You are on page 1of 19

‫بركاتي يوسف‬ ‫مناجمنت عمومي‬

‫مقدمة عامة‬
‫التسيير العمومي هو مجال دراسي وممارسة مهنية يرتبط ارتباطًا وثيقًا بإدارة وتنظيم المؤسسات‬
‫والمنظمات الحكومية والمؤسسات العامة‪ .‬يهدف التسيير العمومي إلى تحقيق األهداف والمصالح العامة‬
‫حاسما في تحقيق التنمية المستدامة‬
‫ً‬ ‫دور‬
‫للمجتمع وتقديم الخدمات العامة بشكل فعال وفعالية‪ .‬إنه يلعب ًا‬
‫فهما عميقًا للتحديات والفرص التي‬
‫وضمان العدالة االجتماعية واالقتصادية‪ .‬التسيير العمومي يتطلب ً‬
‫تواجه القطاع العام‪ ،‬باإلضافة إلى معرفة بأحدث األدوات والتقنيات المستخدمة في تحسين أداء الحكومات‬
‫والمؤسسات العامة‪ .‬يسعى أستاذ جامعي في هذا المجال إلى توجيه الطالب والباحثين وتزويدهم بالمعرفة‬
‫فعال‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬التسيير العمومي يلعب‬
‫والمهارات الالزمة لفهم وتطوير اإلدارة العامة بشكل ّ‬
‫مهما في تعزيز الشفافية والمساءلة في الحكومات وتعزيز التشاركية بين المواطنين والقطاع العام‪.‬‬
‫دور ً‬
‫ًا‬
‫حاسما بين السلطة والمسؤولية في تقديم الخدمات وتحقيق األهداف العامة‬
‫ً‬ ‫يعكس هذا المجال توازًنا‬
‫للدولة‪.‬‬

‫في حقيقة األمر ال توجد هناك دول متقدة وأخرى متخلفة إن صح التعبير‪ ،‬بل في الحقيقة ال توجد‬
‫هناك سوى بلدان تعرف أو تعاني من سوء التسيير‪ ،‬إذا سلمنا بهذه المقولة الشهيرة ألب المناجمنت‬
‫العمومي الحديث ‪ peter druker‬فيمكن على هذا األساس اعتبار أن نظام اإلدارة يعتبر من العوامل‬
‫األساسية التي تؤثر على التنمية في جميع دول العالم‪ ،‬ومن هنا أصبحت اإلدارة أو المناجمنت تحتل‬
‫مكانة هامة لدى المهتمين أو أصحاب القرار والمسؤولين عن تبني وصياغة أو رسم خارطة الطريق أو‬
‫المسار السياسي واإلقتصادي ألي دولة مهما كانت‪.‬‬

‫تعتبر اإلدارة العمومية بمثابة المرآة العاكسة للتطورات الحاصلة في أي مجتمع وفي أي دولة وفي‬
‫أي مؤسسة عمومية‪ ،‬لذلك ال يمكن أن تبقى نصوصها جامدة بمنعزل عن تطور المعطيات الحديثة‪،‬‬
‫ففعالية اإلدارة العمومية ترتبط إرتباط وثيق بمختلف التشريعات والقوانين المنظمة لها‪ ،‬وبدون تشريعات‬
‫متطورة ال يمكن لإلدارة العمومية أن تفرض هيمنتها وتقود عجلة التنمية وال يمكن بناء دولة قوية دون‬
‫إدارة متطورة‪.‬‬

‫نظ ار لما يعرفه العالم من تطورات كبيرة في مختلف المجاالت التكنولوجيا واالقتصادية والسياسية‬
‫وحتى األمنية منها والثقافية أصبح لزاما على القطاعات العمومية وخاصة اإلدارات العمومية أن تتماشى‬
‫وتتكيف وهذه التطورات الحاصلة‪ ،‬ولهذا وجب التخلي عن التسيير البيروقراطي والتوجه نحو أساليب‬
‫إدارية تمكنها من التوفيق بين هدفين أساسيين هما‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫بركاتي يوسف‬ ‫مناجمنت عمومي‬

‫‪ -‬الرفع من مستوى وجودة الخدمة العمومية‪.‬‬


‫‪ -‬العمل على التحكم أكثر في التكاليف وترشيد الق اررات‪.‬‬

‫سيتم من خالل هذه المطبوعة المختصرة التطرق في جزئها األول إلى المناجمنت العمومي‬
‫التقليدي بصفة عامة‪ ،‬بحيث سيتم اإلشارة أوال إلى مفهوم الخدمة العمومية‪ ،‬على اعتبار أن الخدمة‬
‫العمومية تمثل المخرجات الرئيسية للمناجمنت العمومي‪ ،‬وبعد ذلك سننتقل إلى مفهوم المناجمنت العمومي‬
‫وأهدافه وكذلك عالقته بالعلوم األخرى وأهم وظائفه ثم سيتم التطرق إلى الموظف العمومي داخل اإلدارة‬
‫العمومية وأهم واجباته وحقوقه وكذلك التطرق إلى تقييم الموظف العمومي واالشارة إلى أهم المعايير‬
‫المعتمدة في عملية التقييم واآلثار المترتبة عن عملية التقييم‪ .‬أما الجزء اآلخر فسيتم التطرق إلى‬
‫المناجمنت العمومي الجديد كمفهوم جديد ومغاير للمفهوم التقليدي للمناجمنت العمومي‪ ،‬بحيث سيتم‬
‫التطرق إلى مفهومه وكذلك أسباب ظهوره‪ ،‬وخصائصه وكذلك أهم النماذج والنظريات المعتمدة في هذا‬
‫التوجه الجديد لإلدارة أو المناجمنت العمومي‪.‬‬

‫‪ .Ⅰ‬مدخل شامل إلى المناجمنت العمومي‬

‫‪ ,1‬ماهية الخدمة العمومية‬


‫‪.1.1‬مفهوم الخدمة‬
‫قبل التطرق لمفهوم الخدمة العمومية يجب أوال التطرق لمفهوم الخدمة بصفة عامة‪ ،‬وهناك العديد‬
‫من التعاريف من مختلف الباحثين من بين هذه التعاريف نذكر‪:‬‬
‫يعرفها فيليب كوثلر ‪ Philip kotler‬على أنها‪ :‬نشاط أو إنجاز مرتبط بعملية تبادلية يقدمها طرف‬
‫ما لطرف آخر‪ ،‬وتكون أساسا غير ملموسة‪ ،‬وال ينتج عنها أية ملكية‪ ،‬وأن إنتاجها أو تقديمها قد يكون‬
‫مرتبط بمنتج مادي أو ال يكون كذلك‪.‬‬
‫تعرفها جمعية التسويق األمريكية ‪ AMA‬بأنها‪ :‬النشاطات أو المنافع التي تعرض للبيع والتي‬
‫تعرض إلرتباطها بسلعة معينة‪.‬‬
‫وبالتالي يمكن الخروج بتعريف شامل للخدمة بصفة عامة على أنها‪ :‬هي عبارة عن أنشطة غير‬
‫ملموسة‪ ،‬تحدث من خالل عملية تبادلية للمنافع بين طرفين‪ ،‬وقد تكون هذه العملية مقترنة بمنتج مادي أو‬
‫ال تكون كذلك‪ ،‬مع عدم إمكانية نقل ملكيتها وفنائها السريع‪ ،‬وتزامن إنتاجها واستهالكها في نفس الوقت‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫بركاتي يوسف‬ ‫مناجمنت عمومي‬

‫وعلى أية حال فإن العنصر العام في جودة الخدمة بغض النظر عن نوعها هو أن الخصائص التي قد‬
‫تشترك فيها جميع الخدمات هي‪:‬‬
‫• الال ملموسية‪ :‬إن الخدمات التي تتسم بعدم ملموسيتها المرتفعة قد تعتمد على عناصر مفاهيمية‬
‫وفلسفية‪ ،‬أن هذه الطبيعة المجردة لبعض الخدمات تجعل من الصعب على مقدم الخدمة وصفها وعلى‬
‫المستهلك التقييم‪.‬‬
‫• مشاركة العميل‪ :‬إن العمالء في كثير من أنواع الخدمات يشاركون بفعالية في عملية إنتاج الخدمة‪.‬‬
‫• تلقي الخدمة ‪ :‬إن الخدمات هي عادة مركب يتألف من عدة أجزاء وأن مجموع هذه األجزاء أو التجربة‬
‫الكلية لتلقي الخدمة هي التي يستعملها العميل لتشكيل أحكامه على الجودة‪.‬‬
‫• التالزم‪ :‬إن العديد من الخدمات المتخصصة متالزمة – إن خصائص مقدم الخدمة من حيث الخبرة‬
‫والمعرفة والمهارة هي جزء من مقومات جودة الخدمة ‪.‬‬
‫کما ونجد أن هناك اتفاق بين الكتاب حول خصائص الخدمات‪ ،‬وقد حددها كل منهم بأربع خصائص‬
‫أساسية وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬عدم إمكانية القدرة على اللمس‪.‬‬
‫‪ -2‬غير قابلة للخزن‪.‬‬
‫‪ -3‬التباين‪.‬‬
‫‪ -4‬عدم إمكانية الفصل بين اإلنتاج واالستهالك‪.‬‬
‫‪ -5‬عدم انتقال الملكية‪.‬‬

‫‪.1.1‬مفهوم الخدمات العمومية‬


‫‪.1.1.1‬تعريف الخدمة العمومي‪:‬‬
‫ارتبط مفهوم الخدمات العمومية بنشأة الدولة كسلطة ذات سيادة وزيادة درجة تدخلها في إشباع‬
‫الحاجات العامة للمجتمع من خالل ممارسة وظائف وأنشطة في مختلف المجاالت االقتصادية االجتماعية‬
‫والسياسية بغرض زيادة درجة رفاهية المجتمعات وبالتالي تحقيق التنمية االقتصادية‪ ،‬وفيما يلي سيتم‬
‫التطرق إلى مختلف المفاهيم والتعاريف الخاصة بالخدمات العمومية‪.‬‬
‫ال توجد تعاريف دقيقة ومحددة لمفهوم الخدمة العمومية إذ أن أغلبها تربطها بالصالح العام أو‬
‫بالسياسة الحكومية‪ ،‬ومن الناحية القانونية يمكن تعريف الخدمة العمومية على أنها‪" :‬نشاط يتم تنفيذه أو‬
‫القيام به مباشرة من طرف الدولة وتحت رقابتها القانونية ويهدف لخدمة المصلحة العامة أو يمكن تعريفها‬
‫على أنها‪ :‬جميع أنواع الخدمات التي من غير الممكن استغاللها إال في إطار جماعي تتوفر بشكل‬
‫إجباري وفق قاعدة المساواة التي ينص عليها القانون‪ ،‬وتتحمل الدولة مسؤولية توفيرها والقيام بها‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫بركاتي يوسف‬ ‫مناجمنت عمومي‬

‫أو يمكن تعريفها على أنها‪ :‬تلك النشاطات التي تقوم بها مختلف المنظمات (المؤسسات)‬
‫العمومية أو الخاصة والتي تهدف في مضمونها إلى تحقيق التمية وفق ما يتماشى والمصلحة العامة‬
‫للمجتمعات‪ .‬أو هي كذلك‪ :‬مجموع الخدمات العامة الموجهة لألفراد من أجل تلبية الحاجيات الشخصية‬
‫المتجددة وعادة ما تتطلب هذه الخدمات اتصاال مباش ار مع األفراد واألشخاص المتلقين أو الطالبين‬
‫لمختلف الخدمات العمومية‪.‬‬
‫من خالل ما سبق يمكن الخروج بالتعريف الموسع للخدمة العمومية كما يلي‪ :‬هي مجموع‬
‫األنشطة التي تقوم بها الدولة أو الجهات الرسمية في الدولة لصالح العامة من الناس والمواطنين دون‬
‫تمييز بيهم ودون منح أولوية لفئة معينة دون فئة أخرى أو لجهة معينة من الوطن دون الجهات األخرى‪،‬‬
‫فهي تقوم على أساس تحقيق المنفعة العامة للمجتمع‪ ،‬وتتولى الدولة باعتبارها صاحبة السلطة ومركز‬
‫السيادة شؤون تقديمها والرقابة عليها وتحمل المسؤولية عن كل قصور فيها‪.‬‬

‫‪.1.1.1‬أنواع الخدمات العمومية‬


‫قطاع الخدمات العمومية هو تجمع واسع غير متجانس ومتنوع‪ ،‬ومع ذلك يمكن التمييز بين‬
‫مختلف الخدمات العمومية كما يلي‪:‬‬

‫البلدية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الخدمة اإلدارّية‪ :‬كخدمة المحافظَة لمواطنيها والخدمات المرتبطة بالمجالس‬
‫االجتماعية والمتعلقة بالمعرفة‪ ،‬وتشمل خدمة التعليم‬
‫ّ‬ ‫امية‪ :‬ومنها الخدمات‬
‫الخدمات اإللز ّ‬
‫المدرسي‪ ،‬والتطعيم الطبي ضد األمراض واألوبئة الخطيرة كشلل األطفال‪ ،‬والحصبة‪ ،‬والفيروسات التي‬
‫تهاجم البشر من فترٍة إلى أُخرى‪.‬‬
‫الخدمات المتعلقة بمسلتزمات الحياة الضرورّية (الخدمات االجتماعية)‪ :‬وهي الخدمات التي تتعلق‬
‫بإشباع حاجات ورغبات أفراد المجتمعات والتي تتميز بالتطور والتجدد‪ ،‬وأهمها خدمة المياه‪ ،‬وخدمة‬
‫الكهرباء‪ ،‬والصرف الصحي‪ ،‬وتوزيع الوقود والغاز وغيرها‪.‬‬
‫مجانية وأُخرى مدفوعة‪ :‬والخدمات المجانية هي تلك الخدمات‬
‫ّ‬ ‫يمكن التمييز أيضا بين خدمات‬
‫أما‬
‫الرسمية‪ ،‬وال تتلقى مقابلها المال من المواطنين كإنارة الشوارع‪ ،‬وعمل الشرطة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫تقدمها الجهة‬
‫التي ّ‬
‫تقدمها مقابل التزام المواطن بدفع التكاليف كاملة فمثالها خدمة المياه‪ ،‬فيما يوجد‬
‫الخدمات المدفوعة التي ّ‬
‫المالية كل من الدولة‬
‫ّ‬ ‫نوع يجمع بين النوعين السابقين وهي الخدمات التي يتشارك في دفع تكاليفها‬
‫والمواطن كالنقل العام‪ ،‬وتوفير شبكة كهرباء للمنازل‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫بركاتي يوسف‬ ‫مناجمنت عمومي‬

‫‪.1.1.1‬مبادئ وأسس الخدمة العمومية‬


‫هناك بعد األسس والمبادئ التي تقوم عليها الخدمة العمومية وهي كما يلي‪:‬‬
‫ٍ‬
‫تمييز على أساس الجنس‪ ،‬أو اللون‪،‬‬ ‫العمومية دون‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬المساواة‪ :‬فلجميع المواطنين الحق في تلقي الخدمة‬
‫أو العرق‪ ،‬أو الدين‪ ،‬ويجب تقديمها دون تقصير‪.‬‬

‫العمومية ّأنها ال تنتهي؛ كونها مرتبطة بحاجات متواصلة لعموم الناس‬


‫ّ‬ ‫يميز الخدمة‬
‫‪ -‬الديمومة‪ :‬إ ّن ما ّ‬
‫مما يتطلب من الدولة وضع الخطط التي تحفظ‬
‫ومن خصائص الحاجة أنها تتميز بالتجدد واالستم اررية‪ّ ،‬‬
‫لجوية القاسية‪،‬‬
‫العامة عن التوقف؛ بسبب عدم توفر التمويل‪ ،‬أو إضراب الموظفين‪ ،‬أو األحوال ا ّ‬
‫الخدمة ّ‬
‫أو غير ذلك من األسباب التي تحول دون الحصول على الخدمة العمومية عند طلبها من طرف‬
‫المواطنين‪.‬‬

‫‪ -‬التطور‪ :‬من خصائص الحاجة أنها تتميز بالتطور وعدم الثبات فمثال الحاجات التي يطلبها المواطن‬
‫في الوقت الحالي تختلف عن الحاجات التي كان يطلبها األفراد في القرن الماضي‪ ،‬ولهذا يجب أن تواكب‬
‫سيما التكنولوجية منها كتحديث وسائل النقل العام‪ ،‬وطُرق تسديد‬
‫العمومية أشكال التقدم‪ ،‬وال ّ‬
‫ّ‬ ‫الخدمات‬
‫فواتير الكهرباء مثال‪.‬‬

‫‪ -‬المجانية النسبية‪ :‬لطالما ارتبط مفهوم الخدمة العمومية بالمجانية نظ ار ألنها محتكرة من طرف الدولة‪،‬‬
‫لكن هذه المجانية قد تكون نسبية وهذا إلختالف نوع الخدمة المقدمة‪ ،‬وكذلك طبيعة المرفق العمومي الذي‬
‫يسهر على تقديم هذه الخدمة‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ الشمولية والتضامن ويقصد بالشمولية أن تشمل الخدمة العمومية جميع األفراد والفئات وبنفس‬
‫الجودة للخدمة العمومية المقدمة‪ ،‬أما التضامن فتوفير الخدمة في حد ذاتها يعتبر تضامن اجتماعي في‬
‫المجتمع‪ ،‬حيث تتولى الدولة تجسيده في مساعيها لمحاربة الفقر‪ ،‬مما يحفز الشعور بالمواطنة وتقليص‬
‫الفوارق بين المواطنين‪.‬‬
‫‪ -‬الفعالية في تقديم الخدمة العمومية‪ :‬نظ ار للتطورات الحاصلة في مختلف الجوانب وارتفاع مستوى‬
‫المعيشة ‪ ،‬لم يعد األمر يقتصر على تقديم الخدمة العمومية فقط وانما بل يشترط الفعالية في تقديمها‬
‫ونقصد بالفعالية أن تحقق الخدمة العمومية الحد األدنى المطلوب علال األقل من الجودة‪.‬‬
‫‪ -‬الرقابة العامة‪ :‬يخضع تقديم نشاطات الخدمة العمومية للرقابة العامة من طرف أجهزة خاصة غالبا ما‬
‫تكون هذه األجهزة معينة من طرف الدولة‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫بركاتي يوسف‬ ‫مناجمنت عمومي‬

‫‪.1‬ماهية المناجمنت العمومي‬


‫إن مصطلح المناجمنت العمومي يتألف من كلمتين هما المناجمنت والتي تعني اإلدارة والتسيير‪،‬‬
‫وكلمة مناجمنت في األصل هي كلمة إنجليزية )‪ (Management‬وتعني اإلدارة أو علم اإلدارة‪ ،‬أما كلمة‬
‫عم ومي فتشير إلى مكان تطبيق علم اإلدارة وهو المؤسسات أو اإلدارات العمومية‪ ،‬ومن هنا يجب التنويه‬
‫أو اإلشارة إلى أنه هناك فرق بين المناجمنت العمومية أو اإلدارة العمومية كعلم‪ ،‬واإلدارة العمومية والتي‬
‫يقصد بها عادة المؤسسات العمومية أو اإلدارات العمومية أو المرافق العمومية‪.‬‬

‫‪.1.1‬تعريف اإلدارة أو المناجمنت‬


‫تعريف اإلدارة كعلم ‪ :‬علم اإلدارة هو دراسة األسس والمبادئ والتقنيات التي تتيح لألفراد والمنظمات تحقيق‬
‫أهدافها بفعالية وكفاءة‪ ،‬يركز على فهم وتحليل كيفية تنظيم وتوجيه وتحفيز الموارد البشرية والمادية‬
‫فعال‪.‬‬
‫لتحقيق أهداف منظمة بشكل ّ‬
‫اإلدارة كعملية‪ :‬اإلدارة تُ َع َّرف على أنها عملية التخطيط والتنظيم والتوجيه والرصد للموارد بهدف تحقيق‬
‫أهداف مؤسسة ما‪ ،‬فاإلدارة هي عملية مستمرة تشمل الخطوات المتتالية لتحقيق الكفاءة والفعالية في‬
‫استخدام الموارد‪.‬‬
‫فهما عميقًا لألفراد والظواهر االجتماعية‪ ،‬ومهارات في التواصل‬
‫اإلدارة كفن‪ :‬اإلدارة تعتبر ًفنا يتطلب ً‬
‫واتخاذ الق اررات‪ .‬يؤكد هذا التعريف على الجانب اإلبداعي والتفاعلي لإلدارة‪ ،‬حيث يعتبر المديرون فنانين‬
‫يقومون بتوجيه وتشكيل المؤسسات بشكل متجدد‪.‬‬
‫اإلدارة كمهنة‪ :‬اإلدارة تعتبر مهنة تتطلب مهارات محددة ومعرفة تقنية‪ ،‬وتتضمن مسؤوليات وأخالقيات‬
‫بناء‬
‫محددة‪ ،‬يركز هذا التعريف على الجانب المهني لإلدارة‪ ،‬حيث يعتبر المديرون محترفون يعملون ً‬
‫على المعرفة والمهارات المكتسبة‪.‬‬

‫شامال لعلم اإلدارة‪ ،‬وتُبرز تعدد األبعاد التي يمكن من‬


‫ً‬ ‫فهما‬
‫معا لتشكل ً‬
‫تتفاعل هذه التعاريف المختلفة ً‬
‫خاللها فهم هذا المجال‪.‬‬

‫وعلى العموم يمكن إعطاء التعريف الشامل لإلدارة ( المناجمنت) بصفة عامة على أنها‪ :‬عملية التخطيط‬
‫والتنظيم والتنسيق والتوجيه والرقابة على الموارد المادية والبشرية للوصول إلى أفضل األهداف والنتائج‪،‬‬
‫بأقصر الطرق وأفضل التكاليف‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫بركاتي يوسف‬ ‫مناجمنت عمومي‬

‫‪.2.2‬مفهوم المناجمنت العمومي‬


‫يقترن تقديم الخدمات العمومية بصفة عامة وبوجود وتدخل الدولة على اعتبار أن الدولة هي السيادة‬
‫والسلطة‪ ،‬حيث تحرص على استم ارريتها وتكييفها وضمان المساواة عند تقديمها‪ ،‬فأوجدت الدولة هيئات‬
‫تسهر على تقديمها وتحقيق المصلحة العامة للمجتمع وكل هذا يتم ضمن ظروف بيئية داخلية وخارجية‬
‫لها األثر الواسع على أداء هذه المؤسسات أو الهيئات وكذلك على جودة هذه الخدمات المقدمة‪.‬‬
‫قبل التطرق إلى مفهوم المناجمنت العمومي يجب أوال اإللمام بتركيبة مصطلح "المناجمنت‬
‫العمومي" والذي يتكون من كلمتين‪ :‬كلمة مناجمنت والتي تعني إدارة في الترجمة الحقيقية لكلمة إدارة إلى‬
‫اإلنجليزية ‪ Management‬أما كلمة عمومية أو عامة فهي تعني عكس الخاصة أو الخصوصي‪ ،‬وهي‬
‫تشمل كل ما هو عمومي أو نشاط تقوم به الحكومة‪ ،‬والمراد بذلك أن نشاط الحكومة في المجال اإلداري‬
‫إنما يعود مردوده أو فائدته على جميع أفراد المجتمع عامة دون استثناء‪.‬‬
‫فكلمة عمومي (عمومية) يقصد بها في هذه الحالة حكومي (حكومية)‪ ،‬وكلمة مناجمنت عمومي‬
‫يقصد بها المناجمنت الحكومي وهذا تميي از للمناجمنت العمومي عن بقية اإلدارات األخرى كإدارة األعمال‬
‫الخاصة أو المنظمات الخاصة وكذلك إدارة المنظمات الدولية‪.‬‬
‫والبد من اإلشارة إال أنه في بعض األحيان يتم استخدام مصطلح التسيير كمرادف لمصطلح‬
‫اإلدارة أو المناجمنت‪ ،‬ولهذا سيجد الطالب في بعض المراجع مصطلح "التسيير العمومي" بدال من‬
‫مصطلح "اإلدارة العمومية أو المناجمنت العمومي"‪ ،‬ولهذا البد من اإلشارة أنه سيتم في هذه المطبوعة‬
‫استخدام مصطلحات اإلدارة والتسيير والمناجمنت كمرادف لبعضها لبعض‪.‬‬
‫يعرف المناجمنت العمومي على أنه‪ :‬تطبيق المنهج العلمي في حل المشاكل العمومية وهي‬
‫عملية تنفيد الق اررات السياسية‪ ،‬كما يعرف على أنه‪ :‬تنسيق للمجهودات الفردية والجماعية من أجل تنفيذ‬
‫السياسة العمومية‪ .‬أو يمكن تعريفه على أنه مختلف العمليات التي يكون الغرض منها تجسيد السياسة‬
‫العامة للدولة‪ .‬نالحظ من خالل التعريفات السابقة أن المناجمنت العمومي تم ربطه بالسياسة العامة‬
‫للدولة‪ ،‬وبالتالي يمكن القول أن المناجمنت العمومي والسياسة العامة للدولة يمكن اعتبارهما وجهين لعملة‬
‫واحدة‪ ،‬فأحدها يقرر واآلخر ينفذ‪.‬‬
‫من جهة أخرى يمكن تعريف التسيير العمومي أو المناجمنت العمومي‪ :‬على أنه تسيير وتنفيذ‬
‫مجموعة كاملة من أنشطة الحكومة‪ ،‬والتي تتناول تنفيذ القوانين واللوائح والق اررات الصادرة عن الحكومة‬
‫من أجل توفير الخدمة العمومية‪ .‬أو يمكن تعريفه على أنه توجيه الجهود البشرية من خالل التخطيط‬

‫‪7‬‬
‫بركاتي يوسف‬ ‫مناجمنت عمومي‬

‫والتنظيم والتنسيق والرقابة والتوجيه لممارسة األنشطة الحكومية بما يحقق أهداف المجتمع‪ .‬فهو ذلك‬
‫النشاط اإلداري الذي تقوم به الدولة لتحقيق المصلحة العامة للمجتمع‪ .‬نالحظ أن التعاريف السابقة قد‬
‫عمدت إلى الربط بين التسيير العمومي أو المناجمنت العمومي‪ ،‬وكذلك النشاط اإلداري وتحقيق أهداف‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫وكتعريف شامل وكامل للمناجمنت العمومي يمكن القول بأنه‪ :‬مجموع األنشطة واألعمال المنظمة‬
‫والتي تقوم بأدائها قوى بشرية تعينها السلطة العمومية أو الرسمية‪ ،‬بحيث توفر لها االمكانيات المادية‬
‫(المالية) وغير المادية (غير المالية) الالزمة‪ ،‬بهدف تنفيذ الخطط واالستراتيجيات الموضوعة وبالتالي‬
‫الوصول إلى األهداف العامة المسطرة بأكبر كفاية إنتاجية‪ ،‬وأقصر مدة زمنية وأقل تكلفة‪.‬‬

‫‪.1.1‬مميزات المناجمنت العمومي‬


‫هناك العديد من الخصائص أو المميزات التي تميز المناجمنت العمومي عن بقية اإلدارات األخرى كإدارة‬
‫األعمال مثال‪ ،‬ومن بين هذه المميزات نذكر‪:‬‬
‫‪ ‬يضمن المناجمنت العمومي وجود الدولة على مستوى المؤسسات واإلدارات العمومية‪ ،‬ومختلف‬
‫األنشطة أو النشاطات اإلجتماعية واالقتصادية والثقافية والتربوية‪ ،‬وقد أكد أغلب الباحثين‬
‫والمنظرين في مختلف المجاالت ذات العالقة بالمناجمنت العمومي على ضرورة وجود الدولة في‬
‫مثل هذه المهام ذات الطابع العمومي‪ ،‬خاصة بعد األزمات االقتصادية والمالية التي عرفتها‬
‫المنظومة االقتصادية العالمية‪ ،‬وهو ما يضفي على مجال المناجمنت العمومي الطابع السلطوي‬
‫الذي يعكس سيادة الدولة‪ ،‬ويجسد برامجها السياسية والتنموية ميدانيا‪.‬‬
‫‪ ‬المناجمنت العمومي هو علم يطبق ضمن بيئة تتميز بالتعقيد وتعدد الفاعلين والهيئات‬
‫والمشاركين‪ ،‬كما أنه يتماشى مع إطار تنظيمي وتشريعي جد كثيف‪ ،‬مثل الدستور‪ ،‬القوانين‬
‫المسيرة للدولة ومؤسساتها‪ ،‬قوانين المالية‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ ‬من الخصائص المميزة للمناجمنت العمومي أيضا انه ال يهدف إلى تحقيق الربح‪ ،‬وانما يهدف‬
‫إلى تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬فأهداف اإلدارة العمومية تكون غير واضحة ومتعددة الجوانب إلى‬
‫درجة التناقض‪.‬‬
‫‪ ‬من خصائصها أيضا المركزية في اتخاذ الق اررات‪ ،‬وهو ما يعني ربط المرفق العمومي أو‬
‫المؤسسة أو المنظمة العمومية مع السلطات المركزية‪ ،‬مما يضفي عليها البطئ الشديد في اتخاذ‬

‫‪8‬‬
‫بركاتي يوسف‬ ‫مناجمنت عمومي‬

‫الق اررات المصيرية وتقييد المهارات والقدرات االبداعية واالبتكارية لدى الموظفين الخاضعين‬
‫للسلطة العمومية المركزية‪.‬‬

‫‪.2.1‬أهداف المناجمنت العمومي‬


‫يسعى المناجمنت العمومي إلى تحقيق العديد من األهداف والغايات من بينها نذكر ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬أهداف سيادية‪ :‬وهي على العموم أهداف تتعلق بتحقيق األمن القومي‪ ،‬وتطوير الدفاع والعالقات‬
‫الخارجية‪ ،‬وحفظ األمن الداخلي واقرار العدالة في المجتمع‪ ،‬وفي تطوير إدارة المؤسسات‬
‫السياسية‪ ،‬واالنتخابات‪ ،‬وتنظيم العالقات مع المؤسسات الدينية واعالم الرأي العام‪.‬‬
‫‪ ‬أهداف اقتصادية‪ :‬وتتعلق هذه األهداف بصفة عامة بمعالجة المشكالت االقتصادية لمختلف‬
‫قطاعات الدولة كاإلنتاج‪ ،‬والقوى العاملة‪ ،‬والضرائب والتجارة‪ ،‬وتحقيق التنسيق العام للسياسات‬
‫االقتصادية والمالية المختلفة‪ ،‬وفي تحقيق األهداف الفرعية في مجاالت الطاقة‪ ،‬والمناجم‪ ،‬والنقل‪،‬‬
‫واالتصال‪ ،‬والنقود‪.‬‬
‫‪ ‬أهداف اجتماعية‪ :‬بصفة أساسية هي أهداف ترتبط بتفعيل أنشطة االسكان والصحة والتخطيط‬
‫العمراني‪ ،‬واعادة توزيع الدخل لصالح الفئات ذات الدخول المنخفضة‪ ،‬وفي صيانة وحفظ التركيب‬
‫االجتماعي لألسرة‪.‬‬
‫‪ ‬أهداف تعليمية وثقافية‪ :‬وتشمل هذه األهداف تطوير البحث العلمي‪ ،‬ومهام تعليم االطفال‬
‫والشباب مهنيا وعلميا‪ ،‬وتطوير األنشطة التعليمية والفنية‪.‬‬
‫‪ ‬أهداف إدارية وتنظيمية‪ :‬من خالل وضع إطار تنظيمي واداري للمؤسسات العمومية من أجل‬
‫القيام باألنشطة التي يعجز عن القيام بها القطاع الخاص أو ال يرغب في القيام بها‪ ،‬وتحديد‬
‫مجاالت عمل هذا القطاع‪ ،‬من خالل تحديد أسس ومعايير المتابعة وتقييم األداء للتأكد من فعالية‬
‫هذا القطاع في استخدام الموارد‪ ،‬ومن فعاليته‪ ،‬كذلك وضع االطر التنظيمية واألطر االدارية‬
‫المالئمة لألجهزة الحكومية واإلدارية التي تجعلها ميسرة للقطاعات األخرى‪ ،‬لبلوغ مستويات مقبولة‬
‫من التنمية‪ ،‬كذلك تهيئة المناخ للمؤسسات المدنية للدولة‪ ،‬ومحاولة االستفادة من الكفاءات القيادية‬
‫فيها‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫بركاتي يوسف‬ ‫مناجمنت عمومي‬

‫‪.1‬عالقة المناجمنت العمومي بالعلوم األخرى‬


‫هناك صلة وثيقة بين التسيير العمومي أو المناجمنت العمومي وبقية العلوم األخرى‪ ،‬والتي يمكن أن‬
‫نبينها في ما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬العالقة بين التسيير العمومي والسياسة‬
‫يعتبر التسيير العمومي النشاط الذي يتعلق بتنفيذ األهداف العامة للدولة‪ ،‬وعلى هذا األساس‬
‫يمكن القول أن الصلة قوية بين التسيير العمومي وعلم السياسة‪ ،‬فعلى الرغم من االختالف المتباين بين‬
‫علم االدارة والسياسة‪ ،‬إال أن علم االدارة يعتمد على السياسة اعتمادا كبيرا‪ ،‬فالسياسة تحدد وترسم االتجاه‬
‫العام للدولة‪ ،‬والتسيير العمومي يشرف على الوصول إلى تحقيق األهداف المنشودة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬العالقة بين التسيير العمومي وعلم االجتماع‬
‫يركز علم االجتماع اهتماماته في المشكالت المتعلقة بالمجتمعات االنسانية‪ ،‬ويعتبر أحد الروافد‬
‫الرئيسية في العلوم السلوكية والمفاهيم المتعلقة بالسلوك اإلداري‪ ،‬ولرواد علم االجتماع إسهامات كبيرة في‬
‫دراسة جوانب من التسيير العمومي كاالهتمام بدراسة البيروقراطية‪ ،‬ومعرفة القواعد والتقاليد التي تحكم‬
‫العالقات بين األفراد داخل المنظمة‪ ،‬مما يسهل على المدراء معرفة أمور كثيرة عما يدور ويحكم عمل‬
‫الجماعة وخاصة ما تعلق بالتنظيمات غير الرسمية‪ ،‬وعالقتها بالتنظيم الرسمي‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬العالقة بين التسيير العمومي بعلم النفس‬
‫تركز دراسات علم النفس على االهتمام بالعنصر االنساني‪ ،‬فهي تهتم بانطباعات الفرد واهتماماته‬
‫ومشاعره وسلوكاته‪ ،‬فعلم النفس يساهم في خدمة التسيير العمومي من خالل زيادة الكفاءة االنتاجية‬
‫واالنسجام وايجاد نوع من االستقرار الوظيفي عن طريق حل الصراعات والنزاعات ودراسة الشكاوي‪ ،‬وكذا‬
‫معرفة النمط الثقافي خاصة القيم واالتجاهات السائدة في داخل التنظيم‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬العالقة بين التسيير العمومي والقانون اإلداري‬
‫ينحدر التسيير العمومي والقانون االداري من تحت مايعرف باسم العلوم االدارية‪ ،‬إال أن لكل منها‬
‫خاصيته‪ ،‬فالقانون االداري يعتبر مجموعة من القواعد القانونية الملزمة المتعلقة بتنظيم المصالح العامة‪،‬‬
‫ونشاطها‪ ،‬وبعالقات هذه المصالح باألشخاص‪ ،‬فالقانون االداري يوضح يوضح األنظمة والقواعد التي‬
‫تحكم وتنظم االدارة العمومية من ناحية تأسيسها وتنظيمها وطريقة نشاطها‪ ،‬إضافة إلى ذلك يحدد القانون‬
‫االداري الطرق والوسائل واألساليب واالجراءات التي تمارسها االدارة العامة في نشاطها‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫بركاتي يوسف‬ ‫مناجمنت عمومي‬

‫خامسا‪ :‬العالقة بين التسيير العمومي واالقتصاد‬


‫تتوافق دراسة االقتصاد مع التسيير العمومي في كثير من الوجوه‪ ،‬إذ أن المالية العامة والميزانية مثال‬
‫تعتبر موضوعات أساسية حيث يشترك في دراسة هذه الموضوعات دارسو التسيير العمومي واالقتصاد‬
‫على حد سواء‪ ،‬فالدولة تقوم بإرساء القواعد األساسية لالقتصاد العام وتوكل مهمة التنفيذ إلى األجهزة‬
‫اإلدارية‪.‬‬
‫‪.4‬الفرق بين االدارة العمومية وادارة األعمال‬
‫جانب التفرقة بين االدارة العامة (المناجمنت العمومي) وادارة األعمال (اإلدارة الخاصة) يعود باألساس‬
‫إلى معيار مجال التطبيق للمناجمنت (اإلدارة) فإذا تم تطبيقها في مجال القطاع العام فيطلق عليها في‬
‫هذه الحالة إسم المناجمنت العمومي (اإلدارة العمومية) أما إذا تم تطبيقها في مجال القطاع الخاص‬
‫(القطاع االقتصادي خاصة)‪ ،‬يطلق عليها في هذه الحالة إدارة األعمال‪ ،‬وعلى العموم يمكن أن نميز‬
‫بينها من خالل عدة جوانب نلخصها في الجدول الموالي‪:‬‬
‫المناجمنت العمومي(االدارة‬
‫إدارة األعمال (االدارة الخاصة)‬ ‫معيار التفرقة‬
‫العامة)‬
‫تقديم خدمات عمومية‬ ‫تحقيق الربح‬ ‫الهدف‬
‫عادة تكون كبيرة الحجم ومتشعبة‬ ‫أصغر (عادة تكون صغيرة‬
‫الحجم‬
‫ومتفرعة‪.‬‬ ‫مقارنة مع المؤسسات العمومية)‬
‫عموما يتم تطبيقها في‬
‫القطاع العمومي‪ ،‬سواء اإلدارات‬
‫المؤسسات والشركات التي تنشط‬
‫العمومية أو المؤسسة ذات‬ ‫مجال التطبيق‬
‫في مختلف القطاعات‬
‫الطابع االقتصادي‬
‫االقتصادية‬
‫مرفق عمومي‪ ،‬مؤسسات‬ ‫الشكل القانوني‪ :‬شركات أموال‪،‬‬
‫شكل التنظيم‬
‫وادارات‪ ،‬هيئات إدارية‬ ‫شركات أشخاص‪....‬‬
‫الدولة من خالل مختلف األجهزة‬
‫المساهمون‬ ‫الجهة الرقابية‬
‫الرقابية‬
‫جودة الخدمة العمومية المقدمة‬ ‫تعظيم األرباح قدر المستطاع‬ ‫مقياس األداء‬
‫مهتمة برفاهية المواطنين ومتلقي‬ ‫غير مهتمة برفاهية المتعاملين‬
‫الخدمة العمومية وتعطي األولوية‬ ‫معها والمستفيدين من منتجاتها‪،‬‬ ‫نطاق االهتمام‬
‫للمصلحة العامة على حساب‬ ‫إال بقدر ما يحقق لها من سمعة‬

‫‪11‬‬
‫بركاتي يوسف‬ ‫مناجمنت عمومي‬

‫المصلحة الخاصة‪.‬‬ ‫وربحية‪.‬‬


‫عمالء عموما محدودين في‬
‫على العموم تكون موجهة لجميع‬ ‫العدد‪ ،‬ولكل مؤسسة سوق أو‬
‫طبيعة الزبائن‬
‫المواطنين واألفراد دون استثناء‬ ‫أسواق معينة خاصة بها يتم‬
‫استهدافها‪.‬‬

‫‪.5‬وظائف المناجمنت العمومي (اإلدارة العمومية)‬


‫يقوم التسيير العمومي على مجموعة من الوظائف المتداخلة والمتزامنة‪ ،‬تتمثل عموما في التخطيط‬
‫والتنظيم والتوجيه والرقابة‪ ،‬باإلضافة إلى وظيفتي التنسيق والقيادة التي يتم إدراجها في بعض الدراسات مع‬
‫الوظائف السابقة الذكر وفيما يلي سيتم التطرق إلى أهم الوظائف السابقة الذكر مع شيء من التفصيل‪،‬‬
‫مع العلم أن وظائف التسيير هي نفسها سواء في إدارة األعمال أو التسيير العمومي‪ ،‬غير أنها في التسيير‬
‫العمومي تتميز ببعض الخصائص والتي تنبع من خصوصية وطبيعة التسيير العمومي‪ ،‬خاصة ما تعلق‬
‫بخضوعه للقانون وتأثره بالسياسة العامة‪:‬‬
‫‪ .1.5‬وظيفة التخطيط‬
‫تتعلق هذه الوظيفة بجمع كافة المعلومات عن األنشطة ذات الصلة بالمؤسسة والتي لها عالقة‬
‫باإلعداد للمستقبل‪ ،‬من خالل التنبؤ واالستشراف ومحاولة وضع رؤية مستقبلية واضحة المعالم‪ ،‬وتحديد‬
‫األهداف واختيار وسائل بلوغها‪ ،‬وتحديد آليات العمل (وضع استراتيجيات وسياسات وخطط زمنية‬
‫وميزانيات وبرامج‪ ).....‬وكذلك الوقوف على الطرق واألساليب والموارد المالية والبشرية الضرورية لبلوغ‬
‫أهداف محددة في مدة زمنية معينة‪.‬‬
‫تعتبر وظيفة التخطيط من أهم الوظائف في االدارة بصفة عامة‪ ،‬إن لم نقل أهمها على اإلطالق‪،‬‬
‫إذ يتم من خاللها‪ ،‬تحديد األهداف التنظيمية مع التحديد الوسائل الالزمة وتوزيع الموارد توزيعا يتالئم مع‬
‫ذلك وفق خطة عمل مالئمة‪ ،‬ويعتبر التخطيط أو وظائف اإلدارة من حيث الترتيب المنطقي لعملية اإلدارة‬
‫التي تعرف على أنها مجموعة من الق اررات الهادفة إلى التنبؤ بالمستقبل‪ ،‬والتعامل مع تغيراته واختيار‬
‫البدائل من الخيارات المطروحة أمام المدراء‪ ،‬فالتخطيط يعتبر عملية مستمرة متجددة‪ .‬ولكي يكون‬
‫التخطيط ناجح البد من توفر بعض العوامل تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬دقة تحديد األهداف فال تعارض وال تناقض بين األهداف المحددة‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫بركاتي يوسف‬ ‫مناجمنت عمومي‬

‫‪ -‬حصر اإلمكانيات الحقيقية‪ ،‬ونقصد بها هنا االمكانيات المادية والبشرية فال يمكن وضع‬
‫خطط تفوق االمكانيات المتاحة‪ ،‬وبالتالي ال تبقى الخطط مجرد كلمات تكتب بعيدا عن الواقع‬
‫( وهذا ما نجده في العديد من دول العالم الثالث)‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد مدة تنفيذ الخطة‪ :‬فال بد من تحديد الوقت الالزم لتنفيذ الخطة ألن االلتزام بالوقت يعد‬
‫من أهم عناصر عملية التخطيط‪.‬‬
‫‪ -‬مرونة التخطيط‪ :‬أن يتماشى مع المتغيرات غير المتوقعة التي قد تحدث أثناء القيام بعملية‬
‫تطبيق الخطة‪.‬‬
‫‪ -‬أن توضع الخطط بشكل تشاركي‪ :‬فال بد من مشاركة كل األطراف المعنية بالخطة وتنفيذها‪.‬‬
‫‪ -‬متابعة تنفيذ الخطة فالبد من المتابعة الدائمة لمعرفة مدى المالئمة بين النتائج المحققة‬
‫والنتائج المأمولة في الخطة‪.‬‬
‫‪ .1.5‬التنظيم‬
‫تتعلق هذه الوظيفة بتقييم العمل وتوزيع المهام وتحديد نطاق العمل واالشراف وتفويض السلطة‬
‫وتحديد المسؤولية‪ ،‬وضمان التنسيق والتكامل والتعاون بين مختلف األقسام والوحدات والمستويات اإلدارية‪،‬‬
‫وينتج عن وظيفة التنظيم ما يعرف بالهيكل التنظيمي‪ ،‬وهو البطاقة التعريفية لكل مؤسسة سواء كانت‬
‫خاصة أو عامة‪.‬‬
‫ويعتبر التنظيم هو الوظيفة الثانية من وظائف اإلدارة‪ ،‬إذ يتم فيه تحديد المهام واختيار األفراد‬
‫المناسبين إلدارة هذه المهام‪ ،‬وتتمثل عناصر الوظيفة التنظيمية على العموم في ستة (‪ )60‬عناصر كما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -‬األفراد العاملون في المنظمة‪.‬‬
‫‪ -‬األعمال التي تقوم بها المنظمة‪.‬‬
‫‪ -‬الموارد المتوفرة في المنظمة‪.‬‬
‫‪ -‬األنشطة واإلجراءات وخطوط السلطة‪.‬‬
‫‪ -‬توزيع الموظفين والعالقة بينهم وخطوط االتصال‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد االختصاصات والسلطات واألولويات للموظفين‪.‬‬
‫تسعى الوظيفة التنظيمية في أي مؤسسة سواء كانت عامة أو خاصة إلى تحقيق األهداف التالية‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫بركاتي يوسف‬ ‫مناجمنت عمومي‬

‫‪ .1‬يساعد التنظيم الجيد في تحديد العالقات بين العاملين في المنظمة حيث أن كل عضو في‬
‫المنظمة يعرف مكانه وعالقته التنظيمية برؤسائه أو مرؤوسيه‪.‬‬
‫‪ .2‬معرفة العاملين باألنشطة التي سيقومون بأدائها بشكل محدد‪.‬‬
‫‪ .3‬يساعد التنظيم في توحيد جهود العاملين وتوجهها نحو أهداف وغايات مشتركة ‪.‬‬
‫‪ .4‬عدم االزدواج في العمل أثناء القيام باألنشطة الالزمة لتحقيق أهداف محددة ‪.‬‬
‫‪ .5‬التنظيم يساعد على إنجاز العمل وذلك من خالل إعطاء السلطة لألفراد للقيام بمهام عملهم‪.‬‬
‫‪ .0‬التنظيم الجيد يحقق االستغالل األمثل للموارد البشرية أو المادية ‪.‬‬
‫‪ .7‬تحقيق االنسجام بين األفراد والعاملين في المنظمة بحيث تسير العالقات الوظيفية واالجتماعية‬
‫بأقل قدر من االحتكاك ‪ ،‬وسوء الفهم بين أعضاء المنظمة والذي يمكن أن يحدث بسبب التنازع‬
‫على السلطة والمسؤولية ‪.‬‬
‫‪ .8‬تحقيق الرقابة اإلدارية الفعالة‪.‬‬
‫‪ .9‬تحديد الصالحيات المخولة للرؤساء والموظفين للقيام بأعمالهم بكفاءة وفعالية‪.‬‬

‫‪ .1.5‬وظيفة التوجيه‬
‫تصادف هذه الوظيفة مرحلة التنفيذ من خالل توجيه الموظفين لتنفيذ العمليات المبرمجة‪ ،‬وكذلك‬
‫التنشيط والتحفيز لخلق الديناميكية والحماس لدى كل الموظفين والفاعلين‪ ،‬إلى جانب عمليات االتصال‬
‫والتبليغ باعتماد الحوار والتحسيس لتجنيد العاملين وتوعيتهم بدورهم وأهمية مشاركتهم في حياة المؤسسة‬
‫والسهر على تكوين وتوجيه الشركاء والموظفين لرفع مستواهم المهني الذي يضمن تحقيق أحسن النتائج‬
‫في المؤسسة‪.‬‬
‫التوجيه يعتبر الوظيفة الثالثة من وظائف اإلدارة إذا يرتبط ارتباطا وثيقا بالطاقات البشرية ومحاولة‬
‫ا ستغاللها أحسن استغالل‪ ،‬من خالل ترشيدها وتحفيزها من جهة وتفعيل عملية االتصال فيما بينها من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬فالتوجيه يعتبر هو الوظيفة األكثر أهمية في المستوى اإلداري ألنه ببساطة مكان لتمركز‬
‫معظم جهود العاملين في المؤسسة أو المنظمة أو المرفق العمومي‪ ،‬باعتباره مرحلة االنطالق في تنفيذ‬
‫الخطة بعد القيام بوظيفتي التخطيط والتنظيم‪.‬‬
‫ولوظيفة التوجيه العديد من الخصائص نذكر منها‪":‬‬
‫‪ -‬وظيفة التوجيه تتعلق مباشرة بإدارة العنصر البشري في المؤسسة‪.‬‬
‫‪ -‬وظيفة التوجيه تعتبر الوسيلة التنفيذية لتحقيق التعاون بين العاملين في المؤسسة‪.‬‬
‫‪ -‬تمارس وظيفة التوجيه بفاعلية أكثر في عمليات القيادة والتحفيز اإلنساني واالتصاالت‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫بركاتي يوسف‬ ‫مناجمنت عمومي‬

‫‪ -‬تكمن أهمية التوجيه أيضا عندما يكون هناك فهم عام لطبيعة السلوك اإلنساني وتوجيهه لتحقيق أهداف‬
‫المؤسسة‪.‬‬
‫تبرز أهمية التوجيه في العملية اإلدارية في أنه يحقق فوائد متعددة منها‪:‬‬
‫‪ -‬يسهل مهمة المرؤوسين في استثمار وتوظيف أفضل ما لديهم من إمكانيات شخصية وفنية‪.‬‬
‫‪ -‬يوفر اتصاال مباش ار بوظائف المرؤوسين‪ ،‬ويساعد على تلبية احتياجاتهم بالشعور بالرضا عن‬
‫أعمالهم عندما يحققون المستوى المطلوب للجودة‪.‬‬
‫‪ -‬يتيح الفرصة للمرؤوسين للتغلب علي نقاط ضعفهم في األداء وما يواجههم من مشكالت‪.‬‬
‫يستخدم كوسيلة للنهوض سريعا بالمستخدمين في وقت قصير ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬إرشاد المرؤوسين أثناء تنفيذهم لألعمال ضمانا لعدم االنحراف عن تحقيق أهداف المؤسسة‪.‬‬
‫يساعد بشكل غير مباشر في تدريب المرؤوسين وتنمية قدراتهم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫هناك العديد من األسس والمبادئ التي تقوم عليها وظيفة التوجيه نذكر منها‪:‬‬
‫ضرورة تحديد الهدف‪ ،‬حيث يمثل الهدف المحور األساسي للتوجيه بأي نشاط داخل‬ ‫‪-‬‬
‫المؤسسة‪ ،‬أي أنه أساس توجيه الجهود المبذولة على مستوى الفرد والجماعة داخلها‪.‬‬
‫‪ -‬وحدة التوجيه ووحدة األمر أساس لتجنب التعارض في األوامر والتعليمات الصادرة‬
‫للمرؤوسين كأفراد أو كمجموعات‪.‬‬
‫ضرورة التعاون بين الرؤساء والمرؤوسين وبين الزمالء في نفس المستوى التنظيمي فالتعاون‬ ‫‪-‬‬
‫هو دعامة أي عمل جماعي ناجح‪.‬‬
‫‪ -‬العدالة في المعاملة مع المرؤوسين‪ ،‬واتخاذ الق اررات المرتبطة بالمكافأة أو العقوبة على‬
‫أسس موضوعية‪.‬‬
‫تنمية مفهوم الرقابة الذاتية‪ ،‬وكذلك تنمية روح الوالء واإلحساس بالمسؤولية من ناحية‬ ‫‪-‬‬
‫أخرى‪.‬‬
‫يالحظ أن التوجيه يستمد أهميته من كونه الوظيفة التي تعكس حسن أو سوء أداء‬
‫َ‬ ‫مما سبق‬
‫العملية االدارية كلها وهو عنصر من عناصر االداء االداري والتي هي‪ :‬التخطيط ‪ -‬التنظيم ‪ -‬الرقابة‪،‬‬
‫باإلضافة إلى التوجيه‪ ،‬فبعد أن يتم تحديد األهداف وتوزيع الواجبات بوضع الفرد المناسب في المكان‬
‫المناسب‪ ،‬فالبد من إعالم األفراد وارشادهم وتشجيعهم وقيادتهم نحو األهداف وهذه هي وظيفة التوجيه‬
‫واألسس التي تقوم عليها‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫بركاتي يوسف‬ ‫مناجمنت عمومي‬

‫‪ .2.5‬وظيفة الرقابة‬
‫تعتبر وظيفة الرقابة بمثابة صمام األمان الذي يضمن ويحمي العملية اإلدارية من االنحرافات‪،‬‬
‫حتى تستمر المؤسسة في متابعة مسارها الصحيح‪ ،‬لمنع حدوث الفشل والوقوف على مدى قدرتها على‬
‫تحقيق أهدافها المسطرة بنجاح‪ ،‬كما تتعلق هذه الوظيفة بعمليات تحصيل المعلومات التي يستند عليها‬
‫المدير في اتخاذ الق اررات كونها مرتبطة بالوظائف واألنشطة المختلفة بالمؤسسة‪ ،‬ومسايرة لعملية ارتداد‬
‫المعلومات التصحيحية وتحديد مدى بلوغ األهداف المخطط لها‪ ،‬وتم َكن من القيام بعملية التشخيص‬
‫والمراجعة والتقييم الت ي تسمح بتثمين مستوى أداء المؤسسة‪ ،‬ومتابعة العمليات وتقديم نتائجها قصد تعزيز‬
‫مواطن القوة وعالج مواطن الضعف‪.‬‬
‫وتعد وظيفة الرقابة هي الوظيفة الرابعة من وظائف اإلدارة ويتم من خاللها القيام بعملية المقارنة‬
‫بين األهداف المسطرة في البداية واألهداف المحققة أو التي تم بلوغها‪ ،‬ليتم بعدها تصحيح اإلنحرافات‬
‫والقيام باإلصالح االداري المالئم في ذلك‪.‬‬
‫وتتسم عملية الرقابة الفعالة بالعديد من الخصائص نذكر من بينها‪:‬‬
‫‪ -‬تعكس العملية الرقابية تفاعال مستم ار مع الظروف البيئية المحيطة بأبعادها وجوانبها المختلفة‪،‬‬
‫فعملية الرقابة الجيدة هي انعكاس صادق للظروف البيئية المتغيرة التي ال يمكن تجاهلها من‬
‫قبل أي نظام سياسي واداري يحرص على تحقيق الكفاية والفعالية‪.‬‬
‫‪ -‬تتسم عملية الرقابة بمبدأ العقالنية الذي يأخذ في االعتبار‪ ،‬مبدأ المفاضلة بين البدائل المتاحة‬
‫واختيار أفضل البدائل التي تحقق أكبر قدر ممكن من المنفعة وتتجنب أقل قدر ممكن من‬
‫الخسارة‪ ،‬فموارد النظام الرقابي مهما كانت متوفرة يجب أن تحقق عائدا ملموسا يتماشى وحجم‬
‫الموارد المستخدمة في عملية الرقابة‪.‬‬
‫‪ -‬اتسام عملية الرقابة بوضوح األهداف التي تسعى إلى تحقيقها لكي يسهل على أجهزة الرقابة‬
‫العامة القيام بمسؤوليتها على أكمل وأفضل وجه ممكن‪.‬‬
‫وتمر العملية الرقابية في المناجمنت العمومي بسبع (‪ )67‬مراحل أساسية كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد الهدف من العملية الرقابية‪ :‬يعتبر تحديد الهدف أو األهداف من العملية الرقابية من‬
‫أول وأهم متطلبات وجود عملية رقابية فعالة‪ ،‬على الرغم من أن تركيز نظام اإلدارة العامة هو‬
‫تحقيق المصلحة العامة أو األهداف المنشودة في السياسة العامة للدولة‪ ،‬فإذا كان الغموض‬
‫يكتنف مفهوم المصلحة العامة واألهداف المنشودة للمصلحة العامة‪ ،‬فمن المالحظ أن الهدف‬
‫الذي تعمل من أجله أجهزة الرقابة العامة قد يكون بدوره غير محدد وغير واضح المعالم‪،‬‬

‫‪16‬‬
‫بركاتي يوسف‬ ‫مناجمنت عمومي‬

‫وبالرغم من الغموض الذي يكتنف مفهوم المصلحة العامة فإنه يمكن مالحظة أن هدف‬
‫الرقابة قد يكون إما هدفا عاما يتمثل في قيام أجهزة الرقابة العامة بإشراف دائم على مستوى‬
‫نظام االدارة العامة ككل‪ ،‬وهدفا خاصا ومحددا ويتمثل في مراقبة قطاع معين على مستوى‬
‫نظام االدارة العامة‪ ،‬أو على مستوى منظمة عامة واحدة‪.‬‬
‫‪ -‬وجود معايير محددة وواضحة‪ :‬وتتمثل في مجموع القوانين واللوائح المكتوبة وغير المكتوبة‪،‬‬
‫ويمكن استخدام المعايير لتحديد مدى نجاعة وفعالية المنظمات العامة‪ ،‬من خالل استخدامها‬
‫كمقياس يمكن الحكم بموجبه على تماشي أداء منظمات أو مؤسسات اإلدارة العامة مع‬
‫المعايير المحددة والواضحة المعمول بها في إطار نظام اإلدارة العامة‪ .‬وقد تكون هذه‬
‫المعايير كمية مثل ساعات العمل الرسمية‪ ،‬وحجم المصاريف وااليرادات‪ ،‬وقد تكون كيفية‬
‫وتتمثل في حسن أو سوء معاملة أعضاء المنظمة العامة للمواطنين‪ ،‬طبيعة العالقة بين‬
‫أعضاء التنظيم وخاصة أعضاء التنظيم في مستويات مختلفة‪ ،‬والتأكد من تحقيق األهداف‬
‫المحددة في وقتها المحدد‪.‬‬
‫‪ -‬مقارنة األداء الفعلي بالمعايير الموضوعة‪ :‬إن مرحلة مقارنة األداء الفعلي للمؤسسات‬
‫العمومية بالمعايير الموضوعة تعكس في واقع األمر مرحلة متقدمة ومعقدة من مراحل اإلدارة‬
‫العمومية وعملية الرقابة‪ ،‬نظ ار لزيادة عدد المتغيرات من ناحية ونظ ار لصعوبة الجانب‬
‫التطبيقي وما يرتبط به من مشاكل تتعلق بضرورة القيام بعملية مقارنة موضوعية في إطار‬
‫وجود عالقات إنسانية بالمنظمات العامة ال يمكن تجاهلها بأي حال من األحوال من ناحية‬
‫أخرى‪ .‬ومن المسائل المثارة في عملية قياس األداء الفعلي للمنظمات العامة ومقارنته بمعايير‬
‫الرقابة ما يتعلق بعامل الزمن‪ ،‬وتحديد ما إذا كان قياس األداء الفعلي يجب أن يسبق أو‬
‫يواكب أو يلي مرحلة تنفيذ السياسة العامة‪ ،‬كما أنه هناك نشاطات يصعب وضع معايير‬
‫واضحة وقابلة للقياس والتقييم مثال على ذلك ما تعلق باألنشطة غير التقنية كتقييم أداء‬
‫المديرين أو رؤساء األقسام في المؤسسة العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد االنحرافات والتبليغ عنها‪ :‬تقوم أجهزة الرقابة العمومية في حالة عدم التطابق بين‬
‫األداء الفعلي للمنظمة والمعايير الموضوعة سلفا بتحديد أو تقييم حجم االنحرافات والتبليغ‬
‫عنها‪ ،‬عبر قنوات االتصال المتاحة‪ ،‬فنظام الرقابة العامة يقوم بمقارنة االنجاز الفعلي‬
‫بالمعايير الموضوعة وتحديد حجم االنحرافات واتجاهاتها السلبية وااليجابية‪ ،‬وحالما يحدد‬

‫‪17‬‬
‫بركاتي يوسف‬ ‫مناجمنت عمومي‬

‫نظام الرقابة العام حجم االنحرافات ويتم التأكد منها‪ ،‬تقوم أجهزة الرقابة العامة بتبليغ الجهات‬
‫المختصة عبر قنوات اتصال متعارف عليها في نظام االدارة العامة‪.‬‬
‫‪ -‬تقصي أسباب وقوع االنحرافات‪ :‬تقوم أجهزة الرقابة العامة بتقصي األسباب المباشرة وغير‬
‫المباشرة لوقوع االنحرافات‪ ،‬ويمكن إرجاع أسباب االنحرافات في نظام االدارة العامة إلى‬
‫األهداف الموضوعة‪ ،‬أو عدم استيعاب أعضاء المنظمات العامة للمعايير الموضوعة من قبل‬
‫نظام الرقابة العامة‪ ،‬أو نتيجة لتغير الظروف البيئية المحيطة‪ ،‬فاألهداف الموضوعة التي‬
‫يغلب عليها الطابع المثالي الذي يصعب تحقيقه على أرض الواقع ينتج عنه في العادة وجود‬
‫انحرافات سلبية لوجود فجوة بين النظرية والتطبيق‪ ،‬كما أن سبب االنحرافات قد يرجع إلى قلة‬
‫المهارات والخبرات أو إلى إهمال وانخفاض الروح المعنوية للجهات القائمة على تنفيذ السياسة‬
‫العامة‪.‬‬
‫‪ -‬تصحيح االنحرافات‪ :‬يقوم نظام الرقابة العامة واألجهزة التابعة له بتصحيح االنحرافات بعد‬
‫مرحلتي تحديد االنحرافات وتقصي أسباب وقوعها‪ ،‬وتقوم أجهزة الرقابة العامة بتصحيح‬
‫االنحرافات عن طريق إعادة النظر في الهيكل التنظيمي لنظام اإلدارة العامة‪ ،‬إعادة النظر‬
‫في أسلوب تعيين أو اختيار أو ترقية أعضاء المنظمات العامة على مستوى القيادة والوظيفة‬
‫العامة ككل‪ ،‬أو إلغاء أقسام أو إضافة أقسام جديدة‪ ،‬أو إصدار لوائح وقوانين جديدة تتماشى‬
‫والظروف البيئية‪.‬‬
‫‪ -‬متابعة تنفيذ االجراءات التصحيحية‪ :‬ال تقف إجراءات ومراحل العملية الرقابية العامة على‬
‫مجرد القيام باإلجراءات التصحيحية الالزمة فقط‪ ،‬بل يجب القيام بعملية التقييم والمتابعة لهذه‬
‫المرحلة أيضا‪ ،‬والتي قد تتطلب هي األخرى إمكانات وموارد إضافية يجب على النظام‬
‫الرقابي توفيرها لكي يضمن فعالية عملية الرقابة العامة‪.‬‬
‫وقد تندرج عن المبالغة في العملية الرقابية العديد من المخاطر من بينها‪:‬‬

‫‪ -‬التداخل واالزدواجية‪ :‬قد نستعمل عدد من العاملين‪ ،‬وعدد من االجتماعات والتقارير واألجهزة‬
‫لنفس الموضوع‪ ،‬بينما يمكن انجاز العملية الرقابية بإحدى هذه الوسائل بدال من جمعها‪.‬‬
‫‪ -‬إعاقة ظاهرة االبتكار‪ :‬فالتركيز على اللوائح والتعليمات وتطبيقها حرفيا يحبط عملية االبتكار‬
‫عند الموظفين من أجل االلتزام حرفيا بالنظام‪ ،‬وينتج عن ذلك انخفاض في الروح المعنوية‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫بركاتي يوسف‬ ‫مناجمنت عمومي‬

‫‪ -‬عدم تشجيع عملية التفويض‪ :‬يعتبر التفويض أحد أهم الوسائل التي يستخدمها المدير لتوفير‬
‫الوقت ولكنها ال تستخدم بسبب التأكيد على الرقابة‪.‬‬
‫‪ -‬ارتفاع التكلفة‪ :‬الرقابة الزائدة تحتاج إلى أفراد وأموال‪.‬‬
‫‪ -‬تحول الرقابة من وسيلة إلى غاية‪ :‬فبدال من أن يقوم المدراء باستخدام الوسائل الرقابية للتأكد‬
‫من التقدم الحاصل في تطبيق الخطط‪ ،‬يميل المراقبون المتشددون إلى استخدام الوسائل‬
‫الرقابية لخدمة مصالحهم مما ينتج عنه تكاثر الطرق واألدوات الرقابية‪.‬‬

‫‪.6‬األطراف الفاعلة في المناجمنت العمومي‬


‫إن عمليات المناجمنت العمومي تتداخل فيها خمسة أطراف أساسية يمكن توضيحها كالتالي‪:‬‬
‫‪.1.6‬فئة المشرفين على الخدمة العمومية‪ :‬تتصدر هذه الفئة أو المجموعة القيادات االدارية‪ ،‬التي تعد‬
‫العقل المدبر والمفكر في تسيير االدارات والمؤسسات العمومية‪ ،‬واتخاذ الق اررات االست ارتيجية التي تدفع‬
‫بالمؤسسات واالدارات العمومية نحو التنمية المستدامة‪.‬‬
‫‪.1.6‬فئة القائمين على الخدمة العمومية‪ :‬تتصدر هذه الفئة الموارد البشرية من موظفين وأعوان تحكم‬
‫وأعوان تنفيذ‪ ،‬وهذه الفئة هي التي يتوقف عليها بالدرجة األولى مهمة تنفيذ استراتيجية المؤسسات‬
‫واالدارات العمومية‪ ،‬ولهذا يجب التخطيط والتصرف في الموارد البشرية بشفافية‪ ،‬تماشيا مع االستراتيجية‬
‫المرسومة واألهداف المسطرة‪ ،‬باعتبارهم من الفاعلين األساسيين في المناجمنت العمومي‪.‬‬
‫‪.1.6‬فئة الداعمين للخدمات العمومية‪ :‬تتصدر هذه المجموعة كل من المتعاونين والمتعاملين مع‬
‫المؤسسات واالدارات العمومية من هيئات تمويل وخبراء وتقنيين ومستشارين وغيرهم من المؤسسات‬
‫واألشخاص التي تكون على عالقة مباشرة ومصلحة متبادلة مع المؤسسات العمومية‪.‬‬
‫‪.2.6‬فئة المستفيدين من الخدمة العمومية‪ :‬تتصدر هذه الفئة كل المواطنين والمقيمين والمستفيدين من‬
‫الخدمات العمومية الصادرة عن المؤسسات واالدارات العمومية‪ ،‬وتعبر هذه الفئة من المجتمع عن‬
‫الحاجات العمومية للمجتمع والتي تتطلع إلى إشباعها من الخدمات العمومية الصادرة عن االدارات‬
‫العمومية‪.‬‬
‫‪.5.6‬فئة الراعين للخدمة العمومية‪ :‬تتصدر هذه المجموعة السلطة العمومية من إدارة مركزية وجهوية‬
‫ومحلية‪ ،‬والتي يعود إليها حق الملكية والتصرف في المرفق العمومي‪ ،‬وبالتالي تمتلك سلطة اتخاذ القرار‬
‫في رسم السياسة العامة للمؤسسات العمومية‪ ،‬أو الحق في تفويضها للفئة المشرفة على الخدمة‪.‬‬

‫‪19‬‬

You might also like