ْقض ْي�ه َم ْولاَ نَ�ا ا ْل َعل ّ‬
‫�ي‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫الج ِل�ي‬
‫اآلل َ‬ ‫�ف ِ‬ ‫�ى َم ْو ِق َ‬ ‫ِ‬
‫َع َل ْي�ه َي ْر َض ٰ‬ ‫�ب الآْ َل ُح ّب� ًا َصادق� ًا‬ ‫َف َم� ْن َأ َح َّ‬
‫�ف م�ا فِي ِ‬
‫�ه ا ْبت ُِل�ي‬ ‫�ات ا ْل ِع�دَ ا‬ ‫وم�ن تَ�ردى فِ�ي ِسياس ِ‬
‫لاَ ُب�دَّ َأ ْن ُيك َْش َ َ ْ‬ ‫َ َ ْ َ َّ ٰ ْ َ َ‬
‫اجت ُِل ّي‬
‫�ر ْ‬ ‫�ى ا ْل ُه�دَ ٰى َفا ْل َح ُّق فِ ْي األَ ْم ِ‬ ‫ِ‬
‫َعائ�د ًا إِ َل َ‬ ‫َي ْس�ت َِف ْي َق‬ ‫َأ ْن‬ ‫َل َعلَّ� ُه‬
‫ِ‬ ‫بِ َأه ِل ِ‬
‫�ي الأْ َ ْم َث ِ‬
‫�ل‬ ‫�ل ا ْل َق َ�ر ِار ا ْل َعا َلم ِّ‬ ‫�ى َأ ْه ِ‬ ‫�ل ا ْلسََّل�اَ ِم َوا ْل ُّت َق ٰ‬ ‫�ه َأ ْه ِ‬ ‫ْ‬

‫��ت ��ة‬
‫م‬
‫�‬‫�ة ا �ة ق �ة ث� ت أ��ا ن � � ن �‬
‫� ر�ور إ� �ع� د � ار ء �م ار � � رك�� � ا �ل�دي�� ج م�ع‬
‫�ض‬
‫�ض ال ُع َ�ر ٰى َوال َق ْب ِ‬
‫َن ْق ِ‬ ‫الم ْف ِضي إِ َل ٰى‬ ‫ِ‬
‫الم ُث ِ‬
‫�ل‬ ‫�ض َب ْي� َن ُ‬ ‫م� ْن َأ ْج ِل َر ْف� ِع َ‬
‫الح َ�ر ِج ُ‬
‫�يع ِم� ْن ِص َ�را ٍع َق َب ِل�ي‬ ‫ِ‬
‫َو َم�ا ُأش َ‬ ‫َو َد ْر ِء َم�ا َق�دْ َش�ا َبنَا ِم� ْن َض َ�ر ٍر‬
‫الش� َل ِلي‬ ‫الخَل�اَ ِ‬
‫َان ِم�ن ِغ�ي ِ‬ ‫�ر ِ‬
‫يف ُك َّل َم�ا‬ ‫الش ِ‬ ‫�ف بِ ِ‬
‫الع ْل� ِم َّ‬ ‫والك َْش ِ‬
‫ف ِّ‬ ‫َق�دْ ك َ ْ ِّ‬ ‫َ‬
‫�ر ُم ْقبِ ِ‬
‫�ل‬ ‫ي�ن َوالدُّ ْن َي�ا َو َخ ْي ِ‬
‫ف�ي الدِّ ِ‬ ‫َات َق ِ‬
‫�اد ٍم‬ ‫وم�ا س�ي ْأتِي ِم�ن َش�ت ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ْ�ز ِل‬
‫المن ِ‬ ‫َان َو ْف َ‬
‫�ق‬ ‫لِوح�دَ ِة األَرك ِ‬ ‫�ام َل ٍة‬
‫َش ِ‬ ‫ِدراس ٍ‬
‫�ة‬ ‫ِم� ْن‬ ‫ال ُب�دَّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ‬
‫�ل‬‫الم ْكت َِم ِ‬
‫ُ‬ ‫الس�ن َِّة)‬
‫ُّ‬ ‫�اس ( ُأ ِّم‬
‫َأ َس ُ‬ ‫َأ ْر َب َع� ٌة َم ْز ُمو َم� ٌة ف�ي َب ْع ِض َه�ا‬

‫‪129‬‬
‫الج َّم ِ‬ ‫ِ‬ ‫لِ َثابِ ٍ‬ ‫ون ِ‬ ‫َث َوابِ ٌ‬
‫�ل‬ ‫اس�ت ََجدَّ م� ْن ُع ُل�و ِم ُ‬ ‫َو َم�ا ْ‬ ‫�ت‬ ‫�ض‬‫َاق ٌ‬ ‫َ‬ ‫�ت‬
‫َ�د ِل‬‫ِذي سَل�اَ م ٍة معت ِ‬ ‫لِ�ك ُِّل‬ ‫�ذي ِم� ْن َش ْ�أنِ ِه َسَل�اَ َم ٌة‬ ‫�ذا ا َّل ِ‬
‫ٰه َ‬
‫ُْ‬ ‫َ َ‬
‫الم ْخ َم ِلي‬ ‫�ف الك ِ‬ ‫وف ِ ِ‬
‫الصَل�اَ ِح َ‬
‫�و َب َّ‬ ‫َق�دْ َلبِ ُس�وا َث ْ‬ ‫َاذبِي� َن ُك َّل َم�ا‬ ‫ي�ه ك َْش ُ‬ ‫َ‬
‫�ل‬‫�ه ف�ي ال َع َم ِ‬ ‫مس�تَوثِ ٍق بِرب ِ‬ ‫�ل ٍم‬‫لِيس�تَبِين ال َف�ر ُق بي�ن مس ِ‬
‫َ ِّ‬ ‫ُ ْ ْ‬ ‫َْ َ ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫�ل‬ ‫�ة َأ ْو ِح َي ِ‬
‫وم�ا َله�م ِم�ن ِخدْ َع ٍ‬
‫ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫�ر ف�ي َم ْس� َل ِك ِه ْم‬ ‫�ل ال ُك ْف ِ‬‫َو َب ْي� َن َأ ْه ِ‬
‫ول َب ْي� َن ال ُكت ِ‬ ‫�ذ ِ‬ ‫�يد ِ‬
‫وم�ا ج�رى ِم�ن ِس�ر تَو ِس ِ‬
‫َ�ل‬ ‫ف�ي ال َعا َل� ِم َ‬
‫الم ْخ ُ‬ ‫الع�دَ ا‬ ‫ْ ِّ ْ‬ ‫َ َ َ َ ٰ‬
‫�و ِل‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َم ْأ ُمونَ� ٌة‬ ‫َأ َمانَ� ٌة‬
‫�ى م� ْن ف ْتنَ�ة الت ََّم ُّ‬ ‫يم�ا َم َض ٰ‬ ‫ف َ‬ ‫�ت‬
‫َو ُض ِّي َع ْ‬
‫�و ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َب ِ‬
‫ف�ي َرابِ� ِع األَ ْركَان بِالت ََّح ُّ‬ ‫�ح‬ ‫َو َواض ٌ‬ ‫�ار ٌز‬ ‫ٰه َ‬
‫�ذا‬ ‫َوك ُُّل‬

‫َ‬
‫ْ نَ ا ُ َ ْ َ سَ��ة َ� ْ َ َ ْ تَ َٱ ْتبَ ا ُ �� هَ ا �َ �ق�ف ا ��لْ�نََّ �� �ْ �أ ْ �َ ��‬
‫مَاو ِ� ِ� م�ِط ا �ل� �و�س�ِط‬ ‫� ر� �مو� � �و �ِر��� � �‬
‫ط�ِب� �‬ ‫ِإ� ��س�� د �م�د ر�� ِ ح �ض‬
‫�ر ٰط� َه ا ْلسَّ� ِّي ِد ا ْل ُم َكم ِ‬
‫ِّ�ل‬ ‫ِم� ْن َع ْص ِ‬ ‫ت ََس ْل َس� َل ْت َم َو ِاق ُ‬
‫�ف ا ْل َح ِّ‬
‫�ق ا ْبتَ�دَ ا‬
‫�ى َع ْه�دَ ا ْل َق َ�ر ِار الأْ َ َّو ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َو َب ْع�دَ ُه َم َو ِاق ُ‬
‫�ت َع َل ٰ‬ ‫َقا َم ْ‬ ‫�ي‬‫�ف الآْ ل ا َّلت ْ‬
‫اجت ُِل�ي‬ ‫�ذ ِر ْ‬ ‫�ف ا ْل َّز ْه َ�ر ِاء بِا ْل ُع ْ‬
‫َو َم ْو ِق ُ‬ ‫َان ُحجَّ� ًة‬ ‫�ف الإْ ِ َم�ا ِم ك َ‬‫َف َم ْو ِق ُ‬
‫�ل‬‫�د ا ْل ُحكْ� ِم ُد ْو َن ِع َل ِ‬
‫�ول َعه ِ‬
‫�ي ُط ِ ْ‬ ‫ف ْ‬
‫ِ‬ ‫�اب ِع ْل ِم َه�ا‬ ‫اس�ت َْو َز َر الأْ َ ْص َح ُ‬
‫�اب َب َ‬ ‫َو ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�و ثِ َق� ٌة‬
‫�ل‬ ‫الم ْو َح ِ‬ ‫�ولاَ ء ُ‬‫�ي َع ْه�د َه ْي َش�ات ا ْل َ‬ ‫ف ْ‬ ‫َّ�ى َأتَ�ا ُه ا ْل ُحك ُ‬
‫ْ�م َو ُه َ‬ ‫َحت ٰ‬
‫�د الأْ َ ْش� َق ٰى ا ْل َخ ِس ِ‬
‫�يس الأْ َ ْر َذ ِل‬ ‫َع َل�ى ي ِ‬
‫ٰ َ‬ ‫َان َح ْت ُف� ُه‬
‫ف َف�ك َ‬ ‫َو َج َّ�ر َد ا ْلسَّ� ْي َ‬
‫�ح بِ َو ْع ٍ‬ ‫�ر ا ْلح ِصي ِ‬ ‫َف َق�ا َم بِالأْ َ ْم ِ‬
‫�م ِل‬‫�ي َأ ْش َ‬ ‫�ع ا ْل ُّص ْل َ‬ ‫َو َو َّق َ‬ ‫�ف َح َس� ٌن‬ ‫َ ْ‬
‫دج ِل�ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ار ْت ِش ْ�ر َع ًة‬
‫�ي ص َ�را ٍع َ‬ ‫َوا ْلدِّ ْي� َن َض َ‬
‫�اع ف ْ‬ ‫َلمَّ�ا َر َأ ٰى الأْ َ ْط َم َ‬
‫�اع َص َ‬
‫�ق ل�ي‬ ‫�ى َب ْع ٍ‬
‫�ض َو َق َ‬
‫�ال ُح َّ‬ ‫َب ْع ًض�ا َع َل ٰ‬ ‫اإل َم�ا ُم ال َّظالِ ِمي� َن ُدونَ� ُه‬
‫ِ‬ ‫َأ ْل َق ٰ‬
‫�ى‬

‫‪130‬‬
‫�ف ا ْل ِح َي ِل‬ ‫بِا ْل ُّص ْل ِ‬
‫�ح َر ْغ َم ا ْلسَّ� ْع ِي َخ َل ْ‬ ‫�م‬ ‫ِ‬
‫�ى َأ ْع َراض ِه ْ‬ ‫اس�ت َْأ َم َن ا ْلن ُ‬
‫َ�اس َع َل ٰ‬ ‫َو ْ‬
‫�ق َج ِل�ي‬ ‫آل البي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ون َش�ر ٍ‬ ‫ِ‬
‫�ت َع� ْن َح ٍّ‬ ‫ل َص�دِّ ِ َ ْ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫�ى ال َق َ�ر َار ُد َ‬ ‫م َّم� ْن َر َع ٰ‬
‫�ي ك َْر َب ِ‬ ‫َف َل�م ي ِج�دْ ِم�ن نَاص ٍ ِ‬ ‫�ي ِش� ْي َعتِ ِه‬ ‫ِ‬
‫�ل‬ ‫�ر ف ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫�او َل ا ْل ُح َس� ْي ُن ف ْ‬ ‫َو َح َ‬
‫ط َوالآْ ِل ا ْل ِك َ�را ِم ا ْل ُكم ِ‬
‫َّ�ل‬ ‫لِ ْلسِّ�ب ِ‬
‫ْ‬ ‫َغ ْي َ�ر ا ْل ِع�دَ ا َم ْن َج َّ�ر ُدوا َس� ْي َ‬
‫ف ا ْل َّر َد ٰى‬
‫�اذل‬‫مس�تكبِ ٍر وبي�ن ِح�ب َخ ِ‬ ‫فض�اع َد ُّم الس�بط بي�ن قات�ل‬
‫ٍّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِم� ْن َأ َّص َ�ل ا ْلسََّل�اَ َم بِا ْلت ََمه ِ‬
‫ُّ�ل‬ ‫�ن ا ْل ُح َس� ْي ِن ا ْل ُم ْقتَدَ ٰى‬
‫َف َج�ا َء َع ْص ُ�ر ا ْب ِ‬

‫�ل‬ ‫�ال ا ْل ُم ْخ ِج ِ‬‫�ر ُد ْو َن االن ِْف َع ِ‬ ‫بِا ْل َّص ْب ِ‬ ‫�ولاَ‬


‫�ي ا ْل َ‬
‫و َأسَّ�س ا ْل َفه�م ا ْلج ِل ِ‬
‫�ي ف ْ‬
‫ْ َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫�ى ا ْل َق َ�ر ِار َأ ْو ِص َ�را ِع ا ْل�دُّ َو ِل‬ ‫َع َل ٰ‬ ‫َح ْس َ�ر ٍة‬ ‫َ�ر َك ا ْل َق َ�ر َار ُد ْو َن‬ ‫َوت َ‬
‫�ل الأْ َ ْج َم ْ�ل‬ ‫بِا ْل ِع ْل� ِم َوا ْل ِح ْل� ِم ا ْل َج ِل ْي ِ‬ ‫�ح‬ ‫اض ٍ‬ ‫�ن و ِ‬ ‫ِِ‬
‫َو َج َّ�ر َد ا ْل َع ْ�ز َم لد ْي ٍ َ‬
‫�ل ا ْلس ِ‬
‫َّ�و ِّي الأْ َ ْم َث ِ‬
‫�ل‬ ‫�و ِل َوا ْل ِف ْع ِ‬‫بِا ْل َق ْ‬ ‫اعي� ًا‬‫ادي� ًا ود ِ‬
‫َ َ‬
‫ِ‬
‫ب َه َ‬ ‫َب ْي� َن ا ْلشُّ� ُع ْو ِ‬

‫�ل‬‫اق ُ�ر َش� ْي ُخ ا ْل َم ْح َف ِ‬ ‫محمَّ�دُ ا ْلب ِ‬ ‫ث‬ ‫ث َخي�ر و ِار ٍ‬ ‫�ذا الإْ ِ ْر َ‬‫َ�ال َه َ‬‫َون َ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�ل‬ ‫�ي ا ْل ُم ْر َس ِ‬ ‫�ار ًة م� ْن ا ْلنَّبِ ِّ‬ ‫بِ َش َ‬ ‫َان َأ ْه َل� ُه‬ ‫�م َوك َ‬ ‫َم� ْن َب َق َ�ر ا ْلع ْل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�د ِه‬
‫�ذا جع َف�ر ِم�ن بع ِ‬
‫�ي‬ ‫�ب ح ْصنَ� ًا ُم ْعتَل ْ‬ ‫َو َأس َ‬
‫َّ�س ا ْل َم ْذ َه َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ�ال َه َ َ ْ ٌ‬ ‫َون َ‬
‫�ذ ِل‬ ‫َو َف َّر ُط�وا كَال ُع َّ‬ ‫َو َأ ْف َر ُط ْ‬
‫�وا‬ ‫�د ِه َأ ْت َبا ُع� ُه‬
‫اخ َت َل ُف�وا ِم�ن بع ِ‬
‫ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫َو ْ‬
‫�ك ِل‬ ‫بي�ن ا ْل�ولاَ ِء وا ْلب�ر ِاء ا ْلم ْش ِ‬ ‫�ذا َق ِ‬ ‫�م َي َ�ز ْل إِ ْش�ك ُ‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬ ‫اس�م ًا‬ ‫َال َه َ‬ ‫َو َل ْ‬
‫ِ‬
‫واس�أل‬ ‫َمقا َم�ه ال َعالِ�ي َفح ِّق�ق‬ ‫�م ا ْل َع�دْ ُل ل�ه‬‫ِ‬
‫�ى ا ْلكَاظ ُ‬ ‫َ�ذ َ‬
‫اك ُم ْو َس ٰ‬ ‫ك َ‬
‫�ل‬ ‫الم ُث ِ‬
‫ُ‬ ‫�يخ ال ُعل�وم وإ َم�ا ُم‬ ‫َش ُ‬ ‫الر َض�ا‬ ‫عل�ي ُذو ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫الن�دب‬
‫ُ‬ ‫والس� َّيدُ‬
‫�ل‬‫ُم ْو ِح ِ‬ ‫ُم ْبت َِع�د ًا َع� ْن ك ُِّل َش� ْي ٍن‬ ‫َ�ى‬ ‫�ض م�ن َب ْع�دُ َأت ٰ‬
‫اح�ب ا ْلعري ِ ِ‬
‫ُ َُْ‬
‫وص ِ‬
‫َ َ‬
‫�ل‬ ‫َم ْو ِغ ِ‬ ‫َّ�ص َغ ْي َ�ر‬‫ُم ْجت َِه�د ًا بِا ْلن ِّ‬ ‫�ق َقانِت� ًا‬ ‫�ج ا ْل َّط ِر ْي ِ‬
‫ُم َؤ ِّسس� ًا ن َْه َ‬
‫ا ْل َج�دَ ِل‬ ‫ِ‬
‫�ج الأْ ُ ُص�ول ُد ْو َن َغ ِّ‬
‫�ي‬ ‫ن َْه َ‬ ‫�ر‬ ‫�ج الإْ ِ َم�ا ِم َج ْع َف ٍ‬ ‫ُم ْلت َِزم� ًا ن َْه َ‬

‫‪131‬‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫�م ِل‬‫ْأر َض ا ْلع َ�راق ل ْل َم َق�ا ِم األَ ْش َ‬ ‫�ى‬
‫م� ْن ْارت ََض ٰ‬ ‫َو َب ْع�دَ ُه ُم َحمَّ�دٌ‬
‫�ج ا ْل َّصالِ ِح ْي� َن الأْ ُ َو ِل‬ ‫�ي ا ْلن َّْه ِ‬
‫�ج ن َْه ِ‬ ‫ِ‬
‫ف ْ‬ ‫�ى‬
‫�ى َم� ْن َم َض ٰ‬
‫ِ‬ ‫َو َو ِر َ‬
‫ث ا ْل َم َق�ا َم ع ْي َس ٰ‬
‫س�وء ا ْلصِّ�را ِع وا ْلن َِّ�زا ِع الم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ�رم بِ ِه ِ‬
‫�ل‬‫فش ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫لم�ا َر َأ ْوا‬
‫�م م� ْن َس�ا َدة ّ‬ ‫ْ‬ ‫َأك ِ ْ‬
‫�ي الأْ َ ْر َذ ِل‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن َ‬
‫َ�أ ْوا َع ِ‬
‫�ي ُم ْوق� ٍع ف ْ‬ ‫َع� ْن ك ُِّل َغ ٍّ‬ ‫�و ِم ا ْلغَُل�اَ ة َو َس َ‬
‫�موا‬ ‫�ن ا ْل َق ْ‬
‫�ل‬‫�ذ ْوا الإْ ِ ْس�نَا َد بِالت ََّس ْل ُس ِ‬
‫َم� ْن َأ َخ ُ‬ ‫َّ�ل ا ْل ِف ْق� َه ِش� ُي ْو ُخ ِ‬
‫اإل ْهت�دا‬ ‫َو َأص َ‬
‫ُم ْع َت َب�ر ًا ِعنْ�دَ ا ْلشُّ� ُيوخِ ا ْل ُكم ِ‬
‫َّ�ل‬ ‫�ار ْت َم ْر ِجع� ًا‬ ‫ِ‬
‫�ب ا ْلسُّ�نَّة َص َ‬
‫ِ‬
‫َم َذاه ُ‬
‫�ح الإْ ِ َم�ا ِم الأْ َ ْم َث ِ‬ ‫�ت دو َن َش� َط ٍ‬ ‫�ت لآِ َ ِل ا ْلبي ِ‬
‫�ل‬ ‫�ت ُص ْل َ‬ ‫َوا ْلت ََز َم ْ‬ ‫ط‬ ‫ُْ‬ ‫َْ‬ ‫آ َل ْ‬
‫�ل‬ ‫الح َس� ْي ِن َي ْ‬
‫�و َم الك َْر َب ِ‬ ‫ُ‬ ‫لس� ِّي ِد‬ ‫ِ‬
‫ل َّ‬ ‫يم�ا َق�دْ َج َ�ر ٰى‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اس�ت َْر َج َع ْت ل ّل�ه ف َ‬ ‫َو ْ‬
‫�از س�وء ِ‬
‫الع َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ ِفع ِل ِ‬ ‫ُم ْجت َِه�دٌ‬ ‫َو َأنَّ� ُه‬
‫�ل‬ ‫َّ�ب الح َج َ ُ َ‬ ‫َق�دْ َجن َ‬ ‫�ه‬ ‫ْ‬
‫ول ال ُب َّ�ز ِل‬
‫�ر بِال ُع�دُ ِ‬
‫ف�ي ك ُِّل َع ْص ٍ‬ ‫اإلجتِم�ا ِع س ِ‬
‫�ائدً ا‬ ‫َ‬ ‫ِ ْ َ‬ ‫َو َظ َّ�ل ن َْه ُ‬
‫�ج‬
‫الم ِ‬
‫ث�ل‬ ‫أو م�ن أق�ام الس�يف ف�وق ُ‬ ‫و َل ْ‬
‫�م َيش�ذ غي�ر ذي َح َما َق�ة‬

‫�‬ ‫ق‬ ‫َْ�ةُ ْ�ُهَ أَ ْ َ َ ْ ْ سَ ْ �ْ‬


‫� ر�م�و ت�‬ ‫ح�م�دب� ن ِ�عي����� ٰ �ِم ن ا �لِ�ع َا �ِ� إ� �ل�ى �‬
‫ح �ض‬ ‫� ا �لم �ا ج� � �‬
‫�‬
‫ِج ر ِ ِر‬ ‫ه‬‫�‬
‫ِ� ى � ر‬
‫ن ا � س��ة ت ا �� ا ا ��ل�ن �� � �أ � ��‬
‫طه� �ب� م�ط ا �ل� �و�س�ط‬ ‫�إ�و ��س�� د ا�لم�د ر�� � او �ر�ب�� � �‬
‫الل�ه ِذ ْي ا ْل َق�دْ ِر ا ْل َع ِل ّي‬
‫ِش�هاب ِدي ِن ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ�ى‬ ‫ِ‬
‫أح َم�دُ ا ْل ُم َهاج ُ�ر ا ْلنَّ�دْ ُب ا ْل َفت ٰ‬
‫َو ْ‬
‫ن�ز ِل‬
‫�ر َم ِ‬ ‫اج�ر ًا َعن َْه�ا لِ َخ ْي ِ‬ ‫م َه ِ‬
‫ُ‬ ‫ض ا ْل ِع َ�ر ِاق َو ْج َه� ُه‬
‫�اح َع� ْن ْأر ِ‬ ‫َأ َش َ‬
‫�ال ا ْل ُكم ِ‬
‫َّ�ل‬ ‫�ج ا ْلر َج ِ‬
‫ُم َؤ ِّسس� ًا ن َْه َ ِّ‬ ‫�وت َهانِئ� ًا‬ ‫اد ْي َح ْض َر َم َ‬ ‫وح َّ�ل و ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ْ�ز ِل‬‫المن ِ‬ ‫ي�ن حم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ال َش ِ‬ ‫آل ٰط� َه ف�ي ا ْعتِ�دَ ٍ‬ ‫ِم� ْن ِ‬
‫َ‬ ‫�اة‬ ‫َأئ َّم�ة الدِّ ِ ُ َ‬ ‫�ام ٍل‬
‫�ي َو َع ِل�ي‬ ‫ُم ْلت َِز ًم�ا ن َْه َ‬
‫�ج النَّبِ ِّ‬ ‫الج َف�ا‬ ‫ُم ْبت َِع�دً ا َع ِ‬
‫�ن ال ُغ ُل ِّ‬
‫�و َو َ‬

‫‪132‬‬
‫اختَِل�اَ ِ‬ ‫َو ُم ْص ِل َح� ًا َش َ‬ ‫ال و ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ف ا ْل ُكت ِ‬
‫َ�ل‬ ‫�أن ْ‬ ‫اعي� ًا‬ ‫اإل ْعت�دَ ِ َ‬ ‫َأ َق�ا َم ن َْه َ‬
‫�ج‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب ُد ْو َن إِ ْش� َغ ِ‬
‫فص ِ‬
‫�ل‬ ‫�ي َش ِّ�ر م َ‬ ‫بِا ْل ُحكْ� ِم َوا ْلك ُْرس ِّ‬ ‫ال ا ْل َو َر ٰى‬ ‫َب ْي� َن ا ْلشُّ� ُع ْو ِ‬
‫نَه�ج ا ْلنَّبِ�ي ا ْلمص َط َف�ى َخي ِ ِ‬ ‫�ي الأْ ُ َل ٰى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ذا َط ِر ْي ُ‬
‫�ي‬‫�ر َول ّ‬ ‫ٰ ْ‬ ‫ِّ ُ ْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫�ق ا ْل َع�دْ ل َح ّق ًا ف ْ‬ ‫ٰه َ‬
‫�ح ا ْل ِك َ�را ِم ا ْل ُع�دَّ ِل‬
‫ِم� ْن َس�ا َد ٍة ا ْل ُّص ْل ِ‬ ‫�و َن الأْ َت ِْق َي�ا‬ ‫ِ‬
‫�ار ا ْل ُمنْص ُف ْ‬
‫ِ‬
‫َع َل ْي�ه َس َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و ِم ْث ُله�م ب ِقيَّ� ُة ا ْلسَّ�ي ِ‬
‫�ي‬ ‫َب ْح َ�ر ًا خ َض ّم� ًا بِا ْل ُع ُل�و ِم ُم ْمـتَل ْ‬ ‫ف َغ�دَ وا‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ْ َ‬
‫�ل‬ ‫�ط لِ ْل َع َم ِ‬ ‫ال محبِ ٍ‬
‫َو َم� ْن ِج�دَ ٍ ُ ْ‬
‫بِ ِه�م ح ِمين�ا ِم�ن ِص�را ٍع م ْف ِس ٍ‬
‫�د‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ ْ‬
‫�ر س�ي ِ‬ ‫�ج ا ْل َف ِق ْي� ُه ا ْل ُم ْقتَ�دَ ٰى‬
‫ب ا ْل ِ‬
‫كتل‬ ‫ب َح ْر ِ‬ ‫ف ا ْل َح ْر ِ‬ ‫بِك َْس ِ َ ْ‬ ‫َو َأك َْم َ�ل ا ْلن َّْه َ‬
‫�ي َح ْس� ِم ك ُِّل ُم ْع ِض ِ‬ ‫ِ‬ ‫�و ِد ُّي َل� ُه‬
‫�ل‬ ‫َّح�دا ف ْ‬ ‫َفات َ‬ ‫َو َأ َّي�دَ ا ْلشَّ� ْي ُخ ا ْل َع ُم ْ‬
‫�ذ ْو ِق َخ ْي ِ‬
‫�ر َبدَ ِل‬ ‫�ج ا ْل َّ‬
‫َب ْ�ل َح ْم ُ�ل ن َْه ِ‬ ‫لاَ َث ْ�أر لاَ َت ْغ ِر ِ‬
‫�ى‬ ‫ي�ر ف ْي َم�ا َق�دْ َم َض ٰ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ�ذا ك َ ِ‬
‫�ل‬ ‫بِا ْلع ْل� ِم َوالأْ َ ْع َم�ال َب ْي� َن ُ‬
‫الم ُث ِ‬ ‫�م‬‫�ار ن َْهج ِه ْ‬ ‫َان انْت َش ُ‬ ‫َو ٰهك َ‬
‫َع َل�ى ا ْلج ِمي� ِع فِ�ي ا ْل َّزم ِ‬
‫�ان الأْ َ ْر َذ ِل‬ ‫�و ُحجَّ� ٌة‬ ‫بِنَ�ا ُء ٰه َ‬
‫�ذا ا ْلدِّ ْي ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ٰ َ ْ‬ ‫�ن َو ُه َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ذا َل�م ن ِ‬ ‫و َلي َتنَ�ا ِم�ن بع ِ‬
‫�ي‬‫ض�دّ ًا َو ٰلك� ْن َق�دْ َو َجدْ نَ�ا َم� ْن ُبل َ‬ ‫َج�دْ‬ ‫ْ‬ ‫�د َه َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ ْ‬
‫َي ْه ُذ ْو َن كَا ْل َم ْح ُم ْو ِم فِ ْي ا ْل َع ْص ِر ا ْل َخ ِل ّي‬ ‫ِمنَّ�ا َو ِممَّ� ْن َق�دْ َغ�زا ُه ِضدُّ نَ�ا‬
‫ف ُد ْو ِن َف ْي َص ِ‬ ‫وا ْلشَّ� ْت ِم لِلأْ َسَل�اَ ِ‬ ‫تمانِ�ي َوالأْ َ َذ ٰى‬ ‫ِ‬
‫�ل‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُّ�وا الأْ َ َمان�ي بِا ْل َ‬
‫َظن ْ‬
‫�ل‬ ‫ك َْي ُي ْس� َل ُم ْوا ِم ْن َب ْع ِد ِش ْ�ر ٍك ُم ْف ِش ِ‬ ‫م�ا بي�ن م ْخ�دُ و ٍع ين ِ‬
‫َ�اد ْي َأ ْه َل� ُه‬ ‫ُ‬ ‫َ َْ َ َ‬
‫�ن الأْ َ َّو ِل‬
‫َ�ي َين ُْص ُ�ر َوا ا ْلدِّ ْي� َن بِ َل ْع ِ‬
‫ك ْ‬ ‫�ب َل ْع� َن ا ْل ِّص َح ِ‬
‫�اب ُق ْر َب� ًة‬ ‫َأ ْو َطا َل ٍ‬

‫�م َوا ْع ِق ْ�ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ل ْل َّط ْب� ِع لاَ ل ْلش ْ‬
‫َّ�ر ِع َفا ْف َه ْ‬ ‫ال ن َْز َغ� ًة‬‫اإل ْعتِ�دَ ِ‬‫�ج ِ‬ ‫�و َن ن َْه َ‬ ‫َي ْأ َب ْ‬
‫�ل‬‫�ذا ا ْل َخ َل ِ‬ ‫َق�دْ َأ َم َ�ر ا ْلدِّ ْي� ُن بِ ٰه َ‬ ‫ك ََأن ََّم�ا‬ ‫َم ْذ ُم ْو َم� ًة‬ ‫َج َ�را َء ًة‬
‫َاع ِقي� َن ا ْل ُع َّ‬
‫�ذ ِل‬ ‫ب الن ِ‬‫�ل ِح ْ�ز ِ‬ ‫أه ِ‬ ‫م� ْن ْ‬
‫ِ‬ ‫�وا ُء ا ْلن َُّش� َطا‬
‫احت َ‬
‫ِ‬
‫�ر ْ‬ ‫َو ِعلَّ� ُة الأْ َ ْم ِ‬
‫�و ٰى َوا ْل ِع َل ِ‬
‫�ل‬ ‫ْ�ذ ا ْل ِّص َب�ا َب ْي� َن ا ْل َه َ‬
‫ُمن ُ‬ ‫ال َثابِ ٍ‬
‫�ت‬ ‫�ج ا ْعتِ�دَ ٍ‬ ‫َم� ْن َح َّر ُف ْ‬
‫�وا ن َْه َ‬

‫‪133‬‬
‫ِّ�را ِع ا ْلدُّ َولِ ّي‬
‫�ف ا ْلص َ‬ ‫َأ ْو َج ِام ٍ‬
‫�ح َخ ْل َ‬ ‫�وا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�ي َخدَ َم�ات الإْ ِ ْحت َ‬ ‫سف ْ‬
‫ِم�ن د ِار ٍ ِ‬
‫ْ َ‬
‫�ك ُم ْس� َت ْع ِج ِل‬ ‫َأو تَابِ� ٍع لِهالِ ٍ‬ ‫�ج‬‫ط ف�ي َمن َْه ٍ‬ ‫�ر ٍ‬
‫َأ ْو ُمنْتَ� ٍم لِ ُم ْف ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫�ان الم ِ‬
‫الزم ِ‬
‫وح ِ‬
‫�ل‬ ‫ُ‬ ‫َو َض َّي ُع�وا َف ْ�ر َض َّ َ‬ ‫�ه ْم بِ َم� ْن َم َض ٰ‬
‫�ى‬ ‫َق�دْ َش� َغ ُلوا َأ ْن ُف َس ُ‬
‫�ز َوالت َّْح ِر ِ‬
‫ف�ي النَّ ْب ِ‬ ‫ِ‬
‫ي�ش َوال َّت َكت ِ‬
‫ُّ�ل‬ ‫ان ُج َّ�ل َو ْقت ِه ْ‬
‫�م‬ ‫الش� ْي َط ُ‬
‫اس�ت َْح َو َذ َّ‬
‫َف ْ‬
‫�ار ُم ْمت َِل�ي‬ ‫ِم� ْن ُش� َب ِه الت َّْم ِو ِ‬
‫ي�ل َص َ‬ ‫َو َع ْي ُش ُ‬
‫�ه ْم‬ ‫َم ْع ُلو َل� ٌة‬ ‫�م‬
‫ُب ُيوت ُُه ْ‬
‫�و ِل‬ ‫َو َخ َب ُط�وا َو َخ َل ُط�وا ف�ي َ‬
‫الم ْق َ‬ ‫الر َب�ا َف ُم ِح ُق�وا‬ ‫�س ِّ‬ ‫َأ َصا َب ُه ْ‬
‫�م َم ُّ‬
‫بِجه ِل ِه�م يه�وو َن صنْ�ع ِ‬
‫�ل‬ ‫الح َي ِ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ْ ْ َْ َ ْ‬ ‫�م َف َغ�دَ ْوا‬‫اآلي َعن ُْه ْ‬ ‫َ�ى ف�ي ِ‬ ‫ك ََم�ا َأت ٰ‬
‫�و ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّخ ِذي� َن الدِّ ي� َن ِد ْر ًع�ا َو ِاق ًي�ا‬
‫مت ِ‬
‫َ�ي َي ْهد ُم�وا َأ ْركَانَ� ُه بِالم ْع َ‬ ‫ك ْ‬ ‫ُ‬
‫�و ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الم َم ِّ‬
‫ُ‬ ‫�ح‬
‫�م َم َصال ُ‬ ‫َحك ُُم ُه ْ‬‫ت ْ‬ ‫�م َم�ا َد َرا‬ ‫�م َي�دْ ِري َومن ُْه ْ‬‫َومن ُْه ُ‬
‫اس َ�أ ِل‬ ‫�ر َّ ِ‬ ‫ف�ي ِ‬
‫آخ ِ‬ ‫َق�دْ َأ ْخب�ر الم ْختَ�ار َع�ن ُظه ِ ِ‬
‫الز َم�ان َفا ْق َ�ر ْأ َو ْ‬ ‫�م‬
‫وره ْ‬ ‫ُ ْ ُ‬ ‫َ َ ُ‬

‫��نَ��صْحَ��ةٌ �َ نْ أَ �ْ�قَىَ ا ��لْ�ّ�َ َْ َ ُ َ شَ ٌْ‬


‫ِ ي�� ِ�لم�� � �ل� �سم� �و�ه�و����ِهي��د‬
‫ع‬
‫�و َم الإْ ِ ْحتِ�كَا ِم ا ْل ُم ْخ ِج ِ‬
‫�ل‬ ‫َوالأْ َ ْم� َن َي ْ‬ ‫اله�را‬ ‫�ي ُد ْن َي�ا ُ‬
‫ِ‬
‫َي�ا َم� ْن ت ُِر ْي�دُ ا ْل َع�دْ َل ف ْ‬
‫�ي ِم ْق َولِ�ي‬ ‫ِ ِ‬
‫�ي َصادق� ًا ف ْ‬
‫ِ‬
‫�ي ت ََران ْ‬
‫ِ‬
‫ن ُْصح ْ‬ ‫ْ�ك َت ْعنِ ْي ِف�ي َوكُ� ْن ُم ْس�ت َِمع ًا‬ ‫َد ْع َعن َ‬
‫�ق لِ�ي‬‫�ي ا ْل َّص ْب َ�ر َعمَّ�ا ُح َّ‬ ‫ِ‬
‫�م َع ّل ُم ْون ْ‬‫ُه ْ‬ ‫اإل ْهتِ�دَ ا‬
‫�ت َق ْوم� ًا ِم� ْن ُش� ُي ْوخِ ِ‬ ‫َجا َل ْس ُ‬
‫ِ‬ ‫�ال ِع ْل� ٍم َو ُه�دَ ًى‬ ‫�م ِج َب َ‬
‫اب َع� ْن ك ُِّل َول ّ‬
‫�ي‬ ‫َق�دْ َو ِر ُث�وا الآْ َد َ‬ ‫َرأ َيت ُُه ْ‬
‫ُ�و ُه ُح ًّب�ا لِ ْل َع ِل�ي‬
‫َب ْ�ل ُر َّب َم�ا َصان ْ‬ ‫ون َم� ْن َت َع�دَّ ٰى َو َب َغ ٰ‬
‫�ى‬ ‫لاَ َي ْش�ت ُُم َ‬
‫ِ‬ ‫لأِ‬
‫�ي ا ْل َع َم ِ‬
‫�ل‬ ‫�م ُو َّرا ُث� ُه ف ْ‬ ‫َن َُّه ْ‬ ‫�م َأ ْخَل�اَ ُق ٰط� َه ا ْل ُم ْص َط َف ٰ‬
‫�ى‬ ‫ُح َّجت ُُه ْ‬

‫‪134‬‬
‫�ل‬‫الم ْف ِش ِ‬ ‫ِ‬
‫�ن ا ْلشَّ�ن ْي ِع ُ‬
‫و َلو َث ِ‬
‫�ة ا ْل َّل ْع ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫�اع ِم� ْن ُد ْن َي�ا ا ْل َفنَ�ا‬
‫�ذ ِر الأْ َ ْت َب ُ‬
‫َف ْل َي ْح َ‬
‫�ل‬ ‫�د َأ ْو َم َث ِ‬ ‫�ت َأو َعابِ ٍ‬ ‫ِم�ن َقانِ ٍ‬ ‫�ل ا ْل ُه�دَ ٰى‬‫�ي َأ ْه ِ‬ ‫�ة ا ْلت َّْش ِ ِ ِ‬ ‫َأو َلو َث ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫�ريك ف ْ‬ ‫ْ ْ‬
‫�ق َج ِل�ي‬ ‫�ك َفا ْل َح ُّ‬‫ات الإْ ْف ِ‬‫ِم�ن ُش�به ِ‬ ‫ي�ر ا ْل ُم ْغ ِر ُض َ‬
‫�ون ا ْل ُب َل�دَ ا‬ ‫ِ‬
‫ْ َُ‬ ‫هم�ا ُيث ُ‬ ‫َم َ‬
‫وغ ِ‬‫وك لاَ بِ َش� ْط ِح ا ْلم ِ‬ ‫�ل ا ْلسُّ� ُل ِ‬ ‫َأ ْص ِ‬ ‫بِ َأحم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َش ٍ‬ ‫َوك ُُّل‬
‫�ل‬ ‫ُ‬ ‫�د‬ ‫ْ َ‬ ‫َقائ ٌ‬
‫�م‬ ‫�يء‬
‫�ذ ِل‬ ‫�ت بِا ْل ُع َّ‬ ‫�ن َوا ْلدُّ ْن َي�ا َغ َل ْ‬ ‫بِا ْلدِّ ْي ِ‬‫�ن َع َب َث ْ‬
‫�ت‬ ‫َفن َْح� ُن َب ْي� َن ِم ْحنَ َت ْي ِ‬
‫ِ‬ ‫�ط ا ْل ُمبِ ِ‬ ‫اك َت ْف ِر ْي ُ‬ ‫َ�ذ َ‬ ‫ِ‬ ‫اط َأ ْح َب ٍ‬‫إِ ْف َ�ر ُ‬
‫�ي‬ ‫ي�ر ا ْل َجدَ ل ّ‬ ‫�و ٰى ك َ‬ ‫�ي ا ْل َه َ‬
‫�اب ت ََم�ا َد ْوا ف ْ‬
‫ب ِ‬ ‫ِش� َيع ًا‬ ‫ِ‬
‫�ل‬ ‫الح َي ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ�روا َأ ْو َطانَن�ا ف ْي َم�ا َم َض ٰ‬
‫�ى َو َف َّر ُق ْون�ا‬ ‫َق�دْ َدم ُ‬
‫�ق َب ْي� َن السُّ� ُب ِل‬ ‫َاذ الأْ َنَ�ا َو َم ْر ِج� ِع ا ْل َّت ْف ِر ْي ِ‬ ‫�س ُأس�ت ِ‬ ‫ِ‬
‫اإل ْب َل ْي ِ‬ ‫َمطِيَّ� ُة‬
‫ْ‬
‫�ل‬‫فش ِ‬ ‫ب بِا ْل ِص�را ِع الم ِ‬ ‫ْ�ذ ا ْل َق ِد ْي� ِم فِ ْتنَ� ٌة بِي� َن ا ْلشُّ� ُع ْو ِ‬ ‫َار ْي ُخ� ُه ُمن ُ‬ ‫ت ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫�اب ا ْل َج�دَ ِل‬ ‫�ش َب ُ‬ ‫َو ِم ْث ُل� ُه ا ْلت َّْح ِر ْي ُ‬ ‫َف�ر ْق تَس�دْ َأس�اس َت ْف ِكي ِ‬
‫�ك ا ْل ُع َ�ر ٰى‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ل ُحكْ� ٍم َو َولاَ‬ ‫�س ِم� ْن َأ ْج ِ‬
‫�ي‬ ‫الم َرحل ّ‬ ‫َو ُس� ْل َطة ا ْل َم�ال ا ْل َذم ْي� ِم َ‬ ‫َتنَا ُف ٌ‬
‫�ؤ ْو ِن الأْ َ ْم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ�ل‬ ‫�ر َأ ْص ِ‬
‫�ل ا ْل َم ْقت ِ‬ ‫ك ُِّل ُش ُ‬ ‫�ي‬‫َوف ْتنَ�ة ا ْل َّت ْف ِر ْي�ط َوالإْ ِ ْف َ�راط ف ْ‬
‫�و َم ا ْل َم ْو ِئ ِ‬
‫�ل‬ ‫ِ ِ‬
‫�ي ٰه�ذه ا ْلدُّ ْن َي�ا َو َي ْ‬ ‫ف ْ‬
‫ِ‬ ‫اح َف ْظنَ�ا َو َس� ِّل َم ِد ْينِنَ�ا‬
‫َي�ا َر ِّب َو ْ‬
‫�ر ا ْبت ُِل�ي‬‫�ي الأْ َ ْم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َأ ْو َف َّر ُط�وا َفا ْل�ك ُُّل ف ْ‬ ‫تَك ْلنَ�ا ل َّلذ ْي� َن َأ ْف َر ُط ْ‬
‫�وا‬ ‫َولاَ‬
‫�ل ا ْل َع َم ِ‬ ‫�ار َأ ْه ِ‬ ‫�ه الأْ َ ْط َه ِ‬ ‫و َآلِ ِ‬ ‫اس� ُل ْك بِنَ�ا ِمن َْه ِ‬
‫�ل‬ ‫َ‬ ‫�اج ٰط� َه ا ْل ُم ْص َط َف ٰ‬
‫�ى‬ ‫َو ْ‬
‫�ي ا ْل َّط ِر ْي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ل الاِ ْقتِ�دَ ا‬ ‫وصحبِ ِ‬
‫�ه الأْ َ ْخ َي ِ‬
‫�ق الأْ َ ْم َث ِ‬
‫�ل‬ ‫َوا ْلتَّابِع ْي� َن ف ْ‬ ‫�ار َأ ْه ِ‬ ‫َ َ ْ‬
‫المك ََّم ِ‬ ‫َام ِ‬ ‫وك الك ِ‬ ‫�ل ا ْلسُّ� ُل ِ‬ ‫َأ ْه ِ‬ ‫ِ‬
‫�ل‬ ‫�ل ُ‬ ‫�و َر ٰى‬ ‫�م ا ْل َّر ْح ٰم� ُن َس�ا َدات ا ْل َ‬‫اه ُ‬‫َح َّي ُ‬
‫�ل‬‫�ي ا ِّت َب�ا ِع ا ْل ِع َل ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫�ب ا ْل َح َي�اة ف ْ‬ ‫�ى‬‫ُل َّ‬
‫ُ�ون َق َض ٰ‬
‫و ْليع ُذرنِّ�ي ك ُُّل م ْفت ٍ‬
‫َ ْ‬ ‫َ َْ َ ْ‬
‫�ي ا ْل ُم ْجت َِل�ي‬ ‫ف ا ْلح َّ ِ‬ ‫�ر ِ‬‫�م َي ْع ِ‬ ‫َفدَ افِ�ع ا ْلنَّظ� ِم ا ْعتِ َق ِ‬
‫�ق ا ْلنَّق َّ‬ ‫َ‬ ‫َل ْ‬
‫�اد َّي أنَّ� ُه‬ ‫ُ‬
‫�ت َع ِن ا ْلو ْع ِي ا ْلشَّ�تِي ِ‬
‫ت ا ْل ُم ْخ ِ‬
‫جل‬ ‫�ة َغا َب ْ‬‫�ة مدْ روس ٍ‬ ‫َأو أنَّ�ه فِ�ي ِخدْ م ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬

‫‪135‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫�و ٍح َج ِام ٍ‬ ‫ِ‬
‫�ل‬‫ُح َل ِ‬ ‫�م ت ْ‬ ‫�ي َذات�ه َل ْ‬ ‫َأ ْو ُع ْق�دَ ة ف ْ‬ ‫�ح َق�دْ َش�ا َب ُه‬ ‫�ي ُط ُم ْ‬ ‫َأ ْو ف ْ‬
‫�ي َق َب ِل�ي‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫َأ ْو‬ ‫�ي ُس� ْل َط ٍة‬ ‫اغ ٍ ِ‬ ‫َأو ِم�ن مص ٍّ�ل ر ِ‬
‫َطائف ٍّ‬ ‫�ي‬
‫َجاهل ٍّ‬ ‫�ب ف ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫ْ‬
‫�و ِل‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َأ ْو َم�ا َج َ�ر ٰى م� ْن ف ْتنَ�ة ا ْلت ََّح ُّ‬ ‫َ�ر ٰى‬ ‫اب َأ ْص ُ�ل َم�ا ن َ‬ ‫َو ٰه�ذه الأْ َ ْس� َب ُ‬
‫ُ�ر ُّذ ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َأو م�ا س�ي ْأتِي ِم�ن ِص�را ٍع َق ِ‬
‫َأو ح ِ‬
‫�ى الت ْ‬ ‫�ر ُي ْفض�ي إِ َل َ‬ ‫اض ٍ‬ ‫�اد ٍم‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ َ‬
‫الج ِل�ي‬ ‫�ق َ‬ ‫الح ِّ‬ ‫�ى َ‬ ‫َم� ْن َب َّي� َن األَ ْم َ�ر َع َل ٰ‬
‫�ى‬‫الم ْص َط َف ٰ‬
‫َ�ار ٰط� َه ُ‬‫الم ْخت ِ‬ ‫ْ�م بِ ُ‬
‫الخت ُ‬‫َو َ‬
‫�ار ٍق ُم ْس� َت ْق َب ِلي‬
‫َ�ى َع� ْن َط ِ‬ ‫ِ‬
‫�م َب�دَ ا ك ََم�ا َأت ٰ‬ ‫�ى َع َل ْي�ه ال ّٰل� ُه م�ا ن َْج ٌ‬‫َص َّل ٰ‬
‫�ار س�اد ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫�ل َوال َّت َبت ِ‬
‫ُّ�ل‬ ‫�ل ال َف ْض ِ‬ ‫الص ْح ِ‬
‫�ب َأ ْه ِ‬ ‫ال�و َر ٰى َو َّ‬ ‫َ‬ ‫ات‬ ‫َوآل�ه األَ ْط َه ِ َ َ‬
‫ِ‬
‫�و َم َج ْم� ِع ال ُّث َل ِ‬
‫�ل‬ ‫الر ْح ٰم� ُن َعنَّ�ا َأ َب�دً ا َخ ْي َ�ر َ‬
‫الج َ�زاء َي ْ‬ ‫َّ‬ ‫�م‬
‫َج َاز ُاه ُ‬

‫تمت منظومة الرضا‪ ..‬ونسأل ال ّٰله الرضا ‪ ..‬واللطف فيما يجري به القضا‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد ل ّٰله رب العالمين‬
‫يلي هذه المنظومة‬
‫منظومة (وال ينبئك مثل خبير)‬

‫‪136‬‬
‫� ن ظ �� ��ة‬
‫�و�م‬
‫م�� �‬
‫��ن ئ� ك ��م��ث�� �خ‬
‫�‬
‫�‬‫�و� ال ي �ب���� � �ب�‬
‫ل ير‬
‫ُ‬ ‫ف‬ ‫آ ف‬
‫�ع�� ن � ث ا� را �ل�����ع��� �ورد ا �ل�����ع��� �ح�و �� ما� ����ش ا� � �ع�� ن ���و ا �ل��غ���در�‬
‫ل ل ي ع �ي م ي‬ ‫ل‬ ‫�‬
‫َ�ة شَ َّ��ةٌ تَ ْ َّ��ةٌ ْ �خ َ � �تَ ْ � �قَ ف �قْ � تََُّ َ‬
‫حّ ��ل�ا �ت‬
‫�‬
‫�‬ ‫ل‬
‫�‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ا‬
‫�‬ ‫ن‬ ‫�‬ ‫ي‬
‫�‬ ‫�‬ ‫ل‬‫�‬
‫�‬ ‫�‬
‫ع‬‫�‬‫�‬ ‫�‬ ‫ْ‬ ‫�‬
‫�ق ٌ‬
‫�‬
‫� ِ ِ �و ِ‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ِ َار ء �رِ ي ِ � ِ ي ِ � ِ ل ِل بِ ي ِ‬
‫�‬ ‫�‬ ‫�‬‫ط‬‫�‬ ‫�‬‫�‬ ‫م‬ ‫�‬ ‫�م‬ ‫�‬ ‫ع‬ ‫�‬
‫َ لَ ٰ َ �ق�ف ا �ل�ُ ْ �ل نَ ا �ل�ُتَ َ ا ضَ��ة َآثَا هَ ا � ّ َ ا َّ��ة � �ٱ ْ��تَا � َّ��ة‬
‫�� ِ � �وَ�� ِر� � ا �ل�ِ�سي�� �ِ�سي�ِ �َاو �لِ� جِم� ِعي� ِ‬ ‫�ع���ى� �مَاو ِ� ِ� م��سِ� ِ�م��ي� م��ع� ِر�‬
‫َ‬
‫َ ْ َا�ز َ ْ �ق ف أ ْ ا ��ل�نََّ � � �أ ْ َ � �ف�َ ا َ َ َ ا َُ ُ‬
‫�إِ�و ب�ر ِ � �موِ�� ِ� � ��ه�ِل �م��ِط ا �ل� �و��س ��ِطِيم� دَا ر �و�م� �ي��د �ور‬
‫� ًا �َ �ُم�ْ�ستَ���قْ �بَ� ًل�ا‬ ‫ا‬ ‫َثَ�َ ت �ذٰ � � َ َ ا ض ًا َ َ‬
‫ح� ِ�ض ر و‬ ‫� ِ�ل�ك �م� ِ�‬
‫��ي�� �و�‬ ‫�و�م َار ِ‬

‫� ���قَ��َ �خَ� ا د � ا ��ل َّ��س��َ�لف‬


‫�‬
‫ِ�‬ ‫بِ ِل�م ِِم‬
‫أ �� ����ك � ن�� � �ع�ل� ل��م��� ��ش‬
‫�ب�� ب را ل��ع��د �� ا ب � ن� �� ا �ه�ور‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ٱ‬
‫� � َ ٰ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫طف� � ل ّلهُ �ب�ِه‬ ‫�ل�� �‬
‫ِ‬

‫‪137‬‬
‫�﷽‬
‫ت‬
‫م‬ ‫�‬
‫��ه�ي��د‬
‫احلم�د لريب عىل مدى األزمان ‪ ،‬والصالة والسلام عىل س�يد ول�د عدنان ‪ ،‬حممد‬
‫بن عبداهلل رس�ول اإلنس واجلان ‪ ،‬واملبعوث هداية ورمحة لكل الذوات واألجناس‬
‫واأللوان ‪ ،‬صىل اهلل عليه وعىل آله وأصحابه أئمة اهلدى واإليامن ‪ ،‬وعىل التابعني هلم‬
‫بإحسان ‪.‬‬
‫وبع�دُ فقد بلغ الس�يل الزبا ‪ ،‬وارتفعت أصوات المس�لمين ض�د بعضهم البعض‬
‫بعد تفرقهم كأيدي س�با‪ ..‬حيث أخذ الصراع الطائفي دوره اليوم في مس�ير الحياة‬
‫الصراع‬
‫َ‬ ‫الدور قبله بسنوات‪ ،‬وقد رأينا من قبل ذلك‬
‫َ‬ ‫االعتقادي‬
‫ُّ‬ ‫الصراع‬
‫ُ‬ ‫بعد أن أخذ‬
‫الطبق�ي ف�ي محيط األوط�ان يحصد المئ�ات ويش�غل الفئات‪ ،‬وكان�ت ثمرة هذه‬‫َّ‬
‫األدوار المتالحقة زيادة الغربة والش�تات ‪ ،‬ولم يتحقق في كل مرة هدف وال غاية‬
‫ما عدا ما شهدناه من تدخل األعداء ‪ ،‬وتمكنهم في كل جولة من وضع أيديهم على‬
‫الرقاب والثروات‪ ،‬وامتالكهم مواقع القرار وأس�باب االس�تقرار بسياسة خبيثة من‬
‫شجرة خبيثة ‪ ،‬كما قال تعالى‪( :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) [إبراهيم‪.]26:‬‬
‫وكأني باآلية الكريمة تشير إلى هذه األمة التي نزع منها قرارها وسلب استقرارها‬
‫ِ‬
‫المنصوص‬ ‫ِ‬
‫التوس�يد‬ ‫ِ‬
‫بسياس�ة‬ ‫‪ ،‬وغزي�ت بلي�ل في أعز ما تملكه وتتمناه ‪ ،‬و ُمنحت‬
‫ِ‬
‫الخيان�ة‪ ،‬حتى تج َّيش المس�لمون في مراحل‬ ‫ِ‬
‫سياس�ة‬ ‫َ‬
‫وش�مول‬ ‫ضياع األمان َة‬ ‫عليه‬
‫َ‬
‫الغث�اء ضد بعضهم البعض‪ ،‬ودفع بهم إبليس نح�و التنافس والتحريش في الطول‬
‫والع�رض‪ ،‬فاكتس�بوا صفة التنم�ر والتحدي فيم�ا بينهم‪ ،‬كما خل�دوا إلى األرض‬
‫واس�تتبعوا أهواءه�م في ش�أن العالق�ة بثقافة وسياس�ة واقتصاد وإعلام أعدائهم‬
‫عل�ى غي�ر تمييز وال تثبت وال تمحي�ص ‪ ،‬فهم بهذه الثقافة السياس�ية واالقتصادية‬
‫واإلعالمي�ة يتعلم�ون ويعلم�ون‪ ،‬ويدفع�ون بأبنائه�م وبناته�م في مس�ارب جحر‬

‫‪138‬‬
‫الض�ب يتأهل�ون ويتخرجون و ُيس�تخدمون ويخدم�ون ‪ ،‬فتراهم في واق�ع الحياة‬
‫المعاصرة غربيين شرقيين ‪ ،‬وتسمعهم في واقع الديانة عصبيين طائفيين متعصبين‬
‫‪ ،‬يتجه�زون بين الفين�ة والفينة من خالل واقع الخدمات‪ ،‬وم�ن داخل أقبية البنوك‬
‫والمؤسس�ات لحرب ش�عواء تأكل األخضر واليابس(((‪ ،‬قوا ُمها عن�د ٍ‬
‫فريق مندف ٍع‬
‫ِ‬
‫الس�لفية‪ ،‬ومن خلفهم‬ ‫ِ‬
‫مظاهر‬ ‫تقويض‬
‫ُ‬ ‫فريق منتف ٍع‬ ‫مس�خ المعال ِم الصوفية ‪ ،‬ولدى ٍ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫لمس�خ الجمي�ع خالل معركة الوالء آلل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مس�تجدَّ ُة الفكرة والرؤى تُعدُّ ال ُعدَّ َة‬ ‫فِ َر ٌق‬
‫البيت المظلومين وآل محمد ‪ m‬المحرومين برعاية مشبوهة عالمية‪.‬‬
‫ويتلفت المتأمل إلى الظالمين في رحلة التاريخ فيجدهم قد ذهبوا أدراج الرياح‪،‬‬
‫ومثله�م المظلومون األوائل قد انتقلوا بمظلمتهم إلى عالم المس�تراح‪ ،‬فما يدري‬
‫المس�تبصر المعاصر َمن هو المتهم بالخيانة اليوم ليقام عليه الحد الش�رعي‪ ،‬ومن‬
‫عني بحمل األمانة ل ُيس�ار خلفه بش�اهد قطعي‪ ..‬في زمن أجمعت أدلة الفقه‬ ‫الم ّ‬ ‫هو َ‬
‫النب�وي الصحيح�ة أنه عصر فتنة واس�تتباع وغثاء واندفاع وانتفاع ‪ :‬قادتُه األش�ياع‬
‫مستثمره الكافرون المستعمرون والمستهترون أولو الحقد واألطماع‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫واألقماع‪..‬‬
‫المبدئي هزيم ُة المسلمين في معركة الصمت‬ ‫ُّ‬ ‫وغرضهم‬ ‫ُ‬ ‫األصلي اإلسالم‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫عدوهم‬ ‫ُّ‬
‫والكالم‪ ..‬واحتواء األسباب الوضعية والشرعية لتهيئة العقول والقلوب واألرواح‬
‫واألجساد‪ ،‬لمشروع «فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل ـ فيها ـ مؤمنا ويمسي‬
‫ض ِم َن الدُّ ْن َيا»((( فيرتبط أولها‬
‫يع ِدينَ ُه بِ َع َر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كافرا َأ ْو ُي ْمس�ي ُم ْؤمنًا ‪َ ،‬و ُي ْصبِ ُح كَاف ًرا ‪َ ،‬يبِ ُ‬
‫مقتل الخليف�ة المصطبِر عثمان ؤ ‪ ،‬ومنذ تخلي‬ ‫بآخره�ا وآخره�ا بأولها ‪ ،‬منذ ِ‬
‫اإلمام الحسن ؤ عن كرسي خالفته تارك ًا زمام السلطة إلى غيره‪ ،‬ومنذ إثبات‬
‫اإلمام الحس�ين ؤ شجاعة آل البيت في مواقفهم المصيرية ومقتله بين تخاذل‬
‫المحبي�ن الثرثارين وخيان�ة البغاة القتل�ة المبغضين‪ ..‬مؤكد ًا نهاي�ة النصرة بمقتله‬
‫وأهل بيته المظلومين‪..‬‬
‫علي‬ ‫و َأ َّو ُل َم�ن علم ذلك ووعا ُه وأش�اح عن ِ‬
‫خطره بمعناه ومبناه إما ُمنا الس�جا ُد ٌّ‬
‫والش ِ‬
‫�عار‪ ،‬ولكنّه‬ ‫ِ‬
‫المطلب ِّ‬ ‫ِ‬
‫وإقامة‬ ‫زي� ُن العابدي�ن ؤ الذي كان َم ْعنِ ّي ًا بأخذ ِ‬
‫الثأر‬

‫((( ملح�ظ ه�ام هنا في قوله‪( :‬ح�رب) حيث أوعد الله تعالى آكلي الربا بالحرب المش�ار إليها‬
‫كثمرة من ثمرات أكل السحت والحرام (ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ) [البقرة‪. ]279:‬‬
‫(((رواه مسلم (‪.)120‬‬

‫‪139‬‬
‫رس�م آلل البيت مدرس َة السلامة ‪ ،‬وكان خير قارئ للداللة والعالمة فا ْغ َتن ََمها في‬
‫س�بيل االقتداء واالهتداء‪ ..‬وكان درس�ا لمن (ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬
‫ﭫ) [اإلس�راء‪ ، ]19:‬فل�م يجي�ش أحد ًا على أحد في ذكريات آبائ�ه‪ ،‬ولم يقم مأتم ًا‬
‫أو دعا إليه أو أوصى به لنصرة المظلومين في ذلك اليوم الخطير على مدى مسيرة‬
‫حياته‪.‬‬
‫صراع‬
‫ٌ‬ ‫وإنم�ا حقيق� ُة األمر لم�ن أراد الحقيق� َة أن مبتدأ ه�ذا التركيب السياس�ي‬
‫مفتع�ل بي�ن فئتين ال عالق�ة آلل البيت األكاب�ر بهما وال بثمراتهم�ا ‪ ،‬إال من حيث‬ ‫ٌ‬
‫نسبة األمر إليهم ‪:‬‬
‫الم ْف ِرطِين الغالة‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ *إما على َأ ْلسنَة فئة ُ‬
‫الم َف ِّرطِين البغاة‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ *أو التلبيس عليهم َبأ ْلسنَة فئة ُ‬
‫وه�ذان الفريق�ان هما اللذان اكتس�با الق�درة على الحرك�ة بين مالِ ٍ‬
‫�ك للقرار أو‬
‫معارض له‪ ..‬وهما في قراءة تاريخ النصوص معلومون صف ًة وحاالً وشعار ًا‪ ..‬وال‬‫ٍ‬
‫َ‬
‫مأخذ‬ ‫يخرج عنهما إالّ المخدوعون المستغفلون الذين تأخذ بهم المحبة الجامحة‬
‫االس�تتباع‪ ..‬أو جماع ٌة من س�ادة الصلح وبقية الس�يف اجتهدوا فثاروا على الظلم‬
‫واستشهدوا في سبيل الله‪ ..‬وال يقاس عليهم أحد من األطراف المتعارضة ألبتة‪.‬‬
‫بناء ُم ْس�ن ٍَد للتعرف على المخرج الصحيح‬‫عمل ومش�روع ٍ‬‫ومقدمتُنا هذه قاعد ُة ٍ‬
‫ُ‬
‫ب‬ ‫وليست معارض ًة ِ‬
‫لمح ٍّ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫الذي اتخذه فريق النمط األوس�ط إلنقاذ ما يمكن إنقاذه‪،‬‬
‫ٍ‬
‫لمبغض منتفع‪.‬‬ ‫مندف ٍع وال‬
‫فالمندفع ال يرجع إال بعد أن تصيبه العوارض واألسباب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ *‬
‫ *والمنتفع ال يرغب في الس�ماع وال في العود إلى الصواب‪ ..‬إال‬
‫بعد انقطاع عوامل االكتساب‪..‬‬
‫والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس ال يعلمون‪.‬‬
‫ِ‬
‫المسند يقوم على أربعة ثوابت‪:‬‬ ‫إن قاعد َة ِع ْل ِمنَا ومشروع ِ‬
‫بنائنا‬ ‫َ‬

‫ *مواقف اإلمام علي ‪ v‬من الفتن‬

‫‪140‬‬
‫ *مواقف اإلمام الحسن ‪ v‬من الفتن‬

‫ *مواقف اإلمام الحسين ‪ v‬من الفتن‬

‫ *مواقف اإلمام علي زين العابدين ‪ v‬من الفتن‬


‫وقد أشرنا إلى هذا المشروع بثوابته العلمية والعملية في هذه المنظومة ‪ ،‬فمن أراد‬
‫االقتداء واالهتداء بهؤالء األئمة فبابه مفتوح ‪ ،‬ولكل إمام مدرس�ة ومنهج وتطبيق‬
‫ونتيج�ة ‪ ،‬وم�ن أراد غير ذلك فال ننازعه في أخ�ذه ومواقفه ‪ ،‬وإنما نقول‪( :‬ﭪ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ) [البقرة‪..]148:‬‬

‫أبيات ش�عري ٌة نظمتُها على غرار المنظومات التعليمية‬


‫ٌ‬ ‫وإنما نقول للجميع‪ :‬هذه‬
‫الركن الراب ِع من أركان الدين‪ِ ..‬‬
‫ركن المتغيرات‪ ..‬في إحدى‬ ‫ِ‬ ‫‪َ ،‬ض َّمنْتُه�ا ِو ْج َه َة ِ‬
‫نظر‬
‫مسائل االختالف‪.‬‬

‫والمعل�و ُم أن قضي َة آل البيت ـ ومنها يوم الغدير وما ترتَّب على هذا األمر ـ جز ٌء‬
‫ِ‬
‫بالش�خوص‪..‬‬ ‫والمواقف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫بالمواقف‬ ‫النصوص‬ ‫م�ن علم فقه التح�والت‪َ ..‬فر َب ْط ُت‬
‫َ‬
‫وأس�قطت عن كاهلي مس�ؤولي َة العلم الذي َأ ْع َل ُمه في مثل هذه المسألة التي َأ ْث َبتُّها‬
‫ُ‬
‫تش�كلت بين‬ ‫ْ‬ ‫هن�ا ال من واقع تفس�ير األح�داث ‪ ،‬وال من مواق�ف االختالف التي‬
‫الفريقين في كتب التراث ‪ ،‬وإنما بلغة القراءة الجامعة للثوابت والمتغيرات‪.‬‬

‫وه�ي الق�راءة التي أهمله�ا الكثير من حمل�ة العلم‪ ،‬واس�تعاضوا عنه�ا بالقراءة‬
‫األصولي�ة للثواب�ت دون المتغي�رات‪ ،‬فج�اءت المخرجات لحدي�ث جبريل على‬
‫الصف�ة التي نعانيها جميعا ‪ ،‬وال زال حديث أم الس�نة يتيما عن أحد أركانه األربعة‬
‫حت�ى اليوم ‪ ،‬وس�يظل الحرج مصاحب�ا لنا في قضايانا المصيرية حت�ى نفقه القراءة‬
‫النصية ألركان الدين األربعة مجتمعة ال متفرقة ‪.‬‬
‫والله من وراء القصد‪..‬‬
‫المؤلف‬
‫جدة ‪ 18 -‬ذي الحجة ‪ 1434‬هـ‬

‫‪141‬‬
‫َ‬
‫��ن� ّ ا �ل��مُْ�تَ���ق �أ�ْ �جَ� ا ��ل�ُع� َل�ا‬
‫َ لَ ٰ � َّ‬
‫�‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫�َا َ �َّ َ َ ّ َ َ �ّ ْ �أَ�زَ �ًا‬
‫���ص�ل �و����سِ�ل� �ل�‬
‫� رِ�ي� و‬ ‫�‬ ‫ب‬
‫� �ى ِ ي ِ‬
‫�‬
‫�‬ ‫ع‬ ‫�‬
‫�‬
‫م‬ ‫� ِ‬ ‫ي� رب���نا �‬
‫� َْ ا �� َ� َّا �َمنْ� ُ �� ا �� َ �َ ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫��صَ أَ ْ � ْ � فَ‬ ‫� �آ � � �أَ ْ‬
‫�‬ ‫�‬
‫�صِ� �‬ ‫�‬
‫�َاو �ل� �ِل �َاو �ل� ح ا ب ِ‬
‫� � ��ه�ِلا �لِ�إ� �‬
‫� ��و ِص ل�و �ل�‬ ‫�و ح ي��د ِر لكر ِر ص‬ ‫ط��‬
‫ً‬ ‫�ٱ ��ْ�ٰ ُ َّ صَ ّ �عَ لَ ٰ �سَ ّ نَ �ُ�مََّ َ �عَ لَ ٰآ�� �سَ ّ نَ �ُ�مََّ َ سَ �ّ ْ �تَ ْ���س��ل�ً‬
‫َ�ثي�را‬
‫ك‬
‫ِ‬ ‫ل�ل���ه� ����ل ����ى�� ي� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و����ى� ِل �� ي� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و���ِ�ل� � ِيما‬
‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫م ِ‬

‫َ‬
‫�َ �أ �َّ �ًا‬ ‫َ لَ ٰ � َ آ ً‬
‫��ع��� ا �لِ�ع��با ِد � �‬ ‫�ض� َل�ا‬‫�تَ ف��َ���َّ‬ ‫�َ ْ ُ ّٰ �َّ��ذ‬ ‫ا �ل‬
‫و و �ل�‬ ‫��خرا‬ ‫�ِ‬ ‫�‬
‫���ح�م�د لِلِه ا �ل�ِ ي�‬
‫ى‬
‫ُ‬
‫طَ ٰ �َم نْ �أ ْ ��س� َل�ا‬ ‫َ لَ ٰ ا ��ل�نَّ ّ ا �ُ ْ َ‬ ‫ا �� �ُق ْآ نَ َ �ْ‬ ‫َ أَنْ�زَ َ‬
‫�ص��� ف‬ ‫�يا �ثَ�ا ��ت�ً�ا‬
‫ح�ً‬ ‫�‬
‫��لم� ��ى � رِ‬ ‫�‬ ‫�ع�� ب�‬
‫�ى ِ ي ِ‬ ‫بِ‬ ‫� �و � ل ل� �ر � �و‬
‫ً �ُ�خََّ َ‬ ‫َ َ ً‬ ‫ها د �ً�ا‬ ‫�ُم��بَ��ّ���شًا �َ �ُم ْ��ن��ذ ًا �َ ��َ‬
‫�شا ِ�ه�د ا �َو دَا ِ�ع��يا �م�ولا‬ ‫�و ���‬ ‫ِ ر و ِ ر و ِي‬
‫َ‬ ‫ا � �ذْ ن نْ َ ْ �َ ا ُ � ا نْ َ ْ‬
‫حَا � هُ ا �ل�ُم�ْ ��� ا ���عَطَ �� ا ءَ ا � �أ ْ��زَ �َ ا‬ ‫ُْ‬
‫�س��‬
‫عط�� ل �� �ل� ج �ل�‬
‫ِي‬
‫نَ�‬
‫�‬ ‫�‬ ‫�� ب‬ ‫�غ�ي�ر ِه‬ ‫�م � ه �م‬
‫بِ� �لِ�إ� ِ� ِ � �مو �ل� �ل� ِ � �� ِ‬
‫�‬

‫�ما ن ا ��ل� ��ْ��ت� َل�ا‬ ‫َا نَ� َا هُ ��ف �زَ � َ‬ ‫�ّ‬ ‫َبَ ْ ُ فَ�ٱ ْ �َ ْ أَنََّ �ف َ ْ‬
‫ِ ِ�إ ب ِ‬ ‫�‬ ‫ِ�م�م ر ي�‬ ‫�‬ ‫�‬
‫�و�ع�د � ��ع�ل�م � ����نا �ي� �ح�ي رَ�ةٍ‬
‫�� �‬
‫ُ ّ أَنَ ّ تَ لَ‬ ‫َ‬
‫� �ُم ْ���� ٰ‬ ‫�َو�ف� ْ��ه� �ك� � � �� �‬
‫َ‬ ‫َ ش َّ�ة � �أَ ْ�خ ��ذ �أ فْ َ ا � َ َ� ٰ‬
‫ِل ِو ي ٍ ب �ى‬ ‫ِم‬ ‫�و�ِ���د ِ ا �ل� �� ِ �بِ� ��ك� ِرا �ل�ه�وى‬
‫َ‬
‫أ ن�ُ �ذَ � ��لتّ ْ ش حَ ْ ُ‬
‫�نَ�زَ �َ ا‬ ‫ث‬ ‫ا ��‬ ‫�م نْ �ُ فم�ْ ��� �َ��قُ ُ هُ ا �� َّل���طْ�ُ � ��لَ ٰ‬
‫حر���� �ي�� �ل�‬ ‫� �‬
‫�م‬ ‫ع إِ �ى‬ ‫ب�‬ ‫ِ � �ر ٍط ي ��ود‬
‫و ِ�ج ِي ِ‬ ‫ِ‬
‫��ف�ع� َل�ا‬‫ُ نَ ا ف ً � َ ْ ُ نْ َ‬ ‫�‬
‫ا‬ ‫أَ ْ َ نْ َ ٰ � ّت ف َ � ف ْ كَ‬
‫َ‬
‫أ‬ ‫ْ‬‫َ‬ ‫نَ‬
‫�م�� ِ����سا ِ�ل���غ�ي�ِرهِ �م ��� ِ‬ ‫�� ِ�م�ِه‬ ‫ح�‬ ‫ح� ا �ل ��� �ر� ��ط ��� � �‬ ‫�‬
‫� �و م� �ى ِي ي‬
‫ُ‬
‫�م� َل�ا‬
‫�ص�ْ�ره �بَ��ْ نَ ا �ل�َ‬ ‫�م نْ �� ْل���ط�ف��ه �َو� َ‬ ‫�َ تَ� ْ�ك �َم�ا �قَ ْ�د �جَ��ا ءَ َ�ع نْ ��نَ���ّ َ‬
‫��نا‬
‫بِ ِ ي�‬ ‫ِ� ِ ِ‬ ‫� ِبِي‬ ‫ور ِ‬

‫‪142‬‬
‫ُ ْ تَ‬ ‫َف عَ ْ ٰ � َ َ ْ فَتْ‬
‫�ْ�ج�م�ًعا �شُ��ُ� َ ���ط َ�ع ْ�د ��ل �َ�ٱ ْ�عت�� َل�ا‬ ‫�‬
‫�‬ ‫�م���س‬ ‫�َ �� َ‬
‫��نا‬ ‫�صُر ���ط�ه �ع�صُر ���‬
‫�‬ ‫��� �‬
‫ٍو ِ‬ ‫رو‬ ‫� ِ‬ ‫وبِ‬ ‫ٍ‬
‫ح‬
‫�ُ نْ��َ ا �نًا َ َ َ �َ ن�ْ�ز �َ ا‬ ‫َ أَ َّ‬ ‫�قَ ً‬ ‫فَ ف أَ ْ سَ ٰ �ُ ْ � فَ‬
‫� �و ��س ب� ي�� � �و����شا د م�ِ �ل�‬ ‫��َاو ِ�ع�د ا‬ ‫َ� ٰ‬ ‫�ِ���ي��ِه � ر���ى ا�لم�‬
‫�ص�� �‬
‫��ط�ى‬
‫ك�م� َل�ا‬ ‫َ ف ْ �ُ ُ تَ ْق ُ ُ قَ ْ أُ ْ‬ ‫ثَ ٌ‬ ‫�قَ ٌ‬ ‫َ‬
‫�ُ�سنّ��تُ��هُ ا ��ل��َ‬
‫��غ َّا ءُ‬
‫ِ‬ ‫�وِ����ع�ل�ه � ���ر�ره ��د �‬ ‫��ْو�ل ��ا �بِ� ت�‬ ‫ر‬
‫ِي‬
‫َ‬ ‫بَ ْ‬
‫ها دَ ��ل�ا ��لَ��ةٌ ��ل��ل�ُ���ع�قَ� َل�ا‬
‫ِ‬ ‫�َ �مث�ْ��ُل�َ‬ ‫�فا‬ ‫ها �َ�مَا �ق���ً‬ ‫�َ�زَا دَ �نَ�ا �م نْ ��ي�� ن���َ‬
‫وِ �‬ ‫وِ‬ ‫ِ� ِ‬ ‫و‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫��تُ ُ �أ�ْ َ ا �� � ّ � ن �ف �شَ �أ ن ا �� َ �َ ا‬ ‫ّ‬
‫�ض��‬ ‫َ� نْ � �تَ َ حَ� �ُ‬
‫�صي�� ب� �ه�ل ل�ِدي ِ� �ي� ��� ِ� ل�و �ل�‬ ‫ِ�‬ ‫ع� ِ�ف� نٍ� �إِ�و نٍ� ِ َ��ةٍ‬
‫ل‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫م‬
‫أَ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫�ص� َل�ا‬ ‫ح��د �� ث� ��ْ� ���َ ا ��ل���ذ �� �تَ�� � َّ‬ ‫َ‬ ‫�َ�مُْ َ��ةً �ف � � �أ ْ َ ا ن � نْ‬
‫� ِ ي ِ ِ�ج بِري ل ِ ي‬ ‫ع ا �ل� رك ِ� ِ �‬
‫م‬ ‫�‬ ‫�مو�ع �ي� رَا ب��‬
‫ِ‬ ‫ج �‬
‫�ُ ْ َا ��ل� �ْ َ �َم نْ �قَ ْ �بََّ �َ ا‬ ‫��ف� ا �ل‬ ‫�فَ َ ْ ُ هَ ا ُ نْ � َ َ� نْ �نَ �ق‬
‫حك� �و ِع�ل� �و � �د ��د �ل�‬
‫ِم ِم‬ ‫ي‬ ‫�د ر��س�� �ي���بِ�ي��ك ع� ��َاو ِ ضٍ�‬
‫�‬‫�‬‫�‬
‫َ‬
‫��نا ا ��ل�ع��لَ� َل�ا‬ ‫نَ � ُ َ ٰ أ‬
‫ى �َ � �ْ َ ��ثَ��تْ َ‬ ‫قَ ْ فَ َّ ��قَ تْ‬ ‫َ � ثْ�ُ َ نَ�قَ �ئ ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِدي�� ا �ل�ه�د � و و ر‬ ‫ها � �� �ا �ِ ض��� ��د �ر �‬ ‫�وِم��ل��‬
‫���ا �نُ�� ا ��بَ� َل�ا‬‫شَ تَّٰ حَ� ْثُ اَ َ‬ ‫َ نْ ُ َ نَ�زَ ُ‬
‫�‬
‫ك‬ ‫�‬
‫�بِ� �ل��نا ��ِس �����ى ي�م� و‬
‫ا � َّ‬ ‫عوا‬ ‫�عا �ةٍ � � �‬ ‫�ي���ل �ع� د �‬ ‫�ي�� ًل�ا بِ ج�‬
‫جِ�‬
‫ِ ٍ‬
‫�َ َ �َ ا‬ ‫�‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫َ �َ ا ٱقْت ً بَ ْ أَقَ‬ ‫�ع�مَ� ًل�ا‬ ‫�لَ ْ َنْ َ ُ نَ ْ ُ‬
‫��جَ ا ��ل�شّ�� ُ���خ� ��َ‬
‫�ج�د �ل�‬ ‫�‬‫�و �ل� � �ِ��دَا ء ��� � �� � �م او ا ل‬ ‫��وا ��ه‬ ‫��م ي����جه‬
‫ل‬ ‫ي وِ‬
‫لَ‬ ‫�عَ� َل�ا �قَ�ةَ ا ��ل� � ْ�س� َل�ا‬ ‫ف � َّ � � ّتَْ َ ا � حَ� تَّ ٰ جَ َ ُ‬
‫ح�قْ�دًا �َو��ق�� ٰ‬ ‫��� ا ل‬
‫ِ �ى‬
‫�‬ ‫�‬ ‫ِم ِ‬ ‫�‬ ‫ِ�إ‬ ‫��ع�� �ل او‬ ‫ح� �ِل �ى �‬ ‫ح ��ِط �َاو �ل��ر�‬ ‫�‬
‫ي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫�َ ا َ ش نُ أ ْ �أ ْ أ شْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ �نَ ظَ � ً ف � َ ْ أ ْ تَ َ ُّ‬
‫َ� َل�ا‬ ‫��ً‬ ‫� � �و � ��بر �‬ ‫� � � ا ��‬
‫ِب�م� ي�ِ�����ي� � �و �بِ� �مر � ���ك‬
‫ٍ‬
‫صا‬ ‫�و �� ار �ي� لعي� ب ِ‬
‫َ‬
‫�َمنْظُ ��� �هْ ��ن ��َ �َ �ُ ْ �ُ ّ � ا‬ ‫حَ� تَّ ٰ �غَ َ ْت َ ُ � ْ َا �ف‬
‫�ورِ � ِ ���ظا حك� ب� ِ�د �ل�‬
‫ٍم‬ ‫م‬ ‫ِم‬
‫��‬ ‫�ح�ل ا �لِ�إ� ��س�ل�ِ�م �ي�‬ ‫�ى ��د � �م َار ِ�‬
‫َ‬
‫�ص َا �ًعا �ُم�ْ�ستَ��د ��مً�ا �ُم�شْ���غ�� َل�ا‬ ‫�‬
‫�‬ ‫ْ‬ ‫�‬
‫تَ‬
‫ً‬ ‫َ �أ ْ َ �ثُ ا �َ �ذْ هَ� بَ�� ُ ْ �َ َا � �ق‬
‫ِ‬ ‫ِي‬ ‫ِ�ي� ِ� ر‬ ‫�‬‫ك‬ ‫ح‬ ‫�و �و ر��و م� ��ه�م �مو ِ���فا‬
‫َ‬ ‫َ نَ� ْهُ َ �ف َ أَ شَ ْ نَا هَ ا ُ‬
‫��� َل�ا‬ ‫أ نْ نَ َْ �غ طَ �� � قَ َ ْ �� �فُ ض ّ‬ ‫َ‬
‫� � ��ب�����تِ��� � ر ��� �ع�د ٍل �ِ�‬ ‫�و� ج���نا ِ ���ي�ما � ���ر �� � � �ه��نا‬
‫ي ِي‬

‫‪143‬‬
‫�ص� َل�ا‬ ‫َ َ ا � هُ � نْ �ُ�م ْ �مَ �قَ ْ �فُ ّ‬ ‫�ا نَ �ف فَ ْ � ُ ْ‬ ‫فَ كَ‬
‫��ج� �ل �د �ِ�‬ ‫�و�م� �لَ� ِم� �‬ ‫�ه� ِلر�ك رَا ���‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫��� �‬ ‫�‬
‫ٍ‬ ‫نٍ� بٍِع‬ ‫� ي� � ٍم‬
‫� ا ��لك� َا � ا ��لنّ�ُ�بَ� َل�ا‬ ‫ه‬
‫� َّ ْ ف نَ ْ‬
‫�‬ ‫�‬‫�‬ ‫�‬‫��س‬ ‫ل‬ ‫�‬ ‫َا‬ ‫�‬
‫�َج ًا � �ْ ُ َ ٰ‬
‫�‬ ‫�د‬ ‫ه‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫�‬‫ل‬‫�‬ ‫�‬‫ع‬‫�‬
‫�‬ ‫�م‬‫�‬
‫ْ‬
‫�َ�ا َر ّ� �َوف�ّ���ق نَ��ا ��‬
‫ر‬ ‫ِ‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫و‬ ‫ى‬ ‫�‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ي بِ ِ‬
‫ِم‬ ‫�ج‬‫ي ِر ي ِ‬
‫َ‬
‫��ن� ّ ا �ل��مُْ�تَ���ق �أ�ْ �جَ� ا ��ل�ُع� َل�ا‬ ‫َ لَ ٰ � َّ‬
‫�‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫�َا َ �َّ َ َ ّ َ َ �ّ ْ �أَ�زَ �ًا‬
‫���ص�ل �و����سِ�ل� �ل�‬
‫� رِ�ي� و‬ ‫�‬ ‫ب‬
‫� �ى ِ ي ِ‬
‫�‬
‫�‬ ‫ع‬ ‫�‬‫�‬
‫م‬ ‫� ِ‬ ‫ي� رب���نا �‬
‫� َْ ا �� َ� َّا �َمنْ� ُ �� ا �� َ �َ ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫��صَ أَ ْ � ْ � فَ‬ ‫� �آ � � �أَ ْ‬
‫�‬ ‫�‬ ‫�‬
‫�صِ�ط��‬ ‫�‬ ‫ا‬
‫� �ه�ِل �لِ�إ� �‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬
‫�َاو �ل� �ِل �َاو �ل� ح ا ب ِ‬
‫���و ِص ل�و �ل�‬ ‫و ح ي��د ِر لكر ِر ص‬
‫ً‬ ‫�ٱ ��ْ�ٰ ُ َّ صَ ّ �عَ لَ ٰ �سَ ّ نَ �ُ�مََّ َ �عَ لَ ٰآ�� �سَ ّ نَ �ُ�مََّ َ سَ �ّ ْ �تَ ْ���س��ل�ً‬
‫َ�ثي�را‬
‫ك‬
‫ِ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ل�ل���ه�م ����ِل ����ى�� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و����ى� ِل �� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و���ِ�ل� � ِي‬
‫م‬
‫نظ‬
‫� �ه��ذا ا�ل�������‬
‫ا� �ع� ث‬
‫ب‬
‫�ْثَ�ة � َ ْ� �َّ��ذ � سَ ا َ � اَ‬
‫كَم‬
‫ْ‬ ‫نَ‬ ‫بَا ثُ ٰ ا ��لنَّ�ْظ �� َ ا �ف َ ْ‬
‫�ِم ن� ����رِ ا �ل�هر ا �ل�ِ ي� �� � د ا�لمَ�ل�‬ ‫�ص ��ا‬
‫�م �م� �ي� �ع� ِر‬ ‫�� ِ�ع� �ه��ذَا ��‬
‫ِ�ج‬ ‫ِ‬
‫َ َ نْ َ � نَ ا َ نْ �زَ َ ا َ اَ‬ ‫نَ‬ ‫َ َ ثَْ�ةُ � ُّ � � َّ ْ َ ْ �لَ‬
‫ح ���ا‬ ‫ن‬
‫حَ�ل�‬ ‫�و�م� �ي�لي��� �ع� �م� نٍ� ر�‬
‫ِ‬ ‫�س�ؤَا �ِل ِم�م� ��و‬ ‫�وك��ر ا �ل� �‬
‫�خ� َل�ا‬ ‫َ َ ا ُش ُ ُّ‬ ‫تََ ُّتً‬ ‫َ َ ْ � نَ ْ أَ ْ � َ ض ّ‬
‫�َ‬ ‫���� ا ��ل��د �‬ ‫�‬
‫�ع��ا ك�م� ي�ِ ي‬
‫ن‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ْ‬ ‫ه‬ ‫�‬
‫�� ِ�د ِ �‬ ‫� � �هِ�ل��نا ��بِ ِ�‬ ‫�و ر��ب ��ِط ��ه‬
‫ع‬ ‫م‬ ‫ِ�ج‬
‫َ ْ �ذ ْ�� آ � �بَ ْ ت �جَ ْ ًا أَ ْ ق لَ‬ ‫َ َ ا ُ َ �ُ أَنََّ ف غَ ْ‬
‫�ع ن ك� � �ل ا �ل��� � � � � � ٰ‬ ‫�قا �ل � ����نا ��� � � �‬
‫���ف�لَ��ةٍ‬ ‫�و�م� �ي���‬
‫� �ه�ل و ِ���ى‬ ‫� ِ ِر ِ ي ِ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫�لَ تَُ ْ ُ �ذْ كَ‬
‫�ُم نَ��ا �َ�سبَ��ا ُت� ا ��ل��آ ��ل �أ�ْ�ه ا ��ل� ْ�عت�� َل�ا‬ ‫ا‬ ‫��ُ �ف َ�ع�ا دَا ت�� نَ‬ ‫ت‬ ‫َ ْ‬
‫ِ �ِل ِ�إ ِ‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ِ‬ ‫�و ��م ���ع�د ��� ر �ي�‬
‫�‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫�خُ��ُّ �أ�ْ�هَ ا �� ظُّل������ْل �أ�ْ �َم نْ �قَتّ�َ� َل�ا‬ ‫�‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ُ ْ تَ ْ � نَ بَ ْ ضَ أ ْ َ �َ‬
‫�م��س��ب� ِ�دِ�ل��ي� ���ع��� � �ع��يا ٍد ِب�م�‬
‫ي ص �ل ِ�م و �‬
‫َ أْ‬ ‫َ‬
‫��� َل�ا‬ ‫ا �� ُ َا�ة ا �� ف�ُ ضُ‬ ‫َ‬
‫��ج‬ ‫ل‬
‫�‬
‫َ ُْ � �‬
‫ا‬ ‫ن‬ ‫�‬ ‫ش‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫�‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫أ ْ غْ فَ ا �‬ ‫َ تَ ْ‬
‫ر��ب ��ط � ِ�ميِ�� �بِ� ل�ه�د ِ ل��‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫��� �ِل �م� ِم����� �ِ�‬ ‫�ك � �و إِ� � �‬ ‫ِ‬ ‫�و�ر‬
‫ع‬
‫قَ ْ �َ َ َ ال�ُمخْتَا ُ أَ شْ تَ ا تَ � اَ‬ ‫َ ْ قَ ْ �جَ َ‬
‫��� ر � ����� � ا�لمَ�ل�‬ ‫��ج�م� �‬ ‫��د �‬ ‫كِ�مث���ل �َم�ا ��د ��ا ءَ �ع نْ� �يَ��ْو� �ب�ِه‬
‫ع‬ ‫ٍم ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫نَ�زَ ا�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫َ‬‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫قَ‬ ‫ْ‬ ‫بَ ْ أَ‬
‫�عا �َ ا �ل�َ دَا ��ا �ل��َ‬ ‫�َ‬ ‫ه‬ ‫�ت‬ ‫ح‬
‫�‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫�م نْ ���ع�د � ن ��د �ع�ا د �م ن �‬
‫�غ ِ�د �ِير � �ل�‬ ‫م و ِع بِ‬ ‫ِ‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ِ� ج ِ‬ ‫ِ� ِ �‬
‫َ‬
‫َ �ف َّ ا � �َ ا � �أ�نّهُ �َ ْ ��لَ ٰ ا �� َ �َ ا‬ ‫��نا ��سَ �َ قَ��ا ��َل َا �ف��عً�ا‬ ‫�َ �خَ� طَ ��� بَ �� َّ‬
‫�ك� �لِ�إ� م� �َ� �مو�ى �لو �ل�‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫و � ال‬
‫ِم‬

‫‪144‬‬
‫�َ َ �َ ا‬ ‫ل‬ ‫أََْ � ٰ � خل َا �ف َ َ أَثَا َ �‬ ‫عا ��ل��س ّ �َم�ا‬ ‫�فَ��صَ �ا َ �ع��دًا �جَ��ا �م��ً‬
‫�ج�د �ل�‬ ‫� �ب��د ى ا ِ��ل� � � �و �� ر ا �‬ ‫ِ ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر ِي‬
‫ك�تَ� َل�ا‬ ‫ُ‬ ‫�َا َ ا ت فَ صَ ا ُ‬ ‫بَ ْ نَ �لجَ‬ ‫ك� َا هُ ت��ُ ْ��د �� �قَ��َل��قً�ا‬ ‫َ �لَ ْ تَ�زَ �ْ �ذ ْ‬
‫� ��� � ر � او‬ ‫��ي�� ا � ِ‬
‫�‬
‫ع‬ ‫�‬ ‫�‬
‫م‬ ‫بِي‬ ‫ر‬ ‫�و ��م � �ل ِ‬
‫�ُجَْ‬ ‫َٱ ْ تَفْحََ � �أَ ْ َ صَ َ َ نْ َ‬
‫�ج� َل�ا‬ ‫عا �م���‬ ‫ه ّ�د دًا �َ �ْم��نَ�زَ��ً‬ ‫ُ‬ ‫�ً‬
‫� �ل ا �ل� �مُر �و� �ا ر �م���‬ ‫� �و ��س���‬
‫�ِل‬ ‫�م��َ ِ و‬ ‫�جا‬ ‫ه‬

‫�� َل�ا‬ ‫ُ ّ َ ْ َ ْ تَ ُ �‬ ‫ف‬ ‫َّ‬


‫عبَ�� �ُم��َ‬ ‫�با ��ل��َ‬‫�َ ��سَ ��بَ�ً‬
‫�صري���س�ِ�مي���ل ا �ل�ُوكَ��‬ ‫��ي� �ك�ِل �ع�‬ ‫�سي����‬ ‫ِ‬ ‫و‬
‫ٍ‬ ‫سٍ‬ ‫ثٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُ نْ َ �� ُ اَ‬ ‫َّ��ة � َّ‬ ‫ْ أ َّ��ة � ُ فْ �ّ ت �تَ ظَ � فَ ْ‬
‫�ص�� ا ل���ع�مَ�ل�‬ ‫بِ��ِ�ع��لِ ا �لت��ْو�ِ�سي� ِ�د �‬ ‫�ِم ن� � �مِ ا �ل��ك�ر ا ِ�ل��ي� � ����ا � َر ت�‬
‫ع‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫�ص� َل�ا‬‫طَ� ٰ � ��� َّ‬
‫َ‬
‫ف‬ ‫َ‬ ‫َ�ع َّا أبَا نَ ا �ُ ْ َ‬
‫�ص��� �ف‬ ‫َنْ ف بَ ْ ضُ � نَّا َ ْ َ �جَ ا ٌ‬
‫�م� � �� � �لم� �ى و‬ ‫ي�� ِ���ي��ِه ���ع��� ا �ل�� ��ِس �و�ه�و �� �ِ�ه�ل‬
‫أُ‬ ‫َ‬
‫ق� َل�ا‬ ‫َ‬
‫� �ش����ُر ��ف� ��نَ ْ ��ظ����م �ل�مَ نْ �قَ ْ�د �ع���َ‬ ‫ك �م نْ ٰ�ه��ذَا �َ�ذَا َك � نّ��َم�ا‬ ‫فَ َ ْ � َ‬
‫��د �ع�‬
‫ِ ي ي ِ �ي� ِ �‬ ‫و ِإ‬ ‫ِ�‬
‫َ‬
‫�مَ ْ �زُ � � ا �َ�تُْ ُ نَ �لجَ �َد � ا‬ ‫�فَ�ا �ل�مُ ْ��س��لُ نَ قَ ْ َ َ ْ ف ف َ‬
‫كو� ا �� �ل�‬ ‫�ه �ومَ��ةٍ �ل� ي� ر �‬ ‫�مو� ��د ���غ�د � او ��ي� �ِر��‬ ‫ِ �‬
‫قٍ‬
‫َظُ � ُّ َ نْ فَ‬ ‫ُ ُّ ْ فَ ٌ نَ ْ‬
‫�ق�هُ قَ� ْ�د �َ �صَ� َل�ا‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫�‬ ‫�َ�ك ��ز‬
‫و‬ ‫�‬‫�‬
‫�‬ ‫�‬ ‫َا‬ ‫�‬
‫ي � � و‬ ‫م‬‫�‬ ‫�‬‫�‬‫�‬ ‫�‬‫�‬ ‫� �ِرح� بِ�� ِ ِ‬
‫ه‬ ‫�‬‫�ج‬ ‫�‬‫ه‬
‫�‬ ‫ح بٍ‬ ‫�ل ِ‬ ‫و‬
‫َ‬
‫� فَ ْ ُ ف � َّ ّ ٱ ْ ت أ ْ‬
‫�كَ� َل�ا‬
‫�هَ�ا دٌ � �ش�� �‬
‫�‬ ‫�‬ ‫ن‬ ‫�‬ ‫ََ ٰ �ُجََّ ً‬
‫م‬ ‫�ص��� ف‬ ‫اَ � نَّ ُّ �نَ ُّ �ُ ْ‬
‫�‬ ‫�‬ ‫�‬
‫�‬
‫و � م ي� ِص ج ِ �‬ ‫�‬ ‫�‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫�‬ ‫�‬‫ه‬ ‫�‬ ‫�‬
‫ل‬ ‫�‬ ‫َا‬
‫�‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫�ى ر‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬
‫��ط‬ ‫�‬ ‫�و �ل���ص � ��ص ا�لم‬
‫�� َل�ا‬
‫�‬ ‫َا َ ةَ � �أَ ْ أ ُ �ُ ْ‬ ‫َ ْ هَ��ةُ �قَ ْ �َّ��ذ نَ أَ ْ َ ُ‬
‫حوا ا�لم ش��� ِك�‬‫�‬
‫��سَ�ل� م� ا �ل� �مر �َ�زَا �‬ ‫ك او‬ ‫�و �ِو�ج� � ا � �ل��وِ�م ا �ل�ِي�� � د ر �‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫��ن� ّ ا �ل��مُْ�تَ���ق �أ �ْ �جَ� ا ��ل�ُع� َل�ا‬ ‫َ لَ ٰ � َّ‬ ‫�َا َ �َّ َ َ ّ �َ َ �ّ ْ �أَ�زَ �ًا‬
‫� رِ�ي� و‬ ‫ى ا �ل ِب ي�‬ ‫���ع���‬ ‫���ص�ل و����سِ�ل� �ل�‬
‫� ِ‬ ‫ي� رب���نا �‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫� َْ ا �� َ� َّا �َمنْ� ُ �� ا �� َ �َ ا‬ ‫��صَ أ ْ � ْ ��‬ ‫� �آ � � �أَ ْ‬
‫�َ َ‬
‫�‬ ‫طفَ��ا‬
‫� ��و ِص ل�و �ل�‬ ‫ر ِر ص‬ ‫لك‬ ‫�د‬ ‫�‬
‫و ح ي ِر‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�ص‬ ‫�‬
‫� �ِل �لِ�إ � ِ‬ ‫ا‬ ‫�‬
‫�ه‬ ‫�‬ ‫�َاو �ل� �ِل �َاو �ل� ح ب ِ‬
‫ا‬
‫�‬
‫ٱ �ْ�ٰ ُ َّ صَ ّ �عَ لَ ٰ �سَ ّ نَ �ُمََّ َ �عَ لَ ٰآ � �سَ ّ نَ �ُمََّ َ سَ �ّ ْ �تَ ْ��� ��ل ً َ�ث ً‬
‫س‬ ‫�‬ ‫�‬
‫� �ل�ل���ه�م ����ِل ����ى�� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و����ى� �ِل �� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و���ِ�ل�م � ِي�ما كِ ي� ار‬

‫ت‬ ‫�‬‫�‬ ‫��م�ن��ه�� �ل���س� ف � �ل�� ��م� � تآ � �ل���� ت ���ح��ض‬


‫م‬
‫ج� ا ل��� ا ل���صا� ح � ن� �سا� دا � � �لا بي � ب رو�‬
‫�‬ ‫�‬ ‫�‬
‫�‬
‫�م نْ �آ��ل ٰ ���ط�هَ �ُم�ْ�سنَ��دًا �ُم��سَ ��لْ��سَ� َل�ا‬ ‫َ‬ ‫�‬ ‫�َمنْ َهُ َ َ لَ ٰ طَ �� ق أَ ْ‬
‫ِ� ِ‬ ‫�� ج���نا �ع���ى � ر� ��� � �هِ�ل��نا‬
‫ِ يِ‬

‫‪145‬‬
‫ضَ� َل�ا‬ ‫نَ ْ ٱ ْ � سَ َ ف � فُ‬ ‫َ نْ آ َ نُ ا � نَّ ّ َ ًّ ٱ ْ �تَ ضَ‬
‫��‬ ‫��جَ � �عِت��دَا �ٍل �� �ا ر ِ�ي��ِه ا � �ل��‬ ‫��ه‬ ‫ح�ق�ا �َ �و �ر � ��ْوا‬ ‫�م� � �م �� او �ب� �ل���ص � �‬
‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫نْ سَ ا َ�ة ا ��ل ُّ �ْ �َّ��ذ نَ �َ َ ُ‬
‫� َّ ا ��ل َّ َ�ا � �آ ���خًا �َ �أ �َّ �َ ا‬
‫ِ�سر ���س�ل �ِ ر و و �ل�‬ ‫� ا �ل�ِي�� ���ج�م� �ع او‬ ‫�ص�ل‬ ‫�ِم� �� � د ِ �‬
‫ِم‬ ‫ح‬ ‫ِ‬
‫حُ � � �َ ��بَ� َل�ا‬ ‫نْ ُ‬ ‫فْ�ظَ � � شُّ ُ‬ ‫َ ثُْ ُ ْ بَ�ق َّ��ةُ � َّ ْ ف ٱ ْ �تَ ضَ‬
‫� ِ � رو بٍ و‬ ‫�‬ ‫م‬‫�‬ ‫ح� �� ا �ل���� �و ب ِ‬
‫ع‬ ‫ِ� �‬ ‫له�م �ِ�� ي� ا �ل��سي�� ِ� � �ر � �� او‬ ‫�و�ِم��� �‬
‫َ‬
‫� � نَ �لجَ �َد �َ ا‬ ‫َ َْ �ل�زَّ َ ا ن ُ ْن‬ ‫َ ��لَ ْ �َ�زَا ��ُ ا �ُ ْ َ �َ نْ �أ حَ� َُّ ْ‬
‫كِري � ا �� �ل�‬ ‫�عب��ر ا � �م� ِ� �م� ِ‬ ‫��ه‬
‫و �م ي �و �م و � ب�� �م‬
‫ل ��ه � م‬ ‫�‬
‫��قَْ �ًا َ �ف��ْ ً�ا َ�ٱ ْ �ت َ ��ًا َ َ �َ ا‬ ‫�ُم��س�تَ�م��سك�� نَ � ُش���ُ� ���ط ا ��ل� نْ��تمَ�ا‬
‫ْ ْ‬
‫�و �ل� �وِ �ع�ل �و رِ���با �ط� �و �و �ل�‬ ‫ِ ِ ي� بِ رو ِ ِ�إ ِ‬
‫� نُّ ْ ا ��لُ ْ نَ ٰ �َ ْ � ُ ْ َ لَ‬ ‫�َُ ٰ‬ ‫نَ � ُ ُ‬ ‫ُ شْ تَ‬
‫��ت�� ٰ‬ ‫ح��س� �ل ن �ل� �‬
‫� بِ� �ى ِم� م ي�ب�� �ى‬
‫�َاو �ل���ص � �‬ ‫�م�����ِ��غِ��ل��ي� �بِ�ا �ل�ع�� �لوِ�م �َاو �ل��ه�د �ى‬
‫ِح‬
‫َ�ة �َ ا َ اَ‬ ‫أَ ْ قَ ا �تُ ُ ْ َ ْ ُ ٌ‬ ‫َ ٰ َ َ َْ �نُ ُ ْ ُ � �َ �ََ ٰ‬
‫� �و�� � �ه� �م���ع� �مور ِب�م� ���غ�ل�‬ ‫�و�هك��ذَا د �ي��د � �ه�م ��ط�و�ل ا�لم�د �ى‬
‫م‬
‫� � نَّ ّ أَ ْ َ ا نُ�ق اَ‬ ‫تَعَ ُ ٌ‬ ‫أَ‬
‫�َ � نْ� ��بَ�دَا �م نْ �تَ�ا‬
‫��� ّر ض��� ِ�ل�ل��� � �و �م� �ِ�� �ل�‬ ‫�‬ ‫نَ�ز‬‫�‬ ‫و‬
‫ْ‬
‫�‬ ‫�‬ ‫�‬‫�‬‫�‬ ‫ِإو‬
‫ِص‬ ‫قٍ�‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ � بٍِع‬
‫ع�قَ� َل�ا‬ ‫ُ ْ ٰ � ّ أ ْ َ �ُ‬ ‫َ نْ � ا �غَ ُْ ُ‬ ‫أََْ ْ � ُ أ ْ�خ َا قَ‬
‫ق��د �وَ�ةِ �ه��ذَا ا �ل��ِدي� ن� �َ�زك� ٰ ا �ل� �‬ ‫� �ب��د � او �لَ�ه � ��ل� �� �م� �ل� ��ي�ره‬
‫ى‬ ‫ِ‬
‫ح� َل�ا‬ ‫� ُّ‬ ‫تَ‬ ‫ْ‬ ‫ٱ‬ ‫ُ غْ � � ُّ ُ �‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫�َ دُ � نَ� ٰ�ه��ذَا �ف ْ��ه�ُ �َم نْ قَ��ا �� �ل ا �� َ‬
‫� ا �ل�ش��� �عو بَ� ِ�ل�� ��قِت���ا �ٍل رِ�‬
‫ي����ر ي�‬ ‫�ما‬ ‫� م � و ِب‬ ‫وو‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫�ف َ َ��ة � نَّ ّ �َ نْ َ ٱ ْ ت اَ‬ ‫�ٌ‬ ‫� �أ ْ ُ ف � �أ ْ ٱ خْ ٌ ض‬
‫�ِت�� َل�ا �ف��َاو ِ���‬
‫�ِ��ل�‬ ‫�� ���غا �ي� ِ ا �ل��� ِ�لم رَا � � ج�‬ ‫�َاو �ل� ��ص�ل���ا �ل� �م �ر�‬
‫ِص � م‬ ‫ي‬ ‫ح‬ ‫ِ‬ ‫ي‬
‫قَ �َ � أُ‬ ‫َ �ُ�م ْ ٌَ‬ ‫� فَ ْ ُ َ ْ ُ ٌ‬
‫��ٰ‬ ‫ثَْ َ ا‬ ‫ُ نَ � قَ‬
‫�َاو � �ل� ض����ل �من�� �صو��ص �بِ�ِه �و�‬
‫د �و� ا � �ل� َار ِر �ِم���ل��ما �� �ل ا �ل� ِ�ل�ى‬ ‫ع‬
‫��ج�م�‬
‫ى ��ه �بَ��ْ نَ ا �ل�مَ� َل�ا‬ ‫قَ ْ �جَ ا َ ت � شُّ َ ٰ‬ ‫ك� �َم ْ�ُ�� ٌ ���ط ��َم�ا‬ ‫� �أَ نَّ شَ �أْ نَ ��لُ ْ‬
‫��ور� بِ ِ ي�‬ ‫� ا �ل� �‬ ‫��د �� ء ِ‬ ‫ح ِم برو ِب‬ ‫ِ�ل� � ���� � ا �‬
‫َ‬
‫ى ق�� َل�ا‬ ‫� �آ خَ ُ نَ �فَ ُ � شُّ َ� ٰ‬ ‫�فَ ْ ٌ � هُ �ف �� َّ ْ أ ْ ٌ ثَا تٌ‬
‫�ِه� �م او ا �ل����ور ِ‬ ‫�َاو �ل� �ر�و� �‬ ‫���ه�م �لَ� �ي� ا ل�����شرِ � ��ص�ل �� �بِ��‬
‫ع‬
‫�فَ�ْ هُ ا ��لنُّ� ُ �� �ف �ٱ نْ��تَا ء َ َ �َ ا‬ ‫� �أَ ْ ٰ فَ ا � َا فُ شَ �أْنُُ‬
‫���� � �صو ِص �ي� ِم� ٍ �و �و �ل�‬ ‫�ِ�خ�ل� �� ���� ��ه‬ ‫ِ�ل� ج��� �ه��ذَا �� ل‬
‫�‬
‫م‬ ‫ِل‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ُ َ �زٌَّ َ َّ ُث ُ �لَ َ ا�‬
‫�م���ن ه ���ع�ما ي����ي�ر ا �‬ ‫طَ� ٰ‬ ‫أ َّ ا �َّ��ذ � َ �َ ْ ه �نَ ُّ ا �ُ ْ َ‬
‫�ص��� �ف‬ ‫�ل‬
‫�ج�د �ل�‬ ‫�‬ ‫ِ‬ ‫� �م� ا �ل�ِ ي� �ع�لي��ِ � ��ص م� �ى‬

‫‪146‬‬
‫��ج�مَ� َل�ا‬ ‫َ َ ا � هُ ُ فَ َّ ًا َ �ُ�م ْ‬ ‫�� ٰ‬ ‫ٌ ْ ُ فَ ضْ �ُْ�تَ ضَ‬
‫�‬ ‫�‬ ‫َ‬
‫�و�م� �لَ� � �م���ص�ل� �و�‬ ‫�و �َاو جِ� ب� إِ� د رَا ك �����ِل ا�ل�مر ى‬
‫�‬
‫حَ ا �م َّ نْ ُ ّ �َ ا‬ ‫ْ ُ ْ َ��ة � �أَ ْ‬ ‫�فَ ضْ �غَ ْ‬ ‫َ ثُْ ْ � كُ‬
‫� ِ�م��ع ِ�د �ل�‬ ‫�‬‫�ص‬
‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫��ج�م� ِ�‬
‫ل‬ ‫�‬‫�ِم ن �‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫�‬ ‫�‬‫�‬ ‫�‬‫�‬
‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�و�ِم���ل�ه ِإ� د رَا‬
‫بِ‬ ‫�‬ ‫ِل يِ ِ‬
‫قَ ْ �ُ��سّ‬
‫�� َل�ا‬ ‫ا‬‫َ ْ نُ ٱ ْ��ت َ ثَ‬ ‫�فَ ُ �ُّ ُ ْ َ ْ ��ٌ َ �َ ا �قَ ا �ُ‬
‫�د‬ ‫�‬ ‫�‬‫�‬ ‫�‬ ‫د‬ ‫ا‬ ‫�‬ ‫ج‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬‫�‬ ‫ه‬ ‫�‬ ‫ا‬
‫له�م �ع�د ل �و م� � �مو بِ ِ‬
‫�‬ ‫�ك� �‬
‫ِج‬ ‫�‬ ‫عي � ِ �ه ٍ � بِ تٍ‬
‫ًا ُ تَ‬
‫��س���ْ��س� َل�ا‬ ‫ا‬ ‫َ �ف ْ � ُ شَ‬ ‫�‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َْ ٌ أَ َّ َ ُ قَ‬
‫�وِ��عِ�ل�ِه �م���� ِرك� �م ب ِ‬ ‫��حي��د ر � ك�د ه �ب �� ��و�ل�ِه‬ ‫�و�‬
‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫فَ�ٱ ْ ْ‬
‫�ش�أ ن ٰ�ه��ذَا ا ��ل��أ �ْم حَ� تَّ ٰ �قُت�� َل�ا‬ ‫��ف ���َ‬ ‫َ�ع��لَ ٰ �َم�ا قَ��ا ��لَ�هُ � �َم�ا �ُم نَ��ا‬ ‫ح ��‬ ‫�‬
‫ِر ى ِ‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ِ‬ ‫ي�‬ ‫إِ‬ ‫�� ِر ص �ى‬
‫�ُهَ� َل�ا‬ ‫�جا ر�� ا �جل‬
‫ُ‬
‫����ُل� ا �َ �َ�ا ت�َ‬ ‫َ �فُ ض ّ‬ ‫� َّ � �قَ ْ َ� �ف َ نْ ُ ّ نُ‬ ‫َٱ ْ ��ذَ ْ أُ�خَ‬
‫�‬ ‫�و�ِ� و و �ل � ِ ي‬ ‫�ص �� او‬ ‫�‬ ‫�‬
‫ح� ر� �ي� ا �ل �دح ِي�م�حِ�‬ ‫�‬ ‫� �و �‬
‫��م� َل�ا‬ ‫أُ ْ‬ ‫فَ ا � �قَ ْ ُ� ف ا � نُّ ُ‬ ‫��َ َ نْ أَ َ َ �ُ ْ َ � فَ ٰ � �قَ ْ‬
‫�‬ ‫�‬
‫�‬ ‫�‬
‫ل‬
‫� ل �دح ِي��ِ بِ� �� �صو ِص �ج ِ‬‫�‬ ‫ه‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ه‬
‫�ص��ط���ى ِ� �ل �د ِح�ِ‬
‫�‬ ‫�ف�م� � ����شا ر ا�لم�‬
‫�جَ� َل�ا‬ ‫� َّ‬ ‫� طَ � ٌْ‬ ‫� َّ‬ ‫ٌ ثَا ٌ‬ ‫� �أَ نَّ ف ٰ ٱ �ْ‬
‫ل��� ْر �ل�ا �� ب�� ي��ُِث��ي�ُر ا �ل��د �‬ ‫�ل�� ش‬ ‫ت‬
‫ِ�ل� � ��ي� �ه��ذَا � �ل ِ م بِ�‬
‫�‬‫�‬ ‫�‬‫�‬ ‫�‬ ‫�زَا‬
‫���ت‬
‫ع‬ ‫ع‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬
‫��ن� ّ ا �ل��مُْ�تَ���ق �أ�ْ �جَ� ا ��ل�ُع� َل�ا‬ ‫َ لَ ٰ � َّ‬
‫ل‬‫�‬ ‫ا‬ ‫�َا َ �َّ َ َ ّ َ َ �ّ ْ �أَ�زَ �ًا‬
‫���ص�ل �و����سِ�ل� �ل�‬
‫� رِ�ي� و‬ ‫ب�‬
‫� �ى ِ ي ِ‬
‫�‬
‫�‬ ‫ع‬ ‫�‬ ‫�‬
‫م‬ ‫� ِ‬ ‫ي� رب���نا �‬
‫� َْ ا �� َ� َّا �َمنْ� ُ �� ا �� َ �َ ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫��صَ أَ ْ � ْ � فَ‬ ‫� �آ � � �أَ ْ‬
‫�‬ ‫�صِ�� �‬ ‫� � ��ه�ِلا �لِ�إ� �‬ ‫�َاو �ل� �ِل �َاو �ل� ح�ا ب ِ‬
‫���و ِص ل�و �ل�‬ ‫�و ح ي��د ِر لكر ِر ص‬ ‫ط��‬
‫ٱ �ْ�ٰ ُ َّ صَ ّ �عَ لَ ٰ �سَ ّ نَ �ُمََّ َ �عَ لَ ٰآ � �سَ ّ نَ �ُمََّ َ سَ �ّ ْ �تَ ْ��� ��ل ً َ�ث ً‬
‫س‬ ‫�‬ ‫�‬
‫� �ل�ل���ه�م ����ِل ����ى�� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و����ى� �ِل �� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و���ِ�ل�م � ِي�ما كِ ي� ار‬

‫��م� ��م�ت�� ك �ل��ق‬ ‫ق‬


‫�‬
‫��م�و �ع �لإ ما� �� ‪ � v‬ن� ال � رر‬
‫ا‬ ‫�‬ ‫ا‬ ‫�‬ ‫ا‬ ‫ل‬
‫�‬‫�‬‫ع‬ ‫�‬ ‫ا‬ ‫�‬
‫�‬‫�‬
‫قَ ْ أَثْبَ تَ � نَّ ُّ � ّشَ ف ُ سَ َ فاً‬
‫مي‬
‫�جَ � َ�ةَ � َ ا ُ ْ ًا َٱ ْ ت اَ‬
‫حك�م� � �و �عِ��ل�‬ ‫��دَا ر ا �ل� �م� � �‬ ‫��د � ����� ا �ل���ص ا �ل��� �ر��� �� �� �ل��‬
‫ِ�إ ِم‬ ‫ِي‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫حَ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ أَنّ ُ ُ �قَ َّ‬
‫� ّ �ع نْ��د ا ��ل� ��ْت�� َل�ا‬ ‫ل‬ ‫َ �ف َ ْه ��‬ ‫�‬ ‫�ف َ‬ ‫ن‬ ‫ٌ‬
‫ِ�إ بِ‬ ‫�وِ�ي� �ي��د �ي�ِ ا �ل ِ‬ ‫� �و ��َ�ه � �م �د �م إِ� � ��ع� �ل او‬
‫صَ ا ُ ُ � �أَ ْ ُ ا � َّ ّ ٱ ْ لَ‬ ‫َ قَ ا �َ ٰ � َ أَنْ تَ نْ أَ ْ َْ�� ُ‬
‫�تَ��� ٰ‬‫�‬ ‫�‬ ‫ن‬ ‫�‬ ‫�‬
‫ح � � ل‬ ‫َا‬ ‫ه‬ ‫�‬ ‫�و�� �ل ��ط�ه � ��� ِإ� � � د رك��تَ�ه‬
‫� � ِ ب�� و �ل� مر بِ� ���ِص ج �ى‬
‫�أََ‬
‫�َ�شْ ف�َ��ُ هُ ا ��لنَّ ُّ َ�ف�َ�قّ قْ َ�ٱ ْ � ا‬ ‫فَ َ ا نَ َ ا َ ا نَ َ ٰ قَ َ ٌ‬
‫ي �� ع� ���ص حِ��� �و ���س �ل�‬ ‫��ك� � �م� ك� � �و�ه��ذَا ��د ر‬

‫‪147‬‬
‫�� ��ثَ� َل�ا �ثُ�� نَ �ٱ�نْ���قُ� َل�ا‬ ‫ْ‬ ‫�خ َا فَ ةٌ بَ‬ ‫�قَْ �ُ ُ‬ ‫ّ‬
‫َ � َّ‬
‫�ن‬ ‫ٰ‬ ‫فَ �قَ ْ أَ تَ‬
‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ه‬ ‫��� �د � ��ى عِ� ِب �� �و�ل�‬
‫�‬ ‫ل‬ ‫�‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫�‬
‫و�‬ ‫ِ��ل� � ���ع ِ�د ي‬ ‫يِ‬
‫ُ �ْ � ٌ َ ضُ ضٌ �لَ� ْ َ�زَ �ْ �ُم�ْ�ستَف��ْ� اَ‬ ‫��ح�مَ��ةٌ �َ ���ع�د ��َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫بَ‬ ‫نُُ َّ�ةٌ َ َ�ْ‬
‫ح�ل�‬ ‫�م�لك �ع� ��و��� � ي� �ل �‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫��ب ��و �و ر‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫� � ف�مْ��صَ� َل�ا‬ ‫��ا نَ تْ‬ ‫أَ ْ فَ ٰ � َّ َاث نَ َ َ‬ ‫� ا ��ل�ّ�س ُْ ���ط ا ��ل�زّ�َم�ا �َ �ع نْ�َ�د �َم�ا‬ ‫َ تَ َ � كَ‬
‫ِ‬ ‫�‬‫�‬ ‫� �و��ى ا �ل��ث�ل� �ِ��ي� �وك�‬
‫�‬ ‫ِ �ب ِ م ِ‬ ‫�و�ر‬
‫ًْ‬ ‫ْ َ‬
‫َ �أ �ُ ا ��لّ���ذ �� ��َنْ��ف���ه َ �أ ��ا قَ� ْ�د ��غَ� َل�ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫حَ َ َ � �أَ ْ ُ � ٰ‬ ‫ٱ نْ‬
‫�‬ ‫َ‬
‫ر ي� ِ ي ي ِ ي ِ ر ي‬ ‫َا‬ ‫د‬ ‫�‬‫�غ‬ ‫�‬
‫�‬ ‫و‬ ‫�‬ ‫�ذَا‬ ‫�‬‫ه‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ر بِ‬ ‫م‬‫�‬ ‫�‬ ‫�‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫� �و �‬
‫س‬ ‫��‬
‫َ ُ�خ ْ�ذ طَ � قَ � َ ْ � َٱتُْ ْ َ ْ قَ لَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬‫�‬ ‫َ‬ ‫�قَ‬ ‫َ‬ ‫�‬ ‫�خَ‬ ‫َٱ ُْ � أمَ‬
‫�‬ ‫َ‬ ‫�‬
‫�و��� �� � �� ا �ل�ع�د �ل � �و �رك �م ن ��� ٰ‬
‫�‬ ‫�‬ ‫ِ‬ ‫�‬ ‫ر‬
‫ط� ٰ‬
‫�‬ ‫�‬‫�ص�� ف‬ ‫�‬ ‫م‬ ‫ف��� ��ن ظ ��� ْر � ��ا ا �لِ�ع ْر��ا ِ� ��ْو�ل ا �ل‬
‫ن‬ ‫ف‬
‫ى‬ ‫ِي‬ ‫ى‬
‫َ ثْ�ُ ُ � ّتَفْ ُ � شَ �أْ نُ �لُ َ اَ‬ ‫َّ��ةٌ‬
‫هَ ��ع��‬ ‫� �فْ َ � �فَ ْ‬ ‫َ َ‬
‫�جا �ن‬
‫�و�م��ل�ه ا �ل��� �ر� ��ط ���� � ا �ج� ��ه�ل�‬ ‫ل‬ ‫�‬
‫� ِ ب ِ ِ�إ ر � و ِ‬
‫�‬ ‫ط‬ ‫�‬
‫�‬ ‫َا‬ ‫�‬ ‫�‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�و�‬
‫ِي‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫��ن� ّ ا �ل��مُْ�تَ���ق �أ �ْ �جَ� ا ��ل�ُع� َل�ا‬ ‫َ لَ ٰ � َّ‬ ‫�َا َ �َّ َ َ ّ �َ َ �ّ ْ �أَ�زَ �ًا‬
‫� رِ�ي� و‬ ‫ى ا �ل ِب ي�‬ ‫���ع���‬ ‫���ص�ل و����سِ�ل� �ل�‬
‫� ِ‬ ‫ي� رب���نا �‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫� َْ ا �� َ� َّا �َمنْ� ُ �� ا �� َ �َ ا‬ ‫�صَ أ ْ � ْ ��‬ ‫� �آ � � �أَ ْ‬
‫�َ َ‬
‫�‬ ‫طفَ��ا‬ ‫�‬ ‫�‬
‫���و ِص ل�و �ل�‬ ‫ر ِر ص‬ ‫لك‬ ‫�د‬
‫و ح ي ِر‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�ص‬ ‫�‬
‫� �ِل �لِ�إ � ِ‬ ‫ا‬ ‫�ه‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�َاو �ل� �ِل �َاو �ل� ح ب ِ‬
‫ا‬
‫ٱ �ْ�ٰ ُ َّ صَ ّ �عَ لَ ٰ �سَ ّ نَ �ُمََّ َ �عَ لَ ٰآ � �سَ ّ نَ �ُمََّ َ سَ �ّ ْ �تَ ْ��� ��ل ً َ�ث ً‬
‫س‬ ‫�‬ ‫�‬
‫� �ل�ل���ه�م ����ِل ����ى�� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و����ى� �ِل �� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و���ِ�ل�م � ِي�ما كِ ي� ار‬

‫ت ت �ع�ل� �ل��غ�� ف�� �ش �أ �ل��ق‬


‫� �ى ا ل�و �� �� � ن� ا رر‬
‫ا‬ ‫�‬ ‫� ��‬
‫ي‬ ‫ما� ي�ر ب‬
‫� قَ��ا �مَ��ةُ ا ��ل�َع ْ�د ��ل � ف��َ�ْه� دُ ��لّ� َل�ا‬ ‫ا‬ ‫� نْ ف� ��قْ ه � ن ٱ ّٰ ف��َ ا �خَ� َّ نَ‬
‫ِ بِ � ٍم ِ‬ ‫إِ‬ ‫�‬
‫�‬ ‫�ص‬ ‫ِم� ِ� �ِ ِدي ِ� � للِه ِيم� �‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫�جَ �َد �َ ا‬ ‫ل‬‫��‬ ‫ف‬ ‫��لَقَّ َتَنْ‬
‫�‬ ‫ا‬ ‫تُبَ ّ نُ‬ ‫َ ضَ ا ُ � � �أ ْ ��نُ ُ �ٌ �قَ ْ أتَ تْ‬
‫ح� �و�� ِ����� ا � �ل�‬ ‫�‬ ‫����ِي��‬ ‫��� ��بِ ��ط ا �ل� �مر � �صو�ص �د � ���‬ ‫�و�‬
‫ي‬ ‫ِ‬
‫ضَ� َل�ا‬ ‫َْ بَ ْ � فُ‬ ‫نَ قْ ُ � ُّ ُ‬ ‫�ا � �ف َ ا �قَ ْ جَ َ ٰ‬ ‫َ سَ بَ ُ � ْ كَ‬
‫��‬ ‫� �����لا �لن�� �صو��ِص ِ�ع ن��د ���ع ض���ا � �ل��‬ ‫ى‬ ‫�� �ِل ِي�م� �د �ر�‬ ‫� ا �ل�إ� �ش�� �‬ ‫� �� ��‬
‫ِ‬ ‫و ب ِ‬
‫�ْش ف ُ �ُْتَ لَ‬ ‫َ‬ ‫َ أْ‬ ‫َ � ّ ُ �ُ ْ َ‬
‫��� ا�لم���� ٰ‬ ‫�‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫تَ ْ � ُ َ ا َ‬
‫���عِ�لي��� �م� ي ج� �� �وك�‬ ‫ه‬ ‫�ك نُ ا ��لّ���ذ �� �م نْ �ش��� ��‬
‫ن‬ ‫�ف�ا �ل َا ��� ّ‬
‫ب �ى‬
‫�‬ ‫�‬ ‫ِر ي‬ ‫ل‬ ‫ع ا �لر � ِ ي ِ � ِ ِ‬
‫�‬
‫رِب‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫أ‬ ‫َ‬‫أ‬ ‫�لَ‬
‫َ نَ ْ �ً � ْ ُ ْ‬
‫� �ْ ُ ا � � ُ �� َا �� ف�لُ ُ ا ��ل�ُ َ � ا‬ ‫��د ك�ا � �َم�ع�زُ�و �ل�ا �َو� ي����ع نَ �ب�ِه‬
‫قَ ْ‬
‫�ه�ل �ل� � �صو ِل �و �ر�وِ �ع�د �ل�‬ ‫م �ِ‬
‫ُع‬
‫َ‬
‫� �ص ��ل ��ف ا �ل�مَ� َل�ا‬ ‫أ‬ ‫ُ‬
‫نْ ��ث ا صَ ا �غ � � ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫حَ‬ ‫�‬ ‫َ َ ا �َلُ � َ َ �ف أَ ْ‬
‫�ِم� ي�م� � � � � او ا �ل� و ي�‬ ‫حوَا �ل�ِه‬ ‫��‬ ‫� � � ا ا � �ل��ق َا‬
‫وع� �ج �و � ر ر �ي� � ِ‬

‫‪148‬‬
‫ًا أَ َّ ٰ �لَ ٰ ٱْ ُ‬ ‫ُ�ؤَ ّثً‬
‫ح� َل�ا‬ ‫ى �َم�ا � ��ن ت��‬ ‫�‬‫ى� إ� �‬ ‫�عا �م�ل� � د �‬ ‫�َ �َ‬ ‫ا‬ ‫�‬ ‫م‬
‫�‬ ‫�‬ ‫ا‬‫ك�ا نَ� ٰ�ه��ذَا ��سَ ��بَ�ً‬
‫�ب‬
‫فَ َ‬
‫��‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ِر‬
‫��ج�مَ� ًل�ا‬ ‫��ن �نَ ًّا �ُ�م ْ‬ ‫�‬
‫ْ َ �ُ َ ْ � ُ ْ‬
‫ّ‬ ‫�‬ ‫�‬
‫ا‬‫�‬ ‫�مَْ ُ� � �أَ ْ �َ نْ َ ْ ُ� � ُ َ ٰ‬ ‫َ �َ خ‬
‫�ص� �‬ ‫�‬ ‫ك‬ ‫�‬ ‫ا‬
‫ِإ �مك� ل د ر ِس لر ِ� �‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�و ر�ج ا �ل� �مر ِ�لم� ي�ر�ج �و ا �ل�ه�د �ى‬
‫ِ‬
‫�ُفْ �َ اَ‬ ‫�ُ � تََُّّ َ‬ ‫ٌ‬
‫م���ت�عَ�ل�‬ ‫حو�ل ا �ل �‬ ‫� ا �ل���‬ ‫عا �ل‬ ‫����َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫�‬‫�‬‫�‬ ‫َا‬ ‫�َ‬ ‫��ة‬
‫�ث‬ ‫�‬ ‫ل‬
‫َ‬
‫��ثَ� �ا �َ‬
‫�‬ ‫�ثَ��َا �� ٌت‬
‫ي‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫و بِ‬
‫ِ�ج‬ ‫بِع‬
‫�� َل�ا‬ ‫ُ ُ ْ تَ ْ‬
‫تَ�ك نْ �م��س�ج�ع‬ ‫َ�فخُ �ْ�ذ � هَ ا َ �َ ا‬ ‫ا‬ ‫��جَ � ةَ��ٌ �ف بَا هَ‬ ‫�نُ ُ ُ هَ ا �ُ�م ْ‬
‫ِ‬ ‫�بِ � و � �‬ ‫�‬ ‫�‬‫�‬
‫ل‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬
‫ي� �بِ �‬ ‫�‬‫�‬ ‫�‬ ‫ل‬‫�‬‫�م‬ ‫�ص�� �‬ ‫� � �صو�‬
‫َ َ ا َ ُ نُ � نْ‬ ‫� نَ ْ َ ْ � �أُ �لَ‬ ‫� ُّ َ ا قَ ْ َ‬ ‫فَ ُ‬
‫�ص َا �نُ���ق� َل�ا‬ ‫ٰ‬ ‫ن‬ ‫�‬
‫ا‬
‫كو� ِم� ِ� رٍع ِ‬ ‫�و�م� �ي� �‬ ‫��ك�ل �م� ��د ك�� � �ِم� �ع�ه ِ�د ا �ل� �ى‬
‫�‬ ‫�‬
‫ن ٱ خْ َ أَ َ أَ ْ‬ ‫َ‬
‫�كَ� َل�ا‬
‫�ِت��ل�ا �ف� � �ْو ِ�خ��ل�ا �ف� � �ش�� �‬
‫�‬ ‫�ِم� � �‬ ‫طَ� ٰ‬ ‫أ ْ َ ا جَ َ� ٰ � نْ �بَ�ْ �َ ْ ت ا �ُ ْ َ‬
‫�ص��� �ف‬ ‫� �و�م� �رى ِم� �ع ِ�د �مو ِ �ل‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫� م� �ى‬
‫ف ْ ٰ � ْ تَ ْ �ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫�� َل�ا‬‫��� فِ����ق�ِه �ه��ذَا ا �لِ�ع��ل� ج���ل� ا�لم ش��� ِك�‬
‫�‬ ‫�فَ� ضَ �ا � ُ ��� ا ���أ �ْم ا ��ل�عَ� َ�ا �َم�ا ُت ا ��لّ�ت‬
‫ِم ِ ي�‬ ‫ي‬ ‫�� �بِ ط �ل ِر ل � ِ �ي�‬ ‫�‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫فَ�ٱ ْق َأ َ َ‬
‫حقّ�قْ � نْ �أ َ دْ تَ� ا ��ل� �ْمت�� َل�ا‬ ‫�‬ ‫� ا �غَ ْ�ُ هَ ا َ�ْ َ� ن �� َ �قْ �� َّ َ ٰ‬
‫ِ�إ ِ‬ ‫�� � �ر �و ِ�� ِإ � ر‬ ‫�‬ ‫�ص�د �ى‬ ‫�ل� ��ي ر� � ي ج���ل��عِ� ا ل�ع���ِلا ل�‬
‫ِي‬
‫ف � �أُ � ٰلَ‬ ‫ْ‬
‫أ‬
‫ْ قَ ا ئ � ْ َ� ت ٰ‬ ‫�لَ‬ ‫َ‬‫أ‬ ‫َ َ ْ � َ نْ ش َ نْ �ذ فتْ‬
‫� ��ه��ذَا ��ي� ا �ل� ��ى‬ ‫� �و �� �ِ��ٍل �م �ي� ِ‬ ‫�ود �ع�ك �ِم� �َاو ��ٍ� �و�ِم� ِ �ي� ِ���نَ��ةٍ‬
‫�َّ ا �� َ �َ ا‬ ‫�ُ ْ ُ � َّ ّ نْ َ‬ ‫� ْ‬ ‫فَ ا �قَ ْ �ُ �قَْ �ُ �ُ ْ َ � فَ ٰ � ا َ ُْ ُ‬
‫� ا �لن���ص إِ� � ��ص ل�و �ل�‬ ‫ح ك��‬
‫�‬ ‫� ُ�‬ ‫حُ ك��‬‫�َاو �ل‬
‫�‬ ‫ط��ى �ل� ���غ�ي�ره‬ ‫�ص�� �‬ ‫�� � �ل ��و�ل ��و�ل ا�لم�‬
‫مَ م ِ َ ح‬
‫ع�قَ� َل�ا‬ ‫�ف � �أ ْ َٱ ْ �ذَ ْ أ ْ ُ �ظَ � ُ‬
‫ح�� ر � ن� �ت�ِ�غ�ي� ��� ا �ل� �‬ ‫�ي� ا �ل� �مر� �و �‬ ‫��ا �ف َ�ع ن ا �ل�مَنْ� ُ �� �ف�َ نْ �قَ ا ��َ �َ ا‬ ‫َ‬
‫ك�‬
‫� ِ� � �صو ِص ِي�م� � ل �ل�‬ ‫ٍ‬ ‫�‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫فَ�ٱ ّٰ ُ َ ْ � َ نْ َ شَ ا ُ َ ْ �َ ُ‬
‫�ُ ��� � نْ ��َ�ع�َّ ا ��ل�بَ� َل�ا‬ ‫�َ �ْ َ ا ��ّ��ذ � َ�ْف‬
‫ح�َ�ظ‬ ‫ح�د ه‬ ‫� �م� ي����� ء �و�‬ ‫�� لله �ي��ه ِ�د ي�‬
‫�‬ ‫إ‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫�‬ ‫و ِي‬ ‫�‬
‫ل‬ ‫ه‬
‫�‬ ‫و‬
‫م‬
‫َ‬
‫��ن� ّ ا �ل��مُْ�تَ���ق �أ�ْ �جَ� ا ��ل�ُع� َل�ا‬ ‫َ لَ ٰ � َّ‬
‫ل‬‫�‬ ‫ا‬ ‫�َا َ �َّ َ َ ّ َ َ �ّ ْ �أَ�زَ �ًا‬
‫���ص�ل �و����سِ�ل� �ل�‬
‫� رِ�ي� و‬ ‫ب�‬
‫� �ى ِ ي ِ‬
‫�‬
‫�ع �‬ ‫�‬
‫م‬ ‫� ِ‬ ‫ي� رب���نا �‬
‫� َْ ا �� َ� َّا �َمنْ� ُ �� ا �� َ �َ ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫��صَ أَ ْ � ْ � فَ‬ ‫� �آ � � �أَ ْ‬
‫�‬ ‫�صِ�� �‬ ‫� � ��ه�ِلا �لِ�إ� �‬ ‫�َاو �ل� �ِل �َاو �ل� ح�ا ب ِ‬
‫� ��و ِص ل�و �ل�‬ ‫�و ح ي��د ِر لكر ِر ص‬ ‫ط��‬
‫ٱ �ْ�ٰ ُ َّ صَ ّ �عَ لَ ٰ �سَ ّ نَ �ُمََّ َ �عَ لَ ٰآ � �سَ ّ نَ �ُمََّ َ سَ �ّ ْ �تَ ْ��� ��ل ً َ�ث ً‬
‫س‬ ‫�‬ ‫�‬
‫� �ل�ل���ه�م ����ِل ����ى�� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و����ى� �ِل �� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و���ِ�ل�م � ِي�ما كِ ي� ار‬

‫‪149‬‬
‫���ذ �ورا �لف����ت��ن��ة�و�أ ��ص�و �� ا �ل��س�ن��ة‬
‫ل‬ ‫ج‬
‫َ َ نْبَ ُ �تَّ ْ ن ف� َ نُ�ق اَ‬ ‫� ُ ّ �شَ ْ �جَ �ْ�ذ ُ ُ َ أَ ْ �ُ ُ‬
‫كو�� ِي��ما �ِ�� �ل�‬
‫ع ل� �ِ ي ِ‬
‫�و�م��� ا �‬ ‫�ص�ل�ه‬ ‫�ِل�ك�ل ���ي� ءٍ �� ره � �و �‬
‫ِ‬
‫�ف � �أَ ْ حَ� تَّ ٰ � ا ُش َ � � اَ‬ ‫� ّ ُ َْ ُ نَا �لَ ٰ تَ�أَ ُّ‬
‫���� ا �لِ�ع�لَ�ل�‬ ‫�ي� ا �ل� �م � �ل� ��‬ ‫ع �و� ِإ� �ى �� ���م�ٍل‬
‫�‬ ‫�َاو �ل��ِدي� ن� �ي��د � �‬
‫ِر ى ي ِ يع‬
‫�ْ�ح�م� َل�ا‬
‫ُ ْ تَ‬
‫�َو�بَ��ْعَ�د �هَ�ا ��ف� طَ ��� ْ�� �م���س��‬ ‫��ا نَ �ُ ْ َ � فَ ٰ �َ ّ‬ ‫�فَُنْ �ذُ َ‬
‫ِ‬ ‫ي ي بَ��ةٍ‬ ‫َ��ةٍ‬ ‫�م�� � � ��ى ِب�مك‬ ‫�‬
‫ط‬ ‫�‬‫�‬ ‫�ص‬ ‫م‬ ‫�ل‬ ‫ا‬ ‫�‬
‫�‬‫ك‬
‫َ َ‬ ‫ُ ُ � ف تْ نَ��ةَ نْ ُ �ُ�ذ‬
‫ك�ا �ف �أ�ْ فَ��ا ��س �بَ��ْ نَ ا �ل�مَ� َل�ا‬ ‫�ف‬ ‫َ‬ ‫�‬ ‫ه‬
‫ِر و ِ �قٍ� ي�‬ ‫ٍَ‬ ‫ي�‬ ‫�‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�ي ��َاو �جِ�� ا �ِ�ل��� ِم� �ج�� ِ‬
‫ور‬ ‫�‬
‫أ‬ ‫ُ ً أَ‬ ‫أَ ْ ُ َّ‬
‫�فا �ُمنْ ف��َ��ع� َل�ا‬ ‫��ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫�قا � �و �مر ج� �‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ف‬
‫�‬ ‫ا‬
‫�م�� ِ���‬
‫نَ‬ ‫ُ‬ ‫ْ �ُ‬ ‫ْ‬
‫� �و �م�د ��ب ��و � �و �ِم��ث�لَ�ه‬ ‫َ�ة‬
‫ّ‬ ‫ُ‬‫ن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍع‬
‫�َ ْ ُ َا ��لتَّخ�ْ ��ذ ُ �ف أَ ْ � َ ا�‬
‫َ‬ ‫َ�هُّ ُ ُ � ْ �جَ ا فُ ْ حَ ْ ثُ ثَ َْ‬
‫ن‬
‫�َاو�لمك�ر �و �� ِي���ل �ي� � ��ه�لا �ل�و �ل�‬
‫ِ‬ ‫�م���ه�م ا �لِ�إ� ر�� �� �ِم� �ي�� � ��و� او‬
‫��تَ�د ُّ�خ�� َل�ا‬
‫��ا َ� َ� ٰ � َّ‬ ‫َ َ � أَ�ذَ ٰ َ َ‬ ‫�َ ��لَ ْ �َ�زَ ��ْ ٰ �� هَ َ َ � ٰ � نْ �بَ��ْع ض� ْ‬
‫�ش��ّر ا �ل�� �ى �مك� يرى ا ل�‬ ‫��ه‬ ‫م‬ ‫�ط�‬
‫و �م ي ل ي�ر ى ِ � ِ ��ِ �م‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫� ٰ �ذَا �ُ ن�ْ�زَ �َ ا‬ ‫قَ ْ أ تَ ٰ � َّ ُّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫��ا �� �لقَ��ْ �ل � �ْ ��ا �� ف�ل��ْ�ع� دَ � ��اً دَاِئ��مً�ا‬
‫�َو��د � �ى ا �لن���ص �بِ �ه� م� �ل�‬ ‫و بِ ِ ِل ب‬ ‫بِ و ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫�صً�ا ُ �تّ� َل�ا‬‫��نَ ّ‬ ‫أ‬
‫�س َ�ة ا ��ل�� �نْ��فَ��ا �‬ ‫نْ ُ‬
‫�‬ ‫�ف ُ َ�ة ��تَّ ْبَ ة أ ْ �ف � ثْ� َ‬
‫رِ‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ � ور ِ‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫�سور ِ ا ل ��و�ِ� � �و �ي� ِم�ِ�ل��‬ ‫�ي� � �‬
‫�صَ� َل�ا‬‫َ ْ�َ ا ��ل�زَّ َ ن �ق ً ُ�ؤَ ّ‬ ‫ا‬ ‫�َمنْ َ ً‬
‫ه‬ ‫َ�ة � نّ فَ ا ق تَ�ْ‬ ‫َُ ُ‬
‫�عب� ر ��ما ِ� �َاو ِ���عا � �م �‬ ‫ك�� �� ج��‬ ‫ح‬ ‫�‬‫�‬ ‫�‬
‫�سور ِ ِ‬
‫�‬ ‫�‬
‫�‬ ‫ل‬‫�‬ ‫ا‬ ‫�و� �‬
‫ِ ي‬
‫ُ‬ ‫�ُ�ؤْ ن نَ َ ْ��ُسهَ‬
‫َا �� ف�لَ� ْ��هُ � نْهَ �� ُّ � ا �قَ ْ �أ � ْ �َ ا‬ ‫�مر� �َو�ع�ي� ا �ل‬
‫�َ خَْ ُ ْ‬
‫�و � � ِم�� ا ِسر م� �د �س ِ�د �ل�‬ ‫م �مِ���ي� د ر � ا‬ ‫�‬
‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ج‬
‫� ًا � ُ ْ نَ ً ُ َ �ّ اَ‬ ‫ُ ُ ً َ َّ��ةً‬
‫�ع�ه�ود ا ��‬
‫�قَ‬‫ْ‬
‫�َ ��سُّ �َم�ا ��َ�� ٰ‬
‫�جي��ل� بِ ِج�ي���ل �م��س��د ا �م�د �لَ�ل�‬ ‫ِ‬‫�‬ ‫��ج�م‬ ‫وِ ر ي ب �‬
‫ٍ‬ ‫ى‬
‫َ ْ ُ � ٰ � �أ حَ ْ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫أ‬ ‫َ‬
‫ف � ْ أَ ف � ْ أ‬
‫� �ٱ �ش���تَمَ� َل�ا‬ ‫� � ��ط �ه��ذَا ا �ل� �ْم َ �� ث‬ ‫� � �ْ ��ف �شَ���� ن� �َم�ا‬ ‫حُ ك��‬
‫��� ا �لِ�ع��ل� � �و ��� ا �ل‬
‫�‬
‫ر ي‬ ‫ي ِ�بر‬ ‫� و ي� ِ‬ ‫ي َ ِم ي ِم‬
‫��ج�مَ� َل�ا‬ ‫ُ‬
‫َق ُ بَ ْ نَ � نَّ � شَ ًا ��م ْ‬ ‫ُ‬ ‫ف ا � �أ �ْ ُ �ف ا � � ْ َ�ا � نَ صَ ٌ‬
‫ْ‬
‫�ي�� ��و�م ��ي�� ا �ل�ا �ِس ���ر�ع� �‬ ‫�ٌ� �ا �ِ�ئ ب�‬ ‫�� �ل� �ص�ل �ي� �ل�إ� �س�ل ��ه‬
‫ِم‬ ‫ِ‬
‫َ‬‫أ‬ ‫�ج‬
‫�م� َل�ا‬ ‫�ما نَ��ةَ ا ��ل� �ْ� َل�ا�غ �م نْ �بَ��ْ ن ا �ل�َ‬ ‫��َ‬ ‫ا‬
‫ُ‬
‫�‬ ‫�حَ‬
‫�َ‬ ‫�‬
‫نَ‬ ‫ُ‬‫�� هُ ا ��ل�ُ ُ � ��ُ ا �� َا ُ �ث‬
‫ِ�إ ب ِ ِ � يِ�‬ ‫و‬ ‫ل‬
‫�‬ ‫�‬ ‫�م‬ ‫�‬ ‫لَ� ع�د ول ل�و ر و‬
‫�‬
‫�‬
‫قَ ْ ً َ نَقْ ً َ ً ُ ْ تَفْ‬
‫ح� َل�ا‬‫ك�اِئ�� ن��ا �م��س���‬ ‫���ا‬ ‫���ا � � ��� ض‬ ‫�� ض‬ ‫� �ص �� �َم�ا �ُ ش�����ُ َ�ع��لَ�ً‬ ‫َ �ف � نُّ ُ‬
‫�‬
‫ِ‬ ‫�‬ ‫و‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫�ن‬ ‫ر‬ ‫�وِ�ي� ا �ل� و ِص ي ِ ي‬

‫‪150‬‬
‫ه� َل�ا‬ ‫�ُ��َ‬ ‫�ْ�ح��م ا ��جل‬
‫َ َْقُ ضُ � َ َ َ‬
‫حقّ �َو�‬ ‫�و��ن ����� ا ل‬
‫�‬ ‫َُ ا ض�ُ � ُ ُ �َ حَ� ْ ثُ خَ َّ ُ‬
‫ي � � ي ِ ي�‬ ‫�‬ ‫ي���ع� ِر�� ا �ل�ع�د �و�ل ي�� ����ي� و‬
‫ا‬ ‫م‬
‫�‬
‫َْ‬
‫حَ� ْ ثُ �نَ�زَ �َ ا‬ ‫ُ َ ّ ��ل���لقّ‬ ‫� نْ ُ ّ غ� ّ ُ� ف ْ �ضَ ّ هَ �‬
‫حِ� ي�� �ل�‬ ‫�م���سِي����سٍ ِ �‬ ‫����ع� ر�ي�ٍ � �اِ�ل��ٍك‬ ‫ِم� �ك�ِل ِ�ر ج‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُ ْ تَنْف � بَ ا َ َ �ُ ْ تَ غْ اَ‬ ‫قَ‬
‫�ِ��ف�ل�‬ ‫�م��س�� ِ���ر ِ��ط�� �ع��نا م��س�� �‬ ‫�ُ�م�ؤَ ��ّ��ثٍر �ب �� ��ْو�ل�ِه �َو ِ���ْ�عِ��ل�ِه‬
‫ف‬ ‫�‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ك� ُ �َا ��ل��تّ ْ��س�����ُ �ش�َ�ٌّ �َ ��بَ� َل�ا‬ ‫فَ ا �َ ْ‬
‫م‬‫�ل‬ ‫�‬
‫�‬ ‫طَ� ٰ‬ ‫�نْ � نْ �� بَ ْ ت ا �ُ ْ َ‬
‫�ص��� ف‬
‫�‬ ‫�‬ ‫م‬ ‫�ل‬ ‫�‬ ‫��‬‫�‬‫�‬
‫آ‬
‫�‬ ‫م‬
‫ُ‬
‫�‬
‫�‬
‫ك‬ ‫َ‬
‫�‬ ‫�َ ��لَ�ْ‬
‫ر و يِ ي س ر و‬ ‫�ى‬ ‫و و ي � ِ � ِل ي ِ‬
‫����ذ �هَ�ا �َم�ثَ� َل�ا‬
‫� َ ْ َفخُ ْ‬ ‫أَ صَ ا بَ أَ�قْ ًا أُ � َ‬
‫��ف� ��سَ �ا ب� ��ق ا �ل�ع �ه�د �‬ ‫َ‬
‫� � � � � ��َاو �م� � �وِ�ل�ي� ح��صا ��نَ��ةٍ‬
‫�‬
‫ِ ِ� � ِ‬ ‫ي‬
‫��ج�مَ� َل�ا‬ ‫بَ ْ �مثْ�َل َ ا �قَ ا �َ ا ��ل�نَّ ُّ �ُ�م ْ‬ ‫�‬ ‫ً‬ ‫َ �لَ� ْ أَقُ ْ ٰ تَ َ ّ َ َ‬
‫���ل ِ �� ��م� � �ل ِب �� �‬ ‫�و� � ���ل �ه��ذَا ����ع ٍ�د �و�ه�وى‬
‫�‬
‫ي‬ ‫م‬
‫َ �أَ�نَّهَ ا � قَ ْ � ُ َ تَ ٰ َ هَ � اَ‬ ‫بَ ْ نَ � ُ ُ ت فتَ ن اً‬ ‫ٰ‬ ‫َ‬
‫نّ أَ‬
‫ك� � �� ا � �ل� ��طر �م��ى ��ما � ��طَ�ل�‬ ‫� ِ����‬ ‫ِإ� ِ�ي� � ر�ى ��ي�� ا �لب�ي ��و ِ‬
‫َ‬
‫��ن� ّ ا �ل��مُْ�تَ���ق �أ�ْ �جَ� ا ��ل�ُع� َل�ا‬ ‫َ لَ ٰ � َّ‬
‫�‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫�َا َ �َّ َ َ ّ َ َ �ّ ْ �أَ�زَ �ًا‬
‫���ص�ل �و����سِ�ل� �ل�‬
‫� رِ�ي� و‬ ‫ب�‬
‫� �ى ِ ي ِ‬
‫�‬
‫�ع �‬ ‫�‬
‫م‬ ‫� ِ‬ ‫ي� رب���نا �‬
‫� َْ ا �� َ� َّا �َمنْ� ُ �� ا �� َ �َ ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫��صَ أَ ْ � ْ � فَ‬ ‫� �آ � � �أَ ْ‬
‫�‬ ‫�صِ�� �‬ ‫� � ��ه�ِلا �لِ�إ� �‬ ‫�َاو �ل� �ِل �َاو �ل� ح�ا ب ِ‬
‫���و ِص ل�و �ل�‬ ‫�و ح ي��د ِر لكر ِر ص‬ ‫ط��‬
‫ٱ �ْ�ٰ ُ َّ صَ ّ �عَ لَ ٰ �سَ ّ نَ �ُمََّ َ �عَ لَ ٰآ � �سَ ّ نَ �ُمََّ َ سَ �ّ ْ �تَ ْ��� ��ل ً َ�ث ً‬
‫س‬ ‫�‬ ‫�‬
‫� �ل�ل���ه�م ����ِل ����ى�� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و����ى� �ِل �� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و���ِ�ل�م � ِي�ما كِ ي� ار‬
‫ف‬ ‫ف‬
‫�����ص��� ��� ��م�و�ق�ف����ن ا� ��م�� ن ا �لف����ت��ن��ة‬
‫�‬ ‫�‬‫ل ي‬
‫َ‬‫أ‬ ‫نَ‬
‫��ب� َل�ا‬ ‫�م ا ��ل��دّي� ن ك�رَا �ًما �ن�َُ‬
‫��ةَ‬ ‫� ئ� َّ‬ ‫حْ نُ �ف ٰ��ذَا ا ��ل َ َ ن �نَ���قْ تَ�ف‬ ‫�‬ ‫َ‬
‫ِ ِ� ِ‬ ‫ِ�‬ ‫�و � �ي� �ه ��بي�ا ِ� ِ���ي�‬
‫�فا ً�ة �مثْ��َ �َم نْ �قَ ْ�د �قَ�تَ� َل�ا‬ ‫���َ‬ ‫َ �َ ا ُ‬ ‫� ا ُ فْ � نَ ْ َ َ ْ قَ ْ �خَ �ذَ �ُ‬
‫�‬ ‫ث ن‬
‫ل �‬ ‫�‬ ‫ِ‬ ‫�‬ ‫ج‬ ‫�‬‫�‬
‫ل‬ ‫و‬ ‫�‬ ‫�ل� �م��ِرِ ��ط��ي� �ِم���ل �م� ��د �� � و‬
‫ا‬ ‫ل‬
‫�‬
‫ُ َ‬
‫��ا ��ل ّشَ��� ْ �َا ��ل��آ دَا � �م نْ ��غَ�ْ� �ٱ ْ�عت�� َل�ا‬ ‫ا‬ ‫�كّ �أ �ْم �َ�ٱ ْ�هتَ�َ�د �ْ‬ ‫تََ َّ ُ � �ف‬
‫� ��و��س �� �‬
‫ر‬
‫بِ � ِ ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫بِ ِر‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫ِل ٍر‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ط او �ي‬
‫ُ‬ ‫� َّ‬ ‫آ �ُ � َّ‬
‫حَ ا �بَا ُت ا � �أ ��لَ ٰ‬ ‫�ص‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫�‬ ‫َا‬ ‫ّ‬ ‫�ن‬
‫ل‬ ‫�‬ ‫ا‬ ‫ٰ‬ ‫َٱ ْ تَ ْ َ ُ ف قْ ً ا َ �َ ْ قَ ْ مَ ضَ‬
‫�‬ ‫�‬
‫� �ل �ى‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬‫�‬ ‫�و‬‫�‬
‫ِ يِ‬
‫�‬ ‫ل ب‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫� �و ��س ��و�عب �� او ِ�����ه� �ع�لي��ِه ��د �ى‬
‫�‬ ‫�‬
‫َ� ُ �ُ هُ ��قَْ �ًا َ �ف�ْ ً�ا َ َ �َ ا‬ ‫� ا ظُ ������ْلًا �َ �َ ا �َ ا ��ُ ا �ل�َ نْ‬ ‫�لَ ْ َ ْ�تَ ضُ‬
‫ير �و �م� �و �ل� �وِ��ع�ل �و �و �ل�‬ ‫و ِ�‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫�‬ ‫�‬
‫م‬ ‫�‬‫�‬
‫ل‬ ‫و‬ ‫�‬
‫م‬ ‫�‬ ‫��م ي� �ر و‬
‫�‬
‫�‬

‫‪151‬‬
‫َ ْجَأً‬ ‫َ‬
‫�ص���ط� َل�ا‬ ‫نَْ ٱ ْ� ت � �أَ ْ صَ ًْ َٱ ْ‬ ‫ٰ ���ط�هَ �م���ل��‬ ‫َٱ تّ�خَ �ُ�ذ � نْ �نَ ّ‬
‫ِ�ع��د � حِ��دَا ِ�م ا �ل� �مِر� ب��را � �و � ِ‬ ‫و و ِ � �ِص‬
‫�� � �ا م ��‬
‫�ت�� َل�ا‬ ‫� � َّ ْ ف َ َ �لَ ْ َ ْ ضَ ٱ خْ‬ ‫�لَ� ْ َ ْ‬ ‫َ ا ُ نَ ا � نْ �بَ ْ ٰ � هَ �َ َْ ٌ‬
‫�‬
‫م � ِ‬ ‫�‬ ‫�‬
‫�‬‫ر‬ ‫�‬
‫ي‬ ‫�‬‫�‬ ‫و‬‫�‬ ‫�‬ ‫�‬
‫�‬ ‫�س‬ ‫ل�‬ ‫�‬
‫�م ي ِح ِل ي‬‫ا‬ ‫م‬
‫�‬‫��‬ ‫��حي��د ر‬ ‫ِإ� �م� �م�� ِم� ��ع ِ�د ��ط�‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ شَ َ َ � �أَ ْ‬
‫�ص� َل�ا‬ ‫��تا ًرا �وَ�ز �ًار ف�ْ�� َ‬ ‫�ْ َ‬ ‫ِ��ل��ل��دّي� ن � خم‬ ‫حَ�ا بَ� ��ف �خ���ْد �َمت� ه�ْ‬ ‫�ص‬
‫�‬ ‫�‬ ‫�و����ا رك ا �ل�‬
‫ِي ي‬ ‫ِ ِ�‬ ‫�‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�‬ ‫ي‬
‫ِم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ضَ� َل�ا‬ ‫� �ْ ُ ْ بَ ْ أ َْ ٰ � ُّ ُ َ � �أ فْ‬ ‫�ص��ْ �َّ�ذ �لَ� ْ َ ْتَف ْ‬ ‫َ ّ ُ � ُّ‬
‫��‬ ‫� ���ل � �ب��د �ى ا �ل��س�� �لوك ا �ل� ���‬ ‫�‬ ‫ِ�ل��ل‬
‫ح ك��‬ ‫� ا �ل��ِ �ي� �م �ي��ل ِ��� ت�‬ ‫�َو��سيِ��د ا �ل� ل‬
‫ِم‬ ‫ِح‬
‫�ف أُ َّ ة � ْ َا حَ� تَّ ٰ ٱنْتَ اَ‬ ‫َٱ ْ �َ ا �ضَ ا � �ْ َتَ ْ ��غ ا �� ُ َ � ٰ‬
‫� �� ���قَ�ل�‬ ‫��‬
‫�ي� � مِ� ا �لِ�إ� ��س�لِم �ى‬ ‫� �و �ع�ت� �� �بِ� �لِ�ع�ل� �و��ب�ِ�ليِ�� ل�ه�د ى‬
‫ِم‬
‫�خ� َل�ا‬ ‫َ ُ‬ ‫�ُ‬
‫�ْ ف��َ� الم‬
‫�زَ‬ ‫ى� ��لَ �انَ‬‫َبَ ْ َ ُ �لُ سَ ْ نُ َ نْ أََْ � ٰ‬
‫�َ‬ ‫حبّ��� نَ ا ��ل�غ�ُ�ل� ِا�ة ا �ب�ل��‬
‫�‬ ‫�‬ ‫ح�� �ي�� �م� � �ب��د‬ ‫�و���ع�د ه ا �‬
‫ِ ِ ي�‬ ‫ي‬
‫َ‬
‫�فا ��س��ق�� نَ ا �� �ل�قُ تّ�َ� َل�ا‬ ‫�غا �ة ا �� �ل�َ‬ ‫�م نَ ا ��لُ���َ‬ ‫َ نْ أ �ْ غَ َ ُ َ �خَ ا ُ‬ ‫فْ َ‬
‫ِ ِ ي�‬ ‫ِ� ب ِ‬ ‫�ض�ه �و�� ��نَ�ه‬ ‫�َإ�و ���ك �م� � ب ���‬
‫�‬
‫�‬
‫ِ‬
‫فَ صَ َ ٰ َ ْ َ نَ �ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫�لَ‬ ‫ُ‬
‫�ص� َل�ا‬ ‫��� �ا ر �ه��ذَا د ر��س��ا ا�لمت ِ�‬
‫�‬ ‫َ ْق ف‬
‫�ص �� او ��ي� � �موِ� ��ٍ�‬
‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫�‬
‫��ل�ا ���هَ�م�ا � ي��ن�ِ� ف�‬
‫َ‬
‫ِك��‬
‫م‬
‫بَ�ق َّ��ةُ � َّ ْ‬ ‫بَ ْ َ ُ � َّ‬
‫ع�قَ� َل�ا‬ ‫َ �ُ‬
‫�ما �ُ ا �ل� �‬ ‫سي ��فِ� إِ� �‬ ‫� �� ��ي ا �ل���‬ ‫�‬‫َا دُ �خَ��ْ�ُ قَ��ا �ن‬ ‫�ج‬
‫�س ّ‬
‫�‬ ‫�‬ ‫�َو���ع�د ه ا �ل��‬
‫م‬ ‫ِ‬ ‫�‬ ‫ي ر ِ تٍ‬
‫َ‬
‫أ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ص� َل�ا‬ ‫� � �ذ تَ‬ ‫َ َ‬ ‫بَ ن َ �قَ � ُّ ْ ف طَ � َ‬
‫��َّ‬ ‫�خا ِدِ�م ا �لِ�ع��ل� ا �ل��ِ �ي� ��� �‬ ‫�‬‫�و�‬ ‫��ا ��ي� � �م ا � ا �ل�ز �ه ِ�د ��ي� �� �ر���ق ��نا‬
‫َ ِم‬ ‫ِ يِ‬ ‫ِم‬ ‫ِ‬
‫نْ ُ�خ� ��ذ �َ ا‬ ‫َ ق ف َ � �أتْبَ �ٰ‬ ‫َ َ َ �زَ ٌْ بَ ْ َ ُ �ُ َ ّ ً‬
‫�جا ء ���د ����ع�د ه �م‬
‫�ك� � ِ �ل�‬ ‫� �مَاو ِ���� ا �ل� ���ا ِع � ِ‬
‫ل‬ ‫�ج ِ�د د ا‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫�‬ ‫�و�‬
‫�� ا �� َ �َ ا‬ ‫�لَ� َّ �غَ َ ْ َ نَ �زَ ُ ُ �ف‬ ‫��لتَّخ�ْ ��ذ �ف أَ�نْ‬ ‫َ أَ َّ ُ‬
‫عوه ي ل�و �ل�‬ ‫�ما ��� �ل او � �و�ا � �‬ ‫َ‬ ‫�‬
‫� �و �ول � ِي��ِل �ي� ��صا ِرهِ‬‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ا‬ ‫�‬

‫�س� َل�ا � �َم�ثَ� َل�ا‬ ‫�جا �ةَ �م ن ��َ‬ ‫َ� ْ ُ� ا ��لنّ��َ‬ ‫�ل�َ نْ‬ ‫��ا نَ َ �لَ� ْ ��َ ْقَ‬ ‫�ا نَ َ ا َ‬ ‫فَ كَ‬
‫�‬ ‫�‬ ‫�‬
‫ٍم‬ ‫�‬ ‫ير�ج �و �‬ ‫� � ك � و م يب �� ِ �‬
‫م‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬
‫م‬ ‫�‬
‫�‬
‫�فا ء ا ��لنّ�ُ�بَ� َل�ا‬ ‫���َ�ل�َ‬ ‫� خُ‬ ‫نَ ْ�جَ ٱتّ‬ ‫نَ َ ُ‬ ‫�غَ ٱ‬
‫� ْ�َ � �قْت���َ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫��ه � �‬ ‫��وا‬ ‫�فا ٍء �ِ�ل�شُ�� ُ�� � ���جه‬
‫ِ‬
‫ع‬ ‫� ِ� ِ‬
‫ا‬‫��ب‬
‫َ ي و�خٍ‬ ‫ير ِ‬
‫َ‬
‫�غ� َل�ا‬ ‫�َ �لَ�� ْ ��ُث���ُ � ا �ف��ْت�نَ��ةً �أ�ْ دَ ��َ‬ ‫��ض ���ط َا � ا ��ل��أ �ْم �صَ �ا �نُ�� ا د �نَ� ُه�ْ‬ ‫نَْ ٱ ْ‬
‫و‬ ‫و م يِ ي ر و ِ‬
‫ِر و ِ � م‬
‫ي‬ ‫ِ�ع��د � ِ ر ب ِ‬ ‫�‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫�َ��قْ� ض�� ��َم�ا �قَ ْ�د �شَ���ا ءَ هُ �ُم�ْ�ستَ���قْ �بَ� َل�ا‬ ‫�َ �أ�ْ َ �ُل ا �أ �ْم َ�ُ��هُ ��ل َ ّ�� �ه ْ‬
‫ي ِ �ي� ِب‬ ‫و وك� �و ر �م ِرِب ِ� �م‬

‫‪152‬‬
‫ْتَ لَ‬ ‫ْ‬ ‫َا ���عَ ْ ُ ف��َ ا ��بَ ْ نَ َ َ �بَ�يْ�� نَ�� ُ ْ‬
‫فْ�ظُ‬
‫� ��� ا ��ل��دّ �َم�ا ِء �َاو ��ل��ل��سَ �ا ن� ا �ل�مُ���� ٰ‬ ‫ِ� �‬
‫ح‬ ‫� ل � �د م� ��� ا � ��ه‬
‫ِ ِ ب �ى‬ ‫ِ‬ ‫و �ه ِي ي ��ن و �م‬
‫حَ ا ُ �جَ� �َد �َ ا‬ ‫صَ ُ ُ ْ َ َّ ُ‬ ‫ُ‬
‫���هُ ��ف ش����ُ�ع �� َ‬ ‫�ُ �َا ��لتَّ��ْ‬ ‫�� نُّ ْ‬
‫�َو� �ْو ن����ه� �ع�ما ي�� �ك � �ل�‬ ‫��نا‬ ‫�‬ ‫�‬
‫�و ح و ِ ي ي‬
‫ج‬ ‫و‬ ‫ص‬ ‫�‬‫�‬‫َا ل�‬
‫م‬ ‫وبِ‬ ‫َ‬
‫نْ �جَ ا َ ُ ْطَ � ا نٌ َ �قَ ا �ٌ أُ�ْ اَ‬ ‫ط�َ� ٰ‬‫�ص��� ف‬‫َ أ �فْ ضَ ُ �ل هَ ا �قَ ا ��َ ا �ُ ْ َ‬
‫ِإ� � �� ر ��س��ل��� � �م� � �ل � ���جِ�م�ل�‬ ‫�ل‬ ‫ا‬
‫� �و �����ل جِ�� � ِد � ل م� �ى‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ�فخُ �ْ�ذ أُ�خَ‬
‫حَ� َل�ا‬ ‫َ نْ أبَ تَ َ ْ � َ � نّ َٱ ْ‬ ‫ْ‬
‫� َّ �َ ا �أ �تَ ٰ �م نْ ف���ق� ه� ْ‬
‫� �و � � ��ي��� د �ع�ك ِم��� � �و ر�‬ ‫ِ ه‬ ‫�� � �ي� م� �‬
‫ي‬ ‫ى ِ � ِ� ِ �م‬
‫ِإ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫أ‬
‫�ف�َ� َل�ا‬ ‫ُ �جَ ً ْ تَ ْ‬
‫كو ن� ��ا ِ�ه�ل�ا �ُم��س�غ� �‬ ‫ك نُ� �صَ �ا د ق�ً�ا �ُم�ْ�ستَ��ْ�ث���قً�ا‬
‫ْ‬ ‫قَ‬
‫�َو��د �‬
‫ف�َ �قَ ْ تَ ُ‬
‫�‬ ‫وِ‬ ‫ِ‬ ‫�� �د �� و‬
‫�‬
‫�ع� َل�ا َم�ةُ ا �ل�مَ ْ�ه�د � ّ �ف���َ‬
‫م�ا �نُ���ق� َل�ا‬ ‫�َ‬ ‫�ه َ ْت‬ ‫��َ‬ ‫َ ا ظَ ��‬ ‫َ َ ْ ُ نَا � َقُّ‬
‫�و �و�ع�د �� ا ل‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫�‬
‫� ِ يِ ِ‬ ‫�‬ ‫ر‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬‫م‬‫�‬ ‫�ذَا‬ ‫�‬
‫ح� إِ‬ ‫��‬
‫� نَ ا �ل�َن�ْ�ز �َ ا‬ ‫��ا أُ ْنَا ُ ْ‬ ‫ََ‬ ‫ا‬ ‫��ثَ��ْ بَ‬ ‫نَ ُ حَ ًْ فَْ قَ‬
‫ك�ي� م�ِ �ل�‬ ‫�د‬‫م‬‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫م‬‫�‬ ‫�‬ ‫د‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫���س � ا �� �‬
‫ِ ِ‬ ‫ر‬ ‫ِر‬ ‫ك‬
‫�‬
‫م‬‫�‬ ‫ِ ي�ر ب ��و �و� �جٍ ِ ٍ‬
‫ر‬ ‫�‬
‫َ‬
‫��ن� ّ ا �ل��مُْ�تَ���ق �أ�ْ �جَ� ا ��ل�ُع� َل�ا‬
‫َ لَ ٰ � َّ‬
‫�‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫�َا َ �َّ َ َ ّ َ َ �ّ ْ �أَ�زَ �ًا‬
‫���ص�ل �و����سِ�ل� �ل�‬
‫� رِ�ي� و‬ ‫ب�‬
‫� �ى ِ ي ِ‬
‫�‬
‫�ع �‬ ‫�‬
‫م‬ ‫� ِ‬ ‫ي� رب���نا �‬
‫� َْ ا �� َ� َّا �َمنْ� ُ �� ا �� َ �َ ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫��صَ أَ ْ � ْ � فَ‬ ‫� �آ � � �أَ ْ‬
‫�‬ ‫�صِ�� �‬ ‫� � ��ه�ِلا �لِ�إ� �‬‫�َاو �ل� �ِل �َاو �ل� ح�ا ب ِ‬
‫� ��و ِص ل�و �ل�‬ ‫�و ح ي��د ِر لكر ِر ص‬ ‫ط��‬
‫ٱ �ْ�ٰ ُ َّ صَ ّ �عَ لَ ٰ �سَ ّ نَ �ُمََّ َ �عَ لَ ٰآ � �سَ ّ نَ �ُمََّ َ سَ �ّ ْ �تَ ْ��� ��ل ً َ�ث ً‬
‫س‬ ‫�‬ ‫�‬
‫� �ل�ل���ه�م ����ِل ����ى�� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و����ى� �ِل �� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و���ِ�ل�م � ِي�ما كِ ي� ار‬
‫ق‬ ‫ن‬
‫���ق���� ��م��ع��ك��ة ا �ل�و ا ���� � ل�� ���ص ا � ا �ل�تا� ر ���خ ��س� ا� ��س��ة �أ ن���و���ة‬
‫ي‬ ‫ل ر ع إ ى رع ي� ي‬
‫�خَ� َل�ا‬ ‫�زَ ُّ� � شُّ ُ �ف ٱ خْ ت َا ف قَ ْ‬ ‫� نْ �ف ْ ش ْطَ � ا ن �� ّ َ ا نَ َ ٰ‬
‫� ��د �‬ ‫�ِ��ل� �‬ ‫� �� � �‬ ‫ع‬ ‫�‬
‫��‬ ‫ل�‬‫�‬ ‫ا‬ ‫�ص َار �م� �ر�‬ ‫َ� ��� ا ل‬ ‫م ���ع ���‬
‫ٍ‬ ‫وبِ ي‬ ‫�‬ ‫�ج‬ ‫ى‬
‫ع‬ ‫ِ � ِ �ِل ي ِ� ِ� ِ‬
‫�جَ� َل�ا‬ ‫أَقَ مَ هَ � ّ ْطَ � نُ تَ ْ � َّ‬ ‫��ُ شْ �غَ �ُ َ� نْ فتْ َ ْ ُ‬
‫��ِح��م� ا �ل��د �‬ ‫َ� ���ا � �‬ ‫��‬ ‫� ��ا � �ا ا �ل�ش‬ ‫��‬ ‫�‬ ‫ِلي������� �ل او ع� ِ���نَ��ةٍ �م�د‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫�‬ ‫سَ��ةٍ‬ ‫و‬ ‫ر‬
‫ُ‬
‫�جا �َ �غُ� �َ�ثا ءً �أ شْ����ع� َل�ا‬ ‫هَ ْ ً َ َ ْ ً‬ ‫ْ‬ ‫ض‬ ‫تُث ُ أَ ْ َ � ّ ن ض َّ بَ ْ‬
‫� و‬ ‫�جا �و�مر�‬ ‫�‬ ‫� ر�‬ ‫���د ���ع� ��ه‬ ‫��ِ��ي�ر � ��ه�ل ا �ل��ِدي�ِ� ِ�‬
‫ِ‬ ‫ِ ��ِ �م‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫كَ�م�ا �أ ��تَ ٰ َ�ع ن ا ��لّ���ذ �� قَ� ْ�د �أ ْ ��س� َل�ا‬ ‫ئ‬
‫�ص َار دَا ِ��‬ ‫�ي���ل ��ي� ِ�‬
‫ف‬ ‫�ي�� ًل�ا بِ ج�‬
‫جِ�‬
‫رِ‬ ‫ى ِ� ِ ي‬ ‫ٍع ٍم‬ ‫ِ ٍ‬
‫َ‬ ‫تَ َ �قُ ُ �‬
‫���ا � ���ط ��ف ا ��ل شّ���ْ �بَ�ْ �صَ �ا َ ��بَ� َل�ا‬ ‫� نْ ضَ‬ ‫� دُ � نَ��َم�ا‬ ‫� �ْ ُ �َ��ق تُ‬ ‫ل‬
‫�‬
‫ِ � �بِ ٍ ي� رِع ل ر‬ ‫�‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫�‬ ‫م‬
‫ِي‬ ‫�ل‬ ‫ا‬ ‫�د‬ ‫�ق‬ ‫�‬‫ح‬ ‫� ����فا �م ا ِ‬

‫‪153‬‬
‫�خَ� َل�ا‬
‫قَ ْ �خَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫تَ َ تٌُّ ْ أَ ْ ُ ْ أَ لَ‬
‫�ص َا �ف�ك�ر �هَ�ا �ت��ك ��د ����ل‬ ‫� � �ْو َ�ع�� ٰ‬ ‫ح ك��‬
‫�‬ ‫��ك��� �م ن � ��ه� �‬
‫ٍ ٍِ‬ ‫ِ� رِع ِ‬ ‫�ى‬ ‫ل ِ � ِل ٍم‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ ُ � شّ ْطَ � ا نُ � �َّ َّ �ُ ف‬
‫ه� َل�ا‬ ‫�ح� ا ��ل��تّ ْ��س����� حَ��تّ ٰ �هَ��ل�َ‬ ‫َ‬
‫يِ ي ِس ى �‬ ‫�م َار ِ� ِل‬ ‫�جا �ل ��ي�‬ ‫�‬ ‫َ� ��� � �َاو �ل�د �‬ ‫�ي� ِ�د�يره ا �ل���ي‬
‫ُ‬
‫حَ ظ�ُ ��� ا �َع�َْ�د ا � �أ ��لَ ٰ‬ ‫َ�قَّ ا �� � ّ �َ ا ء َ�ٱ ْ� ف‬ ‫ُ َا أُ َّ ةً َ ْ ُ َ ةً‬ ‫فَ �ْتُ ْ‬
‫�ل� �ى‬ ‫ه‬ ‫�‬
‫ح� ل�ِد م� ِ �و ��و‬ ‫�‬ ‫حوم�‬ ‫ر�‬‫�‬ ‫��م‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬
‫كو ي� م�‬ ‫ا‬ ‫��ل� ِر �‬ ‫�د‬
‫�� َل�ا‬ ‫مَ ْ َ ا بَ �َا ض َ �َ ْ ُ ْ‬ ‫� ا تَ خْ � ُ � شّ ْطَ � نَ ف َ ْ‬
‫�ْ �ُم ش��� ِك�‬
‫�‬ ‫� �ه�م� ���دَا ا�لم� ِ���� �ع�لي� ك��‬
‫�‬ ‫َ� ���ا � ��ي� �م ش���ُر�وِ�عِه‬ ‫�‬
‫�ل� �� ِد �م� او ا �ل���ي‬
‫م‬ ‫ي‬
‫أَ‬
‫�ص� َل�ا‬ ‫ح ًّ ُ‬ ‫َ ُ ُّ آ � �بَ ْ ت ُ‬ ‫ا‬ ‫بَ‬‫ْ‬
‫ت‬ ‫فَ ا � �أَ ْ ُ فْ�ظُ � � � ّ ن �ف‬
‫�با � �مو ِ�‬ ‫� ��‬ ‫�وح ب� � �ِل ا �ل�ي�� ِ‬
‫�‬ ‫ح� �� ا �ل�ِدي�� �� � ���� ِ�ع�ِه‬
‫ِ ي‬
‫�� �ل� ��ص�ل ِ� �‬
‫ًا �َ ْ تَ��ث �ُ ا �� �ُ َ �َ ا‬ ‫� ا ٱْ َ‬ ‫ّٰ � ا َ� ْ ًا ��ل َ ْ ُ �ْ ��َ‬
‫�و �ل� � �مِت��ل�ا ك� ي��س ِ��ي ر ل�د �و �ل�‬ ‫ل�ط��ةٍ‬ ‫لِلِه �ل� حر �ب� ِ��ني���ل ��س� �‬
‫ِ‬
‫�� ا �ُ��ع�مَ� َل�ا‬ ‫أَ ْ ً َ �َ ا �نَ ْ ًا َ َ شُ‬ ‫نْ ُ ْ بَ��ة ��غُ ثَا َ نْ � ا َ� ْ � ُ‬
‫� �م ار �و �ل� � �هي�� �و�عا � �و‬ ‫ك او‬ ‫�ص�ِ ا �ل� �� ِء �م� �ل� ي�م�ِل �‬ ‫�ِم� �ع�‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫�ُم�ْ�ستَ��ْ� عَ � نَ � ا ��ل�غ�ُ َ ء �ف ا �� َ �َ ا‬ ‫�َ ُ ��ّل ُ ْ �َ �َم نْ �أ �تَ ٰ �م نْ �بَ��ْع�د ��هْ‬
‫��مر � بِ� ��ثا ِ �ي� ل�و �ل�‬ ‫ه‬ ‫وك‬
‫ِي‬ ‫� �م و � ى ِ � ِ ِ م‬
‫� �ص �� �ف��يَ�ما �نُ���ق� َل�ا‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َش ْ � � ن ُ‬ ‫طَ� ٰ‬ ‫حَ� تَّ ٰ َ َ �� َ ْ ُ َ ْ ُ ا �ُ ْ َ‬
‫�ص��� ف‬
‫بِ����رِ ��ط�ِه ا�لم� و ِص ِ � ِ‬ ‫�‬ ‫�ل‬
‫�ى يجِ��ي�ء ل�و�ع�د �و�ع�د م� �ى‬
‫ا‬
‫َ‬
‫َ� ْ�ه��ذ �� �َ�ذَا َك ��ا ��ل ش��ّ��ه�ق �ٱ �نْ ف��َ��عَ� َل�ا‬ ‫�فَ َ ْ � َ � نْ ٰ ا ��ل�زَّ ف � � نَْ �َ نْ‬
‫ي� ِ ي و بِ �ِ ي �ِ�‬ ‫�د �ع�ك ِم� �ه��ذَا ِ��يِر ِع��د م�‬
‫َ أَ‬ ‫َْ‬ ‫ن َّ��ةً‬ ‫فَ ا � ُ ُ أْ ُ‬
‫�يا �ف� ا �� ّل���ط� َل�ا‬ ‫�حَ�ّ ��� ْ ���ط�َ‬ ‫ل‬ ‫حَ ثُ �‬
‫ا‬ ‫�‬ ‫�وَ����‬ ‫عا �� �ع�ل�‬ ‫ل�ك�ّ �َم�� �ز � �ٌ �ُ���َ‬ ‫�� �‬
‫ِ ِ‬ ‫ل بِ‬ ‫بي‬ ‫ل وم ي ِي ِ‬
‫َ‬
‫�مَْ�جَ� ا ت ا ��ل�عَ ْ �فَ�ٱ ��نْظُ ��� ْ �ف ا �� � ّ � ا‬ ‫�م نْ �ُ خ‬ ‫حَْ أَ ْ ا �ل�زْ أَ ف ْ‬ ‫ا�‬
‫�صر� �ر �ي� ل�ِد �ل�‬ ‫� �‬ ‫ِ� ر ِ‬‫�‬ ‫� � �ْو ��� �ِمث�ِ��ل�ِه‬ ‫�‬
‫ح‬
‫بِ ِ ب ِ‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫و‬‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ل‬
‫�‬
‫�بِ� رب ِ‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫�� هُ �ٱ ن�ْ�ت َ ءٌ َ �قٌ �أ نْ �َ ْ �أ � َا‬ ‫َ �مثُْ ٰ �َ���قْ تَ�ض� � نْ ُ ّ �َ نْ‬
‫لَ� ِ�ما ��صا ِد � � ي��س� �ل�‬ ‫�وِ ���ل �ه��ذَا ي ِ ��ي� ِم� �ك�ِل م�‬
‫َ‬
‫� ����ً�ا �َ�ٱ ْ�عت�� َل�ا‬‫حْ ظ‬‫�م نْ �ُع ْ بَ��ة ا ��لتّ��ْ � ش � �ف‬ ‫َ�ع َّا �َُا ُ �ف �زَ َ هَ �‬
‫�ص�ِ حِري��ِ� ِ و ِ‬ ‫ِ� �‬ ‫�ما نٍ� � �اِ�ل��ٍك‬ ‫�م� ي��د ر �ي� �‬
‫لَ‬ ‫�ُ ْ تَ ف ُّ‬ ‫فَ ّ َ ُ ْ ��ةٌ ُ َ نَ��ةٌ‬
‫�ما ِء �ُم ْ��ب ت�َ�� ٰ‬ ‫� ��ا ��ل��دّ � َ‬ ‫�َاولم���سِخ�� �‬ ‫ح �َ‬ ‫�� �‬
‫�ى‬ ‫� بِ ِ‬ ‫�م �م��صا ��‬ ‫ِ�ل�ل� ِد ��ما ِء �ر‬
‫َ‬
‫��ن� ّ ا �ل��مُْ�تَ���ق �أ�ْ �جَ� ا ��ل�ُع� َل�ا‬ ‫َ لَ ٰ � َّ‬ ‫�َا َ �َّ َ َ ّ َ َ �ّ ْ �أَ�زَ �ًا‬
‫� رِ�ي� و‬ ‫�‬ ‫��ع�� ا �ل ب‬ ‫���ص�ل �و����سِ�ل� �ل�‬
‫� ِ‬ ‫ي� رب���نا �‬
‫� �ى ِ ي ِ‬ ‫م‬

‫‪154‬‬
‫� َْ ا �� َ� َّا �َمنْ� ُ �� ا �� َ �َ ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫��صَ أَ ْ � ْ � فَ‬ ‫� �آ � � �أَ ْ‬
‫�‬ ‫�‬
‫�صِ� �‬ ‫� � ��ه�ِلا �لِ�إ� �‬ ‫�‬
‫�َاو �ل� �ِل �َاو �ل� ح ا ب ِ‬
‫� ��و ِص ل�و �ل�‬ ‫�و ح ي��د ِر لكر ِر ص‬ ‫ط��‬
‫ً‬ ‫�ٱ ��ْ�ٰ ُ َّ صَ ّ �عَ لَ ٰ �سَ ّ نَ �ُ�مََّ َ �عَ لَ ٰآ�� �سَ ّ نَ �ُ�مََّ َ سَ �ّ ْ �تَ ْ���س��ل�ً‬
‫َ�ثي�را‬
‫ك‬
‫ِ‬ ‫ل�ل���ه� ����ل ����ى�� ي� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و����ى� ِل �� ي� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و���ِ�ل� � ِيما‬
‫م‬ ‫ِأ ث‬ ‫ذ����كر�ا� ت‬
‫ِ‬ ‫م ِ‬
‫� ا �ل��غ���د�ير �و � ��م� ا� ل�ه�‬
‫ُ‬ ‫تَ َ ُ قَ ْ َ � آ � � َّ‬
‫حْ ا � �أ ��لَ ٰ‬
‫ي‬
‫�‬
‫�ر��� ��د ر ا �ل� �ِل �َاو �ل��‬
‫�ص‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫� ُ ا ����غَ � �ذ ْ ََا ُت شَ َ �ف‬
‫�‬
‫� �ل� �ى‬ ‫ِب‬ ‫ع‬
‫�‬ ‫ِعي��د ل ِ�د ِير ِ ك�ري� � ���ر ٍ‬
‫َا �خ� �شَ�� ْ��ًعا �َف��عَ� َل�ا‬ ‫�ف �خ �ْ َ ة � �ّ‬ ‫ً‬ ‫� ت َ �َ �غ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ نْ أَ َ �‬
‫�ي� ِ��د مِ� ا �ل�ت ِيرِ ر‬ ‫�و�م� � رَا د ا �ل�إ� حِ ����فا �ل رَا ِ� ��با‬
‫ِ‬
‫تُ ف ُ أَ ْ َ � �ْ فَ ْ ًا ُ ْتَلَ‬ ‫� ْ نْ‬
‫َ َ � ٰ � أَ‬
‫ْ‬ ‫ف‬
‫� ٰ‬ ‫� ��� � ��ه ا �ل� � ��ه �‬ ‫��ك�م ِ�ل�ه��ذَا ا �ل� �مِر �ِم� ِر �َاو �ي�َ��ةٍ‬
‫ِ ي��د �ل ِع�ِل�م � �م� ي ج ����ى‬
‫ََُْ‬
‫��جْ�م��لَ��ةُ �َم�ا ��ل� ْ��آ��ل �م نْ �فَ� ض�ْ�� ��غَ� َل�ا‬ ‫�ُ‬
‫�‬
‫� َ َ ْ �ُ ُ‬
‫ه‬ ‫�ود ر�� �ها و��ر �ها وِ ��ث ل�‬
‫�‬ ‫م‬‫�‬ ‫�‬ ‫�‬
‫َ شَ ْ ُ‬
‫ح‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫َ‬ ‫�‬‫س‬
‫ِ ل ِ ِ � �ٍل‬
‫ْ‬
‫ـ� ����ا ن فَ���ٱ �ْق َ�أ �َم�ا �َ �جَ���ْد تَ� �َ�ٱ��نْهَ� َل�ا‬ ‫ْطَ‬ ‫ّ‬ ‫أَ ْ � ْ� َ �َ َْ َ � ثْ�ُ ُ �‬
‫و�‬ ‫ب ِ� ر و‬ ‫� �و ِ�ل� إل� �ما ِ� ��حي��د ٍر �وِم��ل�ه ا �ل��سِـ‬
‫ِ م‬
‫حَ� َل�ا‬ ‫ْ ف ْ �جَ‬ ‫َ‬ ‫ّ�ْ‬ ‫َ‬ ‫� ُّ �َ�مْق �قٌ �َ ا قَ ْ �خَ� ّ ُ �‬ ‫ُ‬ ‫فَ � ُ‬
‫��ح ٰ�م نُ� �ِم ن� �� ض����ل �َو��اٍه �َو�‬ ‫ر‬ ‫ـ‬‫�‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫�‬ ‫ا‬ ‫ه‬‫َ�‬
‫�ص‬ ‫�‬ ‫�د‬‫�‬ ‫�‬
‫م‬ ‫�‬‫�� � ل و� ِب‬
‫�‬
‫�‬ ‫�‬
‫ح‬ ‫�‬
‫ل�‬
‫ك‬
‫�‬ ‫ا‬
‫ٍ‬
‫َ‬ ‫� َّ‬
‫�صْ َ�ٱ ْ� ��ذَ ْ �أ نْ �تَ�ُق ��َ ��لَ نْ َ �َ ا‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫��ا �ل‬ ‫َ�ز ْ َ لَ ٰ ٰ ٱ ْ � َ ًا ثْ� ُ‬
‫�و د ��ع��� �ه��ذَا � �ه�ِ�ت�ما �م� �ِم��لَ�ه‬
‫� �و ح� ر � � ��ول � �و �ل�‬ ‫بِ‬ ‫ح‬ ‫بِ‬ ‫ى‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ح��دَا �� �تَ��قُ� ض��ُّ ا �ل�مُث�ُ� َل�ا‬ ‫�‬
‫َ شَ ْ� أ ْ‬
‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�فَ ا ��لنَّ ُّ �أ�ْ ��لَ ٰ �م نْ �َ ��قَ ا �� �َا �ص�ف‬
‫�‬ ‫ثٍ‬ ‫ح‬ ‫رِ‬ ‫�‬ ‫و‬ ‫�‬ ‫� ���ص و�ى ِ � م � ِل و ِ� ٍ‬
‫�م نْ �َع�ْ ٰ �� هَ �فَ ْ َ �فَ ٌْ ُ ّ �َ ا‬ ‫�ف �فَ ض ْ‬ ‫�فََ ْ أَ تَ ٰ �نَ ٌّ‬
‫�‬
‫�د‬ ‫�‬
‫هو رد ع ِ �ل�‬ ‫�‬
‫ِ � صِر ط� �‬
‫��‬ ‫�م ن� � �ى � ��ص بِ�ِ �ي� � ِل�ِ‬
‫ه‬ ‫�‬‫��‬ ‫�‬ ‫ه‬ ‫�‬
‫�خ�ْ� ا ��ل نّ�َ�ا �� �ز دْ �نَ�ا هُ ق�� َل�ا‬
‫�َ‬ ‫� نْ ��قَْ �‬ ‫َ ّ‬ ‫ف‬ ‫َ َ ْ أَتَا نَا قَ ا ٌ‬
‫ِم� �و�ِل � يِر ِس ِ ِ‬ ‫�ق�ِه‬ ‫�و�م ن� � �� �� �� ِد ��� � �‬
‫حِ�‬ ‫�‬
‫ح ي‬
‫َ‬ ‫نَ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ْهَ � ُ‬ ‫نَ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫َا �� َّ ْ تُ �خَ ٌْ ف‬
‫�َ َ � ا‬ ‫�فا ِ��س�ق ��و ن� ي���ع ش����ق ��و� ا �ل‬ ‫َا �� � َ‬ ‫� ��ي�ر ��� ا ��ل���ذِ �ي� �ج� ��ل�ه‬
‫�ج�د �ل�‬ ‫�‬ ‫�و ل�‬ ‫ي‬ ‫���ص�م‬ ‫�و ل�‬
‫ح� َل�ا‬ ‫�َ‬ ‫� �قْ َ ف��َ نْ َ‬ ‫ل‬ ‫أَ نْ نَ ْ تَث َ �‬ ‫َ �َ ا �َ ُّ بَ ْ َ أَ نْ قَ ْ �ذَ َ ُ‬
‫ح �د ِي�م ر�‬
‫� � ���س��ِ��ي ر ا ِ � �‬
‫�‬ ‫� ���ع�د � � ��د ��هب �� او‬ ‫�و �ل� ي ِ���ص‬
‫أَ ْ أَ نْ نَقُ َ‬ ‫�َ ح أَ‬
‫َ�ع نْ هُ ض ًّا �بَ ّ �َ ا‬ ‫ف‬ ‫ق‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ً‬ ‫َ‬‫�َو �ل�ا �ن�ُ ِ�دي� نَ� � �‬
‫���د � ِ�د �ل�‬ ‫� �و � � � �� ��و�ل �� ِ�‬ ‫�ح�د ا ��ي� � �موِ���ٍ�‬
‫أَ‬
‫�ص� َل�ا‬ ‫��ب ّ�د �ل ��تَنَ�� َّ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫��� ��َ�ه �م َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬‫ن‬ ‫�َّ ا نَ ّ ف ه َ� نْ �خَ ْ� � َ َ ٰ‬
‫ِ‬ ‫بِ‬ ‫ِإ� �ل� بِ�����ٍص ِ�ي��ِ ع� ��يِر ا �ل�ور�ى‬

‫‪155‬‬
‫��ح ٌ َ َّ �َ ا‬ ‫�صَ‬ ‫ف َ ْ � ُ �نَ ٌّ‬ ‫�فَ �َ ْ سَ � ْ�أَ ْ � ث ُ ْ ٌ قَ ا �ٌ‬
‫ِ ���ي�م� �لَ� � ��ص ِي �‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫�‬ ‫حك� �� ِ ��ط‬ ‫��‬ ‫�لي���� ِ�ل�ل� �‬
‫� �ع�د �ل�‬
‫ع‬
‫��‬
‫م‬ ‫ح�دَا ِ‬
‫ح‬
‫�م نْ �غَ ْ� ��نَ ّ �فَ ْ َ �َ ف��ْ � ا �ل� �قْ َ �َ ا‬ ‫َ َ نْ بَ نَ ٰ �ُ ْ ًا َ لَ ٰ َ‬
‫ح�ا‬
‫�ه�و ي�ر ي� ِم ��و �ل�‬
‫ِ‬ ‫�‬ ‫�‬‫�‬ ‫ر‬
‫ِ � يِ ٍص‬ ‫�‬‫�‬ ‫�و�م� � ��ى حك�م� �ع���ى ِثَ��ةٍ‬
‫�‬ ‫�‬ ‫د‬ ‫�‬
‫َ‬
‫��ن� ّ ا �ل��مُْ�تَ���ق �أ�ْ �جَ� ا ��ل�ُع� َل�ا‬
‫َ لَ ٰ � َّ‬
‫�‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫�َا َ �َّ َ َ ّ َ َ �ّ ْ �أَ�زَ �ًا‬
‫���ص�ل �و����سِ�ل� �ل�‬
‫� رِ�ي� و‬ ‫ب�‬
‫� �ى ِ ي ِ‬
‫�‬
‫�ع �‬ ‫�‬
‫م‬ ‫� ِ‬ ‫ي� رب���نا �‬
‫� َْ ا �� َ� َّا �َمنْ� ُ �� ا �� َ �َ ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫��صَ أَ ْ � ْ � فَ‬ ‫� �آ � � �أَ ْ‬
‫�‬ ‫�صِ�� �‬ ‫�َاو �ل� �ِل �َاو �ل� ح�ا ب ِ‬
‫� � ��ه�ِلا �لِ�إ� �‬
‫� ��و ِص ل�و �ل�‬ ‫�و ح ي��د ِر لكر ِر ص‬ ‫ط��‬
‫ٱ �ْ�ٰ ُ َّ صَ ّ �عَ لَ ٰ �سَ ّ نَ �ُمََّ َ �عَ لَ ٰآ � �سَ ّ نَ �ُمََّ َ سَ �ّ ْ �تَ ْ��� ��ل ً َ�ث ً‬
‫س‬ ‫�‬ ‫�‬
‫� �ل�ل���ه�م ����ِل ����ى�� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و����ى� �ِل �� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و���ِ�ل�م � ِي�ما كِ ي� ار‬

‫�خ ت‬
‫ا �ل�� ا� ���م��ة �و ا �ل��د�عا� ء‬
‫��نا �َ دُ ��لّ� َل�ا‬ ‫أَ تَ‬ ‫َ‬
‫�ما � � ٰ ��ف ��نَ ْ ��ظ����م َ‬ ‫�ل�َ‬ ‫� شَ����ا �ه�د ا ��ل���ذّ �ْ �ق� ا ��ل َّ��س��ل��ي� خَ���ْ�تُ�م نَ��ا‬
‫وِ‬ ‫ى ي� ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ � ِم‬ ‫بِ ِ ِ وِ‬
‫نَ � ّ ضَ ٰ ْ َ ّ َ لَ‬ ‫َ‬
‫َ ُ ْ ظَ � ّ أ نْ نَ ُ �زَ َ ظَّ‬
‫��نا �َ�مْ ��� ٰ ا ��ل�ُع� َل�ا‬ ‫ن‬ ‫ح ���� َ‬ ‫حو �‬ ‫ح��سِن� ��� ن� � � ��‬ ‫�و�‬
‫�ِم� ا �لِر���ى �ِم� �رب�ِ وى‬ ‫��نا‬
‫ٍ‬
‫َ‬
‫ا ��ل��أ �مَ� َل�ا‬ ‫َ َْ َف َ � َ ْ سَ َ ُ�ْ‬ ‫َ� َ�مً�ا‬ ‫�ص��َ ٱ ّٰ ُ � �أُ ُ َ‬ ‫َ �ُ ْ‬
‫�� ح‬ ‫� �و��د ���‬ ‫�‬
‫ع ا �ل��ب�أ ي�و ِي�ي�‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫ور‬ ‫م‬
‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ه‬‫لل‬ ‫�‬ ‫ل‬
‫�‬ ‫�وي� ِ‬
‫ُ ْ�� � �أَ َ نَ َ ُ ُ �لجَ �َ ا�‬
‫َ‬ ‫�َّ��ذ‬ ‫ح � ُ ُ َ �َْ‬
‫ّ‬ ‫��‬ ‫َ َ ْش َ َ� ا � ّ‬
‫ي�رِس�ي� ا �ل� ��ما � � �و�ي��بي��د ا ��د �ل�‬ ‫حِق�ا �ل�ِ �ي�‬ ‫�ص�د �ور ِل��ل�‬ ‫�وي����ر ل�‬
‫ح‬
‫ِ‬ ‫َ أَ‬
‫�َ َ َا �ٰ � � اَ‬ ‫ٱ ْ‬ ‫ُ‬ ‫�‬
‫ه�ا �لِ�ع�لَ�ل�‬ ‫��جِ�مي��‬‫�ك�ف� ا ��ل‬ ‫َا َ �ّ َ ن تَ الم ُ َ ْ َ َ‬
‫�ي� ب� �م ن� د ��عا‬
‫ْ‬
‫ع �ي� ِإ� � ِل� ي�‬ ‫ِ‬ ‫ِ�‬ ‫�ي� رب���نا � ��� ِج‬
‫ٰ‬
‫��ف ا ��ل��أ �ْم �َ�ٱقْ�بَ��ْ �َ�ا � ��ل ه ا ��ل��َ�ع�مَ� َل�ا‬
‫َ‬ ‫َ�ٱ �ْ� ْ ُق ُ بَ �ُ ْ � نَ ْ � ً‬
‫َ�ة‬
‫ِر و �ل ي إِ ِ� �ي�‬ ‫ي�‬ ‫ح�د‬ ‫�و ل���ه� ���ل�و� ا�لم��سِ�لِ�م��ي� �و�‬
‫ِ‬ ‫ِ م‬
‫َ‬ ‫�قَ ْ �َّ‬
‫ُت� تُ �ف ا � �نْ سَ ا ن �أ �ْ َا َ ا �� َ �َ ا‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫�ص �ف ُ�عُ بَ ا ��لنّ�ف� �َا �� �ل ��ل ا �ل�ت‬ ‫ْ‬ ‫ٱ ْ‬
‫ِ�مي�� �ي� �لِ�إ� �� � ِ� �سر ر ل�و �ل�‬ ‫ِسو ب ِ ِ �ي�‬ ‫�‬ ‫��‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫� �و � ِر ي و‬
‫�‬
‫�‬ ‫�‬
‫�َ�ٱ �ْ�س��ْ َ�ع��لَ ْ�نَ��ا ا ��ل ّ��س��ْتَ �َ�ٱدْ �َف��ْ ��ل��لْ�بَ� َل�ا‬ ‫حَ�ا �جَ��ا ت� ��ف ��سَ� َل�ا‬ ‫ل‬‫َٱ �قْ ض �لَ نَ ا �‬
‫و بِ �ل ي ِ ر و ِ‬ ‫َ��ةٍ‬‫م‬ ‫�‬ ‫ِ ي�‬ ‫�‬ ‫� �و ���� ��� ا‬
‫ع‬ ‫ِ‬
‫َٱ ْ � ْ بَ ن نَ ا �ف �زَ َ ا ن � ْت اَ‬ ‫أَ‬ ‫قَ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫�‬ ‫ّ‬
‫َا ن�� نَ��ا‬ ‫�ف ْ �‬ ‫�ْ‬ ‫�َ ���َ‬
‫� ����ي��� �� �م� ِ� ا �ل�إ� ب��ِ��ل�‬
‫ِ‬ ‫� �و ِحل ِ ي‬
‫�ص�‬‫�‬ ‫س��ه�ِل ا �ل� ر �زَا �� �ي� � �و ���ط ِ‬ ‫و ِ‬
‫تُ�ْ‬ ‫َ‬
‫�س� َل�ا �َ �َ تَ� ُدُّ ا ��ل�زَّ��لَ� َل�ا‬ ‫َ‬ ‫ا ��ل��ّ‬ ‫ح‬ ‫�َ � ّ س�ْ ��لَ نَ�ا �شَ��َا � َ�د ا ��ل�ع��ْ ا ��لّ�ت‬
‫م ور‬ ‫ِي�ي�‬ ‫ع � �و ِ�ه ِ ِل�م ِ �ي�‬ ‫و��ِ�‬

‫‪156‬‬
‫�خَ��لَ� َل�ا‬ ‫� �زّ �ش�َ � ��ف‬ ‫ْ لَ‬ ‫َٱ فْتَ َ‬
‫ك� ْ نُ��ز ���َ ا ��ل‬ ‫َ‬
‫�‬ ‫�‬ ‫ع‬ ‫�شا �هَ�د ا ��ل�َ �ع�� َ�ع�� ٰ‬ ‫��نا �َم���َ‬ ‫�ْ ��ل َ‬ ‫� �و ���‬
‫ي� ِ ي ل‬ ‫ِ ٍ ِر ي ٍ‬ ‫ِ و ي ِ �ى‬
‫� اَّ � َ ٱ‬ ‫لَ‬ ‫ْجَ َ‬ ‫ح‬
‫� �فَ�� دْ ْك �َم نْ دَ َ�ع�ا �َ �هَ��ّلَ� َل�ا‬ ‫� �ل� ك‬ ‫َ �ّ�َا هُ ��ل�ا �َم���ل�ا �َ ��ل�ا ��مَنْ��جَ ٰ �� نَ��ا‬
‫ِر � و‬ ‫ِإ‬ ‫�ى‬ ‫و‬ ‫رب‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٱ‬
‫ي�حْ� ُ���ُد � بَ� ا ��ل��أ ْ ض� �خ� �ْ�ص�ً�ا �خَ� ض���� َل�ا‬ ‫�َ � ن�ْ�ز ��ْل َ�ع��لَ ْ�نَ��ا �م نْ �ُم�زُ� ن� ا ��ل��غَ ْ� ث� �َم�ا‬
‫ر ِ� ِ ب ِ‬ ‫ِي ي� �ج و‬ ‫و ِ ي ِ � وِ ي ِ‬
‫َ� َل�ا‬ ‫ت َّ��ةً تُ �ْ ��ل�زُّ ُ َ �‬ ‫َٱ ْ �عَ ْ �لَ نَ ا ف أَ ْ ض نَ ا ��فَ ا َ��ةً‬
‫�ذَاِ��ي� ����ِن��م� ا ر �و �َاو �لك‬ ‫���� ِ��ك�� �ي�‬ ‫�� �ل ��� ��ي� � ر ِ�‬ ‫� �و ج�‬
‫ْ‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫َا ��لَ ٰ َ �أ�َْ � ٰ ا �� ّ ْ �قَ �ف �شَ �أ ن ا �� َ �َ ا‬ ‫�َ�ٱ �فْ�تَْ َ��لَ ٰ ُ ���� َّ�ا �� نَ�ا �َ �َم نْ ��َ ُ ْ‬
‫�ص�د � �ي� ��� ِ� ل�و �ل�‬ ‫�و �ى �و ب��د ى لِ�‬ ‫� ع��ى طلبِ � و � ل�ه�م‬ ‫و �‬
‫ْ نَ ْ�جَ � ُّ‬ ‫ٱح‬
‫ضَ� َل�ا‬ ‫نَ ْ�جَ � ّ�جَ ا � � َ ا نَ � فُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫�‬ ‫�خ‬
‫� ا �ل�ش���� � ا �ل�ع��ل�م�ا‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬
‫��‬ ‫� ا �لِر�� �ِل ا �ل�ع� ِ�مِ��ل��ي� ا � �ل��‬ ‫��ه‬ ‫ه‬ ‫�‬ ‫م‬ ‫�‬‫ه‬ ‫�‬ ‫ح‬
‫�‬‫�‬ ‫��‬
‫ي وِ‬ ‫� �بِ �ِ �‬ ‫و يِ‬
‫�خَ� َل�ا‬ ‫ُ‬ ‫أَ ض ْ َ �ُ ْ َ �لَ� ْ َ ُ‬ ‫نْ سَ ا َ�ة � َ ْ � �َّ�ذ نَ أَ�نْ فُ‬
‫ك �ونُ�� او ب�‬ ‫�‬
‫���د د � و�م ي� �‬ ‫�‬ ‫ه‬ ‫َا‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫� � ��و‬
‫ا‬ ‫�ِم� �� � د ِ ا �ل�ع�د �ِل ا �ل��ِي�� � � صَ‬
‫م‬
‫َ ُ � َ ْ ٰ ُ َ � ُّ ْ ٱ نْ‬ ‫ُ ْ �تَ ْ ش � نَ � طَ ��� � ق ا �ُ ْ َ‬
‫�جَ� َل�ا‬‫�ُ � �‬ ‫ح�م ن� �م�ا ا �ل�ب�ص�‬ ‫� ّ��ا �ه�ُ ا �ل ّ�‬ ‫حَ‬ ‫ط�َ� ٰ‬ ‫�ص��� ف‬ ‫�م��س� ر�ِ�� ِ�دي � �بِ ر ��� �لم�‬
‫ي م ر‬ ‫ى‬ ‫�‬ ‫ِ يِ‬
‫ح‬ ‫َ َ ّ َ فّ �قْ نَ �جَ‬
‫� َ ْ � � �نْ صَ ا ف � ا نَ ْ ضَ ٰ � �ق لَ‬ ‫� ًا � � ُ َ � ٰ‬ ‫ْ‬
‫�َاو �ل�ع�د �ل �َاو �ل� � � � ���ل� �ر��� ا � �ل �� ٰ‬
‫ى ِ �ى‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ�إ‬ ‫� �وِ��� ��ا ِ ي ِ � ى‬
‫�د‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫�‬‫ل‬‫�‬ ‫�‬‫ع‬ ‫�‬
‫�‬ ‫�م‬ ‫�ي� ر ب ِ‬
‫ا‬
‫لَ‬
‫��نا �َ��ْ �َ ا ��ل�ُ ُر �ود �َاو ��ل��� ٰ‬ ‫��تَنْف�َ �ُ َ‬ ‫ْ نَا َ�ز َّ��ةً‬
‫�‬ ‫َ‬ ‫َٱ ْ� َ ْ �لَ نَ ا �ف‬
‫ي وم و ِ ِبتَ�أَ�ى‬
‫ع‬‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫م‬
‫بِر ِي‬
‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬‫�ص‬ ‫�‬ ‫� �و ج����ع�ل ��� �ي�‬
‫َ �صَ‬ ‫َآ �‬ ‫�ُ ْ َ � فَ‬ ‫َ َ � َّ‬
‫ه� َل�ا‬ ‫َّ‬ ‫�‬ ‫ا‬ ‫َتَ‬
‫�و �حِب��ِ � �و�بِ�� �� ��‬ ‫ه‬ ‫�� ْ‬ ‫ه‬ ‫� �وِ�ل�‬ ‫ٰ‬ ‫�‬
‫�ص� �‬
‫ط‬ ‫�‬ ‫�م� ا �ل�نِب �� �لم‬
‫ا‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ى‬ ‫�‬
‫�‬
‫ٍع‬ ‫ع يِ‬
‫َ لَ ٰ � َّ ّ �ُْتَ�ق أَ ْ �جَ� � ُ اَ‬ ‫َا َ َّ َ َ ّ َ �ّ ْ أَ�زَ �اً‬
‫���ص� �و���َ‬
‫��ن��� ا�ل�م �ر��� � �و ا �ل�ع�ل�‬ ‫ا �ل‬ ‫سِ�ل� � �ل�‬ ‫�ي� �رب���نا �‬
‫���ع���ى ِب ي ِ ِ ي�‬ ‫َ� ِل َ � م‬
‫� َْ ا �� َ� َّا �َمنْ� ُ �� ا �� َ �َ ا‬ ‫�َ َ‬
‫�‬ ‫طفَ��ا‬ ‫��صَ أ ْ � ْ ��‬ ‫� �آ � � �أ ْ‬
‫���و ِص ل�و �ل�‬ ‫ر ِر ص‬ ‫لك‬ ‫�د‬‫�‬
‫و ح ي ِر‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�ص‬ ‫�‬
‫� �ِل �لِ�إ � ِ‬ ‫ا‬ ‫�ه‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�َاو �ل� �ِل �َاو �ل� ح ب ِ‬
‫ا‬‫�‬
‫ٱ �ْ�ٰ ُ َّ صَ ّ �عَ لَ ٰ �سَ ّ نَ �ُمََّ َ �عَ لَ ٰآ � �سَ ّ نَ �ُمََّ َ سَ �ّ ْ �تَ ْ��� ��ل ً َ�ث ً‬
‫س‬ ‫�‬ ‫�‬
‫� �ل�ل���ه�م ����ِل ����ى�� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و����ى� �ِل �� يِ� ِ�د ��ا ���ح�مٍ�د �و���ِ�ل�م � ِي�ما كِ ي� ار‬

‫‪157‬‬
158
‫الفهرس‬
‫‪4‬‬ ‫ ‬
‫المطلع القرآني‬
‫‪5‬‬ ‫ ‬
‫المطلع النبوي‬
‫‪6‬‬ ‫ ‬ ‫اإلهداء‬
‫‪7‬‬ ‫ ‬
‫المطلع األبوي‬
‫‪8‬‬ ‫ ‬ ‫شاهد الحال‬
‫‪9‬‬ ‫ ‬ ‫ُ‬
‫الموضوع‬ ‫كُن ُه‬
‫‪10‬‬ ‫ ‬ ‫يعني موقف القراءة من االسم واالنتماء‬
‫‪10‬‬ ‫ ‬ ‫ال نشتغل بالرد بل نشتغل بما ِ‬
‫عل ْمناه وتعلمناه‬
‫‪10‬‬ ‫ ‬ ‫إرتفاع حرارة المعركة بارتفاع وسائل المعرفة‬
‫‪10‬‬ ‫ ‬ ‫األفق المعتم ينذر بعاصفة هوجاء‬
‫‪10‬‬ ‫ ‬‫الغالبية من الناس يميلون إلى التحريش واإلثارة‬
‫‪10‬‬ ‫ ‬ ‫ركض األمة بين معركة النفي واإلثبات‬
‫‪10‬‬ ‫ ‬
‫الهو ّية والذات‬
‫‪11‬‬ ‫ ‬ ‫القضاء والقدر المحتوم ال مرد له‬
‫‪11‬‬ ‫ ‬ ‫اإلمام علي كان أحد مظاهر السالم وأهم أركانه‬
‫‪11‬‬ ‫ ‬‫ائتالف المحبين والمبغضين ركام أحداث وعبث بميراث‬
‫‪11‬‬ ‫ ‬ ‫الفائدة المرجوة في دراسة الذات ومواقفها‬
‫‪11‬‬ ‫ ‬ ‫العلة الكبرى في السياسة والتسييس‬
‫‪13‬‬ ‫ ‬
‫من هو الصديق األكبر؟‬
‫‪13‬‬ ‫ ‬ ‫من هو الصديق األكبر؟‬
‫‪14‬‬ ‫ ‬ ‫من هو الصديق األكبر‬
‫‪14‬‬ ‫ ‬ ‫محيط األسرة المباركة لإلمام علي ‪v‬‬
‫‪14‬‬ ‫ ‬ ‫إسالمه وتفقهه في الدين‬
‫‪15‬‬ ‫ ‬ ‫المناقب والفضائل لإلمام علي ‪v‬‬
‫‪16‬‬ ‫ ‬ ‫علم اإلمام علي وعلم ابن عباس‬
‫‪16‬‬ ‫ ‬
‫علم اإلمام علي بن أبي طالب في امتيازه بعلم الفقه المتفرد‬

‫‪159‬‬
‫أرباب فن التصوف وعلوم اإلحسان عالة على اإلمام علي بن أبي طالب ‪16‬‬
‫‪19‬‬ ‫ ‬
‫الصديقية الكبرى أعلى مراتب اإلحسان‬
‫الصديقية الكبرى أعلى مراتب اإلحسان واإلمام أحرى بها حاالً ومقاما ‪19‬‬
‫‪19‬‬ ‫ ‬ ‫الصديقية الكبرى منهج سلوك وليست ميزة صراع ومنازعة‬
‫المناقب سخرت في بعض تاريخنا اإلسالمي إلى مادة إثارة وتحريش ‪20‬‬
‫‪20‬‬ ‫ ‬ ‫مقولة اإلمام عن هالك المحب والمبغض بالجفاء والغلو‬
‫‪20‬‬ ‫الفئات المدمرة سالمة األرث النبوي ‬
‫‪20‬‬ ‫الحرب الطائفية التي جلب الشيطان بخيله ورجله في األمة المسلمة ‬
‫‪21‬‬ ‫اإلسالم في حاجة إلى العقالء لينقلوا األمة من الصراع إلى االقتداء ‬
‫الغثاء ودوره في تحول اإليجابيات إلى سلبيات بتوسيد األمر إلى غير أهله ‪21‬‬
‫‪21‬‬ ‫ ‬ ‫العصر عصر مغالبة واستغفال‬
‫‪22‬‬ ‫ ‬ ‫ثقافة التجزئة والتفرقة ثقافة شيطانية‬
‫‪22‬‬ ‫ ‬ ‫هدفنا من ترجمة الصديق األكبر‬
‫‪22‬‬ ‫ ‬ ‫االنقالب الفكري المبرمج وعالقته بموعودات النبوة‬
‫‪22‬‬ ‫ ‬ ‫الفتن ومضالتها عبر التاريخ من النشأة إلى االمتداد‬
‫‪23‬‬ ‫ ‬ ‫دراسة فقه التحوالت لكشف أهمية الثقافة الشرعية الواعية‬
‫‪23‬‬ ‫ ‬ ‫التوثيق الخاص بمرحلة الرسالة في حصانة الذوات‬
‫‪23‬‬ ‫القوادح ناشئة في مرحلة الصراع السياسي كثمرة للضعف البشري ‬
‫‪24‬‬ ‫ ‬‫الفهم الواعي للحصانات يتبين فوارق النظر لمجريات السلوك‬
‫‪25‬‬ ‫ ‬
‫نماذج من علم مرتبة اإلمامه ‪ ..‬الصديقية الكبرى‬
‫‪36‬‬ ‫ ‬ ‫مرتبة ومقام ‪ ...‬أم مجرد لقب؟‬
‫‪36‬‬ ‫ ‬ ‫وظائف األسماء المسميات في اإلسالم‬
‫جدارة الصحبة لم تتقرر باجتماع جماعة وإنما على لسان المصطفى ى ‪36‬‬
‫‪36‬‬ ‫ ‬‫كون عقبة معلوماتية‬
‫لجاج األقالم واتباع المذهب المتعارضة ّ‬
‫‪36‬‬ ‫ ‬
‫الصديقية الكبرى مرتبة ومقام ‪ ...‬أم مجرد لقب ؟‬
‫‪37‬‬ ‫ ‬ ‫مرحلة التدوين ومادة الصراع العقدي والطائفي‬
‫‪37‬‬ ‫اصطباغ مرحلة الغثاء السياسية بجراثيم العلمانية والعلمنة والعولمة ‬
‫‪38‬‬ ‫ ‬ ‫الجميع ال يقبلون هذا التعليل‬
‫‪38‬‬ ‫ ‬ ‫معرفة التميز المشروع عن التميز المصنوع‬
‫‪38‬‬ ‫ ‬
‫قراءة نصوص أصحاب الحصانات مسألة تستقر بها المجتمعات‬
‫‪39‬‬ ‫النظر بعين واحدة أفسد القراءة لعدالة الصحابة ‬
‫‪39‬‬ ‫الطبع اإلنساني والفهم النفساني في إصدر األحكام وتعليل األفهام ‬
‫‪40‬‬ ‫ ‬ ‫الدالالت النصية علم شرعي خاص بفقه المراحل‬
‫ما ترتب على نصوص فقه التحوالت من قراءة شرعية لمسيرة التاريخ ‪40‬‬
‫‪40‬‬ ‫ ‬ ‫آثار إهمال نصوص فقه التحوالت والعلم بعالمات الساعة‬
‫‪40‬‬ ‫ ‬ ‫تسلسل االنفصام عالمة من عالمات الساعة‬
‫‪41‬‬ ‫ ‬ ‫مواقف البعض من قضية ربط الديانة بالتاريخ‬
‫‪41‬‬ ‫ ‬ ‫وجوب احترام الرأي والرأي اآلخر‬
‫تعطيل وظائف المناقب وعدم وضعها في موقعها من حصانة أصحابها ‪41‬‬
‫‪41‬‬ ‫تنزيل الوقائع والحوادث قادح ًا وطاعن ًا في أهل الحصانات الشرعية ‬
‫‪42‬‬ ‫ ‬ ‫علة البعض في إعطاء الفهم الذاتي لألحداث صفة القداسة‬
‫أه�ل البي�ت يعتمدون صحي�ح البخاري ويقرأون�ه ويجيزون فيه وال يفعل�ون ما يفعله‬
‫‪42‬‬ ‫ ‬ ‫المتعصبون‬
‫‪43‬‬ ‫ ‬ ‫من هو الصديق األكبر على عين الحقيقة؟‬
‫‪43‬‬ ‫علي بن أبي طالب في حادثة الهجرة ‬
‫‪43‬‬ ‫ ‬ ‫ضرار الصدائي يصف علي بن أبي طالب‬
‫‪44‬‬ ‫زينة األبرار عند ال ّٰله الزاهد في الدنيا ‬
‫‪44‬‬ ‫ ‬ ‫علي بن أبي طالب يوزع األموال على الفقراء والمساكين‬
‫‪45‬‬ ‫ ‬ ‫مناقب علي وفضائله المتميزة‬
‫‪45‬‬ ‫ ‬ ‫أبو تراب أحب الكنى لإلمام علي بن أبي طالب‬
‫‪46‬‬ ‫ ‬ ‫قاتل أصحاب األلوية الثالثة في يوم أحد‬
‫‪46‬‬ ‫ ‬ ‫قاتل عمرو بن ود في غزوة الخندق‬
‫‪46‬‬ ‫ ‬ ‫علي بن أبي طالب في غزوة خيبر‬
‫‪46‬‬ ‫ ‬ ‫علي بن أبي طالب في غزوة تبوك‬
‫‪47‬‬ ‫ ‬ ‫علي بن أبي طالب في مشاهد الحج‬
‫‪47‬‬ ‫ ‬ ‫علي بن أبي طالب إلى اليمن‬
‫‪47‬‬ ‫ ‬ ‫علي بن أبي طالب عام حجة الوداع‬
‫‪47‬‬ ‫ ‬ ‫الصديقية الكبرى خصوصية مفردة‬
‫‪48‬‬ ‫ ‬ ‫لو كشف الغطاء ما ازددت يقين ًا‬
‫‪48‬‬ ‫ ‬ ‫الخصوصيات الكبرى‬
‫‪48‬‬ ‫خصوصياته األدبية البالغية ‬
‫‪49‬‬ ‫ ‬ ‫وصفه ‪v‬لكتاب ال ّٰله‬
‫‪49‬‬ ‫ ‬ ‫وفي وصيته ‪ v‬لولده‬
‫‪49‬‬ ‫ ‬ ‫ومن درر عباراته‬
‫‪50‬‬ ‫ ‬ ‫ألنسبن اإلسالم نسبة لم ينسبها أحد قبلي‬
‫‪50‬‬ ‫ ‬ ‫اقترانه بفاطمة الزهراء خصوصية عظمى‬
‫‪54‬‬ ‫ ‬ ‫مفصل الخالفة بعد رسول ال ّٰله ‪m‬‬
‫تحول الفتن منذ مقتل عمر ‪ v‬إلى مقتل اإلمام الحس�ين إلى برنامج عمل سياسي‬
‫‪54‬‬ ‫ ‬ ‫معادالً ومنازع ًا للنمط األوسط‬
‫‪54‬‬ ‫مفصل الخالفة بعد رسول ال ّٰله ى‬
‫ ‬
‫‪55‬‬ ‫ ‬ ‫الخالفة الراشدة بين المثبطين لها بالجدارة والناقضين‬
‫‪55‬‬ ‫ ‬ ‫البحث في فقه التحوالت ليس ضد أحد بعينه‬
‫‪55‬‬ ‫ ‬ ‫المعادل الثالث النبوة وموقعه من حماية الكتاب والسنة‬
‫‪56‬‬ ‫ ‬ ‫نصوص التاريخ المكتوب‬
‫‪56‬‬ ‫ ‬ ‫ضوابط الربط بين الديانة والتاريخ‬
‫‪57‬‬ ‫ ‬ ‫مواقف اإلمام علي خالل مراحل الخالفة‬
‫‪57‬‬ ‫ ‬ ‫رأي اإلمام علي ‪ v‬فيمن يتولى الخالفة‬
‫‪58‬‬ ‫ ‬ ‫موقع أهل البيت من الخالفة‬
‫‪58‬‬ ‫ ‬ ‫مدلول سنة المواقف كالم اإلمام علي ى‬
‫‪58‬‬ ‫ ‬ ‫مواقف العدول ال ترتبط بالرغبات والطباع‬
‫بع�ض نصوص كتاب�ة التاريخ أفادت المستش�رقين وم�رض علة النفاق في دراس�تهم‬
‫‪59‬‬ ‫ ‬ ‫التحريشية‬
‫خط�ورة الخل�ط المتعمد لدى بع�ض الباحثين بين س�ورة الطباع وبين ح�ق االجتهاد‬
‫‪59‬‬ ‫ ‬ ‫المشروع‬
‫وجوب توقف الهجمة المسيسة بين الكتل المتصارعة ضمن المسميات ‪59‬‬
‫‪60‬‬ ‫ ‬ ‫ضرورة العود إلى االحتكام المشروع للنصوص النبوية‬
‫انضباط علوم العقيدة والش�ريعة والس�لوك يقتضي إكمال مهم�ة االنضابط في وصف‬
‫‪60‬‬ ‫حوادث التاريخ ومتناقضاته ‬
‫‪62‬‬ ‫ ‬ ‫موقع اإلمام علي ‪ v‬في تعميد أركان الخالفة الراشدة‬
‫‪62‬‬ ‫ ‬ ‫شروط انتقال األمانة الشرعية سالمة الوعاء التاريخي للنقل‬
‫تحديد الخلفاء األربعة تعليل قاصر عن قراءة المراحل المنصوص عليها ‪62‬‬
‫‪63‬‬ ‫ ‬ ‫العلل التي شابت الفقه التاريخي لقراءة المراحل‬
‫‪63‬‬ ‫ ‬ ‫ضرورة إحياء سنن النبوة إلعادة قراءة التاريخ الشرع‬
‫قبول اإلمام علي للبيعة في مرحلة الخالفة داللة سالمة المراحل السابقة ‪63‬‬
‫‪64‬‬ ‫ ‬ ‫فائدة التاريخ بالهمز والتاريخ بغيره‬
‫‪64‬‬ ‫ ‬ ‫الخالفة ثالثون عام ًا‬
‫‪64‬‬ ‫ ‬ ‫دالالت متعددة تؤكد صحة مرحلة الخالفة الراشدة‬
‫استحالة رفع راية العدل والسالم في أمة تعيش الصراع العقدي والطائفي ‪65‬‬
‫‪65‬‬ ‫ ‬ ‫دور اإلمام علي في تثبيت الخالفة الراشدة‬
‫‪65‬‬ ‫ ‬ ‫الخالفة الراشدة مستمرة في أحد معانيها الشرعية‬
‫موق�ع اإلمام الحس�ن من الربط بي�ن الخالفة الراش�دة ومواقف الخلف�اء العدول عبر‬
‫‪66‬‬ ‫ ‬ ‫التاريخ‬
‫العل�ة التي ط�رأت في قرار الحك�م ألزمت اإلمام الحس�ن الفصل بي�ن خالفة الحكم‬
‫‪66‬‬ ‫ ‬ ‫وخالفة النبوة‬
‫‪67‬‬ ‫ ‬ ‫مواقف اإلمام علي ‪ v‬حصن ًا حصين ًا لإلسالم كله‬
‫بسط اإلمام علي يده للمبايعة الصديق حسم لالعتراض على قرار السقيفة ‪67‬‬
‫‪67‬‬ ‫ ‬ ‫مدلول عجزت النساء أن تلدن مثل ابن طالب‬
‫‪68‬‬ ‫ ‬ ‫مواقف اإلمام علي في مرحلة عثمان ‪v‬‬
‫‪68‬‬ ‫ ‬
‫بدء مرحلة االختراق الدجالي موقع القرار السياسي في اإلسالم‬
‫‪69‬‬ ‫ ‬ ‫من نجا من ثالث فقد نجا‬
‫القراءة لنصوص مقتل عثمان كانت سبب ًا في االختالف حول مصير قتلته ‪70‬‬
‫‪71‬‬ ‫ ‬ ‫مواقف ومقوالت الخلفاء العدول عند مقتل عثمان ‪v‬‬
‫‪73‬‬ ‫ ‬ ‫أسباب قبول اإلمام علي للبيعة بعد عثمان ‪v‬‬
‫‪74‬‬ ‫ ‬ ‫المدرسة السبأئية ودورها في الفتنة‬
‫اختالف الصحابة حول مصير قتلة عثمان ‪ v‬وأثره على وحدة الصف ‪74‬‬
‫‪75‬‬ ‫مواقف بعض الصحابة قائمة على قراءة عالمات الساعة ‬
‫‪76‬‬ ‫ثناء اإلمام علي ‪ v‬على أصحاب المواقف ‬
‫‪78‬‬ ‫ ‬
‫مواقف الخارجين على قرار الخالفة من أصحاب الرسول ى‬
‫‪78‬‬ ‫ ‬
‫موقف الخارجين من الصحابة في األخذ بثأر عثمان ؤ‬
‫‪79‬‬ ‫ ‬
‫تفاقم األمور بين أطراف العدالة واختراق أهل الخيانة‬
‫‪79‬‬ ‫ ‬ ‫عائشة في موقفها تدعوا إلى اإلصالح‬
‫‪79‬‬ ‫ماء الحوأب وعالقته بفقه التحوالت ‬
‫‪79‬‬ ‫ ‬ ‫األطراف المستفيدة من اختالف العدول‬
‫‪80‬‬ ‫ ‬ ‫األحاديث االستباقية وأهميتها في قراءة التاريخ‬
‫‪80‬‬ ‫ ‬ ‫موقف اإلمام علي من فتنة الحرب وموقعة الجمل‬
‫‪81‬‬ ‫ ‬ ‫موقف معاوية من البيعة لإلمام علي ‪v‬‬
‫‪81‬‬ ‫ ‬ ‫معركة صفين مدلوالت النصوص‬
‫‪83‬‬ ‫ ‬
‫آثار ونتائج معركة صفين وانعكاساتها قراءة نصية تحليلية‬
‫‪83‬‬ ‫ ‬ ‫آثار ونتائج معركة صفين وانعكاساتها قراءة نصية تحليلية‬
‫‪83‬‬ ‫ ‬ ‫تحليل النص النبوي عن معركة صفين‬
‫‪83‬‬ ‫ ‬ ‫اإلفراط والتفريط ال عالقة لهما بالنصوص النبوية‬
‫‪83‬‬ ‫ ‬ ‫أهمية النصوص النبوية واألبوية‬
‫‪85‬‬ ‫ ‬ ‫سالم اإلمام علي على قتلى صفين‬
‫‪85‬‬ ‫سنن المواقف مدرسة األخالق الفاصلة في مراحل الفتن المضلة ‬
‫‪87‬‬ ‫ ‬
‫قصة التحكيم وآثارها‬
‫‪87‬‬ ‫ ‬ ‫قصة التحكيم وآثارها‬
‫‪87‬‬ ‫ ‬‫ظهور الخوارج وموقف اإلمام علي ‪ v‬منهم ‪.‬‬
‫‪88‬‬ ‫ ‬ ‫معالجة أمر الخوارج ومناظرتهم‬
‫‪89‬‬ ‫اإلمام علي ‪ v‬يقاتل المارقين اعتماد ًا على النص‬
‫ ‬
‫‪90‬‬ ‫ ‬ ‫آداب المعركة من واقع الخليفة الراشد‬
‫‪90‬‬ ‫ ‬‫الفرق بين معركة صفين والجمل ومعركة النهروان‬
‫‪91‬‬ ‫ ‬‫بداية النهاية‬
‫‪91‬‬ ‫ ‬ ‫بداية النهاية لإلمام علي ‪v‬‬
‫‪91‬‬ ‫ ‬ ‫مخاطبة اإلمام علي ألصحابه تحمل صفة المعاتبة‬
‫اإلمام علي ‪ v‬يضع الخطوط العريضة لمواقف إبنه الحسن من بعده ‪92‬‬
‫‪92‬‬ ‫ ‬
‫اإلمام علي يتمنى النقلة عن الحياة‬
‫‪93‬‬ ‫ ‬ ‫وصية اإلمام ألتباعه وأهل بيته‬
‫‪94‬‬ ‫ ‬ ‫اإلمام علي ‪ v‬وعلمه بفقه التحوالت‬
‫‪100‬‬ ‫اإلمام علي ‪ v‬في محراب العبودية الخالصة‬
‫ ‬
‫‪103‬‬ ‫اإلمام علي ‪ v‬واالعتبار باآلخرة ‬
‫‪106‬‬ ‫ ‬
‫مقتل اإلمام علي ثمرة مؤامرات الخوارج‬
‫‪106‬‬ ‫ ‬ ‫وصية اإلمام علي ألبنائه‬
‫‪106‬‬ ‫ ‬‫مقتل اإلمام علي بن أبي طالب ‪v‬‬
‫‪107‬‬ ‫ ‬‫وصية اإلمام علي عند الوفاة‬
‫‪108‬‬ ‫ ‬‫مدة خالفة اإلمام علي ‪v‬‬
‫‪108‬‬ ‫اختالف الرواة حول مدفنه ‬
‫‪109‬‬ ‫ ‬ ‫مرثية أبو األسود الدؤلي‬
‫‪110‬‬ ‫ ‬‫مرثية بكر بن حماد التاهرتي‬
‫‪111‬‬ ‫ ‬
‫‪v‬‬ ‫استثمار المارقين والفاسقين والناكثين لمحبة اإلمام علي‬
‫‪114‬‬ ‫ ‬ ‫الخاتمة‬
‫‪118‬‬ ‫ ‬ ‫منظومة الرضى‬
‫‪122‬‬ ‫ ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرضى‪ ..‬عهدُ الخالفة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫تسلسل إسناد ِّ‬
‫‪124‬‬ ‫ ‬ ‫الص ْل ِح‬‫َع ْهدُ ال َّتن َُاز ِل َو ُّ‬
‫‪125‬‬ ‫الم ْل ِك ال َع ُضوض ‬ ‫َم ْر َح َل ُة ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور َمدْ َر َسة الن ََّمط األَ ْو َسط‬
‫‪126‬‬ ‫ ‬ ‫ُظ ُه ُ‬
‫‪128‬‬ ‫ ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َسلاَ َم ُة َمن َْه ُج ا ْلن ََّمط الأْ َ ْو َسط َم ْن الإْ ِ ْف َراط َوا ْل َّت ْف ِر ْيط‬
‫ط الأْ َوس ِ‬ ‫ف ا ْلنَّم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آ َث ُار ن ِ‬
‫‪128‬‬ ‫ ‬ ‫ط‬ ‫ْ َ‬ ‫َقض ا ْل َع ْهد َو َم َواق ُ َ‬
‫‪129‬‬ ‫ ‬ ‫ضرورة إعادة قراءة ثمرات أركان الدين مجتمعة‬
‫‪130‬‬ ‫ ِ‬ ‫ِ‬
‫ف ا ْلن ََّمط الأْ َ ْو َسط‬ ‫إِسنَاد مدْ رس ِة ح ْضرمو َت وٱرتِبا ُطها بِمو ِاق ِ‬
‫ْ ُ َ َ َ َ َ َْ َ ْ َ َ ََ‬
‫‪132‬‬ ‫ ‬‫اج ِر َأ ْح َمدَ ْب ِن ِع ْي َس ٰى ِم ْن ا ْل ِع َر ِاق إلى حضرموت‬ ‫ِه ْجر ُة ا ْلم َه ِ‬
‫َ ُ‬
‫‪132‬‬ ‫وإسناد المدرسة وارتباطها بالنمط األوسط ‬
‫‪134‬‬ ‫ ‬ ‫ن َِص ْي َح ٌة لِ َم ْن َأ ْل َق َى ا ْل َّس ْم َع َو ُه َو َش ِه ْيدٌ‬
‫‪137‬‬ ‫ ‬ ‫منظومة الغدير‬
‫‪144‬‬ ‫باعث هذا النظم ‬
‫‪145‬‬ ‫ ‬
‫منهج السلف الصالح من سادات آل البيت بحضرموت‬
‫‪148‬‬ ‫ ‬ ‫ما يترتب على الغلو في شأن القرار‬
‫‪150‬‬ ‫ ‬ ‫جذور الفتنة وأصول السنة‬
‫‪151‬‬ ‫فصل في موقفنا من الفتنة ‬
‫‪153‬‬ ‫ ‬ ‫نقل معركة الواقع إلى صراع التاريخ سياسة أنوية‬
‫‪155‬‬ ‫ ‬ ‫ذكريات الغدير وأمثاله‬
‫‪156‬‬ ‫الخاتمة والدعاء ‬

You might also like