Professional Documents
Culture Documents
1
Dominique Mégard, Sur les chemins de la communication publique, Les Cahiers Dynamiques, N035, 2005, Page27.
بذلك يستجيب للمصلحة العامة خاصة في مجال مكافحة اآلفات االجتماعية وترويج القيم األساسية ،وهو بذلك يحفز ويدعو كل
فرد في المجتمع إلى أخد نصيبه من المسؤولية لمصلحة المجتمع .ويتخذ االتصال العمومي عدة أشكال من بينها الحمالت . 2
وتعرفه جمعية االتصال العمومي الفرن سية على كونه مرتبط بمنطقة أو مؤسسة من مؤسسات القطاع العام مركزية كانت أو
محلية ،يلعب دورا أساسيا في المجتمع ،في تجسيد روح وثقافة المواطنة ،في النقاش الديمقراطي وفي استخدام المصالح
العمومية .يساهم االتصال العمومي في التعريف بالعمل الذي تقوم به السلطات العمومية الوطنية أو المحلية .ومن حيث الجمهور
المستهدف فهو يتوجه إلى السكان ،المواطنون ،المستخدمين ،أولئك الذين يدفعون الضرائب .ومن حيث الهدف ،يسعى االتصال
العمومي إلى إعالم ومشاركة المواطنين في الحياة السياسية والحركة التنموية االقتصادية واالجتماعية ،تقريب مصالح الخدمة
العمومية من المواطنين ،خلق النشاط والديناميكية في التنمية المحلية ومرافقة المشاريع واستمالة المواطنين للنقاش العام التعريف
بالشؤون والقضايا ذات المصلحة العامة والتشجيع على السلوكيات المسؤولة والمدنية ،والمساهمة في تنمية القيم والهوية ألي
منطقة والحفاظ عليها.3
ويعرف الباحثين الرواد في مجال االتصال العمومي أمثال ميشال بوشون ،على أنه مجموعة من الظواهر الخاصة بإنتاج
ومعالجة ونشر المعلومات التي تعكس ردود الفعل ،وخلق وتوجيه المناقشات حول الرهانات العامة ،واالتصال العمومي ليس
فقط نشاط اتصالي خاص بممارسات وسائل اإلعالم وإنما هو قضية خاصة بجميع الفاعلين بما في ذلك المجتمع المدني.
ومن جهة أخرى يرى Michel Le Netأن االتصال العمومي يهدف إلى تغيير كل ما هو سلبي من معارف وأراء وسلوكيات
أن هناكوردّ االعتبار للعمل المتقن…الخ ويؤكد لونات ّ األفراد في مجاالت متعددة كمحاربة الرشوة ،والبيروقراطية ،وتقدير َ
ارتباط وثيق بين االتصال العمومي وإشراك المواطنين في صيرورة انجاز المش اريع التنموية بغية إضفاء الشفافية والتدعيم
بدور أساسي في إعطاء قدر من االعتبار واألهمية لرأي وموقف سكان المنطقة أو إقليم معين اتجاه مشروع أو ٍ وخاصة أنّه يقوم
قرار معين .4
كثيرا ما يشار إلى االتصال العمومي على أنه تبادل للمعلومات ،فاالتصال ال يعني اإلعالم واالستعالم فقط وإنما يعني اإلقناع
أي تغيير آراء وسلوك اآلخرين .وكثيرا ما يستعمل كمرادف لالتصال االجتماعي ،فاالتصال يصبح اجتماعيا عندما يبحث عن
تغيير أو تعديل لصالح المجتمع برمته ،فاالتصال العمومي(االجتماعي) هو علم نقل األفكار الجديدة من طرف إلى طرف ثاني
وانه الركيزة األولى للسلطة التي تستعمله من اجل تطوير المعارف ودفع الوعي االجتماعي عن طريق المنظمات العمومية أو
الجمعيات التي تخدم المجتمع بصفة عامة .5
المطلب الثاني :نشاة وتطور اإلتصال العمومي
هناك من يرجع ظهور مفهوم االتصال العمومي كان في أعمال عالم االتصال األمريكي ولبر شرام سنوات الخمسينات
والستينات ،والتي تجسدت في شكل حمالت واسعة سماها بحمالت االتصال العمومي تمت مباشرتها بهدف إقناع الناس
بسلوكيات ما يمكن في النهاية قياسها عبر وسائل منهجية ولكن هذه الحمالت التي جاءت مكهربة مرتبطة بالحرب
الباردة وكانت السمة الغالبة عليها هي الدعاية لذلك وجه برنارد مياج انتقادات للقول بأن شرام يعد المؤسس الفعلي لالتصال
العمومي ودعى تعقيبا على ذلك إلى ضرورة الفصل بين االتصال العمومي والسياسي مبرزا بأنه ال بد من عدم الخلط بين
العمومي والسياسي في االتصال ،حيث أن االتصال العمومي متعدد األبعاد ولكن أهدافه متناسقة ومنسجمة ال مجال فيها
للتنافس ،التناقض كخاصية أساسية لالتصال العمومي إذن هو ليس اتصاال تسويقيا وال دعائيا وال سياسيا وإنما هو شيء
مختلف تماما .ويمكن رصد أول منعرج تاريخي في تطور االتصال العمومي لحظة توقيع معاهدة “واست فاليا” في 1648
2عامر أمال ،محاضرات في حمالت االتصال العمومي ،كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،جامعة غليزان.2021 ،
3جمال بوشاقور ،دور االتصال العمومي المحلي في تنمية السياحة بالمدن الداخلية بالجزائر ،مجلة االتصال والصحافة ،المدرسة الوطنية العليا للصحافة وعلوم
اإلعالم :الجزائر ،عدد ،5:جوان ،2016ص.123
4
Michel Le Net, Communication publique : Pratiques des campagnes d’information, La Documentation Française, 1993,
P7.
5نبيلة بوخبزة ،تطبيقات تقنيات االتصال العمومي المطبقة في الحمالت العمومية المتلفزة ،أطروحة دكتوراه ،جامعة الجزائر ،03سنة ،2007ص.73
وهي المعاهدة التي انتقلت بأشكال التجمع البشري نحو أفق جديد وهو الدولة ،األمة ،أما المنعرج الثاني لتطور االتصال العمومي
فيكن في ظهور النظام الديمقراطي في الو.م.أ .6
يرى ميشال لونات أن االتصال العمومي تطور تدريجيا إلى جانب أنماط االتصال كالدعاية واإلشهار التجاري بفضل االنشغاالت
االجتماعية واهتمام الحكومات بزيادة استعمال اإلعالم من أجل خدمة األفراد وكيفية استقبالهم لتلك الرسائل الخدماتية ودون
اعتراض لغرض إقناعهم بمحتواها والعمل بإرشاد اتها وهذا لم يكن ليتم إال بإعداد جيد للرسائل .وقد بدأت عمليات االتصال
العمومي في فرنسا ثم أوروبا كاتصال يهدف للتثقيف وتعديل اآلراء من أجل الوقاية .وبدأت تظهر أولى بوادره بين 1973
و 1977للوقاية من حوادث المرور واقتصاد الطاقة والتربية الصحية .7
ويرجع ظهور تسمية االتصال العمومي لجمعية االتصال العمومي Walloni Bruxellesتم إنشائها عام ،1989حيث
سمحت لهذا االسم أن يحل محل تسمية االتصال االجتماعي سابقا ونجاحها في نشر االسم هو مجاور لمجال المهنيين والمؤسسات
العامة .وقد تطور االتصال العمومي في نموذجين ،النموذج الفرنكوفوني ويتكرر في إيطاليا ،بلجيكا وفرنسا ويعتمد على
القطاع العام واحتكار الدولة للمجال العمومي بكل قضاياه من خدمات ،مواطنة ،تنظيم الحريات ،تحقيق المصلحة العامة وتعتمد
ميزانية تمويله على موارد الدولة وتحديدا الضرائب ،ومن أهم أسباب تطور هذا الحقل ظهور قضايا المثليين ،قضايا انتشار
اإليدز في فرنسا والمناداة بحماية حقوقهم حيث تحركت منظمات المجتمع المدني ووجدت الدولة نفسها ملزمة على احتكار
الفضاء العام وإدارة كل ما هو عمومي ،وبذلك فهو اتصال مقيد وغير تنافسي .أما الحقل الثاني والذي تطور في الدول
األنجلوسكسونية وتمثله الواليات المتحدة والملكة المتحدة ،يغطي المجال العام بشكل أوسع مشاركة القطاع
الخاص والمؤسسات والحركات ،والجماعات التي تتدخل في الساحات العمومية ،أما في هذا النموذج فاالتصال العمومي غير
مقيد وتنافسي .8
وقد اكتسبت نشأة وتطور االتصال العمومي على مر السنين شرعية حقيقية ،واتضحت وظيفته حيث أصبح يساهم في إعطاء
معنى للخيارات واإلجراءات في المؤسسات ويساعد على إعطاء معنى للحياة العامة والسياسية ،ووفقا للمادة 1من ميثاق االتصال
العمومي الذي اعتمد في عام “ ،2002فإنّه وأمام االنفتاح المتزايد لمجتمع المعلومات ،أصبحت االتصاالت العامة اآلن كضرورة
ال مفر منها للمؤسسات والدول الديمقراطية .ومن وجهة النظر هذه ،فإن االتصال العمومي لم يعد مجرد أداة تقنية لتشكيل السياسة
العامة ،ولكن نهج شامل يضمن الممارسة الحقيقية للحكامة العمومية” .ووفقا للمادة ،2فإن االتصال العمومي هو الذي يسجل
في إطار برامج إعالم الخدمات العامة ،حيث يحترم القواعد السارية سواء األخالقية أو القانونية ،بحيث يجب أن يمارس خارج
الدعاية وتزوير الحقائق من خالل احترام الشفافية في اإلعالم حول المعلومات المتاحة سواء بالنسبة لصانعي السياسات أو
المستخدمين .9
وع موما ال يمكن الحديث عن نشأة وتطور االتصال العمومي دون الرجوع إلى أصول وتاريخ تنظيم الحياة االجتماعية… وثمة
توجه إلى البحث عن اتصال عمومي متميز .فوجوب اإلعالم عن الحقوق والواجبات رافقه التمكين من االطالع على الوثائق
اإلدارية ،وتبرير القرارات وعرض نشاطات الم ؤسسات العمومية ،ونشر المعلومات الالزمة للحياة اليومية ،باإلضافة إلى
المشاركة في اإلجراءات الهامة بالدولة .10
المبحث الثاني :نماذج تطور اإلتصال العمومي
المطلب األول :النموذج السلوكي
6أنظر :سامية عواج وآخرون ،االتصال العمومي من النظرية إلى التطبيق ،دار أسامة.2018 ،
7أنظر :عامر أمال ،محاضرات في حمالت االتصال العمومي ،مرجع سابق.
8مهري شفيقة ،محاضرات اتصال وتسويق عمومي ،كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،جامعة سطيف ،02سنة .2020
9مهري شفيقة ،قضايا ورهانات بحثية راهنة ،دار دروب للنشر والتوزيع القاهرة ،2019 ،ص.299
10أمير علي فاطمة الزهراء ،االتصال بين اإلدارة المحلية والمواطن ،رسالة ماجستير ،كلية العلوم السياسية واإلعالم ،جامعة الجزائر ،2011 ،3ص.3
يقول Gazenaveأن لهذا النموذج عالقة مباشرة بنظرية “اإلبرة تحت الجلدية” الذي يعود الفضل في وضـع أسسها إلى
lasswell Haroldكما لها إرتباط وثيق بأعمال Lazarsfeldفي الثالثينات واألربعينات ،إذ كان ينظر وقتئذ إلى المجتمع
كمجتمع جماهيري يتكون من أفراد سلبيين ،منعزلين ويتقبلون دون مقاومة كل ما تبثـه وسـائل اإلعالم من أراء ومواقف ونماذج
سلوكية.
يقوم النموذج السلوكي على برنامج بحوث أمبريقية هدفها إثبات أو نفي هذا التصور لعالقـة وسـائل اإلعـالم بالجمهور ،لقد
لخص lasswellهذا البرنامج في سلسلة من األسئلة الشهيرة “من ،يقول ماذا ،بأية قناة وبأي تأثير؟ “ .فاالتصال السياسي في
هذا النموذج يعرف على كونه عالقة قائمة بين مرسـل (مـن؟) ورسـالة (مـاذا؟) ومستقبل (لمن؟) ،قناة (بأية قناة؟) وذات تأثير
(بأي تأثير؟) إذ ينظر هذا التعريف إلى االتصال كعملية خطيـة النتقال المعلومات وهو يصب كل اهتمامه على العنصر األخير
من سؤال lasswellوهو عنصر التأثير الذي أستقطب اهتمام معظم الدراسات اإلعالمية لما بعد الحرب العالمية الثانية وفي
مقدمة التأثيرات التي ستجلب اهتمام الباحثين الذي انصب أساسا على موضوع الدعاية الحربية lasswellو فيما بعد انتقل
اهتمام الباحثين إلى ما يسمى بتأثير الحمالت االنتخابية بفضل األعمال الذي قام بها Lazarsfeldأنذاك ،إن هذه األبحاث
كانت بمثابة مقدمـة لظهـور نظريـة التأثير المحدود التي أوضحت بصفة جلية ميكانيزمات مقاومة األفراد أثناء تعرضهم للوسائل
اإلعالمية ،لقد كانت هذه النظرية بمثابة النظرية المفندة لنظرية التأثير المفرط أو اإلبرة تحت الجلد .إنها ترتكز على المستقبل
وميكانيزمـات مقاومة الجمهور لتأثير وسائل اإلعالم اعتمادا على ما أسماه هؤالء الباحثون بانتقائية التعرض ،وانتقائية اإلدراك
وكذا انتقائية التنكر لدى األفراد فضال عن متغيرات أخرى كالسن ،واالنتماء السياسي وشبكة العالقات الشخصية التي تحد من
آثار وسائل اإلعالم.
وتؤكد هذه النظرية على أهمية الجماعات األولية في تكوين اآلراء السياسية لألفراد وانتقاء المعلومـات التـي تأتيهم من وسائل
اإلعالم .وهذا ما جسدته نظرية التدفق على مرحلتين Lazarsfeldودور قادة الرأي في الوسـاطة بين وسائل اإلعالم والجمهور.
المطلب الثاني :النموذج النقدي
يرتبط هذا النموذج بأعمال وأفكار مدرسة فرانكفورت التي تضم عددا من المفكرين البارزين وجلهم ألمان ومن بينهم على
الخصوص “تيودور أدرنو” و”ماكس هوكهايمير” و”يورغن هابرماس” و”هربرت مركيوز” ،فهم فالسفة أخذوا على عاتقهم
مسؤولية رد االعتبار لمكانة العقل والتفكير العقالني في المجتمع على غرار فالسفة القرن الثامن عشر،ـ هؤالء الفالسفة ال
يعرضون االتصال كعملية إرسال الم علومات من مرسل إلى مستقبل ،وال يهتمون بمحتوى الرسالة المتبادلة ،فاالتصال بالنسبة
إليهم هو مجموعة الشروط والظروف التي يتم فيها إنتاج الواقع االجتماعي عبر تفاعل التصورات الشخصية وإنتاج معاني
للواقع والعالم والوجود وإنما يتم من الناحية االتصالية عند انتقاء موضوعين (فاعلين) من هنا تحتل :اللغة ،الحوار ،المحاججة
أهمية بالغة في النظرية النقدية لتكوين تصور العالم والمجتمع.
إن هذا الطرح قائم على قوة تأثير وسائل اإلعالم ،وهي شبه مسلمة بخصوص عالقة الجمهور بوسائل اإلعالم مفادها أن وسائل
اإلعـالم كاملة الجبروت وذات تأث ير قوي على الرأي العام مما يجعلها تنظر إلى النموذج السلوكي كالنموذج االتصالي المهـين،
فنظرية مدرسة فرنكفورت تذهب إذن أبعد من Lazarsfeldالذي يرى أن وسائل اإلعالم ذات تأثير محدود وأن نموذج lass
wellيبالغ في نظرته لقوة وسائل اإلعالم.
المطلب الثالث :النموذج التحاوري
إن هذا النموذج في نشأة وتطور االتصال العمومي يظهر ككتلة للنموذج السابق (النقدي) فهو يطرح بصفة معينة المجتمع
المثالي ،فهذا النموذج يقوم على مبدأ الحوار في االتصال ،فاالتصال بالنسبة لهذا النموذج هو تبادل الحجج بين مختلف األفراد
الذين يشكلون المجتمع .ويرى أن أول خاصية لالتصال العمومي :هو أنه يبنى على العقالنية ،فالمعلومات المتبادلة هي عبارة
عن حجج عقالنية .والخاصية الثانية :هي أن االتصال يكون في اتجاهين أي تبادل األدوار كما بينها سياق العملية االتصالية وفي
هذه النقطة يختلف النموذج الحواري عن النماذج ا التصالية القديمة التي كانت ترى أنه ال يحق ألي مستقبل أن يعبر عن رأيه
فهو ليس فرد سلبي ،ومن ثم الغاية من االتصال العمومي ليس المنفعة الشخصية وإنما المصلحة العامة ،وعملية تبادل المعلومات
إذن لها هدف محدد هو البحث لما هو صالح لكل المجتمع .وأخيرا ،نستخلص هدف االتصال العمومي في هذا النموذج هو
الصالح العام ،فتبادل الحجج والبراهين االقناعية ستجد مبتغاها إال باكتشاف ما هو للصالح العام وهكذا يكتسب االتصال هنا صفة
العالمية .ومن هنا يتضح أن النموذج الحواري هو نموذج نظري موجه لتحليل ظواهر االتصال العمومي وهو يصف مجتمعا
مثاليا تماما لالتصال الموجود في المجتمعات الحالية.
المطلب الرابع :النموذج التقني
لقد ظهر هذا النموذج في نشأة وتطور االتصال العمومي خالل الستينات مع المفكر الكندي األصل ماكلوهان .وحسب هذا المفكر،
فإن وسائل اإلعالم هي حقيقة ذات تأثير قوي على الجمهور لكن ماكلوهان يعتبر أن السبب في ذلك ال يكمن في الرسالة وإنما
في تقنية اإلرسال المستعملة أي في القناة .فهو يرى أن تكنولوجيات االتصال المهيمنة في عصر معين هي التي تشكل المتغير
المستقل (مثال الطباعة ،الراديو والتلفزيون) أما أساليب التفكير وطرق تنظيم المعلومـات فهي تشكل المتغير التابع لمتغير التقنية.
وعليه فال يمكن أن نقول على أن اآلراء والمواقف والسلوكات هي التي تتأثر بوسائل اإلعالم ،لكون هذه األخيرة وبكل بساطة
ال تؤثر مباشرة في محتوى المعلومات والرسائل ،فعمليـة ومفعـول وسائل اإلعالم يقوم أساسا على كيفية تأطير المعلومات
وتنظيم التفكير .ولقد تلقى النموذج التقني وأطروحات ماكلوهان انتقادات الذعة من طرف مختلف الباحثين ،وهذا راجـع لعدم
قبول ماكلوهان نفسه كباحث في االختصاص من طرف المجموعة العلمية التـي لـم تعتـرف بأعمالـه الفتقارها إلى األسلوب
العلمي من جهة وميلها إلى الخطاب االستفزازي من جهة أخرى.
عرفت الفترة الممتدة بين 1966إلى 1973أي في الستينات تطورا هائال في الميدان الصناعي وأدى إلى ظهور المجتمع
االستهالكي والسوق الصناعية الجديدة المتميزة بالتقنين كاالالت التصويرية ،الكاميرات المصغرة ،الفيديوهات وغيرها من
اآلالت اإللكترونية التي غمرت السوق أنذاك ،وإنبهار الجمهور بهذا التطور التكنولوجي وهذا ما أدى إلى تطور نماذج اتصالية
جديدة ذات طابع طوباوي في القارة األمريكية على يد مارشال ماكلوهان الذي أحدث ثورة في عالم االتصال .فقد أطلق
“رويوالن” عما أتى به ماكلوهان بالوهم التقني ،هذا التيار القوي الذي غير أشياء كثيرة في ميدان االتصال والذي أعطى للميدان
التكنولوجي سلطة قوية ،وما هذا التيار بالنسبة “رويالن” إال عبارة عن افتراضات غير دقيقة .كما أنه نفى سلطة تكنولوجية
وانتق د نظرية مارشال ماكلوهان بشدة حيث بين لنا أن الميزات التقنية للوسيلة ال يمكن أن تكون الرسالة وال تحدد عمليات
االتصال وأن المشاكل التي تعترض االتصال نجدها على المستوى النفسي االجتماعي وتاريخية اجتماعية .كما ركز ريالن على
أهمية السلوك وأوضح بذلك أن السلوكات ا الجتماعية هي الوحيدة التي تمكن من إقرار مستقبل المنظومات االتصالية أخذا بعين
االعتبار المندمجين في سياق المجتمع والذين يستعملون التكنولوجية .11
وعموما يمكن القول أن الواليات المتحدة األمريكية أول الدول التي اهتمت بأبحاث االتصال وأخذت دول العالم عنها معظم
نظ ريات االتصال ،كما نقل العالم العربي الكثير من نماذج االتصال ونظرياته الغربية األمريكية ومازال يفتقر حتى اآلن إلى
نظرية عربية خالصة في االتصال ،كما أن هناك ميادين كثيرة لالتصال لم يتطرق إليها الباحثون العرب في هذا المجال وميادين
أخرى تحتاج إلى المزيد من البحث والدراسة .12
المبحث الثالث :أهداف وأهمية اإلتصال العمومي
المطلب األول :أهداف اإلتصال العمومي
إن أهداف وأهمية االتصال العمومي متعددة ومتشعبة وتختلف باختالف أشكال .ولهذا سنحاول في هذه المحاضرة تلخيص
األهداف العامة لالتصال العمومي في مجموعة من النقاط الرئيسية .قبل التطرق إلى أهداف الحمالت باعتبارها شكال من
أشكال هذا االتصال في مرحلة الحقة.
15نسرين داودي ،االتصال العمومي في الجزائر :بين قناع الديمقراطية وواقع األبوية االستبدادية ،المجلة الجزائرية للعلوم االجتماعية واإلنسانية ،المجلد ،05
العدد ،08سنة ،2017ص.140
16نصر الدين بوزيان ،االتصال العمومي الجزائري خالل عدوان تيقنتورين ،المجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،المجلد
،12العدد ،1جانفي ،2020ص.969
17سامي خفي ،جمال بن زروق ،االتصال العمومي في الجزائر :قراءة في المفهوم والممارسات ،مرجع سابق ،ص .284
18سامي خفي ،جمال بن زروق ،االتصال العمومي في الجزائر :قراءة في المفهوم والممارسات ،مرجع سابق ،ص .265
قائمة المصادر والمراجع:
Dominique Mégard, Sur les chemins de la communication publique, Les Cahiers /1
Dynamiques, N035, 2005
/2عامر أمال ،محاضرات في حمالت االتصال العمومي ،كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،جامعة غليزان.2021 ،
/3جمال بوشاقور ،دور االتصال العمومي المحلي في تنمية السياحة بالمدن الداخلية بالجزائر ،مجلة االتصال والصحافة،
المدرسة الوطنية العليا للصحافة وعلوم اإلعالم :الجزائر ،عدد ،5:جوان .2016
Michel Le Net, Communication publique : Pratiques des campagnes d’information, La /4
Documentation Française, 1993
/5نبيلة بوخبزة ،تطبيقات تقنيات االتصال العمومي المطبقة في الحمالت العمومية المتلفزة ،أطروحة دكتوراه ،جامعة
الجزائر ،03سنة .2007
/6أنظر :سامية عواج وآخرون ،االتصال العمومي من النظرية إلى التطبيق ،دار أسامة.2018 ،
/7مهري شفيقة ،محاضرات اتصال وتسويق عمومي ،كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،جامعة سطيف ،02سنة .2020
/8مهري شفيقة ،قضايا ورهانات بحثية راهنة ،دار دروب للنشر والتوزيع القاهرة.2019 ،
/9أمير علي فاطمة الزهراء ،االتصال بين اإلدارة المحلية والمواطن ،رسالة ماجستير ،كلية العلوم السياسية واإلعالم ،جامعة
الجزائر.2011 ،3
/10أمال عميرات ،اتصال اجتماعي عمومي أو اإلعالم واالتصال القيمي ،مجلة العلوم االجتماعية ،المجلد ،08العدد
.2014 ،1
Boris Libois, La communication publique pour une philosophie politique des medias, /11
.Edition L’Harmattan, Paris, 2002
/12نسرين داودي ،االتصال العمومي في الجزائر :بين قناع الديمقراطية وواقع األبوية االستبدادية ،المجلة الجزائرية للعلوم
االجتماعية واإلنسانية ،المجلد ،05العدد ،08سنة .2017
/13نصر الدين بوزيان ،االتصال العمومي الجزائري خالل عدوان تيقنتورين ،المجلة العربية لألبحاث والدراسات في العلوم
اإلنسانية واالجتماعية ،المجلد ،12العدد ،1جانفي .2020