You are on page 1of 13

‫اللغة واألدب‪-‬مجلة علمية محكّمة‬

‫‪ISSN: 1111-1143 EISSN: 2602-5202‬‬


‫العدد‪31:‬؛ المجلد‪16:‬؛ الشهر‪ 12‬السنة‪2019:‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫تعليم العربية بين الموروث والمستحدث‬


‫‪Teaching Arabic between the inherited and the innovator‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــ‬
‫شفيق طه النوباني‬ ‫‪Shafeek Taha An-Nobany‬‬
‫‪ Dhofar University, Jordan‬جامعة ظفار‪ ,‬األردن‬
‫‪Shafeekro@yahoo.com‬‬
‫بسمة النوباني‬ ‫‪Basma An-Nobany‬‬
‫‪Shadeekro@yahoo.com‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫اإليميل‪:‬‬ ‫المؤلف المرسل(باللغتين)‪ :‬االسم‬
‫الكامل‪:‬‬
‫‪Shafeekro@yahoo.com‬‬
‫شفيق طه النوباني‬
‫‪Shafeek Taha An-Noubani‬‬

‫تاريخ القبول‪:‬‬ ‫تاريخ االستالم‪:‬‬


‫‪2019/06/04‬‬ ‫‪2018/06/27‬‬

‫‪16‬‬
‫اللغة واألدب‪-‬مجلة علمية محكّمة‬
‫‪ISSN: 1111-1143 EISSN: 2602-5202‬‬
‫العدد‪31:‬؛ المجلد‪16:‬؛ الشهر‪ 12‬السنة‪2019:‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪.‬ملخص‬

‫تتنــاول هــذه الدراســة تعليم اللغــة العربيــة بوصــفها لغــة تتنازعهــا ثنائيــة المــوروث‬
‫والمستحدث‪ ،‬إذ تحاول أن تصرف األنظار إلى اللغة نفسها بوصــفها مــادة للتعليم‪ ،‬وهــذا مــا‬
‫اقتضى تناول تحديات اللغة العربيــة بوصــفها لغــة حاويــة للعلــوم‪ .‬وفي ســياق تنــاول مــدى‬
‫تحقيق اللغة العربية لشروط المعاصرة ناقش الباحثان تعليم العربية من خالل ثالثة جوانب‬
‫أساسية تمثلت في مهارات اللغة وأثر االزدواجية في تعلم هذه المهارات‪ ،‬والمادة المتعلمة‪،‬‬
‫ومرونـة اللغـة المتعلمــة‪ ،‬إذ أبـرزا من خالل دراسـتهما أهم التحــديات الــتي تواجــه العمليــة‬
‫التعليمية‪ ،‬سواء أكان ذلك على مستوى تعلم مهـارات اللغـة أم كـان متعلقـا بترسـيخ صـورة‬
‫معينة للغة في ذهن الطالب‪.‬‬

‫وقد اعتمد الباحثان في هذه الدراسة بصورة أساسية على خبرتهما التعليمية واللغوية‪،‬‬
‫باإلضافة إلى تجارب صفّية قاما بها في عدد من مدارس مدينة جرش األردنية‪ ،‬إذ اعتمدت‬
‫هذه التجارب على قياس المهارات المتعلقة باللغة العربية‪ ،‬فضال عن االستشهاد بأحد كتب‬
‫المناهج المدرسية‪ ،‬إذ اقتصرا في ذلك على كتاب اللغة العربية للصف العاشر األساسي في‬
‫األردن‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬تعليم‪/‬عربية ‪ /‬الموروث ‪/‬المستحدث‬


‫‪Abstract:‬‬

‫‪This study discusses the learning of Arabic language which suffers from the‬‬
‫‪duality of the inherited and the innovator. The study focuses on the language itself as a‬‬
‫‪material of learning. Therefore, this study tries to investigate the challenges that face‬‬
‫‪Arabic language as a language that gather science. To shed light toward the modernity of‬‬
‫‪this language, the researches discuss the pedagogic of Arabic through the following‬‬
‫‪points; language skills, the effect of duality on learning the material and the flexibility of‬‬
‫‪the learned language. They highlighted the challenges facing the educational process,‬‬
‫‪whether at the level of language skills or whether it is about establishing a certain image‬‬
‫‪of the language in the student's mind.‬‬
‫‪Basically, the researchers based on their own experience of teaching in addition to‬‬
‫‪several class experiments in the schools of Jerash City in Jordan. The study is limited to‬‬
‫‪the book of Arabic language in Jordan exclusively the tenth grade.‬‬
‫‪Keywords: teaching/ arabic/ inherited/ innovator‬‬

‫‪17‬‬
‫اللغة واألدب‪-‬مجلة علمية محكّمة‬
‫‪ISSN: 1111-1143 EISSN: 2602-5202‬‬
‫العدد‪31:‬؛ المجلد‪16:‬؛ الشهر‪ 12‬السنة‪2019:‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫السياق اإلشارة إلى أن هذه‬ ‫مقـدمـــة‪:‬‬


‫الدراسة ال تلتفت إلى أساليب‬
‫التدريس وطرائقه بمقدار ما تلتفت‬
‫إلى اللغة نفسها بوصفها أداة فاعلة‬ ‫شــــغلت قضــــية الــــتراث والحداثــــة‬
‫المشــتغلين في مجــال الفكــر واألدب واللغــة‬
‫في تشكيل الفكر‪ ،‬ومن هنا فلن‬
‫منـــذ بـــدايات النهضـــة العربيـــة في العصـــر‬
‫يكون االستشهاد بكتب المناهج‬
‫الحـــديث‪ ،‬وعلى الــــرغم من أن الدارســــين‬
‫المدرسية ضروريا في كل الجزئيات‬
‫تناولوا اللغة العربية من هــذا المنطلــق إال أن‬
‫التي تتناولها الدراسة‪ ،‬كما أن من‬
‫دراساتهم ركزت على المقاربات التي حــاولت‬
‫الممكن أحيانا االستشهاد ببعض‬
‫إيجــاد مــواطن اللقــاء بين الدراســات اللغويــة‬
‫المواقف اللغوية من غير الكتاب‬ ‫القديمــة والحديثــة‪ ،‬كمــا هــو الحــال في تلــك‬
‫المدرسي‪.‬‬ ‫الدراسات التي حــاولت أن تربــط بين تحويليــة‬
‫‪-1‬الموروث والمستحدث في اللغة‬ ‫تشومسكي وعقالنية ســيبويه‪ ،i‬غــير أن دراســة‬
‫تعليم العربية من هذه الناحية بقيت محصورة‬
‫العربية‬
‫على الــرغم من أهميــة هــذا المجــال الفائقــة‪،‬‬
‫يفرض تعليم اللغة العربية أوال النظــر‬ ‫فــالتعليم هــو المــدخل الــذي يمكن من خاللــه‬
‫في اللغــة نفســها بوصــفها موضــوعا للتعليم‪،‬‬ ‫الوقوف على اللغة بوصــفها مؤسســة مــؤثرة‬
‫فما مستوى اللغة الــتي يفــترض أن نتعلمهــا؟‬ ‫في كــل مجــاالت الحيــاة‪ ،‬وهــذا مــا يســتدعي‬
‫وما المادة اللغويــة الــتي يفــترض أن يتحقــق‬ ‫االهتمام بها بصورة تتجاوز األنظار البحثية‬
‫من خاللها الفعل التعليمي؟ وما أثر ذلك على‬ ‫المتعلقـــة باللغـــة وأنظمتهـــا الداخليـــة إلى‬
‫المتعلم؟ وما موضــع هــذا المســتوى اللغــوي‬ ‫االهتمــام بتــأثير اللغــة على تفكــير المتحــدثين‬
‫من جدلية الموروث والمســتحدث؟ ولعلنــا لن‬ ‫بها من خالل فعل التعليم‪.‬‬
‫نــتردد في تحديــد العربيــة الفصــيحة بوصــفها‬
‫وال يختلف اثنان على أهمية‬
‫مــادة للتعليم‪ ،‬على الــرغم من وجــود بعض‬
‫الدعوات التي نادت بإحالل اللهجات المتداولــة‬ ‫المناهج المدرسية في اكتساب أبناء‬
‫محــل الفصــيحة‪ ،‬أمــا تحديــد اللغــة العربيــة‬ ‫العربية للغة‪ ،‬وأثرها في تشكيل‬
‫الفصــيحة في أحــد طــرفي ثنائيــة المــوروث‬ ‫تفكيرهم‪ .‬ومن هذا المنطلق فقد‬
‫والمستحدث فأمر يحتاج إلى قدر من االجتهاد‪.‬‬ ‫استشهدت هذه الدراسة بنموذج‬
‫فعلى الرغم من أن الفصيحة لغة موروثــة إال‬ ‫من المناهج المدرسية؛ هو منهاج‬
‫أنها لم تبــق على الهيئــة نفســها منــذ أكــثر من‬ ‫اللغة العربية للصف العاشر في‬
‫ألــف وأربعمئــة عــام‪ ،‬بــل تعرضــت لبعض‬ ‫األردن‪ ،‬كما استشهدت بعدد من‬
‫التغييرات المحـدودة على مســتويات متعــددة‪،‬‬ ‫الحصص المدرسية التي حضرها‬
‫وإن كان من الســهل تســويغ التغــير المتعلــق‬ ‫الدارسان‪ ،‬مما يجعل هذه الدراسة‬
‫بالمســــتوى المعجمي والــــداللي من خالل‬ ‫غير مقصورة على المنحى النظري‪.‬‬
‫اإلشارة إلى المولّد والدخيل واألثر الناجم عن‬ ‫ولعل من الضرورة بمكان في هذا‬
‫‪18‬‬
‫اللغة واألدب‪-‬مجلة علمية محكّمة‬
‫‪ISSN: 1111-1143 EISSN: 2602-5202‬‬
‫العدد‪31:‬؛ المجلد‪16:‬؛ الشهر‪ 12‬السنة‪2019:‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫العربيــة الفصــيحة قطعت شــوطا ال بــأس بــه‬ ‫الترجمة واتساع متطلبــات الحيــاة فــإن التغــير‬
‫في مجــال التحــديث إال أنهــا مــا زالت تواجــه‬ ‫المتعلق بالنظام النحـوي مثال يحتـاج إلى قـدر‬
‫تحديات عديدة في هذا المجال‪ ،‬فمهما كــانت‬ ‫من التوضيح‪.‬‬
‫مشاعرنا تجاه العربية لن نســتطيع أن نصــفها‬
‫إن النــاظر في كتب اللغــة والنحــو في‬
‫بأنها لغة حاوية للعلوم الحديثة‪ ،‬ولن نســتطيع‬
‫الـــتراث العـــربي ســـيجد أنهـــا تســـعى إلى‬
‫أن ننكر أن ضــعفا عا ّمــا في مهاراتهــا يشــوب‬
‫استخالص القاعدة النحويــة أو الصــرفية دون‬
‫أبناءها‪ ،‬كما ال نستطيع أن نتجاوز نظرة الكثير‬
‫أن تســتبعد تلــك الشــواهد الــتي خــرجت عن‬
‫من أبنائهــا إليهــا على أنهــا لغــة غــير جــديرة‬
‫القواعــد المستخلصــة‪ ،‬فــإذا تنــاول النحــوي‬
‫بالتعلم أو بتلقي العلم من خاللها‪ .‬وهــذا كلــه‬
‫الشواهد المطردة كان الــواجب في بحثــه أن‬
‫من األسباب الــتي تــدفعنا إلى محاولــة البحث‬
‫يتناول شواهد أخرى غير مطردة مع القاعدة‪.‬‬
‫عن إجــراءات تمكن العربيــة والمتحــدثين بهــا‬
‫أما الكتب المدرسية الحديثة في مجــال النحــو‬
‫من خوض غمار العصر بقوة أكبر‪.‬‬
‫العربي فتتخفف من هذه الشــواهد الخارجــة‬
‫ال يختلــف اثنــان على أن التعليم يمثــل‬ ‫على القواعــد األساســية‪ .‬وقــد انعكس تركــيز‬
‫واحـــدة من أهم القنـــوات الـــتي يمكن من‬ ‫االهتمـــام بأساســـيات القواعـــد على اللغـــة‬
‫خاللهــا تطــوير اســتخدامات اللغــة بمــا يمكّن‬ ‫المكتوبة التي أصبحت مع الزمن أكثر انسجاما‬
‫المتحدثين باللغــة من االنفتــاح على معطيــات‬ ‫مــع هــذه القواعــد‪ .‬ولعــل ذلــك يمثــل أحــد‬
‫العصر في مجاالت العلــوم المتنوعــة دون أن‬ ‫مــواطن العلــة في سالســة اللغــة الحديثــة‬
‫يمنع ذلك من الحفاظ على أصالة اللغــة‪ ،‬فمــا‬ ‫ووضـــوحها‪ ،‬فأبنـــاء العربيـــة أصـــبحوا أكـــثر‬
‫اإلجراءات المبدئية التي يفــترض التعامــل من‬ ‫انســجاما في كتــابتهم مــع القواعــد اللغويــة‬
‫خاللهــا مــع تعليم اللغــة وتعليم العلــوم من‬ ‫األساسية التي ينبغي تمثلها عند فعل الكتابة‪.ii‬‬
‫خالل اللغـــة؟ ومـــا اآلليـــات الـــتي يمكن من‬
‫لقـــد ســـارت اللغـــة الفصـــيحة نحـــو‬
‫خاللهـــا تخطي التحـــديات المتعلقـــة بتعليم‬
‫التشذيب واالســتقرار مــع تقــدم الــزمن‪ ،‬ومــع‬
‫العربية وتعليم العلوم من خالل العربية؟‬
‫تجاوز اآلراء اللغوية التي كانت تمثل حواشــي‬
‫ومن أجل اإلجابة عن هذه‬ ‫طويلــة على القواعــد النحويــة‪ ،‬بــل إن هــذا‬
‫األسئلة ال بد من تناول العملية‬ ‫الميــل نحــو االســتقرار طــال بعض األصــوات‬
‫جوانبها‬ ‫خالل‬ ‫من‬ ‫التعليمية‬ ‫الصامتة في اللغة‪ ،‬فحرف الضــاد متفــق على‬
‫المتنوعة؛ إذ تمثل المهارات اللغوية‬ ‫لفظه اآلن على الرغم من أننا لــو اتجهنــا إلى‬
‫بأشكالها المتعددة هدفا أساسيا‬ ‫كتب التراث لوجدنا أن هناك من يصف حــرف‬
‫يسعى الفعل التعليمي إلى تمكينه‬ ‫الضاد بصورة مختلفة تماما‪.iii‬‬
‫لدى الطالب‪ .‬ويمثل الكتاب المعتمد‬ ‫إن النــــاظر في العربيــــة الفصــــيحة‬
‫في العملية التعليمية منطلقا أوال‬ ‫المعاصــرة ســيجد فيهــا المســتحدث الممثــل‬
‫لتعليم هذه المهارات‪ .‬وال شك أن‬ ‫لمعاصــرتها دون اســتبعاد المكــون الــتراثي‬
‫هذه العملية التعليمية تهدف إلى‬ ‫األصيل فيها‪ .‬وهي في أية حال لن تبتعــد عن‬
‫ترسيخ شكل معياري عام للغة‬ ‫هذا المكون بحكم ارتباطها بالنظــام اللغــوي‪،‬‬
‫يفرض تناول مسائل لغوية دون‬ ‫وبحكم كونها لغة جذريــة تتقبــل توليــد الصــيغ‬
‫والمصطلحات باستمرار‪ .‬وعلى الــرغم من أن‬
‫‪19‬‬
‫اللغة واألدب‪-‬مجلة علمية محكّمة‬
‫‪ISSN: 1111-1143 EISSN: 2602-5202‬‬
‫العدد‪31:‬؛ المجلد‪16:‬؛ الشهر‪ 12‬السنة‪2019:‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اآلثار السلبية لالزدواجية في التعليم‬ ‫أخرى‪ .‬وسنحاول من خالل هذه‬


‫من ناحيتين‪ ،‬أولهما تتعلق باكتساب‬ ‫الدراسة تناول هذه الجوانب الثالثة‪.‬‬
‫اللغة‪ ،‬وثانيهما تتعلق بالنظرة إلى‬
‫اللغة‪.‬‬

‫أوال‪ .‬اكتساب اللغة المتعلمة‬


‫‪-2‬تمكين مهارات العربية‬
‫ال شـــك أن عـــرض المـــادة اللغويـــة‬
‫واالزدواجية‬
‫المكتوبــة ســواء أكــانت متعلقــة باللغــة أم‬
‫بموضـــوعات أخــرى ســـيؤدي إلى خلــل في‬ ‫تتجلى اللغة من خالل مهارات أساسية‬
‫اكتســاب اللغــة إن لم تقــدم المــادة باللغــة‬ ‫تتمثــــل في مهــــارات االســــتماع والتحــــدث‬
‫المتعلمـــة نفســـها‪ ،‬إذ ســـيدمج المتعلم بين‬ ‫والقــراءة والكتابــة‪ ،‬الــتي يمكن حصــرها في‬
‫الفصــيحة والعاميــة‪ ،‬وســوف يتعامــل معهمــا‬ ‫مهــارات االســتقبال واإلرســال‪ .‬وتعليم اللغــة‬
‫على أنهمــا نظــام لغــوي واحــد‪ .‬والنــاظر في‬ ‫فعل يسعى إلى ترسيخ المهارات اللغويــة من‬
‫أداء الشــريحة األوســع من المتعلمين ســيجد‬ ‫خالل هذه المهارات نفســها‪ ،‬فــإذا التفتنــا إلى‬
‫أثر االزدواجية من خالل العديــد من الظــواهر‬ ‫طبيعــة العمليـة التعليميـة الــتي يفــترض فيهـا‬
‫المتعلقة باكتســاب مهــارات اللغــة‪ ،‬إذ ال يقــدم‬ ‫انســجام الغايــة مــع الوســيلة ســنقف على‬
‫المتعلم على التحدث بالعربية الفصيحة‪ ،‬فيجد‬ ‫إشــكالية االزدواجيــة ذات األثــر العميــق في‬
‫اللهجة أقرب إليه في التعبير اللغوي‪ ،‬حــتى أن‬ ‫تعليم العربية‪.‬‬
‫بعض من تمكنوا من لغة أخرى غــير العربيــة‬
‫كثــيرا مــا يجــدون تلــك اللغــة أقــرب إليهم من‬ ‫تتباين اللغة العربية الفصيحة‬
‫الفصيحة‪.‬‬ ‫مع اللهجات المتنوعة تباينا واضحا‪،‬‬
‫إذ يتمظهر هذا التباين من خالل أكثر‬
‫وقــد حضــر الدارســان ســت حصــص‬
‫من مستوى من مستويات اللغة‪،‬‬
‫صفية‪ iv‬لدى سـتة معلمين للغـة العربيـة في‬
‫فعلى المستوى الصوتي نجد تحوال‬
‫ســياق اإلعــداد لهــذه الدراســة‪ ،‬فوجــدا أن‬
‫معلما واحدا من بين المعلمين الستة اســتخدم‬ ‫في بعض األصوات‪ ،‬وعلى المستوى‬
‫اللغة العربية الفصيحة مع اللجوء أحيانــا إلى‬ ‫النحوي يتالشى اإلعراب‪ ،‬وعلى‬
‫اللهجة المحلية‪ ،‬في حين استخدم معلم واحــد‬ ‫المستوى الصرفي نجد تهاونا في‬
‫لغــة متوســطة تبتعــد عن تشــكيل أواخــر‬ ‫الكثير من الصيغ‪ ،‬حتى أن هذا‬
‫الكلمــات‪ ،‬والمعلم الثــالث اســتخدم الفصــيحة‬ ‫التباين يجعل من استخدام تعليم‬
‫بأخطاء متعددة في اإلعراب دون أن يستغني عن‬ ‫الفصيحة من خالل اللهجات ازدواجية‬
‫اللهجة في بعض المواقف الصفية‪ ،‬أما بقيــة‬ ‫واضحة لها أثرها السلبي الواضح‬
‫العينة فقد مالت إلى استخدام اللهجة المحليــة‬ ‫في تعليم العربية‪ ،‬فبعيدا عن‬
‫خاصــــة في المواقــــف الصــــفية الشــــفاهية‬ ‫إمكانية االستشهاد ببعض الجمل‬
‫المتعلقة بشرح القاعــدة النحويــة‪ .‬ولعــل من‬ ‫من العامية لتوضيح بعض قواعد‬
‫الضرورة بمكــان اإلشــارة إلى أن الحصــص الــتي‬ ‫اللغة يمكننا الوقوف على العديد من‬
‫‪20‬‬
‫اللغة واألدب‪-‬مجلة علمية محكّمة‬
‫‪ISSN: 1111-1143 EISSN: 2602-5202‬‬
‫العدد‪31:‬؛ المجلد‪16:‬؛ الشهر‪ 12‬السنة‪2019:‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أن نسبة الذين يتقنون الحركات لم تتجاوز ‪23‬‬ ‫استخدمت فيها اللغة العربية الفصيحة حصص‬
‫‪ %‬من العينة المختارة الــتي بلــغ عــددها مئــة‬ ‫مخصصــة لــدروس مهــارات االتصــال‪ ،‬فهي‬
‫طـــالب‪ ،‬وقـــد اعتمـــد االختبـــار على اختيـــار‬ ‫تحتــوي مواقــف صــفية تتطلب طــرح أســئلة‬
‫مجموعة من الكلمات التي تفترق في دالالتها‬ ‫استيعابية على الطلبة بالعربية الفصــيحة‪ ،‬كمــا‬
‫من خالل الحركات‪ ،‬كما هو الحال في المثال‬ ‫أن جزءا كبــيرا من الحصــة مخصــص لقــراءة‬
‫اآلتي‪ ( :‬سَمِنَ‪ ،‬سَمْنٌ‪ ،‬سِمَنٌ‪ ،‬سَ ـمَّنَ‪ ،‬سُ ـمِّنَ)‪،‬‬ ‫النص‪ ،‬أما الحصص الــتي غلبت عليهــا اللهجــة‬
‫إذ طُلب من الطلبـــة قـــراءة هـــذه الكلمـــات‬ ‫المحلية فهي حصص قواعد اللغة‪.‬‬
‫مراعين الحركات بدقة‪ ،‬ولوحــظ أن ثالثــة من‬
‫الدارســـــين أســـــباب‬
‫َ‬ ‫وال تخفى على‬
‫كــل عشــرة طالب تمكنــوا من القــراءة دون‬
‫اســتخدام اللهجــة المحليــة في شــرح قواعــد‬
‫أخطــاء‪ .v‬واألغلب أن مثــل هــذه اإلشــكاالت في‬
‫الفصــيحة‪ ،‬فــالمعلم يقــترب أكــثر من اللهجــة‬
‫القراءة تعود إلى ضعف تأسيس الطلبــة في‬
‫المحلية حين يحاول تقريب فكــرة للطلبــة من‬
‫المراحـــل الدراســـية األولى‪ ،‬إذ ال ينظـــر إلى‬
‫خالل مخزون معــرفي جــاهز لديــه‪ ،‬فاللهجــة‬
‫الحركات بوصفها مكونا أساســيا في الكلمــة‪،‬‬
‫تمثل المستوى الذي تمكنت من خاللــه عمليــة‬
‫فال يتم التركيز عليها من المعلم‪ ،‬وكثــيرا مـا‬
‫اإلنتاج اللغوي لديه‪ .‬أما في تــدريس نصــوص‬
‫يُــــتعامل معهـــا بصـــورة جزئيـــة‪ ،‬فيتعلم‬
‫مهـــارات االتصـــال فهـــو يعتمـــد على النص‬
‫الطالب كيفية لفظ الحركة مــع الحــرف دون أن‬
‫بصورة أكبر مما يقلل من فعل إنتاج اللغة‪ .‬وال‬
‫يتــدرب على لفــظ الحركــة في إطــار بنيــة‬
‫شـــك في أن لـــذلك أثـــرا كبـــيرا على تمكين‬
‫الكلمة‪.‬‬
‫الفصيحة لدى الطــالب‪ ،‬إذ لن يتوصــل للنظــام‬
‫ولعــل لتــأثر المتعلم باللهجــة المحليــة‬ ‫اللغوي للفصيحة إال على أنه نظام غــريب عن‬
‫أثــرا كبــيرا في ظهــور مثــل هــذه األخطــاء‪،‬‬ ‫لســانه‪ ،‬فهــو ال يســتخدم الفصــيحة‪ ،‬وال يــرى‬
‫فالناظر في اللهجات المحليــة ســيجد أنهــا في‬ ‫نموذجا قائما الستخدامه‪ ،‬مما يبعــد الفصــيحة‬
‫مجموعهــا تجــاوزت ســمة صــوتية بــارزة في‬ ‫عن كونها وسيلة للتواصل‪.‬‬
‫الفصـــيحة‪ ،‬فمن المعـــروف لـــدى دارســـي‬
‫أمـــا على مســـتوى القـــراءة‪ ،‬وهي‬
‫العربيــة أنهــا ال تبــدأ بســاكن وال يلتقي فيهــا‬
‫المهارة التي يفترض أن تكون أكثر تمكّنا لدى‬
‫الســاكنان‪ ،‬وهي ســمة تــؤدي إلى الوضــوح‬
‫متعلم العربيــة بحكم كونهــا مقيــدة بمــا هــو‬
‫الصوتي‪ ،‬في حين أن اللهجات تجــاوزت هــذه‬
‫مكتــوب على خالف التحــدث الــذي يبــدو أكــثر‬
‫الســمة الصــوتية في ميــل طــبيعي منهــا إلى‬
‫ارتباطا باالرتجال‪ ،‬فسنجد أن هناك إشــكاالت‬
‫تسهيل اللفظ وتهوينه‪.‬‬
‫لدى المتعلمين تصل إلى درجــة عــدم التميــيز‬
‫يبدو أن تجاوز اللهجــات المحليــة لهــذه‬ ‫بين الحركات حتى في مراحل متقدمة‪ ،‬فكثــير‬
‫السمة الصـوتية انعكس على تعلم الفصـيحة‪،‬‬ ‫من الطلبة لم تعتــد ألســنتهم على التنقــل بين‬
‫إذ لم يكتســــب المتعلم الفصــــيحة من خالل‬ ‫الحركات والسكنات في أثنــاء فعــل القــراءة‪،‬‬
‫االستماع ولم يتحدثها بالصورة المناســبة‪ ،‬ولم‬ ‫مما يلغي خصائص مرتبطة باللغـة المقــروءة‬
‫يتعرض لمواقــف تعليميــة مناســبة تجعــل من‬ ‫كتجـــاوز بعض الصـــيغ الصـــرفية‪ ،‬وتجـــاوز‬
‫اللغة الفصيحة قنـاة نقــل المعرفـة‪ ،‬ممــا أدى‬ ‫اإلعراب‪.‬‬
‫إلى نتيجــة مفادهــا تشــويه المــادة المقــروءة‬
‫وقــد أجــرى الباحثــان اختبــارا شــفويا‬
‫وفق معايير اللغة العربية الفصيحة‪.‬‬
‫لعينات من طلبة المدارس في األردن‪ ،‬فوجدا‬
‫‪21‬‬
‫اللغة واألدب‪-‬مجلة علمية محكّمة‬
‫‪ISSN: 1111-1143 EISSN: 2602-5202‬‬
‫العدد‪31:‬؛ المجلد‪16:‬؛ الشهر‪ 12‬السنة‪2019:‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫إشارة واضحة إلى طبيعة فهم الطالب لفعــل‬ ‫وعلى الرغم من أن الكتابــة والتحــدث‬
‫الكتابة‪ ،‬فهو يستخدم تلــك الجمــل المحفوظــة‬ ‫كالهما مهارتا إنتاج إال أننا نجد الطالب يتقصى‬
‫في ذهنه باعتبارهــا مــدخال مناســبا يضــع من‬ ‫أعلى درجــات االلــتزام بالفصــيحة في مهــارة‬
‫خاللــه نفســه في ج ـوّ الكتابــة بالفصــيحة‪ ،‬إذ‬ ‫الكتابــة في حين يلجــأ إلى اللهجــة في أغلب‬
‫يمكن أن يلجــأ من خالل هــذه الجمــل الــتي‬ ‫المواقف التعليمية المرتبطة بمهــارة التحــدث‪.‬‬
‫اعتادت عليها أذنه إلى البدء بالموضــوع الــذي‬ ‫وقد استكتب الدارســان مئــة طــالب في عــدد‬
‫سيكتب فيه من خالل المستوى اللغوي نفسه‪.‬‬ ‫من المدارس مقالــة بعنــوان ‪":‬أطفــال اليــوم‬
‫بنــاة المســتقبل"‪ vi‬فوجــدا أن الطلبــة جميعهم‬
‫وقد ســبق أن طلبنــا من طلبــة الصــف‬
‫كتبوا بالفصيحة دون اللجــوء إلى اللهجــة‪ ،‬في‬
‫العاشر التحدث أمام بقية العينــة في موضــوع‬
‫حين تحــدثت األغلبيــة العظمى باللهجــة في‬
‫"أطفــال اليــوم بنــاة المســتقبل" فبــدأ أربعــة‬
‫المواقف التعلمية المتنوعة‪ ،‬ولعـل ذلـك يعـود‬
‫طالب من مئــــة بمقدمــــة الخطبــــة دون أن‬
‫إلى اقــتران الفصــيحة باللغــة المكتوبــة وفــق‬
‫يتمكنوا من إكمال شيء يــذكر عن الموضــوع‬
‫وعي الطــالب‪ ،‬ووفــق ســيرورته اللغويــة منــذ‬
‫الذي طلبنا منهم أن يتحدثوا فيه‪ ،‬في حين بــدأ‬
‫بـــدء تعلمـــه للغـــة‪ ،‬فهـــو يتعلم اللهجـــة أوال‬
‫أربعــة طالب بهــذه المقدمــة ليسترســلوا بعــد‬
‫ويســتمر في التعامــل معهــا إلى أن يــدخل‬
‫ذلك في الموضوع ويلجؤوا أحيانا إلى اللهجة‪.‬‬
‫المدرسة‪ ،‬ليتعامــل مــع العربيــة بوصــفها لغــة‬
‫وقـــد اســـتطاع ثالثـــة طالب فقـــط التحـــدث‬
‫كتابـة‪ ،‬فـالمواقف الصـفية تقــوم على اللهجـة‬
‫بالفصــيحة دون أخطــاء تــذكر‪ ،‬وتح ـدّث ســتة‬
‫في األغلب‪ ،‬بــل إن إحــدى الحصــص الصــفية‬
‫طالب بالفصيحة مع تسكين اآلخر في األغلب‬
‫التي حضرها الدارسان كانت مخصصة لمهارة‬
‫أو بأخطـــاء متعـــددة‪ ،‬في حين دمج ســـبعة‬
‫التحدث‪ ،‬فغلبت اللهجة على لغة المعلم‪.‬‬
‫عشــر طالبــا بين اللهجــة والفصــيحة‪ ،‬وتح ـدّث‬
‫خمسة عشــر طالبــا باللهجــة دون أن يحــاولوا‬ ‫تشير العينة الــتي اســتكتبها الدارســان‬
‫التحدث بالفصيحة مع أننا طلبنا منهم ذلك قبل‬ ‫إلى محاولــة الطلبــة اســتخدام الفصــيحة في‬
‫التحــدث‪ ،‬أمــا بقيــة الطلبــة فقــد اعتــذروا عن‬ ‫كتــابتهم‪ ،‬فهم واعــون أن الكتابــة تــأتي من‬
‫ممارسة المهارة‪.‬‬ ‫خالل الفصيحة‪ ،‬إال أن كتابتهم أبــرزت أخطــاء‬
‫عديـــدة في عـــدة مســـتويات‪ ،‬فبـــدت هـــذه‬
‫وال شــك أن مهــارة التحــدث ال ترتبــط‬
‫األخطاء لدى معظم الطلبة من خالل اإلخالل‬
‫فقــط بــالتمكن من اللغــة‪ ،‬إذ تــدخل عوامــل‬
‫بنظام الجملة وبنية الكلمة فضال عن األخطاء‬
‫أخـــرى نفســـية واجتماعيـــة‪ ،‬غـــير أن اللغـــة‬
‫اإلمالئيــة المتعــددة‪ .‬وعلى الــرغم من تعــدد‬
‫وتعلمها تمثل عامال مهما وأساسيا في تمكين‬
‫عوامــل هــذه اإلشــكالية إال أنهــا تبقى على‬
‫الطــالب من التحــدث‪ ،‬وال يمكننــا في هــذه‬
‫اتصــال واضــح باالزدواجيــة‪ ،‬فعــدم تعامــل‬
‫المهارة بالذات استبعاد إشكالية االزدواجية‪ ،‬إذ‬
‫المتعلم مع مواقف تعليميــة كافيــة تمكنــه من‬
‫تمثــل بوضــوح أمــام المتــابع‪ ،‬فــاللجوء إلى‬
‫اكتساب اللغة بالصورة المناسبة سيجعله غــير‬
‫اللهجة في كثير من المواقف ما هــو إال لجــوء‬
‫قـــادر على صـــياغة جمـــل ســـليمة مكتملـــة‬
‫إلى المســـتوى اللغـــوي الراســـخ في ذهن‬
‫األركان‪.‬‬
‫المتحدث‪.‬‬
‫ولعل في لجوء تسعة عشر طالبا من‬
‫ثانيا‪ .‬النظرة إلى اللغة‬
‫أصــل مئــة طــالب إلى مقدمــة الخطبــة الــتي‬
‫تتمثل في حمد هللا والصالة على نبيه الكــريم‬
‫‪22‬‬
‫اللغة واألدب‪-‬مجلة علمية محكّمة‬
‫‪ISSN: 1111-1143 EISSN: 2602-5202‬‬
‫العدد‪31:‬؛ المجلد‪16:‬؛ الشهر‪ 12‬السنة‪2019:‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫للفصــيحة المعاصــرة الــتي ترتبــط بمفــردات‬ ‫أما األثر الثــاني لالزدواجيــة في تنـاول‬
‫العصــر منــذ مراحــل التأســيس األولى‪ ،‬حيث‬ ‫الــدرس اللغــوي فيتعلــق بــالنظرة إلى اللغــة‬
‫ينبغي أن تتشـــكل بيئـــة الطـــالب المدرســـية‬ ‫نفسها‪ ،‬إذ إن تعليم الفصيحة من خالل اللهجة‬
‫التعليمية من خالل العربية الفصيحة‪ ،‬وال شــك‬ ‫ســيجعل المتعلم في موقــع يتعلم من خاللــه‬
‫أن للمعلم في ذلــك الــدور األكــبر‪ ،‬فهــو يمثــل‬ ‫عن اللغة بدال من أن يتعلم اللغة ذاتها‪ ،‬وهــذا‬
‫الجــانب الــذي يمكن من خاللــه تجــاوز هــذه‬ ‫ما سيعمق النظرة إلى العربية الفصيحة على‬
‫اإلشــكالية‪ ،‬وذلــك باعتمــاد الفصــيحة قنــاة‬ ‫أنها لغة قادمة من عمق التاريخ ال تتعامل مع‬
‫لتوصيل المعرفة بدال من محاوالت تقريبها من‬ ‫مفردات المعاصرة‪ ،‬وال تصلح للتعامــل معهــا‪.‬‬
‫خالل اللهجــة‪ ،‬وإن كــان في ذلــك قــدر من‬ ‫وهذا ما سيؤدي إلى آثار عديــدة في مجــاالت‬
‫الصـــعوبة‪ ،‬إذ ســـيعمل المعلم على ترســـيخ‬ ‫متعددة فضــال عن مجــال التعليم الــذي اتجــه‬
‫نظام لغوي جديد نسبيّا على الطالب‪.‬‬ ‫فيــه المعلم إلى توصــيل قواعــد اللغــة إلى‬
‫الطالب على أنها قوالب يمكن أن يتعرف إليها‬
‫إن فصل اللهجات المحلية عن‬
‫حتى يتخطى مادة االمتحان الثقيلــة‪ ،‬فيتوصــل‬
‫الفصيحة مطلب ملح من أجل‬ ‫إلى إجابات أسئلة القواعــد من خالل عالمــات‬
‫تأسيس عملية تعليمية متكاملة‬ ‫شــكلية يعطيهــا المعلم للمتعلم حــتى يتجــاوز‬
‫ترتبط فيها اللغة المكتوبة بالمحكية‬ ‫االمتحان‪.‬‬
‫في السياقات العلمية التي من‬
‫شأنها أن تدخل الفصيحة بالعلوم‬ ‫وإذا مــا تناولنــا آثــار هــذه اإلشــكالية‬
‫المعاصرة‪ ،‬ومن شأنها في الوقت‬ ‫خارج فعل التعليم فسنجد أنها ذات أثر عميــق‬
‫في إيجــاد ارتباطــات قيميــة تتعلــق باللغــة‬
‫نفسه أن تدخل األجيال الجديدة في‬
‫الفصيحة في مقابل اللهجات‪ ،‬إذ لن نســتغرب‬
‫المجاالت العلمية من خالل اللغة‬
‫بعـد ذلــك أن يعــبر عمـل درامي عــرض على‬
‫المستخدمة‪ .‬وال شك في أن وجود‬
‫أكــثر القنــوات العربيــة متابعــة عن إشــكالية‬
‫أكثر من مستوى للغة لن يكون ذا‬ ‫‪vii‬‬
‫االزدواجية؛ إذ جاء مسلسل "غــرابيب ســود"‬
‫أثر سلبي‪ ،‬فهذا المطلب ال يفرض‬
‫‪ 2016‬على قناة ‪ MBC‬ليربــط‬ ‫الذي عرض عام‬
‫إلغاء اللهجات بطبيعة الحال‪.‬‬ ‫اإلرهــاب بالفصــيحة في حين يربــط اللهجــات‬
‫‪-3‬مادة التعليم‬ ‫المحليـــة بـــالمجتمع المعاصـــر الـــرافض‬
‫لإلرهاب‪.‬‬
‫يؤدي المحتــوى التعليمي الــذي يقــدم‬
‫في منــاهج اللغــة العربيــة دورا أساســيا في‬ ‫إن ترسيخ هذه النظــرة إلى الفصــيحة‬
‫صـــياغة القيم المرتبطـــة باللغـــة فضـــال عن‬ ‫على أنها لغة غير معاصرة من خالل ممارسة‬
‫إكساب النظام اللغوي للمتعلم‪ .‬وحــتى نتمكن‬ ‫االزدواجية في عملية التعليم سيؤدي إلى آثــار‬
‫من إبراز دور هذا المحتوى في ترســيخ القيم‬ ‫خطيرة ال تقف عند الفعل التعليمي نفسه‪ ،‬بل‬
‫ال ب ّد أوال من تناول المواقف التي يتعامل فيها‬ ‫تمتد إلى ثقافة المجتمع ورؤيته وتصوراته‪.‬‬
‫المتعلم والمجتمع مع اللغة العربية الفصيحة‪.‬‬ ‫وال شــك أن تجــاوز هــذه اإلشــكاالت‬
‫ولــو حاولنــا حصــر هــذه المواقــف ســنجدها‬ ‫المتعلقـــة باالزدواجيـــة مرتبطـــة بمراحـــل‬
‫مقصــورة على بيئــات محــدودة‪ ،‬ففضــال عن‬ ‫التأسيس بالدرجة األولى‪ ،‬إذ يفترض بالعمليــة‬
‫النصوص المكتوبة التي يتعامل معهــا المتعلم‬ ‫التعليمية االتجـاه إلى ترســيخ النظــام اللغــوي‬
‫‪23‬‬
‫اللغة واألدب‪-‬مجلة علمية محكّمة‬
‫‪ISSN: 1111-1143 EISSN: 2602-5202‬‬
‫العدد‪31:‬؛ المجلد‪16:‬؛ الشهر‪ 12‬السنة‪2019:‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يفــترض في كتب منــاهج اللغــة العربيــة أال‬ ‫سنجد أن الفصيحة محدودة بلغــة اإلعالم في‬
‫تكتفي بتـــدريس النصـــوص األدبيـــة قـــديمها‬ ‫عدد من القنوات‪ ،‬وخطب الجمعــة‪ ،‬باإلضــافة‬
‫وحديثها‪ ،‬بل ينبغي أن ينصرف النظر أيضا إلى‬ ‫إلى المواقف الصفية التي يلــتزم فيهــا المعلم‬
‫النصوص التي تهتم بالثقافــة العلميــة‪ ،‬لتكــون‬ ‫بأداء الفصيحة‪ ،‬بــل إن المواقــف الصــفية في‬
‫هــذه الخطــوة على طريــق تعــريب التعليم‬ ‫التعليم العالي تلجــأ إلى اللغــة اإلنجليزيــة في‬
‫الجامعي في الكليات العلمية‪.‬‬ ‫كليــات العلــوم البحتــة‪ ،‬لتنحصــر العربيــة في‬
‫كليــات اآلداب والعلــوم التربويــة‪ ،‬وال شــك في‬
‫لقد تنبّه القــائمون على إعــداد منــاهج‬
‫أن لذلك أثرا مهما على اللغة فضــال عن أبنــاء‬
‫اللغة العربية إلى هذه القضــية‪ ،‬فــاحتوت كتب‬
‫اللغة‪.‬‬
‫المناهج بعض نصوص الثقافة العلميــة‪ ،‬فمن‬
‫بين اثنــتي عشــرة وحــدة في كتــاب اللغــة‬ ‫لقد اتسعت اللغة العربيــة في مراحــل‬
‫العربيــة للصــف العاشــر في األردن اعتمــدت‬ ‫تاريخيــة ســابقة حققت من خاللهــا الحضــارة‬
‫وحدتان على نصين في الثقافــة العلميــة؛ أمــا‬ ‫العربية اإلسالمية إنجــازات مهمــة في العلــوم‬
‫الوحدة األولى فقد جاءت تحت عنوان‪" :‬عالم‬ ‫والفلسفة‪ ،‬غير أن ما ينبغي االلتفــات إليـه في‬
‫الحيــوان" واعتمــدت في نص القــراءة على‬ ‫هذا المجال أن المتداول في العصــر الحــديث‬
‫مقالة بعنوان‪" :‬األركا" ليعقوب صروف‪ ،viii‬أمــا‬ ‫من تراثنـــا كلـــه ينحصـــر في مجـــالي اآلداب‬
‫الوحدة الثانيــة فقــد جــاءت تحت عنــوان‪" :‬من‬ ‫وعلــوم الــدين‪ ،‬أمــا الــتراث العلمي فــإذا مــا‬
‫أمراض العصر" واعتمــدت في نص القــراءة على‬ ‫اســتثنينا بعض المصــطلحات المحــدودة كعلم‬
‫مقالة مترجمة بعنوان‪" :‬التوحّد" ‪ .ix‬وال‬ ‫الجبر والخوارزميات فلن نجــد هــذا الــتراث إال‬
‫شــك في أن مثــل هــذه المقــاالت من شــأنها أن‬ ‫في الدراسات المختصة بتاريخ العلوم‪.‬‬
‫تؤســـس لثقافـــة لغويـــة أكـــثر ارتباطـــا‬
‫غالبــا مــا يطــرح تــدريس العلــوم من‬
‫بمعطيات العصر‪.‬‬
‫خالل العربية على أساس ارتبـاط عــاطفي أو‬
‫قــومي باللغــة‪ ،‬غــير أن هــذا المطلب يتعــدى‬
‫‪-4‬مرونة اللغة‬ ‫النظرة العاطفية‪ ،‬فاللغة الــتي ال تتعامــل مــع‬
‫العلوم على تنوعها ستكون محملة بمحموالت‬
‫من الطبيعي أن تتعرض أي لغة‬ ‫عاطفيـة أكــبر‪ ،‬وســتنعكس هـذه المحمـوالت‬
‫لتطورات متعددة خالل مسيرتها التاريخية‪،‬‬ ‫على المتحــدثين بهــا بطبيعــة الحــال‪ .‬وبــذلك‬
‫والناظر في العربية الفصيحة إذا ما استبعدنا‬ ‫ســـيكون اتهـــام بعض المستشـــرقين للغـــة‬
‫اللهجات سيجد أن هذه التغيرات محدودة لم‬ ‫العربية بأنهــا لغــة خطابيــة اتهامــا في مكانــه‪،‬‬
‫تصل إلى عمق النظام اللغوي‪ .‬وقد انتشرت‬ ‫فاللغة بطبيعة الحال تتطوع للموضوعات التي‬
‫هذه التغيرات من خالل مهارة الكتابة‬ ‫تستخدم فيها‪.‬‬
‫فأصبحت شائعة في لغة الصحافة واإلعالم‬
‫والترجمة‪ .‬وهذا ما فتح المجال للمختصين‬ ‫إن تجــاوز هــذه اإلشــكالية في تعليم‬
‫في اللغة لدراسة هذه التغيرات؛ما ولد عنوانا‬ ‫العربيــة يحتــاج إلى جهــود تتجــاوز إمكانيــة‬
‫رائجا في الدراسات اللغوية يتمثل في‬ ‫جامعــة أو حــتى وزارة في أي دولــة عربيــة‪،‬‬
‫األخطاء الشائعة‪.‬‬ ‫خاصة إذا كان هــذا اإلصــالح متعلقــا بــالتعليم‬
‫الجامعي‪ ،‬غير أن من الضرورة بمكــان اتخــاذ‬
‫إجراءات مبدئية تتعلق بــالتعليم المدرســي‪ ،‬إذ‬
‫‪24‬‬
‫اللغة واألدب‪-‬مجلة علمية محكّمة‬
‫‪ISSN: 1111-1143 EISSN: 2602-5202‬‬
‫العدد‪31:‬؛ المجلد‪16:‬؛ الشهر‪ 12‬السنة‪2019:‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ســيجعل الطــالب أمــام موقــف لغــوي حيــوي‬ ‫والناظر في هــذا العنــوان الــدارج في‬
‫يمكن من خاللــه تجــاوز األخطــاء الســاطعة‬ ‫دراسة العربية سيجد أنه ال يخــرج عن عنــوان‬
‫الــتي يرتكبهــا عــادة‪ .‬وال شــك أن مثــل هــذه‬ ‫هــذه الدراســة‪ ،‬فاألخطــاء الشــائعة حقــل‬
‫التدريبات ستجعل الطــالب أكــثر وعيـا بطبيعــة‬ ‫يحـــاول أن يشـــد االســـتخدام اللغـــوي نحـــو‬
‫الــتركيب اللغــوي‪ ،‬فضــال عن محاولتهــا زيــادة‬ ‫الموروث‪ ،‬إذ يــتراوح هــذا التنــاول بين التشــدد‬
‫وعي الطلبــــة بمــــا يمكن أن يرتكبــــوه من‬ ‫والتهاون‪ ،‬وإذا ألقينا نظرة عامة على األخطاء‬
‫أخطاء‪.‬‬ ‫الشائعة لوجــدنا أن من الممكن تصــنيفها في‬
‫صنفين‪:‬‬
‫إن تعامــل الطــالب مــع مثــل هــذه‬
‫النماذج النصّية المتداولة سيجعل اللغــة أقــرب‬ ‫أوال‪ .‬أخطـــاء تتعلـــق بـــالخروج عن‬
‫إلى الطالب الذي يتعامــل عــادة مــع اللهجــات‬ ‫أساسيات النظــام اللغــوي النحــوي والصــرفي‬
‫المحلية‪ ،‬فهو في مثل هذه المواقف التعليمية‬ ‫والصوتي‪ ،‬وهذه األخطاء يفترض أن تتناولهــا‬
‫يتعامــل مــع األخطــاء الشــائعة الــتي يرتكبهــا‬ ‫كتب المنــاهج المدرســية من خالل الــدروس‬
‫عادة إذا ما حاول استخدام الفصيحة‪ ،‬كمــا أن‬ ‫والتدريبات اللغويــة والنحويــة‪ ،‬وهي األخطــاء‬
‫مثل هذه المواقف التعليميــة تســهم في نقــل‬ ‫التي يفترض التركـيز على تجاوزهـا أيضــا في‬
‫الطــالب من النظــر إلى النص المكتــوب على‬ ‫لغة التخاطب والكتابة‪.‬‬
‫أنه شكل مكتمــل دائمــا إلى نظــر آخــر يتقبــل‬
‫وعلى الــرغم من تنــاول العديــد من‬
‫تطوير النص وينمّي التفكير الناقد لديه‪.‬‬
‫الدروس الصرفية والنحوية في كتب المنــاهج‬
‫ثانيا‪ .‬تطورات ال تمس جــوهر النظــام‬ ‫المدرسية بصورة عامــة إال أننــا لم نعــثر على‬
‫اللغــوي بقــدر مــا تضــيف إليــه مــا يمكنــه من‬ ‫تــدريبات تضــع الطــالب أمــام موقــف لغــوي‬
‫التعبير بصــورة أكــثر وضــوحا للمتلقي‪ ،‬خاصــة‬ ‫يحاول من خالله أن يصوّب األخطاء الشــائعة‬
‫مع ابتعاد المتلقي عن اللغة العربية الفصــيحة‬ ‫لدى الطلبة‪ ،‬كرفع المنصوب ونصب المرفــوع‪،‬‬
‫في التراث‪ .‬ومن أهم ما يمكن أن نتناوله في‬ ‫واستخدام الصيغ الصــرفية في غــير موضــعها‬
‫هذا المجال االستخدامات الجديدة للمفــردات‪،‬‬ ‫المالئم‪ .‬فالتعامل مــع نصــوص التــدريبات مــا‬
‫بما يتوافق والمعجم العربي‪ ،‬كما هــو الحــال‬ ‫زال متــأثرا بفكــرة النص المكتمــل الــذي ال‬
‫في كلمـــة "منســـوب" للداللـــة على مســـتوى‬ ‫تشوبه شائبة‪ .‬وهذا ما انعكس بطبيعة الحــال‬
‫الميــاه‪ ،xi‬وأدوات الربــط الــتي تســتخدم نتيجـة‬ ‫على األسئلة التي تعقب هذه النصوص‪ ،‬فهي‬
‫الميــل إلى إيضــاح الرســالة اللغويــة‪ ،‬كمــا هــو‬ ‫تركز على استخراج مثال لشكل لغوي‪ ،‬أو زنة‬
‫الحال في استخدام "بالنسبة لكذا" ‪ xii‬بمعـنى‬ ‫كلمة معينة‪ ،‬أو تحديد نوع كلمة ما‪ ،‬أما إعــراب‬
‫"فيما يتعلق ب"‪ .‬وكما هو الحــال في العديــد‬ ‫كلمة معينة فغالبا ما يتعامل معه المنهاج على‬
‫من األخطاء التي يشير إليها المتــابعون للغــة‬ ‫أنه المستوى األكثر تقدما‪ ،‬إذ يأتي آخر ســؤال‬
‫الترجمــة‪ ،‬كاســتخدام الفعــل "يشــكل" في‬ ‫تقويمي‪.x‬‬
‫جملــــة مثــــل‪" :‬إن هــــذه القضــــية تشــــكل‬
‫ولعــل اقتبــاس نصــوص من الكتابــات‬
‫خطرا"‪.xiii‬إن مثـل هـذه التعــابير المسـتجدة ال‬
‫الصــحفية والكتب المتنوعــة أو حــتى كتابــات‬
‫يمكن تناولهــا على أنهــا أخطــاء مخلــة في‬
‫الطلبــة الــتي شــابتها بعض األخطــاء اللغويــة‬
‫اللغة‪ .‬والتخطيء من خاللهــا لن يفيــد اللغــة‬
‫بغية تنقيحها والوصول بهــا إلى نصــوص أكــثر‬
‫أو متعلم اللغــة بقــدر مــا يــؤدي إلى التضــييق‬
‫اتســـاقا من خالل تـــدريبات لغويـــة مناســـبة‬
‫عليه‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫اللغة واألدب‪-‬مجلة علمية محكّمة‬
‫‪ISSN: 1111-1143 EISSN: 2602-5202‬‬
‫العدد‪31:‬؛ المجلد‪16:‬؛ الشهر‪ 12‬السنة‪2019:‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ما يبرز معاصرة اللغة العربية‪ ،‬إذ يمكن اعتبار‬ ‫والناظر في كتاب منهاج الصف العاشر‬
‫هـــذا اإلجـــراء خطـــوة على طريـــق تعليم‬ ‫األساســي ســيجد أن القضــايا اللغويــة الــتي‬
‫التخصصات الجامعية باللغة العربيــة‪ .‬وال شــك‬ ‫عولجت تمثل أساسيات القواعــد في العربيــة‪،‬‬
‫أن اللغـــة المعاصـــرة ســـوف تتقبـــل بعض‬ ‫فال تناول لمثل هذه القضايا الخالفيــة الــتي ال‬
‫التغــــيرات الــــتي ال تشــــكل خطــــرا على‬ ‫تؤدي دورا مهما في اكتســاب النظــام اللغــوي‬
‫نظامهاالذي يمثل جوهرها‪ ،‬إذ يفترض التركيز‬ ‫لـــدى الطـــالب‪ ،‬وهـــذا مـــا يشـــير إلى وعي‬
‫في المنـــاهج المدرســـية على األساســـيات‬ ‫القائمين على المنهاج للمهارات اللغويــة الــتي‬
‫اللغوية دون الدخول إلى قضــايا لن تفيــد في‬ ‫ينبغي تناولها في هذه المرحلة‪.‬‬
‫تعليم اللغة بقدر ما تنفّر المتعلم من تعلمها‪.‬‬

‫خاتمة‬

‫يواجــه تعليم العربيــة تحــديات عديــدة‬


‫على أكــثر من مســتوى‪ ،‬وأول هــذه التحـديات‬
‫يتعلق بمســتوى اللغــة المتعلمــة‪ ،‬وال شــك أن‬
‫هنــاك مــا يقــرب من اإلجمــاع على ضــرورة‬
‫تعليم العربيــة الفصــيحة بصــورتها المعاصــرة‬
‫التي تسعى ألن تكون حاوية للعلوم الحديثــة‪.‬‬
‫أما تحقيق مسعى تعليم هــذه اللغــة فيتطلب‬
‫االلتفات إلى لغة التعليم والتعلّم بوصفها قناة‬
‫لتعليم اللغــة ومهاراتهــا‪ ،‬كمــا يتطلب االلتفــات‬
‫إلى طبيعــة المــادة المتعلمــة‪ ،‬وطبيعــة اللغــة‬
‫التي تنقل من خاللها هذه المادة‪.‬‬

‫لم يقم تعليم مهــارات اللغــة العربيــة‬


‫على أســاس منســجم في داخلــه‪ ،‬فغالبــا مــا‬
‫يلجأ المعلمون إلى تعليم الفصــيحة من خالل‬
‫اللهجة‪ ،‬وهذا مـا يـؤدي إلى اختالالت متعـددة‬
‫في فهم اللغة واستخدامها فضال عن النظــرة‬
‫إلى هذه اللغة بوصفها نظاما لغويا بعيدا عن‬
‫مجال االستخدام‪ ،‬ولعــل في اســتخدام اللغــة‬
‫العربية الفصيحة في العملية التعليمية نفســها‬
‫باإلضـــافة إلى لغـــة الكتـــاب المدرســـي مـــا‬
‫سيســهم إســهاما حقيقيــا في اكتســاب هــذه‬
‫اللغة بوصفها لغة معاصرة قابلة للتعامـل مـع‬
‫شتى مجاالت المعرفة‪.‬‬

‫ولعــل في اختيــار عــدد من نصــوص‬


‫الثقافة العلمية في كتب مناهج اللغــة العربيــة‬
‫‪26‬‬
‫اللغة واألدب‪-‬مجلة علمية محكّمة‬
‫‪ISSN: 1111-1143 EISSN: 2602-5202‬‬
‫العدد‪31:‬؛ المجلد‪16:‬؛ الشهر‪ 12‬السنة‪2019:‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪27‬‬
‫كثرت الدراسات التي حاولت التأصيل للنظريات اللغوية الحديثة‪ .‬انظر مثال‪ :‬الموسى‪ ،‬نهاد‪ :‬نظرية النحو العربي في ضوء مناهج النظر اللغوي الحديث‪i ،‬‬
‫‪.‬دار البشير‪ ،‬ط‪ ،2‬عمان‪1987 ،‬‬
‫أشار بعض الدارسين إلى أثر التعليم في تشكيل اللغة العربية المعاصرة؛ انظر مثال‪ :‬البدوي‪ ،‬السعيد محمد‪ :‬مستويات العربية المعاصرة في مصر‪ :‬بحث ‪ii‬‬
‫‪.‬في عالقة اللغة بالحضارة‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،1973 ،‬ص‪ ،133‬حيث يشير الدارس إلى أثر التعليم في لغة اإلعالم‬
‫‪ .‬حول نطق حرف الضاد‪ ،‬انظر‪ :‬بشر‪ ،‬كمال‪ :‬علم األصوات‪ ،‬دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،2000 ،‬ص ص ‪iii272-253‬‬
‫دو ن الباحثان مالحظاتهما على ست حصص صفية حضراها في ثالث مدارس في محافظة جرش؛وذلك على النحو اآلتي‪ :‬ثالث حصص في مدرسة ‪iv‬‬ ‫ّ‬
‫‪.‬الخنساء الثانوية الشاملة للبنات‪ ،‬وحصة واحدة في مدرسة زيد بن حارثة الثانوية الشاملة للبنين‪ ،‬وحصتان في مدرسة باب عمان الثانوية الشاملة للبنين‬
‫طبق هذا االختبار على طلبة الصف العاشر األساسي في مدرسة الخنساء الثانوية للبنات في مدينة جرش في األردن‪ ،‬وعلى طلبة الصف العاشر في ‪v‬‬
‫‪.‬مدرسة زيد بن حارثة الثانوية الشاملة للبنين‬
‫طلب الدارسان من مئة طالب في الصف العاشر األساسي في مدرستين كتابة مقالة بعنوان‪" :‬أطفال اليوم بناة المستقبل"‪ ،‬والمدرستان هما‪ :‬مدرسة الخنساء‪vi‬‬
‫‪.‬الثانوية الشاملة للبنات‪ ،‬ومدرسة زيد بن حارثة الثانوية الشاملة للبنين‪ .‬وقد استمع الدارسان إلى الطلبة في المدرستين ذاتيهما الختبار مهارة التحدّث‬
‫‪.‬الفضائية عام ‪ ،2016‬سيناريو وحوار‪ :‬لين فارس‪ ،‬إخراج‪ :‬حسام الرنتيسي وآخرون ‪ MBC‬عرض هذا العمل الدرامي على شاشة‪vii‬‬
‫انظر‪ :‬سالمة‪ ،‬آمال سليمان ‪ ،‬وآخرون‪ :‬اللغة العربية‪ :‬الجزء األول‪ ،‬وزارة التربية والتعليم‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪ ،2017 ،2‬ص ‪viii 60‬‬
‫‪ .‬انظر‪ :‬سالمة‪ ،‬آمال سليمان ‪ ،‬وآخرون‪ :‬اللغة العربية‪ :‬الجزء الثاني‪ ،‬وزارة التربية والتعليم‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪ ،2017 ،2‬ص ‪ix 52‬‬
‫انظر مثال‪ :‬المذهان‪ ،‬صالح فليح‪ :‬قواعد اللغة العربية‪ :‬الجزء الثاني‪ ،‬وزارة التربية والتعليم‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪ ،2017 ،2‬ص ص ‪ .33-30‬وانظر‪ :‬آمال ‪x‬‬
‫‪.‬سليمان سالمة‪ ،‬وآخرون‪ :‬اللغة العربية‪ :‬الجزء األول‪ ،‬ص‪36‬‬
‫‪.‬انظر‪ :‬العدناني‪ ،‬محمد‪ :‬معجم األخطاء الشائعة‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،1983 ،3‬مادة "نسب"‪ ،‬رقم المادة‪xi 1038 :‬‬
‫‪.‬انظر‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬مادة "نسب"‪ ،‬رقم المادة‪xii 1037 :‬‬
‫‪ .‬انظر‪ :‬العقاد‪ ،‬عباس محمود‪ :‬أشتات مجتمعات في اللغة واألدب‪ ،‬مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة‪ ،‬القاهرة‪ ،2013 ،‬ص ‪xiii 89‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫البدوي‪ ،‬السعيد محمد‪ :‬مستويات العربية المعاصــرة في مصــر‪ :‬بحث في عالقــة اللغــة بالحضــارة‪ ،‬دار‬ ‫‪‬‬
‫المعارف‪ ،‬القاهرة‪1973 ،‬‬
‫بشر‪ ،‬كمال‪ :‬علم األصوات‪ ،‬دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪2000 ،‬‬ ‫‪‬‬
‫سالمة‪ ،‬آمال ســليمان ‪ ،‬وآخــرون‪ :‬اللغــة العربيــة‪ :‬الجــزء الثــاني‪ ،‬وزارة التربيــة والتعليم‪ ،‬عمــان‪ ،‬ط ‪،2‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.2017‬‬
‫تجارب صفّية أجراها الباحثان في عدد من المدارس هي‪ :‬مدرسة الخنساء الثانوية الشاملة للبنات في‬ ‫‪‬‬
‫مدينة جرش في األردن‪ ،‬ومدرسة زيد بن حارثة الثانوية الشاملة للبــنين في مدينــة جــرش في األردن‪،‬‬
‫ومدرسة باب عمان الثانوية الشاملة للبنين في مدينة جرش في األردن‪.‬‬
‫العدناني‪ ،‬محمد‪ :‬معجم األخطاء الشائعة‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪.1983 ،3‬‬ ‫‪‬‬
‫المذهان‪ ،‬صالح فليح‪ :‬قواعد اللغة العربية‪ :‬الجزء الثاني‪ ،‬وزارة التربية والتعليم‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪.2017 ،2‬‬ ‫‪‬‬
‫العقــاد‪ ،‬عبــاس محمــود‪ :‬أشــتات مجتمعــات في اللغــة واألدب‪ ،‬مؤسســة هنــداوي للتعليم والثقافــة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫القاهرة‪2013 ،‬‬
‫الموسى‪ ،‬نهاد‪ :‬نظرية النحو العربي في ضوء مناهج النظر اللغــوي الحــديث‪ ،‬دار البشــير‪ ،‬ط‪ ،2‬عمــان‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.1987‬‬

You might also like