You are on page 1of 9

‫العموم يف المغرب‬

‫ي‬ ‫سياسة التواصل‬

‫سمية عرام‬
‫هسبيس‬
‫ر‬

‫إذا كان االتصال هاما يف حياة الفرد العادي فإنه ال يقل أهمية يف حياة المؤسسات‬
‫وكببها‪ ،‬إن معظم مشكالتنا اليوم ليست يف عالم األشياء ولكن يف عالم‬
‫صغبها ر‬ ‫ر‬
‫أكب فشل لإلنسان كان ومازال هو عدم القدرة عىل التعاون مع‬ ‫األشخاص‪ ،‬وإن ر‬
‫اآلخرين أو باألحرى عدم القدرة عىل تحقيق تواصل فعال مع اآلخرين‪.‬‬
‫الت‬
‫المواطني من المفاهيم والمبادئ األساسية ي‬
‫ر‬ ‫يعتب تقريب اإلدارة من‬
‫ولهذا ر‬
‫كببا‪ ،‬ورافقت معظم الخطابات اإلصالحية باإلدارة المغربية ال سيما‬ ‫عرفت تداوال ر‬
‫عب إقرار دستور ‪2011‬‬ ‫والت تم ترسي ع مسلسل تنفيذها ر‬ ‫تلك المتعلقة بالحكامة‪ ،‬ي‬
‫بالمواطني‪.‬‬
‫ر‬ ‫تحسي عالقة اإلدارة العمومية‬
‫ر‬ ‫وذلك من أجل‬
‫العموم دورا بارزا يف تقوية صلة الوصل ربي المواطن‬
‫ي‬ ‫ويلعب التواصل‬
‫والمؤسسات العمومية وتكريس مبدأ الشفافية والمشاركة‪ ،‬إضافة إىل النهوض‬
‫يكتس التواصل‬
‫ي‬ ‫بمستوى جودة الخدمات المؤسساتية وتطويرها‪ .‬من هنا‬
‫العموم أهمية تؤثر يف جميع مراحل العمل والعنارص اإلدارية من التخطيط إىل‬
‫ي‬
‫إعداد القرار والتنسيق ثم الرقابة‪.‬‬
‫وبتعاظم دور وسائل التكنولوجيا واالتصال الحديثة يف الحياة اإلنسانية‪ ،‬بات من‬
‫الضوري مالءمة نشاط اإلدارة المغربية ‪-‬خاصة‪ -‬مع مستجدات متطلبات‬
‫الت تفرض نفسها‪ ،‬المتمثلة‬‫الظرفية التواصلية المتطورة والتصدي للتحديات ي‬
‫خاصة يف تناسل األخبار الزائفة وحدوث األزمات‪ .‬من هذا الباب نطرح التساؤالت‬
‫العموم‬
‫ي‬ ‫العموم وأهدافه وعنارصه؟ كيف يعزز التواصل‬
‫ي‬ ‫التالية‪ :‬ما هو التواصل‬
‫مبدأ المشاركة والشفافية؟ ما هو الدور الذي تلعبه تكنولوجيا االتصال يف التواصل‬
‫العموم إبان جائحة كوفيد‪19-‬؟‬
‫ي‬ ‫تدبب التواصل‬
‫العموم؟ كيف تم ر‬
‫ي‬
‫بناء عىل هذه التساؤالت سنحاول معالجة الموضوع وفق الخطاطة المنهجية‬
‫التالية‪:‬‬
‫العموم‬
‫ي‬ ‫المبحث األول‪ :‬اإلطار العام للتواصل‬
‫العموم‬
‫ي‬ ‫المحور األول‪ :‬مفهوم التواصل‬
‫العموم وأشكاله‬
‫ي‬ ‫الثان‪ :‬أهداف التواصل‬
‫المحور ي‬
‫العموم‬
‫ي‬ ‫الثان‪ :‬دعامات التواصل‬
‫المبحث ي‬
‫العموم‬
‫ي‬ ‫المحور األول‪ :‬األسس القانونية للتواصل‬
‫الثان‪ :‬التواصل وحكامة المرافق العمومية‬
‫المحور ي‬
‫العموم‬
‫ي‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬دور تكنولوجيا المعلومات يف التواصل‬
‫العموم والرقمنة‬
‫ي‬ ‫المحور األول‪ :‬التواصل‬
‫العموم إبان الجائحة‬
‫ي‬ ‫الثان‪ :‬التواصل‬
‫المحور ي‬

‫*****************‬

‫العموم‬
‫ي‬ ‫المبحث األول‪ :‬اإلطار العام للتواصل‬
‫المؤسسان ربي‬
‫ي‬ ‫كبة التواصل‬‫ال شك أن نجاح أي منظمة يقوم يف األساس عىل ر ر‬
‫األطراف المختلفة‪ ،‬سواء ربي المؤسسات أو يف إطار عالقتها بالمجتمع‪ ،‬ولعل‬
‫مفتاح نجاح هذا التواصل يكمن يف مجموعة من العنارص المهيكلة للعملية‬
‫الت سنتطرق لها يف المحاور اآلتية‪:‬‬
‫التواصلية ي‬
‫العموم‬
‫ي‬ ‫المحور األول‪ :‬مفهوم التواصل‬
‫المؤسس حسب ‪ Rogers‬هو تجميع البيانات والمعلومات‬
‫ي‬ ‫يعد االتصال العام‬
‫والخارج‪ .‬وحسب الدليل‬
‫ر ي‬ ‫الداخىل‬
‫ي‬ ‫الضورية ونقلها وتبادلها وإذاعتها‪ ،‬يف نطاقها‬
‫العموم مجموعة من األنشطة‬
‫ي‬ ‫يعتب التواصل‬
‫الذي أعدته وزارة المالية المغربية‪ ،‬ر‬
‫الت تهدف إىل‬
‫الت تناط مهمة أدائها لبعض المؤسسات العمومية ي‬ ‫والمبادرات ي‬
‫تحقيق الصالح العام وتقديم الخدمات العمومية‪.‬‬
‫العموم أحد أركان الحكامة العمومية وأداة رئيسية لوضع‬
‫ي‬ ‫إذ يشكل التواصل‬
‫السياسات وتقديم الخدمات‪ ،‬تسىع من خالل مجموعة من األدوات والوسائط‬
‫المواطني والمؤسسات‪ ،‬ما‬
‫ر‬ ‫إىل تقاسم مستجدات السياسات العمومية مع سائر‬
‫المواطني لها‪ .‬عىل هذا‬
‫ر‬ ‫األخبة وتعزيز دعم‬
‫ر‬ ‫من شأنه أن يسهل االنخراط يف هذه‬
‫وه‪:‬‬
‫العموم لعدة طموحات ي‬
‫ي‬ ‫األساس يستجيب التواصل‬
‫‪ -‬تعزيز الشفافية والمساءلة يف ما يخص السياسات العمومية؛‬
‫‪ -‬تسليط الضوء عىل فعالية اإلجراءات الحكومية؛‬
‫‪ -‬خدمة الصالح العام؛‬
‫المواطني وتعزيز الديمقراطية التشاركية؛‬
‫ر‬ ‫‪ -‬تشجيع مشاركة‬
‫تحسي توافر المعلومات وإمكانية الحصول عليها؛‬
‫ر‬ ‫‪-‬‬
‫للقواني واإلصالحات؛‬
‫ر‬ ‫تغيب السلوكيات بغية تطبيق أمثل‬
‫‪ -‬الحث عىل ر‬
‫تحسي جودة الخدمات العمومية‪ ،‬ووضع وتنفيذ السياسات العمومية‪.‬‬
‫ر‬ ‫‪-‬‬
‫العموم وأشكاله‬
‫ي‬ ‫الثان‪ :‬أهداف التواصل‬
‫المحور ي‬
‫العموم يمكن تحديد‬
‫ي‬ ‫المؤسس‬
‫ي‬ ‫الت يكتسيها االتصال‬
‫الكببة ي‬
‫انطالقا من األهمية ر‬
‫عب المستويات التالية‪:‬‬
‫الت يسىع إىل تحقيقها وذلك ر‬
‫مجموعة من األهداف ي‬
‫العاملي يف اإلدارة‪ :‬يهدف إىل خلق جو من الرضا واالرتياح يف‬
‫ر‬ ‫‪ -‬عىل مستوى‬
‫العاملي من خالل رإشاكهم يف عملية‬
‫ر‬ ‫المؤسسة‪ ،‬واالرتقاء بنشاط اإلدارة ومكانة‬
‫التسيب وتبادل المعلومات المهمة الخاصة باإلدارة عىل نطاق واسع‪ ،‬لتفادي‬
‫ر‬
‫الشائعات ومعالجتها برسعة‪.‬‬
‫تمكي القائد من التعرف عىل مستجدات أنشطة‬ ‫‪ -‬عىل مستوى القيادات اإلدارية‪ :‬ر‬
‫المؤسسة بوضوح مما يمكن من اتخاذ القرارات السليمة القائمة عىل الحقائق‬
‫اإليجان عىل‬ ‫والتأثب‬
‫ر‬ ‫والمعطيات الصحيحة‪ ،‬مما يسهل عملية التوجيه ر‬
‫واإلشاف‬
‫ري‬
‫التنسيق ربي األنشطة المختلفة داخليا وخارجيا‪.‬‬
‫توفب المعلومات‬‫المواطني‪ :‬تتجىل أهداف التواصل هنا يف ر‬
‫ر‬ ‫‪ -‬عىل مستوى‬
‫للمواطني وتعبئتهم يك يصبحوا جهات فاعلة يف الحياة العامة‪ .‬ويمكن‬
‫ر‬ ‫الضورية‬
‫عب ثالث محطات‪:‬‬ ‫المواطني يف الحياة العامة ر‬
‫ر‬ ‫أن تشجع جهود التواصل مشاركة‬
‫ويغط هذا المفهوم إتاحة المعلومات عند الطلب‬
‫ي‬ ‫المعلومات والحياة العامة‪:‬‬ ‫‪.‬‬
‫التدابب االستباقية الت تتخذها السلطات العمومية ر‬
‫لنرس‬ ‫ر‬ ‫ودون ذلك‪ ،‬مع‬
‫ي‬
‫المعلومات‪.‬‬

‫المواطني يف الحياة العامة‪ ،‬من‬


‫ر‬
‫التشاور‪ :‬وهو محطة ر‬
‫أكب أهمية لمشاركة‬ ‫‪.‬‬
‫خاللها تقدم األطراف المعنية المالحظات إىل السلطات العمومية‪.‬‬

‫االلبام‪ :‬حيث تتاح الفرص والوسائل (المعلومات‪ ،‬المعطيات‪ ،‬األدوات الرقمية‬ ‫‪.‬‬
‫وغبها‪ )..‬لألطراف المعنية للتعاون يف كافة مراحل إعداد وتنفيذ السياسات‬
‫ر‬
‫وف صياغتها وتقديمها‪.‬‬
‫العمومية ي‬
‫والتأثب إيجابيا عىل سلوكه‪ ،‬األمر‬
‫ر‬ ‫تغيب المجتمع‬
‫العموم يف ر‬
‫ي‬ ‫كما يساهم التواصل‬
‫للقواني واإلصالحات‪ ،‬عالوة عىل‬
‫ر‬ ‫القصب بتنفيذ أنجع‬
‫ر‬ ‫الذي يسمح عىل المدى‬
‫تحقيق نمو ر‬
‫أكب شموال عىل المدى الطويل‪.‬‬
‫العموم‬
‫ي‬ ‫الثان‪ :‬دعامات التواصل‬
‫المبحث ي‬
‫العموم عىل ترسانة قانونية وتنظيمية تتمثل يف مواد‬
‫ي‬ ‫تنبت مبادئ التواصل‬
‫ي‬
‫والقواني المتمخضة عنه‪ ،‬حيث يندرج ضمن موجة اإلصالحات‬ ‫ر‬ ‫دستور ‪2011‬‬
‫الرامية إىل حوكمة اإلدارات العمومية وجعلها أداة لخدمة الصالح العام معززة‬
‫بذلك مجموعة من المبادئ‪.‬‬
‫العموم‬
‫ي‬ ‫المحور األول‪ :‬األسس القانونية للتواصل‬
‫مضامي‬
‫ر‬ ‫العموم يف المغرب تلك الصادرة عن‬
‫ي‬ ‫تعتب الدعامة األوىل للتواصل‬
‫ر‬
‫الخطب الملكية المتعلقة بإصالح اإلدارة‪ ،‬حيث أعلن جاللة الملك محمد‬
‫السادس عن الخطوط العريضة للمفهوم الجديد للسلطة‪ ،‬بداية بالخطاب ‪12‬‬
‫ممثىل الجهات والواليات‪ ،‬حيث جاء فيه أن‬
‫ي‬ ‫أكتوبر ‪ 1999‬الذي ألقاه أمام‬
‫ه حفظ الحريات وصيانة الحقوق والواجبات‬ ‫مسؤولية السلطة يف كل مجاالتها ي‬
‫مع إتاحة الظروف الالزمة لذلك‪ .‬كما حث جاللته يف خطب أخرى سنة ‪2016‬‬
‫و‪ 2018‬عىل تبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية والتأسيس لعالقة جديدة ربي‬
‫تفقي‪ ،‬بتأكيده عىل رصورة تواصل العمل بمزيد من االهتمام‬‫اإلدارة والمر ر‬
‫المواطني‪ .‬أما يف‬
‫ر‬ ‫تدبب الشأن العام‪ ،‬والتجاوب مع انشغاالت‬
‫والمسؤولية يف ر‬
‫خطابه سنة ‪ ،2019‬أقر عىل أن القطاع العام يحتاج إىل ثورة حقيقية يف التبسيط‬
‫والنجاعة والتخليق‪.‬‬
‫الحاىل فقد نص يف كل من المواد ‪12‬؛ ‪13‬؛ ‪140‬؛ ‪ 139‬عىل مجموعة‬ ‫ي‬ ‫أما الدستور‬
‫العموم‪ ،‬إضافة إىل ذلك يعد كل من‬
‫ي‬ ‫ينبىع أن يتسم بها التواصل‬
‫الت ي‬‫من المبادئ ي‬
‫الشخص‪ ،‬والقانون‬
‫ي‬ ‫القانون ‪ 09-08‬المتعلق بمعالجة المعطيات ذات الطابع‬
‫ر‬
‫والنرس‪ ،‬والقانون ‪ 31-13‬المتعلق بالحق يف الحصول‬ ‫‪ 88-13‬المتعلق بالصحافة‬
‫العموم يف المغرب‪.‬‬
‫ي‬ ‫عىل المعلومات‪ ،‬بمثابة أسس قانونية يرتكز عليها التواصل‬
‫الثان‪ :‬التواصل وحكامة المرافق العمومية‬
‫المحور ي‬
‫العموم‪ ،‬ما‬
‫ي‬ ‫عموم فعال يف غياب حكامة المرفق‬‫ي‬ ‫ال يمكن الحديث عن تواصل‬
‫المواطني‪ ،‬وعىل إثره أورد‬
‫ر‬ ‫من شأنه أن يقودنا إىل إدارة حديثة تستجيب لحاجيات‬
‫الت يجب‬ ‫االجتماع واالقتصادي دراسة أوضح فيها جل المبادئ العامة ي‬
‫ي‬ ‫المجلس‬
‫العموم‪،‬‬
‫ي‬ ‫أن تتبناها اإلدارة المغربية مرتبطة بمهمتها األساسية المتعلقة بالتواصل‬
‫كاآلن‪:‬‬
‫ي‬ ‫ه‬
‫وهذه المبادئ ي‬
‫المب ربي‬
‫يقتص أال يكون هناك أي نوع من ر‬
‫ي‬ ‫‪ -‬المساواة واإلنصاف‪ :‬بحيث‬
‫تفقي وأن يتمكن الجميع من االستفادة من الخدمات اإلدارية‪.‬‬
‫المر ر‬
‫‪ -‬االستمرارية‪ :‬وهذه قاعدة تجسد استمرارية التواصل ربي اإلدارات العمومية‬
‫يقتص‬
‫ي‬ ‫ينبىع أن تشتغل بطريقة منتظمة ودون انقطاع‪ ،‬وهذا‬
‫والمواطني حيث ي‬
‫ر‬
‫وجود مرافق إدارية ناجعة حت يف المناطق القروية واألحياء يف وضعية صعبة‪.‬‬
‫العموم‬
‫ي‬ ‫حي تتطور متطلبات الصالح العام فإن المرفق‬ ‫للتغب‪ :‬ر‬
‫ر‬ ‫‪ -‬التكيف والقابلية‬
‫تفقي‬
‫مطالب بأن يتكيف مع مستجدات العالم وتقنياته الحديثة‪ ،‬وإعالم المر ر‬
‫ر‬
‫التماش معها‪.‬‬ ‫ينبىع‬
‫ي‬ ‫الت ي‬ ‫بالتغبات ي‬
‫ر‬
‫‪ -‬الولوجية‪ :‬فالولوجية والبساطة أساسيتان لكل مرفق إداري موضوع لخدمة‬
‫ينبىع تعزيز االستجابة لطلبات قد تزداد تعقيدا وخصوصية‪ ،‬مع‬
‫الجميع‪ ،‬لهذا ي‬
‫العمل يف اآلن ذاته عىل إنتاج نصوص ومساطر يسهل فهمها وتطبيقها‪ .‬كذلك‬
‫تفقي من مختلف الفئات‪.‬‬
‫لتيسب استقبال المر ر‬
‫ر‬ ‫ينطبق عىل الولوجية الجغرافية‬
‫‪ -‬الشفافية‪ :‬فمن واجب اإلدارة العمل عىل التواصل ر‬
‫عب وسائل اإلعالم والكتيبات‬
‫تمكي المرتفق ‪-‬ف حدود ر‬
‫الترسي ع الجاري به العمل‪ -‬من‬ ‫ينبىع‬
‫ي‬ ‫ر‬ ‫والدالئل‪ ،‬كما ي‬
‫تخبه بالقرار الذي تم‬
‫الت تخصه‪ ،‬وأيضا يجب أن ر‬ ‫الحصول عىل الوثائق اإلدارية ي‬
‫للمواطني سبل مراقبة‬
‫ر‬ ‫اتخاذه مع إمكانية تقديم شكوى وطرق الطعن‪ ،‬كما تتيح‬
‫مدى احبام اإلدارة للمذكرات والمساطر‪.‬‬
‫العموم‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ -‬إعمال تقنيات التكنولوجيا الحديثة ورقمنة أساليب تواصل الفضاء‬
‫العموم‬
‫ي‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬دور تكنولوجيا المعلومات يف التواصل‬
‫إن الجودة الشاملة فلسفة كاملة ونظرية جديدة‪ ،‬ونمط عمل يرتكز عىل فكرة‬
‫الكبى لكل‬
‫التحسي المستمر بشكل متالزم عىل اعتبار أن اإلنسان ّهو القيمة ر‬
‫ر‬
‫عمل إداري‪ ،‬لهذا تسىع اإلدارة المغربية سعيا متواصال للحاق بركب التقدم‬
‫المغرن يف مختلف‬
‫ري‬ ‫التكنولوج يف جميع نواحيه من أجل النهوض بالمجتمع‬
‫ر ي‬
‫وف جميع األوقات حت إبان األزمات‪.‬‬ ‫المجاالت ي‬
‫العموم والرقمنة‬
‫ي‬ ‫المحور األول‪ :‬التواصل‬
‫أصبحت تكنولوجيا المعلومات من الوسائط األساسية يف الحياة العامة‪ ،‬األمر‬
‫تسيب المرافق العمومية يف أفق‬
‫ر‬ ‫الذي كان له انعكاس عىل األسلوب الجديد يف‬
‫تفقي‪ .‬ويعد مفهوم اإلدارة الرقمية من أبرز‬
‫تجويد العالقة ربي اإلدارة والمر ر‬
‫الت أدخلتها الثورة العلمية من قبيل تسميات عدة‪ :‬كاإلدارة عن بعد؛‬ ‫المفاهيم ي‬
‫يعب عن وسيلة ونمط جديد من‬ ‫اإلدارة اإللكبونية؛ اإلدارة عىل الخط…‪ ،‬وهذا ر‬
‫ّ‬
‫تحاك تقنيات المعلومات واالتصال يف شعتها وحركيتها‬ ‫الممارسة اإلدارية حيث‬
‫ي‬
‫غب‬
‫وجاهزيتها للخدمة يف كل مكان وزمان‪ ،‬مع إتاحة مجال واسع للتواصل ر‬
‫ر‬
‫المباش‪.‬‬
‫وقد انخرط المغرب منذ سنة ‪2001‬م‪ .‬بمبادرة ملكية يف سن مجموعة من‬
‫ون” ثم‬
‫المشاري ع المهمة يف هذا المجال‪ ،‬كان أولها “اسباتيجية المغرب اإللكب ي‬
‫وتبة هذا‬
‫الرقم ‪ ،″2013-2009‬كان الهدف منها ترسي ع ر‬
‫ي‬ ‫“اسباتيجية المغرب‬
‫المرسوع لتحديث اإلدارة المغربية وتقريبها من المواطن‪ ،‬وتبسيط المساطر‬‫ر‬
‫وتحسي جودة الخدمات من حيث الفعالية والشفافية وشعة األداء‪.‬‬ ‫ر‬
‫الت كلفت بوضع مخطط للعمل‬ ‫يف هذا اإلطار تم وضع لجنة اإلدارة اإللكبونية ي‬
‫الت تم تحقيقها‪ ،‬ومنذ سنة‬
‫عىل تنمية اإلدارة والسهر عىل متابعة اإلنجازات ي‬
‫مؤسسان‪ ،‬وجزء إداري‪،‬‬
‫ي‬ ‫‪ 2006‬انطلقت البوابة الوطنية المكونة من جزأين‪ :‬جزء‬
‫للمتعاملي مع اإلدارة‪،‬‬
‫ر‬ ‫إضافة إىل إحداث جهاز االتصال الخاص بتقديم المساعدة‬
‫القطاع فإن جميع الوزارات والمؤسسات الدستورية وكذا‬
‫ي‬ ‫ّأما عىل المستوى‬
‫رقم‪ .‬كما أن جل اإلدارات اليوم‬‫المؤسسات التابعة للدولة كلها تحط بفضاء ي‬
‫أصبحت قادرة عىل تقديم بعض الخدمات عىل الخط‪ ،‬وحاليا يتم بلورة‬
‫اسباتيجية جديدة ألفق سنة ‪ .2025‬وقد أدت األوضاع الصحية الراهنة بالمغرب‬
‫إىل الحاجة الملحة للركوب عىل سفينة التكنولوجيا وتطوير تقنيات الخدمات‬
‫المواىل‪.‬‬
‫ي‬ ‫العمومية عىل وجه الرسعة واإلتقان‪ ،‬وهذا ما سنتطرق إليه يف المحور‬
‫العموم إبان الجائحة‬
‫ي‬ ‫الثان‪ :‬التواصل‬
‫المحور ي‬
‫التدابب الوقائية‬
‫ر‬ ‫أدى انتشار وباء كوفيد‪ 19-‬يف المغرب إىل اتخاذ مجموعة من‬
‫واالحبازية تجنبا ر‬
‫لتفس الوباء خارج السيطرة‪ ،‬مما أدى إىل إغالق المدارس‬
‫ي‬
‫السب والنقل وبعض األنشطة االقتصادية‪ .‬ولما كان‬
‫والجامعات وتجميد حركة ر‬
‫عنض االتصال والتواصل يستحوذ عىل مجمل نظام الحياة االجتماعية‬
‫والمؤسساتية وكذا السياسية‪ ،‬فإن االستغناء عنه يبدو أمرا مستحيال‪ ،‬وعليه‬
‫استدعت الضورة اعتماد الرقمنة ووسائل التكنولوجيا بمختلف أصنافها كخيار‬
‫حتم وذلك من أجل استمرار الحياة التواصلية والخدماتية‪ ،‬بما يف ذلك ضمان‬‫ي‬
‫وف‬
‫استمرار التعليم عن بعد‪ ،‬واستمرار التطبيب عن طريق طبيب عن بعد‪ ،‬ي‬
‫الصح‪.‬‬
‫ي‬ ‫الخدمات االجتماعية المتعلقة بأرصار الحجر‬
‫كببا من‬
‫اإلعالم للمؤسسات يف هذه الفبة دورا ر‬ ‫ي‬ ‫ومن ناحية أخرى أدى التواصل‬
‫عب تقنية‬‫التدابب اإلدارية ر‬
‫ر‬ ‫توفب االستفسارات الضورية رلرسح اإلجراءات و‬ ‫خالل ر‬
‫الفيديو بالصوت والصورة‪ ،‬كما دفعت األزمة الصحية الحكومة إىل االشتغال‬
‫رقميا‪ ،‬وكان ذلك جليا من خالل لجوء عدد من القطاعات الحكومية إىل رفع‬
‫مستوى هذا التعامل من قبيل الجمارك‪ ،‬ومسطرة المشاركة يف الطلبات العمومية‪،‬‬
‫االجتماع‪ ،‬أما عىل مستوى‬
‫ي‬ ‫والتضي ح بالتوقف عن العمل مؤقتا لدى الضمان‬
‫عب تقنية‬‫البلمانية تم نقل أشغال جلسات اللجان والجلسات العامة ر‬ ‫المؤسسة ر‬
‫االجتماع‪ .‬كما أن األمر امتد للهيئات المدنية‬ ‫ر‬
‫المباش بمواقع التواصل‬ ‫البث‬
‫ي‬
‫المباش بالتواصل عن بعد عن طريق تقنية‬ ‫ر‬ ‫التأطب‬
‫ر‬ ‫والسياسية حيث تم تعويض‬
‫عب تقنية ‪Audio conférence video‬‬ ‫ر‬
‫المباش أو عقد االجتماعات ر‬ ‫البث‬
‫الت تتيحها مجموعة من التطبيقات مثل ‪Zoom‬و ‪. Microsoft teams‬‬
‫ي‬
‫الت حققت قفزة نوعية إبان هذه الجائحة‪:‬‬
‫ومن ربي الخدمات الرقمية ي‬

‫وه منصة‬‫الرقم من طرف وكالة التنمية الرقمية‪ ،‬ي‬


‫ي‬ ‫‪ -‬إطالق مبادرة مكتب الضبط‬
‫تهدف إىل رقمنة مكتب الضبط يف المؤسسات العمومية من خالل مكاتب رقمية‬
‫رقم لتأكيد االستالم‪.‬‬
‫ون مقابل وصل ي‬ ‫تدبب المراسالت بشكل إلكب ي‬
‫تعمل عىل ر‬
‫مضامي دراسية مصنفة حسب األسالك‬‫ر‬ ‫الت توفر‬
‫‪ -‬بوابة ‪ Telmid Tice‬ي‬
‫والمستويات التعليمية لضمان استمرارية العملية البيداغوجية‪.‬‬
‫بتدبب جائحة‬
‫ر‬ ‫عب األنبنيت لفائدة الصندوق الخاص‬
‫التبعات ر‬
‫‪ -‬خدمة وضع ر‬
‫كوفيد‪19-‬‬
‫القصبة‪.‬‬
‫ر‬ ‫عب تقنية الرسالة النصية‬
‫غب المهيكل ر‬
‫‪ -‬خدمات الدعم للقطاع ر‬
‫المواطني‪.‬‬
‫ر‬ ‫‪ -‬خدمات األرقام المجانية لإلجابة عن تساؤالت‬
‫عب األنبنيت إلدارة الجمارك‪.‬‬ ‫ر‬
‫المباشة ر‬ ‫‪ -‬الخدمات‬
‫ون لوزارة األشة والتضامن‪ ،‬وهناك‬ ‫‪ -‬طلب شهادة اإلعاقة من الموقع اإللكب ي‬
‫الت عوضت الصيغة المادية يف التواصل‬ ‫الئحة طويلة من الخدمات المتنوعة ي‬
‫والرقم ربي اإلدارة والمواطن ري‪.‬‬
‫ي‬ ‫العموم باالتصال عن بعد‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ئيس يف الحياة العامة وإن‬
‫العموم العصب الر ي‬ ‫ي‬ ‫يعتب التواصل‬
‫وف هذا السياق ر‬
‫ي‬
‫حسن تموقع اإلدارة العمومية يف البيئة والسياق يفرض اسباتيجية تضم جميع‬
‫االحتماالت لمواكبة ما يفرضه الواقع من إجراءات جديدة مع ما يحمله من‬
‫صعوبات ومخاطر‪.‬‬
‫خاتمة ‪:‬‬
‫عموم دون استحضار الغاية من وجوده‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ال يمكن الحديث عن إدارة أو مرفق‬
‫بالتاىل فإن‬
‫ي‬ ‫وألن هذه الغاية مرتبطة ارتباطا وثيقا بحاجة المحيط إىل هذا المرفق‪،‬‬
‫الطرفي تعد رصورة حتمية ال يمكن االستغناء عنها تحت أي‬ ‫ر‬ ‫عملية التواصل ربي‬
‫الت يمكن أن تقاس بها‬ ‫ظرف كان‪ ،‬وليس هذا فحسب بل هو إحدى المقومات ي‬
‫العموم الذي يرتكز‬
‫ي‬ ‫نجاعة اإلدارة وفاعلية وجودها‪ ،‬وهذا ما يطلق عليه بالتواصل‬
‫بالمواطني من مختلف الفئات بمن فيهم‬
‫ر‬ ‫مفهومه عىل عالقة المرفق العام‬
‫وه‬ ‫الهيئات والجمعيات والمنظمات واألفراد يف المجال الحضي والقروي‪ .‬ي‬
‫خدمان بل يتعدى ذلك إىل عملية وضع السياسات‬ ‫ي‬ ‫عالقة ال تقتض عىل ما هو‬
‫الفاعلي يف المراحل المبكرة لصنع القرار‪،‬‬
‫ر‬ ‫المواطني ومختلف‬
‫ر‬ ‫وإشاك‬‫العمومية‪ ،‬ر‬
‫كبب من الشفافية والوضوح‬ ‫التواصىل بقدر ر‬
‫ي‬ ‫إذ ال بد أن يحط هذا األسلوب‬
‫كبى‬ ‫وه من ربي مبادئ الحكامة الجيدة وسمات الحكومة المنفتحة ر‬ ‫والمساءلة‪ ،‬ي‬
‫الت انخرط فيها المغرب عىل إثر مجموعة من‬‫المشاري ع الديموقراطية ي‬
‫الت دشنها المغرب مع دستور ‪ .2011‬حيث كان النهوض باإلدارة‬ ‫اإلصالحات ي‬
‫تحسي جودة اتصالها وزيادة قرب ها من‬
‫ر‬ ‫العمومية إحدى أبرز أركانها‪ ،‬من خالل‬
‫المواطني‪ ،‬وهو الرهان الذي خاضته اإلدارة المغربية بكل مسؤولية إبان الجائحة‬
‫ر‬
‫خاصة‪ .‬هذه الظرفية أبانت عىل مجموعة من نقاط القوة والضعف للتواصل‬
‫يستدع تخطيطا اسباتيجيا‬ ‫ر‬
‫السء الذي‬
‫ي‬ ‫العموم الناتجة عن عدة عوامل‪ ،‬ي‬‫ي‬
‫لعملية التواصل يستجيب لكافة التحديات والصعوبات ومعالجة المخاطر بأقص‬
‫شعة‪.‬‬

You might also like