You are on page 1of 8

‫وزارة التكوين العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة التكوين المتواصل‬


‫تخصص إتصال‬
‫بحث حول نشأة االتصال العمومي في العالم‬
‫خطة البحث‬
‫مقدمة‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف اإلتصال العمومي ونشأته‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف اإلتصال العمومي‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نشاة وتطور اإلتصال العمومي‬
‫المبحث الثاني‪ :‬نماذج تطور اإلتصال العمومي‬
‫المطلب األول‪ :‬النموذج السلوكي‬
‫المطلب الثاني‪ :‬النموذج النقدي‬
‫المطلب الثالث‪ :‬النموذج التحاوري‬
‫المطلب الرابع‪ :‬النموذج التقني‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أهداف وأهمية اإلتصال العمومي‬
‫المطلب األول‪ :‬أهداف اإلتصال العمومي‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أهمية االتصال العمومي‬
‫خاتمة‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫مقدمــــــة‪:‬‬
‫يُعتبر االتصال العمومي أحد األسس الرئيسية لتبادل المعلومات واألفكار بين األفراد والمجموعات‪ ،‬وقد شهد تطورا ً هائالً على‬
‫مر العصور‪ ،‬وتعود جذور االتصال العمومي إلى فترات مبكرة في التاريخ البشري‪ ،‬حيث استخدم الناس وسائل بسيطة للتواصل‬
‫مع بعضهم البعض‪ ،‬مثل اإلشارات اليدوية واألصوات‪ .‬ومع تقدم التكنولوجيا وتطور المجتمعات‪ ،‬ظهرت وسائل جديدة لالتصال‪،‬‬
‫مثل الكتابة والطباعة ووسائل اإلعالم المطبوعة‪.‬‬
‫في القرن العشرين‪ ،‬شهد العالم ثورة في مجال االتصاالت بفضل التقدم التكنولوجي‪ .‬ظهرت وسائل جديدة مثل الهاتف والراديو‬
‫والتلفزيون‪ ،‬مما أتاح للمعلومات أن تنتشر بشكل أكبر وأسرع‪ .‬ومع تطور اإلنترنت والتكنولوجيا الرقمية‪ ،‬أصبح االتصال‬
‫العمومي أكثر تنوعا ً وتعدداً‪ ،‬حيث يمكن لألفراد التواصل مع بعضهم البعض عبر الحدود والزمن‪.‬‬
‫تأثرت المجتمعات بشكل كبير بنشأة االتصال العمومي‪ ،‬حيث أدى إلى توسع رقعة المعرفة وزيادة التواصل بين الثقافات المختلفة‪.‬‬
‫وأصبح من الممكن لألفكار والمعلومات أن تنتشر بسرعة واسعة‪ ،‬مما ساهم في تغيير وجه العالم وتطوره‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف اإلتصال العمومي ونشأته‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف اإلتصال العمومي‬
‫يمكن تعريف االتصال العمومي على أنه االتصال الذي تقوم به المؤسسات العمومية والهيئات الحكومية مثل هيئة الرئاسة‪،‬‬
‫الوزارات‪ ،‬المؤسسات العمومية‪ ،‬اإلدارة المحلية وغيرها‪ ،‬من خالل عملية نشر المعلومات لفائدة المواطنين المتعلقة بمختلف‬
‫المجاالت والسياسات والقرارات الرسمية من منطلق حق المواطن في الحصول على المعلومة ولتحقيق المصلحة العامة ومحاولة‬
‫التأثير عليهم لتحقيق استجابة ايجابية‪ .‬وذلك عبر عدة قنوات منها وسائل اإلعالم الرسمية قنوات تلفزيونية أو إذاعات محلية‪،‬‬
‫المواقع االلكترونية ا لرسمية‪ ،‬صفحات مواقع التواصل االجتماعي لهذه الهيئات‪ ،‬البيانات والتقارير الصادرة عنها‪.‬‬
‫إن االتصال العمومي يتطلب الدقة واالحتراف‪ ،‬فهو ليس مجرد هواية أو تحرير الرسائل وتطويرها إنشائيا‪ ،‬إنه يتطلب تحليل‬
‫المواقف وتكييف الوسائل مع األهداف‪ ،‬وأن يكون قويا‪ ،‬ألنه يتعلق بخدمة عمومية أو مصلحة عامة ‪.1‬‬
‫ويتميز االتصال العمومي بأنه تجاوز مجرد تبادل المعلومات بين طرفي االتصال‪ ،‬بل إنه أوسع من ذلك عندما يحاول التأثير‬
‫على اآلخرين باإلقناع من أجل تعديل المعارف والمواقف واآلراء والسلوكيات سعيا نحو مصلحة المجتمع كهدف أساسي له فهو‬

‫‪1‬‬
‫‪Dominique Mégard, Sur les chemins de la communication publique, Les Cahiers Dynamiques, N035, 2005, Page27.‬‬
‫بذلك يستجيب للمصلحة العامة خاصة في مجال مكافحة اآلفات االجتماعية وترويج القيم األساسية‪ ،‬وهو بذلك يحفز ويدعو كل‬
‫فرد في المجتمع إلى أخد نصيبه من المسؤولية لمصلحة المجتمع‪ .‬ويتخذ االتصال العمومي عدة أشكال من بينها الحمالت ‪. 2‬‬
‫وتعرفه جمعية االتصال العمومي الفرن سية على كونه مرتبط بمنطقة أو مؤسسة من مؤسسات القطاع العام مركزية كانت أو‬
‫محلية‪ ،‬يلعب دورا أساسيا في المجتمع‪ ،‬في تجسيد روح وثقافة المواطنة‪ ،‬في النقاش الديمقراطي وفي استخدام المصالح‬
‫العمومية‪ .‬يساهم االتصال العمومي في التعريف بالعمل الذي تقوم به السلطات العمومية الوطنية أو المحلية‪ .‬ومن حيث الجمهور‬
‫المستهدف فهو يتوجه إلى السكان‪ ،‬المواطنون‪ ،‬المستخدمين‪ ،‬أولئك الذين يدفعون الضرائب‪ .‬ومن حيث الهدف‪ ،‬يسعى االتصال‬
‫العمومي إلى إعالم ومشاركة المواطنين في الحياة السياسية والحركة التنموية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬تقريب مصالح الخدمة‬
‫العمومية من المواطنين‪ ،‬خلق النشاط والديناميكية في التنمية المحلية ومرافقة المشاريع واستمالة المواطنين للنقاش العام التعريف‬
‫بالشؤون والقضايا ذات المصلحة العامة والتشجيع على السلوكيات المسؤولة والمدنية‪ ،‬والمساهمة في تنمية القيم والهوية ألي‬
‫منطقة والحفاظ عليها‪.3‬‬
‫ويعرف الباحثين الرواد في مجال االتصال العمومي أمثال ميشال بوشون‪ ،‬على أنه مجموعة من الظواهر الخاصة بإنتاج‬
‫ومعالجة ونشر المعلومات التي تعكس ردود الفعل‪ ،‬وخلق وتوجيه المناقشات حول الرهانات العامة‪ ،‬واالتصال العمومي ليس‬
‫فقط نشاط اتصالي خاص بممارسات وسائل اإلعالم وإنما هو قضية خاصة بجميع الفاعلين بما في ذلك المجتمع المدني‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى يرى ‪ Michel Le Net‬أن االتصال العمومي يهدف إلى تغيير كل ما هو سلبي من معارف وأراء وسلوكيات‬
‫أن هناك‬‫وردّ االعتبار للعمل المتقن…الخ ويؤكد لونات ّ‬ ‫األفراد في مجاالت متعددة كمحاربة الرشوة‪ ،‬والبيروقراطية‪ ،‬وتقدير َ‬
‫ارتباط وثيق بين االتصال العمومي وإشراك المواطنين في صيرورة انجاز المش اريع التنموية بغية إضفاء الشفافية والتدعيم‬
‫بدور أساسي في إعطاء قدر من االعتبار واألهمية لرأي وموقف سكان المنطقة أو إقليم معين اتجاه مشروع أو‬ ‫ٍ‬ ‫وخاصة أنّه يقوم‬
‫قرار معين ‪.4‬‬
‫كثيرا ما يشار إلى االتصال العمومي على أنه تبادل للمعلومات‪ ،‬فاالتصال ال يعني اإلعالم واالستعالم فقط وإنما يعني اإلقناع‬
‫أي تغيير آراء وسلوك اآلخرين ‪ .‬وكثيرا ما يستعمل كمرادف لالتصال االجتماعي‪ ،‬فاالتصال يصبح اجتماعيا عندما يبحث عن‬
‫تغيير أو تعديل لصالح المجتمع برمته‪ ،‬فاالتصال العمومي(االجتماعي) هو علم نقل األفكار الجديدة من طرف إلى طرف ثاني‬
‫وانه الركيزة األولى للسلطة التي تستعمله من اجل تطوير المعارف ودفع الوعي االجتماعي عن طريق المنظمات العمومية أو‬
‫الجمعيات التي تخدم المجتمع بصفة عامة ‪.5‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نشاة وتطور اإلتصال العمومي‬
‫هناك من يرجع ظهور مفهوم االتصال العمومي كان في أعمال عالم االتصال األمريكي ولبر شرام سنوات الخمسينات‬
‫والستينات‪ ،‬والتي تجسدت في شكل حمالت واسعة سماها بحمالت االتصال العمومي تمت مباشرتها بهدف إقناع الناس‬
‫بسلوكيات ما يمكن في النهاية قياسها عبر وسائل منهجية ولكن هذه الحمالت التي جاءت مكهربة مرتبطة بالحرب‬
‫الباردة وكانت السمة الغالبة عليها هي الدعاية لذلك وجه برنارد مياج انتقادات للقول بأن شرام يعد المؤسس الفعلي لالتصال‬
‫العمومي ودعى تعقيبا على ذلك إلى ضرورة الفصل بين االتصال العمومي والسياسي مبرزا بأنه ال بد من عدم الخلط بين‬
‫العمومي والسياسي في االتصال‪ ،‬حيث أن االتصال العمومي متعدد األبعاد ولكن أهدافه متناسقة ومنسجمة ال مجال فيها‬
‫للتنافس‪ ،‬التناقض كخاصية أساسية لالتصال العمومي إذن هو ليس اتصاال تسويقيا وال دعائيا وال سياسيا وإنما هو شيء‬
‫مختلف تماما‪ .‬ويمكن رصد أول منعرج تاريخي في تطور االتصال العمومي لحظة توقيع معاهدة “واست فاليا” في ‪1648‬‬

‫‪ 2‬عامر أمال‪ ،‬محاضرات في حمالت االتصال العمومي‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة غليزان‪.2021 ،‬‬
‫‪ 3‬جمال بوشاقور‪ ،‬دور االتصال العمومي المحلي في تنمية السياحة بالمدن الداخلية بالجزائر‪ ،‬مجلة االتصال والصحافة‪ ،‬المدرسة الوطنية العليا للصحافة وعلوم‬
‫اإلعالم‪ :‬الجزائر‪ ،‬عدد‪ ،5:‬جوان ‪ ،2016‬ص‪.123‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Michel Le Net, Communication publique : Pratiques des campagnes d’information, La Documentation Française, 1993,‬‬
‫‪P7.‬‬
‫‪ 5‬نبيلة بوخبزة‪ ،‬تطبيقات تقنيات االتصال العمومي المطبقة في الحمالت العمومية المتلفزة‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،03‬سنة ‪ ،2007‬ص‪.73‬‬
‫وهي المعاهدة التي انتقلت بأشكال التجمع البشري نحو أفق جديد وهو الدولة‪ ،‬األمة‪ ،‬أما المنعرج الثاني لتطور االتصال العمومي‬
‫فيكن في ظهور النظام الديمقراطي في الو‪.‬م‪.‬أ ‪.6‬‬
‫يرى ميشال لونات أن االتصال العمومي تطور تدريجيا إلى جانب أنماط االتصال كالدعاية واإلشهار التجاري بفضل االنشغاالت‬
‫االجتماعية واهتمام الحكومات بزيادة استعمال اإلعالم من أجل خدمة األفراد وكيفية استقبالهم لتلك الرسائل الخدماتية ودون‬
‫اعتراض لغرض إقناعهم بمحتواها والعمل بإرشاد اتها وهذا لم يكن ليتم إال بإعداد جيد للرسائل‪ .‬وقد بدأت عمليات االتصال‬
‫العمومي في فرنسا ثم أوروبا كاتصال يهدف للتثقيف وتعديل اآلراء من أجل الوقاية‪ .‬وبدأت تظهر أولى بوادره بين ‪1973‬‬
‫و‪ 1977‬للوقاية من حوادث المرور واقتصاد الطاقة والتربية الصحية ‪.7‬‬
‫ويرجع ظهور تسمية االتصال العمومي لجمعية االتصال العمومي ‪ Walloni Bruxelles‬تم إنشائها عام ‪ ،1989‬حيث‬
‫سمحت لهذا االسم أن يحل محل تسمية االتصال االجتماعي سابقا ونجاحها في نشر االسم هو مجاور لمجال المهنيين والمؤسسات‬
‫العامة‪ .‬وقد تطور االتصال العمومي في نموذجين‪ ،‬النموذج الفرنكوفوني ويتكرر في إيطاليا‪ ،‬بلجيكا وفرنسا ويعتمد على‬
‫القطاع العام واحتكار الدولة للمجال العمومي بكل قضاياه من خدمات ‪ ،‬مواطنة‪ ،‬تنظيم الحريات‪ ،‬تحقيق المصلحة العامة وتعتمد‬
‫ميزانية تمويله على موارد الدولة وتحديدا الضرائب‪ ،‬ومن أهم أسباب تطور هذا الحقل ظهور قضايا المثليين‪ ،‬قضايا انتشار‬
‫اإليدز في فرنسا والمناداة بحماية حقوقهم حيث تحركت منظمات المجتمع المدني ووجدت الدولة نفسها ملزمة على احتكار‬
‫الفضاء العام وإدارة كل ما هو عمومي ‪ ،‬وبذلك فهو اتصال مقيد وغير تنافسي‪ .‬أما الحقل الثاني والذي تطور في الدول‬
‫األنجلوسكسونية وتمثله الواليات المتحدة والملكة المتحدة‪ ،‬يغطي المجال العام بشكل أوسع مشاركة القطاع‬
‫الخاص والمؤسسات والحركات‪ ،‬والجماعات التي تتدخل في الساحات العمومية ‪ ،‬أما في هذا النموذج فاالتصال العمومي غير‬
‫مقيد وتنافسي ‪.8‬‬
‫وقد اكتسبت نشأة وتطور االتصال العمومي على مر السنين شرعية حقيقية‪ ،‬واتضحت وظيفته حيث أصبح يساهم في إعطاء‬
‫معنى للخيارات واإلجراءات في المؤسسات ويساعد على إعطاء معنى للحياة العامة والسياسية‪ ،‬ووفقا للمادة ‪ 1‬من ميثاق االتصال‬
‫العمومي الذي اعتمد في عام ‪“ ،2002‬فإنّه وأمام االنفتاح المتزايد لمجتمع المعلومات‪ ،‬أصبحت االتصاالت العامة اآلن كضرورة‬
‫ال مفر منها للمؤسسات والدول الديمقراطية‪ .‬ومن وجهة النظر هذه‪ ،‬فإن االتصال العمومي لم يعد مجرد أداة تقنية لتشكيل السياسة‬
‫العامة‪ ،‬ولكن نهج شامل يضمن الممارسة الحقيقية للحكامة العمومية”‪ .‬ووفقا للمادة ‪ ،2‬فإن االتصال العمومي هو الذي يسجل‬
‫في إطار برامج إعالم الخدمات العامة‪ ،‬حيث يحترم القواعد السارية سواء األخالقية أو القانونية‪ ،‬بحيث يجب أن يمارس خارج‬
‫الدعاية وتزوير الحقائق من خالل احترام الشفافية في اإلعالم حول المعلومات المتاحة سواء بالنسبة لصانعي السياسات أو‬
‫المستخدمين ‪.9‬‬
‫وع موما ال يمكن الحديث عن نشأة وتطور االتصال العمومي دون الرجوع إلى أصول وتاريخ تنظيم الحياة االجتماعية… وثمة‬
‫توجه إلى البحث عن اتصال عمومي متميز‪ .‬فوجوب اإلعالم عن الحقوق والواجبات رافقه التمكين من االطالع على الوثائق‬
‫اإلدارية‪ ،‬وتبرير القرارات وعرض نشاطات الم ؤسسات العمومية‪ ،‬ونشر المعلومات الالزمة للحياة اليومية‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫المشاركة في اإلجراءات الهامة بالدولة ‪.10‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬نماذج تطور اإلتصال العمومي‬
‫المطلب األول‪ :‬النموذج السلوكي‬

‫‪ 6‬أنظر‪ :‬سامية عواج وآخرون‪ ،‬االتصال العمومي من النظرية إلى التطبيق‪ ،‬دار أسامة‪.2018 ،‬‬
‫‪ 7‬أنظر‪ :‬عامر أمال‪ ،‬محاضرات في حمالت االتصال العمومي‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 8‬مهري شفيقة‪ ،‬محاضرات اتصال وتسويق عمومي‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة سطيف‪ ،02‬سنة ‪.2020‬‬
‫‪ 9‬مهري شفيقة‪ ،‬قضايا ورهانات بحثية راهنة‪ ،‬دار دروب للنشر والتوزيع القاهرة‪ ،2019 ،‬ص‪.299‬‬
‫‪ 10‬أمير علي فاطمة الزهراء‪ ،‬االتصال بين اإلدارة المحلية والمواطن‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2011 ،3‬ص‪.3‬‬
‫يقول ‪ Gazenave‬أن لهذا النموذج عالقة مباشرة بنظرية “اإلبرة تحت الجلدية” الذي يعود الفضل في وضـع أسسها إلى‬
‫‪lasswell Harold‬كما لها إرتباط وثيق بأعمال ‪ Lazarsfeld‬في الثالثينات واألربعينات ‪ ،‬إذ كان ينظر وقتئذ إلى المجتمع‬
‫كمجتمع جماهيري يتكون من أفراد سلبيين‪ ،‬منعزلين ويتقبلون دون مقاومة كل ما تبثـه وسـائل اإلعالم من أراء ومواقف ونماذج‬
‫سلوكية‪.‬‬
‫يقوم النموذج السلوكي على برنامج بحوث أمبريقية هدفها إثبات أو نفي هذا التصور لعالقـة وسـائل اإلعـالم بالجمهور‪ ،‬لقد‬
‫لخص ‪ lasswell‬هذا البرنامج في سلسلة من األسئلة الشهيرة “من‪ ،‬يقول ماذا‪ ،‬بأية قناة وبأي تأثير؟ “‪ .‬فاالتصال السياسي في‬
‫هذا النموذج يعرف على كونه عالقة قائمة بين مرسـل (مـن؟) ورسـالة (مـاذا؟) ومستقبل (لمن؟)‪ ،‬قناة (بأية قناة؟) وذات تأثير‬
‫(بأي تأثير؟) إذ ينظر هذا التعريف إلى االتصال كعملية خطيـة النتقال المعلومات وهو يصب كل اهتمامه على العنصر األخير‬
‫من سؤال ‪ lasswell‬وهو عنصر التأثير الذي أستقطب اهتمام معظم الدراسات اإلعالمية لما بعد الحرب العالمية الثانية وفي‬
‫مقدمة التأثيرات التي ستجلب اهتمام الباحثين الذي انصب أساسا على موضوع الدعاية الحربية ‪ lasswell‬و فيما بعد انتقل‬
‫اهتمام الباحثين إلى ما يسمى بتأثير الحمالت االنتخابية بفضل األعمال الذي قام بها ‪ Lazarsfeld‬أنذاك‪ ،‬إن هذه األبحاث‬
‫كانت بمثابة مقدمـة لظهـور نظريـة التأثير المحدود التي أوضحت بصفة جلية ميكانيزمات مقاومة األفراد أثناء تعرضهم للوسائل‬
‫اإلعالمية ‪ ،‬لقد كانت هذه النظرية بمثابة النظرية المفندة لنظرية التأثير المفرط أو اإلبرة تحت الجلد‪ .‬إنها ترتكز على المستقبل‬
‫وميكانيزمـات مقاومة الجمهور لتأثير وسائل اإلعالم اعتمادا على ما أسماه هؤالء الباحثون بانتقائية التعرض‪ ،‬وانتقائية اإلدراك‬
‫وكذا انتقائية التنكر لدى األفراد فضال عن متغيرات أخرى كالسن‪ ،‬واالنتماء السياسي وشبكة العالقات الشخصية التي تحد من‬
‫آثار وسائل اإلعالم‪.‬‬
‫وتؤكد هذه النظرية على أهمية الجماعات األولية في تكوين اآلراء السياسية لألفراد وانتقاء المعلومـات التـي تأتيهم من وسائل‬
‫اإلعالم‪ .‬وهذا ما جسدته نظرية التدفق على مرحلتين ‪ Lazarsfeld‬ودور قادة الرأي في الوسـاطة بين وسائل اإلعالم والجمهور‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬النموذج النقدي‬
‫يرتبط هذا النموذج بأعمال وأفكار مدرسة فرانكفورت التي تضم عددا من المفكرين البارزين وجلهم ألمان ومن بينهم على‬
‫الخصوص “تيودور أدرنو” و”ماكس هوكهايمير” و”يورغن هابرماس” و”هربرت مركيوز”‪ ،‬فهم فالسفة أخذوا على عاتقهم‬
‫مسؤولية رد االعتبار لمكانة العقل والتفكير العقالني في المجتمع على غرار فالسفة القرن الثامن عشر‪،‬ـ هؤالء الفالسفة ال‬
‫يعرضون االتصال كعملية إرسال الم علومات من مرسل إلى مستقبل‪ ،‬وال يهتمون بمحتوى الرسالة المتبادلة‪ ،‬فاالتصال بالنسبة‬
‫إليهم هو مجموعة الشروط والظروف التي يتم فيها إنتاج الواقع االجتماعي عبر تفاعل التصورات الشخصية وإنتاج معاني‬
‫للواقع والعالم والوجود وإنما يتم من الناحية االتصالية عند انتقاء موضوعين (فاعلين) من هنا تحتل‪ :‬اللغة‪ ،‬الحوار‪ ،‬المحاججة‬
‫أهمية بالغة في النظرية النقدية لتكوين تصور العالم والمجتمع‪.‬‬
‫إن هذا الطرح قائم على قوة تأثير وسائل اإلعالم‪ ،‬وهي شبه مسلمة بخصوص عالقة الجمهور بوسائل اإلعالم مفادها أن وسائل‬
‫اإلعـالم كاملة الجبروت وذات تأث ير قوي على الرأي العام مما يجعلها تنظر إلى النموذج السلوكي كالنموذج االتصالي المهـين‪،‬‬
‫فنظرية مدرسة فرنكفورت تذهب إذن أبعد من ‪ Lazarsfeld‬الذي يرى أن وسائل اإلعالم ذات تأثير محدود وأن نموذج ‪lass‬‬
‫‪ well‬يبالغ في نظرته لقوة وسائل اإلعالم‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬النموذج التحاوري‬
‫إن هذا النموذج في نشأة وتطور االتصال العمومي يظهر ككتلة للنموذج السابق (النقدي) فهو يطرح بصفة معينة المجتمع‬
‫المثالي‪ ،‬فهذا النموذج يقوم على مبدأ الحوار في االتصال‪ ،‬فاالتصال بالنسبة لهذا النموذج هو تبادل الحجج بين مختلف األفراد‬
‫الذين يشكلون المجتمع‪ .‬ويرى أن أول خاصية لالتصال العمومي‪ :‬هو أنه يبنى على العقالنية‪ ،‬فالمعلومات المتبادلة هي عبارة‬
‫عن حجج عقالنية‪ .‬والخاصية الثانية‪ :‬هي أن االتصال يكون في اتجاهين أي تبادل األدوار كما بينها سياق العملية االتصالية وفي‬
‫هذه النقطة يختلف النموذج الحواري عن النماذج ا التصالية القديمة التي كانت ترى أنه ال يحق ألي مستقبل أن يعبر عن رأيه‬
‫فهو ليس فرد سلبي‪ ،‬ومن ثم الغاية من االتصال العمومي ليس المنفعة الشخصية وإنما المصلحة العامة‪ ،‬وعملية تبادل المعلومات‬
‫إذن لها هدف محدد هو البحث لما هو صالح لكل المجتمع‪ .‬وأخيرا‪ ،‬نستخلص هدف االتصال العمومي في هذا النموذج هو‬
‫الصالح العام‪ ،‬فتبادل الحجج والبراهين االقناعية ستجد مبتغاها إال باكتشاف ما هو للصالح العام وهكذا يكتسب االتصال هنا صفة‬
‫العالمية‪ .‬ومن هنا يتضح أن النموذج الحواري هو نموذج نظري موجه لتحليل ظواهر االتصال العمومي وهو يصف مجتمعا‬
‫مثاليا تماما لالتصال الموجود في المجتمعات الحالية‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬النموذج التقني‬
‫لقد ظهر هذا النموذج في نشأة وتطور االتصال العمومي خالل الستينات مع المفكر الكندي األصل ماكلوهان‪ .‬وحسب هذا المفكر‪،‬‬
‫فإن وسائل اإلعالم هي حقيقة ذات تأثير قوي على الجمهور لكن ماكلوهان يعتبر أن السبب في ذلك ال يكمن في الرسالة وإنما‬
‫في تقنية اإلرسال المستعملة أي في القناة‪ .‬فهو يرى أن تكنولوجيات االتصال المهيمنة في عصر معين هي التي تشكل المتغير‬
‫المستقل (مثال الطباعة‪ ،‬الراديو والتلفزيون) أما أساليب التفكير وطرق تنظيم المعلومـات فهي تشكل المتغير التابع لمتغير التقنية‪.‬‬
‫وعليه فال يمكن أن نقول على أن اآلراء والمواقف والسلوكات هي التي تتأثر بوسائل اإلعالم‪ ،‬لكون هذه األخيرة وبكل بساطة‬
‫ال تؤثر مباشرة في محتوى المعلومات والرسائل‪ ،‬فعمليـة ومفعـول وسائل اإلعالم يقوم أساسا على كيفية تأطير المعلومات‬
‫وتنظيم التفكير‪ .‬ولقد تلقى النموذج التقني وأطروحات ماكلوهان انتقادات الذعة من طرف مختلف الباحثين‪ ،‬وهذا راجـع لعدم‬
‫قبول ماكلوهان نفسه كباحث في االختصاص من طرف المجموعة العلمية التـي لـم تعتـرف بأعمالـه الفتقارها إلى األسلوب‬
‫العلمي من جهة وميلها إلى الخطاب االستفزازي من جهة أخرى‪.‬‬
‫عرفت الفترة الممتدة بين ‪ 1966‬إلى ‪ 1973‬أي في الستينات تطورا هائال في الميدان الصناعي وأدى إلى ظهور المجتمع‬
‫االستهالكي والسوق الصناعية الجديدة المتميزة بالتقنين كاالالت التصويرية‪ ،‬الكاميرات المصغرة‪ ،‬الفيديوهات وغيرها من‬
‫اآلالت اإللكترونية التي غمرت السوق أنذاك‪ ،‬وإنبهار الجمهور بهذا التطور التكنولوجي وهذا ما أدى إلى تطور نماذج اتصالية‬
‫جديدة ذات طابع طوباوي في القارة األمريكية على يد مارشال ماكلوهان الذي أحدث ثورة في عالم االتصال‪ .‬فقد أطلق‬
‫“رويوالن” عما أتى به ماكلوهان بالوهم التقني‪ ،‬هذا التيار القوي الذي غير أشياء كثيرة في ميدان االتصال والذي أعطى للميدان‬
‫التكنولوجي سلطة قوية‪ ،‬وما هذا التيار بالنسبة “رويالن” إال عبارة عن افتراضات غير دقيقة‪ .‬كما أنه نفى سلطة تكنولوجية‬
‫وانتق د نظرية مارشال ماكلوهان بشدة حيث بين لنا أن الميزات التقنية للوسيلة ال يمكن أن تكون الرسالة وال تحدد عمليات‬
‫االتصال وأن المشاكل التي تعترض االتصال نجدها على المستوى النفسي االجتماعي وتاريخية اجتماعية‪ .‬كما ركز ريالن على‬
‫أهمية السلوك وأوضح بذلك أن السلوكات ا الجتماعية هي الوحيدة التي تمكن من إقرار مستقبل المنظومات االتصالية أخذا بعين‬
‫االعتبار المندمجين في سياق المجتمع والذين يستعملون التكنولوجية ‪.11‬‬
‫وعموما يمكن القول أن الواليات المتحدة األمريكية أول الدول التي اهتمت بأبحاث االتصال وأخذت دول العالم عنها معظم‬
‫نظ ريات االتصال‪ ،‬كما نقل العالم العربي الكثير من نماذج االتصال ونظرياته الغربية األمريكية ومازال يفتقر حتى اآلن إلى‬
‫نظرية عربية خالصة في االتصال‪ ،‬كما أن هناك ميادين كثيرة لالتصال لم يتطرق إليها الباحثون العرب في هذا المجال وميادين‬
‫أخرى تحتاج إلى المزيد من البحث والدراسة ‪.12‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أهداف وأهمية اإلتصال العمومي‬
‫المطلب األول‪ :‬أهداف اإلتصال العمومي‬
‫إن أهداف وأهمية االتصال العمومي متعددة ومتشعبة وتختلف باختالف أشكال‪ .‬ولهذا سنحاول في هذه المحاضرة تلخيص‬
‫األهداف العامة لالتصال العمومي في مجموعة من النقاط الرئيسية‪ .‬قبل التطرق إلى أهداف الحمالت باعتبارها شكال من‬
‫أشكال هذا االتصال في مرحلة الحقة‪.‬‬

‫‪ 11‬مهري شفيقة‪ ،‬محاضرات اتصال وتسويق عمومي‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ 12‬أمال عميرات‪ ،‬اتصال اجتماعي عمومي أو اإلعالم واالتصال القيمي‪ ،‬مجلة العلوم االجتماعية‪ ،‬المجلد‪ ،08‬العدد ‪ ،2014 ،1‬ص‪.373‬‬
‫المصلحة العامة‪ :‬يهدف االتصال العمومي إلى تحقيق المصلحة العامة‪ .‬وتعتبر هذه األخيرة أهم هدف في هذا النوع من‬
‫االتصال‪ .‬وبمعنى آخر ال يمكننا الحديث أصال عن االتصال العمومي إذا لم يكن األمر يتعلق بالمصلحة العامة‪ .‬ويقصد‬
‫بالمصلحة العامة عملية تزويد المواطنين بمختلف المعلومات الرسمية المرتبطة بنشاط المؤسسات العمومية الرسمية‬
‫والحكومية على المستوى الوطني أو المحلي‪ .‬كما يمكن أن يكون ذلك على المستوى اإلقليمي أو الدولي‪ .‬وذلك حسب طبيعة‬
‫الجهة أو المؤسسة التي تقوم باالتصال العمومي‪.‬‬
‫وبالتالي فإن االتصال العمومي ال يهدف إلى المصالح التجارية بأي شكل من األشكال‪ ،‬مثل رفع المبيعات وتحقيق األرباح أو‬
‫الترويج إلى السلع أو الخدمات المدفوعة‪ .‬بما في ذلك العروض التكوينية للجامعات الخاصة أو المؤسسات التعليمية الربحية‪.‬‬
‫وينبغي أن يكون الهدف األساسي منه الخدمة العمومية وتحقيق المصلحة العامة للجمهور المستهدف‪.‬‬
‫إن االتصال العمومي يركز على قضايا تهم جميع أفراد المجتمع‪ .‬ويمكن أن يكون هذا االتصال صحيا‪ ،‬اقتصاديا أو تربويا بحيث‬
‫يعالج مشاكل مختلفة األبعاد وفق المجاالت المختلفة لالتصال العمومي ‪.13‬‬
‫مراعاة حقوق وواجبات المواطنين‪ :‬إن االتصال العمومي يهدف بشكل أساسي إلى مراعاة حقوق وواجبات المواطنين‪.‬‬
‫وذلك على اعتبار أن الجمهور المستهدف في االتصال العمومي مواطن وليس مستهلك‪ ،‬ومعنى ذلك أن القائم باالتصال‬
‫العمومي ينظر إلى الجمهور المستهدف على أساس أنه مواطن لديه حقوق وواجبات‪ .‬ويتواصل معه على هذا األساس من‬
‫خالل تقديم المعلومات والحمالت التي تعزز تمتعه بحقوقه وإلزامه بواجباته‪ .‬مثل القيام بحمالت االتصال العمومي من أجل‬
‫توعية المواطنين بواجباتهم نحو الحفاظ على البيئة من التلوث و عدم قطع األشجار وحماية الغابات وغيرها‪ .‬أو من خالل‬
‫مخاطبة فئة المواطنين األميين وتوعيتهم بضرورة التسجيل في مدارس محو األمية على أساس أنه حق من حقوقهم‪ .‬ومن‬
‫هنا يتضح أن االتصال العمومي ال يخاطب الجمهور المستهدف كمستهلك‪ .‬وبالتالي فهو ال ينظر إليه ويتواصل معه ويستهدفه‬
‫كزبون تقدم له حمالت تسويقية لشراء سلع أو االستفادة من خدمات مدفوعة‪ ،‬بل على العكس من ذلك تماما‪.‬‬
‫إن االتصال العمومي في السياق الحالي ألزمة السلطات والقيم وتمثيل المؤسسات‪ ،‬يجب أن يكون مصدر قلق دائم للمؤسسات‬
‫والهيئات العمومية‪ .‬وهنا ليس المقصود التواصل بالمعنى اإلعالمي للمصطلح ولكن التواصل الذي يصاحب العمل العام‪ .‬أي‬
‫يجب أن يكون مفهوما من قبل الجميع وبالتالي قابل للنقاش‪ .‬إن تعريف المرء بما يفعله وشرح لماذا وكيف يتم ذلك‪ ،‬يعتبر من‬
‫أولى واجبات المؤسسة العمومية‪ .‬ويجب أن تضمن هذه األخيرة إعالم المواطنين لتمكينهم من ممارسة حقوقهم وواجباتهم مع‬
‫المعرفة الكاملة بالحقائق ‪.14‬‬
‫اإلعالم‪ ،‬اإلقناع والتأثير‪ :‬يهدف االتصال العمومي إلى إعالم المواطنين‪ ،‬محاولة إقناعهم والتأثير فيهم‪ .‬وذلك حسب طبيعة‬ ‫‪‬‬
‫الرسالة االتصالية الموجهة لهم‪ .‬ونقصد باإلعالم هنا‪ ،‬توفير القائم باالتصال العمومي لمعلومات صادقة‪ ،‬دقيقة وتحديثها‬
‫بشكل دوري‪ .‬وضمان وصولها إلى الجمهور المستهدف عبر مختلف قنوات التواصل الممكنة‪ .‬وذلك حول مختلف القضايا‬
‫التي تهم هذا الجمهور وتمس مصالحه وتؤثر في المحيط الذي يعيش فيه‪ .‬وبالتالي فالهدف هنا من االتصال العمومي تزويد‬
‫الجماهير بالمعلومات والبيانات حول الموضوعات والقضايا ذات الصلة بحياتهم والمتعلقة بحقوقهم أو واجباتهم‪.‬‬
‫ونقصد باإلقناع والتأثير‪ ،‬أن االتصال العمومي يهدف إلى التأثير في المواطنين‪ .‬وإقناعهم بتغيير سلوكياتهم أو معتقداتهم أو‬
‫أفكارهم أو إحداث تعديالت تدريجية في مواقفهم‪ .‬اتجاه الظواهر والقضايا التي تمس المجتمع لتحقيق مصلحة عامة‪ .‬ويمكن أن‬
‫يكون ذلك من خالل الحمالت التوعوية مثال في مجال الصحة والبيئة والتعليم وغيرها‪ .‬وبالتالي فهو يهدف إلى التأثير على‬
‫مواقف و اتجاهات الجماهير المستهدفة نحو قضايا محددة أو عامة تمس شريحة من المجتمع وترتبط بظاهرة فيه‪ .‬مثل الظواهر‬
‫االجتماعية كالمخدرات والتسرب المدرسي والقضايا البيئية كالتلوث وغيرها‪.‬‬
‫ويستخدم االتصال العمومي األساليب والتقنيات للمرافقة وإلحداث تغييرات في السلوك‪ .‬ويرى ميشيل لونات أنه اتصال عام‬
‫يركز على اآلثار الضرورية للتقدم الفردي والجماعي ويخاطب المواطنين كأفراد مستقلين ومسؤولين عن سلوكهم ويخلق مناخا‬
‫نفسيا يؤدي إلى قبول الرسائل السلوكية‪.‬‬
‫ويمكن تلخيص أهداف االتصال العمومي بشكل عام‪ ،‬في ‪ 3‬أهداف أو مهام رئيسية وهي‪:‬‬
‫‪13‬‬
‫‪Boris Libois, La communication publique pour une philosophie politique des medias, Edition L’Harmattan,‬‬
‫‪Paris, 2002, P33.‬‬
‫‪14‬‬
‫‪Dominique Mégard, Sur les chemins de la communication publique, Op, Cit, P28.‬‬
‫المهمة األولى لالتصال العمومي‪ ،‬وهي تعريف المواطنين وإعالمهم بالسياسات العمومية الممارسة من طرف السلطة السياسية‪.‬‬
‫حيث تنشر الرسالة أو المعلومة الحكومية في سياق يمتاز بالتعددية‪.‬‬
‫المهمة الثانية فهي مرتبطة بالرغبة في تغيير سلوك المواطنين ويتعلق األمر هنا بحمالت التوعية والوقاية في المجال الصحي‬
‫(اإليدز‪ ،‬السرطان‪ ، )… ،‬أو ما تعلق باألمن (العنف المنزلي‪ ،‬أمن الطرقات وحوادث المرور‪ ،‬ما‪ ،‬أو تلك المرتبطة برهانات‬
‫التنمية المستدامة‪.‬‬
‫المهمة الثالثة فإن االتصال العمومي يركز على المعلومة اإلدارية والمرتبطة بالخدمة العمومية وتثمينها‪ .‬ويتعلق األمر باالتصال‬
‫اإلداري الموج ه للخدمة العمومية أو االتصال الصادر عن إحدى المؤسسات الحكومية مثل وزارة الدفاع الوطني بهدف االتصال‬
‫العمومي إلى المنفعة العامة‪.‬‬
‫وحسب ”‪ “Pierre Zémor‬فإن الصالح العام هو الخاصية التي تحدد طبيعة االتصال العمومي”‪ .‬ومنه فهو اتصال بعيد عن‬
‫األهداف التجارية‪ ،‬جمهوره المستهدف ليس المستهلك بـل المواطن‪ .‬هو يستهدف أشخاص يتمتعون بحقـوق وعليهم واجبات‪،‬‬
‫وهو ما يبدو مستحيال في البلدان غير الديمقراطية‪ ،‬حيث ما يظهر االتصال العمومي تحتفي الدعاية‪.15‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أهمية االتصال العمومي‬
‫تتجلى أهمية االتصال العمومي في القدرة على توجيه الفعل العمومي لخدمة المصلحة العامة سيما من‬
‫خالل اإلعالم )‪ (informing population‬الشرح )‪ ( explaining action and decisions‬تمكين الجماهير المستهدفة‬
‫من الفهم)‪ ، ( create clear understanding‬التثمين ‪ risation‬المساعدة على التغيير‪ ،‬اإلنصات للفاعلين والمواطنين…‪،‬‬
‫إنه اتصال يسعى أيضا للتحكم في التصورات الجماعية )‪ (controlling a collective representations‬تجاه المؤسسة‬
‫واإلقليم ومختلف الفاعلين‪.16‬‬
‫إن االتصال العمومي يعتبر أداة هامة في يد السلطة والهيئات العمومية المركزية والمحلية إلشراك المواطن في تسيير تلك‬
‫المرافق العمومية وكذا المشاركة في عملية التنمية المسطرة‪ .‬إذ إن إعالم المواطنين وتمكينهم من كافة المعلومات والمعطيات‬
‫المتعلقة بالقضايا والمسائل التي تهمهم من شأنه المساهمة في إيجاد الحلول للمشاكل التي تواجهها الدولة هذا من جهة‪ .‬ومن جهة‬
‫ثانية جعل البرامج والسياسات والقرارات العمومية المتخذة من قبل الدولة ومختلف مرافقها تحظى بالقبول لدى المواطن ‪.17‬‬
‫ويشهد االتصال العمومي اهتماما متزايدا باعتباره توجه حديثا في آليات التواصل بين الدولة والمواطن‪ .‬وهذا من خالل تبني‬
‫نهج الحوار بين اإلدارة والمواطنين‪ ،‬وذلك من خالل االستماع النشغاالت المواطن ومشاكله‪ ،‬وآرائه‪ ،‬والعمل على أخذها بعين‬
‫االعتبار عند عملية وضع السياسات العمومية‪ ،‬بهدف تحسين الخدمة العمومية‪ .‬ويكون ذلك من خالل إعالم المواطن بكافة‬
‫المستجدات‪ ،‬واإلجراءات المتخذة‪ ،‬والبرامج المسطرة وتسهيل وصوله إلى المعلومات ‪.18‬‬
‫خاتمـــــــــة‪:‬‬
‫في النهاية‪ ،‬يمكن القول إن نشأة االتصال العمومي في العالم قد أحدثت تحوالً جذريا ً في طريقة تواصل البشر وتبادلهم للمعلومات‪.‬‬
‫ومع استمرار التقدم التكنولوجي‪ ،‬من المتوقع أن يستمر االتصال العمومي في التطور والتغير‪ ،‬مما سيؤثر بشكل كبير على‬
‫مستقبل المجتمعات البشرية وتفاعلها‪.‬‬

‫‪ 15‬نسرين داودي‪ ،‬االتصال العمومي في الجزائر‪ :‬بين قناع الديمقراطية وواقع األبوية االستبدادية‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬المجلد ‪،05‬‬
‫العدد ‪ ،08‬سنة ‪ ،2017‬ص‪.140‬‬
‫‪ 16‬نصر الدين بوزيان‪ ،‬االتصال العمومي الجزائري خالل عدوان تيقنتورين‪ ،‬المجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬المجلد‬
‫‪ ،12‬العدد ‪ ،1‬جانفي ‪ ،2020‬ص‪.969‬‬
‫‪ 17‬سامي خفي‪ ،‬جمال بن زروق‪ ،‬االتصال العمومي في الجزائر‪ :‬قراءة في المفهوم والممارسات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.284‬‬
‫‪ 18‬سامي خفي‪ ،‬جمال بن زروق‪ ،‬االتصال العمومي في الجزائر‪ :‬قراءة في المفهوم والممارسات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.265‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬
‫‪Dominique Mégard, Sur les chemins de la communication publique, Les Cahiers /1‬‬
‫‪Dynamiques, N035, 2005‬‬
‫‪ /2‬عامر أمال‪ ،‬محاضرات في حمالت االتصال العمومي ‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة غليزان‪.2021 ،‬‬
‫‪ /3‬جمال بوشاقور‪ ،‬دور االتصال العمومي المحلي في تنمية السياحة بالمدن الداخلية بالجزائر‪ ،‬مجلة االتصال والصحافة‪،‬‬
‫المدرسة الوطنية العليا للصحافة وعلوم اإلعالم‪ :‬الجزائر‪ ،‬عدد‪ ،5:‬جوان ‪.2016‬‬
‫‪Michel Le Net, Communication publique : Pratiques des campagnes d’information, La /4‬‬
‫‪Documentation Française, 1993‬‬
‫‪ /5‬نبيلة بوخبزة‪ ،‬تطبيقات تقنيات االتصال العمومي المطبقة في الحمالت العمومية المتلفزة‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪ ،03‬سنة ‪.2007‬‬
‫‪ /6‬أنظر‪ :‬سامية عواج وآخرون‪ ،‬االتصال العمومي من النظرية إلى التطبيق‪ ،‬دار أسامة‪.2018 ،‬‬
‫‪ /7‬مهري شفيقة‪ ،‬محاضرات اتصال وتسويق عمومي‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة سطيف‪ ،02‬سنة ‪.2020‬‬
‫‪ /8‬مهري شفيقة‪ ،‬قضايا ورهانات بحثية راهنة‪ ،‬دار دروب للنشر والتوزيع القاهرة‪.2019 ،‬‬
‫‪ /9‬أمير علي فاطمة الزهراء‪ ،‬االتصال بين اإلدارة المحلية والمواطن‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪.2011 ،3‬‬
‫‪ /10‬أمال عميرات‪ ،‬اتصال اجتماعي عمومي أو اإلعالم واالتصال القيمي‪ ،‬مجلة العلوم االجتماعية‪ ،‬المجلد‪ ،08‬العدد‬
‫‪.2014 ،1‬‬
‫‪Boris Libois, La communication publique pour une philosophie politique des medias, /11‬‬
‫‪.Edition L’Harmattan, Paris, 2002‬‬
‫‪ /12‬نسرين داودي‪ ،‬االتصال العمومي في الجزائر‪ :‬بين قناع الديمقراطية وواقع األبوية االستبدادية‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم‬
‫االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬المجلد ‪ ،05‬العدد ‪ ،08‬سنة ‪.2017‬‬
‫‪ /13‬نصر الدين بوزيان‪ ،‬االتصال العمومي الجزائري خالل عدوان تيقنتورين ‪ ،‬المجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم‬
‫اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬المجلد ‪ ،12‬العدد ‪ ،1‬جانفي ‪.2020‬‬

You might also like