Professional Documents
Culture Documents
عروس من السماء - ديدي بريتي
عروس من السماء - ديدي بريتي
https://www.facebook.com/groups/rawae3rewayat/?ref=group_header
http://raw2e3.yoo7.com/
2
3
هل ميكن للحب أن أيتيك من السماء!..
***************
4
واقفا ببذلته الكالسيكية ,يستند جبسده املرتاخي إبمهال على اجلدار,
واضعا اهلاتف على أذنه يستمع إىل الطرف اآلخر مبلل واضح,
شفتاه تتحركان وكأنه يلوك شيء ما ,وبينهما لُفافة من التبغ غري املشتعلة,
يتالعب هبا ,متطلعا حوله حني املكان املكسو ابللون األخضر برتتيب أنيق ,يُبهر
النظر,
إال أنه مل يكن كذلك ابلنسبة إليه ,فهو يشعر ابحلنق لتواجده هبذا املكان..
5
علي فعله اآلن؟"..
قال بصوت أجش ملول ":حسنا ..وما الذي َّ
فريتفع الصوت ابلطرف املُقابل ابنزعاج ,جعله يُبعد اهلاتف عن أذنه متأففا,
ومع البكاء الذي عاد من جديد جعله يود لو قام بشنق نفسه برابطة عنقه,
قائال بنزق حانق ":توقفي عن البكاء ..حبق هللا إنه وغد حقري"..
ومن بني شهقات البكاء ,هتفت حبقد ":أعلم ..لذلك أريدك أن تُفسد ذلك
الزفاف"..
6
حني مل يصلها رد ,عادت تقول بنعومة متوسلة ":أرجوك دميي ..ألست ابنة عمتك,
وعليك مؤازريت؟"..
زفر حبنق ,يهز رأسه أيسا ,وتلك احلمقاء تنوح منذ علمت خبطبة حبيبها ,وزفافه,
وتريده أن يقوم إبفساده أبي طريقة ,وهو حني وخبها ,مستنكرا ما تريده,
وجد حزاب يتشكل ضده ,حيث والدته ,وعمته قد اجتمعا عليه ,ليجرباه على فعل
ما تريده املُدللة ,وهو وافق بال مباالة؛ كي يتخلص من ذلك اإلزعاج,
واآلن هو يقف حيث يُقام الزفاف ,يستمع إىل تلك احلمقاء ,ترغي وتزيد دون
انقطاع..
7
الصداع يغزوه,
رفع يده احلُرة يُدلك هبا جانب رأسه الذي بدأ ُ
فهتف حبنق ساخط احلديث ":حسنا ..يكفي ..ماذا سأفعل كي أفسد ذلك
الزفاف؟ ..ماذا تظنينين حبق السماء!"..
_تصرف دمييرتي ..ال أهتم ابلطريقة ..فقط أفسد الزفاف ..فجر املكان ..حىت
وإن قمت بقتل العروس..
تبا ..كم يكره أن يكون فردا لعائلة مزعجة كتلك ,بل يكره عودته من سفره بذلك
8
التوقيت..
وأثناء وقوفه ,وحديثه ابهلاتف ,شعر بشيء غريب قد حجب ضوء الشمس قليال,
بتلقائية رفع وجهه لينظر ,فعقد حاجبيه بعدم استيعاب ,وهو يرى كومة من البياض
حتلق فوق رأسه,
9
تندفع اجتاهه بسرعة صاروخية ,ليجد نفسه قد سقط أرضا وفوقه جسد ملتف
ابألبيض,
فبنظرها كانت مقبولة إىل حد ما ,وظنها أن األرض العشبية قد متتص بعض من
االرتطام..
فأغمضت عينيها بقوة ,وقفزت سريعا متمتمة بدعوات أال تُصاب بكسر ما..
10
إال أن سقوطها على ذلك اجلسد الصلب ,محى جسدها من اإلصابة ,جعل حاجبها
يرتفع دون أن تفتح عينيها,
مرددة حبرية ":مل يكن األمر سيئا للدرجة ..تلك احلمقاء ميال جعلتين أظن أن عنقي
سيتحطم"..
_ليس هناك محقاء ِ
سواك ..اهنضي عين..
وصلها صوت خمتنق أبمل أسفلها ,جعلها تفتح عيناها ,تنظر سريعا إليه,
وهو ُُياول إبعادها عنه ,وتلك الطبقات من الفستان األبيض تغطيه متاما..
11
حتركت سريعا ,للجانب جتلس جبواره ,تنظر إليه وهو يعتدل جبلسته,
رمقها بنظرة حانقة ,شامتا من بني شفتيه هبمس مل يصلها ,فمطت شفتيها للجانب
تنهض من مكاهنا ,تتحرك انظرة جلميع اجلهات حبذر,
وعادت ُحتدث نفسها بصوت مسموع ":جيد ..ال أحد هنا ..يبدو أن احلظ
ِ
حليفك تينا"..
ابتسامة متسعة اببتهاج لونت ثغرها ,مع هتافها املنتصر ":سقوط موفق دون
إصاابت ..هروب سهل ..وتبا لك مارتن"..
12
يراقبها بدهشة جلية على مالحمه ,وهو يستمع إىل حديثها ,يبدو أن العروس قد
هربت من زفافها ,وتبدو مريبة ,بل جمنونة..
انتبه على الصوت املنطلق من هاتفه املُلقى جبواره ,فمد يده ُميسك به ,يضعه على
أذنه ,يصله تساؤل ابنة عمته ":ماذا هناك؟ ..أين ذهبت دمييرتي؟"..
قبل أن يقول بتسلية ":جوزيت ..لن حنتاج إىل إفساد الزفاف ..فيبدو أنه قد أفسد
للتو ..لقد هربت العروس"..
أهنى االتصال سريعا دون مساع بقية احلديث ,يتحرك اجتاه سيارته ,عازما السفر يف
احلال؛ فيكفيه ما حدث حىت اآلن..
غافال عن تلك اليت استمعت للحديث ,مضيقة عينيها برتكيز ,مث انطلقت خلفه,
مل يكلف نفسه عناء االلتفاف إليها ,انظرا من فوق كتفه ,حباجب مرفوع بتساؤل,
يُغلقه خلفه,
قائال بفظاظة ":لقد ا ِ
خطئت السمع"..
إال أهنا حتركت خلفه ,تتلملم أطراف فستاهنا بعشوائية ,هاتفة ":انتظر ..انتظر"..
أدار حمرك السيارة ,دون أن يلتفت إليها أو يواليها اهتمام ,إال أنه وقبل أن ينطلق,
وجد الباب اآلخر يُفتح ,تينا تدلف مستقلة املقعد جبواره..
عقد حاجبيه بقوة ,ينظر إليها وهي أتمره ":هيا انطلق ..حترك"..
15
_ما الذي تفعلينه ابلضبط؟..
نربته انطلقت حادة ساخطة وهي جتلس أبرُيية ,بل وتضع حزام األمان,
جتيبه ببساطة ":أريد الرحيل ..هيا حترك قبل أن يكتشف أحدهم غيايب"..
إال أنه تراجع بظهره ,عاقدا ذراعيه أمام صدره ,قائال برفض قاطع ":هذا لن ُيدث
أبدا ..اخرجي من سياريت يف احلال"..
عقدت حاجبيها مضيقة عينيها تنظر إليه ابستنكار ,ال يريد مساعدهتا ,أمل ِ
أيت
إلفساد الزفاف!..
وترمجت أفكارها بسؤاهلا ":أمل ِ
أتت إلفساد زفايف؟"..
16
أنت ِ
فعلت.. ارتفع حاجبه يهز كتفه بال مباالة ,جييبها ببساطة مغيظة ":مل أفعلِ ..
ُ
واآلن اخرجي من سياريت قبل أن أر ِ
كلك منها"..
فغرت شفتيها مع اتساع عينيها من وقاحته وبروده ,إال أهنا كتمت غيظها منه,
عليها الرحيل قبل أن يعرف أحد بغياهبا ,فهم لن يرتكوها مبفردها لوقت أطول,
17
لذلك تراجعت جبلستها تُريح ظهرها,
أتمره برتفع ابرد يوازي بروده ":بل ستتحرك يف احلال ..وإن مل تفعل سأصرخ وأخرب
اجلميع أنك اختطفتين"..
ضحكة قصرية ساخرة ندت منه ,يشيح بوجهه بعيدا عنها ,قائال بتهكم ":وكأنين
ِ
ابختطافك!".. ِ
نفسك كي أفكر سأهتم ..من تظنني
زمت شفتيها حبقد ,تكاد تنفث انرا ,إنه يتعمد إهانتها والتقليل من أمرها ,ولكنها
سرتيه ,سيساعدها ُرغما عنه..
أخذت نفسا عميقا ,مث زفرته بقوة ,قائلة بتحذير انعم ":انطلق عزيزي وإال".....
18
اتركة ابقي مجلتها ُمعلقة ,فرفع حاجبه برتقب ,جعل زاوية شفتيها ترتفع اببتسامة
خبيثة,
صرخة قوية منها جعلته ينتفض من جملسه ابرتياع ,يتطلع حوله بريبة ,مث احنى
اجتاهها يكتم صوهتا بيده,
نظرت إليه بتحدي مهمهمة أسفل كفه املكمم فاها ,فجز على أسنانه بغيظ,
يود ركلها فعليا ,إال أنه إن أفلت يده عن فاها ستصرخ وجتذب األنظار,
19
ِ
سأقتلك".. ِ
صرخت بصوت قامت مشتعل حذرها ":سأبعد يدي ,إن
جعلها تعاتبه برقة خمادعة ":ليس من الالئق أن تقول تلك الكلمات أمام النساء"..
كور قبضتيه يكاد ُيطم عظامهما ,مث هدر بعنف ":اصميت ..أي بالء ألقي على
رأسي!"..
فغرت شفتيها قليال بذهول ,هتز رأسها موافقة ,مع إبعادها ليدها ببطء حذر,
21
زفر بعنف ,مث قام ابالنطالق ابلسيارة بسرعة رهيبة أدت إىل احتكاك إطاراهتا
املمهد بقوة,
ابلطريق ُ
يسري بال هدى ,فقط يُفكر بتلك الكارثة اجلالسة جبواره ,تبتسم ابنتشاء ُمغيظ,
جيعله يشدد من قبضتيه على املقود يكاد ينزعه من موضعه ,يزيد من سرعة سيارته
وكأنه بسباق..
أجفل على صوت هاتفه الذي عال صوته كاسرا الصمت ابلسيارة ,فرمق شاشته
بنظرة خاطفة ,ومل يرد,
22
تسأله بفضول ":جوزي ..جوزيت تلك اليت كنت تتحدث معها ابهلاتف إلفساد
زفايف!"..
ومع حرارة الشمس اخلانقة بنهار سبتمرب ,مد يده يرخي رابطة عنقه,
23
جز على أسنانه جمددا ,خياطب نفسه بصرب كي ال يقتلها ":اهدأ دمييرتي ..بعض
الوقت وستتخلص منها"..
إال أن عيناه قد اتسعتا بذهول ,ضاغطا مكابح السيارة ,جعل جسديهما يندفع
لألمام بعنف ,هو يراها تقوم بفك سحاب الفستان من اخللف,
نظرت إليه ابمتعاض من فعلته ,مث هزت كتفها بال مباالة ,تواصل عملها
لكن مع نزعها له وجدها ترتدي قميص وردي بال أكمام ,وبنطال جينز يصل إىل
ركبتيها ,وتلف حول خصرها حقيبة صغرية إىل حد ما..
جعل حاجباه يرتفعان متسائال ببالهة ,مشريا إىل حقيبتها ":ما هذا؟"..
التوت زاويتا شفتيها اببتسامة ماكرةُ ,مفكرة ذلك األمحق ظنها ستقوم بعمل عرض
جماين له لريى جسدها,
وال يعرف أهنا قامت ابرتداء مالبس بسيطة أسفل الفستان كي تتحرك أبرُيية,
25
لكنها اجابته بزهو ":هذه من مميزات الفساتني املنتفشة ,تستطيع إخفاء ما تريد
أسفلها ,ولكن إن كانت لديك املهارة"..
زفر حبنق يلتمس الصرب من تلك الكارثة ,وعاد يقود السيارة ,يزيد من سرعته ,حىت
وصال ملنتصف املدينة,
هبدوء أشار بيده إليها ,مع حديثه املُقتضب ":هيا ..اخرجي من سياريت ..وصلنا"..
26
نظرت حوهلا بتعجب ,وعادت تقول ":لكين مل أخربك أنين أريد التوقف هنا"..
_ال أدري..
أنت محقاء دوما ,أم ِ
قمت وكلماهتا كانت كفيلة ابشتعاله ,يهدر بعصبية ":هل ِ
ابحتكار احلماقة كلها اليوم! ..إن ِ
كنت تنوين اهلرب من ذلك العرس اللعني,
27
توبيخه احلاد جعل كتفاها يتهدالن ببوس ,تزم شفتيها بطريقة طفولية,
عض شفته السفلى يكاد يدميها من غيظه ,مث تساءل اببتسامة صفراء ":وما الذي
حدث سيديت؟"..
جتيبه بقتامة مغتاظة ":لقد تعرضت ملؤامرة سخيفة ,كدت أن أكون الضحية..
ولكين جنوت"..
_ ملاذا؟..
أجابته بنزق ":ألهنا متسلطة خبيثة ..سخيفة ..تريد أن جتعل اجلميع طوع بناهنا,
وذلك األمحق مارتن ,إن مل يوافقها ستقوم بسحب منصبه ,وطرده من الشركة"..
29
ضيقت عينيها ,زامة شفتيها متمتمة بغل ":أمتى أن تُصاب أبزمة قلبية حادة بعد
معرفتها هبرويب ..كم أود رؤية وجهها حني تعلم ,وترى رساليت"..
هامسة بيأس ":عليك مساعديت ..أان حباجة لذلك ..مث إنين ساعدتك إبفساد
زفايف"..
30
ارتفع حاجبه ابستهجان ,موجها سبابته بوجهها ,قائال بنفي ":مل أفعل ..ما تقولينه
حمض افرتاء"..
مالت برأسها للجانب تنظر إليه بعدم تصديق ,قبل أن تعلو شفتيها ابتسامة خبيثة,
قائلة بنعومة ماكرة ":لقد مسعتك وأنت تتحدث مع تلك املدعوة جوزيت"..
مث وضعت سبابتها على شفتيها بتفكري ,وبيدها األخرى عبثت مبحتوايت السيارة,
تنظر إىل بعض األوراق برتكيز ,فتلمح امسه كامال,
مهمهمة خببث ":أين مسعت ذلك االسم! ..يشبه اسم حبيبة مارتن السابقة..
أليست هي!"..
31
جز على أسنانه بغيظ ,يشيح بوجهه للجانب ,قائال بعناد ":ال أعرف عما
تتحدثني"..
هزت رأسها بتوعد ,تتنهد بتثاقل ,قبل أن متُد يدها إليه مطالبة ":هال أعرتين
هاتفك!"..
_ملاذا؟..
هز رأسه متفهما حبسن نية ,يناوهلا اهلاتف ,فتأخذه منه ,تضغط على األزرار,
تضعه على أذهنا منتظرة لعدة ٍ
ثوان,
32
مث هتفت بنربة مراتعة ":مرحبا ..إهنا أان تينا"..
صمتت قليال ,قبل أن تعود لتهتف هبلع مصطنع ,وهي تراقب دمييرتي الذي يراقبها
بعدم فهم ":لقد مت خطفي ..من قبل شخص يُدعى دمييرتي لوجن ..بتحريض من
جوزيت قريبته ..ولكين استطعت اهلرب منه"..
دون شعور منه أسرع ابختطاف اهلاتف منها ,هادرا بذهول ":ما الذي تفعلينه؟..
هل ِ
جننت!"..
ابتسامتها اخلبيثة جعلته يود لكمها ,وهي تقول بقلة حيلة ":أنت ال تريد
مساعديت"..
33
نظر للهاتف بيده ,لريى من اتصلت به ,ليجد شاشة اهلاتف مكتوب عليها بعض
األرقام ,دون ضغط زر االتصال,
فرفع وجهه ينظر إليها نظرة مشتعلة ساخطة ,تلك املاكرة تتالعب به,
قائال من بني أنفاسه اهلادرة بغل ":سأر ِ
يك أيتها املُخادعة"..
قائلة بتحذير ":عليك مساعديت؛ وإال سأنفذ ما فعلته منذ قليل حقا"..
ِ
صدقك أحد.._لن يُ
34
ونربته الواثقة بغرور,
قابلتها بنفسها وهي تقول ":كلميت مقابل كلمتك ..ما الذي كنت تفعله مبكان
الزفاف؟ ..وكيف وصلت أان العروس إىل سيارتك!"..
مسح وجهه بيده بقوة ,ممسدا ذقنه بعنف ,العنا إايها ,وجوزيت ,كل من أوقعه
بذلك املأزق..
***************
35
يدور ابملكان ذهااب وإاياب بعد أن علم بفرارها ,تبا..
كم يشعر ابلغيظ والسخط من كل ما حدث ,ود لو يلكم أحدهم كي يفرغ شحنة
غضبه ,ذلك الغضب املرتاكم بداخله منذ أن أُجرب على الزواج منهاه ,بُناء على
رغبة والدته,
واليت هي حبالة من فقدان الوعي منذ دلفت إىل الغرفة ومل جتدها,
بل اتسعت أعني اجلميع حني مل جيدوها ,ووجدوا رسالتها السخيفة اليت قامت
بكتابتها على مرآة أبمحر الشفاه..
36
" تبا لك مارتن ,ولوالدتك"..
فتتجمد والدته أمام الرسالة بعينني متسعتني بذهول ,قبل أن تضع يدها على
صدرها موضع قلبها ,فاغرة فاها شاهقة ,وتسقط فاقدة الوعي,
رمق جسد والدته املسجى على الفراش وقد بدأت ابإلفاقة بنظرة حانقة,
37
وزوج والدته جالسا جبوارها ,ممُسكا بيدها على وجهه عالمات األسى,
جز على أسنانه بقوة ,مع تكويره لقبضتيه حىت ابيضت مفاصل أصابعه,
ُُياول أال يقوم بعمل جنوين إجرامي ,فهو إن رآها أمامه يُقسم أنه سيقتلها,
التفت حبدة إىل ميال الواقفة بركن تتطلع إليهم بعينني متوترتنيُ ,رغم ذلك العبوس
الذي يغطي مالحمها..
38
اقرتب منها خبطوات متأنية كفهد يكاد ينقض على فريسته ,جعلها تبتلع ريقها
بصعوبة..
ُرغم أهنا شقيقته إال أهنا تُفضل تينا عليه ,بل وتساندها بكل شيء..
ارتفع حاجبه ,بعد أن وقف أمامها ,قائال بنربة مشتدة بتحذير ":ميال؟"..
ازداد انعقاد حاجبيها زامة شفتيها ,حدقتاها تدورها مبحجريهما ,تتطلع لكل مكان
سواه,
زفرت حبنق ,جتيبه بعناد ":ال أعرف ..مل ُختربين ..كنت معكم ومل أرها"..
رفع ذقنه أيخذ أنفاسه بقوة ,قبل أن يكور قبضته يرفعها بوجهها,
ِ
مبعرفتك".. ُمهددا ":ال تتذاكي ميال ..تلك السخيفة ال تفعل شيء سوى
40
مدافعة بنربة حادة ساخطة ":ليس هناك سخيف سواك مارتن ..ال تنعت صديقيت
ابلسخيفة ..هي مل هترب سوى للتخلص منك ..اي إهلي ..أنت شخص مقيت"..
قائال من بني أسنانه خبفوت ساخط ":أمل نتفق على األمر! ..بضع شهور وننفصل,
وُيصل كل منا على ما يريده!"..
علي"..
"هل تظن أن ُخدعتك ستنطلي َّ
لكنها مل تتنازل سوى ابلرد ابقتضاب منهية احلوار ":ال أعرف أين ذهبت؟ ..نقطة
وانتهى ..ارحل عين"..
42
اتركة إايه يتلوى غيظا يشتمها هي وتينا ,إال أن صوت هاتفه أجفله ,وجعل الصمت
يعم أكثر ابملكان برتقب من املتصل,
حىت والدته قد ارتفع جذعها العلوي قليال ,تنظر إليه بعينني متسعتني برتقب,
فنظر لشاشة هاتفه يرى املتصل ,إال أنه حني علم هبويته,
43
صوت انعم خبيث وصله برقة ":ماذا مارتن؟ ..تبدو غاضبا ..هل حدث شيء
ما!"..
44
أظلمت عيناها اخلضراوين بشدة ,واشتدت شفتاها بقوة ,جتيبه بنربة قامتة مغلولة":
وهل مت الزفاف كي أهنئك عزيزي!"..
مث عادت نربهتا للنعومة الزائفة ,مكملة ":على حسب ما مسعت ,أن العروس قد
فرت هاربة منك"..
ِ
عرفت ابألمر؟".. ضيق عينيه برتكيز ,يستمع حلديثها ,مث سأهلا برتقب ":وكيف
التوت شفتاها اببتسامة حاقدة ,تتلون نربهتا للدالل ":األخبار تتناقل حيب"..
_جوزيت..
لن أكون جوزيت ..لكن يبدو أن العروس سهلت مهميت وهربت دون تدخل مين..
صمتت قليال تلهث بعنف ,تتطلع حوهلا جبنون تكاد تبكي غيظا ُرغم هروب
العروس,
وهو ُرغم عدم رده عليها؛ شعر بقلبه يتمزق مما ُيدث ,فهي جوزيت حبيبته ,من
تركها ُمكرها كي ينفذ أمر والدته..
46
ٍ
بتشف ":اخرب والدتك وعلى ذكر والدته ,مسع جوزيت تقول قبل أن تنهي اهلاتف
العزيزة حتيايت ..قد أقوم بزايرهتا ملواساهتا"..
مث تغريت نربهتا للحادة حبقد ":بل أخربها سحقا ِ
لك أيتها الشمطاء".. ُ
ُمغلقة اهلاتف بوجهه..
نظر للهاتف بتجهم وقد هتدل كتفاه,
يصله صوت والدته ِ
الباك بتساؤل ضعيف ":ما الذي ُيدث؟"..
_إهنا جوزيت..
عبست مالحمها ترمقه ابمتعاض مستنكر ,تفغر فاها لتعنفه,
47
لكنه قاطع حديثها ,قائال حبنق ":لقد علمت هبروب تينا"..
اتسعت عيناها بقوة ,تنظر إليه بعدم تصديق ,قائلة بنواح ":لقد فُضحنا"..
إال أهنا حني حملته يهم ابخلروج ,هبت جالسة ,هتتف حبدة ":إىل أين أنت ذاهب؟"..
تنهد بتثاقل ,ممُسكا مبقبض الباب يفتحه ,جييبها ابختناق ":احتاج للخروج قليال"..
فتوخبه ابمتعاض ":هل سترتكين وأان هبذا احلال! ..اي لك من فىت عاق مـ"......
لكنه قاطع مجلتها حني التفت إليها بغضب ,هاتفا بنفاذ صرب ":تبدين خبري أمي
48
ِ
لفقدانك الوعي منذ قليل ..ميال هنا ..وكذلك العم ِ
وأنت تتشاجرين ابلنسبة
رفاييل"..
مث خرج خبطوات ساخطة صافعا الباب خلفه بعنف ,وهي تصرخ من خلفه جبنون,
والدته العزيزة كانت ُمتثل دورها إبتقان ,كي يقوم اجلميع بتلبية ما تريده ,إال أن تينا
قد هربت بعد أن علمت ابخلُدعة,
وهو خسر حبيبته بكل أتكيد ,لكنه يعلم أهنا لن هتدأ إال حني تنتقم منه شر انتقام,
وتذيقه العذاب على فعلته تلك..
***********
49
يف اليوم التايل بعد عودة اجلميع للمنزل ,وإخبار احلضور أن العروس قد أصيبت
بوعكة صحية ,أتجل على أثرها الزفاف..
تتحرك بغرفتها ذهااب وإاياب بتوتر ,تقطم أظافرها ,تريد االطمئنان على تينا..
تنهدت بتثاقل شاعرة ابالختناق ,فهبطت من غرفتها متجهة إىل هبو املنزل..
50
حني كانتا عائدتني من اخلارج؛ ليستمعا حلديث والدهتا السعيدة ابلزفاف,
هي ما أرادت ذلك الزفاف؛ إال رغبة منها جلعل األمور بيدها..
تريد لنصيب تينا ابلشركة أن يبقى حتت عينيها ,وال يتدخل أحد به؛
ويف نفس الوقت تشعر ابلغضب من تعلق مارتن جبوزيت ,وخوفها من أن يرتكها
ألجل الذهاب إليها..
51
فقامت ابالتفاق مع رفاييل أبن ختربمها أهنا مريضة ابلقلب ,وحالتها حرجة كي ينفذا
ما تريد..
فثارت األخرية بغضب تود الدخول والصراخ ,فجذبتها ميال سريعا لغرفتها ,قبل
أن ينتبه أحدهم..
ميال بنفس عمر تينا حني تزوجت والدهتا والد تينا كانتا ابحلادية عشر من العمر,
52
لكنهما كانتا سواي ابملدرسة قبل ذلك وحني انتقلت للعيش فرحت بشدة,
وأصبحتا أختني وأكثر..
ويف اليوم التايل يوم الزفاف كانتا قد اتفقتا على هروب تينا عقااب ملا فعلوه هبا..
وساعدهتا ابهلرب..
53
لكن ميال شعرت ابخلوف حني نظرت الرتفاع املكان الذي ستقفز منه,
إال أن تينا اليت كانت تدور ابلغرفة حاملة أطراف الفستان بيديها,
هزت ميال رأسها نفيا هبلع ":ستصابني ابألذى ..لنجد حال آخر"..
54
قائلة ":سأكون خبري ..اذهيب اآلن"..
نظرت إليها بعينني ابئستني حبزن ,فابتسمت هلا مطمئنة ,لتندفع حتتضنها,
ِ
بنفسك جيدا حبيبيت ..واتصلي يب".. قائلة ابختناق ِ
ابك ":اع ِ
نت
شددت تينا من احتضاهنا هتمس إليها بتأثر ":ال تقلقي ..سأتواصل ِ
معك"..
مث ابتعدت عنها تبتسم ابصطناع متأففة ":واآلن ارحلي قبل أن أييت أحدهم ,وأجد
ِ
شقيقك األمحق".. نفسي متزوجة من
هزت رأسها موافقة ,مث خرجت مغلقة الباب خلفها تنضم إليهم ,مث عادت مع
اجلميع بعد عشر دقائق ليجدوا الغرفة فارغة ورسالة تينا..
55
أجفلت على هاتفها الذي عال صوته ,فوجدته رقم غري معروف ,لكنها أجابت؛
مدت تينا رأسها تنظر لدمييرتي الواقف ابخلارج يقوم مبأل خزان السيارة,
56
قائلة اببتسامة ":لقد وجدت من يساعدين ..إنه قريب جوزيت"..
فغرت ميال شفتيها شاهقة بذهول غري مصدقة ,هاتفة بصوت عا ٍل ":ماذااااا؟ ..تينا
هل ِ
جننت!"..
قائلة بنفاذ صرب ":اهدئي قليال ..يبدو أن جنون جوزيت قد أفادين هذه املرة..
رمشت ميال بعينيها مفكرة أبهنا قد مسعت بذلك االسم من قبل ,لكن ملعت عيناها
بشدة حني انتبهت جلملة تينا األخرية,
إال أن ميال هتفت سريعا بلهفة ":انتظري ..تينا ..تينا ..هل دمييرتي ذاك وسيم!"..
قلبت عينيها بضجر ,تتأفف بصوت ٍ
عال ,موخبة ":ميال ..ما الذي تفكرين به!"..
58
ِ
أرجوك ..إنه جمرد فضول ..هل هو وسيم؟".. لكنها عادت تتوسلها":
عادت تينا تنظر لدمييرتي بوقفته املائلة بتكاسل على أحد اجلدران,
إال أن ما يزعجها هو ذلك العبوس الذي يرمسه على مالحمه منذ البارحة ,وال يزيده
إال جاذبية..
59
تنهدت بقوة ,جتيب ميال ابستسالم ":وسيم وللغاية ميال"..
ونربهتا تلك جعلت ابتسامة ميال تتسع ,وعيناها تلمعان كألف جنمة متخيلة ما قد
ُيدث ,مهمهمة بعبث ":حسنا عزيزيت ..استمتعي"..
صرخت منتفضة وكاد اهلاتف يقع منها ,وهي تلتفت لتجد والدهتا تنظر إليها
60
ابتلعت ريقها بصعوبة تنظر حوهلا هبلع ,متعلثمة":ممم ..من تقصدين؟"..
ارتفع حاجب ماري بشر تقرتب منها ,قائلة بنربة خميفة فترتاجع للخلف,
ابرتياع ":تيناِ ..
كنت تتحدثني معها"..
61
عضت على شفتها السفلى بقوة ,مث حتركت للجانب تنوي اهلرب,
لذلك اختذت موقف الغضب ,هاتفة ابستنكار هبجوم ":ما هذا أمي؟ ..مل أعد
صغرية على أخذ هاتفي ..أخرب ِ
تك أنين ال أعرف ..سأرحل من هنا ابت الوضع ال
ُُيتمل"..
مسرعة خبطواهتا بعيدا عن ماري اليت وقفت تنظر لظهرها حىت توارت عن النظر,
مغمغمة بغيظ متوعد من بني شفتيها املزمومتني ":حسنا أيها املشاغبون سأريكم"..
**************
62
ذلك االتصال اهلاتفي الذي وصله من مدير أعمالهُ ,يثه على العودة ,للقيام بتجربة
أداء,
ورغم غيظه من تلك املتطفلة جبواره ,مل يستطع التخلص منها أبي طريقة منذ
ُ
البارحة ,إال أن هناك محاس يدب أبوصاله حني مسع بوصول السيارة اجلديدة ,جعله
يتجاهلها ,وينفذ طلب مدير أعماله..
حسنا مل يكن طلبا ,كان أمرا واجب النفاذ بعد صراخ بتأخره ,وعدم إخباره بسفره
من األساس ,استهتاره الذي يكلفه الكثري من العروض,
63
ابتسامة ملتوية ارتسمت على شفتيه مع رفعه إلحدى يديه ميسد هبا خصالت شعره
القصرية ,حملتها وهي تراقبه بفضول ,جعلها تسأله ":ما الذي جعلت تبتسم!"..
جتهم وجهه حني تذكر وجودها معه ,ومل يرد عليها وكأهنا غري موجودة ,مما أشعرها
ابلغيظ ,فهتفت حبنق ":أنت غري لطيف ..هل سنظل هبذا الصمت حىت نصل!"..
فغرت فاها لتتحدث وتكيل إليه الكلمات اليت يستحقها ,إال أنه قام بتشغيل راديو
السيارة ,بصوت ٍ
عال ,خيربها بطريقته أن تتوقف..
64
زفرت حبنق ,جتلس بسخط ,عاقدة ذراعيها أمام صدرها ,تستمع إىل األغنية
ورغما عنها اجنذبت إليها ,خاصة مع اندماج رفيقها ,وغناؤه هلا بصوت
املنطلقة ُ
ٍ
عال متحمس اببتسامة ساحرة..
تنهدت حبرارة غريبة عليها وهي تشعر بشيء مل تعهده من قبل اجتاه ذلك املستفز,
الوسيم..
إن كانت ميال معها لكانت اهنارت معرتفة حببه من أول نظرة ,صارخة أبنه فىت
أحالمها..
عضت على شفتها السفلى تكتم ضحكتها وهي تتذكر كل مرة يقابال فيها شاب
65
وسيم فينظران إليه من أعلى رأسه ألمخص قدميه يتفحصانه بتدقيق شديد,
عادت بنظراهتا تتفحصه وهو غافل عنها ملتفا للطريق وصوته يتعاىل مع األغنية,
قميصه القطين بلونه األصفر ,منتصف األكمام ,مع بنطال جينز ابللون األزرق
الباهت ,يفصل جسده العضلي تفصيال,
فيعود شعورها ابلغيظ منه ,فهو يبدو بكامل أانقته ,وقد قام بتبديل مالبسه,
66
مل تدري كم مر عليها من الوقت تراقبه,
حىت مسعته ُيدثها بنربة ساخرة ":هل انتهيت من مراقبيت كمراهقة بلهاء!"..
أجفلت تنظر إليه بشفتني مزمزمتني ابمتعاض ,حتاول إجياد رد مناسب له,
تطلعت حوهلا بتعجب ,ترى مضمار سباق للسيارات ,تسأله حبرية ":أين حنن؟"..
أوقف حمرك السيارة ,يهم بفتح الباب ,جييبها بنربة ملولة ":العمل ..هيا اخرجي من
السيارة"..
67
متطت إبهناك ,ختربه بتكاسل ":سأنتظرك هنا حىت تنتهي"..
ِ
أدعك بسياريت لتفسديها ..هيا إال أنه هز رأسه رفضا ,أيمرها بغالظة ":لن
اخرجي"..
جزت على أسناهنا بغل تتمى لو حطمت سيارته السخيفة اليت يعاملها ,وكأهنا
حبيبته..
لكنها ترجلت من السيارة ,وقبل أن تقوم إبغالق الباب مقررة صفعه لتفرغ به
بعض غضبها ,وجدته جبوارها ,يدفعها قليال بكتفه ,يُغلق الباب هبدوء,
ِ
أدعك تفعلني ذلك ..هيا اتبعيين".. متهكما ":لن
68
كورت قبضتيها بغيظ ,تكاد تصرخ من بروده ,تتبعه وفضوهلا ُيركها ,تنظر للمكان
حوهلا,
حىت وصال ألربعة رجال يقفون على املدرجات ,يفصلهم عن مضمار السباق سور
حديدي مفرغ ,يشابه األسالك الشائكة..
وصاح حبدة ":وأخريا وصلت دميي ..اي إهلي أعصايب مل تعد حتتمل"..
مط األخري شفتيه للجانب ,جييبه بعدم اكرتاث ابرد ":كف عن التذمر ابتريك..
أصبحت كعجوز ثراثر"..
69
راقبت انتفاخ أوداج ذلك املدعو ابتريكُ ,ياول التحكم أبعصابه,
مث حترك مرة أخرى يقرتب منه ,حىت مل تعد يفصلهما شيء ,فاتسعت عيناها بشدة
تكاد جتزم أنه سيقبله,
إال أن صوته اهلامس بتوسل مثري للشفقة وصلها ":أتوسل إليك دميي ..كن لطيفا
وقم بعملك دون تصرفاتك الباردة"..
قلب دميرتي عينيه مبلل ,مث دفعه بعيدا عنه ,يتحرك اجتاه الرجال,
ُمسرعا قفز بداخلها ُيتل مقعد السائق ,يدير حمركها فتلتمع عيناه بشدة ,وهو
يستمع لزئري املُحرك,
التوى ثغر ابتريك اببتسامة راضية ,مؤكدا ":ابلطبع عزيزي ..لقد قاموا بتعديل
املُحرك"..
مث التفت إىل تينا عاقدا حاجبيه حبرية متسائال ":من هذه؟"..
71
قبل أن تعرف عن نفسها ,وجدته يقول بال مباالة من داخل السيارة ":ال أحد..
هز ابتريك رأسه أيسا ,يشيح بيده إليه ,متحركا إىل املدرجات,
مشريا إليه بعالمة البدء ,لكنه الحظ عبوس مالحمهم بعدم فهم ,فالتفت انظرا ملا
ينظرون إليه ,ليجد تينا معه ابلسيارة..
72
_لن ُيدث أبدا ..اخرجي..
لكنها مل متتثل ألمره ,وقبل أن يتفوه بباقي كالمته كي خيرجها ,وجد ابتريك,
قبض على مقود السيارة بقوة يكتم غضبه منها ,مث بدأ ابلتحرك بسرعة متوسطة,
بدأت ابلزايدة مع الوقت ,حىت صارت كصاروخ نفاث ينطلق على املضمار,
وكأنه يسابق الريح ,صارخا ابنتعاش ,يقطع املضمار الدائري بلفات متعددة,
73
اقرتب حيث يقف ابتريك وابقي الرجال ,مث قام جبعل السيارة تدور حول نفسها
حبركة متهورة ,مسببة ارتفاع لألتربة ,وتصاعد ال ُدخان منها..
صدره مضطرب أبنفاسه يعلو ويهبط بصورة خرافية ,عيناه المعتان بشدة ,وابتسامته
مشرقة بوجهه ,مث التفت جبواره لتينا ,فوجد عينيها متسعتني بشدة تنظر أمامها
بذهول,
74
التوت زاويتا شفتيه اببتسامة خبيثة ,مرددا ":إهنا بوادر الصدمة ,حني تفيق منها
سرتكض هاربة"..
تصرخ مبرح ":هذا رائع ..رائع ..هل تفعل ذلك دوما! ..هال فعلناها جمددا؟"..
خيرج من السيارة حبنق وقد طار كل محاسه ,وهي خترج خلفه الهية حبماسها,
تتحدث دون توقف عما ميكنهما فعله..
75
اقرتب من اجلمع ,فصاح ابتريك بتسلية ":فتاتك تبدو جاحمة دميي"..
إال أهنا ابتسمت بتحدي ,وقد علمت أن من أمامها هو فىت أحالمها ,حمدثة
نفسها ":سأكون عزيزي ..لن تُفلت مين"..
ووقفت جبواره ,تراقبه وهو يتحدث مع اجلميع يتفق على بعض األشياء ,وذلك
املوعد املُحدد للسباق..
****************
76
جالسا مبكتبه يتابع عمله بعد أن أُفسد الزفاف ,وهربت تينا وال يدري أين
ذهبت!..
لكنه يشعر ابلشكر اجتاهها ألهنا أفسدت األمر؛ فهو مل يكن لديه الشجاعة ليفعل
مثلها وذلك إلرضاء والدته,
خشية أن تصاب أبزمة ما رغم أنه يعلم أن معظم ما تفعله جمرد متثيل..
كلما أغمض عينيه يراها أمامه ,مجاهلا ,عيناها اخلضراوين اللتني تشعان بريق عاشق
مع نوابت جنوهنا..
ضحكاهتا الناعمة واليت تزلزل كيانه سارقة نبضاته ,رائحة عطرها اليت تتغلغل ضاربة
خالاي عقله لتفقده السيطرة أمامها..
ال تزال رائحتها منتشرة حوله بل وكأهنا متواجدة ,ملساهتا يكاد يقسم أهنا حية..
عقد حاجبيه دون أن يفتح عينيه مركزا؛ حني شعر أبحدهم مييل عليه,
ابتسمت ابتسامة خالبة دون أن تبتعد عنه ,هتمس إليه بدورها ":من تظن
غريي؟"..
حني دلفت ملكتبه بزوبعة جمنونة دون استئذان كعادهتا ,مستغلة انشغال مديرة
مكتبه ,وكأهنا تكرتث إن كانت منتبهة..
تنوي قتله ,وحني رأته على حاله رقت نظراهتا ,وقلبها اخلائن يهفو إليه..
79
اقرتبت منه خبفة جتلس أمامه على حافة مكتبه ومل يشعر هبا..
ابتلعت ريقها بصعوبة وهو ميرر يده على وجنتها ,مث تتخلل أصابعه خصالت شعرها
برقة متناهية حتارب أن تغلق عينيها,
80
مل ترد عليه ,مسبلة أهداهبا ,تتنفس بروية لتجميع أفكارها..
ِ
رؤيتك.. إال أنه مل ميهلها الوقت ,يكمل ابشتياق ":أشعر أبن دهرا مضى دون
ِ
عطرك يصاحبين بكل مكان عالق أبنفاسي ..يذكرين ِ
بك"..
_أجل..
81
قبل أن جيذهبا بقوة فتسقط على صدره ,مقبال إايها جبنون ما مر به ,وهي ابدلته
قبلته جبموح,
ذراعها التف حول عنقه تقربه إليها ,أصابعها تتمسك خبصالت شعره تشدها
بقسوة,
ويدها األخرى تعبث أبزرار قميصه ,مث ترتكها متمسكة برابطة عنقه..
ابتسم وسط قبالته يضمها إليه أكثر ,فكت ذراعها من حول عنقه لتساعد
األخرى املمسكة برابطة عنقه,
وجوزيت هتتف جبنون ":بل أريد ربطها إبحكام حىت ختتنق أيها الوغد"..
أجفل مصدوما من حتوهلا يراها تنقض عليه كقطة برية ,كل يد من يديها جتذب
طرفا من طريف رابطة عنقه قاصدة خنقه,
83
رمش بعينيه يسعل ابختناق ,يبعدها عنه,
دافعا إايها فتنهض متقهقرة للخلف ,ويرخي رابطته يتنفس الهثا ابضطراب,
هنض من مكانه ُياول جتنب ما تلقيه عليه ,حىت وصل إليها يكبلها بني ذراعيه
بقوة,
84
تلوت بني ذراعيه بعنق حتاول التحرر,
85
قبضة جليدية اعتصرت قلبه ينظر لرأسها املدفون بصدره أبسى,
تشبثت يداها بقميصه بقوة ,تشهق قائلة أبمل ":لقد حطمت قليب"..
ضمها إليه بقوة متأوها بعذاب ,يراها ترفع رأسها فتلتقي عيناها احلمراوين الباكيتني
بعتاب,
رفع يده ُيتضن وجهها احملتقن منحنيا برأسه مقبال كل جزء بوجهها معتذرا,
86
هامساِ ":
أنت من تسكن قليب جوزي"..
وكلماته كانت كفيلة إبشعال جنوهنا مرة أخرى ,لتقوم بعض شفته السفلى بقسوة,
مع تصويب كعب حذائها العايل لقدمه بعنف,
87
صرخة مكتومة مذهولة خرجت منه ينظر إليها ,وقد ابتعد خطوتني يقفز على ساق
واحدة ,إثر دفعها له,
وهو هتاوى على كرسيه ,يضغط زر مديرة مكتبه أيمرها بصوت متحشرج إبلغاء
مجيع مواعيد اليوم ,واضعا ذراعيه على املكتب دافنا رأسه بينهما..
************
88
ال يعرف كيف يتخلص من تلك العلقة املتمركزة بشقته ,ال يستطيع أن يزحزحها
من مكاهنا,
ظن أهنا سرتحل بعد يوم ,أو بضع أايم ,إال أهنا مل تتحرك قيد أمنلة من املكان,
89
وحني يرفض متذمرا زاجرا إايها أبنه ليس مصرفها املتنقل ,تتلبس الوجه البائس,
تنعته ابلبخيل,
متعللة أهنا ال تستطيع أن تستخدم بطاقة االئتمان اخلاصة هبا كي ال تعرف زوجة
والدها مكاهنا..
وازداد األمر سوء بعد مشاهدهتا إايه وهو يتسابق ,لقد جن جنوهنا حرفيا,
يف أحالمها..
90
مث ذلك املعتوه ابتريك الذي يؤيدها ,ويراها مناسبة إليه..
زفر حبنق "جوزيت" سبب تلك الكارثة اليت سقطت على رأسه ,يتصل هبا كثريا
أخذ نفسا عميقا يزفره بقوة ,مث اقرتب من ابب شقته ,يضع املفتاح ابلباب يفتحه,
يطل برأسه أوال متفحصا املكان ,مث دلف حبذر..
91
عقد حاجبيه بريبة وهو يرى املكان هادئ ,حىت الضوء خافت بشدة ,ال موسيقى
صاخبة ,ال ظهور مفاجئ مرعب جيعله يرتد للخلف..
وهو يراها أمامه تقف جبسد مائل ,مستندة على أحد جدران املنزل ,تنظر إليه
اببتسامة انعمة,
وترتدي.....
92
فغر فاهه يكتم أنفاسه وهو يتفحصها من أعلى رأسها بشعرها األسود املسرتسل
على أحد كتفيها بتموجات رقيقة,
عيناها مرسومتان بكحل أسود ُمظهرا لوهنما البين كشيكواله ذائبة تدعوك للغوص
فيهما,
يهبط بنظراته إىل عنقها الطويل الظاهر بسخاء ,مع كتفها املتهدل من عليه
القميص ,أبزراره الثالث املفتوحة ,فتتيح إليه النظر بكل وضوح..
93
أليس هذا قميصه ..واملفضل!..
التوت زاويتا شفتيه اببتسامة ذئب مفرتس ,يقرتب منها خبطوات مدروسة,
عيناه ال ترتكاهنا,
94
هامسا أبذهنا ":أر ِ
اك ترتدين قميصي"..
مرر لسانه على شفته السفلى دون أن يفقد ابتسامته اللعوب ,مييل برأسه قليال,
ماسا بشفتيه عنقها ,مسببا رعشة بكل جسدها,
يده تتلمس قماش القميص بلمسات خفيفة كالفراشات ,جعلها تبتلع ريقها
بصعوبة ,وأنفاسها تثقل,
95
وهو يسأهلا برتقب مثري ":هل ترتدين شيء ما أسفله؟"..
ازدادت ضرابت قلبها ,تقصف بصدرها الذي عال وهبط بشكل ملحوظ أمامه,
واليت تشعر ابلسخط منها ,تريد أن ترى جسده العضلي الذي افتتنت به؛
96
حني نزع قميصه يوم فوزه ابلسباق ,يقفز بطريقة جعلتها تود القفز إليه,
وهي تشعر به يبعد طريف القميص عنها ,فيسقط عن كتفيها يستقر أسفل قدميها,
97
مسعته يهمس بنربة متالعبة ":هل تعلمني أن هذا هو قميصي املُفضل,
فعاد يقول بنربة غامضة ":هل تعلمني ما سأفعله اآلن بسبب ارتداءك قميصي؟"..
كتمت أنفاسها دون قدرة على فتح عينيها ,حني شعرت به يهبط قليال,
98
مث وبلحظة واحدة تغريت نربته ,ليقول ابستياء حانق ":سأقوم بغسله جيدا
شاعرة ابلبالهة,
مرددة ":ماذا؟"..
زم شفتيه بقوة ,ونظراته تبدلت لغاضبة ,بعيدة متام البعد عن تلك السابقة
99
يتمتم بكلمات تسمعها بوضوح ":غبية ..مستفزة ..تستويل على أشيائي
هزت رأسها تنفض ذهوهلا مما حدث ,ذلك املعتوه البارد كل ما فعله منذ دقيقتني
جمرد متثيل!..
سرتيه ..عضت على شفتيها بغيظ تكاد تبكي قهرا منه ,تتحرك اجتاه الغرفة,
100
جتذب فستان قطين قصري ترتديه بعصبية ,تتحرك ذهااب وإاياب تسبه بكل الكلمات
اليت تعرفها,
تود لو تستطيع أن تضرب رأسه بتلك القطعة اخلزفية أمامها ,لكنها لن تيأس..
هي قررت أنه سيكون هلا ..لن يدق قلبها دون مقدمات لذلك الغيب على غري
العادة ,ويكون مصريها البقاء هكذا ,يتجاهلها ,يُشعرها بعدم التقدير..
مالت جبسدها إىل ظهر األريكة ,وقد عادت للمحاولة مرة أخرى,
فيجيبها بفظاظة ":كما ترين عزيزيت ..أابشر عملي الذي تعطليين عنه اآلن..
ِ
صفاتك املتعددة!".. أم ِ
أنك مصابة ابلعمى مثل ابقي
102
جزت على أسناهنا بغيظ ,تزفر ابشتعال ,متيل عليه أكثر تكاد حتتضنه,
متسائلة بنربة شبه ابكية بيأس ":دمييرتي ..أال أحرك بداخلك أي شيء؟"..
فتنكب على وجهها ,منقلبة رأسا على عقب على األريكة جبواره بطريقة ُخمزية,
103
قبل أن هتدر بعصبية ":أيها الوغد البارد ..أان أريد الرحيل"..
اآلن قد جذبت انتباهه ,التفت إليها اببتسامة واسعة,
يقول ببساطة دون أن خيفي نربة السعيدة ":هذا ما أمتناه ..ارحلي"..
بروده الذي يوازي القطب الشمايل,
جيعلها تشعر وكأن هناك محم بركانية مشتعلة تنصهر بداخلها,
حسنا دمييرتي انتظر وسرتى..
رفعت ذقنها إبيباء ,ختربه بنربة جامدة ":سأرحل ..لكن عليك أن توصلين..
وأريد مقابلة جوزيت"..
104
عقد حاجبيه بدهشة ,يسأهلا ":ما الذي تريدينه منها؟"..
إال أهنا مل ترضي فضوله ,وجلست جبسد منتصب عاقدة ذراعيها أمام صدرها,
جتيبه بفظاظة متاثله ":ليس من شأنك ..اوصلين وحسب"..
مط شفتيه للجانب بال مباالة ,مغمغما ":حسنا ..ما يهمين أن ترحلي عين..
ِ
قتلتك جوزيت".. وال أهتم إن
أما هي فعقلها يفكر وخيطط ملا ستفعله بتلك املقابلة,
اليت سيرتتب على أساسها الكثري والكثري..
*************
105
بعد يومان أهنى دمييرتي بعض أعماله اخلاصة ,انطلق معها إىل بلدهتا ,قاصدا منزل
جوزيت..
طوال الطريق كانت متجهمة ,مل تتحدث معه أبي شيء ,وهذا غريب على طبيعتها
الثراثرة اليت عرفها خالل تلك األايم السابقة,
حني وصال ملنزل جوزيت تفاجأت عمته به ,وبتينا اليت أخربهتا أبدب أهنا تريد مقابلة
جوزيت..
حاولت والدة جوزيت أن ترفض بلباقة؛ إال أن تينا أصرت ,فما كان منها إال أهنا
106
امتثلت ألمرها ,وتركتها واقفة عند املسبح,
صعدت غرفة جوزيت كي ختربها ,دقت الباب لكنها مل جتد ردا كالعادة,
107
هزت رأسها بيأس مما تفعله ,وحتركت تزيح الستائر تفتح النافذة فتضيء الغرفة,
108
اشتعلت عيناها جبنون ,صدرها يعلو وينخفض ابنفعال ,مث انطلقت كزوبعة من
غرفتها,
صوهتا الصارخ وصل تينا الواقفة تنظر ملياه املسبح بشرود ,فانتبهت لتلك العاصفة
املندفعة إليها تنوي االنقضاض عليها,
ِ
سأقتلك تينا".. متوعدة":
تنحت للجانب قليال مبتعدة عنها ,فتعثرت جوزيت حتاول االتزان ,كي ال تسقط
ابملسبح؛
109
لكن تينا دفعتها متعمدة ,فسقطت مع صرختها املراتعة..
ِ
جنونك ولو قليال!".. متسائلة مبلل ":هل هدأ املاء
رفعت وجهها الغارق ابملياه كجسدها تنظر إليها بكره ترتعش من فرط عصبيتها,
جتز على أسناهنا املسكينة تكاد حتطمهم,
جعلها تستشيط غيظا أكثر ,صادحة ":أيتها الوقحة ..كيف أتتني إىل هناك!"..
زفرت بضجر فهي تعرف جنوهنا مث قالت هبدوء ":اهدئي جوزيت ..أريد التحدث
ِ
معك فقط"..
110
إال أهنا مل تكن تفكر لكي تتحدث رؤيتها لتينا أمامها؛ جيعل اجلنون يرتاقص أمام
عينيها ,متذكرة زواجها من حبيبها اخلائن,
فتقول بعنف من بني أسناهنا املطبقة ":كيف جتر ِ
أت على القدوم إىل هنا بعد
ِ
بوقاحتك".. ما فعلتِه! ..مل أرى
أخذت نفسا عميقا تزفره بروية ,قبل أن تنخفض أمامها جتثو على ركبتيها,
قائلة حبق ":توقفي عن هذا اجلنون جوزيت ..أتيت إىل هنا لنضع حال ملا ُيدث"..
ِ
سرقت حبييب.. هزت رأسها رفضا بعنف ,تتناثر املياه حوهلا ,هادرة ":أي حل وقد
أان"........
111
لكنها قاطعتها بنفاذ صرب صارخة ":توقفي ..أان مل أسرق ذلك األمحق ..لقد
أُجربت على األمر ..وهو كذلك"..
صمتت مرتدة برأسها للخلف مع صراخ تينا بوجهها ,تزم شفتيها بقوة,
كتمت غيظها منها ,مث عادت تقول بصرب ":جوزي عزيزيت ..هل حتبني مارتن؟"..
112
نظرت إليها بشك ,تسأهلا حباجب مرفوع ":هل تريدين أن تقنعيين ِ
أنك تريدين
مساعديت الستعادة مارتن! ..هكذا ودون مقابل!"..
ِ
سأزوجك إايه.. التوت زاويتا شفتيها اببتسامة غامضة ,جتيبها ببساطة ":بل
لكن".....
_أريد دمييرتي..
113
عقدت حاجبيها بعدم فهم مع نربة تينا اليائسة,
مع هناية مجلتها صدحت ضحكة جوزيت الراننة ,يهتز جسدها من قوهتا حىت
دمعت عيناها..
ِ
يضحكك!".. عبست تينا ابستياء ,تزجرها ":ما الذي
دون قدرة على التوقف قالت بتقطع ":تريدين دمييرتي! ..اي إهلي ال أصدق"..
114
مث تزداد ضحكاهتا لتستفز األخرى,
توقفت قليال تلهث واضعة يدها على صدرها ,تقول ببقااي ضحكها ":بل األمر
ُمضحك للغاية ..أمل جتدي سوى دمييرتي البارد لتعجيب به!"..
115
قبل أن تسبل تينا أهداهبا زافرة بقوة,
ِ
سأزوجك مارتن ِ
سأساعدك.. قائلة ابقتضاب ":يكفي هذا ..ما أريد قوله..
اتسعت عينا جوزيت جبنون يالزمها كلما استمعت السم ماري والدة مارتن,
************
116
بعد خروجها من منزل جوزيت عادت ملنزهلا ,فقابلتها ميال حبفاوة تقبلها ,وتسأهلا
عما حدث,
ووالدها الذي هرع إليها ُيتضنها بقوة ,يتفحصها إن كان قد أصاهبا مكروه,
لكن قاطع ذلك ظهور ماري اليت اقرتبت خبطوات مشتعلة ,انظرة إليها شزرا
بغضب,
قابلته تينا هبدوء ,تقرتب منها متأسفة بزيف ,تتودد إليها بتصنع ,تبدي أسفها على
فاقرتبت منها تسبل أهداهبا أبسى مفتعل ,معللة غضبها حني علمت ابخلدعة,
التفتت إليها حبدة ,تعنفها حبنق ":وهل هذا يربر ما فعلتِه تينا! ..لقد أصبحنا
حديث اجلميع"..
118
مث بدأت ابلنواح تبكي ,متحسرة ":اي هلا من فضيحة ..اجلميع يتحدث من خلف
ظهري ..أمسعهم يتهامسون بسخرية عين"..
رمقتها بنظرة مغتاظة ,قبل أن تُكمل خبيبة ":أنتم ال تفكرون سوى أبنفسكم..
ال تفكرون يب أبدا ..هل هذا جزاء تربييت لكم لرتدوه إيل هبذا الشكل!"..
مث اقرتبت منها تضع يدها على كتفها ,تتوسلها برقة ":آسفة ال تغضيب..
سأفعل ما تريدينه"..
119
أزاحت يدها حبنق ,هتدر بعصيبة مشتعلة ":مل أعد أريد ِ
منك شيئا ..ابتعدي عين"..
رمست تعابري البؤس على مالحمها ,تنظر إليها حبزن مصطنع ":أمل تعودي تريدينين!"..
120
هزت رأسها بقوة مؤكدة ":بلى ..سأتزوج مارتن كما تريدين ..أمي"..
فتشعر ابسرتخاء جسد ماري ,قبل أن تبتعد عنها مهللة ":هذه هي طفليت..
أان ِ
أحبك تينا ..حىت أكثر من تلك احلمقاء ميالِ ..
أنت ابنيت املطيعة"..
ارتفع حاجب ميال ابستنكار مما تقوله والدهتا إال أهنا مل تعلق..
121
وكل ذلك حتت أنظار مارتن ,الذي ما أن رأى تينا حىت اتسعت عيناه,
صامتا غري قادر على االعرتاض ,فوالدته العزيزة أصدرت التعليمات إبقامة الزفاف
مرة أخرى بعد عشرة أايم,
وحني حاول الرفض تصنعت املرض ابكية ,مما دفعه جملاراهتا ..ساخطا على رجوع
تينا..
***************
122
يف غرفتها جلست هي وميال ختربها عما حدث معها ,وعن دمييرتي وإعجاهبا به,
وكيف كان ابردا معها مصيبا إايها ابإلحباط الشديد,
عيناها ملعتا بربيق حني تذكرته وهو يقود سيارة السباق ,كيف وجدت نفسها تقفز
وتنادي ابمسه تشجعه واقعة حببه ,ذلك احلماس الذي يدب أبوصاهلا كلما رأته
فينتفض قلبها شوقا إليه,
عقدت تينا حاجبيها بدهشة من غضبها الغري مربر ,تسأهلا ":ما الذي تقولينه؟"..
لكن ميال عبست بوجهها ,تعاتبها بسخط ":مل ختربيين ِ
أنك مع دمييرتي ..كيف
تفعلني ذلك يب؟ ..أال تعلمني أنين معجبة به!"..
ارتفع حاجبها تلقائيا ,تنظر إليها كمن ينظر ملعتوهة ,قائلة ":لقد أخرب ِ
تك ميال,
ِ
نسيت؟".. أم
124
ترميها بنربة اهتام ":ال مل ختربيين أن دمييرتي هو نفسه "دي أم ..لوجن"
125
هزت كتفها خبفة ,جتيبها حبرية ":ال أعرف لقد توقفت عن العد بعد اخلمسني"..
ِ
بغرفتك, _كم صورة ِ
لديك ِ
قمت جبمعها وتعليقها
زمت شفتيها للجانب تنظر بطرف عينها بعيدا عنها ال تستطيع الرد,
فهي مهووسة أبي رجل وسيم ,خاصة إن كانت مهنته مثرية لالهتمام ,وجسده
أكثر إاثرة,
126
فعادت تقول بعناد ":ال أهتم ..لكنه دي أم ..لوجن"..
زفرت بيأس منها ,لكنها قالت مهادنة ":ساعديين وسأقوم بتعر ِ
يفك على قائدي
سباق سيارات مثريين ,فأان تعرفت على أحد العاملني ابجملال"..
***************
127
على غري العادة طلبت منه تينا أن يذهب معها إىل زفاف إحدى رفيقاهتا,
وحني رفض أبدب متعلال ابلعمل ,مل تتوقف ,بل أحلت عليه,
مث جلأت تلك اللئيمة إىل والدته كي جتعله يذهب معها ,ختربه أن األمر سيكون جيدا
لتحسني مظهرمها أمام اجلميع وقد ابت الزفاف بعد ثالثة أايم..
وها هو يقود السيارة وهي جبواره ,وابملقعد اخللفي ميال ,منشغلة كعادهتا ابلتطلع
هلاتفها النقال ,ولكنها تبدو غريبة بعض الشيء..
يرى ابملرآة األمامية غمزة ميال لتينا ,فينعقد حاجبيه بريبة ,هو يعرف أن هناك شيء
128
مريب ,يشعر به ,وتريبته معهما بنفس املنزل ,جعله قادر على معرفة تلك الدالئل
اليت توحي بوقوع الكوارث..
غري قادرا على كبت فضوله يسأهلما ":ما الذي ختططان له؟"..
عادت ميال هلاتفها دون رد ,يف حني هزت تينا كتفها خبفة ,جتيبه هبدوء ":ال شيء"..
هز رأسه دون اقتناع ,ومل يعقب ,حني وصلوا للمكان الذي سيُقام به الزفاف..
اقرتبت منه تينا متعلقة بذراعه فأجفل بدهشة من فعلتها ,ينظر إليها,
129
فرمست ابتسامة رقيقة ,جتيبه ببساطة ,وهي تتحرك معه ":علينا أن نعتاد األمر
عزيزي ..سنتزوج بعد ثالثة أايم"..
نظر بطرف عينه للجانب زافرا بضيق ,يتحرك معها آبلية ,حىت دلفا جيلسان على
أحد املقاعد األمامية ,وبعد دقائق انتبه حني مل جيد ميال معهما؛
دون أن تنظر إليه تتطلع حوهلا ابملكان ,جتيبه ":يف مكان ما"..
وقعت عيناها عليه ,فخفق قلبها بشدة ,وارتعش جسدها بطريقة ملحوظة,
شعر هبا مارتن فسأهلا ":هل ِ
أنت خبري؟"..
130
ابتلعت ريقها اجلاف تومئ برأسها اجيااب ,مفكرة حبنق ليس عدال أن يكون ذلك
البارد بتلك الوسامة ,هبذه البذلة السوداء وكأهنا صممت ألجله..
زمت شفتيها بعبوس طفويل تلتمس الصرب ,حتمس نفسها أنه مهما حدث سيكون
هلا..
ومع مضي بعض الوقت أتفف مارتن ,ينظر حوله بضيق ,قبل أن يعود لتينا يسأهلا
بضجر ":تينا ..لقد مللت مىت سيبدأ الزفاف؟"..
مط شفتيه للجانب يقلب عينيه مبلل ,مكررا بسخافة ":زفاف من هذا؟"..
_جوزيت..
132
اتسعت عيناه بطريقة مثرية للشفقة ,وقد شحب وجهه ,يسأهلا خبفوت ":جوزيت
خاصيت!"..
التوت شفتيها أكثر اببتسامتها الشامتة ,مصححة ":كانت خاصتك مارتن ..وأنت
اآلن ستتزوجين"..
تبدلت مالحمه وكسا وجهه االمحرار الشديد من الغضب ,جعلها تتوجس قليال
حتاول البقاء اثبتة,
خبطوات سريعة ساخطة حترك من املكان ,قاصدا الدور العلوي ,يتحرك جبنون بني
األروقة حىت وصل للباب املنشود ,واملعلق عليه الزينة واسم العروس..
دون مقدمات فتح الباب بعنف وتينا خلفه ,فجفل من ابلغرفة ينظرون ابستنكار
لذلك الفظ الذي اقتحم الغرفة..
إال جوزيت اليت كانت واقفة أمام املرآة الطولية ,تنظر لفستاهنا الضخم اببتسامة
134
خالبة ,دون أن تلتفت إليه,
قالت بنربة خمملية مستنكرة ":كيف تقتحم الغرفة هكذا؟ ..هذا تصرف مهجي"..
الهثا يكاد ينفث نرياانُ ,يدق مبا حوله بتشوش الغضب ,هدر جبنون ":قد أر ِ
يك
اهلمجية حبق جوزيت ..ما هذا اهلراء الذي ُيدث!"..
التفتت إليه ببطء صوت حفيف فستاهنا جيذبه بتلقائية ,فيقف مبهورا مقطوع
األنفاس هو يراها هبذا الشكل..
وكأهنا أمرية من عامل اخليال جبماهلا االخاذ ,يقف عاجزا عن االتيان حبركة ,أو النطق
وقد نفذت منه الكلمات..
135
مل يدري مىت خرج من ابلغرفة هبدوء من حوهلما ,وقد أخرجتهم تينا اتركة إليهما
املساحة مغلقة الباب خلفها..
حتركت جوزيت حىت وقفت أمامه ,تسأله دون أن تفقد ابتسامتها ":ما الذي تفعله
مارتن؟ ..ماذا تريد!"..
أنتِ ..
أنت"...... ابتلع ريقه بصعوبة ,يهمس دون شعور ابنبهار ":اي إهليِ ..
متعثرا بكلماته ,اقرتبت منه أكثر ,تردد هبمس رقيق ":أان ماذا!"..
مع ذكرها لكلمة عريس طار سحر اللحظة ,وعاد غضبه ,هادرا ":أي أمحق هذا
من تنوين الزواج منه؟"..
إال أن كلماهتا زادته جنوان ,يصدح بشراسة ":يف اجلحيم إن حدث ذلك ..لن أمسح
ِ
لك"..
137
جنونه انتقل إليها لتتسع عيناها بغضب ,صارخة ابشتعال ":أبي حق أيها الوغد
حتاسبين! ..ألن تتزوج بعد ثالثة أايم!"..
ِ
سأتزوجك بعد أن أقتل ذلك احلقري الذي جترأ على التفكري _لن ُيدث هذا! ..بل
يف ِ
أخذك مين ..وان اعرتض أحدهم طريقي سأقتله معه أيضا..
أهنى كلماته صارخا بعنف ,مث توقف يلهث بقوة ,وقد برزت عروقه يكاد ينفجر..
وهي تراقبه بدقات قلب تتقافز من الفرح؛ ومل تستطع كبح ابتسامتها اليت حتولت
لضحكة ,مع قفزها بقدر ما يسمح هلا الفستان,
تشنج جسده بغضب ,لكنها عادت تقول برقة ":كنت أريدك أن تقول ذلك..
تتحدى اجلميع معلنا حبك يل"..
139
زم شفتيه بقوة قائال من بني أسنانه املطبقة بغضب ":وماذا عن ذلك الوغد الذي
ستتزوجني منه؟"..
رافعا يديه يفك ذراعيها من حول عنقه انفضا إايهم بقوة ,يدور حول نفسه
ابهتياج ,إال أنه تسمر مبكانه,
حني مسعها تقول ":مل أكن ألتزوج غريك مارتن ..أان مل أكن ألتركك لغريي أبدا"..
هز رأسه ُياول الفهم وقد تلبسه الغباء اليوم ,فعادت تقرتب منه,
تقول بصوهتا الناعم موضحة ":هذا زفافنا مارتن ..كانت خطة من تينا جلعلك
تشعر بفقداين فتثور ألجل حبك ..ال أن تتزوجها بناء على طلب والدتك دافنا
سعادتك"..
ِ
ستحقك جوزي ..أان ابتلع ريقه منكسا رأسه خبزي ,هامسا أبسى ":أان حقا ال أ
جبان"..
141
_وأان أحبك..
كلمتها جعلته يرفع رأسه انظرا إليها بعذاب ,جعلها تستشيط غضبا,
تزجره بعصبية ":كف عن تضييع الوقت واألسى على نفسك مارتن ..هيا لدينا
زفاف ينتظران"..
142
مث يضعه على أذنه ينتظر الرد ,وحني أاته,
لكنه أشار إليها ابلصمت ,مضيفا ":أمي لقد قررت ..سأتزوج جوزيت واليوم..
ومارتن يكمل ":سأتزوجها اآلن ..تينا مبثابة ميال ابلنسبة يل ..أما جوزي"..
143
صمت ينظر إليها بعشق,
مث أكمل بكلمات جعل قلبها صريع هواه أكثر ":من ملكت قليب وروحي..
عذرا أمي لن أستطيع جمار ِ
اتك هذه املرة"..
ُمغلقا اهلاتف ,يتحرك اجتاهها ,ميد ذراعه إليها فتتعلق به دون أن ترتك عيناها
وجهه,
هزت رأسها موافقة تبتسم ابتساع أظهر أسناهنا ,يتحركان حنو القاعة,
144
لكنها مل تستطع كبح سؤاهلا ":ماذا كنت ستفعل إن كنت وجدتين مع أحدهم!"..
ِ
وتزوجتك".. ِ
محلتك على كتفي التفت بوجهه إليها جييبها ببساطة ":كنت قتلته ,مث
عضت على شفتها السفلى بقوة تشعر مبوجات السعادة تضرب كل عصب منها,
فتقول إباثرة ":حسنا سأطالبك بذلك املشهد الذي حتملين فيه على كتفك ,بعد
أن نتزوج"..
145
ووقفا أمام املذبح يتلوان عهودمها,
146
مع رؤيتهما ملاري هترول للمكان ,صارخة حبدة ":أوقفوا هذا الزفاف يف احلال"..
لكن جوزيت قطعت إجفاله ,حني مد ذراعها تلفه حول عنقه ,وكفها يستقر على
مؤخرة رأسه ,جتذبه إليها ,شفتاها تعانقان شفتيه بقبلة سريعة,
نقلت ماري نظراهتا بينها وبني مارتن ,مث تينا ,وميال الواقفة تنظر إليها ابرتياع,
147
لتشعر ماري أن الدنيا تدور هبا ,مرتحنة ,ساقطة فاقدة الوعي ,وسط ذهول احلضور,
نُقلت ماري للغرفة اليت كانت حتتلها جوزيت ابلطابق األول ,ومعها ميال وتينا,
اليت وقفت تنظر ملارتن بشفقة ,وهي ترى نظراته املُحملة ابلذنب لوالدته,
لكنها ربتت على كتفه ,قائلة مبؤازرة ":هيا مارتن ..ستكون خبري ..اذهب مع جوزي
واستمتعا بشهر العسل ..تستحقا ذلك"..
148
نظر إليها ,مث عاد بنظراته إىل والدته برتدد,
رمق جوزيت الواقفة عند الباب عاقدة ذراعيها أمام صدرها ,تكاد تشتعل,
زم شفتيه بقوة ,مث مال حمتضنا تينا ,قائال خبفوت ":شكرا ِ
لك عزيزيت..
على كل شيء"..
ربتت على ظهره خبفة ,مث ابتعد عنها ,يتجه لوالدته مييل عليها ُمقبال جبينها,
هامسا ":أعتذر أمي لكنين أحبها"..
149
اعتدل بوقفته ,مث حترك اجتاه جوزيت ,ميد يده إليها ,فتُمسك هبا بقوة,
يف حني نظرت تينا الواقفة قرب النافذة إىل ميال اجلالسة جبوار والدهتا بقلة حيلة,
مث التفتت تنظر من النافذة ترى مارتن وجوزيت يستقالن السيارة ,وينطلقا هبا,
إال أهنا اعتدلت حبدة ,عيناها تتسعان ,وهي ترى دمييرتي ,يقف أسفل النافذة,
150
يتحدث ابهلاتف ,تسمعه خيرب ُحمدثه أبنه راحل..
انتبهت ميال على حركتها الغريبة ,وهي تتحرك خبطوات مشتتة ,عيناها زائغتان,
فتسأهلا بقلق ":ماذا هناك؟"..
ونربة ميال احلادة بتوبيخ ,جعلتها هتز رأسها موافقة ,تسرع إىل الباب ,لكن قبل أن
تصل إليه عادت للنافذة,
اتسعت عينا ميال بذعر ,وهي تراها تنزع حذائها ,وترفع فستاهنا كي تستطيع تسلق
النافذة والقفز,
152
ودون تردد قفزت من النافذة ,وسط صرخات ميال,
بذهول أجابتها مشرية بيدها ألسفل ":لقد ذهبت لتلحق بدمييرتي ..إهنا حتبه"..
ارتسم البؤس على وجه والدهتا ,تنظر إليها شبه ابكية ,يتحرك رأسها للجانبني,
153
أما ابألسفل وكاملرة السابقة ,وجد دمييرتي ظلها خييم فوق رأسه دون إنذار,
متاوها اعتدل ,يعض شفته السفلى بقوة ,يشعر أبمل ُمربح بظهره ,تلك احلمقاء
ستصيبه بعاهة بال ريب..
يزجرها بعصبية ":ألن تكفي عن فعل ذلك؟ ..دوما تسقطني فوق رأسي بال إنذار..
أمل تسمعي عن الدرج من قبل!"..
154
هنض متأملا بشدة ,يتحرك مبتعدا عنها ,متمتما بكلمات ساخطة ,حىت وصل
لسيارته..
155
فتجيبه بنفاذ صرب ":لن تفعل ..سأظل معك دوما حىت تعرتف حبيب أيها البارد..
إال أهنا مل تفعل فتهدر حبدة ":لن أتوقف ..لقد قمت بكل ذلك كي أكون معك..
ال تظن أنين سأتركك أبدا ..أان".........
إال أهنا أجفلت صارخة بذهول ,حني وجدته ُميسك بيدها يضعها بني أسنانه,
يعضها بقوة,
156
سحبت يدها سريعا ,تضم قبضتها املضمومة إىل صدرها,
تنظر إليه بعينني متسعتني بعدم تصديق ,تفغر فاها لتتحدث وال تعرف,
ضي للتو!"..
وحني استطاعت جتميع الكلمات ,سألته ابنشداه ":هل قمت بع ّ
زفر بقوة ,عابسا ,يوخبها ":مل تكفي عن الثرثرة ..وهذا هو احلل الوحيد"..
حينها انفجرت به وقد نفذ صربها من فظاظته ":أيها الغيب البارد ..أمل تستمع
157
ارتفع حاجبه يسأهلا بتهكم ساخر ":وما هي تلك الطريقة عزيزيت؟"..
مث حركت حاجبيها بتالعبُ ,مضيفة بشقاوة ":هذا ما جتنيه من وقوفك أسفل
النوافذ عزيزي"..
ضحكت هتز رأسها موافقة ,وهو يدير حمرك السيارة ,منطلقا هبا إىل شقته,
159
وهذه املرة دون غضب من اقتحامها حياته دون إنذار..
فالعروس اليت سقطت عليه قبال من السماء ,لن ميكنه التخلص منها بسهولة..
ورمبا لن يفعل..
***************
160