Professional Documents
Culture Documents
الادارة والتسيير العمومي
الادارة والتسيير العمومي
السنة الجامعيـة
2024/2023
مقدمة
المبحث األول :ماهية الخدمات العامة
المطلب األول :مفهوم الخدمة
المطلب الثاني :خصائـص الخدمـات
المطلب الثالث :تعريف وأنواع الخدمة العمومية
المطلب الرابع :المبادئ األساسية لتقديم الخدمة العمومية
المبحث الثاني :التسيير في القطاع العمومي
المطلب األول :مفهوم التسيير
المطلب الثاني :تعريف التسيير العمومي
المطلب الثالث :وظائف التسيير العمومي
المطلب الرابع :الفرق بين اإلدارة العامة و إدارة األعمال
مقدمة:
ينصب التسيير العمومي (بما في ذلك الجديد) على نشاطات تـقوم بها منظمات ومرافق تقع
تحت وصاية الهيئات العامة للدولة ،سواء المركزية أو المحلية.
للبحث في موضوع التسيير العمومي الجديد ،بدا لنا من المنطقي االهتمام أوال بموضوع
التسيير العمومي أو بصورة أوضح النشاطات التي تخضع لقواعد التسيير العمومي.
من هذا المنطلق سنقوم في هذا الفصل بمحاولة التعرف على ماهية الخدمات التي تقدمها
المنظمات والهيئات المشار إليها أعاله والمبادئ التي تحكمها والخصائص التي تتسم بها ثم
نعرض موضوع التسيير كنشاط في حد ذاته وخصوصيته في المجال العمومي منطلقاته
النظرية والتجريبية.
إذا تم لنا ذلك سيمكننا حينها االهتمام بطبيعة التطورات واألسباب التي دفعت إلى تغيير
فلسفة التسيير العمومي السائدة إلى وقت قريب بفلسفة جديدة تقوم على محاكاة أسلوب تسيير
المنظمات االقتصادية.
المبحث األول :ماهية الخدمات العامة
مع التقدم السريع للعالم االقتصادي ،أصبح قطاع الخدمات يشغل اهتمام العديد من المنظمات
نظرا للدور الذي يلعبه في دعم االقتصاد كونه مورد هام لدخل الدولة تعتبر الخدمة العامة
من خصوصيات السياق العمومي هذا األخير الذي أصبح يحظى باهتمام الباحثين والدارسين
فيما يخص مردودية القطاع العام ودراسة الجدوى االقتصادية للمشروعات العامة .
ومن هذا المنطلق ونظرا ألهمية الخدمات العمومية في دراسة التسيير العمومي سنحاول
التطرق لعرض ماهية الخدمة العمومية ،من خالل عرض الخدمة وخصائصها ومن ثم
الخدمة العامة.
المطلب األول :مفهوم الخدمة
إن مفهوم المنتوج يضم في فحواء السلعة -الفكرة وكذلك الخدمة وهي بدورها لها مفاهيم
واسعـة وأشكال متنوعة وهو ما أدى إلى اختالف الكتاب في تحديد مفهومها .
يعود ظهور الخدمة إلى أزمان بعيدة قد نرجعها إلى تاريخ ظهور البشرية.
الخدمة لغة :مأخوذة من الالتينية ) (Servitiumوأخذ هذا المفهوم بعدا في األدبيات بداية
مــن الــثورة الصناعــية ومـــا أفـرزته مــن دراسـات ميدانيـة حــول واقـع العمـل واإلنتـاج
واالستهالك...الخ.
من بين التعاريف التي وردت لتحديد مفهوم الخدمة نذكر:
-تعريف جمعية التسويق األمريكية :التي عرفت الخدمة على أنها:
"األنشطة أو المنافع التي تعرض للبيع أو تقدم مرتبطة مع السلع المباعة "
إال أن هذا التعريف لم يميز بصورة كافية بين السلعة والخدمة فهو يفسرها على أنها:
أ – منافع غير ملموسة تعرض للبيع دون ارتباطها بالسلع كخدمات التأمين والخدمات
الصحية.
ب-أنشطة غير ملموسة والتي تتطلب استخدام السلع الملموسة مثل إيجار عقار
جـ-خدمات تشترى مرافقة مع السلع مثل شراء حاسوب ترافقه خدمات الصيانة.
-تعريف فيليب كوتلر :يعرف كوتلر الخدمة على أنها:
"أي عمل أو أداء غير ملموس يقدمه طرف إلى طرف آخر دون أن ينجر عن ذلك ملكية
أي شيء ،وإنتاجية الخدمة يمكن أن تكون مرتبطة أو غير مرتبطة بالسلع المادية ".
استنادا للتعريفين السابقين يتضح بأن الخدمة هي:
عبارة عن أنـشطة غـير ملموسـة ،تهدف إلى إشباع حاجات وطــلبات العمالء وإرضائهم،
وعند استهالك الخدمة أو االنتفاع بها ال ينتج عن ذلك بالضرورة نقل الملكية إال أنه يتطلب
في غالب األحيان استخدام السلع الملموسة
المطلب الثاني :خصائـص الخدمـات
لقد أظهرت العديد من الدراسات واألبحاث الخصائص المميزة للخدمات خاصة من الناحية
التسويقية وفيما يلي استعراض ألهمها :
/1الالملموسية
تتصف الخدمات بكونها غير ملموسة ،حيث أن المستهلك ال يمكن أن يلمسها أو يتذوقها أو
يراها ،وتعتبر الالملموسية من أهم الصفات التي تميز الخدمات عن السلع ونستطيع القول
إن هذه الخاصية جعلت اإلعالن عن الخدمات وترويجها أقل استعماال مقارنة باإلعالن على
المنتجات لذا فإن االهتمام بتطوير أهمية الخدمة يكون من خالل إظهار المنافع التي ستعود
على المستفيدين من استخدامهم لها.
وينتج عن هذه الخاصية صعوبة التمييز بين الخدمات المتنافسة قبل الحصول عليها
كالخدمات الفندقية وبالتالي يصبح سعرها عند الرغبة في الحصول عليها هو معيار جودتها
مثل الفنادق المصنفة والفنادق غير المصنفة .
/2التالزمية
نعني بالتالزم ذلك االرتباط الموجود بين الخدمة وبين مقدمها ،حيث يصعب في بعض
األحيان الفصل بينهما ،إذ هناك تزامن لحظي لعملية تقديم الخدمة واستهالكها ،وهذا األمر
ال ينطبق على السلع التي يتم إنتاجاها بعيدا عن السوق والمستهلكين غير أننا نستثني في
هذه الخاصية بعض الخدمات التي أصبحت تقدم دون أن يكون للطرف اإلنساني أي أثر أو
دخل في تقديمها ونذكر كمثال على ذلك بطاقات االئتمان ،ويعود هذا بطبيعة الحال إلى
التطورات التكنولوجية وما أحدثته من تغيير في الواقع التعاملي لألفراد ،كما أن تواجد مقدم
وطالب الخدمة معا يؤثر على النتائج المتوقعة من الخدمة (مثل الحالقة-الطب) وهذا ما
جعل منظمات الخدمات تسخر إمكانياتها لتطوير مهارات مقدمي الخدمة لتنعكس إيجابا على
عملية تقديمها ولتحقيق ميزة تنافسية لخدمته
/3التباين في تقديم الخدمة
إن خاصية التباين موجودة مادامت الخدمات تعتمد على مهارة و أسلوب و كفاءة مقدميها
ومكان وزمان تقديمها ،وهذا ما يعطيها ميزة عدم الثبات و أحيانا يكون التباين في تقديم
الخـدمة من قبل نفس الشخص ،و يرجع توفر هذه الخاصية إلى:
-اشتراك العميل في إنتاج الخدمة باحتياجاته الخاصة والمميزة.
-اختالف مهارات و قدرات المنتج في إنتاج ذات الخدمة من عميل إلى آخر.
-إن عنصر الخطأ في إنتاج الخدمات يكون بدرجة أكبر من حالة إنتاج السلع المادية.
/4عدم قابلية الخدمة للتخزين (سرعة االستهالك):
تمتاز الخدمات بكونها غير قابلة للتخزين وهي مربوطة بدرجة الالملموسية ،فكلما توفرت
هذه األخيرة في الخدمة كلما انخفضت فــرصة تخزينها وبهــذا تقل تكلفة التخزين وهي
نتيجة ايجابية لهذه الخاصية .
من الشائع أن الخدمات تنتـهي منــفعتها بتقــديمــها في كــل مرة حيث يصعب االحتفاظ بهــا
وتخزينها ،وقد تتعرض بعض المنشآت الخدماتية إلى الخسارة لعدم االستفادة الكاملة من
تقديمها للخدمات.
/5عدم الملكية:
ال يمكن امتالك الخدمة وبالتالي ال يمكن نقل ملكيتها من المقدم إلى المستهلك أو المرتفق
باعتبار أن هذا األخير يحق له استعمال الخدمة لفترة زمنية معينة (كاستئجار غرفة في
فندق أو استعمال مقعد في طائرة) ،أما ما يقابله في حالة شراء سلعة ما فإن المستهلك له
الـحق في استعمالها وامتالكـها والتصرف فيها .
المطلب الثالث :تعريف وأنواع الخدمة العمومية
الخدمة العمومية هي محصلة نشاطات المنظمات العمومية المرتبطة غالبا بالدولة ومن هذا
المنطلق يرتبط تعريف و تنوع الخدمة العمومية بالنظام و السياسات الحكومية التي تحدد
نطاق و مجال هذه األخيرة ،و سنحاول في هذا المطلب عرض بعض تعاريف و أنواع
الخدمة العمومية.
-1تعريف الخدمة العمومية
ال توجد هناك تعاريف دقيقة ومحددة لمفهوم ونطاق الخدمة العمومية ،إذ أن أغلب التعاريف
تربطها بالصالح العام أو بالسياسة الحكومية ،ومن بين هذه التعاريف نذكر:
"الخدمة العمومية هي ضمان الصالح العام للمجتمع عن طريق االستجابة لحاجاته العامة" .
" -تمثل الخدمة العامة أقصى حدود السلطة العمومية ".
-وفقا للقانون اإلداري الفرنسي " الخدمة هي تلك التي تعد تقليديا خدمة فنية ،تزود بصورة
عامة بواسطة منظمة عامة كاستجابة لحاجة عامة و يتطلب توفيرها أن يحترم القائمين على
إدارتها مبادئ المساواة واالستمرارية و التكيف لتحقيق الصالح العام ".
من خالل التعاريف السابقة نستطيع أن نقول إن الخدمة العمومية هي محصلة كل نشاط
عمومي هدفه تلبية حاجيات األفراد في إطار تحقيق المصلحة العامة ويسير هذا النشاط
بصورة مباشرة أو غير مباشرة من طرف السلطات العمومية.
وفي هذا السياق هناك من يرى أن الخدمة العامة يمكن أن توكل إلى منظمات القطاع
الخاص ،وتبقى تحت إشراف ورقابة الدولة ،ومن هذا المنطلق نورد التعريف التالي" :يمكن
أن ينظر للخدمة العامة من وجهة نظر التنفيذ على أنها اختيارات عمومية (وسياسية) بينما
ينظر لها بأبعادها الثقافية فيما يتعلق بالغايات التي تستهدفها "
-2أنواع الخدمة العمومية:
هناك تقسيمات مختلفة للخدمات العمومية إال أن جميعها يشترك في كثير من المحاور ،ومن
بين هذه التقسيمات نجد التقسيم التالي:
خدمات ضرورية لبقاء المجتمع وسالمته وتقدمه مثل الخدمات التعليمية والصحية وهي
خدمات يفترض أن تقدمها وتوفرها الدولة مهما ارتفعت تكلفتها.
الخدمات الضرورية ألفراد المجتمع باختالف قطاعاته ومستوياته (خدمات ال يمكن
االستغناء عنها) مثل التموين بالماء ،الكهرباء ،الغاز والنقل ...إلخ ،وما يالحظ على هذا
النوع من الخدمات أنها لم تعد حكرا على الدولة أو المشروعات العامة وإنما أصبحت قابلة
للتقديم من طرف المشروعات الخاصة وتتم إدارتها على أسس تجارية حيث تطبق عليها
معايير الربحية التجارية.
خدمات ذات منفعة اجتماعية وثقافية يستفيد منها أفراد المجتمع ،إال أن هذه الخدمات قد ال
تكون ذات أهمية بالنسبة لبعض األفراد أو المجتمعات ومن بين هذه الخدمات نذكر مثال:
المكتبات العامة ،المتاحف والمنتزهات العامة.
خدمات ذات طبيعة اجتماعية ،يمكن لألفراد أن يؤدوها بأنفسهم عن طريق إمكانياتهم
الخاصة ،إال أن القصور في تأدية هذا النوع من الخدمات على أكمل وجه قد يؤثر على
المجتمع ،و هو ما يستدعي تدخل السلطات العمومية في أداء و توفير هذه الخدمات ومن
بين هذه الخدمات نذكر بصورة أساسية اإلسكان مثال.
خدمات رأسمالية مكلفة ال تقتصر منفعتها على الجيل الحالي و إنما تمتد إلى األجيال
المقبلة ،مثل :بناء المدارس ،المستشفيات ،الجامعات و غيرها .و قياسا على التقسيم
الفرنسي للخدمة العمومية نستطيع تمييز ثالثة أنواع لهذه األخيرة ال تختلف عن التقسيم
السابق و إنما هو تقسيم أكثر اختصارا ،حيث نجد :
خدمات عامة ترتبط بسيادة الدولة:
و هي خدمات مرتبطة أساسا بالدور التقليدي للدولة ،وذلك في مجال العدالة ،األمن الدفاع
الوطني و المالية العامة...إلخ.
خدمات اجتماعية و ثقافية :
و التي تطورت بصورة ملحوظة منذ منتصف القرن التاسع عشر ،و التي تشمل عموما
التعليم ،الصحة ،المساعدات اإلجتماعية .إلخ.
الخدمات ذات الطابع اإلقتصادي :
و التي يطلق عليها عموما خدمات عامة صناعية أو تجارية ،ظهرت هذه الخدمات بشكلها
المذكور في القرن العشرين مع التطور الملحوظ لدور الدولة في الحياة اإلقتصادية و في
تحقيق رفاهية المواطن في مجال احتياجاته األساسية في مجال النقل ،االتصاالت
الطاقة....إلخ .
إن النشاط الحكومي الذي ينسب إليه تقديم الخدمات العامة بشكل مستمر إلشباع الحاجات
العامة للمواطنين ال يهدف إلى تحقيق الربح في هذا النوع من المشاريع ،حيث ال تخصص
الموارد عادة في مشروعات الخدمات العامة من أجل تقديم سلع و خدمات ضرورية
للمواطنين دون النظر إلى قدرتهم على الدفع ،إال أن غياب هدف الربح في هذه المشروعات
التي تؤديها الوحدات الحكومية ال يعني أنها تعمل بخسارة و إنما يغيب هنا مقياس الربح
الناشئ عن المقارنة بين النفقات و اإليرادات .
المطلب الرابع :المبادئ األساسية لتقديم الخدمة العمومية
هناك من يعتبر هذه المبادئ أنها خصائص تميز الخدمة العامة عن غيرها من الخدمات ،و
قد ينظر إلى هذه المبادئ -التي تعتبر تقليدية عند بعض الباحثين -وفقا لجانبين
منها ما يتعلق بالجانب القانوني و اإلداري لتقديم الخدمة العامة و منها مـــا يتعلق
بطبيعــــــة
المشاريع الهادفة إلى تقديمها ،و يمكن أن نعرض هذه المبادئ بصورة عامة ،فيما يلي:
/1اإلستمرارية :la continuité
يجب أن يتسم تقديم الخدمة العمومية باإلستمرارية و اإلنتظام و ذلك بإتاحة الخدمة ألي فرد
يحتاجها في ظل ظروف محددة ،إال في حاالت يتعذر على هيئات تقديم الخدمة أن تستمر
في تقديمها .
/2المساواة l'égalité:
هي مبدأ أساسي في تقديم الخدمة العامة كما أنه عامل من عوامل الديمقراطية اإلداريـة ،
مضمون هذا المبدأ أنه ينبغي أن يحصل جميع أفراد المجتمع على الخدمة العامة و أن
تتشابه الضريبة أو الرسم في المواقع المتشابهة ،و أن يدفع الجميع بنفس الطريقة و يحصلوا
عــلى جميع الضمانات ،هذا المبدأ يتــضمن ضرورة توفير الخدمة العامة بــدون عــوائــق
و إتاحتها لجميع المواطنين دون استثناء و بصورة عادلة.
/3الموائمة : la mutabilité
إن المنفعة العامة و من ثم الخدمة العامة تتطور مع مرور الزمن وتطور المجتمعات و من
ثم فمن الضروري وفقا لهذا المبدأ أن تقدم الخدمة بكفاءة ،و أن يساير تقديمها تطور حاجات
المواطن – الزبون على اعتبار أن هذه الحاجات تتغير و تتطور مع الزمن خاصة و أن
المحيط بجميع مجاالته ،يتميز بالتغير و عدم الثبات .
على غرار هذه المبادئ نجد أن الخدمة العامة تجمع بين عنصرين أساسين هما الطابع
الخدمي و العمومي و اللذان تحكمهما الميزات التالية:
أ /عالقة عدم البيع :تتميز الخدمات العامة المقدمة من طرف الهيئات العمو مية بالمجانية
عموما أو بسعر يؤول الربح فيه إلى الصفر فقد يدفع المرتفق مبلغ رمزي في صورة رسم
أو ضريبة في أغلب األحيان ،حيث يتم الحصول على الخدمة دون توفر خاصي
التبادل المباشر الذي تتميز به النشاطات االقتصادية األخرى ( كبيع السلع ،أو الخدمات
المقدمة من طرف القطاع الخاص ) أين يتم دفع الثمن بشكل مباشر.
ب /المنفعة العامة كهدف أساسي للخدمة العامة :إن الهدف األساسي للنشاط الحكومي و
من ثم المنظمات المقدمة للخدمة العمومية هو المنفعة العامة .
ج /الرقابة العامة :تخضع أنشطة الهيئات العمومية و من ثم الخدمة العامة إلى رقابة متعددة
األطراف منها الوصايا المباشرة ،هيئات الدولة فضال عن المجتمع المدني على أساس أنه
الممول األساسي و الفعلي لنشاط هذه المرافق ،ومع تعدد هذه األطراف التي تتميز أهدافها
أحيانا بالتعارض فإنه كثيرا ما تكون هذه الرقابة فعالة أحيانا و فاشلة أحيانا أخرى حسب
الهدف منها و حسب مصلحة كل طرف .